كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري
( وَالْعِتْقُ إنْ عُلِّقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ ) بِصِفَةٍ كَأَنْ قَالَ فِيهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ وَوُجِدَتْ ( اُعْتُبِرَ ) عِتْقُهُ ( مِنْ الثُّلُثِ ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ حِينَئِذٍ وَكَالْوَصِيَّةِ ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى الْمَوْتِ ( أَوْ ) عُلِّقَ فِي الصِّحَّةِ ( بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَوُجُودِ الْمَطَرِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ ) لَا مِنْ الثُّلُثِ يُعْتَبَرُ عِتْقُهُ ؛ لِأَنَّهُ حِينَ عَلَّقَ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا بِإِبْطَالِ حَقِّ الْوَرَثَةِ ( أَوْ ) وُجِدَتْ فِيهِ ( بِاخْتِيَارٍ كَدُخُولِ الدَّارِ فَمِنْ الثُّلُثِ ) يُعْتَبَرُ عِتْقُهُ ؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَ حُصُولَ الْعِتْقِ فِي مَرَضِهِ ، وَذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا مَسْأَلَةً تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ لِذِكْرِهِ لَهَا تَبَعًا لَهُ فِي الْوَصِيَّةِ .
( قَوْلُهُ وَالْعِتْقُ إنْ عُلِّقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ ) لَوْ قَالَ أَنْت حُرٌّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ صِحَّتِي الْمُتَّصِلِ بِمَرَضِ مَوْتِي فَقِيلَ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِتَقَدُّمِ الْعِتْقِ عَلَى مَرَضِ الْمَوْتِ وَقَالَ فِي الْبَيَانِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ لَا تُوجَدُ إلَّا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَهِيَ كَقَوْلِهِ إذَا مَرِضْت فَأَنْتَ حُرٌّ ، وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْبَيَانِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ
( وَلَوْ عَلَّقَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ لِلْعِتْقِ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ فِي ) حَالٍ ( حَجْرِ الْفَلَسِ ) عَلَيْهِ ( بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا ) نَظِيرُ مَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الِاخْتِيَارِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( أَوْ وُجِدَتْ وَبِهِ جُنُونٌ أَوْ حَجْرُ سَفَهٍ ) عَتَقَ أَيْضًا .
( قَوْلُهُ أَوْ وُجِدَتْ وَبِهِ جُنُونٌ أَوْ حَجْرُ سَفَهٍ عَتَقَ أَيْضًا ) لِأَنَّ حَجْرَ السَّفَهِ وَالْجُنُونَ لَيْسَ لِحَقِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ حَجْرِ الْفَلْسِ وَالْمَرَضِ فَإِنَّهُمَا لِحَقِّ الْغَيْرِ
( وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقًا بِجُنُونِهِ ) بِأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ جُنِنْت فَأَنْت حُرٌّ ( فَجُنَّ فَفِي وُقُوعِهِ ) أَيْ الْعِتْقِ ( وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا لَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ فِي حَالِ جُنُونِهِ وَثَانِيهِمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْإِيقَاعِ حَصَلَ فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا لَوْ عَلَّقَ عَلَى فِعْلِهِ نَاسِيًا .
( قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ ) هُوَ الْأَصَحُّ
( وَإِنْ ) ( عَلَّقَهُ بِمَرَضٍ مَخُوفٍ فَمَرِضَهُ وَعَاشَ ) مِنْهُ ( عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، وَإِنْ مَاتَ مِنْهُ فَمِنْ الثُّلُثِ ) يَعْتِقُ .
( فَرْعٌ الْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ فِي الْجِنَايَةِ مِنْهُ وَعَلَيْهِ فَيَبْقَى التَّدْبِيرُ ) بِحَالِهِ ( إنْ فَدَاهُ ) يَعْنِي الْعَبْدَ الْجَانِيَ سَيِّدُهُ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ أَوْ الْقِيمَةُ ( وَلَا يَلْزَمُهُ إنْ قَتَلَ أَنْ يُدَبِّرَ بِقِيمَتِهِ عَبْدًا ) بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدًا وَيُدَبِّرَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَوْقُوفُ فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِقِيمَتِهِ مِثْلَهُ وَيُوقَفُ ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَقْفِ انْتِفَاعُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَهُمْ بَاقُونَ وَمَقْصُودَ التَّدْبِيرِ انْتِفَاعُ الْعَبْدِ بِهِ وَلَمْ يَبْقَ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ لَازِمٌ فَيَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِبَدَلِهِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ ( وَإِنْ بِيعَ بَعْضُهُ ) فِي الْجِنَايَةِ ( بَقِيَ الْبَاقِي مُدَبَّرًا ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ ، وَقَدْ جَنَى ) الْمُدَبَّرُ وَلَمْ يَبِعْهُ وَلَمْ يَخْتَارُ فِدَاءَهُ ( فَكَعِتْقٍ ) أَيْ فَمَوْتُهُ كَإِعْتَاقِ الْقِنِّ ( الْجَانِي ، فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا عَتَقَ وَفَدَى مِنْ التَّرِكَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِالتَّدْبِيرِ السَّابِقِ وَيَفْدِيهِ ( بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ ) لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ لِلْبَيْعِ ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ إنْ اسْتَغْرَقَتْهُ الْجِنَايَةُ وَإِلَّا فَيَعْتِقُ مِنْهُ ثُلُثُ الْبَاقِي قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ الْمَيِّتُ مُعْسِرٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْ هَذَا تَرْجِيحَ عَدَمِ النُّفُوذِ هُنَا وَحَذَفَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ فَأَوْهَمَ تَرْجِيحَ خِلَافِهِ اعْتِمَادًا عَلَى التَّرِكَةِ قُلْت وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُفَارِقُ السِّرَايَةَ بِأَنَّ سَبَبَ الْعِتْقِ فِيهِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمَوْتِ وَسَبَبَ السِّرَايَةِ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ ( وَلَوْ ضَاقَ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ مَالِ الْجِنَايَةِ ( الثُّلُثُ ) وَمَاتَ السَّيِّدُ ( فَفَدَاهُ الْوَارِثُ ) مِنْ مَالِهِ ( فَوَلَاؤُهُ ) كُلُّهُ ( لِلْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّ تَنْفِيذَ الْوَارِثِ إجَازَةٌ ) لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ ؛ لِأَنَّهُ مُتَمِّمٌ بِهِ قَصْدَ الْوَارِثِ .
( قَوْلُهُ قُلْت وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ يَجُوزُ وَطْءُ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا ) بِصِفَةٍ لِكَمَالِ الْمِلْكِ وَنَفَاذِ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا وَلِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ يَجُوزُ وَطْؤُهَا مَعَ أَنَّ حَقَّ الْعِتْقِ فِيهَا آكَدُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا أَوْلَى وَيُفَارِقُ الثَّلَاثَ الْمُكَاتَبَةُ بِأَنَّهَا صَارَتْ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهَا إذَا وُطِئَتْ يَكُونُ الْمَهْرُ لَهَا ، وَإِذَا جُنِيَ عَلَيْهَا يَكُونُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ لَهَا بِخِلَافِ الثَّلَاثِ فَإِنَّ مُهُورَهُنَّ وَأُرُوشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِنَّ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ ( فَإِنْ أَوْلَدَهَا السَّيِّدُ بَطَلَ التَّدْبِيرُ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ ) كَمَا مَرَّ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ قَالَ كُلُّ مُدَبَّرَةٍ لِي حُرَّةٌ فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ .
( وَلَوْ أَتَتْ الْمُدَبَّرَةُ بِوَلَدٍ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا ) بِأَنْ عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ ( لَمْ يَسْرِ التَّدْبِيرُ إلَيْهِ ) كَمَا فِي وَلَدِ الْمَرْهُونَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْبَلُ الرَّفْعَ ( وَكَذَا الْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا ) بِصِفَةٍ ( وَالْمُوصَى ) بِهَا أَيْ بِعِتْقِهَا لَا يَسْرِي إلَى وَلَدِهِمَا التَّعْلِيقُ وَالْإِيصَاءُ لِذَلِكَ وَمَا قَرَّرْته فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ يَأْتِي هُنَا ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لَا فَرْقَ فِي وَلَدِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بَيْنَ أَنْ تَعَلَّقَ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ مَمْنُوعٌ .
( قَوْلُهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا ) تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ فَلَوْ أَتَتْ بِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ حُرًّا وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ عَلَى فِرَاشِ زَوْجٍ وَنَفَاهُ بِاللِّعَانِ أَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْ السَّيِّدِ وَنَفَاهُ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْمُخْتَصَرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَمَا وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِهِ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ وَهِيَ مُخْتَصَرَةٌ شَامِلَةٌ قَوْلُهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا أَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ ) بِحَيْثُ لَا يَكُونُ حُرًّا أَوْ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ عَلَى فِرَاشِ زَوْجٍ وَنَفَاهُ الزَّوْجُ بِاللِّعَانِ أَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْ السَّيِّدِ وَنَفَاهُ
( وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْت حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي بِعَشْرِ سِنِينَ ) مَثَلًا ( لَمْ تَعْتِقْ إلَّا بِمُضِيِّ ) تِلْكَ ( الْمُدَّةِ ) مِنْ حِينِ الْمَوْتِ ( وَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا ) فِي حُكْمِ الصِّفَةِ ( إلَّا أَنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ ) ، وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَيَتْبَعُهَا فِي ذَلِكَ ( فَيَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ) كَوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ الْقِيَاسِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَمَّا وَلَدُ الْمُدَبَّرِ فَلَا يَتْبَعُهُ ، وَإِنَّمَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( دَبَّرَ حَامِلًا ) أَوْ حَائِلًا ، ثُمَّ حَمَلَتْ وَمَاتَ قَبْلَ انْفِصَالِ الْحَمْلِ ( تَبِعَهَا فِيهِ ) أَيْ فِي تَدْبِيرِهَا ( الْحَمْلُ ) وَإِنْ انْفَصَلَ قَبْلَ الْمَوْتِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذِهِ طَرِيقَةٌ مَرْدُودَةٌ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى خِلَافِهَا ( وَكَذَا لَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ ) الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا الْعِتْقُ ( وَهِيَ حَامِلٌ ) وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا حِينَ التَّعْلِيقِ يَتْبَعُهَا الْحَمْلُ فِي الْعِتْقِ بِالصِّفَةِ ، فَإِنْ وَلَدَتْهُ وَمَاتَتْ قَبْلَ وُجُودِهَا ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْهَا كَدُخُولِهَا الدَّارَ لَمْ يَعْتِقْ لِفَوَاتِ الصِّفَةِ بِمَوْتِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا كَدُخُولِ سَيِّدِهَا الدَّارَ وَعَتَقَ بِالصِّفَةِ كَوَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ ، وَتَبَعِيَّتُهُ فِي الْحَامِلِ عِنْدَ التَّدْبِيرِ أَوْ التَّعْلِيقِ لَيْسَتْ بِالسِّرَايَةِ بَلْ بِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ لَفْظُ الْأُمِّ فِي الْإِقْرَارِ ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْيَقِينُ غَالِبًا وَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَرُبَّمَا كَانَتْ الْأُمُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ دُونَ الْحَمْلِ ، ثُمَّ مَا نَقَلْته عَنْ الْأَصْلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى الْوَلَدَ فَقَالَ أَنْتِ مُدَبَّرَةٌ دُونَ حَمْلِك صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَشَرَطَا أَنْ تَلِدَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ ، فَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ بَطَلَ ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَلِدُ إلَّا حُرًّا انْتَهَى .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ اسْتِثْنَائِهِ مِنْ عِتْقِ أُمِّهِ ظَاهِرٌ ( وَيُعْرَفُ وُجُودُهُ ) عِنْدَ التَّدْبِيرِ مَثَلًا ( بِوَضْعِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ) مِنْ حِينِ التَّدْبِيرِ ( فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ ) مِنْ حِينَئِذٍ ( لَمْ يَتْبَعْهَا ) لِحُدُوثِهِ وَانْفِصَالِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ ( أَوْ ) وَضَعَتْهُ ( لِمَا بَيْنَهُمَا فُرِّقَ بَيْنَ مَنْ لَهَا زَوْجٌ يَفْتَرِشُهَا ) فَلَا يَتْبَعُهَا ( وَ ) بَيْنَ ( غَيْرِهَا ) فَيَتْبَعُهَا ، وَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهَا قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا ( كَمَا
سَبَقَ فِي نَظَائِرِهَا ) وَلَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ قَدْ فَارَقَهَا قَبْلَ التَّدْبِيرِ وَوَلَدَتْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ حِينِ الْفِرَاقِ تَبِعَهَا .
( قَوْلُهُ لَوْ دَبَّرَ حَامِلًا تَبِعَهَا فِيهِ الْحَمْلُ ) قَالَ فِي الْحَاوِي ، فَإِنْ اسْتَثْنَاهُ فِي التَّدْبِيرِ فَقَالَ أَنْتِ مُدَبَّرَةٌ دُونَ حَمْلِك صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ إنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَبَطَلَ إنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَلِدُ إلَّا حُرًّا
( وَيَجُوزُ تَدْبِيرُ الْحَمْلِ ) وَحْدَهُ وَلَا يَتَنَاوَلُ أُمَّهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ ( وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ دُونَهَا ) لِذَلِكَ ( وَيَصِحُّ بَيْعُهَا ) حَامِلًا بِهِ ( وَيَبْطُلُ بِهِ تَدْبِيرُهُ ) لِدُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الرُّجُوعَ .
( وَلَوْ قَالَتْ ) بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ ( دَبَّرَنِي حَامِلًا ) فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَقَالَ لَهَا ( الْوَارِثُ بَلْ ) دَبَّرَكِ ( حَائِلًا ) فَهُوَ قِنٌّ ( أَوْ ) قَالَتْ ( فَوَلَدْته بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ ) فَهُوَ حُرٌّ ( فَقَالَ الْوَارِثُ بَلْ ) وَلَدْته ( قَبْلَهُ أَوْ قَبْلَ التَّدْبِيرِ ) فَهُوَ قِنٌّ ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّدْبِيرِ ، وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَكَذَا الصُّورَةُ الْأُولَى وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ بَدَلُهَا لَوْ قَالَ السَّيِّدُ أَوْ وَارِثُهُ وَلَدْته قَبْلَ التَّدْبِيرِ وَقَالَتْ بَعْدَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ( ، وَكَذَا ) الْحُكْمُ ( إذَا اخْتَلَفَا فِي وَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ ) هَلْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ أَوْ بَعْدَهُ .
( قَوْلُهُ ، وَلَوْ قَالَتْ دَبَّرَنِي حَامِلًا إلَخْ ) لَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ وَيَخْتَلِفَا فِي وَقْتِ التَّدْبِيرِ أَوْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ التَّدْبِيرِ وَيَخْتَلِفَا فِي وَقْتِ الْوِلَادَةِ أَوْ يُطْلِقَا نَظِيرُ مَا سَبَقَ فِي الْعَدَدِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ ، ثُمَّ قَالَ عَجَّلْت لَك الْحُرِّيَّةَ تَعَجَّلَتْ وَيَعْتِقُ فَأَمَّا إنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ ، ثُمَّ قَالَ عَجَّلْت لَك الْحُرِّيَّةَ لَا يَعْتِقُ قَالَهُ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالْفَرْقُ أَنَّ إذَا لِلْوَقْتِ لَا لِلشَّرْطِ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْوَقْتِ ، وَإِنْ لِلشَّرْطِ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْوَقْتِ وَهَذَا إنَّمَا يَجِيءُ عَلَى وَجْهٍ مَذْكُورٍ فِي بَابِ الطَّلَاقِ ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ بَدَلُهَا إلَخْ ) لَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِمُكَاتَبَتِهِ وَلَدْته قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ قِنٌّ لِي وَقَالَتْ بَلْ بَعْدَهَا وَتُكَاتَبُ وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ
( وَتُسْمَعُ دَعْوَاهَا التَّدْبِيرَ ) وَالْعِتْقَ ( لِوَلَدِهَا حِسْبَةً ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ بِهِمَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِنَّةً وَادَّعَتْ عَلَى السَّيِّدِ ذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهَا .
( فَرْعٌ فِي يَدِ مُدَبَّرٍ مَالٌ ادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهُ كَسْبُهُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ ) فَهُوَ تَرِكَةٌ ( وَقَالَ ) الْمُدَبَّرُ ( بَلْ ) كَسَبْته ( بَعْدَهُ ) فَهُوَ لِي ( صُدِّقَ الْمُدَبَّرُ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ كَسْبِهِ إلَّا فِي الْوَقْتِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ ، وَقَدْ وُجِدَ بَعْدَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ دَعْوَاهَا الْوَلَدَ ؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهُ حُرٌّ وَالْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ ، وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَبَّرِ لِاعْتِضَادِهَا بِالْيَدِ ( بَلْ لَوْ أَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً أَنَّهُ ) أَيْ الْمَالَ ( كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَقَالَ ) الْمُدَبَّرُ ( كَانَ ) فِي يَدَيْ ( وَدِيعَةٌ لِرَجُلٍ وَمَلَكْته بَعْدُ ) أَيْ بَعْدَ الْعِتْقِ ( صُدِّقَ ) بِيَمِينِهِ ( أَيْضًا ) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَمْ تَتَعَرَّضْ إلَّا لِلْيَدِ وَلِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِيَدٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَيَدُ الْمُدَبَّرِ ثَابِتَةٌ فِي الْحَالِ .
( قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمُدَبَّرُ بِيَمِينِهِ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنُ الْكِتَابَةِ عَادَةً ( قَوْلُهُ وَأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ كَسْبِهِ إلَخْ ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِأَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ كَسْبُ مِثْلِ ذَلِكَ الْمَالِ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ ر
( فَصْلٌ ) لَوْ ( دَبَّرَ عَبْدًا ، ثُمَّ مَلَّكَهُ أَمَةً فَوَطِئَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ مَلَكَهُ السَّيِّدُ ) سَوَاءٌ أَقُلْنَا أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ أَمْ لَا ( وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ ) مِنْ الْعَبْدِ ( وَلَا حَدَّ ) عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ .
( وَإِنْ دَبَّرَ رَجُلَانِ أَمَتَهُمَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ ) وَ ( ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا لَحِقَهُ وَضَمِنَ ) لِشَرِيكِهِ ( نِصْفَ قِيمَتِهَا ) وَفِي نُسْخَةٍ قِيمَتَهُمَا أَيْ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا ( وَ ) ضَمِنَ لَهُ ( نِصْفَ مَهْرِهَا وَأَخْذُ الْقِيمَةِ ) أَيْ وَأَخْذُ شَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا ( مِنْهُ رُجُوعُ فِي التَّدْبِيرِ ) وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ رُجُوعٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ السِّرَايَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ ، وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ مِنْ ضَمَانِ نِصْفِ الْوَلَدِ الْمُوَافِقِ لَهُ نُسْخَةُ قِيمَتِهِمَا .
( وَيَلْغُو رَدُّ الْمُدَبَّرِ التَّدْبِيرَ ) فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ .
( كِتَابُ الْكِتَابَةِ ) بِكَسْرِ الْكَافِ ، وَقِيلَ وَبِفَتْحِهَا كَالْعَتَاقَةِ وَهِيَ لُغَةً الضَّمُّ وَالْجَمْعُ وَشَرْعًا عَقْدُ عِتْقٍ بِلَفْظِهَا بِعِوَضٍ مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَسُمِّيَ كِتَابَةً لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمِّ نَجْمٍ إلَى نَجْمٍ ، وَقِيلَ ؛ لِأَنَّهُ يُوثَقُ بِهَا غَالِبًا وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الْمُعَامَلَاتِ لِدَوَرَانِهَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَرَقِيقِهِ وَلِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا } وَخَبَرُ { مَنْ أَعَانَ غَارِمًا أَوْ غَازِيًا أَوْ مُكَاتَبًا فِي فَكِّ رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ } وَخَبَرُ { الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ } رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُمَا وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِالْعِتْقِ مَجَّانًا وَالْعَبْدُ لَا يَتَشَمَّرُ لِلْكَسْبِ تَشَمُّرَهُ إذَا عُلِّقَ عِتْقُهُ بِالتَّحْصِيلِ وَالْأَدَاءِ فَاحْتَمَلَ فِيهِ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ فِي غَيْرِهِ كَمَا اُحْتُمِلَتْ الْجَهَالَةُ فِي رِبْحِ الْقِرَاضِ وَعَمَلِ الْجَعَالَةِ لِلْحَاجَةِ ، قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهِيَ إسْلَامِيَّةٌ لَا تُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ( وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ ) لَا وَاجِبَةٌ ، وَإِنْ طَلَبَهَا الرَّقِيقُ قِيَاسًا عَلَى التَّدْبِيرِ وَشِرَاءِ الْقَرِيبِ وَلِئَلَّا يَبْطُلَ أَثَرُ الْمِلْكِ وَتَحْتَكِمَ الْمَمَالِيكُ عَلَى الْمَالِكِينَ ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ ( إنْ طَلَبَهَا أَمِينٌ مُكْتَسِبٌ ) أَيْ قَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ الْخَبَرَ فِي الْآيَةِ وَاعْتُبِرَتْ الْأَمَانَةُ لِئَلَّا يَضِيعَ مَا يُحَصِّلُهُ فَلَا يَعْتِقُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ لِيُوَثِّقَ بِتَحْصِيلِ النُّجُومِ .
وَيُفَارِقُ الْإِيتَاءَ حَيْثُ أُجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ مِنْ الْوُجُوبِ كَمَا سَيَأْتِي ؛ لِأَنَّهُ مُوَاسَاةٌ وَأَحْوَالُ الشَّرْعِ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَهَا كَالزَّكَاةِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ فُقِدَ الشَّرْطَانِ أَوْ
أَحَدُهُمَا ( فَمُبَاحَةٌ ) إذْ لَا يَقْوَى رَجَاءُ الْعِتْقِ بِهَا وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ فَقْدِ الشَّرْطَيْنِ قَدْ تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ نَعَمْ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ فَاسِقًا بِسَرِقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَعَلِمَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ لَاكْتَسَبَ بِطَرِيقِ الْفِسْقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا لِتَضَمُّنِهَا التَّمْكِينَ مِنْ الْفَسَادِ ( وَإِنْ امْتَنَعَ الْعَبْدُ ) مِنْهَا ، وَقَدْ طَلَبَهَا السَّيِّدُ ( لَمْ يُجْبَرْ ) عَلَيْهَا كَعَكْسِهِ .
كِتَابُ الْكِتَابَةِ ) ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ ) لِأَنَّ الرَّقَبَةَ وَالْكَسْبَ مَالُهُ وَكَوْنُهُ يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ لِمَالِكِهِ مَالًا ابْتِدَاءً وَكَوْنُهُ يُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْعَبْدِ ( قَوْلُهُ وَهِيَ إسْلَامِيَّةٌ لَا تُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ) كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا بِدَلِيلِ مُكَاتَبَةِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ( قَوْلُهُ إنْ طَلَبَهَا أَمِينٌ مُكْتَسِبٌ ) شَمِلَ الْمُبَعَّضَ وَالِاعْتِبَارُ بِالْكَسْبِ الْمُوَفِّي لِلنَّجْمِ لَا كَسْبِ مَا بِحِرْفَةٍ مُبَاحَةٍ مِنْ صَنْعَةٍ وَغَيْرِهَا كَاحْتِطَابٍ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ السُّؤَالُ مِنْ ذَلِكَ ، وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فِيمَا أَرَاهُ فَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى { إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا } إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ حِرْفَةً وَلَا تُرْسِلُوهُمْ عَلَى النَّاسِ غ ( قَوْلُهُ أَيْ قَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ ) قُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُفْهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقُدْرَةُ عَلَى كَسْبِ مَا يَفِي بِالنَّجْمِ الَّذِي الْتَزَمَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ ذَلِكَ أَوْ مَا يَدْنُوَ مِنْهُ مِثَالُهُ النَّجْمُ فِي الشَّهْرِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَهُوَ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى كَسْبِهَا أَوْ كَسْبِ غَالِبِهَا ، أَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَكْسِبُ إلَّا دُونَ ذَلِكَ فَلَا وَلَا سِيَّمَا إذَا قَلَّ كَعَشَرَةٍ وَنَحْوِهَا غ ( قَوْلُهُ وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ الْخَبَرَ فِي الْآيَةِ ) لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَعَمَّتْ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمُبَاحَةٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ فَاسِقًا يُضَيِّعُ مَا يَكْتَسِبُهُ فِي الْفِسْقِ وَاسْتِيلَاءُ السَّيِّدِ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ فَتُكْرَهُ كِتَابَتُهُ ، وَقَدْ يَنْتَهِي الْحَالُ إلَى التَّحْرِيمِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَفِيهَا بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ ) صِيغَةٌ وَعِوَضٌ وَسَيِّدٌ وَمُكَاتَبٌ ( الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ كَكَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا وَيَذْكُرُ النُّجُومَ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ ) مَعَ ذَلِكَ ( فَإِذَا أَدَّيْت فَأَنْتَ حُرٌّ ، وَلَوْ ) قَالَهُ ( بِالنِّيَّةِ ) وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ ، وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ حَيْثُ يَصِحُّ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ دَبَّرْتُك أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ كَمَا مَرَّ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَمْ يُغَيَّرْ كَمَا مَرَّ .
وَالْكِتَابَةُ تَقَعُ عَلَى الْعَقْدِ الْمَعْلُومِ وَعَلَى الْمُخَارَجَةِ وَهِيَ تَوْظِيفُ خَرَاجٍ عَلَى عَبْدِهِ الْكَسُوبِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّمْيِيزِ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ مِثْلُهُ قَوْلُهُ ، فَإِذَا بَرِئْت مِنْهُ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُك مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ ، وَلَا يَكْفِي عَلَى الصَّحِيحِ التَّمْيِيزُ بِغَيْرِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ لَفْظُ الْحُرِّيَّةِ كَقَوْلِهِ وَتُعَامِلُنِي أَوْ أَضْمَنُ لَك أَرْشَ الْجِنَايَةِ أَوْ تَسْتَحِقُّ مِنِّي الْإِيتَاءَ أَوْ مِنْ النَّاسِ سَهْمَ الرِّقَابِ ، وَعُدُولُهُ إلَى كَكَاتَبْتُكَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ كَاتَبْتُك إلَى آخِرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْكِتَابَةِ كَعَاقَدْتُكَ بِكَذَا وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ نَعَمْ تَنْعَقِدُ بِذَلِكَ إنْ نَوَاهَا بِهِ فَتَكُونُ كِنَايَةً ( وَيُشْتَرَطُ ) فِي صِحَّتِهَا ( الْقَبُولُ ) مِنْ الْعَبْدِ فَوْرًا فَلَا تَصِحُّ بِدُونِهِ كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَامَلَةِ .
( قَوْلُهُ بَلْ مِثْلُهُ قَوْلُهُ فَإِذَا بَرِئَتْ مِنْهُ إلَخْ ) إذْ حُرِّيَّةُ الْمُكَاتَبِ تَحْصُلُ بِأَدَاءِ النُّجُومِ أَوْ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا ، وَقَوْلُهُ فَإِذَا بَرِئَتْ مِنْهُ يَشْمَلُ الْبَرَاءَةَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَالْبَرَاءَةَ الْمَلْفُوظَ بِهَا وَكَذَلِكَ فَرَاغُ الذِّمَّةِ يَكُونُ بِالِاسْتِيفَاءِ وَبِالْإِبْرَاءِ اللَّفْظِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ قَالَ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا مُنَجِّمًا الْكِتَابَةَ الَّتِي يَحْصُلُ فِيهَا الْعِتْقُ كَانَ كَافِيًا فِي الصَّرَاحَةِ ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إخْرَاجُ كِتَابَةِ الْخَرَاجِ ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَتْ كِتَابَةَ الْخَرَاجِ فَالظَّاهِرُ صَرَاحَتُهُ ( قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي عَلَى الصَّحِيحِ التَّمْيِيزُ بِغَيْرِ ذَلِكَ إلَخْ ) قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَوْ ذَكَرْنَا شَيْئًا مِنْ لَوَازِمِ الْكِتَابَةِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ تُعَامِلُنِي أَوْ يَتْبَعُك أَوْلَادُك أَوْ تَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ سَهْمِ الرِّقَابِ قَامَ ذَلِكَ مَقَامَ النِّيَّةِ .
ا هـ .
وَهُوَ فَرْعٌ نَفِيسٌ يَطَّرِدُ فِي كُلِّ كِنَايَةٍ قَرَنَ بِهَا لَازِمَ الصَّرِيحِ ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ نَعَمْ تَنْعَقِدُ بِذَلِكَ إلَخْ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَخْتَصُّ بِصِيغَةٍ إلَّا السَّلَمُ وَالنِّكَاحُ وَتَنْعَقِدُ بِالِاسْتِيجَابِ وَالْإِيجَابِ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَالنُّطْقِ وَبِالْكِتَابَةِ كَالْبَيْعِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لِرَقِيقِهِ ( أَنْت حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ عَتَقَ فِي الْحَالِ وَلَزِمَ ) الْأَلْفُ ( ذِمَّتَهُ ) كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ ( أَوْ ) قَالَ ( إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ لَغَا لِاشْتِرَاطِ الْفَوْرِيَّةِ وَلَا مِلْكَ لَهُ ) فَلَا يُمْكِنُهُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا ( وَلَا يَعْتِقُ بِمَالِ الْغَيْرِ ) أَيْ بِإِعْطَائِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ أَلْفًا مَغْصُوبًا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِلْغَاءِ جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ أَيْضًا وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ إنْ أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثَمَّ .
قَوْلُهُ قَالَ أَنْت حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ ) أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا أَوْ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا عَلَى أَلْفٍ ، وَقَوْلُهُ فَقَبِلَ أَيْ فَوْرًا ( قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ) ثُمَّ يُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَاكَ عَقْدٌ وَارِدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَهَذَا وَارِدٌ عَلَى الرَّقَبَةِ وَيُغْتَفَرُ فِي الْأَوَّلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الثَّانِي
( فَرْعٌ وَيَصِحُّ أَنْ يَبِيعَهُ ) أَيْ رَقِيقَهُ ( نَفْسَهُ وَيَثْبُتُ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ وَيَعْتِقُ فِي الْحَالِ ) وَيَثْبُتُ لِسَيِّدِهِ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ ( وَإِنْ قَالَ ) لَهُ ( بِعْتُك نَفْسَك فَأَنْكَرَ حَلَفَ ) أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ( وَعَتَقَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ ) قَالَ ( بِعْتُك نَفْسَك بِهَذِهِ الْعَيْنِ أَوْ بِخَمْرٍ ) أَوْ نَحْوِهِ كَخِنْزِيرٍ فَقَبِلَ ( عَتَقَ ) وَثَبَتَ لِسَيِّدِهِ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ ( وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ ) لِسَيِّدِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ
( وَلَوْ ) ( وَهَبَهُ نَفْسَهُ وَقَبِلَ ) فَوْرًا ( عَتَقَ ، أَوَأَوْصَى لَهُ بِهَا فَقَبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ عَتَقَ ) نَعَمْ إنْ نَوَى بِالْهِبَةِ الْعِتْقَ عَتَقَ بِلَا قَبُولٍ ، وَلَوْ حَذَفَ عِتْقَ الْأَوَّلِ أَغْنَى عَنْهُ الثَّانِي .
( وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَهَبَهُ نَفْسَهُ وَقَبِلَ فَوْرًا عَتَقَ ) مُقْتَضَى تَقْيِيدِهِ بِالْقَبُولِ اشْتِرَاطُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الْإِسْقَاطَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ، وَقَدْ نَقَلَا فِي بَابِ الضَّمَانِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ لِعَبْدِهِ مَلَّكْتُك رَقَبَتَك وَلِزَوْجَتِهِ مَلَّكْتُك نَفْسَك يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لِكَوْنِهِ إسْقَاطًا لَا تَمْلِيكًا وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَهَبْت مِنْك نَفْسَك أَوْ مَلَّكْتُك نَفْسَك احْتَاجَ إلَى الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ ا هـ وَظَاهِرٌ أَنَّ فِيهِ شَائِبَتَيْ التَّمْلِيكِ وَالْإِسْقَاطِ ، وَقَوْلُهُ مُقْتَضَى تَقْيِيدِهِ بِالْقَبُولِ اشْتِرَاطُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَعِتْقُ الْعَبْدِ ) أَيْ إعْتَاقُهُ ( بِعِوَضٍ وَشِرَاؤُهُ ) نَفْسَهُ ( مُوَافِقَانِ ) أَيْ يُشَارِكَانِ ( الْكِتَابَةَ فِي التَّعَاوُضِ ) أَيْ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَضَمَّنُ إعْتَاقًا بِعِوَضٍ ( وَيُخَالِفَانِهَا فِي الشُّرُوطِ ) وَالْأَحْكَامِ .
( الرُّكْنُ الثَّانِي الْعِوَضُ وَهُوَ مَالُ ) عَيْنٍ ( أَوْ مَنْفَعَةٍ ) كَبِنَاءِ دَارٍ وَخِدْمَةِ شَهْرٍ ( وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَالِ ) وَلَوْ عَرَضًا ( دَيْنًا مُؤَجَّلًا مُنَجَّمًا ) أَيْ مُؤَقَّتًا ( وَلَوْ ) كَانَتْ الْكِتَابَةُ ( لِمُبَعَّضٍ ) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا قُدْرَةَ لَهُ فِي الْحَالِ ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مُنَجَّمًا يُغْنِي عَنْهُ مَا يَأْتِي ( وَلَوْ أَسْلَمَ إلَى الْمُكَاتَبِ عَقِيبَ الْعَقْدِ ) لِلْكِتَابَةِ ( فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَوَجَّهْت الصِّحَّةَ بِقُدْرَتِهِ بِرَأْسِ الْمَالِ قَالَ وَالْخِلَافُ قَرِيبٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ مِنْ الْمُعْسِرِ وَالْبَيْعُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَحْتَمِلُ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ الْمُسْلَمُ فِيهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَفِي الِاعْتِيَاضِ عَنْ الثَّمَنِ خِلَافٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَحَلُّهُ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ أَمَّا الْمُؤَجَّلُ فَيَصِحُّ فِيهِ جَزْمًا كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَهُوَ وَاضِحٌ ( وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُنَجِّمَ ) الْمَالَ ( بِنَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا ) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، وَلَوْ كَفَى نَجْمٌ لَفَعَلُوهُ مُبَادَرَةً لِلْقُرُبَاتِ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ إرْفَاقٍ وَمِنْ تَتِمَّةِ الْإِرْفَاقِ التَّنْجِيمُ وَلِذَلِكَ ضُرِبَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُنَجَّمَةً لِيَتَيَسَّرَ عَلَيْهِمْ الْأَدَاءُ ( وَلَا بَأْسَ بِكَوْنِ الْمَنْفَعَةِ ) وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ ( حَالَّةً لِقُدْرَتِهِ عَلَى الشُّرُوعِ فِيهَا ) حَالًا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ عَلَى دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا حَالٌّ وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ ( وَيَصِحُّ بِنَجْمَيْنِ قَصِيرَيْنِ ) ، وَلَوْ ( فِي مَالٍ كَثِيرٍ ) لِإِمْكَانِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ( كَالسَّلَمِ إلَى مُعْسِرٍ فِي مَالٍ كَثِيرٍ ) إلَى أَجَلٍ قَصِيرٍ .
( قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَوَجَّهْت الصِّحَّةَ إلَخْ ) وَهِيَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَهُوَ وَاضِحٌ ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَ الْإِسْنَوِيِّ أَجَلٌ يُمْكِنُ فِيهِ التَّسْلِيمُ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْحَالِ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ فِي مَالٍ كَثِيرٍ ) أَوْ فِيمَا يَنْدُرُ وُجُودُهُ
( وَلَوْ كَاتَبَ ) عَبْدَهُ ( عَلَى خِدْمَةِ شَهْرَيْنِ وَجَعَلَ كُلَّ شَهْرٍ نَجْمًا لَمْ يَصِحَّ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الشَّهْرِ الثَّانِي مُتَعَيَّنَةٌ وَالْمَنَافِعُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ لَا تُؤَجَّلُ كَمَا سَيَأْتِي ( أَوْ ) كَاتَبَهُ ( عَلَى خِدْمَةِ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ فَأَوْلَى بِالْفَسَادِ ) لِانْقِطَاعِ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ عَنْ آخِرِ الْأُولَى ( وَيُشْتَرَطُ ) فِي الصِّحَّةِ ( أَنْ يَصِلَ الْخِدْمَةَ وَالْمَنَافِعَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْأَعْيَانِ بِالْعَقْدِ ) فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ كَمَا أَنَّ عَيْنَ التَّبِيعِ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ فَلَوْ كَاتَبَهُ فِي رَمَضَانَ عَلَى خِدْمَةِ شَوَّالٍ لَمْ يَصِحَّ .
( أَوْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مِنْ الْآنِ وَعَلَى إلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ بَعْدَهُ جَازَ ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُلْتَزَمَةَ ) فِي الذِّمَّةِ ( تَتَأَجَّلُ بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَعْيَانِ ) وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ أَيْ الْآنَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بَعْدَ انْقِضَائِهِ بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ ، وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ وَجَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَقْتًا مَعْلُومًا صَحَّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَيَصِحُّ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مُتَّصِلٍ بِالْعَقْدِ وَ ) عَلَى ( دِينَارٍ ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ ) لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ فِي الْحَالِ وَالْمُدَّةِ لِتَقْدِيرِهَا وَالتَّوْفِيَةُ فِيهَا وَالدِّينَارُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا لِاسْتِحْقَاقِهِ ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الِاسْتِحْقَاقُ حَصَلَ التَّنْجِيمُ ( لَا ) الْكِتَابَةُ ( عَلَى دِينَارٍ يُؤَدِّيهِ آخِرَ الشَّهْرِ وَ ) عَلَى ( خِدْمَةِ الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ ) لِعَدَمِ اتِّصَالِ الْخِدْمَةِ بِالْعَقْدِ ( وَيَكْفِي إطْلَاقُ الْخِدْمَةِ ) وَيَتْبَعُ فِيهَا الْعُرْفَ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْإِجَازَةِ ، وَقِيلَ لَا يَكْفِي بَلْ يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْعَمَلِ فِيهَا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ .
( لَا ) إطْلَاقُ ( الْمَنْفَعَةِ ) بِأَنْ قَالَ كَاتَبْتُك عَلَى مَنْفَعَةِ شَهْرٍ فَلَا يَكْفِي لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ ( وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ فَمَرِضَ فِي الشَّهْرِ ) وَفَاتَتْ الْخِدْمَةُ ( انْفَسَخَتْ ) أَيْ الْكِتَابَةُ ( فِي قَدْرِ الْخِدْمَةِ وَفِي الْبَاقِي خِلَافٌ ) فَقِيلَ يَبْطُلُ فِيهِ قَطْعًا ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِي بَعْضِ الْعَبْدِ ، وَقِيلَ هُوَ كَمَنْ بَاعَ عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَفِي الْبَاقِي طَرِيقَانِ : أَحَدُهُمَا لَا يَبْطُلُ وَالثَّانِي قَوْلَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالصَّحِيحُ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ الصِّحَّةُ فَقَالَ لَوْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ اُعْتُبِرَتْ كِتَابَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ ، فَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ فَالْبَاقِي قِنٌّ ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كِتَابَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ بِأَنَّ ذَاكَ ابْتِدَاءُ كِتَابَةٍ وَهُنَا وَرَدَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى الْجَمِيعِ ، ثُمَّ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى إبْطَالِهَا فِي الْبَعْضِ قَالَ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى مَا يُوَافِقُ الْبُطْلَانَ فَقَالَ إذَا انْتَقَضَتْ الْكِتَابَةُ فِي الْبَعْضِ انْتَقَضَتْ فِي الْكُلِّ .
( قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ الصِّحَّةُ ) هِيَ الْمَذْهَبُ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ ) عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي ( أَبَدًا فَقَبِلَ عَتَقَ ) فِي الْحَالِ ( وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ ) لِسَيِّدِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْهُ مَجَّانًا ( أَوْ ) قَالَ ( عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا مِنْ الْآنِ فَقَبِلَ عَتَقَ وَلَزِمَهُ الْوَفَاءُ ) بِالْخِدْمَةِ لِتَعَيُّنِ زَمَنِهَا ( فَإِنْ تَعَذَّرَتْ الْخِدْمَةُ فِيهِ ) بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ ( رَجَعَ ) عَلَيْهِ السَّيِّدُ ( بِقِيمَتِهِ ) لَا بِأُجْرَةِ الْخِدْمَةِ كَالصَّدَاقِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ إذَا تَلِفَا قَبْلَ الْقَبْضِ .
( أَوْ ) قَالَ ( كَاتَبْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي أَبَدًا ) أَوْ أَطْلَقَ ( لَمْ يَعْتِقْ ) وَإِنْ قَبِلَ لِاسْتِغْرَاقِ الْخِدْمَةِ مُدَّةَ عُمُرِهِ فَيُؤَدِّي إلَى عَدَمِ عِتْقِهِ ( أَوْ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا فَقَبِلَ وَخَدَمَهُ شَهْرًا عَتَقَ وَلَهُ ) عَلَى سَيِّدِهِ ( أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلسَّيِّدِ ) ؛ لِأَنَّهَا كِتَابَةٌ فَاسِدَةٌ ( فَإِنْ خَدَمَهُ أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ لَمْ يَعْتِقْ ) لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ .
( وَيُشْتَرَطُ ) فِي صِحَّتِهَا ( بَيَانُ قَدْرِ الْعِوَضِ وَصِفَتِهِ ، وَقَدْرِ الْآجَالِ وَقِسْطِ كُلِّ نَجْمٍ ) لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالنَّجْمُ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَالِ الْمُؤَدَّى فِيهِ وَيُسَمَّى الْوَقْتُ نَجْمًا ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لَا تَعْرِفُ الْحِسَابَ بَلْ كَانَتْ تَبْنِي أُمُورَهَا عَلَى طُلُوعِ النَّجْمِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ إذَا طَلَعَ نَجْمُ الثُّرَيَّا أُؤَدِّي مِنْ حَقِّك كَذَا ( وَلَا يُشْتَرَطُ ) فِيمَا إذَا أَقَّتَ بِنَجْمَيْنِ مَثَلًا ( تَسَاوِيهِمَا ) فَيَجُوزُ تَفَاوُتُهُمَا وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ ابْتِدَاءِ النَّجْمِ فَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَيَكُونُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ ( وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ النَّقْدِ إنْ لَمْ يَكُنْ ) ثَمَّ ( نَقْدٌ غَالِبٌ ) وَاخْتَلَفَتْ قِيمَةُ النُّقُودِ وَإِلَّا كَفَى الْإِطْلَاقُ ( وَ ) يُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا عَقَدَ بِعَرْضٍ ( وَصْفُ الْعَرْضِ بِصِفَةِ السَّلَمِ ، فَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى ثَوْبٍ ) مَثَلًا ( مَوْصُوفٍ ) عَلَى أَنْ ( يُؤَدِّيَ نِصْفَهُ ) مَثَلًا ( لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ) أَيْ بَعْدَهَا ( وَنِصْفَهُ الْآخَرَ لِسَنَتَيْنِ ) أَيْ بَعْدَهُمَا ( لَمْ يَصِحَّ ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ النِّصْفَ فِي الْمُدَّةِ الْأُولَى تَعَيَّنَ النِّصْفُ الثَّانِي لِلثَّانِيَةِ وَالْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ ( أَوْ ) كَاتَبَهُ ( عَلَى مِائَةٍ تُؤَدَّى كَذَلِكَ ) أَيْ نِصْفُهَا مَثَلًا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ ( صَحَّ ) لِأَنَّ الْمِائَةَ مُتَفَاضِلَةٌ بِخِلَافِ الثَّوْبِ ( فَإِنْ قَالَ ) عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ ( بَعْضَهَا لِسَنَةٍ وَبَعْضَهَا لِسَنَتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ ، وَكَذَا ) لَوْ قَالَ ( عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَهَا فِي عَشْرِ سِنِينَ لِلْجَهْلِ بِالتَّوْزِيعِ ) فِيهِمَا وَلِأَنَّهَا فِي الثَّانِيَةِ كِتَابَةٌ إلَى أَجَلٍ وَاحِدٍ ( وَلَوْ قَالَ ) عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَهَا ( فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ ) فِي ( وَسَطِ الشَّهْرِ أَوْ فِي يَوْمِ كَذَا فَهَلْ هُوَ مَجْهُولٌ أَوْ يُحْمَلُ ) فِي غَيْرِ الْوَسَطِ ( عَلَى أَوَّلِهِ وَفِي الْوَسَطِ عَلَى نِصْفِهِ ) لِأَنَّهُ الْوَسَطُ
الْحَقِيقِيُّ ؟ ( وَجْهَانِ ) كَنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ كَذَا نَظَرَ بِهِ الْأَصْلُ فِي غَيْرِ الْوَسَطِ وَقَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ فِي الْوَسَطِ وَغَيْرِهِ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ ( أَوْ ) قَالَ عَلَى أَنْ ( تُؤَدِّيَهَا إلَى عَشْرِ سِنِينَ لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّهُ أَجَلٌ وَاحِدٌ أَوْ ) عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَهَا ( فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كُلُّ شَهْرٍ قِسْطُهُ ) أَيْ قِسْطُ كُلِّ شَهْرٍ ( عِنْدَ انْقِضَائِهِ فَلَا ) يَجُوزُ ( حَتَّى يُبَيِّنَ حِصَّةَ كُلِّ شَهْرٍ ) .
قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ الْعِوَضِ إلَخْ ) وَأَنْ يَكُونَ عَامَّ الْوُجُودِ عِنْدَ الْمَحِلِّ لَا يَتَعَسَّرُ عَلَى الْعَبْدِ تَحْصِيلُهُ فَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَا يَنْدُرُ فَوَجْهَانِ لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى مَالٍ عَظِيمٍ فِي نَجْمَيْنِ قَصِيرَيْنِ ، وَقَضِيَّةُ الْبِنَاءِ الصِّحَّةُ وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِيهِ ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فَانْقَطَعَ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَكَالسَّلَمِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ ) فِي نُسْخَةٍ لَوْ قَالَ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ يَوْمِ كَذَا فَكَالسَّلَمِ أَوْ فِي وَسَطِهِ فَهَلْ هُوَ مَجْهُولٌ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى نِصْفِهِ ؟ وَجْهَانِ .
ا هـ .
وَأَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا ( قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ فِي الْوَسَطِ وَغَيْرِهِ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ ) هُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَجْهُ الصِّحَّةِ بَعِيدٌ جِدًّا
( وَلَوْ كَاتَبَهُ بِنَجْمَيْنِ ) مَثَلًا ( عَلَى أَنْ يَعْتِقَ بِالْأَوَّلِ صَحَّ وَعَتَقَ بِالْأَوَّلِ ) لِأَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مُطْلَقًا وَأَدَّى بَعْضَ الْمَالِ فَأَعْتَقَهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ ابْتِدَاءً .
( فَرْعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ ) لِلنُّجُومِ أَوْ لَا ؟ ( فِيهِ الْخِلَافُ ) الْمَذْكُورُ ( فِي السَّلَمِ ) قَضِيَّةُ تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ بِمَوْضِعٍ لَا يَصْلُحُ لِتَسْلِيمِهَا أَوْ يَصْلُحُ لَهُ وَلِحَمْلِهَا مُؤْنَةٌ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ( فَإِنْ ) عَيَّنَ لَهُ مَكَانًا ، ثُمَّ ( خَرِبَ الْمَكَانُ الْمُعَيَّنُ فَهَلْ يُؤَدِّي إلَيْهِ ) أَيْ فِيهِ ( أَوْ ) يُؤَدِّي ( إلَى ) أَيْ فِي ( أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ ) إلَيْهِ ؟ ( فِيهِ وَجْهَانِ ) قِيَاسُ مَا فِي السَّلَمِ تَرْجِيحُ الثَّانِي .
( قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَتَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ فِي السَّلَمِ احْتِيَاطًا فَاعْتُبِرَ فِيهِ مَا لَا يُعْتَبَرُ فِي غَيْرِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ذَلِكَ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلَا فِي أُجْرَةٍ وَلَا فِي صَدَاقٍ وَلَا خُلْعٍ وَلَا صُلْحٍ عَنْ دَمٍ فَالْكِتَابَةُ كَذَلِكَ .
ا هـ .
قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ صَرِيحٌ فِي الِاشْتِرَاطِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَابِ مَا تَجُوزُ عَلَيْهِ الْمُكَاتَبَةُ وَإِنْ كَاتَبَهُ بِعِوَضٍ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مَوْصُوفًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ، وَإِذَا كَانَ يُحَمِّلُهُ مُؤْنَةً لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ وَحَكَى الدَّارِمِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَيْنِ أَحَدَهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ ، وَالثَّانِيَةُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي بَادِيَةٍ أَوْ خَرَابٍ يَعْنِي فِي مَوَاضِعَ لَا تَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ ا هـ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ فِي شُرُوطِ الصَّدَاقِ مَعْلُومِ الْأَجَلِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا مَعْلُومَ التَّسْلِيمِ إنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَقَالَ فِي شُرُوطِ عِوَضِ الْخُلْعِ مَعْلُومِ الْأَجَلِ مَعْلُومِ التَّسْلِيمِ إنَّ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةً ( قَوْلُهُ قِيَاسُ مَا فِي السَّلَمِ تَرْجِيحُ الثَّانِي ) هُوَ الْأَصَحُّ
( وَتَفْسُدُ مُكَاتَبَتُهُ بِمَالِ الْغَيْرِ لَكِنْ يَعْتِقُ بِأَدَائِهِ ) لَهُ ( بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَيَجِبُ الرَّدُّ ) لَهُ ( وَالرُّجُوعُ إلَى الْقِيمَةِ ) أَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ ( لِفَسَادِ الْكِتَابَةِ ) أَمَّا إذَا أَدَّاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَعْتِقُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ إذَا أَدَّاهُ عَتَقَ ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَقًّا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَفِي مَحْضِ التَّعْلِيقِ يَعْتِقُ بِالْمُسْتَحَقِّ كَإِنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا ) فَأَعْطَاهُ ( فَإِنَّهُ يَعْتِقُ ) لِكَوْنِهِ مَحْضَ تَعْلِيقٍ وَتِلْكَ كِتَابَةٌ تُوجِبُ التَّمْلِيكَ ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ إذْنٌ لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي الْمِلْكَ فَلَمْ يُوجَدْ عِتْقٌ ( وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَيَرُدُّهُ ) كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ حَيْثُ تَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ يُعْرَفُ أَنَّ فِي تَعْبِيرِهِ كَغَيْرِهِ بِمَحْضِ التَّعْلِيقِ تَسَمُّحًا بَلْ ذَلِكَ مُعَارَضَةٌ غَلَبَ فِيهَا جَانِبُ التَّعْلِيقِ .
قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ ) لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الرَّوْضَةِ ، وَإِنَّمَا قَالَ إذَا قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَدَّاهُ عَتَقَ ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَقًّا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْضُ تَعْلِيقٍ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ ضَرْبُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَنَّهُ مَحْضُ تَعْلِيقٍ وَلَيْسَ فِي مَحْضِ التَّعْلِيقِ رُجُوعٌ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ حَيْثُ أَوْجَبْنَا فِيهَا الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ مَحْضَ تَعْلِيقٍ بَلْ فِيهَا مُعَاوَضَةٌ فَلْتُضْرَبْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مِنْ النُّسَخِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ دَارِهِ ) مَثَلًا أَوْ يَبِيعَهُ شَيْئًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَسَدَتْ ) أَيْ الْكِتَابَةُ ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ .
( قَوْلُهُ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ دَارِهِ مَثَلًا فَسَدَتْ ) لَوْ قَالَ كَاتَبْتُك وَبِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِأَلْفٍ وَنَجَّمَ الْأَلْفَ وَعَلَّقَ الْحُرِّيَّةَ بِأَدَائِهِ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ دُونَ الْبَيْعِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ قَبِلْتهمَا أَوْ قَبِلْت الْكِتَابَةَ وَالْبَيْعَ أَوْ الْبَيْعَ وَالْكِتَابَةَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَلْفُ لَيْسَ كُلُّهُ مُقَابَلًا فِي الْكِتَابَةِ فَيُؤَدِّي هَذَا التَّصْوِيرُ إلَى تَعْلِيقِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْكِتَابَةِ بِأَدَاءِ مَالٍ آخَرَ غَيْرِ مَالِ الْكِتَابَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَوْضُوعِهَا فَتَكُونُ فَاسِدَةً وَوَقَعَ هَذَا التَّصْوِيرُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِزِيَادَتِهِ إذَا أَدَّى مَا خَصَّ الْكِتَابَةَ يَعْتِقُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التَّعْلِيقِ وَلَمْ نَرَ هَذَا التَّصْوِيرَ فِي كَلَامِ أَحَدٍ وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا فِيهِ فَسَادُ الْكِتَابَةِ وَلَا نَصَّ لِلشَّافِعِيِّ يُخَالِفُ مَا قَرَّرْنَاهُ بَلْ قَوَاعِدُهُ شَاهِدَةٌ لَهُ قَالَ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ مُبَعَّضًا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَكَانَ ذَلِكَ فِي نَوْبَةِ الْحُرِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَيْضًا لِفَقْدِ الْمُقْتَضِي لِلْإِبْطَالِ وَهُوَ تَقَدُّمُ أَحَدِ شِقَّيْهِ عَلَى مَصِيرِ الْعَبْدِ أَهْلًا لِمُعَامَلَةِ السَّيِّدِ قَالَ وَتَجُوزُ مُعَامَلَةُ الْمُبَعَّضِ مَعَ السَّيِّدِ فِي الْأَعْيَانِ مُطْلَقًا وَفِي الذِّمَّةِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَهُوَ مِنْ دَقِيقِ الْفِقْهِ .
( وَإِنْ كَاتَبَ عَبِيدًا بِأَلْفٍ ) مَثَلًا ( صَفْقَةً ) كَأَنْ قَالَ كَاتَبْتُكُمْ بِأَلْفٍ إلَى وَقْتَيْ كَذَا وَكَذَا ، فَإِذَا أَدَّيْتُمْ فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ ( صَحَّ ) الْعَقْدُ ؛ لِأَنَّ مَالِكَ الْعِوَضِ وَاحِدٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ خَالَعَ نِسْوَةً ( وَوَزَّعَ ) الْمُسَمَّى ( عَلَى قَدْرِ الْقِيَمِ ) أَيْ قِيمَتِهِمْ لَا عَدَدِهِمْ ( وَقْتَ الْكِتَابَةِ فَمَنْ أَدَّى ) مِنْهُمْ ( حِصَّتَهُ عَتَقَ وَمَنْ عَجَزَ ) أَوْ مَاتَ ( رُقَّ ) فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ مِائَةً وَقِيمَةُ الثَّانِي مِائَتَيْنِ وَقِيمَةُ الثَّالِثِ ثَلَثَمِائَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ الْمُسَمَّى وَعَلَى الثَّانِي ثُلُثُهُ وَعَلَى الثَّالِثِ نِصْفُهُ ، فَإِنْ قُلْت لِمَ عَتَقَ الْمُؤَدِّي بِأَدَائِهِ ، وَقَدْ عَلَّقَ السَّيِّدُ بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ ؟ قُلْت لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ وَلِهَذَا إذَا أَبْرَأ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ عَتَقَ ، وَإِذَا مَاتَ لَمْ تَبْطُلْ الْكِتَابَةُ بِخِلَافِ التَّعْلِيقَاتِ .
( الرُّكْنُ الثَّالِثُ السَّيِّدُ وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ ) ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَبَرُّعٌ إذْ الْمُكَاتَبُ وَكَسْبُهُ لِلسَّيِّدِ فَمُقَابَلَةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ نُزُولٌ عَنْ أَحَدِهِمَا بِلَا عِوَضٍ ( فَتَلْغُو ) الْكِتَابَةُ ( مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ ) مَحْجُورٍ عَلَيْهِ ( وَأَوْلِيَائِهِمْ ) وَمُكْرَهٍ وَسَيَأْتِي .
( قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ ) شَمِلَ السَّكْرَانَ وَالْأَعْمَى تَغْلِيبًا لِلْعِتْقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَلَوْ كَاتَبَ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَالْإِعْتَاقِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي الْمَرَضِ حُسِبَ ) قِيمَتُهُ ( مِنْ الثُّلُثِ ) وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا ( فَإِنْ مَاتَ وَخَلَفَ مِثْلَيْ قِيمَتِهِ صَحَّتْ ) كِتَابَتُهُ لِخُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ
( قَوْلُهُ لَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي الْمَرَضِ حُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ ) لَوْ أَوْجَبَ السَّيِّدُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ فَطَرَأَ الْمَرَضُ فَقَبِلَ الْعَبْدُ فَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ وَقَعَا مَعًا فِي الْمَرَضِ وَقِسْ عَلَى هَذَا نَظَائِرَهُ مِنْ الْعِتْقِ غ
( وَلَوْ كَاتَبَهُ وَلَا مَالَ لَهُ ) سِوَاهُ ( عَلَى مِثْلَيْ قِيمَتِهِ فَأَدَّاهَا ) أَيْ نُجُومَ الْكِتَابَةِ ( فِي حَيَاتِهِ ) أَيْ السَّيِّدِ ( عَتَقَ كُلُّهُ ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ أَوْ ) كَاتَبَهُ ( عَلَى مِثْلِ قِيمَتِهِ فَأَدَّاهَا ) أَيْ نُجُومَ الْكِتَابَةِ ( فَثُلُثَاهُ ) يَعْتِقَانِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ مِائَةً وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ نَفَذَ التَّبَرُّعُ فِي ثُلُثِهِمَا وَهُوَ ثُلُثَا الْمِائَةِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ بَاعَ نَسِيئَةً فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَأَخَذَهُ حَيْثُ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبِعْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الثَّمَنُ وَهُنَا لَوْ لَمْ يُكَاتَبْ حَصَلَتْ لَهُ أَكْسَابُهُ ( أَوْ أَدَّى النِّصْفَ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ فِي نِصْفِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ ) شَيْئًا ( حَتَّى مَاتَ ) السَّيِّدُ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ( صَحَّتْ ) كِتَابَتُهُ ( فِي ثُلُثِهِ ) ، فَإِذَا أَدَّى حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ ( وَلَا يَزِيدُ الْعِتْقُ بِالْأَدَاءِ ) أَيْ لَا يُزَادُ فِي الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ نِصْفِ مَا أَدَّى وَهُوَ سُدُسٌ ( لِبُطْلَانِهَا فِي الثُّلُثَيْنِ ) فَلَا يَعُودُ ( وَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ ، وَإِذَا ( أَجَازَ الْوَرَثَةُ فِي جَمِيعِهَا عَتَقَ ) كُلُّهُ ( أَوْ فِي بَعْضِهَا عَتَقَ مَا أَجَازُوا ) وَفِي نُسْخَةٍ أَجَازَ أَيْ الْوَارِثُ ( وَالْوَلَاءُ ) عَلَيْهِ فِيمَا أَجَازُوهُ ( لِلْمَيِّتِ ) لَا لَهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إجَازَتَهُمْ تَنْفِيذٌ لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ .
( وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا عَبْدَيْنِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَكَاتَبَ فِي الْمَرَضِ أَحَدَهُمَا وَبَاعَ الْآخَرَ نَسِيئَةً وَمَاتَ وَلَمْ يَحْصُلْ ) بِيَدِهِ ( ثَمَنٌ وَلَا نُجُومٌ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ فِي ثُلُثِ هَذَا وَالْبَيْعُ فِي ثُلُثِ ذَاكَ إذَا لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ ) مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ( وَلَا يُزَادُ فِي الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ وَالنُّجُومِ ) لِبُطْلَانِهِمَا فِي الثُّلُثَيْنِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ .
( قَوْلُهُ صَحَّتْ كِتَابَتُهُ فِي ثُلُثِهِ ) وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى كِتَابَةِ بَعْضِ عَبْدٍ ؛ لِأَنَّ ذَاكَ ابْتِدَاءُ كِتَابَةٍ وَهُنَا وَرَدَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى الْجَمِيعِ ، ثُمَّ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْإِبْطَالِ فِي الْبَعْضِ ، فَإِنْ قِيلَ لَوْ وَرَدَتْ عَلَى الْجَمِيعِ ، ثُمَّ رُدَّتْ عَلَى الْجَمِيعِ ، ثُمَّ رُدَّتْ فِي الْبَعْضِ نَرُدُّهَا فِي الْكُلِّ فِيمَا إذَا كَانَ عَبْدَيْنِ اثْنَيْنِ وَكَاتَبَاهُ وَعَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا أَجَابَ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنَّا إنَّمَا قُلْنَا بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ وَبَاقِيهِ مُكَاتَبٌ تَضَرَّرَ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ فَأَبْطَلْنَا الْجَمِيعَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الشَّرِيكِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا انْتَقَلَ الْعَبْدُ إلَيْهِمْ نَاقِصًا بِالْكِتَابَةِ فَلَا مَعْنَى لِإِزَالَةِ الْكِتَابَةِ مِنْ بَاقِيهِ .
ا هـ .
( وَلَوْ كَاتَبَ فِي الصِّحَّةِ وَأَبْرَأَهُ عَنْ النُّجُومِ أَوْ أَعْتَقَهُ فِي الْمَرَضِ وَلَمْ يَمْلِكْ سِوَاهُ فِيهِمَا ، فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ ) وَرُقَّ ثُلُثَاهُ ( وَإِنْ اخْتَارَ بَقَاءَ الْكِتَابَةِ وَالنُّجُومُ مِثْلُ الْقِيمَةِ ) أَيْ قِيمَتِهِ ( عَتَقَ ثُلُثُهُ وَبَقِيَتْ الْكِتَابَةُ فِي الثُّلُثَيْنِ أَوْ ) وَ ( أَحَدُهُمَا أَقَلُّ ) مِنْ الْآخَرِ ( اُعْتُبِرَ الْأَقَلُّ ) أَيْ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ إنَّمَا يَسْتَقِرُّ عَلَى الْأَقَلِّ مِنْهُمَا ( وَقَدْ سَبَقَ ) بَيَانُهُ ( فِي الْوَصَايَا ) لَمْ يَسْبِقْ إلَّا فِي أَصْلِهِ وَبَيَانُهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ النُّجُومُ أَقَلَّ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَسَقَطَ ثُلُثُهَا وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ النُّجُومُ إنْ أَدَّى وَإِلَّا فَثُلُثَا الرَّقَبَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ كَأَنْ كَانَتْ مِائَةً وَالنُّجُومُ مِائَتَيْنِ حَصَلَ الدَّوْرُ ؛ لِأَنَّا نَحْتَاجُ أَنْ يُعْتِقَ شَيْئًا مِنْهُ مَحْسُوبًا مِنْ الثُّلُثِ وَسَقَطَ مِثْلُهُ مِنْ النُّجُومِ غَيْرَ مَحْسُوبٍ مِنْهُ فَيُقَالُ عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَسَقَطَ مِنْ النُّجُومِ شَيْئَانِ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مِنْهَا مِائَتَانِ إلَّا شَيْئَيْنِ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ ضِعْفَ مَا عَتَقَ فَبَعْدَ الْجَبْرِ مِائَتَانِ يَعْدِلَانِ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ فَالشَّيْءُ خَمْسُونَ وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الَّذِي عَتَقَ نِصْفُ الْعَبْدِ وَأَنَّهُ سَقَطَ نِصْفُ النُّجُومِ .
قَالَ الْأُسْتَاذُ فَإِنْ عَجَّلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ نِصْفُهُ ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِ شَيْءٍ أَيْ زَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ ، ثُمَّ كُلَّمَا أَدَّى شَيْئًا حُكِمَ بِعِتْقِ نِصْفِ مَا أَدَّى حَتَّى يُؤَدِّيَ نِصْفَ الْكِتَابَةِ وَيَسْتَوْفِيَ وَصِيَّتَهُ أَيْ وَهِيَ النِّصْفُ .
قَوْلُهُ قَالَ الْأُسْتَاذُ ، فَإِنْ عَجَّلَ مَا عَلَيْهِ إلَخْ ) يُشْبِهُ أَنَّ كَلَامَ الْأُسْتَاذِ مُقَيِّدٌ لِكَلَامِ غَيْرِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إنْ عَجَّلَ لِلْوَرَثَةِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ نِصْفُهُ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِ شَيْءٍ إلَخْ مِنْهُ
( وَلَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ مُكَاتَبِهِ أَوْ إبْرَائِهِ فَكَمَا سَبَقَ ) فِي الَّتِي قَبْلَهَا ( إلَّا أَنَّهُ يَحْتَاجُ ) هُنَا ( إنْشَاءَ عِتْقٍ أَوْ إبْرَاءٍ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَلَوْ كَاتَبَ فِي الصِّحَّةِ وَقَبَضَ النُّجُومَ فِي الْمَرَضِ أَوْ ) قَبَضَهَا وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ( أَوْ أَقَرَّ ) هُوَ فِي الْمَرَضِ بِالْقَبْضِ لَهَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ ( عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ) أَمَّا فِي الْأُولَيَيْنِ فَكَمَا لَوْ بَاعَ بِمُحَابَاةٍ فِي الصِّحَّةِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فِي الْمَرَضِ أَوْ قَبَضَهُ وَارِثُهُ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَلِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا يَقْدِرُ عَلَى إنْشَائِهِ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ يَسْتَوِي فِيهِ الصِّحَّةُ وَالْمَرَضُ .
( فَصْلٌ تَصِحُّ الْكِتَابَةُ مِنْ كَافِرٍ كَإِعْتَاقِهِ وَلَا تَصِحُّ مِنْ مُرْتَدٍّ ) وَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّ مِلْكَهُ مَوْقُوفٌ ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالْعُقُودُ لَا تُوقَفُ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ وَالتَّعْلِيقُ يَقْبَلُ الْوَقْفَ .
( وَلَا ) الْأَوْلَى فَلَا ( يَعْتِقُ ) الْعَبْدُ ( بِأَدَائِهِ ) النُّجُومَ فِي كِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ لِبُطْلَانِهَا وَالْمَسْأَلَةُ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ الرِّدَّةِ أَيْضًا ( وَلَا تُبْطِلُهَا رِدَّةُ السَّيِّدِ ) الطَّارِئَةُ بَعْدَهَا كَمَا لَا يَبْطُلُ بَيْعُهُ ( وَتَصِحُّ كِتَابَةُ عَبْدٍ مُرْتَدٍّ ) كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَتَدْبِيرُهُ وَإِعْتَاقُهُ ( وَيَعْتِقُ ) الْأَوْلَى فَيَعْتِقُ ( بِالْأَدَاءِ ) وَلَوْ فِي زَمَنِ رِدَّتِهِ ( وَإِنْ قَبِلَ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَمَا فِي يَدِهِ لِلسَّيِّدِ ) وَارْتَفَعَتْ الْكِتَابَةُ بِقَتْلِهِ ، وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُكَاتَبُ لَمْ تَبْطُلْ كِتَابَتُهُ ، فَإِنْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ كَانَ مَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ وَارْتَفَعَتْ الْكِتَابَةُ كَمَا فُهِمَ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ وَتَصِحُّ كِتَابَةُ عَبْدٍ مُرْتَدٍّ ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ لِحِرَابَةٍ لَا تَصِحُّ مُكَاتَبَتُهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ غ
( وَلَوْ لَحِقَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا وَوَقَفَ مَالِهِ تَأَدَّى الْحَاكِمُ كِتَابَةَ مُكَاتَبِهِ ) أَيْ نُجُومَهَا ( وَعَتَقَ ) بِالْأَدَاءِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَوَقَفَ لَهُ ( فَإِنْ عَجَزَ ) فَفَسَخَ الْكِتَابَةَ ( أَوْ عَجَّزَهُ ) الْحَاكِمُ ( رُقَّ ، فَإِنْ جَاءَ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ ) ، وَلَوْ مُسْلِمًا ( بَقِيَ التَّعْجِيزُ ) بِحَالِهِ ( وَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ ) وَكَانَ قَدْ دَفَعَ إلَيْهِ النُّجُومَ أَوْ بَعْضَهَا حَالَ رِدَّتِهِ ( اعْتَدَّ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ ) وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ كَانَ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِذَا أَسْلَمَ صَارَ الْحَقُّ لَهُ فَيَعْتَدُّ بِقَبْضِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ بَقَاءَ التَّعْجِيزِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( كَاتَبَ ذِمِّيٌّ ) أَوْ مُسْتَأْمَنٌ ( ذِمِّيًّا ) أَوْ مُسْتَأْمَنًا ( عَلَى خَمْرٍ ) أَوْ نَحْوِهِ كَخِنْزِيرٍ ( ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا ) إلَيْنَا ( بَعْدَ قَبْضِ الْجَمِيعِ ) أَيْ جَمِيعِ الْعِوَضِ ( عَتَقَ وَلَا رُجُوعَ ) لِلسَّيِّدِ عَلَى الْعَبْدِ ( أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ أَبْطَلْنَاهَا وَلَا أَثَرَ لِلْقَبْضِ بَعْدُ ) فِي الْعِتْقِ إذْ لَا أَثَرَ لِلْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ بَعْدَ إبْطَالِهَا ( فَإِنْ قَبَضَ ) الْعِوَضَ أَوْ الْبَاقِيَ مِنْهُ ( بَعْدَ الْإِسْلَامِ ) وَقَبْلَ إبْطَالِهَا ( ثُمَّ تَرَافَعَا ) إلَيْنَا ( حَكَمْنَا بِعِتْقِهِ ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ ( وَرَجَعَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ ) وَلَا تُوَزَّعُ الْقِيمَةُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَقْبُوضِ وَالْبَاقِي ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَتَعَلَّقُ بِالنَّجْمِ الْأَخِيرِ ، وَقَدْ وُجِدَ فِي الْإِسْلَامِ وَالنُّجُومُ لَا يَثْبُتُ لَهَا حَقِيقَةُ الْعِوَضِيَّةِ إلَّا إذَا تَمَّتْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ فَرْضُ عَجْزٍ لَمْ يَكُنْ الْمَقْبُوضُ مِنْ قَبْلُ عِوَضًا بَلْ كَسْبُ رَقِيقٍ ( وَلَا يَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ ) عَلَى السَّيِّدِ ( بِقِيمَةِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ ) وَلَا بِمِثْلِهِمَا ( وَيَرْجِعُ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ ) .
( قَوْلُهُ لَوْ كَاتَبَهُ ذِمِّيٌّ ) أَيْ أَوْ مُعَاهَدٌ ( قَوْلُهُ ذِمِّيًّا ) أَيْ أَوْ مُعَاهَدًا
( وَلَوْ أَسْلَمَ ) عَبْدُ شَخْصٍ ( ذِمِّيٌّ فَكَاتَبَهُ صَحَّتْ ) كِتَابَتُهُ لِخُرُوجِهِ بِهَا عَنْ تَصَرُّفِهِ وَاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ فِيهَا حَظًّا لِلْعَبْدِ بِتَوَقُّعِ عِتْقِهِ ( وَلَوْ أَسْلَمَ ) الْعَبْدُ الذِّمِّيُّ ( بَعْدَ الْكِتَابَةِ لَمْ تَبْطُلْ ) كِتَابَتُهُ ( وَلَوْ سَلَّمَ الْبَعْضَ ) مِنْ النُّجُومِ قَبْلَ إسْلَامِهِ هَذِهِ فُهِمَتْ بِالْأَوْلَى مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا الْقُوَّةُ الدَّوَامُ عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ سَلَّمَ الْبَعْضَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ ، وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ الْبَعْضَ .
( فَرْعٌ تَصِحُّ كِتَابَةُ الْحَرْبِيِّ ) لِأَنَّهُ مَالِكٌ كَالذِّمِّيِّ ( فَإِنْ قَهَرَ ) السَّيِّدُ ( بِدَارِ الْحَرْبِ مُكَاتَبَهُ بَطَلَتْ ) كِتَابَتُهُ وَصَارَ قِنًّا ( أَوْ قَهَرَهُ الْمُكَاتَبُ ) هُنَاكَ ( صَارَ حُرًّا وَمَلَكَ سَيِّدَهُ ) لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ قَهْرٍ ( لَا إنْ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ ) وَقَهَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيهِمَا فَلَا يَأْتِي فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ حَقٍّ ، وَإِنْصَافٍ ( وَكَذَا لَوْ قَهَرَ حُرٌّ حُرًّا ) بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِدَارِنَا يَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ وَذِكْرُ حُكْمِ ذَلِكَ بِدَارِنَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( وَلَوْ هَرَبَ إلَيْنَا الْمُكَاتَبُ ) مِنْ سَيِّدِهِ ، وَلَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ ( بَطَلَتْ كِتَابَتُهُ وَصَارَ حُرًّا ) لِأَنَّهُ قَهَرَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ ( فَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ طُولِبَ بِالْجِزْيَةِ ) أَيْ بِعَقْدِهَا إنْ رَضِيَ بِهَا وَكَانَ مِنْ أَهْلِهَا ( فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ ) وَإِنْ جَاءَنَا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَبِإِمَامِنَا لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا اسْتَمَرَّتْ الْكِتَابَةُ كَمَا لَوْ جَاءَنَا السَّيِّدُ بِأَمَانٍ ، وَلَوْ جَاءَنَا السَّيِّدُ مُسْلِمًا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمُكَاتَبِهِ هُنَاكَ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ .
( وَلَوْ دَخَلَ ) دَارَنَا حَرْبِيٌّ ( وَمُكَاتَبُهُ بِأَمَانٍ ) وَلَمْ يَقْهَرْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ( وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِمُكَاتَبِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ) أَوْ كَاتَبَهُ بَعْدَ مَا دَخَلَا وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِهِ ( فَامْتَنَعَ ) مِنْ ذَلِكَ ( لَمْ يُجْبَرْ ) عَلَيْهِ كَمَا لَا يُسَافِرُ الْمُسْلِمُ بِمُكَاتَبِهِ ( بَلْ يُوَكِّلُ ) إنْ شَاءَ ( مَنْ يَقْبِضُ النُّجُومَ ) عَنْهُ ( وَلَا يَقِفُ ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ بِدَارِنَا ( لَهَا ) أَيْ لِلنُّجُومِ أَيْ لِيَقْبِضَهَا ( إلَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ وَالْتَزَمَهَا ) أَوْ أَمَّنَاهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقِفَ لِذَلِكَ ( ثُمَّ إنْ عَجَزَ مُكَاتَبُهُ نَفْسُهُ فَفِي بَقَاءِ أَمَانِهِ بَعْدَ عَوْدِ السَّيِّدِ ) إلَى دَارِ الْحَرْبِ ( خِلَافٌ ) ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْأَمَانِ فِيمَنْ رَجَعَ وَخَلَفَ عِنْدَنَا مَالًا وَصَحَّحُوا بَقَاءَهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ، ثُمَّ لِأَنَّ الْمَالَ يَنْفَرِدُ بِالْأَمَانِ وَلِهَذَا لَوْ بَعَثَ حَرْبِيٌّ مَالَهُ إلَى دَارِنَا بِأَمَانٍ ثَبَتَ الْأَمَانُ لِمَا لَهُ دُونَهُ وَنَقَلَ الْأَصْلُ ذَلِكَ هُنَا عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ ، ثُمَّ قَالَ وَيَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ ثَمَّ فَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ .
قَوْلُهُ وَصَحَّحُوا بَقَاءَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ ) قَالَ الْفَتِيُّ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ خِلَافٌ فَصَيَّرْته كَمَا فِي الرَّوْضَةِ ، ثُمَّ إنْ عَجَزَ مُكَاتَبُهُ نَفْسُهُ بَقِيَ أَمَانُهُ بَعْدَ عَوْدِ السَّيِّدِ
( وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ ) وَقَدْ بَطَلَ أَمَانُهُ ( وَلَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ بَعَثَ بِمَالِ الْكِتَابَةِ إلَى وَارِثِهِ ) لِبَقَاءِ الْأَمَانِ فِيهِ ، وَقَدْ وَرِثَهُ وَارِثُهُ مِنْ مُوَرِّثِهِ وَمَنْ وَرِثَ مَالًا وَرِثَهُ بِحُقُوقِهِ كَالرَّهْنِ وَالضَّمِينِ أَمَّا إذَا لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُهُ فَوَارِثُهُ الذِّمِّيُّ وَنَحْوُهُ فَقَطْ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْأَمَانِ .
( وَلَوْ رَجَعَ ) السَّيِّدُ ( دَارَهُمْ وَمَالُ الْكِتَابَةِ عِنْدَنَا ، ثُمَّ أَسَرْنَاهُ لَمْ يَنْتَقِضْ الْأَمَانُ فِي مَالِهِ ) وَإِنْ انْتَقَضَ أَمَانُهُ هُوَ بِالرُّجُوعِ فَيَأْخُذُ النُّجُومَ إنْ مَنَنَّا عَلَيْهِ أَوْ فَدَى نَفْسَهُ وَهُوَ بِذَلِكَ فِي أَمَانٍ مَا دَامَ فِي دَارِنَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( وَإِنْ اُسْتُرِقَّ ) السَّيِّدُ ( بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ زَالَ مِلْكُهُ ) كَسَائِرِ الْأَرِقَّاءِ ( وَالْأَمَانُ بَاقٍ فِي مَالِ الْكِتَابَةِ فَيَنْتَظِرُ بِهِ عِتْقَ السَّيِّدِ ) وَمَصِيرَهُ مَالِكًا ( وَبِاسْتِرْقَاقِهِ ) بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ ( يَبْطُلُ الْوَلَاءُ ) لَهُ ( عَلَى مُكَاتَبِهِ ) لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ وَلَا يَنْتَقِلُ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ وَالْمُرَادُ بِبُطْلَانِهِ انْتِفَاءُ حُكْمِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مَوْقُوفٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي آخِرَ الْفَرْعِ .
( فَإِنْ اُسْتُرِقَّ السَّيِّدُ قَبْلَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ فَمَالُ الْكِتَابَةِ مَوْقُوفٌ ، فَإِنْ عَتَقَ سَيِّدُهُ دَفَعَهُ الْمُكَاتَبُ إلَيْهِ وَصَارَ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ ، فَإِنْ قَالَ لَنَا الْمُكَاتَبُ حَالَ التَّوَقُّفِ خُذُوا الْمَالَ عَنِّي ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنِّي ( لَأَعْتَقَ أَجَابَهُ الْحَاكِمُ ) إلَيْهِ ( فَإِنْ عَتَقَ ) السَّيِّدُ ( أَخَذَ ) مِنْهُ ( مَالَهُ وَثَبَتَ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ ، وَإِنْ مَاتَ قِنًّا فَمَالُهُ فَيْءٌ وَيَسْقُطُ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَسَقَطَ ( الْوَلَاءُ ) .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( كَاتَبَ مُسْلِمٌ كَافِرًا ) بِدَارِنَا أَوْ بِدَارُ الْحَرْبِ ( صَحَّ ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( فَإِنْ عَتَقَ قَرَّرَ بِالْجِزْيَةِ ) لَا بِدُونِهَا ( وَإِنْ لَحِقَ ) الْكَافِرُ ( بِدَارِ الْحَرْبِ وَأُسِرَ لَمْ تَبْطُلْ كِتَابَتُهُ ) لِأَنَّهُ فِي أَمَانِ سَيِّدِهِ ( وَكَذَا ) لَا تَبْطُلُ كِتَابَتُهُ ( إذَا اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَيْهِ كَمُدَبَّرِهِ ) أَيْ الْمُسْلِمِ ( وَمُسْتَوْلَدَتِهِ ) أَيْ كَمَا لَا يَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ وَاسْتِيلَادُهُ بِذَلِكَ ( وَإِنْ خَلَصَ ) الْمُكَاتَبُ مِنْ يَدِ الْكُفَّارِ ( حَسَبَ ) عَلَيْهِ ( مُدَّةَ الْأَسْرِ مِنْ الْأَجَلِ ) أَيْ أَجَلِ مَالِ الْكِتَابَةِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِ السَّيِّدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَبَسَهُ هُوَ مُدَّةً ( وَلَوْ انْقَضَتْ ) مُدَّةُ أَجَلِ كِتَابَتِهِ ( وَهُوَ فِي الْأَسْرِ فَسَخَهَا السَّيِّدُ ) إنْ شَاءَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُدَّةَ تُحْسَبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فِيمَا ذَكَرَ وَيَفْسَخُهَا ( بِنَفْسِهِ ) كَمَا لَوْ حَضَرَ الْمُكَاتَبُ وَاحْتَرَزَ بِهَذَا عَنْ الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَبْحَثَ هَلْ لَهُ مَالٌ يَفِي بِمَا عَلَيْهِ ( فَإِنْ أُطْلِقَ ) مِنْ يَدِ الْكُفَّارِ ( وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِمَا عَلَيْهِ أَدَّاهُ وَعَتَقَ ) وَبَطَلَ الْفَسْخُ .
( الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُكَاتَبُ وَشَرْطُهُ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا ) فَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ ( فَلَوْ كَاتَبَهُ ) أَيْ الْمُكَلَّفُ الْمُخْتَارُ ( لِنَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ ) أَوْ الْمَجَانِينِ ( صَحَّتْ ) أَيْ الْكِتَابَةُ ( لَهُ دُونَهُمْ ) عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ( وَإِنْ كَاتَبَ ) عَبْدًا ( صَغِيرًا ) أَوْ مَجْنُونًا ( وَقَالَ ) فِي كِتَابَتِهِ ( إذَا أَدَّيْت ) النُّجُومَ ( فَأَنْت حُرٌّ فَأَدَّى عَتَقَ وَلَا تَرَاجُعَ ) بَيْنَهُمَا ( لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ ) فَعِتْقُهُ حَصَلَ بِمُجَرَّدِ الصِّفَةِ ، وَقِيلَ إنَّمَا حَصَلَ بِحُكْمِ كِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِعِتْقِهِ إلَّا بِعِوَضٍ فَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا دَفَعَ وَهَذَا مَا احْتَرَزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَلَا تَرَاجُعَ ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ قَبُولَ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ بَاطِلٌ فَالْعَقْدُ مَعَهُ لَيْسَ بِعَقْدٍ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَتَلِفَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ الْمُكَلَّفُ شِرَاءً فَاسِدًا وَتَلِفَ عِنْدَهُ .
( قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا ) مِثْلُهُ السَّكْرَانُ ( قَوْلُهُ مُخْتَارًا ) شَمِلَتْ عِبَارَتُهُ كَغَيْرِهِ السَّفِيهَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْحَصِرْ الْأَدَاءُ مِنْ الْكَسْبِ فَقَدْ يُؤَدِّي مِنْ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا رَكِبَتْهُ الدُّيُونُ وَحَجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فِي أَكْسَابِهِ لِيَصْرِفَهَا فِي دُيُونِهِ فَلَا تَصِحُّ كِتَابَتُهُ وَتَصِحُّ كِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ كَبَيْعِهِ ، ثُمَّ إنْ أَدَّى النُّجُومَ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ عَتَقَ ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا وَأَسْلَمَ بَقِيَ مُكَاتَبًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فِي الْحِرَابَةِ لَا تَصِحُّ مُكَاتَبَتُهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ
( وَتَصِحُّ كِتَابَةُ مُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَمُسْتَوْلَدَةٍ ) لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْعِتْقُ أَيْضًا فَيَعْتِقُ الثَّانِي بِوُجُودِ الصِّفَةِ إنْ وُجِدَتْ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ وَإِلَّا فَبِأَدَائِهَا وَالْآخَرُ أَنْ يَمُوتَ السَّيِّدُ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَإِلَّا فَبِالْأَدَاءِ ( لَا ) كِتَابَةُ ( مَرْهُونٍ ) لِأَنَّهُ مَرْصَدٌ لِلْبَيْعِ وَالْكِتَابَةُ تَمْنَعُ مِنْهُ ( وَ ) لَا كِتَابَةُ ( مُسْتَأْجَرٍ ) لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ الْمَنْفَعَةَ فَلَا يَتَفَرَّعُ لِلِاكْتِسَابِ لِنَفْسِهِ وَلَا كِتَابَةُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَا كِتَابَةُ الْمَغْصُوبِ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ، وَإِطْلَاقُ الْعِمْرَانِيِّ الْمَنْعَ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ .
قَوْلُهُ لَا كِتَابَةُ مَرْهُونٍ ) أَيْ رَهْنًا لَازِمًا بِالْقَبْضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَفِي مَعْنَاهُ الْجَانِي جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ فَلَوْ أَوْجَبَتْ قِصَاصًا فَكَاتَبَهُ ، ثُمَّ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى مَالٍ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَلَا يَصِحُّ كِتَابَةُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا مُسْتَأْجِرٍ ) لِمَ لَا يَفْصِلُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مَعَهَا مِنْ الِاكْتِسَابِ كَاسْتِئْجَارِهِ لِلْخِدْمَةِ وَمَا يَسْتَغْرِقُ غَالِبَ نَهَارِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّصُّ وَبَيْنَ مَا لَا يَمْنَعُهُ الِاكْتِسَابَ كَالْحِرَاسَةِ لَيْلًا فَقَطْ أَوْ لِلنِّظَارَةِ مَثَلًا ، وَكَسْبُهُ بِخِيَاطَةٍ أَوْ وَرَّاقَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُمْكِنُ عَمَلُهُ مَعَ الْقِيَامِ بِمَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ فَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَتَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ لِفَقْدِ الْمَانِعِ الْمُشَارِ إلَيْهِ
( وَلَوْ قَبِلَ الْكِتَابَةَ ) مِنْ السَّيِّدِ ( أَجْنَبِيٌّ لِيُؤَدِّيَ عَنْ الْعَبْدِ ) النُّجُومَ ( لَمْ تَصِحَّ ) الْكِتَابَةُ لِمُخَالَفَتِهَا مَوْضُوعَ الْبَابِ ( فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ ) الْعَبْدُ ( لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَرَجَعَ ) السَّيِّدُ ( عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِالْقِيمَةِ وَرَدَّ لَهُ مَا أَخَذَ ) مِنْهُ .
( فَصْلٌ وَتَصِحُّ كِتَابَةُ الْمُبَعَّضِ إنْ اسْتَغْرَقَ ) عَقْدُهَا ( الْبَاقِيَ مِنْهُ ) كَمَا تَصِحُّ كِتَابَةُ جَمِيعِ الْعَبْدِ بِجَامِعِ إفَادَتِهَا كُلًّا مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْبَاقِيَ مِنْهُ ( فَإِنْ كَاتَبَ كُلَّهُ صَحَّتْ فِي الْقِنِّ مِنْهُ بِقِسْطِهِ ) مِنْ النُّجُومِ وَبَطَلَتْ فِي الْبَاقِي عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ( وَكَذَا لَوْ ظَنَّهُ قِنًّا فَبَانَ مُبَعَّضًا صَحَّتْ بِقِسْطِهِ ) مِنْ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرَ ( فَإِنْ كَاتَبَ بَعْضَ عَبْدِهِ فَفَاسِدَةٌ ) كِتَابَتُهُ كَمَا لَا يَتَبَعَّضُ عِتْقُ عَبْدِهِ وَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّرَدُّدِ لِاكْتِسَابِ النُّجُومِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَرْفُ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ إلَيْهِ ( فَإِنْ أَدَّى ) النُّجُومَ ( قَبْلَ فَسْخِ السَّيِّدِ ) كِتَابَتَهُ ( عَتَقَ وَسَرَى ) إلَى بَاقِيهِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ ( وَيَرْجِعُ ) الْمُكَاتَبُ ( عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى وَ ) يَرْجِعُ ( السَّيِّدُ ) عَلَيْهِ ( بِقِيمَةِ الْقَدْرِ الْمُكَاتَبِ ) لَا بِقَدْرِ مَا سَرَى الْعِتْقُ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ بِحُكْمِ الْكِتَابَةِ وَمَحَلُّ فَسَادِهَا فِيمَا ذُكِرَ إذَا كَاتَبَهُ فِي الصِّحَّةِ ، فَإِنْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَحَّتْ بِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ مَوْقُوفًا عَلَى خِدْمَةِ مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ وَبَعْضُهُ رَقِيقًا وَكَاتَبَهُ مَالِكُهُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَصِحَّ بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا الْمِلْكُ فِي الْوَقْفِ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمَذْهَبُ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فِي الْجُمْلَةِ .
كَذَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمُنَافَاتِهِ تَعْلِيلَيْهِمْ السَّابِقَيْنِ ، وَلَوْ سَلِمَ فَالْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ لَا يَخْتَصُّ بِالْوَقْفِ عَلَى الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ .
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ وَتَصِحُّ كِتَابَةُ الْمُبَعَّضِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ بَعْضُ عَبْدِهِ مَوْقُوفًا عَلَى خِدْمَةِ مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ وَبَاقِيهِ رَقِيقٌ وَكَاتَبَهُ مَالِكُ بَعْضِهِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَصِحَّ عَلَى قَوْلِنَا الْمِلْكُ فِي الْوَقْفِ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا تَبْقَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ مَالِكٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ بَعْضَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ كَذَا خَطَرَ لِي وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا قَالَ النَّاشِرِيُّ فِيمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ نَظَرٌ ، فَإِنَّ وَقْفَ الْبَعْضِ عَلَى خِدْمَةِ مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ كَالْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّ نَاظِرَ الْجِهَةِ فِي ذَلِكَ كَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الِاسْتِقْلَالُ بِالْكَسْبِ .
ا هـ .
سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ظَنَّهُ قِنًّا فَبَانَ مُبَعَّضًا صَحَّتْ بِقِسْطِهِ ) لَوْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدٍ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بَعْضُهُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُكَاتِبُ ذَلِكَ الْقَدْرَ وَعَنْ النَّصِّ وَالْبَغَوِيِّ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ بِكِتَابَةِ بَعْضِ عَبْدِهِ وَعَنْ الْمَرُّوذِيِّ صِحَّةُ كِتَابَةِ بَعْضٍ هُوَ ثُلُثُ مَالِهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَاعْتَمَدَهُ جَمَاعَةٌ لَكِنْ نَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ الصِّحَّةَ فِيهِمَا عَنْ الطَّالِبِ وَنَازَعَ فِيهَا وَاعْتَمَدَ الْبُطْلَانَ ، وَلَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُمَا كَاتَبَاهُ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَحِصَّةُ الْمُصَدِّقِ مُكَاتَبَةٌ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْخِصَالِ ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمُنَافَاتِهِ إلَخْ ) هُوَ كَمَا قَالَ
( وَلَوْ كَاتَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ ) نَصِيبَهُ فِي الْمُشْتَرَكِ ( لَمْ تَصِحَّ ) كِتَابَتُهُ ( وَلَوْ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ ) لِأَنَّ لِلشَّرِيكِ مَنْعَهُ مِنْ التَّرَدُّدِ وَالسَّفَرِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَصْرِفَ إلَيْهِ سَهْمَ الْمُكَاتَبِينَ مِنْ الزَّكَاةِ ( فَإِنْ أَدَّى النُّجُومَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ كَسْبِهِ ) الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُكَاتِبْهُ ( قَبْلَ فَسْخِ سَيِّدِهِ ) الْكِتَابَةَ ( عَتَقَ ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ ( وَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ الشَّرِيكِ بِشَرْطِهِ ) وَهُوَ الْيَسَارُ ( وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ ) عَلَيْهِ ( بِمَا دَفَعَ ) لَهُ ( وَالسَّيِّدُ ) عَلَيْهِ ( بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ ) مِنْهُ ( وَإِنْ أَدَّى ) الْعَبْدُ ( إلَى الَّذِي كَاتَبَهُ جَمِيعَ الْكَسْبِ ) حَتَّى تَمَّ قَدْرُ النُّجُومِ ( لَمْ يَعْتِقْ ) لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ تَقْتَضِي إعْطَاءَ مَا يَمْلِكُهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ ( كَمَنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِإِعْطَاءِ عَبْدٍ فَأَعْطَاهُ ) عَبْدًا ( مَغْصُوبًا ) فَلِلَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِمَّا أَخَذَهُ الَّذِي كَاتَبَ ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ ( فَإِنْ أَتَمَّ الْعَبْدُ النُّجُومَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ كَسْبِهِ عَتَقَ ) وَإِلَّا فَلَا .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( كَاتَبَهُ الشَّرِيكَانِ مَعًا أَوْ مَا دُونَهُمَا أَوْ ) كَاتَبَاهُ ( بِتَوْكِيلِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ صَحَّتْ ) كِتَابَتُهُمَا إنْ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ جِنْسًا وَصِفَةً وَأَجَلًا وَعَدَدًا وَجَعَلَا الْمَالَ عَلَى نَسَبِهِ مِلْكَيْهِمَا أَوْ أَطْلَقَا فَإِنَّهَا تُقْسَمُ كَذَلِكَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى انْتِفَاعِ أَحَدِهِمَا بِمَالِ الْآخَرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ( لَا إنْ شُرِطَ تَفَاضُلٌ فِي الْوَصْفِ أَوْ ) فِي ( نِسْبَةِ الْمِلْكِ ، وَلَوْ عَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا ) وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ وَأَرَادَ الْآخَرُ إبْقَاءَهُ فِيهَا ، وَإِنْظَارَهُ ( بَطَلَ ) عَقْدُهَا ( فِي الْجَمِيعِ كَالْوَارِثَيْنِ ) لِمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ فَعَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ وَأَرَادَ الْآخَرُ إنْظَارَهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا سَوَاءٌ فِيهِمَا أَذِنَ الشَّرِيكُ أَمْ لَا كَابْتِدَاءِ الْكِتَابَةِ .
( فَصْلٌ : مَا لَا يَصِحُّ مِنْهَا ) أَيْ الْكِتَابَةِ قِسْمَانِ ( بَاطِلَةٌ وَفَاسِدَةٌ فَالْبَاطِلَةُ مَا اخْتَلَّ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا كَالصَّبِيِّ يُكَاتِبُ أَوْ يُكَاتِبُ لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ الْمُكْرَهِ ) عَلَيْهَا ( أَوْ ) كَاتَبَ ( بِعِوَضٍ لَا يُقْصَدُ كَالدَّمِ وَالْحَشَرَاتِ أَوْ لَا يُتَمَوَّلُ ) كَحَبَّتَيْ حِنْطَةٍ ( أَوْ اخْتَلَّتْ الصِّيغَةُ ) بِأَنْ فُقِدَ الْإِيجَابُ أَوْ الْقَبُولُ أَوْ لَمْ يُوَافِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَهَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَمْثِلَةِ لَا عَلَى " اخْتَلَّ رُكْنٌ " لِاقْتِضَائِهِ حِينَئِذٍ أَنَّ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ رُكْنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ لَا يُتَمَوَّلُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَلَاغِيَةٌ ) أَيْ إذَا عَرَفَ ذَلِكَ فَالْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ لَاغِيَةٌ ( لَا إنْ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ إنْ أَعْطَيْتنِي دَمًا أَوْ مَيْتَةً ) فَأَنْتَ حُرٌّ ( وَهُوَ أَهْلٌ ) لِلتَّعْلِيقِ ( فَأَعْطَاهُ ) دَمًا أَوْ مَيْتَةً فَلَا تَلْغُو بَلْ يَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ التَّعْلِيقِ .
( وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ فَهِيَ الَّتِي ) لَمْ يَخْتَلَّ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا لَكِنْ ( اخْتَلَّتْ ) صِحَّتُهَا ( لِشَرْطٍ فَاسِدٍ فِي الْعِوَضِ كَخَمْرٍ أَوْ مَجْهُولٍ أَوْ ) مَعْلُومٍ ( بِلَا تَنْجِيمٍ أَوْ ) لِأَجْلِ ( كِتَابَةِ بَعْضٍ ) مِنْ عَبْدٍ ، ( وَسَائِرُ الْعُقُودِ ) أَيْ بَاقِيهَا ( لَا فَرْقَ بَيْنَ بَاطِلِهَا وَفَاسِدِهَا ) بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْعِتْقُ وَهُوَ لَا يَبْطُلُ بِالتَّعْلِيقِ عَلَى فَاسِدٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا وَجَّهَ الْإِمَامُ لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ تَكُونَ الْبَاطِلَةُ إذَا صَحَّ التَّعْلِيقُ فِيهَا كَالْفَاسِدَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ بَيْنَ بَاطِلِهَا وَفَاسِدِهَا مَمْنُوعٌ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا أَيْضًا فِي الْخُلْعِ وَالْعَارِيَّةِ ا هـ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِهِ ، فَقَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَاسِدَ وَالْبَاطِلَ مِنْ الْعُقُودِ عِنْدَنَا سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا الْحَجُّ وَالْعَارِيَّةُ وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ وَتَوَهَّمَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ النَّوَوِيَّ حَصَرَ ذَلِكَ فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ وَهَذَا حَصْرٌ غَيْرُ جَيِّدٍ بَلْ يُتَصَوَّرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي كُلِّ عَقْدٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ كَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّهُمَا لَوْ صَدَرَا مِنْ سَفِيهٍ أَوْ صَبِيٍّ وَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُتَّهَبِ وَجَبَ الضَّمَانُ ، وَلَوْ كَانَا فَاسِدَيْنِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهَا ؛ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ .
قَوْلُهُ وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَذْكُرْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابَةِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهَا تَنْجِيزُ عَقْدِهَا وَلَكِنْ ذَكَرَ صِيغَتَهَا بِصُورَةِ التَّنْجِيزِ فَإِذَا أَتَى بِالْكِتَابَةِ مُعَلَّقَةً وَوُجِدَ الشَّرْطُ فَهَلْ هِيَ فَاسِدَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ كِتَابَةٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ تَكُونَ بَاطِلَةً وَلِذَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فَإِذَا أَدَّيْت إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ كِتَابَةً ، وَإِنَّمَا هُوَ مُدَبَّرٌ وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ وَبَعْدَهُ قَالَ وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ هَذَا الْفَرْعَ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى نُجُومٍ وَقَالَ فَإِذَا أَدَّيْتهَا فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَمَضَى بَعْدَ الْأَدَاءِ شَهْرٌ وَنَحْوُهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ تَعْلِيقًا مَحْضًا وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ أَيْضًا ، وَإِذَا كَاتَبَ عَنْ الْعَبْدِ غَيْرُهُ وَفَرَّعْنَا عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ فَإِنَّهُ قَالَ عَتَقَ بِالصِّفَةِ وَيَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى السَّيِّدِ بِمَا أَدَّى وَالسَّيِّدُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ دَاخِلَةً فِيمَا ذَكَرَاهُ فِي تَعْرِيفِ الْفَاسِدَةِ ( قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي دَقَائِقِهِ إلَخْ ) وَحَكَاهُ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ بِلَفْظٍ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَأْتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الْإِسْنَوِيِّ فِي النَّقْلِ عَنْهُ ( قَوْلُهُ مِنْهَا الْحَجُّ إلَخْ ) وَالْوَكَالَةُ وَعَقْدُ الْجِزْيَةِ وَالْعِتْقُ ( قَوْلُهُ فَقَالَ ) أَيْ كَالْإِسْنَوِيِّ ( قَوْلُهُ بَلْ يُتَصَوَّرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إلَخْ ) وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي الْقِرَاضِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ وَفِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَنًا
وَسَلَّمَ وَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي وَجْهٍ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَفِي آخَرَ لَا إذْ لَا بَيْعَ أَصْلًا فَتَكُونُ أَمَانَةً .
ا هـ .
( وَلِلتَّعْلِيقِ ) لِلْعِتْقِ بِالصِّفَةِ ( ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ خَالٍ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ ) فَأَنْتَ حُرٌّ ( وَكَذَا إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ هُنَا لَمْ يُذْكَرْ لِلْمُعَاوَضَةِ فَهَذَا ) الْقِسْمُ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ( لَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِلْعَبْدِ ) وَلَا لَهُمَا ( إبْطَالُهُ وَيَبْطُلُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ ) وَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ عَتَقَ ( فَإِنْ أَدَّى الْأَلْفَ ) لَهُ فِي حَيَاتِهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ( فَلَا تَرَاجُعَ ) بَيْنَهُمَا ، وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ ( وَكَسْبُهُ الْمَاضِي ) أَيْ الْحَاصِلُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ ( لِلسَّيِّدِ ) .
الْقِسْمُ ( الثَّانِي التَّعْلِيقُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ .
الثَّالِثُ ) التَّعْلِيقُ ( فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ ) وَكُلٌّ مِنْهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَكِنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْأُولَى مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ ( وَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ فِي أُمُورٍ ) ثَلَاثَةٍ ( أَحَدُهَا أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ ) لِلنُّجُومِ ( لِوُجُودِ الصِّفَةِ لَكِنْ لَا يَعْتِقُ بِإِبْرَاءِ السَّيِّدِ ) لَهُ ( وَ ) لَا ( أَدَاءِ الْغَيْرِ عَنْهُ وَلَا بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهُ ) أَيْ الْعِوَضِ ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَا تَحْصُلُ بِهَا فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ النُّجُومِ لِلسَّيِّدِ فِي مَحَلِّهَا كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ هُنَا وَفِي الشُّفْعَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي عَدَمُ الصِّحَّةِ فَتَسْتَوِي الْفَاسِدَةُ وَالصَّحِيحَةُ فِي ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ وَالنُّجُومَ ثَمَنٌ وَالِاعْتِيَاضَ عَنْهُ جَائِزٌ .
( الثَّانِي أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالِاكْتِسَابِ ) فَيَتَرَدَّدَ وَيَتَصَرَّفَ لِيُؤَدِّيَ النُّجُومَ وَيَعْتِقَ ( وَمَا فَضَلَ
) مِنْ الْكَسْبِ ( عَنْ النُّجُومِ فَهُوَ لَهُ ) لِأَنَّ الْفَاسِدَةَ كَالصَّحِيحَةِ فِي حُصُولِ الْعِتْقِ بِالْأَدَاءِ فَكَذَا فِي الْكَسْبِ ( وَيَتْبَعُهُ ) فِي الْكِتَابَةِ ( وَلَدُ أَمَتِهِ ) مِنْهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَوَلَدُ الْمُكَاتَبِ مِنْ جَارِيَتِهِ كَكَسْبِهِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ ، فَإِذَا عَتَقَ تَبِعَهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَهَلْ يَتْبَعُ الْمُكَاتَبَةَ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَلَدُهَا ؟ طَرِيقَانِ الْمَذْهَبُ نَعَمْ كَالْكَسْبِ .
ا هـ .
( الثَّالِثُ سُقُوطُ نَفَقَتِهِ ) عَنْ سَيِّدِهِ ( إذَا اسْتَقَلَّ ) بِالْكَسْبِ ( وَلَا يُعَامِلُ سَيِّدَهُ ) هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ ، ثُمَّ قَالَ وَلَعَلَّهُ أَقْوَى وَنَقَلَ قَبْلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَامِلَهُ كَالْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً ، وَقَدْ رَاجَعْت كَلَامَ الْبَغَوِيّ فَرَأَيْته إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ تَفْرِيعًا عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِ كِتَابَتِهِ وَدَفَعَهُ إلَى سَيِّدِهِ ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ فَالْأَقْوَى قَوْلُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ .
( قَوْلُهُ أَحَدُهَا أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ لِلنُّجُومِ ) أَيْ إلَى السَّيِّدِ ( قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالِاكْتِسَابِ ) لَيْسَ لَنَا عَقْدٌ فَاسِدٌ يُمْلَكُ بِهِ كَالصَّحِيحِ إلَّا هَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَا وَهُوَ الْعِتْقُ قَدْ حَصَلَ فَتَبِعَهُ مِلْكُ الْكَسْبِ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا وَوَجْهُهُ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ أَثْبَتَ لِلسَّيِّدِ عِوَضًا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَمْلِكَ فِي مُقَابَلَتِهِ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَهُوَ الرَّقَبَةُ كَيْ لَا يَبْقَى الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ لِوَاحِدٍ فَلَمَّا تَعَذَّرَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَوْ مَلَّكَهَا الْعِتْقَ كَانَ تَأْثِيرُ الْعِتْقِ فِي الْمَنَافِعِ وَالْأَكْسَابِ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْجَدِيدِ قَوْلُهُ وَمَا فَضَلَ عَنْ النُّجُومِ فَهُوَ لَهُ ) وَلَوْ مَهْرَ أَمَتِهِ الْوَاجِبَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ بِالْعَقْدِ مِنْ مُسَمًّى صَحِيحٍ أَوْ مَهْرِ مِثْلٍ بِسَبَبِ تَسْمِيَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ تَلَفِ الْمُسَمَّى قَبْلَ قَبْضِ الزَّوْجَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ ، وَكَذَا لَهُ الْفَرْضُ فِي الْمُفَوَّضَةِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْمَسِيسِ فِي الْمُفَوِّضَةِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْمَرْأَةِ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً ( قَوْلُهُ وَلَا يُعَامِلُ سَيِّدَهُ ) وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيمَا فِي يَدِهِ كَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي تَرَجَّحَ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيمَا فِي يَدِهِ وَقَضِيَّةُ مِلْكِهِ لِأَكْسَابِهِ أَنْ يُعَامِلَ السَّيِّدَ ، وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيمَا فِي يَدِهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ ) وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَلَعَلَّهُ أَقْوَى ) هُوَ الْقِيَاسُ غ
( فَرْعٌ تُفَارِقُ ) الْكِتَابَةُ ( الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ فِي أُمُورٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً ( السَّفَرُ بِلَا إذْنٍ ) مِنْ سَيِّدِهِ لِعَدَمِ لُزُومِهَا بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحَةِ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ تَحِلَّ النُّجُومُ ( وَأَنَّهُ إذَا عَتَقَ ) بِالْأَدَاءِ إلَى سَيِّدِهِ ( تَرَاجَعَا ) أَيْ يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا أَدَّى إنْ بَقِيَ وَبِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ سَيِّدُهُ وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ ، وَقَدْ تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ فَهُوَ كَتَلَفِ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا بَعْدَ الْقَبْضِ ، نَعَمْ مَا أَخَذَهُ الْكَافِرُ مِنْ مُكَاتَبِهِ الْكَافِرِ حَالَ الْكُفْرِ يَمْلِكُهُ وَلَا تَرَاجُعَ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ ( وَيُقَوَّمُ يَوْمَ الْعِتْقِ ) لَا يَوْمَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَزَّعَ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَةِ الْعَبِيدِ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْعَقْدِ هُوَ يَوْمُ الْحَيْلُولَةِ فِي الصَّحِيحَةِ وَهُنَا إنَّمَا تَحْصُلُ الْحَيْلُولَةُ بِالْعِتْقِ
( قَوْلُهُ تُفَارِقُ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ فِي أُمُورٍ ) قَالَ صَالِحٌ الْبُلْقِينِيُّ تُخَالِفُ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ فِي نَحْوِ مِائَةِ مَوْضِعٍ أَوْ أَكْثَرَ نَذْكُرُهَا عَلَى تَرْتِيبِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ ، ثُمَّ سَرَدَهَا فِي تَتِمَّةِ التَّدْرِيبِ ( قَوْلُهُ نَعَمْ مَا أَخَذَهُ الْكَافِرُ مِنْ مُكَاتِبِهِ الْكَافِرِ حَالَ الْكُفْرِ يَمْلِكُهُ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَمْلِكُهُ فَإِذَا حَصَلَ الْعِتْقُ ارْتَفَعَ ذَلِكَ الْمِلْكُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى إعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ فَأَعْطَتْهُ غَيْرَ الْغَالِبِ مِلْكَهُ وَلَهُ رَدُّهُ وَطَلَبُ الْغَالِبِ غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْكِتَابَةِ يَرْتَفِعُ الْمِلْكُ قَهْرًا وَهُنَا يَرْتَفِعُ بِرَدِّ الزَّوْجِ ( قَوْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ ) وَلَوْ أَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَبْطَلْنَاهَا وَلَا أَثَرَ لِلْقَبْضِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ فَكَذَلِكَ فَلَوْ قَبَضَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَقَبْلَ إبْطَالِهَا عَتَقَ وَرَجَعَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ ، وَلَوْ قَبَضَ الْجَمِيعَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ ، ثُمَّ تَرَافَعَا فَكَذَلِكَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى السَّيِّدِ بِشَيْءٍ لِلْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُسَمَّى قِيمَةٌ رَجَعَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْأَصْلِيَّيْنِ دُونَ الْمُرْتَدَّيْنِ ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فِي الْأُمِّ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ لَا أُجِيزُ كِتَابَةَ السَّيِّدِ الْمُرْتَدَّ وَالْعَبْدَ الْمُرْتَدَّ إلَّا عَلَى مَا أُجِيزَ عَلَيْهِ كِتَابَةُ الْمُسْلِمَيْنِ بِخِلَافِ الْكَافِرَيْنِ الْأَصْلِيَّيْنِ يُتْرَكَانِ عَلَى مَا يَسْتَحِلَّانِ مَا لَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا
( وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ ) بَيْنَ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ ، فَإِنْ فَضَلَ لِأَحَدِهِمَا شَيْءٌ رَجَعَ بِهِ ( وَلَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِنَحْوِ خَمْرٍ ) وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ .
( وَلِلسَّيِّدِ فَسْخُ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ ) بِالْقَوْلِ وَبِالْفِعْلِ كَالْبَيْعِ لِجَوَازِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلِأَنَّ الْمُسَمَّى فِيهَا لَا يَسْلَمُ لِلسَّيِّدِ كَمَا مَرَّ فَكَانَ لَهُ فَسْخُهَا دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْفَسْخَ بِالسَّيِّدِ ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ هُوَ الَّذِي فَارَقَتْ فِيهِ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ بِخِلَافِهِ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَطَّرِدُ فِي الصَّحِيحَةِ أَيْضًا عَلَى اضْطِرَابٍ وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ ، ثُمَّ إذَا فَسَخَهَا فَسَخَهَا ( بِنَفْسِهِ أَوْ الْحَاكِمُ بِإِذْنِهِ ) أَيْ طَلَبِهِ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مَعِيبًا لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْحَاكِمِ ، فَإِنْ أَدَّى الْمُسَمَّى لَمْ يَعْتِقْ ؛ لِأَنَّهُ ، وَإِنْ غَلَبَ فِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَهُوَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ ارْتَفَعَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ التَّعْلِيقِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلْيُشْهِدْ السَّيِّدُ عَلَى الْفَسْخِ أَيْ احْتِيَاطًا ( وَإِنْ ادَّعَى الْأَدَاءَ قَبْلَ الْفَسْخِ ) لِيُعْتِقَ وَقَالَ سَيِّدُهُ بَلْ بَعْدَهُ ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفَسْخِ قَبْلَ الْأَدَاءِ ( وَعِتْقُ السَّيِّدِ لَهُ لَا عَنْ الْكِتَابَةِ فَسْخٌ ) لَهَا ( فَلَا يَسْتَتْبِعُ كَسْبًا وَ ) لَا ( وَلَدًا بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ ) لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ فِيهَا اسْتَحَقَّ عَلَى السَّيِّدِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ الْعِتْقَ وَاسْتِتْبَاعُ مَا ذُكِرَ بِخِلَافِهِ فِي الْفَاسِدَةِ ( وَبَيْعُهُ وَهِبَتُهُ ) بِقَبْضٍ ( فَسْخٌ ) لِكِتَابَتِهِ ( وَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا ( وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ ) لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ إلَى وَارِثِهِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ ( إلَّا إنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِالْأَدَاءِ إلَى الْوَارِثِ ) بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَعْتِقُ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْت حُرٌّ وَقَيَّدَ الْبُطْلَانَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ لِمَا مَرَّ فِي تَقْيِيدِ الْفَسْخِ بِهِ ( وَلَا يَجِبُ فِيهَا الْإِيتَاءُ ) لِأَنَّ النُّجُومَ غَيْرُ
ثَابِتَةٍ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ ( وَلَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا ) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً ( بِالْعَوْدِ إلَيْهِ ) بِالْفَسْخِ ، وَلَوْ قَبْلَ عَجْزِهَا ( وَلَوْ عَجَّلَ النُّجُومَ لَمْ يَعْتِقْ ) لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تُوجَدْ عَلَى وَجْهِهَا بِخِلَافِهَا فِي الصَّحِيحَةِ ( وَيَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ ) وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ وَلَا يُعْطِي مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ كَمَا مَرَّ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا أَيْضًا ( بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ) كَمَا تَقَرَّرَ وَلَيْسَتْ الصُّوَرُ مُنْحَصِرَةً فِيمَا ذُكِرَ فَمِنْهَا عَدَمُ صِحَّةِ الْتِقَاطِهِ كَالْقِنِّ وَمِنْهَا عَدَمُ وُجُوبِ الْأَرْشِ عَلَى سَيِّدِهِ إذَا جَنَى عَلَيْهِ وَمِنْهَا مَنْعُهُ مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ إذَا حَلَفَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَكَانَ أَمَةً أَوْ يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ
( قَوْلُهُ وَلِلسَّيِّدِ فَسْخُ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ ) تَعَقَّبَ الْبُلْقِينِيُّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ ، أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا يَرْتَفِعُ بِالْفَسْخِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْفَعُ الصِّحَّةَ .
قَالَ وَإِنَّمَا يُقَالُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ لِلسَّيِّدِ إبْطَالَهَا ( قَوْلُهُ وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ ) أَيْ وَبِجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَخَرَجَ بِحَجْرِ السَّفَهِ حَجْرُ الْفَلَسِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ ، فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ بَطَلَتْ قَوْلُهُ وَمِنْهَا مَنْعُهُ مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ إلَخْ ) وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ فَإِذَا أَدَّيْتهَا فَأَنْتَ حُرٌّ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِيهَا يَغْلِبُ وَالصِّفَاتُ لَا تَحْصُلُ بِالنِّيَّةِ وَعَدَمُ تَحْرِيمِ وَطْءِ الْأَمَةِ فِيهَا وَعَدَمُ وُجُوبِ مَهْرٍ لَهَا بِهِ وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ حَوَالَتُهُ لِسَيِّدِهِ بِالنُّجُومِ وَأَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ الْإِحْرَامِ وَتَحْلِيلَهُ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ حِينَئِذٍ .
وَإِذَا أَسْلَمَ عَبْدٌ لِكَافِرٍ فَكَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً لَمْ يَكْفِ فِي إزَالَةِ سَلْطَنَتِهِ عَنْهُ وَأَنَّ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ فِي الْخِيَارِ لَيْسَتْ فَسْخًا مِنْ الْبَائِعِ وَالْإِجَارَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَعْتِقَ بِالْأَدَاءِ فِي الْخِيَارِ ، وَأَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِعَبْدٍ اشْتَرَاهُ بَعْدَ أَنْ كَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً لَمْ يَمْتَنِعْ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَأَنَّ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا تَمْنَعُ عَوْدَ الْمُكَاتَبِ إلَى الْبَائِعِ بِإِقَالَةٍ أَوْ فَسْخٍ بِتَحَالُفٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ وَأَدَاؤُهُ عَنْ سَلَمٍ لَزِمَهُ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ وَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ فَإِذَا قَبَضَهُ الْمُقْتَرِضُ مَلَكَهُ وَانْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا عَنْ الْمُرْتَدِّ فِي قَبْضِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ مِنْ سَيِّدِهِ وَلَا
عَنْ مُعَامِلِ سَيِّدِهِ فِي صَرْفٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَأَنَّ لِبَائِعِهِ فَسْخَ الْبَيْعِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ قَدْ كَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ بِالنُّجُومِ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِالْفَاسِدَةِ مِنْ السَّيِّدِ وَلَا تَصْدُرُ مِنْ الْوَكِيلِ أَصْلِيَّةً وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ لِشَائِبَةِ الْمُعَاوَضَةِ وَفِي تَوْكِيلِ الْعَبْدِ مَنْ يَقْبَلُهَا لَهُ تَرَدُّدٌ فَعَلَى الْمَنْعِ تُخَالِفُ الصَّحِيحَةَ .
وَالْأَرْجَحُ الِاسْتِوَاءُ وَأَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ السَّيِّدُ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ النُّجُومَ وَلَا الْعَبْدُ مَنْ يُؤَدِّيهَا عَنْهُ رِعَايَةً لِلتَّعْلِيقِ بِقَوْلِهِ فَإِذَا أَدَّيْت إلَيَّ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا إذَا قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالْمَنْقُولُ أَنَّهَا إذَا أَرْسَلَتْهُ مَعَ وَكِيلِهَا فَقَبَضَهُ الزَّوْجُ لَمْ تَطْلُقْ ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُ السَّيِّدِ بِهِ كَعَبْدِهِ الْقِنِّ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَا يُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَفِيهِ اخْتِلَافُ تَرْجِيحٍ وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ وَأَنَّهُ يَقْبَلُ إقْرَارَ السَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً بِمَا يُوجِبُ الْأَرْشَ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَجْعَلَهُ أُجْرَةً فِي الْإِجَارَةِ وَجُعْلًا فِي الْجَعَالَةِ وَيَقِفُهُ وَيَكُونُ فَسْخًا وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ رُجُوعَ الْأَصْلِ فِيمَا وَهِبَةً لِفَرْعِهِ وَأَنَّهَا لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا وَأَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ نَظَرُهُ إلَى مُكَاتَبَتِهِ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ جَوَازُ خِطْبَتِهَا مِنْ السَّيِّدِ وَأَنَّهُ يُزَوِّجُهَا إجْبَارًا ، وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ فَسْخٌ لِلْكِتَابَةِ وَأَنَّ لَهُ مَنْعَ الزَّوْجِ مِنْ تَسْلِيمِهَا نَهَارًا وَأَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِهَا وَمَنْعَ الزَّوْجِ مِنْ السَّفَرِ بِهَا وَأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِتَسْلِيمِ الْمَهْرِ الْحَالِّ ، وَلِسَيِّدِهَا تَفْوِيضُ بُضْعِهَا وَحَبْسُهَا لِلْفَرْضِ وَتَسْلِيمِ الْمَفْرُوضِ
وَأَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا بِعَبْدِهِ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ وَأَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُهَا صَدَاقًا وَيَكُونُ فَسْخًا وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ رُجُوعَ الزَّوْجِ إلَى كُلِّ الصَّدَاقِ أَوْ شَطْرِهِ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُخَالِعَ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَيَكُونُ فَسْخًا وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالتَّخَلُّفِ وَالْإِقَالَةِ وَغَيْرِهَا مَا سَبَقَ
( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ ) ( الْأَوَّلُ الْعِتْقُ ) أَيْ وُقُوعُهُ ( وَيَقَعُ بِأَدَاءِ كُلِّ النُّجُومِ ) لَا بَعْضِهَا لِخَبَرِ { الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ } ( وَالْإِبْرَاءِ ) عَنْهَا عَلَى قِيَاسِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ ( وَالْحَوَالَةِ بِهَا لَا عَلَيْهَا ) بِنَاءً عَلَى صِحَّتِهَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا ( وَلَا ) يَعْتِقُ ( بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهَا ) لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ وَتَقَدَّمَ مَا فِي هَذَا ( وَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْهُ وَعَلَيْهِ ) مِنْ النُّجُومِ ( دِرْهَمٌ ) أَوْ أَقَلُّ لِمَا مَرَّ وَكَنَظِيرِهِ مِنْ الرَّهْنِ لَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهُ مَا بَقِيَ ذَلِكَ .
( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ ) ( قَوْلُهُ لِخَبَرِ { الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ } ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ، وَهُوَ مَثَلٌ لِلتَّعْلِيلِ ، فَلَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ أَقَلُّ مِنْ دِرْهَمٍ وَلَوْ فَلْسًا كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَالْحَوَالَةُ بِهَا ) مُقْتَضَاهُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ مِنْ الْمُكَاتَبِ لَا مِنْ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَتْ الْحَوَالَةُ بِهِ إذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ أَنَّهَا بَيْعٌ جَازَ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ فَلْيُمْعِنْ الْفَقِيهُ نَظَرًا فِي ذَلِكَ .
( تَنْبِيهٌ ) لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ عَلَى صِفَةٍ فَوُجِدَتْ عَتَقَ وَتَضَمَّنَ الْإِبْرَاءَ عَنْ النُّجُومِ حَتَّى تَتْبَعَهُ أَكْسَابُهُ ، وَلَوْ لَمْ يَتَضَمَّنْ الْإِبْرَاءَ لَكَانَ عِتْقُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَنْهَا فَلَا تَتْبَعُهُ الْأَكْسَابُ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ تَعْلِيقِهِ ، وَقَالَ الْإِمَامُ الْإِبْرَاءُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ قَصْدًا وَيَقْبَلُهُ ضِمْنًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ لِذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِحَيَاةِ السَّيِّدِ بَلْ فِيمَا إذَا دَبَّرَهُ وَمَاتَ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَمَسْأَلَتُنَا فِي الْعِتْقِ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ ، نَعَمْ ذُكِرَ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي ثُمَّ كَاتَبَهُ فَهَلْ يُجْزِئُهُ عَنْهَا ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ التَّعْلِيقِ أَوْ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْإِجْزَاءِ وَأَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يَقَعُ عَنْ الْكِتَابَةِ ر .
( وَلَا يَنْفَسِخُ بِجُنُونِهِمَا ) وَلَا إغْمَائِهِمَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِلُزُومِهَا مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ كَالرَّهْنِ ، وَإِنَّمَا يَنْفَسِخُ بِهِ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ ( فَإِنْ جُنَّ السَّيِّدُ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ فَسَلَّمَ ) الْمُكَاتَبُ الْمَالَ ( إلَى وَلِيِّهِ عَتَقَ ) لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ شَرْعًا ( أَوْ ) سَلَّمَهُ ( إلَيْهِ فَلَا ) يَعْتِقُ ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ فَاسِدٌ وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مَالِكِهِ ( وَلَا يَضْمَنُهُ ) لَوْ تَلِفَ بِيَدِهِ لِتَقْصِيرِ الْمُكَاتَبِ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ ( فَإِنْ عَجَّزَهُ الْوَلِيُّ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ ) أَيْ إلَى سَيِّدِهِ ( فِي ) حَالِ ( الْحَجْرِ ) عَلَيْهِ بِالْجُنُونِ أَوْ السَّفَهِ ( ثُمَّ ارْتَفَعَ عَنْهُ الْحَجْرُ اسْتَمَرَّ الرِّقُّ ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ ) الْمَالَ ( فِي ) حَالِ ( جُنُونِهِ ) إلَى السَّيِّدِ ( أَوْ أَخَذَ مِنْهُ السَّيِّدُ بِلَا أَدَاءً ) مِنْهُ إلَيْهِ ( عَتَقَ ) لِأَنَّ قَبْضَهُ مُسْتَحَقٌّ ، وَلَوْ أَخَذَهُ بِلَا إقْبَاضٍ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَقَعَ مَوْقِعُهُ .
( وَتَبْطُلُ ) الْكِتَابَةُ ( الْفَاسِدَةُ بِجُنُونِ السَّيِّدِ وَإِغْمَائِهِ وَ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ ) لِسَفَهٍ ( لَا بِجُنُونِ الْعَبْدِ وَإِغْمَائِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ فِي الْكِتَابَةِ لِلْعَبْدِ لَا لِلسَّيِّدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَبَرُّعٌ فَيُؤَثِّرُ اخْتِلَالُ عَقْلِ السَّيِّدِ لَا عَقْلِ الْعَبْدِ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ الصَّحِيحَةَ أَيْضًا جَائِزَةٌ فِي حَقِّ الْعَبْدِ وَجَوَازُهَا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا بِمَا ذُكِرَ فَكَذَا فِي الْفَاسِدِ .
قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَلَيْسَ عَلَى أَصْلِنَا عَقْدٌ جَائِزٌ لَا يَزُولُ بِالْجُنُونِ مِنْ جِهَةِ أَحَدِهِمَا وَيَزُولُ بِمَوْتِهِ إلَّا هَذَا ، فَلَوْ أَفَاقَ وَأَدَّى الْمَالَ عَتَقَ وَتَرَاجَعَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالُوا وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ السَّيِّدُ فِي جُنُونِهِ ، وَقَالُوا يُنَصِّبُ الْحَاكِمُ مَنْ يَرْجِعُ لَهُ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْتِقَ بِأَخْذِ السَّيِّدِ هُنَا ، وَإِنْ قُلْنَا يَعْتِقُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ هُنَا التَّعْلِيقُ وَالصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا الْأَدَاءُ مِنْ الْعَبْدِ وَلَمْ تُوجَدْ انْتَهَى .
( قَوْلُهُ فَيُؤَثِّرُ اخْتِلَالُ عَقْلِ السَّيِّدِ لَا عَقْلُ الْعَبْدِ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فَسْخِ الْكِتَابَةِ وَرَفْعِهَا صَحِيحَةً كَانَتْ أَوْ فَاسِدَةً ، وَإِنَّمَا يُعَجِّزُ نَفْسَهُ ثُمَّ السَّيِّدُ يَفْسَخُ إنْ شَاءَ ، وَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ الْفَسْخَ لَمْ يُؤَثِّرْ جُنُونُهُ وَأَسْقَطَ هَذَا التَّعْلِيلُ فِي الرَّوْضَةِ فَسَلِمَ مِنْ التَّنَاقُضِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ الْمُفْتَى بِهِ الْجَوَازُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي مَوَاضِعَ ( قَوْلُهُ فَلَوْ أَفَاقَ وَأَدَّى الْمَالَ عَتَقَ ) لَا خِلَافَ أَنَّ الْعَبْدَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا جُنَّ فَأَدَّى الْمَالَ إلَى السَّيِّدِ أَنَّهُ يَعْتِقُ ( قَوْلُهُ وَقَالُوا يُنَصِّبُ الْحَاكِمَ مَنْ يَرْجِعُ لَهُ ) قَوْلُ الرَّوْضَةِ يُنَصِّبُ السَّيِّدُ سَبْقُ قَلَمٍ ( قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى ) وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بَدَلُ الْحَاكِمِ السَّيِّدُ ، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْهُ ( قَوْلُهُ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْتِقَ بِأَخْذِ السَّيِّدِ إلَخْ ) يُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا نَزَّلُوا أَخْذَ السَّيِّدِ حِينَئِذٍ مَنْزِلَةَ أَدَاءِ الْعَبْدِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ .
( وَإِنْ كَاتَبَهُ الشَّرِيكَانِ مَعًا ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ أَبْرَأَهُ ) مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ النُّجُومِ وَهُوَ مُعْسِرٌ عَتَقَ وَ ( لَمْ يَسْرِ ) إلَى نَصِيبِ الْآخَرِ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ انْعَقَدَ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ لِلنَّصِيبِ الْآخَرِ وَفِي التَّعْجِيلِ ضَرَرٌ بِالسَّيِّدِ لِفَوَاتِ الْوَلَاءِ ، وَبِالْمُكَاتَبِ لِانْقِطَاعِ الْوَلَدِ وَالْكَسْبِ عَنْهُ فَلَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِهِ ( حَتَّى يَعْجِزَ ) الْمُكَاتَبُ ( وَيَرِقَّ ) فَيَعْتِقَ حِينَئِذٍ بِالسِّرَايَةِ ( وَيُقَوَّمَ عَلَيْهِ ) وَيَكُونَ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُعْتِقِ فَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ وَلَمْ يَرِقَّ بَلْ أَدَّى نَصِيبَ الْآخَرِ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ وَكَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا ( وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْجِيزِ ) وَالْأَدَاءِ ( مَاتَ مُبَعَّضًا ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَفَّاهُمَا ) النُّجُومَ ( وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا ) عَلَيْهِ ( وَحَلَفَ الْآخَرُ ) عَلَى نَصِيبِهِ ( عَتَقَ نَصِيبُ الْمُصَدِّقِ وَلَمْ يَسْرِ ) الْعِتْقُ إلَى نَصِيبِ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ عَتَقَ النَّصِيبَانِ مَعًا بِالْقَبْضِ فَلَا مَعْنَى لِإِلْزَامِهِ السِّرَايَةَ ( وَلِلْمُكَذِّبِ مُطَالَبَةُ الْمُكَاتَبِ ) إمَّا ( بِكُلِّ نَصِيبِهِ أَوْ بِالنِّصْفِ ) مِنْهُ ( وَيَأْخُذُ نِصْفَ مَا بِيَدِ الْمُصَدِّقِ ) لِأَنَّ كَسْبَ الْمُكَاتَبِ مُتَعَلِّقٌ حَقُّهُمَا بِالشَّرِكَةِ ( وَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُصَدِّقُ ) عَلَى الْمُكَاتَبِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ مَظْلُومٌ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ .
( وَتُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُصَدِّقِ ) لِلْمُكَاتَبِ ( عَلَى الْمُكَذِّبِ ) لِتُهْمَةِ دَفْعِ مُشَارَكَتِهِ لَهُ عَنْهُ ( وَإِنْ ادَّعَى ) الْمُكَاتَبُ ( دَفْعَ الْجَمِيعِ لِأَحَدِهِمَا ) بِأَنْ قَالَ لَهُ دَفَعْت إلَيْك جَمِيعَ النُّجُومِ لِتَأْخُذَ نَصِيبَك وَتَدْفَعَ لِلْآخَرِ نَصِيبَهُ ( فَقَالَ ) لَهُ ( بَلْ أَعْطَيْت كُلًّا ) مِنَّا نَصِيبَهُ بِنَفْسِك وَأَنْكَرَ الْآخَرُ الْقَبْضَ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ وَ ( لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ ) عَلَى الْآخَرِ لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَدَّعِي عَلَيْهِ شَيْئًا ( وَصُدِّقَ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ
نَصِيبَ الْآخَرِ بِحَلِفِهِ ) وَصُدِّقَ الْآخَرُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى يَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَدَّعِي عَلَيْهِ شَيْئًا ( ثُمَّ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَبْدِ إنْ شَاءَ أَوْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُقِرِّ نِصْفَ مَا أَخَذَ ) وَيَأْخُذَ ( النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ الْعَبْدِ ) وَلَا يَرْجِعُ الْمُقِرُّ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ ( فَإِنْ عَجَزَ ) الْمُكَاتَبُ عَمَّا طَالَبَهُ الْمُنْكِرُ بِهِ ( عَجَزَ وَرَقَّ ) نَصِيبُهُ ( وَيُقَوَّمُ ) مَا رَقَّ ( عَلَى الْمُقِرِّ ) بِخِلَافِهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ ثَمَّ يَقُولُ أَنَا حُرٌّ كَامِلُ الْحُرِّيَّةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ التَّقْوِيمَ وَهُنَا يَعْتَرِفُ بِأَنَّ نَصِيبَ الْمُنْكِرِ مِنْهُ لَمْ يَعْتِقْ ( وَإِنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا أَعْطَيْتُك ) النُّجُومَ ( لِتُعْطِيَ شَرِيكَك نَصِيبَهُ ) وَتَأْخُذَ نَصِيبَك ( فَقَالَ ) لَهُ ( قَدْ فَعَلْت ) ذَلِكَ ( وَأَنْتَ حُرٌّ فَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَحَلَفَ ) عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ ( بَقِيَ نَصِيبُهُ مُكَاتَبًا ) وَعَتَقَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ وَلَا يَضُرُّ التَّبْعِيضُ لِلضَّرُورَةِ ( وَخُيِّرَ ) فِي أَخْذِ نَصِيبِهِ ( بَيْنَ مُطَالَبَةِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُقِرِّ ) بِهِ لِإِقْرَارِهِ بِأَخْذِهِ وَمِنْ أَيِّهِمَا أَخَذَ عَتَقَ نَصِيبُهُ .
( فَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْمُكَاتَبِ رَجَعَ ) الْمُكَاتَبُ ( عَلَى الْمُقِرِّ ) لِأَنَّهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الدَّفْعِ إلَى الشَّرِيكِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ ( أَوْ ) أَخَذَ ( مِنْ الْمُقِرِّ لَمْ يَرْجِعْ ) عَلَى الْمُكَاتَبِ لِمَا مَرَّ ( فَإِنْ طَالَبَهُ ) الْوَجْهُ طَالَبَ أَيْ الْمُنْكِرُ ( الْمُكَاتَبُ ) وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَإِذَا اخْتَارَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَلَمْ يَأْخُذْ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُقِرِّ وَلَمْ يَدْفَعْهَا إلَى الْمُنْكِرِ ( وَعَجَّزَ نَفْسَهُ ) صَارَ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ رَقِيقًا ( وَقُوِّمَ ) نِصْفُهُ الرَّقِيقُ ( عَلَى الْمُقِرِّ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمُنْكِرُ ) قِيمَةَ النِّصْفِ وَأَخَذَ مِنْهُ ( أَيْضًا نِصْفَ مَا قَبَضَ ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ ) يَعْنِي كَسْبَ النِّصْفِ الَّذِي كَانَ مَلَكَهُ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( كَاتَبَ ) عَبْدٌ أَوْ مَاتَ ( وَخَلَفَ ابْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ) وَلَوْ بِإِعْتَاقِهِ جَمِيعَهُ ( أَوْ أَبْرَأَهُ ) عَنْ نَصِيبِهِ مِنْ النُّجُومِ ( عَتَقَ ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ الْأَبُ عَنْ بَعْضِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبْرِئْهُ عَنْ جَمِيعِ حَقِّهِ بِخِلَافِ الِابْنِ فَكَانَ كَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ ( وَلَمْ يَسْرِ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِخِلَافِ ) نَظِيرِهِ فِي ( الشَّرِيكِ ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ ) وَفِي نُسْخَةٍ لِأَنَّهُ عَتَقَ ( هُنَا عَنْ الْمَيِّتِ ) كِتَابَةٌ وَالسِّرَايَةُ مُمْتَنِعَةٌ فِي حَقِّهِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ عِتْقِهِ ثَمَّ ( وَنَصِيبُ ) الِابْنِ ( الْآخَرِ مُكَاتَبٌ ) كَمَا كَانَ ( فَإِنْ عَتَقَ بِأَدَاءٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ إبْرَاءٍ فَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لِلْأَبِ ) لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ ( وَإِنْ عَجَزَ ) وَرَقَّ ( بَقِيَ نَصِيبُهُ رَقِيقًا ، وَلَوْ خَصَّ ) الْمُكَاتَبُ ( أَحَدَهُمَا بِالْإِيفَاءِ ) لِنَصِيبِهِ مِنْ النُّجُومِ ( وَلَوْ بِإِذْنِ الْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ ) فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُهُ كَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِهِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ وَعَبْدٍ ثُمَّ ( ادَّعَى ) - الْعَبْدُ عَلَيْهِمَا ( أَنْ أَبَاهُمَا كَاتَبَهُ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً ) بِذَلِكَ وَكَذَّبَاهُ ( حَلَفَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ) بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُمَا ( وَمَنْ نَكَلَ ) مِنْهُمَا عَنْ الْيَمِينِ ( فَنَصِيبُهُ مُكَاتَبٌ بِيَمِينِ الْمُكَاتَبِ ) الْمَرْدُودَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَوْ صَدَّقَاهُ فَمُكَاتَبٌ ( فَإِنَّ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَحَلَفَ رَقَّ نَصِيبُهُ وَلَهُ مَعَ الْعَبْدِ الْمُهَايَأَةُ ) فِي الْكَسْبِ ( بِلَا إجْبَارٍ ) عَلَيْهَا ( وَلَا تَقْدِيرٍ ) أَيْ لَازِمٍ فِيهَا لِلنَّوْبَتَيْنِ فَيَجُوزُ بِيَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ ( وَصَارَ نَصِيبُ الْمُصَّدِّقِ مُكَاتَبًا ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَضُرُّ التَّبْعِيضُ لِلضَّرُورَةِ ( وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَدِّقِ عَلَى الْمُكَذِّبِ ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَأَمَّا اسْتِحْقَاقُهُ لِمَا يَخُصُّهُ مِنْ النُّجُومِ الْمُشْتَرَكَةِ فَلَا يُؤَثِّرُ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُقِرٌّ بِهِ فَلَا تُهْمَةَ وَإِذَا أَدَّى النُّجُومَ وَفَضَلَ شَيْءٌ مِمَّا كَسَبَهُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُصَدِّقُ ) نَصِيبَهُ ( أَوْ أَبْرَأَ ) عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ النُّجُومِ ( أَوْ قَبَضَ حِصَّتَهُ ) مِنْهَا ( عَتَقَ ) كَمَا فِي الْمُشْتَرَكِ ( وَلَمْ يَسْرِ ) أَيْ نَصِيبُ الْآخَرِ ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ( لِأَنَّ ) الْعِتْقَ إنَّمَا وَقَعَ ( عَنْ الْمَيِّتِ ) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَلِأَنَّ الْمُكَذِّبَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَالْإِبْرَاءُ وَالْقَبْضُ عِنْدَهُ لَغْوٌ ؛ لِأَنَّ الْمُصَدِّقَ مُجْبَرٌ عَلَى الْقَبْضِ فِي صُورَتِهِ فَلَا يَكُونُ الْعِتْقُ بِاخْتِيَارِهِ ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الثَّالِثَةِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ تَرْجِيحَهُ فِي الْأُولَى لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فِيهَا أَنَّ الْمَذْهَبَ السِّرَايَةُ إنْ كَانَ مُوسِرًا ؛ لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ يَقُولُ إنَّهُ رَقِيقٌ لَهُمَا فَإِذَا أَعْتَقَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ ثَبَتَتْ السِّرَايَةُ بِقَوْلِهِ ،
وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِالسِّرَايَةِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمُكَاتَبِ كُلِّهِ لِمَا فِيهَا مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الشَّرِيكِ فِي كِتَابَتِهِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَفْقُودَةٌ هُنَا فَلَا مَحْذُورَ فِي السِّرَايَةِ وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا غُرْمَ لِلسِّرَايَةِ ؛ لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ يَزْعُمُ أَنَّ الْمُصَدِّقَ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ الْمَيِّتِ وَالْمُصَدِّقُ يُنْكِرُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ أَنْتَ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَأَنْكَرَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ ( وَوَلَاءُ مَا عَتَقَ لِلْمُصَدِّقِ ) فَقَطْ ؛ لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِالتَّكْذِيبِ كَمَا لَوْ ادَّعَى وَارِثَانِ دَيْنًا وَأَقَامَ شَاهِدٌ أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا مَعَهُ دُونَ الْآخَرِ يَأْخُذُ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ الْوَلَاءَ مَوْقُوفٌ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ ( فَإِنْ عَجَّزَهُ الْمُصَدِّقُ عَادَ قِنًّا فَيَأْخُذُ مَا بِيَدِهِ ) مِنْ الْكَسْبِ ( لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ أَخَذَ حِصَّتَهُ ، وَلَوْ اخْتَلَفَا ) فِي شَيْءٍ مِنْ أَكْسَابِهِ ( فَقَالَ الْمُصَدِّقُ اكْتَسَبَ هَذَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَ ) قَدْ ( أَخَذْت نَصِيبَك مِنْهُ فَهُوَ لِي ، وَقَالَ الْمُكَذِّبُ بَلْ ) اكْتَسَبَهُ ( قَبْلَهَا ) وَكَانَ لِلْأَبِ فَوَرِثْنَاهُ مِنْهُ ( صُدِّقَ الْمُصَدِّقُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْكَسْبِ ) قَبْلَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا اعْتَرَفَ الْمُكَذِّبُ بِأَنَّهُ أَخَذَ مَا خَصَّهُ مِنْ كَسْبِهِ قَبْلَ تَعْجِيزِ الْمُصَدِّقِ قَالَ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ .
قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمُكَذِّبَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ ) أَيْ الْمُصَدِّقِ ( قَوْلُهُ فَلَا مَحْذُورَ فِي السِّرَايَةِ ) نَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي السِّرَايَةِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ الْمُصَدِّقُ ، وَقَالَ نَصًّا فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمُصَدِّقِ إذَا عَتَقَ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ يَعُمُّ عِتْقَهُ بِالْقَبْضِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَاَلَّذِي عَلَّلَ بِهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ فَعَلَهُ الْأَبُ هَذَا يَعُمُّ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ ، وَمِنْ شَرْطِ السِّرَايَةِ أَنْ يَكُونَ مَا أَعْتَقَهُ الْمُعْتِقُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ ، وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ قَدْ اسْتَشْكَلَ تَصْحِيحُ السِّرَايَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ نَصِيبَ الْمُصَدِّقِ مَحْكُومٌ فِي الظَّاهِرِ بِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مُكَاتَبٌ أَيْضًا وَمُقْتَضَى كَوْنِهِ مُكَاتَبًا أَنْ لَا يَسْرِيَ فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْمُصَدِّقَ حُكْمُ السِّرَايَةِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَعْتَرِفْ بِمَا يُوجِبُهَا .
قَالَ أَبِي وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ أَنَّ الْمُكَذِّبَ يَزْعُمُ أَنَّ الْكُلَّ قِنٌّ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ إعْتَاقَ شَرِيكِهِ نَافِذٌ سَارٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ فِي الْعَبْدِ الْقِنِّ أَنْتَ أَعْتَقَتْ نَصِيبَك وَأَنْتَ مُوسِرٌ فَإِنَّا نُؤَاخِذُهُ وَنَحْكُمُ بِالسِّرَايَةِ إلَى نَصِيبِهِ ، لَكِنَّا لَا نُلْزِمُ شَرِيكَهُ الْقِيمَةَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ إعْتَاقِهِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا بَيِّنَةَ وَهُنَا لَمَّا ثَبَتَتْ السِّرَايَةُ بِإِقْرَارِ الْمُكَذِّبِ وَهِيَ مِنْ أَثَرِ إعْتَاقِ الْمُصَدِّقِ وَإِعْتَاقُهُ ثَابِتٌ فَهُوَ بِإِعْتَاقِهِ مُتْلِفٌ لِنَصِيبِ شَرِيكِهِ بِالطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا أَتْلَفَهُ قَالَ وَيَزِيدُ ذَلِكَ وُضُوحًا أَنَّا فِي الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ كُلِّهِ إنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِالسِّرَايَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الشَّرِيكِ فِي كِتَابَتِهِ ، وَهَذِهِ عِلَّةٌ مَفْقُودَةٌ هُنَا لَا مَحْذُورَ فِي السِّرَايَةِ فَلِذَلِكَ كَانَ الْأَصَحُّ الْقَوْلَ بِهَا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ يَسْرِي وَلَا يَغْرَمُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَمَا فِي
الْمِنْهَاجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ) وَالْحَقُّ أَنَّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ وَقْفِ الْعِتْقِ لَا عَلَى الْعِتْقِ مِنْهُ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا غُرْمَ لِلسِّرَايَةِ إلَخْ ) مَا اسْتَظْهَرَهُ مَرْدُودٌ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( وَجَدَ ) السَّيِّدُ ( بِالنُّجُومِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهَا ) إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً وَطَلَبَ بَدَلَهَا ، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ يَسِيرًا كَالْبَيْعِ بِجَامِعٍ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ بِالتَّرَاضِي ( فَإِنْ رَضِيَ ) بِهِ ( عَتَقَ بِقَبْضِ النَّجْمِ الْأَخِيرِ ) وَيَكُونُ رِضَاهُ كَالْإِبْرَاءِ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ ( وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْقَبْضِ لَا بِالرِّضَا ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّيْنِ إذَا اسْتَوْفَاهُ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَرَضِيَ بِهِ لَا نَقُولُ مَلَكَهُ بِالرِّضَا بَلْ بِالْقَبْضِ وَتَأَكَّدَ الْمِلْكُ بِالرِّضَا ( وَإِنْ رَدَّ ) الْمَعِيبَ ( بَانَ أَنْ لَا عِتْقَ ) إذْ لَوْ حَصَلَ عِتْقٌ لَمْ يَرْتَفِعْ ( فَإِنْ أَبْدَلَهُ ) بَعْدَ اسْتِرْدَادِهِ أَيْ أَعْطَاهُ بَدَلَهُ ( سَلِيمًا عَتَقَ ، وَإِنْ عَلِمَ ) بِعَيْبِهِ ( بَعْدَ التَّلَفِ ) عِنْدَهُ ( وَلَمْ يَرْضَ ) بِهِ بَلْ طَلَبَ الْأَرْشَ ( بَانَ أَنْ لَا عِتْقَ فَإِنْ أَدَّى ) إلَيْهِ ( الْأَرْشَ عَتَقَ حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ أَدَّاهُ فَإِنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ نَفَذَ الْعِتْقُ ( فَإِنْ عَجَزَ وَعَجَّزَهُ ) سَيِّدُهُ ( رَقَّ ) كَمَا لَوْ عَجَزَ بِبَعْضِ النُّجُومِ ( وَالْأَرْشُ ) أَيْ قَدْرُهُ ( مَا نَقَصَ مِنْ النُّجُومِ ) الْمَقْبُوضَةِ ( بِسَبَبِ الْعَيْبِ ) لَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ بِحَسَبِ نُقْصَانِ الْعَيْبِ مِنْ قِيمَةِ النُّجُومِ كَمَا هُوَ وَجْهٌ ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ رُكْنًا فِي الْعَقْدِ وَلِذَلِكَ لَا يَرْتَدُّ الْعَقْدُ بِرَدِّهِ فَلَا يُسْتَرَدُّ فِي مُقَابِلَةِ نُقْصَانِهِ جُزْءٌ مِنْ الْمُعَوِّضِ كَمَا لَا يُسْتَرَدُّ الْعِوَضُ إذَا كَانَ بَاقِيًا بِرَدِّ الْمَعِيبِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَقَدْ رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ( وَإِنْ وُجِدَ مَا قُبِضَ ) مِنْ النُّجُومِ ( نَاقِصٌ وُزِنَ ) فِي الْمَوْزُونِ ( أَوْ كِيلَ ) فِي الْمَكِيلِ ( فَلَا عِتْقَ ) سَوَاءٌ أَبَقِيَ بِيَدِهِ أَمْ تَلِفَ لِخَبَرِ { الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ } ( وَإِنْ رَضِيَ ) بِهِ ( عَتَقَ
بِالْإِبْرَاءِ عَنْ الْبَاقِي ) .
( قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ بِجَامِعٍ إلَخْ ) عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَالْبَيْعِ أَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ الرَّدُّ لَهُ إذَا لَمْ يَحْدُثْ مَا يَمْنَعُهُ ، فَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ فَلَهُ الْأَرْشُ فَإِنْ دَفَعَهُ الْمُكَاتَبُ اسْتَقَرَّ الْعِتْقُ وَإِلَّا ارْتَفَعَ ( قَوْلُهُ كَمَا لَا يُسْتَرَدُّ الْعِوَضُ إذَا كَانَ بَاقِيًا بِرَدِّ الْمَعِيبِ ) أَيْ الثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ مِنْهُ .
فَرْعٌ لَوْ ( اُسْتُحِقَّ بَعْضُ النُّجُومِ ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ بَانَ أَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا ) ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ لَمْ يَصِحَّ ( وَتَرِكَتُهُ لِلسَّيِّدِ لَا لِلْوَرَثَةِ ، وَإِنْ كَانَ قَالَ لَهُ حِينَ أَدَّى ) النُّجُومَ ( اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ ) أَوْ فَقَدْ عَتَقْت ( لِأَنَّهُ بَنِي عَلَى الظَّاهِرِ ) وَهُوَ صِحَّةُ الْأَدَاءِ فَهُوَ ( كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَاسْتُحِقَّ فَقَالَ فِي الْمُخَاصَمَةِ ) مَعَ الْمُدَّعِي ( هُوَ مِلْكُ بَائِعِي ) إلَى أَنْ اشْتَرَيْته مِنْهُ ( لَمْ يَضُرَّهُ ) فِي رُجُوعِهِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ ( فَيَرْجِعُ ) عَلَيْهِ بِهِ ( فَلَوْ قَالَ ) الْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ ( أَعْتَقْتنِي بِقَوْلِك أَنْت حُرٌّ ) أَوْ فَقَدْ عَتَقْت ( وَقَالَ ) السَّيِّدُ إنَّمَا ( أَرَدْت ) أَنَّك حُرٌّ ( بِمَا أَدَّيْت ) وَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ الْأَدَاءُ ( صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ لِلْقَرِينَةِ ) أَيْ عِنْدَهَا كَقَبْضِ النُّجُومِ عِنْدَ إطْلَاقِ الْحُرِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا فُقِدَتْ .
قَوْلُهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ النُّجُومِ ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَإِلْزَامِ الْحَاكِمِ لَا بِإِقْرَارٍ وَيَمِينٍ مَرْدُودَةٍ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَنَى عَلَى الظَّاهِرِ ) فَمُطْلَقُ قَوْلِ السَّيِّدِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِمَا أَدَّى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إرَادَتَهُ قَالَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ، وَهُوَ وَاضِحٌ ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَيُسْتَغْنَى عَنْ النِّيَّةِ ، وَكَتَبَ أَيْضًا نَظِيرَ ذَلِكَ مَا إذَا قَالَ السَّيِّدُ إنَّ عَبْدَهُ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ إنَّمَا قُلْت ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ لِظَنِّيِّ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ أَوْ نَحْوِهَا ثُمَّ أَفْتَانِي الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ ، وَقَالَ الْعَبْدُ إنَّمَا أَرَدْت الْإِنْشَاءَ فَالْمُصَدَّقُ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ ( قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتنِي بِقَوْلِك أَنْتَ حُرٌّ ) أَيْ قَصَدْت إنْشَاءَ عِتْقِي ( قَوْلُهُ كَقَبْضِ النُّجُومِ عِنْدَ إطْلَاقِ الْحُرِّيَّةِ ) إذْ السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ مُطْلَقَ قَوْلِ السَّيِّدِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِمَا أَدَّى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إرَادَتَهُ ، وَهُوَ وَاضِحٌ ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَيُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ النِّيَّةِ .
( وَلَوْ قِيلَ لَهُ طَلَّقْت امْرَأَتَك فَقَالَ نَعَمْ طَلَّقْتهَا ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي جَرَى بَيْنَنَا طَلَاقٌ وَقَدْ أَفْتَانِي بِخِلَافِهِ الْفُقَهَاءُ ، وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ بَلْ طَلَّقْتنِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْ الزَّوْجِ ) مَا قَالَهُ ( إلَّا بِقَرِينَةٍ ) كَأَنْ تَخَاصَمَا فِي لَفْظَةٍ أَطْلَقَهَا فَقَالَ ذَلِكَ ثُمَّ إذَا ذَكَرَ التَّأْوِيلَ يُقْبَلُ قَالَ فِي الْوَسِيطِ وَهَذَا فِي الصُّورَتَيْنِ تَفْصِيلٌ لِلْإِمَامِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ ، وَقَالَ إنَّهُ قَوِيمٌ لَا بَأْسَ بِالْأَخْذِ بِهِ لَكِنْ قَالَ فِي الْوَسِيطِ فِي الْأُولَى إنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ سَوَاءٌ أَقَالَهُ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِ حُرِّيَّتِهِ أَمْ ابْتِدَاءً اتَّصَلَ بِقَبْضِ النُّجُومِ أَوْ لَا ، وَأَطْلَقَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ فِيهِمَا أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا فِي الْوَسِيطِ قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِيهِمَا وَكَلَامُ الْإِمَامِ بَحْثٌ لَهُ قَائِلًا فِيهِ وَتَصْدِيقُهُ بِلَا قَرِينَةٍ عِنْدِي غَلَطٌ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ جَرَى بِالتَّصْرِيحِ فَقَبُولُ قَوْلِهِ فِي دَفْعِهِ مُحَالٌ وَقَدْ يُؤَيِّدُ كَلَامَهُ بِمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ ، ثُمَّ قَالَ كَانَ فَاسِدًا وَأَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يُعَيِّنْ مُسْتَنَدَ ظَنِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَامِ الصَّيْدَلَانِيِّ بِجَعْلِ الْقَرِينَةِ شَامِلَةً لِلْحَالِ وَالْمَاضِي .
( قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَقَالَهُ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِ حُرِّيَّتِهِ أَمْ ابْتِدَاءً ) اتَّصَلَ بِقَبْضِ النُّجُومِ أَمْ لَا لِشُمُولِ الْعُذْرِ ( قَوْلُهُ فَقَبُولُ قَوْلِهِ فِي دَفْعِهِ مُحَالٌ ) وَلَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لَمَا اسْتَقَرَّ إقْرَارٌ ( قَوْلُهُ وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَامِ الصَّيْدَلَانِيِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ .
قَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَسْأَلَةَ الْكِتَابَةِ بِمَا إذَا قَصَدَ الْإِخْبَارَ قَالَ فَإِنْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ بَرِئَ الْمُكَاتَبُ وَعَتَقَ ، فَلَوْ قَالَ أَرَدْت الْأَوَّلَ ، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ بَلْ الثَّانِي صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ جَزَمَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْبَغَوِيُّ وَقَيَّدَهَا الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا بِقَصْدِ الْإِخْبَارِ ، فَلَوْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْشَاءِ أَوْ أَطْلَقَ عَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهُ كَسْبُهُ وَأَوْلَادُهُ وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى مَا يَقْتَضِيه فَقَالَ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا أَرَادَ إحْدَاثَ عِتْقٍ لَهُ عَلَى غَيْرِ الْكِتَابَةِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ لَيْسَ هَذَا النَّصُّ إلَّا حَالَةَ إرَادَةِ الْإِنْشَاءِ وَالْأَمْرُ فِيهَا بَيِّنٌ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِحَالَةِ الْإِطْلَاقِ .
( الْحُكْمُ الثَّانِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ الْإِيتَاءُ ) لِلْمُكَاتَبِ ( فِي صَحِيحِ الْكِتَابَةِ ) دُونَ فَاسِدِهَا قَالَ تَعَالَى { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } وَفُسِّرَ الْإِيتَاءُ بِأَنْ يَحُطَّ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ النُّجُومِ أَوْ يَبْذُلَهُ وَيَأْخُذَ النُّجُومَ ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ ( وَالْحَطُّ ) عَنْهُ ( أَفْضَلُ مِنْ إعْطَائِهِ وَهُوَ الْأَصْلُ وَالْإِعْطَاءُ بَدَلٌ عَنْهُ ) لِأَنَّ الْإِعَانَةَ فِيهِ مُحَقَّقَةٌ وَفِي الْإِعْطَاءِ مَوْهُومَةٌ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْفِقُ الْمَالَ فِي جِهَةٍ أُخْرَى ( وَإِنْ أَبْرَأَهُ ) عَنْ النُّجُومِ ( أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ ، وَلَوْ بِعِوَضٍ فَلَا إيتَاءَ ) عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ أَيْضًا بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِيهِ خَاصَّةً وَالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهَا الْهِبَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الصَّدَاقِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ ، ثُمَّ إنَّهُ يَجِبُ الْإِيتَاءُ إنْ كَانَ السَّيِّدُ قَبَضَ النُّجُومَ وَإِلَّا فَلَا ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ إبْرَاءٌ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَاسْتَثْنَى أَيْضًا الْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ مَا لَوْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَالثُّلُثُ لَا يَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَنْفَعَتِهِ .
( قَوْلُهُ الْحُكْمُ الثَّانِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ الْإِيتَاءُ ) فِي صَحِيحِ الْكِتَابَةِ قَالَ الْخَفَّافُ فِي الْخِصَالِ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَجِبُ حَطُّ شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ ( قَوْلُهُ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِيهِ ) أَيْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ ( قَوْلُهُ وَالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ ) قَالَ الْفَتِيّ لَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّهُ إذَا أَبْرَأَهُ عَنْ مُتَمَوَّلٍ حَصَلَ الْإِيتَاءُ فَكَيْفَ يَقُولُ إنَّهُ إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِ النُّجُومِ فَلَا إيتَاءَ ( قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى أَيْضًا الْمَحَامِلِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَوَقْتُ الْوُجُوبِ ) لِلْإِيتَاءِ ( قَبْلَ الْعِتْقِ ) لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى تَحْصِيلِهِ كَمَا يَدْفَعُ إلَيْهِ سَهْمَ الْمُكَاتَبِينَ قَبْلَ الْعِتْقِ ، فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ أَثِمَ وَكَانَ قَبْضًا ، فَقَوْلُ الْأَصْلِ وَيَجُوزُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَالْعِتْقِ لَكِنْ يَكُونُ قَضَاءً فِيهِ تَمَسُّحٌ ( وَيَجُوزُ ) الْإِيتَاءُ ( مِنْ ) وَقْتِ ( الْعَقْدِ ) لِلْكِتَابَةِ ( وَيَتَعَيَّنُ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ فِي غَيْرِهِ ) فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الْأَخِيرِ عَيْنًا لَكِنَّهُ أَلْيَقُ ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ ( وَيَكْفِي ) فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ ( مُتَمَوِّلٌ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَقْدِيرٌ وَلِظَاهِرِ قَوْلِهِ قَوْله تَعَالَى فِي الْآيَةِ { مِنْ مَالِ اللَّهِ } وَلَا يَخْتَلِفُ أَيْ الْوَاجِبُ بِحَسَبِ الْمَالِ قِلَّةً وَكَثْرَةً ( وَيُسْتَحَبُّ رُبْعٌ وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ تَسْمَحْ بِهِ نَفْسُهُ ( فَسَبْعٌ ) رَوَى النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَحُطُّ عَنْ الْمُكَاتَبِ قَدْرَ رُبْعِ كِتَابَتِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ رَفْعُهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَحَطَّ عَنْهُ سُبْعَهَا خَمْسَةَ آلَافٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَقِيَ بَيْنَهُمَا السُّدُسُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أَسِيدٍ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتِي دِرْهَمٍ قَالَ فَأَتَيْته بِمُكَاتَبَتِي فَرَدَّ عَلَيَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَمُرَادُهُ بَقِيَ مِمَّا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَإِلَّا فَالْخُمْسُ أَوْلَى مِنْ السُّدُسِ وَالثُّلُثُ أَوْلَى مِنْ الرُّبْعِ وَمِمَّا دُونَهُ ( وَإِنْ لَمْ يَحُطَّ ) عَنْهُ شَيْئًا ( وَأَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ ) أَيْ جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ كَأَنْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ ( لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُهُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } قَالَ الرَّافِعِيُّ يُرِيد بِهِ مَال الْكِتَابَةِ ( وَيَجُوزُ ) قَبُولُهُ ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ
قَبِيلِ الْمُعَاوَضَاتِ ( أَوْ ) أَعْطَاهُ ( مِنْ جِنْسِهِ ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ ( وَجَبَ قَبُولُهُ ) كَالزَّكَاةِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِعَانَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِذَلِكَ ( فَإِنْ مَاتَ ) السَّيِّدُ ( وَلَمْ يُؤْتِهِ ) شَيْئًا ( لَزِمَ الْوَرَثَةَ ) إنْ كَانُوا مُكَلَّفِينَ ( أَوْ الْوَلِيَّ ) إنْ كَانُوا غَيْرَ مُكَلَّفِينَ الْإِيتَاءَ ( فَإِنْ كَانَ النَّجْمُ بَاقِيًا تَعَيَّنَ ) الْوَاجِبُ فِي الْإِيتَاءِ ( مِنْهُ ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ ( وَقُدِّمَ عَلَى الدَّيْنِ ) لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ ( وَإِنْ تَلِفَ ) النَّجْمُ ( قُدِّمَ ) الْوَاجِبُ ( عَلَى الْوَصَايَا ) كَسَائِرِ الدُّيُونِ ( وَإِنْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ فَالزَّائِدُ ) عَلَيْهِ ( مِنْ الْوَصَايَا ، وَإِنْ بَقِيَ ) عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ النُّجُومِ ( قَدْرُهُ ) أَيْ قَدْرُ الْوَاجِبِ ( فَلَا تَقَاصَّ ) قَالُوا لِأَنَّا وَإِنْ جَعَلْنَا الْحَطَّ أَصْلًا فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِهِ ( وَلَا تَعْجِيزَ ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُهُ ؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِثْلَهُ فَيَرْفَعُهُ الْمُكَاتَبُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَفْصِلَ الْأَمْرَ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقِهِ .
( قَوْلُهُ لَكِنَّهُ أَلْيَقُ ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَإِنَّمَا يَتَرَجَّحُ النَّجْمُ الْأَخِيرُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّفْعِ أَوَّلًا مَا يُعِينُ عَلَى الْكَسْبِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَرَجَّحُ هَذَا وَيَنْضَمُّ إلَى ذَلِكَ التَّعْجِيلِ بِأَدَاءِ الْوَاجِبِ قَوْلُهُ وَيَكْفِي مُتَمَوَّلٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مِنْ الْفَضَلَاتِ فَإِنَّ إيتَاءَ فَلْسٍ عَلَى مَنْ كُوتِبَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ تَبْعُدُ إرَادَتُهُ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ قَالَ أَيْضًا لَا يَظْهَرُ مِنْهُ مَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا كَاتَبَا عَبْدَهُمَا وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مَا يَلْزَمُ الْمُنْفَرِدَ بِالْكِتَابَةِ ، وَلَوْ كَاتَبَ بَعْضَ عَبْدٍ بَاقِيه حُرٌّ أَوْ وَصَّى بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بَعْضُهُ وَكُوتِبَ ذَلِكَ الْبَعْضُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ مَا يَلْزَمُ فِي الْكِتَابَةِ الْكَامِلَةِ قَطْعًا وَأَمَّا الْوَرَثَةُ فَاللَّازِمُ لَهُمْ مَا كَانَ يَلْزَمُ مُوَرِّثَهُمْ نَصَّ عَلَيْهِ .
ا هـ .
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَحْطُوطِ مَعْلُومًا ، وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى بَعِيرَيْنِ فِي نَجْمَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَفِيهِ إشْكَالٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَكْلِيفِ حَطِّ بَعِيرٍ كَامِلٍ وَلَا دَفْعِهِ بَعْدَ أَخْذِهِ ، وَفِي تَكْلِيفِهِ حَطّ جُزْءٍ مِنْهُ أَوْ دَفْعَهُ مِنْ الضَّرَرِ مَا لَا يَخْفَى وَتَحْصِيلُ شِقْصٍ عَزِيزٍ وَضَرَرُ الشَّرِكَةِ بَيِّنٌ فَكَيْفَ الْحَال فِي مِثْلِ هَذَا وَكَيْفَ يَكُونُ الْإِيتَاءُ إذَا كَانَتْ النُّجُومُ مَنَافِعَ غَيْرَ نَفْسِهِ ؟ غ وَيَقْرُبُ أَنْ يُقَالَ يُجْزِئُهُ هُنَا الْإِيتَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَمَا قِيلَ فِي مَوَاضِعِ الضَّرُورَةِ فِي الزَّكَاةِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ مِثْلَهُ ) فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا كَانَ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ فَلِمَ لَا تَحْصُلُ الْمُقَاصَّةُ وَيَعْتِقُ ؟ قُلْنَا الْعِتْقُ مُعَلَّقٌ بِالْأَدَاءِ وَلَمْ يَحْصُلْ ( قَوْلُهُ حَتَّى يَفْصِلَ الْأَمْرَ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقِهِ ) بِأَنْ يُلْزِمَ السَّيِّدَ بِالْإِيتَاءِ
وَالْمُكَاتَبَ بِالْأَدَاءِ وَيَحْكُمَ بِالتَّقَاصِّ لِلْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَنْفِيَّ إنَّمَا هُوَ التَّقَاصُّ بِنَفْسِ اللُّزُومِ ع .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( أَدَّى ) النُّجُومَ أَوْ بَعْضَهَا ( قَبْلَ الْمَحَلِّ أَوْ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ ) أَيْ بَلَدِ الْعَقْدِ ( لَزِمَ ) السَّيِّدَ ( قَبُولُهُ ) لِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ غَرَضًا ظَاهِرًا فِيهِ وَهُوَ تَنْجِيزُ الْعِتْقِ أَوْ تَقْرِيبُهُ وَلَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ فِي الْقَبُولِ وَلِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَإِذَا أَسْقَطَهُ بِالْأَدَاءِ سَقَطَ ( إلَّا إنْ تَضَرَّرَ ) فِي قَبُولِهِ ( بِلُحُوقِ مُؤْنَةٍ ) لَهُ كَالْحَيَوَانِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَى حِفْظٍ ( أَوْ ) بِلُحُوقِ ( خَوْفٍ تَغَيُّرٍ أَوْ نَهْبٍ ) فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ ( وَإِنْ أَنْشَأَهَا ) أَيْ الْكِتَابَةَ ( فِي زَمَنِ نَهْبٍ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَزُولُ ) عِنْدَ الْمَحَلِّ وَلِمَا فِي قَبُولِهِ مِنْ الضَّرَرِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْخَوْفُ مَعْهُودًا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ لَزِمَهُ الْقَبُولُ وَجْهًا وَاحِدًا .
( قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ ) لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي امْتِنَاعِهِ مِنْهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ الْأَغْرَاضِ أَنَّ الدَّيْنَ فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ إذَا كَانَ نَقْدًا لَا زَكَاةَ فِيهِ فَإِذَا جَاءَ بِهِ قَبْلَ الْمَحَلِّ كَانَ لِلْمَالِكِ غَرَضٌ فِي أَنْ لَا يَأْخُذَهُ لِئَلَّا تَتَعَلَّقَ بِهِ الزَّكَاةُ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُهُ وَذَكَرُوا فِيمَا إذَا أَتَى الْمُكَاتَبُ بِمَالٍ فَقَالَ السَّيِّدُ هَذَا حَرَامٌ وَلَا بَيِّنَةَ أَنَّهُ إذَا خَالَفَ الْمُكَاتَبُ أَنَّهُ حَلَالٌ أُجْبِرَ السَّيِّدُ عَلَى أَخْذِهِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْقَاضِي وَلَمْ يَذْكُرُوا مِثْلَ ذَلِكَ هُنَا فَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِحُلُولِ الْحَقِّ هُنَاكَ بِخِلَافِهِ هُنَا ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْإِجْبَارُ عَلَى الْقَبْضِ بَلْ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْإِبْرَاءِ أَيْ أَوْ الْإِعْتَاقِ إنْ كَانَ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ .
قَالَ فِي التَّوْشِيحِ لَا يَتَبَيَّنُ لِي مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْقَاضِي مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ يُجْبَرُ ، وَالْفِقْهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ إجْبَارِهِ عَلَى الْقَبْضِ وَالْقَبْضِ كَمَا فِي الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ وَيُقَالُ يُجْبِرُهُ فَإِنْ عَجَزَ أَوْ لَمْ يَفْدِ قَبَضَ لَهُ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ ذِكْرُ قَبْضِ الْقَاضِي هُنَا ، وَإِنَّمَا ذَكَرَاهُ فِيمَا إذَا أَتَى بِالنَّجْمِ وَالسَّيِّدُ غَائِبٌ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَذْكُرُوا مِثْلَ ذَلِكَ هُنَا كُتِبَ عَلَيْهِ ذَكَرُوهُ بَعْدَهُ ر وَقَوْلُهُ وَالْفِقْهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَتَخَيَّرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلِمَا فِي قَبُولِهِ مِنْ الضَّرَرِ ) وَقَدْ { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ } .
( وَإِنْ أَحْضَرَهُ فِي الْمَحَلِّ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا ضَرَرَ ) عَلَى السَّيِّدِ فِي قَبُولِهِ ( وَقَدْ غَابَ ) أَوْ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ ( قَبَضَ الْقَاضِي عَنْهُ ) وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْغَائِبِينَ وَالْمُمْتَنِعِينَ ( وَلَيْسَ لِلْقَاضِي قَبْضُ دَيْنِ الْغَائِبِ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ إلَّا سُقُوطَ الدَّيْنِ عَنْهُ ، وَالنَّظَرُ لِلْغَائِبِ أَنْ يَبْقَى الْمَالُ فِي ذِمَّةِ الْمَلِيِّ فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَصِيرَ أَمَانَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ ( وَإِنْ أَتَى ) إلَى سَيِّدِهِ ( بِنَجْمٍ فَقَالَ لَا أَقْبِضُهُ ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ ) أَيْ لَيْسَ مِلْكَهُ ( وَلَا بَيِّنَةَ ) لَهُ بِذَلِكَ ( صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ بِيَمِينِهِ ) أَنَّهُ مِلْكُهُ لِظَاهِرِ الْيَدِ ( وَأُجْبِرَ ) السَّيِّدُ ( عَلَى أَخْذِهِ أَوْ إبْرَائِهِ ) مِنْ النَّجْمِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ لَتَضَرَّرَ الْمُكَاتَبُ بِبَقَاءِ الرِّقِّ ( فَإِنْ أَبَى ) ذَلِكَ ( قَبَضَهُ الْقَاضِي وَعَتَقَ ) الْمُكَاتَبُ ( وَإِنْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( حَلَفَ السَّيِّدُ ) وَكَانَ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ حَرَامٌ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمَالِكُ ( وَلَا يَثْبُتُ بِبَيِّنَتِهِ وَلَا يَمِينِهِ لِمَنْ عَيْنُهُ لَهُ ) وَلَا يَسْقُطُ بِحَلِفِ الْمُكَاتَبِ حَقُّهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ يَمِينِ السَّيِّدِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ( لَكِنْ إذَا أَخَذَهُ السَّيِّدُ أُمِرَ بِتَسْلِيمِهِ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ ) إنْ صَدَّقَهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ ( وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَالِكًا ) أَوْ عَيَّنَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ ( أَقَرَّ فِي يَدِهِ ) كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ ( وَمُنِعَ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يُكَذِّبَ نَفْسَهُ ) فِي قَوْلِهِ إنَّهُ حَرَامٌ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ حِينَئِذٍ .
( قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي قَبْضُ دَيْنِ الْغَائِبِ ) قَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ وَنَقَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَفْظَهُ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ قَبَضَهُ الْحَاكِمُ ، وَقَالَ الْفَارِقِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ ثِقَةً مَلِيًّا وَإِلَّا فَعَلَى الْحَاكِمِ قَبْضُهُ بِلَا خِلَافٍ قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ السَّيِّدُ عَلَى أَخْذِهِ إلَخْ ) مِنْ نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ ادَّعَى بَائِعٌ عَلَى الْمُفْلِسِ أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ تَأْبِيرِ الثَّمَرَةِ فَتَكُونُ لَهُ صَدَقَةُ الْغُرَمَاءِ دُونَ الْمُفْلِسِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمْ عَلَى الْمُفْلِسِ وَلَهُ إجْبَارُهُمْ عَلَى أَخْذِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ ، وَلِلْبَائِعِ نَزْعُهَا مِنْهُمْ وَإِلَّا فَيُجْبِرُهُمْ عَلَى قَبُولِ ثَمَنِهَا أَوْ الْإِبْرَاءِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ أَصْلُ ذَلِكَ الْمَالِ عَلَى التَّحْرِيمِ كَمَا إذَا أَتَى إلَيْهِ بِلَحْمٍ فَقَالَ هَذَا غَيْرُ مُذَكًّى فَقَالَ بَلْ مُذَكًّى فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ مُدَّعِي عَدَمِ التَّذْكِيَةِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ وَشَكَكْنَا فِي حُصُولِ الذَّكَاةِ .
( وَإِنْ عَجَّلَ نَجْمًا قَبْلَ الْمَحَلِّ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ ) لَهُ عَنْ الْبَاقِي ( فَأَخَذَهُ ) مِنْهُ ( وَأَبْرَأَهُ ) عَنْ الْبَاقِي ( لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ وَلَا الْبَرَاءَةُ ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ ( وَلَا الْعِتْقُ ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقَبْضِ وَالْبَرَاءَةِ ( وَيَرُدُّ ) عَلَيْهِ السَّيِّدُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ لِذَلِكَ ( سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ السَّيِّدِ أَوْ الْعَبْدِ ) وَلَوْ أَنْشَأَ رِضًا جَدِيدًا بِقَبْضِ ذَلِكَ عَمَّا عَلَيْهِ حُكِمَ بِصِحَّتِهِ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ الْمُرْتَهِنِ فِي قَبْضِ مَا بِيَدِهِ عَنْ جِهَةِ الشِّرَاءِ أَوْ الرَّهْنِ ( وَإِنْ أَتَى بِهِ فِي الْمَحَلِّ بَطَلَ الشَّرْطُ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْقَبْضِ وَالْبَرَاءَةِ وَالْعِتْقِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُبْرِئَهُ عَنْ الْبَاقِي ( وَلَوْ عَجَّلَ وَلَمْ يَشْرُطْ ) بَرَاءَةً ( فَأَخَذَهُ ) مِنْهُ ( وَأَبْرَأَهُ مِنْ الْبَاقِي بِلَا شَرْطٍ أَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ فَأَبْرَأَهُ ) مِنْ الْبَاقِي أَوْ أَعْتَقَهُ ( عَتَقَ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ إنْ عَجَّزَتْ نَفْسَك وَأَدَّيْت كَذَا فَأَنْت حُرٌّ فَعَجَّزَ ) نَفْسَهُ ( وَأَدَّى عَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ ) يَعْنِي التَّعْجِيزَ ( لَا يَفْسَخُ ) الْوَجْهُ لَا يَنْفَسِخُ ( بِهِ الْكِتَابَةُ مَا لَمْ يَنْفَسِخْ ) بَعْدَ التَّعْجِيزِ وَلَهُ ( إكْسَابُهُ ) لِعِتْقِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ ( وَيَرْجِعُ ) عَلَيْهِ السَّيِّدُ ( بِالْقِيمَةِ ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى عِوَضَيْنِ التَّعْجِيزِ وَالْمَالِ الْمَذْكُورِ وَالتَّعْجِيزُ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا فَكَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ ( وَ ) يَرْجِعُ ( الْمُكَاتَبُ ) عَلَيْهِ ( بِمَا أَدَّى ) إلَيْهِ ( بَلْ لَوْ قَالَ ) السَّيِّدُ ( لِمُكَاتَبِهِ إنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْت حُرٌّ فَأَعْطَاهُ عَتَقَ وَهُوَ عِوَضٌ فَاسِدٌ فَيَتَرَاجَعَانِ ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُعَاوَض عَلَيْهِ ) أَيْ لَا يُجْعَلُ عِوَضًا فَيَعْتِقُ بِالصِّفَةِ لَا بِالْكِتَابَةِ ( وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ النَّجْمَ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ وَيُبْرِئَهُ ) عَنْ الْبَاقِي ( فَفَعَلَ عَتَقَ ) عَنْ الْكِتَابَةِ ( وَرَجَعَ كُلٌّ عَلَى الْآخَرِ ) وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ
هُوَ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا أَدَّى ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( حَلَّ ) عَلَى الْمُكَاتَبِ ( نَجْمٌ فَعَجَزَ ) عَنْ أَدَائِهِ ( وَلَوْ عَنْ بَعْضِهِ وَاسْتَنْظَرَ ) سَيِّدُهُ فِي ذَلِكَ ( سُنَّ ) لَهُ ( إنْظَارُهُ ) كَسَائِرِ الْمَدْيُونِينَ ( وَلَهُ الْفَسْخُ ) وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَجْزُهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ لِتَعَذُّرِ وُصُولِهِ إلَى الْعِوَضِ كَالْبَائِعِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَيَفْسَخُ ( بِنَفْسِهِ وَكَذَا الْقَاضِي ) ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ كَفَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعِتْقِ ( لَكِنْ عِنْدَهُ ) أَيْ الْقَاضِي ( يَحْتَاجُ أَنْ يُثْبِتَ ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً ( بِالْكِتَابَةِ وَحُلُولِ النَّجْمِ وَمَتَى فُسِخَتْ ) أَيْ الْكِتَابَةُ ( يَفُوزُ ) السَّيِّدُ ( بِمَا أَخَذَهُ ) لِأَنَّهُ كَسَبَ عَبْدَهُ ( لَكِنْ يَرُدُّ مَا أَعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ ) عَلَى مَنْ أَعْطَاهَا إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا ( وَيُمْهَلُ لِإِحْضَارِ مَالٍ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَ ) إحْضَارِ ( دَيْنٍ حَالٍّ عَلَى مَلِيءٍ ) مُقِرٍّ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ ( وَ ) إحْضَارِ مَالٍ ( مُودَعٍ ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا فَوْقَهَا أَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مَلِيءٍ مُنْكِرٍ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ سُنَّ لَهُ إنْظَارُهُ ) لَا شَكَّ أَنَّ الْإِمْهَالَ لِلتَّمَهُّلِ وَالِاكْتِسَابَ مُسْتَحَبٌّ لَا غَيْرُ وَأَنَّ الْإِمْهَالَ بِقَدْرِ مَا يُخْرِجُ الْمَالَ مِنْ الصُّنْدُوقِ وَالدُّكَّانِ وَالْمَخْزَنِ وَيَزْنُ أَوْ يَكِيلُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَمْهِلْنِي قَدْرَ مَا أَسْتَدِينُ النَّجْمَ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ أَنْ يُجَابَ إذَا ظُنَّ صِدْقُهُ ، وَأَنَّ ثَمَّ مَنْ يُعْطِيهِ كَمَا يُنْظَرُ لِبَيْعِ الْمَتَاعِ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ اسْتَكَانَ لِلتَّعْجِيزِ غ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَمْهِلُونِي لِأَتَدَيَّنَ النَّجْمَ وَأُحَصِّلَهُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ أَنَّهُ تَجِبُ إجَابَتُهُ إذَا ظُنَّ صِدْقُهُ وَأَنَّ ثَمَّ مَنْ يُعْطِيه كَمَا يُنْظَرُ لِبَيْعِ الْمَتَاعِ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُلْهُ وَاسْتَكَانَ لِلتَّعْجِيزِ فَتَأَمَّلْهُ وَقَوْلُهُ أَنْ تَجِبَ إجَابَتُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُمْهَلُ لِإِحْضَارِ مَالٍ ) أَيْ يُمْهَلُ وُجُوبًا ( قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مَا إذَا زَادَ الْأَجَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَمَّا لَوْ كَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ دُونَ الثَّلَاثِ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ إمْهَالُهُ إلَى حُلُولِهِ كَالْغَائِبِ فِيمَا دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ غ وَقَوْلُهُ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَيُقَاصُّ بِالدَّيْنِ ) الَّذِي لِلْمُكَاتَبِ ( عَلَى السَّيِّدِ ) إنْ اتَّحَدَ جِنْسُ الدَّيْنَيْنِ ( فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ أَحْضَرَهُ ) أَيْ السَّيِّدُ الدَّيْنَ لِلْمُكَاتَبِ ( لِيُبَاعَ فِي النَّجْمِ وَيُمْهَلُ ) الْمُكَاتَبُ بَعْدَ حُلُولِ النَّجْمِ ( لِبَيْعِ عَرْضٍ ثَلَاثًا ) مِنْ الْأَيَّامِ كَمَا يُمْهِلُهَا الْخَصْمُ لِإِحْضَارِ بَيِّنَتِهِ الشَّاهِدَةِ لَهُ بِالْأَدَاءِ وَ نَحْوِهِ .
( قَوْلُهُ أَحْضَرَهُ لِيُبَاعَ فِي النَّجْمِ ) فَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُعْسِرًا بِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُمْهَلُ لِبَيْعِ عَرْضٍ ثَلَاثًا ) أَيْ وَيُمْهَلُ وُجُوبًا .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( حَلَّ نَجْمٌ وَالْمُكَاتَبُ غَائِبٌ ) وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوْ غَابَ بَعْدَ حُلُولِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ( فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ ) لِلْكِتَابَةِ لِتَقْصِيرِهِ بِالْغَيْبَةِ بَعْدَ الْمَحِلِّ وَالْإِذْنُ قَبْلَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ لَهُ فِي اسْتِمْرَارِهَا إلَى مَا بَعْدَهُ وَيَفْسَخُ ( بِنَفْسِهِ وَيُشْهِدُ ) عَلَى الْفَسْخِ لِئَلَّا يُكَذِّبَهُ الْمُكَاتَبُ ( وَكَذَا ) يَفْسَخُ ( بِالْحَاكِمِ ) نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَجْزِ ( لَكِنْ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ ) أَيْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ( بِالْحُلُولِ ) لِلنَّجْمِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ لَهُ ثَمَّ أَنْ يَقُولَ هُنَا بِالْكِتَابَةِ وَالْحُلُولِ ( وَالتَّعَذُّرِ ) لِتَحْصِيلِ النَّجْمِ ( وَالْحَلِفِ ) مِنْ السَّيِّدِ ( أَنَّهُ مَا قَبَضَ ) ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا مِنْ وَكِيلِهِ ( وَلَا أَبْرَأَهُ ) مِنْهُ وَلَا أَنْظَرَهُ فِيهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْعِرَاقِيُّونَ ( وَلَا يَعْلَمُ مَالًا حَاضِرًا ) لِأَنَّ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ وَالْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِفَايَتِهِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ قُلْت وَالْقِيَاسُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدَوِيِّ ( وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي الْأَدَاءُ ) لِلنَّجْمِ ( مِنْهُ وَيُمَكِّنُ ) الْقَاضِيَ ( السَّيِّدَ لِيَفْسَخَ ) أَيْ مِنْهُ ( وَإِنْ عَاقَ الْمُكَاتَبَ ) عَنْ حُضُورِهِ ( مَرَضٌ أَوْ خَوْفٌ ) فِي الطَّرِيقِ ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَجَّزَ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَمْ يُؤَدِّ الْمَالَ وَرُبَّمَا فَسَخَ الْكِتَابَةَ فِي غَيْبَتِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لَهُ مَالًا حَاضِرًا لَا يَجْتَمِعَانِ انْتَهَى .
وَالتَّحْلِيفُ الْمَذْكُورُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَأَقَرَّهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ غَرِيبٌ وَعَلَيْهِ لَا إشْكَالَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْأَدَاءِ عَنْ الْغَائِبِ قَدْ خَالَفَهُ آخِرَ الرُّكْنِ الثَّالِثِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَسِيرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَلَامٌ نَازِلٌ يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ وَعَلَى مَا تَخَيَّلَهُ
قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأَسِيرِ وَغَيْرِهِ .
قَوْلُهُ وَالْحَلِفُ مِنْ السَّيِّدِ ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْمَحَامِلِيِّ وَالرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ وَاجِبَةٌ ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ إذَا جَاءَ السَّيِّدُ إلَى السُّلْطَانِ فَسَأَلَهُ تَعْجِيزَهُ لَمْ يُعَجِّزْهُ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ كِتَابَتُهُ وَحُلُولُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ وَيُحَلِّفُهُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا قَبَضَهُ مِنْهُ وَلَا قَابِضَ لَهُ وَلَا أَنْظَرَهُ بِهِ ، فَإِذَا فَعَلَ عَجَّزَهُ لَهُ وَجَعَلَ الْمُكَاتَبَ عَلَى حُجَّتِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ ( قَوْلُهُ وَلَا أَبْرَأَ مِنْهُ ) أَيْ وَلَا احْتَالَ بِهِ ( قَوْلُهُ قُلْت وَالْقِيَاسُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدَوِيِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُمَكِّنُ الْقَاضِي السَّيِّدَ الْفَسْخَ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنْ لِلسَّيِّدِ الْفَسْخَ فِي الْحَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يُوقَفُ مَالُهُ وَيُنْتَظَرُ فَإِنْ أَدَّى وَإِلَّا فَلِسَيِّدِهِ تَعْجِيزُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا النَّصَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ) كَابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ ( قَوْلُهُ لَا يَجْتَمِعَانِ ) الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ بِأَنَّ ذَاكَ فِي فَسْخِ الْحَاكِمِ وَهَذَا فِي فَسْخِ السَّيِّدِ مُمْكِنٌ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الَّذِي قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ الْوَقْفِ كَمَا فِي الْإِنْظَارِ لَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْقَاضِيَ يُوَفِّيه مِنْهُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَهُوَ كَلَامٌ نَازِلٌ يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْفَسْخِ لِلتَّعْجِيزِ وَهُنَا فِي الْفَسْخِ لِلْغَيْبَةِ وَأَمَّا الْفَرْقُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فَهُوَ أَنَّ الْأَسِيرَ مَقْهُورٌ بِخِلَافِ الْغَائِبِ بِلَا أَسْرٍ مِنْهُ .
( وَلَوْ أَنْظَرَهُ ) السَّيِّدُ بَعْدَ حُلُولِ النَّجْمِ ( وَسَافَرَ بِإِذْنِهِ ، ثُمَّ نَدِمَ ) عَلَى إنْظَارِهِ ( لَمْ يَفْسَخْ ) فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ غَيْرُ مُقَصِّرٍ وَرُبَّمَا اكْتَسَبَ فِي السَّفَرِ مَا يَفِي بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَلَا يَفْسَخُ سَيِّدُهُ ( حَتَّى يُعْلِمَهُ ) بِالْحَالِ ( بِكِتَابِ الْقَاضِي ) أَيْ قَاضِي بَلَدِ سَيِّدِهِ ( إلَى قَاضِي بَلَدِهِ ) بِأَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ وَيُثْبِتَ الْكِتَابَةَ وَالْحُلُولَ وَالْغَيْبَةَ وَيَحْلِفَ أَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ وَيَذْكُرَ أَنَّهُ نَدِمَ عَلَى الْإِذْنِ وَالْإِنْظَارِ وَرَجَعَ عَنْهُمَا .
وَيَكْتُبُ الْقَاضِي إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمُكَاتَبِ بِذَلِكَ لِيُعَرِّفَهُ الْحَالَ ( فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ كَتَبَ بِهِ ) قَاضِي بَلَدِهِ ( إلَى قَاضِي بَلَدِ السَّيِّدِ ) لِيَفْسَخَ إنْ شَاءَ ( وَإِنْ بَذَلَ ) الْمُكَاتَبُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ ( وَلِلسَّيِّدِ وَكِيلٌ هُنَاكَ سَلَّمَ إلَيْهِ ) فَإِنْ أَبَى ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ لِلسَّيِّدِ وَلِلْوَكِيلِ أَيْضًا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ هُنَاكَ وَكِيلٌ ( أَلْزَمهُ الْقَاضِي إرْسَالَهُ ) إلَيْهِ ( فِي الْحَالِ ) إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى رُفْقَةٍ ( أَوْ مَعَ أَوَّلِ رُفْقَةٍ ) يَخْرُجُ ( إنْ احْتَاجَ إلَيْهَا وَعَلَى السَّيِّدِ الصَّبْرُ إلَى مُضِيِّ ) مُدَّةِ ( إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَيْهِ ، ثُمَّ ) إذَا مَضَتْ وَلَمْ يُوصِلْهُ ( يَفْسَخُ إنْ قَصَّرَ ) فِي إيصَالِهِ ( وَإِنْ سَلَّمَ إلَى وَكِيلِهِ وَ ) بَانَ أَنَّهُ ( قَدْ عَزْله فَإِنْ كَانَ ) التَّسْلِيمُ إلَيْهِ ( بِأَمْرِ الْقَاضِي بَرِيءَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ) أَوْجُهُهُمَا الْمَنْعُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ بَرَاءَتِهِ بِذَلِكَ أَنَّ لِقَاضِي بَلَدٍ الْمُكَاتَبِ الْقَبْضَ عَلَى السَّيِّدِ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ أَنْظَرَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ حُلُولِ النَّجْمِ ) إلَى غَيْرِ أَجَلٍ أَوْ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَمْضِ ( قَوْلُهُ فَلَا يَفْسَخُ سَيِّدُهُ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَكُونُ الْإِنْظَارُ فِيهِ مُؤَثِّرًا لَازِمًا غَيْرَ هَذَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْإِذْنِ وَالْإِنْظَارِ إلَّا أَنْ تَجْعَلَ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ وَاعْتَرَضَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَقَالَ الْإِنْظَارُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُلُولِ النَّجْمِ بَلْ لَوْ أَنْظَرَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَ الْحُلُولِ سَوَاءٌ كَمَا سَبَقَ فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى الْإِذْنِ فِي السَّفَرِ قَالَ وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فَإِنْ جَاءَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَإِلَّا عَجَّزَهُ حَاكِمُ بَلَدِهِ فَظَاهِرٌ عِنْدِي أَنَّ الَّذِي يُعَجِّزُ حَاكِمُ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ وَتَقَدَّمَ عَنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ حَاكِمُ بَلَدِ السَّيِّدِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا عِنْدِي لَا يَسْتَقِيمُ ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ حَاكِمُ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الضَّرُورِيَّةِ أَنْ يَكْتُبَ إلَى حَاكِمِ بَلَدِ السَّيِّدِ وَذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ بِالتَّأْخِيرِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ إلَى مُدَّةٍ يَصِلُ فِيهَا كِتَابُ حَاكِمِ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ قَالَ وَهَذَا مَوْضِعٌ مُهِمٌّ يَتَّفِقُ الْأَصْحَابُ الْمَذْكُورُونَ عَلَى أَمْرٍ مُخَالِفٍ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَمُؤَدٍّ إلَى ضَرَرِ السَّيِّدِ .
قُلْت الضَّرَرُ وَالتَّطْوِيلُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْمُعَجِّزُ لَهُ حَاكِمَ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَحْتَاجُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ وُصُولِهِ إلَى الْكِتَابِ لَهُ وَإِرْسَالِ وَكِيلٍ لِطَلَبِ الْحُكْمِ مِنْهُ بِذَلِكَ ثُمَّ لَا يَظْهَرُ لَهُ الْحُكْمُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ ، وَأَمَّا حَاكِمُ بَلَدِ السَّيِّدِ فَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ إلَى شَيْءٍ بَلْ يُبَادِرُ بِالْحُكْمِ وَقَوْلُهُ يَحْتَاجُ حَاكِمُ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ الْمُدَّةِ إلَى مُكَاتَبَةِ حَاكِمِ بَلَدِ السَّيِّدِ لَا مَعْنَى لَهُ ع ( قَوْلُهُ أَوْجُهُهُمَا الْمَنْعُ ) هُوَ
الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ بَرَاءَتِهِ بِذَلِكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) بِبَلَدِ السَّيِّدِ قَاضٍ ( وَبَعَثَ السَّيِّدُ ) إلَى الْمُكَاتَبِ ( مَنْ يُعْلِمُهُ ) بِالْحَالِ ( وَيَقْبِضُ مِنْهُ ) النَّجْمَ ( فَهُوَ هُوَ كَكِتَابِ الْقَاضِي ) إلَى الْقَاضِي فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ( أَمْ لَا ؟ فِيهِ خِلَافٌ ) وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ .
( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ ) هُوَ الرَّاجِحُ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( امْتَنَعَ ) الْمُكَاتَبُ ( مِنْ الْأَدَاءِ ) لِلنُّجُومِ بَعْدَ الْمَحِلِّ ( وَهُوَ قَادِرٌ ) عَلَيْهِ ( لَمْ يُجْبَرْ ) عَلَى أَدَائِهَا لِجَوَازِ الْكِتَابَةِ مِنْ جِهَتِهِ وَلِأَنَّ الْحَظَّ فِيهَا لَهُ وَلِتَضَمُّنِهَا التَّعْلِيقَ بِصِفَةٍ وَهُوَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا ( وَلِلسَّيِّدِ تَعْجِيزُهُ ) أَيْ فَسْخُ الْكِتَابَةِ إنْ شَاءَ ، وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ وَعَلَى هَذَا جَرَى جَمْعٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ الْفَسْخَ بِتَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ نَفْسِهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ ( فَإِنْ أَمْهَلَ ) السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ وَلَمْ يَفْسَخْ ( فَلِلْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ ) كَمَا أَنْ لِلْمُرْتَهِنِ فَسْخُ الرَّهْنِ .
قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ ) فَالْخِيَارُ فِي هَذَا الْفَسْخِ عَلَى التَّرَاخِي ، فَلَوْ صَرَّحَ بِالْإِمْهَالِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الْفَسْخُ عِنْدَ حُضُورِ الْمُكَاتَبِ جَازَ ( قَوْلُهُ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ الْفَسْخُ بِتَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ نَفْسِهِ إلَخْ ) عِبَارَتُهُ فَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ فَالسَّيِّدُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ .
ا هـ .
قَالَ فِي الْأَصْلِ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَلَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ حِيلَةً يَعْتِقُ بِهَا بِمَا عَجَّلَ وَيَكُونُ لِجِهَةِ الْكِتَابَةِ فَقَالَ الْأَصْحَابُ طَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ إذَا عَجَّزَتْ نَفْسَك وَأَدَّيْت كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَاتُ عَتَقَ عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرْتَفِعُ بِمُجَرَّدِ تَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ ، وَإِنَّمَا تَرْتَفِعُ إذَا فَسَخَهَا بَعْدَ التَّعْجِيزِ ، وَإِذَا عَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ كَانَتْ الْأَكْسَابُ لَهُ .
ا هـ .
وَقَدْ مَرَّ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَكَذَا أَطْلَقَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَ كَافِرٌ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ عَبْدَهُ الْكَافِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ إعَادَةِ مِلْكِ الْكَافِرِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَلِلْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ ) جَزَمَ فِي الْعَزِيزِ فِي مَوَاضِعَ بِمَنْعِ الْمُكَاتَبِ مِنْ فَسْخِ الْكِتَابَةِ مُطْلَقًا بَلْ يُعَجِّزُ نَفْسَهُ ثُمَّ السَّيِّدُ يَفْسَخُ إنْ شَاءَ وَصَوَّبَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَغَيْرِهَا الْجَوَازَ وَنُسِبَ لِنَصِّ الْأُمِّ .
( فَصْلٌ وَلَوْ جُنَّ ) الْمُكَاتَبُ ( فَأَرَادَ السَّيِّدُ الْفَسْخَ لَمْ يَفْسَخْ بِنَفْسِهِ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمَ وَيُثْبِتَ ) أَيْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةِ ( بِجَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ ) فِيمَا ( إذَا أَرَادَ الْفَسْخَ عَلَى الْغَائِبِ ) مِنْ الْكِتَابَةِ وَالْحُلُولِ وَتَعَذُّرِ التَّحْصِيلِ ( عِنْدَ الْحَاكِمِ ) وَيُطَالِبُ بِحَقِّهِ وَيَحْلِفُ عَلَى بَقَائِهِ ( فَإِنْ وَجَدَ الْقَاضِي لَهُ مَالًا أَدَّاهُ ) عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ ( لِيَعْتِقَ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ فَيَنُوبُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ الْغَائِبِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ أَدَّاهُ كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ يُؤَدِّي إنْ رَأَى لَهُ مَصْلَحَةً فِي الْحُرِّيَّةِ ، وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يَضِيعُ بِهَا لَمْ يُؤَدِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا أَحْسَنُ لَكِنَّهُ قَلِيلُ النَّفْعِ مَعَ قَوْلِنَا أَنَّ لِلسَّيِّدِ إذَا وَجَدَ مَالَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحَاكِمَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْأَخْذِ وَالْحَالَةِ هَذِهِ أَيْ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ ( وَإِنْ لَمْ يَجِدْ ) لَهُ الْقَاضِي مَالًا ( فَسَخَ السَّيِّدُ ) بِإِذْنِ الْقَاضِي ( وَعَادَ ) بِالْفَسْخِ ( قُلْنَا ) لَهُ ( فَإِنْ أَفَاقَ ) مِنْ جُنُونِهِ ( وَ ) ظَهَرَ ( لَهُ مَالٌ ) كَانَ حَصَّلَهُ ( مِنْ قَبْلِ الْفَسْخِ دَفَعَهُ إلَى السَّيِّدِ وَنَقَضَ التَّعْجِيزَ وَعَتَقَ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَأَحْسَنَ الْإِمَامُ إذْ خَصَّ نَقْضَ التَّعْجِيزِ بِمَا إذَا ظَهَرَ الْمَالُ بِيَدِ السَّيِّدِ وَإِلَّا فَهُوَ مَاضٍ ؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ حِينَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ حَقُّهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا فَحَضَرَ بَعْدَ الْفَسْخِ ( وَطَالَبَهُ السَّيِّدُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ ) قَبْلَ نَقْضِ التَّعْجِيزِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّعْ عَلَيْهِ بِهِ ، وَإِنَّمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا كَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ ( إلَّا إنْ عَلِمَ بِالْمَالِ ) فَلَا يُطَالِبُهُ بِذَلِكَ .
قَالَ الرَّافِعِيُّ
وَلَوْ أَقَامَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ مَا أَفَاقَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَدَّى النُّجُومَ حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَلَا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَبِسَ وَأَنْفَقَ عَلَى عِلْمٍ بِحُرِّيَّتِهِ فَيُجْعَلُ مُتَبَرِّعًا ، فَلَوْ قَالَ نَسِيت الْأَدَاءَ فَهَلْ يُقْبَلُ لِيَرْجِعَ فِيهِ ؟ وَجْهَانِ .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عَدَمُ الرُّجُوعِ أَيْضًا .
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ وَلَوْ جُنَّ فَأَرَادَ السَّيِّدُ الْفَسْخَ لَمْ يَفْسَخْ بِنَفْسِهِ ) عَدَمُ الِانْفِسَاخِ مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ ، وَهُوَ أَنَّ الْجَائِزَ يَنْفَسِخُ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ وَكَانَ ذَلِكَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ ( قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى بَقَائِهِ ) وَكَذَا عَلَى نَفْيِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْغَائِبِ وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْيَمِينُ وَاجِبَةً قَوْلًا وَاحِدًا ( قَوْلُهُ أَدَّاهُ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْكِتَابَةِ ) وَحُلُولِ النَّجْمِ وَحَلَّفَهُ عَلَى بَقَاءِ اسْتِحْقَاقِهِ وَكَذَا عَلَى نَفْيِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ يُؤَدِّي إلَخْ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ مَا يَقْتَضِيه ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ ، وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنَّهُ إلَخْ ) فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَابُ عَمَّا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ ، فَإِنَّهُ قَالَ إذَا جُنَّ الْعَبْدُ وَقُلْنَا لَا تَنْفَسِخُ عَلَى الْأَصَحِّ فَالْقَاضِي إنْ عَلِمَ لَهُ مَالًا وَرَأَى مَصْلَحَتَهُ فِي الْعِتْقِ أَدَّى عَنْهُ ، وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يَضِيعُ إنْ عَتَقَ فَلَهُ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ عَنْهُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ السَّيِّدَ يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ إذْ ذَكَرُوا أَنَّ الْقَبْضَ مِنْ الْعَبْدِ الْمَجْنُونِ يُوجِبُ الْعِتْقَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَرْضَ بِالْعِتْقِ وَالْأَدَاءِ إذَا أَفَاقَ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَقْدِرُ عَلَى إعْتَاقِهِ بِكُلِّ حَالٍ فَإِذَا فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ كَسْبُهُ عَنْ جِهَةِ النُّجُومِ أَوْ عَنْ الرِّقِّ هَذَا كَلَامُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا دَفَعَ بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَفْقِ الْمَصْلَحَةِ ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ تَصَرُّفَاتِهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ الِاسْتِبْدَادُ بِالْأَخْذِ إذْ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ وَيُعْتِقَهُ إذَا
امْتَنَعَ فَلَا فَائِدَةَ فِي مَنْعِ الْقَاضِي ( قَوْلُهُ وَأَحْسَنَ الْإِمَامُ إلَخْ ) وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْبَسِيطِ فَقَالَ لَوْ فَسَخَ السَّيِّدُ فَأَفَاقَ وَأَقَامَ بَيِّنَتَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي يَدِ السَّيِّدِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْكِتَابَةَ مُسْتَمِرَّةٌ ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْرِفُهُ فَالْفَسْخُ نَاجِزٌ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا مَعَ مُصَادَمَتِهِ لِإِطْلَاقِهِمْ مُصَادِمٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ الْحَاكِمِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَالِ ثُمَّ حُضُورِهِ بِخِلَافِ وُجُودِهِ بِالْبَلَدِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ ) الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عَدَمُ الرُّجُوعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ .
( وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ شَيْءٌ ) مِنْ النُّجُومِ ( وَلَوْ قَبِلَ الْإِيتَاءَ مَاتَ رَقِيقًا ) وَانْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ بِمَوْتِهِ فَلَا يُورَثُ وَتَكُونُ أَكْسَابُهُ لِسَيِّدِهِ وَتَجْهِيزُهُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَخْلَفَ وَفَاءً بِالنُّجُومِ أَمْ لَا وَذَلِكَ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْعَقْدِ الرَّقَبَةُ وَالْمَقْصُودُ مُرْتَقَبٌ فِيهَا فَإِذَا فَاتَتْ كَانَ فَوَاتُهَا كَتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ الْبَاقِي قَبْلَ الْإِيتَاءِ مَعَ أَنَّهُ وَاجِبٌ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ مَعْلُومٌ ( بَلْ لَوْ أَرْسَلَ بِهِ ) أَيْ بِالْمَالِ إلَى سَيِّدِهِ ( فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ السَّيِّدُ مَاتَ رَقِيقًا ) - أَيْضًا ( وَلَوْ ادَّعَى أَوْلَادُهُ الْأَحْرَارُ ) بَعْدَ مَوْتِهِ ( الْإِقْبَاضَ ) لِلْمَالِ الْمُرْسَلِ إلَى السَّيِّدِ ( قَبْلَ الْمَوْتِ ) وَكَذَّبَهُمْ السَّيِّدُ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِقْبَاضِ ( فَإِنْ أَقَامُوا بَيِّنَةً بِالتَّسْلِيمِ ) لَهُ ( يَوْمَ مَوْتِهِ لَمْ تُقْبَلْ ) شَهَادَتُهُمْ ( حَتَّى يَقُولُوا ) وَقَعَ التَّسْلِيمُ ( قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَ الظُّهْرِ ) مَثَلًا ( وَ ) كَانَ ( مَوْتُهُ بَعْدَهُ وَتُقْبَلُ بِقَبْضِ السَّيِّدِ شَهَادَةَ وَكِيلِهِ ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ لَا شَهَادَةَ ( وَكِيلِ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَ الظُّهْرِ ) لِاتِّهَامِهِ ، نَعَمْ إنْ لَمْ يَذْكُرْ فِعْلَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا تُقْبَلُ .
( فَرْعٌ قَوْلُ السَّيِّدِ فَسَخْت الْكِتَابَةَ وَأَبْطَلْتهَا وَنَقَضْتهَا ) وَرَفَعْتهَا ( وَعَجَّزَتْهُ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا وَمِمَّا يُشْبِهُهَا ( فَسْخٌ وَلَا يَعُودُ بِالتَّقْرِيرِ ) عَلَيْهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِهَا ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ الِاعْتِمَادِ فِي الْعِتْقِ بِهَا عَلَى التَّعْلِيقِ وَالتَّقْرِيرُ لَا يَصْلُحُ لَهُ ( وَلَوْ سَكَتَ عَنْ مُطَالَبَتِهِ بَعْدَ الْحُلُولِ مُدَّةً ، ثُمَّ حَضَرَ ) إلَيْهِ ( الْمَالُ لَزِمَهُ قَبْضُهُ ) مِنْهُ ( وَإِنْ تَبَرَّعَ آخَرُ بِأَدَائِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ قَبِلَ ) السَّيِّدُ ( عَتَقَ ) الْمُكَاتَبُ لِمَا سَيَأْتِي ( وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ ) إذْ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ ( كَذَا فِي الْعَزِيزِ ) لِلرَّافِعِيِّ ( وَارْتَضَاهُ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ وَعَكْسُهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَقَالَ ) بَدَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ( بِإِذْنِهِ ) وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ وَارْتَضَاهُ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ ، وَقَالَ عَقِبَ بِإِذْنِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ كَانَ مُوَافِيًا بِكَلَامِهِ ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى بَيَانِ ذَلِكَ نَعَمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَوْلُهُ بِإِذْنِهِ سَهْوٌ تَبِعَ فِيهِ نُسَخَ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ وَلَفْظُهَا إذَا كَانَ بَعْدَ إذْنِهِ وَالصَّوَابُ مَا فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ .
قَالَ فِي الْبَسِيطِ فَإِنْ قِيلَ بِرِضَا الْمُكَاتَبِ عَتَقَ أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَفِي حُصُولِ الْعِتْقِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ قِيَاسُ سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ أَنَّهُ يَعْتِقُ وَالثَّانِي لَا ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ عَلَى أَدَائِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ جَانِبِ التَّعْلِيقِ فِي الْجُمْلَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُشَاحَّةَ إنَّمَا هِيَ فِي بَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي الْعِتْقِ فَلَا يَلِيقُ بِالْمُصَنِّفِ إذْ الْعِتْقُ نَافِذٌ إذَا قَبِلَ سَوَاءٌ أَوْقَعَ التَّبَرُّعَ بِالْإِذْنِ أَمْ بِدُونِهِ نَعَمْ تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ حَسَنٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَوَازِ الْفَسْخِ .
( وَيَرِقُّ كُلُّ مَنْ يُكَاتِبُ عَلَيْهِ مِنْ وَلَدٍ وَوَالِدٍ ) إذَا مَاتَ رَقِيقًا أَوْ فَسَخَ السَّيِّدُ كِتَابَتَهُ لِعَجْزٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَصَارُوا ) جَمِيعًا ( وَمَا فِي يَدِهِ ) مِنْ الْمَالِ وَنَحْوِهِ ( لِلسَّيِّدِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ) وَإِلَّا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ .
( وَلَوْ اسْتَعْمَلَ سَيِّدٌ مُكَاتَبَهُ ) أَوْ حَبَسَهُ بِلَا اسْتِعْمَالٍ مُدَّةً ( قَهْرًا لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ ) لَهَا ( لِإِمْهَالِهِ ) بَعْدَ مَجِيءِ الْمَحِلِّ ( كَتِلْكَ الْمُدَّةِ ) أَيْ مِثْلِهَا بَلْ لَهُ تَعْجِيزُهُ وَالْفَسْخُ كَمَا لَا يَلْزَمُ الدَّائِنَ إذَا حَبَسَ مَدِينَهُ مُدَّةَ الْأَجَلِ إمْهَالَهُ بَعْدَهَا وَمَا فَوَّتَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَنَافِعِ صَارَ مَجْبُورًا بِالْأُجْرَةِ ( فَإِنْ حَبَسَهُ غَيْرُ السَّيِّدِ ) وَلَوْ بِلَا اسْتِعْمَالٍ ( لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَلَا إمْهَالَ ) كَمَا لَوْ حَبَسَهُ السَّيِّدُ بَلْ أَوْلَى .
( فَرْعٌ ) إذَا كَانَ ( لِلسَّيِّدِ دَيْنٌ ) بِمُعَامَلَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ ( عَلَى الْمُكَاتَبِ وَفِي يَدِهِ مَا يَفِي بِالنُّجُومِ دُونَ الدَّيْنِ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ تَقْدِيمِ النُّجُومِ ) لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ مَرْجِعًا لِلدَّيْنِ الْآخَرِ إذَا قَدَّمَهَا فَرِضَاهُ بِتَقْدِيمِهِمَا مُعْتَبَرٌ ( وَيَأْخُذُ مَا مَنَعَهُ مِنْ ) أَيْ بَدَلَ ( دَيْنِ مُعَامَلَتِهِ ) أَوْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ ( إنْ ثَبَتَ ) أَنَّهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يُعَجِّزُهُ ( وَلَهُ تَعْجِيزُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ مَا فِي يَدِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مُطَالَبَتِهِ بِالدَّيْنَيْنِ مَعًا وَأَخَذَ مَا بِيَدِهِ عَنْهُمَا ( فَإِنْ اخْتَلَفَا وَقَدْ قَبَضَهُ ) أَيْ مَا بِيَدِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلْجِهَةِ ( فَقَالَ السَّيِّدُ قَصَدْت ) أَنْت ( دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ ) أَوْ الْأَرْشَ ( ، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ بَلْ قَصَدْت الْكِتَابَةَ ) أَيْ نُجُومَهَا أَوْ قَالَ ابْتِدَاءً قَصَدْتهَا فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ ) بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنَانِ وَلَهُ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ أَدَّيْت دَيْنَ الرَّهْنِ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَنَقَلَ أَعْنِي الْأَصْلَ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ تَصْدِيقَ السَّيِّدِ ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ هُنَا إلَيْهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ وَمَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ .
( وَيَحْجُرُ عَلَيْهِ بِالدُّيُونِ ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ لِلسَّيِّدِ أَمْ لِغَيْرِهِ أَمْ لَهُمَا ( كَالْحَجْرِ بِالْفَلَسِ وَيُقْسَمُ مَالُهُ ) بَيْنَ أَرْبَابِ الدُّيُونِ ( وَلَا يُجْعَلُ ) بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ دَيْنٌ ( مُؤَجَّلٌ ) كَالْمُفْلِسِ ( بِخِلَافِ حَرْبِيٍّ اُسْتُرِقَّ ) وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَإِنَّهُ يَحِلُّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَإِذَا لَمْ يَحِلَّ الْمُؤَجَّلُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ ( فَيُقْسَمُ ) مَا بِيَدِهِ ( عَلَى الدُّيُونِ الْحَالَّةِ ) دُونَ الْمُؤَجَّلَةِ كَمَا فِي الْفَلَسِ ( وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ النُّجُومِ ) لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ وَالْمُكَاتَبُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إسْقَاطِهَا ( وَحَيْثُ لَا حَجْرَ ) عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ
مَالُهُ وَافِيًا بِالدُّيُونِ قُضِيَتْ وَإِلَّا فَلَهُ تَقْدِيمُ مَا شَاءَ مِنْهَا فَأَخَّرَ الْمُفْلِسُ أَيْ غَيْرَ النُّجُومِ كَمَا مَرَّ ( لَهُ تَعْجِيلُ النُّجُومِ لَا غَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ ) فَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيلُهَا إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ ، وَلَوْ كَانَ فِي مُعَامَلَتِهِ كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ ( وَالْأَوْلَى ) فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ دُيُونٌ لِغَيْرِ السَّيِّدِ أَوَّلُهُمَا وَلَمْ يَفِ بِهَا مَا بِيَدِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ ( تَقْدِيمُ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ ) عَلَى غَيْرِهِ إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا بِيَدِهِ وَلَا بِرَقَبَتِهِ .
( ثُمَّ ) إنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ - ( الْأَرْشِ ) عَلَى دَيْنِ النُّجُومِ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِرٌّ وَالنُّجُومُ مُعَرَّضَةٌ لِلسُّقُوطِ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ فِي الْقِنِّ فَكَذَا فِي الْمُكَاتَبِ ( ثُمَّ النُّجُومِ فَإِنْ قَدَّمَهَا ) عَلَى غَيْرِهَا بِرِضَا السَّيِّدِ ( عَتَقَ وَبَاقِي الدُّيُونِ عَلَيْهِ فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ ) بِالْتِمَاسِهِ أَوْ بِالْتِمَاسِ الْغُرَمَاءِ ( قَدَّمَ الْحَاكِمُ ) وُجُوبًا ( دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ ) عَلَى غَيْرِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِمَا بِيَدِهِ خَاصَّةً وَالْأَرْشُ مُتَعَلِّقٌ آخَرُ وَهُوَ الرَّقَبَةُ وَيُسَوِّي بَيْنَ النَّقْدِ وَالْعَرْضِ ( ثُمَّ الْأَرْشِ ) عَلَى النُّجُومِ لِمَا مَرَّ ( ثُمَّ النُّجُومِ فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ سَقَطَتْ ) عَنْهُ ( دُيُونُ السَّيِّدِ ) وَلَوْ دَيْنَ مُعَامَلَةٍ لِعَوْدِهِ إلَى الرِّقِّ ( وَصُرِفَ مَا فِي يَدِهِ لِدَيْنِ ) الْأَجَانِبِ مِنْ ( الْمُعَامَلَةِ وَالْأَرْشِ فَإِنْ لَمْ يَفِ ) مَا بِيَدِهِ بِهِمَا ( تَقَاسَمَاهُ ) أَيْ الْمُسْتَحِقَّانِ ( بِالنِّسْبَةِ وَمَا بَقِيَ ) مِنْهُمَا ( فَتَعَلَّقَ الْأَرْشُ ) مِنْهُ ( الرَّقَبَةُ ) تُبَاعُ فِيهِ ( وَ ) مُتَعَلِّقُ ( دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ الذِّمَّةُ ) يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ ( وَلِمُسْتَحَقِّ الْأَرْشِ لَا ) مُسْتَحَقِّ ( دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ تَعْجِيزُ الْمُكَاتَبِ ) لِتُبَاعَ رَقَبَتُهُ فِي حَقِّهِ ( بِالْقَاضِي فَقَطْ ) أَيْ لَا بِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ الْكِتَابَةَ حَتَّى يَفْسَخَهَا
أَمَّا مُسْتَحِقُّ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ فَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُهُ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ .
( وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْدِيَهُ ) وَتَبْقَى الْكِتَابَةُ وَيَمْتَنِعُ عَلَى مُسْتَحِقِّ الْأَرْشِ التَّعْجِيزُ وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ الْفِدَاءِ ؛ لِأَنَّهُ رَقِيقُ السَّيِّدِ وَلَهُ غَرَضٌ فِي إتْمَامِ الْعِتْقِ وَفِي اسْتِيفَائِهِ لِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يَتِمَّ فَمُكِّنَ مِنْ الْفِدَاءِ ( وَاعْلَمْ أَنَّ لِلسَّيِّدِ الْمُضَارَبَةَ ) مَعَ الْغُرَمَاءِ ( بِدَيْنِ مُعَامَلَتِهِ وَأَرْشِ جِنَايَتِهِ ) لِأَنَّهُمَا إذَا سَقَطَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَدَلٌ كَدُيُونِ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ النَّجْمِ فَإِنَّهُ إذَا سَقَطَ عَادَ السَّيِّدُ إلَى الرَّقَبَةِ ( إلَّا إنْ عَجَّزَ ) الْمُكَاتَبُ ( نَفْسَهُ أَوْ عَجَّزَهُ هُوَ ) أَيْ السَّيِّدُ ( أَوْ مُسْتَحِقُّ الْأَرْشِ ) فَلَيْسَ لَهُ الْمُضَارَبَةُ بِدَيْنِهِ بَلْ يُبَاعُ الْمُكَاتَبُ فِي أَرْشِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا لِلسَّيِّدِ ( لِعَوْدِهِ إلَى مِلْكِهِ ) وَلَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ( وَلِلسَّيِّدِ وَلِصَاحِبِ الْأَرْشِ ) إذَا أَمْهَلَاهُ بَلْ وَلِأَحَدِهِمَا ( الرُّجُوعُ عَنْ الْإِمْهَالِ وَتَعْجِيزِهِ ) فَإِذَا عَجَزَ بِيعَ فِي الْأَرْشِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ وَتَسْقُطُ النُّجُومُ وَدَيْنُ الْمُعَامَلَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ كَمَا مَرَّ ( وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ ) قَبْلَ قِسْمَةِ مَا بِيَدِهِ ( انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وَسَقَطَتْ النُّجُومُ ) وَغَيْرُهَا مِمَّا لِلسَّيِّدِ لِعَوْدِهِ إلَى مِلْكِهِ ( لَا الْأَرْشُ وَلَا الْمُعَامَلَاتُ ) أَيْ دُيُونُهَا الثَّابِتَاتُ لِلْأَجْنَبِيِّ لِتَعَلُّقِهِمَا بِمَا خَلَّفَهُ ( وَقُسِمَ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ ) وَقِيلَ يَسْقُطُ الْأَرْشُ وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
قَوْلُهُ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ سَقَطَتْ ) يُشْتَرَطُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ عَجَّزْت صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ .
( فَرْعٌ ) لَوْ كَانَ ( بَيْنَهُمَا عَبْدٌ بِالسَّوِيَّةِ ) مَثَلًا ( فَكَاتَبَاهُ مَعًا ) لَمْ يَكُنْ لَهُ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا فِي الدَّفْعِ وَلَا تَفْضِيلُهُ فِي قَدْرِ الْمَدْفُوعِ ؛ لِأَنَّ أَكْسَابَهُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا فَإِنْ خَالَفَ ( فَسَلَّمَ إلَى أَحَدِهِمَا حِصَّتَهُ ) وَلَوْ ( بِإِذْنِ الْآخَرِ لَمْ يَعْتِقْ ) مِنْهُ شَيْءٌ ( لِأَنَّ حَقَّهُ ) بَاقٍ ( فِي ذِمَّتِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكُهُ فَلَا أَثَرَ لِلْإِذْنِ ) فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَاءَ بِالْمَالِ يُسَلِّمُهُ لَهُمَا فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِأَنْ يَزِنَ لِلْآخَرِ أَوَّلًا فَفَعَلَ وَسَلَّمَهُ لَهُ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَزِنَ لِلْآخَرِ ، وَلَوْ هَلَكَ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ يَزِنَ لِلثَّانِي كَانَ الْمَدْفُوعُ لِلْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا فَكَذَا هُنَا ( وَلِلْآذِنِ ) فِي ذَلِكَ ( طَلَبُ الْآخَرِ بِحِصَّتِهِ مِمَّا قُبِضَ ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا ( وَإِنْ أَدَّى جَمِيعَ النُّجُومِ إلَيْهِ بِالْإِذْنِ ) مِنْ الْآخَرِ ( عَتَقَ عَلَيْهِمَا ) لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ فِي الْقَبْضِ أَوْ بِغَيْرِ الْإِذْنِ فَلَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ الْجَمِيعَ بَلْ أَدَّى الْبَعْضُ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْبَاقِي ( فَلَهُمَا تَعْجِيزُهُ ) .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( كَاتَبَ عَبِيدًا بِشَرْطِ ضَمَانِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ) أَيْ عَنْ بَعْضِهِمْ النُّجُومَ ( فَفَاسِدَةٌ ) الْكِتَابَةُ ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ النُّجُومِ بَاطِلٌ .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي أَنَّ مِثْلَ هَذَا الشَّرْطِ لَوْ وَقَعَ فِيمَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ كَالْبَيْعِ كَانَ صَحِيحًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ ( وَإِنْ تَضَامَنُوا بِلَا شَرْطٍ لَغَا ) الضَّمَانُ ( وَإِنْ كَاتَبَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَضْمَنَ ) عَنْهُ ( فُلَانٌ لَمْ تَصِحَّ ) الْكِتَابَةُ لِمَا مَرَّ .
( وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ ) ، وَلَوْ ( فِي عَقْدَيْنِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِإِذْنِهِ وَإِذْنِ السَّيِّدِ صَحَّ الْأَدَاءُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ ) أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا أَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَقَطْ فَلَا لَكِنَّ الْأَدَاءَ صَحِيحٌ فِي الْأَخِيرَةِ .
هَذَا إذَا أَدَّى عَنْهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِإِذْنِ السَّيِّدِ لِصِحَّةِ تَبَرُّعِ الْمُؤَدِّي حِينَئِذٍ بِلَا إذْنٍ ( وَالْأَدَاءُ ) مِنْ أَحَدِهِمَا ( إلَى السَّيِّدِ عَنْهُ بِعِلْمِهِ ) الْمُرَادُ أَنَّ أَخْذَ السَّيِّدِ مِنْ الْمُؤَدِّي عَنْ الْآخَرِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ ( كَالْإِذْنِ ) مِنْهُ فِي الْأَدَاءِ ( فَإِنْ ) لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَالِ كَأَنْ ( ظَنَّهُ وَكِيلًا ) عَنْهُ فِي الْأَدَاءِ وَأَنَّ الْمُؤَدَّى كَسْبُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ ( لَمْ يَصِحَّ ) الْأَدَاءُ ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ ( وَإِذَا صَحَّ الْأَدَاءُ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ أَدَّى ) عَنْهُ ( بِإِذْنِهِ ) وَإِلَّا فَلَا ( لَا عَلَى السَّيِّدِ ) هَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَقَدَّمَ ) الْمَرْجُوعَ بِهِ ( عَلَى النُّجُومِ ) لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَالنُّجُومُ لَهَا بَدَلٌ عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَهُوَ الرَّقَبَةُ وَلِأَنَّ دَيْنَ الرَّاجِعِ لَازِمٌ لَا يُمْكِنُ إسْقَاطُهُ بِخِلَافِ النُّجُومِ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لِلْمُكَاتَبِ تَقْدِيمُ مَا شَاءَ مِنْ الدُّيُونِ وَأَنَّ التَّرْتِيبَ السَّابِقَ إنَّمَا يَجِبُ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَمْرُ إلَى خِيرَتِهِ بِلَا مُخَاصِمَةٍ وَحَاكِمٍ وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ ( وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الْأَدَاءُ لَمْ يَرْجِعْ ) الْمُؤَدِّي ( عَلَى صَاحِبِهِ لَكِنْ يَسْتَرِدُّ مِنْ السَّيِّدِ ) مَا أَدَّاهُ مَا لَمْ يَعْتِقْ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْأَدَاءِ وَالسَّيِّدُ يُطَالِبُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ بِمَا عَلَيْهِ ( فَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ ) عَلَى الْمُؤَدِّي وَقَدْ تَلِفَ مَا أَدَّاهُ إلَى السَّيِّدِ ( تَقَاصَّا ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ هُنَا ( وَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّ مِنْ السَّيِّدِ حَتَّى ) أَدَّى النُّجُومَ ( عَتَقَ ، ثُمَّ يَسْتَرِدُّ ) مِنْهُ عَلَى النَّصِّ ؛
لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ لِنُقْصَانِهِ فَلَمَّا عَتَقَ صَارَ كَامِلًا فَصَحَّ أَدَاؤُهُ لِصِحَّةِ تَبَرُّعِهِ .
( وَلَوْ كَاتَبَ رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَبْدَهُ فَأَدَّى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ لَمْ يَصِحَّ ) أَدَاؤُهُ ( وَاسْتَرَدَّ ) مِنْ السَّيِّدِ مَا أَدَّاهُ إلَيْهِ ( مَا لَمْ يَعْتِقْ ) وَإِلَّا فَلَا يَسْتَرِدُّ ( أَوْ ) أَدَّى عَنْهُ ( بِإِذْنِهِ صَحَّ ) أَدَاؤُهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُ ذَلِكَ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( اخْتَلَفَ الْمُكَاتَبُونَ دَفْعَةً ) فِيمَا أَدَّوْهُ إلَى السَّيِّدِ ( فَقَالَ بَعْضُهُمْ ) وَهُمْ مَنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمْ ( أَدَّيْنَا عَلَى قَدْرِ الْقِيَمِ ، وَقَالَ الْآخَرُونَ ) وَهُمْ مَنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُمْ أَدَّيْنَا ( عَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ صُدِّقَ الْآخَرُونَ ) وَإِنْ أَدَّى الْكُلُّ جَمِيعَ النُّجُومِ وَادَّعَى الْآخَرُونَ أَنَّهُمْ أَدَّوْا أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِمْ لِيَكُونَ وَدِيعَةً لَهُمْ عِنْدَ السَّيِّدِ أَوْ قَرْضًا عَلَى الْأَوَّلِينَ ( لِاسْتِوَائِهِمْ فِي التَّسْلِيمِ ) وَلِثُبُوتِ يَدِهِمْ فِي الْأَصْلِ عَلَى مَا ادَّعُوهُ ( وَكَذَا حُكْمُ مَنْ اشْتَرَيَا شَيْئًا عَلَى التَّفَاضُلِ وَأَدَّيَا ) الثَّمَنَ ( مَعًا ) وَاخْتَلَفَا فِي أَنَّهُمَا أَدَّيَا مُتَفَاضِلًا أَوْ مُتَسَاوِيًا .
( فَصْلٌ ) فِي الِاخْتِلَافِ ( الْقَوْلُ قَوْلُ سَيِّدٍ ) فِي حَيَاتِهِ ( وَ ) قَوْلُ ( وَارِثٍ ) لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ ( أَنْكَرَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( الْكِتَابَةَ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا ( وَيَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ) بِذَلِكَ وَالسَّيِّدُ عَلَى الْبَتِّ وَهَذِهِ عُلِمَتْ مِمَّا مَرَّ فِي فَرْعِ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُمَا كَاتَبَهُ ( وَكَذَا إنْ قَالَ ) لِعَبْدِهِ ( كَاتَبْتُك وَأَنَا مَحْجُورٌ عَلَيَّ ) أَوْ مَجْنُونٌ وَأَنْكَرَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ ( إنْ عُرِفَ لَهُ حَجْرٌ ) أَوْ جُنُونٌ سَابِقٌ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِذَلِكَ ( وَإِلَّا فَيُصَدَّقُ الْعَبْدُ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ السَّيِّدُ وَلَا قَرِينَةَ وَالْحُكْمُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ بِنْتَه ، ثُمَّ قَالَ كُنْت مَحْجُورًا عَلَيَّ أَوْ مَجْنُونًا يَوْمَ زَوَّجْتهَا لَمْ يُصَدَّقْ ، وَإِنْ عُهِدَ لَهُ ذَلِكَ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ تَعَلَّقَ بِثَالِثٍ بِخِلَافِهِ هُنَا .
قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ قَالَ كَاتَبْتُك وَأَنَا مَحْجُورٌ عَلَيَّ ) أَيْ بِسَفَهٍ طَارِئٍ أَوْ بِفَلْسٍ ، فَلَوْ كَانَ لِصِبًا أَوْ سَفَهٍ مُقَارِنٍ لِلْبُلُوغِ لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ إنْ عُرِفَ لَهُ حَجْرٌ .
( وَإِنْ .
قَالَ كَاتَبْتُك وَأَنْكَرَ ) الْعَبْدُ ( صَارَ قِنًّا ) وَجُعِلَ إنْكَارُهُ تَعْجِيزًا مِنْهُ لِنَفْسِهِ ( وَإِنْ قَالَ كَاتَبْتُك وَأَدَّيْت ) الْمَالَ وَعَتَقْت ( عَتَقَ بِإِقْرَارِهِ فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ الْمَالُ ) الَّذِي أَدَّيْته إلَيْك لَيْسَ لِي بَلْ ( لِزَيْدٍ وَادَّعَاهُ ) زَيْدٌ ( صُدِّقَ ) الْعَبْدُ بِيَمِينِهِ ( وَيُصَدَّقُ ) بِيَمِينِهِ ( سَيِّدٌ أَنْكَرَ الْأَدَاءَ ) وَادَّعَاهُ الْمُكَاتَبُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ( وَيُمْهَلُ الْمُكَاتَبُ فِي ) إحْضَارِ ( الْبَيِّنَةِ ) بِالْأَدَاءِ ( ثَلَاثًا ) مِنْ الْأَيَّامِ ( فَإِنْ أَحْضَرَ بَعْدَ الثَّلَاثِ شَاهِدًا وَسَأَلَ مُهْلَةً فِي ) إحْضَارِ ( الْآخَرِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا ) أُخْرَى .
قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ أَحْضَرَ شَاهِدَيْنِ أُنْظِرَ لِإِثْبَاتِ عَدَالَتِهِمَا ثَلَاثًا ( وَهَلْ الْإِمْهَالُ مُسْتَحَقٌّ أَوْ مُسْتَحَبٌّ ) ؟ فِيهِ ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا الِاسْتِحْقَاقُ وَذُكِرَ هَذَا فِي الْإِمْهَالِ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِهِ .
( ( قَوْلُهُ أَوْجُهُهُمَا الِاسْتِحْقَاقُ ) هُوَ الْأَصَحُّ .
( وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ ) بِالْكِتَابَةِ ( ذِكْرُ التَّنْجِيمِ وَقَدْرِ كُلِّ نَجْمٍ وَوَقْتِهِ وَيَثْبُتُ الْأَدَاءُ ) ، وَلَوْ لِلنَّجْمِ الْأَخِيرِ ( بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ) أَوْ وَامْرَأَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الشَّهَادَةُ بِهِ الْمَالُ ، وَإِنْ تَضَمَّنَ الْعِتْقُ وَشِبْهَ ذَلِكَ بِمَا إذَا ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ أَبَاهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدًا مَعَ يَمِينٍ يَثْبُتُ الْبَيْعُ وَيَتْبَعُهُ الْعِتْقُ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ النُّجُومِ أَوْ ) فِي ( وَصْفٍ مِنْ صِفَاتِهَا ) كَعَدَدِهَا أَوْ جِنْسِهَا أَوْ قَدْرِ أَجَلِهَا ( وَلَا بَيِّنَةَ ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ( تَحَالَفَا ) كَمَا فِي الْبَيْعِ ( فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْعِتْقُ بِاتِّفَاقِهِمَا ) بِأَنْ لَمْ يَقْبِضْ جَمِيعَ مَا يَدَّعِيه أَوْ قَبَضَ غَيْرَ الْجِنْسِ الَّذِي يَدَّعِيه ( فُسِخَتْ ) أَيْ الْكِتَابَةُ ( كَمَا فِي الْبَيْعِ ) فَيَفْسَخَانِهَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنْ يَفْسَخَهَا الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْفَسْخَ هُنَا غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ بَلْ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَأَشْبَهَ الْعُنَّةَ بِخِلَافِهِ ، ثُمَّ ( وَإِنْ حَصَلَ الْعِتْقُ بِاتِّفَاقِهِمَا كَأَنْ سَلَّمَ ) الْمُكَاتَبُ ( إلَيْهِ مَا يَدَّعِيه وَهُوَ أَلْفٌ ) مَثَلًا ( وَقَالَ الْكِتَابَةُ ) وَقَعَتْ ( عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَالْبَاقِي وَدِيعَةٌ ) عِنْدَهُ ( وَقَالَ السَّيِّدُ بَلْ ) الْكِتَابَةُ عَلَى ( أَلْفٍ تَحَالَفَا ) وَاسْتَمَرَّ نُفُوذُ الْعِتْقِ ( وَرَجَعَ الْمُكَاتَبُ ) عَلَى السَّيِّدِ ( بِمَا أَدَّى ) لَهُ ( وَ ) رَجَعَ عَلَيْهِ ( السَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ ) إذْ لَا يُمْكِنُ رَدُّ الْعِتْقِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا صَدَرَ الِاخْتِلَافُ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ( وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ ) بَيْنَهُمَا .
( قَوْلُهُ فَيَفْسَخَانِهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ الْحَاكِمُ ) إنَّمَا يَفْسَخُ الْحَاكِمُ إذَا أَصَرَّا عَلَى النِّزَاعِ وَلَمْ يَفْسَخَا أَوْ الْتَمِسَا الْفَسْخَ ، فَلَوْ أَعْرَضَا عَنْ الْخُصُومَةِ فَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ يُعْرِضُ عَنْهَا إلَى أَنْ يَطْلُبَا أَوْ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ أَوْ يَتَّفِقَا عَلَى أَمْرٍ ( قَوْلُهُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ .
( وَإِنْ قَالَ السَّيِّدُ الْكِتَابَةُ ) وَقَعَتْ ( عَلَى نَجْمٍ ، وَقَالَ الْعَبْدُ ) بَلْ ( عَلَى نَجْمَيْنِ ) قَالَ الْبَغَوِيّ ( صُدِّقَ السَّيِّدُ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي فَسَادَ الْعَقْدِ ( وَقَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي مُفْسِدٍ ) لِلْعَقْدِ أَيْ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُكَاتَبِ .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا قَالَ الْبَغَوِيّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَرَى أَنَّ الْقَوْلَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ قَوْلُ مُدَّعِي فَسَادِهَا وَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ بِكَلَامِهِ الْمَذْكُورِ
قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُكَاتَبِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَلَوْ أَقَامَ ) الْعَبْدُ ( بَيِّنَةً عَلَى الْكِتَابَةِ بِمِائَةٍ وَ ) أَقَامَ ( السَّيِّدُ ) بَيِّنَةً عَلَى الْكِتَابَةِ ( بِمِائَتَيْنِ وَاتَّفَقَ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ وَاحِدَةٌ ) سَوَاءٌ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أُمّ اخْتَلَفَ ( تَسَاقَطَتَا ) فَيَتَحَالَفَانِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ تُكَذِّبُ الْأُخْرَى ( وَإِنْ ذَكَرَتَا تَارِيخَيْنِ ) وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ وَاحِدَةٌ ( قُدِّمَتْ الْمُتَأَخِّرَةُ ) تَارِيخًا ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَاتَبَ فِي التَّارِيخِ السَّابِقِ ، ثُمَّ ارْتَفَعَتْ تِلْكَ الْكِتَابَةُ وَأَحْدَثَ أُخْرَى أَيْ مَعَ كَوْنِ الْكِتَابِيَّةِ مُعَرَّضَةً لِلْفَسْخِ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ إلَّا أَنْ تَقُولَ الْبَيِّنَةُ الْأُولَى أَنَّهُ أَدَّى وَعَتَقَ فَتَعَارَضَ الْبَيِّنَتَانِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُكَاتَبًا بَعْدَ الْعِتْقِ .
( وَإِنْ ادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّ مُكَاتَبَهُ أَدَّى النُّجُومَ ، ثُمَّ مَاتَ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَمَاتَ ( حُرًّا وَجَرَّ ) عِتْقُهُ ( وَلَاءَ أَوْلَادِهِ ) الْحَاصِلِينَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْعَتِيقَةِ ( إلَيْهِ ) أَيْ إلَى السَّيِّدِ ( فَأَنْكَرَ ) ذَلِكَ ( مَوَالِي أُمِّهِمْ صُدِّقُوا ) بِأَيْمَانِهِمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَلَاءِ لَهُمْ ( وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ، وَلَوْ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ ) أَوْ يَمِينًا ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّهَادَةِ بِهِ الْمَالُ ، وَإِنْ تَضَمَّنَ الْعِتْقَ وَيَدْفَعُ الْمُكَاتَبُ إلَى وَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ لِإِقْرَارِ السَّيِّدِ أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا ، وَلَوْ أَقَرَّ فِي حَيَاةِ الْمُكَاتَبِ بِأَنَّهُ أَدَّى النُّجُومَ عَتَقَ وَجَرَّ إلَيْهِ وَلَاءَ أَوْلَادِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ .
( وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ ) وَلَوْ فِي صَفْقَةٍ ( وَأَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى نُجُومَ أَحَدِهِمَا ) أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهَا ( أَمَرَ بِالْبَيَانِ ) فَإِنْ قَالَ نَسِيئَةً أُمِرَ بِالتَّذْكِيرِ وَلَا يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا مَا دَامَ حَيًّا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَذَكَّرُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ بَيَّنَ فِي وَاحِدٍ ) مِنْهُمَا وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الْآخَرُ ( عَتَقَ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْآخَرُ ) وَقَالَ اسْتَوْفَيْت مِنِّي أَوْ أَبْرَأْتنِي ( حَلَفَ السَّيِّدُ وَبَقِيَ الْآخَرُ مُكَاتَبًا ) إلَى الْأَدَاءِ أَوْ نَحْوِهِ ( وَإِنْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( حَلَفَ الْمُكَذِّبُ وَعَتَقَ أَيْضًا ) كَمَا عَتَقَ الْأَوَّلُ ( وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ فَلَهُمَا تَحْلِيفُهُ فَإِنْ حَلَفَ ) لَهُمَا ( بَقِيَا عَلَى الْكِتَابَةِ ) وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُعَيَّنًا إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ نَحْوِهِ وَقِيلَ تَتَحَوَّلُ الدَّعْوَى إلَيْهِمَا فَإِنْ حَلَفَا عَلَى الْأَدَاءِ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ نَكَلَا بَقِيَا عَلَى الْكِتَابَةِ أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَبَقِيَ الْآخَرُ مُكَاتَبًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ ( وَإِنْ اعْتَرَفَ ) السَّيِّدُ ( بِأَدَاءِ بَعْضِ نُجُومِ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُبَيِّنْ وُقِفَ الْأَمْرُ وَلَا يُسْمَعُ قَوْلُ أَحَدِهِمَا نَوَيْتنِي بِالْإِقْرَارِ ) الَّذِي أَبْهَمْته وَلَمْ يَقُلْ اسْتَوْفَيْت مِنِّي أَوْ أَبْرَأْتنِي ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ حَقًّا ثَابِتًا بَلْ أَخْبَارًا قَدْ يَصْدُقُ فِيهِ وَقَدْ يَكْذِبُ ( وَإِنْ مَاتَ ) قَبْلَ الْبَيَانِ ( قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْبَيَانِ ) وَلَا قُرْعَةَ فَإِنْ بَيَّنَ أَحَدُهُمَا فَكَمَا مَرَّ فِي بَيَانِ الْمُوَرِّثِ ( فَإِنْ قَالَ لَا أَعْرِفُهُ فَلَهُمَا ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ( تَحْلِيفُهُ وَيَمِينُهُ ) حَيْثُ طُلِبَتْ مِنْهُ تَكُونُ ( عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ، ثُمَّ ) إذَا حَلَفَ لَهُمَا ( يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا ) لِلْعِتْقِ لَا لِلْمَالِ إذْ لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْقُرْعَةِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ وَعَلَى الْآخَرِ أَدَاءُ نُجُومِهِ ( وَإِنْ قَالَ الْوَارِثُ لِمُدَّعِي الْأَدَاءِ لَسْت الْمُؤَدِّي عَتَقَ
الْآخَرُ ) بِإِقْرَارِهِ الْحَاصِلِ بِإِنْكَارِهِ ( لَا إنْ قَالَ ) لَهُ ( لَا أَعْلَمُ ) أَنَّك الْمُؤَدِّي أَوْ نَحْوُهُ .
( قَوْلُهُ وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُعَيَّنًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ تَتَحَوَّلُ الدَّعْوَى ) بِأَنْ يَدَّعِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ الْمُؤَدِّي مِنْهُ .
( وَإِنْ .
قَالَ الْمُكَاتَبُ لِلسَّيِّدِ أَلَمْ أُوَفِّك فَقَالَ بَلَى ) أَوْ .
قَالَ السَّيِّدُ ابْتِدَاءً اسْتَوْفَيْت ( ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ ) الْمُكَاتَبُ وَفَيْتُك ( الْكُلَّ فَقَالَ السَّيِّدُ بَلْ ) وَفَيْتنِي ( الْبَعْضَ صُدِّقَ السَّيِّدُ ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُمَا جَمِيعًا وَالْأَصْلُ عَدَمُ اسْتِيفَاءِ الْجَمِيعِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَا وَضَعَهُ السَّيِّدُ عَنْهُ ) مِنْ النُّجُومِ فَقَالَ الْمُكَاتَبُ وَضَعْتهَا عَنِّي ، وَقَالَ السَّيِّدُ بَلْ بَعْضَهَا ( أَوْ ) اخْتَلَفَا ( مِنْ أَيِّ نَجْمٍ وَضَعَهُ ) فَقَالَ السَّيِّدُ وَضَعْت مِنْ النَّجْمِ الْأَوَّلِ ، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ بَلْ مِنْ الْأَخِير ( صُدِّقَ السَّيِّدُ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَضْعِ وَلَا أَحَدَ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ .
( وَإِنْ وَضَعَ عَنْهُ دِينَارَيْنِ وَالْكِتَابَةُ بِدَرَاهِمَ لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت مَا يُقَابِلُهَا ) الْأَوْلَى مَا يُقَابِلُهُمَا ( مِنْ الدَّرَاهِمِ صَحَّ إنْ جَهِلَاهُ ) كَمَا لَوْ أَوْصَى بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ وَأَجَازَ الْوَارِثُ وَهُوَ جَاهِلٌ بِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا ظَنَّهُ .
( وَإِنْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ أَنَّهُ ) أَيْ سَيِّدَهُ ( أَرَادَ الْقِيمَةَ ) أَيْ الْمَعْنَى السَّابِقَ وَهُوَ مَا يُقَابِلُ الدِّينَارَيْنِ مِنْ الدِّرْهَمِ ( وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ صُدِّقَ السَّيِّدُ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ .
( الْحُكْمُ الثَّالِثُ فِي تَصَرُّفَاتِ السَّيِّدِ فِي الْمُكَاتَبِ ) وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ( وَفِي تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ الْكَسْبِ وَالْأَرْشِ فَيَمْنَعُ الْبَيْعَ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إمَّا أَنْ يَرْفَعَ الْكِتَابَةَ وَهُوَ بَاطِلٌ لِلُزُومِهَا مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ أَوْ لَا فَيَبْقَى الْمُكَاتَبُ مُسْتَحِقَّ الْعِتْقِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ ، نَعَمْ إنْ رَضِيَ الْمُكَاتَبُ بِالْبَيْعِ صَحَّ وَكَانَ رِضَاهُ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقَدْ رَضِيَ بِإِبْطَالِهِ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَمِنْهُ بَيْعُ بَرِيرَةَ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي صِحَّةُ بَيْعِهِ أَيْضًا مِنْ نَفْسِهِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ لَازِمَةٌ فَجَازَ الْبَيْعُ تَعْجِيلًا لِلْعِتْقِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَقَدْ يَعْكِسُ هَذَا انْتَهَى ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَتَرْتَفِعُ الْكِتَابَةُ وَيَعْتِقُ لَا عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ فَلَا تَسْتَتْبِعُ كَسْبًا وَلَا وَلَدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ النُّجُومِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَأْخُذْ عِوَضًا عَنْ الْعِتْقِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ ( وَلَا هِبَتُهُ ) لِمَا مَرَّ ( فَإِنْ بَاعَهُ ) وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ النُّجُومَ ( لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْ النُّجُومِ ) إلَيْهِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَالْأَصْلُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَذَا ، وَإِنَّمَا قَالَ فَلَوْ أَدَّى النُّجُومَ إلَى مُشْتَرِيه فَهَلْ يَعْتِقُ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ دَفَعَ النُّجُومَ إلَى مُشْتَرِيهَا ( وَ ) لَزِمَهُ ( أُجْرَةُ ) مِثْلِ مُدَّةِ ( اسْتِخْدَامه ) لِلْمُكَاتَبِ كَغَيْرِ الْمُشْتَرِي .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِاسْتِخْدَامِهِ ( وَتُحْسَبُ مُدَّةُ إقَامَتِهِ مَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْأَجَلِ ) كَمَا لَوْ
اسْتَخْدَمَهُ السَّيِّدُ ، وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ أَعْتِقْ مُكَاتَبَك بِكَذَا أَوْ أَعْتِقْهُ عَنِّي بِكَذَا أَوْ مَجَّانًا فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَعْتِقْ مُسْتَوْلَدَتَك وَقَدْ مَرَّ فِي الْكَفَّارَاتِ .
ذَكَرَهُ الْأَصْلُ .
( الْحُكْمُ الثَّالِثُ فِي تَصَرُّفَاتِ السَّيِّدِ فِي الْمُكَاتَبِ ) .
قَوْلُهُ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ ) شَمِلَ الْبَيْعَ الضِّمْنِيَّ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ إلَخْ ) وَلِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ وَارِدٌ عَلَى الرَّقَبَةِ وَالنُّجُومِ ، فَلَوْ صَحَّ بَيْعُهَا لَاجْتَمَعَ عَلَيْهَا عَقْدَانِ يَقْتَضِيَانِ نَقْلَ الْمِلْكِ فِيهَا بِعِوَضٍ وَذَلِكَ لَا يُعْقَلُ ( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ رَضِيَ الْمُكَاتَبُ بِالْبَيْعِ صَحَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَانَ رِضَاهُ ) أَيْ مَعَ بَيْعِهِ وَقَوْلُهُ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ مَرْدُودٌ بِمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فَسْخًا وَأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَبْطُلُ إلَّا بِالْبَيْعِ حَتَّى لَوْ رَضِيَ الْمُكَاتَبُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَهُ اسْتَمَرَّتْ الْكِتَابَةُ كَمَا حَكَى عَنْ النَّصِّ وَلَيْسَ فِي النَّصِّ الَّذِي نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ ( قَوْلُهُ وَمِنْهُ بَيْعُ بَرِيرَةَ ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ إذَا بِيعَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ صَحَّ وَارْتَفَعَتْ الْكِتَابَةُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي إعْتَاقَهُ وَالْوَلَاءُ لَهُ تَخْرِيجًا ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ أَطْلَقَ جَوَازَ بَيْعِ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ بَرِيرَةَ ، وَالْحَالُ أَنَّهَا كَانَتْ مُكَاتَبَةً .
ا هـ .
وَقَدْ أَجَابَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ بِأَنَّ بَرِيرَةَ الْمُسَاوِمَةُ بِبَيْعِهَا عَائِشَةُ وَالْمُخْبِرَةُ عَنْ الْعَجْزِ بِطَلَبِهَا أُوقِيَّةً وَرَاضِيَةٌ بِالْبَيْعِ وَحَاصِلُهُ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ : أَحَدُهَا أَنَّ الْكِتَابَةَ جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ وَبَرِيرَةُ سَاوَمَتْ عَائِشَةَ لِمَوَالِيهَا مِنْ ابْتِيَاعِ نَفْسِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا .
الثَّانِي أَنَّهَا عَجَزَتْ فَانْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ .
الثَّالِثُ أَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْبَيْعِ وَامْتِنَاعُ الْبَيْعِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمُكَاتَبُ بِالْبَيْعِ وَإِلَّا جَازَ وَكَانَ فَسْخًا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكَبِيرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ
وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقَدْ رَضِيَ بِإِبْطَالِهِ ر ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ جَزَمَ بِهَا الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ الْحُكْمِ الثَّانِي ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِاسْتِخْدَامِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ التَّصَرُّفُ فِي شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ ) بِبَيْعٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا سَيَأْتِي ( وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ النُّجُومِ الَّذِي عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ وَلِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ فِيهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مَعَ لُزُومِهِ لِتَطَرُّقِ السُّقُوطِ إلَيْهِ فَالنُّجُومُ بِذَلِكَ أَوْلَى وَصَحَّحَ الْأَصْلَ هُنَا عَدَمُ صِحَّةِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْهَا كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِمَا قَدَّمَهُ كَأَصْلِهِ فِي الشُّفْعَةِ مِنْ أَنَّهُ صَحِيحٌ ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَذَكَرَ فِي الْبُوَيْطِيِّ مَا يَدُلُّ لَهُ ( وَلَا يَعْتِقُ ) الْمُكَاتَبُ ( بِتَسْلِيمِهَا ) أَيْ النُّجُومِ ( إلَى الْمُشْتَرِي ، وَلَوْ بِالْإِذْنِ ) مِنْ السَّيِّدِ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ حَتَّى لَوْ تَلْفِت بِيَدِهِ ضَمِنَهَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَلِأَنَّهُ ، وَإِنْ أَذِنَ فَإِنَّمَا يَأْذَنُ بِحُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ بِالْوَكَالَةِ ( فَيُطَالِبُهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبَ ( السَّيِّدُ بِهَا وَهُوَ ) أَيْ الْمُكَاتَبُ ( يَسْتَرِدُّ ) هَا ( مِنْ الْمُشْتَرِي ) لِأَنَّهَا مِلْكُهُ ( وَالسَّيِّدُ مَعَهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْأَجْنَبِيِّ ) فَيُبَايِعُهُ وَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْكِتَابَةِ الْعِتْقُ بِالْأَدَاءِ فَلْيَتَمَكَّنْ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمُعِينِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَ هُوَ الْمَالِكُ لِمَا بِيَدِهِ دُونَ السَّيِّدِ إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ لِئَلَّا يَعْجَزَ فَيَفُوتُ الْعِتْقُ .
( فَلَوْ ثَبَتَ لَهُ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ ) بِمُعَامَلَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَلِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ النُّجُومُ أَوْ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ ( تَقَاصَّا كَمَا ) يَأْتِي بَيَانُهُ ( فِي الْفَرْعِ بَعْدَهُ فَرْعٌ فِي التَّقَاصِّ ) لَا تَقَاصَّ فِي الْأَعْيَانِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ ، وَإِنَّمَا يَأْتِي فِي الدُّيُونِ فَإِذَا ثَبَتَ لِكُلِّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ ( فَإِنْ
كَانَ الدَّيْنَانِ نَقْدَيْنِ وَاتَّفَقَا جِنْسًا وَحُلُولًا وَصِفَةً سَقَطَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ كُرْهًا ) أَيْ قَهْرًا مِنْ غَيْرِ رِضًا ، إذْ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِمِثْلِ مَا عَلَيْهِ عِنَادٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى وَارِثِهِ دَيْنٌ وَمَاتَ سَقَطَ وَلَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهِ ( فَإِنْ اخْتَلَفَا ) فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ ( وَلَوْ فِي الْحُلُولِ وَالصِّحَّةِ وَالتَّكَسُّرِ ) وَقَدْرِ الْأَجَلِ ( أَوْ لَمْ يَكُونَا نَقْدَيْنِ ) وَإِنْ كَانَا جِنْسًا ( فَلَا تَقَاصَّ ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى النَّقْدَيْنِ لَيْسَ عَقْدَ مُغَابَنَةٍ وَمُرَابَحَةٍ لِقِلَّةِ الِاخْتِلَافِ فِيهِمَا فَقَرُبَ فِيهِمَا التَّقَاصُّ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا ، وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ عِتْقٌ فَفِي الْأُمِّ لَوْ حَرَقَ السَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ مِائَةَ صَاعٍ حِنْطَةً مِثْلَ حِنْطَتِهِ وَالْحِنْطَةُ الَّتِي عَلَى الْمُكَاتَبِ حَالَةَ كَانَتْ قِصَاصًا ، وَإِنْ كَرِهَ سَيِّدُهُ ، ثُمَّ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْحِنْطَةِ جِنَايَةٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ لَمْ تَخْتَلِفْ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ مِنْ جَرَيَانِ التَّقَاصِّ فِي الدِّيَاتِ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةٍ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَاجِبُ النَّقْدَ بِأَنَّ أَعْوَزَتْ الْإِبِلُ وَرَجَعَ الْوَاجِبُ إلَى النَّقْدِ جَمْعًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ ثَمَّ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِجَعْلِ الْحَالِ قِصَاصًا عَنْ الْمُؤَجَّلِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا كَمَا فِي الْحَوَالَةِ كَذَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ ، وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ عِتْقٌ فَفِي الْأُمِّ لَوْ جَنَى السَّيِّدُ عَلَى مُكَاتَبِهِ فَأَوْجَبَ مِثْلَ النُّجُومِ وَكَانَتْ مُؤَجَّلَةً لَمْ يَكُنْ قِصَاصًا إلَّا أَنْ يَشَاءَهُ الْمُكَاتَبُ دُونَ سَيِّدِهِ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ بِرِضَا الْمُكَاتَبِ وَحْدَهُ فَبِرِضَاهُ مَعَ السَّيِّدِ أَوْلَى ، وَلَوْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ بِأَجَلٍ وَاحِدٍ فَوَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ التَّقَاصُّ وَعِنْدَ
الْبَغَوِيّ الْمَنْعُ وَنَقَلَهُمَا الْأَصْلُ ، وَفِي تَنْصِيصِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْحُلُولِ دُونَ التَّأْجِيلِ إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِ الثَّانِي وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي لِانْتِفَاءِ الْمُطَالَبَةِ وَلِأَنَّ أَجَلَ أَحَدِهِمَا قَدْ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّرَاضِي وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ ، وَقَالَ فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ مَا يَدُلُّ لَهُ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَشَرْطُ التَّقَاصِّ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُسْتَقِرَّيْنِ فَإِنْ كَانَا سَلَمَيْنِ فَلَا تَقَاصَّ ، وَإِنْ تَرَاضَيَا لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُمَا .
قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ( فَإِنْ مَنَعْنَا ) التَّقَاصَّ فِي الدَّيْنَيْنِ ( وَهُمَا نَقْدَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ ) كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ ( فَالطَّرِيقُ ) فِي وُصُولِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ( أَنْ يَأْخُذَ ) أَحَدُهُمَا ( مَا عَلَى الْآخَرِ ، ثُمَّ يَجْعَلَ الْمَأْخُوذَ ) إنْ شَاءَ ( عِوَضًا عَمَّا عَلَيْهِ وَيَرُدَّهُ إلَيْهِ ) لِأَنَّ دَفْعَ الْعِوَضِ عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي الذِّمَّةِ جَائِزٌ ( وَلَا حَاجَةَ ) حِينَئِذٍ ( إلَى قَبْضِ ) الْعِوَضِ ( الْآخَرِ أَوْ ) هُمَا ( عَرْضَانِ ) مِنْ جِنْسَيْنِ ( فَلْيَقْبِضْ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( مَا عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ قَبَضَ وَاحِدٌ ) مِنْهُمَا ( لَمْ يَجُزْ رَدُّهُ عِوَضًا عَنْ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ عَرْضٍ قَبْلَ الْقَبْضِ ) وَهُوَ مُمْتَنِعٌ ( إلَّا إنْ اُسْتُحِقَّ ) ذَلِكَ الْعَرْضُ ( بِقَرْضٍ أَوْ إتْلَافٍ لَا عَقْدٍ ) إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَرْضُ فِيهِ ثَمَنًا فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ كَأَصْلِهِ لَا عَقَدَ لِدُخُولِهِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ( وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا ) وَالْآخَرُ عَرْضًا ( وَقَبَضَ الْعَرْضَ مُسْتَحِقُّهُ جَازَ ) لَهُ ( رَدُّهُ ) عِوَضًا ( عَنْ النَّقْدِ ) الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ سَلَّمَ ( لَا عَكْسُهُ ) أَيْ لَا إنْ قَبَضَ النَّقْدَ مُسْتَحِقُّهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ عِوَضًا عَنْ الْعَرْضِ
الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ ( إلَّا ) إنْ اُسْتُحِقَّ الْعَرْضُ ( فِي الْقَرْضِ وَنَحْوِهِ ) مِنْ الْإِتْلَافِ أَوْ كَانَ ثَمَنًا ( وَإِنْ امْتَنَعَ التَّقَاصُّ وَامْتَنَعَ كُلٌّ ) مِنْ الْمُتَدَايِنَيْنِ ( مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالتَّسْلِيمِ ) لِمَا عَلَيْهِ ( حَبَسَا ) حَتَّى يُسْلِمَا كَذَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ السَّيِّدَ وَالْمُكَاتَبَ يَحْبِسَانِ إذَا امْتَنَعَا مِنْ التَّسْلِيمِ وَهُوَ مُنَابِذٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْكِتَابَةَ جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ وَلَهُ تَرْكُ الْأَدَاءِ ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ الَّتِي تَسْتَمِدُّ مِنْ الشَّامِلِ كَالْبَحْرِ وَحُلْيَةِ الشَّاشِيِّ وَبَيَانِ الْعِمْرَانِيِّ ، وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ فَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا أَدْفَعُ مَا عَلَيَّ حَتَّى أَقْبِضَ مَالِي كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَبْسُ مَا لِصَاحِبِهِ عَلَى حَقِّهِ وَلَا يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا فِي تَقْدِيمِ الْقَبْضِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَمَا وَقَعَ فِي الشَّامِلِ مِنْ إيهَامِ الْحَبْسِ سَبْقُ قَلَمٍ أَوْ تَحْرِيفٌ مِنْ نَاقِلٍ وَأَمَّا حَبْسُ السَّيِّدِ أَوْ الْمُكَاتَبِ فَلَا وَجْهَ لَهُ انْتَهَى .
وَظَاهِرٌ أَنَّ حَبْسَهُمَا بِمَا ذُكِرَ إنَّمَا يُنَابِذُ مَا قَالَهُ لَوْ لَمْ يَمْتَنِعَا مِنْ تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ أَمَّا لَوْ امْتَنَعَا مِنْهُ مَعَ امْتِنَاعِهِمَا مِمَّا مَرَّ فَلَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ .
( قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الْأَصْلُ هُنَا عَدَمَ صِحَّةِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ ) أَيْ لِشُمُولِ الْبَيْعِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ) عِبَارَتُهَا وَلَوْ حَلَّ نُجُومُهُ كُلُّهَا وَهِيَ دَنَانِيرُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا مِنْهُ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا يَتَرَاضَيَانِ وَيَقْبِضُهُ السَّيِّدُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ وَكَانَ حُرًّا إذَا قَبَضَهُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْإِذْنِ مِنْ السَّيِّدِ فِيهِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لِلْمُشْتَرِي فِي قَبْضِهَا مَعَ عِلْمِهِمَا بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَإِلَّا عَتَقَ بِقَبْضِهِ قَطْعًا ا هـ وَهُوَ وَاضِحٌ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّعْلِيلِ ( قَوْلُهُ سَقَطَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ كُرْهًا ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُعْسِرًا وَدَيْنُهُ مُتَعَيِّنٌ صَرْفُهُ لِنَفَقَتِهِ قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ مَا هُنَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ تَقَيُّدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ عِتْقٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ بِرِضَا الْمُكَاتَبِ وَحْدَهُ ) كَأَنْ يَقُولَ جَعَلْت مَا وَجَبَ لِي قِصَاصًا ( قَوْلُهُ وَعِنْدَ الْبَغَوِيّ الْمَنْعُ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي ) وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْمُطَالَبَةِ ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَنْ بَاعَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِالْفَلْسِ شَيْئًا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ أَجَرَهُ بِأَجْرٍ فِي ذِمَّتِهِ عَالِمًا بِحَجْرِهِ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى مُعَامَلَةٍ مُوَافِقٌ لَهُ فِي الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَالْحُلُولِ أَنَّهُ لَا تَقَاصَّ لِعَدَمِ مُشَارَكَتِهِ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ وَعَدَمِ مُطَالَبَتِهِ لِلْمَدْيُونِ بِهِ ( قَوْلُهُ وَشَرْطُ التَّقَاصِّ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُسْتَقِرَّيْنِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مِمَّا يُبْنَى عَلَى الِاحْتِيَاطِ ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَفَرُ الْمُسْتَحِقِّ بِحَقِّهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ أَخْذِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ جَائِزٌ إلَّا فِي حَقِّ الْمَجَانِينِ وَالْأَيْتَامِ وَالْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَاضِي إلَخْ ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ دَيْنِ السَّلَمِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ دَيْنِ السَّلَمِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ السَّيِّدَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَأَمَّا حَبْسُ السَّيِّدِ أَوْ الْمُكَاتَبِ فَلَا وَجْهَ لَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي بَابِ جَامِعِ آدَابِ الْقَضَاءِ قُبَيْلَ الطَّرَفِ الثَّانِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُحْبَسُ لِلنُّجُومِ وَلَا لِغَيْرِهَا فِي حَقِّ السَّيِّدِ ( قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّ حَبْسَهُمَا مِمَّا ذُكِرَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ ) مِنْ السَّيِّدِ ( بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ ) وَإِنْ عَجَّزَهُ بَعْدُ ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَوْصَى بِعَبْدِ الْغَيْرِ ( فَإِنْ عَلَّقَهَا بِتَعْجِيزِهِ وَعَوْدِهِ رَقِيقًا صَحَّتْ ) كَمَا لَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ نَخْلَتِهِ وَحَمْلِ جَارِيَتِهِ وَكَمَا لَوْ قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدَ فُلَانٍ فَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْوَصَايَا وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَعَوْدِهِ رَقِيقًا ( فَإِنْ عَجَزَ ) الْمُكَاتَبُ عَنْ النُّجُومِ فِي هَذِهِ ( وَأَنْظَرَهُ الْوَارِثُ فَلِلْمُوصَى لَهُ تَعْجِيزُهُ ) لِيَأْخُذَهُ ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ رَقَبَتَهُ فَلَهُ التَّوَصُّلُ إلَى حَقِّهِ بِتَعْجِيزِهِ وَالْوَارِثُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا ، وَإِنَّمَا يُعَجِّزُهُ الْمُوصَى لَهُ ( بِالْقَاضِي ) أَيْ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالنُّجُومِ ) الَّتِي عَلَى الْمُكَاتَبِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَقِرَّةً كَمَا تَصِحُّ بِالْحَمْلِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا فِي الْحَالِ ( فَيَأْخُذُهَا الْمُوصَى لَهُ إنْ أُدِّيَتْ وَالْوَلَاءُ عَلَى ) الْمُكَاتَبِ ( لِلسَّيِّدِ فَإِنْ عَجَزَ ) الْمُكَاتَبُ عَنْهَا ( عَجَّزَهُ الْوَارِثُ وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ ، وَإِنْ أَنْظَرَهُ الْمُوصَى لَهُ فَإِنْ أَبْرَأَهُ ) الْمُوصَى لَهُ عَنْ النُّجُومِ ( عَتَقَ ) كَمَا لَوْ أَبْرَأَهُ السَّيِّدُ عَنْهَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمْلِكُ الِاسْتِيفَاءَ فَيَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ مِلْكُهُ اسْتِيفَاءُ النُّجُومِ لَا تَفْوِيتُ الرَّقَبَةِ عَلَى الْوَارِثِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ جَزْمِ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَتَصْحِيحِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ ( وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالنُّجُومِ لِوَاحِدٍ وَبِالرَّقَبَةِ إنْ رَقَّ لِآخَرَ ) فَإِنْ أَدَّى الْمَالَ بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ ، وَإِنْ رَقَّ بَطَلَتْ الْأُولَى صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَبَعْدَ صِحَّةِ الْوَصِيَّتَيْنِ إنْ طَلَبَ الثَّانِي تَعْجِيزَهُ وَالْأَوَّلُ إنْظَارَهُ
وَقُدِّمَ الثَّانِي أَوْ بِالْعَكْسِ .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بَطَلَتْ الْوَصِيَّتَانِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَاعٍ إلَى إبْطَالِ وَصِيَّتِهِ فَصَارَ ذَلِكَ مُبْطِلًا لَهَا وَيَعُودُ الْمُكَاتَبُ إلَى الْوَرَثَةِ وَهُمْ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إنْظَارِهِ وَتَعْجِيزِهِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ .
( وَتَصِحُّ ) الْوَصِيَّةُ ( بِمَا يُعَجِّلُ ) الْمُكَاتَبُ ( مِنْ النُّجُومِ فَإِنْ ) لَمْ يُعَجِّلْ شَيْئًا بَلْ ( أُدِّيَتْ ) كُلُّهَا بِمَحِلِّهَا ( بَطَلَتْ ) أَيْ الْوَصِيَّةُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّعْجِيلِ لِتَنْفُذَ الْوَصِيَّةُ ( وَلَوْ أَوْصَى بِالرَّقَبَةِ وَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ صَحَّتْ ) أَيْ الْوَصِيَّةُ ؛ لِأَنَّهُ قِنٌّ ( وَتَضَمَّنَتْ الْفَسْخَ ) لِلْكِتَابَةِ ( وَكَذَا تَصِحُّ ، وَلَوْ كَانَ جَاهِلًا ) بِفَسَادِ الْكِتَابَةِ اعْتِبَارًا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ ، وَلَوْ .
قَالَ صَحَّتْ تَضَمَّنَتْ الْفَسْخَ ، وَلَوْ جَاهِلًا كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالنُّجُومِ هُنَا فَبَاطِلَةٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُهَا فِي الذِّمَّةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت بِمَا أَقْبِضُهُ مِنْ نُجُومِ الْفَاسِدَةِ فَتَصِحُّ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ إذَا أَضَافَهُ إلَى مِلْكِهِ بَلْ أَوْلَى فَإِنْ قُلْت هُنَا لَا يَمْلِكُ مَا يَقْبِضُهُ بِدَلِيلِ تَرَاجُعِهِمَا كَمَا مَرَّ قُلْت قَدْ يُقَالُ بَلْ هُوَ مِلْكُهُ ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ أَيْ بِقَبْضِهِ غَايَتُهُ أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ الْمُرَتَّبِ عَلَى قَبْضِهِ حَيْثُ لَا وَصِيَّةَ بِهِ ، أَمَّا مَعَ الْوَصِيَّةِ بِهِ فَلَا لِتَقَدُّمِ تَعَلُّقِ الْوَصِيَّةِ بِهِ عَلَى خُرُوجِهِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْعِتْقِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْقَبْضِ ، وَهَذَا كَمَا تَرَى مَعَ مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً فَاسِدَةً لَا يَمْلِكُ كَسْبُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ مَحَلُّ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ كَأَنْ أَقْبَضَ بَعْضَ النُّجُومِ وَعَجَزَ عَنْ الْبَاقِي أَوْ عَتَقَ لَكِنْ قَالَ سَيِّدُهُ أَوْ نَوَى مَعَ أَوْصَيْت بِمَا أَقْبِضُهُ مِنْ النُّجُومِ وَأَمْلِكُهُ بِقَرِينَةِ مَا نَظَّرُوا بِهِ ( وَحُكْمُ الْوَصِيَّةِ بِالْمَبِيعِ ) بِالْبَيْعِ ( الْفَاسِدِ كَذَلِكَ ) فَتَصِحُّ ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِفَسَادِ الْبَيْعِ ( وَلَوْ بَاعَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً فَاسِدَةً أَوْ الْمَبِيعَ
بَيْعًا فَاسِدًا أَوْ رَهَنَهُ أَوْ وَهَبَهُ ، وَلَوْ جَاهِلًا بِالْفَسَادِ ( فَكَمَا لَوْ أَوْصَى بِهِ ) فَيَصِحُّ ذَلِكَ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا .
قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ مَحَلُّ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِوَضْعِ النُّجُومِ ) عَنْ الْمُكَاتَبِ ( وَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ كَضَعُوا ) عَنْهُ ( كِتَابَتَهُ ) أَوْ مَا عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ ( فَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ ، وَإِنْ ( أَوْصَى بِنَجْمٍ ) مِنْ النُّجُومِ أَيْ بِوَضْعِهِ عَنْهُ ( فَلِلْوَارِثِ جَعَلُهُ أَقَلَّ نَجْمٍ ) مِنْهَا ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَلِصِدْقِ النَّجْمِ عَلَيْهِ ( وَكَذَا ) الْحُكْمُ ( لَوْ قَالَ ضَعُوا عَنْهُ مَا قَلَّ أَوْ مَا كَثُرَ أَوْ مَا خَفَّ أَوْ مَا ثَقُلَ ) لِأَنَّهَا أُمُورٌ إضَافِيَّةٌ ( وَلَوْ قَالَ ضَعُوا عَنْهُ مَا شَاءَ أَوْ مَا شَاءَ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فَشَاءَ الْجَمِيعُ ) أَيْ وَضْعَهُ ( لَمْ يُوضَعْ بَلْ يَبْقَى ) مِنْهُ ( أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ ) لِأَنَّ مَنْ فِي الثَّانِيَةِ لِلتَّبْعِيضِ وَالْمَعْنَى فِي الْأُولَى ضَعُوا مِنْ نُجُومِ كِتَابَةِ مَا شَاءَ وَإِلَّا .
قَالَ ضَعُوا عَنْهُ النُّجُومَ فَتَرْجِعُ إلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ( أَوْ ) لَقَالَ ( ضَعُوا ) عَنْهُ ( أَكْثَرَ مَا عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَضَعَ عَنْهُ نِصْفَهُ وَزِيَادَةَ مَا شَاءَ الْوَارِثُ ) لِأَنَّ أَكْثَرَ الشَّيْءِ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِهِ .
وَلَوْ قَالَ ضَعُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مَا عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَمِثْلُ نِصْفِهِ وُضِعَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَا عَلَيْهِ وَزِيَادَةُ شَيْءٍ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نُسَخِهِ الصَّحِيحَةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْمُرَادُ بِزِيَادَةِ شَيْءٍ مَا شَاءَهُ الْوَارِثُ وَنِصْفُهُ ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعِبَارَةِ أَنْ يُحَطَّ النِّصْفُ وَشَيْءٌ وَنِصْفُهُمَا جَمِيعًا ، فَلَوْ كَانَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاخْتَارَ الْوَارِثُ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ دِرْهَمًا وَضَعَ عَنْهُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ نِصْفَهَا فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ سَبْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَنِصْفًا ( أَوْ ) قَالَ ضَعُوا عَنْهُ ( أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ أَوْ مَا عَلَيْهِ وَأَكْثَرُ حُطَّ ) عَنْهُ ( الْكُلُّ وَنُفِيَ الزَّائِدُ ) لِاسْتِحَالَةِ وَضْعِهِ ( فَإِنْ اخْتَلَفَتْ النُّجُومُ أَقْدَارًا وَآجَالًا فَقَالَ حُطُّوا ) عَنْهُ ( أَكْثَرَهَا ) أَوْ أَكْبَرَهَا ( رُوعِيَ الْقَدْرُ أَوْ
طُولُهَا ) أَوْ أَقْصَرُهَا ( رُوعِيَتْ الْمُدَّةُ أَوْ أَوْسَطُهَا عَيَّنَ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْ ) أَوْسَطِ ( عَدَدِ النُّجُومِ وَآجَالِهَا وَأَقْدَارِهَا ) إنْ اخْتَلَفَتْ النُّجُومُ فِيهَا جَمِيعًا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِلْأَوْسَطِ فِي كُلٍّ مِنْهَا ( فَإِنْ قَالَ الْمُكَاتَبُ ) لِلْوَرَثَةِ ( أَرَادَ بِالتَّوَسُّطِ ) أَيْ بِالْأَوْسَطِ ( غَيْرَ مَا عَيَّنْتُمْ حَلَّفَهُمْ يَمِينَ ) نَفْيِ ( الْعِلْم ) بِذَلِكَ ( فَإِنْ تَسَاوَوْا ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ تَسَاوَتْ أَيْ النُّجُومُ ( فِي الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ ) حُمِلَتْ عَلَى الْعَدَدِ فَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ نُجُومٍ مَثَلًا فَالْوَسَطُ وَاحِدٌ ( وَ ) إنْ ( كَانُوا ) الْأَوْلَى كَانَتْ ( أَرْبَعَةَ نُجُومٍ ) مَثَلًا ( فَالْوَسَطُ ) مِنْهَا ( اثْنَانِ ) الثَّانِي وَالثَّالِثُ ( فَيُعَيِّنُ الْوَارِثُ أَحَدَهُمَا ) إذْ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْلَى بِاسْمِ الْأَوْسَطِ مِنْ الْآخَرِ .
قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْأَوْسَطُ كِلَاهُمَا فَيُوضَعَانِ وَهَذَا مُقْتَضَى مَا فِي التَّهْذِيبِ انْتَهَى .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ .
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْأَوْسَطُ كِلَاهُمَا إلَخْ ) جَوَابُهُ أَنَّ مَوْضُوعَ الْأَوْسَطِ لِوَاحِدٍ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ
( وَإِنْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعَيَّنَ مَالًا ) لَهَا ( كُوتِبَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَالْعَادَةُ ) أَنْ يُكَاتِبَ الْعَبْدُ بِمَا ( فَوْقَ قِيمَتِهِ فَإِنْ ضَاقَ عَنْهُ الثُّلُثُ وَلَمْ يُجِيزُوا ) أَيْ الْوَرَثَةُ الزَّائِدَ عَلَيْهِ ( كُوتِبَ بَعْضُهُ ) الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ ( وَجَازَ ) أَيْ وَصَحَّ وَلَا يُبَالَى بِالتَّبْعِيضِ إذَا أَفَضْت الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ وَإِذَا أَدَّى عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُوصِي وَالْبَاقِي رَقِيقٌ ، وَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ مَا ذُكِرَ وَعَتَقَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُوصِي هَذَا كُلُّهُ إذَا رَغِبَ الْعَبْدُ فِي الْكِتَابَةِ وَإِلَّا تَعَذَّرَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ وَلَا يُكَاتِبُ بَدَلَهُ آخَرَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمَالٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ لَا يُصْرَفُ إلَى غَيْرِهِ .
( وَإِنْ قَالَ كَاتِبُوا أَحَدَ عَبِيدِي لَمْ تُكَاتَبْ أَمَةٌ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٌ حَتَّى تَظْهَرَ ذُكُورَتُهُ ) لِعَدَمِ صِدْقِ الِاسْمِ ، وَلَوْ قَالَ كَاتِبُوا إحْدَى إمَائِي لَمْ يُكَاتَبْ عَبْدٌ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٌ حَتَّى تَظْهَرَ أُنُوثَتَهُ ( وَيَدْخُلَانِ ) أَيْ الْأَمَةُ وَالْمُشْكِلُ ( فِي ) إطْلَاقِ ( الرَّقِيقِ ) وَنَصُّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْمُشْكِلَ لَا يَدْخُلُ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ .
( فَصْلٌ الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ فِي التَّصَرُّفَاتِ ) لِأَنَّ مَقْصُودَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ تَحْصِيلُ الْعِتْقِ وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّصَرُّفِ ( إلَّا فِيمَا ) أَيْ فِي تَصَرُّفٍ ( فِيهِ تَبَرُّعٌ أَوْ خَطَرٌ ) كَمَا سَيَأْتِي وَالْخَطَرُ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ .
قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ ( فَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَيَشْفَعُ ) أَيْ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ ( وَيُؤَجِّرُ ) نَفْسَهُ وَأَمْوَالَهُ ، وَإِنْ زَادَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ عَلَى مُدَّةِ النُّجُومِ فَإِنْ عَجَّزَهُ السَّيِّدُ فِي الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَيَسْتَأْجِرُ وَيَحْتَطِبُ ) وَيَصْطَادُ ( وَيُسَافِرُ ) ، وَلَوْ ( بِلَا إذْنٍ ) فِي الْجَمِيعِ ( وَيُؤَدِّبُ عَبِيدَهُ ) الْأَوْلَى أَرِقَّاءَهُ ( وَيَخْتِنُهُمْ ) وَيَفْصِدُهُمْ إصْلَاحًا لِلْمَالِ وَيَقْبَلُ الْهِبَةَ وَالْوَصِيَّةَ وَالصَّدَقَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا فِيهِ جَلْبُ مَالٍ .
( فَصْلٌ الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ فِي التَّصَرُّفَاتِ ) ( قَوْلُهُ إلَّا فِيمَا فِيهِ تَبَرُّعٌ وَخَطَرٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِمَّا فِيهِ تَبَرُّعٌ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ لَحْمٍ وَخُبْزٍ مِمَّا الْعَادَةُ أَنْ يُؤْكَلَ وَلَا يُبَاعُ فَإِذَا أَهْدَى شَيْئًا مِنْهُ لِأَحَدٍ كَانَ لِلْمُهْدَى إلَيْهِ أَكْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لِحَدِيثِ بَرِيرَةَ فَوَجَبَ تَقْيِيدُ نُصُوصِهِ الْمُطْلَقَةِ بِهِ بِالْمُسَامَحَةِ بِذَلِكَ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا اسْتَثْنَاهُ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا فِيهِ خَطَرٌ مَا الْغَالِبُ فِيهِ السَّلَامَةُ وَيُفْعَلُ لِلْمَصْلَحَةِ كَتَوْدِيجِ الْبَهَائِمِ وَقَطْعِ السَّلَعِ مِنْهَا وَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَخَتْنِ الرَّقِيقِ وَقَطْعِ سَلْعَتِهِ الَّتِي فِي قَطْعِهَا خَطَرٌ لَكِنَّ فِي بَقَائِهَا أَكْثَرَ أَوْ كَانَ فِي قَطْعِهَا خَطَرٌ وَفِي إبْقَائِهَا خَطَرٌ وَيُسْتَثْنَى تَبَرُّعُهُ عَلَى السَّيِّدِ وَبِأَدَاءِ دَيْنِ السَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبٍ آخَرَ وَقَبِلَهُ السَّيِّدُ ( قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ) سَتَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ .
( وَيَبْطُلُ مِنْهُ عِتْقٌ ) وَلَوْ فِي كَفَّارَةٍ ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ كَالْقِنِّ ، وَكَالْعِتْقِ الْكِتَابَةُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِبْرَاءٌ ) عَنْ دَيْنٍ ( وَهِبَةٌ ) لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ ( وَوَصِيَّةٌ ) سَوَاءٌ أَأَوْصَى بِعَيْنٍ أَمْ بِثُلُثِ مَالِهِ ( وَقَرْضٌ ) وَلَوْ بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ وَالْكَفِيلُ قَدْ يُفْلِسُ وَالرَّهْنُ قَدْ يَتْلَفُ وَيْحُكُمْ حَاكِمٌ لِلْمُقْرِضِ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ ( وَقِرَاضٌ ) لِذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْعَامِلَ قَدْ يَخُونُ أَوْ يَمُوتُ فَيَضِيعُ الْمَالُ ( وَسَلَمٌ ) لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَسْلِيمَ رَأْسِ مَالِهِ فِي الْمَجْلِسِ وَانْتِظَارِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا ( وَتَعْجِيلُ ) دَيْنٍ ( مُؤَجَّلٍ ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَالِ بِلَا ضَرُورَةٍ ( وَشِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ) لِتَضَمُّنِهِ تَفْوِيتَ الْمَالِ ( وَتَزْوِيجُ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ أَوْ نَقْصِ الْقِيمَةِ ، وَالتَّصْرِيحِ بِذِكْرِ الْأَمَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَقَوْلُهُ وَتَزْوِيجُ نَفْسِهِ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى ( وَتَسَرٍّ ) أَيْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ هَلَاكِ الْجَارِيَةِ فِي الطَّلْقِ وَلِضَعْفِ مِلْكِهِ .
وَكَمَا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ التَّسَرِّي بِالْوَطْءِ كَانَ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ لِاعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ فِيهِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ ( وَمُحَابَاةٌ ) فِي شِرَاءٍ ( وَبَيْعٍ بِغَبَنٍ ) لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَفْوِيتِ الْمَالِ ( وَ ) بَيْعُ ( نَسِيئَةٍ ، وَلَوْ ) تَوَثَّقَ ( بِرَهْنٍ وَكَفِيلٍ ) أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الْمَالِ عَنْ الْيَدِ بِلَا عِوَضٍ تَبَرُّعٌ فِي الْحَالِ وَلِأَنَّ فِيهِ خَطَرًا .
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَالْوَلِيِّ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَالِ الطِّفْلِ نَسِيئَةً وَأَنْ يَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ لِلْحَاجَةِ أَوْ لِلْمُصْلِحَةِ الظَّاهِرَةِ بِأَنَّ الْمَرْعِيَ ثَمَّ
مَصْلَحَةُ الطِّفْلِ وَالْوَلِيُّ نُصِبَ لِيَنْظُرَ لَهُ وَالْمَطْلُوبُ هُنَا الْعِتْقُ وَالْمَرْعِيُّ مَصْلَحَةُ السَّيِّدِ وَلَمْ يُنْصَبْ الْمُكَاتَبُ لَهُ .
قَالَ هُوَ وَالنَّوَوِيُّ وَقَدْ مَرَّ فِي الرَّهْنِ أَنَّ بَعْضَهُمْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَازِ لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ هُنَا الْمَنْعُ وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِهِ هُنَا هُوَ مَا صَحَّحَاهُ ثَمَّ ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُتَوَسَّطَ فَيُقَال إنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ كَمَا فِي وَقْتِ النَّهْبِ فَلَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَاظِرًا لِلسَّيِّدِ حَتَّى يَتَحَمَّلَ الْخَطَرَ لِمَصْلَحَةٍ - يَرَاهَا بِخِلَافِ الْوَلِيِّ ( وَتَبَسُّطٌ فِي أَكْلٍ وَلُبْسٍ ) أَيْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ وَلَا يُكَلَّفُ فِيهِمَا التَّقْتِيرَ الْمُفْرِطَ .
( قَوْلُهُ وَتَزْوِيجُ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ ) لِأَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَيُنْقِصُ قِيمَتَهُ لَوْ كَانَ لِلسَّيِّدِ وَشَمِلَ إطْلَاقَهُ الْمُكَاتَبَةَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَيُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهَا ( قَوْلُهُ لِاعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ فِيهِ ) وَسَتْرِهَا عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ ( قَوْلُهُ قَالَ هُوَ وَالنَّوَوِيُّ وَقَدْ مَرَّ فِي الرَّهْنِ إلَخْ ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ كَالْوَلِيِّ حَرْفًا بِحَرْفٍ يُرْهَنُ لِلضَّرُورَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ( قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَاهُ ثَمَّ ) وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ ) وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِ الْوَسِيطِ هُنَاكَ أَنَّ حُكْمَ الْمُكَاتَبِ حُكْمُ وَلِيِّ الطِّفْلِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
( وَلَهُ اقْتِرَاضٌ وَأَخْذُ قِرَاضٍ وَشِرَاءُ جَوَارٍ لِتِجَارَةٍ ) تَوْسِيعًا لَهُ فِي طُرُقِ الِاكْتِسَابِ ( وَهِبَةٌ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ ) ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ ( وَبَيْعُ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَةٍ نَقْدٍ أَوْ عَشْرَةٍ ) أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا ( نَسِيئَةً وَشِرَاءُ النَّسِيئَةِ ) إنْ كَانَ ( بِثَمَنِ النَّقْدِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَرْهَنُ بِهِ ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ يَتْلَفُ فَإِنْ كَانَ بِثَمَنِ النَّسِيئَةِ فَقَالَ الْبَغَوِيّ تَبَعًا لِلْقَاضِي لَمْ يَجُزْ بِلَا إذْنٍ ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ يَجُوزُ إذْ لَا غَبْنَ فِيهِ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ جَرَى الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَجْهٌ شَاذٌّ لِلْقَاضِي تَبِعَهُ عَلَيْهِ .
قَوْلُهُ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ يَجُوزُ إذْ لَا غَبْنَ فِيهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ جَرَى الْعِرَاقِيُّونَ ) وَهُوَ الْوَجْهُ وَعَلَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ الْغَرَرَ فِيهِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ لَا عَلَى الْمُكَاتَبِ وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّبَرُّعِ غَيْرُ سَدِيدٍ إذْ لَا تَبَرُّعَ .
( لَا تَسْلِيمُ الْعِوَضِ قَبْلَ الْمُعَوَّضِ ) فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدِ عَنْ الْمَالِ بِلَا عِوَضٍ نَوْعُ غَرَرٍ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِالْعِوَضِ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَجَزَمَ فِي غَيْرِهِ بِالْجَوَازِ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَعْسُرُ ضَبْطُهُ ( وَلَا قَبُولُ هِبَةِ ) أَوْ وَصِيَّةٍ ( مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ) لَوْ كَانَ حُرًّا لِزَمَانَةٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ ( إلَّا كَسُوبًا كِفَايَتَهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ ) لَهُ ( قَبُولُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ مَعَ تَرَقُّبِ عِتْقِهِ ( ثُمَّ ) لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ضَعِيفٌ وَلَا يَبِيعُهُ بَلْ ( يُكَاتِبُ عَلَيْهِ ) فَيَعْتِقُ بِعِتْقِهِ وَيَرِقُّ بِرِقِّهِ ( وَنَفَقَتُهُ فِي كَسْبِهِ وَالْفَاضِلُ ) مِنْهُ ( لِلْمُكَاتَبِ ) يَسْتَعِينُ بِهِ فِي أَدَاءِ النُّجُومِ ( فَإِنْ مَرِضَ قَرِيبُهُ ) الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا ( أَوْ عَجَزَ لَزِمَ الْمُكَاتَبَ نَفَقَتُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَلَاحِ مِلْكِهِ وَلَيْسَ كَالْإِنْفَاقِ عَلَى أَقَارِبِهِ الْأَحْرَارِ حَيْثُ يُمْنَعُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُوَاسَاةِ ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قَبُولِ هِبَتِهِ أَوْ نَحْوِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا إنَّمَا هُوَ عَدَمُ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ لَا لُزُومُ نَفَقَتِهِ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ نَفَقَةُ قَرِيبِهِ مُطْلَقًا ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ نَفَقَتُهُ فِي الْكَسُوبِ الَّذِي عَرْضَ لَهُ مَرَضٌ بِسَبَبِ الْمِلْكِ لَا بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ كَمَا عُرِفَ ( وَإِنْ جَنَى ) قَرِيبُهُ الْمَذْكُورُ ( بِبَيْعٍ فِيهَا ) أَيْ فِي الْجِنَايَةِ ( وَلَا يَفْدِيه ) لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ الشِّرَاءِ ( بِخِلَافِ ) جِنَايَةِ ( عَبْدِهِ ) الَّذِي لَيْسَ بِقَرِيبٍ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ تَبْقَى لَهُ يَصْرِفُهَا فِي النُّجُومِ .
( فَصْلٌ إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ فِيمَا مَنَعَ ) مِنْهُ ( مِنْ التَّصَرُّفَاتِ صَحَّ ) التَّصَرُّفُ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا فَإِذَا تَوَافَقَا عَلَيْهِ صَحَّ كَمَا لَوْ وَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِإِذْنِ الْآخَرِ ( إلَّا فِي إعْتَاقِ رَقِيقِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَ ) فِي ( كِتَابَتِهِ ) لِتَضَمُّنِهِمَا الْوَلَاءَ ، وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ كَالْقِنِّ ( وَ ) فِي ( التَّسَرِّي ) لِضَعْفِ الْمِلْكِ وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ إعْتَاقُهُ عَنْ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ ( ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ ) لِنَفْسِهِ أَوْ رَقِيقِهِ ( وَ ) فِي ( التَّفْكِيرِ بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ ) لَا بِالْإِعْتَاقِ ( صَحَّ ) كُلٌّ مِنْ النِّكَاحِ وَالتَّكْفِيرِ بِذَلِكَ لِوُجُودِ الْإِذْنِ وَلِأَنَّ الْقِنَّ إذَا صَحَّ نِكَاحُهُ بِالْإِذْنِ فَالْمُكَاتَبُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ وَتَرْجِيحُ جَوَازِ التَّكْفِيرِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِفَايَتِهِ ( كَهِبَتِهِ لِلسَّيِّدِ وَلِطِفْلِهِ ) أَيْ السَّيِّدِ ( وَإِقْرَاضِهِ وَمُحَابَاتِهِ ) فِي مُعَامَلَتِهِ مَعَهُ وَبَيْعِهِ نَسِيئَةً ( وَتَعْجِيلِ دَيْنِهِ ) الْمُؤَجَّلِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُ لَهَا كَإِذْنِهِ ( وَإِنْ أَذِنَ لَهُ ) فِي الْهِبَةِ لِغَيْرِهِ ( فَوَهَبَ ، ثُمَّ رَجَعَ ) السَّيِّدُ عَنْ الْإِذْنِ ( قَبْلَ الْإِقْبَاضِ ) لِلْمَوْهُوبِ ( امْتَنَعَ ) الْإِقْبَاضُ ( وَإِنْ اشْتَرَى قَرِيبُهُ ) الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ حُرًّا ( بِالْإِذْنِ ) مِنْ سَيِّدِهِ ( يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ ) كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَصْلِ .
( قَوْلُهُ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَمْ أَجِدْهَا فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَلَا الْأَصْحَابِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلِتَفَاعُلِ مَعَانٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ تَبِعَهُ فِي الْمَقْصِدِ مِنْ الْكِتَابَةِ ، وَهُوَ مَنْعُ بَيْعِهِ وَأَنَّهُ يَرِقُّ بِرِقِّهِ وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهِ وَهَذَا اصْطِلَاحٌ شَرْعِيٌّ ( قَوْلُهُ إلَّا فِي إعْتَاقِ رَقِيقِهِ عَنْ نَفْسِهِ ) وَلَوْ عَنْ كَفَّارَةٍ أَمَّا عَنْ سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَيَصِحُّ بِالْإِذْنِ فِي الْأَظْهَرِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَوَهَبَ إلَخْ ) مَحَلَّهُ فِي الْهِبَةِ إذَا أَذِنَ فِي الْإِقْبَاضِ أَيْضًا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ .
( وَتَزْوِيجُ السَّيِّدِ الْمُكَاتَبَةَ بِإِذْنِهَا صَحِيحٌ ) وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ ضَعْفُ مِلْكِهِ لَهَا وَنَقْصُهَا .
( وَلِلْمُكَاتَبِ ) وَلَوْ بِلَا إذْنٍ ( شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ ) وَقَبُولُ هِبَتِهِ وَالْوَصِيَّةُ لَهُ بِهِ تَوْسِيعًا لَهُ فِي طُرُقِ الِاكْتِسَابِ ( وَلَا يَعْتِقُ ) عَلَى سَيِّدِهِ ( إلَّا إنْ رَقَّ ) الْمُكَاتَبُ ( وَهُوَ ) أَيْ وَمِنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ ( مِلْكُهُ ) فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ .
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ صَرْفِ الْمَالِ إلَى عِوَضِ مَنْ عَسَاهُ يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا نَظَرُوا إلَى لُزُومِ النَّفَقَةِ لَهُ بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا الْحَالَ ( فَإِنْ كَانَ ) مَا مَلَكَهُ بِمَا ذُكِرَ ( بَعْضَهُ ) أَيْ بَعْضَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ ( وَلَمْ يَخْتَرْ ) سَيِّدُهُ ( تَعْجِيزَهُ ) بَلْ هُوَ الَّذِي عَجَّزَ نَفْسَهُ ( لَمْ يَسْرِ ) عِتْقُ ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَى الْبَاقِي ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا كَمَا لَوْ وَرِثَ بَعْضَ قَرِيبِهِ ( وَإِنْ اخْتَارَ ) سَيِّدُهُ ( تَعْجِيزَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ ) أَوْ مُعْسِرٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( فَكَذَلِكَ ) لِأَنَّ مَقْصُودَهُ فَسْخُ الْكِتَابَةِ وَدُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ ضِمْنِيٌّ قَهْرِيٌّ وَقِيلَ يَسْرِي فِيمَا قَالَهُ ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِاخْتِيَارِ التَّعْجِيزِ فَصَارَ كَمَا لَوْ مَلَكَ بِالشِّرَاءِ وَالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَتَبِعَهُ هُوَ ثَمَّ أَيْضًا ، وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَصَحَّحَ الثَّانِيَ - .
( وَلِلْعَبْدِ ) الْقِنِّ ( أَنْ يَتَّهِبَ بِلَا إذْنٍ قَرِيبًا يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ ) فِي الْحَالِ لِكَوْنِهِ كَسُوبًا أَوْ السَّيِّدِ فَقِيرًا وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ قَهْرًا كَمَا لَوْ احْتَطَبَ ( وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ ) فَإِنْ لَزِمَتْهُ فِي الْحَالِ لِكَوْنِهِ زَمِنًا أَوْ نَحْوَهُ وَالسَّيِّدِ مُوسِرًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِالسَّيِّدِ ( وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ قَبُولِهِ ) أَيْ الْعَبْدِ الْهِبَةَ كَمَا فِي الْمِلْكِ الْحَاصِلِ بِالِاحْتِطَابِ ( وَكَذَا ) لَهُ أَنْ يَتَّهِبَ ( بَعْضَهُ ) أَيْ بَعْضَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ بِلَا إذْنٍ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ ( فَيَعْتِقُ ) ذَلِكَ الْبَعْضُ عَلَى السَّيِّدِ ( وَلَا يَسْرِي ) عِتْقُهُ إلَى الْبَاقِي لِحُصُولِ الْمِلْكِ قَهَرَا كَمَا وَرِثَهُ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا وَبَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ لَكِنَّهُ جَزَمَ قَبْلَهُ فِيهَا كَأَصْلِهَا وَالْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ ، ثُمَّ بِالسَّرَايَةِ ، وَلَوْ أَخَّرَ كَأَصْلِهِ قَوْلَهُ وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ قَبُولِهِ إلَى هُنَا كَانَ أَوْلَى .
( قَوْلُهُ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا ) وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ وَبَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابُ الْعِتْقِ ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ ضَعِيفٌ ، وَقَالَ فِي الْبَسِيطِ إنَّهُ فَاسِدٌ لَا وَجْهَ لَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ قَبُولَ الْعَبْدِ كَقَبُولِ السَّيِّدِ شَرْعًا مَمْنُوعٌ فِيمَا يَضُرُّ بِالسَّيِّدِ ، لَكِنْ صَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلِهَذَا صَحَّحُوا أَنَّ السَّيِّدَ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي نَفْيِ فِعْلِ عَبْدِهِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ فِعْلَهُ كَفِعْلِهِ
( وَلَوْ اشْتَرَى مَرِيضٌ أَبَاهُ ) بِأَلْفٍ مَثَلًا ( وَدَيْنُهُ مُسْتَغْرِقٌ ) لِتَرِكَتِهِ ( صَحَّ وَلَا يَعْتِقُ ) عَلَيْهِ ( وَيُبَاعُ فِي دُيُونِهِ ، وَلَوْ وُهِبَ لِمُكَاتَبٍ بَعْضُ أَبِيهِ ) أَوْ ابْنِهِ ( الْكَاسِبِ فَقَبِلَهُ ، ثُمَّ عَتَقَ ) الْمُكَاتَبُ ( عَتَقَ عَلَيْهِ ) ذَلِكَ الْبَعْضُ ( وَسَرَى ) إلَى بَاقِيه ( إنْ كَانَ مُوسِرًا ، وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ ابْنَ سَيِّدِهِ ، ثُمَّ بَاعَهُ بِأَبِي السَّيِّدِ صَحَّ وَمَلَكَ الْأَبَ فَإِنْ رَقَّ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ الْأَبُ عَلَى السَّيِّدِ ) لِأَنَّهُ صَارَ مَالِكًا لَهُ ( فَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ الْأَرْشُ لَا الرَّدُّ ) لِتَعَذُّرِهِ ( فَإِنْ نَقَّصَ ) الْعَيْبُ ( الْعُشْرَ ) مِنْ قِيمَةِ الْأَبِ ( رَجَعَ بِعُشْرِ الِابْنِ ) الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ ( وَلَا يَسْرِي ) عِتْقُهُ إلَى الْبَاقِي ( ، وَلَوْ عَجَّزَ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ ) لِحُصُولِ الِاسْتِحْقَاقِ قَهْرًا ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الْمِلْكُ عَلَى طَلَبِ الْأَرْشِ .
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ السِّرَايَةَ فِيمَا لَوْ بَاعَ شِقْصًا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى وَارِثِهِ مِنْ ابْن أَخِيهِ مَثَلًا بِثَوْبٍ فَمَاتَ وَوَارِثُهُ أَخُوهُ فَرَدَّ الثَّوْبَ بِعَيْبٍ وَاسْتَرَدَّ الشِّقْصَ مِنْ ابْنِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَسَرَى وَمَسْأَلَتُنَا أَوْلَى لِتَوَجُّهِ الْقَصْدِ إلَى اخْتِيَارِ مِلْكِ بَعْضِ الِابْنِ وَهُنَاكَ تَوَجَّهَ الْقَصْدُ إلَى الرَّدِّ وَمَلَكَ الْبَعْضَ مِنْ الِابْنِ تَبَعًا فَالسِّرَايَةُ هُنَا أَوْلَى انْتَهَى وَتَقَدَّمَ ثَمَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ .
( قَوْلُهُ لِحُصُولِ الِاسْتِحْقَاقِ قَهْرًا ) إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّمَلُّكَ ، وَإِنَّمَا قَصَدَ التَّعْجِيزَ وَالْمِلْكُ حَصَلَ ضَمَانًا فَأَشْبَهَ مَا إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ نَفْسُهُ وَيُفَارِقُ الرَّدَّ بِعَيْبٍ بِأَنَّ الرَّدَّ يَسْتَدْعِي حُدُوثَ مِلْكٍ أَبَدًا فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ بِخِلَافِ التَّعْجِيزِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( وَطِئَ الْمُكَاتَبُ أَمَتَهُ ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ( فَلَا حَدَّ ) عَلَيْهِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ ( وَلَا مَهْرَ ) لَهَا عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَثَبَتَ لَهُ ( وَالْوَلَدُ نَسِيبٌ ) لِلشُّبْهَةِ ( فَإِنْ وَلَدَتْهُ وَهُوَ مُكَاتَبٌ مَلَكَهُ ) لِأَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ ( وَلَمْ يَمْلِكْ بَيْعَهُ ) لِأَنَّهُ وَلَدُهُ ( وَتَكَاتَبَ عَلَيْهِ ) فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ ( فَإِذَا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ الْوَلَدُ وَفَازَ الْمُكَاتَبُ ) لَا الْوَلَدُ ( بِكَسْبِهِ ) لِأَنَّهُ كَسْبُ مَمْلُوكِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَازَ بِهِ الْوَلَدُ لَوُقِفَ ، وَإِنْ رَقَّ صَارَ لِلسَّيِّدِ ( وَلَا تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ ) لِلْمُكَاتَبِ ، وَإِنْ مَلَكَهَا مِلْكًا تَامًّا عِنْدَ عِتْقِهِ ؛ لِأَنَّهَا عُلِّقَتْ بِمَمْلُوكٍ فَأَشْبَهَتْ الْأَمَةَ الْمَنْكُوحَةَ وَحَقُّ الْحُرِّيَّةِ لِلْوَلَدِ لَمْ يَثْبُتْ بِالِاسْتِيلَادِ فِي الْمِلْكِ بَلْ بِمَصِيرِهِ مِلْكًا لِأَبِيهِ كَمَا لَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ ( وَلَوْ جَنَى الْوَلَدُ ) وَتَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ ( وَأَبُوهُ مُكَاتَبٌ فَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكْتَسِبْ فَلَهُ بَيْعُهُ كُلِّهِ ) ، وَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْشِ ( وَأَخَذَ الزَّائِدَ ) عَلَيْهِ بَعْدَ صَرْفِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( قَالَ وَهُوَ غَلَطٌ بَلْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ ) وَإِنْ كَانَ يَفْدِيه مِنْ كَسْبِهِ ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْوَلَدِ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْمُكَاتَبِ وَالْفِدَاءُ كَالشِّرَاءِ وَلَيْسَ لَهُ صَرْفُ الْمَالِ الَّذِي يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ إلَى غَرَضِ وَلَدِهِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ ( وَلَا يُبَاعُ ) مِنْهُ ( إلَّا قَدْرُ الْأَرْشِ ) كَمَا لَا يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ إذَا جَنَى إلَّا قَدْرَ الْأَرْشِ أَيْ إنْ تَيَسَّرَ بَيْعُهُ فِيهِمَا وَإِلَّا بِيعَ كُلُّهُ .
قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِذَا فَدَاهُ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَفْدِيه لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بَلْ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَنْفُذُ إذَا اشْتَرَاهُ .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا
صَحَّحَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَفْدِي وَلَدَهُ وَأَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا قَدْرَ الْأَرْشِ هُوَ الصَّحِيحُ فَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ بِالْأُولَى فِي تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ وَنَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَى الثَّانِيَةِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ كَمَا نَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ فِي زَوَائِدِهِ ( وَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ) مِنْ حِينِ الْعِتْقِ ( فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ ) أَيْ يَكُونُ الْوَلَدُ مِلْكًا لِلْوَاطِئِ وَلَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ وَلَا تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ وَقَعَ فِي الرِّقِّ ( أَوْ ) وَلَدَتْهُ ( لِأَكْثَرَ ) مِنْ دُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينَئِذٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ فِي السِّتَّةِ لِقَوْلِهِ ( فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ) فَأَكْثَرَ ( مِنْ ) حِينِ ( الْوَطْءِ فَهِيَ مُسْتَوْلَدَتُهُ ) لِظُهُورِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَالْوَلَدُ حِينَئِذٍ حُرٌّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ إلَّا بِالْوَلَاءِ عَلَى أَبِيهِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى احْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِي الرِّقِّ تَغْلِيبًا لِلْحُرِّيَّةِ ( وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا ) بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَهَا - وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ ( لَمْ تَصِرْ مُسْتَوْلَدَةً ) .
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَأَوْلَادُ الْمُكَاتَبَةُ كَأَوْلَادِهَا .
( قَوْلُهُ بَلْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ فِي زَوَائِدِهِ ) فَهُوَ الْمَذْهَبُ ( قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَصْوَبُ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ لَحْظَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ ( قَوْلُهُ لِظُهُورِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ ) قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِمَا إذَا تَحَقَّقَ حُدُوثُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِأَنْ لَمْ يَطَأْ قَبْلَهُ أَوْ وَطِئَ وَاسْتَبْرَأَ مِنْهُ ، فَلَوْ وَطِئَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ ثُمَّ وَطِئَ بَعْدَهُ وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا لَمْ أَحْكُمْ بِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَلَا بِاسْتِيلَادِ أُمِّهِ وَفِي الْأُمِّ مَا يَقْتَضِي مَا قَرَرْته ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ حَتَّى تَلِدَ مِنْهُ بِوَطْءٍ كَانَ بَعْدَ عِتْقِهِ قَالَ وَلَمْ يُقَيِّدْ أَحَدٌ بِمَا قَيَّدْته وَأَيَّدْته بِنَصِّ الْأُمِّ .
ا هـ .
، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِمْ وَلَا يُنْظَرُ إلَى احْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِي الرِّقِّ تَغْلِيبًا لِلْحُرِّيَّةِ .
( الْحُكْمُ الرَّابِعُ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ ) لَوْ ( كَاتَبَ أَمَةً وَلَهَا وَلَدٌ لَمْ يَلْحَقْهَا ) فِي الْكِتَابَةِ بَلْ هُوَ بَاقٍ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ ( فَإِنْ شَرَطَا دُخُولَهُ ) فِيهَا ( فَسَدَتْ ) لَكِنْ يَبْقَى التَّعْلِيقُ ( فَيَعْتِقُ مَعَهَا بِالْأَدَاءِ ) مِنْهَا لِلنُّجُومِ ( لِوُجُودِ الصِّفَةِ ، وَإِنْ كَاتَبَهَا ) وَفِي يَدِهَا مَالٌ ( عَلَى أَنَّ مَا فِي يَدِهَا لَهَا فَهُوَ جَمْعُ بَيْعٍ وَكِتَابَةٍ ) بِعِوَضٍ وَاحِدٍ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَصِحُّ الْكِتَابَةُ بِالْقِسْطِ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَالرَّوْضَةِ وَهُوَ بَحْثٌ لِلرَّافِعِيِّ أَيَّدَهُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى فَسَادِ الْكِتَابَةِ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ قَالَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الرَّاجِحَ فَسَادُ الْكِتَابَةِ وَلَا يَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى الْبَيْعِ الْمَضْمُومِ لِلْكِتَابَةِ ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَصَدَا الْعَقْدَيْنِ فَأَمْكَنَ إعْطَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ حُكْمَهُ وَهُنَا أَوْرَدَاهُمَا عَلَى هَذِهِ الشَّرِيطَةِ وَهِيَ فَاسِدَةٌ فَأَفْسَدَتْ ( وَيَتْبَعُهَا فِي الْكِتَابَةِ حَمْلٌ ) لَهَا ( مَوْجُودٌ ) عِنْدَ الْكِتَابَةِ ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ كِتَابَتُهُ وَحْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْرَفُ فَيَعْتِقُ بِعِتْقِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ بِأَنْ يَعْتِقَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهَا أَوْ بِالْإِعْتَاقِ وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ وَحْدَهُ .
( وَكَذَا ) يَتْبَعُهَا ( مَا حَدَثَ ) مِنْهَا ( مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ مِنْ حَمْلٍ ) مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا ( بَعْدَ الْكِتَابَةِ ) لِأَنَّ سَبَبَ الْحُرِّيَّةِ كَحَقِيقَتِهَا فِي عِتْقِ الْأَوْلَادِ بِدَلِيلِ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ كَسْبُهَا فَيُوقَفُ أَمْرُهُ عَلَى رِقِّهَا وَحُرِّيَّتِهَا كَسَائِرِ أَكْسَابِهَا ( إلَّا أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِنَجْمٍ ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْتِزَامٌ ( وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ رَقَّتْ رَقَّ ) تَبَعًا لَهَا وَصَارَ لِلسَّيِّدِ ( وَلَوْ فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ
وَعَتَقَتْ ) بَعْدَ الْفَسْخِ ( لَمْ يَعْتِقْ بِعِتْقِهَا ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ بِعِتْقِهَا مِنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ وَقَدْ زَالَتْ ( وَحَقُّ الْمِلْكِ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ لِلسَّيِّدِ كَأُمِّهِ ) وَكَوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ ( فَلَوْ أَعْتَقَهُ عَتَقَ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ ) مِنْ أَمَتِهِ فَإِنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِيهِ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ فَيُصْرَفُ كَسْبُهُ لَهُ وَلَا يَعْتِقُ بِإِعْتَاقِ السَّيِّدِ لَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ وَهِيَ مِلْكٌ لَهُ ، وَلَوْ وَلَدَتْ أَمَتُهُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا أَوْلَادًا فَهُمْ عَبِيدٌ كَسَائِرِ أَكْسَابِهِ فَكَذَا هَذَا الْوَلَدُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ بَلْ يُكَاتِبُ عَلَيْهِ بِالْقَرَابَةِ كَمَا مَرَّ ( فَإِنْ قُتِلَ وَلَدُ ) الْمُكَاتَبَةِ ( فَالْقِيمَةُ لَهُ ) أَيْ لِلسَّيِّدِ كَقِيمَةِ أُمِّهِ لَوْ قُتِلَتْ ( وَأَمَّا كَسْبُهُ وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ ) فِيمَا دُونَ نَفْسِهِ ( وَمَهْرُ ) وَطْءِ ( شُبْهَةٍ فَمَوْقُوفٌ ) بَاقِي كُلٍّ مِنْهَا بَعْدَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْهُ ( فَإِنْ عَتَقَ مَعَ أَمَةٍ فَذَلِكَ لَهُ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ ) كَمَا أَنَّ كَسْبَ الْأُمِّ إذَا عَتَقَتْ يَكُونُ لَهَا وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ وَلِأَنَّا وَإِنْ جَعَلْنَا حَقَّ الْمِلْكِ فِيهِ لِلسَّيِّدِ فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ فَلْيَكُنْ كَسْبُهُ كَنَفْسِهِ .
( وَلَيْسَ لَهُ ) أَيْ لِلْوَلَدِ ( أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْهُ عَنْهَا ) نُجُومَهَا ( إنْ عَجَزَتْ ) عَنْ الْأَدَاءِ أَوْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( لِتَعْتِقَ ) هِيَ فَيَعْتِقَ بِعِتْقِهَا ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي الْعِتْقِ وَلَيْسَ لَهَا إذَا عَجَزَتْ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ كَسْبِهِ الْمَوْقُوفِ لَهُ لِتَسْتَعِينَ بِهِ فِي أَدَاءِ نُجُومِهَا إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِيهِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ صُرِفَ الْمَوْقُوفُ إلَى السَّيِّدِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَمُؤَنُ الْوَلَدِ ) تَكُونُ ( مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكْتَسِبْ ) أَوْ لَمْ يَفِ كَسْبُهُ بِمُؤْنَةٍ ( فَعَلَى السَّيِّدِ ) لَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ
حَقَّ الْمِلْكِ لَهُ ( وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ ) بِيَمِينِهِ ( أَنَّهُ ) أَيْ وَلَدَ مُكَاتَبِهِ ( وَلَدٌ قَبْلَ الْكِتَابَةِ ) حَتَّى يَكُونَ رَقِيقًا لَهُ ( وَإِنْ أَمْكَنَ ) أَنَّهُ وَلَدٌ ( بَعْدَهَا ) أَيْ وَالْحَالَةُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي وَقْتِ الْكِتَابَةِ فَصُدِّقَ فِيهِ كَأَصْلِهَا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ مِلْكِهِ وَهِيَ تَدَّعِي حُدُوثَ مَانِعٍ مِنْهُ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ قَالَ الدَّارِمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَبْلُغَ الْوَلَدُ وَيَحْلِفَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَحْلِفَ الْأُمُّ فَإِنْ نَكَلَتْ فَهَلْ يَحْلِفُ الْوَلَدُ عَلَى ؟ وَجْهَيْنِ ( فَإِنْ شَهِدَ لِلسَّيِّدِ بِدَعْوَاهُ ) السَّابِقَةِ ( أَرْبَعُ نِسْوَةٍ قُبِلْنَ ) فِي شَهَادَتِهِنَّ ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْوَلَدِ وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ ضِمْنًا ( وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ ) بِمَا ادَّعَيَاهُ ( تَعَارَضَتَا ) .
قَوْلُهُ وَكَذَا يَتْبَعُهَا مَا حَدَثَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ إلَخْ ) لَا تَجُوزُ لَهُ مُعَامَلَةُ السَّيِّدِ ، وَلَوْ قُلْنَا يَتَوَقَّفُ فِي أَكْسَابِهِ ، وَهُوَ الْمُرَجَّحُ ؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَجْزِمْ فِيهَا بِمَا جَزَمْنَا بِهِ فِي كَسْبِ الْمُكَاتَبِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي بُطْلَانَ تَصَرُّفِهِ مَعَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ ، وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ وَلِلسَّيِّدِ مُكَاتَبَتُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ لَهُ إعْتَاقَهُ ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ لَهُ كِتَابَةٌ تَبَعِيَّةٌ لَا اسْتِقْلَالِيَّةٌ ، وَلَوْ كَانَ أُنْثَى فَوَطِئَهَا السَّيِّدُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ مَهْرٌ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِي الْوَلَدِ لِلسَّيِّدِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ( قَوْلُهُ وَحَقُّ الْمِلْكِ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ لِلسَّيِّدِ كَأُمِّهِ ) مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدُهَا مِنْ عَبْدِهَا فَإِنْ كَانَ مِنْ عَبْدِهَا فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَوَلَدِ الْمُكَاتَبِ مِنْ جَارِيَتِهِ يَعْنِي فَيَكُونُ حَقُّ الْمِلْكِ فِيهِ لِلْأُمِّ قَطْعًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ وَهْمٌ فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ يَمْلِكُ جَارِيَتَهُ وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ إنَّمَا جَاءَهُ الرِّقُّ مِنْ أُمِّهِ لَا مِنْ رَقِّ أَبِيهِ الَّذِي هُوَ عَبْدُهَا .
ا هـ .
وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْفُونِيُّ وَلَا الْحِجَازِيُّ وَلَا الْمُصَنِّفُ وَلَا صَاحِبُ الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ وَمَهْرُ وَطْءِ شُبْهَةٍ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالشُّبْهَةِ بَلْ لَهُ مَهْرُ جَارِيَتِهِ الْوَاجِبُ بِالْعَقْدِ مِنْ مُسَمًّى صَحِيحٍ أَوْ مَهْرِ مِثْلٍ بِسَبَبِ تَسْمِيَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ تَلَفِ الْمُسَمَّى قَبْلَ قَبْضِ الزَّوْجَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ ، وَكَذَا لَهُ الْفَرْضُ فِي الْمُفَوَّضَةِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْمَسِيسِ فِي الْمُفَوَّضَةِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْمَرْأَةِ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً ( قَوْلُهُ فَإِنْ عَتَقَ مَعَ أُمِّهِ
) كَذَا قَيَّدَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ بِإِعْتَاقِ السَّيِّدِ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ لِلْوَلَدِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَذَا وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً صَحِيحَةً إذَا عَتَقَ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ مَعَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ فَعِتْقُهُ عَنْ جِهَةِ الْكِتَابَةِ فَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَأَوْلَادُهُ نَعَمْ لَوْ رَقَّتْ الْأُمُّ بَعْدُ فَالْأَرْجَحُ عَوْدُ كَسْبِهِ لِلسَّيِّدِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْبَعْهَا كَسْبُهَا وَالْفَرْعُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ .
ا هـ .
بِمَعْنَاهُ ( قَوْلُهُ قَالَ الدَّارِمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وُقِفَ الْأَمْرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ ، ثُمَّ كَاتَبَهُ ، ثُمَّ بَاعَهَا مِنْهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَقَالَ الْمُكَاتَبُ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَهُوَ مِلْكِي ) تَكَاتَبَ عَلَيَّ ( فَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ ) بِيَمِينِهِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ ؛ لِأَنَّهُ هُنَا يَدَّعِي مِلْكَ الْوَلَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّ وَلَدَ أَمَتِهِ مِلْكُهُ وَالْمُكَاتَبَةُ ثَمَّ لَا تَدَّعِي الْمِلْكَ بَلْ تَدَّعِي ثُبُوتَ حُكْمِ الْكِتَابَةِ فِيهِ ( وَلَوْ كَاتَبَ الْأَمَةَ بَيَّنَ - وَضْعَ التَّوْأَمَيْنِ فَالْأَوَّلُ لِلسَّيِّدِ وَالثَّانِي كَالْأُمِّ ) أَيْ يَتْبَعُهَا فِي الْكِتَابَةِ ( وَكَذَا ) الْحُكْمُ ( فِي الْبَيْعِ ) يَكُونُ ( الْمُنْفَصِلُ لِلْبَائِعِ وَالْمُجْتَنُّ لِلْمُشْتَرِي ) لِأَنَّ الْحَمْلَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْبَيْعِ .
( فَصْلٌ وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ ) كِتَابَةً صَحِيحَةً ( حَرَامٌ ) لِاخْتِلَافِ مِلْكِهِ فِيهَا ، وَكَالْوَطْءِ فِي التَّحْرِيمِ سَائِرُ التَّمَتُّعَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الظِّهَارِ ( وَلَا حَدَّ ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا ( بِهِ ) ، وَإِنْ عُلِمَ تَحْرِيمُهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ ( بَلْ يُعَزَّرُ ) بِهِ الْعَالِمُ بِتَحْرِيمِهِ ( وَيُوجِبُ الْمَهْرَ ) لَهَا عَلَيْهِ ، وَلَوْ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ لِذَلِكَ ( وَتَأْخُذُهُ ) هِيَ ( فِي الْحَالِ فَإِنْ ) لَمْ تَأْخُذْهُ وَقَدْ ( حَلَّ ) عَلَيْهَا ( نَجْمٌ جَاءَتْ الْمُقَاصَّةُ ) بِشَرْطِهَا ، وَإِنْ عَجَزَتْ قَبْلَ أَخْذِهِ سَقَطَ ( وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ الْعِتْقِ ) بِالْكِتَابَةِ ( فَإِنْ أَوْلَدَهَا صَارَتْ ) مَعَ كَوْنِهَا مُكَاتَبَةً ( مُسْتَوْلَدَةً ) لِأَنَّهَا عَلَقَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ فِي مِلْكِهِ فَيَعْتِقُ بِالْكِتَابَةِ أَوْ بِمَوْتِهِ ( وَالْوَلَدُ حُرٌّ ) لِذَلِكَ ( وَلَا يَجِبُ لَهَا ) عَلَيْهِ ( قِيمَتُهُ ) لِأَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِيهِ لَهُ كَمَا مَرَّ ( فَإِنْ مَاتَ ) السَّيِّدُ قَبْلَ تَعْجِيزِهَا ( عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ ) لَا بِالِاسْتِيلَادِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ النُّجُومِ ( وَتَبِعَهَا كَسْبُهَا وَأَوْلَادُهَا الْحَادِثُونَ ) مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا ( بَعْدَ الْكِتَابَةِ ) وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ كَسَائِرِ الْمُكَاتَبَاتِ ( وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ قَبْلَ الْأَدَاءِ ) لِلنُّجُومِ عَتَقَ بِوُجُودِ الصِّفَةِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهُ كَسْبُهُ وَأَوْلَادُهُ الْحَادِثُونَ ؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ لَا يَقَعُ إلَّا عَنْ الْكِتَابَةِ ، وَلَوْ أَوْلَدَهَا ، ثُمَّ كَاتَبَهَا وَمَاتَ قَبْلَ تَعْجِيزِهَا عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهَا أَوْلَادُهَا الْحَادِثُونَ وَكَسْبُهَا الْحَاصِلُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ مَاتَ ) السَّيِّدُ ( بَعْدَ التَّعْجِيزِ عَتَقَتْ بِالْإِيلَادِ ) وَالْأَوْلَادُ الْحَادِثُونَ بَعْدَهُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا يَتْبَعُونَهَا وَالْحَادِثُونَ قَبْلَهُ أَرِقَّاءُ لِلسَّيِّدِ ( وَتَبْطُلُ ) بِمَعْنَى تَفْسُدُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ
الْأَصْلُ ( كِتَابَةُ أَمَةٍ بِشَرْطِ وَطِئَهَا ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ .
قَوْلُهُ كِتَابَةً صَحِيحَةً ) أَمَّا الْمُكَاتَبَةُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا ( قَوْلُهُ وَيُوجَبُ الْمَهْرُ ) ظَاهِرُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ وَلَوْ تَكَرَّرَ الْوَطْءُ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي الصَّدَاقِ لَكِنْ فِي الْأُمِّ عَلَى مَهْرٍ وَاحِدٍ حَتَّى تُخَيَّرَ فَتَخْتَارَ الصَّدَاقَ أَوْ الْعَجْزَ فَإِذَا خُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ الصَّدَاقَ ثُمَّ أَصَابَهَا فَلَهَا صَدَاقٌ آخَرُ وَكُلَّمَا خُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ الصَّدَاقَ ثُمَّ أَصَابَهَا فَلَهَا صَدَاقٌ آخَرُ كَنَاكِحِ امْرَأَةٍ نِكَاحًا فَاسِدًا فَالْإِصَابَةُ مِرَارًا تُوجِبُ صَدَاقًا وَاحِدًا ، فَإِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقَضَى بِالصَّدَاقِ ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا آخَرَ فَلَهَا صَدَاقٌ آخَرُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ إيجَابِ الْمَهْرِ الْمُكَاتَبَةُ بِالتَّبَعِيَّةِ وَحَقِّ الْمِلْكِ فِيهَا لِلسَّيِّدِ كَبِنْتِ الْمُكَاتَبَةِ فَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ عَلَى السَّيِّدِ بِوَطْئِهَا ( قَوْلُهُ لِذَلِكَ ) خَرَجَ بِذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ بِالتَّبَعِيَّةِ كَبِنْتِ الْمُكَاتَبَةِ فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَى السَّيِّدِ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِيهَا لَهُ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ
( فَرْعٌ وَطْءُ أَمَةِ الْمُكَاتَبِ حَرَامٌ عَلَى السَّيِّدِ ) كَالْمُكَاتَبَةِ بَلْ أَوْلَى ( وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِوَطْئِهَا ) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ سَيِّدَهَا ( وَيَلْزَمُهُ ) لَهُ ( الْمَهْرُ بِوَطْئِهَا ) لِأَنَّ أَكْسَابَهَا لِسَيِّدِهَا وَالْمَهْرُ مِنْهَا ( وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ ) لِلشُّبْهَةِ ( لَا تَجِبُ قِيمَتُهُ ) عَلَى وَاطِئُهَا ؛ لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ فِي مِلْكِهِ ( وَتَصِيرُ الْأَمَةُ مُسْتَوْلَدَةً ) لَهُ ( وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا ) لِسَيِّدِهَا ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ .
( وَمَنْ كَاتَبَ أَمَةً ) لَهُ ( حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْءُ بِنْتِهَا الَّتِي تَكَاتَبَتْ عَلَيْهَا ) لِثُبُوتِ حُكْمِ الْكِتَابَةِ لَهَا ( وَيَلْزَمُهُ بِهِ الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ ) عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ فِيهِمَا ( وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَمِنْ ) بَاقِي ( كَسْبِهَا وَيُوقَفُ الْبَاقِي فَإِنْ عَتَقَتْ مَعَ الْأُمِّ فَهُوَ لَهَا وَإِلَّا ) بِأَنْ عَجَزَتْ بِتَعْجِيزِ أُمِّهَا ( فَلِلسَّيِّدِ ) فَإِنْ أَوْلَدَهَا صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ ( وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ ) لِأُمِّهِ لِمَا مَرَّ ( وَلَا قِيمَةُ أُمِّهِ ) لِأُمِّهَا ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهَا ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهَا حَقُّ الْعِتْقِ بِعِتْقِهَا وَقَدْ تَأَكَّدَ ذَلِكَ بِالِاسْتِيلَادِ وَيَبْقَى حَقُّ الْكِتَابَةِ فِيهَا ( وَ ) حِينَئِذٍ ( تَعْتِقُ ) إمَّا ( بِعِتْقِ أُمِّهَا ) وَيَكُونُ الْكَسْبُ لَهَا ( أَوْ مَوْتِ سَيِّدِهَا ) .
فَرْعٌ لَوْ ( وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مُكَاتَبَتَهُمَا لَزِمَهُ مَهْرُهَا ) وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَالِكِ الْوَاحِدِ ( وَ ) لَزِمَهُ ( تَسْلِيمُهُ ) لَهَا ( فِي الْحَالِ إنْ لَمْ يَحِلَّ ) عَلَيْهَا ( نَجْمٌ ، وَإِنْ حَلَّ ) عَلَيْهَا نَجْمٌ وَاتَّحَدَ مَعَ الْمَهْرِ جِنْسًا وَقَدْرًا ( وَفِي يَدِهَا قَدْرُ الْمَهْرِ أَخَذَهُ ) مِنْهَا ( الْآخَرُ وَبَرِئَ الْوَاطِئُ ) مِنْ الْمَهْرِ ، وَالْمُكَاتَبَةُ مِنْ قَدْرِهِ مِنْ نَجْمِ الْوَاطِئِ بِالتَّقَاصِّ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ ) آخَرُ ( فَالتَّقَاصُّ ) جَارٍ ( فِي نِصْفِ نَجْمِ الْوَاطِئِ ) مَعَ نِصْفِ الْمَهْرِ ( وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يُدْفَعُ لِغَيْرِ الْوَاطِئِ ، وَإِنْ عَتَقَتْ بِغَيْرِهِ ) أَيْ بِغَيْرِ دَفْعِ قَدْرِ الْمَهْرِ وَالتَّقَاصِّ ( أَخَذَتْهُ ) أَيْ الْمَهْرَ ( وَإِنْ عَجَزَتْ ) بَعْدَ أَخْذِهِ ( وَرَقَّتْ اقْتَسَمَاهُ ) إنْ بَقِيَ ، وَإِنْ تَلِفَ تَلِفَ مِنْ مِلْكِهَا ، وَإِنْ عَجَزَتْ وَرَقَّتْ قَبْلَ أَخْذِهِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهَا بِقَدْرِ الْمَهْرِ مَالٌ أَخَذَهُ الْآخَرُ وَبَرِئَتْ ذِمَّةُ الْوَاطِئِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْمَهْرِ مِنْ الْوَاطِئِ ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ أَمَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا ( وَإِنْ أَحْبَلَهَا ) الْوَاطِئُ مِنْهُمَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ ( وَلَحِقَهُ ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ وَطْئِهِ إنْ لَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً أَوْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ ادَّعَاهُ ( ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ فِي نَصِيبِهِ ) مِنْ الْأَمَةِ ( مَعَ ) بَقَاءِ ( الْكِتَابَةِ ) فِيهِ .
وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ بِأَنْ ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ ، أَوْ لَمْ يَدَّعِهِ وَأَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْوَطْءِ فَلَا اسْتِيلَادَ وَهُوَ كَوَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ ( فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَسْرِ الِاسْتِيلَادُ ) إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ ( فَإِنْ أَدَّتْ ) إلَيْهِمَا النُّجُومُ ( عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ ) وَبَطَلَ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ
إنْ كَانَ ( وَإِنْ عَجَزَتْ ) وَرَقَّتْ ( فَنِصْفُهَا قِنٌّ وَنِصْفٌ ) مِنْهَا ( مُسْتَوْلَدٌ ، وَإِنْ مَاتَ الْوَاطِئُ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ عَتَقَ نِصْفُهَا وَبَقِيَ النِّصْفُ ) الْآخَرُ ( مُكَاتَبًا ) أَوْ بَعْدَ الْفَسْخِ عَتَقَ نِصْفُهَا الْمُسْتَوْلَدُ وَالْبَاقِي قِنٌّ ( وَأَمَّا الْوَلَدُ فَنِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ مُكَاتَبٌ عَلَى أَمَةٍ ) لِأَنَّ أَحَدَ نِصْفَيْهَا لَيْسَ لَهُ فَإِنْ عَتَقَتْ عَتَقَ النِّصْفُ الْمَذْكُورُ وَإِلَّا رَقَّ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ ( وَلَا يَجِبُ ) عَلَى الْوَاطِئِ ( قِيمَةُ ) نِصْفِ ( الْوَلَدِ ) الْحُرِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ لِلسَّيِّدِ ( فَإِنْ أَدَّتْ ) إلَى الشَّرِيكَيْنِ النُّجُومَ ( عَتَقَا ) أَيْ النِّصْفُ الْمُكَاتَبَ وَالْأَمَةُ ( بِالْكِتَابَةِ وَبَطَلَ الِاسْتِيلَادُ ) وَقَوْلُهُ ( وَأَخَذَتْ نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ ) أَيْ مِنْ الْوَاطِئِ ، بِنَاءُ الْأَصْلِ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ لَهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ ( وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ مُوسِرًا لَمْ يَسْرِ الِاسْتِيلَادُ ) إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ ( إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ ) فَيَسْرِي وَانْعَقَدَ الْوَلَدُ كُلُّهُ حُرًّا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ ( فَإِنْ أَدَّتْ ) إلَيْهِمَا النُّجُومَ ( عَتَقَ ) كُلُّ الْأَمَةِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ عَتَقَتْ ( عَنْ الْكِتَابَةِ وَوَلَاؤُهُ ) أَيْ عِتْقُهَا ( بَيْنَهُمَا وَيَبْطُلُ الِاسْتِيلَادُ وَلَهَا الْمَهْرُ عَلَى الْوَاطِئِ ) فَتَأْخُذُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ أَخَذَتْهُ ( وَعَلَيْهِ لَلشَّرِيك نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ ) بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْكِتَابَةِ فِيهِ وَإِنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِيهِ لِلسَّيِّدِ ( وَإِنْ عَجَزَتْ ) وَرَقَّتْ ( لَزِمَ الْوَاطِئَ لَلشَّرِيك النِّصْفُ مِنْ قِيمَتِهَا وَمِنْ مَهْرِهَا وَمِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ ) .