كتاب : نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الله على أوضح الطرق ومهما اشتبه عليه أمران قصد أقربهما إلى الحق وليقف في التماس أسباب الجلال دون الكمال غير النقصان والزعازع تسالم اللدن اللطيف من الأغصان وإياكم وطلب الولايات رغبة واستجلابا واستظهارا على الحظوظ وغلابا فذلك ضرر بالمروءات والأقدار داع إلى الفضيحة والعار ومن امتحن بها منكم اختيارا أو جبر عليها إكراها وإيثارا فليتلق وظائفها بسعة صدره ويبذل من الخير فيها ما يشهد أن قدرها دون قدره فالولايات فتنة ومحنة وأسر وإحنة وهي بين إخطاء سعادة وإخلال بعبادة وتوقع عزل وإدالة بإزاء بيع جد من الدنيا بهزل ومزلة قدم واستتباع ندم ومآل العمر كله موت ومعاد واقتراب من الله وابتعاد جعلكم الله ممن نفعه بالتبصير والتنبيه وممن لا ينقطع بسببه عمل أبيه
هذه أسعدكم الله وصيتي التي أصدرتها وتجارتي التي لربحكم أدرتها فتلقوها بالقبول لنصحها والاهتداء بضوء صبحها وبقدر ما أمضيتم من فروعها واستغشيتم من دروعها اقتنيتم من المناقب الفاخرة وحصلتم على سعادة الدنيا والآخرة وبقدر ما أضعتم لآليها النفيسة القيم استكثرتم من بواعث الندم ومهما سئمتم إطالتها واستغزرتم مقالتها فاعلموا أن تقوى الله فذلكة الحساب وضابط هذا الباب كان الله خليفتي عليكم في كل حال فالدنيا مناخ ارتحال وتأميل الإقامة فرض محال فالموعد للالتقاء دار البقاء جعلها الله من وراء خطة النجاة ونفق بضائعها المزجاة بلطائفه المرتجاة والسلام عليكم من حبيبكم المودع والله سبحانه يلأمه حيث شاء من شمل متصدع والدكم محمد بن عبد الله الخطيب بن ورحمة الله وبركاته
انتهت الوصية الفريدة في حسنها الغريبة في فنها المبلغة نفوس الناظرين
فيها فوق ظنها ولأجل ذلك كان شيخ شيوخنا المؤلف الكبير الفقيه الإمام قاضي القضاة العلامة سيدي الشيخ عبد الواحد ابن الشيخ الإمام عالم المالكية صاحب التآلف العديدة كالمعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى إفريقية والأندلس والمغرب وهو في ست مجلدات ولو لم يكن له غيره لكان كافيا وله مصنفات كثيرة غيره أكثرها في مذهب مالك ولم يؤلف في المذهب مثلها كثيرا ما يدخل منها في خطبه
وصية لابن الجنان على لسان ابن هود
رجع إلى ما كنا فيهأقول لم تزل عادة الأكابر من العلماء والملوك الوصية لأولادهم وعمالهم باقتفاء النهج الذي يرون فيه السلوك وقد وقفت للفقيه الكاتب أبي عبد الله محمد بن الجنان المرسي الأندلسي رحمه الله تعالى على وصية ضمن رسالة كتبها عن ابن هود ملك الأندلس إلى أخيه اشتملت على ما لا بد منه فرأيت أن أذكرها هنا تتميما للفائدة ونصها بعد الصدر
من مجاهد الدين وسيف أمير المؤمنين عبد الله المتوكل عليه أمير المسلمين محمد بن يوسف بن هود أيده الله تعالى بنصره وأمده بتمكينه وأعانه على ما ينويه من إحياء معالم دينه إلى صنونا المبارك وقسيمنا وأخينا المخصوص بتبجيلنا وتكريمنا وحسامنا المنتضى المرتضى لإمضاء عزمنا وتصميمنا الأمير الأعلى الموقر الأسمى الميمون النقيبة المحمود السجية الأحب النية الأعز علينا المتمم بمساعيه الصالحة كل ما نوينا أدام الله تعالى تظفيره وإسعاده وأمضى في الحق قواضبه وصعاده ووالى معونته وإنجاده وتولى توفيقه
وإرشاده سلام طيب كريم زاك يخصكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد فالحمد لله الذي أوضح للحق سبيلا ومد ظل رحمته على الخلق ظليلا وجعل العدل بحفظ نظام الإسلام كفيلا ونزل الأحكام على قدر المصالح تنزيلا ونصب معالم الهدى علما لمن اقتدى ودليلا وألهم إلى ما يرضاه عملا ومعتقدا وقيلا وصلواته الطيبة وبركاته الصيبة على سيد العالمين وخاتم النبيين محمد رسوله الذي فضله بخلته واصطفاه تفضيلا وبعثه بالحنيفية السمحة فبينها تبيينا وفصلها تفصيلا ورتبها كما أمره ربه إباحة وندبا وتحريما وتحليلا حتى ثبتت سنة الله ( فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ) وعلى آله وصحبه الذين فهموا ما جاءهم به عليه الصلاة و السلام نصا وتأويلا وأبقوا من سيرتهم الفاضلة وأحكامهم العادلة أساسا للمتقين جليلا ومآثر للمقتفين تسبح الأفهام والأقلام في بحارها سبحا طويلا وأمضوا عزائمهم تنسخ بالحق باطلا وبالهدى تضليلا ورضوان الله تعالى يتوالى على خليفته وحامل أمانته إلى خليقته الذي كمل الله تعالى له موجبات الإمامة تكميلا وأناله من هدي النبوة أفضل ما كان للهداة منيلا سيدنا ومولانا الإمام المنتصر بالله تعالى أبي جعفر المنصور أمير المؤمنين المتبوىء من ساحة الشرف والجلالة محلا شريفا جليلا والمنتخب من بحبوحة بيت الرسالة الذي وجد الوحي عنده معرسا ومقيلا والدعاء له من لدن العزيز القوي بنصر يأتي لإمداده بمدد الملائكة قبيلا وفتح يؤتي الإيمان من الظهور بغية وتأميلا
فإنا كتبناه إليكم كتب الله تعالى لكم عزما لا يزال عضبه صقيلا وعزا يروق بإظهار الحق غرة وتحجيلا ورأيا لقداح السداد والنجاح مجيلا وسعدا يوصل إلى الإسعاد برضاه توصيلا من حضرتنا بمرسية حرسها الله تعالى ونحن نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو على فضله الذي أناله جسيما جزيلا ونتوكل عليه توكل من يلجأ في كل أحواله إليه وكفى بالله وكيلا ونستعينه على أمور
المسلمين التي حملنا منها أمانة كبيرة وعبئا ثقيلا ونقف بالضارعة بين يديه طلبا لما يخلصنا لديه عساه أن يجعل لرغبتنا قبولا وتوسيلا ونعوذ به من كل عمل لا يكون حاصله إلا مآلا وبيلا وعرضا من الدنيا قريبا ومتاعا قليلا
إنا والله المرشد لنعلم أن هذا الأمر الذي قلدنا الله تعالى منه ما قلده وأسنده إلينا من أمور خلقه فيما أسنده قد ألزمنا من حقوقه الواجبة وفروضه الراتبة ما لا يستطاع إلا بمعونته أداؤه ولا يستتب إلا بتوفيق الله تعالى انتهاؤه وابتداؤه فهو المشكور عز وجهه على نعمته والمستعان على ما يدني من رضاه ويقرب من رحمته وأن كل امرىء بشأنه مشغول وعن خويصة نفسه مسؤول ونحن بما استرعانا الله تعالى مشغولون وعن الكبير والصغير مسؤولون وعلينا النصيحة لله في عباده وبلاده والنظر لهم بمنتهى جد المجتهد واجتهاده ولا قوة إلا بالله عليه توكلنا وبه إليه توسلنا فعيننا تسهر لتنام للرعية عيونهم وتحركنا يتصل ليحصل لهم سكونهم وأملنا أن لا نقر فيهم بحول الله تعالى ظلما ولا هضما ولا نخرم لهم في إقامة حقوق الله ما استطعنا نظما وأنى ينصرف عن هذا القصد بعمله ونيته من يعرف أن الله جل جلاله لا يجوز ظلم ظالم في بريته ولعل الله الذي حملنا ما حملنا واستعملنا بمشيئته فيما استعملنا أن يهب لنا توفيقه ويسلك بنا إلى هداه طريقه
ألا وإن من وليناه أمرا من أمور المسلمين فهو مطلوب به وموقوف عليه عند ربه فلينظر امرؤ في جزئية ما نيط به وكليته وليراقب فيما لديه عالم خفيته وجليته ألا وكلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته فمن حفظ الله حفظه الله في نفسه وآله وقضى له بالسعادة في حاله ومآله وأنجاه يوم عرضه وسؤاله والخلق عيال الله فأحبهم إليه أحبهم لعياله العدل العدل فبه قامت السموات والأرض وبإقامته أقيمت السنة والفرض ( اعدلوا هو أقرب للتقوى ) وأقوى ما تشتد به أركان الدين وتقوى أما إن الحق في أن لا تتعدى
أساليب الشرع وقوانينه وأن لا يتجاوز في قضية من القضايا إفصاحه وتبيينه وأن يجازى بحكمه المسيئون والمحسنون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ألا وإنا قد عثرنا لبعض قواد الجهات وحكامها على أمور أنكرنا معرفاتها واستقبحنا مستوصفاتها وبرثنا إلى الله تعالى من متغيراتها ومحرفاتها وعلمنا أن منهم أقواما لا يتورعون عن الأموال والدماء ولا يحذرون فيما يأتون ويذرون جبار الأرض والسماء فأزلنا بحمد الله ذلك ونحوه وعجلنا ابتغاء رضاه محقه ومحوه وانبعثنا لنظر جديد واستئناف لإصلاح أحوال وتسديد وتغليظ في المحرمات وتشديد واستقبلنا ما يوسع الأمور ربطا وضبطا ويفيض على الأمة بعون الله تعالى عدلا وقسطا وتعين علينا فيما رأيناه إنفاذ الخطاب إلى كل من استكفيناه بالبلاد ووليناه النظر عنا في مصالح العباد بما يكون إن شاء الله تعالى الاعتماد على فصوله والاستناد إلى محصوله والاجتهاد بحسب فروعه وأصوله
فأول ما نوصيكم به وأنفسنا تقوى الله في كل حال ومراقبة أوامره ونواهيه عند كل انتحاء وانتحال والوقوف عند حدود الله التي حدها وأرصدها بإزاء موجباته وعدها فإنه لا تهداها إلا من رام تعفي رسمها وطمسه ( ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ) والمحافظة على ما به تحفظ الشريعة والملاحظة لما يضم الرعايا من حوزة أولي الحياطة المنيعة والمثابرة على ما تكف به أكف الاعتداء والمبادرة إلى الاهتمام بالسلف الصالح والاقتداء والطريقة المثلى وآيات الله التي تتلى وهداياته التي لأبصار البصائر تجلى وخفض الجناح والأخذ بالرفق والإنجاح وتوخي الحق الذي هو أوضح انبلاجا من فلق الإصباح والحلم والأناة والمذاهب المستحسنات والأمور البينات
والله الله في الدماء فإنها أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة فيها ولا سبيل لاستحلالها إلا بعد ثلاث كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان او قتل المسلم
لأخيه وقد قال مالك الأمر والخلق ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) فتثبتوا فيها فأمرها جليل وتحريمها لا يدخله تحليل وإياكم أن تجعلوا فيها لأحد من ولاة الجهاد حكما أو نظرا أو تكلوا إليهم منها مستكثرا أو مستنزرا فإنه إذا استبد بالقضاء فيها كل وال ذهبت هدرا واستباحها الجاهل والجائر أشرا وبطرا وربما كان فيهم من في طباعه سبعية فيقتل بها الناس قتلا ذريعا ويتسهل بذلك من جوره صعبا ويرتكب بجهله شنيعا ويذهل عن قول الله تعالى ( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) فأنى تحل المسامحة في هذا الشان او يحكم به كل إنسان في نفوس أهل الإيمان معاذ الله أن يكون هذا ونحن نعرفه أو ينصرف إليه نظرنا فلا نزيله ولا نصرفه فسدوا هذا الباب سدا وصدوا عنه من أمه صدا وكفوا كل ما كان من الأيدي للدماء ممتدا ومن وجب عليه القتل شرعا وتعين واتضح موجب القصاص فيه وتبين فليس لكم إلا القاعدة الكبرى تتحرى فيها الأحكام عليه بمحضر القاضي والشهود كما يجب أن يتحرى بعد أن يتثبت في نازلته لديكم ويستجلى ويستبرا فلا تحل القضية إلا على بصيرة وحقيقة مستنيرة فقد يلوح في اليوم ما خفي بالأمس ويتعذر بعد الإقادة إعادة النفس
وملاك الأمر في انتقاء من يتصرف وتولية من لا يضيم ولا يتحيف فتخيروا للأنظار والجهات من ترتضى سيرته من الولاة ولا تستعملوا أهل الفظاظة والجهالة والمصرين على الراحة والبطالة فإنهم إذا استرعوا أضاعوا وإذا دعاهم شيطان الهوى أطاعوا وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا وميلوا باختياركم إلى المتسمين بالصلاح المرتسمين في ديوان الكفاة النصاح
وأطيلوا مع ذلك التنقير عنهم والتنقيب ولا تغفلوا عن التعهد بالبحث البعيد منهم والقريب ومن عثرتم له على منكر من استباحة دم أو مال وإضاعة للحقوق وإهمال فخذوا على يده وجازوه بفاسد مقصده وأنزلوه بالمنزل الأقصى وعاملوه معاملة من أوصي بتقوى الله فما استوصى
واصرفوا نظركم إلى القضاة فإن مدار الشريعة إنما هو على ما يستند إليهم ويقصر من الأحكام عليهم فإذا كانوا من أهل العلم والديانة وذوي النزاهة والصيانة أمسكهم الورع بزمامه وبلغ العهد بهم غاية تمامه وإذا كانوا بضد هذا قبلوا الرشوة وأوطأوا العشوة وأطالوا النشوة وأحلوا من الدماء والفروج محرمها وطمسوا من السنة بالميل والمين معلمها وحكموا بالهوادة والهوى وطووا من الحق ما انتشر ونشروا من الباطل ما انطوى فانتقوهم فهم أولى بالانتقاء وشر جاسرهم وجاهلهم أحق بالاتقاء ولا تقدموهم ولا غيرهم بالشفاعات والوسائل ولكن قدموهم بتورعهم في القضايا وعلمهم بالمسائل
ومما نؤكد عليهم فيه أمر الشهود فإن شهادة الزور هي الداء العضال والظلمة التي يتستر بها الظلمة والضلال والحجة الداحضة التي بها يحلل الحرام ويحرم الحلال وقد كثر في هذا الزمان أهل الشهادة الفاسدة ونفقت بهم سوق الأباطيل الكاسدة فتقدموا إلى القضاة وفقهم الله تعالى أن لا يقبلوا إلا مشهورا بزكاء وعدل موفورا حظه من رجاحة وعقل ومن كان مغموزا عليه في أحواله منبوزا بالاسترابة في شهادته وأقواله فلترد شهادته على أدراجها وليبطل ما يكون من حجاجها وأكدوا عليهم عند تعارض العقود في الترجيح والنظر في التعديل والتجريح لتجري أمور المسلمين على مستوى الحق المستبين وتبدو المعدلة مشرقة الغرة مؤتلقة الجبين
ومما نأمركم به أن تبحثوا عن العمال ولا تولوا منهم إلا الحسن الطريقة المرضي الأعمال ومن لم يكن منهم جاريا على القوانين المرعية ناصحا لبيت المال
رفيقا بالرعية وكان في أمانته حائدا في الجادة السوية قائلا كما قال قبله ابن اللتبية فليعوض منه غيره وليرفع عن الجانبين ضيره فإنه ما كانت الخيانة قط في شيء إلا أهلكته ولا وضعت في إنسان طبيعة سوء إلا ملكته
وإنما هو مال الله تعالى الذي يرزقه منه الحماة وبه تسد الثغور المهمات فينبغي أن يختار له محتاط في اقتضائه وقبضه حافظ لدينه ومروءته في كله وبعضه فخذوا في انتقاء هذه الأصناف المسمين واطلبوا بهذه الأوصاف المصرفين والمولين واجمعوا من الاجتهاد الحميد والقصد والاعتماد الأثر والعين وأنصفوا منهم إن تظلم من أحدهم متظلم واشفوا شكوى كل متشك وألم كل متألم واعلموا أن حرمة الأموال بحرمة الدماء لاحقة وأن إحدى القضيتين للأخرى مساوية ولاحقة ومن أكبر ما ورد في ذلك وأعظمه قول رسول الله حرمة مال المسلم كحرمة دمه وليكن الناس في الحق سواء لا محاباة ولا مفاضلة ولا مجاوزة في تغليب قوي على ضعيف ولا محاولة إن هذه أمتكم أمة واحدة وإن دلائل الشرع بمراد الله سبحانه وتعالى لشاهدة ولا يؤخذن أحد بجريرة أحد و لايجني ولد على والد ولا والد وعلى ولد فكتاب الله تعالى أولى بالاتباع وأحرى لقول الله عز و جل ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) اللهم إلا من آوى محدثا فإنه مأخوذ بما أجرم وملعون على لسان رسول الله
فارفعوا أعاننا الله تعالى وإياكم للعدل بكل علم منارا واتخذوا الرفق بالإمامة شعارا فقد قال قال رسول الله الرفق لا يكون
في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه وقد نص الكتاب والسنة على مواضع اللين والاشتداد ونبها على منازع المقاربة والسداد فلا غضب لأمر إلا بما غضب له الله عز و جل ولا رضى به إلا إذا استقر فيه رضى الله تعالى وحل قال رسول الله الذي يجلد فوق ما أمر الله تعالى به يقول له الله عز و جل عبدي لم جلدت فوق ما أمرتك به فيقول رب غضبت لغضبك فيقول أكان ينبغي لغضبك أن يكون أشد من غضبي ثم يؤتى بالمقصر فيقول عبدي لم قصرت عما أمرتك به فيقول رب رحمته فيقول أكان ينبغي لرحمتك أن تكون أوسع من رحمتي قال فيأمر فيهما بشيء قد ذكره لم يحفظه الراوي إلا أنه قال صيروهما إلى النار أعاذنا الله تعالى منهابفضله ورحمته فليوقف بالقضايا حيث وقف بها الشرع ويحفظ الأصل من هذه الوصايا والفرع واحتاطوا في الرعية فإنه رأس المال والأمانة التي لا ينبغي أن يكون فيها شيء من الإهمال ومع توفيقكم لما سطرناه في هذا الكتاب وشرحناه من أبواب الخير المسعد في المآب والمآل فاستوفوا ضروب الصالحات واستقصوها واعملوا أعمال البر وخصوها واذكروا آلاء الله وقصوها ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) واشتدوا في تغيير المنكرات كلها واحسموا أدواءها من أصلها ورغبوا الناس في الطاعات واندبوهم إليها ووضحوا لهم أعمالهم وحرضوهم عليها وانتهوا في كل سعي ناجح ورأي راجح إلى أفضل ما ينتهي إليه المنتصحون ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) وخذوا بعمارة مساجد الله التي هي بيوت الأتقياء ومحل مناجاة ذي العظمة والكبرياء إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين
ومروهم بأن يعلموا أولادهم كتاب الله تعالى فإن تعليمه للصغار يطفىء غضب
الرب ونعم الشفيع يوم القيامة والمتوسل فيما يتوج القارىء وأباه تاج الكرامة وأرشدوا للخير ما ستطعتم وابتعوا سبيله فهو أشرف ما اتبعتم والله ولي التوفيق والإرشاد والملجىء بالهداية إلى طريق الفوز والسداد
وهذه أوامرنا إليكم امتثلنا أمر الله تعالى فامتثلوها وأحضروها في خواطركم مع كل لحظة ومثلوها وإنا لما يكون منكم فيها لمستمعون ولآثاركم فيما يوفيها لمتطلعون وقد خرجنا لكم عن عهدة لزمتنا في التذكير ونهجنا لكم منها التقديم والتأخير والله تعالى يعلم أنا إنما قصدنا ما نرجو الخلاص به يوم الحساب وأردنا رضاه فيما أوردناه من هذا الحظر والإيجاب لنرعى حقه سبحانه فيمن استرعانا ونسعى في صلاح الأمة عسى الله تعالى أن ينجح فيه مسعانا
اللهم من عبدك يضرع إليك ويخضع بين يديك في أن تلهمه إلى ما يجمل قصدا ومعتمدا وتهب له من لدنك رحمة وتهيىء له من أمره رشدا اللهم منك المعونة على ما وليت ولك الشكر على ما أوليت فالمهدي من هديت والخير كله فيما قضيت اللهم من أعاننا على مرضاتك فكن له معينا وأورده من توفيقك عذبا معينا إنك الولي النصير العلي الكبير
وإذا وصلكم كتابنا هذا فقصوه على الناس مفصلا ومجملا وأظهروا مضمونه لهم قولا وعملا واسلكوا بهم من مراشده سننا مستجملا أن شاء الله تعالى والله سبحانه يديم علاكم ويصل إعادتكم في كل محمد وإبداكم ويجزل حظوظكم من السعادة وأنصباكم بمنه وكرمه لا رب سواه والسلام الأكرم الأزكى يخصكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وكتب في الرابع والعشرين لجمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وستمائة انتهى
ترجمة ابن الجنان
وهذا ابن الجنان له الباع المديد في النظم والنثر ومن شعره رحمه الله تعالى في مرضه الذي توفي فيه وهو آخر كلامه( جهل الطبيب شكايتي وشكايتي ... أن الطبيب هو الذي هو ممرضي )
( فإن ارتضى برئي تدارك فضله ... وإن ارتضى سقمي رضيت بما رضي )
( ما لي اعتراض في الذي يقضي به ... لكن لرحمته جعلت تعرضي )
ومن نظمه رحمه الله تعالى ملغزا في بطيخة
( وحبلى بأبناء لها قد تمخضوا ... بأحشائها من بعد ماولدوها )
( كسوها غداة الطلق بردا معصفرا ... على يقق أزرارها عقدوها )
( ولما رأوها قد تكامل حسنها ... وأبدر منها طالع حسدوها )
( فقد واقميص البدر بالبرق واجتلوا ... أهلتها من بعد ما فقدوها )
( ولو أنصفوا ما أنصفوا بدر تمها ... ولا أعدموا الحسناء إذ وجدوها )
وقال أيضا ملغزا في الميل وهو المرود
( مسترخص السوم غال ... عال له أي حظوه )
( ما جاوز الشبر قدرا ... لكنه ألف خطوه )
وهذا استخدام ما به باس لأنه اكتسى من الحسن خير لباس وكم لهذا
الكاتب من محاسن ماؤها غير آسن
وقد عرف لسان الدين في الإحاطة بابن الجنان وأطال في ترجمته ونشير إلى بعض ذلك باختصار
وهو محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري من أهل مرسية أبو عبد الله ابن الجنان
كان محدثا راوية ضابطا كاتبا بليغا شاعرا بارعا رائق الخط دينا فاضلا خيرا ذكيا استكتبه بعض امراء الأندلس فكان يتبرم من ذلك ويقلق منه ثم خلصه الله تعالى منه وكان من أعاجيب الزمان في إفراط القماءة حتى يظن رائيه الذي استدبره أنه طفل ابن ثمانية أعوام أو نحوها متناسب الخلقة لطيف الشمائل وقورا خرج من بلده حين تمكن العدو من قبضته سنة 640 فاستقر بأريولة إلى أن دعاه إلى سبتة الرئيس أبو علي اين خلاص فوفد عليه فأجل وفادته وأجزل إفادته وحظي عنده حظوة تامة ثم توجه إلى إفريقية فاستقر ببجاية وكانت بينه وبين كتاب عصره مكاتبات ظهرت فيها براعته وروى ببلده وغيره عن أبي بكر ابن خطاب وأبي الحسن سهل بن مالك وابن قطرال وأبي الربيع ابن سالم وأبي عيسى ابن أبي السداد وأبي علي الشلوبين وغيرهم وكان له في الزهد ومدح النبي بدائع ونظم في المواعظ للمذكرين كثيرا انتهى مختصرا وإلا فترجمته في الإحاطة متسعة رحمه الله تعالى
ولما كتب له أبو المطرف ابن عميرة برسالته الشهيرة التي أولها تحييك الأقلام تحية كسرى وتقف دون مداك حسرى وهي طويلة أجابه بما
نصه ما هذه التحية الكسروية وما هذا الرأي وهذه الروية أتنكيت من الأقلام أو تبكيت من الأعلام أو كلا الأمرين توجه القصد إليه وهو الحق مصدقا لما بين يديه وإلا فعهدي بالقلم يتسامى عن عكسه ويترامى للغاية البعيدة بنفسه فمتى لانت أنابيبه للعاجم ودانت أعاريبه للأعاجم واعجبا لقد استنوق الجمل واختلف القول والعمل لأمر ما جدع أنفه قصير وارتد على عقبه الأعمى أبو بصير أمس أستسقي من سحابه فلا يسقيني وأستشفي بأسمائه فلا يشفيني واليوم يحلني محل أنو شروان ويشكو مني شكوى الزيدية من بني مروان ويزعم أني ابطلت سحره ببئر ذروان ويخفي في نفسه ما الله مبديه ويستجدي بالأثر ما عند مستجديه فمن أين جاءت هذه الطريقة المتبعة والشريعة المبتدعة أيظن أن معماه لا ينفك وأنه لا ينجلي هذا الشك هل ذلك منه إلا إمحاض التيه وإحماض تفتيه ونشوة من خمر الهزل ونخوة من ذي ولاية آمن من العزل تالله لولا محله من القسم وفضله في تعليم النسم لأسمعته ما ينقطع به صلفه وأودعته ما ينصدع به صدفه وأشرت بطرف المشرفي وحده وأشرت إلى تعاليه عن اللعب بجده ولكن هو القلم الأول فقوله على أحسن الوجوه يتأول ومعدود في تهذيبه كل ما لسانه يهذي به وما أنساني إلا الشيطان أياديه أن أذكرها وإنما أقول
( ليت التحية كانت لي فأشكرها ... )
ولا عتب إلا على الحاء المبرحة بالبرحاء فهي التي أقامت قيامتي في الأندية وقامت علي قيام المتعدية يتظلم وهو عين الظالم ويلين القول وتحته سم الأراقم ولعمر اليراعة وما رضعت والبراعة وما صنعت ما خامرني هواها ولا كلفت بها دون سواها ولقد عرضت نفسها علي مرارا فأعرضت عنها ازورارا ودفعتها عني بكل وجه تارة بلطف وأخرى بنجه وخفت منها السآمة وقلت انكحي أسامة فرضيت مني بأبي جهم وسوء ملكته وابن أبي سفيان وصعلكته وكانت أسرع من أم خارجة للخطبة وأسمح من سجاح في استنجاح تلك الخطبة
ولقد كنت أخاف من انتقال الطباع في عشرتها واستثقال الاجتماع من عترتها وأرى من الغبن والسفاه أخذها وترك بنات الأفواه والشفاه إذ هي أيسر مؤونة وأكثر معونة فغلطني فيها أن كانت بمنزل تتوارى صونا عن الشمس ومن نسوة خفرات لا ينطقن إلا بالهمس ووجدتها أطوع من البنان للكف والعنان للكف والمعنى للاسم والمغنى للرسم والظل للشخص والمستدل للنص فما عرفت منها إلا خيرا أرضاه وحسبتها من الحافظات
للغيب بما حفظ الله فعجبت لها الآن كيف زلت نعلها ونشزت فنشرت ما استكتمها بعلها واضطربت في رأيها اضطراب المختار بن أبي عبيد وضربت في الأرض تسعى علي بكل مكر وكيد وزعمت أن الجيم خدعها وألان أخدعها وأخبرها أن سيبلغ بخبرها الخابور وأحضرها لصاحبها كما أحضر بين يدي قيصر سابور
فقد جاءت إفكا وزورا وكثرت من أمرها منزورا وكانت كالقوس أرنت وقد أصمت القنيص والمراودة قالت ( ما جزاء ) وهي التي قدت القميص وربما يظن بها الصدق وظن الغيب ترجيم ويقال لقد خفضت الحاء بالجوار لهذا الجيم وتنتصر لها التي خيمت بين النرجسة والريحانة وختمت السورة باسم جعلت ثانيه أكرم نبي على الله سبحانه فإن امتعضت لهذه التكلمة تلك التي سبقت بكلمتها بشارة الكلمة فأنا ألوذ بعدلها وأعوذ بفضلها وأسألها أن تقضي قضاء مثلها وتعمل بمقتضى ( فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها )
على أن هذه التي قد أبدت مينها ونسيت الفضل بيني وبينها إن قال الحكمان منها كان النشوز عادت حرورية العجوز وقالت التحكيم في دين الله تعالى لا يجوز فعند ذلك يحصحص الحق ويعلم من الأولى بالحكم والأحق ويصيبها ما أصاب أروى من دعوة سعدية حين الدعوى ويا ويحها أرادت أن تجني علي فجنت لي وأناخت لي مركب السعادة وما ابتغت إلا ختلي فأتى شرها بالخير وجاء النفع من طريق ذلك الضير أتراها علمت
بما يثيره اعوجاجها وينجلي عنه عجاجها فقد أفادت عظيم الفوائد ونظيم الفرائد ونفس الفخر ونفيس الدر وهي لاتشكر أن كانت من الأسباب ولا تذكر إلا يوم الملاحاة والسباب
وإنما يستوجب الشكر جسيما والثناء الذي يتضوع نسيما الذي شرف إذ أهدى أشرف السحاءات وعرف بما كان من انتحاء تلك الحاء المذمومة في الحاءات فإنه وإن ألم بالفكاهة بما أمل من البداهة وسمى باسم السابق السكيت وكان من أمر مداعبته كيت وكيت وتلاعب في الصفات تلاعب الصفاح والصبا بالبانة والصبا بالعاشق ذي اللبانة فقد أغرب بفنونه وأغرى القلوب بفتونه ونفث بخفية الأطراف وعبث من الكلام المشقق بالأطراف وعلم كيف يمحض البيان ويخلص العقيان فمن الحق شكره على أياديه البيض وإن أخذ لفظة من معناه في طرف النقيض
تالله أيها الإمام الأكبر والغمام المستمطر والحبر الذي يشفى سائله والبحر الذي لا يرى ساحله ما أنا المراد بهذا المسلك ومن أين حصل ذلك النور لهذا الحلك وصح أن يقاس بين الحداد والملك إنه لتواضع الأعزة وما يكون عند الكرام من الهزة وتحريض الشيخ للتلميذ وترخيص في إجازة الوضوء بالنبيذ لو حضر الذي قضي له بجانب الغربي أمر البلاغة وارتضى ما له في هذه الصناعة من حسن السبك لحليها والصياغة وأطاعته فيما أطلعته طاعة القوافي الحسان واتبعته فيما جمعته لكن بغير إحسان لأذعن كما أذعنت وظعن عن محل الإجادة كما ظعنت وأنى يضاهى الفرات بالنغبة ويباهى بالفلوس من أوتي من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة وأي حظ للكلالة بالنشب وقد اتصل للورثة عمود النسب هيهات والله المطلب وشتان الدر والمخشلب وقد سيم الغلب ورجع إلى قياده السلب
وإن كنا ممن تقدم لشدة الظمإ إلى المنهل كمن أقدم إلىعين تبوك بعد النهي للعلل والنهل فقد ظهرت بعد ذلك المعجزة عيانا وملأ ما هنالك جنانا
وما تعرضنا بإساءة الأدب واللوم ولكن علمنا أن آخر الشرب ساقي القوم وإن أسهبنا فما نلنا رتبة ذلك الإيجاز وإن أعرقنا فهوانا في الحجاز فلكم قصيرات الحجال ولنا قصيرات الخطا في هذا المجال وإكثارنا في قلة وجارنا من الفقر في فقر وذلة ومن لنا بواحدة يشرق ضياؤها ويخفي النجوم خجلها منها وحياؤها إن لم تطل فلأنها للفروع كالأصل وفي الجموع كليلة الوصل فلو سطع نورها الزاهر ونورها الذي تطيب منه الأنوار الأزاهر لسجدت النيران ليوسف ذلك الجمال ووجدت نفحات رياها في أعطاف الجنوب والشمال وأسرعت نحوها النفوس إسراع الحجيج يوم النفر وسار خبرها وسرى فصار حديث المقيمين والسفر وما ضر تلك الساخرة في تجليها الساحرة بتجنيها أن كانت بمنزلة ربيبتها بل ربيئتها هذه التي سبقتني لما سقتني بسيئتها ووجدت ريحها لما فصلت من مصر عيرها وحين وصلت لم يدلني على ساريها إلا عبيرها وكم رامت أن تستتر عني بليل حبرها في هذه المغاني فأغراني بهاؤها وكل مغرم مغرى ببياض صبح الألفاظ والمعاني وهل كان ينفعها تلفحها بمرطها وتلفعها إذ نادتها المودة قد عرفناك يا سودة فأقبلت على شم نشرها وعرفها ولثم سطرها وحرفها وقريتها الثناء الحافل وقرأتها فزينت بها المحافل ورمت أمر الجواب فعزني في الخطاب لكن رسمت هذه الرقعة التي هي لديكم بعجزي واشية وإليكم مني على استحياء ماشية وإن رق وجهها فما رقت لها حاشية فمنوا بقبولها على عللها وانقعوا بماء سماحتكم حر غللها فإنها وافدة من استقر قلبه عندكم وثوى وأقر بأنه يلقط في هذه الصناعة ما يلقى للمساكين من النوى بقيتم سيدي للفضل والإغضاء ودمتم غرة في جبين السمحة البيضاء واقتضيتم السعادة
المتصلة مدة الاقتضاء بيمن الله سبحانه انتهى
ومن نثر ابن الجنان رحمه الله تعالى في شرف المصطفى لمحمد خير الأنام ولبنة التمام عليه أفضل الصلاة والسلام خيرة المفاخر يتضاءل لعظمتها المفاخر والمعالي يتصاغر لعزتها المعالي والمكارم يعجز عن مساجلتها المكارم والمناقب لا تضاهي سناها النجوم الثواقب والمحامد لا يبلغ مداها الحامد والمماجد لا يتعاطى رتبهن المماجد والمناسب سمت بجلالهن المناصب والعناصر طيبها الشرف المتناصر والفضائل تفجرت في أرجائهن الفواضل والشمائل تأرجت بعرفهن الجنائب والشمائل فلا مجاري لسيد البشر الآتي بالنذارات والبشر فيما حباه الله تعالى به وخصه وقصه علينا من خلقه العظيم ونصه عند رسم مدائحه يوجد المعول وفي الثناء عليه يستقصر الكلام المطول هو الآخر في ديوان الرسالة والأول وله في الفضيلة وقبول الوسيلة النص الذي لا يؤول نوره صدع الظلم وظهوره رفع لدين الله تعالى العلم بدأه الوحي وهو بحراء وأسر إليه سر تقدم الإسراء حتى إذا نصب له المعراج وتوقد في منارة السماء ذاك السراج ناجى الحبيب حبيبه وجلا عن وجه الجلاء جلابيبه فتلقى ما تلقى لما علا وترقى ثم صدر عن حضرة القدس وجبين هدايته يبهر سنا الشمس فشق لمعجزاته القمر ونهى بأمر ربه وأمر وأزال الجهالة وأزاح الضلالة وكسر منصوب الأوثان ونصر من قال واحد أحد على من قال ثالث ثلاثة أوثان وبنى الملة على قواعدها الخمس وأحيا دين إبراهيم وكان رفاتا بالرمس فرفلت الحنيفية البيضاء في بردة الجدة وبيضت بيضاء غرتها أوجه الأيام المسودة وانتشرت الرحمة بنبيها ومطرت المرحمة من سحب حيها وافتنت الآيات الباقيات البينات في مساقها واتساقها وإشراقها في آفاقها وائتلاقها
وشهد الحجر والشجر والماء من بين البنان يتفجر والظبية والضب والجذع المشتاق الصب والشاة والبعير والليث إذا هدأ أو سمع منه الزئير
والحي والجماد والقصعة والزاد بأن محمدا رسول الملك الحق والمبلغ عنه بواسطة الملك إلى الخلق وصاحب اللواء المعقود والمقام المحمود والحوض المورود والقول المسموع والذكر المرفوع والصدر المشروح والفخر الباهر الوضوح والأنوار المتناقلة والآثار المتداولة والنبوة التي عهدها تقادم من قبل خلق آدم والمزية المعروف قدرها الجليل المقبول فيها ما دعا به الخليل والرتبة التي استشرف إليها الكليم حتى قال له ( وكن من الشاكرين ) ربه الكريم والبشارة التي كان بها يصيح حين يسيح روح الله تعالى وكلمته عيسى المسيح والشفاعة التي يرجوها الرسل والأمم ويقرع بها الباب المرتج المبهم فما لنبينا المختار من علو المقدار واصطفاء الجبار والاختصاص بالأثرة والاستخلاص للحضرة ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما
حسب هذا الوجود من الفضل الرباني والجود الذي لم يزل عظيما أن بعث الله تعالى فيه رسولا رؤوفا بالمؤمنين رحيما عزيزا على ربه الكريم كريما بسره سجدت الملائكة لآدم تعظيما وبذكره ينظم سلك المادح لحضرته العلية تنظيما صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما صلاة تتصل ما دار كأس محبته على أحبته فكان مزاجه تسنيما وسلاما ينزل دار دارين فيرسل ببضائعها إلى روضة الرضى نسيما
ومن خطبه المرتجله قوله سامحه الله تعالى
الحمد لله الذي حمده من نعمائه وشكره على آلائه من آلائه أحمده حمد عارف بحق سنائه واقف عند غاية العجز عن إحصاء ثنائه عاكف على رسم الإقرار بالافتقار إليه والاستغناء به في كل آنائه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المتوحد بعظمته وكبريائه المتقدس عما يقوله الملحدون في أسمائه وأصلي على سيد ولد آدم ونخبة أنبيائه محمد المفضل على العالمين باجتبائه
واصطفائه المنتقى من صميم الصميم وصريح الصريح بجملة آبائه المرتضى ألأمانة والمكانة بإبلاغ أمر الله وأدائه أرسله الله للناس كافة عموما لا يتخصص باستثنائه وفضله بالآيات الباهرة والمعجزات الظاهرة على أمثاله من المرسلين ونظرائه ورقاه إلى الدرجات العلا وأنهاه إلى سدرة المنتهى ليلة إسرائه وحباه بالخصائص التي لا يضاهي بها بهاء كماله وكمال بهائه ورداه رداء العصمة فكانت عناية الله تكنفه عن يمينه وشماله وأمامه وورائه ووفاه من حظوظ البأس والندى ما شهد بمزيته على الليث والغيث في إبائه وانهمائه صلى الله عليه وعلى آله مصابيح الهدى ونجوم سمائه صلاة تتصل ما سمح البدر بائتلاف أنواره والقطر باندفاق أنوائه وسلم تسليما
ومن نثره رحمه الله تعالى رسالة كتب بها من الأندلس إلى سيد الكونين وهي
السلام العميم الكريم والرحمة التي لا تبرح ولا تريم والبركة التي أولها الصلاة وآخرها التسليم على حضرة الرسالة العامة الدعوة والنبوة المؤيده بالعصمة والأيد والقوة ومثابة البر والتقوى فهي لقلوب الطيبين صفا ومروة مقام سيد العالمين طرا وهاديهم عبدا وحرا ومنقذهم من أشراك الهلاك وقد طالما ألفوا العيش ضنكا والدهر مرا ومقر الأنوار المحمدية والبركات السرمدية أمتع الله تعالى الإسلام والمسلمين بحراسة أضوائها وكلاءة ظلالها العلية وأفيائها وأقر عين عبدها بلثم ثراها والانخراط في سلك من يراها
السلام عليك يا محمد السلام عليك يا أحمد السلام عليك يا أبا القاسم سلام من يمد إليك يد الغريق ويرجو الإنقاذ ببركتك من نكد المضيق ويتقطع أسفا ويتنفس صعدا كلما ازدلف إليك فريق وعمرت نحوك طريق
ولا يفتر صلاة عليك له لسان ولا يجف ريق
كتبته يا رسول الله وقد رحل المجدون وأقمت واستقام المستعدون وما استقمت وبيني وبين لثم ثراك النبوي ولمح سناك المحمدي مفاوز لا يفوز بقطعها إلا من طهر دنس ثوبه بماء توبه وستر وصم عيبه بظهر غيبه فكلما رمت المتاب رددت وكلما يممت الباب صددت وقد أمرنا الله تعالى بالمجيء إليك والوفادة عليك ومن لي بذلك يا رسول الله والآثام تنئي وتبعد والأيام لا تدني ولا تسعد وبين جنبي اشواق لا يزال يهزني منها المقيم المقعد ولئن كنت ممن خلفته عيوبه وأوبقته ذنوبه ولم يرض للوفادة وهو مدنس على ذلك المقام وهو المطهر المقدس فعندي من صدق محبتك وحب صحبتك والاعتلاق بذمتك ما يقدمني وإن كنت مبطئا ويقربني وإن كنت مخطئا
فاشفع لي يا رسول الله في زيارتك فهي أفضل المنى وتوسل لي إلى مولى بين فضيلتك وتقبل وسيلتك في النقلة من هناك إلى هنا واقبلني وإن كنت زائفا وأقبل علي وإن أصبحت إلى الإثم متجانفا فأنت عماد أمتك جميعا وأشتاتا وشفيعهم أحياء وأمواتا ومن نأت به الدار وقعدت بعزمه الأقدار ثم زار خطه ولفظه فقد عظم نصيبه من الخير وحظه وإن لم أكن سابقا فعسى أن أكون مصليا وإن لم أعد مقبلا فلعلي أعد موليا ووحقك وهو الحق الأكيد والقسم الذي يبلغ به المقسم ما يريد وما وخدت إليك ركاب إلا وللقلب إثرها التهاب وللدمع بعدها سح وانسكاب ويا ليتني ممن يزورك معها ولو على الوجنتين ويحييك بين ركبها ولو على المقلتين وما الغنى دونك إلا بؤس وإقلال ولا الدنيا وإن طالت إلا سجون وأغلال والله تعالى يمن على كتابي بالوصول والقبول وعلي بلحاقي ببركتك ولو بعد طول
ثم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته عليك يا سيد الخلق وأقربهم من الحق ولمولاه بإحراز قصب السبق ومن طهر الله تعالى مثواه وقدسه وبناه على
التقوى والرضوان وأسسه وآتاه من كل فضل نبوي أعلاه وأسناه وأنفسه وعلى ضجيعيك السابقين لمهاجريك وأنصارك الفائزين بصحبتك العلية وجوارك وعلى أهل بيتك المطهرين أوائل وأواخر الشهيرين مناقب ومفاخر وصحابتك الذين عزروك ووقروك وآووك ونصروك وقدموك على الأنفس والأموال والأهل وآثروك وأقرئك سلاما تنال بركته من مضى من أمتك وغبر ويخص بفضل الله تعالى وجاهك من كتب وسطر إن شاء الله تعالى
كتبه عبدك المستمسك بعروتك الوثقى اللائذ بحرمك الأمنع الأوقى المتأخر جسما المتقدم نطقا فلان والسلام عليك يا رسول الله تسليما كثيرا ورحمة الله تعالى وبركاته
وله من خطبة طويلة ونشهد أن محمدا عبدالله ورسوله الصفوة المجتبى الكريم أما طاهرة وأبا المختار من الطيبين مباركا طيبا المصطفى نبيا إذ كان آدم بين الماء والطين متقلبا المتقدم بمقام تأخر عنه مقام الملائكة المقربين انتخبه الله وانتجبه وأظهره على غيب عن غيره حجبه وشرفه في الملإ الأعلى وأعلى رتبه وخط اسمه على العرش سطرا وكتبه فهو وسيلة النبيين والمرشح أولا لإمامة المرسلين بعثه ربه لختم الرسالة ونعته بنعت الشرف والجلالة وأيده بالحجة البالغة والدلالة وجعله نورا صادعا لظلام الضلالة واثنى في ذكره الحكيم على خلقه العظيم فما عسى أن يبلغ بعد ثناء المثنين بفضله التصريح وإليه الإشارة وبه سبقت من إبراهيم الدعوة ومن عيسى البشارة وعليه راقت من صفة الرؤوف الرحيم الحلية والشارة وهو المخير بين الملك والعبودية فاختار العبودية بعد الاستخارة والاستشارة فبتواضعه حل بمكان عند ذي العرش مكين أسرى به ربه إليه ووفد أكرم وفادة عليه وأدناه قاب قوسين لديه ووضع إمامه الرسالة العظمى في يديه وقال له ( اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ) فصدع بأمر الله
صدعا وأوتي من المثاني سبعا ومن الآيات البينات آلافا وإن كان أوتي موسى تسعا
فما مشي الشجر إليه يجر عروقه إلا كرجوع العصا حية تسعى وماتفجر الحجر بالماء بأعجب من بنانه نبعت بالعذب الفرات نبعا فارتوى منه خمسمائة وقد كان يكفي آلافا فكيف المئين وكم له عليه الصلاة و السلام من معجزة تبهر وآية هي من أختها أكبر رجعت له الشمس وانشق القمر وكلمه الضب وأخبر به الذئب وسلم عليه الشجر والحجر وكان للجذع عند فراقه إعلانا بوجده واشتياقه أنة وحنين أعطى من المعجزات ما مثله آمن عليه البشر وكانت له في الغار آيات بينات خفي بها على القوم الأثر وارتج لمولده إيوان كسرى وخمدت نار فارس وكان ضرمها يتسعر وأتته أخبار السماء فما عمي في الأرض الخبر فحدث عن الغيوب وما هو على الغيب بضنين وجعل له القرآن معجزة تتلى يبلى الزمان وهي لا تبلى وتعلو كلماتها على الكلم ولا تعلى وتجلى آياتها في عين آيات الشمس حين تجلى فيتوارى منها بالحجاب حاجب وجبين بهر إعجاز التنزيل العلي وظهر به صدق النبي العربي فكم نادى لسان عزه في الندي بأهل البديهة من الفصحاء والروي قل فأتوا بسورة من مثله فلم يكونوا لها مستطيعين
لقد خص نبينا عليه السلام بالآيات الكبر والدلالات الواضحة الغرر والمقامات السامية المظهر والكرامات المخلدة للمفخر فهو سيد الملإ النبوي والمعشر وحامل لواء الحمد في المحشر وصاحب المقام المحمود والكوثر والشفيع المشفع يوم يقوم الناس لرب العالمين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وذريته المباركين وصحابته الأكرمين وأزواجه أمهات المؤمنين صلاة موصولة تتردد إلى يوم الدين وتصعد إلى السموات العلا فتكون كتابا في عليين وسلم تسليما
ومن نثره في خطبة قوله أيها الناس رحمكم الله تعالى أصيخوا
أسماعكم لمواعظ الأيام واعتبروا باحاديثها اعتبار أولي النهى والأحلام وأحضروا لفهم موادها أوعى القلوب وأصح الأفهام وانظروا آثارها بأعين المستيقظين ولا تنظروا بأعين النوام ولا تخدعنكم هذه الدنيا الدنية بتهاويل الأباطيل وأضغاث الأحلام ولا تنسينكم خدعها المموهة وخيالاتها الممثلة ما خلا من مقالاتها في الأنام فهي دار انتياب النوائب ومصاب المصائب وحدوث الحوادث وإلمام الآلام دار صفوها أكدار وسلمها حرب تدار وأمنها خوف وحذار ونظمها تفرق وانتشار واتصالها انقطاع وانصرام ووجودها فناء وانعدام وبناؤها تضعضع وانهدام ينادي كل يوم بناديها منادي الحمام فلا قرار بهذه الغرارة ولا مقام ولا بقاء لساكنيها ولا دوام
فبئست الدار دارا لا تدارى ولا تقيل لعاثرها عثارا ولا تقبل لمعتذر اعتذارا ولا تقي من جورها حليفا ولا جارا وليس لها من عهد ولا ذمام كم فتكت تقوم غافلين عنها نيام كم نازلت بنوازلها من قباب وخيام كم بدلت من سلامة بداء ومن صحة بسقام كم رمت أغراض القلوب بمصميات السهام كم جردت في البرايا للمنايا من حسام كم بددت بأكف النائبات الناهبات من عطايا جسام كم أبادت طوارق حوادثها من شيخ وكهل وغلام
