كتاب : تفسير ابن عبد السلام
المؤلف : عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي
إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7)
{ لَوَاقِعٌ } بكم .
فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8)
{ طُمِسَتْ } محي نورها كطمس الكتاب .
وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9)
{ فُرِجَتْ } فتحت وشقت .
وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10)
{ نُسِفَتْ } ذهبت وسويت بالأرض .
وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11)
{ أُقِّتَتْ } وعدت أو أجلت أو جمعت { وُقِتَتْ } عرفت ثوابها .
أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16)
{ الأَوَّلِينَ } قوم نوح عليه الصلاة والسلام أو كل أمّة استؤصلت بالتكذيب .
ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17)
{ نُتْبِعُهُمُ الأَخِرِينَ } في الإهلاك بالسيف أو بعذاب الآخرة .
أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20)
{ مَّآءٍ مَّهِينٍ } صفوة الماء « ع » أو ضعيف أو سائل .
فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21)
{ قَرَارٍ مَّكِينٍ } الرحم لا يؤذيه حر ولا برد أو مكان حريز .
فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23)
{ قدَّرنا } و قَدَرنا واحد أو بالتخفيف ملكنا وبالتشديد قضينا .
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25)
{ كِفَاتاً } كِنّاً « ع » أو وعاء أو مجمعاً أو غطاء .
أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26)
{ أَحْيَآءً } يجمعهم أحياء على ظهرها { وَأَمْوَاتاً } في بطنها أو الأرض منها أحياء بالنبات وأموات بالخراب الجفاف .
انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30)
{ شُعَبٍ } الضريع والزقوم والغسلين أو لدخانها ثلاث شعب تحيط به شعبة فوقه وشعبة عن يمينه وشعبة عن شماله .
لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31)
{ لا ظَلِيلٍ } يدفع الأذى { اللَّهَبِ } ما يعلو النار المضطرمة من أصفر وأحمر وأخضر .
إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32)
{ كَالْقَصْرِ } أصول الشجر العظام أو قصر البناء أو الجبل أو أعناق الدواب أو خشبة كان [ أهل ] الجاهلية يعضدونها نحو ثلاثة أذرع يسمونها القصر « ع » و { بِشَرَرٍ } ما يتطاير من النار .
كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (33)
{ جِمَالَتٌ صُفْرٌ } سود لأنّ سوادها يضرب إلى الصفرة شبهها بها في سرعة سيرها أو في متابعة بعضها بعضاً ، أو قُلُوس السفن « ع » أو قطع النحاس « ع » .
فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39)
{ كَيْدٌ } حيلة أو امتناع منا .
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48)
{ ارْكَعُواْ } يقال لهم ذلك في الآخرة تقريعاً أو نزلت في ثقيف لما امتنعوا من الصلاة والركوع هنا الصلاة .
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50)
{ فَبِأَىِّ } كتاب بعد القرآن تصدّقون .
عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)
{ يَتَسَآءَلُونَ } لما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم تنازعت قريش فيما دعا إليه واختصموا .
عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)
{ النَّبَإِ الْعَظِيمِ } القرآن أو البعث أو القيامة أو أمر الرسول صلى الله عليه سلم .
الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3)
{ مُخْتَلِفُونَ } اختلف المسلمون والمشركون فَصدَّق المسلمون وكَذَّب المشركون أو اختلف المشركون فمصدق ومكذب .
كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)
{ سَيَعْلَمُونَ } وعيد للكفار بعد وعيد فالأول بعذاب القيامة والثاني وعيد لهم بعذاب النار « ح » أو الأول وعيد لهم بالنار والثاني وعد المؤمنين بالجنة قاله الضحاك .
وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9)
{ سُبَاتاً } نعاساً أو سكناً أو راحة ، يوم السبت للراحة فيه سبت الرجل : استراح أو قطعاً للأعمال السبت القطع سبت شعره قطعه ، يوم السبت : لانقطاع العمل فيه .
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10)
{ لِبَاساً } سكناً أو غشاء لستره الأشياء كالثوب .
وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)
{ مَعَاشاً } سمي الكسب معاشاً لأنه يعاش به .
وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13)
{ وَهَّاجاً } مضيئاً « ع » أو متلألئاً أو من وهج الحرّ أو وقاداً جمع الضياء والحَمَى ، والسراج هنا : الشمس .
وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14)
{ الْمُعْصِرَاتِ } الرياح « ع » أو السحاب أو السماء « ح » { ثَجَّاجاً } كثيراً أو منصباً « ع » .
لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15)
{ حَبّاً } ما كان في كمام الزرع المحصود والنبات الذي يُرعى أو الحب اللؤلؤ والنبات العشب قال عكرمة : ما نزلت قطرة من السماء إلا نبت بها في الأرض عشبة أو في البحر لؤلؤة .
وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)
{ أَلْفَافاً } الزرع المجتمع بعضه إلى بعض أو الشجر الملتف بالثمر أو البساتين ذوات الألوان .
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17)
{ الْفَصْلِ } بين الأولين والآخرين { مِيقَاتاً } للثواب والعقاب أو ميعاداً للجمع .
وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20)
{ وَسُيِّرَتِ } أزيلت عن مواضعها أو نسفت من أصولها { سَرَاباً } هباءً أو كالسراب الذي يظن أنُّه ماء وليس بماء .
إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21)
{ مِرْصَاداً } راصدة تجازيهم بأعمالهم أو عليها رصد فمن جاء بجواز جاز ومن لم يجىء بجواز حبس « ح » أو المرصاد وعيد من الله تعالى وعد به الكفار .
لِلطَّاغِينَ مَآبًا (22)
{ لِّلطَّاغِينَ } في الدين بالكفر وفي الدنيا بالظلم { مَآباً } مرجعاً أو مأوى ومنزلاً .
لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)
{ أَحْقَاباً } بعد أحقاب أبداً ، والحقب : ثمانون سنة أو أربعون سنة أو سبعون أو ثلاثمائة أو سبعون ألفاً « ح » أو دهر طويل غير محدود أو ألف شهر عبر عن خلودهم بتتابع الأحقاب عليهم ، أو حد عذابهم بالحميم والغساق بالأحقاب فإذا انقضت الأحقاب عذبوا بغير ذلك من العذاب .
لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24)
{ بَرْداً } راحة أو برد الهواء أو النوم .
بردت مراشفها عَليّ فصدني ... عنها وعن تقبيلها البرد
{ وَلا شَرَاباً } عذباً .
إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25)
{ حَمِيماً } حاراً محرقاً أو دموعهم تجمع في حياض في النار فيسقونها أو نوع من شراب أهل النار . { وَغَسَّاقاً } القيح الغليظ أو الزمهرير المحرق برده « ع » أو صديد أهل النار أو المنتن .
جَزَاءً وِفَاقًا (26)
{ وِفَاقاً } جمع وفق ، وافق سوء الجزاء سوء العمل .
إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27)
{ لا يَرْجُونَ } ثواباً ولا يخافون عقاباً « ع » أو لا يخافون وعد الله بالحساب والجزاء .
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31)
{ مَفَازاً } منتزهاً أو فوزاً بالنجاة من النار والعذاب بالجنة والرحمة .
وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33)
{ وَكَوَاعِبَ } نواهد « ع » أو عذارى { أَتْرَاباً } أقراناً أو أمثالاً أو متصافيات أو متواخيات .
وَكَأْسًا دِهَاقًا (34)
{ دِهَاقاً } مملوءة « ع » أو متتابعة مع بعضها بعضاً أو صافية .
لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35)
{ كِذَّاباً } لغواً باطلاً « ع » أو حلفاً عند شربها أو شتماً أو معصية ، كذاباً : لا يكذب بعضهم بعضاً أو الخصومة أو المأثم { فِيهَا } في الجنة أو في شرب الخمر .
جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)
{ حِسَاباً } كافياً أو كثيراً أو حاسبهم فأعطاهم بالحسنة عشراً .
يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)
{ الرُّوحُ } خلق كهيئة الناس وليسوا بناس وهم جند لله تعالى أو أشراف الملائكة أو حفظة على الملائكة أو جبريل عليه السلام أو ملك من أعظم الملائكة خلقاً « ع » أو أرواح بني آدم تقوم صفاً والملائكة صفاً أو بنو آدم أو القرآن { لا يَتَكَلَّمُونَ } لا يشفعون { إِلا مَنْ أّذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ } في الشفاعة « ح » أو لا يتكلمون بشيء إلا من أذن له الرحمن بشهادة أن لا إله إلا الله . { صَوَاباً } حقاً أو قول لا إله إلا الله أو قول الروح يومئذٍ « لا تُدخل الجنة إلا بالرحمة ولا النار إلا بالعمل » ح « .
ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (39)
{ الْيَوْمُ الْحَقُّ } لأن مجيئه حق أو لأنه يحكم فيه بالحق { مَآباً } سبيلاً أو مرجعاً .
إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)
{ قَرِيباً } في الدنيا أو يوم بدر أو عذاب القيامة كل آت قريب { الْمَرْءُ } ينظر المؤمن ما قدم من خير { وَيَقُولُ الْكَافِرُ } يبعث الحيوان فيقاد للموقوذة والمركوضة والمنطوحة من الناقرة والراكضة والناطحة ثم يقال كونوا تراباً بلا جنة ولا نار فيقول الكافر يا ليتني كنت تراباً صرت اليوم تراباً بلا جنة ولا نار أو ليتني كنت مثل هذا الحيوان في الدنيا فأكون اليوم تراباً قيل نزلت { يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } في أبي سلمة بن عبد الأسد { وَيَقُولُ الْكَافِرُ } في أخيه الأسود بن عبد الأسد .
وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1)
{ وَالنَّازِعَاتِ } الملائكة تنزع نفوس بني آدم أو الموت ينزع النفوس أو النفس حين تُنزع أو النجوم تنزع من أفق إلى أفق ومن مشرق إلى مغرب « ح » أو القسيّ تنزع بالسهم أو الوحش تنزع وتنفر { غَرْقاً } إبعاداً في النزع .
وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (2)
{ وَالنَّاشِطَاتِ } الملائكة تنشُط أرواح المؤمنين بسرعة كنشط العقال « ع » أو النجوم تنشط من مطالعها إلى مغاربها أو الموت ينشط نفس الإنسان أو النفس حيث تنشط بالموت أو الأوهاق أو الوحش حين ينشط من بلد إلى بلد .
وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (3)
{ وَالسَّابِحَاتِ } الملائكة سبحوا إلى الطاعة قبل بني آدم أو النجوم تسبح في فلكها أو الموت يسبح في النفوس أو السفن تسبح في الماء أو الخيل .
فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (4)
{ فَالسَّابِقَاتِ } الملائكة سبقت إلى الإيمان أو تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء أو النجوم تسبق بعضها بعضاً أو الموت يسبق إلى النفس أو النفس تسبق بالخروج عند الموت أو الخيل .
فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (5) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7)
{ فَالْمُدَبِرَّاتِ } الملائكة تدبر ما أمرت به وأرسلت فيه أو ما وكلت به من الرياح والأمطار أو المدبرات الكواكب السبعة قاله معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه تدبر طلوعها وأفولها أو ما قضاه الله تعالى فيها من تقليب الأحوال . أقسم بهذه الأشياء أو بربها وخالقها وجواب القسم محذوف تقديره لتبعثنّ ثم لتحاسبنّ أو قوله { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً } [ النازعات : 26 ] . أو { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ } القيامة { الرَّادِفَةُ } البعث « ع » أو النفخة الأولى تميت الأحياء والنفخة الثانية تحيي الموتى وبينهما أربعون سنة فالأولى من الدنيا والثانية من الآخرة أو { الرَّاجِفَةُ } الزلزلة التي ترجف الأرض وةالجبال والرادفة إذا دكتا دكة واحدة .
قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8)
{ وَاجِفَةٌ } خائفة أو طائرة عن أماكنها .
أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (9)
{ خَاشِعَةٌ } ذليلة أو شاخصة .
يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10)
{ الْحَافِرَةِ } الحياة بعد الموت « ع » أو الأرض المحفورة أو النار أو الرجوع إلى الحالة الأولى تكذيباً بالبعث رجع فلان على حافرته إذا رجع من حيث جاء .
أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11)
{ نَّخِرَةً } بالية أو عفنة أو مجوفة تدخلها الريح فتنخر أي تصوت { ناخرة } تنخر فيها الريح .
قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12)
{ خَاسِرَةٌ } ليست بكائنة لا يجيء منها شيء كالخسران أو إن بعثنا لنخسرن بالنار .
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13)
{ زَجْرَةٌ } غضبة واحدة أو نفخة واحدة تحيي جميع الخلق .
فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (14)
{ بِالسَّاهِرَةِ } وجه الأرض لأنّ فيه نوم الحيوان وسهره أو اسم مكان بالشام هو الصقع الذي بين جبل أريحا وجبل حسَّان ويمده الله تعالى كيف شاء أو جبل بيت المقدس أو جهنم قاله قتادة .
إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16)
{ بِالْوَادِ } واد بأيلة أو بفلسطين « ح » { الْمُقَدَّسِ } المبارك أو المطهر قدس مرتين « ح » { طُوىً } اسم للوادي أو لأنه مرَّ به ليلاً وطواه « ع » أو لأنه طوي بالبركة أو يعني طأ الأرض بقدمك قاله عكرمة ومجاهد .
فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18)
{ تَزَكَّى } تسلم أو تعمل خيراً .
فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20)
{ الأَيَةَ الْكُبْرَى } عصاه ويده « ح » أو الجنة والنار .
فَحَشَرَ فَنَادَى (23)
{ فَحَشَرَ } السحرة للمعارضة ونادى جنده للمحاربة أو حشر الناس للحضور { فَنَادَى } فخطب عليهم .
فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25)
{ نَكَالَ الأَخِرَةِ } عذاب الدنيا والآخرة ، في الدنيا بالغرق وبالنار في الآخرة أو عذاب عمره وآخره أو الأول قوله { عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِى } [ القصص : 38 ] والآخر قوله { أَنَاْ رَبُّكُمُ الأَعْلَى } وكان بينهما أربعون سنة « ع » أو ثلاثون وبقي بعد الآخرة ثلاثين سنة أو عذاب أول النهار وآخره بالنار { النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً } [ غافر : 46 ] .
وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29)
{ وَأَغْطَشَ } أظلم { ضُحَاهَا } أخرج شمسها « ع » أو أضاء نهارها وأضاف الليل والنهار إلى السماء لأنّ منها الظلمة والضياء .
وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30)
{ بَعْدَ ذَلِكَ } مع ذلك أو خلق الأرض قبل السماء ثم دحاها بعد السماء { دَحَاهَآ } بَسَطَها « ع » ودحيت من موضع الكعبة أو من مكة أو حرثها وشقها أو سواها .
فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34)
{ الطَّآمَّةُ } النفخة الآخرة « ح » أو الساعة طمت كل داهية أو اسم للقيامة « ع » أو سوق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار والطامة في اللغة الغاشية أو الغامرة أو الهائلة تطم كل شيء أي تغطيه .
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40)
{ مَقَامَ رَبِّهِ } يخافه في الدنيا عند مواقعة الذنب فيقطع أو يخاف وقوفه في الآخرة بين يديه للحاسب { وَنَهَى } زجر نفسه عن المعاصي . قيل نزلت في مصعب بن عمير .
يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42)
{ أَيَّانَ مُرْسَاهَا } متى منتهاها أو زمانها سألوا عنها استهزاء فنزلت .
فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43)
{ فِيمَ أَنتَ } فيم يسألونك عنها وأنت لا تعلمها أو فيما تسأل عنها وليس لك السؤال عنها .
كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)
{ عَشِيَّةً } ما بعد الزوال { أَوْ ضُحَاهَا } في الدنيا وهو ما قبل الزوال .
عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)
{ عَبَسَ وَتَوَلَّى } قطب وأعرض .
وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)
{ يَزَّكَّى } يؤمن أو يتعبد بالأعمال الصالحة أو يحفظ ما تتلوه عليه من القرآن ويتفقَّه في الدين ، « أ » صلة تقديره يزكى ويذكر . { يَذَّكَّرُ } يتعظ أو يتفقّه كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا رآه مقبلاً بسط له رداءه حتى جلس عليه إكراماً له « ع » .
كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11)
{ إِنَّهَا } هذه السورة أو القرآن .
فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12)
{ فَمَن شَآءَ } الله تعالى ألهمه الذكر أو من شاء أن يتذكر بالقرآن أذكره الله .
فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13)
{ مُّكَرَّمَةٍ } عند الله تعالى أو في الدين لما فيها من العلم أو لأنه نزل بها كرام الحفظة .
مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14)
{ مَّرْفُوعَةٍ } في السماء أو في قدرها وشرفها { مُّطَهَّرَةٍ } من الدنس أو الشرك أو من أن تنزل على المشركين أو لا يسمها إلا المطهرون .
بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15)
{ سَفَرَةٍ } الملائكة لأنهم سفرة بين الله تعالى ورسله ، سفر بين القوم : إذا بلَّغ أو القراء لأنهم يقرؤون الأسفار أو الكتبة « ع » ، سفر سفراً إذا كتب قيل للكتاب سفر وللكاتب سافر من تبيين الشيء وإيضاحه منه إسفار الصبح : وضوحه ، وسفرت المرأة : كشفت نقابها .
كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16)
{ كِرَامٍ } على الله تعالى أو عن المعاصي أو يتكرمون على من باشر زوجته بالستر عليه دفاعاً عنه وصيانة له { بَرَرَةٍ } مطيعين أو صادقين واصلين أو متّقين مطهرين .
قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17)
{ قُتِلَ } عذب أو لعن { الإِنسَانُ } كل كافر أو أمية بن خلف أو عتبة بن أبي لهب حين قال كفرت برب النجم إذا هوى فقال الرسول صلى الله عليه سلم « اللهمّ سلّط عليه كلبك » فأخذه الأسد في طريق الشام . { مَآ أَكْفَرَهُ } ما أشدّ كفره أو أي شيء أكفره على جهة الاستفهام أو ما ألعنه .
ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20)
{ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ } خروجه من بطن أمه أو سبيل السعادة والشقاوة أو الهدى والضلالة .
ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)
{ فَأَقْبَرَهُ } جعل له من يقبره أو جعله ذا قبر يدفن فيه .
كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)
{ لَمَّا يَقْضِ } لا يفعل الكافر ما أمرته من الطاعة والإيمان أو عامة في المؤمن والكافر أو لا يقضي أحد أبداً كل ما فرض عليه .
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24)
{ طَعَامِهِ } الذي يحيى به من أي شيء هو أو ما يخرج منه أي شيء كان ثم كيف صار بعد حفظ الحياة ونمو الجسد .
ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26)
{ شَقَقْنَا الأَرْضَ } للنبات .
وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28)
{ وَقَضْباً } القت والعلف لأنه يقضب ظهوره .
وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30)
{ وَحَدَآئِقَ } ما التف واجتمع « ع » أو نبت الشجر كله أو ما أحيط عليه من النخل والشجر وما لم يحط فليس بحديقة { غُلْباً } نخلاً كراماً « ح » أو شجراً طوالاً غلاظاً والأغلب الغليظ .
وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31)
{ وَأَبّاً } مرعى البهائم « ع » أو كل ما نبت على وجه الأرض أو كل نبات سوى الفاكهة والثمار الرطبة أو التبن خاصة أو يابس الفاكهة وهذا مثل ضرب لقدرته على البعث .
فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33)
{ الصَّآخَّةُ } النفخة الثانية يصيخ الخلائق لاستماعها أو اسم للقيامة لإصاخة الخلق إليها من الفزع « ع » .
يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34)
{ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ } الآية لما بينهم من التبعات أو حتى لا يروا عذابه أو لاشتغاله بنفسه .
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38)
{ مُّسْفِرَةٌ } مشرقة أو فرحة .
تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41)
{ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } تغشاها شدّة وذلّة « ع » أو خزي أو سواد أو غبار أو كسوف الوجه ، القترة : ما ارتفعت إلى السماء والغبرة ما انحطت إلى الأرض .
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1)
{ كُوِّرَتْ } ذهب نورها « ع » أو غُوِّرت أو اضمحلت أو نكست أو جمعت فألقيت ومنه كارة الثياب لجمعها .
وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2)
{ انكَدَرَتْ } تناثرت أو تساقطت أو تغيرت « ع » سميت نجوماً لظهورها في السماء .
وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3)
{ سُيِّرَتْ } ذهبت عن أماكنها فسويت بالأرض كما خلقت أول مرة وليس عليها جبل ولا فيها واد .
وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4)
{ الْعِشَارُ } جمع عشراء وهي الناقة إذا صار لحمها عشرة أشهر وكانت أنفس أموالهم عندهم { عُطِّلَتْ } لم تحلب ولم تُصَر أو أهملت لاشتغالهم بأنفسهم من شدّة خوفهم .
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5)
{ حُشِرَتْ } جمعت أو اختلطت فصارت بين الناس أو حشرت للقيامة ليقتص للجماء من القرناء أو حشرها موتها « ع » .
وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6)
{ سُجِّرَتْ } فاضت أو يبست أو أرسل عذبها على مالحها ومالحها على عذبها فامتلأت أو فجرت فصارت بحراً واحداً أو سيرت كما تسير الجبال أو احمر ماؤها من قولهم عين سجراء أي حمراء أو أوقدت فاشتعلت ناراً « ع » أو جعل ماؤها شارباً يعذب به أهل النار .
وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7)
{ زُوِّجَتْ } أي حشر أهل الخير مع أهل الخير إلى الجنة وأهل الشرّ مع أهل الشر إلى النار أو يزوج رجال أهل الجنة بنسائها ورجال أهل النار بنسائها أو زوجت الأرواح بالرد إلى الأجساد فصارت زوجاً لها أو قرن كل غاوٍ بمن أغواه من شيطان أو إنسان .
وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8)
{ الْمَوْءُدَةُ } المدفونة حية خوف سبيها واسترقاقها أو خشية الفقر وكان أشرافهم لا يفعلون ذلك سميت بذلك لموتها بثقل التراب . { وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا } [ البقرة : 255 ] لا يثقله . { سُئِلَتْ } لم قتلت توبيخاً للقاتل تقول لا ذنب لي وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما { سألت } أي سأتل قاتلها لم قتلتني فلا يكون له عذر .
وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10)
{ الصُّحُفُ } صحائف الأعمال تطوى بالموت وتنشر في القيامة ليقفوا على ما عملوا ، فمن شدد { نُشِّرت } أراد التكرير للمبالغة في تقريع العاصي وتبشير الطائع أو تكرار ذلك من الإنسان أو الملائكة والشهداء عليه .
وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11)
{ كُشِطَتْ } ذهبت أو كسفت أو طويت .
وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12)
{ سُعِّرَتْ } أحميت أو أوقدت أو سعرها غضب الله تعالى من خطايا بني آدم .
وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13)
{ أُزْلِفَتْ } قربت .
فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15)
{ بِالْخُنَّسِ } النجوم تخنس بالنهار إذا غربت أو خمسة منها زحل وعطارد والمشتري والمريخ والزهرة قاله علي رضي الله تعالى عنه خصّها بالذكر لاستقبالها الشمس أو لقطعها المجرة ، أو بقر الوحش أو الظباء .
الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16)
{ الجواري } في سيرها { الْكُنَّسِ } الغيب مأخوذ من كناس الوحش الذي يختفي فيه أو بقر الوحش لاختفائها في كناسها ، أو الظباء .
وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17)
{ عَسْعَسَ } أظلم أو ولى « ع » أو أقبل ، والعس : الامتلاء ومنه القدح الكبير عس لامتلائه بما فيه فأطلق على إقبال الليل لابتداء امتلائه وعلى ظلامه لاستكمال امتلائه .
وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)
{ وَالصُّبْحِ } طلوع الفجر أو طلوع الشمس قاله الضحاك { تَنَفَّسَ } بان إقباله أو زاد ضوءه .
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19)
{ رَسُولٍ كَرِيمٍ } جبريل عليه السلام أو النبي صلى الله عليه وسلم .
مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21)
{ مُّطَاعٍ ثَمَّ } في السماء عند الملائكة { أَمِينٍ } عند الله تعالى .
وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23)
{ وَلَقَدْ رَءَاهُ } محمد صلى الله عليه وسلم رأى ربه أو رأى جبريل عليه السلام على صورته ببصره « ع » أو بقلبه { بِالأُفُقِ } مطلع الشمس أو أقطار السماء ونواحيها وهو الأفق الشرقي أو الغربي أو نحو أجياد وهو مشرق مكة « { الْمُبِينِ } صفة للأفق أو لمن رآه » .
وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24)
{ الْغَيْبِ } القرآن { بظنين } بمتهم أن يأتي بما لم ينزل عليه « ع » أو بضعيف عن تأديته { بِضَنِينٍ } ببخيل أن يُعلِّم ما علم أو بمتهم . أن يؤدي ما لم يؤمر به .
فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)
{ تَذْهَبُونَ } إلى أين تعدلون عن كتاب الله تعالى وطاعته أو فأي طريق أهدى من الله تعالى .
وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)
{ وَمَا تَشَآءُونَ } الاستقامة على الحق { إِلآ أَن يَشَآءَ اللَّهُ } تعالى لكم وما تشاءون الهداية إلا أن يشاء الله تعالى إلى توفيقكم أو ما تشاءون التذكر بآية من القرآن إلاّ أن يشاء الله تعالى إنزالها عليكم ، لما نزلت { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ } قال أبو جهل ذاك إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم فنزلت { وَمَا تَشَآءُونَ } الآية .
إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1)
{ انفَطَرَتْ } انشقت أو سقطت .
وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2)
{ انتَثَرَتْ } سقطت سوداء لا ضوء لها .
وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3)
{ فُجِّرَتْ } يبست أو خرقت فصارت بحراً واحداً وكانت سبعة أبحر أو فجّر عذبها في مالحها ومالحها في عذبها .
وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)
{ بُعْثِرَتْ } بحثت وثورت « ع » قال الفراء فيخرج ما في بطنها من ذهب وفضة وذلك من أشراط الساعة ثم يخرج الموتى أو حركت للبعث أو بعث من فيها من الأموات .
عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5)
{ مَّا قَدَّمَتْ } من طاعة { وَأَخَّرَتْ } من حق الله تعالى « ع » أو ما عملت وما تركت أو ما قدّمت من الصدقات وما أخّرت من الميراث .
يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)
{ الإِنسَانُ } كل كافر أو أُبي بن خلف أو الأشد بن كلدة بن أسد الجمحي « ع » غره الشيطان أو جهله وحمقه قاله عمر رضي الله تعالى عنه . { الْكَرِيمِ } الذي يتجاوز ويصفح .
فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)
{ فِى أَىِّ صُورَةٍ } شبه أب أو أم أو خال أو عم أو من حسن أو قبح أو طول أو قصر أو ذكر أو أنثى أو فيما شاء صور الخلق { رَكَّبَكَ } حتى صرت على صورتك التي أنت عليها لا يشبهك شيء من الحيوان .
كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9)
{ بِالدِّينِ } الإسلام أو الحساب والجزاء أو العدل والقضاء .
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10)
{ لَحَافِظِينَ } ملائكة ، يحفظ كل إنسان ملكان ، عن يمينه كاتب الحسنات والآخر عن يساره يكتب السيئات .
كِرَامًا كَاتِبِينَ (11)
{ كِرَاماً } على الله تعالى أو الإيمان أو لأنهما لا يفارقان ابن آدم إلا عند الغائط والجماع يعرضان عنه ويكتبان ما تكلم به .
إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)
{ نَعِيمٍ } الجنة ، { جَحِيمٍ } النار .
وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16)
{ وَمَا هُمْ } عن القيامة أو النار { بِغَآئِبِينَ } .
وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17)
{ وَمَآ أَدْرَاكَ } كرّر ذلك تعظيماً لشأنه أو الأول خطاب للفجار ترهيباً والثاني خطاب للأبرار ترغيباً .
يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)
{ لا تَمْلِكُ } مخلوق لمخلوق نفعاً ولا ضراً { وَالأَمْرُ } والأمر في الثواب والعقاب أو العفو والانتقام لله تعالى .
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)
{ وَيْلٌ } وادٍ في جهنم أو النار أو صديد أهلها أو الهلاك أو أشق العذاب أو النداء بالخسار والهلاك أو أصله وي لفلان أي الحرب لفلان ثم كثر استعمال الحرفين فوصلا بلام الإضافة ، والتطفيف : التقليل فالمطفف مقلل بحق صاحبه بنقصانه في كيل أو وزن أو أخذ من طف الشيء وهي جهته .
يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)
{ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ } مقدار ثلاثمائة سنة بين يديه قياماً لفصل القضاء أو يقومون من قبورهم أو جبريل يقوم لرب العالمين .
كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)
{ كَلآ } حقاً أو موضوع للزجر والتنبيه { سِجِّينٌ } سفال أو خسار أو تحت الأرض السابعة أو الأرض السابعة وسجين السماء : الدنيا قاله ابن أسلم أو صخرة في الأرض السابعة يجعل كتابهم تحتها أو جُب في جهنم مفتوح والفلق جب فيها مغطى مأثور أو تحت إبليس أو حجر أسود تحت الأرض يكتب فيه أرواح الكفار أو الشديد أو السِّجين فعيل من سجنته وفيه مبالغة .
كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9)
{ مَّرْقُومٌ } مكتوب أو مختوم أو رقم أو رقم لهم بِشرِّ لا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد .
كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)
{ رَانَ } طبع أو غلب أو ورود الذنب على الذنب حتى يعمى القلب « ح » أو الصدأ يغشى القلب كالغيم الرقيق .
كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18)
{ عِلِّيِّينَ } الجنة أو السماء السابعة فيها أرواح المؤمنين أو قائمة العرش اليمنى أو في علو وصعود إلى الله تعالى « ح » أو سدرة المنتهى .
تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)
{ نَضْرَةَ النَّعِيمِ } الطراوة والغضارة أو البياض أو عين في الجنة يتوضؤون منها ويغتسلون فتجري عليهم نضرة النعيم قاله علي رضي الله تعالى عنه .
يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25)
{ رَّحِيقٍ } عين في الجنة مشوب بالمسك « ح » أو شراب أبيض يختمون به شرابهم أو الخمر في قول الجمهور وهي الخمر الصافية أو أقصى الخمر وأجودها قاله الخليل أو الخالصة من الغش أو العتيقة { مَّخْتُومٍ } ممزوج أو ختم إناؤه بختم .
خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)
{ خِتَامُهُ مِسْكٌ } مزاجه أو عاقبته يمزج بالكافور ويختم بالمسك أو طعمه وريحه مسك أو طينه مسك أو ختمه الذي يختم به إناءه مسك { فَلْيَتَنَافَسِ } فليعمل أو فليبادر « ع » أخذ التنافس من الشيء النفيس أو من الرغبة فيما تميل إليه النفوس .
وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27)
{ تَسْنِيمٍ } الماء أو عين يشربها المقربون صرفاً وتمزج لأصحاب اليمين أو عين في جنة عدن وهي دار الرحمن وأهل عدن جيرانه أو خفايا أخفاها الله تعالى لأهل الجنة لا يعرف لها مثال « ح » فأصل التسنيم في اللغة أنها عين تجري من علو إلى سفل سنام البعير : لعلوه من بدنه ومنه تسنيم القبور .
وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31)
{ فاكهين } معجبين « ع » أو فرحين أو لاهين أو ناعمين .
هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)
{ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ } هذا سؤال المؤمنين عن الكفار حين فارقوهم أثيبوا على كفرهم أو جوزوا على ما كانوا يفعلون .
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2)
{ وَأَذِنَتْ } سمعت { وَحُقَّتْ } أطاعته أو حق لها أن تفعل ذلك .
وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3)
{ مُدَّتْ } كان البيت قبل الأرض بألفي عام فمدت الأرض من تحته أو أرض القيامة وهو أشبه بالسياق تبسط فيمدها الله تعالى مد الأديم أو سويت بدك الجبال ونسف البحار .
وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4)
{ وَأَلْقَتْ } ما في بطنها من الموتى وتخلت ممن على ظهرها من الأحياء أو ألقت كنوزها ومعادنها وتخلت من جبالها وبحارها .
يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)
{ كَادِحٌ } ساعٍ إلى ربك حتى تلاقيه أو عامل لربك عملاً تلقاه به من خير أو شر « ع » .
فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)
{ يَسِيراً } يجازي على الحسنات ويتجاوز له عن السيئات أو يعرف عمله ثم يتجاوز عنه مأثور أو العرض مأثور أيضاً قال الرسول صلى الله عليه سلم : « يعرض الناس ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما الثالثة فتطير الكتب في الأيدي فبين آخذٍ كتابه بيمينه وبين آخذٍ كتابه بشماله » .
وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9)
{ إِلَى أَهْلِهِ } الذين أعدهم الله تعالى له في الجنة .
إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14)
{ يَحُورَ } يرجع مبعوثاً حياً .
فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16)
{ بِالشَّفَقِ } شفق الليل الأحمر « ع » أو الشمس أو ما بقي من النهار أو النهار كله .
وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17)
{ وَسَقَ } جمع أو جن وستر « ع » أو سائق لأن ظلمة الليل تسوق كل شيء إلى مأواه أو ما عمل فيه .
وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18)
{ اتَّسَقَ } استوى « ع » اتسق الأمر انتظم واستوى وليلة أربعة عشر هي ليلة السواء أو استدار أو اجتمع .
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)
{ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً } سماء بعد سماء أو حالاً بعد حال فطيماً بعد رضيع وشيخاً بعد شاب أو أمراً بعد أمر رخاء بعد شدّة وشدّة بعد رخاء وغنىً بعد فقر وفقراً بعد غنى وصحة بعد سقم وسقماً بعد صحة « ح » أو منزلة بعد منزلة يرتفع في الآخرة قوم كانوا متضعين في الدنيا ويتضع فيها قوم كانوا مرتفعين في الدنيا أو عملاً بعد عمل أو الآخرة بعد الأولى أو شدّة بعد شدّة حياة ثم موت ثم بعث ثم جزاء في كل حال من هذه الأحوال شدّة .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23)
{ يُوعُونَ } يسرون في قلوبهم أو يكتمون من أفعالهم أو يجمعون من سيئاتهم من الوعاء الذي يجمع ما فيه .
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)
{ مَمْنُونٍ } محسوب أو منقوص أو مقطوع أو مكدر بالمن والأذى .
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)
{ الْبُرُوجِ } النجوم أو القصور « ع » أو الخلق الحسن أو المنازل اثنا عشر برجاً منازل الشمس والقمر .
وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2)
{ الْمَوْعُودِ } يوم القيامة وعدوا فيه بالجزاء .
وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3)
{ وَشَاهِدٍ } يوم الجمعة { وَمَشْهُودٍ } يوم عرفة مأثور . أو الشاهد يوم النحر والمشهود يوم عرفة أو الشاهد الملائكة والمشهود الإنسان أو المشهود يوم القيامة والشاهد الله تعالى أو آدم أو عيسيى بن مريم أو محمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين وسلم تسليماً كثيراً ألى يوم الدين أو الإنسان « ع » .
قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)
{ قُتِلَ } جواب القسم أو { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ } { الأُخْدُودِ } الشق العظيم في الأرض وجمعه أخاديد ، وهي حفائر شقت في الأرض وأوقد فيها النار وأُلقي فيها مؤمنون امتنعوا من الكفر كانوا حبشة أو نبطاً أو من بني إسرائيل أو من أهل نجران أو من أهل اليمن أو دانيال وأصحابه أو نصارى بالقسطنطينية أو نصارى باليمن قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة وكانوا نيفاً وثمانين رجلاً حرقهم في الأخدود يوسف بن شراحيل بن تبع الحميري وقيل الأخاديد ثلاثة خذ بالشام وخد بالعراق وخد باليمن فقوله { قُتِلَ } أي أُهلك المؤمنون أو لُعن الكافرون الفاعلون ، قيل صعدت النار إليهم وهم شهود عليها فأحرقتهم فذلك قوله { وَلَهُمْ عَذَابُ الحريق } [ البروج : 10 ] .
وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7)
{ شُهُودٌ } على الأخدود أو شهود على المؤمنين بالضلال .
إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13)
{ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ } يحيي ويميت أو يميت ويحيي أو يخلق ثم يبعث أو يبدىء العذاب ويعيده « ع » .
وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14)
{ الْغَفُورُ } الساتر للعيوب أو العافي عن الذنوب . { الْوَدُودُ } المحب أو الرحيم أو الذي لا ولد له .
ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15)
{ الْمَجِيدُ } الكريم أو العالي .
فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)
{ مَّحْفُوظٍ } عند الله تعالى وبالرفع القرآن محفوظ من الشياطين أو من التغيير والتبديل وقيل اللوح شيء يلوح للملائكة فيقرؤونه .
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1)
{ الطَّارِقُ } سمي النجم طارقاً لاختصاصه بالليل وكل قاصد في الليل طارق وأصل الطرق الدق ومنه المطرقة وقاصد الليل طارق لاحتياجه في وصوله إلى الدق .
النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)
{ الثَّاقِبُ } المضيء « ع » أو المتوهج أو المنقض أو المرتفع على النجوم كلها أو الثاقب للشياطين إذا رموا به أو الثاقب في سيره ومجراه وهو الثريا أو زُحل قاله علي رضي الله تعالى عنه .
إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)
{ لَّماَّ } بمعنى « إلا » أو « ما » زائدة تقديره لعليها { حَافِظٌ } من الله تعالى يحفظ رزقه وأجله أو ملائكة يكتبون عمله .
يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)
{ الصُّلْبِ } صلب الرجل وترائبه « ح » أو صبله وترائب النساء و { وَالتَّرَآئِبِ } الصدر أو ما بين المنكبين إلى الصدر أو موضع القلادة « ع » أو أربعة أضلاع من الجانب الأسفل أو أربعة من يمنه الصدر وأربعة من يسرته حكاه الزجاج أو بين اليدين والرجلين والعينين أو عصارة القلب .
إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)
{ رَجْعِهِ } رد المني إلى الإحليل أو إلى الصلب أو رد الإنسان من الكبر إلى الشباب ومن الشباب إلى الصبا ومن الصبا إلى النطفة أو بعثه في الآخرة أو حبس الماء في الإحليل فلا يخرج .
يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9)
{ تُبْلَى } تظهر { السَّرَآئِرُ } كل ما أسر من خير أو شر أو إيمان أو كفر أو الصلاة والصوم وغسل الجنابة وهي أمانة الله تعالى على ابن آدم .
فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10)
{ قُوَّةٍ } عشيرة ، والناصر : الحليف أو قوّة في بدنه { وَلا نَاصِرٍ } من غيره يمنعه من عذاب الله تعالى ولا ينصره عليه .
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11)
{ الرَّجْعِ } المطر لرجوعه كل عام « ع » أو السحاب لرجوعه بالمطر أو الرجوع إلى ما كانت عليه أو النجوم الراجعة .
وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12)
{ الصَّدْعِ } النبات لانصداعها عنه « ع » أو الأودية لانصداعها بها أو الطرق التي تصدعها بها أو الطرق التي تصدعها المشاة أو الحرث لأنه يصدعها .
إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13)
{ إِنَّهُ لَقَوْلٌ } وعده برجع الإنسان وابتلاء سرائره وفقده القوّة والناصر { فَصْلٌ } أي حد أو عدل أو أراد القرآن فصل حق « ح » أو فصل ليس بالهزل .
وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14)
{ بِالْهَزْلِ } اللعب أو الباطل أو الكذب .
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15)
{ يَكِيدُونَ } يمكرون بالرسول صلى الله عليه وسلم في دار الندوة ليثبتوه أو ليقتلوه .
وَأَكِيدُ كَيْدًا (16)
{ وَأَكِيدُ } في الآخرة بالنار وفي الدنيا بالسيف .
فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)
{ رُوَيْدَاً } قريباً « ع » أو انتظاراً أو قليلاً فقتلوا ببدر ، مهل وأمهل واحد أو مهل كف عنهم وأمهل انتظر عذابهم .
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)
{ سَبِّحِ اسْمَ } عظم ربك « ع » أراد المسمى أو نزه اسمه أن يسمى به غيره أو ارفع صوتك بذكره أو صلِّ باسم ربك بأمره أو افتتح الصلاة بذكره أو اذكره بقلبك في نيتك للصلاة .
الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2)
{ خَلَقَ } آدم { فَسَوَّى } خلقه .
وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3)
{ قَدَّرَ } الشقاء والسعادة وهدى الرشد والضلالة أو قدر الأرزاق والأقوات وهدى الإنس للمعاش والبهائم للرعي أو قدر الذكور والإناث وهدى الذكر لإتيان الأنثى .
فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5)
{ غُثَآءً } ما يبس من النبات فصار هشيماً تذروه الرياح والأحوى الأسود أو الغثاء ما احتمله السيل من النبات والأحوى المتغير أو تقديره أحوى فصار غثاء والأحوى ألوان النبات الحي من أخضر وأحمر وأصفر وأبيض يعبر عن جميعه بالسواد وبه سمي سواد العراق والغثاء النبت اليابس وهذا مثل ضرب لذهاب الدنيا بعد نضارتها .
سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)
{ فَلا تَنسَى } لا تترك العمل .
إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7)
{ إِلا مَا شَآءَ اللَّهُ } تعالى أن يرخص في تركه فيكون نهياً أو أخبره ألا ينسى من القرآن إلا ما شاء الله تعالى أن ينسخه فينساه أو يؤخر إنزاله فلا يقرؤه ، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : كان إذا نزل جبريل عليه السلام بالوحي يقرؤه خِيفة أن ينساه فنزلت . { الْجَهْرَ } ما حفظته من القرآن { وَمَا يَخْفَى } ما نسخ من حفظك أو الجهر ما عمله وما يخفى ما سيعمله « ع » أو ما أظهره وما ستره أو ما أسرَّه في يومه وما سيسره بعد يومه .
وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8)
{ لِلْيُسْرَى } للخير أو الجنة أو الدين اليسر .
فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9)
{ فَذَكِّرْ } بالقرآن أو بالله تعالى { إِن نَّفَعَتِ } إنْ قبلت أو ما نفعت فلا تكون « إنْ » شرطاً لأنها نافعة بكل حال .
الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12)
{ الْكُبْرَى } نار جهنم والصغرى نار الدنيا أو الكبرى الطبقة السفلى من جهنم وهي نار الكفار والصغرى نار الدنيا في الطبقة العليا .
ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (13)
{ لا يَمُوتُ } ولا يجد روح الحياة أو لا يستريح بالموت ولا ينتفع بالحياة .
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)
{ تَزَكَّى } تطهر من الشرك بالإيمان « ع » أو كان عمله زاكياً نامياً أو زكاة الفطر أو زكوات الأموال كلها .
وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)
{ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ } بالتوحيد أو الدعاء والرغبة أو الاستغفار والتوبة أو بذكره بقلبه في صلاة خشوعاً له رجاءً وخوفاً أو يذكره بلسانه عند إحرامه بالصلاة فإنها لا تنعقد إلاّ بذكره أو يفتتح كل سورة بالبسلمة . { فَصَلَّى } الخمس « ع » أو العيد أو يتطوع بصلاة بعد زكاة .
بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16)
{ تُؤْثِرُونَ } أيها الكفار الحياة الدنيا على الآخرة أو أيها المؤمنون تكثرون من الدنيا ولا تكثرون من الثواب .
وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)
{ خَيْرٌ } للمؤمن من الدنيا { وأبْقَى } للجزاء أو خير في الخير وأبقى في البقاء .
إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18)
{ إِنَّ هَذَا } القرآن لفي الصحف « ح » أو ما قصه في هذه السورة أو أنّ الآخرة خير وأبقى .
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)
{ هَلْ } قد أو بمعنى الاستفهام معناه إن لم يكن أتاك فقد أتاك { الْغَاشِيَةِ } القيامة تغشى الناس بالأهوال « ع » أو النار تغشى وجوه الكفار .
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2)
{ وُجُوهٌ } عامة في الكفار أو خاصة باليهود والنصارى { يَؤمَئِذٍ } يوم القيامة أو في النار { خَاشِعَةٌ } ذليلة بالمعاصي أو تخشع من العذاب فلا ينفعها .
عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3)
{ عَامِلَةٌ } في الدنيا بالمعاصي أو عاملة في النار بالانتقال من عذاب إلى عذاب { نَّاصِبَةٌ } في المعاصي أو في النار .
تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4)
{ حَامِيَةً } تحمى من ارتكاب المعاصي أو تحمي نفسها أن تطاق وأن ترام أو تحمى غضباً وغيظاً للانتقام منهم ، حمى فلان إذا غضب أو دائمة الحمى لا تنقطع ولا تنطفىء بخلاف نار الدنيا .
تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5)
{ ءَانِيَةٍ } حاضرة أو بلغت أناها وحان شربها وأنى حرها فانتهى « ع » .
لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6)
{ ضَرِيعٍ } شجرة كثيرة الشوك تسميها قريش الشِّبْرقِ « ع » فإذا يبس في الصيف فهو الضريع أو السلي أو الحجارة أو النوى المحرق أو ضريع بمعنى مضروع يضرعون عنده طلباً للخلاص منه .
فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10)
{ عَالِيَةٍ } لأنها أعلى من النار أو هم في أعاليها وغرفها ليلتذوا بالارتفاع أو ليشاهدوا ما فيها من النعيم .
لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11)
{ لاغِيَةً } كلمة لغو كذب « ع » أو إثم أو شتم أو باطل أو معصية أو حلف يمين برة ولا فاجرة أو ليس في كلامهم كلمة تلغى لأنهم لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمد الله تعالى .
فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13)
{ مَّرْفُوعَةٍ } بعضها فوق بعض أو في أنفسهم لجلالتها وحبهم لها أو مرفوعة المكان ليلتذوا بارتفاعها أو ليشاهدوا ملكهم ونعيمهم .
وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14)
{ مَّوْضُوعَةٌ } بين أيديهم ليلتذوا بالنظر إليها لأنها ذهب وفضة أو مستعملة على الدوام لاستدامة شربهم .
وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15)
{ وَنَمَارِقُ } الوسائد والمرافق .
وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)
{ وَزَرَابِىُّ } البسط الفاخرة أو الطنافس المخملة { مَبْثُوثَةٌ } مبسوطة أو بعضها فوق بعض أو كثيرة أو متفرقة .
أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17)
{ أَفَلا يَنظُرُونَ } ذكر هذه الآيات ليستدلوا على قدرته على البعث وعلى وحدانيته أو لما نعت ما في الجنة عجب منه الضالون فذكر لهم عجائب صنعه ليزول تعجبهم . { الإِبِلِ } السحاب والأظهر أنها من النَّعَم وخصها لأن ضروب الحيوان أربعة حلوبة وركوبة وأكولة وحمولة وقد جمعت الإبل هذه الخلال الأربع فكان الإنعام بها أعم وظهور القدرة فيها أتمّ .
فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21)
{ فَذَكِّرْ } بالنعم أو عِظْ .
لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22)
{ بمسيطر } بمسلط أو بجبار أو برب تكرههم على الإيمان .
إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23)
{ إِلا مَن تَوَلَّى } فلست له بمذكر أو فَكِلْه إلى الله تعالى ثم أُمِر بالسيف « ح » . تولى عن الحق وكفر النعمة أو تولى عن الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر بالله عزّ وجلّ .
وَالْفَجْرِ (1)
{ وَالْفَجْرِ } انفجار الصبح من أفق المشرق ، وعبر به عن النهار كله لانه أوله « ع » أو أراد بدو النهار من كل يوم أو صلاة الصبح « ع » أو فجر يوم النحر خاصة .
وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)
{ وَلَيَالٍ عَشْرٍ } عشر ذي الحجة « ع » . مأثور أو عشر أول المحرم أو العشر الأواخر من شهر رمضان أو العشر التي أتمّها الله تعالى لموسى .
وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)
{ وَالشَّفْعِ } الصلاة منها شفع ومنها وتر مأثور أو صلاة المغرب شفعها ركعتان ووترها الثالثة أو الشفع يوم النحر { وَالْوَتْرِ } يوم عرفة مأثور ، أو الشفع يوما منى والوتر ثالثهما أو الشفع عشر ذي الحجة والتوتر أيام التشريق أو الشفع الخلق الأرض والسماء والحيوان والنبات لكل شيء منه مثل ، والوتر الله لأنه لا مثيل له ، أو الخلق كله شفع ووتر أو الشفع آدم وحواء لأنه كان وتراً فشفع بها فصار شفعاً بعد وتر أو العدد لأن جمعيه شفع ووتر .
وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)
{ وَالَّيْلِ } ليلة القدر لسراية الرحمة فيها أو ليلة مزدلفة أو جنس الليالي { يسري } أظلم أو سار لأنه يسير بمسير الشمس والفلك فينتقل من أفق إلى أفق إذا سرى فيه أهله .
هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5)
{ حِجْرٍ } عقل « ع » أو حلم أو دين أو ستر أو علم .
إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7)
{ إِرَمَ } هي الأرض أو دمشق أو الإسكندرية أو أمة من الأمم أو قبيلة من عاد أو إرم جد عاد أو أبوه فهو عاد بن إرم بن عَوْص بن سام بن نوح أو إرم القديمة أو الهالك ، أرم بنو فلان : هلكوا أو رمهم الله تعالى فجعلهم رميماً فلذلك سماهم إرم . { الْعِمَادِ } الطول « ع » رجل معمد إذا كان طويلاً قال قتادة كان طول أحدهم اثني عشر ذراعاً أو لأنهم كانوا أهل خيام وأعمدة ينتجعون الغيوث أو القوّة والشدّة أخذاً من قوّة الأعمدة أو البناء المحكم بالأعمدة .
الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)
{ لَمْ يُخْلَقْ } مثل مدينتهم ذات العماد أو مثل عاد لطولهم وشدتهم .
وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9)
{ جَابُواْ } قطعوا الصخر ونقبوه بيوتاً أو طافوا لأخذ الصخر { بالوادي } وادي القرى .
وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10)
{ الأَوْتَادِ } الجنود سمي بذلك لكثرة جنوده « ع » أو كان يعذب الناس بأوتاد قيدها في أيديهم وأرجلهم وبذلك قتل زوجته آسية أو البنيان لكثرة بنيانه أو كانت له مظال وملاعب على أوتاد وحبال يلعب له تحتها .
فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13)
{ سَوْطَ عَذَابٍ } قسط عذاب كالعذاب بالسوط أو خلط عذاب لأنه أنواع أو وجيع من العذاب أو كل ما عذب الله تعالى به فهو سوط عذاب قال قتادة : فكان سوط عذاب هو الغرق .
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)
{ لَبِالْمِرْصَادِ } بالطريق أو الإنتظار .
وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19)
{ التُّرَاثَ } الميراث { لَّمّاً } شديداً أو جمعاً لممت الطعام أكلته جميعاً أو نسفَهُ نَسْفاً أو إذا أكل مال نفسه ألَمَّ بمال غيره فأكله ولا يبالي حلالاً كان أو حراماً .
وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)
{ جَمّاً } كثيراً أو فاحشاً تجمعون حلاله إلى حرامه « ح » .
وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)
{ يَتَذَكَّرُ } يتوب وكيف له بالتوبة لأنها لا تنفع في القيامة أو يتذكر ما عمل في الدنيا وقدم للآخرة . { وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى } في الآخرة وإنما تنفع في الدنيا .
يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)
{ قَدَّمْتُ } من دنياي لحياتي في الآخرة أو من حياتي في الدنيا لبقائي في الآخرة .
فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25)
{ لا يُعَذِّبُ } بالفتح عذاب الكافر { أَحَدٌ } { لا يُعَذِّبُ } عذابَ الله تعالى غيرُ الله { أحدٌ } « ع » .
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)
{ الْمُطْمَئِنَّةُ } المؤمنة ، « ع » أو المخبتة أو الموفية بوعد الله تعالى أو الآمنة أو الراضية أو إذا أراد الله تعالى قبض المؤمن اطمأنت نفسه إلى الله تعالى واطمأن الله تعالى إليها « ح » .
ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28)
{ ارْجِعِى إِلَى رَبِّكِ } عند الموت في الدنيا أو إلى جسدك عند البعث في القيامة « ع » { رَاضِيَةً } عن الله تعالى وهو عنها راضٍ أو راضية بثوابه وهو راضٍ بعملها .
فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29)
{ فِى عِبَادِى } في عبدي أو طاعتي أو مع عبادي .
وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)
{ جَنَّتِى } رحمتي أو جنة الخلد عند الجمهور قيل نزلت في أبي بكر أو في عثمان رضي الله تعالى عنهما لما وقف بئر رومة أو في حمزة بن عبدالمطلب أو عامة في كل مؤمن .
لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)
{ لآ أُقْسِمُ } معناه أقسم على الأصح { الْبَلَدِ } مكة أو الحرم كله .
وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2)
{ حِلٌّ } لك ما صنعته { بِهَذَا الْبَلَدِ } من قتل وغيره « ع » أو محل غير محرم من دخولك عام الفتخح « ح » أو يستحل المشركون حرمتك وحرمة من اتبعك توبيخاً لهم .
وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3)
{ وَوَالِدٍ } آدم وما ولد أو إبراهيم وما ولد أو الوالد الذي يلد { وَمَا وَلَدَ } العاقر الذي لا يلد « ع » أو الوالد العاقر وما ولد التي تلد .
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4)
{ كَبَدٍ } انتصاب في بطن أمه وبعد ولادته ولم يخلق غيره من الحيوان منتصباً « ع » أو اعتدال بما بَيَّنه من بعده من قوله { أَلَمْ نَجْعَل } أو من نطفة ثم علقة ثم مضغة يتكبد في الخلق من تكبد الدم وهو غلظه ومنه الكبد لأنها دم غليظ أو في شدة ومكابدة حملته أمه كرهاً « ورضعته به » كرهاً أو لأنه كابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة « ح » أو كابد الشكر على السّراء والصبر على الضرّاء .
{ الإِنسَانَ } عام أو الكافر لأنه يكابد شبهات « الكفر » .
أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5)
{ أَيَحْسَبُ } لا نقدر على بعثه أو يحسب أنه لا يسأل عن هذا المال من أين اكتسبه وأين أنفقه أو لا يقدر أحد على أخذ ماله « ح » .
يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6)
{ لُّبَداً } كثيراً أو مجتمعاً بعضه على بعض ومنه اللبد لاجتماعه قاله أبو الأشد بن الجمحي أو النضر بن الحارث .
أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7)
{ لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } الله تعالى أو أحدٌ من الناس فيما أنفقه حيث يكذب فيما أنفقه .
وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)
{ النَّجْدَيْنِ } سبيل الخير والشر أو الهدى والضلالة « ع » أو الشقاء والسعادة أو الثديين ليغتذي بلبنهما ، والنجد الطريق المرتفع .
فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)
{ الْعَقَبَةَ } طريق النجاة أو جبل في جهنم أو نار دون الجسر « ح » أو الصراط يضرب على جهنم صعوداً وهبوطاً أو أن يحاسب نفسه وهواه وعدوه الشيطان .
فَكُّ رَقَبَةٍ (13)
{ فَكُّ رَقَبَةٍ } معناه اقتحام العقبة فك رقبة أو فلم يقتحم العقبة إلا من فك رقبة أو أطعم ، وفكها تخليصها من الأسر أو عتقها من الرق وسمى الرقيق رقبة لأنه بالرق كالأسير المربوط في رقبته .
أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14)
{ مَسْغَبَةٍ } مجاعة .
يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15)
{ مَقْرَبَةٍ } قرابة .
أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16)
{ ذَا مَتْرَبَةٍ } مطروح على الطريق لا بيت له « ع » أو الذي لا يقيه من التراب لباس ولا غيره أو ذو العيال أو المديون أو الزَّمِن أو الذي ليس له أحد أو البعيد التربة أي الغريب « ع » .
ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)
{ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ } لا يقتحم العقبة من فك أو أطعم إلا أن يكون مؤمناً . { بِالصَّبْرِ } على طاعة الله تعالى « ح » أو فرائضه أو على ما أصابهم { بِالْمَرْحَمَةِ } بالتراحم فيما بينهم وتَرَحَّمُوا الناس .
أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)
{ الْمَيْمَنَةِ } الجنّة سُموا بذلك لأنهم أُخذوا من شق آدم الأيمن أو أُوتوا كتبهم بأيمانهم أو ميامين على أنفسهم أو منزلهم عن اليمين .
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19)
{ بِآيَاتِنَا } القرآن أو جميع دلائل الله وحججه . { الْمَشْئَمَةِ } جهنم أخذوا من شق آدم الأيسر أو أُوتوا كتبهم بشمالهم أو مشائيم على أنفسهم أو منزلهم على اليسار .
عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)
{ مُّؤْصَدَةٌ } مطبقة « ع » أو مسدودة أو حائط لا باب له .
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)
{ وَضُحَاهَا } إشراقها أو انبساطها أو حرها أو النهار .
وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2)
{ تَلاهَا } ساواها أو تبعها « ع » أول ليلة من الشهر إذا سقطت يُرى عند سقوطها أو الخامس عشر يطلع مع غروبها أو في الشهر كله يتلوها في النصف الأول وهي أمامه وفي النصف الآخر يتقدمها وهي وراءه .
وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3)
{ جَلاهَا } أظهرها لأن ظهور الشمس بالنهار أو أضاءها لأنه ضوأَها بالنهار على ظلمة الليل .
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4)
{ يَغْشَاهَا } أظلم الشمس أو سَيَّرَها .
وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5)
{ وَمَا بَنَاهَا } ومن بناها وهو الله تعالى أو وبنائها .
وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6)
{ طَحَاهَا } بسطها أو قسمها « ع » أو خلقها .
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7)
{ وَنَفْسٍ } آدم ومن سواها وهو الله تعالى أو كل نفس سوى خلقها وعدل خلقها أو سوى بينهم في الصحة وسوى بينهم في العذاب جميعاً .
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)
{ فَأَلْهَمَهَا } أعلمها أو ألزمها { فُجُورَهَا } الشقاء والسعادة أو الشر والخير « ع » أو المعصية والطاعة .
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)
{ قَدْ أَفْلَحَ } على هذا أقسم وفيها أحد عشر قسماً { مَن زَكَّاهَا } من زكى الله تعالى نفسه « ع » أو من زكى نفسه بالطاعة { زَكَّاهَا } أصلحها أو طهرها .
وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)
{ دَسَّاهَا } الله تعالى أو دسى نفسه أغواها وأضلها لأنه دسس نفسه في المعاصي أو أثمها أو خسرها أو كذبها « ع » أو أشقاها أو خيبها من الخير أو أخفاها وأخملها بالبخل .
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11)
{ بِطَغْوَاهَآ } طغيانها ومعصيتها أو بأجمعها أو بعذابها وكان اسمه الطَّغْوَى .
فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14)
{ فَدَمْدَمَ } فغضب أو فأطبق أو فدمر { فَسَوَّاهَا } سوى بينهم في الهلاك أو سوى بهم الأرض .
وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)
{ عُقْبَاهَا } لا يخاف الله تعالى عقبى إهلاكهم « ع » أو لا يخاف عاقروها عقبى عقرها « ح » .
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)
{ يَغْشَى } أظلم أو ستر أو غشى الخلائق فعمهم .
وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)
{ تَجَلَّى } أضاء أو ظهر .
وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)
{ وَمَا خَلَقَ } ومن خلق أقسم بنفسه { الذَّكَرَ وَالأُنثَى } آدم وحواء أو كل ذكر وأنثى .
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)
{ لَشَتَّى } مختلف في نفسه مؤمن وكافر وطائع وعاصٍ أو مختلف الجزاء فمعاقب ومنعَّم قيل نزلت في أبي بكر وأمية وأُبي ابني خلف لما عذبا بلالاً على إسلامه فاشتراه أبو بكر رضي الله تعالى عنه منهما ببردة وعشر أواق وعتقه لله عز وجل .
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)
{ مَنْ أَعْطَى } أبو بكر رضي الله تعالى عنه أعطى حق الله تعالى عليه أو أعطى الله تعالى الصدق من قلبه أو أعطى من فضل ماله « ع » { وَاتَّقَى } ربه أو محارمه التي نهى عنها أو اتقى البخل .
وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)
{ بِالْحُسْنَى } بلا إله إلا الله أو بوعد الله تعالى أو بثوابه أو بالجنة أو بالصلاة والزكاة والصوم أو بما أنعم الله عليه أو بالخلف من عطائه .
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)
{ لِلْيُسْرَى } للخير « ع » أو للجنة .
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)
{ مَن بَخِلَ } أمية وأُبي ابنا خلف بخل بماله الذي لا يبقى أو بحق الله تعالى { وَاسْتَغْنَى } عن ربه « ع » أو بماله .
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)
{ بالْحُسْنَى } فيها الأقوال السبعة .
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)
{ لِلْعُسْرَى } للشر من الله تعالى « ع » أو للنار .
وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)
{ تَرَدَّى } في النار أو مات .
إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12)
{ لَلْهُدَى } بيان الهدى والضلال أو بيان الحلال والحرام .
وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (13)
{ وَإِنَّ لَنَا } ملك الدنيا والآخرة أو ثوابهما .
فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14)
{ تَلَظَّى } تتغيظ أو تستطيل أو توهج .
لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15)
{ الأَشْقَى } الشقي .
الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16)
{ كَذَّبَ } كتاب الله تعالى { وَتَوَلَّى } عن طاعته أو كذب الرسول صلى الله عليه سلم وتولى عن طاعته .
وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20)
{ وَمَا لأَحَدٍ } عند الله تعالى { مِن نِّعْمَةٍ } يجازيه بها إلا أن يفعلها { ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ } فيستحق عليها الجزاء أو ما لبلال عند أبي بكر رضي الله تعالى عنه لما اشتراه وأعتقه وخلصه من العذاب نعمة سلفت جازاه بها { إِلا ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى } ثوابه وعتقه « ع » .
وَالضُّحَى (1)
[ { وَالضُّحَى } ] أول ساعة من النهار إذا ترحَّلت الشمس أو صدر النهار أو طلوع الشمس أو ضوء النهار في اليوم كله من قولهم ضحى فلان للشمس إذا ظهر لها .
وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)
{ سَجَى } أقبل أو أظلم « ع » أو استوى أو ذهب أو سكن الخلق فيه سجى البحر سكن .
مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)
{ مَا وَدَّعَكَ } رُمي الرسول صلى الله عليه وسلم بحجر في إصبعه فدميت فقال :
هل أنتِ إلا أُصبع دميتِ ... وفي سبيل الله ما لقيتِ
فمكث ليلتين أو ثلاثاً لا يقوم فقالت له امرأة : يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فنزلت ، أو أبطأ عليه جبريل عليه السلام فجزع جزعاً شديداً فقال كفار قريش : إنا نرى ربك قد قلاك مما رأى من جزعك فنزلت ، أو أبطأ الوحي فقالوا : ودع محمداً ربُّه فنزل { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ } ما قطع الوحي عندك توديعاً لك .
وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)
{ وَللأَخِرَةُ } لما عرض على الرسول صلى الله عليه وسلم ما يفتح على أمته من بعده كَفْراً بعد كَفْرٍ فَسُرَّ بذلك نزل { وَللأَخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ } .
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)
{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ } أي أجر الآخرة خير مما أعجبك في الدينا أو الذي لك عند الله أعظم مما أعطاك من كرامة الدنيا .
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6)
{ يَتِيماً } لا مثل لك ولا نظير فآواك إلى نفسه وإختصك لرسالته ، درة يتيمة إذا لم يكن لها مثل أو يتيماً بموت أبويك فآواك بكفالة أبي طالب لأن عبد المطلب كفله بعد أبويه ثم مات عبد الملطب فكفله أبو طالب أو جعل لك مأوى لنفسك أغناك به عن كفالة عبد المطلب .
وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7)
{ ضَآلاً فَهَدَى } لا تعرف الحق فهداك إليه أو عن النبوة فهداك إليها أو عن الهجرة فهداك إليها أو في قوم ضلال فهداك لإرشادهم أو ناسياً فأذكرك كقوله { أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا } [ البقرة : 282 ] أو طالباً للقبلة فهداك إليها عبر عن الطلب بالضلال لأن الضال طالب أو وجدك متحيراً في بيان ما نزل عليك فهداك إليه عبر عن التحير بالضلال لأن الحيرة تلزم الضلال أو ضائعاً في قومك فهداك إليهم أو محباً للهداية فهداك إليها ومنه { إِنَّكَ لَفِى ضَلاَلِكَ القديم } [ يوسف : 95 ] أي محبتك .
وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)
{ عَآئِلاً } ذا عيال فكفاك أو فقيراً فمولك أو فقيراً من الحجج والبراهين فأغناك بها أو وجدك العائل الفقير فأغناه بك .
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)
{ فَلا تَقْهَرْ } لا تحقر أو لا تظلم أو لا تستذل أو لا تمنعه حقه الذي في يدك أو كن لليتيم كالرب الرحيم .
وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)
{ السَّآئِلَ } للبر إذا رددته فرده برفق ولين أو السائل عن الدين لا تغلظ عليه وأجبه برفق ولين .
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)
{ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ } النبوة فادع أو القرآن فبلغ أو ما أصاب من خير أو شر فحدث به الثقة من إخوانك « ح » أو حدث به نفسك ندب إلى ذلك ليكون ذكرها شكراً .
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)
{ أَلَمْ } استفهام تقرير { نَشْرحْ لَكَ صَدْرَكَ } بإزالة همك حتى خلا لما أمرت به أو نُوسعه لما حملته فلا يضيق عنه ، وتشريح اللحم تفتيحه لتفريقه ، شرحه بالإسلام أو بأن ملأه حكمة وعلماً « ح » أو بالصبر والاحتمال .
وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2)
و { وِزْرَكَ } غفرنا لك ذنبك أو حططنا عنك ثقلك أو حفظناك في الأربعين من الأدناس حتى نزل عليك جبريل عليه السلام وأنت مطهر منها .
الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3)
{ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } كما ينقض البعير من الحمل الثقيل فيصير نقضاً . أثقل ظهره بالذنوب حتى غفرها أو بالرسالة حتى بلغها أو بالنعم حتى شكرها .
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)
{ وَرَفَعْنَا } ذكرك بالنبوة أو في الآخرة كما رفعناه في الدنيا أو تذكر معي إذا ذكرت قال الرسول صلى الله عليه وسلم : « أتاني جبريل عليه السلام فقال : إن الله تعالى يقول أتدري كيف رفعت ذكرك قال الله تعالى أعلم قال إذا ذُكِرتُ ذُكرتَ معي » قال قتادة ورفع ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله .
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5)
{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } مع اجتهاد الدنيا جزاء إلا الجنة « ح » أو مع الشدة رخاء ومع الضيق سعة ومع الشقاوة سعادة ومع الحزونة سهولة وكرره تأكيداً ومبالغة أو العسر واحد واليسر اثنان لدخول الألف واللام على العسر وحذفهما من اليسر .
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7)
{ فَرَغْتَ } من الفرائض { فانصَبْ } في قيام الليل أو من الجهد فانصب لعبادة ربك أو من أمر دنياك فانصب في عمل آخرتك أو من صلاتك فانصب في دعائك .
وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)
{ فَارْغَب } إليه في دعائك أو معونتك أو في إخلاص نيتك .
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1)
{ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ } المأكولان أو التين دمشق والزيتون بيت المقدس أو التين الجبل الذي عليه دمشق والزيتون الجبل الذي عليه بيت المقدس أو التين مسجد دمشق والزيتون مسجد بيت المقدس أو الجبل الذي عليه التين والجبل الذي عليه الزيتون وهما جبلان : بالشام أحدهما طور تيناً والآخر طور زيتاً أو جبلان بين حلوان وهمدان حكاه ابن الأنباري أو التين مسجد أصحاب الكهف والزيتون مسجد إيلياء أو التين مسجد نوح عليه الصلاة والسلام الذين بني على الجودي والزيون مسجد بيت المقدس « ع » أو عبر بهما عن جميع النعم لأن التين طعام والزيتون إدام .
وَطُورِ سِينِينَ (2)
{ وَطُورِ } جبل بالشام أو الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه الصلاة والسلام . { سِينِينَ } الحسن بلغة الحبشة ونطقت بها العرب أو المبارك أو اسم للبحر الميت أو الشجر الذي حوله .
وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)
{ الْبَلَدِ } مكة { الأَمِينِ } الآمن أهله من القتل والسبي لأن العرب كانت تكف عنه في الجاهلية أن تسبي فيه أحداً أو تسفك دماً أو المأمون على ما أودعه الله تعالى معالم دينه .
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)
{ الإِنسَانَ } عام أو كلدة بن أسيد « ع » أو أبو جهل أو الوليد بن المغيرة أو عتبة وشيبة أو الرسول صلى الله عليه وسلم . { أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } أعدل خلق « ع » أو أحسن صورة أو شباب وقوة أو منتصب القامة وسائر الحيوان منكب .
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)
{ أَسْفَلَ سَافِلينَ } الهرم بعد الشباب والضعف بعد القوة أو النار يعني الكافر في الدرك الأسفل .
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)
{ مَمْنُونٍ } منقوص أو محسوب أو مكدر بالمن والأذى « ح » أو مقطوع أو أجر بغير عمل لأن من بلغ الهرم كتب له أجر ما عجز عنه من العمل الصالح أو لا يضره ما عمل في كبره .
فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)
{ فَمَا يُكَذِّبُكَ } أيها الإنسان بعد هذه الحجج أو ما يكذبك أيها الرسول بعدها بالدين والدين : حكم الله تعالى « ع » أو الجزاء .
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)
{ أَلَيْسَ اللَّهُ } تقرير لمن اعترف من الكفار بالصانع . { بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } صنعاً وتدبيراً أو قضاءً بالحق وعدلاً بين الخلق وفيه محذوف وتقديره « فلم ينكرون مع هذه الحال البعث والجزاء » .
وكان علي رضي الله تعالى عنه إذا قرأها يقول بلى وأنا على ذلك من الشاهدين .
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)
{ بِاسْمِ رَبِّكَ } لما كانوا يعبدون آلهة لا تخلق ميز ربه عنهم بقوله { الَّذِى خَلَقَ } .
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)
{ خَلَقَ الإِنسَانَ } جنس { عَلَقٍ } جمع علقة وهي قطعة دم رطب سميت بذلك لأنها تعلق لرطوبتها بما تمر عليه فإذا جفت لم تكن علقة .
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)
{ عَلَّمَ بِالْقَلَمِ } عام في كل كاتب أو أراد آدم عليه الصلاة والسلام لأنه أول من كتب أو إدريس وهو أول من كتب ، والقلم : لأنه يقلم كالظفر أي يقطع .
عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)
{ مَا لَمْ يَعْلَمْ } الخط بالقلم أو كل صنعة .
كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6)
{ كَلآ } رد وتكذيب أو بمعنى « أَلاَ » { لَيَطْغَى } ليعصي أو ليبطر أو ليتجاوز قدره أو ليرتفع من منزلة إلى منزلة .
أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)
{ اسْتَغْنَى } بماله أو عن ربه « ع » نزلت في أبي جهل .
إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)
{ الرُّجْعَى } المنتهى أو المرجع في القيامة .
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9)
{ أَرَءَيْتَ الَّذِى يَنْهَى } نزلت في أبي جهل حلف لئن رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي ليطأن رقبته وليعفرن وجهه في التراب فجاءه وهو يصلي ليطأ رقبته فأراه الله تعالى بينه وبينه خندقاً من نار وهواء وأجنحة فنكص وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : « لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً وكان في صلاة الظهر » .
أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11)
{ أَرَءَيْتَ إِن كَانَ } الرسول صلى الله عليه وسلم مهتدياً في نفسه وأمر بطاعة ربه أو إن كان أبو جهل مهتدياً ألم يكن خيراً منه؟
أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13)
{ كَذَّبَ } بالله تعالى { وَتَوَلَّى } عن طاعته أو بالقرآن وتولى عن الإيمان .
أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)
{ أَلَمْ يَعْلَم } الرسول صلى الله عليه وسلم أو أبو جهل . { بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } عمله ويسمع قوله أو يراك في صلاتك حتى نهاك أبو جهل عنها .
كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15)
{ لَنَسْفَعاً } لنأخذن بناصيته وهو عند العرب أبلغ شيء في الإذلال والهوان أو أراد تسويد وجهه وتشويه خلقه والسفعة السواد من سفعته النار والشمس إذا غيرت وجهه وشوهته والناصية : شعر مقدم الرأس وقد يعبرون بها عن جملة الإنسان كقولهم ناصية مباركة .
نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)
{ كَاذِبَةٍ } في قولها { خَاطِئَةٍ } في فعلها .
فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)
{ نَادِيَهُ } أهل ناديه والنادي : مجلس أهل الندى والجود .
سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)
{ الزَّبَانِيَةَ } خزنة جهنم وهم أعظم الملائكة خلقاً وأشدهم بطشاً ويطلق الزبانية على من اشتد بطشه .
كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)
{ وَاسْجُدْ } يا محمد { وَاقْتَرِب } إلى الله تعالى أقرب ما يكون في سجوده أو أسجد يا محمد واقترب يا أبا جهل من النار قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما نزلت في أبي جهل أربع وثمانون آية وفي الوليد مائة وأربع آيات وفي النظر بن الحارث اثنتان وثلاثون آية وهذه أول سورة نزلت عند الأكثرين وقد ذكر نزول جميع السور .
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)
{ أَنزَلْنَاهُ } جبريل عليه السلام أو القرآن نزل { فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ } في شهر رمضان في ليلة مباركة من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكاتبين في السماء الدنيا فنجمته السفرة على جبريل عليه السلام عشرين ليلة ونجمه جبريل عليه السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة فكان ينزل أرسالاً على مواقع النجوم في الشهر والأيام « ع » أو ابتدأ الله تعالى بإنزاله في ليلة القدر قاله الشعبي وليلة القدر في الشهر كله أو في العشر الأواخر ليلة الحادي والعشرين أو الثالث والعشرين أو السابع والعشرين « ع » أو الرابع والعشرين أو تنقل في كل عام من ليلة [ إلى ] أخرى { الْقَدْرِ } لأن الله تعالى قدر فيها [ إنزال القرآن ] أو لأنه يقدر فيها أمور السنة أو لعظم قدرها أو لعظم قدر الطاعات فيها وجزيل ثوابها .
وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)
{ وَمَآ أَدْرَاكَ } تضخيماً لشأنها وحثاً على العمل فيها قال الشعبي : يومها كليلها وليلها كيومها قال الضحاك لا يقدر الله تعالى فيها إلا السعادة والنعم ويقدر في غيرها البلايا والنقم وكان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يسميها ليلة التعظيم وليلة النصف من شعبان ليلة البراءة وليلتي العيدين ليلة الجائزة .
لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)
{ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } أو العمل فيها خير من العمل في غيرها ألف شهر أو خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر أو كان في بني إسرائيل رجل يقوم حتى يصبح ويجاهد العدو حتى يسمي فعل ذلك ألف شهر فأخبر الله تعالى أن قيامها خير من عمل ذلك الرجل ألف شهر أو كان ملك سليمان عليه الصلاة والسلام خمسمائة شهر وملك ذي القرنين خمسمائة شهر فجعلت ليلة القدر خيراً من ملكهما .
تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)
{ تَنَزَّلُ الْمَلآئِكَةُ } قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه الملائكة ليلة القدر في الأرض أكثر من عدد الحصى { وَالرُّوحُ } جبريل عليه السلام أو حفظة الملائكة أو أشراف الملائكة أو جند من جند الله تعالى من غير الملائكة « ع » { بِإِذْنِ رَبِّهِم } بأمره { مِّن كُلِّ أَمْرٍ } يقضى في تلك الليلة من رزق وأجل إلى مثلها من قابل .
سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)
{ سَلامٌ } سالمة من كل شر لا يحدث فيها حدث ولا يرسل فيها شيطان أو هي سلامة وخير وبركة أو تسلم الملائكة على المؤمنين إلى طلوع الفجر .
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1)
{ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } اليهود والنصارى ومن المشركين . { مُنفَكِّينَ } منتهين عن الكفر حتى يتبين لهم الحق أو لم يزالوا على الشك حتى يأتيهم الرسل صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أو لم يختلفوا أن الله تعالى سيبعث إليهم رسولاً حتى بُعث محمد صلى الله عليه وسلم فاختلفوا فآمن بعض وكفر آخرون أو لم يكونوا ليتركوا منفكين عن حجج الله تعالى حتى تأتيهم بينة تقوم بها الحجة عليهم . { الْبَيِّنَةُ } القرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بانت دلائل نبوته أو بيان الحق وظهور الحجج .
رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2)
{ رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ } محمد صلى الله عليه وسلم { صُحُفاً } القرآن { مُّطَهَّرَةً } من الشرك أو لحسن الثناء والذكر .
فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)
{ فِيهَا كُتُبٌ } الله تعالى المستقيمة التي جاء القرآن بتصديقها وذكرها أو فروض الله تعالى العادلة .
وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)
{ وَمَا تَفَرَّقَ } اليهود والنصارى إلا من بعد ما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم أو القرآن .
وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)
{ مُخْلِصِينَ } مقرين له بالعبادة أو ينوون بعبادتهم وجهه أو إذا قال لا إله إلا الله قال على أثرها الحمد لله { حُنَفَآءَ } متبعين أو مستقيمين أو مخلصين أو مسلمين أو حجاجاً « ع » وقال عطية إذا اجتمع الحنيف والمسلم فالحنيف الحاج وإذا انفرد الحنيف فهو المسلم وقال سعيد بن جبير ولا تسمي العرب الحنيف إلا لمن حج واختتن أو المؤمنون بالرسل كلهم . { دِينُ الْقَيِّمَةِ } الأمة المستقيمة أو القضاء القيم « ع » أو الحساب البيّن .
إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)
{ زُلْزِلَتِ } حركت الزلزلة : شدة الحركة مكرر من زل يزل { زِلْزَالَهَا } لأنها غاية زلزالها المتوقعة أو لأنها عامة في جميع الأرض بخلاف الزلازل المعهودة وفي زلزلة في الدنيا من أشراط الساعة عند الأكثر أو زلزلة يوم القيامة .
وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)
{ أَثْقَالَهَا } كنوزها عند من رآها من الأشراط أو من الموتى « ع » عند من رآها زلزلة القيامة أو ما عليها من جميع الأثقال .
وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3)
{ وَقَالَ الإِنسَانُ } المؤمن والكافر عند من رآها شرطاً أو الكافر عند الآخرين .
يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)
{ تُحَدِّثُ } يخلق الله تعالى فيها الكلام أو يقلبها حيواناً يتكلم أو يكون عنها بيان يقوم مقام الكلام { أَخْبَارَهَا } ما عمله العباد على ظهرها عند من رآها القيامة أو بما أخرجت من أثقالها عند الآخرين أو تخبر إذا قال الإنسان مالها بأن الدنيا قد انقضت وأن الآخرة قد أتت فيكون ذلك جواباً لسؤالهم .
بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)
{ أَوْحَى لَهَا } ألهمها فأطاعت أو قال لها أو أمرها والذي أوحاه إليها أن تخرج أثقالها أو تحدث أخبارها .
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6)
{ يَوْمَئِذٍ } يوم القيامة { يَصْدُرُ النَّاسُ } من بين يدي الله تعالى فرقاً مختلفين بعضهم إلى الجنة وبعضهم إلى النار أو يصيرون في الدنيا عند غلبة الأهواء فرقاً مختلفين بالكفر والإيمان والإساءة والإحسان ليروا جزاء أعمالهم يوم القيامة والشتات : التفرق والاختلاف .
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)
{ يَرَهُ } يعرفه أو يرى صحيفة عمله أو يرى جزاءه ويلقاه في الآخرة مؤمناً كان أو كافراً أو يرى المؤمن جزاء سيئاته في الدنيا وجزاء حسناته في الآخرة ويرى الكافر جزاء حسناته في الدنيا وجزاء سيئاته في الآخرة قاله طاووس قيل نزلت في ناس من أهل المدينة كانوا لا يتورعون من الصغائر كالنظرة والغمزة والغيبة واللمسة قائلين إنما أوعدنا الله تعالى على الكبائر وفي ناس استقلوا إعطاء الكسرة والتمرة والجوزة قائلين إنما نؤجر على ما نعطيه ونحن نحبه ونزلت والرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله تعالى عنه يتغديان فقاما وأمسكا من شدة حزنهما .
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)
{ وَالْعَادِيَاتِ } الخيل في الجهاد « ع » أو الإبل في الحج قاله علي وابن مسعود رضي الله عنهما قال الشاعر :
فلا والعاديات غداة جمع ... بأيديها إذا سطع الغبار
من العَدْو وهو تباعد الأرجل في سرعة المشي { ضَبْحاً } حمحمة الخيل عند العَدْو أو شدة النفس عند سير الإبل قيل لا يضج بالحمحمة في العَدْو إلا الفرس والكلب وضج الإبل تنفسها أو ضجها بقول سابقها أح أح « ع » .
فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2)
{ فَالْمُورِيَاتِ } الخيل توري النار بحوافرها إذا جرت أو نيران المجاهدين إذا اشتعلت فأكثرت إرهاباً « ع » أو تهيج الحرب بينهم وبين عدوهم أو مكر الرجال في الحرب أو نيران الحجيج بمزدلفة أو الألسن إذا أقيمت بها الحجج وظهرت الدلائل فاتضح الحق قاله عكرمة .
فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3)
{ فَالْمُغِيرَاتِ } الخيل تغير على العدو { صُبْحاً } أي علانية تشبيهاً بظهور الصبح « ع » أي الإبل حين تغدوا صبحاً من مزدلفة إلى منى .
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4)
{ نَقْعاً } غباراً أو النقع ما بين مزدلفة إلى منى أو بطن الوادي ولعله يرجع إلى الغبار المثار في هذا الموضع .
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)
{ جَمْعاً } جمع العدو حين يلتقي الزحف « ع » أو المزدلفة تسمى جمعاً لاجتماع الناس فيها وإثارة النقع في الدفع منها إلى منى قاله مكحول .
إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)
{ لَكَنُودٌ } كنود قيل الذي يكفر اليسير ولا يشكر الكثير أو اللوام لربه يذكر المصائب وينسى النعم أو جاحد الحق قيل إنها سميت كندة لأنها جحدت أباها أو العاصي بلسان كندة وحضرموت أو البخيل بلسان مالك بن كنانة أو الذي ينفق نعم الله في معاصيه أو الذي يضرب عبده ويأكل وحده ويمنع رِفده قيل نزلت في الوليد بن المغيرة .
وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7)
{ وَإِنَّهُ } وإن الله تعالى شاهد على كفر الإنسان أو الإنسان شاهد على أنه كنود .
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)
{ الْخَيْرِ } الدنيا أو المال « ع » { لَشَدِيدٌ } لحب الخير أي زائد أو لشحيح بحق الله تعالى في المال « ح » فلان شديد أي شحيح .
أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9)
{ بُعْثِرَ } أخرج من فيها من الأموات أو قلب أو بحث .
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10)
{ وَحُصِّلَ } ميز أو استخرج أو كشف .
الْقَارِعَةُ (1)
{ الْقَارِعَةُ } العذاب لأنه يقرع أهل النار أو القيامة لقرعها بأهوالها .
مَا الْقَارِعَةُ (2)
{ مَا الْقَارِعَةُ } تفخيماً لشأنها .
يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4)
{ كَالْفَرَاشِ } الهمج الطائر من بعوض وغيره ومنه الجراد أو طير يتساقط في النار شبه تهافت الكفار في النار بتهافت الفراش فيها { الْمَبْثُوثِ } المبسوط أو المتفرق أو الذي يجول بعضه في بعض .
وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5)
{ كَالْعِهْنِ } الصوف ذو الألوان شبهها في ضعفها وخفتها بالصوف المنفوش .
فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6)
{ مَوَازِينُهُ } ميزان ذو كفتين توزن به الحسنات والسيئات أو الحساب أو الحجج والدلائل ، والموازين : جمع ميزان أو موزون .
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7)
{ عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } معيشة من المعاش مرضية وهي الجنة أو في نعيم دائم من العيش .
فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9)
{ هَاوِيَةٌ } جهنم جعلها أُمّاً لأنه يأوي إليها كما يأوي إلى أمه سميت هاوية لبعد قعرها وهويه فيها أو أم رأسه هاوية في النار .
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)
{ أَلهَاكُمُ } أنساكم أو شغلكم عن طاعة الله وعبادته { التَّكَاثُرُ } بالمال والأولاد أو التفاخر بالقبائل في العشائر أو بالمعاش والتجارة .
حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)
{ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ } صرتم فيها زواراً ترجعون كرجوع الزائر إلى الجنة أو نار أو تفاخرت بنو سَهْم وبنو عبد مناف أنهم أكثر عدداً فكثرت بنو عبد مناف فقال بنو سَهْم إن البغي أهلكنا في الجاهلية فَعُدّوا الأحياء والأموات فَعَدُّهم فكثرت بنو سَهْم فنزلت { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ } يعني بالعدد { حَتَّى زُرْتُمُ } أي ذكرتم الموتى في المقابر .
كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3)
{ كَلا } حقاً أو بمعنى « أَلاَ » { سَوْفَ تَعْلَمُونَ } تهديد ووعيد .
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5)
{ لَوْ تَعْلَمُونَ } الآن من البعث والجزاء ما ستعلمونه بعد الموت { عِلْمَ الْيَقِينِ } علم الموت الذي هو يقين لا يعترضه شك أو ما تعلمونه يقيناً بعد الموت من البعث والجزاء قاله ابن جريج .
لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6)
{ لَتَرَوُنَّ } أيها الكفار أو عام لأن المؤمن يمر على صراطها .
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7)
{ عَيْنَ الْيَقِينِ } المشاهدة والعيان أو بمعنى الحق اليقين .
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)
{ النَّعِيمِ } الأمن والصحة أو الصحة والفراغ أو الإدراك بحواس السمع والبصر « ع » أو ملاذ المأكول والمشروب أو الغداء والعشاء « ح » أو ما أنعم عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم أو تخفيف الشرائع وتيسير القرآن أو شبع البطون وبارد الشراب وظلال المساكن واعتدال الخلق ولذة النوم فيسأل الكافر تقريعاً والمؤمن تبشيراً بما جمع له من نعيم الدارين .
وَالْعَصْرِ (1)
{ وَالْعَصْرِ } الدهر أو العشي ما بين الزوال إلى الغروب أو صلاة العصر .
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)
{ الإِنسَانَ } جنس { خُسْرٍ } هلاك أو شر أو نقص أو عقوبة .
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
{ بِالْحَقِّ } بالله أو بالتوحيد أو القرآن { بِالصَّبْرِ } على طاعة الله تعالى أو فرائضه .
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)
{ هُمَزَةٍ } المغتاب واللُّمزة العيَّاب أو الهمزة الذي همز الناس بيده واللمزة الذي يلمزهم بلسانه أو الهمزة الذي يهمز الذي يلمز في وجهه إذا أقبل واللمزة الذي يلمز في خلفه إذا أدبر أو الهمزة الذي يعيب الناس جهراً بيد أو لسان واللمزة الذي يعيبهم سراً بعين أو حاجب نزلت في أبي بن خلف أو جميل بن عامر أو الأخنس بن شريق أو الوليد بن المغيرة أو عامة عند الأكثرين .
الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2)
{ وَعَدَّدَهُ } أحصى عدده أو عَدَّد أنواعه أو أعده لما يكفيه من السنين أو اتخذ لماله من يرثه من أولاده .
يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)
{ أَخْلَدَهُ } يزيد في عمره أو يمنعه من الموت .
كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)
{ الْحُطَمَةُ } الباب السادس من أبواب جهنم أو الدرك الرابع منها أو جهنم نفسها لأنها تأكل ما ألقي فيها والحطمة الرجل الأكول أو لأنها تحطم ما فيها أي تكسره .
الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)
{ تَطَّلِعُ } قال الرسول صلى الله عليه سلم : « إن النار تأكل أهلها حتى إذا اطعلت على أفئدتهم انتهت ثم إذا صدروا تعود » .
إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8)
{ مُّؤْصَدَةٌ } مطبقه « ح » أو مغلقة بلغة قيس أو مسدودة الجوانب لا يفتح منها جانب فلا يدخلها روح ولا يخرج منها غم .
فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
{ عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ } موصدة بعمد ممدودة أو معذبون فيها بعمد ممددة أو العمد الممددة أغلال في أعناقهم « ع » أو قيود في أرجلهم أو في دهر ممدود .
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)
{ أَلَمْ تَرَ } ألم تخبر أو ألم تر آثار ما فعل ربك بأصحاب الفيل لأنه ما رأه وولد بعده بأربعين سنة أو ثلاث وعشرين سنة أو ولد عام الفيل أو يوم الفيل وسبب قصدهم لمكة أن أبرهة بن الصباح بنى بصنعاء كنيسة وأراد صرف حج العرب إليها فسمع بذلك رجل من كنانة فخرج فأتاها ليلاً فأحدث فيها فبلغ أبرهة فحلف بالله تعالى ليهدمن الكعبة فسار إليها بالفيل . أو خرج فتية من قريش تجاراً إلى الحبشة فنزلوا على ساحل البحر على بيعة للنصارى فأوقدوا ناراً لطعامهم وتركوها وارتحلوا فهبت ريح فأحرقت البيعة فبلغ النجاشي فاستشاط غضباً فأتاه أبرهة بن الصباح وحجر بن شراحيل وأبو يكسوم الكنديون وضمنوا له إحراق الكعبة وسبي مكة وكان أبرهة صاحب جيش النجاشي وأبو يكسوم نديم أو وزير وحجر بن شراحيل من قواده فساروا بالجيش ومعهم فيل واحد عند الأكثر أو كانت ثمانية فيلة فأهلكهم الله عز وجل فرجع منهم أبرهة إلى اليمن فهلك في الطريق .
أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2)
{ كَيْدَهُمْ } لقريش بإرادة قتلهم وسبيهم وتخريب الكعبة .
وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3)
{ طَيْراً } من السماء لم ير قبلها ولا بعدها مثلها وروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنها بين السماء والأرض تعشش وتفرخ أو هي العنقاء المغربة التي يضرب بها الأمثال قاله عكرمة أو من طير السماء أرسلت من ناحية البحر مع كل طائر ثلاثة أحجار حجران في رجليه وحجر في منقاره قيل كانت سوداً خضر المناقير طوال الأعناق أو كانت أشباه الوطاويط حمراً وسوداً أو أشباه الخطاطيف وسئل أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عنها فقال حمام مكة منها . { أَبَابِيلَ } كثيرة « ح » أو متتابعة يتبع بضعها بعضاً « ع » أو متفرقة من ها هنا ومن ها هنا أو مختلفة الألوان أو جمعاً بعد جمع أو أخذت من الإبل المؤبلة وهي الأقاطيع ولا واحد للأبابيل من جنسه أو واحدة إبالة وأبول أو أبيل .
تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)
{ سِجِّيلٍ } كلمة فارسية سنك وكل أولها حجر وآخرها طين « ع » أو الشديد أو اسم للسماء الدنيا نسب الحجارة إليها لنزولها منها أو اسم بحر في الهواء جاءت منه الحجارة وكانت كحصى الخذف أو فوق العدسة ودون الحمصة قال أبو صالح رأيت في دار أم هانىء نحو قفيز منها مخططة بحمرة كأنها الجزع ولما رمتها الطير أرسل الله تعالى ريحاً فضربتها فزادتها شدة فلم تقع على أحد إلا هلك .
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)
{ كَعَصْفٍ } ورق الزرع { مَّأْكُولٍ } أكلته الدود « ع » أو الطعام أو قشر الحنطة إذا أكل ما فيه أو ورق البقل إذا أكلته البهائم فراثته أو العصف التبن والمأكول القصيل يجز للدواب فعل الله تعالى ذلك بهم معجزة لنبي كان في ذلك الزمان قيل هو خالد بن سنان أو توطيداً لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه ولد في عامه أو في يومه .
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)
{ لإِيلافِ } مأخوذ من ألف يألف وهي العادة المألوفة لإيلاف نعمتي على قريش لأن نعمته إلفة لهم « ع » أو لإيلاف الله تعالى لهم لأنه آلفهم إيلافاً قاله الخليل أو يلافهم حرمي وقيامهم ببيتي « ح » أو لإيلافهم الرحلتين واللام معلقة بقوله { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ } [ الفيل : 5 ] أي ليلافهم أهلك أصحاب الفيل وكان عمر وأبي رضي الله تعالى عنهما يريانهما سورة واحدة لا يفصلان بينهما أو اللام متعلقة بقوله تعالى { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ } أي لنعمتي عليهم فليعبدوا قاله أهل البصرة { قُرَيْشٍ } بنو النضر بن كنانة على المشهور أو بنو فهر بن مالك بن النضر بن كنانة وكانوا متفرقين في غير الحرم فجمعهم قصي بن كلاب في الحرم فاتخذوه مسكناً قال الشاعر :
أبونا قصي كان يدعى مجمعا ... به جمع الله القبائل من فهر
فسموا قريشاً لاجتماعهم بعد الفرقة والتقريش الجمع أو كانوا تجاراً يأكلون من مكاسبهم والتقريش الكسب أو كانوا يفتشون الحاج عن ذي الخلة فيسدون خلته والقرش الفتش أو قريش اسم دابة في البحر سيمت بها قريش لأنها تأكل ولا تؤكل وتعلو ولا تعلى « ع » قال الشاعر معنى ذلك :
قريش هي التي تسكن البحر ... بها سميت قريش قريشا
إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2)
{ رِحْلَةَ الشِّتَآءِ } الرحلة : السفرة لما فيها من الارتحال كانوا يرتحلونهما للتجارة والكسب . والرحلتان إلى فلسطين رحلة الشتاء في البحر وأيلة طلباً للدفء ورحلة الصيف على بصرى وأذرعات طلباً للهواء أو رحلة الشتاء إلى اليمن لأنها حامية ورحلة الصيف إلى الشام لأنها باردة مَنَّ عليهم بذلك لأنهم كانوا يسافرون في العرب آمنين لكونهم أهل الحرم أو لأنهم يكسبون فيتوسعون ويصلون ويطعمون أو أراد بالرحلتين أنهم كانوا يشتون بمكة لدفاءتها ويصيفون بالطائف لهوائها « ع » قال الشاعر :
تشتوا بمكة نعمة ... ومصيفها بالطائف
وهذه نعمة جليلة فذكروا بها .
فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)
{ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ } مَيَّز نفسه عن أوثانهم بإضافة البيت إليه أو فذكره تذكيراً لنعمه لشرفهم بالبيت على سائر العرب . { فَلْيَعْبُدُواْ } فليألفوا عبادته كما ألفوا الرحلتين أو فليعبدوه لإنعامه عليهم بالرحلتين أو فليعبدوه لأنه { أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ } الآية أو فليتركوا الرحلتين لعبادة رب هذا البيت فإنه يطعمهم من جوع ويؤمنهم من خوف .
الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)
{ أَطْعَمَهُم } بما أعطاهم من الأموال وساق إليهم من الأرزاق أو بإجابة دعوة إبراهيم لما قال { وارزقهم مِّنَ الثمرات } [ إبراهيم : 37 ] أو أصابهم جوع في الجاهلية فحملت إليهم الحبشة طعاماً فخافوهم فخرجوا إليه متحرزين فإذا بهم قد جلبوا لهم الطعام وأعانوهم بالأقوات . { مِّنْ خَوْفٍ } العرب أن تقتلهم أو تسبيهم تعظيماً للبيت ولما سبق من دعوة إبراهيم { اجعل هذا البلد آمِناً } [ إبراهيم : 35 ] أو من خوف الحبشة مع الفيل أو من خوف الجذام أو آمنهم أن تكون الخلافة إلا فيهم . قاله علي .
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1)
{ بِالدِّينِ } الحساب أو حكم الله « ع » أو الجزاء نزلت في العاص بن وائل أو الوليد بن المغيرة أو أبي جهل أو عمرو بن عائذ أو أبي سفيان نحر جزوراً فأتاه يتيم فسأله منها فقرعه بعصا .
فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2)
{ يَدُعُّ الْيَتِيمَ } يحقره أو يظلمه أو يدفعه دفعاً شديداً عن حقه وماله ظلماً وطمعاً فيه أو إبعاداً له وزجراً .
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)
{ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ } فيه إضمار تقديره إن صلاها لوقتها لم يرجُ ثوابها وإن صلاها لغير وقتها لم يخش عقابها وهو المنافق « ح » أو لا إضمار فيه وتمامها بقوله { الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ } { سَاهُونَ } لاهون أو غافلون أو لا يصليها سراً بل علانية « ح » أو الملتفت يمنة ويسرة في صلاته هواناً بها أو الذي لا يقرأ ولا يذكر الله أو الذي يؤخرها عن مواقيتها مأثور .
الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6)
{ يُرَآءُونَ } المنافق يصلي مع الناس ولا يصلي إذا خَلاَ « ع » أو عامة في أهل الرياء .
وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)
{ الْمَاعُونَ } الزكاة أو المعروف أو الطاعة أو المال بلسان قريش أو الماء إذا احتيج إليه ومنه المعين الماء الجاري أو ما يتعاوره الناس بينهم كالدلو والقدر والفأس وما يوقد أو الحق أو المستغل من منافع الأموال من المعن وهو القليل .
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)
{ الْكَوْثَرَ } النبوة والقرآن أو الإسلام أو نهر في الجنة مأثور أو حوضه يوم القيامة أو كثرة أمته أو الإيثار أو رفعة الذكر وهو فوعل من الكثرة .
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)
{ فَصَلِّ } الصبح بمزدلفة أو صلاة العيد أو اشكر ربك { وَانْحَرْ } الهدي أو الأضحية أو وأسل أو وضع اليمين على الشمال عند النحر في الصلاة « ع » أو رفع اليدين في التكبير إلى النحر أو استقبال القبلة في الصلاة بنحره .
إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
{ شَانِئَكَ } مبغضك أو عدوك { الأَبْتَرُ } الحقير الذليل أو الفرد الوحيد أوَ ألاَّ خير فيه حتى صار منه أبتر مأثور أو كانت قريش تقول لمن مات ذكور أولاده بتر فلان فلما مات للرسول ابنه القاسم بمكة وإبراهيم بالمدينة قالوا قد بتر محمد فليس له من يقوم بأمره من بعده أو لما دعا قريشاً إلى الإيمان قالوا ابتتر منا محمد أي خالفنا وانقطع عنا فأخبر الله أنهم هم المبترون . نزلت في أبي لهب وأبي جهل « ع » أو العاص بن وائل .
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)
لقي الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب وأمية بن خلف رسول الله فقالوا يا محمد هلم فلتعبدوا ما نعبد ونعبد ما تبعدون ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله فإن كان الذي جئت به خيراً مما بأيدينا كنا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه وإن كان الذي بأيدنا خيراً مما بيدك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه فنزلت .
لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5)
{ وَلآ أَنتُمْ عَابِدُونَ } يعني المعنيين الذي التمسوا ذلك فإنهم لا يعبدون الله وليس بعامة لأن في الكفار من يؤمن وإنما نزلت جواباً لأولئك { لآ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } الآن { وَلآ أَنَاْ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } في المستقبل { وَلآ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } الآن { وَلآ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } في المستقبل وقال ما أعبد ولم يقل من أعبد لتقابل الكلام .
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
{ لَكُمْ دِينُكُمْ } الكفر { وَلِىَ } الإسلام ، أو لكم جزاء دينكم ولي جزاء ديني تهديد معناه وكفى بجزائكم عقاباً وبجزائي ثواباً .
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)
{ نَصْرُ } المعونة نصر الغيث الأرض أعان على نباتها ومنع قحطها يريد نصره على قريش أو على كل من قاتله من الكفار . { وَالْفَتْحُ } فتح مكة « ح » أو فتح المدائن والقصور « ع » أو ما فتح عليه من العلوم .
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)
{ النَّاسَ يَدْخُلُونَ } أهل اليمن أو كل من دخل في الإسلام . قال الحسن لما فتحت مكة قالت العرب بعضها لبعض لا يدان لكم هؤلاء القوم فجعلوا يدخلون في دين الله أفواجاً أمة أمة قال الضحاك : الأمة أربعون رجلاً . { أفْوَاجاً } زمراً « ع » أو قبائل قال الرسول صلى الله عليه وسلم : « إن الناس دخلوا في دين الله أفواجاً وسيخرجون منه أفواجاً » .
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)
{ فَسَبِّحْ } فَصَلِّ { وَاسْتَغْفِرْهُ } داوم ذكره « ع » أو صريح التسبح والاستغفار من الذنوب فكان يكثر بعدها أن يقول سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي { تَوَّاباً } قابلا للتوبة أو متجاوزاً عن الصغائر وأمر بذلك شكراً لله على نعمته من النصر والفتح أو نعى إليه نفسه ليجتهد في العمل قال ابن عباس داعٍ من الله ووداعٍ من الدنيا فلم يلبث بعدها إلاَّ سنتين مستديماً لما أمره به من التسبيح والاستغفار أو سنة واحدة فنزل في حجة الوداع { اليوم أَكْمَلْتُ } [ المائدة : 3 ] فعاش بعدها ثمانين يوماً فنزلة آية الكلالة وهي آية الصيف فعاش بعدها خمسين يوماً « ع » فنزلت { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ } [ التوبة : 128 ] فعاش بعدها خمسة وثلاثين يوماً فنزلت : { واتقوا يَوْماً تُرْجَعُونَ } [ البقرة : 281 ] فعاش بعدها أحدا وعشرين يوماً أو سبعة أيام .
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)
{ تَبَّتْ } خابت « ع » أو ضلت أو [ صفرت ] من كل خير أو خسرت { يَدَآ } عبر بيديه عن نفسه { ذلك بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } [ الحج : 10 ] أو عن عمله لأن العمل يكون بهما في الأغلب { أَبِى لَهَبٍ } كنوه بذلك لحسنه وتلهب وجنتيه وذكره الله تعالى بكنيته لأنها أشهر من اسمه أو عدل عن اسمه لأنه كان اسمه عبد العزى أو لأن الاسم أشرف من الكنية لأن الكنية إشارة إليه باسم غيره وكذلك دعا الله تعالى أنبياءه بأسمائهم { وَتَبَّ } تأكيد للأول أو قد تب أو تبت يداه بما منعه الله من أذى رسوله صلى الله عليه وسلم وتب بماله عند الله تعالى من العقاب أو تب ولد أبي لهب ، تبت يداه عن التوحيد « ع » أو من الخيرات .
مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)
{ مَآ أَغْنَى } ما دفع أو ما نفع { مَالُهُ } غنمه كان صاحب سائمة أو « تليدة أو طارفة » { وَمَا كَسَبَ } عمله الخبيب أو ولده « ع » قال الرسول صلى الله عليه وسلم « أولادكم من كسبكم » وكان ابنه عتبة مبالغاً في عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم وقال كفرت بالنجم إذا هوى وبالذي دنا فتدلى وتفل في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم وخرج إلى الشام فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : « اللهم سلط عليه كلباً من كلابك » فأكله الذئب . فلم يغن عنه ماله وكسبه في عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم أو في دفع النار يوم القيامة .
سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)
{ سَيَصْلَى } سين الوعيد أو بمعنى سوف يصلى يكون صلىً لها حطباً لها ووقوداً أو تصليه النار أي تنضجه « ع » { لَهَبٍ } ارتفاع أو قوة واشتعال وهذه صفة مضارعة لكنيته وعده الله تعالى بأنه يدخل النار بكفرة أو يموت على كفره فكان كما أخبر .
وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)
{ وَامْرَأَتُهُ } أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان { حَمَّالَةَ الْحَطَبِ } تحتطب الشوك فتلقيه في طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ليلاً « ع » أو كانت تعير الرسول صلى الله عليه وسلم بالفقر [ وكانت تحطب فعيّرت بأنها كانت تحطب أو ] لما حملت أوزار كفرها صارت كالحاملة لحطب نارها التي تصلى به أو لأنها كانت تمشي بالنميمة وسمي النمام حمالاً للحطب لأنه يشعل العداوة كما يشعل الحطب النار أو جعل ما حملته من الإثم في عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم كالحطب في مصيره إلى النار فيكون عذاباً .
فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
{ فِى جِيدِهَا } يوم القيامة . جيدها : عنقها { حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ } سلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعاً سميت مسداً لأنها ممسودة أي مفتولة أو حبل من ليف المقل أو قلادة من ودع على وجه التعيير لها أو حبل ذو ألوان من أحمر وأصفر تتزين به في جيدها « ح » فعيرت بذلك أو قلاده جوهر فاخر قالت لأنفقنها في عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم أو عبر بذلك عن خذلانها كالمربوطة عن الإيمان بحبل من مسد ولما نزلت أقبلت تولول وبيدها فِهْر وهي تقول :
مذمماً أبينا ... ودينه قلينا
وأمره عصينا ... والرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله تعالى عنه في المسجد فقال يا رسول الله إني أخاف أن تراك فقال إنها لن تراني وقرأ قرآناً اعتصم به فلم تره فقالت لأبي بكر رضي الله تعالى عنه إني أخبرت أن صاحبك هجاني فقال لا ورب هذا البيت ما هجاك فولت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قد حجبني عنها ملائكة فما رأتني وكفاني الله تعالى شرها » فعثرت في مرطها فقالت : تعس مذمم .
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)
{ أَحَدٌ } الأحد المنفرد بصفاته فلا شبْه له ولا مثل تقديره الأحد فحذفت الألف واللام أو ليس بنكرة وإنما هو بيان وترجمة قال المبرد : الأحد والواحد سواء أو الأحد الذي لا يدخل في العدد والواحد يدخل في العدد لأنك تقول للواحد ثانياً أو الأحد يستوعب جنسه والواحد لا يستوعبه لأنك لو قلت فلان لا يقاومه أحد لم يجز أن يقاومه اثنان ولا أكثر فالأحد أبلغ من الواحد وسميت سورة الإخلاص لأن قراءتها خلاص من عذاب الله [ أو ] لأن فيها إخلاص الله تعالى من شريك وولد أو لانها خالصة لله تعالى ليس فيها أمر ولا نهي .
اللَّهُ الصَّمَدُ (2)
{ الصَّمَدُ } المصمت الذي لا جوف له أو الذي لا يأكل ولا يشرب أو الباقي الذي لا يفنى أو الدائم الذي لم يزل ولا يزال أو الذي لم يلد ولم يولد أو الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم .
ألا بَكَر الناعي بخير بني أسد ... بعمرو بن مسعود [ وبالسيد ] الصمد
أو السيِّد الذي انتهى سؤدده أو الكامل الذي لا عيب فيه أو المقصود إليه في الرغائب والمستعان به في المصائب أو المستغني عن كل أحد المحتاج إليه كل أحد أو الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)
{ لَمْ يَلِدْ } فيكون والداً { وَلَمْ يُولَدْ } فيكون ولداً « ع » أو لم يلد فيكون في العز مشاركاً ولم يولد فيكون موروثاً هالكاً لأنهما صفتا نقص أو لأنه لا مثل له فلو ولد لكان له مثل .
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
{ كُفُواً } لا مثل له ولا عديل أو لا يكافئه من خلقه أحد أو نفى عنه الصاحبة .
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)
{ الْفَلَقِ } اسم لجهنم أو لسجن فيها « ع » أو الخلق كلهم أو فلق الصبح أو الجبال والصخور تنفلق بالمياه أو كل ما انفلق عن كل ما خلق من صبح وحيوان وصخور [ وجبال ] وحب ونوى وكل شيء من نبات وغيره وأصل الفلق الشق الواسع قيل للصبح فلق لانفلاق الظلام عنه كما قيل له فجر لانفجار الضوء منه والله سبحانه وتعالى أعلم والحمد لله رب العالمين .
مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)
{ شّرِّ مَا خَلَقَ } جهنم أو إبليس وذريته أو عام من كل شرور الدنيا والآخرة أو التعوذ من شر موجب للعقاب أو عام في كل شر .
وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)
{ غَاسِقٍ } الشمس إذا غربت أو القمر إذا ولج في الظلام . نظر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى القمر وقال لعائشة رضي الله تعالى عنها « تعوذي بالله من شر غاسق إذا وقب وهذا الغاسق إذا وقب » أو الثريا إذا سقطت لأن الأسقام والطواعين تكثر عند سقوطها وترتفع عند طلوعها أو الليل لخروج السباع والهوام فيه وينبعث أهل الشر على العبث والفساد « ع » { إِذَا وَقَبَ } أظلم « ع » أو دخل أو ذهب أصل الغسق الجريان غسقت القرحة جرى صديدها والغساق صديد أهل النار لجريانه وغسقت العين جرى دمعها بالضرر .
وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)
{ النَّفَّاثَاتِ } السواحر ينفثن في عقد الخيوط للسحر وربما فعل في الرقي مثل ذلك طلباً للشفاء والنفث النفخ في العقد بغير ريق والتفل النفخ فيها بريق وأثره تخييل للأذى والمرض أو يمرض ويؤذي لعارض ينفصل فيتصل بالمسحور فيؤثر فيه كتأثير العين وكما ينفصل من فم المتثائب ما يحدث في المقابل له مثله أو قد يكون ذلك بمعونة من خدم الجن يمتحن الله تعالى به بعض عباده والأكثرون على أن الرسول صلى الله عليه وسلم سحر واستخرج وتراً فيه إحدى عشرة عقدة فأمر بحلها فكانت كلما حُلَّت عقدة وجد راحة حتى حلت العقد كلها فكأنما أنشط من عقال فنزلت المعوذتان إحدى عشرة آية بعدد العقد وأمر أن يتعوذ بهما ومنع آخرون من تأثير السحر في الرسول صلى الله عليه وسلم وإن جاز في غيره لما في استمراره من خبل العقل ولإنكار الله تعالى على من قال : { إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } [ الإسراء : 47 ] .
وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
{ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ } من شر نفسه وعينه أن يصيب بها أو لأن حسده يحلمه على الأذى و [ الحسد ] : تمني زوال النعمة عن المحسود وإن لم تصر للحاسد والمنافسة تمني مثلها فالمؤمن يغبط والمنافق يحسد .
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)
{ بِرَبِّ النَّاسِ } لما أمر بالاستعاذة من شرهم أخبر أنه هو الذي يعيذ منهم .
مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4)
{ الْوَسْوَاسِ } وسوسة الإنسان التي تحدث بها نفسه وقد تجاوز الله عنها والشيطان جاثم على قلب ابن آدم إذا سَهَا وغَفَل وسوس وإذا ذكر الله تعالى خنس { الْخَنَّاسِ } الشيطان لكثرة اختفائه كقوله { فَلاَ أُقْسِمُ بالخنس } [ التكوير : 15 ] أي النجوم لاختفائها أو لأنه يرجع بالوسوسة عن الهدى أو يخرج بالوسوسة عن اليقين .
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)
{ يُوَسْوِسُ } يدعوا إلى طاعته بما يصل إلى القلب من قول متخيل أو يقع في النفس من أمر متوهم وأصله الصوت الخفي .
تَسْمَعُ للحَلْي وَسْوَاساً ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
( 6 ) { مِنَ الْجِنَّةِ } من وسواس الشيطان كما ذكرت { وَالنَّاسِ } وسوسة الإنسان لنفسه أو إغواء من يغويه من الناس .
والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وعلى آل محمد وصحبه وسلامه وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .