الكتاب : حياة الحيوان الكبرى
المؤلف : الدميري
البغاث: بفتح الباء الموحدة وكسرها وضمها ثلاث لغات، وبالغين المعجمة، طائر أغبر دون الرخمة بطيء الطيران، وهو من شرار الطير، ومما لايصيد منها، وقال يونس: من جعل البغاث واحداً فجمعه بغثان مثل غزال وغزلان. ومن قال للذكر والأنثى بغاثة فالجمع بغاث مثل نعامة ونعام. وبغاث الطير شرارها وما لا يصيد منها. قال الشيخ أبو إسحق في المهذب في باب الحجر: لا يسافر الولي بمال المحجور عليه، لما روي أن المسافر وماله لعلي. قلت أي هلاك. ومنه قول العباس بن مرداس السلمية
بغاث الطير أكثرها فراخاً ... وأم الصقر مقلات نزور
وقوله مقلات بكسر الميم، والمقلات من النساء التي لا يعيش لها ولد، ومن النوق من تلد ولداً واحداً ولا تلد بعده. وقيل: المقلات التي تعمل وكرها في المهالك. والنزور بفتح النون القليلة الأولاد والنزر القليل.
الحكم: تحريم الأكل لخبثه.
الأمثال: قالت العرب: " البغاث بأرضنا يستنسر " أي من جاورنا عز بنا. وقيل: معناه إن الضعيف يستضعفنا، ويظهر قوته علينا.
البغل: معروف، وكنيته أبو الأشحج وأبو الحرون وأبو الصقر وأبو قضاعة وأبو قموص وأبو كعب وأبو مختار وأبو ملعون. ويقال له ابن ناهق وهو مركب من الفرس والحمار، ولذلك صار له صلابة الحمار وعظم آلات الخيل. وكذلك شحيجه أي صوته مولد من صهيل الفرس ونهيق الحمار، وهو عقيم لا يولد له، لكن في تاريخ ابن البطريق، في حوادث سنة أربع وأربعين وأربعمائة، أن بغلة بنابلس ولدت في بطن حجرة سوداء بغلا أبيض. قال: وهذا أعجب ما سمع.
وشر الطباع ما تجاذبته الأعراق المتضادة، والأخلاق المتباينة، والعناصر المتباعدة، وإذا كان الذكر حماراً، يكون شديد الشبه بالفرس، وإذا كان الذكر فرساً، يكون شديد الشبه بالحمار. ومن العجب أن كل عضو فرضته منه يكون بين الفرس والحمار، وكذلك أخلاقه ليس له ذكاء الفرس ولا بلادة الحمار. ويقال: إن أول من أنتجها قارون وله صبر الحمار وقوة الفرس، ويوصف برداءة الأخلاق والتلون. جل التركيب وينشد في ذلك قوله:
خلق جديد كل يو ... م مثل أخلاق البغال
لكنه، مع ذلك، يوصف بالهداية في كل طريق يسلكه مرة واحدة، وهو مع ذلك مركب الملوك في أسفارها، وقعيدة الصعاليك في قضاء أوطارها، مع احتماله للأثقال، وصبره على طول الإيغال، وفي ذلك يقال:
مركب قاض وإمام عدل ... وعالم وسيد وكهل
يصلح للرحل وغير الرحل.
وفي الكامل لأي العباس المبرد، قال العباس بن الفرج: نظر إلى عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه وهو على بغلة قد شمط وجهها هرماً، فقيل له: أتركب هذه وأنت على أكرم باحرة بمصر فقال: إنه لا ملل عندي لدابتي ما حملت رجلي، ولا لامرأتي ما أحسنت عشرتي، ولا لصديقي ما حفظ سري. إن الملل من كواذب الأخلاق وفيه أيضاً أن رجلاً من أهل الشام قال: دخلت المدينة فرأيت رجلاً راكباً على بغلة، لم أر أحسن وجهاً ولا سمتاً ولا دابة منه، فمال قلبي إليه، فسألت عنه فقيل لي: هذا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم، فأتيته، وقد امتلأ قلبي له بغضاً، فقلت له: أنت ابن أبي طالب؟ فقال لي بل أنا ابن ابنه فقلت: بك وبأبيك أسب علياً، فلما انقضى كلامي، قال: أحسبك غريباً قلت: أجل قال: فمل بنا إلى الدار فإن احتجت إلى منزل أنزلناك، أو إلى مال واسيناك، أو إلى حاجة عاوناك على مضائها، فانصرفت من عنده وما على وجه الأرض أحب إلي منه. ا ه.
قلت: وكان علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهما، يلقب بزين العابدين، وأمه سلامة، وكان له أخ أكبر منه يسمى علياً أيضاً، قتل مع أبيه بكربلاء، روى الحديث عن أبيه وعن عمه الحسن وجابر وابن عباس والمسور بن مخرمة وأبي هريرة وصفية وعائشة وأم سلمة، أمهات المؤمنين رضي الله عنهم. قال ابن خلكان: كانت أمه سلامة بنت يزدجرد آخر ملوك الفرس، وذكر الزمخشري في ربيع الأبرار، أن يزدجرد كان له ثلاث بنات، سبين في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فحصلت واحدة منهن لعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، فأولدها سالماً. والأخرى لمحمد بن أبي بكر رضي الله تعالى عنهما، فأولدها قاسماً. والأخرى للحسين بن علي رضى الله تعالى عنهما فأولدها علياً زين العابدين رضي الله تعالى عنهم، فكلهم بنو خالة وكان زين العابدين مع أبيه بكربلاء فاستبقي لصغر سنه، لأنهم قتلوا كل من أنبت، كما يفعل بالكفار قاتل الله فاعل ذلك وأخزاه ولعنه، وكان قد هم عبيد الله بن زياد بقتله ثم صرفه الله تعالى عنه. وأشار بعض الفجرة، على يزيد بن معاوية بقتله أيضاً، فحماه الله منه. ثم إن يزيد بن معاوية صار يكرمه ويعظمه ويجلسه معه، ولا يأكل إلا وهو معه ثم بعثه إلى المدينة، فكان بها محترماً معظماً. قال ابن عساكر ومسجده بدمشق معروف، وهو الذي يقال له مشهد علي بجامع دمشق. قال الزهري: ما رأيت قرشياً أفضل منه. وقال محمد بن سعد: كان زين العابدين مؤموناً، كثير الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عالماً، ولم يكن في أهل البيت مثله. وقال الأصمعي يكن للحسين رضي الله عنه عقب إلا من ابنه زين العابدين، ولم يكن لزين العابدين نسل إلا من ابنة عمه الحسن رضي الله تعالى عنه، فجميع الحسينيين من نسله. وكان إذا توضأ يصفر لونه قام إلى الصلاة أرعد من الفرق أي الخوف، فقيل له في ذلك فقال: أتدرون بين يدي من أقوم ولم أناجي. ويروى أنه احترق البيت الذي هو فيه، وهو قائم يصلي، فلما انصرف، قيل له: ما بالك لم تنصرف حين وقعت النار. فقال: إني اشتغلت عن هذه النار بالنار الأخرى ويروى أنه لما حج وأراد أن يلبي أرعد واصفر وخر مغشياً عليه، فلما أفاق، سئل عن ذلك فقال: إني لأخشى أن أقول لبيك اللهم لبيك، فيقول: لا لبيك ولا سعديك، فشجعوه قالوا: لا بد من التلبية، فلما لبى غشي عليه حتى سقط عن راحلته. وكان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة، وكان الصدقات، وكان أكثر صدقته بالليل، وكان يقول: " صدقة الليل تطفىء غضب الرب " وكان كثير البكاء، فقيل له في ذلك فقال: إن يعقوب عليه السلام بكى حتى ابيضت عيناه على يوسف، ولم يتحقق موته، فكيف لا أبكي وقد رأيت بضعة عشر رجلاً يذبحون من أهلي غداة واحدة وكان إذا خرج من منزله قال: اللهم إني أتصدق اليوم أو أهب عرضي اليوم لمن يغتابني. ومات لرجل ولد مسرف على نفسه، فجزع عليه، فقال له علي بن الحسين إن من وراء ولدك خلالاً ثلاثة: شهادة أن لا الله إلا الله، وشفاعة رسول الله، ورحمة الله. واختلف أهل التاريخ في السنة التي توفي فيها زين العابدين والمشهور عند الجمهور أنه توفي سنة أربع وتسعين في أولها. وقال ابن الفلاس: وفيها مات سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن. وقال بعضهم: توفي في سنة اثنتين أو ثلاث وتسعين. وأغرب المدائني في قوله إنه توفي سنة مائة وقيل توفي في سنة تسع وتسعين. وكان عمره ثمانياً وخمسين سنة، ودفن في قبر عمه الحسن رضي الله عنهما، وعن آبائهم الكرام، وعن أصحاب رسول الله أجمعين. وفي وفيات الأعيان في ترجمة جلال الدولة ملك شاه أن المقتدي بأمر الله، جهز الشيخ أبا إسحاق الشيرازي الفيروز أبادي، صاحب التنبيه والمهذب وغيرهما، إلى نيسابور سفيراً له، في خطبة ابنة الملك جلال الدولة فنجز الشغل، وناظر إمام الحرمين هناك، فلما أراد الانصراف من نيسابور، خرج إمام الحرمين إلى وداعه، وأخذ بركابه حتى ركب أبو إسحاق بغلته، وظهر له في خراسان منزلة عظيمة، وكانوا يأخذون التراب الذي وطئته بغلته فيتبركون به. وكان رحمه الله إماماً عالماً ورعاً زاهداً عابداً. توفي في سنة ست وسبعين وأربعمائة، وتوفي إمام الحرمين في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة وغلقت الأسواق يوم موته، وكسر منبره بالجامع، وكانت تلامذته قريباً من أربعمائة نفر
فكسروا محابرهم وأقلامهم وأقاموا على ذلك عاماً كاملاً. وفي تاريخ بغداد ووفيات الأعيان أن أبا حنيفة كان له جار اسكافي يعمل نهاره فإذا رجع إلى منزله ليلاً تعشى ثم شرب فإذا دب الشراب فيه أنشد يغني ويقول:روا محابرهم وأقلامهم وأقاموا على ذلك عاماً كاملاً. وفي تاريخ بغداد ووفيات الأعيان أن أبا حنيفة كان له جار اسكافي يعمل نهاره فإذا رجع إلى منزله ليلاً تعشى ثم شرب فإذا دب الشراب فيه أنشد يغني ويقول:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر
ولا يزال يشرب ويردد هذا البيت، حتى يأخذه النوم وأبو حنيفة يسمع يسمع جلبته كل ليلة وكان أبو حنيفة يصلي الليل كله ففقد أبو حنيفة صوته، فسأل عنه فقيل له: أخذه العسس منذ ليال، فصلى أبو حنيفة الفجر من غده، ثم ركب بغلته وأتى دار الأمير، فاستأذن عليه فقال: ائذنوا له وأقبلوا به راكباً ولا تدعوه ينزل حتى يطأ البساط، ففعل به ذلك، فوسع له الأمير من مجلسه، وقال له: ما حاجتك؟ فشفع في جاره. فقال الأمير طلقوه وكل من أخذ في تلك الليلة إلى يومنا هذا فأطلقوهم أيضاً فذهبوا فركب أبو حنيفة بغلته، خرج والإسكافي معه يمشي وراءه، فقال له أبو حنيفة: يا فتى هل أضعناك؟ فقال: بل حفظت ورعيت، فجزاك الله خيراً عن حرمة الجوار. ثم تاب الرجل ولم يعد إلى ما كان يفعل. واسم أبي حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى بن ماه وكان عالماً عاملاً. قال الشافعي: ميل لمالك هل رأيت أبا حنيفة؟ قال: نعم رأيت رجلاً لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهباً، لقام بحجته! وكان الشافعي يقول: الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه، وعلى زهير بن أبي سلمى في الشعر، وعلى محمد بن إسحاق في المغازي وعلى الكسائي في النحو، وعلى مقاتل بن سليمان في التفسير. وكان أبو حنيفة إماماً في القياس وداوم على صلاة الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة. وكان عامة ليله يقرأ القرآن في ركعة واحدة، وكان يبكي في الليل حتى يرحمه جيرانه. وختم القرآن في الموضع الذي توفي فيه سبعة آلاف مرة. ولم يفطر منذ ثلاثين سنة، ولم يكن يعاب بشيء سوى قلة العربية. حكي أن أبا عمرو بن العلاء، سأله عن القتل بالمثقل، هل يوجب القود؟ قال: لا، على قاعدة مذهبه خلافاً للشافعي. فقال له أبو عمرو: لو قتله بحجر المنجنيق؟ فقال: ولو قتله بأبا قبيس: يعني الجبل المطل على مكة. وقد اعتذر عن أبي حنيفة بأنه قال ذلك على لغة من يعرب الأسماء الستة بالألف في الأحوال الثلاثة وأنشدوا على ذلك:
إن أياها وأبا أباها ... قد بلغا في المجد غايتاها
وهي لغة الكوفيين، وأبو حنيفة من أهل الكوفة. وتوفي أبو حنيفة في السجن ببغداد سنة خمسين ومائة، وقيل غير ذلك، وقيل لم يمت في السجن، وقيل مات في اليوم الذي ولد في فيه الشافعي وقيل في العام لا في اليوم كما تقدم. وقال النوري في تهذيب الأسماء واللغات: توفي في سنة إحدى وقيل ثلاث وخمسين ومائة والله أعلم قلت: البيت المذكور في حكاية الإسكافي المتقدمة، للعرجي عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهم. وقد استشهد به النضر بن شميل على المأمون، قال ابن خلكان: دخل النضر بن شميل على المأمون ليلة، فتفاوضا الحديث فروى المأمون عن هشيم بسنده إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها، كان فيه سداد من عوز " بفتح السين. فقال النضر: يا أميرالمؤمنين صدق هشيم حدثنا فلان عن فلان إلى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله: " إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها، سداد من عوز " بكسر السين. قال: وكان المأمون متكئاً، فاستوى جالساً وقال: كيف قلت سداد. قال: قلت لأن السداد ههنا لحن. فقال المأمون: أتلحنني قلت إنما لحن هثيم، فتبع أمير المؤمنين لفظه. فقال ما الفرق بينهما؟ قلت: السداد بالفتح القصد في الدين والسبيل والسداد بالكسر البلغة وكل ما سددت به شيئاً فهو سداد. فقال المأمون: أو تعرف العرب ذلك؟ قال: قلت: نعم هذا العرجي يقول:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر
فأخذ المأمون القرطاسي وكتب فيه، ثم قال لخادمه: ابلغ معه إلى الفضل بن سهل فلما قرأ الفضل الرقعة قال: يا نضر قد أمر لك أمير المؤمنين بخمسين ألف درهم، فما كان السبب؟ فأخبرته فأمر لي بثلاثين ألف درهم أخرى. فأخذت ثمانين ألف درهم بحرف واحد استفيد مني. وتوفي النضر بن شمبل في سنة أربع ومائتين بمرو رحمه الله تعالى. وفي تاريخ بغداد عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة واسمه يعقوب أنه قال: أويت ذات ليلة إلى فراشي وإذا بالباب يدق دقاً عنيفاً، فخرجت فإذا هرثمة بن أعين فقال: أجب أمير المؤمنين. فركبن بغلتي ومضيت خائفاً، إلى أن وصلت دار أمير المؤمنين، فإذا أنا بمسرور فسألته من عند أمير المؤمنين. فقال: عيسى بن جعفر فدخلت فإذا هو جالس وعن يمينه عيسى بن جعفر فسلمت عليه، وجلست فقال الرشيد: أظن أننا روعناك؟ فقلت: أي والله ومن خلفي كذلك. فسكت ساعة ثم قال: أتدري يا يعقوب لم دعوتك؟ قلت: لا، قال: دعوتك لأشهدك على هذا، أن عنده جارية، وقد سألته أن يهبها لي، فأبى ووالله لئن لم يفعل لأقتله! قال: فالتفت إلى عيسى وقلت له ما بلغ من قدر الجارية حتى إنك تمنعها من أمير المؤمنين، وتنزل نفسك هذه المنزلة من أجلها؟ ثم هي ذاهبة من يدك على كل حال؟ فقال: عجلت علي بالتوبيخ من قبل أن تعرف ما عندي، قلت: وما هو. قال: إن علي يميناً بالطلاق والعتاق، وصدقة ما أملكه لا أبيع هذه الجارية ولا أهبها. فالتفت إلي الرشيد وقال: هل لك في هذه من مخرج؟ قلت: نعم: وما هو؟ قلت: يهبك نصفها ويبيعك نصفها، فيكون لم يهبها ولم يبعها قال عيسى أو يجوز ذلك؟ قلت: نعم. قال فاشهد، أني وهبته نصفها، وبعته نصفها الباقي بمائة ألف دينار. فقال الرشيد: قد قبلت الهبة، واشتريت النصف بمائة ألف دينار. ثم قال: علي بالجارية والمال فأتي بالجارية والمال. فقال: خذها يا أمير المؤمنين، بارك الله لك فيها. فقال الرشيد: يا يعقوب بقيت واحدة؟ فقلت: وما هي؟ قال: إنها مملوكة ولا يد لن تستبرأ ووالله لئن لم أبت معها ليلتي هذه، أظن أن نفسي تخرج! فقلت: يا أمير المؤمنين تعتقها وتتزوجها، فإن الحرة لا تستبرأ. قال: فإني قد أعتقتها. فمن يزوجنيها. قلت له: أنا.
فدعا بمسرور وحسين، فخطبت وحمدت الله تعالى، وزوجته بها على عشرين ألف دينار، ثم قال: علي بالمال، فجيء به فدفعه إليها ثم قال لي: يا يعقوب انصرف، وقال لمسرور: احمل إلى يعقوب مائتي ألف درهم، وعشرين تختاً من الثياب فحمل ذلك إليه.
وكان أبو يوسف يحفظ التفسير والمغازي وأيام العرب فمضى يوماً ليسمع المغازي، وأخل بمجلس أبي حنيفة أياماً فلما أتاه قال له: يا أبا يوسف من كان صاحب راية جالوت؟ فقال له أبو يوسف: إنك إمام، وإن لم تمسك عن هذا سألتك على رؤوس الناس، أيما كان أول وقعة بدر أو أحد؟ فإنك لا تدري ذلك، وهي أهون مسائل التاريخ، فأمسك عنه. قيل: كان يجلس إلى أبي يوسف رجل فيطيل الصمت ولا يتكلم فقال له أبو يوسف يوماً: ألا تتكلم؟ فقال: بلى. متى يفطر الصائم؟ قال: إذا غابت الشمس. قال: فإن لم تغب إلى نصف الليل كيف يصنع؟ فضحك أبو يوسف وقال له: أصبت في صمتك، وأخطأت أنا في استدعائي نطقك وأنشد:
عجبت لإزراء الغبي بنفسه ... وصمت الذي قد كان بالقول أعلما
وفي الصمت ستر للغبي وإنما ... صحيفة لب المرء أن يتكلما
وروي أن رجلاً كان يجلس إلى بعض العلماء ولا يتكلم، فقيل له يوماً: ألا تتكلم؟ قال: نعم أخبرني لأي شيء يستحب صيام الأيام البيض من كل شهر؟ فقال: لا أدري: فقال الرجل: لكني أدري. قال: وما هو؟ قال لأن القمر لا ينكسف إلا فيهن، فأحب الله تعالى أن لا يحدث في الماء آية، إلا حدث في الأرض مثلها. وهذا أحسن ما قيل فيه. وذكر ابن خلكان أن رجلاً كان يجالس الشعبي ويطيل الصمت فقال له الشعبي يوماً ألا تتكلم؟ فقال: أصمت فأسلم، - وأسمع فأعلم، إن حظ المرء في أذنه له، وفي لسانه لغيره. وتكلم شاب يوماً عند الشعبي بكلام، فقال للشعبي: ما سمعنا بهذا. فقال الشاب: أكل العلم سمعت؟ قال: لا. قال فشطره. قال: نعم قال: فاجعل هذا في الشطر الذي لم تسمعه. فأفحم الشعبي. وأبو يوسف هو أول من
دعي بقاضي القضاة، وأول من غير لباس العلماء إلى هذه الهيئة التي هم عليها إلى هذا الزمان، وكان ملبوس الناس قبل ذلك، شيئاً واحداً لا يتميز أحد عن أحد بلباسه وحكي أن عبد الرحمن بن مسهر، كان قاضياً على بليدة، بين بغداد وواسط، يقال لها المبارك، فبلغه خروج الرشيد إلى البصرة، ومعه أبو يوسف القاضي في الحراقة. فقال عبد الرحمن لأهل المبارك: اثنوا علي عندهما، فأبوا عليه. فلبس ثيابه وتلقاهما، وقال نعم القاضي قاضينا، ثم مضى إلى موضع آخر وأعاد عليهما هذا القول فالتفت الرشيد إلى أبي يوسف وقال: يا يعقوب قاض في موضع لا يثنى عليه إلا رجل واحد بئس القاضي. فقال أبو يوسف: والعجب يا أمير المؤمنين أنه هو القاضي، وهو يثني على نفسه. فضحك الرشيد وقال: هذا أظرف الناس هذا لا يعزل أبداً توفي أبو يوسف في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين ومائة، وقيل غير ذلك. وأنشد أبو السعادات المبارك بن الأثير لصاحب الموصل وقد زلت به بغلته:
إن زلت البغلة من تحته ... فإن في زلتها عذراً
حملهامن علمه شاهقاً ... ومن ندى راحتيه بحراً
وروى الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخ دمشق، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أن البغال كانت تتناسل، وكانت من أسرع الدواب في نقل الحطب لنار إبراهيم، خليل الرحمن عليه لصلاة والسلام، فدعا عليها فقطع الله نسلها.
فائدة غريبة: روي عن إسماعيل ين حماد بن أبي حنيفة، قال: كان عندنا طحان رافضي، له بغلان، سمي أحدهما أبا بكر والآخر عمر، فرمحه أحدهما فقتله. فأخبر جدي أبو حنيقة بذلك، فقال: انظروا الذي رمحه فإنه الذي سماه عمر فنظروا فوجدوه كذلك وفي كامل ابن عدي في ترجمة خالد بن يزيد العمري المكي، عن سفيان بن أبان، عن أنس رضي الله تعالى عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب بغلة فحادت به، فحبسها، وأمر رجلاً أن يقرأ عليها " يقل أعوذ برب الفلق " فسكنت وسيأتي، إن شاء الله تعالى، هذا في الدابة. وفيه عنه أيضاً أنه روى عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من ولد له ثلالة ولم يسم أحدهم محمداً فهو من الجفاء، وإذا سميتموه محمداً فلا تسبوه ولا تعيبوه ولا تضربوه وشرفوه وكرموه وعظموه وبروا قسمه " .
فائدة: روى أبو داود والنسائي، عن عبد الله بن زرير الغافقي المصري، عن علي رضي الله تعالى عنه قال: " أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة، فركبها فقالوا: لو حملنا الحمير على الخيل لكان لنا مثل هذه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون " قال ابن حبان: معناه الذين لا يعلمون النهي عنه وقال الخطابي: يشبه أن يكون المعنى في ذلك، والله أعلم، أن الحمير، إذا حملت على الخيل، تعطلت منافع الخيل وقل عددها، وانقطع نماؤها، والخيل يحتاج إليها للركوب والعدو والركض والطلب، وعليها يجاهد العدو، وبها تحرز الغنائم. ولحمهامأكول، ويسهم للفرس كمايسهم للرجل وليس للبغل شيء من هذه الفضائل، فأحب النبي صلى الله عليه وسلم، أن ينمو عدد الخيل ويكثر نسلها، لما فيها من النفع والصلاح، فإذا كانت الفحول خيلاً، والأمهات حميراً فيحتمل أن لا يكون داخلاً في النهي إلا أن يتأول متأول أن المراد بالحديث صيانة الخيل عن مزاوجة الحمر، وكراهة اختلاط مائها بمائها لئلا يكون منها الحيوان المركب من نوعين مختلفين فإن أكثر الحيوانات المركبة عن نوعين من الحيوان أخبث طبعاً من أصولها التي تتولد منها، وأشد ضراسة كالمع وللعسبارونحوها - ثم !لة الب!غل حيؤن عقيم ليس له نل ولا تملا ولايذكى ولا رزكى ثم قال ت ولا لرى لها الرلمحه ط!ملا، قللة أثه تعالى ظه ت كولعيل ولليغلا ولممير لتركبوها مزيتة، - 11، قذكر اليغالا وامت!ا عليتا يها، كامتتاقه يالحيل والحمير، ولفؤ ذكرها يلاعم الحاص الموضوع لها، وتيه عله عافيها عنا الأرب والمنقة - ولمرؤ مته للاضياء طمو،، لا يسشحق المدخ ولا يقع الامتنان به، وقد اصتعمل ! البغله واقتناه صركبه ضرا وصفرا، ولوكان مكروها لم يقتنه ولم يتعمله، انتماء صروى صصلم عن - شيد ي!ا ثابت رضي افه تعالى عنه قال: ييتما الت!! لا ح!!ظ ليتى
النجار، على بغلة، وتحن معه، بذ حمت يه قكثته ل! تلقيه، ويخا لقبرعتة لوخمسة لولريعة، ضلا! ت 5من يعرف أصحابه هذه الأفبر " ضال رجل ت أنا ضال ت 5متى م!لت هؤلاء،؟ !له ت ماتوا عل الإضراك - ضالا!: 5بر هته للاعة تيتلا ك! قبورها، قلولا لن لا تماقنوا لمموت اث عزوجل لن يمعكم م!ه عفاب القير الذي لسمع مته، - ثم لقيل التجه ! عليتا يوجهه الكريم، ضلات " لعؤقوا ياث منا عنن للقير، ء ضالوات تعهذ يامة مته علب للقير - ضلات 5لعهغوا ياثه من عفاب النار " - ضالوات تعوذ ياث من عفلب التار - ضاله - 5معهخوا ياثه من الق!ن ما ظهرمها وما يطا - !الوا: تعؤ يا* من القتتا ما ظهرمتها وما بطن - ضال ت " تع!خوا ياث من ختة اللجال!ه - (3، ضالوا: تعؤ ياثه من ختة المجال: ق!هله لخرى: كات! يغله رسول اث ! للعللل، الى رركيها فه الأسقار، أتثى كما لجايه يه اينا الصلاح وغيره - وعاضت يعله حتى كيرت وزالت لضراص!ها " قكالة مجش لها الثحعيرا!د للة عاتت ياليميع، قه زمن معاويه رضى اثه معالى عته، وكاتت ضهيلا، وتقل الحاظ طب الحتر قه - مهحفملسيرخشصعن وكذ خلئة قيه الوللاحلف لاوهاجم بئريعا أبرتقع عله حرألذكر تثى وامجيثه ة كليرل!ة والتمرة - وكقا لوحلف لأ رركب يغلة فركب بهرألوأتثى حنث ليضا - ئم !لأت وليم لمل الحلمث عل لن بقله رسول اثه ! كات! ذكرأ لا أتثها ثم عد للتص !، ض يغالا - ومالا السهيلأ. ومما دكر له عرؤ حصعا، لن الى!، 5لحد وهوعلا لعل!ه ضته س ال!طحلا، قرمى يها قى وجوه الكمار، وقاله: ضاهت ال!ؤ قانهزمؤء - وكاتت ال!يغلة ضريت ييطها الأرض، حتى لخذ ا!ته، ثم ماص! - مال: وملئه اليغله هه الى مسمى للييضلا - وهه الى لمماها له قرؤ جمة نعامة وثه معجم الطبراق! الأوصط، من حليث لن! ا رضي امه تعالى عنه، قالات لما انهزم الم! لموق يوم حن!ن، صرسول الله !، على بغلته الشهباء، التي يقال لها الدلدل، فقال لها رسود اثه !ت " لمحلحل أسمى فألصقت بطنها بالأرض حتى أخذ النيي ! حفنة من تراب، فرمى بها وجوههم وقال: أحم،لا ينصرون قال: فانمزم القوم ومارميناهم بسهم، ولا طعناهم برمح، ولا ضربناهم بسيف،. وفيه من حليث شيبة بن عثلان ن النبي ط قال يوم حنين لعمه العياس - " ناولني من البطحاءا، فأفقه الله تعالى البغلة كلامه فانخفضت به حتى كاد بطنها يمس الأرض، فتناول رسول الله ! من الحصباء، فنفخ في وجوههم، وقال: (شاهت الوجوه حم لا ينصر ون " .
تتمة: روى الطبىاني وأبو نعيم من طرق صحيحه عن خزيمة بن أوس، قال: هاجرت لملا الن!ي !، فقحمت عليه عند منصرفه من تبوك فأصلمت، فسمعته يقرل : " هفه الحير قد رفعت لي وإنكم ستفتحونها، وهنه الشح!ء بنت نفيل الأزدية، على بغلة شهباء معتجؤ يخ!ر أسود " . فقلت: يا رسول الله إن نحن دخلنا الحيرة، فوجدناها على هذه الصفة، فهي لي. قلا عليه الصلاة والسلام: " هي لك " فأقبلنا مع خالد بن الوليد نريد الحيرة، فلما دخلناها كالة لول من تلقانا الش!! بنت نفيل، كما قال رسول افه !: " على بغلة شهباء معتجرة بخ!رل! هع! فتعلقت بها، وقلت هف! وهبها لي رسول الله !. فطلب مني خالد عليها البينة فأتيته بها، فسلمها لي، ونزل إلينا أخوها عبد المسيح فقال لي: أتبيعينها؟ فقلت: نعم، فقال: احتكم ما ضئت فقلت. والله لا أنقصها عن ألف عرهم. فدفع لي ألف لمحرهم. فقيل لي: لو قلت ماثة ألف كرهم لمنعها إليك فقلت: لا أحسب مالا أكزمن ألف لمحرهم. قال الطبراني: وبلغني أن الثاهدين كلقا محمد ابن مسلمة وعبد الله بن عمررضي الله تعالى عنهم.
الح!م !: يحرم أكل المتولد منها ب!ين الحمار الأهلي والفرس، لما روى جابر قال: " ذبحتا يهم حن!ن البغال والحبير والخيل فنهانا رسول الله ص! عن الحمي والبغال، ولم ينهنا عن الخيل ولأته متولد بين ما يحل وما يحرم " . فغلب جانب التحريم، فإن تولد بين حمار وح!ثي وفرحا حل - وأما الحديث الذي رواه البزار، ب!سناد صحيح، عن أبي واقد " أن قوما لهم بغل، ولم يكعا لهم ضيء غيره، فجاؤوا إلى رسول الد!يئ، (فرخص لهم فيه) فهذا محمول على أنهم ى نوا مفطرفي، يحل لهم أكل الميتة.
فرع: وإذا أوصى لزيد ببغلة، لا تتناول الذكر على الأصح. كما لا تتناول البقرة للثور والثاني تتناوله والهاء للوحلة كبقرة وزبيبة.
لملأمثال: (قيل للبغل: من أبوك؟ قال الفرس خالي1. يضرب للمخلط في أمره. ومالوات 5أعقر من بغل وأعقم منبغلة،. وقالوا: 5أعيب من بغلة أبي دلامة " ، واسمه زند بن الجون كوفي أسود، كان مولى لبني أسد، وكان صاحب نوا!ر: فمنها أنه مرض له ولد، فاستدعى طبيبا ليداويه وثرط له جعلا معلوما، فلما برص! ولله، قال له: والمحه ما عندنا ثيء نعطيك إياه، ولكن بدع على فلان اليهو!ي بمقدار الجعل، وكان ذا مال كثير، وأنا ورللي نشهد لك بنلك. فمف! الطبيب إلى محمد بن عبد الرحمن بن أي ليلى وحمل إليه اليهو!ي وادعى عليه بفلك المبلغ، فأنكر. فقيل: ألك بينة؟ قال: نعم، قال: أحضرها، فدخل أبودلامة وهو ينشد والقاضي يسمح شعره : إن الناس غطوني تغطيت عنهم وإن بحثواعني ففيهم مباحمث وإن نبئوابئري نبئت بئارهم ليعلم قوم كيف تلك النبائث فلما ضهدا عند القاضي، قال لهما: شهاثتكما مقبولة وكلامكما مسموع. ثم غرم المبلغ من محنله وجمع بين المصلحتين. ومنها أنه خاصم رجلا إلى عافية بن يزيد القاضي فقال: لقد خاصمتني غواة الرجال وخاصمتهم مسنة وافية فما أدحض اطه لي حجة وماخئب الة لي قافية فمن كنت من جوره خائفأ فلست أخافك يا عافية فقال له عافية: لأشكونك لأمير المؤمنين، قال ولم؟ قال: لأنك هجوتني. قال: أبو دلامة إن ضكوقني ليعزلنك قال: ولم. قال: لأنك لا تعرف الهجاء ش المدح. ومنها ما قاله الإمام أبو الفرج ابن الجوزي: روي أن أبادلامة دخل على المهلي، فأنثحه قصيحة فقال له: سلني حاجتك، ققال: يا أمير المؤمنين هب لي كلبا، فغضب المهحي وقال: أقول لك سلني حاجتك، فحكول: هب لي كلبا!. فقال: يا أمير المؤمنين الحاجة لي أم لك؟ قال: بل لك قال: فإني أسألك أن تهب لي كلب صيد، فأمر له بكلب. فقال: يا أمير المؤمنين هبني خرجت إلى الصيد، أفأعمو على رجلي؟ فأمر له بحابة - فقال: يا أمير المؤمنين فمن يقوم عليها؟ فأمر له بغلام. فقال يا أمير المؤمنين هبني صمت - ضيدأفأتيت به المنزل فمن يطبخه لي؟ فأمر له بجارية. فقال: يا أميرالمؤمنين هؤلاء أين يبيتون. فكمر له بدار. فقال: يا أمير المؤمنين قد صار في عنقي جماعة من العيال، فمن أين لي ما يقوت هؤلاء. قال: فإن أمير المؤمنين قد أقطعك ألف جريب عامرا وألف جريب غامرا. فقال: أما العامر فقد عرفت. فما الغامر؟ قال: الخراب الذي لا شيء فيه. فقال: أنا أقطع أميرالمؤمنين مائة ألف جريب غامرة بالبلو، ولكني أسأل أمير المؤمنين من ألف جريب جريبا راحدا عامرا. قالي: ! من أين؟ قال: من بيت المالء فقال المهمي حؤلوا المال وأعطوه جريبا. فقالى: يا أمير المؤمنين بفا حؤلوا منه المال صار غامرا فضحك المهحيى منه وأرضاه.