لا تبقي على أحد ولا ترثي لوالد ولا ولد ولا تخلد سرورا في خلد ولا يمتد فيها لآمل أمد بينا يقال قد وجد إذ قيل قد فقد بعدا لها قد طبعت على نكد وكمد فالفرح فيها ترح والحبرة عبرة والضحك والابتسام بكاء وأدمع سجام تفرق الأحبة بعد اجتماعهم وتسكن الوحشة مؤنس رباعهم وتبيح بالحمام حمى الأعزة فلا سبيل إلى امتناعهم وتستحث ركائب الخلائق على اختلاف أنواعهم إلى مصيرهم إلى الله عز و جل وارتجاعهم
فيسيرون طوع الزمام ويلقون مقادة التذلل والاستسلام حتى يلجأوا بالرغام وينزلوا بطون الرجام ويحلوا الوهد بعد المقام السام فلا ناج من خطبها العظيم ولا سليم يتساوى في حكم المنية الأغر والبهيم والأعز والمضيم
ولو أنه ينجو من ذلك مجد صميم وجد كريم وحظ عظيم ومضاء وعزيم ومزية وتقديم وحديث في الفضل وقديم وشرف لسمك السموات مسام وعلى على ساق العرش المجيد ذو ارتسام لنجا حبيب الملك العلام وسيد السادات الأعلام وصفوة الصفوة الكرام وخاتم الأنبياء ولبنة التمام وصباح الهدى ومصباح الظلام والأبيض المستسقى به غيث الغمام ثمال الأرامل وعصمة الأيتام عليه أفضل الصلاة والسلام لكن مع قدره الجليل وفضله الجلي أقدم الموت على جانبه العلي وتقدم ملك الموت لقبض روحه القدسي وتغيب في الثرى جمال ذلك الوجه البهي وتفيض ماء السماء والندى لملك السماحة النبوية والندى وأصيب المسلمون وأعظم بها مصيبة بنبيهم العربي الهاشمي القرشي فيا له وللإسلام من مصاب أسلمنا للحزن أي إسلام وأسال مياه الدموع عن احتراق للضلوع واضطرام وأرانا أن الأسى في رزية لخير البرية واجب وأن التأسي حرام
وهل يسوغ الصبر الجميل في فقيد بكته الملائكة وجبريل وكثر له في السموات السبع النحيب والعويل انقطع به عن الأرض الوحي الحكيم والتنزيل وعظمت الرزية به أن يؤدي حقيقتها الوصف والتمثيل غداة أقفر منه الربع المحيل وأوحش من أنسه السفح والنخيل وكان من تلك الروح الطاهرة الوداع والرحيل وقامت البتول تندب أباها بقلب قريح وجفن دام وتنادت الأمة مات الرسول ففي كل بيت بكاء وانتحاب ونوح والتزام وحارت الألباب والعقول فلا صبر هنالك لقد زلت عن الصبر الأقدام ولما نعيت إليه
نفسه وآن أن تأفل من تلك المطالع شمسه آذن أمته بالفراق وأعلمهم وناشدهم في أخذ القصاص وكلمهم مخافة أن يمضي إلى الملك الحق وعليه تباعة لأحد من الخلق وحاشاه عليه الصلاة و السلام من صفات جائر للأمة ظلام ولكنه تعريف من نبي الرحمة بما يجب وإعلام ثم استمر به صلوات الله وسلامه عليه وتمادى وزاد به السقم المنتاب وتهادى حتى واراه ملحده وخلا منه ربعه ومسجده فعم الحزن والاكتئاب وتوارى النور فأظلم الجناب وعاد الأصحاب وكأنما دموعهم السحاب فقالت فاطمة وقد رابها من دفن أبيها الكريم ما راب أطابت نفوسكم أن تحثوا على رسول الله فكأن كلامها للقلوب المفجعة كلام وللعيون المفجرة بالدموع انسفاح وانسجام
وفي مثل هذا الشهر شهر ربيع المشيد بذكر الأشجان المذيع كانت وفاة هذا النبي الهادي الشفيع وانتقاله إلى الملإ الأعلى والرفيق الرفيع حين ناداه ربه إلى قربه فلبى بشوق قلبه تلبية المهطع المطيع وحن إلى حضرة القدس فانتظم حين حل بها ما كان من شمله الصديع وانتظر من صنع الرب جميل الصنيع وإنجاز وعد الشفيع في الجميع إذ أعطي لواء الحمد وقام محمود المقام ووقف على الحوض ينادي هلموا إلي أروكم من العطش والأوام
اللهم اسقنا من حوضه المورود وشرفنا بلوائه المعقود وشفعه فينا في اليوم المشهود وارحمنا به إذا صرنا تحت أطباق اللحود اللهم اجعله لنا تعزية من كل مفقود وأوجد لنا من بركاته أشرف موجود وجازه عنا بما أنت أهله من فضل وإحسان وجود وانفعنا بمحبته ومحبة آله وصحابته الركع السجود واجعلنا معهم في الجنة دار الخلود ودار السلام واخصصهم عنا بأكرم تحية وأفضل سلام وصل عليهم صلاة تستلم أركان رضوانك أي استلام وتنتظم له كرامات إحسانك أي انتظام
فصلوات الله عليه وأطيب تحياته ورحمته تتوالى لديه وأجزل بركاته
ما تجدد في ربيع ذكر وفاته وتمهد كهف القبول لطالبي فضله وعفاته وتعزى به كل مصاب في مصيباته وترجى شفاعته كل محب فيه متبع لهداياته وتوفرت للمصلين عليه والمسلمين على جنباته حظوظ من بر الله تعالى وأقسام ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صل عليه من نبي لم يزل بالمؤمنين رؤوفا رحيما اللهم صل عليه من نبي أوجبت حبه وعظمته تعظيما اللهم صل عليه من نبي صليت عليه تجلة وتكريما وأمرتنا بالصلاة عليه إرشادا وتعليما فلنا بأمرك اقتداء وائتمام وبحمدك على ما هديتنا افتتاح واختتام وكلامك يا ربنا أشرف الكلام ولوجهك وحده البقاء والدوام ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) ( هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين والحمد لله رب العالمين ) انتهى
وترجمة ابن الجنان واسعة جدا وكلامه في النبويات نظما ونثرا جليل رحمه الله تعالى
وقال لسان الدين في ألإحاطة بعد أن عرف به وأورد له الرسالة ما صورته ومحاسنه عديده وآماده بعيدة ثم قال إنه انتقل إلى بجاية فتوفي بها في عشر الخمسين وستمائة انتهى
وقال صاحب عنوان الدراية في حق ابن الجنان المذكور ما ملخصه الفقيه الخطيب الكاتب البارع الأديب أبو عبدالله ابن الجنان من أهل الرواية والدراية والحفظ والإتقان وجودة الخط وحسن الضبط وهو في الكتابة من نظراء الفاضل أبي المطرف ابن عميرة المخزومي وكثيرا ما كانا يتراسلان بما يعجز عنه الكثير من الفصحاء ولا يصل إليه إلا القليل من البلغاء ونثره ونظمه
كله حسن ونظمه غزير وأدبه كثير ومن ذلك قصيدته الدالية التي مطلعها
( يا حادي الركب قف بالله يا حادي ... وارحم صبابة ذي نأي وإبعاد )
وله أيضا
( ترك النزاهة عندنا ... أدى إلى وصف النزاهه )
( ما ذاك إلا أنها ... تدعو الوقور إلى الفكاهه )
( وإذا امرؤ نبذ الوقا ... ر فقد تلبس بالسفاهه )
مخمسات من المدائح النبوية
ومن بديع نظم ابن الجنان رحمه الله تعالى هذا التخميس في مدح سيد الوجود وشرف وكرم( الله زاد محمدا تكريما ... )
( وحباه فضلا من لدنه عظيما ... )
( واختصه في المرسلين كريما ... )
( ذا رأفة بالمؤمنين رحيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( جلت معاني الهاشمي المرسل ... )
( وتجلت الأنوار منه لمجتلي ... )
( وسما به قدر الفخار المعتلي ... )
( فاحتل في أفق السماء مقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( حاز المحامد والممادح أحمد ... )
( وزكت مناسبه وطاب المحتد ... )
( وتأثلت علياؤه والسؤدد ... )
( مجدا صميما حادثا وقديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( شمس الهداية بدرها الملتاح ... )
( قطب الجلالة نورها الوضاح ... )
( غيث السماحة للندى يرتاح ... )
( يروي بكوثره الظماء الهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( تاج النبوة خاتم الأنباء ... )
( صفو الصريح خلاصة العلياء ... )
( نجل الذبيح سلالة العلماء ... )
( بشرى المسيح دعاء إبراهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( فخر لآدم قد تقادم عصره ... )
( من قبل أن يدرى ويجرى ذكره ... )
( سر طواه الطين فهم نشره ... )
( معنى السجود لآدم تفهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( لله فضل المصطفى المختار ... )
( ما إن له في المكرمات مجاري ... )
( ولا مبار باختصاص الباري ... )
( بالحق قدم مجده تقديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( أوصاف سيدنا النبي الهادي ... )
( ما نالها أحد من الأمجاد ... )
( فالرسل في هدي وفي إرشاد ... )
( قد سلموا لنبينا تسليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( آياته بهرت سنا وسناء ... )
( وأفادت القمرين منه ضياء ... )
( وعلت بأعلام الظهور لواء ... )
( فهدى به الله الصراط قويما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( دنت النجوم الزهر يوم ولادته ... )
( ورأت حليمة آية لسيادته ... )
( وتحدثت سعد بذكر سعادته ... )
( فتفاءلوا نعم اليتيم يتميا ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( لما ترعرع جاءه الملكان ... )
( بالطست فيها حكمة الرحمن ... )
( فاستخرجا القلب العظيم الشان ... )
( منه وطهر ثم عاد سليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( كرمت مناشي أحمد خيرالورى ... )
( وجرى له القلم العلي بما جرى ... )
( ما كان ذلكم حديثا يفترى ... )
( لكنه الحق الجلي رسوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ما زال برهان النبي يلوح ... )
( يغدو به الإعجاز ثم يروح ... )
( حتى أتاه بعد ذاك الروح ... )
( يوحي له وحي الإله حكيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( شهدت له بمزية التفضيل ... )
( سور وآيات من التنزيل ... )
( وصلاة خالقه أدل دليل ... )
( فافهمه واسمع قوله تعظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( إن الرسول المعتلي المقدار ... )
( لمؤيد من ربه القهار ... )
( بالمعجزات جلت عمى الأبصار ... )
( وشفت من أدواء الضلال سقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( كم شاهد لمحمد بنبوته ... )
( في أيد تأييد الإله وقوته ... )
( فبذاك أعلى الله دعوة حجته ... )
( فمضت حساما صارما وعزيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( البدر شق له ليظهر صدقه ... )
( والشمس قد وقفت تعظم حقه ... )
( والمزن أرسل إذ توسل ودقه ... )
( فاخضر ما قد كان قبل هشيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( والماء بين بنانه قد سالا ... )
( عذبا معينا سائغا سلسالا ... )
( كنداه يمنح رفده من سالا ... )
( وينيل راجيه النوال جسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( بركاته أربت على التعداد ... )
( كم أطعمت من حاضرين وبادي ... )
( من قصعة أو حثية من زاد ... )
( رزقا كريما للجيوش عميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( سجد البعير له سجود تذلل ... )
( وشكا إليه بحرقة وتململ ... )
( والشاة قال ذراعها لا تأكل ... )
( مني فإني قد ملئت سموما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( والغصن جاء إليه يمشي مسرعا ... )
( والصخر أفصح بالتحية مسمعا ... )
( والظبية العجماء فيها شفعا ... )
( والضب كلم أحمدا تكليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( والجذع حن له حنين الواله ... )
( يبدي الذي يخفيه من بلباله ... )
( أفلا يحن متيم بجماله ... )
( يشتاق وجها للنبي وسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ما بالنا نسلو وحب حبيبنا ... )
( يقضي ببث غرامنا ونحيبنا ... )
( لو صح في الإخلاص عقد قلوبنا ... )
( لم ننس عهدا للرسول كريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( أين الدموع نفيضها هتانا ... )
( أين الضلوع نقضها أشجانا ... )
( حتى نقيم على الأسى برهانا ... )
( لمتمم إرشادنا تتميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( أوليس هادينا إلى سبل الهدى ... )
( أوليس منقذنا من أشراك الردى ... )
( أوليس أكرم من تعمم وارتدى ... )
( أولم يكن أزكى البرية خيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ذاك الشفيع مقامه محمود ... )
( ولواؤه بيد العلا معقود ... )
( فإذا توافت للحساب وفود ... )
( قالوا تقدم بالأنام زعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( فيقوم بالباب العلي ويسجد ... )
( ويقول يا مولاي آن الموعد ... )
( فيجاب قل يسمع إليك محمد ... )
( ونريك منا نضرة ونعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( أعظم بعز محمد وبجاهه ... )
( أكرم به متوسلا لإلهه ... )
( شربت كرام الرسل فضل مياهه ... )
( فغدت تعظم حقه تعظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( يا سامعي أخباره ومفاخره ... )
( ومطالعي آثاره ومآثره ... )
( ومؤملي وافي الثواب ووافره ... )
( إن شئتم فوزا بذاك عظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
قلت وكثيرا ما كنت أنشد هذه القصيدة بالمغرب في مجالس التدريس وأضيف إليها قبلها أخرى لبعض أهل المغرب الذين لهم في منازل الأمداح النبوية مقيل وتعريس وهي قصيدة ميلاديه كأنما لم ينظمها مؤلفها إلا مقدمة لهذه القصيدة الفريدة وهي
( اسمع حديثا قد تضمن شرحه ... روضا من الإيناس أينع دوحه )
( فيه الشفاء لمن تكاثر برحه ... وافى ربيع قد تعطر نفحه )
( أذكى من المسك الفتيق نسيما ... )
( شهر حوى بوجود أحمد أسعدا ... بالمصطفى بين الشهور تفردا )
( يا ما أجل سنا علاه وامجدا ... لولادة المختار أحمد قد غدا )
( يزهو به فخرا تراه عظيما ... )
( يا من بأدمع مقلتيه يغتذى ... كم ذا تنادي حسرة من منقذي )
( وتقول للزفرات هل من منفذ ... بشرى بشهر فيه مولده الذي )
( سر الزمان علوه تعظيما ... )
( يا ليلة رفعت بأحمد حجبها ... لما دنا بعد التباعد قربها )
( وتطلعت للسعد فينا شهبها ... ضاءت لها شرق البلاد وغربها )
( وتأنقت أرجاؤها تنعيما ... )
( أسدى إليك الدهر حسن صنيعه ... وحباك من غض الجنى ببديعه )
( وافى هلال محمد بربيعه ... فاعتز أمر الله عند طلوعه )
( وغدا به دين الإله قويما ... )
( نظم الزمان بجيد عمرك دره ... فاشكر مآثره وواصل بره )
( وافاك بالسر المصون فسره ... واعرف لهذا الشهر حقا قدره )
( فلقد غدا بين الشهور كريما ... )
( يا صاح جاءت بالآماني أسعد ... وأطل بالبشرى الكريمة مولد )
( هذا ربيع فيه أنجز موعد ... شهر كريم جاء فيه محمد )
( صلوا عليه وسلموا تسليما ... )
ثم قلت أنا عند ختم درس الشفا موطئا لقصيدة ابن الجنان المذكور ولعذب براعتها مرتشفا ما نصه والأعمال بالنيات
( انشق أزاهر عن فنون رياض ... للعلم واكرع من عذاب حياض )
( واسق الرياض بذكره الفياض ... واحفظ كلاما للإمام عياض )
( قد تممت أقسامه تتميما ... )
( لله روض منه أينع دوحه ... يجنى به من الكريم ومنحه )
( فهو الشفاء لمن تكاثر برحه ... مسك الختام به تعطر نفحه )
( فشذاه في الأرجاء صار شميما ... )
( فاضت علينا من هداه عوارف ... زهر وأنوار وظل وارف )
( ونمارق مصفوفة ومطارف ... يا حسن ما أبداه فذ عارف )
( درا بأسلاك الحديث نظيما ... )
( لم لا وبالملك الشفيع تشرفا ... خير البرية ركن أرباب الصفا )
( من أسعد الراجي وقصدا أسعفا ... طه النبي الهاشمي المصطفى )
( صلوا عليه وسلموا تسليما ... )
وقد رأيت بعد وصولي إلى هذا الموضع من هذا الكتاب أن أذكر قصيدة أبن الجنان المذكور في روي تلك القصيدة غير مخمسة مستقلة بنفسها وهو قوله رحمه تعالى
( صلوا على خير البرية خيما ... وأجل من حاز الفخار صميما )
( صلوا على من شرفت بوجوده ... أرجاء مكة زمزما وحطيما )
( صلوا على أعلى قريش منزلا ... بذراه خيمت العلا تخييما )
( صلوا على نور تجلى صبحه ... فجلا ظلاما للضلال بهيما )
( صلوا على هاد أرانا هديه ... نهجا من الدين الحنيف قويما )
( صلوا على هذا النبي فإنه ... من لم يزل بالمؤمنين رحيما )
( صلوا على الزاكي الكريم محمد ... ما مثله في المرسلين كريما )
( ذاك الذي حاز المكارم فاغتدت ... قد نظمت في سلكه تنظيما )
( من كان أشجع من أسامة في الوغى ... ولدى الندى يحكي الحيا تجسيما )
( طلق المحيا ذو حياء زانه ... وسط الندي وزاده تعظيما )
( حكمت له بالفضل كل حكيمة ... في الوحي جاء بها الكتاب حكيما )
( وبدت شواهد صدقه قد قسمت ... بدر الدجى لقسيمه تقسيما )
( والشمس قد وقفت له لما رأت ... وجها وسيما للنبي وسيما )
( كم آية نطقت تصدق أحمدا ... حتى الجماد أجابه تكليما )
( والجذع حن حنين صب مغرم ... أضحى للوعات الفراق غريما )
( جلت مناقب خاتم الرسل الذي ... بالنور ختم والهدى تختيما )
( وسمت به فوق السماء مراتب ... بمقام صدق عز فيه مقيما )
( فله لواء الحمد غير مدافع ... وله الشفاعة إذ يكون كليما )
( نرجوه في يوم الحساب وإنما ... نرجو لموقفه العظيم عظيما )
( ما إن لنا إلا وسيلة حبه ... وتحية تذكو شذا وشميما )
( ولخير ما أهدى امرؤ لنبيه ... أرج الصلاة مع السلام جسيما )
( يا أيها الراجون منه شفاعة ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
وهذه قصيدة بديعة مخمسة من كلام الشيخ الأستاذ أبي العلاء إدريس بن موسى القرطبي في مدح رسول الله وقف عليها أبو عبد الله ابن الجنان المذكور وقرظها بما سنذكره بعدها قريبا وهي
( أهلا بكم يا أهل هذا النادي ... أهل اعتقاد الوعد والميعاد )
( أهدوا الصلاة إلى النبي الهادي ... وصلوا السلام له مع الآباد )
( يندى نسيما مذكرا تسنيما ... )
( هو أول الشفعاء يوم المحشر ... وسواه بين تقدم وتأخر )
( بهت الحضور لهول ذاك المحضر ... والكل في الخطب العميم الأكبر )
( قد هيمت ألبابهم تهييما ... )
( ذاك المقام الأشهر المحمود ... هو للنبي محمد موعود )
( فيه الشفاعة ذخرها موجود ... درك المراد وحوضه المورود )
( فضل الكليم به وإبراهيما ... )
( عيسى وموسى والخليل مروع ... من هول مطلع هنالك يفظع )
( فيقال أحمد قل فإنك تسمع ... فيقوم يحمد ربه فيشفع )
( فضلا من الرب العظيم عظيما ... )
( يا أمة المختار أنتم أمه ... والهول قد عم البسيطة يمه )
( والأنبياء سواه كل همه ... تخليص مهجته وليس يهمه )
( من كان في الدنيا عليه كريما ... )
( صلى الإله على الذي صلى عليه ... عشرا بواحدة يزكيها لديه )
( وأراه في الدارين قرة ناظريه ... يا قاصدين إلى وصولكم إليه )
( راجين من أرج القبول نسيما ... )
( لولا وصية صاحب التنزيل ... أن لا يقال له غلو القيل )
( قول الغلاة لصاحب الإنجيل ... لغلوت في التعظيم والتبجيل )
( عظم المكانة يوجب التعظيما ... )
( طوبى لقلب قد تلالا إذ صفا ... بالسر منه قد تثبت إذ هفا )
( خطت به آيات حب المصطفى ... فغدا لصاحبه بذلك مصحفا )
( يهدي إلى نهج النجاة قويما ... )
( فاقت علا ذكراه إذ راقت حلى ... ملأ النبوة أمهم حين اعتلى )
( في ليلة الإسراء أعلى معتلى ... كتب الإله له التقدم في العلا )
( وعليهم التفويض والتسليما ... )
( وكذاك يسلم في الشفاعة كلهم ... ومحلهم عند الإله محلهم )
( ظل النبي محمد هو ظلهم ... يمشون تحت لوائه فيدلهم )
( يندى عليهم بهجة ونعيما ... )
( أوصافه من كل حسن أبهج ... العرف ينفح والسنا يتبلج )
( فتأرج الأرجاء منه وتبهج ... فاق الزواهر نورها يتوهج )
( والزهر نفاح النسيم وسيما ... )
( طلق المحيا منهل للنائل ... أنحى على الدنيا بزهد كامل )
( هو مثل الدنيا بظل زائل ... لم ترضه حال النعيم الحائل )
( ما حاول الترفيه والتنعيما ... )
( ما ورث المختار مال مؤمل ... إلا جواهر في الكتاب المنزل )
( أشهى لقلب الناظر المتأمل ... وأقر إعجابا لعين المجتلي )
( من كل قيمة مقتض تقويما ... )
( وفقت يا من لم يخالف نصه ... حزت الكمال وليس تخشى نقصه )
( نهج الهدى قول النبي اقتصه ... بالوحي شرفه الإله وخصه )
( شرفا على شرف السناء صميما ... )
( سبحان موح لا يحد له الكلام ... من قال ذات كلام خلاق الأنام )
( خلق فذلك آثم كل الأثام ... ذاك الذي في الدين ليس له ذمام )
( إلا ذمام لا يزال ذميما ... )
( ضل الذي يبغي الهدى مما سواه ... وهوى به في كل مهواة هواه )
( من فارق الفاروق قد تبت يداه ... حيران لم يهد السبيل إلى هداه )
( لا يعرف التحليل والتحريما ... )
( بالمدح مجد المصطفى يممته ... من حلي أوصاف له نظمته )
