كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري
لِأَنَّ النِّدَاءَ لَا يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ ) لِاقْتِضَائِهِ حُصُولَ الِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ وَالْحَاصِلُ لَا يُعَلَّقُ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَدْ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْهُ وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ مِنْ الْوُصُولِ أَنْتَ وَاصِلٌ وَلِلْمَرِيضِ الْمُتَوَقَّعِ شِفَاؤُهُ قَرِيبًا أَنْتَ صَحِيحٌ فَيُنْتَظَمُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي مِثْلِهِ فَعُلِمَ أَنَّ يَا طَالِقُ لَا يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ ( فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِلْقَذْفِ ) بِقَوْلِهِ يَا زَانِيَةُ ( وَلَا تَطْلُقُ ) لِرُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الطَّلَاقِ خَاصَّةً وَتَخَلُّلُ يَا طَالِقُ أَوْ يَا زَانِيَةُ لَا يَقْدَحُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْمُخَاطَبَةِ فَأَشْبَهَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا حَفْصَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ ( وَكَذَا ) تَطْلُقُ طَلْقَةً وَاحِدَةً بِقَوْلِهِ ( أَنْت يَا طَالِقُ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ ) لِمَا مَرَّ ( وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَاصِدًا لِلتَّوْكِيدِ لَمْ تَطْلُقْ ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ .
قَوْلُهُ لِاخْتِصَاصِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ بِالْأَخِيرِ إلَخْ ) مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْمُتَكَلِّمُ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْجُمْلَتَيْنِ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ عَادَ إلَيْهِمَا جَزْمًا كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ الْأَيْمَانِ فَتَفَطَّنْ لَهُ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يَشْهَدُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْجَمِيعِ وَأَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ بِالنِّيَّةِ أَيْضًا .
ا هـ .
لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ بِالْوَاوِ كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا يُوَافِقُ مَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَ ابْنِ الْمُقْرِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يَصِيرَ الْجَمِيعُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ أَيْضًا مِثْلُهُ مَا إذَا أَطْلَقَ فَيَعُودُ إلَيْهِمَا عَلَى قَاعِدَةِ الْبَابِ فَكَلَامُ الْمَتْنِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرِ فَقَطْ ( قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ إلَخْ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ قَالَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ عَمْرَةَ فَقَطْ طَلُقَتْ حَفْصَةُ وَحْدَهَا وَإِنْ أَرَادَهُمَا مَعًا لَمْ تَطْلُقَا وَإِنْ أَطْلَقَ رَجَعَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَيْهِمَا لِرُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْعَطْفِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إلَى جَمِيعِ الْمَذْكُورِ قَالَ شَيْخُنَا وَحِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ مَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ رُجُوعِهِ لَهُمَا وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِمَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ عَمْرَةَ وَحْدَهَا دُونَ حَفْصَةَ ( قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ يَا طَالِقُ لَا يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْمَلُ فِي الْإِخْبَارِ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَجَمِيعُ الْأَفْعَالِ كَطَلَّقْتُك أَمَّا فِي الْأَسْمَاءِ فَلَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا عَلَّلُوهُ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى إيضَاحٍ وَإِنَّ الِاسْمَ لَا يَنْتَظِمُ مِنْهُ اسْتِثْنَاءً وَمَعْنَاهُ إنَّمَا يَنْتَظِمُ مِنْ الْحُكْمِ .
ا هـ
.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَنْتَظِمُ أَنْ يُقَالَ يَا أَسْوَدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ ( قَوْلُهُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ ) وَلَيْسَ اسْمُهَا طَالِقًا فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا لَمْ تَطْلُقْ بِذَلِكَ .
( فَرْعٌ لَا تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ أَوْ إذَا لَمْ أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ ) أَيْ طَلَاقُك لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِذَلِكَ يَقْتَضِي الْوُقُوعَ بِدُونِ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى وَهُوَ مُحَالٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ اجْتَمَعَ السَّوَادُ وَالْبَيَاضُ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ لَوْ وَقَعَ كَانَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ لَانْتَفَى عَدَمُ مَشِيئَتِهِ فَلَا يَقَعُ لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ بِهِ ( وَكَذَا لَا تَطْلُقُ ) بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ ( إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) أَيْ طَلَاقُك لِلشَّكِّ فِي عَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَلِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَشِيئَةِ يُوجِبُ حَصْرَ الْوُقُوعِ فِي حَالِ عَدَمِهَا وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِهَا وَهُوَ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ كَمَا مَرَّ ( فَإِنْ قَالَ ) أَنْت طَالِقٌ ( إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ أَوْ إنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْمَشِيئَةُ ) مِنْ زَيْدٍ فِي الْأُولَى ( وَالدُّخُولَ مِنْهُ ) فِي الثَّانِيَةِ ( فِي الْحَيَاةِ طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ أَوْ ) قُبَيْلَ ( جُنُونٍ اتَّصَلَ بِهِ ) أَيْ بِالْمَوْتِ لِتَحَقُّقِ عَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَالدُّخُولِ الْمُعَلَّقِ بِهِ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ الثَّانِي فِي الْمَشِيئَةِ وَنَحْوِهَا لَا فِي الدُّخُولِ وَنَحْوِهِ كَالْجُنُونِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْإِغْمَاءِ وَالْعَيِّ أَمَّا إذَا وُجِدَ ذَلِكَ فَلَا تَطْلُقُ ( وَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ وَشُكَّ فِي مَشِيئَتِهِ ) وَدُخُولِهِ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِلشَّكِّ فِي الصِّفَةِ الْمُوجِبَةِ لِلطَّلَاقِ ( وَكَذَا ) الْحُكْمُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ( إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ فِي إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ فَتَطْلُقُ إنْ لَمْ تُوجَدْ مَشِيئَتُهُ لَا إنْ وُجِدَتْ وَلَا إنْ مَاتَ وَشُكَّ فِي مَشِيئَتِهِ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَيُفَارِقُ الْحِنْثَ فِي نَظِيرِهِ فِي الْأَيْمَانِ بِأَنَّ الْحِنْثَ هُنَا يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ النِّكَاحِ بِالشَّكِّ بِخِلَافِهِ ثُمَّ لَا يُقَالُ وَالْحِنْثُ ثَمَّ يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالشَّكِّ لِأَنَّا نَقُولُ النِّكَاحُ جَعْلِيٌّ
وَالْبَرَاءَةُ شَرْعِيَّةٌ وَالْجَعْلِيُّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّهْنِ ( أَوْ ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ ( إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ الْيَوْمَ ) وَلَمْ يَشَأْ فِيهِ ( طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ ) فَالْيَوْمُ هُنَا كَالْعُمْرِ فِيمَا مَرَّ ( وَقَوْلُهُ ) أَنْت طَالِقٌ ( إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ ) أَوْ زَيْدٌ ( أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِ مَشِيئَةِ الطَّلَاقِ لَا بِمَشِيئَةِ عَدَمِهِ فَإِنْ وُجِدَتْ الْمَشِيئَةُ ) لِلطَّلَاقِ ( لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَشَأْ ) أَيْ الطَّلَاقَ بَلْ عَدَمَهُ ( أَوْ سَكَتَ حَتَّى مَاتَ طَلُقَتْ ) حَالًا فِي الْأُولَى وَقُبَيْلَ مَوْتِهِ فِي الثَّانِيَةِ هَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى لَمْ يَشَأْ الطَّلَاقَ فَإِنْ أَرَادَ إنْ لَمْ يَشَأْ عَدَمَ الطَّلَاقِ قُبِلَ مِنْهُ وَرُتِّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ .
( قَوْلُهُ وَيُفَارِقُ الْحِنْثَ فِي نَظِيرِهِ فِي الْأَيْمَانِ إلَخْ ) قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَيْمَانِ إلَّا مُجَرَّدُ الْحِنْثِ وَهُوَ قَدْ حَلَفَ وَشَكَّ فِي الْمُسْقِطِ لِلْحِنْثِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَفِي الطَّلَاقِ تَرَتَّبَ عَلَى الْحِنْثِ حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ فَبِهَذَا تَرَجَّحَ جَانِبُ عَدَمِ الْحِنْثِ فِي الطَّلَاقِ .
( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ ) ( فَإِنْ شَكَّ فِي ) وُقُوعِ ( الطَّلَاقِ ) مِنْهُ ( أَوْ ) فِي ( وُجُودِ الصِّفَةِ ) الْمُعَلَّقِ بِهَا كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ وَشَكَّ هَلْ كَانَ غُرَابًا أَوْ لَا ( لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ ) وَبَقَاءُ النِّكَاحِ ( أَوْ ) شَكَّ ( فِي الْعَدَدِ ) بِأَنْ طَلَّقَ وَشَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ ( أَخَذَ بِالْأَقَلِّ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّائِدِ عَلَيْهِ ( وَيُسْتَحَبُّ الِاحْتِيَاطُ بِمُرَاجَعَةٍ أَوْ طَلَاقٍ ) لِخَبَرِ { دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ فَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ رَاجِعٌ لِيُتَيَقَّنَ الْحِلُّ أَوْ الْبَائِنُ بِدُونِ ثَلَاثٍ جَدَّدَ النِّكَاحَ أَوْ بِثَلَاثٍ أَمْسَكَ عَنْهَا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَالَ الرَّافِعِيُّ لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي الْعَدَدِ أَخَذَ بِالْأَكْثَرِ فَإِنْ شَكَّ فِي وُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَنْكِحْهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ .
الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ ) الشَّكُّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ التَّرَدُّدُ عَلَى السَّوَاءِ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا هُوَ قَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِمْ الْمَسْأَلَةَ بِالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ الرُّجْحَانِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ شَكَّ فِي الطَّلَاقِ أَوْ وُجُودِ الصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَلَبَةُ ظَنٍّ مُطْلَقًا ( قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الِاحْتِيَاطُ إلَخْ ) الِاحْتِيَاطُ لِمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا أَنْ يُطَلِّقَ طَلْقَةً مُعَلَّقَةً عَلَى نَفْيِ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ أَكُنْ طَلَّقْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ كَيْلًا يَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ ( قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِيَتَيَقَّنَ الْحِلَّ ) لِأَنَّ الْمُحَقَّقَ بِالطَّلَاقِ التَّحْرِيمُ الَّذِي يَزُولُ بِالرَّجْعَةِ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مَشْكُوكٌ فِيهَا ( قَوْلُهُ لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا ) حَذَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِهِ فَإِنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّتْ لِغَيْرِهِ بِيَقِينٍ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَإِنَّمَا الصَّوَابُ فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ يَلْتَزِمُ الثَّلَاثَ حَتَّى إذَا أَرَادَ تَزَوُّجَهَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا ثَلَاثًا بِيَقِينٍ .
( فَصْلٌ وَإِنْ عَلَّقَ شَخْصٌ ) لَهُ زَوْجَتَانِ أَوْ أَمَتَانِ ( بِنَقِيضَيْنِ كَإِنْ ) أَيْ كَقَوْلِهِ إنْ ( كَانَ ) هَذَا الطَّائِرُ ( غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ ) أَنْت ( حُرَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَضِرَّتُك طَالِقٌ ) أَوْ رَفِيقَتُك حُرَّةٌ ( وَأَشْكَلَ ) حَالُهُ ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ ( عَلَى إحْدَاهُمَا ) لِحُصُولِ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ ( وَاعْتَزَلَهُمَا ) وُجُوبًا إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ لِاشْتِبَاهِ الْمُبَاحَةِ بِغَيْرِهَا ( وَعَلَيْهِ الْبَحْثُ ) عَنْ الطَّائِرِ ( وَالْبَيَانُ ) لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ إنْ اتَّضَحَ لَهُ لِيَعْلَمَ الْمُطَلَّقَةَ أَوْ الْمُعْتَقَةَ مِنْ غَيْرِهَا وَهَذَا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَفِي الرَّجْعِيِّ إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ( أَوْ ) عَلَّقَ ( شَخْصَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعِتْقِ ) صَوَابُهُ عِتْقٌ ( أَمَتِهِ ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَقَالَ الْآخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَأَشْكَلَ حَالُهُ ( فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا ) فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ فِي أَمَتِهِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِالتَّعْلِيقِ فَتَعْلِيقُ الْآخَرِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ كَمَا لَوْ سَمِعَ صَوْتَ حَدَثٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ قَامَ كُلٌّ إلَى الصَّلَاةِ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ ( فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا حَنِثَ صَاحِبِي ) أَوْ مَا حَنِثْت أَنَا ( وَمَلَكَ أَمَتَهُ وَلَوْ بَعْدَ بَيْعِ أَمَتِهِ عَتَقَتْ مَجَّانًا ) أَيْ بِلَا رُجُوعٍ بِثَمَنِهَا إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدُهُمَا شَيْئًا ( اعْتَزَلَهُمَا جَمِيعًا ) إنْ كَانَتَا فِي مِلْكِهِ ( أَوْ مَنْ بَقِيَ ) مِنْهُمَا إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فِي مِلْكِهِ وَيُؤْمَرُ بِالْبَحْثِ وَالْبَيَانِ ( كَمَا لَوْ كَانَتَا حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ التَّعْلِيقِ ( فِي مِلْكِهِ ) وَعَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ ( وَمُنِعَ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا حَتَّى يَبِينَ ) الْحَالُ وَقَوْلُهُ أَوْ مَنْ بَقِيَ شَامِلٌ لِبَقَاءِ
أَمَتِهِ وَلِبَقَاءِ أَمَةِ صَاحِبِهِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَفِيهِ كَلَامٌ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ( وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ ) ذَا الطَّائِرِ ( غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ حَمَامَةً فَضِرَّتُك طَالِقٌ وَلَمْ يَعْلَمْ ) أَنَّهُ غُرَابٌ أَوْ حَمَامَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا ( لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ) لِمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَصْلِ .
( قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَّقَ شَخْصَانِ كُلٌّ بِعِتْقِ أَمَتِهِ إلَخْ ) وَفِي التَّعْلِيقِ بِنَقِيضَيْنِ لِعِتْقِ رَقِيقٍ مُعْسِرَيْنِ لَمْ يَتَفَاوَتَا فِيهِ إذَا بَاعَاهُ لِثَالِثٍ أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِلْآخَرِ يَعْتِقُ نِصْفُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِوُجُودِ الصِّفَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ يَقِينًا فِي النِّصْفِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ لِلشَّكِّ فِي الصِّفَةِ فَإِنْ تَفَاوَتَا فِيهِ عَتَقَ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ وَخَرَجَ بِمُعْسِرَيْنِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي الْمُوسِرَانِ فَيَعْتِقُ الْجَمِيعُ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ لِتَحَقُّقِ حِنْثِ أَحَدِهِمَا فَيَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَيَسْرِي إلَى الْبَاقِي وَيُوقَفُ الْوَلَاءُ وَلِكُلٍّ أَنْ يَدَّعِيَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ عَلَى الْآخَرِ وَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ .
وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا الْمُعْسِرُ وَالْمُوسِرُ فَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ إذْ لَا يَخْلُو الْحَالُ مِنْ حِنْثِهِ أَوْ حِنْثِ صَاحِبِهِ وَسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَى نَصِيبِهِ بِخِلَافِ نَصِيبِ الْمُوسِرِ لِلشَّكِّ وَلِلْمُعْسِرِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَالْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالْإِرْثُ وَنَحْوُهُمَا وَلَوْ تَبَادَلَ الْمُعْسِرُ أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ بِالْآخَرِ تَصَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ كَمَا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيمَا انْتَقَلَ عَنْهُ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَ جَوَازُ التَّبَادُلِ بِالْقَطْعِ بِفَسَادِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ بِفَسَادِهِ مُعَيَّنًا كَنَظِيرِهِ فِي تَحَرِّي الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا ( قَوْلُهُ صَوَابُهُ عِتْقُ أَمَتِهِ ) مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ صَوَابٌ أَيْضًا ( قَوْلُهُ وَمَنْعُ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا حِينَ يَتَبَيَّنُ الْحَالُ ) هَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ لَكِنْ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ أَوْ جَمَاهِيرُهُمْ بِتَعَيُّنِ الْعِتْقِ فِي الْمُشْتَرَى وَقَوْلُهُ هَذَا مَا رَجَّحَهُ
الشَّيْخَانِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَفِيهِ كَلَامٌ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ) لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا أَمَتَهُ وَاشْتَرَى الْأُخْرَى فَفِي الْوَسِيطِ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَا فِي الْبَسِيطِ وَقَدْ قَالَ فِيهِ إنَّهُ الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهَا لِأَنَّ تِلْكَ وَاقِعَةٌ قَدْ انْقَضَتْ كَمَا لَا تُقْضَى الصَّلَاةُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ تَحَرِّي الْقِبْلَةِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ لِأَنَّ الِاسْتِصْحَابَ ضَعِيفٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى التَّحَرِّي قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ الْأَقْيَسُ احْتِيَاطًا لِلْعِتْقِ وَلِأَنَّ الْأَمْوَالَ وَغَرَامَتَهَا أَشَدُّ مِنْ الْقِبْلَةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِ رَقِيقِهِ كَالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ وَأَنَّ الَّذِي عَتَقَ هُوَ رَقِيقُ الْآخَرِ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِ الْعِرَاقِيِّينَ أَمَّا عَلَى طَرِيقَتِهِمْ فَيَعْتِقُ الْمُشْتَرَى بِلَا شَكٍّ ا هـ وَالْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي مَسْأَلَةِ التَّبَادُلِ مَا فِي الْبَسِيطِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَعْتِقُ الْمُشْتَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِهِ عَلَيْهَا إذَا اجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ عِتْقِهِ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِيهِ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ) بِعَيْنِهَا ( وَنَسِيَ ) هَا ( اعْتَزَلَهُمَا ) حَتَّى يَتَذَكَّرَ فَإِنْ صَدَّقَتَاهُ فِي النِّسْيَانِ فَلَا مُطَالَبَةَ بِالْبَيَانِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَإِنْ كَذَّبَتَاهُ وَبَادَرَتْ وَاحِدَةٌ وَقَالَتْ أَنَا الْمُطَلَّقَةُ لَمْ يَكْفِ فِي الْجَوَابِ نَسِيت أَوْ لَا أَدْرِي لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَ نَفْسَهُ بَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَمَنْ ادَّعَتْ ) مِنْهُمَا ( الطَّلَاقَ يَحْلِفُ لَهَا يَمِينًا جَازِمَةً ) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِطَلَاقِهَا وَلَوْ ادَّعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يَعْلَمُ الَّتِي عَنَاهَا بِالطَّلَاقِ وَسَأَلَتْ تَحْلِيفَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَمْ تَقُلْ فِي الدَّعْوَى أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَبُولُ هَذِهِ الدَّعْوَى وَتَحْلِيفُهُ عَلَى ذَلِكَ .
( فَصْلٌ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ) ( قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الزَّوْجَةِ أَنَّهَا تَعْلَمُ سَبْقَ أَحَدِ النِّكَاحَيْنِ .
( فَصْلٌ اسْمُ زَوْجَتِهِ زَيْنَبُ فَقَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ ) زَيْنَبَ أُخْرَى ( أَجْنَبِيَّةً أَوْ أَمَتَهُ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا ) وَيُدَيَّنُ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ إحْدَاكُمَا يَتَنَاوَلُهُمَا تَنَاوُلًا وَاحِدًا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ زَوْجَتِهِ وَلَا بِمَا يَقُومُ مَقَامَهُ بِخِلَافِ زَيْنَبَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ لَا غَيْرَهَا ( أَوْ ) أَرَادَ فِيمَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحًا صَحِيحًا وَأُخْرَى نِكَاحًا فَاسِدًا وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ( فَاسِدَةَ النِّكَاحِ قُبِلَ ) كَمَا لَوْ أَرَادَ الْأَجْنَبِيَّةَ فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بَلْ أَوْلَى هَذَا مَا فِي الْفَصْلِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَصْدُقُ بِهِ وَبِأَنْ يَكُونَ اسْمُ كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ زَيْنَبَ وَيُعَلِّقُ بِقَوْلِهِ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ فَاسِدَةَ النِّكَاحِ بَلْ عِبَارَتُهُ ظَاهِرَةٌ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( وَلَوْ قَالَ لَهَا ) أَيْ لِزَوْجَتِهِ ( وَلِأَجْنَبِيَّةٍ ) أَوْ أَمَتِهِ ( أَوْ رَجُلٍ أَوْ دَابَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ طَلُقَتْ ) إنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ ( فَإِنْ نَوَى الْأَجْنَبِيَّةَ أَوْ الْأَمَةَ لَا الرَّجُلَ وَالدَّابَّةَ قُبِلَ ) مِنْهُ ( بِيَمِينِهِ ) لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ مَعَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْأَمَةِ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالدَّابَّةِ .
( قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ كَالْإِسْنَوِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَصْدُرْ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ طَلَاقٌ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا يُحْكَمُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لِصِدْقِ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا صِدْقًا وَاحِدًا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْعِتْقِ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ وَلِعَبْدٍ آخَرَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ عِتْقَ الْآخَرِ .
ا هـ .
.
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَجَبَ فَوْرًا التَّعْيِينُ ) لَهَا ( إنْ أَبْهَمَ ) الطَّلَاقَ ( وَالتَّبْيِينُ إنْ عَيَّنَ ) لِتَتَمَيَّزَ الْمُحَرَّمَةُ عَنْ غَيْرِهَا فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ عَصَى فَإِنْ امْتَنَعَ حُبِسَ وَعُزِّرَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَمْهَلَ لَمْ يُمْهَلْ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُمْهَلُ لِقَوْلِ الرُّويَانِيِّ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ لَوْ اسْتَمْهَلَ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا أَبْهَمَ أَوْ عَيَّنَ نَسِيَ فَإِنْ عَيَّنَ وَلَمْ يَدَّعِ نِسْيَانًا فَالْأَوْجَهُ لِكَلَامِهَا هَذَا ( فِي غَيْرِ رَجْعِيٍّ ) أَمَّا فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فَوْرًا تَعْيِينٌ وَلَا بَيَانٌ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ ( وَإِنْ مَاتَتَا ) فَإِنَّهُ يَجِبُ فَوْرًا التَّعْيِينُ وَالتَّبْيِينُ لِيَتَبَيَّنَ حَالُ الْإِرْثِ ( وَلَا يُعْذَرُ فِي دَعْوَى النِّسْيَانِ ) بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ ( إنْ كَذَّبَتَاهُ ) بَلْ يَحْلِفُ لَهُمَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ ( وَالطَّلَاقُ ) يَقَعُ ( بِاللَّفْظِ ) فِيمَا إذَا طَلَّقَ إحْدَاهُمَا ( وَلَوْ أَبْهَمَ ) لِأَنَّهُ جَزَمَ بِهِ وَنَجَّزَهُ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَّا أَنَّ مَحَلَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرُ مُبَيَّنٍ فَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ أَوْ التَّبْيِينِ ( لَكِنْ عِدَّةُ ) الطَّلَاقِ ( الْمُبْهَمِ مِنْ التَّعْيِينِ ) وَالْمُعَيَّنِ مِنْ اللَّفْظِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَحَلِّ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَيَجُوزُ أَنْ تَتَأَخَّرَ الْعِدَّةُ عَنْ وَقْتِ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ كَمَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِالْوَطْءِ وَتُحْسَبُ مِنْ التَّفْرِيقِ ( وَيَعْتَزِلُهُمَا ) إلَى التَّعْيِينِ أَوْ التَّبْيِينِ لِاشْتِبَاهِ الْمُبَاحَةِ بِغَيْرِهَا ( وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا ) إلَى ذَلِكَ لِحَبْسِهِمَا عِنْدَهُ حَبْسَ الزَّوْجَاتِ وَإِذَا عَيَّنَ أَوْ بَيَّنَ لَا يَسْتَرِدُّ الْمَدْفُوعَ لِلْمُطَلَّقَةِ لِذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ تَبَيَّنَ ) الطَّلَاقُ فِي إحْدَاهُمَا ( فَلِلْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ ) بِأَنْ تَدَّعِي عَلَيْهِ
أَنَّك نَوَيْتَنِي وَتُحَلِّفُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَطَلُقَتَا ( لَا إنْ عَيَّنَ ) فِي إحْدَاهُمَا فَلَيْسَ لِلْأُخْرَى ذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ يُنْشِئُهُ .
( قَوْلُهُ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَجَبَ فَوْرًا التَّعْيِينُ إلَخْ ) قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ لَا اخْتِصَاصَ لِذَلِكَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِحْدَى زَوْجَتَيْ طَالِقٌ فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ يُفَرِّقُ بَيْنَ قَصْدِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْإِبْهَامِ وَلَوْ قَالَ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ مِصْرَ وَالشَّامِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَلَهُ زَوْجَتَانِ فَلَهُ تَعْيِينُ إحْدَاهُمَا لِهَذَا التَّعْلِيقِ وَقَدْ سُئِلْت عَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ فَقَالَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ يَلْزَمُنِي لَا أَنَامُ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مَا خَلَاصُهُ وَإِذَا نَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَيْف يَقَعُ الطَّلَاقُ فَأَجَبْت بِأَنَّ خَلَاصَهُ أَنْ يُعَيِّنَ إحْدَاهُمَا لِلتَّعْلِيقِ ثُمَّ يُخَالِعَهَا ثُمَّ يُجَدِّدَ الْعَقْدَ وَيَنَامَ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَأَنَّهُ إذَا نَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَبْلَ هَذَا الْخُلْعِ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِمَا وَلَهُ تُعْيِينَهُ فِيمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا .
ا هـ .
وَقَوْلُهُ فَأَجَبْت بِأَنَّ خَلَاصَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) الْقَاعِدَةُ أَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ وَيَلْزَمُ عَلَيْهَا أَنَّهُ إذَا قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَنْ يُطَلِّقَ الْجَمِيعَ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مِمَّا نَقَلَهُ الْعُرْفُ عَنْ مَوْضُوعِهِ اللُّغَوِيِّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَالِي صَدَقَةٌ عَمَّ جَمِيعَ مَالِهِ لِعَدَمِ تَخْصِيصِ الْعُرْفِ إيَّاهُ وَالِاسْمُ الْمُعَرَّفُ فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ يَعُمُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَنْ تَقَعَ الثَّلَاثُ عِنْدَ الْحَلِفِ عَمَلًا بِالْعُمُومِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَنْقُولٌ بِالْعُرْفِ وَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا لَا تَلْزَمُ الْحَالِفَ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَلَا خَطَرَ بِبَالِهِ وَلَا لَفْظُهُ صَرِيحٌ فِيهِ .
( فَرْعٌ لَيْسَ الْوَطْءُ ) لِإِحْدَاهُمَا فِيمَا ذُكِرَ ( تَعْيِينًا ) وَلَا تَبْيِينًا لِلطَّلَاقِ فِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطَأَ الْمُطَلَّقَةَ وَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ لَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ ابْتِدَاءً فَلَا يُتَدَارَكُ بِالْفِعْلِ وَلِذَلِكَ لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِالْوَطْءِ فَتَبْقَى الْمُطَالَبَةُ بِالتَّعْيِينِ وَالتَّبْيِينِ ( فَلَوْ عَيَّنَ ) الطَّلَاقَ ( فِيمَنْ وَطِئَهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا طَلُقَتْ بِاللَّفْظِ مَعَ جَهْلِهَا أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ ( وَإِنْ بَيَّنَ ) فِيهَا ( وَهِيَ بَائِنٌ لَزِمَهُ الْحَدُّ ) لِاعْتِرَافِهِ بِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ بِلَا شُبْهَةٍ ( وَالْمَهْرُ ) لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ لَا حَدَّ بِوَطْئِهِ لَهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي الْأُولَى وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهَا طَلُقَتْ بِاللَّفْظِ أَوْ لَا لَكِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ يَحُدُّ فِيهَا أَيْضًا وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ ( فَإِنْ بَيَّنَ فِي غَيْرِ مَوْطُوءَتِهِ قُبِلَ فَإِنْ ادَّعَتْ الْمَوْطُوءَةَ أَنَّهُ أَرَادَهَا ) بِالطَّلَاقِ ( وَنَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( حَلَفَتْ وَطَلُقَتْ وَلَزِمَهُ مَهْرُهَا وَلَا حَدَّ ) عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ ثَبَتَ بِظَاهِرِ الْيَمِينِ ( وَإِنْ قَالَ الْمُبَيِّنُ ) أَيْ مُرِيدُ الْبَيَانِ ( أَرَدْت هَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ مَعَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتَا ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُمَا بِالطَّلَاقِ وَرُجُوعُهُ بِذِكْرِ بَلْ عَنْ الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ الْأُولَى لَا يُقْبَلُ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ هَذَا ( فِي الظَّاهِرِ ) أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْمُطَلَّقَةُ مَنْ نَوَاهَا فَقَطْ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ ( وَلَوْ عَطَفَ بِثُمَّ أَوْ بِالْفَاءِ ) بِأَنْ قَالَ هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ ( طَلُقَتْ الْأُولَى فَقَطْ ) لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا شَيْءٌ ( وَكَذَا ) تَطْلُقُ الْأُولَى فَقَطْ ( لَوْ قَالَ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ )
أَوْ بَعْدَهَا هَذِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَلَوْ قَالَ ) هَذِهِ ( بَعْدَ هَذِهِ فَالْمُشَارُ إلَيْهَا ثَانِيًا ) هِيَ الْمُطَلَّقَةُ ( وَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ ) وَالْمُطَالَبَةُ بِالْبَيَانِ ( فَإِنْ قَالَ وَهُنَّ ثَلَاثٌ ) بَعْدَ قَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ ( أَرَدْت هَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ طَلُقَتْ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ وَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ فَبِالْعَكْسِ ) أَيْ فَتَطْلُقُ الْأَخِيرَةُ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ ( هَذَا إذَا وَصَلَ ) الْأَلْفَاظَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا فَصَلَهَا ( وَحُكْمُهُ ) يُعْرَفُ مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ .
قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي الْأُولَى ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ ) أَيْ مُؤَاخَذَةً لَهُ كَالْمُقِرِّ الْكَاذِبِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ وَيُؤَاخَذُ فِي الظَّاهِرِ ( قَوْلُهُ لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا شَيْءٌ ) وَجْهُهُ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنَّ حَرْفَ ثُمَّ لَيْسَ يَتَضَمَّنُ وُقُوعًا وَلَكِنَّهُ يَقْتَضِي مَعْطُوفَهُ عَلَى الْأَوْلَى وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُهُ ثُمَّ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ حَتَّى نُوقِعَ بِهِ وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذِهِ فَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَعْدَ هَذِهِ .
( وَإِنْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَفَصَلَ الثَّالِثَةَ ) عَنْ الْأُولَيَيْنِ بِوَقْفَةٍ أَوْ بِنَغْمَةٍ أَوْ أَدَاءٍ ( فَالتَّرَدُّدُ ) لِلطَّلَاقِ كَائِنٌ ( بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُولَتَيْنِ ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ ( فَإِنْ بَيَّنَ فِيهَا طَلُقَتْ وَحْدَهَا أَوْ فِي الْأُولَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا مَعًا ) لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ فَلَا يَفْتَرِقَانِ ( وَإِنْ فَصَلَ الْأُولَى ) عَنْ الْأَخِيرَتَيْنِ ( طَلُقَتْ ) هِيَ ( وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ ) فَعَلَيْهِ بَيَانُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا وَعَدَلَ إلَى ذَلِكَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ تَرَدَّدَ الطَّلَاقُ بَيْنَ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَإِنْ بَيَّنَ فِي الْأُولَى طَلُقَتْ وَحْدَهَا وَإِنْ بَيَّنَ فِي الْأُخَرَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا جَمِيعًا لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ تَبَعًا لِلنَّسَائِيِّ إنَّ قَوْلَهُ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ غَلَطٌ وَصَوَابُهُ طَلُقَتْ الْأُولَى وَتَرَدَّدَ الطَّلَاقُ بَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّهُ عَطَفَ الثَّانِيَةَ بِالْوَاوِ وَالثَّالِثَةَ بِأَوْ وَقَوْلُهُ فَإِنْ بَيَّنَ فِي الْأُولَى طَلُقَتْ وَحْدَهَا غَلَطٌ مِنْ وَجْهَيْنِ كَوْنُهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ وَكَوْنُ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا بَلْ مَعَ إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ بَيَّنَ فِي إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ طَلُقَتَا غَلَطٌ بَلْ يَقْتَصِرُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا مَعَ الْأُولَى ( وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ ) فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنْ سَرَدَ أَلْفَاظَهَا ( احْتَمَلَ الْمَعْنَيَانِ ) أَيْ فَصْلُ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَيَيْنِ وَفَصْلُ الْأُولَى عَنْ الْأُخْرَيَيْنِ ( فَيَسْأَلُ ) وَيَعْمَلُ بِمَا أَظْهَرَ إرَادَتَهُ ( وَإِنْ عَطَفَ الثَّانِيَةَ بِأَوْ وَالثَّالِثَةَ بِالْوَاوِ ) فَقَالَ أَرَدْت هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ ( فَبِالْعَكْسِ ) أَيْ فَإِنْ فَصَلَ الْأُولَى عَنْ الْأُخْرَيَيْنِ فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمَا فَإِنْ بَيَّنَ فِيهَا طَلُقَتْ وَحْدَهَا أَوْ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا مَعًا وَإِنْ فَصَلَ الْأَخِيرَةَ عَنْ الْأُولَيَيْنِ طَلُقَتْ هِيَ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِنْ
لَمْ يَفْصِلْ اُحْتُمِلَ الْمَعْنَيَانِ ( هَذَا إنْ فَصَلَ بِوَقْفَةٍ يَسِيرَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَنْتَظِمُ بِهِ مَعَهَا الْكَلَامُ فَإِنْ طَالَ ) الْفَصْلُ ( لَغَا مَا بَعْدَهُ ) إذْ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْإِفَادَةِ .
( قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ ) أَيْ وَالْبُلْقِينِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ .
( وَإِنْ قَالَ وَهُنَّ أَرْبَعٌ أَرَدْت هَذِهِ بَلْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ طَلُقْنَ ) جَمِيعًا ( وَكَذَا ) تَطْلُقْنَ جَمِيعًا ( لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ ) فَلَوْ عَطَفَ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ فَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ مِمَّا مَرَّ ( فَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الْأُخْرَيَاتُ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ ( وَلَا يَخْفَى عَكْسُهُ ) بِأَنْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَتَطْلُقُ الْأُولَيَانِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ ( وَإِنْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَفَصَلَ الرَّابِعَةَ ) عَنْ الثَّلَاثِ ( فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّلَاثِ ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ ( وَإِنْ فَصَلَ الثَّالِثَةَ عَمَّا قَبْلَهَا طَلُقَتْ الْأُولَيَانِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ ( وَإِنْ فَصَلَ الْأُولَى ) عَمَّا بَعْدَهَا ( طَلُقَتْ وَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ الرَّابِعَةِ وَالْمُتَوَسِّطَتَيْنِ ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ ( وَإِنْ سَرَدَ ) الْأَلْفَاظَ بِأَنْ لَمْ يَفْصِلْهَا ( احْتَمَلَ الْمَعَانِيَ الثَّلَاثَةَ ) أَيْ فَصَلَ الرَّابِعَةَ وَفَصَلَ الثَّالِثَةَ وَفَصَلَ الْأُولَى ( فَيَسْأَلُ ) وَيَعْمَلُ بِمَا أَظْهَرَ إرَادَتَهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا فَصَلَ بِوَقْفَةٍ يَسِيرَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ ( وَقِسْ بَاقِيَ الصُّوَرِ عَلَى بَعْضِهَا ) الْمَذْكُورِ فَلَوْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ طَلُقَتْ إحْدَى الْأُولَتَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ فَقَدْ يَفْصِلُ الْأُولَى عَنْ الثَّلَاثِ الْأَخِيرَةِ وَيَضُمُّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ فَتَطْلُقُ الْأُولَى وَيَتَرَدَّدُ الطَّلَاقُ بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَحْدَهَا وَبَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ مَعًا وَقَدْ يُفْرَضُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ وَالْأُخْرَيَيْنِ وَالضَّمُّ فِيهِمَا فَتَطْلُقُ الْأُولَيَانِ أَوْ الْأُخْرَيَانِ وَقَدْ يُفْرَضُ فَصْلُ الرَّابِعَةِ عَمَّا قَبْلَهَا فَتَطْلُقُ الرَّابِعَةُ وَيَتَرَدَّدُ الطَّلَاقُ بَيْنَ الثَّالِثَةِ وَحْدَهَا وَبَيْنَ الْأُولَيَيْنِ مَعًا .
( وَإِنْ قَالَ هَذِهِ ) الْمُطَلَّقَةُ ( ثُمَّ قَالَ لَا أَدْرِي هِيَ ) هَذِهِ ( أَمْ غَيْرُهَا طَلُقَتْ وَوُقِفَ الْبَاقِيَاتُ ) أَيْ أَمْرُهُنَّ ( فَإِنْ قَالَ ) بَعْدَ ذَلِكَ ( تَحَقَّقْت أَنَّهَا هِيَ قُبِلَ مِنْهُ ) وَلَمْ يُطَلِّقْ غَيْرَهَا ( وَإِنْ بَيَّنَ فِي غَيْرِهَا حُكِمَ بِطَلَاقِهَا أَيْضًا ) وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ عَنْ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ ( هَذَا كُلُّهُ فِي تَبْيِينِ الْمُعَيَّنَةِ ) هَذَا إيضَاحٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ قَالَ الْمُبَيَّنُ إلَى آخِرِهِ ( وَإِنْ عَيَّنَ الْمُبْهَمَ ) لِطَلَاقِهِ أَوْ عَيَّنَ الْمُطَلِّقُ طَلَاقَهُ الْمُبْهَمَ ( فَقَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ ) أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ ( لَغَتْ الثَّانِيَةُ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُبْهَمِ إنْشَاءً لِلِاخْتِيَارِ ) لَا إخْبَارٌ عَنْ سَابِقٍ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ فَيَلْغُو ذِكْرُ اخْتِيَارِ غَيْرِهَا .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( مَاتَتَا قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ وُقِفَ مِيرَاثُهُ مِنْهُمَا ) حَتَّى يُبَيِّنَ أَوْ يُعَيِّنَ ( فَإِنْ عَيَّنَ أَوْ بَيَّنَ وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ لَمْ يَرِث مِنْ الْمُطَلَّقَةِ ) لِبَيْنُونَتِهَا مِنْهُ وَيَرِثُ مِنْ الْأُخْرَى ( ثُمَّ إنْ نَوَى مُعَيَّنَةً فَبَيَّنَ فِي وَاحِدَةٍ فَلِوَرَثَةِ الْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهَا ) بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ يَرُومُ الشَّرِكَةَ فِي تَرِكَتِهَا ( فَإِنْ ) حَلَفَ فَذَاكَ وَإِنْ ( نَكَلَ حَلَفُوا وَلَمْ يَرِثْ مِنْهَا أَيْضًا ) لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ ( وَإِنْ حَلَفَ ) كَمَا قُلْنَا ( قَالَ فِي الرَّوْضَةِ ) كَأَصْلِهَا ( طَالَبُوهُ بِكُلِّ الْمَهْرِ إنْ دَخَلَ ) بِمُوَرِّثَتِهِمْ ( وَإِلَّا فَهَلْ يُطَالِبُوهُ بِالْكُلِّ ) أَيْ بِكُلِّ الْمَهْرِ ( لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهَا زَوْجَةٌ أَمْ بِنِصْفِهِ لِزَعْمِهِمْ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ ) قَبْلَ الدُّخُولِ ( وَجْهَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ ) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ ( وَرِثَ نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ رُبْعَهُ فَلَا يُطَالِبُونَهُ إلَّا بِمَا زَادَ عَلَى إرْثِهِ ) وَيُدْفَعُ النَّظَرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمُطَالَبَتِهِمْ بِكُلِّ الْمَهْرِ أَوْ بِنِصْفِهِ مُطَالَبَتُهُمْ بِنَصِيبِهِمْ مِنْ ذَلِكَ وَأَقْرَبُ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ ثَانِيهِمَا لِزَعْمِهِمْ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فَهُمْ مُنْكِرُونَ اسْتِحْقَاقَ النِّصْفِ ( وَإِنْ عَيَّنَ ) امْرَأَةً ( فِي ) الطَّلَاقِ ( الْمُبْهَمِ فَلَا اعْتِرَاضَ لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى ) عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إلَى اخْتِيَارِهِ .
( وَإِنْ كَذَّبَهُ وَرَثَةُ الْمُطَلَّقَةِ ) يَعْنِي الْمُبَيَّنَةُ لِلطَّلَاقِ ( فَلَهُمْ تَحْلِيفُهُ ) أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ ( وَقَدْ أَقَرُّوا لَهُ بِإِرْثٍ لَا يَدَّعِيه وَادَّعُوا ) عَلَيْهِ ( مَهْرًا اسْتَقَرَّ بِالْمَوْتِ ) إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ فِي هَذِهِ بِوَرَثَةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلطَّلَاقِ يُوهِمُ أَنَّهُ أَرَادَ مَسْأَلَةَ الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ وَلَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّ التَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ لَا إخْبَارٌ فَلَا يَقَعُ فِيهِ تَكْذِيبٌ ( وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُمَا ) أَيْ قَبْلَ الْبَيَانِ
وَالتَّعْيِينِ ( قَامَ الْوَارِثُ مَقَامَهُ فِي التَّبْيِينِ لَا فِي التَّعْيِينِ ) لِأَنَّ الْبَيَانَ إخْبَارٌ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ بِخَبَرٍ أَوْ قَرِينَةِ وَالتَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ يَصْدُرُ عَنْ شَهْوَةٍ فَلَا يَخْلُفُهُ الْوُرَّاثُ فِيهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ لَا يَخْلُفُهُ وُرَّاثُهُ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَتَصْحِيحُ التَّنْبِيهِ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي التَّعْيِينِ أَيْضًا وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ مَاتَتَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ وَالْأُخْرَى بَعْدَهُ أَوْ لَمْ تَمُتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى .
وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ مَاتَ قَبْلَهُمَا لَمْ يُعَيِّنْ وَارِثُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ مِيرَاثَ زَوْجَتِهِ مِنْ رُبُعٍ أَوْ ثُمُنٍ يُوقَفُ بِكُلِّ حَالٍ إلَى الِاصْطِلَاحِ سَوَاءٌ أَخْلَفَ زَوْجَةً أَمْ أَكْثَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمَا فَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَعْيِينِ إحْدَاهُمَا لِلطَّلَاقِ ( فَإِنْ تَوَقَّفَ ) الْوَارِثُ فِي التَّبْيِينِ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ وَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الزَّوْجَتَيْنِ ( وُقِفَ ) مِنْ تَرِكَتِهِ ( مِيرَاثُ زَوْجَةٍ ) بَيْنَهُمَا ( حَتَّى يَصْطَلِحَا ) أَوْ يَصْطَلِحَ وَرَثَتُهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ وُقِفَ مِنْ تَرِكَتِهِمَا مِيرَاثُ زَوْجٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ وَقَدْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ ) مِنْهُمَا قَبْلَهُ ( ثُمَّ الْأُخْرَى بَعْدَهُ وُقِفَ مِيرَاثُ الزَّوْجِ مِنْ تَرِكَتِهَا ) أَيْ الْأُولَى ( وَ ) وُقِفَ ( مِيرَاثُ الزَّوْجَةِ ) مِنْهُمَا ( مِنْ تَرِكَتِهِ ) حَتَّى يَحْصُلَ الِاصْطِلَاحُ ( ثُمَّ إنْ بَيَّنَ الْوَارِثُ ) الطَّلَاقَ ( فِي الْمَيِّتَةِ ) مِنْهُمَا ( أَوَّلًا قُبِلَ ) وَلَمْ نُحَلِّفْهُ ( لِإِضْرَارِهِ بِنَفْسِهِ ) لِحِرْمَانِهِ مِنْ الْإِرْثِ وَلِشَرِكَةِ الْأُخْرَى فِي إرْثِهِ ( وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ ) أَيْ وَرَثَةِ الزَّوْجَةِ (
أَوْ ) بَيْنَهُ ( فِي الْمُتَأَخِّرَةِ أَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً ) لَمْ تَمُتْ ( فَلِوَرَثَتِهَا ) فِي الْأُولَى ( أَوْ لَهَا ) فِي الثَّانِيَةِ ( تَحْلِيفُهُ ) لِأَنَّهُ يَرُومُ حِرْمَانَهُمْ مِنْ مِيرَاثِ الزَّوْجِ فَيَحْلِفُ ( عَلَى الْبَتِّ ) أَنَّ مُوَرِّثَهُ طَلَّقَهَا لِأَنَّ يَمِينَ الْإِثْبَاتِ يَكُونُ عَلَى الْبَتِّ ( وَلِوَرَثَةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلنِّكَاحِ تَحْلِيفُهُ ) لِأَنَّهُ يَرُومُ الشَّرِكَةَ فِي تَرِكَتِهَا فَيَحْلِفُ ( عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ) أَنَّ مُوَرِّثَهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا ( وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ) أَيْ وَارِثُ الزَّوْجِ ( عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ ) أَيْ وَرَثَةِ الزَّوْجَةِ ( بِطَلَاقِ الْمُتَأَخِّرَةِ ) لِلتُّهْمَةِ بِجَرِّهِ النَّفْعَ بِشَهَادَتِهِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ وَرَثَةِ الزَّوْجِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ فُلَانَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا إنْ مَاتَ قَبْلَ الزَّوْجَيْنِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتَا قَبْلَهُ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَهُمَا فَبَيَّنَ الْوُرَّاثُ وَاحِدَةً فَلِوَرَثَةِ الْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَ مُوَرِّثَتَهُمْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ .
قَوْلُهُ لَوْ مَاتَتَا قَبْلَ الْبَيَانِ إلَخْ ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَوْتَ إحْدَاهُمَا كَمَوْتِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَقْتَضِي أَنَّ لَهُ فِي مَوْتِ إحْدَاهُمَا تَعْيِينَ الْحَيَّةِ وَالْمَيِّتَةِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ وَهُوَ فِي الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ وُجُودُ الصِّفَةِ عَلَى مَوْتِ إحْدَاهُمَا وَاضِحٌ وَأَمَّا فِي الْمُعَلَّقِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ مَوْتُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْحِنْثِ كَقَوْلِهِ إنْ جَاءَ زَيْدٌ فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا يَدْخُلُ فُلَانٌ الدَّارَ وَلَهُ زَوْجَتَانِ فَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ لَا تَطْلُقُ إلَّا إحْدَاهُمَا كَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْحَيَّةُ نَظَرًا إلَى حَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ لَهُ تَعْيِينُ الْمَيِّتَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ وَالْأَصَحُّ فِي نَظَائِرِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ التَّعْلِيقِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْيِينُ الْمَيِّتَةِ وَإِنْ وُجِدَ الْحِنْثُ بَعْدَهَا وَقَالَ النَّاشِرِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ تَعْيِينُ الْحَيَّةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالصُّورَةُ هَذِهِ لَا سِيَّمَا فِي قَوْلِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي فَإِنَّهُ الْتَزَمَ الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الزَّوْجَاتِ فَيَقَعُ عَلَى مَنْ هِيَ فِي زَوْجِيَّتِهِ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ لِتَعَذُّرِهِ فِي غَيْرِهَا .
ا هـ .
الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ مَا قَالَهُ النَّاشِرِيُّ إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَيِّتَةٍ وَقَوْلُهُ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْحَيَّةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ طَالَبُوهُ بِكُلِّ الْمَهْرِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَمْ بِنِصْفِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وُقِفَ مِيرَاثُ زَوْجَةٍ بَيْنَهُمَا ) مَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَتَا مِمَّنْ تَرِثَانِ مِنْهُ فَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا كِتَابِيَّةً وَالْأُخْرَى وَالزَّوْجُ مُسْلِمَاتٍ فَالْأَصَحُّ فِي
نَظِيرِهِ مِنْ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ شَيْءٌ وَهَذَا مِثْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ اخْتِيَارِ صَاحِبِ الشَّامِلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْوَقْفُ وَلَمْ يَنْقُلْ تَرْجِيحًا بِخِلَافِهِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا مِثْلُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ وَلَهُ زَوْجَاتٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَلَهُ تَعْيِينُهَا فِي وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي يَتَبَيَّنُ لِي أَنَّهُنَّ يَطْلُقْنَ كُلُّهُنَّ .
ا هـ .
وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَنْوَارِ وَقَوْلُهُ وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَنْوَارِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ لَوْ ادَّعَتْ فِي مَسْأَلَةِ الْغُرَابِ ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِكَوْنِ الطَّائِرِ غُرَابًا ( أَنَّهُ غُرَابٌ وَأَنْكَرَ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ ) أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا ( لَا ) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ غُرَابًا وَلَا عَلَى نِسْيَانِهِ ( بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ ) أَيْ الطَّلَاقُ ( بِدُخُولِ غَيْرِهِ وَنَحْوِهِ ) أَيْ نَحْوِ الدُّخُولِ وَأَنْكَرَ حُصُولَهُ ( فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى ) نَفْيِ ( الْعِلْمِ ) بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ وَأَمَّا نَفْيُ الْغَرَابِيَّةِ فَهُوَ نَفْيُ صِفَةٍ فِي الْغَيْرِ وَنَفْيُ الصِّفَةِ كَثُبُوتِهَا فِي إمْكَانِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ شَيْءٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْغَرَابِيَّةِ إذَا تَعَرَّضَ لَهُ فِي الْجَوَابِ أَمَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَتْ بِمُطَلَّقَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى مِنْهُ بِذَلِكَ كَنَظَائِرِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ شَيْءٌ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْفَرْقُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ رَأَى الطَّائِرَ فَقَدْ عَرَفَ صِفَتَهُ فَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ غَيْرَهَا خَالَفَ مَا فِي عِلْمِهِ بِالرُّؤْيَةِ فَنَاسَبَ الْحَلِفَ عَلَى الْبَتِّ وَأَمَّا عَدَمُ الدُّخُولِ فَلَيْسَ مَرْئِيًّا وَلَا هُنَاكَ دَلَالَةٌ عَلَى نَفْيِهِ مِنْ الْحَوَاسِّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ لَازَمَهَا بِحَيْثُ قَطَعَ بِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ لَكِنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ نَادِرٌ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ إنْ كَانَ ) هَذَا الطَّائِرُ ( غُرَابًا فَنِسَائِي ) طَوَالِقُ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ وَأَشْكَلَ ) الْحَالُ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ غُرَابٌ أَوْ غَيْرَهُ ( وَصَدَّقُوهُ ) أَيْ النِّسْوَةُ وَالْعَبْدُ ( أَوْ كَذَّبُوهُ وَحَلَفَ ) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ( اعْتَزَلَهُنَّ ) أَيْ النِّسْوَةُ ( وَلَمْ يَسْتَخْدِمْ الْعَبْدَ ) وَلَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ إلَى الْبَيَانِ لِتَيَقُّنِ التَّحْرِيمِ فِي إحْدَاهُمَا كَطَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَلَا يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا مَا دَامَ حَيًّا لِتَوَقُّعِ الْبَيَانِ ( وَأَنْفَقَ عَلَى الْجَمِيعِ ) إلَيْهِ أَمَّا إذَا نَكَلَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا وَيُقْضَى بِمَا ادَّعَاهُ ( فَإِنْ اعْتَرَفَ بِطَلَاقِهِنَّ ) بِأَنْ قَالَ حَنِثْت فِيهِ أَوْ فِي يَمِينِهِنَّ وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ فَذَاكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ ( وَ ) إنْ ( كَذَّبَهُ الْعَبْدُ ) وَادَّعَى الْعِتْقَ ( حَلَفَ ) السَّيِّدُ ( لَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ وَحُكِمَ بِالطَّلَاقِ ) بِالِاعْتِرَافِ ( وَالْعِتْقِ ) بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ ( وَكَذَا عَكْسُهُ ) فَإِنْ اعْتَرَفَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ بِأَنْ قَالَ حَنِثْت فِيهِ أَوْ فِي يَمِينِ الْعَبْدِ فَإِنْ صَدَّقَهُ النِّسْوَةُ فَذَاكَ وَلَا يَمِينَ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ حَلَفَ لَهُنَّ فَإِنْ نَكَلَ حُكِمَ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ ( وَإِنْكَارُهُ الْحِنْثَ فِي إحْدَاهُمَا اعْتِرَافٌ بِهِ فِي الْآخَرِ ) فَقَوْلُهُ لَمْ أَحْنَثْ فِي يَمِينِ الْعَبْدِ كَقَوْلِهِ حَنِثْت فِي يَمِينِ النِّسْوَةِ وَقَوْلُهُ لَمْ أَحْنَثْ فِي يَمِينِ النِّسْوَةِ كَقَوْلِهِ حَنِثْت فِي يَمِينِ الْعَبْدِ ( وَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَاهُنَّ عِلْمَهُ بِالطَّلَاقِ وَنَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( وَحَلَفَتْ طَلُقَتْ وَحْدَهَا فَإِنْ ادَّعَتْ ) عَلَيْهِ ( الْأُخْرَى ) ذَلِكَ الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ أُخْرَى ( فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَلَا يَضُرُّهُ النُّكُولُ مَعَ غَيْرِهَا ) أَيْ وَلَا يُجْعَلُ نُكُولُهُ فِي حَقِّ وَاحِدَةٍ نُكُولًا فِي حَقِّ غَيْرِهَا .
قَالَ الْبَغَوِيّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَتْ إحْدَاهُنَّ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِالْحِنْثِ حَيْثُ تَطْلُقُ هِيَ
وَصَوَاحِبَاتُهَا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ عَامَّةٌ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَادَّعَتْ إحْدَاهُمَا الدُّخُولَ وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ وَطَلُقَتْ دُونَ صَاحِبَتِهَا وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ طَلُقَتَا جَمِيعًا انْتَهَى وَلَوْ ادَّعَيْنَ كُلُّهُنَّ عِلْمَهُ بِالطَّلَاقِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحَلَفَ بَعْضُهُنَّ دُونَ بَعْضٍ حُكِمَ بِطَلَاقِ مَنْ حَلَفَتْ دُونَ مَنْ لَمْ تَحْلِفْ وَيَجْرِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ الْأَمْرِ بِالْبَيَانِ وَالْحَبْسِ وَالتَّعْزِيرِ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ ( وَمَتَى مَاتَ ) قَبْلَ بَيَانِهِ ( قُبِلَ ) الْبَيَانُ ( مِنْ الْوَرَثَةِ إنْ عَيَّنُوا ) الْأُولَى أَنْ بَيَّنُوا ( الْحِنْثَ فِي الْعَبْدِ ) لِإِضْرَارِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ بِتَشْرِيكِ النِّسْوَةِ فِي التَّرِكَةِ وَإِخْرَاجِ الْعَبْدِ عَنْهَا ( لَا ) إنْ بَيَّنُوهُ ( فِي النِّسْوَةِ ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ ( لِلتُّهْمَةِ ) بِإِسْقَاطِ إرْثِهِنَّ وَإِرْقَاقِ الْعَبْدِ وَفِي نُسْخَةٍ قُبِلَ مِنْ الْوَارِثِ إنْ عَيَّنَ إلَى آخِرِهِ وَيُنَاسِبُهَا قَوْلُهُ ( فَإِنْ تَوَقَّفَ ) بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ ( أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا ) رَجَاءَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي الطَّلَاقِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي السَّرِقَةِ لِتَأْثِيرِهَا فِي الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي الْقَطْعِ وَفِي النِّكَاحِ لِتَأْثِيرِهَا فِي الْمَالِ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي النِّكَاحِ ( فَإِنْ خَرَجَتْ لِلْعَبْدِ عَتَقَ وَيَكُونُ ) عِتْقُهُ ( مِنْ الثُّلُثِ إنْ عَلَّقَ فِي الْمَرَضِ ) وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ ( وَلَمْ يَزْنِ ) مِنْ الزَّوْجِ ( إنْ ادَّعَيْنَ طَلَاقًا بَائِنًا وَإِلَّا وَرِثْنَ وَإِنْ خَرَجَتْ لَهُنَّ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ ) إذْ لَا أَثَرَ لِلْقُرْعَةِ فِي الطَّلَاقِ وَلَا تُعَادُ ( وَوَقَفَ إرْثُهُنَّ وَالْأَوْلَى لَهُنَّ تَرْكُهُ لِلْوَرَثَةِ ) .
( قَوْلُهُ لَا فِي النِّسْوَةِ لِلتُّهْمَةِ ) رَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِي تَعْيِينِ الْحِنْثِ مِنْ الزَّوْجَةِ تُهْمَةٌ فَقَدْ تَرِثُهُ هِيَ بِأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَيَتَأَخَّرَ مَوْتُهَا وَقَدْ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا تَوَارُثٌ لِرِقٍّ أَوْ اخْتِلَافِ دِينٍ وَقَدْ يَكُونُ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَلَكِنْ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ .
وَقَدْ يَزِيدُ الْإِرْثُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ وَقَدْ يَكُونُ فِي تَعْيِينِ الْحِنْثِ فِي الْعَبْدِ تُهْمَةٌ فِيمَا إذَا قَتَلَهُ قَاتِلٌ وَهُوَ وَارِثُهُ وَكَانَتْ دِيَتُهُ زَائِدَةً عَلَى قِيمَتِهِ وَعَلَى حِصَّتِهَا مِنْ الْإِرْثِ وَقَدْ لَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ الزَّوْجِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا قَالَ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّا لَا نَقْبَلُهُ مُطْلَقًا كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ أَوْ نَرُدُّهُ مَعَ التُّهْمَةِ خَاصَّةً يُتَّجَهُ تَخَرُّجُهُ عَلَى إقْرَارِ الْخُنْثَى بِالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ فِي مَحَلِّ التُّهْمَةِ وَفِيهِ اضْطِرَابٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا اعْتَرَضَ بِهِ مَرْدُودٌ وَمَا أَظُنُّهُ صَدَرَ مِنْهُ عَنْ رَوِيَّةٍ أَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّ الزَّوْجَ قَدْ يَرِثُ مِنْهَا فَغَلَطٌ فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ وَقَدْ تَرِثُ الْمَرْأَةُ بِأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَيَمُوتَ الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ اعْتِرَاضٌ سَاقِطٌ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ عَلَّلَ بِقَوْلِهِ فَيَرِقُّ الْعَبْدُ وَيَسْقُطُ إرْثُ الزَّوْجَةِ وَهَذَا يَدْفَعُ الرَّجْعِيَّةَ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ لَا يَتَصَوَّرُ حِرْمَانُهَا حَتَّى يُتَّجَهَ إيرَادُهَا وَقَوْلُهُ وَقَدْ لَا يَرِثُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ كَمَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَقِيقَةً أَوْ كَافِرَةً أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَلَكِنْ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَذُهُولٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ عَدَمَ إرْثِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الطَّلَاقِ وَالطَّلَاقُ الْمُبْهَمُ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُقُوعُهُ حَتَّى يَنْفِيَ التُّهْمَةَ وَقَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ
الْإِرْثَ قَدْ يَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ فَإِنَّ الْإِرْثَ قَدْ يَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَنْتَفِي التُّهْمَةُ وَمَتَى زَادَتْ حَصَلَتْ التُّهْمَةُ وَقَوْلُهُ إنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَقْتُلُهُ قَاتِلٌ فَيُتَّهَمُ فِي تَعْيِينِ الْعِتْقِ فِيهِ لِيَرِثَ دِيَتَهُ إطْلَاقٌ فِي مَوْضِعِ التَّقْيِيدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرِثُ دِيَتَهُ حَيْثُ لَا وَارِثَ لَهُ مِنْ النَّسَبِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ لَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ الزَّوْجِ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا ذُهُولٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مَتَى طَلَّقَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ طَلَاقًا بَائِنًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانِ الْوُرَّاثِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَقِيقَةً أَوْ كَافِرَةً فَيُنْظَرُ إنْ بَيَّنَ الْعِتْقَ فِي الْعَبْدِ قُبِلَ قَطْعًا لِإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ عَيَّنَ الطَّلَاقَ فِي الزَّوْجَةِ جَاءَ الْخِلَافُ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ نَرُدُّهُ مَعَ التُّهْمَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ لَوْ قَالَ ) لِإِحْدَى نِسَاؤُهُ ( أَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَإِنْ فَصَلَ الثَّالِثَةَ عَنْ الْأُولَتَيْنِ أَوْ الْأُولَى عَنْ الْأَخِيرَتَيْنِ ) أَوْ أَرَادَ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ ) فِي فَرْعٍ لَيْسَ الْوَطْءُ تَعْيِينًا فَفِي الْأُولَى إنْ عَيَّنَ الثَّالِثَةَ طَلُقَتْ وَحْدَهَا أَوْ الْأُولَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا وَفِي الثَّانِيَةِ تَطْلُقُ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ ( فَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ الْأُولَتَيْنِ وَالثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا ) بِهِ ( طَلُقَتْ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخَرَتَيْنِ ) فَيُعَيِّنُهَا ( وَلَوْ اصْطَفَّ ) نِسْوَتُهُ ( الْأَرْبَعُ ) صَفًّا ( فَقَالَ الْوُسْطَى مِنْكُنَّ طَالِقٌ قَالَ النَّوَوِيُّ ) كَالْقَاضِي ( طَلُقَتْ إحْدَى الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ ) لِأَنَّ مَوْضِعَ الْوُسْطَى لِوَاحِدَةٍ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ فِيمَا إذَا قَالَ ضَعُوا عَنْ الْمُكَاتِبِ أَوْسَطَ النُّجُومِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ ( وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ وَإِنْ طَلَّقَ زَوْجَتَيْهِ رَجْعِيًّا ثُمَّ ) قَبْلَ الْمُرَاجَعَةِ ( طَلَّقَ إحْدَاهُمَا ثَلَاثًا وَأَبْهَمَ ) الْمُطَلَّقَةَ ( فَلَهُ التَّعْيِينُ وَلَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِاللَّفْظِ لَا بِالتَّعْيِينِ ( وَلَا يَتَزَوَّجُ بِإِحْدَاهُمَا قَبْلَ التَّعْيِينِ ) وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ( حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) .
( الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ ) ( تَعْلِيقُهُ جَائِزٌ ) كَالْعِتْقِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكْرَهُ طَلَاقَهَا فَيَدْفَعُ بِتَعْلِيقِهِ تَنْجِيزَهُ وَاسْتَأْنَسُوا لَهُ بِخَبَرِ { الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ كَالْحَلِفِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْخُلْعِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا ( فَلَا يَقَعُ قَبْلَ ) وُجُودِ ( الشُّرُوطِ وَلَوْ ) كَانَ مَعْلُومَ الْحُصُولِ أَوْ ( قَالَ عَجَّلْته ) أَيْ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ لِتَعَلُّقِهِ بِالْوَقْتِ الْمُسْتَقْبَلِ كَالْجُعْلِ فِي الْجَعَالَةِ وَصَوْمِ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ نَذَرَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ بِقَوْلِهِ عَجَّلْت الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ جَزْمًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُقُوعِ أُخْرَى عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ انْتَهَى وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَصِحَّ التَّعْجِيلُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَطْلُقَ فِي الْحَالِ انْتَهَى وَيُوَجَّهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَا بَعْدَهُ بِأَنَّ قَائِلَهُ أَلْغَى وَصْفَ التَّعْلِيقِ وَنَوَى طَلَاقًا مُبْتَدَأً .
( الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ ) ( قَوْلُهُ تَعْلِيقُهُ جَائِزٌ ) يُشْتَرَطُ فِي التَّعْلِيقِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى الشَّرْطِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ وَأَنْ يَتَّصِلَ الشَّرْطُ بِالطَّلَاقِ وَأَنْ يَتَلَفَّظَ بِالشَّرْطِ بِلِسَانِهِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ عَجَّلْته ) أَيْ الطَّلَاقَ أَوْ قَالَ أَرَدْت تَعْجِيلَ الصِّفَةِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ ) الَّذِي يَظْهَرُ لِي صِحَّةُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ الْمَاشِي عَلَى الْقَوَاعِدِ وَهَذِهِ النُّقُولُ لَا تُعَارِضُ مَا ذَكَرَهُ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَفِيهِ وَجْهٌ عَنْ حِكَايَةِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ التَّنْجِيزَ بِمَا أَوْقَعَهُ قَبْلَ الشَّهْرِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ تَعْجِيلُ الْمُعَلَّقِ مَعَ بَقَاءِ التَّعْلِيقِ ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى شَرْطِهِ وَالْأَثَرُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمُؤَثِّرِ بَلْ يُقَارِنُهُ أَوْ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ ثُمَّ لَوْ قُلْنَا بِصِحَّةِ تَعْجِيلِ الْمُعَلَّقِ مَعَ بَقَاءِ التَّعْلِيقِ لَلَزِمَ أَنْ لَا يَقَعَ بِالدُّخُولِ شَيْءٌ آخَرُ ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ سَبَقَ وُقُوعَهُ وَاَلَّذِي يُوقِعُهُ لَمْ يُعَلِّقْ فَكَيْفَ يُوقِعُ مَا لَمْ يُعَلِّقْ ت .
( قَوْلُهُ بَلْ يَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةً جَزْمًا ) الْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَتَطْلُقُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ
( فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ وَقَالَ قَصَدْت الشَّرْطَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا ) لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَدِمَ عَلَى التَّعْلِيقِ إنْ قَصَدَهُ وَعَدَلَ إلَى التَّنْجِيزِ ( إلَّا إنْ مَنَعَ الْإِتْمَامَ ) كَأَنْ وَضَعَ غَيْرُهُ يَدَهُ عَلَى فِيهِ ( وَحَلَفَ ) فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا لِلْقَرِينَةِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْلِيقَ عَلَى شَيْءٍ كَقَوْلِهِ إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا وَقَدْ فَعَلَهُ ( وَسَبَقَ ) فِي بَابِ تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ ( عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ خِلَافُهُ وَلَعَلَّ هَذَا أَصَحُّ ) مِنْهُ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثَمَّ وَقَوْلُهُ وَسَبَقَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ قَالَ ابْتِدَاءً ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَرْطِهِ مُقْتَصِرًا عَلَى فَاءِ الْجَزَاءِ ( فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت الشَّرْطَ فَسَبَقَ لِسَانِي ) إلَى الْجَزَاءِ ( لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ظَاهِرًا ) لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ وَقَدْ خَاطَبَهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَالْفَاءُ قَدْ تُزَادُ فِي غَيْرِ الشَّرْطِ وَرُبَّمَا كَانَ قَصْدُهُ أَنْ يَقُولَ أَمَّا بَعْدُ فَأَنْتِ طَالِقٌ .
.
( قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْلِيقَ إلَخْ ) وَأَنَّ الْكَلَامَ تَمَّ وَاسْتَأْنَفَ أَنْ يُرِيدَ إنْ جَاءَ زَيْدٌ فَأَكْرِمْهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَعَلَّ مِمَّا صَحَّ ) يُحْمَلُ كَلَامُ الْبُوشَنْجِيِّ عَلَى هَذَا
( وَقَوْلُهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْت طَالِقٌ بِحَذْفِ الْفَاءِ تَعْلِيقٌ ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ وَقَدْ يُسْأَلُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت التَّنْجِيزَ حُكِمَ بِهِ أَوْ التَّعْلِيقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ الْمُرَاجَعَةُ حُمِلَ عَلَى التَّعْلِيقِ وَالتَّصْرِيحِ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَوَّبَ بِالْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ إنْ كَانَ نَحْوِيًّا وَقَعَ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ أَنْ نَافِيَةً بِدَلِيلِ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ فَتَحَ أَنْ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا قَالُوهُ فِي النَّحْوِيِّ صَحِيحٌ إنْ نَوَاهُ دُونَ مَا إذَا أَطْلَقَ لِأَنَّ إنْ الْمَكْسُورَةَ ظَاهِرَةٌ فِي الشَّرْطِ وَالْفَاءُ تُحْذَفُ كَثِيرًا ( فَإِنْ جَعَلَ مَكَانَ الْفَاءِ وَاوًا ) بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْت طَالِقٌ ( وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ ) بِالْأَوَّلِ ( أَوْ التَّنْجِيزَ ) بِالثَّانِي ( أَوْ ) قَصَدَ ( جَعْلَهُمَا شَرْطَيْنِ لِعِتْقٍ وَنَحْوِهِ ) كَطَلَاقٍ قُبِلَ مِنْهُ بِلَا يَمِينٍ فِي الثَّانِي وَبِيَمِينٍ فِيمَا عَدَاهُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا ( فَتَعْلِيقٌ ) بِالدُّخُولِ ( مِنْ جَاهِلٍ بِالْقَرِينَةِ ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْعَالِمِ بِهَا فَلَا يَكُونُ تَعْلِيقًا وَلَا غَيْرَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ عِنْدَهُ نَعَمْ إنْ جَعَلَ أَنْ نَافِيَةً احْتَمَلَ كَوْنُ الْوَاوِ لِلْحَالِ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَوْ لِلْعَطْفِ فَيَقَعُ فَيُسْأَلُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَبَقِيَ مَا لَوْ جَهِلْنَا أَنَّهُ عَالِمٌ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ جَاهِلٌ بِهَا وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُرَاجَعَةِ ( وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ هُنَا بَيْنَ الْجَاهِلِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِ ) كَمَا تَقَرَّرَ ( وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ ) أَنْت طَالِقٌ ( أَنْ شَاءَ اللَّهُ ) بِالْفَتْحِ كَمَا مَرَّ ( وَفُرِّقَ ) بَيْنَهُمَا أَيْضًا ( فِي قَوْلِهِ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( أَنْ دَخَلْت الدَّارَ بِالْفَتْحِ ) كَمَا سَيَأْتِي ( وَهُمَا سَوَاءٌ ) فِي الْمَعْنَى وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَيُجَابُ
بِأَنَّ حَمْلَ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى التَّعْلِيقِ يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ الطَّلَاقِ أَصْلًا بِخِلَافِ أَنْ دَخَلْت الدَّارَ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ أَجَابَ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ فَعِنْدَ الْفَتْحِ يَنْصَرِفُ لِلتَّعْلِيلِ بِهِ مُطْلَقًا وَالثَّانِي يَغْلِبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ فَعِنْدَ الْفَتْحِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَالِمِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِ ( وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ وَكَذَا ) لَوْ قَالَ ( وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ) دَخَلَتْ أَمْ لَمْ تَدْخُلْ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنْ قَالَ أَرَدْت تَعْلِيقَهُ بِالدُّخُولِ لَمْ يُقْبَلْ لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ وَيُدَيَّنُ لِلِاحْتِمَالِ ذَكَرَهُ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ .
( قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت الدَّارَ فَهَلْ تَطْلُقُ حَالًا أَوْ بِالدُّخُولِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا ؛ لِأَنَّ " لَوْ " تَرِدُ شَرْطًا لِلِاسْتِقْبَالِ فَتَصْرِفُ الْمَاضِي إلَى الِاسْتِقْبَالِ نَحْوُ أَكْرِمْ زَيْدًا وَلَوْ أَسَاءَ أَيْ وَإِنْ وَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الْكُوَّةِ فَأَنْت طَالِقٌ فَوُسِّعَتْ حَتَّى صَارَتْ بَابًا فَيَحْتَمِلُ الْوُقُوعُ الْخُرُوجَ مِنْ مَوْضِعِ الْكُوَّةِ لَا مِنْ غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ اسْمُ كُوَّةٍ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا الرَّاجِحُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي .
( قَوْلُهُ دُونَ الْعَالِمِ بِهَا فَلَا يَكُونُ تَعْلِيقًا وَلَا غَيْرَهُ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي عَارِفِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ تَعْلِيقًا وَلَا غَيْرَهُ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ تَنْجِيزٌ ؛ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ جَعَلَ إنْ نَافِيَةً إلَخْ ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ عَجِيبٌ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قَصْدِ الْإِنْشَاءِ فَأَمَّا إذَا جَعَلْنَا إنْ نَافِيَةً وَأَنْتِ طَالِقٌ حَالًا كَانَ الْمَعْنَى مَا دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَيْ مَا دَخَلْت فِي الْحَالِ طَلَاقُك بَلْ دَخَلَتْ فِي حَالِ عَدَمِ طَلَاقِك وَذَلِكَ صَرِيحُ خَبَرِ لَا إنْشَاءُ تَعْلِيقٍ وَلَا طَلَاقَ فَبَطَلَ مَا ذَكَرَهُ ت .
( قَوْلُهُ وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ هُنَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ ظَرْفًا فَوَقَعَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ كَدُخُولِ جُزْءٍ مِنْ الدَّارِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( عَلَّقَ بِشَرْطٍ وَقَالَ أَرَدْت التَّنْجِيزَ ) فَسَبَقَ لِسَانِي إلَى الشَّرْطِ ( قُبِلَ ) مِنْهُ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ ( وَفِي التَّعْلِيقِ أَطْرَافٌ ) سَبْعَةٌ ( الْأَوَّلُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْأَوْقَاتِ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ دُخُولِهِ أَوْ مَجِيئِهِ ) أَوْ ابْتِدَائِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ أَوْ أَوَّلِ آخِرِ أَوَّلِهِ ( طَلُقَتْ بِدُخُولِ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ ) لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَالِاعْتِبَارُ فِي دُخُولِهِ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ فَلَوْ عَلَّقَ بِبَلَدِهِ وَانْتَقَلَ إلَى أُخْرَى وَرُئِيَ فِيهَا الْهِلَالُ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُرَ فِي تِلْكَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا اخْتَلَفَتْ الْمَطَالِعُ ( أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( فِي نَهَارِ شَهْرِ كَذَا ) أَوْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ ( فَبِطُلُوعِ فَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ ) تَطْلُقُ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْفَجْرَ أَوَّلُ الْيَوْمِ وَأَوَّلُ النَّهَارِ ( فَإِنْ أَرَادَ وَسَطَهُ ) أَيْ الشَّهْرِ أَوْ آخِرَهُ ( وَقَدْ قَالَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ ) أَرَادَ مِنْ الْأَيَّامِ ( إحْدَى الثَّلَاثِ ) الْأَوْلَى أَحَدُ الثَّلَاثَةِ ( الْأَوَّلُ ) مِنْهُ .
( وَقَدْ قَالَ ) أَنْتِ طَالِقٌ ( غُرَّتَهُ دُيِّنَ ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ فِيهِمَا وَ ( لِأَنَّهُنَّ ) أَيْ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ ( غُرَرٌ ) فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا ( إلَّا إنْ قَالَ أَرَدْت بِغُرَّتِهِ أَوْ بِرَأْسِ الشَّهْرِ ) الْأَوْلَى بِرَأْسِهِ ( الْمُنْتَصَفَ ) فَلَا يُدَيَّنُ لِأَنَّ غُرَّةَ الشَّهْرِ لَا تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَرَأْسُهُ لَا تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ وَالْمُنْتَصَفُ مِثَالٌ ( وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي رَمَضَانَ ) مَثَلًا ( وَهُوَ فِيهِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ فَإِنْ قَالَ ) وَهُوَ فِي رَمَضَانَ أَنْت طَالِقٌ ( فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ أَوْ أَنَّ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ إذَا ( جَاءَ ) رَمَضَانُ ( فَفِي قَابِلٍ ) أَيْ فَتَطْلُقُ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ
الْقَابِلِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ ( وَإِنْ عَلَّقَ بِآخِرِ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ أَوْ سَلْخِهِ ) أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا ( فَبِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ ) أَيْ الشَّهْرِ ( أَوْ مِنْهَا ) أَيْ السَّنَةِ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ الْآخِرُ الْمُطْلَقُ وَالسَّابِقُ لِلْفَهْمِ وَاسْمُ السَّلْخِ يَقَعُ عَلَيْهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَكَسَلْخِهِ انْسِلَاخُهُ وَخُرُوجُهُ وَانْقِضَاؤُهُ وَمُضِيُّهُ وَنُفُوذُهُ وَ ( كَذَا ) تَطْلُقُ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ ( إنْ عَلَّقَ بِآخِرِ أَوَّلِ آخِرِهِ ) لِأَنَّ آخِرَهُ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ وَأَوَّلَهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ فَآخِرُ أَوَّلِهِ الْغُرُوبُ وَهُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ كَذَا قَالُوهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ قَبْلَ زَوَالِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ آخِرُ أَوَّلِهِ وَوَقْتُ الْغُرُوبِ إنَّمَا هُوَ الْيَوْمُ لَا آخِرُ أَوَّلِهِ ( وَإِنْ عَلَّقَ بِأَوَّلِ آخِرِهِ فَبِأَوَّلِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ ) مِنْهُ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ أَوَّلُ آخِرِهِ ( أَوْ آخِرُهُ ) أَيْ أَوْ عَلَّقَ بِآخِرِ ( أَوَّلِهِ فَبِآخِرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ) مِنْهُ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ آخَرُ أَوَّلِهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَقِيلَ تَطْلُقُ بِآخِرِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْهُ لِأَنَّهَا أَوَّلُهُ بِالْحَقِيقَةِ وَصَوَّبَهُ الشَّاشِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي النَّقْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَفِي التَّرْجِيحِ فَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ الْأَوَّلَ عَنْهُمْ وَرَجَّحَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ وَالْأَقْيَسُ كَمَا قَالَ الْعِمْرَانِيُّ الثَّانِي ( أَوْ بِانْتِصَافِ الشَّهْرِ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ ) تَطْلُقُ ( وَإِنْ نَقَصَ ) الشَّهْرُ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ ( أَوْ بِنِصْفِ نِصْفِهِ ) الْأَوَّلِ ( فَبِطُلُوعِ فَجْرِ الثَّامِنِ ) تَطْلُقُ لِأَنَّ نِصْفَ نِصْفُهُ سَبْعِ لَيَالٍ وَنِصْفٌ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ وَنِصْفٌ وَاللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ فَيُقَابَلُ نِصْفُ لَيْلِهِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَيُجْعَلُ ثَمَانِ لَيَالٍ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا
وَسَبْعُ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا .
( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْفَجْرَ أَوَّلُ الْيَوْمِ إلَخْ ) الْيَوْمُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَطْعًا وَالنَّهَارُ مِنْ طُلُوعِهِ عَلَى الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ كَذَا قَالُوهُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ ) الْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ ؛ لِأَنَّهُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ كَمَا بَيَّنُوهُ .
( أَوْ ) عَلَّقَ ( بِنِصْفِ الْيَوْمِ ) كَانَ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ يَوْمٍ كَذَا ( فَعِنْدَ الزَّوَالِ ) مِنْهُ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ يُحْسَبُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ شَرْعًا وَنِصْفُهُ الْأَوَّلُ أَطْوَلُ ( أَوْ ) عَلَّقَ ( بِمُضِيِّ يَوْمٍ وَهُوَ بِالنَّهَارِ فَفِي وَقْتِهِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي ) تَطْلُقُ لِأَنَّ الْيَوْمَ حَقِيقَةً فِي جَمِيعِهِ مُتَوَاصِلًا أَوْ مُتَفَرِّقًا ( أَوْ ) وَهُوَ ( بِاللَّيْلِ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ ) تَطْلُقُ إذْ بِهِ يَتَحَقَّقُ مُضِيُّ يَوْمٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ لَكِنْ فِيهِ تَلْفِيقُ الْيَوْمِ مِنْ الْبَعْضَيْنِ الْمُفَرَّقَيْنِ وَقَدْ مَرَّ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ يَوْمًا لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ انْتَهَى وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّفْرِيقَ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ ثَمَّ تَفْرِيقٌ تَخَلَّلَهُ زَمَانٌ لَا اعْتِكَافَ فِيهِ أَمَّا لَوْ دَخَلَ فِيهِ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ وَاسْتَمَرَّ إلَى نَظِيرِهِ مِنْ الثَّانِي أَوْ قَالَ فِي إثْنَائِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا مِنْ هَذَا الْوَقْتِ فَيَكْفِيهِ ذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ مَا هُنَا لِأَنَّ زَمَنَ التَّعْلِيقِ حَصَلَ الشُّرُوعُ فِيهِ عَقِبَ الْيَمِينِ وَلَوْ فُرِضَ انْطِبَاقُ التَّعْلِيقِ عَلَى أَوَّلِ نَهَارٍ طَلُقَتْ عِنْدَ غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ ) قَالَ نَهَارًا أَنْتِ طَالِقٌ ( أَنَّ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ إذَا ( مَضَى الْيَوْمُ فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ ) تَطْلُقُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ لَحْظَةٌ لِأَنَّهُ عَرَّفَهُ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ ( فَإِنْ كَانَ ) قَالَهُ ( لَيْلًا لَغَا ) إذْ لَا نَهَارَ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَى الْمَعْهُودِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْجِنْسِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَقَاؤُهُمَا حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيَّامُ الدُّنْيَا فَكَانَتْ صِفَةً مُسْتَحِيلَةً .
( قَوْلُهُ أَوْ بِاللَّيْلِ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ إلَخْ ) حَكَى فِي الْمُطَالَبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ قَالَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةً أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ طَلْقَةً وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي طَلْقَةً وَكَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَالَ وَقِيَاسُ تَنْزِيلِ الْيَوْمِ الْمُنَكَّرِ عَلَى يَوْمٍ كَامِلٍ بِالتَّعْلِيقِ أَنْ لَا تَطْلُقَ الطَّلْقَةَ الثَّانِيَةَ وَكَذَا الثَّالِثَةَ حَتَّى بِمُضِيٍّ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي وَكَذَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مَا تَكْمُلُ بِهِ سَاعَاتُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي .
ا هـ .
وَهُوَ عَجِيبٌ ؛ لِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا عَلَّقَ عَلَى مُضِيِّ الْيَوْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَمَالِهِ وَفِي مَسْأَلَتِهِ عَلَّقَ عَلَى الْيَوْمِ وَهُوَ صَادِقٌ بِأَوَّلِهِ فَلَا تَشَابُهَ بَيْنَهُمَا
( قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا قَالَهُ غَلَطٌ حَصَلَ بِذُهُولٍ عَمَّا قَرَّرَهُ فِي الِاعْتِكَافِ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّمَانَ الْمَنْذُورَ لَيْسَ مَحْمُولًا عَلَى الزَّمَانِ الْمُتَّصِلِ بِالنَّذْرِ بَلْ يَجُوزُ لِلنَّاذِرِ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ وَفِعْلُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ زَمَنًا مُعَيَّنًا كَقَوْلِهِ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَشِبْهِهِ .
وَأَمَّا التَّعْلِيقُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى أَوَّلِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَّصِلَةِ فَنَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا مِنْ النَّذْرِ أَنْ يَقُولَ يَوْمًا مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَجَازَ التَّفْرِيقُ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ فُرِضَ انْطِبَاقُ التَّعْلِيقِ عَلَى أَوَّلِ نَهَارٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا تَمَّ التَّعْلِيقُ وَاسْتَعْقَبَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ أَمَّا لَوْ ابْتَدَأَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ فَقَدْ مَضَى جُزْءٌ قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَا يَقَعُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ وَقَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( أَوْ ) قَالَ ( أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ السَّنَةَ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ ) قَالَهُ ( لَيْلًا ) وَيَلْغُو ذِكْرُ الْيَوْمِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ وَإِنَّمَا أَوْقَعَ وَسَمَّى الْوَقْتَ بِغَيْرِ اسْمِهِ نَعَمْ لَوْ قَالَ فِي صُورَةِ اللَّيْلِ أَرَدْت الْيَوْمَ التَّالِي لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ حَتَّى لَا يَقَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( وَإِنْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ شَهْرٍ فَبِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ ) يَوْمًا تَطْلُقُ ( فَإِنْ كَانَ ) التَّعْلِيقُ ( لَيْلًا فَبِمُضِيِّ قَدْرِهِ ) أَيْ اللَّيْلِ أَيْ مَا سَبَقَ مِنْهُ عَلَى التَّعْلِيقِ ( مِنْ لَيْلَةِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ ) تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ نَهَارًا كَمَّلَ بِقَدْرِ مَا سَبَقَ مِنْهُ عَلَى التَّعْلِيقِ مِنْ يَوْمِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَهَذِهِ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهَا أَنْ يُعَلِّقَ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ فَإِنْ عَلَّقَ فِيهِ كَفَى بَعْدَهُ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ كَمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إجْحَافًا وَقَلَاقَةً ( فَإِنْ اتَّفَقَتْ مُقَارَنَةُ ) ابْتِدَاءً ( هِلَالٍ ) لِلتَّعْلِيقِ ( كَفَى ) مُضِيُّ الشَّهْرِ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا أَمَّا إذَا عَلَّقَ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ مُعَرَّفًا فَتَطْلُقُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ ) عَلَّقَ ( بِانْقِضَاءِ سَنَةِ فَبِاثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا ) بِالْأَهِلَّةِ تَامَّةً أَوَّلًا أَيْ فَبِمُضِيِّهَا تَطْلُقُ ( وَيُتَمِّمُ الْمُنْكَسِرَ ) مِنْ الثَّالِثَ عَشَرَ إنْ وَقَعَ كَسْرٌ بِأَنْ عَلَّقَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ كَمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ ( وَإِنْ شَكَّ ) بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ التَّعْلِيقِ ( هَلْ تَمَّ الْعَدَدُ عَمِلَ بِالْيَقِينِ وَحَلَّ لَهُ الْوَطْءُ حَالَ التَّرَدُّدِ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُضِيِّ الْعَدَدِ وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ ( أَوْ ) عَلَّقَ ( بِانْقِضَاءِ السَّنَةِ فَبِانْقِضَاءِ بَاقِيهَا عَرَبِيَّةً ) تَطْلُقُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا لَحْظَةٌ لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْيَوْمِ ( وَلَوْ قَالَ أَرَدْت ) بِالسَّنَةِ مُنَكَّرَةً أَوْ مُعَرَّفَةً سَنَةً (
رُومِيَّةً ) أَوْ فَارِسِيَّةً ( أَوْ ) بِالسَّنَةِ مُعَرَّفَةً سَنَةً ( كَامِلَةً لَمْ يُقْبَلْ ) مِنْهُ ( ظَاهِرًا ) لِتُهْمَةِ التَّأْخِيرِ ( وَيُدَيَّنُ ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَعَمْ لَوْ كَانَ بِبِلَادِ الرُّومِ أَوْ الْفُرْسِ فَيَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهِ قَالَ وَلَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ شُهُورٍ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةٍ أَوْ الشُّهُورِ فَبِمُضِيِّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي وَبِمُضِيِّ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا الْآيَةَ عِنْدَ الْجِيلِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْجِيلِيِّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ سَاعَاتٍ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ أَوْ السَّاعَاتِ فَبِمُضِيِّ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً لِأَنَّهَا جُمْلَةُ سَاعَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ .
( قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ إلَخْ ) وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ شَعْبَانَ أَوْ رَمَضَانَ غَيْرَ ذِكْرِ شَهْرٍ قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَقَعَ سَاعَةَ تَكَلَّمَ .
( قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ عَلَّقَ فِيهِ كَفَى بَعْدَهُ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا هُوَ الْأَصَحُّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْ السَّنَةِ دُونَ ثَلَاثَةِ شُهُورٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا حَمْلًا لِلتَّعْرِيفِ عَلَى إرَادَةِ الْبَاقِي مِنْهَا وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَتَكْمُلُ كَمَا يُسْتَفَادُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عِبَارَةِ الْقَمُولِيِّ فِي جَوَاهِرِهِ .
( فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَصُعُودِ السَّمَاءِ ) وَالطَّيَرَانِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى إذَا أَرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْمُرَادَ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٍ عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ { وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ } ( أَوْ عَقْلًا كَإِحْيَائِهَا الْمَوْتَى ) وَالْجَمْعُ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ ( أَوْ شَرْعًا كَنَسْخِ صَوْمِ رَمَضَانَ لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْجِزْ الطَّلَاقَ وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ وَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ وَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ امْتِنَاعَ الْوُقُوعِ لِامْتِنَاعِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ } وَالْيَمِينُ فِيمَا ذُكِرَ مُنْعَقِدَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ حَتَّى يَحْنَثَ بِهَا الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا يَصْعَدُ السَّمَاءَ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ لِأَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِهَا ثَمَّ لَيْسَ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُسْتَحِيلِ بَلْ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ لَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا يَنْعَقِدُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْتُلَن فُلَانًا وَهُوَ مَيِّتٌ مَعَ تَعَلُّقِهَا بِالْمُسْتَحِيلِ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْبِرِّ يَهْتِكُ حُرْمَةَ الِاسْمِ فَيُحْوِجُ إلَى التَّكْفِيرِ .
( فَصْلٌ قَوْلُهُ لَوْ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَصُعُودِ السَّمَاءِ إلَخْ ) وَقَدْ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَتَبَ أَيْضًا وَإِنْ عَلَّقَ عَلَى عَدَمِهِ وَقَعَ .
( قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ) سَوَاءٌ أَرَادَ وُقُوعَهُ أَمْسِ أَمْ فِي الْحَالِ مُسْتَنِدٌ إلَى أَمْسِ أَمْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَمْ مَاتَ أَمْ جُنَّ قَبْلَ بَيَانِ الْإِرَادَةِ أَمْ خَرِسَ وَلَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ وَرَبَطَهُ بِمُمْتَنِعٍ فَيَلْغُو الرَّبْطُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَلَا بِدْعَةَ فِي طَلَاقِهَا ( فَإِنْ أَرَادَ الْإِخْبَارِ ) بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا أَمْسِ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَقَدْ رَاجَعَهَا أَوْ وَهِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ أَوْ بَائِنٌ ( قُبِلَ ) مِنْهُ لِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ إلَى أَمْسِ ( وَاعْتَدَّتْ مِنْ أَمْسِ إنْ صَدَّقَتْهُ ) وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُهَا أَوَّلًا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْعَدَدِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ ( فَمِنْ الْإِقْرَارِ ) تَعْتَدُّ ( وَإِنْ قَالَ أَرَدْت ) أَنَّهَا طَلُقَتْ أَمْسِ مِنِّي ( فِي عَقْدٍ غَيْرِ هَذَا ) الْعَقْدِ ( أَوْ مِنْ زَوْجٍ ) آخَرَ ( قَبْلِي قُبِلَ ) مِنْهُ ( إنْ عُرِفَ ) عَقْدٌ سَابِقٌ وَطَلَاقٌ فِيهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ أَصَدَّقَتْهُ فِي إرَادَتِهِ أَمْ لَا .
وَيُخَالِفُ مَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِاعْتِرَافِهِ ثَمَّ بِطَلَاقٍ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَهُنَا أَرَادَ صَرْفَهُ عَنْهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ ( فَلَا ) يُقْبَلُ مِنْهُ وَيُحْكَمُ بِطَلَاقِهَا فِي الْحَالِ وَهَذَا مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ ذَكَرَ أَعْنِي الْإِمَامَ احْتِمَالًا جَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيَّ السَّقِيمَةِ وَهُوَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ ( وَلَهَا ) إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ ( تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ ) أَيْ أَنَّهَا طَلُقَتْ فِي هَذَا الْعَقْدِ أَوْ فِي عَقْدٍ غَيْرِهِ ( وَإِنْ قَالَ ) أَنْت طَالِقٌ ( لِلشَّهْرِ الْمَاضِي فَكَذَلِكَ ) أَيْ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ ( إنْ أَرَادَ التَّارِيخَ ) وَكَأَنَّهُ قَالَ فِي الشَّهْرِ
الْمَاضِي ( وَإِلَّا ) بِأَنْ أَرَادَ التَّعْلِيلَ أَوْ أَطْلَقَ ( وَقَعَ فِي الْحَالِ ) كَمَا لَوْ قَالَ لَوْ رَضِيَ فُلَانٌ ( وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ ) مَثَلًا ( فَقَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ ) الْأَنْسَبُ بِكَلَامِهِ الْآتِي قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِتَعَذُّرِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْلَ آخِرِ التَّعْلِيقِ ( وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ ) حَتَّى لَوْ قَدِمَ زَيْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا بِأَنْ سَافَرَ ثُمَّ قَدِمَ وَقَدْ مَضَى أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ لَمْ تَطْلُقْ .
( أَوْ ) قَدِمَ ( بَعْدَ ) مُضِيِّ ( أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ ) مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ ( تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ قَبْلَ شَهْرٍ ) مِنْ قُدُومِهِ ( فَتَعْتَدُّ مِنْ حِينَئِذٍ ) لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِزَمَنٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُدُومِ شَهْرٌ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ وَاعْتُبِرَتْ الْأَكْثَرِيَّةُ الصَّادِقَةُ بِآخِرِ التَّعْلِيقِ فَأَكْثَرَ لِيَقَعَ فِيهَا الطَّلَاقُ وَذِكْرُهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَاعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ الْأَصْلِ وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ فِي زَمَنٍ يَسَعُ وُقُوعَهُ زَائِدًا عَلَى الشَّهْرِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ آخِرُهُ فَيَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ مَعَ الْآخِرِ إذْ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ يَتَقَارَنَانِ فِي الْوُجُودِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ .
( وَإِنْ خَالَعَهَا ) وَقَدْ مَضَى أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ ( ثُمَّ قَدِمَ ) زَيْدٌ ( بَعْدَ الْخُلْعِ بِشَهْرٍ ) صَوَابُهُ مَا فِي الْأَصْلِ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ ( صَحَّ الْخُلْعُ ) وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ لِأَنَّهَا عِنْدَ الصِّفَةِ بَائِنٌ ( أَوْ بِدُونِهِ ) الْمُرَادُ بِدُونِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ ( وَالطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ ثَلَاثٌ لَمْ يَصِحَّ ) الْخُلْعُ وَالْمَالُ مَرْدُودٌ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْخُلْعِ بِطَرِيقِ
التَّبَيُّنِ أَمَّا لَوْ خَالَعَهَا وَلَمْ يَمْضِ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ فَالْحُكْمُ كَمَا ذُكِرَ لَكِنْ فِي الشِّقِّ الَّذِي لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الْخُلْعُ إنْ كَانَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالْقُدُومِ دُونَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ أَيْضًا صَحَّ الْخُلْعُ لِأَنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ بِالصِّفَةِ قَبْلَهُ صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي مَعْنَى الثَّلَاثِ مَا دُونَهَا إذَا لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ أَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَصِحُّ مَعَهُ الْخُلْعُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ خُلْعِ الرَّجْعِيَّةِ ( وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ ) الْأَنْسَبُ بِمَا قَدَّمَهُ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ أَثْنَاءَ التَّعْلِيقِ ( وَمَاتَتْ قَبْلَ قُدُومِهِ بِدُونِ شَهْرٍ ) أَوْ بِشَهْرٍ ( لَمْ يَرِثْهَا ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا قَبْلَ مَوْتِهَا وَمَحِلُّهُ إذَا مَاتَتْ وَهِيَ بَائِنٌ أَمَّا إذَا مَاتَتْ قَبْلَ قُدُومِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ فَيَرِثُهَا لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَكَمَوْتِهَا فِيمَا ذُكِرَ مَوْتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِإِرْثِهَا مِنْهُ وَعَدَمِ إرْثِهَا .
.
( قَوْلُهُ وَلَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ ) أَيْ وَلَا كِتَابَةَ
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ ) نَهَارًا ( أَنْت طَالِقٌ غَدَ أَمْسِ أَوْ أَمْسِ غَدٍ بِالْإِضَافَةِ وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( فِي الْحَالِ ) لِأَنَّ غَدَ أَمْسِ وَأَمْسِ غَدٍ هُوَ الْيَوْمُ وَلَوْ قَالَهُ لَيْلًا وَقَعَ غَدًا فِي الْأُولَى وَحَالًا فِي الثَّانِيَةِ وَتَبِعَ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْحَالِ الرَّافِعِيُّ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْيَوْمِ ( وَلَوْ قَالَ ) أَنْت طَالِقٌ ( أَمْسِ غَدٍ أَوْ غَدَ أَمْسِ بِغَيْرِ إضَافَةٍ لَغَا ذِكْرُ أَمْسِ ) وَوَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْغَدِ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْغَدِ بِالْأَمْسِ وَلَا يُمْكِنُ الْوُقُوعُ فِيهِمَا وَلَا الْوُقُوعُ فِي أَمْسِ فَتَعَيَّنَ الْوُقُوعُ فِي الْغَدِ لِإِمْكَانِهِ .
( أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( الْيَوْمَ غَدًا فَوَاحِدَةً ) تَقَعُ ( فِي الْحَالِ ) وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الْغَدِ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْيَوْمَ طَالِقٌ غَدًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا ذَلِكَ ( وَكَذَا ) تَقَعُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ فِي الْحَالِ ( لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ نِصْفَهَا الْيَوْمَ وَنِصْفَهَا الْآخَرَ غَدًا ) لِأَنَّ مَا أَخَّرَهُ مُعَجَّلٌ ( فَإِنْ أَطْلَقَ نِصْفَيْنِ ) بِأَنْ أَرَادَ نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ غَدًا ( فَطَلْقَتَانِ ) إلَّا إنْ تَبَيَّنَ بِالْأُولَى وَكَذَا لَوْ قَالَ أَرَدْت الْيَوْمَ طَلْقَةً وَغَدًا أُخْرَى كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( وَلَوْ قَالَ ) أَنْت طَالِقٌ ( غَدًا الْيَوْمَ طَلُقَتْ ) طَلْقَةً ( غَدًا فَقَطْ ) أَيْ لَا فِي الْيَوْمِ أَيْضًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَعَلَّقَ بِالْغَدِ وَذِكْرَهُ الْيَوْمَ بَعْدَهُ كَتَعْجِيلِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ وَهُوَ لَا يَتَعَجَّلُ ( أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَهُ فَوَاحِدَةً ) تَقَعُ ( فِي الْحَالِ ) وَلَا يَقَعُ فِي الْغَدِ وَلَا بَعْدَ شَيْءٍ آخَرَ إذْ الْمُطَلَّقَةُ الْيَوْمَ مُطَلَّقَةٌ فِيمَا بَعْدَهُ ( أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ فَطَلْقَتَانِ ) تَقَعَانِ ( فِي الْيَوْمَيْنِ ) وَلَوْ زَادَ فَقَالَ وَفِيمَا بَعْدَ غَدٍ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَعَلَى هَذِهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ .
( وَكَذَا ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ( فِي اللَّيْلِ وَفِي النَّهَارِ ) تَقَعُ طَلْقَةٌ بِاللَّيْلِ وَأُخْرَى بِالنَّهَارِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّ الْمَظْرُوفَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الظَّرْفِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ الدَّلِيلُ بِوَاضِحٍ فَقَدْ يَتَّحِدُ الْمَظْرُوفُ وَيَخْتَلِفُ الظَّرْفُ انْتَهَى وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُ ذَلِكَ بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ ( فَإِنْ قَالَ ) أَنْت طَالِقٌ ( بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَوَاحِدَةٌ ) فَقَطْ لِعَدَمِ إعَادَتِهِ ( أَوْ كُلَّ يَوْمٍ تَكَرَّرَ ) الطَّلَاقُ بِأَنْ يَقَعَ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةٌ حَتَّى تَكْمُلَ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ .
( أَوْ أَنْت طَالِقٌ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ بَعْدَ غَدٍ طَلُقَتْ فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ الْغَدِ لَا فِي الْغَدِ ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا فِي الْغَدِ لِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( وَلَوْ قَالَ ) أَنْت طَالِقٌ ( يَوْمًا وَيَوْمًا لَا وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ نَوَى طَلْقَةً يَثْبُتُ حُكْمُهَا فِي يَوْمٍ دُونَ يَوْمٍ أَوْ تَقَعُ فِي يَوْمٍ دُونَ يَوْمٍ ( فَوَاحِدَةٌ ) وَإِنْ نَوَى طَلْقَةً تَقَعُ فِي يَوْمٍ لَا فِي تَالِيهِ وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَعَ ثَلَاثٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَفَاصِلَةٍ .
( وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ إذَا دَخَلْت الدَّارَ لَغَا كَلَامُهُ فَلَا تَطْلُقُ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِوُجُودِهَا فَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ وَإِنْ وُجِدَتْ فَقَدْ مَضَى الْوَقْتُ الَّذِي جَعَلَهُ مَحِلًّا لِلْإِيقَاعِ .
قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ الْغَدُ إلَخْ ) لَوْ قَالَ إنْ جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ فَقَدْ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِهِ غَايَةُ الْفَوْزِ فِي دِرَايَةِ الدَّوْرِ بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْمَسْطُورَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الْفَوَائِدِ الْمَحْضَةِ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ
( أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( الْيَوْمَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ ) فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا ( فَفِي آخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ الْيَوْمِ ) تَطْلُقُ وَهُوَ إذَا بَقِيَ مِنْ الْيَوْمِ زَمَنٌ لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ إذْ بِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ وَكَآخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ الْيَوْمِ لَحْظَةٌ قَبْلَ الْفَسْخِ أَوْ مَوْتُ أَحَدِهِمَا أَوْ جُنُونُ الزَّوْجِ الْمُتَّصِلُ بِمَوْتِهِ أَوْ بِآخِرِ الْيَوْمِ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْت طَالِقٌ كُلَّ سَنَةٍ ) طَلْقَةً ( طَلُقَتْ وَاحِدَةً فِي الْحَالِ ثُمَّ الْمَوْعِدُ ) لِوُقُوعِ الْبَقِيَّةِ مِثْلُ ( ذَلِكَ الْوَقْتِ كُلَّ سَنَةٍ لَا أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ ) كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ التَّكْلِيمِ سِنِينَ ( إلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْتِدَاءً ) أَيْ فِي حَلِفِهِ ( السَّنَةَ ) أَيْ السِّنِينَ ( الْعَرَبِيَّةَ ) فَتَقَعُ الثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ الْقَابِلِ وَالثَّالِثَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي بَعْدَهُ ( وَيُتَصَوَّرُ ) هَذَا وَمَا قَبْلَهُ ( بِطُولِ الْعِدَّةِ أَوْ الْمُرَاجَعَةِ ) لِلزَّوْجَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَانَتْ مِنْهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا تَقَعُ الْبَقِيَّةُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ .
( فَصْلٌ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إلَخْ )
( وَإِنْ قَالَ ) أَنْت طَالِقٌ ( كُلَّ يَوْمٍ طَلْقَةً ) أَوْ ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ( وَهُوَ بِالنَّهَارِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَةً ثُمَّ الْمَوْعِدِ ) لِوُقُوعِ الْبَقِيَّةِ ( فَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ فَإِنْ أَرَادَ ) أَنَّهَا تَقَعُ فِي مِثْلِ ( ذَلِكَ الْوَقْتِ ) الَّذِي عَلَّقَ فِيهِ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ قَابِلٍ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ وَاعْتُبِرَ فَجْرُ كُلِّ يَوْمٍ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ لِمَا فِي اعْتِبَارِ غَيْرِهِ مِنْ تَلْفِيقِ الْيَوْمِ بِلَا دَاعٍ وَإِنْ قَالَهُ وَهُوَ بِاللَّيْلِ وَقَعَ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ التَّالِيَةِ لِلتَّعْلِيقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( وَإِنْ عَلَّقَ ) الطَّلَاقَ ( بِأَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ فَلَيْلَةُ الْقَدْرِ ) تَطْلُقُ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهَا تَطْلُقُ أَوَّلَ آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ الْعُشْرِ الْأَخِيرِ ( أَوْ ) بِأَفْضَلِ ( الْأَيَّامِ فَيَوْمِ عَرَفَةَ ) تَطْلُقُ أَوْ بِأَفْضَلِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ فَيَوْمِ الْجُمُعَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ يَوْمُ عَرَفَةَ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَفِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلسُّلَيْمِيِّ إنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { سَيِّدُ الشُّهُورِ رَمَضَانُ } ( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِمَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَبِالْغُرُوبِ ) تَطْلُقُ ( إنْ عَلَّقَ نَهَارًا وَإِلَّا فَبِالْفَجْرِ ) وَكُلٌّ مِنْهُمَا عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ وَجُزْءٍ النَّهَارِ إذْ لَا فَاصِلَ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ .
قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهَا تَطْلُقُ أَوَّلَ آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ الْعُشْرِ الْأَخِيرِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي ) أَوْ فِي حَيَاتِي ( طَلُقَتْ فِي الْحَالِ فَإِنْ ضَمَّ الْقَافَ وَفَتْحَ الْبَاءِ ) مِنْ قَبْلُ ( أَوْ ) قَالَ ( قُبَيْلَ ) بِالتَّصْغِيرِ ( فَقُبَيْلَ الْمَوْتِ ) تَطْلُقُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ فَتْحِ بَاءِ قَبْلُ غَلَطٌ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ إنَّمَا فِيهِ ضَمُّ الْبَاءِ وَإِسْكَانُهَا كَنَقِيضِهِ وَهُوَ الدُّبُرُ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا لِضَمِّ الْقَافِ فَقَطْ انْتَهَى وَرَدَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ قَبْلُ هُنَا لَيْسَتْ نَقِيضَةَ بَعْدُ بَلْ بِمَعْنَى مَا يُسْتَقْبَلُ فَمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي أَيْ عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ وَذَلِكَ قُبَيْلَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِمْ كَلَامُ الْأَزْهَرِيِّ قَالَ وَفِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَسَرَ الْقَافَ أَيْضًا طَلُقَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ وَفِي رَدِّهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ لَمْ يَجْعَلْ قَبْلُ نَقِيضَةَ بَعْدُ بَلْ جَعَلَهَا نَقِيضَةَ الدُّبُرِ وَكَأَنَّ نُسْخَتَهُ الزَّمَنُ بَدَلَ الدُّبُرِ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِبَعْدُ عَلَى أَنَّ الضَّبْطَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَزْهَرِيِّ ( أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( بَعْدَ قَبْلَ مَوْتِي فَفِي الْحَالِ ) تَطْلُقُ لِأَنَّهُ بَعْدَ قَبْلَ مَوْتِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ فَتْحِ بَاءِ قَبْلُ غَلَطٌ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا التَّغْلِيطُ مِنْ حَيْثُ الضَّبْطُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ
( أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَك وَنَحْوُهُ مِمَّا قَدْ يُتَعَذَّرُ ) وُجُودُهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ مِمَّا لَا يُقْطَعُ بِوُجُودِهِ كَدُخُولِ الدَّارِ ( فَلَا شَيْءَ ) مِنْ الطَّلَاقِ يَقَعُ ( حَتَّى يَضْرِبَهَا ) وَالْمُرَادُ حَتَّى يُوجَدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ ( فَيَتَبَيَّنُ ) حِينَئِذٍ ( وُقُوعُهُ عَقِبَ اللَّفْظِ ) هَذَا مَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ مُسْتَنِدٌ إلَى حَالِ اللَّفْظِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي وُجُودَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا لَا يُوجَدُ ثُمَّ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ أَجَابَ عَنْهُ غَيْرُهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ قُبَيْلَ الضَّرْبِ بِاللَّفْظِ السَّابِقِ وَيُحْتَمَلُ الِاسْتِنَادُ إلَيْهِ عَلَى هَذَا لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي فِي أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَا بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الضَّرْبَ غَيْرُ مَحْدُودٍ بِخِلَافِ الْوَقْتِ ثُمَّ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ .
( قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَك وَنَحْوُهُ ) كَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أُطَلِّقَك .
( قَوْلُهُ فَيَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ عَقِبَ اللَّفْظِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( أَوْ ) أَنْت ( طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا يَوْمُ الْأَضْحَى طَلُقَتْ عُقَيْبَ ) يَوْمِ ( الْأَضْحَى الْمُقْبِلِ ) لِيَكُونَ قَبْلَ التَّطْلِيقَةِ ( فَإِنْ أَرَادَ ) الْأَضْحَى ( الْمَاضِي فَفِي الْحَالِ ) تَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَالَ يَوْمُ السَّبْتِ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَأَرَادَ الْجُمُعَةَ الْمَاضِيَةَ ( أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( قَبْلَ مَوْتِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِشَهْرٍ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ شَهْرٍ ) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْقُدُومِ قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ ( لَمْ تَطْلُقْ وَإِلَّا ) بِأَنْ مَاتَ بَعْدَهُ ( طَلُقَتْ قَبْلَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا ) الْأَخْصَرُ قَبْلَ مَوْتِهِ ( بِشَهْرٍ ) لِأَنَّهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ مَوْتُ الْآخَرِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقَعَ قَبْلَ مَوْتِهَا بِشَهْرٍ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ عِيدَيْ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى بِشَهْرٍ فَتَطْلُقُ أَوَّلَ رَمَضَانَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( قَبْلَ مَا بَعْدَهُ رَمَضَانُ ) وَأَرَادَ بِمَا بَعْدَهُ الشَّهْرَ ( فَآخِرُ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ ) تَطْلُقُ ( وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْيَوْمَ فَقُبَيْلَ فَجْرِ يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ ) إنْ كَانَ تَامًّا ( وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْيَوْمَ بِلَيْلَتِهِ فَقُبَيْلَ الْغُرُوبِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ ) إنْ كَانَ تَامًّا ( أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( بَعْدَمَا قَبْلَهُ رَمَضَانُ ) وَأَرَادَ بِمَا قَبْلَهُ الشَّهْرَ ( فَبِمُسْتَهَلِّ ) ذِي ( الْقِعْدَةِ ) تَطْلُقُ ( وَإِنْ أَرَادَ ) بِهِ ( الْأَيَّامَ ) الْأُولَى الْيَوْمَ بِاللَّيْلَةِ بَعْدَهُ ( فَفِي ) أَوَّلِ ( الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ شَوَّالٍ ) تَطْلُقُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ اللَّيْلَةَ فَالْقِيَاسُ تَطْلُقُ وَبِغُرُوبِ شَمْسِ أَوَّلِ شَوَّالٍ ( وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ تَعْلِيقٌ ) فَلَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ بَلْ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ وَيَتَأَبَّدُ الطَّلَاقُ فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ فَقَالَ هِيَ امْرَأَتُهُ سَنَةً وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ تَأْجِيلَ الْإِيقَاعِ كَمَا يَحْتَمِلُ تَأْجِيلَ
الْوَاقِعِ فَيُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ ( فَإِنْ أَرَادَ التَّأْقِيتَ ) لِلطَّلَاقِ مَعَ تَنْجِيزِهِ ( طَلُقَتْ فِي الْحَالِ مُؤَبَّدًا وَ ) .
( قَوْلُهُ فَآخِرُ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ تَطْلُقُ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الزَّمَنَ الَّذِي يَلِيهِ شَعْبَانُ لَا مُطْلَقَ الشَّهْرِ وَلَا مُطْلَقَ الْقَبْلِ فَإِنَّ مُطْلَقَ الشَّهْرِ يَقْتَضِي طَلَاقَهَا بِأَوَّلِ شَهْرِ رَجَبٍ وَمُطْلَقُ الزَّمَانِ يَقْتَضِي الطَّلَاقَ حَالًا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ اللَّيْلَةَ فَالْقِيَاسُ إلَخْ ) هُوَ وَاضِحٌ وَسَكَتَ عَنْهُ كَأَصْلِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ
قَوْلُهُ ( أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً لَا يَقَعُ ) عَلَيْك ( إلَّا غَدًا تَعْلِيقٌ ) فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِمَجِيءِ الْغَدِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً تَقَعُ عَلَيْك غَدًا ( أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَإِنْ جَاءَ الْغَدُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ) طَلْقَةً كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ ( فَإِنْ قَالَ أَرَدْت طَلْقَةً أُخْرَى إذَا جَاءَ الْغَدُ قُبِلَ ) مِنْهُ فَتَطْلُقُ أُخْرَى إذَا جَاءَ الْغَدُ إنْ لَمْ تَبِنْ مِنْهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ أَنْت طَالِقٌ غَدًا أَوْ عَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ فَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ ) وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِأَجْلِ حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ فَإِذَا عَيَّنَ الطَّلَاقَ أَوْ الْحُرِّيَّةَ تَعَيَّنَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ .
( فَصْلُ أَلْفَاظِ التَّعْلِيقِ مِنْ وَإِذَا وَإِنْ ) وَمَتَى ( وَمَتَى مَا وَمَهْمَا وَكُلَّمَا وَأَيُّ ) كَقَوْلِهِ مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ أَوْ إذَا أَوْ إنْ أَوْ مَتَى أَوْ مَتَى مَا أَوْ مَهْمَا أَوْ كُلَّمَا أَوْ أَيُّ وَقْتٍ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ وَمِنْهَا إذْ مَا وَمَا نَحْوُ مَا فَعَلْته مِنْ كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ وَأَيَّانَ وَأَيَّامَا وَأَيْنَ وَحَيْثُ وَلَوْ وَكَيْفَ نَحْوُ كَيْفَ تَجْلِسِينَ فَأَنْت طَالِقٌ ( لَكِنْ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ ) وَضْعًا وَاسْتِعْمَالًا ( بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ وَالْجَمِيعُ فِي التَّعْلِيقِ ) إثْبَاتًا كَالدُّخُولِ ( لَا تَقْتَضِي الْفَوْرَ ) فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّعْلِيقُ بِهِ مَتَى وُجِدَ وَلَا دَلَالَةَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى فَوْرٍ وَلَا تَرَاخٍ ( إلَّا بَعْضَ الصِّيَغِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ ) وَذَلِكَ فِي تَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَةِ زَوْجَتِهِ مُخَاطَبَةً كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت ( أَوْ الْمَالِ ) كَإِنْ ضَمِنْت لِي أَوْ إذَا أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْفَوْرَ لِتَضَمُّنِ الْأَوَّلِ تَمْلِيكَ الطَّلَاقِ وَالثَّانِي تَمْلِيكَ الْمَالِ ( كَمَا سَبَقَ ) الْأَوَّلُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالثَّانِي فِي بَابِ الْخُلْعِ وَسَيَأْتِي الْأَوَّلُ أَيْضًا مَعَ التَّعْلِيقِ بِالنَّفْيِ .
قَوْلُهُ وَأَيًّا مَا ) أَيْ وَإِذَا مَا
( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ ) وَنَفْيِهِ وَنَحْوُهُمَا ( فَإِنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إنْ طَلَّقْتُك أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا ) وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا ( وَقَعَتْ ) طَلْقَةٌ ( أُخْرَى بِالتَّعْلِيقِ فَإِنْ قَالَ ) لَمْ أُرِدْ التَّعْلِيقَ بَلْ ( أَرَدْت أَنَّهَا تَصِيرُ مُطَلَّقَةً بِتِلْكَ ) الطَّلْقَةِ ( لَمْ يُقْبَلْ ) ظَاهِرًا ( وَدُيِّنَ ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ وَقَوْلُهُ لِمَدْخُولٍ بِهَا مُضِرٌّ لِأَنَّ غَيْرَهَا كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا مَدْخُولًا بِهَا عِنْدَ تَطْلِيقِهَا فَلَوْ حَذَفَهُ وَذَكَرَ مَا ذَكَرْته عَقِبَهُ طَلَّقَهَا تَبَعًا لِأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى ( فَإِنْ خَالَعَهَا أَوْ كَانَتْ ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ ( غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَمْ تَقَعْ ) الطَّلْقَةُ ( الثَّانِيَةُ ) أَيْ الْمُعَلَّقَةُ ( لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ بِالْأُولَى وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ ) فَامْتِنَاعُ وُقُوعِ الْمُعَلَّقَةِ لَيْسَ لِتَأَخُّرِ الْجَزَاءِ عَنْ الشَّرْطِ إذْ الصَّحِيحُ تَقَارُنُهُمَا فِي الْوُجُودِ بَلْ امْتِنَاعُهُ لِلتَّنَافِي بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ إذْ الْبَيْنُونَةُ الْحَاصِلَةُ بِالشَّرْطِ تُنَافِي وُقُوعَ الْمُعَلَّقِ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ ( وَإِنْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ ) فِي الطَّلَاقِ ( وَقَعَتْ الْمُنَجَّزَةُ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْمُعَلَّقَةِ ( لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ تَطْلِيقُهُ ) بَلْ تَطْلِيقُ وَكِيلِهِ وَخَرَجَ بِوَكِيلِهِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا مَلَّكْتُك طَلَاقَك فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَإِنَّ الْمُعَلَّقَ يَقَعُ أَيْضًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنَّهُ مُسْتَشْكَلٌ بِالتَّعْلِيلِ ( وَإِنْ طَلُقَتْ ) طَلْقَةً ( بِوُجُودِ شَرْطٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى التَّعْلِيقِ ) بِالتَّطْلِيقِ ( لَمْ تَقَعْ أُخْرَى ) لِأَنَّ وُجُودَ الصِّفَةِ لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ وَلَا إيقَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي ( فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ ) الشَّرْطُ ( وَقَعَتْ ) أَيْ الْأُخْرَى لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ وَإِيقَاعٌ كَمَا سَيَأْتِي ( وَالطَّلْقَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِصِفَةٍ تَقَعُ مُقْتَرِنَةً بِهَا ) لِأَنَّ الشَّرْطَ عِلَّةٌ وَضْعِيَّةٌ وَالطَّلَاقُ مُعَلَّقٌ بِهَا
فَيَتَقَارَنَانِ فِي الْوُجُودِ كَالْعِلَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ مَعَ مَعْلُولِهَا وَإِنَّمَا التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ فِيهِمَا رُتَبِيٌّ ( وَإِنَّمَا لَمْ تَطْلُقْ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا ) فِي صُورَتِهَا السَّابِقَةِ طَلْقَةً ( ثَانِيَةً لِأَنَّ مَعْنَى إنْ طَلَّقْتُك إنْ صِرْت مُطَلَّقَةً وَبِمُجَرَّدِ مَصِيرِهَا مُطَلَّقَةً بَانَتْ ) وَالْبَيْنُونَةُ تُنَافِي وُقُوعَ أُخْرَى وَيُخَالِفُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ فِيهِ بِهِمَا وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْأُخْرَى وَالْمُنَجَّزُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْمُعَلَّقِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ وَبِمُجَرَّدِ إلَى آخِرِهِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ انْتَفَى التَّعْلِيقُ .
( قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ إلَخْ ) قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَطَلَّقْتُك قَالَ الْكِنْدِيُّ عُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِدِمَشْقَ مَنْسُوبَةً إلَى الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَلَيْسَتْ مَذْكُورَةً فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ ثُمَّ أَجَابَ فِيهَا بِأَنَّ طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَأَمَّا إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَلَّقْتُك فَلَا تَطْلُقُ إلَّا عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ قَالَ السُّبْكِيُّ أَخْطَأَ الْكِنْدِيُّ فِيمَا قَالَهُ وَالصَّوَابُ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْأُولَى يَقَعُ عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ لَا قَبْلَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَقَعُ أَصْلًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك مَعْنًى أَنْتِ طَالِقٌ فَيَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ .
( قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ لِمَدْخُولٍ بِهَا مُضِرٍّ ) لَا ضَرَرِ فِيهِ .
( قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مُسْتَشْكِلٌ بِالتَّعْلِيلِ ) يُجَابُ بِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ كَانَ الْمُطَلِّقُ حَقِيقَةً هُوَ الْمُفَوِّضُ إلَيْهَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ
( فَرْعُ التَّعْلِيقِ ) لِلطَّلَاقِ ( مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ وَإِيقَاعٌ ) يَقَعُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الطَّلْقَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِهِ ( وَمُجَرَّدُ وُجُودِ الصِّفَةِ وُقُوعٌ ) لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ ( كَتَطْلِيقِ الْوَكِيلِ ) فَإِنَّهُ وُقُوعٌ لِطَلَاقِ الْمُوَكِّلِ لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ مِنْهُ ( وَمُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ وَلَا إيقَاعٍ وَلَا وُقُوعٍ ) وَقَدْ بَيَّنَ أَمْثِلَةَ ذَلِكَ فَقَالَ ( فَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالتَّطْلِيقِ أَوْ بِإِيقَاعِهِ ) كَأَنْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَأَنْت طَالِقٌ ( ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ ) طَلْقَةً بِالدُّخُولِ وَطَلْقَةً بِالتَّطْلِيقِ أَوْ الْإِيقَاعِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ مَعَ الدُّخُولِ ( فَلَوْ تَقَدَّمَ التَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ ثُمَّ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ ) إنْ ( أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَقَعْ الثَّانِيَةُ ) أَيْ الْمُعَلَّقَةُ بِالتَّطْلِيقِ أَوْ الْإِيقَاعِ لِمَا مَرَّ أَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الصِّفَةِ وُقُوعٌ لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ ( وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقُهُ ) الثَّانِي ( بِالْوُقُوعِ ) كَأَنْ قَالَ بَعْدَ تَعْلِيقِهِ بِالدُّخُولِ إنْ وَقَعَ عَلَيْك الطَّلَاقُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ دَخَلَتْ ( وَقَعَتْ ) أَيْ الثَّانِيَةُ لِوُجُودِ الْوُقُوعِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ ( وَالتَّعْلِيقُ ) أَيْ الْمُعَلَّقُ ( بِالْوُقُوعِ يَقَعُ بِطَلَاقِ الْوَكِيلِ ) بَعْدَهُ ( وَوُجُودُ الشَّرْطِ ) بَعْدَهُ ( الْمُتَقَدِّمِ ) عَلَيْهِ قَوْلًا وَهَذَا مَعَ فَلَاقَتِهِ مُكَرَّرٌ كَمَا لَا يَخْفَى .
.
( وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا ) وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا ( وَقَعَتْ الثَّلَاثُ ) لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ فَيَقَعُ بِوُقُوعِ الْأُولَى ثَانِيَةٌ وَبِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ ثَالِثَةٌ ( وَلَوْ كَانَ ) التَّعْلِيقُ ( بِصِيغَةِ كُلَّمَا طَلَّقْتُك ) فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا ( لَمْ يَقَعْ إلَّا اثْنَتَانِ ) فَلَا تَقَعُ الثَّالِثَةُ لِأَنَّ الصِّفَةَ وَهِيَ التَّطْلِيقُ لَمْ تَتَكَرَّرْ ( لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَقَعُ بِمُجَرَّدِ صِفَةٍ ) وَهِيَ تَطْلِيقُ الْأُولَى فَهِيَ وُقُوعٌ ( لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ وَلَمْ تُعَلَّقْ ) يَعْنِي الثَّالِثَةُ ( إلَّا بِالتَّطْلِيقِ فَلَمْ تَقَعْ ) أَيْ الثَّالِثَةُ ( وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ ) لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ التَّكْرَارَ ( لَكِنْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ ) لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا مَرَّةً أُخْرَى كَانَ بِالْمُنَجَّزَةِ مُسْتَوْفِيًا لِلثَّلَاثِ ( أَوْ ) قَالَ ( كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إذَا أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا ) وَاحِدَةٌ بِالتَّنْجِيزِ وَاثْنَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ .
قَوْلُهُ أَوْ كَانَ بِصِيغَةِ كُلَّمَا إلَخْ ) كُلَّمَا إنَّمَا تُخَالِفُ غَيْرَهَا فِي التَّعْلِيقِ بِالْوُقُوعِ لَا فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِيقَاعِ أَوْ بِالتَّطْلِيقِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِعْتَاقِهِ عَبْدَهُ ) بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْتَقْت عَبْدِي فَأَنْت طَالِقٌ ( ثُمَّ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ ) كَالدُّخُولِ ( وَعَتَقَ بِوُجُودِهَا طَلُقَتْ ) لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ بِالدُّخُولِ مَعَ الدُّخُولِ إعْتَاقٌ فَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِهِ ( لَا إنْ تَقَدَّمَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ ) عَلَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهَا إنْ أَعْتَقْت عَبْدِي فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الَّذِي وُجِدَ بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا مُجَرَّدُ صِفَةِ الدُّخُولِ وَهُوَ لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ إنْ دَخَلْت فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهَا إذَا عَتَقَ أَوْ أَوْقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ لِوُجُودِ الْعِتْقِ بَعْدَ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِعُمْرَةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ طَلُقَتَا ) جَمِيعًا عَمْرَةُ بِالدُّخُولِ وَحَفْصَةُ بِتَطْلِيقِ عَمْرَةَ بِالتَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ .
( وَإِنْ قَالَ لِعُمْرَةٍ إنْ دَخَلْت ) الدَّارَ ( فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ عَمْرَةُ طَلُقَتْ ) بِدُخُولِهَا ( وَحْدَهَا ) إذْ لَا تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الصِّفَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ( فَإِنْ كَانَ قَالَ لِحَفْصَةَ ) قَبْلَ تَعْلِيقِ طَلَاقِ عَمْرَةَ بِالدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ ( إنْ وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى عَمْرَةَ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ عَمْرَةُ ( طَلُقَتَا جَمِيعًا ) لِوُقُوعِ طَلَاقِهِ عَلَى عَمْرَةَ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ .
( وَإِنْ قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ عَكَسَ ) فَقَالَ لِعُمْرَةِ إنْ طَلَّقْت حَفْصَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ( ثُمَّ طَلَّقَ حَفْصَةَ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ ) وَاحِدَةٌ بِالتَّنْجِيزِ وَأُخْرَى بِتَعْلِيقِ طَلَاقِهَا عَلَى تَطْلِيقِ عَمْرَةَ وَقَدْ وُجِدَ بِتَعْلِيقِهِ مَعَ صِفَتِهِ ( وَ ) طَلُقَتْ ( عَمْرَةُ طَلْقَةً ) بِتَطْلِيقِ حَفْصَةَ ( وَإِنْ طَلَّقَ عَمْرَةَ بَدَلَ حَفْصَةَ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً ) أَيْ طَلُقَتْ عَمْرَةُ بِالتَّنْجِيزِ وَحَفْصَةُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهُوَ تَطْلِيقُ عَمْرَةَ وَلَا يَعُودُ عَلَيْهَا مِنْ وُقُوعِ طَلَاقِ حَفْصَةَ طَلْقَةٌ أُخْرَى لِمَا مَرَّ أَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَيْسَتْ بِتَطْلِيقٍ ( وَإِنْ كَانَ ) تَعْلِيقُ طَلَاقِ كُلٍّ مِنْهُمَا ( بِصِيغَةِ إنْ وَقَعَ طَلَاقِي ) بِأَنْ قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِعُمْرَةِ إنْ وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى حَفْصَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ( وَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ ) طَلْقَةً بِالتَّنْجِيزِ وَأُخْرَى بِصِفَةِ الْوُقُوعِ عَلَى الْأُخْرَى ( وَ ) طَلُقَتْ ( الْأُخْرَى طَلْقَةً ) بِالصِّفَةِ ( أَوْ ) كَانَ ( بِصِيغَةِ كُلَّمَا ) وَقَعَ طَلَاقِي وَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا ( طَلُقَتَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا ) إنْ كَانَ يَمْلِكُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الثَّلَاثَ .
( وَإِنْ قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْتُك فَعَمْرَةُ طَالِقَةٌ ثُمَّ عَكَسَ ) فَقَالَ لِعُمْرَةِ إنْ طَلَّقْتُك فَحَفْصَةُ طَالِقٌ ( ثُمَّ طَلَّقَ حَفْصَةَ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً ) أَيْ طَلُقَتْ حَفْصَةُ بِالتَّنْجِيزِ وَعَمْرَةُ بِالصِّفَةِ وَلَا يَعُودُ عَلَى حَفْصَةَ مِنْ الْوُقُوعِ عَلَى عَمْرَةَ طَلْقَةٌ أُخْرَى لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ الصِّفَةِ لَيْسَتْ بِتَطْلِيقٍ ( وَإِنْ طَلَّقَ عَمْرَةَ بَدَلَ حَفْصَةَ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ ) طَلْقَةً بِالتَّنْجِيزِ وَأُخْرَى بِالصِّفَةِ ( وَ ) طَلُقَتْ ( حَفْصَةُ طَلْقَةً ) بِالصِّفَةِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً ) مِنْكُنَّ ( فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَكُلَّمَا طَلَّقَ وَاحِدَةً ) مِنْهُنَّ ( طُلِّقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً ) لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ ( وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ ) ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً ( فَكَذَلِكَ ) أَيْ فَتَطْلُقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً ( إلَّا أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ طَلْقَتَانِ ) لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِتَطْلِيقِهَا وَقَدْ وُجِدَ فَإِنْ طَلَّقَ ثَانِيَةً تَمَّ لَهَا وَلِلْأُولَى ثَلَاثٌ ثَلَاثٌ وَالْبَاقِيَتَيْنِ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ فَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا تَمَّ لَهُمَا أَيْضًا الثَّلَاثُ فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يُقَرِّرْ قَوْلَهُ فَكَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَيْ فَكُلَّمَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ طُلِّقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً قُلْت لَا يَصْدُقُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ مَعَ الْمُسْتَثْنَى فِي طَلَاقِ الْأَخِيرَتَيْنِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( نَكَحَ ثَلَاثًا مُرَتِّبًا فَقَالَ إنْ طَلَّقْت الْأُولَى فَالثَّانِيَةُ طَالِقٌ أَوْ الثَّانِيَةَ فَالثَّالِثَةُ طَالِقٌ أَوْ الثَّالِثَةَ فَالْأُولَى طَالِقٌ فَطَلَّقَ الْأُولَى طَلُقَتْ مَعَهَا الثَّانِيَةُ ) بِالصِّفَةِ دُونَ الثَّالِثَةِ إذْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا تَطْلِيقُ الثَّانِيَةِ ( أَوْ ) طَلَّقَ ( الثَّانِيَةَ طَلُقَتْ مَعَهَا الثَّالِثَةُ ) دُونَ الْأُولَى لِمِثْلِ مَا مَرَّ ( أَوْ الثَّالِثَةُ طُلِّقْنَ جَمِيعًا ) الثَّالِثَةُ بِالتَّنْجِيزِ وَالْأُخْرَيَانِ بِالصِّفَةِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ عَلَى تَطْلِيقِ الْأُولَى وَقَدْ وُجِدَ لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ عَلَى طَلَاقِ الثَّالِثَةِ وَالتَّعْلِيقُ مَعَ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ ( فَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ ) مُبْهَمَةً ( وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَالثَّالِثَةُ مُطَلَّقَةٌ ) بِكُلِّ حَالٍ ( وَيُوقَفُ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا ) فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا وَرِثَ الْجَمِيعُ وَإِلَّا وُقِفَ .
( فَصْلٌ ) لَوْ كَانَ تَحْتَهُ نِسْوَةٌ ( أَرْبَعٌ ) وَلَهُ عَبِيدٌ ( فَقَالَ إنْ طَلَّقْت وَاحِدَةً ) مِنْهُنَّ ( فَعَبْدٌ ) مِنْ عَبِيدِي ( حُرٌّ أَوْ ) طَلَّقْت ( اثْنَتَيْنِ فَعَبْدَانِ ) حُرَّانِ ( أَوْ ) طَلَّقْت ( ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ أَعْبُدٍ ) أَحْرَارٌ ( أَوْ ) طَلَّقْت ( أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةُ أَعْبُدٍ ) أَحْرَارٌ ( فَطَلَّقَهُنَّ مَعًا أَوْ مُفَرِّقًا ) أَيْ مُرَتِّبًا فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ ( عَتَقَ عَشَرَةً ) مِنْ عَبِيدِهِ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَاثْنَانِ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ وَأَرْبَعَةٌ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ عَشَرَةٌ وَكَانَ غَيْرُهَا مِنْ سَائِرِ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ إلَّا كُلَّمَا وَسَيَأْتِي وَأَوْ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى وَلَوْ عَطَفَ الزَّوْجُ بِثُمَّ لَمْ يُضَمَّ الْأَوَّلُ لِلثَّانِيَّ لِلْفَصْلِ بِثُمَّ فَلَا يَعْتِقُ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ بَعْدَ الْأُولَى ثِنْتَيْنِ وَلَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَرْبَعًا وَيَعْتِقُ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ اثْنَانِ فَمَجْمُوعُ الْعَتِيقِ ثَلَاثَةٌ وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّات ثُمَّ قَالَ وَيَتَّجِهُ أَنْ تَكُونَ الْفَاءُ كَثُمَّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا قَالَهُ فِيهِمَا إنَّمَا يَأْتِي فِي طَلَاقِهِنَّ مُرَتِّبًا فَلَوْ طَلَّقَهُنَّ مَعًا عَتَقَ عَبْدٌ وَاحِدٌ ( فَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ ) فِي ذَلِكَ ( بِكُلَّمَا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ ) عَبْدًا لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ وَمَا عُدَّ مَرَّةً أَيْ بِاعْتِبَارٍ لَا بَعْدَ أُخْرَى أَيْ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ فَمَا عُدَّ فِي يَمِينِ الثَّانِيَةِ ثَانِيَةً لَا يُعَدُّ بَعْدَهَا أُخْرَى ثَانِيَةٌ وَمَا عُدَّ فِي يَمِينِ الثَّالِثَةِ ثَالِثَةً لَا يُعَدُّ بَعْدَهَا ثَالِثَةٌ فَيَعْتِقُ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثَلَاثٍ وَسَبْعَةٌ بِطَلَاقِ
الرَّابِعَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ وَطَلَاقُ أَرْبَعٍ وَسَوَاءٌ أَتَى بِكُلَّمَا فِي التَّعْلِيقَاتِ كُلِّهَا أَمْ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَمْ فِي الْأُولَيَيْنِ إذْ لَا تَكْرَارَ فِي الْأَخِيرَيْنِ وَإِنَّمَا صَوَّرَهَا الْأَصْحَابُ بِالْإِتْيَانِ بِهَا فِي الْكُلِّ لِيَتَأَتَّى مَجِيءُ الْأَوْجُهِ كُلِّهَا الَّتِي مِنْهَا أَنَّهُ يَعْتِقُ عِشْرُونَ لَكِنْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَلَوْ أَتَى بِهَا فِي الْأَوَّلِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأَخِيرَيْنِ عَتَقَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَوْ فِي الثَّانِي وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأَخِيرَيْنِ فَاثْنَا عَشَرَ ( وَتَعْيِينُ الْعَبِيدِ ) الْمَحْكُومِ بِعِتْقِهِمْ ( إلَيْهِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَطْلَقُوا ذَلِكَ وَيَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ مَا يَعْتِقُ بِالْوَاحِدَةِ وَبِالثِّنْتَيْنِ بِالثَّلَاثِ بِالْأَرْبَعِ فَإِنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِي الْأَكْسَابِ إذَا طَلَّقَ مُرَتِّبًا لَا سِيَّمَا مَعَ التَّبَاعُدِ وَكَأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْ ذَلِكَ لِوُضُوحِهِ .
فَصْلٌ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ ) .
( قَوْلُهُ فَلَوْ طَلَّقَهُنَّ مَعًا عَتَقَ عَبْدٌ وَاحِدٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِكُلَّمَا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا ) ؛ لِأَنَّ فِي طَلَاقِ الْأَرْبَعِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي الْمَرَاتِبِ الْأَرْبَعِ فَيَعْتِقُ بِهَا أَرْبَعَةٌ وَفِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ أَرْبَعَةٌ إلَّا فِي مَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ ثَلَاثَةٌ فَاضْرِبْ أَرْبَعَةٌ فِي عَدَدِ الْمَرَاتِبِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ تَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ أَنْقِصْ وَاحِدَةً فِي مَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ يَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ .
( قَوْلُهُ لَكِنْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَالَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ غَيْرُهُ .
( تَنْبِيهٌ ) إذَا كَانَ لَهُ عَبِيدٌ وَنِسَاءٌ فَقَالَ كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِرَارًا لَمْ يَعْتِقْ سِوَى عَبْدٌ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ
( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ كُلَّمَا صَلَّيْت رَكْعَةً فَعَبْدِي حُرٌّ وَهَكَذَا إلَى الْعَشَرَةِ فَصَلَّى عَشْرًا عَتَقَ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ عَبْدًا وَإِنْ عَلَّقَ بِإِنْ أَوْ نَحْوِهَا فَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ .
( فَصْلٌ ) فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ أَوْ غَيْرِهِ ( كُلُّ الْأَدَوَاتِ فِي التَّعْلِيقِ بِالنَّفْيِ تَقْتَضِي الْفَوْرَ إلَّا ) لَفْظَةَ ( إنْ فَإِنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا لِلتَّرَاخِي ( فَمَتَى قَالَ إذَا لَمْ أَوْ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ وَمَضَى زَمَنٌ يَسَعُ الطَّلَاقَ فَلَمْ يُطَلِّقْ ) فِيهِ ( طَلُقَتْ لَا إنْ مُنِعَ ) مِنْ الطَّلَاقِ كَأَنْ أَمْسَكَ غَيْرُهُ فَمَه أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى تَرْكِ التَّطْلِيقِ فَلَا تَطْلُقُ لِلْعُذْرِ ( وَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِإِذَا مَعْنَى أَنْ قُبِلَ ظَاهِرًا ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يُقَامُ مَقَامَ الْآخَرِ ( فَإِنْ كَانَ ) التَّعْلِيقُ ( بِصِيغَةِ إنْ لَمْ ) أُطَلِّقْك ( فَلَا تَطْلُقُ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الطَّلَاقِ ) وَالْفَرْقُ أَنَّ إنْ حَرْفُ شَرْطٍ لَا إشْعَارَ لَهُ بِالزَّمَانِ وَغَيْرَهَا ظَرْفُ زَمَانٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا قِيلَ لَك مَتَى أَلْقَاك صَحَّ أَنْ تَقُولَ إذَا أَوْ مَتَى شِئْت أَوْ نَحْوَهُمَا وَلَا يَصِحُّ إنْ شِئْت فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ إنْ فَاتَنِي تَطْلِيقُك وَفَوَاتُهُ بِالْيَأْسِ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ أَيُّ وَقْتٍ فَاتَنِي فِيهِ التَّطْلِيقُ وَفَوَاتُهُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ التَّطْلِيقُ وَلَمْ يُطَلِّقْ وَيَحْصُلُ الْيَأْسُ مِنْهُ ( بِأَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمَا أَوْ يُجَنَّ الزَّوْجُ جُنُونًا مُتَّصِلًا بِمَوْتِهِ فَيَقَعُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْجُنُونِ ) بِحَيْثُ لَا يَبْقَى زَمَنٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ لِانْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ بِمُجَرَّدِ جُنُونِهِ لِاحْتِمَالِ الْإِفَاقَةِ وَالتَّطْلِيقِ بَعْدَهَا .
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالتَّعْبِيرُ بِقُبَيْلَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَكَالْجُنُونِ الْإِغْمَاءُ وَالْخَرَسُ الَّذِي لَا كِتَابَةَ لِصَاحِبِهِ وَلَا إشَارَةَ مُفْهِمَةً .
( وَإِنْ فُسِخَ النِّكَاحُ ) أَوْ انْفَسَخَ ( أَوْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ وَمَاتَ ) أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ ( قَبْلَ تَجْدِيدِ
النِّكَاحِ ) أَوْ الرَّجْعَةِ ( أَوْ بَعْدَهُ ) وَلَمْ يُطَلِّقْ ( تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ إنْ كَانَ ) الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ ( رَجْعِيًّا ) إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ لِفَوَاتِ الْمَحِلِّ بِالِانْفِسَاخِ إنْ لَمْ يُجَدِّدْ وَعَدَمُ عَوْدِ الْحِنْثِ إنْ جَدَّدَ وَلَمْ يُطَلِّقْ فَيَتَعَيَّنُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ وَاعْتُبِرَ طَلَاقُ وَكِيلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُفَوِّتُ الصِّفَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ طَلَاقِهِ هُوَ وَهَذَا هُوَ فَائِدَةُ عَطْفِهِ طَلَاقَ الْوَكِيلِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى حُكْمِ مَا قَبْلَهُ وَاعْتُبِرَ فِي وُقُوعِهِ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ كَوْنُهُ رَجْعِيًّا لِيُتَصَوَّرَ الِانْفِسَاخُ بَعْدَهُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ بَائِنًا ( لَمْ يَقَعْ ) قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ ( لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَمْنَعُ الِانْفِسَاخَ فَيَقَعُ الدَّوْرُ ) إذْ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَحْصُلْ الِانْفِسَاخُ فَلَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ فَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ ( فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ التَّجْدِيدِ ) لِلنِّكَاحِ ( أَوْ عَلَّقَ بِنَفْيِ فِعْلٍ ) غَيْرِ التَّطْلِيقِ ( كَالضَّرْبِ فَضَرَبَهَا وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ ) وَلَوْ طَلَاقًا بَائِنًا ( انْحَلَّتْ الْيَمِينُ ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْبِرَّ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ حَالَ الْبَيْنُونَةِ .
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ ضَرْبَ الْمَجْنُونِ فِي تَحَقُّقِ الصِّفَةِ وَنَفْيِهَا كَضَرْبِ الْعَاقِلِ وَالضَّرْبُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنْ أَبَانَهَا وَاسْتَمَرَّتْ الْبَيْنُونَةُ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَتَّفِقْ ضَرْبٌ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ وَإِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ هُنَا مَا يَقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِهِ أَصْلًا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ .
( فَصْلٌ ) .
( قَوْلُهُ كُلُّ الْأَدَوَاتِ ) فِي التَّعْلِيقِ بِالنَّفْيِ تَقْتَضِي الْفَوْرَ إلَّا إنْ فَإِنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي بِفُلَانٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَجَابَ جَمَالُ الدِّينِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَحْتَجِبِي عَنِّي وَأَفْتَى بِنَحْوِهِ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ وَأَفْتَى عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاشِرِيُّ بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا بِفَوَاتِ الصِّفَةِ وَهُوَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا أَمَّا الزَّوْجَةُ أَوْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَأَفْتَى ابْنُ عُجَيْلٍ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ تَرْجِعِي إلَى زَوْجِك الْأَوَّلِ لَا تَطْلُقُ سَوَاءٌ رَجَعَتْ أَمْ لَا وَأَجَابَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُجَيْلٍ بِنَحْوِ جَوَابِ الْجَمَّالِ وَكَانَتْ مَشَايِخُنَا يُفْتُونَ بِذَلِكَ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ جَازَ وَلَزِمَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ إذَا أَوْصَى بِإِعْتَاقِ أَمَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ عَتَقَتْ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ لَمْ يَبْطُلْ الْعِتْقُ وَلَا النِّكَاحُ وَيَجِبُ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا ا هـ وَحَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ مَمْلُوكَةٌ قُلْنَا وَالْبُضْعُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمِلْكِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَكَمَا فَوَّتَتْ بُضْعَهُ يَجِبُ عَلَيْهَا عِوَضُهُ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْأَمَةِ قِيمَتُهَا أَقُولُ وَكَانَ وَالِدِي يُفْتِي بِمَا أَجَابَ بِهِ الْجَمَّالُ وَبِهِ أَفْتَى .
ا هـ .
وَقَوْلُهُ وَأَفْتَى عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاشِرِيُّ بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ وَإِذَا فِي ذَلِكَ أَنَّ حَرْفَ إنْ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَتَرَدَّدُ فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ وَحَرْفَ إذَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ وَلِهَذَا إذَا قَالَ الْقَائِلُ إنْ مِتَّ أَوْ إنْ جَاءَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ حُكِمَ بِكُفْرِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ إذَا مِتَّ
أَوْ جَاءَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ وَقَوْلُهُ حُكِمَ بِكُفْرِهِ لِتَرَدُّدِهِ قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحِلَّ كُفْرِهِ إذَا اسْتَحْضَرَ التَّرَدُّدَ بِالْفِعْلِ .
( قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ ) شَمِلَ الِانْفِسَاخَ بِسَبَبِ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا بِلِعَانٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ .
( قَوْلُهُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ ) وَلَيْسَ فِيهِ عَوْدُ الْحِنْثِ ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَا إلَى الْمُجَدَّدِ .
( قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ هُنَا إلَخْ ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ أَبَانَهَا وَدَامَتْ الْبَيْنُونَةُ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَتَّفِقْ الضَّرْبُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ وَالطَّلَاقَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ .
ا هـ .
وَقَوْلُهُ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ ) فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا ( طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ ) لِحُصُولِ الْيَأْسِ حِينَئِذٍ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آخِرَ فَصْلٍ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدَ أَمْسِ ( وَقَوْلُهُ إنْ تَرَكْت طَلَاقَك أَوْ ) إنْ ( سَكَتّ عَنْهُ ) فَأَنْت طَالِقٌ ( يَقْتَضِي الْفَوْرَ ) فَإِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَالِ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ ( بِخِلَافِ مَا إذَا نَفَاهُمَا ) فَقَالَ إنْ لَمْ أَتْرُكْ طَلَاقَك أَوْ إنْ لَمْ أَسْكُتْ عَنْهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ طَلَّقَ فَوْرًا ) وَاحِدَةً ثُمَّ سَكَتَ ( انْحَلَّ يَمِينُ التَّرْكِ ) فَلَا تَقَعُ أُخْرَى لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ طَلَاقَهَا ( لَا ) يَمِينُ ( السُّكُوتِ ) فَتَقَعُ أُخْرَى لِسُكُوتِهِ وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ .
الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ فِي الْأُولَى عَلَّقَ عَلَى التَّرْكِ وَلَمْ يُوجَدْ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى السُّكُوتِ وَقَدْ وُجِدَ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ سَكَتَ عَنْ طَلَاقِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْكُتْ أَوَّلًا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ تَرَكَ طَلَاقَهَا إذَا لَمْ يَتْرُكْهُ أَوَّلًا ( فَإِنْ كَانَ ) التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ ( بِصِيغَةِ كُلَّمَا فَمَضَى قَدْرُ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ ) أَيْ قَدْرُ مَا يَسْعَهُنَّ مُتَفَرِّقَاتٍ بِلَا تَطْلِيقٍ ( طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ لَمْ تَبِنْ بِالْأُولَى ) وَإِلَّا فَتَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ ( وَحِينَ أَوْ حَيْثُ ) أَوْ مَهْمَا أَوْ كُلَّمَا ( لَمْ أُطَلِّقْك كَقَوْلِهِ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك ) فِيمَا مَرَّ ( وَإِنْ أَرَادَ بِإِنْ مَعْنَى إذَا قُبِلَ ) مِنْهُ ( لِأَنَّهُ أَغْلَظُ ) عَلَيْهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ أَرَادَ بِغَيْرِهَا ) أَيْ بِغَيْرِ إنْ ( وَقْتًا ) مُعَيَّنًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا ( دُيِّنَ ) لِاحْتِمَالِ مَا أَرَادَهُ وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي إنْ فَحَوَّلَهُ الْمُصَنِّفُ إلَى غَيْرِهَا كَقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ مُحَرَّفٌ أَوْ غَلَطٌ لِأَنَّ إنْ لَا تَقْتَضِي
الْوُقُوعَ إلَّا آخِرِ الْعُمُرِ فَمَا عَيَّنَهُ يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّدْيِينُ إذَا ادَّعَى أَمْرًا أَخَفَّ مِمَّا يَلْزَمُهُ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ س ظَاهِرٌ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَرَادَ بِإِذَا مَعْنَى إنْ لِأَنَّهُ ثَمَّ أَرَادَ بِلَفْظٍ مَعْنَى لَفْظٍ آخَرَ بَيْنَهُمَا اجْتِمَاعٌ فِي الشَّرْطِيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا .
( قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ ) لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي اللَّيْلَةَ فِي دَارِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَا دَارَ لَهُ فَهَلْ تَطْلُقُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ حُصُولِهَا فِي دَارِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْتَقَهُ أَوْ جُنَّ السَّيِّدُ طَلُقَتْ لَكِنْ حَالًا أَوْ بِالْغُرُوبِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا .
( قَوْلُهُ فَيَقَعُ أُخْرَى لِسُكُوتِهِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ لَا تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَّقَهَا فِي الْحَالِ لَمْ يَسْكُتْ عَنْ طَلَاقِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ ثَانِيًا بِغَيْرِ إذْنٍ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالْخُرُوجِ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ هُنَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ .
( قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ السُّكُوتُ فِعْلٌ فَإِذَا طَلَّقَ ثُمَّ سَكَتَ فَكَأَنَّهُ أَنْشَأَ سُكُوتًا بِخِلَافِ التَّرْكِ فَإِنَّهُ عَدِمَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ فَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَرَكْت طَلَاقَك فَأَنْتِ طَالِقٌ بِمَنْزِلِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا طَلَّقَهَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ دُونَ الْمُعَلَّقِ وَارْتَفَعَ حُكْمُ التَّعْلِيقِ ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ التَّعْلِيقِ وَقَدْ زَالَ الشَّرْطُ بِوُقُوعِ الْمُنَجَّزِ فَلَمْ يَبْقَ لِلتَّعْلِيقِ حُكْمٌ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ أَدْخُلَ ثُمَّ دَخَلَ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ حُكْمَ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِالدُّخُولِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ سَكَتُّ عَنْ طَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا عَقِبَ ذَلِكَ يَقَعُ الْمُنَجَّزُ وَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ التَّعْلِيقِ لِبَقَاءِ شَرْطِهِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ عَلَى السُّكُوتِ وَالْمُتَلَفِّظُ بِالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ لَا يُسَمَّى سَاكِتًا حَالَ تَلَفُّظِهِ وَإِذَا
لَمْ يُوجَدْ سُكُوتٌ عَنْ الطَّلَاقِ فَيَبْقَى التَّعْلِيقُ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ سَكَتَ عَقِبَ الْمُنَجَّزِ لَحْظَةً وَقَعَ الْمُعَلَّقُ وَالْمُعَلَّقُ بِالسُّكُوتِ وَلَا يُسَمَّى سَاكِتًا حَالَ تَلَفُّظِهِ بِالطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بِالْفَتْحِ ) فِيهِمَا ( وَهُوَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ) دَخَلَتْ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى التَّعْلِيلِ لَا التَّعْلِيقِ أَيْ لِعَدَمِ الدُّخُولِ أَوْ الدُّخُولِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلتَّعْلِيلِ فِي غَيْرِ التَّأْقِيتِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَلَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ جَاءَتْ السُّنَّةُ أَوْ الْبِدْعَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ لَأَنْ جَاءَتْ وَاللَّامُ فِي مِثْلِهِ لِلتَّأْقِيتِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ وَإِنْ سَكَتُوا عَنْهُ وَمَا قَالَهُ فِي لَأَنْ جَاءَتْ مَمْنُوعٌ وَلَوْ سُلِّمَ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ فِي إنْ جَاءَتْ فَإِنَّ الْمُقَدَّرَ لَيْسَ فِي قُوَّةِ الْمَلْفُوظِ مُطْلَقًا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ الْعَرَبِيَّةَ ( فَهُوَ تَعْلِيقٌ ) فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تُوجَدَ الصِّفَةُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَصْدُهُ لَهُ وَهُوَ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَدَوَاتِ ( فَإِنْ قَالَ ) الْعَارِفُ بِالْعَرَبِيَّةِ ( أَنْت طَالِقٌ أَنْ طَلَّقْتُك بِالْفَتْحِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِإِقْرَارِهِ ) وَالْأُخْرَى بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنِّي طَلَّقْتُك قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إذْ دَخَلْت الدَّارَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ لِأَنَّ إذْ لِلتَّعْلِيلِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ إذْ وَإِذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ يُمَيِّزُ بَيْنَ أَنْ وَإِنْ انْتَهَى وَمَا بَحَثَهُ نَقَلَهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَعْتَمِدْهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ إذْ شَاءَ اللَّهُ وَإِذْ دَخَلْت وَاكْتَفَى بِذِكْرِهَا فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا .
فَصْلٌ قَالَ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ) .
( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ فِي إنْ جَاءَتْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ أَنْ وَإِنْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَالِقًا فَلَا شَيْءَ ) يَقَعُ ( حَتَّى يُطَلِّقَهَا فَتَطْلُقُ ) حِينَئِذٍ ( طَلْقَتَيْنِ ) وَالتَّقْدِيرُ إذَا صِرْت مُطَلَّقَةً فَأَنْتَ طَالِقٌ هَذَا ( إنْ لَمْ تَبِنْ ) بِالطَّلْقَةِ الْمُنَجَّزَةِ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ غَيْرُهَا نَعَمْ إنْ أَرَادَ إيقَاعَ طَلْقَةٍ مَعَ الْمُنَجَّزَةِ وَقَعَ ثِنْتَانِ وَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَعَ تَطْلِيقِي إيَّاكِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَالِقًا فَإِنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَدَخَلَتْ وَقَعَتْ الْمُعَلَّقَةُ وَإِنْ دَخَلَتْ غَيْرَ طَالِقٍ لَمْ تَقَعْ الْمُعَلَّقَةُ بِهِ الْأَصْلُ ( وَقَوْلُهُ إنْ قَدِمْت طَالِقًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ تَعْلِيقُ طَلْقَتَيْنِ بِقُدُومِهَا مُطَلَّقَةً ) فَإِنْ قَدِمَتْ طَالِقًا وَقَعَ طَلْقَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ وَكَالْقُدُومِ غَيْرُهُ كَالدُّخُولِ وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ .
( وَإِنْ قَالَ أَنْت إنْ كَلَّمْتُك طَالِقًا وَقَالَ ) بَعْدَهُ ( نَصَبْت ) طَالِقًا ( عَلَى الْحَالِ وَلَمْ أُتِمَّ ) كَلَامِي ( قُبِلَ ) مِنْهُ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا يُرَادُ عِنْدَ الرَّفْعِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا كَلَّمَهَا وَغَايَتُهُ أَنَّهُ لَحْنٌ وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي مَسْأَلَةِ عَدَمِ الْإِرَادَةِ مُتَدَافِعٌ وَوَجْهُ عَدَمِ الْوُقُوعِ فِيهَا عَدَمُ انْتِظَامِ الْكَلَامِ .
( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ ) فَلَوْ ( قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا وَحَمْلُهَا تَمَكَّنَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ ) فِي الْحَالِ ( إنْ كَانَ حَمْلُهَا ظَاهِرًا ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ ( أَوْ ) لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا لَكِنْ ( وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ) مِنْ التَّعْلِيقِ ( وَكَذَا لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ ) مِنْهُ وَلَمْ تُوطَأْ وَالْمُرَادُ فِي هَاتَيْنِ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا طَلُقَتْ مِنْ التَّعْلِيقِ لِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ مِنْ حِينَئِذٍ وَلِهَذَا حَكَمْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ ( لَا إنْ وُطِئَتْ ) فِي مُدَّةِ السِّنِينَ الْأَرْبَعِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَطْءً يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْوَطْءِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَلَا تَطْلُقُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَلَا إنْ وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ مِنْ التَّعْلِيقِ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا حِينَ التَّعْلِيقِ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ لِلْأَرْبَعِ حُكْمَ مَا فَوْقَهَا خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْوَسِيطِ وَوَجْهُهُ أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ فَإِذَا أَتَتْ لِأَرْبَعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ تَبَيَّنَّا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ حَامِلًا وَإِلَّا زَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ وَنَازَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا إذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعَ قِيَامِ الْوَطْءِ وَقَالَ إنَّ كَمَالَ الْوَلَدِ وَنَفْخَ الرُّوحِ فِيهِ يَكُونُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا شَهِدَ بِهِ الْخَبَرُ فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا احْتَمَلَ الْعُلُوقَ بِهِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ قَالَ وَالسِّتَّةُ أَشْهُرٍ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاةِ الْوَلَدِ غَالِبًا وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ يَكُونُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ تَحْدِيدًا فَإِنَّ لَفَظَّةَ ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ فَإِتْيَانُهُ بِثُمَّ دَلَّ عَلَى تَرَاخِي
أَمْرِ اللَّهِ بِذَلِكَ وَلَا تُعْرَفُ مُدَّةُ التَّرَاخِي فَلَمَّا اسْتَنْبَطَ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْقُرْآنِ أَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ عَلِمْنَا أَنَّهَا مُدَّةُ التَّرَاخِي وَأَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ عِنْدَهَا وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ فِي قَوْلِهِمْ أَوْ وَلَدَتْهُ الْوَلَدُ التَّامِّ ( فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ يُسَنُّ ) لِلزَّوْجِ ( اجْتِنَابُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا ) احْتِيَاطًا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ ( فَلَوْ وَطِئَهَا ) قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا أَوْ بَعْدَهُ ( وَبَانَتْ حَامِلًا كَانَ ) الْوَطْءُ ( شُبْهَةً ) يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ ( وَالِاسْتِبْرَاءُ ) هُنَا ( كَمَا فِي ) اسْتِبْرَاءِ ( الْأَمَةِ ) فَيَكُونُ بِحَيْضَةٍ أَوْ بِشَهْرٍ بَدَلَهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قِيَامُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَهِيَ تَحْصُلُ بِذَلِكَ وَالِاسْتِبْرَاءُ ( قَبْلَ التَّعْلِيقِ كَافٍ ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ حَالِهَا فِي الْحَمْلِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ وَاسْتِبْرَاءِ الْمَمْلُوكَةِ .
( قَوْلُهُ إنْ كَانَ حَمْلُهَا ظَاهِرًا ) بِأَنْ ادَّعَتْهُ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ أَوْ شَهِدَ بِهِ رَجُلَانِ .
( قَوْلُهُ لِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ مِنْ حِينَئِذٍ إلَخْ ) إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ كَامِلًا فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا قَالَاهُ وَعَلَى هَذِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْوَلَدُ الْكَامِلُ فَلَوْ وَلَدَتْ لِدُونِهَا مُضْغَةً لَمْ يَقَعْ لِلْعِلْمِ بِحُدُوثِهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ ؛ لِأَنَّ الْمُضْغَةَ لَا تَمْكُثُ فِي الْبَطْنِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَالْمَوْضُوعُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا حَتَّى يَكْمُلَ وَإِلَّا فَهُوَ سِقْطٌ .
( قَوْلُهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الرَّاجِحُ مَا قَالَاهُ وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ حُكْمُ مَا دُونَهَا وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْكَافِي ( قَوْلُهُ قَالَ وَالسِّتَّةُ أَشْهُرٍ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاةِ الْوَلَدِ غَالِبًا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ .
( قَوْلُهُ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ ) أَيْ أَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ
( فَإِنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا ) أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ ( وَهِيَ مِمَّنْ يَحْمِلُ حَرُمَ وَطْؤُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ فِي النِّسَاءِ الْحِيَالُ ( وَهُوَ ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءُ أَيْ الْفَرَاغُ مِنْهُ ( مُوجِبٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ يَوْمٍ إلَى آخِرِهِ فَالِاسْتِبْرَاءُ هُنَا وَاجِبٌ وَمُوجِبٌ ( لِلْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ ) لِظَاهِرِ الْحَالِ ( فَتُحْسَبُ الْحَيْضَةُ ) أَوْ الشَّهْرُ ( مِنْ الْعِدَّةِ ) الَّتِي وَجَبَتْ بِالطَّلَاقِ فَتُتِمُّهَا ( لَا إنْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ ) فَلَا يُحْسَبُ ذَلِكَ مِنْ الْعِدَّةِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى مُوجِبِهَا ( فَإِنْ وَلَدَتْ ) وَلَوْ ( بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَالْحُكْمُ فِي تَبَيُّنِ الطَّلَاقِ وَعَدَمِهِ بِعَكْسِ مَا سَبَقَ ) فَلَا تَطْلُقُ إنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ تُوطَأْ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ لَا إنْ وُطِئَتْ وَطْئًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِيَالُهَا حِينَئِذٍ وَحُدُوثُ الْوَلَدِ مِنْ هَذَا الْوَطْءِ وَلَا إنْ وَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ مِنْ التَّعْلِيقِ لِتَحَقُّقِ الْحِيَالِ عِنْدَهُ ( فَإِنْ وَطِئَهَا ) قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ ( وَبَانَتْ مُطَلَّقَةً ) مِنْهُ ( لَزِمَهُ الْمَهْرُ ) لَا الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ تَحْمِلُ كَأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ .
( وَإِنْ قَالَ إنْ أَحَبَلَتُك ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَالتَّعْلِيقُ بِمَا يَحْدُثُ ) مِنْ الْحَمْلِ فَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ تَطْلُقْ بَلْ يَتَوَقَّفُ طَلَاقُهَا عَلَى حَمْلٍ فَإِنْ وَضَعَتْ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْوَطْءِ ( وَكُلَّمَا وَطِئَهَا وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَحْبَلِي فَأَنْت طَالِقٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَيْأَسَ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا ذَكَرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَإِذَا وَطِئَهَا مَرَّةً مُنِعَ حَتَّى تَحِيضَ .
( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ ) يُجَابُ بِأَنَّ الْوَطْءَ هُنَا بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ فِي حُصُولِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ .
( قَوْلُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَيْأَسَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ لِحَامِلٍ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ بِدِينَارٍ فَقَبِلَتْ طَلُقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَجْهُ فَسَادِهِ بِأَنَّ الْحَمْلَ مَجْهُولٌ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَصْلُ الْقَبُولَ بَلْ شَرَطَ إعْطَاءَ الدِّينَارِ فَأَبْدَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِاشْتِرَاطِ الْقَبُولِ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ أَوْ ) إنْ كَانَ ( فِي بَطْنِك ذَكَرٌ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ كُنْت حَامِلًا بِأُنْثَى أَوْ ) إنْ كَانَ ( فِي بَطْنِك أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ أَحَدَهُمَا وَقَعَ بِهِ مَا أَوْقَعَ ) بِالتَّعْلِيقِ فَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ طَلْقَةً أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ ( وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَكَانَ بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ( فَثَلَاثٌ ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ ( وَيَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ ) فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ ( مِنْ اللَّفْظِ أَوْ ) وَلَدَتْ ( خُنْثَى فَطَلْقَةٌ ) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ ( إلَّا إنْ بَانَ أُنْثَى ) فَطَلْقَتَانِ وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى وَخُنْثَى فَطَلْقَتَانِ وَتُوقَفُ الثَّالِثَةُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُ الْخُنْثَى ( وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ اللَّفْظِ كَمَا مَرَّ ( وَإِنْ عَبَّرَ بِأَنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ مَا فِي بَطْنِك ) ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ ( فَوَلَدَتْهُمَا لَمْ يَقَعْ بِهِمَا شَيْءٌ ) لِأَنَّ قَضِيَّةَ اللَّفْظِ كَوْنُ جَمِيعِ الْحَمْلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَمْ يُوجَدْ ( فَلَوْ وَلَدَتْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ ذَكَرَيْنِ فَكَوَاحِدٍ ) أَيْ فَكَأُنْثَى أَوْ ذَكَرٍ فَيَقَعُ بِالذَّكَرَيْنِ طَلْقَةٌ وَبِالْأُنْثَيَيْنِ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ مَا فِي بَطْنِك مِنْ هَذَا الْجِنْسِ ( أَوْ ) وَلَدَتْ ( خُنْثَى وَذَكَرًا وَقَفَ ) الْحُكْمُ ( فَإِنْ بَانَ ) الْخُنْثَى ( ذَكَرًا فَوَاحِدَةً ) أَوْ أُنْثَى لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ ( وَعَكْسُهُ لَا يَخْفَى ) حُكْمُهُ بِأَنْ وَلَدَتْ خُنْثَى وَأُنْثَى فَيُوقَفُ الْحُكْمُ فَإِنْ بَانَ الْخُنْثَى أُنْثَى فَطَلْقَتَانِ أَوْ ذَكَرًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ ( وَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدَتْ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِانْفِصَالِ مَا تَمَّ تَصْوِيرُهُ وَلَوْ مَيِّتًا ) وَسَقْطًا بِخِلَافِ مَا لَمْ يَتِمَّ ( فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ تَمَامِ خُرُوجِهِ لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّ الْوِلَادَةَ لَمْ تُوجَدْ حَالَ الزَّوْجِيَّةِ بَلْ عِنْدَ انْتِهَاءِ النِّكَاحِ فَأَشْبَهَ مَا
لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي ( فَإِنْ عَقَّبَتْهُ ) أَيْ الْوَلَدَ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ ( بِآخَرَ يَلْحَقُ الزَّوْجَ ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ ( انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ ) أَمَّا لَوْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا فَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِذَلِكَ .
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ إلَخْ ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَكَانَ الْحَمْلُ حِينَ الْحَلِفِ عَلَقَةً أَوْ مَنِيًّا أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ مَعَ كَوْنِ الْحَمْلِ إذْ ذَاكَ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي قَوْله تَعَالَى { يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } فَالْيَمِينُ لَا تَنْزِلُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ فِي الْقُوتِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِرَاقِيِّ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْ حِينِ وُقُوعِ النُّطْفَةِ فِي الرَّحِمِ وَبِالتَّخْطِيطِ ظَهَرَ ذَلِكَ
( أَوْ ) قَالَ ( كُلَّمَا وَلَدَتْ وَلَدًا ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَوَلَدَتْ فِي بَطْنٍ ) وَاحِدٍ ( ثَلَاثَةً مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا ) لِاقْتِضَاءِ كُلَّمَا التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَامِلًا وَقْتَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ ( وَمَتَى تَرَتَّبُوا ) أَيْ الْأَوْلَادُ فِي الْوِلَادَةِ ( وَهُمْ أَرْبَعَةٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا ) بِوِلَادَةِ ثَلَاثَةٍ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالرَّابِعِ ( أَوْ ) وَهُمْ ( ثَلَاثَةٌ فَطَلْقَتَيْنِ ) بِوِلَادَةِ الْأَوَّلَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّالِثِ وَلَا تَطْلُقُ ثَالِثَةً إذْ بِهِ يَتِمُّ انْفِصَالُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ فَلَا يُقَارِنُهُ طَلَاقٌ ( أَوْ ) وَهُمْ ( اثْنَانِ فَطَلْقَةً لِانْقِطَاعِ الْعِدَّةِ بِالْأَخِيرِ ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا تَقَرَّرَ ( فَقَوْلُهُ لِلرَّجْعِيَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك لَاغٍ ) لِمَا مَرَّ أَنَّ انْقِضَاءَهَا لَا يُقَارِنُهُ طَلَاقٌ وَلَوْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ مَعًا وَاثْنَيْنِ مَعًا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَخِيرَيْنِ وَإِنْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةً مَعًا ثُمَّ وَاحِدًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَتَطْلُقُ فِي عَكْسِهِ طَلْقَةً قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( وَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَطَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا ) لِأَنَّ مَا وَلَدَتْهُ وَلَدٌ وَذَكَرٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ فَقِيهًا فَطَلْقَتَيْنِ فَكَلَّمَتْ رَجُلًا فَقِيهًا يَقَعُ ثَلَاثٌ وَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِلشَّكِّ فِي ذُكُورِيَّتِهِ وَيُوقَفُ مَا عَدَاهَا إلَى الْبَيَانِ ( أَوْ إنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ وَهِيَ زَوْجَةٌ ( وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ ) أَوْ الْأَشْهُرِ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَتَعْتَدُّ بِمَا هُوَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَثِنْتَيْنِ وَتَعْتَدُّ بِذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَكَذَا ) إنْ وَلَدَتْهُمَا ( مُتَعَاقِبَيْنِ ) يَقَعُ
ثَلَاثٌ ( إنْ كَانَ بَعْدَهُمَا ) وَلَدٌ ( ثَالِثٌ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ ) بِأَنْ يَلْحَقَ الزَّوْجَ سَوَاءٌ أَوَلَدَتْ الذَّكَرَ قَبْلَ الْأُنْثَى أَمْ بِالْعَكْسِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُمَا ثَالِثٌ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ ( انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ ) لِمُصَادَفَتِهِ الْبَيْنُونَةَ وَإِنَّمَا تَطْلُقُ فَتَطْلُقُ بِهِ طَلْقَةً إنْ كَانَ ذَكَرًا وَطَلْقَتَيْنِ إنْ كَانَ أُنْثَى ( فَإِنْ شَكَّ فِي التَّعَاقُبِ فَالْوَاقِعُ ) عَلَيْهَا ( طَلْقَةٌ ) وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ ( وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا حَتَّى تَنْكِحَ ) زَوْجًا ( غَيْرَهُ ) لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ .
قَوْلُهُ أَوْ كُلَّمَا وَلَدَتْ وَلَدًا ) قَالَ شَيْخُنَا عَبَّرَ هُنَا بِوَلَدٍ صَارَ شَامِلًا لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ فَلَا يُعَارِضُهُ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ بِوِلَادَةِ ثَلَاثَةٍ مَعًا حَيْثُ لَا نِيَّةَ لِعُرُوِّ ذَاكَ عَنْ لَفْظِ وَلَدٍ وَإِنَّمَا هُوَ إنْ وَلَدْت فَصَارَ اسْمًا لِمَا تَضَعُهُ مِنْ بَطْنِهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ مَعًا وَلَوْ مُتَعَدِّدًا .
( قَوْلُهُ أَوْ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ فَطَلْقَتَيْنِ إلَخْ ) فَإِنْ انْفَصِلُوا مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَاعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ وَلَوْ وَضَعَتْ اثْنَيْنِ مَعًا وَاثْنَيْنِ مَعًا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْآخَرَيْنِ وَفِي ثَلَاثٍ ثُمَّ وَاحِدٍ تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَعَكْسُهُ طَلْقَةً ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي .
( قَوْلُهُ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً إلَخْ ) لَوْ وَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ وَلَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ نُبِشَ لِيُعْرَفَ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَةً ) يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهَا ( وَتَنْقَضِي بِهِ ) أَيْ بِوِلَادَتِهِ ( عِدَّتُهَا لِأَنَّهَا تَطْلُقُ بِاللَّفْظِ أَوْ ) وَلَدَتْ ( أُنْثَى فَطَلْقَتَانِ ثُمَّ تَعْتَدُّ ) بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ ( لِأَنَّهَا تَطْلُقُ بِالْوِلَادَةِ أَوْ ) وَلَدَتْ ( أُنْثَى ثُمَّ ذَكَرًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا ) ثِنْتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُنْثَى وَبِوِلَادَةِ الذَّكَرِ تَبَيَّنَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ قَبْلَ كَوْنِهَا كَانَتْ حَامِلًا بِذَكَرٍ ( وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ) عَنْ الثَّلَاثِ ( بِهِ ) أَيْ بِوِلَادَةِ الذَّكَرِ ( أَوْ عَكْسِهِ ) بِأَنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا ثُمَّ أُنْثَى ( أَوْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا طَلُقَتْ بِالذَّكَرِ ) طَلْقَةً أَيْ تَبَيَّنَ وُقُوعُهَا ( وَلَا شَيْءَ بِالْأُنْثَى لِمُقَارَنَةِ الْعِدَّةِ ) الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِوِلَادَتِهَا إذْ بِهَا تَنْقَضِي .
( وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ ) حَوَامِلَ مِنْهُ ( كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُنَّ ) أَوْ أَيَّتُكُنَّ وَلَدَتْ ( فَصَوَاحِبُهَا أَوْ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ فَوَلَدْنَ مَعًا طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ صَوَاحِبَ فَيَقَعُ عَلَيْهِنَّ بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ عَلَّقَ بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلَاقَ الْوَالِدَةِ وَغَيْرِهَا ( وَعِدَّتُهُنَّ بِالْأَقْرَاءِ ) أَوْ الْأَشْهُرِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِالْوِلَادَةِ وَالْعِدَّةُ عَقِبَ الطَّلَاقِ ( أَوْ ) وَلَدْنَ ( مُرَتَّبًا فِي الْعِدَّةِ طَلُقَتْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ) أَمَّا الرَّابِعَةُ فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةٌ وَأَمَّا الْأُولَى فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَبِوِلَادَةِ نَفْسِهَا وَكُلٍّ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ فِي الثَّانِيَةِ إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا عِنْدَ وِلَادَةِ الثَّالِثَةِ وَعِنْدَ وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ فِي الْأُولَى وَالطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يَنْفِي الصُّحْبَةَ وَالزَّوْجِيَّةَ فَإِنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ نِسَائِهِ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِ .
( وَعِدَّةُ الْأُولَى بِالْأَقْرَاءِ ) أَوْ الْأَشْهُرِ وَالرَّابِعَةُ بِوِلَادَتِهَا ( وَ ) طَلُقَتْ ( الثَّانِيَةُ طَلْقَةً ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى ( وَالثَّالِثَةُ طَلْقَتَيْنِ ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَإِنَّمَا لَمْ تَطْلُقَا أَكْثَرَ مَنْ بَعْدَهُمَا ( لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهِمَا بِالْوِلَادَةِ ) أَيْ بِوِلَادَتِهِمَا إنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ ثَانِي تَوْأَمَيْهِمَا إلَى وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ وَإِلَّا طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ( وَلَوْ وَلَدْت ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَيَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ) بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً فِي الْأُولَى وَبِوِلَادَةِ نَفْسِهَا وَكُلٍّ مِنْ رَفِيقَتِهَا وَإِحْدَى الْأَخِيرَتَيْنِ طَلْقَةً فِي الثَّانِيَةِ ( وَعِدَّتُهُمَا بِالْأَقْرَاءِ ) أَوْ الْأَشْهُرِ ( وَ ) طَلُقَتْ ( الْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ
) بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ ( وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِالْوِلَادَةِ ) أَيْ بِوِلَادَتِهِمَا فَلَا يَقَعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِوِلَادَةِ الْأُخْرَى شَيْءٌ ( أَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثٌ مَعًا ثُمَّ الرَّابِعَةُ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ) أَمَّا الرَّابِعَةُ فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً وَأَمَّا الثَّلَاثُ فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً فِي الْأُولَى وَبِوِلَادَةِ نَفْسِهَا وَكُلٍّ مِنْ رَفِيقَتَيْهَا طَلْقَةً فِي الثَّانِيَةِ ( أَوْ عَكْسُهُ ) بِأَنْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ الثَّلَاثُ مَعًا ( طَلَّقَ غَيْرَ الْأُولَى طَلْقَةً طَلْقَةً ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى ثُمَّ تَنْقَضِي عِدَّتُهُنَّ بِوِلَادَتِهِنَّ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِنَّ شَيْءٌ آخَرُ ( وَ ) طَلُقَتْ ( الْأُولَى ثَلَاثًا ) بِوِلَادَةِ الْبَاقِيَاتِ إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ ( أَوْ تَرَتَّبَ ثِنْتَانِ ) فِي الْوِلَادَةِ ( ثُمَّ ) وَلَدَتْ ( ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا ) بِوِلَادَةِ الْبَاقِيَاتِ إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ ( وَالثَّانِيَةُ طَلْقَةً ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى ( وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا وَالْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ ) بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَةً ( وَتَنْقَضِي عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا ) فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ آخَرُ ( أَوْ ) وَلَدَتْ ( ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ تَرَتَّبَ ثِنْتَانِ ) عَكْسُ مَا قَبْلَهُمَا ( طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ) لِمَا مَرَّ ( إلَّا الثَّالِثَةَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا ) فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ آخَرُ فَهَذِهِ سَبْعُ صُوَرٍ وَبَقِيَتْ ثَامِنَةٌ وَهِيَ مَا لَوْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثِنْتَانِ ثُمَّ وَاحِدَةٌ طَلُقَتْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا مِثْلُ مَا مَرَّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَطَلُقَتْ الْأُخْرَيَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِوَاسِطَةِ جَمْعِهِ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الصَّوَاحِبِ وَمَسْأَلَةِ فَأَنْتُنَّ .
( فَرْعٌ وَالتَّصْوِيرُ بِمَا ذَكَرَ ) بِقَوْلِهِ لِلْأَرْبَعِ
كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا أَوْ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ ( فَإِذَا طَلَّقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ ) مِنْهُنَّ ( طَلْقَةً مُنَجَّزَةً ثُمَّ وَلَدْنَ عَلَى التَّعَاقُبِ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْأُولَى ) عَنْ الطَّلْقَةِ ( بِوِلَادَتِهَا وَازْدَادَتْ الثَّانِيَةُ ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى ( ثَانِيَةً ) وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا عَنْ الطَّلْقَتَيْنِ بِوِلَادَتِهَا ( وَاسْتَكْمَلَ الْأُخْرَيَانِ الثَّلَاثَ ) وَاحِدَةً بِالتَّنْجِيزِ وَثِنْتَانِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُنَّ إلَخْ ) قِيلَ وَتَعْلِيلُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِكُلَّمَا مِثَالٌ فَإِنْ وَغَيْرُهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ كَذَلِكَ وَهُوَ مَرْدُودٌ يَمْنَعُهُ ؛ لِأَنَّ غَيْرَ كُلَّمَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا فَلَا يَقَعُ فِي التَّعْلِيقِ بِهِ طَلَاقٌ بَعْدَ وُقُوعِ الْأَوَّلِ س إلْحَاقُهُ أَيَّتَكُنَّ بِكُلَّمَا مَرْدُودٌ ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ لِلْعُمُومِ لَا تُفِيدُ التَّكْرَارَ وَقَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ فِي التَّعْلِيقِ بِهِ طَلَاقٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ ) الْمُرَادُ بِهَا وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ فَأَنْتُنَّ إلَخْ ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ نِسَاؤُهُ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ لَاحَظْنَا قَوْلَهُ فِي الْجَوَابِ بِكَوْنِهَا رَجْعِيَّةً لَمَا طَلُقَتْ الْأُولَى بِوِلَادَةِ الرَّابِعَةِ ؛ لِأَنَّهَا طَلُقَتْ بِوِلَادَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَهِيَ قَبْلَ وِلَادَتِهَا بَائِنٌ بِثَلَاثٍ وَبِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّ الْمُرَادَ بِصَوَاحِبِهَا الصَّوَاحِبُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ لِإِحَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَلْ الْغَرَضُ مِنْ الْوَصْفِ التَّعْرِيفُ فَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ وَلَدَتْ طَلُقَتْ غَيْرُهَا بِوِلَادَتِهَا غ .
( قَوْلُهُ فَهَذِهِ سَبْعُ صُوَرٍ ) وَبَقِيَتْ ثَامِنَةٌ عَبَّرَ الْفَتَى عَنْ الثَّمَانِ صُوَرٍ بِقَوْلِهِ طَلُقَتْ كُلٌّ بِعَدَدِ مَنْ سَبَقَهَا وَمَنْ لَمْ تُسْبَقْ ثَلَاثًا قَالَ ابْنُ الْوَرْدِيُّ ضَابِطُهُ أَنَّ الثَّلَاثَ الْقَاعِدَةُ إلَّا لِوَاضِعٍ عَقِيبَ وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَطَلْقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَقَطْ فَذِي تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لِلْأَرْبَعِ ( كُلَّمَا وَلَدَتْ ثِنْتَانِ ) مِنْكُنَّ ( فَالْأُخْرَيَانِ طَالِقَانِ فَوَلَدْنَ مُرَتَّبًا طَلُقَتْ الْأُخْرَيَانِ ) فَقَطْ ( بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ ) طَلْقَةً طَلْقَةً ( وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا وَ ) طَلُقَتْ ( الْأُولَيَانِ بِوِلَادَةِ الرَّابِعَةِ ) طَلْقَةً طَلْقَةً ( وَ ) انْقَضَتْ ( عِدَّتُهُمَا بِالْأَقْرَاءِ ) أَوْ الْأَشْهُرِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ لِحَامِلَيْنِ ) أَوْ حَائِلَيْنِ ( كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا ) بِوِلَادَتِهِمَا طَلْقَةً طَلْقَةً ( وَبِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ تَطْلُقُ الْأُولَى فَقَطْ ) طَلْقَةً ثَانِيَةً إنْ بَقِيَتْ فِي الْعِدَّةِ وَتَنْقَضِي عِدَّةُ الثَّانِيَةِ بِوِلَادَتِهَا ( وَإِنْ وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ الْأُخْرَى ثُمَّ الْأُولَى ثُمَّ الْأُخْرَى مِنْ بَطْنٍ وَاحِدٍ طَلُقَتَا ) بِالْوِلَادَتَيْنِ ( الْأُولَيَيْنِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّةُ الْأُولَى ) عَنْ الطَّلْقَتَيْنِ ( بِوَلَدِهَا الثَّانِي ) أَيْ بِوِلَادَتِهِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ آخَرُ ( وَازْدَادَتْ بِهِ الْأُخْرَى ) طَلْقَةً ( ثَالِثَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَيْضًا ) عَنْ الثَّلَاثِ ( بِوِلَادِهَا الثَّانِي ) أَيْ بِوِلَادَتِهِ ( فَإِنْ كَانَ ) التَّعْلِيقُ ( بِصِيغَةِ كُلَّمَا وَلَدْتُمَا ) فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ ( فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَةً ) مِنْ الْأَوْلَادِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ ( وَلَوْ مُتَعَاقِبِينَ ثُمَّ ) وَلَدَتْ ( الْأُخْرَى كَذَلِكَ ) أَيْ ثَلَاثَةً وَلَوْ مُتَعَاقِبِينَ ( طَلُقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ ) الثَّلَاثَةَ ( وَ ) طَلُقَتْ ( الثَّانِيَةُ كَذَلِكَ ) أَيْ ثَلَاثًا لِوِلَادَتِهَا الثَّلَاثَةَ ( إلَّا إنْ انْفَرَدَ الْأَخِيرُ ) بِالْوِلَادَةِ ( فَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ ) فَقَطْ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ وَإِلَّا إنْ وَلَدَتْ الْأَخِيرَيْنِ مَعًا فَتَنْقَضِي بِهِمَا الْعِدَّةُ وَتَطْلُقُ طَلْقَةً فَقَطْ فَوُقُوعُ الثَّلَاثِ عَلَى الثَّانِيَةِ مَحِلُّهُ إذَا وَلَدَتْ الثَّلَاثَةَ مَعًا وَالتَّصْرِيحُ بِمَجْمُوعِ الْقَيْدِ وَالْمُقَيَّدِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ وَلَدَتْ الْأُولَى وَاحِدًا وَالثَّانِيَةُ ثَلَاثَةً مُتَعَاقِبِينَ ثُمَّ الْأُولَى اثْنَيْنِ كَذَلِكَ ) أَيْ مُتَعَاقِبَيْنِ ( طَلُقَتَا بِالْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِيَةِ طَلْقَةً طَلْقَةً ثُمَّ الْإِطْلَاقُ ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا ( حَتَّى تَلِدَ الْأُولَى ) وَلَدًا ( فَتَزْدَادَ بِالثَّانِي ) أَيْ بِوِلَادَتِهِ مُنْضَمًّا إلَى وِلَادَةِ الثَّانِيَةِ الثَّانِي ( طَلْقَةً )
ثَانِيَةً ( وَتَنْقَضِي عِدَّةُ كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( بِوَلَدِهَا الثَّالِثِ فَإِنْ وَلَدَتْ الْأُولَى ) وَلَدًا ( ثُمَّ الْأُخْرَى ) وَلَدًا ( ثُمَّ الْأُولَى ) وَلَدًا ( ثُمَّ الْأُخْرَى ) وَلَدًا ( وَهَكَذَا ) إلَى وِلَادَةِ ( ثَلَاثَةٍ ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ بَطْنٍ ( فَطَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ ) تَطْلُقَانِ إحْدَاهُمَا بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ الْأَوَّلَ وَالْأُخْرَى بِوِلَادَتِهَا الثَّانِي وَتَنْقَضِي عِدَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِوِلَادَتِهَا الثَّالِثَ .
( قَوْلُهُ حَتَّى تَلِدَ الْأُولَى فَتَزْدَادَ بِالثَّانِي إلَخْ ) إنَّمَا لَمْ يَقَعْ عَلَى الثَّانِيَةِ بِوَلَدِهَا الثَّانِي ثَانِيَةٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عِنْدَ وِلَادَتِهِ وِلَادَةٌ لِلْأُولَى نَضُمُّهَا إلَيْهَا لِتَكُونَا وِلَادَتَيْنِ حَتَّى تَقَعَ عَلَيْهَا ثَانِيَةٌ
( فَرْعٌ سَبَقَ أَنَّ خُرُوجَ كُلِّ الْوَلَدِ شَرْطٌ فِي التَّعْلِيقِ بِالْوِلَادَةِ ) أَيْ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ فَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ وَمَاتَ الزَّوْجُ أَوْ الْمَرْأَةُ لَمْ تَطْلُقْ وَوَرِثَ الْبَاقِي مِنْهُمَا الْمَيِّتَ ( فَلَوْ قَالَ إنْ وَلَدْت فَعَبْدِي حُرٌّ ) أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ ( لَمْ يَعْتِقْ بِخُرُوجِ بَعْضِهِ ) وَلَمْ تَطْلُقْ ( فَإِنْ بَاعَهُ ) أَيْ الْعَبْدَ حِينَئِذٍ ( بِشَرْطِ الْخِيَارِ ) لَهُ أَوْ لَهُمَا ( وَانْفَصَلَ الْوَلَدُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عَتَقَ ) الْعَبْدُ ( لِأَنَّ عِتْقَهُ يَنْفُذُ مِنْهُ فِي مُدَّتِهِ ) وَإِنْ انْفَصَلَ بَعْدَهَا لَمْ يَعْتِقْ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِحَمْلِهَا أَوْ وِلَادَتِهَا فَادَّعَتْهُ وَكَذَّبَهَا فَشَهِدَ أَرْبَعٌ ) مِنْ النِّسْوَةِ بِذَلِكَ ( لَمْ يَقْبَلْنَ ) أَيْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُنَّ لَا يُقْبَلْنَ فِيهِ ( وَإِنْ قُبِلْنَ فِي ) ثُبُوتِ ( النَّسَبِ ) وَالْمِيرَاثِ بِشَهَادَتِهِنَّ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَوَابِعِ الْوِلَادَةِ وَضَرُورَاتِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَهَذِهِ إنَّمَا ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي صُورَةِ الْوِلَادَةِ دُونَ صُورَةِ الْحَمْلِ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يُوَافِقُهُ أَمَّا إذَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ .
( وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ ) تَلِدِينَهُ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ ذَكَرًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلُقَتْ وَلَوْ لَمْ تَلِدْ غَيْرَهُ إذْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ كَوْنِهِ أَوَّلًا أَنْ تَلِدَ بَعْدَهُ آخَرَ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ إذَا الْأَوَّلُ لُغَةً ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ ثَانٍ أَمْ لَا قَالَ تَعَالَى { إنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ إنْ هِيَ إلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى } وَهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لَيْسَ لَهُمْ إلَّا مَوْتَةٌ وَاحِدَةٌ ( أَوْ قَالَ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ ) مِنْ هَذَا الْحَمْلِ ( ذَكَرًا فَطَلْقَةً أَوْ ) يَعْنِي وَإِنْ كَانَ ( أُنْثَى فَثَلَاثًا فَوَلَدَتْ الذَّكَرَ أَوَّلًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَةِ الْأُنْثَى أَوْ عَكْسِهِ ) بِأَنْ وَلَدَتْ الْأُنْثَى أَوَّلًا ( طَلَّقَا ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالذَّكَرِ وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ جَهِلَ التَّعَاقُبَ ) وَالْمَعِيَّةَ ( لَمْ تَطْلُقْ ) إذْ لَا يُوصَفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِيَّةِ فِيهِمَا وَلِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ ( فَلَوْ تَعَاقَبَا وَجَهِلَ السَّابِقَ ) مِنْهُمَا ( فَطَلْقَةً ) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ تَطْلُقَ ثَلَاثًا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ ( وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالثَّانِي ) مِنْهُمَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ جَعَلَ ) وِلَادَةَ ( الْأُنْثَى ) مِنْ زَوْجَةٍ شَرْطًا ( لِطَلَاقِ الْأُخْرَى ) بِأَنْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَوَلَدَتْهُمَا مُرَتَّبًا ( وَجَهِلَ السَّابِقَ ) مِنْهُمَا ( يُوقَفُ الزَّوْجُ ) أَيْ يُمْنَعُ ( عَنْهُمَا ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى إحْدَاهُمَا وَالْتِبَاسِهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا حَتَّى تَبِينَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا ( فَإِنْ جَعَلَهَا ) شَرْطًا ( لِعِتْقٍ ) بِأَنْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَعَبْدِي حُرٌّ فَوَلَدَتْهُمَا مُرَتَّبًا وَجَهِلَ السَّابِقَ ( أَقْرَعَ ) بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ ( فَإِنْ خَرَجَتْ لِلْعَبْدِ
عَتَقَ وَإِلَّا لَمْ تَطْلُقْ ) إذْ لَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ فِي الطَّلَاقِ وَلَا تُعَادُ الْقُرْعَةُ ( فَلَوْ وَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ ) وَلَمْ يُعْرَفْ نُبِشَ ( لِيُعْرَفَ ) فَيُرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ .
( الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ ) فَلَوْ ( قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ اشْتَرَطَ ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ( حَيْضَةً كَامِلَةً فَيَقَعُ سُنِّيًّا ) لِوُقُوعِهِ فِي الطُّهْرِ ( أَوْ إنْ طَهُرْت طُهْرًا وَاحِدًا ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ( وَقَعَ بِدْعِيًّا ) لِوُقُوعِهِ فِي الْحَيْضِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَلِوُقُوعِهِ سُنِّيًّا وَبِدْعِيًّا شَرْطٌ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ وَقَوْلُهُ وَاحِدًا إيضَاحٌ ( وَإِنْ لَمْ يَقُلْ حَيْضَةً ) فِي الْأُولَى ( وَطُهْرًا ) فِي الثَّانِيَةِ ( طَلُقَتْ بِالطَّعْنِ فِيهِ ) أَيْ فِي الْحَيْضِ فِي الْأُولَى وَالطُّهْرِ فِي الثَّانِيَةِ ( إنْ تَمَّ ) كُلٌّ مِنْهُمَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ بِالطَّعْنِ فِيهِ أَنَّهُ حَيْضٌ أَوْ طُهْرٌ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِمَا تُؤْمَرُ بِهِ الْحَائِضُ فِي الْأُولَى وَالطَّاهِرَةُ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ تَبَيَّنَّا أَنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ ( وَيُشْتَرَطُ ) لِطَلَاقِهَا فِيمَا ذُكِرَ ( حَيْضٌ أَوْ طُهْرٌ جَدِيدٌ فَلَا يَكْفِي الِاسْتِدَامَةُ ) فَلَوْ كَانَتْ حَالَ التَّعْلِيقِ حَائِضًا فِي الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ أَوْ طَاهِرًا فِي الثَّانِيَةِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ سَائِرُ الْأَوْصَافِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ نَحْوِ اسْتِدَامَةِ الرُّكُوبِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْأَيْمَانِ وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ اسْتِدَامَةُ الْحَيْضِ حَيْضًا كَمَا فِي اسْتِدَامَةِ الرُّكُوبِ لِأَنَّ دَوَامَ الْحَيْضِ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهَا بِخِلَافِ دَوَامِ الرُّكُوبِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا فَرَّقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا تَعْلِيقٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الْحَلِفِ وَمَا هُنَاكَ حَلِفٌ .
مَبْحَثٌ الطَّرَفُ الرَّابِعُ ) ( قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي الِاسْتِدَامَةُ ) خِلَافًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمُتَوَلِّي .
( قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا فَرَّقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ ) عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ مَمْنُوعٌ فَالْمَوْجُودُ فِي الطَّلَاقِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ تَعْلِيقًا مُجَرَّدًا عَنْ الْحَلِفِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ حِضْت أَوْ إنْ أَدْرَكَتْ الثِّمَارَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِحَلِفٍ فَهَذَا لَا يَأْتِي فِيهِ تَنْزِيلُ الدَّوَامِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي إذَا أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَقْلِبُ الْمُضِيَّ إلَى الِاسْتِقْبَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْقِيقِ ذَلِكَ الْفِعْلِ مُسْتَقْبَلًا أَلَا تَرَاهُ يُقَالُ أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ الْيَوْمَ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَنْ يُلْمَحَ فِيهِ تَنْزِيلُ الدَّوَامِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ .
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْحَيْضِ فَقَوْلُ الْمُعَلِّقِ فِيهَا إنْ حِضْت فَأَنْت طَالِقٌ يَقْتَضِي فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا إذْ لَوْ أَرَادَ الْحَالَ لَقَالَ إنْ كُنْت حَائِضًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَالْفِعْلُ الْمُسْتَقْبَلُ لَا يُوجَدُ حَقِيقَةً إلَّا فِي مُسْتَأْنَفٍ
( وَإِنْ قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِا ) لْحَيْضَةِ ( الْأُولَى وَاحِدَةً وَبِالثَّانِيَةِ أُخْرَى ) لِتَحَقُّقِ الصِّفَتَيْنِ ( فَإِنْ عَطَفَ بِثُمَّ ) بِأَنْ قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ إنْ حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ ( فَا ) لطَّلْقَةُ ( الثَّانِيَةُ مُعَلَّقَةٌ بِحَيْضَتَيْنِ غَيْرِ الْأُولَى ) فَلَا تَقَعُ حَتَّى تَحِيضَ بَعْدَ الْأُولَى حَيْضَتَيْنِ لِأَنَّ كَلِمَةَ ثُمَّ تُشْعِرُ بِذَلِكَ وَالْفَاءُ كَثُمَّ كَمَا قَدَّمْته فِي نَظِيرِهِ ( وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَكُلَّمَا حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِا ) لْحَيْضَةِ ( الْأُولَى طَلْقَةً وَبِالثَّانِيَةِ طَلْقَتَيْنِ ) لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ .
( وَلَوْ قَالَ ) لِامْرَأَتَيْهِ ( إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً أَوْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ لَغَتْ لَفْظَةُ الْحَيْضَةِ أَوْ الْوَلَدُ ) لِاسْتِحَالَةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي حَيْضَةٍ أَوْ وَلَدٍ وَاسْتُعْمِلَ الْبَاقِي فَإِذَا طَعَنَتَا فِي الْحَيْضِ أَوْ وَلَدَتَا طَلُقَتَا ( فَإِنْ قَالَ ) إنْ وَلَدْتُمَا ( وَلَدًا وَاحِدًا ) فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ ( فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ ) فَلَا تَطْلُقَانِ بِوِلَادَتِهِمَا وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ ذَلِكَ بِأَنَّا إنْ نَظَرْنَا إلَى تَقْيِيدِهِ بِالْحَيْضَةِ وَتَعَذُّرِ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهَا لَزِمَ عَدَمُ الْوُقُوعِ أَوْ إلَى الْمَعْنَى وَهُوَ تَمَامُ حَيْضَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَزِمَ تَوَقُّفُ الْوُقُوعِ عَلَى تَمَامِهِمَا فَالْخُرُوجُ عَنْ هَذَيْنِ مُشْكِلٌ ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْوَلَدِ مِنْ أَنَّ لَفْظَ وَاحِدٌ تَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ يَجْرِي تَعْيِينُهُ فِي الْحَيْضَةِ لِأَنَّهَا لِلْمَرْأَةِ لِوَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ وَلَدًا وَاحِدًا انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ وَلَدًا وَاحِدًا نَصٌّ فِي الْوَحْدَةِ فَأَلْغَى الْكَلَامَ كُلَّهُ وَحَيْضَةٌ ظَاهِرٌ فِيهَا فَأُلْغِيَتْ وَحْدَهَا وَبِإِلْغَائِهَا سَقَطَ اعْتِبَارُ تَمَامِ الْحَيْضَةِ .
قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا وَاحِدًا إلَخْ ) أَوْ حِضْتُمَا حَيْضَةً وَاحِدَةً .
( قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ وَلَدًا وَاحِدًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ ) لَوْ ( عَلَّقَ بِحَيْضِهَا طَلَاقَهَا فَادَّعَتْ ) حَيْضَهَا فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ ( وَكَذَّبَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ) فَيُحْكَمُ بِطَلَاقِهَا لِأَنَّهَا أَعْرَفُ مِنْهُ بِهِ وَتَتَعَذَّرُ أَيْ تَتَعَسَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الدَّمَ وَإِنْ شُوهِدَ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ حَيْضٌ لِجَوَازِ كَوْنِهِ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ ( وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا ) لَوْ عَلَّقَ بِمَا ( لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهَا ) غَالِبًا ( كَالنِّيَّةِ وَالْبُغْضِ وَالْحُبِّ وَلَوْ عَلَّقَ بِطَلَاقِهَا وَطَلَاقِ ضَرَّتِهَا ) حَقَّهُ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقَهَا وَطَلَاقَ ضَرَّتِهَا وَلَعَلَّهُ كَانَ كَذَلِكَ لَكِنْ اتَّصَلَتْ الْهَاءُ بِالطَّاءِ ( فَادَّعَتْهُ ) أَيْ مَا عَلَّقَ بِهِ كَحَيْضِهَا ( وَكَذَّبَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا وَطَلُقَتْ وَحْدَهَا ) فَلَا تَطْلُقُ الْأُخْرَى إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِيَةِ الْحَيْضِ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ حَلَّفْنَاهَا فَإِنَّ التَّحْلِيفَ لِغَيْرِهَا وَالْحُكْمُ لِلْإِنْسَانِ بِحَلِفِ غَيْرِهِ مَعَ عَدَمِ تَعْلِيقِ الْخُصُومَةِ بِهِ مُمْتَنِعٌ فَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ جَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ فِي تَصْدِيقِ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ ( وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِوِلَادَتِهَا أَوْ زِنَاهَا ) فَادَّعَتْهُ وَكَذَّبَهَا ( لَمْ تُصَدَّقْ ) بَلْ تُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِالدُّخُولِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ مُتَيَسِّرَةٌ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ ( وَإِنْ ادَّعَتْ عِلْمَهُ بِزِنَاهَا لَمْ يَحْلِفْ ) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ( وَ ) لَكِنْ ( تُحَلِّفُهُ إنْ ادَّعَتْ الْفُرْقَةَ ) أَنَّهَا لَمْ تَقَعْ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ مَا ذُكِرَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْمُرَجَّحُ خِلَافُهُ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ عَلَى اضْطِرَابٍ فِيهِ ( وَإِنْ عَلَّقَهُ ) أَيْ طَلَاقَ زَوْجَتَيْهِ ( بِحَيْضَتِهِمَا فَادَّعَتَاهُ ) وَكَذَّبَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَلَا طَلَاقَ لِأَنَّ طَلَاقَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِشَرْطَيْنِ وَلَمْ يَثْبُتَا بِقَوْلِهِمَا وَإِنْ صَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا (
وَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا ) فَقَطْ ( فَحَلَفَتْ الْمُكَذَّبَةُ ) أَنَّهَا حَاضَتْ ( طَلُقَتْ وَحْدَهَا ) لِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِيَمِينِهَا وَحَيْضِ ضَرَّتِهَا بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ لَهَا وَالْمُصَدَّقَةُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهَا حَيْضُ ضَرَّتِهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَالِفِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ تَطْلُقْ ( وَتَطْلُقُ الْمُكَذَّبَةُ ) فَقَطْ ( بِلَا يَمِينٍ فِي قَوْلِهِ ) لِزَوْجَتَيْهِ ( مَنْ حَاضَتْ مِنْكُمَا فَصَاحِبَتُهَا طَالِقٌ ) وَادَّعَتَاهُ وَصَدَّقَ إحْدَاهُمَا وَكَذَّبَ الْأُخْرَى لِثُبُوتِ حَيْضِ الْمُصَدَّقَةِ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ .
( قَوْلُهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى ذَلِكَ ) قَالَ تَعَالَى { وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ } فَحَرَّمَ الْكَتْمَ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِهِنَّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ } .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِهِ مِنْهُ إلَخْ ) وَلِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَهُ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا كَانَ رَاضِيًا بِأَمَانَتِهَا وَقَوْلُ الْأَمِينِ إذَا عَرِيَ عَنْ التُّهْمَةِ مَقْبُولٌ وَلَا تُهْمَةَ ؛ لِأَنَّهَا تُسْقِطُ حُقُوقَهَا عَنْ الزَّوْجِ وَلَوْ قَالَ إنْ حِضْت فَضَرَّتُك طَالِقٌ وَكَذَّبَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ صَدَّقَهَا طَلُقَتْ الضَّرَّةُ وَلَوْ قَالَ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي صِدْقُهَا وَلَكِنْ أُجَوِّزُ كَذِبَهَا لَمْ تَطْلُقْ فَإِنْ قِيلَ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا صَدَّقَهَا طَلُقَتْ وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي تَصْدِيقِهَا إلَّا غَلَبَةُ الظَّنِّ بِهِ النَّاشِئِ عَنْ إخْبَارِهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ إذَا صَرَّحَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ ، قِيلَ التَّصْرِيحُ بِالْمُسْتَنَدِ قَدْ يَمْنَعُ الْقَبُولَ كَالشَّاهِدِ بِالْمِلْكِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِيهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَإِذَا أَطْلَقَ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ سُمِعَتْ وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ الِاسْتِفَاضَةُ لَمْ تُسْمَعْ .
( قَوْلُهُ وَالْبُغْضُ وَالْحُبُّ ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ أَحْبَبْت دُخُولَ النَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ أَحْبَبْت دُخُولَهَا فَهَلْ تَطْلُقُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ .
( قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ كَانَ كَذَلِكَ ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ .
( قَوْلُهُ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِيَةِ الْحَيْضِ بِلَا يَمِينٍ ) أَوْرَدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَقْضِي بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَقَالَ شِئْت فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ قَالَ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِهَا مُتَّهَمَةً فِي طَلَاقِ ضَرَّتِهَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ وَقَدْ عَلَّقَهُ
بِمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا .
ا هـ .
وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحَيْضِ بِخِلَافِ الْمَشِيئَةِ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِوِلَادَتِهَا أَوْ زِنَاهَا لَمْ تُصَدَّقْ ) مِثْلُهُ مَا إذَا قَالَ إنْ قُلْت كَذَا أَوْ سَبَيْت فُلَانًا مَثَلًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ ادَّعَتْ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنْهَا .
( قَوْلُهُ إنَّهَا لَمْ تَقَعْ ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحْلِفُ .
( قَوْلُهُ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ مَا ذُكِرَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ إلَخْ ) قَالَ الْغَزِّيِّ كُنْت أَبْحَثُ فِيهِ كَثِيرًا ثُمَّ وَقَفْت بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَفَّالِ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ بِحَلِفِهِ .
ا هـ .
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ
( فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ وَادَّعَيْنَهُ فَصَدَّقَهُنَّ إلَّا وَاحِدَةً فَحَلَفَتْ طَلُقَتْ وَحْدَهَا ) أَيْ دُونَ الْمُصَدَّقَاتِ لِمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِحَلِفِ الْمُكَذَّبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ ( وَإِنْ كَذَّبَ ثِنْتَيْنِ ) وَحَلَفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَلَا طَلَاقَ ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ( كَتَكْذِيبِ الْجَمِيعِ ) إذْ لَا يَثْبُتُ حَيْضُ مُكَذَّبَةٍ بِحَلِفِهَا فِي حَقِّ أُخْرَى فَلَمْ يَثْبُتْ الْمُعَلَّقُ بِهِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُنَّ وَإِنْ صَدَّقَ الْجَمِيعَ طُلِّقْنَ .
( وَإِنْ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا حَاضَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ ) فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ ( فَحَاضَتْ ثَلَاثٌ مِنْهُنَّ طَلُقَتْ الْأَرْبَعُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ) لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ ( وَإِنْ قُلْنَ حِضْنَ فَكَذَّبَهُنَّ وَحَلَفْنَ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً ) لِأَنَّ يَمِينَهَا يَكْفِي فِي حَيْضِهَا فِي حَقِّهَا ( أَوْ صَدَّقَ وَاحِدَةً فَقَطْ طَلُقَتْ طَلْقَةً ) بِقَوْلِهَا ( وَ ) طَلُقَتْ ( الْمُكَذَّبَاتُ ) طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ أَيْ يُطَلَّقُ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَةً بِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِقَوْلِهَا وَطَلْقَةً بِحَيْضِ الَّتِي صَدَّقَهَا الزَّوْجُ ( أَوْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَ ) طَلُقَتْ ( الْمُكَذَّبَاتُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَوْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طُلِّقَ الْجَمِيعُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا حَاضَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَادَّعَيْنَهُ وَصَدَّقَهُنَّ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَإِنْ كَذَّبَهُنَّ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ ) مِنْهُنَّ ( وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ الْبَاقِيَاتُ طَلْقَةً طَلْقَةً ) لِثُبُوتِ حَيْضِ صَاحِبَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ ( دُونَهَا ) فَلَا تَطْلُقُ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهَا حَيْضُ وَاحِدَةٍ مِنْ صَوَاحِبِهَا ( وَإِنْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَةً وَاحِدَةً ثَبَتَ حَيْضُهَا ( وَ ) طَلُقَتْ ( الْمُكَذَّبَتَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَتَيْنِ ثَبَتَ حَيْضُهُمَا ( وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طُلِّقْنَ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَتَيْنِ ( وَ ) طَلُقَتْ الْمُكَذَّبَةُ ( ثَلَاثًا ) لِأَنَّ لَهَا ثَلَاثَ صَوَاحِبَ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِرُؤْيَتِهَا الدَّمَ حُمِلَ عَلَى ) دَمِ ( الْحَيْضِ ) لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ ( فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِهِ ) فَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَلَوْ فُسِّرَ بِغَيْرِ دَمِ الْحَيْضِ فَإِنْ كَانَ يَتَعَجَّلُ قَبْلَ حَيْضِهَا قُبِلَ ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ فَلَا .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ لِحَائِضٍ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فِي كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً فِي الْحَالِ وَ ) طَلُقَتْ ( الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ مَعَ صِفَتِهِمَا ) وَهِيَ أَوَّلُ الْحَيْضِ الثَّانِي وَأَوَّلُ الثَّالِثِ ( وَفِي التَّعْلِيقِ بِنِصْفِ حَيْضَةٍ ) بِأَنْ قَالَ إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ ( تَطْلُقُ بِمُضِيِّ نِصْفِ أَيَّامِ الْعَادَةِ ) فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ مَثَلًا طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ .
( الطَّرَفُ الْخَامِسُ التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ ) أَمَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَتُقَدَّمُ وَأَمَّا بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ فَقَدْ يَكُونُ بِمَشِيئَةِ زَوْجَتِهِ بِخِطَابٍ وَقَدْ يَكُونُ بِمَشِيئَتِهَا بِدُونِ خِطَابٍ وَقَدْ يَكُونُ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا فَلَوْ ( قَالَ يُخَاطِبُهَا ) أَيْ مُخَاطَبًا لَهَا ( أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ إذَا شِئْت فَإِنْ قَالَتْ فَوْرًا شِئْت وَلَوْ بِتَكْرِيرِ شِئْت طَلُقَتْ ) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَمْلِيكهَا الْبُضْعَ وَالتَّصْرِيحَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِتَكْرِيرِ شِئْت مِنْ زِيَادَتِهِ ( لَا مَجْنُونَةَ وَصَبِيَّةَ وَلَوْ مُمَيِّزَةً ) فَلَا تَطْلُقُ بِذَلِكَ إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلِّقِي نَفْسَك فَطَلُقَتْ لَمْ تَطْلُقْ فَكَذَا إذَا عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا ( إلَّا إنْ قَالَ ) لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنْتِ طَالِقٌ ( إنْ قُلْت شِئْت ) لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَحْضُ تَلَفُّظِهَا بِالْمَشِيئَةِ وَقَدْ وُجِدَ ، وَالصَّبِيُّ فِيمَا ذُكِرَ كَالصَّبِيَّةِ وَالسَّكْرَانَ كَالْمُكَلَّفِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ ( فَإِنْ قَالَتْ ) زَوْجَتُهُ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ إذَا شِئْت ( شِئْت غَدًا أَوْ ) .
شِئْت ( إنْ شِئْت ) أَوْ شَاءَ فُلَانٌ ( فَشَاءَ ) الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَةِ أَوْ لَمْ يَشَأْ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّ الزَّوْجَ عَلَّقَ بِمَشِيئَةٍ مَجْزُومٍ بِهَا وَلَمْ تَحْصُلْ ( وَكَذَا ) لَا تَطْلُقُ ( لَوْ شَاءَتْ بِقَلْبِهَا وَلَمْ تَنْطِقْ فَإِنْ عَكَسَتْ ) بِأَنْ نَطَقَتْ وَلَمْ تَشَأْ بِقَلْبِهَا بَلْ كَرِهَتْ مَا شَاءَتْهُ ( طَلُقَتْ ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا ) إذْ التَّعْلِيقُ فِي الْحَقِيقَةِ بِلَفْظِ الْمَشِيئَةِ لَا بِمَا فِي الْبَاطِنِ بِدَلِيلِ إنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ أَجْنَبِيٍّ فَقَالَ شِئْت صُدِّقَ وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ لَمَا صُدِّقَ كَمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ ضَرَّتِهَا بِحَيْضِهَا لَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّ الضَّرَّةِ .
مَبْحَثٌ الطَّرَفُ الْخَامِسُ ) .
( قَوْلُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ أَجْنَبِيٍّ إلَخْ ) اسْتَثْنَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْفُرُوقِ مَا إذَا قَالَ إذَا شِئْت بِقَلْبِك فَشَاءَ كَارِهًا لَمْ تَطْلُقْ .
( وَإِنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا ) وَلَوْ خِطَابًا كَأَنْ قَالَ إنْ شِئْت أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ ( أَوْ ) عَلَّقَ ( بِلَفْظِ مَتَى ) كَأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَتَى شِئْت ( لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ ) لِانْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ فِي الْأَوَّلِ وَلِتَصْرِيحِهِ بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ فِي الثَّانِي كَمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ وَكَمَتَى أَيْ وَقْتِ ( وَكَذَا ) لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ ( لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا غَيْرَ مُخَاطَبَةٍ ) بِأَنْ قَالَ لَهَا وَلَوْ حَاضِرَةً زَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ لِبَعْدِ التَّمْلِيكِ بِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ ( وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ بِالْمَشِيئَةِ كَالنُّطْقِ ) مِنْ النَّاطِقِ فَيَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ ( وَلَوْ خَرِسَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ ) فَإِنَّ مَشِيئَتَهُ كَالنُّطْقِ ( وَإِنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا ) خِطَابًا ( وَمَشِيئَةِ زَيْدٍ اُشْتُرِطَ الْفَوْرُ فِي مَشِيئَتِهَا فَقَطْ ) أَيْ دُونَ مَشِيئَةِ زَيْدٍ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ لَوْ انْفَرَدَ كَمَا إنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت وَدَخَلْت الدَّارَ أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ حُكْمُهُ لَوْ انْفَرَدَ ( وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ فِي ظَاهِرٍ وَإِنْ تَضَمَّنَ تَمْلِيكًا فَكَانَ ( كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ ) .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ ) أَوْ بِعَدَمِهَا ( لَمْ تَطْلُقْ ) إذْ لَهُمْ مَشِيئَةٌ وَلَمْ يُعْلَمْ حُصُولُهَا فَهِيَ كَمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى ( وَكَذَا لَا ) تَطْلُقُ إذَا عَلَّقَ ( بِمَشِيئَةِ بَهِيمَةٍ ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لِامْرَأَتَيْهِ ( طَلَّقْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا فَشَاءَتْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَطْلُقْ ) بِعَدَمِ مَشِيئَتِهِمَا هَذَا مِنْ زِيَادَةٍ ( أَوْ شَاءَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( طَلَاقَهَا ) أَيْ طَلَاقَ نَفْسِهَا ( دُونَ ضَرَّتِهَا فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ ) أَيْ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ تَعْلِيقُ طَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَشِيئَتِهَا وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا لِأَنَّ مَشِيئَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا طَلَاقَهُمَا عِلَّةٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَعَلَى ضَرَّتِهَا .
قَوْلُهُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ شِئْت أَمْ أَبَيْت طَلَاقٌ مُنَجَّزٌ ) إذَا لَا تَعْلِيقَ ( أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( إنْ شِئْت أَوْ أَبَيْت تَعْلِيقٌ بِإِحْدَاهُمَا ) فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ قُمْت أَوْ قَعَدْت ( وَلَوْ قَالَ ) أَنْت طَالِقٌ ( كَيْفَ شِئْت أَوْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شِئْت طَلُقَتْ شَاءَتْ أَمْ لَا ) وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَشَاءَ فِي الْمَجْلِسِ الطَّلَاقَ أَوْ عَدَمَهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْعِتْقِ يَقْتَضِي رُجْحَانَ الثَّانِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ .
( قَوْلُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ
( وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَشَاءَتْ أَقَلَّ ) مِنْهَا ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّ مَشِيئَةَ أَقَلَّ مِنْهَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً لَهَا ( وَلَوْ قَالَ ) أَنْت طَالِقٌ ( وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَشَاءَتْ ثَلَاثًا ) أَوْ ثِنْتَيْنِ ( طَلُقَتْ وَاحِدَةً ) لِأَنَّهَا إذَا شَاءَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَقَدْ شَاءَتْ وَاحِدَةً .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك ) أَوْ فُلَانٌ ( وَاحِدَةً فَشَاءَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّهُ شَاءَ وَاحِدَةً فِيهِمَا وَزَادَ فِي الثَّانِيَةِ ( إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك وُقُوعَ وَاحِدَةٍ فَتَقَعُ ) لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ .
( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك وُقُوعَ وَاحِدَةٍ إلَخْ ) أَوْ عَدَمَ وُقُوعِهَا إذَا شَاءَهَا فَطَلْقَتَانِ
( أَوْ ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ ( وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك ) أَوْ فُلَانٌ ( ثَلَاثًا فَشَاءَ ثَلَاثًا لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّهُ شَاءَ ثَلَاثًا ( أَوْ شَاءَ دُونَهَا ) أَيْ الثَّلَاثِ ( أَوْ لَمْ يَشَأْ ) شَيْئًا ( طَلُقَتْ ) وَاحِدَةً .
( فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك ) أَوْ نَحْوُهُ كَلَوْلَا اللَّهُ وَلَوْلَا دِينُك ( لَمْ تَطْلُقْ ) إذْ الْمَعْنَى لَوْلَاهُ لَطَلَّقْتُك ( وَكَذَا ) لَا تَطْلُقُ لَوْ قَالَ ( أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك ) لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْلَا حُرْمَةُ أَبِيهَا لَطَلَّقْتهَا وَأَكَّدَ هَذَا الْخَبَرَ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك هَذَا ( إنْ تَعَارَفُوهُ يَمِينًا ) بَيْنَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفُوهُ يَمِينًا طَلُقَتْ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ بَعْدُ وَمَحِلُّ عَدَمِ الطَّلَاقِ إذَا صُدِّقَ فِي خَبَرِهِ ( فَإِنْ كَذَبَ فِيهِ طَلُقَتْ بَاطِنًا وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ ) أَيْ بِكَذِبِهِ ( فَظَاهِرًا ) أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَنَا إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ إلَّا مِنْهُ .
( فَرْعٌ لَوْ قَالَ ) لَهَا ( شَائِي أَوْ أَحِبِّي أَوْ أَرِيدِي أَوْ ارْضَيْ أَوْ اهْوَيْ أَوْ اخْتَارِي الطَّلَاقَ وَأَرَادَ التَّفْوِيضَ ) لِلطَّلَاقِ إلَيْهَا ( فَقَالَتْ شِئْته أَوْ أَحْبَبْته ) أَوْ أَرَدْته ( أَوْ رَضِيته أَوْ هَوِيته أَوْ اخْتَرْته طَلُقَتْ لَا فِي ) الصُّوَرِ ( الثَّلَاثِ الْأَوَّلِ ) فَلَا تَطْلُقُ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ لِأَنَّهُ اسْتَدْعَى مِنْهَا كُلًّا مِنْ الثَّلَاثِ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا وَلَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا وَلَا فَوَّضَهُ إلَيْهَا وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ فَقَوْلُهَا شِئْت أَوْ أَحْبَبْت أَوْ أَرَدْت لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ هَذَا مَا أَفْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا وَعَنْ الْبُوشَنْجِيِّ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا أَقْوَى انْتَهَى وَلَمْ يُرِدْ الْبُوشَنْجِيُّ الْحَصْرَ فِي الثَّلَاثِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا أَمْثِلَةً بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِ الْجَارِي فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ .
( قَوْلُهُ هَذَا مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَذَا فَهِمَهُ مِنْهُ الْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ
( وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ أَحْبَبْت ) مَثَلًا ( أَوْ بِالْعَكْسِ ) بِأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَحْبَبْت فَقَالَتْ شِئْت مَثَلًا ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ لَفْظَيْ الْمَشِيئَةِ وَالْمَحَبَّةِ يَقْتَضِي مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْآخَرُ وَلِهَذَا يُقَالُ الْإِنْسَانُ يَشَاءُ دُخُولَ الدَّارِ وَلَا يُقَالُ يُحِبُّهُ وَيُحِبُّ وَلَدَهُ وَلَا تَسُوغُ لَفْظَةُ الْمَشِيئَةِ فِيهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ أَرَدْت فَتَقُولُ هِيَ شِئْت أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا تَطْلُقُ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْبُوشَنْجِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى قَالَ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ أَيْ لِأَنَّ اللَّفْظَيْنِ مُتَرَادِفَانِ ( أَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِفُلَانٍ ) غَيْرُ ذَلِكَ ( أَوْ ) إلَّا أَنْ ( يُرِيدَ ) أَوْ يَشَاءَ أَوْ يَرَى ( غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَبْدُ لَهُ طَلُقَتْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ ) أَوْ جُنُونِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ لِفَوَاتِ مَا جَعَلَهُ مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ ( أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَوْ يَبْدُوَ لِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَأَرَادَ رَفْعَهُ إذَا بَدَا لَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الْبَغَوِيّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا الْبَحْثُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَحَكَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فَهُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَلَمْ يَطَّلِعْ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى هَذَا النَّصِّ فَقَالَ إنَّهُ نَصٌّ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ فَثَبَتَ أَنَّهُ نَصٌّ عَلَيْهِ وَعَلَى نَظِيرِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يُخَالِفُهُ فَيُعْمَلُ بِهِ ( أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ( إنْ لَمْ يَشَأْ فُلَانٌ فَقَالَ لَمْ أَشَأْ ) أَيْ الطَّلَاقَ أَوْ سَكَتَ حَتَّى مَاتَ ( طَلُقَتْ ) فِي الْحَالِ فِي الْأُولَى وَقُبَيْلَ الْمَوْتِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ زِيَادَتِهِ
قُبَيْلَ الْبَابِ الْخَامِسِ .
( قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَرَدْت فَتَقُولُ هِيَ شِئْت أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا تَطْلُقُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ .
( قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ أَشَاءَ ) أَوْ يَبْدُوَ لِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ الطَّلَاقِ
( الطَّرَفُ السَّادِسُ فِي ) مَسَائِلِ ( الدَّوْرِ ) لَوْ ( قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ مَتَى طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ) لِمَوْطُوءَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( أَوْ وَاحِدَةً ) أَوْ ثِنْتَيْنِ ( لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ أَعْتَقْتُك ) أَوْ مَتَى أَعْتَقْتُك ( فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا حَصَلَ الدَّوْرُ ) فَعَلَى صِحَّتِهِ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْمُنَجَّزُ لَوَقَعَ الْمُعَلَّقُ قَبْلَهُ بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ وَلَوْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ الْمُخْتَارَ بُطْلَانُ الدَّوْرِ وَعَلَيْهِ قَالَ ( وَالْمُخْتَارُ ) وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ ( وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ ) دُونَ الْمُعَلَّقِ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لِأَنَّهُ مَشْرُوطًا بِهِ فَوُقُوعُهُ مُحَالٌ بِخِلَافِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ إذْ قَدْ يَتَخَلَّفُ الْجَزَاءُ عَنْ الشَّرْطِ بِأَسْبَابٍ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ سَالِمٍ بِعِتْقِ غَانِمٍ ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَا يَفِي ثُلُثُ مَالِهِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا لَا يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا بَلْ يَتَعَيَّنُ عِتْقُ غَانِمٍ وَشَبَّهَ هَذَا بِمَا لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ يَثْبُتُ النَّسَبُ دُونَ الْمِيرَاثِ وَلِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمُعَلَّقِ وَالْمُنَجَّزِ مُمْتَنِعٌ وَوُقُوعَ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَالْمُنَجَّزُ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِافْتِقَارِ الْمُعَلَّقِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْجَزَاءَ قَبْلَ الشَّرْطِ وَهُوَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ فَيَلْغُو التَّعْلِيقُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ فَيَبْعُدُ سَدُّ بَابِهِ ( وَكَذَا يَقَعُ ) الْمُنَجَّزُ فَقَطْ لَوْ قَالَ ( أَنْت طَالِقٌ ) الْيَوْمَ ( ثَلَاثًا إنْ طَلَّقْتُك غَدًا وَاحِدَةً ) فَطَلَّقَهَا غَدًا وَاحِدَةً .
مَبْحَثٌ الطَّرَفُ السَّادِسُ ) .
( قَوْلُهُ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ مَتَى طَلَّقْتُك إلَخْ ) قَالَ مَتَى وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى زَوْجَتِي بِتَعْلِيقٍ أَوْ تَنْجِيزٍ فَطَلَاقُهَا مَوْقُوفٌ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلُقَتْ وَالتَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ لَاغٍ غ إذْ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ يَسْتَحِيلُ تَعْلِيقُهُ ( قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ) أَيْ أَوْ مَعَهُ ( قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ ) فَلَزِمَ مِنْ وُقُوعِهِ عَدَمُ وُقُوعِهِ فَلَمْ يَقَعْ وَهَذَا كَمَا لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِصَدَاقِهَا الَّذِي ضَمِنَهُ السَّيِّدُ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمَلَكَتْهُ فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ فَيَسْقُطُ الصَّدَاقُ قُبَيْلَ الْبَيْعِ .
( قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ عُظَمَاءَ عُلَمَاءِ مَشَايِخِي وَهُمْ الَّذِينَ انْتَهَتْ إلَيْهِمْ رِيَاسَةُ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ وَقَدْ جَمَعْت فِيهِ جُزْءًا كَبِيرًا اسْتَوْعَبْتُ فِيهِ الْأَجْوِبَةَ عَنْ شُبْهَةِ مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَنَبَّهْت فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْوُقُوعِ بَعْدَ سِتِّمِائَةٍ إلَّا عَنْ السُّبْكِيّ ثُمَّ رَجَعَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وَإِلَّا الْإِسْنَوِيُّ وَعُمْدَتُهُ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ فَنَقَضَتْهُ بِأَنَّ الْأَكْثَرَ يَقُولُونَ بِالْوُقُوعِ وَأَوْضَحْت ذَلِكَ غَايَةَ الْإِيضَاحِ وَنَقَلْت فِيهِ قَوْلَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فِي قَوْلِهِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ وَبَيَّنْت أَنَّ الَّذِي نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ إنَّمَا هُوَ الدَّوْرُ الشَّرْعِيُّ وَلَمْ يُعَرِّجْ قَطُّ عَلَى هَذَا الدَّوْرِ الْجُعْلِيِّ .
( قَوْلُهُ وَوُقُوعُ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَالْمُنَجَّزُ أَوْلَى إلَخْ ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا عَكَسَ
التَّعْلِيقَ فَقَالَ كُلَّمَا تَلَفَّظْت بِطَلَاقِك فَلَمْ يَقَعْ عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَإِذَا طَلَّقَهَا انْحَلَّ الدَّوْرُ قَالَ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْقَبْلِيَّ قَدْ صَارَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُعَلَّقًا عَلَى النَّقِيضِينَ وَهُمَا الْوُقُوعُ وَعَدَمُ الْوُقُوعِ وَكُلَّمَا كَانَ لَازِمًا لِلنَّقِيضَيْنِ فَهُوَ وَاقِعٌ ضَرُورَةً لِاسْتِحَالَةِ وُقُوعِ خُلُوِّ الْوَاقِعِ عَنْ أَحَدِهِمَا وَقَدْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ فِي تَعْلِيقِهِ فَقَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ وُقُوعُ الْقَبْلِيِّ وَكَيْفَ يَكُونُ مُقْتَضَاهُ وَوُقُوعُهُ مُسْتَحِيلًا ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى صِحَّةِ الدَّوْرِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ امْتِنَاعَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ وَالْمُنَجَّزِ ، وَأَمَّا التَّعْلِيقُ الثَّانِي فَهُوَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْقَبْلِيِّ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وَهُوَ لَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ لَكِنَّ وُقُوعَ الْقَبْلِيِّ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ مُسْتَحِيلٌ لِلدَّوْرِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بِالتَّعْلِيقِ الثَّانِي لَوَقَعَ قَبْلَهُ الثَّلَاثُ وَجَاءَ الدَّوْرُ وَاعْتَرَضَ أَيْضًا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ الدَّوْرُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِمَا أَحْدَثَهُ مِنْ التَّعْلِيقِ لَزِمَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثَ قَبْلَهُ فَالتَّعْلِيقُ الْأَوَّلُ مَتَى وَقَعَ لَمْ يَقَعْ بِالتَّعْلِيقِ الثَّانِي شَيْءٌ فَالدَّوْرُ مُسْتَمِرٌّ بِحَالِهِ .
( فَإِنْ قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ ) مَثَلًا ( فَطَلَّقَهَا قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ وَقَعَتْ الْمُنَجَّزَةُ ) دُونَ الْمُعَلَّقَةِ لِأَنَّ الْوُقُوعَ لَا يَسْبِقُ اللَّفْظَ ( أَوْ بَعْدَهَا ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّهَا ( وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ فَطَلْقَتَانِ ) إحْدَاهُمَا مُنَجَّزَةٌ وَالْأُخْرَى مُعَلَّقَةٌ ( أَوْ ) وَهِيَ ( مُنْقَضِيَةٌ فَالْمُنَجَّزَةُ ) دُونَ الْمُعَلَّقَةِ أَمَّا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ فَالْمُنَجَّزَةُ مُطْلَقًا ( فَإِنْ كَانَ قَالَ ) لِمَوْطُوءَةٍ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ ( ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَلَا دَوْرَ ) فَيَقَعُ الْمُنَجَّزُ بِكُلِّ حَالٍ ( أَوْ بَعْدَهَا فَدَوْرٌ فَيَقَعُ الْمُنَجَّزُ ) دُونَ الْمُعَلَّقِ ( عَلَى الْمُخْتَارِ فَإِنْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ أَوْ طَلُقَتْ بِصِفَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ) تَعْلِيقًا عَلَى تَعْلِيقِهِ بِالتَّطْلِيقِ كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ ثُمَّ دَخَلَتْ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ ( فَلَا دَوْرَ ) لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَإِنَّمَا وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ فَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ فِي الْأُولَى وَالْمُعَلَّقُ بِالدُّخُولِ فِي الثَّانِيَةِ ( إلَّا ) بِمَعْنَى لَكِنْ ( إنْ عَلَّقَ بِالْوُقُوعِ أَوْ الْحِنْثِ ) كَأَنْ قَالَ إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي أَوْ حِنْثٌ فِي يَمِينِي فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ طَلُقَتْ بِصِفَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ تَعْلِيقًا فَدَوْرٌ فَيَقَعُ عَلَى الْمُخْتَارِ طَلَاقُ الْوَكِيلِ وَالْمُعَلَّقِ بِالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَوْلُهُ ( أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ أُطَلِّقَك وَاحِدَةً ) ثُمَّ طَلَّقَهَا ( دَوْرٌ وَلَوْ طَلَّقَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ ) لِاشْتِمَالِ الْعَدَدِ عَلَى وَاحِدَةٍ فَعَلَى صِحَّةِ الدَّوْرِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَعَلَى بُطْلَانِهِ يَقَعُ الْمُنَجَّزُ ( أَوْ ) قَالَ ( إنْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ وَاحِدَةً فَإِنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا فَدَوْرٌ ) فَتَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَى الْمُخْتَارِ وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً
أَوْ ثِنْتَيْنِ وَقَعَ الْمُنَجَّزُ بِكُلِّ حَالٍ .
( فَرْعٌ لَوْ قَالَ إنْ آلَيْت أَوْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ لَاعَنْتُك أَوْ رَاجَعْتُك أَوْ فَسَخْت النِّكَاحَ بِعَيْبِك ) أَوْ حَلَفْت بِطَلَاقِك ( فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَفَعَلَهُ ) أَيْ مَا عَلَّقَ بِهِ ( حَصَلَ الدَّوْرُ ) فَلَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الدَّوْرِ ( وَيَنْفُذُ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ ) مِنْ ذَلِكَ ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) مِنْ بُطْلَانِ الدَّوْرِ ( فَإِنْ عَلَّقَ ) الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ ( بِمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِهِ كَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ أَوْ عِتْقِهَا أَوْ اسْتِحْقَاقِ ) أَيْ أَوْ عَلَّقَ بِاسْتِحْقَاقِ ( حَقٍّ لَهَا كَالنَّفَقَةِ ) وَالْقَسْمِ وَالْفَسْخِ بِعَيْبِهِ أَوْ عِتْقِهَا وَطَلَبِ الطَّلَاقِ فِي الْإِيلَاءِ ( فَاسْتَحَقَّتْهُ أَوْ فَسَخَتْ ) بِمَا ذُكِرَ ( نَفَذَ الْفَسْخُ وَثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ ) وَلَا دَوْرَ وَإِنْ أَثْبَتْنَاهُ فِيمَا مَرَّ لِأَنَّ هَذِهِ فَسَوْخٌ وَحُقُوقٌ تَثْبُتُ عَلَيْهِ قَهْرًا وَلَا تَتَعَلَّقُ بِمُبَاشَرَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ فَلَا يَصْلُحُ تَصَرُّفُهُ رَافِعًا لَهَا وَمُبْطِلًا لِحَقِّ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ عَلَّقَ بِانْفِسَاخِ نِكَاحِهَا ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ اشْتَرَاهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ وَوَطِئَهَا لَمْ تَطْلُقْ لِلدَّوْرِ لِأَنَّهُ إذَا ) الْأُولَى لَوْ ( وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَكُنْ الْوَطْءُ مُبَاحًا ) وَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا يُقَيَّدُ هُنَا بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ لِأَنَّ الدَّوْرَ يَحْصُلُ بِالْوَاحِدَةِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ .
( أَوْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إنْ طَلَّقْتُك طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهَا طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا ) طَلْقَةً ( رَجْعِيَّةً فَدَوْرٌ فَتَقَعُ الْوَاحِدَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ ) وَلَا تَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ ( وَإِنْ اخْتَلَعَهَا ) أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا ( وَقَعَ الْمُنَجَّزُ ) دُونَ الْمُعَلَّقِ ( وَلَا دَوْرَ لِأَنَّ الصِّفَةَ ) وَهِيَ الطَّلْقَةُ الرَّجْعِيَّةُ ( لَمْ تُوجَدْ وَإِنْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك ) طَلَاقًا ( رَجْعِيًّا فَأَنْت طَالِقٌ مَعَهُ ثَلَاثًا ) فَطَلَّقَهَا ( فَدَوْرٌ وَيَقَعُ ) الْأُولَى فَيَقَعُ ( مَا نَجَّزَ عَلَى الْمُخْتَارِ ) وَأَمَّا عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ طَلَّقْتُك رَجْعِيًّا فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَيَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَا دَوْرَ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً كَانَتْ رَجْعِيَّةً ثُمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الطَّلْقَتَانِ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لِزَوْجَتِهِ ( مَتَى دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْت زَوْجَتِي فَعَبْدِي حُرٌّ قَبْلَهُ وَمَتَى دَخَلَهَا وَهُوَ عَبْدِي فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَدَخَلَا مَعًا فَدَوْرٌ ) فَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَلَا تَطْلُقُ الزَّوْجَةُ لِأَنَّهُمَا لَوْ حَصَلَا لَحَصَلَا مَعًا قَبْلَ دُخُولِهِمَا وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ عَبْدَهُ وَقْتَ الدُّخُولِ وَلَا الْمَرْأَةُ زَوْجَتَهُ وَقْتَئِذٍ فَلَا تَكُونُ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا حَاصِلَةً وَلَا يَأْتِي فِي هَذِهِ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ الدَّوْرِ إذْ لَيْسَ فِيهَا سَدُّ بَابِ التَّصَرُّفِ ( وَإِنْ تَرَتَّبَا ) دُخُولًا ( وَقَعَ ) الْمُعَلَّقُ عَلَى ( الْمَسْبُوقِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ السَّابِقِ فَلَوْ دَخَلَتْ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا ثُمَّ الْعَبْدُ عَتَقَ وَلَمْ تَطْلُقْ هِيَ لِأَنَّهُ حِينَ دَخَلَ لَمْ يَكُنْ عَبْدًا لَهُ فَلَمْ تَحْصُلْ صِفَةُ طَلَاقِهَا وَلَوْ دَخَلَ الْعَبْدُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمَرْأَةُ طَلُقَتْ وَلَمْ يَعْتِقْ ( وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ) فِي تَعْلِيقِهِ الْمَذْكُورِ لَفْظَ ( قَبْلَهُ ) فِي الطَّرَفَيْنِ ( وَدَخَلَا مَعًا عَتَقَ وَطَلُقَتْ ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الدُّخُولِ بِالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ ( وَإِنْ تَرَتَّبَا ) دُخُولًا ( فَكَمَا سَبَقَ ) آنِفًا فِي نَظِيرَتِهَا .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لِزَوْجَتِهِ ( مَتَى أُعْتِقَتْ ) أَنْت ( أَمَتِي وَأَنْت زَوْجَتِي فَهِيَ حُرَّةٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا مَتَى أَعْتَقْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَ إعْتَاقِك إيَّاهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ أَعْتَقَتْهَا الْمَرْأَةُ قَبْلَ ثَلَاثٍ ) مِنْ الْأَيَّامِ ( عَتَقَتْ ) لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ ( وَلَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّهَا لَوْ طَلُقَتْ لَطَلُقَتْ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الطَّلَاقُ مُتَقَدِّمًا عَلَى اللَّفْظِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ وَإِنَّمَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ تَلَفُّظُ الزَّوْجَةِ بِإِعْتَاقِهَا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهَا فِي إعْتَاقِهَا ( أَوْ ) أَعْتَقَهَا ( بَعْدَهَا ) أَيْ الثَّلَاثِ ( لَمْ يَقَعَا ) أَيْ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْإِعْتَاقِ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لَهُ فَلَا تَعْتِقُ الْأَمَةُ لِأَنَّهَا لَوْ عَتَقَتْ لَطَلُقَتْ الزَّوْجَةُ قَبْلَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً لَهُ وَإِذَا لَمْ تَعْتِقْ لَمْ تَطْلُقْ أَيْضًا لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِعِتْقِهَا .
( الطَّرَفُ السَّابِعُ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ ) وَنَحْوِهِ ( فَمِنْهَا الْحَلِفُ وَهُوَ مَا اقْتَضَى مَنْعًا ) مِنْ الْفِعْلِ ( أَوْ حَثًّا ) عَلَيْهِ ( أَوْ تَحْقِيقَ خَبَرٍ وَجَلْبَ تَصْدِيقٍ ) لِلْحَالِفِ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ فَرْعُ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَنْعُ وَالْحَثُّ لِنَفْسِهِ أَمْ لِزَوْجَتِهِ أَمْ لِغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ وَجَلْبُ تَصْدِيقٍ عَطْفُ تَفْسِيرٍ ( فَإِنْ قَالَ ) لِزَوْجَتِهِ ( إذَا ) أَوْ إنْ ( حَلَفْت أَوْ أَقْسَمْت أَوْ عَقَدْت يَمِينِي ) بِطَلَاقِك ( فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَدْخُلِي ) الدَّارَ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت أَوْ نَحْوَهَا ( فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ) طَلْقَةً ( لِلْحَلِفِ ) بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ إذْ الْأَوَّلُ مِثَالٌ لِلْمَنْعِ لَهَا مِنْ الدُّخُولِ وَالثَّانِي مِثَالٌ لِلْحَثِّ لَهَا عَلَيْهِ وَالثَّالِثُ مِثَالٌ لِتَحْقِيقِ الْخَبَرِ ( وَ ) تَطْلُقُ ( بِوُجُودِ الصِّفَةِ الْأُخْرَى ) مِنْ الدُّخُولِ أَوْ عَدَمِهِ أَوْ عَدَمِ كَوْنِ الْأَمْرِ كَمَا قَالَهُ أَوْ نَحْوَهَا إنْ وُجِدَتْ ( فِي الْعِدَّةِ ) طَلْقَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ رَجْعِيًّا ( لَا إنْ قَالَ ) بَعْدَ تَعْلِيقِهِ بِالْحَلِفِ ( إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ ) إنْ ( حِضْت وَنَحْوَهُ ) كَإِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إنْ طَهُرْت أَوْ إنْ نَفِسَتْ فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ ( لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَلِفٍ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْعٍ وَلَا حَثٍّ وَلَا تَحْقِيقِ خَبَرٍ بَلْ مَحْضُ تَعْلِيقٍ وَكَمَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا يَقْدُمُ الْحَاجُّ وَلَا يَدْخُلُ الشَّهْرُ وَلَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ وَلَا يَجِيءُ الْمَطَرُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ لَكِنْ الرَّافِعِيُّ جَعَلَهُ فِي الْأَيْمَانِ يَمِينًا وَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ بِالصِّفَةِ إنْ وُجِدَتْ ( إلَّا إنْ ادَّعَى ) الزَّوْجُ ( الطُّلُوعَ ) لِلشَّمْسِ مَثَلًا ( فَكَذَّبَتْهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تَطْلُعْ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ حَلِفٌ ) لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ تَحْقِيقَ
الْخَبَرِ وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ ذَلِكَ تَعْلِيقًا بِالطُّلُوعِ بَلْ بِتَبَيُّنِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ .
( فَإِنْ قَالَ إنْ أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَصَدَ مَنْعَهُ وَهُوَ مِمَّنْ يَمْتَنِعُ ) أَوْ مِمَّنْ يُبَالِي ( بِحَلِفِهِ فَحَلَفَ وَإِلَّا ) بِأَنْ قَصَدَ التَّأْقِيتَ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مِمَّنْ لَا يَمْتَنِعُ بِحَلِفِهِ كَالسُّلْطَانِ أَوْ الْحَجِيجِ ( فَتَعْلِيقٌ ) مَحْضٌ لَا حَلِفٌ وَفِي مَعْنَى الْقُدُومِ الدُّخُولُ وَالْخُرُوجُ وَنَحْوُهُمَا .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إذَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ ) أَيْ أَتَى بِهِ مُكَرَّرًا ( ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ فَرَّقَهَا ) أَيْ مَرَّاتِ الْحَلِفِ ( قَدْرًا يَسَعُ الْحَلِفَ بِهِ ) أَيْ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ وَصَلَهَا ( وَقَعَ بِالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ إنْ سَكَتَ بَعْدَهَا ) عَنْ الْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ بِإِنْ ( لِاقْتِضَاءِ إذَا لَمْ الْفَوْرِ ) دُونَ إنْ لَمْ وَلَا يَقَعُ بِالْأُولَى وَلَا بِالثَّانِيَةِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ حَلَفَ بَعْدَهُمَا بِطَلَاقِهَا وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا إلَى قَصْدِ التَّأْكِيدِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّ الثَّانِيَ مَثَلًا لَا يَصْلُحُ لِلتَّأْكِيدِ إذْ شَرْطُهُ عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الْأَوَّلِ وَهُنَا يُؤَثِّرُ فِيهِ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لَهُ تَنْحَلُّ بِهَا بِخِلَافِهِ فِيمَا لَوْ كَرَّرَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَيُقَاسُ بِالثَّلَاثِ مَا فَوْقَهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ لِمَدْخُولٍ بِهَا غَيْرُهَا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ أَكَرَّرَ أَمْ لَا ( وَتَقَعُ الثَّلَاثُ فِي قَوْلِهِ لِمَوْطُوءَةٍ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك ) فَأَنْت طَالِقٌ ( بِتَكْرِيرِهِ ) لَهُ ( أَرْبَعًا ) لِأَنَّ مَا كَرَّرَهُ حَلِفٌ فَيَقَعُ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ طَلْقَةً لِأَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ الْأُولَى وَيَقَعُ بِالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَتَنْحَلُّ وَيَقَعُ بِالرَّابِعَةِ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّالِثَةِ وَتَنْحَلُّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَرَّرَ التَّعْلِيقَ بِالدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِالدُّخُولِ إلَّا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ فِي صُورَةِ الْحَلِفِ تَنْحَلُّ كُلُّ يَمِينٍ بِالْيَمِينِ الَّتِي بَعْدَهَا وَالتَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ لَا يَنْحَلُّ الدُّخُولُ الَّذِي بَعْدَهُ فَلَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ وَخَرَجَ بِالْمَوْطُوءَةِ غَيْرُهَا فَيَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ فَقَطْ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ ( وَ ) يَقَعُ الثَّلَاثُ ( فِي قَوْلِهِ كُلَّمَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِك ) فَأَنْت طَالِقٌ ( بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ
أَوْقَاتٍ ) كُلٌّ مِنْهَا يَسَعُ الْحَلِفَ بِهِ لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ .
( وَإِنْ قَالَ لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ إذَا كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ أَرْبَعًا وَقَعَ بِالثَّانِيَةِ ) طَلْقَةٌ ( وَهِيَ يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ وَتَنْحَلُّ بِالثَّالِثَةِ ) لِأَنَّ التَّعْلِيقَ هُنَا بِالْكَلَامِ وَالْكَلَامُ قَدْ يَكُونُ فِي الْبَيْنُونَةِ وَفِيمَا مَرَّ التَّعْلِيقُ بِالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي حَالَةِ الْبَيْنُونَةِ وَقَوْلُهُ وَهِيَ يَمِينٌ إلَى آخِرِهِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ إنَّمَا تَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَوْدِ الْحِنْثِ وَذَلِكَ إنَّمَا يُنَاسِبُ الْأَصْلَ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ وَكَرَّرَهُ مِرَارًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِمَا إلَّا طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ ) بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ ( لِأَنَّ تِلْكَ ) أَيْ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا ( بَانَتْ ) بِهَا وَلَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِالثَّالِثَةِ لِأَنَّ شَرْطَ الطَّلَاقِ الْحَلِفُ بِهِمَا وَلَا يَصِحُّ الْحَلِفُ بِالْبَائِنِ كَمَا قَالَ ( فَيَلْغُو الْحَلِفُ بِهِ ) أَيْ بِطَلَاقِهَا ( فَإِنْ نَكَحَ الْبَائِنَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا ) وَحْدَهَا ( وَتِلْكَ ) أَيْ الْمَدْخُولُ بِهَا ( فِي الْعِدَّةِ ) أَوْ رَاجَعَهَا ( طَلُقَتْ ) لِحُصُولِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا إذْ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا مَعًا ( لَا الْمَنْكُوحَةِ ) فَلَا تَطْلُقُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَتَجْدِيدِ النِّكَاحِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا مَا لَوْ دَخَلَ بِهِمَا فَتَطْلُقَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ وَمَا لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَتَطْلُقَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً وَتَبِينَانِ ( وَإِنْ قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ فَلَا طَلَاقَ ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ ( لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ بِطَلَاقِ إحْدَاهُمَا وَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا ) بِمُوجِبِ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ ( وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ ) أَوْ التَّعْيِينُ لِلْمُطَلَّقَةِ ( وَكَذَا لَوْ قَالَ ) إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا ( فَعَمْرَةُ ) مِنْكُمَا ( طَالِقٌ عِوَضُ إحْدَاكُمَا ) وَكَرَّرَهُ ( لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِطَلَاقِهِمَا وَإِنَّمَا حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَحْدَهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ( فَلَوْ قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ وَأَعَادَهُ ) مَرَّةً ( ثَانِيَةً طَلُقَتَا مَعًا ) لِأَنَّ طَلَاقَهُمَا هُنَا مُعَلَّقٌ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِ إحْدَاهُمَا .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لِنِسْوَتِهِ ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِهَا ) مِنْكُنَّ ( فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقْنَ بِإِمْكَانِ الْحَلِفِ بَلْ بِالْيَأْسِ مِنْهُ ) بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَوْتِهِنَّ أَوْ بِجُنُونِهِ الْمُتَّصِلِ بِمَوْتِهِ إذْ لَيْسَ فِي عِبَارَتِهِ تَعَرُّضٌ لِلْوَقْتِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَتَى أَوْ أَيُّ وَقْتٍ لَمْ أَحْلِفْ وَقِيلَ إذَا سَكَتَ سَاعَةً يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ فِيهَا بِطَلَاقِهِنَّ طَلُقْنَ فَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ بَعْدَ هَذَا عَقِبَ الْكَلَامِ عَلَى النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا فَالْأُخْرَيَاتُ طَوَالِقُ .
( فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ وَبِأَكْلِ نِصْفِهَا فَأَكَلَتْهَا فَطَلْقَتَيْنِ ) تَطْلُقُ لِحُصُولِ الصِّفَتَيْنِ ( وَإِنْ كَانَ ) التَّعْلِيقُ ( بِصِيغَةِ كُلَّمَا ) وَلَوْ فِي النِّصْفِ فَقَطْ ( فَثَلَاثًا ) تَطْلُقُ لِأَنَّهَا أَكَلَتْ رُمَّانَةً وَأَكَلَتْ نِصْفَ رُمَّانَةٍ مَرَّتَيْنِ .
( فَرْعٌ الْبِشَارَةُ تَخْتَصُّ عُرْفًا بِالْخَبَرِ ) الْأَوَّلُ ( السَّارُّ الصِّدْقُ قَبْلَ الشُّعُورِ ) بِهِ وَذِكْرُ السَّارِّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِهِ إذَا أُطْلِقَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِخَبَرٍ أَوْ أَمْرٍ عَنْ زَيْدٍ فَلَوْ قَيَّدَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَهِيَ طَالِقٌ اكْتَفَى بِصِدْقِ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ كَارِهًا لَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( وَالْخَبَرُ يَعُمُّ ) السَّارَّ وَالصِّدْقَ وَغَيْرَهُمَا ( فَلَوْ قَالَ مَنْ بَشَّرَتْنِي مِنْكُنَّ بِكَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَبَشَّرَتَاهُ مَعًا طَلُقَتَا ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْكُمَا هَذَا الرَّغِيفَ فَهِيَ طَالِقٌ فَأَكَلَتَاهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَصْلًا إذْ لَمْ تَأْكُلْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَالْبِشَارَةُ لَفْظٌ عَامٌّ لَا يَنْحَصِرُ فِي وَاحِدَةٍ فَيَصْدُقُ اسْمُهَا بِبِشَارَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَطَلُقَتَا ( أَوْ مُرَتَّبًا فَالْأُولَى ) تَطْلُقُ ( أَوْ كَذَبَتَاهُ ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ كَذَبَتَا عَلَيْهِ ( أَوْ ) بَشَّرَتَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا ( بَعْدَ مَا عَلِمَ بِهِ فَلَا طَلَاقَ فَإِنْ كَذَّبَتْ الْأُولَى وَصَدَّقَتْ الثَّانِيَةُ طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ ) فَقَطْ ( فَإِنْ قَالَ مَنْ أَخْبَرَتْنِي ) مِنْكُمَا بِكَذَا ( فَأَخْبَرَتَاهُ ) وَلَوْ ( كَذِبًا أَوْ بَعْدَ الْعِلْمِ ) أَيْ عِلْمِهِ ( بِالْخَبَرِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا طَلُقَتَا ) لِأَنَّ الْخَبَرَ يَقَعُ عَلَى الصِّدْقِ وَالْأَوَّلِ وَغَيْرِهِمَا ( وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ بِقُدُومٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَحْصُلَانِ ) أَيْ الْبِشَارَةُ وَالْخَبَرُ ( بِالْمُكَاتَبَةِ ) كَمَا يَحْصُلَانِ بِاللَّفْظِ ( لَا الرَّسُولِ ) لِأَنَّهُ الْمُبَشِّرُ وَالْمُخْبِرُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ فُلَانَةُ تُبَشِّرُك بِكَذَا أَوْ أَرْسَلَتْنِي لِأُخْبِرَك بِكَذَا فَإِنْ قَالَهُ فَهِيَ الْمُبَشِّرَةُ وَالْمُخْبِرَةُ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ مِنْ الْعِتْقِ فِي التَّدْبِيرِ وَذِكْرِ حُصُولِ الْخَبَرِ وَعَدَمِ حُصُولِهِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ .
فَصْلٌ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ ( قَوْلُهُ اكْتَفَى بِصِدْقِ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ كَارِهًا لَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَالْبِشَارَةُ لَفْظٌ عَامٌّ لَا يَنْحَصِرُ فِي وَاحِدَةٍ إلَخْ ) ؛ لِأَنَّ مَنْ الشَّرْطِيَّةُ تُفِيدُ الْعُمُومَ وَلِأَنَّ بِشَارَةَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتُفِيدُ الْعُمُومَ إذْ التَّقْدِيرُ مَنْ بَشَّرَنِي بِشَارَةً قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَاهُ مِنْ الْحُكْمِ بِالْوُقُوعِ مُشْكِلٌ لَا يُوَافِقُ الْقَوَاعِدَ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مُخْتَصَّةٌ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ قَيْدِ الْأَوَّلِيَّةِ ، وَالْمَعِيَّةُ لَيْسَ فِيهَا أَوَّلِيَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرٌ فَأَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا مَعًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِيَّةِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْبِشَارَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْأَوَّلِيَّةِ وَالْأَوَّلِيَّةُ مُنْتَفِيَةٌ فِي الْمَعِيَّةِ فَحَصَلَ أَنَّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا لَا مُعَوَّلَ عَلَيْهِ وَقَدْ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ مَنْ تَقْتَضِي التَّبْعِيضَ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِلَادَةِ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَوَّلِيَّةِ فِي الْبِشَارَةِ فَاسِدٌ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ هُنَاكَ بِالْأَوَّلِيَّةِ وَلَيْسَ نَظِيرَ الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا نَظِيرُهَا أَنْ يَقُولَ أَوَّلُ مَنْ تُبَشِّرُنِي فَهِيَ طَالِقٌ وَقَوْلُهُ إنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ فَسَّرَ الْبِشَارَةَ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذُكِرَ ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ الْأَوَّلَ كَمَا يَقَعُ مِنْ وَاحِدٍ يَقَعُ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ وَالْمُخْبِرِ الْأَوَّلِ فَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّحَادُ الْمُخْبِرِ وَالْمُخْبِرُ الْأَوَّلُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاتِّحَادُ وَالتَّعْلِيقُ إنَّمَا هُوَ عَلَى
حُصُولِ الْخَبَرِ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَهُ فَهِيَ الْمُبَشِّرَةُ وَالْمُخْبِرَةُ كَمَا سَيَأْتِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ لَوْ نَادَى عَمْرَةَ فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ فَطَلَّقَهَا يَظُنُّهَا عَمْرَةَ طَلُقَتْ ) لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ ( لَا عَمْرَةُ ) لِأَنَّهَا لَمْ تُخَاطَبْ بِالطَّلَاقِ وَظَنُّ خِطَابِهَا بِهِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَهُ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْ نِسَاؤُهُ أَنْت طَالِقٌ وَهُوَ يَظُنُّهَا غَيْرَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا دُونَ الْمَظْنُونَةِ ( فَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا ) أَيْ الْمُجِيبَةَ ( حَفْصَةُ وَقَصَدْتهَا ) بِالطَّلَاقِ ( طَلُقَتْ وَحْدَهَا ) لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ( أَوْ ) قَالَ ( قَصَدْت عَمْرَةَ ) وَحْدَهَا ( حُكِمَ بِطَلَاقِهَا ) ظَاهِرًا وَ بَاطِنًا لِأَنَّهُ نَادَاهَا وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ خَاطَبَهَا وَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا وَفِي نُسْخَةٍ بِطَلَاقِهِمَا وَهُوَ صَحِيحٌ ( وَدُيِّنَ فِي حَفْصَةَ ) وَوَقَعَ طَلَاقُهَا ظَاهِرًا لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِهِ عَنْهَا ظَاهِرًا .
( فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ الْمُدَبَّرُ طَلْقَتَيْنِ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ بِوُجُودِ صِفَةٍ عُلِّقَ عِتْقُهُ عَلَيْهَا ) كَأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت حُرٌّ ( فَمَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَخَرَجَ ) الْمُدَبَّرُ ( مِنْ الثُّلُثِ ) أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ ( أَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ ) الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا عِتْقُ الْعَبْدِ ( بَقِيَ لَهُ طَلْقَةٌ ) فَلَهُ مُرَاجَعَةُ زَوْجَتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ وَقَعَا مَعًا فَلَمْ يَكُنْ رَقِيقًا حَالَ الطَّلَاقِ حَتَّى يَفْتَقِرَ إلَى مُحَلِّلٍ وَالْعِتْقُ كَمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ الطَّلَاقَ لَمْ يَتَأَخَّرْ فَإِذَا وَقَعَا مَعًا غَلَبَ جَانِبُ الْحُرِّيَّةِ كَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأُمِّ وَلَدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ لِأَنَّ بَعْضَهُ رَقِيقٌ ( لَا إنْ عَلَّقَهُمَا ) أَيْ الطَّلْقَتَيْنِ ( بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ السَّيِّدِ ) مَعَ تَعْلِيقِ السَّيِّدِ عِتْقَهُ بِمَوْتِهِ فَلَا يَبْقَى لَهُ طَلْقَةٌ بَلْ تَبِينُ مِنْهُ وَتَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ ( لِتَقَدُّمِ الطَّلَاقِ ) عَلَى الْعِتْقِ ( وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِالْغَدِ إنْ عَتَقْت فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَجَاءَ الْغَدُ عَتَقَ وَبَقِيَ لَهُ طَلْقَةٌ لِتَقَدُّمِ الْعِتْقِ ) عَلَى الطَّلَاقِ .
( فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ زَوْجُ الْأَمَةِ طَلَاقَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا وَهُوَ وَارِثُهُ فَمَاتَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً أَوْ كَانَ عَلَيْهِ ) أَيْ السَّيِّدِ ( دَيْنٌ ) لِأَنَّهَا بِمَوْتِهِ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ فَلَا يُصَادِفُ الطَّلَاقُ مَحِلًّا كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِمَوْتِ نَفْسِهِ أَوْ بِمَوْتِهَا وَلِأَنَّ مَوْتَهُ يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ وَالطَّلَاقُ وَاجْتِمَاعُهُمَا مُمْتَنِعٌ فَيَقَعُ الْأَقْوَى وَهُوَ الِانْفِسَاخُ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ قَهْرًا وَالطَّلَاقُ يَتَعَلَّقُ وُقُوعُهُ بِالِاخْتِيَارِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُ وَنَوَى عِتْقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ وَخَرَجَ بِالْوَارِثِ غَيْرُهُ كَأَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ فَتَطْلُقُ حِينَئِذٍ ( فَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً ) وَالزَّوْجُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا ( طَلُقَتْ إنْ عَتَقَتْ بِالتَّدْبِيرِ ) الْأَوْلَى بِمَوْتِ سَيِّدِهَا ( وَلَوْ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ ) لِلْعِتْقِ كَمَا تَعْتِقُ بِهِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ إذْ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِعَدَمِ دُخُولِهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي مِلْكِ الْوَارِثِ حِينَئِذٍ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( عَلَّقَ طَلَاقَهَا ) أَيْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ ( بِشِرَائِهَا وَعَلَّقَ السَّيِّدُ عِتْقَهَا بِبَيْعِهَا وَاشْتَرَاهَا ) مِنْهُ زَوْجُهَا ( عَتَقَتْ فِي الْحَالِ عَلَى السَّيِّدِ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَقُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَمْ الْمُشْتَرِي أَمْ مَوْقُوفٌ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِيهِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ فَالْأَمَةُ مِلْكٌ لَهُ وَقَدْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ وَإِعْتَاقُهُ فَسْخٌ فَتَعُودُ الْأَمَةُ بِالْإِعْتَاقِ إلَى مِلْكِهِ ( وَطَلُقَتْ ) إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى الْمُشْتَرِي وَقَدْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ ( لَا إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي ) فَلَا تَطْلُقُ لِمُصَادَفَةِ حَالِ حُصُولِ الْمِلْكِ وُقُوعَ الِانْفِسَاخِ ( كَمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمِلْكِهَا ) بِأَنْ قَالَ مَعَ تَعْلِيقِ السَّيِّدِ عِتْقَهَا عَلَى بَيْعِهَا إنْ مَلَكْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَمَلَكَهَا فَإِنَّهَا تَعْتِقُ فِي الْحَالِ وَلَا تَطْلُقُ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي لِمَا مَرَّ آنِفًا ( وَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَطَلَّقَهَا فِي الْمَجْلِسِ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ( طَلُقَتْ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ ) فِيهِ ( لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ وَفُسِخَ ) الْعَقْدُ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَمْلِكْهَا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفٌ وَلَمْ يُفْسَخْ الْعَقْدُ ( فَلَا ) تَطْلُقُ لِانْفِسَاخٍ كَمَا مَرَّ ( وَإِذَا طَلَّقَهَا ) حِينَئِذٍ ( دُونَ ثَلَاثٍ ) رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا ( فَلَهُ وَطْؤُهَا ) بِمِلْكِ الْيَمِينِ ( فِي عِدَّتِهِ ) وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى انْقِضَائِهَا كَمَا لَهُ نِكَاحُ مُخْتَلِعَتِهِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ .
قَوْلُهُ أَوْ مَوْقُوفٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ .
( فَصْلٌ لَوْ قَالَ ) لِزَوْجَتِهِ ( أَنْت طَالِقٌ أَوْ ) لِأَمَتِهِ أَنْت ( حُرَّةٌ يَوْمَ يَقْدُمُ زَيْدٌ فَمَاتَتْ ) أَيْ الزَّوْجَةُ ( أَوْ بَاعَهَا ) أَيْ الْأَمَةُ ( ضَحْوَةً وَقَدِمَ ظُهْرًا تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ مِنْ الْفَجْرِ لَا عَقِيبَ الْقُدُومِ ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ مُضَافٌ إلَى يَوْمِ الْقُدُومِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا وَقَدْ حَصَلَ الْوَصْفُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ فَمَاتَتْ أَوْ بَاعَهَا ضَحْوَةً مِثَالٌ فَلَوْ لَمْ يَقَعْ مَوْتٌ وَلَا بَيْعٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ( فَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا لَغَا ) أَيْ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ تَعْتِقْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْوَصْفِ ( إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْوَقْتَ ) فَتَطْلُقُ أَوْ تَعْتِقُ لِأَنَّ الْيَوْمَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي مُطْلَقِ الْوَقْتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ } فَإِنَّهُ أَرَادَ وَقْتَ الْقِتَالِ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لِزَوْجَتِهِ ( أَنْت طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا بِثَلَاثِ أَصَابِعَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا كَمَا تَطْلُقُ فِي أُصْبُعٍ طَلْقَةً وَفِي أُصْبُعَيْنِ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِي الْعَدَدِ وَفِي الْحَدِيثِ { الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا } وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ وَعَقَدَ بِإِبْهَامِهِ فِي الثَّالِثَةِ وَأَرَادَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ مَعَ الْإِشَارَةِ يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ بِالْعَدَدِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ مُفْهِمَةً لِذَلِكَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ وَأَقَرَّهُ ( فَإِنْ أَرَادَ ) بِالْإِشَارَةِ فِي صُورَةِ الثَّلَاثِ ( الْمَقْبُوضِينَ لَا إحْدَاهُمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) فَلَا يَقَعُ أَكْثَرُ مِنْ طَلْقَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي إرَادَةِ إحْدَاهُمَا لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مَعَ اللَّفْظِ صَرِيحَةٌ فِي الْعَدَدِ كَمَا مَرَّ فَلَا يُقْبَلُ خِلَافُهَا ( فَإِنْ أَشَارَ ) مَعَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ( وَلَمْ يَقُلْ هَكَذَا لَغَتْ الْإِشَارَةُ وَلَمْ يَتَعَدَّدْ ) أَيْ الطَّلَاقُ فِي ذَلِكَ ( إلَّا بِالنِّيَّةِ وَقَوْلُ الْمُشِيرِ بِثَلَاثٍ أَنْتِ هَكَذَا لَغْوٌ ) أَيْ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ ( وَلَوْ نَوَى الطَّلَاقَ ) لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُشْعِرُ بِهِ وَالنِّيَّةَ لَا تُؤَثِّرُ بِغَيْرِ لَفْظٍ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِهَا الْأُصْبُعَ دُونَ الزَّوْجَةِ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَلَمْ يُدَيَّنْ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ الثَّلَاثَ وَنَوَى الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ .
( فَصْلٌ قَالَ أَنْت طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا ) .
( قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِشَارَةُ مُفْهِمَةً إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ بِإِحْدَاهُمَا ) أَيْ الصِّفَتَيْنِ ( وَكَذَا ) تَطْلُقُ بِإِحْدَاهُمَا ( إنْ قَدِمَ ) أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى الشَّرْطِ ( وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ ) فِيهِمَا فَلَا يَقَعُ بِالصِّفَةِ الْأُخْرَى شَيْءٌ ( فَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْت ) الدَّارَ ( وَإِنْ كَلَّمْت ) زَيْدًا بِتَقْدِيمِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ تَأْخِيرِهِ ( وَقَعَ بِكُلِّ صِفَةٍ طَلْقَةٌ وَ ) لَوْ قَالَ ( إنْ دَخَلْت وَكَلَّمْت ) بِتَقْدِيمِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ تَأْخِيرِهِ ( اُشْتُرِطَا ) أَيْ الْوَصْفَانِ أَيْ وُجُودُهُمَا ( لِوُقُوعِ طَلْقَةٍ فَإِنْ عَطَفَ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ ) كَإِنْ دَخَلْت فَكَلَّمْت أَوْ ثُمَّ كَلَّمْت ( اُشْتُرِطَ تَرْتِيبُهُمَا ) بِأَنْ تَقَدَّمَ فِي الْمِثَالِ الدُّخُولُ عَلَى الْكَلَامِ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ فِي الْفَاءِ اتِّصَالُ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي التَّدْبِيرِ وَقِيَاسُهُ اشْتِرَاطُ انْفِصَالِهِ عَنْهُ فِي ثُمَّ فِي ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ ( وَكَذَا ) يُشْتَرَطُ تَرْتِيبُهُمَا ( فِي ) قَوْلِهِ ( إنْ دَخَلْت إنْ كَلَّمْت لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلْأَوَّلِ فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلتَّعْلِيقِ وَهُوَ يَقْبَلُهُ كَمَا أَنَّ التَّنْجِيزَ يَقْبَلُهُ وَيُسَمَّى اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي } الْآيَةَ أَيْ إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ فَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إنْ أَرَدْت أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ ( فَإِنْ عُكِسَتْ ) بِأَنْ دَخَلَتْ ثُمَّ كَلَّمَتْ أَوْ وُجِدَا مَعًا ( لَمْ تَطْلُقْ وَانْحَلَّتْ ) أَيْ الْيَمِينُ فَلَوْ كَلَّمَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَرَّةِ الْأُولَى كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ دُخُولٌ سَبَقَهُ كَلَامٌ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا بَعْضُهُ وَهُوَ الْكَلَامُ فَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ حَنِثَ وَالتَّعْلِيقُ بِإِنْ فِي الشَّرْطَيْنِ مِثَالٌ فَغَيْرُهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ
مِثْلُهَا ( وَلَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتُك إنْ وَعَدْتُك إنْ سَأَلْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ اُشْتُرِطَ سُؤَالُهَا ثُمَّ وَعْدُهُ ثُمَّ إعْطَاؤُهُ ) وَالْمَعْنَى إنْ سَأَلْتنِي فَوَعَدْتُك فَأَعْطَيْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بَعْدَ كَلَامِهِ عَلَى تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا فِي حَقِّ الْعَارِفِ فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا فَعَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ .
قَوْلُهُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ إلَخْ ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا فِي حَقِّ الْعَارِفِ فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا فَعَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ .
ا هـ .
قَالَ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ لَمْ أَجِدْهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَلَكِنَّ قَوَاعِدَهُمْ تَقْتَضِيهِ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إلَخْ ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ سَاقِطٌ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ انْحِلَالِهَا حُصُولُ الْحِنْثِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي الْبَيْنُونَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافُ الْإِصْطَخْرِيِّ وَالْيَمِينُ مَتَى تَعَلَّقَتْ عَلَى فِعْلٍ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْوُجُودِ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِنَظِيرِهِ إلَّا إذَا دَلَّتْ صِيغَةُ التَّعْلِيقِ عَلَى التَّكْرِيرِ كَكُلَّمَا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فِي الِاعْتِرَاضِ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ دُخُولٌ سَبَقَهُ كَلَامٌ مَمْنُوعٌ بَلْ دُخُولُ أَوَّلٍ يَسْبِقُهُ كَلَامٌ وَالدُّخُولُ الْأَوَّلُ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُهُ وَهُوَ تَقْدِيمُ الْكَلَامِ وَالدُّخُولُ الثَّانِي لَمْ يُعَلَّقْ بِهِ طَلَاقٌ وَهَذَا دَقِيقٌ فَتَأَمَّلْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ شَيْخَنَا أَثِيرَ الدِّينِ صَحَّحَ فِي الِارْتِشَافِ أَنَّ الْأَصَحَّ اشْتِرَاطُ تَقْدِيمِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا صَحَّحَ الْفُقَهَاءُ إلَّا أَنَّ ابْنَ مَالِكٍ صَحَّحَ أَنَّ الثَّانِيَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَهُوَ لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِمَّا تَقَدَّمَ .
( قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيقُ بِإِنْ فِي الشَّرْطَيْنِ مِثَالٌ إلَخْ ) نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّدْبِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فِي قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ إذَا مِتَّ إنْ شِئْت تَأَخُّرَ الْمَشِيئَةِ عَنْ الْمَوْتِ ثُمَّ قَالَ وَلْيَجْرِ هَذَا الْخِلَافُ فِي سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ كَقَوْلِهِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ إنْ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت وَأَرَادَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الْكَلَامِ أَوْ عَكْسَهُ قُبِلَ ) مِنْهُ ( مَا أَرَادَ ) وَإِلَّا اُشْتُرِطَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ ( أَوْ ) قَالَ ( إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا وَعَمْرٌو مَعَ بَكْرٍ ) فَأَنْت طَالِقٌ ( اشْتَرَطَ تَكْلِيمَهُمَا وَكَوْنُ عَمْرٍو مَعَ بَكْرٍ حَالَ كَلَامِهِ ) كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا وَهُوَ رَاكِبٌ ( وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ مَنْ لُغَتُهُ بِهَا ) أَيْ بِلَا ( مِثْلُ إنْ ) كَالْبَغْدَادِيِّينَ ( طَلُقَتْ بِالدُّخُولِ ) وَفَاعِلُ قَالَ مَنْ أَمَّا مَنْ لَيْسَتْ لُغَتُهُ كَذَلِكَ فَتَطْلُقُ زَوْجَتُهُ حَالًا .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ أَرْبَعُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ ) أَوْ إلَّا وَاحِدَةً ( طَلُقْنَ ) جَمِيعًا ( وَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ ) لِأَنَّ الْأَرْبَعَ لَيْسَتْ صِيغَةَ عُمُومٍ وَإِنَّمَا هِيَ اسْمٌ خَاصٌّ لِعَدَدٍ مَعْلُومٍ خَاصٍّ فَقَوْلُهُ إلَّا فُلَانَةَ رَفْعٌ لِلطَّلَاقِ عَنْهَا بَعْدَ التَّنْصِيصِ عَلَيْهَا فَهِيَ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْك وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْأَعْدَادِ فِي الْإِقْرَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُسَلَّمٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ كَأَنْ قَالَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ لَك إلَّا وَاحِدًا مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ نَظِيرَ مَا هُنَا وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَإِنْ صَرَّحَ بِاسْمِ الْعَدَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ ( بِخِلَافِ أَرْبَعُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ ) فَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فِي هَذِهِ وَقَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا تَنَاقُضَ بِخِلَافِ الْأُولَى وَرَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْمُسْتَثْنَى وَتَأَخُّرِهِ وَهُوَ حَسَنٌ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَصْلُ نَقْلُ الْمَسْأَلَةَ بِطَرَفَيْهَا عَنْ الْقَاضِي وَاسْتَشْكَلَ تَعْلِيلَهَا بِمَا ذَكَرَ وَمَيْلُهُ إلَى صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مُطْلَقًا ( أَوْ ) قَالَ ( أَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا حَتَّى يَدْخُلَ عَمْرٌو الدَّارَ ) أَوْ إلَى أَنْ يَدْخُلَ ( اُشْتُرِطَ ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ( تَكْلِيمُ زَيْدٍ قَبْلَ دُخُولِ عَمْرٍو الدَّارَ ) وَالْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا قَبْلَ دُخُولِ عَمْرٍو الدَّارَ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ لَيْسَتْ صِيغَةَ عُمُومٍ ) قَالَ شَيْخُنَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى { فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا } .
( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْأَعْدَادِ فِي الْإِقْرَارِ ) أَيْ وَالطَّلَاقِ .
( قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فِي هَذِهِ وَقَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا تَنَاقُضَ ) بِخِلَافِ الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرٌ .
( قَوْلُهُ وَمَيْلُهُ إلَى صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مُطْلَقًا ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا فِي كُلٍّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْمَالِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كا
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لَهُ شَخْصٌ ( مُسْتَخِيرًا أَطَلَّقْت ) زَوْجَتَك أَوْ طَلَّقْتهَا وَأَرَادَ الِاسْتِفْهَامَ ( فَقَالَ نَعَمْ ) أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يُرَادِفُهَا كَجَيْرَ وَأَجَلْ ( فَإِقْرَارٌ بِهِ ) أَيْ بِالطَّلَاقِ ( وَيَقَعُ ) عَلَيْهِ ( ظَاهِرًا إنْ كَذَبَ ) وَيُدَيَّنُ ( فَإِنْ قَالَ أَرَدْت ) طَلَاقًا ( مَاضِيًا وَرَاجَعْت صُدِّقَ ) بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِهِ وَإِنْ قَالَ أَبَنْتهَا وَجَدَّدْت النِّكَاحَ فَكَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ وَفَسَّرَ بِذَلِكَ ( أَوْ قَالَ ) لَهُ ( ذَلِكَ مُلْتَمِسًا لِلْإِنْشَاءِ فَقَالَ نَعَمْ طَلَّقْت وَقَعَ وَكَذَا ) يَقَعُ ( إذَا اقْتَصَرَ عَلَى نَعَمْ ) إذَا السُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ فَكَأَنَّهُ قَالَ نَعَمْ طَلَّقْتهَا وَلِهَذَا كَانَ صَرِيحًا فِي الْأَقْرَاءِ ( وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى طَلَّقْت فَقِيلَ ) هُوَ ( كِتَابَةً ) لِأَنَّ نَعَمْ تَتَعَيَّنُ لِلْجَوَابِ وَقَوْلُهُ طَلَّقْت مُسْتَقْبَلٌ بِنَفْسِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَلَا طَلَاقَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْهَا فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت فَإِنَّهُ يَقَعُ فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى السُّؤَالِ وَالتَّفْوِيضِ ( وَقِيلَ ) هُوَ ( كَنَعَمْ ) فَيَكُونُ صَرِيحًا وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَلَوْ جَهِلَ حَالَ السُّؤَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ لَا يُسْتَفْهَمُ عَنْهُ وَصَرْفُهُ إلَى الِالْتِمَاسِ مَجَازٌ يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ هُنَا .
قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى طَلَّقْت إلَخْ ) لَوْ لَمْ يُجِبْهُ لَفْظًا بَلْ كَتَبَ نَعَمْ أَوْ بَلَى أَوْ كَانَ ذَلِكَ أَوْ كَذَا كَانَ فَهَلْ هُوَ كَتَطْلِيقِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ كَتَطْلِيقِهِ .
( قَوْلُهُ وَقِيلَ هُوَ كَنَعَمْ ) فَيَكُونُ صَرِيحًا وَهُوَ الْأَصَحُّ .
( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ لَوْ قِيلَ ) لَهُ ( أَلَكَ زَوْجَةٌ فَقَالَ لَا لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ نَوَى ) لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ وَقَطَعَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ ذَكَرَ تَفَقُّهًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَأَنَّ لَهَا تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا وَعَلَيْهِ جَرَى الْأَصْفُونِيُّ وَشَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ فِي اخْتِيَارِهِمَا كَلَامَ الرَّوْضَةِ ( وَلَوْ قِيلَ ) لَهُ ( أَطَلَّقْت ) زَوْجَتَك ( ثَلَاثًا ) أَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّلَاثِ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى ( فَقَالَ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالطَّلَاقِ ) لِاحْتِمَالِ جَرَيَانِ تَعْلِيقٍ أَوْ وَعْدٍ أَوْ مُخَاصَمَةٍ تَئُولُ إلَيْهِ فَلَوْ فَسَّرَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُبِلَ ( وَقَوْلُهُ ) لَهَا ( مَا أَنْت لِي بِشَيْءٍ لَغْوٌ ) فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ ( وَإِنْ نَوَى أَوْ ) قَالَ ( امْرَأَتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ) وَالْحَالُ إنَّهَا ( لَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ ) وَفِي نُسْخَةٍ قَبْلَهُ ( طَلُقَتْ ) وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ إلَخْ ) وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَاهُ فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ فَأَنْكَرَ لَا يَكُونُ إنْكَارُهُ طَلَاقًا .
( قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ تَفَقُّهًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ ) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ
( تَنْبِيهٌ ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَفْطَرْت اللَّيْلَةَ عَلَى حَارٍّ أَوْ بَارِدٍ وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا ابْنُ الصَّبَّاغِ فَقَالَ يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فِطْرِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فَقَالَ لَا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُفْطِرًا بِدُخُولِ اللَّيْلَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ } قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا صَرِيحُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَوَّلُ مُقْتَضَى مَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ ابْن الْعِمَادِ وَفِيمَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ تَقْدِيمُ الْعُرْفِ الْخَاصِّ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِ لَحْمِ الْحُوتِ وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ بِسَاطًا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ فِي سِرَاجٍ بِجُلُوسِهِ فِي الشَّمْسِ وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ سِرَاجًا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى وَتَدٍ بِجُلُوسِهِ عَلَى الْجَبَلِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَفْطَرْت بِالْكُوفَةِ وَكَانَ بِهَا يَوْمَ الْفِطْرِ لَكِنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ قِيَاسُ قَوْلِنَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ يَكُونُ بِالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ فَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِفَتْوَى ابْنِ الصَّبَّاغِ وَبِهِ تَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى وَلَوْ قَالَ إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَدْرَكَهُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمِيعَ وَهَذَا أَيْضًا مُوَافِقٌ لِفَتْوَى ابْنِ الصَّبَّاغِ قَالَ شَيْخُنَا فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَأَفْطَرَ عَلَى شَيْءٍ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا ابْنُ الصَّبَّاغِ فَقَالَ إلَخْ أَشَارَ
إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لِزَوْجَتِهِ ( وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا ) مَثَلًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا ( إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَأَنْت طَالِقٌ تَخَلَّصَ ) مِنْ الْحِنْثِ ( بِتَفْرِيقِهِ ) مِنْهَا بِحَيْثُ لَا تَلْتَقِي مِنْهُ نَوَاتَانِ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ ( إلَّا إنْ أَرَادَ التَّعْيِينَ ) لِنَوَاهَا مِنْ نَوَاهُ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ ( وَكَذَا إنْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ جَوْزِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْيَوْمَ ) وَفِي نُسْخَةٍ تَرْكُ الْيَوْمِ ( أَوْ ) بِعَدَدِ ( حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا ) أَوْ إنْ لَمْ تَذْكُرِي لِي ذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ( تَخَلَّصَ ) مِنْ الْحِنْثِ ( إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْرِيفَ ) أَيْ التَّعْيِينَ ( بِأَنْ تَأْخُذَ عَدَدًا تَتَيَقَّنُهُ ) أَيْ تَذْكُرُ عَدَدًا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ ( ثُمَّ تُكَرِّرُهُ مَعَ زِيَادَةِ وَاحِدٍ وَاحِدٍ ) فَتَقُولُ مِائَةٌ وَوَاحِدَةٌ مِائَةٌ وَاثْنَتَانِ وَهَكَذَا ( وَتَحْتَاطُ ) فَتُزِيدُ حَتَّى تَبْلُغَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَزِيدُهُ عَلَيْهِ فَتَكُونُ مُخْبِرَةً بِذَلِكَ الْعَدَدِ وَذَاكِرَةً لَهُ .
أَمَّا إذَا قَصَدَ التَّعْرِيفَ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِمَا ذَكَرَتْهُ وَاسْتَشْكَلَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ يَعُمُّ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَعَلَيْهِ فَيَتَلَخَّصُ بِأَيِّ عَدَدٍ ذَكَرَتْهُ لِحُصُولِ مُسَمَّى الْخَبَرِ بِهِ وَإِنْ كَانَ كَذِبًا كَمَا فِي تَعْلِيقِهِ بِإِخْبَارِهَا بِقُدُومِ زَيْدٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لِلرُّمَّانَةِ وَنَحْوِهَا عَدَدًا خَاصًّا وَقَدْ عَلَّقَ بِهِ فَإِذَا أَخْبَرَتْهُ بِعَدَدِ حَبِّهَا كَاذِبَةً لَمْ تُخْبِرْ بِهِ بِخِلَافِ قُدُومِ زَيْدٍ فَيُصَدَّقُ بِالْخَبَرِ الْكَاذِبِ ( فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تَعُدِّي جَوْزَهَا ) أَيْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَقِيلَ ) تَتَلَخَّصُ مِنْ الْحِنْثِ بِأَنْ تَفْعَلَ ( هَكَذَا ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ آنِفًا ( وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ تَبْتَدِئَ مِنْ الْوَاحِدِ ) وَتَزِيدَ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ إلَى الْعِلْمِ بِمَا ذَكَرَ .
( فَصْلٌ قَالَ وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا إلَخْ ) .
( قَوْلُهُ إلَّا إنْ أَرَادَ التَّعْيِينَ لِنَوَاهَا مِنْ نَوَاهُ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ ) لَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِالْوُقُوعِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ جُمْلَةً كَانَ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ عَادَةً وَقَدْ ذَكَرُوا فِيهِ عَدَمَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَ التَّعْيِينَ فَعَيَّنَتْ نَوًى وَمَيَّزَتْهُ وَقَالَتْ هَذَاك نَوَاك وَلَمْ يَجْرِ مِنْهُ تَكْذِيبٌ وَلَا غَيْرُهُ فَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُفْهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُخَلِّصٍ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَقَدْ تَعَرَّفَ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُ مَسْأَلَةَ التَّمْرَةِ إذَا اخْتَلَطَتْ بِصُبْرَةٍ فَأَكَلَتْهَا إلَّا تَمْرَةً قَالَ فِي الْكَافِي بَعْدَ إطْلَاقِهِ الْقَوْلَ بِالْخَلَاصِ بِتَفْرِيقِ النَّوَى وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِنَوَايَ أَوْ إنْ لَمْ تُشِيرِي إلَى نَوَايَ فَأَنْت طَالِقٌ فَالطَّرِيقُ أَنْ تَعُدَّ النَّوَى عَلَيْهِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَتَقُولَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ هَذِهِ نَوَاتُك .
ا هـ .
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ قُدُومِ زَيْدٍ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّمَا خَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَرِينَةَ تُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الذِّكْرُ لَا مُطْلَقُ الْخَبَرِ الثَّانِي أَنَّ الْإِخْبَارَ إنْ كَانَ لِمَا وَقَعَ مَعْدُودًا أَوْ مَفْعُولًا كَرَمْيِ الْحَجَرِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَ الْمُحْتَمَلُ الْوُقُوعَ وَعَدَمَهُ كَقُدُومِ زَيْدٍ كَفَى فِيهِ مُطْلَقُ الْإِخْبَارِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ تَبْتَدِئَ مِنْ الْوَاحِدِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا هُوَ وَاضِحٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأُولَى وَهِيَ مَنْ لَمْ تُخْبِرْنِي بِعَدَدِ كَذَا وَبَيْنَ هَذِهِ وَهِيَ إنْ لَمْ تَعُدِّي وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِابْتِدَاءِ الْعَدَدِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِابْتِلَاعِ تَمْرَةٍ فِي فَمِهَا وَبِقَذْفِهَا وَبِإِمْسَاكِهَا ) بِأَنْ قَالَ إنْ ابْتَلَعْتِيهَا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ قُذُفَتَاهَا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ أَمُسْكَتَيْهَا فَأَنْت طَالِقٌ ( فَأَكَلَتْ بَعْضَهَا فَوْرًا وَرَمَتْ ) الْبَاقِي أَوْ لَمْ تَرْمِهِ ( تَخَلَّصَتْ ) مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا لِأَنَّ أَكْلَ الْبَعْضِ وَرَمْيَ الْبَعْضِ أَوْ إمْسَاكَهُ مُغَايِرٌ لِكُلِّ مِنْ الثَّلَاثَةِ هَذَا ( إنْ تَأَخَّرَتْ يَمِينُ الْإِمْسَاكِ ) كَمَا ذَكَرَ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ أَوْ تَوَسَّطَتْ أَوْ أَخَّرَتْ الزَّوْجَةُ أَكْلَ الْبَعْضِ لَمْ يَتَخَلَّصْ بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْإِمْسَاكِ ( فَإِنْ عَلَّقَ بِأَكْلِهَا وَعَدَمِ أَكْلِهَا ) بِأَنْ قَالَ إنْ أَكَلْتِيهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ تَأْكُلِيهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَلَا خَلَاصَ بِذَلِكَ ) أَيْ بِأَكْلِ بَعْضِهَا فَوْرًا فَإِنْ فَعَلَتْهُ حَنِثَ فِي يَمِينِ عَدَمِ الْأَكْلِ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ أَكْلِهَا الْبَاقِي ( وَلَوْ عَلَّقَ بِالْأَكْلِ فَابْتَلَعَتْ لَمْ يَحْنَثْ ) لِأَنَّهُ يُقَالُ ابْتَلَعَ وَلَمْ يَأْكُلْ وَوَقَعَ لَهُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ عَكْسُ هَذَا .
( قَوْلُهُ فَأَكَلَتْ بَعْضَهَا فَوْرًا وَرَمَتْ الْبَاقِيَ إلَخْ ) أَوْ رَمَتْ بَعْضَهَا فَوْرًا وَأَمْسَكَتْ الْبَاقِيَ .
( قَوْلُهُ وَوَقَعَ لَهُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ عَكْسُ هَذَا ) إنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِهِ هُنَا ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَفِي الْأَيْمَانِ الْعُرْفُ وَأَهْلُهُ يُطْلِقُونَ اسْمَ الْأَكْلِ عَلَيْهِ .
وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْمَفْهُومُ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِهِمَا أَنَّ مُجَرَّدَ الِابْتِلَاعِ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَضْغِ كَالْخُبْزِ لَا يُسَمَّى أَكْلًا فَيَصِحُّ فِي مِثْلِهِ أَنْ يُقَالَ ابْتَلَعَ وَمَا أَكَلَ وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَضْغِ كَالْعَصِيدَةِ وَالْهَرِيسَةِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ يَسِيرًا كَالسُّكَّرِ فَابْتِلَاعُهُ يُسَمَّى أَكْلًا
( وَإِنْ عَلَّقَهُ ) أَيْ الطَّلَاقَ ( وَهِيَ عَلَى سُلَّمٍ بِالصُّعُودِ بِالنُّزُولِ ثُمَّ بِالْوُقُوفِ ) أَيْ بِالْمُكْثِ ( فَطَفَرَتْ ) أَيْ وَثَبَتَ ( أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى ) سُلَّمٍ ( آخَرَ أَوْ أَضْجَعَ ) السُّلَّمَ عَلَى الْأَرْضِ وَهِيَ عَلَيْهِ وَتَقُومُ مِنْ مَوْضِعِهَا ( أَوْ حُمِلَتْ ) وَصَعِدَ بِهَا الْحَامِلُ أَوْ نَزَلَ ( بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَوْرًا ) فِي الْجَمِيعِ ( لَمْ تَطْلُقْ ) وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِثُمَّ اعْتِبَارَ تَأْخِيرِ التَّعْلِيقِ بِالْوُقُوفِ إذْ لَوْ لَمْ تَتَأَخَّرْ طَلُقَتْ وَخَرَجَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا مَا لَوْ حُمِلَتْ بِأَمْرِهَا فَيَحْنَثُ نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا بِلَا صُعُودٍ وَنُزُولٍ بِأَنْ يَكُونَ وَاقِفًا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا أَثَرَ لِأَمْرِهَا .
( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا بِلَا صُعُودٍ وَنُزُولٍ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( عَلَّقَهُ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ أَوْ رَغِيفٍ فَأَكَلَتْ إلَّا حَبَّةً أَوْ لُبَابَةً يَقَعُ مَوْقِعًا ) بِأَنْ يُسَمِّيَ قِطْعَةَ خُبْزٍ ( لَمْ يَحْنَثْ ) لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ الرُّمَّانَةَ أَوْ الرَّغِيفَ وَإِنْ تَسَامَحَ أَهْلُ الْعُرْفِ فِي إطْلَاقِ أَكْلِ الرُّمَّانَةِ أَوْ الرَّغِيفِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَا يَقَعُ مَوْقِعًا إذْ فُتَاتُ الْخُبْزِ الَّذِي يَدِقُّ مُدْرَكُهُ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي الرُّمَّانَةِ فِيمَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ حَبَّةٍ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِيهِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( سَقَطَ الْحَجَرُ ) مِنْ عُلْوٍ ( أَوْ اتَّهَمَهَا ) زَوْجُهَا بِسَرِقَةٍ ( فَقَالَ ) فِي الْأَوَّلِ ( إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي السَّاعَةَ مَنْ رَمَاهُ أَوْ ) قَالَ فِي الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ ( تَصْدُقِينِي أَسَرَقْتِ أَمْ لَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ) وَلَمْ يُرِدْ تَعْيِينًا فِيهِمَا ( فَقَالَتْ ) فِي الْأُولَى رَمَاهُ ( مَخْلُوقٌ لَا آدَمِيٌّ أَوْ ) فِي الثَّانِيَةِ ( سَرَقْته مَا سَرَقْته تَخَلَّصَ ) مِنْ الْحِنْثِ لِأَنَّهَا صَادِقَةٌ بِالْإِخْبَارِ فِي الْأُولَى وَبِأَحَدِ الْإِخْبَارَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَخَلَّصْ فِي الْأُولَى بِقَوْلِهَا رَمَاهُ آدَمِيٌّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ رَمَاهُ كَلْبٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ نَحْوُهُمَا لِأَنَّ سَبَبَ الْحِنْثِ وُجِدَ وَشَكَكْنَا فِي الْمَانِعِ وَشُبِّهَ بِمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الْيَوْمَ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ تَعْرِفْ مَشِيئَتَهُ ( أَوْ ) قَالَ ( إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي كَمْ رَكَعَاتُ الْفَرَائِضِ ) فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ( فَقَالَتْ سَبْعَ عَشْرَةَ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ ) لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ ( أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ ) أَيْ ( لِلْجُمُعَةِ ) أَيْ لِيَوْمِهَا ( أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ وَهِيَ ) مُخْتَصَّةٌ ( بِالسَّفَرِ تَخَلَّصَ ) مِنْ الْحِنْثِ حَتَّى لَوْ قَالَ الثَّلَاثَ مَنْ لَمْ يُخْبِرْنِي مِنْكُنَّ بِعَدَدِ رَكَعَاتِ فَرَائِضِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأُخْرَى خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَالِثَةٌ إحْدَى عَشْرَةَ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لِصِدْقِهِنَّ فِيمَا ذَكَرْنَهُ مِنْ الْعَدَدِ كَمَا تَقَرَّرَ نَعَمْ إنْ أَرَادَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَيَّامِ عَيْنًا فَالْحَلِفُ عَلَى مَا أَرَادَ .
( قَوْلُهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي السَّاعَةَ مَنْ رَمَاهُ أَوْ تَصْدُقِينِي إلَخْ ) أَمَّا إذَا قَالَ إنْ لَمْ تُعْلِمِينِي بِالصِّدْقِ فَإِنَّهَا لَا تَتَلَخَّصُ بِذَلِكَ .
( قَوْلُهُ وَشُبِّهَ بِمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الْيَوْمَ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ فَيَقَعُ ؛ لِأَنَّا عَلِمْنَا وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَشَكَكْنَا فِي رَافِعِهِ وَهُوَ وُجُودُ مَشِيئَتِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ الْيَوْمَ وَمَاتَ وَشَكَّ فِي دُخُولِهِ حَيْثُ لَا يَقَعُ ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِشَرْطِ أَنْ يَنْتَفِيَ دُخُولُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فَلَمْ يَقَعْ ( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَرَادَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَيَّامِ عَيْنًا فَالْحَلِفُ عَلَى مَا أَرَادَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ إنْ لَمْ أَقُلْ كَمَا تَقُولِينَ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ ) لَهُ ( أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَخَلَاصُهُ ) مِنْ الْحِنْثِ ( أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ ) أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ( مِنْ وَثَاقٍ أَوْ ) أَنْتِ ( قُلْت أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَتْ ) لَهُ ( كَيْفَ تَقُولُ إذَا أَرَدْت أَنْ تُطَلِّقَنِي فَقَالَ أَقُولُ أَنْت طَالِقٌ لَغَا ) فَلَا تَطْلُقُ بِهِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَمَّا يَفْعَلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ( وَإِنْ عَلَّقَهُ وَهِيَ فِي نَهْرٍ ) أَيْ مَاءٍ جَارٍ ( بِالْخُرُوجِ ) مِنْهُ ( أَوْ بِاللُّبْثِ ) فِيهِ الْأَوْلَى وَبِاللُّبْثِ بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ خَرَجْت مِنْهُ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ لَبِثَ فِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ ( لَمْ تَطْلُقْ ) خَرَجَتْ أَوْ لَبِثَتْ ( لِأَنَّهُ ) بِجَرَيَانِهِ ( مُفَارِقُهَا أَوْ ) وَهِيَ ( فِي رَاكِدٍ فَلْتُحْمَلْ مِنْهُ فَوْرًا ) لِيَتَخَلَّصَ الزَّوْجُ مِنْ الْحِنْثِ ( أَوْ عَلَّقَهُ بِإِرَاقَةِ مَاءِ الْكُوزِ وَبِتَرْكِهِ ) فِيهِ ( وَبِشُرْبِهَا وَبِشُرْبِ غَيْرِهَا إيَّاهُ ) بِأَنْ .
قَالَ لَهَا إنْ أَرَقْت مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ شَرِبْته أَنْت أَوْ غَيْرُك فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ تَرَكْت فَأَنْت طَالِقٌ ( فَبَلَّتْ بِهِ خِرْقَةً وَضَعَتْهَا فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ ) وَكَذَا لَوْ بَلَّتْهَا بِبَعْضِهِ أَوْ شَرِبَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا بَعْضَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَإِنْ تَرَكْته كَمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّمْرَةِ وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَإِنْ شَرِبْته تَطْلُقُ لِأَنَّهَا تَرَكَتْهُ .
قَوْلُهُ أَوْ شَرِبَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا بَعْضَهُ ) أَوْ قَبِلَتْ بَعْضَهُ أَوْ ثَقَبَتْ أَسْفَلَ الْكُوزِ فَخَرَجَ الْمَاءُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ جَعَلَتْ طَرَفَ قَصَبَةٍ فِي فِيهَا وَطَرَفَهَا الْآخَرَ فِي الْكُوزِ فَصَعِدَ الْمَاءُ أَوْ بَعْضُهُ إلَى فِيهَا ثُمَّ مَجَّتْهُ .
( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَإِنْ تَرَكَتْهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
( فَرْعٌ الْأَصْحَابُ إلَّا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يَمِيلُونَ فِي التَّعْلِيقِ إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ ) اللُّغَوِيِّ ( عَلَى الْعُرْفِ ) الْغَالِبِ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ كَمَا مَرَّ فِي إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْوَضْعِيَّ التَّفْرِيقُ وَمَعْنَاهُ الْعُرْفِيَّ التَّعْيِينُ هَذَا إنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فَإِنْ اضْطَرَدَ عُمِلَ بِهِ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِ حِينَئِذٍ وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ فِيمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِقَوْلِ الْغَزَالِيِّ بَلْ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ وَمِنْهُ مَا يَأْتِي فِي الْخَسِيسِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَيُشْبِهُ إلَى آخِرِهِ .
( قَوْلُهُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ ) عِبَارَتُهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَنْضَبِطُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَإِدَارَةُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَكِنْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ إطْرَادًا وَاضْطِرَابًا وَيَكْفِيهِ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى قُوَّةً وَضَعْفًا وَقَدْ يَقْوَى الْعُرْفُ فَيَقْتَضِي هِجْرَانَ الْوَضْعِ وَقَدْ يَضْطَرِبُ فَيُؤْخَذُ بِالْوَضْعِ وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