كتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم
المؤلف : عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج

وسلمت الحالة الى بهروز والشحنكية ايضا واتفق انه ماتت بنت سنجر التي كانت تدافع عن دبيس ومرض محمود فأخذ دبيس ولدا صغيرا لمحمود فلم يعلم به حتى قرب من بغداد فدون الخليفة العساكر وخرج بهروز من الحلة هاربا فقصدها دبيس فدخلها في رمضان وبعث بهروز كاتبه يعلم السلطان بمجيء دبيس فوصلوا وهناك نظر الخادم قد بعث الى السلطان ليقيمه من العزاء ويخلع عليه فلما سمع نظر بذلك دخل على السلطان وعظم الامر وقال له منعت امير المؤمنين ان يدون وسلطت عليه عدوه وكيف يكون الحال فبعث السلطان فاحضر قزل والاحمد بيكي وقال انتما ضمنتما دبيسا فلا اعرفه الا منكما فضمن الاحمد بيكي ذلك على نفسه ورحل يطلب العراق فبعث دبيس الى الخليفة انك ان رضيت عني رددت اضعاف ما نفذ من الاموال واكون المملوك فقال الناس هذا لا يؤمن وباتوا تحت السلاح طول رمضان هذا ودبيس يجمع الاموال ويبيع الغلة ويقسط على القرى حتى انه حصل على ما قيل خمسمائة دينار وانه قد دون عشرة آلاف فارس بعد أن وصل في ثلثمائة ثم أن الاحمد بيكي وصل الى بغداد يوم الخميس تاسع عشر شوال ودخل الى الخليفة وأعطاه يده فقبلها ثم خرج فعبر قاصدا الى الحلة ووصل الخبر بأن السلطان قد وصل الى حلوان وجاءت العساكر وضاق الوقت على الحاج فأمر عليهم امير سار بهم في ثمانية عشر يوما فلقوا شدة فلما سمع دبيس هذه الأخبار بعث الى السلطان رسالة وخمسة وخمسين مهرا عربية قد انتقاها ونفذ ثلاثة بغال عليها صناديق مال وذكر بعض أصحاب دبيس انه قد اعد للسلطان ان اصلح نوبته مع الخليفة ثلاثمائة حصان له وللخليفة منعلة بالذهب ومائتي ألف دينار وان لم يرض عنه دخل البرية وانه قد اعد الجمال والروايا والدقيق فبلغه ان السلطان غير راض عنه في هذه النوبة فأخذ الصبي وخرج من الحلة لا يدري اين مقصده

ثم خرج الوزير لاستقبال السلطان يوم الجمعة رابع ذي القعدة فلقيه بما يسره وأعطاه فرسه ومركبه وكانت قيمته ثلاثين ألف دينار ثم مرض السلطان ووصل الخبر أن دبيسا دخل البصرة وأخذ منها أموالا كثيرة وجميع دخل السلطان والخليفة فبعث السلطان اليه عشرة آلاف فارس ومتقدمهم قزل فلما علم دبيس جاء الى نواحي الكوفة ثم قصد البرية وانقطع خبره
وفي هذه السنة خنق رجل يقال له ابن ناصر نفسه بحبل شده في السقف
وفيها قتل من كان يرمى بمذهب الباطنية في دمشق وكان عددهم ستة آلاف وفيها وصل الافرنج الى باب دمشق فنفذ بعبد الوهاب الواعظ من دمشق ومعه جماعة من التجار وهموا بكسر المنبر فوعدوا بأن ينفذ الى السلطان ذلك

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
11 - اسعد بن أبي نصر الميهني
ابو الفتح تفق على ابي المظفر السمعاني وغيره برع في الفقه وفاق في النظر وتقدم عند العوام والسلاطين وحصل له مال كثير ودخل بغداد وفوض اليه التدريس في النظامية وعلق بها عنه جماعة تعليقة الخلافة وادركه الموت بهمذان في هذه السنة فحكى بعض من كان يخدمه من الفقهاء قال كنا معه في بيت وقد دنت وفاته فقال لنا اخرجوا فخرجنا فوقفنا على الباب وتسمعت فسمعته يلطم وجهه ويقول واحسرتا على ما فرطت في جنب الله وجعل يبكي ويلطم وجهه ويردد هذه الكلمات حتى مات
12 - حمزة بن هبة الله
ابن محمد بن الحسين بن داود بن علي بن عيسى بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن ابي طالب ابو الغنائم بن ابي البركات بن ابي

الحسن من اهل نيسابور ولد

سنة
تسع وعشرين واربعمائة وسمع الكثير وحدث بالكثير وضم الى شرف النسب شرف التقوى زيدي المذهب توفي في محرم هذه السنة
13 - منصور بن هبة الله
ابن محمد ابو الفوارس الموصلي الفقيه الحنفي كان من العدوان ثم ولي القضاء بنواح من سواد بغداد وكان من المجودين في النظر ومعرفة المذهب وردت اليه الحسبة بالجانب الغربي وتوفي في صفر هذه السنة ودفن بالخيزرانية
14 - ابو المكارم بن المطلب
الملقب عز الدولة كان استاذ دار الخليفة فتوفي يوم الجمعة تاسع رجب هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اربع وعشرين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه في خامس المحرم ولي ابن النرسي الحسبة وعزل ابو عبد الله ابن الرطبى وظهرت منه زلات كثيرة وطولب بخمسمائة دينار
قال شيخنا ابو الفضل بن ناصر وكانت زلزلة عظيمة هائلة في ليلة الجمعة السادس عشر من ربيع الاول سنة اربع وعشرين وكان ذلك في آخر شباط وكنت في المسجد بين العشائين فماجت الأرض مرارا كثيرة من اليمين عن القبلة الى الشمال فلو دامت هلك الناس ووقعت دور كثيرة ومساكن في الجانب الشرقي والغربي ثم حدث موت محمود وفتن وحروب ووردت الاخبار في العشر الاخير من جمادى الاولى انه ارتفع سحاب عظيم ببلد الموصل فأمطر مطرا كثيرا
وفي هذه السنة امر بهدم تاج الخليفة على دجلة لانه اشرف على الوقوع فلما نقض وجد في اعلاه في الركن الشمالي مصحف جامع قد جعل في غلاف من ساج ولبس بصحائف الرصاص في رق بخط كوفي قلم يعلم لذلك معنى الا ان يكون للتبرك به ثم اعيد بناء التاج في تمام السنة

ووصل الخبر بكسر الافرنج من دمشق وانه قتل في تلك الوقعة عشرة آلاف نفس ولم يسلم منهم سوى اربعين نفرا
ووصل الخبر بأن خليفة مصر الآمر بأمر الله قتل فوثب عليه غلام له ارمني فملك القاهرة وفرق على من تبعه من العسكر مالا عظيما وأراد أن يتأمر على العسكر فخالفوه ومضوا الى ابن الأفضل الذي كان خليفة قبل المقتول فعاهدوه وخرج فقصد القاهرة فقتلوا الغلام الذي في القاهرة ونهبت ثلاثة أيام وملك ان الافضل

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
15 - احمد بن ابي القاسم
ابن رضوان صهر ابن يوسف سمع القاضي ابا يعلى والجوهري وكان سماعه صحيحا وكان رجلا صالحا كثير الصدقة والصلاة وتوفي سحرة يوم الاحد غرة جمادى الآخرة وصلى عليه بجامع القصر فحضر القضاء والفقهاء والشهود وأرباب المناصب والخلق الكثير ودفن بباب حرب
16 - ابراهيم بن عثمان
ابن محمد بن محمد ابو اسحاق الغزي من اهل غزة بلدة بفلسطين وبها ولد الشافعي ولد في سنة احدى واربعين واربعمائة وكان احد فضلاء الدهر ومن يضرب به المثل في صناعة الشعر وكان له خاطر مستحسن وشعر مليح ومن اشعاره قوله في قصيدة يصف فيها الاتراك ... في فتية من جيوش الترك ما تركت ... للرعد كراتهم صوتا ولا صيتا

قوم إذا قوبلوا كانوا ملائكة ... حسنا وان قوتلوا كانوا عفاريتا ...
وله ... انما هذه الحياة متاع ... والسفيه الغوي من يصطفيها ... ما مضى فات والمؤمل غيب ... ولك الساعة التي انت فيها ...
وله من قصيدة ... ليت الذي بالعشق دونك خصني ... يا ظالمي قسم المحبة بيننا ... القى الهزبر فلا اخاف وثوبه ... ويروعني نظر الغزال اذا رنا ...
وله ... وقالوا بع فؤادك حين تهوى ... لعلك تشتري قلبا جديدا ... إذا كان القديم هو المصافي ... وخان فكيف آتمن الجديدا ...
وتزك قول الشعر وغسل كثيرا منه وقال ... قالوا هجرت الشعر قلت ضرورة ... باب البواعث والدواعي مغلق ... خلت البلاد فلا كريم يرتجى ... منه النوال ولا مليح يعشق ... ومن العجائب انه لا يشترى ... ويخان فيه مع الكساد ويسرق ...
خرج الغزى من مرو الى بلخ فتوفي في الطريق فحمل الى بلخ فدفن بها وكان يقول اني لأرجو أن يعفو الله عني ويرحمنى لاني شيخ مسن قد جاوزت السبعين ولأني من بلد الامام الشافعي وكان موته في هذه السنة حقق الله رجاءه
17 - الآمر بالله خليفة مصر
هجم عليه عشرة غلمان من غلمان الافضل الذي كان من قبله فقتلوه في ثاني ذي القعدة من هذه السنة
18 - الحسين بن محمد
ابن عبد الوهاب بن احمد بن محمد بن الحسين بن عبيد الله بن القاسم بن عبيد الله

ابن سليمان بن وهب الدباس ابو عبد الله النحوي الشاعر المعروف بالبارع أخو ابي الكرم المبارك بن فاخر النحوي لأمه ولد سنة ثلاث واربعين واربعمائة وقرأ القرآن بالقراآت على ابي بكر الخياط وابى على ابن البناء وغيرهما وأقرأ وصنف له شيخنا ابو محمد المقرئ كتابا يتضمن الخلاف بما قرأه وسمع الحديث من القاضي ابي يعلى ابن الفراء وابن المسلمة وابي بكر الخياط وغيرهم وحدث عنهم قال المصنف وسمعت منه الحديث وكتب لي اجازة وكان فاضلا عارفا باللغة والادب وله شعر مليح أنبأنا ابو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب البارع انه قال ... ردي علي الكرى ثم اهجري سكني ... فقد قنعت بطيف منك في الوسن ... لا تحسبي النوم مذ اوحشت اطلبه ... الا رجاء خيال منك يؤنسني ... علمت بالهجر جنبي هجر مضجعه ... وبالفراق فؤادي صحبة الحزن ... تركتني والهوى فردا أغالبه ... ونام ليلك عن هم يؤرقني ... سلمت مما عناني فاشتبهت به ... لا يعرف الشجو الا كل ذي شجن ... شتان بيت خلي مطلق وشج ... في ربقة الحب كالمصفود في قرن ... الله في كبدي الحرى عليك وفي ... قلبي المعنى بما كلفته الضمن ... امسيت يشهد باد من ضنا جسدي ... بداخل من جوى في القلب مكتمن ... ان كان يوجب ضري رحمتي فرضا ... بسوء حالي وخلى للضنا بدني ... يا هم نفسي في قرب وفي بعد ... وضمن قلبي في حل وفي ظعن ... لو قيل لي نل من الدنيا مناك لما ... جعلت غيرك لي حظا من الزمن ... منحتك القلب لا أبغي به ثمنا ... إلا رضاك ووا فقري الى الثمن ...
وله ... ذكر الأحباب والوطنا ... والصبا والالف والسكنا

فبكى شجوا وحق له ... مدنف بالشوق حلف ضنا ... ابعدت مرمى به طرحت ... من خراسان به اليمنا ... خلست من بين أضلعه ... بالنوى قلبا به ضمنا ... من لمشتاق يمليه ... ذات سجع صلت فننا ... لم تعرض بالحنين بمن ... مسعد الا وقلت انا ... لك يا ورقاء اسوة من ... لم تذيقي طرفه الوسنا ... بك انسى قبل انسك بي ... فتعالى نبد ما كنا ... نتشاكى ما نجن اذا ... نحت شجوا صحت واحزنا ... انا لا انت البعيد هوى ... انا لا انت الغريب هنا ... انا فرد يا حمام وها ... انت والالف القرين ثنا ... اسرحا رأد النهار معا ... واسكنا جنح الدجى غصنا ... وابكيا يا جارتي لما ... لعبت ايدي الفراق بنا ... كم ترى اشكو البعاد وكم ... أندب الاطلال والزمنا ... اين قلبي ما صنعت به ... ما أرى صدري له سكنا ... حان يوم النفر وهو معي ... فأبى ان يصحب البدنا ... أبه حادى الرفاق حدا ... ام له داعي الفراق عنا ... لست يا لله اتهم في ... شأنه الا ثلاث منا ... خلسته لا ابرئها ... عين ريم الخيف حين رنا ... رفعت سجف القباب فلا الفرض أدينا ولا السننا ... رشقتنا عن حواجبها ... بسهام تنفذ الجننا ... كم أخي نسك وذي ورع ... جاء يبغي الحج فافتتنا

انصفوا يا موحشين لنا ... ليس هذا منكم حسنا ... نحن وفد الله عندكم ... ما لكم جيرانه ولنا ...
توفي البارع يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الأولى من هذه السنة ودفن بباب حرب وكان قد ضر في آخر عمره وكان شيخنا ابن ناصر يقول فيه تساهل وضعف
19 - سهل بن محمود
ابن محمد بن اسمعيل ابو المعالي البراني والبرانية قرية من قرى بخارا سمع الحديث الكثير وحدث وتفقه خرج الى مكة فأغارت العرب على الحاج فبقي هو ورفقاؤه حفاة عراة ثم تنقلوا الى مكة وقد فاتت الرفقة فجاور مكة ثم خرج الى اليمن فركب البحر ثم مضى الى كرمان ثم الى خراسان وكان اماما فاضلا مناظرا واعظا متشاغلا بالتعبد وتوفي ببخارا في هذه السنة
20 - محمد بن سعدون
ابن مرجا العبدري القرشي ابو عامر الحافظ اصله من برقة من بلاد المغرب ودخل الى بغداد في سنة اربع وثمانين واربعمائة فسمع من طراد وابن النظر ومالك البانياسي والحميدي ونظرائهم حتى سمع من مشايخنا ابا بكر بن عبد الباقي وابن السمرقندي وكان يذهب مذهب داود وكانت له معرفة بالحديث حسنة وفهم جيد وكان متعففا في فقره ومرض يومين وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن في مقبرة غلام الخلال
21 - هبة الله بن القاسم
ابن عطاء بن محمد بن سعد المهراني كان حافظا لكتاب الله عز و جل نبيلا من بيت العلم والورع والزهد والحديث وكانت سيرته مرضية انزوى في آخر عمره وترك مخالطة الناس واقبل على العبادة وتوفي في جمادى الاولى من هذه السنة

سنة
ثم دخلت سنة خمس وعشرين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها ان دبيس بن صدقة ضل في طريقه فقبض عليه بحلة حسان بن مكتوم الكلبي من اعمال دمشق وانقطع اصحابه فلم يكن له منجا من العرب فحمل الى دمشق فباعه اميرها ابن طغتكين من زنكي بن آق سنقر صاحب الموصل والشام بخمسين ألف دينار وكان زنكي عدوه فظن أنه سيهلكه فلما حصل في قبضته اكرمه وخوله المال والسلاح وقدمه على نفسه فلما ورد الخبر بذلك خلع على الرسول واخرج ابن الانباري الى جانب دمشق ليتوصل في اخذه وحمله الى دار الخلافة فلما وصل الى الرحبة قبض عليه امير الرحبة بتقدم زنكي اليه وحمل الى قلعة الموصل
ووصل الخبر في ربيع الاول ان مسعود اخا محمود قد انفصل عن سنجر وجاء يطلب السلطنة وقد اجتمع اليه جماعة من الامراء والعساكر فاختلط امر محمود وعزم ان يرحل اليه فبعث الى المسترشد يستأذنه فأجابه انك تعلم ما بيني وبينك من العهد واليمين واني لا اخرج ولا ادون عسكرا واذا خرجت عاد العدو وملك الحلة وربما تجدد منه ما تعلم فقال له متى رحلت عن العراق وجدت له حركة وخفت على نفسك وعلى المسلمين وتجدد لي امر مع اخي فلم اقدر على المجيء فقد نزلت عن اليمين التي بيننا فمهما رأيت من المصلحة فافعله فخلع عليه الخلع السنية وخرج ثم ارسل مسعود بما يطيب القلب فالتقيا وتحالفا واعتنقا وحمل مسعود الغاشية بين يديه وبعث وزير محمود الى مسعود من الآلات ما قوم مائة وخمسين الف دينار واعطاه السلطان العساكر والاجناد ورحل
وتوفي ولد المسترشد بالجدري وكان ابن احدى وعشرين سنة فقعدوا للعزاء به يومين وقطع ضرب الطبل لأجله
وفي رجب أعيد الغيار على أهل الذمة
وتوفي السلطان محمود فأقاموا مكانه ابنه داود واقيمت له الخطبة ببلاد الجبل

وآذربيجان وكان احمد بكى أتابكه والوزير ابو القاسم الملقب قوام الدين وزيره وقصد حرب عمه مسعود وتقدم بقطع الجسر من رأس نهر عيسى ونصبه بباب الغربة يوم الاحد ثالث عشرين ذي القعدة فكثرت الاراجيف لنقله وصار مستنزها مليحا يجتمع الناس بعد العصر تحت الرقة كما كانوا يجتمعون في الرحبة وفي يوم الاثنين الثاني عشر من شوال احضر كثير بن شماليق وابو المعالي بن شافع وابو المظفر ابن الصباغ وقد شهدوا شهادة زور اعتمدوها وأخذوا عليها رشوا كبيرة في دار مرهونة بكتاب دين ورهن واعتمد الراهن وهي امرأة اقرت بها بعد ذلك لابنتها شهدوا بالزور في القضية اخرجوا الى باب النوبي مع حاجب الباب وابن الرسي المحتسب واقيموا على الدكة ودرروا ثلاثتهم وحضر ذلك الخاص والعام واعيدوا الى حجرة حاجب الباب

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
22 - احمد بن علي
ابن محمد ابو السعود ابن المحلى البزاز ولد سنة ثلاث وخمسين واربعمائة وسمع ابا الحسين بن المهتدي وابا جعفر ابن المسلمة وابن النقور والخطيب وغيرهم وحدث عنهم وكان سماعه صحيحا وكان شيخا صالحا ذا هيبة وستر سمعت منه الحديث ورأيته يذكر بجامع المنصور في يوم عرفة وتوفي يوم الاثنين ثامن ربيع الاول ودفن بمقبرة جامع المنصور
23 - احمد بن محمد
ابن عبد القاهر ابو نصر الطوسي سمع ابن المهتدي وابن المسلمة وابن النقور وكان سماعه صحيحا وتفقه على ابي اسحاق وكان شيخا لطيفا عليه نور قال المصنف وسمعت منه الحديث واجاز لي جميع رواياته وانشدني اشعارا حسنة فمنها انه انشدني ... على كل حال فاجعل الحزم عدة ... تقدمه بين النوائب والدهر ... فان نلت خيرا نلته بعزيمة ... وان قصرت عنك الخطوب فعن عذر

وأنشدني ... ليست ثوب الرجا والناس قد قدوا ... وقمت اشكو الى مولاي ما أجد ... وقلت يا عدتي في كل نائبة ... ومن عليه لكشف الضر أعتمد ... وقد مددت يدي بالذل صاغرة ... اليك يا خير من مدت اليه يد ... فلا تردنها يا رب خائبة ... فبحر جودك يروي كل من يرد ...
وكان ابو نصر الطوسي يصلي بمسجد في دبر الشاكرية من نهر معلى ويروي الحديث ثم سافر الى الموصل فتوفي بها يوم السبت لحادي عشرين ربيع الاول من هذه السنة
24 - الحسن بن سلمان
ابن عبد الله ابن الفتى ابو علي الفقيه ورد بغداد ودرس بالنظامية ووعظ في جامع القصر وكان له علم بالادب ولم يكن قائما بشروط الوعظ فكان يقول انا في الوعظ مبتدئ وانا في الفقه منتهي غير انه أنشأ خطبا كان يذكرها في مجالس الوعظ ينظم فيها مذهب الاشعري فنفقت على اهل بغداد ومال على اصحاب الحديث والحنابلة فاستلب عاجلا فتوفي في شوال هذه السنة وغسله القاضي ابو العباس ابن الرطبي وصلى عليه في جامع القصر ودفن في تربة الشيخ أبي اسحاق
25 - حماد بن مسلم
الرحبي الدباس سمع الحديث من أبي الفضل وغيره الا أنه كان على طريقة التصوف يدعي المعرفة والمكاشفة وعلوم الباطن وكان عاريا من علوم الشريعة ولم ينفق الا على الجهال وكان ابن عقيل ينفر الناس عنه حتى انه بلغه انه يعطي كل من يشكو اليه الحمى لوزة وزبيبة ليأكلها فيبرأ فبعث اليه ابن عقيل عدوى وصار الناس ينذرون له النذور فيقبل الاموال ويفرقها على اصحابه ثم كره قبول النذر لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم ان النذر يستخرج من البخيل

فصار يأكل بالمنامات كان يجيء الرجل فيقول قد رأيت في المنام اعط حمادا كذا فاجتمع له اصحاب ينفق عليهم ما يفتح له ومات في رمضان من هذه السنة ودفن بالشونيزية
26 - علي بن المستظهر
الامير ابو الحسن توفي في رجب هذه السنة وحمل في الزبزب وقعدوا للعزاء به
27 - محمد بن احمد
ابن الفضل الماهياني وماهيان قرية من قرى مرو تفقه بمرو على أبي الفضل التميمي ثم مضى الى نيسابور فأقام مدة عند أبي المعالي الجويني وتفقه عليه وسمع بها الحديث منه ومن ابي صالح المؤذن ومن ابي بكر الشيرازي وابي الحسن الواحدي ثم سافر الى بغداد فأقام عند ابي سعد المتولي يتفقه عليه وسمع بها ابا نصر الزينبي وغيره وتوفي في رجب هذه السنة وقد قارب التسعين ودفن بقريته ماهيان
28 - محمد بن الحسن
ابن علي بن الحسن ابو غالب الماوردي ولد سنة خمسين واربعمائة بالبصرة وسمع الحديث الكثير بالبصرة وبغداد واصبهان وكتب بخطه الكثير وكان يورق للناس وكان شيخا صالحا وسمعت عليه الحديث وتوفي في رمضان هذه السنة ودفن على باب مسجد الجنائز بقرب قبر معروف على الطريق ورئي في المنام فقال غفر الله لي ببركات حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم واعطاني جميع ما املته
29 - محمد بن الحسين
ابن محمد بن علي ابو تمام بن ابي طالب الزينبي بيته معروف ولد سنة ست واربعين وسمع من القاضيين ابن المهتدي وابن الفراء وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة وصلى عليه في جامع الخليفة ابن عمه علي بن طراد ودفن في تربة ابي الحسن

30 - محمد بن عمر
ابن عبد العزيز بن طاهر ابو بكر الحنفي المقرئ يعرف بكاك من اهل بخارا سافر البلاد فسمع بنيسابور وبخارا وسمرقند وهمذان وبغداد واقام بهامدة ثم عاد الى ما وراء النهر وسكن سمرقند ثم عاد الى الحجاز وحدث بالحرمين وغيرهما وكان اديبا فاضلا مكثرا من الحديث وتوفي بالأجفر في محرم هذه السنة
31 - محمود بن محمد
ابن ملكشاه توفي يوم الخميس خامس عشر شوال من هذه السنة وجلس الناس للعزاء به ثلاثة أيام
32 - هبة الله بن محمد
ابن عبد الواحد بن احمد بن العباس بن الحصين ابو القاسم الشيباني الكاتب ولد

سنة
اثنتين وثلاثين واربعمائة وبكر به ابوه وباخيه ابي غالب عبد الواحد فأسمعهما من ابي علي ابن المذهب وابي طالب بن غيلان والتنوخي وغيرهم وعمر حتى صار سيد اهل عصره فرحل اليه الطلبة وازدحموا عليه وكان ثقة صحيح السماع وسمعت منه مسند الامام احمد جميعه والغيلانيات جميعها واجزاء المزكي وهو آخر من حدث بذاك وسمعت منه غير ذلك بقراءة شيخنا ابن ناصر وكنت ممن كتبها عنه وتوفي بين الظهر والعصر في يوم الاربعاء رابع عشر شوال وترك الى يوم الجمعة واشرف على غسله شيخنا ابو الفضل بن ناصر وصلى عليه ايضا بوصية منه في جامع القصر ثم حمل الى جامع المنصور فصلى عليه شيخنا عبد الوهاب ابن المبارك الانماطي ودفن يومئذ بباب حرب عند بشر الحافي
سنة
ثم دخلت سنة ست وعشرين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه كان قد جرى في اواخر السنة الماضية كلام يتعلق بدار الضرب

وشكا العمال انهم يخسرون فنهض ابن حريقا وكذبهم وقال بل يربحون كثيرا وعرض هذا الكلام على صاحب المخزن ابن طلحة فلولاه عن ذلك ومنعه من الكلام فيه فبلغ الخبر الى المسترشد فأمر بحسابهم فاذا ربحهم كثير فظهر ان صاحب المخزن يعاونهم وذكر أنه كان يأخذ منهم كل شهر سبعين دينارا فثبت ذلك عليه فأمر المسترشد بنقل النظر في ذلك الى الديوان فانكسر صاحب المخزن بذلك كسرة عظيمة وكان تمام ذلك في اول المحرم هذه السنة فصار صاحب المخزن يجلس ساعة في المخزن بعد أن كان يكون فيه معظم النهار ولا يحضر باب الحجرة لما ظهر من ذلك عليه
وخرج التوقيع الى شرف الدين الوزير بأنك المعتمد عليه والأمر ما تأمر به فقوي جاشه بذلك
وفي المحرم تقدم الخليفة بحراسة الغلات واوجب ذلك الغلاء فصار كر الشعير باثني عشر دينارا
ووصل مسعود بن محمود الى بغداد في عشرة آلاف وورد قراجا الساقي ومعه سلجوق شاه بن محمد وكلاهما يطلب السلطنة وانحدر زنكي بن آق سنقر الموصلي لينضم الى مسعود فلما بلغ تكريت خلف قراجا الملك سلجوق شاه في عدد يسير وامرهم بمدافعة مسعود الى أن يعود وأسرى في يوم وليلة الى تكريت فواقع زنكي فهزمه واسر جماعة من اصحابه وعاد بهم ثم دخل السفراء بينهم فوقع الاتفاق واجتمع مسعود وسلجوق وقراجا واحلفهم المسترشد على التوافق والطاعة والاجتماع وكان قراجا يتحكم على مسعود وسلجوق جميعا
وارجف الناس بمجيء سنجر فعمل السور وجبي العقار وظهر على كتاب كتبه الغزنوي الى وزير سنجر فأهين وخرجوا متوجهين لحرب السلطان سنجر بعد أن أفرد العراق جميعه للوكلاء ووقع الاتفاق واستظهر بالأيمان وألزم

المسترشد قراجا بالخروج فكرهه ولم يجد بدا من الموافقة فانه تهدد وتوعد حتى قيل له ان الذي تخاف من سنجر في الآجل نحن نعجله لك الآن وبعث سنجر يقول انا العبد فما اردت مني فعلت فلم يقبل منه وسار الجماعة وخرج المسترشد بعدهم بأيام من باب النصر في سادس جمادى الآخرة والكل مشاة بين يديه الى ان خرج من عقد السور ثم تقدم بأن يركب الوزير وحده الى ان خرجوا من عقد السور فركبوا وضج الناس بالدعاء وباتوا يختمون الختمات ويدعون ثم رحل في ثاني رجب وقطعت خطبة سنجر في ثالث رجب وسار على تثبط الى خانقين فأقام بها وورد سنجر الى همذان فكانت الواقعة قريبا من الدينور وكان مع سنجر مائة الف وستون الفا وكان مع قراجا ومسعود ثلاثون الفا فأحصى القتلى فكانوا اربعين الفا فقتل قراجا واجلس تغرل بن محمد على سرير الملك وعاد سنجر الى بلاده وكاتب دبيسا وزنكي بقصد بغداد وفتحها فتوجها اليها من الموصل بالعدة التامة في سبعة آلاف فارس فبلغ المسترشد اختلاط بغداد وكسرة العسكر فخرج من السرادق بيده سيف مجذوب وسكن العسكر وخاف على نفسه وعلى الخزانة وعاد من خانقين وزنكي ودبيس قد شارفا بغداد من غربيها فعبر الخليف الى الجانب الغربي في الفي فارس وضعف عنهما فطلب المقاربة فاشتطا وكسرت ميسرته فكشف الطرحة ولبس البردة وجذب السيف وحمل العسكر فانهزما وقتلت من القوم مقتلة عظيمة وطلب زنكي تكريت ودبيس الفرات
وفي هذه السنة كانت الوقعة بين طغرل بن محمد وبين داود بن محمود وآق سنقر الاحمد بكى وكان الظفر فيها لطغرل بهمذان
وفيها وزرانوشروان بن خالد للمسترشد بعث اليه صاحب المخزن ابن طلحة يقول له ان امير المؤمنين قد عول عليك في الوزارة فينبغي ان تسارع الى ذلك فأخذ يعتذر ويقول قد عرف حالي واني لما وزرت للسلطان محمود طلبت الاقالة وقد رضيت من الدنيا بمكاني هذا فقبل عني الارض وسل لي

الاعفاء فلم يعف فأجاب فعرضت عليه دار ابن صدقة فامتنع وقال كإن له على حق وذلك انه كان يصله كل سنة بمال كثير فاقتصر على دار ابن ودعة فعمرت وعاد دبيس بعد الهزيمة يلوذ ببلاده وجمع جمعا وكانت الحلة واعمالها في يد اقبال المسترشدي وامد بعسكر بغداد فهزم دبيس وحصل في اجمة فيها ماء وقصب ثلاثة ايام لا يطعم حتى اخرجه جماس على ظهره وخلصه ووصل الملك داود والاحمد بكي الى بغداد ووصل ولد منصور بن سيف الدولة يوم السبت ثالث عشرين شعبان في خمسين فارسا فلم يعلم به أحد حتى نزل وقبل عتبة باب النوبي وتمرر على الصخرة وقال انا فلان بن فلان جئت الى امير المؤمنين فاما ان يلحقني بابي فاستريح واما ان يعفو عني فأنهى ذلك فعفى عنه وأعطي دارا واصطبلا ودنانير
وفي يوم الجمعة تاسع عشرين شعبان قبض الخليفة على الوزير شرف الدين وقبض معه على الحسين بن محمد ابن الوزان كاتب الزمام ووكل بالوزير بباب الغربة وأخذ من بيته خمسا وسبعين قطعة فضة سوى المراكب ونيفا وثلاثين قطعة ذهب سوى المراكب ووجد في داره البدنة الحب التي أخذها دبيس من الامير ابي الحسن لما اسره ومعضدة قيمتها مائة الف دينار ونقل من الرحل والاثاث ثلاثة ايام ونحو خمسمائة رأس من خيل وابل وبغال سوى ما ظهر من المال
وفي آخر ذي القعدة اخرج الوزير من الحبس وأخذ خطه بثلاثين الفا
قال شيخنا ابو الحسن واحضر نازح خادم خاتون المستظهر فقيل له انت حافظ خاتون وقد قذفت بابن المهير فصفع واخذت خيله وقريته وقتل ابن المهير واظهر انه هرب واظهر امرهما خدم فكوتب سنجر بذلك وحل المسترشد اقطاعها واقام معها في دارها من يحفظها الى ان يأتي جواب سنجر واخذ اصطبل خيلها فبيع وعمر آدر وتألمت من ذلك وكتبت الى سنجر فقيل انه كتب اليها يعلمها بما يريد أن يفتك بالدولة فبعث المسترشد فأخذ الكتاب منها وهيجه

ذلك على الخروج الى القتال

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
33 - احمد بن حامد
ابن محمد ابو نصر المستوفي المعروف بالعزيز قبض عليه الانساباذي وزير طغرل وسلم الى بهروز الخادم فحمله الى قلعة تكريت فقتل فيها في هذه السنة وكان من رؤساء الاعاجم
34 - احمد بن عبيد الله
ابن محمد بن احمد بن حمدان بن عمر بن عيسى بن ابراهيم بن سعد بن عتبة بن فرقد السلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم ويعرف بابن كادش العكبري ويكنى ابا العز قال المصنف نقلت هذا النسب من خطه سمع أقضى القضاة ابا الحسن الماوردي وكان آخر من روى عنه وابا الطيب الطبري والعشاري والجوهري وغيرهم وكان مكثرا ويفهم الحديث واجاز لي جميع مسموعاته قد اثنى عليه جماعة منهم ابو محمد بن الخشاب وقد أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ قال سمعت ابراهيم بن سليمان الورديسي يقول سمعت ابا العز ابن كادش يقول وضعت انا حديثا على رسول الله صلى الله عليه و سلم واقر عندي بذلك وكان شيخنا ابو الفضل بن ناصر سيئ الرأي فيه وقال شيخنا عبد الوهاب ما كان الا مخلطا توفي في جمادى الاولى من هذه السنة
35 - الحسين بن ابراهيم الدينوري
ابو عبد الله سمع طرادا والتميمي وغيرهما وحدث وكان سماعه صحيحا وتوفي في يوم الاحد تاسع رمضان ودفن بباب حرب
36 - عبد الله بن المظفر
ابن رئيس الرؤساء توفي في هذه السنة وكان أديبا فاضلا

39 - محمد بن محمد
ابن الحسين بن محمد بن الفراء ابو الحسين بن ابي يعلى ولد في شعبان

سنة
احدى وخمسين واربعمائة وسمع اباه والخطيب وابا الغنائم ابن المأمون وابا الحسين ابن المهتدي وابن النقور وغيرهم وتفقه وناظر وكان متشددا في السنة وكان يبيت في داره بباب المراتب وحده فعلم بعض من كان يخدمه ويتردد اليه بأن له مالا فدخلوا عليه ليلا فأخذوا المال وقتلوه في ليلة الجمعة عاشر محرم هذه السنة وقدر الله انهم وقعوا كلهم وقتلوا
سنة
ثم دخلت سنة سبع وعشرين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه دخل مسعود بن محمود بغداد في صفر فمضى الوزير في الموكب الى داره يهنئه ثم خطب له بالسلطنة ومن بعده لداود ابن اخيه ونثرت الدنانير بجامع القصر حين الخطبة وخلع عليهما وعلى الامير آق سنقر الأحمد بكى بباب الحجرة وعادوا في السفن وذلك في خامس ربيع الاول وفي آخر ذلك اليوم خرج رحل المسترشد الى الرملة وخرج في صبيحة الاثنين سادس الشهر في شبارة مصعدا الى مشرعة البستريين وكان على صدر السفينة يرنقش الباز دار قائما بيده سيف مشهور وآق سنقر قائما بين يديه وفي الشبارة صاحب المخزن ونظر ومرتجى الخادم وركب من هناك الى المضارب ومشى الملكان بين يديه مسافة يسيرة ثم امرهما بالركوب فسيرهما الى آذربيجان بعد أن خلع عليهما وعاد وهو وضم اليهما نظر الخادم ومعه خيمة سوداء ومهد ولواء لحرب طغرل فلقوه وهزموه واستقر مسعود بهمذان وقتل آق سنقر الأحمد بكي وظهر انه قتله باطنية واتهم مسعود بأنه وضع عليه وضربت الطبول ببغداد للبشارة
وفي صفر خلع على القاضيين ابن الكرخي وابن يعيش وولي ابن الكرخي القضاء والحسبة بنهر معلى وولي ابن يعيش القضاء بباب الازج وسلم اليه النظر في

الوقوف والتركات والترب وجمع دبيس جمعا بواسط وانضم اليه الواسطيون وابن ابي الخير وبختيار وشاق فنفذ اليه الباز دار واقبال الخادم فهزموه وأسر بختيار
وعزم المسترشد على المسير الى الموصل فعبرت الكوسات والاعلام من الجانب الشرقي الى الغربي يوم السبت ثاني عشر شعبان ونودي بالجانب الشرقي من تخلف من الجند بعد يومنا هذا ولم يعبر أبيح دمه ونزل امير المؤمنين في الدار الزكوية التي على الصراة ثم رحل عنها الى الرملة ثم الى المزرفة ومعه نيف وثلاثون اميرا واثنا عشر الف فارس ونفذ الى بهروز يقول له تنزل عن القلعة وتسلمها وتسلم الاموال وتدخل تحت الطاعة حتى نسلم اليك البلاد فأجاب بالطاعة وقال انا رجل كبير عاجز عن الخدمة بل انا انفذ الاقامة وانفذ مالا برسم الخدمة ففعل واعفي ثم وصل المسترشد الى الموصل في العشرين من رمضان فحاصرها ثمانين يوما وكان القتال كل يوم ووصل اليه ابو الهيج الكردي المقيم بالجبل ومعه عساكر كثيرة ثم ان زنكي كاتب الخليفة باني نعطيك الأموال وارحل عنا فسلم يجبه ثم رحل وقيل كان السبب في رحيله انه بلغه ان مسعودا غدر وقتل الأحمد بكى وخلع على دبيس وتقدم الخليفة بنقض بستان العميد بقصر عيسى واخذ آجره الى السور
وتوفي شيخنا ابو الحسن ابن الزاغوني وكانت له حلقه في جامع المنصور يناظر فيها قبل الصلاة ثم يعظ بعدها وكان يجلس يوم السبت عند قبر معروف وفي باب البصرة وبمسجد ابن الفاعوس فأخذ اماكنه ابو علي بن الراذاني ولم اعطها انا لصغر سني فحضرت بين يدي الوزير انوشروان وأوردت فصلا من المواعظ فاذن لي في الجلوس في جامع المنصور فتكلمت فيه فحضر مجلسي اول يوم جماعة أصحابنا الكبار من الفقهاء منهم عبد الواحد بن شنيف وابو علي ابن القاضي وابو بكر بن عيسى وابن قسامى وغيرهم ثم تكلمت في مسجد عند قبر معروف وفي باب البصرة وبنهر معلى واتصلت المجالس وكثر الزحام وقوي اشتغالي

بفنون العلوم وسمعت من أبي بكر الدينوري الفقه وعلى ابي منصور الجواليقي اللغة وتتبعت مشايخ الحديث وانقطعت مجالس ابي علي ابن الراذاني واتصلت مجالسي لكثرة اشتغالي بالعلم

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
38 - احمد بن سلامة
ابن عبيد الله بن مخلد بن ابراهيم ابو العباس ابن الرطبي الكرخي من كرخ جدان تفقه على ابي اسحاق الشيرازي وابي نصر ابن الصباغ ثم خرج الى اصبهان فتفقه على محمد بن ثابت الخجندي وسمع الحديث من ابي القاسم ابن البسري وابي نصر الزينبي وغيرهما وولي القضاء بالحريم والحسبة ايضا وكان له قرب الى خدمة الخليفة وكان يؤدب أولاده وتوفي ليلة الاثنين مستهل رجب من هذه السنة وصلى عليه بجامع القصر ودفن عند أبي اسحاق بباب ابرز وقال رفيقنا موسى ابن غريب بن شبابة التبريزي وكان صاحب القاضي ابي العباس دخلت عليه وهو في الموت وهو يأمر بتجهيزه وتكفينه وموضع دفنه وما على قلبه من مزعج كأنه ينتقل من دار الى دار
39 - احمد بن علي
ابن الحسن بن احمد بن عبد الله ابن البناء ابو غالب ولد سنة خمس واربعين واربعمائة وسمع ابا محمد الجوهري وابا الحسين بن حسنون وابا يعلى القاضي وابا الحسين ابن المهتدي وابا الغنائم ابن المأمون وغيرهم وسمعت منه الحديث وكان ثقة وتوفي في ربيع الاول من هذه السنة وقيل في صفر
40 - اسعد بن صاعد
ابن اسمعيل ابو المعالي الحنفي خطيب جامع نيسابور سمع اباه وجده وابا بكر

الشيرازي وغيرهم وكان من بيت العلم والقضاء والخطابة والتدريس والتذكير واشتغل بالعلم حتى اربى على اقرانه وكانت اليه الخطابة والتذكير والتدريس ببلده وكان مقبولا عند السلاطين ورد بغداد فسمع من شيخنا ابي القاسم بن الحصين وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة بنيسابور
41 - الحسن بن محمد
ابن ابراهيم بن علي التورتاني وتورتان قرية من قرى اصبهان ولد سنة ست وستين واربعمائة ورحل وسمع وجمع وكتب وخرج التاريخ وكان مليح الخط حسن القراءة وتوفي في شوال هذه السنة باصبهان
42 - علي بن عبيد الله
ابن نصر بن السري الزاغواني ابو الحسن قرأ القرآن بالقراآت وسمع الحديث الكثير من الصريفيني وابن النقور وابن المأمون وغيرهم وقرأ من كتب اللغة والنحو وتفقه على يعقوب البرزباني وكان متفننا في علوم مصنفا في الاصول والفروع وانشأ الخطب والوعظ ووعظ وصحبته زمانا فسمعت منه الحديث وعلقت عنه من الفقه والوعظ وتوفي في يوم الاحد سابع عشر محرم هذه السنة وصلى عليه بجامع المنصور ودفن بباب حرب وكان جمع جنازته يفوق الاحصاء
43 - علي بن يعلى
ابن عوض ابو القاسم العلوي الهروي سمع من ابي عامر الازدي جامع الترمذي وسمع كثيرا من الحديث ووعظ وكان له القبول بنيسابور وغيرها وورد بغداد فوعظ وسمع فيها مسند الامام احمد على شيخنا ابي القاسم بن الحصين وكان يورد الاحاديث بأسانيدها ويظهر السنة فحصل له ببغداد مال وحملت اليه وانا صغير السن وحفظني مجلسا من الوعظ فتكلمت بين يديه يوم ودع الناس عند سور بغداد ثم خرج وورد مرو فتوفي بمرو الروذ في هذه السنة ودفن بها

44 - محمد بن احمد
ابن يحيى ابو عبد الله العثماني الديباجي من اولاد محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ابن عفان اصل ابي عبد الله العثماني من مكة وهو من اهل نابلس ويقال له المقدسي وسمع الحديث وتفقه وكان غاليا في مذهب الاشعري وكان يعظ بجامع القصر وانشد يوما في مجلسه ... دع جفوني جفوني يحق لي أن أنوحا ... لم تدع لي الذنوب قلبا صحيحا ... اخلقت مهجتي اكف المعاصي ... ونعاني المشيب نعيا فصيحا ... كلما قلت قدير اجرح قلبي ... عاد قلبي من الذنوب جريحا ... انما الفوز والنعيم لعبد ... جاء في الحشر آمنا مستريحا ...
توفي العثماني يوم الاحد سابع عشرين صفر من هذه السنة ودفن في الوردية
45 - محمد بن احمد
ابن عبيد الله بن الحسين بن دحروج ابو بكر سمع ابا الحسين ابن النقور والصريفيني وحدث وروى عنه اشياخنا وتوفي في رجب هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
46 - محمد بن احمد
ابن محمد بن صاعد ابو سعيد النيسابوري الصاعدي ولد سنة اربع واربعين واربعمائة وسمع عبد الغافر بن محمد وابا القاسم القشيري وأبا حفص عمر بن احمد بن مسرور وغيرهم وقدم بغداد في سنة ثلاث وخمسمائة حدث فسمع منه شيخنا عبد الوهاب وشيخنا ابن ناصر وخلق كثير وكان رئيس بلدته وقاضيها وكانت له دنيا واسعة ومنزلة عظيمة عند الخواص والعوام وتوفي بنيسابور يوم السبت ثاني عشر ذي الحجة من هذه السنة
47 - محمد بن الحسين
ابن علي بن ابراهيم بن عبد الله ابو بكر ويعرف بالمزرفي ولم يكن من المزرفة

وانما انتقل الى المزرفة ايام الفتنة فأقام بها مدة فلما رجع قيل له المزرفي ولد ابو بكر في سلخ

سنة
تسع وثمانين واربعمائة قرأ القرآن بالقراآت وسمع الحديث الكثير من ابن المهتدي وابن الصريفيني وأقرأ وروى وتفرد بعلم الفرائض وسمعت منه الحديث وكان ثقة ثبتا عالما حسن العقيدة وتوفي يوم السبت من محرم هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب وقيل انه مات في سجوده
48 - محمد بن محمد
ابن الحسين بن محمد بن احمد بن خلف ابو خازم بن ابي يعلى ابن الفراء ولد سنة تسع وخمسين واربعمائة وسمع من ابن المسلمة وابن المأمون وجابر بن ياسين وغيرهم وكان من الفقهاء الزاهدين ومن الاخيار الصالحين توفي يوم الاثنين تاسع عشر صفر ودفن بداره بباب الازج ثم نقل في سنة اربع وثلاثين الى مقبرة باب حرب فدفن عند ابيه
سنة
ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه في المحرم قتل رجل يقال له علي الحمامي زوجته لأمر اتهمها به وهرب
وخلع على اقبال الخادم خلع الملوك ولقب ملك العرب سيف الدولة فركب بالخلع فحضر الديوان فقرئ عليه منشور ونثر عليه دنانير
ووقع الاتفاق مع زنكي بن آق سنقر ووصلت رسله بالحمل والهدايا
وعزل انوشروان بن خالد عن الوزارة من غير أن يؤذي بسبب بل نزل في سفينة بعد العتمة وصعد الى داره بالحريم واعيد اليها ابو القاسم بن طراد
وقبض على نظر الخادم وحبس في سرداب واستصفيت امواله
وفي ربيع الآخر خلع على الوزير ابن طراد خلع الوزارة وزيد في مركب الفرس طوقا واعطى ثلاثة عشر عملا كوسات واعلاما ومهدا وركب الى

الديوان
وفي جمادى الاولى بعث القاضي الهيتي رسولا الى زنكي الى الموصل وعاد في جمادى الآخرة وبين يديه فرس ومركب ذهب خلعه عليه زنكي
وقدم رسول سنجر فخلع عليه وهيئت خلع سنجر بمائة ألف ونيف وعشرين الف دينار فرحل بها ابن الانباري مع رسول سنجر في جمادى الآخرة ثم بعث المسترشد الى بهروز الخادم الى القلعة يقول له انت مقيم ومعك الاموال فينبغي ان تعطينا منها شيئا نفرقه على العسكر فأبى فبعث اليه عسكرا فحاصره ووقع القتال في اول شعبان ثم صانع بانفاذ مال
وفي هذه الايام حبس محمود المؤلد في ممطورة واتهم بأنه يكتب ملطفات
وقدم البقش السلاحي طالبا للخدمة مع المسترشد وهو من اكابر الاتراك وخلع الخليفة على جميع الامراء ثم عرض العسكر يوم عيد الفطر ونودي لا يختلط بالعساكر احد من العوام ومن ركب بغلا او حمارا في هذا اليوم ابيح دمه فما تجاسر احد ان يفعل ذلك وخرج الوزير شرف الدين وصاحب المخزن وقاضي القضاة ونقيب النقباء وارباب الدولة في زي لم ير مثله من الخيل المجفجفة والعسكر اللابس والعدة الحسنة وكل امير يقبل في اصحابه بخلعة الخليفة فكان العسكر خمسة عشر الف فارس سوى من كان غائبا عن البلد ولم ير عيد خرج فيه ارباب المناصب الا هذا
وفي حادي عشر شوال وقع حريق في خان السلسلة الذي عند باب دار الخليفة فتلف مال لا يحصى وسببه ان الخاني طبخ فعلقت النار بشيء وهو لا يعلم فلما علم ظن انه لا يقدر على اطفائه فلم يفتح الباب لأحد فاستوعب النار الكل
وفي هذه السنة عاد طغرل الى همذان ومالت العساكر اليه وتوطد له الملك وانحل امر أخيه مسعود وكان السبب ان الخليفة بعث بخلع الى خوارزمشاه فأشار دبيس على غرل فقال الصواب ان تأخذ هذه الخلع وتظهر أن الخليفة قد نفذها لنا فلا يبقى مع مسعود احد وبعث الخليفة الى مسعود يستحثه على

المجيء ليرفع منه فدخل اصبهان في زي التركمان وخاطر الى ان دخل بغداد في نحو ثلاثين فارسا فبعث اليه التحف الكثيرة ووجدت ملطفات مع قوم الى طغرل فاستكشف الوزير الحال فاذا هي جواب مكتوب قد كتبه طغرل الى الامراء الذين مع الخليفة وقد نفذ لهم خاتمه فلما وقف على ذلك الخليفة قبض على احد الامراء فهرب البقية الى السلطان مسعود ورموا أنفسهم بين يديه وقالوا نحن عبيدك فاذا خذلتنا قتلنا الخليفة فبعث الخليفة يطلبهم فقال قد اجتمعوا بي فلا اسلمهم فقال امير المؤمنين انما افعل هذا لأجلك وانصبك نوبة بعد نوبة ووقع الاختلاف بينهما واختلط العسكر ومدوا ايديهم الى أذى المسلمين وتعذر المشي في المجال فبعث اليه الخليفة يقول له تنصرف الى بعض الجهات وتأخذ العسكر الذين صاروا اليك فرحل يوم الاثنين رابع عشرين ذي الحجة والقلوب غير طيبة فأقام بدار الغربة وتواترت الاخبار بتوجه طغرل الى العراق فلما كان يوم السبت سلخ ذي الحجة نفذ الخليفة الى مسعود الخلع والطوق والتاج وتخوت ثياب وتحف بثلاثين الف دينار وصحبها النقيبان ومرتجى الخادم فلما وصلت الخلع اليه اقام ولم يرحل
وفي هذا الشهر نقضت دار خواجا بزرك على شاطئ دجلة في مشرعة درب زاخل ونقلت آلتها الى دار الخليفة

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
49 - أحمد بن إبراهيم ابو الوفاء الفيروز ابادي وفيروز اباذ احد بلاد فارس سمع الحديث من أبي طاهر الباقلاوي وابي الحسن الهكاري وخدم المشايخ المتصوفين وسكن رباط الزوزني المقابل لجامع المنصور وكانت اخلاقه لطيفة وكلامه مستحلى كان يحفظ من سير الصالحين واخبارهم واشعارهم الكثير وكان على طرائقهم في سماع الغناء والرقص وغير ذلك وكان يقول لشيخنا عبد الوهاب اني لأدعو لك وقت السماع وكان شيخنا يتعجب ويقول أليس هذا يعتقد أن

ذلك وقت اجابة توفي ابو الوفاء ليلة الاثنين حادي عشر صفر هذه السنة وصلى عليه من الغد بجامع المنصور خلق كثير منهم أرباب الدولة وقاضي القضاة ودفن على باب الرباط وعمل له يوم السبت ثالث عشر صفر دعوة عظيمة انفق فيها مال بين جامع المنصور والرباط على عادة الصوفية اذا مات لهم ميت فاجتمع فيها من المتصوفة والجند والعوام خلق كثير
50 - الحسن بن ابراهيم
ابن علي بن برهون ابو علي الفارقي من اهل ميا فارقين ولد بها في سنة ثلاث وثلاثين واربعمائة وتفقه بها على ابي عبد الله محمد بن بيان الكازروني وكان صاحب المحاملي فلما توفي الكازروني قصد أبا اسحاق الشيرازي في سنة ست وخمسين فتفقه عليه قال فنزلت في خان حذاء مسجد ابي اسحاق بباب المراتب وكان يسكنه اصحاب الشيخ ومن يتفقه عليه فاذا كثرنا كنا حوالي العشرين واذا قل عددنا كنا حوالي العشرة وكان الشيخ ابو اسحاق يذكر التعليقة في اربع سنين فيصير المتفقه في هذه الاربع سنين فيها مستغنيا عن الجلوس بين يدي احد وكان يذكر درسا بالغداء ودرسا بالعشي فلما كانت سنة ستين عبرت الى الجانب الغربي الى الشيخ ابي نصر بن الصباغ قرأت عليه الشامل ثم عدت الى ابي اسحاق فلازمته الى حين وفاته سمع ابو علي الحديث من ابي الغنائم ابن المأمون وابي جعفر ابن المسلمة وأبي اسحاق وولي القضاءبواسط واعمالها وسكنها الى حين وفاته وكان زاهدا ورعا مهيبا لا يحابي احدا في الحكومات وكان يتشاغل باعادة العلم مع كبره وكان في آخر عمره يقول لأصحابه اذا حضروا الدرس كررت البارحة الربع الفلاني من المهذب وكررت بارحة الاولى الربع الفلاني من الشامل وكانت حواسه صحاحا وعقله كاملا وتوفي بواسط في محرم هذه السنة وهو ابن ست وتسعين
51 - عبد الله بن محمد
ابن أبي بكر الشاشي ولد سنة احدى وثمانين واربعمائة وسمع ابا عبد الله بن طلحة

النعالي وغيره وتفقه على أبيه وناظر وأفتى وكان فاضلا ظريف الشمائل مليح المحاورة حسن العبارة وحضرت مجلس وعظه وكان ينشئ الكلام المطابق المجانس ويقوله في المجلس سمعته يقول في مجلس وعظه اين القدود العالية والخدود الوردية امتلأت بها العالية والوردية وهذا اسم مقبرتين في نهر معلى وحضر يوما آخر النهار في التاجية للوعظ وكان في السماء غيم فارتجل في الطريق ابياتا وانشدها في آخر المجلس وهي ... قضية اعجب بها قضية ... جلو سنا الليلة في التاجية ... والجو في حلته الفضية ... ضقا لها قعقعة رعدية ... اعلامها شعشعة برقية ... تنثر من أردانها العطرية ... ذائب در ينشر البرية ... والشمس تبدو تارة جلية ... ثم تراها مرة خفية ... كأنها جارية حيية ... حتى اذا كانت لنا العشية ... نضت لباس الغيم بالكلية ... واسفرت في الجهة الغربية ... صفراء في ملحفة ورسية ... كرامة اعرافها شاشية ...
ومن اشعاره ... الدمع دما يسيل من أجفاني ... ان عشت مع البكاء ما أجفاني ... سجني شجني وهمتي سجاني ... والعاذل بالملام قد شجاني ... والذكر لهم يزيد في اشجاني ... والنوح مع الحمام قد اشجاني ... ضاقت ببعاد مهجتي أعطاني ... والبين يد الهموم قد اعطاني ...
توفي ابو محمد ثاني المحرم وصلى عليه بجامع القصر ودفن عند قبر ابيه في تربة أبي اسحاق
52 - عبد الله بن المبارك
ابن الحسن العكبري ابو محمد المقرئ ويعرف بابن نبال سمع ابا نصر الزينبي وابا الغنائم بن ابي عثمان وعاصما وغيرهم وحدث وتفقه على ابي الوفاء بن عقيل

وابي سعد البرداني وكان صحيح السماع من اهل السنة وباع ملكا له واشترى كتاب الفنون وكتاب الفصول لابن عقيل ووقفهما على المسلمين وتوفي ليلة الثلاثاء الثاني والعشرين من جمادى الاولى ودفن بباب حرب
53 - عبد الخالق بن عبد الواسع
ابن عبد الهادي بن عبد الله ابو الفتوح ابن ابي رفاعة الانصاري جمع وحدث وكان جوادا حسن الاخلاق لطيف الشمائل روى عنه اشياخنا وتوفي في شعبان هذه السنة
54 - عبد الواحد بن شنيف
ابو الفرج تفقه على ابي علي البرداني وكان مناظرا مجودا وامينا من قبل القضاة ومشرفا على خزانة السقلاطون وكانت له فطنة عظيمة وشجاعة وقوة قلب حدثني ابو الحسن بن عربية قال كان تحت يده مال لصبي وكان قد قبض المال وللصبي فهم وفطنة فكتب الصبي جملة التركة عنده واثبت ما يأخذه من الشيخ فلما مرض الشيخ احضر الصبي وقال له أي شيء لك عندي فقال والله ما لي عندك شيء لان تركتي وصلت الي بحساب محسوب واخرج سبعين دينارا وقال خذ هذه لك فاني كنت اشتري لك بشيء من مالك وأعود فأبيعه فحصل لك هذا المال وحدثني ابو الحسن قال توفي رجل حشوى بدار القز وكان ابو العباس الرطبي يتولى التركات فكتب اليه الشيخ عبد الواحد تتولى تركة فلان فحضر واعطى زوجته حقها واعطى الباقي ذوي أرحامه وكتب بذلك فكتب ابن الرطبي مع مكتوبه اليه الى المسترشد يخبره بما صنع وانه ورث ذوي الأرحام فكتب المسترشد نعم ما فعل اذ عمل بمذهبه وانما الذنب لمن استعمل في هذا حنبليا وقد علم مذهبه في ذلك وتوفي عبد الواحد في شعبان هذه السنة وخلف مالا كثيرا
55 - محمد بن احمد
ابن علي القطان ويعرف بابن الحلاج قرأ القراآت وحدث عن أبي الغنائم ابن

ابي عثمان وكان خيرا زاهدا كثير العبادة دائم التلاوة حسن الخلق يسكن التوثة من الجانب الغربي وكان الناس يزورونه ويتبركون به كنت ازوره كل سبت وانا صبي فيدعو لي ويقرأ على صدري وتوفي ليلة الاثنين العشرين من جمادى الاولى وصلى عليه شيخنا عبد الوهاب الحافظ ودفن بالشونيزية وكان جمعه متوفرا
56 - محمد بن عبد الله
ابن احمد ابو نصر الارغياني ولد سنة اربع وخمسين واربعمائة وسمع ابا الحسن الواحدي وابا بكر بن خلف وابا علي بن نبهان وابا المعالي الجويني وعليه تفقه وكان متنسكا ورعا كثير العبادة وتوفي بنيسابور في هذه السنة
57 - محمد بن علي
ابن عبد الواحد الشافعي ابو رشيد من اهل طبرستان ولد سنة سبع وثلاثين واربعمائة وحج واقام بمكة مدة وجمع الحديث وحدث بشيء يسير وكان زاهدا منقطعا مشتغلا بنفسه وكان قد ركب البحر فلما وصل الى بعض الجزائر خرج من السفينة وودع أصحابه وقال اريد أن أقيم هاهنا فسألوه أن لا يقيم فلم يفعل فتركوه وذهبوا في البحر فهاجت ريح فردتهم إليه فسألوه ان يمضي معهم فما اجاب فمضوا فهبت الريح مرة اخرى فردتهم اليه كذلك عدة نوب ويسألونه فيأبى فاجتمع التجار اليه وقالوا تسعى في اتلاف نفوسنا واموالنا فانا كلما دفعنا ومضينا ردتنا الريح اليك فاصبحنا في دربند فاذا رجعنا فاقم هاهنا فأجابهم واقام معهم في دربند اياما ورجع الى الجزيرة واقام بها سنتين وكان في الجزيرة عين ماء فكان يشرب منها ويتوضأ ثم رجع الى آمل فسكنها الى ان توفي بها في جمادى الاولى من هذه السنة وقبره بآمل معروف يتبرك به قال بعض أصحابه ذهبت الى الجزيرة التي كان انقطع فيها فرأيت ثعبانا يبتلع ابن آدم كما هو فزرت مع سجوده ورجعت

58 - هبة الله بن عبد الله
ابن احمد بن عبد الله ابو القاسم الواسطي الشروطي من اهل الكرخ ولد

سنة
ثلاث واربعين واربعمائة سمع ابا الغنائم بن المامون وابا الحسين بن المهتدي وابا جعفر ابن المسلمة وابا بكر الخطيب وكان ثقة صالحا فاضلا عالما مقبلا على ما يعنيه توفي في ذي الحجة من هذه السنة
59 - ام المسترشد بالله
توفيت وقت العتمة ليلة الاثنين تاسع عشر شوال هذه السنة واخرجت ليلا فدفنت في الرصافة ومن العجائب انه نفذ تلك الليلة الى ابي القاسم بن السياف في معنى حاجة لأجل الميتة فنفذ معهم ابنا له صغيرا ليعطيهم حاجتهم فدخلوا ومعهم نقاط فوقع من النفط في اعدال قطن فاحترقت وحصل الصبي في الخزانة وحده واحاطت به النار فلم يجد محيصا فاحترق
سنة
ثم دخلت سنة تسع وعشرين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها قد ذكرنا ان امير المؤمنين قال للسلطان مسعود ارحل عنا بأصحابك وانه اقام على دار الغربة متلوما فنفذ اليه الجاولي شحنة بغداد مصانعا له على الخروج وأمر أن هو دافع ان يحط خيمه ثم بعث اليه الخلع في سلخ ذي القعدة ثم احس منه انه قد باطن الاتراك وضربه عند رؤس الحيطان واخرج ارباب الدولة خيمهم فوصل الخبر بان طغرل مات يوم الاربعاء ثالث المحرم فرحل مسعود جريدة فتلاحقه العسكر وأعاد الخليفة سرداقه فوصل مسعود الى همذان واختلف عليه العسكر وانفرد عنه قزل وسنقر وغيرهما واسرى اليهم ففرق شملهم فورد منهم الى بغداد جماعة واخبروا بسوء ضميره منهم البازدار وقزل وسنقر وخرج انوشروان في اصحابه واهله الى خراسان لوزارة السلطان مسعود فالتقى به الامراء الداوودية فأخذوا جميع ما معه

وفي خامس عشر المحرم لقي القاضي الهيتي في طريق مشهد ابي حنيفة فأخذت ثيابه ونعليه وطيلسانه ووقع من البغلة فوهنت يده وقيل انه ضرب بالسيف مرات فلم يعلم فيه بل تقطع كتاب كان في كمه وقيل ان الذي فعل ذلك جماعة من العسكر الخارجين وقيل بل حكم على زنكي فحقد علي ففعل به ذلك
وفي آخر المحرم وصل ابن زنكي وخرج الموكب فاستقبله ومعهم قاضي القضاة والنقيبان ودخل من باب الحلبة في موكب عظيم ونزل فقبل العتبة وقال انا وابي عبيد هذه الدولة وما زالت العبيد تجني والموالي تصفح ونحن بحكم الخدمة في أي شيء صرفنا تصرفنا وبذل ان يسلم مفاتيح الموصل وغيرها الى الخليفة وان يأتي أي وقت امر وبذل الاموال وقيل انه قال هذه والدتي وجماعة من النساء رهائن على ذلك فبعث اليه الاقامة وانزل في الجانب الغربي في دار ابن الحاذوري الملاح
وفي غرة صفر وصل رسول دبيس يقول انا الخاطئ المقر بذنبه فمهما تقدم الى امتثلته فمات رسوله فمضى الى مسعود
ووصل سديد الدولة ابن الانباري من عند سنجر وكان قد تلقى لما مضى من اربعة فراسخ فلما اراد ابن الانباري ان يخلع على سنجر وعلى اولاد اخيه قال ما اريد ان يكون الخلع الا في يوم واحد وتبدأ بالاصحاب واكون انا في الاخير وضرب نوبتية عظيمة خارج البلد وضرب فيها تحت المملكة وجلس وخلع على الامراء والملوك ثم صعد ابن الانباري على التخت فأدى اليه رسالة الخليفة وسلم اليه المكتوب وهو في خريطة فقام قائما ونزل وقبل الارض واعاد فصعد وترك الخريطة على ركبته والبس الخلع والتاج والطوق ثم نزل سديد الدولة فقدم الفرس بالمركب وهو منعل بالذهب وقدم مركب امير المؤمنين بالسيور الفرس الذي يركبه فنزل سنجر وقبل حافر الفرس وعاد فصعد وجرى ذكر طغرل فقال انا اعلم انه اعقل من مسعود واصلح لأمير المؤمنين ولكني قد وليته ولا ارضى لنفسي ان اتغير ثم كتب جواب الكتاب وقال انا العبد المملوك

وفي ربيع الاول وصلت هدايا من بكبه من البصرة فيها القنا وناب الفيل وآبنوس وميس وفي قفصين طاوسان ذكران وانثيان
وفي ربيع الآخر خلع على اثنين وعشرين اميرا من السلاحية ثم تواترت الاخبار بتغير مسعود التغير الكلي وجمع العساكر وان قصده بغداد فبعث الخليفة الى بكبه فوعد بالمجيء ووصل دبيس الى حلوان ومعه عسكر قد تقدمهم مسعود في المقدمة وجمع مسعود العساكر واقطعهم وقطعهم البلاد والعراق وعزم على المجيء الى بغداد وتجهز فلما سمع الخليفة ذلك بعث مقدمته الى المرج وهم الجاولي شحنة بغداد وكجبه وأرغش وجماعة من السلاحية في الفين وخمسمائة فارس وقال تقيمون هناك وتحفظون الطريق الى أن أصل اليكم وبعث الى زنكي وكان على باب دمشق قد حاصرها لما قتل تاج الملوك وولي اخوه وكان صغيرا فطمع فيهم زنكي فبعثوا الى الخليفة حملا كثيرا وخطا بخمسين الف دينار وقالوا ادفع عنا زنكي ونحن نحمل هذا في كل عام فبعث اليه تنح عنهم واخطب للصبي وتعال معه الى العراق حتى اخطب له ونتساعد على مسعود فقال السمع والطاعة وخطب للصبي
واما حديث مسعود فان عمه سنجر بعث اليه بخادم يقول له هؤلاء الامراء الذين معك وهم البازدار وابن برسق وقزل ويرنقش ما يتركونك تبلغ غرضا لأنهم عليك لا معك وهم الذين افسدوا أمر اخيك طغرل فاذا وقفت على المكتوب فابعث الى رؤسهم فأطلعهم على المكاتبة وقال لو أردت بكم سوء لفعلت فقبلوا الأرض وقالوا الآن علمنا انك صافي القلب لنا فابعث دبيسا في المقدمة فلما انفصلوا عنه قالوا ما وراء هذا خير فيجب ان نمضي الى امير المؤمنين فان له في رقابنا عهدا وهذا عقد به الغدر فكتبوا الى امير المؤمنين انا قد انفصلنا عن مسعود ونحن في بلاد ابن برسق فان كان لك نية في الخروج فاخرج فنحن في يديك والا فاخطب لبعض اولاد السلاطين ونفذ به حتى نكون

معه فأجابهم كونوا على ما أنتم عليه فأنا صائر اليكم وتجهز للخروج وبعث سديد الدولة اليم يطيب قلوبهم ويعدهم بالاقطاع ويخبرهم انه في اثره فلما سمع مسعود بذلك رحل في جريدة ليكسبهم فانهزموا من بين يديه يطلبون العراق فأخذ اموالهم ونهب البلاد وسبقهم سديد الدولة الى بغداد مخبرا بالحال فاعتد بالاقامة والتحف والاموال ليتلقاهم
ووقعت زلزلة شديدة ثلاث مرات ببغداد في جمادى الآخرة وقت الضحى حتى تحركت الجدران
فلما كان يوم السبت حادي عشر رجب تقدم امير المؤمنين الى اصحابه بالخروج واخرج نوبتيته فضربها عند الثريا واخرج اصحاب المراتب خيمهم وانزعج اهل بغداد
وعاد دبيس الى مسعود فأخبره بخروج المقدمة وبما الناس عليه فبعث معه خمسة آلاف فارس لينكبسوا على المقدمة فاتوا على غفلة فأخذوا خيلهم واموالهم فأقبلوا عراة ودخلوا بغداد يوم الجمعة سادس عشر رجب فعرج بهم الى دار السلطان وحملت لهم الفروس والاواني والاقامة وبكر الامراء الكبار فجاؤا في دجلة الى بيت النوبة فاكرموا وخلع عليهم الخلع السنية واطلق لهم ثمانوا الف دينار والبرك التام ووعد باعادة ما مضى منهم وفي هذا اليوم قطعت خطبة مسعود لسنجر وداود واستفتى الفقهاء فيما يقابل به مسعود على افعاله فأفتوا بعزله وقتاله فلما كان يوم الاحد اخرج الكوس والعلم والرحل فلما كان يوم الاثنين خرج أمير المؤمنين من باب البشرى وركب في الماء ونز الناس بالسفن واحاط السفينة التي فيها أمير المؤمنين الأمراء والخدم بالسيوف المجذبة وكان في سفينته البازدار على صدر السفينة بيده سيف مجذوب وقزل بين يديه بسيف مجذوب والجاولي واقبال والخواص وصعد عند الدكة فركب ومشى الناس كلهم بين يديه الى

ان دخل السرادق وكان قريبا من فرسخ لأنه كان عند رؤس الحيطان وكان العوام يضجون بالدعاء ويقربون منه فاذا هم الغلمان بمنعهم نهاهم أمير المؤمنين عن المنع ثم رحل يوم الخميس ثامن شعبان في سبعة آلاف فارس وكان مسعود بهمذان في نحو الف وخمسمائة فارس وكان اصحاب الاطراف يكاتبون امير المؤمنين ويبذلون له طاعتهم فتريث في طريقه فاستصلح مسعود اكثرهم حتى صار في نحو خمسة عشر الفا وتسلل جماعة من اصحاب المسترشد فبقي في نحو من خمسة آلاف ونفذ اليه زنكي نجدة فلم تلحق وارسل داود بن محمود وهو باذربيجان رسلا يشير بالميل الى دينور ليوافي الخدمة فلم يفعل المسترشد وضرب المصاف يوم الاثنين عاشر رمضان فلما التقى الجمعان هرب جميع العسكر الذين كانوا مع المسترشد وكان على ميمنته البازدار وقزل ونور الدولة شحنة همذان فحملوا على عسكر مسعود فهزموهم ثلاث فراسخ ثم عادوا فرأوا الميسرة قد غدرت فأخذ كل واحد منهم طريقا واسر المسترشد وأصحابه واخذ ما كان معه من الاموال وكانت صناديق المال على سبعين بغلا اربعة آلاف الف دينار وكان الرحل على خمسة آلاف جمل واربعمائة بغل وكان معه عشرة آلاف عمامة وبر كان وعشرة آلاف قباء وجبة ودراعة وعشرة آلاف قلنسوة مذهبة وثلاثة آلاف ثوب رومي وممزوج ومعنبر ودبيقي ومضى من الناس ما قدروه بعشرة آلاف دينار سوى الخيل والاثاث ونادى مسعود في عسكره المال لكم والدم لي فمن قتل اقدته ولم يقتل بين الصفين سوى خمسة أنفس غلطا ونادى من اقام بعد الوقعة من اصحاب الخليفة ضربت عنقه فهرب الناس فأخذوا بين الجبال اخذتهم التركمان والأكراد ومنهم من افلت عريانا فوصلوا الى بغداد وقد تشققت ارجلهم من الجبال والصخور وبقي الخليفة في الأسر فأما وزيره ابن طراد وصاحب مخزنه ابن طلحة القاضي الزينبي

ونقيب الطالبيين وابن الأنباري فانه بعث بهم الى القلعة وبعث ببكبه شحنة الى بغداد ومعه كتاب الخليفة الى استاذ الدار يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والحمد لله رب العالمين ليعتمد الحسن بن جهير مراعاة الرعية والاشتمال عليهم وحمايتهم وكف الأذى عنهم فقد ظهر من الولد غياث الدنيا والدين متع الله به في الخدمة ما صدق به الخدمة فليجتمع وكاتب الزمام وكاتب المخزن على اخراج العمال الى نواحي الخاص لحراستها فقد ندب من الجناب الغياثي هذا شحنة لذلك وليهتم بكسوة الكعبة فنحن في أثر هذا المكتوب ان شاء الله
فلما كان يوم عيد الفطر نفر أهل بغداد ووثبوا على الخطيب وكسروا المنبر والشباك ومنعوا من الخطبة وخرجوا الى الاسواق يحثون على رؤسهم التراب ويبكون ويصرخون فاقتتل اصحاب الشحنة والعوام وخرج النساء حاسرات يندبن في الاسواق وتحت التاج وكان الشحنة قد عزم ان يجوز في الاسواق فاجتمع العوام على رجمه وهاشوا فاقتتل اصحاب الشحنة والعوام فقتل من العوام مائة وثلاثة وخمسون وهرب ابو الكرم الوالي وحاجب الباب الى دار خاتون ورى اصحاب الشحنة الابواب الحديد التي على السور وفتحوا فيه فتحات واشرفت بغداد على النهب فنادى الشحنة لا ينزل احد في دار احد ولا يؤخذ من احد شيء وانما جئنا لنصلح وان السلطان سائر الى العراق بين يدي امير المؤمنين وعلى كتفه الغاشية قسكن الناس وطلب السلطان من أمير المؤمنين نظر الخادم فانفذ فأطلقه وبعثه اليه واختلف الاراجيف فقوم يقولون ان السلطان ينتظر جواب عمه سنجر وقوم يقولون يصل عن قليل وقوم يقولون ان داود قد عزم على قتال مسعود واستنقاذ الخليفة منه فسار مسعود الى داود الى باب مراغة واخذ الخليفة معه
وزلزلت بغداد مرارا لا أحصيها وكان مبتدأ الزلازل يوم الخميس حادي عشر شوال فزلزلت يومئذ ست مرات ودامت كل يوم خمس مرات او ست مرات الى ليلة الجمعة سابع عشرين شوال ثم ارتجت يوم الثلاثاء النصف من

الليل حتى تفرقعت السقوف وانتثرت الحيطان وكنت في ذلك الزمان صبيا وكان نومي ثقيلا لا انتبه الا بعد الانتباه الكثير فارتج السقف تحتي وكنت نائما في السطح رجة شديدة حتى انتبهت منزعجا ولم تزل الارض تميد من نصف الليل الى الفجر والناس يستغيثون
ثم ان الشحنة والعميد عطلا دار الضرب وعملا دار ضرب عندهم بسوق العميد ودار الشحنة وقبضوا على ابن طوق عامل الجوالي ونفذوا الى ابن الحاجب ضامن العقار فقالوا تجبي العقار وتسلمه الينا وقبضوا على ابن الصائغ متولي التركات الحشرية وقالوا نريد ما حصل عندك من التركات وعوقوا قرى ولي العهد وختموا على غلاتها فافتك ذلك منهم بستمائة دينار حتى اطلقوها وجاء تمر كثير للخليفة فبيع فأخذ العميد والشحنة الثمن وتفاقم الامر واستسلم الناس وانقطع خبر العسكر فلما كان يوم الثلاثاء مستهل ذي القعدة وصل خمسمائة وعشرون ركابيا معهم خط امير المؤمنين الى ولي العهد بوصول رسول سنجر الى مسعود يقول فيه ساعة وقوف الولد العزيز غياث الدينا والدين مسعود على هذا المكتوب يدخل على أمير المؤمنين اعز الله انصاره ويقبل الارض بين يديه ويقف ويسأله العفو عنه والصفح عن جرمه واقدامه ويتنصل غاية التنصل فانه قد ظهرت عندنا من الآثار السمائية والارضية ما لا طاقة لنا بسماع مثلها دون المشاهدة من الرياح العواصف والبروق الخواطف وتزلزل الارض ودوام ذلك عشرين يوما وتشويش العساكر وانقلاب البلدان ولقد خفت على نفسي من جانب الله تعالى وظهور آياته وجانب المخلوقين والعساكر وتغيرهم علي وامتناع الناس من الصلاة في الجوامع وكسر المنابر ومنع الخطباء ما لا طاقة لي بحملها فالله الله تتلافى امرك وتحقن دم المسلمين وتعيد أمير المؤمنين الى مستقر عزه وتسلم اليه دبيسا ليرى فيه رأيه فانه هو الذي احوج امير المؤمنين الى هذا واحوجنا ايضا نحن الى مثل هذا وعجل ولا تتأخر وتعمل له البرك وتنصب له السرادق وتضرب له التخت وتحمل له الغاشية بين يديه انت وجميع الأمراء

كما جرت عادتنا وعادة آبائنا في خدمة هذا البيت فلما وقف على هذا المكتوب نفذ بالوزير شرف الدين انوشروان ومعه نظر فاستأذنا له فأذن له فدخل وقبل الارض بين يديه ووقف معتذرا متنصلا يسأل العفو والصفح عن جرمه وامير المؤمنين مطرق ساعة ثم رفع رأسه فقال قد عفى عن ذنبك فاسكن الى ذلك وطب نفسا وكان قد ضرب له السرادق فضرب له فيه سدة عالية ليجلس عليها فقدم له فرسا لم يكن عند مسعود من خيل أمير المؤمنين اللاتي اخذت سواه واقسم انني لم يصل عندي من خيل أمير المؤمنين سواه وسأله الركوب الى السرادق الذي قد ضرب له فنهض وركب وسار وبين الموضعين نصف فرسخ ومسعود بين يديه على كتفه الغاشية يحملها ويده في يازكة اللجام وجميع الامراء يمشون بين يديه الى ان دخل السرادق وجلس على التخت الذي ضرب له ووقف السلطان بين يديه والامراء زمنا طويلا ثم انه تقدم بالجلوس فأبى ثم سأل أمير المؤمنين ان يشفعه في دبيس فأجابه الى ذلك فجاؤا به مكتوفا بين أربعة أمراء اثنا من جانب واثنان من جانب ويداه مكتوفتان ومع احد الموكلين سيف مجذوب وبيد الآخر شقة بيضاء فرموا به بين يدي السرير والقي السيف والشقة عليه وقالوا كذا امرنا ان نفعل به فقال مسعود يا امير المؤمنين هذا هو السبب الموجب لما جرى بيننا فاذا زال السبب زال الخلاف وهو الآن بين يديك فمهما تأمر يفعل به وهو يتضرع ويبكي بين يدي السرير ويقول العفو عند المقدرة وانا اقل من هذه الحال فعفا عنه وقال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وتقدم بحل يديه وسأل دبيس السلطان ان ينعم عليه امير المؤمنين بتقبيل يده فأخذها وقبلها وأمرها على صدره ووجهه ونحره وقال يا أمير المؤمنين بقرابتك من رسول الله الا ما عفوت عني وتركتني اعيش في الدنيا عيشا هنيئا فان الذل والخوف منك قد أخذ مني بالحظ الاوفر فاجابه الى ذلك
وأما بكبه الشحنة فانه اقام رجالا لنقض سور بغداد وقال قد ورد منشور بذلك

فنقضت مواضع كثيرة وكلف اهل الجانب الغربي الاجتماع على نقضه وقال انتم عمرتموه بفرح فانقضوه كذلك وضربت لهم الدبادب وجعلوه طريقا لهم واعادوا الباب الحديد الذي اخذ من جامع المنصور الى مكانه فلما اهل هلال ذي القعدة وصل رسول من سنجر يستحث مسعودا على اعادة الخليفة الى بغداد ووصل معه عسكر عظيم ووصل معه سبعة عشر من الباطنية فذكر بعض الناس انه ما علم انهم معه والظاهر خلاف ذلك وانهم دبروا في قتله وافردوا خيمة من خيمهم فخرج السلطان ومعهم العسكر ليلقى الرسول فهجمت الباطنية على أمير المؤمنين فضربوه بالسكاكين الى ان قتلوه وقتلوا معه جماعة من أصحابه منهم ابو عبد الله بن سكينة وذلك في يوم الخميس سابع عشر ذي القعدة فركب العسكر واحتاط بالسرادق وخرج القوم وقد فزعوا فقتلوا وقيل انهم احرقوا وجلس السلطان للعزاء ووقع النجيب والبكاء وكان ذلك على باب مراغة وغطى بسندسه الى أن دفن بمراغة ووصل الخبر الى بغداد ليلة السبت سادس عشرين من الشهر فاحترس الراشد وقبض على جماعة من اهله واخوته فوقع البكاء والنحيب واغلق البلد وكشطت البواري التي على باب النوبي ونقض بعض دكة حاجب الباب واحضر الناس طول الليلة للمبايعة وبات استاذ الدار ابن جهير وصاحب الديوان ابو الرضا وحاجب الباب ابن الحاجب في صحن السلام وكان الانزعاج في الدار طول الليل فلما اصبحوا وقع البكاء والنحيب في البلد وخرج الرجال حفاة مخرقين الثياب والنساء منشرات الشعور يلطمن وينظمن الاشعار التي من عادتهن قول مثلها في احيان اللطم واشعار النساء البغداديات اللاتي ينظمنها في وقت اللطم طريقة الغناء وان كانت على غير صواب اللفظ وكان مما لطمن به ان قلن ... يا صاحب القضيب ونور الخاتم ... صار الحريم بعد قتلك مأتم ... اهتزت الدنيا ومن عليها ... بعد النبي ومن ولي عليها

قد صاحب البومه على السرادق ... يا سيدي ذا كان في السوابق ... ترى تراك العين في حريمك ... والطرحة السودا على كريمك ...
وقعد الناس للعزاء في الديوان ثلاثة أيام وتولى ذلك ناصح الدولة ابن جهير وابو الرضا صاحب الديوان وحاجب الباب ابن الصاحب
فلما كان في اليوم الثالث تقدم الى الناس ان يعبروا بباب المسنية ويلبسوا ثياب الهناء ويحضروا البيعة بباب الحجرة فحضروا يوم الاثنين سابع عشرين ذي القعدة

باب ذكر خلافة الراشد بالله
واسمه منصور ويكنى ابا جعفر بن المسترشد عهد اليه ابوه وقيل انه هم بخلعه فلم يقدر ذلك وكان ببغداد حين قتل المسترشد بباب مراغة فكتب السلطان مسعود الى الشحنة الذي من قبله ببغداد واسمه بكبه ان يبايع الراشد فجاء اصحابه كالعميد والضامن وجرت مراسلات ليدخل الى الدار فاستقر أن يقوم من وراء الشباك مما يلي الشط وجلس الراشد في المثمنة التي بناها المقتدي في الشباك الذي يلي الشط وبايعه الشحنة من خارج الشباك وذلك يوم الاثنين سابع عشرين من هذا الشهر بعد الظهر وحضر الخلق من العلماء والقضاة والشهود والجند وغيرهم وظهر للناس وكان ابيض جسيما يشوبه حمرة مستحسنا وكان يومئذ بين يديه اولاده واخوته وسكن الناس ونودي في الناس ان لا يظلم احد احدا وان يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر ومن كانت له مظلمة فليشكها الى الديوان النبوي وفتح باب المخزن الذي سد وسكن الناس الا ان النقض في السور واستيفاء الارتفاع من البلدان والتصرف القبيح من غير معترض
فلما كان يوم الأربعاء تاسع عشرين من ذي القعدة نادى اصحاب الشحنة ان يدعى الناس من المظالم اليهم فارتابت قلوب الناس لذلك وانزعجوا في ثاني ذي

الحجة واقيمت الدعوة والخطبة بالجوامع ومضى الى كل جامع حاجب وخادم وأتراك وأقاموا الخطبة للراشد ونثرت الدنانير وجلس ابن المطلب وابن الهاروني في المخزن ينظران نيابة وجلس ابو الرضا بن صدقة في الديوان نيابة وكان حاجب الباب ابن الصاحب في الباب لم يتغير فلما كان يوم الاثنين خامس ذي الحجة حضر الناس ببيت النوبة وجلس الراشد وسلم الى حاجب الباب انهاء فأخذه ونهض قائما فقرأه وكان فيه بسم الله الرحمن الرحيم لما اجل الله محل أنبيائه وجعله نائبا عنه في ارضه امرا في سمائه وارتضاه خليفة على عباده وعاملا بالحق في بلاده تقدم بتصفح ما كان يجري على أيدي النواب في الايام المسترشدية سقاها الله رحمة مستهلة السحاب وما عساه كان يتم من افعالهم الذميمة فوقف من ذلك على سهم المطالبة بغير حق فاقتضى رأيه الشريف التقدم برفع المطالبة عنهم وابرز كل ما وجدوا وعز برده على أربابه ليحظى الامام الشهيد بزلفى ثوابه وليعلم الخاصة والعامة من رأي أمير المؤمنين ايثاره رضا الله سبحانه واخرج من باب الحجرة اكياس فيها حجج الناس ووثائقهم وما كتب عليهم وما اخذ منهم فاعيد على اربابه وشهد الشهود على كل منهم انه قد أبرأ أمير المؤمنين مما يستحقه في ذمته وتقدموا الى خازن المخزن باخراج ما عنده من الوثائق فانصرف الناس يدعون لامير المؤمنين ويترحمون على الماضي وكان المتولي لقراءة الكتب وتسليمها الى اربابها كثير بن شماليق ثم حضر الناس يوم الخميس وجرت الحال كذلك وحضر يومئذ القاضي ابن كردي قاضي بعقوبا فتظلم وكانت له هناك وثائق وقال ما ظلمني الا ابن الهاروني وان امير المؤمنين لم يأخذ مني شيئا فكتب صاحب الخبر بذلك فخرج الانهاء بعزله وقال الراشد هذا القاضي قد كذب وفسق فان المسترشد كان يأمر ابن الهاروني فلما كان يوم الجمعة تاسع ذي الحجة صلى على المسترشد في بيت النوبة ونودي في بغداد بالصلاة عليه فحضر الناس فلم يسعهم المكان وام الناس الراشد وخرج الناس في العيد

على العادة وتكاثر الناس على المسترشد عند رؤية الاعلام والموكب
وفي يوم الاحد حادي عشر ذي الحجة قلد ابن جهير الوكالة وصاحب المخزن وجعل ابنه استاذ الدار ووصل يوم الاثنين ابن اخت دبيس في جمع ودخل على الخليفة مبايعا ومعزيا وقعد ابن الترسي في المخزن يفرق على الناس الذهب عوضا عن مشاهراتهم من الطعام لانه لم يكن في الخزائن طعام وفي هذه الايام مضى الى زيارة علي ومشهد الحسين عليهما السلام خلق لا يحصون وظهر التشيع

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
60 - احمد بن محمد
ابن احمد بن الحسين بن عمر ابو المظفر بن ابي بكر الشاشي تفقه على ابيه وسمع واختر مته المنية قبل زمان الرواية وتوفي في رجب هذه السنة ودفن في داره برحبة الجامع
61 - اسمعيل بن عبد الملك
ابن علي ابو القاسم الحاكمي سمع بنيسابور من ابي حامد الازهري وابي صالح المؤذن وغيرهما وتفقه على ابي المعالي الجويني وبرع في الفقه وكان ورعا وكان رفيق ابي حامد الغزالي وكان اكبر سنا من الغزالي وكان الغزالي يكرمه ويخدمه وتوفي بطرسوس في هذه السنة فدفن الى جانب الغزالي
62 - ثابت بن منصور
ابن المبارك ابو العز الكيلي سمع الكثير وكتب الكثير ورورى عن ابي محمد التميمي وابي الغنائم بن ابي عثمان وعاصم ووقف كتبه قبل موته وتوفي في هذه السنة وقيل في السنة التي قبلها
63 - دبيس بن صدقة
ابن منصور بن دبيس بن علي ابن مزيد ابو الاغر الاسدي كان ابوه يحفظ الذمام

فلما ولي المسترشد مضى اليه الأمير ابو الحسن ظنا انه على طريقة أبيه فأسلمه وجرت له وقائع مع المسترشد بالله وكان ينهب القرى ويزعج البلاد وقد سبق ذكر افعاله فلما قتل المسترشد عزم دبيس على الهرب ووجد له ملطفة قد بعثها الى زنكي يقول له لا تجيء واحفظ نفسك فبعث اليه السلطان غلاما أرمنيا من سلاحيته فوقف على رأسه وهو ينكت الارض باصبعه فما احس به حتى ضربه ضربة ابان بها رأسه وقيل بل قتل بين يدي السلطان وكان بين قتل المسترشد وقتله ثمانية وعشرون يوما
64 - طغرل بن محمد
ابن ملك شاه توفي بباب همذان يوم الاربعاء ثالث محرم هذه السنة
65 - علي بن الحسن
ابن الدر زيجاني كان شديد الورع كثير التعبد وجرت مسألة المستحيل هل يدخل تحت القدرة فقال يدخل فانكره شيخنا ابو الحسن الزاغوني عليه وجرت بينهما ملاعنات وبلغ الامر الى الديوان وكان لقلة علمه يظن ان المستحيل يتصور وان القدر يعجز عنه والعجب ممن يدخل نفسه في شيء ليس من شغله توفي يوم الاحد حادي عشر ربيع الآخر وصلى عليه في جامع القصر وتبعه خلق كثير الى مقبرة باب حرب فدفن هناك
66 - الفضل ابو منصور المسترشد بالله
امير المؤمنين كان له همة عالية وشجاعة واقدام وكان يباشر الحروب وقد ذكرنا حروبه وما يدل على شجاعته وما آل امره اليه من هجوم الباطنية عليه وقتلهم اياه في يوم الخميس سابع عشر ذي القعدة على باب مراغة وهناك دفن ووصل الخبر الى بغداد ليلة السبت سادس عشرين هذا الشهر فقعد له للعزاء به ثلاثة ايام وكان

عمره خمسة واربعين

سنة
وشهورا وكانت خلافته سبع عشرة سنة وثمانية اشهر واياما
67 - محمد بن محمد
ابن يوسف ابو نصر القاساني من اهل مرو وقاسان بالسين المهملة قرية من قرى مرو ولد سنة اربع وخمسين واربعمائة وسمع الحديث من جماعة وتفقه وافتى وحدث وكان غزير الفضل عفيفا ورعا ورد بغداد حاجا بعد الخمسمائة وتوفي في محرم هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها ان الراشد خلع على بكبه الشحنة خلعة تامة وعلى العميد وذلك يوم السبت غرة المحرم ووصل الخبر بقتل دبيس فتعجب من تقارب موت المسترشد وقتل دبيس وتفكروا في ان قتل المسترشد كان سبب قتله لأنهم انما كانوا يتركونه ليكون في وجد المسترشد وفي ثامن عشر المحرم وصل عفيف بجند ووصل يرنقش الزكوي وقال لامير المؤمنين اعلم انه قد جاء في امور صعبة منها انه مطالب بخط كتبه المسترشد لمسعود ليتخلص بمبلغ هو سبعمائة ألف دينار ومطالب لأولاده صاحب المخزن بثلاثمائة الف ومسقط على اهل بغداد خمسمائة الف وذلك من الامور الصعبة فلما سمع الراشد بذلك استشار ارباب الدولة فاشاروا عليه بالتجنيد فكتب الخليفة الى يرنقش اما الاموال المضمونة فانما كانت لاعادة الخليفة الى داره سالما وذلك لم يكن وان مطالب بالثار واما مال البيعة فلعمري الا انه ينبغي ان تعاد الى املاكي واقطاعي حتى يتصور ذلك واما ما يطلبونه من العامة فلا سبيل اليه وما بيننا الا السيف ثم احضر الشحنة وخلع عليه واعطاه ثلاثة آلاف دينار وقال دون بهده عسكرا وجمع العساكر وبعث الى يرنقش يقول له قد علمنا في أي امر جئت وقد كنا تركنا البلد مع الشحنة

والعميد ولم نعارضهما فلما جئت انت بهذه الامور الصعبة فما بيننا وبينك الا الممانعة وانزعج اهل بغداد وباتوا تحت السلاح وحفظ اهل البلد ونقل الناس الى دار الخليفة ودار خاتون وقيل للخليفة انهم قد عزموا على كبس البلد وقت الصلاة فركب العسكر وحفظ الناس البلد وقطع الجسر وحمل الى باب الغربة وجرى في اطراف البلد قتال شديد ثم اصبح العسكر قد انقشعوا عن البلد واصبح الناس يتشاغلون بعمارة السور
وفي مستهل صفر وصل زنكي ويرنقش البازدار واقبال واياز صاحب محمود وعليهم ثياب العزاء وحسنوا للراشد الخروج فاجابهم واستوزر ابا الرضا ابن صدقة واجتمعوا على حرب مسعود وجاء داود بن محمود بن محمد واقام بالمزرفة فلما كان يوم الثلاثاء رابع صفر دخل داود دار المملكة واظهر العدل فبعث الراشد ارباب الدولة اليه ومعهم هدية فقام ثلاث مرات يقبل الارض ووصل صدقة بن دبيس في ثاني عشر صفر وقبل الارض بازاء التاج وقال انا العبد ابن العبد قد جئت طائعا لامير المؤمنين وكان ابن خمس عشرة سنة
فلما كان يوم الجمعة رابع عشر صفر قطعت خطبة مسعود وخطب لداود وقبض على اقبال الخادم ونهب ماله وانزعج العسكر لاجله ونفذ زنكي وقال هذا جاء في صحبتي وبقولي ولا بد من الافراج عنه ووافقه على ذلك البازدار وغضب كجبه فمضى وخافوا وجاء اصحاب البازدار فخربوا عقد السور واشرف البلد على النهب وغلا السعر وجاء زنكي فضرب بازاء التاج وسأل في اقبال سؤالا تحته الزام فأطلق فخرج يوم الاثنين من باب العامة وعلى رأسه قلنسوة كبيرة سوداء وعليه فروة في زي المكارية فمضى الى زنكي فوقعت الصيحة في الدار وأخذ استاذ الدار والبوابون ووكل بهم وقيل كيف جرى هذا وكان السلطان مسعود قد افرج عن ارباب الدولة وهم الوزير علي بن طراد وابن طلحة وقاضي القضاة ونقيب الطالبيين ابو الحسن بن المعمر وسديد الدولة ابن الانباري فاما النقيب فتوفي حين حط من القلعة واما قاضي القضاة

فانحدر الى بغداد فدخل على غفلة واقام الباقون حتى وردوا مع مسعود الى العراق وقبض الراشد على استاذ داره ابي عبد الله بن جهير وقيل انه وجدت له مكاتبات الى دبيس فقوى استشعار الناس وخافوا من الراشد وفي يوم الخميس ثاني عشر ربيع الاول مضى الموكب الى زنكي وعاد سوى الوزير وصاحب الديوان فمن الناس من يقول قبض عليهما ومنهم من يقول انه خلا بهما وعنفهما وقال ما هذا الرأي فقال أبو الرضا ما يقبل مني والآن فقد استجرت بك فمالي رأي في العود فقال اجلس فأنت آمن على نفسك ومالك ثم نفذ زنكي الى الراشد يقول اريد المال الذي اخذ من اقبال وهو دخل الحلة وذاك مال السلطان ونحن نحتاج الى نفقة وتردد القول في ذلك ثم نفذ الراشد الى ابن صدقة كل ما اشير به يفعل ضده وقد كان هذا الخادم اقبال بازاء جميع العسكر وأشرت ان لا يقبض عليه فما قبل وانا لا أوثر ان تتغير الدولة وينسب الي فان هذا الملعون ابن الهاروني قصده اساءة السمعة وهلاك المسلمين وهو السبب في جميع ما جرى فقبض على ابن الهاروني يوم الخميس ثامن عشر ربيع الاول وجاء رسول زنكي فلقي الخليفة وشكا مما جرى من ابن الهاروني وتأثيراته في المكوس والمواصير وقال الخادم يسأل أن يسلم اليه ليتقرب الى الله بدمه فقال له ندبر في ذلك ثم تقدم في بكرة الاحد حادي عشرين الشهر الى ابي الكرم الوالي بقتله فقتل في الرحبة وصلب على خشبة قصيرة ومثل به العوام فلما جن الليل أخذه اهله وعفوا اثره وظهرت له من الاموال والاثاث واواني الذهب والفضة امر عظيم ووصل الى الخليفة من ماله مائتا الف وكانت له ودائع عند القضاة والتجار
وفي ثاني ربيع الآخر اقطعت جميع اموال الوكلاء وكان السبب ان زنكي طلب من الخليفة مالا يجهز به العسكر ليحدرهم الى واسط فقال الخليفة البلاد معكم وليس معي شيء فاقطعوا البلاد ثم استقر أن يدفع الى زنكي ثلاثين الفا مصانعة عن البلاد ويرد اليهم

وفي سادس عشر هذا الشهر بات الحرس تحت التاج يحفظونه استشعارا من زنكي ثم ان زنكي اشار على ابن صدقة ان يكون وزير داود فأجاب فخلع عليه وولى ابو العباس بن بختيار المانداني قضاء واسط واستوثق زنكي باليمين من الراشد ثم جاء فعاهده وقبل يده وبعث الخليفة الى ابي الرضا بن صدقة فأشار عليه بالعود فجاء ففوض الامور كلها اليه ثم تقدم الى السلطان داود والامراء الى قتال مسعود وهم ألبقش وزنكي والبازدار وبكبه فساروا فوصلهم الخبر ان مسعود رحل يطلب العراق فبعث الراشد فرد الامراء والسلطان وضرب نوبتيته واستحلفهم وقال اريد أن أخرج معكم وكان ذلك في يوم الثلاثاء ثاني عشرين شعبان فلما كان يوم الاربعاء خرج الراشد فركب في الماء وصعد مما يلي باب المراتب وسار الناس بين يديه حتى نزل السرادق ثم جدد اليمين على الامراء فلما كان بعد يومين اشار عليه زنكي بان يضرب عند جامع السلطان على دجلة ففعل فلما كان عشية الاحد رابع رمضان جاء جاسوس لزنكي فقال قد عزم القوم على الكبسة فرحل هو واصحابه والخليفة وضربوا داخل السور وخرج هو في الليل جريدة سبعة آلاف ليضرب عليهم فرحلوا عن ذلك المنزل واصبح الناس على الخوف وتسلح العامة وعملوا في السور وكان الامراء ينقلون اللبن على الخيل منهم البازدار وبكبه وهما نقضاه وجاءت ملطفات الى جميع الامراء من مسعود فأحضروها جميعا وجحد ذلك شحنة بغداد وكتب جوابها الى مسعود فأخذه زنكي فغرقه وفي يوم الخميس ثامن رمضان اخرجوا من دار الخليفة مصراعين حديدا فحملت على العجل الى هناك ونصبت على باب الظفرية في السور فلما كان عشية الاحد حادي عشرين رمضان مضى من اصحاب مسعود جماعة فنزلوا قريبا من المزرفة فعبر اليهم زنكي فهربوا فلما كان يوم الاربعاء جاء عسكر كثير الى باب السور فخرج اليهم رجالة وخيل ووقع القتال وجاء جماعة من الامراء من عند مسعود الى الخليفة يستأمنون فقبلهم وخلع عليهم وكان زنكي لا يستخدمهم ويقول استريحوا من تعبكم حتى ينقضي هذا

البيكار وفي عشرين رمضان وصل رسول من عند مسعود يطلب الصلح يقول انا الخادم فقرئت الرسالة على الامراء فأبوا الا المحاربة وكثر العيارون وأخذوا المال قهرا وجلسوا في المحال يأخذون من البزازين وبكر الناس لصلاة العيد مستهل شوال الى جامع القصر ولم يخرج موكب كما جرت العادة بل اعيدوا داخل السور موضع المخيم بلى ان الطبول ضربت كما جرت العادة داخل الدار وعلى باب الدار ليلة العيد وعيد كل انسان في مخيمه وعيد الخليفة على باب السرادق وكان الخطيب ابن التريكي ونفذ الى كل امير ما يخصه من المأكول من غير أن يمدوا سماطا ووصل في هذا اليوم اصحاب مسعود الى الرصافة فدخلوها ودخلوا الجامع فكسروا له ابوابه ونهبوا ما كان فيه من رحل المجاورين وكسروا شبابيك الترب وبالغوا في الفساد وفي يوم السبت ثاني شوال وقع بين اهل باب الازج والمأمونية وقتل منهم ثلاثة ثم كثر فساد العيارين ففتكوا وقتلوا حتى في الظفرية ودخلوا الى دكاكين البزاز يطالبونهم بالذهب ويتهددونهم بالقتل فرتب شحنة وست شحنات بالمحال ورتب على كل محلة شحنة واقيم له نزل على اهل المحلة فضجوا وقالوا ما برحنا من العيارين وفي ثاني عشر شوال صلب اثنا ن في درب الدواب من العيارين بسبب أنهما جبيا الدرب وفي ثامن عشرة سد على باب السور الذي على باب السلطان بآجر وطين وكان السبب أن العسكر خرجوا يطاردون فغدر منهم جماعة ومضوا الى مسعود
وفي تاسع عشره قبض على ابن كسبرة واخذ اخذة هائلة ووكل به وكبس بيته واثبت جميع ما فيه فلما كانت ليلة الاربعاء اخرج وقت ضرب الطبل ونصبت له خشبة في الرحبة واخذ مع امرأة مسلمة كان يتهم بها وكانت مستحسنة فجيء بحلة من قصب وجعلت المرأة فيها وضربها النفاط بالنار فاحترقت الحلة وخرجت المرأة هاربة عريانة فعفي عنها وقد نالها بعض الحريق وقدم هو ليقتل وقيل للقاتل اعرض عليه الاسلام فقال أخشى ان اقتل بعد ذلك فاسلم فآمنوه

وجاء ركابي لزنكي فأخذه العيارون فقتلوه فشكا ذلك زنكي وقال أريد أن اكبس الشارع والحريم على العيارين فاطلق في ذلك فنهب الشارع والحريم واخذ ما قيمته خمسمائة الف دينار من الا بريسم والثياب والذهب والفضة والمصاغ وكان فيه ودائع اهل حنيفة والرصافة والمحال والقرى
وفي غرة ذي القعدة احضر الغزنوي فنصب له منبر فتكلم عند السرادق وكان السبب ضيق صدر وجده أمير المؤمنين واستغاث الناس ليطلقوا في الخروج فقيل لهم ينبغي ان تصرفوا نفقاتكم الى الجهاد بين يدي امير المؤمنين ونفذ مسعود عسكرا الى واسط فأخذها والنعمانية فنهبها وضرب بقاع جازر فمضى البازدار فجلس بازائة ونفذ الراشد العساكر ومضى سيف الدولة يطلب الحلة ونودي لا يبقى ببغداد من العسكر احد فرحل الناس وخرج الراشد فضرب بصرصر واستشعر بعض العسكر من بعض فخشي زنكي من ألبقش والبازدار فعاد الى ورائه فرجع اكثر العسكر منهزمين ودخل الراشد بغداد وقيل ان السلطان مسعود كاتب زنكي سرا وحلف له انه يقاره على بلاده وعلى الشام جميعه وكاتب الامراء وقال من منكم قبض على زنكي وقتله اعطيته بلاده فعرف زنكي ذلك فأشار على الراشد ان يرحل صحبته
وفي ثاني ذي القعدة قبض على استاذ الدار ابن جهير وعلى صاحب المخزن وعلى خليفة الدويتي وعلى ابن فسه الناظر في نفقة المخزن وخلع على منكوبرس ثم جلس ابو الفتوح بباب السرادق فاستغاث اليه الحاج فأجيبوا بمثل ما قيل لهم قبل ذلك فلما كانت ليلة السبت رابع عشر ذي القعدة خرج الخليفة من باب البشرى وسار ليلا وزنكي قائم ينتظره فدخل دار يرنقش ولم ينم الناس واصبحوا على خوف شديد فأخرجت خاتون اصحابها فحفظت باب النوبي وظهر ابو الكرم الوالي وحاجب الباب فسكنوا الناس وخرج ابو الكرم يطلب الخليفة فأخذ وحمل الى مسعود فأطلقه وسلم اليه البلد ورحل الراشد يوم السبت حين طلعت عليه الشمس ولم يصحبه شيء من آلة السفر لأنه لما بات في دار يرنقش اصبحوا

فقال لهم اليوم مقام فقضوا اشغالكم فعبر ريحان الخادم ليحمل له طعاما وعبر ابن الملقب ليفصل له ثيابا واهتم السفارون والمكارية بما يصلحهم فرحل على غفلة فهموا بالعبور ولم يقدروا ودخل مسعود الى بغداد يوم الاحد خامس عشر الشهر ونهبت دواب الجند وكان الخليفة قد سلم الدار ومفاتيحها الى خاتون ووصل صافي الخادم فقال ان الخليفة لم يفعل صوابا بذهابه وان السلطان له على نية صالحة وسكن الناس ولم ينقطع ضرب الطبل وايقاد المنار وكان اصحاب خاتون يقصدون باب النوبي للخدمة ولما دخل السلطان بغداد اظهر العدل وشحن المحال ومنع النزل والنهب واستمال قلوب الناس وجمع القضاة والشهود عند السلطان مسعود وقدحوا في الراشد وتولى ذلك الزينبي وقيل لم يقدحوا فيه انما اخرج السلطان خطه وكان قد كتب مع بكبه انني متى جندت او خرجت فقد خلعت نفسي من الامر فشهد الشهود ان هذا خط الخليفة والاول اظهر واحكم الوزير علي بن طراد النوبة واحضر الفقهاء والقضاة وخوفهم وهددهم ان لم يخلعوه وكتب محضر فيه ان ابا جعفر بن المسترشد بدا من افعاله وقبح سيرته وسفكه الدماء المعصومة وفعل ما لا يجوز معه ان يكون اماما وشهد بذلك ابن الكرجي والهيتي وابن البيضاوي ونقيب الطالبيين وابن الرزاز وابن شافع وروح ابن الحديثي وقالوا ان ابن البيضاوي شهد مكرها وحكم ابن الكرجي قاضي البلد بخلعه يوم الاثنين سادس عشر الشهر بحكم الحاكم وولي المقتفي

باب ذكر خلافة المقتفي بالله
واسمه محمد بن المستظهر بالله ويكنى ابا عبد الله وولي من اولاد المستظهر المسترشد والمقتفي وهما اخوان وكذلك السفاح والمنصور اخوان والهادي والرشيد اخوان والواثق والمتوكل ابنا المعتصم اخوان واما ثلاثة اخوة فالأمين والمأمون والمعتصم بنو الرشيد والمكتفي والمقتدر والقاهر بنو المعتضد والراضي والمتقي والمطيع بنو المقتدر فاما اربعة اخوة فلم يكن الا الوليد وسليمان ويزيد وهشام بنو عبد الملك ولد المقتفي في ربيع الاول سنة وتسع وثمانين وامه

ام ولد اسمها نسيم وكانت جارية صفراء يقال لها ست السادة وكان يضرب بها المثل في الكرم وسمع الحديث من مؤدبه ابي الفرج عبد الوهاب بن هبة الله بن السيبي وحدثنا الوزير ابو الفضل يحيى بن هبيرة قال بويع المقتفي بعد أن خلع الراشد ووزر له علي بن طراد ثم ابو نصر المظفر بن علي بن جهير ثم ابو القاسم علي بن صدقة بن علي بن صدقة ثم ابو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة وكان القضاة في زمانه ابو القاسم الزينبي ثم ابو الحسن الدامغاني وكانت بيعة المقتفي العامة يوم الاربعاء ثامن عشر ذي القعدة وجمع القضاة والشهود بعد ذلك فاطلعوهم على شيء من المنكر ونسبوه الى الراشد وخطب يوم الجمعة العشرين من ذي القعدة للمقتفي ومسعود ولم ينثر كما جرت العادة وانما لقب المقتفي لسبب فانه وجد بخط ابي الفرج بن الحسين الحداد قال حكى بعض من اثق به ان المقتفي رأى في منامه قبل ان يلي بستة ايام رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يقول له سيصل هذا الأمر اليك فاقتف بي فتلقب المقتفي لأمر الله ثم ان السلطان مسعود بعد أن أظهر العدل ونادى بازالة النزل من دور الناس ونهى عن النهب بعث فأخذ جميع ما كان في دار الخلافة من خيل وبغال واثاث وذهب وفضة وزلالي وستور وسرادق وحصر ومساند وطالب الناس بالخراج والبرات ولم يترك في اصطبل الخاص سوى اربعة ارؤس من الخيل وثلاثة من البغال برسم الماء فقيل انهم أخذوا ذلك ليحبسوا مما تقرر على الخليفة وقيل بل بايعوا على ان لا يكون عنده خيل ولا آلة سفر وأخذوا جواري خادمات وغلمان وكان ابن الداريح ينوب عن العميد فضمن اطيان سلاحية الخليفة بمائة الف دينار فأخذت أموالهم ومضت خاتون الى السلطان تستلطفه فاجتازت بالسوق وبين يديها القراء والاتراك وكان عندها جهات الراشد واولاده فعادت وقد تحرر جميع ما كان للخليفة من بلاده وفي خامس ذي الحجة قدم ابن دبيس فتلقى من عند صرصر بكاس من عند السلطان فشربه وهو يبكي ويرتعد فبعث اليه فرس ومركب ودخل الى السلطان وخرج سالما وفي تلك

الليلة جاءت اصحاب السلطان الى صاحب المخزن يطالبونه بما استقر عليهم فأدخلهم الى دار الخلافة ودخل الى حجر المسترشد والراشد واظهر نساءها وسراريهما وامرهما بالكلام واظهار ما عندهن من المال وقال لاصحاب السلطان خوفوهن وامر بكشف وجوههن فأخذوا تلك الليلة ما قدروا عليه من حلي ومتاع ثم ان السلطان ركب سفينة ودخل على أمير المؤمنين المقتفي في تاسع ذي الحجة فبايعه وقلد الوزير شرف الدين ديوان الخليفة وكان قد قرر عليه مائة الف وعشرين الف دينار
وفي يوم الجمعة حادي عشر ذي الحجة وصلت الاخبار بان الراشد دخل الى الموصل وفي رابع عشر الشهر اذن المقتفي في بيع عقاره وتوفية السلطان ما استقر عليه من الاموال ورفع المصادرة عن الناس وكانت قد كثرت فلم يتجاسر احد يشتري وتقلد صاحب المخزن وزارة خاتون ومضى الى خدمتها وقلد الطاهر ابو عبد الله احمد بن علي بن المعمر نقابة الطالبيين مكان أبيه
ونهب عسكر زنكي في طريقهم باوانا

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
68 - احمد بن هبة الله
ابن الحسين ابو الفضل الاسكاف المقرئ ويعرف بابن العالمة بنت الداري ولد سنة ثمان وخمسين وتلقن القرآن على الشيخ ابي منصور الخياط وقرأ بالقراآت على ابي الوفاء بن القواس وغيره وسمع ابا الحسين ابن النقور والصريفيني وغيرهما وسمعت منه الحديث وكان ثقة امينا وتوفي في شوال هذه السنة
69 - علي بن احمد
ابن الحسن بن عبد الباقي ابو الحسن الموحد المعروف بابن البقشلان كذا رأيته بخط شيخنا ابن ناصر الحافظ وقال غيره البقشلام بالميم قال ابو زكريا بن كامل

انما قيل له ابن البقشلام لان اباه وجده مضيا الى قرية يقال لها شلام فبات بها وكانت كثير البق فكان طول الليل يقول بق شلام ورجع الى بغداد يحكي ذلك ويذكره فبقي عليه هذا الاسم ولد ابو الحسن في شعبان سنة ثلاث واربعين واربعمائة وسمع من القضاة ابي الحسين بن المهتدي وابي يعلى بن الفراء وهناد النسقي ومن ابي جعفر ابن المسلمة وابي الحسين ابن النقور وابي بكر بن سياووس وغيرهم وحدثنا عنهم وكان سماعه صحيحا وظاهره الثقة قال شيخنا ابو الفضل ابن ناصر كان في خدمة السلطان وكان يظلم جماعة من اهل السواد وغيرهم وكان في ايام الفتن مع اهل البدع ولم يكن من اهل السنة ولا العارفين بالحديث فلا يحتج بروايته وتوفي ليلة السبت خامس رمضان ودفن بباب ابرز عند الظفرية
70 - علي بن الخضر
ابن اسا ابو محمد الفرضي سمع ابا القاسم ابن البسرى وابا الحسين ابن النقور وكان سماعه صحيحا وحدث وقرأ الفرائض على أبي حكيم الخبري وابي الفضل الهمذاني وكان قيما بعلم الفرائض والحساب وتوفي يوم الاربعاء ثالث ربيع الاول ودفن بباب ابرز
71 - محمد بن ابراهيم
ابن محمد بن احمد بن سعدويه ابو الحسن الاصفهاني ولد سنة ست واربعين واربعمائة سمع الكثير وحدث وكان حسن السيرة ثقة ثبتا ذكره شيخنا ابو الفضل ابن ناصر واثنى عليه
72 - محمد بن حمويه
ابن محمد بن حمويه ابو عبد الله الجويني وجوين من نواحي نيسابور روى الحديث وكان صدوقا وكان من المشهورين بالعلم والزهد وله كرامات ودخل الى

بعض البلدان فلما اراد الخروج ودعهم ببيتين فقال ... لئن كان لي من بعد عود اليكم ... قضيت لبانات الفؤاد لديكم ... وان تكن الأخرى وفي الغيب عبرة ... وحال قضاء فالسلام عليكم ...
توفي في هذه السنة ودفن في بعض قرى جوين
73 - محمد بن احمد
ابن افريغون ابو بكر الافراني النسفي وافران من قرى نخشب سمع الحديث ببلده وحدث وكان فقيها صالحا ورد الى بغداد حاجا ثم عاد الى بلده فتوفي يوم الاربعاء سادس عشرين شوال
74 - محمد بن موهوب
ابو نصر الفرضي الحاسب الضرير كان على غاية في علمه
75 - محمد بن عبد الله
ابن احمد بن حبيب ابو بكر العامري المعروف بابن الجنازة سمع ببغداد ابا محمد التميمي وابا الفوارس طراد وابا الخطاب بن النظر وابا عبد الله بن طلحة وسمع بنيسابور من جماعة وببلخ وهراة ودخل مرو وجال في خراسان وشرح كتاب الشهب وكانت له معرفة بالحديث والفقه وكان يتدين ويعظ ويتكلم على طريقة التصوف والمعرفة من غير تكلف الوعاظ فكم من يوم صعد المنبر وفي يده مروحة يتروح بها وليس عنده احد يقرأ كما تفعل القصاص وقرأت عليه كثيرا من الحديث والتفسير وكان نعم المؤدب يأمر بالاخلاص وحسن القصد وكان ينشد ... كيف احتيالي وهذا في الهوى حالي ... والشوق املك بي من عذل عذالي ... وكيف اسلو وفي حبي له شغل ... يحول بين مهماتي واشغالي

وبنى رباطا بقراح ظفر فاجتمع جماعة من المتزهدين فلما احتضر قال له اصحابه اوصنا فقال اوصيكم بثلاث بتقوى لله ومراقبته في الخلوة واحذروا مصرعي هذا عشت احدى وستين سنة وما كأني رأيت الدنيا ثم قال لبعض اصحابه انظر هل ترى جبيني يعرق قال نعم فقال الحمد لله هذه علامة المؤمن يريد بذلك قول رسول الله صلى الله عليه و سلم المؤمن يموت بعرق الجبين ثم بسط يده عند الموت وقال ... ها قد مددت يدي اليك فردها ... بالفضل لا بشماتة الاعداء ...
وهذا البيت لأبي نصر القشيري تمثل به شيخنا هذا وقال ارى المشايخ بين ايديهم اطباق وهم ينتظرونني ثم مات ليلة الاربعاء منتصف رمضان هذه السنة ودفن في رباطه وجاء الغرق في سنة اربع وخمسين فهدم تلك المحلة والرباط وعفى اثر القبر
76 - محمد بن الفضل
ابن احمد بن محمد بن ابي العباس ابو عبد الله الصاعدي الفراوي من اهل نيسابور وابوه من اهل ثغر فراوة سكن نيسابور فولد محمد بها على سبيل التقدير في سنة احدى واربعين واربعمائة سمع صحيح البخاري من ابي عثمان سعيد بن ابي سعيد العيار وسمع صحيح مسلم من ابي الحسين عبد الغافر الفارسي وسمع بنيسابور من ابي عثمان الصابوني وابي بكر البيهقي وابي القاسم القشيري وابي المعالي الجويني وغيرهم وورد بغداد حاجا فسمع بها من ابي نصر الزينبي وعاصم وسمع بالمدينة وغيرها من البلدان وكان فقيها مفتيا مناظرا محدثا واعظا ظريفا حسن المعاشرة طلق الوجه كثير التبسم جوادا يخدم الغرباء بنفسه مع كبر السن واملى اكثر من الف مجلس وما ترك الاملاء الى حين وفاته وقال عبد الرشيد بن علي الطبري الفراوي الف راوي وحدثني ابو محمد ابن الشاطر التاجر أن ذلك كان مكتوبا على خاتمه الفراوي الف راوي وحمل في رمضان هذه السنة الى قبر مسلم بن الحجاج بنصر اباذ فتمم عليه قراءة الصحيح عند قبر المصنف فلما فرغ من القراءة

بكى وابكى الحاضرين وقال لعل هذا الكتاب لا يقرأ علي بعد هذا فتوفي في شوال هذه السنة وما قرئ عليه الكتاب بعد ذلك وكان قد قرأ عليه الكتاب صاحبه عبد الرزاق بن ابي نصر الطبسي سبع عشرة مرة ودفن عند قبر محمد بن اسحاق ابن خزيمة
77 - المظفر بن الحسين
ابن علي بن ابي نزار المردوسي ابو الفتح بن ابي عبد الله ولد

سنة
ست وخمسين واربعمائة وكان احد الحجاب ثم ترك ما كان فيه وغير لباسه ولبس الفوط وتزهد وقد سمع ابا القاسم بن البسري وابا منصور بن عبد العزيز وغيرهما
سنة
ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد ابو البركات بن مسلمة وزير السلطان مسعود فقبض على ابي الفتوح بن طلحة وقرر عليه مائة الف دينار يحصلها من ماله ومن الناس ومن دار الخلافة فبعث اليه المقتفي فقال ما رأينا اعجب من امرك انت تعلم ان المسترشد سار أليك بأمواله فجرى ما جرى وعاد اصحابه عراة وولى الراشد ففعل ما فعل ثم رحل واخذ ما بقي من الاموال ولم يبق في الدار سوى الاثاث فأخذته جميعه وتصرفت في دار الضرب ودار الذهب وأخذت التركات والجوالي فمن أي وجه نقيم لك هذا المال وما بقي الا ان نخرج من الدار ونسلمها فاني عاهدت الله تعالى ان لا آخذ من المسلمين حبة واحدة ظلما فلما سمع هذه الرسالة اسقط ستين وطالب بأربعين واما ما قرر من اموال الناس فأنكره السلطان ولم يكن منه واما ما كان من دار الخلافة فتلاشى ولم يتم وقام صاحب المخزن من خاصه بعشرة آلاف دينار جبيت من الناس وتقدم السلطان بجباية العقار فلقي الناس من ذلك شدة وخرج رجل يقال له ابن الكواز فلقي السلطان بالميدان وقال له انت المطالب بما يجري على الناس فما يكون جوابك فانظر بين

يديك ولا تكن كمن اذا قيل له اتق الله اخذته العزة بالاثم فأسقط ذلك وقبض على ابي الكرم الوالي الهاشمي فوقف جماعة من العيارين بالرحبة فأخذوا ثياب الناس وقت السحر وورد الخبر بموت الفجاءة في همذان واصفهان فمات منهم الوف حتى اغلقت الدور ثم عادت الجباية من العقار وضوعفت ثم قطعت الجبايات ووقعت مصادرات لأهل الأموال حتى أنهم أخذوا بادخر الجوهري على رأس جمال ليصادر ووصل يمن العراق الخادم الى بغداد رسولا من السلطان سنجر فأمر السلطان مسعودا بمبايعة المقتفي عند فدخل اليه في رجب فبايعه عن عمه سنجر وتمت البيعة المقتفية في خراسان وخرج هذا الخادم الى الموصل فأخذ بيعة زنكي واهل الشام ودفع الراشد عن زنكي فتوحه نحو آذربيجان وفي شعبان عقد للمقتفي على فاطمة بنت محمد بن ملك شاه اخت مسعود وحضر مسعود والاكابر وتولى العقد وزير الخليفة ونثرت الحبوب والجواهر وتماثيل الكافور والعنبر وتوجه السلطان مسعود الى الجبل وخلف نائبه بالعراق ألبقش الكبير السلاحي فورد سلجوق شاه بن محمد الى واسط والحلة وطمع في العراق فطرده ألبقش وكان مستضعفا واجتمع جماعة من الامراء والملك داود وعساكر آذربيجان فواقعوا السلطان مسعودا وجرت حروب عظيمة ثم قصد مسعود آذربيجان وقصد داود همذان ووصلها الراشد يوم الوقعة وتقررت القواعد ان الخليفة يكتب لزنكي عشرة بلاد ولا يعين الراشد ونفذت الخطوط التي كتبت في حق الراشد بما يوجب الخلع الى الموصل واحضر هناك القضاة والشهود فقرئ عليهم المكتوب الذي انفذ من بغداد وفيه شهادة الشهود والقضاة واحضر قاضي القضاة وثبت الكتاب عنده وخلع الراشد بالموصل وخطب للمقتفي ومسعود وقطعت خطبة الراشد وداود فلما سمع الراشد بذلك نفذ الى زنكي يقول له غدرت فقال مالي بمسعود طاقة فالمصلحة ان تمضي الى داود فمضى في نفر قليل وتخلى عنه وزيره ابن صدقة ودخل الموصل ولم يبق معه صاحب عمامة سوى ابي الفتوح الواعظ وكان قد نفذ مسعود الفي

فارس للقبض عليه ففاتهم ومضى الى مراغة فدخل الى قبر ابيه وحثا التراب على راسه فحمل اليه اهل البلد الاموال وكان يوما مشهودا وقوى داود وضرب المصاف مع مسعود فقتل من اصحاب مسعود خلق كثير
وفي يوم السبت ثاني عشرين ربيع الاول جلس ابن الخجندي مدرسا في النظامية وفي يوم الاثنين رابع عشرين من الشهر قبض على صاحب المخزن ووكل به في دار السلطان على بقية ما استقر عليه من المال ومات رجل فأخذ ما له اصحاب التركات فعاد اصحاب السلطان واخذوا ماله من المخزن واخذت تركات الحشرية من الخليفة واخذوا الحفارين والغسالين وكتبوا عليهم واشهدوا ان لا يكتموهم شيئا فصاروا لا يقدرون على قبر ميت إلا برقعة من العميد ولم يبق للخليفة الا العقار الخاص واعيد صاحب المخزن بعد ان كفل به جماعة وكتبوا خطوطهم بالضمان الوزير وسديد الدولة
وفي يوم الاثنين تاسع ربيع الآخر جلس ابو النجيب في دار رئيس الرؤساء بالقصر للتدريس وحضر عنده جماعة من الفقهاء والقضاة
وفي يوم الجمعة ثالث عشره بنيت دكة في جامع القصر للقاضي ابي يعلى بن الفراء في الموضع الذي كان يجلس فيه ثم نقضت في يوم الخميس ثامن عشره ومنع من كان يجلس ونودي بالجلوس في النظامية يوم الاثنين ثالث عشرين الشهر فاجتمع خلق عظيم فحضر وزير السلطان فقعد والمستوفي والشحنة ونظر وسديد الدولة وجماعة الفقهاء والقضاة وحضرت يومئذ فكان لا يحسن يعظ ولاندار في ذلك
وفي هذه السنة فشا الموت في الناس حتى كان يموت في اليوم مائة نفس وفي خامس عشر جمادى الاولى جاء العيارون ليلا الى سفينة قد ملئت رجالا واموالا كثيرة لتنحدر الى واسط فحلوا رباطها من تحت التاج واحدروها وأخذوا ما فيها وكان السلطان في بغداد
وفي هذا الشهر اعيدت بلاد الخليفة ومعاملاتها اليه والتركات واستقر عن

ذلك عشرة آلاف دينار
وفي رابع عشرين هذا الشهر اشهر اربع نسوة في الاسواق على بقر السقائين مسودات الوجوه لانهن شربن المسكر في الشط مع رجال
وفي يوم السبت حادي عشر جمادى الآخرة عاد السلطان الى بغداد بعد ان كان قد خرج وكان السبب مكاتبة وردت من الموصل الى دار الخلافة فانفذت اليه فاستعادوه وحكى انه كان في المكاتبة ان عسكر الموصل والخليفة قد تحركوا للمجيء وفي شعبان ضربت الطبول على باب النوبي وجلس حاجب الباب والقاضي ابن كردي وقرأوا منشورا يشتمل معناه على الخطبة للمقتفي ولمسعود والخلع على قاضي القضاة واقبال وانحدارهم إلى بغداد وأن القضاة جمع الجموع في الموصل وحكم بالكتب التي وصلت اليه وان الراشد لما علم بهذا ذهب نحو مراغة
وفي هذا الشهر عادت الجبايات مرة خامسة على الناس بعنف وشدة ظلم وقبض الشحنة على ابي الكرم الوالي الى رباط ابي النجيب فتاب وحلق شعره ولبس خرقة التصوف استقالة من الظلم ثم خلع عليه وأعيد الى شغله
وعملت عملة عظيمة بباب الازج اخذ فيها شيء بألوف دنانير وكانت خبازة تخبز لأولئك القوم فحدثت ابنها بما لهم الكثير فحدث ذلك الرجل رفقة له من العيارين فجاؤا في الليل فنقلوا ما في الدار فقالت صاحبة الدار لامها لما خرجوا نحمد الله اذ لم يدخلوا العرضي فان فيه الحبوب والامتعة فسمعوا فعادوا ودخلوا واخذوا ذلك وقالوا لا تتهموا احدا نحن الحماة بالموضع الفلاني فسمع الجيران ومضوا فأخذ الشحنة اقواما من اولئك فصلبهم على جذوع ثم اخذ منهم اموالا وحطهم في عافية
وفي ليلة الثلاثين لم ير الهلال وكانت السماء مصحية فأصبح الناس صائمين لتمام ثلاثين يوما فلما كانت ليلة احدى وثلاثين لم ير الهلال أيضا وكانت السماء جلية صاحية ومثل هذا لا يعرف فيما مر من التواريخ

ومن العجائب أن ثلاثة من العيارين وقفوا في طريق الظفرية ليلا فمر بهم ابو العز الحمامي فأخذوا ثيابه ثم تطلبوا واخذ منهم اثنان فلما كان بعد يومين جاء الثالث هاربا من الرجالة فدخل الحمام الذي فيه ابو العز الذي اخذت ثيابه فخلع الثياب على الفرند وهي قميصان وخيشية فرآها الحمامي فعرفها فدخل اليه وقال له من اين لك هذه الثياب فأقر انه أخذها منه تلك الليلة فنفذ الى المستخدمين فأخذوه ولم يجدوا كتافا ففتشوا جيبه لعلهم يجدون شيئا من الذهب فوجدوا حبلا مهيأ للكتاف فكتفوه

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
78 - احمد بن محمد
ابن ثابت بن الحسن بن علي ابو سعد الخجندي ولد سنة ثلاث واربعين وهو ولد الامام ابي بكر الخجندي من اهل اصبهان تفقه على والده وولي التدريس بالنظامية نوبا عدة وصرف وسمع ابا القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك وغيره وتوفي ببلده في غرة شعبان هذه السنة
79 - عبد الملك بن علي
ابن عبد الملك بن محمد بن يوسف ابو الفضل سمع الحديث الكثير من عاصم وابي نصر الزينبي وغيرهما وكان عليه نور توفي في ذي الحجة
80 - محمد بن احمد
ابن علي ابو الحسن ابن الابرادي تعبد وتفقه وصحب ابا الحسن ابن الفاعوس ووقف دارا له بالبدرية فجعلها مدرسة لاصحاب احمد بن حنبل توفي ليلة الخميس ثاني عشرين رمضان ودفن بباب ابرز
81 - محمد بن احمد
ابن الحسن الجوهري البروجردي ابو بكر سمع الحديث الكثير ورحل الى

بغداد وكانت له دنيا واسعة وتوفي في هذه السنة ببروجرد وكان رئيسها والمقدم بها
82 - محمد بن علي
ابن حريث ابو طالب المعروف بابن الكوفية الخفاف سمع ابا نصر الزينبي وحدث بشيء يسير وتوفي في رجب
83 - نصر بن الحسين
ابن الحسن المقرئ ابو القاسم ويعرف بابن الحبار سمع طرادا وابن النظر وغيرهما وقرأ بالقراآت وروى واقرأ وقرأت عليه القرآن وتوفي في هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
84 - هبة الله بن أحمد
ابن عمر الحريري ابو القاسم ويعرف بابن الطبر ولد يوم الخميس وهو يوم عاشوراء

سنة
خمس وثلاثين واربعمائة بالتستريين وسمع الحديث من ابي الحسن ابن زوج الحرة وابي طالب العشاري والبرمكي وابن المأمون والصريفيني وغيرهم وقرأ القرآن بالقراآت على ابي بكر الخياط وغيره وحدث واقرأ وكان صحيح السماع قوي التدين ثبتا كثير الذكر دائم التلاوة وهو آخر من حدث عن ابن زوج الحرة ابي الحسن فحدث عن ابي الحسن هذا ابو بكر الخطيب وابو القاسم هذا وبين وفاتهما ثمان وسبعون سنة وسمعت عليه الحديث وقرأت عليه وكانت قوته حسنة وكنت أجيء اليه في الحر فيقول نصعد الى سطح المسجد فيسبقني في الدرجة ومتع بسمعه وبصره وجوارحه الى ان توفي يوم الخميس ثاني جمادى الاولى من هذه السنة عن ست وتسعين سنة واشهر وكان شيخنا عبد الوهاب ابن اخته ودفن بالشونيزية في تربة شيخنا عبد الوهاب الأنماطي وهو الذي ام الناس في الصلاة عليه
سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها انه جيء بأحد عشر عيارا فصلبوا في الاسواق وصلب رجل صوفي من رباط البسطامي لكم صبيا فمات
وجاء الخبر بفتح الروم بزاعة فقتلوا الذكور وسبوا النساء والصبيان وجاء الناس يستنفرون ومنع الخطبة والخطباء ببغداد وقتلوا طوابيق الجوامع وجرت محن ونفذ السلطان مسعود الى البقش كاسا ليشربها فامتنع خمسة اشهر ثم عزم على شربها فتقدم الى الولاة بالمحال والاسواق أن يشعلوا الشمع والقناديل والسرج في جميع المحال ليلا ونهارا ثلاثة ايام وظهرت القينات والمعازف والنساء عليهن الثياب الملونات والمخانيث الى ان شرب الكأس ووصل مسعود الى بغداد في مستهل جمادى الاولى وقبض على ألبقش السلاحي والي العراق وولي بهروز الخادم العراق وعقد للسلطان على سفري بنت دبيس بن صدقة وكان السبب انه كان اولاد دبيس في ضيق لأن السلطان اقطع اموالهم فجاءت بنت دبيس وكانت امها بنت عميد الدولة ابن جهير وكانت في غاية الحسن فدخلت على خاتون زوجة المستظهر تستشفع بها الى مسعود ليعيد عليها بعض ما اخذ منها وتشكو الضر فوصفت ذلك لمسعود فقال مسعود احضريها عندك حتى احضر القضاة وأتزوجها ففعلت فتزوجها وتقدم الى الوزير بأن تعلق بغداد سبعة ايام وذلك في سادس عشر جمادى الاولى فظهر بالتعاليق فساد عظيم بضرب الطبول والزمور والحكايات وشرب الخمر ظاهرا
وفي جمادى الآخرة قتل الشحنة صبيا مستورا من المختارة فامر السلطان بصلب الشحنة فصلب وحطه العوام فقطعوه
وفي رمضان وصف للسلطان مسعود ابنة عمه قاورت بالحسن فخطبها وتزوجها وعلق البلاد ثلاثة أيام
وكان الراشد قد جمع العساكر الكثيرة وقوى امره فدخلوا عليه الباطنية فقتلوه

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
85 - احمد بن محمد
ابن احمد ابو بكر بن ابي الفتح الدينوري شيخنا سمع الحديث من ابي محمد التميمي وابي محمد السراج وغيرهما وتفقه على ابي الحطاب الكلوذاني وبرع في المناظرة وكان اسعد الميهني يقول ما اعترض ابو بكر الدينوري على دليل احد الا ثلم منه ثلمة سمعت عليه درسه مدة وحدثنا شيخنا ابو بكر قال كنا نتفقه على شيخنا ابي الخطاب فكنت في بدايتي اجلس في آخر الحلقة والناس منها على مراتبهم فجرى بيني وبين رجل كان يجلس قريبا من الشيخ بيني وبينه رجلان أو ثلاثة كلام فلما كان اليوم الثاني جلست في مجلسي كعادتي في آخر الحلقة فجاء ذلك الرجل فجلس الى جانبي فقال له الشيخ لما تركت مكانك فقال انا مثل هذا فاجلس معد يدري علي فوالله ما مضى الا قليل حتى تقدمت في الفقه وقويت معرفتي به وصرت اجلس الى جانب الشيخ وبيني وبين ذلك الرجل رجلان وانشدني شيخنا ابو بكر لنفسه ... تمنيت ان تسمى فقيها مناظرا ... بغير عناء فالجنون فنون ... فليس اكتساب المال دون مشقة ... تلقيتها فالعلم كيف يكون ...
سمعت عليه الدرس مدة وتوفي في جمادى هذه السنة ودفن قريبا من قبر احمد عند رجلي ابي منصور الخياط
86 - احمد بن ظفر
ابن احمد ابو بكر المغازلي سمع ابا الغنائم بن المامون وابا محمد الصريفيني وابا بكر الخياط وابا علي بن البناء وغيرهم سمعت منه وكان ثقة وتوفي في رمضان هذه السنة
87 - احمد بن عمر
ابن عبد الله ابو نصر الاصبهاني رحل في طلب العلم والحديث وسمع من خلق

كثير وكتب الكثير وكان ثقة دينا
88 - ابراهيم بن احمد
ابن الحسين بن احمد بن حمدان ابو تمام الصميري البروجردي ولد سنة اربعين واربعمائة ببروجرد وسمع بها من يوسف الهمذاني وبمكة من ابي معشر الطبري وببغداد من ابي اسحاق الشيرازي وكان رئيس بروجرد وتوفي بها في هذه السنة
89 - اسمعيل بن احمد
ابن عبد الملك النيسابوري ابو سعد بن ابي صالح المؤذن ولد سنة اثنتين وخمسين وتفقه على ابي المظفر السمعاني وابي المعالي الجويني وبرع في الفقه وكانت له قدم عند الملوك والسلاطين وكان كثير السماع خرج له ابوه صالح بن صالح مائة حديث عن مائة شيخ وكتب له اجازة بجميع مسموعاته وتوفي ليلة عيد الفطر من هذه السنة ودفن يوم العيد
90 - بدر بن الشيخي
مولى ابي منصور عبد المحسن بن محمد بن علي وعتيقه سمع ابا الحسين ابن المهتدي وابن المسلمة وابن النقور وابن المأمون وغيرهم وحدثنا عنهم وكان سماعه صحيحا توفي يوم السبت رابع عشرين رمضان عن ثمانين سنة ودفن بباب حرب عند مولاه
91 - البقش السلاحي
كان اميرا كبيرا قبض عليه السلطان وحمله الى قلعة تكريت ثم امر بعد قليل بقتله فغرق نفسه فأخرج من الماء فقطع رأسه وحمل اليه
92 - زبيدة بركياروق
زوجة السلطان توفيت بهمذان

93 - عبد المنعم بن عبد الكريم
ابن هوازن ابو المظفر القشيري آخر من بقي من اولاد ابي القاسم القشيري ولد سنة خمس وأربعين واربعمائة سمع اباه وابا بكر البيهقي ويوسف المهرواني وغيرهم روى عنه شيخنا عبد الوهاب الانماطي ولى منه اجازة وتوفي في هذه السنة
94 - عمر بن محمد
ابن عمويه ابو حفص السهروردي عم ابي النجيب الواعظ سمع طرادا والتميمي وعاصما وغيرهم وحدث ببغداد وكان متقدم الصوفية في الرباط المعروف بسعادة الخادم ورأيته ولم اسمع منه وتوفي في ربيع الاول من هذه السنة ودفن بالشونيزية عند قبر رويم
95 - علي بن علي
ابن عبيد الله ابو منصور صاحب محمد الوكيل ويعرف بابن سكينة ولد سنة تسع واربعين وكان امين الحاكم تحت يده اموال الايتام وكان يلقب امين الامناء سمع ابا محمد الصريفيني وابن السراج وابن العلاف وغيرهم وحدث وكان سماعه صحيحا وسمعت منه وسمعته يقول من منع ماله الفقراء سلط الله عليه الأمراء توفي ليلة السبت سادس ذي القعدة عن ثلاث وثمانين سنة ودفن بالشونيزية
96 - محمد بن ابراهيم
ابن محمد بن ابراهيم بن احمد ابو غالب الصيقلي الدامغاني ولد سنة ثلاث وخمسين واربعمائة ورحل في طلب الحديث فسمع الكثير وكان متقدم الصوفية وكان ثقة ذكره شيخنا ابو الفضل بن ناصر فقال هو صالح ثبت من اهل السنة توفي في هذه السنة بكرمان
97 - محمد بن عبد الملك
ابن محمد بن عمر ابو الحسن الكرجي ولد سنة ثمان وخمسين واربعمائة وسمع بالكرج

وبهمذان وباصبهان وبغداد وكان محدثا فقيها شاعرا اديبا على مذهب الشافعي الا انه كان لا يقنت في الفجر وكان يقول امامنا الشافعي قال اذا صح عندكم الحديث فاتركوا قولي وخذوا بالحديث وقد صح عندي ان النبي صلى الله عليه و سلم ترك القنوت في صلاة الصبح وصنف في المذهب والتفسير وكان حسن المعاشرة ظاهر الكياسة ومن شعره ... تناءت داره عني ولكن ... خيال جماله في القلب ساكن ... اذا امتلأ الفؤاد به فماذا ... يضر اذا خلت منه المساكن ...
توفي في هذه السنة
98 - محمد بن فرجية
ابو المواهب المقرئ كان مليح الاداء للقراآت وسمع الحديث واقرأ الناس وتوفي في صفر هذه السنة
99 - منصور بن المسترشد
الملقب بالراشد امير المؤمنين قد ذكرنا انه استخلف بعد ابيه وانه لما قصد السلطان مسعود بغداد خرج الى ناحية الموصل وانه خلع وولي المقتفي وخرج الراشد من الموصل الى بلاد اذربيجان ثم مضى الى اصفهان وقوى ثم مرض مرضا شديدا وفي سبب موته ثلاثة اقوال احدها انه سقي السم ثلاث مرات والثاني انه قتله قوم من الفراشين الذين كانوا في خدمته والثالث انه قتله الباطنية وقتلوا بعده وكان موته في سابع عشرين رمضان وبلغ الخبر فقعدوا له في العزاء يوما واحدا وقد ذكر ابو بكر الصولي ان الناس يقولون كل سادس يقوم بأمر الناس منذ اول الاسلام لا بد وان يخلع وانا تأملت هذا فرأيته عجيبا انعقا الامر لنبينا صلى الله عليه و سلم ثم قام بعده ابو بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن فخلع ثم معاوية ويزيد ومعاوية بن يزيد ومروان وعبد الملك وابن الزبير فخلع وقتل ثم الوليد وسليمان وعمر ويزيد وهشام والوليد بن يزيد فخلع ثم لم ينتظم لبني امية أمرهم

فتولى السفاح والمنصور والمهدي والهادي والرشيد والأمين فخلع وقتل ثم المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين فخلع وقتل ثم القاهر والراضي والمتقي والمستكفي والمطيع والطائع فخلع ثم القادر والقائم والمقتدي والمستظهر والمسترشد والراشد فخلع وقتل
100 - انوشروان بن خالد
ابن محمد القاساني ابو نصر وزر للسلطان محمد والمسترشد بالله وكان عاقلا مهيبا عظيم الخلقة دخلت عليه فرأيت من هيبته ما أدهشني وهو كان السبب في جمع المقامات التي انشأها ابو محمد الحريري فإن أبا القاسم عبد الله بن أبي محمد الحريري حكى ان والده كان جالسا في مسجده ببني حرام احدى محال البصرة فدخل المسجد شيخ ذو طمرين عليه اهبة السفر رث الحالة فصيح اللهجة حسن العبارة فقال من اين الشيخ قال من سروج وكنيتي ابو زيد فعمل والدي المقامة الحرامية بعد قيامة من ذلك المجلس واشتهر هذا فبلغ انوشروان بن خالد وطلع بتلك المقامة فاشار عليه بأن يضم اليها غيرها فاتمها خمسين وكان انوشروان كريما سأله رجل خيمة فلم تكن عنده فبعث اليه مائة دينار وقال اشتريها خيمة فكتب اليه الرجل ... لله در ابن خالد رجلا ... احيا لنا الجود بعد ما ذهبا ... سألته خيمة الوذ بها ... فجاد لي بل بخيمة ذهبا ...
وكتب اليه ابو محمد الحريري ... الا ليت شعري والتمني تعلة ... وان كان فيه راحة لأخي الكرب ... أتدرون اني مذ تناءت دياركم ... وشط افتراقي عن جنابكم الرحب ... أكابد شوقا ما يزال اواره ... يقلبني بالليل جنبا على جنب ... وأذكر ايام التلاقي فأنثى ... لتذكارها بادي الاسا طائر اللب ... ولي حنة في كل وقت اليكم ... ولا حنة الصادي الى البارد العذب ... فوالله لو اني كتمت هواكم ... لما كان مكتوما بشرق ولا غرب

ومما شجا قلبي المعني وشفه ... رضاكم باهمال الاجابة عن كتبي ... وقد كنت لا اخشى مع الذنب جفوة ... فقد صرت اخشاها ومالي من ذنب ... ولما سرى الوفد العراقي نحوكم ... واعوزني المسري اليكم مع الركب ... جعلت كتابي نائبي عن ضرورة ... ومن لم يجد ماء تيمم بالترب ... ونفذت ايضا بضعة من جوارحي ... لتنبئكم عن شرح حالي وتستنبي ... ولست ارى اذكاركم بعد خبركم ... بمكرمة حسبي اهتزازكم حسبي ...
توفي انوشروان في رمضان هذه السنة ودفن في داره بالحريم الطاهري ثم نقل بعد ذلك الى الكوفة فدفن بمشهد علي عليه السلام وكان يميل الى التشيع

سنة
ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه طردت الكتاب اليهود والنصارى من الديوان والمخزن ثم اعيدوا في الشهر ايضا وفرغ بهروز من المصلحة التي تصدى لحفرها وهي نهر دجيل وولي القضاء ابو يعلى بن الفراء قضاء باب الازج في صفر وكانت زلزلة بجنزة اتت على مائتي الف وثلاثين الفا فأهلكتهم وكانت الزلزلة عشرة فراسخ في مثلها قال المصنف وسمعت شيخنا ابن ناصر يقول قد جاء الخبر انه خسف بجنزة وصار مكان البلد ماء اسود وقدم التجار من اهلها فلزموا المقابر يبكون على أهاليهم
ووصل رسول من ابن قاروت ملك كرمان الى السلطان مسعود يخطب خاتون زوجة المستظهر ومعه التحف فجاء وزير مسعود الى دارها فاستأذنها فأذنت فحضر القضاة دار السلطان ووقع الملاك على مائة ألف دينار ونثرت الدراهم والدنانير وذلك في ثامن عشر صفر وسيرت اليه فكانت وفاتها هنالك وفي ربيع الاول ازيلت المواصير والمكوس ونقشت الالواح بذلك واستوزر السلطان رجلا من رؤساء الري يقال له محمد الخازن فأظهر العدل ورفع

المكوس والضرائب وكان حسن السيرة فدخل عليه رجلان يقال لاحدهما ابن عمارة والآخر ابن ابي قيراط يطلبان ضمان المكوس التي ازيلت بمائة ألف دينار فرفع امرهما الى السلطان فشهرا في البلد مسودين الوجوه وحبسا فلم يتمكن اعداؤه مما يريدون منه فأوحشوا بينه وبين قرا سنقر صاحب آذربيجان فأقبل قرا سنقر في العساكر العظيمة وقال إما حمل رأسه الي او الحرب فخوفوا السلطان من حادثة لا تتلافى الفسخ ففسح لهم في قتله على كره شديد فقتله تتر الحاجب بيده من شدة حنقه وحمل الى قرا سنقر
وفي هذه السنة قدم المغربي الواعظ وكان يتكلم في الاعزية فأشير علي بعقد مجلس الوعظ فوعظ وكان ينشد بتطريب وينده بالسجوع فنفق على الناس نفاقا كثيرا فتأثر الغزنوي بذلك ومنعه من الجلوس فتعصب له اقوام فأطلق في الجلوس واركب فرس وزير السلطان فطيف به في الاسواق وابيح له الجلوس اين شاء وقرر له الجلوس في دار السلطان فيقال ان الغزنوي احتال حتى لم يقع ذلك

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
101 - احمد بن عبد الباقي
ابن منازل ابو المكارم الشيباني ولد سنة ستين وسمع ابن النقور وابن ابي عثمان وعاصما وكان شيخا صالحا مستورا وسماعه صحيح وحدث وتوفي في صفر هذه السنة ودفن بباب حرب
102 - زاهر بن طاهر
ابو القاسم بن ابي عبد الرحمن بن ابي بكر الشحامي ولد سنة ست واربعين واربعمائة ورحل في طلب الحديث وعمر وكان مكثرا متيقظا صحيح السماع وكان يستملي

على شيوخ نيسابور وسمع منه الكثير باصبهان والري وهمذان والحجاز وبغداد وغيرها واجاز لي جميع مسموعاته واملى في جامع نيسابور قريبا من الف مجلس وكان صبورا على القراءة عليه وكان يكرم الغرباء الواردين عليه ويمرضهم ويداويهم ويعيرهم الكتب وحكى ابو سعد السمعاني انه كان يخل بالصلاة قال وسئل عن هذا فقال لي عذر وانا اجمع بين الصلوات ومن الجائز ان يكون به مرض والمريض يجوز له الجمع بين الصلوات فمن قلة فقه هذا القادح رأى هذا الامر المحتمل قدحا توفي زاهر في ربيع الآخر من هذه السنة بنيسابور ودفن في مقبرة يحيى بن يحيى
103 - عبد الله بن احمد
ابن عبد القادر بن محمد بن يوسف ابو القاسم بن ابي الحسين اخو شيخنا عبد الخالق ولد سنة اثنتين وخمسين واربعمائة وسمع من ابن المهتدي وابن المسلمة وابن المأمون وابن النقور والصريفيني وغيرهم وكان خير صالحا وجاور بمكة سنين وسكن بغداد في الحربية وتوفي في رجب هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
104 - عبد العزيز بن عثمان
ابن ابراهيم بن محمد ابو محمد الاسدي من اهل بخارا ولي القضاء بها وهو من بيت العلم والحديث من اولاد الائمة وكان وافرا وقورا سخيا محمود السيرة ورد بغداد فسمع بها من جماعة منهم ابو طالب بن يوسف وقد سمع ببلده وبالكوفة واملى ببخارا وتوفي في هذه السنة
105 - علي بن افلح
ابو القاسم الكاتب كان فيه فضل حسن وله شعر مليح الا انه كان متجرئا كثير الهجو وكان قد خلع عليه المسترشد بالله ولقبه جمال الملك واعطاه اربعة آدر في درب الشاكرية وكان هو قد اشترى دورا الى جانبها فهدم الكل وانشأ دارا كبيرا واعطاه الخليفة خمسمائة دينار واطلق له مائة جذع ومائتي الف آخرة

واجرى له ادرارا في كل سنة فظهر انه يكاتب دبيسا وسبب ظهور ذلك انه كان في المسجد الذي يحاذي دار السماك رجل يقال له مكي يصلي بالناس ويقرئ القرآن فكان اذا جاء رسول دبيس اقام عند ذلك الامام بزي الفقراء فاطلع على ذلك بواب ابن افلح واتفق ان ابن افلح غضب على بوابه فضربه فاستشفع بالناس عليه فلم يرده فمضى وأطلع صاحب الشرطة على ذلك فكبس المسجد واخذ الجاسوس وهرب ابن المفلح وامام المسجد وامر المسترشد بنقض داره وكان قد غرم عليها الف دينار وكان طولها ستين ذراعا في اربعين وقد اجريت بالذهب وعملت فيها الصور وفيها الحمام العجيب فيه بيت مستراح فيه بيشون ان فركه الانسان يمينا خرج الماء حارا وان فركه شمالا خرج باردا وكان على ابواب الدار مكتوب شعر ... ان عجب الزوار من ظاهري ... فباطني لو علموا اعجب ... شيدني من كفه مزنة ... يحمل منها العارض الصيب ... ودبجت روضة اخلاقه ... في رياضا نورها مذهب ... صدر كسا صدري من نوره ... شمسا على الايام لا تغرب ...
وكان على الطرز مكتوب شعر ... ومن المروءة للفتى ... ما عاش دار فاخره ... فاقنع من الدنيا بها ... واعمل لدار الآخرة ... هاتيك وافية بما ... وعدت وهذي ساحرة ... 4
وكان على الحيرى مكتوب شعر ... وناد كأن جنان الخلود ... اعارته من حسنها رونقا ... واعطته من حادثات الزما ... ن ان لا تلم به موثقا ... فأضحى يتيه على كل ما ... بنى مغربا كان او مشرقا ... تظل الوفود به عكفا ... وتمسي الضيوف له طرقا ... بقيت له يا جمال الملو ... ك والفضل مهما اردت البقا

وسالمه فيك ريب الزمان ... ووقيت منه الذي يتقا ...
قال المصنف رحمه الله وقد رأيت انا هذه الدار بعد أن نقضوها ثم ظهر ان ابن افلح مضى الى تكريت فاستجار ببهروز الخادم ثم آل الأمر الى ان عفي عنه ومن شعره المستحسن قوله ... دع الهوى لا ناس يعرفون به ... قد مارسوا الحب حتى لان اصبعه ... بلوت نفسك فيما لست تخبره ... والشيء صعب على من لا يجربه ... افن اصطبارا وان لم تستطع جلدا ... فرب مدرك امرا عز مطلبه ... احنى الضلوع على قلب يحيرني ... في كل يوم ويعييني تقلبه ... تناوح الريح من نجد يهيجه ... ولامع البرق من نعمان يطربه ...
وله في اخرى ... منع الشوق جفوني ان تناما ... واذاب القلب وجدا وغراما ... يا ندماي على كاظمة ... هل ترومون وقد بنت مراما ... انا مذ فارقتكم ذو ندم ... فتراكم يا نداماي نداما ... يا خليلي قفا ثم اسألا ... عن غزال نبه الشوق وناما ... وقفا نسأل رسما عافيا ... اين من كان به قدما اقاما ...
وله في اخرى ... هذه الخيف وهاتيك مني ... فترفق ايها الحادي بنا ... واحبس الركب علينا ساعة ... نندب الربع ونبكي الدمنا ... فلذا الموقف اعددنا الأسى ... ولذا الدمن دموعي تقتنا ... زمنا كانوا وكنا جيرة ... يا اعاد الله ذاك الزمنا ... بيننا يوم أثيلات النقا ... كان عن غير تراض بيننا ...
ومن رسائله انه كتب الى ابي الحسن ابن التلميذ كتابا يقول فيه اطال الله بقاء سيدنا طول اشتياقي اليه وأدام تمكينه دوام ثنائي عليه وحرس نعمته حراسة ضميره للأسرار وكبت أعداءه كبت صبري يوم تناءت به الدار عن سلامة

انتقلت بعده من جسمي الى ودي وعافية كان يوم بينه بها آخر عهدي وانا احمد الله العلي على ما يسوء ويسر واديم الصلاة على رسوله وآله المحجلين الغر وبعد فاني اذكر عهد التزاور ذكر الهائم الولوع واحن الى عصر التجاور حنين الهائم الى الشروع ... واني وحقك منذ ارتحلت ... نهاري حنين وليلي انين ... وما كنت اعرف قبل امرءا ... بجسم مقيم وقلب يبين ... وكيف السلو الى سلوتي ... وحزني وفي صبري خؤون ...
وعجيب ان لا اكون كذلك وقد اخذت حسن الوفاء عنه واكتسبت خلوص الصفاء منه وطريف ان لا اهيم به شغفا واجرى على مفارقته اسفا وقد فتنتني منه دماثة تلك الاخلاق والشمائل التي شغلتني كلفي بها عن كل شاغل فما لي داب منذ سارت به الركائب سوى تذكر محاسنه التي تأدبت بجزيل آدابها ولا شغل منذ دعا البين فاجابه غير التفكر في فضائله التي تشبثت بفواضل اهدابها والابتهاج بوصف مشاهدته من خلائقه الزهر والافتخار بمودته على ابناء الدهر وان كان ما ينتهي اليه استطاعتي من الثناء عليه قد تناقله قبلي الرواة وغنى طربا بذكره الحداة فانني جئت مثنيا على خلاله الرضية ما نسوه وذاكرا من افعاله المرضية كل صالح لم يذكروه
فأجابه بجواب كتبت منه كلمات مستحسنة وهي كتبت الى حضرة سيدنا مد الله في عمره امتداد املي فيه وادام علوه دوام بره لمعتفيه وحرس نعماه حراسة الادب بناديه وكبت اعداءه كبت الجدب نبت اياديه على سلامة سلمت بتأميل ايابه وعافية عفت لولا قراءة كتابه ... واني وحقك مذ بنت عنك قلبي حزين ودمعي هتون ... واخلف ظني صبر معين ... وشاهد شكواي دمع معين ... ولله ايامنا الخاليا ... ت لو رد سالف دهر حنين

وإني لأرعى عهود الصفاء ... ويكلؤ هالك سر مصون ... واحفظ ودك عن قادح ... وود الاكارم علق ثمين ... ولم لا ونحن كمثل اليدين ... وانت بفضلك منها اليمين ... اذا قلت اسلوك قال الغرا ... م هيهات ذلك مالا يكون ... وهل في سلوله مطمع ... وصبري خؤون وودي امين ...
106 - محمد بن حمزة
ابن اسمعيل بن الحسن بن علي بن الحسين ابو المناقب الحسيني العلوي من اهل همذان رحل الى البلاد وكتب الحديث الكثير فسمع وجمع وكان يروي عن جده علي بن الحسين الحسيني اشعارا منها ... ومالك من دنياك الا بليغة ... تزجى بها يوما وتقضي بها ليلا ... وما دونها مما جمعت فانه ... لزيد وعمرو اولا ختمهما ليلى ...
107 - محمد بن شجاع
ابن ابي بكر بن علي بن ابراهيم اللفتواني ابو بكر ولفتوان قرية من قرى اصبهان ولد

سنة
سبع وستين واربعمائة وسمع ابا عمرو بن مندة وابا محمد التميمي وطرادا لما قدم اصبهان وورد بغداد بعد العشرين وخمسمائة فسمع من مشايخها وكان شيخا صالحا فقيرا ثقة متعبدا حدثنا عنه اشياخنا وتوفي باصبهان في جمادى الآخرة من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اربع وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه بدا بهروز يعمل سكر النهروانات فبناه دفعتين وهو يتفجر ثم استحكم في الثالثة وما زال يعمل عليه الى ان مات في سنة اربعين
وولدت في هذه السنة ابنة قاورت من السلطان مسعود ولدا ذكرا فعلقت بغداد وظهرت المنكرات فبقيت ثمانية ايام فمضى ابن الكواز الزاهد الى باب ابن

قاروت وقال ان ازلتم هذا والا بتنا في الجوامع وشكونا الى الله تعالى فحطوا التعاليق فمات الولد
وعلقت البلد لاجل دخول خاتون بنت محمد زوجة المقتفي وكانت قد وصلت مع اخيها مسعود واقامت عنده بدار المملكة ثم دخلت الى الخليفة في زي عجيب وبين يديها زوجة السلطان مسعود بنت دبيس وبنت قاورت ويحجبها الوزير شرف الدين والمهد مركب الخليفة وذلك في جمادى الاولى ثم وقع في رجب املاك السيدة بنت امير المؤمنين لمسعود وحضر وزير الخليفة ووزير السلطان والوجوه ونثر عليهم وتمكن الوزير ابو القاسم بن طراد من الدولتين ونفذ الخليفة خدما واعمالا على البلاد من غير مشاورة الوزير وجرت بينهما وحشة وانقطع الوزير عن الخدمة ثم وقع الصلح في شعبان وخلع على الوزير واختصم أصحاب ثم ترشك فنفذ مسعود فقبض عليه فأشار الوزير بأن يكون في خدمة السلطان تحت ركابه فأخذه مسعود في صحبته فثقل ذلك على الخليفة لكونه من خاصته ثم أشير على السلطان باعادته فأعاده ثم منع الوزير ثقة الدولة ابن الابري من الدخول إلى الخليفة وكان وكيله قديما فثقل ذلك على الخليفة فقبض على حاجب الوزير فاستشعر الوزير من ذلك فقصدوا دار السلطان مسعود في سميرية وسط النهار واقام بها فروسل في العود الى منصبه فامتنع وكانت الكتب تعنون باسمه الى ان ورد جواب مكتوبات الخليفة الى السلطان من المعسكر يقول له كلنا بحكمك فول من تريده واعزل من تريد فبعث اليه على يدي صاحب المخزن وابن الانباري ونجاح الخادم فعزله من الوزارة وهو مقيم بدار الملكة وذلك في ذي الحجة واستناب قاضي القضاة الزينبي وتقدم بفتح الديوان وجرت الامور على العادة ثم ان قاضي القضاة مرض فاستنيب ابن الانباري
وتوفي رجل خير من باب الازج ونودي عليه واجتمع الناس في مدرسة عبد القادر للصلاة عليه فلما اريد غسله عطس وعاش وحضرت جنازة اخرى فدخل عليه فصلى ذلك الخلق عليها

وتكاثرت كبسات العيارين وصاروا يأخذون مجاهرة
وولي ابو الحسين الدامغاني قضاء الجانب الغربي وجلس ابن السهروردي للوعظ في النظامية وحضر ارباب الدولة
وفي رمضان عزل ابن الصاحب من باب النوبي وولي مكانه ابن مسافر ثم عزل في ذي الحجة وولي ابو غالب بن المعوج
وغارت المياء من اقطار الارض ونقص ماء دجلة نقصا لم ير مثله ورفعت كراسي الوعاظ من جامع القصر

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
108 - احمد بن جعفر
ابن الفرج ابو العباس الحربي كان شيخا صالحا حسن السمت قليل الكلام مشغولا بالعبادة سمع ابا عبد الله الحسين بن احمد النعالي وغيره وكان يقال انه رئي بعرفات في بعض السنين التي لم يحج فيها ودخل عليه بعض اهل الحرسة قبل موته بيوم فقال له اذا كان غدا واتفق ما يكون يعني موته فاخرج من المحلة فانك ترى عند العقد شيخا فقل له مات احمد بن جعفر فلما مات خرج الرجل فرأى رجلا قائما على يمين الطريق قال فقال لي قبل ان اكلمه مات الشيخ احمد فقلت نعم فمشى فاتبعته فلم الحقه وغاب عني في الحال توفي في هذه السنة وصلى عليه في تربة القزويني ودفن بالحربية ثم نقل بعد ذلك الى مقبرة باب حرب
109 - احمد بن منصور
ابن محمد بن عبد الجبار السمعاني ابو القاسم توفي في شوال
110 - احمد بن محمد
ابن الحسين بن علي ابو الحسن الياباني من أهل واسط ولد بها وسمع بها من المشايخ وانتقل الى بغداد فسكنها وسمع بها من ابي الخطاب نصر بن النظر

وابي القاسم بن فهد وكان حافظا لكتاب الله دينا خيرا يبين آثار الصلاح على وجهه توفي في شعبان هذه السنة ببغداد
111 - احمد بن منصور
ابو المعالي الغزال سمع ابا الحسين بن النقور وابا نصر الزينبي وغيرهما وحدث وكان خيرا يسقي الادوية بالمارستان العضدي وكان يعبر الرؤيا أتاه رجل يوم الجمعة الثامن والعشرين من ربيع الآخر من هذه السنة فقال رأيت البارحة في النوم كأنك قدمت في هذا الموضع وأشار الى خربة مقترنة بالمارستان ففكر ساعة ثم قال ترحموا علي ثم مضى فصلى الجمعة في جامع المنصور ورجع الى المارستان فوصل قريبا من الموضع الذي عينه صاحب المنام فسقط ومات فجاءة ودفن بمقبرة باب حرب
112 - ابراهيم بن سليمان بن رزق الله
ابو الفرج الورديسي الضرير وورديس قرية عند اسكاف سمع ابا محمد التيميمي وغيره وكان فهما للحديث حافظا لأسماء الرجال ثقة سمع الحديث الكثير وحدث بشيء يسير وتوفي يوم الجمعة سابع ربيع الأول ودفن بباب حرب
113 - ثابت بن حميد المستوفي
قبض عليه الوزير البروجردي فحبسه في سرداب بهمذان في الشتاء بطاق قميص فمات من البرد وأخذ من ماله ثلثمائة ألف دينار
114 - جوهر الخادم الحبشي
خادم سنجر المعروف بالمقرب كان مستوليا على مملكته متحكما فيها فجاءه باطنية في زي النساء فاستغاثوا اليه فقتلوه بالري في هذه السنة
115 - عبد السلام بن الفضل
ابو القاسم الجيلي سمع الحديث وتفقه على الكيا الهراسي وبرع في الفقه والاصول

وولي القضاء بالبصرة وكان وقورا ذا هيئة وجرت حكوماته على السداد وكان ابو العباس بن المعتي الواعظ البصري يقول ما بالبصرة ما يستحسن غير القاضي عبد السلام والجامع توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة
116 - فاطمة بنت عبد الله
الخيري الفرضي ولدت في جمادى الاولى

سنة
احدى وخمسين وسمعت من ابن المسلمة وابن النقور والصريفيني وغيرهم وحدثت عنهم وتوفيت ليلة الاثنين خامس رجب هذه السنة ودفنت بباب ابرز
117 - المهدي بن محمد
ابو البركات نشأ ببغداد وكان واعظا حسن العبارة وسمع ابا الخطاب بن النظر والحسين بن طلحة النعالي وثابت بن بندار وابا الحسين بن الطيوري وغيرهم فخسف بجنزة في هذه السنة فهلك فيها عالم عظيم لا يحصى من المسلمين منهم المهدي
سنة
ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه استوزر ابو نصر المظفر بن محمد بن جهير نقل من استاذية الدار الى الوزارة ووصل الى بغداد رجل اظهر الزهد والنسك واقام في قرية السلطان بباب بغداد فقصده الناس من كل جانب واتفق ان بعض اهل السواد دفن ولدا له قريبا من قبر السبتي فمضى ذلك المتزهد فنبشه ودفنه في موضع ثم قال للناس في بعض الايام اعلموا انني قد رأيت عمر بن الخطاب في المنام ومعه علي بن ابي طالب فسلمت عليهما وسلموا علي وقالا لي ان في هذا الموضع صبي من اولاد امير المؤمنين علي بن ابي طالب وخطا لي المكان وأشار الى ذلك الموضع فحفروه فرأوا الصبي وهو أمرد فمن وصل الى قطعة من أكفانه فكأنه

قد ملك الملك وخرج ارباب الدولة واهل بغداد وانقلب البلد وطرح في الموضع دساتيج الماء الورد والبخور واخذ التراب للتبرك وازدحم الناس على القبر حتى لم يصل احد من كثرة الزحام وجعل الناس يقبلون يد الزاهد وهو يظهر التمنع والبكاء والخشوع والناس تارز يزدحمون عليه وتارة على الميت وبقي هذا اياما والميت مكشوف يبصره الناس ثم ظهرت رائحته وجاء جماعة من اذكياء بغداد فافتقدوا كفنه فرأوه خاما ووجدوا تحته حصيرا جديدا فقالوا هذا لا يمكن ان يكون على هذه الصفة منذ اربعمائة سنة فما زالوا ينقبون عن ذلك حتى جاء السوادي فأبصره وقال هذا والله ولدي وكنت دفنته عند السبتي فمضى معه قوم الى المكان فرأوا القبر قد نبش وليس فيه ميت فلما سمع الزاهد ذلك هرب فطلبوه ووقعوا به فأخذوه فقرروه فأقر انه فعل ذلك حيلة فأخذ واركب حمارا وشهرو ذلك في ربيع الآخر من هذه السنة
وفي يوم الاثنين تاسع ربيع الآخر نفذ السلطان مسعود كاسا لبهروز ليشربه فشربه وعلقت بغداد وعمل سماعا عظيما في دار البرسقي فحضر عنده ارباب الدولة وحضر جميع القيان واظهر الناس الطبول والزمور والفساد والخمور
واعترض على شيخ الشيوخ اسمعيل وقيل له لا تدخل ولا تخرج ولا يقربك احد من ابناء الدنيا لاجل قربه من الوزير الزينبي
وفي ربيع الآخر اخذ المغربي الواعظ مكشوف الرأس الى باب النوبي لانه وجد في داره خابية نبيذ مدفونة وآلات اللهو من عود وغيره فحبس وانهال عليه الناس يسبونه وكان ينكر ذلك ويقول ان امرأته مغنية والآلات لها وما علمت وفي جمادى الآخرة عزل جماعة من المعدلين ابن غالب واحمد بن الشارسوكي وابن جابر وابن شافع وابن الحداد وابن الصباغ وابن جوانوه ثم عزل آخرون فقارب عدد الكل ثلاثين
وفي شوال فتحت المدرسة التي بناها صاحب المخزن بباب العامة وجلس للتدريس فيها ابو الحسن ابن الخل وحضر قاضي القضاة الزينبي وارباب الدولة

والفقهاء وحضرت مع الجماعة ووصل في ذي القعدة رسول من عند سنجر ومعه البردة والقضيب فسلمه الى المقتفي

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
118 - اسمعيل بن محمد
ابن الفضل بن علي بن احمد ابو القاسم الطلحي من اهل اصبهان ولد سنة تسع وخمسين سافر البلاد وسمع الكثير ونسخ واملى بجامع اصبهان قريبا من ثلاثة آلاف مجلس وهو امام في الحديث والتفسير واللغة حافظ متقن دين توفي في ليلة عيد الاضحى من هذه السنة باصبهان أنبأنا شيخنا ابو الفضل بن ناصر قال حدثني ابو جعفر محمد بن ابي المرجي الاصبهاني وهو ابن اخي اسمعيل الحافظ قال حدثني احمد الاسواري وكان ثقة وهو تولى غسل اسمعيل بن محمد الحافظ انه اراد ان ينحي الخرقة عن سوأته وقت الغسل فجذبها الشيخ اسمعيل من يده وغطى فرجه فقال الغاسل أحياة بعد موت
119 - عبد الرحمن بن محمد
ابن عبد الواحد بن الحسن بن مبارك ابو منصور القزاز المعروف بابن زريق كان من اولاد المحدثين سمعه ابوه وعمه والكثير وكان صحيح السماع وسمع شيخنا أبو منصور من ابن المهتدي وابن وشاح وابي الغنائم ابن الدجاجي وجابر ابن ياسين والخطيب وابي جعفر ابن المسلمة وابي محمد الصريفيني وابي بكر الخياط وابي الحسين بن النقور وغيرهم وكان ساكنا قليل الكلام خيرا سليما صبورا على العزلة حسن الاخلاق وتوفي في شوال هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
120 - عبد الجبار بن احمد
ابن محمد بن عبد الجبار ابو منصور ابن توبة اخي المقدم ولد سنة اثنتين وستين وسمع ابا الحسين ابن النقور وابا محمد الصريفيني وابا منصور ابن العكبري وابا نصر

الزينبي وصحب ابا اسحاق الشيرازي وكان ثقة دينا صدوقا مليح الشيبة قيما بكتاب الله توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب ابرز
121 - عطاء بن ابي السعد
ابن عطاء بن ابي عياض ابو محمد الفقاعي الثعلبي من اهل هراة ولد سنة اربع واربعين واربعمائة وسمع ببغداد من ابي القاسم ابن البسري وابي نصر الزينبي وطراد وغيرهم وكان من المريدين لعبد الله بن محمد الانصاري فضرب المثل به في ارادته له وخدمته اياه ولما خرج عبد الله الانصاري الى بلخ جرت لعطاء مع النظام العجائب وكان النظام يحتمله وخرج النظام الى غزو الروم فكان يعد ومعه فوقع احد نعليه فما التفت اليه وخلع الآخر وعدا فأمسك النظام الدابة وقال اين نعلاك قال وقع أحدهما فما وثقت خشيت ان تفوتني فقال فلم خلعت الآخر قال لان شيخي الانصاري اخبرني ان النبي صلى الله عليه و سلم نهى ان يمشي الانسان في نعل واحدة فأعجب النظام ذلك وقال اكتب ان شاء الله حتى يرجع شيخك الى هراة اركب بعض الجنائب فقال شيخي في المحنة وانا اركب الجنائب لا افعل ذلك فعرض عليه مالا فلم يقبل وتحرك نعل فرس النظام فنزل الركابي ليقامه فوقف النظام الفرس فقعد عطاء قريبا منه وجعل يقشر ايا كان رجله ويرمي بها وقال للنظام ارم انت نعل الخيل ونرمي نحن جلد الرجل ونبصر ما يعمل القضاء ولمن تكون العاقبة وقال له النظام الى كم تقيم هاهنا أمالك ام تبرها فقال نحن نحسن نقرأ قال واي شيء مقصودك فأخرج كتابا من امه وفيه يا بني ان اردت الله ورضا امك فلاترجع الى هراة ما لم يرجع شيخك الانصاري وآل الأمر الى أن حبس ثم اخرج فقدم الى خشبة ليصلب فوصل في الحال من السلطان من امر بتركه فلما أطلق رجع الى التظلم والتشنيع وتوفي في هذه السنة
122 - محمد بن احمد
ابن محمد بن عبد الجبار بن توبة ابو الحسين الاسدي العكبري ولد سنة خمس

وخمسين واربعمائة وقرأ القرآن بروايات وكان حسن التلاوة وسمع الحديث من ابي الغنائم ابن المأمون وابي جعفر ابن المسلمة وابي محمد الصريفيني وابي الحسين ابن النقور وابي بكر الخطيب وغيرهم وقرأ شيئا من الفقه على ابي اسحاق وكان له سمت ووقار وبهاء توفي يوم الثلاثاء سابع عشر صفر من هذه السنة ودفن بمقبرة باب ابرز
123 - محمد بن عبد الباقي
ابن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الربيع بن ثابت بن وهب بن مشجعة بن الحارث بن عبد الله بن كعب بن مالك الانصاري احد الثلاثة الذين تيب عليهم في قوله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا ابو بكر بن ابي طاهر ويعرف ابوه بصهر هبة الله البزار ولد بالبصرة ونشأ بها وكنا نسأله عن مولده فقال أقبلوا على شأنكم فأني سألت القاضي ابا المظفر هناد بن ابراهيم النسفي عن سنه فقال أقبل على شأنك فأني سألت ابا الفضل محمد بن احمد الجارودي عن سنه فقال لي أقبل على شأنك فأني سألت ابا بكر محمد بن علي بن زحر المنقري عن سنه فقال اقبل على شأنك فاني سألت ابا ايوب الهاشمي عن سنه فقال لي اقبل على شأنك فاني سألت ابا اسمعيل الترمذي عن سنه فقال لي أقبل على شأنك فاني سألت البويطي عن سنه فقال لي أقبل على شأنك فأني سألت الشافعي عن سنه فقال لي أقبل على شأنك فاني سألت مالك بن أنس عن سنه فقال لي أقبل على شأنك ثم قال لي ليس من المروءة ان يخبر الرجل عن سنه قال لنا شيخنا محمد بن عبد الباقي ووجدت في طريق آخر قيل له قال لأنه ان كان صغيرا استحقروه وان كان كبيرا استهرموه ثم قال لنا مولدي في يوم الثلاثاء عاشر صفر سنة اثنتين واربعين واربعمائة وذكر لنا ان منجمين حضرا حين ولدت فأجمعا أن العمر اثنتان وخمسون سنة قال وها انا قد جاوزت التسعين وانشدني ... احفظ لسانك لا تبح بثلاثة ... سن ومال ما ستطعت ومذهب ... فعلى الثلاثة تبتلى بثلاثة ... بمموه ومكفر ومكذب

وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين وأول سماعه الحديث من ابي اسحاق البرمكي في رجب سنة خمس واربعين حضورا وسمع من ابي الحسن الباقلاوي سنة ست واربعين وكان آخر من حدث في الدنيا عن ابي اسحاق البرمكي واخيه ابي الحسن علي بن عمر والقاضي ابي الطيب الطبري وابي طالب العشاري وابي الحسن علي بن ابراهيم الباقلاوي وابي محمد الجوهري وابي القاسم عمر بن الحسين الخفاف وابي الحسين محمد بن احمد بن حسنون وابي علي الحسن بن غالب المنقري وابي الحسين بن الآبنوسي وابي طالب بن ابي طالب المكي وابي الفضل هبة الله ابن المأمون فهؤلاء تفرد بالرواية عنهم وقد سمع خلقا كثيرا يطول ذكرهم وكانت له اجازة من ابي القاسم علي بن المحسن التنوخي وابي الفتح بن شيطا وابي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي وتفقه على القاضي ابي يعلى بن الفراء وشهد عند قاضي القضاة ابي عبد الله الدامغاني وعمر حتى ألحق الصغار بالكبار وكان حسن الصورة حلو المنطق مليح المعاشرة وكان يصلي بجامع المنصور فيجيء في بعض الايام فيقف وراء مجلسي وانا على منبر الوعظ فيسلم علي واملي الحديث في جامع القصر فاستملى شيخنا ابو الفضل بن ناصر وقرأت عليه الكثير وكان فهما ثبتا حجة متقنا في علوم كثيرة منفردا في علم الفرائض وقال يوما صليت الجمعة بنهر معلى ثم جلست انظر الناس يخرجون من الجامع فما رأيت احدا أشتهي ان اكون مثله وكان يقول ما علم اني ضيعت من عمري ساعة في لهو ولعب وما من علم الا وقد حصلت بعضه او كله وكان قد سافر فوقع في ايدي الروم فبقي في اسرهم سنة ونصفا وقيدوه وجعلوا الغل في عنقه وارادوا ان ينطق بكلمة الكفر فلم يفعل وتعلم بينهم الخط الرومي وسمعته يقول يجب على المعلم ان لا يعنف وعلى المتعلم ان لايأنف وسمعته يقول كن على حذر من الكريم اذا اهنته ومن اللئيم اذا اكرمته ومن العالم اذا احرجته ومن الاحمق اذا مازحته ومن الفاجر اذا عاشرته وسمعته يقول من خدم المحابر خدمته المنابر وانشدني لنفسه

بغداد دار لأهل المال طيبة ... وللمفاليس دار الضنك والضيق ... ظللت حيران امشي في أزقتها ... كأنني مصحف في بيت زنديق ...
وانشدني لنفسه ... لي مدة لا بد أبلغها ... فاذا انقضت وتصرمت مت ... لو عاندتني الاسد ضارية ... ما ضرني مالم يجي الوقت ...
ورأيته بعد ثلاث وتسعين صحيح الحواس لم يتغير منها شيء ثابت العقل يقرأ الخط الدقيق من بعد ودخلنا عليه قبل موته بمديدة فقال قد نزلت في اذني مادة وما اسمع فقرأ علينا من حديثه وبقي على هذا نحوا من شهرين ثم زال ذلك وعاد الى الصحة ثم مرض فأوصى ان يعمق قبره زيادة على ما جرت به العادة وقال لانه اذا حفر ما جرت به العادة لم يصلوا الي وان يكتب على قبره قل هو نبأ عظيم انتم عنه معرضون ولم يفتر عن قراءة القرآن الى أن توفي وتوفي يوم الاربعاء قبل الظهر ثاني رجب هذه السنة وصلى عليه بجامع المنصور وحضر قاضي القضاة الزينبي ووجوه الناس وشيعناه الى مقبرة باب حرب ودفن الى جانب ابيه قريبا من قبر بشر الحافي
124 - يوسف بن ايوب
ابن يوسف بن الحسن بن وهرة ابو يعقوب الهمذاني من اهل بوزنجرد قرية من قرى همذان مما يلي الري نزيل مرو جاء الى بغداد بعد الستين واربعمائة فتفقه على الشيخ ابي اسحاق حتى برع في الفقه وعلم النظر وسمع ابا الحسين ابن المهتدي وابا الغنائم وابا جعفر ابن المسلمة وابا بكر الخطيب والصريفيني وابن النقور وغيرهم ورجع الى بلده وتشاغل بعلم المعاملة وتربية المريدين فاجتمع في رباطه بمرو جماعة كثيرة من المنقطعين وقال دخلت جبل زر لزيارة الشيخ عبد الله الجوشني وكان شيخه قال فوجدت ذلك الجبل معمورا بأولياء الله تعالى كثير المياه كثير الاشجار وكل عين على رأسها واحد من الرجال

مشتغل بنفسه صاحب مجاهدة فكنت أدور عليهم وأزورهم ولا اعلم في ذلك حجرا لم تصبه دمعتي وقدم الى بغداد

سنة
ست وخمسمائة فوعظ بها فظهر له قبول تام وقام اليه رجل يعرف بابن السقاء فآذاه وجرت له في ذلك المجلس قصة قد ذكرتها في سنة ست ثم عاد الى مرو ثم خرج الى هراة ثم رجع الى مرو ثم عاد الى هراة فلما رجع الى مرو توفي بقرية قريبة من هراة يوم الاثنين الثاني والعشرين من ربيع الاول من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ست وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه مات ابراهيم السهولي رئيس الباطنية فأحرقه ولد عباس شحنة الري في تابوته
وفيها دخل خوارزمشاه مرو وفتك فيها مراغمة لسنجر حين تمت عليه الهزيمة وقبض على ابي الفضل الكرماني متقدم الحنفيين وعلى جماعة من الفقهاء
وفيها عمل بثق النهروان وخلع بهروز على الصناع جميعهم جباب ديباج رومي وعمائم قصب مذهبة وبنى قرية سماها المجاهدية وبنى لنفسه تربة هناك ووصل السلطان عقيب فراغه وجريان الماء في النهر فقعد هو والسلطان في سفينة وسارا في النهر المحفور وفرح السلطان بذلك وقيل انه كاتبه في تضييع المال فقال له قد انفقت عليه سبعين الف دينار انا اعطيتك اياها من ثمن التبن وحده ثم انه عزله من الشحنكية وولى قزل فظهر من العيارين ما حير الناس وذاك ان كل قوم منهم احتموا بأمير فأخذوا الاموال وظهروا مكشوفين وكانوا يكبسون الدور بالشموع ويدخلون الحمامات وقت السحر فيأخذون الاثواب وكان ابن الدجاجي جالسا ليلة بالحربية فكبسوها واخذوا عمامته ودخلوا الى خان بسوق الثلاثاء بالنهار وقالوا ان لم تعطونا احرقنا الخان ولبس الناس السلاح لما زاد النهب واعانهم وزير السلطان فظهروا وقتلوا المصالحة وزادت الكبسات حتى صار الناس لا يظهرون من المغرب ثم ان السلطان اطلق

الناس في العيارين فتتبعوا ودخل مسعود الى داره ومضى اليه الوزير ابن جهير يوم الثلاثاء خامس عشرين ربيع الاول من هذه السنة ودخل الوزير ابن طراد الى السلطان مسعود وسأله ان يسأل أمير المؤمنين ان يرضى عنه ويعيده الى داره فسلمه الى وزيره وقال له تمضي وتسأل أمير المؤمنين بشفاعتي وأخذه صحبته الى داره التي في الاجمة واقام عنده اياما والرسل تردد بينه وبين امير المؤمنين والساعي في ذلك صاحب المخزن وامير المؤمنين يعد ذنوبه ومكاتباته واساآته ومضى الوزير في الشفاعة وجعل يقول يا مولانا ما زالت العبيد تجني والموالي تعفو وقد اتصل السؤال من جانبي سنجر ومسعود فاجاب وعفا عنه فلما كان يوم الثلاثاء سابع عشر ربيع الاول ركب الوزيران في الماء وجميع الامراء والخدم والخواص ويرنقش الزكوي ودخلوا من باب الشط فقعدوا في بيت النوبة واستأذنوا فأذن لوزير السلطان وحده فدخل وقبل الارض ووقف بين يدي امير المؤمنين وقال يا مولانا السلطان سنجر يسأل ويتضرع الى امير المؤمنين في قبول شفاعته في الزينبي وكذلك مسعود يقبل الارض ويقول له حق خدمة وان كان بدا منه سيئة فقد قال الله تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات وقال وليعفوا وليصفحوا ورأى أمير المؤمنين في ذلك اعلى فأخذ امير المؤمنين يعدد سيئاته ثم قال عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه وقد أجبت السلطانين الى سوالهما وعفوت عنه ثم اذن له فدخل هو والامراء فوقفوا وراء الشباك وكشفت الستارة فقبلوا الارض بين يديه ثم مضى الى داره وعاد الوزير الى مسعود فأخبره بما جرى
وفي جمادى الاولى في كانون الاول اوقدت النيران على السطوح ببغداد ثلاث ليال وضربت الدبادب والبوقات حتى خشي على البلد من الحريق فنودي في الليلة الرابعة بازالته
وفي جمادى الآخرة ورد الخبر بالوقعة التي جرت بين سنجر وبين كافر ترك

وكانت الوقعة فيما وراء النهر وبلغت الهزيمة الى ترمذ وافلت سنجر في نفر قليل فدخل الى بلخ في ستة أنفس وأخذت زوجته وبنت بنته زوجة محمود وقتل من أصحاب سنجر مائة ألف أو أكثر وقيل انهم احصوا من القتلى احدى عشر الفا كلهم صاحب عمامة واربعة آلاف امرأة وكان سنجر قد قتل اخا خوارزم شاه الى كافر ترك وكان بينهما هدنة وقد تزوج اليه فسار اليه في ثلثمائة الف فارس وكان هو معه مائة الف فارس فضربوا على سنجر فلم تر وقعة اعظم منها وكانت في محرم هذه السنة

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
125 - احمد بن محمد
ابن علي بن احمد بن عمر بن الحسن بن حمدي ابو جعفر العدل سمع الحديث من ابي محمد بن ايوب وغيره وشهد عند ابي القاسم الزينبي وكان له سمت حسن ودين وافر وطريقة مرضية ومذهب في النظافة شديد وكان واصلا لرحمه كثير التصدق على الفقراء وكان يسرد الصوم ولا يفطر الا الايام المحرم صومها وتوفي ليلة الخميس حادي عشر ذي القعدة وصلى عليه بجامع القصر ودفن في داره بخرابة الهراس ثم نقل بعد مدة الى مقبرة باب حرب
126 - احمد بن محمد
ابن علي بن محمود بن ابراهيم بن ماخرة ابو سعد الزوزني ولد في ذي الحجة سنة تسع واربعين وسمع القاضي ابا يعلى وابن المسلمة وابن المهتدي وحدثنا عنهم وهو آخر من حدث عن القاضي ابي يعلى وكان قد مضى الى صريفين فسمع الجعديات كلها من ابي محمد الصريفيني وسمع من ابي علي بن وشاح وجابر بن ياسين وابي الحسين ابن النقور وابي منصور ابن العكبري وابي بكر الخطيب وغيرهم وكانوا ينسبونه الى التسمح في دينه وحكى ابو سعد السمعاني انه كان منهمكا في الشرب

فلا ادري من اين علم ذلك ومرض فبقي خمسة وثلاثين يوما بعلة النصب لم يضطجع وتوفي يوم الخميس تاسع عشر شعبان من هذه السنة ودفن يوم الجمعة عند رباط جده ابي الحسن الزوزني حذاء جامع المنصور قال شيخنا ابو الفضل ابن ناصر رأيته في المنام وعليه ثياب حسنة فقلت له ما فعل الله بك فقال غفر لي فقلت له واين انت قال انا وابي في الجنة
127 - اسمعيل بن احمد
ابن عمر بن ابي الاشعث ابو القاسم السمرقندي ولد بدمشق في رمضان سنة اربع وخمسين وسمع شيوخ دمشق ثم بغداد فسمع ابن النقور وكان يلازمه حتى قال سمعت منه جزء يحيى بن معين اثني عشرة مرة وسمع الصريفيني وابن المسلمة وابن البسرى وغيرهم ثم انفرد باشياخ لم يبق من يروي عنهم غيره وكان مكثرا فيه وكان دلالا في بيع الكتب فدار على يده حديث بغداد باشياخ فادخر الاصول وسمع منه الشيوخ والحفاظ وكان له يقظة ومعرفة بالحديث واملى بجامع المنصور زيادة على ثلثمائة مجلس وسمعت منه الكثير بقراءة شيخنا ابي الفضل بن ناصر وابي العلاء الهمذاني وغيرهما وبقراءتي وكان ابو العلاء يقول ما اعدل به احدا من شيوخ خراسان ولا العراق انبأنا ابو القاسم السمرقندي قال رأيت النبي صلى الله عليه و سلم في النوم كانه مريض وقد مد رجله فدخلت فجعلت اقبل اخمص رجليه وامر وجهي عليهما فحكيت هذا المنام لابي بكر ابن الخاضبة فقال أبشر يا ابا القاسم بطول البقاء وبانتشار الرواية عنك لاحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم فان تقبيل رجليه اتباع اثره وأما مرض النبي صلى الله عليه و سلم فوهن يحدث في الاسلام فما أتى على هذا إلا قليل حتى وصل الخبر ان الافرنج استولت على بيت المقدس وتوفي شيخنا اسمعيل ليلة الثلاثاء سادس عشرين ذي القعدة عن اثنتين وثمانين سنة وثلاثة اشهر ودفن بباب حرب في المقابر المنسوبة الى الشهداء وهذه المقبرة قريبة من قبر احمد ولا نعرف لهذا

الذي يقال لها اصلا وقد اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال اخبرنا ابو بكر الخطيب قال لم ازل اسمع العامة تذكر انها قبور من اصحاب امير المؤمنين علي بن ابي طالب كانوا شهدوا معه قتل الخوارج بالنهروان وارتثوا في الوقعة ثم لما رجعوا ادركهم الموت في ذلك الموضع فدفنهم علي عليه السلام هنالك وقيل ان فيهم من له صحبة قال وقد كان حمزة بن محمد بن طاهر وكان من اهل الفهم له قدم في العلم ينكر ما قد استمر عند العامة من ذلك ويقول لا اصل له
أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ عن ابي محمد ابن السراج قال رأيت منذ خمسين سنة مقابر الشهداء عند الوهدة وقد انقلبت الجبانة وبرزت جمجمة عند طاقة ريحان طرية
128 - اسمعيل بن عبد الوهاب
ابن اسمعيل ابو سعد الفوشنجي نزيل هراة ولد سنة احدى وستين وسمع ابا صالح المؤذن وابا بكر بن خلف وحمد بن احمد وورد بغداد فسمع من ابن نبهان وابن بيان وغيرهما وتفقه وكان دائم الذكر متعبدا ثم مضى الى هراة فسكنها الى ان توفي بها في هذه السنة وكان يفتيهم
129 - آدم بن احمد
ابن اسد ابو سعد الاسدي الهروي من اهل هراة سكن بلخ وكان اديبا فاضلا عالما باللغة ودخل بغداد وحدث بها وقرئ عليه بها الادب وروى عبد الكريم بن محمد انه جرى بين هذا الاسدي وبين شيخنا ابي منصور ابن الجواليقي نوع منافرة في شيء اختلفا فيه فقال له الاسدي انت لا تحسن ان تنسب نفسك فان الجواليقي نسبة الى الجمع والنسبة الى الجمع لا تصح توفي الاسدي في شوال هذه السنة
130 - احمد بن منصور
ابن احمد ابو نصر الصوفي الهمذاني كان حسن الصورة مليح الشيبة لطيف

الخلقة مائلا الى اهل الحديث والسنة كثير التهجد لتلاوة القرآن سمعت عليه الحديث في رباط بهروز الخادم وكان شيخ الرباط فاوصى ان يحضر شيخنا ابو محمد المقرئ غسله ويصلي عليه فشق ذلك على اصحاب الشافعي وكانت وفاته يوم الجمعة ثامن عشر رمضان عن سبع وتسعين سنة ممتعا بسمعه وبصره ودفن بالشونيزية في صفة الجنيد
131 - خاتون امرأة المستنظر بالله
قد ذكرنا حالها في تزويج المستظهر بها وفي تزويج ملك كرمان بها وكانت دارها حمى ولها الهيبة والاصحاب وورد الخبر بموتها فقعد لها في العزاء يومين في الديوان
132 - محمد بن جعفر
ابن محمد بن احمد ابو بكر التميمي من اهل اصبهان من بيت الحديث والعدالة ولد في سنة سبع وستين واربعمائة باصبهان وسمع من عبد الوهاب بن منده وغيره وكان ثقة كثير التعبد وقدم بغداد للحج فخرج معهم وهو مريض فتوفي يوم الاثنين ثامن عشر ذي القعدة ودفن بزبالة
133 - محمد بن الحسين
ابن محمد ابو الخير التكريتي يلقب بالتيرك سمع ابا محمد السراج وكان شيخا صالحا متشاغلا بما ينفعه سافر الكثير وسكن في آخر عمره برباط الزوزني المقابل لجامع المنصور قال المصنف ورأيته انا وتوفي في هذه السنة ودفن على باب الرباط
134 - محمد بن محمد
ابن محمد بن ابي بكر ابو محمد السهلوكي الخطيب خطيب بسطام مدينة بقومس وقاضيها سمع بها من ابي الفضل السهلوكي وببغداد من ابي محمد التميمي ونظام الملك وغيرهم وتوفي في ربيع الاول من هذه السنة ببسطام

135 - محمود بن احمد
ابن عبد المنعم بن احمد بن محمد بن ماساده ابو منصور الواعظ من اهل اصبهان سمع الحديث وتفقه على ابي بكر الخجندي وارتفع امره وعرض جاهه فصار المرجع اليه وكان يفسر ويعظ بفصاحة وورد بغداد بعد العشرين وخمسمائة فوعظ بجامع القصر وعاد الى اصبهان فتوفي بها في هذه السنة
136 - نصر بن احمد
ابن محمد بن مخلد ابو الكرم الازدي يعرف بابن الجلخت من واسط آخر من روى عن ابي تمام علي بن محمد القاضي وقد سمع من جماعة وكان ثقة صالحا من بيت الحديث وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة
137 - هبة الله بن أحمد
ابن عبد الله بن علي بن طاوس ابو محمد المقري البغدادي انتقل والده الى دمشق فسكنها فولد هو بها في سنة اثنتين وستين واربعمائة ونشأ وكان مقرئا فاضلا حسن التلاوة وختم القرآن عليه خلق من الناس واملى الحديث وكان ثقة صدوقا وتوفي في محرم هذه السنة ودفن في مقبرة باب الفراديس بظاهر دمشق وحضره خلق عظيم
138 - يحيى بن علي
ابن محمد بن علي الطراح ابو محمد المدير ولد بنهر القلائين في سنة تسع وخمسين واربعمائة ونشأ بها ثم انتقل الى الجانب الشرقي سمع ابا الحسين بن المهتدي وابا جعفر بن المسلمة وابا محمد الصريفيني وابا الغنائم بن المامون وابا الحسين ابن النقور وابا بكر الخياط وابا القاسم بن البسري والمهرواني وغيرهم وكان سماعه صحيحا وكان من اهل السنة شهد له بذلك شيخنا ابن ناصر وكان له سمت المشائخ ووقارهم وسكونهم مشغولا بما يعنيه وكان كثير الرغبة في الخير

وزيارة القبور وسمعنا عليه كثيرا وكان مديرا لقاضي القضاة ابي القاسم الزينبي وتوفي ليلة الجمعة رابع عشرين رمضان هذه السنة ودفن بالشونيزية
139 - يحيى بن علي
ابو يعلى الباجرائي تفقه وتقدم وبرع وناظر وهو صغير السن واختطف في زمن الشبيبة ودفن في مقبرة جامع المنصور

سنة
ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها ان ابن طلحة صاحب المخزن عاد من الحج منصرفا تاركا للعمل فنظر ابو القاسم علي بن صدقة من غير وكالة
ووصلت سفن فيها خمر فربطت مما يلي باب المدرسة فأنكر الفقهاء ذلك فضربوا وجاء الأعاجم فكبسوا المدرسة وضربوا الفقهاء ولزم ابن الرزاز المدرس بيته وكان جميع المعيدين يجتمعون بالاعاجم
وارسل السلطان سنجر الى السلطان مسعود يأذن له في التصرف في الري وما يجري معها على عادة السلطان محمد ويجمع العساكر ويكون مقيما بالري بحيث ان دعته حاجة استدعاه لأجل ما كان نكب به سنجر من الكفار
ووصل الى بغداد عباس شحنة الري بعسكر كثير وخدمه الخدمة الوافرة ووصل اليه جماعة من الامراء فأشار عباس بقصد الري واشار الوزير عز الملك بقصد ساوة فقبل قول عباس
وفي جمادى الاولى وصل الخبر بان زنكي ملك قلعة الحديثة ونقل من كان فيها من آل مهارش الى الموصل ورتب اصحابه فيها
وفي جمادى الآخرة استدعى ابو القاسم علي بن صدقة بن علي بن صدقة وخلع عليه ورتب في المخزن
وفي حادي عشر شعبان جرت للشيخ ابي محمد المقرئ وهلة وخرج من مسجده

وسبب ذلك ان ضريرا يقال له علي المشتركي خاصم غلاما كان يخدم الشيخ وخرج عن المسجد وصلى في مسجد الشافعية ثم سكن مسجد يانس وصار له جمع من العميان وكانت الفتن تجري بينهم وبين اصحاب الشيخ ويبلغون الى حاجب الباب وكان يتعصب للمشتركي الركاب سلار فنفذ الى الشيخ كلاما صعبا فغضب الشيخ وعبر الى الحربية فأقام ثلاثة ايام ثم عاد فنفذ اليه حاجب الباب فاحضره فاذا المشتركي جالس عنده على الدكة فقال له قد برز توقيع شريف بمصالحتكم فأبى ذلك وعاد الى المسجد ومعه الغوغاء فصعب ذلك على حاجب الباب فكتب واطنب ثم نفذ اليه انه قد تقدم باخراجك من المسجد ونفذ معه الرجالة الى الشرط وختموا داره ومسجده فاقام بالحربية ثم برز توقيع بعوده فعاد
وفي غرة ذي القعدة ورد الخبر بان ابنة دبيس ولدت للسلطان مسعود ولدا ذكرا فعلقت بغداد وأخذ الناس في اللعب سبعة ايام ثم ظهر المفسدون وقتلت المصالحة واخذت اموال الناس وعزل ابو الكرم الوالي ورتب مكانه رجل يقال له ابن صباح فكان يطوف ولا ينفع حمايته
وتقدم المقتفي ان لا يخاطب احد بموادنا سوى الوزير ولا يحمل لأحد غاشية على الكتف سوى قاضي القضاة الزينبي
وفي يوم الاربعاء تاسع ذي القعدة استدعى القاضي ابو يعلى محمد بن محمد بن الفراء الى دار قاضي القضاة الزينبي وفوض اليه قضاء واسط فوصل اليها يوم الاحد حادي عشر ذي الحجة وجلس للحكم في الجامع

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
140 - ابراهيم بن محمد
ابن ابراهيم بن سالم بن علوي بن جحاف ابو منصور الهيتي ولد بهيت في سنة ستين وسمع ابا نصر النرسي وابا الغنائم بن ابي عثمان وابا طاهر البلاقلاوي وتفقه على ابي عبد الله الدامغاني وبرع في المناظرة وسمع شهادته قاضي القضاة الزينبي واستنابه

في القضاء وتوفي يوم الخميس حادي عشر شوال هذه السنة ودفن بمقبرة الخيزران
141 - ابراهيم بن هبة الله
ابن علي بن عبد الله ابو طالب من اهل ديار بكر سمع الحديث من جماعة روى عنهم وكان دائم التلاوة للقرآن الكريم كثير الذكر فقيها مناظرا توفي في هذه السنة
142 - احمد بن ابي الحسين
ابن احمد بن ربعة ابو الحارث الهاشمي ولد قبل الستين واربعمائة وسمع ابا الحسين ابن الطيوري وكان يؤم في جامع المنصور في الصلوات الخمس وكان فيه خير وكان يحضر مجلسي كثيرا وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة ودفن في مقبرة بين جامع المنصور وشارع دار الدقيق
143 - الحسين بن علي
ابن احمد بن عبد الله المقرئ ابو عبد الله الخياط ولد في رمضان سنة ثمان وخمسين سمع ابن المأمون والصريفيني وابن النقور وغيرهم وحدثنا عنهم وقرأت عليه القرآن والحديث وكان صالحا يأكل من كد يده من الخياطة توفي في ذي الحجة من هذه السنة
144 - سليمان بن محمد
ابن الحسين ابو سعد القصار المعروف بالكافي الكرجي من بلد الكرج سمع الحديث وتفقه وبرع في الفقه والاصول وتكلم مع الائمة الكبار وكان اعرفهم بأصول الفقه توفي بالكرج في هذه السنة
145 - عبد الله بن محمد
ابن محمد البيضاوي ابو الفتح سمع الحديث من ابن النقور وغيره وشهد وصار حاكما فسمعت عليه الكثير وتوفي في جمادى الاولى من هذه السنة وصلى عليه بجامع

المنصور اخوه لأمه قاضي القضاة ابو القاسم الزينبي ودفن بمقبرة باب حرب
146 - محمد بن الحسين
ابن عمر ابو بكر الأرموي تفقه على ابي اسحاق الشيرازي وسمع من ابن النقور وغيره وكان ببغداد رجل يقال له محمد بن الحسين الارموي فاشتبه الاسمان فترك هو الرواية توفي في ليلة السبت سابع محرم هذه السنة ودفن قريبا من ابن سريج
147 - محمد بن عبد الله
ابن احمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد الاسدي ابو الفضل الخطيب ولد في عشر ذي الحجة الاول من

سنة
تسع واربعين وسمع ابا الحسين ابن المهتدي وابا الغنائم ابن المأمون وابا الحسين ابن النقور وطرادا وابا الوفاء بن الحسين القواس وهو جده لأمه وغيرهم وحدث وقرأ بالقراآت وشهد عند أبي الحسن الدامغاني وردت اليه الخطابة بجامع المنصور ثم في جامع القصر وسرد الصوم نيفا وخمسين سنة وكان رجلا صالحا وتوفي يوم الخميس ثامن عشرين جمادى الاولى ودفن في دكة قبر الامام احمد عند جده لأمه ابي الوفاء ابن القواس بعد فتنة تلوفيت فان المقتفي وقع بذلك ومنعت العامة
سنة
ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها ان السلطان جمع العساكر لقصد الموصل والشام وترددت رسل زنكي حتى تم الصلح على مائة الف دينار تحمل في ثوب فحمل ثلاثين الفا ثم تقلبت الاحوال فاحتيج الى مداراة زنكي وسقط المال وقيل بل خرج ابن الأنباري فقبض المال
وفي هذه السنة قبض السلطان على ترشك المقتفوي وحمل الى قلعة خلخال وقدم السلطان مسعود في ربيع الآخر فنزل اصحابه في دور الناس وتضاعف فساد العيارين

بدخوله وكثرت الكبسات والاستقفاء نهارا ونقل الناس رحالهم الى دار الخلافة وباب المراتب وكان اللصوص يمشون بثياب التجار في النهار فلا يعرفهم الانسان حتى يأخذوه فأخذت خرق الصيارف وضاقت المعايش واعيد الى الولاية ابو الكرم الهاشمي في جمادى الاولى فطاف البلد وأخذ ثلاثة فلم ينفع وكان للعيارين عيون على الناس من النساء والرجال يطوفون الخانات الرحبة والصيارف والجوهريين فاذا عاينوا من قد باع شيئا تبعوه واخذوا ما معه وكانوا يجتمعون في دور الذين يحمونهم في دار وزير السلطان ودار يرنقش واخذوا اخرق الصيارف وجرحوهم ولقوا رجلا قد باع دابة بخمسة وعشرين دينارا فضربوه بالسيف واخذوها فنفر الناس وغلقوا دكاكينهم وغلقوا باب الجامع وتلقوا السلطان في الميدان ومعهم ابن الكواز الزاهد فاستغاثوا اليه فلم يجبهم فعادوا مرارا وهو لا يلتفت وكان في العيارين ابن قاورت وهو ابن عم السلطان مسعود فاخذ بعملات فتقدم السلطان بصلبه فصلبة بباب درب صالح الذي فيه بيته وصلب معه ثلاثة من اصحابه ثم اباح السلطان دماءهم فصلب منهم جماعة فسكن الناس
وفي رجب خرج ملك البطائح الى تل علم فشاهده فكان طوله نحو ثمانمائة ذراع وعرضه نحو اربعمائة ذراع
وفي هذه السنة قدم مع السلطان فقيه كبير القدر اسمه الحسن بن أبي بكر النيسابوري وكان من اصحاب ابي حنيفة وكانت له معرفة حسنة باللغة وفهم جيد في المناظرة وجالسته مدة وسمعت مجالسه كثيرا فجلس بجامع القصر وجامع المنصور واظهر السنة وكان يلعن الاشعري جهرا على المنبر ويقول كن شافعيا ولا تكن اشعريا وكن حنفيا ولا تكن معتزليا وكن حنبليا ولا تكن مشبها ولكن ما رأيت اعجب من اصحاب الشافعي يتركون الاصل ويتعلقون بالفرع ومدح الأئمة الأربعة وذم الاشعري ثم قال زاد في الشطرنج بغل والبغل مختلط النسب ليس له اصل صحيح فقام في الاسبوع الثاني ابو محمد ابن الباطوخ فأنشده قصيدة فيها هذا المعنى وهي

صرف العيون اليك يحلو ... وكثير لفظك لا يمل ... والناس لو متعتهم ... بك الف عام لم يولوا ... من اين وجه ملالهم ... وغرامهم بك لا يقل ... لو رمت بذل نفوسهم ... بذلوا رضا لك واستقلوا ... وافيت فابتسم الهدى ... وانار دين مضمحل ... ونهضت في نصر الكتا ... ب بحد غضب لا يفل ... لمعانه يوم التنا ... ضل لالأدلة يستهل ... أنعشت خامل معشر ... من بعد أن ضعفوا وقلوا ... وعقدت حين نصرتهم ... في الدين عقدا لا يحل ... وقمعت اخدان الضلا ... ل فهان ذكرهم وذلوا ... وقطعت شملهم فليس لهم بحمد الله شمل ... كم ذا التحدي بالدليل لهم وكم عجزوا وكلوا ... انذرهم فان انتهوا ... عن كفرهم اولا فقتل ... ما ثم غير ابي حنيفة والمديح له يجل ... وفقيه طيبة مالك ... طود له زهد وفضل ... وفتى ابن حنبل والحديث عن ابن حنبل ما يمل ... والشافعي ومن له من بعد من قدمت مثل ... فهم ادلتنا ومن ... يهدي بغيرهم يضل ... كنا نعد خلافهم ... صلحا وندرسه ونتلو ... حتى بلينا بالخلا ... ف وزاد في الشطرنج بغل ... والجنس يضبط في البها ... ئم اصلها والبغل بغل ...
وجلس يوم الجمعة العشرين من رجب في دار السلطان فحضر السلطان مسعود مجلسه فوعظه فبالغ وكان قد كتب على المدرسة النظامية اسم الاشعري فتقدم السلطان بمحوه وكتب مكانه اسم الشافعي وكان ابو الفتوح الاسفرائيني

يجلس في رباطه ويتكلم على مذهب الاشعري فتجري الخصومات فمضى ابو الحسن الغزنوي الواعظ الى السلطان فاخبره بالفتن وقال انما ابو الفتوح صاب فتنة وقد رجم ببغداد مرارا والصواب اخراجه من البلد فتقدم السلطان واخرج في رمضان وخرج ابو عبد الله ابن الانباري الى الموصل لاقرار زنكي على ولايته واستثنى من اقطاعه صريفين واذن في اقامة الجمعة بجامع ابن بهليقا فصار احد الجوامع المذكورة وأخذ رجال يقال انه فسق بصبي فترك في جب ورقي الى رأس منارة مدرسة سعادة ثم رمى به الى الارض فهلك
وفي شوال برز السلطان مسعود طالبا همذان وزلزلت الارض ليلة الثلاثاء رابع عشرين ذي القعدة فكانت رجة عجيبة كنت مضطجعا على الفراش فارتج جسدي منها

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
148 - احمد بن عبد العزيز
ابن ابي يعلى الشيرازي ابو نصر بن القاص والقاص هو ابو يعلى كان احمد مليح الهيئة حسن الشيبة كثير البكاء يحضر مجلس شيخنا ابي الحسن الزاغوني فيبكي كثيرا وتوفي يوم الاثنين تاسع ذي القعدة ودفن بمقبرة باب حرب
149 - عبد الوهاب بن المبارك
ابن احمد بن الحسن الانماطي ابو البركات الحافظ ولد في رجب سنة اثنتين وستين واربعمائة وسمع ابا محمد الصريفيني وابا الحسين ابن النقور وابا القاسم ابن البسري وابا نصر الزينبي وطرادا وكان ذا دين وورع وكان قد نصب نفسه للحديث طول النهار وسمع الكثير من خلق كثير وكتب بيده الكثير وكان صحيح السماع ثقة ثبتا وكنت اقرأ عليه الحديث وهو يبكي فاستفدت ببكائه اكثر من استفادتي بروايته وكان على طريقة السلف وانتفعت به ما لم انتفع بغيره ودخلت عليه وقد بلى وذهب لحمه فقال لي ان الله لا يتهم في قضائه وتوفي

يوم الخميس حادي عشر محرم هذه السنة وصلى عليه ابو الحسن الغزنوي ودفن بالشونيزية
150 - عبد الخالق بن عبد الصمد
ابن علي بن الحسين بن عثمان الشيباني ابو المعالي ويعرف بابن البدن ولد سنة اثنتين وخمسين وسمع ابا الحسين ابن المهتدي وابا جعفر ابن المسلمة وابن النقور والزينبي وغيرهم وحدثنا عنهم وكان سماعه صحيحا وكان عبدا صالحا سريع الدمعة وتوفي ليلة الخميس لليلة بقيت من جمادى الاولى من هذه السنة
151 - علي بن طراد
ابن محمد بن علي بن ابي تمام الزينبي ويكنى ابا القاسم ولد سنة اثنتين وستين واربعمائة سمع اباه وعمه ابا نصر وابا طالب وابا محمد التميمي وابا القاسم بن بشران وابن السراج وابن النظر وولى نقابة النقباء ولاه المستظهر وخلع عليه ولقبه الرضا ذا الفخرين وهي ولاية ابيه وركب معه ثم وزر للمسترشد والمقتفي وابوه طراد ولى نقابة النقباء وابوه ابو الحسن محمد ولى نقابة النقباء وابوه ابو القاسم علي ولي نقابة النقباء وابوه ابو تمام كان قاضيا وتقلبت بعلي بن طراد احوال عجيبة من ولاية وعزل الى ان خرج مع المسترشد وهو وزيره لقتال الأعاجم فأسر هو وارباب الدولة ثم أطلقوا ووصل الى بغداد واشار بعد قتل المسترشد بالمقتفي ووزر له ثم تغير المقتفي عليه فاستجار بذلك السلطان الى أن سئل فيه وأعيد الى بيته وتوفي بكرة الاربعاء غرة رمضان هذه السنة عن ست وسبعين سنة وكان قد اوصى الى ابن عمه قاضي القضاة علي بن الحسين فامضى المقتفي تلك الوصية وبعث له الاكفان والطيب ودفن بداره الشاطئية بباب المراتب ثم نقل الى تربته بالحربية ليلة الثلاثاء سادس عشر رجب سنة اربع واربعين وجمع على نقله الوعاظ فوعظوا في داره الى وقت السحر ثم اخرج والقراء معه والعلماء والشموع الزائدة في الحد

152 - محمد بن احمد
ابن محمد بن ابراهيم الدقاق ابو الحسن المعروف بابن صرما وهو ابن عمة شيخنا ابي الفضل بن ناصر ولد يوم الخميس النصف من شعبان سنة ستين واربعمائة وسمع من ابي محمد الصريفيني وابي الحسين ابن النقور وابي القاسم ابن البسرى وغيرهم وحدثنا عنهم وكان شيخا صالحا ستيرا توفي يوم الثلاثاء منتصف شعبان ودفن بمقبرة باب حرب
153 - محمد بن الخضر
ابن ابراهيم ابو بكر المحولي خطيبها وامامها سمع الحديث ورواه وقرأ بالقراآت على ابي طاهر بن سوار وابي محمد التميمي وكان يقول قرأت على ابي طاهر بن سوار الروايات في خمس عشرة سنة وما كنت اجمع بين الروايتين والثلاث كنت اختم لكل رواية ختمة وما احد الا هكذا وكان فصيحا وكان مشتهرا بالتجويد وحسن الاداء واعطي فصاحة وخشوعا وكان الناس يقصدون صلاة الجمعة وراءه لذلك وكان صالحا دينا توفي يوم السبت ثامن عشر ذي القعدة ودفن بالمحول
154 - محمد بن الفضل
ابن محمد ابو الفتوح الاسفرائيني ويعرف بابن المعتمد ولد سنة اربع وسبعين باسفرائين دخل بغداد فأقام بها مدة يتكلم بمذهب الأشعري ويبالغ في التعصب وكانت الفتن قائمة في ايامه واللعنات في الاسواق وكان بينه وبين الغزنوي معارضات حسد فكان كل منهم يذكر الآخر على المنبر بالقبيح فلما قتل المسترشد وولي الراشد ثم خرج من بغداد خرج ابو الفتوح مع الراشد الى الموصل فلما توفي الراشد سئل في حقه المقتفي فأذن له في العود الى بغداد فدخل وتكلم واتفق ان جاء الحسن بن ابي بكر النيسابوري الى بغداد فوعظ وذم الأشعرية وساعده الخدم ووجد الغزنوي فرصة فكلم السلطان مسعودا في حق ابي الفتوح فأمر

باخراجه من البلد وبلغني ان السلطان قال للحسن النيسابوري تقلد دم ابي الفتوح حتى اقتله فقال لا اتقلد فوكل بابي الفتوح يوم الجمعة ويوم السبت واخرج يوم الاحد ووقف له عند السور خمسة عشر تركيا وجاء منهم واحدا واثنان اليه فقال تقوم للمناظرة فخرج غير متأهب ولا مزود لسفر وذلك في شعبان فلما خرج من رباطه تبعه خلق كثير فلما وصلوا الى السور ضربوا الاتراك فرجعوا وكان قد سلم الى قيماز الحرامي فتبعه جماعة ليحمل الى همذان ثم سلم الى عباس فبعثه الى اسفرائين واشترط عليه متى خرج من بلده اهلك فأخذ بلجام فرسه وسير به ناحية النهروان وحده وخرج اهله واولاده فمضوا الى رباط حموه وهوابو القاسم شيخ فخرج هو وابو منصور ابن البزاز ويوسف الدمشقي وابو النجيب الى السلطان يسألون فيه فلم يلتفت اليهم ونودي في البلد لا يذكر احد مذهبا ولا يثير فتنة فانخزلت الاشاعرة وحمل ابو الفتوح الى ناحية خراسان فلما وصل الى بسطام توفي بها في ذي الحجة من هذه السنة فدفن هناك ووصل الخبر بموته فقعدوا في رباطه للعزاء به فحضر الغزنوي عزاءه وكان يذكر كل واحد الآخر على المنبر بالقبائح فكلمه قوم من العامة بكلام فظيع وقالوا انما حضرت شماتة به وهو ساكت فقام رجل فقيه فأنشد ... خلا لك يا عدو الجو فاصفر ... ونجس في صعودك كل عود ... كذاك الثعلبان يجول كبرا ... ولكن عند فقدان الاسود ...
فبكى الغزنوي وقال لي علي بن المبارك لما عاد الى رباطه قلت له انت كنت هاجرا لهذا الرجل في حياته تذكره بما لا يحسن فكيف حضرت عزاءه واظهرت الحزن عليه حتى قال الناس ما قالوا فقال انا انما بكيت على نفسي كان يقال فلان وفلان فعدم النظير مقرب للرحيل وانشدني ... ذهب المبرد وانقضت ايامه ... وسينقضي بعد المبرد ثعلب ... بيت من الآداب اصبح نصفه ... خربا وباقي النصف منه سيخرب ... فتزودوا من ثعلب فبمثل ما ... شرب المبرد عن قليل يشرب

اوصيكم ان تكتبوا انفاسه ... ان كانت الانفاس مما يكتب ...
155 - محمد بن القاسم
ابن المظفر بن علي الشهرزوري ابو بكر بن ابي احمد من اهل الموصل ولد

سنة
اربع وخمسين وسافر البلاد وصحب العلماء وسمع الحديث الكثير ومن شعره ... همتي دونها السها والثريا ... قد علت جهدها فما تتدانى ... فانا متعب معنى الى ان ... تتفانى الايام او اتفانى ...
156 - محمود بن عمر
ابن محمد بن عمر ابو القاسم الزمخشري من اهل خوارزم وزمخشر احدى قراها ولد سنة سبع وستين واربعمائة ولقي العلماء الافاضل وكان له حفظ في علم الادب واللغة وصنف التفسير الكبير وغريب الحديث اقام بخوارزم مدة وبالحجاز مدة وورد بغداد غير مرة كان يتظاهر بالاعتزال توفي بخوارزم ليلة عرفة من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه وصل الخبر يوم السبت خامس عشر جمادى الآخرة ان زنكي فتح الرها عنوة وقتل الكفار الذين فيها وذلك انه نزل عليها على غفلة ونصب المجانيق ونقب سورها وطرح فيه الحطب والنار فتهدم ودخلها فحاربهم ونصر المسلمون وغنموا الغنيمة العظيمة وخلصوا اسارى مسلمين يزيدون على خمسمائة وظهر في عاشر شوال كوكب ذو ذنب من جانب المشرق بازاء القبلة وبقي الى نصف ذي القعدة ثم غاب ثلاث ليال ثم طلع من جانب المغرب فقيل انه هو وقيل بل غيره
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
157 - ابراهيم بن محمد
ابن منصور بن عمر الكرخي الشافعي ابو البدر سكن الكرخ وسمع ابا الحسين ابن

النقور وابا محمد الصريفيني وخديجة الشاهجانية وغيرهم وتفقه على ابيه وعلى ابي اسحاق وابي سعد المتولي وسماعه صحيح وحدث وكان دينا وتوفي يوم الجمعة تاسع عشرين ربيع الاول من هذه السنة ودفن بباب حرب
158 - سعيد بن محمد
ابن عمر بن منصور ابن الرزاز ابو منصور الفقيه ولد سنة اثنتين وستين وسمع الحديث من ابي محمد التميمي وابي الفضل بن خيرون وغيرهما وحدث وكان سماعه صحيحا وتفقه على ابي حامد الغزالي وابي بكر الشاشي وابي سعد المتولي والكيا الهراسي واسعد الميهني وشهد عند ابي القاسم الزينبي وولي تدريس النظامية ثم صرف عنها وعاش حتى صار رئيس الشافعية وكان له سمت ووقار وسكون وتوفي يوم الأربعاء بعد الظهر حادي عشر ذي القعدة من هذه السنة وصلى عليه ولده ابو سعد ودفن في تربة ابي اسحاق الشيرازي وحضر جنازته قاضي القضاة واقيم في اليوم الثالث بحاجب من الديوان
159 - عبد الله بن احمد
ابن محمد بن عبد الله بن حمدويه ابو المعالي البزاز من اهل مرو ولد سنة احدى وستين واربعمائة ورحل الى العراق والحجاز وسمع ببغداد من ثابت بن بندار وابي منصور الخياط وابي الحسن ابن العلاف وباصبهان من اصحاب ابي نعيم وبنيسابور من ابي بكر بن خلف وغيره وتفقه وكان حلو الكلام حسن المعاشرة كثير الصلاة والصيام والصدقة وسافر الى غزنة واقام بها مدة واشترى كتبا كثيرة ورجع الى مرو فبنى خزانة الكتب في رباط بناه باسم اصحاب الحديث وطلابه من خاصة ماله ووقف كتبه فيه توفي بمرو في ذي الحجة من هذه السنة
160 - عبد الرحمن بن محمد
ابن هندويه ابو الرضا النسوي الفارسي سبط ابي الفضل الهمذاني سمع ابا الحسين ابن الطيوري سنة احدى وخمسمائة وكان ابو الحسين قد توفي سنة خمسمائة ويمكن

ان يكون هذا في اول اختلاطه غير ان شيخنا ابا الفضل بن ناصر قال كان هذا قبل ان يختلط توفي في رجب ودفن بالشوينزية
161 - عمر بن ابراهيم
ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب ابو البركات الهاشمي ولد سنة اثنتين واربعين واربعمائة بالكوفة وسمع بها وببغداد وسافر الى بلاد الشام فأقام بدمشق وحلب مدة وكتب الكثير وسمع من الخطيب وابن النقور وابن البسري وكان يسكن محلة يقال لها السبيع ويصلي بالناس في مسجد ابي اسحاق السبيعي وله معرفة بالحديث والفقه والتفسير واللغة والادب وله تصانيف في النحو وكان خشن العيش صابرا على الفقر وكان يقول دخل ابو عبد الله الصوري الكوفة فكتب عن اربعمائة شيخ وقدم علينا هبة الله بن المبارك السقطي فافدته عن سبعين شيخا من الكوفيين وما بالكوفة اليوم احد يروي الحديث غيري انبأنا ابن ناصر الحافظ قال سمعت ابا الغنائم محمد بن علي النرسي يقول عمر بن ابراهيم الكوفي جارودي المذهب فلا يرى الغسل عن الجنابة وقال يوسف بن محمد بن مقلد قرأت عليه عن عائشة فقلت رضي الله عنها فقال تدعو لعدوة علي توفي يوم الجمعة سابع شعبان هذه السنة وصلى عليه نحو الثلاثين الفا ودفن يوم السبت في المقبرة المسلبة المعروفة بالعلويين
162 - علي بن عبد الكريم
ابن احمد بن محمد الكعكي المقرئ ابو الحسن قرأ بالقراآت على ابي الفضل بن

خيرون وابي محمد التميمي وغيرهما وسمع الحديث الكثير وتفقه على الشاشي الا انه اشتغل بالعمل مع السلطان وتوفي في ذي القعدة هذه السنة ودفن بمقبرة باب ابرز
163 - علي بن هبة الله
ابن عبد السلام ابو الحسن الكاتب البغدادي ولد

سنة
اثنتين وخمسين واربعمائة وسمع ابن النقور والصريفيني وابا القاسم الطبري وغيرهم وكان حسن الاصول صحيح السماع وحدث بواسط وبغداد وتوفي يوم الثلاثاء سادس رجب وحضر جنازته قاضي القضاة الزينبي وصاحب المخزن وأرباب الدولة والعلماء ووجوه الناس ودفن في المقبرة المنسوبة الى الشهداء في اعلى باب حرب
164 - محمد بن عبد الملك
ابن الحسن بن ابراهيم بن خيرون ابو منصور المقرئ ولد في رجب سنة اربع وخمسين وسمع ابا الحسين ابن المهتدي وابا جعفر ابن المسلمة وابن المأمون وابن النقور والصريفيني والخطيب وغيرهم وقرأ القرآن بالقراآت وصنف فيها كتبا وأقرأ وحدث وكان ثقة وكان سماعه صحيحا قال المصنف سمعت عليه الكثير وقرأت عليه وهو آخر من روى عن الجوهري بالاجازة توفي ليلة الاثنين سادس عشر رجب من هذه السنة ودفن بباب حرب
165 - محمد بن محمد
ابن محمد بن احمد ابن المهتدي بالله ابو الحسن بن ابي الغنائم ولد سنة ثمان وسمع ابا نصر الزينبي وكان خطيب جامع المنصور وتوفي في صفر هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه في جمادى الآخرة جلس يوسف الدمشقي للتدريس بالمدرسة

التي بناها ابن الابري بباب الازج وحضر قاضي القضاة وصاحب المخزن وارباب الدولة
وفي يوم الاحد العشرين من رجب دخل السلطان مسعود بغداد وكان السبب ان بزبه سار من بلاده الى اصبهان متظاهرا بطاعة السلطان مسعود وكتب الى عباس صاحب الري بالوصول اليه فوصل اليه وكان مع بزبه محمد شاه بن محمود فاستشعر السلطان مسعود من اجتماعهما فقصد العراق فسار بزبه وعباس الى همذان وتظاهرا بالعصيان واتصل بهما الملك سليمان شاه بن محمد فخطبوا لمحمد شاه ولسليمان شاه وتوجهوا لحرب السلطان مسعود فلقيه سليمان شاه طائعا وعاد بزبه الى بلاده
وفي رمضان خرج السلطان مسعود من بغداد وكان علي بن دبيس ببغداد فخرج منها هاربا وهو صبي وكان السبب ان السلطان مسعود لما أراد الخروج من بغداد اشار مهلهل بحمل علي بن دبيس الى قلعة تكريت فعلم فهرب في خمسة عشر فارسا فقصد النيل ثم مضى الى الازيز وجمع بني اسد وساروا الى الحلة وفيها اخوه محمد بن دبيس فتحاربا فنصر على محمد ثم اخذ وملك على الحلة فاحتقر امره فاستفحل فقصدهم مهلهل ومعه امبر الحاج نظر في عسكر بغداد فنصر عليهم وهزمهم اقبح هزيمة وعادوا مفلولين الى بغداد فاسمعهم العامةاقوالا قبيحة ثم ان السلطان اقره على الحلة
وفي هذه السنة احترز الخليفة من اهله وأقاربه وضيق على الامير ابي طالب

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
166 - احمد بن محمد
ابن الحسن بن علي بن احمد بن سليمان ابو سعد بن ابي الفضل البغدادي بغدادي الاصل اصبهاني المولد والمنشأ ولد سنة ثلاث وستين وسمع الكثير وحدث بالكثير وكان على طريقة السلف الصالح صحيح العقيدة حلو الشمائل مطرحا للتكلف فربما خرج من بيته الى السوق وعلى رأسه قلنسوة طاقية وربما قعد

بين الناس مؤتزرا وكان يستعمل السنة مهما قدر حتى انه رجع مرة من الحج فاستقبله خلق كثير من اصبهان فسار بسيرهم حتى اذا قارب البلد حرك فرسه وسبقهم فسئل عن ذلك فقال اردت استعمال السنة فان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان اذا رأى جدران المدينة اوضع راحلته وحج احدى عشرة حجة واملة بمكة والمدينة وكان يصوم في الحر وورد مرارا الى بغداد وسمعت منه الكثير ورأيت اخلاقه اللطيفة ومحاسنه الجميلة وكان في كل مرة اذا ودع اهل بغداد يقول في نفسي الرجوع ولست بآيس فحج سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ورجع فتوفي بنهاوند في ربيع الاول سنة اربعين وحمل الى اصبهان فدفن بها
167 - احمد بن علي
ابن محمد ابو الحسين الدامغاني ولد قاضي القضاة ابي الحسن سمع الحديث من ابي طلحة النعالي وطراد وغيرهما وولي القضاء بالجانب الغربي وباب الازج وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن الى جانب ابيه بنهر القلائين
168 - بهروز بن عبد الله
ابو الحسن الخادم الابيض الغياثي كان يلقب بمجاهد الدين ولي العراق نيفا وثلاثين سنة وعمر دار السلطان وسد البثق وكان ابن عقيل يقول ما رأيت مثل مناقضة بهروز فانه منع ان يجتمع في السفينة النساء والرجال وجمع بينهم في الماخور وتوفي في رجب ودفن برباطه المستجد بشاطئ دجلة المعروف برباط الخدم
169 - الحسين بن الحسن
ابن عبد الله ابو عبد الله المعدل سمع ابا عبد الله الدامغاني وابا القاسم البسري وقرأ بالقراآت على ابي الخطاب الصوفي وكان ثقة دينا حدث واقرأ وقضى وتوفي يوم الاربعاء ثامن عشرين جمادى الآخرة ودفن في المقبرة الخيزرانية قريبا من قبر الهيتي وحضره قاضي القضاة الزينبي وخلق كثير من الاكابر

170 - علي بن احمد
ابن الحسين بن احمد ابو الحسين اليزدي سكن قراح وظفر وتفقه على ابي بكر الشاشي وسمع الحديث الكثير وروى وكان له قميص وعمامة بينه وبين اخيه اذا خرج هذا قعد هذا
171 - موهوب بن احمد
ابن محمد بن الخضر الجواليقي ابو منصور بن ابي طاهر ولد في ذي الحجة

سنة
خمس وستين ونشأ بباب المراتب وسمع الحديث الكثير من ابي القاسم ابن البسري وابي طاهر بن ابي الصقر وابي الحسين وغيرهم وحدث وقرأ على ابي زكرياء سبع عشرة سنة فانتهى اليه علم اللغة فاقرأها ودرس العربية في النظامية بعد ابي زكريا مدة فلما ولي المقتفي اختص بامامة الخليفة وكان المقتفي يقرأ عليه شيئا من الكتب وكان غزير الفضل متواضعا في ملبسه ورياسته طويل الصمت لا يقول الشيء الا بعد التحقيق والفكر الطويل وكثيرا ما كان يقول لا أدري وكان من اهل السنة وسمعت منه كثيرا من الحديث وغريب الحديث وقرأت عليه كتابه المعرب وغيره من تصانيفه وقطعة من اللغة وتوفي سحرة يوم الاحد منتصف محرم وحضر للصلاة عليه الاكابر كقاضي القضاة الزينبي وهو صلى عليه وصاحب المخزن وجماعة ارباب الدولة والعلماء والفقهاء ودفن بباب حرب عند والده
172 - المبارك بن علي
ابن عبد العزيز السمذي ابو المكارم الخباز ولد سنة احدى وخمسين وسمع الصريفيني وابا القاسم بن البسري وغيرهما وكان سماعه صحيحا وتوفي يوم عاشوراء ودفن بباب ابرز
سنة
ثم دخلت سنة احدى واربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه في ليلة الاثنين مستهل ربيع الآخر وقع الحريق في القصر

الذي بناه المسترشد في البستان الذي على مسناة باب الغربة وكان تلك الليلة قد اجتمع الخليفة بخاتون فيه وجمعوا من الاواني والاثاث والزي كل طريف وعزموا على المقام فيه ثلاثة ايام فما احسوا الاوالنار قد لفحتهم من اعلى القصر وكانوا نياما في اعلاه وكان السبب ان جارية كانت بيدها شمعة فعلقت بأطراف الخيش فأصبح الخليفة فأخرج المحبوسين وتصدق بأشياء
وفي ثالث جمادى الآخرة خلع على ابن المرخم خلعة سوداء وطيف به في الاسواق فقلد القضاء يحضر من أي صقع شاء وليس على يده يد وكان مطيلسا بغير حنك ثم ترك الطيلسان
ووصل الخبر يوم الثلاثاء خامس عشر ربيع الآخر بأن ثلاثة من خدم زنكي الخواص قتلوه وقام بالامر ابنه غازي في الموصل واكبر الولاية وكان ابنه محمود في حلب
وفي رجب دخل السلطان مسعود الى بغداد وعمل دار ضرب فقبض الخليفة على ضراب كان سبب اقامة دار الضرب لمسعود فنفذ الشحنة فقبض على حاجب الباب ابن الصاحب وعلى اربعة انفس خواص وقال لا اسلمهم حتى يخلوا صاحبي وكان ذلك يوم الجمعة تاسع عشر شعبان فنفذ الخليفة فأخرج من في الجامع وغلقه وامر بغلق المساجد فبقيت ثلاثة ايام كذلك ثم تقدموا بفتحها ولم يسلم لهم الضراب واطلق حاجب الباب يوم الخميس خامس عشرين شعبان وتوفي نقيب النقباء محمد بن طراد فولي النقابة ابو احمد طلحة بن علي الزينبي
واستشعر السلطان مسعود من سليمان شاه فراسل الامير عباسا واستصلحه فلما تم ذلك قبض على سليمان شاه وحمله الى القلعة وحضر عباس من خدمته السلطان بالري وسلمها ثم اجتمع الامراء عند مسعود ببغداد فتكلموا على عباس فقتل
وجلس ابن العبادي بجامع القصر في رمضان فاجتمع خلق لا يحصى وفي شوال توفيت بنت الخليفة وقع عليها حائط او سقف فماتت فحملت الى الرصافة ومعها

الوزير وارباب الدولة واشتد الحزن عليها وكانت قد بلغت مبلغ النساء وجلس للعزاء بها ثلاثة ايام ولبسوا الثياب البيض واجتمعوا في اليوم الثاني في الترب للتعزية وكان في الجماعة قاضي القضاة الزينبي ومعه صهره ابو نصر خواجا احمد نظام الملك وهو يومئذ مدرس النظامية فجاء استاذ الدار ابن رئيس الرؤساء ليجلس بين قاضي القضاة وبين الامير ابي نصر فمنعه فتناوشوا فكتب استاذ الدار يشكو فخرج الامر بانهاء ابي نصر واخرجه من الدار دار الخلافة فأخرج من بيته ماشيا الى باب النوبي
وفي يوم الجمعة خامس عشر ذي القعدة جلس ابن العبادي الواعظ بجامع السلطان وحضر عنده السلطان مسعود فوعظه وعرض بذكر حق البيع وذكر ما يجري على المسلمين من ذلك ثم قال له يا سلطان العالم انت تهب مثله لمطرب ومغن بقدر هذا المأخوذ من المسلمين تهبه لي وتحسبني ذلك المطرب واتركه للمسلمين وافعله شكرا لما انعم الله به عليك من بلوغ الاغراض فأشار بيده اني قد فعلت فارتفعت الضجة بالدعاء له ونودي في البلد باسقاطه وولي ابن الصقيل حجبة الباب وخلع على نقيب النقباء خلع النقابة
وانتشر جراد عظيم وطيف بالالواح التي نقش عليها ترك المكس في الاسواق وضربت بين يديها الدبادب والبوقات
وفيها حج الوزير نظام الدين ابو المظفر بن علي بن جهير وحججت انا ومعي الزوجة والاطفال وكنت ارى الوزير في طريق مكة متواضعا وقد عاد له ابو نصر الكرخي
وخرج في هذه السنة التشرينان وكانون الاول ولم يأت مطر الا قطرات لا تبل الارض واشرفت المواشي على العطب من قلت العشب وظهر بالناس علة انتفاخ الخلق فمات به خلق كثير وغارت المياه من الانهار والآبار

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر

173 - احمد بن محمد
ابو نصر الحديثي المعدل تفقه على ابي اسحاق وسمع الحديث وكان من اوائل شهود الزينبي توفي يوم الاربعاء ثالث عشر جمادى الآخرة وحضر الزينبي والاعيان
174 - اسمعيل بن احمد
ابن محمود بن دوست ابو البركات بن ابي سعد الصوفي ولد سنة خمس وستين وسمع الحديث من ابي القاسم الانماطي وابي نصر الزينبي وطراد وابي محمد التميمي وغيرهم وحدث وتوفي في جمادى الاولى وعمل له عرس كما تقول الصوفية في عاشر جمادى الآخرة واجتمع مشايخ الربط وارباب الدولة والعلماء فاغترموا على ما قيل على المأكول والمشروب والحلوى ثلثمائة دينار
175 - زنكي بن آق سنقر
كان امير الشام وذكرنا من احواله فيما تقدم قتله بعض سلاحيته وقيل قتله ثلاثة من غلمانه وكان محاصرا قلعة جعبر
176 - سعد الخير بن محمد
ابن سهل بن سعد ابو الحسن المغربي الاندلسي الانصاري سافر من بلاد الاندلس الى بلاد الصين وركب البحر وقاسى الشداد ثم دخل بغداد وتفقه على ابي حامد الغزالي وسمع الحديث من طراد وابن النظر وثابت وخلق كثير وقد سمع من شيوخ خراسان وقرأ الادب على ابي زكريا وحصل كتبا نفيسة وحدث وقرأت عليه الكثير وكان ثقة صحيح السماع وتوفي يوم السبت عاشر محرم هذه السنة وصلى عليه الغزنوي بجامع القصر وكان وصيه وحضر قاضي القضاة الزينبي والاعيان ودفن الى جانب قبر عبد الله بن احمد بوصية منه
177 - شافع بن عبد الرشيد
ابن القاسم بن عبد الله الجيلي من اهل جيلان تفقه على الكيا الهراسي ثم رحل الى

ابي حامد الغزالي فتفقه عليه وكان فقيها فاضلا يسكن كرخ بغداد وكان له حلقة للفقه بجامع المنصور في الرواق وكنت احضر حلقته وانا صبي فألقي المسائل توفي في محرم هذه السنة
178 - عبد الله بن علي
ابن احمد بن عبد الله ابو محمد المقرئ سبط ابي منصور الزاهد ولد ليلة الثلاثاء السابع والعشرين من شعبان سنة اربع وستين واربعمائة وتلقن القرآن من شيخه ابي الحسن ابن الفاعوس وسمع الحديث من ابن النقور وابي منصور بن عبد العزيز وطراد وثابت وغيرهم وقرأ بالقراآت على جده وعبد القاهر العباسي وابي طاهر بن سوار وثابت وغيرهم وقرأ الادب على ابي الكرم بن فاخر وسمع الكتب الكبار وصنف كتبا في القراآت وقصائد وام في المسجد منذ سنة سبع وثمانين الى ان توفي وقرأ عليه الخلق الكثير وختم مالا يحصى وكان اكابر العلماء واهل البلد يقصدونه وقرأت عليه القراآت والحديث الكثير ولم اسمع قارئا قط اطيب صوتا منه ولا احسن اذا صلى كبر سنه وجمع الكتب الحسان وكان كثير التلاوة وكان لطيف الاخلاق ظاهر الكياسة والظرافة حسن المعاشرة للعوام والخواص وتوفي بكرة الاثنين ثامن عشر ربيع الآخر من هذه السنة في غرفته التي بمسجده فحط تابوته بالحبال من سطح المسجد واخرج الى جامع القصر وصلى عليه عبد القادر وكان الناس في الجامع اكثر من يوم الجمعة ثم صلى عليه في جامع المنصور وقد رأيت ايام جماعة من الاكابر فما رأيت اكثر جمعا من جمعه كان تقدير الناس من نهر معلى الى قبر احمد وغلقت الاسواق ودفن في دكة الامام احمد بن حنبل عند جده ابي منصور
179 - عبد المحسن بن غنيمة
ابن احمد بن فاحة ابو نصر المقرئ سمع من ابن نبهان وشجاع الذهلي وغيرهما وكان شيخا صالحا توفي في محرم هذه السنة ودفن بباب حرب

180 - عباس شحنة الري
كان قد مال الى بعض السلاطين فاستصلحه مسعود واحضره فحضر وخدم وسلم الري الى السلطان ثم ان الأمراء اجتمعوا عند السلطان ببغداد وقالوا ما بقي لنا عدو سوى عباس فاستدعي عباس الى دار المملكة يوم الخميس رابع عشر ذي القعدة وقتل في دار السلطان ورمى بدنه تحت الدار فبكى الخلف عليه لأنه كان يفعل الجميل وكانت له صدقات وحكى انه ما شرب الخمر قط ولا زنى وانه قتل من الباطنية الوفا كثيرة فبنى من رؤسهم منارة ثم حمل فدفن في المشهد المقابل لدار السلطان
181 - محمد بن محمد
ابن احمد ابن السلال ابو عبد الله الوراق ولد سنة سبع واربعين واربعمائة وسمع ابن المسلمة وابن المأمون وجابر بن ياسين وتفرد بالرواية عن ابي علي محمد بن وشاح الزينبي وابي الحسن ابن البيضاوي وابي بكر بن سياؤوس وسمعت منه وكان شيخنا ابن ناصر لا يرضى عنه في باب الدين وقال شيخنا ابو بكر بن عبد الباقي كذلك
182 - محمد بن طراد
ابن محمد بن علي ابو الحسن بن ابي الفوارس الزينبي نقيب الهاشميين وهو اخو الوزير علي بن طراد ولد سنة اثنتين وستين وسمع الكثير من ابيه وعمه ابي نصر ومن ابي القاسم ابن البسري وغيرهم وحدث وتوفي في ثالث عشرين شعبان هذه السنة
183 - محمد بن محمد
ابن عبد الله بن عيسى ابو هاشم الساوي قاضي ساوة ولد سنة ثلاث وسبعين وسمع الكثير وتفقه وناظر ووعظ توفي في ربيع الاول من هذه السنة بساوة

184 - وجيه بن طاهر
ابن محمد بن محمد ابو بكر الشحامي اخو ابي القاسم زاهر بن طاهر من اهل نيسابور من بيت الحديث وكان يعرف طرفا من الحديث ولد

سنة
خمس وخمسين واربعمائة وسمعه ابوه الكثير ورحل بنفسه الى بغداد وهراة وسمع الكثير وكان شيخا صالحا صدوقا صالحا حسن السيرة منور الوجه والشيبة سريع الدمعة كثير الذكر ولي منه اجازة بمسموعاته ومجموعاته توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن بمقبرة الحسين الى جنب اخيه ووالده
سنة
ثم دخلت سنة اثنتين واربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه عزل ابن مهدويه عن كتابه الزمام وولي مكانه ابو المظفر يحيى ابن محمد بن هبيرة وورد الخبر انه بزبه راسل شحنة اصبهان فاستماله ورحل اليها ومعه محمد شاه وكان السلطان مسعود مقيما بهمذان وعساكره قليله فارسل الى عساكر آذربيجان فتأخروا عنه فسار بزبه من اصبهان سيرا يمهل فيه فلما قاربها وصلت عساكر آذربيجان الى السلطان وكان بزبة قد جاء جريدة في خمسة آلاف فارس فضرب على عسكر السلطان فكسر الميمنة والميسرة وكان مسعود قد تأخر عن المصاف في الف فارس وكان عسكره عشرة آلاف فاشتغل عسكر بزبه بالنهب والقتل فجاء مسعود فحمل عليهم فالتقى هو وبزبه فكبت الفرس بزبه فوقع فجىء به إلى مسعود فقطع نصفين وجيء برأسه فعلق بازاء دار الخلافة وعلقت بغداد واستولى خاص بك على دولة السلطان مسعود فأهلك جماعة من الامراء فاستشعر الباقون منه
وفي صفر شاع ان رجلا رأى في المنام انه من زار قبر احمد بن حنبل غفر له فما بقي خاص ولا عام الا وزار وعقدت يومئذ مجلسا محضر الوف لا يحصون وعزل ابو نصر بن جهير في ربيع الاول عن الوزارة وسكن بالدار التي بناها

بشاطئ دجلة بباب الازج وهي التي آل أمرها الى ان صارت ملكا لجهة الامام المستضيء بأمر الله فوقفتها مدرسة لاصحاب احمد بن حنبل وسلمتها الى فدرست فيها سنة سبعين
وفي ربيع الآخر منع الغزنوي من الجلوس في جامع القصر ورفع كرسيه
وفي جمادى الاولى ولي الوزارة ابو القاسم علي بن صدقة بن علي بن صدقة نقلا عن المخزن اليها فدخل الى المقتفي ومعه قاضي القضاة الزينبي واستاذ الدار وجملة من الخواص وقلده الوزارة شفاها وخلع عليه ومضى الى الديوان يوم السبت ثالث عشر جمادى الاولى وقرأ ابن الانباري كاتب الانشاء عهده
وفي هذا الشهر اذن للغزنوي في العود الى الجلوس بالجامع وقدم ابن العبادي برسالة السلطان الى الخليفة بتولية الامير ابي المظفر فخرج الخلق للقائه ولم يبق سوى الوزير وقبل العتبة ومضى الى رباط الغزنوي
وفي يوم السبت الثالث والعشرين من جمادى الآخرة ولي يحيى بن جعفر المخزن ولقب زعيم الدين وورد سلار كرد الى شحنة بغداد ومعه مكتوب من السلطان مسعود اليه والى العساكر بمساعدته على أخذ البلاد الزيدية من علي بن دبيس وتسليمها اليه فخرجوا في رجب والتقوا فاقتتلوا واندفع علي بن دبيس الى ناحية واسط ثم قصد العراق ثم عاد فملك الحلة
وفي يوم الاربعاء سابع عشر شوال جلس ابو الوفاء يحيى بن سعيد المعروف بابن المرخم في داره بدرب الشاكرية في الدست الكامل وسمع البينة وحضر مجلسه شهود بغداد والمديرون والوكلاء واستقر جلوسه في كل يوم اربعاء وأخذ على عادة كانت للقاضي الهروي وكان ابو الوفاء بئس الحاكم يأخذ الرشا ويبطل الحقوق وتزايدت الاسعار حتى بلغ الكر الشعير اربعين دينارا والحنطة ثمانين فنادى الشحنة ان لاتباع الكارة الدقيق الا بدينار فهرب الناس وغلقوا الدكاكين وعدم الخبز اربعة ايام فبقي الأمر كذلك شهرا ثم تراخى السعر

وفي رمضان هرب اسمعيل بن المستظهر اخو الخليفة من داره الى ظاهر البلد وبقي يومين نقب من الموضع واخرج بزي المشائية على رأسه سلة وبيده قدح على وجه التفرج فانزعج البلد فخشي ان يعود فاختبأ عند قوم بباب الازج فاعلموا به فجاء استاذ الدار وحاجب الباب وخدم فردوه
وحج بالناس ولم يزوروا قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم حذرا من قلة الماء

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
185 - احمد بن عبد الله
ابن علي بن عبد الله ابو الحسنى الآبنوسي الوكيل ولد سنة ست وستين وسمع ابا القاسم ابن البسري وعاصما وابا الغنائم ابن ابي عثمان وابا محمد التميمي وابا بكر الشامي في خلق كثير وتفقه على ابي الفضل الهمذاني وابي القاسم الزنجاني وصحب شيخنا ابا الحسن ابن الزاغوني فحمله على السنة بعد أن كان معتزليا وكانت له اليد الحسنة في المذهب والخلاف والفرائض والحساب والشروط وكان ثقة مصنفا على سنن السلف والتقشف وسبيل اهل السنة في الاعتقاد وكان ينابذ من اصحاب الشافعي من يخالف ذلك من المتكلمين وكان يخلو بالأذكار والأوراد من بكرة الى وقت الظهر ثم يقرأ عليه بعد الظهر وتوفي سحرة يوم الخميس ثامن ذي الحجة ودفن بمقبرة الشونيزية عند أبيه
186 - احمد بن علي
ابن عبد الواحد ابو بكر الدلال يعرف بابن الاشقر ولد سنة سبع وخمسين سمع ابا الحسين ابن المهتدي وابا محمد الصريفيني وغيرهما وحدث عنهم وكان سماعه صحيحا وكان خيرا وتوفي يوم الاربعاء ثامن صفر ودفن بمقبرة باب حرب
187 - احمد بن محمد
ابن محمد ابو المعالي ابن البسر البخاري سمع من ابيه الحديث وتفقه عليه وسمع من غيره وافتى وناظر واملى الحديث وكان حسن السيرة وهو من بيت الحديث

والعلم وتوفي بسرخس في جمادى هذه السنة وحمل الى مرو ثم حمل الى بخارا فدفن بها
188 - اسعد بن عبد الله
ابن احمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله ابو منصور ولد سنة ثلاث او اربع وثلاثين واربعمائة وسمع من طراد وطاهر بن الحسين وكان الناس يثنون عليه الخير وينسبونه الى الصلاح وقال حملوني الى ابي الحسن القزويني فمسح يده على رأسي فمذ ذلك الوقت الى الآن اكثر من تسعين سنة ما اوجعني راسي ولا اعتراني صداع ورايته انا بعد هذا السن الكبير يمشي منتصب القامة وتوفي في رمضان هذه السنة ودفن في مقبرة جامع المنصور مقابل سكة الخرقي
189 - دعوان بن علي
ابن حماد بن صدقة الجبي ابو محمد الضرير ولد سنة ثلاث وستين واربعمائة بجبة وهي قرية عند العقر في طريق خراسان سمع الحديث من ابي محمد التميمي وابن النظر وابن السراج وثابت وغيرهم وقرأ بالقراآت على عبد القاهر وابي طاهر ابن سوار وثابت وغيرهم وتفقه على ابي سعد المخرمي وكان متعبدا للخلاف بين يديه وحدث وأقرأ وانتفع به الناس وكان ثقة دينا ذا ستر وصيانة وعفاف وطريق محمودة على سبيل السلف الصالح وتوفي يوم الاحد سادس عشرين ذي القعدة ودفن بمقبرة ابي بكر غلام الخلال وكتب الى عبد الله الجبائي الشيخ الصالح قال رأيت دعوان بن علي بعد موته بنحو من شهر في المنام وكأن عليه ثيابا بيضا شديدة البياض وعمامة بيضاء وهو يمضي الى الجامع لصلاة الجمعة فأخذت يده اليسرى بيدي اليمنى ومضينا فلما بلغنا الى حائط الجامع قلت له يا سيدي ايش لقيت فقال لي عرضت على الله خمسين مرة وقال لي ايش عملت فقلت قرأت القرآن واقرأته فقال لي انا أتولاك انا أتولاك انا أتولاك قال

عبد الله فاصابني الوحد وصحت آه وضربت بكتفي اليمنى حائط الجامع ثلاث مرات اتأوه واضرب الحائط بكتفي ثم استيقظت
190 - طاهر بن سعيد
ابن ابي سعيد بن ابي الخير الهيتي ابو القاسم شيخ رباط البسطامي وكان مقدما في الصوفية رايته ظاهر الوقار والسكون والهيأة والصمت وتوفي يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الاول فجاءة ودفن في مقبرة الجنيد وقعدوا للعزاء به فنفذ اليهم من الديوان من اقامهم
191 - عبد السيد بن علي
ابن محمد بن الطيب ابو جعفر ويعرف بابن الزيتوني تفقه على ابي الوفاء بن عقيل ثم انتقل عن المذهب واتصل بالزينبي نور الهدى وقرأ عليه مذهب ابي حنيفة وعلى خلف الضرير الكلام وصار متكلما داعيا في الاعتزال ثم اشتغل بالاشراف على المارستان وتوفي في شوال ودفن بباب حرب
192 - عمر بن ابي الحسن
ابو شجاع البسطامي دخل الى بغداد فحدث وسمعنا منه شمائل النبي صلى الله عليه و سلم لابي عيسى الترمذي وغيرها وناظر ووعظ وكان مجموعا حسنا انشد عمر في مجلس وعظه ... تعرضت الدنيا بلذة مطعم ... ورونق موشى من اللبس رائق ... ارادت سفاها ان تموه قبحها ... علي وكم خاضت بحلو الدقائق ... فلا تخدعينا بالسراب فاننا ... قتلنا نهابا في طلاب الحقائق ...
193 - فاطمة خاتون بنت السلطان
محمد بن ملك شاه السلجوقي زوجة المقتفي امير المؤمنين توفيت ببغداد في ربيع الاول وصلى عليها قاضي القضاة الزينبي في صحن السلام وحملت في الزبزب الى الترب بالرصافة قريبا من قبر المستظهر داخل القبة

194 - محمد بن احمد
ابن الحسن الطرائفي ابو عبد الله سمع من ابي جعفر ابن المسلمة كتاب صفة المنافق فحسب لم يوجد له سماع غيره وكانت له اجازات من ابن المسلمة وابن النقور وابن المهتدي وابن المأمون والخطيب فقرئ عليه عنهم وكان شيخا صالحا توفي غرة ذي الحجة من هذه السنة
195 - محمد بن المظفر
ابن علي بن المسلمة ابو الحسن بن ابي الفتح بن ابي القاسم الوزير ولد سنة اربع وثمانين وسمع الحديث من ابن السراج وابن العلاف وغيرهما وروى وانزوى وتصوف وجعل داره التي في دار الخلافة رباطا للصوفية وتوفي في ليلة الجمعة تاسع رجب وحمل الى جامع القصر وازيلت شقة من شباك المقصورة حتى ادخل التابوت وام للناس في الصلاة عليه علي بن صدقة الوزير المسمى بالقوام ودفن قريبا من رباط الزوزني مقابل الجامع
196 - المبارك بن خيرون
ابن عبد الملك بن خيرون ابو السعود سمع ابا الفضل بن خيرون عم ابيه ومالكا البانياسي وابا طاهر الباقلاوي في آخرين وسماعه صحيح سمعت عليه وكان خيرا وتوفي يوم السبت ثالث عشر المحرم ودفن بمقبرة باب حرب
197 - نصر الله بن محمد
ابن عبد القوي ابو الفتح اللاذقي المصيصي الشافعي نزيل دمشق ولد باللاذقية سنة ثمان واربعين واربعمائة وانتقل منها مع والده الى صور فنشأ ثم انتقل في سنة ثمانين واربعمائة الى دمشق تفقه على ابي الفتح نصر بن ابراهيم المقدسي بصور وسمع بها منه الحديث ومن ابي بكر الخطيب وسمع ببغداد وبالأنبار وكان بقية مشايخ الشام وكان فقيها مفتيا متكلما في الاصول دينا توفي في ربيع الاول من هذه السنة

198 - هبة الله بن علي
ابن محمد بن حمزة ابو السعادات العلوى النحوي الشجري سمع من ابي الحسين ابن الطيووي وابن نبهان وغيرهما وقرأ على الشريف ابي المعمر يحيى بن محمد بن طباطبا النحوي وامتد عمره فانتهى اليه علم النحو وكان يجلس يوم الجمعة بجامع المنصور مكان ثعلب ناحية الرباط يقرأ عليه وناب في النقابة بالكرخ ومتع بجوارحه وعقله وتوفي يوم الخميس العشرين من رمضان وام الناس بالصلاة عليه ابو الحسن الغزنوي الواعظ ثم دفن بداره بالكرخ
أنشدني ابو الغنائم الشروطي قال قال الشريف ابو السعادات ابن الشجري ما سمع في المدح ابلغ من شعر ابي نواس ... وامامك الاعداء تطلبهم ... ووراءك القصاد في الطلب ... فاذا سلبت وقفته لهم ... فسلبت ما تحوي من السلب ...
قال وما سمعت في الذم ابلغ من بيت لمسكويه ... وما انا الا المسك قد ضاع عندكم ... يضيع وعند الاكرمين يضوع ...
199 - هبة الله بن أحمد
ابن علي بن سوار ابو الفوارس بن ابي طاهر الدقاق ثم المقرئ الوكيل سمع الحديث من ابيه وقرأ عليه القراآت وسمع من ابي الغنائم ابن ابي عثمان وعاصم وابي طاهر الكرخي وغيرهم وحدث واقرأ وكان سماعه صحيحا وكان ثقة امينا وتوحد في علم الشروط وكتب المحاضر والسجلات وتوفي يوم الاثنين خامس عشر شوال ودفن بمقبرة معروف

سنة
ثم دخلت سنة ثلاث واربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه وصل الخبر بان ملوك الافرنج وهم ثلاثة انفس وصلوا الى بيت المقدس وصلوا صلاة الموت وانحدروا الى عكة وفرقوا الاموال في

العساكر فكان تقدير ما فرقوا سبعمائة ألف دينار وعزموا على قصد المسلمين فلما سمع المسلمون بقصدهم اياهم جمعوا الغلة والتبن ولم يتركوا في الرساتيق شيئا ولم يعلم اهل دمشق ان القصد لهم بل ظنوا انهم يقصدون قلعتين كانتا بقرب دمشق فلما كان يوم السبت سادس ربيع الاول لم يشعروا بهم الا وهم على باب دمشق وكانوا في اربعة آلاف لا بس وستة آلاف فارس وستين الف راجل فخرج المسلمون وقاتلوا فكانت الرجالة التي خرجت اليهم سوى الفرسان مائة وثلاثين الفا فقتل من المسلمين نحو مائتين فلما كان في اليوم الثاني خرج الناس اليهم وقتل من المسلمين جماعة وقتل من الافرنج مالا يحصى فلما كان في اليوم الخامس وصل غازي بن زنكي الى حماة في عسكر مثله ووصل اولاد غازي الى بالس في ثلاثين الفا فقتلوا من القوم مالا يحد وكان البكاء والعويل في البلد وفرش الرماد اياما واخرج مصحف عثمان الى وسط الجامع واجتمع عليه الرجال والنساء والاطفال وكشفوا رؤسهم ودعوا فاستجاب الله منهم فرحل اولئك وكان معهم قسيس طويل بلحية بيضاء فركب حمارا احمر وترك في حلقه صليبا وفي حلق حماره صليبا واخذ في يده صليبين وقال للافرنج اني قد وعدني المسيح أن آخذ دمشق ولا يردني احد فاجتمعوا حوله واقبل يطلب دمشق فلما رآه المسلمون غاروا للاسلام وحملوا عليه بأجمعهم فقتلوه وقتلوا الحمار واخذوا الصلبان فاحرقوها
ووصلت الاخبار من معسكر السلطان ان الامراء قد تغيرت على السلطان مسعود بسبب خاصة خاص بك ومعهم محمد شاه بن محمود فوصل الخبر في نصف ربيع الاول بوصولهم الى شهرابان وانهزم الناس ونقل اهل بغداد رحالهم وهرب شحنة مسعود الى قلعة تكريت وقطع الجسر وكان قد تولى عمل الجسر الغزنوي الواعظ وعمل له درابزينات من الجانبين ووسعه وبعث الخليفة بابن العبادي الواعظ رسولا الى العسكر فقال لهم أمير المؤمنين يقول لكم في

أي شيء جئتم وما مقصودكم فان الناس قد انزعجوا بسبب مجيئكم فقالوا نحن عبيد هذه العتبة الشريفة وعبيد السلطان ومماليكه وما فارقنا السلطان الا خوفا من ابن البلنكري فانه قد افنى الامراء فقتل عبد الرحمن بن طويرك وعباسا وبزبه وتتر وصلاح الدين وما عن النفس عوض إما نحن وما هو وما نحن خوارج ولا عصاة وجئنا لنصلح امرنا مع السلطان وهم ألبقش وألدكز وقيمز وقرقوت وأخو طويرك وألطرنطاي وعلي بن دبيس وابن تتر في آخرين فدخلوا بغداد في ربيع الاول ثم انبسطوا فمدوا ايديهم الى ما يختص بالسلطان وكبسوا خانات باب الازج فقاتلوهم فبعث الخليفة الى مسعود يقول له اما الشحنة الذي من قبلك فقد هرب هو وأمير الحاج الى تكيرت وقد احاط العسكر بالبلد وما يمكنني ان آخذ عسكرا لأجل العهد الذي بيننا فدبر الآن فكتب اليه قد برئت ذمة أمير المؤمنين من العهد الذي بيننا وقد اذنت لك ان تجند عسكرا وتحتاط بنفسك وللمسلمين فجند واظهر السرادقات والخيم وحفر الخنادق وسد العقود والعسكر ينهبون حوالي البلد ويأخذون غلات الناس وقسطوا على محال الجانب الغربي الاموال وخرجوا الى الدجيل واخذوا نساء الناس وبناتهم وجاؤا بهن الى الخيم وجاءت زواريق فيها غلة فلما بلغت تحت التاج تقدم أمير المؤمنين بأخذها فمنعهم الاتراك الذين يحفظونها فوقع القتال واتصلت الحرب وكان القتال تحت مدرسة موفق وخرج صبيان بغداد يقاتلون بالميازر الصوف والمقاليع وقتل جماعة من الفريقين فبعث اليهم الغزنوي الواعظ فقبح ما فعلوا وقال لو جاء الافرنج لم يفعلوا هذا أي ذنب لأهل القرى والرساتيق واستنقذ منهم المواشي وساقها الى البلد فجاء الناس فمن عرف شيئا أخذه
وفي ثالث جمادى الاولى قبض الخليفة على وزيره ابن صدقة ورتب نقيب النقباء نائبا ثم اطلق الوزير ابو القاسم الى داره وقبض على الوزير ابي نصر بن جهير من الدار التي يسكنها بباب الازج واحضر الى دار استاذ الدار ماشيا

وفي ثامن عشرين جمادى الاولى جلس المقتفي في منظرة الحلبة واستعرض العسكر وحفرت الخنادق ببغداد ونودي بلبس العوام السلاح وان يمنعوا عن انفسهم وأموالهم وكان البقش نازلا في دار تتر فلما مضى اليه الغزنوي رسولا رحل الى ظاهر البلد تطييبا لقلب الخليفة وانقطعت الحرب فلما كانت عشية الثلاثاء سادس جمادى الآخرة بعث الخليفة ليلا فغلق الباب الحديد من عقد السور مما يلي جامع السلطان وبنوا خلفه وسدوه سدا قاطعا وكان لألبقش في سوق السلطان مخزن فيه طعام ورحل فنهبه العوام فأصبح العسكر فرأوا باب السور مسدودا فركب منهم نحو الف فارس وجاؤا الى السور مما يلي باب الجعفرية ففتحوا فيه فتحات وصعدوا وبعثوا رجالا فنقضوا البناء الذي خلف العقد وكسروا الباب الجديد واخذوا منه قطعا وبعث البقش رسولا الى الخليفة لاي شيء سددتم في وجوهنا وقد كنا نسترفق من سوق السلطان فلم يلتفت الى قوله وخرج قوم من العوام فقاتلوا باب الاجمة فاستجرهم العسكر فانهزموا بين يديه فأخذ بهم الطمع فركبوا السور ونزلوا يطلبون الخيم وهنا كمين قد تكمن لهم فخرج عليهم فانهزموا فضربوهم بالسيوف فقتلوا منهم نحوا من خمسمائة ولم يتجاسر احد يخرج الى القتلى فنادوهم تعالوا خذوا قتلاكم
فلما جاءت عشية ذلك اليوم جاء الامراء فرموا انفسهم تحت الرقة بازاء التاج وقالوا ما كان هذا بعلمنا وانما فعله اوباش لم نأمرهم به فعبر اليهم خادم وقبح فعلهم وقال انما كان الذين قتلتم نظارة فاعتذروا فلم يقبل عذرهم فأقاموا الى الليل وقالوا نحن قيام على رؤوسنا ما نبرح او يأذن لنا امير المؤمنين ويعفو عن جرمنا فعبر اليهم الخادم وقال امير المؤمنين يقول انا قد عفوت عنكم فامضوا واستحلوا من اهل القتلى ثم تقدم باصلاح ثلم السور وخرج العوام بالدبادب والبوقات وجاء اهل المحال فعمر وحفر خندقه واختلف العسكر واجتمع البقش وابن دبيس والطرنطاي فساروا يطلبون الحلة واخذ الدكز الملك وطلب بلاده وسكن الناس

وفي رجب وقع الغلاء والقحط ودخل اهل القرى والرساتيق الى بغداد لكونهم نهبوا فهلكوا عريا وجوعا
وتوفي قاضي القضاة الزينبي وتقلد القضاء ابو الحسن علي بن احمد بن علي بن محمد الدامغاني وخرج له التوقيع بالتقليد وخلع عليه فركب الى جامع القصر فجلس فيه وقرأ ابن عبد العزيز الهاشمي عهده على كرسي نصب له

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
200 - ابراهيم بن محمد
ابن نبهان بن محرز الغنوي الرقي ابو اسحاق ولد في سنة تسع وخمسين واربعمائة سمع ابا بكر الشاشي وابا محمد التميمي وابا محمد السراج وغيرهم وتفقه على ابي بكر الشامي وابي حامد الغزالي وكتب كثيرا من مصنفات الغزالي وقرأها عليه وصحبه كثيرا قال المصنف ورأيته وله سمت وصمت ووقار وخشوع وروى كثيرا وتوفي ليلة الخميس رابع ذي الحجة من هذه السنة ودفن بمقبرة السونيزية في تربة تلي التوثة
201 - احمد بن محمد
ابن المختار بن محمد بن عبد الواحد بن المؤيد بالله ابو تمام ابن ابي العز المعروف بابن الخضر اخو ابي الفضل المختار البغدادي خرج من بغداد للتجارة ودخل ما وراء النهر وركب البحر الى الهند وكثر ماله وهو حريص على الزيادة وقد سمع ابا جعفر ابن المسلمة وابا نصر الزينبي وغيرهما وتوفي يوم الجمعة خامس ذي القعدة من هذه السنة بنيسابور ودفن بمقبره الغرباء خلف الجامع وكان ولده نصر الله اذا سئل عن سن ابيه يقول كان له مائة وثلاث سنين
202 - صالح بن شافع
ابن حاتم ابو المعالي صحب ابن عقيل وغيره وسمع ابا الحسين ابن الطيوري وابا منصور الخراط وغيرهما وكان من المعدلين فجرت حالة اوجبت عزله

عن الشهادة وتوفي في رجب هذه السنة ودفن في دكة احمد بن حنبل على ابن عقيل
203 - عبد الله بن الحسن
ابن قسامي ابو القاسم من اهل الحريم الطاهري ولد سنة اثنتين وسبعين واربعمائة وسمع من ابي نصر الزينبي وابي الغنائم بن ابي عثمان وثابت بن بندار وغيرهم وكان سماعه صحيحا وكان صدوقا فقيها مناظرا وتوفي يوم الجمعة سادس ذي القعدة ودفن بباب حرب
204 - عبد الواحد بن محمد
ابن عبد الواحد ابن الصباغ ابو المظفر سمع من النقيب وابن النظر وحمدو وغيرهم وحدث بشيء يسير وصرف عن الشهادة في ايام المسترشد لسبب جرى ثم رد وعزل في ايام المقتفي وتوفي في جمادى الآخرة ودفن بباب حرب
205 - علي بن الحسين
ابن محمد بن علي الزينبي ابو القاسم الاكمل بن ابي طالب نور الهدى بن ابي الحسن نظام الحضرتين بن نقيب النقباء ابي القاسم بن القاضي ابي تمام ولد في نصف ربيع الاول من سنة سبعين واربعمائة وسمع الحديث من ابيه أبي طالب وعمه طراد وابي الخطاب بن النظر وابي الحسن ابن العلاف وابن بيان وابي عبد الله الحميدي وغيرهم وسمعنا منه الحديث على شيخنا ابي بكر قاضي المارستان وابي القاسم بن السمرقندي وحدث وكان للمسترشد اليه ميل فوعده النقابة فاتفق موت الدامغاني فطلب فياله رئيسا مارأينا وزيرا ولا صاحب منصب اوقر منه ولا احسن هيئة وسمتا وصمتا قل ان يسمع منه كلمة وطالت ولايته فأحكمه الزمان وخدم الراشد وتاب في الوزارة ثم استوحش من الخليفة فخرج الى الموصل فاسر هناك ووصل الراشد وقد بلغه ما جرى ببغداد من خلعه فقال له اكتب خطك بابطال ما جرى وصحة امامتي فامتنع فتواعده زنكي وناله بشيء

من العذاب ثم اذن في قتله فدفع الله عنه ثم بعث من الديوان لاستخلاصه فجيء به فبايع المقتفي ثم ناب في الوزارة لما التجأ ابن عمه علي بن طراد الى دار السلطان ثم ان المقتفي اعرض عنه بالكلية قال المصنف وقال لي النقيب الطاهر انه جاء الي فقال يا ابن عمر انظر ما يصنع معي فان الخليفة معرض عني فكتبت الى المقتفي فاعاد الجواب بانه فعل كذا وكذا فعذرته وجعلت الذنب لابن عمي ثم جعل ابن المرخم مناظرا له وناقضا لما يبنيه والتوقيعات تصدر بمراضي ابن المرخم ومسخطات الزينبي ولم يبق الا الاسم فمرض وتوفي سحرة الاربعاء يوم عيد النحر من هذه السنة وله ست وسبعون سنة وصلى عليه ابن عمه طلحة بن علي نقيب النقباء ونائب الوزارة وكان الجمع كثيرا جدا ودفن في مشهد ابي حنيفة الى جانب ابيه ابي طالب الزينبي وخلف جماعة من البنين ماتوا ما اظن احدا منهم عبر ثلاثين سنة قال المصنف رحمه الله وحدثني ابو الحسن البراندسي عن بعض العدول ان رجلا رأى قاضي القضاة في المنام فقال له ما فعل الله بك فقال غفر لي ثم انشد ... وان امرءا ينجو من النار بعدما ... تزود من اعمالها لسعيد ...
قال ثم قال لي امض الى أبي عبد الله يعني ابن البيضاوي القاضي وهو ابن اخي قاضي القضاة وأحد أوصيائه فقل له لم تضيق صدر غصن وشهية يعني سراريه فقال الرجل وما عرفت اسماءهن قط فمضيت وقلت ما رأيت فقال سبحان الله كنا البارحة في السحر نتحدث في تقليل ما ينوبهن
206 - محمد بن علي البغدادي
ابو غالب بن ابي الحسن يعرف بابن الداية المكبر سمع ابا جعفر بن المسلمة
207 - المبارك بن المبارك
ابن زوما ابو نصر الرفاء ولد سنة ثمان وثمانين واربعمائة قرأ القرآن على ابي بكر بن الدنف وسمع الحديث من ابي طالب بن يوسف وغيره وكان حنبليا ثم انتقل فصار شافعيا وتفق على شيخنا الدينوري وتفقه على اسعد ثم على

ابن الرزاز وبرز في الفقه ثم اخرج من المدرسة اخراجا عنيفا وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن في تربة ابي اسحاق
208 - المبارك بن كامل
ابن ابي غالب البغدادي ويعرف ابوه بالخفاف ابو بكر المفيد ولد

سنة
خمس وتسعين واول سماعه في سنة ست وخمسمائة وقرأ القرآن بالقراآت وسمع ابا القاسم بن بيان وابا علي بن نبهان وابا الغنائم النرسي وخلقا كثيرا وما زال يسمع العالي والنازل ويتبع الاشياخ في الزوايا ويقل السماعات فلو قيل انه سمع من ثلاثة آلاف شيخ لما رد القائل وجالس الحفاظ وكتب بخطه الكثير وانتهبت اليه معرفة المشايخ ومقدار ما سمعوا والاجازات لكثرة دريته في ذلك وكان قد صحب هزارسب ومحمودا الاصبهاني وغيرهما ممن يعني بهذا الشأن فانتهى الامر في ذلك اليه الا انه كان قليل التحقيق فيما ينقل من السماعات فجازفة منه لكونه يأخذ عن ذلك ثمنا وكان فقيرا الى ما يأخذ وكان كثير التزوج والاولاد وتوفي في جمادى الاولى من هذه السنة ودفن بالشونيزية
سنة
ثم دخلت سنة اربع واربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها ان الاسعار تراخت في مستهل المحرم وعاد الرخص وكثرت الخيرات وخرج اهل السواد الى قراهم
ومن ذلك ان محمود بن زنكي بن آق سنقر غزا فقتل ملك انطاكية واستولى على عسكر الافرنج وفتح كثيرا من قلاعهم
وفي يوم الاربعاء ثالث ربيع الآخر استوزر ابو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة ولقب عون الدين وخلع عليه
وفي رجب عاد البقش وجمع الجموع وقصد العراق وانضم اليه ملك شاه بن محمود طرنطاي وعلي بن دبيس واجتمع معهم خلق كثير من التركمان فلما بقي

بينهم وبين بغداد ثلاثة فراسخ بعثوا الى الخليفة يطلبون منه الخطبة لملك شاه فلم يجبهم وقويت الاراجيف ودون الخليفة وجمع العسكر وحفرت بقية الخندق وتقدم الى اهل الجانب الغربي بالانتقال الى الحريم ونودي في الرصافة وابي حنيفة ان لا يبقى احد فنقل الناس وبعث امير المؤمنين ابن العبادي الى السلطان ونفذ بعده بالركابية يستحثه على المجيء ويعلمه انهم جاؤا لاجل الخطبة واني ما اجبتهم للعهد الذي بيني وبينك فينبغي ان تعجل المجيء فلم يبرح فبعث اليه عمه سنجر يعاتبه ويقول قد اخربت البلاد وقتلت العباد في هوى ابن البلنكري فينبغي ان تنفذ به وبوزيره والجاولي والا ما يكون جوابك غيري فلم يلتفت الى ذلك فرحل سنجر الى الري وبعث اليه يقول قد جئت اليك فلما علم بذلك سار اليه جريدة وعاد من عنده طيب القلب وجاء السلطان مسعود في ذي الحجة وخرج اليه الوزير ابن هبيرة وارباب الدولة وجلس لهم وطيب قلوبهم فرجعوا مسرورين وكان البقش قد قبض على ابن دبيس فأطلقه فوصل ابن دبيس الى بغداد ودخل على السلطان فرمى نفسه بين يديه فعفا عنه وخلع عليه ورضي عن الطرنطاي ولم يعلم البقش حتى دخل دار السلطنة فسلمت نفسه ولم ترد اليه ولاية
وخرج في هذه السنة نظر الخادم بالحاج فلما بلغ الكوفة مرض فعاد ورتب قيماز الارجواني مكانه فلما وصل الى بغداد توفي بعد ايام
وفي يوم السبت غرة ذي الحجة وقت الضحى زلزلت الارض زلزلة عظيمة فبقيت تموج نحوا من عشر مرات وكانت زلزلة بحلوان تقطع منها الجبل وساخ في الارض وانهدم الرباط البهروزي وهلك عالم من التركمان
وفي هذه السنة اشتدت بالناس علة برسامية وسرسامية عمت الخلق فكانوا اذا مرضوا لا يتكلمون ولا يطول بهم الامر

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
209 - احمد بن الحسن
ابن علي بن اسحاق الطوسي ابو نصر بن نظام الملك وزر للمسترشد والسلطان محمد

وسمع الحديث ثم لزم منزله توفي في ذي الحجة من هذه السنة
210 - احمد بن محمد
ابن الحسين ابو بكر الأرجاني قاضي تستر وارجان بلدة منها روي عن ابي بكر ابن ماجه وله الشعر المستحسن يتضمن المعاني الدقيقة وورد بغداد ومدح المستظهر بالله وله في قصيدة ... جعلت طليعتي طرفي سفاها ... تدل على مقاتلي الخفايا ... وهل يحمى حريم من عدو ... اذا ما الجيش خانته الربايا ... ولي نفس اذا ما امتد شوقا ... أطار القلب من حرق شظايا ... ودمع ينصر الواشين ظلما ... فيظهر من سرائري الخفايا ... ومحتكم على العشاق جورا ... واين من الدمى عدل القضايا ... يريك بوجنتيه الورد غضا ... ونور الأقحوان من الثنايا ... تأمل منه تحت الصدغ خالا ... لتعلم كم خبايا في الزوايا ... خطبت نواله الممنوح حتى ... اثرت به على نفسي البلايا ... يؤرق مقلتي وجدا وشوقا ... فأقلق مهجتي هجرا ونايا ...
وهذه الابيات من قصيدة قالها الارجاني على وزن قصيدة لابن ون العماني وهي ... نقود عهودها عادت نسايا ... وعاد وصالها المنزور وايا ... اذا انشدت في التعريض بيتا ... تلت من سورة الاعراض آيا ... ورب قطيعة جلبت وصالا ... وكم في الحب من نكت خفايا ... شكت وجدي الي فآنستني ... وبعض الانس في بعض الشكايا ... فلا ملت معاتبتي فاني ... اعد عتابها احدى العطايا ... وليلة اقبلت في القصر سكري ... تهادى بين أتراب خفايا ... ثنينا السوء عن ذاك التثني ... وأثنينا على تلك الثنايا ...
وله في قصيدة ... ولما بلوت الناس اطلب منهم ... أخا ثقة عند اعتراض الشدائد

تطمعت في حالي رخاء وشدة ... وناديت في الأحياء هل من مساعد ... فلم أر فيما ساءني غير شامت ... ولم أر فيما سرني غير حاسد ... تمتعتما يا ناظري بنظرة ... واوردتما قلبي أمر الموارد ... أعيني كفا عن فؤادي فانه ... من البغي سعى اثنين في قتل واحد ...
وله يمدح سعد الملك ... حيث انتهيت من الهجران لي فقف ... ومن وراء دمي بيض الظبا فخف ... يا عابثا بعدات الوصل يخلفها ... حتى اذا جاء ميعاد الفراق يفي ... يستو صفون لساني عن محبتهم ... وانت اصدق يا دمعي لهم فصف ... ليست دموعي لنار الشوق مطفئة ... وكيف والمار باد والحريق خفي ... لم أنس يوم رحيل الحي موقفنا ... والعيس تطلع اولاها على شرف ... والعين من لفتة الغيران ما حظيت ... والدمع من رقبة الواشين لم يكف ... وفي الحدوج الغوادي كل آنسة ... ان ينكشف سجفها للشمس تنكسف ... في ذمة الله ذاك الركب انهم ... ساروا وفيهم حياة المغرم الدنف ... فان اعش بعدهم فردا فياعجبا ... وان مت هكذا وجدا فيا أسفي ...
توفي القاضي ابو بكر بتستر في هذه السنة
211 - عبد الله بن عبد الباقي
ابن التبان ابو بكر الفقيه كان من اهل القرآن سمع من ابي الحسين ابن الطيوري وتفقه على ابن عقيل وناظر وافتى ودرس وكان اميا لا يكتب وتوفي في شوال عن تسعين سنة ودفن بباب حرب
212 - عبد الغني بن محمد
ابن سعد بن محمد ابو البركات الحنبلي سمع ابا الغنائم ابن النرسي وابن نبهان وابن

عقيل وغيرهم ولم يزل يسمع معنا الى ان مات وكان قارئا مجودا حسن التلاوة وشهد عند ابي القاسم الزينبي وتوفي في زمان كهولته يوم الاربعاء ثالث عشر شوال ودفن بباب حرب
213 - عيسى بن هبة الله
ابن عيسى ابو عبد الله النقاش ولد سنة سبع وخمسين واربعمائة وكان بغداديا ظريفا مؤانسا لطيفا خفيف الروح كثير النوادر رقيق الشعر قد رأى الناس وعاشر الظراف وسمع ابا القاسم ابن البسري وابا الحسين علي بن محمد الأنباري الخطيب وغيرهما وكان يحضر مجلسي كثيرا ويكاتبني وكتبت اليه يوما رقعة خاطبته فيها بنوع احترام فكتب الي ... قد زدتني في الخطاب حتى ... خشيت نقصا من الزيادة ... فاجعل خطابي خطاب مثلي ... ولا تغير على عادة ...
وله ... يا من تبدل بي وأمكنه ... مالي وحقك عنك من بدل ... ان كنت حلت فانني رجل ... عن عهد ودك قط لم احل ... لهفي على طمع اصبت به ... في عنفوان شبيبة الأمل ...
وله ... اذا وجد الشيخ في نفسه ... نشاطا فذلك موت خفي ... ألست ترى ان ضوء السراج ... له لهب قبل ان ينطفي ...
214 - نظر بن عبد الله الجيوشي
ابو الحسن الخادم سمع الحديث من ابي الخطاب بن النظر وغيره بافادة مؤدبه شيخنا ابي الحسن بن الزاغوني وحج سبعا وعشرين حجة كان في نيف وعشرين منها اميرا قال المصنف فحججت معه سنة احدى واربعين ومعي شيء من سماعه فأردت ان اقرأه عليه فرأيت ما يأخذ به الناس من الطرح على الحمالين والظلم فلم أكلمه وخرج بالناس الى الحج في سنة اربع واربعين مريضا فلما

وصل الى الكوفة زاد مرضه فسلمهم الى قيماز ورجع الى بغداد فتوفي ليلة الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي القعدة ودفن بالترب في الرصافة وفي تلك السنة طمع العرب في الحاج فأخذوهم بين مكة والمدينة على ما نذكره في الحوادث

سنة
ثم دخلت سنة خمس واربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه في المحرم جلس يوسف الدمشقي مدرسا في النظامية من جانب الأعاجم والفي الدرس واجتمع له الفقهاء والخلق الكثير ولم يكن ذلك عن اذن الخليفة وكان ميل الخليفة الى ابن النظام فلما كان يوم الجمعة منع يوسف من الدخول الى الجامع والى دار الخلافة وضربت جماعة من اصحابه بالخشب وصلى الجمعة في جامع السلطان ولم يعد الى المدرسة والزم بيته وفي يوم السبت سابع عشرين المحرم جلس ابو النجيب للتدريس في النظامية الصبح وتقدم اليه بالتدريس في النظامية فقال له اريد اذن الخليفة فاستخرج له اذن الخليفة وزادت دجلة فبلغ الماء الى باب المدرسة ومنع الجواز من طريق الرباط ودخلت السفن الازقة
وقد ذكرنا ان الخادم نظرا لما حج خرج بالحاج مريضا فعاد وسلمهم الى قيماز فلما وصلوا الى مكة طمع امير مكة في الحاج واستزرى بقيماز فطمعت العرب ووقفت في الطريق وبعثوا يطلبون رسومهم فقال قيماز للحاج المصلحة ان تعطوهم ونستكفي رسول الله صلى الله عليه و سلم فاستغاثوا عليه وقالوا نمضي الى سنجر فنشكو منك وكانوا قد وصلوا الى الغرابي فخرجت عليهم العرب بعد العصر يوم السبت رابع عشر المحرم فقاتلوهم فكثرت العرب فاخذوا من الثياب والاموال والاجمال ما لا يحصى واخذوا من الدنانير الوفا كثيرة فتحدث من التجار انه اخذ من هذا عشرة آلاف ومن هذا

عشرون ألف ومن هذا ثلاثون الفا واخذ من خاتون اخت مسعود ما قيمته مائة الف دينار وتقطع الناس وهربوا على اقدامهم يمشون في البرية فماتوا من الجوع والعطش والعري وقيل ان النساء ظنوا ان اجساد هذه الطير تستر العورة وما وصل قيماز الى المدينة الا في نفر قليل
وجاء في هذه السنة باليمن مطر كله دم حتى صارت الارض مرشوشة بالدم وبقي اثره بثياب الناس
ومرض ابن البلنكري وهو خاص السلطان مسعود فلما عوفي اسقط المكوس وكان المكاس ببغداد يلقب مختص الحضرة وكان يبالغ في اذى الناس واخذ اموالهم ويقول انا قد فرشت حصيرا في جهنم فمرض ومات في ربيع الآخر من هذه السنة

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
215 - اسمعيل بن محمد
ابن عبد الوهاب بن الحسن القزاز ويعرف بابن زريق سمع من ثابت وابن العلاف وغيرهما وتوفي يوم الاربعاء النصف من ربيع الاول ودفن بباب حرب
216 - الحسن بن ذي النون
ابن ابي القاسم بن ابي الحسن الشغري ابو المفاخر بن ابي بكر من اهل نيسابور سمع الحديث من ابي بكر الشيروي وغيره وكان فقيها اديبا دائم التشاغل بالعلم لا يكاد يفتر وكان يقول اذا لم تعد الشيء خمسين مرة لم يستقر ورد بغداد واقام بها مدة يعظ في جامع القصر وغيره واظهر السنة وذم الاشاعرة وبالغ وقد ذكرت في الحوادث ما جرى له وكان هو السبب في اخراج ابي الفتوح الاسفرائيني من بغداد ومال اليه الحنابلة لما فعل وحدثني ابو الحسن البراندسي انه خلا به فصرح له بخلق القرآن وبان بأنه كان يميل الى رأي المعتزلة بعد أن كان يظهر

ذمهم ثم فتر سوقه وخرج من بغداد فتوفي بقرية ايذاجرد في جمادى الاولى من هذه السنة انشدنا الحسن بن ابي بكر النيسابوري ... أهون عليا وايمان محبته ... كم مشرك دمه من سيفه وكفا ... ان كنت ويحك لم تسمع مناقبه ... فاسمع مناقبه من هل اتى وكفا ...
وأنشدنا ... مات الكرام ومروا وانقضوا ومضوا ... ومات من بعدهم تلك الكرامات ... وخلفوني في قوم ذوي سفه ... لو أبصروا طيف ضيف في الكرى ماتوا ...
217 - صافي بن عبد الله
الجمالي عتيق ابي عبد الله بن جردة سمع ابا علي ابن البناء وقرأ عليه القرآن وقرأت عليه الحديث بحق سماعه من ابي علي البناء وكان شيخنا ابو الفضل ابن ناصر يقول ان صافي كان غلاما آخر لابن جردة فأخبر صافي بذلك فحضر يوما في دار شيخنا ابي منصور الجواليقي وكنت حاضرا وكنا يومئذ نسمع غريب الحديث لابي عبيد على الاشياخ ابي منصور وابي الفضل وسعد الخير فقال لشيخنا ابي الفضل سمعتك انك قلت ان هذه الاجزاء ليست سماعي وانه كان لسيدي غلام آخر اسمه صافي وما كان هذا قط وانا أذكر ابا علي ابن البناء وقد قرأت عليه وانا ممن يشتهي الرواية مشغوف بها فادعى سماع مالم اسمع فبان للجماعة صدقه واعتذر اليه ابو الفضل بن ناصر ورجع عما كان يقوله توفي صافي في ربيع الاول من هذه السنة
218 - عبد الملك بن ابي نضر
ابن عمر ابو المعالي الجيلي من جيلان تفقه على اسعد الميهني وسمع الحديث وكان فقيها صالحا دينا خيرا عاملا بعلمه كثير التعبد ليس له بيت يسكنه يبيت في أي مكان اتفق كان يأوي في المساجد في الخرابات التي على شاطئ دجلة حج في

هذه السنة فأغارت العرب على الحاج فانصرف واقام بفيد فتوفي بها في هذه السنة وكان جماعة الفيديين يثنون عليه ويصفونه بالتورع والزهد

سنة
ثم دخلت سنة ست واربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه انفجر بثق النهروانات بتوفر الزيادة في تأمرا
وفي جمادى الآخرة قطعت يد رجل متفقه يقال له شجاع الدين كان يتخادم للفقهاء والوعاظ ظهرت عليه عملات فقطع
وفي رمضان دخل السلطان مسعود الى بغداد فمضى اليه الوزير ابن هبيرة وارباب الدولة فأكرمهم فعادوا شاكرين
وسأل ابن العبادي ان يجلس في جامع المنصور فقيل له لا تفعل فان اهل الجانب الغربي لا يمكنون الا الحنابلة فلم يقبل فضمن له نقيب النقباء الحماية فجلس يوم الجمعة خامس ذي الحجة في الرواق وحضر النقيبان واستاذ الدار وخلق كثير فلما شرع في الكلام أخذته الصيحات من الجوانب ونفر الناس وضربوا بالآجر فتفرق الناس منهزمين كل قوم يطلبون جهة وأخذت عمائم الناس وفوطهم وجذبت السيوف حوله وتجلد وثبت وسكن الناس وتكلم ساعة ونزل وارباب الدولة يحفظونه حتى انحدر وقد طار لبه
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
219 - احمد بن محمد
ابن احمد بن الحسن المذاري ابو المعالي بن ابي طاهر ولد سنة اثنتين وستين وسمع ابا القاسم ابن البسري وابا علي ابن البناء وغيرهما وكان سماعه صحيحا وقرأت عليه كثيرا من حديثه وسئل عن نسبه الى المذار فقال كان ابي سافر اليها واقام بها مدة ثم رجع فقيل المذاري ومذار قرية تحت البصرة قريبة من عبادان توفي عشية الاربعاء الثامن والعشرين من جمادى هذه السنة ودفن بمقبرة

باب حرب
220 - الحسن بن محمد
ابن الحسين ابو علي الراذاني ولد بأوانا وسكن بغداد وسمع الحديث من ابي الحسين ابن الطيوري وغيره وكان يسمع معنا على ابن ناصر الى ان مات وتفقه على ابي سعد المخرمي ووعظ مدة وتوفي فجاءة وكان قد تزوج امرأة ابي المعالي المكي وعزم تلك الليلة ان يدخل بها فدخل الى بيته ليتوضأ لصلاة الظهر فقاء فمات وذلك في يوم الاربعاء رابع صفر هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب الى جانب ابن سمعون
221 - علي بن دبيس
توفي في هذه السنة عن قولنج اصابه فاتهم طبيبه محمد بن صالح بانه بطن في أمره فمات الطبيب عن قريب
222 - عبد الرحمن بن محمد
ابن علي ابو محمد ابن الحلواني تفقه وناظر وكان يتجر في الخل ويقنع به ولا يقبل من احد شيئا توفي في ربيع الأول من هذه السنة ودفن في داره بالمأمونية
سنة
ثم دخلت سنة سبع واربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه في تاسع المحرم باض ديك لرجل يعرف بابن عامر وباض بازي لعلي بن حماد بيضتين وباضت نعامة لاذكر معها بيضة ذكر ذلك ابو العباس الماندائي القاضي
وفي هذه السنة من الحوادث ان يعقوب الخطاط توفي برباط بهروز وكانت له غرفة في النظامية فحضر الذي ينوب في التركات وختموا على غرفته في المدرسة فخاصمهم الفقهاء وضربوهم واخذوا التركة وهذه عادتهم في الحشريين فمضوا

شاكين فقبض حاجب الباب على رجلين من الفقهاء وعاقبهم بباب النوبي وحملهما الى حبس اللصوص فأغلق الفقهاء المدرسة واخرجوا كرسي الوعاظ فرموه وسط الطريق فلما كانت عشية تلك الليلة صعد الفقهاء سطح المدرسة واستغاثوا وأساؤا الادب في استغاثتهم وكان المدرس ابو النجيب يومئذ فجاء فرمى نفسه تحت التاج في اليوم الثاني واعتذر وكشف رأسه فقيل له قد عفي عنك فامض الى بيتك والزم زاويتك وهرب الفقهاء الى دار الملك وتبعهم فبقوا اياما فبعث شحنة بغداد وهو المسمى بمسعود بلال مع ابي النجيب وجمع أصحابه فرجع هو والفقهاء الى المدرسة بغير اذن امير المؤمنين فجلس ودرس ووعظ وتكلم بالكلمات بالعجمية لا يعرفها الا أعجمي فلما كان يوم الخميس سابع رجب وصلت الاخبار بموت السلطان مسعود وانه مات بباب همذان فعقد العسكر السلطنة لملك شاه بن محمود فقام بأمره خاصبك ثم ان خاصبك قبض على ملك شاه وكاتب اخاه محمدا وهو بخوزستان فلماوصل الى همذان سلم السلطنة اليه وكانت مكاتبته حيلة ليحصله فعلم فقتل خاص بك ولما ورد موت السلطان اختلط الناس وهرب مسعود الشحنة الى تكريت فظفروا بخيله وبعض سلاحه ونادى الخليفة انه من تخلف من الجند ولم يحضر الديوان ليدون ويجري على عادته في اقطاعه ابيح دمه وماله وقعد الوزير للعزاء في بيت النوبة ونفذ استاذ الدار ومعه من ينقض فنقضوا دار تتر التي على المسناة وتقدم الى ابن النظام ان يمضي الى المدرسة ليدرس بها فمضى في موكب وقبض على ابي النجيب وحمل الى الديوان وأهين وحبس وقبض على الحيص بيص الشاعر واخذ من بيته حافيا ماشيا مهانا وحمل الى حبس اللصوص وقصد من كان له تعلق بالعسكر ثم اخرج ابو النجيب الى باب النوبي فاقيم على الدكة الظاهرة بين اثنين وكشف رأسه وضرب بالدرة خمس مرات تولى ذلك غلام الحسبة بتقدم واعيد الى حبس الجرائم وذلك في آخر رجب وفي يوم السبت اخذ البديع صاحب ابي النجيب وكان متصوفا يعظ الناس فحمل الى الديوان واخذ من عنده الواح من طين فيها قبل وعليها مكتوب

اسماء الائمة الاثنا عشر فاتهموه بالرفض فشهر بباب النوبي وكشف رأسه وأدب والزم بيته
وكان مهلهل قد ضمن الحلة في كل سنة بتسعين الف دينار فأقبل السلاركرد الى الحلة فهرب مهلهل الى مشهد علي عليه السلام فكتب سلاركرد الى مسعود الشحنة وهو في تكريت فلحق به فلما اجتمعا قبض مسعود على سلار فغرقه فجهز امير المؤمنين العساكر وكانوا ثلاثة آلاف ومن تبعهم فعبروا وضربوا تحت الرقة في تاسع عشر شعبان وقدم كرساوج من همذان فتلقى بالموكب وخلع عليه واعطى الشحنكية وخرج الوزير ابن هبيرة في سابع عشرين شعبان فسار معه العسكر الى الحلة فسبقت مقدمته فانهزم الشحنة فعادوا يبشرون الوزير وقد كان تهيأ للقتال فعاد الوزير وبلغ امير المؤمنين تخبيط بواسط فأخرج سرادقه فضربه تحت الرقة واخرج الكوسات وكانت احد وعشرين حملا وبعددها الاعلام وخرج يوم الاثنين الحادي والعشرين من شوال على ساعتين من النهار في سفينة وولي العهد في سفينة والوزير في سفينة والخدم في سفن ولم يتمكن احد من العوام ان يركب في سفينة فوقف الناس ينظرون من جانبي دجلة وصعد من السفينة وارباب الدولة بين يديه فظهر للناس ظهورا بينا وأشار الى اصحابه ان لا يضربوا احدا بمقرعة فركب وولى العهد وسارا والناس مشاة بين ايديهما حتى نزلا السرادق ثم رحل الى ان نزل بواسط فهرب اولاد الطرنطاي خطلبرس الى الشحنكية بواسط ثم مضى الى الحلة والكوفة وعاد الى بغداد في ذي القعدة فنزل بدار يرنقش التي على الصراة ثم دخل الى داره وعلقت بغداد سبعة أيام ثم خطب لولي العهد يوم الجمعة غرة ذي الحجة من هذه السنة فعاد التعليق وعلقت القباب فعمل الذهبيون قبة على باب الخان العتيق عليها صورة مسعود وخاص بك وعباس وغيرهم من الامراء بحركات تدور وعلق ابن المرخم قبة فيها خيل تدور وعليها فرسان بحركات وعلقت بنت قاورت بباب درب المطبخ قبة فيها صورة السلطان وعلى رأسه شمسة وعلق ترشك قبة

على سطح داره على تماثيل صور اتراك يرمون بالنشاب وعلق ابن مكي الاحدب قبة عليها جماعة من الحدب وعلق جعفر الرقاص بباب الغربة قبة عليها مشاهرات فاكهة اترج ونارنج ورمان وثياب ديباج وغير ذلك واقام السودان الكلالة فوق القبة يغنون ويرقصون وعمل اهل باب الازج حذاء المنظرة اربعة ارجى تدور وتطحن الدقيق لا يدري كيف دورانها وعمل الملاحون سميرية على عجل تسير وانطلق الناس في اللعب وبقي التعليق الى يوم العيد

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
223 - سلاركرد
امير كبير قد ذكرنا كيف هلك
224 - محمد بن اسمعيل
ابن احمد بن عبد الملك ابو عبد الله بن ابي سعد بن ابي صالح المؤذن ولد ينيسابور في سنة ثمانين وهو من بيت العلم والحديث وسمع الحديث الكثير وقدم الى بغداد رسولا من صاحب كرمان في سنة ست وقدم رسولا الى السلطان في سنة اربع واربعين وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة بكرمان
225 - محمد بن عمر
ابن يوسف الارموي ابو الفضل بن ابي حفص من اهل ارمية ولد سنة تسع وخمسين وسمع من ابي جعفر ابن المسلمة وابي الغنائم ابن المأمون وابي الحسين ابن المهتدي وابي بكر الخياط وابي نصر الزينبي وابن النقور وابي القاسم ابن البسري وغيرهم وروى لنا عنهم وسمعت منه بقراءة شيخنا ابن ناصر وقرأت عليه كثيرا من حديثه وكان سماعه صحيحا وكان فقيها على مذهب الشافعي تفقه على أبي اسحاق الشيرازي وكان ثقة دينا كثير التلاوة للقرآن وكان شاهدا فعزل وتوفي في رجب هذه السنة ودفن مقابل باب ابرز

226 - محمد بن محمد
ابن محمد ابو بكر الخلمي من اهل بلخ ولد سنة خمس وسبعين وسمع الحديث الكثير وكان اماما مفتيا مناظرا حسن الاخلاق متقدما على اصحاب ابي حنيفة واملي بجامع بلخ وتوفي بها في شعبان هذه السنة ودفن في داره
227 - محمد بن منصور
ابن ابراهيم ابو بكر القصري سمع من ثابت بن بندار وابي طاهر بن سوار وغيرهما وحدث بشيء يسير وقرأ القرآن بالقراآت واقرأ وكان حافظا مجودا خيرا وكان يطالع تفسير النقاش ويذكر منه رأيت له دكة على هيئة المنبر من آجر بجامع المنصور يجلس عليها بعد الجمعة فيسأل عن آيات فيفسرها وكانت له شيبة طويلة تعبر سرته وتوفي في ليلة الجمعة سابع شعبان ودفن بمقبرة باب حرب
228 - محمد بن هبة الله
ابن محمد بن علي بن المطلب الكرماني ابو عبد الله بن الوزير ابي المعالي سمع ثابتا وابا غالب البقال وابن نبهان وابن ثابت وغيرهم وحدث ببعض مسموعاته وكان ظاهر الكياسة حسن الاخلاق وتوفي في ليلة الجمعة رابع عشرين المحرم ودفن في مقابر قريش بالحضرة
المظفر بن اردشير
ابو منصور العبادي ولد سنة احدى وتسعين واربعمائة وسمع من ابي بكر الشيروي وزاهر الشحامي وغيرهما ودخل بغداد فأملى الحديث ووعظ بالجامع والنظامية وكانت له فصاحة وحسن عبارة وكان يوما جالسا في جامع القصر فوقع المطر فلجأ الجماعة الى ظل العقود والجدران فقال لا تفرقوا من رشاش ماء رحمة قطر عن متن سحاب نعمة ولكن فروا من شرار نار اقتدح من زناد الغضب ثم قال مالكم لا تعجبون مالكم لا تطربون فقال له قائل وترى الجبال تحسبها

جامدة الآية فقال التماسك عن المرح عند تملك الفرح قدح في القدس فقام شاعر يمدحه فاجلس فقال الشاعر قد كان حسان يبسطه رسول الله صلى الله عليه و سلم في المسجد فقال الشيخ كان حسان شاعرا ولم يكن مستبيحا عرضا ولا مستمنحا عرضا وكان مثل هذا الكلام المستحسن يبدر في كلامه وانما كان الغالب على كلامه ما ليس تحته كثير معنى وكتب ما قاله في مدة جلوسه فكان مجلدات كثيرة فترى المجلد من اوله الى آخره ليس فيه خمس كلمات كما ينبغي ولا معنى له وكان يترسل بين السلطان والخليفة فتقدم اليه ان يصلح بين ملك شاه بن محمود بن محمد وبين بدر الحويزي فمضى فأصلح بينهما وحصل له منهما مال فأدركه اجله في تلك البلدة فجاء الخبر بأنه مات يوم الاثنين سلخ ربيع الآخر من هذه السنة بعسكر مكرم ثم حمل الى بغداد فدفن في دكة الجنيد بالشونيزية وكان جامعا للمال فلم يحظ به بل كان له ولد فتوفي بعده بأشهر وعاد المال الى السسلطان وفي ذلك عبرة لمن اعتبر
230 - المبارك بن هبة الله
ابن سلمان ابو المعالي الصباغ يعرف بابن سكرة سمع الحديث الكثير وكان يبيع البقالة ثم تركها ووعظ توفي في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن في داره في المقتدية
231 - مسعود السلطان بن محمد
ابن ملك شاه جرت له احوال عجيبة قد ذكرناها في حوادث السنين وآل الأمر الى ان خرج المسترشد بالله إلى محاربته فأسر المسترشد ورأى مسعود من التمكين مالم يره ابناء جنسه وقدم فبايع المقتفي لأمر الله وتحكم وكتب له شيخنا ابو بكر بن عبد الباقي جزءا من حديثه فسمعه عليه فكان اقوام يسمعون على السلطان عن شيخنا توفي يوم الاربعاء سلخ جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن نصف الليل وفي صبيحة الخميس ولي مكانه ملك شاه واذعن له الامراء وزم الامور

ابن البلنكري
232 - يعقوب الخطاط
كان غاية في حسن الخط وجودته فتوفي في جمادى الآخرة برباط بهروز

سنة
ثم دخلت سنة ثمان واربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه وصل الخبر في محرم ان سنجر كسرته الغز واستولوا على عسكره وملكوا بلخ
وفيها نفذ ترشك المقتفوي في خمسمائة فارس وفيهم قسيم الدولة ونجاح الخادم لحصار قلعة تكريت ثم نفذ ابو البدر ظفر بن عون الدين الوزير فجرى بينه وبين ترشك نفور في الرتبة واراد ان يكون ترشك بحكمه وتحت امره فلم يفعل فبعث ابن الوزير يشكو منه فقيل انهم قالوا له اقبض عليه فأحس وقيل بل نفذوا اليه ان يقال وكان قد جرى بينه وبين استاذ الدار خصومة فكبسوا بيته وأهانوه وحبسوه اشهرا فخشي ان يفعل به كذلك فكاتب صاحب القلعة وهو مسعود بلال الشحنة اني اريد أن أقبض على الذين معي واسلمهم اليك فقال له اذا فعلت ذلك فعلت معك ما تشكرني عليه فقال للمعسكر اركبوا وخلا بابن الوزير ونجاح ويرنقش فقبض عليهم وسلمهم الى صاحب القلعة واخذ سلاحهم وخيلهم وكان قد نفذ الوزير خمسين حملا عليها اقامة فوصلت يوم القبض فأخذها فخلع صاحب القلعة عليه الخلعة التي نفذها له السلطان واعطاه فرسا ومركب ذهب وطوق ذهب واضاف اليه عسكرا وأمره وانضاف اليه تركمان وخرج معه مسعود بلال فقصد طريق خراسان ونهبوا وخرج المقتفي لدفعهما فهربا من بين يديه واتم المقتفي الى تكريت فشاهدها واقام عليها يوما ثم انصرف ثم برز السرادق للانحدار الى واسط لدفع ملك شاه عنها فانهزم ملك شاه من واسط

قاصدا خوزستان ووصل الخليفة الى ظاهر واسط فأقام اياما ثم رجع الى بغداد وفي عبور الخليفة من الجانب الغربي الى داره سلم الوزير من الغرق لان السفينة التي كان فيها انقطعت نصفين وغاصوا في الماء الى حلوقهم واستنقذهم الملاحون فأعطى الوزير الملاح الذي استنقذه ثيابه ووقع له بمال
وفي شوال اخذت البصرة وانهزم من كان بها من اصحاب ملك شاه
وفي سابع عشرين منه دخل سبع بالليل دروب واسط واجتاز على الدار التي يسكنها صاحب البطيحة ومضى الى البستان فقتله الرجالة

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
233 - احمد بن ابي غالب الوراق
ابو العباس المعروف بابن الطلاية ولد بعد الستين واربعمائة وقرأ القرآن وسمع شيئا قريبا من الحديث واشتغل بالتعبد وكان ملازما للتعبد في المسجد ليلا ونهارا وكان قد انطوى من التعبد حتى كان اذا قام فرأسه عند ركبتيه وتوفي يوم الاثنين حادي عشرين رمضان من هذه السنة ودفن الى جانب ابي الحسين ابن سمعون بمقبرة باب حرب
234 - خاص بك التركماني
صبي من التركمان نفق على السلطان مسعود فقدمه على جميع الامراء وصار له من المال مالا يحصى فلما مات مسعود خطب لملك شاه ثم قال له اني أريد أن اقبض عليك وانفذ الى اخيك محمد فأخبره بذلك ليأتي فأسلمه اليك وتكون انت السلطان فقال افعل فقبض عليه ونفذ الى محمد الى خوزستان بانني قد قبضت على اخيك فتعال حتى اخطب لك واسلم اليك السلطنة فعرف محمد خبيئته فجاء الى همذان فجاء الناس يخاطبونه في اشياء فقال مالكم معي كلام وانما خطابكم مع خاص بك ومهما اشار به فهو الوالد والصاحب والكل تحت امره فوصل هذا الكلام الى خاص بك فسكن بعض السكون ثم التقيا فخدمه خاص بك وحمل اليه

حملا كثيرا من خيل ومال فأخذ المال وقتل خاص بك ووجد له تركة عظيمة في جملتها سبعون الف ثوب اطلس وكان ذلك في هذه السنة وقتل مع خاص بك زنكي الخازندار
235 - عبد الله بن عيسى
ابن عبد الله بن احمد بن ابي حبيب ابو محمد الاندلسي ولد ببلاد الاندلس وهو من بيت العلم والوزارة وصرف عمره في طلب العلم وولي القضاء بالاندلس مدة ثم دخل مصر والاسكندرية وجاور بمكة ثم قدم العراق فأقام ببغداد مدة ثم وافى خراسان فأقام بنيسابور وبلخ وكان غزير العلم في الحديث والفقه والادب وتوفي بهراة في شعبان هذه السنة
236 - عبد الخالق بن احمد
ابن عبد القادر بن محمد بن يوسف ابو الفرج بن ابي الحسين بن أبي بكر بن ابي القاسم ولد سنة اربع وستين وسمع ابا نصر الزينبي وطرادا وعاصما وابن النظر وغيرهم وكان من المكثرين سماعا وكتابة وله فهم وضبط ومعرفة بالنقل وهو من بيت النقل قرأت عليه من حديثه وتوفي يوم الاثنين ثالث عشر المحرم ودفن بمقابر الشهداء من باب حرب
237 - عبد الملك بن عبد الله
ابن ابي سهل ابو الفتح بن ابي القاسم الكروخي وكروخ بلدة على عشر فراسخ من هراة ولد في ربيع الاول سنة اثنتين وستين واربعمائة بهراة وسمع من جماعة وورد الى بغداد فسمعنا منه جامع الترمذي ومناقب احمد بن حنبل وغير ذلك وكان خيرا صالحا صدوقا مقبلا على نفسه ومرض ببغداد فبعث اليه بعض من يسمع عليه شيئا من الذهب فقال بعد السبعين واقتراب الاجل آخذ على حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا فرده اليه مع حاجته وكان يكتب نسخا بجامع الترمذي ويبيعها فيتقوت بها وكتب به نسخة فوقفها وخرج الى مكة فجاور بها

وتوفي بها في ذي الحجة من هذه السنة بعد رحيل الحاج بثلاثة أيام
238 - الفضل بن سهل الحلبي
وكان يلقب بالاثير سمع الحديث وكان قد قرئ عليه كثير من تصانيف الخطيب باجازته عنه وكانوا يتهمونه بالكذب فحكى شيخ الشيوخ اسمعيل بن ابي سعيد الصوفي قال كان عندي الشيخ ابو محمد المقرئ فدخل الأثير الحلبي فجعل يثني على ابي محمد وقال من فضائله ان رجلا اعطاني مالا فجئت به اليه فلم يقبله فلما قام قال ابو محمد والله ما جاءني بشيء ولا ادري ما يقول والحمد لله الذي لم يقل عنده وديعة لأحد توفي الاثير في رجب هذه السنة
239 - كامل بن سالم
ابن الحسن ابو تمام التكريتي شيخ رباط الزوزني المقابل لجامع المنصور سمع الحديث وكان كثير التلاوة دائم الذكر قليل الكلام وتوفي في شوال هذه السنة ودفن الى جانب شيخه ابي الوفاء على باب الرباط
240 - محمد بن محمد
ابن عبد الله بن ابي سهل ابو طاهر من اهل مرو سمع الكثير وكان كثير التلاوة وكتب وكانت له معرفة بالحديث وكان حافظا لكتاب الله كثير التلاوة دائم الذكر والتهجد دينا عفيفا وكان يلي الخطابة بمرو وتوفي في شوال هذه السنة ودفن بمرو
241 - محمود بن الحسين
ابن بندار ابو نجيح بن ابي الرجاء الاصبهاني الطلحي الواعظ سمع الحديث على ابن الحصين وغيره وقال الشعر توفي في هذه السنة

سنة
ثم دخلت سنة تسع واربعين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها انه نفذ الى تكريت بسبب الأسارى فقبضوا على الرسول فنفذ الخليفة عسكرا الى تكريت فخرج اهل تكريت فمنعوهم الدخول الى البلد فخرج امير المؤمنين يوم الجمعة غرة صفر فنزل على البلد فهرب اهله فدخل العسكر البلد فشعثوه ونهبوا بعضه ونزل من القلعة جماعة من الفريقين ونصبت ثلاثة عشر منجنيقا على القلعة ووقع من سورها ابراج وبعث صاحب الموصل يسأل فيهم ويشير عليهم باعادة الاسراء فلم يقبلوا
وهبت ليلة الاربعاء ثالث عشر ربيع الاول بعد العشاء ريح مظلمة وظهر فيها نار خاف الناس ان تكون القيامة واثارت من التراب ما يزيد على الحد فتقطع سرادق الخليفة واشرف امير المؤمنين يوم الاربعاء الخامس عشرين من ربيع الاول على القلعة ووقع القتال بين يديه فقتل جماعة فساء له ذلك ورأى الزمان يطول في اخذها فرحل عنها ودخل بغداد في آخر الشهر ثم تقدم الى الوزير بعوده الى حصارها واستعداد آلة كثيرة مما يحتاج اليه في فتح القلاع فخرج يوم الاثنين سابع ربيع الآخر ونادى من تخلف بعد ثلاث ابيح ماله ودمه وجيء بالامراض وعرض العسكر وكانوا ستة آلاف فارس فنزلوا الى القلعة وانصرف الى القلعة بثلثمائة الف دينار سوى الاقامة فانها كانت تزيد على الفكر فقرب فتحها فوصل الخبر بان مسعود بلال جاء الى شهرابان في عسكر عظيم ومعه ألبقش ونهب الناس فاستدعى الوزير للخروج اليهما وكانا قد حثا السلطان محمدا على قصد العراق فلم يتهيأ له فاستأذناه في التقدم امامه فأذن لهما فجمعا جمعا كثيرا من التركمان ونزلا بطريق خراسان فخرج الخليفة اليهما فنفذ مسعود من اخرج ارسلان شاه بن طغرل من قلعة تكريت وكان محبوسا بها وجعلوا القتال عليه ليكون اسم الملك جامعا للعسكر وتلازم العسكران على نهر بكمزا فعبر الخليفة اليهم فتلازموا ثمانية عشر يوما وتحصن التركمان بالخركاهات والمواشي ويقال انهم كانوا اثني عشر الف بيت من التركمان ثم برزوا للقتال آخر يوم من رجب فكانت الوقعة فانهزمت ميسرة العسكر الخليفي وبعض

القلب وكان بازائهم مسعود الخادم وترشك حتى بلغت الهزيمة الى بغداد وثبت الخليفة وضربوا على خزانته وقتل خازنه يحيى بن يوسف ابن الجزري فلما رأى العسكر الميسرة قد انكسرت ضعفت قلوبهم فجاء منكوبرس وكان فارسا شديد البأس ومعه فريذان فنزلا عن الخيل وقبلا الارض بين يدي امير المؤمنين وقالوا يا مولانا تثبت علينا ساعة حتى نحمل بين يديك فاذا رأيناك قويت قلوبنا فقال لا والله الا معكما فرفع الطرحة عن رأسه وجذب السيف ولبس الحديد هو وولي العهد وكبرا وصاح امير المؤمنين يال مضر كذب الشيطان وفر وقرأ ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا الآية وحمل وحمل العسكر بحملته فوقع السيف في العدو وسمع صوت السيوف على الحديد كوقع المطارق على السنادين وانهزم القوم وتم الظفر وسبى التركمان واخذت اموالهم من الابل والبقر والغنم مالا يحصى وقيل كانت الغنم اربعمائة ألف رأس فبيع كل كبش بدانق لكثرتها ونودي من كان أخذ من اولاد التركمان او نسائهم فليرد ذلك فردوا فأخذ البقش الملك وهرب الى بلده وطلب مسعود وترشك القلعة ودخل الخليفة الى بغداد في غرة شعبان
ووصل الخبر في العشرين من شعبان بان مسعودا وترشك قصدا واسط ونهبوا ما يختص بالوزير فتقدم الى الوزير بالخروج فخرج ومعه العسكر في خامس عشرين شعبان فانهزم العدو فلحقهم ونهب منهم رجلا كبيرا وعاد فدخل الوزير على الخليفة فشرفه بقميص وعمامة ولقبه سلطان العراق ملك الجيوش
وخرج العسكر في عيد الفطر على زي لم ير مثله لاجتماع العساكر وكثرة الامراء وكان العيد يوم الخميس فلما جاءت العشية جاء مطر وفيه رعد وبرق وبرد تزلزلت الارض لصوته وخر الناس على وجوههم من شدة الرعب ووقعت منه صواعق فوقع بعضها في التاج الذي بناه المسترشد فطار شرارها الى الرقة وبقيت النار تعمل اياما فأحرقت آلات كثيرة ثم اتصلت الاخبار بمجيء العساكر صحبة

محمد شاه وبانفاذه الى عسكر الموصل يستنجدهم والى تكريت الى مسعود بلال فأخرج الخليفة سرادقه واستعرض الوزير العسكر في شوال فكانوا يزيدون على اثني عشر الف فارس
وجاء الخبر أن ألبقش قد مات وبعث محمد شاه الى الامراء الخلع وقال عودوا السنة الى موطنكم فلي السنة عذر والبرد شديد وكان السبب ان محمدا كان قد بعث الى مسعود بلال في نوبة ألبقش يقول له خذ معك من القلعة بعض الملوك الذين عندك وخذوا بغداد ليهابكم الناس وليعلم ان معكم ملك الى حين وصولي فأخذ ابن امرأة ألدكز وكانت امه مع ألدكز فنفذ ألدكز ألفي فارس وقال لهم كونوا في خدمة الملك واحفظوه فلما وقعت الكسرة وانهزم ألبقش أخذ الصبي فحمله الى قلعته فلما سمع محمد شاه ذلك بعث اليه يقول له سر الي واستصحب الملك فمات البقش وبقي الصبي مع ابن البقش وحسن الجاندار فحملوه الى الجبل فخاف محمد شاه ان يصل الصبي الى ألدكز فتتغير الامور فاعتذر الى العسكر فهرب من يده جماعة من خواصه وجاؤا الى الخليفة واتصل الصبي بزوج امه ألدكز وامن الناس لتفرق العساكر
وفي هذه السنة وكل بالغزنوي لأجل قرية كانت في يده فلما كان سلخ ذي الحجة نفذ الخليفة عسكرا الى ناحية همذان ومتقدمهم قيماز السلطاني في الفي فارس
وفي هذه السنة اتصلت الاخبار باختلاف مصر والساحل وهلاك خليفتهما وولي عهده والجند وانه لم يبق ثم الا صبي صغير فكتب المقتفي لامر الله عهدا لنور الدين بن زنكي وولاه مصر واعمالها والساحل وبعث إليه الخليفة المراكب والتحف وأمره بالمسير اليها
وحدث في هذه السنة في دجلة زيادة واحمرار الماء لم يعهد في ذلك الوقت وحدث في هذه السنة في دجلة في عدة نواحي بلاد واسط ظهور دم من الارض لا يعلم له سبب
ووصلت اخبار سنجر أنه تحت الاسر موكل به في خيمة يجري له كل يوم

مالا يجوز ان يجري لسائس في سياسته وانه يبكي على نفسه
وفيها توفي ابو الفتوح استاذ الدار فولى ابنه محمد مكانه
وقتلت جارية امرأة سيدتها فأخرجت الجارية الى الرحبة وقتلها زوج المرأة بحضرة الناس كما يقتل الرجال

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
242 - البقش
صاحب الحرب المذكورة ببكمزامات في رمضان وتصرف في ولايته قيماز السلطان
243 - عبد الله بن هبة الله
ابن المظفر ابن رئيس الرؤساء ابو الفتوح كان يلي استاذية الدار وله صدقات وأعطية ومجلسه للفقراء والمتصوفة وانفق عليهم كثيرا ولما احتضر احضر غرماءه والمتظلمين عليه فوفاهم ووصى اولاده ببقايا عليه توفي في هذه السنة ودفن بالمقبرة الملاصقة لمقبرة الرباط الزوزني
244 - عبد الرحمن بن عبد الصمد
ابن احمد بن علي ابو القاسم ابن الأكاف من اهل نيسابور سمع ابا سعيد الحيري وابا بكر الشيروي وغيرهما وتفقه وناظر وكان اماما ورعا عالما عاملا غزير الديانة مقبلا على نفسه قنوعا بالكفاف غير معترض لما لا يعنيه وأوصى اليه قريب له ليفرق ماله الى الفقراء ففرقه وكان فيه مسك فلما اراد تفرقته سد أنفه وقال انما ينتفع بريحه وهذا مما روينا عن عمر بن عبد العزيز انه اتى بطيب من بيت المال فأمسك على أنفه وقال انما ينتفع بريحه ولما استولى الغز إلى نيسابور قبضوا عليه واخرجوه ليعاقبوه فشفع فيه السلطان سنجر وقال كنت امضي اليه متبركا به ولم يمكني من الدخول عليه فاتركوه لأجلي فتركوه فدخل شهرستان وهو مريض فبقي اياما وتوفي في هذه السنة ودفن بالحيرة عند أبيه

245 - علي بن محمد
ابن ابي عمر البزاز ثم الدباس ابو الحسن يعرف ابوه بالباقلاوي ولد

سنة
سبعين وسمع ابا محمد التميمي وطرادا وابن النظر وابا ايوب وغيرهم وتأدب بابن عقيل وكان سماعه صحيحا وقرأت عليه كثيرا من مسموعاته وكان من أهل السنة والصدق على طريق السلف وتوفي في شعبان هذه السنة ودفن بباب حرب
246 - علي ابو الحسن
المعروف بابن الابري كان حدادا فقدمه المقتفي وقربه ووكله وبنى مدرسة بباب الازج توفي في شعبان هذه السنة ودفن بداره برحبة الجامع ثم اخرج بعد مدة
247 - المبارك بن احمد
ابن عبد العزيز بن المعمر بن الحسن بن العباس بن محمد بن عبد الرحمن بن اسمعيل ابن عبد الملك بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة بن دليم الخزرجي الانصاري ابو المعمر ولد سنة خمس وسبعين واربعمائة وسمع الكثير وقرأت عليه الكثير وكان له فهم وعلم بالحديث وتوفي في رمضان هذه السنة ودفن بالشونيزية
248 - المظفر بن علي
ابن محمد بن محمد بن جهير ابو نصر من بيت الوزارة وزير وجده وزير وكان استاذ الدار ثم وزر للمقتفي سمع الحديث وحدث وحج وتوفي يوم الخميس سادس ذي الحجة وصلى عليه بجامع القصر ودفن مقابل جامع المنصور قريبا من الرباط
سنة
ثم دخلت سنة خمسين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه قبض على حاجب الباب ابي الفتح ابن الصقيل الهاشمي

ووكل به في الديوان واحضر الناس وواقفوه على ما أخذ منهم واخرج منه الى بيته ورتب مكانه ابو المعالي بن الكيا الهراسي نحو اربعين يوما ثم عزل ورتب ابو القاسم علي بن محمد بن هبة الله بن الصاحب
وفي هذا الشهر ورد الخبر أن الغز والتركمان دخلوا نيسابور ونهبوها وفتكوا بأهلها وفقهائها منهم محمد بن يحيى شيخ أصحاب الشافعي فقتلوا بها نحوا من ثلاثين الف نسمة وكان سنجر معهم عليه اسم السلطنة وهو معتقل ولقد ادار يوما ان يركب فلم يجد من يحمل سلاحه فشده على وسطه وكان اذا قدم اليه الطعام احتبس منه شيئا يخبؤه لوقت آخر خوفا من انقطاعه عنه لتقصيرهم به
وفي شهر ربيع الاول خرج الخليفة الى دقوقا محاصرا لها فاستغاثوا له ارحمنا فرجع عنهم
وفي رجب كانت الوقعة بين عسكري الخليفة وبين شملة التركماني فهزموه وتبعوه الى ان خرج اليهم كمين في مضيق فانكسروا وأسر وجوههم ثم احسن اليهم وسرحهم واعتذ فقبل عذره وسار الى خوزستان فملكها وازاح ملك شاه ابن محمود بن محمد بن ملك شاه عنها
وفي شعبان هجم ثلاثة نفر من الشراة على الحويزي عامل نهر ملك فقتلوه وفي شوال وصل الملك سليمان بن محمد بن ملك شاه الى بغداد ضيفا مستجيرا بأمير المؤمنين وتلقى بولد الوزير ابن هبيرة وكان على رأسه شمسة وخمسة اعلام سود ولم ينزل احدهما للآخر وقبل عتبة باب النوبي وخرج امير المؤمنين حين خروج الحاج فسار معهم الى النجف ودخل جامع الكوفة واجتاز في سوقها وعاد الى بغداد وفي رمضان منع الوعاظ كلهم

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
249 - احمد بن محمد
الحويزي كان عاملا على نهر ملك فكان يؤذي الناس ويعلق الرجال في السواد

ويعذبهم ويستخرج الاموال فلا يتلبس بها اظهارا للزهد فكأنه يجمع بذلك التصنع ان يرقى الى مرتبة اعلى من هذه وكان كثير التلاوة للقرآن كثير التسبيح حتى اني اتفقت في خلوة حمام وهو في خلوة أخرى فقرأ نحوا من جزئين حتى فرغ من شأنه هذا مع الظلم الخارج في الحد فهجم عليه ثلاثة نفر من الشراة بمرو بيتا من نهر الملك فضربوه بالسيوف فجيء به الى بغداد بعد ثلاث وذلك في شعبان هذه السنة ودفن بمقبرة الرباط مقابل جامع المنصور وحفظ قبره حتى لا تنبشبه العوام وظهر في قبره عجب وهو انه خسف بقبره بعد دفنه اذرعا فظهر بعده من لعنه وسبه مالا يكون لذمي
250 - الحسن بن احمد
ابن محبوب ابو علي القزاز سمع طرادا وابن النظر وثابت بن بندار وغيرهم قرأت عليه كثيرا من حديثه وتوفي في محرم هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
251 - سعيد بن احمد
ابن الحسن بن عبد الله بن البناء ابو القاسم بن ابي غالب ولد سنة سبع وستين واربعمائة وقرأت عليه كثيرا من حديثه عن ابي نصر الزينبي وعاصم وغيرهما وكان خيرا وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة
252 - محمد بن ناصر
ابن محمد بن علي بن عمر ابو الفضل البغدادي ولد ليلة السبت الخامس عشر من شعبان سنة سبع وستين واربعمائة وقرأ على أبي زكريا كثيرا من اللغة وسمع الحديث من ابي القاسم ابن البسري وابي طاهر بن ابي الصقر وابي محمد التميمي وابي الخير العاصمي وابي الغنائم بن ابي عثمان وابي عبد الله مالك بن احمد البانياسي

وابي الخطاب ابن النظر ومن دونهم واكثر من الشيوخ المتأخرين وكان حافظا ضابطا متقنا ثقة لا مغمز فيه وهو الذي تولى تسميعي الحديث فسمعت مسند الامام احمد بن حنبل بقراءته وغيره من الكتب والاجزاء العوالي على الاشياخ وكان يثبت لي ما اسمع وذكره ابو سعد السمعاني في كتابه فقال كان يحب ان يقع في الناس قال المصنف وهذا قبيح من ابي سعد فان صاحب الحديث ما زال يجرح ويعدل فاذا قال قائل ان هذا وقوع في الناس دل على انه ليس بمحدث ولا يعرف الجرح من الغيبة وكتاب السمعاني ما سواه الا ابن ناصر ولادله على احوال المشايخ احد مثل ابن ناصر وقد احتج بكلامه اكثر التراجم فكيف عول عليه في الجرح والتعديل ثم طعن فيه ولكن هذا منسوب الى تعصب ابن السمعاني على اصحاب احمد ومن طالع في كتبه رأى تعصبه البارد وسوء قصده لا جرم لم يمتع بما سمع ولا بلغ مرتبة الرواية بل اخذ من قبل ان يبلغ الى مراده ونعوذ بالله من سوء القصد والتعصب توفي شيخنا ابن ناصر يوم الثلاثاء الثامن عشر من شعبان هذه السنة وصلى عليه قريبا من جامع السلطان ثم بجامع المنصور ثم في الحربية ثم دفن بمقبرة باب حرب تحت السدرة الى جانب ابي منصور ابن الانباري وحدثني أبو بكر ابن الحصري الفقيه قال رأيته في المنام فقلت ما فعل الله بك فقال غفر لي وقال لي قد غفرت لعشرة من اصحاب الحديث في زمانك لأنك رئيسهم وسيدهم
253 - محمد بن علي بن الحسن
ابن احمد ابو المظفر الشهرزوري ولد سنة تسع وسبعين واربعمائة وسمع ابا عبد الله حسين بن احمد بن طلحة وابا الفضل بن خيرون وغيرهما وروى الحديث وكانت له معرفة حسنة بعلم الفرائض والحساب انفرد بها وكان ثقة من اهل الدين والخير وكان يبيع العطر في دكان عند مسجد شيخنا ابي محمد المقرئ ويقرأ عليه هنالك ثم سافر الى بلاد الموصل لدين ارتكبه فبقي بها مدة ثم رجع عنها الى بعض ثغور اذربيجان وتوفي بمدينة خلاط في رجب هذه السنة

254 - المبارك بن الحسن
ابن احمد ابو الكرم الشهرزوري ولد في ربيع الآخر

سنة
احدى وستين وقرأ القرآن وسمع من التميمي وابن خيرون وطراد وجماعة وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة
255 - يحيى بن ابراهيم
ابو زكريا بن ابي طاهر الواعظ السلماسي سمع الحديث وقدم الى بغداد فوعظ بها وكان له القبول التام ثم غاب عنها نحوا من اربعين سنة ثم قدم بعد الاربعين وخمسمائة فطلب ان يفتح له الجامع ليعظ فلم يجب الى ذلك فسمعنا عليه شيئا من الحديث بقراءة شيخنا ابن ناصر ثم رحل عن بغداد فتوفي في سلماس في هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة احدى وخمسين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها ان سليمان شاه بن محمد استدعى يوم الجمعة خامس عشر المحرم الى باب الحجرة فجاء في الماء وخرج اهل بغداد للفرجة فلما حضرا حلف على النصح والموافقه ولزوم الطاعة وانه لا يتعرض للعراق بحال ووعده بالخطبة فلما كان يوم الجمعة تاسع عشر المحرم خطب له بعد سنجر ولقب بألقاب ابيه ونثر على الخطيب الدراهم والدنانير فلما كان يوم السبت رابع عشر صفر أخرج الخليفة السرادق والاعلام فلما كان صبيحة الاثنين سادس عشر صفر بعث الى سليمان فأحضر باب الحجرة وخلع عليه وتوج وسور وحلف على ما ذكر ايمانا كثيرة وقرر بأن العراق للخليفة ولا يكون لسليمان الا ما فتحه من بلاد خراسان واعطى الفرس والمركب واسرج له الزبزب وركب في الماء وكان الناس في السميريات يتفرجون حتى تعذرت السفن وبعث الخليفة اليه عشرين الف دينار ومائتي كر وخلع على الامراء الذين معه ثم رحل وضرب في النهروان وتبعه العساكر وبعث الى الخليفة ما ارحل حتى اراك فيقوى قلبي فخرج

الخليفة في غرة ربيع الاول فرحل معه منازل وهو يتقدم الى أن وصلوا حلوان ونفذ معه العسكر وعاد
وفي ربيع الآخر خلى سبيل ابي البدر ابن الوزير من القلعة وكان بين اخذه واطلاقه ثلاث سنين واربعة اشهر وخرج اخوه والموكب فاستقبلوه وكان يوما مشهودا
وفي سلخ ربيع الآخر كثر الحريق ببغداد ودام اياما فوقع بدرب فراشا ودرب الدواب ودرب اللبان وخرابة ابن جردة والظفرية والخاتونية ودار الخلافة وباب الازج وسوق السلطان وغير ذلك
وفي رجب خرج الخليفة الى ناحية الدجيل وكان قد تولى حفره ابن جعفر صاحب الديوان ثم رجع وعاد فخرج فأبصر الانبار وسار في اسواقها ودروبها ثم رجع وعاد متصيدا
وجاءت الاخبار بان ملك شاه ابن اخي سيلمان شاه قد انضاف اليه وانهم اتصلوا بألدكز وتحالفوا فلما سمع بذلك محمد شاه سار اليهم وضرب معهم مصافا فانهزموا بين يديه وتشتت العسكر ووصل من عسكر الخليفة الى بغداد نحو خمسين فارسا بعد أن كانوا ثلاثة آلاف ولم يقتل منهم احد انما اخذت خيولهم واموالهم وتشتتوا وجاؤا عراة وجاؤا الخبر أن سليمان شاه انفصل عن ألدكز وجاء يقصد بغداد على طريق الموصل وكان عاجزا عن حسن التدبير فهان في عيون أهل الاطراف فخرج على كوجك امير الموصل فقبض عليه ورقاه الى القلعة في رمضان هذه السنة وبعث الى محمد شاه يقول له قد قبضت عليه فتعال تسلمه وان اردت ان تقصد بغداد فأنا الحق بك فسار محمد شاه يقصد بغداد فوصل الى ناحية بعقوبا وبعث الى علي كوجك فتأخر عنه وانزعجت بغداد واحضرت العساكر وخرج الوزير يستعرض العسكر وذلك في مستهل ذي الحجة فلما اقبل محمد شاه الى بغداد اضطربت عساكر العراق على الخليفة فعصى بدر بن المظفر صاحب البطيحة وارغش صاحب البصرة

وفي رجب هذه السنة اخرج الوزير شرف الدين الزينبي من داره وقلع من قبره فحمل الى الحربية في الماء ليلا بعد أن احضر الوعاظ فتكلموا قبل قلعه من داره من اول الليل وعبرت الاضواء الكثيرة والخلق الكثير واتفق ان رجلا يقال له ابو بكر الموصلي قص ظفره فحاف عليه فخبثت يده ومات

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
256 - رشيد الخادم
كان صاحب اصبهان توفي في هذه السنة
257 - سلمان بن مسعود
ابن الحسين بن حامد ابو محمد ويعرف بالشحام ولد سنة سبع وسبعين وسمع ثابتا وابن الطيوري ويحيى بن منده وغيرهم وكان سماعه صحيحا وكان من اهل السنة قرأت عليه كثيرا من حديثه وتوفي في هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
258 - علي بن الحسين
ابو الحسن الغزنوي قدم بغداد في سنة ست عشرة فسمع الحديث على مشايخنا وكان يعظ وكان مليح الايراد لطيف الحركات فأمرت خاتون زوجة المستظهر فبنى له رباط بباب الازج ووقفت عليه الوقوف وصار له جاه عظيم تميل الأعاجم اليه وكان السلطان يأتيه فيزوره وكثر زبون مجلسه بأسباب منها طلب جاهه وكثرة المحتشمين عنده والقراء واستعبد كثيرا من العلماء والفقراء بنواله وعطائه وكان محفوظه قليلا فكان يردد ما يحفظه وحدثني جماعة من القراء انه كان يعين لهم ما يقرؤن بين يديه ويتحفظ الكلام عليه سمعته يوما يقول في مجلس وعظه الحكمة في المعراج لرسول الله صلى الله عليه و سلم انه رأى ما في الجنة والنار ليكون يوم القيامة على سكون لا انزعاج فيه فلا يزعجه ما يرى لتقدم الرؤية ولهذا المعنى قلبت العصا حية يوم التكليم لئلا ينزعج موسى عند القائها بين

يدي فرعون وسمعته يقول حزمة حزن خير من اعدال اعمال وانشدنا ... كم حسرة لي في الحشا ... من ولد اذا نشا ... وكم اردت رشده ... فما نشا كما أشا ...
وأنشدنا ... يحسدني قومي على صنعتي ... لأنني في صنعتي فارس ... سهرت في ليلي واستنعسوا ... هل يستوي الساهر والناعس ...
وكان يميل الى التشيع ويدل بمحبة الاعاجم فلا يعظم بيت الخلافة كما ينبغي فسمعته يقول تتولانا وتغفل عنا وانشد ... فما تصنع بالسيف ... اذا لم تك قتالا ... فغير حلية السيف ... وضعه لك خلخالا ...
ثم قال تولى اليهود فيسبون نبيك يوم السبت ويجلسون عن يمينك يوم الاحد وصاح اللهم هل بلغت فكانت هذه الاشياء تبلغ فتثبت في القلوب حتى انه منع من الوعظ فقدم السلطان مسعود فاستدعاه فجلس بجامع السلطان فحدثني ابن البغدادي الفقيه انه لما جلس يومئذ حضر السلطان فقال له يا سلطان العالم محمد بن عبد الله أمرني ان اجلس ومحمد ابو عبد الله منعني ان اجلس يعني المقتفي وكان اذا نبغ واعظ سعى في قطع مجلسه ولما مال الناس الى ابن العبادي قل زبونه فكان يبالغ في ذمه فقام بعض اذكياء بغداد في مجلس العبادي فأنشده ... لله قطب الدين من واعظ ... طب بأدواء الورى آس ... مذ ظهرت حجته في الورى ... قام بها برهان في الناس ...
وأراد ابن الغزنوي قد قام للناس لانه كان يلقب بالبرهان وهذا من عجيب ذكاء البغداديين فلما مات السلطان مسعود تتبع الغزنوي واذل لما كان تقدم من انبساطه وكان معه قرية اصلها للمارستان فأخذت وطولب بنمائها بين يدي الحاكم وحبس ثم سئل فيه فاطلق ومنع من الوعظ وحدثني عبد الله بن نصر البيع قال اخذت من الغزنوي القرية التي كانت وقفت عليه فاستدعاني وسألني

ان اقول لابن طلحة صاحب المخزن ان يسأل فيه وقال هذه القرية اشترتها خاتون من الخليفة والذي وقع عليه الشهادة صاحب المخزن فهو اعرف الخلق بالحال قال فجئت فأخبرته فقال انا رجل منقطع عن الاشغال وكان قد تزهد وترك العمل فعدت اليه فأخبرته فقال لا بد من انعامه في هذا فكتب صاحب المخزن الى المقتفي هذا رجل قد اوى الى بلدكم وهو منسوب الى العلم فقال المقتفي اولا يرضى ان يحقن دمه وما زال الغزنوي يلقى الذل بعد العز الوافي فحدثني ابو بكر ابن الحصري قال سمعته يقول من الناس من الموت احب اليه من الحياة وعني نفسه وكان لا يحتمل الذل فمرض فحكى الطبيب الداخل عليه انه قد القى كبده وكان مرضه في محرم هذه السنة فبلغني انه كان يعرق في مرضه ويفيق فيقول رضا وتسليم وتوفي ليلة الخميس سابع عشرين المحرم وصلى عليه في رباطه ودفن بمقبرة الخيزران الى جانب ابي سعيد السيرافي
259 - المظفر بن حماد
ابن ابي الخير صاحب البطيحة فتك به يعيش بن فضل بن ابي الخير من اصاغرهم في الحمام ومعه اثنان من اهله وولى ابنه مكانه
260 - يحيى بن عبد الباقي
ابو بكر الغزال سمع وسمع وتوفي في شوال هذه السنة ودفن في مقبرة يقال لها العطافية وقف ابن عطاف التاجر وهو أول من دفن فيها

سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها انه لما قرب محمد شاه من بغداد وكان قد طلب ان يخطب له فلم يقبل عرض الخليفة العسكر وبعث الى الامراء فأقبل خطلبرس من واسط وعصى ارغش صاحب البصرة واخذ واسط ورحل مهلهل الى الحلة فأخذها بنو عوف وضرب الخليفة سرادقة تحت دار يرنقش ثم نزعه وجمع جميع السفن

التي ببغداد تحت التاج ونودي في سادس عشر المحرم ان لا يقيم احد بالجانب الغربي فأجفل الناس واهل السواد ونقلت اموال الناس الى دار الخلافة وعبر محمد شاه فوق حربي ونهب اوانا واتصل به علي كوجك واتفقا وضرب محمد شاه بالرملة فقطع الجسر وجيء به الى تحت التاج ولبس الناس السلاح فأخرج الخليفة سبعة آلاف جوشن ففرقها ونصبت المجانيق والعرادات واقام اربعين شقاقا يعملون الخشب لعمل التراس والمجانيق والعرادات فكانت مائتين وسبعين عرادة ومنجنيق في كل عرادة اربعون رجلا وكان يخرج كل يوم من الخزانة اكثر من مائة كر واذن للوعاظ في الجلوس بعد منعهم من ذلك مدة سنة وخمسة اشهر وكان ذلك في ليلة السبت ثامن عشر المحرم فلما كان يوم الاثنين ركب عسكر محمد شاه وعلي كوجك وجاؤا في نحو ثلاثين الف مجفجف فوقفوا عند الرقة ورموا بالنشاب الى ناحية التاج وصعد الناس اليهم من السفن وكان صلاح الدين رجل من اصحاب السلطان قد بنى خانا عند الرقة أنفق عليه ألوف دنانير وجعله للسابلة فكان هؤلاء القوم يعتصمون به وبحائط الرقة فامر امير المؤمنين بنقض ذلك وكان صبيان بغداد يعبرون اليهم بالمقاليع وزراقات النار فيردون العسكر الكثير ويتلقون النشاب بميازر صوف وكان القتال تحت قمرية وقصر عيسى وضرب الصبيان يوما امير منهم بقارورة نفط فرمت به الفرس فقتلوه وقعد القوم له في العزاء ونهب عسكر القوم بالجانب الغربي واخربوا مائتين وسبعين دولابا وركب يوم الاثنين عسكر الخليفة ومضوا بكرة الى ناحية الدار المعزية ومعهم العرادات واقواس الجرح يقاتلون والنشاب يقع عليهم مثل المطر فلما كان يوم السبت ثالث صفر جاء عسكر الأعداء في جمع عظيم فانتشروا على دجلة وخرج عسكر الخليفة في السفن واتصلت الحملات وانقطعت صلاة الجمعة من الجانب الغربي ووصلت الاخبار بمجيء سفن اليهم من الحلة وانهم قد أداروها الى الصراة وجاءتهم سفن من

واسط فأقامت في المدائن ووصل لهم من الموصل كلك عليه دقيق وسكر وعسل وسمن ونعل للخيل وغير ذلك فأخذه اصحاب الخليفة فركبوا بأجمعهم وانتشروا من الرملة الى تحت الرقة وضربوا الدبادب والبوقات وكانت الريح شديدة تمنع السفن ان تصعد فرمى صبيان بغداد نفوسهم في الماء وسبحوا فصعد منهم نحو خمسين بأيديهم السيوف والمقاليع والنشاب وسكنت الريح فركبت المقاتلة في السفن تمنع من الصبيان وكان يوما مشهودا
وفي يوم الجمعة سادس عشر صفر وصلت سفن القوم الى الدور فخرجت سفن اهل بغداد فمنعتها من الاصعاد وجرى قتال عظيم ووقع النفير ببغداد ولم يصل الجمعة الا القليل ونودي من الديوان بحمل السلاح فحمل العوام والتجار والرؤساء ثياب الحرب وكان المحتسب كل يوم يجوز والسلاح بين يديه وعلم الحاج بالحال فجاء الخبر ان الحاج بالحلة على حملة السلامة وان امير الحاج قيماز امرأة الوزير ابن هبيرة فكانت مع الحاج فدخل البرية مع بني خفاجة وجاء الحاج فعبروا الى بغداد
فلما كان يوم الاثنين سادس عشر صفر وصل ركابي من همذان واخبر ان ملك شاه دخل همذان وكبس بيوت المخالفين ونهبها فخلع على الركابي وضربت بين يديه الدبادب وجاء رسول آخر فأخبر بذلك فلما كانت عشية الجمعة سلخ صفر عبر منهم في السفن نحو الف فارس فقصدوا تحت الزاهر ليدخلوا دار السلطان فنزل منكو برس الشحنة واصحابه فضرب عليهم فقتل منهم جماعة ورمى الباقون انفسهم في الماء واتصل القتال عند عقد السلطان ودار العميد في دجلة وغير ذلك من الاماكن وخرج بعض الايام الى الاتراك من الخزانة خمسة وعشرون الف نشابة ومائتان وستون كرا وكان جميع ذلك من خزانة الخليفة ولم يكلف احدا شيئا ولا استقرض من ذوي

المال
وحكى زجاج الخاص انه عمل في هذه النوبة ثمانية عشر الف قارورة للنفط سوى ما كان عندهم من بقايا نوبة تكريت وفي يوم الاربعاء خامس ربيع الاول فتح باب السور مما يلي سوق السلطان وباب الظفرية وخرجت الخيالة والرجالة وخرج منكوبرس وقيماز السلطاني ووقع القتال فحملوا اثنتي عشرة مرة ونصب الأعداء عرادة على دار السلاركرد فرماها المنجنيق الذي تحت دار الشحنة فكسرها وتعذر على اهل بغداد الشوك والتبن والعلف فبيع الشوك كل باقة بحبة ورأس غنم بسبعة دنانير وسد الخليفة الجسر فبقي منه زورقان وكان يحفظ فلما كان يوم الاربعاء تاسع عشر ربيع الاول وصل الخبر بأنهم قد عبروا الرحل والحمال من الجانب الغربي الى الجانب الشرقي ووصل قوم من طريق خراسان واخبروا بأن الشحنة الذي عندهم جاء اليهم مهزوما واخبر بأن عسكرا من طريق همذان يخبر بأن ملك شاه وصل الى همذان وصحبته ابن امرأة ألدكز
فلما كان يوم الخميس العشرين من ربيع الاول جاؤا بالسلاليم التي عملوها وكانت اربعمائة سلم طوال ليضعوها على السور فلم يقدروا فلما كان يوم الجمعة حادي عشرين ربيع الاول لم يجر الا قتال يسير وهذه الجمعة الثالثة من الجمع التي لم يصل فيها الجمعة ببغداد غير جامع القصر وعطل باقي الجوامع واحتوى العسكر على الجانبيين ووصل رسول من ألدكز يخبر بدخول ملك شاه همذان فأخذ نساء المخالفين واولادهم فخلع عليه ونفذ على كوجك جماعة فوقفوا على قمرية يصيحون الى منكوبرس الشحنة نفذ رسولا نودعه رسالة الى امير المؤمنين فاستؤذن في ذلك فاذن فنفذ الوزير بصاحبه
وقيل ان نور الدين بن زنكي بعث الى علي كوجك وقال له تمضي وترمي نفسك بين يدي امير المؤمنين حتى يرضى ووصل في هذا اليوم امرأة سليمان شاه بنت خوارزم شاه وكانت قد اصلحت بين ملك شاه وبين الامراء جميعهم في همذان وجاءت على التجريد في زي الحاج الصوفية الى الموصل وعليها مرقعة وفي

رجليها طرسوس ومعها ركابي في زي المكدين ثم جاءت حتى صارت في عسكر محمد شاه وكوجك ثم جاءت ليلة السبت فوقفت تحت الرقة وصاحت بملاح وقالت له صح لي بقائد من قواد امير المؤمنين يعبر فعرف الوزير فنفذ اليها حاجبا فعرفته نفسها فعبر بها فدخلت على الوزير فقام لها قياما تاما وعرف الخليفة وصولها فأفرد لها دارا حسنة وحمل اليها ما يصلح واحضرت الركابي فأخرج الكتب وفيها ان ملك شاه دخل همذان ونقض الكشك وكبس بيوت المخالفين ونقض دورهم
وفي يوم الاثنين رابع عشرين ربيع الاول فقد من جبس الجرائم خمسة من الكبار منهم ابن سمكة ومقتص الخادم فتصبحوا في مفتح باب النوبي فوجدوهم في الدروب وابواب المساجد فأخذوهم
فلما كان يوم الثلاثاء خامس عشرين الشهر نادى الحراس في الدروب والاسواق من اراد الجهاد فليلبس السلاح ويقصد السور فخرج الخلق وجاء العدو ومعهم السلاليم والمعاول والزبل لسد الخندق وخرج الناس واقتتلوا فلما كان يوم الخميس سابع عشرين ربيع الاول نادوا في عسكرهم لا يتأخرن احد عن الحرب وعبر العسكر الذي بالجانب الغربي وجاؤا باجمعهم وافترقوا فبعضهم في عقد الظفرية وبعضهم في عقد سوق السلطان وفتحت الابواب ووقع القتال الى المغرب فلما كان يوم السبت تاسع عشرين هذا الشهر نادوا اليوم يوم الحرب العظيم فلا يتأخرن احد فخرج الناس فلم يجر قتال وكان المنجمون قد حكوا فيه بأمر عظيم يلحق الناس من القتل وغيره فبان كذبهم فلم يجر شيء
وجاء زنكي فكلم بعض اتراك الخليفة فقال له صاحب الخليفة نحن على انتظاركم فاليوم الوعد فما حبسكم فقال له قد عولوا على عمل غرائر وازقاق قد عملوا بعضها وحشوها حصى ورملا ليسدوا الخندق وعملوا سلاليم طوالا عراضا فقال له التركي قد فتحنا لكم الابواب لما علمنا بمجيئكم وان اعوزكم

سلاليم اعرناكم ثم اذا فتحت الابواب فقد استغنيتم عن السلاليم فقال قد عولوا على يوم الاربعاء فقال له هل وصلكم خبر همذان قال نعم قال فكيف قلوبكم قال ما هي طيبة قلوبنا الى اهلنا وكوجك خائف فما يعبر الينا وقد تحيروا واختلفوا ثم ودعه وانصرف وجاء من اصحابهم قوم فاستأمنوا فسئلوا عن حالهم فقال قد رحل كثير منهم كل قوم الى جهة وكان الضعفاء يعبرون فيجلبون علفا وحطبا فيبيعونه ويعيشون بثمنه وربما حشوا فيه اللحم والتفاح والخضرة ففطنوا بهم فمنعوهم
وفي ليلة الجمعة سادس ربيع الآخر قبض على اليزدي الفقيه وحبس في حبس الجرائم وسببه انه عزم على الانتقال الى ذلك العسكر فكتب اليهم كتابا وقال اذا قرأتم كتابي فخرقوه وبعثه مع فقيه فحمله الى الوزير فاحضره فاقر وقال الحاجة حملتني على هذا فحبس وأخذ منه السجل الذي كان معه بالتدريس في المدرسة ثم اطلق في ربيع الآخر
فلما كان يوم السبت سابع ربيع الآخر عبر الضعفاء الذين كانوا يجلبون الحطب والعلف على عادتهم فحسرهم كوجك وجمع منهم جماعة وتقدم بقطع آذانهم وخرم آنافهم ففعل بهم ذلك فعادوا ودماؤهم تسيل فجاؤا يستغيثون تحت التاج فتقدم الخليفة بمداواتهم وقسم فيهم مالا
وبعث محمد شاه الى كوجك يقول له انت وعدتني بأخذ بغداد فبغداد ما حصلت وخرجت من يدي همذان واخذ مالي بها وخربت بيوت اصحابي وانا معول على المضي فقال له متى رحلت بغير بلوغ غرض كنت سبب قلع بيت السلجوقية الى يوم القيامة ثم لا يقصدونك بل يقصدونا ايضا ولكن اصبر حتى نمد الجسر ونعبر ونجمع موضعا واحدا ونرمي هذه الغرائر في الخندق وننصب السلاليم ونحمل حملة واحدة فنأخذ البلد ثم ما زالوا يتسللون وضاقت بهم الميرة وخلف منهم خلق كثير وبعثوا ابن الخجندي فوقف عند قمرية وقال ابعثوا الينا يوسف الدمشقي فجاء يوسف فقال مالكم عندنا قبل اليوم جواب الا السيف فكيف

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11