( لم أبلغ المعشار إذ أحكمته ... بعضا نسيت وبعضه ألهمته )
( قلدته جيد الزمان نظيما ... )
( لو فزت بالإحسان من حسان ... وسحبت أذيالي على سحبان )
( أو أيدتني لسن كل زمان ... من كل ذي زعم عظيم الشان )
( ما كنت بالمعشار منه زعيما ... )
( إدريس حفتك الحقوق حفوفا ... هلا خففت إلى الرسول خفوفا )
( وقريت بالعزم الهموم ضيوفا ... وشدوت أن هال الزمان صروفا )
( مهلا كفاك معلمي التعليما ... )
( ثقة بفضل الواحد القهار ... ملك الملوك مصرف الأعصار )
( جعل النبي مكرم الآثار ... وأمده بالنصر والأنصار )
( وأتم نعمته له تتميما ... )
( هل أجلون بصري بكحل سناه ... يا سعد من كحلت به عيناه )
( ظفرت يداه وساعدته مناه ... لله ذاك الأفق ما أسناه )
( كرم المحل فيقتضي التكريما ... )
ونص تقريظ ابن الجنان على هذه القصيدة هو قوله
( ما زال كل حليف ... لله أضحى وليا )
( وللعلوم خليلا ... وعن سواها خليا )
( ويصوغ عقيان مدح ... للهاشمي حليا )
( ويوجب الحق فيه ... إيجابه الأوليا )
( ويقتفي في رضاه ... نهجا جليلا جليا )
( والكل أحظاه حظ ... فالفوز يلفى مليا )
( لكن إدريس منهم ... حاز المكان العليا )
ولا يخفاك أنه التزم في هذه القطعة ما لا يلزم من اللام قبل الياء رحمه الله تعالى
ولا بأس أن نورد هنا ما حضر من التخميسات الموافقة لتخميس ابن الجنان المذكور السابق أولا في البحر والروي والمنحى الذي لا يضل قاصده وكيف لا وهو مدح الجناب الرفيع العظيم النبوي
فمن ذلك قول أبي إسحاق إبراهيم بن سهل الإسرائيلي الإشبيلي فإن بعضا ذكر أنها من قوله لما أظهر الإسلام وهي لا تقتضي رفع الريبة فيه والاتهام
( جعل المهيمن حب أحمد شيمة ... )
( وأتى به في المرسلين كريمة ... )
( فغدا هواه على القلوب تميمة ... )
( وغدا هداه لهديهم تتميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( أبدى جبين أبيه شاهد نوره ... )
( سجعت به الكهان قبل ظهوره ... )
( كالطير غرد معربا بصفيره ... )
( عن وجه إصباح يطل نسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( أنس الرسالة بعد شدة نفرة ... )
( منجى البرية وهي في يد غمرة ... )
( محيي النبوة والهدى عن فترة ... )
( فكأنما كفل الرشاد يتيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( الله أوضح فضله فتوضحا ... )
( والله بين حبه في والضحى ... )
( والجذع حن له هوى فترنحا ... )
( والماء فاض بكفه تسنيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ريا الرواية عن علاه زكية ... )
( نجواه ربانية ملكية ... )
( أوصافه علوية فلكية ... )
( فإخال شعري عندها تنجيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( احتث في السبع الطباق براقه ... )
( والأرض واجمة تخاف فراقه ... )
( سبحان من أدنى سراه فساقه ... )
( شخصا على ملك الملوك كريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( فاشتم ريحان القلوب الطيبا ... )
( ودنا فأسمع يا محمد مرحبا ... )
( إني جعلتك جار عرشي الأقربا ... )
( إن كنت قبلك قد جعلت كليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( يا ليلة يجري الزمان فتسبق ... )
( الحجب فيها والأرائج تفتق ... )
( ما كان مسك الليل قبلك يعبق ... )
( بشرى محمد استفاد نسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( حتى إذا اقتعد البراق لينزلا ... )
( نادته أسرار السموات العلا ... )
( يا راحلا ودعته لا عن قلى ... )
( ما كان عهدك بالغيوب ذميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صعد النجود وسار في الأغوار ... )
( سمك السما طورا وبطن الغار ... )
( متقسما في طاعة الجبار ... )
( ما أشرف المقسوم والتقسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( الشافع المتوسل المتقبل ... )
( القانت المدثر المزمل ... )
( وافى وظهر الأرض داج ممحل ... )
( فجلا البهيم به وأروى الهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( دفعت كرامته الزنوج عن الحرم ... )
( ودعاه جبريل المنزه في الحرم ... )
( وعزت له آيات نون والقلم ... )
( خلقا به شهد الإله عظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( طاو يفيض الزاد في أصحابه ... )
( غيث ولكن كان يستصحى به ... )
( طابت ضمائر قلبه وترابه ... )
( منه بسر لم يكن مكتوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( يا شوقي الحامي الى ذاك الحمى ... )
( فمتى أقضيه غراما مغرما ... )
( ومتى أعانقه صعيدا مكرما ... )
( بضمير كل موحد ملثوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
ومن ذلك قول بعض الوعاظ وأظنه من أهل المشرق
( جل الذي بعث الرسول رحيما ... )
( ليرد عنا في المعاد جحيما ... )
( وبه نرجي جنة ونعيما ... )
( أضحى على الباري الكريم كريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ما ضل عن وحي الإله وما غوى ... )
( حاشا رسول الله ينطق عن هوى ... )
( الصادق الثقة الأمين بما روى ... )
( قد نال من رب السماء علوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( وافى له الروح الأمين مبشرا ... )
( نادى به يا خير من وطىء الثرى ... )
( أجب المهيمن يا محمد كي ترى ... )
( ملكا كريما في السماء عظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( فأجابه المختار حين دعا به ... )
( رب السموات العلا لخطابه ... )
( ركب البراق وقد أتى لجنابه ... )
( أمسى له الروح الأمين نديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( فمتى أرى الحادي يبشر باللقا ... )
( ويضمه بان المحصب والنقا ... )
( وأرى ضريح المصطفى قد أشرقا ... )
( مولى حليما لن يزال رحيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( وأقول للزوار قد نلت المنى ... )
( يهنيكم طيب المسرة والهنا ... )
( فاستبشروا من بعد فقر بالغنى ... )
( فالله زادكم به تكريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ثم الرضى عن آله الكرماء ... )
( وكذاك عن أصحابه الخلفاء ... )
( فهواهم ديني وعقد ولائي ... )
( قوما تراهم في المعاد نجوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما ) ومنها قول بعض فضلاء المغاربة رحمه الله تعالى
( يا أمة الهادي المبارك أحمد ... )
( يهنيكم نيل الأماني في غد ... )
( بمحمد فزتم ومن كمحمد ... )
( إن شئتم أن تدركوا التتميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على البدر المنير الزاهر ... )
( صلوا على المسك الفتيق العاطر ... )
( صلوا على الغصن البهي الناضر ... )
( وتنعموا بصلاتكم تنعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من بالنبوة زينا ... )
( صلوا على من بالكمال تمكنا ... )
( بمحمد فزنا فإدراك المنى ... )
( فضلا منحنا حادثا وقديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على البدر المنير اللائح ... )
( صلوا على الهادي الحبيب الناصح ... )
( صلوا على المسك الفتيق الفائح ... )
( للرشد فهم والهدى تفهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من مجده قد أسسا )
( والماء بين بنانه قد بجسا ... )
( وأتت إليه سرحة حتى اكتسى ... )
( بفروعها إذ خيمت تخييما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من كان يبصر من قفا ... )
( وعليه سلمت الجنادل والصفا ... )
( والذئب قال صدقت أنت المصطفى ... )
( وشكا إليه بازل قد ضيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من قد شفى بالريق ... )
( عين الضرير ولدغة الصديق ... )
( وأعاد طعم الماء مثل رحيق ... )
( إذ مج فيه العنبر المختوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من بالملائك جيشا ... )
( وغدت تظلله الغمام إذا مشى ... )
( حرست سماء الله لما أن نشا ... )
( ليكون سر حبيبه مكتوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا عليه كل حين تربحوا ... )
( وبهديه مهما اهتديتم تفلحوا ... )
( والأجر يشملكم فجدوا تنجحوا ... )
( وإذا أردتم أن يكون عظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا بجمعكم على شمس الهدى ... )
( صلوا على بدر يزين المشهدا ... )
( صلوا عليه به الرشاد تمهدا ... )
( والذكر بين فضله تفخيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا بإخلاص على خير البشر ... )
( صلوا على من فاق حسنا واشتهر ... )
( ونمت فضائله وشق له القمر ... )
( ولكم دليل في علاه أقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من قد رأى الرحمانا ... )
( بالقلب أو بالعين منه عيانا ... )
( عن قاب أو أدنى مقام كانا ... )
( فخذ الفوائد كي تفاد علوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا عليه كلكم لا تسأموا ... )
( وتبركوا بصلاته وتنعموا ... )
( فعليه صلى الأنبياء وسلموا ... )
( شرفا لهم إذ أمهم تقديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( يا حاضرين بلغتم كل المنى ... )
( عن جمعكم من فضله ذهب العنا ... )
( وإليكم والله قد وجب الهنا ... )
( بمحمد كرمتم تكريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( قولوا برغم معاندين وحسد ... )
( كي ترغموا أنفا لكل مفند ... )
( صلى الإله على النبي محمد ... )
( أبدا وزاد لقدره تعظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( يا رب يا ذا المن والإحسان ... )
( جد بالرضى والعفو والغفران ... )
( للوالدين ومنشد الأوزان ... )
( والسامعين أنلهم تنعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلى عليه الله ما اجتمع الملا ... )
( صلى عليه الله ما قطع الفلا ... )
( صلى عليه الله ما انتجع الكلا ... )
( أبدا وما رعت السوام هشيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
ومن ذلك قول الإمام العالم الشهير الأديب مالك بن المرحل المالقي ثم السبتي وهي من غرر القصائد وفيها لزوم ما لا يلزم من ترتيبها على حروف المعجم بجعلها بدأ ورويا على اصطلاح المغرب
( ألف أجل الأنبياء نبيء ... )
( بضيائه شمس النهار تضيء ... )
( وبه يؤمل محسن ومسيء ... )
( فضلا من الله العظيم عظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( باء بدا في أفق مكة كوكبا ... )
( ثم اعتلى فجلا سناه الغيهبا ... )
( حتى أنار الدهر منه وأخصبا ... )
( إذ كان فيض الخير منه عميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( تاء تبينت الهدى لما أتى ... )
( فنفى الشريك عن القديم وأثبتا ... )
( أحدية من حاد عنها قد عتا ... )
( وتلا كلاما للكريم كريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ثاء ثوى في الأرض منه حديث ... )
( في كل أفق طيبه مبثوث ... )
( داع بأنواع الهدى مبعوث ... )
( يتلو نجوما أو يهز نجوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( جيم جلا بسراجه الوهاج ... )
( ما جن من ليل الظلام الداجي ... )
( وسقى القلوب بمائه الثجاج ... )
( فأصارها بعد الغموم غميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( حاء حمى دين الهدى بصفائح ... )
( وسما بشم كالجبال أراجح ... )
( من كل أزهر هاشمي واضح ... )
( لولا نداه غدا النبات هشيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( خاء خبت نيران جهل شامخ ... )
( آيات علم للرسالة راسخ ... )
( من مثبت ماح ومنس ناسخ ... )
( قد خص بالذكر الحكيم حكيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( دال دعا فأجاب كل سعيد ... )
( وأتى بوعد صادق ووعيد ... )
( حتى أقر الناس بالتوحيد ... )
( تجنبوا الإشراك والتجسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ذال ذباب حسامه مشحوذ ... )
( للناكثين وعهدهم منبوذ ... )
( أما السعيد فبالنبي يلوذ ... )
( فيدال من ذل الشقاء نعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( راء روينا عن ذوي الأخبار ... )
( أن الندى والبأس مع إيثار ... )
( بعض صفات المصطفى المختار ... )
( كم قد تقدم بالأنام زعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( زاي زعيم بالنزال عزيز ... )
( وبليغ معنى في المقال وجيز ... )
( فلقوله من فعله تعزيز ... )
( ولربما عاد الكلام كلوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( طاء طويل السيف متسع الخطا ... )
( رحب الذراع ومن يمد لهم سطا ... )
( يردي العدا وإذا ارتدى متخمطا ... )
( يبري عذابا إذ ألام أليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ظاء ظهير للعباد حفيظ ... )
( حظ لدى رب العباد حظيظ ... )
( حق له التأبين والتقريظ ... )
( ميتا وحيا ظاعنا ومقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( كاف كريم العنصرين مبارك ... )
( متفرد بالجاه ليس يشارك ... )
( فهو الذي بمقامه يتدارك ... )
( والهول يغدو مقعدا ومقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( لام له عقد اللواء الأحفل ... )
( وله الشفاعة في غد إذ تسأل ... )
( وإذا دعا فدعاؤه متقبل ... )
( حق الرحيم بأن يرى مرحوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ميم ملائكة الإله تسلم ... )
( فوجا عليه إذ بدا وتعظم ... )
( ويمر جبريل بها يتقدم ... )
( فيضاعف التعظيم والتكريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( نون نبي جاءنا ببيان ... )
( وبمعجزات أبرزت لعيان ... )
( وبحسبه أن جاء بالقرآن ... )
( يشفي قلوبا تشتكي وجسوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صاد صفي للإله ومخلص ... )
( ومقرب ومفضل ومخصص ... )
( ذهبا سبيك وزنه لا ينقص ... )
( قد طاب خيما في الورى وأروما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ضاد ضمين نصحه ممحوض ... )
( ضافي القراءة بالعلوم يفيض ... )
( إن غاض ماء البحر ليس يغيض ... )
( لما استمر زلاله تسنيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( عين عزيز ذكره مرفوع ... )
( في الأنبياء وقوله مسموع ... )
( مشروح صدر حبه مشروع ... )
( من لا يدين بذاك كان ذميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( غين غزا من زاغ عنه ومن طغى ... )
( وغدا يشب لمن طغى نار الوغى ... )
( حتى أقامت من عصى بعد الصغا ... )
( وتقوم النار العصا تقويما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( فاء فواتح سورة الأعراف ... )
( وبراءة والرعد والأحقاف ... )
( أحظته بالأقسام والأوصاف ... )
( فمتى توفي حقه منظوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( قاف قوافي النظم عنه تضيق ... )
( أيطيقه الإنسان ليس يطيق ... )
( فالخلق في التقصير عنه خليق ... )
( ولو آنهم ملأوا الفضاء رقوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( سين سلام كالنفيس تنفسا ... )
( وقد اجتنى وردا وصافح نرجسا ... )
( أهدى إليه في الصباح وفي المسا ... )
( بقصائد كادت تكون نسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( شين شمائله الكريمة تعطش ... )
( من كان من سكر المحبة يرعش ... )
( لكن أضاع العمر فيما يوحش ... )
( فغدت ندامته عليه نديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( هاء هو الهادي الذي اقتدح النهى ... )
( فتفكرت في ملك من رفع السها ... )
( وقضى بحد للأمور ومنتهى ... )
( فأفادها النظر السديد عموما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( واو وهى ركن التجلد بل هوى ... )
( لما ثوى في التراب من بعد التوى ... )
( فحوى الضريح الرحب نجما ما غوى ... )
( أجرى من الدمع السجوم سجوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( لام لأجلك فاض دمعي جدولا ... )
( فاخضر آس أساك إذ يبس الكلا ... )
( يا خير من كلأ المكارم والعلا ... )
( وحمى الحمى ورمى فأعمى الروما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ياء يحييه ويسقيه الحيا ... )
( رب العباد مجازيا وموفيا ... )
( ومشرفا ومسلما ومصليا ... )
( يا مسلمين ورثتم التسليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
ومن ذلك قول الفقيه الكاتب أبي العباس أحمد بن محمد بن العباس المغربي حسبما نقلته من المجلد الخامس والعشرين من كتاب منتهى السول في مدح الرسول للحسن بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن عذرة المغربي الأنصاري رحمه الله تعالى ورضي عنه ونفعنا بقصده وهو أيضا مرتبة على حروف المعجم ما عدا الأبتداء وبيوت الانتهاء غير أن ترتيب حروف المعجم في آخر الأشطار ولم يلتزم صاحبها الابتداء كما فعل مالك بن المرحل رحمه الله تعالى
( الله زاد المصطفى تعظيما ... )
( وقضى له التفضيل والتقديما ... )
( وأناله شرفا لديه جسيما ... )
( فهو المتمم فخره تتميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من خص بالأنباء ... )
( وأبوه ما بين الثرى والماء ... )
( ثم استمر النور في الآباء ... )
( فتوارثوه كريمة وكريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على بدر بدا من يثرب ... )
( فأضاء بالأنوار أقصى المغرب ... )
( وجلا عن الدنيا دياجي الغيهب ... )
( فبدا لنا نهج الرشاد قويما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من بالشرائع قد أتى ... )
( وأباد أحزاب الطغاة وشتتا ... )
( وأبان أسباب النجاة ووقتا ... )
( للأمة التحليل والتحريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من بالغيوب يحدث ... )
( وبروعه الروح المقدس ينفث ... )
( محبوبنا وشفيعنا إذ نبعث ... )
( في يوم لا يدري الحميم حميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على صبح الهدى المتبلج ... )
( صلوا على بحر الندى المتموج ... )
( صلوا على روض الجمال المبهج ... )
( كيما تنالوا الفوز والتنعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على غيث الأنام السافح ... )
( صلوا على المسك الذكي النافح ... )
( أزرت روائحه بكل روائح ... )
( فالأرض طبقها شذاه نسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من عهده لا يفسخ ... )
( صلوا على من شرعه لا ينسخ ... )
( صلوا على من حزبه لا يمسخ ... )
( نبأ يفهم فضله تفهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من فخره لا ينفد ... )
( صلوا على من فضله لا يجحد ... )
( أنى وكتب الرسل طرا تشهد ... )
( تنبي اليهود بفضله والروما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من قد حمى عنا الأذى ... )
( ومن الغواية والضلالة أنقذا ... )
( صلوا على من ذكره نعم الغذا ... )
( وبمدحه نروي القلوب الهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا بإخلاص على خير البشر ... )
( من قبل نشأته المباركة اشتهر ... )
( كم كاهن عنه أبان وكم خبر ... )
( ولكم دليل في علاه أقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من جل مولده وعز ... )
( ضاءت قصور الشام لما أن برز ... )
( وتدانت الشهب الثواقب كالخرز ... )
( أو كالآلي نظمت تنظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من يوم مولده سطا ... )
( بجميع آلهة الضلالة والخطا ... )
( وهوى له عرش اللعين وأسقطا ... )
( والفرس هدم صرحهم تهديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من ليس فظا غالظا ... )
( لأخيه في الإرضاع كان محاظظا ... )
( فاعجب لذلك كيف كان ملاحظا ... )
( للعدل فينا مرضعا وفطيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من شأوه لا يدرك ... )
( صلوا على من شأوه لا يشرك ... )
( موسى وعيسى والخليل تبركوا ... )
( بلقائه وعنوا له تسليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من خلفه صلى الرسل ... )
( شرف على تمكين عزته يدل ... )
( فإذن فقل هو سيد لهم ودل ... )
( لا تخش توبيخا ولا تحشيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من قد سرى نحو السما ... )
( ليلا وعاد وما برحنا نوما ... )
( بالروح والجسم المطهر قد سما ... )
( قله وراغم من أبى ترغيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من قد رأى الرحمانا ... )
( بالقلب أو العين منه عيانا ... )
( من قاب أو أدنى مكان كانا )
( فخذ الفوائد واحذر التجسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من بالمحبة خصصا ... )
( والقلب منه شق حتى خلصا ... )
( من حظ إبليس اللعين ومحصا ... )
( وأعيد ما إن يشتكي تثليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من بالسيادة قد حضي ... )
( وانشق إكراما له البدر المضي ... )
( ولكم دليل كالصباح الأبيض ... )
( فاسمع وكن بالمعجزات عليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من كلمته ذراع ... )
( وبفضله كفت المئين الصاع ... )
( والجذع حن له وما الأجذاع ... )
( بأرق منا أنفسا وفهوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من مدحه لا يفرغ ... )
( ماذا عسى مداحه أن يبلغوا ... )
( فإلهنا يثني عليه ويبلغ ... )
( فاقرأ تجده محكما تحكيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من كان يبصر بالقفا ... )
( وعليه سلمت الجنادل والصفا ... )
( والذئب قال صدقت أنت المصطفى ... )
( وشكا إليه بازل قد ضيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من قد شفى بالريق ... )
( عين الضرير ولدغة الصديق ... )
( وأعاد طعم الماء مثل رحيق ... )
( إذ مج فيه العنبر المختوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من مجده قد أسسا ... )
( والماء بين بنانه قد بجسا ... )
( وأتت إليه سرحة حتى اكتسى ... )
( بفروعها إذ خيمت تخييما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من بالملائك جيشا ... )
( وغدت تظلله الغمام إذا مشى ... )
( حرست سماء الله لما أن نشا ... )
( ليكون سر حبيبه مكتوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من قد حباه إلهه ... )
( بالكوثر المروي لنا أمواهه ... )
( في يوم حشر الخلق يظهر جاهه ... )
( إذ يقدم الرسل الكرام زعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من خص بالحوض الروى ... )
( وكذاك خصص بالمقام وباللوا ... )
( نوحا وآدم والكليم قد احتوى ... )
( وابن البتول حوى وإبراهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلى عليه الله ما قطع الفلا ... )
( صلى الله عليه ما اجتمع الملا ... )
( صلى عليه الله ما انتجع الكلا ... )
( أبدا وما رعت السوام هشيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلى عليه الله ما هطل الحيا ... )
( صلى عليه الله ماالتمع الضيا ... )
( فلقد شفى الدنيا من الداء العيا ... )
( ولقد حمى عنا لظى وجحيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( لله سيدنا النبي الأكمل ... )
( لله برق جبينه المتهلل ... )
( لله جود يمينه المتهطل ... )
( أحيا وأغنى بالنوال عديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( لله منه ذاته وحقيقته ... )
( لله منه خلقه وخليقته ... )
( لله منه شرعه وطريقته ... )
( فلقد جلت بشموسها التغييما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( يا أمة الهادي النبي المصطفى ... )
( بالله لو كنا نعامل بالوفا ... )
( متنا عليه حسرة وتلهفا ... )
( حتى نؤدي حقه المحتوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ما كان أولانا بطول نحيبنا ... )
( ما كان أوجبنا بفرط وجيبنا ... )
( أفنستطيع الصبر عن محبوبنا ... )
( ما الصبر عن لقياه إلا لوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( لم لا نفيض على الدوام دموعنا ... )
( لم لا نقض من الغرام ضلوعنا ... )
( لم لا نخلي أهلنا وربوعنا ... )
( حتى نعاين من ذراه رسوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( أولم يكن يحنو علينا مشفقا ... )
( أولم يكن متعطفا مترفقا ... )
( أولم يعالجنا بأنواع الرقى ... )
( حتى اغتدى منا العليل سليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( من مثله ما إن يضر وينفع ... )
( من مثله يدرا العذاب ويدفع ... )
( من مثله لذوي الكبائر يشفع ... )
( من مثله بالمؤمنين رحيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( يا ويح نفسي كم أرى ذا صبوة ... )
( ومسامعي عن واعظي في نبوة ... )
( فعسى الرسول يقيلني من كبوة ... )
( فلكم رجاه عاثر فاقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( يا رب بالهادي الرفيع المحتد ... )
( أغفر لعبدك أحمد بن محمد ... )
( فلقد توسل إذ رجاك بسيد ... )
( ما رد معتلق به محروما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ناشدتكم يا سامعي هذا الثنا ... )
( قولوا متى أسمعتموه تدينا ... )
( اغفر لقائله المقصر ما جنى ... )
( بمديحه خير الورى المعصوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
قلت وإني لأسأل الله تعالى بلسان لم أعص به وهو لسان هذا المادح إذ قال يا رب بالهادي فإني أحمد بن محمد بلغه الله أمله من غفرانه بمنه وكرمه آمين
رجع ومن ذلك قول الفقيه الكاتب الأديب أي العباس أحمد بن القاسم
الإشبيلي الشهير بابن القصير وطريقه هذه مخالفة للطريق المتقدمة من بعض الوجوه رحم الله تعالى الجميع
( الله أكرم أحمدا تكريما ... )
( فغدا رسولا للعباد كريما ... )
( فاشكر غفورا للذنوب رحيما ... )
( أرضى النبي بقوله تعليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( لله منه هدى نبي مرتضى ... )
( بالبعث منه لنا قضى لطف القضا ... )
( ملأت فضائله المهارق والفضا ... )
( ودجا الوجود فعند مبعثه أضا ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( عجبت لنا منه ملائكة السما ... )
( أن كان بالإسراء ليلا قد سما ... )
( ورقي البراق به وجبريل لما ... )
( قد سره سرا وجهرا سلما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( أعظم به من مرسل قد بشرا ... )
( بوجوده البشر السعيد ويسرا ... )
( لليسر فهو أجل مبعوث يرى ... )
( بهداه أمته زهت بين الورى ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( من جاء بالقرآن معجزة له ... )
( أعيا الورى من بعده أو قبله ... )
( الله كرمه وفضل فضله ... )
( وأجل منه فرعه وأصله ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( من سبحت صم الحصى في كفه ... )
( والبدر شقق نصفه عن نصفه ... )
( ليرى به إعجاز من لم يصفه ... )
( حزنا بمعجز ذكره أو وصفه ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( يكفيه أن يتلى أسمه ويكرر ... )
( مع إسم خالقه إذا ما يذكر ... )
( هذا الذي بمقاله لا يفجر ... )
( أبدا و لا لخلافه يتصور ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( العبد أسرف يا نبي الله ... )
( في الذنب ساه عن تقاه لاهي ... )
( فاشفع له من مذنب أواه ... )
( يرجو كريما منك جم الجاه ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( أنأى الزمان وصوله أو سوله ... )
( فاستصحب الأبيات منه رسوله ... )
( فانل بفضلك للمراد حصوله ... )
( حسبي ثنا وازنت منه فصوله ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ابن القصير أطال فيك نظامه ... )
( ليرى لذاك مسلما إسلامه ... )
( وترى مطاوع أمره وكلامه )
( لا زال يقريك الإله سلامه ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
وما أحسن قول جمال الدين بن جلال الدين الجوزي رحمه الله تعالى
( فضل النبيين الرسول محمد ... شرفا يزيد وزادهم تعظيما )
( در يتيم في الفخار وإنما ... خير الآلي ما يكون يتيما )
( ساد النبيين الكرام وكلهم ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( والله قد صلى عليه كرامة ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
مسدسات في مدح الرسول
ومن ذلك هذا التسديس البديع الذي هو من نظم الإمام العارف بالله تعالى علاء الدين محمد ين عفيف الدين الايجي الحسني الصفوي الزينبي رحمه الله تعالى مما رتبه علىحروف المعجم والتزم الحرف أول الأشطار الأربعة وآخرها( الله أحمد أحمدا إذ يبرأ ... أوضى وضيء نوره يتلألأ )
( أنواره كل العوالم تملأ ... أكوانه لولاه لم تك تنشأ )
( إن كنتم انقدتم له تسليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( بدر بدا من نوره يتطلب بحر بحور الجود منه تركب )
( بر وبرهان جلا يتقلب ... بالمصطفى ممن صفا أتقرب )
( بادر بما يجدي لكم تنعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( تالله مثل محمد لا يثبت ... تم الكمال المنتهى ونبوة )
( تاج العلا بالمصطفى يتثبت ... تاهت عقول للذي هو ينعت )
( تحف الصلاة به عليه أديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ثق بالذي يوما يقوم ويبعث ... ثبة البرية بالنبي تغوث )
( ثبت الشفاعة للورى يتحدث ... ثرة الطوائف للذي يتشبث )
( ثبت لزام الباب فيه مقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( جاء النبي عوالما يتبلج ... جاه له من جاءه يتبهج )
( جاه ينجي من لظى تتوهج ... جاءت له الأشجار أرضا تفرج )
( جاور نبي الله نلت نعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( حقا هو الحق المبين الأوضح ... حب حباه حبه يترنح )
( حسناته حثياته تسترجح ... حتى القلوب بحبه تترجح )
( حوت العلوم لذاته تكريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( خير البرايا دينه هو ناسخ ... خير له خير الخيور رواسخ )
( خر الذي عن دينه هو بازخ ... خال خلي عن نقائص باذخ )
( خذ باتباع فعاله ترسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( دل الأنام على ألإله محمد ... دامت سعادة من بأحمد يسعد )
( دار له مأوى المحامد تحمد ... دان الوجود به ومن هو أحمد )
( داوم على باب له تخييما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ذكر الحبيب أحق ما يتأخذ ... ذخرا ليوم بالنواصي يؤخذ )
( ذاك الشفيع لمن به يتعوذ ... ذاك الذي بجنابه يستنقذ )
( ذلوا له ولبابه تغنيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( رب النبي محمد هو يذكر ... رتب الحبيب كتابه متذكر )
( رائي محيا أحمد هو ينظر ... روح القلوب ولاؤه هو ينصر )
( روح بذكراه المريح نديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( زين البرايا بالوجود معزز ... زان العوالم حسنه يتفوز )
( زن فضله عن كلهم يتميز ... زد ذكره عن زلة يتحرز )
( زلفى أنله بالمنى تتميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( سبق الأنام بفضله هو أنفس ... ساد الجميع بسؤدد يترأس )
( سبحان من أسرى به يتأنس ... سر الحبيب بسره يتقدس )
( سمع الكلام من الإله كليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( شمس الهدى بدر الدجى يتبشش ... شرف الحبيب من الوجوه يفتش )
( شكرا لمولانا عليه وأبهش ... شوقي إليه وافر أتعطش )
( شغل للبك بالحبيب أديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صفة الكلام لذاته هو أخلص ... صفة الكتاب كماله يتلخص )
( صفة القلوب بحبه تتخلص ... صفه صبا صب وأنى يخلص )
( صل بالصلاة جنابه تكليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ضفت الفيوض من الحبيب تفيض ... ضعفي إليه آملا يتعوض )
( ضري وضيري كله يتقوض ... ضل الذي في بابه لا ينهض )
( ضمن الحبيب لذاكريه زعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( طوبى لمن بحبيبه يتنشط ... طابت به أحواله والمنشط )
( طال اشتياقي طيبه أتبسط ... طال الإله علي طولا يبسط )
( طوبى بمدحته يطيب نسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ظل الهدى بهداه قد يتحفظ ... ظلمات شرك قد جلت تتدلظ )
( ظلي لظل وداده يتحفظ ... ظهري ظهيري حبه أتحفظ )
( ظني به يغدو العقاب عديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( علت المعالي بالنبي وترفع ... عز علاه للذي هو يتبع )
( عمت عطاياه لكل ينفع ... عرش العظيم قد ارتقى يترفع )
( عرج الإله به إليه عليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( غوث الورى ذا المصطفى هو سابغ ... غيث الندى هو في البرايا سائغ )
( غمر الندى أقصى النهاية بالغ ... غزر الحيا شمس وبدر بازغ )
( غنما نما بالمؤمنين رحيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( فخر وذخر بالمفاخر يشرف ... فرد وحيد في العوالم أشرف )
( فتح الوجود وكل كون مردف ... فاز الفقير بلطفه يتلطف )
( فاح النسيم من الحبيب جسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( قسم الإله بعمره فيفوق ... قسمت وجوه الحسن منه فيسبق )
( قمر وشمس نوره متألق ... قمن بذكراه الدعاء معلق )
( قطب لدائرة الوجود كريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( كتب الإله ثناءه ما يدرك ... كتب اسمه قرب اسمه يتبرك )
( كل الكمال له به يستدرك ... كنه الكمالات التي لا تدرك )
( كيف كفى در الثناء يتيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( لمعات نور محمد هي تخجل ... للشمس والبدر المنير فتخمل )
( لذات ذكر محمد هي أكمل ... لذوي الحوائج لائذ متكفل )
( لذ خذ بجد منك تلف حكيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( من مثله في العالمين معظم ... من مثله في العالمين مكرم )
( من للإله لدى اللقاء يكلم ... منحا حباه منه قد يتعلم )
( من الإله لديه صار عميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( نور له في آدم يتبين ... نقلا إلى آبائه يتعين )
( نأي العوالم إذ أتى متعين ... نار المجوس تخمدت تتهون )
( نعماه جمت إذ تعم كريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( وجه به كل الوجوه إليه هو ... وجه الوجاه بكله يتوجهوا )
( ووجاهه وجه المرام فوجهوا ... وجه إليك نبينا فتوجهوا )
( وجه إلينا نظرة تكريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( هو مصطفى عند الإله الأوجه ... هاد لنا وبوجهه من أوجه )
( ها إنه وجهي لهذا أوجه ... هيه هنيئا وجهه بالأوجه )
( هام الفؤاد بحبه تتييما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( لا مثل للمختار أعلى من علا ... لاجيه ناج قد نجا كل البلى )
( لاذ الصفي به يتوب فأقبلا ... لاقى النبي محمد أن يقبلا )
( لازم محبا للحبيب نديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( يا أكرم الخلق الذي هو ملجئي ... يأتي محمد العفيفي الذي )
( يده يمد إليك مرتجيا وفي ... يقن بصفوته الصفي ويكتفي )
( يمنا لذكرك يبتدي تختيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
وله أيضا رضي الله تعالى عنه قصيدة أخرى على طريقة هذه وقد نظمها بعدها نفع الله تعالى بنيته وبلغه غاية قصده وأمنيته وهي هذه
( أحسن بطلعة أحمد هي أضوأ ... أعلن بلمعته العوالم تملأ )
( أزين به لما أتى يتلألأ ... أبين بآيات له فتنبأ )
( الله قدمه بها تقديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( بدأ الإله بنوره فيعقب ... بدء الذي بالمصطفى يتقلب )
( فيه لذي الحاجات إذ يتطلب ... بدء بذكراه به يستوهب )
( بل هو إلى الأرب انتفع تعميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( تلت العلامات التي هي تثبت ... تب العدا تبا وعنه تتبت )
( تمت له الآيات فيك تبكت ... توراة موسى ناطقا هي تنعت )
( توقيع حاجات صفوا تسليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ثبت الكمال له ومنه يورث ... ثبت الورى لو لم تكن لا تحدث )
( ثبت بذكرى المصطفى يتحنث ... ثبت الذي بجنابه يتشبث )
( ثبت بذكر قد تراه قديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( جاء العوالم نوره يتبلج ... جاد العوالم بحره يتموج )
( جاز السموات العلا يتعرج ... جاب الجميع بسامه يتفرج )
( جار له جارى له تنعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( حار العقول لمدحه إذ يمدح ... حيا الحياء بريه يستروح )
( حي له فضل به يسترجح ... حي له حامى حمى فتروح )
( حي الحمى الحامي تصير سليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( خلق له كل به يتشمخ ... خلق له بالنقص لا يتلطخ )
( خلق له أحسن به هو أبذخ ... خلق يحق له الثناء الأرسخ )
( خلق إلهي بذاك تميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( دار الحبيب أحق ما يتعمد ... دارت بها كل السعادة تسعد )
( دانت أهاليها بما هو يرشد ... دار بحسنى طيبة لا تبعد )
( دارك سكونا بالسكون مقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ذكر الحبيب محمد هو ينقذ ... ذكر لما ينسي رسولا ينفذ )
( ذكر الإله ثناؤه ويلذذ ... ذكراه تنفع سامعا يتلذذ )
( ذيل النبي خذ اعتصم تعظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( رب الورى سبحانه هو أكبر ... رب النبي محمد فيكبر )
( رب الرؤوف حبيبه فيدبر ... ربي اصطفاه من الورى فأكبر )
( رب ارتجاء للمنى تدويما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( زان العوالم إذ أتاها يبرز ... زاد الإله عروجه فيبرز )
( زادت معاليه عروجا ينشز ... زاد لأخرى حبه يتحرز )
( زعم الشفاعة ذاكريه زعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ساد الجميع إذا أتى هو أنفس ... سار السموات العلا يستأنس )
( سأل الإله وزاد ما يتنافس ... سامي ذراه للمحب تؤنس )
( سارع إلى ذاك الذرا تخييما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( شرف لأمته به يتفايش ... شرق لآشرق شرقه يتفرش )
( شرقا وغربا فيه عقل يدهش ... شوقا إليه قد إليه أجهش )
( شكرا على النعمى تزيد نعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صفة له ذات له هو أخلص ... صفة عن الشيء الذي يتنقص )
( صفة له حارت عقول تفحص ... صفة شريعته النقائص تخلص )
( صفة له وبربه لتديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ضاع المديح لأحمد يتروض ... ضاع الذي عن ذكره هو يعرض )
( ضاف حباه كفه ليفضفض ... ضاف بذكراه المنى يتعرض )
( ضاعف له الآمال صله مديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( طال العوالم إذ أتى هو يقسط ... طابت مدائحه فطاب المغبط )
( طالت به النعمى وطاب المنشط ... طام له بحر الألى يتنشط )
( طالب مطالب كلها تتميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( ظهر النبي ورب أحمد يلحظ ... ظهر لأمته ظهير ملحظ )
( ظهروا على الأمم أفتخار ملحظ ... ظل له ظلوا به يتحفظوا )
( ظلت الظلال إذا ذكرت نديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( عد المحاسن للنبي يستتبع ... عد له آياته تتنوع )
( عداه مولاه إليه فيطلع ... عد لذكراه غداة يشفع )
( عد باب من بالمؤمنين رحيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( غزرت له الآيات هن نوابغ ... غزر الحيا عز الورى هو سائغ )
( غمر الردا بحرالندى يترفغ ... غمر البلاد بذكره يستفرغ )
( غمر بذكراه الفؤاد وسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( فاض الجمال وفاض منه يوسف ... فاز المحب بذكره لا يوسف )
( فاضت عليه فيوضه يتزلف ... فاش له الآيات لا يتلكف )
( فاد له كل بهم تقديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( قمر بدا من أفقه هو فائق ... قمر يجاب بذكره ويعلق )
( فمقام كل الأنبياء وسائق ... فمقام جود عم كلا يرفق )
( قم بابه مستنجحا ومقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( كلا به فتح الوجود ويدرك ... كل الكمالات احتوى لا يشرك )
( كل اللسان عن البيان ويمسك ... كلىء الذي بجنابه يتمسك )
( كل مرتجاك إليه ثق تكريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( لمحمد هو مصطفى ومؤمل ... لمحمدبن محمد ما يأمل )
( لمحت عليه بروقه يتحمل ... لمعان نور وداده يستكمل )
( لم لا أصيب من الحبيب شميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( من مثل ذاك المصطفى يتعظم ... من كل وجه للكمال ليعظم )
( من علينا من إله أعظم ... منه العروج إليه وهو يعظم )
( من كان للرب العظيم كليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( نور الإله حبيبه يتمكن ... نادى الإله حبيبه يتمكن )
( نال نوالا شرحه لا يمكن ... ناد له طوبى لمن يتمكن )
( نادى الحبيب بذكره تكليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( والله مثل محمد لا يشبه ... والله مولاه العوالم كيف هو )
( وجه الوجود بذاته وبه له ... وجه علا وبوجهه فتوجهوا )
( وجدوا وجاد من النجاة مقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( هو أكمل من كل وجه أوجه ... هو ذا الحبيب القلب منه أوجه )
( فأولى طيبه وأوجه ... هول من الأرض المكثر أوجه )
( هانا بنار الشوق صرت سقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( لا ريب لا مثل له والله لا ... لاحت له الآيات عرشا قد علا )
( لاقى ارتقاء ربه فتوصلا ... لاج به نال المنى إلى الألا )
( لازم لباب جنابه تقسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( يا أكرما كل إليه يلتجي ... يأتي محمدك العفيفي الذي )
( يقنا توسل بالصفي ويحتذي ... يده إليك يمد فقرا ترتجي )
( يمن افتتاح باسمه تختيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
قلت وإنماأثبت هاتين القصيدتين في جملة ما سردته وإن كان فيهما من التكلف ما لايخفى لأوجه أحدها أن صاحبهما من الصالحين يسلم له ويتبرك بكلامه ومن اعترض على مثله يخشى عليه من تسديد السهام لملامه الثاني أنهما مدح للنبي وعليه من الله أزكى صلاته وأتم سلامه الثالث أن المراد جمع ما وقفت عليه في البحر والروي والمعنى
لأن بعضا من العلماء ذكر لي أنه لم يطلع في ذلك إلا على قصيدة ابن الجنان فأحببت أن أتعرض لتعريفه بهذا العدد وإعلامه على أن القصد الأعظم ما هو إلا التلذذ بذكر أمداح المصطفى خصوصا المقتبس فيها قوله تعالى ( صلوا عليه وسلموا تسليما )
وقد كنت نويت أن أؤلف في ذلك بالخصوص كتابا أسميه روضة التعليم في ذكر الصلاة والتسليم على من خصه الله تعالى بالإسراء والمعاينة والتكليم والله تعالى المسؤول في التيسير فلنزد عليه يسير
ومن ذلك هذا التسديس الذي وجدته في كتاب درر الدرر للشيخ الإمام أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر العطار الجزائري من جزائر بني مزغنة وهي المشهورة الآن بالجزائر
( أنوار أحمد حسنها يتلألأ ... المصطفى بحلى الكمال يحلأ )
( الشمس تخجل وهو منها أضوأ ... النور منه مقسم ومجزأ )
( قد زان ذاك النور إبراهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على المسك الفتيق الأطيب ... صلوا على الورد المعين الأعذب )
( صلوا على نور ثوى في يثرب ... صلوا عليه بمشرق وبمغرب )
( ما زال في الرسل الكرام كريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على زهر الكمال النابت ... صلوا على طود البهاء الثابت )
( صلوا على من فاق نعت الناعت ... خير الورى من ناطق أو صامت )
( وأعزهم نفسا وأطهر خيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على طيب يفوح ويمكث ... صلوا على من عهده لا ينكث )
( صلوا على من بالهدى يتحدث ... عنه المعارف والحقائق تورث )
( أضحى يعلمنا الهدى تعليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من نوره يتبلج ... صلوا على من عرفه يتأرج )
( للحضرة العلياء ليلا يعرج ... صلوا على من حاز مجدا يبهج )
( وبها على العرش المجيد مقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على البدر المنير اللائح ... صلوا على صبح الرشاد الواضح )
( صلوا على المسك الذكي الفائح ... صلوا على الهادي النبي الناصح )
( الرشد فهم والهدى تفهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من شرعه لا ينسخ ... صلوا على من عهده لا يفسخ )
( صلوا على من بالثناء يضمخ ... علياؤه عليا الكمال تؤرخ )
( نال المفاخر والكمال قديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على الهادي لأعذب مورد ... صلوا على خير الأنام الأوحد )
( صلوا على بدر التمام الأسعد ... بمحمد فزنا ومن كمحمد )
( الله عظم قدره تعظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من بالنبوة ينفذ ... صلوا عليه فللسعادة يجبذ )
( صلوا على من حبه لا ينبذ ... أبصارنا طرا بأحمد لوذ )
( في موقف ينسي الحميم حميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على البدر المنير الزاهر ... صلوا على الروض البهي الناضر )
( صلوا على بحر العلوم الزاخر ... صلوا على المسك الفتيق العاطر )
( وتنعموا بصلاتكم تنعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
صلوا على نور يلوح ويبرز ... صلوا على مسك يفوح ويحرز )
( بمحمد حلل الكمال تطرز ... ولمجده درر السيادة تفرز )
( قد نظمت لكماله تنظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من بالبهاء يخطط ... صلوا على ورد بمسك يخلط )
( للمصطفى بسط الكرامة تبسط ... وله يواقيت السناء تقسط )
( وبنوره أضحى الزمان وسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من بالمهابة يلحظ ... صلوا على من بالنبوة يلحظ )
( صلوا على من بالهداية يلفظ ... لعصاته نار الجحيم تغيظ )
( ورضاه هب لنا وطاب نسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من قدره لا يدرك ... صلوا على من باسمه يتبرك )
( صلوا على من حبه لا يترك ... صلوا على من للهدى يتحرك )
( وبه تحلى ظاعنا ومقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على البدر المنير الأكمل ... صلوا على الروض البهحي الأجمل )
( صلوا على الهادي النبي الأحفل ... المصطفى الأرقى لأنزه محفل )
( فيه تقدم وحده تقديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على زهر أنيق باسم ... صلوا على عرف ذكي ناسم )
( صلوا عليه فهو بدر مواسم ... من جوده نلنا بخير مقاسم )
( أنواره قد تممت تتميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من بالنبوة زينا ... صلوا على من بالكمال تمكنا )
( صلوا على هاد أبان وبينا ... بمحمد فزنا بإدراك المنى )
( للخلق أرسل رحمة ورحيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من بالكمال يخصص ... صلوا على من نوره لا ينقص )
( صلوا عليه على الدوام وأخلصوا ... ظل ضفا بالأمن لا يتقلص )
( شمل الورى طرا وطاب عميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على صبح تبلج بالرضى ... وقضى على ليل الضلالة فانقضى )
( صلوا على من بالنجاة تعرضا ... صبح تذهب نوره وتفضضا )
( وعلا وخيم ضوءه تخييما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على البدر المنير الساطع ... صلوا على الروض الأنيق اليانع )
( صلوا على الصبح المنير اللامع ... صلوا على المسك الفتيق الذائع )
( ووقاه في وهج الهجير مغيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على النور الأعم السابغ ... صلوا على البدر الأتم البازغ )
( صلوا على المسك الذكي البالغ ... صلوا على الورد المعين السائغ )
( للواردين به غدا تتميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من بالتقرب يوصف ... صلوا على من بالمحبة يعرف )
( صلوا على من بالعلا يتشرف ... صلوا عليه به الكمال يزخرف )
( المجد فخم ذكره تفخيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على مسك يطيب لناشق ... صلوا على الروض الأنيق الرائق )
( إشراقه بمغارب ومشارق ... صلوا على البدر الأتم الفائق )
( باد تنسم حسنه تنسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على الدر النفيس الأنفس ... صلوا عليه فهو روض الأنفس )
( صلوا عليه فهو زين المجلس ... ومنى الجليس ونزهة المتأنس )
( راق النفوس شذا وطاب شميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على المختار أفضل من مشى ... صلوا على النور الذي قد أدهشا )
( بمحمد عرف القرنفل قد فشا ... ورد لظمآن إليه تعطشا )
( يبري الضنى أبدا ويروي الهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على الهادي النبي الأنزه ... بدر التمام وروضة المتنزه )
( في فضله كل الشهادة تنتهي ... أبدا بلثم ثراه فخر الأوجه )
( في حبه أضحى الغرام غريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على نور بطيبة قد ثوى ... فعلا وفاض على البسيطة واحتوى )
( صلوا عليه فليس ينطق عن هوى ... صلوا عليه فهو ينجي من هوى )
( في موقف يذر السليم سليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على نور تلألأ واعتلى ... صلوا على صبح مبين يجتلى )
( صلوا على مسك يخالط مندلا ... صلوا على در تزان به الحلى )
( وبه المعالي خيمت تخييما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
( صلوا على من نال مجدا عاليا ... وسما وحاز مفاخرا ومعاليا )
( صلوا على نور تبدى حاليا ... وبمدحه الرحمن زين حاليا )
( وإذا سما المخدوم زان خديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما )
وقد توارد في بعض هذا التسديس مع بعض بيوت القصيدة السابقة التي أولها
( يا أمة الهادي المبارك أحمد ... )
حسبما يعرفه المتأمل والذي في ظني أن صاحب يا أمة الهادي متأخر عن ابن العطار فهو الذي أخذ منه والله سبحانه أعلم
وتوارد أيضا في عدة أبيات مع تخميس الكاتب أبي العباس ابن جمال الدين المتقدم ذكره وأوله
( الله زاد محمدا تعظيما ... )
وهما على منوال واحد غير أن ذلك تخميس وهذا تسديس وابن جمال الدين أقدم من ابن العطار تاريخا فيحتمل أن يكون ألم بكلام ابن جمال الدين أو ذاك من توارد الخاطر
ورأيت في هذا الكتاب تسديسا آخر لم يرتبه على حروف المعجم وجعل روي الشطرين الأخيرين حرف اللام فأحببت ذكره هنا زيادة في التبرك بمدح المصطفى عليه أجل الصلاة والسلام وهو
( نور النبي المصطفى المختار ... أربت محاسنه على الأنوار )
( مرآه يخجل بهجة الأقمار ... نور ينجي من عذاب النار )
( قد زان ذاك النور إسماعيلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على البدر المنير المشرق ... صلوا عليه بمغرب وبمشرق )
( صلوا على غصن الكمال المروق ... بالمصطفى المختار برق الأبرق )
( يهدي غراما للنفوس دخيلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على من قد تناهى فخره ... صلوا على من قد تعاظم قدره )
( صلوا على من قد تأرج نشره ... صلوا على من قد تناسق دره )
( عقد السناء لمجده إكليلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على خير الأنام المرسل ... صلوا على البدر المعين السلسل )
( صلوا على أسنى سنا المتوسل ... صلوا على نورالهدى المسترسل )
( ظل علينا لا يزال ظليلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على النور الأتم الأكبر ... صلوا على من فاق عرف العنبر )
( صلوا عليه فهو أصدق مخبر ... كم زان ذكر المصطفى من منبر )
( وأراح من داء الضلال عليلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على النور الأتم الأنور ... صلوا على من فاق كل مبشر )
( صلوا عليه هديتم من معشر ... صلوا على بدر يرى في المحشر )
( حاز الجمال فلا يزال جميلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على النور البهي المغرب ... صلوا عليه بمشرق وبمغرب )
( صلوا على الورد الشهي المشرب ... بالفكر يشرب ويح من لم يشرب )
( منه وينقع بالورود غليلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على من فخره لا ينكر ... صلوا على من في النجاة يفكر )
( صلوا على من بالنبوة يذكر ... صلوا على من بالهداية يشكر )
( شكرا على مر الزمان حفيلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على من بالسيادة قد سما ... صلوا على من في الكمال تقسما )
( صلوا على صبح بدا متبسما ... صلوا على طيب سرى وتنسما )
( وغدا وراح معطرا وبليلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على مسك يخالط عنبرا ... صلوا عليه سرى وفاح وما انبرى )
( صلوا عليه حوى الكمال الأكبرا ... لبس الجمال مطرزا ومحبرا )
( وبذاك قد خص الجليل جليلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على من بالنبوة توجا ... صلوا على صبح بدا وتبلجا )
( صلوا عليه لقد أضاء وأبهجا ... ومحا برونق نوره ظلم الدجى )
( نور يعود الطرف منه كليلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على نور تبلج لائحا ... صلوا على نور تبرج واضحا )
( صلوا على مسك تأرج فائحا ... وبطيبه ملأ الوجود روائحا )
( وبحبه يستوجب التبجيلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على من نوره ملأ الفضا ... صلوا عليه لقد أضاء وما انقضى )
( صلوا على من خص حقا بالرضى ... لنجاتنا خير الأنام تعرضا )
( وهدى إلى نيل الرشاد سبيلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على بدر يدوم كماله ... باق على مر الزمان جماله )
( صلوا على من قد تعاظم حاله ... ودنا إلى ورد الرضى ترحاله )
( وإلى الورود به أجد رحيلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا بأجمعكم على شمس الهدى ... صلوا على بدر يزين المشهدا )
( صلوا عليه فمن رآه تشهدا ... صلوا عليه به الرشاد تمهدا )
( أرضى النزيل وبين التنزيلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على من قد تأثل مجده ... فسما به غور الحجاز ونجده )
( ما زهره لولاه أو ما ورده ... بالمصطفى المختار يعذب ورده )
( في تربه ما أعذب التقبيلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على محبوبنا مطلوبنا ... صلوا عليه فهو روض قلوبنا )
( صلوا عليه فهو عطر جيوبنا ... صلوا على مطلوبنا محبوبنا )
( لا نرتضي عن حبه تبديلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على خير الأنام الأطهر ... صلوا على النور الأتم الأزهر )
( صلوا على الصبح المنير الأشهر ... صلوا عليه باتصال الأشهر )
( الله فضلنا به تفضيلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
( صلوا على من قد تناهى في العلا ... صلوا على من كان أكمل أجملا )
( صلوا على در تزان به الحلى ... المجد ألبسه الكمال مكملا )
( والله كمل مجده تكميلا ... صلوا عليه بكرة وأصيلا )
وأظن أني رأيت بعض هذه القصيدة في كتاب العروسي المغربي وهو متأخر
قصائد ومقطعات في مدح الرسول
ومن قصائد هذا الكتاب قصيدة صرح فيها بابن المغربي وهي( أهدت لنا طيب الروائح يثرب ... فهبوبها عند التنسيم يطرب )
( رقت فرق من الصبابة والأسى ... قلب بنيران البعاد يعذب )
( شوقا إلى أسنى نبي حبه ... يحلو على مر الزمان ويعذب )
( المصطفى أعلى البرية منصبا ... قد جل في العلياء ذاك المنصب )
( فزنا به بين الأنام بديمة ... أبدا علينا بالأماني تسكب )
( حاز السيادة والكمال محمد ... فإليه أشتات المحامد تنسب )
( محبوبنا ونبينا وشفيعنا ... يدني إلى ورد الرضى ويقرب )
( بضيائه الملتاح أشرق مشرق ... وبنوره الوضاح أغرب مغرب )
( وبه وردنا الأمن عذبا صافيا ... وبه ترقى في المعالي يشجب )
( صبح الهدى أنواره بنبينا ... صبحا تروق الناظرين وتعجب )
( إن طابت الأنفاس من زهر الربى ... رياه أذكى في النفوس وأطيب )
( صيرت أمداح النبي المصطفى ... لي مذهبا يا حبذاك المذهب )
( فعلي من أمداح أحمد خلعة ... موشية ولها طراز مذهب )
( وبمدحه شمس الرضى طلعت على ... أفقي تضيء ونورها لا يغرب )
( أترى يبشرني البشير بقربه ... وأبث أشواق الفؤاد وأندب )
( ويقال لي بشراك قد نلت المنى ... يا مغربي إلى متى تتغرب )
( هذا مقر الوحي هذا المصطفى ... هذا الذي أنواره لا تحجب )
( رد ورد طيبة واشف من ألم النوى ... قلبا على جمر الأسى يتقلب )
( كم ذا التواني عن زيارة مورد ... عذب المقام به ولذ المشرب )
( منا السلام على النبي محمد ... ما أسفرت شمس وأشرق كوكب )
وقد سمي هذا الكتاب بنظم الدرر في مدح سيد البشر والورد العذب المعين في مولد سيد الخلق أجمعين وليس هو بابن العطار المشرقي الذي كان معاصرا لابن حجة الحموي فإن ذلك متأخر عن هذا وهذا مغربي وذاك مشرقي فلم يتفقا لا في زمان ولا في مكان سوى اشتراكهما في الشهرة بابن العطار
ووجدت على ظهر أول ورقة من بعد تسميته السابقة ما صورته مما أنشأه الشيخ الفقيه القاضي العدل الأديب البارع أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد ابن أبي بكر بن يوسف العطار رواية العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن أحمد ابن الأمين الأقشهري قرات هذا الكتاب وقصائده على حروف المعجم وقصيدتين غيرها على ناظمها القاضي المذكور قراءة ضبط وتصحيح ورواية مقابلة
بأصله بموضع الحكم في مدينة الجزائر من أقصى إفريقية حرست في دول متفرقة وآخرها يوم الثلاثاء لليلة بقيت من ذي القعدة أواخر عام سبعة وسبعمائة ونص ما كتب على نص قراءتي عليه صحيح ذلك وكتبه محمد بن عبد الله ابن محمد بن محمد بن العطار والحمد لله رب العاليمن انتهى
ورأيت أثر ما تقدم بخط الأقشهري ما صورته سمع من لفظي جميع نظم الدرر في نسب سيد البشر لجامعه القاضي المذكور أعلاه القاضي شمس الدين محمد ابن المرحوم عبدالمنعم الشيبي وولده أبو محمد عبد الدائم وابن أخيه أبو محمد عبدالباقي بن تاج الدين بن حفص بن أبي بكر البوري وغيرهم نحو سماعي قراءة مني على مؤلفه ابي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي بكر العطار سنة سبع وسبعمائة قاله راسمه الأقشهري انتهى
ومن قصائد هذا الكتاب قوله
( أبدا تشوقك أو تروقك يثرب ... فإلى متى يقصيك عنها المغرب )
( هي جنة في النفس يعذب ذكرها ... والقرب منها والتداني أعذب )
( المسك معترف بأن نسيمها ... أسمى وأسرى في النفوس وأطيب )
( والعنبر الوردي دان لطيبها ... منه التعطر والتأرج يطلب )
( جيش الصبابة شن غارات الأسى ... من بعدها فالصبر منها ينهب )
( والشوق يثنينا إليها كلما ... وقف الحمام على الأراكة يخطب )
( حتى النسيم إذا سرى من ربعها ... يثني من الروض الغصون ويطرب )
( حيا فأحيا المستهام بطيبه ... فنفوسنا بهبوبه تتطيب )
( يا حبذا في ربع طيبة وقفة ... بين الركائب والمدامع تسكب )
( حتى يرق للوعتي وصبابتي ... ودموع عيني كل من يتغرب )
( شوقا لمن زان الوجود وحبه ... يدني إلى رب الرضى ويقرب )
( ساد الأنام المصطفى بكماله ... فإليه أجناس السيادة تنسب )
( بالنور زان حلى علا آياته ... وبحسن ذاك النور أعرب معرب )
( الشمس يغرب نورها وضياؤها ... أبدا ونور المصطفى لا يغرب )
( الله أرسله إلينا رحمة ... فبجاهه عنا الرضى لا يحجب )
( بمحمد فزنا بإدراك المنى ... فالوقت طاب لنا وطاب المشرب )
( خير الورى محبوبنا ونبينا ... حزنا به الجاه الذي لا يسلب )
( روض النفوس محمد ونعيمها ... وبه يفضض حليها ويذهب )
( شرف تقادم قبل آدم عهده ... للنور أطناب عليه تطنب )
( منا عليه مدى الزمان تحية ... يثني عليها المندلي ويطنب )
ومنها قوله رحمه الله تعالى
( طلعت وقارنا البهاء بدور ... أبدا على قطب السعود تدور )
( من نور أحمد يستمد ضياؤها ... وبهاؤها يا حبذاك النور )
( ويزيد ذاك النور حسنا فائقا ... يوم القيامة والأنام حضور )
( محبوبنا أسمى البرية منصبا ... يوم النشور لواؤه منشور )
( فزنا بخيرالعالمين محمد ... وجرى بوفق مرادنا المقدور )
( لاحت لنا أنواره فزماننا ... نور وأنس دائم وسرور )
( بالمصطفى المختار قابلنا الرضى ... بين الأنام فسعينا مشكور )
( الله فضله على كل الورى ... فهو الحبيب وفضله مشهور )
( القرب خصصه وعظم قدره ... فسما ببهجة نوره ناحور )
( خير النبيين الكرام نبينا ... بالنور في العرش اسمه مسطور )
( يا صاحبي نداء صب مغرم ... قلبي بحب المصطفى معمور )
( عوجا علي بوقفة وبعطفة ... إني على ألم الفراق صبور )
( إن لم أزر بالجسم قبر المصطفى ... فالقلب من بعدالمزار يزور )
( نيران قلبي بالبعاد توقدت ... ومدامعي خدي بها ممطور )
( فمن الفراق الحتم نيران لها ... لهب ومن فيض الدموع بحور )
( فمتى أفوز بوقفة في طيبة ... والقلب مني فارح مسرور )
( ويقال لي إنزل بأكرم منزل ... وابشر فأنت على النوى منصور )
( إن جاد دهري بالوصول لطيبة ... بعد المطال فذنبه مغفور )
( هي جنة من حلها نال المنى ... وسما وساد وصافحته الحور )
( حتى النسيم إذا سرى من نحوها ... يصبو إليه المسك والكافور )
ومنها قوله رحمه الله تعالى
( أما النسيم فقد حياك عاطره ... وبارق المنحنى أحياك ماطره )
( خاطر بروحك في نيل الوصال فكم ... من نازح نال طيب الوصل خاطره )
( زهر الربى باسم تندى كمائمه ... رق النسيم بها إذ راق ناظره )
( ما حل روض المنى الغض الجنى دنف ... فاستضحكت فيه من عجب أزاهره )
( والنهر أبرز للبدر الأتم حلى ... والبدر طرز ماء النهر زاهره )
( والغصن تلعب أنفاس الرياح به ... والطل قد نثرت منه جواهره )
( والليل قد رقمت بالشهب حلته ... والبرق يبسم في الظلماء ساهره )
( والنور محض جنى فوق الندى درر ... وعقدها زين الأغصان دائره )
( وملبس الروض قد زانته خضرته ... والليل بالفجر قد شابت غدائره )
( والصبح سل على جيش الظلام ظبى ... وعندما سلها ولت عساكره )
( للزهر سر وعرف الروض فاضحه ... والمسك إن فض لا تخفى سرائره )
( هل زار طيبة ذاك العرف حين سرى ... فتربها أبدا مسك يخامره )
( طابت بطيب رسول الله فهي به ... سمت وراقت بمن فاقت مفاخره )
( به معد تسامى للعلا وبه ... حاز المكارم واعتزت عشائره )
( أسنى النبيين قدره نوره أبدا ... يزيد حسنا على الأقمار باهره )
( وأفضل الخلق من عرب ومن عجم ... أربت على الرمل أضعافا مآثره )
( إن كان للرسل عقد وهو آخرهم ... نظما فقد زان عقد الرسل آخره )
( روض من الحلم غض راق منظره ... بحر من العلم عذب فاض زاخره )
( إن جاد صاح بلقياه الزمان فمل ... إلى مقام حبيب أنت زائره )
( وصف له حال صب مغرم دنف ... رام الدنو فأقصته جرائره )
( واذكر هناك بعيد الدار غربه ... غرب فما غائب من أنت ذاكره )
( أهدى السلام بلا حد ولا أمد ... إلى محل رسول الله عامره )
ومنه قوله رحمه الله تعالى
( أمنزلنا جادت ثراك السحائب ... وإلا فجادته الدموع السواكب )
( ووشاك وسمي الغمام بدره ... وحلى محلا حل فيه الحبائب )
( وحبا نسيم الريح بالجزع آنسا ... فما عاب ذاك الأنس بالجزع عائب )
( فيا عهدنا بالخيف هل أنت عائد ... ويا أنسنا بالجزع هل أنت آيب )
( وهل راجع عصر الشباب الذي انقضى ... وقد شيبت سود الشعورالشوائب )
( وهيهات أن يقضى لنا برجوعه ... كما كان غصنا مورقا وهو ذاهب )
( وقد سلب الدهر المفرق أنسنا ... وأودى به والدهر للأنس سالب )
( فما وهب الإيناس إلا مغالطا ... وأي بخيل للنفائس واهب )
( أطالب أيام العقيق بعودة ... وقد عز مطلوب له أنا طالب )
( فيا صاحبي كن مسعدي في صبابتي ... وإلا فما أنت الصديق المصاحب )
( إذا ما بدا برق الحجاز فأدمعي ... تفيض إلى الوراد منها المشارب )
( أعاتب أيام البعاد وقلما ... يبرد حر الشوق بالعتب عاتب )
( وأبخل بالصبر الجميل وإنه ... لينهبه من وارد البين ناهب )
( ولما بدت أعلام طيبة قصرت ... من الشوق ما قد طولته السباسب )
( وقفنا وسلمنا وفاضت دموعنا ... وحنت إلى ذاك الجناب الركائب )
( نزلنا وقبلنا من الشوق تربها ... وطابت بذاك الترب منا الترائب )
( فللعين من تلك المعاهد نزهة ... وللقلب في تلك الرسوم مآرب )
( حوت سيد الرسل الذي جل قدره ... له في مقام القرب تقضى المطالب )
( به غالب حاز المفاخر سالفا ... ولا شرف إلا الذي حاز غالب )
( بهادي الورى طرا مناصبه سمت ... وراقت بخير الرسل تلك المناصب )
( محمد الهادي بإشراق نوره ... تمزق من ليل الضلال غياهب )
( ترقى إلى السبع الطباق وما بدا ... له في ترقيه من الحجب حاجب )
( وخاطبه في حضرة القدس ربه ... وأدناه في حال الخطاب المخاطب )
( نبي بدت أنواره وتلألأت ... فمنها تضيء النيرات الثواقب )
( لقد أشرقت شمس النهار بنوره ... وبدر الدجى لما بدا والكواكب )
( أعلل قلبي بالوصول لقبره ... وإن غبت ما قلبي وحقك غائب )
( وإني أناديه وإن كنت نازحا ... نداء غريب غربته المغارب )
( إذا كنت لي يا سيد الرسل شافعا ... فما أنا من نيل السعادة خائب )
( بمدحك يا من جل قدرا وحظوة ... وجاها وتمكينا تنال المواهب )
( فيا معشر الأحباب إن نبينا ... إلى فوزنا داع وساع وخاطب )
( إلا فاذكروه كل حين وسلموا ... عليه بذاك الذكر تسم المراتب )
( وقوموا على أقدامكم عند ذكره ... فذلك في شرع المحبة واجب )
ومنها قوله رحمه الله تعالى
( شمس الهدى وضحت بأشرف مرسل ... ودحت دجى ليل الضلال المسبل )
( من وجه عبد الله كان ظهورها ... للخلق طرا في ربيع الأول )
( خلعت على الآفاق أشرف ملبس ... وبدت فأي دجنة لم تنجل )
( فالنيران المشرقان كلاهما ... للمصطفى اعترفا بعجز مجمل )
( فالشمس لما أن بدت أنواره ... أومت إليه بالسلام الأحفل )
( والبدر قابله بحسن كامل ... فانشق للبدر الأتم الأكمل )
( ولليلة الإسراء أجمل منظر ... بجمال إسراء الحبيب الأجمل )
( فضلت على الأيام من شرف لما ... حازته من شرف النبي الأفضل )
( وبدا بها نور النبي المصطفى ... وبدت لن نار الكليم المصطلي )
( إذ جاءه الروح الأمين مسلما ... ومبشرا بورود أعذب منهل )
( فسرى إلى أسنى محل وارتقى ... والجفن منه بنومه لم يكحل )
( رفعت له حجب الجلال بأسرها ... فرأى جلالا لم يكن بممثل )
( حتى انتهى الروح الأمين لحده ... وبحيث يذهل عقل من لم يذهل )
( ناداه لما أن ترقى وحده ... لك يا محمد ذا التقرب ليس لي )
( ارقا إلى الأفق المبين مشاهدا ... واترك حظوظك بالحضيض الأسفل )
( واسعد بزورة من تعاظم ملكه ... واصعد إلى عرش الحبيب الأول )
( فسما فشاهد حضرة القدس التي ... سبحاتها تغشى حجى المتأمل )
( وبدا الكمال له ونودي مقبلا ... أهلا وسهلا بالحبيب المقبل )
( أنت المراد لسرنا ولوحينا ... أقبل إلينا يا محمد تقبل )
( والبس بحضرة قدسنا خلع الرضى ... منا وجر الذيل منها وارفل )
( ولك الوسيلة يا محمد عندنا ... وبها نجيب وسيلة المتوسل )
( فاحكم بما يوحى إليك من الهدى ... وانزل بأنوار الكتاب المنزل )
( فيه شفاء للصدور فبرؤها ... بمفصل منه وغير مفصل )
( يا نفس هل تشفيك زورة طيبة ... فرسومها برء لكل مقبل )
( ولى زمانك في التصابي والمنى ... فدعي التصابي والأماني وارحلي )
( يا قلب روعات الجوى هل تنقضي ... عني ولوعات الجوى هل تنجلي )
( وأزور قبر الهاشمي محمد ... قبل الرحيل وقبل عذل العذل )
( إني وإن بخل الزمان بقربه ... فبلوعتي وبدمعتي لم أبخل )
( أسقي الثرى تسكابها فمعينها ... يهمي ونار صبابتي ما تأتلي )
( لهفي على بعد المزار متى أرى ... يقضي الزمان بقرب ذاك المنزل )
( ومتى أبشر بالمنى ويقال لي ... هذا مقر الوحي دونك فانزل )
( وتهب تلقائي نواسم طيبة ... إني أجود بها إليك وحق لي )
( فلقد بليت بلوعة وبدمعة ... وهبوبك الأزكى شفاء المبتلي )
( خيلت قربك برء داء صبابتي ... ضن البعاد به فطال تخيلي )
( شوقا إلى خير الأنام بأسرهم ... سؤلي وأسنى مقصدي ومؤملي )
( فيه أنا متوسل في مقصدي ... أسنى التوسل بالرسول المرسل )
( وبجاهه عند الأنام مآربي ... ووسائلي تقضى وإن لم أسأل )
( وبه الأماني قد حللن بساحتي ... وحوادث الحدثان صرن بمعزل )
( بشراك نفسي فالأماني أعجلت ... نحوي تبشرني بخير معجل )
( بمديحه أضحى الزمان مسالمي ... تندى أسرة وجهه المتهلل )
( فبه إلهي قد رجوتك راغبا ... دون الأنام فباب جودك موئلي )
( وإليك ربي رغبتي وتوسلي ... وعليك في كل الأمور توكلي )
وثبت في آخر هذا الكتاب ما صورته قال محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن يوسف بن العطار نفعه الله تعالى بالعلم كان الفراغ من إكمال هذا الفصل وإتمامه حسب نثره ونظامه ضحوة يوم الجمعة الثاني من
شعبان المكرم سنة ست وتسعين وستمائة ما عدا اربع قصائد اشتمل عليها فإنها تقدمت على إنشائه أودعتها فيه والله سبحانه المستعان وذلك بمدينة الجزائر جزائر بني مزغنة من أقصى إفريقية من أرض متيجة صانها الله تعالى انتهى
وثبت في آخره بخط بعض الأكابر ما نصه تأليف الفقيه العالم الأديب البارع أبي عبدالله محمد بن العطار الجزائري انتهى
وهو كتاب نفيس جمع فيه بين حسن النظم والنثر فالله تعالى يجازى صاحبه أفضل الجزاء بمنه وكرمه
ولا بأس أن نورد هنا من كلام أهل الأندلس بعض الأمداح النبوية زيادة على ما ذكر هنا فنقول قال العارف بالله تعالى ابن العريف في كتاب مطالع الأنوار ومنابع الأسرار
( وحقك يا محمد إن قلبي ... يحبك قربة نحو الإله )
( جرت أمواه حبك في فؤادي ... فهام القلب في طيب المياه )
( فصرت أرى الأمور بعين حق ... وكنت أرى الأمور بعين ساهي )
( إذ شغف الفؤاد به ودادا ... فهل ينهاه عن ذكراه ناهي )
( يهيم بذكره ويحن شوقا ... حنين المستهام إلى الملاهي )
( يخامره ارتياح منه حتى ... يقول أولو الجهالة ذاك لاهي )
( وما هو حق فضل قد رآه ... فصار يجد في طلب الملاهي )
( فسوف ينال في الدنيا سرورا ... وفي الدار الأخيرة كل جاه )
( ويعطى ما تمنى من أمان ... كما قد حب محبوب الإله )
وقال أيضا رحمه الله تعالى
( يا عاذلي في طلابي ... دعني من العذل دعني )
( سأعمل العيس شوقا ... بالعزم دون التأني )
( إلى ضريح رسول ... مصدق حسن ظني )
( أشدو على كل فج ... حين الحمام يغني )
( يا أطهر الخلق إني ... بذلتي عبد قن )
( فأعتق اليوم رقي ... وانظر بعطفك مني )
( فأنت أنت ملاذي ... إياك إياك أعني4 )
( إن غبت عن عين جسمي ... ما غبت عن عين ذهني )
( لولاك كنا أناسا ... أشر من كل جن )
( فإذا بعثت رسولا ... فخير فضل ومن )
( لله خالص شكري ... عساه يصفح عني )
( فإنني عبد سوء ... قلبت ظهر المجن )
وقال في خاتمة ذلك الكتاب
( صلى الإله على النبي الهادي ... ما لاذت الأرواح بالأجساد )
( صلى عليه الله ما اسود الدجى ... فكسا محيا الأفق برد حداد )
( صلى عليه الله ما انبلج السنا ... فابيض وجه الأرض بعد سواد )
( صلى عليه الله ما همع الحيا ... فسقى البلاد برائح أوغادي )
( صلى عليه الله ما هفت الصبا ... وشدا على فنن الأراكة شادي )
( صلى عليه الله ما ألف الكرى ... جفن فخامره لذيذ رقاد )
( صلى على المختار أحمد ربه ... ما استمسكت نار بطي زناد )
( صلى على خير الأنام محمد ... من خصه بالنور والإرشاد )
( صلى الإله على رسول حاشر ... حشر الأنام لديه في الميعاد )
( صلى الإله على رسول عاقب ... في الدهر وهوبفضله كالهادي )
( صلى الإله على رسول خاتم ... ختم النبوة بالكتاب الهادي )
( صلى الإله على المقفى ما اقتفى ... بشر نبوته بغير عناد )
( صلى على ماحي الضلال إلهه ... ما غردت طير على الأعواد )
( صلى الإله على رسول فاتح ... فتح الظلام بنوره الوقاد )
( صلى الإله على نبي راحم ... بالملة الغراء بعد فساد )
( صلى الإله على نبي طالع ... رحم الإله به من الإبعاد )
( صلى الإله على نبي طالع ... بملاحم قصمت فؤاد العادي )
( صلى عليه الله فهو نبيه ... ناداه بالإرشاد خير مناد )
( صلى عليه الله فهو رسوله أعطاه راية عزمة ورشاد )
( صلى عليه الله فهو خليله ... أسدى إليه منه كل سداد )
( صلى عليه الله فهو صفيه ... صفى سريرته من الأحقاد )
( صلى عليه الله فهو وليه ... والاه في الإصدار والإيراد )
( صلى عليه الله فهو المصطفى ... من كل حضار العباد وبادي )
( صلى عليه الله فهو المجتبى ... يجبى إليه الخيردون نفاد )
( صلى عليه الله فهو المنتقى ... نور الزمان وواحد الآحاد )
( صلى عليه من براه مطهرا ... واختاره طودا من الأطواد )
( صلى عليه من براه بفضله ... وأعاده حيا لغير معاد )
( صلى عليه من أراه جلاله ... وأناله من ذاك كل مراد )
( صلى عليه من أحل فؤاده ... في ظل عرش ثابت الأوتاد )
( صلى عليه من غذاه بنعمة ... فتضاعفت كتضاعف الأعداد )
( صلى عليه من كساه عوارفا ... واختصه منه بخير أياد )
وقال الشيخ أبو عبد الله ابن عمران مادحا لرسول الله
مرتبا على حروف المعجم باصطلاح أهل المغرب كما تقدم
( ألف أيا خير البرية هذي ... مدحي وما أنا في مقالي هاذي )
( باء بها أظهرت صدق محبتي ... وبذلك الجاه الكريم لياذي )
( تاء تخذت وسيلة ما حكته ... وجعلته يوم المعاد عياذي )
( ثاء ثنائي ليس يحصر فضلك ال ... زاهي ولا يحويه باستحواذ )
( جيم جلالك جل طور فخاره ... عن شبه مثل أو لحاق محاذي )
( حاء حبيت بمعجزات ذكرها ... يولي ذوي الإيمان كل لذاذ )
( خاء خصصت بها بفضل عناية ... منها لجأت إلى أجل ملاذ )
( دال دحضت بحقه مستقريا ... إبطال زور مشعوذ ملاذ )
( ذال ذراع الشاة أفصح مخبرا ... عما يحاذر ضره بنفاذ )
( راء رميت عصائبا قد ألبوا ... فعموا ولما ينصروا بلواذ )
( زاي زعيم بالوجاهة أنت إذ ... كل بجاهك عاذ كل عياذ )
( طاء طلابهم لديك شفاعة ... فيها بذذت الجمع أي بذاذ )
( ظاء ظماؤهم بحوضك سوغوا ... ريا كأن به مذاقة ماذي )
( كاف كفلت بما تلته والضحى ... لجماعة الجارين باستنقاذ )
( لام لدعوتك المجابة أسبلت ... ثروات هتان الحيا بهماذ )
( ميم معين يديك إذ غلب الظما ... أروى الورى من توأم وفذاذ )
( نون نجارك أصله متخير ... من بطن ذات علا وأطهر حاذي )
( صاد صعدت ذرا لموقف زلفة ... ترك السعود مقطع الأفلاذ )
( ضاد ضويت إلى جلال كافل ... لك بالرضى در الجلالة غاذ )
( عين علا ذكر افتخارك وارتقى ... عن غمز مغتاب وزور الباذي )
( غين غمام قد علاك مظللا ... يمشي بمشيك دائما ويحاذي )
( فاء فصاحتك البليغة أعجزت ... للقوم من قربى ومن شذاذ )
( قاف قواعد صرح كسرى زلزت ... لولادة أوهت قوى ابن قباذ )
( سين سبقت بكل فضل يغتدي ... جفن المعالي منه ليس بقاذ )
( شين شأوت مفاخرا كل الورى ... وتركتهم غرقى بلجة آذي )
( هاء هتفت على تنائي شقتي ... بعلاك هذي ما نحلتك هذي )
( واو ولو أني استطعت لسابقت ... قلمي خطا قدمي بالإغذاذ )
( لا لاأكيف قدر شوق باعث ... لعزائمي مستنهض شحاذ )
( ياء يمينا لو قدرت إذن لما ... أخرت سعي مبادر حذحاذ )
( دامت عليك صلاة ربك ما همت ... ديم بوبل هاطل ورذاذ )
رجع إلى الكاتب ابي عبد الله ابن الجنان الأندلسي
قال تقبل الله تعالى منه يمدح النبي
( يا من تقدس عن أن ... يحيط وصف بذاته )
( ومن تعالى جلالا ... عن مشبه في صفاته )
( ومن قبول ثنائي ... إليه أسنى هباته )
( صلى على من تبدى ... نور الهدى من سماته )
( ومن علا الفخر لما ... نمى إلى معلواته )
( محمد خير هاد ... بحلمه وأناته )
( محمد خير داع ... بالصدق من كلماته )
( محمد خير مبد ... لنا سنا معجزاته )
( أكرم به من نبي ... همت سما مكرماته )
( أعزز به من رسول ... سمت علا درجاته )
( وخصه الله منه ... بالفضل من تكرماته )
( لما حباه بأوفى ... صلاته في صلاته )
وقال
( يا رب بلغ سلامي ... لأحمد ذي الشفاعه )
( لخاتم الرسل أعني ... إمام تلك الجماعه )
( لأبهر الخلق مجدا ... يحكي الصباح نصاعه )
( لمن صفات علاه ... تعجز أهل البراعه )
( لسيد لسناه ... يزهى السنا واليراعه )
( لمرشد بهداه ... قد فاز عبد أطاعه )
( شمس النبوة معط ... شمس السماء شعاعه )
( وناظم الحسن نظما ... قد ضم منه شعاعه )
( وسر سرك يا من ... أرى العيون اطلاعه )
( ومن حبا بذكاء ... خلاله وطباعه )
( ومد في كل فضل ... لصفوة الرسل باعه )
( فزده يا رب فخرا ... وزد محبيه طاعه )
وقال أيضا غيره
( لقد رفع الإله عن البرايا ... ببعث محمد محن الصروف )
( أتى والناس في الآفاق نهب ... لسمر الخط أو بيض السيوف )
( فأنقذهم ولولاه لكانوا ... لقى بين الضلالة والحتوف )
( نبي لا يغل عليه إلا ... سخيف العقل ذو رأي مؤوف )
( كأغمار اليهود أو النصارى ... أو الفلكي أو كالفيلسوف )
( فبعض للتجاهل والتعامي ... وبعض للتحير والوقوف )
( زعانف لا يهلك لها رواء ... فإن الجهل مائحة الظروف )
( إذا جارى بمختل ضعيف ... فإن صحاحنا فوق الألوف )
( فبرهان النبوة مستفيض ... ندل به على رغم الأنوف )
( شفوف الرسل متضح ولكن ... لأحمد الشفوف على الشفوف )
( حروف الخط أصل للمعاني ... وللألف التقدم للحروف )
وما أحسن قول القائل رحمه الله تعالى
( لولا النبي محمد ... هلك الورى في سوء حاله )
( أعلى الورى قدرا واكرمهم ... وأظهرهم دلاله )
( ختم الإله به النبوة ... والطهارة والرساله )
( واختصه دون البرية ... بالمكانة والجلاله )
( بدر الرسالة والصحابة ... حول ذاك البدر هاله )
( قذف الحصى في أعين ال ... فاعتنقوا الجداله )
( وتدرعوا ثوب الكآ ... بة بعد إظهار الجزاله )
( فأضخ إلى أنبائه ... تعلم بأن المنتهى له )
( وإذا ابتغيت وسيلة ... ومدحته ومدحت آله )
( فاقطع بأنك آمن ... يوم القيامة لا محاله )
وقال أبو القاسم سعدبن محمد رحمه الله تعالى
( أطلق لسانك بالصلاة على ال ... نبي الأبطحي الهاشمي محمد )
( واجعل شعارك ذاك تنج به غدا ... إن النجاة بذكر يوم للغد )
ولأبي اليمن ابن عساكر رحمه الله تعالى
( يا رب صل على النبي وآله ... صلواتنا ما دامت الأيام )
( واخصص ختوم سلامنا بجنابه ... كالمسك يعبق فض عنه ختام )
( واحرس شريعته وأوضح سبلها ... تبدو بها للسالك الأعلام )
( وأدم كرامته وأعل مناره ... وأنله ألى ما لديك يرام )
( وارفع له الدرجات في رتب العلا ... فهو الذي للمرشدين إمام )
( وأقمه بين يديك زلفى موقف ... للحمد ما لسواه فيه مقام )
( وأنل شفاعته وأورد حوضه ... من لو أتاه منه أوام )
( يشتاقه ويعوقه علق به ... لزمانه وزمانة وسقام )
( فبه إليه غلة ما تشتفي ... إلا بلقياه وعز مرام )
( وله عليه في الأصائل والضحى ... تهدى إليه تحية وسلام )
( وبه إلى تقبيل موطىء نعله ... وجد له بين الضلوع أوام )
وله أيضا رحمه الله تعالى
( ألا إن الصلاة على الرسول ... شفاء للقلوب من الغليل )
( فصل عليه إن الله صلى ... عليه ولا تكونن بالبخيل )
( وصل عليه قد صلت عليه ... ملائكة السماء بجبرئيل )
( إلا إن الصلاة عليه نور ... لدى الظلمات في اليوم المهول )
( وتثقيل لميزان خفيف ... وتخفيف من الوزر الثقيل )
( إذا صليت صلى الله عشرا ... بواحدة عليك على الرسول )
( وتخظى بالشفاعة يوم تضحى ... وما لك من مقيل أو منيل )
( فأكثر أو أقل فأنت تجزى ... بذلك من كثير أو قليل )
( فصل عليه تجز جزاء ضعف ... وتجز مضاعف الأجر الجزيل )
( وأولى الناس أكثرهم صلاة ... عليه به وأحرى بالقبول )
( وأنجاهم من الأهوال عبد ... بها لهج بدل قال وقيل )
( فكن لهجا بذكراه حفيا ... بلقياه ومنصبه الجليل )
( وصل صلاة مشتاق إليه ... وداو بذكره سقم العليل )
( وصل مدى الزمان على رسول ... كريم مصطفى بر وصول )
( وصل على حبيب فاق فضلا ... مدى شأو الكليم مع الخليل )
( صلى الله أفضل من يصلي ... عليه في الصباح مع الأصيل )
( وآتاه الوسيلة مستجيبا ... وبلغه نهاية كل سول )
( وأزلفه وشفعه ليأوي ... إليه الناس في ظل ظليل )
( وأطد شرعه وحمى حماه ... وأيده بواضحة الدليل )
( وشرفه ولم يبرح شريفا ... فيجمع جملة المجد الأثيل )
( وزاد محبه شرفا وفخرا ... بتفضيل وتنويل جزيل )
( وزاد علاه منه بطول عمر ... قصي من مواهبه طويل )
( وأوردنا عليه الحوض وفدا ... لنروى بالروى من سلسبيل ) وله رحمه الله تعالى
( أدم الصلاة على النبي المصطفى ... تخلص بذاك من الجحيم ونارها )
( وتول إقبال عليها كلما ... هتف المؤذن مشعرا بشعارها )
( فالفخر أجمعه له فتلقه ... من نوبة الأسحار فوق منارها )
فهذه عدة قصائد في مدحه أرجو من الله سبحانه أن تكون مكفرة لما ارتكبته على وجه الفخر والشهرة من الهزل واللغو فإن ذلك والله قول لا فعل له وإنما هو على نهج أهل الأدب كالحافظ شيخ الإسلام ابن حجر
وغير واحد ممن ألف في الأدب وجمعه
ولا بأس أن نعززها بمقطوعات تكون للتكفير زيادة وحق لمن توسل بسيد الوجود أن لا تضيع وسائله وكيف وهو صاحب المقام المحمود والشفاعة والسيادة فمنها قول ابن الجنان المذكور آنفا رحمه الله تعالى
( إلى أحمد المختار نهدي تحية ... تفاوح روض الحزن بلله المزن )
( إذا نافحت مغناه زاد تأرجا ... وإن لثمت يمناه قابله اليمن )
( أسير أشواقي رسولا بعرفها ... لتسعدها منه العوارف والمن )
( وأرجو لديه الفضل فهو منيله ... وما خاب لي فيه الرجاء ولا الظن )
( عليه اعتمادي حين لا لي حيلة ... إليه استنادي حين ينبو بي الركن )
( به وثقت نفسي الضعيفة بعدما ... أضر بها من ضعف قوتها الوهن )
( إليه صلاتي قد بعثت مشفعا ... سلاما به الإحسان ينساق والحسن )
وقوله رحمه الله تعالى
( أيذهب يوم لم أكفر ذنوبه ... بذكر شفيع في الذنوب مشفع )
( ولم أقض في حق الصلاة فريضة ... على ذي مقام في الحساب مرفع )
( أرجي لديه النفع في صدق حبه ... ومن يرتج المختار لا شك ينفع )
( وأهدي إلى مثواه مني تحية ... إذا قصدت باب الرضى لم تدفع )
وقوله رحمه الله تعالى
( يا أرحم الخلق يوم الحشر والندم ... ارحم عبيدك يا ذا الطول والنعم )
( إني توسلت بالمختار ملجأنا ... الطاهر المجتبى من خيرة الأمم )
( إليك من سيئاتي إنها عظمت ... يا واحدا لم يزل فردا ولم يتم )
( عليه منه صلاة كلما طلعت ... شمس وما خط في الأوراق بالقلم )
( فهو الشفيع الذي أرجو النجاة به ... من الجحيم إذ الكفار كالحمم )
وقوله أيضا رحمه الله تعالى
( بحبيب القلوب معتمد الخل ... ق أبي القاسم النبي الشفيع )
( قد تشفعت من ذنوبي إلى ذي ال ... الواحد العلي السميع )
( فاشفع اشفع يا خاتم الرسل يوم ال ... والمشهد العظيم الفظيع )
( لظلوم لنفسه قد تناهى ... في الخطايا وكل فعل شنيع )
( فإذا ما تذكر الذنب فاضت ... مقلتاه واغرورقت بالدموع )
( لا تخيب رجاءه إنه من ... ربه خائف كثير الخشوع )
( وعليك الصلاة بدءا وعودا ... ما أضاءت ذكاء عند الطلوع )
وقوله أيضا عفا الله تعالى عنه
( يا رب إن شفيعي من ذنوبي في ... يوم القيامة خير الخلق والنسم )
( محمد خاتم الرسل المبلغ لل ... دين الحنيفي والإسلام للأمم )
( عليه مني صلاة كلما سجع ال ... فوق غصون البان والسلم )
( وبعد ذلك أعداد الجبال ورم ... الأرض والطير والحيتان والنعم )
( كذاك أيضا سلامي طيب عطر ... عليه ما قام عبد في دجى الظلم )
( لله وهو كئيب خائف وجل ... من الذنوب حزين القلب ذو ألم )
وقول الشيخ الإمام أبي زيد الفازازي رحمه الله تعالى
( كملت بنعت محمد خير الورى ... غرر القصائد كلها وحجولها )
( واختص دون الأنبياء بدعوة ... وسع العباد عمومها وشمولها )
( فاضت على الثقلين منه أشعة ... طلعت وما عقب الطلوع أفولها )
( فالإنس تعلم أنه مقصودها ... والجن توقن أنه مأمولها )
( كم آية بالصدق كان ظهورها ... كم آبة بالسبق كان نزولها )
( وكفاك هذا الوحي فهو شهادة ... لمحمد لزم العباد قبولها )
( جمع الإله المكرمات لأمة ... هذا النبي الهاشمي رسولها )
وقوله رحمه الله تعالى
( أي نور كشف الله به ... سدف الباطل عنا أجمعين )
( ختم الله به أنواره ... عندما أكمل سن الأربعين )
( وأتانا بدليل بين ... عجزت عنه دواعي المدعين )
( فهو للناس جميعا مرشد ... وهو بالله تعالى مستعين )
( تركت دعوته وهو الرضى ... سائر الخلق إليها مهطعين )
( فأعد أنباءه فهو منى ... أنفس القائل والمستعين )
( والذي يهدى إلى شرعته ... فهو مجاج من العذب المعين )
( والذي يرغب عن سنته ... فهو من شيعة إبليس اللعين )
وقوله وهو كما قبله لزومي
( أصخ فلخير العالمين مناقب ... تدل على التمكين والشرف الأسرى )
( أتى والورى أسرى فكان غياثهم ... بنور سماء ينقلوه عن الإسرا )
( وعفى رسوم الكافرين وأهلها ... فلا قيصر من بعد ذاك ولا كسرى )
( تقدم كل العالمين إلى مدى ... تظل به الأوهام ظالعة حسرى )
( وخص بتشريف على الناس كلهم ... ومن لم يقل هذا تقوله قسرا )
( ترقى إلى السبع الطباق ترقيا ... حقيقا ولم يعبر سفينا ولا جسرا )
( وبالجسم أسرى الله وهو دلالة ... يمحلها من لا ييسر لليسرى )
( فسبحان من أسرى إليه بعبده ... وبورك في الساري وبورك في المسرى )
( وكم عجب أوحى إلى عبده به ... فدونك تجميلا و لاتطلب الفسرا )
وقوله رحمه الله تعالى
( هاك عن هذا النبي المصطفى ... خبرا يقبله من سمعه )
( سبحت صم الحصى في كفه ... ثم في كف الهداة الأربعه )
( وإذا أبدى نبي عبرة ... فهو لا ينكر فيمن تبعه )
( أي نطق قد روى إعجازه ... عن سماع كل من كان معه )
( حجج الرسل التي قد سلفت ... أصبحت في أحمد مجتمعه )
( فاعتقد صحتها واعمل بها ... فدعاوى ضدها منقطعه )
( ممكنات العقل لا يجحدها ... غير أهل الطبع والمبتدعه )
وقوله رحمه الله تعالى
( إذا أملت من مولاك قربا ... فجدد ذكر خير الأنبياء )
( وصل عليه أول كل قول ... وآخره بصبح والمساء )
( فإن محمدا أعلى البرايا ... محلا في السيادة والعلاء )
( لواء الحمد في يمنى يديه ... وكل الناس من دون اللواء )
( فحدث عن دلائله ففيها ... شفاء للنهى من كل داء )
( ولست بناقل للعشر منها ... وهل تفنى الزواخر بالدلاء )
( فقل للسامعين قفوا فهذا ... محال ليس يحصر بانتهاء )
( براهين البسيطة ليس تحصى ... فدونكم براهين السماء )
وقوله رحمه الله تعالى
( أما يمين محمد ... ويساره فهما سماء )
( كلتاهما إن صوح ال ... لنا طعم وماء )
( وإذا أضر بنا السقا ... م وغيره فهما شفاء )
( فاعجب لكف في الورى ... فيها عن المزن اكتفاء )
( فاقطع بأن محمدا ... في الخلق ليس له كفاء )
( فإذا أصخت لآية ... فالنور فيها والضياء )
( هذا الصباح الهاشم ... بدا فليس به خفاء )
( فالأرض قدح فتحت بمب ... وفتحت السماء )
( سبق القضاء بسبقه ... والله يفعل ما يشاء )
وقوله رحمه الله تعالى
( بركات رسل الله غير خفية ... ومحمد خير البرية أبرك )
( هذا النبي الهاشمي هو الذي ... هدي الأنام به وبان المسلك )
( كم آية لمحمد كم حجة ... عز الولي بها وذل المشرك )
( دعواته مسموعة مرفوعة ... والحس ليس يصح فيه تشكك )
( لا شيء أعجب من دليل واضح ... يحيا به بعض وبعض يهلك )
( أمسك بحبل محمد خير الورى ... تظفر بقصدك أيها المستمسك )
( وإذا عجبت لغاية في رفعة ... فمحل أحمد غاية لا تدرك )
وقوله رحمه الله تعالى
( قبح الإله الملحدين ... فإنهم جحدوا الضروره )
( والمعجزات تواترت ... عن أحمد في كل صوره )
( والله أعلى كعبه ... في خلقه وأم نوره )
( كثر الطعام مع الشرا ... ب بكفه عند الضروره )
( وتكنفته عناية ... من ربه أعلت أموره )
( نادى البرية فالقلو ... ب إلى إجابته مصوره )
( وحمى الشريعة بالدلي ... فدع معاندها وزوره )
( قل للمشكك حين يب ... دي في تشككه قصوره )
( بيني وبينكم الكتا ... ب فدونكم فأتوا بسوره )
وقال رحمه الله تعالى
( إذا بهرت للهاشمي دلالة ... فكم حجج في طيها ودلائل )
( فكم مرة آتى الغنى كف سائل ... وكم مرة أعطى المنى فكر سائل )
( له تحت أستار الغيوب شهادة ... معدلة لم تبق قولا لقائل )
( يحدث عما كان أو هو كائن ... فقس آخرا من صدقه بالأوائل )
( إذا الصدق لم يعوزك في غدواته ... فلا شك في تصديقه بالأصائل )
( وحسبك في الأنباء بالغيب أنه ... ستسمعها بالنقل من قول قائل )
وقوله رحمه الله تعالى
( يا ذا المعنى بهذا الذكر تسمعه ... في المدح تأثره في سيد الناس )
( هذا النبي ومن آيات أثرته ... في الطيب والطول لا تجري بمقياس )
( قد انقضت معجزات الغيب وافية ... صحيحة باستفاضات وإحساس )
( وهاك نوعا من الإعجاز منتزها ... عن نقد منتقد أو صفح قرطاس )
( لا نعدم النقل عن آثار سيدنا ... فإنما نحن فيها بين أعراس )
( تنقل الأنف في النور ينشقه ... من ياسمين إلى ورد إلى آس )
( إن القلوب إذا أعتلت خواطرها ... فذكر أحمد فيها المبرىء الآسي )
وقوله رحمه الله تعالى
( تأدب إذا ذكر المصطفى ... بصمت اللسان وغض البصر )
( فإن التأدب عند السماع ... يفهم في النطق أو في النظر )
( وردد أحاديثها إنها ... دليل على صدق خير البشر )
( وصل عليه مدى ذكره ... فذلك أفضل ما يدخر )
( ولا تسترب في براهينه ... فتسلك مسلك قوم أخر )
( فكم آية ظهرت للنبي ... وكم أثر عنده قد ظهر )
( ومن شك في نور برهانه ... على أن برهانه قد بهر )
( فكبر على عقله أربعا ... وقل فوق طورك هذا الخبر )
وقوله رحمه الله تعالى
( اعمل بآثار النب ... ي فإنها النور المبين )
( واقبل نصيحتها ففي ... ها العز والشرف المكين )
( واشدد يمينك بالشري ... إنها السبب المتين )
( خير البرية أحمد ... والحق يصحبه اليقين )
( ذو قوة عند الإل ... ه مقرب منه مكين )
( زان النبيون الورى ... ومحمد لهم مزين )
( هاد إلى طرق النجا ... ة مؤيد فيها أمين )
( والهج بمدح الهاشم ... ي فإنه الحصن الحصين )
( ولئن فعلت فلن تفو ... تك بعد ذا دنيا ودين )
وهذه تسديس جعلته للكتاب مسك الختام
( وللناس أعمال فخير وضده ... وما يحسن الأعمال غير الخواتم )
وإلا فالأمداح النبوية بحر لا ساحل له وفيها النثر والنظام زاده الله شرفا وحباه أفضل الصلاة وأزكى السلام
وهذا القصيدة من نظم الفقيه الأجل أبي الحجاج يوسف بن موسى المنتشاقري الأندلسي نفعه الله تعالى بنيته وبلغه غاية أمنيته وترتيبها على
حروف المعجم باصطلاح أهل المغرب فيما عدا الروي فإنه على حرف الميم وكذا آخر الشطر الذي قبله فإنه ميم أيضا وهذا نصه بحروفه ما عدا حرف الواو فإني لم أجده وكملته على منواله
( حل في طيبة رسول كريم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( صفوة الخلق خاتم الأنبياء ... مرشد الناس للطريق السواء )
( والعماد الملاذ في اللأواء ... وشفيع العصاة يوم الجزاء )
( يوم يبدو لديه جاه عظيم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( أذهب الغي نوره والغياهب ... فاضاءت مشارق ومغارب )
( وغدا الحق غالبا للأكاذب ... وبدت منه للأنام عجائب )
( صدق أقواله بها معلوم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( لبراهين صدقه معجزات ... حيثما حل حلت البركات )
( وسمت أربع به وجهات ... فبه قد تعرفت عرفات )
( وبه تاه زمزم والحطيم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( لم يزل هاديا صدوق الحديث ... ووفيا بالعهد غيرنكوث )
( ومجيبا لدعوة المستغيث ... وكريما نداه فوق الغيوث )
( ويداه بالجود جود سجوم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( بهج الحق أوضح الابتهاج ... سيد نوره أضاء الدياجي )
( خصه الله ليلة المعراج ... باصطفاء ورفعة ونتاج )
( وبتكليمه له التكريم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( مصطفى مجتبى كريم صفوح ... للنبيين جاهه ممنوح )
( فلإكرامه أجير الذبيح ... ونجا آدم وخلص نوح )
( وكذاك الخليل إبراهيم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( كل دين بدينه منسوخ ... فسوى ما قضى به مفسوخ )
( لهداه بكل قلب رسوخ ... فالورى مادح له ومصيخ )
( كلهم في هوى النبي يهيم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( بعثه كان رحمة للعباد ... دلهم بالهدى طريق الرشاد )
( ونفى كل باطل وعناد ... ودعا للإله دعوة هادي )
( فإذا الحق واضح مستقيم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( أمه بالشكاة ظبي أخيذ ... مستجيرا بجاهه يستعيذ )
( وبه كانت الوحوش تلوذ ... وله خاطب الذراع الحنيذ )
( لا تذقني فإنني مسموم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( أشبع الجيش والطعام يسير ... ودعا نخلة فجاءت تسير ... وهمى من يديه عذب نمير ... وله البدر شق وهو منير )
( معجزات تحار فيها الفهوم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( حجب النور في السموات جازا ... فاحتوى الفضل والعلاء وحازا )
( فبه في غد ننال المفازا ... وكفى أمة الرسول اعتزازا )
( أن تمنى يكون منها كليم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( إنما الحكم منه عدل وقسط ... لم يجر في القضاء والحكم قط )
( حبه في بلوغ قصدي شرط ... وبأمداحه ذنوبي تحط )
( ويزول العنا وتجلى الهموم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( قد حمى ديننا برعي ولحظ ... ونفى روعنا بأمن وحفظ )
( وحبانا بما لدى الرب يحظي ... هاديا راحما لنا غير فظ )
( مثل ما نصه الكتاب الكريم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( نور برهانه جلا كل شرك ... وهداه أجار من كل هلك )
( أخير العالمين من غير شك ... فلكم رامه العداة بشك )
( وهو في كل حالة معصوم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( ما لخير الأنام منهم عديل ... إنه مجتبى نبي رسول )
( ما عسى مادح الشفيع يقول ... وبأمداحه أتى التنزيل )
( وثناه خلاله مرسوم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( نحن لولا اتباعه لشقينا ... نور برهانه أرانا يقينا )
( وغدا ما نخاف منه يقينا ... وكؤوسا بحوضه قد سقينا )
( من رحيق مزاجه مختوم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( أحمد عند ربه ذو اختصاص ... جاهه كامل بغير انتقاص )
( عدة للمسيء يوم القصاص ... وشفيع لكل جاه وعاصي )
( يوم يجفو الحميم فيه الحميم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( بيديه حوائج الكل تقضى ... ويجازي الذي أجاز وأمضى )
( وينادي الحبيب أنت المرضى ... سوف نعطيك ما تحب وترضى )
( فتحكم يمضى لك التحكيم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( فاق بالمولد السعيد ربيع ... إن فيه بدا الجلال الرفيع )
( من هو الذخر والعماد المنيع ... فملاذ للمذنبين شفيع )
( ورؤوف بالمؤمنين رحيم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( أفصح الناس في حديث وأبلغ ... بين الوحي للأنام وبلغ )
( طيب الحل قد أباح وسوغ ... ولكم نعمة من الله سوغ )
( فلإحسانه علينا عميم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( كان بالحق والهدى معروفا ... أجود الناس بالندى موصوفا )
( شرف الله قدره تشريفا ... هاديا مرشدا رسولا شريفا )
( مجده في العلاء مجد صميم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( وجهه بالبها أضاء وأشرق ... مجده في صميمه الأصل أعرق )
( مس في كفه قضيبا فأورق ... باصبع قد أشار للبدر فانشق )
( ثم قد عاد وهو بدر سليم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( جاءه الوحي أنت خير الناس ... بلغ الأمر لا تخف من باس )
( وخذ العفو للأنام وواس ... واحمهم من مكايد الوسواس )
( فعليك البلاغ والتعليم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( كان في الله أثبت الناس جاشا ... ليس من غيره يخاف ويخشى )
( فبكف من الحصى فل جيشا ... وعيون العداة بالتراب أعشى )
( فنجا المصطفى وخاب الظلوم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( قد سما قدره بغير تناهي ... وعلا جاهه على كل جاه )
( آمر بالتقى عن الشر ناهي ... من يطعه ينل ثواب الإله )
( وله عنده النعيم المقيم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( عمدة الخلق للمفاخر حاوي ... بحماه يلوذ كل وياوي )
( مبلغ المعتفي الذي هو ناوي ... كيف يحصي ثناء أحمد راوي )
( وعليه أثنى الكتاب الحكيم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( حسنه كالصباح بل هو أجلى ... وندى كفه من الشهد أحلى )
( واعتلا قدره من السبع أعلى ... مدحه في الكتاب ما زال يتلى )
( فله الفخر والثناء العظيم ... فعليه الصلاة والتسليم )
( خصه الله من رسول نبي ... في جميع الورى بقدر علي )
( وحباه منه بنور بهي ... فهدى الخلق للصراط السوي )
( وصراط الهدى سوي قويم ... فعليه الصلاة والتسليم )
خاتمة الكتاب
قال مؤلف هذا الكتاب العبد الفقير أحمد بن محمد المقري المالكي وفقه الله تعالى إلى حسن المتاب وحباه الدخول في زمرة من رفع عنهم بشفاعة المصطفى الإصر والعتاب هذا آخر ما سمح به الخاضر الكليل من هذا المقصد الجليل الذي يكون إلى ما وراءه من الطرف الأدبية خير دليل ووضعته والقلب حليف شجن وغربة والفكر أليف حزن وكربة وأنا أسأل الله تعالى الذي لا يرجى سواه أن يجعل بناءه ثابتا بحسن النية حيث البناء الذي فيه حظ النفس واه وأن يكون ما جلبته فيه من الهزل بالجد المذكور فيه مكفرا وأن ينفع به من وجه إليه وجهته فإني قد جمعت فيه ما يندرجمعه في غيره وكل الصيد في جوف الفرا
( يا من عليه اتكالي ... ومن إليه متابي )
( جد لي بعفوك عني ... إذا أخذت كتابي )
واعلم أن هذا الكتاب معين لصاحب الشعر ولمن يعاني الإنشاء والنثر من البيان السحر وفيه من حكايات الأولياء والعلماء ما نظمت في لبة السطور منه السلوك وفيه من الوعظ والاعتبار ما لم ينكره المنصف عند الاختبار وكفاه أنه لم ير مثله في فنه فيما علمت ولا أقوله تزكية له ويعلم الله تعالى أني تبرأت من هذا العارض ومنه سلمت ولو لم يحز من الشرف إلا ختمه بهذه الأمداح النبوية الشريفة ذات الظلال الوريفة لكان كافيا شافيا وها أنا أجعل آخره تنبيها للبيب قول ابن حبيب
( يا خير مبعوث له طلعة ... نور الهدى منها أقر العيون )
( جئت إلى ناديك أرجو القرى ... من غيث كفيك المغيث الهتون )
( كن لي شفيعا فارتكاب الهوى ... أوقعني بين الشجا والشجون )
( صلى عليك الله سبحانه ... ما هزت الريح قدود الغصون )
وقول النواجي
( لقد أفرطت في حسن ابتداء ... ورمت تخلصي يوم الزحام )
( فبالمختار أرجو عفو ربي ... ليرشدني إلى حسن الختام )
وكان الفراغ منه عشية يوم الأحد المسفر صباحها عن السابع والعشرين لرمضان سنة ثمان وثلاثين وألف بالقاهرة المحروسة والحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وألحقت فيه كثيرا في السنة بعدها فيكون جميعه آخر الحجة تتمة سنة تسع وثلاثين وألف وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم دائما أبدا إلى يوم الدين آمين