قلت: وقد لذكرتني هذه الحكاية ما ذكره أبو الفرج بن الجوزي في الأذكياء، بسنله عن مجمد بن إسحاق السراج، قال: أنبأنا لمحاود بن رشيد قال: قلت للهيثم بن علي: بأي ضيء ادتحق سعيد بن عبد الرحمن أن ولاه المهمي القضاء وأنزله منه تلك المنزلة الرفيعة؟ قال: إن خيز لظريفء قملة لحييت ضرحته لئا؟ قلت - قد وامه لحيبت فلك - قاله: اعلم أته ولته للريغ(1، الحيب حيا لضت لعلاقة يلى المهلي، ضال: اصتكقتا لي عل! لميرالمزمتيهة ضالا له للرييع ت من لق!؟ وما حيتئه؟ قالأت لتا رجلا قد رأيت لأميرالمؤمنين رؤيا!الح!ء وقد لحيي! للة تثرف! له - ظا له الري!يع ت يا ها بن القوم لا يصمتون ما ررونه لأقسهم، فكيف مايراه لهم غرهم؟ !ح!ه يح!له غرهت!، مكون ل!رعل!ك من هتهء ضال ت بن لم نحيره يمكاق ويلا سأك مته يوصلتي بليه ولخيز لتي صأل!ئهه الإقن عليه قلم تقعله - قمخل الرييع عله المهلي وقال
له ت يالمير المؤمتية!قكم قد لطمعتم التاص كا لق!كم وقد احتالوا لكم بكل ضربء!اله له المهلى: هكا صتع الملوك ققا؟ ماله: رجل يالي!لب - فيعم أقه رلى لأمرالمزمتقا رئريا صالحه، ومد محب لتا يقصط عل لمرالمؤمتية، ضالا له المهل!ي: ومجك يارييع لمق! واثه مد لرى الرؤيا لتذي تلا تصح لي، تكيف بخا ادعاها لي من لعله اتتعلها؟ تاله ت تد تلت له واثه مثل ها نلم مميل ت مالا قهثه الرلجه ه قللىخل عل!ه صع!د بخا عبد الرحما، وكان له رواء وجماله وثروة ظاهرة ولحية ط!يمة ولسان طلقا، ضال له المهليى ت هاته يارك اثه عليك ما رأيت قال ت يا لميرالمزعتين، رلي! ككته آم!أ ث!اتي قه منامي، ضال لي لخير لمير المئمتين أنه يعثى ثلاتين ست يه الحلاقة، وآية قلئه للة!ى كا ليلته هته كه متاعه، ك!ته يقلب ياقوتا قيعله يخجله ثلائين يلأفوتة، كأتها قد وهيت له - ضال له لملي: ما لح!ن عا رأيت! وتحن نمتحن !ؤياك ل! ل!يلتتا المقيلة، على ما لخيرقتا يه، قاتا كان الأمر كما جمرله لحطا!تاك ما مرلد " لهان كاتا الأمر بخلاف قلئه لم تعاقيك لعلمآ لن الرئيا ريما صلم! صريما اخ!لم! - ضالا له صع!د: لا لمرالمزمنن ق!خا أصتع أتا الساعه !غا صر!!لى متزلي وعيالي، ولخير!م لتي كت! عتد لميرالمزمتن ثم رجعت صقر اليليت! - ضاله له المهلجه ت قك!ف قصتع؟ !له ت معجل لما ما لم!رالمؤمنن ما لحب، ولحلف لئه يالطلاد لقع صاكى ق! صويثا قلمرله يعثز ا3 ف كرهم، ولمرلن لمؤخذ منه كق!لا قمد ع!ن!ه قرلى خمما واضأ عله رلس ا!يى، حن الوجه والزي، ضال ت هقا عكفلتي. ضال! له المهلي ت ثمكقل يه؟ قاحمر وجهه وخجل، وقال ت نعم أنكقله - واتصرف سعيد يالماله - فلما كان ك! تلئه الليلة رلى المهلي ما قثز له صع!د حرقا يحرف - ولصيح صع!دفواقى اليايممانما واصقن قة له، قلما ومعص عية للهلي عليه، قالا له: لس مصمقاما قلت؟ ققال له سعيدت لوما رلى لميرالمزمتين ض!يئا؟ قتلجج كاجوايه ضلا له سعيد امر7له طالق للة لم قكعارليت ثيئا، ضال له المهلعي: ومجك ما لجرلك على الحلف يالطلاقا، قال لأتي لحلف علا صلق - !لا المهلي: قد واث رليت بئه بينا - ضالا صعيد: ا* كيرأقجزلى يا لميرالمزعتفا ما وع!قتي - ضاله له: حيا وكرامة ثم لمرله يثد ا3 ف حمنار، وعثرة تخوت ثيلب، وثلالة عركب متا لتفس كوايه - وقال غيره: ثلاث يغال ضهب - قلخذ فلك واتصرف، قلضه الحمم الذي كان تكقله يه، وقال له: س!لتئه يا* التي لا لمله لا هوهل كان لتلئه الرؤيا الت! فثرت ضيقة؟ ضالى له سعيبرلا وافه - ضال له: وكيف فلئه وقد رلى لمعرالمزعتقا ما ذكرلمه؟ ضالات هته مته المخارر الكيار الى لا لم!يه لها لمثالكم، وتئه لقا لما
للم!ص بل!ه ها الكلام، خطريياله وحلث يه تقه ولثرلب يه مليه، واض!قلا يه قكؤ هساعأ نام خ!ل له ما كان قى مليه، مما ضغل يه قكؤ مرا. قه متاعه - ضال له لعاكم: ضد ح! يالطلاق قاله ت طلقت واحلة وبقيت معي علا لمةمتتين قأزيد يه المهر عثرة كراهم ول!ل، عثرة برف !رهم وثلاثه برف ممنار،جمثرة تحوس مته أ!تاف الث!لص وثلاثه مراكب - قي! الحمم مي وجهه وقعحب ص لمز ضال له صعيد: قدوله صحقتئه، وجعلت صلقي و مكافةنك على كفالتك لي، فاسزفلئه عيه ضعل. ثم بن المهليها طلبه لمنممته، فجعل ينمعه و - عنله وقلله القضاء علا عسكره، فلم يزل كلك حتى ملى للهديما ثم ملا ليتا ليوزي: ت روب لتا هته الحكاية لهاتي لمرتايه من صحتها وما أيعد حا لن ككا عتا قاض من للقضلا قلت ت وقد شل الإمام لحد عن صعيد بن عبد الرحمن ها ضادت ليى ا يئمى - وقال مجعا ين معيها: هوثقة، و - اتما لهم يها الهيثم يته علي، ضد قالا مجى معن: اله!ثم ل!س بثمه، كان لكب - ومالا على ي!ا المحمتى ت لا لرض له ضيء - وقال أيو!اود العجلي: الهيثم كلب - وقلا بيرلميم بتا يعقوب الجرجاا الهيثم صاظ قد كشف قتاعه - وقال ثبو زرعة: ليى لثيء - وكا كتايه للف يعد للثله، عن رجل من الجتد مال: خرج! مته يع! ه يلملن الثم، لريد مرمه مته مرلما، صرس قا يعما الطريى، ومد صرت عله قراصخ، !تى ال!عب وكان مع! يغله عليها خز وتمي، وكالآ تد ترب المساء، نبتا بلكل عظيم، وتيه راهب يا صومعة، تتزله ييا ولمس يرصكلتي المي!ص عتله، ولن لضيقتي ضعلت قلمادخلص الورلم لجد ف!ه غره، قكخذ يغل!ا وطى ض!عرا 8 وعزل رحل! في بيت، وجاني بماء حار، وكان الزمان شم! للبرد والثلج يق!، وأ ييئ يلي قارا عظيمة، وجاء بطعام طيب قكلت ومضت ظعة منه الليل، فكر!ت التهم، ف عن طريى للسرخ، تللتى علببه، وكتا قى غرقة، قزلت وث!ص، قلما صرت علا يايه للسرا !قا ياريه عظ!مه، قلما صارس رجما عل!ها، صمطص ققا لتا يالصحراء، !فا الياريه كا مطروحة علا غيرسقف، وكان الثلج يسقط صقوطأ عظط، ضعحت يالراهب، قلم يكلب كمت وقد تحرح يلتي إلا لتي صالم، قجئت فاصتظللت يطق ي!ى الليرمن الثلج - قلخا حجاؤ كعتي لو تمكنت متا!ماغي لطحتته - قخرجت لحلر وأص!يح قثتمتي - قعلمت ثقإ أقيت جانيه، وأنه طمح يه رحلي فلما خرجت م!ا ظلا الح!، وقع للثلج قي وبل ثيالإ، فنظرت فلن !؟لف من للبرد والثلج، قولد لما القكرلن لخنسحجرا مرييأ عن الثلآئن رطلا، قوضعحه عانقي وجعلت لملويه لا الصحراء ضوطا طويلاء حتى يئخنتي التعب، فباتعيت و - وعرقمه طرحت الحجر، !جلست لصزيح، ففا صكنت ومحنني البرد تنلولت لمجروعلوت ظم ثزل علا ملك لماله لملى الصيحء قلما كانا ميل طلوع للثحمى، وأتا خلف اللير، بذ س! خ!ا يابه للليروقد قتح !لخا يالراهب قد خرج وجاء يد للوضع اليه ستطت مته قلم ررا ضال: يا قوم ما فعل؟ ولتا لصمعه، ثم مثى فخالقته يلى يايه لل!س، ودخلت للشكل وهوا مطليتى حول لللير، ووض!خلف لليلب، وكان قه وعطا ختجرلم مشعريه الراهب، ظ حوله الليرقلما لم يقف لى على علم ولاخير، ولا عرف لي لمهلمرا، علا ودخل الليرولخلقا لليلأ
فجثت عليه ووجأته بالخنجر، فصرعته وفبحته، وأغلقت باب المير وصعمت إلى الغرفة، واصطليت يناركانت موقو!ه هناك، وطرحت يئ من رحلي ثيابا كثية، وأصفت كساء الراهب فنمت فيه، فما أفقت إلا قرب العصر، قلما انتبهت طقت الحيرحتى وقفت على طعام فأكلت مته، وسكنت نفي. ووقعت بمفاتيح بيوت الحير، فوقفت أفتح بيتا بيتا، فاذا أموال عظيمة، من عين وصرق، وأمتعة وثياب، وآلات صرحال قوم، وأخراجهم وحمولاتهم، !افا الراهب كان من عاعمه فلك، مع كل من يجتازبه وحيدأ ويتمكن منه. قال: فتحيرت في نفي ولم أ!ركيف أعمل في نقل المال ظبست من ثياب الراهب شيئا، وأقمت في صومعته أيامأ، أتراعى لمن مجتاز بب من بعيد لثلا يثحكوا أني أنا هو فافا قربوا مني لم أبرز إليهم وجهي إلى أن خفي أثري، فنزعت ثياب الراهب، ولخت جوالقين كانا في الحير من تلك الأمتعة، وجعلتهما على ظهر البغلة وفمبت إلى قرية قريية من المير فحتريت بها منزلأ ولم أزل أنقل إليه على البغلة حتى أخفت الصامت كله مما خف حمله وكثرت قيمته ولم أدع فيه إلا الأمتعة الثقيلة، فحتريت عحة!واب صرجال؟ وجئت بهم عفعة واحلت، وحملت كل ما قلرت عليه، وصرت في قافلة عظيمة بغنيمة هائلة حتى قحمت على بلمي، رقد حصلت على مال عظيم. رقد ذكر هذه الحكاية الحافظ ابن ش!ر في تاريخه عن أيب محمد البطال وفيها بعضى مخالفة.
الحواص: با جفف قلب البغل ونحت وسقي من نحاتته امرلق لم تحبل أبحا. وكلك وصخ لفنه إفا تحملت به المرأة لم تحبل أبما. وءان علقته في جلد بغل عليها لم تحبل أبدا ما!ام عليها. ورملا حافره لمفا سحق وعجن بممن الآس، وجعل على رأس الأقرع لو الموضع الذي لا ينبت فيه شعر، نبت الشعر. !افا لحفن حافرالبغلة السوعاء، أومحمها تحت عتبة باب لم يقربه فار. وبفا بخر البيت بحافر بغلة ذكر هرب منه الفكر وسائر الهوام. ونقل ابن زهر عن صقراطيى أن من كان عاشقا وأحب أن يزول عشقه، فليتمرغ في مراغة بغل ذكر إن كان ع!ثقه من ذكر، !ان كان صكشقه من أتش ففي مراغة بغل أنش. صزبله يا ضمه المزكوم وتفل عليه صرماه على الطريق، فمن تخطاه انتقل الزكام أليه وبرعر التافل عليه. وقال هرمس: إفا أخذ وسخ أفن البغل في بنحقة من فضة، وعلق على الحبالى منعهن الولاثة ما لحام عليهن. وءافا سقي منه إنسان في نبيذ، سكرمن وقته. وإن شربت امرلة من بول بغل مقمارثلاثين ثرما لم تحبل أبدا. وءان صقيت المرأة الحامل من لمحماغ بغل شيئأجاء ولحما مجنونا. وقال ابن نجتيشوع: عرق بحعلبماافا تحملت به امرلة ني قطنة لم تحبل أبدا.
التعبير: البغك في المنام يمل على السفر براكبه، وعلى طول العمر، ويعبرأيضأ بولد زنا لأ أصل له. فمن ركب بغلا ولم يكن من المسافرين، ف!نه يقهررجلا شعيمأ. والبغلة مرتبة. وقيل امرأة عاقر فالسوكاء فات مال والبيضاء فات، حسب. وقيل: ابغلة سفر، فمن نزل عن بغلته نزول مفارقة نزل عن مرتبته لو فارق زوجته التي هي مركبه أو يطول سفره راطه أعلم - البغيبغ: تيس الظباء السمين. وسيأتي لمن شاء اطه قعالى ما فيه في الظ!ي في حرف الظاء.
ا ا - ة - الأها - . ا - حنسرء لقر عا، الذ! والآنث!!!انما دخلته الهاء للوحل!ه والجمع بقرات. قالالله تعالى: (سبع بقرات سلان قال المبرد في الكامل: بذا أردت التمييز قلت: هذا بقرة للذكر وهفه بقره للأنئى كما تقول: هذا بطة للذكر وهفه بطة للانثى. والبقيرو البقران والباقر جماعة البقر. مع رعاتها. والبيقور الج!كلة. قالالشاعر: ) جاعل أنت بيقررامسلعة فريعة لك بين اثه والمطر وأهل اليمن يسمون البقرة باقورة. كتب النبي ! إليهم كتاب الصمقة: " في كل ثلآنين بلقورة بقرة ، واشتق هذا الإسم من بقر إذا شق لأنها تشق الأرض بالحراثة ومنه قيل لمحمد بن علي زين العابدين بن الحسين الباقر، لأنه بقر العلم أي شقه ودخل فيه مدخلا بليغا. وفي الحميث " أنه عليه الصلاة والسلام ذكر فتنة كوجوهالبقر،. أي يشبه بعضها بعضا فمبوا إلى قولهتعالى: (إن البقر تثابه علينا " وفيه أيضا (رجال بأيليهم سياط كأففاب البقر يضربون بها الناس1.
و! وروى الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النيي ع! يقول : " إن طابت بك حياة يوشك أن ترى قوما يغحون في سخط الله، ويروحون في لعنته في أيلحم مثل أذناب البقرأ. وفيه أيضا " بينما رجل يسوق بقرة، إذ تكلمت مما ا سبحان افه بقرة تتكلم! قال: آمنت بذلك أنا وأبو بكر وعمر،.
وفي سنن أبي داود الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، أن النبي !ك! قال: " إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة ، ء قال انترمني: حديث حسن وهو الذي يتشمق في الكلام ويفخم به لسانه، ويلفه كما تثف البقرة رو بلسانها لفا.
وفي سنن أبي داود من حديث عطاء الخراساني، عن نافع عن ابن عمررضي اثه تعالى عنهما، ان النبي ف قال: (إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أفناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى ثينكم " . وفي نهاية الغريب في يل! السين المهملة في الحديث: (ما دخلت السكة لحار قوم إلا ذلوا " . والسكة هي التي يحزث بها للارخه لمحه يلة للتهه باثيلواعله لمؤرررصقلواعق الالقؤو، تجب!اتم! الالسالطمه ولييليثه - ومر!يه من هاتا لمليصةءله !ت " لالوكإقو!علأ ال!ببله واالاتاله تجه قاقايه لليمز؟،، - ولميمرح!يولله شلعد للمؤكنواللتقحه، خلمه ! خلولآولم تحلاله !ه سلاط شالمط كما للسياع 8 لأته يه رعايه لإتسقه، تلاتساله يلتع كه ضووعلي تلو!ه !ه سلاح لصحب طه لأتق! ضيطه - واليقرلأجم يحلم قى سلا!قإوكه ق!يتحصله يه طه القرته ط !ى قه للعجييله مي!ا قي!اته مروظ، قتطح يرؤوساققحله خلله طيحآصمه لمجئه ت قتها لمو!ياله وس ثروها!قآو!صاب، قله ليلص لمير! الله ضاته !يص وهتايق!ه ب !يب وثضله ععه !لعريى، حى ول قكوق مقلحة عايبط قى لأضحية، كمايممم لمض!ه عياعله اللحز ومالا للزخرى قه ريغ لإيرلوت فوقه ! ياع ثدت لأسد، لمتمووالال!يووفرف الي!هعم ث!ت للقيلاولمركلقه وليمحه - عها لمحريى صمي جردملى للا!ولته - ع!ا قو!تخويقاله له اللويالة يملامهمله ثم راءثم يالو ممحله ثم توقه وهه الل!ه عت!له علبيط لأعه، وريماك!شه لها!سمته - ولليمرمشو كمرهاعلا لقآئها، قا مم لها سته مغه عمرها ك! الالقالب - وير كثوه الالقه - وممه ال!وقلأ لق!لرثه صولامن يههؤ!لالل!يمر، كه !كله ثخم ولمجهر، وهى عقالاله !اضوحا المثو وتتلوى تح! لا سط !ا لم! للجر!!صلايهو ، وهي !ا لص!قت !الثو، تقوت وثمحي!ت للرعلا - ويكوض مصريرطه لها يئ لعيي!ه، طواله لالوقاي! قوصظ كلاه!ه، وجمه حيوه الاللياله - و!لا للسعمحكه ت رلمته يالركه يمرا يرك كما مولى لإيله، وت!وويحملهاكمات!وو - و!ي!اله !تاللأ !ل!يقرثتاياعل!اقمه عمطع لتخث!ه يالسقمه - !ه ت قإتخرصه للجالسه لأحمد يته مروقه الل!ي !) كليتورى لحت!ه لمحه محرمة ع! ايتاعيم! رضما* ععملا عظ قه - ممرعش!ه عل!ه السلام ييمز! الك!وض ولالما قى يطها، ضالت ت ياكلمه ل! دع !ر قه يحلصجه، ظه - ياخلعه التسه مالة ال!ته ويا تحوج للتقى عتا لمته خلصط ق!مت ما ق! ط ظه مه ت قما عركل للرثه مللماظيجشه لها هتا - ولمتد عتا صعييديعة جييرعته ليعة عيص رضعالمة قحكل عتط طه ت الا عرع!ه اللر3 ولالما قلببكب لهايسم الر للرحمته الرحيم لا الله لإس !ببم هويم، سيحته لأرب لمحرض لل!يم 8 الحمد* رب العلبعة، ككهم !مءوته ماروعلوته لم ييثوالإصلكة عالة تهلى يلاخ قطه علله لا للقمم للقمصقوت! - قلت ت وهتا يضه حلي!ررير للطولؤسكه !ض قه لمته !ه! طه ت 5يمليت ح!ى ومحييت قه تت!يم ضهه لاثه ل! !الة صحاله لا ضريائه له الحله ك!م، لا
اله** صصه لاضويائه !ه المال!م هرعم، لا*** محله لا صرعائه له رب للمومه و*وض ورب العرض لم!يم، !مد* رب العللعآ، !تم !حم !وته ط ررعلوته لم يل!يثوا يلا سعة عن تهويلاخ !له عالائه* الممم كقالسموقه، !م عهم رروظ لم يليثوا يلاكية لو ضصا، الالهم جم! !اله مجي!اقه رحم!كه، صضثمم مضر - طه، ولللاعة عن كل ثمم، وللقتيصة ععة كله ير، وهقوزييتة، وكت! معة كت! و، كلهم لاقدع لتا خقيأل! ضز، ولا ما ل! قرج!، ولاطى ير!له رضالمحه ضيا، يرحمتائه يا وحم كرميز " - وكلاجرب لحرالولا - ، لتا يكضيه وشقه الالم!القة م!وت يسم* كرحمن الرجم !مد، رب لد!سة لد لخرها - يسم ل! كرحمه !رحيم الله هو* !ص لمحاتخدها - يسم س الرحمته !رح!م طه لم!ؤيرب !لقلعألد تزها - يبم س كرحمن الرحيم هه ثكؤيوب ثتال!ه !دتخرط ميم ش كلرحن كلرجيم لما مسال! ثه!ثمصه وقاتت لريها وصت هقملآرض ملقمومه عا قاوغث 2،، لللهم يا تحل!ه هته عق الته، ويا مخرج الته عالة الته،؟ عليم يا ضير، خالحه قلاتما ق! يطتها مت! صملما، ظص!اقه عاتية ثئه لوحبم الرمعة - ف قىى ت صوكله صجه!!ركييه واثوهي!ب والوو، يه السحعب، عن ليته ع!يما ركه س تحمو، ك!قى ممآمن لللم! خرج ماله يلله ي! وكه ممه وهوعتضه عته للتم!، قزله ع!ه ويهه له يئ قر!عل!ه قالانه اللياله اليعزجل!ي!ممللوقلافغه معز صج! سانه عالة خالانه، ع! ضه ي!تما، قلماكه ع!ه القد كل!!يمز لمحا عرعاها، ثم ر! !يت قصف خالاله، ف حا سله ص! يها وهه له ت محيرتي عته يمر - طه هته لم ققصاحلايه!يم لم يكعة عرععا الهم مرععا يلاماله؟ طه ت يله، ومته لوى الللله لضمرلي!ه رعيس سو ا قتم!ا ل!يهامة سثه !اطالم وهم طلم خميت الوص طه ت صعد الشه مه لته لاي!تماولايظلم !آ - قه ت !مت قرع!ت ثم ر!ت خليت حلا!ا يه !ليمم*وله قع!يرسئه يتلئه وعللا، صمه ت ق سمه !اطلم وهم طلم خم!يت اليرص - لاجرآلأعملن و!وتتاعلالضلا - لمونت - وحمرها اليالة!زى قه عه موال! سمدوالسلاطعة، على كيرهتا لل!ه، ظا - خرج صى قى ي!ه*يم لالصيدكقطح ععة!ص! لإو!ه سحمية قكطرت مطرأشليمأ، حال! ييروييه جتاله قم!ه لايالوي !تهه ياتصب، قعصمه لمحه كوخ قييه عجمز، قتزله عتلما وثدخلت هجؤقىعه، !ال! ليا ييعز! وعا قصليط، وركل كرى لهاكونا!ا - مس!قى ثتا ق!!ه ع!ه !ه يعؤخر لمجأ قهتاحلامه ك!نؤ فم ممت !ليض!قى لحرلمليله لحلها، !جلط لا لن قببا، ضمت ت يا!د!! موساله لرعي!سؤإ - مالت !هات وكيف خلله؟ محالت ت بن ه!يو ماقيزصطزعته لياله، ضالت لهاس - ال!حه قاله عاليانه للآققمركرى قى عقسه
العمل والرجوع عن ذلك العزم. فلما كان آخر الليل، قالت لها أمها: قومي احلبي، فقامت فوجمت البقرة حافلا، فقالت: يا أماه قد والله فمب ما في نفس الملك من السوء. فلما ارتفع الهار؟ جاء أصحاب كسرى فركب وأمر بحمل العجوز وابنتها إليه، فأحسن إليهما، وقال: كيف علمتما فلك؟ فقالت العجوز: أنا بهذا المكان منذ كذا وكذا ما عمل فينا بعمل إلا أخصبت أرضنا، واتسع عيشنا، وما عمل فينا بجور إلا ضاق عيشنا، وانقطعت مواد النفع عنا. وذكر الإمام الطرطوشي، في سراج الملوك، أنه كان بصعيد مصر نخلة تحمل عشرة أرادب تمرا ولم يكن في فلك الزمان نخلة تحمل نصف فلك فغصبها السلطان، فلم تحمل في ذلك العام ولا تمرة واحل!ةء قال الطرطوثي: وقال لي شيخ من أشياخ الصعيد: أعرف هذه النخلة في الغربية تجني ع!ثرة أراعب ستين ويبة، وكان صاحبها يبيع في سني الغلاء كل ويبة بدينار. وذكر ابن خلكان، في ترجمة جلالالحولة ملك شاه السلجوقي، أن واعظا دخل عليه، فكان من جملة ما وعظه به أنلا بعض ا!اصرة اجتاز منفرعا عن محسكره، على باب بستان، فتقئم إلى الباب وطلب ماء ي!ثربه، فخرجت له صبية بإناء، فيه ماء قصب السكر والثلج، فشربه فاستطابه فقال لها: هذا كيف يعمل؟ فقالت: إن القصب يزكو عندنا حتى نعصره بأيدينا فيخرج منه هذا الماء. فقال: ارجعي واعصري شيئأ آخر، وكانت الصبية غيرعارفة به، فلما ولت قال في نفسه: الصواب أن أعوضهم غير هذا المكان واصطفيه لنفسي، فما كان بأسرع من خروجها باكية وقالت: إن نية سلطاننا قد تغيرت: قال: ومن أين علمت فلك؟ قالت: كنت آخذ من هذا ما أريد بغير تعب، والآن قد اجتهحت في عصره فلم أستطع، فرجع عن تلك النية، ثم قال لها: ارجعي الآن فإنك تبلغين الغرض، وعقد في نفسه، أن لا يفعل ما نواه. فذفبت ثم جاءت ومعها ما شاءت من ماء القصب، وهي مستبثرة. قال: وكان ملك شاه من أحسن الملوك سيرة، حتى لقب بالملك العاثل، وكان قد أبطل المكوس والخفارات في جميع البلاد فكز الأمن في زمانه، وكان قد منك ما لم يملكه أحد من ملوك الإسلام. وكان لهجأ بالصيد، قيل إنه ضبط ما اصطاعه بيمه فكان عشرة آلاف، فتصحق بعشرة آلاف دينار وقالى: إني خائف من اللا تعالى من إزهاق الأرواح لغير مأكله، وكان كلما اصطاد صيدا يتصحق بمينار. وقيل إنه خرج مرة من الكوفة، فاصطاد في طريقه وحثا كثيم! فبنى هناك منارة من حوافر!حمر الوحش وقرون الظباء التي صاعما في تلك الطريق. قال: يعني ابن خلكان والمنارة باقية إلى الأن تعرف بمنارة القرون.
وكانت وفاته ببغداد ساعمى عشر شوال سنة خمس وثمان!ين وأ ئة. ومن عجيب الإتفاق أنه المقتحي بافه كان قد بايع لولح! المستظهر بولاية العهد من بعدجم! دخل ملك شاه بغداد المرة الثالثة ألزم المقتحي أن يعزل وللى المستظهر ويجعل ولحه جعفر، الذي رزقه من ابنته ولي العهد ويخرج المقتمي إلى البصرة. فشق ذلك على المقتمي، وبالغ في استنزال ملك شاه عن هذا الرأي فلم يفعل، فسأله المهله عشرة أيام ليتجهز، فأمهله فجعل المقتمي يصوم ويطوى، وإذا أفطر جلس على الرماد للإفطار، وهو يدعو على السلطان، ملك شاه فمرض ملك شاه ومات في تلك الأيام، ولم تشهد له جنازة، ولا صلى عليه أحد في الصورة الظاهرة، وحمل في تابوته إلى أصبهان ولمحفن بها.
أما البقرة التي أمر الله تعالى بني إسرائيل بذبحها، فقصتها مشهورة وستأتي الإشارة إلى ضيء منها في باب العين في لفظ العجل إن شاء الله تعالى، فسبحان من فاوت بين الخلق. قيل لإبراهيم عليه الصلاة والسلام: اذبح ولمك، فتله للجبين. وقيل لبني إسرائيل: افبحوا بقرة إفذبحوها، وما كاعوا يفعلون،. وخرج أبو بكر الصحيق رضي الله عنه من جميع ماله. وبخل ثعلبة بن حاطب بالزكاة، وجاد حاتم وكضمه وأسفاره. وبخل الحباحب بضوء ناره، وكذلك فاوت بين الفهوم، فسبحان أنطق متكلم، وبامل أعجز من أخرمى. وفاوت بين الأماكن فزرود تشكو العطش، والبطائح تشكو الغرق.
فريبة: كانت العرب إذا أرالحت الاستسقاء في السنة الأزمة جعلت النيران في ألمحناب البقو وأطلقوها فتمطر السلى لأن الله تعالى يرحمها بسبب ذلك قال الشاعر في فلك: أجاعل أنت بيقورا مسفعة فريعة لك بين اثه والمطر رقال أمية بن أبي الصلتالثقفي يذكر ذلك: سنة أزمة تخيل بالنا من ترى للعضاه فيهاصريرا
لاعلى كوكب ينوء ولارب ح جنوب ولاترى طخرصرا (، وشسوقون باقرالسهل للطو لمحمهازيل خشية) ن تبوراعاقدين النيران في هلب الأذ ناب منها لكي صه!يج البحورا،7) سلع ثا ومثله عشر ما عائل ماوعالت البيقورا وحكى في الإحياء أن شخصاكانت له بقرة يحلبها ويخلط في لبنها الماء ويبيعه، فجاء سيل فغرق البقرة فقال له بعض أولاث!: إن تلك المياه المتفرقة التي صببناها ني اللبن اجتمعت دفعة واحدة وأخنت البقرة. وروى الخلال، في المجلس التاصمع من مجالسه، عن جابر بن عيد المحه رضمال! محلد عخهما ثالة يموه الققالس! عاله خو، كوي!ت مته ضاي!ملا - ثم ثموا الل! الته ! محعوؤظه - " كلوها!ولايفه !ا " - !كم ت يهة كط وضوب أاليق لمجعأ - مق! !صحببع عق ع!ه وضعه ش قح!اللأع!ا الله لل!ت!! طه ت مسمقه ا!يموو!اليمها شقالو و!مالاحالحه - !موللأ 1، الماله عال!ا تجإقوجمه محمديعه زيلدلمطحقه عته اليغه عيمه وض!ه ال! ععال!عتهايمحتله - وكه االصحني عق ع!ه وضجه* قحمالا ع!ا للة للته ! مضحى عاله قه ياليقوبر - !ممثه!لأ، ا!طي!واليى عاله ؤه!و!ه ت !ع!تقه !و!ه عمة لملإ، عته مليكة يت!ت عمووالالؤيلية ماله والد ؤيد صمة عيد* ياله سحاله قال!ت ت الم!ئئك!ة!جقه حلمه ق!قيئئها!حقه مل!كه يضخحموو!صقت لهلأسحه ي!و، و!ت ت قه وسولى!ر!ماله ت " !لياتها شقد وسما حوالر و!مها! لمه - ولالو!!يحية لم ق!سم و!بة وج!ه ثققه - صيه الالسكلو! متا حلي!ث ليقه سحمدوضجا الث قحماللأ عته الله التجه ! هه!ه! محالببم ي!باله !الي!وو!س!الاتا، رأيعم ولحممط، قاته !يالظ وكالهأحولمرو!مهأحالحه - لمم !ه ت صجيع لأس!ت!ص !موكه ال!م لثضاولياله حيالة عغه الياله مسعمد!يضآ اللأ الالته !!ه " 8، ت مما!تؤ!ه لم! ح!و!و!قؤلى!ه حولى، جهله عقه جهله، وعلمه عاله عالمه، صتجه !يثه اليوشقالر ماله !ه حالكل، صالببم ع!ي!اله إاليقو، ظتملا لرم عته ك!ه للشجو " الله !ه صقه ووال!ه قو3، وهه يمعت!أ - ووول! اليالة مالى عاله !ه مح!عه ظ محرأليقه لليقرورود يتمه الاليؤلمو وعه محم!كلاله جايويالة س!ييو وهو ص! ال!وو، عتد!وكه، وضح!ف كد غويم وي!يه وج!ه عق!ه - !حواله ال!بم ثيضآقه ع!! قي!سايوومالة حالي! عيدلث يته لل!يموك عاله !ياحتبقه، عاله قي!كلق مسمالم ععه ط!!ه يالة ضه، بهق عد!يق عسحي - وكه كتايه لياله الال! جه عقه عل! مالة ئياطالب وض!! قحمالا عته تاف ظلأت لم كلسش! ف " التم! لأ م! هء !ضله ماله لالسحه ويا ثوصعه ييقو! لم كل!لى اثووعاله !لاصع - لأقه ال!ا موضو!!لات! ه، ولقه متتو!ه ولطكل !الحله - !ه لالوال! ه ت وم!مه عكسببل! أاليموعي!!بباله ق! !ؤكلا، !ضلهأ هتلا وكه للعملت وال!امة لا كللتهه اللا!ا!ه مق كلقوكا و!ي! الله !ه !لا ال!!يياله و!ولم يكالة لأ م!وقه وخاله ق!همه كماحموقأتجه لالطيلو ولأ - اله - وثاؤك!ط ! ه !ه كللافعة متهامس!مه صيغ المالة مستة وجمه كله ثوشيهة عة!ا سه - لماوصكامالاله عاله طهم!ه، قه مح!يمه جل!وض!ه !قحلالى عته !تماكتلاله وكمه يماحوقه خالاله، قالم كلثذمهأ ثي!!صيهه قييحآومتيع !ه قي الالسوح صعاله لألة قز يتغ ققه و!و!خوج تييحه كجؤثمه، يله هي ؤلملأ!لاقو!ه، صمسميي!ت مسته ث!كحله صسظا - ظوثخو!حة ثرشغه قيييجآقي!عله كصجج - وقه كيقوي ت لا، لأته !لعلدلايقوآ!قم كسق - !ه ت له !ليية، ئؤجمه عكرمه، هه ت كعت !لمضة قه تح! !رائيله، ثلاثة ت قمه !ع!، ضاله كؤمكعه، !م ضواماشالو* قى مضوا، !م يحث !لالهم ممايمححهم قوجد وءصمه يصة عاله ط!، صحلقهاج!ه ضحعا الشه وهوركب قرسآ، خح!هاللحجلة خص!ماخلص لمحا الع!لأ*شله ضقع الله سنه حؤ ع!محه، وطه له - !كم مما للحجله لى، !ه - جمقامحكم، !ه رسله القوصاله وكيمزو!عجحه قاية عسحت القرص ممه لى صرسلها خح!!قوساله خكبم له ط - وثما الم!ه مه خكم كتلنه - وثض حؤو!ال!م!ه ل!لث ضق!له اللالاله حوة وهه - !كلم ييتتاهه - لمجه ح!ه - طه لللله س!يحاله لر لمجيها ل!تر؟ هه: سيض ش ثالدالقرحه يعوبم !كم عالص!يها - ط!: هؤلا كمامال!قييتا!: مص!ته يه كتوف!ه يه لمج!بر!) " - *مكه ت قوات مقركت ويالآيملاحسه اليص،لاحملالم لمحه يحيث تلحى لليص ثولاحما، يحتوقه المثه ال!ض - وموات مملايه عله !يقر!ههه - صمس!إمقديه ييه لمقه يلة صل!ل! - !له
!وس ت ثحم اليقو!ا يخو يه !يي!ت مح صوقيخ مو طرد لم!لوب ولم!فه وس!!ر !ص3 - والاطيه يه ثطكل لمجنتمحت ث!ه ير!ثه - وقرته ياسخه وجله قي طحم صعب حمى !ريح ؤهت عة - ولما شرب ؤديه لإنحل! - صعحه مجيعه كمم الس!ه !ياطيه يمررتها مح طكل مواله هو!وضعاعكتاو!ؤلمه !ها - ولماطمه يه حملوالو ععه لم!يلقه ملعهاوثؤلما - والاخلطت مع الحسله ومتطه ط ثؤكت ككللحه - وءكا طيه ط مح !لتطروته وللحسله وصحم !تطله المح! ضحه - و!ه وسوت عولوه اليض كسمحل!يا م!ه ط !ت لميصرومالاكمه ت !اخصه عغه هيمز، وظح!وكضيه جمعط كل عكدلم ميته يث!روصرأيالليله - صضعورهايا ثحرقه عثريت ضح!عق !*ستق! - والا ضريت يلك!تجيغ!، لؤ!لت لمطحالا - يمته ضريه يعحله قىجت حب !عوع عق ك!يقه - وهه !ته ت قاطل!ت لمضوكيله يخحا ألي!قر - حرت ويوس!من !ضا - ولماطلي!ته يه*ورل! طصليه ل!يتماوجمة يخريه قريه لتملا، عيلا عهورها!طهر - واله وضع عله الترع!ه ضع صي!ه - وءقه يخويه الممله سطه الولاحة، و!رج لمجيعة حياصمب!والثببصه وية كحركه تجه ييصة طزهو!ه - وءقه سحه لمحر!ه مت عغ تجه للاضه جة هوعقه - وية طمه يه عمه اليمته موالوآ!ترلى ح!ه ! ه قىج لمهم وثوكة مت - لهلتا ط!ه يه مع !ب، كل خوءصه، وشطت كل يغ طيقه تف !كل للاصقر - رظا !عرمى ت لماطاليه متخو ال!يقرة يلثة وردحمثسه صشرحت - التعبير: البقر في المنام يعبر بالسنين، كما عبرها يرسف الصديق !ك!ر، فالسمان خصب، والضعاف جمب، هفا إذا كانت بيضأ أو سودا. وإذا كانت صفرا) و حمرا وهي تنطح الشجر بقرونها فتقلعها أو الأبنية فتسقطها، فإنها فتن تحل بذلك المكان الذي دخلته لقولهعليه الصلاة والسلام: 5إن الفتن تكون في آخر الزمان كصياصي البقر وكعيون البقر) والبقرة الصفراء سنة فيها صرصر. والغبرة في البقر شمة في أؤل السنة والبلقة في أعجازها شحة في آخر السنة. والنصف من البقرة مصيبة في أخت أو بنت. وكذلك كل سهم ينسب إلى من يرثه كالربع والثمن. ومن حلب بقرة غيره فإنه يخون رجلا في امرأته. ومهما رأى الإنسان ببقرته فذلك عائد إلى زوجته أو بنته. وحليب البقرة مال حلال جزيل وأصواتها تمل على ناس معروف!ن بالألحب. وخدشها مرض. ومن وثب عليه بقرة أو ثور ولم يفلته فإنه يموت في تلك السنة، والبقرة في المنام للفلاحين خيروانسب البقرفي ألوانها إلى ما تشب إليه الحيل. ويأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى في باب الخاء المعجمة. ومن رأى بقرة دخلت لحاره ونطحته فإنه يرى خسرانا في ماله. وقالت النصارى: من أكل لحم بقر في نومه تقشم إلى حاكم. والشحم مال لمن حواه خالص لا يغاعره منه شيء وهو بلا تعب. وأما ث!وأء البقر فهو أمن للخائف. ومن كانت له زوجة وهي حامل بثر بولد ذكر. والشواء بشارة في معيشته فان كان غيرناضج فهو هم من قبل امرأة. وقيل لحم البقر رزق وخصب لمن أكله مطبوخا أو مشويأ. رمن الرؤيا المعبرة قرل عائشة رضي الله تعالى عنها: رأيت كأفي على تل وحولي بقر ينحر، فقصصتها على مسروق، فقال: إن صدقت رؤياك فإنه يكرن حولك ملحمة قتال - فكان كفلك يوم الجمل. ومن رأى بقرة تمص لبن عجلها فإن امرأته تقود على ابتتها - ومن رلى عبما مجلب بقرة مولاه فإنه يتزؤج امرأة المولى والله تعالى أعلم.
البقر الوحثي ها النوع أربعة أصناف: المها والأيل واليحمور رالثيتل. وكلها تثرب الماء في الصيف إذا وجل!قه، !افا علمته صبرت عنه، وقنعت باصتنثاق الريح، وفي مفا الوصف يشاركها الفئب والثعلب وابن آوى والحمر الرح!ثمية والغزلان والأرانب. ففما الأيل فتقمم ذكره واليحمور وسيأتي بن ضاء لفه تعالى في بل! الياء آخر الحروف.
والكلام الآن في المها فمن طبعه الثبق والشهوة، فلذلك بفا جملت الأنثى هربت من الذكر خوفأ من عبثه بها وير حاعل. رلفرط شهوته يركب الذكر ذكرا آخر، وبذا ركب واحد منها شم الباقي منه رلمهمحة الماء فيثبن عليه. وقرون البقر الوحشي مص!ثبخلاف قرون سائر الحيوانات فاظ مجؤفة كما تقلم والبقر الوحثي أشبه ضيء بالمعز الأهلية ومرونها صلاب جدا تمنع بها عن نفسها ولولاحما كلاب الصيد والسباع التي تطيف بها.
فافلة: لما أرصل رصول افه - ! خالد بن الوليد إلى أكيمر ثومة الجندل، وهوأكي!ر بن
عبد الملك رجل من كنلة، كان ملكا عليها، وكان نصرانيأ، قال رسول الله - ! لخمالد: " إدك تجد يصيد في الوحش (؟،،. فلما وصل إليه كان في ليلة مقمرة، فففن اطه تعالى للبقر الوحشية أن تأتي من كل جانب، تحك قصره بقرونها، فأضرف عليها وقال: ما رأيت كزمنها الليلة ولقد كنت كمن لها اليوعين والثلانة ولا أجحماه ولكن قلر الله وما شاء فعله - ثم أمر بفرصه فأصرج وركب هوولخوه حسان، وعليه قباء من الميباج المخوص بالنمب. فلما نزل وافته خيل رصول الله ! فأخفته أسيرا وأرسلوه بقبائه إلى رسول افه !، فتعجب منه بعض أصحابه فقا! رصول افه !: المنا!يل صحعد في الجنة خيرعن هذا ثم بن النعي ! عرض عليه الإصلام فأي، فأقره بالجزية في أرضه في ضهر رجب سنة ت! ع من الهجرة. وأشحار إلى هذه البقرات الوث بجيربن يجرة الطاني بقوله: تبارك سانق البقرات إني رأيت ا! علي كل ها!ي فمن يك حلأنماعن في تيرك فإنا قد أمرنا بالجهاد وصيكي عزيد كلام في المها في بلب لليم إن ضاء اثه تعالى - اغكم: مجل كلها بجميع أنواع!ا بالإجماع لأنها من الطيبات - الأمثال: قالت العرب: " تتابعيبقر،. زعموا أن بشر بن الحارث الأسحي خرج في صنأ جهد فيها قومه، فمروا ببقر فنفرت منهم، ضام على رأص جبل فرماها بقوسه، فجعلت تلقي نفسها وهويقول: 5تتابعي بقر " حتى تك! رت ثم رجع لملى قومه، فدعاهم !لها. يضرب عنا .تميع الأمر وصرعته - لطولص: مخه يطعم لصاحب الفالج، ينفعه نفعا صميحاء رعن اصتصحب معه ضعبة مز قرونه تفرت منه السباع وب!ا دخن يقرت أوجلله أو ظلفه قي بيت نفرت مثه الحيات. صرماكه ينر عل السن ا كلة اكألم! يسكن وجعها - وضعره ييخر به البيت عرب منه الفئروالحناضء وقرنا - مجرق رمجعل له طعم صاحب حمى الربع تزول عنه.. ويشرب في ضيء من الأثربة يزيد في اليا، ويقوي العصب ويزيد قي الإنعاظء وينفخ في أنف الراعف يقطع !مه ومجرق قرناه حتى يصير رماحا - وبشاف في الحل، ويطلى به موضع البرص ممتقبلأ به الث!صى، فإنه - ش ول وشف منا مقمارمتال ف!نه لا يخاصم لما إلا غلبه - بقر للله ت قال افئ وفي: زعموا لن فيا يطلع من الماء ررعى للزرع صروثها العنبر، وافه لملم بصحة فلك، فان ال!ناص ذكروا أن العنبر نبت بقعر البحر فبن صح ما قالوه فروث هذ لميوان ينفع اللماغ والحواص وللقلب واثه أعلم.
قية يني لحرلئيل ت هي التي يغال لها لم قيى ولم عويف وهي حابة صغيرة لها قرنان تكوذ ثه الرمل ق!يزالرحت لن تخرجها قاطرح قى موضعها قملة قتخرج قتأ! فما قاقا صارت كه يلك ق!ثسقا ظهرها، ولدخل ق!ه ع!لا وكحل يه من يع!ن!ه ي!اض ثلاث مرلص، قاته لتمب ويخا محلك جمه للمميه موضع المرع قيت قيه للعر - لميعه ت ماله الجوهرى ت اليمه اليعوضه والجمع اليى - وأق! د قا يايه العن وال! اء واللام لزقر يهة الحارث (؟، الكلايى ت بربكام!س ب!اع! لالة يمه بغاوجل!ريح العصرلغت! واليق المعروف هو القاقس للاتي كه يايه القاء بتا صلا امة تعالى - يقاله إته تولد مته التقا الحار، ولثله رغي!ه قه الإنان، لا لحمالك يتا ض!م ر6لح!ه بلا رعى تقسه عل!ه، وهوكثر بمصر وماشعلهام!ه للبلاد - وحكمه ت تحريم امله لاستمره كالبعوض - وهو من الحيولن النيى لا نفعا له سلأنلة لصلا، كما ماله الراقع! رحمه امة قه لللم - واللم الت!ا قيه كل!صه ع!ه يتى آحم، كما كلتصه للعمل واليرغوث - ورمع قا كلام للرلقع! وللتوصى وغرما كلشل عا لا تقى له ص!ائله، باليعوض واليى - طا ال!خ ت وقا ذكر لليى للعروف قى يلالحقا قط لا ققس له صانله قظر - ومد رألص يعض التاص يقثرلت قه كثيرعن لليلاد اسم لليعوض قلعلا من لطلقه لراد يه اليعوض - لصلص ت مال المز!كا قه عجانب المخلرما! وغرثمب المجرلحا!ت بخا يخر الي!ص يالملعتد وللثوتيز(2، لم لحخله اليعه يالكليه، و! قلئا ب!ا يخر يثارة الصتولر طركه أيضا - ومالى - !ه!! بح!حك ت بتا - الست مححه المحلحه هرمه مته اليق أحمعء و! تلد بخا لخريالعلق ححعاير يحرص! - .
العج لو ججلد جاموحه لويئتصان ضجر السرو - وماله غره - اقا تمع صرى الحركل قأ خل وتضح يه للييص هرب مته، ويشا وضع الحرفى 8، عند رلص الإتان لورجل!ه لم ممرب م!ته لليى - ويا تمع للميه (8، قة خلأوتضح يه الي! هرب منه - !في ا محذكتلروكيريمه وحمارمحيقا يماء وط!ا يتلئه ضب متب ورضعه إتساق عتد رلصه ح!ث لمتام لم كمريه بى الي!ه. وقاله ايتا جمع ق! الإر - دت دخال! لصون وللآس ال!اي! ه وللرم! ا!طرد اليى والبعوض - ومما جرب قوجد قاقعا لطرد اليعه للة يكت على ثريع صرماته ويلصى قه لطيطالة للاريع ما صورته 2؟ 112؟ - ممم!ب ت مد قثر الت!! لليق جمه صليث روله الطبراتي، لاصنلا جيله عن لي هر!ة رضمال! عته ملات سمعت قتثا هالخة وليصرس ع!ت!ى هاقاتارسول لفه ! وهوآخذ يكق! !دط جميعا حشا لو حسينا وقلعاه على قلعي رسول امة! رهويقولاء " حزقة حزقه، ترقه عيهة!قة، فيرقى للغلا آ فيضع قلميه على صلررعول اثه ! - ثم قال !ت 5افتح فاك، ثم قبله ثم قاله ب 5اللهم عن أحيه قابئ أحيه، صرواه اليزار ب!يعض ها اللقظ - والحزمه الضع!ف ل!ارب ا!و ذكرقلئه له ضلى صييل المحاعيه والمكت! ىء ولرد معتاه اصعد وعن يمه كتاله عته صغر للعتها مرقوع على لغه خبرمي!ع! محتوف. وفه كاعل اين عل!ا ولاريخ اين التجار ق! لرجمه محمديتا علي بن الحسين ين محمد عن الأصيغ بن نياتة ا!ا قال ت صمعت علي ين لي طالب رضي لفه لعالى عته لمول قه !ي!ه ت اين آكم وما اين آكم قؤلمه يمه، ولتتته عرمه، ولم!له ضرمه - والأصغ ين قباتة الحتظلي المذ!ور يروي عتا على رضي اث قعالى عته أضياء لم يتايعه عليها محد قاصححى من لجلها الرك روى له اين عاجه حعمثا واححات 5نزله جبريل عل! ه لللام عله للت! يحجامة الأخد عين والكاهللأ " ، - اغكم ت مجرم كل البق لاصقاره كالبعوض - الأمكل ت قالوا: 5أضعف من بقة!ه! " .
للتعبر: اليق جما المنام لمحاء ضعاف طعاتولة، وهم جتلا وفاء لهم ولا جلد - ويلله أيضا على الهم والحزن لأن اليق يمتع التوم وافم والحزلة يمتعان التوم واثه لكلم - اليكرة القى من الإيله والأنش بكرة. رلبمع يكارمثل قرخ وقراخ ومد يحمح قا للمله علا ايكر - ملا أيوعي!له: اليكر من الإيل يمزله القى م!ا التاص، ولليكرة يمتزله للقاة وللملوص يمتزلة الجاريه، واليعير بم!نزله الإتسان، رالجمل بئله الرجله، والتامه يمزله المرله - رصى ملم عن لبى رافع للة التحه ! لص!لف من رجلا يكر " قلما جاع! إيلاللصعمه - لمرقا أن لضى الرجل بكرأ ضلت ت لم لجد قا الإيل بلا جملأ خ!ارأرياع!أ، ضال (8، !ت " لحطه فلا خياركم لحسنكم قضاء، - وكه رواية بازلأ بلله رباعيا - صروى لمحم عنا للعرباض بنه صارية رضي امة عته قال: يعت م!ه رسول اث ! يكرأ قجئت ثمقاضاه ضلت ت لما رسول اور لضتي ثمن بكري - قاله ت " نعم ثم ضاني فأحسنا قضاني، - ثم جامحه ثمراب! ضاله ت يا رسولا لفه لضى يكرى ضضاه يعرا متا، ضال لا رصولا اثه ها ثقضل من يكرى! ضال !ء5هولئه ين خير الفوم خيرهم (5، ضاء، - ثم قال صحيح الإصند - صروى الحافظ أبو يعلى باصناثه إلى ابن عباس رضي اثه تعالى عنهما قال: حج رعول الله ! فلما أق واثي صس!فان قال: 5يا أبا بكر أي واد هذا " ؟ قال واثي محس!فان. قال !: 5لقد مر بهذا الواثي نوح وهرد وإبراهيم على بكرات لهم حمر خطمهم الليف وأزرهم العباء وأرلحيتهم الن!ر يحجون البيت العتيق " . صروى مسلم عن صيرين بن معبد الجهني رضي افه تعالى عنه أنه غزا مع رصول الة! في فتح مكة قال: 5فأفن لنا رسول ا* ! في المتعة، - فانطلقت أنا صرجل إلى امر) ة من بني عامر كأنها بكرة عيطاء أي شابة طويلة العنق في اعتدال فعرضنا عليها أنفسنا فقالت ما تعطعني؟ فقلت: رلحائي. وقال صاحيي ر!ائي. وكان رثاء !احعى لجود من رلحائي وكنت أضب منه، فكانت بفا نظرت إلى ر!اء صاحى أعجبها، وبذا نطرت إلي أعجبتها، ثم قالت: أنت ورعاؤك تكفعني - فمكثت معها ثلانا ثم إن رسول اثه ! قال: " من كان عنحه مثيء من هذه النساء التي يتمتع جهن فليخل سبيلها " . وفي رواية فلم أخرج عنهاحتى حرمهارسول افه عص.
صروى أبو ثاود والنسائي والزمني رالحثم عن أبي هريرة رضي الة عنه أن أعرابيا أمى
لرسول افه ! ناقة، فعؤضه منها مست بكرات فتسخطها، فبلغ فلك النعي ! فحمد ا! وأثنى عليه ثم قال: " إن فلانا أهمى إلي ناقة فعوضته منها ست بكرات، فظل ساخطا لقد هممت أن لا أقبله همية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو!وصي " ء وفي ححمث قي رضي اثه تعالى عنه 5صمقنى ص بكره " . وهو مثل تضربه العرب للصا!ق يه خبره. ويقوله الإنس!ان على نفسه رإن كان ضارا له وأصله أن رجلا صاوم رجلأ في بكريثزيه، فسئل صاحبه عن سنه ففخبره بالحق، فقال المشزي:8 صحقني ص بكره " . وكه مسند الشافع! عن مولى لعثلا قال: بينما أنا مع عثلا رضي افه تعالى عنه في يوم صائف بذ رأى رجلا يسوق بكرين، وعله الأرض مثل الفراض من الحر، فقال: ما علا هذا لو أقام بالممينة حتى يبرد ثم يروح - فمنا الرجل فقال: انظر فتظرت، فافا هو عمربن الخطاب رضي افه تعالى عنه. ضلت ت هفا أمير المؤمنين، فقام عثلانضي اثه صعاف ت نأخرج رلفه من ا اجاب نآناه نفح السموم، ننماد رأسه حتى بنا حاناه تال: ما لخرجك في هذه الساعة؟ قال: بكران من إبل الصحقة تخلفا، وقد م! بإبل الصمقة فئرلمحت أن أ!هما بالحمى خشية أن يضيعا فيسألتي افه عنهما فقال عثلان هلم إلى الماء والظل فقال ت عد إلى ظلك، ضال: عنحنا من يكفيك فقال: عد إلى ظلك ثم مضى. فقال عثلان من لحب لن ينظر!لى القوي الأمين فلينظر إلى هنا - عا الأمثال: ني الححيث (؟،: 5جاعت هوازن علا بكرة أبيها " وقالوا : 8 جاؤوا على بكرة - أبيهم " يصقونهم بالقلة أي جاؤو9 بحيت تحملهم بكرة أبيهم قلت: و) صله أن قوما قتلوا وحملوأ على بكرة أبيهم، فقيل فيهم ذلك، ثم صار مثلأ لقوم جاؤوا مجتمعين. وقال أبوعبيحة: معناه جاؤوا جميعا لم يتخلف منهم أحد، وليس هناك بكرة في الحقيقة. وقال بعضهم: البكرة ههنا هي التي يستقى عليها أي جاؤوا بعضهم في إثر بعض كموران البكرة على نسق واحد. وقال قوم أراد بالبكرة الطريقة، أراد أنهم جاؤوا على طريقة أ - ! أي يقتفون أثره وقيل: هو ذم ووصف بالقلة والذلة أي يكفيهم للركوب بكرة واححق وذكر الأب! احتقار وتصغير لهم.
وحكمه وخواصه وتعبيره كالإبل.
البلبل: من أنواع العصافير. ويقال له الكعيت والجميل مصغرات، وهو النغر وسيأتي في بابه وقد أحسن من ألعز فيه بقوله: وما طاثر نصفه كله له في فرا الحوح سير ولبث رأينا ثلاثة أرباعه إذا صحفوها غدت وهي ثلث وقد أجاد علي بن المظفر أبو الفضل الملأ ا) قاضي واسط حيث قال: وأهاله ذكر الحمى فتاؤها ودعابه داعي الصبا فتؤلها هاجت بلابله البلابل فانثلت أشجانه تثني عن الحلم النهى فشكا جوا وبكى أسى وتنبه الى صجد القديم ولم يزل متنبها لا تكرهوه على السلو فطالما حمل الغرام فكيف يسلو مكرها لا عبت يا سعحى عليك فسامحي وصلي فقد بلغ السقام المنتهى وما أحسن قول يوسف () بن لؤلؤحيول: باكر إلى الروضة تستجلها فثغرها في الصبح بسام والنرجس الغض اعتراه اب فغض طرفا فيه أسقام وبلبل ال!وح فصيح على الأيكة والشحرورتمتائم ونسمة الصبح على ضعفص لها بنا مر وإلمام فعاطني الصهباء، مشمولة عفراء فالواشون نؤام واكتم أحاديث الهوى بينت ففي خلال الروض نمام ومن محاسن شعره أيضا قوله: سقى الله أرضا نور وجهك شمس! وأحيا بلادأ أنت في افقها بحر ورؤى بقاعاجود كفك غيث! ففي كل قطر من نداك بها قطر وله أيضا: تسلسل عمعي وهولا شك مطلغ وصح حقيقا حين قالوا: تكسرا وفي قلب ماثي للقلوب مسم وقالوا سيجزى بالهنا وكذا جرى وله أيضا: بعيني رأيت الماء ألقى بنفسى على رأسه من شاهق فتكسرا وقام على إثر التكسر جارب ألا فاعجبوا ممن تكسر قد جرى وله أيضا: أنفقت كنزمدائحي في ثغم وجمعت فيه كل معنى شارد وطلبت منه جزاء ذلك قب فأي وراح تغزلي في البارد
والعرب تقول: البلبل يعندل، أي يصؤت وروى الحافظ أبو نعيم وصاحب الترغيب والترهيب من حديث مالك بن دينارأن سليمان بن داود صلى الله عليهما وسلم، مرعلى بلبل فوق شجرة يصفر ويحرك رأسه ويميل ذنبه فقال لأصحابه: أتحرون ما يقول؟ قالوا: لا، قال: إنه يقول: أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء. وهو بالمد أي على الدنيا الحروس، وذهاب الأثر. وقيل: العفاء التراب. وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب العيئ في لفظ العقعق. عن الزمخشري أنه ذكر في تفسير قولهتعالى: (وكأين من !ابة لا تحمل رزقها ال!ه يرزقها، عن بعضهم أن البلبل يحتكر القوت. حكى البويطي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه كان في مجلس مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه وهو غلام، فجاء رجل إلى مالك فاستفتاه، فقال: إني حلفت بالطلاق الثلاث إن هذا البلبل لا يهدأ من الصياح. فقال له مالك: قد حنثت. فمضى الرجلى، فالتفت الشافعي رضي الله تعالى عنه إلى بعض أصحاب مالك فقال: إن هذه الفتيا خطأ فأخبرمالك بذلك، وكان مالك رضي الله تعالى عنه مهيب المجلس لا يجسر أحد أن يرالمحه، وربما جاء صاحب الشرطة فوقف على رأسه إذا جلس في مجلسه، فقالوا لمالك: إن هذا الغلام يزعم أن هذه الفتيا إغفال وخطأ! فقال له مالك: من أين قلت هذا؟ فقال له الشا. أ أنت الفيى رويت لنا عن النبي ع!، في قصة فاطمة بنت قيى رضي الله تعالى!يم لت للنبي قي أن " أباجهم ومعاوية خطباني، فقال بون: " أما أبوجهم فلا يضع العصا عن عاقته، وأما معاوية فصعلوك لا مال له 1. فهل كانت عصا أبي جهم دائما على عاتقه؟ وإنما أراد من ذلك الأغلب. فعرف مالك محل الشافعي ومقداره. قال الشافعي: فلما أردت أن أخرج من المدينة جئت إلى مالك فوذعته، فقال لي مالك حين فارقته: يا غلام اتق الله تعالى ولا تطفىء هذا النور الن!ي أعطاكه الله بالمعاصي يعني بالنور: العلم، وهو قولهتعالى: (ومن لم يجعل ا!ته له نورا فماله من نور! هكذا جاء في هذه الرواية: البلبل. وجنيرواية أخرى: القمري. وسيأتي إن شاء الله تعالى. التعبير: هو في الرؤيا رجل موسر، وقيل امرأة موسرة وقيل ولد قارىء لكتاب الله لا البلح: بضم الباء وفتح اللام قال ابن سيمه: إنه طائر أغبر اللون أعظم من النسر محترق !الريش لا تقع ريشة منه وسط ريثى طائر آخر إلا أحرقته وقيل: هو النسر القديم الهرم والجمع بلحان.
البلشون: هو مالك الحزين. وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الميم.
البفصوص: بضم الباء واللام المشممة طائر وجمعه البلنمي على غير قياس. وقال سيبويه النون زائحة لأنك تقول للواحد البلصوص. والعامة تسمية أبو لصيص. قال البطليوسي في الشرح: وقد اختلف اللغويون في هذين الإسمين أيهما الواحد وأيهما الجمع. فقال قوم: ا البلصوص هو الواحد والبلنمي هو الجمع وعكس ذلك آخرون وقال قوم: البلصوص الذكر والبلنمي الأنثى ذكره ابن ولادوأنشد: والبلصوص يتبع البلنمي.
قال: وقياس جمع البلصوص بلا صيص. ولم أعر ما حكم هذا الطائر.
بنات الماء: قال ابن أبي الأشعث: هي سمك ببحرالروم، شبيهة بالنساء فوات شعر سبط، ألوافهن إلى السمرة، فوات فروج عظام وث! ي، وكلام لا يكاد يفهم، ويضحكن ويقهقهن. وربما وقعن في أيمي بعض أهل المراكب، فينكحوضهن ثم يعيحوخهن إلى البحر. وحكي عن الروياني صاحب البحر، أنه كان إذا أتاه صياد بسمكة على هيئة المرأة، حلفه أنه لم يطأها. وذكر القزويني أنه صيد لبعض الملوك رجل إذا تكلم، لا يفهم ما يقول، فزوجه بامرأة فرزق منها ولدا فصار يتكلم بلغة أبيه ولغة أمه. وقد تقمم هذا في باب الهمزة في إنسان الماء.
بنات وردان: يأتي ذكرها في آخر باب الواو إن شاء الله تعالى.
البهار: بضم الباء حوت أبيض طيب من حيتان البحر، قال الجوهري: والبهار بالضم ضيء يوزن به، وهوثلثمائة رطل وقال عمرو بن العاص: إن ابن الصعبة يعني طلحة بن عبيد الله ل!رك ماثة بهار في كل بهار ثلاثة قناطيرذهب فجعله وعاء. قال أبوعبيد القاسم بن سلام والبهار في كلامهم ثلثمائة رطل وأحسبها غير عربية وأراها قبطية.
البهثة: بالضم، البقرة الوحشية وقد تقمم ذكرها.
البهرمان: ضرب من العصفور قاله ابن سيمه.
البهمة: بفتح الباء، الصغير من أولاد الغنم والبقر والوحش وغيرها. الذكر والأنثى فيه
سواء والجمع بهم وبهم وبهام وبها مات. قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: أما أسنان الغنم فساعة تضعها أمها من الضأن والمعز، ذكرا كان أو أنثى سخلة، وجمعها سخال، ثم هي بهمة فإذا بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمها، فما كان من أولاد المعز فهو جفار واحدها جفر. فإذا رعى وقوي فهو عريض وعتود وجمعها عرضان وعتدان. وهو في كل ذلك جمي، والأنثى عناق ما لم يأت عليها الحول، وجمعها عنق والذكرتيس إذا أق عليه الحول والأنثى عنز ثم نجؤع في السنة الثانية فالذكر جة ع رالأنثى جذعة فعلم منه أن ما نقله النووي رحمه الله، عنه في عناق فيه نوع خلل، والله أعلم. وروى الشافعي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وأصحاب السنن الأربعة، من حديث لقيط بن صبرة، واللفظ لأبب داود، قال: كنت وافد بني المنتفق، أوفي وفد بني المنتفق إلى رسول الله !كط، فلما قحمنا عليه لم نجمه في منزله، فصادفنا عاثشة أم المؤمنين رضي الله عنها فأمرت لنا بحريرة، أو قال بعصيمة، فصنعت لنا وأتينا بقناع، والقناع طبق فيه تمر ثم جطء رسول الله ! فقال : " هل أصبتم شيئآ أر آمر لكم بشيء: قلنا: نعم يا رسول الله. قال: فبينما نحن مع رسول الله !، إذ دفع الراعي غنمه إلى المراح، ومعه سخلة تبعر، فقالى!كني: ما ولدت يا غلام)؟ قال بهمة قال: فاذبح لنا مكانها شاة أ. ثم قال !: " لا تحسبن أنا من أجلك ذبحناها، لنا غنم مائة ما نريد أن تزيد فإذا ولدت لنا بهمة ذبحنا مكانها شاة ا. قلت: يارسول الله إن لي أمرأة وإن في لسانها شيئا يعني البذاءة. قال: فطلقها إفن). قلت: يارسول الله إن لها صحبة وإن لي منها ولدا. قال: " فعظها فإن يك فيها خير فستفعل، ولا تضرب ظعينتك ضربك لأمتك ا. قال: قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضؤتجال: أسبغ الوضوء وخلل الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما " .
وفي سنن أبي داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جحه قال: إن النبي ! صلى إلى جداراتخفه قبلة ونحن خلفه، فجاعت بهمة تمر بين يديه، فما زالع!ه ايحرؤها حتى لصق بطنه بالجدار، فمرت من ورائه أ. وسيأتي في اجلي نحو ذلك. وفي صحيحمسلم وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه من حديث يزيد بن الأصم عن ميمونة، أن النبي - لمجب!ه كان إذا سجد جافى بين يديه، حتى لو أن بهمة أرادت أن تمر ب!عن يديه مرت أ.
البهيمة: كل ذات أربع من ثواب البر والب!يهاله ابن سيحه. والجمع بهائم.
قالص!: 9 إن لهفه البهائم أوابد كأوابد الوحش أ. سميت بهيمة لإبهامها، من جهة نقص نطقها وفهمها، وعمم تمييزها وعقلها. ومنه باب مبهم أي مغلق، وليل بهيم. قالالله تعا! !أحلت لكم بهيمة الأنعام، فأضاف الجنس إلى ما هو أخص منه، وذلك أن الأنعام هي الثي الأزواج وما أضيف إليها من سائر الحعووإن. يقال له أنعام مجموعة معها وكأن المفترس كالأسد و في ناب خارج عن حد الأنعام فبهيمة، لأنعام هي الراعي من فوات الأربع.
وروي عن عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: بهيمة الأنعام الأجنة التي قي عند الذبع من بطون الأمهات، فهي تؤكل من غيرذكاة. ونقلى عن ابن عباس، رضي الله ت! عنهما أيضا، وفيه بعد: لأن الله تعالى قال : (إلا ما يتلى عليكم، وليس في الأجنة ما يستئغ وحل بهيمة الأنعام من حكم الله تعالى، إذ لولا الليل ما عرف ق!ر النهار، ولولا المرض لم يتت الأصحاء بالصحة، ولولا النار ما عرف أهل الجنة قحر النعمة. كما أن فداء أرواح الإنس بأر، البهائم، وتسليطهم على ذبحها ليس بظلم، بل تقديم الكامل على الناقص عين العدل. وكذا تفخيم النعم على سكان الجنان، بتعظيم العقوبة على أهل النيىان، فداء لأهل الإيمان بأهل اللا هو عين العدل. وما لم يخلق الناقمى لم يعرف الكامل، فلولا خلق البهاثم لما ظهر شرف الإنسار روى البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله تص
عنه أنه دخل دار الحكم بن أيوب، فإذا قوم قد نصبوا دجاجة يرمونهها، فقالأنس: " ضهى رسو الله مجيم أن تصبرالبهائم وهوأن يمسك من فوات الروح شيء حي ثم يرمي بشيء حتى يموت، وفي الصحيحين وغيرهما: " أن النبي قي لعن فاعل ذلك). ولأنه تعذيب للحيوان، وإتلا لنفسه، وتضييع لماليته، وتفويت لذكاته، إن كان يذكى. وفي الحديثأنه بوو " نهىء المجثمة ا وهي كل حيوان ينصب ويرمى ليقتل. إلا أنها تكزفي الطيروالأرانب ونحو ذلك مماب في الأرض أي يلزمها ويلتصق بها. وجثم الطائر جثوما، وهو بمنزلة البروك للإبل. وروى أبودا والترمفي عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي وو " نهى ع!ن التحريش د البهائم 1. وفي شفاء الصمور، لابن سبع، عن أنس بن مالك رضي الله !تعالى عنه، النبي ص! قال: (أجل البهائم وخشاش الأرض والقمل والبراغيث والجراد والخيل والب! وألمواب والبقر وما سوى ذلك في التسبيح، فاذا انقضى تسبيحها قبض الله عز رجل أرواحها فائمة: قال ابن دحية، في كتاب الآيات البينات: اختلف الناس في حشر البهائم، و جريان القصاص بينها فقال الشيخ أبو الحسن الأشعري: لا يجري القصاص ب!ن البهائم لأنها " مكلفة وما ورد في ذلك من الأخبار نحو قوله بوو: " يقتص للجماء من القرناء وشسأل العود خ!ش العود، فعلى سبيل المثل والإخبار عن شحة ا اتقيهما في الحساب. وأنه لا بد من أن يقتص للمظلوم من الظالم وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني: يجري القصاص بينها، ويحتمل أنها كط نت تعقل هذا القمر في دار الدنيا. قال ابن دحية وهذا جار على مقتفى العقل والنقل لأن البهيمة تعرف النفع والضر، فتنفر من العصا وتقبل للعلف، وينزجر الكلب إذا انزجر وإذا أشلى استشلى. والطير والوحش تفر من الجوارح، استدفاعا لشرها. فإن قيل: القصاص انتقام والبهمائم ليست بمكلفة فالجواب أنها غيرمكلفة، إلا أن الله يفعل يخا ملكه، ما أراد كما سلط عليها في الدنيا التسخي لبني آ 3، والذبح لما يؤكل منها فلا اعتراض عليه سبحانه وتعالى. وأيضا فإن البهائم إنما يقتص منها لبعضها من بعض إلا أخها لا تطالب بارتكاب ضهي ولا بمخالفة أمرلأن هذا مما خص اللا به العقلاء، ولما كز التنازع رجعنا لما أمرنا به ربنا بقوله: (فإن شازضم في شيء فرلحوه إلى ا!ثه والرسول !ووجدنا القران العظيم يدل على الإعاعة في الجملة: قالىالمحه تعالى: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ! إلى قوله: (ثم إلى ربهم يحثرون ! وقالوقال تعالى: (وإفا الوحوش حشرت ! والحشر في اللغة الجمع. وفي الصحيحين. عن رسول الله !ك!: 9 يح!ثر الناس على ثلاث طرائق راغبيئ، وراهب!ين، وإثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسي معهم حيث أمسوا. فهذا يدل على حثر الإبل مع الناس. وروى الإمام أحمد بسند صحيح إلى أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي ط قال: أيقتص للخلق بعضهم من بعض، حتى للجماء من القرناء، حتى للفرة من() الفرة " فإذا كانت البهائم والفر يقتمى منها فكيف يغفل من هو مكلف مأمور؟ ونسأل الله السلامة من شرور أنفسنا وسيآت أعمالنا.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أيضا أن رسول ! قالى: " لتؤدين الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الثاةالقرناءأ. وفيه أيضا وفي غيره: " ما من صاحب إبل لا يؤعي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر. ثم يؤق بها أوفر ما كانت، لا يفقد منها فصيل واحد تطؤه بأخفافها، وتعضه بأفواهها). الحديثبطوله. وفي صحيح البخاري: إليأتيئ أحدكم يوم القيامة بشاة، يحملها على رقبته لها ثغاء، فيقول: يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئا. قد بلغت،. وصح عنه ط أيضا أنه قال : أما
من دابة إلا وهي مصيخة يوم. - فرقا من قيام الساعة إلا الجن والإنس " . وإصاختها بإلها الله إياها لا ذلك اليوم، محموعهعهما جبلها الله تعالى عليه من توقيها لما يضرها، وانقيادها إلى ه ينفعها جبلة لا عقلا وإحساسا حيوانيا، لا إعراكا فهميا. وإذا جبل المحه النملة على حمل قوت! وإذخاره لزمن الثتاء فجبله البهيمة على الإصاخة محافرة يوم القيامة أولى. ومن استقرى أحوا ( الحيوانات، رأى حكمة الله فيها لما سلبها العقل جعل لها حسا تفرق به بين الضار لها والنافع، وجبلها على أشاء وألهمها إياها لا توجد في الإنسان إلا بعد التعلم وتدقيق النظر فمنها النح! المحكمة لتسديس مخزن قوتها، حين يتعجب منه أهل الهندسة. والعنكبوت المتقنة لخيوط لمجوت! وتناسب ثوائرها. وكذلك السرفة في إحكام بيتها مربعا من عيدان وقد ظهرت من البهائ! الصنائع العجيبة، والأفاعيل الغريبة، ولم يسلبها رب العالمين سوى العبارة عن ذلك، والنطق ب ولو شاء أنطقها كما أنطق النملة في عهد سليمان على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام. والبهي! من الخيل الذي لا شية فيه الذكر والأنثى فيه سواء. والبهم من النعاج السود التي لا بياض في! وأما قوله بوو في الحديث :9 يحشر الناس يوم القيامة بهما أ فمعناه أنه لي!س بهم شيء مما كان ق الدنيا نحو البرص والعرج والعمى والعور وغير ذلك. وإنما هي أجساد مصححة لخلود الأبد في الجنة أو النار. وقيل: بل عراة ليس عليهم من متاع الدنيا شيء وهذا يخالف الأول من حيث المعنى ومن شعر مسعربنكدام أحد الأعلام: نهارك يا مغرورسهووغفلة وليلك نوم والرس لك لازم وتتعب فيماسوف تكره غبه كذلك في الدنياتعيش البهائم فرع: اختلف أصحابنا في نقض الوضوء بمس فرج البهيمة على وجهين: أحدهما ينقضر 3 لعموم النقض بمس الفرج. والأصح) نه لا ينقض، إذ لاحرمة لها ولا تعبد عليها. وأما دبرها فلا ينقض قطعا، قالى الدارمي: ولا فرق في الخلاف بين البهائم والطير.
الأمثال: قالوا: (ما الإنسان لولا اللسان إلا صورة ممثلة أو بهيمة مهملة أ يضرب في مد - القحرة على الكلام.
البوم والبومة: بضم الباء طائر يقع على الذكر ص!نثى حتى تقول: صدى أو فياد فيختمر بالذكر وكنية الأنثى أم الخراب وأم الصبيان ويقال لها أيضا غراب الليل. قالالجاحظ: وأنواعها الهامة والصمى والضوع والخفاش وغراب الليل والبومة. وهنه الأسماء كلها مشزكة أي تقع على كل طائر من طير الليل يخرج من بيته ليلا قال وبعض هذه الطيور يصيد الفأر وساه أبرص والعصافير وصغار الحشرات وبعضها يصيد البعوض. ومن طبعها أن تدخل على كل طائم في وكره وتخرجه منه وتأكل فراخه وبيضه. وهي قوية السلطان بالليل لا يحتملها شيء من الطيرولا تنام بالليل، فإذا رآها الطير بالنهار قتلنها ونتفن ريشها، للعداوة التي بيخهن، وبينها ومن أجل ذلك صار الصيالمحون يجعلونها تحت شباكهم ليقع لهم الطير. ونقل المسعوثي عن الجاحظ أن البومة لا تظهر بالهار، خوفا من أن تصاب بالعين لحسنها وجمالها ولما تصور في نفسها أنها أحسن الحيوان لم تظهر إلا بالليل. وتزعم العرب في أكاذيبهم أن الإنسان إذا مات أو قتل، تتصور نفسه في صورة طائر، تصرخ على قبره، مستوحثة لجسدها، والطائر ذكر البوم وهو الصور. وفي ذلك يقول توبة الحميريأحد عشاق العرب: ولوأن ليلى الأخيلية سلمت علي وعوني جندل وصفائح لسلمت تسليم البشاشة أوزقا إليها صدى من جانب القبرصائح
فيقال: إنها مرت بقبره فأنشدت ذلك فارتفع شيء من القبر كالطائر، نفرت منه ناقتها فسقطت ميتة ودفنت إلى جانبه. والبوم أصناف وكلها تحب الخلوة بأنفسها والتفرد وفي أصل طبعها عداوة الغربان. وفي تاريخ ابن النجار أن كسرى قال لعامل له: صد لي شر الطير، واشؤ بشر الوقود، وأطعمه شر الناس، فصاد بومة وشواها بحطب الدفلى وأطعمها ساعيا. وفي س اج الملوك للإمام أبر بكر الطرطو!ثي، في الباب السابع والأربعين أن عبد الملك بن مروان، أرق ليلة فاستدعى سميرا له يحدثه، فكان فيما حدثه به أن قال: يا أمير المؤمنين كان بالموصل بومة وبالبصرة بومة، فخطبت بومة الموصل إلى بومة البصرة بنتها لابنها، فقالت بومة البصرة: لا أفعل إلا أن تجعلي لي صداقها مائة ضيعة خراب. فقالت بومة الموصل: لا أقمر على ذلك الآن ولكن إن دام والينا، سلمه الله علينا، سنة واحدة فعلت لك ذلك. قال: فاستيقظ لها عبد الملك، وجلس للمظالم وأنصف الناس بعضهم من بعض، وتفقد أمور الولاة. ورأيت في بعض المجاميع، بخط بعض العلماء الأكابر، أن المأمون أشرف يوما من قصره فرأى رجلا قائما وبيمه فحمة وهو يكتب بها على حائط قصره، فقال المأمون لبعض خحمه: اذهب إلى ذلك الرجل، وانظر ما يكتب وائتني به. فباعر الخادم إلى الرجل مسرعا وقبض عليه وتأمل ما كتبه فإذا هو: يا قصرجمع فيك الشوم واللوم متى يعشش في أركانك البوم يوم يعشش فيك البوم من فرحي يكون أول من ينعيك مرغوم ثم إن الخادم فال له: أجب أمير المؤمنين: فقال له الرجل: سألتك بالئه لا تذهب بي إليه.
فقال الخادم: لا بد من ذلك. ثم ذهب به فلما مثل بين يدي المأمون، أعلمه الخالمحم بما كتب. فقال المأمون: ويلك ماحملك على هذا؟ فقال: يا أميرالمؤمنين إنه لن يخفى عليك ما حواه قصرك هلى ا من خزائن الأموال والحلى والحلل والطعام والشراب والفراش والأواني والأمتعة والجواري والخدم وغيرذلك، مما يقصر عنه وصفي ويعجز عنه فهمي، وإني يا أميرالمؤمنين قد مررت الآن حم عليه وأنا في غاية من الجوع والفاقة، فوقفت مفكرا في أمري، وقلت في نفسي: هذا القصر عامر عال، وأنا جائع ولا فاث!ة لي فيه، فلوكان خرابا ومررت به لم أعحم منه رخامة أو خشبة أو مسمارا أبيعه، وأتقوت بثمنه أو ما علم أمير المؤمنين ما قال الشاعر؟ قال: وما قال الشاعر؟ قال: إذالم يكن للمرء في عولة امرىء نصيب ولاحظ تمنى زوالها وما ذاك من بغفر لها غيرأنه يرجي سواها فهو يهوى انتقالها فقال المأمون: اعطه يا غلام ألف دينار. ثم قال له: هي لك في كل سنة ما دام قصرنا عامرا بأهله وأنشموا في معنى ذلك: إذا كنت في أمرفكن فيه محسنا فعما قليل أنت ماض وتاركه فكم دحص الأيام أرباب ثولة وقد ملكوا أضعاف ما أنت مالكه الحكم: يحرم أكل جمغ أنواعها. قال الرافعي: ذكر أبو عاصم العباثي أن البوم حرام كالرخم، وكذلك الضوع. وعن الشافعي رحمه الله قول إنه حلال، وهذا يقتضي أن الضوع غير البوبم. لكن في الصحاح أن الضوع طائر من طير الليل من جنس الهام. وقال المفضل: إنه ذكر البوم فعلى هذا إذا كان في الضوع قول، لزم إجراؤه في البوم لأن الأنثى والذكر من الجنس الواحد لا يختلفان في الحل والحرمة ا!. وقال في الروضة: الأشهر أن الضوع من جنس الهام فنحكم بتحريمه.
فائمة: روى ابن السني عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله عيط: (من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أفنه اليسرى لم تضره أم الصبيان1. وكان عمربن عبد العزيز رحمه الله تعالى يفعله. واختلف في أم الصبيان فقيل 3 البومة كما تقمم، وقيل: التابعة من الجن.
الخواص: إذا ذبح البوم بقيت إحى عينيه مفتوحة والأخرى مضمومة، فالمفتوحة إذا
جعلت تحت فص خاتم، من لبسه سهر ما!كدام عليه، والأخرى بالعكس. قال الطبري: فإذا اشتبه عليك المنومة من المسهرة فاجعلهما في الماء فالتي ترتفع على الماء هي المسهرة، والتي ترسب هي المنومة. وقال هرمس: إذا أخذ قلب بومة وجعل على اليد اليسرى من المرأة في حال نومها تكلمت بكل ما فعلته في يومها. والاكتحال بمرارتها ينفع من ظلمة البصر. وقلب البومة الكبيرة إذا قلع وشد في جلد فئب وعلق على العضد أمن حامل ذلك من اللصوص وسائر الهوام ولم يخف أحدا من الناس. وإن اكتحل بمذاب شحمها فأي مكان دخله بالليل رآه ميضأ. وهي تبيض بيضتين إحداهما تخلق والأخرى لا تخلق، فإن أردت معرفة التي تخلق من التي لا تخلق فأدخل فيها ريثة فالتي تخلق تبين لك تخلقها الريشة.
التعبير: البوم في المنام لص مكار، وقيل ملك مهيب تشق مرائر الرعية هيبته. ويحل على البطالة وذهاب الخوف لأنه من طيور الليل والله أعلم.
البوة: بضم الباء وتشديد الواو طائر يشبه البوم إلا أنه أصغر منه والأنثى بوهة ويشبه بها الرجل الأحمق قال امرؤ القيس:
أيا هند لا تنكحي بوهة ... عليه عقيقته أحسبا
الأحسب من الناس الذي في شعره شقرة وصفه باللؤم والشح، يقول كأنه لم تخلق عقيقته في صغره حتى شاخ. وقيل: إنه الرجل الضعيف الطائش. والبوهة ما أطارته الريح والبوه ذكر البوم وقيل البوه الكبير من اليوم قال رؤبة يذكر كبره:
كالبوة تحت الظلمة المرشوش.
وقيل: البوه طائر يشبه البوم وقيل: الأحسب الذي ابيض جلده من داء ففسدت شعرته فصار أحمر وأبيض ويكون ذلك في الناس والإبل. وقيل الأحسب الأبرص. وحكمه وخواصه وتعبيره كالبوم في جميع ما تقدم.
بوقير: قال القزويني: إنه طائر أبيض تجيء منه طائفة كل سنة، في وقت معلوم، إلى جبل يقال له جبل الطير بصعيد مصر بقرب انصنا بلدة مارية أم إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، فتتعلق على هذا الجبل، وفيه كوة يأتي كل واحد منها ويدخل رأسه فيها ثم يخرجه ويلقي نفسه في النيل ثم يخرج ويذهب من حيث جاء. ولم تزل هكذا حتى يدخل واحد منها رأسه فيها فيقبض عليه شيء من تلك الكوة فيضطرب ويبقى معلقاً حتى يتلف ثم يسقط بعد مدة فإذا تعلق ذلك الطائر انصرف الباقون في الحال فلا يرى شيء من ذلك الطير في ذلك الجبل إلى مثل ذلك الزمان من العام المقبل. قال أبو بكر الصولي : سمعت من أعيان تلك البلاد أنه إذا كان العام مخصباً قبضت تلك الكوة على طائرين وإن كان متوسطاً قبضت على طائر واحد وإن كان مجدباً لم تقبض على شيء.
البينيب: على وزن فيعيل سمك بحري معروف عند أهل البحر.
البياح: بكسر الباء مخففاً ضرب من السمك وربما فتح وشدد قاله الجوهري.
أبو براقش: طائر كالعصفور يتلون ألواناً قال الشاعر:
كأبي براقش كل يو ... م لونه يتخيل
يضرب به المثل في التنقل والتحول. وقال القزويني: إنه طائر حسن الصوت، طويل الرقبة والرجلين، أحمر المنقار في حجم اللقلق، يتلون في كل ساعة يكون أحمر وأزرق وأخضر وأصفر.
قال: ولم يحضرني شيء من خواصه.
أبو برا: طائر يسمى السموأل وسيأتي في باب السين المهملة إن شاء الله تعالى.
أبو بريص: بفتح الباء هو الوزغ الذي يسمى سام أبرص. وسيأتي الكلام عليه في باب السين والواو في لفظ الوزغ وسام أبرص إن شاء الله تعالى.
باب التاء المثناة
التالب: الوعل والأنثى تالبة حكاه ابن سيده. وسيأتي الكلام عليه في باب الواو وفي لفظ الوعل إن شاء الله تعالى.التبيع: ولد البقرة أول سنة. وبقرة تبيع معها ولدها والأنثى تبيعة والجمع تباع وتبائع مثل أفيل وافال وأفائل. وقد تقدم في باب الهمزة روى الإمام مالك في الموطأ وأبو داود الترمذي والنسائي وآخرون عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه، قال: " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأمرني أن آخذ من كل أربعين بقرة بقرة، ومن كل ثلاثين مسنة تبيعاً أو تبيعة " . قال الترمذي: حديث حسن، وروي مرسلاً وهو أصح. والمسنة: ما استكملت سنتين ودخلت في الثالثة. والتبيع هو الذي يتبع أمه، وإن كان له دون سنة. قال الرافعي: وحكى جماعة أن التبيع الذي له ستة أشهر والمسنة التي لها سنة وهذا غلط ليس معموداً من المذهب.
التبشر: في أدب الكاتب لابن قتيبة أنه بفتح التاء المثناة من فوق وبالباء الموحدة ثم بالشين المعجمة وقيل بضم التاء وفتح الباء الموحدة وتشديد الشين المعجمة طائر يقال له الصفارية، والتاء فيه زائدة وسيأتي الكلام عليه في باب الصاد المهملة إن شاء الله تعالى.
التثفل: بضم التاء أوله وسكون الثاء المثلثة كقنفذ ولد الثعلب والتاء فيه زائدة.
التدرج: كحبرج طائر كالدراج، يغرد في البساتين بأصوات طيبة، يسمن عند صفاء الهواء وهبوب الشمال، ويهزل عند، كدورته وهبوب الجنوب. يتخذ داره في التراب اللين ويضع البيض فيها لئلا يتعرض للآفات. وقال ابن زهر هو طائر مليح يكون بأرض خراسان وغيرها من بلاد فارس.
وحكمه: الحل لعدم استخباثه، وإن كان نوعاً من الدراج وسيأتي في بابه إن شاء الله تعالى.
الخواص: لحمه من أفضل لحوم الطير يزيد في الفهم والباه. وإذا أخذت مرارته وسعط بها من به خبل أو وسواس نفعه وإن شوي لحمه وأطعم منه وهو حار ثلاثة أيام أبرأه.
التخس: كصرد الدلفين وسيأتي في باب الدال المهملة إن شاء الله تعالى.
التفلق: كزبرج طائر من طير الماء قاله في العباب.
التفه: ويسمى عناق الأرض، والغنجل: نوع من السباع نحو الكلب الصغير على شكل الفهد، وصيده في غاية الجودة والملاحة، وربما واثب الإنسان فيعقره ولا يطعم غير اللحوم. وربما صاد الكركي وما قاربه من الطير، فيفعل به فعلاً حسناً. وقد وصفه الناشيء في أبيات منها: حلو الشمائل في أجفانه وطف صافي الأديم هضيم الكشح ممسود
فيه من البدر أشباه توافقه ... منها له سفع في وجهه سود
كوجه ذا وجه هذا في تدوره ... كأنه منه في الأجفان معدود
له من الليث ناباه ومخلبه ... ومن غرير الظباء النحر والجيد
إذا رأى الصيد أخفى شخصه أدبا ... وقلبه باقتناص الطير مزؤود
الحكم: يحرم أكله لعموم النهي عن أكل كل ذي ناب ومخلب من السباع. وقال بعض أصحابنا: إنه السنور البري وإنه قريب من الثعلب وإنه على شكل السنور الأهلي وفي حكمه وجهان: أصحهما التحريم لأنه يأكل الفأر.
الأمثال: قالت العرب: " أغنى من التفه عن الرفه " . والرفه التبن. والأصل فيهما رفهة وتفهة قال حمزة: وجمعهما تفات ورفات قال الشاعر:
غنينا عن حديثكم قديما ... كما غنى التفات عن الرفات
ويقال أيضاً: " استغنت التفه عن الرفه " . وذلك أن التفه سبع لا يقتات الرفه أصلاً، وإنما يغتذي باللحم فهو يستغني عن التبن، والمعروف في التفه والرفه تخفيف الفاء وقال الأستاذ أبو بكر: هما مشددتان. وقد أوردهما الجوهري في باب الهاء فقال: التفه والرفه، وفي الجامع مثله، إلا أنه قال: ويخففان. وأما الأزهري فإنه أورد الرفه في باب الرفت، بمعنى الكسر. وقال ثعلب عن ابن الأعرابي: الرفت التبن: وفي المثل: " أغنى من التفه عن الرفت " قال الأزهري: والتفه تكتب بالهاء، والرفت بالتاء قال الميداني: وهذا من أصح الأقوال لأن التبن مرفوت أي مكسور.
التم: طائر نحو الإوز في منقاره طول وعنقه أطول من عنق الأوز.
وحكمه: الحل لأنه من الطيبات.
التمساح: اسم مشترك بين الحيوان المعروف والرجل الكذاب، قال القزويني: وهذا الحيوان على صورة الضب وهو من أعجب حيوان الماء، له فم واسع وستون ناباً في فكه الأعلى وأربعون في فكه الأسفل، وبين كل نابين سن صغيرة مربعة ويدخل بعضها في بعض عند الانطباق. وله لسان طويل، وظهر كظهر السلحفاة لا يعمل الحديد فيه، وله أربع أرجل وذنب طويل، وهذا الحيوان لا يكون إلا في نيل مصر خاصة. وزعم قوم أنه في بحر السند أيضا، وهو شديد البطش في الماء لا يقتل إلا من إبطيه، ويعظم حتى يكون طوله عشرة أذرع في عرض ذراعين وأكثر. ويفترس الفرس. وإذا أراد ألسفاد خرج هو والأنثى إلى البر فيلقي الأنثى على ظهرها ويستبطها فإذا فرغ قلبها لأنها لا تتمكن من الإنقلاب لقصر يديها ورجليها ويبس ظهرها. وهو إذا تركها على تلك الحال، لم تزل كذلك حتى تقلب. وتبيض في البر، فما وقع من ذلك في الماء صار تمساحاً وما بقي صار سقنقوراً.
ومن عجائب أمره أنه ليس له مخرج فإذا امتلأ جوفه بالطعام خرج إلى البر وفتح فاه، فيجيء طائر يقال له القطقاط فيلقط ذلك من فيه. وهو طائر أرقط صغير يأتي لطلب المطعم، فيكون في ذلك غذاء له وراحة للتمساح، ولهذا الطائر في رأسه شوكة، فإذا أغلق التمساح فمه عليه نخسه بها فيفتحه. وسيأتي ذكر هذا الطائر إن شاء الله تعالى. وزعم بعض الباحثين عن طبائع الحيوان، أن للتمساح ستين سناً وستين عرقاً. ويسفد ستين مرة، وتبيض الأنثى ستين بيضة ويعيش ستين سنة. وقال أبو حامد الأندلسي: إن له ثمانين ناباً أربعون ناباً في الفك الأعلى وأربعون في الفك الأسفل وهو أبداً يحرك فكه الأعلى وفكه الأسفل. عظمه متصل بصدره وليس له دبر وله فرج ينسل منه. وهو شر من كل سبع في الماء. ومن شأنه أنه يغيب في باطن الماء أربعة أشهر، مدة الشتاء كله ولا يظهر. والكلب البحري عدوه فإذا نام فتح فاه فيطرح كلب الماء نفسه في الطين ويتجفف ثم يأتيه مفاجأة فيدخل فاه ويأكل أمعاء ويخرج من مراق بطنه بعد أن يقتله وكذلك يفعل معه ابن عرس أيضاً.
وحكمه: تحريم الأكل للعدو بنابه كذا علله جماعة من الأصحاب. وقال الشيخ محب الدين الطبري، في شرح التنبيه: القرش حلال. ثم قال: فإن قلت أليس هو مما يتقوى بنابه. فهو كالتمساح. والصحيح تحريم التمساح. قلت لا نسلم أن ما يتقوى بنابه من حيوان البحر حرام. وإنما حرم التمساح كما قال الرافعي في الشرح للخبث والضرر نعم كلام التنبيه يقتضي أن تحريمه لكونه مما يتقوى بنابه ولا ينبغي تعليل تحريمه بذلك فإن في البحر حيواناً كثيراً يفترس بنابه كالقرش وغيره وهو حلال ولا ريب في أن البحري مخالف للبري وهو الظاهر والله أعلم.
الأمثال: قالوا " أظلم من تمساح " و " كافأه مكافأة التمساح " .
الخواص: عينه تشد على صاحب الرمد، يسكن وجعه في الحال، اليمنى لليمنى واليسرى لليسرى. وإذا عجن شحمه بشمع وجعل فتيلة وأسرج في نهر لم تصح ضفادعه. وإذا قطر شحمه في الأذن الوجعة شفاها. وإذا أدمن تقطيره في الأذن نفع الصمم. ومرارته يكتحل بها للبياض الذي في العين فيذهب. وإذا علق شيء من أسنانه التي في الجانب الأيمن على الرجل، زاد جماعه. وقال القزويني، في عجائب المخلوقات: أول سن من الجانب الأيسر يشد على صاحب القشعريرة يذهبها. وكبده يبخر به صاحب الصرع يزول صرعه. وقطعة من جلده تشد على جبهة الكبش يغلب الكباش. وزبله الذي يوجد في بطنه يزيل البياض الحادث والقديم اكتحالاً، ورائحته كرائحة المسك وتقول القبط إنه المسك إلا أنه فيه سهوكة.
التعبير: التمساح في المنام عدو مسلط وهو نظير الأسد وقيل: التمساح لص مكابر ذو مكر وغدر وخديعة.
التميلة: دويبة بالحجاز على قدر الهرة والجمع تملان قاله ابن سيده.
التنوط: في الكفاية لابن الرفعة أنه بضم التاء وكسر الواو ويجوز فتح التاء المشددة وفتح النون وضم الواو المشددة. وقال غيره: هو طائر يجوز في واوه الضم والفتح قال الأصمعي: إنما سمي بذلك لأنه يدلي خيطاً من شجرة يفرخ فيها الواحدة تنوطة. ومن شأن هذا الطائر أنه إذا أقبل عليه الليل يتنقل في زوايا بيته ويدور فيها ولا يأخذه قرار إلى الصبح خوفاً على نفسه وهذا الطائر هو الصفا. وسيأتي في بابه إن شاء الله تعالى.
وحكمه: الحل لأنه من نوع العصافير.
الخواص: قال القزويني في عجائب المخلوقات: يذبح التنوط بسكين ويسقى دمه لمن يعربد في سكره فلا يعود إلى ذلك أبدا ومرارته تطبخ بالسكر وتسقى لصبي فيحسن خلقه. وعظمه يعلق على الصبي وقت زيادة القمر فيبقى محبوباً إلى الناس ولو كان كريه اللقاء.
التنين: ضرب من الحيات كأكبر ما يكون منها وكنيته أبو مرداس وهو أيضاً نوع من السمك. وقال القزويني في عجائب المخلوقات: إنه شر من الكوسج، في فمه أنياب مثل أسنة الرماح. وهو طويل كالنخلة السحوق، أحمر العينين مثل الدم، واسع الفم والجوف، براق العينين يبتلع كثيراً من الحيوان، يخافه حيوان البر والبحر، إذا تحرك يموج البحر لشدة قوته وأول أمره يكون حية متمردة تأكل من دواب البر ما ترى، فإذا كثر فسادها، احتملها ملك وألقاها في البحر، فتفعل بدواب البحر ما كانت تفعله بدواب البر، فيعظم بدنها فيبعث الله إليها ملكاً يحملها ويلقيها إلى يأجوج ومأجوج. روي عن بعضهم أنه رأى تنيناً طوله نحو من فرسخين، ولونه مثل لون النمر مفلساً مثل فلوس السمك بجناحين عظيمين، على هيئة جناحي السمك، ورأسه كرأس الإنسان لكنه كالتل العظيم، وأذناه طويلتان وعيناه مدورتان كبيرتان جداً. روى ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يسلط الله على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنيناً تنهشه وتلدغه، حتى تقوم الساعة لو أن تنيناً منها نفخ على الأرض ما نبتت خضرا " . ورواه الترمذي عنه مطولاً. قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مصلاه، فرأى ناساً كأنهم يكشرون فقال: أما أنكم لو أكثرتم ذكر هاذم اللذات لشغلكم عما أرى، أكثروا ذكر هاذم اللذات فإنه لم يفت على القبر يوم إلا تكلم فيه فيقول: أنا بيت الغربة، أنا بيت الوحدة، أنا بيت التراب، أنا بيت الدود والهوام. فإذا دفن العبد المؤمن قال له القبر: مرحباً وأهلاً، أما إن كنت لمن أحب من يمشي على ظهري إلي فمذ وليتك اليوم وصرت إلي فسترى صنيعي بك قال: فيتسع له قبره مد بصره، ويفتح له باب إلى الجنة وإذا دفن العبد الكافر أو الفاجر، يقول له القبر: لا مرحباً ولا أهلاً أما إن كنت لمن أبغض من يمشي على ظهري إلي فمذ وليتك اليوم وصرت إلي فسترى صنيعي بك، فيلتئم عليه حتى يلتقي وتختلف أضلاعه. قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بأصابع يديه هكذا وشبكها. ثم يقيض له تسعون تنيناً أو تسعة وتسعون تنيناً لو أن واحداً منها نفخ في الأرض ما أنبتت شيئاً ما بقيت الدنيا فتنهشه وتخدشه حتى يبعث إلى الحساب " . قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار " . وروى الأئمة أن موسى عليه الصلاة والسلام لما قال لشعيب عليه الصلاة والسلام: " أيما الأجلين " الآية. أمره لما جن الليل أن يدخل بيتاً عينه له، ويأخذ منه عصا من العصي التي فيه دخل موسى البيت، وأخذ العصا التي أخرجها آدم معه من الجنة، وكانت من آس الجنة، فتوارثها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، حتى صارت إلى شعيب عليه السلام، فأمره أن يلقيها في البيت ويدخل ويأخذ عصا أخرى فدخل وأخرجها، كذلك سبع مرات فعلم شعيب أن لموسى شأناً، فلما أصبح قال له سق الأغنام إلى مفرق الطريق، ثم خذ عن يمينك، وليس بها عشب كثير، ولا تأخذ عن يسارك فإنها وإن كان بها عشب كثير، ففيها تنين كبير يقتل المواشي فساق موسى الأغنام إلى مفرق الطريق، فأخذت نحو اليسار ولم يقدر على ردها فسرحها في الكلأ، ثم نام فخرج التنين فحاربته العصا حتى قتلته فلما انتبه موسى رأى العصا مخضوبة بالدم والتنين مقتولا، فعاد إلى شعيب فأخبره الخبر فسر بذلك، وقال: كل ما ولدت هذه المواشي ذا لونين في هذه السنة فهو لك. فقدر الله تعالى أن ولدت كلها في تلك السنة ذا لونين. فعلم شعيب أن لموسى عند الله مكانة، فأقام عنده ثمانياً وعشرين سنة إلى أن تمت له أربعون سنة ثم خرج عنه بأهله.
وأما حكمه: فعلى ما قال القزويني أكله حرام لكونه من جنس الحيات وعلى أنه سمك يؤذي بنابه فالظاهر التحريم أيضاً كالتمساح.
الخواص: زعموا أن أكل لحمه يورث الشجاعة ودمه إذا طلي به على الذكر وجامع امرأته حصل لها لذة عظيمة.
التعبير: التنين في المنام ملك فإن كان له رأسان أو ثلاثة فهو أشد لشره. والمريض إذا رأى تنيناً دل على موته. ومن الرؤيا المعبرة أن امرأة رأت في منامها كأنها وضعت تنيناً فولدت ولداً زمناً وذلك لأن التنين يجر نفسه إذا مشى وكذلك الزمن يجر نفسه.
التورم: القطقاط: قال ابن بختيشوع: هو على شكل الحمامة، ويقال له طير التمساح قال: وفي جناحه شوكتان هما سلاحه إذا أطبق عليه التمساح فمه نخسه، فيفتح فاه فيخرج كما تقدم قال: ومن خواصه إذا أخذتا يعني الشوكتين أو إحداهما وصيرتا في موضع قد بال فيه إنسان مرض ذلك الإنسان، ولم يزل مريضاً حتى تنزع الشوكة من ذلك المكان الذي بال فيه، وإذا علق قلبه على من به وجع المعدة أبرأه الله تعالى.
التولب: الجحش قالوا " أطوع من تولب " . قال سيبويه: هو مصروف لأنه فوعل. ويقال للأتان أم تولب وسيأتي حكمه في باب الحاء المهملة إن شاء الله تعالى.
التيس: الذكر من المعز والوعول والجمع تيوس وأتياس قال الهذلي:
من فوقه أنسر سود وأغربة ... وتحته أعنز كلف وأتياس
والتياس الذي يمسكه، ويقال: في فلان تيسية وناس يقولون تيوسية. قال الجوهري: ولا أعرف صحتها. ويقال للذكر من الضباء أيضاً تيس ويقال نب التيس ينب نبيباً إذا صاح وهاج وقد مثل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فيما روى مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال " أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قصير أشعث، ذي عضلات عليه إزار قد زنى فرده مرتين ثم أمر به فرجم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما نفرنا غازين في سبيل الله تخلف أحدكم ينب نبيب التيس يمنح إحداهن الكثبة إن الله لا يمكنني من أحد منهم إلا جعلته نكالاً أو نكلته " . وفي كامل ابن عدي في ترجمة إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه بقطيع من غنم يقسمها بين أصحابه فبقي منها تيس فضحى به. وفيه في 4ترجمة أبي صالح كاتب الليث بن سعد واسمه عبد الله بن صالح عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ألا أخبركم بالتيس المستعار هو المحلل " . ثم قال: " لعن الله المحلل والمحلل له " . والحديث المذكور رواه الدارقطني وابن ماجه عن كاتب الليث بن سعد عن مشرح بن هاعان المصري عن عقبة بن عامر بإسناد حسن. وكذلك رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. قيل: إنما لعنه النبي صلى الله عليه وسلم مع حصول التحليل لأن التماس ذلك هتك للمروءة والملتمس ذلك هو المحلل له، وإعارة التيس للوطء. لغرض الغير أيضاً رذيلة. ولذلك شبهه بالتيس المستعار وإنما يكون كالتيس المستعار إذا سبق التماس من المطلق، والعرب تعير بإعارة التيس قال الشاعر:
وشر منيحة تيس معار.
وفي آخر شفاء الصدور لابن سبع السبتي عن علي بن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهم قال: كنت مع أبي بعدما كف بصره وهو بمكة فمررنا على قوم من أهل الشام في صفة زمزم، فسبوا علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فقال لسعيد بن جبير وهو يقوده: ردني إليهم فرده فقال: أيكم الساب لله ولرسوله فقالوا: سبحان الله ما فينا أحد سب الله ورسوله. فقال: أيكم الساب لعلي؟ قالوا: أما هذا فقد كان. فقال ابن عباس إني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من سب علياً فقد سبني ومن سبني فقد سب الله ومن سب الله كبه الله تعالى على منخريه في النار " . ثم ولى عنهم فقال: يا بني ما رأيتهم صنعوا فقلت يا أبت:
نظروا إليك بأعين محمرة ... نظر التيوس إلى شفار الجازر
فقال زدني يا بني فقلت:
شزر العيون منكسي أذقانهم ... نظر الذليل إلى العزيز القاهر
اه وفي تهذيب الكمال، في ترجمة عبد العزيز بن منيب القرشي، وكان طويل اللحية أن علي بن حجر السعدي نظر إليه وقال:
ليس بطول اللحى ... تستوجبون القضا
إن كان هذا كذا ... فالتيس عدل رضا
قال: ومكتوب في التوراة لا يغرنك طول اللحى فإن التيس له لحية. وسيأتي في المعز بيان حكمه. وفي تاريخ الإسلام للعلامة الذهبي أن في سنة وتسعين ومائتين وردت هدايا مصر على المقتدر فيها خمسمائة ألف دينار وتيس له ضرع يحلب لبناً وضلع إنسان عرض شبر في طول أربعة عشر شبراً، وفي كتاب الترغيب والترهيب في باب فم الحاسد من حديث نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يأتي على أمتي زمان يحسد فيه الفقهاء بعضهم بعضاً ويغار بعضهم على بعض كتغاير التيوس بعضها على بعض " وفي الحلية عن مالك بن دينار أنه قال: تجوز شهادة القراء في كل شيء إلا شهادة بعضهم على بعض فإنهم أشد تحاسداً من التيوس في الزرب. قال الجوهري: الزرب والزربية حظيرة الغنم من خشب. وفي مروج الذهب للمسعودي وشرح السيرة للحافظ قطب الدين وغيرهما أن أم الحجاج بن يوسف، وهي الفارعة بنت همام، كانت تحث الحارث بن كلدة الثقفي، حكيم العرب، فدخل عليها ليلة في السحر فوجدها، تتخلل فطلقها، فسألته عن سبب ذلك؟ فقال: دخلت عليك في السحر فوجدتك تتخللين، فإن كنت بادرت الغداء فأنت شرهة، وإن كنت بت والطعام بين أسنانك فأنت قذرة. فقالت: كل ذلك لم يكن، لكني تخللت من شظايا السواك. فتزوجها بعده يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي، فأولدها الحجاج وكان الحجاج مشوهاً لا دبر له فثقب دبره وأبى أن يقبل ثدي أمه وغيرها فأعياهم أمره فيقال: إن الشيطان تصور لهم في صورة الحارث بن كلدة فقال: ما خبركم فقالوا: لنا ولد ليوسف من الفارعة، وقد أبى أن يقبل ثدي أمه. فقال: اذبحوا له تيساً أسود وألعقوه دمه. ثم ذبحوا له أسود سالحاً وأولغوه من دمه، وأطلوا به وجهه ثلاثة أيام فإنه يقبل الثدي في اليوم الرابع. ففعلوا به كذلك فقبل الثدي. وكان لا يصبر عن سفك الدماء وكان يخبر عن نفسه أن أكبر لذاته سفك الدماء. وارتكب أموراً لا يقدر عليها غيره. وفي تاريخ ابن خلكان أن عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج كتاباً يتهدده في آخره بهذه الأبيات:
إذا أنت لم تترك أموراً كرهتها ... وتطلب رضاي بالذي أنا طالبه
وتخش الذي يخشاه مثلك هارباً ... إلي فها قد ضيع الدر جالبه
فإن ترمني غفلة قرشية ... فيا ربما قد غص بالماء شاربه
وإن ترمني وثبة أموية ... فهذا وهذا كله أنا صاحبه
فلا تأمنني والحوادث جمة ... فإنك تجزي بالذي أنت كاسبه
فأجابه الحجاج وقال في آخر جوابه: وأما ما أتاني من أمريك فألينهما غرة، وأصعبهما محنة
وقد عبأت للغرة الجلد وللمحنة الصبر، فلما قرأ عبد الملك كتابه قال: خاف أبو محمد صولتي ولن أعود إلى ما يكره. وكان الحجاج كثيراً ما يسأل القراء، فدخل عليه يوماً رجل فقال له الحجاج: ما قبل قوله تعالى: " من هو قانت " ؟ فقال له الآخر: قوله تعالى " قل تمتع بكفرك قليلاً إنك من أصحاب النار " فما سأل أحداً بعدها. وقال الحجاج لرجل من أصحاب عبد الرحمن بن الأشعث : والله إني لأبغضك. فقال الرجل: أدخل الله أشدنا بغضاً لصاحبه الجنة. وكان أول ما ظهر من كفاءة الحجاج أنه كان في شرطة روح بن زنباع وزير عبد الملك بن مروان، وكان عسكر عبد الملك لا يرحل برحيله ولا ينزل بنزوله. فشكا عبد الملك ذلك لروح بن زنباع فقال له: يا أمير المؤمنين في شرطتي رجل يقال له الحجاج بن يوسف، لو ولاه أمير المؤمنين أمر العسكر، لأرحل الناس برحيل أمير المؤمنين وأنزلهم بنزوله. فولاه عبد الملك أمر العسكر فأرحل الناس برحيل عبد الملك وأنزلهم بنزوله. فرحل يوماً عبد الملك ورحل الناس، وتأخر أصحاب روح بن زنباع عن الرحيل، فمر عليهم الحجاج وهم يأكلون، فقال لهم: ما بالكم لن ترحلوا مع العسكر؟ فقالوا له: انزل وتغد ودع عنك هذا الكلام يا ابن اللخناء. فقال: هيهات ذهب ما هناك ثم أمر بهم فضربت أعناقهم، وبخيل روح فعرقبت، وبالفساطيط فأحرقت فبلغ ذلك روحاً، فدخل على عبد الملك وقال: يا أمير المؤمنين انظر ماذا جرى علي اليوم من الحجاج! فقال: وما ذاك؟ قال: قتل غلماني وعرقب خيلي وأحرق فساطيطي فأمر بإحضار الحجاج، فلما حضر قال له عبد الملك: ويلك ماذا فعلت اليوم مع سيدك روح بن زنباع؟ فقال له: يا أمير المؤمنين إن يدي يدك وسوطي سوطك وما على أمير المؤمنين أن يخلف لروح عوض الغلام غلامين، والفرس فرسين، والفسطاط فسطاطين، ولا يكسرني في العسكر. فقال له: افعل، فتم للحجاج ما يريد وقوي من ذلك اليوم أمره، وعظم شره. وكان هذا أول ما عرف من كفاءته. وللحجاج أخبار كثيرة وخطب بليغة: قال المبرد في الكامل: حدثني التوزي بإسناده عن عبد الملك بن عمير الليثي قال: بينما أنا في المسجد الجامع بالكوفة، وأهل الكوفة يومئذ ذوو حالة حسنة، يخرج الرجل منهم في العشرة والعشرين من مواليه إذ قيل: قدم الحجاج أميراً على العراق، فنظرت فإذا به قد دخل المسجد معتماً بعمامة قد غطى بها أكثر وجهه، متقلداً سيفاً متنكباً قوساً، يؤم المنبر فمال الناس نحوه، فصعد المنبر فمكث ساعة لا يتكلم فقال الناس بعضهم لبعض: قبح الله بني أمية حيث تستعمل مثل هذا على العراق! فقال عمير بن ضابئ البرجمي : ألا أحصبه لكم؟ فقيل: أمهل حتى ننظر. فلما رأى الحجاج أعين الناس ترمقه، حسر اللثام عن وجهه ونهض قائماً ثم حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال :
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني
ثم قال يا أهل الكوفة إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها، وكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى.
هذا أوان الشر فاشتدي زيم ... قد لفها الليل بسواق حطم
ليس براعي إبل ولا غنم ... ولا بجزار على ظهر وضم
ثم قال:
قد لفها الليل بعصلبي ... أروع خراج من الدوي
مهاجر ليس بأعرابي ... معاود للطعن بالخطي
ثم قال أيضاً:
قد شمرت عن ساقها فشدوا ... وجدت الحرب بكم فجدوا
والقوس فيها وترعرد ... مثل ذراع البكر أو أشد
إني والله يا أهل العراق، مما يقعقع لي بالشنان، ولا يغمز جانبي كتغماز التنين، ولقد فررت
عن ذكاء، وفتشت عن تجربة، وإن أمير المؤمنين نثل كنانته، فعجم عيدانها عوداً عوداً فوجدني أمرها عوداً، وأصلبها مكسراً، وأبعدها مرمى، فرماكم بي، لأنكم طالما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مراقد الضلال، والله لأحزمنكم حزم السلمة، ولأضربنكم ضرب غرابيب الإبل، فإنكم لكأهل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. وإني والله ما أقول إلا وفيت، ولا أهم إلا أمضيت، ولا أحلف إلا بريت وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم، وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلب بن أبي صفرة، وإني أقسم بالله لا أجد رجلاً تخلف بعد أن أخذ عطائه ثلاثة أيام، إلا ضربت عنقه. يا غلام اقرأ كتاب أمير المؤمنين فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى من بالكوفة من المسلمين سلام عليكم فلم يقل أحد شيئاً فقال الحجاج: اكفف يا غلام، ثم أقبل على الناس، فقال: أيسلم عليكم أمير المؤمنين فلم تردوا سلامه؟ هذا أدب ابن سمية، أما والله لأودبنكم غير هذا الأدب، أو لتستقيمن. اقرأ يا غلام كتاب أمير المؤمنين فلما بلغ إلى قوله سلام عليكم لم يبق في المسجد أحد إلا قال وعلى أمير المؤمنين السلام. ثم نزل فوضع للناس أعطياتهم فجعلوا يأخذون، حتى أتاه شيخ يرعش كبراً فقال: أيها الأمير إني من الضعف على ما ترى ولي ابن هو أقوى مني على الأسفار أفتقبله مني بدلاً فقال له الحجاج: نفعل أيها الشيخ. فلما ولى، قال له قائل: أتدري من هذا أيها الأمير؟ قال: لا، قال: هذا عمير بن ضابىء البرجمي الذي يقول أبوه:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله
ودخل هذا الشيخ على عثمان رضي الله تعالى عنه، يوم الدار وهو مقتول، فوطىء بطنه وكسر ضلعين من أضلاعه، فقال: ردوه، فلما رد قال له الحجاج: أيها الشيخ هلا بعثت إلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان بديلاً يوم الدار. إن في قتلك إصلاحاً للمسلمين: يا حرسي اضرب عنقه.
تفسير ما في خطبة الحجاج من الكلام: قوله: أنا ابن جلا إنما أراد المنكشف الأمر، ولم يصرف جلا لأنه أراد الفعل فحكى. والفعل إذا كان فيه فاعله مضمراً أو مظهراً لم يكن إلا حكاية. كقولك قرأت: " اقتربت الساعة وانشق القمر " لأنك حكيت وكذلك الابتداء والخبر تقول قرأت: " الحمد لله رب العالمين " قال الشاعر:
والله ما زيد بنام صاحبه.
وهذه الكلمة لسحيم بن وثيل الرياحي، وإنما قالها الحجاج متمثلاً وقوله طلاع الثنايا جمع ثنية والثنية الطريق في الجبل والطريق في الرمل، يقال لها: الجلد وإنما أراد جلد يطلع الثنايا في ارتفاعها وصعوبتها. كما قال دريد بن الصمة يرثي أخاه عبد الله:
كميش الإزار خارج نصف ساقه ... بعيد من السوآت طلاع أنجد
والنجد ما ارتفع من الأرض وقوله: إني لأرى رؤوساً قد أينعت، يريد أدركت يقال أينعت الثمرة إيناعاً وينعت ينعاً وينعا ويقرأ انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه وينعه، وكلاهما جائز قال أبو عبيدة وهذا الشعر مختلف فيه فبعضهم ينسبه إلى الأحوص وبعضهم إلى يزيد بن معاوية وهو:
ولها بالماطرون إذا ... أكل النمل الذي جمعا
حرقة حتى إذا ارتفعت ... سكنت من جلق نبعا
في قباب عند دسكرة ... حولها الزيتون قد ينعا
وقوله: هذا أوان الشر فاشتدي زيم، يعني فرساً أو ناقة، والشعر للحطيم القيسي. وقوله: قد لفها الليل بسواق حطم. الحطم الذي لا يبقي من الخبز شيئاً، يقال: رجل حطم إذا كان يأتي على الزاد لشدة أكله. ويقال للنار التي لا تبقي على شيء حطمة. وقوله: على ظهر وضم الوضم كل ما قطع عليه اللحم قال الشاعر:
وفتيان صدق حسان الوجوه ... لا يجدون لشيء ألم
من آل المغيرة لا يشهدو ... ن عند المجازر لحم الوضم
وقوله قد لفها الليل بعصلبي: أي شديد أروع أي ذكي. وقوله خراج من الدوي: يقول خراج عن كل غماء وشدة، ويقال للصحراء دوية وهي التي تنسب للدو، والدو صحراء ملساء لا بها ولا إمارة قال الحطيئة:
وأني اهتدت والدو بيني وبينها ... وما خلت ساري الدو بالليل يهتدي
والداوية الفلاة المتسعة التي يسمع لها دوي بالليل، وإنما ذلك الدوي من أخفاف الإبل تنفسخ أصواتها فيها وجهلة الأعراب تقول: إن ذلك عزيف الجن. وقوله: والقوس فيها وترعرد أي شديد ويقال عرند. وقوله: إني والله ما يقعقع لي بالشنان واحدها شن. وهي الجلد اليابس فإذا قعقع به نفرت الإبل منه فضرب ذلك مثلاً لنفسه، قال النابغة الذبياني:
كأنك من جمال بني أقيش ... يقعقع بين رجليه بشن
وقوله: ولقد فررت عن ذكاء يعني عن تمام سن. والذكاء على ضربين: أحدهما تمام السن والآخر حدة القلب، فما جاء في تمام السن قول قيس بن زهير العبسي جرى المذكيات غلاب وقول زهير:
يفضله إذا اجتهدا عليه ... تمام السن منه والذكاء
وقوله: فعجم عيدانها عوداً عوداً: أي مضغها لينظر أيها أصلب. يقال: عجمت العود إذا مضغته وعضضته والمصدر العجم. يقال: عجمه عجماً، ويقال لنوى كل شيء عجم بفتح الجيم ومن سكن فقد أخطأ قال الأعشى:
وجذعانها كلقيط العجم
وقوله: طالما أوضعتم في الفتنة: الإيضاع ضرب من السير وله أخبار كثيرة تركناها كراهية التطويل. قال ابن خلكان: ولما حضرته الوفاة أحضر منجماً وقال: هل ترى في علمك أن ملكاً يموت؟ قال: نعم، ولست هو. قال وكيف ذلك؟ قال: لأن الملك الذي يموت اسمه كليب. فقال الحجاج: أنا هو والله بذلك الاسم سمتني أمي فأوصى عند ذلك وكان ينشد في مرضه:
يا رب قد حلف الأعداء واجتهدوا ... أيمانهم أنني من ساكني النار
أيحلفون على عمياء ويحهم ... ما ظنهم بعظيم العفو غفار
وتوفي الحجاج سنة خمس وتسعين في خلافة الوليد بواسط، ودفن بها، وعفا قبره وأجري عليه الماء ولما مات لم يعلم بموته، حتى خرجت جارية من قصره وهي تقول:
اليوم يرحمنا من كان يغبطنا ... واليوم نتبع من كانوا لنا تبعا
فعلم بموته. وقال الحافظ الذهبي وابن خلكان وغيرهما: أحصي من قتله الحجاج صبراً، سوى من قتل في حروبه، فبلغ مائة ألف وعشرين ألفاً. وكذا رواه الترمذي في جامعه. ومات في حبسه خمسون ألف رجل، وثلاثون ألف امرأة، منهن ستة عشر ألفاً مجردات. وكان يحبس الرجال والنساء في موضع واحد. وعرضت سجونه بعده، فوجد فيها ثلاثة وثلاثون ألفاً لم يجب على أحد منهم لا قطع ولا صلب. وقال الحافظ ابن عساكر: إن سليمان بن عبد الملك، أخرج من كان في سجن الحجاج من المظلومين. ويقال: إنه أخرج في يوم واحد ثمانين ألفاً. ويقال: إنه أخرج من سجونه ثلثمائة ألف. وقال ابن خلكان: ولم يكن لحبسه سقف يستر الناس من الشمس في الصيف، ولا من المطر في الشتاء، بل كان حوشاً مبنياً بالرخام. وكان له غير ذلك من أنواع العذاب. وقيل: إنه سأل كاتبه يوماً فقال: كم عدة من قتلنا في التهمة. فقال ثمانون ألفاً. وكانت مدة ولايته على العراق عشرين سنة، ومات وله ثلاث وخمسون سنة. روي أنه ركب يوم جمعة، فسمع ضجة، فقال: ما هذا؟ فقيل: المحبوسون يضجون ويشكون مما هم فيه، من الجوع والعذاب. فالتفت إلى ناحيتهم وقال: " اخسؤوا فيها ولا تكلمون " . فما صلى جمعة بعدها. ورأيت على حاشية تاريخ ابن خلكان بخط بعض المشايخ أن بعض العلماء كفره بهذا الكلام وغيره مما وقع منه. وفي الكامل للمبرد: ومما كفر به الفقهاء الحجاج أنه رأى الناس يطوفون حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنما تطوفون بأعواد ورمة. قلت: وإنما كفروه بهذا لأن في هذا الكلام تكذيباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم نعوذ بالله من اعتقاد ذلك. فإنه صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " أخرجه أبو داود وذكر أبو جعفر الداودي هذا الحديث بزيادة ذكر الشهداء والعلماء والمؤذنين. وهي زيادة غريبة. قال السهيلي: الداودي من أهل الفقه والعلم. ولكن روي عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله، أنه رأى الحجاج في المنام بعد موته وهو جيفة منتنة، فقال له: ما فعل الله بك قال: قتلني بكل قتيل قتلته قتلة واحدة إلا سعيد بن جبير فإنه قتلني به سبعين قتلة. فقال له: ما أنت منتظر؟ فقال ما ينتظره الموحدون فهذا مما ينفي عنه الكفر. ويثبت أنه مات على التوحيد وعند الله علم حاله وهو أعلم بحقيقة أمره.
تنبيه: فإن قيل: ما الحكمة في أن الله تعالى قتل الحجاج بكل قتيل قتله قتلة واحدة إلا سعيد بن جبير رحمه الله تعالى؟ وهو قد قتل عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي وسعيد بن جبير تابعي؟ والصحابي أفضل من التابعي فالجواب أن الحكمة في ذلك، أن الحجاج لما قتل عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنها كان له نظراء في العلم كثيرون كابن عمر وأنس بن مالك وغيرهما من الصحابة، ولما قتل سعيد بن جبير لم يكن له نظير في العلم في وقته. وذكر غير واحد من المصنفين أن الحسن البصري رحمه الله لما بلغه قتل سعيد بن جبير، قال: والله لقد مات سعيد بن جبير يوم مات وأهل الأرض من مشرقها إلى مغربها محتاجون لعلمه. فمن هذا المعنى ضوعف العذاب على الحجاج بقتله. والله أعلم. وسيأتي حديث قتل سعيد بن جبير في باب اللام في اللبوة. وقتل عبد الله بن الزبير تقدم في باب الهمزة في الأوز.
الأمثال: قالوا : " أغلم من تيس بني حمان " بكسر الحاء المهملة، وذلك أن بني حمان تزعم أن تيسهم سفد سبعين عنزاً بعد ما فريت أوداجه، ففخروا بذلك والله أعلم. ويقال للتيس قفط وسفد. وفي الأذكياء لابن الجوزي أن مزينة أست أبا حسان الأنصاري، وقالوا لا نأخذ فداءه إلا تيساً، فغضب قومه، وقالوا: لا نفعل هذا فأرسل إليهم: أعطوهم ما طلبوا فلما جاؤوا بالتيس، قال أعطوهم أخاهم وخذوا أخاكم فسموا مزينة التيس، وصار لهم لقباً وعيباً.
الخواص: جميع بدنه منتن كالإبط، ولحيته تشد على صاحب حمى الربع، وعلى من به صداع فيزولان. وطحاله يقطعه صاحب الطحال بيده، ويعلقه في بيت هو فيه، فإذا جف الطحال زال ألم المطحول. ورطوبة كبده حال شقها تقطر في الأذن الوجيعة يزول وجعها. وكعبه إذا سحق وشرب هيج الباه وبوله يغلى حتى يغلظ ويخلط بمثله سكراً ويطلى به الجرب في الحمام فإنه يذهب. وبعره إذا وضع تحت رأس صبي يبكي كثيراً يزول عنه. وسيأتي له منافع أخرى في خواص المعز والله أعلم.
باب الثاء المثلثة
الثاغية: النعجة قالوا: ما له ثاغية ولا راغية، أي لا نعجة ولا ناقة أي ما له شيء ومثله ما له دقيقة ولا جليلة فالدقيقة الشاة والجليلة الناقة.الثرملة: بالضم أنثى الثعالب وسيأتي إن شاء الله تعالى ما في الثعلب في هذا الباب.
الثعبان: الكبير من الحيات ذكراً كان أو أنثى. والجمع الثعابين والثعبة ضرب من الوزغ وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الواو. وقال الجاحظ، في كتاب الأمصار: وتفاضل البلدان والثعابين بمصر وليست هي في بلد غيرها، وإليها حول الله عصا موسى صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: " فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين " يعني أنه حولها ثعباناً عظيماً ومما يتعلق بخبر الثعبان: أن عبد الله بن جدعان ، كان في ابتداء أمره صعلوكاً ترب اليدين، وكان مع ذلك شريراً فاتكاً لا يزال يجني الجنايات، فيعقل عنه أبوه وقومه حتى أبغضته عشيرته، ونفاه أبوه وحلف لا يؤويه أبداً. فخرج في شعاب مكة حائراً ثائراً، يتمنى الموت أن ينزل به، فرأى شقاً في جبل، فظن أن فيه حية فتعرض للشق يريد أن يكون فيه ما يقتله فيستريح، فلم ير شيئاً فدخل فيه فإذا فيه ثعبان عظيم له عينان تقدان كالسراجين، فحمل عليه الثعبان. فأفرج له فانساب عنه مستديراً بدارة عند بيت ثم خطا خطوة أخرى، فصفر به الثعبان، فأقبل إليه كالسهم فأفرج له فانساب عنه، فوقف ينظر إليه يفكر في أمره، فوقع في نفسه أنه مصنوع فأمسكه بيديه فإذا هو مصنوع من ذهب، وعيناه ياقوتتان فكسره وأخذ عينيه ودخل البيت، فإذا جثث طوال على سرر لم ير مثلهم طولاً وعظماً، وعند رؤوسهم لوح من فضة فيه تاريخهم، وإذا هم رجال من ملوك جرهم، وآخرهم موتاً الحارث بن مضاض صاحب العذبة الطويلة، وإذا عليهم ثياب من وشي لا يمس منها شيء إلا انتثر كالهباء من طول الزمان مكتوب في اللوح عظات. قال ابن هشام: كان اللوح من رخام وكان فيه أنا نفيلة بن عبد المدان بن خشرم بن عبديا ليل بن جرهم بن قحطان ابن نبي الله هود عليه السلام عشت من العمر خمسمائة عام وقطعت غور الأرض ظاهرها وباطنها في طلب الثروة والمجد والملك فلم يكن ذلك ينجيني من الموت وتحته مكتوب:
قد قطعت البلاد في طلب الثر ... وة والمجد قالص الأثواب
وسريت البلاد قفر القفر ... بقناة وقوة واكتساب
فأصاب الردى بنات فؤادي ... بسهام من المنايا صياب
فانقضت مدتي وأقصر جهلي ... واستراحت عواذلي من عتابي
ودفعت السفاه بالحلم لما ... نزل الشيب في محل الشباب
صاح هل ريت أو سمعت براع ... رد في الضرع ما قرى في الحلاب
وإذا في وسط البيت كوم عظيم من الياقوت واللؤلؤ والذهب والفضة والزبرجد فأخذ منه ما أخذ، ثم علم على الشق بعلامة. وأغلق بابه بالحجارة، وأرسل إلى أبيه بالمال الذي خرج به منه يسترضيه ويستعطفه، ووصل عشيرته كلهم فسادهم وجعل ينفق من ذلك الكنز، ويطعم الناس ويفعل المعروف وكانت جفنته، يأكل منها الراكب على البعير وسقط فيها صبي فغرق ومات وفي غريب الحديث لابن قتيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كنت أستظل بظل جفنة عبد الله بن جدعان صكة عمي " . يعني في الهاجرة. وسميت الهاجرة صكة عمي لخبر ذكره أبو حنيفة في الأنوار، وهو أن عمياً رجل من عدوان، وقيل: من إياد وكان فقيه العرب في الجاهلية فقدم في قومه، معتمراً أو حاجاً، فلما كان على مرحلتين من مكة، قال لقومه، وهم لا وسط الظهيرة: من أتى مكة غدا في مثل هذا الوقت كان له أجر عمرتين! فصكوا الإبل صكة شديدة حتى أتوا مكة من الغداة. وعمي تصير أعمى على الترخيم فسميت الظهيرة صكة عمي. وعبد الله بن جدعان تيمي يكنى أبا زهير، وهو ابن عم عائشة رضي الله تعالى عنها. ولذلك قالت: يا رسول الله إن ابن جدعان كان يطعم العطام ويقري الضيف ويفعل المعروف فهل ينفعه ذلك يوم القيامة؟ قال صلى الله عليه وسلم: إلا إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " . كذا قاله السهيلي في الروض الأنف. وفي كتاب ري العاطش وأنس الواحش، لأحمد بن عمار أن ابن جدعان ممن حرم الخمر في الجاهلية، بعد أن كان بها مغرى، وذلك أنه سكر ليلة فصار يمد يديه ويقبض على ضوء القمر ليأخذه فضحك منه جلساؤه، فأخبر بذلك حين صحا. فحلف أن لا يشربها أبداً. فلما كبر وهرم، أراد بنو تيم أن يمنعون من تبذير ماله، ولاموه في العطاء، فكان يدعو الرجل، فإذا دنا منه، لطمه لطمة خفيفة، ثم يقول له: قم فانشد لطمتك واطلب ديتها، فإذا فعل ذلك أعطته بنو تيم من مال ابن جدعان. ولقد أجاد أبو الفتح علي بن محمد البستي، صاحب النظم والنثر، في هذه القصيدة، وهي قصيدة طويلة طنانة تشتمل على مواعظ وحكم فلنأت بها بتمامها وبما ذيل عليها أهل الفضل. ويقال: إنها لأمير المؤمنين الراضي بالله وهي هذه: زيادة المرء في دنياه نقصان وربحه غير محض الخير خسران
وكل وجدان حظ لا ثبات له ... فإن معناه في التحقيق فقدان
يا عامرا لخراب الدهر مجتهداً ... بالله هل لخراب العمر عمران
ويا حريصاً على الأموال يجمعها ... أنسيت أن سرور المال أحزان
زع الفؤاد عن الدنيا وزخرفها ... فصفوها كدر والوصل هجران
وأوع سمعك أمثالاً أفصلها ... كما يفصل ياقوت ومرجان
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبد الإنسان، إحسان
وكن على الدهر معواناً لذي أمل ... يرجو نداك فإن الحر معوان
من جاد بالمال مال الناس قاطبة ... إليه والمال للإنسان فتان
من كان للخير مناعاً فليس له ... عند الحقيقة إخوان وأخدان
لاتخدشن بمطل وجه عارفة ... فالبر يخدشه مطل وليان
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته ... أتطلب الربح مما فيه خسران
أقبل على النفس فاستكمل فضائلها ... فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
من يتق الله يحمد في عواقبه ... ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
حسب الفتى عقله خلا يعاشره ... إذا تحاماه إخوان وخلان
لا تستشر غير ندب حازم فطن ... قد استوى منه إسرار وإعلان
فللتدابير فرسان إذا ركضوا ... أبروا كما للحرب فرسان
وللأمور مواقيتت مقدرة ... وكل أمر له حد وميزان
من رافق الرفق في كل الأمور فلم ... يندم عليه ولم يذممه إنسان
ولا تكن عجلاً في الأمر تطلبه ... فليس يحمد قبل النضج بحران
وذو القناعة راض في معيشته ... وصاحب الحرص ان أثرى فغضبان
كفى من العيش مما قد سد من رمق ... ففيه للحران حققت غنيان
هما رضيعا لبان حكمة وتقى ... وساكناً وطن مال وطغيان
من مد طرفاً بفرط الجهل نحو هوى ... أغضى عن الحق يوماً وهو خزيان
من استشار صروف الدهر قام له ... على حقيقة طبع الدهر برهان
من عاشر الناس لاقى منهم نصباً ... لأن طبعهم بغي وعدوان
ومن يفتش على الإخوان مجتهداً فجل إخوان هذا الدهر خوان
من يزرع الشر يحصد في عواقبه ... ندامة ولحصد الزرع إبان
من استنام إلى الأشرار نام وفي ... قميصه منهم صل وثعبان
من سالم الناس يسلم من غوائلهم ... وعاش وهو قرير العين جذلان
من كان للعقل سلطان عليه غدا ... وما على نفسه للحرص سلطان
وإن أساء مسيء فليكن لك في ... عروض زلته صفح وغفران
إذا نبا بكريم موطن فله ... رواءه في بسيط الأرض أوطان
لا تحسبن سروراً دائماً أبداً ... من سره زمن ساءته أزمان
يا ظالماً فرحاً بالعز ساعده ... إن كنت في سنة فالدهر يقظان
يا أيها العالم المرضي سيرته ... أبشر فأنت بغير الماء ريان
ويا أخا الجهل لو أصبحت في لجج ... فأنت ما بينها لا شك ظمآن
دع التكاسل في الخيرات تطلبها ... فليس يسعد بالخيرات كسلان
صن حر وجهك لا تهتك غلالته ... شكل حر لحر الوجه صوان
لا تحسب الناس طبعاً واحداً فلهم ... غرائز لست تحصيها وألوان
ما كل ماء كصداء لوارده ... نعم ولا كل نبت فهو سعدان
من استعان بغير الله في طلب ... فإن ناصره عجز وخذلان
واشدد يديك بحبل الله معتصماً ... فإنه الركن إن خانتك أركان
لا ظل للمرء يغني عن تقى ورضا ... وإن أظلته أوراق وأفنان
سحبان من غير مال باقل حصر ... وباقل في ثراء المال سحبان
والناس إخوان من والته دولته ... وهم عليه إذا عادته أعوان
يا رافلاً في الشباب الرحب منتشياً ... من كأسه هل أصاب الرشد نشوان
لا تغترر بشباب ناعم خضل ... فكم تقدم قبل الشيب شبان
ويا أخا الشيب لو ناصحت نفسك لم ... يكن لمثلك في الإسراف إمعان
هب الشبيبة تبدي عذر صاحبها ... ما بال شيبك يستهويه شيطان
كل الذنوب فإن الله يغفرها ... إن شيع المرء إخلاص وإيمان
وكل كسر فإن الله يجبره ... وما لكسر قناة الدين جبران
أحسن إذا كان إمكان ومقدرة ... فلا يدوم على الإنسان إمكان
فالروض يزدان بالأنوار فاغمة ... والحر بالعدل والإحسان يزدان
خذها سرائر أمثال مهذبة ... فيها لمن يبتغي التبيان تبيان
ما ضر حسابها والطبع صائغها ... إن لم يصغها قريع الشعر حسان
ومن هنا ذيل من ذيل عليها فقال:
وكن لسنة خير الخلق متبعاً ... فإنها لنجاة العبد عنوان
فهو الذي شملت للخلق أنعمه ... وعمهم منه في الدارين إحسان
جبينه قمر قد زانه خفر ... وثغره درر غر ومرجان
والبدر يخجل من أنوار طلعته ... والشمس من حسنه الوضاح تزدان
به توسلنا في محو زلتنا ... لربنا أنه ذو الجود منان
ومذ أتى أبصرت عمى القلوب به ... سبل الهدى ووعت للحق آذان
يا رب صل عليه ما همي مطر ... فأينعت منه أوراق وأغصان
وابعث إليه سلاماً زاكياً عطراً ... والآل والصحب لا تفنيه أزمان
ومن نثرة، يعني أبا القاسم البستي: من أصلح فاسده، أرغم حاسده. ومن أطاع غضبه، أضاع أدبه عادات السادات سادات العادات. من سعادة جدك، وقوفك عند حدك. الرشوة رشاء الحاجات. أجهل الناس من كان للإخوان مذلاً، وعلى السلطان مدلاً. الفهم شعاع العقل. المنية تضحك من الأمنية. حد العفاف الرضا بالكفاف.
توفي البستي رحمه الله سنة أربعمائة.
ثعالة: كنخالة وزبالة وفضالة ثلاثة أخوة يشبه بعضهم بعضاً: اسم للثعلب وهو معرفة وأرض مثعلة بالفتح، أي كثيرة الثعالب كما قالوا: معقرة للأرض من الكثيرة العقارب.
الأمثال: قالوا : " أروغ من ثعالة " . قال الشاعر:
فاحتلت حين صرمتني ... والمرء يعجز لا محاله
والدهر يلعب بالفتى ... والدهر أروغ من ثعاله
والمرء يكسب ماله ... والشيخ يورثه الفساله
والعبد يقرع بالعصا ... والحر تكفيه المقاله
وقالوا: " أعطش من ثعالة " . واختلفوا في تفسيره، فزعم محمد بن حبيب أنه الثعلب، وخالفه ابن الأعرابي فزعم أن ثعالة رجل من بني مجاشع شرب بول رفيق له في مفازة فمات عطشاً. الثعبة: ضرب من الوزغ قاله الجوهري.
الثعلب: معروف، والأنثى ثعلبة، والجمع ثعالب وأثعل. روى ابن قانع في معجمه عن وابصة بن معبد، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " شر السباع هذه الأثعل " . يعني الثعالب، وكنية الثعلب أبو الحصين وأبو النجم وأبو نوفل وأبو الوثاب وأبو الحنبص. والأنثى أم عويل والذكر ثعلبان. وأنشد الكسائي عليه:
أرب يبول الثعلبان برأسه ... لقد ذل من بالت عليه الثعالب
هكذا أنشده جماعة، وهو وهم. فقد رواه أبو حاتم الرازي: الثعلبان، بالفتح على أنه تثنية ثعلب، وذكر أن بني ثعلب كان لهم صنم يعبدونه، فبينما هم ذات يوم إذ أقبل ثعلبان يشتدان فرفع كل منهما رجله وبال على الصنم، وكان للصنم سادن يقال غاوي بن ظالم. فقال البيت المتقدم، ثم كسر الصنم، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " ما اسمك قال: غاوي بن ظالم. قال: لا، بل أنت راشد بن عبد ربه " . وفي نهاية الغريب أنه كان لرجل صنم، وكان يأتي بالخبز والزبد، فيضعه عند رأسه، ويقول له: أطعم فجاء ثعلبان فأكل الخبز والزبد، ثم عصل على رأس الصنم، أي بال. والثعلبان ذكر الثعالب. وفي كتاب الهروي: فجاء ثعلبان فأكلا الخبز والزبد،. أراد تثنية ثعلب. قال الحافظ بن ناصر: أخطأ الهروي في تفسيره، وصحف في روايته. وإنما الحديث فجاء ثعلبان، وهو الذكر من الثعالب، اسم له معروف لا مثنى، فأكل الخبز والزبد ثم عصل، بالعين والصاد، على رأس الصنم. فقام الرجل فضرب الصنم فكسره ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك وقال فيه شعراً وهو:
لقد خاب قوم أملوك لشدة ... أرادوا نزالا أن تكون تحارب
فلا أنت تغني عن أمور تواترت ... ولا أنت دفاع إذا حل نائب
أرب يبول الثعلبان برأسه ... لقد ذل من بالت عليه الثعالب
والحديث مذكور في معجم البغوي وابن شاهين وغيرهما. والرجل المذكور راشد بن عبد ربه. وحديثه مشروح في كتاب دلائل النبوة لأبي نعيم الأصفهاني. وأهل اللغة يستشهدون بهذا البيت في أسماء الحيوان والفرق في ذلك بين الذكر والأنثى كما قالوا لأفعوان ذكر الأفاعي والعقربان ذكر العقارب والثعلب سبع جبان مستضعف ذو مكر وخديعة، لكنه لفرط الخبث والخديعة، يجري مع كبار السباع. ومن حيلته في طلب الرزق أنه يتماوت وينفخ بطنه، ويرفع قوائمه حتى يظن أنه مات، فإذا قرب منه حيوان وثب عليه وصاده. وحيلته هذه لا تتم على كلب الصيد. قيل للثعلب: ما لك تعدو أكثر من الكلب؟ فقال: لأني أعدو ولنفسي والكلب يعدو لغيره. قال الجاحظ: ومن أشد سلاح الثعلب عندهم الروغان والتماوت وسلاحه سلحه، فإن سلاحه أنتن وألزج وأكثر من سلاح الحبارى. قالت العرب:
أدهى وأنتن من سلاح الثعلب.
والجاحظ اسمه عمرو بن بحر الكناني الليثي وقيل له الجاحظ، لأن عينيه كانتا جاحظتين، ويقال له الحدقي أيضاً، لذلك أصابه الفالج في آخر عمره، فكان يطلي نصفه بالصندل والكافور لشدة حرارته، والنصف الآخر لو قرض بالمقاريض لما أحس به من خمره وشدة برده. وكان يقول: أنا من جانبي الأيمن مفلوج، فلو قرض بالمقاريض ما علمت. ومن جانبي الأيسر منقرس، فلو مر به الذباب تألمت. وقال: اصطلحت على جسدي الأضداد فإن أكلت بارداً أخذ برجلي، وإن أكلت حاراً أخذ برأسي وكان ينشد:
أترجو أن تكون وأنت شيخ ... كما قد كنت أيام الشباب
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب ... دريس كالجديد من الثياب
وله التصانيف في كل فن وهو من رؤوس المعتزلة، وإليه تنسب الطائفة الجاحظية من المعتزلة. ومن أحسن تصانيفه كتاب الحيوان. توفي سنة خمس وخمسين ومائتين بالبصرة. قال: ومن العجب في قسمة الأرزاق أن الذئب يصيد الثعلب فيأكله، والثعلب يصيد القنفذ فيأكله، والقنفذ يصيد الأفعى فيأكلها، والأفعى تصيد العصفور فتأكله، والعصفور يصيد الجراد فيأكله، والجراد يلتمس فراخ الزنابير فيأكلها، والزنبور يصيد النحلة فيأكلها، والنحلة تصيد الذبابة فتأكلها، والذبابة تصيد البعوضة فتأكلها. روى صاحب الغيلانيات، في الجزء الأول، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله، قال: جاء رجل إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه فقال: رأيت كأني أجري مع الثعلب أحسن جري. فقال: أجريت ما لا يجري، أنت رجل يا لسانك كذب فاتق الله عز وجل! ومن شأن الثعلب، إذا دخل برج حمام، وكان شبعان، قتلها ورمى بها لعلمه أنه إذا جاع عاد إليها وأكلها. وهو من الحيوان الذي سلاحه سلاحه، وهو أنتن من سلاح الحبارى كما تقدم. فإذا تعرض للقنفذ ولقيه كالكرة وتحصن بشوكه سلح عليه فينبسط، فعندها يقبض على مراق بطنه. ومن ظريف ما يحكى عنه، أن البراغيث، إذا كثرت في صوفه، تناول صوفة منه بفيه، ثم يدخل النهر قليلاً قليلاً، والبراغيث تصعد فراراً من الماء حتى تجتمع في الصوفة التي في فيه، فيلقيها في الماء ثم يهرب. والذئب يطلب أولاد الثعلب فإذا ولد له ولد، وضع أوراق العنصل على باب وجاره، ليهرب الذئب منها. وفروه أفضل الفراء ومنه: الأبيض والأسود والخلنجي وقال القزويني لا عجائب المخلوقات: إنه أهدي إلى نوح بن منصور الساماني ثعلب له جناحان من ريش إذا قرب الإنسان منه نشرهما، وإذا بعد عنه ألصقهما بجانبيه. ثم قال: وكانت الثعالب تطير في الزمن الأول. وفي آخر كتاب الأذكياء لأبي الفرج بن الجوزي عن المعافي بن زكريا قال زعموا أن أسداً وثعلباً وذئباً اصطحبوا، فخرجوا يتصيدون فصادوا حماراً وظبياً وأرنباً، فقال الأسد للذئب: اقسم بيننا صيدنا، فقال: الأمر أبين من ذلك الحمار لك، والأرنب لأبي معاوية يعني الثعلب، والظبي لي. فخبطه الأسد فأطاح رأسه. ثم أقبل على الثعلب، وقال: قاتله الله ما أجهله بالقسمة! هات أنت يا أبا معاوية. فقال الثعلب: يا أبا الحارث، الأمر أوضح من ذلك الحمار لغدائك، والظبي لعشائك، والأرنب فيما بين ذلك. فقال له الأسد: قاتلك الله ما أقضاك! من علمك هذه الأقضية. قال: رأس الذئب الطائح عن جثته، وفي رواية عن الشعبي فقال له الأسد: قاتلك الله ما أبصرك بالقضاء والقسمة؟ من أين تعلمت هذا؟ قال: مما رأيت من أمر الذئب. ومما يروى من حيل الثعلب ما ذكره الشافعي قال: كنا في سفر في أرض اليمن، فوضعنا سفرتنا لنتعشى، وحضرت صلاة المغرب، فقمنا نصلي ثم نتعشى، فتركنا السفرة كما هي، وقمنا إلى الصلاة، وكان فيها دجاجتان، فجاء الثعلب فأخذ إحدى الدجاجتين فلما قضينا الصلاة، أسفنا عليها، وقلنا حرمنا طعامنا فبينما نحن كذلك، إذ جاء الثعلب وفي فمه شيء كأنه الدجاجة فوضعه، فبادرنا إليه لنأخذه ونحن نحسبه الدجاجة. قد ردها، فلما قمنا جاء إلى الأخرى وأخذها من السفرة وأصبنا الذي قمنا إليه لنأخذه فإذا هو ليف قد هيأه مثل الدجاجة. ومما وقع من فطنة البهائم مما يقارب هذا ما يحكى عن القاسم بن أبي طالب التنوخي الأنباري قال: كنت ماضياً إلى أنبار في رفقة فيها بازدارية السلطان قد خرجوا يروضونها فأطلقوا بازياً على دراج، فطار الدراج إلى غيضة فدخل فيها، وألقى نفسه بين شوك كان فيها، فأخذ من ذلك الشوك أصلين كبيرين في رجليه، ونام على قفاه ورفع رجليه، فاستتر بذلك من الباز، فلما قرب منه البازداري طار فصاده البازي. فقالوا: ما رأينا قط دراجاً أحذق من هذا! وقد أورد هذه الحكاية القاضي أبو علي الحسن بن على التنوخي أيضاً في كتاب أخبار المذاكرة ونشوان المحاضرة بألفاظ مخالفة لما سيق هنا فقال وحدثني أبو القاسم بن أبي طالب التنوخي الأنباري قال: كنت ماضياً إلى الأنبار مع رفقة بازدارية للسلطان، فأطلقوا بازياً على دراج لاح لهم، فطار الدراج ولحقه الباز فأخذوا يهللون ويكبرون ويعجبون، فلحقتهم وسألتهم فإذا بالدراج قد دخل غيضة فألقى نفسه بين شوك كان فيها، وأخذ من ذلك الشوك أصلين كبيرين بين رجليه، ونام على قفاه وشال رجليه
وفيهما الشوك، ليختفي به عن الباز، والباز قد طلبه طويلاً فلم يره، وقد خفي عليه أمره بذلك الشوك الذي شاله في رجليه حتى ستر به نفسه، إلى أن جاء البازدارية فرأوا الدراج فقصدوه، وقربوا منه فطار، وأحس به الباز فاصطاده، فسمعتهم يقولون: ما رأينا قط دراجاً أمكر من هذا، ولا أحذق منه بالتوقي ولا سمعنا بمثل هذا وأسرفوا في التعجب منه. وهذه أخبار تقارب ما تقدم في فطنة الطير وذكائه وقال القاضي أبو علي التنوخي حدثني أبو الفتح البصروي قال: حدثني بعض أهل الموصل ممن كان مغرى بالصيد، وطلب الجوارح، أن صياداً من أهل أرمينية وتلك النواحي حدثه قال: خرجت إلى الصحراء يوماً، فنصبت شبكتي وجعلت فيها طائراً مستأنساً، ودخلت في كوخ تحت الأرض يسترني، وجعلت أنظر إلى الشبكة حتى إذا وقع فيها شيء من البزاة أو الصقورة أو الشواهين أو غير ذلك من الجوارح، أخذته فلما كان قريباً من الظهر، وإذا بزمجة لطيفة قد طارت على الشبكة، فلما رأتها نفرت وترجلت قريباً منها، فجلست على الأرض ساعة، فإذا بعقاب جائر فلما رآها ترجل معها وجلسا جميعاً، وإذا بطائر يطير في الجو فنهضت الزمجة قبل العقاب وطارت خلف الطائر، فلم تزايله إلى أن صادته وجاءت به فنسرته وصار لحماً، وأقبلت تأكل فجاء العقاب وكل معها، فلما فني اللحم زاف العقاب عليها فضربت وجهه بجناحها، فزاف ثانية فضربته أشد من الأولى، فزاف الثالثة فضربته أشد من ذلك، ولم تزل تضربه بمنسرها إلى أن قتلته وطارت، فتعجبت من نفورها من الشبكة وقلت هي كرزة ويجوز أن تعرف الشبكة بالعادة، ومما سوى ذلك من مناهضتها للطائر قبل العقاب حتى صادته. ثم إنها منعت العقاب من سفادها وأنها أطعمته من صيدها ثم لم ترض بذلك حتى قتلته لما ألح عليها، وطمعت في أن أصيدها لأصيد بها ما لا قيمة له فبت ليلتي في ذلك الكوخ، فلما كان من الغد فإذا هي قد ترجلت قريباً من الشبكة في مثل ذلك الوقت فنزل إليها عقاب فجلس معها وعن لهما صيد فجرت صورتها مع العقاب الثاني كما جرت مع العقاب الأول سواء بلا اختلاف البتة. وطارت فزاد تعجبي وحرصي عليها. وبت ليلتي الثانية في الكوخ، فلما كان في اليوم الثالث فإذا بها قد ترجلت على الصورة والرسم وإذا بعد ساعة بعقاب لطيف وحشي الريش، قد ترجل فما مضت ساعة حتى عن لهما صيد، فهمت الزمجة بالنهوض فضربها العقاب بجناحه ضربة كاد يقتلها ونهض مسرعاً إلى الطيران حتى اصطاد الطائر وجاء به فنسره وطرحه بين يديها، ولم يذق منه شيئاً حتى أكلت الزمجة واستوفت، ثم أكل هو بعدها لحم الطائر الباقي وفني. فزاف عليها فزافت له، ولم تمنعه فزاف الثانية فركبها فمكنته حتى سفدها ثم طارا معاً.هما الشوك، ليختفي به عن الباز، والباز قد طلبه طويلاً فلم يره، وقد خفي عليه أمره بذلك الشوك الذي شاله في رجليه حتى ستر به نفسه، إلى أن جاء البازدارية فرأوا الدراج فقصدوه، وقربوا منه فطار، وأحس به الباز فاصطاده، فسمعتهم يقولون: ما رأينا قط دراجاً أمكر من هذا، ولا أحذق منه بالتوقي ولا سمعنا بمثل هذا وأسرفوا في التعجب منه. وهذه أخبار تقارب ما تقدم في فطنة الطير وذكائه وقال القاضي أبو علي التنوخي حدثني أبو الفتح البصروي قال: حدثني بعض أهل الموصل ممن كان مغرى بالصيد، وطلب الجوارح، أن صياداً من أهل أرمينية وتلك النواحي حدثه قال: خرجت إلى الصحراء يوماً، فنصبت شبكتي وجعلت فيها طائراً مستأنساً، ودخلت في كوخ تحت الأرض يسترني، وجعلت أنظر إلى الشبكة حتى إذا وقع فيها شيء من البزاة أو الصقورة أو الشواهين أو غير ذلك من الجوارح، أخذته فلما كان قريباً من الظهر، وإذا بزمجة لطيفة قد طارت على الشبكة، فلما رأتها نفرت وترجلت قريباً منها، فجلست على الأرض ساعة، فإذا بعقاب جائر فلما رآها ترجل معها وجلسا جميعاً، وإذا بطائر يطير في الجو فنهضت الزمجة قبل العقاب وطارت خلف الطائر، فلم تزايله إلى أن صادته وجاءت به فنسرته وصار لحماً، وأقبلت تأكل فجاء العقاب وكل معها، فلما فني اللحم زاف العقاب عليها فضربت وجهه بجناحها، فزاف ثانية فضربته أشد من الأولى، فزاف الثالثة فضربته أشد من ذلك، ولم تزل تضربه بمنسرها إلى أن قتلته وطارت، فتعجبت من نفورها من الشبكة وقلت هي كرزة ويجوز أن تعرف الشبكة بالعادة، ومما سوى ذلك من مناهضتها للطائر قبل العقاب حتى صادته. ثم إنها منعت العقاب من سفادها وأنها أطعمته من صيدها ثم لم ترض بذلك حتى قتلته لما ألح عليها، وطمعت في أن أصيدها لأصيد بها ما لا قيمة له فبت ليلتي في ذلك الكوخ، فلما كان من الغد فإذا هي قد ترجلت قريباً من الشبكة في مثل ذلك الوقت فنزل إليها عقاب فجلس معها وعن لهما صيد فجرت صورتها مع العقاب الثاني كما جرت مع العقاب الأول سواء بلا اختلاف البتة. وطارت فزاد تعجبي وحرصي عليها. وبت ليلتي الثانية في الكوخ، فلما كان في اليوم الثالث فإذا بها قد ترجلت على الصورة والرسم وإذا بعد ساعة بعقاب لطيف وحشي الريش، قد ترجل فما مضت ساعة حتى عن لهما صيد، فهمت الزمجة بالنهوض فضربها العقاب بجناحه ضربة كاد يقتلها ونهض مسرعاً إلى الطيران حتى اصطاد الطائر وجاء به فنسره وطرحه بين يديها، ولم يذق منه شيئاً حتى أكلت الزمجة واستوفت، ثم أكل هو بعدها لحم الطائر الباقي وفني. فزاف عليها فزافت له، ولم تمنعه فزاف الثانية فركبها فمكنته حتى سفدها ثم طارا معاً.
وحكى: القاضي أبو علي التنوخي أيضاً قال: حدثني فارس بن مشغف أحد الجند القدماء المولدين وقد صار بواباً لأبي محمد يحمى بن محمد بن سليمان بن فهد قال: كنت أصحب قائداً من قواد السلطان يعرف بأبي إسحاق بن أبي مسعود الأزدي، وكانت إليه إمارة المدائن اسبانين والمدينة العتيقة، وكانت إذ ذاك عامرة آهلة والسلاطين ينزلون بها، وكنت مقيماً فيها معه، وكان لهجاً بالصيد، فخرج ذات يوم وأنا معه، إلى المدينة المعروفة بالرومية، المقابلة للمدينة العتيقة، وهي إذ ذاك خراب، ومعه صقارته وآلة صيده وجنده حتى مل وسلك الطريق راجعاً، وكان معه صقر له فاره وقد شبع مما أطعمه من صيده، فمسح الصقار صدره وحمله على يده وهو يسير إذ اضطرب الصقر اضطراباً شديداً فقال له ابن أبي مسعود: قد شاهد الصقر طريدة، وهذا الاضطراب لأجلها فأرسله، فقال: يا سيدي هو صقر شره واضطرابه ليس لهذا، وقد شبع ولا آمن أن أرسله على طريدة وهو شبعان فيتيه. فزاد اضطراب الصقر فقال: أرسله وليس عليك منه شيء فأرسله فطار وتراكضنا خلفه حتى جاء إلى أجمة صغيرة تستره، ونحن نراه فرفرف عليها وإذا بشيء قد صعد منها مثل النشاب في مقدار زج النشابة فقط فحاص عنه الصقر ثم انحط في الأجمة فدخلنا خلفه فاذا هو قد ترجل على حبارى واصطادها، وإذا هو طلع على يد الصقار. ومن عادة الحبارى أن تفرق على الجارح الذي يصيدها لتجرح جناحه وتعقره بفرقها لحماه وحدته وينسلخ جلده والصقر عارف بذلك، فاحتال عليها الصقر فرفرف عليها كأنه يريد صيدها، ففرقت الحبارى إلى فوق حتى صعدت فرقتها فلما أخطأت الصقر انحط عليها في الحال فاصطادها، وكان الصقارون، ومن حضر من الجند والمتصيدين المدنيين يعجبون من ذلك، ويعدونه من غرائب ما شاهدوه من أفعال الجوارح. وذكر القاضي التنوخي عن فارس هذا قال: كنت مع هارن بن غريب الحبال، من جملة عسكره ورجاله، ونحن قيام بين يدي حلوان، والجند سائرون وهو يتصيد في طريقه، إذ عن له غزال فأرسل عليه صقراً كان بحضرته، ولم يكن الكلابون بالقرب منه، فيرسلون معه كلباً لأن العادة أن الصقر لا يصيد غزالاً إلا إذا كان معه كلب، وذلك أن الصقر يطير فيقع على رأسه فيعقره ويضرب بجناحيه بين عينيه، فيمنعه من شدة العدو فيلحقه الكلب فيصيده. هكذا جرت العادة في صيد الغزلان بالصقور، إلا أن ابن الحبال، لما لاح له الغزال، أطلق الصقر لئلا يفوته الغزال، وغرر به لحوق الكلاب في الحال، وقد رأى أن يشغله الصقر عن العدو، فتلحقه خيلنا ورماحنا فطار الصقر، وتراكضنا خلفه، وأنا ممن ركض، وجرى الغزال فوافى إلى منحدر في الصحراء، فانحدر فيه، فلما حصل منحدراً سقط الصقر على خده وعنقه، فأنثب مخلبيه فيهما وحمله الغزال. فرأينا الصقر قد سدل أحد مخلبيه حتى إنه يخط في الأرض، حتى إذا وصل إلى وضع من الصحراء فيه شوك فعلق بأصل شوك عظيم، ثم جذب عنق الغزال بالمخلب الآخر الذي كان أمسكه به في خده وأصل عنقه. وإذا به قد دق عنقه وصرعه، فلحقناه وذكيناه ووقعت البشارة فقال ابن الحبال ومن معه: ما رأينا قط صقراً أفره من هذا وخلع على الصقار خلعة حسنة.
وحكى: القاضي أبو علي التنوخي، قال: أخبرني أبو القاسم البصري قال: أخبرني بعض الجمدارية من الجند أنه كان مع قائد من قوادهم في الصيد ومعه عقاب يتصيد به وقد اصطاد واستكفى، إذ اضطرب العقاب، على يد العقاب إضطراباً شديداً فخاف على نفسه، لأن العقاب با أتلف عقابه، إذا منعه من إرادته وليس يجري مجرى غيره من الجوارح فأرسله العقاب فطار، وطرد وراءه فإذا به قد سقط على شبح ضعيف، كان يجر شوكاً، وهو يمشي على أربعة فنسره ودق عنقه وأتلفه، وولغ في دمه وأكل من لحمه. وإذا بالعقاب قد جاء إلى القائد فقال له: ما الخبر؟ فقال له: يا سيدي اصطاد العقاب شيخاً وحشياً برياً، وكان يسمعنا نقول اصطد لنا وحشياً وسنوراً برياً فقد رأن شيخاً برياً وحشياً مثله، ولم يفكر أن العقاب أتلف رجلاً مسلماً. فقال القائد: ويحك ما تقول. وحرك فحركنا وراءه فوجدنا الشيخ فاغتم لذلك غماً شديداً وعجبنا أمر العقاب.
وحكى: القاضي التنوخي في كتابه أيضاً قال: حدثني أبو محمد يحيى بن محمد بن سليمان
ابن فهد قال: حدثني بعض المتصيدين. وقد تجارينا عجائب ما يجري فيه، فقال: من أحسن وأظرف ما رأينا منه أن بازياً كان لفلان، وسماه أرسله فاصطاد دراجاً، وقبض عليه بإحدى يديه، وترجل كما جرت به العادة وأمسكه ينتظر البازداري فيذبحه ويطعمه منه، كما جرت العادة في مثل ذلك. وهو على جانبه إذ أبصر دراجاً آخر يطير، فطار والدراج الأول في إحدى يديه حتى قبض على الدراج الآخر فاصطاده وترجل، وقد أمسكهما بيديه جميعاً، فاجتمعنا وشاهدناه على هذه الحالة، فاستظرفناه ثم أخذناهما من يديه. وذكر ابن الجوزي في آخر كتاب الأذكياء، والحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء، عن الشعبي، أنه قال: مرض الأسد فعاده جميع السباع ما خلا الثعلب، فنم عليه الذئب، فقال الأسد: إذا حضر فأعلمني. فلما حضر أعلمه فعاتبه في ذلك فقال: كنت في طلب الدواء لك. قال: فأي شيء أصبت؟ قال: خرزة في ساق الذئب ينبغي أن تخرج! فضرب الأسد بمخالبه في ساق الذئب وانسل الثعلب. فمر به الذئب بعد ذلك، ودمه يسيل، فقال له الثعلب: يا صاحب الخف الأحمر إذا قعدت عند الملوك فانظر ماذا يخرج من رأسك. قال الحافظ أبو نعيم: لم يقصد الشعبي من هذا سوى ضرب المثل وتعليم العقلاء وتنبيه الناس، وتأكيد الوصية في حفظ اللسان، وتهذيب الأخلاق والتأدب بكل طريق. وفي مثل ذلك قيل:
احفظ لسانك لا تقول فتبتلي ... إن البلاء موكل بالمنطق
وروى الإمام أحمد، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أنه قال: انهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة عن ثلاثة نقرة كنقرة الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب " . وقيل للشعبي: يقال: في المثل إن " شريحاً أدهى من الثعلب وأحيل " : فما هذا؟ فقال: خرج شريح أيام الطاعون إلى النجف، فكان إذا قام يصلي يجيء ثعلب، فيقف تجاهه ويحاكيه، ويخيل بين يديه، ويشغله عن صلاته، فلما طال ذلك عليه نزع قميصه فجعله على قصبة، وأخرج كميه وجعل قلنسوته عليها. فأقبل الثعلب فوقف بين يديه على عادته فأتاه شريح من خلفه وأخذه بغتة فلذلك يقال: " سريح أدهى من الثعلب وأحيل " . ويقال: ضغا الثعلب والسنو يضغو ضغوا وضغاء، أي صاح وكذلك صوت كل ذليل مقهور. ويقال للإمام العلامة أبي منصور عبد الملك بن محمد النيسابوري، رأس المؤلفين، وإمام المصنفين صاحب التصانيف الفائقة، والآداب الرائقة، كثمار القلوب، وفقه اللغة، ويتيمة الدهر في محاسن أهل العصر، وغير ذلك من التصانيف، الثعالبي منسوب إلى خياطة جلود الثعالب لأنه كان فراء، ويتيمة الدهر أكبر كتبه وأحسنها، وفيها يقول أبو الفتح نصر الله بن قلاقس الإسكندراني:
أبيات أشعار اليتيمة ... أبكار أفكار قديمة
ماتوا وعاشت بعدهم ... فلذاك سميت اليتيمة
ومن شعر أبي منصور الثعالبي:
يا سيدا بالمكرمات ارتدى ... وانتعل العيوق والفرقدا
مالك لا تجري على مقتضى ... مودة طال عليها المدى
إن غبت لم أطلب وهذا سليم ... ان بن داود نبي الهدى
تفقد الطير على شغله ... فقال ما لي لا أرى الهدهدا
وله في غلام مسافر:
فديت مسافراً ركب الفيافي ... فأثر في محاسنه السفار
فمسك ورد خديه السواقي ... وغبر مسك صدغيه الغبار
توفي سنة تسع وعشرين وقيل سنة ثلاثين وأربعمائة.
الحكم: نص إمامنا الشافعي رحمه الله، على حل أكله. وقال ابن الصلاح: ليس في حله حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي تحريمه حديثان في إسنادهما ضعف واعتمد الشافعي في ذلك على عادة العرب في أكله فيندرج في عموم قوله تعالى: " قل أحل لكم الطيبات " وبحله قال طاوس وعطاء وغيره ونقل في فوائد رحلته عن أبي سعيد الدارمي، الإمام في الحديث والفقه تلميذ البويطي رحمه الله أن الثعلب حرام. وكره أبو حنيفة ومالك أكله وأكثر الروايات عن أحمد تحريماً لأنه سبع.
الأمثال: قالوا " أروغ من ثعلب " . قال الشاعر:
كل خليل كنت خاللته ... لا ترك الله له واضحه
كلهم أروغ من ثعلب ... ما أشبه الليلة بالبارحة
وفي المجالسة للدينوري، أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، قال: وهو على المنبر:
إن الذين قالوا ربنا اللة ثم استقاموا ولم يروغوا روغان الثعالب. وفي رواية الثعلب وفي شعب البيهقي وأمثال العسكري عن الحسن بن سمرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مثل الذي يفر من الموت كالثعلب تطلبه الأرض بدين فجعل يسعى حتى إذا أعيا وانبهر دخل حجره فقالت له الأرض: يا ثعلب ديني ديني، فخرج فلم يزل كذلك حتى انقطعت عنقه فمات " . وقالوا: " أذل ممن بالت عليه الثعالب " . يضرب لمن يستذل كما تقدم. " وأدهى من ثعلب " . " وأعطش من ثعالة " . قال حميد بن ثور:
ألم تر ما بيني وبين ابن عامر ... من الود قد بالت عليه الثعالب
وأصبح صافي الود بيني وبينه ... كأن لم يكن والدهر فيه عجائب
الخواص: رأسه إذا ترك في برج حمام هربت كلها. ونابه يشد على الصبي الذي به ريح الصبيان يذهب عنه، ولا يفزع في نومه، وتحسن أخلاقه. ومرارته إذا نفخت في أنف المصروع لا يصرع أبداً. ولحمه ينفع من اللقوة والجذام. وشحمه يذاب ويطلى به من به النقرس يزول وجعه في الحال. وخصيته تشد على الصبي فتنبت أسنانه بغير ألم. وفروه أنفع شيء للمرطوبين بخوراً ولبساً. ودمه إذا طلي به رأس صبي نبت شعره، وإن كان أقرع. وإذا استصحب ثمه إنسان، لا تؤثر فيه حيلة محتال. ورئته إذا سحقت وشربت، نفعت من الريح. وأنيابه إذا علقت على المصروع برىء. وطحاله له إذا شد على ذي الطحال الوجع أبرأه. وقال هرمس: من أمسك كليتي الثعلب بيده لم يخف الكلاب ولم تنبح عليه. وأذنه إذا علقت على الخنازير، التي في العنق أبرأتها. وشحمه إذا أذيب وقطر في الأذن الوجعة سكن وجعها. وذكره ينفع من الصداع إذا علق على الرأس. ومرارته إذا طلي بها الذهب يصير لونه لون النحاس. وخصيته تنفع من الورم الكائن عند الأذنين إذا دلك بها. وكبده إذا سقي منه وزن مثقال بشراب، من به وجع الطحال، أبرأه من ساعته. وشحمه إذا طلي به أطراف اليدين والرجلين أمنت مضرة البرد ودماغه إذا خلط بورس وطلي به الرأس أذهب القرع والحزاز والبثور وسقوط الشعر. وقضيبه إذا علق على الصبي الذي يبكي بالليل ويفزع يذهب ذلك عنه. وكذلك يفعل الناب. وشحمه تجتمع عليه البراغيث حيث كان. وخصيته إذا جففت، وسقي منها رجل وزن درهم زاد في الجماع والإنعاظ. وزبله يسحق بدهن ورد ويطلى به الإحليل وقت الجماع يزيد فيه ما شاء. وفي كتاب الإبدال: إن طلبت شحم الثعلب فلم تجده فبدله شحم الذئب.
التعبير: الثعلب في المنام امرأة فمن رأى أنه يلاعب ثعلباً فإن له امرأة يحبها وتحبه. وقيل الثعلب رجل ذو مكر وخديعة، فمن نازعه فإنه ينازع غريماً كذلك وأكل لحمه يدل على وجع يصيب الآكل من الرياح ويبرأ وقيل إنه عدو من قبل سلطان وقالت اليهود إنه يدل على الطبيب أو المنجم. وقالت النصارى: من قبل ثعلباً فإنه يصيب امرأة غزيرة. وقيل: من قتل ثعلباً قتل ولد رجل شريف، ومن شرب لبن ثعلب شفي من مرض. وقيل: من نازع ثعلباً في نومه، خاصم بعض أهله أو أصدقائه. والله تعالى أعلم.
الثفا: بالثاء المثلثة وبالفاء والألف في آخره: السنور البري وهو قريب من الثعلب على شكل السنور الأهلي وسيأتي في بابه إن شاء الله تعالى.
الثقلان: الإنس والجن، سميا بذلك لأنهما ثقلا الأرض وقيل: لشرفهما، وكل شريف يقال له ثقيل وقيل لأنهما مثقلان بالذنوب.
الثلج: فرخ العقاب قاله ابن سيده.
الثني: الذي يلقي ثنيته ويكون ذلك في ذوات الظلف والحافر في السنة الثالثة وفي ذي الخف في السنة السادسة والجمع ثنيان وثنايا والأنثى ثنية والجمع ثنيات.
الثور: الذكر من البقر. وكنيته أبو عجل. والأنثى ثورة والجمع ثورة وثيران وثيرة. قال سيبويه: قلبوا الواو ياء حيث كانت بعد كسرة، قال: وليس هذا بمطرد. وقاك المبرد: إنما قلبوا ثيرة ليفرقوا بينه وبين ثورة الإقط وبنوه على فعلة ثم حركوه. وسمي الثور ثوراً لأنه يثير الأرض، كما سميت البقرة بقرة لأنها تبقرها، قال في الإحياء: نظر أبو الدرداء إلى ثورين يحرثان في قرن فوقف أحدهما يحك جسمه، فوقف له الآخر فبكى أبو الدرداء رضي الله عنه. وقال: هكذا الإخوان في الله عز وجل يعملان لله تعالى، فإذا وقف أحدهما وافقه الآخر، وبالموافقة يتم الإخلاص. ومن لم يكن مخلصاً في إخائه فهو منافق. والإخلاص استواء الغيب والشهادة والقلب واللسان.
فائدة: قال وهب بن منبه: كانت الأرض كالسفينة تذهب وتجيء، فخلق الله تعالى ملكاً في غاية العظم والقوة، وأمره أن يدخل تحتها، ويجعلها على منكبيه ففعل، وأخرج يداً من المشرق ويداً من المغرب، وقبض على أطراف الأرض وأمسكها. ثم لم يكن لقدميه قرار فخلق الله تعالى صخرة من ياقوتة حمراء في وسطها سبعة آلاف ثقبه يخرج من كل ثقبة بحرلا يعلم عظمه إلا الله عز وجل. ثم أمر الصخرة فدخلت تحت قدمي الملك، ثم لم يكن للصخرة قرار، فخلق الله عز وجل ثوراً عظيماً له أربعة آلاف عين، ومثلها آذان ومثلها أنوف وأفواه وألسنة وقوائم، ما بين كل اثنتين منها مسيرة خمسمائة عام. وأمر الله تعالى هذا الثور فدخل تحت الصخرة فحملها على ظهره وقرنه. واسم هذا الثور كيوثاً، ثم لم يكن للثور قرار. فخلق الله تعالى حوتاً عظيماً لا يقدر أحد أن ينظر إليه لعظمه وبريق عينيه وكبرهما، حتى إنه لو وضعت البحار كلها في إحدى مناخره لكانت كخردلة في فلاة، فأمر الله تعالى ذلك الحوت أن يكون قراراً لقوائم هذا الثور، واسم هذا الحوت يهموت. ثم جعل قراره الماء، وتحت الماء هواء، وتحت الهواء ماء، وتحت الماء ظلمات. ثم انقطع علم الخلائق عما تحت الظلمات. هكذا نقله القاضي شهاب الدين بن فضل، في كتاب مسالك الأبصار في ممالك الأبصار في الجزء الثالث والعشرين منه.
فائدة أخرى: روى مسلم في كتاب الظهار والنسائي في عشرة النساء، عن ثوبان: " إن أهل الجنة، حين يدخلونها، ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها، ويأكلون من زيادة كبد الحوت " وروى هناد بن السري وابن إسحاق بإسناد حسن: " إن الشهداء حين يدخلون الجنة يخرج عليهم حوت وثور من الجنة لغدائهم فيلعبان حتى إذا كثر عجبهم منهما طعن الثور الحوت بقرنه فبقره لهم كما يذبحون، ثم يروحان عليهم أيضاً لعشائهم فيلعبان فيضرب الحوت ثور بذنبه فيبقره كما يذبحون " . قال السهيلي: وفي هذا الحديث من باب التفكر والاعتبار، أذ الحوت لما كان عليه قرار هذه الأرض وهو حيوان سابح استشعر أهل هذه الدار أنهم في منزل قلعة وبوار، وليست بدار قرار. فإذا نحر لهم قبل أن يدخلوا الجنة فأكلوا من كبده كان في ذلك أشعار لهم بالراحة من دار الزوال وإنهم قد صاروا إلى دار القرار كما يذبح لهم الكبش الأملح على الصراط، ليعلموا أنه لا موت ولا فناء. وأما الثور فهو آلة الحرث وأهل الدنيا لا يخلون من أحد هذين الحرثين: حرث لدنياهم وحرث لأخراهم. ففي نحر الثور هنالك إشعار براحتهم من الكدين وترفيههم من نصب الحرثين.
فائدة أخرى: روى البخاري في بلد الخلق عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الشمس والقمر يكوران يوم القيامة " .
انفرد به البخاري وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار بأبسط من هذا السياق فقال: حدثنا إبراهيم بن زياد البغدادي حدثنا يونس بن محمد حدثنا عبد العزيز بن المختار عن عبد الله الداناج قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن زمن خالد بن عبد الله القسري، في هذا المسجد، مسجد الكوفة، وجاء الحسن فجلس إليه فحدث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الشمس والقمر ثوران في النار يوم القيامة " . فقال الحسن: وما ذنبهما؟ فقال: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول وما ذنبهما؟! ثم قال البزار: ولا يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه. ولم يرو عبد الله الداناج عن أبي سلمة سوى هذا الحديث. وروى الحافظ أبو يعلى الموصلي من طريق درست بن زياد، عن يزيد الرقاشي، وهما ضعيفان، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الشمس والقمر ثوران عقيران في النار " . وقال كعب الأحبار: يجاء بالشمس والقمر يوم القيامة كأنهما ثوران عقيران فيقذفان في جهنم ليراهما من عبدهما. كما قال تعالى " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " الآية. وخرج أبو داود الطيالسي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الشمس والقمر ثوران عقيران في النار " . وفي نهاية الغريب، قيل لما وصفهما الله تعالى بالسباحة في قوله تعالى: " وكل في فلك يسبحون " ثم أخبر سبحانه وتعالى على بجعلهما في النار يهذب بهما أهلها بحيث لا يبرحان بها صار كأنهما ثوران عقيران لا يبرحان. كذلك ذكر ذلك أبو موسى وهو كما تراه. وقيل: إنما يجمعان في جهنم لأنهما عبدا من دون الله عز وجل ولا يكون لهما عذاب لأنهما جماد وإنما يفعل ذلك بهما زيادة على تبكيت الكافرين وخزيهم. ورد ابن عباس قول كعب الأحبار، وقال: الله أجل وأكرم من أن يعذب الشمس والقمر، وإنما يخلقهما يوم القيامة أسودين مكورين، فإذا كانا حيال العرش خرا ساجدين لله تعالى، ويقولان: إلهنا قد علمت طاعتنا لك وسرعتنا في المضي في أمرك أيام الدنيا، فلا تعذبنا في عبادة الكافرين إيانا. فيقول الرب تعالى: صدقتما إني قضيت على نفسي أن أبدئ وأعيد وأني أعيدكما إلى ما بدأتكما منه، وإني خلقتكما من نور عرشي فارجعا إليه فيختلطان بنور العرش. فذلك معنى قوله تعالى: " إنه هو يبدىء ويعيد " . وروى أبو نعيم في ترجمة سعيد بن جبير أنه قال: أهبط الله تعالى إلى آدم ثوراً أحمر، فكان يحرث عليه ويمسح العرق عن جبينه وهو الذي قال الله تعالى فيه: " فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى " فكان ذلك شقاءه وكان عليه السلام يقول لحواء: أنت عملت بي هذا فليس أحد من ولد آدم يعمل على ثور إلا قال: حو دخلت عليه من قبل آدم. وكانت العرب إذا أورثوا البقر فلم تشرب إما لكدر الماء، أو لقلة العطش، ضربوا الثور فيقتحم الماء لأن البقرة تتبعه. وقال في ذلك أنس بن مدركة في قتله سليك ابن سلكة:
إني وقتلي سليكاً ثم أعقله ... كالثور يضرب لما عافت البقر
الأمثال: قالوا : " الثور يحمي أنفه بروقه " والروق القرن. يضرب في الحث على حفظ الحريم. وفي سنن النسائي وسيرة ابن هشام، أما الصديق رضي الله تعالى عنه، لما قدم المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذته الحمى وعامر بن فهيرة وبلالاً قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: فدخلت عليهم، وهم في بيت واحد، فقلت: كيف أصبحت يا أبت؟ فقال:
كل امرء مصبح في أهله ... والموت أعق من شراك نعله
فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون إن أبي ليهذي ثم قلت لعامر كيف تجدك. فقال:
لقد وجدت الموت قبل ذوقه ... والمرء يأتي حتفه من فوقه
كل امرء مجاهد بطوقه ... كالثور يحمي أنفه بروقه
فقلت: والله هذا ما يدري ما يقول. ثم قلت لبلال: كيف أصبحت؟ فقال:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بفخ وحولي أذخر وجليل
وهل أردن يوماً مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل
قالت: ثم إني دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال: " اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة، اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا، اللهم انقل حماها إلى مهيعة " قول عامر: بطوقه الطوق الطاقة. وقول بلال بفخ هو واد بمكة، ومجنة سوق بأسفل مكة وشامة وطفيل جبلان مشرفان على مجنة. وقوله صلى الله عليه وسلم مهيعة الجحفة وقالت العرب: " أرعى من ثور " . وقالوا: " إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض " . روي عن علي رضي الله تعالى عنه، أنه قال: إنما مثلي ومثل عثمان، كمثل ثلاثة أثوار كانت في أجمة: أبيض وأسود وأحمر، ومعها فيها أسد فكان لا يقدر منها على شيء لاجتماعها عليه، فقال الأسد للثور الأسود وللثور الأحمر إنه لا يدل علينا في أجمتنا إلا الثور الأبيض، فإن لونه مشهور ولوني على لونكما فلو تركتماني آكله خلت لكما الأجمة وصفت! فقالا: دونك وإياه فكله. فأكله ومضت مدة على ذلك، ثم إن الأسد قال للثور الأحمر: لوني على لونك فدعني آكل الثور الأسود! فقال له: شأنك به. فأكله. ثم بعد أيام قال للثور الأحمر: إني آكلك لا محال فقال: دعني أنادي ثلاثة أصوات، فقال: إفعل فنادى: " إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض " . قالها ثلاثاً، ثم قال علي كرم الله وجهه: إنما هنت يوم قتل عثمان رضي الله عنه يرفع بها صوته.
ومن خواصه: إنه إذا نزل الثور على البقرة، ثم بال بعد نزوله فمن أخذ من ذلك الطين، وطلى به إحليله هيج الباه وانعظ. ومثانته إذا أخذت وجففت وسحقت وسقيت لمن يبول في فراشه بخل وماء بارد نفعه وأبرأه. وإذا وقف الثور عن السير فاربط خصيتيه فإنه يسير بنشاط وينساق سريعاً. وإذا طرح في أذن الثور زئبق مات مكانه. وإن طلي منخره بدهن ورد صرع. وإن كتب ببوله على الحديد أثر فيه حتى يقرأ. وقد تقدم له خواص في باب الباء الموحدة في البقرة.
وأما تعبيره: فإنه يدل على سيد شديد البأس، كثير النفع والعون، موافق مطواع، وربما دل على الشباب الجميل لأنه من أسمائه. وتدل رؤيته أيضاً على ثوران الفتنة، أو العون على ما يذلل الأمور الصعاب، خصوصاً لأرباب الحرف والزراعة والإنشاء. وربما دلت رؤيته على البلاعة والذهول. ورؤية الثور الأبلق فرح وسرور والأسود سؤدد أو شفاء للمريض وربما دل الثور على الجنون لأنه من أسمائه.
الثول: بفتح الثاء وسكون الواو ذكر النحل وقيل جماعة النحل وعلى هذا قال الأصمعي: لا واحد له من لفظه. والثول بالتحريك جنون يصيب الشاة فلا تتبع الغنم وتستدبر مرتعها وشاة ثولاء وتيس أثول.
الثيتل: الذكر المسن من الأوعال. وفي حديث النخعي: " في الثيتل بقرة " . يعني إذا صاده المحرم أو في الحرم.
باب الجيم
الجأب: الأسد والحمار الوحشي الغليظ والجمع جؤب.الجارف: ولد الحية.
الجارحة: ما تعلم الاصطياد من كلب أو فهد أو باز أو نحو ذلك. والجمع الجوارح. قال الله تعالى: " وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله " سمي جارحة لأنه يكسب لصاحبه والجوارح الكواسب قال تعالى: " ويعلم ما جرحتم بالنهار أي ما كسبتم " .
الجاموس: واحد الجواميس، فارسي معرب، وهو حيوان عنده شجاعة وشدة بأس، وهو مع ذلك أجزع خلق الله يفرق من عض بعوضة ويهرب منها إلى الماء والأسد يخافه وهو مع شدته وغلظه ذكي ينادي راعيه الإناث: يا فلانة يا فلانة فتأتي إليه المناداة ومن طبعه كثرة الحنين إلى وطنه ويقال: إنه لا ينام أصلاً لكثرة حراسته لنفسه وأولاده. وإذا اجتمع ضرب دائرة وتجعل رؤوسها خارج الدائرة وأذنابها إلى داخلها، والرعاة وأولادها من داخل، فتكون الدائرة كأنها مدينة مسورة من صياصيها، والذكر منها يناطح ذكر آخر، فإذا غلب أحدهما، دخل أجمة فيقيم فيها حتى يعلم أنه قوي، فيخرج ويطلب ذلك الفحل الذي غلبه فيناطحه حتى يغلبه ويطرده. وهو ينغمس في الماء غالباً إلى خرطومه.
حكمه وخواصه: كالبقر، لكن إذا بخر البيت بجلد الجاموس طرد منه البق وأكل لحمه يورث القمل وشحمه إذا خلط بملح أندراني وطلي به الكلف والجرب والبرص أزالها وأبرأها. وقال ابن زهر، نقلاً عن ارسطاطاليس: في دماغ الجاموس دود من أخذ منه شيئاً وعلقه عليه أو على غيره لم ينم مادام عليه.
التعبير: الجاموس في المنام رجل شجاع جلد لا يخاف أحداً يحتمل أذى الناس فوق طاقته
فإن رأت امرأة أن لها قرن جاموس، فإنها تتزوج ملكاً وإلا كان ذلك قوة ومنعة لقيمها والله أعلم.
الجان: حية بيضاء، وقيل: الحية الصغيرة قال الله تعالى: " فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبراً " وقال تعالى في آية أخرى: " وما تلك بيمينك يا موسى " إلى قوله: " فإذا هي حية تسعى " وقال تعالى: " فإذا هي ثعبان مبين " . قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه: صارت حية صفراء، لها عرف كعرف الفرس، وصارت تتورم حتى صارت ثعباناً، وهو أعظم ما يكون من الحيات. قال تعالى: " فإذا هي ثعبان مبين " . فلما ألقى موسى العصا، صارت جاناً في الابتداء، ثم صارت ثعباناً في الانتهاء. ويقال: وصف الله تعالى العصا بثلاثة أوصاف: بالحية والجان والثعبان، لأنها كانت كالحية لعدوها، وكالثعبان لابتلاعها، وكالجان لتحركها. قال فرقد السنجي: كان بين لحييها أربعون ذراعاً. قال ابن عباس والسدي: إنه لما ألقى العصا، صارت حية عظيمة صفراء شقراء فاغرة فاها، بين لحييها ثمانون ذراعاً، وارتفعت من الأرض بقدر ميل وقامت على ذنبها واضعة لحيها الأسفل في الأرض، والأعلى على سور القصر، وتوجهت نحو فرعون لتأخذه. وروي أنها أخذت قبة فرعون بين نابيها، فوثب فرعون من سريره هارباً وأخذته قبل أخذه البطن في ذلك اليوم أربعمائة مرة، وحملت على الناس فانهزموا وصاحوا، ومات منهم خمسة وعشرون ألفاً، قتل بعضهم بعضاً. ويقال: كانت العصا حية لموسى، وثعبان لفرعون، وجاناً للسحرة. وأما قوله: " ولي فيها مآرب أخرى " فكان يحمل عليها زاده وسقاء وكانت تماشيه وتحادثه، وكان يضرب بها الأرض فيخرج منها ما يأكل يومه، ويركزها فيخرج الماء فإذا رفعها ذهب الماء، وكان يرد بها غنمه، وكانت تقيه الهوام بإذن الله تعالى، وإذا ظهر له عدو حاربته وناضلت عنه، وإذا أراد الاستقاء من البئر، صارت شعبتاها كالدلو يستقي به. وكان يظهر على شعبتيها نور كالشمعتين تضيء له ويهتدي بها، وإذا اشتهى ثمرة من الثمار ركزها في الأرض فتغصن أغصان تلك الشجرة، وتورق ورقها وتثمر ثمرها. قاله ابن عباس. والله أعلم وقد تقدم في باب التاء المثناة أن العصا كانت من آس الجنة أهبطت مع آدم إلى الأرض. الجبهة: الخيل وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الزكاة: " ليس في الجبهة ولا في النخة ولا في الكسعة صدقة " . وقيل للخيل ذلك لأنها خيار البهائم كما يقال. وجه السلعة لخيارها، ووجه القوم وجبهتهم سيدهم. والنخة البقر العوامل، مأخوذ من النخ، وهو السوق الشديد، والكسعة الحمير، مأخوذ من الكسع وهو ضرب الادبار. قاله الزمخشري وغيره والله تعالى أعلم.
الجثلة: النملة السوداء وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب النون في لفظ النملة ما فيه.
الجحل: بتقديم الجيم على الحاء الحبارى. وستأتي إن شاء الله تعالى وقيل: هو الحرباء وقيل: هو الجعل، وقيل هو الضب الكبير المسن. وقيل: هو اليعسوب العظيم كالجراد إذا سقط لا يضم جناحه. والجمع جحول وجحلان.
الجحمرش: الأرنب المرضع والعجوز الكبيرة، والمرأة الثقيلة السمجة. والجمع جحامر والتصغير جحيمر.
الجحش: ولد الحمار الوحشي والأهلي قيل: وإنما يسمى بذلك قبل أن يعظم، والجمع جحاش وجحشان. والأنثى جحشة. وربما سمي المهر جحشاً تشبيهاً بولد الحمار، والجحش ولد الظبية في لغة هذيل. ويقال للرجل، إذا كان مستبداً برأيه: " جحيش وحده " ، كما قالوا: " عيير وحده " يشبهونه في ذلك بالجحش والعير، وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: كان عمر أجودنا " نسيج وحده " وقد أعد للأمور أقرانها. وروى الدارقطني أن زينب بنت جحش أم المؤمنين، رضي الله عنها، كان اسم أبيها برة، وقيل كان اسمه برة بالضم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم " لو كان أبوك مؤمناً لسميته باسم رجل منا أهل البيت، ولكني قد سميته جحشاً " والجحش أكبر من البرة.
الجخدب: بضم الجيم وبالخاء المعجمة وفتح الدال المهملة وجمعه جخادب. ضرب من الجنادب وهو الأخضر الطويل الرجلين وقيل: هو دويبة نحو من العظاءة ويقال له أبو جخادب.
الجدجد: بالضم صرار الليل، قاله الجوهري، وهو قفاز وفيه شبه بالجراد، والجمع الجداجد وقال الميداني: الجدجد ضرب من الخنافس، يصوت في الصحارى من أول الليل إلى الصبح فإذا طلبه طالب لم يره، ولذلك قالوا: " أكمن من جدجد " . وفي حديث عطاء في الجدجد: يموت في الوضوء قال: لا بأس به. والوضوء بفتح الواو اسم للماء الذي يتوضأ به. وبالضم اسم للفعل. وسيأتي ذكر الجدجد في باب الصاد المهملة في الكلام على الصرار.
الجداية: بكسر الجيم وفتحها الذكر والأنثى من أولاد الظباء إذا بلغ ستة أشهر أو سبعة، وخص بعضهم به الذكر منها. قال الأصمعي: الجداية بمنزلة العناق من الغنم. وفي سنن أبي داود الترمذي عن كلدة بن حنبل الغساني، وليس له في الكتب الستة سواه، قال: بعثني صفوان بن أمية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن وجداية وضغابيس، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة، فدخلت ولم أسلم فقال : " ارجع وقل السلام عليكم " . وذلك بعدما أسلم صفوان، الضغابيس صغار القثاء، والجداية الصغير من الظباء ذكراً كان أو أنثى.
الجدي: الذكر من أولاد المعز، وثلاثة أجد، فاذا كزت فهي الجداء. روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فذهب جدي يمر بين يديه فجعل يتقيه " وروى الطبراني والبزار بإسناد حسن عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كان جدي في غنم كثيرة ترضعه أمه فترويه، فانفلت يوماً فرضع الغنم كلها ثم لم يشبع فقيل: إن مثل هذا، مثل قوم يأتون من بعدكم فيعطى الرجل منهم ما يكفي القبيلة أو الأمة ثم لم يشبع " . وفي صفة الصفوة وغيرها عن مجاهد، قال كان عمر رضي الله عنه يقول: " لو مات جدي بطف الفرات لخشيت أن يطالب الله به عمر " . الطف اسم موضع بناحية الكوفة، وأضيف إلى الفرات لقربه منه.
الأمثال: قالوا تغد بالجدي قبل أن يتعشى بك يضرب للأخذ بالحزم.
الخواص: لحم الجدي أقل حرارة ورطوبة من الخروف وأسرع المعز هضماً وأجوده الجدي الأحمر والأزرق ولحمه سريع الانهضام، لكنه يضر بأصحاب القولنج، والعسل يذهب مضرته وهو جيد الغذاء ويكره السمين من ذكورها وإناثها لعسر انهضامها، ورداءة غذائها. ولحوم المعز بالجملة نافعة لمن به الدماميل والبثور، ولحومها في الشتاء رديئة وفي الصيف جيدة وفي باقي الفصول متوسطة.
التعبير: الجدي في المنام ولد فمن رأى جدياً مذبوحاً فهو موت ولد. وأكل الجدي المشوي يدل على موت ولد ذكر، فإن أكل منه ذراعه نجا من الهلكة، وإن أكل منه الجنب اليسار، فإنه يدل على هم وحزن. والنصف مما يلي الرأس إلى السرة يعبر بالمرأة والبنات والنصف مما يلي السرة إلى الرجلين يعبر بالبنين. والذراع المشوي في المنام إذا كان ناضجاً فهو رزق من امرأة يمكر بها. وإذا كان غير ناضج فهو غيبة ونميمة ويأتي القول فيه في باب الخروف فإنه مثله.
الأجدل: الصقر صفة غالبة عليه، وأصله من الجدل الذي هو الشدة. وهي الأجادل كسروه تكسير الأسماء، لغلبة الصفة، ولذلك جعله سيبويه مما يكون صفة في بعض الكلام واسماً في بعض اللغات. وقد يقال للأجدل أجدلي، ونظيره أعجم وأعجمي. وهو ممنوع الصرف كأخيل عند قليل، والأكثر أنهما مصروفان.
الأمثال: قالوا : " بيض القطا يحضنه الأجدل " يضرب للشريف يأوي إليه الوضيع.
الجذع: بفتح الجيم والذال المعجمة، وهو من الضأن ما له سنة تامة، هذا هو الأصح عند أصحابنا، وهو الأشهر عند أهل اللغة وغيرهم وقيل: ما له ستة أشهر. وقيل: ما له سبعة وقيل ثمانية وقيل عشرة حكاه القاضي عياض. وهو غريب وقيل: إن كان متولداً بين شابين فستة أشهر وإن كان بين هرمين، فثمانية أشهر. قال بعض أهل البادية: الأجذاع هو أن تكون الصوفة على الظهر قائمة. وإذا أجذع نامت، والجذع من المعز ما له سنتان على الأصح، وقيل سنة قال الجوهري: الجذع قبل الثني، والجمع جذعان وجذاع، والأنثى جذعة والجمع جذعات. تقول لولد الشاة في السنة الثانية ولولد المعز والحافر في السنة الثالثة وللإبل في السنة الخامسة أجذع والجذع اسم له في زمن وليس لسن تنبت ولا تسقط. روى زربن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال: كنت غلاماً يافعاً أرعى غنماً لعقبة بن أبي معيط، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وقد نفرا من المشركين فقالا: " يا غلام هل عندك من لبن تسقينا فقلت: إني مؤتمن ولست بساقيكما " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هل عندك من جذعة لم ينز عليها الفحل " . قلت: نعم قال: فائتني بها. قال فأتيتهما بها فاعتقلها النبي صلى الله عليه وسلم، ومسح الضرع ودعا، فجعل الضرع يحفل، ثم أتاه أبو بكر بصخرة منقعرة فاحتلب فيها وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشرب أبو بكر ثم شربت. ثم قال صلى الله عليه وسلم للضرع: " أقلص " فقلص أي اجتمع. قال: فأتيته بعد ذلك فقلت: علمني من هذا القول قال إنك عليم معلم. قال: فأخذت من فيه سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد. وفي حديث المبعث أن ورقة بن نوفل قال: يا ليتني فيها جذعاً. الضمير في فيها للنبوة. أي ليتني كنت شاباً عند ظهورها، حتى أبالغ في نصرتها وحمايتها وجذعاً منصوب على الحال من الضمير في فيها تقديره ليتني مستقر فيها جذعاً أي شاباً وقيل: هو منصوب بإضمار كان وضعف ذلك لأن كان الناقصة لا تضمر إلا إذا كان في الكلام لفظ ظاهر يقتضيها كقولهم: إن خيراً فخير، وإن شراً فشر أي إن كان خيراً فخير وروى الحافظ الدمياطي عن علي بن صالح، قال: كان ولد عبد المطلب عشرة، كل منهم يأكل جذعة. وروى أبو عمر بن عبد البر، في التمهيد، من طريق صحيح، أن أعرابياً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شجرة طوبى، فقال له: " هل أتيت الشأم؟ فإن فيها شجرة يقال لها الجوزة " . ثم وصفها. ثم إن الأعرابي سأل عن عظم أصلها فقال له لو ركبت جذعة من ابل أهلك، ثم طفت بها أو قال درت بها، حتى تندق ترقوتها هرماً ما قطعتها " وذكر السهيلي في التعريف والاعلام أن أصلها في قصر النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ثم تنقسم فروعها على منازل أهل الجنة كما انتشر منه العلم والإيمان على جميع أهل الدنيا وهذه الشجرة من شجرة الجوز.
الجراد: معروف الواحدة جرادة الذكر والأنثى فيه سواء. يقال: هذا جرادة ذكر وهذه جرادة أنثى كنملة وحمامة. قال أهل اللغة: وهو مشتق من الجرد. قال: والاشتقاق في أسماء الأجناس قليل جداً. يقال ثوب جرد أي أملس. وثوب جرد إذا ذهب زئيره. وهو بري وبحري. والكلام الآن في البري. قال الله تعالى: " يخرجون من الأجداث، كأنهم جراد منتشر " أي في كل مكان. وقيل: وجه التشبيه أنهم حيارى فزعون لا يهتدون ولا جهة لأحد منهم يقصدها. والجراد لا جهة له فيكون أبداً بعضه على بعض. وقد شبههم في آية أخرى بالفراش المبثوث. وفيهم من كل هذا شبه، وقيل: إنهم أولاً كالفراش حين يموج بعضهم في بعض ثم كالجراد إذا توجهوا نحو المحشر والداعي. والجرادة تكنى بأم عوف قال أبو عطاء السندي :
وما صفراء تكنى أم عوف ... كأن رجيلتيها منجلان
والجراد أصناف مختلفة: فبعضه كبير الجثة، وبعضه صغيرها، وبعضه أحمر وبعضه أصفر وبعضه أبيض. وكان مسلمة بن عبد الملك بن مروان يلقب بالجرادة الصفراء، وكان موصوفاً بالشجاعة والاقدام والرأي والدهاء. ولي أرمينية وأذربيجان غير مرة، وإمرة العراقين وسار في مائة وعشرين ألفاً وغزا القسطنطينية في خلافة سليمان أخيه. وروى عن عمر بن عبد العزيز، وهو مذكور في سنن أبي داود وكانت وفاته سنة إحدى وعشرين ومائة.
ومن الفوائد عنه أنه لما حضر عمورية حصل له صداع فلم يركب في الحرب فقال أهل عمورية للمسلمين: ما بال أميركم لم يركب اليوم فقالوا: حصل له صداع، فأخرجوا لهم برنساً وقالوا ألبسوه إياه ليزول عنه ما يجد. فلبسه مسلمة فشفي، ففتقوه فلم يجدوا فيه شيئاً ثم فتقوا أزراره فإذا فيه بطاقة مكتوب فيها هذه الآيات: بسم الله الرحمن الرحيم " ذلك تخفيف من ربكم ورحمة " بسم الله الرحمن الرحيم " الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً " بسم الله الرحمن الرحيم " يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً " بسم الله الرحمن الرحيم " حم عسق " بسم الله الرحمن الرحيم " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان، بسم الله الرحمن الرحيم " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكناً " بسم الله الرحمن الرحيم " وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم، فقال المسلمون: من أين لكم هذا وإنما أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: وجدناه منقوشاً في حجر في كنيسة قبل أن يبعث نبيكم بسبعمائة عام. قال الحافظ ابن عساكر: ويكتب للصداع أيضاً بسم الله الرحمن الرحيم " كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك رب شقيا " " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل. ولو شاء لجعله ساكناً " " كهيعص " حم " عسق " كم له من نعمة على كل عبد شاكر وغير شاكر. وكم لله من نعمة في كل قلب خاشع وغير خاشع وكم لله من نعمة في كل عرق ساكن وغير ساكن اذهب أيها الصداع بعز عز الله وبنور وجه الله " وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم " ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. قال: يعتب ويجعل على الرأس فإنه نافع. قلت: وهو عجيب مجرب. قال: ومما جرب أيضاً للصداع أن تكتب هذه الأحرف الآتية على دف خشب وتدق فيه مسماراً على حرف بعد حرف إلى أن يكن الصداع، وتقرأ وأنت تدق " ولو شاء لجعله ساكناً " " وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم " وهي هذه الأحرف: اح اك ك ح ع ح ام ح. وذكر لها خبراً اتفق لهارون الرشيد مع بعض ملوك الروم، وسيأتي إن شاء الله تعالى في السوس شيء يتعلق بهذا. والجراد إذا خرج من بيضه يقال له الدبى، فإذا طلعت أجنحته وكبرت فيه الغوغاء الواحدة غوغاة وذلك حين يموج بعضه في بعض، فإذا بدت فيه الألوان واصفرت الذكور واسودت الإناث سمي جراداً حينئذ وهو إذا أراد أن يبيض، التمس لبيضه المواضع الصلدة والصخور الصلبة التي لا تعمل فيها المعاول، فيضربها بذنبه فتفرج له فيلقي بيضه في ذلك الصدع، فيكون له كالأفحوص ويكون حاضناً له ومربياً. وللجرادة ست أرجل: يدان في صدرها، وقائمتان في وسطها، ورجلان في مؤخرها، وطرفا رجليها منشاران. وهو من الحيوان الذي ينقاد لرئيسه فيجتمع كالعسكر إذا ظعن أوله تتابع جميعه ظاعناً وإذا نزل أوله نزل جميعه. ولعابه سم ناقع للنبات، لا يقع على شيء إلا أهلكه. وفي البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " بينما أيوب عليه الصلاة والسلام يغتسل عرياناً خر عليه رجل جراد منه ذهب، فجعل يحثي فى ثوبه، فناداه الله تعالى: يا أيوب ألم أكن أغنيك عما ترى؟ قال: بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك " قال الشافعي: في هذا الحديث نعم المال الصالح مع العبد الصالح. وروى الطبراني والبيهقي عن شعبة عن أبي زهير النميري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقتلوا الجراد فإنه جند الله الأعظم " . قلت هذا، وإن صح، أراد به ما لم يتعرض لإفساد الزرع وغيره، فإن تعرض لذلك، جاز دفعه بالقتل وغيره. والجند العسكر والجمع أجناد وجنود. وفي الحديث: " الأرواح جنود مجندة " أي مجموعة، كما يقال ألوف مؤلفة، وقناطير مقنطرة. ثم أسند عن ابن عمر: أن جرادة وقعت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا مكتوب على جناحيها بالعبرانية: نحن جند الله الأكبر ولنا تسع وتسعون سمة ولو تمت المائة لأكلنا الدنيا بما فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم أهلك الجراد اقتل كبارها، وأمت صغارها، وأفسد بيضها، وسد أفواهها عن مزارع المسلمين ومعايشهم، إنك سميع الدعاء. فجاءه جبريل عليه
السلام وقال: إنه قد استجيب لك في بعضه " . وكذلك أسنده الحاكم في تاريخ نيسابور أيضاً ثم أسند الطبراني أيضاً عن الحسن بن علي قال: كنا على مائدة نأكل أنا وأخي محمد بن الحنفية وبنو عمي عبد الله وقثم والفضل أولاد العباس، فوقعت جرادة على المائدة فأخذها عبد الله وقال لي: ما مكتوب على هذه فقلت سألت أبي أمير المؤمنين عن ذلك؟ فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فقال لي: " مكتوب عليها: أنا الله لا إله إلا أنا رب الجراد ورازقها إن شئت بعثتها رزقاً لقوم، وإن شئت بعثتها بلاء على قوم " . فقال عبد الله: هذا من العلم المكنون. ثم أسند أيضاً هو وأبو يعلى الموصلي عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سنة من سني خلافته فقد الجراد فاهتم لذلك هماً شديداً فبعث إلى اليمن راكباً، وإلى الشام راكباً وإلى العراق راكباً، كل يسأل هل رأوا الجراد؟ فأتاه الراكب الذي سار إلى اليمن بقبضة منه فنثرها بين يديه فلما رأى عمر الجراد، كبر وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول؛ " إن الله عز وجل خلق ألف أمة ستمائة منها في البحر، وأربعمائة في البر. وإن أول هلاك هذه الأمم الجراد، فإذا هلك الجراد، تتابعت الأمم مثل النظام إذا قطع سلكه " . ورواه ابن عدي في ترجمة محمد بن عيسى العبدي وذكره الحكيم الترمذي في نوادره وقال: إنما صار الجراد أول هذه الأمم هلاكاً، لأنه خلق من الطينة التي فضلت من خلق آدم عليه الصلاة والسلام. وإنما تهلك الأمم بهلاك الآثمين لأنها سخرت لهم وهو في الكامل والميزان في ترجمة محمد بن عيسى بن كيسان. وفي الحلية في ترجمة حسان بن عطية. قال الأوزاعي حدثني حسان قال: " إنما مثل الشياطين في كثرتهم كمثل رجل دخل زرعاً فيه جراد كثير، فكلما وضع رجله تطاير الجراد يميناً وشمالاً ولولا أن الله عز وجل غض البصر عنهم، ما رؤي شيء إلا وعليه شيطان " ، وفيها في ترجمة يزيد بن ميسرة قال: كان طعام يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام الجراد وقلوب الشجر، وكان يقول: من أنعم منك يا يحيى وطعامك الجراد وقلوب الشجر: وفي الجراد خلقة عشرة من جبابرة الحيوان مع ضعفه وجه فرس وعينا فيل وعنق ثور وقرنا أيل وصدر أسد وبطن عقرب وجناحا نسر وفخذا جمل ورجلا نعامة وذنب حية.لام وقال: إنه قد استجيب لك في بعضه " . وكذلك أسنده الحاكم في تاريخ نيسابور أيضاً ثم أسند الطبراني أيضاً عن الحسن بن علي قال: كنا على مائدة نأكل أنا وأخي محمد بن الحنفية وبنو عمي عبد الله وقثم والفضل أولاد العباس، فوقعت جرادة على المائدة فأخذها عبد الله وقال لي: ما مكتوب على هذه فقلت سألت أبي أمير المؤمنين عن ذلك؟ فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فقال لي: " مكتوب عليها: أنا الله لا إله إلا أنا رب الجراد ورازقها إن شئت بعثتها رزقاً لقوم، وإن شئت بعثتها بلاء على قوم " . فقال عبد الله: هذا من العلم المكنون. ثم أسند أيضاً هو وأبو يعلى الموصلي عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سنة من سني خلافته فقد الجراد فاهتم لذلك هماً شديداً فبعث إلى اليمن راكباً، وإلى الشام راكباً وإلى العراق راكباً، كل يسأل هل رأوا الجراد؟ فأتاه الراكب الذي سار إلى اليمن بقبضة منه فنثرها بين يديه فلما رأى عمر الجراد، كبر وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول؛ " إن الله عز وجل خلق ألف أمة ستمائة منها في البحر، وأربعمائة في البر. وإن أول هلاك هذه الأمم الجراد، فإذا هلك الجراد، تتابعت الأمم مثل النظام إذا قطع سلكه " . ورواه ابن عدي في ترجمة محمد بن عيسى العبدي وذكره الحكيم الترمذي في نوادره وقال: إنما صار الجراد أول هذه الأمم هلاكاً، لأنه خلق من الطينة التي فضلت من خلق آدم عليه الصلاة والسلام. وإنما تهلك الأمم بهلاك الآثمين لأنها سخرت لهم وهو في الكامل والميزان في ترجمة محمد بن عيسى بن كيسان. وفي الحلية في ترجمة حسان بن عطية. قال الأوزاعي حدثني حسان قال: " إنما مثل الشياطين في كثرتهم كمثل رجل دخل زرعاً فيه جراد كثير، فكلما وضع رجله تطاير الجراد يميناً وشمالاً ولولا أن الله عز وجل غض البصر عنهم، ما رؤي شيء إلا وعليه شيطان " ، وفيها في ترجمة يزيد بن ميسرة قال: كان طعام يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام الجراد وقلوب الشجر، وكان يقول: من أنعم منك يا يحيى وطعامك الجراد وقلوب الشجر: وفي الجراد خلقة عشرة من جبابرة الحيوان مع ضعفه وجه فرس وعينا فيل وعنق ثور وقرنا أيل وصدر أسد وبطن عقرب وجناحا نسر وفخذا جمل ورجلا نعامة وذنب حية.
وقد أحسن القاضي محيي الدين الشهرزوري في وصف الجراد بذلك في قوله:
لها فخذا بكر وساقا نعامة ... وقادمتا نسر وجؤجؤ ضيغم
حبتها أفاعي الأرض بطناً وأنعمت ... عليها جياد الخيل بالرأس والفم
وما يستحسن ويستجاد من شعره قوله يصف نزول الثلج من الغيم:
لما شاب رأس الدهرغيظاً ... لما قاساه من فقد الكرام
أقام يميط عنه الشيب غيظاً ... وينثر ما أماط على الأنام
توفي الشهرزوري في سنة ست وثمانين وخمسمائة وليس فى الحيوان أكثر افساداً لما يقتاته الإنسان من الجراد. قال الأصمعي: أتيت البادية، فإذا أعرابي زرع براً له، فلما قام على سوقه وجاد سنبله أتاه رجل جراد فجعل الرجل ينظر إليه ولا يدري كيف الحيلة فيه فأنشأ يقول:
مر الجراد على زرعي فقلت له ... لا تأكلن ولا تشغل بإفساد
فقام منهم خطيب فوق سنبلة أنا على سفر لا بد من زاد وقيل لأعرابي: ألك زرع؟ فقال: نعم. ولكن أتانا رجل جراد، بمثل مناجل الحصاد فسبحان من يهلك القوي الأكول بالضعيف المأكول.
فائدة: تكتب هذه الكلمات وتجعل في أنبوبة قصب وتدمن في الزرع أو في الكرم فإنه لا يؤذيه الجراد بإذن الله تعالى وهي بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلي على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد وسلم، اللهم أهلك صغارهم، واقتل كبارهم، وأفسد بيضهم، وخذ بأفواهم عن معايشنا وأرزاقنا، إنك سميع الدعاء إني توكلت على الله ربي وربكم، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم. اللهم صلي على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد وسلم واستجب منا يا أرحم الراحمين. وهو عجيب مجرب. ومما يفعل لطرد الجراد أيضاً، وقد جرد وفعل، فصرفه الله به وأخبرني به الشيخ يحيى بن عبد الله القرشي، وأنه فعل ذلك غير مرة فصرفه الله سبحانه وتعالى عن البلاد التي هو فيها، وكفاهم شره؟ أن بعض العلماء أفاده ذلك وقد سماه لي وذهب عني اسمه الآن، انه إذا وقع الجراد بأرض وأردت أن الله سبحانه وتعالى يصرفه، فخذ منه أربع جرادات، واكتب على أجنحتها أربع آيات من كتاب الله تعالى، في جناح؟ جرادة آية، ثم توجه بها إلى أي بلد تسميها وتقول لهم: انصرفوا إليها. على الأولى " فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم " وعلى الثانية " وحيل بينهم وبين ما يشتهون " وعلى الثالثة، ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم " وعلى الرابعة " فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين " .
الحكم: أجمع المسلمون على إباحة أكله وقد قال عبد الله بن أبي أوفى: " غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد " رواه أبو داود والبخاري والحافظ أبو نعيم. وفيه ويأكله رسول الله معنا.
وروى ابن ماجه عن أنس قال: " كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يتهادين الجراد في الأطباق " . وفي الموطأ من حديث ابن عمر سئل عن الجراد فقال: وددت أن عندي قفة آكل منها. وروى البيهقي عن أبي امامة الباهلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن مريم بنت عمران عليها السلام سألت ربها أن يطعمها لحماً لا دم له فأطعمها الجراد فقالت: الله أعشه بغير رضاع وتابع بينه بغير شياع " قلت: يا أبا الفضل ما الشياع؟ قال: الصوت. وتقدم أن يحيى بن زكريا كان يأكل الجراد وقلوب الشجر، يعني الذي ينبت في وسطها غضاً طرياً قبل أن يقوى ويصلب، واحدها قلب بالضم للفرق. وكذلك قلب النخلة. وقالت الأئمة الأربعة: يحل أكله سواء مات حتف أنفه، أو بذكاة أو باصطياد مجوسي أو مسلم قطع منه شيء أم لا. وعن أحمد رحمه الله أنه إذا قتله البرد لم يؤكل، وملخص مذهب مالك أنه إن قطع رأسه حل، وإلا فلا. والدليل على عموم حله، قوله صلى الله عليه وسلم: " أحلت لنا ميتتان ودمان: الكبد والطحال والسمك والجراد " رواه الإمام الشافعي والإمام أحمد والدارقطني والبيهقي من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً. قال البيهقي.
وروي عن ابن عمر موقوفاً وهو الأصح واختلف أصحابنا وغيرهم في الجراد هل هو صيد
بري أو بحري فقيل: بحري لما روى ابن ماجه عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على الجراد فقال: " اللهم أهلك كباره، وأفسد صغاره، واقطع دابره، وخذ بأفواهه عن معايشنا وأرزاقنا إنك سميع الدعاء " . فقال رجل: يا رسول الله كيف تدعو على جند من أجناد الله تعالى بقطع دابره؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " إن الجراد نثرة الحوت من البحر " . أي عطسته والمراد أن الجراد من صيد البحر يحل للمحرم أن يصيده. وفيه عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حج أو عمرة فاستقبلنا رجل جراد، فجعلنا نضربهن بنعالنا وأسواطنا. فقال صلى الله عليه وسلم: " كلوه فإنه صيد البحر " . والصحيح أنه بري لأن المحرم يجب عليه فيه الجزاء إذا أتلفه عندنا وبه قال عمر وعثمان وابن عمر وابن عباس وعطاء. قال العبدري: وهو قول أهل العلم كافة إلا أبا سعيد الخدري فإنه قال: لا جزاء فيه وحكاه ابن المنذر عن كعب الأحبار، وعروة بن الزبير فإنهم قالوا: هو من صيد البحر لا جزاء فيه. واحتج لهم بحديث أبي المهزم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: أصبنا رجلاً من جراد فكان الرجل منا يضربه بسوطه، وهو محرم، فقيل: ان هذا لا يصلح. فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " إنما هو من صيد البحر " رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، واتفقوا على ضعفه لضعف أبي المهزم وهو بضم الميم وكسر الزاي وفتح الهاء بينهما. واسمه يزيد ابن سفيان وسيأتي ذكره في حكم النعامة. واحتج الجمهور بما رواه الإمام الشافعي بإسناده الصحيح أو الحسن، عند عبد الله بن أبي عمار، أنه قال: أقبلت مع معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه وكعب الأحبار في أناس محرمين من بيت المقدس بعمرة، حتى إذا كنا ببعض الطريق، وكعب على نار يصطلي " فمرت به رجل من جراد، فأخذ جرادتين فقتلهما، وكان قد نسي إحرامه ثم ذكر إحرامه، فألقاهما " . كلما قدمنا المدينة دخل القوم على عمر رضي الله عنه ودخلت معهم فقص كعب قصة الجرادتين على عمر، فقال: " ما جعلت على نفسك يا كعب؟ فقال: درهمين فقال: بخ بخ درهمان خير من مائة جرادة اجعل ما جعلت على نفسك " وبإسناد الشافعي والبيهقي الصحيح عن القاسم بن محمد قال: كنت جالساً عند ابن عباس فسأله رجل عن جرادة قتلها، وهو محرم فقال ابن عباس: فيها قبضة من طعام ولتأخذن بقبضة جرادات. قال الإمام الشافعي رحمه الله: أشار بذلك إلى أن فيها القيمة فالجراد وبيضه مضمونان بالقيمة على المحرم، وفي الحرم فلو وطئه عامداً أو جاهلاً ضمن، ولو عم الجراد المسالك ولم يجد بداً من وطئه فالأظهر أنه لا ضمان. وقيل: لا ضمان قطعاً. ويجوز السلم في الجراد والسمك حياً وميتاً عند عموم وجودهما. ويوصف كل جنس بما يليق به وحكى الرافعي في باب الربا ثلاثة أوجه: أحدها: أنه ليس من جنس اللحوم، قال في الروضة وهو الأصح. والثاني أنه من اللحوم البريات. والثالث أنه من اللحوم البحريات. ويظهر أثر الخلاف فى جواز بيعه بلحم بحري أو بري وفيما لو حلف لا يأكل لحماً. وحكى الموفق بن طاهر قولا غريباً أنه من صيد البحر لأنه يتولد من روث السمك وهو شاذ.
الأمثال: قالت العرب: " تمرة خير من جراعة وأطيب من جرادة " . " وجاء القوم كالجراد المنتشر " . أي متفرقين. " وأجرد من الجراد " . " وأغوى من غوغاء الجراد " . وقالوا: " كالجراد لا يبقي ولا يذر " . يضرب في اشتداد الأمر واستئصال القوم. وقالوا: " أحمى من مجير الجراد " . وهو مدلج بن سويد الطائي، وكان من حديثه فيما ذكر ابن الأعرابي، عن الكلبي أنه خلا ذات يوم في خيمته فإذا هو بقوم من طيء، ومعهم أوعيتهم، فقال: ما خطبكم؟ قالوا: جراد وقع بفنائك فجئنا لنأخذه. فركب فرسه وأخذ رمحه وقال: والله لا يتعرض له أحد منكم إلا قتلته أيكون في جواري ثم تريدون أخذه! ولم يزل يحرسه حتى حميت عليه الشمس فطار. فقال: شأنكم الآن به فقد تحول عن جواري.
الخواص: إذا تبخر الإنسان بالجراد البري نفعه من عسر البول. وقال ابن سينا: إذا أخذ منه اثنتا عشرة جرادة، ونزعت رؤوسها وأطرافها، وجعل معها قليل من الآس اليابس، وشربه صاحب الاستسقاء نفعه. والجراد الطويل العنق، إذا علق على من به حمى الربع نفعه. وإذا طلي ببيضه وجوفه الكلف أبرأه.
التعبير: الجراد في الرؤيا جند الله لأنه من آيات موسى عليه الصلاة والسلام. وهو عذاب، والدبى منه ناس سيئة أخلاقهم قبيحة سيرتهم. وإذا وقع في موضع يؤخذ ويؤكل فإنه خير ونعمة وإذا رأى أنه جعله في جرة أو قدر فإنه ينال دراهم ودنانير. وروي أن رجلاً جاء إلى ابن سيرين رحمه الله فقال: رأيت كأني أخذت جراداً فجعلته في جرة فقال ابن سيرين: دراهم توصلها إلى امرأة فكان كذلك ومن رأى أنه يمطر عليه جراد من ذهب عوضه الله ما ذهب منه لقصة أيوب عليه السلام.
الجراد البحري: قال الشريف: هو حيوان له رأس مربع، وله مما يلي رأسه صدف خزفي، ونصفه الثاني لا خزف عليه، وله في كلا الجانبين عشرة أيد طوال شبيهة بأيدي العناكب، إلا أنها كبار جداً منها ما هو قدر الرغيف، ومنها ما هو دون ذلك. وهو كثير بساحل البحر ببلاد الغرب، ويأكلونه كثيراً مشوياً ومطبوخاً. وله قرنان دقيقان أحمران، وعينان بارزتان متدليتان من رأسه، وهدا الجراد حار يابس وأجود ما يؤكل منه مشوياً في الفرن وهو داخل في عموم أنواع الصدف وخاصية لحمه النفع من الجذام.
الجرارة: نوع من العقارب إذا مشى على الأرض جر ذنبه. وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب العين. وهي عقارب صغار صفر على مقدار ورق الانجذان. وتكون بعسكر مكرم. وأكثر ما توجد في كهارات السكر وفي الطين الذي هو قوالب السكر. قاله في كامل الصناعة. وقال موسى بن عبد الله الاسرائيلي القرطبي: الجرارة نوع من العقارب صغير الجسم لا يقوم ذنبه على جسمه كما تفعل العقارب بل يجره على الأرض وكذلك توجد ببلاد المشرق قال الجاحظ: وهي تكون بعسكر مكرم وجند يسابور إذا لسعت أحداً قتلته. وربما تناثر لحمه، وربما يعفن وينتن، حتى لا يدنو منه أحد إلا وهو محمر الوجه مخافة أعدائه. وهذا النوع يألف الحشوش والمواضع النادية وسمها حار محرق. وقال ابن جميع، في كتابه الارشاد: والجرارة نوع من العقارب، وسمها حار يابس يعرض للبدن منه التهاب وكرب، وليس يجد لموضع لسعها ألماً قال: ومن الأشربة النافعة لها ماء الشعير وماء الجبن وسويق التفاح بالماء البارد. ا ه وقال القزويني والجاحظ: وهذا النوع يقتل غالباً ا ه.
الجرذ: بضم الجيم وفتح الراء المهملة وبالذال المعجمة ذكر الفيران وقيل: هو ضرب من الفأر أعظم من اليربوع أكدر في ذنبه سواد حكاه ابن سيده قال الجاحظ: والفرق بين الجرذ والفأر كالفرق بين الجواميس والبقر والبخاتي والعراب، قال: وجرذان انطاكية لا تقوى عليها السنانير
لعظمها إلا للواحد بعد الواحد. قال: وهي ببلاد خراسان قوية جداً وربما عضت النائم فقطعت أذنه وأنا رأيت جرذاً قاتل سنوراً ففقأ عين السنور وهرب منه. وقال الزمخشري في ربيع الأبرار: الجرذ إذا خصي أكل جميع الفأر. والجرذ لا يقوم له شيء منها. قال: وزعموا أن الخصي من كل جنس أضعف من الفحل إلا الجرذان فإن الخصاء يحدث فيه شجاعة وجراءة والجمع جرذان، كصرد وصردان. وأرض جرذة أي ذات جرذان. وكنيته أبو جوال وأبو راشد وأبو العدرج وسيأتي في باب الفاء إن شاء الله تعالى. وروى أبو داود وابن ماجه وغيرهما عن ضباعة بنت الزبير زوج المقداد بن الأسود قالت: ذهب المقداد بن الأسود لحاجة ببقيع الخبخبة وهو بفتح الخاءين المعجمتين وسكون الباء الأولى، موضع بنواحي المدينة، فدخل خربة فإذا الجرذ يخرج من حجر ديناراً ديناراً، حتى أخرج سبعة عشر ديناراً، ثم أخرج طرف خرقة خضراء، قال المقداد: فقمت فمددت طرف الخرقة، فوجدت فيها ديناراً فكانت ثمانية عشر ديناراً. قالت: فذهب بها المقداد فاستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما دخل عليه أخبره بذلك، وقال: خذ صدقتها يا رسول الله فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل أهويت بيدك إلى الحجر؟، قال المقداد لا والذي بعثك بالحق. فقال رسول الله في بعد ذلك للمقداد " خذها بارك الله لك فيها " وفي رواية: " هذا رزق ساقه الله إليك " . وفي صحيح مسلم من حديث سعيد بن أبي عروبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: إن ناساً من عبد القيس قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا حي من ربيعة فذكر الحديث إلى أن قالوا يا رسول الله فيم نشرب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " في أسقية الأدم " فقالوا: يا رسول الله إن أرضنا كثيرة الجرذان ولا نبقى فيها أسقية الأدم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وإن أكلتها الجرذان وإن أكلتها الجرذان " .
وحكي: أن امرأة جاءت إلى قيس بن سعد بن عبادة بن دليم، وكان حليماً جواداً، فقالت له: مشت جرذان بيتي على العصا قال: لادعهن يثبن وثب الأسود ثم ملأ بيتها طعاماً وودكاً وإداماً. وروي إنه كان له ديون كثيرة فمرض فاستبطأ عواده فقيل له: إنهم يستحيون من أجل دينك عليهم. فأمر منادياً ينادي من كان لقيس بن صعد عليه دين فهو بريء منه! فأتى الناس حتى هدموا درجة كان يصعد عليها إليه. قال عروة وكان قيس بن سعد يقول: اللهم ارزقني مالا فإنه لا تصلح الفعال إلا بالمال. قال: وكان أبوه سعد بن عبادة يقول: اللهم هب لي حمداً وهب لي مجداً فإنه لا مجد إلا بفعال، ولا فعال إلا بمال، اللهم إن القليل لا يصلحني ولا أصلح عليه. وقال يحيى بن أبي كثير: كان قيس بن سعد، إذا انصرف من صلاة مكتوبة، قال: اللهم ارزقني مالاً استعين به على الفعال، فإنه لا تصلح الفعال إلا بالمال. قال الجوهري: الفعل بالفتح مصدر فعل يفعل. وقرأ بعضهم " وأوحينا إليهم فعل الخيرات " والفعل بالكسر الاسم، والجمع الفعال، مثل قدح وقداح وبئر وبئار والفعال بالفتح الكرم قال هدبة :
ضروبا بلحييه على عظم زوره ... إذا القوم هشوا للفعال تقنعا
انتهى. وقال ابن سيده: الفعال بالفتح اسم للفعل الحسن انتهى توفي قيس بن سعد سنة ستين وقيل سنة تسع وخمسين للهجرة النبوية.
وحكمه وخواصه: كالفأر وسيأتي في باب الفاء إن شاء الله تعالى.
التعبير: الجرذ في المنام تدل رؤيته على الفسق والأذى والاجتماع، وربما دلت رؤيته على الذل والمقت، وربما دلت على نساء جفاة. ومن أكل لحمه في المنام نال رزقاً من حرام. وقال بعض أهل التعبير يدل على النقلة من أخذه أو دخل إلى منزله لقوله تعالى " فأرسلنا عليهم سيل العرم " . وكان سببه الجرذ فوقعت النقلة من تلك الأرض وأكل لحمه يدل على غيبة رجل فاسق والله أعلم.
الجرجس: لغة في القرقس وهو البعوض الصغار وسيأتي في باب القاف إن شاء الله تعالى. الجوارس: النحل وجرست النحل العرفط تجرس جرساً إذا أكلته والجرس في الأصل الصوت الخفي. والعرفط بالضم شجرة الطلح وله صمغ كريه الرائحة. فإذا أكلته النحلة حصل في عسلها شيء من ريحه.
الجرو: بكسر الجيم وفتحها وضمها ثلاث لغات مشهورات الصغير من أولاد الكلب وسائر السباع وفي المثل لا تقتن من كلب سوء جرواً قال الشاعر:
ولو ولدت فقيرة جرو كلب ... لسب بذلك الجرو الكلاب
وقال ابن سيده: الجرو الصغير من كل شيء حتى من الحنظل والبطيخ والقثاء والرمان. روى مسلم في صحيحه عن ميمونة رضي الله تعالى عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح يوماً واجماً، فقالت ميمونة: يا رسول اللة إني قد استنكرت هيئتك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن جبريل وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني أما والله ما أخلفني قط قالت: فظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومه ذلك على ذلك الحال، ثم وقع في نفسه أن جرو كلب تحت فسطاط لنا فأمر به فأخرج ثم أخذ صلى الله عليه وسلم بيده ماء فنضح مكانه. فلما أمسى لقيه جبريل، فقال له صلى الله عليه وسلم: قد كنت وعدتني أن تلقاني البارحة فقال: أجل ولكنا معشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة. فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ فأمر بقتل الكلاب حتى إنه أمر بقتل كلب الحائط الصغير وبترك كلب الحائط الكبير " . ورواه الطبراني عن خولة خادم النبي صلى الله عليه وسلم بزيادة على ذلك، ولفظها إن جرواً دخل البيت، ودخل تحت السرير ومات. " فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم أياماً لا ينزل عليه الوحي، فقال: " يا خولة ما حدث في بيت رسول الله فإن جبريل لا يأتيني؟ فهل حدث في بيت رسول الله حدث؟! ثم خرج إلى المسجد قالت: فقمت فكنست البيت فأهويت بالمكنسة تحت السرير فإذا شيء تحت المكنسة ثقيل فلم أزل حتى أخرجته، فإذا هو جرو كلب ميت فأخذته بيدي وألقيته خلف الدار فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ترعد لحيته وكان إذا أتاه الوحي أخذته الرعدة فقال: يا خولة دثريني فأنزل الله عز وجل " والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى " قال ابن عبد البر: وليس إسناد حديثها هذا مما يحتج به. والصحيع أن هذه السورة، نزلت في أول ما نزل من القرآن، لما انقطع عنه الوحي فقال المشركون إن محمداً قد ودعه ربه أي هجره فأنزل الله هذه السورة. وروى البيهقي في أواخر الباب السابع والأربعين من الشعب عن معاذ بن جبل قال: كان في بني إسرائيل رجل عقيم لا يولد له، وكان يخرج فإذا رأى غلاماً من غلمان بني اسرائيل عليه حلى يخدعه، حتى يدخله بيته، فيقتله ويلقيه في مطمورة له، فبينما هو كذلك إذ لقى غلامين أخوين عليهما حلى فأدخلهما بيته وقتلهما وطرحهما في مطمورته. وكانت له امرأة مسلمة تنهاه عن ذلك، وتقول له إني أحذرك النقمة من الله عز وجل. فيقول: لو أن الله يأخذني على شيء لأخذني يوم فعلت كذا وكذا فتقول له المرأة: إن صاعك لم يمتلىء ولو امتلأ صاعك لأخذت فلما قتل الغلامين، خرج أبوهما في طلبهما فلم يجد أحداً يخبره عنهما، فأتى نبياً من أنبياء اسرائيل، وذكر ذلك له فقال له ذلك النبي: هل كان معهما لعبة يلعبان بها. فقال أبوهما: نعم كان لهما جرو. قال فائتني به فأتاه به فوضع النبي خاتمه بين عينيه ثم خلى سبيله، ثم قال: أول دار يدخلها من دور بني اسرائيل فيها بيان ذلك. فأقبل الجرو يتخلل الدور حتى دخل دار من دور بني اسرائيل، فدخلوا خلفه فوجدوا الغلامين مقتولين مع غلمان كثيرة قد قتلهم وطرحهم في المطمورة. فانطلقوا به إلى ذلك النبي عليه السلام فأمر به أن يصلب، فلما رفع إلى الخشبة أتته امرأته وقالت: قد كنت أحذرك هذا اليوم، وأخبرك أن الله غير تاركك، وأنت تقول: لو أن الله يأخذني على شيء لأخذني يوم فعلت كذا وكذا. فأخبرك أن صاعك لم يمتلىء بعد. ألا وإن صاعك قد امتلأ. وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الكاف في لفظ الكلب الحديث الذي في مسند الإمام أحمد الطبراني والبزار في الكلبة التي عوى جروها في بطنها. وروى الحاكم في المناقب من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا اقترب الزمان كثر لبس الطيالسة وكثرت التجارة وكثر المال وعظم رب المال بماله وكثرت الفاحشة وكثرت النساء، وكانت امارة الصبيان، وجار السلطان وطفق في المكيال الميزان، ويربي الرجل جرو كلب خير له من أن يربي ولداً. ولا يوقر كبير ولا يرحم صغير، ويكثر الزنا حتى إن الرجل ليغشى المرأة على قارعة إلطريق فيقول أمثلهم في ذلك الزمان: لو اعتزلتم عن الطريق. ويلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب، أمثلهم في ذلك الزمان المداهن "
وكذلك رواه الطبراني في معجمه الأوسط وفيه سيف ابن مسكين وهو ضعيف.
الجريث: بكسر الجيم بالراء المهملة والثاء المثلثة، وهو هذا السمك الذي يشبه الثعبان. وجمعه جراثي. ويقال له أيضاً الجريء بالكسر والتشديد وهو نوع من السمك يشبه الحية ويسمى بالفارسية مارماهي وقد تقدم في باب الهمزة أنه الأنكليس. قال الجاحظ: إنه يأكل الجرذان وهو حية الماء.
وحكمه: الحل قال البغوي عند قوله تعالى: " أحل لكم صيد البحر وطعامه " إن الجريث حلال بالاتفاق، وهو قول أبي بكر وعمر وابن عباس وزيد بن ثابت وأبى هريرة رضي الله تعالى عنهم وبه قال شريح والحسن وعطاء، وهو مذهب مالك وظاهر مذهب الشافعي. والمراد هذه الثعابين التي لا تعيش إلا في الماء. وأما الحيات التي تعيش في البر والبحر، فتلك من ذوات السموم، وأكلها حرام. وسئل ابن عباس عن الجري فقال: هو شيء حرمته اليهود ونحن لا نحرمه.
الخواص: مرارته يسعط بها الفرس المجنون يذهب جنونه. ولحمه يجود الصوت. وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الصاد المهملة في لفظ الصيد ما.ذكره البخاري في صحيحه في الجري.
الجزور: من الإبل يقع على الذكر والأنثى، وهو مؤنث، والجمع جزر. وكذا قاله الجوهري، وقال ابن سيده: الجزور الناقة التي تجزر والجمع جزائر وجزر وجزرات جمع الجمع كطرق وطرقات. قالت خرنق بنت هفان:
لا يبعدن قومي الذين هم ... سم العداة وآفة الجزر
النازلون بكل معترك ... والطيبين معاقد الأزر
وبها سمت المجزرة وهي الموضع الذي يذبح فيه. وفي كتاب العين الجزور من الضأن والمعز خاصة مأخوذ من الجزر، وهو القطع. وفي صحيح مسلم، من حديث عبد الرحمن بن شماسة أن عمرو بن العاص قال عند موته: إذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنائم، أقيموا حول قبري قدر ما تنحر الجزور ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي.
قلت: وإنما ضرب المثل بنحر الجزور وتقسيم لحمها، لأنه كان في أول أمره جزاراً بمكة، فألف نحر الجزائر، وضرب به المثل، وكونه كان جزاراً جزم به ابن قتيبة في المعارف، ونقله ابن دريد في كتاب الوشاح وكذلك ابن الجوزي في التلقيح، وأضاف إليه الزبير بن العوام بن كرير فقال: هؤلاء كانوا جزارين وذكر التوحيدي في كتاب " بصائر القدماء وسرائر الحكماء " صناعة كل من علمت صناعته من قريش فقال: كان أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه بزازا، وكذلك عثمان وطلحة وعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهم، وكان عمر رضي الله تعالى عنه دلالاً يسعى بين البائع والمشتري، وكان سعد بن أبي وقاص يبري النبل. وكان الوليد بن المغيرة حداداً، وكذلك أبو العاص أخو أبي جهل وكان عقبة بن أبي معيط خماراً، وكان أبو سفيان بن حزب يبيع الزيت والأدم، وكان عبد الله بن جدعان نخاساً يبيع الجواري، وكان النضر بن الحارث عواداً يضرب بالعود، وكان الحكم بن أبي العاص خصاء يخصي الغنم. وكذلك حريث بن عمرو والضحاك بن قيس الفهري وابن سيرين. وكان العاص بن وائل السهمي بيطاراً يعالج الخيل، وكان ابنه عمرو بن العاص جزاراً. وكذلك أبو حنيفة صاحب الرأي والقياس وكان الزبير بن العوام خياطاً، وكذلك عثمان بن طلحة الذي دفع له النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة، وقيس بن مخرمة وكان مالك بن دينار وراقاً، وكان المهلب بن أبي صفرة بستانياً، وكان قتيبة بن مسلم الذي فتح بلاد العجم إلى ما وراء النهر جمالاً، وكان سفيان بن عيينة معلماً، وكذلك الضحاك بن مزاحم، وعطاء بن أبي رباح، والكميت الشاعر، والحجاج اين يوسف الثقفي، وعبد الحميد بن يحيى صاحب الرسائل، وأبو عبيد الله القاسم بن سلام والكسائي هذه صناعة الأشراف.
قال وأما أديان العرب فإن النصرانية كانت في ربيعة وغسان وبعض قضاعة واليهودية كانت
في حمير وكنانة وكندة وبني الحارث بى كعب والمجوسية في تميم ومنهم الحاجب بن زرارة الذي رهن قوسه عند كسرى، ووفى به حتى ضرب المثل به فقالوا: " أوفى من قوس حاجب " وفكت أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وأهديت إليه والزندقة كانت في قريش انتهى. وما ذكره من كون الزبير بن العوام كان خياطاً، فيه نظر، والصواب أنه كان جزاراً. ذكره ابن الجوزي وغيره كما تقدم. ولأن عمرو بن العاص يومئذ كان كبير مصر وعظيم أهلها، فأشبه الجزور بالنسبة إلى غيرها، من بهيمة الأنعام ونحرها موته، وتفرقة لحمها قسمة أمواله بعد موته، وكان من جملة تركته تسعة أرادب ذهباً. وأما الوضوء من أكل لحم الجزور فقد تقدم في باب الهمزة في لفظ الإبل ذكر من ذهب إليه من الأئمة وأنه المختار المنصور من جهة الدليل ففي صحيح مسلم وغيره عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أنتوضأ لن لحوم الغنم فقال: " إن شئت توضأ وإن شئت فلا تتوضأ " فقال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: " نعم توضأ من لحوم الإبل " . وروى أحمد وأبو داود وغيرهما عن البراء بن عازب قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل فقال: " توضؤا منها " . وسئل عن لحوم الغنم فقال: " لا تتوضؤا منها " . قال النووي رحمه الله هذان حديثان صحيحان ليس عنهما جواب شاف وقد اختاره جماعة من محققي أصحابنا المحدثين.
وروى البخاري ومسلم وأبو داود النسائي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم ساجد إذ جاءه عقبة بن أبي معيط بسلى جزور فقذفه على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرجع رأسه حتى جاءت فاطمة رضي الله تعالى عنها فأخذته من على ظهره، ودعت على من صنع ذلك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم عليك بالملأ من قريش اللهم عليك بأبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وعقبة بن أبي معيط وأمية بن خلف أو أبي بن خلف " . قال: فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدر فألقوا في بئر، غير أمية أو أبي فإنه كان ضخماً فلما جروه تقطعت أوصاله قبل أن يلقى في البئر.
الجساسة: بفتح الجيم وتشديد السين المهملة الأولى. قال ابن سيده: هي دابة في جزائر البحر تجس الأخبار وتأتي بها الدجال. وكذا قال أبو داود السجستاني: سميت بذلك لتجسسها الأخبار للدجال. وجاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنها دابة الأرض المذكورة في القرآن وهي بجزيرة ببحر القلزم. وروى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن فاطمة بنت قيس، قالت: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام خطيباً فقال: " إني لم أجمعكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن لحديث حدثنيه تميم الداري، حدثني أنه ركب سفينة بحرية في ثلاثين رجلاً من لخم وجذام فألجأهم ريح عاصف إلى جزيرة، فإذا هم بداية فقالوا لها: ما أنت. قالت: أنا الجساسة. قالوا: أخبرينا الخبر. قالت: إن أردتم الخبر فعليكم بهذا الدير، فإن فيه رجلاً بالأشواق إليكم " . قال: فأتيناه فذكر الحديث. وتميم الداري هذا هو تميم بن أوس بن خارجة بن سويد أبو رقبة أسلم سنة تسع من الهجرة وروي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر حديثاً. روى مسلم منها حديث " الدين النصيحة " ومن مناقبه العظيمة التي لا يشاركه فيها غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه قصة الجساسة. وروى عنه جماعة من أصحابه كابن عباس وأنس وأبي هريرة وجماعة من التابعين. وكان بالمدينة ثم انتقل إلى بيت المقدس، بعد قتل عثمان. وكان كثير التهجد وهو أول من قص على الناس، وأول من أسرج المسجد. قال الحافظ أبو نعيم. وكذلك رواه أبو داود الطيالسي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه. قال: أول من أسرج المسجد تميم الداري وتوفي سنة أربعين؟أما تميم الداري المذكور في صحيح البخاري في قصة الجام فذاك نصراني من أهل دارين قاله مقاتل بن حيان وغيره، جعار: الضبع وفي المثل " أعيث من جعار " . أي أفسد والعيث الفساد قال الشاعر:
فقلت لها عيثي جعار وجرري ... بلحم امرىء لم يشهد النوم ناظره
الجعدة: الشاة وستأتي في كنى الذئب إن شاء الله تعالى في باب الذال المعجمة.
الجعل: كصرد ورطب جمعه جعلان بكسر الجيم والعين ساكنة. والناس يسمونه أبا جعران لأنه يجمع الجعر اليابس ويدخره في بيته. و هو دويبة معروفة يسمى الزعقوق، تعض البهائم في فروجها فتهرب، وهو أكبر من الخنفساء شديد السواد، في بطنه لون حمرة، للذكر قرنان، يوجد كثيراً في مراح البقر والجواميس ومواضع الروث، ويتولد غالباً من أخثاء البقر، ومن شأنه جمع النجاسة وادخارها كما تقدم. ومن عجيب أمره، أنه يموت من ريح الورد وريح الطيب، فإذا أعيد إلى الروث عاش، قال أبو الطيب يصفه في شعره: كما تضر رياح الورد بالجعل.
وله جناحان لا يكادان يريان إلا إذا طار وله ستة أرجل وسنام مرتفع جداً، وهو يمشي القهقرى أي يمشي إلى خلف وهو مع هذه المشية يهتدي إلى بيته، ويسمى الكبرتل وإذا أراد الطيران تنفش فيظهر جناحاه فيطير. ومن عادته أن يحرس النيام فمن قام لقضاء حاجته تبعه، وذلك من شهوته للغائط لأنه قوته. روى الطبراني وابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات، والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، أنه قال: إن ذنوب بني آدم لتقتل الجعل في حجره. وروى الحاكم عن أبي الأحوص عن ابن مسعود أنه قرأ " ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى " ثم قال: كاد الجعل يعذب في جحره بذنب بني آدم. ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال مجاهد في قوله تعالى: " ويلعنهم اللاعنون " إنهم دواب الأرض: الخنافس والجعلان، يمنعون القطر بخطاياهم. وروى أبو داود والترمذي وحسنه وهو آخر حديث في جامعه، قبل العلل، وابن حيان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ان الله قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وفخرها بالآباء إما مؤمن تقي أو فاجر شقي، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب، ليسد عن رجال فخرهم بأقوام ما هم إلا فحم من فحم جهنم، أو ليكونن على الله أهون من الجعل الذي يدفع بأنفه النتن " وفي رواية: أهون على الله من الجعل يدفع الخراء بأنفه " وفي مسند أبي داود الطيالسي، وشعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تفخروا بآبائكم الذين ماتوا في الجاهلية فوالذي نفسي بيده لما يدحرج الجعل بأنفه خير من آبائكم الذين ماتوا في الجاهلية " . وروى البزار في مسنده عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلكم بنو آدم وآدم من تراب، لينتهين قوم يفخرون بآبائهم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان " . وكان عامر بن مسعود الجمحي الصحابي رضي الله تعالى عنه يلقب دحروجة الجعل لقصره وهو راوي حديث الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة وروى الرياشي عن الأصمعي قال: مر بنا أعرابي ينشد ابنا له فقلنا له: صفه لنا فقال: كأنه دنينير. فقلنا له لم نره فذهب فلم نلبث أن جاء بصغير أسود كأنه جعل قد حمله على عنقه، فقلت له: لو سألتنا عن هذا لأرشدناك. فإنه لم يزل عامة يومه بين أيدينا ثم أنشد الأصمعي:
زينها الله في الفؤاد كما ... زين في عين والد ولده
الحكم: يحرم أكله لاستقذاره.
الأمثال: قالوا : " ألصق من جعل " لأنه يتبع الإنسان إلى الغائط كما تقدم. قال الشاعر:
إذا أتيت سليمى شب لي جعل ... إن الشقي الذي يغري به الجعل
وهو يضرب للرجل يلصق به من يكرهه فلا يزال يهرب منه.
الخواص: إذا أخذ الجعل غير مطبوخ، ولا مملوح وجفف وشرب، من غير إضافة إلى غيره، نفع من لسع العقرب نفعاً عظيماً.
التعبير: الجعل في المنام عدو بغيض ثقيل، وربما دل على رجل مسافر، ينقل الأموال من بلد إلى بلد، وماله حرام أو فيه شبهة. والله أعلم.
الجعول: ولد النعامة لغة يمانية. قاله ابن سيده وسيأتي لفظ النعامة في باب النون.
الجفرة: بفتح الجيم ما بلغت أربعة أشهر من أولاد المعز وفصلت عن أمها والذكر جفر سمي بذلك لأنه جفر جنباه أي عظما. والجمع أجفار وجفار.
فائدة: قال ابن قتيبة، في كتابه أدب الكاتب، وكتاب الجفر جلد جفر كتب فيه الإمام جعفر بن محمد الصادق لآل البيت كل ما يحتاجون إلى علمه وكل ما يكون إلى يوم القيامة وإلى هذا الجفر أشار أبو العلاء المعري بقوله:
لقد عجبوا لأهل البيت لما ... أتاهم علمهم في مسك جفر
ومرآة المنجم وهي صغرى ... أرته كل عامرة وقفر
والمسك الجلد وقيل: إن ابن تومرت المعروف بالمهدي ظفر بكتاب الجفر فرأى فيه ما يكون على يد عبد المؤمن صاحب المغرب، وقصته وحليته واسمه. فأقام ابن تومرت مدة يتطلبه حتى وجده وصحبه، وكان يكرمه ويقدمه على سائر أصحابه وينشد إذا أبصره:
تكاملت فيك أوصاف خصصت بها ... فكلنا بك مسرور ومغتبط
السن ضاحكة والكف مانحة ... والنفس واسعة والوجه منبسط
ولم يصح أن ابن تومرت استخلف عبد المؤمن عند موته، وإنما راعى أصحابه إشارته في تقديمه وإكرامه فتم له الأمر. وعبد المؤمن هو الذي حمل الناس في المغرب حين تم له الأمر على مذهب مالك رحمه الله في الفروع وعلى مذهب أبي الحسن الأشعري رحمه الله في الأصول. وكان عبد المؤمن ملكاً حازماً عاقلاً سفاكاً للدماء يقتل على الذنب الصغير. توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ومدة ولايته ثلاث وثلاثون سنة وأشهر.
وحكمها: الحل يفدى بها اليربوع إذا قتله المحرم.
وخواصها: وتعبيرها كالمعز والله أعلم.
جلكى: كمرطى نوع متولد بين الحية والسمك إذا ذبح لا يخرج منه دم وعظمه رخو يؤكل مع لحمه يسمن النساء إذا كل وهو نعم العلاج لذلك والله أعلم.
الجلالة: من الحيوان الذي يأكل الجلة والعذرة. والجلة البعر يوضع موضع العذرة يقال: جلت الدابة الجلة واجتلتها فهي جالة وجلالة إذا التقطتها. روى أبو داود وغيره من حديث نافع عن ابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوب الجلالة . وروى الحاكم، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحم الجلالة، وشرب لبنها وأن لا يحمل عليها ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة وروى البيهقي وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب من في السقاء عن ركوب الجلالة وعن المجثمة وهي كل حيوان ينصب ويرمى ليقتل إلا أنها تكثر في الطيور والأرانب وأشباه ذلك مما يجثم بالأرض أي يلزمها ويلتصق بها وجثم الطائر جثوماً وهو بمنزلة البروك للإبل وسيأتي الكلام على الجلالة في فرع في الكلام على السخلة.
الجلم: اليؤيؤ وهو نوع من الصقور وسيأتي ذكره فيها إن شاء الله تعالى وفي باب الياء أيضاً.
الجمل: الذكر من الإبل قال الفراء هو زوج الناقة. وكذا قال ابن مسعود لما سئل عن الجمل كأنه استجهل من سأله عما يعرفه الناس جميعاً وجمع الجمل جمال وأجمال وجمائل وجمالات. قال الله تعالى: " كأنهم جمالات صقر " ، قال أكثر المفسرين: هي جمع جمال على تصحيح البناء، كرجال ورجالات وقال ابن عباس وابن جبير لجمالات قلوس السفن وهي حبالها العظام إذا جمعت مستديرة بعضها إلى بعض جاء منها أجرام عظام وقال ابن عباس أيضاً: الجمالات قطع النحاس العظام وإنما يسمى البعير جملاً إذا أربع.
فائدة: كان اسم الجمل الذي ركبته عائشة رضي الله تعالى عنها يوم وقعته عسكر اشتراه لها يعلى بن أمية بأربعمائة درهم، وقيل بمائتي درهم، وهو الصحيح. قال ابن الأثير: مر مالك بن الحارث المعروف بالأشتر النخعي، وكان من الأبطال المشهورة، وكان من أصحاب علي يوم الجمل، بعبد الله بن الزبير، وكان مع عائشة رضي الله تعالى عنها وكان من الأبطال فتماسكا فصار كل واحد منهما إذا قوي على صاحبه، جعله تحته وركب على صدره فعلا ذلك مراراً، وابن الزبير يصيح بأعلى صوته:
اقتلوني ومالكاً ... واقتلوا مالكاً معي
يريد بذلك الاشتر النخعي قال ابن الزبير: أمسيت يوم الجمل وفي سبع وثلاثون جراحة ما بين طعنة رمح وضربة سيف ورمية سهم قال: ولا ينهزم من الفريقين أحد وما أخذ أحد بخطام الجمل إلا قتل فأخذت الخطام فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: من أنت؟ قلت: ابن الزبير. فقالت: واثكل أسماء ومر بي الأشتر فعرفته فاقتتلنا فوالله ما ضربته ضربة إلا ضربني بها ستاً أو سبعاً فجعلت أنادي:
اقتلوني ومالكاً ... واقتلوا مالكاً معي
وضاع الخطام مني ثم أخذ مالك برجلي فرماني في الخندق، وقال: لولا قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اجتمع منك عضو إلى عضو أبداً. وفي رواية فجاء أناس منا ومنهم، وتقاتلوا حتى تحاجزنا، وضاع مني الخطام وسمعت علياً رضي الله عنه يقول: اعقروا الجمل، فإنه إن عقر تفرقوا فضربه رجل فسقط. فما سمعت قط أشد من عجيج الجمل، ثم أمر علي بحمل الهودج من بين القتلى، فاحتمله محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر، فأدخل محمد بن أبي بكر يده في الهودج فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: من هذا الذي يتعرض لحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرقه الله بالنار فقال: يا أختاه قولي بنار الدنيا فقالت: بنار الدنيا. وقتل طلحة رضي الله تعالى عنه في الوقعة، وكان من حزب عائشة. ورجع الزبير فقتله عمرو بن جرموز بوادي السباع وهو نائم، وعاد بسيفه إلى علي، فلما رآه قال: إنه لسيف طالما جلا الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأحيط بعائشة ودخل علي البصرة فبايعه أهلها، وأطلق عثمان بن حنيف وجهز عائشة وأخرج أخاها محمداً معها وشيعها علي بنفسه أميالاً وسرح بنيه معها يوماً وقيل: إن عدة المقتولين من أصحاب الجمل ثمانية آلاف وقيل سبعة عشر ألفاً. ومن أصحاب علي نحو ألف وقطع علي خطام الجمل يومئذ نحو ثمان كفاً معظمهم من بني ضبة كلما قطعت يد رجل أخذ الخطام آخر وفي ذلك يقول الضبي :
نحن بني ضبة أصحاب الجمل ... ننازل الموت إذا الموت نزل
والموت أحلى عندنا من العسل
وكانوا قد ألبسوه الأدراع إلى أن عقر. ونصب نبي، عند النحويين على المدح والتخصيص. وكانت وقعة الجمل يوم الخميس العاشر من جمادى الأولى أو الآخرة وقيل في خامس عشرة ست ست وثلاثين من ارتفاع الشمس إلى قريب العصر. ويروى أن عائشة أعطت الذي بشرها بسلامة ابن الزبير لما لاقى الأشتر عشرة آلاف درهم.
وذكر: ابن خلكان وغيره أن الأشتر دخل على عائشة رضي الله تعالى عنها، بعد وقعة الجمل، فقالت له: يا أشتر أنت الذي أردت قتل ابن أختي يوم الجمل. فأنشدها:
أعائش لولا أنني كنت طاوياً ... ثلاثاً لألفيت ابن أختك هالكا
غداة ينادي والرماح تنوشه ... بآخر صوت اقتلوني ومالكا
فنجاه مني أكله وشبابه ... وخلوة جوف لم يكن متماسكا
ونقل أنه كان في رأس ابن الزبير رضي الله عنه ضربة عظيمة من الأشتر لو صب فيها قارورة دهن لاستقر. وروى الحاكم من حديث قيس بن أبي حازم وابن أبي شيبة، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسائه: " أيتكن صاحبة الجمل الأديب تسير، أو تخرج حتى ينبحها كلاب الحوأب " والحرأب نهر بقرب البصرة والأديب الأزب وهو الكثير شعر الوجه. قال ابن دحية والعجب من ابن العربي كيف أنكر هذا الحديث في كتاب الغوامض والعواصم له! وذكر أنه لا يوجد له أصل وهو أشهر من فلق الصبح. وروي أن عائشة لما خرجت، مرت بماء يقال له الحوأب فنبحتها الكلاب، فقالت: ردوني ردوني فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كيف بإحداكن إذا نبحتها كلاب الحوأب " وهذا الحديث مما أنكر على قيس بن أبي حازم. وأما قول الشاعر:
شكا إلى جملي طول السرى ... يا جملي ليس إلى المشتكى
صبراً جميلاً فكلانا مبتلى
فمعلوم أن الجمل لا ينطق، وإنما أراد التجوز ومقابلة الكلام بمثله كقوله تعالى: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " ، وكقول عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وكقول الآخر:
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ... ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن رام تقويمي فإني مقوم ... ومن رام تعويجي فإني معوج
يريد: أكافىء الجاهل والمعوج لا أنه امتدح بالجهل والاعوجاج. وأما قوله تعالى: " حتى يلج الجمل في سم الخياط " فأراد به الحيوان المعروف لأنه أعظم الحيوانات المتداولة للإنسان جثة فلا يلج إلا في باب واسع كأنه قال لا يدخلون الجنة أبداً قال الشاعر:
لقد عظم البعير بغير لب ... فلم يستغن بالعظم البعير
وقرأ ابن عباس ومجاهد الجمل بضم الجيم وتشديد الميم وفسر بحبل السفينة الغليظ. وسم الخياط هو بخش الإبرة أي ثقبها وقد ألغز فيها الشاعر فقال:
سعت ذات سم في قميصي فغادرت ... به أثراً والله يشفي من السم
كست قيصراً ثوب الجمال وتبعا ... وكسرى وعادت وهي عارية الجسم
وكنية الجمل أبو أيوب وأبو صفوان. وفي حديث أم زرع زوجي لحم جمل غث على رأس جبل وعر. وفي سنن أبي داود عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملاً كان لأبي جهل بن هشام في أنفه برة من فضة يغيظ بذلك المشركين قال الخطابي وفيه من الفقه أن الذكران في الهدي جائزة. وقد روي عن ابن عمر أنه كان يكره ذلك في الإبل ويرى أن تهدى الإناث منها. وفيه دليل أيضاً على جواز استعمال اليسير من الفضة في لجم المراكب من الخيل وغيرها وقوله: يغيط بذلك المشركين، معناه أن هذا الجمل كان معروفاً لأبي جهل، فحازه النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يغيظهم أن يروه في يده صلى الله عليه وسلم وصاحبه قتيل سليب. وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقلنا: يا رسول الله هذه موعظة مودع فما تعهد إلينا؟ فقال صلى الله عليه وسلم قد تركتكم على بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضواً عليها بالنواجذ، واياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالطاعة وإن كان عبداً حبشياً فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد . والأنف الجمل المخزوم الأنف الذي لا يمتنع على قائده. وقيل: الأنف الذلول ويروى كالجمل الآنف بالمد وهو بمعناه: وفيه قيد انقاد وإن أنيخ على صخرة استناخ والنواجذ بالذال المعجمة الأشهر أنها أقصى الأسنان أي تمسكوا بها كما يتمسك العاض بجميع أضراسه. وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه. والمراد ههنا الضواحك وهي التي تبدو عند الضحك لأنه صلى الله عليه وسلم كان ضحكه تبسماً وروى الإمام أحمد أبو داود النسائي عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك الجمل، وليضع يديه ثم ركبتيه. قال الخطابي: حديث وائل بن حجر أثبت من هذا وهو ما رواه الأربعة عنه أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه، قبل ركبتيه. وروى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن جابر بن عبد الله رضي عنه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم على جمل فأعيا، فنخسه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له وقال: اركب فركب فكا أمام القوم قال فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: كيف ترى بعيرك؟ فقلت: قد أصابته بركتك قال: أفتبيعنيه فاستحييت ولم يكن لي ناضح غيره، فقلت: نعم. فما زال صلى الله عليه وسلم يزيدني ويقول: والله يغفر لك حتى بعته بأوقية من ذهب، على أن لي ركوبه حتى أبلغ المدينة. فلما بلغتها، قال صلى الله عليه وسلم لبلال: اعطه الثمن وزده. ثم رد صلى الله عليه وسلم علي الجمل. وفي كتاب ابن حيان من حديث حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر رضي الله تعالى عنه، قال: استغفر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البعير، خمساً وعشرين مرة وبهذا استدل على جواز بيع وشرط. والخلاف فيه مقرر في كتب الفقه، قال السهيلي: والحكمة في شرائه الجمل، ورده عليه وإعطائه الثمن بزيادة، أنه عليه الصلاة والسلام كان أخبره بأن الله تعالى أحيا أباه ورد عليه روحه. فاشترى الجمل منه. وهو مطيته كما اشترى الله أنفس الشهداء، بثمن الجنة. ونفس الإنسان مطيته ثم زادهم فقال " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ثم رد عليهم أنفسهم التي اشترى منهم فقال " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء " الآية. فأشار صلى الله عليه وسلم بالشراء ورد الثمن والزيادة ثم رد الجمل إليه إلى تأكيد الخبر الذي أخبر به عن الله عز وجل فتشاكل الفعل والخبر. وفي مسند الإمام أحمد والحاكم، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم " دخل حائطا لبعض الأنصار فإذا فيه جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه، فمسح النبي صلى الله عليه وسلم سنامه، وفي رواية فمسح ذفرييه، فسكن. ثم قال صلى الله عليه وسلم: من رب هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم: ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله
إياها، فإنه شكا لي أنك تجيعه وتدئبه وروى الطبراني عن جابر رضي الله عنه، قال: " خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع، حتى إذا كنا بحرة واقم، إذ أقبل جمل يرقل حتى دنا من النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يرغو على هامته، قال رسول صلى الله عليه وسلم: إن هذا الجمل يستعديني على صاحبه، يزعم أنه كان يحرث عليه منذ سنين، حتى إذا أعجزه وأعجفه وكبر سنه، أراد نحره، إذهب يا جابر إلى صاحبه فائت به. قلت: ما أعرفه. فقال: إنه سيدلك عليه، قال فخرج الجمل بين يدي معنقاً حتى وقف بي في مجلس بني خطمة. فقلت أين رب هذا الجمل؟ فقالوا: هذا لفلان بن فلان، فجئته ففلت له: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج معي حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن جملك يزعم أنك حرثت عليه زماناً حتى إذا أعجزته وأعجفته وكبر سنه أردت أن تنحره، فقال: والذي بعثك بالحق إن ذلك لكذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: ما هكذا جزاء المملوك الصالح. ثم قال صلى الله عليه وسلم: تبيعه؟ قال: نعم فابتاعه منه ثم أرسله صلى الله عليه وسلم في الشجر حتى نصب سنامه. فكان إذا اعتل على بعض المهاجرين والأنصار من نواضحهم شيء أعطاه إياه، فمكث كذلك زماناً.إياها، فإنه شكا لي أنك تجيعه وتدئبه وروى الطبراني عن جابر رضي الله عنه، قال: " خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع، حتى إذا كنا بحرة واقم، إذ أقبل جمل يرقل حتى دنا من النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يرغو على هامته، قال رسول صلى الله عليه وسلم: إن هذا الجمل يستعديني على صاحبه، يزعم أنه كان يحرث عليه منذ سنين، حتى إذا أعجزه وأعجفه وكبر سنه، أراد نحره، إذهب يا جابر إلى صاحبه فائت به. قلت: ما أعرفه. فقال: إنه سيدلك عليه، قال فخرج الجمل بين يدي معنقاً حتى وقف بي في مجلس بني خطمة. فقلت أين رب هذا الجمل؟ فقالوا: هذا لفلان بن فلان، فجئته ففلت له: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج معي حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن جملك يزعم أنك حرثت عليه زماناً حتى إذا أعجزته وأعجفته وكبر سنه أردت أن تنحره، فقال: والذي بعثك بالحق إن ذلك لكذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: ما هكذا جزاء المملوك الصالح. ثم قال صلى الله عليه وسلم: تبيعه؟ قال: نعم فابتاعه منه ثم أرسله صلى الله عليه وسلم في الشجر حتى نصب سنامه. فكان إذا اعتل على بعض المهاجرين والأنصار من نواضحهم شيء أعطاه إياه، فمكث كذلك زماناً.
وحكى: القشيري في رسالته وابن الجوزي في مثير الغرام الساكن عن أحمد بن عطاء الروذباري، أنه قال: كنت راكباً جملاً فغاصت رجلا الجمل في الرمل فقلت: جل الله، فقال الجمل: جل الله.
وحكى: القشيري عنه أيضاً في باب كرامات الأولياء، قال: كلمني رجل في طريق مكة، فقال: إني رأيت جمالاً والمحامل عليها وقد مدت أعناقها في الليل، فقلت سبحان الله سبحان من يحمل عنها ما هي فيه، فالتفت إلي جمل، وقال: قل جل الله. فقلت: جل الله.
غريبة: رأيت بخط بعض العلماء المتقدمين المبرزين، أنه كان بخراسان رجل عائن، فجلس يوماً إلى جماعة فمر بهم قطار جمال فقال العائن: من أي جمل تريدون أن أطعمكم من لحمه؟ فأشاروا إلى جمل من أحسنها، فنظر إليه العائن فوقع الجمل لساعته. وكان صاحب الجمل حكيماً، فقال: من ربط جملي فليحله، وليقل: بسم الله عظيم الشان شديد البرهان ما شاء الله، كان حبس حابس من حجر يابس وشهاب قابس، اللهم إني رددت عين العائن عليه، وفي أحب الناس إليه وفي كبده وكليتيه لحم رقيق، وعظم دقيق فيما له يليق " فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير " . فوقف الجمل لساعته كأن لم يكن به بأس وندرت عين العائن.
فائدة: العائن إذا اعترف أنه قتل غيره بالعين فلا قود عليه، ولا دية ولا كفارة، وإن كانت العين حقاً، لأنه لا يفضي إلى القتل غالباً، ويندب للعائن أن يدعو له بالبركة فيقول اللهم بارك فيه ولا تضره وأن يقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
وذكره القاضي حسين أن نبياً من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام استكثر قومه ذات يوم فأمات
الله تعالى منهم مائة ألف في ليلة واحدة، فلما أصبح شكا إلى الله من ذلك، فقال الله تعالى له: إنك لما استكثرتهم عنتهم فهلا حصنتهم فقال: يا رب فكيف أحصنهم. قال: تقول حصنتكم بالحي القيوم الذي لا يموت أبداً، ودفعت عنكم السوء بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال القاضي: وهكذا السنة في الرجل إذا رأى نفسه سليمة وأحواله معتدلة، يقول في نفسه ذلك. وكان القاضي يحصن تلامذته بذلك إذا استكثرهم. وذكر الإمام فخر الدين الرازي في بعض كتبه أن العين لا تؤثر ممن له نفس شريفة لأنها استعظام للشيء وما ذكره القاضي حسين يرد ذلك.
وحكى القشيري في رسالته عن محمد بن سعيد البصري أنه قال: بينما أنا أمشي في بعض طرق البصرة إذ رأيت أعرابياً يسوق جملاً، ثم التفت فإذا الجمل قد وقع ميتاً، ووقع الرجل والقتب، فمشيت قليلاً ثم التفت، فإذا الأعرابي يقول يا مسبب كل سبب يا مؤمل كل من طلب رد على ما ذهب، يحمل الرجل والقتب، فقام الجمل وعليه الرجل والقتب. واحياء الموتى كرامة فهو وإن كان عظيما إلا أنه جائز على القول الصحيح المختار، عند المحققين المعتمدين من أئمة الأصول، إذ ما جاز أن يكون معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي، بشرط أن لا يدعي التحدي كالنبوة. وإحياء الموتى كرامة للأولياء كثير لا ينحصر وسيأتي إن شاء الله تعالى ذكر طرف من ذلك في أماكنه من هذا الكتاب.
فائدة: قال شيخنا اليافعي رحمه الله: لا يلزم أن يكون من له كرامة من الأولياء أفضل ممن ليس له كرامة منهم، بل قد يكون بعض من ليس له كرامة منهم أفضل من بعض، من له كرامة، لأن الكرامة قد تكون لتقوية يقين صاحبها، وكمال المعرفة بالله. ولهذا قال قطب العلوم وتاج العارفين وقرة أعين الصديقين أبو القاسم الجنيد قدس الله سره: قد مشى رجال باليقين على الماء، ومات بالعطش رجال أفضل منهم. وقال أيضاً: اليقين ارتفاع الريب في مشهد الغيب وقال أيضاً: اليقين هو استقرار العلم الذي لا ينقلب ولا يحول ولا يتغير وقال: يعني اليافعي، قلت: ولأن الكرامة قد تقع لكثير من المحبين والزهاد، ولا تقع لكثير من العارفين، والمعرفة أفضل من المحبة عند الأكثرين، وأفضل من الزهد عند الكل. اه قلت: وهذا هو المختار عند المحققين والله أعلم.
وفي كتاب خبر البشر بخير البشر، للإمام العلامة محمد بن ظفر أنه كان على باب من أبواب الاسكندرية، صورة جمل من نحاس، عليه راكب من نحاس، في هيئة العرب متزر مرتد، وعليه عمامة وفي رجليه نعلان، كل ذلك من نحاس. وكانوا إذا تظالموا يقول المظلوم للظالم: أعطني حقي قبل أن يخرج هذا فيأخذ بحقي منك شئت أو أبيت! ولم يزل الصنم على ذلك حتى افتتح عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه أرض مصر، فغيبوا الصنم وفي ذلك إشارة إلى البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وحكمه وخواصه: تقدما في الإبل.
الأمثال: قالوا: " الجمل من جوفه يجتر " يضرب لمن يأكل من كسبه، أو ينتفع بشيء يعود عليه منه ضرر. وقالوا: أخلف من بول الجمل. وهو من الخلف لا من الخلاف، لأنه يبول إلى خلف. وقالوا: " وقع القوم في سلى جمل " . يضرب لمن بلغ في الشدة منتهى غاياتها. كما قالوا: " بلغ السكين العظم " " وذلك أن الجمل لا يكون له سلى فأرادوا أنهم وقعوا في أمر صعب. والسلى الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي إن نزعت عن وجه الفصيل ساعة ما يولد إلا قتلته. وهذا كقولهم: " أعز من الأبلق العقوق " وقالوا: " الثمر في البئر وعلى ظهر الجمل " . وأصله أن منادياً، كان في الجاهلية، يقف على أطم من آطام المدينة حين يدرك الثمر، ينادي بذلك. أي من سقى ماء البئر على ظهر الجمل بالسانية وجد عاقبة سقيه في ثمره. وهذا قريب من قولهم: " عند الصباح يحمد القوم السرى " . وقريب من قول الشاعر:
إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصدا ... ندمت على التفريط في زمن الزرع
وقولي الآخر:
تسألني أم الوليد جملا ... يمشي رويداً ويكون أولا
يضرب في طلب ما لا يكون، هذا إذا ذكر البيت كله. وأما قولهم: " يمشي رويداً ويكون أولا " فيضرب للرجل يدرك حاجته في تؤدة ودعة. وأما قولهم: " لا ناقتي فيها ولا جملي " ، فسيأتي إن شاء الله تعالى في باب النون في الكلام على الناقة.
التعبير: الجمل في المنام حج لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " والجمل الأعرابي يدل على الحج " لقوله تعالى: " وتحمل أثقالكم إلى بلد " الآية. والجمل البختي رجل أعجمي. ومن رأى جملاً يصول عليه فإنه يخاصم سفيهاً. ومن قاد جملاً بخاطمه، فإنه يهدي رجلاً ضالاً ومن أكل رأس جمل، اغتاب رجلاً رئيساً. ومن رأى جمالاً عرباً، ولي على قوم من الأعراب. ومن رأى جملين يقتتلان، فإنهما ملكان. ومن رأى أنه يجر جملاً فإنه يقهر عدواً. وقال ارطاميدوس: رؤية الجمل تدل على مجاديف السفينة وعلى سرعة سيرها والجمال تدل على أقوام جهال، لا معرفة لهم ولا رأي. والغالب عليهم الذلة ومن رأى أنه سقط من ظهر جمل خشي عليه الفقر. ومن رأى أنه رمحه جمل مرض. والقطار من الجمال إذا كان يتلو بعضها بعضاً أمطار لأن المطر يتلو بعضه بعضاً، وهي تحمل الأثقال كما تحمل السحب الأمطار. وإذا ذبحت الجمال ولم يكن في ذلك المكان رجل فتاك فإنها دعوة لكرام. ومن رأى كأنه صار جملاً فإنه يحمل أثقالاً من تبعات الناس. والبخت سفر بعيد لراكبها بلا عناء. وربما دل الجمل على المسكن، وعلى السفينة، لأنه من سفن البر. وربما دل على الموت، لأنه يظعن بالأحباب إلى الأمكنة البعيدة. وربما دل على الزوجة ويدل الجمل على الحقد وأخذ الثأر ولو بعد حين. وربما دل على الرجل الصبور. وربما دل على البطء في الأحوال لمن يريد الاستعجال. وربما دل الجمل على الجمال، لأنه مشتق من لفظها. وللآية وتدل رؤيا الجمال على الجان، لأنها خلقت من أعين الجان. وتدل الجمال على الأرزاق والفوائد لامتهانها وملكها قال ابن المقري: ورؤية الجمال البخت تدل على الأجلاء من الناس وأرباب الأسفار كالتجار في البر والبحر. وربما دلت على الأعجام والغرباء. وربما تدل رؤيتها على الهموم والأنكاد والسبي وسلب المال. والله سبحانه وتعالى أعلم.
جمل البحر: سمكة طولها ثلاثون ذراعاً كذا قاله ابن سيده. وللعجاج فيه رجز حسن قاله الجاحظ في كتاب البيان والتبين. وفي حديث أبي عبيدة رضي الله تعالى عنه أنه أذن في أكل جمل البحر، وهو سمك شبيه بالجمل.
جمل الماء: البجع وهو الحوصل وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الحاء المهملة.
جمل اليهود: الحرباء وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الحاء المهملة.
الجمعليلة: بفتح الجيم والميم الضبع وسيأتي إن شاء الله في باب الضاد المعجمة.
جميل وجميل: طائر جاء مصغراً والجمع جملان مثل كعيب وكعبان قال سيبويه: وهو البلبل.
الجنبر: كمقعد فرخ الحبارى مثل به سيبويه وفسره السيرافي كذا قاله ابن سيده.
الجندب: ضرب من الجراد، وقيل: ذكر الجراد مثلث الدال. والجمع جنادب. قال سيبويه: نونه زائدة. وقال الجاحظ: إنه يحفر بذراعيه ويغوص في الطين وفي الأرض إذا اشتد الحر وربما يطير في شدة الحر أيضاً. وفي الحديث " إن مثل ما بعثني الله تعالى به كمثل رجل أوقد ناراً فجعل الجنادب يقعن فيها " الحديث رواه مسلم والترمذي كلاهما عن قتيبة بن سعيد، عن المغيرة ابن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الاعراج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي حديث ابن مسعود " كان يصلي الظهر والجنادب ينفرن من الرمضاء أي تثب من شدة حرارة الأرض.
الجندع: كقنفذ جندب أسود له قرنان طويلان، وهو أثخن الجنادب ولا يؤكل قاله ابن سيده. وقال أبو حنيفة الجندع جندب صغير.
الجن: أجسام هوائية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، لها عقول وأفهام وقدرة على الأعمال الشاقة. وهم خلاف الإنس. الواحد جني ويقال: إنما سميت بذلك لأنها تتقى ولا ترى وجن الرجل جنوناً، وأجنه الله فهو مجنون، ولا تقل مجن وقولهم في المجنون: ما أجنه شاذ لا يقاس عليه، لأنه لا يقال في المضروب: ما أضربه، ولا في المشكوك ما أشكه. روى الطبراني بإسناد حسن، عن أبي ثعلبة الخشني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الجن ثلاثة أصناف، فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء، وصنف حيات وصنف يحلون ويظعنون " . وكذلك رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وسيأتي إن شاء الله تعالى، في باب الخاء المعجمة في الكلام على الخشاش، حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خلق الله الجن ثلاثة أصناف: صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض، وصنف كالريح في الهواء، وصنف كبني آدم عليهم الحساب والعقاب، وخلق الإنس ثلاثة أصناف: صنف كالبهائم قال الله عز وجل " إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا " وقال تعالى: " لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون " ، وصنف أجسادهم كأجساد بني آدم، وأرواحهم كأرواح الشياطين. وصنف في ظل الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله. قال ابن حبان رواه يزيد بن سفيان الرهاوي، عن أبي المنيب عن يحيى بن كثير، عن أبي سلمة عن أبي الدرداء رضي الله عنه، ويزيد بن سفيان ضعفه يحيى بن معين والإمام أحمد بن حنبل وابن المديني.
الحكم: أجمع المسلمون قاطبة على أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الجن كما هو مبعوث إلى الإنس قال الله تعالى " وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به " ومن بلغ، والجن بلغهم القرآن. وقال تعالى: " وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن " الآية. وقال تبارك وتعالى: " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً " وقال عز وجل " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " وقال تعالى: " وما أرسلناك إلا كافة للناس " ، قال الجوهري: الناس قد تكون من الإنس والجن، وقال تعالى خطاباً للفريقين: " سنفرغ لكم أيها الثقلان فبأي آلاء ربكما تكذبان " والثقلان: الإنس والجن، سميا بذلك لأنهما ثقلا الأرض وقيل: لأنهما مثقلان بالذنوب. وقال تعالى: " ولمن خاف مقام ربه جنتان " ولذلك قيل: إن من الجن مقربين وأبراراً، كما أن من الإنس كذلك. وبهذه الآية استدل الجمهور، على أن الجن المؤمنين، يدخلون الجنة ويثابون، كما يثاب الإنس. وخالف أبو حنيفة والليث في ذلك، فقالا ثواب المؤمنين منهم أن يجاروا من النار. وخالفهما الأكثرون حتى أبو يوسف ومحمد وليس لأبي حنيفة والليث حجة سوى قوله تعالى: " ويجركم من عذاب أليم " وقوله تعالى: " فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا " قالا: فلم يذكر في الآيتين ثواباً سوى النجاة من العذاب. والجواب من وجهين أحدهما أن الثواب مسكوت عنه، والثاني أن ذلك من قول الجن ويجوز أن يكونوا لم يطلعوا إلا على ذلك، وخفي عليهم ما أعد الله لهم من الثواب وقيل: إنهم إذا دخلوا الجنة لا يكونون مع الإنس، بل يكونون في ربضها. وفي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " الخلق كلهم أربعة أصناف: فخلق في الجنة كلهم وهم الملائكة، وخلق كلهم في النار وهم الشياطين وخلق في الجنة والنار وهم الجن، والإنس لهم الثواب وعليهم العقاب " . وهو موقوف على ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه شيء وهو أن الملائكة لا يثابون بنعيم الجنة. ومن المستغربات، ما رواه أحمد بن مروان المالكي الدينوري في أوائل الجزء التاسع من المجالسة عن مجاهد، أنه سئل عن الجن المؤمنين أيدخلون الجنة. فقال: يدخلونها ولكن لا يأكلون فيها ولا يشربون بل يلهمون التسبيح والتقديس، فيجدون فيهما ما يجد أهل الجنة من لذيذ الطعام والشراب، ويدل لعموم بعثته صلى الله عليه وسلم من السنة أحاديث منها ما روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أعطيت جوامع الكلم، وأرسلت إلى الناس كافة " ، وفيه من حديث جابر رضي الله عنه " وبعثت إلى كل أحمر وأسودا " وفي كتاب " خير البشر بخير البشر " للإمام العلامة محمد بن ظفر، عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وهو بمكة: " من أحب منكم أن يحضر الليلة أمر الجن فلينطلق معي فانطلقت معه، حتى إذا كنا بأعلى مكة خط إلي خطا، ثم انطلق حتى قام فافتتح القرآن، فغشيه اسودة كثيرة وحالت بيني وبينه، حتى ما أسمع صوته ثم انطلقوا يتقطعون كما يتقطع السحاب ذاهبين حتى بقي منهم رهط، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما فعل الرهط؟ قلت: هم أولئك يا رسول الله. قال: فأخذ عظماً وروثاً فأعطاهم إياه ونهى أن يستطيب أحد بعظم أو روث " وفي اسناده ضعف، وفيه أيضاً عن بلال بن الحارث رضي الله عنه، قال: نزلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره بالعرج، فتوجهت نحوه فلما قاربته سمعت لغطاً وخصومة رجال، لم أسمع لغة أحد من ألسنتهم، فوقفت حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فقال: " اختصم إلي الجن المسلمون والجن المشركون، وسألوني أن أسكنهم فأسكنت المسلمين الجلس، وأسكنت المشركين الغور " . وكل مرتفع من الأرض جلس ونجد وكل منخفض غور. وفيه أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه، عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وخبر السماء فرجعت الشياطين إلى قومهم فمالوا: ما لكم قالوا حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب. فقالوا: ما ذاك إلا من شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فالتقى الذين أخذوا نحو تهامة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ، وهو صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن