كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري
( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَقَامَ الزَّوْجُ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُمَا أَسْلَمَا حِينَ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ ) يَوْمَ كَذَا ( قُبِلَتْ ) شَهَادَتُهُمَا وَاسْتَمَرَّ النِّكَاحُ ( أَوْ ) أَنَّهُمَا أَسْلَمَا ( مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ) أَوْ غُرُوبِهَا يَوْمَ كَذَا ( لَمْ تُقْبَلْ ) شَهَادَتُهُمَا ( ؛ لِأَنَّ الطُّلُوعَ ) أَوْ الْغُرُوبَ أَيْ وَقْتَهُ يَتَنَاوَلُ ( حَالَ تَمَامِهِ ) وَهِيَ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ ( وَالْمَعِيَّةُ ) لِلطُّلُوعِ أَوْ الْغُرُوبِ ( تَتَنَاوَلُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ) فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إسْلَامُ أَحَدِهِمَا مُقَارِنًا لِطُلُوعِ أَوَّلِ الْقُرْصِ أَوْ غُرُوبِهِ وَإِسْلَامُ الْآخَرِ مُقَارِنًا لِطُلُوعِ آخِرِهِ أَوْ غُرُوبِهِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( نَكَحَتْ فِي الْكُفْرِ زَوْجَيْنِ ) ثُمَّ أَسْلَمُوا فَإِنْ نَكَحَتْهُمَا ( مَعًا أَبْطَلْنَاهُ ) أَيْ النِّكَاحَ وَإِنْ اعْتَقَدُوا جَوَازَهُ ( أَوْ مُرَتَّبًا ) فَهِيَ زَوْجَةٌ ( لِلْأَوَّلِ فَلَوْ مَاتَ ) الْأَوَّلُ كَافِرًا ( وَأَسْلَمَتْ ) الْأُولَى قَوْلُهُ أَصْلُهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ( مَعَ الثَّانِي وَاعْتَقَدُوهُ ) أَيْ النِّكَاحَ الْمَذْكُورَ ( صَحِيحًا أَقْرَرْنَاهُ ) وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَسْلَمَا دُونَهَا أَوْ الْأَوَّلُ وَحْدَهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ إنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً
( قَوْلُهُ الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ ) تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْوَاوِ أَوْلَى لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْأَوَّلِ
( الْبَابُ الثَّامِنُ فِي ) أَسْبَابِ ( خِيَارِ النِّكَاحِ وَأَسْبَابُهُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ ) خَرَجَ بِهِ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا كَالْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ أَوْ النَّفَقَةِ وَكَأَنْ يَجِدَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ رَفِيقًا وَكَأَنْ لَا تَحْتَمِلَ الْمَرْأَةُ الْوَطْءَ إلَّا بِالْإِفْضَاءِ وَسَتَأْتِي الثَّلَاثَةُ ( الْأَوَّلُ الْعُيُوبُ وَتَنْقَسِمُ ) إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ ( إلَى مُشْتَرَكٍ ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ( وَهُوَ ثَلَاثَةٌ الْبَرَصُ ) وَهُوَ بَيَاضٌ شَدِيدٌ يُبَقِّعُ الْجِلْدَ وَيُذْهِبُ دَمَوِيَّتَهُ ( وَالْجُذَامُ ) وَهُوَ عِلَّةٌ يَحْمَرُّ مِنْهَا الْعُضْوُ ثُمَّ يَسْوَدُّ ثُمَّ يَتَقَطَّعُ وَيَتَنَاثَرُ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي كُلِّ عُضْوٍ لَكِنَّهُ فِي الْوَجْهِ أَغْلَبُ ( الْمُسْتَحْكِمَانِ ) بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ أَوَائِلِ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ قَالَ وَالِاسْتِحْكَامُ فِي الْجُذَامِ يَكُونُ بِالتَّقَطُّعِ وَتَرَدَّدَ الْإِمَامُ فِيهِ وَجَوَّزَ الِاكْتِفَاءَ بِاسْوِدَادِهِ وَحُكْمِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِاسْتِحْكَامِ الْعِلَّةِ .
( وَالْجُنُونُ وَإِنْ تَقَطَّعَ ) وَهُوَ زَوَالُ الشُّعُورِ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ بَقَاءِ الْحَرَكَةِ وَالْقُوَّةِ فِي الْأَعْضَاءِ وَاسْتَثْنَى الْمُتَوَلِّي مِنْهُ الْمُتَقَطِّعُ الْخَفِيفُ الَّذِي يَطْرَأُ فِي بَعْضِ الزَّمَانِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِاسْتِحْكَامِ الْجُنُونِ وَمُرَاجَعَةِ الْأَطِبَّاءِ فِي إمْكَانِ - زَوَالِهِ وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَكَانَ قَرِيبًا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْجُنُونَ يُفْضِي إلَى الْجِنَايَةِ عَلَى الرُّوحِ ( لَا الْإِغْمَاءُ بِالْمَرَضِ ) فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَسَائِرِ الْأَمْرَاضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّهُ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْإِفَاقَةُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ أَمَّا الدَّائِمُ الْمَيْئُوسُ مِنْ زَوَالِهِ فَكَالْجُنُونِ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي ( لَا بَعْدَهُ ) أَيْ لَا إنْ بَقِيَ الْإِغْمَاءُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَرَضِ أَفَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَالْجُنُونِ ( فَيَثْبُتُ بِهَا ) أَيْ بِالْعُيُوبِ
السَّابِقَةِ وَالْآتِيَةِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا ( الْفَسْخُ ) لِلنِّكَاحِ ( وَإِنْ قُلْت ) فَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ فِي الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ وَالْقَرَنِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَوَّلَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَكُونُ إلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يُخِلُّ بِالتَّمَتُّعِ الْمَقْصُودِ مِنْ النِّكَاحِ بَلْ بَعْضُهَا يُفَوِّتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ شَيْءٍ عَيْبًا فَشَاهِدَانِ خَبِيرَانِ ) بِالطِّبِّ يُقَيِّمُهُمَا الْمُدَّعِي لِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّمْهُمَا صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ ( وَإِلَى مُخْتَصٍّ بِهِ ) أَيْ بِالزَّوْجِ .
( وَهُوَ الْعُنَّةُ ) أَيْ عَجْزُهُ عَنْ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ لِعَدَمِ انْتِشَارِ آلَتِهِ وَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ بِمَرَضٍ يَدُومُ ( وَالْجَبُّ ) لِذَكَرِهِ أَيْ قَطْعِهِ إنْ يَبْقَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَشَفَةِ كَمَا سَيَأْتِي ( أَوْ ) مُخْتَصٌّ بِهَا أَيْ بِالزَّوْجَةِ ( وَهُوَ الرَّتَقُ وَالْقَرَنُ ) بِفَتْحِ رَائِهِ أَرْجَحُ مِنْ إسْكَانِهَا وَهُمَا انْسِدَادُ مَحَلِّ الْجِمَاعِ مِنْهَا فِي الْأَوَّلِ بِلَحْمٍ وَفِي الثَّانِي بِعَظْمٍ وَقِيلَ بِلَحْمٍ يَنْبُتُ فِيهِ وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ مِنْ ثُقْبَةِ ضَيِّقَةٍ فِيهِ ( فَإِنْ شَقَّتْ الرَّتَقَ ) أَوْ شَقَّهُ غَيْرُهَا ( وَإِنْ أَمْكَنَ الْوَطْءُ بَطَلَ خِيَارُهُ ) لِزَوَالِ سَبَبِهِ ( وَلَا تُجْبَرُ ) هِيَ ( عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى شَقِّهِ لِتَضَرُّرِهَا بِهِ وَكَالرَّتَقِ فِي هَذَا الْقَرَنُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ جُمْلَةَ الْعُيُوبِ سَبْعَةٌ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ خَمْسَةٌ ( وَمَا سِوَى هَذِهِ السَّبْعَةِ كَالْبَخَرِ وَالصُّنَانِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالْقُرُوحِ السَّائِلَةِ ) وَالْعَمَى وَالزَّمَانَةِ وَالْبَلَهِ وَالْخِصَاءِ وَالْإِفْضَاءِ ( وَكَوْنُهُ ) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ ( عِذْيَوْطًا ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْيَاءِ وَهُوَ أَنْ يَتَغَوَّطَ عِنْدَ الْجِمَاعِ ( فَلَا خِيَارَ بِهَا ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفَوِّتُ مَقْصُودَ النِّكَاحِ بِخِلَافِ نَظِيرِهَا فِي الْبَيْعِ لِفَوَاتِ
الْمَالِيَّةِ ( وَلَا ) كَوْنُهُ ( خُنْثَى وَاضِحًا ) وَلَوْ بِإِخْبَارِهِ وَلَا عَقِيمًا كَذَلِكَ أَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ كَمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ مَا قَالُوهُ فِي الِاسْتِحَاضَةِ إذَا كَانَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ حَافِظَةً لِعَادَتِهَا وَإِلَّا فَالْمُتَّجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ إذَا حَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِاسْتِحْكَامِ اسْتِحَاضَتِهَا ؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا حَرَامٌ وَالْمَمْنُوعُ شَرْعًا كَالْمَمْنُوعِ حِسًّا وَلَا نَظَرَ إلَى تَوَقُّعِ الشِّفَاءِ عَلَى نُدْرَةٍ كَمَا لَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ
( الْبَابُ الثَّامِنُ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ ) ( قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الْعُيُوبُ ) اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ تَصْوِيرَ فَسْخِ الْمَرْأَةِ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهَا إنْ عَلِمَتْ بِهِ فَلَا خِيَارَ وَإِلَّا فَالتَّنَقِّي مِنْهُ مِنْ شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ وَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ إذَا عَدِمَتْ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْخِيَارُ فَرْعُ الصِّحَّةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ قِسْمٍ آخَرَ وَهُوَ مَا إذَا أَذِنَتْ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ مُعَيَّنٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سَلَّمَ فَإِذَا هُوَ مَعِيبٌ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ النِّكَاحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْجُذَامُ إلَخْ ) سَوَاءٌ اسْتَحْكَمَ الْجُذَامُ أَوْ لَا وَكَذَا الْبَرَصُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَكْرِيِّ فِي حَوَاشِيهِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ كَمَا قَالَ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ ع .
قَوْلُهُ ( قَوْلُهُ وَتَرَدَّدَ الْإِمَامُ فِيهِ وَجَوَّزَ الِاكْتِفَاءَ بِاسْوِدَادِهِ إلَخْ ) وَفِي الْأَنْوَارِ إنَّ الِاسْتِحْكَامَ فِيهِ أَنْ يَسْوَدَّ وَيَأْخُذَ فِي التَّقَطُّعِ وَالتَّنَاثُرِ وَفِي الْبَرَصِ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْعِلَاجَ أَوْ يَأْخُذَ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ يُزْمِنَ ( قَوْلُهُ وَالْجُنُونُ وَإِنْ تَقَطَّعَ ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ مَرَضًا أَمْ لَا وَقَيَّدَهُ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ بِالْحَادِثِ بِلَا مَرَضٍ فَإِنْ وُجِدَ بِمَرَضٍ فَلَا خِيَارَ فِيهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ النَّصِّ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ زَالَ الْعَقْلُ بِالْمَرَضِ فَلَا خِيَارَ وَلَوْ زَالَ الْمَرَضُ وَلَمْ يَعُدْ الْعَقْلُ ثَبَتَ الْخِيَارُ ا هـ وَالصَّرْعُ مِنْ غَيْرِ جُنُونٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْجُنُونِ وَقَوْله قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْمُتَوَلِّي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِاسْتِحْكَامِ الْجُنُونِ إلَخْ ) قَالَ الْغَزَالِيُّ وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي الْجُنُونِ أَنْ لَا
يَقْبَلَ الْعِلَاجَ ا هـ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْجُنُونَ يُفْضِي إلَى الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَاقِلِ مِنْهُمَا قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ بِمَرَضٍ يَدُومُ ) أَيْ أَوْ كِبَرٍ .
( قَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي بِعَظْمٍ إلَخْ ) أَنْكَرَ عَلَى مَنْ فَسَّرَهُ بِالْعَظْمِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ عَظْمًا لِصَلَابَتِهِ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ بِلَحْمٍ يَنْبُتُ وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ إلَخْ ) عِبَارَةُ التَّهْذِيبِ وَالرَّتَقُ وَالْقَرَنُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ إذَا مَنَعَ الْجِمَاعَ فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ فَلَا خِيَارَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَأَبَانَ أَنَّهُ عَلَى ضَمْرٍ بَيِّنٍ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ إطْلَاقِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيهِمَا مَعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ إذَا حَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إلَخْ ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْحَيْضِ وَعَلَى زَوْجِ الْمُتَحَيِّرَةِ نَفَقَتُهَا وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا لِأَنَّ جِمَاعَهَا مُتَوَقَّعٌ بِخِلَافِ الرَّتْقَاءِ ا هـ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَقَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ
( فَصْلٌ وَإِنْ وُجِدَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَيْبٌ ) يُثْبِتُ الْخِيَارَ ( يَثْبُتُ لَهُ الْفَسْخُ وَلَوْ اتَّحَدَ عَيْبُهُمَا ) كَأَنْ كَانَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بَرَصٌ ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ ( أَوْ كَانَ بِهِ جَبٌّ وَهِيَ رَتْقَاءُ ) لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ الْمَقْصُودِ مِنْ النِّكَاحِ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْحَنَّاطِيِّ وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْإِمَامِ وَنَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ حَكَى طَرِيقًا آخَرَ أَنَّهُ لَا فَسْخَ قَطْعًا ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ فَسَخَ لَا يَصِلُ إلَى الْوَطْءِ .
وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَعَنْ النَّصِّ ثُمَّ قَالَ فَبَانَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ مِثْلَهُ ( وَلَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ فِي مَجْنُونَيْنِ إلَّا بِتَقَطُّعٍ ) فَيُمْكِنُهُمَا الْفَسْخُ فِي زَمَنِ الْإِفَاقَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ
( قَوْلُهُ وَلَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ فِي مَجْنُونَيْنِ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا ) أَمَّا مِنْ وَلِيِّهَا فَيُمْكِنُ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( نَكَحَ ) أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ( عَالِمًا بِالْعَيْبِ ) الْقَائِمِ بِالْآخَرِ غَيْرَ الْعُنَّةِ ( فَلَا خِيَارَ ) لَهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ ( وَالْقَوْلُ ) فِيمَا لَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ وَادَّعَى عَلَى الْآخَرِ عِلْمَهُ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَأَنْكَرَ ( قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ ( أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ بِهِ .
( قَوْلُهُ غَيْرُ الْعُنَّةِ ) قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا الْعُنَّةُ فَالرِّضَا بِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ إذْ لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْهَا إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَمَوْتِهَا وَيُتَصَوَّرُ مَعْرِفَتُهَا الْعُنَّةَ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ بِأَنْ يَكُونَ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ جَدَّدَ عَقْدَهَا وَعَلِمَتْ عُنَّتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ
( فَصْلٌ وَالْعَيْبُ الْحَادِثُ ) بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْمُقَارِنِ لَهُ فِي أَنَّهُ ( مُثْبِتٌ لِلزَّوْجِ الْفَسْخَ ) مُطْلَقًا وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْفِرَاقُ بِالطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَدْفَعُ عَنْهُ التَّشْطِيرَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ ( وَ ) مُثْبِتٌ ( لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدٍ بِسِوَى الْعُنَّةِ لِتَضَرُّرِهَا بِهِ ( وَبَعْدَهُ فِيمَا سِوَى الْعُنَّةِ ) لِذَلِكَ أَمَّا الْعُنَّةُ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي ( وَيَثْبُتُ ) لَهَا الْفَسْخُ ( بِالْجَبِّ وَلَوْ بِفِعْلِهَا ) وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ ؛ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْيَأْسَ عَنْ الْوَطْءِ
( قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ بِالْجَبِّ وَلَوْ بِفِعْلِهَا ) لَوْ حَدَثَ بِهِ جَبٌّ مِنْ جِنَايَةٍ فَرَضِيَتْ بِهِ ثُمَّ حَدَثَ بِهَا رَتَقٌ أَوْ قَرَنٌ فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ جَرْيًا عَلَى إطْلَاقِهِمْ أَوَّلًا لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ لِلْأَوْلِيَاءِ الْفَسْخُ بِالْجُنُونِ غَيْرِ الْحَادِثِ ) وَإِنْ رَضِيَتْ ( وَكَذَا بِالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ ) غَيْرِ الْحَادِثَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمْ يُعَيَّرُونَ بِكُلٍّ مِنْهَا وَلِأَنَّ الْعَيْبَ قَدْ يَتَعَدَّى إلَيْهَا وَإِلَى نَسْلِهَا وَكَلَامُهُمْ قَدْ يَتَنَاوَلُ النَّسِيبَ وَغَيْرَهُ لَكِنْ فِي الْبَسِيطِ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَزْوِيجِ الْأَمَةِ فَلَوْ تَزَوَّجَتْ مِنْ مَعِيبٍ ثُمَّ عَلِمَتْ بِهِ فَلَهَا الْخِيَارُ دُونَ السَّيِّدِ انْتَهَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَيَّرَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ مِلْكِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَرْجِعَ إلَيْهِ مَعِيبَةً انْتَهَى وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ مَالِكُ الْأَمَةِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَصَّلْ إلَيْهِ إلَّا بِإِبْطَالِ حَقِّ غَيْرِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَمَّا الْحَادِثُ مِمَّا ذُكِرَ فَلَيْسَ لَهُمْ الْفَسْخُ بِهِ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْكَفَاءَةِ فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الدَّوَامِ وَلِهَذَا لَوْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ وَرَضِيَتْ بِهِ لَا فَسْخَ لَهُمْ ( لَا الْجَبَّ وَالْعُنَّةَ ) أَيْ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْفَسْخُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ الْعَارِ وَالضَّرَرُ مَقْصُورٌ عَلَيْهَا ( وَيُجِيبُهَا ) وُجُوبًا ( إلَى التَّزْوِيجِ بِصَاحِبِهِمَا ) أَيْ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ لِذَلِكَ فَإِنْ امْتَنَعَ كَانَ عَاضِلًا بِخِلَافِ صَاحِبِ الْجُنُونِ وَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ .
( قَوْلُهُ فَلَهَا الْخِيَارُ دُونَ السَّيِّدِ ) هُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ ثُبُوتُهُ لَهُ قَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَيَّرَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ مَالِكُ الْأَمَةِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْخِيَارُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُجِيبُهَا إلَى التَّزْوِيجِ بِصَاحِبِهِمَا ) قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ فِي الْكَفَاءَةِ عَنْ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ أَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ الْعُيُوبِ شَرْطٌ فِيهَا حَتَّى الْعُنَّةُ
( فَصْلٌ خِيَارُ عَيْبِ النِّكَاحِ ) يَثْبُتُ ( عَلَى الْفَوْرِ ) كَخِيَارِ عَيْبِ الْبَيْعِ وَلَا يُنَافِيهِ ضَرْبُ الْمُدَّةِ فِي الْعُنَّةِ ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَتَحَقَّقُ ( وَيُشْتَرَطُ ) فِي ذَلِكَ ( حُضُورُ الْحَاكِمِ ) لِيَفْعَلَ فِي الْعُنَّةِ مَا سَيَأْتِي بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَلِأَنَّ الْفَسْخَ بِالْعَيْبِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَأَشْبَهَ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ ( لَا فِي ) خِيَارٍ ( خَلَفَ الشَّرْطُ فِيهِ ) أَيْ فِي النِّكَاحِ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُضُورُ الْحَاكِمِ كَخِيَارِ عَيْبِ الْمَبِيعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِالْفَسْخِ لِعَيْبٍ لَا يَصِحُّ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمُحَرَّرِ وَحَكَى فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهَيْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الصِّحَّةِ وَبِهِ جَزَمَ الصَّيْمَرِيُّ
( فَصْلٌ خِيَارُ عَيْبِ النِّكَاحِ عَلَى الْفَوْرِ ) ( قَوْلُهُ كَخِيَارِ عَيْبِ الْبَيْعِ ) وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَوْ جُعِلَ مُمْتَدًّا لَمْ يَدْرِ الزَّوْجُ عَلَى مَاذَا هِيَ مِنْهُ وَمَاذَا يَئُولُ أَمْرُهُ مَعَهَا فَلَا تَقَعُ صُحْبَةٌ وَلَا مُعَاشَرَةٌ وَذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تَبْقَى مَعَهُ فِي مَعْنَى غَيْرِ الْمُتَزَوِّجَةِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمُحَرَّرِ ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
( فَلَوْ مَكَّنَتْهُ ) مِنْ الْوَطْءِ ( فَوَطِئَ ) أَوْ وَطِئَ بِغَيْرِ تَمْكِينِهَا أَوْ ظَهَرَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ ( وَادَّعَى عِلْمَهَا ) بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَأَنْكَرَتْ ( أَوْ ادَّعَتْ عِلْمَهُ بِالْعَيْبِ ) قَبْلَ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ ( وَالْفَسْخُ بِالْعَيْبِ ) وَلَوْ حَادِثًا ( أَوْ الْغُرُورُ ) الْآتِي بَيَانُهُ ( إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ وَلَا مُتْعَةَ ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْعَيْبُ بِهِ فَهِيَ الْفَاسِخَةُ أَوْ بِهَا فَسَبَبُ الْفَسْخِ مَعْنًى وُجِدَ فِيهَا فَكَأَنَّهَا الْفَاسِخَةُ وَلِأَنَّ شَأْنَ الْفَسْخِ تَرَادُّ الْعِوَضَيْنِ ( أَوْ ) كَانَ الْفَسْخُ بِمَا ذُكِرَ ( بَعْدَهُ ) أَيْ الدُّخُولِ .
( وَفُسِخَ ) النِّكَاحُ ( بِعَيْبٍ مُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ أَوْ حَادِثٍ ) بَعْدَهُ ( قَبْلَ الدُّخُولِ فَمَهْرُ الْمِثْلِ ) لَا الْمُسَمَّى وَاجِبٌ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ تَمَتُّعٌ بِمَعِيبَةٍ وَهُوَ إنَّمَا بَذَلَ الْمُسَمَّى بِظَنِّ السَّلَامَةِ فَكَأَنَّ الْعَقْدَ جَرَى بِلَا تَسْمِيَةٍ وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ الْفَسْخِ رُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى عَيْنِ حَقِّهِ أَوْ إلَى بَدَلِهِ إنْ تَلِفَ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ إلَى عَيْنِ حَقِّهِ وَهُوَ الْمُسَمَّى وَالزَّوْجَةُ إلَى بَدَلِ حَقِّهَا وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا لِفَوَاتِ حَقِّهَا بِالدُّخُولِ وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ مَا ذُكِرَ صَيَّرَ التَّسْمِيَةَ كَالْعَدَمِ سَقَطَ مَا قَبْلَ الْفَسْخِ إنْ رُفِعَ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ فَالْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ حِينِهِ فَالْمُسَمَّى كَذَلِكَ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ فُسِخَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِعَيْبٍ حَادِثٍ بَعْدَهُ ( فَالْمُسَمَّى ) وَاجِبٌ عَلَيْهِ ( كَمَا إذَا لَمْ يُفْسَخْ ) وَلِأَنَّ الدُّخُولَ قَرَّرَهُ قَبْلَ وُجُودِ السَّبَبِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّنْظِيرِ الْمَذْكُورِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا يَرْجِعُ بِهِ ) أَيْ بِالْمَهْرِ الَّذِي غَرِمَهُ ( عَلَى مَنْ غَرَّهُ ) لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ وَلِأَنَّهُ شَرَعَ فِي النِّكَاحِ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ الْبُضْعُ .
فَإِذَا اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهُ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ عِوَضُهُ
وَالْغَارُّ الْوَلِيُّ أَوْ الزَّوْجَةُ بِأَنْ سَكَتَ عَنْ الْعَيْبِ وَكَانَتْ أَظْهَرَتْ لَهُ أَنَّ الزَّوْجَ عَرَفَهُ أَوْ عَقَدَتْ بِنَفْسِهَا وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ
( قَوْلُهُ فَكَأَنَّهَا الْفَاسِخَةُ ) فَإِنْ قِيلَ لِمَ جَعَلْتُمْ عَيْبَهَا كَفَسْخِهَا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِلْفَسْخِ وَلَمْ تَجْعَلُوا عَيْبَهُ كَفَسْخِهِ قِيلَ لِأَنَّهُ بَذْلُ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهَا فَإِذَا كَانَتْ مَعِيبَةً فَالْفَسْخُ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ إذْ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ حَقَّهُ وَالْمَرْأَةُ لَمْ تَبْذُلْ شَيْئًا فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهِ وَالْعِوَضُ الَّذِي مَلَكَتْهُ سَلِيمٌ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنْ لَا فَسْخَ لَكِنَّ الشَّرْعَ أَثْبَتَهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا فَإِذَا اخْتَارَتْهُ لَزِمَهَا رَدُّ الْبَدَلِ إذْ لَيْسَ هُوَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَشْبَهَ رِدَّتَهَا
( فَرْعٌ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ ) أَوْ قَبْلَهُ ( وَقَبْلَ الْفَسْخِ فَلَا فَسْخَ ) لِانْتِهَاءِ النِّكَاحِ وَكَالْمَوْتِ الْبُرْءُ مِنْ الْعَيْبِ
( وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ عَلِمَ ) عَيْبَهَا ( لَمْ يَسْقُطْ النِّصْفُ ) مِنْ مَهْرِهَا ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ حَصَلَتْ بِالطَّلَاقِ .
( وَلَا نَفَقَةَ ) وَلَا سُكْنَى ( لِلْمَفْسُوخِ نِكَاحُهَا ) بَعْدَ الدُّخُولِ ( فِي الْعِدَّةِ ) إنْ كَانَتْ ( حَائِلًا ) لِانْقِطَاعِ أَثَرِ النِّكَاحِ بِالْفَسْخِ ( وَكَذَا ) لَا نَفَقَةَ لَهَا إنْ كَانَتْ ( حَامِلًا ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ لَهَا لَا لِلْحَمْلِ كَذَا بَنَوْهُ عَلَى هَذَا وَلَيْسَ الْبِنَاءُ بِمَرَضِيٍّ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ بَلْ وَجْهُهُ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مَحَلِّ التَّمَتُّعِ وَإِنَّمَا خَالَفْنَا فِي الْمُطَلَّقَةِ لِلنَّصِّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي النَّفَقَاتِ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ خَوَاصِّ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْفَسْخِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي فَسْخٍ بِمُقَارِنٍ أَمَّا بِعَارِضٍ فَكَالطَّلَاقِ كَمَا سَيَأْتِي ثَمَّ ( وَالْمَذْهَبُ كَمَا ذَكَرَهُ ) الْأَصْلُ ( فِي الْعَدَدِ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى ) ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ بِفُرْقَةٍ فِي الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَتْ الْمُطَلَّقَةَ تَحْصِينًا لِلْمَاءِ لَا مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ وُجُوبِهَا كَالنَّفَقَةِ
( فَرْعٌ مَنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ سَقَطَ خِيَارُهُ ) كَمَا مَرَّ ( وَلَوْ زَادَ ) الْعَيْبُ ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِالْأَوَّلِ رِضًا بِمَا يُتَوَلَّدُ مِنْهُ ( لَا إنْ حَدَثَ ) عَيْبٌ ( آخَرُ ) فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِهِ .
وَقَيَّدَ الْمُتَوَلِّي وَالْعِمْرَانِيُّ سُقُوطَهُ فِي الزَّائِدِ بِالْمُنْتَشِرِ فِي مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الزَّائِدِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الزَّائِدُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ أَقْبَحَ مَنْظَرًا كَأَنْ حَدَثَ فِي الْوَجْهِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ فِي الْفَخِذِ فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ كَأَنْ حَدَثَ فِي يَدِهِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ فِي الْيَدِ الْأُخْرَى فَوَجْهَانِ انْتَهَى وَأَقَرَّ بِهِمَا لِكَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ وَاسْتَشْكَلَ عَدَمَ اعْتِبَارِ الزِّيَادَةِ هُنَا بِاعْتِبَارِهَا فِيمَا لَوْ زَادَ فِسْقُ الْفَاسِقِ الَّذِي شَرَطَ وَضْعَ الرَّهْنِ عِنْدَهُ حَيْثُ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ إزَالَةُ يَدِهِ عَنْهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّهْنَ أَمَانَةٌ فَاحْتِيطَ لَهَا صِيَانَةً لِلْحُقُوقِ وَبِأَنَّ صُورَةَ تِلْكَ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا بِمَعْصِيَةٍ كَالشُّرْبِ فَيَرْتَكِبُ أُخْرَى كَالزِّنَا فَنَظِيرُهُ هُنَا أَنْ يَحْصُلَ فِي الْمَعِيبِ عَيْبٌ آخَرُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِاعْتِبَارِهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَفِي الثَّانِي نَظَرٌ
( قَوْلُهُ مَنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ سَقَطَ خِيَارُهُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ رَضِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِعَيْبِ الْآخَرِ فَحَدَثَ بِهِ عَيْبٌ آخَرُ تَجَدَّدَ الْخِيَارُ وَلَوْ ازْدَادَ الْأَوَّلُ فَلَا خِيَارَ وَلَوْ عَلِمَتْ بِهِ بِرِضًا فَرَضِيَتْ أَوْ أَخَّرَتْ فَحَدَثَ بِهِ بَرَصٌ آخَرُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَلَهَا الْخِيَارُ وَلَوْ ازْدَادَ الْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ فَلَا خِيَارَ وَقَوْلُهُ خِيَارٌ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَلَوْ فَسَخَ ) بِعَيْبٍ ( وَبَانَ أَنْ لَا عَيْبَ بَطَلَ الْفَسْخُ ) ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ .
وَ ( مَتَى أَخَّرَ ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ ( الْفَسْخَ وَادَّعَى الْجَهْلَ بِجَوَازِهِ وَأَمْكَنَ ) جَهْلُهُ ( قُبِلَ ) قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ كَنَظِيرِهِ فِي عِتْقِهَا تَحْتَ عَبْدٍ وَسَيَأْتِي ( أَوْ ) الْجَهْلُ ( بِكَوْنِهِ فَوْرًا ) وَأَمْكَنَ ( فَكَذَلِكَ ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةٍ ذِكْرَ قَوْلِهِ وَأَمْكَنَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَوْرًا
( السَّبَبُ الثَّانِي الْغُرُورُ ) بِالِاشْتِرَاطِ ( إذَا شُرِطَ ) فِي الْعَقْدِ ( فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ حُرِّيَّةٌ أَوْ نَسَبٌ أَوْ جَمَالٌ أَوْ يَسَارٌ وَنَحْوُهَا مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ ) كَشَبَابٍ وَبَكَارَةٍ ( أَوْ ضِدِّهَا ) مِنْ صِفَاتِ النَّقْصِ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ نَقْصٌ وَلَا كَمَالٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ السَّلَامَةُ ) مِنْ الْعُيُوبِ أَوْ ( إسْلَامُ الْمَنْكُوحَةِ ) أَوْ إسْلَامُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ كِتَابِيَّةً ( فَبَانَ خِلَافُهُ صَحَّ النِّكَاحُ ) ؛ لِأَنَّ تَبَدُّلَ الصِّفَةِ لَيْسَ كَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَفْسُدُ بِخُلْفِ الصِّفَةِ مَعَ تَأَثُّرِهِ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى وَإِذَا صَحَّ النِّكَاحُ فِيمَا ذُكِرَ .
( فَإِنْ خَرَجَ ) الْمَوْصُوفُ ( خَيْرًا مِمَّا شُرِطَ ) فِيهِ كَأَنْ شَرَطَ فِي الزَّوْجَةِ أَنَّهَا ثَيِّبٌ فَخَرَجَتْ بِكْرًا أَوْ كِتَابِيَّةٌ فَخَرَجَتْ مُسْلِمَةً أَوْ أَمَةٌ فَخَرَجَتْ حُرَّةً أَوْ فِي الزَّوْجِ أَنَّهُ عَبْدٌ فَخَرَجَ حُرًّا ( فَلَا خِيَارَ ) ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ ( أَوْ ) خَرَجَ ( دُونَهُ ) كَأَنْ شَرَطَ فِيهَا أَنَّهَا حُرَّةٌ فَخَرَجَتْ أَمَةً وَقَدْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي نِكَاحِهَا أَوْ فِيهِ أَنَّهُ حُرٌّ فَخَرَجَ عَبْدًا وَقَدْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي النِّكَاحِ ( ثَبَتَ ) لِلْفَائِتِ شَرْطُهُ ( الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ الْآخَرَ مِثْلُهُ ) أَوْ فَوْقَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى لِخُلْفِ الشَّرْطِ وَلِلتَّغْرِيرِ ( إلَّا ) إذَا كَانَ مِثْلَهُ أَوْ دُونُهُ ، الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى ( فِي النَّسَبِ ) الْمَشْرُوطُ فَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ ( لِوُجُودِ الْكَفَاءَةِ ) وَلِانْتِفَاءِ الْعَارِ لَكِنْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِي هَذَا أَيْضًا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ الشَّافِعِيَّ رَجَّحَهُ فِي خُلْفِ شَرْطِ نَسَبِ الزَّوْجِ وَمِثْلُهُ خُلْفُ شَرْطِ نَسَبِ الزَّوْجَةِ وَجَرَى فِي الْأَنْوَارِ عَلَى الْأَوَّلِ وَجَعَلَ الْعِفَّةَ كَالنَّسَبِ .
( وَكَذَا شَرَطَ حُرِّيَّتَهَا وَهُوَ عَبْدٌ ) فَبَانَتْ غَيْرَ حُرَّةٍ لَا يَثْبُتُ
الْخِيَارُ لِتَكَافُئِهِمَا دُونَ مَا إذَا كَانَ حُرًّا ( بِخِلَافِ عَكْسِهِ ) بِأَنْ شَرَطَتْ حُرِّيَّتَهُ وَهِيَ أَمَةٌ أَوْ حُرَّةٌ كَمَا فُهِمَتْ بِالْأَوْلَى فَبَانَ غَيْرَ حُرٍّ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلتَّغْرِيرِ فِيهِمَا وَلِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّرْجِيحِ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَجْهَانِ وَقِيلَ يَثْبُتُ قَطْعًا انْتَهَى لَكِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ لَا خِيَارَ كَنَظِيرِهِ فِي شَرْطِ حُرِّيَّتِهَا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْمُرَجَّحُ ( وَالْخِيَارُ فِي ) مَسْأَلَةِ ( الْعَبْدِ ) الَّذِي شُرِطَتْ حُرِّيَّتُهُ فَبَانَ عَبْدًا وَهِيَ أَمَةٌ ( لِسَيِّدِهَا ) دُونَهَا ( لَا فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ ) فَإِنَّهُ فِيهَا لَهَا لَا لِسَيِّدِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ إجْبَارَهَا عَلَى نِكَاحِ عَبْدٍ لَا مَعِيبٍ
( قَوْلُهُ وَبَكَارَةٌ ) كَأَنْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذِهِ الْبِكْرَ أَوْ عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ ( قَوْلُهُ فَخَرَجَتْ أَمَةً ) أَيْ أَوْ مُبَعَّضَةً ( قَوْلُهُ فَخَرَجَ عَبْدًا ) أَيْ أَوْ مُبَعَّضًا ( قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ ) أَيْ الْآخَرُ ( قَوْلُهُ وَجَعَلَ الْعِفَّةَ وَالْحِرْفَةَ كَالنَّسَبِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِشَرْطِ التَّبْعِيضِ فَتَبَيَّنَ كَمَالُ الرِّقِّ وَمُقْتَضَى النَّظَرِ إثْبَاتُ الْخِيَارِ فِيهِ لِلرَّجُلِ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي حُرِّيَّةِ بَعْضِ وَلَدِهِ دُونَ الْمَرْأَةِ لِانْتِفَاءِ الْغَرَضِ وَرِضَاهَا بِغَيْرِ الْكُفْءِ ا هـ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّا نَمْنَعُ انْتِفَاءَ الْغَرَضِ فَقَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ فِي تَفَرُّغِ الزَّوْجِ فِي نَوْبَةِ الْحُرِّيَّةِ أَنْ لَوْ شَرَطَ حُرِّيَّةً أَصْلِيَّةً فَظَهَرَ حُرِّيَّةٌ بِوَلَاءٍ وَالشَّارِطُ حُرٌّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَقَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَبَانَ غَيْرَ حُرٍّ ) بِأَنْ بَانَ رَقِيقًا أَوْ مُبَعَّضًا ( قَوْلُهُ لِلتَّغْرِيرِ فِيهِمَا إلَخْ ) وَلِأَنَّ نَقْصَ الرِّقِّ يُؤَثِّرُ فِي حُقُوقِ النِّكَاحِ لِأَنَّ لِسَيِّدِهِ مَنْعَهُ مِنْهَا لِحَقِّ الْخِدْمَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( شُرِطَتْ الْبَكَارَةُ ) فِي الزَّوْجَةِ فَوُجِدَتْ ثَيِّبًا ( وَادَّعَتْ ذَهَابَهَا عِنْدَهُ ) فَأَنْكَرَ ( صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ) لِدَفْعِ الْفَسْخِ ( أَوْ ) ادَّعَتْ ( افْتِضَاضَهُ ) لَهَا فَأَنْكَرَ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ ( لِتَشْطِيرِ الْمَهْرِ إنْ كَانَ ) شَطْرُهُ ( أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ ) مِثْلِ ( ثَيِّبٍ وَ ) الْقَوْلُ ( قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا ( لِدَفْعِ الْفَسْخِ ) وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ ثَيِّبٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ هُنَا فَتَأَمَّلْ
( قَوْلُهُ فَوُجِدَتْ ثَيِّبًا ) شَمَلَ مَا لَوْ خُلِقَتْ بِلَا بَكَارَةٍ .
( قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِتَشْطِيرِ الْمَهْرِ ) أَيْ إنْ طَلَّقَ ( قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ ثَيِّبٍ ) قَالَ الْفَتِيُّ صَوَابُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ شَطْرِ مَهْرِ ثَيِّبٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْوَاجِبُ عَلَيَّ شَطْرُ مَهْرِ ثَيِّبٍ لَا أَكْثَرُ فَيَحْلِفُ لِئَلَّا يَجِبَ الْأَكْثَرُ أَيْ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ شَطْرِهِ أَوْ مِثْلَهُ دَفَعَهُ بِلَا يَمِينٍ فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ شَرْطٌ لِلْحَاجَةِ إلَى الْيَمِينِ فَصُيِّرَتْ عِبَارَةُ الْكِتَابِ هَكَذَا فَلْتَصِرْ فِي النُّسَخِ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَفْظَةُ شَطْرٍ سَقَطَتْ عَلَى النَّاسِخِ ( قَوْلُهُ وَلَا مَعْنَى لَهُ هُنَا فَتَأَمَّلْ ) إذَا لَيْسَ هُنَا مَهْرُ مِثْلٍ لِأَنَّهُ لَا فَسْخَ
( فَصْلٌ ) لَوْ ( ظَنَّتْهُ كُفُؤًا ) لَهَا ( فَأَذِنَتْ ) فِي تَزْوِيجِهَا إيَّاهُ فَتَزَوَّجَهَا وَخَرَجَ غَيْرَ كُفْءٍ ( فَلَا خِيَارَ ) لَهَا لِانْتِفَاءِ التَّغْرِيرِ وَهِيَ الْمُقَصِّرَةُ بِتَرْكِ الْبَحْثِ أَوْ الشَّرْطِ ( إلَّا إنْ خَرَجَ مَعِيبًا ) فَلَهَا الْخِيَارُ لِمُوَافَقَةِ مَا ظَنَّتْهُ مِنْ السَّلَامَةِ مِنْ الْعَيْبِ لِلْغَالِبِ .
( وَكَذَا ) إنْ خَرَجَ ( عَبْدًا ) وَهِيَ حُرَّةٌ لِذَلِكَ وَلِمَا يَلْحَقُ الْوَلَدَ مِنْ الْعَارِ بِرِقِّ الْأَبِ وَلِأَنَّ نَقْصَ الرِّقِّ مُؤَثِّرٌ فِي حُقُوقِ النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّ لِسَيِّدِهِ مَنْعَهُ مِنْهَا لِحَقِّ الْخِدْمَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ كَالْغَزَالِيِّ فِي وَسِيطِهِ وَبَسِيطِهِ كَمَا لَوْ نَكَحَهَا ظَانًّا حُرِّيَّتَهَا فَخَرَجَتْ أَمَةً وَنَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ النَّصَّ وَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ الْمُعْتَمَدُ ؛ لِأَنَّهَا قَصَّرَتْ بِتَرْكِ الْبَحْثِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِقُدْرَةِ الزَّوْجِ عَلَى الطَّلَاقِ دُونَ الزَّوْجَةِ ( لَا ) إنْ خَرَجَ ( فَاسِقًا ) فَلَا خِيَارَ لَهَا وَهَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ
قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ إلَخْ ) هَذَا الْفَرْقُ لَا يُجْدِي شَيْئًا إذْ قُدْرَتُهُ عَلَى الطَّلَاقِ مَوْجُودَةٌ فِي سَائِرِ مَحَالِّ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ الْخِيَارُ لَهَا دُونَهُ لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّ الرِّقَّ وَغَيْرَهُ مِمَّا يُفَوِّتُ الْكَفَاءَةَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لَهَا دُونَهُ .
( قَوْلُهُ وَهَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ ) أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ اضْطِرَابِ التَّصْحِيحِ
( فَرْعٌ إذَا ظَنَّهَا مُسْلِمَةً أَوْ حُرَّةً ) فَتَزَوَّجَهَا ( فَخَرَجَتْ كِتَابِيَّةً ) فِي الْأُولَى ( أَوْ أَمَةً ) أَوْ مُبَعَّضَةً فِي الثَّانِيَةِ ( وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ فَلَا خِيَارَ ) لَهُ فِيهِمَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا يَظُنُّهُ كَاتِبًا فَاخْتَلَفَ ظَنُّهُ وَلِبُعْدِ النِّكَاحِ عَنْ الْخِيَارِ وَضَعْفِ تَأْثِيرِ الظَّنِّ
( قَوْلُهُ أَوْ حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا ) كَأَنْ قَالَ لَهُ سَيِّدُهَا هِيَ أُخْتِي ( قَوْلُهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِيهِمَا ) مِثْلُهُ مَا لَوْ ظَنَّهَا بِكْرًا فَبَانَتْ ثَيِّبًا
( فَصْلٌ التَّغْرِيرُ الْمُؤَثِّرُ ) فِي الْفَسْخِ بِخَلْفِ الشَّرْطِ ( هُوَ الْمَشْرُوطُ فِي الْعَقْدِ ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ إذَا ذُكِرَ فِيهِ ( لَا قَبْلَهُ ) أَمَّا التَّغْرِيرُ الْمُؤَثِّرُ فِي الرُّجُوعِ بِالْمَهْرِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَفِي الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ فِيمَا يَأْتِي فَلَا يَخْتَصُّ بِالْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ بَلْ السَّابِقِ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ مِثْلُهُ كَمَا أَطْلَقَهُ الْغَزَالِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إنْ اتَّصَلَ بِالْعَقْدِ وَقَالَهُ الْعَاقِدُ فِي مَعْرِضِ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تَحْرِيضَ سَامِعٍ وَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَيَّامٍ لِمَنْ سَمِعَهُ فَلَيْسَ بِتَغْرِيرٍ وَإِنْ ذَكَرَهُ لَا فِي مَعْرِضِ التَّحْرِيضِ وَوَصَلَهُ بِالْعَقْدِ أَوْ فِي مَعْرِضِهِ وَزَوَّجَهَا بَعْدَ أَيَّامِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ الِاتِّصَالُ بِالْعَقْدِ عَلَى مَا أَطْلَقَهُ الْغَزَالِيُّ ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الضَّمَانِ أَوْسَعُ بَابًا
( فَصْلٌ : التَّغْرِيرُ الْمُؤَثِّرُ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ بَلْ السَّابِقِ عَلَيْهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي هَذَا وُقُوعُهُ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ بَلْ يَكْفِي صُدُورُهُ عَلَى وَجْهٍ يُشْعِرُ بِحَثِّهِ عَلَى نِكَاحِهَا رَغْبَةً فِيمَا ذَكَرَهُ كَاتِبُهُ
( فَصْلٌ ) لَوْ ( غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ ) وَتَزَوَّجَهَا ( فَأَوْلَادُهَا ) الْحَاصِلُونَ ( مِنْهُ أَحْرَارٌ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) بِرِقِّهَا ( وَإِنْ كَانَ عَبْدًا ) أَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ لِظَنِّهِ الْحُرِّيَّةَ عِنْدَ حُصُولِهِمْ كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ يَظُنُّ أَنَّهَا أَمَتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ أَمَّا الْحَاصِلُونَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِرِقِّهَا فَأَرِقَّاءٌ وَالْمُرَادُ بِالْحُصُولِ الْعُلُوقُ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْوَضْعِ فَإِنْ وَضَعَتْهُمْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ فَأَحْرَارٌ وَإِلَّا فَأَرِقَّاءٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ قَدْرٍ زَائِدٍ لِلْوَطْءِ وَالْوَضْعِ ( وَيَلْزَمُهُ ) أَيْ الْمَغْرُورَ وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا ( قِيمَتُهُمْ ) لِسَيِّدِ الْأَمَةِ ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ رِقَّهُمْ التَّابِعَ لِرِقِّهَا بِظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا نَعَمْ إنْ كَانَ عَبْدًا لِسَيِّدِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذْ لَا يَجِبُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ وَكَذَا إنْ كَانَ الْغَارُّ سَيِّدَهَا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ غَرِمَ رَجَعَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ السَّيِّدَ هُوَ الَّذِي أَتْلَفَ حَقَّهُ وَشَمَلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ كَانَ السَّيِّدُ جَدَّ الْأَوْلَادِ كَأَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِابْنِهِ فَيَغْرَمُ لَهُ ابْنُهُ قِيمَتَهُمْ ( يَوْمَ الْوِلَادَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ أَحْوَالِ إمْكَانِ التَّقْوِيمِ ( وَالْعَبْدُ ) الْمَغْرُورُ ( يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ ) لَا بِرَقَبَتِهِ وَلَا بِكَسْبِهِ ( قِيمَتُهُمْ ) كَالْحُرِّ إذْ لَا جِنَايَةَ مِنْهُ ظَاهِرَةً حَتَّى تَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَإِنَّمَا أُوهِمَ فَتَوَهَّمَ وَالْحُرِّيَّةُ تَثْبُتُ بِالشَّرْعِ .
وَلَيْسَتْ الْقِيمَةُ مِنْ لَوَازِمِ النِّكَاحِ حَتَّى تَتَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ ( وَ ) يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ ( وَمَهْرُ مِثْلٍ وَجَبَ ) لَهَا عَلَيْهِ بِفَسَادِ نِكَاحِهِ أَوْ بِفَسْخِهِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ إذْنِ السَّيِّدِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فِي الْأُولَى وَإِلْحَاقًا لِلْمَفْسُوخِ بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ بِالْفَاسِدِ فِي الثَّانِيَةِ ( وَأَمَّا الْمُسَمَّى ) إذَا لَزِمَهُ (
فَيَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ بِعَقْدٍ مَأْذُونٍ فِيهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ ( وَيَرْجِعُ الْمَغْرُورُ عَلَى الْغَارِّ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُوقِعُ لَهُ فِي غَرَامَتِهَا وَهُوَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَغْرَمَهَا ( لَا الْمَهْرُ ) لِمَا مَرَّ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ مَعَ أَنَّ مَا هُنَاكَ شَامِلٌ لِمَا هُنَا ( وَإِنَّمَا يَرْجِعُ ) عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ ( بَعْدَ الْغُرْمِ ) لَهَا ( كَالضَّامِنِ ) فَلَوْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَغْرَمُ وَلِلْمَغْرُورِ مُطَالَبَةُ الْغَارِّ بِتَخْلِيصِهِ كَالضَّامِنِ ( وَيُتَصَوَّرُ التَّغْرِيرُ بِالْحُرِّيَّةِ ) لِلْأَمَةِ ( مِنْهَا أَوْ مِنْ الْوَكِيلِ ) عَنْ السَّيِّدِ فِي تَزْوِيجِهَا ( أَوْ مِنْهُمَا ) وَالْوَلِيُّ كَالْوَكِيلِ ( أَوْ ) مِنْ السَّيِّدِ ( فِي مَرْهُونَةِ زَوْجِهَا السَّيِّدِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ ) أَيْ السَّيِّدُ ( مُعْسِرٌ ) بِالدَّيْنِ الْمُرْتَهَنِ بِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
ذَكَرَهُ كَغَيْرِهِ مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى قَوْلِ أَصْلِهِ كَغَيْرِهِ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ السَّيِّدِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ زَوَّجْتُك هَذِهِ الْحُرَّةَ أَوْ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ عَتَقَتْ وَخَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ نِكَاحَ غُرُورٍ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ أَيْضًا بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ فِيمَنْ اسْمُهَا حُرَّةٌ وَفِي جَانِيَةٍ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا بِإِذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَفِيمَا لَوْ أَرَادَ بِالْحُرِّيَّةِ الْعِفَّةَ عَنْ الزِّنَا وَفِي أَمَةِ السَّفِيهِ إذَا زَوَّجَهَا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَفِي أَمَةِ الْمُفْلِسِ إذَا زَوَّجَهَا بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ وَفِي أَمَةِ الْمُكَاتَبِ وَفِيمَا لَوْ أَتَى بِالْمَشِيئَةِ سِرًّا أَوْ فِي أَمَةِ مَرِيضٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ كَمَا لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بَعْضُهُ إذَا مَلَكَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ( وَلَا اعْتِبَارَ بِغُرُورِ غَيْرِهَا وَغَيْرِ الْعَاقِدِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ فَإِنْ ( كَانَ ) الْغَارُّ ( وَكِيلًا وَغَرِمَ ) لِلْمَغْرُورِ مَا غَرِمَهُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ ( لَمْ يَرْجِعْ ) بِهِ (
عَلَيْهَا إلَّا إنْ غَرَّتْهُ ) أَيْ الْوَكِيلَ ( فَإِنْ غَرَّتْ الزَّوْجَ ) وَغَرِمَ ( رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا غَرِمَ لِلسَّيِّدِ وَإِنَّمَا يَرْجِعَانِ ) أَيْ الْوَكِيلُ فِي الْأُولَى وَالزَّوْجُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَيْهَا ( بَعْدَ عِتْقِهَا ) إنْ لَمْ تَكُنْ مُكَاتَبَةً بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ لِعَجْزِهَا فِي الْحَالِ .
وَلَا يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِكَسْبِهَا لِعَدَمِ إذْنِ السَّيِّدِ وَلَا بِرَقَبَتِهَا ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُتْلِفْ شَيْئًا وَإِنَّمَا تَسَبَّبَتْ إلَى إثْبَاتِ ظَنٍّ فِي نَفْسِ الزَّوْجِ وَانْدَفَعَ الرِّقُّ بِظَنِّهِ عَلَى مُوجِبِ الْمُعَاقَدَةِ عَلَى سَبِيلِ الْإِتْلَافِ وَإِنْ غَرَّتْ الْأَمَةُ وَالْوَكِيلُ مَعًا وَغَرِمَ الزَّوْجُ رَجَعَ بِالنِّصْفِ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْحَالِ وَبِالنِّصْفِ عَلَى الْأَمَةِ بَعْدَ عِتْقِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِنْ غَرَّتْ الْوَكِيلَ ) بِأَنْ ذَكَرَتْ لَهُ حُرِّيَّتَهَا ( فَذَكَرَهَا ) الْوَكِيلُ لِلزَّوْجِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا لَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى ( وَشَافَهَتْ الزَّوْجَ بِذَلِكَ ) أَيْضًا ( فَالرُّجُوعُ عَلَيْهَا فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْوَكِيلِ ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا شَافَهَتْ الزَّوْجَ خَرَجَ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَسَطِ فَصُورَةُ تَغْرِيرِهِمَا أَنْ يَذْكُرَا مَعًا ( وَلَا قِيمَةَ لِلْوَلَدِ إلَّا إنْ انْفَصَلَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ ) عَلَى أَمَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ فَلَا قِيمَةَ لَهُ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَإِنَّمَا لَزِمَتْ قِيمَتُهُ مَعَ الْجِنَايَةِ لِكَوْنِهِ مَضْمُونًا بِالْغُرَّةِ لِلْمَغْرُورِ كَمَا سَيَأْتِي فَكَمَا يُقَوَّمُ لَهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ الْجَانِي إذَا قَتَلَ يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ .
( فَإِنْ كَانَ ) انْفِصَالُهُ مَيِّتًا ( بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ فَالْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِلْوَارِثِ وَهُوَ الْمَغْرُورُ ) إنْ كَانَ حُرًّا ( وَلَا يُتَصَوَّرُ وَارِثٌ ) مِنْ الْغُرَّةِ ( غَيْرَهُ ) الْأَوْلَى مَعَهُ ( إلَّا جَدَّةُ الْجَنِينِ ) لِأَمَةٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً فَتَرِثُ مَعَهُ السُّدُسَ ( وَلَا تَحْجُبُهَا الْأُمَّ لِرِقِّهَا وَلِلسَّيِّدِ عَلَى الْمَغْرُورِ عُشْرُ
قِيمَةِ الْأُمِّ ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَضْمَنُ بِهِ الْجَنِينَ الرَّقِيقَ ( وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْغُرَّةِ ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْرُ مَا فَوَّتَهُ وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِقِيمَتِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ حَيًّا وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الدِّيَةِ ( أَوْ لَمْ تَحْصُلْ الْغُرَّةُ لَهُ ) بِنَاءً عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ الْعُشْرُ وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْغُرَّةِ ( وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ الْمَغْرُورِ فَالْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِلْوَرَثَةِ وَيَضْمَنُ ) الْمَغْرُورُ ( كَمَا سَبَقَ ) فِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَيَضْمَنُ لِلسَّيِّدِ عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْغُرَّةِ ( وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْغُرَّةِ ) أَيْ لَا يَرِثُ مِنْهَا شَيْئًا ( ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ ) وَلَا يَحْجُبُ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْعَصَبَاتِ .
( فَإِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا تَعَلَّقَتْ الْغُرَّةُ بِرَقَبَتِهِ لِلْوَرَثَةِ وَحَقُّ السَّيِّدِ ) مِنْ عُشْرِ الْقِيمَةِ ( فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ عَبْدِ الْمَغْرُورِ فَحَقُّ سَيِّدِ الْأَمَةِ عَلَى الْمَغْرُورِ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ عَلَى عَبْدِهِ ) فَلَا يَتَعَلَّقُ شَيْءٌ مِنْ الْغُرَّةِ بِرَقَبَتِهِ إنْ كَانَ الْمَغْرُورُ حَائِزَ الْمِيرَاثِ الْجَنِينِ ( وَإِنْ كَانَ ) مَعَهُ ( لِلْجَنِينِ جَدَّةٌ فَنَصِيبُهَا مِنْ الْغُرَّةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ سَيِّدِ الْأَمَةِ فَالْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ ) لِلْوَرَثَةِ ( وَحَقُّهُ ) مِنْ عُشْرِ الْقِيمَةِ ( عَلَى الْمَغْرُورِ ) وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ عَبْدِ سَيِّدِهَا تَعَلَّقَتْ الْغُرَّةُ بِرَقَبَتِهِ وَحَقُّ السَّيِّدِ عَلَى الْمَغْرُورِ
( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ يَظُنُّ أَنَّهَا أَمَتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ أَنَّهُ يَكُونُ رَقِيقًا وَهُوَ كَذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ يَفْجُرُ بِأَمَةِ الْغَيْرِ أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ رَقِيقًا تَبَعًا لِظَنِّهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَمَّا الْحَاصِلُونَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِرِقِّهَا فَأَرِقَّاءُ ) أَيْ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَشَمَلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ كَانَ السَّيِّدُ جَدَّ الْأَوْلَادِ إلَخْ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْغُرُورَ أَوْجَبَ انْعِقَادَهُ حُرًّا كَمَا فِي غَيْرِهِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ السَّيِّدُ حَتَّى يُعْتِقَ عَلَيْهِ نَعَمْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَسِيطِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَبُ هُوَ الْغَارُّ أَوْ وَكَّلَ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ ابْنِهِ أَنَّهُ لَا غُرْمَ جَزْمًا فَإِنَّهُ وَجَّهَ الْغُرْمَ بِأَنَّ الْأَبَ لَمْ يَرْضَ بِأَنْ يُعَرِّضَ وَلَدَ أَمَتِهِ لِلْحُرِّيَّةِ بِظَنِّ ابْنِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ زَوَّجَهَا مِنْ ابْنِهِ مَعَ الْعِلْمِ وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَزْمًا وَشَمَلَ جَدُّ الْأَوْلَادِ جَدَّهُمْ أَبَا أُمِّهِمْ وَلَا يَمْتَنِعُ بَقَاؤُهَا عَلَى الرِّقِّ فَقَدْ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ مَرْهُونَةٌ أَوْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ وَهُوَ سَفِيهٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا وَالْجَدَّةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالْجَدِّ مِنْهُمَا .
( قَوْلُهُ أَوْ بِفَسْخِهِ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ لَوْ تَبَيَّنَ رِقُّهَا وَهُوَ رَقِيقٌ وَلَا رَجَّحَ خِلَافَهُ ( قَوْلُهُ عَتَقَتْ ) وَخَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ نِكَاحَ غُرُورٍ إلَّا إذَا كَانَ إقْرَارُهُ بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ إنْشَاؤُهُ لِعِتْقِهَا لَا يَنْفُذُ قَوْلُهُ وَفِيمَا لَوْ أَرَادَ بِالْحُرِّيَّةِ الْعِفَّةَ عَنْ الزِّنَا ) فَإِنَّ
ذَلِكَ صَارِفٌ ( قَوْلُهُ وَلِلسَّيِّدِ عَلَى الْمَغْرُورِ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ ) يَوْمَ الْجِنَايَةِ
( وَإِنْ بَانَتْ ) مَنْ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا ( مُكَاتَبَةً فَفَسَخَ ) النِّكَاحَ بَعْدَ الدُّخُولِ ( فَلَهَا الْمَهْرُ وَإِنْ غَرَّتْ ) كَالْحُرَّةِ الْمَعِيبَةِ وَفِي نُسْخَةٍ فَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ غَرَّتْ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمَهْرَ لَهَا فَلَا مَعْنَى لِلْغُرْمِ لَهَا وَالِاسْتِرْدَادِ مِنْهَا وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِالرُّجُوعِ بِالْمَهْرِ ( وَالْوَلَدُ ) الْحَاصِلُ ( قَبْلَ الْعِلْمِ ) بِأَنَّهَا مُكَاتَبَةُ ( حُرٍّ فَيَغْرَمُ ) الْمَغْرُورُ ( قِيمَتَهُ لِلسَّيِّدِ وَيَرْجِعُ الْمَغْرُورُ بِهَا عَلَى الْوَكِيلِ ) إنْ غَرَّ ( أَوْ عَلَيْهَا إنْ غَرَّتْ ) أَوْ عَلَيْهِمَا إنْ غَرَّا .
وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ بِجَعْلِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ بَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ ( فِي كَسْبِهَا ) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسْبٌ فَفِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تُعْتَقَ
( قَوْلُهُ بَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ ) ذَاكَ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ وَهَذَا فِيهَا وَصَرَّحَ بِهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ قِيمَةَ وَلَدِهَا لَهَا كَمَهْرِهَا كَمَا هُوَ قَوْلُهُ مَرْجُوحٌ
( السَّبَبُ الثَّالِثُ الْعِتْقُ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ ) فِي فَسْخِ النِّكَاحِ ( لِأَمَةٍ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ ) أَوْ مُبَعَّضٍ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ { أَنَّ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ .
فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ زَوَّجَهَا عَبْدًا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا } لِتَضَرُّرِهَا بِالْمَقَامِ تَحْتَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تَتَعَيَّرُ بِهِ وَأَنَّ لِسَيِّدِهِ مَنْعَهُ عَنْهَا وَأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى وَلَدِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ ؛ لِأَنَّ الْكَمَالَ الْحَادِثَ لَهَا حَاصِلٌ لَهُ فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَسْلَمَتْ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا قَالَهُ مَا لَوْ عَتَقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مَرَضِ مَوْتِ السَّيِّدِ وَكَانَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثَّالِثِ إلَّا بِمَهْرِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا لِلُزُومِ الدَّوْرِ إذْ لَوْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ سَقَطَ مَهْرُهَا وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ فَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ الْوَفَاءِ بِهَا فَلَا تُعْتَقُ كُلُّهَا .
فَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا أَمْ عَيْنًا بِيَدِ الزَّوْجِ أَوْ بِيَدِ سَيِّدِهَا وَهُوَ بَاقٍ أَوْ تَالِفٌ ( لَا عَكْسُهُ ) بِأَنْ عَتَقَ الْعَبْدُ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ فَلَا خِيَارَ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِ النَّاقِصَةِ وَيُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ بِالطَّلَاقِ
السَّبَبُ الثَّالِثُ الْعِتْقُ ) ( قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِأَمَةٍ عَتَقَتْ ) أَيْ كُلَّهَا أَوْ بَاقِيهَا وَلَوْ بِقَوْلِ زَوْجِهَا شَمَلَ مَسْأَلَةً حَسَنَةً وَهِيَ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدٍ فَادَّعَتْ عَلَى سَيِّدِهَا أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ بَقِيَتْ عَلَى رِقِّهَا وَهَلْ لَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي قَالَ شَيْخُنَا سَمِعْت شَيْخِي أَبَا عَلِيٍّ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ فِي زَعْمِهِمَا وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا وَإِنَّمَا رَدَّ قَوْلَهَا فِي حَقِّ السَّيِّدِ لَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ قَالَ فَعَلَى هَذَا لَوْ فَسَخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَسْقُطْ صَدَاقُهَا لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ وَلَوْ أَنَّهَا فَسَخَتْ النِّكَاحَ ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ وَأَيْسَرَ فَهَلْ لَهُ نِكَاحُهَا قَالَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالْأَصَحُّ لَا لِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ فِي الظَّاهِرِ وَأَوْلَادُهَا تُجْعَلُ أَرِقَّاءَ وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا إذَا كَانَا مُبَعَّضَيْنِ وَإِنْ زَادَتْ حُرِّيَّتُهَا
( وَلَا أَثَرَ ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ ( لِلْكِتَابَةِ ) لِلْأَمَةِ ( وَعِتْقُ الْبَعْضِ ) مِنْهَا لِبَقَاءِ النُّقْصَانِ وَأَحْكَامِ الرِّقِّ وَيَتَوَقَّفُ خِيَارُ الْعِتْقِ ( عَلَى بُلُوغِ صَبِيَّةٍ وَإِفَاقَةِ مَجْنُونَةٍ ) لِعَدَمِ اعْتِبَارِ قَوْلِهِمَا وَلَا يَقُومُ الْوَلِيُّ مَقَامَهُمَا فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ شَهْوَةٍ وَطَبْعٍ
( قَوْلُهُ وَعَتَقَ الْبَعْضُ مِنْهَا ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُعْتِقُهَا مُعْسِرًا
( وَلِلزَّوْجِ الْوَطْءُ ) لِلْعَتِيقَةِ ( مَا لَمْ تَفْسَخْ ) لِبَقَاءِ النِّكَاحِ ( فَإِنْ عَتَقَ هُوَ مَعَهَا اسْتَقَرَّ النِّكَاحُ ) فَلَا خِيَارَ لَهَا .
( وَكَذَا ) لَوْ عَتَقَ ( قَبْلَ فَسْخِهَا ) لِزَوَالِ الضَّرَرِ وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ زَوَالِهِ وَفِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ بَيْعِ مَا تَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ وَلَوْ فَسَخَتْ بِنَاءً عَلَى بَقَاءِ رِقِّهِ فَبَاتَ خِلَافُهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ بُطْلَانُ الْفَسْخِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ
( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ عَتَقَ قَبْلَ فَسْخِهَا ) الْحُكْمُ فِيمَا إذَا عَتَقَ مَعَ فَسْخِهَا كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ بُطْلَانُ الْفَسْخِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الْفَسْخِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا
( فُرُوعٌ ) ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ ( لَوْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ ) طَلَاقٍ ( رَجْعِيٍّ فَلَهَا ) فِي الْعِدَّةِ ( الْفَسْخُ ) لِتَقْطَعَ عَنْ نَفْسِهَا تَطْوِيلَ الْعِدَّةِ وَسَلْطَنَةَ الرَّجْعَةِ ( وَ ) لَهَا ( تَأْخِيرُهُ ) إلَى الرَّجْعَةِ وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا ؛ لِأَنَّهَا بِصَدَدِ الْبَيْنُونَةِ وَقَدْ لَا يُرَاجَعُ فَيَحْصُلُ الْفِرَاقُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ جِهَتِهَا الرَّغْبَةُ عَنْهُ ( لَا ) أَيْ لَهَا مَا ذُكِرَ لَا ( الْإِجَازَةُ ) أَيْ لَا تَنْفُذُ مِنْهَا ؛ لِأَنَّهَا مُحْرِمَةٌ صَائِرَةٌ إلَى الْبَيْنُونَةِ فَلَا يُلَائِمُ حَالُهَا الْإِجَازَةَ بِخِلَافِ الْفَسْخِ فَإِنَّهُ يُؤَكِّدُ التَّحْرِيمَ ( فَإِذَا فَسَخَتْ بَنَتْ عَلَى ) مَا مَضَى مِنْ ( الْعِدَّةِ ) كَمَا لَوْ طَلَّقَ الرَّجْعِيَّةَ ( وَعِدَّتُهَا عِدَّةُ حُرَّةٍ ) كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا .
( وَمَنْ طَلُقَتْ ) طَلَاقًا ( بَائِنًا قَبْلَ فَسْخِهَا بِعِتْقٍ أَوْ عَيْبٍ بَطَلَ خِيَارُهَا ) لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ فِي الرِّدَّةِ حَتَّى يُوقَفَ ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ بِهَا يَسْتَنِدُ إلَى حَالَتِهَا فَيَتَبَيَّنُ عَدَمُ مُصَادَفَةِ الطَّلَاقِ النِّكَاحَ وَالْفَسْخُ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْعَيْبِ لَا يَسْتَنِدُ إلَى مَا قَبْلَهُ أَمَّا مَنْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ
( الثَّانِي لَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهَا مِنْ الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِإِثْبَاتِ حَقِّهِ مِنْ الْمَهْرِ ) لِتَضَرُّرِهَا بِتَرْكِهِ ( وَمَتَى فَسَخَتْ وَقَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ وَجَبَ الْمُسَمَّى ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ ( أَوْ بَعْدَهُ وَهِيَ جَاهِلَةٌ ) بِعِتْقِهَا ( فَمَهْرُ الْمِثْلِ ) يَجِبُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ الْفَسْخِ فَكَأَنَّهُ وُجِدَ يَوْمَ الْعَقْدِ ( وَمَهْرُهَا لِلسَّيِّدِ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسَمَّى أَمْ مَهْرَ الْمِثْلِ فَسَخَتْ أَوْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ وَجَرَى فِي الْعَقْدِ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ ( إلَّا إذَا كَانَتْ مُفَوَّضَةً ) بِأَنْ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا كَذَلِكَ ( وَوَطِئَهَا ) الزَّوْجُ ( أَوْ فَرَضَ لَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ ) فِيهِمَا فَالْمَهْرُ لَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَهْرَ الْمُفَوَّضَةِ يَجِبُ بِالدُّخُولِ أَوْ بِالْفَرْضِ لَا بِالْعَقْدِ .
بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَهَا أَوْ فَرَضَ لَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْفَرْضِ قَبْلَ عِتْقِهَا وَمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَالْوَطْءِ وَالْفَرْضِ
( قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ وَهِيَ جَاهِلَةٌ ) أَيْ أَوْ نَائِمَةً أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ سَكْرَى
( الثَّالِثُ خِيَارُ الْعِتْقِ عَلَى الْفَوْرِ ) كَمَا فِي خِيَارِ عَيْبِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ ( فَإِنْ ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ وَأَمْكَنَ ) كَأَنْ كَانَ السَّيِّدُ غَائِبًا وَقْتَ الْعِتْقِ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهَا وَظَاهِرُ الْحَالِ يُصَدِّقُهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ كَانَتْ مَعَ سَيِّدِهَا بِمَكَانٍ وَاحِدٍ وَبَعْدَ خَفَاءِ الْعِتْقِ عَلَيْهَا ( فَقَوْلُهُ ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ( وَإِذَا ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ صُدِّقَتْ ) بِيَمِينِهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهَا وَيُخَالِفُ خِيَارَ عَيْبِ الْبَيْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعِي قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَلَمْ يَنْشَأْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ ؛ لِأَنَّهُ مَشْهُورٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ وَهَذَا خَفِيٌّ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ ( أَوْ ) ادَّعَتْ الْجَهْلَ ( بِكَوْنِهِ فَوْرًا فَكَذَلِكَ ) أَيْ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الْعَيْبِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ لَا تُصَدَّقُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ .
وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَهَؤُلَاءِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يَخْفَى عَلَيْهَا ذَلِكَ وَمَنْ لَا يَخْفَى بِأَنْ تَكُونَ قَدِيمَةَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَخَالَطَتْ أَهْلَهُ لَكِنْ قَيَّدَهُ الْبَارِزِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَالْعَبَّادِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْنِ نَقَلَهُمَا عَنْهُ الْأَصْلُ بِمَنْ يَخْفَى عَلَيْهَا ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا وَجْهَ لَهُ ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْخِيَارِ عَلَى الْفَوْرِ مِمَّا أُشْكِلَ عَلَى الْعُلَمَاءِ فَعَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَوْلَى وَنَقَلَ هُوَ وَنَحْوَهُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَوَجَّهَ الرَّافِعِيُّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ تَصْدِيقِهَا مُطْلَقًا بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ عَلِمَ الْخِيَارَ عَلِمَ فَوْرِيَّتَهُ وَبِأَنَّ خِيَارَ النَّقِيصَةِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْفَوْرِ فَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْخِيَارَ هُنَا بِسَبَبِ النَّقِيصَةِ أَشْبَهَ أَنْ
تَعْلَمَ الْتِحَاقَهُ بِهِ وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ ( وَتُفْسَخُ ) الْعَتِيقَةُ ( بِلَا ) مُرَاجَعَةِ ( حَاكِمٍ ) ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ فَأَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالشُّفْعَةِ
( قَوْلُهُ أَيْ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الْعَيْبِ إلَخْ ) وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ
( السَّبَبُ الرَّابِعُ الْعُنَّةُ ) وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْعَجْزِ عَنْ الْوَطْءِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ وَبَيْنَ الْحَظِيرَةِ الْمُعَدَّةِ لِلْإِبِلِ وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالتَّعْنِينِ ( وَيَثْبُتُ ) لِلْمَرْأَةِ ( بِهَا الْخِيَارُ وَكَذَا بِالْجَبِّ إلَّا إنْ بَقِيَ ) مِنْ الذَّكَرِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُولِجَ مِنْهُ ( قَدْرَ الْحَشَفَةِ ) فَأَكْثَرَ وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْخِيَارُ ( فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْوَطْءِ بِهِ ) أَيْ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ ( أَوْ ) عَجَزَ عَنْهُ ( لِزَمَانَةٍ ) وَفِي نُسْخَةٍ لِزَمَانَتِهِ ( ضُرِبَتْ لَهُ الْمُدَّةُ ) كَالسَّلِيمِ الْعَاجِزِ ( لَا ) يَعْنِي يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ لِأَجْلِ مَا ذُكِرَ لَا ( لِلْخِصَاءِ ) الْقَائِمِ بِزَوْجِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ مَوْجُوءَ الْخُصْيَتَيْنِ أَمْ مَسْلُولَهُمَا لِبَقَاءِ آلَةِ الْجِمَاعِ وَقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَيُقَالُ إنَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْزِلُ وَلَا يَعْتَرِيهِ فُتُورٌ
قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَبْقَى قَدْرُ الْحَشَفَةِ فَأَكْثَرُ إلَخْ ) شَمَلَ مَا لَوْ ادَّعَى الْقُدْرَةَ بِبَقِيَّةِ الْمَقْطُوعِ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( وَطِئَهَا فِي الْقُبُلِ ) فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ ( ثُمَّ عَنَّ فَلَا خِيَارَ ) لَهَا ؛ لِأَنَّهَا عَرَفَتْ قُدْرَتَهُ وَوَصَلَتْ إلَى حَقِّهَا مِنْهُ وَالْعَجْزُ بَعْدَهُ لِعَارِضٍ قَدْ يَزُولُ ( وَإِنْ عَنَّ عَنْ امْرَأَةٍ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ امْرَأَةٍ أُخْرَى لَهُ ( أَوْ عَنْ الْبِكْرِ ) دُونَ الثَّيِّبِ ( فَلَهَا الْخِيَارُ ) لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ وَقَدْ يَتَّفِقُ الْأَوَّلُ لِانْحِبَاسِ شَهْوَةٍ عَنْ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ بِسَبَبِ نَفْرَةٍ أَوْ حَيَاءٍ وَيَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهَا لِمَيْلٍ أَوْ أُنْسٍ أَمَّا الْعَجْزُ الْمُحَقَّقُ لِضَعْفٍ فِي الدِّمَاغِ أَوْ الْقَلْبِ أَوْ الْكَبِدِ أَوْ لِخَلَلٍ فِي نَفْسِ الْآلَةِ فَلَا يَخْتَلِفُ بِالنِّسْوَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا قَالُوهُ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْبِكْرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إزَالَةُ بَكَارَتِهَا بِأُصْبُعِهِ أَوْ نَحْوِهَا إذْ لَوْ جَازَ لَمْ يَكُنْ عَجْزُهُ عَنْ إزَالَتِهَا مُثْبِتًا لِلْخِيَارِ أَيْ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْوَطْءِ بَعْدَ إزَالَةِ الْبَكَارَةِ بِذَلِكَ
( قَوْلُهُ وَإِنْ عَنَّ عَنْ امْرَأَةٍ أَوْ عَنْ الْبِكْرِ إلَخْ ) بَعْدَ التَّأْجِيلِ كَمَا فِي الْعِنِّينِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ إذْ لَوْ جَازَ لَمْ يَكُنْ عَجْزُهُ عَنْ إزَالَتِهَا مُثْبِتًا لِلْخِيَارِ إلَخْ ) لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ إذْ هُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ يَثْبُتُ لِلزَّوْجِ الْخِيَارُ بِكَوْنِهَا رَتْقَاءَ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ شِقِّهَا إيَّاهُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَقَدْ قَالُوا فَإِنْ شَقَّتْ الرِّقَّ وَأَمْكَنَ الْوَطْءُ بَطَلَ خِيَارُهُ فَكَذَلِكَ هُنَا إذَا أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ وَأَمْكَنَ الْوَطْءُ سَقَطَ خِيَارُهُ .
وَوَجْهُ مَا ذَكَرْته أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ شَرْعًا فَلَا يَضُرُّهُ الْخَطَأُ فِي طَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَتْ هُوَ قَادِرٌ ) عَلَى الْوَطْءِ ( وَ ) لَكِنَّهُ ( يَمْتَنِعُ ) مِنْهُ ( بَطَلَ خِيَارُهَا ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَلَا خِيَارَ لَهَا كَمَا لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ إذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسَلُّمِ الثَّمَنِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ إذَا امْتَنَعَ زَوْجُهَا مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مَعَ الْقُدْرَةِ فِيهِمَا ( فَلَوْ طَالَبَتْهُ بِوَطْءِ مَرَّةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ ) الْوَطْءُ وَإِنْ حَصَلَ لَهَا بِهِ التَّمَتُّعُ وَاسْتِقْرَارُ الْمَهْرِ ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَلَا يُلْزَمُ بِهِ كَسَائِرِ الْوَطَآتِ
( فَرْعٌ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ ) فِي قُبُلِ الثَّيِّبِ وَفِي قُبُلِ الْبِكْرِ ( مَعَ إزَالَةِ الْبَكَارَةِ وَطْءٌ كَامِلٌ ) ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ كُلَّهَا مَنُوطَةٌ بِهِ كَالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْصِينِ وَالْحُدُودِ وَلِأَنَّ الْحَشَفَةَ هِيَ الَّتِي تُحِسُّ لَذَّةَ الْجِمَاعِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ فِي الْبِكْرِ مَعَ عَدَمِ إزَالَةِ الْبَكَارَةِ لِكَوْنِهَا غَوْرَاءَ لَيْسَ وَطْئًا كَامِلًا فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْغَرَضُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَدَمُ إزَالَتِهَا لِرِقَّةِ الذَّكَرِ فَإِنَّهُ وَطْءٌ كَامِلٌ ( وَكَذَا قَدْرِهَا ) أَيْ تَغْيِيبُ قَدْرِهَا ( مِنْ الْمَقْطُوعِ ) كَمَا فِي سَائِرِ أَحْكَامِ الْوَطْءِ ( فَإِنْ أَوْلَجَ ) مَا ذُكِرَ فِي الْقُبُلِ ( وَالشُّفْرَانِ مُنْقَلِبَانِ ) إلَى الْبَاطِنِ بِحَيْثُ يُلَاقِي مَا أَوْلَجَهُ مَا انْعَكَسَ مِنْ الْبَشَرَةِ الظَّاهِرَةِ ( فَتَرَدُّدٌ ) لِلْإِمَامِ ؛ لِأَنَّ مَا أَوْلَجَهُ حَصَلَ فِي حَيِّزِ الْبَاطِنِ .
( قَوْلُهُ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ كُلَّهَا مَنُوطَةٌ بِهِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سَيَأْتِي عَنْ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَصَوُّرِ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ أَنَّهُ لَوْ غَيَّبَ فِي الْقُبُلِ بَعْضَ الْحَشَفَةِ وَأَنْزَلَ مَاءَهُ فِيهِ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ وَيُكْمِلُ الْمَهْرَ وَلَا يَسْقُطُ حُكْمُ الْعُنَّةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْقُطُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ ا هـ مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الْمَهْرِ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ ( قَوْلُهُ فَتَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ إلَخْ ) زَادَ الْإِمَامُ وَإِنْ الْتَفَّ بِهِ الشُّفْرَانِ أَيْ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ تَرَتُّبِ حُكْمِ الْإِيلَاجِ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا أَوْلَجَهُ حَصَلَ فِي حَيِّزِ الْبَاطِنِ ) الْأَوْجَهُ أَنَّهُ وَطْءٌ كَامِلٌ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَكَمَا لَوْ أَوْلَجَهَا وَعَلَيْهَا حَائِلٌ وَلَوْ خَشِنًا
( فَصْلٌ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْعُنَّةُ بِإِقْرَارِهِ ) عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ وَشَهِدَا بِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ بِيَمِينِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ نُكُولِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهَا بِالْبَيِّنَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لِلشُّهُودِ عَلَيْهَا ( فَإِنْ أَنْكَرَ ) عُنَّتَهُ ( وَحَلَفَ فَلَا مُطَالَبَةَ ) بِتَحْقِيقِ مَا قَالَهُ بِالْوَطْءِ وَيُمْتَنَعُ الْفَسْخُ ( وَإِنْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( حَلَفَتْ ) وَثَبَتَتْ عُنَّتُهُ ( وَلَهَا ذَلِكَ ) أَيْ الْحَلِفُ ( عِنْدَ الظَّنِّ ) لِعُنَّتِهِ ( بِالْقَرَائِنِ ) كَمَا تَحْلِفُ أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ بِالْكِنَايَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ بِهَا إذْ لَا تَعْرِفُ الشُّهُودُ مِنْ ذَلِكَ مَا تَعْرِفُهُ هِيَ ( ثُمَّ ) بَعْدَ ثُبُوتِ عُنَّتِهِ ( تُضْرَبُ الْمُدَّةُ ) أَيْ يَضْرِبُهَا الْقَاضِي لَهُ ( بِطَلَبِهَا ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا ( وَلَوْ بِمَا ) أَيْ بِقَوْلِهَا أَنَا طَالِبَةٌ حَقِّي عَلَى مَا ( يَجِبُ لِي ) عَلَيْهِ ( شَرْعًا ) وَإِنْ جَهِلَتْ تَفْصِيلَ الْحُكْمِ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْأَمَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْحُرِّ عُنَّتَهُ لِلُزُومِ الدَّوْرِ ؛ لِأَنَّ سَمَاعَهَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ خَوْفِ الْعَنَتِ وَبُطْلَانَ خَوْفِهِ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ النِّكَاحِ وَبُطْلَانُهُ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ سَمَاعِ دَعْوَاهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إذَا ادَّعَتْ عَنْهُ مُقَارَنَةً لِلْعَقْدِ وَإِلَّا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهَا لِانْتِفَاءِ الدَّوْرِ وَالْمُدَّةُ تُضْرَبُ ( سَنَةً ) كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ .
وَتَابَعَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ وَقَالُوا تَعَذُّرُ الْجِمَاعِ قَدْ يَكُونُ لِعَارِضِ حَرَارَةٍ فَيَزُولُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ بُرُودَةٍ فَيَزُولُ فِي الصَّيْفِ أَوْ يُبُوسَةٍ فَتَزُولُ فِي الرَّبِيعِ أَوْ رُطُوبَةٍ فَتَزُولُ فِي الْخَرِيفِ فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَطَأْ عَلِمْنَا أَنَّهُ عَجْزٌ خِلْقِيٌّ ( حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ) مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شُرِعَ لِأَمْرٍ جِبِلِّيٍّ فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ وَالرَّضَاعَ فَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي كَوْنِ الْمُدَّةِ
سَنَةً ( ابْتِدَاؤُهَا مِنْ ) وَقْتِ ( ضَرْبِ الْقَاضِي ) لَهَا لَا مِنْ وَقْتِ إقْرَارِهِ أَوْ حَلِفِهَا ؛ لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا بِخِلَافِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّهَا مِنْ وَقْتِ الْحَلِفِ لِلنَّصِّ ( فَإِنْ سَكَتَتْ عَنْ ضَرْبِ الْمُدَّةِ فَلِلْقَاضِي تَنْبِيهُهَا إنْ كَانَ ) سُكُوتُهَا ( لِجَهْلٍ أَوْ دَهْشَةٍ وَإِنْ انْقَضَتْ ) أَيْ السَّنَةُ وَلَمْ يَطَأْهَا وَلَمْ تَعْتَزِلْهُ فِيهَا ( رَفَعَتْهُ ) إلَى الْقَاضِي ( ثَانِيًا ) فَلَا تُفْسَخْ بِلَا رَفْعٍ إذْ مَدَارُ الْبَابِ عَلَى الدَّعْوَى وَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ وَالْيَمِينِ فَيُحْتَاجُ إلَى نَظَرِ الْقَاضِي وَاجْتِهَادِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ الرَّفْعَ ثَانِيًا بَعْدَ السَّنَةِ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ ( فَإِنْ ادَّعَى ) بَعْدَ الرَّفْعِ ( الْإِصَابَةَ ) فِي السَّنَةِ وَأَنْكَرَتْهَا ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) لِعُسْرِ إقَامَةِ بَيِّنَةِ الْجِمَاعِ .
وَالْأَصْلُ السَّلَامَةُ وَدَوَامُ النِّكَاحِ ( وَلَوْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( حَلَفَتْ ) هِيَ أَنَّهُ مَا أَصَابَهَا ( وَفَسَخَتْ ) وَلَهَا هِيَ الْفَسْخُ أَيْضًا بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ امْتَهَلَ فَكَمَا فِي الْإِيلَاءِ ) أَيْ فَيُمْهَلُ يَوْمًا فَأَقَلَّ ( وَلَا تَسْتَقِلُّ ) هِيَ ( بِالْفَسْخِ إلَّا بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ ) أَيْ ثُبُوتًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ أَوْ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَاخْتَارِي ) فَتَسْتَقِلُّ بِهِ حِينَئِذٍ كَمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ مَنْ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَاسْتَشْكَلَ بِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا بِالْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخِيَارَ ثَمَّ عَلَى التَّرَاخِي وَهُنَا عَلَى الْفَوْرِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي لَهَا فِيهِ وَقَوْلُهُ فَاخْتَارِي لَا يَقْتَضِي تَوَقُّفَهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي تَوَقُّفَهُ عَلَى تَخْيِيرِهِ لَهَا كَذَا قِيلَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ فَاخْتَارِي لَيْسَ
شَرْطًا بَلْ الْمُرَادُ بِهِ إعْلَامُهَا بِدُخُولِ وَقْتِ الْفَسْخِ حَتَّى لَوْ بَادَرَتْ وَفَسَخَتْ قَبْلَهُ نَفَذَ فَسْخُهَا وَيُؤَيِّدُهُ حَذْفُ الرَّافِعِيِّ لَهُ مِنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ( فَإِنْ فَسَخَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ وَلَوْ قَبْلَ تَنْفِيذِ الْقَاضِي فَسْخَهَا لَغَا الرُّجُوعُ ) لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ بِالْفَسْخِ
( قَوْلُهُ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ أَيْ وَغَيْرُهُ ) وَقَوْلُهُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْأَمَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْهُ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُمَا وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ حَذَفَ الرَّافِعِيِّ لَهُ مِنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ) وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي النِّهَايَةِ وَمُرَادُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ بِلَا شَكٍّ
( فَرْعٌ لَوْ ) ( سَافَرَ ) الزَّوْجُ ( مُدَّةَ الْإِمْهَالِ ) الْمَضْرُوبَةِ ( حُسِبَتْ ) لِئَلَّا يَتَّخِذَ السَّفَرَ دَافِعًا لِلْمُطَالَبَةِ بِالْفَسْخِ وَمِثْلُهُ حَبْسُهُ وَمَرَضُهُ وَحَيْضُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ النِّفَاسَ كَالْحَيْضِ ( وَإِنْ اعْتَزَلَتْهُ ) فِي الْمُدَّةِ وَلَوْ بِعُذْرٍ كَحَبْسٍ ( أَوْ مَرِضَتْ ) فِيهَا مَرَضًا يَمْنَعُ الْوَطْءَ عَادَةً ( لَمْ تُحْسَبْ ) ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْوَطْءِ حِينَئِذٍ يُضَافُ إلَيْهَا ( وَاسْتُؤْنِفَتْ ) سَنَةٌ أُخْرَى إنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضِهَا ( أَوْ انْتَظَرَتْ مُضِيَّ ) مِثْلِ ( ذَلِكَ الْفَصْلِ مِنْ السَّنَةِ الْأُخْرَى ) فِي صُورَةِ الْبَعْضِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاسْتِلْزَامِهِ الِاسْتِئْنَافَ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفَصْلَ إنَّمَا يَأْتِي فِي سَنَةٍ أُخْرَى قَالَ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ انْعِزَالُهَا عَنْهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْفَصْلِ مِنْ قَابِلٍ بِخِلَافِ الِاسْتِئْنَافِ .
( قَوْلُهُ لَوْ سَافَرَ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ حُسِبَتْ ) يُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَ السَّفَرُ وَاجِبًا كَسَفَرِ الْجِهَادِ وَنَحْوِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ حَبْسَهُ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا مَعَهُ وَلَا الْخَلَاصُ مِنْهُ وَمَرَضَهُ الَّذِي لَا يُجَامِعُ فِيهِ لِشِدَّتِهِ وَإِلْهَائِهِ عَنْ ذَلِكَ يَمْنَعَانِ الِاحْتِسَابَ قَطْعًا لِأَنَّ شَرْطَ الْمَطْلُوبِ الْإِمْكَانُ فَفِي النِّهَايَةِ لَوْ ضَرَبْنَا مُدَّةَ الْعُنَّةِ فَحِيلَ فِيهَا بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ حَيْلُولَةً ضَرُورِيَّةً فَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ الْمُدَّةُ غَيْرُ مُحْتَسَبَةٍ وَفِي الْبَسِيطَيْنِ الْمُدَّةُ تُحْسَبُ إذَا لَمْ تَعْتَزِلْ الْمَرْأَةُ مِنْهُ وَلَوْ انْعَزَلَ الزَّوْجُ قَصْدًا حُسِبَتْ الْمُدَّةُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ بِعُذْرٍ كَحَبْسٍ ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ حَبْسَهَا يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْحَابِسُ لَهَا عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهَا فَفِي كَوْنِهِ يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْهُ وَقَدْ يَتَّخِذُهُ ذَرِيعَةً لِتَرْكِ الْوَطْءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ أَوْ مَرِضَتْ ) لَمْ يَذْكُرُوا هُنَا إحْرَامَهَا وَلَا صَوْمَهَا وَلَا اعْتِكَافَهَا وَاسْتِحَاضَتَهَا لِأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ الْوَطْءَ نَعَمْ لَوْ تَحَيَّرَتْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَمْ أَرَ فِيهِ صَرِيحًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ لِدَوَامِ الْمَانِعِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ ( قَوْلُهُ قَالَ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ إذَا مَضَى لَهُ مِنْ السَّنَةِ سِتَّةٌ أَشْهُرٍ ثُمَّ أَحْرَمَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ هَرَبَتْ فَقَدْ قُلْنَا إنَّ مُدَّةَ إحْرَامِهَا وَهَرَبِهَا غَيْرُ مَحْسُوبٍ عَلَى الزَّوْجِ
( فَرْعٌ هَذَا الْفَسْخُ ) أَيْ الْفَسْخُ بِالتَّعْنِينِ ( عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ ) كَالْفَسْخِ بِسَائِرِ الْعُيُوبِ ( وَكَذَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ) فَلَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ إلَّا بَعْدَهَا ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ إنَّمَا يَثْبُتُ حِينَئِذٍ ( فَرِضَاهَا بِهِ ) أَيْ بِالتَّعْنِينِ ( قَبْلَ ضَرْبِ الْقَاضِي ) الْمُدَّةَ ( أَوْ فِي أَثْنَائِهَا لَا يُبْطِلُهُ ) أَيْ الْفَسْخَ بَعْدَهَا لِسَبْقِهِ ثُبُوتَ الْحَقِّ فَالرِّضَا قَبْلَهُ كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ جَرَيَانِ الْبَيْعِ ( أَوْ بَعْدَهَا أَبْطَلَهُ ) كَمَا فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْمُولِي وَالْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ وَقَصْدِ الْمُضَارَّةِ وَتَجَدُّدِ النَّفَقَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَالْعُنَّةُ عَيْبٌ وَاحِدٌ لَا يُتَوَقَّعُ زَوَالُهَا غَالِبًا ( فَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ) طَلَاقًا ( رَجْعِيًّا وَيُتَصَوَّرُ ) أَيْ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ يُزِيلُ الْعُنَّةَ ( بِاسْتِدْخَالِهَا مَاءَهُ وَبِوَطْئِهَا فِي الدُّبُرِ ثُمَّ ) بَعْدُ إنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ( رَاجَعَهَا لَمْ يَعُدْ حَقُّ الْفَسْخِ ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ وَاحِدٌ ) وَقَدْ رَضِيَتْ بِعُنَّةِ الزَّوْجِ فِيهِ وَالرَّجْعَةُ فِي حُكْمِ الِاسْتِدَامَةِ .
( وَإِذَا بَانَتْ ) مِنْهُ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةٍ ( وَجَدَّدَ نِكَاحَهَا أَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُنَّتِهِ لَمْ تَسْقُطْ مُطَالَبَتُهَا ) بِالْفَسْخِ ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى نِكَاحٌ جَدِيدٌ فَيَتَوَفَّرُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ قَدْ يَعُنَّ عَنْ امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى وَعَنْ نِكَاحٍ دُونَ آخَرَ ( وَإِذَا فُسِخَتْ بِالْعُنَّةِ فَلَا مَهْرَ ) لَهَا ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ
( فَرْعٌ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْعُنَّةِ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ ) فِي ضَرْبِ الْمُدَّةِ وَفَسْخِ النِّكَاحِ ( إقْرَارُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ بِالْعُنَّةِ أَوْ يَمِينُهَا بَعْدَ نُكُولِهِ وَقَوْلُهُمَا سَاقِطٌ وَلِأَنَّهُمَا غَالِبًا لَا يُجَامِعَانِ وَرُبَّمَا يُجَامِعَانِ بَعْدَ الْكَمَالِ ( فَإِنْ ضُرِبَتْ ) أَيْ الْمُدَّةُ ( عَلَى عَاقِلٍ فَجُنَّ ) فِي أَثْنَائِهَا ( ثُمَّ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ ) وَهُوَ مَجْنُونٌ ( لَمْ يُطَالَبْ ) بِالْفَسْخِ ( حَتَّى يُفِيقَ ) مِنْ جُنُونِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ .
( فَصْلٌ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُ الْوَطْءَ ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ وَافَقَ عَلَى جَرَيَانِ خَلْوَةٍ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَلَوْ ادَّعَى وَطْأَهَا بِتَمْكِينِهَا وَطَلَبَ تَسْلِيمَهَا إلَيْهِ فَأَنْكَرَتْهُ وَامْتَنَعَتْ لِتَسْلِيمِ الْمَهْرِ صُدِّقَتْ أَوْ ادَّعَتْ جِمَاعَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَطَلَبَتْ جَمِيعَ الْمَهْرِ فَأَنْكَرَهُ صُدِّقَ ( إلَّا ثَلَاثَةً ) أَحَدُهَا ( الْعِنِّينُ فِي ) دَعْوَى ( الْإِصَابَةِ ) بِأَنْ ادَّعَاهَا وَأَنْكَرَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ كَمَا مَرَّ ( وَلَوْ كَانَ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ إنْ بَقِيَ ) مِنْهُ ( مَا يُمْكِنُ بِهِ الْوَطْءُ ) سَوَاءٌ ادَّعَى ذَلِكَ قَبْلَ الْمُدَّةِ أَمْ بَعْدَهَا ( فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي إمْكَانِ الْوَطْءِ بِهِ ) أَيْ بِالْمَقْطُوعِ ( صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ) لِزَوَالِ أَصْلِ السَّلَامَةِ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ جَبَّهُ وَأَنْكَرَ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ الصَّحِيحُ ( فَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعٌ ) مِنْ النِّسْوَةِ بِبَكَارَتِهَا ( صُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ ) لِدَلَالَةِ الْبَكَارَةِ عَلَى صِدْقِهَا .
( فَإِنْ ادَّعَى عَوْدَهَا ) بِأَنْ قَالَ بَعْدَ شَهَادَتِهِنَّ أَصَبْتهَا وَلَمْ أُبَالِغْ فَعَادَتْ بَكَارَتُهَا وَطَلَبَ يَمِينَهَا ( حَلَفَتْ ) أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا أَوَانَ بَكَارَتِهَا هِيَ الْأَصْلِيَّةُ وَلَهَا الْفَسْخُ بِعُنَّتِهِ بَعْدَ يَمِينِهَا فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا لَمْ تَحْلِفْ وَمَا فُرِّعَ عَلَيْهِ هَذَا مِنْ تَصْدِيقِهَا بِلَا يَمِينٍ هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ فَقَالَ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ إنْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ إلَى آخِرِهِ وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَابْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ كَجٍّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهَا تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ لِعَدَمِ الْمُبَالَغَةِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الزَّوْجُ شَيْئًا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاحْتِيَاطِ انْتَهَى وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ
لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الثَّانِي وَفِي كَلَامِ الْأَصْلِ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَعَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ظَاهِرُ النَّصِّ أَنَّهَا لَا تَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَطْلُبَ الزَّوْجُ يَمِينَهَا قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الدَّعْوَى فَلَا مَعْنَى لِلِاحْتِيَاطِ لَهُ .
( فَلَوْ نَكَلَتْ ) عَنْ الْيَمِينِ ( حَلَفَ ) وَلَا خِيَارَ لَهَا ( وَلَوْ نَكَلَ ) أَيْضًا ( فَسُخْت بِلَا يَمِينٍ ) وَيَكُونُ نُكُولُهُ كَحَلِفِهَا ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ بَكَارَتَهَا هِيَ الْأَصْلِيَّةُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا الْقَاعِدَةَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِالنُّكُولِ الْمُجَرَّدِ فَذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعِي وَكَانَ حَلِفُهُ يُثْبِتُ لَهُ حَقًّا أَمَّا لَوْ كَانَ حَلِفُهُ يُسْقِطُ عَنْهُ حَقًّا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّا نُلْزِمُهُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ لَا ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ بِالنُّكُولِ بَلْ مُؤَاخَذَةٌ لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِالْعُنَّةِ وَعَدَمُ ظُهُورِ مُقْتَضَى الْوَطْءِ أَيْ وَبِالْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِبَقَاءِ بَكَارَتِهَا ( وَلَوْ ادَّعَى ) بَعْدَ الْمُدَّةِ ( امْتِنَاعَهَا ) مِنْ التَّمْكِينِ فِيهَا وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ النِّكَاحِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ فَيَحْلِفُ بِيَمِينِهِ كَانَ أَوْلَى ( وَيَضْرِبُ ) لَهُ الْقَاضِي بَعْدَ حَلِفِهِ ( مُدَّةً أُخْرَى وَيُسْكِنُهُمَا بِجَنْبِ ) قَوْمٍ ( ثِقَاتٍ ) يَتَفَقَّدُونَ حَالَهُمَا ( وَيَعْتَمِدُ الْقَاضِي قَوْلَهُمْ ) فِي ذَلِكَ .
قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ الصَّحِيحُ ) كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمْ عِنْدَ إمْكَانِهِ وَلَوْ ادَّعَتْ عَجْزَهُ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ وَادَّعَى أَنَّهَا امْتَنَعَتْ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حَكَمَ بِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ النِّكَاحِ فَإِذَا حَلَفَ ضَرَبَ الْقَاضِي مُدَّةً ثَانِيًا وَأَسْكَنَهُمَا فِي جِوَارِ قَوْمٍ ثِقَاتٍ يَتَفَقَّدُونَ حَالَهُمَا فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ اعْتَمَدَ الْقَاضِي قَوْلَ الثِّقَاتِ وَسَيَأْتِي ( قَوْلُهُ صُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ لِدَلَالَةِ الْبَكَارَةِ إلَخْ ) لَوْ كَانَتْ غَوْرَاءَ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالْقِيَاسُ تَحْلِيفُهُ أَوَّلًا كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ) وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ
( الثَّانِي الْمُولِي ) وَهُوَ ( كَالْعِنِّينِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ) بَلْ فِي أَكْثَرِهِ ( وَإِذَا طَلَّقَ عِنِّينٌ أَوْ مُولٍ ) قَبْلَ الْوَطْءِ زَوْجَتَهُ وَقَدْ ( حَلَفَا عَلَى الْوَطْءِ فَلَيْسَ لَهُمَا رَجْعَةٌ ) ؛ لِأَنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ بِيَمِينِهَا فِي إنْكَارِهَا الْوَطْءَ لِدَفْعِ رَجْعَتِهَا وَإِنْ صُدِّقَ الْأَوَّلُ لِدَفْعِ الْعُنَّةِ وَالثَّانِي لِدَفْعِ الْمُطَالَبَةِ عَنْهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِ الشَّخْصِ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ تَصْدِيقَهُ لِإِثْبَاتِ حَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ إذْ الْيَمِينُ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ ( كَالْمُودِعِ ) عِنْدَهُ عَيْنٌ فَإِنَّهُ ( يَصْدُقُ فِي ) دَعْوَى ( التَّلَفِ ) لَهَا بِلَا تَفْرِيطٍ بِيَمِينِهِ ( ثُمَّ إنْ غَرَّمَهُ مُسْتَحِقٌّ ) لَهَا بَدَلَهَا فِيمَا لَوْ ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً ( لَا يَرْجِعُ ) بِهِ الْمُودِعُ عِنْدَهُ ( عَلَى الْمُودَعِ إنْ حَلَفَ ) الْمُودِعُ ( أَنَّهَا لَمْ تَتْلَفْ عِنْدَهُ ) أَيْ عِنْدَ الْمُودَعِ عِنْدَهُ وَهُوَ خَائِنٌ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ بِأَنْ صَدَقَ بِأَنَّهَا تَلِفَتْ عِنْدَهُ أَوْ سَكَتَ أَوْ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ رَجَعَ عَلَيْهِ ( وَكَدَارٍ فِي يَدِ اثْنَيْنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا وَقَالَ الْآخَرُ ) بَلْ ( هِيَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ صُدِّقَ ) الْآخَرُ ( بِيَمِينِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ تَعْضِدُهُ .
( فَإِذَا بَاعَ مُدَّعِي الْكُلِّ نَصِيبَهُ ) الَّذِي خَصَّهُ مِنْهَا ( مِنْ ثَالِثٍ فَالْآخَرُ فِي ) أَخْذِ ( الشُّفْعَةِ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ ) بِمِلْكِهِ لِنِصْفِ الدَّارِ إنْ أَنْكَرَهُ الثَّالِثُ فَالْجَامِعُ بَيْنَ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ أَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِلدَّفْعِ وَلَا يُصَدَّقُ لِإِثْبَاتِ حَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ وَقَوْلُهُ وَإِذَا طَلَّقَ عِنِّينٌ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْلُ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى فِي الْإِيلَاءِ وَالرَّافِعِيُّ النَّظِيرَ .
ثُمَّ ( الثَّالِثُ مُطَلَّقَةٌ ادَّعَتْ الْوَطْءَ ) قَبْلَ الطَّلَاقِ ( لِتَسْتَوْفِيَ الْمَهْرَ ) وَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ لَا تُصَدَّقُ بَلْ هُوَ الْمُصَدَّقُ لِلْأَصْلِ كَمَا مَرَّ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ مُؤَاخَذَةً لَهَا بِقَوْلِهَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى وَلَهُ نِكَاحُ بِنْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا فِي الْحَالِ ( فَإِنْ أَتَتْ ) بَعْدَ دَعْوَاهَا الْوَطْءَ ( بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ ) ظَاهِرًا ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا ( إنْ لَمْ يَنْفِهِ ) لِتَرْجِيحِ جَانِبِهَا بِالْوَلَدِ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَتَقَرَّرُ جَمِيعُ الْمَهْرِ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى يَمِينِهَا ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ لَا يُفِيدُ تَحَقُّقَ الْوَطْءِ فَإِنْ نَفَاهُ عَنْهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا هُوَ مَحَلُّ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ تَصْدِيقِ النَّافِي وَيُسْتَثْنَى مَعَ مَا اسْتَثْنَاهُ أَشْيَاءُ مِنْهَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا إذَا ادَّعَتْ الْبَكَارَةَ الْمَشْرُوطَةَ وَأَنَّهَا زَالَتْ بِوَطْئِهِ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِدَفْعِ الْفَسْخِ وَمَا إذَا ادَّعَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا أَنَّ الْمُحَلِّلَ وَطِئَهَا وَفَارَقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَأَنْكَرَ الْمُحَلِّلُ الْوَطْءَ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِحِلِّهَا لِلْأَوَّلِ لَا لِتَقَرُّرِ مَهْرِهَا ؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَبَيِّنَةُ الْوَطْءِ مُتَعَذِّرَةٌ وَمَا إذَا قَالَ لَهَا وَهِيَ طَاهِرٌ أَنْت طَالِقٌ لِسُنَّةٍ ثُمَّ ادَّعَى وَطْأَهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ لِيَدْفَعَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ وَأَنْكَرَتْهُ فَيُصَدَّقُ هُوَ بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِعَدَمِ الْوَطْءِ ثُمَّ اخْتَلَفَا كَذَلِكَ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ لِمَا ذُكِرَ وَبِهِ أَجَابَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا ثُمَّ ادَّعَى الْإِنْفَاقَ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ فِي هَذِهِ الظَّاهِرُ الْوُقُوعُ
قَوْلُهُ وَأَنَّهَا لَوْ زَالَتْ بِوَطْئِهِ ) أَوْ زَالَتْ عِنْدَهُ ( قَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ قِيَاسُهُ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ فِيمَا لَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ وَاخْتَلَفَا فَقَالَ وَطِئْتُك قَبْلَ أَنْ تُسْلِمِي وَقَدْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَأَنْكَرَتْ الْوَطْءَ وَفِيمَا لَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَسْلَمَ وَاخْتَلَفَا فَقَالَ وَطِئْتُك قَبْلَ الرِّدَّةِ وَقَدْ حَصَلَ الْإِسْلَامُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَأَنْكَرَتْ الْوَطْءَ ( قَوْلُهُ وَبِهِ أَجَابَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ إلَخْ ) وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ ) وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِخُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا يَدُلُّ لِابْنِ الصَّلَاحِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا إذَا خَرَجَتْ وَقَالَ خَرَجْت بِإِذْنِي فَأَنْكَرَتْ صُدِّقْت بِيَمِينِهَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ثَمَّ خُرُوجُهَا وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِهِ وَادَّعَى وُجُودَ إذْنِهِ الْمَانِعِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ بِخِلَافِهِ هُنَا .
( فَرْعٌ ) إذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِالْمَهْرِ وَقَالَ قَدْ وَطِئْتُك فَلَا فَسْخَ لَك وَقَالَتْ لَمْ تَطَأْ فَلِي الْفَسْخُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قُلْته تَخْرِيجًا وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ ) مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ زَوْجَتِهِ ( وَيَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ ) مِنْهَا ( بِمَا سِوَى حَلْقَةِ دُبُرِهَا ) وَلَوْ فِيمَا بَيْنَ الْأَلْيَتَيْنِ أَمَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِحَلْقَةِ دُبُرِهَا فَحَرَامٌ بِالْوَطْءِ خَاصَّةً لِخَبَرِ { إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ } رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ
( الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ ) ( قَوْلُهُ أَمَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِحَلْقَةِ دُبُرِهَا إلَخْ ) كَأَنْ أَوْلَجَ فِيهِ بَعْضَ الْحَشَفَةِ وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ مُتَحَيِّرَةً أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ رَتْقَاءَ وَالشَّهْوَةُ غَالِبَةٌ عَلَيْهِ
( فَرْعٌ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْقُبُلِ ) أَيْ كَالْوَطْءِ فِيهِ فِي إفْسَادِ الْعِبَادَةِ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ وَالْحَدِّ وَالْكَفَّارَةِ وَالْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَغَيْرِهَا ( إلَّا فِي سَبْعَةِ أَحْكَامٍ الْحِلُّ ) لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ ( وَالتَّحْلِيلُ ) لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ احْتِيَاطًا لَهُ وَلِخَبَرِ { حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك } ( وَالتَّحْصِينُ ) لِأَنَّهُ فَضِيلَةٌ فَلَا تُنَالُ بِهَذِهِ الرَّذِيلَةِ ( وَالْخُرُوجُ مِنْ الْفَيْئَةِ وَزَوَالُ الْعُنَّةِ ) إذْ لَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ الزَّوْجَةِ ( وَتَغْيِيرُ إذْنِ الْبِكْرِ ) فِي النِّكَاحِ مِنْ النُّطْقِ إلَى السُّكُوتِ لِبَقَاءِ الْبَكَارَةِ ( وَكَوْنُهُ لَا يُوجِبُ إعَادَةَ الْغُسْلِ ) عَلَى الْمَوْطُوءَةِ ( بِخُرُوجِ مَاءِ الرَّجُلِ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الدُّبُرِ ( بِخِلَافِ ) خُرُوجِهِ مِنْ الْقُبُلِ ( فِيمَنْ قَضَتْ وَطَرَهَا ) فَإِنَّهُ يُوجِبُ إعَادَةَ الْغُسْلِ عَلَيْهَا وَبَقِيَ ثَامِنَةٌ وَتَاسِعَةٌ وَهُمَا جَعْلُ الزِّفَافِ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَعَدَمُ وُجُوبِ الرَّجْمِ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِهِ .
وَزَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَاشِرَةً نَقَلَهَا عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ وَأَقَرَّهُ وَهِيَ وَطْءُ مَمْلُوكَتِهِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ تَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فِي الدُّبُرِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْحَدَّ بِخِلَافِهِ فِي الْقُبُلِ
( قَوْلُهُ إلَّا فِي سَبْعَةِ أَحْكَامٍ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي خَاتِمَةِ كِتَابِهِ فِي أَحْكَامِ الْوَطْءِ إذَا قِيلَ لَك كَمْ مَسْأَلَةً تَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ فَقُلْ نَحْوُ أَلْفِ مَسْأَلَةٍ فَإِنْ قِيلَ كَمْ حُكْمًا يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ فَقُلْ خَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ حُكْمًا فَإِنْ قِيلَ دُونَ حُكْمٍ يَثْبُتُ بِالْوَطْءِ أَوْ غَيْرِهِ فَقُلْ ثَلَاثُونَ حُكْمًا فَإِنْ قِيلَ كَمْ حُكْمًا يَنْفَرِدُ بِهِ الْقُبُلُ عَنْ الدُّبُرِ فَقُلْ عِشْرُونَ حُكْمًا مِنْهَا عَشَرَةٌ مِنْ أَحْكَامِ الْوَطْءِ وَعَشَرَةٌ مِنْ غَيْرِ أَحْكَامِ الْوَطْءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا ( قَوْلُهُ وَتَغْيِيرُ إذْنِ الْبِكْرِ ) وَدُخُولُهَا فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَبْكَارِ وَالْوَصِيَّةِ لَهُمْ ( قَوْلُهُ وَزَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَاشِرَةً نَقَلَهَا عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ إلَخْ ) هُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ عَدَمُ حَدِّهِ فِيهَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالدَّمُ الْخَارِجُ مِنْهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ وَيَتَقَدَّمُ الْقُبُلُ عَلَيْهِ بِالسَّتْرِ عِنْدَ وُجُودِ مَا يَسْتُرُ أَحَدَهُمَا وَوَطْءُ السَّيِّدِ أَمَتَهُ فِي دُبُرِهَا عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ الرَّدِّ الْقَهْرِيِّ بِالْعَيْبِ قُلْته تَخْرِيجًا وَلَا يَصِيرُ مُوَلِّيًا بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِيهِ .
وَيُعَزَّرُ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فِيهِ أَيْ إذَا عَادَ بَعْدَمَا مَنَعَهُ الْحَاكِمُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَتَبْطُلُ الْحَضَانَةُ بِهِ .
ا هـ .
( وَيَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ فِي ) وَطْءِ ( أَمَتِهِ و ) فِي ( وَطْءِ الشُّبْهَةِ ) كَوَطْئِهِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ إلَى الرَّحِمِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ بِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِالشُّبْهَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ ( أَمَّا الزَّوْجَةُ فَبِالْفِرَاشِ ) يَثْبُتُ النَّسَبُ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَطْءِ بَلْ عَلَى إمْكَانِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الطَّلَاقِ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي اللِّعَانِ وَالِاسْتِبْرَاءِ كَالْأَكْثَرِينَ عَدَمُ ثُبُوتِهِ بِهِ لِبُعْدِ سَبْقِ الْمَاءِ بِهِ إلَى الرَّحِمِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ أَصْلَهُ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ .
( وَيَثْبُتُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَكُلُّ الْمُسَمَّى فِي ) النِّكَاحِ ( الصَّحِيحِ ) لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلِّ الِاسْتِمْتَاعِ
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَلَا أَثَرَ لِوَطْءِ الْبَائِعِ فِي قُبُلِ الْخُنْثَى فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَطْءَ فِي دُبُرِهِ فَسْخٌ كَقُبُلِ غَيْرِ الْخُنْثَى وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا سَقَطَتْ حَضَانَتُهُ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي دُبُرِ رَجُلٍ كَانَ جُنُبًا لَا مُحْدِثًا فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَقَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَطْءَ إلَخْ كُتِبَ عَلَيْهِ لَيْسَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ وَلَا يَلْحَقُ بِالْوَطْءِ فِيهِ الْوَلَدُ فِي الْأَمَةِ وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ خِلَافًا لِمَنْ صَحَّحَ هُنَا خِلَافَ ذَلِكَ .
ا هـ .
وَالْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْأَصَحُّ فِي النِّهَايَةِ عَدَمُ اللُّحُوقِ .
( قَوْلُهُ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي اللِّعَانِ وَالِاسْتِبْرَاءِ كَالْأَكْثَرِينَ عَدَمُ ثُبُوتِهِ بِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ فِرَاشًا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
( وَلَهُ الِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِ زَوْجَتِهِ وَجَارِيَتِهِ ) كَمَا يَسْتَمْتِعُ بِسَائِرِ بَدَنِهِمَا ( لَا يَدِهِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ } إلَى قَوْلِهِ { فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ } وَهَذَا مِمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ
( وَالْعَزْلُ ) وَهُوَ أَنْ يُنْزِلَ بَعْدَ الْجِمَاعِ خَارِجَ الْفَرْجِ ( تَحَرُّزًا مِنْ الْوَلَدِ مَكْرُوهٌ ) وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ الْمَعْزُولُ عَنْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ إطْلَاقِ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ قَبْلَهُ الْأَوْلَى تَرْكُهُ .
وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى فَإِنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَقَالَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَنَا فِي كُلِّ حَالٍ وَخَرَجَ بِالتَّحَرُّزِ عَنْ الْوَلَدِ مَا لَوْ عَنَّ لَهُ أَنْ يَنْزِعَ ذَكَرَهُ قُرْبَ الْإِنْزَالِ لَا لِلتَّحَرُّزِ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْعَزْلَ جَائِزٌ مُطْلَقًا وَاحْتَجُّوا لَهُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ { كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْهَنَا } وَبِأَنَّ حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ الْفَيْئَةِ وَالْعُنَّةِ
( قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى إلَخْ ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ
( وَيُسْتَحَبُّ ) لِلْوَاطِئِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَطَأَ ثَانِيًا ( أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَغْسِلَ الْفَرْجَ بَيْنَ الْوَطْأَتَيْنِ ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْغُسْلِ ( وَيَبْعُدُ حِلُّهُ ) أَيْ تَصَوُّرُ حِلِّ إيقَاعِ الْوَطْأَتَيْنِ ( فِي الزَّوْجَاتِ إلَّا بِإِذْنِهِنَّ ) لِأَنَّ الْقَسْمَ وَاجِبٌ لَهُنَّ وَلَا يَجُوزُ فِي نَوْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْ يَأْتِيَ الْأُخْرَى إلَّا بِإِذْنِهَا وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ } فَمَحْمُولٌ عَلَى إذْنِهِنَّ إنْ قُلْنَا كَانَ الْقَسْمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُنَّ كَالْإِمَاءِ .
وَفِي قَوْلِهِ وَيَبْعُدُ حِلُّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُتَصَوَّرُ حِلُّهُ كَأَنْ وَطِئَ وَاحِدَةً آخِرَ نَوْبَتِهَا ثُمَّ الثَّانِيَةَ أَوَّلَ نَوْبَتِهَا أَوْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْأُولَى وَوَطْئِهِ لَهَا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَاتِ إلَّا بِإِذْنِهِنَّ ( وَيُبَاحُ ) ذَلِكَ ( فِي الْإِمَاءِ ) وَلَوْ مَعَ زَوْجَةٍ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَسْمِ لَهُنَّ
( قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا كَانَ الْقَسْمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْأُولَى ) أَيْ أَوْ انْفِسَاخِ نِكَاحِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا أَوْ يَطَأُ وَاحِدَةً فِي نَوْبَةِ الْأُخْرَى بِظَنِّهِ أَنَّهَا صَاحِبَةُ النَّوْبَةِ ثُمَّ يَطَأُ صَاحِبَةَ النَّوْبَةِ أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ وَلَمْ يَبِتْ عِنْدَ وَاحِدَةٍ وَدَارَ عَلَيْهِنَّ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ أَوْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ وَاحِدَةٌ فَوَطِئَهَا ثُمَّ عَقَدَ عَلَى أُخْرَى عَقِبَ وَطْئِهَا فَوَطِئَهَا أَوْ كَانَتْ لَهُ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ نَاشِزَاتٍ ثُمَّ وَطِئَهُنَّ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ .
( وَيُكْرَهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ بِحَضْرَةِ أُخْرَى ) فَإِنَّهُ دَنَاءَةٌ ( وَأَنْ يَذْكُرَ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا ) لِذَلِكَ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { إنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا } قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَذَا أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ هُنَا وَفِي الشَّهَادَاتِ لَكِنْ جَزَمَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُظْهِرَ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا مِنْ أُمُورِ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَصْفِ تَفَاصِيلِ ذَلِكَ قَالَ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْجِمَاعِ فَيُكْرَهُ ذِكْرُهُ إلَّا لِفَائِدَةٍ انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ التَّحْرِيمِ عَلَى التَّفْصِيلِ وَالْكَرَاهَةِ عَلَى خِلَافِهِ .
( وَيُسَنُّ مُلَاعَبَةُ الزَّوْجَةِ ) إينَاسًا وَتَلَطُّفًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { هَلَّا تَزَوَّجْت بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك } ( إنْ لَمْ يَخَفْ مَفْسَدَةً ) مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ خَافَهَا لَمْ يُسَنَّ بَلْ قَدْ يُمْتَنَعُ ( و ) يُسَنُّ لَهُ ( أَنْ لَا يُعَطِّلَهَا ) فَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا وَيُحَصِّنَهَا وَأَدْنَى الدَّرَجَاتِ أَنْ لَا يَتْرُكَهَا لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ ( وَأَنْ لَا يُطِيلَ عَهْدَهَا بِالْجِمَاعِ بِلَا عُذْرٍ ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ ( وَأَنْ يُجَامِعَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ السَّفَرِ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا قَدِمْت فَالْكَيْسَ الْكَيْسَ } أَيْ ابْتَغِ الْوَلَدَ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَيُكْرَهُ الْجِمَاعُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ مِنْ الشَّهْرِ وَلَيْلَةِ نِصْفِهِ فَيُقَالُ إنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ الْجِمَاعَ فِيهَا وَأَنَّهُ يُجَامِعُ وَيُكْرَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ لِئَلَّا يَنَامَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ ( وَ ) أَنْ ( يُسَمِّيَ اللَّهَ عِنْدَهُ ) أَيْ عِنْدَ الْجِمَاعِ ( وَيَدْعُوَ بِالْمَأْثُورِ ) أَيْ بِالْمَنْقُولِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ .
( وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا ) أَيْ عَلَى زَوْجَتِهِ
أَوْ جَارِيَتِهِ ( مَنْعُهُ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ جَائِزٍ ) بِهَا ( تَحْرِيمًا مُغَلَّظًا ) لِمَنْعِهَا حَقَّهُ مَعَ تَضَرُّرِ بَدَنِهِ بِذَلِكَ وَلَا يَحْرُمُ وَطْءُ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَيُكْرَهُ ) لِلْمَرْأَةِ ( أَنْ تَصِفَ لِزَوْجِهَا امْرَأَةً أُخْرَى لِغَيْرِ حَاجَةٍ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرُ الزَّوْجِ مِثْلُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى
( قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ التَّحْرِيمِ إلَخْ ) كَلَامُ شَرْحِ مُسْلِمٍ يُشِيرُ إلَيْهِ
( الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ ) ( وَتَزْوِيجِهِ بِهَا و ) وُجُوبِ ( إعْفَافِهِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ ) بِعِدَّةِ مَا فِي التَّرْجَمَةِ ( الْأَوَّلُ فِي وَطْئِهِ ) لَهَا ( فَيَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ وَطْءُ جَارِيَةِ الِابْنِ ) مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ إجْمَاعًا وَلِآيَةِ { وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } وَلِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ لِلِابْنِ وَالْفَرْجُ الْوَاحِدُ لَا يُبَاحُ لِاثْنَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ ( وَلَا حَدَّ ) عَلَيْهِ وَلَوْ مُوسِرًا .
( وَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَتَهُ ) أَيْ الِابْنِ ( وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً ) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ فَفِي خَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ { أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك } وَلِشُبْهَةِ الْإِعْفَافِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَرَقَ مَالَهُ لَا يُقْطَعُ بِهِ وَلِأَنَّ الْوَالِدَ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ فَيَبْعُدُ أَنْ يُرْجَمَ بِوَطْءِ جَارِيَتِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَهَا فِي الْقُبُلِ أَمَّا إذَا وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُحَدُّ كَمَا لَوْ وَطِئَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ تَمَجُّسٍ فِي دُبُرِهَا بَلْ هُوَ أَوْلَى وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ فِي مَوَاضِعَ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ نَقَلَ الْأَصْلُ عَنْ تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِحَالٍ وَهَذَا سَاقَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَسَاقَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ طَرِيقَةٌ غَيْرُ مَشْهُورَةٍ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا كَغَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ ( بَلْ يُعَزَّرُ ) فِيهِمَا كَمَا فِي ارْتِكَابِ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ وَهُوَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِحَقِّ الْوَلَدِ ذَكَرَهُ
الْأَصْلُ .
وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ جَزَمُوا بِأَنَّهُ يُعَزَّرُ بِقَذْفِ وَلَدِهِ لِحَقِّهِ وَالْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَأُجِيبَ عَنْ النَّظَرِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُرَدُّ لَوْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ يُعَزَّرُ بِقَذْفِ وَلَدِهِ لِحَقِّهِ وَإِلَّا فَقَدْ يُرَادُ بِهِ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا لَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ التَّعْزِيرِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ التَّعْزِيرِ لِلْوَلَدِ فِي وَطْءِ جَارِيَتِهِ عَدَمُ ثُبُوتِهِ فِي قَذْفِهِ لِأَنَّ لِلْأَبِ شُبْهَةً فِي مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ عِرْضِهِ
( الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ ) قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُحَدُّ كَمَا لَوْ وَطِئَ إلَخْ ) لَا حَدَّ فِيمَا تَفَقَّهَهُ لِلشُّبْهَتَيْنِ وَلَا فِيمَا قَاسَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الْأَصْلُ عَنْ تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ كَالْأَذْرَعِيِّ لَكِنَّهُ فِي التَّجْرِبَةِ إنَّمَا حَكَاهُ عَنْ وَالِدِهِ خَاصَّةً فَقَالَ قَالَ وَالِدِي يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُهُ ثُبُوتُ الْحَدِّ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ مَوْطُوءَةِ الِابْنِ الَّتِي لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِ بِجِهَةِ النَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ عِنْدَ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ .
( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِحَالٍ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِأَنْ تُبَاعَ عَلَى ابْنٍ رَهَنَهَا وَاسْتَوْلَدَهَا بَعْدَ إقْبَاضِهِ وَإِعْسَارِهِ وَفِيمَا إذَا جَنَتْ ( قَوْلُهُ وَهَذَا سَاقَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ ) وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَخَلَائِقَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي تَعْلِيقِهِ فَأَمَّا إذَا وَطِئَ أُمَّ وَلَدِ الِابْنِ فَحُكْمُهُ فِي الْمَسَائِلِ مَا ذَكَرْنَاهُ إلَّا أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ قَوْلًا وَاحِدًا ( قَوْلُهُ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ التَّغْرِيرِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَيَجِبُ ) لَهُ عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ لَهَا وَلَوْ بِطَوْعِهَا ( الْمَهْرُ ) أَيْ مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا أَوْ مُؤْمِنًا لِلشُّبْهَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ وَكَذَا أَرْشُ بَكَارَتِهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَافْتَضَّهَا ( وَغَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ ) لِلِابْنِ ( تَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ ) أَبَدًا لِأَنَّهَا صَارَتْ مَوْطُوءَةَ الْأَبِ ( وَالْمَوْطُوءَةُ ) لَهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَسْتَمِرُّ مِلْكُ الِابْنِ عَلَيْهَا مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْأَبِ إحْبَالٌ ( وَلَا يَغْرَمُ الْأَبُ ) لَهُ بِتَحْرِيمِهِ لَهَا عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ ( قِيمَتَهَا وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا ) أَوْ نَحْوَهُ ( بِخِلَافِ وَطْءِ زَوْجَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ بِشُبْهَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهُ الْمَهْرُ ) أَيْ مَهْرُهَا ( وَالْفَرْقُ بَقَاءُ الْمَالِيَّةِ ) الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ ( فِي الْأَمَةِ ) وَالْفَائِتُ عَلَى الِابْنِ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ الْحِلِّ وَهُوَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَخَرَجَتْ أُخْتَهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الرَّدِّ وَالْفَائِتُ فِي الزَّوْجَةِ الْمِلْكُ وَالْحِلُّ جَمِيعًا وَلِأَنَّ الْحِلَّ فِيهَا هُوَ الْمَقْصُودُ فَيُقَوَّمُ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أُخْتَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَعَلَى مَا ذُكِرَ لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ أَمَةَ أَخِيهِ فَوَطِئَهَا أَبُوهُمَا لَزِمَهُ مَهْرَانِ مَهْرٌ لِمَالِكِهَا وَمَهْرٌ لِزَوْجِهَا ( فَإِنْ أَحْبَلَهَا ) الْأَبُ الْحُرُّ وَلَوْ مُعْسِرًا أَوْ كَافِرًا ( صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ ) لَهُ عِنْدَ الْعُلُوقِ لِلشُّبْهَةِ الَّتِي نَفَتْ الْحَدَّ وَأَوْجَبَتْ الْمَهْرَ وَإِنَّمَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ هُنَا بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ كَمَا فِي إيلَادِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ لِأَنَّ الْإِيلَادَ هُنَا إنَّمَا يَثْبُتُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ فَلَوْ نَفَّذْنَاهُ عِنْدَ الْإِعْسَارِ لَعَلَّقْنَا حَقَّهُ بِذِمَّةِ خَرَابٍ وَهُوَ ضَرَرٌ أَيْضًا .
وَالضَّرَرُ لَا
يُزَالُ بِالضَّرَرِ فَيَثْبُتُ إيلَادُهَا هُنَا لِلْأَبِ مُطْلَقًا ( إنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةَ الِابْنِ ) فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَتَهُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَبِ لِتَعَذُّرِ انْتِقَالِ مِلْكِهَا إلَيْهِ ( ثُمَّ الْوَلَدُ ) الْحَاصِلُ مِنْهَا بِوَطْئِهِ ( حُرٌّ نَسِيبٌ ) لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ ( وَيَجِبُ ) عَلَيْهِ ( الْمَهْرُ ) كَمَا مَرَّ ( لَا إنْ أَنْزَلَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ ) إيلَاجِ ( الْحَشَفَةِ ) فِي الْفَرْجِ ( أَوْ مَعَهُ ) فَلَا يَجِبُ لِتَقَدُّمِ الْإِنْزَالِ عَلَى مُوجِبِهِ فِي الْأُولَى وَاقْتِرَانِهِ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ ( وَكَذَا ) تَجِبُ ( قِيمَةُ غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ ) سَوَاءٌ أَنْزَلَ قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ بَعْدَهُ أَمْ مَعَهُ لِصَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ كَمَا فِي الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْوَاطِئِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا مَعَ نِصْفِ مَهْرِهَا وَالْقَوْلُ فِي قَدْرِهَا قَوْلُ الْأَبِ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ لَهَا مُدَّةً وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا فِيهَا وَلَا يَعْلَمُ مَتَى عَلِقَتْ بِالْوَلَدِ قَالَ الْقَفَّالُ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا فِي آخِرِ زَمَنٍ يُمْكِنُ عُلُوقُهَا بِهِ فِيهِ وَذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ وِلَادَتِهَا لِأَنَّ الْعُلُوقَ مِنْ ذَلِكَ يَقِينٌ وَمَا قَبْلَهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ .
قَالَ وَلَا يُؤْخَذُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الْقَوَابِلِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْحَامِلِ الْمَبْتُوتَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا قَبْلَ زَمَنِ الْعُلُوقِ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقْصَى قِيمَتِهَا مِنْ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا إلَى زَمَنِ الْعُلُوقِ أَمَّا الْمُسْتَوْلَدَةُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مُطْلَقًا لِعَدَمِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ وَأَمَّا الْوَلَدُ فَلَا تَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ قِيمَةَ أُمِّهِ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْهَا فَانْدَرَجَ فِيهَا وَلِأَنَّهُ انْعَقَدَ فِي مِلْكِهِ وَلِأَنَّ قِيمَتَهُ إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَذَلِكَ وَاقِعٌ فِي مِلْكِهِ ( وَيَمْلِكُهَا )
أَيْ غَيْرَ الْمُسْتَوْلَدَةِ ( قُبَيْلَ الْعُلُوقِ ) لِيَسْقُطَ مَاؤُهُ فِي مِلْكِهِ صِيَانَةً لِحُرْمَتِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ وَقَدْ حَكَى الْأَصْلُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا هَذَا وَالثَّانِي مَعَ الْعُلُوقِ لِأَنَّهُ عِلَّةُ نَقْلِ الْمِلْكِ وَالْعِلَّةُ تَقْتَرِنُ بِمَعْلُولِهَا وَالثَّالِثُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَالرَّابِعُ بَعْدَهَا عِنْدَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي تَنْقِيحِهِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّانِي وَعَلَيْهِ جَرَى الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَوَسِيطِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي .
( قَوْلُهُ وَكَذَا أَرْشُ بَكَارَتِهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا إلَخْ ) لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَهْلَكَ عُضْوًا مِنْ بَدَنِهَا ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهُ الْمَهْرُ ) وَلَا يَتَعَدَّدُ بِتَكَرُّرِ الْوَطَآتِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ أَحْبَلَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ ) وَلَوْ مُشْتَرَاةً قَبْلَ قَبْضِهَا أَوْ بِشَرْطِ إعْتَاقِهَا أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُوصًى بِهَا وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مَرْهُونَةً أَوْ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهَا مَالٌ وَالْمُحْبِلُ مُوسِرٌ أَوْ مُكَاتَبَةً لِلِابْنِ .
وَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ إيلَادُهُ لِأَمَةٍ اسْتَعَارَهَا مِنْ وَلَدِهِ وَرَهَنَهَا ثُمَّ أَحْبَلَهَا ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ صُوَرٌ إحْدَاهَا مَمْلُوكَةُ الِابْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَلَمْ يَقْبِضْهَا الثَّالِثَةُ الَّتِي رَهَنَهَا الِابْنُ إذَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا الرَّابِعَةُ الَّتِي اسْتَعَارَهَا مِنْ ابْنِهِ وَرَهَنَهَا ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا وَهُوَ مُوسِرٌ الْخَامِسَةُ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا وَقَدْ حَجَرَ عَلَى ابْنِهِ بِالْفَلَسِ السَّادِسَةُ مُكَاتَبَةُ الِابْنِ السَّابِعَةُ مُدَبَّرَتُهُ الثَّامِنَةُ الْمُوصَى بِهَا قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ وَارْتَفَعَتْ الْوَصِيَّةُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ كَذَلِكَ الْعَاشِرَةُ مَنْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَاسْتَوْلَدَهَا أَبُوهُ الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ الْمُزَوَّجَةُ الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ ( قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةَ الِابْنِ ) لَوْ كَانَ الْوَالِدُ مُسْلِمًا وَالْوَلَدُ ذِمِّيًّا وَمُسْتَوْلَدَتُهُ ذِمِّيَّةٌ فَهَلْ يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ لِلْوَالِدِ لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلنَّقْلِ لَوْ نَقَضَتْ الْعَهْدَ وَسُبِيَتْ أَوْ لَا يَثْبُتُ لِأَنَّهَا الْآنَ عَلَى حَالَةٍ تَقْتَضِي مَنْعَ النَّقْلِ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَى اسْتِيلَادِ الْمُكَاتَبَةِ وَأَوْلَى هُنَا بِالْمَنْعِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالثَّانِي ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ قِيمَةَ أُمِّهِ إلَخْ ) يُؤْخَذُ مِنْ تَعَالِيلِ عَدَمِ لُزُومِ قِيمَةِ الْوَلَدِ
لُزُومُهَا فِيمَا إذَا كَانَتْ أُمُّهُ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ وَيَمْلِكُهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ ) مَتَى حَكَمْنَا بِالِانْتِقَالِ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا وَاسْتِبْرَاؤُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ ( قَوْلُهُ أَحَدُهَا ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ تَرْجِيحِهِمْ عَدَمَ وُجُوبِ قِيمَةِ الْوَلَدِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( اسْتَوْلَدَ مُوسِرٌ جَارِيَةَ فَرْعِهِ الْمُشْتَرَكَةَ ) يَعْنِي جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَ فَرْعِهِ وَأَجْنَبِيٍّ ( نَفَذَ الِاسْتِيلَادُ فِي الْكُلِّ ) وَوَلَدُهَا مِنْهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَالْقِيمَةُ لِلْفَرْعِ وَشَرِيكِهِ ( أَوْ ) اسْتَوْلَدَهَا ( مُعْسِرٌ لَمْ يَنْفُذْ ) الِاسْتِيلَادُ ( فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ بَلْ يُرَقُّ بَعْضُ الْوَلَدِ ) وَهُوَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ تَبَعًا لِأُمِّهِ ( وَيَنْفُذُ ) الِاسْتِيلَادُ ( فِي نَصِيبِ الِابْنِ مِنْ الْمُبَعَّضَةِ ) لَا مَحَالَةَ ( فَرْعٌ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ رَقِيقًا أَوْ مُبَعَّضًا وَلَوْ ) كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا ( مُكَاتَبًا فَلَا اسْتِيلَادَ ) بِوَطْئِهِ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُ وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُكَاتَبُ لَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ بِإِيلَادِهِمَا أَمَتَهُمَا فَبِإِيلَادِ أَمَةِ وَلَدِهِمَا بِالْأَوْلَى ( وَلَا حَدَّ لَكِنَّ الْوَلَدَ نَسِيبٌ حُرٌّ ) لِمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْمُبَعَّضِ وَالْمُكَاتَبِ وَبِكَوْنِ وَلَدِ الْمُبَعَّضِ نَسِيبًا وَبِكَوْنِ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ نَسِيبًا حُرًّا مَعَ تَرْجِيحِ كَوْنِ وَلَدِ الْمُبَعَّضِ حُرًّا كُلُّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَمَا جَزَمَ بِهِ مِنْ حُرِّيَّةِ وَلَدِ الرَّقِيقِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قِيَاسًا عَلَى وَلَدِ الْمَغْرُورِ لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ رَقِيقٌ .
وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الرَّاجِحُ وَالْقِيَاسُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْمَغْرُورَ ظَنَّ أَنَّهَا أَمَتُهُ فَانْعَقَدَ الْوَلَدُ حُرًّا بِخِلَافِ الْعَبْدِ الَّذِي وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ لَا ظَنَّ يَقْتَضِي حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ حَتَّى يَنْزِلَ مَنْزِلَةَ الْمَغْرُورِ وَلَا نَظَرَ إلَى شُبْهَةِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ وَالِاسْتِدْرَاكُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَا لِلْمَعْطُوفِ ( وَالْقِيمَةُ ) لِلْوَلَدِ عَلَى الْقَوْلِ بِحُرِّيَّتِهِ ( فِي ذِمَّتِهِ ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي انْعِقَادِهِ حُرًّا ( إلَّا أَنَّ الْمُبَعَّضَ يُطَالَبُ
بِالْبَعْضِ ) فِي الْحَالِ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَبِالْبَعْضِ الْآخَرِ بَعْدَ عِتْقِهِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ لَا يُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ كَمَا مَرَّ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كَالرَّقِيقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْقِيمَةِ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ الْغَارَّةِ .
( وَأَمَّا الْمَهْرُ ) أَيْ مَهْرُ الْمَوْطُوءَةِ ( فَإِنْ أَكْرَهَهَا الرَّقِيقُ ) عَلَى الْوَطْءِ ( فَفِي رَقَبَتِهِ ) كَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ طَاوَعَتْهُ ( فَقَوْلَانِ ) فِي أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ وَطِئَ الرَّقِيقُ أَجْنَبِيَّةً بِشُبْهَةٍ قَالَهُ فِي الْأَصْلِ وَذَكَرَ فِيهِ فِي تِلْكَ طَرِيقَيْنِ رَجَّحَ الْمُصَنِّفُ مِنْهُمَا فِيمَا يَأْتِي كَالْأَنْوَارِ تَعَلُّقَهُ بِرَقَبَتِهِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ ذَلِكَ هُنَا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ
( قَوْلُهُ وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُكَاتَبُ إلَخْ ) مَا قَاسَ عَلَيْهِ فِي الْمُبَعَّضِ رَأْيٌ ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ وَمَا جَزَمَ بِهِ مِنْ حُرِّيَّةِ وَلَدِ الرَّقِيقِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ إلَخْ ) أَيْ وَأَقَرَّهُ ( قَوْلُهُ وَلَا نَظَرَ إلَى شُبْهَةِ الْمِلْكِ إلَخْ ) لَوْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى الشُّبْهَةِ الْمَذْكُورَةِ لَأَوْجَبُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ بِوَطْئِهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّ الْمَغْرُورَ ظَنَّ أَنَّهَا أَمَتَهُ لَا يُنَاسِبُ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْمُبَعَّضَ يُطَالَبُ بِالْبَعْضِ ) وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْمُبَعَّضَ يُطَالَبُ بِالْبَعْضِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُطَالِبُ بِالْجَمِيعِ فِي الْحَالِ .
( قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْقِيمَةِ فِي الْحَالِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ ذَلِكَ هُنَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَوْلَدَ مُكَاتَبَةَ وَلَدِهِ فَهَلْ يَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقْبَلُ الْفَسْخَ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ ( وَجْهَانِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ الْأَوَّلُ وَقَطَعَ الْهَرَوِيُّ بِالثَّانِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَرَجَّحَ الْخُوَارِزْمِيَّ الْأَوَّلَ وَجَزَمَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ ( أَوْ ) أَوْلَدَ ( أَمَةَ وَلَدِهِ الْمُزَوَّجَةَ نَفَذَ ) إيلَادُهُ ( كَإِيلَادِ السَّيِّدِ ) لَهَا ( وَحَرُمَتْ عَلَى الزَّوْجِ مُدَّةَ الْحَمْلِ ) .
( قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ الْأَوَّلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ ) ( وَالِابْنُ فِي وَطْءِ جَارِيَةِ الْأَبِ كَالْأَجْنَبِيِّ ) فَإِنْ كَانَ بِشُبْهَةٍ كَأَنْ ظَنَّهَا أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلْأَبِ أَوْ زَوْجَتُهُ الرَّقِيقَةُ انْعَقَدَ الْوَلَدُ رَقِيقًا وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ حُدَّ لِانْتِفَاءِ شُبْهَتَيْ الْإِعْفَافِ وَالْمِلْكِ وَلَيْسَ كَالسَّرِقَةِ حَيْثُ لَا يُقْطَعُ بِهَا لِشُبْهَةِ النَّفَقَةِ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ إنْ أُكْرِهَتْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَرَقِيقٌ لِلْأَبِ غَيْرُ نَسِيبٍ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ ( إلَّا أَنَّ الْوَلَدَ الرَّقِيقَ النَّسِيبَ يُعْتَقُ عَلَى الْجَدِّ ) لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ ( وَلَا يَلْزَمُهُ ) أَيْ الِابْنَ ( قِيمَتُهُ ) لِانْعِقَادِهِ رَقِيقًا
قَوْلُهُ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ ) إذْ لَا نَسَبَ وَلَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالتَّحْرِيمِ وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي وَهُوَ مِمَّنْ يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَيَكُونُ كَالشُّبْهَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي التَّعْلِيقِ لَوْ أَنَّهُ غَصَبَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَاسْتَوْلَدَهَا هَلْ يَجِبُ رَدُّهَا إلَيْهِ أَمْ لَا إنْ قُلْنَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَا يَجِبُ وَإِلَّا فَيَجِبُ
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي نِكَاحِ جَارِيَةِ الْوَلَدِ فَيَحْرُمُ ) عَلَى الْأَبِ نِكَاحُهَا ( إلَّا عَلَى أَبٍ رَقِيقٍ ) قَالُوا لِأَنَّ لِغَيْرِ الرَّقِيقِ فِيهَا شُبْهَةً فَأَشْبَهَتْ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ .
( فَلَوْ تَزَوَّجَهَا ) الْأَبُ الرَّقِيقُ ( ثُمَّ عَتَقَ أَوْ تَزَوَّجَ حُرٌّ ) أَوْ رَقِيقٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى ( رَقِيقَةً ) لِأَجْنَبِيٍّ ( ثُمَّ مَلَكَهَا ابْنُهُ ) أَيْ ابْنُ الزَّوْجِ ( لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ الثَّابِتِ الدَّوَامُ وَلِلدَّوَامِ مِنْ الْقُوَّةِ مَا لَيْسَ لِلِابْتِدَاءِ ( فَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا ) وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ فِي الْأُولَى وَمَلَّكَ ابْنَهُ لَهَا فِي الثَّانِيَةِ ( لَمْ يَنْفُذْ ) اسْتِيلَادُهَا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرِقِّ وَلَدِهِ حِينَ نَكَحَهَا وَلِأَنَّ النِّكَاحَ حَاصِلٌ مُحَقَّقٌ فَيَكُونُ وَاطِئًا بِالنِّكَاحِ لَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحٌ
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي نِكَاحِ جَارِيَةِ الْوَلَدِ ) ( قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ نِكَاحُهَا ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَخَائِفَ الْعَنَتِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَلَا إعْفَافُهُ ( قَوْلُهُ فَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا لَمْ يَنْفُذْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا هَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَالشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَرَجَّحَهُ الْأَصْفُونِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْحِجَازِيُّ
( فَرْعٌ وَإِنْ تَزَوَّجَ ) شَخْصٌ ( أَمَةً فَمَلَكَهَا مُكَاتَبُهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا ) بِخِلَافِهَا فِي أَمَةِ ابْنِهِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ السَّيِّدِ بِمِلْكِ مُكَاتَبِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ الْأَبِ بِمِلْكِ ابْنِهِ فَنَزَّلُوا مِلْكَ مُكَاتَبِهِ مَنْزِلَةَ مِلْكِهِ فَإِنْ قُلْت لَوْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ أَبَا سَيِّدِهِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُنَزِّلُوهُ مَنْزِلَةَ مِلْكِهِ قُلْنَا لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْقَرَابَةِ وَالْمِلْكُ وَالنِّكَاحُ لَا يَجْتَمِعَانِ ( وَيَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ ) إذَا أَوْلَدَ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ .
( وَيَجُوزُ ) لِلشَّخْصِ ( نِكَاحُ أَمَةِ الْوَلَدِ ) لَهُ ( وَ ) نِكَاحُ ( أَمَةِ ابْنٍ ) لَهُ ( مِنْ الرَّضَاعِ ) لِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ
( قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت لَوْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ أَبَا سَيِّدِهِ لَمْ يُعْتِقْ عَلَيْهِ ) أَيْ إذْ شَرْطُ الْمُعْتِقِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ كَذَلِكَ .
( الطَّرَفُ الثَّالِثُ إعْفَافُ الْأَبِ الْحُرِّ وَلَوْ كَافِرًا لَا الْوَلَدِ وَاجِبٌ ) عَلَى ابْنِهِ لِأَنَّهُ مِنْ وُجُوهِ حَاجَاتِهِ الْمُهِمَّةِ فَيَجِبُ عَلَى ابْنِهِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ ( كَنَفَقَتِهِ ) وَلِئَلَّا يُعَرِّضَهُ لِلزِّنَا وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَلَيْسَ مِنْ الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَلِأَنَّهُ إذَا احْتَمَلَ لِإِبْقَائِهِ فَوَاتَ نَفْسِ الِابْنِ كَمَا فِي الْقَوَدِ فَفَوَاتُ مَالِهِ أَوْلَى فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إعْفَافُ الْأُمِّ قَالَ الْإِمَامُ بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ إذْ لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهَا فِي النِّكَاحِ وَلَا إعْفَافُ الْأَبِ غَيْرِ الْحُرِّ لِأَنَّ نِكَاحَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَا يَصِحُّ وَبِإِذْنِهِ يَقْتَضِي تَعَلُّقَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ بِكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ إنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَبِذِمَّتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَا إعْفَافُ الْوَلَدِ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ دُونَ حُرْمَةِ الْأَبِ ( فَلَوْ قَدَرَ الْأَبُ عَلَيْهَا ) أَيْ عَلَى النَّفَقَةِ ( دُونَ ) مُؤْنَةِ ( الْإِعْفَافِ لَزِمَ الْوَلَدَ ) إعْفَافُهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ .
( وَلَا إعْفَافَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ) وَلَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَرْعٌ الْبِنْتُ كَالِابْنِ ) فِيمَا ذُكِرَ كَالنَّفَقَةِ ( وَالْجَدُّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ كَالْأَبِ ) فَيَجِبُ إعْفَافُهُ فَإِنْ اجْتَمَعَ أَبَوَانِ وَجَبَ إعْفَافُهُمَا ( إنْ اتَّسَعَ الْمَالُ ) أَيْ مَالُ الْوَلَدِ بِأَنْ وَفَّى بِهِمَا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَفِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا ( فَأَبٌ الْأَبِ أَوْلَى ) مِنْ أَبِي الْأُمِّ ( وَلَوْ بَعُدَ ) فَيُقَدَّمُ أَبُو أَبِي الْأَبِ عَلَى أَبِي الْأُمِّ ( لِلْعُصُوبَةِ وَأَقْرَبُ الْآبَاءِ ) مِنْ الْعَصَبَةِ ( أَوْلَى ) مِنْ أَبْعَدِهِمْ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى أَبِيهِ ( فَإِنْ فُقِدَتْ ) أَيْ الْعُصُوبَةُ ( فَالْأَقْرَبُ ) أَوْلَى مِنْ الْأَبْعَدِ أَيْضًا فَيُقَدَّمُ أَبٌ الْأُمِّ عَلَى أَبِيهِ ( فَلَوْ اسْتَوَيَا ) فِي الْقُرْبِ كَأَبِي أَبٍ أُمٍّ وَأَبِي أُمِّ أُمٍّ ( فَالْقُرْعَةُ ) يُعْمَلُ بِهَا لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ ( مِنْ دُونِ ) رَفْعٍ إلَى (
الْحَاكِمِ ) وَلَوْ اجْتَمَعَ عَدَدٌ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِعْفَافُ فَحُكْمُهُ مَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ .
( مَبْحَثٌ : الطَّرَفُ الثَّالِثُ الْإِعْفَافُ ) ( قَوْلُهُ إعْفَافُ الْأَبِ الْحُرِّ ) أَيْ الْمَعْصُومِ وَلَوْ مَجْنُونًا ( قَوْلُهُ وَاجِبٌ عَلَى ابْنِهِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَحَيْثُ تَزَوَّجَ بِعِلْمِ الِابْنِ حَالَةَ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ فَهَلْ يَصِحُّ ضَمَانُ الِابْنِ الْمَهْرَ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ لِلُزُومِهِ وَأَنْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ حَتَّى لَوْ أَعْسَرَ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْمَهْرِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِالْوَلَدِ وَلَوْ أَعْسَرَ ا هـ وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَأَبٌ الْأَبِ أَوْلَى إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا فَإِنْ قِيلَ لِمَ اعْتَبَرْتُمْ فِي جَانِبِ الْأُصُولِ الْعُصُوبَةَ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِوَاءِ وَلَمْ يُنْظَرْ لِلْعُصُوبَةِ فِي جَانِبِ الْفُرُوعِ عِنْدَ غُرْمِهِمْ قُلْنَا الْفَرْعُ غَارِمٌ لِغَيْرِهِ وَحَيْثُ وُجِدَ فَرْعَانِ غَرِمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى عُصُوبَةٍ وَالدَّفْعُ لِلشَّرَفِ الْكَائِنِ فِي الْأَخْذِ بِسَبَبِ الْأَصْلِيَّةِ وَمَتَى اجْتَمَعَ أَصْلَانِ وَقَدَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَرِعَايَةُ الْعَصَبَةِ مِنْهُمَا بِالْإِكْرَامِ لِشَرَفِهِ أَوْلَى ( قَوْلُهُ كَأَبِي أَبِ أُمٍّ وَأَبِي أُمِّ أُمٍّ ) أَشَارَ بِالتَّمْثِيلِ إلَى أَنَّ الِاسْتِوَاءَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَ عَدَمِ الْعُصُوبَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ فُقِدَتْ .
( فَرْعٌ لَا يَجِبُ إعْفَافُ ) أَبٍ ( قَادِرٍ ) عَلَى إعْفَافِ نَفْسِهِ ( وَلَوْ عَلَى سُرِّيَّةٍ وَمِنْ كَسْبِهِ ) لِأَنَّهُ بِذَلِكَ مُسْتَغْنٍ عَنْ وَلَدِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِ الْأَخِيرَةِ فِي كَسْبِ النَّفَقَةِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَقُومُ بِدُونِهَا ( فَلَوْ نَكَحَ ) فِي يَسَارِهِ بِمَهْرٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ أَعْسَرَ قَبْلَ دُخُولِهِ وَامْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ حَتَّى تَقْبِضَهُ فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَجِبُ عَلَى وَلَدِهِ دَفْعُهُ لِحُصُولِ الْإِعْفَافِ بِذَلِكَ وَالصَّرْفُ لِلْمَوْجُودَةِ أَوْلَى مِنْ السَّعْيِ فِي أُخْرَى قَالَ وَعَلَيْهِ لَوْ نَكَحَ فِي إعْسَارِهِ وَلَمْ يُطَالِبْ وَلَدَهُ بِالْإِعْفَافِ ثُمَّ طَالَبَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُلْزِمَ وَلَدَهُ الْقِيَامَ بِهِ لَا سِيَّمَا إذَا جَهِلَتْ الْإِعْسَارَ وَأَرَادَتْ الْفَسْخَ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ ذَلِكَ إذَا كَانَ قَدْرَ مَهْرِ مِثْلِ مَنْ تَلِيقُ بِهِ ( وَيُشْتَرَطُ ) لِوُجُوبِ الْإِعْفَافِ ( الْحَاجَةُ إلَى النِّكَاحِ ) دُونَ خَوْفِ الْعَنَتِ ( فَيَحْرُمُ طَلَبُ مَنْ لَمْ تَصْدُقْ شَهْوَتُهُ ) بِأَنْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ التَّعَزُّبُ وَلَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ نَعَمْ إنْ احْتَاجَ لِلنِّكَاحِ لَا لِلتَّمَتُّعِ بَلْ لِلْخِدْمَةِ لِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَجَبَ إعْفَافُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ إذَا تَعَيَّنَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ لَكِنَّهُ لَا يُسَمَّى إعْفَافًا .
( وَيُصَدَّقُ ) مَنْ أَظْهَر حَاجَتَهُ إلَى النِّكَاحِ ( بِلَا يَمِينٍ ) لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَا يَلِيقُ بِحُرْمَتِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ كَانَ ظَاهِرُ حَالِهِ يُكَذِّبُهُ كَذِي فَالِجٍ شَدِيدٍ وَاسْتِرْخَاءٍ فَفِيهِ نَظَرٌ وَيُشْبِهُ أَنْ لَا تَجِبَ إجَابَتُهُ أَوْ يُقَالُ يَحْلِفُ هُنَا لِمُخَالَفَةِ حَالِهِ دَعْوَاهُ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ ( فَرْعٌ وَالْإِعْفَافُ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِحُرَّةٍ تَلِيقُ بِهِ وَلَوْ كِتَابِيَّةً ) بِأَنْ يُبَاشِرَ لَهُ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ فِيهِ وَيُعْطِيَهُ الْمَهْرَ فِيهِمَا ( أَوْ يُمَلِّكَهُ أَمَةً ) تَحِلُّ لَهُ ( أَوْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ الْمَهْرَ ) فِي الْحُرَّةِ (
أَوْ الثَّمَنَ ) فِي الْأَمَةِ لِأَنَّ غَرَضَ الْإِعْفَافِ يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْهَا وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَهْرَ أَوْ الثَّمَنَ إلَّا بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ الشِّرَاءِ وَعُلِمَ بِمَا قَالَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ الْأَمَةَ لِأَنَّ شَرْطَ نِكَاحِهَا الْإِعْسَارُ وَهُوَ مُسْتَغْنٍ بِمَالِ وَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى مَهْرِ أَمَةٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا لَهُ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْمَذْكُورَاتِ مَحَلُّهُ فِي الْوَلَدِ الْمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ أَمَّا غَيْرُهُ فَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ لَا يَبْذُلَ إلَّا أَقَلَّ مَا تَنْدَفِعُ بِهِ الْحَاجَةُ إلَّا أَنْ يُلْزِمَهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِهِ .
( وَلَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ بِرَفِيعَةٍ ) بِجَمَالٍ أَوْ شَرَفٍ أَوْ يَسَارٍ ( وَلَا غَيْرِ سُرِّيَّةٍ ) أَيْ يُزَوِّجُهُ دُونَ سُرِّيَّةٍ ( إنْ بَذَلَهَا ) لَهُ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ دَفْعُ الْحَاجَةِ وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِغَيْرِ الرَّفِيعَةِ وَبِالسُّرِّيَّةِ وَكَمَا لَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ بِالزَّوْجَةِ دُونَ السُّرِّيَّةِ كَذَلِكَ عَكْسُهُ الْمَفْهُومُ بِالْأُولَى ( وَلَا تُجْزِئُ شَوْهَاءُ ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُهَيِّئَهَا لَهُ كَمَا لَا يُطْعِمُهُ طَعَامًا فَاسِدًا وَلِأَنَّهَا لَا تُعِفُّهُ وَفِي مَعْنَاهَا الْعَجُوزُ وَالْمَعِيبَةُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا الْعَمْيَاءُ وَالْعَرْجَاءُ وَذَاتُ الْقُرُوحِ السَّيَالَةِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَنَحْوِهَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ فِيهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ ( وَالتَّعْيِينُ ) أَيْ تَعْيِينُ الْمَرْأَةِ ( إلَى الْأَبِ ) دُونَ الْوَلَدِ ( إنْ اتَّفَقَا عَلَى ) قَدْرِ ( الْمَهْرِ ) لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِغَرَضِهِ فِي قَضَاءِ شَهْوَتِهِ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْوَلَدِ وَمِثْلُهُ تَعْيِينُ الْأَمَةِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الثَّمَنِ ( وَعَلَى الْوَلَدِ نَفَقَتُهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَمَةِ ( وَمُؤْنَتُهَا ) لِأَنَّهُمَا مِنْ تَتِمَّةِ الْإِعْفَافِ وَذِكْرُ الْمُؤْنَةِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ النَّفَقَةِ ( فَإِنْ أَيْسَرَ الْأَبُ ) بَعْدَمَا مَلَّكَهُ الْوَلَدُ جَارِيَتَهُ أَوْ ثَمَنَهَا ( لَمْ يَرْجِعْ الْوَلَدُ ) عَلَيْهِ ( فِي
الْجَارِيَةِ أَوْ ثَمَنِهَا ) لِأَنَّهُ مَلَّكَهُمَا لَهُ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِمَا فَكَانَا ( كَنَفَقَةٍ لَمْ يَأْكُلْهَا ) الْأَبُ فَإِنَّ الْوَلَدَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهَا بَعْدَمَا ذُكِرَ .
وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُمَلِّكْهَا لَهُ مَنْ لَزِمَتْهُ وَكَتَمَلُّكِ الْأَبِ مَا ذُكِرَ تَمْلِيكُهُ الْمَهْرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ ( وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ نَحْوُ عَجُوزٍ وَصَغِيرَةٍ ) كَرَتْقَاءَ وَلَمْ تَنْدَفِعْ بِهَا حَاجَتُهُ ( وَجَبَ ) عَلَى الْوَالِدِ ( الْإِعْفَافُ لَا نَفَقَتَانِ ) فَلَوْ أَعَفَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ قَالُوا فِي بَابِهَا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ لَمْ يَلْزَمْ الْوَلَدَ إلَّا نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ يُوَزِّعُهَا الْأَبُ عَلَيْهِمَا وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِمَسْأَلَتِنَا لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هُنَا يَظْهَرُ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ لِلْجَدِيدَةِ لِئَلَّا تُفْسَخَ بِنَقْصِ مَا يَخُصُّهَا عَنْ الْمُدِّ ( وَيَجِبُ ) عَلَيْهِ ( الْإِبْدَالُ ) وَإِنْ تَكَرَّرَ ( إنْ مَاتَتْ ) زَوْجَةُ الْأَبِ أَوْ أَمَتُهُ ( أَوْ فَسَخَتْ ) زَوْجَتُهُ ( أَوْ فَسَخَ ) هُوَ ( بِعَيْبٍ أَوْ انْفَسَخَ ) النِّكَاحُ ( بِرِدَّةٍ وَرَضَاعٍ ) أَيْ أَوْ رَضَاعٍ كَأَنْ أَرْضَعَتْ الَّتِي نَكَحَهَا زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ ( وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ ) زَوْجَتَهُ بِخُلْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ( أَوْ أَعْتَقَ ) أَمَتَهُ ( بِعُذْرٍ ) فِيهِمَا ( كَشِقَاقٍ وَنُشُوزٍ ) وَرِيبَةٍ وَذَلِكَ لِبَقَاءِ حَاجَتِهِ وَعَدَمِ تَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ نَفَقَةً فَسُرِقَتْ مِنْهُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ بِغَيْرِ عُذْرٍ ( فَلَا ) يَجِبُ الْإِبْدَالُ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الرِّدَّةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ رِدَّتِهِ وَرِدَّتِهَا .
وَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ تَقْيِيدُهُ بِرِدَّتِهَا أَمَّا رِدَّتُهُ فَكَطَلَاقِهِ بِلَا عُذْرٍ بَلْ أَوْلَى ( وَمَا دَامَتْ ) أَيْ الزَّوْجَةُ ( فِي عِدَّةٍ رَجْعِيَّةٍ لَا يَجِبُ الْإِبْدَالُ ) فَلَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَمَّا الْبَائِنَةُ فَيَجِبُ
إبْدَالُهَا بِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ
( قَوْلُهُ لَا يَجِبُ إعْفَافُ قَادِرٍ وَلَوْ عَلَى سُرِّيَّةٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَاقِد مَهْرٍ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى مَهْرِ أَمَةٍ وَخَافَ الْعَنَتَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَلَدَ إعْفَافُهُ وَأَنَّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةَ وَلَدِهِ كَأَمَةِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةَ وَلَدِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ إنَّ الشَّخْصَ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ لَا يَنْكِحُ أَمَةَ فَرْعِهِ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِمَالِ فَرْعِهِ ( قَوْلُهُ فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَجِبُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُلْزِمَ وَلَدَهُ إلَخْ قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَتُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ إلَى النِّكَاحِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ الْأَبُ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِمْتَاعٍ بِغَيْرِ الْوَطْءِ لِجَبِّهِ أَوْ عَنَتِهِ وَخَشِيَ الْوُقُوعَ مِنْهُ حَرَامًا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَلَدَ إعْفَافُهُ بِذَلِكَ وَفِيهِ احْتِمَالٌ ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَجَبَ إعْفَافُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ إذَا تَعَيَّنَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَكِنَّهُ لَا يُسَمَّى إعْفَافًا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْوَلَدُ أَنَا أَخْدِمُهُ بِنَفْسِي أَوْ بِخَادِمِي قَنَعَ مِنْهُ بِذَلِكَ ( قَوْلُهُ يُصَدَّقُ مَنْ أَظْهَرَ حَاجَتَهُ إلَى النِّكَاحِ ) شَمِلَ مَا إذَا لَمْ تَظْهَرْ لَنَا ( قَوْلُهُ وَالْإِعْفَافُ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِحُرَّةٍ ) لَوْ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ لَا تُعِفُّهُ لِشِدَّةِ شَبَقِهِ وَإِفْرَاطِ شَهْوَتِهِ فَهَلْ يَلْزَمُ الْوَلَدَ إعْفَافُهُ بِاثْنَتَيْنِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ الْمَنْعُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ مُسْتَبْعَدٌ وَقَوْلُهُ وَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ الْمَنْعُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُلْزِمَهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِهِ ) حَيْثُ كَانَ يَرَاهُ ( قَوْلُهُ وَالتَّعْيِينُ إلَى الْأَبِ ) إنْ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ
الْمَهْرِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهِ وَأَنْ يَتَسَرَّى ( قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ تَعْيِينُ الْأَمَةِ إلَخْ ) فَإِنْ كَانَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ فَقِيَاسُ نَظِيرِهِ فِي النَّفَقَةِ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِمَا يَجِبُ إعْفَافُهُ بِهِ بِحُكْمِ وِلَايَتِهِ ( قَوْلُهُ وَعَلَى الْوَلَدِ نَفَقَتُهَا إلَخْ ) لَا الْأُدْمُ وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ لِأَنَّ فَقْدَهُمَا لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ أَيْسَرَ الْأَبُ لَمْ يَرْجِعْ الْوَلَدُ إلَخْ ) قَالَ النَّاشِرِيُّ لِأَنَّ مَا يُسْتَحَقُّ لِلْحَاجَةِ لَا يَجِبُ رَدُّهُ بِزَوَالِ الْحَاجَةِ كَمَا لَوْ قَبَضَ نَفَقَةَ يَوْمِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ يَرَوْنَ أَنَّهُ يَمْلِكُ النَّفَقَةَ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ وَنَحْوَهَا بِالْقَبْضِ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ التَّشْبِيهُ وَأَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهَا بِمَا أَحَبَّ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَمَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ بَعِيدٌ وَمَحَاسِنُ الشَّرِيعَةِ تَمْنَعُ مِنْ مُضَايَقَةِ الْأَبِ فِي نَفَقَةِ يَوْمِهِ بَعْدَ قَبْضِهَا وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا فِي يَوْمِهِ بِضِيَافَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هُنَا يَظْهَرُ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ لِلْجَدِيدَةِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ ا هـ وَغَيْرُهُ أَحْسَنُ ( قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ إمْكَانِ بَيْعِهَا وَالِاسْتِبْدَالِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ صَحَّ وَفِي الْخَادِمِ نَحْوُهُ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ طَلَّقَ أَوْ عَتَقَ بِغَيْرِ عُذْرٍ إلَخْ ) مَا الْحُكْمُ لَوْ طَلَّقَ أَوْ عَتَقَ بِغَيْرِ عُذْرٍ ثُمَّ مَاتَتْ أَيَجِبُ التَّجْدِيدُ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ لَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ هِبَةِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ يَتَيَمَّمُ قَالَ فِي الْبَحْرِ إذَا أَعَفَّهُ ثُمَّ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ .
قَالَ أَصْحَابُنَا يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ مِثْلُ أَنْ مَاتَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ فَعَلَيْهِ إعْفَافُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِاخْتِيَارِهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ لَا
يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ ثَانِيًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا فَسَخَ بِعَيْبِهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّجْدِيدُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَهُوَ بَعِيدٌ ( قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ تَقْيِيدُهُ بِرِدَّتِهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَفِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَا يَقْتَضِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ
( الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي ) أَحْكَامِ ( نِكَاحِ الرَّقِيقِ وَفِيهِ طَرَفَانِ ) ( الْأَوَّلُ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ تَسْلِيمُهَا ) لِزَوْجِهَا ( لَيْلًا وَقْتَ النَّوْمِ ) لَا مَا عَدَاهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْخِدْمَةِ الَّتِي هِيَ حَقُّهُ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَيْ اسْتِخْدَامِهَا وَالتَّمَتُّعِ بِهَا وَقَدْ نَقَلَ الثَّانِيَةَ لِلزَّوْجِ فَبَقِيَ لَهُ الْأُخْرَى يَسْتَوْفِيهَا فِي مَا عَدَا مَا ذُكِرَ دُونَهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاسْتِرَاحَةِ وَالتَّمَتُّعِ وَلَا يَشْكُلُ ذَلِكَ بِتَحْرِيمِ خَلْوَتِهِ بِهَا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُهَا وَلَا بِتَحْرِيمِ نَظَرِهِ إلَيْهَا لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْمُكَاتَبَةَ لِأَنَّهَا مَالِكَةٌ أَمْرَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ .
فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَّ مُهَايَأَةٌ فَهِيَ فِي نَوْبَتِهَا كَالْحُرَّةِ وَفِي نَوْبَةِ سَيِّدِهَا كَالْقِنَّةِ وَإِلَّا فَكَالْقِنَّةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقْتُ النَّوْمِ أَيْ عَادَةً مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ وَقْتُ فَرَاغِهَا مِنْ الْخِدْمَةِ عَادَةً فَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّ وَقْتَ أَخْذِهَا مُضِيُّ ثُلُثِ اللَّيْلِ تَقْرِيبًا وَمَا ذُكِرَ فِيهَا هُوَ ( بِعَكْسِ ) الْأَمَةِ ( الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْخِدْمَةِ ) فَإِنَّمَا يَلْزَمُ سَيِّدَهَا تَسْلِيمُهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ نَهَارًا وَلَيْلًا إلَى وَقْتِ النَّوْمِ دُونَ مَا بَعْدَهُ لِيَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَتَهَا الْأُخْرَى وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ هُنَا ( وَلَوْ كَانَتْ ) أَيْ الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ ( مُحْتَرِفَةً ) فَإِنَّهُ يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يُسَلِّمَهَا كَمَا ذُكِرَ وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ دَعُوهَا تَحْتَرِفُ لَهُ عِنْدِي لِمَا مَرَّ وَقَدْ يُرِيدُ السَّيِّدُ اسْتِخْدَامَهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ ( فَإِنْ قَالَ ) السَّيِّدُ ( لَا أُسَلِّمُهَا ) لَهُ ( إلَّا نَهَارًا أَوْ ) وَقْتَ النَّوْمِ وَأُخَلِّي لَهُ بَيْتًا ( فِي دَارِي لَمْ يَلْزَمْ ) الزَّوْجَ إجَابَتُهُ لِفَوَاتِ غَرَضِ الزَّوْجِ
فِي الْأَوَّلِ وَمَنْعِ الْحَيَاءِ لَهُ مِنْ الْإِجَابَةِ لَهُ فِي الثَّانِي .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْأُولَى نَعَمْ إنْ كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ لَا يَأْوِي إلَى أَهْلِهِ لَيْلًا كَالْحَارِسِ فَقَدْ يُقَالُ يَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ لِأَنَّ نَهَارَهُ كَلَيْلِ غَيْرِهِ فَامْتِنَاعُهُ عِنَادٌ وَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ تَعْلِيلُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أُخَلِّي لَهُ دَارًا بِجِوَارِي لَزِمَهُ الْإِجَابَةُ وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا أَظُنُّ ( فَإِنْ سَافَرَ بِهَا السَّيِّدُ لَا الزَّوْجُ جَازَ ) حَيْثُ لَا يَخْلُو بِهَا وَإِنْ مُنِعَ الزَّوْجُ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا لِأَنَّهُ مَالِكٌ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ فَيُقَدَّمُ حَقُّهُ بِخِلَافِ الزَّوْجِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا مُنْفَرِدًا إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَيْلُولَةِ الْقَوِيَّةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَيِّدِهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ كَانَتْ مُكْتَرَاةً أَوْ مَرْهُونَةً أَوْ مُكَاتَبَةً كِتَابَةً صَحِيحَةً لَمْ يَجُزْ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا إلَّا بِرِضَى الْمُكْتَرِي وَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُكَاتَبَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْجَانِيَةُ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ كَالْمَرْهُونَةِ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ السَّيِّدُ الْفِدَاءَ وَإِذَا سَافَرَ السَّيِّدُ بِأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ ( فَإِنْ سَافَرَ مَعَهَا الزَّوْجُ فَذَاكَ ) وَاضِحٌ ( وَإِلَّا فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَهْرٍ مِنْ ) أَيِّ أَمَةٍ ( لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ) إنْ كَانَ قَدْ سَلَّمَهُ لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ مَهْرِ مَنْ دَخَلَ بِهَا لِاسْتِقْرَارِهِ بِالدُّخُولِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا سَلَّمَهُ ظَانًّا وُجُوبَ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ .
فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ لَمْ يَسْتَرِدَّ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ ( وَيُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ لَيْلًا ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ ( لِوُجُوبِ ) تَسْلِيمِ ( الْمَهْرِ ) تَسْلِيمُ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا لِأَنَّ التَّسْلِيمَ الَّذِي يَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنْ الْوَطْءِ قَدْ حَصَلَ ( و ) يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُهَا لَهُ ( لَيْلًا وَنَهَارًا لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ ) لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِالتَّسْلِيمِ التَّامِّ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ ( وَلَوْ )
كَانَ التَّسْلِيمُ فِيمَا ذُكِرَ ( لِلْحُرَّةِ ) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ مَا ذُكِرَ ذَلِكَ ( وَمَتَى قَتَلَ ) السَّيِّدُ ( أَمَتَهُ ) الْمُزَوَّجَةَ ( أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا ) وَلَوْ خَطَأً ( أَوْ وَطِئَهَا ) السَّيِّدُ ( وَالزَّوْجُ وَوَلَدُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ ) فِي الثَّلَاثِ ( سَقَطَ مَهْرُهَا ) الْوَاجِبُ لَهُ لِتَفْوِيتِهِ مَحَلَّ حَقِّهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ وَتَفْوِيتُهَا كَتَفْوِيتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَحِقَّةً لَهُ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِفِعْلِهَا كَأَنْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ أَرْضَعَتْ الزَّوْجَ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِوُقُوعِ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ لِتَقَرُّرِهِ بِهِ وَلَا بِمَوْتِهَا وَلَا بِقَتْلِ الزَّوْجِ وَلَا بِقَتْلِ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَمْلِكْ الْمَهْرَ وَلَا بِقَتْلِ سَيِّدٍ كَذَلِكَ كَالْمُشْتَرِي لِغَيْرِ الْمُفَوِّضَةِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ تَحْصُلْ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ وَلَا مِنْ جِهَةِ مُسْتَحِقِّ الْمَهْرِ ( لَا مَهْرُ حُرَّةٍ قَتَلَتْ نَفْسَهَا ) وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَسْقُطُ مَهْرُهَا عَنْ الزَّوْجِ ( لِأَنَّهُ يَرِثُهَا ) فَيَغْرَمُ مَهْرَهَا وَلِأَنَّهَا كَالْمُسَلَّمَةِ إلَى الزَّوْجِ بِالْعَقْدِ إذْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ فِيهِمَا وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ نِكَاحِ الْحُرَّةِ الْوَصْلَةُ وَقَدْ وُجِدَتْ بِالْعَقْدِ وَمِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْوَطْءُ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ خَوْفِ الْعَنَتِ وَذَلِكَ غَيْرُ حَاصِلٍ قَبْلَ الدُّخُولِ .
( وَإِنْ بِيعَتْ الْمُزَوَّجَةُ فَالْمَهْرُ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَسَمَّى فِي الْعَقْدِ أَمْ لَا صَحِيحًا كَانَ الْمُسَمَّى أَوْ فَاسِدًا دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ ( لِلْبَائِعِ إلَّا مَا وَجَبَ لِلْمُفَوِّضَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ بِفَرْضٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ مَوْتٍ ) وَفِي نُسْخَةٍ بِفَرْضٍ أَوْ مَوْتٍ وَنَحْوِهِ ( أَوْ ) وَجَبَ لَهَا وَلِغَيْرِهَا ( بِوَطْءٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ ثَمَّ مُتْعَةُ ) أَمَةٍ ( مُفَوِّضَةٍ طَلُقَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَرْضِ ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمَهْرِ وَالْمُتْعَةِ ( لِلْمُشْتَرِي ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَجَبَ بِسَبَبٍ وَقَعَ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَثْنَى
مِنْهُ فَإِنَّ الْمَهْرَ فِيهِ وَجَبَ بِالْعَقْدِ أَوْ بِالْفَرْضِ أَوْ بِالدُّخُولِ وَكُلٌّ مِنْهَا وَقَعَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَالْمُتْعَةُ الْوَاجِبَةُ بِالْفُرْقَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَلَوْ طَلُقَتْ غَيْرُ الْمُفَوِّضَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْوَطْءِ فَنِصْفُ الْمَهْرِ لِلْبَائِعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِنْ عَتَقَتْ ) أَمَتُهُ الْمُزَوَّجَةُ ( فَلَهَا ) فِيمَا ذُكِرَ وَفِيمَا يَأْتِي ( مَا لِلْمُشْتَرِي ) وَلِمُعْتِقِهَا فِيهِمَا مَا لِلْبَائِعِ ( وَلَا يَحْبِسُهَا الْبَائِعُ لِلْمَهْرِ ) الْوَاجِبِ لَهُ أَيْ لِاسْتِيفَائِهِ ( لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا وَلَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ ) أَيْ الْمَهْرَ .
( وَإِنْ وَجَبَ ) الْمَهْرُ ( لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ الْحَبْسُ ) لِاسْتِيفَائِهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ ( وَكَذَا الْمُعْتَقَةُ ) الْوَاجِبُ لَهَا الْمَهْرُ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا كَذَلِكَ ( لَكِنْ مُعْتَقَةٌ أَوْصَى لَهَا بِصَدَاقِهَا ) بِأَنْ أَوْصَى لَهَا بِهِ مَالِكَهُ ( لَا تَحْبِسُ نَفْسَهَا ) لِاسْتِيفَائِهِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا لَهُ بِالْوَصِيَّةِ لَا بِالنِّكَاحِ ( وَلَا يَحْبِسُ الْوَارِثُ أُمَّ وَلَدٍ زَوَّجَهَا أَبُوهُ ) الْأَوْلَى مُوَرِّثُهُ ( لِصَدَاقِهَا ) أَيْ لِاسْتِيفَائِهِ وَإِنْ مَلَكَهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا وَاسْتِحْقَاقُهُ لِلصَّدَاقِ بِالْإِرْثِ لَا بِالنِّكَاحِ ( وَلَا تَحْبِسُ ) هِيَ ( نَفْسَهَا لِأَجْلِهِ ) لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ بَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ قَبْلَهُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَصْلًا كَمَا فَهِمَا بِالْأُولَى ( لَمْ يَلْزَمْهُ ) أَيْ الزَّوْجَ ( شَيْءٌ ) أَيْ مَهْرٌ لِلْبَائِعِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ مُعْتِقٍ وَمُشْتَرٍ وَعَتِيقِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ابْتِدَاءً إذْ لَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَلَا يَثْبُتُ بَعْدَهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً صَحِيحَةً يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ لِأَنَّهُ مَعَ السَّيِّدِ فِي الْمُعَامَلَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ
يَلْزَمُهُ بِقِسْطِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ
( الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ ) ( قَوْلُهُ وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِتَحْرِيمِ خَلَوْتِهِ بِهَا إلَخْ ) اسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ اسْتِخْدَامَهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّظَرُ إلَيْهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا وَهَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ نَظَرُ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا .
( قَوْلُهُ بِتَحْرِيمِ خَلَوْتِهِ بِهَا ) ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ جَوَازُهَا وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ هُنَا عَلَى أَنَّ لِسَيِّدِهَا السَّفَرَ بِهَا وَتَابَعَهُ الْأَصْحَابُ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْخِدْمَةِ عَلَى الزَّوْجِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَالْقِيَاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ ) مِنْهُمْ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يُسَلِّمَهَا كَمَا ذُكِرَ وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ أَنَّ حَقَّ الْمَالِكِ الْمُزَوِّجِ أَقْوَى إذْ لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهَا وَالْمُرْتَهِنُ يَسْتَحِقُّ إدَامَةَ الْيَدِ وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَطَأَهَا الرَّاهِنُ فَتَنْقُصُ وَفَرْقٌ آخَرُ وَهُوَ تَرْغِيبُ السَّادَةِ فِي تَزْوِيجِ الْإِمَاءِ ( قَوْلُهُ وَقَدْ يُرِيدُ اسْتِخْدَامَهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ ) وَلِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ اسْتِخْدَامَهَا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْخِيرَ إلَى إحْضَارِهَا مِنْ مَنْزِلِ الزَّوْجِ وَقَدْ لَا يَجِدُ مَنْ يُحْضِرُهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ لَا سِيَّمَا إنْ بَعُدَ مَنْزِلُ الزَّوْجِ ( قَوْلُهُ وَمَنْعِ الْحَيَاءِ لَهُ مِنْ الْإِجَابَةِ فِي الثَّانِي ) لَوْ كَانَ زَوْجُهَا وَلَدَ سَيِّدِهَا وَكَانَ لِأَبِيهِ وِلَايَةُ إسْكَانِهِ لِسَفَهٍ أَوْ مُرُودَةٍ وَخِيفَ عَلَيْهِ مِنْ انْفِرَادِهِ فَيُشْبِهُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الْمُعَلَّلِ بِهِ فِي حَقِّ وَلَدِهِ مَعَ ضَمِيمَةِ عَدَمِ الِاسْتِقْلَالِ .
وَقَوْلُهُ فَيُشْبِهُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَقَدْ يُقَالُ تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ شُغْلُهُ بِاللَّيْلِ كَالْأَتُونِيِّ وَالْحَارِسِ فَإِنَّ النَّهَارَ هُوَ مَحَلُّ سُكُونِهِ وَاللَّيْلَ مَحَلُّ شُغْلِهِ فَإِنْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِهَذَا نَهَارًا بَدَلًا عَنْ اللَّيْلِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ السَّيِّدُ بِتَسْلِيمِهَا نَهَارًا وَقَالَ أُسَلِّمُهَا لَيْلًا عَلَى عَادَةِ النَّاسِ الْغَالِبَةِ فَمَنْ الْمُجَابُ ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُجَابَ الزَّوْجُ كَمَا لَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يُبَدِّلَ عِمَادَ السُّكُونِ الْغَالِبَ وَهُوَ اللَّيْلُ بِالنَّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْقِنَّةُ لَا كَسْبَ لَهَا وَلَا خِدْمَةَ فِيهَا لِزَمَانَةٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ خَبَلٍ أَوْ غَيْرِهَا هَلْ يُقَالُ عَلَى السَّيِّدِ تَسْلِيمُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا إذْ لَا وَجْهَ لِحَبْسِهَا عِنْدَهُ نَهَارًا بِلَا فَائِدَةٍ أَمْ لَا فَرْقَ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا .
ا هـ .
الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُجَابَ الزَّوْجُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
وَكَتَبَ شَيْخُنَا فَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّهُ يُجَابُ مِنْ طَلَبِ التَّسْلِيمِ فِي وَقْتِ فَرَاغِ الزَّوْجِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا سَيِّدًا أَوْ زَوْجًا ( قَوْلُهُ جَازَ حَيْثُ لَا يَخْلُو بِهَا ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْجَانِيَةُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ السَّيِّدُ الْفِدَاءَ ) أَيْ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ لِيَسْتَمْتِعَ بِهَا لَيْلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَكَذَا رَأَيْته فِي نُسَخٍ وَفِي نُسْخَةٍ يَسْتَمْتِعُ بِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَةَ نَهَارًا مِنْ طُغْيَانِ الْقَلَمِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ سَافَرَ مَعَهَا الزَّوْجُ فَذَلِكَ وَاضِحٌ ) وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي سَفَرِ السَّيِّدِ
بِعَبْدِهِ الْمُزَوَّجِ قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا سَلَّمَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ ) أَيْ وَالْكِسْوَةِ ( قَوْلُهُ وَمَتَى قَتَلَ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ ) أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ حَتَّى فِي وُقُوعِهَا فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا عُدْوَانًا وَنَظِيرُ وَطْءِ الْأَبِ مَا لَوْ كَانَتْ الْمَالِكَةُ لِلْأَمَةِ امْرَأَةً وَزَوْجُ الْأَمَةِ ابْنُ الْمَالِكَةِ وَهُوَ عَبْدٌ مَثَلًا فَأَرْضَعَتْ الْمَالِكَةُ أَمَتَهَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْمَهْرُ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ جِهَةِ مَالِكَةِ الْأَمَةِ .
( قَوْلُهُ أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَكَذَا لَوْ قَتَلَ السَّيِّدُ زَوْجَ الْأَمَةِ أَوْ قَتَلَتْهُ الْأَمَةُ وَلَوْ قَتَلَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ أَوْ أَرْضَعَتْ الزَّوْجَ ) سَوَاءٌ أَكَانَ حُرًّا أَمْ عَبْدًا فِي نِكَاحِ الْكُفَّارِ وَفِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَكُونُ الزَّوْجُ عَبْدًا لِلْأَبْنَاءِ عَلَى إجْبَارِ السَّيِّدِ لَهُ ( قَوْلُهُ أَوْ مَوْت ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ هَاهُنَا أَنَّهُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْمَوْتَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَصْلُحُ مُسْتَقِلًّا بِالْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْفَرْضِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً صَحِيحَةً يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ ) وَهُوَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ لَوْ ( قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي ) أَوْ لِتَنْكِحِينِي ( أَوْ عَلَى أَنْ أَنْكِحك ) أَوْ لِأَنْكِحَك أَوْ نَحْوهَا ( فَقَبِلَتْ فَوْرًا أَوْ قَالَتْ ) لَهُ ( أَعْتِقْنِي عَلَى أَنْ أَنْكِحَك ) أَوْ نَحْوَهُ ( فَأَعْتَقَهَا فَوْرًا عَتَقَتْ ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا ابْتِدَاءً ( وَاسْتَحَقَّ عَلَيْهَا الْقِيمَةَ ) أَيْ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْعِتْقِ وَإِنْ وَفَّتْ لَهُ بِالنِّكَاحِ سَوَاءٌ أَقَالَ مَعَ ذَلِكَ وَعِتْقُك صَدَاقُك أَمْ لَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهَا بِعِوَضٍ لَا مَجَّانًا وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ فَوْرًا لَكِنَّهُ عِوَضٌ فَاسِدٌ إذْ لَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فَصَارَ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ لَكِنْ لَوْ كَانَتْ أَمَتُهُ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً فَأَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ عِتْقُهَا صَدَاقَهَا قَالَ الدَّارِمِيُّ عَتَقَتْ وَصَارَتْ أَجْنَبِيَّةً يَتَزَوَّجُهَا كَسَائِرِ الْأَجَانِبِ وَلَا قِيمَةَ ( لَا الْوَفَاءَ ) بِالنِّكَاحِ ( مِنْهُمَا ) فَلَا يَلْزَمُهُمَا ( وَلَوْ كَانَتْ ) أَيْ الْأَمَةُ ( مُسْتَوْلَدَةً ) إذْ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهَا دَرَاهِمَ فِي نِكَاحِهَا لَغَا .
( فَإِنْ تَزَوَّجَهَا ) مُعْتِقُهَا ( وَأَصْدَقَهَا الْعِتْقَ فَسَدَ الصَّدَاقُ لِأَنَّهَا قَدْ عَتَقَتْ ) فَلَا يَصْلُحُ عِتْقُهَا صَدَاقًا لِنِكَاحٍ مُتَأَخِّرٍ فَيَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ( أَوْ ) أَصْدَقَهَا ( الْقِيمَةَ ) الْوَاجِبَةَ عَلَيْهَا عِوَضَ عِتْقِهَا ( صَحَّ ) إلَّا صَدَاقٌ ( وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهَا ) مِنْهَا إنْ عَلِمَاهَا ( لَا إنْ جَهِلَاهَا أَوْ أَحَدُهُمَا ) فَلَا يَصِحُّ إلَّا صَدَاقٌ كَسَائِرِ الْمَجْهُولَاتِ ( فَلَهَا ) عَلَيْهِ ( مَهْرُ الْمِثْلِ ) وَعَلَيْهَا لَهُ الْقِيمَةُ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ أَصْدَقَهَا غَيْرَ الْقِيمَةِ فَلَهَا مَا أَصْدَقَهَا وَلَهُ عَلَيْهَا الْقِيمَةُ وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ ( وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِقِيمَةِ عَبْدٍ ) لَهُ ( أَتْلَفَتْهُ ) صَحَّ الْإِصْدَاقُ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهَا مِنْهَا لَا إنْ جَهِلَاهَا أَوْ أَحَدُهَا فَلَهَا مَهْرُ
الْمِثْلِ ( وَلَوْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَنْ أَنْكِحَك أَوْ قَالَ ) لَهُ ( رَجُلٌ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَنْ أُنْكِحَك ابْنَتِي فَفَعَلَ عَتَقَ ) الْعَبْدُ وَلَمْ يَلْزَمْ الْوَفَاءُ بِالنِّكَاحِ .
( وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ ) أَيْ قِيمَةُ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ قَالَ أَعْتِقُ عَبْدَك عَنْك عَلَى أَلْفٍ عَلَيَّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ ( كَمَا ذَكَرَهُ ) الْأَصْلُ ( فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ ) لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي عِتْقِهِ لِلثَّوَابِ ( لَا ) مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ ( هُنَا ) مِنْ عَدَمِ وُجُوبِهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ فِي هَذِهِ بِعْتُك وَفِي الثَّانِيَةِ بِعْنِي وَمِنْ تَرْكِهِمَا فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالْأَلْفِ فِي الثَّالِثَةِ بَيْنَ تَرْكِهِمَا وَذِكْرِ شَيْءٍ مِنْهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّك قَدْ عَلِمْت بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ فِي قَوْلِهِ كَمَا ذَكَرَهُ إلَى آخِرِهِ تَجَوُّزًا لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّالِثَةِ الَّتِي حَذَفَهَا هُوَ لَا فِي الْأُولَيَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا لَكِنَّهُ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَيْءٍ عَلَى الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ حُكْمٌ بِهِ عَلَى الْمَبْنِيِّ غَالِبًا ( وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَنْكِحِي زَيْدًا فَقَبِلَتْ فَفِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ ) أَيْ قِيمَتِهَا عَلَيْهَا ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ ظَاهِرٌ قَالَ وَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ لَفْظَ الرَّافِعِيِّ الْوَجْهَانِ بِالتَّعْرِيفِ وَهُوَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ خِلَافِ ذَلِكَ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا مَرْدُودٌ فَاَلَّذِي رَأَيْته فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَجْهَانِ بِلَا تَعْرِيفٍ كَالرَّوْضَةِ انْتَهَى .
وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ أَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي تِلْكَ الْوُجُوبُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَفَّارَةِ ( وَإِنْ قَالَتْ لِعَبْدِهَا أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَنِي ) أَوْ نَحْوَهُ ( عَتَقَ مَجَّانًا وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ ) لِأَنَّهَا لَمْ تَشْتَرِطْ عَلَيْهِ
عِوَضًا وَإِنَّمَا وَعَدَتْهُ وَعْدًا جَمِيلًا وَهُوَ أَنْ تَصِيرَ زَوْجَةً لَهُ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَتْ لَهُ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ أُعْطِيَك بَعْدَ الْعِتْقِ أَلْفًا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي عَكْسِهِ لِأَنَّ بُضْعَ الْمَرْأَةِ مُتَقَوِّمٌ شَرْعًا فَيُقَابَلُ بِالْمَالِ فَيَلْزَمُهَا لَهُ قِيمَةُ نَفْسِهَا ( فَرْعٌ لَوْ قَالَ ) لِأَمَتِهِ ( إنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنِّي أَنْكِحُك ) أَوْ نَحْوَهُ ( بَعْدَ عِتْقِك فَأَنْت حُرَّةٌ ) أَوْ إنْ يَسَّرَ اللَّهُ بَيْنَنَا نِكَاحًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ وَنَكَحَتْهُ ( لَمْ يَصِحَّ ) النِّكَاحُ وَإِنْ مَضَى بَعْدَ قَوْلِهِ زَمَنٌ يَسَعُ الْعِتْقَ ( وَلَمْ يَعْتِقْ ) وَذَلِكَ لِلدَّوْرِ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ حَالَ الْعَقْدِ شَاكٌّ هَلْ هِيَ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ ( كَمَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرَّةٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ ) مَثَلًا ( ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْحَالِ ) لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ
قَوْلُهُ فَفَعَلَ عَتَقَ الْعَبْدُ وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ عَنْ الْبَاذِلِ لِلنِّكَاحِ دُونَ السَّيِّدِ وَأَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ ا هـ وَلَمْ يَحْصُلْ الْمِلْكُ بِالْعِوَضِ الْفَاسِدِ وَإِنَّمَا حَصَلَ بِالْعِوَضِ الثَّابِتِ شَرْعًا وَهُوَ قِيمَةُ الْعَبْدِ .
وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وُقُوعَ الْعِتْقِ عَنْ الْمُسْتَدْعَى وَأَنَّ ذَلِكَ مُلْحَقٌ بِالْخُلْعِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَصَاحِبِ التَّقْرِيبِ وَالرَّافِعِيِّ فِي الْكَفَّارَاتِ وُقُوعُهُ عَنْهُ وَجْهًا وَاحِدًا وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْحَاوِي هُنَا ( قَوْلُهُ فَفِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ وَجْهَانِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْوَجْهَيْنِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ خَاصٌّ فِي تَزْوِيجِ زَيْدٍ أَمَّا لَوْ كَانَ بِأَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ إعْفَافُ أَبِيهِ وَنَحْوُهُ أَوْ قَصَدَ إعْفَافَ عَبْدِهِ أَوْ وَلَدِهِ الْمَجْنُونِ أَنَّهُ تَلْزَمُهَا الْقِيمَةُ وَجْهًا وَاحِدًا ( قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ كَالْحُرِّ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ ( تَعَلَّقَا بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ رِبْحٍ حَادِثٍ ) بَعْدَ مُوجِبِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ ( وَكَذَا ) رِبْحٌ ( قَدِيمٌ وَرَأْسُ مَالٍ ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا دَيْنَانِ لَزِمَاهُ بِعَقْدٍ مَأْذُونٍ فِيهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ وَكَسْبُهُ كَالرِّبْحِ وَرَأْسِ الْمَالِ فِي ذَلِكَ ( وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ ) لَهُ ( يَتَعَلَّقَانِ بِكَسْبِهِ ) لِأَنَّهُمَا مِنْ لَوَازِمِ النِّكَاحِ وَكَسْبُ الْعَبْدِ أَقْرَبُ شَيْءٍ يَصْرِفُ إلَيْهِمَا وَالْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ إذْنٌ فِي صَرْفِ كَسْبِهِ إلَى مُؤْنَاتِهِ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِكَسْبِهِ ( الْحَدَثَ بَعْدَ النِّكَاحِ ) فِي مَهْرٍ حَالٍّ ( وَ ) بَعْدَ ( حُلُولِ مَهْرٍ مُؤَجَّلٍ ) وَبَعْدَ وَطْءٍ أَوْ فَرْضٍ صَحِيحٍ فِي مَهْرِ مُفَوِّضَةٍ وَالنَّفَقَةُ بِكَسْبِهِ الْحَادِثِ بَعْدَ التَّمْكِينِ ( وَلَوْ ) كَانَ الْكَسْبُ ( نَادِرًا كَالْوَصِيَّةِ ) وَالْهِبَةِ بِخِلَافِ كَسْبِهِ قَبْلَ الْمَذْكُورَاتِ لَا يَتَعَلَّقَانِ بِهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ فَإِنْ قُلْت قَدْ اعْتَبَرُوا فِي ضَمَانِ الْعَبْدِ كَسْبَهُ الْحَاصِلَ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى وُجُودِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَهُوَ الضَّمَانُ وَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْمَضْمُونَ ثَمَّ ثَابِتٌ حَالَةَ الْإِذْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا .
( وَلَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِيهِمَا ) أَيْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ ( جَازَ ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ ( وَيُصْرَفُ كَسْبُهُ كُلَّ يَوْمٍ لِلنَّفَقَةِ ) لِأَنَّهَا ضَرُورِيَّةٌ ( ثُمَّ ) إنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ صَرَفَهُ ( لِلْمَهْرِ ثُمَّ ) إنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ صَرَفَهُ ( لِلسَّيِّدِ وَلَا يَدَّخِرُ ) مِنْهُ شَيْئًا ( لِلنَّفَقَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا تَعَلَّقَ ) كُلٌّ مِنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ ( بِذِمَّتِهِ ) كَالْقَرْضِ لِلُزُومِهِ بِرِضَى مُسْتَحِقِّهِ ( لَا غَيْرِهَا ) مِنْ رَقَبَتِهِ إذْ لَا جِنَايَةَ وَلَا مِنْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ
لِلْبُضْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْبَدَلُ غَيْرَهُ ( وَعَلَى السَّيِّدِ تَخْلِيَتُهُ لَيْلًا ) وَقْتَ النَّوْمِ ( لِلِاسْتِمْتَاعِ ) بِزَوْجَتِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ ( وَلِلْكَسْبِ نَهَارًا ) لِأَنَّهُ أَحَالَ حُقُوقَ النِّكَاحِ عَلَى الْكَسْبِ فَوَجَبَتْ التَّخْلِيَةُ لَهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الِاسْتِخْدَامُ لَيْلًا كَالْحَارِسِ فَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ ( إلَّا أَنْ يَتَحَمَّلَ ) عَنْهُ وَهُوَ مُوسِرٌ ( الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ ) فَلَا يَلْزَمُهُ تَخْلِيَتُهُ لِلْكَسْبِ .
( فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ ) أَوْ حَبَسَهُ بِلَا تَحَمُّلٍ ( لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ ) مِثْلِ ( مُدَّةِ الِاسْتِخْدَامِ ) أَوْ الْحَبْسِ ( وَ ) مِنْ ( نَفَقَتِهَا مَعَ الْمَهْرِ ) أَمَّا أَصْلُ اللُّزُومِ فَلِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ كَأَنَّهُ أَحَالَ الْمُؤَنَ عَلَى كَسْبِهِ فَإِذَا فَوَّتَهُ طُولِبَ بِهَا مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الْجَانِي حَيْثُ صَحَّحْنَاهُ وَأَوْلَى وَأَمَّا لُزُومُ الْأَقَلِّ فَكَمَا فِي فِدَاءِ الْجَانِي بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَلِأَنَّ أُجْرَتَهُ إنْ زَادَتْ كَانَ لَهُ أَخْذُ الزِّيَادَةِ أَوْ نَقَصَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ وَقِيلَ يَلْزَمَانِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَخْدَمَهُ أَوْ حَبَسَهُ أَجْنَبِيٌّ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا تَفْوِيتُ مَنْفَعَةٍ وَالسَّيِّدُ سَبَقَ مِنْهُ الْإِذْنُ الْمُقْتَضِي لِالْتِزَامِ مَا وَجَبَ فِي الْكَسْبِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالِاسْتِخْدَامِ اسْتِخْدَامُهُ نَهَارًا فَإِنَّ حَقَّهُ فِي اسْتِمْتَاعِهِ لَيْلًا لَا بَدَلَ لَهُ فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا ضَمِنَ زَمَنَ نَهَارِهِ دُونَ لَيْلِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلِسَيِّدِهِ إذَا تَحَمَّلَ عَنْهُ مَا مَرَّ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ مَنْعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ كَمَا يُسَافِرُ بِأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يُسَافِرَ بِزَوْجَتِهِ مَعَهُ .
( فَإِنْ سَافَرَ بِهِ
السَّيِّدُ وَسَافَرَ بِهَا ) الْعَبْدُ مَعَهُ ( فَالْكِرَاءُ فِي كَسْبِهِ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَيْهِ تَخْلِيَتُهُ حِينَئِذٍ لَيْلًا لِلِاسْتِمْتَاعِ كَالْحَضَرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ اللَّيْلُ بِمُتَعَيِّنٍ بَلْ الْمُرَادُ أَوْقَاتُ الِاسْتِرَاحَةِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ حَالُ السَّفَرِ ( فَإِنْ امْتَنَعَتْ ) مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ وَلَمْ يَمْنَعْ السَّيِّدُ لَهَا إذَا كَانَتْ رَقِيقَةً ( سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهَا ) الزَّوْجُ ( بِهِ ) أَيْ بِالسَّفَرِ مَعَهُ ( لَمْ تَسْقُطْ ) نَفَقَتُهَا ( وَعَلَى السَّيِّدِ ) إنْ لَمْ يَتَحَمَّلْهَا ( الْأَقَلُّ كَمَا سَبَقَ ) أَيْ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ مُدَّةِ السَّفَرِ وَنَفَقَتُهَا مَعَ الْمَهْرِ ( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَذِنَ لِعَبْدِهِ ) فِي التَّزَوُّجِ ( فَتَزَوَّجَ لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ نَفَقَتُهُ وَلَا مَهْرُ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُمَا ( وَإِنْ أَذِنَ ) لَهُ فِيهِ ( عَلَى أَنْ يَضْمَنَ ) ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ ( فَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهِمَا ) بِحُكْمِ الْمِلْكِ .
( فَإِنْ أَعْتَقَهَا وَأَوْلَادَهَا فَنَفَقَتُهَا فِي كَسْبِ الْعَبْدِ وَنَفَقَةُ أَوْلَادِهَا عَلَيْهَا ثُمَّ ) إنْ أَعْسَرَتْ وَجَبَتْ ( عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ دُونَهَا فَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ كَحُرٍّ تَزَوَّجَ أَمَةً ( وَ ) نَفَقَةُ ( الْأَوْلَادِ عَلَى السَّيِّدِ ) لِأَنَّهُمْ مِلْكُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْحُكْمُ فِي الْأَخِيرَةِ يَجْرِي فِيمَا لَوْ أَعْتَقَهَا دُونَهُ وَدُونَ أَوْلَادِهَا
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ ) ( قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ كَالْحُرِّ ) لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ لَمْ يَجِبْ مَهْرُ النِّكَاحِ يَخْلُو عَنْ الْمَهْرِ فِي غَيْرِ هَذِهِ فِي صُوَرٍ إحْدَاهَا السَّفِيهُ إذَا نَكَحَ فَاسِدًا أَوْ وَطِئَ ، الثَّانِيَةُ إذَا وُطِئَتْ الْمُفَوِّضَةُ فِي الْكُفْرِ وَاعْتَقَدُوا أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا بِحَالٍ ثُمَّ أَسْلَمُوا .
الثَّالِثَةُ إذَا وَطِئَ الْعَبْدُ جَارِيَةَ سَيِّدِهِ بِشُبْهَةٍ الرَّابِعَةُ أَعْتَقَ مَرِيضٌ أَمَتَهُ وَهِيَ ثُلُثُ مَالِهِ وَنَكَحَهَا وَوَطِئَ وَمَاتَ وَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ بَقَاءَ النِّكَاحِ الْخَامِسَةُ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ مَعَ الْجَهْلِ بِالتَّحْرِيمِ وَطَاوَعَتْهُ وَقِيَاسُهُ يَأْتِي فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَنَحْوِهِمَا السَّادِسَةُ وُطِئَتْ حَرْبِيَّةٌ بِشُبْهَةٍ السَّابِعَةُ وَطِئَ مُرْتَدَّةً بِشُبْهَةٍ وَمَاتَتْ عَلَى الرِّدَّةِ الثَّامِنَةُ وُطِئَتْ مَيِّتَةٌ بِشُبْهَةٍ التَّاسِعَةُ وَالْعَاشِرَةُ وَطِئَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ غَيْرَ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ بَعْدَ الْوَطْأَةِ الْأُولَى الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ اسْتَرَقَّ الْكَافِرُ حُرًّا مُسْلِمًا وَجَعَلَهُ صَدَاقَ امْرَأَتِهِ وَأَقْبَضَهَا إيَّاهُ ثُمَّ أَسْلَمَا فَإِنَّ الْحُرَّ يُنْزَعُ مِنْ يَدِهَا وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَهْرٌ ( قَوْلُهُ تَعَلَّقَا بِمَا فِي يَدِهِ إلَخْ ) شَمِلَ مَهْرَ الْمِثْلِ إذَا فَسَدَ الْمُسَمَّى ( قَوْلُهُ وَالْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ إذْنٌ فِي صَرْفِ كَسْبِهِ إلَى مُؤْنَاتِهِ ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ ذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَلَمْ يَسْتَوْفِ الْمَنْفَعَةَ وَلَا فِي الرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِرِضَا الْمُسْتَحِقِّ وَلَا فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِالْمَرْأَةِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ هُنَا ) أَيْ لِأَنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ ( قَوْلُهُ يُصْرَفُ كَسْبُهُ كُلَّ يَوْمٍ لِلنَّفَقَةِ ) ثُمَّ لِلْمَهْرِ وَفِي الْوَسِيطِ يَكْتَسِبُ لِلْمَهْرِ أَوَّلًا ثُمَّ لِلنَّفَقَةِ وَجَمَعَ ابْنُ
الرِّفْعَةِ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ عَلَى مَا إذَا أَمَنَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى تَقْبِضَ الْمَهْرَ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ وَكَلَامُهُمَا عَلَى مَا إذَا بَذَلَتْ نَفْسَهَا فَتُقَدَّمُ النَّفَقَةُ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهَا نَاجِزَةٌ بِخِلَافِ الْمَهْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا الْجَمْعِ شَيْءٌ وَيَنْبَغِي عَدَمُ تَعْيِينِ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ إذْ هُمَا دَيْنٌ فِي كَسْبِهِ فَيَصْرِفُهُ عَمَّا يَشَاءُ مِنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ ا هـ وَنَقَلَهُ فِي تَوَسُّطِهِ عَنْ بَعْضِ مُحَقِّقِي الْعَصْرِ ( قَوْلُهُ وَعَلَى السَّيِّدِ تَخْلِيَتُهُ لَيْلًا ) أَيْ وَقْتَ الْفَرَاغِ مِنْ خِدْمَتِهِ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي مَنْزِلِ سَيِّدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَخْلِيَتُهُ بِاللَّيْلِ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي مَنْزِلِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ يَخْدُمُ سَيِّدَهُ نَهَارًا فِي مَنْزِلِهِ بِحَيْثُ يَلِجُ كُلَّ وَقْتٍ عَلَى زَوْجَتِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ يَسْتَخْدِمُهُ فِي سَوْقِهِ أَوْ زَرْعِهِ أَوْ رَعْيِهِ مَثَلًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا فِي مَنْزِلِ السَّيِّدِ وَغَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَحَمَّلَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ ) الْمُرَادُ بِتَحَمُّلِهِ إيَّاهُمَا أَدَاؤُهُمَا بَعْدَ وُجُوبِهِمَا ( قَوْلُهُ فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ لَزِمَهُ الْأَقَلُّ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ قَامَ بِبَعْضِ الْوَاجِبِ كَالْمَهْرِ مَثَلًا أَوْ أَبْرَأَتْ الزَّوْجَةُ مِنْهُ أَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَقُومُ بِنَفَقَتِهَا دُونَ كِسْوَتِهَا فَإِذَا نَظَرْنَا إلَى الْأَقَلِّ هَلْ نَأْخُذُ بِالْحِصَّةِ مِمَّا كَانَ وَاجِبًا أَوْ يُنْظَرُ إلَى الْوَاجِبِ ذَلِكَ الْوَقْتَ هَذَا فِيهِ وَقْفَةٌ ا هـ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالثَّانِي ( قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ) وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ ( تَنْبِيهٌ ) جَمِيعُ مَا سَبَقَ فِي الْكُسُوبِ أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الْكَسْبِ فَالظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلسَّيِّدِ السَّفَرَ بِهِ
وَاسْتِخْدَامَهُ حَضَرًا مِنْ غَيْرِ الْتِزَامِ شَيْءٍ وَلَا لُزُومِ شَيْءٍ إذْ لَا كَسْبَ لَهُ أَلْبَتَّةَ وَلَا وَجْهَ لِتَعْطِيلِهِ لَا لِمَعْنًى وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ
( فَصْلٌ ) لَوْ ( نَكَحَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنٍ وَوَطِئَ ) قَبْلَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ ( فَلَا حَدَّ ) لِلشُّبْهَةِ ( وَتَعَلَّقَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِذِمَّتِهِ ) لَا بِرَقَبَتِهِ وَلَا كَسْبِهِ وَلَا مَالِ تِجَارَتِهِ لِمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ فِي كَبِيرَةٍ عَاقِلَةٍ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مُخْتَارَةً فَلَوْ كَانَتْ حُرَّةً طِفْلَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مُكْرَهَةً فَالْوَجْهُ تَعَلُّقُهُ بِرَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ مَحْضَةٌ وَلِهَذَا وَجَبَ الْمَهْرُ عَلَى السَّفِيهِ إذَا نَكَحَهُنَّ بِلَا إذْنٍ وَوَطِئَ وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً وَسَلَّمَهَا سَيِّدُهَا فَمَوْضِعُ تَأَمُّلٍ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّتِهِ ( وَمَتَى نَكَحَ ) الْعَبْدُ أَمَةً ( غَيْرَ مَأْذُونَةٍ وَوَطِئَ تَعَلَّقَ الْمَهْرُ بِرَقَبَتِهِ ) لَا بِذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ أَكْرَهَ أَمَةً أَوْ حُرَّةً عَلَى الزِّنَا وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ لَكِنْ رَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ تَعَلُّقَهُ بِذِمَّتِهِ .
( وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي النِّكَاحِ فَنَكَحَ ) نِكَاحًا ( فَاسِدًا ) وَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ ( تَعَلَّقَ الْمَهْرُ بِذِمَّتِهِ ) لَا بِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ لِمَا مَرَّ ( وَكَذَا ) يَتَعَلَّقُ بِهَا الزَّائِدُ ( عَلَى مَا قُدِّرَ لَهُ ) جَعْلًا أَوْ شَرْعًا لِذَلِكَ ( فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي ) النِّكَاحِ ( الْفَاسِدِ أَوْ فَسَدَ الْمَهْرُ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ النِّكَاحِ ( تَعَلَّقَ ) الْمَهْرُ ( بِكَسْبِهِ ) وَمَالِ تِجَارَتِهِ لِوُجُودِ إذْنِ سَيِّدِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَعَمْ إنْ عَيَّنَ لَهُ الْمَهْرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْكَسْبِ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُعَيَّنِ
( قَوْلُهُ لَا بِرَقَبَتِهِ وَلَا كَسْبِهِ إلَخْ ) لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ عَلَى الْمَشْهُورِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فِي كَبِيرَةٍ ) أَيْ حُرَّةٍ ( قَوْلُهُ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مُخْتَارَةً ) بِأَنْ مَكَّنَتْهُ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِهَا بِرِضَاهَا قَوْلُهُ أَوْ مُكْرَهَةً ) أَيْ أَوْ نَائِمَةً ( قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ تَعَلُّقُهُ بِرَقَبَتِهِ ) نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْكَافِي أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ حُرَّةً وَوَطِئَهَا مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَوْلُهُ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّتِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْمُسْلَمُ لَهُ رَشِيدًا فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَسَلَّمَهَا السَّيِّدُ الرَّشِيدُ فَلَا شَيْءَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي تَسْلِيمِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا لِسَفِيهٍ كَاتَبَهُ ( قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ الْقَطْعُ بِهِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا الزَّائِدُ عَلَى مَا قُدِّرَ لَهُ ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنُ لَوْ قَالَ انْكِحْ مَنْ شِئْت بِمَا شِئْت فَنَكَحَ بِأَضْعَافٍ مِنْ الْمَهْرِ فَفِي الزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ قَوْلَانِ كَمَا فِي أَصْلِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ لِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ الْتَزَمَهَا بِإِذْنِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْن الْمُبَذِّرِ إذَا زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ حَيْثُ بَطَلَتْ زِيَادَتُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَقَّ فِي أَكْسَابِ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ وَلَا حَقَّ لَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَنَاسَبَ أَنْ يُتْبَعُ بِهَا إذَا عَتَقَ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الزَّوْجَةِ بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى السَّيِّدِ وَالْمَنْعُ فِي الْمُبَذِّرِ لِحِفْظِ مَالِهِ فَافْتَرَقَا .
وَبِهَذَا الْفَرْقِ قَطَعَ جَمَالُ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ الثَّانِي الْعَبْدُ صَحِيحٌ الْعِبَارَةُ مَحَلٌّ لِلِالْتِزَامِ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنَّمَا مَنْعُ التَّصَرُّفِ لِحَقِّ السَّيِّدِ
وَلِهَذَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ اكْتَفَى بِمُطْلَقِ الْإِذْنِ وَصَحَّتْ عِبَارَتُهُ فِي عُقُودِهَا وَصِحَّةِ الْتِزَامِ أَعْوَاضِهَا فَكَانَ كَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَلِهَذَا لَا يُطْلَقُ فِي حَقِّهِ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا لَوْ كُوتِبَ هَلْ يُطَالَبُ بِالزَّائِدِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ أَمْ لَا وَكَذَا لَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْتَقْ وَلَكِنْ كُوتِبَ فَنَصَّ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ وَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ تُطَالِبَهُ وَلَوْ كَثُرَ مَالُهُ بِالْقِسْطِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْكُلِّ وَالْقِيَاسُ الْأَوَّلُ ( قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْكَسْبِ أَوَّلَ الْأَمْرَيْنِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ لَوْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ الْإِذْنَ ) لِلْعَبْدِ فِي النِّكَاحِ ( فَادَّعَتْ ) أَيْ الزَّوْجَةُ عَلَى السَّيِّدِ بِأَنْ قَالَتْ أَدَّعِي عَلَيْهِ ( أَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ مُسْتَحَقٌّ ) لِي ( بِمَهْرِي وَنَفَقَتِي سُمِعَتْ ) دَعْوَاهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَخْلِيَتُهُ لِيَكْتَسِبَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ
( قَوْلُهُ فَادَّعَتْ أَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ مُسْتَحَقٌّ لِي بِمَهْرِي إلَخْ ) قَدْ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّصْوِيرِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ بِدُونِ مَالٍ وَالصَّحِيحُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى خِلَافُهُ
( فَصْلٌ ) لَوْ ( اشْتَرَى الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ لِسَيِّدِهِ ) أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بِإِذْنِهِ ( لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ ( وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ ) وَلَوْ ( بِإِذْنِهِ ) أَوْ مَلَّكَهُ ثَمَنَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ ( وَإِنْ اشْتَرَتْ الْمُبَعَّضَةُ أَوْ الْمُبَعَّضُ زَوْجَهُ بِخَالِصِ مَالِهِ ) وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ ( أَوْ بِالْمُشْتَرَكِ ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مِنْ كَسْبِهِ ( بِالْإِذْنِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ ) لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَمَلَكَ جُزْءًا مِنْهُ فِي الْأَخِيرَةِ ( وَكَذَا ) إنْ اشْتَرَاهُ بِالْمُشْتَرَكِ ( بِلَا إذْنٍ ) لِأَنَّهُ مَلَكَ جُزْءًا مِنْهُ بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِخَالِصِ مَالِ السَّيِّدِ بِإِذْنِهِ .
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ وَلَوْ بِإِذْنِهِ إلَخْ ) قِيلَ كَيْفَ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ إنَّمَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ عَلَى وَفْقِ أَمْرِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ السَّيِّدَ قَدْ أَذِنَ فِي الشِّرَاءِ بِالْمَالِ الْمَدْفُوعِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُقَابِلُهُ وَاقِعًا لِلْعَبْدِ وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ فَلَغَا وَقَضِيَّةُ الشَّرْعِ أَنْ يَقَعَ الْمُعَوَّضُ لِمَالِك الْعِوَضِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ لِلسَّيِّدِ وَيَظْهَرُ الْتِفَاتُ ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ هَلْ يَبْقَى الْعُمُومُ
( فَرْعٌ لَوْ مَلَكَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا ) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ ( قَبْلَ الدُّخُولِ ) بِهَا ( سَقَطَ الْمَهْرُ كُلُّهُ ) حَتَّى تَرُدَّهُ إنْ قَبَضَتْهُ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا كَرِدَّتِهَا ( أَوْ بَعْدَهُ بَقِيَ ) الْمَهْرُ ( فِي ذِمَّتِهِ ) وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ابْتِدَاءً لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ لَمْ تَرُدَّ شَيْئًا مِنْهُ وَكَالْحُرَّةِ الْمُكَاتَبَةُ وَالْمُبَعَّضَةُ ( وَإِنْ مَلَكَ ) الزَّوْجُ ( زَوْجَتَهُ ) أَوْ بَعْضَهَا ( بَعْدَ الدُّخُولِ ) بِهَا ( لَزِمَهُ الْمَهْرُ ) لِتَقَرُّرِهِ بِالدُّخُولِ ( أَوْ قَبْلَهُ ) وَلَمْ تَكُنْ مُفَوِّضَةً ( فَنِصْفُهُ ) لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ هُنَا بِفِعْلِ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ فَغَلَبَ جَانِبُهُ كَالْخُلْعِ وَفِيمَا مَرَّ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِي الْفُرْقَةِ ( وَكَذَا إنْ مَلَكَهَا ) أَوْ بَعْضَهَا ( بِالْإِرْثِ ) يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ لِتَقَرُّرِهِ بِهِ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ لَا بِسَبَبِهَا ( وَيَصِيرُ الْمَهْرُ ) أَوْ نِصْفُهُ ( تَرِكَةً فَإِنْ كَانَ ) الْوَارِثُ ( حَائِزًا وَلَا دَيْنَ وَلَا وَصِيَّةَ ) هُنَاكَ ( سَقَطَ ) عَنْهُ لِأَنَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ صَارَ لَهُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ حَائِزًا أَوْ كَانَ وَهُنَاكَ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ ( فَلِغَيْرِهِ ) مِنْ الْوَرَثَةِ وَرَبِّ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ ( اسْتِيفَاءُ نَصِيبِهِ مِنْهُ وَإِنْ مَلَكَتْ ) حُرَّةٌ ( بَعْضَ زَوْجِهَا ) أَوْ كُلَّهُ ( بِالْإِرْثِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمَهْرُ ) لِتَقَرُّرِهِ بِالدُّخُولِ فَنَصِيبُهَا وَهُوَ قِسْطُ مَا وَرَثَته مِنْهُ دَيْنٌ لَهَا عَلَى مَمْلُوكِهَا .
( وَقِسْطُ الزَّائِدِ عَلَى نَصِيبِهَا مُتَعَلِّقٌ بِكَسْبِ نَصِيبِ غَيْرِهَا ) أَيْ بِنَصِيبِ غَيْرِهَا مِنْ الْكَسْبِ وَقَوْلُ الْأَصْلِ بِكَسْبِ مَا تَرِثُ مِنْهُ صَوَابُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ بِكَسْبِ مَا لَمْ تَرِثْ مِنْهُ ( وَلَوْ كَانَ ) مِلْكُهَا ذَلِكَ ( قَبْلَ الدُّخُولِ فَنِصْفُ الْمَهْرِ ) وَاجِبٌ لَهَا وَحُكْمُهُ حُكْمُ جَمِيعِهِ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَوْ ضَمِنَ )
السَّيِّدُ ( عَنْ عَبْدِهِ الصَّدَاقَ لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ ) أَوْ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ الْمُبَعَّضَةِ ( ثُمَّ بَاعَهَا إيَّاهُ بِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ ) بِهَا ( لَمْ يَصِحَّ ) الْبَيْعُ بَلْ يَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ ( لِأَنَّهُ ) أَيْ تَصْحِيحُ الْبَيْعِ ( يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِ الثَّمَنِ لِسُقُوطِ صَدَاقِهَا ) بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ اللَّازِمِ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ ( أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا صَحَّ ) الْبَيْعُ لِتَقَرُّرِ الصَّدَاقِ بِالدُّخُولِ وَاسْتَحَقَّتْهُ عَلَى السَّيِّدِ بِضَمَانِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِمِلْكِهَا الزَّوْجَ وَانْفِسَاخِ النِّكَاحِ ( وَاسْتَوْفَتْ ) أَيْ وَصَارَتْ بِذَلِكَ مُسْتَوْفِيَةً لِصَدَاقِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَضْمَنْهُ السَّيِّدُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا الصَّدَاقَ عَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ مَا لَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ عِوَضًا عَمَّا تَسْتَحِقُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي مَعْنَى ضَمَانِ السَّيِّدِ الصَّدَاقَ لَهَا أَنْ يُصَدِّقَ عَنْ عَبْدِهِ عَيْنًا ثُمَّ تَشْتَرِيَهُ الزَّوْجَةُ بِهَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ .
( وَلَوْ بَاعَهَا إيَّاهُ بِغَيْرِ الصَّدَاقِ ) بَعْدَ الدُّخُولِ ( بَقِيَ صَدَاقُهَا بِذِمَّةِ عَبْدِهَا ) وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ وَعَلَيْهَا لِلْبَائِعِ الثَّمَنُ ( وَقَدْ يَجْرِي التَّقَاصُّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الضَّامِنِ ) وَهُوَ الْبَائِعُ ( وَإِنْ كَانَتْ ) زَوْجَةُ الْعَبْدِ ( أَمَةً مَأْذُونَةً ) أَيْ مَأْذُونًا لَهَا فِي ابْتِيَاعِهِ فَابْتَاعَتْهُ بِعَيْنِ الصَّدَاقِ أَوْ بِغَيْرِهِ ( صَحَّ الْبَيْعُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ ) وَاسْتَمَرَّ النِّكَاحُ فَإِنَّ الْمِلْكَ لِسَيِّدِهَا ( وَ ) لَكِنْ إنْ بَاعَهُ لَهَا بِعَيْنِ الصَّدَاقِ ( بَرِئَ الْعَبْدُ وَالسَّيِّدُ ) لِأَنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ بِأَدَاءِ الضَّامِنِ ( وَلَا يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْعَبْدِ ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الضَّمَانِ كَمَا لَوْ ضَمِنَ عَنْهُ دَيْنًا آخَرَ وَأَدَّاهُ فِي رِقِّهِ ( وَإِنْ بَاعَهُ ) أَيْ الْعَبْدُ الْأَمَةَ ( الْمَأْذُونَةَ بِغَيْرِ الصَّدَاقِ ) لَمْ يَسْقُطْ الصَّدَاقُ عَنْ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَنْ مَلَكَ عَبْدًا
لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَسْقُطُ بِمِلْكِهِ لَهُ فَلِسَيِّدِ الْأَمَةِ عَلَى بَائِعِ الْعَبْدِ الصَّدَاقُ وَلِلْبَائِعِ عَلَيْهِ الثَّمَنُ ( فَالتَّقَاصُّ ) قَدْ يَجْرِي بَيْنَهُمَا ( كَمَا سَبَقَ فِي الْحُرَّةِ ) فَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْعَبْدِ عَنْ حَقِّ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ بِالتَّقَاصِّ اسْتَوْفَى حَقَّهُ مِنْ الْبَائِعِ .
( قَوْلُهُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ ) قَوْله وَإِذَا جَعَلَ ثَمَنًا فَكَأَنَّهَا اسْتَوْفَتْ الصَّدَاقَ قَبْلَ لُزُومِ الْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهَا بَعْدَمَا مَلَكَتْ الزَّوْجَ صَدَاقٌ فِي رَقَبَتِهِ حَتَّى يَسْقُطَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَوْلُهُ فِي رَقَبَتِهِ وَهْمٌ وَهُوَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الرَّافِعِيِّ وَصَوَابُهُ فَلَيْسَ لَهَا بَعْدَمَا مَلَكَتْ الزَّوْجَ صَدَاقٌ فِي ذِمَّتِهِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ حَتَّى تَرُدَّهُ إنْ قَبَضَتْهُ ) قَالَ شَيْخُنَا بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ إبْهَامٍ فِي الرَّوْضَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مُحَالٌ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ وَأَنَّهُ مَتَى اشْتَرَتْ حُرَّةٌ زَوْجَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَهُوَ دَيْنٌ سَقَطَ قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْأَصْلِ بِكَسْبِ مَا تَرِثُ مِنْهُ ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْبَاقِي مِنْ كَسْبٍ مَا لَمْ تَرِثْهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَسَقَطَ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ لَفْظَةُ لَمْ وَتَبِعَهَا فِي الرَّوْضَةِ
( فَصْلٌ مِنْ الدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ أَنْ يَعْتِقَ الْمَرِيضُ أَمَةً هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً وَلَهُ مِائَتَانِ سِوَاهَا ( ثُمَّ يَنْكِحُهَا بِمُسَمًّى فَيَنْعَقِدُ ) النِّكَاحُ ( لَكِنْ إنْ لَمْ يَجْرِ دُخُولٌ ) بِهَا ( فَلَا مَهْرَ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَيَنْعَقِدُ بِلَا مَهْرٍ إنْ لَمْ يَجُزْ دُخُولٌ ( لِأَنَّ وُجُوبَهُ يُثْبِتُ ) عَلَى الْمَيِّتِ ( دَيْنًا يَرِقُّ بِهِ بَعْضُهَا ) لِعَدَمِ خُرُوجِهَا مِنْ الثُّلُثِ ( فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ وَالْمَهْرُ ) فَإِثْبَاتُهُ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِهِ فَيَسْقُطُ ( وَكَذَا ) لَا مَهْرَ ( إنْ دَخَلَ بِهَا وَعَفَتْ ) عَنْ الْمَهْرِ ( فَإِنْ لَمْ تَعْفُ ) عَنْهُ ( بَطَلَ الْعِتْقُ فِي الْبَعْضِ و ) بَطَلَ ( النِّكَاحُ ) أَيْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ ذَلِكَ ( وَاسْتَحَقَّتْ مِنْ الْمَهْرِ بِقِسْطِ مَا عَتَقَ ) مِنْهَا لِمَا أَتْلَفَهُ مِنْ بَعْضِهَا فَيُقَالُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً وَمَهْرُهَا خَمْسِينَ عَتَقَ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَهَا بِالْمَهْرِ نِصْفُ شَيْءٍ لِأَنَّهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثَلَثُمِائَةٍ إلَّا شَيْئًا وَنِصْفُ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ فَبَعْدَ الْجَبْرِ ثَلَثُمِائَةٍ تَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ وَنِصْفَ شَيْءٍ فَمِائَةٌ تَعْدِلُ شَيْئًا وَسُدُسَ شَيْءٍ تَبْسُطُهَا أَسْدَاسًا وَتَقْلِبُ الِاسْمَ فَالشَّيْءُ سِتَّةٌ وَالْمِائَةُ سَبْعَةٌ فَالشَّيْءُ سِتَّةُ أَسْبَاعِ الْأَمَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ فِي الْوَصِيَّةِ .
( ثُمَّ لَا تَرِثُ ) بِالزَّوْجِيَّةِ ( مُطْلَقًا ) سَوَاءٌ أَدَخَلَ بِهَا أَمْ لَا ( لِأَنَّ عِتْقَهَا وَصِيَّةٌ وَهِيَ لَا تُجَامِعُ الْإِرْثَ ) فَلَوْ أَثْبَتْنَا الْإِرْثَ لَزِمَ إبْطَالُ الْوَصِيَّةِ وَهِيَ هُنَا الْإِعْتَاقُ وَإِذَا بَطَلَ بَطَلَتْ الزَّوْجِيَّةُ فَيَبْطُلُ الْإِرْثُ كَذَا عَلَّلَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا لَوْ وَرِثَتْهُ لَكَانَ عِتْقُهَا تَبَرُّعًا عَلَى الْوُرَّاثِ فَيَبْطُلُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهَا لِتَوَقُّفِهَا عَلَى إرْثِهَا الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهَا الْمُتَوَقِّفِ عَلَى إجَازَتِهَا فَيَتَوَقَّفُ
كُلٌّ مِنْ إجَازَتِهَا وَإِرْثِهَا عَلَى الْآخَرِ فَيَمْتَنِعُ إرْثُهَا وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُمْ الْوَصِيَّةُ تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ فِي وَصِيَّةٍ تَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ لِكَوْنِ الْقَبُولِ قَائِمًا مَقَامَ إجَازَةِ الْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالْعِتْقِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إجَازَةِ الْعَتِيقِ ( وَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الْأَمَةُ ( دُونَ الثُّلُثِ فَقَدْ يُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ ) لَهَا ( بِالْمَهْرِ ) لِخُرُوجِهَا مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الدَّيْنِ وَقَدْ يُمْكِنُهَا الْمُطَالَبَةُ بِبَعْضِهِ .
( وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِ غَيْرِهِ وَقَبَضَ صَدَاقَهَا وَأَنْفَقَهُ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَتْلَفَهُ بِإِنْفَاقٍ وَغَيْرِهِ ( ثُمَّ أَعْتَقَهَا ) أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا كَمَا فِي الْأَصْلِ حَالَةَ كَوْنِهِ ( مَرِيضًا قَبْلَ دُخُولٍ لَا بَعْدَهُ وَهِيَ ثُلُثُ مَالِهِ سَقَطَ خِيَارُ عِتْقِهَا لِأَنَّ فَسْخَهَا ) لِلنِّكَاحِ ( يُوجِبُ غُرْمَ الْمَهْرِ مِنْ التَّرِكَةِ فَيَرِقُّ بَعْضُهَا وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ ) فَإِثْبَاتُ الْخِيَارِ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ لَمْ يُتْلِفْهُ وَكَانَتْ الْأَمَةُ ثُلُثَ مَالِهِ مَعَ الصَّدَاقِ وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ دُونَ الصَّدَاقِ أَوْ أَنْفَقَ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْخِيَارُ وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا بَعْدَهُ ( وَكَذَا ) يَسْقُطُ خِيَارُ عِتْقِهَا ( إنْ أَعْتَقَهَا الْوَارِثُ الْمُعْسِرُ ) وَقَدْ تَلِفَ صَدَاقُهَا ( وَلَا دَيْنَ ) عَلَى الْمَيِّتِ لِمَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ وَلَا دَيْنَ تَصْوِيرٌ لِصِحَّةِ إعْتَاقِ الْمُعْسِرِ لَا احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ ( فَلَوْ كَانَ مُوسِرًا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ فَسَخَتْ لَزِمَهُ ) بِإِعْتَاقِهِ لَهَا لِسَيِّدِ الْعَبْدِ ( الْأَقَلُّ مِنْ الصَّدَاقِ وَقِيمَةُ الْأَمَةِ كَمَا لَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ عَبْدٌ فَأَعْتَقَهُ وَارِثُهُ الْمُوسِرُ ) يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ .
قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَالْقِيمَةُ الَّتِي لَزِمَتْ الْوَارِثَ
يُضَارِبُ فِيهَا سَيِّدُ الْعَبْدِ وَالْغُرَمَاءُ ( وَإِنْ مَاتَ عَنْ أَخٍ ) وَارِثٍ حَائِزٍ ( وَعَبْدَيْنِ فَأَعْتَقَهُمَا الْأَخُ ثُمَّ شَهِدَا بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَمْ يَرِثْ لِأَنَّهُ ) بِإِرْثِهِ ( يَحْجُبُ الْأَخَ فَيَبْطُلُ إعْتَاقُهُ ) أَيْ الْأَخِ ( وَشَهَادَتُهُمَا ) أَيْ الْعَتِيقَيْنِ فَيَبْطُلُ النَّسَبُ ( وَلَوْ شَهِدَا ) أَيْ الْعَتِيقَانِ ( بِبِنْتٍ أَوْ زَوْجَةٍ ) لِلْمَيِّتِ ( وَالْأَخُ مُوسِرٌ ) وَقْتَ الْإِعْتَاقِ ( وَرِثَتَا ) أَيْ الْبِنْتُ وَالزَّوْجَةُ لِكَمَالِ الْعِتْقِ وَقْتَ الشَّهَادَةِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ الْأَخُ مُعْسِرًا وَقْتَ الْإِعْتَاقِ ( فَلَا ) تَرِثَانِ إذْ لَوْ وَرِثَتَا لَرَقَّ نَصِيبُهُمَا وَبَطَلَتْ الشَّهَادَةُ ( وَإِنْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ أَبَاهُ ) أَوْ ابْنَهُ ( عِتْق ) عَلَيْهِ ( مَنْ الثُّلُثُ وَلَمْ يَرِثْ ) لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَكَانَ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَى الْوَارِثِ فَيَبْطُلُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى إرْثِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ ( فَلَوْ ) مَلَكَهُ بِلَا عِوَضٍ كَأَنْ ( اتَّهَبَهُ ) أَوْ وَرِثَهُ ( وَرِثَ ) مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا مِنْ الثُّلُثِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى إجَازَتِهِ .
( وَإِنْ شَهِدَا ) أَيْ الْعَتِيقَانِ ( بِسَفَهِ مُعْتِقِهِمَا ) وَقْتَ إعْتَاقِهِ لَهُمَا ( أَوْ بِجَرْحِ شَاهِدَيْ عِتْقِهِمَا أَوْ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ عَلَى الْمُوصِي بِعِتْقِهِمَا ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( أَوْ ) شَهِدَا ( عَلَى مَنْ ) أَيِّ زَوْجٍ ( وَرِثَهُمَا مِنْ زَوْجَتِهِ وَأَعْتَقَهُمَا أَنَّهَا مُطَلَّقَتُهُ ) يَعْنِي مُفَارَقَةً مِنْهُ قَبْلَ مَوْتِهَا فِرَاقًا بَائِنًا بِطَلَاقٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ( لَمْ تُقْبَلْ ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهَا لَوْ قُبِلَتْ لَرَقَّا ( وَإِنْ أَقَرَّ الْأَخُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ لَمْ يَرِثْ ) وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ ( وَكَذَا إذَا نَكَلَ ) الْأَخُ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ عَلَيْهِ مِمَّنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ ( وَحَلَفَ الِابْنُ ) تِلْكَ الْيَمِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا
كَالْإِقْرَارِ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ وَرِثَهُمَا ) أَيْ عَبْدَيْنِ ( أَبُوهُمَا ) أَوْ ابْنُهُمَا ( مِنْ زَيْدٍ فَعَتَقَا عَلَيْهِ وَمَاتَ ) وَوَرِثَاهُ ( فَأَقَرَّا عَلَى زَيْدٍ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ ) تَرِكَتَهُ ( لَمْ يُقْبَلْ ) إقْرَارُهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَ لَرَقَّا .
( وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ أَمَةً هِيَ ثُلُثُهُ ) أَيْ ثُلُثُ مَالِهِ ( فَادَّعَتْ دَيْنًا لَهَا عَلَيْهِ ) بِإِجَارَةٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ( لَمْ تُسْمَعْ ) دَعْوَاهَا لِأَنَّهَا لَوْ سُمِعَتْ مِنْهَا لَرَقَّ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا ( وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ فِي الْمَرَضِ فَشَهِدَا بِمَا يَمْنَعُ عِتْقَهُمَا ) كَأَنْ أَعْتَقَهُمَا وَهُمَا ثُلُثُ مَالِهِ وَشَهِدَا عَلَيْهِ بِوَصِيَّةٍ أَوْ بِإِعْتَاقٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ زَكَاةٌ أَوْ بِأَنَّهُ نَكَحَ امْرَأَةً بِكَذَا ( لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا ) وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ عَبْدِهِ مَالٌ فَأَخَذَهُ وَاشْتَرَى بِهِ عَبْدَيْنِ وَأَعْتَقَهُمَا فَشَهِدَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ فَادَّعَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ كَانَ غَصَبَهُمَا مِنْهُ وَشَهِدَا لَهُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ فِي هـ ، ن أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْلِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُ مَسَائِلَ تَقَدَّمَتْ آنِفًا فَفِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ ( وَلَا يَحْكُمُ قَاضٍ أَعْتَقَهُ رَجُلٌ وَرِثَهُ مِنْ أَخٍ ) لَهُ مَثَلًا ( مَقْتُولٍ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِقَتْلِهِ مُرْتَدٍّ أَوْ أَنَّ لَهُ ابْنًا ) لِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِهَا لَرَقَّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَقْتُولٍ مُعْتَبَرٌ فِي الثَّانِيَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا .
وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَالِمٌ مِنْهُ وَقَالَ فِيهَا كَذَا ذَكَرُوهُ وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَحْكُمُ بِهَا وَيَثْبُتُ النَّسَبُ دُونَ الْإِرْثِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْأَخُ فِيهَا عَبْدَيْنِ وَشَهِدَا بِبُنُوَّةِ الْمُدَّعِي وَمُنِعَ بِأَنَّ الدَّوْرَ ثَمَّ فِي نَفْسِ شَهَادَةِ عَتِيقِ الْأَخِ بِخِلَافِهِ هُنَا لَيْسَ فِي نَفْسِ الشَّهَادَةِ بَلْ فِي نَفْسِ حُكْمِ الْحَاكِمِ الْعَتِيقِ
وَالْإِثْبَاتُ فِيهِ طَرِيقٌ آخَرُ وَهُوَ رَفْعُ الْقَضِيَّةِ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ يَحْكُمُ بِالشَّهَادَةِ وَيُوَرِّثُ الِابْنَ وَيُرِقُّ الْحَاكِمُ الْعَتِيقَ وَلَا دَوْرَ ( وَلَوْ أَقَرَّ مَرِيضٌ بِعِتْقِهِ ) أَيْ بِإِعْتَاقِهِ ( لِأَخِيهِ فِي الصِّحَّةِ وَرِثَهُ ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ .
( فَصْلٌ الْمُبَعَّضُ وَالْمُكَاتَبُ لَا يَتَسَرَّيَانِ ) وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّعْبِيرِ بِالتَّسَرِّي وَبِكَلَامِ الْأَصْلِ فِي مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ ثُمَّ لَا تَرِثُ مُطْلَقًا ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إذَا دَخَلَ بِهَا وَلَمْ تَضَعْ مِنْهُ بِحَبَلٍ بَعْدَ الْعَقْدِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِيلَادُ فَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ ثَبَتَ الْإِرْثُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمُقْتَضِيَةُ لِعَدَمِ الْإِرْثِ حُصُولُ الدَّوْرِ وَهِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُمْكِنُ عِتْقُهَا مِنْ الثُّلُثِ لِحُصُولِ مَا يَقْتَضِي عِتْقَهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَتَرِثُ وَقَدْ كَتَبْنَا نَظِيرَ ذَلِكَ فِي الْوَصَايَا .
ا هـ .
قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تُعْتَقْ بِكَمَالِهَا بِالْإِعْتَاقِ الْأَوَّلِ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا فَلَا زَوْجِيَّةَ وَلَا إرْثَ وَإِنْ عَتَقَتْ فَكَيْفَ يَجِيءُ الِاسْتِيلَادُ بِحَبَلٍ بَعْدَ الْعَقْدِ الَّذِي هُوَ بَعْدَ الْعِتْقِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ لِأَنَّ عِتْقَهَا وَصِيَّةٌ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُسْتَوْلَدَتِهِ ( قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهَا ) أَيْ رِضَاهَا ( فَرْعٌ ) إذَا أَعْتَقَهَا الْوَارِثُ وَلَا دَيْنَ ثُمَّ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ فَقَدْ حَدَثَ الدَّيْنُ بِتَصَرُّفِهِ وَالدَّيْنُ إذَا حَدَثَ بِتَصَرُّفِهِ فَعَلَيْهِ الْأَدَاءُ فَإِنْ مَنَعَ الْأَدَاءُ فُسِخَ تَصَرُّفُهُ وَهُنَا لَا يُمْكِنُ فَسْخُ تَصَرُّفِهِ وَهُوَ الْعِتْقُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَيَتَعَلَّقُ الْغُرْمُ بِذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُوسِرًا ثُمَّ أَعْسَرَ لَا يُقَالُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَعَلَى التَّرِكَةِ دَيْنٌ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ لِأَنَّا نَقُولُ حِينَ أَعْتَقَ لَمْ يَكُنْ عَلَى التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَإِنَّمَا حَدَثَ الدَّيْنُ بِاخْتِيَارِ الْعَتِيقَةِ الْفَسْخَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يُقَالُ فَلَا يُطَالِبُ إلَّا مَنْ قَبْض الصَّدَاقَ لِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِمَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ مُوسِرًا وَبِمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صَدَاقٌ مَقْبُوضٌ وَإِنَّمَا كَانَ مُسَمًّى فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ أَوْ عَيْنٍ لَمْ تُقْبَضْ لَا يُقَالُ فَالْمُسَمَّى وَالْعَيْنُ الَّتِي لَمْ تُقْبَضْ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ فَهُوَ كَالْمَقْبُوضِ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ فِي الْإِعْتَاقِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَعِتْقُ الْوَارِثِ لَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ .
وَالْأَرْجَحُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَالتَّعَلُّقِ بِالْوَارِثِ ا هـ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا إذَا أَجَازَ الْوَارِثُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى إجَازَتِهِ لِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ أَبْرَأَ صَاحِبَ الدَّيْنِ مِنْ دَيْنِهِ عِنْدَ حُصُولِ الدَّيْنِ لَهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ فَسْخُهَا لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ ا هـ قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ لَمْ يُتْلِفْهُ إلَخْ ) هَذَا وَاضِحٌ فِي صُورَةِ تَلَفِ الْمَهْرِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَتْلَفْ فَلَا لِأَنَّهُ بِالْفَسْخِ تَبْقَى الْعَيْنُ الَّتِي هِيَ الْمَهْرُ مُسْتَحَقَّةً لِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَلَا دَيْنَ عَلَى التَّرِكَةِ .
قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ لَكِنْ يَنْقُصُ الثُّلُثُ بِخُرُوجِ الصَّدَاقِ مِنْ التَّرِكَةِ فَلَا تُعْتَقُ كُلُّهَا فَلَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ ) أَيْ رِضَاهُ ( قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ لَهُ ابْنًا ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى رَجُلٍ بِدُونِ صِفَةِ أَخٍ
( الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ ) فِي النِّكَاحِ ( لَوْ نَكَحَ إحْدَى ابْنَتِي زَيْدٍ بِعَيْنِهَا وَادَّعَتَاهُ مَعًا ) بِأَنْ قَالَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَا الْمُزَوَّجَةُ ( وَصَدَّقَ ) الزَّوْجُ ( إحْدَاهُمَا ) ثَبَتَ نِكَاحُهَا لِتَقَارِّهِمَا وَ ( حَلَفَ لِلْأُخْرَى ) لِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْدَفِعُ بِإِنْكَارِهِ وَالْمَقْصُودُ الْمَهْرُ فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا لَا تَحْلِفُ لِلْآخَرِ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي عَلَيْهَا مَهْرًا وَإِنَّمَا يَقْصِدُ النِّكَاحَ ( فَإِذَا نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( وَحَلَفَتْ لَزِمَهُ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ ) لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ بِإِنْكَارِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ ( وَإِنْ أَنْكَرَتَا ) بِأَنْ قَالَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَسْت الْمُزَوَّجَةَ بَلْ صَاحِبَتِي ( وَعَيَّنَ ) الزَّوْجُ ( إحْدَاهُمَا ) لِلنِّكَاحِ ( فَحَلَفَتْ ) أَنَّهَا لَيْسَتْ الزَّوْجَةَ ( بَطَلَ حَقُّهُ مِنْهَا أَيْضًا ) أَيْ كَمَا بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الْأُخْرَى بِتَعْيِينِهِ الْأُولَى ( إلَّا إنْ صَدَّقَهُ ) الْوَلِيُّ ( الْمُجْبِرُ ) فِيمَنْ عَيَّنَهَا فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْهَا وَلَا يَضُرُّهُ إنْكَارُهَا ( وَإِنْ نَكَلَتْ ) عَنْ الْيَمِينِ ( وَحَلَفَ ) هُوَ ( اسْتَحَقَّهَا ) وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ تَصْدِيقُ الْمُجْبِرِ فِيمَا إذَا ادَّعَتَا النِّكَاحَ مَعًا لِأَنَّهُ إذَا عَيَّنَ إحْدَاهُمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى الزَّوْجِ .
( وَإِنْ أَقَرَّتْ إحْدَاهُمَا ) بِنِكَاحِهَا ( وَأَقَرَّ الْمُجْبَرُ بِنِكَاحِ الْأُخْرَى عُمِلَ بِإِقْرَارِ السَّابِقِ ) مِنْهُمَا وَقِيلَ يَبْطُلَانِ جَمِيعًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ فَالْعَمَلُ إنَّمَا هُوَ بِإِقْرَارِ مَنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ عَلَى أَنَّ مَا فَهِمَهُ مِنْ التَّصْوِيرِ لَيْسَ مُرَادًا وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ مَا يُوهِمُهُ إذْ الْمُرَادُ إنَّمَا هُوَ إذَا تَعَدَّدَ الزَّوْجُ وَاتَّحَدَتْ الْمَرْأَةُ فَأَقَرَّتْ لِزَوْجٍ وَالْمُجْبِرُ لِآخَرَ هَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا أَوْ إقْرَارُهُ وَجْهَانِ تَقَدَّمَا مَعَ بَيَانِ
الْمُعْتَمَدِ فِي آخِرِ الْبَابِ الثَّالِثِ ( وَلَوْ شَهِدَا ) عَلَى رَجُلٍ ( بِنِكَاحٍ ) لِامْرَأَةٍ ( بِمُسَمًّى ) مَعْلُومٍ وَهُوَ مُنْكِرٌ ( وَغَرِمَ ) لَهَا ( نِصْفَهُ ثُمَّ رَجَعَا ) عَنْ شَهَادَتِهِمَا ( رَجَعَ ) هُوَ ( عَلَيْهِمَا ) بِمَا غَرِمَهُ لِأَنَّهُمَا السَّبَبُ فِي تَغْرِيمِهِ ( فَلَوْ شَهِدَ مَعَهُمَا ) أَيْ مَعَ شَهَادَتِهِمَا السَّابِقَةِ ( اثْنَانِ بِالْإِصَابَةِ ) أَوْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِهَا ( وَاثْنَانِ بِالطَّلَاقِ ) وَحُكِمَ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَاتِ وَغَرِمَ لَهَا الْمُسَمَّى ( ثُمَّ رَجَعُوا ) كُلُّهُمْ عَمَّا شَهِدُوا بِهِ ( غَرِمَ ) لَهُ ( النِّصْفَ الثَّانِي ) مِنْ الْمُسَمَّى أَيْ النِّصْفَ الْمُسْتَقِرَّ بِالدُّخُولِ ( شُهُودُ الْإِصَابَةِ ) لِأَنَّهُمْ السَّبَبُ فِي تَغْرِيمِهِ ( لَا ) شُهُودُ ( الطَّلَاقِ ) لِأَنَّهُمْ وَافَقُوا الزَّوْجَ فِي عَدَمِ النِّكَاحِ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَوِّتُوا عَلَيْهِ شَيْئًا يَزْعُمُهُ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ نِكَاحٌ فَقَدْ ارْتَفَعَ بِإِنْكَارِهِ قَبْلَ شَهَادَتِهِمْ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ شُهُودُ الْإِصَابَةِ ( إنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُ الْإِصَابَةِ ) عَنْ تَارِيخِ النِّكَاحِ بِأَنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ نَكَحَهَا فِي الْمُحَرَّمِ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَصَابَهَا فِي صَفَرٍ ( أَوْ صَرَّحَا بِوُقُوعِهَا ) أَيْ الْإِصَابَةِ ( فِي النِّكَاحِ ) فَإِنْ أَطْلَقَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِجَوَازِ وُقُوعِهَا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ مِنْ زِنًا أَوْ غَيْرِهِ .
( وَلَوْ شَهِدَ بِالنِّكَاحِ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمَا ) الْأُولَى مِنْهُمْ ( بِالْإِصَابَةِ ) ثُمَّ رَجَعُوا ( اخْتَصَّ شُهُودُ الْإِصَابَةِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْغُرْمِ ) وَشُهُودُ النِّكَاحِ بِرُبْعِهِ إذْ النِّصْفُ الْأَوَّلُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَالثَّانِي مُخْتَصٌّ بِشُهُودِ الْإِصَابَةِ ( وَإِنْ زُوِّجَتْ ) امْرَأَةٌ ( مِنْ ) رَجُلٍ ( مُعَيَّنٍ بِالْإِذْنِ ) مِنْهَا ( فِيهِ ) أَيْ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْهُ ( وَادَّعَتْ مَحْرَمِيَّةَ الزَّوْجِ ) لَهَا كَأَنْ قَالَتْ هُوَ أَخِي مِنْ الرَّضَاعِ ( أَوْ ) ادَّعَتْ ( جُنُونَ الْوَلِيِّ ) حِينَ زَوَّجَهَا ( لَمْ تُسْمَعْ ) دَعْوَاهَا لِأَنَّهَا تُنَاقِضُ مَا تَضَمَّنَهُ
رِضَاهَا مِنْ حِلِّهَا لَهُ ( إلَّا إنْ ادَّعَتْ نِسْيَانًا ) لِلْمَحْرَمِيَّةِ أَوْ الْجُنُونِ ( وَنَحْوِهِ ) كَغَلَطٍ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهَا لِلْعُذْرِ ( فَيَحْلِفُ لَهَا الزَّوْجُ ) أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَحْرَمِيَّتَهُ وَجُنُونَ الْوَلِيِّ ( فَلَوْ كَانَتْ مُجْبَرَةً ) وَزُوِّجَتْ بِلَا إذْنٍ ( أَوْ أُذِنَتْ ) وَلَوْ مُجْبَرَةً ( فِي ) نِكَاحِهَا بِرَجُلٍ ( غَيْرِ مُعَيَّنٍ ) وَادَّعَتْ ذَلِكَ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا لِاحْتِمَالِ قَوْلِهَا وَلَمْ تَعْتَرِفْ بِنَقِيضِهِ .
فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَتْهُ ابْتِدَاءً لَا أَتَزَوَّجُ بِهِ وَهَذَا ( كَغَائِبٍ بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَهُ ) بِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ ( فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ قَدْ ) كُنْت ( بِعْته فُلَانًا ) أَوْ أَعْتَقْته أَوْ نَحْوَهُمَا فَإِنَّهُ ( يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ ) وَيُنْقَضُ بَيْعُ الْحَاكِمِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ : فُلَانًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ ( لَا إنْ بَاعَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ ) ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُ نَقِيضُهُ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ فِي الْأُولَى حِينَ بَاعَهُ وَهُوَ مِلْكِي سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَوْلُهُ أَوْ بِوَكِيلِهِ مَحْمُولٌ عَلَى تَوْكِيلِ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ يَدَّعِي الْمُوَكِّلُ بَعْدَ بَيْعِ الْوَكِيلِ وَلُزُومِهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ التَّوْكِيلِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ مُطْلَقَةً أَوْ فِي مُعَيَّنٍ وَادَّعَى عِتْقًا بَعْدَ التَّوْكِيلِ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي تَرْكِ إعْلَامِ الْوَكِيلِ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ .
( وَلَوْ كَانَتْ ) أَيْ الْمَرْأَةُ بِكْرًا ( غَيْرَ مُجْبَرَةٍ فَأَذِنَتْ ) لِوَلِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ مُعَيَّنٍ ( بِالسُّكُوتِ ) ثُمَّ ادَّعَتْ مَحْرَمِيَّةَ الزَّوْجِ لَهَا أَوْ جُنُونَ الْوَلِيِّ ( سُمِعَتْ دَعْوَاهَا لَكِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ ) بِيَمِينِهِ وَمِثْلُهَا الْمُجْبَرَةُ إذَا أَذِنَتْ فِي ذَلِكَ ( وَإِنْ ادَّعَى الْأَبُ أَوْ السَّيِّدُ الْمَحْرَمِيَّةَ ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ( لَمْ تُسْمَعْ ) دَعْوَاهُ لِأَنَّ
النِّكَاحَ حَقُّ الزَّوْجَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الَّذِي يَعْقِدُهُ وَلِذَلِكَ يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِتَقَارِّهِمَا وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَلِيُّ ( أَوْ ) ادَّعَى ( السَّيِّدُ ) بَعْدَ تَزْوِيجِهِ أَمَتَهُ ( الْعِتْقَ ) لَهَا ( قُبِلَ فِيهِ لَا فِي النِّكَاحِ كَمَا لَوْ آجَرَهُ ) أَيْ عَبْدَهُ ( ثُمَّ قَالَ كُنْت أَعْتَقْته ) قَبْلُ فِي الْعِتْقِ لَا فِي الْإِجَارَةِ ( وَغَرِمَ لِلْعَبْدِ أُجْرَتَهُ ) أَيْ أُجْرَةَ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَنَافِعِهِ ظُلْمًا كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ كُنْت غَصَبْته لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْبَيْعِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ ( أَوْ ) ادَّعَى سَيِّدُهَا ( أَنَّهُ زَوَّجَهَا وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا أَوْ ) وَالزَّوْجُ ( وَاجِدٌ طَوْلَ حُرَّةٍ أَوْ وَهُوَ ) مُحَرَّمٌ أَوْ ( مَحْجُورٌ عَلَيْهِ ) بِسَفَهٍ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٍ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ ) بِيَمِينِهِ .
( وَلَوْ عَهِدَ لَهُ حَالَ حَجْرٍ ) أَوْ إحْرَامٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ النِّكَاحِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ جَرَيَانُ الْعَقْدِ صَحِيحًا ( فَإِنْ ادَّعَى وَرَثَةُ الزَّوْجِ ) بَعْدَ مَوْتِهِ ( أَنَّ الْوَلِيَّ زَوَّجَهَا ) لَهُ ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْهَا وَأَنْكَرَتْ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا لِمَا مَرَّ ( وَإِنْ قَالَتْ ) امْرَأَةٌ ( بَعْدَ الدُّخُولِ ) بِهَا ( زَوَّجَنِي أَخِي ) مَثَلًا ( وَأَنَا كَبِيرَةٌ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَنَا مُعْتَبَرَةُ الْإِذْنِ ( بِلَا إذْنٍ لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهَا ) تَنْزِيلًا لِدُخُولِهَا مَنْزِلَةَ رِضَاهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْهُ قَبْلَ تَمْكِينِهَا فَيُسْمَعُ قَوْلُهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُهُ كَأَصْلِهِ فِي آخِرِ الرَّجْعَةِ قَبُولُ قَوْلِهَا وَتَعْبِيرُهُمَا تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ بِالدُّخُولِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِتَمْكِينِهَا مِنْ الدُّخُولِ وَإِنْ انْتَفَى الدُّخُولُ ( أَوْ ) قَالَتْ زَوَّجَنِي أَخِي وَأَنَا ( صَغِيرَةٌ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَلَوْ أَقَرَّتْ يَوْمَئِذٍ ) أَيْ يَوْمَ قَوْلِهَا ذَلِكَ ( بِالْبُلُوغِ ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ ثُمَّ قَالَ كُنْت صَغِيرًا يَوْمَ الْإِقْرَارِ هَذَا ( إنْ
لَمْ تُمَكِّنْ ) الزَّوْجَ مِنْ نَفْسِهَا ( بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ مَكَّنَتْهُ بَعْدَهُ ثُمَّ قَالَتْ ذَلِكَ لَمْ تُصَدَّقْ وَالتَّرْجِيحُ فِيمَا ذُكِرَ مَعَ هَذَا الشَّرْطِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَزَادَ بَعْدَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ تَخْلَعْ نَفْسَهَا وَالْعِبْرَةُ فِي الْحَقِيقَةِ بِمَا لَا يَدُلُّ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ ( وَإِنْ وَكَّلَ ) الْوَلِيُّ فِي تَزْوِيجِهَا أَوْ الزَّوْجُ فِي قَبُولِهِ ( ثُمَّ أَحْرَمَ ) وَجَرَى الْعَقْدُ ( وَادَّعَتْ ) هِيَ أَوْ الْوَلِيُّ ( وُقُوعَ النِّكَاحِ فِي الْإِحْرَامِ ) وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ( صُدِّقَ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ ) سَوَاءٌ أَعُهِدَ لِلْمُوَكِّلِ إحْرَامٌ سَابِقٌ أَمْ لَا عَمَلًا بِظَاهِرِ الصِّحَّةِ وَيُفَارِقُ تَصْدِيقَ الْجَانِي إذَا قَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَأَمْكَنَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَنْكِحَةِ الِاحْتِيَاطُ وَعَقْدُهَا بِشُرُوطِهَا فَصُدِّقَ فِيهَا الزَّوْجُ وَالْقِصَاصُ مِمَّا يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ فَصُدِّقَ فِيهِ الْجَانِي حَيْثُ ظَهَرَ احْتِمَالُ قَوْلِهِ
الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ ) ( قَوْلُهُ فَالْعَمَلُ إنَّمَا هُوَ بِإِقْرَارِ مَنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ ) تَصْدِيقُ الزَّوْجِ حَاصِلٌ فَإِنَّهُ مُدَّعٍ لِلنِّكَاحِ فَإِنْ أَقَرَّا مَعًا عُمِلَ بِإِقْرَارِهِمَا ( قَوْلُهُ تَقَدَّمَا مَعَ بَيَانِ الْمُعْتَمَدِ فِي آخِرِ الْبَابِ الثَّالِثِ ) هَذِهِ قَدْ قَدَّمَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ وَمَا أَفَادَهُ هُنَا صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَادَ أَصْلِهِ ( قَوْلُهُ بِالْإِذْنِ مِنْهَا ) أَيْ نُطْقًا قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهَا إلَّا إنْ ادَّعَتْ نِسْيَانًا وَنَحْوَهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمَوْجُودُ فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ سَمَاعُهَا مُطْلَقًا وَالتَّحْلِيفُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ نَحْوَهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اعْتَذَرَتْ بِغَلَطٍ أَوْ نِسْيَانٍ .
( قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَتْ مُجْبَرَةً وَزُوِّجَتْ بِلَا إذْنٍ إلَخْ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَمَكَّنَتْ الزَّوْجَ مِنْ نَفْسِهَا أَوْ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا أَوْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَوْ أَقَامَتْ مَعَهُ فَكَمَا لَوْ زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا ( قَوْلُهُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَخْ ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُبْدِ عُذْرًا كَغَلَطٍ أَوْ نِسْيَانٍ ( قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَوْكِيلٍ بِبَيْعٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( فَرْعٌ ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَوْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ ظَانًّا بُلُوغَهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَةً حَالَةَ الْعَقْدِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَلَا إرْثَ لَهَا فَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصِّغَرِ وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَادَّعَى وَارِثُهَا بِالْمَهْرِ فَقَالَ الزَّوْجُ كُنْت طِفْلًا حَالَ الْعَقْدِ فَلَمْ يَصِحَّ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَوْ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى بُلُوغِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ قُبِلَتْ قَالَ شَيْخُنَا قَالَ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَصَحُّ خِلَافُ مَا قَالَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إذْ الْأَصَحُّ تَصْدِيقُ
مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ ( قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِعْته وَأَنَا مَحْجُورٌ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِلْكِي ثُمَّ مَلَكْته ا هـ أَيْ لِأَنَّ إقْدَامَ الْبَائِعِ عَلَى إيجَابِ الْبَيْعِ يَسْتَلْزِمُ اسْتِجْمَاعَ شَرَائِطِهِ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ .
( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِتَمْكِينِهَا مِنْ الدُّخُولِ إلَخْ ) مِثْلُهُ مَا إذَا خَالَعَتْهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى ذَلِكَ كُلُّ تَصَرُّفٍ يُشْعِرُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ كَحَبْسِ نَفْسِهَا لِطَلَبِ الْمَهْرِ وَقَبْضِهِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهِ وَفِي قَبْضِ النَّفَقَةِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَهْرِ وَطَلَبِ الْقَسَمِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ
( فَرْعٌ لَوْ أَثْبَتَ ) رَجُلٌ أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ وَأَثْبَتَتْ هِيَ ) أَيْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً ( بِنِكَاحِ آخَرَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ ) لِأَنَّ حَقَّهُ فِي النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْهَا فَإِنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا فَكَانَ كَصَاحِبِ الْيَدِ مَعَ غَيْرِهِ .
( وَإِنْ ادَّعَى ) مُسْلِمٌ تَحْتَهُ ذِمِّيَّةٌ أَوْ مُسْلِمَةٌ ( إسْلَامَ زَوْجَتِهِ الذِّمِّيَّةِ أَوْ ارْتِدَادَ الْمُسْلِمَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ ) بِهَا ( وَأَنْكَرَتْ ) زَوْجَتُهُ ذَلِكَ ( بَطَلَ نِكَاحُهَا بِزَعْمِهِ ) وَفِي نُسْخَةٍ لِزَعْمِهِ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الذِّمِّيَّةَ أَسْلَمَتْ وَأَنْكَرَتْ وَصَارَتْ مُرْتَدَّةً بِإِنْكَارِهَا وَحَرُمَتْ وَأَنَّ الْمُسْلِمَةَ ارْتَدَّتْ وَحَرُمَتْ أَمَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَيُوقَفُ النِّكَاحُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَفِي نُسْخَةٍ تَصْوِيرُ ذَلِكَ مِمَّنْ تَحْتَهُ الزَّوْجَتَانِ وَهُوَ الَّذِي فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ حَيْثُ قَالَ إذَا كَانَ تَحْتَهُ مُسْلِمَةٌ وَذِمِّيَّةٌ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا فَقَالَ لِلْمُسْلِمَةِ ارْتَدَدْت وَقَالَ لِلذِّمِّيَّةِ أَسْلَمْت فَأَنْكَرَتَا ارْتَفَعَ نِكَاحُهُمَا لِزَعْمِهِ
( قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى إسْلَامَ زَوْجَتِهِ الذِّمِّيَّةِ أَوْ ارْتَدَّ وَالْمُسْلِمَةُ إلَخْ ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا كَافِرَةُ فَإِنْ أَرَادَ شَتْمَهَا لَمْ تَبِنْ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الشَّتْمِ وَنَوَى فِرَاقَهُ مِنْهَا لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ بَانَتْ مِنْهُ قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ ا هـ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ادَّعَى إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُرِدْ شَتْمَهَا يَنْقَطِعُ نِكَاحُهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فِرَاقَهُ مِنْهَا وَقَوْلُ الْقَفَّالِ بَانَتْ مِنْهُ أَيْ فِي الْحَالِ إنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا فَبِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا إنْ لَمْ تُسْلِمْ فِيهَا .
( كِتَابُ الصَّدَاقِ ) هُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا مَا وَجَبَ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ تَفْوِيتِ بُضْعٍ قَهْرًا كَرَضَاعٍ وَرُجُوعِ شُهُودٍ يُقَالُ فِيهِ صَدَقَةٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَثْلِيثِ ثَانِيهِ وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ أَوْ فَتْحِهِ مَعَ إسْكَانِ ثَانِيهِ فِيهِمَا وَبِضَمِّهِمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهِ بِصِدْقِ رَغْبَةِ بَاذِلِهِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي إيجَابِ الْمَهْرِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مَهْرٌ وَنِحْلَةٌ بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا وَفَرِيضَةٌ وَأَجْرٌ وَطَوْلٌ وَعُقْرٌ وَعَلِيقَةٌ وَعَطِيَّةٌ وَحِبَاءُ وَنِكَاحٌ قَالَ تَعَالَى { وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا } وَقِيلَ الصَّدَاقُ مَا وَجَبَ بِتَسْمِيَةٍ فِي الْعَقْدِ وَالْمَهْرُ مَا وَجَبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً } وَقَوْلُهُ { وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُرِيدِ التَّزْوِيجِ { الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ( وَيُسْتَحَبُّ الْعَقْدُ بِهِ ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْلُ نِكَاحٌ عَنْهُ وَلِئَلَّا يُشْبِهَ نِكَاحَ الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِلْخُصُومَةِ نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ لَا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ عَلَى الْجَدِيدِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَعُلِمَ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْعَقْدِ بِهِ جَوَازُ إخْلَاءِ النِّكَاحِ عَنْ ذِكْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ نَعَمْ قَدْ يَجِبُ ذِكْرُهُ لِعَارِضٍ بِأَنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَيْرَ جَائِزَةِ التَّصَرُّفِ أَوْ مِلْكًا لِغَيْرِ جَائِزِهِ أَوْ كَانَتْ جَائِزَتَهُ وَأَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلَمْ تُفَوِّضْ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ فِي هَذِهِ عَلَى أَقَلِّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الزَّوْجَةِ وَفِيمَا عَدَاهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ ( و ) يُسْتَحَبُّ ( أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ ( وَ ) أَنْ ( لَا يَزِيدَ عَلَى خَمْسمِائَةٍ ) مِنْ
الدَّرَاهِمِ كَصَدَقَةِ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَوْجَاتِهِ .
وَأَمَّا إصْدَاقُ أُمِّ حَبِيبَةَ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ فَكَانَ مِنْ النَّجَاشِيِّ إكْرَامًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ ( فَإِنْ عَقَدَ بِأَدْنَى مُتَمَوَّلٍ جَازَ ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِخَبَرِ { الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ } ( وَإِلَّا ) بِأَنْ عَقَدَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ لِقِلَّتِهِ أَوْ لِعَدَمِ مَالِيَّتِهِ ( فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ ) لِخُرُوجِهِ عَنْ الْعِوَضِيَّةِ وَمَثَّلَهُ الصَّيْمَرِيُّ بِالنَّوَاةِ وَالْحَصَاةِ وَقِشْرَةِ الْبَصَلَةِ وَقَمْعِ الْبَاذِنْجَانَةِ ( وَفِيهِ ) أَيْ كِتَابِ الصَّدَاقِ ( سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِ الصَّحِيحِ مِنْهُ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الضَّمَانِ ) لَهُ ( فَالزَّوْجُ يَضْمَنُ الصَّدَاقَ الْمُعَيَّنَ ) قَبْلَ قَبْضِهِ ( ضَمَانَ الْعَقْدِ لَا ) ضَمَانَ ( الْيَدِ ) لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَكَانَ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( فَلَا يَجُوزُ لَهَا بَيْعُهُ ) وَلَا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُمْتَنِعَةِ ثَمَّ ( قَبْلَ الْقَبْضِ ) لِمَا ذُكِرَ وَلَوْ قُلْنَا أَنَّهُ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ جَازَ ذَلِكَ كَالْمُعَارِ وَالْمُسْتَامِ .
( وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِهِ ( بِآفَةٍ انْفَسَخَ ) عَقْدُ الصَّدَاقِ ( وَلَوْ عَرَضَهُ عَلَيْهَا ) فَامْتَنَعَتْ مِنْ قَبْضِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ ( وَيَعُودُ ) أَيْ يُقَدَّرُ عَوْدُهُ ( إلَى مِلْكِهِ قُبَيْلَ التَّلَفِ ) حَتَّى لَوْ كَانَ عَبْدٌ أَلْزَمَهُ مُؤْنَةَ تَجْهِيزِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ ( وَيَجِبُ ) لَهَا عَلَيْهِ ( مَهْرُ الْمِثْلِ ) لِأَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ وَالْبُضْعَ كَالتَّالِفِ فَيَرْجِعُ إلَى بَدَلِهِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ ( وَإِتْلَافُ مَا أَتْلَفَتْ ) مِنْ الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( قَبْضٌ ) لَهُ إذَا كَانَتْ أَهْلًا لِلْقَبْضِ فَيَبْرَأُ مِنْهُ الزَّوْجُ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ
عَبْدًا فَقَتَلَهُ الْمُشْتَرِي لِصِيَالِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا فَلْيَكُنْ هُنَا كَذَلِكَ ( وَإِتْلَافُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ لِلصَّدَاقِ ( كَالْآفَةِ ) فَيَنْفَسِخُ بِهِ عَقْدُ الصَّدَاقِ وَيَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ ( وَمَتَى أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ ) بِغَيْرِ حَقٍّ ( فَلَهَا الْخِيَارُ ) كَنَظِيرِهِ ثَمَّ ( فَإِنْ أَجَازَتْ ) عَقْدَ الصَّدَاقِ ( طَالَبَتْ الْأَجْنَبِيَّ بِالْبَدَلِ ) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَإِنْ فَسَخَتْ طَالَبَتْ الزَّوْجَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ .
( وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَيْنَيْنِ فَتَلِفَتْ إحْدَاهُمَا ) قَبْلَ قَبْضِهَا بِآفَةٍ أَوْ بِإِتْلَافِ الزَّوْجِ انْفَسَخَ عَقْدُ الصَّدَاقِ فِيهَا لَا فِي الْبَاقِيَةِ وَعَلَيْهِ ( فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ أَجَازَتْ ) فِي الْبَاقِيَةِ ( فَلَهَا قِسْطُ قِيمَةِ التَّالِفِ ) الْأَوْلَى التَّالِفَةِ ( مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ) وَإِنْ فَسَخَتْ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ أَمَّا تَلَفُهَا بِإِتْلَافِ الزَّوْجَةِ فَقَبْضٌ أَوْ بِإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ فَسَخَتْ طَالَبَتْ الزَّوْجَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ أَجَازَتْ طَالَبَتْ الْأَجْنَبِيَّ بِالْبَدَلِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ ( وَإِنْ تَعَيَّبَ ) الصَّدَاقُ قَبْلَ قَبْضِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ ( كَقَطْعِ الْيَدِ فَلَهَا الْخِيَارُ ) لِلنَّقْصِ سَوَاءٌ أَحَدَثَ بِآفَةٍ أَمْ بِجِنَايَةِ غَيْرِ الزَّوْجَةِ فَإِنْ فَسَخَتْ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ( وَلَا أَرْشَ ) لَهَا ( إنْ أَجَازَتْ ) بَلْ تَأْخُذُهُ مَعِيبًا كَمَا لَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِ الْمَبِيعِ ( إلَّا أَنْ عَيَّبَهُ أَجْنَبِيٌّ ) فَلَهَا عَلَيْهِ الْأَرْشُ وَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ .
كِتَابُ الصَّدَاقِ ) ( قَوْلُهُ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مَهْرٌ إلَخْ ) لَهُ ثَمَانِيَةُ أَسْمَاءٍ مَجْمُوعَةٍ فِي بَيْتِ : صَدَاقٌ وَمَهْرٌ نَحْلَةٌ وَفَرِيضَةٌ حِبَاءٌ وَأَجْرٌ ثُمَّ عَقْدُ عَلَائِقَ ( قَوْلُهُ وَنِحْلَةٌ ) النِّحْلَةُ الْهِبَةُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَمْتِعُ بِالزَّوْجِ كَاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا أَوْ أَكْثَرَ فَكَأَنَّهَا تَأْخُذُ الصَّدَاقَ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ وَقِيلَ نِحْلَةٌ أَيْ عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ وَقِيلَ تَدَيُّنًا مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ يَنْتَحِلَ بِكَذَا أَيْ يَتَدَيَّنَ ( قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الْعَقْدُ بِهِ ) نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ كَرَاهَةُ إخْلَاءِ الْعَقْدِ عَنْ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ وَدَلِيلُ جَوَازِ إخْلَائِهِ مِنْهُ الْإِجْمَاعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً } أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ الْمُسَمَّى أَوْ الْفَرْضَ الْمُسْتَلْزِمَ لِعَدَمِ كُلٍّ مِنْهُمَا ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِلْخُصُومَةِ ) إنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَعْظَمَ الِاسْتِمْتَاعُ وَلَوَاحِقُهُ وَذَلِكَ يَقُومُ بِالزَّوْجَيْنِ فَهُمَا الرُّكْنُ ( قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ لَا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ عَلَى الْجَدِيدِ ) كَذَا فِي الْمَطْلَبِ وَالْكِفَايَةِ وَفِي نُسَخِ الْعَزِيزِ الْمُعْتَمَدَةِ وَفِي بَعْضِ نُسْخَةِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْجَدِيدَ الِاسْتِحْبَابُ أَيْ كَمَا يُسْتَحَبُّ لِسَلِسِ الْبَوْلِ وَالْمُسْتَحَاضَةِ أَنْ يَنْوِيَا رَفْعَ الْحَدَثِ مَعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا ) لَا يَجُوزُ جَعْلُ رَقَبَةِ الْعَبْدِ صَدَاقًا لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ أَوْ الْمُبَعَّضَةِ أَوْ الْمُكَاتَبَةِ بَلْ يَبْطُلُ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ قَارَنَهُ مَا يُضَادُّهُ وَلَا أَحَد أَبَوَيْ الصَّغِيرَةِ أَوْ الْمَجْنُونَةِ أَوْ السَّفِيهَةِ صَدَاقًا لَهَا وَلَا جَعْلُ الْأَبِ أُمَّ ابْنِهِ صَدَاقًا لِابْنِهِ بَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ مِثْلٍ
اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ هَذِهِ الصُّوَرَ مِنْ قَوْلِهِمْ مَا صَحَّ مَبِيعًا صَحَّ صَدَاقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ يَجُوزُ جَعْلُهُ صَدَاقًا وَالْقَصْدُ بَيَانُ مَا يَصِحُّ إصْدَاقُهُ وَلَمْ يَقُولُوا مَنْ جَازَ الْبَيْعُ مِنْهُ جَازَ الْإِصْدَاقُ مِنْهُ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ وَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ لَوَرَدَ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ عَقَدَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ لِقِلَّتِهِ أَوْ لِعَدَمِ مَالِيَّتِهِ إلَخْ ) لَوْ مَلَكَ جَارِيَةً مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا صَدَاقَ حُرَّةٍ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهَا وَهُوَ يَخْشَى الْعَنَتَ فَتَزَوَّجَ أَمَةً وَجَعَلَ بُضْعَ أَمَتِهِ صَدَاقًا لَهَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا صَدَاقٌ وَإِنْ كَانَ سَيِّدُ الْأَمَةِ مِمَّنْ يَمْلِكُ الْبُضْعَ عَلَى الِانْفِرَادِ وَالْجَارِيَةُ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الصَّدَاقِ أَنْ يَكُونَ مَالًا وَالْبُضْعُ لَيْسَ بِمَالٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ نَقْلَ حَقِّهِ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ بِالْإِجَارَةِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي .
( قَوْلُهُ فَالزَّوْجُ يَضْمَنُ الصَّدَاقَ الْمُعَيَّنَ ضَمَانَ الْعَقْدِ ) فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِيهِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ ( فَرْعٌ ) لَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ عَلَى صَدَاقٍ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ بَلْ عَرْضٍ مِنْ الْعُرُوضِ صَحَّ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهَا ( قَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَهُ بِآفَةٍ ) أَيْ أَوْ بِإِتْلَافٍ غَيْرِ مُضَمَّنٍ قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ مَا أَتْلَفَتْ قَبْضٌ لَهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الْمُكَلَّفَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَلَا بَيْنَ أَنْ تُتْلِفَهُ دَفْعًا وَغَيْرَهُ وَالظَّاهِرُ مَجِيءُ كُلِّ مَا ذُكِرَ فِي إتْلَافِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ هُنَا وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ إلَخْ ) قَدْ مَرَّ فِي الْبَيْعِ اسْتِثْنَاءُ صُوَرٍ مِنْ أَنَّ
إتْلَافَ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ فَتَجِيءُ هُنَا ( قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ ) صُورَتُهَا أَنَّهَا رَأَتْ عَيْنَ الصَّدَاقِ سَلِيمًا ثُمَّ تَعَيَّبَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِتَعَيُّبِهِ حَالَ الْعَقْدِ
( فَرْعَانِ الْأَوَّلُ الِانْهِدَامُ ) قَبْلَ الْقَبْضِ ( عَيْبٌ ) فَلَوْ أَصْدَقَهَا دَارًا فَانْهَدَمَتْ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَتْلَفْ مِنْ نَقْضِهَا شَيْءٌ فَهُوَ عَيْبُ لِأَنَّهُ نَقْصُ صِفَةٍ كَطَرَفِ عَبْدٍ فَتَتَخَيَّرُ ( فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُ النَّقْضِ ) أَوْ كُلُّهُ بِاحْتِرَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ ( انْفَسَخَ ) عَقْدُ الصَّدَاقِ ( فِيهِ ) لِأَنَّهُ نَقْصُ جِرْمٍ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ عُلِمَا مِمَّا مَرَّ ( الثَّانِي ) لَوْ ( أَصْدَقَهَا نَخْلًا وَثَمَرَتَهُ ) أَيْ رُطَبَهُ ( فَجَعَلَ ) قَبْلَ قَبْضِهِمَا ( الرُّطَبَ وَصَقْرَهُ ) أَيْ السَّائِلِ مِنْهُ ( مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَى النَّارِ ( فِي قَارُورَةٍ لَهُ وَلَمْ يَنْقُصْ ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا ( بِالنَّزْعِ ) أَيْ بِتَقْدِيرِ نَزْعِهِ مِنْهَا ( وَلَا التَّرْكِ ) لَهُ فِيهَا ( فَلَا خِيَارَ ) لَهَا بَلْ الزَّوْجُ كَفَاهَا مُؤْنَةَ الْجِذَاذِ وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ اسْتِبْقَاءً لِرُطُوبَةِ الرُّطَبِ وَاسْتِزَادَةً لِحَلَاوَتِهِ وَقَيَّدَ الْقَارُورَةَ بِقَوْلِهِ لَهُ لِيَتَأَتَّى مَا يَأْتِي مِنْ مُسَامَحَةِ الزَّوْجِ بِهَا ( وَإِنْ نَقَصَ وَصْفُهُ ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الرُّطَبِ وَصَقْرِهِ أَوْ أَحَدِهِمَا ( ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ ) فَإِنْ فَسَخَتْ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ أَجَازَتْ قَنَعَتْ بِهِمَا وَلَا أَرْشَ .
( أَوْ ) نَقَصَ ( عَيْنَهُ كَأَنْ شَرِبَ الرُّطَبُ ) شَيْئًا ( مِنْ الصَّقْرِ انْفَسَخَ ) الْعَقْدُ ( فِي قَدْرِهِ ) أَيْ الذَّاهِبِ مِنْهُ ( وَتَخَيَّرَتْ فِي الْبَاقِي ) فَإِنْ فَسَخَتْ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ أَجَازَتْ فَلَهَا قِسْطُ الذَّاهِبِ مِنْهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ نَقْصُ عَيْنِ الصَّقْرِ بِزِيَادَةِ قِيمَةِ الرُّطَبِ وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ ( وَإِنْ كَانَ يَعِيبُهُ ) أَيْ الرُّطَبُ ( الْإِخْرَاجُ مِنْ الْقَارُورَةِ ) دُونَ التَّرْكِ فِيهَا ( تَخَيَّرَتْ إلَّا إنْ سَمَحَ بِهَا ) الزَّوْجُ لَهَا هِبَةً أَوْ إعْرَاضًا فَلَا خِيَارَ لَهَا بَلْ تُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا إمْضَاءً لِلْعَقْدِ وَإِذَا فَرَغَ مَا فِيهَا أَخَذَهَا الزَّوْجُ فِيمَا إذَا سَمَحَ بِالْإِعْرَاضِ ( كَالنَّعْلِ ) فِي
الدَّابَّةِ الْمَبِيعَةِ ( وَإِنْ تَعَيَّبَ بِالتَّرْكِ ) فِيهَا ( دُونَ النَّزْعِ ) مِنْهَا ( طَالَبَتْ بِالنَّزْعِ ) وَلَا خِيَارَ لَهَا ( وَإِنْ تَبَرَّعَ ) عَلَيْهَا ( بِالْقَارُورَةِ ) إذْ لَا تُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ ( فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ ) هُوَ النَّخْلُ ( فَقَطْ وَكَانَتْ الثَّمَرَةُ ) أَيْ الرُّطَبُ وَصَقْرُهُ ( لِلْمَرْأَةِ ضَمِنَ ) الزَّوْجُ ( نَقْصَ الرُّطَبِ وَالصَّقْرِ ) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ ( الْمُتَعَدِّي وَلَا خِيَارَ لَهَا ) لِأَنَّ مَا نَقَصَ لَيْسَ بِصَدَاقٍ .
( وَإِنْ كَانَ الصَّقْرُ ) مِلْكًا ( لِلزَّوْجِ ) بِأَنْ مَلَكَهُ مِنْ رُطَبٍ آخَرَ وَكَانَ رُطَبُ النَّخْلِ لِلزَّوْجَةِ ( ضَمِنَ نَقْصَ الرُّطَبِ وَحْدَهُ ) إنْ نَقَصَ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِنْ كَانَ الرُّطَبُ مِنْ الصَّدَاقِ فَإِنْ نَقَصَ بِالنِّزَاعِ فَلَهَا الْخِيَارُ وَإِلَّا فَلَا وَتَأْخُذُ الرُّطَبَ وَالزَّوْجُ الصَّقْرَ وَلَا شَيْءَ لَهُ لِمَا تَشَرَّبَهُ الرُّطَبُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَوْ عَيَّبَهُ ) أَيْ الرُّطَبَ ( النَّزْعُ ) مِنْ الْقَارُورَةِ لَا التَّرْكُ فِيهَا ( وَسَمَحَ ) لَهَا ( بِالْقَارُورَةِ لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ ) لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي إمْضَاءِ الْعَقْدِ هُنَا ( إلَّا إنْ كَانَ الرُّطَبُ صَدَاقًا وَسَمَحَ بِالْقَارُورَةِ ) وَحْدَهَا ( أَوْ بِهَا وَبِالصَّقْرِ إنْ كَانَ ) الصَّقْرُ ( لَهُ ) فَيَلْزَمُهَا الْقَبُولُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي إمْضَاءِ الْعَقْدِ هُنَا فَلَا خِيَارَ لَهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ السَّمَاحِ بِالْقَارُورَةِ وَحْدَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِذَا كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا جَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ ) كَالثَّمَنِ ( إلَّا إذَا كَانَ صَنْعَةً ) أَيْ تَعْلِيمُهَا فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَمِنْ الصَّنْعَةِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ وَغَايَرَ بَيْنَهُمَا الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي .
فَقَالَ وَفِي التَّتِمَّةِ لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ أَوْ صَنْعَةً لَمْ يَجُزْ الِاعْتِيَاضُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ
كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ لَاعْتُبِرَ تَسْلِيمُ الزَّوْجَةِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَهُوَ خِلَافُ الِاتِّفَاقِ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ إذْ لَا فَرْقَ فِي الدَّيْنِ بَيْنَ الصَّنْعَةِ وَغَيْرِهَا فَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا كَالثَّمَنِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِ الْمُتَوَلِّي وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي ضَعِيفٌ وَقَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْلِ
( قَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ ) الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي ضَعِيفٌ إلَخْ ) امْتِنَاعُ اعْتِيَاضِ الزَّوْجَةِ عَنْ تَعْلِيمِ الصَّنْعَةِ قِيَاسًا عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ تَسْلِيمِهَا فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ وَفَارَقَ جَوَازَهُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الدَّيْنِ بِشِدَّةِ الضَّعْفِ فِيهِ دُونَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي لَيْسَ بِضَعِيفٍ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الْمَبِيعِ وَكَأَنَّهُ بَاعَ عَرْضًا بِعَرْضٍ وَلَا ثَمَنَ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْبَيْعِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( زَادَ الصَّدَاقُ فِي يَدِهِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً ) كَسِمَنٍ وَكِبَرٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ ( تَبِعَتْ الْأَصْلَ أَوْ مُنْفَصِلَةً ) كَثَمَرَةٍ وَوَلَدٍ وَكَسْبٍ ( فَمِلْكٌ لِلزَّوْجَةِ ) كَمَا فِي الْبَيْعِ وَلَوْ اقْتَصَرَ فِي الشِّقَّيْنِ عَلَى قَوْلِهِ فَمِلْكٌ لِلزَّوْجَةِ كَفَى ( وَإِذَا تَلِفَتْ ) أَيْ الزِّيَادَةُ فِي يَدِهِ ( لَمْ يَضْمَنْهَا ) لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهَا يَدُ أَمَانَةٍ ( إلَّا إنْ طَلَبَتْهَا ) مِنْهُ ( فَامْتَنَعَ ) مِنْ تَسْلِيمِهَا فَيَضْمَنُهَا .
( وَلَوْ امْتَنَعَ ) الْبَائِعُ ( مِنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ ) لِلْمُشْتَرِي ( فَتَلِفَتْ ) فِي يَدِهِ ( فَكَإِتْلَافِهِ ) لَهَا فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَالصَّدَاقُ كَالْمَبِيعِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَلَوْ أَبْدَلَ الْعَيْنَ الْمَبِيعَةَ بِالصَّدَاقِ كَانَ أَوْلَى وَأَنْسَبَ ( وَلَا يَضْمَنُ ) الزَّوْجُ ( مَنْفَعَةَ ) الصَّدَاقِ وَإِنْ ( اسْتَوْفَاهَا ) بِرُكُوبٍ أَوْ لُبْسٍ أَوْ اسْتِخْدَامٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ طَالَبَتْهُ بِالتَّسْلِيمِ فَامْتَنَعَ كَمَا فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ ضَمَانَهَا إذَا اسْتَوْفَاهَا أَوْ طَالَبَتْهُ بِالتَّسْلِيمِ فَامْتَنَعَ لِأَنَّهَا حَادِثَةٌ فَهِيَ كَالزِّيَادَةِ الْحَادِثَةِ إذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ تَسْلِيمِهَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا عَقْدُ الصَّدَاقِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْمَنَافِعِ
( فَصْلٌ ) لَوْ ( أَصْدَقَهَا ) فَاسِدًا كَأَنْ أَصْدَقَهَا ( حُرًّا أَوْ خَمْرًا ) أَوْ مَغْصُوبًا ( وَجَبَ ) لَهَا ( مَهْرُ الْمِثْلِ ) بِالْعَقْدِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ مُقَابِلِهِ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ بَدَلُهُ كَمَا لَوْ ابْتَاعَ بِثَمَنٍ فَاسِدٍ وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْمَبِيعِ تَجِبُ قِيمَتُهُ .
( وَكَذَا ) يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ ( إذَا غَرَّهَا بِأَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ عَصِيرٌ ) هَذَا فِي أَنْكِحَتِنَا أَمَّا أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ فَكُلُّ مَا اعْتَقَدُوا صِحَّةَ صَدَاقِهِ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ مَا فِي الْخُلْعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى غَيْرِ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ وَقَعَ رَجْعِيًّا عَدَمُ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي نَظِيرِهِ هُنَا فَتَكُونُ الزَّوْجَةُ كَالْمُفَوِّضَةِ لَكِنْ صَرَّحُوا هُنَا بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ انْتَهَى وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ ثَمَّ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ الْمُعَاوَضَةُ فَاعْتُبِرَ كَوْنُ الْعِوَضِ مَقْصُودًا بِخِلَافِ مَا هُنَا وَبِأَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْخُلْعِ فَإِنَّ مَقْصُودَهُ الْفُرْقَةُ وَهِيَ تَحْصُلُ غَالِبًا بِدُونِ عِوَضٍ
( قَوْلُهُ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الزَّوْجَ مُسْتَقِلٌّ بِقَطْعِ الْعِصْمَةِ مَجَّانًا فَإِذَا قَابَلَهُ بِغَيْرِ مَقْصُودٍ فَقَدْ فَعَلَ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَوَلِيُّ النِّكَاحِ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِإِخْلَاءِ عَقْدِهِ مِنْ إيجَابِهِ لِلصَّدَاقِ وَكَذَا مُوَلِّيَتُهُ مَا لَمْ تُفَوِّضْ فَفِي تَسْمِيَتِهِ غَيْرَ الْمَقْصُودِ يُوجِبُ الْعَقْدُ مَهْرَ مِثْلِهَا وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهَا لِانْتِفَاءِ تَفْوِيضِهَا
( الْحُكْمُ الثَّانِي التَّسْلِيمُ ) لِلْمَهْرِ ( فَلِكَبِيرَةِ ) عَاقِلَةٍ ( سَلَّمَتْ نَفْسَهَا ) لِلزَّوْجِ ( مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ ) نَفْسِهِ أَوْ وَلِيَّهُ ( بِالْمَهْرِ وَإِنْ كَانَ ) الزَّوْجُ ( صَغِيرًا ) كَمَا فِي النَّفَقَةِ .
( وَلَهَا ) أَيْ لِلْكَبِيرَةِ ( حَبْسُ نَفْسِهَا حَتَّى يُسَلِّمَ ) الزَّوْجُ ( الْمَهْرَ ) الْمُعَيَّنَ أَوْ الْحَالِّ كَالْبَائِعِ سَوَاءٌ أَخَّرَ تَسْلِيمَهُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا وَالْحَبْسُ فِي الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا أَوْ لِوَلِيِّهِ ( لَا الْمُؤَجَّلِ وَلَوْ حَلَّ ) قَبْلَ تَسْلِيمِهَا لِوُجُوبِ تَسْلِيمِهَا قَبْلَ الْحُلُولِ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالتَّأْجِيلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْحَبْسِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ ( وَلِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ تَرْكُ الْحَبْسِ ) لَهُمَا ( لِلْمَصْلَحَةِ ) فَعُلِمَ أَنَّ لَهُ حَبْسَهُمَا حَتَّى يُسَلِّمَ الزَّوْجُ الْمَهْرَ ( وَإِنْ تَنَازَعَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ فِي الْبُدَاءَةِ بِالتَّسْلِيمِ بِأَنْ قَالَ لَا أُسَلِّمُ الْمَهْرَ حَتَّى تُسَلِّمِي نَفْسَك وَقَالَتْ لَا أُسَلِّمُهَا حَتَّى تُسَلِّمَهُ أُجْبِرَا بِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( أُمِرَ بِتَسْلِيمِهِ إلَى عَدْلٍ ثُمَّ أُمِرَتْ بِالتَّمْكِينِ ) فَإِذَا مَكَّنَتْ سَلَّمَ الْعَدْلُ الْمَهْرَ إلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَأْتِهَا الزَّوْجُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَصْلِ الْخُصُومَةِ قَالَ الْإِمَامُ فَلَوْ هَمَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ أَنْ تَسَلَّمَتْ الْمَهْرَ فَامْتَنَعَتْ فَالْوَجْهُ اسْتِرْدَادُهُ وَاسْتَشْكَلَ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَسْلِيمَهُ إلَى عَدْلٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ نَائِبَهَا فَالْمُجْبِرُ الزَّوْجُ وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ نَائِبُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجِيلِيُّ .
وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا أَخَذَ الْحَاكِمُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُمْتَنِعِ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ يَمْلِكُهُ الْغَرِيمُ وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَمَعَ كَوْنِهِ نَائِبَهَا هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ تَسْلِيمِهِ إلَيْهَا وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَبْلَ تَمْكِينِهَا بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِإِجْبَارِ الزَّوْجِ فَإِنَّا إذَا أَجْبَرْنَاهُ أَطْلَقْنَا
تَصَرُّفَهَا فِي الْمَأْخُوذِ بِمُجَرَّدِ التَّسْلِيمِ وَأَجَابَ آخَرُ بِأَنَّهُ نَائِبُهُمَا وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَآخَرُ بِأَنَّهُ نَائِبُهُ وَلَا مَحْذُورَ فِي إجْبَارِهَا لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِعَدَمِ إجْبَارِهَا وَآخَرُ بِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا ( وَتَجِبُ ) عَلَيْهِ ( نَفَقَتُهَا بِقَوْلِهَا إذَا سَلَّمَ ) الْمَهْرَ ( مَكَّنَتْ ) لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مُمَكِّنَةٌ
( قَوْلُهُ فَلِكَبِيرَةٍ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ ) شَمِلَ كَلَامُهُمْ الْمُتَحَيِّرَةَ .
( قَوْلُهُ وَالْحَبْسُ فِي الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا ) وَلِوَلِيِّهِ فَإِنْ كَانَتْ مُبَعَّضَةً فَبِالنِّسْبَةِ إلَى حِصَّةِ الْبَعْضِ الرَّقِيقِ أَوْ أَمَّا الْمُكَاتَبَةُ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَيُشْبِهُ أَنْ يَجْرِيَ فِي مَنْعِ سَيِّدِهَا خِلَافٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي تَبَرُّعَاتِهَا ( قَوْلُهُ لَا الْمُؤَجَّلُ وَلَوْ حَلَّ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ فِي التَّنَازُعِ بَعْدَ الْحُلُولِ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ الِابْتِدَاءِ أَمَّا لَوْ خَافَتْ فَوْتَ الْمَهْرِ أَوْ الْبَائِعُ فَوْتَ الثَّمَنِ فَلَا كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ كَانَا حَالَّيْنِ مِنْ الْأَصْلِ فَتَأَمَّلْهُ وَلَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا فِي كَلَامِهِمْ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَمَجْنُونَةٌ ) أَيْ وَسَفِيهَةٌ ( قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ لَهُ حَبْسَهُمَا حَتَّى يُسَلِّمَ الزَّوْجُ الْمَهْرَ ) أَيْ الْحَالَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَوْلُهُ الْحَالَّ زِيَادَةٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَهِيَ تُفْهِمُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِمُؤَجَّلٍ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ سُلَيْمٍ الرَّازِيّ وَغَيْرِهِ فَهَلْ يَكُونُ كَبَيْعِ مَالِهَا نَسِيئَةً حَتَّى يُشْتَرَطَ فِيهِ الرَّهْنُ وَالْإِشْهَادُ كَمَا ذُكِرَ هُنَا وَمُلَاءَةُ الزَّوْجِ وَهَلْ يَكْفِي الْكَفِيلُ عَنْ الرَّهْنِ كُلُّ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ وَيَبْعُدُ جَوَازُ تَزْوِيجِهَا بِمُؤَجَّلٍ مِنْ مُعْسِرٍ وَتَسْلِيمُهَا إلَيْهِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ الْبُضْعِ بِلَا عِوَضٍ وَإِذَا جَوَّزْنَاهُ فَهَلْ يَجُوزُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا حَالًّا أَوْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْأَجَلِ فِيهِ نَظَرٌ .
( قَوْلُهُ وَأَجَابَ بِأَنَّ نَائِبُهَا إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي التَّدْرِيبِ الْعَدْلُ نَائِبٌ عَنْهَا حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ مِنْ ضَمَانِهَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ
( فَرْعٌ يَسْقُطُ حَقُّ الْحَبْسِ ) لِلزَّوْجَةِ ( بِالْوَطْءِ ) لَهَا بِتَمْكِينِهَا مِنْهُ مُخْتَارَةً مُكَلَّفَةً وَلَوْ فِي الدُّبُرِ كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ مُتَبَرِّعًا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ ( لَا بِالتَّسْلِيمِ ) فَقَطْ فَلَهَا بَعْدَهُ حَبْسُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ الْمَهْرَ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي النِّكَاحِ بِالْوَطْءِ دُونَ التَّسْلِيمِ ( وَلَا ) بِوَطْئِهَا ( مُكْرَهَةً وَصَغِيرَةً وَمَجْنُونَةً ) وَلَوْ بِتَسْلِيمِ الْوَلِيِّ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِتَسْلِيمِهِنَّ نَعَمْ لَوْ سَلَّمَ الْوَلِيُّ الصَّغِيرَةَ أَوْ الْمَجْنُونَةَ بِالْمَصْلَحَةِ فَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهَا وَإِنْ كَمُلَتْ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْوَلِيُّ الشُّفْعَةَ لِمَصْلَحَةٍ لَيْسَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِهَا بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَهَا بِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ بَلْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا بِالسَّفَهِ لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا وَرَأَى الْوَلِيُّ خِلَافَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ وُطِئَتْ ( وَلَوْ امْتَنَعَتْ ) مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا بِلَا عُذْرٍ ( وَقَدْ بَادَرَ ) بِتَسْلِيمِ الصَّدَاقِ ( لَمْ يَسْتَرِدَّهُ ) لِتَبَرُّعِهِ بِالْمُبَادَرَةِ ( كَمَا لَوْ عَجَّلَ ) الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَسْتَرِدُّهُ ( بَلْ تُجْبَرُ ) هِيَ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا ( وَبِالتَّسْلِيمِ ) أَيْ وَبِتَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا لَهُ ( لَهَا قَبْضُ الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ) كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( وَتُمْهَلُ ) وُجُوبًا ( بَعْدَ تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ ) لَهَا ( بِسُؤَالِهَا ) أَوْ سُؤَالِ وَلِيِّهَا الْإِمْهَالَ ( لِنَحْوِ تَنْظِيفٍ ) مِنْ وَسَخٍ كَاسْتِحْدَادٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مُنَفِّرٌ فَإِزَالَتُهُ أَدْعَى إلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ ( ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ) بِلَيَالِيِهَا ( فَمَا دُونَهَا ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذَلِكَ يَحْصُلُ فِيهَا وَلِأَنَّهَا أَقَلُّ الْكَثِيرِ وَأَكْثَرُ الْقَلِيلِ وَالْمُرَادُ مَا يَرَاهُ قَاضٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ ( طَاهِرًا كَانَتْ ) مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ ( أَمْ لَا ) فَلَا تُمْهَلُ
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِنَحْوِ التَّنْظِيفِ الْجِهَازُ وَالسِّمَنُ وَنَحْوُهُمَا فَلَا تُمْهَلُ لَهَا وَكَذَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَلَا تُمْهَلُ لِانْقِطَاعِهِمَا لِأَنَّ مُدَّتَهُمَا قَدْ تَطُولُ وَيَتَأَتَّى التَّمَتُّعُ مَعَهُمَا بِلَا وَطْءٍ كَمَا فِي الرَّتْقَاءِ وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْإِمْهَالِ لِلتَّنْظِيفِ أَنْ تُمْهَلَ الْحَائِضُ إذَا لَمْ تَزِدْ مُدَّةُ حَيْضِهَا عَلَى مُدَّةِ التَّنْظِيفِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ فَيَخْتَصُّ عَدَمُ إمْهَالِهَا بِمَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ الْحَيْضِ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَتُمْهَلُ انْتَهَى وَكَالْحَيْضِ فِيمَا قَالَهُ النِّفَاسُ هَذَا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ إدْرَاجُهُمَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِنَحْوِ تَنْظِيفٍ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِأَصْلِهِ وَمُوَافِقًا لِلْمُتَوَلِّي .
لَكِنْ يَفُوتُهُ شَرْطٌ أَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُمَا عَلَى مُدَّةِ التَّنْظِيفِ وَلَوْ عَلِمَتْ أَنَّهُ يَطَؤُهَا وَلَا يُرَاقِبُ اللَّهَ تَعَالَى فَهَلْ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ قَالَ وَلَا يَبْعُدُ تَجْوِيزُ ذَلِكَ أَوْ إيجَابُهُ عَلَيْهَا ( وَيَحْرُمُ وَطْءُ مَنْ لَا تَحْتَمِلُ ) الْوَطْءَ ( لِصِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ ) وَهُزَالٍ لِتَضَرُّرِهَا بِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِهِ فِي الْمَرِيضَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَتُمْهَلُ ) أَيْ مَنْ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ ( حَتَّى تُطِيقَ ) لِمَا مَرَّ ( وَيُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ تَسْلِيمُهَا ) أَيْ الصَّغِيرَةِ بِقَرِينَةِ ذِكْرِ الْوَلِيِّ ( فَلَوْ سُلِّمَتْ ) لَهُ ( صَغِيرَةٌ لَا تُوطَأُ لَمْ يَلْزَمْ ) هـ ( تَسْلِيمُ الْمَهْرِ ) كَالنَّفَقَةِ ( وَإِنْ سَلَّمَهُ ) عَالِمًا بِحَالِهَا أَوْ جَاهِلًا ( فَفِي اسْتِرْدَادِهِ وَجْهَانِ ) كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ امْتَنَعَتْ بِلَا عُذْرٍ وَقَدْ بَادَرَ الزَّوْجُ إلَى تَسْلِيمِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ اسْتِرْدَادِهِ .
( قَوْلُهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْحَبْسِ بِالْوَطْءِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ سَلَّمَتْ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ نَفْسَهَا ثُمَّ جُنَّتْ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا أَوْ سَكِرَتْ أَوْ نَامَتْ وَوَطِئَهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ ثُمَّ أَفَاقَتْ وَصَحَتْ وَاسْتَيْقَظَتْ فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ وُطِئَتْ طَائِعَةً أَوْ كَمَا لَوْ وُطِئَتْ مُكْرَهَةً فِيهِ نَظَرٌ .
ا هـ .
الرَّاجِحُ الثَّانِي ( قَوْلُهُ وَلَا مُكْرَهَةً ) أَيْ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ نَائِمَةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَذْلَ الرَّتْقَاءِ وَالْقُرَنَاءِ لِلِاسْتِمْتَاعِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ كَبَذْلِ السَّلِيمَةِ لِلْوَطْءِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ كَانَ لَهَا الِامْتِنَاعُ وَإِنْ اسْتَمْتَعَ بِذَلِكَ وَهِيَ مُخْتَارَةٌ فَلَا قَالَ وَلَوْ خَرَجَ مَعِيبًا فَهَلْ لَهَا الِامْتِنَاعُ فِيهِ نَظَرٌ .
وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَهَا بِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ ) وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الزَّبِيلِيُّ لَوْ سَلَّمَ الصَّغِيرَةَ أَبُوهَا قَبْلَ قَبْضِ الصَّدَاقِ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْوَطْءِ لِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ أَبُوهَا لَمْ يَكُنْ احْتِيَاطًا ا هـ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَسَلَّمَتْ نَفْسَهَا فَلِوَلِيِّهَا مَنْعُ الزَّوْجِ بَعْدَ الْوَطْءِ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَبَيْنَ الشُّفْعَةِ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا الْأَخْذُ عَلَى الْفَوْرِ وَقَدْ فَاتَ لِلْمَصْلَحَةِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَسْأَلَتِنَا انْتِفَاءُ تَمْكِينِهَا مِنْ وَطْئِهَا حَالَ اعْتِبَارِ تَمْكِينِهَا وَهُوَ مَوْجُودٌ قَالَ شَيْخُنَا يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ تَرْكَ الْأَخْذِ بِهَا تَفْوِيتٌ مَعْدُومٌ فَأَشْبَهَ التَّحْصِيلَ فَلَهُ تَرْكُهُ بِالْمَصْلَحَةِ وَمَسْأَلَتُنَا تَفْوِيتٌ حَاصِلٌ إذْ الْبُضْعُ يُقَابِلُهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَإِذَا سَلَّمَهَا فَقَدْ فَوَّتَ عَلَيْهَا حَقَّهَا لَا سِيَّمَا حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ لَا يُرْجَى خَلَاصُ حَقِّهَا مِنْهُ كَاتِبُهُ ( قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ وُطِئَتْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (
قَوْلُهُ وَكَذَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ ) أَيْ وَالصَّوْمُ وَالْإِحْرَامُ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْإِمْهَالِ إلَخْ ) تَعْلِيلُ الْإِمْهَالِ لِنَحْوِ التَّنْظِيفِ وَتَعْلِيلُ عَدَمِهِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ يَقْتَضِيَانِ خِلَافَهُ .
( قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ ) ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ فَيَخْتَصُّ عَدَمُ إمْهَالِهَا مِمَّا إذَا كَانَتْ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ حَسَنٌ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ لَكِنْ يُفَوِّتُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُمَا إلَخْ ) قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا ( قَوْلُهَا وَلَا يَبْعُدُ تَجْوِيزُ ذَلِكَ ) جَزَمَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ بِأَنَّ لَهَا ذَلِكَ ( قَوْلُهُ أَوْ إيجَابُهُ عَلَيْهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ تَسْلِيمُهَا ) كَلَامُ غَيْرِهِ يُشْعِرُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا خَافَ عَلَيْهَا مِنْ غَشَيَانِهِ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ لِغِلْمَتِهِ وَقِلَّةِ تَقْوَاهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ اسْتِرْدَادِهِ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) سَلِّمُوا لِي مَنْ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ وَأَنَا ( لَا أَطَؤُهَا ) حَتَّى تَحْتَمِلَهُ ( وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمَرِيضَةِ ) لَهُ إنْ كَانَ ثِقَةً لِأَنَّهَا مَحَلُّ التَّمَتُّعِ فِي الْجُمْلَةِ ( بَلْ لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا ) لَهُ ( لَمْ يَكُنْ لَهُ الِامْتِنَاعُ ) مِنْ تَسَلُّمِهَا كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهِ إذَا مَرِضَتْ ( وَتَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ ) لَهَا لِمَا مَرَّ ( بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ ) لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا لَهُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً لِأَنَّ الْأَقَارِبَ أَوْلَى بِحَضَانَتِهَا وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ هَيَجَانِ الشَّهْوَةِ وَلَوْ سُلِّمَتْ لَهُ كَانَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ تَسَلُّمِهَا لِأَنَّهُ نِكَاحٌ لِلتَّمَتُّعِ لَا لِلْحَضَانَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَتَرْجِيحُ وُجُوبِ تَسْلِيمِ الْمَرِيضَةِ دُونَ الصَّغِيرَةِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ فَإِنَّهُ قَدْ حَكَاهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ ثُمَّ حُكِيَ عَنْ وَسِيطِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا وَطِئَ فَتَتَضَرَّرُ بِهِ بِخِلَافِ الْحَائِضِ فَإِنَّهَا لَا تَتَضَرَّرُ لَوْ وَطِئَ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ أَنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَصُّ الْمُخْتَصَرُ .
( وَيَجِبُ ) عَلَيْهِ ( نَفَقَةُ النَّحِيلَةِ ) أَيْ نَحِيفَةِ الْبَدَنِ ( بِالتَّسْلِيمِ ) أَيْ بِتَسْلِيمِهَا أَوْ تَسْلِيمِ وَلِيِّهَا لَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ لَوْ كَانَتْ نَحِيفَةً بِالْجِبِلَّةِ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ لِهَذَا الْعُذْرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَوَقَّعِ الزَّوَالِ كَالرَّتْقَاءِ ( فَإِنْ خَافَتْ الْإِفْضَاءَ ) لَوْ وُطِئَتْ لِعَبَالَةِ الزَّوْجِ ( لَمْ يَلْزَمْهَا التَّمْكِينُ ) مِنْ الْوَطْءِ فَيَتَمَتَّعُ بِغَيْرِهِ أَوْ يُطَلِّقُ ( وَلَا فَسْخَ ) لَهُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الرَّتَقِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْوَطْءَ مُطْلَقًا وَالنَّحَافَةُ لَا تَمْنَعُ وَطْءَ نَحِيفٍ مِثْلِهَا وَلَيْسَتْ بِعَيْبٍ أَيْضًا نَعَمْ إنْ أَفْضَاهَا وَطْءُ كُلِّ أَحَدِ فَلَهُ الْفَسْخُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الدِّيَاتِ ( وَمَنْ أَفْضَى
امْرَأَتَهُ ) بِالْوَطْءِ ( لَمْ تَعُدْ ) إلَيْهِ ( حَتَّى تَبْرَأَ ) الْبُرْءَ الَّذِي لَوْ عَادَ لَمْ يَخْدِشْهَا ( وَلَوْ ادَّعَتْ عَدَمَ الْبُرْءِ ) كَأَنْ قَالَتْ لَمْ يَنْدَمِلْ الْجُرْحُ فَأَنْكَرَ هُوَ ( أَوْ قَالَ وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ ) فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ( عُرِضَتْ عَلَى أَرْبَعِ نِسْوَةٍ ) ثِقَاتٍ فِيهِمَا ( أَوْ ) رَجُلَيْنِ ( مَحْرَمَيْنِ لِلصَّغِيرَةِ ) وَكَالْمُحْرِمِينَ الْمَمْسُوحَانِ أَمَّا إذَا ادَّعَتْ النَّحِيفَةُ بَقَاءَ أَلَمٍ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ .
( وَإِنْ ادَّعَى الْأَبُ ) بَعْدَ طَلَبِ الزَّوْجِ تَسْلِيمَ زَوْجَتِهِ ( مَوْتَهَا ) وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ ) بِيَمِينِهِ حَتَّى لَا يُسَلِّمَهُ الْمَهْرَ وَيُكَلِّفَهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بِمَوْتِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ ( وَإِنْ تَزَوَّجَ ) رَجُلٌ ( بِتَعِزَّ امْرَأَةً بِزَبِيدَ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا بِتَعِزَّ ) اعْتِبَارًا بِمَحَلِّ الْعَقْدِ ( فَإِنْ طَلَبَهَا إلَى عَدَنَ فَنَفَقَتُهَا ) مِنْ زُبَيْدٍ ( إلَى تَعْزَ عَلَيْهَا ثُمَّ ) مِنْ تَعْزَ ( إلَى عَدَنَ عَلَيْهِ ) وَهَلْ يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ الطَّرِيقِ مِنْ زُبَيْدٍ إلَى تَعْزَ أَمْ لَا قَالَ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ نَعَمْ وَحَكَى الرُّويَانِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِأَمْرِهِ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِتَعِزَّ قَالَ وَهَذَا أَقْيَسُ وَأَمَّا مِنْ تَعْزَ إلَى عَدَنَ فَعَلَيْهِ .
قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ .
( قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إلَخْ ) الْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ الْأَصَحُّ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَأَمَّا أُجْرَةُ نَقْلِ جِهَازِهَا وَقُمَاشِهَا فَعَلَيْهَا مُطْلَقًا وَأُجْرَةُ جَارِيَتِهَا إنْ كَانَتْ لَا تُخْدَمُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُخْدَمُ فَعَلَيْهِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَسُئِلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ رَجُلٍ غَرِيبٍ زَوَّجَ بِنْتَه بِبَلَدٍ وَلَمْ يَسْتَوْفِ مَهْرَهَا فَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِهَا إلَى وَطَنِهِ فَلَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الصَّدَاقَ وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْغَرِيبَةَ إذَا زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الزَّوْجُ الصَّدَاقَ أَنَّ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ إلَى بَلَدِهَا مَعَ مَحْرَمٍ وَفِي الصُّورَتَيْنِ إذَا وَفَّى الزَّوْجُ الصَّدَاقَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أُجْرَةُ النَّقْلِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْمَرْأَةِ إلَى مَكَانِ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا سَافَرَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِغَرَضِهَا وَلَا نَفَقَةَ فِي مُدَّةِ الْغَيْبَةِ وَأَمَّا الْوَلِيُّ إذَا سَافَرَ بِالصَّغِيرَةِ فَمَا يَلْزَمُهَا بِسَبَبِ السَّفَرِ يَكُونُ عَلَى الْوَلِيِّ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ فَفِي مَالِهَا أَوْ يَكُونُ السَّفَرُ لِلنَّقْلَةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَزُفَّتْ إلَيْهِ فِي مَنْزِلِهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا عَلَى جَارِي الْعَادَةِ بِإِذْنِهَا فَلَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ سَكَنِهِ وَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ بَالِغَةً فَسَكَتَتْ وَدَخَلَ عَلَيْهَا بِإِذْنِ أَهْلِهَا فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِمُدَّةِ مَقَامِهِ مَعَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعْمَلَ الزَّوْجُ أَوَانِي الْمَرْأَةِ وَهِيَ سَاكِتَةٌ عَلَى جَارِي عَادَتِهَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ وَأَرْشُ النَّقْصِ .
( الْحُكْمُ الثَّالِثُ التَّقْرِيرُ فَلَا يَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ ) لِلزَّوْجَةِ ( إلَّا بِالْوَطْءِ ) وَلَوْ حَرَامًا كَوُقُوعِهِ فِي حَيْضٍ أَوْ دُبُرٍ لِاسْتِيفَاءِ مُقَابِلِهِ وَلِأَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ يُوجِبُهُ ابْتِدَاءً فَوَطْءُ النِّكَاحِ أَوْلَى بِالتَّقْرِيرِ ( وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( فِيهِ ) أَيْ فِي الْوَطْءِ بِيَمِينِهِ ( أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا ) فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِهِ النِّكَاحُ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ وَإِنَّمَا هُوَ نِهَايَةٌ لَهُ وَنِهَايَةُ الْعَقْدِ كَاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ الْإِجَازَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ قَتْلَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ وَقَتْلَهَا نَفْسَهَا يُسْقِطَانِ الْمَهْرَ وَلَوْ أَعْتَقَ مَرِيضٌ أَمَتَهُ الَّتِي لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْعِتْقَ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ وَلَا مَهْرَ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ وَالْمُرَادُ بِاسْتِقْرَارِ الْمَهْرِ الْأَمْنُ مِنْ سُقُوطِهِ كُلِّهِ بِالْفَسْخِ أَوْ سُقُوطِ شَطْرِهِ بِالطَّلَاقِ ( وَلَا بِالْخَلْوَةِ وَنَحْوِهَا ) كَاسْتِدْخَالِ مَائِهِ وَالْمُبَاشَرَةِ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ إلَّا الشَّطْرُ لِآيَةِ { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } أَيْ تُجَامِعُوهُنَّ وَكَمَا لَا يَلْتَحِقُ ذَلِكَ بِالْوَطْءِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ مِنْ حَدٍّ وَغُسْلٍ وَغَيْرِهِمَا .
( قَوْلُهُ فَلَا يَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ إلَّا بِالْوَطْءِ ) أَيْ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْلِيلُ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْلِيلُ حَتَّى لَا يَتَقَرَّرَ الْمَهْرُ بِاسْتِدْخَالِ حَشَفَةِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ التَّقْرِيرُ أَيْضًا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْوَطْءِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْلِيلُ فَلَا يَتَقَرَّرُ بِإِدْخَالِ حَشَفَةِ عِنِّينٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ ا هـ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ ( قَوْلُهُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ ) صَرَّحَ بِهِ الْجِيلِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْمُعِينِ وَهُوَ ظَاهِرٌ
( الْبَابُ الثَّانِي فِي ) حُكْمِ ( الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ وَلِفَسَادِهِ أَسْبَابٌ ) سِتَّةٌ ( الْأَوَّلُ ) ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا ( عَدَمُ الْمَالِيَّةِ ) فِيهِ مُطْلَقًا أَوْ لِلزَّوْجِ كَخَمْرٍ وَمَغْصُوبٍ ( وَقَدْ سَبَقَ ) حُكْمُهُ وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدَيْنِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا حُرًّا أَوْ مَغْصُوبًا بَطَلَ الصَّدَاقُ فِيهِ وَصَحَّ فِي الْآخَرِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ وَتَخَيَّرَتْ فَإِنْ فَسَخَتْ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ أَجَازَتْ فَلَهَا مَعَ الْآخَرِ حِصَّةُ الْمَغْصُوبِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا ( و ) ثَانِيهِمَا ( الْجَهَالَةُ ) كَأَنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا غَيْرَ مَوْصُوفٍ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ السَّبَبُ ( الثَّانِي الشَّرْطُ ) بِتَفْصِيلٍ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ ) كَشَرْطِ أَنْ لَا تَأْكُلَ إلَّا كَذَا ( أَوْ ) تَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ لَكِنَّهُ ( وَافَقَ مُقْتَضَى النِّكَاحِ ) كَشَرْطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا أَوْ يَقْسِمَ لَهَا ( لَمْ يُؤَثِّرْ ) فِي النِّكَاحِ وَلَا فِي الصَّدَاقِ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ .
( وَإِلَّا ) أَيْ لَمْ يُوَافِقْ مُقْتَضَى النِّكَاحِ ( فَإِنْ لَمْ يُخِلَّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يُنْفِقَ أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يُسَافِرَ بِهَا أَوْ لَا يَقْسِمَ لَهَا أَوْ أَنْ يُسْكِنَهَا مَعَ ضَرَّتِهَا انْعَقَدَ ) النِّكَاحُ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِمَقْصُودِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ فَبِفَسَادِ الشَّرْطِ أَوْلَى ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهَا فَلَمْ تَرْضَ بِالْمُسَمَّى وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِبَذْلِ الْمُسَمَّى إلَّا عِنْدَ سَلَامَةِ مَا شَرَطَهُ فَإِذَا فَسَدَ الشَّرْطُ وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ يَرْجِعُ إلَيْهَا وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ ( وَإِنْ أَخَلَّ بِهِ كَشَرْطِ أَنْ يُطَلِّقَهَا ) وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ ( أَوْ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ ) فِي النِّكَاحِ ( أَوْ ) أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ ( أَوْ ) أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا أَوْ أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ أَوْ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ
عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ ( بَطَلَ الْعَقْدُ ) لِلْإِخْلَالِ الْمَذْكُورِ لَكِنَّ قَوْلَهُ أَوْ لَا تَرِثُهُ إلَى آخِرِ مَا زِدْته نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْحَنَّاطِيِّ ثُمَّ قَالَ وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَوَجْهُهُ أَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ ( لَا بِشَرْطِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ( أَنْ لَا يَطَأَهَا ) فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ ( كَمَا سَبَقَ ) بَيَانُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّحْلِيلِ ( فَرْعٌ ) ( لَوْ نَكَحَهَا بِأَلْفٍ إنْ أَقَامَ ) بِهَا فِي الْبَلَدِ ( وَإِلَّا فَبِأَلْفَيْنِ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدٍ ) لِغَيْرِهِ ( عَلَى أَنَّ الْأَوْلَادَ لِلسَّيِّدَيْنِ انْعَقَدَ ) النِّكَاحُ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ .
( وَكَذَا ) يَنْعَقِدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ( إنْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي الصَّدَاقِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ عِوَضًا بَلْ فِيهِ مَعْنَى النِّحْلَةِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ الْخِيَارُ ( أَوْ ) نَكَحَهَا بِأَلْفٍ ( عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا أَلْفًا أَوْ ) عَلَى ( أَنْ يُعْطِيَهُ أَلْفًا ) لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الصَّدَاقِ فَهُوَ شَرْطٌ عُقِدَ فِي عَقْدٍ وَإِلَّا فَقَدْ جَعَلَ بَعْضَ مَا الْتَزَمَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ فَيَفْسُدُ كَمَا فِي الْبَيْعِ ( السَّبَبُ الثَّالِثُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ ) فِي الِابْتِدَاءِ كَأَنْ أَصْدَقَهَا عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ نَكَحَ امْرَأَتَيْنِ مَعًا بِعِوَضٍ وَاحِدٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي بِخِلَافِ تَفْرِيقِهَا فِي الدَّوَامِ وَفِي اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ وَمِنْ تَفْرِيقِهَا فِي الْأَجِيرِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( فَإِذَا زَوَّجَهُ بِنْتَه وَمَلَّكَهُ أَلْفًا مِنْ مَالِهَا بِعَبْدٍ صَحَّ الْمُسَمَّى ) لِأَنَّ ذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ فِي صَفْقَةٍ إذْ بَعْضُ الْعَبْدِ صَدَاقٌ وَبَعْضُهُ مَبِيعٌ ( وَوَزَّعْنَا الْعَبْدَ عَلَى الْأَلْفِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ ) مَهْرُ الْمِثْلِ ( أَلْفًا أَيْضًا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَيْنِ فَنِصْفُ الْعَبْدِ مَبِيعٌ ) وَنِصْفُهُ صَدَاقٌ ( قُلْت رُدَّ ) الْعَبْدُ عَلَى
الزَّوْجِ ( بِعَيْبٍ رَجَعَتْ ) زَوْجَتُهُ عَلَيْهِ ( بِأَلْفٍ وَلَهَا ) عَلَيْهِ ( مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ رَدَّتْ ) عَلَيْهِ ( أَحَدَ النِّصْفَيْنِ ) فَقَدْ ( جَازَ ) لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ .
( فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ) بِهَا ( رَجَعَ لِلزَّوْجِ ) نِصْفُ الصَّدَاقِ وَهُوَ ( رُبُعُ الْعَبْدِ فَقَطْ وَإِنْ فُسِخَ النِّكَاحُ بِعَيْبٍ ) أَوْ نَحْوِهِ ( رَجَعَ إلَيْهِ الصَّدَاقُ كُلُّهُ وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ وَإِنْ تَلِفَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ ) لَهُ ( اسْتَرَدَّتْ الْأَلْفَ وَطَالَبَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) وَلَوْ وَجَدَ الزَّوْجُ بِالثَّمَنِ عَيْبًا وَرَدَّهُ اسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ وَيَبْقَى لَهَا النِّصْفُ الْآخَرُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَاشْتَرَى عَبْدَهَا بِأَلْفٍ صَحَّ ) كُلٌّ مِنْ الصَّدَاقِ وَالشِّرَاءِ ( وَقَسَّطَ ) الْأَلْفَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ فَمَا خَصَّ مَهْرَ الْمِثْلِ فَهُوَ صَدَاقٌ ( فَإِنْ رَدَّ الْعَبْدَ ) عَلَيْهَا ( بِعَيْبٍ اسْتَرَدَّ ) الزَّوْجُ ( قِسْطَهُ ) أَيْ قِسْطَ الْعَبْدِ مِنْ الْأَلْفِ ( وَلَيْسَ لَهَا رَدُّ الْبَاقِي ) وَالرُّجُوعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى صَحِيحٌ ( هَذَا إنْ بَقِيَ النِّكَاحُ وَإِنْ ) الْأَوْلَى فَإِنْ ( فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَرَدَّ ) الزَّوْجُ ( الْجَمِيعَ ) أَيْ جَمِيعَ الْعِوَضِ ( فَإِنْ خَرَجَ الْأَلْفُ مُسْتَحَقًّا اسْتَرَدَّتْ الْعَبْدَ وَوَجَبَ ) لَهَا ( مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ زَوَّجَهُ إيَّاهَا وَمَلَّكَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَهَا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالصَّدَاقُ ) لِأَنَّهُ رِبًا فَإِنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ .
( فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ دَنَانِيرَ صِحَاحًا ) إذْ عَابَتْهُ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ صَدَاقٍ وَصَرْفٍ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ
( الْبَابُ الثَّانِي فِي الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ ) ( قَوْلُهُ وَلَهُ أَسْبَابٌ سِتَّةٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَقِيَ سَبَبٌ سَابِعٌ وَهُوَ أَنْ يُصْدِقَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهَا مَا لَا يَبْقَى فِي مِلْكِهَا كَأَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا .
( قَوْلُهُ أَوْ ثَوْبًا غَيْرَ مَوْصُوفٍ ) أَوْ رَدَّ عَبْدِهَا الْآبِقِ أَوْ جَمَلَهَا الشَّارِدَ وَمَكَانُهُمَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِي النِّكَاحِ ) لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا يَدْخُلُهُ كَالصَّرْفِ ( قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ أَوْ أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ شَرْطُ نَفْيِ الْإِرْثِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْكِتَابِيَّةِ وَالْأَمَةِ فَلَوْ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً عَلَى أَنْ لَا يَرِثَهَا فَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَ الْمَانِعُ قَائِمًا فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقًا فَبَاطِلٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى النِّكَاحِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْمَانِعِ وَيَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ تَنْزِيلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقًا وَكَذَا قَوْلُهُ فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ ( قَوْلُهُ فَإِذَا زَوَّجَهُ بِنْتَه وَمَلَّكَهُ أَلْفًا مِنْ مَالِهَا بِعَبْدٍ صَحَّ الْمُسَمَّى ) فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ قُلْت نُصَوِّرُهُ فِي بَالِغَةٍ رَشِيدَةٍ أَذِنَتْ فِي ذَلِكَ أَوْ كَانَتْ مَحْجُورَةً وَهُوَ وَلِيُّ مَالِهَا وَرَأَى الْحَظَّ لَهَا فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْعِمْرَانِيُّ .