كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري
( فَإِنْ قَالَ ) قَارَضْتُك ( كَقِرَاضِ فُلَانٍ وَهُمَا يَعْلَمَانِهِ ) بِأَنْ يَعْلَمَا الْقَدْرَ الْمَشْرُوطَ لَهُ ( صَحَّ ) وَإِلَّا فَلَا ( وَكَذَا ) يَصِحُّ ( لَوْ قَالَ ) قَارَضْتُك ( وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا وَيَتَنَاصَفَانِهِ ) لِتَبَادُرِهِ إلَى الْفَهْمِ كَمَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَيْنِي وَبَيْنَ زَيْدٍ يَكُونُ مُقِرًّا بِالنِّصْفِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا أَثْلَاثًا فَسَدَ أَيْ لِلْجَهْلِ بِمَنْ لَهُ الثُّلُثُ وَمَنْ لَهُ الثُّلُثَانِ ( أَوْ ) قَالَ قَارَضْتُك ( وَلَك رُبُعُ سُدُسِ الْعُشْرِ صَحَّ ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا قَدْرَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ ( لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهِ ) كَمَا لَوْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً وَجَهِلَا - حَالَةَ الْعَقْدِ - حِسَابَهُ وَتَعْبِيرُهُ بِرُبُعِ سُدُسِ الْعُشْرِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِسُدُسِ رُبُعِ الْعُشْرِ لِأَنَّ تَقْدِيمَ أَعْظَمِ الْكَسْرَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِهِ .
( قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَلَا ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ جَهِلَاهُ ، أَوْ أَحَدُهُمَا
( الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ ) مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ ؛ لِأَنَّهَا مُجَرَّدُ إذْنٍ وَالْجَعَالَةُ ، لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ ( كَ قَارَضْتُكَ .
أَوْ ضَارَبْتُكَ أَوْ عَامَلْتُكَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ وَيُشْتَرَطُ ) فِيهِ ( الْقَبُولُ فَوْرًا ) لِمَا ذُكِرَ ( وَلَوْ فِي قَوْلِهِ خُذْهُ وَاتَّجِرْ فِيهِ ) أَوْ اعْمَلْ فِيهِ أَوْ بِعْ وَاشْتَرِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ فَوْرًا ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي قَوْلِهِ " وَلَوْ فِي قَوْلِهِ خُذْهُ وَاتَّجِرْ فِيهِ " مِنْ زِيَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ ) كَالْبَيْعِ حَتَّى يَنْعَقِدَ بِالْكِتَابَةِ ، وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ فِي قَوْلِهِ خُذْهُ وَاتَّجِرْ فِيهِ ) أَوْ اعْمَلْ فِيهِ بِخِلَافِ خُذْهُ وَابْتَعْ بِهِ لِاقْتِضَاءِ الْعَمَلِ الْبَيْعَ بِخِلَافِ الِابْتِيَاعِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرُّوهُ .
( وَلَوْ قَالَ ) قَارَضْتُكَ ( عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لِي ) سَاكِتًا عَنْ نَصِيبِ الْعَامِلِ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّ الرِّبْحَ فَائِدَةُ رَأْسِ الْمَالِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ إلَّا مَا يُنْسَبُ مِنْهُ لِلْعَامِلِ وَلَمْ يُنْسَبْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُ ( أَوْ ) عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ ( لَك صَحَّ وَتَنَاصَفَاهُ ) لِأَنَّ مَا لَمْ يَنْسُبْهُ لِلْعَامِلِ يَكُونُ لِلْمَالِكِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ ( سَوَاءٌ سَكَتَ ) عَنْ نَصِيبِ نَفْسِهِ ( أَوْ قَدَّرَ لِنَفْسِهِ أَقَلَّ ) كَأَنْ قَالَ عَلَى أَنَّ لَك النِّصْفَ وَلِي السُّدُسَ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي ، وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى النِّصْفِ ، أَوْ عَلَى الثُّلُثَيْنِ صَحَّ وَالْمَشْرُوطُ لِلْعَامِلِ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَسْتَحِقُّ بِالْمِلْكِ لَا بِالشَّرْطِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَك صَحَّ إلَخْ ) لَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِي أَوْ لَك الثُّلُثَ ، وَالْبَاقِي بَيْنَنَا صَحَّ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لَك النِّصْفَ وَمَا بَقِيَ فَثُلُثُهُ لِي وَثُلُثَاهُ لَك صَحَّ إنْ عَلِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ نِسْبَةَ ذَلِكَ ، وَإِنْ جَهِلَهَا أَحَدُهُمَا صَحَّ أَيْضًا فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى النِّصْفِ ، أَوْ عَلَى الثُّلُثَيْنِ صَحَّ إلَخْ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ فَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ مَا شَرَطْت فَهُوَ نَصِيبِي وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ نَصِيبِي صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ .
( الرُّكْنُ الْخَامِسُ الْعَاقِدَانِ ) كَمَا فِي الْبَيْعِ ( وَهُمَا ) لِكَوْنِ الْقِرَاضِ تَوْكِيلًا وَتَوَكُّلًا بِعِوَضٍ ( كَالْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ ) فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ فِي الْمَالِكِ وَأَهْلِيَّةُ التَّوَكُّلِ فِي الْعَامِلِ وَأَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمَا يَنْعَزِلُ بِهِ الْوَكِيلُ وَلَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ مِنْهُ وَلَا مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي .
( وَيَصِحُّ ) الْقِرَاضُ ( مِنْ الْوَصِيِّ لِطِفْلٍ وَمَجْنُونٍ ) وَسَفِيهٍ كَمَا يُوَكِّلُ عَنْهُمْ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَلِيِّ كَانَ أَعَمَّ وَقَدْ عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ وَقَالَ سَوَاءٌ فِيهِ الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ ( وَ ) يَصِحُّ ( مِنْ الْمَرِيضِ وَلَا يُحْسَبُ مَا زَادَ عَلَى الْأُجْرَةِ ) أَيْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ( مِنْ الثُّلُثِ ) لِأَنَّ الْمَحْسُوبَ مِنْهُ مَا يَفُوتُهُ مِنْ مَالِهِ ، وَالرِّبْحُ لَيْسَ بِحَاصِلٍ حَتَّى يَفُوتَهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ ، وَإِذَا حَصَلَ حَصَلَ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ ( بِخِلَافِ مُسَاقَاتِهِ ) يُحْسَبُ فِيهَا ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّمَاءَ فِيهَا مِنْ عَيْنِ الْمَالِ بِخِلَافِهِ فِي الْقِرَاضِ .
( قَوْلُهُ : وَيَصِحُّ مِنْ الْوَصِيِّ لِطِفْلٍ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ ) لِعَامِلٍ أَمِينٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ الْقِرَاضَ لِنَفْسِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَدَّ كَالْأَبِ وَفِي الْبَحْرِ إذَا قَارَضَ وَلِيُّ الطِّفْلِ فَلَا يَأْذَنُ فِي النَّسِيئَةِ بِحَالٍ لِلْغَرَرِ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا ، أَوْ جَدًّا ، أَوْ وَصِيًّا ، أَوْ قَيِّمًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ إشْكَالٌ وَكَتَبَ أَيْضًا : قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا يَجُوزُ الِاتِّجَارُ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِشُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ الزَّمَانُ آمِنًا وَالسُّلْطَانُ عَادِلًا وَالتِّجَارَةُ مُرْبِحَةً .
( فَصْلٌ : وَإِنْ قَارَضَ ) الْوَاحِدُ ( اثْنَيْنِ أَوْ قَارَضَاهُ صَحَّ إنْ بَيَّنَ ) الْوَاحِدُ فِي الْأُولَى ( مَا يُعْطِي كُلًّا ) مِنْ الِاثْنَيْنِ ( أَوْ ) بَيَّنَ ( كُلٌّ ) مِنْ الِاثْنَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ ( مَا يُعْطِيهِ ) لِلْوَاحِدِ ( وَإِنْ تَفَاوَتَ ، مِثْلُ أَنْ يَشْرِطَ ) فِي الْأُولَى ( لِوَاحِدٍ ) مُعَيَّنٍ ( النِّصْفَ وَلِوَاحِدٍ ) كَذَلِكَ ( الرُّبُعَ ، أَوْ يَشْرِطَ ) فِي الثَّانِيَةِ ( أَحَدُ الْمَالِكَيْنِ لِلْعَامِلِ النِّصْفَ وَ ) يَشْرِطَ لَهُ ( الْآخَرُ الرُّبُعَ إنْ عَرَفَ ) الْعَامِلُ ( قَدْرَ مَالَيْهِمَا ) أَيْ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَسَدَ الْقِرَاضُ ( وَيَقْسِمُ الْمَالِكَانِ مَا فَضَلَ مِنْ الرِّبْحِ عَلَى قَدْرِ نِسْبَةِ الْمَالَيْنِ ) فَإِذَا شَرَطَا لَهُ النِّصْفَ ، وَمَالُ أَحَدِهِمَا مِائَتَانِ وَمَالُ الْآخَرِ مِائَةٌ اقْتَسَمَا النِّصْفَ الْآخَرَ أَثْلَاثًا ( فَإِنْ شَرَطَا قِسْمَةَ الْبَاقِي ) بَيْنَهُمَا ( عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ ) إنْ قَدَّرَ نِسْبَةَ الْمَالَيْنِ ( فَسَدَ ) الْقِرَاضُ لِمَا فِيهِ مِنْ شَرْطِ الرِّبْحِ لِمَنْ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا عَامِلٍ .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْإِمَامُ : وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَ الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ إذَا أَثْبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ الِاسْتِقْلَالَ فَإِنْ شَرَطَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مُرَاجَعَةَ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يُسَاعِدُونَهُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ فَقَدْ نَقَلَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ هَذَا عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ : إنَّهُ الْمَشْهُورُ انْتَهَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَدَعْوَاهُ التَّصْرِيحَ بِالْجَوَازِ فِيهِ تَسَاهُلٌ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَالَا مَا ظَنَّهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عَدَمِ الْمُسَاعَدَةِ مَمْنُوعٌ بَلْ قَوَاعِدُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ تَقْتَضِيهِ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ .
( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يُسَاعِدُونَهُ عَلَيْهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَخْ ) وَحَذَفَ فِي الصَّغِيرِ كَلَامَ الْإِمَامِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ مَا ظَنَّهُ الرَّافِعِيُّ هُوَ الْمَنْقُولُ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ بِاشْتِرَاطِ مُرَاجَعَةِ الْمَالِكِ وَلَا الْمُشْرِفِ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ وَضْعَ الْقِرَاضِ فِي أَنَّ مِنْ الْمَالِكِ مَالًا فَقَطْ وَمِنْ الْعَامِلِ عَمَلًا فَقَطْ وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودًا فِي إقَامَةِ عَامِلَيْنِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِمَا الِاجْتِمَاعَ .
( فَصْلٌ : وَإِنْ تَصَرَّفَ ) الْعَامِلُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ ( وَالْقِرَاضُ فَاسِدٌ صَحَّ ) لِصِحَّتِهِ فِي الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ فَسَدَ الْبَيْعُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالْمِلْكِ وَلَا مِلْكَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ( بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ) لِلْعَامِلِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَمَعًا فِي الْمُسَمَّى فَإِذَا فَاتَ وَجَبَ رَدُّ عَمَلِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ فَتَلِفَ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ ( إلَّا إنْ شَرَطَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْمَالِكِ فَلَا يَسْتَحِقُّ ) الْعَامِلُ ( أُجْرَةً ) لِعَدَمِ طَمَعِهِ فِي شَيْءٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَمِمَّا يَأْتِي فِي الْمُسَاقَاةِ أَنَّهُ .
لَا يَسْتَحِقُّهَا أَيْضًا فِيمَا مَرَّ إذَا عَلِمَ الْفَسَادَ ( وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ) لَهُ ( قَارَضْتُكَ ) بَلْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا مَثَلًا ( وَقَالَ اشْتَرِ ) بِهَا ( كَذَا وَلَك نِصْفُ الرِّبْحِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ ) الْقِرَاضُ لِتَعَرُّضِهِ لِلشِّرَاءِ دُونَ الْبَيْعِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ التَّعَرُّضَ لِلشِّرَاءِ لَا يُغْنِي عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْبَيْعِ ( وَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ ) لِلْإِذْنِ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ( وَالرِّبْحُ فِيمَا اشْتَرَاهُ لِلْمَالِكِ ) لِأَنَّهُ فَائِدَةُ مَالِهِ ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ بَعْضَهُ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ ، فَقَوْلُهُ وَلَك نِصْفُ الرِّبْحِ مُسَاوٍ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِقَوْلِ أَصْلِهِ بِالنِّصْفِ ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ يَنْصَرِفُ إلَى الْعَامِلِ ؛ إذْ الْمَالِكُ يَسْتَحِقُّ بِالْمَالِ لَا بِالشَّرْطِ كَمَا مَرَّ
( قَوْلُهُ : بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْعَامِلِ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْمُسَمَّى فِي صَحِيحِهِ فَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي فَاسِدِهِ كَالْإِجَارَةِ .
( قَوْلُهُ : إلَّا إنْ شَرَطَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْمَالِكِ إلَخْ ) لَوْ قَالَ إلَّا إنْ شَرَطَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِغَيْرِ الْعَامِلِ لَكَانَ أَعَمَّ .
( قَوْلُهُ : وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ إلَخْ ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَإِطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْفَسَادَ أَمْ لَا وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِعِوَضٍ فَلَا يَحْبَطُ عَمَلُهُ ا هـ وَدَعْوَى الشَّارِحِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّعْلِيلِ مَمْنُوعَةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْمُسَاقَاةِ وَاضِحٌ إلَّا أَنْ يُؤَيِّدَ بِهَا مَسْأَلَةَ بَحْثِ الْغَزَالِيِّ كَإِمَامِهِ وَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْخَادِمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الصُّلْحِ عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي بَابِ الْقِرَاضِ إذَا فَسَدَ فِي صُورَةِ " قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لَك " وَتَصَرَّفَ الْعَامِلُ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ جَزْمًا ، وَإِنْ عَلِمَ فَسَادَ الْقِرَاضِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ عَمَلِهِ مَجَّانًا بَلْ بِعِوَضٍ وَقَوْلُهُ : قَالَ السُّبْكِيُّ : وَإِطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ عَدَمَ الْفَرْقِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ التَّعَرُّضَ إلَخْ ) ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُمَا ، أَوْ لَفْظٍ يَشْمَلُهُمَا كَالْمُضَارَبَةِ وَنَحْوِهَا
( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْقِرَاضِ .
وَهِيَ ثَلَاثَةٌ ) ( الْأَوَّلُ ) أَنْ يَتَقَيَّدَ ( التَّصَرُّفُ ) مِنْ الْعَامِلِ ( بِالْمَصْلَحَةِ كَالْوَكِيلِ فَلَا يُعَامِلُ بِنَسِيئَةٍ ) بَيْعًا وَلَا شِرَاءً ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَهْلِكُ رَأْسُ الْمَالِ فَتَبْقَى الْعُهْدَةُ مُتَعَلِّقَةً بِالْمَالِكِ وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَلَا يَشْتَرِي شَيْئًا بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَهُوَ لَا يَرْجُو حُصُولَ رِبْحٍ فِيهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَقْتَضِيهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَشْتَرِي بِغَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ ( وَعَلَيْهِ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِلثَّمَنِ ) أَيْ لِقَبْضِهِ كَالْوَكِيلِ ( وَيَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ ) بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً ( إنْ أَذِنَ لَهُ فِي النَّسِيئَةِ ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَنَحْوِهِ الِاكْتِفَاءُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَبِمَسْتُورٍ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ ضَمِنَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ مِنْ ثِقَةٍ مَلِيءٍ كَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ مَالِ الْمَحْجُورِ ( وَفِي الثَّمَنِ ) أَيْ وَفِي بَيْعِهِ بِالثَّمَنِ ( الْحَالِّ لَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ ) لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ فِي الْبَيْعِ بِالْحَالِّ وَلِأَنَّهُ يَحْبِسُ الْمَبِيعَ إلَى قَبْضِ الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ ( فَإِنْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ ) أَيْ الثَّمَنِ ( ضَمِنَ ) كَالْوَكِيلِ ( إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ ) فَلَا يَضْمَنَ لِلْإِذْنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِذْنِ بِالنَّسِيئَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ ، أَوْ يَبِيعَ سَلَمًا ؛ لِأَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ أَكْثَرُ غَرَرًا نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ سَلَمًا جَازَ ، أَوْ فِي الْبَيْعِ سَلَمًا لَمْ يَجُزْ .
قَالَ : وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وُجُودُ الْحَظِّ غَالِبًا فِي الشِّرَاءِ وَعَدَمُهُ فِي الْبَيْعِ وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ جَوَازُهُ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ أَيْضًا لِوُجُودِ الرِّضَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ قَالَ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْبَيْعَ بِالْمُؤَجَّلِ دُونَ الْحَالِّ فَسَدَ الْعَقْدُ ( وَيَخْتَصُّ ) الْعَامِلُ ( دُونَ الْوَكِيلِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ ) لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا
الِاسْتِرْبَاحُ وَالْبَيْعُ بِذَلِكَ طَرِيقٌ إلَيْهِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِالْمَنْعِ فِي الشَّرِيكِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْنَعُوا فِي الشَّرِيكِ ، وَإِنَّمَا قَالُوا لَا يَبِيعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ ، وَالْمُرَادُ بِنَقْدِ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ : إلَّا أَنْ يَرُوجَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فَلَا إشْكَالَ ، وَقِيَاسُ جَوَازِ الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ جَوَازُهُ بِنَقْدِ غَيْرِ الْبَلَدِ لَكِنْ جَزَمَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَسُلَيْمٌ وَالرُّويَانِيُّ بِالْمَنْعِ كَالْوَكِيلِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيُفَارِقُ الْعَرَضَ بِأَنَّهُ لَا يَرُوجُ ثَمَّ فَيَتَعَطَّلَ الرِّبْحُ بِخِلَافِ الْعَرَضِ قُلْت وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ رَاجَ جَازَ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ السَّابِقُ وَكَالْبَيْعِ بِمَا ذُكِرَ الشِّرَاءُ بِهِ صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ ( وَ ) يَجُوزُ ( شِرَاءُ الْمَعِيبِ وَلَوْ بِقِيمَتِهِ ) مَعِيبًا ( لِلْمَصْلَحَةِ ) أَيْ عِنْدَهَا ( وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رَدُّهُ ) بِالْعَيْبِ حِينَئِذٍ لِعِلْمِهِ بِالْعَيْبِ وَلِإِخْلَالِهِ بِالْمَقْصُودِ ( فَإِنْ جَهِلَهُ ) أَيْ الْعَامِلُ الْعَيْبَ ( وَفُقِدَتْ الْمَصْلَحَةُ ) أَيْ مَصْلَحَةُ الْإِمْسَاكِ وَلَوْ مَعَ فَقْدِ مَصْلَحَةِ الرَّدِّ أَيْضًا ( فَلِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( رَدُّهُ ) وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْآخَرُ ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ صَاحِبُ حَقٍّ فِي الْمَالِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ .
وَفُهِمَ بِالْأَوْلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرَّدَّ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِيهِ بَلْ الْقِيَاسُ وُجُوبُهُ عَلَى الْعَامِلِ كَعَكْسِهِ وَتَعْبِيرُهُ كَالْمِنْهَاجِ بِالْمَصْلَحَةِ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْغِبْطَةِ وَهِيَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقِيمَةِ زِيَادَةً لَهَا بَالٌ وَتَعْبِيرُهُ بِفَقْدِ الْمَصْلَحَةِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَهُ الرَّدُّ إنْ كَانَ فِيهِ غِبْطَةٌ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهَا ) أَيْ فِي الْمَصْلَحَةِ أَيْ فِي وُجُودِهَا ( رُفِعَ ) الْأَمْرُ ( إلَى الْحَاكِمِ ) لِيَعْمَلَ بِالْمَصْلَحَةِ ؛
لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقًّا وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي الرَّدِّ وَتَرْكِهِ عَمِلَ .
بِالْمَصْلَحَةِ ( وَحَيْثُ يَنْقَلِبُ ) الْعَقْدُ ( لِلْوَكِيلِ ) فِيمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ ( يَنْقَلِبُ لِلْعَامِلِ ) هُنَا ( وَلَا تَصِحُّ مُعَامَلَتُهُ ) أَيْ الْمَالِكِ ( لِعَامِلِهِ ) كَأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ مَالِهِ بِمَالِهِ ( كَعَبْدِهِ ) أَيْ كَمَا لَا تَصِحُّ مُعَامَلَةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ .
( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْقِرَاضِ ) ( قَوْلُهُ : الْأَوَّلُ التَّصَرُّفُ بِالْمَصْلَحَةِ ) وَهُوَ شِرَاءُ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الرِّبْحُ ، أَوْ بَيْعُ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الْخُسْرَانُ .
( قَوْلُهُ : فَلَا يُعَامِلُ بِنَسِيئَةٍ ) وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ مَلِيًّا وَفِيًّا وَأَخَذَ بِهِ رَهْنًا وَكَفِيلًا وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَلِيًّا وَفِيًّا وَأَخَذَ بِهِ رَهْنًا وَفِيًّا وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى أَنْ لَا تَبِيعَ إلَّا بِالنَّسِيئَةِ فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ وَجَزَمَ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ فَفِي صِحَّةِ بَيْعِهِ بِالنَّقْدِ وَجْهَانِ ( قَوْلُهُ : وَلَا يَشْتَرِي بِغَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَيْ وَالرُّويَانِيُّ .
( قَوْلُهُ : وَقَدْ يُقَالُ : الْأَوْجَهُ جَوَازُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْبَيْعَ بِالْمُؤَجَّلِ دُونَ الْحَالِّ فَسَدَ الْعَقْدُ ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الْجَوَازُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا .
( قَوْلُهُ : قُلْت وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ رَاجَ جَازَ ذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : بَلْ الْقِيَاسُ وُجُوبُهُ عَلَى الْعَامِلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَتَعْبِيرُهُ بِفَقْدِ الْمَصْلَحَةِ إلَخْ ) فَإِنْ اسْتَوَى الْحَالُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ رَجَعَ إلَى الْعَامِلِ إنْ جَوَّزْنَا لَهُ شِرَاءَ الْمَعِيبِ بِقِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ
( فَرْعٌ : لَا يَشْتَرِي ) الْعَامِلُ ( لِلْقِرَاضِ إلَّا بِقَدْرِ مَالِهِ ) رَأْسَ مَالٍ وَرِبْحًا وَجِنْسًا فَلَوْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَمْ يَقَعْ مَا زَادَ عَنْ جِهَةِ الْقِرَاضِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمَلَكَهُ رَبُّ الْمَالِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي تَمَلُّكِ الزَّائِدِ وَلَا فِي شَغْلِ ذِمَّتِهِ بِثَمَنِهِ ( فَإِنْ اشْتَرَى لَهُ ) أَيْ لِلْقِرَاضِ ( عَبْدًا بِقَدْرِهِ ) وَلَوْ فِي ذِمَّتِهِ ( ثُمَّ اشْتَرَى آخَرَ بِالْمَالِ بَطَلَ ) الشِّرَاءُ الثَّانِي ؛ لِأَنَّ الْمَالَ صَارَ مُسْتَحَقَّ الصَّرْفِ لِلْأَوَّلِ ( وَوَقَعَ الْأَوَّلُ لِلْمَالِكِ ) قِرَاضًا ( فَإِنْ ) كَانَ قَدْ ( عَقَدَ الثَّانِيَ فِي ذِمَّتِهِ وَقَعَ لِلْعَامِلِ ) حَيْثُ يَقَعُ شِرَاءُ الْوَكِيلِ الْمُخَالِفُ لَهُ نَعَمْ لَوْ وَقَعَ الثَّانِي بِالْعَيْنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَيْ لَهُ أَوَّلُهُمَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي بَيْعِ الْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَالرَّاجِحُ فِيهِ الصِّحَّةُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْبَائِعِ عَلَى نَفْسِهِ أَمَّا الْوَكِيلُ فَلَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ صَرَّحَ بِهِ فِيهِ ، وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ لِلْعَامِلِ ( فَإِنْ سَلَّمَ الْمَالَ فِيهِ ) أَيْ فِي ثَمَنِهِ ( ضَمِنَهُ ) أَيْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ لِتَعَدِّيهِ ( وَكَانَ الْعَبْدُ الْأَوَّلُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ ( فَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ ) الْمُسَلَّمُ ( وَ ) كَانَ ( الشِّرَاءُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ انْفَسَخَ ) الشِّرَاءُ لِتَلَفِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( أَوْ ) كَانَ ( فِي الذِّمَّةِ فَالثَّمَنُ عَلَى الْمَالِكِ ) لِوُقُوعِ الْعَقْدِ لَهُ ( وَلَهُ عَلَى الْعَامِلِ مِثْلُهُ ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ ضَامِنٌ لِلثَّمَنِ ( فَإِنْ سَلَّمَهُ ) أَيْ الثَّمَنَ ( الْعَامِلُ بِالْإِذْنِ ) مِنْ الْمَالِكِ ( لِيَرْجِعَ ) بِهِ ( حَصَلَ التَّقَاصُّ ، أَوْ ) سَلَّمَهُ ( بِلَا إذْنٍ بَرِئَ الْمَالِكُ ) مِنْهُ ( دُونَهُ ) أَيْ الْعَامِلِ فَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ لِلْمَالِكِ ( وَفَازَ الْمَالِكُ بِالْعَبْدِ ) فَيَكُونُ مَالَ قِرَاضٍ .
قَوْلُهُ : لَا يَشْتَرِي لِلْقِرَاضِ إلَّا بِقَدْرِ مَالِهِ ) وَلَا يَشْتَرِي مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا زَوْجَهُ وَلَا يَشْتَرِي بِثَمَنِ الْمِثْلِ مَا لَا يَرْجُو فِيهِ رِبْحًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعِ الْمُتَصَرَّفِ فِيهِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِبَيْعِ الْمَالِكِ مَالَ الْقِرَاضِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ اشْتَرَى لَهُ عَبْدًا بِقَدْرِهِ إلَخْ ) هُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ بِمَالُ الْقِرَاضِ وَلَا يَظْهَرُ جَوَازُهُ فِي التِّجَارَةِ لِلْيَتِيمِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَبَقَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ : وَإِنْ اشْتَرَى ) الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ ( مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَالِكِ ) لِكَوْنِهِ بَعْضَهُ ، أَوْ أَقَرَّ هُوَ بِحُرِّيَّتِهِ ، أَوْ كَانَ أَمَةً مُسْتَوْلَدَةً لَهُ وَبِيعَتْ لِكَوْنِهَا مَرْهُونَةً ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْهُ ( لَمْ يَصِحَّ ) إنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ لِتَضَرُّرِ الْمَالِكِ بِهِ بِتَفْوِيتِ الْمَالِ ( بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ مُطْلَقٍ ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنْ اشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَعْتِقُ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ أَيْضًا لِقَرِينَةِ قَصْدِ الرِّبْحِ هُنَا ( وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَةً ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بِلَا إذْنٍ مِنْهُ لَا يَصِحُّ لِتَضَرُّرِ الزَّوْجِ بِهِ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي شِرَاءِ رَقِيقٍ مُطْلَقٍ ( وَإِنْ كَانَ ) شِرَاؤُهُ فِي الذِّمَّةِ ( وَقَعَ ) الْعَقْدُ ( لِلْعَامِلِ ) وَإِنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ لِلْقِرَاضِ ؛ إذْ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْقِرَاضِ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ أَدَّاهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ضَمِنَهُ ( أَوْ ) اشْتَرَاهُ ( بِإِذْنٍ صَحَّ وَعَتَقَ ) عَلَى الْمَالِكِ ( إنْ لَمْ يَظْهَرْ ) فِي الْمَالِ ( رِبْحٌ ) وَارْتَفَعَ الْقِرَاضُ إنْ اشْتَرَاهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَإِلَّا فَبَاقِيهِ رَأْسُ مَالٍ ( وَكَذَا إذَا ظَهَرَ ) فِيهِ رِبْحٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَمْلِكُ الرِّبْحَ بِالظُّهُورِ ( وَيَغْرَمُ الْمَالِكُ ) فِيمَا إذَا ظَهَرَ رِبْحٌ ( نَصِيبَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ ) وَكَأَنَّهُ اسْتَرَدَّ طَائِفَةً مِنْ الْمَالِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَةً بِإِذْنِهِ صَحَّ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَا يَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ مُطْلَقًا ( وَالْحُكْمُ هَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَالِكُ عَبْدًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ) فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ ظَهَرَ رِبْحٌ وَيَغْرَمُ لِلْعَامِلِ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ .
( فَرْعٌ لَا يَصِحُّ شِرَاءُ ) الْعَبْدِ ( الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ عَبْدًا يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا بِإِذْنٍ ) مِنْهُ فَيَصِحُّ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْعَامِلِ ( فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ ) لَهُ ( دَيْنٌ فَفِي عِتْقِ الْعَبْدِ تَفْصِيلٌ ) بَيْنَ كَوْنِ سَيِّدِهِ مُوسِرًا وَكَوْنِهِ مُعْسِرًا ( مَرَّ بَيَانُهُ ) فِي بَابِ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( اشْتَرَى الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ أَبَاهُ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ " مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ " ( وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ وَالرِّبْحُ ظَاهِرٌ ) أَوْ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( صَحَّ ) الشِّرَاءُ ( وَلَمْ يَعْتِقْ ) عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ كَالْوَكِيلِ يَشْتَرِي مَنْ يَعْتِقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ ( وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ ) كَمَا فِي الْأَصْلِ ، وَفِي نُسْخَةٍ : وَلَيْسَ لِكُلٍّ مِنْ الْعَامِلِ وَالْمَالِكِ ، كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ ( أَنْ يَنْفَرِدَ ) عَنْ الْمَالِكِ ، أَوْ عَنْ الْآخَرِ ( بِالْكِتَابَةِ ) لِعَبْدِ الْقِرَاضِ ( فَلَوْ كَاتَبَا ) هـ ( مَعًا ) صَحَّ وَحِينَئِذٍ ( فَالنُّجُومُ قِرَاضٌ ) لِأَنَّهَا بَدَلُ مَالِهِ ( فَإِنْ عَتَقَ وَثَمَّ رِبْحٌ شَارَكَ ) الْعَامِلُ ( الْمَالِكَ فِي الْوَلَاءِ بِالْحِصَّةِ ) أَيْ بِحِصَّةِ مَالِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَمَا يَزِيدُ مِنْ النُّجُومِ عَلَى الْقِيمَةِ رِبْحٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ رِبْحٌ فَالْوَلَاءُ لِلْمَالِكِ .
( قَوْلُهُ : وَلَيْسَ لِكُلٍّ مِنْ الْعَامِلِ وَالْمَالِكِ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْقَمُولِيِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( الْحُكْمُ الثَّانِي أَنْ لَا يُقَارِضَ ) الْعَامِلُ ( غَيْرَهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ ) الْمَالِكُ فِيهِ لِيُشَارِكَهُ الْغَيْرُ فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ ( فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّ الْقِرَاضَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ ، وَمَوْضُوعُهُ أَنْ يَعْقِدَهُ الْمَالِكُ وَالْعَامِلُ فَلَا يُعَدَّلَ إلَى أَنْ يَعْقِدَهُ عَامِلَانِ ( إلَّا إنْ صَارَ وَكِيلًا ) لِلْمَالِكِ فِي الْقِرَاضِ مَعَ الثَّانِي ( وَانْسَلَخَ ) .
مِنْ الْقِرَاضِ ، وَالْمَالُ نَقْدٌ فَيَصِحُّ كَمَا لَوْ قَارَضَهُ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ أَنْ يُقَارِضَ إلَّا أَمِينًا خَبِيرًا ( فَإِنْ شَرَطَ ) الْعَامِلُ الْأَوَّلُ ( لِنَفْسِهِ شَيْئًا ) مِنْ الرِّبْحِ ( فَسَدَ ) الْقِرَاضُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ شَيْءٍ مِنْهُ لِغَيْرِ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ ( وَأُجْرَةُ الثَّانِي عَلَى الْمَالِكِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا ( وَإِنْ قَارَضَ ) غَيْرَهُ ( بِلَا إذْنٍ فَسَدَ ) الْقِرَاضُ ، وَإِنْ قَصَدَ انْسِلَاخَهُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ ( فَإِنْ اشْتَرَى الثَّانِي ) حِينَئِذٍ ( بِعَيْنِهِ ) أَيْ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ ( بَطَلَ ) الشِّرَاءُ لِصُدُورِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ ( أَوْ ) اشْتَرَى ( فِي الذِّمَّةِ صَحَّ ) الشِّرَاءُ ( وَوَقَعَ لِلْأَوَّلِ ) وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَهُ ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَصَرَّفَ عَنْهُ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ فَهُوَ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ ( كَالْغَاصِبِ ) إذَا اتَّجَرَ فِي الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ إنْ تَصَرَّفَ فِي عَيْنِهِ فَبَاطِلٌ ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ الْعَقْدُ لَهُ وَمَلَكَ جَمِيعَ الرِّبْحِ ( وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَةُ عَمَلِهِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا هَذَا كُلُّهُ إذَا تَصَرَّفَ الثَّانِي وَرَبِحَ ( وَ ) أَمَّا ( لَوْ تَلِفَ ) الْمَالُ ( فِي يَدِهِ فَالْقَرَارُ إنْ جَهِلَ ) الْحَالَ ( عَلَى الْأَوَّلِ ) كَالْمُسْتَوْدِعِ مِنْ الْغَاصِبِ ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ ، وَإِنْ عَلِمَ الْحَالَ فَغَاصِبٌ وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا وَصَرَفَ الْمَالَ فِي خَمْرٍ ، أَوْ خِنْزِيرٍ ، أَوْ أُمِّ وَلَدٍ ضَمِنَ ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ
لَا يَخْتَلِفُ فِي مِثْلِهِ بِذَلِكَ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ صَارَ وَكِيلًا وَانْسَلَخَ ) هَلْ يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ أَمْ لَا حَتَّى يُقَارِضَ ؟ ثَلَاثُ احْتِمَالَاتٍ فِي الثَّالِثِ إنْ ابْتَدَأَ الْمَالِكُ انْعَزَلَ ، أَوْ هُوَ فَلَا وَهُوَ الْأَشْبَهُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا فِيمَا إذَا أَمَرَهُ أَمْرًا جَازِمًا لَا كَمَا صَوَّرَهُ الدَّارِمِيُّ : إنْ رَأَيْتَ أَنْ تُقَارِضَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ قَوْلُهُ : وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ قَارَضَ بِلَا إذْنٍ فَسَدَ الْقِرَاضُ ) وَإِنْ قَصَدَ انْسِلَاخَهُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ وَشَبَّهَ الْإِمَامُ الِانْسِلَاخَ بِمَا لَوْ أَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يُنَزِّلَ مَنْزِلَتَهُ وَصِيًّا فِي حَيَاتِهِ يُقِيمُهُ مَقَامَهُ فِي كُلِّ مَا هُوَ مَنُوطٌ بِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ قَالَ وَمِثْلُهُ لَوْ أَرَادَ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ وَإِخْرَاجَ نَفْسِهِ وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي زَمَانِنَا وَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا نَقْلٌ وَلَمْ أَتَرَدَّدْ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ .
( قَوْلُهُ : وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَةُ عَمَلِهِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا سَوَاءٌ أَعَلِمَ الثَّانِي الْحَالَ وَحُكْمَهُ أَمْ جَهِلَ قَالَهُ سُلَيْمٌ وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِعِوَضٍ فَلَا يَحْبَطُ عَمَلُهُ .
( الْحُكْمُ الثَّالِثُ أَنْ لَا يُسَافِرَ بِهِ ) الْعَامِلُ ، وَإِنْ أَمِنَ الطَّرِيقَ وَظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ ؛ لِأَنَّ فِيهِ خَطَرًا وَتَعْرِيضًا لِلتَّلَفِ ( وَلَا يَرْكَبَ الْبَحْرَ ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ ، فَسَيَأْتِي قَرِيبًا ( فَإِنْ فَعَلَ بِلَا إذْنٍ ضَمِنَ ) الْمَالَ ( وَإِنْ عَادَ مِنْ السَّفَرِ ) لِتَعَدِّيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَارَضَهُ بِمَحَلٍّ لَا يَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ كَالْمَفَازَةِ وَاللُّجَّةِ جَازَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ إلَى مَقْصِدِهِ الْمَعْلُومِ لَهُمَا ثُمَّ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُحْدِثَ سَفَرًا أَيْ إلَى غَيْرِ مَحَلِّ إقَامَتِهِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ ( وَإِنْ تَصَرَّفَ ) فِيهِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ ( صَحَّ تَصَرُّفُهُ ) بِقِيمَةِ بَلَدِ الْقِرَاضِ وَبِأَكْثَرَ مِنْهَا ( لَا بِدُونِ ثَمَنِ ) أَيْ قِيمَةِ ( بَلَدِ الْقِرَاضِ بِقَدْرٍ لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ ) فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ بَاعَ بِهِ فِي بَلَدِ الْقِرَاضِ وَلَا يَنْفَسِخُ الْقِرَاضُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ أَمَّا إذَا تَصَرَّفَ بِدُونِ مَا ذُكِرَ بِقَدْرٍ يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ فَيَصِحُّ ( وَيَسْتَحِقُّ ) الْعَامِلُ ( الرِّبْحَ ) أَيْ نَصِيبَهُ مِنْهُ ، وَإِنْ تَعَدَّى بِالسَّفَرِ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ ( وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ ) الَّذِي بَاعَ بِهِ مَالَ الْقِرَاضِ فِي سَفَرِهِ فَإِنَّ سَبَبَ التَّعَدِّي السَّفَرُ وَمُزَايَلَةُ مَكَانِ الْمَالِ وَذَلِكَ شَامِلٌ لِلثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مَا تَعَدَّى فِيهِ بِغَيْرِ السَّفَرِ لَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ كَمَا فِي الْوَكِيلِ ( وَإِنْ عَادَ ) الثَّمَنُ ( مِنْ السَّفَرِ ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ ، وَهُوَ السَّفَرُ لَا يَزُولُ بِالْعَوْدِ ( وَإِنْ سَافَرَ ) بِالْمَالِ ( بِالْإِذْنِ فَوَجَدَهُ ) يُبَاعُ ( رَخِيصًا ) أَيْ بِأَنْقَصَ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ فِي بَلَدِ الْقِرَاضِ ( لَمْ يَبِعْ إلَّا إنْ تَوَقَّعَ رِبْحًا فِيمَا يُعْتَاضُ ، أَوْ كَانَتْ مُؤْنَةُ الرَّدِّ أَكْثَرَ ) مِنْ قَدْرِ النَّقْصِ فَلَهُ الْبَيْعُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَظِّ بِخِلَافِ مَا خَلَا عَنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ
مَحْضُ تَخْسِيرٍ ( وَلَا يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ إلَّا إنْ نَصَّ لَهُ عَلَيْهِ ) فَلَا يَكْفِي فِيهِ الْإِذْنُ فِي السَّفَرِ لِخَطَرِهِ نَعَمْ إنْ عَيَّنَ لَهُ بَلَدًا ، وَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَّا الْبَحْرُ كَسَاكِنِ الْجَزَائِرِ الَّتِي يُحِيطُ بِهَا الْبَحْرُ كَانَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ فِيهِ ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَيْهِ وَالْإِذْنُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَارَضَهُ إلَخْ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ .
( قَوْلُهُ : وَلَا يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ إلَخْ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ الْمُرَادُ بِالْبَحْرِ الْبَحْرُ الْمِلْحُ .
ا هـ .
قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُقَالُ بِطَرْدِ الْمَنْعِ فِي النِّيلِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَنْهَارِ الْعَظِيمَةِ ع وَمَا بَحَثَهُ ظَاهِرٌ قَالَ الْغَزِّيِّ وَالْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ كَالنِّيلِ يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنْ زَادَ خَطَرُ رُكُوبِهَا عَلَى خَطَرِ الْبَحْرِ لَمْ يَجُزْ رُكُوبُهَا إلَّا بِنَصٍّ ، وَإِلَّا جَازَ عِنْدَ الْإِذْنِ فِي السَّفَرِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ .
( قَوْلُهُ : نَعَمْ إنْ عَيَّنَ لَهُ بَلَدًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ وَيَتَوَلَّى ) الْعَامِلُ ( مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ نَشْرٍ وَطَيٍّ وَنَحْوِهِ ) مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ كَذَرْعِ وَوَزْنِ أَمْتِعَةٍ خَفِيفَةٍ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِهِ بِخِلَافِ وَزْنِ الْأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ وَحَمْلِهَا ( وَيَسْتَأْجِرُ ) جَوَازًا ( لِغَيْرِهِ ) مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ ( مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ) لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التِّجَارَةِ وَمَصَالِحِهَا ( فَإِنْ تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ لِمَا يَلْزَمُهُ ) تَوَلِّيهِ ( فَلَا شَيْءَ لَهُ ) لِتَبَرُّعِهِ بِذَلِكَ .
( قَوْلُهُ : مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ ) أَيْ فِي نَاحِيَتِهِ .
( قَوْلُهُ : كَذَرْعِ وَوَزْنِ أَمْتِعَةٍ خَفِيفَةٍ ) أَيْ وَحَمْلِهَا مِنْ الْمَخْزَنِ إلَى السُّوقِ وَعَكْسِهِ .
( فَرْعٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ التَّصَدُّقُ ) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَلَوْ بِكِسْرَةٍ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ ( وَلَا النَّفَقَةُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ، وَإِنْ سَافَرَ ) وَزَادَتْ النَّفَقَةُ بِسَبَبِ السَّفَرِ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ لِأَنَّ لَهُ نَصِيبًا مِنْ الرِّبْحِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا آخَرَ وَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْبَحُ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ بَلْ لَوْ شَرَطَهَا أَيْ النَّفَقَةَ فِي ابْتِدَاءِ الْقِرَاضِ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ( فَسَدَ الْقِرَاضُ ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُخَالِفُ مُقْتَضَاهُ ( وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ مِنْهُ ) لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ التِّجَارَةِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْبَحُ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ ) فَيَنْفَرِدُ بِهِ وَقَدْ تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبْحِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ( قَوْلُهُ : وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ مِنْهُ ) وَمِنْ مَالِ الْقِرَاضِ مَا يَأْخُذُهُ الرَّصَدَا وَمَا يَأْخُذُهُ أَرْبَابُ الضِّرَابِ وَهُمْ الْمَكَسَةُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ
( فَصْلٌ : وَيَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ ) مِنْ الرِّبْحِ ( بِالْقِسْمَةِ ) لِلْمَالِ ( وَ ) لَكِنْ إنَّمَا ( يَسْتَقِرُّ ) الْمِلْكُ إذَا كَانَ الْمَالُ نَاضًّا ( بِالْفَسْخِ مَعَهَا ) لِبَقَاءِ الْعَقْدِ قَبْلَ الْفَسْخِ مَعَ عَدَمِ تَنْضِيضِ الْمَالِ حَتَّى لَوْ حَصَلَ بَعْدَهَا نَقْصٌ .
جُبِرَ بِالرِّبْحِ الْمَقْسُومِ ( وَكَذَا ) يَمْلِكُهَا وَيَسْتَقِرُّ الْمِلْكُ ( لَوْ نَضَّ ) الْمَالُ ( وَفُسِخَ ) الْعَقْدُ ( بِلَا قِسْمَةٍ ) لِلْمَالِ لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ وَالْوُثُوقِ بِحُصُولِ رَأْسِ الْمَالِ ( وَ ) يَمْلِكُهَا وَيَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ أَيْضًا ( بِنَضُوضِ رَأْسِ الْمَالِ ) فَقَطْ ( وَاقْتِسَامِ الْبَاقِي وَالْفَسْخِ ) لِذَلِكَ وَكَالْفَسْخِ أَخْذُ الْمَالِكِ رَأْسَ الْمَالِ وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ فَأَبْدَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْفَسْخِ ( لَا بِظُهُورِ الرِّبْحِ ) أَيْ لَا يَمْلِكُ بِهِ ، وَإِلَّا لَصَارَ شَرِيكًا فِي الْمَالِ فَيَشِيعُ النَّقْصُ الْحَادِثُ بَعْدُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ أَصْلًا وَرِبْحًا فَلَمَّا انْحَصَرَ فِي الرِّبْحِ دَلَّ عَلَى عَدَمِ الْمِلْكِ وَلِأَنَّ الْقِرَاضَ عَقْدٌ جَائِزٌ وَلَا ضَبْطَ لِلْعَمَلِ فِيهِ فَلَا يَمْلِكُ الْعِوَضَ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَالْجَعَالَةِ ( لَكِنْ يَثْبُتُ لَهُ بِالظُّهُورِ ) لِلرِّبْحِ فِي الْمَالِ ( حَقٌّ ) مُؤَكَّدٌ ( يُورَثُ عَنْهُ ) لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ ( وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ ) وَعَلَى مُؤْنَةِ تَجْهِيزِ الْمَالِكِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْعَيْنِ وَيَصِحُّ إعْرَاضُهُ عَنْهُ ( وَلَهُ تَرْكُ الْعَمَلِ ) بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ كَمَا لَهُ تَرْكُهُ قَبْلَهُ ( وَيَسْعَى فِي التَّنْضِيضِ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَسْتَحِقُّ التَّنْضِيضَ ( لِيَأْخُذَهُ ) أَيْ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ ( وَيَغْرَمَ ) لَهُ ( الْمَالِكُ بِإِتْلَافِهِ ) مَالَ الْقِرَاضِ بِإِعْتَاقٍ أَوْ إيلَادٍ ، أَوْ غَيْرِهِمَا ( حِصَّتَهُ ) مِنْ الرِّبْحِ ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالْإِتْلَافِ وَلَوْ قَبْلَ قِسْمَتِهِ لِتَأَكُّدِ حَقِّهِ فِي الرِّبْحِ كَمَا مَرَّ وَكَانَ الْإِتْلَافُ كَالِاسْتِرْدَادِ ( وَلَا يَسْتَقِرُّ ) مِلْكُهُ عَلَى حِصَّتِهِ ( بِقِسْمَتِهِ ) أَيْ الْمَالِ ( عَرَضًا )
وَلَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ ؛ إذْ لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ ( وَلَا بِقِسْمَةِ الرِّبْحِ قَبْلَ الْفَسْخِ ) لِبَقَاءِ الْعَقْدِ ( فَيَرُدُّ ) مِمَّا أَخَذَهُ ( جَبْرَ خُسْرَانٍ حَدَثَ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَيَجْبُرُ بِمَا أَخَذَهُ نُقْصَانًا حَدَثَ .
( فَرْعٌ : يَحْرُمُ ) عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ ( وَطْءُ جَارِيَةِ الْقِرَاضِ ) سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ أَمْ لَا ؛ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ انْتِفَاءُ ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ إلَّا بِالتَّنْضِيضِ وَاسْتُشْكِلَتْ الْعِلَّةُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعَامِلَ لَوْ وَطِئَ وَلَا رِبْحَ حُدَّ إنْ كَانَ عَالِمًا فَإِنَّهَا تَقْتَضِي عَدَمَ الْحَدِّ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِعَدَمِ الْحَدِّ عِنْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ إنَّمَا هُوَ شُبْهَةُ الْمِلْكِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ لِانْتِفَاءِ ظُهُورِ الرِّبْحِ ( وَ ) يَحْرُمُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ( تَزْوِيجُهَا ) لِأَنَّهُ يَنْقُصُهَا فَيَضُرُّ الْآخَرَ وَلِأَنَّ الْعَامِلَ غَيْرُ مَالِكٍ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَالتَّزْوِيجِ عَلَى الْعَامِلِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَيْسَ وَطْءُ الْمَالِكِ فَسْخًا ) لِلْقِرَاضِ ( وَلَا مُوجِبًا مَهْرًا ) وَلَا حَدًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَتَرْجِيحُ عَدَمِ إيجَابِ الْمَهْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَاسْتِيلَادُهُ ) جَارِيَةَ الْقِرَاضِ ( كَإِعْتَاقِهِ ) لَهَا فَيَنْفُذُ وَيَغْرَمُ لِلْعَامِلِ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ ( فَإِنْ وَطِئَهَا الْعَامِلُ عَالِمًا ) بِالتَّحْرِيمِ ( وَلَا رِبْحَ حُدَّ ) لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ ( وَإِلَّا فَلَا حَدَّ ) لِلشُّبْهَةِ ( وَيَثْبُتُ ) عَلَيْهِ ( الْمَهْرُ وَيُجْعَلُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَقَعُ خُسْرَانٌ فَيُحْتَاجُ إلَى الْجَبْرِ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الْإِمَامِ لَا عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّ مَهْرَ الْإِمَاءِ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ كَمَا سَيَأْتِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ ( لَا الِاسْتِيلَادُ ) فَلَا يَثْبُتُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ .
قَوْلُهُ : يَحْرُمُ وَطْءُ جَارِيَةِ الْقِرَاضِ ) لَوْ كَانَ فِي مَالِ التِّجَارَةِ جَارِيَةٌ جَازَ لِلْمَالِكِ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْحَوْلِ وَبَعْدَهُ ، وَإِنْ قُلْنَا تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِرَاضِ وَالتِّجَارَةِ أَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْعَامِلِ بِنَفْسِ الْعَيْنِ وَإِنْ قَدَرَ الْمَالِكُ عَلَى إسْقَاطِهِ بِتَعْوِيضِهِ عَنْهُ بِخِلَافِ التِّجَارَةِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْقِيمَةِ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالرَّقَبَةِ ، وَإِنْ قُلْنَا تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ ( قَوْلُهُ : نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَهْرَ الْوَاجِبَ بِوَطْءِ الْعَامِلِ فَائِدَةٌ عَيْنِيَّةٌ حَصَلَتْ بِفِعْلِ الْعَامِلِ فَأَشْبَهَتْ رِبْحَ التِّجَارَةِ .
( قَوْلُهُ : لَا الِاسْتِيلَادُ ) قَالَ شَيْخُنَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ كَانَ حُرًّا نَسِيبًا لِلشُّبْهَةِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلْمَالِكِ وَالْقِيَاسُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ كَلَامِهِمَا فِي الْمَهْرُ أَنَّهَا تَكُونُ مَالَ قِرَاضٍ .
( فَصْلٌ ) فِيمَا يَقَعُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ مِنْ زِيَادَةٍ ، أَوْ نَقْصٍ ( ثَمَرَةُ مَالِ الْقِرَاضِ وَنِتَاجُهُ وَمَهْرُ إمَائِهِ وَبَدَلُ مَنَافِعِهِ وَنَحْوُهُ ) مِنْ سَائِرِ الزَّوَائِدِ الْعَيْنِيَّةِ الْحَاصِلَةِ بِغَيْرِ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ كَكَسْبِ الرَّقِيقِ وَوَلَدِ الْجَارِيَةِ الرَّقِيقِ ( يَخْتَصُّ بِهِ ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا ( الْمَالِكُ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَوَائِدِ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَيْنِيَّةِ كَسِمَنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ فَهُوَ مَالُ قِرَاضٍ وَكَذَا الْعَيْنِيَّةُ الْحَاصِلَةُ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ بِأَنْ اشْتَرَاهَا مَعَ أَصْلِهَا ، وَإِطْلَاقُهُ الْمَهْرَ أَحْسَنُ مِنْ تَقْيِيدِ أَصْلِهِ لَهُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ لِقَوْلِ الْأَذْرَعِيُّ : التَّقْيِيدُ بِهِ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ يَجْرِي فِي الْوَطْءِ بِالزِّنَا مُكْرَهَةً ، أَوْ مُطَاوِعَةً وَهِيَ مِمَّنْ لَا تُعْتَبَرُ مُطَاوَعَتُهَا أَوْ بِالنِّكَاحِ ( وَنَقْصُو الْمَالِ ) الْحَاصِلُ ( بِخُسْرَانٍ وَعَيْبٍ ) حَادِثٌ فِيهِ ( وَكَذَا تَلَفُ بَعْضِهِ بَعْدَ التَّصَرُّفِ ) فِيهِ ( وَلَوْ ) كَانَ تَلَفُهُ ( بِعُدْوَانٍ ) مِنْ أَجْنَبِيٍّ ( تَعَذَّرَ بَدَلُهُ ) أَيْ أَخْذُ بَدَلِهِ مِنْ الْمُتْلِفِ ( يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ ) لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ وَلِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي رَأْسِ الْمَالِ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ حَتَّى يَرُدَّ إلَى الْمَالِكِ مِثْلَ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ أَخْذُ بَدَلِهِ اسْتَمَرَّ الْقِرَاضُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي ( فَلَوْ تَلِفَ ) أَيْ بَعْضُهُ ( قَبْلَ التَّصَرُّفِ ) فِي الْمَالِ ( بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَمْ يُجْبَرْ ) التَّالِفُ بِالرِّبْحِ بَلْ يَصِيرُ الْبَاقِي رَأْسَ مَالٍ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَأَكَّدْ بِالْعَمَلِ ( فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَيْنِ فَتَلِفَ ) مِنْهُمَا ( أَلْفٌ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ صَارَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا ، وَإِنْ تَلِفَ الْكُلُّ ، أَوْ الْبَعْضُ وَلَوْ بِفِعْلِ الْعَامِلِ ) قَبْلَ التَّصَرُّفِ ، أَوْ بَعْدَهُ ( انْفَسَخَ ) الْقِرَاضُ ( فِيهِ ) لِأَنَّ التَّلَفَ إنْ كَانَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِإِتْلَافِ الْمَالِكِ فَظَاهِرٌ ؛ إذْ لَا بَدَلَ أَوْ
بِإِتْلَافِ الْعَامِلِ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَالِكِ إلَّا بِقَبْضِهِ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ الْقِرَاضِ وَمَا ذَكَرَ فِي الْعَامِلِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ .
عَنْ الْإِمَامِ لَكِنَّهُ بَحَثَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ يُونُسَ لَكِنَّ الْقَاضِيَ قَالَ بِمَا قَالَ بِهِ الْإِمَامُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ فَجَعَلَ إتْلَافَهُ فَسْخًا كَالْمَالِكِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَنَقَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَسْخَ الْبَيْعِ وَمَعَ ذَلِكَ لَيْسَ إتْلَافُهُ فَسْخًا وَيُجَابُ بِأَنَّ وَضْعَ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ فَلَمْ يَكُنْ إتْلَافُ الْمَبِيعِ فَسْخًا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ ، وَذِكْرُ الِانْفِسَاخِ بِتَلَفِ الْبَعْضِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ تَكْرَارٌ فِيمَا إذَا تَلِفَ بِآفَةٍ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ ، وَغَيْرُ ظَاهِرٍ فِيمَا إذَا تَلِفَ بِهَا بَعْدَهُ ( لَا ) بِفِعْلِ ( الْأَجْنَبِيِّ ) فَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ ( بَلْ يَسْتَمِرُّ ) الْقِرَاضُ ( فِي الْبَدَلِ ) إذَا أُخِذَ مِنْهُ ( وَالْخَصْمُ ) فِي الْبَدَلِ ( هُوَ الْمَالِكُ إنْ لَمْ يَكُنْ ) فِي الْمَالِ ( رِبْحٌ وَهُمَا ) أَيْ الْمَالِكُ وَالْعَامِلُ ( إنْ كَانَ ) فِيهِ رِبْحٌ .
( قَوْلُهُ : يَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ ) وَقَالُوا فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ إنَّ الثَّمَرَةَ وَالنِّتَاجَ مَالُ تِجَارَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ ؛ لِأَنَّهُمَا جُزْءٌ مِنْهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْمُمْكِنُ فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الزَّكَاةِ كَوْنُهُمَا مِنْ عَيْنِ النِّصَابِ وَهُوَ حَاصِلٌ ، وَالْمُعْتَبَرَ فِي الْقِرَاضِ كَوْنُهُ بِحِذْقِ الْعَامِلِ .
( قَوْلُهُ : وَإِطْلَاقُهُ الْمَهْرَ أَحْسَنُ مِنْ تَقْيِيدِ أَصْلِهِ لَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : فَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ) الْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ وَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ .
( قَوْلُهُ : وَمَا ذَكَرَ فِي الْعَامِلِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ ) عَنْ الْإِمَامِ قَالَ شَيْخُنَا : نَقَلَ عَنْ الْوَالِدِ اعْتِمَادَهُ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لَكِنَّهُ بَحَثَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ .
( قَوْلُهُ : وَفَرَّقَ بِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ إلَخْ ) وَبِأَنَّ الْبَدَلَ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَحَقَّ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ السَّابِقِ .
( فَرْعٌ : وَإِنْ قُتِلَ عَبْدُ الْقِرَاضِ وَقَدْ ظَهَرَ ) فِي الْمَالِ ( رِبْحٌ فَالْقِصَاصُ ) مُشْتَرَكٌ ( بَيْنَهُمَا ) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِهِ ( فَإِنْ عَفَا الْعَامِلُ ) عَنْ الْقِصَاصِ ( سَقَطَ الْقِصَاصُ ) وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ كَمَا لَوْ عَفَا الْمَالِكُ ( وَفِيهِ ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الْحُكْمَيْنِ ( إشْكَالٌ ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ الرِّبْحَ بِالظُّهُورِ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ بِهِ ثَبَتَ لَهُ بِهِ فِي الْمَالِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ كَمَا مَرَّ وَالْقِصَاصُ مَبْنِيٌّ عَلَى الدَّرْءِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَيَسْتَمِرُّ الْقِرَاضُ فِي بَدَلِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَلِلْمَالِكِ الْقِصَاصُ وَالْعَفْوُ مَجَّانًا ) .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَقْلٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي بِذَلِكَ فَقَالَ : وَإِنْ كَانَ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ فَهَلْ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْ قَاتِلِهِ بِعَفْوِ الْعَامِلِ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ مِنْ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ هَلْ هُوَ شَرِيكٌ أَوْ وَكِيلٌ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِصَاصُ إذَا قِيلَ إنَّهُ شَرِيكٌ فِي فَضْلِ ثَمَنِهِ كَمَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ بِعَفْوِ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ وَالثَّانِي أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَسْقُطُ إذَا قِيلَ إنَّهُ وَكِيلٌ لَكِنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ رَبِّ الْمَالِ بِحِصَّتِهِ مِنْ فَاضِلِ ثَمَنِهِ ، وَرَبُّ الْمَالِ عَلَى حَقِّهِ فِي الِاقْتِصَاصِ مِنْ قَاتِلِهِ .
( فَرْعٌ وَإِنْ تَلِفَ مَالُ قِرَاضٍ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ ثَوْبًا ) مَثَلًا وَوَقَعَ تَلَفُهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ ( انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَالْقِرَاضُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ وَتَلِفَ ) مَالُ الْقِرَاضِ ( قَبْلَ الشِّرَاءِ انْقَلَبَ ) الشِّرَاءُ ( لِلْعَامِلِ ) فَيَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَعَ لِلْمَالِكِ فَلَوْ كَانَ الْمَالُ أَلْفًا وَتَلِفَ لَزِمَهُ أَلْفٌ آخَرُ وَقِيلَ الشِّرَاءُ لِلْعَامِلِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ وَيَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ لِأَنَّ إذْنَهُ يَنْصَرِفُ إلَى التَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ الْأَلْفِ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ الثَّانِيَ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَعَلَى الْأَوَّلِ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفٌ أَوْ أَلْفَانِ ، وَجْهَانِ فَإِنْ قُلْنَا أَلْفٌ فَهَلْ هُوَ الْأَلْفُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي ؟ وَجْهَانِ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَلْفَيْنِ فِي صِفَةِ الصِّحَّةِ وَغَيْرِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّهُ أَلْفَانِ فَقَدْ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ : إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَرَجَّحَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَمِنْ الْأَخِيرَيْنِ الثَّانِي فَقَدْ جَزَمَ بِهِ سُلَيْمٌ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَابْنُ الصَّبَّاغِ .
( قَوْلُهُ : وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ ) فَإِنَّهُ عَلَّلَ مَنْعَ الشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَهْلِكُ رَأْسُ الْمَالِ فَتَبْقَى الْعُهْدَةُ مُتَعَلِّقَةً بِهِ أَيْ بِرَبِّ الْمَالِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ أَلْفَانِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ ) أَيْ وَالرُّويَانِيُّ
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي فَسْخِ الْقِرَاضِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ وَفِيهِ طَرَفَانِ ) ( الْأَوَّلُ فِي فَسْخِهِ وَيَنْفَسِخُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا وَمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ ، وَإِغْمَائِهِ وَقَوْلِ الْمَالِكِ ) لِلْعَامِلِ ( لَا تَتَصَرَّفْ وَاسْتِرْجَاعِهِ الْمَالَ ، وَإِعْتَاقِهِ ) وَاسْتِيلَادِهِ لَهُ كَالْوَكَالَةِ بِخِلَافِ اسْتِرْدَادِ الْمُوَكِّلِ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ ( لَا بَيْعِهِ ) مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ ( وَ ) لَا ( حَبْسِهِ الْعَامِلَ ) وَمَنْعِهِ التَّصَرُّفَ لِعَدَمِ دَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى الْفَسْخِ بَلْ بَيْعُهُ إعَانَةً لِلْعَامِلِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُوَكِّلِ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ .
( وَإِنْكَارُهُ الْقِرَاضَ كَإِنْكَارِهِ الْوَكَالَةَ ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ لَوْ قَالَ لَا قِرَاضَ بَيْنَنَا فَوَجْهَانِ أَشْبَهُهُمَا لَا يَنْعَزِلُ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ قَدْ حَذَفَ النَّوَوِيُّ هَذَا التَّرْجِيحَ ثُمَّ قَالَ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ الِانْعِزَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَإِنْكَارِ الْوَكَالَةِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهِ لِغَرَضٍ ، أَوْ لَا انْتَهَى ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْفِقْهَ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ ؛ لِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ فِي الْوَكَالَةِ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهَا الْمَالِكُ فَيُنْكِرُهَا وَصُورَتَهُ فِي الْقِرَاضِ أَنْ يُنْكِرَهُ ابْتِدَاءً حَتَّى لَوْ عَكَسَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ .
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي فَسْخِ الْقِرَاضِ ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : حَقِيقَةُ الِانْفِسَاخِ انْقِلَابُ كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ إلَى دَافِعِهِ وَالْفَسْخُ قَلْبُ كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ إلَى دَافِعِهِ فَهَذَا فِعْلُ الْفَاسِخِ وَالْأَوَّلُ صِفَةُ الْعِوَضَيْنِ .
( قَوْلُهُ : وَيَنْفَسِخُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا ) لِأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَكَالَةٌ ، وَفِي الِانْتِهَاءِ شَرِكَةٌ ، أَوْ جَعَالَةٌ وَكُلٌّ مِنْهَا غَيْرُ لَازِمٍ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ فَسَخَ وَلِيُّهُ الْعَقْدَ تَعَطَّلَ الْمَالُ ، أَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظَالِمٌ امْتَنَعَ الْفَسْخُ وَقَوْلُهُ : وَفِي الِانْتِهَاءِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا إنْ حُمِلَ قَوْلُهُ : وَفِي الِانْتِهَاءِ عَلَى انْتِهَاءِ الْعَقْدِ بِنَحْوِ فَسْخٍ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ وَالْأَرْجَحُ خِلَافُهُ .
( قَوْلُهُ : كَالْوَكَالَةِ ) مُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ بِالْوَكَالَةِ عَدَمُ انْعِزَالِهِ بِالْخِيَانَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا أَنَّ عَامِلَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إذَا خَانَ أَوْ فُسِّقَ انْعَزَلَ بِخِلَافِ عَامِلِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْكَارُ الْقِرَاضِ كَإِنْكَارِ الْوَكَالَةِ ) لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْقِرَاضِ أَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي التَّصَرُّفِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا فَاسِدٌ فَإِنَّ ذَاكَ فِي إنْكَارِ الْوَكَالَةِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَلِهَذَا جَاءَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِغَرَضٍ أَمْ لَا وَهَاهُنَا الْإِنْكَارُ مَعَ الْعَاقِدِ الْآخَرِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ وَقَدْ جَزَمَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِإِنْكَارِ الْعَامِلِ فَقَالَ : وَإِنْ أَنْكَرَ الْعَامِلُ الْقِرَاضَ ضَمِنَهُ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى عَقْدِ الْقِرَاضِ حَكَاهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ
( فَصْلٌ وَالْعَامِلُ بَعْدَ الْفَسْخِ يَبِيعُ ) مَالَ الْقِرَاضِ جَوَازًا إذَا تَوَقَّعَ رِبْحًا بِأَنْ ظَفِرَ بِسُوقٍ ، أَوْ رَاغِبٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي ( وَلَا يَشْتَرِي ) لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مَعَ كَوْنِهِ لَا حَظَّ لَهُ فِيهِ ( فَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ صِحَاحًا وَمَعَهُ مُكَسَّرَةٌ فَبَاعَهَا بِعَرَضٍ لِيَأْخُذَ بِهِ صِحَاحًا جَازَ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُبْدِلُهَا ) لَهُ ( بِوَزْنِهَا صِحَاحًا ) وَإِلَّا أَبْدَلَهَا وَلَوْ أَبْدَلَ قَوْلَهُ " بِعَرَضٍ " بِقَوْلِهِ " بِغَيْرِ جِنْسِهَا " كَانَ أَعَمَّ وَوَفَّى بِأَصْلِهِ ( وَعَلَيْهِ تَقَاضِي الدَّيْنِ ) أَيْ اسْتِيفَاؤُهُ إنْ طَلَبَهُ الْمَالِكُ وَكَانَ مَالُ الْقِرَاضِ دَيْنًا ( وَ ) عَلَيْهِ ( تَنْضِيضُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ ) إنْ طَلَبَهُ الْمَالِكُ أَمَّا الزَّائِدُ فَمُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ تَنْضِيضُهُ كَعَرَضٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ لَا يُكَلَّفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَيْعَهُ نَعَمْ لَوْ نَقَصَ الْبَاقِي بِالتَّبْعِيضِ كَعَبْدٍ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وُجُوبُ تَنْضِيضِ الْكُلِّ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ وُجُوبُ تَقَاضِي جَمِيعِ الدَّيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَيُفَارِقُ مَسْأَلَتَنَا بِأَنَّ الْمَالَ فِيهَا حَاصِلٌ بِيَدِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ ، وَتَنْضِيضُهُ يَكُونُ بِبَيْعِهِ ( بِنَقْدِ الْبَلَدِ ) إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ ( فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بَاعَ بِالْأَغْبَطِ مِنْهُ وَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ بَاعَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ حَصَلَ بِهِ رَأْسُ الْمَالِ وَيَجِبُ ) عَلَيْهِ ( ذَلِكَ ) أَيْ كُلٌّ مِنْ التَّقَاضِي وَالتَّنْضِيضِ ( وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ ، أَوْ كَانَ وَتَرَكَهُ ) لِلْمَالِكِ لِيَرُدَّ كَمَا أَخَذَ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْمَالِكَ مَشَقَّةٌ وَمُؤْنَةٌ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلْمَالِكِ : تَرَكْت حَقِّي لَك فَلَا تُكَلِّفْنِي الْبَيْعَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَكَمَا يَجِبُ رَدُّ رَأْسِ الْمَالِ إلَى جِنْسِهِ يَجِبُ رَدُّهُ إلَى نَوْعِهِ وَوَصْفِهِ ( وَلَا يُمْهَلُ ) بِالتَّنْضِيضِ ( إلَى ) زَمَنِ ( الْغَلَاءِ ) أَيْ مَوْسِمِ
رَوَاجِ الْمَتَاعِ لِأَنَّ حَقَّ الْمَالِكِ مُعَجَّلٌ ( وَلَوْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِأَخْذِ الْعُرُوضِ مِنْهُ بِالْقِيمَةِ ) بِأَنْ قَالَ لَهُ : لَا تَبِعْ ، وَنَقْسِمُ الْعُرُوضَ بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ ، أَوْ أُعْطِيك قَدْرَ نَصِيبِك نَاضًّا ( وَلَمْ يَزِدْ رَاغِبٌ ) فِيهَا ( أُجِيبَ ) لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَمَلَّكَ غِرَاسَ الْمُسْتَعِيرِ بِقِيمَتِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَالْمَالِكُ هُنَا أَوْلَى وَالتَّصْرِيحُ ، بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَلَوْ حَدَثَ غَلَاءٌ بَعْدَ ذَلِكَ ) أَيْ بَعْدَ الرِّضَا بِأَخْذِ الْمَالِكِ الْعُرُوضَ ( لَمْ يُؤَثِّرْ ) فَلَيْسَ لِلْعَامِلِ فِيهَا نَصِيبٌ لِظُهُورِهِ بَعْدَ الْفَسْخِ .
قَوْلُهُ : وَالْعَامِلُ بَعْدَ الْفَسْخِ ) لَوْ قَالَ بَعْدَ رَفْعِ الْعَقْدِ لَكَانَ أَشْمَلَ ( قَوْلُهُ : وَعَلَيْهِ تَقَاضِي الدَّيْنِ إلَخْ ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَالِكَ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ .
( قَوْلُهُ : وَعَلَيْهِ تَنْضِيضُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ ) أَيْ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مِلْكٌ نَاقِصٌ ، وَقَدْ أَخَذَهُ مِنْهُ كَامِلًا فَلْيَرُدَّهُ كَمَا أَخَذَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالُ وَيَعْلَمَ بِهِ الْمَالِكُ .
( قَوْلُهُ : فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وُجُوبُ تَنْضِيضِ الْكُلِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لِمَا فِي التَّشْقِيصِ مِنْ التَّنْقِيصِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَاحِبِ الْإِفْصَاحِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لَا أَثِقُ بِهِ قَالَ الدَّارِمِيُّ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَالثَّانِي يُجْعَلُ مَعَ يَدِهِ يَدٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَرْجَحَ ؛ لِأَنَّ الِائْتِمَانَ انْقَطَعَ بِالْفَسْخِ وَقَوْلُهُ : " وَالثَّانِي يُجْعَلُ إلَخْ " أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ ) أَيْ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ .
( تَنْبِيهٌ ) فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ لَا تَتَوَجَّهُ الدَّعْوَى عَلَى وَرَثَةِ عَامِلِ الْقِرَاضِ وَوَرَثَةِ الْمُودَعِ مَا لَمْ يَدَّعِ رَبُّ الْمَالِ أَنَّ مَالَهُ دَخَلَ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ فِي جُمْلَةِ التَّرِكَةِ ، وَيَدَّعِي أَنَّ الْمُوَرِّثَ قَدْ فَرَّطَ فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْأَمْرَيْنِ فَيَجِبُ تَصْدِيقُهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ .
( فَرْعٌ : وَإِنْ مَاتَ الْمَالِكُ ، أَوْ جُنَّ ) وَالْمَالُ عَرَضٌ ( فَلِلْعَامِلِ التَّنْضِيضُ ) وَالتَّقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ ) فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ ( أَوْ الْوَلِيِّ ) فِي مَسْأَلَةِ الْجُنُونِ الْمُصَرَّحِ بِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الْعَقْدِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ ، وَكَالْجُنُونِ الْإِغْمَاءُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى ( بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ الْعَامِلُ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَرَثَتُهُ الْبَيْعَ دُونَ إذْنِ الْمَالِكِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِهِمْ ( فَإِنْ امْتَنَعَ ) الْمَالِكُ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ ( تَوَلَّاهُ أَمِينٌ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَلَا يُقَرِّرُ وَرَثَةُ الْمَالِكِ الْعَامِلَ عَلَى الْعَرَضِ كَمَا لَا يُقَرِّرُ الْمَالِكُ وَرَثَةَ الْعَامِلِ عَلَيْهِ ) لِأَنَّ ذَلِكَ ابْتِدَاءُ قِرَاضٍ وَهُوَ لَا يَجُوزُ عَلَى الْعَرَضِ ( فَإِنْ نَضَّ ) الْمَالُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ ( جَازَ تَقْرِيرُ الْجَمِيعِ فَيَكْفِي أَنْ تَقُولَ الْوَرَثَةُ ) أَيْ وَرَثَةُ الْمَالِكِ لِلْعَامِلِ ( قَرَّرْنَاك عَلَى مَا كُنْت ) عَلَيْهِ مَعَ قَبُولِهِ ( أَوْ يَقُولَ الْمَالِكُ لِوَرَثَةِ الْعَامِلِ : قَرَّرْتُكُمْ عَلَى مَا كَانَ أَبُوكُمْ ) عَلَيْهِ مَعَ قَبُولِهِمْ لِفَهْمِ الْمَعْنَى وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ التَّقْرِيرُ لِإِنْشَاءِ عَقْدٍ عَلَى مُوجَبِ الْعَقْدِ السَّابِقِ وَكَالْوَرَثَةِ وَلِيُّهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَكَالْمَوْتِ الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ فَيُقَرِّرُ الْمَالِكُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ فِي الْبَيَانِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ ، وَظَاهِرٌ أَنَّ وَلِيَّ الْمَجْنُونِ مِثْلُهُ قَبْلَ الْإِفَاقَةِ ( وَكَذَا ) يَكْفِي ( لَوْ قَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْفَسْخِ ) أَيْ فَسْخِ الْبَيْعِ ( لِلْمُشْتَرِي قَرَّرْتُك عَلَى الْبَيْعِ فَقَبِلَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ ) لَا يَكْفِي فِيهِ التَّقْرِيرُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ لَفْظِ النِّكَاحِ ، أَوْ التَّزْوِيجِ ، وَكَ قَرَّرْتُ تَرَكْت وَأَبْقَيْت وَغَيْرُهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْبَابِ ( وَيَجُوزُ التَّقْرِيرُ ) عَلَى الْمَالِ النَّاضِّ ( قَبْلَ
الْقِسْمَةِ ) لِجَوَازِ الْقِرَاضِ عَلَى الْمَشَاعِ كَمَا مَرَّ ( فَيَخْتَصُّ الْعَامِلُ بِرِبْحِ نَصِيبِهِ ) وَيَشْتَرِكَانِ فِي رِبْحِ نَصِيبِ الْآخَرِ ( مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ وَرِبْحُهَا مِائَتَانِ مُنَاصَفَةً وَقُرِّرَ الْعَقْدُ كَذَلِكَ ) أَيْ مُنَاصَفَةً ( فَالْعَامِلُ شَرِيكٌ ) لِوَارِثِ الْمَالِ ( بِمِائَةٍ فَإِنْ بَلَغَ ) مَالُ الْقِرَاضِ ( سِتَّمِائَةٍ فَلِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( ثَلَثُمِائَةٍ ) إذْ لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ الْقَدِيمِ مِائَةٌ وَرِبْحُهَا مِائَةٌ وَرَأْسُ الْمَالِ فِي التَّقْرِيرِ مِائَتَانِ لِلْوَارِثِ ، وَرِبْحُهُمَا مِائَتَانِ مَقْسُومٌ بَيْنَهُمَا .
( قَوْلُهُ : وَظَاهِرٌ أَنَّ وَلِيَّ الْمَجْنُونِ مِثْلُهُ قَبْلَ الْإِفَاقَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ : وَمَا اسْتَرَدَّهُ الْمَالِكُ ) مِنْ الْمَالِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ ، أَوْ الْخُسْرَانِ ( فَالرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ شَائِعٌ فِيهِ لَا يَلْحَقُهُ حُكْمُ الْبَاقِي ) لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِ الْعَامِلِ عَلَى مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ فَلَا يَسْقُطُ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ النَّقْصِ بَعْدُ وَالْخَسْرَانُ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمُسْتَرَدِّ وَالْبَاقِي فَلَا يَجِبُ جَبْرُ حِصَّةِ الْمُسْتَرَدِّ مِنْ الْخُسْرَانِ لَوْ رَبِحَ بَعْدُ كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّ الْكُلَّ .
بَعْدَ الْخُسْرَانِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اسْتَرَدَّ بِغَيْرِ رِضَا الْعَامِلِ ، وَإِلَّا فَإِنْ قَصَدَ الْأَخْذَ مِنْ الْأَصْلِ اخْتَصَّ بِهِ ، أَوْ مِنْ الرِّبْحِ فَكَذَلِكَ لَكِنْ يَمْلِكُ الْعَامِلُ مِمَّا بِيَدِهِ مِقْدَارَ ذَلِكَ عَلَى الْإِشَاعَةِ ، وَإِنْ أَطْلَقَا حُمِلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَهَلْ تَكُونُ حِصَّةُ الْعَامِلِ قَرْضًا ، أَوْ هِبَةً فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ نَقَلَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَأَقَرَّهُ ، ثُمَّ قَالَ : وَإِذَا كَانَ الِاسْتِرْدَادُ بِغَيْرِ رِضَاهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي نَصِيبِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالظُّهُورِ ( فَإِنْ كَانَ الْمَالُ مِائَةً فَرَبِحَ عِشْرِينَ وَاسْتَرَدَّ ) الْمَالِكُ ( عِشْرِينَ فَالرِّبْحُ سُدُسُ الْمَالِ فَسُدُسُ الْمُسْتَرَدِّ رِبْحٌ ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ ( لِلْعَامِلِ مِنْهُ دِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ ) إنْ كَانَ الشَّرْطُ مُنَاصَفَةً ( لَا يُجْبَرُ مِنْهُ خُسْرَانٌ يَحْدُثُ ) فَلَوْ عَادَ مَا بِيَدِهِ إلَى ثَمَانِينَ لَمْ يَسْقُطْ نَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْ الدِّرْهَمِ وَالثُّلُثَيْنِ لِتَقَرُّرِهِ بِالِاسْتِرْدَادِ فَلَا يُجْبَرُ بِهِ نَقْصُ غَيْرِ الْمُسْتَرَدِّ لِتَمَيُّزِ الْمُسْتَرَدِّ عَنْ غَيْرِهِ بِالِاسْتِرْدَادِ فَكَأَنَّهُمَا مَالَانِ ( وَإِنْ حَصَلَ خُسْرَانٌ فَعَادَتْ الْمِائَةُ ثَمَانِينَ وَاسْتَرَدَّ عِشْرِينَ فَالْخُسْرَانُ الْخُمُسُ ) وَهُوَ عِشْرُونَ ( وَحِصَّةُ الْمُسْتَرَدِّ خَمْسَةٌ ) لِأَنَّ الْخُسْرَانَ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمُسْتَرَدِّ وَالْبَاقِي فَالْخَمْسَةُ ( لَا تُجْبَرُ ) بِالرِّبْحِ لِتَقَرُّرِهَا بِالِاسْتِرْدَادِ وَإِنَّمَا يُجْبَرُ بِهِ
بَاقِي الْخُسْرَانِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ ( فَيَصِيرُ رَأْسُ الْمَالِ ) بَعْدَ الْجَبْرِ ( خَمْسَةً وَسَبْعِينَ ) وَالْخَمْسَةُ الزَّائِدَةُ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إنْ شَرَطَا الْمُنَاصَفَةَ فَيَحْصُلُ لِلْمَالِكِ سَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ وَنِصْفٌ وَلِلْعَامِلِ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ .
قَوْلُهُ : وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا اسْتَرَدَّ بِغَيْرِ رِضَا الْعَامِلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : فَلَوْ عَادَ مَا بِيَدِهِ إلَى ثَمَانِينَ إلَخْ ) قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بَلْ يَأْخُذُ مِنْهَا دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَوْنُ الْعَامِلِ يَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِهِ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ ؛ لِأَنَّا لَمَّا جَعَلْنَا الْمُسْتَرَدَّ شَائِعًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْعَامِلِ فِي عَيْنِ الْمَالِ الْمُسْتَرَدِّ إنْ كَانَ بَاقِيًا ، وَفِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ إنْ كَانَ تَالِفًا وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ الْبَاقِي إلَّا بِرَهْنٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يُوجَدْ حَتَّى لَوْ أَفْلَسَ لَمْ يُقَدَّمْ بِهِ بَلْ يُضَارِبُ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ قَدْ يُقَالُ : لَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى عِبَارَةِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ بَلْ قَالَ إنَّ لَهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فِي الْجُمْلَةِ لَا مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ بِعَيْنِهِ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُقَالُ بِإِبْقَاءِ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى إطْلَاقِهِ وَيَكُونُ تَسْلِيطُ الْعَامِلِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْمُقَابَلَةِ كَمَا تَسَلَّطَ الْمَالِكُ عَلَى ذَلِكَ .
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الِاخْتِلَافِ وَالْعَامِلُ كَالْوَدِيعِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَالرَّدِّ ) فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْمَالِكَ ائْتَمَنَهُ وَفَارَقَ الْمُرْتَهِنَ فِي دَعْوَى الرَّدِّ بِأَنَّهُ قَبَضَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ مَالِكِهَا وَانْتِفَاعُهُ إنَّمَا هُوَ بِالْعَمَلِ وَالْمُرْتَهِنُ قَبَضَ لِمَنْفَعَتِهِ وَلَوْ أَخَذَ الْعَامِلُ مَا لَا يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ بِهِ فَتَلِفَ بَعْضُهُ ضَمِنَهُ ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ بِأَخْذِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبَا الْبَحْرِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ وَيَجِيءُ طَرْدُهُ فِي الْوَكِيلِ وَالْمُودَعِ وَالْوَصِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأُمَنَاءِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَرْبَحْ ، أَوْ لَمْ أَرْبَحْ إلَّا كَذَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ وَهَذَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِنْ أَقَرَّ بِرِبْحٍ ، ثُمَّ ادَّعَى غَلَطًا ) فِي الْحِسَابِ ( أَوْ كَذِبًا ) كَأَنْ قَالَ تَبَيَّنْت أَنْ لَا رِبْحَ ، أَوْ كَذَبْت فِيمَا قُلْت خَوْفًا مِنْ انْتِزَاعِ الْمَالِ مِنْ يَدِي ( لَمْ يُقْبَلْ ) قَوْلُهُ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْإِقْرَارِ وَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَالِكِ ، أَوْ لَا وَجْهَانِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ شُبْهَةً ، وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ قَطْعًا انْتَهَى وَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ سُرَيْجٍ وَابْنُ خَيْرَانَ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِإِمْكَانِ قَوْلِهِ .
( فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ ) الْأَوْلَى : بَعْدَ ذِكْرِ ( الْكَذِبِ ) أَوْ بَعْدَ إخْبَارِهِ بِالرِّبْحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( خَسَارَةً مُمْكِنَةً ) كَأَنْ عَرَضَ كَسَادٌ ( أَوْ تَلَفًا ) لِلْمَالِ ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) لِذَلِكَ ( وَهُوَ عَلَى أَمَانَتِهِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي الْمَالِ ( وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ ( فِي قَدْرِ ) رَأْسِ ( الْمَالِ وَصِفَتِهِ ) الشَّامِلَةِ لِجِنْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دَفْعِ الزَّائِدِ عَلَى مَا قَالَهُ ( وَفِي ) أَنَّ ( مُشْتَرَاهُ
لِلْقِرَاضِ ) وَإِنْ كَانَ خَاسِرًا ( أَوْ لِنَفْسِهِ ) وَإِنْ كَانَ رَابِحًا لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ وَلِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ فِي يَدِهِ ، وَالْغَالِبُ وُقُوعُ الْأَوَّلِ عِنْدَ ظُهُورِ الْخُسْرَانِ وَالثَّانِي عِنْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ ( وَفِي عَدَمِ النَّهْيِ ) أَيْ نَهْيِ الْمَالِكِ لَهُ عَنْ شِرَاءِ مَا اشْتَرَاهُ بِأَنْ وَافَقَهُ عَلَى الْإِذْنِ فِي شِرَائِهِ ثُمَّ قَالَ نَهَيْتُك عَنْ شِرَائِهِ بَعْدَ الْإِذْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّهْيِ وَعَدَمُ الْخِيَانَةِ ( فَإِنْ قَامَتْ ) فِيمَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْته لِنَفْسِي ( بَيِّنَةٌ ) لِلْمَالِكِ ( بِشِرَائِهِ بِمَالِ الْقِرَاضِ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا ) لِلْقِرَاضِ ( فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ ) لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْقِرَاضِ عُدْوَانًا وَقِيلَ يُحْكَمُ بِهَا لَهُ فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَالْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُمْ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْقُشَيْرِيُّ وَكُلُّ شِرَاءٍ وَقَعَ بِمَالِ .
الْقِرَاضِ لَا شَكَّ فِي وُقُوعِهِ وَلَا أَثَرَ لِنِيَّةِ الْعَامِلِ أَيْ لِإِذْنِ الْمَالِكِ لَهُ فِي الشِّرَاءِ .
( قَوْلُهُ : فَالْعَامِلُ كَالْوَدِيعِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ ) شَمِلَ مَا لَوْ ادَّعَى تَلَفَهُ ، ثُمَّ اعْتَرَفَ بِبَقَائِهِ ، ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَهُ .
( قَوْلُهُ : نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ : وَيَجِبُ طَرْدُهُ إلَخْ .
( قَوْلُهُ : قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقِرَاضُ لِغَيْرِ الدَّافِعِ دَخَلَ الْمَالُ فِي ضَمَانِ الْعَامِلِ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ .
( قَوْلُهُ : وَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ إلَخْ ) هُوَ الْأَصَحُّ .
( قَوْلُهُ : وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ : بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ ) شَمِلَ مَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ كَذَا فَادَّعَى الْعَامِلُ أَنَّ فِيهِ رِبْحًا ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ أُثْبِتَ لِلْعَامِلِ عَلَى مَالِهِ عَمَلًا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فَلَوْ صَدَّقْنَا الْمَالِكَ لَفَاتَ حَقُّ الْعَامِلِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي أَنَّ الْعَامِلَ اسْتَوْلَى لَهُ عَلَى قَدْرٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُ اسْتِيلَائِهِ ( قَوْلُهُ : وَفِي عَدَمِ النَّهْيِ أَيْ نَهْيِ الْمَالِكِ إلَخْ ) أَمَّا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ نَهَيْتُك عَنْ شِرَائِهَا وَقَالَ لَمْ تَنْهَنِي فَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ كَمَا فِي الْمُوَكِّلِ س ، قَالَ النَّاشِرِيُّ قَالَ الْأَصْحَابُ لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ : نَهَيْتُك عَنْ شِرَائِهَا وَقَالَ لَمْ تَنْهَنِي صُدِّقَ الْعَامِلُ وَكَانَتْ لِلْقِرَاضِ .
( قَوْلُهُ : عُدْوَانًا ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ عُدْوَانًا أَنَّ الْإِضَافَةَ لِمَالِ الْقِرَاضِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ فَبَطَلَ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ وَنَوَى نَفْسَهُ وَقَعَ لِلْقِرَاضِ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَاكَ عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ بِخِلَافِهِ هُنَا .
( قَوْلُهُ : كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ) وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ
( وَإِنْ قَالَ الْعَامِلُ قَارَضْتنِي فَقَالَ ) الْمَالِكُ ( بَلْ وَكَّلْتُك صُدِّقَ الْمَالِكُ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ بِشَيْءٍ فَإِذَا حَلَفَ أَخَذَ الْمَالَ وَرِبْحَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْعَامِلِ ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ ( وَكَذَا لَوْ قَالَ ) الْعَامِلُ ( بَعْدَ تَلَفِ الْمَالِ ) فِي يَدِهِ ( قَارَضْتنِي فَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ أَقْرَضْتُك ) صُدِّقَ الْمَالِكُ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي أَفْتَيْتُ بِهِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَابْنِ الصَّلَاحِ تَصْدِيقُ الْعَامِلِ ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ ( وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( بَيِّنَةً ) بِمُدَّعَاهُ ( فَمَنْ تُقَدَّمُ ) مِنْهُمَا ؟ ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا بَيِّنَةُ الْمَالِكِ ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ .
( قَوْلُهُ : فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْعَامِلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : صُدِّقَ الْمَالِكُ ) أَيْ بِيَمِينِهِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَصْلِ الشَّيْءِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَتِهِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِائْتِمَانِ الدَّافِعِ لِلضَّمَانِ وَبِهِ أَفْتَيْت وَقَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّهُ الظَّاهِرُ ؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ يَدَّعِي سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ قَبَضَ وَالْأَصْلُ عَدَمُ السُّقُوطِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا الشَّيْخَانِ قَبْلَهَا وَمَسْأَلَةُ مَا إذَا قَالَ مَالِكُ الدَّابَّةِ أَجَرَتْكهَا فَعَلَيْك الْأُجْرَةُ وَقَالَ الرَّاكِبُ أَعَرْتنِي فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ .
ا هـ .
وَقَدْ جَرَى الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ عَلَى تَصْدِيقِ الْمَالِكِ .
( تَنْبِيهٌ ) وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ قِرَاضًا وَقَالَ الْآخَرُ قَرْضًا وَذَلِكَ عِنْدَ بَقَاءِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ فَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْقَرْضِ لِأُمُورٍ مِنْهَا أَنَّهُ غُلِّظَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يُتْلِفَ الْمَالَ أَوْ يَخْسَرَ وَمِنْهَا أَنَّ الْيَدَ لَهُ فِي الْمَالِ وَالرِّبْحِ وَمِنْهَا أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى جَعْلِ الرِّبْحِ لَهُ بِقَوْلِهِ اشْتَرَيْت هَذَا إلَيَّ فَإِنَّهُ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْمَالَ قِرَاضٌ فَدَعْوَاهُ أَنَّ الْمَالَ قَرْضٌ تَسْتَلْزِمُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لَهُ فَيَكُونُ رِبْحُهُ لَهُ وَلَوْ دَفَعَ لِآخَرَ مَالًا وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَقَالَ دَفَعْته قَرْضًا وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ وَكَالَةً صُدِّقَ الدَّافِعُ وَمِثْلُ الْوَكَالَةِ الْوَدِيعَةُ ، وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الْعِرَاقِيِّ بِخِلَافِهِ وَقَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْقَرْضِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ قَدْ تُيُقِّنَ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِشَغْلِ الذِّمَّةِ وَالْقَابِضُ يَدَّعِي تَخَلُّفَ شَغْلِ الذِّمَّةِ لِلْإِبَاحَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَهَذَا تَوْجِيهُ إيجَابِ الْأُجْرَةِ فِي
مَسْأَلَةِ الرَّاكِبِ وَلَوْ دَفَعَ أَلْفًا إلَى آخَرَ ثُمَّ قَالَ الْآخِذُ كَانَتْ وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ وَقَالَ الدَّافِعُ بَلْ قَرْضًا صُدِّقَ الدَّافِعُ بِيَمِينِهِ ، وَإِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِمُقَابِلِهِ .
( قَوْلُهُ : أَوْجَهُهُمَا بَيِّنَةُ الْمَالِكِ ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( فُرُوعٌ ) قَالَ الْقَمُولِيِّ لَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ عَبْدًا لِلْقِرَاضِ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَاءِ الْعَبِيدِ أَوْ فِي الِاتِّجَارِ مُطْلَقًا وَقُلْنَا بِالصَّحِيحِ إنَّ لَهُ شِرَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ الْمَالِكُ كُنْت نَهَيْتُك عَنْ شِرَاءِ هَذَا وَأَنْكَرَ الْقَائِلُ نَهْيَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ اشْتَرَيْته بَعْدَ فَسْخِ الْقِرَاضِ فَقَالَ بَلْ قَبْلَهُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ فَقَالَ كُنْت نَهَيْتُك عَنْ الشِّرَاءِ مِنْهُ وَلَوْ مَاتَ الْعَامِلُ وَلَمْ يُعْرَفْ مَالُ الْقِرَاضِ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ مَاتَ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَلَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهَا وَسَتَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَارَضَهُمَا ) أَيْ اثْنَيْنِ ( عَلَى النِّصْفِ ) أَيْ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَهُ وَالْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ فَرَبِحَا ( وَأَحْضَرَا ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَقَالَ ) الْمَالِكُ ( رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَانِ وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَحَلَفَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَلْفٌ فَلِلْمُنْكِرِ ) الْحَالِفِ ( خَمْسُمِائَةٍ ) لِأَنَّهَا نَصِيبُهُ بِزَعْمِهِ ( وَلِلْمَالِكِ أَلْفَانِ ) عَنْ رَأْسِ الْمَالِ لِاتِّفَاقِهِ مَعَ الْمُعْتَرِفِ عَلَيْهِ ( وَثُلُثَا خَمْسِمِائَةٍ ) عَنْ الرِّبْحِ ( وَالْبَاقِي ) مِنْهُمَا ( لِلْمُقِرِّ ) لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ مِنْ الرِّبْحِ مِثْلَا مَا يَأْخُذُهُ كُلٌّ مِنْ الْعَامِلَيْنِ وَمَا أَخَذَهُ الْمُنْكِرُ كَالتَّالِفِ وَلَوْ أَحْضَرَا أَلْفَيْنِ أَخَذَ الْمُنْكِرُ رُبُعَ الْأَلْفِ الزَّائِدَ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ نَصِيبُهُ بِزَعْمِهِ ، وَالْبَاقِي يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( فَصْلٌ : فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ) قَدْرِ ( الرِّبْحِ الْمَشْرُوطِ لَهُ ) أَيْ لِلْعَامِلِ ( تَحَالَفَا ) كَالْمُتَبَايِعِينَ ، وَإِذَا تَحَالَفَا فُسِخَ الْعَقْدُ وَاخْتَصَّ الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ بِالْمَالِكِ ( وَوَجَبَتْ الْأُجْرَةُ ) عَلَيْهِ لِلْعَامِلِ ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مُدَّعَاهُ ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى التَّحَالُفِ وَالْفَسْخِ رُجُوعُ كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ لِصَاحِبِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَقِيمَتُهُ وَقَدْ رَجَعَ الْمَالُ وَرِبْحُهُ لِلْمَالِكِ وَقِيَاسُهُ رُجُوعُ الْعَمَلِ لِلْعَامِلِ لَكِنَّهُ تَعَذَّرَ فَأَوْجَبْنَا قِيمَتَهُ وَهِيَ الْأُجْرَةُ .
( تَنْبِيهٌ ) لَوْ كَانَ الْقِرَاضُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ ، وَمُدَّعَى الْعَامِلِ دُونَ الْأُجْرَةِ فَلَا تَحَالُفَ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّدَاقِ
( مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ .
لَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ وَلَوْ ذِمِّيًّا خَمْرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ ) أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ ( وَسَلَّمَ الثَّمَنَ ) لِلْبَائِعِ ( ضَمِنَ ) عَالِمًا بِذَلِكَ ، أَوْ جَاهِلًا لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ .
( وَلَوْ قَارَضَهُ ) الْمَالِكُ ( لِيَجْلِبَ ) الْمَالَ أَيْ يَنْقُلَهُ ( مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ ) وَيَشْتَرِيَ مِنْ أَمْتِعَتِهِ ، ثُمَّ يَبِيعَهَا هُنَاكَ أَوْ يَرُدَّهَا إلَى مَحَلِّ الْقِرَاضِ ( لَمْ يَجُزْ ) لِأَنَّ نَقْلَ الْمَالِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ عَمَلٌ زَائِدٌ عَلَى التِّجَارَةِ فَأَشْبَهَ شَرْطَ الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي السَّفَرِ فَإِنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ نَفْيُ الْحَرَجِ ( أَوْ ) قَارَضَهُ ( عَلَى الصَّرْفِ ) أَيْ أَنْ يُصَارِفَ ( مَعَ الصَّيَارِفَةِ فَهَلْ يَتَعَيَّنُونَ ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ فَتَفْسُدَ الْمُصَارَفَةُ مَعَ غَيْرِهِمْ ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُخْتَصٌّ بِطَائِفَةٍ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُمْ ، أَوْ لَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ صِرْفًا لَا مَعَ قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ كَقَوْلِهِ بِعْ فِي سُوقِ كَذَا فَبَاعَ فِي آخَرَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاطِ وَإِلَّا فَالثَّانِي .
( قَوْلُهُ : كَقَوْلِهِ بِعْ فِي سُوقِ كَذَا فَبَاعَ فِي آخَرَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ ) حُكْمُ الْأَصْلِ الْمُشَبَّهُ بِهِ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ ، إذْ الرَّاجِحُ عِنْدَهُمَا تَعَيُّنُهُ لَكِنَّهُ لَوْ بَاعَ فِي غَيْرِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ صَحَّ .
( قَوْلُهُ : أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ ) أَصَحُّهُمَا عَدَمُ تَعَيُّنِهِمْ
( وَإِنْ قَارَضَهُ عَلَى مَالَيْنِ فِي عَقْدَيْنِ فَخَلَطَهُمَا ضَمِنَ ) لِتَعَدِّيهِ فِي الْمَالِ وَكَذَا لَوْ خَلَطَ الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ بِمَالِهِ أَوْ قَارَضَهُ اثْنَانِ فَخَلَطَ مَالَ أَحَدِهِمَا بِمَالُ الْآخَرِ كَمَا فُهِمَ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ عَنْ التَّصَرُّفِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ ( بَلْ إنْ شَرَطَ ) فِي الْعَقْدِ الثَّانِي ( بَعْدَ التَّصَرُّفِ ) فِي الْمَالِ الْأَوَّلِ ( ضَمَّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ فَسَدَ ) الْقِرَاضُ فِي الثَّانِي قَالَ .
فِي الْأَصْلِ وَامْتَنَعَ الْخَلْطُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَقَرَّ حُكْمُهُ بِالتَّصَرُّفِ رِبْحًا وَخُسْرَانًا وَرِبْحُ كُلِّ مَالٍ وَخُسْرَانُهُ يَخْتَصُّ بِهِ ، وَإِنْ شَرَطَهُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ صَحَّ وَجَازَ الْخَلْطُ وَكَأَنَّهُ دَفَعَهُمَا إلَيْهِ مَعًا نَعَمْ إنْ شَرَطَ الرِّبْحَ فِيهِمَا مُخْتَلِفًا امْتَنَعَ الْخَلْطُ .
( وَإِنْ أَعْطَاهُ أَلْفًا وَقَالَ لَهُ شَارِكْنِي بِأَلْفٍ آخَرَ ) لَك ( وَاعْمَلْ وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا أَثْلَاثًا ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ لَهُ وَالثُّلُثَانِ لِلْعَامِلِ أَوْ عَكْسُهُ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِمَا فِيهِ مِنْ شَرْطِ التَّفَاوُتِ فِي الرِّبْحِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ وَلَا نَظَرَ إلَى الْعَمَلِ بَعْدَ الشَّرِكَةِ فِي الْمَالِ فَلَوْ عَمِلَ وَرَبِحَ كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَكُونُ لِلْعَامِلِ نِصْفُ أُجْرَةِ مِثْلِهِ عَلَى الْمَالِكِ .
قَوْلُهُ : وَيَكُونُ لِلْعَامِلِ نِصْفُ أُجْرَةِ مِثْلِهِ عَلَى الْمَالِكِ ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ
( وَإِذَا اشْتَرَى بِأَلْفَيْنِ لِمُقَارِضَيْنِ ) لَهُ ( عَبْدَيْنِ فَاشْتَبَهَا ) عَلَيْهِ ( وَقَعَا لَهُ وَغَرِمَ ) لَهُمَا ( الْأَلْفَيْنِ ) لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِفْرَادِ وَقِيلَ يُبَاعُ الْعَبْدَانِ وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ حَصَلَ رِبْحٌ فَهُوَ بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ الشَّرْطِ أَوْ خُسْرَانٌ ضَمِنَهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِانْخِفَاضِ السُّوقِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ ( لَا قِيمَتَهُمَا ) نَفْيٌ لِوَجْهٍ قَائِلٍ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَغْرَمُ قِيمَةَ الْعَبْدَيْنِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُمَا .
( وَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ إذَا مِتُّ فَتَصَرَّفْ فِيهِ ) بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ( قِرَاضًا ) عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَ الرِّبْحِ ( لَغَا ) فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَلِأَنَّ الْقِرَاضَ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ لَوْ صَحَّ .
( وَلَوْ قَارَضَهُ بِنَقْدٍ ) فَتَصَرَّفَ الْعَامِلُ فِيهِ ( فَأُبْطِلَ ) أَيْ فَأَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ ثُمَّ انْفَسَخَ الْقِرَاضُ ( رَدَّ مِثْلَهُ وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ وَاشْتَبَهَ مَالُ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ فَكَالْوَدِيعِ يَمُوتُ ) وَعِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ وَاشْتَبَهَتْ بِغَيْرِهَا ( وَسَيَأْتِي ) بَيَانُهُ ( فِي بَابِهِ ، وَإِنْ جَنَى عَبْدُ الْقِرَاضِ فَهَلْ يَفْدِيهِ الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ) كَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ ، أَوْ لَا ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا لَا ، فَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ أَبَقَ عَبْدُ الْقِرَاضِ فَنَفَقَةُ رَدِّهِ عَلَى الْمَالِكِ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالْقِسْمَةِ فَإِنْ مَلَكَاهُ بِالظُّهُورِ فَعَلَيْهِمَا الْفِدَاءُ .
( قَوْلُهُ : فَهَلْ يَفْدِيهِ الْعَامِلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : أَوْجَهُهُمَا لَا ) أَصَحُّهُمَا نَعَمْ ( تَنْبِيهٌ ) إقْرَارُ الْعَامِلِ بِدَيْنٍ أَوْ أُجْرَةِ أَجِيرٍ ، أَوْ حَانُوتٍ مَقْبُولٌ ، وَإِنْ جَحَدَ رَبُّ الْمَالِ قَالَهُ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ .
( كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ ) مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّقْيِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِيهَا غَالِبًا ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ أَعْمَالِهَا وَأَكْثَرُهَا مُؤْنَةً وَحَقِيقَتُهَا أَنْ يُعَامِلَ غَيْرَهُ عَلَى نَخْلٍ ، أَوْ شَجَرِ عِنَبٍ لِيَتَعَهَّدَهُ بِالسَّقْيِ وَالتَّرْبِيَةِ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ لَهُمَا وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ } وَفِي رِوَايَةٍ { دَفَعَ إلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَهَا وَأَرْضَهَا بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ } وَالْمَعْنَى فِيهَا أَنَّ مَالِكَ الْأَشْجَارِ قَدْ لَا يُحْسِنُ تَعَهُّدَهَا أَوْ لَا يَتَفَرَّغُ لَهُ ، وَمَنْ يُحْسِنُ وَيَتَفَرَّغُ قَدْ لَا يَمْلِكُ الْأَشْجَارَ فَيَحْتَاجُ ذَاكَ إلَى الِاسْتِعْمَالِ وَهَذَا إلَى الْعَمَلِ وَلَوْ اكْتَرَى الْمَالِكُ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ فِي الْحَالِ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثِّمَارِ وَيَتَهَاوَنُ الْعَامِلُ فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى تَجْوِيزِهَا .
( وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ خَمْسَةٌ ) الْعَاقِدَانِ وَمُتَعَلَّقُ الْعَمَلِ وَالثِّمَارُ وَالْعَمَلُ وَالصِّيغَةُ ( الْأَوَّلُ الْعَاقِدَانِ وَشَرْطُهُمَا كَمَا فِي الْقِرَاضِ ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ ( وَيُسَاقِي الْوَلِيُّ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ) وَالسَّفِيهِ كَنَظِيرِهِ ثَمَّ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَفِي مَعْنَى الْوَلِيِّ الْإِمَامُ فِي بَسَاتِينِ بَيْتِ الْمَالِ وَمَنْ لَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ وَكَذَا بَسَاتِينُ الْغَائِبِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ .
( كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ ) لَمَّا شَارَكَتْ الْقِرَاضَ فِي الْعَمَلِ فِي شَيْءٍ بِبَعْضِ نَمَائِهِ وَجَهَالَةِ الْعِوَضِ وَالْإِجَارَةِ فِي اللُّزُومِ وَالتَّأْقِيتِ جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهِيَ كَالْقِرَاضِ وَافْتِرَاقُهُمَا فِي الْأَصْلِ فِي صُوَرٍ : إحْدَاهَا لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُهَا ، الثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَأْقِيتِهَا ، الثَّالِثَةُ يَمْلِكُ الْعَامِلُ نَصِيبَهُ مِنْ الثِّمَارِ بِالظُّهُورِ قِيلَ وَأَهْمَلَ صُوَرًا أُخْرَى : إحْدَاهَا أَنَّهَا تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا كَانَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمَرَضِ ، الثَّانِيَةُ أَنَّ مَا يَتْلَفُ مِنْ الشَّجَرِ لَا يُجْبَرُ بِالثَّمَرِ ، الثَّالِثَةُ تَجِبُ زَكَاتُهَا عَلَيْهِ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ ، الرَّابِعَةُ لِلْعَامِلِ فِيهَا أَنْ يُسَاقِيَ عَلَى الْأَصَحِّ ، الْخَامِسَةُ يَجُوزُ شَرْطُ الْأَجِيرِ ، السَّادِسَةُ فِي جَوَازِهَا عَلَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ قَوْلَانِ ، السَّابِعَةُ لَا يَشْتَرِكَانِ فِي زِيَادَةِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ ، الثَّامِنَةُ الْعَمَلُ كُلُّهُ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَامِلِ ، التَّاسِعَةُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ قَطْعًا ، الْعَاشِرَةُ لَوْ شَرَطَ الْعَامِلُ أَنْ تَكُونَ أُجْرَةُ الْأُجَرَاءِ مِنْ الثَّمَرَةِ لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّيْخِ نَصْرٍ الْمَقْدِسِيَّ فِي تَهْذِيبِهِ .
( قَوْلُهُ : عَلَى نَخْلٍ أَوْ شَجَرِ عِنَبٍ ) قَالَ الرِّيمِيُّ قَدْ ذَكَرْت فِي كِتَابٍ سَمَّيْته تُحْفَةَ أَهْلِ الْأَدَبِ فِي تَفْضِيلِ الْعِنَبِ عَلَى الرُّطَبِ تَرْجِيحَ الْعِنَبِ عَلَى الرُّطَبِ وَقَدْ ذَكَرْت لَهُ حُجَجًا كَثِيرَةً قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ تَفْضِيلُ الرُّطَبِ عَلَى الْعِنَبِ .
( قَوْلُهُ : وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ إلَخْ ) نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى جَوَازِهَا وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَمْ يُخَالِفْ فِيهَا إلَّا أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ .
( قَوْلُهُ : وَيُسَاقِي الْوَلِيُّ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ) لَوْ أَجَّرَ بَيَاضَ أَرْضِ بُسْتَانِهِ بِأُجْرَةٍ وَافِيَةٍ بِمِقْدَارِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ
وَقِيمَةُ الثَّمَرَةِ ، ثُمَّ سَاقَى عَلَى شَجَرِهِ عَلَى سَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ لِلْمَحْجُورِ وَالْبَاقِي لِلْمُسْتَأْجِرِ صَحَّتْ الْمُسَاقَاةُ .
( قَوْلُهُ : قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ ، وَفِي مَعْنَى الْوَلِيِّ نَاظِرُ الْوَقْفِ .
الرُّكْنُ ( الثَّانِي مُتَعَلَّقُ الْعَمَلِ ) وَهُوَ الشَّجَرُ ( وَلَا تَصِحُّ إلَّا عَلَى مَغْرُوسٍ مُعَيَّنٍ مَرْئِيٍّ مِنْ النَّخْلِ ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ ( وَ ) شَجَرِ ( الْعِنَبِ ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّخْلِ بِجَامِعِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَتَأَتِّي الْخِرْصِ فِي ثَمَرَتَيْهِمَا فَجُوِّزَتْ الْمُسَاقَاةُ فِيهِمَا سَعْيًا فِي تَثْمِيرِهِمَا رِفْقًا بِالْمَالِكِ وَالْعَامِلِ وَالْمَسَاكِينِ ( لَا غَيْرِهِمَا ) مِنْ الْبُقُولِ وَالزُّرُوعِ وَسَائِرِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ كَالْخَوْخِ وَالْمِشْمِشِ ، وَغَيْرِ الْمُثْمِرَةِ كَالْخِلَافِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ مَعَ عَدَمِ تَأَتِّي الْخِرْصِ فِي ثَمَرَتِهَا وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ صِحَّتَهَا عَلَى سَائِرِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَهُوَ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ إلَى عَمَلٍ وَمَحَلُّ .
الْمَنْعِ إنْ تَفَرَّدَ بِالْمُسَاقَاةِ فَإِنْ سَاقَى عَلَيْهَا تَبَعًا لِنَخْلٍ أَوْ عِنَبٍ صَحَّتْ كَالْمُزَارَعَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ صِحَّتِهَا فِي شَجَرِ الْمُقْلِ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّخْلِ إلَخْ ) وَقِيلَ إنَّ الشَّافِعِيَّ أَخَذَهُ مِنْ النَّصِّ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى الشَّطْرِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ قَوْلُهُ : لَا غَيْرِهِمَا } الْفَرْقُ أَنَّ ثِمَارَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ لَا تَنْمُو إلَّا بِالْعَمَلِ ، وَغَيْرَهَا يَنْمُو مِنْ غَيْرِ تَعَهُّدٍ قَوْلُهُ : وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ صِحَّتِهَا فِي شَجَرِ الْمُقْلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ إلَخْ ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الرَّاجِحُ .
ا هـ .
وَالنَّصُّ الْمَنْقُولُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْقَدِيمِ ع سَبَقَهُ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ
( فَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى وَدِيٍّ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ صِغَارُ النَّخْلِ وَيُسَمَّى الْفَسِيلَ ( يَغْرِسُهُ فِي أَرْضِهِ وَ ) تَكُونُ ( الثَّمَرَةُ ) أَوْ الشَّجَرَةُ - الْمَفْهُومَةُ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهَا أَصْلُهُ - ( بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ ) كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ الْبَذْرَ لِيَزْرَعَهُ وَلِأَنَّ الْغَرْسَ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ فَضَمُّهُ إلَيْهَا كَضَمِّ غَيْرِ التِّجَارَةِ إلَى عَمَلِ الْقِرَاضِ ( فَإِنْ ) وَقَعَ ذَلِكَ وَعَمِلَ الْعَامِلُ وَ ( كَانَتْ الثَّمَرَةُ مُتَوَقَّعَةً ) فِي الْمُدَّةِ ( فَلَهُ الْأُجْرَةُ ) أَيْ أُجْرَةُ عَمَلِهِ عَلَى الْمَالِكِ ، وَإِلَّا فَلَا ( لَا إنْ كَانَ الْغِرَاسُ لِلْعَامِلِ ) فَلَا أُجْرَةَ لَهُ ( بَلْ يَلْزَمُهُ ) لِلْمَالِكِ ( أُجْرَةُ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِلْعَامِلِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَأَرْضِهِ ، وَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى أَحَدِ الْحَائِطَيْنِ ) أَوْ عَلَى غَيْرِ الْمَرْئِيِّ لَهُمَا ( لَمْ يَصِحَّ ) لِلْجَهْلِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ غَرَرٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعِوَضَ مَعْدُومٌ فِي الْحَالِ وَهُمَا جَاهِلَانِ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ وَبِصِفَاتِهِ فَلَا يَحْتَمِلُ ضَمَّ غَرَرٍ آخَرَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالرُّؤْيَةِ وَبِالتَّعْيِينِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّ ذَاكَ عَقْدٌ جَائِزٌ ، وَرِبْحُهُ مِنْ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ وَهَذَا لَازِمٌ وَرِبْحُهُ مِنْ عَيْنِ الْأَصْلِ فَاحْتِيطَ لَهُ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى وَدِيٍّ يَغْرِسُهُ فِي أَرْضِهِ وَتَكُونُ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا ) إذْ لَمْ نُرِدْ الْمُسَاقَاةَ عَلَى أَصْلٍ ثَابِتٍ وَهِيَ رُخْصَةٌ فَلَا تَتَعَدَّى مَوْرِدَهَا وَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ قَالَ بِعْ هَذِهِ الْعُرُوضَ وَقَدْ قَارَضْتُك عَلَى أَثْمَانِهَا إذَا نَضَّتْ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مُتَوَقَّعَةً فَلَهُ الْأُجْرَةُ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ أَمَّا إذَا شَرَطَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الْوَدِيِّ فَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِاسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ فِيهِ وَالظَّاهِرُ اسْتِحْقَاقُهَا إنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِمَّا يُعَلَّقُ فِيهِ غَالِبًا وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي فَقَالَ لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً يُحْمَلُ فِي مِثْلِهَا وَشَرَطَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرَةِ وَجُزْءًا مِنْ الْفُسْلَانِ يَعْنِي الْوَدِيَّ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ أَنْ يَكُونَ لِلْعَامِلِ بَعْضُ الْفَائِدَةِ لَا بَعْضُ الْأَصْلِ قَالَ وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ لَهُ وَدِيًّا مِنْ جِنْسٍ يَقْصِدُ خَشَبَةً وَلَا يُثْمِرُ شَجَرُهُ لِيَكُونَ لَهُ بَعْضُهَا إذَا كَبِرَتْ ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ مَعَ الزِّيَادَةِ بَعْضُ الْأَصْلِ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ ، وَإِذَا عَمِلَ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِطَمَعِهِ فِي الْعِوَضِ .
( قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَلَا ) قَيَّدَ الْإِمَامُ عَدَمَ الْأُجْرَةِ بِمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْمُو فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَإِنْ ظَنَّ إثْمَارَهُ فَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَئِمَّةُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَطْعًا لِمَكَانِ ظَنِّهِ ، وَقِيلَ يَطَّرِدُ الْخِلَافُ ( قَوْلُهُ : وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( الرُّكْنُ الثَّالِثُ الثِّمَارُ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا لَهُمَا ) أَيْ اخْتِصَاصُهُمَا بِهَا شَرِكَةً مَعْلُومَةً بِالْأَجْزَاءِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ ( فَإِنْ شَرَطَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( جُزْءًا ) مِنْهَا ، أَوْ كُلَّهَا ( لِثَالِثٍ ، أَوْ قَالَ ) لَهُ الْمَالِكُ سَاقَيْتُك عَلَى أَنْ يَكُونَ ( لَك نِصْفُهَا ، أَوْ لِي ) نِصْفُهَا ( أَوْ لَك ) أَوْ لِي ( صَاعٌ ) مِنْ الثَّمَرَةِ ( أَوْ ثَمَرَةُ نَخْلَةٍ ) مِنْ نَخِيلِي ، أَوْ أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَنَا ( فَكَالْقِرَاضِ ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ .
( قَوْلُهُ : وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا لَهُمَا أَيْ اخْتِصَاصُهُمَا بِهَا ) غَالِبُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الِاصْطِلَاحِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُورُ هُوَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ الْبَاءِ بَلْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى أَنَّهُ الصَّوَابُ .
( قَوْلُهُ : أَوْ أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَنَا ) أَوْ عَلَى أَنَّ كُلَّ الثَّمَرَةِ لَك أَوْ لِي فَسَدَ الْعَقْدُ ، وَإِذَا عَمِلَ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، وَقِيلَ إنْ عَلِمَ فَسَادَ الْعَقْدِ لَمْ يَسْتَحِقَّهَا
( فَصْلٌ ) لَوْ ( سَاقَاهُ عَلَى نَوْعٍ ) كَصَيْحَانِيٍّ ( بِالنِّصْفِ وَ ) عَلَى نَوْعٍ ( آخَرَ ) كَعَجْوَةٍ ( بِالثُّلُثِ صَحَّ ) الْعَقْدُ ( إنْ عَرَفَاهُمَا ) أَيْ النَّوْعَيْنِ أَيْ قَدْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ فَإِنَّ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الْأَقَلُّ قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ قَالَ فِي الْأَصْلِ ، وَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا جَازَ ، وَإِنْ جَهِلَا قَدْرَهُمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْفَرْقُ أَنَّ قَدْرَ حَقِّهِ فِي هَذِهِ مَعْلُومٌ بِالْجُزْئِيَّةِ ، وَإِنَّمَا الْمَجْهُولُ النَّوْعُ وَالصِّفَةُ ، وَفِي تِلْكَ الْقَدْرُ مَجْهُولٌ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ ثَمَرَةِ النَّوْعَيْنِ فِي الْقَدْرِ فَيَكُونُ قَدْرُ مَالِهِ مِنْ ثَمَرَةِ الْكُلِّ مَجْهُولًا ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى تَقْدِيرِ نِصْفٍ الْأَكْثَرُ وَثُلُثٍ الْأَقَلُّ وَعَلَى تَقْدِيرٍ بِالْعَكْسِ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ مِنْ الثَّانِي .
( وَإِنْ سَاقَاهُ ) فِي نَوْعٍ ( بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ يُسَاقِيَهُ فِي آخَرَ بِالثُّلُثِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ عَلَى أَنْ يُسَاقِيَهُ الْعَامِلُ عَلَى حَدِيقَتِهِ ( فَسَدَ الْأَوَّلُ ) لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ ( وَكَذَا الثَّانِي لَوْ عَقَدَهُ جَاهِلًا ) بِفَسَادِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ ، أَوْ قَالَ لَهُ سَاقَيْتُك ( عَلَى النِّصْفِ ) إنْ سَقَى بِالدَّالِيَةِ ( فَإِنْ سَقَى بِالْمَطَرِ فَبِالثُّلُثِ بَطَلَ ) الْعَقْدُ لِلْجَهْلِ بِالْعَمَلِ وَالْعِوَضِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( سَاقَى شَرِيكَهُ الْمُنَاصِفَ ) لَهُ فِي الشَّرِكَةِ ( عَلَى الثُّلُثَيْنِ ) فَأَكْثَرَ ( صَحَّ ) وَقَدْ شَرَطَ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الثُّلُثَيْنِ ثُلُثَ ثَمَرَتِهِ فَكَأَنَّهُ سَاقَاهُ عَلَى نِصْفِهِ بِالثُّلُثِ ( أَوْ ) سَاقَاهُ عَلَى ( النِّصْفِ فَمَا دُونَهُ فَلَا ) يَصِحُّ لِخُلُوِّ الْمُسَاقَاةِ عَنْ الْعِوَضِ بَلْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ مَا دُونَ النِّصْفِ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضَ ثَمَرَتِهِ أَيْضًا ( وَلَا أُجْرَةَ لَهُ ) إذَا عَمِلَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ ( أَوْ ) سَاقَاهُ ( عَلَى الْكُلِّ بَطَلَ وَ ) لَكِنْ ( لَهُ ) عَلَيْهِ ( الْأُجْرَةُ ) لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا ، وَقَيَّدَهُ الْغَزَالِيُّ - كَإِمَامِهِ - تَفَقُّهًا بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْفَسَادَ ، وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ مُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَصِيبِهِ أَجَنِيبًا .
وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ ( فَإِنْ شَرَطَ ) فِي الْمُسَاقَاةِ مَعَ شَرِيكِهِ ( مُعَاوَنَتَهُ ) لَهُ فِي الْعَمَلِ ( فَسَدَتْ ) وَإِنْ أَثْبَتَ لَهُ زِيَادَةً عَلَى النِّصْفِ كَمَا لَوْ سَاقَى أَجْنَبِيًّا بِهَذَا الشَّرْطِ ( فَإِنْ ) عَاوَنَهُ وَ ( اسْتَوَى عَمَلُهُمَا فَلَا أُجْرَةَ لَهُمَا ) أَيْ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ ( وَلَا إنْ زَادَ عَمَلُ الْمُعَاوِنِ ) فَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ الزِّيَادَةُ ( بِخِلَافِ الْآخَرِ ) إذَا زَادَ عَمَلُهُ لَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ بِالْحِصَّةِ عَلَى الْمُعَاوِنِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا ( وَإِنْ سَاقَيَا ) أَيْ الشَّرِيكَانِ ( ثَالِثًا لَمْ تُشْتَرَطْ مَعْرِفَتُهُ بِحِصَّةِ كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( إلَّا إنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَشْرُوطِ ) لَهُ فَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا .
( قَوْلُهُ : فَكَأَنَّهُ سَاقَاهُ عَلَى نِصْفِهِ بِالثُّلُثِ ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى نَصِيبِي حَتَّى لَا يَكُونَ الْعَمَلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَاقِعًا فِي الْمُشْتَرَكِ وَبِهَذَا صَوَّرَ أَبُو الطَّيِّبِ تَبَعًا لِمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُزَنِيّ لَكِنَّ كَلَامَ غَيْرِهِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ .
( قَوْلُهُ : وَقَيَّدَ الْغَزَالِيُّ كَإِمَامِهِ تَفَقُّهًا بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْفَسَادَ ) جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ طَمَعُهُ فِيمَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ شَرْعًا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ " شَيْءٌ " فِي التَّعْلِيلِ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ .
( قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ مُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَصِيبِهِ أَجْنَبِيًّا إلَخْ ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ لَوْ سَاقَاهُ عَلَى أَحَدِ الْحَدِيقَتَيْنِ ، أَوْ عَلَى نَصِيبِهِ الْمُشَاعِ دُونَ شَرِيكِهِ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِالْعَمَلِ وَتَعَذُّرِ تَخْصِيصِ عَمَلِهِ بِمَا سُوقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُشَاعِ .
ا هـ .
، وَقَالَ السُّبْكِيُّ إذَا سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى حِصَّتِهِ أَجْنَبِيًّا فَقَدْ عَرَفْت حُكْمَهُ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لَمْ يَجُزْ ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ جَازَ وَهَذَا تَفْرِيعٌ لَا نَقْلٌ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ ) لَوْ سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَجْنَبِيًّا عَلَى حِصَّتِهِ فَقِيَاسُ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْمُشْتَرَكِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْمَالِكِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ إلْزَامُ الْعَامِلِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ فِيهِ .
( قَوْلُهُ : فَلَا أُجْرَةَ لَهُمَا إلَخْ ) فِي نُسْخَةٍ لَا أُجْرَةَ لَهُمَا ، وَإِنْ زَادَ عَمَلُ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْأَقَلُّ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ .
( فَصْلٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ " فَرْعٌ " لَوْ ( سَاقَى ) وَاحِدٌ ( اثْنَيْنِ صَفْقَةً ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ صَفْقَتَيْنِ ( هَذَا بِالنِّصْفِ وَهَذَا بِالثُّلُثِ جَازَ ) .
( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ صَفْقَتَيْنِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا صُورَتُهُ فِي الصَّفْقَتَيْنِ أَنْ يَعْقِدَ مَعَهُ عَلَى نِصْفِ النَّخْلِ ، ثُمَّ يَعْقِدَ مَعَ آخَرَ عَلَى النِّصْفِ الثَّانِي .
( فَرْعٌ ) ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ : حَدِيقَةٌ بَيْنَ سِتَّةٍ أَسْدَاسًا فَسَاقَوْا رَجُلًا عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ نَصِيبِ وَاحِدٍ عَيَّنُوهُ النِّصْفَ وَمِنْ الثَّانِي الرُّبُعَ وَمِنْ الثَّالِثِ الثُّمُنَ وَمِنْ الرَّابِعِ الثُّلُثَيْنِ وَمِنْ الْخَامِسِ الثُّلُثَ وَمِنْ السَّادِسِ السُّدُسَ ، فَتَضْرِبُ مَخْرَجَ الْكُسُورِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فِي عَدَدِ الشُّرَكَاءِ تَبْلُغُ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَلِلْعَامِلِ مِنْ نَصِيبِ كُلٍّ مَا شُرِطَ لَهُ فَيُجْمَعُ لَهُ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ .
( قَوْلُهُ : فَتَضْرِبُ مَخْرَجَ الْكُسُورِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ) حِسَابُهُ أَنَّ مَخْرَجَ النِّصْفِ وَالرُّبُعِ يَدْخُلَانِ فِي مَخْرَجِ الثُّمُنِ ، وَمَخْرَجَ الثُّلُثَيْنِ وَالثُّلُثِ يَدْخُلَانِ فِي مَخْرَجِ السُّدُسِ فَتَبْقَى سِتَّةٌ وَثَمَانِيَةٌ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ تَضْرِبُ نِصْفَ أَحَدِهِمَا فِي جَمِيعِ الْآخَرِ يَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ .
( الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْعَمَلُ وَيُشْتَرَطُ انْفِرَادُ الْعَامِلِ بِالْيَدِ وَالْعَمَلِ ) فِي الْحَدِيقَةِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْعَمَلِ مَتَى شَاءَ كَمَا فِي الْقِرَاضِ ( فَلَوْ شَرَطَ الْمَالِكُ دُخُولَ الْبُسْتَانِ ) أَيْ دُخُولَهُ إيَّاهُ ( أَوْ ) شَرَطَ ( أَحَدُهُمَا ) مَعَ الْآخَرِ ( مُعَاوَنَةَ عَبِيدِ الْمَالِكِ الْمُعَيَّنِينَ ) أَيْ الْمَرْئِيِّينَ ( أَوْ الْمَوْصُوفِينَ ) أَيْ مُعَاوَنَتَهُمْ لِلْعَامِلِ ( وَلَا يَدَ لَهُمْ ) وَلَا تَدْبِيرَ ( لَمْ يَضُرَّ ) إذْ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ اسْتِقْلَالَ الْعَامِلِ وَتَمَكُّنَهُ مِنْ الْعَمَلِ أَمَّا إذَا شَرَطَ أَنَّ لَهُمْ يَدًا ، أَوْ تَدْبِيرًا فَيَضُرُّ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ الْعَامِلِ ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْعَبِيدِ مُوَافِقٌ لِتَعْبِيرِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ بِهِمْ لَكِنَّ الْأَصْلُ عَبَّرَ بِالْغُلَامِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ يَشْمَلُ الرَّقِيقَ وَالْأَجِيرَ الْحُرَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ يُسْتَحَقُّ مَنْفَعَتُهُ ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا ( وَنَفَقَتُهُمْ عَلَى الْمَالِكِ ) بِحُكْمِ الْمَلِكِ فَلَوْ شُرِطَتْ عَلَيْهِ جَازَ وَكَانَ تَأْكِيدًا ( وَلَوْ شُرِطَتْ فِي الثَّمَرَةِ ) بِغَيْرِ تَقْدِيرِ جُزْءٍ مَعْلُومٍ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي ( لَمْ يَجُزْ ) لِأَنَّ مَا يَبْقَى يَكُونُ مَجْهُولًا ( أَوْ ) شُرِطَتْ ( عَلَى الْعَامِلِ ) وَقُدِّرَتْ ( جَازَ ) لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَلْتَزِمَ مُؤْنَةَ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُ وَهُوَ كَاسْتِئْجَارِ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُ ( وَلَوْ لَمْ تُقَدَّرْ ) جَازَ أَيْضًا ( فَالْعُرْفُ كَافٍ ) لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَقِيلَ لَا يَكْفِي بَلْ يَجِبُ تَقْدِيرُهَا لِيَعْرِفَ مَا يَدْفَعُ إلَيْهِمْ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ الْخُبْزِ وَالْأُدْمِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ أَصْحَابُ الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ وَالتَّتِمَّةِ وَغَيْرُهُمْ ( وَإِنْ شَرَطَ الْعَامِلُ عَمَلَهُمْ فِي حَوَائِجِهِ أَوْ اسْتِئْجَارَ مُعَاوِنٍ ) لَهُ بِجُزْءٍ ( مِنْ الثَّمَرَةِ ) أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ مَالِ الْمَالِكِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( بَطَلَتْ ) أَيْ
الْمُسَاقَاةُ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمُسَاقَاةِ أَنْ تَكُونَ الْأَعْمَالُ وَمُؤَنُهَا عَلَى الْعَامِلِ وَلِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ الْحَاصِلِ لَهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّهَا تَصِحُّ إذَا جُعِلَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِ الْعَامِلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( وَإِنْ شُرِطَ الثُّلُثُ لِلْعَامِلِ وَالثُّلُثُ لِلْمَالِكِ وَالثُّلُثُ يُصْرَفُ فِي نَفَقَةِ عَبِيدِ الْمَالِكِ صَحَّ وَكَأَنَّهُ شُرِطَ لِلْعَامِلِ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ لِلْمَالِكِ ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ ، وَإِنْ شُرِطَتْ فِي الثَّمَرَةِ لَمْ يَجُزْ تَوَسُّطٌ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ الْمَنْعَ لِمَا مَرَّ ، ثُمَّ وَعَنْ صَاحِبِ الْإِفْصَاحِ الْجَوَازُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ صَلَاحِ الْمَالِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْآخَرِ مُعَاوَنَةَ عَبِيدِ الْمَالِكِ إلَخْ ) يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ الْمَالِكُ عَمَلَ غِلْمَانِ الْعَامِلِ مَعَهُ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُمْ وَلَا وَصْفُهُمْ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ يَشْمَلُ الرَّقِيقَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ : الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَكَذَا قَوْلُهُ : وَأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ وَقَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ حُرًّا أَيْ كَأَنْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ أَبَدًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ ، أَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا مُدَّةً طَوِيلَةً ، ثُمَّ عَتَقَ .
( قَوْلُهُ : فَالْعُرْفُ كَافٍ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ يَنْزِلُ عَلَى الْوَسَطِ الْمُعْتَادِ ( قَوْلُهُ : وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّهَا تَصِحُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : تَوَسُّطٌ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ يُشْتَرَطُ ) لِصِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ ( تَقْدِيرُ مُدَّةٍ يُثْمِرُ فِيهَا ) الشَّجَرُ ( غَالِبًا ) لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُسَاقَاةِ ( فَلَوْ قُدِّرَ دُونَهَا ) بَطَلَتْ الْمُسَاقَاةُ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْعِوَضِ وَ ( سَقَطَتْ أُجْرَتُهُ ) أَيْ لَا يَسْتَحِقُّهَا .
( إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تُثْمِرُ ) فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ ( كَمَنْ قَدَّرَهَا ) أَيْ الْمُدَّةَ الَّتِي تُثْمِرُ فِيهَا غَالِبًا ( وَلَمْ تُثْمِرْ ) فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً كَمَا لَوْ قَارَضَهُ فَلَمْ يَرْبَحْ ( فَإِنْ اسْتَوَى الِاحْتِمَالَانِ ، أَوْ جَهِلَ ) الْحَالَ ( لَمْ تَسْقُطْ ) أُجْرَتُهُ ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا مَعَ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ بَاطِلَةٌ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي مَعْدُومٍ إلَى وَقْتٍ يَحْتَمِلُ وُجُودَهُ وَعَدَمَهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالْمَرْجِعُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالشَّجَرِ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ .
( قَوْلُهُ : لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُسَاقَاةِ ) لِأَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ بِإِطْلَاعِهَا فِي الْمُدَّةِ وَعَلَى الْمَالِكِ إبْقَاؤُهَا إلَى الْجِذَاذِ ( قَوْلُهُ : فَلَوْ قُدِّرَ دُونَهَا بَطَلَتْ إلَخْ ) كَالْمُسَاقَاةِ عَلَى الْأَشْجَارِ الَّتِي لَا تُثْمِرُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْعَدَمَ ، أَوْ غَلَبَ أَوْ اسْتَوَيَا قَوْلُهُ : إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تُثْمِرُ ، أَوْ غَلَبَ عَدَمُ إثْمَارِهَا ) وَقَالَ الْإِمَامُ هَذَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهَا لَا تُثْمِرُ فِيهَا فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُ الْإِمَامِ صَحِيحٌ وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ الْمَارِّ ( قَوْلُهُ : فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً إلَخْ ) أَيْ لِرِضَاهُ بِالْعَمَلِ مَجَّانًا .
( وَتَصِحُّ ) الْمُسَاقَاةُ ( فِي الْمُثْمِرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ) لِبَقَاءِ مُعْظَمِ الْأَعْمَالِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا لِفَوَاتِ مُعْظَمِهَا ( وَلَوْ قَدَّرَ ) الْمُدَّةَ ( بِإِدْرَاكِ الثَّمَرَةِ لَمْ يَصِحَّ ) كَالْإِجَارَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْقِيتِهَا بِوَقْتٍ مَعْلُومٍ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ تَأْقِيتُهَا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا تَعَهُّدُ الْأَشْجَارِ لِخُرُوجِ الثَّمَرَةِ وَلِحُصُولِهَا غَايَةٌ مَعْلُومَةٌ فَسَهُلَ ضَبْطُهَا بِخِلَافِ الرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ فَيُخِلَّ التَّأْقِيتُ بِمَقْصُودِهِ .
( قَوْلُهُ : لِبَقَاءِ مُعْظَمِ الْأَعْمَالِ ) وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْغَرَرِ لِلْوُثُوقِ بِالثِّمَارِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ فَعُلِمَ جَوَازُهَا فِي الْحِصْرِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِخِلَافِ الْبُسْرِ
( وَإِذَا سَاقَاهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ صَحَّ كَالْإِجَارَةِ ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حِصَّةَ كُلِّ سَنَةٍ ، وَإِنْ فَاوَتَ بَيْنَ السِّنِينَ فِي ) الْجُزْءِ ( الْمَشْرُوطِ لَمْ يَضُرَّ ) وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ تَحْرِيفٌ ( وَإِنْ شَرَطَ ثَمَرَةَ سَنَةٍ ) مُعَيَّنَةٍ ( مِنْهَا ) أَيْ السِّنِينَ وَالْأَشْجَارِ بِحَيْثُ تُثْمِرُ كُلَّ سَنَةٍ ( بَطَلَتْ ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ ( كَأَنْ سَاقَاهُ عَشْرَ سِنِينَ عَلَى أَنَّ لَهُ ثَمَرَةَ الْعَاشِرَةِ ) فَقَدْ لَا تُوجَدُ الثَّمَرَةُ إلَّا فِيهَا ، أَوْ فِي غَيْرِهَا فَيَفُوتَ عَلَى أَحَدِهِمَا نَصِيبُهُ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ سَاقَاهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ صَحَّ إلَخْ ) بِأَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ تَبْقَى لَهُ فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا لِلِاسْتِغْلَالِ .
( قَوْلُهُ : وَهُوَ تَحْرِيفٌ ) اعْتَرَضَهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَنْعُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّ تَفْصِيلَ الْأُجْرَةِ يُوجِبُ تَعَدُّدَ الصَّفْقَةِ أَيْ فَإِذَا قَالَ سَاقَيْتُك ثَلَاثَ سِنِينَ عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَ ثَمَرَةِ السَّنَةِ الْأُولَى وَثُلُثَ ثَمَرَةِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَرُبُعَ ثَمَرَةِ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَالسَّنَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ عَقْدٌ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ وَهُوَ لَوْ أَفْرَدَ الْعَقْدَ عَلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَصِحَّ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ السَّلَمِ بِأَنَّ الصَّفْقَةَ هُنَاكَ وَاحِدَةٌ ، وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ أَسْلَمْتُ إلَيْك فِي عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ مَثَلًا تُؤَدِّي نِصْفَهَا بَعْدَ شَهْرٍ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَالصَّفْقَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْأَجَلِ لِشُيُوعِ الْأَجَلِ فِي الْجُمْلَةِ قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهُوَ كَلَامٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَقْبَلَةً لَكِنَّهَا تَالِيَةٌ لِلْمُدَّةِ الْحَالِيَةِ كَمَا لَوْ قَالَ أَجَّرْتُك هَذِهِ الدَّارَ ثَلَاثَ سِنِينَ الْأُولَى بِكَذَا وَالثَّانِيَةَ بِكَذَا وَالثَّالِثَةَ بِكَذَا فَإِنَّهُ لَا وَجْهَ لِغَيْرِ الصِّحَّةِ .
( وَلَوْ سَاقَاهُ عَشْرَ سِنِينَ لِتَكَوُّنِ الثَّمَرَةِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ تُتَوَقَّعْ إلَّا فِي الْعَاشِرَةِ جَازَ ) وَتَكُونُ السِّنِينَ بِمَثَابَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّهُ شُرِطَ لَهُ فِيهَا سَهْمٌ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ ( فَإِنْ أَثْمَرَ قَبْلَهَا ) أَيْ الْعَاشِرَةِ ( فَلَا شَيْءَ فِيهِ ) أَيْ فِي الثَّمَرِ ( لِلْعَامِلِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ لَوْ سَاقَاهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ ( وَالسَّنَةُ ) الْمُطْلَقَةُ الَّتِي يُؤَجَّلُ بِهَا ( عَرَبِيَّةٌ ) لِأَنَّهَا الْمُتَبَادِرَةُ مِنْ اللَّفْظِ ( فَإِنْ شَرَطَا رُومِيَّةً ) أَوْ غَيْرَهَا ( وَعَرَفَاهَا جَازَ وَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَعَلَى النَّخِيلِ طَلْعٌ ) أَوْ بَلَحٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَلِلْعَامِلِ حِصَّتُهُ ) مِنْهُ ( وَعَلَى الْمَالِكِ التَّعَهُّدُ ) وَفِي نُسْخَةٍ تَعَهُّدُهُ إلَى الْإِدْرَاكِ أَيْ الْجِذَاذِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَنْقُلْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا عَنْ الرَّافِعِيِّ ، وَفِي الِانْتِصَارِ وَالْمُرْشِدِ أَنَّ التَّعَهُّدَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الثَّمَرَةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا وَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ أُجْرَةٌ لِتَبْقِيَةِ حِصَّتِهِ عَلَى الشَّجَرِ إلَى حِينِ الْإِدْرَاكِ ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا ثَمَرَةً مُدْرَكَةً بِحُكْمِ الْعَقْدِ ( وَإِنْ أَدْرَكَ الثَّمَرُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا ) أَيْ الْمُدَّةِ ( لَزِمَ الْعَامِلَ أَنْ يَعْمَلَ الْبَقِيَّةَ بِلَا أُجْرَةٍ ، وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ الثَّمَرُ إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ ) .
( قَوْلُهُ : وَعَلَى النَّخْلِ طَلْعٌ أَوْ بَلَحٌ ) قَالَ شَيْخُنَا مِثْلُهُ الْحِصْرِمُ عَلَى الْعِنَبِ .
( قَوْلُهُ : وَعَلَى الْمَالِكِ التَّعَهُّدُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّ شَرِكَةَ الْعَامِلِ هُنَا وَقَعَتْ تَابِعَةً غَيْرَ مَقْصُودَةٍ مِنْهُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ بِسَبَبِهَا شَيْءٌ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ الثَّمَرُ إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا صَحِيحٌ إنْ تَأَخَّرَ لَا بِسَبَبٍ عَارِضٍ فَإِنْ كَانَ بِعَارِضِ سَبَبٍ كَبَرْدٍ وَلَوْلَاهُ لَأَطْلَعَ فِي الْمُدَّةِ فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ النَّخْلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا مِمَّا يُثْمِرُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ فَأَطْلَعَ الثَّمَرَةُ الْأُولَى قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَالثَّانِيَةُ بَعْدَهَا فَهَلْ نَقُولُ يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ أَوْ يَكُونُ الْعَامِلُ شَرِيكًا لَهُ فِيهَا لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عَامٍ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَدْ سَبَقَ لَهُ نَظَائِرُ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهِ ، وَفِي الزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ : فَهَلْ نَقُولُ يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( الرُّكْنُ الْخَامِسُ الصِّيغَةُ ) كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ ( وَهِيَ سَاقَيْتُك عَلَى هَذَا النَّخْلِ بِكَذَا ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَ اعْمَلْ ) فِي ( نَخِيلِي ، أَوْ تَعَهَّدْهَا ) أَوْ سَلَّمْتهَا إلَيْك لِتَتَعَهَّدَهَا ( بِكَذَا فَيَقْبَلُ ) الْعَامِلُ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ نَقْلِهِ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ عَنْ الْأَصْحَابِ وَمَا قَالُوهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ مِثْلَهُ مِنْ الْعُقُودِ يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ أَيْ فَيَكُونُ كِنَايَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَهَابًا إلَى أَنَّهَا صَرِيحَةٌ ، انْتَهَى .
وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالشَّاشِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِمْ الْأَوَّلُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ : كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ ) أَفَادَ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ وَكِتَابَتِهِ .
( قَوْلُهُ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَهَابًا إلَى أَنَّهَا صَرِيحَةٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالشَّاشِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِمْ الْأَوَّلُ ) وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ .
( قَوْلُهُ : وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ الثَّانِي ) لِأَنَّا لَمْ نَرَ مَنْ شَرَطَ النِّيَّةَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ .
( فَرْعٌ لَوْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ ) كَ اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَتَعَهَّدَ نَخِيلِي بِكَذَا مِنْ ثَمَرَتِهَا ( لَمْ يَصِحَّ ) قَالُوا لِأَنَّ لَفْظَ الْإِجَارَةِ صَرِيحٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ فَإِنْ أَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ فِي مَحَلِّهِ نَفَذَ .
فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي ، وَإِلَّا فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ ( وَكَذَا عَكْسُهُ ) بِأَنْ عَقَدَ الْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ كَ سَاقَيْتُكَ لِتَتَعَهَّدَ نَخِيلِي بِمِائَةٍ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْمُسَاقَاةِ صَرِيحٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ هَذَا إذَا قَصَدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ الْمُسَاقَاةَ ، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ ( فَإِنْ وُجِدَتْ الْإِجَارَةُ بِشُرُوطِهَا كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ الثَّمَرَةِ ) الْمَوْجُودَةِ ( أَوْ كُلِّهَا مَعَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ) وَإِنْ كَانَ نِصْفُهَا فِي الْأُولَى شَائِعًا ( وَكَذَا قَبْلَهُ ) لَكِنْ ( بِشَرْطِ الْقَطْعِ ) لِلنِّصْفِ ، أَوْ الْكُلِّ ( وَلَمْ يَكُنْ ) أَيْ النِّصْفُ ( شَائِعًا ) كَأَنْ شَرَطَ لَهُ ثَمَرَةً مُعَيَّنَةً ( صَحَّ ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً ، أَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً لَكِنْ شَرَطَ نِصْفًا شَائِعًا لَمْ يَصِحَّ ، وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ فِي الثَّانِيَةِ ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ شَرْطَ الْأُجْرَةِ أَنْ تَكُونَ فِي الذِّمَّةِ ، أَوْ مَوْجُودَةً مَعْلُومَةً كَمَا سَيَأْتِي ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِتَعَذُّرِ قَطْعِ الشَّائِعِ وَحْدَهُ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قِسْمَةَ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ بَيْعٌ لَا إفْرَازٌ وَإِلَّا فَذَلِكَ مُشْكِلٌ ؛ لِأَنَّ قِسْمَتَهَا عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا جَائِزٌ وَلَوْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إذَا قُلْنَا إنَّهَا إفْرَازٌ وَهَذَا جَازَ فِي سَائِرِ نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ وَذِكْرُ النِّصْفِ مِثَالٌ فَسَائِرُ الْأَجْزَاءِ كَذَلِكَ .
( قَوْلُهُ : لَوْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ وَصَحَّحَ السُّبْكِيُّ الصِّحَّةَ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَصْحِيحُ عَدَمِ الِانْعِقَادِ مُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ فَإِنَّ الصَّرِيحَ فِي بَابِهِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي نَاوِيًا الطَّلَاقَ فَلَا تَطْلُقُ وَيَقَعُ الظِّهَارُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ وَمَسْأَلَتُنَا مِنْ ذَلِكَ .
ا هـ .
وَالصَّوَابُ مَا صَحَّحُوهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي هُوَ أَنَّ لَفْظَ الظِّهَارِ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ تَصَوُّرُهُ فِي حَقِّ الْأَمَةِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ حُمِلَ عَلَى الْكِنَايَةِ بِإِرَادَةِ الْمُكَلَّفِ تَصْحِيحًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ ، وَأَمَّا لَفْظُ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ ، وَإِيقَاعُهُ إجَارَةً بِأَنْ يَذْكُرَ عِوَضًا مَعْلُومًا فَعُدُولُ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْعِوَضِ الصَّحِيحِ إلَى الْفَاسِدِ دَلِيلُ الْإِلْغَاءِ وَلَا ضَرُورَةَ بِنَا إلَى حَمْلِهِ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ وَاللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي الْفَسَادِ فَلَا يَكُونُ إعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ مَعَ إمْكَانِ تَصْحِيحِهِ إجَارَةً وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَأَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ لِتَخْرُجَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ وَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِلَا ثَمَنٍ .
( قَوْلُهُ : وَكَذَا عَكْسُهُ ) لَفْظُ الْإِجَارَةِ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا يَقْبَلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَالصَّرِيحُ إنَّمَا يَكُونُ كِنَايَةً بِشَرْطَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَقْبَلَهُ الْعَقْدُ الْمَنْوِيُّ فِيهِ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ قِسْمَتَهُمَا عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا جَائِزٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : إذَا قُلْنَا
: إنَّهَا إفْرَازٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَإِنْ قَالَ سَاقَيْتُك بِالنِّصْفِ ) مَثَلًا ( لِيَكُونَ أَجْرُهُ لَك لَمْ يَضُرَّ ) لِسَبْقِ لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ .
( وَلَوْ سَاقَاهُ وَلَمْ يُفَصِّلْ الْأَعْمَالَ صَحَّ وَيُحْمَلُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ عَلَى عُرْفِهَا ) الْغَالِبِ ( إنْ عَرَفَاهُ ) إذْ الْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ فَإِنْ جَهِلَاهُ ، أَوْ أَحَدُهُمَا وَجَبَ التَّفْصِيلُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَمْلَ الْمَذْكُورَ يَجْرِي ، وَإِنْ عُقِدَ بِغَيْرِ لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي إلَّا فِي لَفْظِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يُشِيرُ إلَيْهِ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ قَالَ خُذْ فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْحِ الْأَعْمَالِ الَّتِي عَلَى الْعَامِلِ ، وَإِنْ قَالَ سَاقَيْتُك فَلَا حَاجَةَ إلَى تَفْصِيلِ الْأَعْمَالِ ، وَإِنْ قَالَ عَامَلْتُك فَفِي التَّفْصِيلِ تَرَدُّدٌ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ .
( قَوْلُهُ : وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَمْلَ الْمَذْكُورَ يَجْرِي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي إلَخْ ) فَإِنَّهُ قَيَّدَ تَرْجِيحَ عَدَمِ وُجُوبِ تَفْصِيلِ الْأَعْمَالِ بِمَا إذَا عُقِدَ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَاقْتَضَى الْوُجُوبَ إذَا عُقِدَ بِغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ، ثُمَّ نَقَلَ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ عَنْ الْإِمَامِ
( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا وَيَجْمَعُهَا حُكْمَانِ الْأَوَّلُ مَا عَلَيْهِمَا فَكُلُّ مَا يُحْتَاجُ ) إلَيْهِ ( لِتَنْمِيَةِ الثَّمَرَةِ وَيَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ كَالسَّقْيِ ، وَإِصْلَاحِ مَجَارِيهِ ) أَيْ الْمَاءِ ( وَالْأَجَاجِينِ ) الَّتِي يَقِفُ فِيهَا الْمَاءُ حَوْلَ الشَّجَرِ ( وَتَنْقِيَةِ الْأَنْهَارِ وَالْآبَارِ ) مِنْ الطِّينِ وَنَحْوِهِ ( وَإِدَارَةِ الدُّولَابِ وَفَتْحِ رَأْسِ السَّاقِيَةِ ) أَيْ الْقَنَاةِ ( وَسَدِّهَا ) عِنْدَ السَّقْيِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ ( وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ بِالْمَسَاحِي وَكِرَابِهَا ) بِالْمُوَحَّدَةِ أَيْ قَلْبِهَا لِلْحَرْثِ ( فِي الزِّرَاعَةِ وَتَقْوِيَتِهَا بِالزِّبْلِ إنْ اُعْتِيدَ وَالتَّلْقِيحِ وَقَطْعِ ) الْمُضِرِّ بِالشَّجَرِ مِنْ ( الْحَشِيشِ ) وَنَحْوِهِ كَالْقُضْبَانِ ( وَالْجَرِيدِ وَصَرْفِهِ ) عَنْ وُجُوهِ الْعَنَاقِيدِ لِتُصِيبَهَا الشَّمْسُ وَلِيَتَيَسَّرَ قَطْعُهَا عِنْدَ الْإِدْرَاكِ ( عَلَى الْعَامِلِ وَكَذَا التَّعْرِيشُ لِلْعِنَبِ وَحِفْظُ الثَّمَرَةِ ) عَلَى الشَّجَرِ ، وَفِي الْبَيْدَرِ عَنْ السَّرِقَةِ وَالشَّمْسِ وَالطُّيُورِ وَالذَّنَابِيرِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَ فَوْقَهَا حَشِيشًا أَوْ نَحْوَهُ فِي الْأُولَتَيْنِ وَأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ عُنْقُودٍ فِي وِعَاءٍ كَقَوْصَرَّةٍ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ ( وَالْجِدَادُ وَتَجْفِيفُ الثَّمَرِ إنْ اُعْتِيدَ ) كُلٌّ مِنْ التَّعْرِيشِ وَمَا بَعْدَهُ ( أَوْ شَرَطَ ) عَلَى الْعَامِلِ وَذِكْرُ الشَّرْطِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ وَالِاعْتِيَادِ فِي الْحِفْظِ وَالْجِدَادِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ تَصْحِيحَ وُجُوبِ التَّجْفِيفِ عَلَى الْعَامِلِ بِذَلِكَ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ ؛ إذْ النَّافِي لِوُجُوبِهِ لَا يَسَعُهُ مُخَالَفَةُ الْعَادَةِ أَوْ الشَّرْطِ فَمَحَلُّ التَّصْحِيحِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ انْتِفَائِهِمَا ( وَإِذَا لَزِمَ ) التَّجْفِيفُ ( وَجَبَ تَسْوِيَةُ الْبَيْدَرِ ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَرِينُ ( وَنَقْلُهَا ) أَيْ الثَّمَرَةِ ( إلَيْهِ وَتَقْلِيبُهَا فِي الشَّمْسِ ) وَقَوْلُهُ ( وَصَوْنُهَا عَنْ الشَّمْسِ ) فِيهِ
إقَامَةُ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( إنْ اُحْتِيجَ ) إلَى كُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ ، وَإِنَّمَا لَزِمَ حِفْظُ الثَّمَرَةِ وَجِدَادُهَا الْعَامِلَ دُونَ الْمَالِكِ كَالْمَذْكُورَانِ قَبِلَهُمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ صَلَاحِ الثَّمَرَةِ ( وَالْأَعْيَانُ عَلَى الْمَالِكِ ) لَا عَلَى الْعَامِلِ ؛ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْعَمَلُ ( كَطَلْعِ التَّلْقِيحِ وَقَصَبِ التَّعْرِيشِ ) .
التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَظُرُوفِ الْعَنَاقِيدِ وَكَذَا الْمِنْجَلُ وَالْمِعْوَلُ ) بِكَسْرِ مِيمِهِمَا ( وَالثَّوْرُ ) وَآلَتُهُ مِنْ الْمِحْرَاثِ وَغَيْرِهِ ( وَالْخَرَاجُ ) أَيْ خَرَاجُ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ ( وَمَا لَا يَتَكَرَّرُ ) كُلَّ سَنَةٍ وَيُقْصَدُ بِهِ حِفْظُ الْأُصُولِ ( كَحَفْرِ الْبِئْرِ وَمَا انْهَارَ ) أَيْ هُدِمَ ( مِنْهُمَا وَبِنَاءِ الْحَائِطِ وَنَصْبِ الدُّولَابِ ) وَالْأَبْوَابِ ( عَلَى الْمَالِكِ ) لَا عَلَى الْعَامِلِ ؛ إذْ فِي تَكْلِيفِهِ إيَّاهُ مَعَ بَقَاءِ أَثَرِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُسَاقَاةِ إجْحَافٌ بِهِ ( وَأَمَّا وَضْعُ الشَّوْكِ عَلَى الْجِدَارِ وَالتَّرْقِيعُ الْيَسِيرُ ) الَّذِي يُنْفَقُ فِي الْجِدَادِ ( فَبِحَسَبِ الْعَادَةِ ) مِنْ كَوْنِهِمَا عَلَى الْمَالِكِ ، أَوْ الْعَامِلِ وَنَصُّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ عَلَى الْمَالِكِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِهِ ( وَإِنْ شُرِطَ عَلَى أَحَدِهِمَا ) فِي الْعَقْدِ ( مَا عَلَى الْآخَرِ بَطَلَتْ ) لِمُخَالَفَتِهِ وَضْعَ الْعَقْدِ ( وَلَهُ اسْتِئْجَارُهُ عَلَيْهِ وَلَا أُجْرَةَ ) لَهُ ( إنْ عَمِلَهُ بِلَا إذْنٍ ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَمِلَهُ بِالْإِذْنِ فَلَهُ أُجْرَتُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ لَا يَقْتَضِي الْأُجْرَةَ فَالْمُتَّجَهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا إذَا قَالَ اغْسِلْ ثَوْبِي وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا تَابِعٌ لِعَمَلٍ تَجِبُ فِيهِ الْأُجْرَةُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ اغْسِلْ ثَوْبِي ، وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ اسْتِئْجَارِ الْمَالِكِ عَلَى مَا عَلَى الْعَامِلِ وَعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ إنْ عَمِلَهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا ) ( قَوْلُهُ : كَالسَّقْيِ ) قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا مَا يُشْرَبُ بِعُرُوقِهِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْمَاوَرْدِيُّ أَوْجَهُهَا جَوَازُ شَرْطِ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ وَعَلَى الْعَامِلِ فَإِنْ أُطْلِقَ صَحَّ وَكَانَ عَلَى الْعَامِلِ كَمَا حَكَاهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ النَّصِّ .
( قَوْلُهُ : وَحِفْظُ الثَّمَرَةِ عَلَى الشَّجَرِ إلَخْ ) لَوْ لَمْ تُحْفَظْ بِالْعَامِلِ لِكَثْرَةِ السُّرَّاقِ ، أَوْ لِكِبَرِ الْبُسْتَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَاَلَّذِي يَقْوَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْتَرِيَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ بَلْ عَلَى الْمَالِكِ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ .
ا هـ .
مَا ذَكَرَهُ مَرْدُودٌ .
( قَوْلُهُ : وَالْأَعْيَانُ عَلَى الْمَالِكِ ) أَيْ الْأَعْيَانُ الَّتِي يُوَفَّى بِهَا الْعَمَلُ كَالْفَأْسِ وَالْمِنْجَلِ وَالْبَقَرِ الَّتِي يُحْرَثُ بِهَا ، وَيُدَارُ بِهَا الدُّولَابُ ، وَالْبَذْرُ ، وَخَرَاجُ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ قَوْلُهُ : وَإِنْ شُرِطَ عَلَى أَحَدِهِمَا مَا عَلَى الْآخَرِ بَطَلَتْ ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ السَّقْيَ عَلَى الْمَالِكِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى أَنَّ شَرْطَ السَّقْيِ عَلَى الْمَالِكِ لَا بَأْسَ بِهِ وَجَزَمَ بِهِ الدَّارِمِيُّ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ مِنْ إطْلَاقِهِمَا هُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ .
( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا عَمِلَهُ بِالْإِذْنِ فَلَهُ أُجْرَتُهُ ) وَكَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَمْرِهِ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ عَلَى الصَّحِيحِ .
( الْحُكْمُ الثَّانِي اللُّزُومُ ) لِلْمُسَاقَاةِ ( فَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ ) كَالْإِجَارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ الْعَمَلَ فِيهِمَا فِي أَعْيَانٍ تَبْقَى بِحَالِهَا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ لَا تَبْقَى أَعْيَانُهُ بَعْدَ الْعَمَلِ فَأَشْبَهَ الْوَكَالَةَ وَ ( يَمْلِكُ الْعَامِلُ فِيهَا حِصَّتَهُ ) مِنْ الثَّمَرَةِ ( بِالظُّهُورِ ) بِخِلَافِ الْقِرَاضِ ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِيهِ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ نَعَمْ إنْ عُقِدَتْ الْمُسَاقَاةُ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ مَلَكَهَا بِالْعَقْدِ .
( قَوْلُهُ : فَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ ) أَيْ لَا يَتَمَكَّنُ الْمَالِكُ مِنْ فَسْخِهِ وَلَا الْعَامِلُ هَذَا مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهِهِ وَكُنْت أَوَدُّ لَوْ قَالَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِعَدَمِ لُزُومِهَا حَتَّى أُوَافِقَهُ ا هـ وَيُجَابُ بِأَنَّ وَجْهَهُ ظَاهِرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ مُرَاعَاةِ مَصْلَحَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا ، إذْ لَوْ تَمَكَّنَ الْعَامِلُ مِنْ فَسْخِهِ قَبْلَ إتْمَامِ الْعَمَلِ تَضَرَّرَ الْمَالِكُ بِفَوَاتِ الثَّمَرَةِ أَوْ بَعْضِهَا بِعَدَمِ الْعَمَلِ لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ ، أَوْ لَا يَتَفَرَّغُ لَهُ وَلَوْ تَمَكَّنَ الْمَالِكُ مِنْ فَسْخِهِ تَضَرَّرَ الْعَامِلُ لِفَوَاتِ نَصِيبِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ لِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ .
( قَوْلُهُ : كَالْإِجَارَةِ إلَخْ ) وَلِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً لَفَسَخَ الْمَالِكُ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَتَضِيعُ عَلَى الْعَامِلِ وَلَيْسَتْ كَالْقِرَاضِ فَإِنَّ الرِّبْحَ لَا وَقْتَ لَهُ فَإِذَا فَسَخَ الْمَالِكُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَلَا ضَرَرَ ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ الْمُحَصِّلِ لِنَصِيبِ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ .
( قَوْلُهُ : نَعَمْ إنْ عَقَدَ الْمُسَاقَاةَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ وَإِنْ هَرَبَ الْعَامِلُ ، أَوْ مَرِضَ ) ، أَوْ عَجَزَ بِغَيْرِ ذَلِكَ ( قَبْلَ التَّمَامِ ) لِلْعَمَلِ ( لَمْ يَبْطُلْ عَمَلُهُ ) الَّذِي عَمِلَهُ ( بَلْ يُثْبِتُ ) الْمَالِكُ ( عِنْدَ الْحَاكِمِ ) الْمُسَاقَاةَ وَالْهَرَبَ ، أَوْ نَحْوَهُ ( لِيُتَمِّمَ ) الْعَمَلَ ( مِنْ مَالِهِ ) بِأَنْ يَكْتَرِيَ مِنْهُ مَنْ يُتَمِّمُهُ ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَيَنُوبُ عَنْهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ هَذَا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الثَّمَرِ ( وَإِلَّا بَاعَ نَصِيبَهُ أَوْ بَعْضَهُ ) مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يَفِي بِالْأُجْرَةِ وَاكْتَرَى بِهِ ( إنْ بَدَا صَلَاحُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَبْدُ الصَّلَاحُ ) وَخَرَجَ الثَّمَرُ ، أَوْ لَمْ يَخْرُجْ ( اسْتَقْرَضَ ) مِنْ الْمَالِكِ ، أَوْ غَيْرِهِ ( إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْمَلُ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ ) مُدَّةَ إدْرَاكِ الثَّمَرَةِ لِتَعَذُّرِ بَيْعِ نَصِيبِهِ وَحْدَهُ لِلْحَاجَةِ إلَى شَرْطِ قَطْعِهِ وَتَعَذُّرِهِ فِي الشَّائِعِ وَاكْتَرَى بِمَا افْتَرَضَهُ وَيَقْضِيهِ الْعَامِلُ بَعْدَ زَوَالِ مَانِعِهِ أَوْ الْحَاكِمُ مِنْ نَصِيبِهِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُتِمُّ الْعَمَلَ بِذَلِكَ اسْتَغْنَى عَنْ الِاقْتِرَاضِ وَحَصَلَ الْغَرَضُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَكْتَرِي ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ وَارِدَةً عَلَى الْعَيْنِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمَعِينِ الْيَمَنِيِّ وَالنَّسَائِيُّ الْمَنْعُ فِي الْوَارِدَةِ عَلَى الْعَيْنِ لِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنْ الْفَسْخِ وَقَوْلُهُمْ اسْتَقْرَضَ وَاكْتَرَى عَنْهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ ) يَقْدِرُ عَلَى مُرَاجَعَتِهِ لِإِثْبَاتِ مَا ذُكِرَ بِأَنْ فَقَدَهُ بِالنَّاحِيَةِ ، أَوْ كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى ، أَوْ حَاضِرًا وَلَمْ يُجِبْهُ أَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ ( فَعَمِلَ أَوْ اسْتَأْجَرَ ) مَنْ يُتِمُّ الْعَمَلَ ( وَأَشْهَدَ ) عَلَى الْعَمَلِ أَوْ الِاسْتِئْجَارِ ( وَشَرَطَ الرُّجُوعَ ) بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ ، أَوْ بِمَا بَذَلَهُ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ عَمِلَ ، أَوْ بَذَلَ لِيَرْجِعَ أَوْ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ ( رَجَعَ ) لِلضَّرُورَةِ ( وَإِلَّا فَلَا )
يَرْجِعُ لِعَدَمِهَا ( وَلَوْ عُدِمَ الشُّهُودُ ) لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ ( وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ الْمَالِكَ ، أَوْ أَذِنَ لَهُ ) فِي الْإِنْفَاقِ ( فَأَنْفَقَ لِيَرْجِعَ رَجَعَ ) كَمَا لَوْ اقْتَرَضَ مِنْهُ وَالتَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ وَكَذَا الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ هَرَبِ الْجَمَّالِ ( فَلَوْ تَعَذَّرَ الِاسْتِقْرَاضُ وَغَيْرُهُ ) مِنْ الِاكْتِرَاءِ وَالْإِنْفَاقِ وَالْعَمَلِ ( قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ فَلَهُ الْفَسْخُ ) لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَإِبَاقِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ( وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ ) مِثْلِ ( مَا عَمِلَ ) قَبْلَ هَرَبِهِ ، أَوْ نَحْوِهِ وَلَا يُقَالُ بِتَوْزِيعِ الثِّمَارِ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ جَمِيعِ الْعَمَلِ .
لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى يَقْتَضِيَ الْعَقْدُ التَّوْزِيعَ فِيهَا ( وَلَوْ تَطَوَّعَ آخَرُ بِنِيَابَةِ الْعَامِلِ ) أَيْ بِنِيَابَتِهِ عَنْهُ ( لَمْ يَلْزَمْ ) الْمَالِكَ ( إجَابَتُهُ ) لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَأْتَمِنُهُ وَلَا يَرْضَى بِدُخُولِهِ مِلْكَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ لَكِنْ لَوْ عَمِلَ نِيَابَةً بِغَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ وَحَصَلَتْ الثَّمَرَةُ سَلِمَ لِلْعَامِلِ نَصِيبُهُ مِنْهَا كَذَا قَالُوهُ وَلَوْ قِيلَ وُجُودُ الْمُتَبَرِّعِ كَوُجُودِ مُقْرِضٍ حَتَّى يَمْتَنِعَ الْفَسْخُ لَكَانَ قَرِيبًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ مَا قَالُوهُ لِمَا فِي قَبُولِهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ غُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ بِأَدَاءِ ثَمَنِ السِّلْعَةِ مِنْ عَيْنِ أَمْوَالِهِمْ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْقَبُولُ انْتَهَى وَكَالتَّبَرُّعِ بِالْعَمَلِ التَّبَرُّعُ بِمُؤْنَتِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لَهُ دُونَ كَلَامِ أَصْلِهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّطَوُّعَ عَنْ الْعَامِلِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ لِلْعَامِلِ نَصِيبَهُ كَنَظِيرِهِ فِي الْجَعَالَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ( وَإِنْ تَعَذَّرَ ) مَا ذُكِرَ ( بَعْدَ خُرُوجِهَا وَقَبْلَ ) بُدُوِّ ( الصَّلَاحِ ) لَهَا ( لَمْ يَفْسَخْ ) أَيْ الْمَالِكُ ( لِأَجْلِ
الشَّرِكَةِ ) التَّعْلِيلُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا تُبَاعُ ) الثَّمَرَةُ ( بِشَرْطِ الْقَطْعِ ) لِتَعَذُّرِ قَطْعِهَا ( لِلشُّيُوعِ إلَّا إنْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِبَيْعِ الْجَمِيعِ ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ ( أَوْ اشْتَرَاهُ ) أَيْ الْمَالِكُ نَصِيبَ الْعَامِلِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ فَيَصِحُّ الشِّرَاءُ ( لِأَنَّ لِصَاحِبِ الشَّجَرِ أَنْ يَشْتَرِيَ الثَّمَرَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ ) وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي بَابِهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا مَرَّ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ هُنَا فَيَصِحُّ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا سَبْقُ قَلَمٍ ( وَإِنْ لَمْ يَرْغَبْ ) أَيْ الْمَالِكُ ( فِي ذَلِكَ ) أَيْ فِي الْبَيْعِ ، أَوْ الشِّرَاءِ ( وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا ) قَالَ الْبَغَوِيّ : أَوْ يَبْدُوَ الصَّلَاحُ ، وَفِي الْوَقْفِ إلَى الِاصْطِلَاحِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ مُجْبَرٌ عَلَى الْعَمَلِ بَعْدَ زَوَالِ مَانِعِهِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ هَرَبَ الْعَامِلُ إلَخْ ) لَوْ لَمْ يَعْمَلْ الْعَامِلُ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا ذَكَرَهُ وَلَوْ بِامْتِنَاعِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ .
( قَوْلُهُ : وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمَعِينِ الْيَمَنِيِّ ) عِبَارَتُهُ فَأَمَّا إذَا وَقَعَ عَلَى عَيْنِهِ فَلَا يَسْتَأْجِرُ وَجْهًا وَاحِدًا ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ .
ا هـ .
وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ .
( قَوْلُهُ : وَهُوَ كَذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : فَأَنْفَقَ لِيَرْجِعَ رَجَعَ ) وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ : بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ الْإِنْفَاقِ الْمُعْتَادِ .
( قَوْلُهُ : وَكَذَا الْإِسْنَوِيُّ ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ .
( قَوْلُهُ : أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ هَرَبِ الْجَمَّالِ ) وَرَجَّحَا قَبْلَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَاكِمِ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَهَذَا مِثْلُهُ وَأَوْلَى لِقُوَّةِ الْحَاكِمِ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ مِنْهَا إذْنُ الْحَاكِمِ لِلْمُودَعِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الدَّابَّةِ الْمُودَعَةِ فِي غَيْبَةِ الْمَالِكِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ وَمِنْهَا إذْنُهُ لِلْمُلْتَقِطِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى اللُّقَطَةِ لِيَرْجِعَ بِهِ وَمِنْهَا إذْنُهُ لِوَاجِدِ الضَّالَّةِ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهَا لِيَرْجِعَ قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ إلَخْ ) وَلِأَنَّ الْعَمَلَ مَجْهُولٌ فَيَتَعَذَّرُ التَّوْزِيعُ عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْأَصْلِ لَكِنْ لَوْ عَمِلَ نِيَابَةً بِغَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ إلَخْ ) قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ عَلَى الذِّمَّةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَجِيءَ مِثْلُهُ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ بِهَرَبِ الْعَامِلِ ، أَوْ نَحْوِهِ بَلْ لَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ وَلَوْ بِجَمِيعِ الْعَمَلِ بِحُضُورِهِ اسْتَحَقَّ نَصِيبَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ .
( قَوْلُهُ : سَلِمَ لِلْعَامِلِ نَصِيبُهُ مِنْهَا ) قَالَ السُّبْكِيُّ قَدْ يُقَالُ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي إمَامِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ مِنْ وُلَاةِ الْوَظَائِفِ
إذَا اسْتَنَابَ ، وَإِنْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ النَّائِبُ وَالْمُسْتَنِيبُ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ .
( قَوْلُهُ : كَنَظِيرِهِ فِي الْجَعَالَةِ ) يُفَرَّقُ أَيْضًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَعَالَةِ بِاللُّزُومِ .
( قَوْلُهُ : قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) مَا قَالَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ لَا شَرِيكٌ فَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ اسْتَغْنَتْ الْأَشْجَارُ عَنْ جَمِيعِ الْأَعْمَالِ مَلَكَ الْعَامِلُ مَا شُرِطَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ .
ا هـ .
وَأَفْتَى ابْنُ الْعِرَاقِيِّ بِانْفِسَاخِ الْمُسَاقَاةِ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ تَعَهُّدُ الشَّجَرَةِ بِالسَّقْيِ وَالتَّرْبِيَةِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَرَةِ بَلْ جَمِيعُهَا لِلْمَالِكِ ( قَوْلُهُ : لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي بَابِهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا مَرَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ وَإِنْ مَاتَ الْمَالِكُ ) فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ ( لَمْ يَنْفَسِخْ ) عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ وَمِثْلُهُ نَاطِرُ الْوَقْفِ وَنَحْوُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْعَامِلُ الْبَطْنَ الثَّانِيَ وَالْوَقْفُ وَقْفَ تَرْتِيبٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَسِخَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَاسْتَثْنَى - أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ - مَعَ ذَلِكَ الْوَارِثَ ( أَوْ الْعَامِلُ وَهِيَ ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ وَارِدَةٌ ( عَلَى عَيْنِهِ انْفَسَخَتْ ) كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ الْمُسَاقَاةِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ، أَوْ الْجِدَادِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا التَّجْفِيفُ وَنَحْوُهُ فَلَا ( أَوْ ) وَارِدَةٌ ( فِي ذِمَّتِهِ فَلَا ) يَنْفَسِخُ كَالْإِجَارَةِ ( وَلِلْوَارِثِ ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ ( لَا عَلَيْهِ ) إنْ لَمْ تَكُنْ ( أَنْ يُتَمِّمَ ) الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ ( وَعَلَى الْمَالِكِ تَمْكِينُهُ ) أَيْ الْوَارِثِ ، أَوْ نَائِبِهِ مِنْ ذَلِكَ ( إنْ كَانَ عَارِفًا ) بِأَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ ( أَمِينًا ) كَلَامُهُ سَالِمٌ مِنْ إيهَامِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُتَمِّمَ إذَا لَمْ يَكُنْ تَرِكَةٌ بِخِلَافِ كَلَامِ أَصْلِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِأَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ أَمِينًا وَلِمُوَرِّثِهِ تَرِكَةٌ ( اسْتَأْجَرَ ) عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ ( الْحَاكِمُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا يَسْتَقْرِضُ ) عَلَى الْمَيِّتِ ( إنْ لَمْ يَكُنْ ) لَهُ ( تَرِكَةٌ ) لِأَنَّ ذِمَّتَهُ خَرِبَتْ بِخِلَافِ الْحَيِّ ( وَعِنْدَ التَّعَذُّرِ ) لِإِتْمَامِ الْعَمَلِ ( فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ ) فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ فِي الْحَيَاةِ .
( قَوْلُهُ : فَيَنْبَغِي أَنْ تَنْفَسِخَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ ) وَيُلْغَزُ بِهَا : مُسَاقَاةٌ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَاقِدِ ( فَرْعٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : الْإِقَالَةُ فِي الْمُسَاقَاةِ صَحِيحَةٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا وَالْحُكْمُ فِي الثِّمَارِ إنْ لَمْ تَبْرُزْ فَلَا حَقَّ لِلْعَامِلِ فِيهَا وَقَوْلُهُ : قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا مَاتَ إلَخْ ) وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ وَمَا بَعْدَهُ وَأَنْ يُبْنَى عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ ، أَوْ أَجِيرٌ فَإِنْ قُلْنَا شَرِيكٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَلَا .
( قَوْلُهُ : وَلَا يَسْتَقْرِضُ إنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ قَدْ ظَهَرَتْ وَأُمِنَتْ مِنْ الْعَاهَةِ وَكَانَ الْحَالُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ اقْتَرَضَ لِفَضَلَ شَيْءٌ لِغَرِيمٍ ، أَوْ يَتِيمٍ أَوْ نَحْوِهِ اقْتَرَضَ عَلَى الثَّمَرَةِ عَمَلًا بِالْأَصْلَحِ وَقَوْلُهُ : الْأَشْبَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ لَوْ تَلِفَتْ الثِّمَارُ ) كُلُّهَا بِجَائِحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَغَصْبٍ ( أَوْ لَمْ تُثْمِرْ لَمْ يَنْفَسِخْ ) عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ ( بَلْ يُتِمُّ ) الْعَامِلُ ( الْعَمَلَ ) وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ ( وَلَا شَيْءَ لَهُ ) كَمَا أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ يُكَلَّفُ التَّنْضِيضَ ، وَإِنْ ظَهَرَ خُسْرَانٌ ( فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا فَلَهُ الْفَسْخُ إنْ سَمَحَ بِتَرْكِ الْبَاقِي ) لِلْمَالِكِ ، وَإِلَّا فَيُتِمُّ الْعَمَلَ وَمُرَادُهُ بِهَذَا مَا عَبَّرَ عَنْهُ أَصْلُهُ بِقَوْلِهِ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَفْسَخَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَأَنْ يُجِيزَ وَيُتِمَّ الْعَمَلَ وَيَأْخُذَ نَصِيبَهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ وُجُوبَ إتْمَامِ الْعَمَلِ عَلَى الْعَامِلِ فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ الثِّمَارُ كُلُّهَا نَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيّ الِانْفِسَاخَ فِيهَا وَقَالَ إنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْبَغَوِيّ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَتَكَامُلِ الثِّمَارِ ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْهُ التَّخْيِيرَ فِيمَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا فَكَيْفَ يَجِبُ إتْمَامُ الْعَمَلِ فِي تَلَفِ الْكُلِّ وَلَا يَجِبُ فِي تَلَفِ الْبَعْضِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْأُولَى لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَاصِلٌ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( ادَّعَى ) الْمَالِكُ ( خِيَانَةَ الْعَامِلِ ) فِي الثَّمَرَةِ أَوْ غَيْرِهَا كَالسَّعَفِ ( لَمْ تُسْمَعْ ) دَعْوَاهُ ( حَتَّى يُبَيِّنَهَا ) أَيْ الْخِيَانَةَ أَيْ قَدْرَ مَا حَصَلَ بِهَا فَإِذَا بَيَّنَهُ وَأَنْكَرَ الْعَامِلُ صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ هَذَا إذَا قَصَدَ تَغْرِيمَهُ فَإِنْ قَصَدَ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الثَّمَرَةِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ مَجْهُولَةً ( وَيُثْبِتَ ) خِيَانَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ ، أَوْ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِيَمِينِ الرَّدِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ " يُثْبِتَ " مَعْطُوفٌ عَلَى " يُبَيِّنَهَا " وَلَا مَعْنَى لَهُ مَعَ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَيْسَتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا فِي الْأَصْلِ ( فَإِنْ ثَبَتَتْ ) خِيَانَتُهُ ( حَفِظَ بِمُشْرِفٍ إنْ أَمْكَنَ حِفْظُهُ ) بِهِ ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَحْوَجَ إلَى ذَلِكَ بِخِيَانَتِهِ وَلَا تُرْفَعُ يَدُهُ لِأَنَّ الْعَمَلَ حَقٌّ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ بِمَا ذُكِرَ فَتَعَيَّنَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهُ بِمُشْرِفٍ ( اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ ) مَنْ يَعْمَلُ عَنْهُ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ مِنْهُ وَهُوَ حَقٌّ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُسْتَأْجَرُ عَنْهُ بَلْ يَثْبُتُ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَرُفِعَتْ يَدُهُ ) كَمَا لَوْ كَانَ مَالٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ تَعَذَّرَتْ قِسْمَتُهُ وَظَهَرَتْ خِيَانَةُ أَحَدِهِمَا فَالْحَاكِمُ يَرْفَعُ يَدَهُ عَنْهُ ( وَأُجْرَتُهُمَا ) أَيْ الْمُشْرِفِ فِي الْأُولَى وَالْأَجِيرِ فِي الثَّانِيَةِ ( مِنْ مَالِهِ ) أَيْ الْعَامِلِ ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ حَقٌّ عَلَيْهِ .
قَوْلُهُ : هَذَا إنْ قَصَدَ تَغْرِيمَهُ فَإِنْ قَصَدَ رَفْعَ يَدِهِ إلَخْ ) التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَجْهٌ ضَعِيفٌ قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ إذَا ادَّعَى رَبُّ النَّخِيلِ عَلَى الْعَامِلِ خِيَانَةً فِي الْجَرِيدِ ، أَوْ السَّعَفِ أَوْ سَرِقَةً لَمْ تُسْمَعْ حَتَّى يُبَيِّنَ قَدْرَ مَا خَانَ بِهِ وَسَرَقَهُ فَإِذَا حَرَّرَ الدَّعْوَى بِهِ وَأَنْكَرَ الْعَامِلُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَغَيْرِهِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ أَرَادَ بِدَعْوَى السَّرِقَةِ التَّغْرِيمَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ ، وَإِنْ أَرَادَ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الثَّمَرَةِ فَفِي سَمَاعِهَا مَجْهُولَةً وَجْهَانِ .
ا هـ .
وَعِبَارَةُ مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ لِابْنِ النَّقِيبِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْخِيَانَةِ إلَّا مُفَصَّلَةً ، وَفِي وَجْهٍ إنْ أَرَادَ بِهِ التَّغْرِيمَ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا مُفَصَّلَةً ، وَإِنْ أَرَادَ بِهَا رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الثَّمَرَةِ سُمِعَتْ مَجْهُولَةً ( قَوْلُهُ : فَتَعَيَّنَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ ) كَمَا إذَا تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ فِي الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ .
( فَصْلٌ وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الْأَشْجَارُ ) الْمُسَاقَى عَلَيْهَا ( فَلِلْعَامِلِ الْأُجْرَةُ عَلَى الْغَاصِبِ ) الَّذِي سَاقَاهُ ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ مَنَافِعَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبُ مَنْ عَمِلَ فِي الْمَغْصُوبِ عَمَلًا وَهَذَا عِنْدَ جَهْلِهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَمَّا عِنْدَ عِلْمِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَعَبَّرَ الْمِنْهَاجُ بَدَلَ الْأَشْجَارِ بِالثَّمَرِ وَهُوَ أَحْسَنُ ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَدْ يُوصِي بِمَا سَيَحْدُثُ مِنْ الثَّمَرِ ، ثُمَّ يُسَاقِي وَيَمُوتُ ( وَيَسْتَرِدُّ الْمَالِكُ ) مَعَ الْأَشْجَارِ ( الثَّمَرَةَ بِأَرْشِهَا إنْ نَقَصَتْ ) قِيمَتُهَا ( بِالتَّجْفِيفِ ) أَوْ غَيْرِهِ ( فَإِنْ تَلِفَتْ ) أَيْ الثَّمَرَةُ ( أَوْ الشَّجَرَةُ ) بِجَائِحَةٍ ، أَوْ غَيْرِهَا كَغَصْبٍ ( طُولِبَ الْغَاصِبُ وَكَذَا الْعَامِلُ بِالْجَمِيعِ ) أَيْ بِبَدَلِهِ لِثُبُوتِ يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى ذَلِكَ ( بِخِلَافِ الْأَجِيرِ لِلْعَمَلِ فِي الْحَدِيقَةِ الْمَغْصُوبَةِ ) فَإِنَّ الْمَالِكَ لَا يُطَالِبُهُ ، وَإِنَّمَا يُطَالِبُ الْغَاصِبَ فَقَطْ ؛ لِأَنَّ الْيَدَ عَلَيْهَا فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هِيَ لَهُ لَا لِلْأَجِيرِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا ( وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ ) عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا غَرِمَهُ ( لَكِنَّ قَرَارَ ) ضَمَانِ ( نَصِيبِهِ عَلَيْهِ ) فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عِوَضًا فِي مُعَاوَضَةٍ فَأَشْبَهَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ .
( قَوْلُهُ : وَهُوَ أَحْسَنُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَشْرُوطِ ) لِلْعَامِلِ ( وَلَا بَيِّنَةَ ) لِأَحَدِهِمَا ( أَوْ ) لَهُمَا بَيِّنَتَانِ وَ ( سَقَطَتَا تَحَالَفَا ) وَفُسِخَ الْعَقْدُ كَمَا فِي الْقِرَاضِ ( وَلِلْعَامِلِ ) عَلَى الْمَالِكِ ( الْأُجْرَةُ ) لِعَمَلِهِ ( إنْ فَسَخَ ) الْعَقْدَ ( بَعْدَ الْعَمَلِ ) وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ ، وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ لَهُ بِهَا ( فَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ " وَإِنْ " ( عَمِلَ لِشَرِيكَيْنِ ) سَاقَيَاهُ عَلَى شَجَرِهِمَا الْمُشْتَرَكِ ( وَقَالَ : شَرَطْتُمَا إلَيَّ النِّصْفَ وَصَدَّقَهُ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصَدَّقَهُ ( أَحَدُهُمَا ) وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ بِأَنْ قَالَ بَلْ شَرَطْنَا لَهُ الثُّلُثَ مَثَلًا ( فَالتَّحَالُفُ ) يَجْرِي ( فِي نَصِيبِ الْمُكَذِّبِ ) وَأَمَّا نَصِيبُ الْمُصَدِّقِ فَمَقْسُومٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَامِلِ ( وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَدِّقِ عَلَى شَرِيكِهِ وَلَهُ ) إذْ لَا تُهْمَةَ ( وَحُكْمُ اخْتِلَافِهِمَا ) أَيْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ ( فِي قَدْرِ ) الشَّجَرِ ( الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَ ) فِي ( رَدِّهِ وَ ) فِي ( هَلَاكِهِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ .
( فَصْلٌ لَوْ لَمْ يَثِقْ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَخُرِصَتْ الثِّمَار بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَضَمِنَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا جَازَ ) كُلٌّ مِنْ الْخِرْصِ وَالضَّمَانِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِرْصَ تَضْمِينٌ لَا غَيْرُهُ ( وَإِنْ وَثِقَ ) بِيَدِ صَاحِبِهِ ( تُرِكَ ) الثَّمَرُ ( إلَى ) وَقْتِ ( الْإِدْرَاكِ فَيُقْسَمُ ) بَيْنَهُمَا إنْ جَوَّزْنَا الْقِسْمَةَ ( أَوْ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا ) نَصِيبَهُ ( مِنْ الْآخَرِ ، أَوْ يَبِيعَانِ لِثَالِثٍ فَرْعٌ سَوَاقِطُ السَّعَفِ ) أَيْ أَغْصَانِ النَّخْلِ ( وَالْكَرَبِ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ الْكِرْنَافِ ( لِلْمَالِكِ ) وَكَذَا اللِّيفُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءٌ كَالثَّمَرِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَعْهُودِ النَّمَاءِ وَلَا مَقْصُودِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَقَلَهُ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ ( وَالْقُنْوُ وَشَمَارِيخُهُ بَيْنَهُمَا ) .
( قَوْلُهُ : إنْ جَوَّزْنَا الْقِسْمَةَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ) وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمَطْلَبِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ : وَقِيلَ لَا يَجُوزُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَهُ الرُّويَانِيُّ ) وَلَوْ شَرَطَهَا لِلْعَامِلِ بَطَلَ قَطْعًا ( تَنْبِيهٌ ) مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهَا هُنَا وَهُوَ أَنَّ النَّخِيلَ يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ تَسْلِيمُهَا إلَى الْعَامِلِ عَيْنًا وَلَا يَجُوزُ إمْسَاكُهَا وَضَمَانُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْعَامِلِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فِي زِيَادَةِ الثَّمَرَةِ لِيَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْهَا بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهَا مُقَدَّرَةٌ
( فَصْلٌ لَوْ انْقَطَعَ الْمَاءُ ) أَيْ مَاءُ الْحَدِيقَةِ ( لَمْ يُكَلَّفْ الْمَالِكُ رَدَّهُ ) وَإِنْ أَمْكَنَ كَمَا لَا يُكَلَّفُ الشَّرِيكُ وَالْمُكْرِي الْعِمَارَةَ ( وَتَلَفُ الثَّمَرِ بِهِ ) أَيْ بِانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَإِنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ ( كَالْجَائِحَةِ ) أَيْ كَتَلَفِهِ بِهَا وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( أَعْطَاهُ دَابَّةً لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا ، أَوْ لِيَتَعَهَّدَهَا وَفَوَائِدُهَا بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ ) الْعَقْدُ أَمَّا فِي الْأُولَى .
فَلِأَنَّ الدَّابَّةَ يُمْكِنُ إيجَارُهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى إيرَادِ عَقْدٍ عَلَيْهَا فِيهِ غَرَرٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْفَوَائِدَ لَا تَحْصُلُ بِعَمَلِهِ ( أَوْ لِيَعْلِفَهَا ) مِنْ عِنْدِهِ ( بِنِصْفِ دَرِّهَا ) فَفَعَلَ ( ضَمِنَ الْمَالِكُ ) لِلْآخَرِ ( الْعَلَفَ ) وَقَوْلُ الرَّوْضَة بَدَلَ النِّصْفِ سَبْقُ قَلَمٍ ( وَالْآخَرُ ) ضَمِنَ لِلْمَالِكِ ( نِصْفَ الدَّرِّ ) وَهُوَ الْقَدْرُ الْمَشْرُوطُ لَهُ لِحُصُولِهِ بِحُكْمِ بَيْعٍ فَاسِدٍ ( لَا الشَّاةَ ) الْأَنْسَبُ لَا الدَّابَّةَ أَيْ لَا يَضْمَنُهَا ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقَابَلَةٍ بِعِوَضٍ ( أَوْ لِيَعْلِفَهَا بِنِصْفِهَا ) فَفَعَلَ ( فَالنِّصْفُ ) الْمَشْرُوطُ ( مَضْمُونٌ ) عَلَى الْعَالِفِ لِحُصُولِهِ ( بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ ) دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ .
قَوْلُهُ : وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ بَدَلَ النِّصْفِ سَبْقُ قَلَمٍ ) كَذَا فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فَأَخْطَأَ فِي الْفَهْمِ وَلَمْ يُصِبْ فِي الْوَهْمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مُخَالَفَةٌ قَوْلُهُ : فِي الرَّوْضَةِ وَجَبَ بَدَلُ النِّصْفِ عَلَى صَاحِبِ الشَّاةِ الْمُرَادُ بِبَدَلِ النِّصْفِ جَمِيعُ الْعَلَفِ الَّذِي عَلَفَهُ لِيَأْخُذَ النِّصْفَ أَيْ نِصْفَ الدَّارِ ، أَوْ نِصْفَ الشَّاةِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ وَجَبَ بَدَلُ الْعَلَفِ عَلَى صَاحِبِ الشَّاةِ فَالْعِبَارَتَانِ مُتَّفِقَتَانِ .
( فَصْلٌ لِلْمُسَاقَى ) لِلْمَالِكِ ( فِي ذِمَّتِهِ أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ ) لِيَنُوبَ عَنْهُ ( فَإِذَا ) وَفِي نُسْخَةٍ " وَإِنْ " أَيْ ثُمَّ إنْ شَرَطَ لَهُ مِثْلَ نَصِيبِهِ ، أَوْ دُونَهُ فَذَاكَ ، وَإِنْ ( شَرَطَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ صَحَّ ) الْعَقْدُ فِيمَا يُقَابِلُ قَدْرَ نَصِيبِهِ دُونَ الزَّائِدِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ ( وَلَزِمَهُ ) أَنْ يُعْطِيَ الثَّانِي ( لِلزَّائِدِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ ) فَلَوْ سَاقَاهُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثَّمَرَةِ صَحَّ فِي ثُلُثَيْ الْعَمَلِ بِثُلُثَيْ الْأُجْرَةِ وَهُوَ قَدْرُ نَصِيبِهِ وَلَزِمَهُ أُجْرَةُ الْعَمَلِ لِلثُّلُثِ الْبَاقِي نَعَمْ لَوْ كَانَ الثَّانِي عَالِمًا بِالْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( فَإِنْ كَانَتْ ) مُسَاقَاتُهُ ( عَلَى عَيْنِهِ وَعَامَلَ غَيْرَهُ انْفَسَخَتْ بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ ) لَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَكَانَتْ الثِّمَارُ كُلُّهَا لِلْمَالِكِ ( وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَلِلثَّانِي حُكْمُ مَنْ عَمِلَ فِي مَغْصُوبٍ ) فَلَهُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إنْ جَهِلَ الْحَالَ وَإِلَّا فَلَا وَعُلِمَ مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَيُعَامِلَ غَيْرَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ انْفِسَاخِهَا أَنَّهَا تَنْفَسِخُ وَإِنْ أَذِنَ الْمَالِكُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ عَنْ فُرُوقِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ عَنْ الْأَجِيرِ نِيَابَةً إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقِيَاسُهُ الْجَوَازُ هُنَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي عَقْدٍ وَمَا هُنَاكَ فِي نِيَابَةٍ بِلَا عَقْدٍ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَيْنِهِ وَعَامَلَ غَيْرَهُ إلَخْ ) يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ اسْتِئْجَارِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ عِنْدَ هَرَبِهِ ، أَوْ نَحْوِهِ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ هُنَا إلَى إقَامَةِ غَيْرِهِ مَقَامَهُ بِخِلَافِهِ ، ثُمَّ قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَلَوْ كَثُرَتْ الْأَشْجَارُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْقِيَامُ بِهَا فَهَلْ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ كَالْوَكِيلِ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْعَامِلِ هُنَا مَنْدُوحَةً عَنْ الْمُسَاقَاةِ بَلْ يَسْتَأْجِرُ عَلَى مَا لَا يُمْكِنُهُ عَمَلُهُ وَلَا يُسَاقِي بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْوَكَالَةِ .
( قَوْلُهُ : انْفَسَخَتْ بِتَرْكِهِ الْعَمَلَ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مَعَ فَوَاتِهِ إمَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِمَّا بِعَمَلِ الْعَامِلِ الثَّانِي فَلَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْأَعْمَالَ اسْتَحَقَّ حِصَّتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ لَا أَجِيرٌ وَلَا يُنَافِيهِ مَا لَوْ هَرَبَ ؛ لِأَنَّهُ إعْرَاضٌ بِلَا عَقْدٍ وَهُنَا مَعَ عَقْدٍ وَوُرُودٍ عَلَى عَيْنٍ .
( قَوْلُهُ : إنْ جَهِلَ الْحَالَ ، وَإِلَّا فَلَا ) قَالَ شَيْخُنَا كَمَا لَوْ سَقَاهُ عَلَى شَجَرٍ مُسْتَحَقٍّ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَبِمَا إذَا كَانَ الْعَاقِدُ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حَيْثُ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ الْأُجْرَةَ ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ .
( فَصْلٌ بَيْعُ نَخْلِ الْمُسَاقَاةِ ) أَيْ بَيْعُ الْمَالِكِ لَهُ ( قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ لَا يَصِحُّ ) لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقًّا فِيهَا فَكَأَنَّ الْمَالِكَ اسْتَثْنَى بَعْضَهَا ( وَ ) بَيْعُهُ ( بَعْدَهُ صَحِيحٌ وَيَكُونُ الْعَامِلُ مَعَ الْمُشْتَرِي كَمَا كَانَ ) مَعَ الْبَائِعِ ( وَلَيْسَ لَهُ ) أَيْ لِلْبَائِعِ ( بَيْعُ نَصِيبِهِ ) مِنْ الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا ( بِشَرْطِ الْقَطْعِ ) لِتَعَذُّرِ قَطْعِهِ ( لِشُيُوعِهِ ) .
( قَوْلُهُ : فَكَأَنَّ الْمَالِكَ اسْتَثْنَى بَعْضَهَا ) فَإِنْ قُلْت لَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ لَفْظِيٍّ ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْعِيٌّ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِدَلِيلِ بَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ ، ثُمَّ لَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لَفْظِيٌّ فَإِذَا صَحَّ بَيْعُ الشَّجَرَةِ وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ وَاسْتَثْنَاهَا الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ فَلْيَصِحَّ هَاهُنَا قُلْت الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الشَّرْعِيَّ إنَّمَا لَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى مَعْلُومًا كَبَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا فَيُبْطِلُ الْعَقْدَ كَبَيْعِ دَارِ الْمُعْتَدَّةِ بِغَيْرِ الْأَشْهُرِ وَهَاهُنَا الثَّمَرَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ مَعْدُومَةٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ مَجْهُولَةً فَاسْتَوَى فِي الْبُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءُ الشَّرْعِيُّ وَاللَّفْظِيُّ .
( فَرْعٌ ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي إذَا شَرَطَ الْمَالِكُ عَلَى الْعَامِلِ أَعْمَالًا تَلْزَمُهُ فَأَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ وَالْعَامِلُ لَمْ يَعْمَلْ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ اسْتَحَقَّ مِنْ الثَّمَرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ فَإِنْ عَمِلَ نِصْفَ مَا لَزِمَهُ اسْتَحَقَّ نِصْفَ مَا شَرَطَ لَهُ .
( قَوْلُهُ : اسْتَحَقَّ نِصْفَ مَا شَرَطَ لَهُ ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ شَرِيكٌ فَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَا شَرَطَ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ .
( بَابُ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ ) مِنْ الْخَبِيرِ وَهُوَ الْأَكَّارُ أَيْ الزَّرَّاعُ وَيُقَالُ مِنْ الْخَبَارِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ وَهِيَ الْأَرْضُ الرِّخْوَةُ زَادَ الْجَوْهَرِيُّ ذَاتُ الْحِجَارَةِ ( الْمُعَامَلَةُ عَلَى الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ ) لَهَا ( فَهِيَ مُزَارَعَةٌ فَيَضْمَنُ فِيهَا ) مَا تَلِفَ مِنْ الزَّرْعِ ( إذَا صَحَّتْ بِتَرْكِ سَقْيِهَا ) أَيْ الْأَرْضِ ( عَمْدًا ) لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهُ وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْإِجَارَةِ ( أَوْ ) كَانَ الْبَذْرُ ( مِنْ الْعَامِلِ فَمُخَابَرَةٌ وَهُمَا إنْ أُفْرِدَتَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ بَاطِلَتَانِ ) لِلنَّهْيِ عَنْ الْمُزَارَعَةِ فِي مُسْلِمٍ وَعَنْ الْمُخَابَرَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِأَنَّ تَحْصِيلَ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ مُمْكِنَةٌ بِالْإِجَارَةِ فَلَمْ يَجُزْ الْعَمَلُ عَلَيْهَا بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا كَالْمَوَاشِي بِخِلَافِ الشَّجَرِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا فَجُوِّزَتْ الْمُسَاقَاةُ لِلْحَاجَةِ وَاخْتَارَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَالْخَطَّابِيِّ صِحَّتَهُمَا وَحَمَلَ أَخْبَارَ النَّهْيِ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا زَرْعَ قِطْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلِلْآخَرِ أُخْرَى ، وَإِذَا بَطَلَتَا ( فَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ ) .
لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهِ ( فَإِنْ كَانَ ) الْبَذْرُ ( لِلْعَامِلِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ ) عَلَيْهِ ( أُجْرَتُهَا ، أَوْ لِلْمَالِكِ فَلِلْعَامِلِ ) عَلَيْهِ ( أُجْرَةُ ) مِثْلِ ( عَمَلِهِ وَ ) عَمَلِ ( مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ) مِنْ آلَاتِهِ كَالْبَقَرِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْقِرَاضِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِبُطْلَانِ مَنْفَعَتِهِ إلَّا لِيَحْصُلَ لَهُ بَعْضُ الزَّرْعِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ وَانْصَرَفَ كُلُّ الْمَنْفَعَةِ إلَى الْمَالِكِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ ( أَوْ لَهُمَا فَعَلَى كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( أُجْرَةُ ) مِثْلِ ( عَمَلِ الْآخَرِ ) بِنَفْسِهِ وَآلَتِهِ ( فِي حِصَّتِهِ ) لِذَلِكَ ( فَإِنْ أَرَادَ صِحَّةَ ذَلِكَ ) أَيْ أَنْ
يَكُونَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهٍ مَشْرُوعٍ بِحَيْثُ لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ ( فَلْيَسْتَأْجِرْ الْعَامِلُ ) مِنْ الْمَالِكِ ( نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ مَنَافِعِهِ وَمَنَافِعِ آلَتِهِ ) وَفِي نُسْخَةٍ " الْآلَةِ " ( وَنِصْفِ الْبَذْرِ إنْ كَانَ مِنْهُ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَيَتَبَرَّعُ بِالْعَمَلِ وَالْمَنَافِعِ أَوْ يُقْرِضُ الْمَالِكَ نِصْفَ الْبَذْرِ وَيَسْتَأْجِرُ مِنْهُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ عَمَلِهِ وَعَمَلِ آلَاتِهِ ( وَإِنْ كَانَ ) الْبَذْرُ ( مِنْ الْمَالِكِ اسْتَأْجَرَهُ ) أَيْ الْمَالِكُ الْعَامِلَ ( بِنِصْفِ الْبَذْرِ لِيَزْرَعَ لَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ ، وَيُعِيرُهُ نِصْفَ الْأَرْضِ ) الْآخَرَ وَلَوْ قَالَ " نِصْفَهَا " كَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ ( وَإِنْ شَاءَ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَنِصْفِ مَنْفَعَةِ تِلْكَ الْأَرْضِ لِيَزْرَعَ لَهُ بَاقِيَهُ فِي بَاقِيهَا ) قَالَ فِي الْأَصْلِ ، وَإِنْ شَاءَ أَقْرَضَ نِصْفَهُ لِلْعَامِلِ ، وَأُجْرَةُ نِصْفِ الْأَرْضِ بِنِصْفِ عَمَلِهِ وَعَمَلِ آلَتِهِ ( وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ لَهُمَا أَجَّرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ مَنْفَعَتِهِ وَ ) مَنْفَعَةِ ( آلَتِهِ ) أَوْ أَعَارَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ وَتَبَرَّعَ الْعَامِلُ بِمَنْفَعَةِ بَدَنِهِ وَآلَتِهِ فِيمَا يَخُصُّ الْمَالِكَ أَوْ أَكْرَاهُ نِصْفَهَا بِدِينَارٍ مَثَلًا ، وَاكْتَرَى الْعَامِلَ لِيَعْمَلَ عَلَى نَصِيبِهِ بِنَفْسِهِ وَآلَتِهِ بِدِينَارٍ وَتَقَاصَّا ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَحْوَطُ .
( بَابُ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُخَابَرَةِ ) .
( قَوْلُهُ : وَهُوَ الْأَكَّارُ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ .
( قَوْلُهُ : وَإِذَا بَطَلَتَا فَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ إلَخْ ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا زَرَعَهَا وَوَرَاءَهُ حَالَتَانِ : إحْدَاهُمَا أَنْ يَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ ، ثُمَّ يُعَطِّلَهَا فَإِنْ زَارَعَهُ عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ الْمَالِكِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُزَارِعِ لِتَعْطِيلِهِ وَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْعَامِلِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مُدَّةِ التَّعْطِيلِ ، وَإِنْ شَرَطَهُ عَلَيْهِمَا لَزِمَهُ نِصْفُ أُجْرَةِ الْأَرْضِ ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا بَعْضَ الْعَمَلِ مِنْ كَرْبِ الْأَرْضِ وَحَرْثِهَا ثُمَّ يَرُدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ فَلَا يَسْتَحِقَّ لِعَمَلِهِ شَيْئًا إنْ شَرَطَ الْبَذْرَ عَلَى الْعَامِلِ ، وَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْمَالِكِ لَزِمَهُ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمَالِكِ نِصْفُ أُجْرَةِ عَمَلِهِ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ كِرَاءُ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَقِيَتْ الْأَرْضُ فِي يَدِهِ .
( وَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ وَلَوْ عَلَى زَرْعٍ مَوْجُودٍ لَا الْمُخَابَرَةُ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ فِي الْبَيَاضِ ) الْمُتَخَلِّلِ ( بَيْنَ الشَّجَرِ ) مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ لِعُسْرِ الْإِفْرَادِ وَعَلَى ذَلِكَ حَمْلُ مُعَامَلَةِ أَهْلِ خَيْبَرَ السَّابِقَةِ فِي الْكِتَابِ السَّابِقِ هَذَا ( إنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ ) لِأَنَّ تَعَدُّدَهُ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ وَشُبِّهَ بِمَا لَوْ أَكْرَاهُ شَيْئًا سَنَةً ، ثُمَّ أَكْرَاهُ مِنْهُ سَنَةً أُخْرَى قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأُولَى ( وَ ) اتَّحَدَ ( الْعَامِلُ ) بِأَنْ يَكُونَ عَامِلُ الْمُزَارَعَةِ عَامِلَ الْمُسَاقَاةِ وَاحِدًا كَانَ ، أَوْ أَكْثَرَ ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ ( وَانْتَفَعَ الشَّجَرُ بِعَمَلِ الْمُزَارَعَةِ ) بِحَيْثُ عَسُرَ إفْرَادُ الْبَيَاضِ بِالزِّرَاعَةِ فَلَوْ تَيَسَّرَ الْإِفْرَادُ لَمْ تَجُزْ الْمُزَارَعَةُ لِانْتِفَاءِ الْحَاجَةِ وَعَبَّرْت بِالْعُسْرِ تَبَعًا لِلْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِتَعْبِيرِهِ بِالتَّعَذُّرِ ( وَلَوْ كَثُرَ الْبَيَاضُ ) فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ تَصِحُّ تَبَعًا ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ ( وَيُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْمُسَاقَاةِ ) عَلَى الْمُزَارَعَةِ بِأَنْ يَقُولَ سَاقَيْتُكَ وَزَارَعْتُكَ ( فَلَوْ قَالَ زَارَعْتُك وَسَاقَيْتُكَ أَوْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ ) لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ كَمَزْجِ الرَّهْنِ بِالْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ بِهِ ( وَالْمُعَامَلَةُ تَشْمَلُهَا فَإِنْ قَالَ عَامَلْتُك عَلَى ) هَذَا ( النَّخْلِ وَالْبَيَاضِ بِالنِّصْفِ جَازَ وَكَذَا لَوْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا ) أَيْ الْعِوَضَيْنِ ( أَقَلَّ ) جَازَ فَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْعَامِلِ نِصْفَ الثَّمَرَةِ وَرُبُعَ الزَّرْعِ وَعَكْسَهُ ؛ لِأَنَّهُمَا فِي الْمَعْنَى عَقْدَانِ ( أَوْ شَرَطَ الْبَقَرَ عَلَى الْعَامِلِ ) جَازَ وَكَانَ الْمَالِكُ اكْتَرَاهُ وَبَقَرَهُ قَالَ الدَّارِمِيُّ وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يَزْرَعُهُ وَفَارَقَ إجَارَةُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ - حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يَزْرَعُهُ فِيهَا - بِأَنَّهُمَا هُنَا شَرِيكَانِ فِي الزَّرْعِ بِخِلَافِهِمَا ثَمَّ ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا " وَلَوْ عَلَى زَرْعٍ مَوْجُودٍ
لَا الْمُخَابَرَةُ " مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ " لَا الْمُخَابَرَةُ " فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( فَإِنْ خَابَرَهُ ) تَبَعًا ( لَمْ يَصِحَّ ) كَمَا لَوْ أَفْرَدَهَا وَفَارَقَتْ الْمُزَارَعَةُ بِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ أَشْبَهُ بِالْمُسَاقَاةِ وَوَرَدَ الْخَبَرُ بِصِحَّتِهَا بِخِلَافِ الْمُخَابَرَةِ ( وَالزَّرْعُ ) وَفِي نُسْخَةٍ " فَالزَّرْعُ " ( لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ ) لِلْأَرْضِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْمُخَابَرَةُ مُفْرَدَةً وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالزَّرْعِ بَلْ يَجْرِي فِي الْمُعَامَلَةِ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ كَمَا ذَكَرَهُ أَصْلُهُ وَأَشَارَ هُوَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( وَلَهُ حُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ فِي الْقَلْعِ ) فَيُكَلَّفُ قَلْعَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُمَا ، وَإِلَّا لَمْ يُقْلَعَا مَجَّانًا بَلْ يَتَخَيَّرُ مَالِكُ الْأَرْضِ فِيهِمَا كَتَخَيُّرِ الْمُعِيرِ وَيَبْقَى الزَّرْعُ إلَى الْحَصَادِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصِيلًا فَيُكَلَّفَ قَلْعَهُ وَلَوْ زَرَعَ الْعَامِلُ الْبَيَاضَ بَيْنَ النَّخْلِ بِغَيْرِ إذْنٍ قَلَعَ زَرْعَهُ مَجَّانًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى شَجَرٍ غَيْرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ تَبَعًا لَهُمَا ) أَيْ لِلنَّخْلِ .
وَالْعِنَبِ أَيْ لِلْمُسَاقَاةِ عَلَيْهِمَا ( جَازَ ) الْعَقْدُ ( كَالْمُزَارَعَةِ ) تَبَعًا وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْمُزَارَعَةِ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يُفْهِمُهُ
( قَوْلُهُ : بِحَيْثُ عَسُرَ إفْرَادُ الْبَيَاضِ بِالزِّرَاعَةِ إلَخْ ) قَضِيَّةُ اشْتِرَاطِ النَّوَوِيِّ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ عُسْرَ إفْرَادِ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ وَالْبَيَاضِ بِالْعِمَارَةِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي عُسْرُ أَحَدِهِمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِمَا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بَلْ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ ذِكْرُ عُسْرِ إفْرَادِ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ وَالْعَمَلِ وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْغَزَالِيُّ فِي كُتُبِهِ عَلَى عُسْرِ إفْرَادِ الْبَيَاضِ الْمُتَخَلِّلِ وَلَوْ مَاتَ الْعَامِلُ ، أَوْ هَرَبَ فِي الْمُزَارَعَةِ الصَّحِيحَةِ فَكَمَا لَوْ مَاتَ ، أَوْ هَرَبَ فِي الْمُسَاقَاةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَامِرَةً فَسَدَتْ وَلَوْ أَخَذَ أَرْضًا مِنْ آخَرَ لِيَزْرَعَ بِثِيرَانِهِ وَالْبَذْرُ مِنْ كِلَيْهِمَا فَكَرَبَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَدْفَعْ الْآخَرُ الْبَذْرَ رَجَعَ الْعَامِلُ بِنِصْفِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ وَلَوْ قَالَ عَامَلْتُك عَلَى هَذِهِ الْبَقَرَةِ وَتَعَهُّدِهَا وَرَدِّهَا وَنَسْلِهَا بَيْنَنَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَتَجِبُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَامِلِ وَالْبَقَرَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَالْمَشْرُوطُ لَهُ مِنْ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ اعْلِفْهَا مِنْ عِنْدِك وَلَك دَرُّهَا وَنَسْلُهَا ، أَوْ النِّصْفُ مِنْهَا ، أَوْ مِنْ دَرِّهَا وَنَسْلِهَا فَفَعَلَ وَجَبَ بَدَلُ الْعَلَفِ لِلْعَامِلِ عَلَى الْمَالِكِ وَالْمَشْرُوطُ مِنْ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ لِلْعَامِلِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْبَقَرَةُ أَمَانَةٌ لِلْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ ، وَلَوْ قَالَ خُذْهَا وَاعْلِفْهَا لِتَسْمَنَ وَلَك نِصْفُهَا وَنِصْفُ الزَّائِدِ عَلَى الْقِيمَةِ بِالتَّسْمِينِ فَفَعَلَ وَجَبَ بَدَلُ الْعَلَفِ ، وَالْمَشْرُوطُ لِلْعَامِلِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لَا الْبَاقِي
( كِتَابُ الْإِجَارَةِ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ ضَمَّهَا وَصَاحِبُ الْمُسْتَعْذَبِ فَتْحَهَا وَهِيَ لُغَةً اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ وَشَرْعًا عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ مَعْلُومَةٍ قَابِلَةٍ لِلْبَذْرِ وَالْإِبَاحَةِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ فَخَرَجَ بِمَنْفَعَةٍ الْعَيْنُ وَبِمَقْصُودَةٍ التَّافِهَةُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا وَبِمَعْلُومَةٍ الْقِرَاضُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ وَبِقَابِلَةٍ لِمَا ذُكِرَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ وَبِعِوَضٍ هِبَةُ الْمَنَافِعِ وَالْوَصِيَّةُ بِهَا وَالشَّرِكَةُ وَالْإِعَارَةُ وَبِمَعْلُومٍ الْمُسَاقَاةُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ كَالْحَجِّ بِالرِّزْقِ وَدَلَالَةُ الْكَافِرِ لَنَا عَلَى قَلْعَةٍ بِجَارِيَةٍ مِنْهَا نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ بَيْعُ حَقِّ الْمَمَرِّ وَنَحْوِهِ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ } وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْإِرْضَاعَ بِلَا عَقْدٍ تَبَرُّعٌ لَا يُوجِبُ أُجْرَةً وَإِنَّمَا يُوجِبُهَا ظَاهِرًا الْعَقْدُ فَتَعَيَّنَ وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَأْجَرَا رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأُرَيْقِطِ } وَخَبَرُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ } وَالْمَعْنَى فِيهَا أَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا إذْ لَيْسَ لِكُلِّ أَحَدٍ مَرْكُوبٌ وَمَسْكَنٌ وَخَادِمٌ فَجُوِّزَتْ لِذَلِكَ كَمَا جُوِّزَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ ( وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ : الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ ) عَاقِدَانِ وَصِيغَةٌ وَأُجْرَةٌ وَمَنْفَعَةٌ ( الْأَوَّلُ ) ( الْعَاقِدَانِ ) فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ وَالِاخْتِيَارِ ( كَمَا فِي الْبَيْعِ ) لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْكَافِرِ اسْتِئْجَارَ الْمُسْلِمِ وَلَيْسَ لَهُ شِرَاؤُهُ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّ لِلسَّفِيهِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِمَا لَا يُقْصَدُ مِنْ عَمَلِهِ كَالْحَجِّ كَمَا لَهُ أَنْ
يَتَبَرَّعَ بِهِ بَلْ أَوْلَى .
كِتَابُ الْإِجَارَةِ ) ( قَوْلُهُ : وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ إلَخْ ) أَيْ وَالْمُسَاقَاةُ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ قِيلَ فَإِنْ زِيدَ فِي الْحَدِّ لَدَى الْعَقْدِ خَرَجَتَا فَإِنَّ الْجَعَالَةَ إنَّمَا يُمْلَكُ الْجُعْلُ بِتَمَامِ الْعَمَلِ ، وَالْمُسَاقِي إنَّمَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ ا هـ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْحَدِّ إلَى مِلْكِ عِوَضٍ عَاجِلٍ وَلَا آجِلٍ وَإِنَّمَا فِيهِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ قَالَ الْغَزِّيِّ تَخْرُجُ الْمُسَاقَاةُ بِقَوْلِهِ " مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ " لِأَنَّ الْأَعْمَالَ الْمَقْصُودَةَ فِي الْمُسَاقَاةِ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهَا ( قَوْلُهُ : وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْإِرْضَاعَ إلَخْ ) وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ : فِي آخِرِ الْآيَةِ { وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى } وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا الْمَاضِي بِلَا تَوَقُّفٍ ( قَوْلُهُ : كَمَا فِي الْبَيْعِ ) وَلَوْ أَجَّرَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ نَفْسَهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ صَحَّ أَنْ يَبِيعَهُ نَفْسَهُ ( قَوْلُهُ : وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ كَانَ فِيمَا هُوَ مَقْصُودٌ مِنْ عَمَلِ مِثْلِهِ أَنْ يَكُونَ صَانِعًا وَعَمَلُهُ مَقْصُودٌ فِي كَسْبِهِ لَمْ يَجُزْ وَتَوَلَّى الْوَلِيُّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْصُودٍ كَحَجٍّ أَوْ وَكَالَةٍ وَلَيْسَ عَمَلُهُ مَقْصُودًا فِي كَسْبِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِمَالِهِ صَحَّ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَذَا الْعَمَلِ .
( وَالثَّانِي ) ( الصِّيغَةُ ) مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ كَمَا فِي الْبَيْعِ ( كَأَجَّرْتُكَ أَوْ أَكْرَيْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ كَذَا ) أَيْ شَهْرًا مَثَلًا ( بِكَذَا ) أَيْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا ( وَكَذَا مَنْفَعَةُ ) هَذِهِ ( الدَّارِ فَيَقُولُ - مُتَّصِلًا - : قَبِلْت أَوْ اكْتَرَيْتُ ) أَوْ اسْتَأْجَرْتُ وَإِنَّمَا جُوِّزَتْ الْإِجَارَةُ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَى الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ بِهَا فَذِكْرُهَا فِيهَا تَأْكِيدٌ كَمَا فِي بِعْتُك رَقَبَةَ هَذَا أَوْ عَيْنَهُ ( وَكَذَا مَلَّكْتُك مَنْفَعَتَهَا شَهْرًا ) بِكَذَا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ ( لَا بِعْتُك ) مَنْفَعَتَهَا شَهْرًا بِكَذَا لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَا يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ الْإِجَارَةِ فِي الْبَيْعِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ صِنْفٌ مِنْ الْبَيْعِ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَلَفْظِ الْبَيْعِ لَفْظُ الشِّرَاءِ ( وَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ ( قَالَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك كَذَا كَفَى ) عَنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا ( وَالْإِجَارَةُ تَكُونُ ) وَارِدَةً ( عَلَى الْعَيْنِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ ) لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ ( أَوْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ ) أَوْ نَحْوِهَا ( وَتَكُونُ ) وَارِدَةً ( فِي الذِّمَّةِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ مَوْصُوفَةٍ ) لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ ( أَوْ إلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ كَذَا ) وَقَوْلُهُ ( وَنَحْوِهِ ) أَيْ نَحْوِ مَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْكَافِ ( وَاسْتَأْجَرْتُك لِكَذَا إجَارَةَ عَيْنٍ ) لِلْإِضَافَةِ إلَى الْمُخَاطَبِ كَمَا لَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّابَّةَ فَذِكْرُ الْعَيْنِ أَوْ النَّفْسِ فِي " اسْتَأْجَرْتُ عَيْنَك أَوْ نَفْسَك لِكَذَا " تَأْكِيدٌ ( وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ ) .
لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا بِدَلِيلِ مَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ .
وَتَقْسِيمُ الْإِجَارَةِ إلَى وَارِدَةٍ عَلَى الْعَيْنِ وَوَارِدَةٍ عَلَى الذِّمَّةِ
لَا يُنَافِي تَصْحِيحَهُمْ الْآتِيَ آخِرَ الْبَابِ أَنَّ مَوْرِدَهَا الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ ثَمَّ مَا يُقَابِلُ الْمَنْفَعَةَ وَهُنَا مَا يُقَابِلُ الذِّمَّةَ .
( قَوْلُهُ : وَالصِّيغَةُ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ كَمَا فِي الْبَيْعِ ) فَتَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ وَبِالِاسْتِيجَابِ وَالْإِيجَابِ وَبِالِاسْتِقْبَالِ وَالْقَبُولِ وَبِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ وَالْكِتَابَةِ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا مَلَّكْتُك مَنْفَعَتَهَا شَهْرًا بِكَذَا ) كَاسْكُنْ الدَّارَ شَهْرًا بِكَذَا ( قَوْلُهُ : لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً ) بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا يُرَدُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِاخْتِلَالِ الصِّيغَةِ حِينَئِذٍ إذْ لَفْظُ الْبَيْعِ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ فَيُنَافِي فِي ذِكْرِ الْمُدَّةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْطَأَ - يَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ - مِنْ وَجْهَيْنِ : الْأَوَّلُ دَعْوَاهُ الِانْعِقَادَ مَعَ النِّيَّةِ غَفْلَةٌ عَنْ قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَأَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَالْبَيْعُ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّبَايُنِ فَإِنَّ الْبَيْعَ مَوْضُوعٌ لِنَقْلِ الْأَعْيَانِ وَالْإِجَارَةَ مَوْضُوعَةٌ لِنَقْلِ الْمَنَافِعِ ، الثَّانِي قَوْلُهُ " يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا " دَعْوَى الصَّرَاحَةِ مَعَ النِّيَّةِ لَا يُعْقَلُ ( قَوْلُهُ : أَوْ إلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ كَذَا ) كَأَلْزَمْت ذِمَّتَك ، أَوْ أَسْلَمْت إلَيْك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فِي خِيَاطَةِ ذَا الثَّوْبِ أَوْ فِي دَابَّةٍ صِفَتُهَا كَذَا تَحْمِلُنِي إلَى مَكَّةَ مَثَلًا ( قَوْلُهُ : وَاسْتَأْجَرْتُك لِكَذَا ) كَاسْتَأْجَرْتُك لِخِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ ، أَوْ أَنْ تَخِيطَهُ ( قَوْلُهُ : وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ ) السُّفُنُ هَلْ تُلْحَقُ بِالدَّابَّةِ فَتُسْتَأْجَرُ إجَارَةَ ذِمَّةٍ أَوْ بِالْعَقَارِ فَلَا تَكُونُ إلَّا إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْرَبُ إلْحَاقُهَا بِالدَّوَابِّ وَفِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ جَوَازُ قَرْضِ دَارٍ وَنَقَلَاهُ عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ قَالَ السُّبْكِيُّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَزِدْ الْجُزْءُ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ
مَثَلًا فَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ كَغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ مَا جَازَ إقْرَاضُهُ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ وَقَوْلُهُ : قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا أَفْتَى الْوَالِدِ بِخِلَافِهِ وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا إلَّا إجَارَةَ عَيْنٍ كَالْعَقَارِ بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي السُّفُنِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا إلَخْ ) فَتَتَعَيَّنُ رُؤْيَتُهُ إذْ لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ لِأَنَّ مَوْضِعَهُ مَقْصُودٌ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ فَلَوْ ذُكِرَ لَانْحَصَرَ فِيهِ وَذَلِكَ يُخَالِفُ وَضْعَ مَا فِي الذِّمَّةِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ ثَمَّ مَا يُقَابِلُ الْمَنْفَعَةَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا ، أَوْ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا ارْتِبَاطُ الْعَقْدِ بِهَا ، وَالْمُرَادَ هُنَاكَ مَوْرِدُهُ .
( الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْأُجْرَةُ وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا فِي الْمَجْلِسِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ ) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُعَيَّنَةً أَمْ فِي الذِّمَّةِ ( وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ - أَعْنِي الْأُجْرَةَ - فَلَهَا حُكْمُ الثَّمَنِ ) الَّذِي فِي الذِّمَّةِ ( فِي ) جَوَازِ ( الِاسْتِبْدَالِ وَ ) وُجُوبِ مَعْرِفَةِ ( الْجِنْسِ وَ ) نَفْيِ ( الْجَهَالَةِ وَ ) فِي ( الضَّبْطِ بِالْوَصْفِ وَ ) فِي ( التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ وَالتَّنْجِيمِ ) وَالتَّصْرِيحِ بِمَعْرِفَةِ الْجِنْسِ وَنَفْيِ الْجَهَالَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُمَا مَعْلُومَانِ مِمَّا بَعْدَهُمَا ( وَإِنْ أَطْلَقَ ) ذِكْرَ الْأُجْرَةِ عَنْ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ ( فَمُعَجَّلَةٌ ) كَالثَّمَنِ الْمُطْلَقِ ( وَيَمْلِكُهَا الْمُكْرِي ) مِلْكًا مُرَاعًى لَا مُسْتَقِرًّا كَمَا سَيَأْتِي ( بِنَفْسِ الْعَقْدِ ) كَمَا يَمْلِكُ الْمُكْتَرِي الْمَنْفَعَةَ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهَا عِوَضٌ فِي مُعَاوَضَةٍ يَتَعَجَّلُ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ فَيَتَعَجَّلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَالثَّمَنِ ( وَاسْتَحَقَّ اسْتِيفَاءَهَا إذَا سَلَّمَ الْعَيْنَ ) الْمُسْتَأْجَرَةَ ( إلَى الْمُسْتَأْجِرِ ) كَالثَّمَنِ .
( قَوْلُهُ : وَالتَّنْجِيمِ فِي التَّأْجِيلِ بِأَوَّلِ الشَّهْرِ ) وَكَذَا بِآخِرِهِ خِلَافٌ فَفِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فِي السَّلَمِ عَنْ الْأَصْحَابِ الْمَنْعُ وَفِي الصَّغِيرِ الْأَقْوَى الصِّحَّةُ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ النَّصِّ وَرَجَّحُوهُ وَقَوْلُهُ : وَفِي الصَّغِيرِ الْأَقْوَى الصِّحَّةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ أَجَّرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ سِنِينَ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ لَمْ يَجُزْ لَهُ دَفْعُ جَمِيعِهَا لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يُعْطَى بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ فَإِنْ دَفَعَ أَكْثَرَ مِنْهُ فَمَاتَ الْآخِذُ ضَمِنَ النَّاظِرُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَا يَتَصَرَّفُ فِي جَمِيعِ الْأُجْرَةِ لِتَوَقُّعِ ظُهُورِ كَوْنِهِ لِغَيْرِهِ بِمَوْتِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فِي الْحَالِ قَالَ وَكَانَ بَعْضُ الْقُضَاةِ الْفُضَلَاءِ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ طُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا فَإِنْ طَالَتْ بِحَيْثُ يَبْعُدُ احْتِمَالُ بَقَاءِ الْمَوْجُودِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ وَإِنْ قَصُرَتْ فَيَظْهَرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ انْتَهَى أَمَّا صَرْفُهَا فِي الْعِمَارَةِ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ بِحَالٍ .
( قَوْلُهُ : لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا : مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ظَاهِرٌ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا فِي الْمَقْبُوضِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَعَدَمُ الِاسْتِقْرَارِ لَا يُنَافِي جَوَازَ التَّصَرُّفِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِيمَا إذَا أَكْرَى دَارًا سِنِينَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَحَكَمُوا بِالْمِلْكِ فِيهَا وَأَوْجَبُوا زَكَاتَهَا بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ إلَّا زَكَاةَ مَا اسْتَقَرَّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَكَمَا حَكَمُوا بِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَمْلِكُ الصَّدَاقَ وَتَتَصَرَّفُ فِيهِ جَمِيعِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ إذَا أَجَّرَ الدَّارَ وَقَبَضَ أُجْرَتَهَا لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا وَإِذَا مَاتَ يَرْجِعُ فِي التَّرِكَةِ بِالْحِصَّةِ وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ أَنَّ الشَّخْصَ يُمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ حَجْرٍ عَلَيْهِ بَلْ بِأَمْرٍ مَوْهُومٍ ثُمَّ إنَّ الْأُجْرَةَ الْمَقْبُوضَةَ إذَا تُرِكَتْ فِي يَدِ النَّاظِرِ فَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ لَزِمَ خِلَافُ الْقَاعِدَةِ وَإِنْ لَمْ تُضْمَنْ حَصَلَ الضَّرَرُ لِلْمَالِكِ الَّذِي هُوَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فس ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فِي الْحَالِ ) وَإِنْ احْتَمَلَ عَدَمَ بَقَائِهِ لِمُدَّةِ إجَارَتِهَا .
( وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ) الْأُجْرَةُ ( طَعَامًا إنْ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ وَوُصِفَ بِصِفَتِهِ ) فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً كَمَا عُلِمَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ " وَالْجَهَالَةِ وَالضَّبْطِ بِالْوَصْفِ " فَلَوْ قَالَ اعْمَلْ كَذَا لِأُرْضِيَك أَوْ أُعْطِيَك شَيْئًا أَوْ بِمِلْءِ كَفِّي دَرَاهِمَ أَوْ نَحْوَهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَكَذَا لَوْ أَجَّرَهُ بِنَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ جَوَازُ الْحَجِّ بِالرِّزْقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ يَجُوزُ الْحَجُّ بِالرِّزْقِ كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي وَالْمَعُونَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ ، وَأَمَّا إيجَارُ عُمَرَ أَرْضَ السَّوَادِ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ فَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ الْمُؤَبَّدَةِ ( وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُعَمِّرَ الدَّارَ ) وَلَوْ ( بِأُجْرَتِهَا ) بِأَنْ أَجَّرَهَا بِعِمَارَتِهَا أَوْ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يُعَمِّرَهَا وَلَا يَحْسُبُ مَا يُنْفِقُ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ عَلَى أَنْ يَصْرِفَ الدَّرَاهِمَ فِي عِمَارَتِهَا ( لَمْ يَصِحَّ ) الْعَقْدُ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْأُجْرَةِ وَوَجْهُهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ أَنَّ الْأُجْرَةَ الدَّرَاهِمُ مَعَ الْعِمَارَةِ أَوْ الصَّرْفِ إلَيْهَا وَذَلِكَ عَمَلٌ مَجْهُولٌ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَمَلُ مَعْلُومًا صَحَّ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذَا كَبَيْعِ الزَّرْعِ عَلَى أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَشُرِطَ عَمَلٌ فِيهِ يُقْصَدُ مِثْلُهُ فِي الْأَمْلَاكِ ( فَإِنْ فَعَلَ ) الْمَشْرُوطَ ( رَجَعَ ) بِأُجْرَتِهِ وَبِمَا صَرَفَهُ لِأَنَّهُ أَنْفَقَهُ بِالْإِذْنِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ ( وَإِنْ أَطْلَقَ ) الْعَقْدَ عَنْ ذِكْرِ شَرْطِ صَرْفِ الْأُجْرَةِ ( ثُمَّ أَذِنَ ) لَهُ الْمُؤَجِّرُ ( بِصَرْفِهَا فِي الْعِمَارَةِ وَتَبَرَّعَ ) الْمُسْتَأْجِرُ ( بِهِ ) أَيْ بِالصَّرْفِ ( جَازَ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ عَلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا .
( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ
الْإِنْفَاقِ فَمَنْ يُصَدَّقُ ) مِنْهُمَا ؟ ( قَوْلَانِ ) أَشْبَهُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الْمُنْفِقُ إنْ ادَّعَى مُحْتَمَلًا وَبِهِ - .
جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْآذِنَ لَهُ ائْتَمَنَهُ عَلَى ذَلِكَ ( وَإِذَا حَلَّتْ ) الْأُجْرَةُ ( الْمُؤَجَّلَةُ وَقَدْ تَغَيَّرَ النَّقْدُ وَجَبَتْ مِنْ نَقْدِ يَوْمِ الْعَقْدِ لَا يَوْمِ تَمَامِ الْعَمَلِ وَلَوْ فِي الْجَعَالَةِ ) كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ .
( قَوْلُهُ : بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي وَالْمَعُونَةِ ) لَعَلَّهُ جَعَالَةٌ اُغْتُفِرَ فِيهَا الْجَهْلُ بِالْجُعْلِ كَمَسْأَلَةِ الْعِلْجِ ، أَوْ أَنَّ الْعَامِلَ يَتَبَرَّعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْحَجِّ ، وَصَاحِبَهُ يَتَبَرَّعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ ( قَوْلُهُ : كَبَيْعِ الزَّرْعِ عَلَى أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا ) كَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْقَابِضَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا كَالْوَكِيلِ عَنْ الْمُؤَجِّرِ وَكَالَةً ضِمْنِيَّةً قَالَ شَيْخُنَا وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى صِحَّةُ تَسْوِيغِ النَّاظِرِ بَعْضَ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ بِمَعْلُومِهِ عَلَى بَعْضِ سُكَّانِ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ لِأَنَّ السَّاكِنَ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ وَكِيلِ النَّاظِرِ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِ الْأُجْرَةِ فِي الْعِمَارَةِ وَيَصِحُّ قَبْضُ الْمُسْتَحِقِّ لِنَفْسِهِ أَيْضًا وَتَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ الدَّافِعِ ( قَوْلُهُ : أَشْبَهُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الْمُنْفِقُ إنْ ادَّعَى مُحْتَمَلًا ) هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا صَحَّحَاهُ فِي مَسْأَلَةِ هَرَبِ الْجَمَّالِ إذَا أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِنْفَاقِ .
وَيُعَضِّدُهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا أَجَّرَ دَارًا بِعِشْرِينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الدَّارُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ : فِيمَا أَنْفَقَتْهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ إذَا كَانَ مَا أَنْفَقَهُ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا لِأَنَّ إذْنَهُ يَتَنَاوَلُ الْإِنْفَاقَ مُبْهَمًا وَإِذَا جَعَلَهُ الشَّافِعِيُّ أَمِينًا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَفِي الصَّحِيحَةِ أَوْلَى ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْآذِنَ لَهُ ائْتَمَنَهُ عَلَى ذَلِكَ ) وَفَارَقَ مَا لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَتَيْت بِالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَأَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ حَيْثُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّصَرُّفِ وَبَقَاءُ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ ( قَوْلُهُ : كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ ) حَيْثُ وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْأُجْرَةِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَالِاعْتِبَارُ بِبَلَدِ إتْلَافِ الْمَنْفَعَةِ نَقْدًا
وَوَزْنًا .
( فَرْعٌ الْأُجْرَةُ الْمُعَيَّنَةُ كَالْمَبِيعِ ) الْأَنْسَبُ " كَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ " ( فِي الشُّرُوطِ ) وَفِي أَنَّهَا تُمْلَكُ فِي الْحَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَتَصِحُّ ) الْإِجَارَةُ ( بِصُورَةٍ مَرْئِيَّةٍ ) كَالْبَيْعِ ( لَا بِجِلْدِ شَاةٍ قَبْلَ سَلْخِهِ ) إذْ لَا تُعْرَفُ صِفَتُهُ فِي الرِّقَّةِ وَالثَّخَانَةِ وَغَيْرِهِمَا .
( قَوْلُهُ : الْأَنْسَبُ كَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ ) لِأَنَّ الْأُجْرَةَ كَالثَّمَنِ وَالْمَنْفَعَةَ كَالْمَبِيعِ فَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا جَازَ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةً وَلَوْ كَانَ مَنْفَعَةً ( قَوْلُهُ : كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ) قَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمُ وَمَلَكَهَا الْمُكْرِي بِنَفْسِ الْعَقْدِ .
( فَصْلٌ أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَلِلْأُجْرَةِ فِيهَا حُكْمُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ ) لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ ( فَيَجِبُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ ) فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا وَلَا يَسْتَبْدِلُ عَنْهَا ( وَلَا يُحَالُ بِهَا وَلَا عَلَيْهَا وَلَا تُؤَجَّلُ ) لِئَلَّا تَكُونَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ ( وَلَوْ كَانَ ) الْعَقْدُ وَفِي نُسْخَةٍ " كَانَتْ " أَيْ الْإِجَارَةُ ( بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ ) كَأَنْ كَانَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ كَأَنْ قَالَ اسْتَأْجَرْت مِنْك دَابَّةً صِفَتُهَا كَذَا لِتَحْمِلَنِي إلَى مَوْضِعِ كَذَا لِأَنَّهُ سَلَمٌ فِي الْمَعْنَى كَمَا مَرَّ .
( فَصْلٌ ) .
( قَوْلُهُ : أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَلِلْأُجْرَةِ فِيهَا ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا حَالَّةً فَلَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهَا لِئَلَّا يَكُونَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِي الْحَاوِي إنْ عَقَدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ حَالًّا جَازَ تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ وَحُلُولُهَا وَإِنْ عَقَدَ عَلَى مُؤَجَّلٍ كَاسْتِئْجَارِ بَعِيرٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى مَكَّةَ يَرْكَبُ إلَيْهَا بَعْدَ شَهْرٍ لَمْ يَجُزْ تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ وَفِي وُجُوبِ الْقَبْضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَجْهَانِ وَكَأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ تَسْلِيمَ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ يُغْنِي عَنْ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُرَجَّحُ خِلَافُهُ ( قَوْلُهُ : فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا ) فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الْحَطِّ فِي التَّوْلِيَةِ حَيْثُ لَمْ تَبْطُلْ الْبَيْعُ وَيُقَدَّرُ كَأَنَّهُ بِلَا ثَمَنٍ كَمَا قُدِّرَتْ الْإِجَارَةُ هَاهُنَا وَإِلَّا فَيُقَدَّرُ الْإِبْرَاءُ وَالْحَطُّ كَالْقَبْضِ ضِمْنًا قُلْنَا الْجَوَابُ أَنَّ إجَارَةَ الذِّمَّةِ غَرَرٌ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ حِسًّا وَلَا غَرَرَ فِي التَّوْلِيَةِ فَاكْتُفِيَ فِيهَا بِالْقَبْضِ الْحُكْمِيِّ .
( فَرْعٌ يَجُوزُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ مَنْفَعَةً فَإِنْ أَجَّرَ دَارًا بِمَنْفَعَةِ دَارَيْنِ أَوْ حُلِيَّ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ جَازَ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ ) إذْ لَا رِبَا فِي الْمَنَافِعِ ( وَلَوْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا وَقَالَ إنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ - أَوْ رُومِيًّا - فَلَكَ دِرْهَمٌ أَوْ ) خِطْتَهُ ( غَدًا - أَوْ فَارِسِيًّا - فَنِصْفُ ) دِرْهَمٍ أَيْ إنْ خِطْته الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ أَوْ غَدًا فَنِصْفُ دِرْهَمٍ ، أَوْ إنْ خِطْته رُومِيًّا فَلَكَ دِرْهَمٌ أَوْ فَارِسِيًّا فَنِصْفُ دِرْهَمٍ ( لَمْ يَصِحَّ ) الْعَقْدُ لِلْإِبْهَامِ ( فَإِنْ خَاطَهُ كَيْفَ اتَّفَقَ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ) وَهَذَا فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالرُّومِيُّ بِغُرْزَتَيْنِ وَالْفَارِسِيُّ بِغُرْزَةٍ .
( فَصْلٌ لَا يَصِحُّ جَعْلُ الْأُجْرَةِ مِمَّا عَمِلَ فِيهِ ) الْأَجِيرُ ( كَالطَّحْنِ ) أَيْ كَاكْتِرَائِهِ لِلطَّحْنِ ( وَالرَّضَاعِ بِجُزْءٍ مِنْ الدَّقِيقِ وَالرَّقِيقِ ) الْمُرْتَضِعِ ( بَعْدَ الْفِطَامِ ) أَوْ لِسَلْخِ الشَّاةِ بِجِلْدِهَا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ } رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَفَسَّرُوهُ بِاكْتِرَاءِ الطَّحَّانِ عَلَى طَحْنِ الْحِنْطَةِ بِبَعْضِ دَقِيقِهَا وَقِيسَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَلِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَيْسَتْ فِي الْحَالِ بِالْهَيْئَةِ الْمَشْرُوطَةِ فَهِيَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهَا وَلِلْجَهْلِ بِهَا حِينَئِذٍ وَلِاشْتِمَالِ الْعَقْدِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ طَحْنَ قَدْرِ الْأُجْرَةِ وَهُمَا مُتَنَافِيَانِ وَلِلْأَجِيرِ إذَا عَمِلَ فِي ذَلِكَ أُجْرَةُ عَمَلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَيَصِحُّ بِجُزْءٍ مِنْهُ ) أَيْ مِمَّا عَمِلَ فِيهِ ( فِي الْحَالِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ ) فِي صُورَتِهَا ( شَرِيكَةً ) لِلْمُكْتَرِي فِي الرَّقِيقِ الْمُرْتَضِعِ فَلَا يَضُرُّ وُقُوعُ الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لَوْ سَاقَاهُ الْآخَرُ وَشَرَطَ لَهُ زِيَادَةً مِنْ الثَّمَرَةِ جَازَ وَإِنْ وَقَعَ الْعَمَلُ فِي الْمُشْتَرَكِ وَهَذَا مَا مَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِمَا عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ أَنْ يَقَعَ فِي خَالِصِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ وَضَعَّفَهُ الْأَصْلُ وَصَحَّحَ مَا مَالَا إلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إطْلَاقُ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ أَجِيرًا عَلَى شَيْءٍ هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ مِثْلُ : اطْحَنْ لِي هَذِهِ الْوَيْبَةَ وَلَك مِنْهَا رُبُعٌ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْكُلِّ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ مُرَادُ النَّصِّ أَوْ عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي انْتَهَى .
وَمَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ هُوَ التَّحْقِيقُ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ كَلَامُهُمْ
فَيَمْتَنِعُ فِي قَوْلِهِ اكْتَرَيْتُكَ لِتَطْحَنَ لِي هَذِهِ الْوَيْبَةَ بِرُبُعِهَا وَفِي قَوْلِهِ لِشَرِيكِهِ فِيهَا اكْتَرَيْتُكَ بِرُبُعِهَا لِتَطْحَنَ لِي حِصَّتِي وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ اكْتَرَيْتُكَ بِرُبُعِهَا لِتَطْحَنَ لِي بَاقِيَهَا وَفِي قَوْلِهِ لِشَرِيكِهِ فِيهَا اكْتَرَيْتُكَ بِرُبُعِهَا لِتَطْحَنَ لِي بَاقِيَ حِصَّتِي مِنْهَا ( فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى طَحْنِ الْبُرِّ بِرُبُعِهِ ) بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ بِرُبُعِهِ لِيَطْحَنَ لَهُ الْبَاقِيَ كَمَا صَوَّرَ بِهِ الْأَصْلُ ( صَحَّ ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ ( فَإِنْ طَحَنَ الْكُلَّ اقْتَسَمَاهُ دَقِيقًا ) وَإِلَّا اقْتَسَمَاهُ بُرًّا ثُمَّ أَخَذَ الْأُجْرَةَ وَطَحَنَ الْبَاقِيَ .
( قَوْلُهُ : أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إلَخْ ) وَأَنَّ الْحَائِطَ الْمُشْتَرَكَ إذَا انْهَدَمَ فَأَعَادَهُ أَحَدُهُمَا بِالنَّقْضِ الْمُشْتَرَكِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثُلُثَا الْمِلْكِ فِي النَّقْضِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ النِّصْفُ عَنْ مِلْكِهِ وَالسُّدُسُ عَنْ عَمَلِهِ ( قَوْلُهُ : وَمَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ هُوَ التَّحْقِيقُ إلَخْ ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الصِّحَّةِ ( قَوْلُهُ : كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ ) أَيْ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ عَلَى الْإِرْضَاعِ بِالنَّصِّ مَعَ كَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهِ فَإِنَّ اللَّبَنَ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَكَذَا شُرْبُ الرَّضِيعِ فَفِي غَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى وَوَرَدَتْ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ فِي جَوَازِهَا عَلَى غَيْرِهِ .
.
( الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَنْفَعَةُ وَلَهَا .
خَمْسَةُ شُرُوطٍ : الْأَوَّلُ كَوْنُهَا مُتَقَوِّمَةً ) لِيَحْسُنَ بَذْلُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهَا ( كَاسْتِئْجَارِ دَارٍ لِلسُّكْنَى وَالْمِسْكِ وَالرَّيَاحِينِ لِلشَّمِّ لَا ) اسْتِئْجَارِ ( تُفَّاحَةٍ ) لِلشَّمِّ لِأَنَّهَا تَافِهَةٌ لَا تُقْصَدُ لَهُ فَهِيَ كَحَبَّةٍ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ كَثُرَ التُّفَّاحُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ أَطْيَبُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الرَّيَاحِينِ ، وَكَوْنُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ الْأَكْلَ دُونَ الرَّائِحَةِ لَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ ( وَلَا ) اسْتِئْجَارِ ( الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالطَّعَامِ وَلَوْ لِتَزْيِينِ حَانُوتٍ ) بِخِلَافِ عَارِيَّتِهَا لِلزِّينَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا ؛ إذْ مَنْفَعَةُ الزِّينَةِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ فَلَا تُقَابَلُ بِمَالٍ ( وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَةَ ) وَفِي نُسْخَةٍ " الشَّجَرَ " ( لِظِلِّهَا ) أَيْ لِلِاسْتِظْلَالِ بِظِلِّهَا ( أَوْ الرَّبْطِ بِهَا أَوْ طَائِرًا لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهِ ) كَالْعَنْدَلِيبِ ( أَوْ لَوْنِهِ ) كَالطَّاوُسِ ( جَازَ ) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمَذْكُورَةَ مَقْصُودَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ ، وَتَرْجِيحُ الْجَوَازِ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( لَا بَيَّاعًا عَلَى كَلِمَةٍ لَا تَعَبَ فِيهَا ) وَإِنْ رَوَّجَتْ السِّلْعَةَ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا ( لَكِنْ إنْ تَعِبَ فِيهَا بِتَرَدُّدٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ) وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ عَادَةً نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ ( وَيَصِحُّ ) الِاسْتِئْجَارُ ( فِيمَا يَقْتَضِي التَّعَبَ ) مِنْ الْكَلِمَاتِ كَمَا فِي بَيْعِ الثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَخْتَلِفُ ثَمَنُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ " لَا تَعَبَ فِيهَا " وَصُنْعُهُ أَوْلَى مِنْ صُنْعِ أَصْلِهِ حَيْثُ جَعَلَ هَذَا مُفِيدًا لِحُكْمِ ذَاكَ .
قَوْلُهُ : الْأَوَّلُ كَوْنُهَا مُتَقَوِّمَةً ) سُقُوطُ الْقِيمَةِ إمَّا لِتَحْرِيمِهَا وَإِمَّا لِخِسَّتِهَا وَإِمَّا لِقِلَّتِهَا وَضَابِطُ مَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ : كُلُّ عَيْنٍ يُنْتَفَعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا مَنْفَعَةً مُبَاحَةً مَمْلُوكَةً مَعْلُومَةً مَقْصُودَةً تُضْمَنُ بِالْبَذْلِ وَتُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ كَثُرَ التُّفَّاحُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ لِتَزْيِينِ حَانُوتٍ ) أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ مُعَرَّاةً فَإِنْ كَانَتْ فَهِيَ حُلِيٌّ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا : أَوْ لِلْوَزْنِ بِهَا ، أَوْ لِلضَّرْبِ عَلَى سِكَّتِهَا ( قَوْلُهُ : إذْ مَنْفَعَةُ الزِّينَةِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ إلَخْ ) وَلِأَنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا كَوَطْءِ الْأَمَةِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَةَ لِظِلِّهَا إلَخْ ) أَوْ لِتَجْفِيفِ الثِّيَابِ عَلَيْهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْخِلَافُ فِي اسْتِئْجَارِ الشَّجَرَةِ لِلْوُقُوفِ فِي ظِلِّهَا لِأَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي يَقِفُ فِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ إنْ كَانَتْ رَقَبَتُهَا ، أَوْ مَنْفَعَتُهَا لَهُ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ مَنْعُهُ مِنْ الْوُقُوفِ فِيهَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ فَالِاسْتِئْجَارُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى الِاسْتِقْرَارِ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ فَمَا صُورَةُ الْخِلَافِ وَجَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ مُبَاحَةً أَوْ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَكَانَتْ الْأَغْصَانُ مَائِلَةً إلَى مِلْكِ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ وَأَمْكَنَ تَمْيِيلُهَا إلَى الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ فَاسْتَأْجَرَهَا لِلْوُقُوفِ فِي ظِلِّهَا لِيُمِيلَهَا إلَى جِهَتِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْأَغْصَانُ مَائِلَةً إلَى الْأَرْضِ الَّتِي يَقِفُ فِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَاسْتَأْجَرَهَا لِيَمْتَنِعَ الْمَالِكُ مِنْ قَطْعِهَا ( قَوْلُهُ : وَتَرْجِيحُ الْجَوَازِ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ : لَا بَيَّاعًا عَلَى كَلِمَةٍ
لَا تَعَبَ فِيهَا ) فِي الْإِحْيَاءِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَى كَلِمَةٍ يَقُولُهَا طَبِيبٌ عَلَى دَوَاءٍ يَنْفَرِدُ بِمَعْرِفَتِهِ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي التَّلَفُّظِ بِهِ ، وَعِلْمُهُ بِهِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ فَلَيْسَ مِمَّا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَرَفَ الصَّيْقَلُ الْمَاهِرُ إزَالَةَ اعْوِجَاجِ السَّيْفِ وَالْمِرْآةِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَهُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَثُرَ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّنَاعَاتِ يَتْعَبُ فِي تَعَلُّمِهَا لِيَكْتَسِبَ بِهَا وَيُخَفِّفَ عَنْ نَفْسِهِ كَثْرَةَ التَّعَبِ وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ لَا يَصِحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : مِمَّا يَخْتَلِفُ ثَمَنُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ) إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إذْ قَدْ لَا يَشْتَرِي الْمُعَيَّنُ لَكِنْ ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِشِرَاءِ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ جَازَ أَيْ إذَا عَرَفَ مِنْ حَالِ مَالِكِهِ بَيْعَهُ .
( وَيَصِحُّ ) الِاسْتِئْجَارُ ( فِي الْهِرَّةِ لِدَفْعِ الْفَأْرِ ، وَالشَّبَكَةِ وَالْفَهْدِ ) وَالْبَازِي ( لِلصَّيْدِ ) إذْ لِمَنَافِعِهَا قِيمَةٌ ( لَا ) فِي ( الْكَلْبِ ) لِصَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةِ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ دَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إذْ لَا قِيمَةَ لِمَنْفَعَتِهِ شَرْعًا وَلِأَنَّ اقْتِنَاءَهُ مَمْنُوعٌ إلَّا لِحَاجَةٍ وَمَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ كَرُكُوبِ الْبَدَنَةِ الْمُهْدَاةِ .
( الشَّرْطُ الثَّانِي : أَنْ لَا يَتَضَمَّنَ ) الْمَنْفَعَةَ بِأَنْ لَا يَتَضَمَّنَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ ( اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا ) وَإِنْ تَضَمَّنَ اسْتِيفَاءَهَا تَبَعًا لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ كَمَا سَيَأْتِي ( فَاسْتِئْجَارُ الْبُسْتَانِ لِثَمَرِهِ وَالشَّاةِ لِصُوفِهَا ) أَوْ نِتَاجِهَا أَوْ لَبَنِهَا ( لَا يَصِحُّ ) لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُمْلَكُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ قَصْدًا ( وَلَوْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً ) وَلَوْ صَغِيرَةً ( لِلْإِرْضَاعِ ) الْمُسَمَّى بِالْحَضَانَةِ الصُّغْرَى ( وَ ) إنْ ( نَفَى الْحَضَانَةَ ) الْكُبْرَى ( جَازَ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّبَنُ مَنْفَعَةً لِلْحَاجَةِ إذْ لَوْ مُنِعَتْ لَاحْتِيجَ إلَى شِرَاءِ اللَّبَنِ كُلَّ دَفْعَةٍ ، وَفِيهِ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ ، كَيْفَ وَالشِّرَاءُ إنَّمَا يُمْكِنُ بَعْدَ الْحَلْبِ وَلَا تَتِمُّ تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ بِاللَّبَنِ الْمَحْلُوبِ .
، عَلَى أَنَّ اللَّبَنَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ تَابِعٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ ( وَالْعَقْدُ ) كَائِنٌ ( عَلَى الْإِرْضَاعِ وَاللَّبَنُ تَابِعٌ ) لِتَعَلُّقِ الْأَجْرِ فِي الْآيَةِ بِالْإِرْضَاعِ لَا بِاللَّبَنِ ، وَالِاسْتِئْجَارُ لِلْإِرْضَاعِ مُطْلَقًا يَتَضَمَّنُ اسْتِيفَاءَ اللَّبَنِ وَالْحَضَانَةَ الصُّغْرَى وَهِيَ وَضْعُ الطِّفْلِ فِي الْحِجْرِ وَإِلْقَامُهُ الثَّدْيَ وَعَصْرُهُ لَهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ، أَمَّا الْحَضَانَةُ الْكُبْرَى الْآتِي بَيَانُهَا فِي الْبَابِ الثَّانِي فَلَا يَشْمَلُهَا الْإِرْضَاعُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الْبَهِيمَةُ كَاسْتِئْجَارِ الشَّاةِ لِإِرْضَاعِ سَخْلَةٍ أَوْ طِفْلٍ فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى وَالْبُلْقِينِيُّ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِ الْمَرْأَةِ لِإِرْضَاعِ السَّخْلَةِ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ نَفَى الْحَضَانَةَ الْكُبْرَى جَازَ ) فَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْإِرْضَاعِ وَنَفَى الْحَضَانَةَ الصُّغْرَى لَمْ يَصِحَّ ( قَوْلُهُ : تَعَلُّقِ الْأُجْرَةِ فِي الْآيَةِ بِالْإِرْضَاعِ ) لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تُمْلَكُ بِالْإِجَارَةِ وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْبِئْرِ لِاسْتِقَاءِ مَاءَهَا وَتَجُوزُ تَبَعًا كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ فَإِنَّ لَهُ اسْتِعْمَالَ مَائِهَا ( قَوْلُهُ : فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَالْبُلْقِينِيُّ فِي الثَّانِيَةِ ) فِي فَتَاوَى صَاحِبِ الْبَيَانِ لَا تَجُوزُ إجَارَةُ شَاةٍ لِإِرْضَاعِ صَبِيٍّ ( قَوْلُهُ : فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى إرْضَاعِ اللِّبَأ مَمْنُوعٌ لِوُجُوبِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ ضَعِيفٌ ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ النَّفَقَاتِ .
( قَوْلُهُ : وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَيَجُوزُ ) لِلشَّخْصِ ( اسْتِئْجَارُ الْقَنَاةِ ) - - .
وَهِيَ الْجَدْوَلُ الْمَحْفُورُ ( لِلزِّرَاعَةِ بِمَائِهَا ) الْجَارِي إلَيْهَا مِنْ النَّهْرِ لِلْحَاجَةِ ( لَا ) اسْتِئْجَارُ ( الْقَرَارِ ) مِنْهَا ( دُونَ الْمَاءِ ) بِأَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَكُونَ أَحَقَّ بِمَائِهَا الَّذِي يَتَحَصَّلُ فِيهَا بِالْمَطَرِ وَالثَّلْجِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَأْخُذَ مَا يَتَوَحَّلُ فِيهَا مِنْ الصَّيْدِ ، أَوْ بِرْكَةً مُتَّصِلَةً بِالْبَحْرِ لِيَأْخُذَ مِنْهَا مَا يَدْخُلُ مِنْ السَّمَكِ ، أَوْ شَجَرَةً لِيَأْخُذَ ثَمَرَتَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْبِسَ الْمَاءَ فِيهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ فِيهَا السَّمَكُ كَمَا سَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيُجْرِيَ فِيهَا مَاءً .
( وَ ) يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ ( الْبِئْرِ لِلِاسْتِقَاءِ ) مِنْ مَاءَهَا لِلْحَاجَةِ .
( لَا ) اسْتِئْجَارُ ( الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا .
( الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ ) كَمَا فِي الْبَيْعِ ( فَإِجَارَةُ الْآبِقِ ) وَالْمَغْصُوبِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ عَقِبَ الْعَقْدِ ( لَا تَصِحُّ وَكَذَا ) إجَارَةُ ( الْأَعْمَى لِلْحِرَاسَةِ ) بِالْبَصَرِ ( وَغَيْرِ الْقَارِئِ لِتَعْلِيمِ الْقِرَاءَةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَلَوْ اتَّسَعَتْ الْمُدَّةُ لِتَعَلُّمِهِ ) قَبْلَ تَعْلِيمِهِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ مِنْ عَيْنِهِ ، وَالْعَيْنُ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ بِخِلَافِهَا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ كَمَا مَرَّ .
قَوْلُهُ : الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ ) فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ الرَّقِيقِ الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ وَلَا الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَتَصِحُّ إجَارَةُ الْمُقَطَّعِ وَالزَّوْجَةِ صَدَاقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ك ( قَوْلُهُ : بِالْبَصَرِ ) أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ وَتَصِحُّ فِي الذِّمَّةِ وَإِجَارَةُ عَيْنِهِ لِحِفْظِ شَيْءٍ فِي يَدِهِ وَمِثْلُهُ الْجُلُوسُ خَلْفَ الْبَابِ لِلْحِرَاسَةِ ك .
( وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ قَبْلَ السَّقْيِ ) لَهَا ( إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا مَاءٌ يُوثَقُ بِهِ ) مِنْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَحْوِهَا فَيَصِحُّ لِإِمْكَانِ الزِّرَاعَةِ فِيهَا حِينَئِذٍ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمِثْلُهَا الْحَمَّامُ فِيمَا يَظْهَرُ ( وَكَذَا لَوْ ) لَمْ يَكُنْ لَهَا مَاءٌ كَذَلِكَ لَكِنْ ( غَلَبَ حُصُولُهُ ) فِيهَا مِنْ مَطَرٍ مُعْتَادٍ وَنَدَاوَةٍ مِنْ ثَلْجٍ كَذَلِكَ فَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُهَا ( كَاَلَّتِي ) أَيْ كَاسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ الَّتِي ( تُسْقَى بِمَاءِ مَطَرِ الْجَبَلِ ) أَيْ بِمَاءِ الْمَطَرِ وَالثَّلْجِ فِي الْجَبَلِ وَالْغَالِبُ فِيهَا الْحُصُولُ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ ، وَمُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ لَا يَكْفِي كَإِمْكَانِ عَوْدِ الْآبِقِ .
( قَوْلُهُ : إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا مَا يَوْثُقُ بِهِ ) نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمْعٍ تَمْثِيلَ زِيَادَةِ النِّيلِ الْغَالِبَةِ بَخَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَجَعَلَ السُّبْكِيُّ مِنْهَا سَبْعَةَ عَشَرَ ( قَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتْبِ اسْتِئْجَارِ الْحَمَّامِيِّ حَمَّامًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَنَّهُ فِي مَعْنَى اسْتِئْجَارِ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا مَاءٌ مَعْلُومٌ .
( وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ قَبْلَ انْحِسَارِ الْمَاءِ عَنْهَا وَإِنْ سَتَرَهَا ) عَنْ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصْلَحَتِهَا كَاسْتِتَارِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ بِالْقِشْرِ هَذَا ( إنْ وَثِقَ بِانْحِسَارِهِ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ ) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الصِّحَّةِ بِأَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ عَقِبَ الْعَقْدِ شَرْطٌ وَالْمَاءُ يَمْنَعُهُ وَأُجِيبَ عَنْهُ : بِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصَالِحِ الزَّرْعِ وَبِأَنَّ صَرْفَهُ مُمْكِنٌ فِي الْحَالِ بِفَتْحِ مَوْضِعٍ يَنْصَبُّ إلَيْهِ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الزَّرْعِ حَالًا كَإِيجَارِ دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ يُمْكِنُ نَقْلُهَا فِي زَمَنٍ لَا أُجْرَةَ لَهُ ( وَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الْأَرْضُ ( عَلَى شَطِّ نَهْرٍ - وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُغْرِقُهَا وَتَنْهَارُ فِي الْمَاءِ - لَمْ يَصِحَّ اسْتِئْجَارُهَا ) لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهَا ( وَإِنْ احْتَمَلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ جَازَ ) اسْتِئْجَارُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ السَّلَامَةُ .
( قَوْلُهُ : وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لَا يُوثَقُ بِسَقْيِهَا فَإِنْ ) كَانَ ( قَالَ ) لَهُ الْمُؤَجِّرُ ( أَجَّرْتُكَهَا عَلَى أَنَّهَا أَرْضٌ بَيْضَاءُ لَا مَاءَ لَهَا وَلَمْ يَقُلْ لِتَنْتَفِعَ بِهَا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ ) لِجِنْسِ الْمَنْفَعَةِ فَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْلُ هُنَا مِنْ الصِّحَّةِ - وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَعْرِفُ بِنَفْيِ الْمَاءِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لِغَيْرِ الزِّرَاعَةِ - مُؤَوَّلٌ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ بَعْدُ وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَأْتِي وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْجِنْسِ كَمَا يُعْرَفُ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا هُنَا وَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَرْضِ الزِّرَاعَةُ فَجَازَ الْإِطْلَاقُ فِيهَا وَفِيهِ نَظَرٌ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لَا يُوثَقُ بِسَقْيِهَا ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ لَا مَاءَ لَهَا دَائِمٌ إذَا قَالَ الْمُؤَجِّرُ أَنَا أَحْفِرُ بِئْرًا وَأَسْقِيهَا مِنْهُ ، أَوْ أَسُوقُ الْمَاءَ إلَيْهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ كَمَا نَقَلْت عَنْ الرُّويَانِيِّ وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ صِحَّتُهُ وَنَصُّ الْأُمِّ يُشِيرُ إلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ الَّتِي لَا مَاءَ لَهَا وَكَانَ مِنْ الشَّرْطِ أَنْ يَزْرَعَهَا وَقَدْ يُمْكِنُهُ زَرْعُهَا عَثْرِيًّا بِلَا مَاءٍ أَوْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا مَاءً مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَأَكْرَاهُ إيَّاهَا أَرْضًا بَيْضَاءَ لَا مَاءَ لَهَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا إنْ شَاءَ ، أَوْ يَفْعَلَ بِهَا مَا شَاءَ صَحَّ الْكِرَاءُ وَلَزِمَهُ زَرَعَ ، أَوْ لَمْ يَزْرَعْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ .
( وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَأَطْلَقَ دَخَلَ ) فِيهِ ( الشِّرْبُ ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَهُوَ النَّصِيبُ مِنْ الْمَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهَا لَا يَدْخُلُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ هُنَا لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ هَذَا ( إنْ اُعْتِيدَ دُخُولُهُ وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يُطْلِقْ أَوْ اضْطَرَبَتْ الْعَادَةُ ( فَسَيَأْتِي ) حُكْمُهُ ( فِي الْبَابِ الثَّانِي ) .
( فَصْلٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ " فَرْعٌ " ( لَا يَصِحُّ إيرَادُ إجَارَةِ الْعَيْنِ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ كَأَجَرْتك الدَّابَّةَ سَنَةً مِنْ غَدٍ أَوْ لِتَخْرُجَ ) بِهَا ( غَدًا ) لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا فِي الْغَدِ أَوْ نَحْوِهِ غَيْرُ مَقْدُورَةِ التَّسْلِيمِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ بَيْعَ الْعَيْنِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا غَدًا ( بِخِلَافِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا تَأْجِيلُ الْعَمَلِ ) كَمَا فِي السَّلَمِ ( كَأَلْزَمْت ذِمَّتَك حَمْلِي إلَى مَكَّةَ غُرَّةَ شَهْرِ كَذَا بِكَذَا بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ ) فِيمَا مَرَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُجْرَةِ وَفِيمَا يَأْتِي بِالنِّسْبَةِ لِلدَّابَّةِ .
( قَوْلُهُ : لَا يَصِحُّ إيرَادُ إجَارَةِ الْعَيْنِ إلَخْ ) يَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ لَيْلًا - لِعَمَلٍ لَا يُعْمَلُ إلَّا نَهَارًا مَثَلًا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِضَافَةِ لِأَوَّلِ الْمُدَّةِ - ، وَإِجَارَةُ عَيْنِ الشَّخْصِ لِلْحَجِّ عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ - وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَشْهُرِهِ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الْإِتْيَانُ بِهِ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ إلَّا بِالسَّيْرِ قَبْلَهُ ، أَوْ فِي أَشْهُرِهِ لِيُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ - ، وَإِجَارَةُ دَارٍ بِبَلَدٍ آخَرَ - عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَإِنْ كَانَ التَّسْلِيمُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ - وَدَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ يُمْكِنُ الِاشْتِغَالُ بِنَقْلِهَا فِي الْحَالِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوَّلَ الْبَابِ وَصَحَّحَ فِي الزَّوَائِدِ آخِرَهُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لَهَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا ، أَوْ بَهِيمَةً لِعَمَلٍ مُدَّةً عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِمَا الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي صَحَّ بِخِلَافِ الْحَانُوتِ ( قَوْلُهُ : غُرَّةَ شَهْرِ كَذَا ) أَوْ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ .
( فَإِنْ أَطْلَقَ ) الْإِجَارَةَ - .
( فَهِيَ حَالَّةٌ ) كَمَا فِي السَّلَمِ ( فَلَوْ أَجَّرَ مِنْ زَيْدٍ دَارًا سَنَةً ثُمَّ أَجَّرَهَا فِي أَثْنَائِهَا السَّنَةَ الْأُخْرَى مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ جَازَ ) لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا لَوْ أَجَّرَهُمَا دَفْعَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ ( فَإِنْ فُسِخَتْ الْأُولَى لَمْ يُؤَثِّرْ ) فَسْخُهَا فِي الثَّانِيَةِ لِعُرُوضِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " فِي أَثْنَائِهَا " مَا لَوْ قَالَ أَجَرَتْكهَا سَنَةً فَإِذَا انْقَضَتْ فَقَدْ أَجَرَتْكهَا سَنَةً أُخْرَى لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ ( وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ ) أَيْ الدَّارُ ( مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ ) سَنَةً ( فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا ) السَّنَةَ الْأُخْرَى ( مِنْ الثَّانِي ) لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ الْآنَ لِلْمَنْفَعَةِ .
( وَفِي ) جَوَازِ ( إيجَارِهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا لَا لِأَنَّهُ الْآنَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِلْمَنْفَعَةِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْأَصْلِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَالثَّانِي نَعَمْ لِأَنَّ الْمُعَاقَدَةَ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا وَقَدْ نَقَلَ الْأَصْلُ كَلَامَ الْبَغَوِيّ ، وَحَاصِلُهُ الْجَوَازُ مِنْ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ كَمَا تَقَرَّرَ قَالَ : وَعَكَسَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ أَغْوَصُ وَالزَّرْكَشِيُّ : إنَّهُ أَقْوَى
قَوْلُهُ : ثُمَّ أَجَّرَهَا فِي أَثْنَائِهَا السَّنَةَ الْأُخْرَى مِنْهُ إلَخْ ) الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا سَنَةً لَوْ أَجَّرَهَا مَالِكُ الرَّقَبَةِ لَهُ سَنَةً تَلِي السَّنَةَ الْمُوصَى لَهُ بِهَا قَالَ السُّبْكِيُّ الْأَفْقَهُ الْمَنْعُ ، وَإِنَّ مَحَلَّ كَلَامِهِمْ فِي إجَارَتَيْنِ وَلَوْ أَجَّرَهَا الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُؤَقَّتَةِ بَقِيَّةَ مُدَّتِهِ ، ثُمَّ أَجَّرَهَا مَالِكُ الرَّقَبَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ مُدَّةً تَلِيهَا جَازَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَالَ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ لِمُسْتَحِقِّ الْمَنْفَعَةِ الْأُولَى لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ الدَّارِ شَهْرًا يَجُوزُ لِلْوَارِثِ إكْرَاءُ الشَّهْرِ الثَّانِي مِنْهُ الثَّانِيَةُ الْمُعْتَدَّةُ الْمُسْتَحِقَّةُ لِلسُّكْنَى بِالْأَشْهُرِ يَجُوزُ إكْرَاؤُهَا مِنْهَا الْمُدَّةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ ذَكَرَهُمَا الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ ، مَا قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْأَفْقَهُ الرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَ ( قَوْلِهِ لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُسْتَأْجِرِ ) هَذَا التَّعْلِيلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ ) وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ ( قَوْلُهُ : فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ الثَّانِي إلَخْ ) قَالَ الْفَتَى هَذَا الِاخْتِصَارُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ إيجَارُهَا لِلثَّانِي وَلَا يَجُوزُ لِلْأَوَّلِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ ، وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ عَكْسُهُ وَهُوَ تَجْوِيزُهُ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَلَيْسَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَاحِدًا مِنْ هَاتَيْنِ الْمَقَالَتَيْنِ بَلْ جَزَمَ بِتَجْوِيزِهِ مِنْ الثَّانِي وَاقْتَضَى الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ : أَحَدُهُمَا لَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَحَاصِلُهُ إلَخْ ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْحَقُّ .
ا هـ .
بِهِ أَفْتَى الْعِرَاقِيُّ وَرَجَّحَهُ فِي تَنْقِيحِ اللُّبَابِ .
( وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي ) لِمَا أَجَّرَهُ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِهِ ( إيجَارُ مَا أَجَّرَهُ الْبَائِعُ ) مِنْ الْغَيْرِ إذْ لَا مُعَاقَدَةَ بَيْنَهُمَا كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَهُوَ جَارٍ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ عَلَى طَرِيقَتِهِ فِيمَا مَرَّ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ غَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ الْجَوَازُ .
( قَوْلُهُ : وَاَلَّذِي يَقْتَضِيه إلَخْ ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
( وَفِي ) جَوَازِ ( إيجَارِ الْوَارِثِ مَا أَجَّرَهُ الْمَيِّتُ ) مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ ( تَرَدُّدٌ ) لِلْقَفَّالِ أَيْ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ : إنَّهُ الظَّاهِرُ وَالثَّانِي الْمَنْعُ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ " فَلِلْمَالِكِ إلَى آخِرِهِ " : فَهَلْ لِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِمَّنْ عَاقَدَهُ أَوْ مِنْ الثَّانِي وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِي الْوَارِثِ وَالْمُشْتَرِي يُؤَجِّرَانِ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ الْمَيِّتِ وَالْبَائِعِ ( وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ فَصْلٌ بَيْنَ السَّنَتَيْنِ ) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الطَّلْقَ وَالْوَقْفَ نَعَمْ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَأَجَّرَهُ النَّاظِرُ ثَلَاثًا فِي عَقْدٍ وَثَلَاثًا فِي عَقْدٍ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ الثَّانِي وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ إجَارَةِ الزَّمَانِ الْقَابِلِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ فِي الْعَقْدَيْنِ فِي مَعْنَى الْعَقْدِ الْوَاحِدِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ .
( قَوْلُهُ : أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ ) وَهُوَ الرَّاجِحُ ( قَوْلُهُ : فَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْمُدَّتَيْنِ إلَخْ ) وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِوُقُوعِهِ زَائِدًا عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ ( قَوْلُهُ : وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إلَخْ ) الْحَقُّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَوَافَقَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَأَجَّرَ مِنْ شَخْصٍ عَشْرَ سِنِينَ مَثَلًا فِي عَشَرَةِ عُقُودٍ كُلِّ عَقْدٍ سَنَةً بِأُجْرَةِ مِثْلِ تِلْكَ السَّنَةِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ كُلُّهَا .
( فَرْعٌ ) أَجَّرَ عَيْنًا فَأَجَّرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِغَيْرِهِ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْبَيْعِ بِانْقِطَاعِ عَلَقِهِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ .
( قَوْلُهُ : فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْبَيْعِ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَتَقَدَّمَ عَلَى هَامِشِ الشَّرْحِ فِي بَابِ الْإِقَالَةِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمُرَجَّحَ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ بَعْدَ بَيْعِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ ، أَوْ إيجَارِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ .
( فَرْعٌ وَإِنْ أَجَّرَهُ الْحَانُوتَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَسْتَمِرُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ ) عَادَةً ( أَيَّامَ شَهْرٍ لَا لَيَالِيَهُ ) أَوْ عَكْسَهُ ( لَمْ يَجُزْ ) لِأَنَّ زَمَانَ الِانْتِفَاعِ لَا يَتَّصِلُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَيَكُونَ إجَارَةَ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ ( بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ لِأَنَّهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ) لِلْإِجَارَةِ ( يُرَفَّهَانِ ) فِي اللَّيْلِ أَوْ غَيْرِهِ ( كَالْعَادَةِ ) لِأَنَّهُمَا لَا يُطِيقَانِ الْعَمَلَ دَائِمًا .
( وَلَوْ أَجَّرَهُ ) دَابَّةً ( مُعَاقَبَةً ) بَيْنَهُمَا ( لِيَرْكَبَ الْمُكْتَرِي أَوَّلًا صَحَّ ) سَوَاءٌ أُورِدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَيْنِ أَمْ الذِّمَّةِ لِثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ حَالًّا ، وَالتَّأْخِيرُ الْوَاقِعُ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ وَالتَّسْلِيمِ ( لَا عَكْسُهُ ) بِأَنْ أَجَّرَهُ مُعَاقَبَةً لِيَرْكَبَ هُوَ أَوَّلًا فَلَا يَصِحُّ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لِتَأَخُّرِ حَقِّ الْمُكْتَرِي وَتَعَلُّقِ الْإِجَارَةِ بِالْمُسْتَقْبَلِ ، وَقَوْلُهُ - مِنْ زِيَادَتِهِ - " لِيَرْكَبَ الْمُكْتَرِي أَوَّلًا " قَاصِرٌ بَلْ لَوْ سَكَتَ عَنْهُ أَوْ قَالَ لِيَرْكَبَ أَحَدُنَا أَوْ نَحْوَهُ صَحَّ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ .
( وَلَوْ أَجَّرَ اثْنَيْنِ ) دَابَّةً ( لِيَتَعَاقَبَا ) عَلَيْهَا بِالرُّكُوبِ بِأَنْ يَرْكَبَ هَذَا زَمَنًا وَالْآخَرُ مِثْلَهُ ( صَحَّ ) الْعَقْدُ ( وَيُسْتَحَقُّ الرُّكُوبُ ) لَهُمَا ( فِي الْحَالِ ) لِأَنَّ الْمِلْكَ وَقَعَ لَهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَقْتَسِمَانِهِ بِالْمُهَايَأَةِ ( وَ ) يَكُونُ ( التَّأْخِيرُ ) الْوَاقِعُ ( مِنْ ضَرُورَةِ التَّسْلِيمِ فَإِنْ جَرَتْ لِلْعَقِبِ عَادَةٌ ) مَضْبُوطَةٌ بِزَمَانٍ أَوْ مَسَافَةٍ ( فَذَاكَ ) وَاضِحٌ ( وَإِلَّا وَجَبَ بَيَانُهَا كَهَذَا ) يَرْكَبُ ( يَوْمًا أَوْ فَرْسَخًا ، وَهَذَا مِثْلَهُ .
وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَطْلُبَ النَّوْبَةَ ) مِنْ رُكُوبٍ وَمَشْيٍ ( ثَلَاثًا ) لِمَا فِي دَوَامِ الْمَشْيِ مِنْ التَّعَبِ وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ إذَا اتَّفَقْنَا عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ لِلدَّابَّةِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَضَرَرُ الْمَاشِي كَضَرَرِ الدَّابَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ ( وَإِنْ تَنَازَعَا ) أَيْ الْمُسْتَحِقَّانِ لِلرُّكُوبِ ( فِي الْبُدَاءَةِ ) بِهِ ( أُقْرِعَ ) بَيْنَهُمَا ( وَإِنْ أَطْلَقَا ) أَيْ اثْنَانِ ( اسْتِئْجَارَ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُهُمَا حُمِلَ ) الِاسْتِئْجَارُ ( عَلَى التَّعَاقُبِ ) وَإِنْ كَانَتْ تَحْمِلُهُمَا رَكِبَا جَمِيعًا .
قَوْلُهُ : وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَضَرَرُ الْمَاشِي كَضَرَرِ الدَّابَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَإِنْ اكْتَرَى كُلَّ الدَّابَّةِ إلَى نِصْفِ الْمَسَافَةِ أَوْ نِصْفَ الدَّابَّةِ إلَى ) كُلِّ ( الْمَسَافَةِ ) الْأَوْلَى تَعْبِيرُ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ لَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا نِصْفَ الْمَسَافَةِ أَوْ نِصْفَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا ( صَحَّتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ ( مُشَاعَةً ) كَبَيْعِ الْمُشَاعِ ( وَيَقْتَسِمَانِ ) بِالزَّمَانِ أَوْ الْمَسَافَةِ وَإِذَا اقْتَسَمَا فِيمَا تَقَرَّرَ بِالزَّمَانِ قَالَ الْمُتَوَلِّي فَالزَّمَانُ الْمَحْسُوبُ زَمَانُ السَّيْرِ حَتَّى لَوْ نَزَلَ أَحَدُهُمَا لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ لِعَلْفِ الدَّابَّةِ لَمْ يُحْسَبْ زَمَنُ النُّزُولِ لِأَنَّ نَفْسَ الزَّمَانِ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ .
( فَرْعٌ ) ( اسْتِئْجَارُ ) مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ فِي الْحَالِ مِثْلُ ( جَحْشٍ لَا يُرْكَبُ الْآنَ فَاسِدٌ ) لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مَوْضُوعَةٌ عَلَى تَعْجِيلِ الْمَنَافِعِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى مَا لَا يُثْمِرُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَيُثْمِرُ بَعْدَهَا لِأَنَّ تَأَخُّرَ الثِّمَارِ مُحْتَمَلٌ فِي كُلِّ مُسَاقَاةٍ .
( فَرْعٌ الْعَجْزُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ فَالْإِجَارَةُ لِقَلْعِ سِنٍّ صَحِيحَةٍ بَاطِلٌ ) لِحُرْمَةِ قَلْعِهَا فَهُوَ مَعْجُوزٌ عَنْهُ شَرْعًا وَكَذَا الِاسْتِئْجَارُ لِتَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالسِّحْرِ وَالْفُحْشِ وَخِتَانِ صَغِيرٍ لَا يَحْتَمِلُ أَلَمَهُ ( وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِفَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ وَقَلْعِ سِنٍّ صَعْبٍ أَلَمُهَا وَقَالَ الْأَطِبَّاءُ يَزُولُ ) أَلَمُهَا ( بِهِ ) أَيْ بِقَلْعِهَا ( جَازَ ) لِلْحَاجَةِ .
( قَوْلُهُ : الْعَجْزُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ ) لِامْتِنَاعِ التَّسْلِيمِ شَرْعًا اُسْتُثْنِيَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا لَوْ فَقَدَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ الْخُفَّ عَلَى الْأُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَهُ وَلَوْ كَانَتْ عَلِيلَةً بِحَيْثُ لَا تُغْسَلُ لَمْ يَمْسَحَ خُفَّ الْأُخْرَى عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ رَأَى الْمُتَيَمِّمُ الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِ الَّتِي تُسْقِطُ الْقَضَاءَ ، ثُمَّ تَلِفَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّنَفُّلُ بَعْدَ السَّلَامِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّهُ رَآهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ لَهُ شَرْعًا لِأَجْلِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ كَمَا إذَا رَآهُ وَثَمَّ مَانِعٌ مِنْهُ حِسِّيٌّ كَسَبُعٍ وَعَدُوٍّ وَقَالُوا فِي الْإِقَالَةِ يَجُوزُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ فَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي ، أَوْ أَجَّرَهُ فَهَلْ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ الْأَقْرَبُ الْمَنْعُ فَتُسْتَثْنَى أَيْضًا وَذَكَرُوا فِي الْإِيلَاءِ أَنَّ الْمَانِعَ إذَا قَامَ بِالْمَرْأَةِ إنْ كَانَ حَيْضًا مَنَعَ مِنْ ضَرْبِ الْمُدَّةِ أَوْ شَرْعًا فَلَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ ( قَوْلُهُ : لِحُرْمَةِ قَلْعِهَا ) فَهُوَ مَعْجُوزٌ عَنْهُ شَرْعًا خَرَجَ بِهِ مَا إذَا وَجَبَ قَلْعُهَا لِقِصَاصٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ انْصَبَّتْ تَحْتَ الصَّحِيحَةِ مَادَّةٌ مِنْ نَزْلَةٍ وَنَحْوِهَا وَقَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ لَا يَزُولُ الْأَلَمُ إلَّا بِقَلْعِهَا فَيُشْبِهُ أَنْ يَجُوزَ لِلضَّرُورَةِ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا وَقَوْلُهُ فَيُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَحَلُّ الِانْفِسَاخِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( اسْتَأْجَرَهَا ) أَيْ امْرَأَةً إجَارَةَ عَيْنٍ ( لِكَنْسِ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ ) مَثَلًا ( فَحَاضَتْ انْفَسَخَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ ( لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ شَرْعًا ) فَلَوْ دَخَلَتْ وَكَنَسَتْ عَصَتْ وَلَمْ تَسْتَحِقَّ أُجْرَةً وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّعْلِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَحَلُّ الِانْفِسَاخِ إذَا حَاضَتْ عَقِبَ الْإِجَارَةِ وَلَمْ تَزِدْ الْمُدَّةُ عَلَى قَدْرِ الْحَيْضِ وَإِلَّا انْفَسَخَتْ فِي قَدْرِهِ ، وَفِيمَا عَدَاهُ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ( بِخِلَافِ ) اسْتِئْجَارِهَا فِي ( الذِّمَّةِ ) لِكَنْسِ الْمَسْجِدِ يَجُوزُ لِإِمْكَانِهِ بِغَيْرِهَا أَوْ بَعْدَ الْحَيْضِ وَبِمَا قَالَهُ فِي الْعَيْنِيَّةِ عُلِمَ أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ عَيْنِ الْحَائِضِ لِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً بِخِلَافِ الذِّمِّيَّةِ إذَا أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ جَوَازِ تَمْكِينِ الْكَافِرِ الْجُنُبِ مِنْ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَيُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ ) يَأْتِي فِي اللِّعَانِ مَا يُؤَيِّدُهُ .
( تَنْبِيهٌ ) فِي مَعْنَى الْحَائِضِ النُّفَسَاءُ وَالْمُسْتَحَاضَةُ وَمَنْ بِهِ جُرُوحٌ سَائِلَةٌ وَسُئِلْت عَنْ اسْتِئْجَارِ ذِمِّيٍّ لِلْحَجِّ عَلَى ذِمَّتِهِ فَقُلْت لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ فَيَسْتَحِيلُ الْعَقْدُ مِنْهُ ع .
( وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ سِنٍّ ) وَجِعَةٍ ( فَبَرِئَتْ انْفَسَخَتْ أَيْضًا ) لِتَعَذُّرِ الْقَلْعِ ( فَإِنْ لَمْ تَبْرَأْ وَمَنَعَهُ ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ ( مِنْ قَلْعِهَا لَمْ يُجْبَرْ ) عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ : لِتَعَذُّرِ الْقَلْعِ ) قَالَ بَعْضُهُمْ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْإِبْدَالِ أَنَّهُ يُبْدَلُ وَلَا يَنْفَسِخُ وَقَالَ الْقَمُولِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْمُتَوَفَّى بِهِ لَا يُبْدَلُ فَإِنْ قُلْنَا يُبْدَلُ لَمْ تَنْفَسِخْ وَيُسْتَعْمَلُ فِي قَلْعِ سِنٍّ وَجِعَةٍ لِغَيْرِهِ إنْ تَيَسَّرَ وَقَوْلُهُ : قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا تَفْرِيعٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ سِنٍّ إلَخْ ) الْحُكْمُ جَارٍ فِي قَطْعِ الْيَدِ الْمُتَأَكِّلَةِ وَفِي الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ .
( وَيَسْتَحِقُّ ) الْأَجِيرُ ( الْأُجْرَةَ ) أَيْ تَسَلُّمَهَا ( بِالتَّسْلِيمِ ) لِنَفْسِهِ ( وَ ) مُضِيِّ مُدَّةِ ( إمْكَانِ الْعَمَلِ ) لَكِنَّهَا تَكُونُ ( غَيْرَ مُسْتَقِرَّةٍ حَتَّى لَوْ سَقَطَتْ ) تِلْكَ السِّنُّ أَوْ بَرِئَتْ ( رَدَّ ) الْأَجِيرُ ( الْأُجْرَةَ ) لِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ ( كَمَنْ مَكَّنَتْ الزَّوْجَ فَلَمْ يَطَأْهَا ثُمَّ فَارَقَ ) هَا فَإِنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ بِالتَّمْكِينِ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ وَتَرُدُّ نِصْفَهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَبَسَ الدَّابَّةَ مُدَّةَ إمْكَانِ السَّيْرِ حَيْثُ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ تَحْتَ يَدِهِ ( وَ ) سَيَأْتِي ( فِي الْبَابِ الثَّالِثِ عَنْ الْإِمَامِ مَا يُخَالِفُهُ ) أَيْ عَدَمَ الِاسْتِقْرَارِ فِيمَا ذُكِرَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُمْ " إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِ السِّنِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ لِلْأَجِيرِ لِيَعْمَلَ فِيهَا " لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ - مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ - لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ لَهُ عَيْنًا بَلْ تَسْلِيمُهُ لَهُ لِيَعْمَلَ فِيهِ ، أَوْ دَفْعُ الْأُجْرَةِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ .
( قَوْلُهُ : وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّالِثِ عَنْ الْإِمَامِ مَا يُخَالِفُهُ ) لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ إذْ لَمْ يَطْرَأْ ثَمَّ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ عَدَمُ إمْكَانِ الْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ .
( فَصْلٌ لَوْ أَجَّرَتْ ) حُرَّةٌ ( نَفْسَهَا ) إجَارَةَ عَيْنٍ لِإِرْضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ ( بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ لَمْ يَجُزْ ) لِأَنَّ أَوْقَاتَهَا مُسْتَغْرَقَةٌ لِحَقِّهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ طِفْلًا فَأَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِعَمَلٍ بِمَنْزِلِهَا بِحَيْثُ يُظَنُّ فَرَاغُهَا مِنْهُ قَبْلَ .
تَمَكُّنِهِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا فَتَتَّجِهُ الصِّحَّةُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ ( وَإِنْ تَزَوَّجَهَا مُسْتَأْجَرَةً لَمْ يَمْنَعْهَا الْإِيفَاءَ ) لِمَا الْتَزَمَتْهُ كَمَا لَوْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِهِ ( وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الْمُرْضِعَةِ ) أَوْ غَيْرِهَا الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى ( مَنْعُ الزَّوْجِ وَطْأَهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا ) أَيْ فِي أَوْقَاتِهِ ، وَلَا نَظَرَ إلَى تَوَقُّعِ حَبَلِهَا الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ اللَّبَنُ أَوْ يَقِلُّ لِأَنَّ حَبَلَهَا مُتَوَهَّمٌ فَلَا يُمْنَعُ بِهِ الْوَطْءُ الْمُسْتَحَقُّ .
( قَوْلُهُ : إجَارَةَ عَيْنٍ ) لَوْ أَلْزَمَ ذِمَّتَهَا الْإِرْضَاعَ جَازَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَمَا نُقِلَ عَنْ جَمْعٍ .
قَوْلُهُ : فَيُتَّجَهُ الصِّحَّةُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلزَّوْجِ ع قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهَذَا مَرْدُودٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَنَافِعَ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ أَنْ يَنْتَفِعَ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ ( قَوْلُهُ : أَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ ) هَذَا فِيمَنْ تَمْلِكُ مَنَافِعَ نَفْسِهَا لَا الْعَتِيقَةِ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا أَبَدًا وَكَتَبَ أَيْضًا نَعَمْ لَوْ أَوْصَى لِلزَّوْجِ بِخِدْمَةِ زَوْجَتِهِ وَمَنَافِعِهَا أَبَدًا ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْوَرَثَةُ فَيَجِبُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَوْلُهُ : فَيَجِبُ الْجَزْمُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لَمْ يَمْنَعْهَا الْإِيفَاءَ ) وَلَا خِيَارَ لَهُ .
( تَنْبِيهٌ ) شَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ لَمْ تَبْلُغْ الْمُرْضِعَةُ تِسْعَ سِنِينَ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ وَجَوَازَ اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ ذِمِّيَّةً لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ .
( وَلَهُ تَأْجِيرُ ) أَيْ إيجَارُ ( أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا لِأَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ الْمُكْتَرِي لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ السَّيِّدِ فِي الِانْتِفَاعِ ، وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ الْمُكَاتَبَةَ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالْحُرَّةِ إذْ لَا سَلْطَنَةَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا .
( قَوْلُهُ : وَلَهُ تَأْجِيرُ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي إيجَارِهَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ بِالنَّهَارِ فَإِنْ أَجَّرَهَا لَيْلًا فَكَإِيجَارِ الْحُرَّةِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا لِأَنَّ حَقَّهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا بِالنَّهَارِ وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَالِانْتِصَارِ وَقَوْلُهُ : وَالْوَجْهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَقَالَ يَنْبَغِي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( وَ ) لَهُ ( اسْتِئْجَارُ زَوْجَتِهِ ) وَقَوْلُهُ ( مُطْلَقًا ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ سَوَاءٌ أَذِنَ قَبْلَ اسْتِئْجَارِهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ حُرَّةً أَمْ أَمَةً ( حَتَّى لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَلَوْ ) كَانَ ( مِنْهَا ) كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ كَانَ مِنْهَا ) أَوْ كَانَ لِإِرْضَاعِهِ اللَّبَأَ خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ .
( وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْوَلَدِ وَالِدَهُ ) وَلَوْ لِلْخِدْمَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ ( وَعَكْسُهُ ) أَيْ وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْوَالِدِ وَلَدَهُ كَغَيْرِهِ .
( الشَّرْطُ الرَّابِعُ حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ ) أَوْ نَائِبِهِ ( فَالْقُرْبَةُ الْمُحْتَاجَةُ لِلنِّيَّةِ ) كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ ( لَا يُسْتَأْجَرُ لَهَا ) إذْ الْقَصْدُ مِنْهَا امْتِحَانُ الْمُكَلَّفِ بِكَسْرِ نَفْسِهِ بِفِعْلِهَا وَلَا يَقُومُ الْأَجِيرُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ ( إلَّا إنْ دَخَلَهَا النِّيَابَةُ كَالْحَجِّ ) وَالْعُمْرَةِ ( وَتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ ) فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهَا لِمَا مَرَّ فِي بَابَيْ الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا ( وَمَا لَا نِيَّةَ فِيهِ ) مِنْ الْقُرَبِ ( إنْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ شَائِعًا فِي الْأَصْلِ كَالْجِهَادِ فَلَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ مُسْلِمٌ ) وَلَوْ عَبْدًا أَيْ لَا يَسْتَأْجِرُهُ الْإِمَامُ وَلَا غَيْرُهُ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ - وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ الصَّفَّ - تَعَيَّنَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا قَصَدَ الْمُسْتَأْجِرُ وُقُوعَ الْجِهَادِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ قَصَدَ إقَامَةَ هَذَا الشِّعَارِ وَصَرْفَ عَائِدَتِهِ إلَى الْإِسْلَامِ فَوَجْهَانِ بَنَاهُمَا الْإِمَامُ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْآحَادِ لِلْأَذَانِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي السِّيَرِ ( أَوْ ) كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ ( غَيْرَ شَائِعٍ ) فِي الْأَصْلِ ( كَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ ) بِتَكْفِينِهِ وَغُسْلِهِ وَغَيْرِهِمَا ( وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ جَازَ ) الِاسْتِئْجَارُ لَهُ ( وَلَوْ تَعَيَّنَ عَلَى الْأَجِيرِ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِفِعْلِهِ حَتَّى يَقَعَ عَنْهُ ، وَلَا يَضُرُّ عُرُوضُ تَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ كَالْمُضْطَرِّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إطْعَامُهُ مَعَ تَغْرِيمِهِ الْبَدَلَ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ خَبَرَ { إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ } وَمَعْنَى عَدَمِ شُيُوعِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فِي الْأَصْلِ فِي تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ أَنَّ تَجْهِيزَهُ بِالْمُؤَنِ يَخْتَصُّ بِالتَّرِكَةِ ثُمَّ بِمَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى النَّاسِ الْقِيَامُ بِهَا وَفِي تَعْلِيمِ
الْقُرْآنِ أَنَّ التَّعْلِيمَ بِالْمُؤَنِ يَخْتَصُّ بِمَالِ الْمُتَعَلِّمِ ثُمَّ بِمَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى النَّاسِ الْقِيَامُ بِهَا .
( قَوْلُهُ : الشَّرْطُ الرَّابِعُ حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ ) بِأَنْ تَحْصُلَ لَهُ ، أَوْ يَحْصُلَ لَهُ بِهَا ثَوَابٌ كَالِاسْتِئْجَارِ لِلْأَذَانِ وَلِلْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ ( قَوْلُهُ : فَالْقُرْبَةُ الْمُحْتَاجَةُ لِلنِّيَّةِ لَا يُسْتَأْجَرُ لَهَا ) فَلَوْ فَعَلَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً ؟ قَالَ الْغَزِّيِّ الْأَقْرَبُ لَا وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ الْمُزَوَّجَةِ لِلرَّضَاعِ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ لَا يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ عَمِلَ طَمَعًا فِي الْأُجْرَةِ خِلَافًا لِابْنِ خَيْرَانَ وَقَوْلُهُ : الْأَقْرَبُ لَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : كَالْجِهَادِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ سُئِلْت عَنْ الِاسْتِئْجَارِ لِلْمُرَابِطَةِ عِوَضَ الْجُنْدِيِّ فَأَفْتَيْت بِفَسَادِ الْإِجَارَةِ كَالِاسْتِئْجَارِ لِلْجِهَادِ وَقَوْلُهُ : قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ عَبْدًا ) أَوْ صَبِيًّا ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ ) لِرَاجِحِ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ هَذَا الْقَصْدِ أَيْضًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَاضِحٌ .
( وَيَصِحُّ ) الِاسْتِئْجَارُ ( لِشِعَارٍ ) غَيْرِ فَرْضٍ ( كَالْأَذَانِ ) كَمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِهِ ( وَالْأُجْرَةُ ) تُؤْخَذُ ( عَلَيْهِ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ ) وَلَا يَبْعُدُ اسْتِحْقَاقُهَا عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ ( لَا عَلَى ) رَفْعِ ( الصَّوْتِ وَلَا ) عَلَى ( رِعَايَةِ الْوَقْتِ ) وَلَا عَلَى الْحَيْعَلَتَيْنِ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهَا .
( وَلَوْ اسْتَأْجَرَ ) شَخْصٌ آخَرَ ( لِلْإِمَامَةِ وَلَوْ لِنَافِلَةٍ كَالتَّرَاوِيحِ لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّ فَائِدَتَهَا مِنْ تَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لَا تَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَلْ لِلْأَجِيرِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِلْإِمَامَةِ إلَخْ ) ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْجَامِكِيَّةَ عَلَى الْإِمَامَةِ وَالطَّلَبِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا إذَا أَخَلَّ بِبَعْضِ الْأَيَّامِ ، أَوْ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْأَرْصَادِ وَالْأَرْزَاقِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْإِحْسَانِ وَالْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ وَلِهَذَا يَمْتَنِعُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْقَضَاءِ وَيَجُوزُ إرْزَاقُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ .
( فَرْعٌ الِاسْتِئْجَارُ لِلْقَضَاءِ لَا يَجُوزُ ) لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ وَلِأَنَّهُ كَالْجِهَادِ فِي فَرْضِيَّتِهِ عَلَى الشُّيُوعِ ( وَكَذَا ) الِاسْتِئْجَارُ ( لِلتَّدْرِيسِ ) لِذَلِكَ ( فَلَوْ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ ( عَيَّنَ أَشْخَاصًا وَمَسَائِلَ ) .
مَضْبُوطَةً يُعَلِّمُهَا لَهُمْ ( جَازَ ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَى الْأَجِيرِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْقَضَاءِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَشْمَلُهُ وَكَالتَّدْرِيسِ الْإِقْرَاءُ لِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْمُبَاحَاتِ كَالِاصْطِيَادِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَاقْتَضَاهُ بِنَاءُ غَيْرِهِ لَهُ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِيهَا .
( قَوْلُهُ : وَكَذَا الِاسْتِئْجَارُ لِلتَّدْرِيسِ ، أَوْ الْإِقْرَاءِ ) وَفِي الِاسْتِئْجَارِ لِإِعَادَةِ التَّدْرِيسِ تَرَدُّدٌ لِلشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الطُّوسِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ فِي تَعْلِيمِ أَحَادِيثَ وَآيَاتٍ مُعَيَّنَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ آثَارِ السَّلَفِ الصَّالِحِ .
ا هـ .
مَا اسْتَظْهَرَهُ وَاضِحٌ .
قَوْلُهُ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَشْمَلُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْمُبَاحَاتِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( الشَّرْطُ الْخَامِسُ مَعْرِفَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَيْنًا ) فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ ( وَصِفَةً ) فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ ( وَ ) مَعْرِفَةُ ( قَدْرِ الْمَنْفَعَةِ ) فِيهِمَا وَذَلِكَ كَالْبَيْعِ إلَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَإِنَّ الْمُعَيَّنَ إذَا بِيعَ تُغْنِي مُشَاهَدَتُهُ عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَ لَهَا حُضُورٌ مُحَقَّقٌ وَإِنَّمَا هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالِاسْتِقْبَالِ فَالْمُشَاهَدَةُ لَا يُطَّلَعُ بِهَا عَلَى الْغَرَضِ ( فَإِجَارَةُ أَحَدِ هَذَيْنِ لَا تَصِحُّ وَكَذَا ) إجَارَةُ ( مَا لَمْ يَرَهُ ) كَالْبَيْعِ ( فَإِنْ كَانَ لِلْغَيْرِ مَنَافِعُ ) كَالْأَرْضِ وَالدَّابَّةِ ( وَجَبَ التَّبْيِينُ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا مَنْفَعَةٌ كَالْبِسَاطِ فَالْإِجَارَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهَا ( ثُمَّ التَّقْدِيرُ ) لِلْمَنْفَعَةِ ( إمَّا بِالزَّمَانِ كَسُكْنَى سَنَةً ) كَأَنْ يَقُولَ أَجَّرْتُكَهَا لِتَسْكُنَهَا فَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا لَمْ يَجُزْ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِتَسْكُنَهَا وَحْدَك ، ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَتُسْتَثْنَى الْإِجَارَةُ لِلْأَذَانِ إذَا اسْتَأْجَرَ لَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ ( أَوْ بِالْعَمَلِ ) مَعَ بَيَانِ مَحَلِّهِ كَمَا سَيَأْتِي ( كَخِيَاطَةِ ) هَذَا ( الثَّوْبِ ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَمْ ذِمَّةٍ بِخِلَافِ التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ لَا يَأْتِي فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَلَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك عَمَلَ الْخِيَاطَةِ شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ يَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ بِالزَّمَانِ كَمَا فِي الْعَقَارِ وَالْإِرْضَاعِ إذْ مَنَافِعُ الْعَقَارِ وَتَقْدِيرُ اللَّبَنِ إنَّمَا تُضْبَطُ بِالزَّمَانِ وَكَمَا فِي الِاكْتِحَالِ فَإِنَّ قَدْرَ الدَّوَاءِ لَا يَنْضَبِطُ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَكَمَا فِي التَّبْطِينِ وَالتَّجْصِيصِ فَإِنَّ سُمْكَهُمَا لَا يَنْضَبِطُ رِقَّةً وَثِخَنًا .
( وَقَدْ يَسُوغَانِ ) أَيْ التَّقْدِيرَانِ أَيْ يَتَأَتَّيَانِ ( مَعًا كَاسْتِئْجَارِ شَخْصٍ وَدَابَّةٍ فَلْتُقَدَّرْ ) أَيْ الْمَنْفَعَةُ ( بِأَحَدِهِمَا ) كَأَنْ يَكْتَرِيَ الشَّخْصَ لِيَخِيطَ لَهُ
شَهْرًا خِيَاطَةً مَوْصُوفَةً أَوْ لِيَخِيطَ لَهُ هَذَا الثَّوْبَ وَكَأَنْ يَكْتَرِيَ الدَّابَّةَ لِيَتَرَدَّدَ عَلَيْهَا فِي حَوَائِجِهِ الْيَوْمَ أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا ( فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا ) كَأَنْ اكْتَرَى شَخْصًا لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ بَيَاضَ النَّهَارِ أَوْ دَابَّةً لِرُكُوبِهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا الْيَوْمَ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِلْغَرَرِ فَقَدْ يَتَقَدَّمُ الْعَمَلُ أَوْ يَتَأَخَّرُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي قَفِيزِ بُرٍّ بِشَرْطِ أَنَّ وَزْنَهُ كَذَا لَمْ يَصِحَّ فَقَدْ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ فَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ نَعَمْ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ بِالْعَمَلِ وَذَكَرَ الْيَوْمَ لِلتَّعْجِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَكَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا مِمَّا يَفْرُغُ عَادَةً فِي دُونِ الْيَوْمِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَلَوْ اكْتَرَى عَقَارًا وَجَبَ تَحْدِيدُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَلَوْ اكْتَرَى الدَّابَّةَ لِلرُّكُوبِ شَهْرًا وَجَبَ بَيَانُ النَّاحِيَةِ .
( قَوْلُهُ : قَالَهُ فِي الْبَحْرِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ : وَلَا يَجُوزُ إلَخْ ( قَوْلُهُ : ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ) وَيُؤَيِّدُهُ مَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ إنَّهُ أَقْوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَجَّرْتُك الْأَرْضَ لِتَزْرَعَ الْحِنْطَةَ دُونَ غَيْرِهَا لَمْ يَصِحَّ .
( تَنْبِيهٌ ) وَالسُّفُنُ هَلْ تُلْحَقُ بِالدَّوَابِّ فَتُؤَجَّرُ إجَارَةَ ذِمَّةٍ أَوْ بِالْعَقَارِ فَلَا تَكُونُ إلَّا إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْرَبُ إلْحَاقُهَا بِالدَّوَابِّ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ سُئِلَ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا إجَارَةَ ذِمَّةٍ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِيهَا لِجَهَالَتِهَا وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا فَيَتَعَيَّنُ فِيهَا إجَارَةُ الْعَيْنِ كَالْعَقَارِ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ يَتَعَيَّنُ التَّقْدِيرُ بِالزَّمَانِ ) قَالَ فِي الْبَيَانِ : وَقِسْمٌ لَا تُقَدَّرُ النَّفَقَةُ إلَّا بِالْعَمَلِ كَبَيْعِ الثَّوْبِ وَالْحَجِّ وَقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ فُلَانٍ ( قَوْلُهُ : بَيَاضَ النَّهَارِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَعْبِيرُهُ بِبَيَاضِ النَّهَارِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الشَّرْحِ بِالْيَوْمِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِي هَذَا الْيَوْمِ كُلِّهِ وَإِلَّا فَاسْتِئْجَارُهُ صَحِيحٌ وَلَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ ( قَوْلُهُ : ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَالْأَصَحُّ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ ، وَالتَّعْلِيلِ الْقَائِلِ بِالصِّحَّةِ بِأَنَّ الْمُدَّةَ مَذْكُورَةٌ لِلتَّعْجِيلِ فَلَا تُورِثُ الْفَسَادَ .
ا هـ .
مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ظَاهِرٌ حَيْثُ قَصَدَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ لِانْتِفَاءِ تَعْلِيلِ الْبُطْلَانِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ إنْ فَرَغَ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ فَإِنْ طَالَبَهُ بِالْعَمَلِ فِي بَقِيَّتِهِ أَخَلَّ بِشَرْطِ الْعَمَلِ وَإِلَّا أَخَلَّ بِشَرْطِ الْمُدَّةِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ اكْتَرَى الدَّابَّةَ لِلرُّكُوبِ شَهْرًا إلَخْ ) لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ شَهْرًا مِنْ الْآنَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّاحِيَةِ
الَّتِي يَرْكَبُ إلَيْهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَذِكْرِ الْمَكَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهَا فِيهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْكَبُهَا شَهْرًا مُسَافِرًا إلَى بَلَدٍ مَسَافَتُهُ شَهْرٌ فَيَكُونُ تَسْلِيمُهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَقَدْ يَرْكَبُهَا ذَاهِبًا وَعَائِدًا مُدَّةً فَيَكُونُ تَسْلِيمُهُ فِي بَلَدِهِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُخْتَلِفًا مَعَ إطْلَاقِ الشَّهْرِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ فَإِذَا أَغْفَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْعَقْدُ .
( وَمَا يُسْتَأْجَرُ غَيْرُ مَحْصُورٍ فَلْنَذْكُرْ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ ) تَكْثُرُ إجَارَتُهَا لِيُعْرَفَ طَرِيقُ الضَّبْطِ بِهَا ثُمَّ ( يُقَاسُ عَلَيْهَا ) غَيْرُهَا .
النَّوْعُ ( الْأَوَّلُ : الْآدَمِيُّ ) يُسْتَأْجَرُ لِعَمَلٍ أَوْ صَنْعَةٍ كَخِيَاطَةٍ ( فَإِلْزَامُ ذِمَّتِهِ الْخِيَاطَةَ شَهْرًا لَا يَصِحُّ ) لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ عَامِلًا وَلَا مَحَلًّا لِلْعَمَلِ نَعَمْ إنْ بَيَّنَ صِفَةَ الْعَمَلِ وَنَوْعَ مَحَلِّهِ صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّوْبِ وَوَصْفِهِ ( بِخِلَافِ ) مَا لَوْ قَالَ ( اسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا أَوْ أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِيَاطَةَ هَذَا الثَّوْبِ أَوْ .
اسْتَأْجَرْتُك لِخِيَاطَتِهِ جَازَ إنْ بَيَّنَ ) فِي الْأُولَى ( الثَّوْبَ وَ ) فِي الْجَمِيعِ ( كَوْنَهُ قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً ) أَوْ سَرَاوِيلَ ( وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَنَوْعَ الْخِيَاطَةِ ) أَهِيَ رُومِيَّةٌ أَوْ فَارِسِيَّةٌ هَذَا ( إنْ اخْتَلَفَتْ ) هَذِهِ الْأُمُورُ بِاخْتِلَافِ الْعَادَةِ وَإِلَّا بِأَنْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِنَوْعٍ حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ : كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ اسْتَأْجَرْتُك لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا ) إذَا قَدَّرَ بِمُدَّةٍ فَهَلْ تَقَعُ أَيَّامُ الْجُمَعِ مُسْتَثْنَاةً فِيهِ احْتِمَالَانِ حَكَاهُمَا الْغَزَالِيُّ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ ظَهْرًا لِيَرْكَبَهُ فِي طَرِيقٍ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَنْزِلَ الرَّاكِبُ فِي بَعْضِهِ لِيُرِيحَ الدَّابَّةَ هَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ : أَيَّامُ السُّبُوتِ مُسْتَثْنَاةٌ فِي اسْتِئْجَارِ الْيَهُودِيِّ شَهْرًا لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ فَالرَّاجِحُ أَنَّ أَيَّامَ الْجُمَعِ لَا تَدْخُلُ فِي اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ كَمَا لَا تَدْخُلُ السُّبُوتُ فِي اسْتِئْجَارِ الْيَهُودِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الْأَحَدُ فِي اسْتِئْجَارِ النَّصْرَانِيِّ وَلَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ بِاللَّيْلِ مَعَ النَّهَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً كَالشَّهْرِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَتْ قَصِيرَةً كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ صَحَّ وَلَوْ شَرَطَ اسْتِيعَابَ النَّهَارِ بِالْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ يَقْطَعُ الْعَمَلَ ، أَوْ أَنْ لَا يُصَلِّيَ .
الرَّوَاتِبَ ، أَوْ أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْفَرَائِضِ عَلَى الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ ، أَوْ أَنْ يُدْخِلَ بَعْضَ الْعَمَلِ فِي اللَّيْلِ صَحَّ .
( فَرْعٌ ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ كَانَتْ عَادَةُ الْأَجِيرِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا وَعُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ الْمُسْتَأْجِرُ مَنَافِعَهُ فِي زَمَنِ النَّوَافِلِ دُونَ الْفَرَائِضِ ( قَوْلُهُ : أَهِيَ رُومِيَّةٌ ، أَوْ فَارِسِيَّةٌ ) الرُّومِيُّ مَا غُرِزَ بِغُرْزَتَيْنِ وَالْفَارِسِيُّ بِغُرْزَةٍ .
( فَرْعٌ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيُعَلِّمَهُ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يُعَيِّنَهَا ) لِتَفَاوُتِهَا فِي الْحِفْظِ وَالتَّعْلِيمِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً فَلَوْ عَيَّنَ سُورَةً كَامِلَةً أَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْآيَاتِ ( وَ ) حَتَّى يَكُونَ ( الْمُتَعَلِّمُ مُسْلِمًا أَوْ ) كَافِرًا ( يُرْجَى إسْلَامُهُ ) إذْ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيمُهُ الْقُرْآنَ فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ لَهُ ( فَلَوْ قَالَ لِتُعَلِّمَنِي شَهْرًا ) مُقْتَصِرًا عَلَى التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ ( جَازَ ) اكْتِفَاءً بِبَيَانِ مَحَلِّ الْعَمَلِ مَعَ الْمُدَّةِ ( وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ قِرَاءَةَ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ ) إذْ الْأَمْرُ فِيهَا قَرِيبٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُعَلِّمُهُ مَا شَاءَ مِنْ الْقُرْآنِ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ تَفْرِيعًا عَلَى ذَلِكَ يُعَلِّمُهُ الْأَغْلَبَ مِنْ قِرَاءَةِ الْبَلَدِ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا دَرَاهِمَ يَتَعَيَّنُ غَالِبُ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ .
( قَوْلُهُ : عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ كَذَا ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَلْ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى تَعْلِيمِ مَا نُسِخَ مِنْ الْقُرْآنِ أَمْ لَا وَعِبَارَةُ الْبَسِيطِ تُفْهِمُ الْمَنْعَ وَيُحْتَمَلُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا نُسِخَ حُكْمُهُ ، أَوْ نُسِخَ لَفْظُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ وَقَوْلُهُ : هَلْ يَجُوزُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَحَتَّى يَكُونَ الْمُتَعَلِّمُ مُسْلِمًا ) وَكَوْنُ الْعَمَلِ بِكُلْفَةٍ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بِإِزَاءِ أَقْصَرِ سُورَةٍ وَهِيَ الْكَوْثَرُ ثَلَاثُ آيَاتٍ فَلَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْهَا لِفَقْدِ الْإِعْجَازِ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُتَعَلِّمِ وَلَا اخْتِبَارُ حِفْظِهِ بَلْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ نَعَمْ لَوْ وُجِدَ ذِهْنُهُ فِي الْحِفْظِ خَارِجًا عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ فَيَظْهَرُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي الْفَسْخِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقْرِئُهُ فِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ كَالرَّضَاعِ يُبَيِّنُ فِيهِ مَكَانَ الْإِرْضَاعِ وَقَوْلُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَيَظْهَرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَيَنْبَغِي إلَخْ وَقَوْلُهُ : قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ ( قَوْلُهُ : فَلَوْ قَالَ لِتُعَلِّمَنِي شَهْرًا جَازَ ) قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ بَيَانُ مَحَلِّ التَّعْلِيمِ كَأَوَّلِ الْقُرْآنِ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمُعَلَّمِ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ صُدِّقَ الْأَجِيرُ وَرُجِعَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَدْيُونٌ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ قِرَاءَاتٌ وَلَا غَالِبَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ بِهَا غَرَضٌ فَإِنَّهُ يُجَابُ الْأَجِيرُ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ قِرَاءَةَ نَافِعٍ وَنَحْوَهُ ) فَإِنْ عَيَّنَ شَيْئًا تَعَيَّنَ فَلَوْ عَلَّمَهُ غَيْرُهُ فَقِيلَ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَقِيلَ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ فِي الصَّدَاقِ وَأَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا ( قَوْلُهُ : يُعَلِّمُهُ الْأَغْلَبَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ لَوْ كَانَ ) الْمُتَعَلِّمُ ( يَنْسَى ) مَا يَتَعَلَّمُهُ ( فَهَلْ عَلَيْهِ ) أَيْ الْأَجِيرِ ( إعَادَةُ تَعْلِيمِهِ ) أَوْ لَا ( يُرْجَعُ ) فِيهِ ( إلَى الْعُرْفِ ) الْغَالِبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ غَالِبٌ فَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ مَا دُونَ الْآيَةِ فَإِذَا عَلَّمَهُ بَعْضَهَا فَنَسِيَهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ بَاقِيهَا لَزِمَ الْأَجِيرَ إعَادَةُ تَعْلِيمِهَا .
( قَوْلُهُ : فَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ مَا دُونَ الْآيَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ الْإِجَارَةُ لِلْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ ) مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ قَدْرًا مَعْلُومًا ( جَائِزَةٌ لِلِانْتِفَاعِ بِنُزُولِ الرَّحْمَةِ حَيْثُ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ ) وَكَالِاسْتِئْجَارِ لِلْأَذَانِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَيَكُونُ الْمَيِّتُ كَالْحَيِّ الْحَاضِرِ سَوَاءٌ أَعَقَّبَ الْقِرَاءَةَ بِالدُّعَاءِ أَوْ جَعَلَ أَجْرَ قِرَاءَتِهِ لَهُ أَمْ لَا فَتَعُودُ مَنْفَعَةُ الْقِرَاءَةِ إلَى الْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلْحَقُهُ وَهُوَ بَعْدَهَا أَقْرَبُ إجَابَةً وَأَكْثَرُ بَرَكَةً وَلِأَنَّهُ إذَا جَعَلَ أَجْرَهُ الْحَاصِلَ بِقِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ فَهُوَ دُعَاءٌ بِحُصُولِ الْأَجْرِ لَهُ فَيَنْتَفِعُ بِهِ فَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ إنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ بَعْدَ حَمْلِهِ كَلَامَهُمْ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْقَارِئُ أَنْ يَكُونَ ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ بِغَيْرِ دُعَاءٍ عَلَى أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بِالِاسْتِنْبَاطِ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ إذَا قَصَدَ بِهِ نَفْعَ الْمَيِّتِ نَفَعَهُ إذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْقَارِئَ لَمَّا قَصَدَ بِقِرَاءَتِهِ نَفْعَ الْمَلْدُوغِ نَفَعَتْهُ وَأَقَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ { وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ } وَإِذَا نَفَعَتْ الْحَيَّ بِالْقَصْدِ كَانَ نَفْعُ الْمَيِّتِ بِهَا أَوْلَى لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَا يَقَعُ عَنْ الْحَيِّ .
( قَوْلُهُ : جَائِزَةٌ ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي مَوَاضِعَ : إنَّ الْمُخْتَارَ فِي الرَّوْضَةِ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا هَذَا تَصْحِيحُ التَّنْبِيهِ وَالتَّحْقِيقِ وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى الصَّحِيحِ ( قَوْلُهُ : لِلِانْتِفَاعِ بِنُزُولِ الرَّحْمَةِ حَيْثُ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ ) وَإِذَا كَانَ رَجُلٌ غَائِبًا وَالْقَارِئُ ذَاكِرًا لَهُ فَذَكَرَهُ لَهُ إحْضَارُهُ فِي قَلْبِهِ فَإِذَا نَزَلَتْ الرَّحْمَةُ عَلَى قَلْبِهِ شَمِلَتْ الْمَذْكُورَ ، وَحَبْسُ النَّفْسِ عَلَى الْقِرَاءَةِ عِنْدَ شَخْصٍ ، أَوْ عِنْدَ قَبْرِهِ ، أَوْ عَلَى إحْضَارِهِ فِي الْقَلْبِ حِينَئِذٍ مُتْعِبٌ وَالْفَائِدَةُ لِلْمَذْكُورِ فِي الْقَلْبِ وَالْحَاضِرِ هُوَ ، أَوْ قَبْرِهِ عِنْدَ الْقَارِئِ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ مُفِيدٌ وَإِنْ قَلَّ فَهُوَ مِنْ فَوَائِدِ الْآخِرَةِ الْبَاقِيَاتِ ( قَوْلُهُ : فَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ إنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ ) مَعْنَاهُ أَنَّ ثَوَابَهَا لِقَارِئِهَا فَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ .
( فَصْلٌ لَا يَتَقَدَّرُ الرَّضَاعُ ) فِي الْإِجَارَةِ لَهُ ( إلَّا بِالْمُدَّةِ ) إذْ تَقْدِيرُ اللَّبَنِ وَمَا يَسْتَوْفِيهِ الصَّبِيُّ كُلَّ مَرَّةٍ وَضَبْطُ الْمَرَّاتِ إنَّمَا يُضْبَطُ بِهَا ( وَيَجِبُ تَعْيِينُ الصَّبِيِّ ) بِالرُّؤْيَةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ حَالِهِ ( وَ ) تَعْيِينُ ( مَوْضِعِ الْإِرْضَاعِ ) أَهُوَ بَيْتُهُ أَوْ بَيْتُهَا لِأَنَّهُ بِبَيْتِهَا أَسْهَلُ وَبِبَيْتِهِ أَشَدُّ وُثُوقًا بِهِ .
قَوْلُهُ : وَتَعْيِينُ مَوْضِعِ الْإِرْضَاعِ ) قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ إنْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ يَصْلُحُ لِلْإِرْضَاعِ لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ كَالسَّلَمِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ يُتَخَيَّلُ فَرْقٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ أَنْ يَرْضِعَ الرَّضِيعُ فِي غَيْرِ بَيْتِ الْمُرْضِعَةِ ، أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ بَعِيدًا إذْ يَتَضَرَّرُ الصَّبِيُّ وَالْمُرْضِعَةُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ فِي بَيْتِ أَحَدِهِمَا فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ : وَهُوَ أَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ فَأَسْقَتْهُ لَبَنَ الْغَنَمِ وَأَطْعَمَتْهُ شَيْئًا قَالَ ابْنُ كَجٍّ لَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُرْضِعْ .
( وَيَتَقَدَّرُ الْحَفْرُ ) لِبِئْرٍ أَوْ نَحْوِهَا ( وَضَرْبُ اللَّبِنِ وَالْبِنَاءُ ) إمَّا ( بِالزَّمَانِ كَاسْتَأْجَرْتُك لِتَحْفِرَ لِي أَوْ تَبْنِيَ ) لِي ( أَوْ تَضْرِبَ اللَّبِنَ لِي شَهْرًا أَوْ بِالْعَمَلِ فَيُبَيِّنُ ) الْمُسْتَأْجِرُ ( فِي الْحَفْرِ ) لِنَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ قَبْرٍ ( طُولَ النَّهْرِ وَالْبِئْرِ وَالْقَبْرِ وَعَرْضَهَا وَعُمْقَهَا .
وَلِيَعْرِفَ ) الْأَجِيرُ ( الْأَرْضَ ) بِالرُّؤْيَةِ لِيَعْرِفَ صَلَابَتَهَا وَرَخَاوَتَهَا لِاخْتِلَافِ الْأَرَاضِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي التَّقْدِيرِ بِالزَّمَانِ لَكِنْ مَرَّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِجَارَةِ لِلْخِيَاطَةِ شَهْرًا بَيَانُ الثَّوْبِ وَمَا يُرَادُ مِنْهُ وَنَوْعُ الْخِيَاطَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ فِي الْخِيَاطَةِ بِخِلَافِ الْحَفْرِ ( فَلَوْ انْتَهَى ) فِي الْحَفْرِ ( إلَى ) مَوْضِعٍ ( صُلْبٍ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ ) لِلْعَمَلِ إنْ عَمِلَ فِيهِ الْمِعْوَلُ وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ ( فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ فِيهِ الْمِعْوَلُ أَوْ نَبَعَ الْمَاءُ ) قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَشْرُوطِ ( وَتَعَذَّرَ الْحَفْرُ انْفَسَخَ ) الْعَقْدُ ( فِي الْبَاقِي ) لَا فِي الْمَاضِي فَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى أُجْرَتَيْهِمَا ( وَلَا يَجِبُ ) عَلَيْهِ ( إخْرَاجُ مَا يَنْهَارُ مِنْ الْجَوَانِبِ ) بِخِلَافِ التُّرَابِ الْمَحْفُورِ فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ إخْرَاجَ مَا يَنْهَارُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الْقَدْرِ ( وَلَا ) يَجِبُ عَلَيْهِ ( رَدُّ التُّرَابِ عَلَى الْمَيِّتِ ) لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ ( وَيُبَيِّنُ فِي اللَّبِنِ ) إذَا قَدَّرَ بِالْعَمَلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ ( الْعَدَدَ وَالْقَالَبَ ) بِفَتْحِ اللَّامِ طُولًا وَعَرْضًا وَسُمْكًا ( إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا ) وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّبَيُّنِ فَإِنْ قَدَّرَ بِالزَّمَانِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ الْعَدَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْقَالَبِ أَيْضًا وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ ( وَ ) يُبَيِّنُ ( الْمَوْضِعَ ) الَّذِي يَضْرِبُ فِيهِ اللَّبِنَ