كتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم
المؤلف : عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج

عشرات الوف ووقع مشهد باب ابرز منارته وغرقت المقابر وصعدت التوابيت على الماء وخرق مشهد النذور ومقبرة الخيزران وقبر السبتى وتهدم الحريم من باب النوبي الى اكثر المأمونية وباب الازج وخرابة ظفر ودرب الشاكرية ودرب المطبخ ودرب حلاوة والمسعودة والشمعية وخرج الناس من هذه المواضع لا يلتفت احد على احد ووقع في درب القيار عدل قطن وسط الدرب وعبر الناس عليه فداس فوقع عليه جماعة موتى وكان رجل على كتفه ولدان صغيران فما زال يخوض بهما حتى أعيا فرمى بهما ونجا بنفسه وهلك من الناس والبهائم عدد كثير ثم عن لاقوم من المفسدين ان يزحفوا على الخليفة ليتسلطوا بذلك على النهب ونودي في الملاحين ان لا يأخذوا من الناس الا ما جرت به العادة في العبور واقيمت الجمعة في الطيار اسبوعين وفي الحلبة ثلاث جمع بعد ذلك فهيئ للخطيب في الحلبة ثلاث قواصر فصعد عليها وكان الماء واقفا في الجامع اكثر من قامة ووقع معظمه ومالت حيطانه واما الجانب الغربي فانه وقع فيه مشهد الكف وغرقت مقابر قريش ومقبرة احمد بن حنبل ودخل الماء شبابيك المارستان العضدي فوقف فيه وصمد نقيب النقباء الكامل بمواضع في اعلى البلد فسدها والطاهر نقيب العلويين بمواضع في جانب الكرخ فسدها ولما نقص الماء تحول فخر الدولة من الطيار الى صحن السلام فضرب فيه خيما وخر كاهات وكانت داره بباب العامة قد غرقت وعمل الخدم اكواخا وبلغت اجرة الروزجاري خمسة قاط الى ثلاثة قراريط وجلس حاجب الباب ابو عبدالله المردوسي في كرخ على عمل له عند باب النوبي ثم اردف هذا الطرق تغير الهواء بريح الغلات ونتن الاشياء الغريقة وتولى نقيب النقباء القورج ومن العجائب ان اسافل دجلة وواسط كانت تغرق من دون هذه الزيادة فما تجاوز هذا الامر بغداد وكان الناس يظنون ان السمك يكثر بهذا الماء فصار كالمعدوم وزرع الناس البطيخ والقثاء فدان حتى كان الناس اذا مروا بالقراح أمسكوا على الانف

وزاد في هذا الوقت جيحون حتى ذهب ماؤه اربع فراسخ وتعذر الصناع حتى كان النساء يضربن اللبن
ودخل في هذه الايام مؤيد الملك ابو بكر بن نظام الملك لأجل تزوجه بابنة ابي القاسم بن رضوان البيع ونزل في دار حموه بباب المراتب فلم يكن للناس طريق الى تلقيه فأخذ في نفسه من ذلك فبعث الخليفة اليه من طيب قلبه واقام العذر وحمل له خلعا واذن له في الركوب بباب المراتب عن سؤال تكرر منه فلبس الخلع ومضى الى بيت النوبة وتلقاه الوزير تلقيا لم تجربه عادة تطيبا لقلبه وانصرف الى دار بناها والده مع المدرسة فمضى الوزير اليه من غد في موكب وفي شعبان وقعت الفتنة بين القلائين والكرخ وجعلوا يشتمون الشحنة ومن قلده فعبر اليهم وقتل منهم واحرق اماكن
وفي ليلة الاربعاء سادس عشر ذي الحجة ظهر في السماء برق كثير في جميع الاوقات واسودت السماء بالغيم وهبت بالليل ريح رمت عدة من الستر وجاء معها تراب كثير ورمل وسقط من اعمال البصرة نحو من خمسة آلاف نخلة
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
338 - احمد بن محمد
ابن احمد ابو الحسن السمناني القاضي حمو قاضي القضاة ابي عبدالله الدامغاني ولد في شعبان سنة اربع وثمانين وثلثمائة بسمنان وقدم بغداد وسمع بها من ابي احمد القرضي وابي عمر بن مهدي وغيرهما روى عنه اشياخنا وكان ثقة صاهره ابو عبدالله الدامغاني على ابنته وولاه نيابة القضاة فقلد قطعة من السواد وقضاء باب الطاق وكان نبيلا من ذوي الهيئات وكان اشعريا وهذا مما يستظرف ان يكون الحنفي اشعريا وتوفي في يوم الاثنين تاسع عشر جمادى الاولى ودفن بداره بنهر القلائين وجلس قاضي القضاة للعزاء به ثم نقل الى الخير رانية

339 - ابراهيم بن محمد
ابن محمد بن احمد ابو علي من اولاد زيد بن علي سمع الحديث وقرأ اللغة والادب وسافر الى الاقطار ونفق على اهل مصر وحصل له من المستنصر خمسة آلاف مصرية ومرض مدة بدمشق وقال اشتهى اموت بالكوفة حتى اذا نشرت يوم القيامة اخرجت رأسي من التراب فرأيت ابن عمي ووجوها اعرفها فعوفى وعاد الى الكوفة فمات بها في هذه السنة وله شعر حسن فمنه قوله
... راح لها زمامها والأنسعا ... ورم بها من العلى شسعا ... وارحل بها مغتربا عن العدى ... توطئك عن ارض العدى متسعا ... يا رائد الظعن بأكناف الحمى ... بلغ سلامي ان وصلت لعلعا ... وحي خدرا باثيلات الحمى ... عهدت فيها قمرا مبرقعا ... ماذا عليها لورثت لساهر ... لولا انتظار طيغها ما هجعا ...
340 - عبد العزيز بن احمد
ابن محمد بن علي بن سلمان الكتاني ابو محمد الحافظ الدمشقي سمع ابا القاسم الحمامي والخرقي وابن بشران وابا الحسن بن بادا وابن مخلد وابن الروزبهان والرازي وابا علي بن شاذان وسمع بدمشق وغيرها من جماعة روى عنه ابو بكر الخطيب وكان من المكثرين في الحديث كتابة وسماعا ومن المعنيين به من صدق وامانة وصحة استقامة وسلامة مذهب ودرس القرآن وتوفي في جمادي الآخرة من هذه السنة
341 - علي بن الحسين
ابن عبد الرحيم ابو الحسن مات بالنيل فجاءه بشرقة وقد عبر التسعين
342 - محمد بن ابراهيم
ابن علي بن ابراهيم بن جعفر ابو بكر القطان الأصبهاني الحافظ مستملي ابي نعيم

سمع الكثير بالبلاد ورد بغداد ايام ابي علي بن شاذان وكتب عنه وعلق عنه ابو بكر الخطيب حديثا واحد وهو عظيم الشان عند اهل بلده ثقة وكان يملى من حفظه وتوفي باصبهان في هذه السنة
343 - محمد بن عبيدالله
ابن احمد بن محمد بن ابي الرعد الحنفي قاضي عكبرا سمع ابا احمد الفرضي وابا عمر ابن مهدي توفي يوم الجمعة ثالث ربيع الآخر من هذه السنة
344 - الماورديه
ذكرها هلال بن المحسن في تاريخه قال كانت الماوردية عجوزا صالحة بالبصرة قاربت ثمانين سنة بقيت منها خمسين سنة لا تفطر ولا تنام بالليل ولا تأكل خبزا ولا رطبا ولا تمرا وانما يطحن لها باقلى فتخبر منه خبزا فتقتاته وتأكل التين اليابس دون الرطب وتنال من الزبيب والعنب واللحم شيئا يسيرا وكانت تكتب وتقرأ وتفط الناس وكانت كثيرة الخير توفيت بالبصرة في هذه السنة وتبع جنازتها اكثر الناس ودفنت خارج البلد عند قبور الصالحين
سنة 467
ثم دخلت سنة سبع وسبتين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في صفر مرض القائم بأمر الله مرضا شديدا وانتفخ حلفه وامتنع من القصد فقصد الوزير فخر الدولة باب الحجرة ليلا وحلف بالايمان المغلظة انه لا يبرح حتى يقع القصد فأذن في احضار الطبيب واقتصد فصلح بذلك وانزعج الناس في البلد والحريم ونقلوا اموالهم الى الجانب الغربي فلما وقعت العافية سكن الناس
وفي هذا الشهر جاء سيل متتابع قاسى الناس منه امرا صعبا قرب امره من يوم الغرق فان اكثر الأبنية لم تكن تمت وانما رفع الناس من البنيان ما قعدوا فيه فاحتاجوا الى ان خرج اكثرهم وثيابهم على رؤوسهم فقعدوا على التلول

يقاسون المطر وزاد تامرا من ذلك بضعة عشر ذراعا ووقع وباء بالرحبة فهلك فيه عشرة آلاف انسان وكذلك في او انا وصريفين وعكبرا وطريق خراسان وواسط والبصرة وخوزستان
وفي يوم الخميس الثامن والعشرين من رجب قصد الخليفة من ماشرى لحقته وكان من وقت الغرق يعتاده المرض فنام بعد الفصد فأنفج فصاده وانتبه وقد مضت القوة ووقع اليأس منه وكثر الارجاف به وماج الناس واختلطوا ونقلوا اموالهم من الحريم الى دواخل الدار والى الجانب الغربي وخيف من العيارين وكانوا يقامرون ويقترضون على موت الخليفة لينهبوا فلما احس الخليفة بانقراض المدة استدعى عدة الدين وقال له يا بني قد استخدمت في ايامي ابن ايوب وابن المسلمة وابن دارسة وابن جهير فما رأيت اصلح للدولة من ابن جهير وولده فلا تعدل عنهما فقبل يده وبكى بين يديه واحضرت الدواة وكتب القائم بامر الله رقعة بذاك اليه وقال اكتب خطك في جوابها وبالاجابة وبالتعويل على عميد الملك في وزارتك تعويل معرض غير معترض عليك فكتب فاحضر قاضي القضاة والنقيبان والشهود في يوم الاحد تاسع شعبان فاقاموا في الديوان الى الليل ثم استدعوا مع الوزير الى الحجرة وكان الخليفة وراء الشباك مستندا وعدة الدين قائم على رأسه والقوم يسمعون كلامه ولا يرون شخصه فقال اشهدوا بما تضمنته هذه الرقعة التي كتبت فيها سطرين بخطى فقالوا السمع والطاعة واسبلت الستارة وكان مضمون الرقعة ولاية العهد لعدة الدين ورد الامر اليه بما يجب الرضا به ونسختها بسم الله الرحمن الرحيم ان امير المؤمنين يحكم ما وكله الله اليه من امور عباده وبلاده واوجبه عليه من صلة طريقة في احسان الايالة بقلاده ان ينتهي في مراعاة احوال المسلمين والنظر في مصالحهم واسباغ ظل العاطفة على اكابرهم واصاغرهم الى الحد الذي على مشارتهم من ملابس

الحذر فلذلك تنصب عزائمه الميمونة احضار وزير دولته الناظر في خدمته محمد ابن محمد بن جهير وولده ونقيب النقباء طراد بن محمد وقاضى القضاة محمد بن على والمعمر بن محمد نقيب الطالبين ومحمد بن محمد البيضاوي وعبدالله بن عبد السيد السيبي وعبدالله بن محمد الدامغاني في ليلة الاحد التاسع من شعبان سنة سبع وستين واربعمائة فحين مثلوا بين سدته الشريفة انعم متبرعا في ايصاله من رأيه ونفاذ عزائمه بمشافهة سلالته الظاهرة ابي القاسم عبيدالله بن محمد امير المؤمنين بتوليته العهد وتصييره خليفة بعده في المسلمين ووصاه بما يطابق الشرع في هذه الحال ويحل من رضى الله اجل المحال حيث وجده اهلا لذلك وراءه واستوثق كل مسعى له في الرشاد وارتضاه والقاه ناهضا بأعباء ما ولاه ناهجا للسنن الذي اوجبه جميل خلاله واوصاه مجتمعة فيه شرائط ما فوضه اليه واستكفاه والله يمد امير المؤمنين بالتوفيق في ايجابه وعزائمه ويقرن التشديد بمفاتح امره وخواتمه ويحسن الخبرة له ولولي عهده ولكافة المسلمين فيما اذن فيه وقصد به احكام دعائم الصلاح ومبانيه بمنه والسطر ان الملحقان لا يغير للخدم حال ولا يزعجوا في ملك ولا اقطاع واستدعى عدة الدين من الغد عميد الدولة ابا منصور وتقدم بافاضة الخلع عليه وماج الناس بالارجاف على الخليفة بالوفاة ورتب الوزير فخر الدولة الاتراك والهاشميين بالسلاح يطوفون وتقدم الى الشحنة ان يضرب خيما عند دار المملكة فقامت الهيبة واتفقت الوفاة ليلة الخميس الثالث عشر من شعبان وجلس الوزير فخر الدولة وولده عميد الدولة في الديوان العزيز على الارض حافيين قد خرقا ثوبيهما ونحيا عمامتيهما وطرحا ردائين لطيفين عوضهما وفعل الناس مثل ذلك ومنع عدة الدين الجواري والخدم من الصراخ
345 - باب ذكر خلافة المقتدى بأمر الله
واسمه عبدالله بن ذخيرة الذين ابي العباس محمد بن القائم بامر الله ويكنى ابا القاسم ومولده في سحرة يوم الاربعاء ثامن جمادي الاولى سنة ثمان واربعين واربعمائة وامه ام ولد ارمنية تسمى ارجوان وتدعى قرة العين ادركت خلافته وخلافة

ابنه وابن ابنه وكان الذخيرة قد بقى من اولاد القائم ولم يبق له ذكر سواه فاستشعر الناس انتقاض الدولة وانقضام الامر لعدم ولد للبيت القادري وان من سواهم من الاسرة مخالط للعوام في البلد وجارى مجارى السوقة وذلك تنفر قلوب العوام عن المتولى فحفظ الله هذا البيت بأن كان الذخيرة قد الم بجاريته ارجوان فتشوقت النفوس الى ما يكون من ذلك فجاءت بالمقتدى بعد موت الذخيرة بخمسة اشهر وكسر فوقعت البشائر ولم يزل جده ضنينا به حذرا عليه فلما كانت نوبة البساسيرى كان للمقتدى دون الاربع سنين فستره اهله وحملوه الى ابي الغنائم محمد بن علي بن المحلبان فسار به الى حران على ما سبق ذكره فلما عاد القائم الى منزله اعيد المقتدى فبلغ والقائم حي فاشهد القائم على نفسه بولاية العهد فظهرت الطاف الله سبحانه في امر المقتدى من حيث ولادته وانها كانت سببا لحفظ هذا البيت من جهة حراسة الفتنة ومن جهة بلوغه مرتبة الخلافة في حياة جده ومن جهة سلب ملك شاه حين تغيرت نيته عليه واراد منه ان يخرج من بغداد فقال امهلني عشرة ايام فهلك السلطان في اليوم العاشر
ذكر بيعته
قد ذكرنا انه لما احتضر القائم كتب ولاية العهد للمقتدى فلما توفي استخلف المقتدى يوم الجمعة ثالث عشر شعبان هذه السنة ولقب بالمقتدى بأمر الله وجلس في دار الشجرة بقميص ابيض وعمامة لطيفة بيضاء وطرحة قصب دزية ودخل الوزير فخر الدولة وعميد الدولة واستدعى مؤيد الملك بن النظام والنقيبان طراد العلوي وقاضي القضاة الدامغاني ودبيس وابو طالب الزينبي وابن رضوان وابن جردة ووجوه الاشراف والشهود والمتقدمون وبايعوه وكان اول من بايعه الشريف ابو جعفر وذاك انه لما غسل القائم بايعه حينئذ قبل الناس وقال الشريف ابو جعفر لما ان بايعته انشدته
... اذا سيد منا مضى قام سيد ... ثم ارتج على تمامه فقال هو

تؤول بما قال الرجال فعول ...
وبايعه مع الجماعة ابو اسحاق وابو نصر بن الصباغ وابو محمد التميمي وبرز فصلى بالناس العصر وبعد ساعة حمل التابوت على الطيار يبكون من غير صراخ وصلى عليه فكبر اربعا ودفن في حجرته التي كانت برسم خلوته وكان المقتدى من رجال بني العباس له همة عالية وشجاعة وهيبة وفي زمانه قامت حشمة الدولة ولما استفحل امرتتش بعد وفاة اخيه ملك شاه واشتدت شوكته وكثرت عساكره واستولى على ديار بكر وبلاد العرب كاتب المقتدى يسأله ان يقيم له الخطبة وخلط السؤال بنوع تهديد فأمر المقتدى ان يكتب له كتاب فيه خشونة وكانت فيه صلح ان يكون خطابك في الخطبة اذا حصلت الدنيا بحكمك وخزائن الاموال باصفهان وولايتها تحت يدك والبلاد بأسرها في قبضتك ولم يبق من اولاد اخيك من يخالفك ثم تسأل حينئذ تشريفك بالخطبة وتأهيلك للخدمة فأما في هذه الحال فلا سبيل الى ما التمسته ولا طريق الى ما تحاوله فلا تعد حد العبيد فيما تنهيه وتسطره والاتباع فيما تورده وتصدره وليكن خطابك ضراعة لا تحكما وسؤال تخير فان اطعت فنفسك نفعت وان خالفت وقصدتنا رددناك ومنعنا طلبتك واعتمدنا معك ما يقتضيه حكم الامام والسلطان واتاك من الله تعالى مالا قبل لك به ولا يدان وخطب للمقتدى في اليمن والشامات وبيت المقدس والحرمين واسترجع المسلمون الرها وانطاكية وعمر الجانب الشرقي من بغداد فعمرت البصلية والقطعية والحلبة والاجمة ودرب القيار وخرابة ابن جردة الهراس والخاتونيتين والمقتدية وبني الدار الشاطئية على دجلة والابنية العجيبة في داخل الدار وكانت ايام المقتدى كثيرة الخير ووزر له ابو منصور محمد بن جهير ثم ابو شجاع ثم عاد ابو منصور وكان قضائه ابو عبدالله الدامغاني ثم ابو بكر الشامي وحاجبه ابو عبدالله المردوسي ثم بعده ابو منصور المعوج
وفي شعبان تقدم فخر الدولة الى المحتسب في الحريم بنفي المفسدات وبيع دورهن

فشهر جماعة منهن على الحمير مناديات على انفسهن وابعدهن الى الجانب الغربي ومنع الناس من دخول الحمامات بغير ميازر وقلع الهوادى والابراج ومنع اللعب بالطيور لاجل الاطلاع على سطوح الناس ومنع الحماميين من اجراء ماء الحمامات الى دجلة والزمهم ان حفروا لها آبار تجتمع المياه فيها وصار من يغسل السمك والمالح يعير الى النجمي فيغسل هناك ومنع الملاحين ان يحملوا الرجال والنساء مجتمعين
وفي يو الخميس السابع والعشرين من رمضان خرج عميد الدولة ابو منصور وصار الى حضرة السلطان لأخذ البيعة للمقتدى وحمل معه ثماني مائة ثوبا انواعا وخمسة عشر الف دينار
ووقعت نار في شوال في دكان خباز في نهر المعلى فأتت على السوق جميعه واذهبت اثنان وثمانون دكانا غير الدور ثم وقعت نار في المأمونية ثم في الظفرية ثم في درب المطبخ ثم في دار الخليفة ثم حمام السمرقندي ثم في باب الازج ثم في درب فراشة ثم في الجانب الغربي من نهر طابق ونهر القلائين والقطيعة ونهر البوابين وباب البصرة وورد الكتاب انه وقع الحريق بواسط في تسعة مواضع واحترقت اربع وثمانون دارا وست خانات سوى الحوانيت اللطاف وآدريس عندها نار فذهب الفكر
وفي عيد الاضحى قطعت الخطبة والسلطانية من مكة واعيدت الخطبة المصرية وكان مدة الخطبة العباسية بها اربع سنين وخمسة اشهر وسبب ذلك ان صاحب مصر قوى أمره فتراجع الناس الى مصر ورخصت الاسعار واتفقت وفاة السلطان ووفاة الخليفة وخوف امير مكة واجتمع اليه اصحابه فقالوا انما سلمنا هذا الامر الى بني العباس لما عدمنا المعونة من مصر ولما رجعت الينا المعونة فانا لا نبتغي بابن عمنا بدلا فأجابهم الامير على كره وفرق المال الذي بعث وردت الاسماء المصرية التي كانت قلعت من قبة المقام
وفي هذه السنة جلت السوادية من اسافل دجلة وهلك اكثرهم بالوباء وجفلوا

من نهر الملك بنسائهم واولادهم وعواملهم فمنهم من التجأ الى واسط ومنهم من عبر النهروانات ومنهم من قصد طريق خراسان لنقصان الفرات نقيصة قل ان يتحدث بمثلها
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
346 - الحسن بن عبد الودود
ابن عبد المتكبر بن المهتدى ابو علي الشامي سمع ابا القاسم الصيدلاني وغيره ولد سنة ثمانين وثلثمائة وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن في داره بسكة الخرقي ثم اخرج بعد ذلك فدفن في مقبرة جامع المدينة
347 - عبدالله القائم بأمر الله
امير المؤمنين توفي ليلة الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان من هذه السنة وكانت ليلة ذات ريح ومطر وكان الزمان ربيعا وصلى عليه في صبيحتها وغسله الشريف ابو جعفر بن موسى واغطى ما كان عنده فامتنع فلم يأخذ شيئا انبأنا على بن عبيد الله بن ابي محمد التميمي قال ما حسدت احدا قط الا الشريف ابا جعفر في ذلك اليوم وقد نلت مرتبة التدريس والتذكبر والسفارة بين الملوك ورواية الاحاديث والمنزلة اللطيفة عند الخاص والعام فلما كان ذلك اليوم خرج علينا الشريف وقد غسل القائم عن وصية بذلك ثم لم يقبل شيئا من الدنيا وبايع ثم انسل طالبا لمسجده ونحن كل منا جالس على الارض متحف مغيرلزية مخرق ثوبه يهمه ما يحدث بعد موت هذا الرجل على قدر ماله تعلق بهم فعرفت ان الرجل هو ذاك وغلقت الاسواق لموت القائم وعلقت المسوح وفرشت البواري مقلوبة وتردد عبد الكريم النائح في الطرقات ينوح ولطم نساء الهاشميين ليلا وجلس الوزير وابنه عميد الدولة للعزاء ثلاثة ايام في صحن السلام ثم خرج توقيع يتضمن التعزية والاذن في النهوض وكان عمر القائم اربعا وسبعين سنة وثمانية اشهر وثمانية ايام وكانت خلافته اربعا واربعين سنة وثمانية اشهر وخمسة

وعشرين يوما
348 - عبد الرحمن بن محمد
ابن المظفر بن محمد بن داود ابو الحسن بن ابي طلحة الداودي ولد سنة اربع وسبعين وثلثمائة وسمع ابا الحسن ابن الصلت وابا عمر بن مهدي في خلق كثير وقرأ الفقه على ابي بكر القفال وابي حامد الاسفرائيني وغيرهما وصحب ابا عمر الدقاق وابا عبد الرحمن السلمي ودرس وافتى ووعظ وصنف وكان له حظ من النظم والنثر وكان لا يفتر عن ذكر الله تعالى واتفق انه وقعت نهوب فترك أكل اللحم سنين ودخل عليه نظام الملك فقعد بين يديه فقال له ان الله قد سلطك على عباده فانظر كيف تجيبه اذا سألك عنهم
اخبرنا ابو محمد عبدالله بن علي المقرىء حدثنا ابو محمد عبدالله بن عطاء الابراهيمي قال انشدنا ابو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي لنفسه
... كان في الاجتماع للناس نور ... فمضى النور وادلهم الظلام ... فسد الناس والزمان جميعا ... فعلى الناس والزمان السلام ...
توفي الداودي في هذه السنة ببوشنج وحدثنا عنه ابو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزى
349 - عبد السلام بن احمد
ابن محمد بن عمر ابو الغنائم الانصاري نقيب الانصار ولد سنة ست وثمانين وثلثمائة وسمع هلالا الحفار ابا الحسين بن بشران وابا الفتح ابن ابي الفوارس وابا الحسن بن رزقويه وغيرهم روى عنه اشياخنا وكان ثقة صدوقا متدينا من امثال الشيوخ واعيانهم وتوفي في شعبان هذه السنة ودفن بمقبرة جامع المدينة
350 - علي بن عبد الملك
ابو الحسن الشهورى المعدل القارىء كان لذيذ التلاوة قد قرأ بالقراآت الكثيرة

توفي ليلة السبت ثاني عشرين شعبان وصلى عليه بجامعي القصر والمنصور وتبعه الخلق العظيم ودفن بمقبرة باب حرب
351 - محمد بن علي
ابن محمد بن موسى بن جعفر وابو بكر الخياط المقرىء ولد سنة ست وسبعين وثلثمائة وقرأ القرآن على ابي حامد الفرضي وابي بكر بن شاذان وابن السوسنجردي وابي الحسن الحمامي وتوحد في عصره في القراآت وسمع الحديث الكثير وحدث بالكثير وكان ثقة صالحا حدثنا عنه اشياخنا توفي ليلة الخميس ثالث جمادى الاولى ودفن في مقبرة جامع المدينة
352 - منصور بن احمد بن دار ست ابو الفتح
وزر القائم ثم وتوفي بالاهوا وفي هذه السنة
سنة 468
ثم دخلت سنة ثمان وستين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه جاء جراد في شعبان كعدد الرمل والحصى فأكل الغلات فكدى اكثر الناس وجاعوا وطحن السوادية الخرنوب مخلوطا بدقيق الدخن ووقع الوباء ثم منع الله سبحانه الجراد من الفساد وكان يمر بالقراح فلا يقع منه عليه واحدة ورخصت لذلك الاسعار
وفي شوال خلع الخليفة على الوزير ابي منصور وولد الوزير فخر الدولة ابي نصر بعد أن استدعاهما الى حضرته وخاطبهما بما طيب نفوسهما ورد الامور الى عميد الدولة
وفي ذي الحجة وصل الخبر بالغلاء في دمشق بأن الكارة بلغت نيفا وثمانين دينارا وبقيت على هذا ثلاث سنين
وكان غلام يعرف بابن الرواس من اهل الكرخ يحب امرأة فماتت فحزن عليها فبقي لا يطعم الطعام وانتهى به الامر الى ان خنق نفسه

وفي هذا الشهر اعيدت الخطبة العباسية بمكة وكان السبب ان سلار الحاج قرر مع ابي العباس ان يزوجه اخت السلطان جلال الدولة ملك شاه فتعلق طمعه بذلك فبعث رجلين الى مصر ينظران فان كان أمر صاحب مصر صالحا يرجى دام على خطبته فرجع اليه فقالا ما بقي ثم شىء يرجى وقد فسدت الاحوال ونفد المال ونفذ صاحب مصر الف دينار فورد كتاب سلار يخبره بانه قد قرر أمر الوصلة وانه قد اعطى للسنين الماضية عشرين الف دينار عزل منها عشرة آلاف للمهر فرأى ابن ابي الهيثم ان دنانير المهر قد أخذت والوصلة قد تمت فسر بذلك وخطب
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
353 - اسمعيل بن محمد
ابن ابراهيم بن كمادى ابو علي الواسطي حدث عن جماعة وتوفي بواسط في جمادي الاولى من هذه السنة
354 - احمد بن علي
ابن احمد ابو سعد السدوسي حدث عن ابي احمد الفرضي وكان ثقة وتوفي في ليلة عيد الفطر
355 - احمد بن ابراهيم
ابن عمر البرمكي اخو ابي اسحاق حدث بشيء يسير وكان ثقة صالحا وتوفي ليلة الثلاثاء ثاني ذي القعدة ودفن بباب حرب
356 - الحسن بن القاسم
ابو علي المقرىء المعروف بغلام الهراس الواسطي توفي ليلة الخميس سادس

جمادي الاولى بواسط قال قيل المصنف ورأيت بخط ابي الفضل بن خيرون قيل عنه انه خلط في شيء من القراآت وادعى اسنادا لا حقيقة له وروى عجائب
357 - عبد الجبار بن عبدالله
ابن ابراهيم بن محمد بن برزة الاردستاني الجوهري الواعظ ولد سنة ثمان وسبعين وسافر الكثير وسمع بالبلاد وكان تاجرا وتوفي باصبهان في هذه السنة
358 - علي بن الحسين
ابن جداء العكبري سمع ابا علي بن شاذان والبرقاني وكان ثقة وحدث وتوفى في هذه السنة
359 - محمد بن اسمعيل
ابن محمد بن ابراهيم بن كثير ابو حاجب الاستراباذي من اهل مازندر ان سمع الكثير وحدث وبرع في الفقه والنظر وتوفي هي هذه السنة
360 - محمد بن احمد
ابن عبيد المعروف بابن صاحب الزيادة ممع ابا الحسن الحمامي وابا القاسم بن بشران توفي في ذي الحجة من هذه السنة ودفن بمقبرة جامع المدينة
361 - محمد بن علي
ابن محمد بن احمد بن محمد بن عيسى بن ابي موسى بن ابي القاسم ابن القاضي ابي علي الهاشمي المعبدي سمع الحديث وولى نقابة الهاشميين وهو ابن عم ابي جعفر بن ابي موسى الفقيه الحنبلي روى عنه شيخنا ابو بكر بن عبد الباقي في ربيع الاول من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
362 - محمد بن القاسم
ابن حبيب بن عدوس ابو بكر الصفاري من اهل نيسابور وسمع ابا عبدالله الحاكم

وابا عبد الرحمن السلمي وخلقا كثيرا وتفقه على الجويني وكان يخلفه وينوب عنه توفي بنسابور في ربيع الآخر من هذه السنة
363 - محمد بن محمد
ابن عبدالله بن عبدالله ابو الحسن البيضاوي الشافعي ختن القاضي ابي الطيب الطبري على ابنته ولد في سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة وحدث عن ابي الحسن ابن الجندي وغيره وكان ثقة خيرا روى عنه اشياخنا وتوفي يوم الجمعة سابع عشر شعبان بالكرخ وتقدم بالصلاة عليه ابو نصر بن الصباغ وصلى عليه قاضي القضاة ابو عبدالله الدامغاني مأموما ودفن في داره بقطيعة الربيع
364 - محمود بن نصر
ابن صالح امير حلب كان من احسن الناس نزل بها في سنة سبع وخمسين وقوي على عمه وكان عطية قد ملكها بعد اخيه نصر فحاصره فخرج منها فقال ابن حيوس
ابى الله الا ان يكون لك السعد ... فليس لما تبغيه منع ولا رد ... قضت حلب ميعادها بعد مطله ... وأطيب وصل ما مضى قبله صد ... تهز لواء النصر حولك عصبة ... اذا طلبوا نالوا وان عقدوا اشدوا ... وخطية سمر وبيض قواضب ... وصافية رعف وصافنة جرد ...
365 - مسعود بن المحسن
ابن الحسن بن عبد الرزاق ابو جعفر ابن البياضي الشاعر له شعر مطبوع اخبرنا اسمعيل بن احمد قال انشدني ابو جعفر بن البياضي لنفسه ... ليس لي صاحب معين سوى الليل اذا طال بالصدود غليا ... انا اشكو بعد الحبيب اليه ... وهو يشكو بعد الصباح اليا ... قال وانشدني لنفسه ... يا من لبست لهجره ثوب الضنا ... حتى خفيت به عن العواد

وأنست بالسحر الطويل فأنسيت ... اجفان عيني كيف كان رقادي ... ان كان يوسف بالجمال مقطع ال ... أيدي فأنت مقطع الاكباد ... قال وانشدني لنفسه ... لأية علة ولأي حال ... صرمت جال وصلك من حبالى ... وبدلت البعاد من التداني ... ومر الهجر من حلو الوصال ... فان تكن الوشاة سعوا بشيء ... على قرب ساع بالمحال ... فعاقبني عليه بكل شيء ... اردت سوى الصدود فما ابالي ... وان تك مثل ما زعموا ملولا ... لما تهوى سريع الانتقال ... صبرت على ملالك لي برغمي ... وقلت عسى تمل من الملال ... ولم انشدك حين صرمت حبلى ... بد الى من محبتكم بدالى ...
توفي ابن البياضي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن بباب ابرز
366 - ناصر بن محمد
ابن علي التركي المضافري ابو منصور والد شيخنا ابي الفضل بن ناصر ولد سنة سبع وثلاثين واربعمائة وقرأ القرآن بالقراآت وسمع الحديث من ابي الحسين ابن المهتدي وابي جعفر بن المسلمة والصريفيني وغيرهم وكتب الكثير من اللغة وقال الشعر فكان ابو بكر الخطيب يرى له ويقدمه على الاشياخ وتولى قراءة التاريخ عليه بحضرة الشيوخ وكان ظريفا صبيحا وتوفى في حداثته ليلة الاحد الثالث عشر من ذي القعدة من هذه السنة فرثاه شيخنا ابو عبدالله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس ويعرف بالبارع انبأنا ابو عبدالله البارع انه قال
... سلام وأني يرد السلاما ... معاشر في الترب أمسوا رماما ... لدى البيد صرعى كأن الحمام ... سقاهم بكأس المنايا مداما ... أحباءنا في بطون الثرى فأبلين تلك الوجوه الوساما ... فلو تبصر العين ما في الصفيح ... نهاها نخوفها ان تناما

ألا هل ارى لكم أوبة ... وللشمل بعد الفراق التئاما ... ألا كل يوم مطايا المنون ... تحف بكم موحدا او تؤاما ... تحيى ضرائحكم انها ... تضمن قوما علينا كراما ... سلام على جدث بالعرا ... ق اعمدت بالامس فيه حساما ... أنا صريفديك من لواطا ... ق دافع عنك المنايا وحامى ... دفنت العلا والتقى والعفا ... ف والحلم والعلم فيه حماما ... أنا صر لو أن لي ناصرا ... صببت على الموت موتا زؤاما ... هو الدهر لا يتقى ضيمه ... لشيء فأجدر أن لا يضاما ... اناديك اذ لات حين الدعا ... ء بسمعه لو أطقت الكلاما ... لقد خصني يا قرين الشبا ... ب فيك المصاب وعم الاناما ... واوجدني منك ريب المنو ... ن ظمأت لم أشف منك الأواما ... وكيف يطير مهيض الجنا ... ح خانته عند النهوض القدامى ... واطفىء بالدمع نار الحشا ... و يأبى لها الوجد الا ضراما ... وكنت الام على ادمعي ... فأيقنت بعدك ان لا ألاما ... فلا استشعر القلب عنك السلو ... ولا ازداد بعدك الا هياما ... اذا رام صبرا تمثلت فيه ... فاقصى خيالك ذاك المراما ... وما انا من بعد علم اليقين ... احسب يومك الا مناما ... لقد كنت غرة وجه الزمان ... فقد عاد من عاد بشر جهاما ... وكنت على تاجه درة تضيء الدجى وتزين النظاما ... فأضحى بك الله مستأثرا ... وجللنا بعد نور ظلاما ... وضن بك الدهر عن أهله فنلت حميدا ولم تلق ذاما ... وايقنت ان الدنا للفنا ... ء فاعتضت في الخلد عيشا دواما ... فغص ببرد الزلال أمرؤ ... يرى أن ورد المنايا أماما ... لتبك عليك فنون العلو ... م فقد كنت في كل فن إماما

وما كنت الاقريع الزما ... ن ومال الناس بعدك الا سواما ... الالا ارى مشكلات العلو ... م يزددن بعدك الا انفحاما ... فمن ذا يفرج عنا الهمو ... م اذ ازدحمت في الصدور ازدحاما ... ومن للمجالس صدر سواك ... اذا اضطرمت ابحر العلم عاما ... ومن للمحاريب اهل سواك ... وقدما تقدمت فيها غلاما ... تجاوزت في العلم حد الشيوخ ... وكل سنيك ثلاثون عاما ... ولم ار كاليوم بدر سوا ... ك عاجل فيه السرار التماما ... كفى حزنا أنني لا أرى ... ضريحك يزداد الا لماما ... وان لو يفى بالاخاء الوفا ... اذا لسقى ثراه استلاما ... واني لأنظر دون الصفيح ... بحار العلوم لديه نظاما ... ارى زفراتي تحدو الى ... ضريحك من عبراتي غماما ... فيا ساكن القبر حيا تراه ... مريض النسيم بريح الخزامى ... ولا برحت بالغدو الشمال ... ولا بالاصائل فيه النعامي وجاد اصيل الغيث فكاكه ... قيل الثرى وتروى العظاما ... ولا كحل الترب تلك الجفون ولا اضمحل اللحد ذاك القواما وحاشا لسانا تلا ما تلو ... ت يصبح للدود يوما طعاما ... وحاشا لكف يخط العلوم ... تعرى اشاحعها والسلامى ... فلست ارى جثث الاولياء على الدود في الارض الا حراما ... يهون وجدي اني غدا كما قد لقيت ملاق حماما ... وان سوف يجمعنا موقف ... ترى الخلق في حافتيه قياما ... عليك السلام فاني امرؤ ... على القرب والبعد اهدى السلاما ...
367 - يوسف بن محمد
ابن احمد بن محمد ابو القاسم النهرواني ولد سنة ثمانين وثلثمائة وكان يسكن رباط

الزوزني وحدث عن ابي احمد الفرضي وغيره وخرج له ابو بكر الخطيب مشيخة وحدثنا عنه ابو الفضل الارموي وكان ثقة وتوفي يوم الاربعاء رابع عشر ذي الحجة ودفن على باب الرباط
368 - يوسف بن محمد
ابن يوسف بن الحسن ابو القاسم الخطيب الهمذاني ولد سنة احدى وثمانين وثلثمائة وسمع الكثير ورحل بنفسه وجمع وصنف وانتشرت عنه الرواية وكان خيرا صالحا صادقا دينا توفى في ذي لقعدة من هذه السنة
سنة 469
ثم دخلت سنة تسع وستين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه مرض الخليفة في المحرم فارجف به فركب في التاج حتى رآه العوام فسكنوا
وكان بالمدينة امير يقال له الحسين بن مهنأ قد وضع على من يرد لزيارة رسول الله صلى الله عليه و سلم ضريبة تشبيها بما يفعل بمكة وانما كان يؤخذ من التجار القاصدين مكة فأما المدينة فانه لا يراد منها إلا الزيارة ونشأت بذلك السمعة فدخل رجل علوي المدينة فخطب بها للمصرى في صفر وهرب ابن مهنأ
وكان قد توفي محمود بن نصر صاحب حلب ووصى لابنه شبيب بالبلد والقلعة فلم يتم ذلك واعطيها ولده الاكبر واسمه نصر فسلك طريق ابيه في كرمه وقد مدحه ابن حيوس بقصيدة فقال فيها
... ثمانية لم تفترق مذ جمعتها ... ولا افترقت ما فرعن ناظر شفر ... ضميرك والتقوى وجودك والغنى ... ولفظك والمعنى وعزمك والنصر ... وكان لمحمود بن نصر سجية ... وغالب ظنى ان شيخلفها نصر ...
فقال والله لو قال سيضعفها نصر لأضعفتها وامر له بما أمر له ابوه وهو الف دينار في طبق فضة وكان على بابه جماعة من الشعراء فقال احدهم

على بابك المعمور منا عصابة ... مفاليس فانظر في امور المفاليس ... وقد قنعت منك العصابة كلها ... بعشر الذي اعطيته لابن حيوس ... وما بيننا هذا التفاوت كله ... ولكن سعيد لا يقاس بمنحوس ...
فقال والله لو قال مثل الذي اعطيته لاعطيتهم ذلك وامر لهم بنصفه ثم انه وثب على هذا الامير بعض الاتراك فقتله وولى اخوه سابور بن محمود وهو الذي نص عليه ابوه
وفي جمادى الآخرة زادت دجلة فبلغت الزيادة احدى وعشرين ذراعا ونصفا ونقل الناس اموالهم وخرج الوزير على الماء الى دار الخلافة فنقل تابوت القائم بأمر الله ليلا الى التراب بالرصافة
وفي شوال وقعت الفتنة بين الحنابلة والاشعرية وكان السبب انه ورد الى بغداد ابو نصر ابن القشيرى وجلس في النظامية واخذ يذم الحنابلة وينسبهم الى التجسيم وكان المتعصب له ابو سعد الصوفي ومال ابو اسحاق الشيرازي الى نصرة القشيرى وكتب الى النظام يشكو الحنابلة ويسأله المعونة ويسأل الشريف ابا جعفر وكان مقيما بالرصافة فبلغه ان القشيرى على نية الصلاة في جامع الرصافة يوم الجمعة فمضى الى باب المراتب فأقام اياما ثم مضى الى المسجد المعروف اليوم بابن شافع وهو المقابل لباب النوبي فأقام فيه وكان يبذل لليهود مالا ليسلموا على يد ابن القشيرى ليقوي الغوغاء فكان العوام يقولون هذا اسلام الرشاء لا اسلام التقى فاسلم يوما يهودي وحمل على دابة واتفقوا على الهجوم على الشريف ابي جعفر في مسجده والايقاع به فرتب الشريف جماعة اعدهم لرد خصومة ان وقعت فلما وصل اولئك الى باب المسجد رماهم هؤلاء بالآجر فوقعت الفتنة ووصل الآجر الى حاجب الباب وقتل من اولئك خياط من سوق الثلاثاء وصاح اصحابها على باب النوبي المستنصر بالله يا منصور تهمة للديوان بمعونة الحنابلة وتشنيعا عليه وغضب ابو اسحاق الشيرازي ومضى الى باب الطاق واخذ في اعداد أهبة السفر فأنفذ اليه الخليفة من رده عن رأيه فبعث الفقهاء ابا بكر الشاشي

وغيره من النظام يشرح له الحال فجاء كتاب النظام الى الوزير فخر الدولة بالامتعاض مما جرى والغضب لتسلط الحنابلة على الطائفة الاخرى واني ارى حسما لقول في ما يتعلق بالمدرسة التي بنيتها في اشياء من هذا الجنس وحكى الشيخ ابو المعالي صالح بن شافع عن شيخه ابي الفتح الحلواني وغيره ممن شاهد الحال ان الخليفة لما خاف من تشنيع الشافعية عليه عند النظام امر الوزير ان يجيل الفكر فيما تنحسم به الفتنة فاستدعى الشريف ابا جعفر وكان فيمن نفذه اليه ابن جردة حتى حضر في الليل وحضر ابو اسحاق وابو اسعد الصوفي وابو نصر ابن القشيري فلما حضر الشريف عظمه الوزير ورفعه وقال ان امير المؤمنين ساءه ما جرى من اختلاف المسلمين في عقائدهم وهؤلاء يصالحونك على ما تريد وامرهم بالدنو من الشريف فقام اليه ابو اسحاق وقد كان يتردد في ايام المناظرة الى مسجده بدرب المطبخ فقال له انا ذاك الذي تعرف وهذه كتبي في اصول الفقه اقول فيها خلافا للاشعرية ثم قبل رأسه فقال الشريف قد كان ما تقول الا انك لما كنت فقيرا لم يظهر لنا ما في نفسك فما جاءك الاعوان والسلطان وخواجا بزرك ابديت ما كان مخفيا ثم قام ابو سعد الصوفي فقبل يد الشريف فالتفت الشريف مغضبا وقال ايها الشيخ اما الفقهاء فاذا تكلموا في مسائل الاصول فلهم فيها مدخل فأما انت فصاحب لهو وسماع وبغته فمن زاحمك على ذلك وعلى ما نلته من قبول عند امثالك حتى داخلت المتكلمين والفقهاء فاقمت سوق التعصب ثم قام القشيري وكان اقلهم للشريف ابي جعفر لجروانه معه فقال الشريف من هذا فقيل ابو نصر القشيري فقال لو جاز ان يشكر احد على بدعته لكان هذا الشاب لانه بادهنا بما في نفسه ولم ينافقنا كما فعل هذان ثم التفت الى الوزير وقال اي صلح بينما انما يكون الصلح بين مختصمين على ولاية اودنيا او قسمه ميراث او تنازع في ملك فاما هؤلاء القوم فهم يزعمون اننا كفار ونحن نزعم ان من لا يعتقد ما نعتقده كافر فاي صلح بيننا وهذا الامام مفزع

المسلمين وقد كان جده القائم والقادر اخرجا اعتقادهما للناس وقرىء عليهم في دواوينهم وحمله عنهما الخراسانيون والحجيج إلى اطراف الارض ونحن على اعتقادهما وانهى الوزير ما جرى فخرج في الجواب عرف ما انهيته في حضور ابن العم كثر الله في الاولياء مثله وحضور من حضر من اهل العلم والحمد لله الذي جمع الكلمة وضم الالفة فليؤذن الجماعة في الانصراف وليقل لابن أبي موسى انه قد افرد له موضع قريب من الخدمة ليراجع في كثير من الامور الدينية وليتبرك بمكانه فلما سمع الشريف هذا قال فعلتموها فحمل الى موضع افرد له وكان الناس يدخلون عليه مديدة ثم قيل له قد كثر استطراق الناس دار الخلافة فاقتصر على من يعين دخوله فقال مالي غرض في دخول احد علي فامتنع الناس ثم مرض الشريف مرضا اثر في رجليه فانتفختا فيقال ان بعض المتفقهة من الاعداء نزل له في مداسه سما والله اعلم
وفي ذي القعدة كثر العلل والامراض ببغداد وواسط والسواد وكثر الموت حتى بقي معظم الغلات بحالها في الصحراء لعدم من يرفعها وورد الخبر من الشام كذلك
وفي يوم الاربعاء لعشر بقين من ذي القعدة ازيلت المواخير ودور الفسق ببغداد ونقضت وهرب الفواسق وذلك لخطاب جرى من الخليفة للشحنة الذي كانت هذه اقطاعه وبدل له عنها الف دينار فامتنع وقال هذه يحصل منها الف وثماني مائة دينار فكوتب النظام بما جرى فعوض الشحنة من عنده وكتب بازالتها
وفي ذي القعدة اخرج ابو طالب الزينبي الى مكة لاجل البيعة للمقتدي على امير مكة ابن ابي هاشم واصحب خلعة
وفي ذي الحجة ورد الخبر بان سابور بن محمود صاحب حلب انفذ الى انطاكية بمن حاصرها فبلغ الخبر بها رطلين بدينار وقرر عليها مائة وخمسون الفا واخذوها وعادوا

ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
369 - اسبهند وست بن محمد
ابن الحسن ابو منصور الديلمي شاعر مجود لقي ابا عبدالله بن الحجاج وعبد العزيز ابن نباتة وغيرهما من الشعراء وكان يتشيع ثم تاب من ذلك وذكر توبته في قصيدة يقول فيها
... لاح الهدى فجلا عن الابصار ... كالليل يجلوه ضياء نهار ... ورأت سبيل الرشد عيني بعدما غطى عليه الجهل بالاستار ... لا بد فاعلم للفتى من توبة ... قبل الرحيل الى ديار بوار ... يمحو بها ما قد مضى من ذنبه ... وينال عفو الاله الغفار ... يا رب اني قد اتيتك تائبا ... من زلتي يا عالم الاسرار ... وعلمت انهم هداة قادة ... وائمة مثل النجوم درارى ... وعدلت عما كنت معتقدا له ... في الصحب صحب نبيه المختار ... والسيد الصديق والعدل الرضى ... عمرو عثمان شهيد الدار ... وعلى الطهر المفضل بعدهم ... سيف الاله وقاتل الفجار ... صحب النبي الغز بل خلفاؤه ... فينا بأمر الواحد القهار ... رحماء بينهم بذاك صفاتهم ... وردت اشداء على الكفار ... وتراهم من راكعين وسجد ... يستغفرون الله بالاسحار ... ايقنت حقا ان من والاهم ... سيفوز بالحسنى بدار قرار ... فعدلت نحوهم مقرا بالولا ... ومخالفا للعصبة الاشرار ... مترجيا عفو الاله ومحوه ... ما قدمته يدي من الاوزار ... واذا سئلت عن اعتقادي قلت ما ... كانت عليه مذاهب الابرار ... واقول خير الناس بعد محمد ... صديقه وانيسه في الغار ... ثم الثلاثة بعده خير الورى ... اكرم بهم من سادة اظهار

هذا اعتقادي والذي ارجوبه ... فوزي وعتقي من عذاب النار ... وسئل شيخنا عبد الوهاب الأنماطي عن اسبهندوست قال كان شاعرا يشتم اعراض الناس توفي في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن في مقبرة الخيزران
370 - رزق الله بن محمد
ابن محمد بن احمد بن علي ابو سعد الانباري الخطيب ويعرف بابن الاخضر من اهل الانبار سمع ابا احمد الفرضي وابا عمر بن مهدي وغيرهما وتفقه على مذهب ابي حنيفة وحدث وكان يفهم ما يقرأ عليه ويحفظ عامة حديثه وانتشرت عنه الرواية وكان صدوقا ثقة حسن الصوت والسمت وهو اخو ابي الحسن علي ابن محمد بن محمد الخطيب توفي ليلة عيد الفطر من هذه السنة
371 - طاهر بن احمد
ابن بابشاذ ابو الحسن المصري اللغوي توفي في رجب هذه السنة وكان سبب وفاته انه سقط في جامع عمرو بن العاص فتوفي من ساعته
372 - عبدالله بن محمد
ابن عبدالله بن عمر بن احمد بن المجمع بن مجيب بن بحر بن معبد بن هزارمرد ابو محمد الصريفيني وسمع ابا القاسم بن حبابة وابن اخي ميمي وابا حفص الكتاني والمخلص وغيرهم وهو اخر من حدث بكتاب على بن الجعد وكان قد انقطع عن بغداد حدثنا عنه عبد الوهاب الانماطي وغيره انبأنا محمد بن ناصر قال انبأنا محمد بن طاهر المقدسي قال دخلت بغداد وسمعت ما قدرت عليه من المشايخ ثم خرجت اريد الموصل فدخلت صريفين فكنت في مسجدها فقال كان ابي يحملني الى ابي حفص الكتاني وابن حبابة وغيرهما وعندي اجزاء فقلت اخرجها لى حتى انظر اليها فأخرج الى حزمة فيها كتاب علي بن الجعد بالتمام مع غيره من الاجزاء فقرأته عليه ثم كتبت الى اهل بغداد فرحلوا اليه واحضر للكبراء من اهل بغداد واحضره قاضي القضاة ابو عبدالله الدامغاني وكل

من سمع من الصريفيني فالمنة لابي القاسم وفي بعض الفاظ هذه الحكاية من طريق آخران الاصول التي اخرجها كانت بخط ابن الصقال وغيره من العلماء وانه سمع منه ابو بكر الخطيب وكان ثقة محمود الطريقة صافي الطوية وتوفي بصريفين في جمادى الاولى من هذه السنة
373 - عبد الله بن سعيد
ابن حاتم ابو نصر السجزى الوائلي الحافظ منسوب الى قرية على ثلاث فراسخ من سجستان يقال لها وائل ويقع في الحديث جماعة يقال لهم الوائلي الا انهم منسوبون الى بني وائل سمع ابو نصر الحديث الكثير وفقه وفهم وصنف وخرج وكان فيما بالاصول والفروع وله التصانيف الحسان منها الابانة في الرد على الرافعين واقام بالحرم انبأنا محمد بن ناصر عن ابي اسحاق بن ابراهيم بن سعيد الحبال قال خرج ابو نصر على اكثر من مائة شيخ ما بقي منهم غيري قال وكان احفظ من خمسين مل الصوري
374 - عبد الباقي بن احمد
ابن عمر ابو نصر الداهدارى الواعظ سمع من ابن بشران وغيره وحدث ولا نعلم به بأسا وتوفي يوم السبت العشرين من شعبان
3375 - عبد الكريم بن الحسن
ابن علي بن رزمة ابو طاهر الخباز ولد سنة احدى وتسعين وثلثمائة سمع ابا عمر ابن مهدي وابن رزقويه وابن بشران وغيرهم وكان ثقة وتوفي في ربيع الاخر من هذه السنة
376 - عبد الكريم بن احمد
ابن طاهر بن احمد ابو سعد الوزان التميمي من اهل طبرستان سمع الحديث بمرو وما وراء النهر وبغداد وروي عنه زاهر بن طاهر وتفقه وبرع في المناظرة

وكانت له فصاحة توفي في هذه السنة
377 - علي بن خليفة
ابن رجاء بن الصقر ابو الحسن الحربي ولد في سنة اربعمائة وسمع ابا القاسم الخرقي وروى عنه شيخنا ابو منصور بن زريق وتوفي في ليلة الجمعة سابع عشر بن ذي الحجة ودفن بمقابر الشهداء
378 - محمد بن احمد
ابن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن هارون ابو الحسن البرداني ابو ابي علي البرداني ولد سنة ثمان وثلثمائة بالبردان ثم انتقل الى بغداد وسمع من ابي الحسن ابن رزقويه وابن بشران وابن شاذان وغيرهم وكان له علم بالقرآات
379 - محمد بن علي
ابن الحسين المعروف بابن سكينة ابو عبدالله الأنماطي ولد سنة تسعين وثلثمائة وحدث عن ابي القاسم الصيدلاني وغيره وكان كثير السماع ثقة حدثنا عنه جماعة من مشايخنا وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن بباب ابرز
سنة 470
ثم دخلت سنة سبعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه وقعت صاعقة في شهر ربيع الاول في محلة التوثة من الجانب الغربي على نخلتين من مسجد فأحرقتهما فصعد الناس فاطفوا النار بعد ان اشتغل من سعفهما وكربهما وليفهما فرمى به فاخذه الصبيان وهو يشتعل في ايديهم كالشمع
وفي رمضان حمل الى مكة مع اصحاب محمد بن ابي هاشم العلوي امير مكة منبر كبير جميعه منقوش مذهب تولى الوزير فخر الدولة ابو نصر بن جهير عمله في داره بباب العامة وكان مكتوب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله الامام المقتدي

بأمر الله مما امر بعمله محمد بن محمد بن جهير فاتفق وصوله الى مكه وقد اعيدت الخطبة المصرية وقطعت العباسية قال امره الى ان كسر واحرق
وورد كتاب من النظام الى ابي اسحاق الشيرازي في جواب بعض كتبه الصادرة اليه في معنى الحنابلة وفيه ورد كتابك بشرح اطلت فيه الخطاب وليس توجب سياسة السلطان وقضية المعدلة الى ان نميل في المذاهب الى جهة دون جهة ونحن بتأييد السنن اولى من تشييد الفتن ولم نتقدم ببناء هذه المدرسة الا لصيانة اهل العلم والمصلحة لا للاختلاف وتفريق الكلمة ومتى جرت الامور على خلاف ما اردناه من هذه الأسباب فليس الا التقدم بسد الباب وليس في المكنة الا بيان على بغداد ونواحيها ونقلهم عن ما جرت عليه عادتهم فيها فان الغالب هناك وهو مذهب الامام ابي عبدالله احمد بن حنبل رحمة الله عليه ومحله معروف بين الأئمة وقدره معلوم في السنة وكان ما انتهى الينا أن السبب في تجديد ما تجدد مسألة سئل عنها ابو نصر القشيرى من الاصول فأجاب عنها بخلاف ما عرفوه في معتقداتهم والشيخ الامام ابو اسحاق وفقه الله رجل سليم الصدر سلس الانقياد ويصغي الى كل من ينقل اليه وعندنا من تصادر كتبه ما يدل على ما وصفناه من سهوله يجتذبه والسلام فتداول هذا الكلام بين الحنابلة وسروا به وقووا معه كان يوم الثلاثاء ثاني شوال وهو يوم يسمى بفرح ساعة خرج من المدرسة متفقه يعرف بالاسكندراني ومعه بعض من يؤثر الفتنة الى سوق الثلاثاء فتكلم بتكفير الحنابلة فرمى بآجرة فدخل الى سوق المدرسة واستغاث باهلها فخرجوا معه الى سوق الثلاثاء ونهبوا بعض ما كان فيه ووقع الشر وغلب اهل سوق الثلاثاء بالعوام ودخلوا سوق المدرسة فنهبوا القطعة التي تليهم منه وقتلوا مريضا وجدوه في غرفة وخاف مؤيد الملك على داره فارسل الى العميد ابي نصر يعلمه الحال فأنفذ اليه الديلم والخراسانية فدفعوا العوام وقتلوا بالنشاب بضعة عشر وانفذ من الديوان خدم لاطفاء الثائرة ولحمل المقتولين الى الديوان حتى شهدهم القضاة والشهود وكتبوا خطوطهم بذلك

وكان نساؤهم على باب النوبي يلطمن وكتب بذلك الى النظام فجاءت مكاتبات منه بالجميل ثم ثناها بضد ذلك
وفي وفي بكرة السبت تاسع عشر شوال ولد للمقتدى مولود سماه احمد وكناه ابا العباس وجلس الوزير فخر الدولة في باب الفردوس للهناء وعلق الحريم وما بقي من محال الكرخ ونهر طابق ونهر القلائين وباب البصرة وشارع دار الرقيق سبعة ايام وهو الذي آل الامر اليه وسمي المستظهر بالله وولد له آخر وقت الظهر يوم الاحد السادس والعشرين من ذي القعدة سماه هارون وكناه ابا محمد وجلس لهنائه يوم الاثنين
وولى تاج الدولة نتش بن الب ارسلان الشام وحاصر حلب
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
380 - احمد بن محمد
ابن سليمان الواسطي سمع ابا احمد الفرضي وابا عمر بن مهدي وغيرهما وكان سماعه صحيحا وتوفي يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الاول وحدث عنه شيخنا ابو القاسم بن السمرقندي ودفن بباب حرب
381 - احمد بن محمد
ابن طالب ابو طالب الدلال وهو ابن القزويني الزاهد ولد سنة سبع وسبعين وثلثمائة وحدث عن ابي الحسن ابن رزفويه وغيره وتوفي يوم الاثنين سابع عشر ربيع الاول ودفن بباب حرب
382 - احمد بن محمد
ابن يعقوب بن احمد وهو ابو بكر الوزان المقرىء ولد في صفرسنة احدى وثمانين وثلثمائة وحدث عن خلق كثير وهو اخر من حدث عن ابي الحسين بن سمعون وكان ثقة زاهدا متعبدا حسن الطريقة كتب عنه ابو بكر الخطيب وكان

صدوقا وتوفي في ليلة السبت رابع عشرين ذي الحجة ودفن بمقبرة باب حرب
383 - احمد بن محمد
ابن احمد بن عبدالله ابو الحسين ابن النقور البزار ولد في جمادى الاولى سنة احدى وثمانين وثلثمائة وسمع من ابن حبابة وابن مردك والمخلص وخلق كثير وكان مكثرا صدوقا ثقة متحريا فيما يرويه تفرد بنسخ رواها البغوي عن اشياخه كشيخة هدبة وكامل بن طلحة وعمر بن زرارة وابي السكن البلدي وكان يأخذ على جزء طالوت بن عباد دينارا قال شيخنا ابن ناصر كان اصحاب الحديث يشغلونه عن الكسب لعياله فافتاه ابو اسحاق الشيرازي بجواز أخذ الاجرة على التحديث وكان يأخذ زكاة ويسكن طرف درب الزعفران مما يلي الكرخ حدثنا عنه جماعة من اشياخنا آخرهم ابو القاسم بن الحاسب وهو آخر من حدث عنه وتوفي يوم الجمعة من رجب هذه السنة ودفن من الغد في مقابر الشهداء بباب حرب
384 - احمد بن عبد الملك
ابن علي بن احمد ابو صالح المؤذن النيسابوري ولد سنة ثمان وثمانين وحفظ القرآن وهو ابن تسع سنين وسمع الكثير وكتب الكثير وصنف وكان حافظا ثقة ذا دين متين وامانة وثقة وكان يعظ ويؤذن انبأنا زاهر بن طاهر قال خرج ابو صالح المؤذن الف حديث عن الف شيخ
385 - عبدالله بن الحسن
ابن محمد بن الحسن بن علي ابو القاسم بن ابي محمد الخلال ولد في شعبان سنة خمس وثمانين وسمع من المخلص وابي حفص الكتاني وغيرهما وهو اخر من حدث عن الكتابي وعمر ونقل عنه الكثير وروى عنه اشياخه وكان ثقة
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن علي بن ثابت قال عبدالله بن محمد الخلال كتبت عنه وكان صدوقا ينزل باب الازج وسألته عن مولده فقال

ولدت سنة خمس وثمانين وثلثمائة توفي في يوم الاحد ثامن عشر صفر هذه السنة وصلى عليه في جامع المدينة ودفن بمقبرة باب حرب
386 - عبد الرحمن بن محمد
ابن اسحاق بن محمد بن يحيى بن ابراهيم ومنده لقب ابراهيم ابو القاسم بن ابي عبدالله الاصبهاني الامام ابن الامام ولد سنة ثمان وثمانين وثلثمائة وسمع اباه وابا بكر بن مردويه وخلقا كثيرا وكان كثير السماع كبير الشان سافر البلاد وصنف التصانيف وخرج التاريخ وكان له وقار وسمت واتباع فيهم كثرة وكان متمسكا بالسنة معرضا عن اهل البدع آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر لا يخاف في الله لومة لائم وكان سعد بن محمد الزنجاني يقول حفظ الله الاسلام برجلين احدهما باصبهان والآخر بهراة عبد الرحمن بن منده وعبدالله الانصاري توفي باصبهان في هذه السنة وصلى عليه اخوه عبد الوهاب وحضر جنازته خلق لا يعلم عددهم الا الله تعالى
387 - عبد الملك بن عبد الغفار
ابن محمد بن المظفر بن علي ابو القاسم الهمذاني يلقب سحير سمع خلقا كثيرا بهمذان وبغداد وكان فقيها حافظا وكان من الاولياء كان يكتب للطلبة بخطه ويقرأ لهم توفي باكرى في محرم هذه السنة ودفن بجنب ابراهيم الخواص
388 - عبد الخالق بن عيسى
ابن احمد بن محمد بن عيسى بن احمد بن موسى بن احمد بن ابراهيم بن عبدالله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب ابو جعفر بن موسى الهاشمي ولد سنة احدى عشرة واربعمائة وكان عالما فقيها ورعا عابدا زاهدا قؤولا بالحق لا يحابي احد ولا تأخذه في الله لومة لائم سمع ابا القاسم بن بشران وابا محمد الخلال وابا اسحاق البرمكي وابا طالب العشاري وغيرهم وتفقه على القاضي ابي يعلى ثم ترك الشهادة قبل وفاته ولم يزل يدرس في مسجد بسكة الخرقي

من باب البصرة وبجامع المنصور ثم انتقل الى الجانب الشرقي فدرس في مسجد مقابل لدار الخلافة ثم انتقل لاجل الغرق الى باب الطاق وسكن درب الديوان من الرصافة ودرس بجامع المهدي وبالمسجد الذي على باب درب الديوان وكان له مجلس نظر ولما احتضر القائم بأمر الله قال يغسلني عبد الخالق ففعل ولم يأخذ مما هناك شيئا فقبل له قد وضى لك امير المؤمنين بأشياء كثيرة فابى ان يأخذ فقيل له فقميص امير المؤمنين تتبرك به فاخذ فوطة نفسه فنشفه بها وقال قد لحق هذه الفوطة بركة امير المؤمنين ثم استدعاه في مكانه المقتدى فبايعه منفردا فلما وصل الى بغداد ابو نصر بن القشيري ظهرت الفتن فكان هو شديدا على المبتدعة وقمعهم وحبس فضج الناس من حبسه وانما قطعا للفتن في دار والناس يدخلون عليه وقيل له نكون قريبا منك نراجعك في اشياء فلما اشتد مرضه تحامل بين اثنين ومضى الى باب الحجرة وقال قد جاء الموت ودنا الوقت وما احب ان اموت الا في بيتي بين اهلي فأذن له فمضى الى بيت اخته بالحريم الظاهرىوقرأت بخط ابي على ابن البناء قال جاءت رقعة بخط الشريف ابي جعفر ووصيته الى الشيخ ابي عبد الله بن جردة فكتبتها وهذه نسختها مالي يشهد الله سوى الدلو والحبل او شئ يخفي على لا قدر له والشيخ ابو عبد الله لئن راعاكم بعدي والا فالله لكم قال الله عز و جل وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله ومذهبي الكتاب والسنة واجماع الامة وما عليه مالك واحمد والشافعي وغيرهم ممن يكثر ذكرهم والصلاة بجامع المنصور ان سهل ذلك عليهم ولا يقعدلي عزاء ولايشق على جيب ولا يلطم خد فمن فعل ذلك فالله حسيبه فتوفى ليلة الخميس للنصف من صفر وتولى غسله ابو سعيد البرداني وابن الفتى لانه اوصى اليه بذلك وكانا قد خدماه طول مرضه وصلى عليه يوم الجمعة بجامع المنصور فازدحم الناس وكان يوما مشهودا لم ير مثله وكانت العوام تقول ترحموا على الشريف الشهيد القتيل المسموم لأنه قيل ان بعض

المبتدعة القى سما في مداسه ودفن الى جانب قبر احمد بن حنبل وكان الناس يبيتون هناك كل ليلة اربعا ويختمون الختمات وتخرج المتعيشون فيبيعون المأكولات وصار ذلك فرجة للناس ولم يزالوا كذلك الى أن جاء الشتاء فامتنعوا فختم على قبره في تلك المدة اكثر من عشرة آلاف ختمة
389 - محمد بن محمد
ابن محمد بن عبدالله ابو عبدالله بن ابي الحسن البيضاوي والد شيخنا ابي الفتح حدث بشيء يسير عن ابي القاسم عمر بن الحسين الخفاف وكان فقيها على مذهب الشافعي تولى القضاء بربع الكرخ وتوفي في ربيع الاول من هذه السنة ودفن الى جانب ابيه في مقبرة باب حرب
390 - بنت الوزير نظام الملك
زوجة الوزير عميد الدولة ابن الوزير فخر الدولة توفيت في شعبان نفساء بولد ذكر مات بعدها فدفنا بدار باب العامة لأبيها ولم تكن العادة جارية بالدفن في ما يدور عليه السور وجلس فخر الدولة وعميد الدولة للعزاء بها ثلاثة أيام
سنة 471
ثم دخلت سنة احدى وسبعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه جاءت رسالة من السلطان مشتملة على كراهية الوزير فخر الدولة والمطالبة بعزله وان لا ينفذ الى خراسان رسول من دار الخلافة وان لا يكون فيها غلمان اتراك للخاص ولا للخدم والاتباع ثم واصل سعد الدولة الكوهرايين انفاذ اصحابه الى باب الفردوس والملازمة فيه لاجل الوزير والمطالبة بعزله وجرى من التهدد وامتناع الخليفة يطول شرحه حتى قبل انه ليس بوزير وانما عميد الدولة وزيرنا وقد انفذناه اليكم في مهماتنا ولما خلا الديوان منه جلس فيه والده بحكم النيابة عنه وكتبت كتب في هذا المعنى من

الديوان وانفذت مع ركابي يعرف بالدكدك مرتب لامثالها فخرج بها فأخذ منها اصحاب سعد الدولة ما اخذوا وضربوه وتمم الى اصبهان فشكا ما لقي فلم يشك وحضر سعد الدولة باب الفردوس وهو سكران وقال ان سلم الوزير الى والا دخلت اخذته وان كلمني في معناه انسان قتلته فلوطف فعاد من الغد وبات في جماعة في باب الفردوس وضربت هناك الطوابل وشدت فيها خيل الاتراك ونقل الناس اموالهم من نهر معلى والحريم الى باب المراتب والجانب الغربي واحضر الوزير قوما بسلاح فباتوا على باب الديوان وحضر في بكرة فسأل الاذن في ملازمة بيته فأذن له وخرج الى سعد الدولة توقيع فيه لما عرف محمد بن محمد بن جهير ما عليه جلال الدولة ونظام الملك من المطالبة بصرفه سأل الاذن في ملازمة داره الي أن تكاتبهما بحقيقة حاله وما هو عليه من الولاء والمخالصة فأذن له فأخذ سعد الدولة التوقيع وانصرف واقام الوزير في داره وجعل ولديه ابا القاسم وابا البركات ينظران في الاعمال واما الوزير عميد الدولة فانه لما وصل الى العسكر وجد من النظام التغير الشديد فاعياه ان يطببه وندب نقيب النقباء للخروج الى اصبهان والخطاب على ما قصد له الوزير عميد الدولة ليعود الى مراعاة امر الديوان فانه قد وقع الاستضرار ببعده وليشرح ما جرى من سعد الدولة فخرج في ليلة الاحد الحادي والعشرين من صفر فأنفذ سعد الدولة من النهروان وجرت في ذلك امور حتى تمكن من السير ثم ورد صاحب الوزير بكتابين من السلطان والنظام الى سعد الدولة انه انتهى الينا انك تعرضت بنواحي الديوان العزيز والوزير فخر الدولة فأخذت منهما ما يجب ان تعيده فلا تتعرض بمالم تؤمر به واحضر سعد الدولة الى باب الفردوس من غد وسلمت الكتب اليه وعوتب على ما كان منه من فظيع الفعل وقبيح القول فقال الله يعلم ان الذي امرت به اضعاف ما فعلته وانا ماض الى هناك فانني قد استدعيت سأوافق على ذلك بمشهد من عميد الدولة ثم ان الوزير عميد الدولة تلطف بصبره وبوصله الى ان استسل ما في نفس نظام الملك واستعاده

الى المألوف منه فانفذ فرسين بعدتهما عشرين قطعة ثيابا للوزير فخر الدولة اظهارا لرجوع المودة الى حالها المعهود وقضى له كل حاجة وزوجه بابنته وقدم الوزير الى بغداد وقد تغير قلب الخليفة له لافعال الفقهاء الاعداء وكتب اليه قد اعدتك الى والديك ولا مراجعة لك بعد هذا الى خدمتنا فانكفأ مصاحبا فدخل الى والده بباب العامة واغلق الديوان وسمرت ابوابه التي تلي باب العامة
وفي يوم السبت سلخ جمادي الآخرة فتح الديوان ورتب الخليفة فيه الوزير ابا شجاع محمد بن الحسين نائبا فيه فجلس بغير مخدة
وفي يوم الثلاثاء السادس عشر من ذي القعدة وقع الرضى عن الوزير عميد الدولة والتعويل عليه في الخدمة وورد غلام تركي من غلمان النظام الى الخليفة يشير برده الى خدمته لانه استشير فيمن يرتب وقال ما وصلته بولدي وقد بقي في نفسي بقية مكروهة
وفي هذا اليوم انقطع ابو شجاع محمد بن الحسين عن الديوان العزيز ورتب على باب الحجرة فكان ينهى ويخرج اليه الجواب
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
391 - الحسن بن احمد
ابن عبدالله بن البناء ابو علي المقرىء الفقيه المحدث ولد في سنة ست وتسعين وثلثمائة وقرأ القرآن على ابي الحسن الحمامي وغيره وسمع الحديث من ابني بشران وهلال الحفار وابي الفتح بن ابي الفوارس وابن رزقويه في خلق كثير وتفقه على القاضي ابي يعلى بن الفراء وصنف في كل فن فحكى عنه انه قال صنفت خمسين ومائة مصنف وكان له حلقه بجامع القصر حيال المقصورة يفتي فيها ويقرىء الحديث وحلقه بجامع المنصور حدثنا عنه جماعة من مشايخنا وتوفي ليلة السبت خامس رجب هذه السنة وام الناس في الصلاة عليه ابو محمد التميمي ودفن في مقبرة باب حرب وقد حكى ابو سعد السمعاني قال سمعت ابا القاسم بن السمرقندي

يقول كان واحد من اصحاب الحديث اسمه الحسن بن احمد بن عبدالله النيسابوري وكان سمع الكثير وكان ابن البناء يكشط من التسميع بورى ويمد السين وقد صار الحسن بن احمد بن عبدالله البناء قال كذا قيل انه يفعل هنا قال المصنف وهذا بعيد الصحة لثلاثة اوجه احدها انه قال كذا قبل ولم يحك عن علمه بذلك فلا يثبت هذا والثاني ان الرجل مكثر لا يحتاج الى الاستزادة لما يسمع ومتدين ولا يحسن ن يظن بمتدين الكذب والثالث انه قد اشتهرت كثرة رواية ابي علي بن البناء فاين هذا الرجل الذي يقال له الحسن بن احمد بن عبدالله النيسابوري ومن ذكره ومن يعرفه ومعلوم ان من اشتهر سماعه لا يخفى فمن هذا الرجل فنعوذ بالله من القدح بغير حجة
392 - سعد بن علي
ابن محمد بن علي بن الحسين ابو القاسم الزنجاني طاف البلاد ولقى الشيوخ بمصر والشام والسواحل وقرأ وكان اماما حافظا ورعا متعبدا متقنا وانقطع في آخر عمره بمكة وكان الناس يتبركون به فاذا خرج يطوف قبلوا يده اكثر مما يقبلون الحجر وتوفي في هذه السنة انبأنا ابو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي عن ابيه قال سمعت ابا عبدالله محمد بن احمد الكوفي يقول لما عزم سعد عن الاقامه بالحرم عزم على نفسه نيفا وعشرين عزيمة انه يلزمها من المجاهدات والعبادات ومات بعد ذلك باربعين سنة ولم يخل منها بعزيمة واحدة
393 - سليم الحوزي
وحوزى قرية من اعمال دجيل كان زاهدا عابدا وكان يقول اعرف من بقي مدة يأكل كل يوم زبيبة يعني نفسه وسمع الحديث وتوفي يوم الثلاثاء ثامن عشر شوال ودفن بقريته

394 - سلمان بن الحسن
ابن عبدالله ابو نصر صاحب ابن الذهيبة ولد سنة ست وستين وثلثمائة وسمع من ابن مخلد والخرقي وكان سماعه صحيحا وكان من اهل الستر والصلاح روى عنه شيخنا عبد الوهاب الانماطي واثنى عليه وشهد له بالخير والصلاح وقال عاش اكثر من مائة سنة وتوفي يوم الثلاثاء من رجب ودفن بمقبره باب حرب
395 - عبد الله بن سبعون
ابو محمد المالكي القيرواني سمع الكثير روى عنه اشياخنا وتوفي في ليلة السبت ثالث عشر رمضان ودفن بباب حرب
396 - عبد الرحمن بن احمد
ابن علي ابو القاسم الطبري المعروف بابن الزجاجي سمع ابا احمد الفرضي وتوفي يوم الاحد سادس عشر ربيع الاول
397 - عبد الرحمن بن علوان
ابن عقيل بن قيس ابو احمد الشيباني سمع جماعة وتوفي يوم الاثنين رابع ربيع الآخر وقد حثنا عنه اشياخنا
398 - عبد الباقي بن محمد
ابن غالب ابو منصور المعدل ولد سنة اربع وثمانين وثلثمائة وسمع المخلص وغيره وكان سماعه صحيحا روى عنه اشياخنا وكان صدوقا وتوفي ليلة الاحد خامس عشرين ربيع الآخر ودفن بمقبرة باب حرب
399 - عبد العزيز بن علي
ابن احمد بن الحسين الحزي الانماطي المعروف بابن بنت ابي الحسن علي بن عمر السكري ولد سنة ثمان وثمانين وثلثمائة وسمع ابا طاهر المخلص وغيره وكان

سماعه صحيحا وروى عنه اشيخانا قال شيخنا عبد الوهاب بن المبارك كان عبد العزيز بن علي ثقة وكنا عنده يوما نقرأ عليه فاحتاج الى القيام فقلنا لهم تقيم ساعة ما بقي الاورقة فاقعدنا وقرأنا عليه ثم قلنا قد فرغت الورقة فقال وانا ايضا قد بلت في ثيابي توفي في رجب هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
400 - عمر بن ابي الفتح عبد الملك
ابن عمر بن خلف الرزاز كان زاهدا وحدث عن ابن رزقويه وابن شاذان وغيرهما وابتلى بمرض اقعد منه وتوفي في ليلة السبت خامس رجب ودفن في مقبرة باب حرب
401 - عمر بن عبيد الله 3 ابن عمر ابو الفضل البقال الشافعي سمع ابا الحسين بن بشران وغيره وكان ثقة روى عنه اشيخانا وتوفي يوم الثلاثاء النصف من ذي الحجة ودفن بباب حرب
402 - علي بن محمد
ابن علي ابو القاسم الكوفي الاصل النيسابوري المولد ولد في غرة ذي الحجة سنة ثمان واربعمائة وسمع من ابي سعيد محمد بن موسى الصيرفي وابي بكر احمد بن الحسن الحيري وخلق كثير وسمع مسند شعبة وحدث بمسند الشافعي
403 - محمد بن علي
ابو عبدالله بن المهدي الهاشمي ويعرف بابن الحندوقوق الشاعر سمع ابا عمر الهاشمي وابا الحسن بن رزقويه وكان سماعه صحيحا وتوفي يوم الاحد سادس ذي الحجة ودفن في داره بباب البصرة
سنة 472
ثم دخلت سنة اثنين وسبعين واربعمائة فن الحوادث فيها انه في يوم الجمعة خامس ربيع رتب في الحسبة بالحريم

ابو جعفر بن الخرقي الشاهد وكان التطفيف فاشيا والامور فاسدة حتى انه وجد في ميزان بعض المتعيشين حبات على شكل الارز من رخام وزن الواحدة حبتان ونصف فتولى ذلك على ان يبسط يده في الخاص والعام وان لا يستعمل مراقبة ولا يجيب شفاعة فوعده عميد الدولة بذلك وتنجز له به التوقيع فزم الامور واقام الهيبة وادب وعزر ولم يقبل شفاعة فانحرست الامور وانحسمت الادواء
وفي رجب وصل السلطان جلال الدولة الى الاهواز للصيد والفرجة وقبض على ابن علان اليهودي ضامن البصرة وقتله واخذ من ذخائره نحوا من اربعمائة الف دينار وكان هذ االرجل منتميا الى نظام الملك وكان بين نظام الملك وبين خمارتكين بن الشراى وسعد الدولة عداوة فتوصلا في هلاك ابن علان لينفرا لنظام الملك ويوحشا السلطان منه وعرف نظام الملك الحال فنفر واغلق بابه ثلاثة ايام واشير عليه بالرجوع عن هذا الفعل فرجع ولما عاد السلطان الى اصبهان عمل له نظام الملك دعوة اغترم عليها جملة وعاتبه عتابا اجابه عنه بتطييب نفسه وكان ابن علان قد تفاقم امره حتى ان زوجته ماتت فمشى خلف جنازتها جميع من بالبصرة سوى القاضي وكان معه تذكرة بامواله فلما تقدم بتغريقه رمى التذكره الى الماء قبله ووجد له برموز في تذكرة فاخذ اكثر ذلك وكان فيها مكنسة الف دينار فلم يفطن لذلك حتى رأوا امرأة مقعدة ترجف فأرهبوها فأقرت وضمن خمارتكين البصرة بمائة الف دينار ومائة فرس كل سنة
وفي هذه السنة اقيمت الخطبة بمكة للخليفة وللسلطان وقطعت الخطبة المصرية وفتح ابو بكر عبدالله بن نظام الملك تكريت وفيها اخذ مسلم بن قريش حلب وكتب الى السلطان مكلشاه كتابا اشهد فيه على نفسه العدول بضمانها بثلاثمائة الف دينار كل سنة يؤديها الى خزانة السلطان فأجابه الى ذلك

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
404 - احمد بن محمد
ابن عثمان ابو عمر السنخواتي وسنخوان قرية من قرى نساوهو من اولاد الحسن بن سفيان الشيباني ولد سنة اربعمائة اشتغل بالعلم مدة وسمع الحديث من جماعة وناب في القضاء ثم استعفى وخرج الى الحجاز وقطع البادية على التجريد ثم عاد الى نيسابور وقدم ابا سعيد بن ابي الخير وابا القاسم القشيري ثم عاد الى قريته فبنى بها رباطا وجلس محافظا للاوقات كثير الذكر وقصده المريدون من النواحي توفي في هذه السنة ودفن بقريته
405 - عبدالله بن احمد
ابن عبيد الله بن عثمان ابو محمد السكري ولد سنة خمس وتسعين وثلثمائة سمع ابا الحسن بن الصلت وابا احمد الفرضي وغيرهما وصاحب عبد الصمد وانتمى اليه وتأدب باخلاقه وكان امينا مأمونا روى عنه شيخنا ابو القاسم ابن السمرقندي وتوفي في رجب من هذه السنة وصلى عليه بجامع المنصور ابو محمد التميمي ودفن في مقبرة باب حرب وقد ذكر شجاع فقال عبدالله بن عثمان فنسبه الى جده
406 - عبد الملك بن احمد
ابن احمد بن خيرون ابو نصر روى الحديث وكان زاهدا يختم كل ليلة ختمة ويسرد الصوم وتوفي في جمادى الاولى من هذه السنة
407 - محمد بن هبة الله
ابن الحسن بن منصور ابو بكر بن ابي القاسم الطبري اللاكاني ولد سنة تسع واربعمائة وحدث عن هلال الحفار وغيره وكان ثقة كثرا السماع حدثنا عنه ابو القاسم بن السمرقندي وغيره وتوفي يوم الجمعة رابع عشر جمادى الاولى

من هذه السنة ودفن بمقبرة الشونيزي
408 - محمد بن عبد العزيز
ابو يعلى الدلال ويعرف بابن الطاهري ويعرف بابن المناتقي سمع من ابن رزقويه وغيره وكان سماعه صحيحا وتوفي في يوم الثلاثاء النصف من رمضان
409 - محمد بن محمد
ابن احمد بن الحسين بن عبد العزيز بن مهران ابو منصور العكبري ولد يوم الاحد سابع عشر رجب سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة وسمع هلال الحفار والحمامي وابن رزقويه وابن بشران وغيرهم وقد ذكره الخطيب فقال كان صدوقا وذكره ابو الفضل بن خيرون فغمزه وقال خلط ونسبه الى التشيع وقال استعار مني جزءا فسمع لنفسه فيه ومن الجائز ان يكون قد عارض نسخة فيها سماعه فلا يجوز القطع بالتضعيف من أمر محتمل والا ثبت في حاله انه صادق الا انه كان صاحب جد وهزل وكان نديما وكا يحكي الحكايات المستحسنة وكان مليح النادرة وله هيئة حسنة وما زال يخالط ابناء الدنيا اخبرنا ابو نصر احمد بن محمد الطوسي قال انشدنا ابو منصور بن عبد العزيز العكبري
... اطيل تفكري في اي ناس ... مضوا عنا وفيمن خلفونا ... هم الاحياء بعد الموت حقا ... ونحن من الخمول الميتونا ... لذلك قد تعاطيت التحاقي ... وان خلائقي كالماء لينا ... ولم ابخل بصحبتهم لدهر ... ولكن هات ناسا يصحبونا ...
توفي ابو منصور في رمضان هذه السنة
410 - محمد بن علي
ابن محمود ابو بكر الزوزني الصوفي حدث عن ابي القاسم الخرقي وتوفي يوم الخميس سابع عشر ذي القعدة ودفن الى جانب ابيه على باب الرباط المقابل لجامع المنصور

411 - محمد بن عامر
ابو الفضل وكيل المقتدى والقائم على جميع اموالهما
412 - هياج بن عبيد
ابن الحسين ابو محمد الحطيني الشامي وحطين قرية من قرى الشام بين طبرية وعكا بها قبر شعيب النبي عليه السلام وبنته صفورا زوجه موسى عليه السلام سمع هياج الحديث من جماعة كثيرة وتفقه وكان فقيه الحرم في عصره ومفتي اهل مكة وكان زاهدا ورعا متنسكا مجتهدا في العبادة كثير الصوم والصلاة وكان يأكل كل ثلاث مرة وكان يعتمر كل يوم ثلاث مرات على قدميه يذكر عدة دروس لأصحابه ومذ دخل الحرم لم يلبس نعلا وكان يزور رسول الله صلى الله عليه و سلم مع اهل مكة كل سنة ماشيا حافيا فكان اذا خرج فأي من يأخذ بيده يكون في مؤنته الى ان يرجع وكان يزور ابن عباس في كل سنة مرة يأكل بمكة مرة وبالطائف اخرى وكان لا يدخر شيئا ولا يلبس غير ثوب ووقعت بين اهل السنة والشيعة فتنة فاتفق ان بعض الروافض شكا الى امير مكة محمد بن ابي هاشم فقال ان أهل السنة ينالون منا ويبغضوننا فأخذ هياجا فضربه ضربا شديدا فحمل الى زاويته فبقي اياما ومات في هذه السنة وقد نيف على الثمانين
سنة 473
ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه جمع الوعاظ في جمادي الآخرة في الديوان واذن لهم في معاودة الجلوس وقد كانوا منعوا من ذلك منذ فتنة القشيري وتقدم اليهم ان لا يخلطوا وعظهم بذكر شيء من الاصول والمذاهب
وفي ذي الحجة قبض على انسان يعرف بابن الرسولي الخباز وعلى عبد القادر الهاشمي البزاز وجماعة انتسبوا الى الفتوة وكان هذا ابن الرسولي قد صنف في

معنى الفتوة وفضائلها وقانونها وجعل عبد القادر المتقدم على من يدخل في الفتوة وان يكونوا تلامذته وكتب لكل منهم منشوءا وقلده صقعا ولقب نفسه كاتب الفتيان وجعل ذلك طريقا الى دعوات ومجتمعات تعود بمصلحته وكتب الى خادم لصاحب مصر بمدينة النبي صلى الله عليه و سلم يعرف بخالصة الملك ريحان الاسكندراني قد ندب نفسه لرياسة الفتيان وصارت المكاتبات من جميع البلدان صادرة منه واليه والتعويل في هذا الفن وقف عليه وعن لابن الرسولي ان جعل اجتماعهم بمسجد براثا وكان مسدود الباب مهجورا ففتح بابه ونصب عليه باب ورتب فيه من يراعيه فعرف ذلك اصحاب عبد الصمد فأنكروه وشكوه الى الديوان وعظموا ما يكون منه وما يتفرع عنه وقالوا ان هؤلاء القوم يدعون لصاحب مصر ويجعلون ذكر الفتوة عنوانا لجمع الكلمة على هذا الباطن فطالع الوزير عميد الدولة بالحال فتقدم حينئذ بالقبض على ابن الرسولي وعبد القادر والكشف عن الحال ووجد لابن الرسولي في هذا المعنى كتب كثيرة وكتاب منه الى الخادم المقدم ذكره فاستخلاه الوزير عميد الدولة وسأله عن الداخلين في هذا الجهل فاثبته جميعهم وطلبوا فقبض على من وجد منهم وهرب الباقون وجعل الشحنة والوالي ذلك طريقا الى الشنقصة وقطع المصانعات عليهم ونهبت دورهم ثم اخذت فتاوي الفقهاء عليهم بوجوب كفهم عن هذا الفساد
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
413 - احمد بن محمد
ابن عمر بن اسمعيل بن الاخضر ابو عبدالله سمع ابا علي بن شاذان وروى عنه اشياخنا وكان يذهب الى مذهب اهل الظاهر وكان احسن الناس تلاوة للقرآن في المحراب حسن الطريقة حميد السيرة مقلا من الدنيا قنوعا توفي ليلة الخميس لليلتين بقيتا من شهر ربيع الآخر من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب

414 - عبد السلام بن احمد
ابن محمدبن جعفر ابو الفتح الصوفي ويعرف بابن سالبة من اهل فارس سافر الكثير وجال في البلاد وسمع بها الحديث وورد بغداد في سنة خمس وعشرين واربعمائة فسمع بها من ابي القاسم ابن بشران وابي علي ابن شاذان وبمصر من ابي عبدالله بن نظيف وباصبهان من ابي بكر ابن ريذة سمع منه يحيى بن عبد الوهاب بن منده وتوفي ببيضاء فارس في جمادي الاولى من هذه السنة
415 - محمد بن محمد
ابن علي بن الخوزراني العكبري ابو الفضل ولد ليلة عرفة سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة وحدث عن ابي رزقويه وتوفي يوم الجمعة للنصف من ربيع الاول
416 - محمد بن احمد
ابن الحسين الدوائي ابو طاهر الدباس من ساكني الخلالين محلة كانت عند نهر القلائين سمع ابا القاسم بن بشران روى عنه شيخنا اسمعيل السمرقندي وعبد الوهاب توفي يوم الثلاثاء غرة شعبان ودفن بمقبرة باب حرب
417 - محمد بن الحسين
ابن عبدالله بن احمد بن يوسف بن الشبل ابو علي الشاعر من اهل شارع دار الرقيق سمع الحديث من احمد بن علي البلدي وغيره روى لنا عنه اشياخنا وكان احد الشعراء المجودين فمن جيد شعره
... لا تظهرن لعاذل او عاذر ... حاليك في السراء والضراء ... فلرحمة المتوجعين مرارة ... في القلب مثل شماتة الاعداء ... وله ... يفنى البخيل بجمع المال مدته ... وللحوادث والايام ما يدع ... كدودة القز ما تبنيه يهدمها ... وغيرها بالذي تبنيه ينتفع

وقد روى من شعره ما يدل على فساد عقيدته وهو
... بربك أيها الفلك المدار ... أقصد ذا المسيرام اضطرار ... مدارك قل لنا في أي شيء ... ففي أفهامنا عنك انبهار ... ودنيا كلما وضعت جنينا ... عراه من نوائبها طوار ... هي العشواء ما خبطت هشيم ... هي العجماء ما جرحت جبار ... فان يك آدم اشقى بنيه ... بذنب ماله منه اعتذار ... فكم من بعد غفران وعفو ... يعبر ما تلا ليلا نهار ... لقد بلغ العدو وبنا مناه ... وحل بآدم وبنا الصغار ... وتهنا ضائعين كقوم موسى ... ولا عجل أضل ولا خوار ... فيالك أكله ما زال فيها ... علينا نقمة وعليه عار ... نعاقب في الظهور وما ولدنا ... ويذبح في حشا الام الحوار ... ونخرج كارهين كما دخلنا ... خروج الضب اخرجه الوجار ... وكانت انعمالو ان كونا ... نشاور قبله او نستشار ... وما ارض عصته ولا سماه ... ففيم يغول انجمها انكدار ...
وبعض هذه الابيات يكفي في بيان قبح العقيدة توفي ابن الشبل في محرم هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
418 - نصر بن احمد
ابن نضر ابو الفتح السمنجاني الخطيب حدث عن أبي علي ابن شاذان وغيره وتوفي يوم الاحد السابع والعشرين من جمادى الآخرة ودفن في مقبرة باب الدبر
419 - يوسف بن الحسن
ابن محمد بن الحسن ابو القاسم التفكري من اهل زنجان ولد سنة خمس وتسعين وثلثمائة بزنجان ورحل الى أبي نعيم الاصبهاني فقرأ عليه الكثير وعلى غيره وانتقل الى بغداد محدثا فقيها ولحق ابا الطيب الطبري وتفقه على ابي اسحاق

وكان ورعا زاهدا عاملا بعلمه خاشعا بكاء عند الذكر مقبلا على العبادة روى عنه شيخنا ابو القاسم السمرقندي وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
سنة 474
ثم دخلت سنة اربع وسبعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان ابن بهمنيار كاتب خمارتكين الشرابي اجتمع مع السلطان وتكلم على نظام الملك وذكر انه سير من الاموال كل سنة سبعمائة الف دينار واقام وجوهها في كل بلد وضمن اصبهان بزيادة سبعين الف دينار فأخذت من يد ضامنها وسلمت اليه وجاء في اثناء هذا رجل صوفي الى نظام الملك فأخرج له قرصين وسأله ان يتبرك بأكل شيء منهما وذكر انهما فاضل افطار بعض الزهاد هناك فلما مديده اليهما او ما اليه صوفي آخر بأن لا تفعل فانهما مسمومان وهما من دسيس ابن بهمنيار فاختبرا فصح ذلك فيهما واخذ الصوفي ليقتل فمنع نظام الملك من ذلك وبره شيء وشكا ذلك الى السلطان فقال ابن بهمنيار في الجواب هذه موضوعة على لتكون طريقا الى ابعادي عن السلطان وتضييع المال الذي اقمت وجوهه فصدق السلطان قوله ولم يسمع فيه ثم آل الامر الى ان كحل وكفى النظام امره
وفي يوم الخميس حادي عشر ذي الحجة توفي داود ولد السلطان جلال الدولة باصفهان فلحقه عليه ما زاد على المعهود ولم يسمع بامثاله ورام قتل نفسه دفعات فمنعه خواصه ومنع من اخذه وغسله لقلة صبره على فراقه الى أن تغير فمكن من ذلك وامتنع عن المطعم والمشرب ونزع اثواب الصبر واغلق ابواب السلو وجز الاتراك والتركمان شعورهم وكذلك نساء الحشم والحواشي والخيول واقام اهل البلد الماتم في المنازل والاسواق وبقيت الحال على هذا سبعة ايام وخرج السلطان بعد شهر الى الصيد وكتب بخطه رقعة يقول فيها اما انا يا ولدي داود فقد خرجت الى الصيد وانت غائب عني وعندي من الاسيحاش لفراقك

والانزعاج لبعدك عني والبكاء على اخذك مني ما اسهر ليلى ونغص عيشي وقطع كبدي وضاعف كمدي فاخبر انت بعدي مالك وحالك وما غير البلى منك وما فعل الدود بجسمك والتراب بوجهك وعينك وهل عندك على مثل ما عندي وهل بلغ الحزن بك ما بلغ بي فوا شوقاه اليك وواحسرتاه عليك ووااسفا على ما فات منك وحملت الرقعة الى نظام الملك فقرأها وبكى بكاءا شديدا وجمع الوجوه والمحتشمين وقصد بهم القبر وقرأ الرقعة عليه وارتج المكان بالبكاء والعويل وتجدد الحزن في البلد واللطم للعزاء في صحن السلام ثلاثة ايام اولها يوم السبت لثلاث بقين من ذي الحجة
وفي هذه السنة دخل خادمان لشرف الدولة مسلم بن قريش عليه الحمام فخنقاه وادركه اصحابه وقد شارف الموت فنجا وقتل الحادمان وذكر محمد بن عبد الملك ان خادما واحدا وثب في الحمام وسمعت زوجته الصياح فبادرت الى الحمام فوجدته مغلفا فكسرت الباب فخرج خادم فقال ان هذا الامير يراودني على نفسي ويطلب مني الفاحشة وانا آبي ذلك فخرج فركب فرسا فدخلت اليه فرأته تالفا ثم ظفر بالخادم بعد مغضبة ايام فجئ به فقطع شرف الدولة لسانه وقتله
وورد في هذه السنة من واسط خبر عجيب جاء به كتاب ابن وهبان الواسطي يذكر قصة عجيبة وهي أن امرأة عندهم في نهر الفصيلي اصابها الجذام حتى اسقط انفها وشفتيها واصابع يديها ورجليها وجافت ريحها وتأذى اهلها بها فأخرجها زوجها وولدها الى ظاهر المحلة على شوط منها وعملوالها كوخا فكانت فيه ولا يمكن الاجتياز بها من نن ريحها وانما كان ولدها يأتيها برغيفين يرميها اليها فجاء يوما فقالت له با بني بالله قف حتى ابصرك وجئني بجرعة ماء اشربها فلم يفعل وهرب وكان قريبا من الموضع جوبة ماء الكتان فحملها العطش على قصدها فتحاملت فوقعت عندها فأغمى عليها فذكرت بعد افاقتها انها رأت رجلين وامرأتين جلوسا عندها فاخرجوا لها قرصين عليها ورقة خضراء وجاؤها بكراز فيهما ماء وقالوا لها كلي من هذا الخبز واشربي من هذا الماء قالت فكل ما اكلت عاد

القرص كما كان الى ان شبعت وشربت من الكراز ماء لم أشرب قط الذمة فقلت يا سادتي من انتم فقال احدهم انا الحسن وهذا الحسين وهذه خديجة الكبرى وهذه فاطمة الزهراء ثم أمر الحسن يده على صدري ووجهي والحسين يده على ظهري فعادت شفتاي وأنفي ونبتت اصابعي واقاموني فسقط مني نحو ثلثين كهيئة صدف السمك فاقبل الناس من البلاد لمشاهدتها والتبرك بها
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
420 - احمد بن محمد
ابن ابراهيم بن علي ابو طاهر القصارى الخوارزمي ولد ببغداد سنة خمس وتسعين وثلثمائة وسمع من أبي القاسم اسمعيل بن الحسن الصرصري حدث عنه اشياخنا وكان يترسل من الديوان الى غزنة توفي يوم السبت ثاني عشر ذي الحجة من هذه السنة ودفن في مقبرة معروف
421 - احمد بن عبد العزيز
ابن محمد ابو طالب الجرجاني الشروطي حدث عن ابي علي بن شاذان وتوفي يوم السبت غرة محرم ودفن في مقبرة باب الدير
422 - احمد بن هبة الله
ابن محمد بن يوسف ابو بكر الرحبي السعدي من ولد سعد بن معاذ ولد سنة سبعين وثلثمائة سمع ابا الحسين بن بشران وغيره روى عنه اشياخنا وتوفي يوم السبت رابع رجب عن مائة واربع سنين ودفن بباب حرب
423 - احمد بن علي
ابن الحسن بن محمد بن عمرو بن ابي عثمان وكان من اهل نهر القلائين سمع ابا الحسن ابن الصلت وأبا احمد الفرضي وخلقا كثيرا وخوطب ان يستشهد فامتنع انبانا ابو القاسم السمرقندي قال سئل احمد بن ابي عثمان ان يستشهد فكلف

فقال اصبروا الى غد فأصبح ميتا
424 - السبيعي المقرىء
ولد سنة سبع وتسعين وثلثمائة وكان ثقة مكترا حدثنا عنه اشياخنا وتوفي فجاءة في ليلة الاربعاء الحادي عشر من ذي القعدة ودفن بالشونيزية وحضر جنازته ابو عبدالله الدامغاني وابو اسحاق الشيرازي
425 - داود بن ملك شاه
قد ذكرنا في الحوادث وفاته
426 - دبيس بن علي بن مزيد
الملقب ونور الدولة توفي عن ثمانين سنة كان فيها اميرا نيفا وستين سنة واقام ابنه ابو كامل مقامه ولقب بهاء الدولة
427 - عبدالله بن احمد
ابن رضوان ابو القاسم كان من كبار اهل بغداد مرض بالشقيقة وبقي ثلاث سنين مقيما في بيت مظلم لا يمكنه ان يرى ضوء او لا يسمع صوتا وتوفي يوم الخميس ثامن عشر ذي الحجة من هذه السنة ودفن بمقبرة جامع المنصور
428 - علي بن احمد
ابن علي ابو القاسم البسري البندار ولد في صفر سنة ثمانين وثلثمائة وسمع ابا طاهر المخلص وابا احمد الفرضي وابا الحسن بن الصلت في آخرين وكانت له اجازة من ابن بطة وكان ثقة صالحا وكان يسكن درب الزعفراني ثم انتقل الى باب المراتب وحدثنا عنه جماعة من مشايخنا وتوفي في يوم سادس رمضان ودفن من الغد في مقبرة جامع المدينة

النسخ الخطية لهذا المجلد
1 - نسخة محفوظة بمكتبة ايا صوفية باسلامبول

بسم الله الرحمن الرحيم
سنة 475
ثم دخلت سنة خمس وسبعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في يوم الثلاثاء حادي عشر صفر ورد بشير ان السلطان جلال الدولة اجاب الى تزويج ابنته من الخليفة وان فخر الدولة اخذ يده على ذلك وكان الخليفة قد تقدم الى الوزير فخر الدولة بالخروج الى اصبهان لذلك فخرج ومعه الهدايا والالطاف بنحو من عشرين الف دينار فوصل الى اصبهان فخرج نظام الملك والامراء فاستقبلوه واتفق ان توفي داود ابن السلطان وانزعج السلطان لذلك فلما انقضى الشهر خاطب فخر الدولة نظام الملك في هذا فقال ما استقر في هذا شيء فان رأيتم ان تجردوا الطلب من والدة الصبية فقيل له انت الذي تتولى هذا فمضى اليها فقال ان امير المؤمنين راغب في ابنتك فقالت قد رغب الى في هذا ملك غزنه بابنه وغيره من الملوك وبذل كل واحد اربعمائة الف دينار فان اعطاني امير المؤمنين هذا القدر كان هو احب الي فقال لها رغبة امير المؤمنين لا تقابل بهذا وجرى في ذلك مراجعات انتهت الى تسليم خمسين الف دينار عن حق الرضاع وهذه عادة الاتراك عند التزويج ومائة الف دينار بكتب المهر فقيل لها ما في صحبتنا مال معجل ونحن نحصل ها هنا عشرة الاف وننفذ من بغداد اربعين الفا فوقع الرضاء بهذا وشرع في تحصيل العرشة الاف فلم يكن لها وجه وعرف السلطان ذلك فتقدم بتأخيره لينفذ الكل من بغداد وقالت خاتون اذا ملكت ابنتي بأمير المؤمنين فاريد ان يخرج الى امه وعمته وجدته ومن يجري مجراهن من اهل بيته والمحتشمون من اهل دولته واحضر خواتين غزنة وسمرقند وخراسان ووجوه البلاد ويكون العقد بمحضرهم فطلب الوزير فخر الدولة ان تعطيه يدها على ذلك لتقع الثقة فاعظم نظام الملك عندها ان تردها بغير قضاء حاجته فاذن السلطان في ذلك واعطى يده وكانت من خاتون اقتراحات منها ان لا يبقى في دار الخليفة سرية ولا قهرمانة

وان يكون مقامه عندها
ووصل في جمادي الآخرة مؤيد الملك الى بغداد فخرج الموكب لتلقيه الى النهروان وخرج اليه عميد الدولة فلقيه في الحلبة وضربت له الدبادب والبوقات في وقت الفجر والمغرب والعشاء بازاء دار الخلافة فثقل ذلك وروسل حتى تركه وفي يوم الاحد سلخ شعبان وجدت امرأة مقتولة ملقاة في درب الدواب فاستدعى صاحب المعونة والحارس وامر بالاستكشاف عن هذا فقال بعض المجتازين ها هنا انسان اعرج يخبز القطائف يعرف هذه الامور فاستدعوه وتقدموا اليه بالبحث عن هذا فذكر ان بعض الممالك الاتراك فعل هذا فاحضر الغلام فانكر وبهته الاعرج فقال بعض الرجالة على المرأة آثار تبين وذلك يدل على انها قتلت في موضع فيه تبن فقيل له فتش الدور هناك فبدأ بدار الاعرج فرأى التبن فنبش تحت الدرجة فوجد حليا ودنانير كانت مع المرأة فبهت الاعرج وحمل الى الوزير فاستخلاه ولطف به فأقر بانه في هذه الليلة جمع بين هذه المرأة وبين رجل وانها اخذت من الرجل قراريط وانه طالبها بأجرته فقالت خذ ما تريد فوقع عليها فقتلها واخذ ما معها من الحلي والدنانير ورمى بها فسمع الشهود اقراره بذلك فحبس وحضرت ابنة المرأة وطالبت بقتله فقتل في يوم السبت سادس رمضان بالحلبة ودفن هناك
وفي شوال تكاملت عمارة جامع القصر المتصل بدار الخلافة وبني ما كان فيه خرابا واوسع وعمل له منبر جديد وقد كان فخر الدولة عمل فيه سقاية واجرى فيها الماء من داره في قنى تحت الارض وجعل لها فوارات فانتفع الناس بذلك منفعة عظيمة
وفي يوم الجمعة لخمس بقين من شوال عبر قاص من الاشعرية يقال له البكري الى جامع المنصور ومعه الفضولي الشحنة والاتراك والعجم بالسلاح فوعظ وكان هذا البكري فيه حدة وطيش وكان النظام قد انفذ ابن القشيري فتلقاه الحنابلة بالسب وكان له عرض فائق من هذا فأخذه النظام اليه وبعث اليهم هذا

الرجل وكان ممن لا خلاق له فأخذ يسب الحنابلة ويستخف بهم وكان معه كتاب من النظام يتضمن الاذن له في الجلوس في المدرسة والتكلم بمذهب الاشعرية فجلس في الاماكن كلها وقال لابد من جامع المنصور فقيل لنقيب النقباء فقال لا طاقة لي بأهل باب البصرة فقيل لابد من مدارة هذا الامر فقال ابعثوا الى اصحاب الشحنة فأقام على كل باب من ابواب الجامع تركيا ونادى من باب البصرة وتلك الاصقاع دعوا لنا اليوم الجامع فمنعهم من الحضور وحضر الفضولي الشحنة والاتراك والعجم بالسلاح وصعد المنبر وقال وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا ما كفر احمد بن حنبل وانما اصحابه فجاء الآجر فاخذ النقيب قوام الجامع وقال هذا من اين فقالوا ان قوما من الهاشميين تبطنوا السقف وفعلوا هذا وكان الحنابلة يكتبون اليه العجائب فيستخف بهم في جوابها واتفق انه عبر الى قاضي القضاة ابي عبد الله في يوم الاحد ثالث عشر شوال فاجتاز في نهر القلائين فجرى بين اصحابه واصحاب ابي الحسين ابن الفراء سباب وخصام فعاد الى العميد واعلمه بذلك فبعث من وكل بدار بن الفراء ونهبت الدار واخذ منها كتاب الصفات وجعله العميد بين يديه يقرئه لكل من يدخل اليه ويقول ايجوز لمن يكتب هذا ان يحمي او يؤوي في بلد قال المصنف فرأت بخط ابن عقيل انه لما انفذ نظام الملك ابن القشيري تكلم بمذهب ابي الحسن فقابلوه باسخف كلام على السن العوام فصبر لهم هنيئة ثم انفذ البكري سفيها طريقا شاهدا حواله الالحاد فحكى عن الحنابلة ما لايليق بالله سبحانه فأغرى بشتمهم وقال هؤلاء يقولون لله ذكر فرماه الله في ذلك العضو بالخبيث فمات وفيها حارب ملك شاه اخاه تكش فأسره ثم من عليه

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
1 - ابراهيم بن علي
ابن سهل بن عبد الله ابو ساحاق الحلبي سمع ابا القاسم بن بشران وروى عنه اشياخنا

قال شجاع بن فارس ولد

سنة
خمس وتسعين وثلاثمائة قال شيخنا ابو الفضل ابن ناصر توفي ابراهيم سنة خمس وسبعين واربعمائة ودفن بباب حرب
2 - عبد الوهاب بن محمد
ابن اسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي ابو عمرو بن ابي عبد الله من بيت العلم والحديث سمع الحديث الكثير وروى ورحل الناس اليه من الاقطار وحدثنا عنه اشياخنا وتوفي في جمادي الآخرة من هذه السنة باصبهان
3 - ابو نصر علي
ابن الوزير ابي القاسم هبة الله بن علي بن جعفر بن علكان بن محمد بن دلف بن ابي دلف العجلي الذي يقال له ابن ماكولا ولد سنة عشرين واربعمائة سمع الكثير وسافر في طلب الحديث وكان له علم به وصنف كتاب الاكمال جمع فيه بين كتاب الدارقطني في المؤتلف والمختلف وكتابي عبد الغني في المؤتلف وفي مشتبه النسبة وبين كتاب المؤتنف لابي بكر الخطيب ثم عمل كتابا آخر ذكر فيه اوهامهم في ذلك وسافر بآخرة نحو كرمان ومعه جماعة من مماليكه الاتراك فغدروا به وقتلوه وأخذوا الموجود من ماله وذلك في هذه السنة
4 - أبو منصور بن نظام الملك
وكان يلي خراسان توفي في هذه السنة وقيل انه اراد ملك شاه قتله فسم لئلا ينكر بذلك ابوه
سنة
ثم دخلت سنة ست وسبعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه خرج توقيع يوم الجمعة لخمس بقين من صفر الى الوزير عميد الدولة بعزلة تضمنه لكل اجل كتاب انصرف من الديوان الى دارك وخل ما انت منوط به من نظرك فخرج هو وولداه واهله الى دار المملكة من غير استئذان الخليفة ثم ساروا الى ناحية خراسان فكتب الخليفة الى السلطان

بأن بني جهير لا طريق الى اعادتهم واستخدامهم والتمس ان يبعدوا من العسكر ولا يؤوون وكان السبب في هذا الثقة بهم فصاروا متهمين فرتب في الديوان ابو الفتح المظفر ابن رئيس الرؤساء ابي القاسم بن المسلمة منفذا وناظرا وقد كان مرتبا على ابنيه الدار وغيرها ولما وصل بنو جهير تلقوا واكرموا وعقد للوزير فخر الدولة على ديار بكر وخلع عليه الخلع واعطى الكوسات واذن له في ضربها اوقات الصلوات الخمس بديار بكر والصلوات الثلاث الفجر والمغرب والعشاء في المعسكر السلطاني وفي جمادي الآخرة توفي ابو اسحاق الشيرازي فأجلس مؤيد الملك مكانه ابا سعد عبد الرحمن بن المأمون المتولى
وفي يوم الخميس النصف من شعبان خلع الخليفة على الوزير ابي شجاع محمد بن الحسين خلع الوزارة ولقب بظهير الدين وكان ابو المحاسن بن ابي الرضا قد نفق على السلطان كثيرا حتى عول عليه واطرح نظام الملك وضمن ابو المحاسن النظام بألف الف دينار فعرف النظام بذلك فصنع سماطا ودعا السلطان اليه وخلا به بعد ان اقام مماليكه والاتراك على خيولهم وكانوا اكثر من الف غلام وقال له ان قيل لك ايها السلطان انني آخذ عشر اموالك وارتفق بالشيء من اعمالك وعمالك وعمالك فانني اخرجه الى هذا العسكر الذي تراه بين يديك فان جامكيتهم يشمل على مائتي الف دنانير في كل سنة وطرح بين يديه ثبتا بما يتحصل له كل سنة وانه ما يكون اكثر من هذا المقدار وقال لو 4 لم افعل هذا لا حتجت ان يخرج لهم كل سنة من خزانتك وقد جمعتهم بسلاحهم فتقدم بنقلهم الى من تراه من الحجاب ويكون هذا العشر الذي آخذه منصرفا اليهم واخلص من التعب ومع هذا فقد خدمت جدك واباك وشيخت في دولتكم وانا والله مشفق من مضيك على ما انت عليه وخائف من عقبى ما انت خائض فيه وحمل من الجواهر وغيرها ما ملأبه عينه وضمن له استخراج مال آخر من المتكلمين عليه فاطلعه السلطان على ما جرى في معناه وحلف له وقبض على ابي المحاسن وحمله الى قلعة ساوة وقورت عيناه بالسكين وحملت الى السلطان فتقدم بطرحهما لكلب الصيد وأخذ من ابن

ابي الرضا مائتي الف دينار

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
5 - ابراهيم بن علي
ابن يوسف ابو اسحاق الفيروز ابادي الشيرازي ولد سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة وتفقه بفارس على ابي الفرج ابن البيضاوي وبالبصرة على الجزري وببغداد على ابي الطيب الطبري وسمع ابا علي بن شاذان والبرقاني وغيرهما وبنى له نظام الملك المدرسة بنهر المعلى وصنف المهذب والتنبيه والنكت في الخلاف واللمع والتبصرة والمعونة وطبقات الفقهاء وكانت له اليد البيضاء في النظر اخبرنا محمد بن ناصر قال انشدني ابو زكريا ابن على السلار العقلي ... كفاني إذا عز الحوادث صارم ... ينيلني المأكول بالأثر والاثر ... يقد ويفرى في اللقاء كأنه ... لسان ابي اسحاق في مجلس النظر ...
وكثر اتباعه ومالوا اليه وانتشرت تصانيفه لحسن نيته وقصده وكان طلق الوجه دائم البشر مليح المحاورة يحكى الحكايات الحسنة وينشد الاشعار المليحة وذلك انه حضر عند يحيى بن علي بن يوسف بن القاسم بن يعقوب الصوفي برباطه بغزنة يعزيه عن ابن شيخه المطهر بن ابي سعيد بن أبي الخير وكان قد غرق في الماء بالنهروان فأنشد ... غريق كأن الموت رق لاخذه ... فلان له في صورة الماء جانبه ... أبي الله ان انساه دهري فانه ... توفاه في الماء الذي انا شاربه ... وكان يعيد الدرس في بدايته مائة مرة قال المصنف رحمه الله قال شيخنا ابو بكر محمد بن عبد الباقي قال ابو اسحاق الشيرازي كنت اشتهي وقت طلبي العلم الثريد بماء الباقلاء سنين فما صح لي لاشتغالي بالدرس واخذي السبق بالغدوات والعشيات وكان يقول بترك التكلف حتى انه حضر يوما الديوان فناظر مع ابي نصر ابن القشيري فأحس في كمه بثقل فقال له يا سيدي ما هذا فقال قرصتي الملاح وكان قشف العيش متورعا ورأى رسول الله صلى الله عليه و سلم في المنام

فقال له يا شيخ فكان يفتخر بهذا وحكى ابو سعد بن السمعاني عن جماعة من اشياخه انه لما قدم ابو اسحاق الشيرازي رسولا الى نيسابور تلقاه الناس وحمل امام الحرمين ابو المعالي الجويني غاشيته ومشى بين يديه كالخدم وقال انا افتخر بهذا انشدنا ابو نصر احمد بن محمد الطوسي قال انشدنا ابو اسحاق لنفسه ... سألت الناس عن خل وفي ... فقالوا ما الى هذا سبيل ... تمسك ان ظفرت بود حر ... فان الحر في الدنيا قليل ...
وانبأنا ابو نصر قال صحبت الشيخ ابا اسحاق الشيرازي في طريق فانشدني ... اذا طال الطريق عليك يوما ... فليس دواؤه إلا الرفيق ... تحدثه وتشكوما تلاقي ... ويقرب بالحديث لك الطريق ...
وسئل يوما التأويل فقال حمل الكلام علي اخفي محتمله توفي ليلة الاحدالحادي والعشرين من جمادي الآخرة من هذه السنة في دار المظفر اين رئيس الرؤساء بدار الخلافة من الجانب الشرقي غسلة ابو الوفاء بن عقيل وصلى عليه بباب الفردوس لأجل نظام الملك واول من صلى علية المقتدي بأمر الله وتقدم في الصلاة عليه ابو الفتح المظفر ابن رئيس الرؤساء وهو حينئذ نائب بالديوان ثم حمل الي جامع القصر فصلى عليه ودفن بباب ابرز وقبره ظاهر والعجب انه لم يقدر له الحج قال بعض اصحابه لم يكن له شئ يحج به ولو اراد الحملوه على الأحداق قال وكذلك ابو عبد الله الدامغاتي لم يقدر له الحج الأ ان ذاك كان يمكنه ولم يفعل وحدثني ابو يعلى بن الفراء قال رأيت ابا ا سحاق الشيرازي في المنام فقلت له اليس قدمت فقال لاوالله ما مت ثم ابرأ الي الله من المدرسة وما فيها قلت أليس قد دفنت في التربة التي ببيت فلان فقال لاوالله مامت
6 - طاهر بن الحسين
ابن احمد بن عبد الله ابو الوفاء القواس ولد سنة تسعين وثلثمائة وقرأ القرآن الكريم علي ابي الحسن الحمامي وسمع الحديث من هلال الحفار وابي الحسين بن بشران وغيرهما وتفقه علي ابي الطيب الطبري ثم تركه وتفقه على القاضي ابي يعلى

وأفتى ودرس وكانت له حلقة بجامع المنصور للمناظرة والفتوى وكان ثقة ورعا زاهدا ولازم مسجده المعروف بباب البصرة لا يبرح منه خمسين سنه روى لنا عنه ا شيا خنا وتوفي يوم الجمعة سابع عشر شعبان من هذه السنه ودفن الى جانب الشريف ابي جعفر في دكة الامام احمد ين حنبل
7 - عبد الله بن عطاء
ا بن عبد الله محمد الابراهيمي من اهل هراة رحل في طلب الحديث وعني بجمعة سمع بهراة من ابي عمر المليحي وابي اسمعيل الانصاري وغيرهما وببو شنج من ابي الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي وكان يخرج الأمالي وسمع بنيسابور وباصبهان وببغداد حدثنا عنه مشايخنا وكان حافظا متقنا قال ابو زكريا ابن منده الحافظ كان حافظا صدوقا وقدح فيه هبة الله بن المبارك السقطي فقال كان يصحف اسماء الرواة والمتون ويصر علي غلطة ويركب الاسانيد على متون والسقطي لايقبل قوله توفي ابو محمد بن عطاء في هذه السنة في طريق مكة حين عاد عنها
8 - محمد بن احمد
ابن محمد بن اسمعيل بن عبد الجبار بن مفلح ابو طاهر بن ابي السقر الانباري الخطيب ولد ليلة الاربعاء منتصف ذي الحجة سنه ست وسبعين وثلثمائة وسمع خلقا كثيرا وكان من الجوالين في الآفاق والمكثرين من شيوخ الامصار وكان يقول هذه كتبي احب الي من وزنها ذهبا وكان ثقة ثبتا فاضلا صواما قواما حدثنا عنه جماعة من ا شياخنا وقد سمع منه ابو بكر الخطيب روي عنه في مصنفاته فقال حدثنا محمد بن احمد بن محمد اللخمي توفى في شعبان هذه السنه وقيل في جمادى الآخرةودفن بالانبار
9 - محمد بن احمد
ابن الحسن ابو عبد الله بن جردة اصله من عكبرا ورد بغداد فزوجة ابو منصور

ابن يوسف ابنته وكان شيخا لم ير أحسن منه واظهر صباحة وكان اصل بضاعته عشرة نصافي ينحدر بها من عكبرا الى بغداد ووسع عليه الرزق حتى كان يحزر بثلثمائة الف دينار وهو الذي دفع الى قريش بن بدران عند مجيئة مع البساسيري عشرة آلاف دينار حتى حمى داره من النهب وكان فيها خاتون خديجة زوجة القائم ولما اجتمعت بعمها طغر لبك احبرته بحقه عليها فجاء الي داره شاكرا وكانت داره بباب المراتب يضرب بها المثل وكانب تشتمل على ثلاثين دارا وعلى بستان وحمام ولهما باباب علي كل باب مسجد اذا اذن في احدهما لم يسمع الآخر وكان لايخرج عن حال التجار في ملبسه ومأكلة وهو الذي بني المسجد المعروف به بنهر معلى وقد ختم فيه القرآن الوف توفي ليلة الاربعاء ودفن يوم الاربعاء عاشر ذي القعدة من هذه السنة في التربة الملاصقة لتربة القزويني بالحربية

سنة
ثم دخلت سنة سبع وسبعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان كوكبا انقض في ليلة الثلاثاء لعشر بقين من صفر من المشرق الى المغرب كان حجمه كحجم القمر ليلة البدر وضوءه كضوئه وسار مدى بعيدا على تمهل وتؤدة في نحو ساعة ولم يكن له شبه في الكواكب المنقضة وفي شوال اعطى الخليفة الوزير ابا شجاع اقطاعا ببضعة عشر الف دينار وخرج التوقيع بمدحه الوافر
وفي هذا الشهر اعاد السلطان ملكشاه جماعة من اولاد العرب الذين اخذوا في وقعة بينهم وبين التركمان وجمالا كثيرة
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
10 - اسمعيل بن مسعدة
ابن اسمعيل بن ابراهيم ابو القاسم الجرجاني الاسماعيلي ولد سنة واربعمائة وسمع الكثير وكان دينا فاضلا متواضعا وافر العقل تام المروءة صدوقا يفتي ويدرس

وكان بيته جامعا لعلم الحديث والفقه ودخل بغداد سنة اثنتين وسبعين فحدث بها فسمع منه جماعة من شيوخنا وحدثونا عنه توفي بجرجان في هذه السنة
11 - احمد بن محمد
ابن دوست ابو سعد النيسابوري الصوفي صحب ابا سعيد بن ابي الخير مدة وسافر الكثير وحج مرات حتى انقطعت طريق الحج وكان يجمع جماعة من الفقراء ويخرج معهم ويدور في قبائل العرب فينتقل من حلة الى حلة وقدم مرة من البادية فنزل عند صاحبه ابي بكر الطريثيثي وكانت له زاوية صغيرة فقال له يا ابا بكر لو بنيت للاصحاب موضعا اوسع من هذا ارفع بابا فقال له اذا بنيت رباطا للصوفية فاجعل له بابا يدخل فيه جمل براكبه فذهب ابو سعد الى نيسابور فباع جميع املاكه وجاء الى بغداد وكتب الى القائم بأمر الله يلتمس منه خربة يبني فيها رباطا وكانت له خدمة في زمن البساسيرى فأذن له وامر بعرض المواضع عليه فبنى الرباط وجمع الاصحاب واحضر ابا بكر الطريثيثي واركب رجلا جملافدخل راكبا من الباب فقال يا ابا بكر قد اتثلت ما رسمت ثم جاء الغرق في سنة ست وستين فهدم الرباط فأعاده اجود مما كان وكان قبل بناء الرباط ينزل في رباط عتاب فخرج يوما فرآى الخبز النقي فقال في نفسه ان الصوفية لا يرون مثل هذا فان قدر لي بناء رباط شرطت في سجله ان لا يقدم بين يدي الصوفية خشكار فهم الآن على ذلك وتوفي ليلة الجمعة ودفن من يومه تاسع ربيع الاخر من هذه السنة ودفن في مقبرة باب ابرز وقد نيف على السبعين واوصى ان يستخلف ابنه فاستخلف وكان له اثنا عشرة سنة
12 - احمد بن المحسن
ابن محمد بن علي بن العباس بن احمد بن العطار الوكيل ابو الحسن بن ابي يعلي بن ابي بكر بن الحسن ولد سنة احدى واربعمائة وسمع ابا علي بن شاذان وابا القاسم الخرقي وابا الحسن بن مخلد وغيرهم روى عنه اشياخنا وكان عالما بالوكالة

والشروط متبحرا في ذلك حتى ضرب به المثل في الوكالة وكان فيه ذكاء مفرط ودهاء غالب قال شيخنا عبد الوهاب الانماطي سمعت منه وهو صدوق صحيح السماع الا ان افعاله كانت مدبرة وقال شيخنا ابو بكر بن عبد الباقي طلق رجل امرأته فتزوجت بعد يوم فجاء الزوج المطلق الى القاضي ابي عبد الله البيضاوي وكان يلي القضاء بربع الكرخ فقال له طلقت امس وتزوجها اليوم فتقدم القاضي بأن تحضر وتركب الحمار ويطاف بها في السوق فمضت المرأة الى ابن محسن واعطته مبلغا من المال فجاء الى القاضي وقال له يا سيدنا القاضي الله الله لا يسمع الناس هذا ويظنون انك لا تعرف هذا القدر فقال له القاضي طلقها امس وتزوجت اليوم فأين العدة فقال هذه كانت حاملا فطلقها امس ووضعت البارحة ومات الولد فتزوجت اليوم فسكت القاضي وتخلصت المرأة توفي يوم الثلاثاء عاشر رجب من هذه السنة
13 - عبد الرحيم بن الحسين
ابن عبد الرحيم ابو عبد الله اصله واصل بني عبد الرحيم من براز الروم للملك ابي كاليجار وللملك ابي نصر وخلصت له اموال كثيرة وكان كريما وقتله ابو نصر في المملكة في رمضان هذه السنة وعمره تسع واربعون سنة
14 - عبد السيد بن محمد
ابن عبد الواحد بن احمد بن جعفر ابو نصر ابن الصباغ ولد سنة اربعمائة ببغداد وسمع ابا الحسين بن الفضل القطان وبرع في الفقه وكان فقيه العراق وكان يضاهي ابا اسحاق الشيرازي ويقدم عليه في معرفة المذهب وغيره وكان ثقة ثبتا دينا خيرا ومن تصانيفه الشامل والكامل وتذكره العالم والطريق السالم ولي التدريس بالنظامية ببغداد قبل ابي اسحاق عشرين يوما ثم بعد وفاة ابي اسحاق وكان قد سافر الى السلطان ففعل معه هناك كل جميل فاقام بعد قدومه ثلاثة ايام يهنأ بذلك قال ابو الوفاء بن عقيل ما كان يثبت مع قاضي القضاة

ابي عبد الله الدامغاني ويشفى في مناظرته من اصحاب الشافعي مثل ابي نصر الصباغ توفي بكرة الثلاثاء ثالث عشر جمادي الاولى من هذه السنة ودفن في داره بدرب السلولي من الكرخ ثم نقل الى مقبرة باب حرب
15 - محمد بن احمد
ابن محمد بن احمد بن القاسم بن اسمعيل ابو الفضل المحاملي ولد

سنة
ست واربعمائة وسمع ابا الحسين بن بشران وابا علي بن شاذان وابا الفرج بن المسلمة وغيرهم وتفقه على ابيه وابوه صاحب التعليقة وحدث عنه مشايخنا وكان فهما فطنا ثم انه دخل في اشغال الدنيا وتوفي يوم الخميس خامس رجب ودفن بمقبرة باب حرب في هذه السنة
16 - مسعود بن ناصر
ابن عبد الله بن احمد بن محمد بن اسمعيل أبو سعيدالشجري أقام مدة ببغداد يدور على الشيوخ ويفيد الواردين سمع بها من ابي طالب بن غيلان وابي بكر بن بشران وابي القاسم التنوخي وابي محمد الخلال الجوهري وسمع بواسط وبهراة ونيسابور وسجستان وعيرهما وجال في الآفاق وسمع منه ابو بكر الخطيب وحصل كتبا كثيرة ونسخا نفيسة وكان حسن الخط صحيح النقل حافظا ضابطا متقنا ومكثرا واحتبسه نظام الملك بناحية بيهق مدة ثم بطوس للاستفادة منه ثم انتقل في آخر عمره الى نيسابور فاستوطنها ووقف كتبه فيها في مسجد عقيل وقال ابو بكر بن الخاضبة وكان مسعود قد ريا سمعته يقرأ الحديث فلما اتى على حديث ابي هريرة احتج آدم وموسى في الحديث وقال فحج آدم موسى فجعل موسى فاعلا وآدم محجوجا وتفرع في ذلك وجرت قصة وتوفي في جمادي الآخرة من هذه السنة بنيسابور وصلى عليه ابو المعالي الجويني
سنة
ثم دخلت سنة ثمان وسبعين واربعمائة

فمن الحوادث فيها انه وصل الخبر في المحرم بان ارجان زلزلت وماتا خمها من النواحي وهلك خلق وسقطت منارة الجامع وهلك تحت الردم امم من الادميين والمواشي
وفي ربيع الاول هبت ريح عظيمة بعد العشاء واسودت الدنيا وادلهمت وكثر الرعد والبرق وعلا على السطوح رمل عظيم وتراب وكانت النيران تضطرم في جوانب السماء ووقعت صواعق بألسن والبوازنج وكسرت بالنيل نخيل كثيرة وغرقت سفن وخر كثير من الناس على وجوههم فاستمر ذلك الى نصف الليل حتى ظنوا انها القيامة ثم انجلت
وفي هذا الشهر ولد للمقتدي ولد سماه حسينا وكناه ابا عبد الله وجلس النائب بالديوان العزيز بباب الفردوس للتهنئة به وضربت الطبول والبوقات وكثرت الصدقات وخرج توقيع من امير المؤمنين وفيه قد رفع الى مجلس العرض الاشرف حال بني اليهود وتظاهرهم بما حظر على اهل الذمة المظاهرة به فمتى تعدوا شرطا مما اخذ منهم نقضوا العهد وبرئت منهم الذمة قال الله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم
وفي جمادي الاولى فتح فخر الدولة ابو نصر ميافارقين عنوة فتم له بذلك الاستيلاء على ديار بكر
وفيه بدأ الطاعون ببغداد ونواحيها وكان عامة امراضهم الصفراء بينا الرجل في شغله اخذته رعدة فخر لوجهه ثم عرض لهم شناج وبرسام وصداع وكان الاطباء يصفون مع هذه الامراض اكل اللحم لحفظ القوة فانهم ما كانت تزيدهم الحمية الا قوة مرض وكانوا يسمونها مخوية وتقول الاطباء ما رأينا مثل هذه الامراض لا تلائمها المبردات ولا المسخنات واستمر ذلك الى آخر رمضان خمسة ايام وستة ثم يأتي الموت وكان الناس يوصون في حال صحتهم وكان الميت يلبث يوما ويومين لعدم غاسل وحامل وحافر وكان الحفارون يحفرون عامة ليلتهم بالروحانية ليفي ذلك بمن يقبر نهارا ووهب المقتدي للناس ضيعة تسمى الاجمة

فامتلأت بالقبور وفرغت قرى من اهلها منها المحول وحكى بعض الاتراك انه مر بالمحول فرأى كثرة الموتى طفلة على باب بيت تنادي هل من مسلم يؤجر في فيأخذني فان ابي وامي واخوتي هلكوا في هذا البيت فنزلت فاذا في البيت تسعة اموات فسرت ثم عن لي اخذ الطفة فعدت فاذا بها في صدر امها ميتة وحكى عبيد الله بن طلحة الدامغاني ان دربا من دروب التوثة مات جميع اهله فسد باب الدرب وهلك عامة اهل باب البصرة واهل حربي وعم هذا الطاعون خراسان والشام والحجاز وتعقبه موت الفجأة ثم اخذ الناس الجدري في اطفالهم ثم تعقبه موت الوحوش في البرية ثم تلاه موت الدواب والمواشي ثم قحط الناس وعزت الالبان واللحوم ثم اصاب الناس بعد ذلك الخوانيق والاورام والطحال وامد المقتدى بأمر الله الفقراء بالادوية والمال ففرق ما لا يحصى وتقدم الى اطباء المارستان بمراعاة جميع المرضى
وفي جمادي الاخرة هبت ريح سوداء وادلهمت السماء وكان في خلال ذلك نار وتراب كالجبال يسير بين السماء والارض فانجلت وقد هلك خلق كثير من الناس والبهائم ودخل اللصوص الحمامات فأخذوا ثياب الناس ونهبو الاسواق وغرقت سفن وسقط رأس منارة باب الازج
وفي شعبان بدأت الفتن بين اهل الكرخ ومحال السنة ونهبت قطعة من نهر الدجاج وقلعت الاخشاب حتى من المساجد وضرب الشحنة خيما هناك حتى انكف الشر وفي يوم الخميس ثاني عشر شعبان خلع علي ابي بكر محمد بن المظفر الشامي في الديوان وولى قضاء القضاة قال عبد الله بن المبارك السقطي لما توفي محمد بن علي الدامغاني وكان يحمل اليه اموال كثيرة من الامصار وترشح ولده لقضاء القضاة وبذل مالا جزيلا فرأى امير المؤمنين رفع الظنة عنه بقبول مال فعدل الى الشامي فخرج التوقيع بولايته فاستبشر الناس
وفي رمضان تكلم بهراة متكلم فلسفي فانكر عليه عبد الله الانصاري فتعصب لذلك قوم فافتتنت هراة وخرج ذلك المتكلم الى فوسنج بعد أن اثخن ضربا

واحرقت داره فلجأ الى دار القاضي ابي سعد بن ابي يوسف مدرس فوسنج فأتبعه قوم من اصحاب الانصاري الى فوسنج وهجموا عليه ونالوا منه ومن ابي سعد فافتتنت فوسنج وسود باب مدرسة النظام وكانت فيها جراحات فبعث النظام فقبض على الانصاري فابعده عن هراة حتى خبت الفتنة ثم اعاده الى هراة
وفي ذي القعدة جاء سيل لم يشاهد مثله منذ سنين فغرق عامة المنازل ببغداد ودام يوما وليلة وبقي اثر ذلك السحاب في البرية الى الصيف
وفي هذا الشهر قبض بدر الجمالي امير مصر على ابنه الاكبر واربعة من الامراء كان الولد قد واطأهم على قتل ابيه لينفرد بالملك فوشى بذلك خازن احد الامراء فأخذ الاربعة وضرب رقابهم وصلبهم وعفى اثر ولده فقال قوم قطع عنه القوت فمات وقال قوم غرقه وقال قوم دفنه حيا وكان بدر هذا قد نفى عن مصر والقاهرة كل من وقعت عليه سيماء العلم بعد ان قتل خلقا كثيرا من العلماء وقال العلماء اعداء هذه الدولة هم الذين ينهبون العوام على ما يقولونه ونفى مذكري اهل السنة وحمل الناس ان يكبروا خمسا على الجنائز وان يسدلوا ايمانهم في الصلاة وان يتختموا في الايمان وان يثوبوا في صلاة الفجر حي على خير العلم وحبس اقواما رووا فضائل الصحابة وزاد نيل مصر في هذه السنة زيادة لم يعهدوها من سنين وكثر الخصب
وفي ذي الحجة ثارت الفتن بين اهل الكرخ والسنة واحرق شطر من الكرخ ومن باب البصرة وعبر الشحنة فأحرق من باب البصرة وقتل هاشميا فعبر اهل باب البصرة الى الديوان ورجموا المتعيشين في الحريم وغلقوا الدكاكين فنفذ من منع الشحنة منهم واصلح بينهم
ومما حدث في هذه السنة ان رجلا من الهاشميين يقال له ابن الحب كانت له بنت فهويها جار لهم وهويته فافتضها فدخل ابوها فرآها على تلك الحال فغشي عليه ثم افاق بعد زمان وجرد سيفه وعدا ليقتلها فهربت الى جيرانها ثم ظفر بها فسألها

عن الحال فاعترفت فمضى الى الديوان في جماعة من الهاشميين يستنفر على الرجل فلم تثبت له بينة ولا اقر الرجل فحبس الشريف ابنته في بيت وسد عليها الباب وكان لها اخ يرمي اليها من روزنة البيت يسيرا من القوت فعلم ابوها فأخرجه من الدار فبقيت اياما ليس لها قوت فماتت
ومما حدث ان قوما وقعوا على حاج مصر فقتلوا خلقا كثيرا منهم واخذوا اموالهم وعاد من سلم غير حاج
وخرج توقيع من المقتدى بأمر الله بنقض ما علا من دور بني الحرر اليهود وسد ابواب لهم كانت تقابل الجامع واخذ عليهم غض الصوت بقراءة التوراة في منازلهم واظهار الغيار على رؤسهم ونودي بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتقدم الى والي كل محلة بالسد من الطائفة الصمدية واريقت المخمور وكسرت الملاهي ونقضت دور اهل الفساد

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
17 - احمد بن محمد
ابن الحسن بن محمد بن ابراهيم بن ابي ايوب ابو بكر الفوركي وهو سبط ابي بكر ابن فورك نزل بغداد واستوطنها وكان متكلما مناظر واعظا وكان ختن ابي القاسم القشيري على ابنته وكان يعظ في النظامية فوقعت بسببه الفتنة في المذاهب وكان مؤثرا للدنيا طالبا للجاه لا يتحاشى من لبس الحرير وقد سمع من اصحاب الاصم وقيل لابي منصور بن جهير نحضره لنسمع منه فقال الحديث اصلف من الحال التي هو عليها فاستحسن الناس ذلك منه وقال شيخنا ابو الفضل ابن ناصر كان داعية الى البدعة يأخذ كسر الفحم من الحدادين ويأكل منه وتوفي في شعبان هذه السنة عن نيف وستين سنة ودفن عند قبر الاشعري بمشرعة الروايا من الجانب الغربي
18 - الحسين بن علي
ابو عبد الله المردوسي كان رئيس زمانه وكان قد خدم في زمن بني بويه وبقي الى

زمان المقتدي وارتفع امره حتى كانت ملوك الاطراف تكتب اليه عبده وخادمه وكان كامل المروءة لا يسعى الا في مكرمة وكان كثير البر والصدقة والصوم والتهجد وحفر لنفسه قبرا واعد كفنا قبل وفاته بخمسين سنة وتوفي عن خمس وتسعين ودفن بمقبرة باب التبن
19 - حمزة بن علي
ابن محمد بن عثمان ابو الغنائم ابن السواق البندار ولد سنة اثنتين واربعمائة وسمع من ابي الحسين بن بشران وغيره وكان ثقة صدوقا من اثبت المحدثين حدثنا عنه اشياخنا وتوفي في شعبان هذه السنة
20 - عبد الله بن محمد
ابو الحسن البستي قاضي الحريم الشريف ولد سنة اربع وتسعين وثلثمائة وتوفي في هذه السنة
21 - عبد الرحمن بن مأمون
ابن علي ابو سعد المتولي ولد سنة ست وعشرين واربعمائة وسمع الحديث وقرأ الفقه على جماعة ودرس بالنظامية ببغداد بعد ابي اسحاق ودرس الاصول مدة ثم قال الفروع اسلم وكان فصيحا فاضلا وتوفي ليلة الجمعة ثامن عشر شوال من هذه السنة وصلى عليه ابو بكر الشامي ودفن بمقبرة باب ابرز
22 - عبد الملك بن عبد الله
ابن يوسف ابو المعالي الجويني الملقب امام الحرمين من اهل نيسابور وجوين قرية من قرى نيسابور ولد سنة سبع عشرة واربعمائة وتفقه في صباه على والده وله دون العشرين سنة فأقعده مكانه للتدريس فأقام التدريس وسمع الحديث الكثير في البلاد وفي بغداد من ابي محمد الجوهري وروى عنه شيخنا زاهر بن طاهر الشحامي وخرج الى الحجاز فأقام بمكة اربع سنين وعاد الى نيسابور فجلس للتدريس ثلاثين سنة قد سلم اليه التدريس والمحراب والمنبر

والخطابة ومجلس التذكير يوم الجمعة وكان يحضر درسه كل يوم نحو ثلثمائة وتخرج به جماعة من الاكابر حتى درسوا في حياته وصرف اكثر عنايته في آخر عمره الى تصنيف الكتاب الذي سماه نهاية المطلب في دراية المذهب وكان ابو احساق يقول له انت امام الائمة وكان الجويني قد بالغ في الكلام وصنف الكتب الكثيرة فيه ثم رآى ان مذهب السلف اولى فروى عنه ابو جعفر الحافظ انه قال ركبت البحر الاعظم وغصت في الذي نهى اهل الاسلام عنه كل ذلك في طلب الحق وكنت اهرب في سالف الدهر من التقليد والان فقد رجعت عن الكل الى كلمة الحق عليكم بدين العجائز فان لم يدركني الحق بلطف بره والا فالويل لابن الجويني وانبأنا ابو زرعة عن ابيه محمد بن طاهر المقدسي قال سمعت ابا الحسن القيرواني وكان يختلف الى درس ابي المعالي الجويني يقرأ عليه الكلام يقول سمعت ابا المعالي اليوم يقول يا اصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو علمت ان الكلام يبلغ الى ما بلغ ما اشتغلت به قال المصنف رحمه الله وشاع عن ابي المعالي انه كان يقول ان الله يعلم جمل الاشياء ولا يعلم التفاصيل فواعجبا اترى التفاصيل يقع عليها اسم شيء اولا فان وقع عليها اسم شيء فقد قال الله وهو بكل شيء عليم وكنا يكل شيء عالمين ونقلت من خط ابي الوفاء بن عقيل قال قدم ابو المعالي الجويني بغداد اول ما دخل الغز وتكلم في ابي اسحاق وابي نصر بن الصباغ وسمعت كلامه قال وذكر الجويني في بعض كتبه ما خالف به اجماع الامة فقال ان الله تعالى يعلم المعلومات من طريق الجملة لا من طريق التفصيل قال وذكر لي الحاكي عنه وهو من الفضلاء من مذهبه انه ذكر على ذلك شبهات سماها حججا برهانية قال ابن عقيل فقلت له يا هذا تخالف نص الكتاب قال الله تعالى وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين وقال يعلم ما في انفسكم ويعلم ما في الارحام ويعلم السر واخفى وهو بكل شيء عليم ثم انتقل الى بيان علم ما لم يكن ان لو كان كيف كان يكون فقال لو ردوا لعادوا وهذا من جهة السمع فأما من

جهة العقل فانه خلق جميع الاشياء الكليات والجزئيات وهذا غاية الدليل على الاحاطة بتفاصيل احوالها ومعلوم ان دقائق حكمته المدفونة في النحل وهو ذباب من سمع وبصر وتهد الى دقائق الاتقان في عمل البيوت والادخار للاقوات ما يبطل هذا ولو صح ما قال كانت الجزئيات في حيز الاهمال ومن نعي عن نفسه الجهل واثبت لها العلم كيف يقال فيه هذا وقد عجبت من تهجمه بمثل هذا وهذه المقالة غاية الضلالة هذا كله كلام ابن عقيل وحكى هبة الله بن المبارك السقطي قال قال لي محمد بن الخليل البوشنجي حدثني محمد بن علي الهريري وكان تلميذ ابي المعالي الجويني قال دخلت عليه في مرضه الذي مات فيه واسنانه تتناثر من فيه ويسقط منه الدود لا يستطاع شم فيه فقال هذا عقوبة تعرضي بالكلام فاحذره مرض الجويني اياما وكان مرضه غلبة الحرارة وحمل الى بشتنقان لاعتدال الهواء فزاد ضعفه وتوفي ليلة الاربعاء بعد العشاء الخامس والعشرين من ربيع الاخر من هذه السنة عن تسع وخمسين سنة ونقل في ليلته الى البلد ودفن في داره ثم نقل بعد سنين الى مقبرة الحسين فدفن الى جانب والده وكان اصحابه المقتبسون من علمه نحو اربعمائة يطوفون في البلد وينوحون عليه
23 - محمد بن احمد
ابن ذي البراعتين ابو المعالي من اهل باب الطاق حدث عن ابي القاسم بن بشر وحدث عنه شيخنا ابو القاسم السمرقندي وكان يتصرف في اعمال السلطان وقال شيخنا ابن ناصر كان رافضيا لا تحل الرواية عنه توفي في رمضان هذه السنة
24 - محمد بن احمد
ابن عبد الله بن احمد بن الوليد ابو علي المعتزلي من الدعاة كان يدرس علم الاعتزال وعلم الفسلفة والمنطق فاضطره اهل السنة الى ان لزم بيته خمسين سنة لا يتجاسر ان يظهر ولم يكن عنده من الحديث سوى حديث واحد لم يرو غيره سمعه من شيخه ابي الحسين بن البصري ولم يرو ابو الحسين غيره وهو قوله عليه السلام

اذا لم تستحي فاصنع ما شئت فكأنهما خوطبا بهذا الحديث لانهما لم يستحييا من بدعتهما التي خالفا بها السنة وعارضاها بها ومن فعل ذلك فما استحيا ولهذا الحديث قصة عجيبة وهو انه رواه القعنبي عن شعبة ولم يسمع من شعبة غيره وفي سبب ذلك قولان احدهما ان القعنبي قدم البصرة ليسمع من شعبة ويكثر فصادف مجلسه وقد انقضى فمضى الى منزله فوجد الباب مفتوحا وشعبة على البالوعة فهجم فدخل من غير استئذان وقال انا غريب قصدت من بلد بعيد لتحدثني فاستعظم شعبة ذلك وقال دخلت منزلي بغير اذني وتكلمني وانا على مثل هذه الحال اكتب حدثنا منصور عن ربعي عن ابي مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال اذا لم تستحي فاصنع ماشئت ثم قال والله لاحدثتك غيره ولا حدثت قوما انت معهم والثاني انبأنا محمد بن ناصر قال انبأنا الحسن بن احمد البناء قال اخبرنا هلال بن محمد بن جعفر قال حدثنا احمد بن محمد بن الصباح قال حدثنا ابراهيم بن عبد الله الكشي قال حدثنا بعض القضاة عن بعض ولد القعنبي قال كان ابي يشرب النبيذ ويصحب الاحداث فقعد يوما ينتظرهم على الباب فمر شعبة والناس خلفه يهرعون فقال من هذا قيل شعبة قال واي شعبة قيل محدث فقام اليه وعليه ازار احمر فقال له حدثني قال له ما انت من اصحاب الحديث فشهر سكينه فقال اتحدثني او اجرحك فقال له حدثنا منصور عن ربعي عن ابي مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اذا لم تستحي فاصنع ما شئت فرمى سكينه ورجع الى منزله فاهراق ما عنده ومضى الى المدينة فلزم مالك بن انس ثم رجع الى البصرة وقد مات شعبة فما سمع منه غير هذا الحديث وقال شيخنا ابن ناصر كان ابن الوليد داعية الى الاعتزال لا تحل الرواية عنه قال المصنف رحمه الله قرأت بخط ابي الوفاء بن عقيل قال جرت مسألة بين ابي علي بن الوليد وابي يوسف القزويني في اباحة الولدان في الجنة أي في امراجهم في جماعة وانشاء شهوتهم لذلك قال ابو علي بن الوليد لا يمتنع ان يجعل من جملة لذاتهم ذلك لزوال المفسدة فيه في الجنة لانه انما منع من في الدنيا لما فيه من قطع النسل وكونه محلا للاذى

وليس في الجنة ذلك ولذلك امرجوا في شرب الخمر لما امن من السكر وغئلته من العربدة والعداوة وزوال العقل فلما امن ذلك من شربها لم يمنع من الالتذاذ بها فقال ابو سوسف ان الميل الى الذكور عاهة وهو قبيح في نفسه اذ لم يخلق هذ المحل للوطيء ولهذا لم يبح في شريعة بخلاف الخمر وانما خلق مخرجا للحدث واذا كان عاهة فالجنة منزهة عن العاهات فقال ابو علي ان العاهة هي التلويث بالاذى واذا لم يكن اذى لم يكن الا مجرد الالتذاذ فلا عاهة قال ابن عقيل قول ابي يوسف كلام جاهل انما حرم بالشرع وكما عادت الاجزاء كلها لاشتراكها في التكليف ينبغي ان تعاد القوى والشهوات لانها تشارك الاجزاء في التكليف ويتعصب بالمنع من قضاء اوطارها والممتنع من هذا معالج طبعه بالكف فينبغي ان تقابل هذه المكابدة بالاباحة ثم عاد وقال لا وجه لتصوير اللواط لانه ما يثبت ان يخلق لاهل الجنة مخرج غائط اذ لا غائط توفي ابن الوليد في ليلة الاحد ثالث ذي الحجة من هذه السنة ودفن بالشونيزيه
25 - محمد بن علي
ابن محمد بن الحسين بن عبد الملك بن عبد الوهاب بن حمويه ابو عبد الله الدامغاني ولد في ليلة الأثنين ثامن ربيع الاخر سنة ثمان وتسعين وثلثمائة بدمغان وتفقه ببلده ثم دخل الى بغداد يوم الخميس سادس عشرين رمضان سنة تسع عشرة فتفقه على ابي عبد الله الحسين بن علي الصيمري وابي الحسين احمد بن محمد القدوري وسمع منهما الحديث وبرع في الفقه وخص بالعقل الوافر والتواضع فارتفع وشيوخه احياء وانتهت اليه الرياسة في مذهب العراقيين وكان فصيح العبارة كثير النشوار في درسه سهل الاخلاق روى عنه شيوخنا وعانى الفقر في طلب العلم فربما استضوأ بسراج الحارس وحكى عنه ابو الوفاء ابن عقيل انه قال كان لي من الحرص على الفقه في ابتداء امري اني كنت اخذ المختصرات وانزل الى دجلة اطلب افياء الدور الشاطئية والمسنيات فانظر في الجزء واعيده ولا اقوم الا وقد حفظته فأدى بي السعي الى مسناة الحريم الطاهري فجلست

في فيئها التخين وهوائها الرقيق واستغرقني النظر فاذا شيخ حسن الهيئة قد اطلع على ثم جائني بعد هنيئة فراش فقال قم معي فقمت معه حتى جاء بي الى باب كبير وعليه جماعة حواش فدخل بي الى دار كبيرة وفيها دست مضروب ليس فيها احد فأدناني منه فجلست واذا بذلك الشيخ الذي اطلع على قد خرج فاستدناني منه وسألني عن بلدي فقلت دامغان وكان علي قميص خام وسخ وعليه آثار الحبر فقال ما مذهبك وعلى من تقرأ فقلت حنفي قد مت منذ سنين واقرأ على الصيمري وابن القدوري فقال من اين مؤنتك قلت لا جهة لي اتمون منها فقال ما تقول في مسألة كذا من الطلاق وبسطني ثم قال تجيء كل خميس الى ها هنا فلما جئت اقوم اخذ قرطاسا وكتب شيئا ودفعه الى وقال تعرض هذا على من فيه اسمه وخذ ما يعطيك فأخذته ودعوت له فأخرجت من باب آخر غير الذي دخلت منه واذا عليه رجل مستند الى مخدة فتقدمت اليه فقلت من صاحب هذه الدار فقال هذا ابن المقتدر بالله فقال فما معك فقلت شيء كتبه لي فقال بخطه اين كان الكاتب فقلت على من هذا فقال على رجل من اهل باب الازج عشر كارات دقيق سميذ فائق وكانت الكارة تساوي ثمانية دنانير وكتب لك بعشرة دنانير فسررت ومضيت الى الرجل فأخذ الخط ودهش وقال هذا خط مولانا الامير فبادر فوزن الدنانير وقال كيف تريد الدقيق جملة او تفاريق فقلت اريد كارتين منها وثمن الباقي ففعل فاشتريت كتبا فقهية بعشرين وكاغدا بدينارين وشهد عند ابي عبد الله بن ماكولا قاضي القضاة في يوم الاربعاء ثالث عشر ربيع الاول سنة احدى واربعين فلما توفي ابن ماكولا قال القائم بأمر الله لابي منصور بن يوسف قد كان هذا الرجل يعني ابن ماكولا قاضيا حسنا نزها ولكنه كان خاليا من العلم ونريد قاضيا عالما دينا فنظر ابن يوسف الى عميد الملك الكندري هو المستولى على الدولة وهو الوزير وهو شديد التعصب لاصحاب ابي حنيفة فاراد التقرب اليه فاستدعى ابا عبد الله الدامعاني فولى قاضي القضاة يوم الثلاثاء تاسع ذي القعدة سنة سبع واربعين وخلع عليه وقريء عهده وقصد خدمة السلطان طغرلبك

في يوم الاربعاء عاشر ذي القعدة فأعطاه دست ثياب وبغلة واستمرت ولايته ثلاثين سنة ونظر نيابة عن الوزارة مرتين مرة للقائم بأمر الله ومرة للمقتدي وكان يوصف بالاكل الكثير فروى الامير باتكين بن عبد الله الزعيمي قال حضرت طبق الوزير فخر الدولة ابن جهير وكان يحضره الاكابر فحضر قاضي القضاة محمد بن على فاحببت ان انظر الى اكله فوقفت بازائه فأبهرني كثرة اكله حتى جاوز الحج وكان من عادة الوزير ان ينادم الحاضرين على الطبق ويشاغلهم حتى يأكلوا ولا يرفع يده الا بعد الكل فلما فرغ الناس من الاكل قدمت اليهم اصحن الحلوى وقدم بين يدي قاضي القضاة صحن فيه قطائف بسكر وكانت الاصحن كبار يسع الصحن منها ثلاثين رطلا فقال له الوزير يداعبه هذا برسمك فقال هلا اعلمتموني ثم أكله حتى اتى على آخره مرض ابو عبد الله الدامغاني يوم الاربعاء سابع عشر رجب وكان الناس يدخلون فيعودونه الى آخر يوم الاربعاء الرابع والعشرين من رجب فحجب عن الناس الخميس والجمعة وتوفي ليلة السبت الرابع والعشرين من رجب وقد ناهز الثمانين فنزع الفقهاء طيالستهم يوم موته وصلى عليه ابنه ابو الحسن ودفن بداره بنهر القلائين ثم نقل الى مشهد ابي حنيفة
26 - محمد بن علي
ابن المطلب ابو سعد كان قد قرأ النحو واللغة والسير والآداب واخبار الاوائل وقال شعرا كثيا الا انه كان كثير الهجوم ثم مال عن ذلك واكثر الصوم والصلاة والصدقة وروى الحديث عن ابن بشران وابن شاذان وغيرهما وغسل مسودات شعره واحرق بعضها بالنار وتوفي في هذه السنة وهو ابن ست وثمانين سنة
27 - محمد بن ابي طاهر
العباسي ويعرف بابن الرحى تفقه على ابي نصر ابن الصباغ وشهد عند الدامغاني وناب في القضاء فحمدت طريقته وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن بمقبرة الجامع

28 - منصور بن دبيس
ابن علي بن مزيد توفي وتولى الامارة ابنه سيف الدولة صدقة وتوفي في رجب هذه السنة
29 - هبة الله بن عبد الله
ابن احمد بن السيبي ابو الحسن ولد سنة اربع وتسعين وثلثمائة وسمع ابا الحسين ابن بشران وابن ابي الفوارس وابن الحمامي وابن شاذان وكان مؤدبا للمقتدي ثم ادب اولاده توفي في محرم هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب وبلغ خمسا وثمانين سنة وكان ينشد من انشائه ... رجوت الثمانين من خالقي ... لما جاء فيها عن المصطفى ... فبلغنيها وشكرا له ... وزاد ثلاثا بها اردفا ... وها انا منتظر وعده ... لينجزه فهو اهل الوفا ...
30 - ابو البركات الموسوي الشريف
كان له نقابة المشهد بسامرا وكان من ظراف البغداديين وكرمائهم وكان يصلي عامة الليل وتوفي في شعبان هذه السنة عن ثلاثة عشر ولدا ذكرا وبنت واحدة
31 - الجهة القائمية ام ولد القائم بأمر الله
الذخيرة والسيدة توفيت يوم الجمعة رابع عشرين جمادي الآخرة واخرجت عشية الجمعة وصلى عليها ابن ابنها المقتدي بأمر الله وحملت في الطيار الى باب الطاق فوصلت بعد عتمة ومشى الناس كلهم سوى الوزير الى الترب بشارع الرصافة وجلس للعزاء بها ثلاثة ايام وكانت قد اوصت بجزء من مالها للحج والصدقات والقرب ويذكر عنها الصوم والصلاة والورع
32 - يحيى بن محمد
ابن القاسم ابو المعمر المعروف بابن طباطبا العلوى وكان بقية شيوخ الطالبيين

وكان هو واخوه نسابتهم وكان ينزل بالبركة من ربع الكرخ وكان مجمعا لظراف الطالبيين وعلمائهم وشعرائهم وفضلائهم وكان يذهب مذهب الامامية وقد قرأ طرفا من الادب وتوفي في رمضان هذه السنة وهو آخر بني طباطبا ولم يعقب

سنة
ثم دخلت سنة تسع وسبعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في المحرم تقدم امير المؤمنين بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ونودي بذلك في الاسواق واريقت الخمور وكسرت الملاهي ونقضت دور يلجأ اليها المفسدون
وفيه قتل رجلان كان السبب في قتلهما ان امرأة كانت تطر وتأخذ اموال الناس وتنفقها عليهما ثم مالت الى احدهما دون الاخر فظفر به الاخر فقتله فظفرت بالقاتل اخت المقتول فجرحته فجاء اخوها فقتله فقبرا من ساعتهما وفيه قتل منفوخة المسلحي بالكرخ بين السورين فركب الشحنة وكبس دار الطاهر نقيب الطالبيين وقد كان لجأ اليها جماعة من المتهمين فقبض عليهم واخذ منهم اموالا فاتفقت السنة والشيعة على الاستغاثة على الشحنة فتغيب فطلبه الاتراك فأخذ مسحوبا الى الباب فاعتقل وامر برد ما اخذ واخرج منفوخة فاحرق على تل
وفي صفر تقدم المقتدى باحضار زعيم الكفاة ابي منصور محمد بن محمد بن الحسين ابن المعوج الى الديوان فخلع عليه فحضره ارباب الدولة وخرج التوقيع بتقليده المظالم وكان فيه ولما رأى امير المؤمنين في محمد بن محمد بن الحسين من العفاف والديانة والثقة والصيانة قلده المظالم وقد اخذ عليه تقوى الله وطاعته والسعي في كل ما كان يزلفة عنده ويقربه من امير المؤمنين فكان كل ما قريء هذا قبل الارض ثم خرج فجلس بباب النوبى ثم دعا الامراء بالمعروف فكانوا اعوانه وكان صينا نزها
وفي هذا الشهر ثارت الفتنة بين السنة والشيعة وقتل جماعة منهم ابو الحسن بن المهتدي الخطيب وكانت الوقعة بين جامع امنصور والقنطرة العتيقة فتولى قتال

اهل السنة العميد والشحنة ثم حاصر الطائفتان اياما فلم يقدر احد ان يظهر فجبي لهما مال تولى جبايته النقيبان فتقدم امير المؤمنين بالقبض على النقيبين فحبس النقيبين فأنكرا ما فعلا والزم العميد والشحنة رد ما اخذا
وفي هذا الشهر قدم خدم ابن ابي هاشم من مكة بخرق الدم معلقة على حراب الاضاحي وخرج حجاب الديوان لتلقيهم وعادوا والقراء بين ايديهم فنزلوا وقبلوا العتبة الشريفة وصاروا الى دار الضيافة فأدر عليهم ما جرت به العادة
وبعث في هذه السنة صفائح ذهب وفضة لتطبق على الباب ففعل ذلك وقلع كل ما كان على الباب مما عليه اسم صاحب مصر وكتب اسم المقتدى
وفي صفر ايضا دخل عريف الصناع والفعلة والصناع معه على العادة الى دار الخلافة فخرج المقتدى يمشي في الدار فخرج اليه ثلاثة من الرجال فقبلوا الارض وقالوا نحن رجال من رؤساء نهر الفضل صودرنا وعوقبنا ولنا اربعة اشهر على الباب لم ينجز لنا حال فتوصلنا الى ان دخلنا في حد الروز جارية فقال فمن فعل بكم هذا قالوا ابن زريق الناظر بواسط فوعدهم الجميل فخرجوا وتقدم من ساعته بايضاح الحال فان كان كما ذكروا فليعزل ابن زريق عن اعمال واسط وليصعد به منكلا ثم تقدم الى صاحب المظالم ان لا يطوى حال احد من الرعية ثم وصل اولئك واحذرهم واصحبهم من يستوفى من ابن زريق ما لهم وينفذ فيه ما تقدم به
وفي جمادي الاولى وصل الشريف العلوى الدبوسي وكان قد استدعاه النظام للتدريس بمدرسته ببغداد فتلقى وكان بعيد النظير في معرفة الجدل فدرس في النظامية بعد موت ابي سعد المتولى
وفي جمادي الاخر بدأ الطاعون بالعراق وكان عامة امراضهم حمى الربع ثم يتعقبها الموت فلما كثر ذلك امر المقتدى بتفرقة الادوية والاشربة على المحال ثم فض عليهم المال
وفي هذا الشهر وقعت نار بواسط فأحرقت سوق الصيدلية من الجانبين ووصل

صدقة بن مزيد من المعسكر السلطاني من اصبهان فنزل النهر وان وطلب من الديوان ان يتلقى كما كانت عادة ابيه فلم يجب الى ذلك فعدل الى بلاده
وفي هذا الشهر سار ملك شاه فنزل الموصل في رجب ثم مضى الى قلعة جعبر وقد كان تحصن بها شار يعرف بسابق بن جعبر في عدد من العلوج يغيرون ويلجؤن اليها فراسله السلطان في تسليمها وان يؤمنه على نفسه وماله فلم يجب فنصب العرادات ونقب السور وفتحت وقتل عامة من كان فيها وقبض على سابق ورادو واقتله بالسيف فوقعت عليه زوجته وقالت لا افارقه حتى تقتلوني معه فالقوه من اعلى السور فتكسر ثم ضرب بالسيوف نصفين فألقت نفسها وراءه فسلمت فقال لها السلطان ما حملك على هذا فقالت انا قوم لم يتحدث عنا بالخنا فخفت ان يخلو بي من الترك في القلعة فيقول الناس ما شاؤا فاستحسن ذلك منها وفي رجب وقعت صاعقة في خان الخليفة المقابل لباب النوبى فاحرقت جزءا من كنيسة الخان وفتتت اسطوانة حتى صارت رميما وسقط منها مثل كباب القطن الكبار نارا فخر الناس على وجوههم وسقطت اخرى بخرابة ابن جردة فقتلت غلاما تركيا وسقطت اخرى على جبل آمد فصار رمادا ووقعت صواعق في البرية لا تحصى في ديار الشام
وفي رمضان كثرت الوحول في الطرقات فأمر امير المؤمنين بتنظيفها وأقيم عدد من الفعلة ومائة من البهائم لنقلها
وفي اول يوم من شوال حضر الموكب النقيبان والاشراف واقضاة والشهود فنهض بعض المتفقهة واورد اخبارا في مدح الصحابة وقال ما بال الجنائز تمنع من ذكر الصحابة عليها بمقابر قريش وربع الكرخ والسنة ظاهرة ويد امير المؤمنين قاهرة فطولع بما قال فخرج التوقيع بما معناه انهى ما ارتكب بمقابر قريش من اخمال ذكر صاحبي رسول الله صلى الله عليه و سلم ورضي عنهما وتورطهم في هذه الجهالة واستمرارهم على هذه الضلالة التي استوجبوا بها النكال واستحقوا عظيم الخزى والوبال وانما يتوجه العتب في ذلك نحو نقيب الطالبيين

ولولا ما تدرع به من جلباب الحكم واسباب يتوخاها لتقدم في فرضه ما يرتدع به الجهال فليؤجر باظهار شغل السنة في مقابر باب التبن وربع الكرخ من ذكر الصحابة على الجنائز وحثهم على الجمعة والجماعة والتثويب بالصلاة خير من النوم وذكر الصحابة على مساجدهم ومحاريبهم اسوة مساجد السنة والتقدم بمكاتبة ابن مزيد ليجرى على هذه السيرة في بلاده وليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم
وفي شوال وصل رسول السلطان بكتب تتضمن الدعاء للمواقف المقدسة والاعتذار من تأخره عن الخدمة وانه بساعدة الخدمة فتح حلب وانطاكية والرها وقلعة جعبر وطرفا من بلاد الروم وهو في اثر هذه الخدمة فخرج من بغداد النقيبان طراد والمعمر فخدماه بالموصل وتلاهما عفيف ثم ذوو المناصب فلما وصل الصالحين نفذ من الاقامات ما لا يحصى وخرج الموكب لتلقية فتوجه الوزير ابو شجاع والنقيبان والجماعة والقراء والطبول والبوقات فبلغوه عن المقتدى بأمر الله التهنئة بالتقديم فقام وقبل الارض ثم دخل بغداد
وفي شوال وقعت الفتنة بين السنة والشيعة وتفاقم الامر الى ان نهبت قطعة من نهر الدجاج وطرحت النار وكان ينادي على نهوب الشيعة اذا بيعت الجانب الشرقي هذا مال الروافض وشراؤه وتملكه حلال
وفي ذي الحجة قدم السلطان ابو الفتح ملك شاه الى بغداد الزمته خاتون بهذا لتنقل ابنتها الى الخليفة فدخل دار المملكة والعوام يتردودن اليه ولا يمنعون وضرب الوزير نظام الملك سرادقة في الزاهر ليقتدي به العسكر ولا ينزلون في دور الناس فلم يقدم احد على النزول في دار احد وركب السلطان الى مشهد ابي حنيفة فزاره وعبر الى قبر معروف وقبر موسى بن جعفر والعوام بين يديه وانحدر الى سلمان فزاره وابصر ايوان كسرى وزار مشهد الحسين عليه السلام وامر بعمارة سوره ويمم الى مشهد علي عليه السلام فأطلق لمن فيه ثلثمائة دينار وتقدم باستخراج نهر من الفرات يطرح الماء الى النجف فبدىء فيه وعمل

له الطاهر نقيب العلويين المقيم هنالك سماطا كبيرا
وفي ليله الاثنين سابع ذي الحجة مضت والدة الخليفة وعمته الي خاتون في دار المملكة فضربت سراد قامن الدار الي دجلة ونزلت اليهما فخد متهما وصعدتا الي دار المملكة ثم نزلتا وهي معهما وانحدرن
وفي ليلة الخميس سابع عشر هذا الشهر وصل النظام الى الخليفة من التاج ومشي وحده الي وصل اليه وهوجالس من وراء الشباك فخدم فقربه وادناه واخرج يده من الشباك اليه فقبلها ووضعها علي عينه وخاطبه بما جمله به
وكان جماعة من الفقراء يأوون الي كويخات بباب الغربة فتقجم امير المؤمنين بان يشتري لكل واحدا دار بالمقتدية وبالمسعودة والمختارة وملكوها ونقضت كويخا تهم
توي وتفي فقير صاحب مر قعة بجامع المنصور كان يسأل الناس فوجدوا في مرقعته ستمائة دينار مغربية وظهر فيها بين ديار بني ا سد ووا سط عيار مقطوع اليد اليسري كان يقع علي القفل بنفسه فيقتل ويمثل ويأخذ المال وكان يغوص عرض دجلة في غوصتين وكان يقفز خمسة عشر ذراعا ويتسلق الحيطان الملس ولا يقدر عليه فخرج عن أرض العراق سالما
وفي هذه النسة صنع سيف الدوله سماطا للسلطان جلال الدولة بظاهر الاجمة في الجانب الشرقي ذكر ذبح الف كبش ومائة رأس دواب وجمال وأنه سبك عشرين الف منا سكرا وكان السماط احسن شئ وقد علق عليه ما صنع من منفوخ السكر من الطيور والوحوش وانواع التماثيل فحضر السلطان وا شارالي شئ منه ثم منهب وانتقل الي طعام خاص ومجلس عبى له سرادق ديباج فيه خيم ديباج اشتمل علي خمسمائة قطعة من او الفضة وزين بتمائيل الكافور والعنبر والند والمسك فجلس وقضي منه وطرا فلما نهض خدم سيف الدولة بحمل عشرين الف دينار والسرادق والاواني وقبل الارض بين يدية

وانصرف
وفي هذه السنة وقعت العرب علي الحاج فقا تلوهم يومهم وأمسوا يسألون الله النجاة فبلغ العرب ان قوما منهم علموا خلوأبياتهم فاستاقوا مواشيهم فولوا

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
33 - ابراهيم بن عبد الواحد
ابن طاهر بن الطيب ابو الخطاب القطان سمع البرقاني والخرقي وعبد الله بن بشران روى عنه شيخنا عبد الوهاب واثنى عليه فقال كان خيرا كيسا توفي في جمادي الآخره من هذه السنة
34 - ا سمعيل بن زاهر بن محمد بن عبد الله
ابن محمد بن عبد الله ابو القاسم النوقاني من اهل نيسابور ولد سنة سبع وتسعين وثلثمائة سمع بالبلاد من خلق كثير وكان ثقة صدوقا فقيها اديبا حسن السيرة روي عنه اشياخنا وتوفي في هذه السنة
35 - الحسن ين محمد
ابن القاسم ابو علي بن زينة سمع من هلال الحفار وابي الحسن الحمامي وغيرها روي عنه شيخنا ابو محمد المقرى توفي في صفر هذه السنة
36 - ختلغ بن كنتكين
ابو منصور امير الحاج كان شجاعا وله وقعات مع عرب البرية وكانوا يخافونه وحان حسن السيرة محافظا على الصلوات في جماعة يختم القرآن كل يوم ويختص به العلماء والقراء وله آثار جميلة في المشاهد والمساجد والمصانع بين مكة والمدينة ولبث في امرةالحاج اثني عشرة سنة توفي في يوم الخميس بين الظهر والعصر سابع جمادى الاول من هذه السنة فبلغ النظام فقال مات الف رجل

37 - صافي عتيق القائم بأمر الله
قرأ القرآن وصاحب الاخيار وتبع ابا علي بن ابي موسي الهاشمي الحنبلي فأخذ من هدية وكان متورعا له تهجد وعبادات وبر وصدقات واعتق عند موته عبيده واماءه واوصى لكل منهم بجزء من ماله وقف علي ابواب البرواجازذلك المقدي وصل عليه ثم حمل الي تربة الطائق فقبرهناء
38 - عبد الله بن احمد
ابن محمد بن عبد الله بن الصمد بن المهتدي ابو جعفر ابوابي الفضل سمع ابا القاسم ابن بشران وغيره روي عنه شيخنا ابو القاسم السمر قندي وكان من ذوي الهيئات النبلاء والخطباء الفصحاء وكان صاحب مفاكهة واشعار وطرف واخبار توفي في شهر شعبان ان في هذه السنة ودفن في مقبرة جامع المدينة
39 - عبد الخالق بن هبة الله
ابن سلامة بن نصر ابو عبد الله المفسر الواعظ ولد سنة تسعين وثملثمائة وسمع اباه واباعلي بن شاذان وغيرهما وكان له سمت ووقار وكان كثير التهجد والتعبد وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة وهو ابن اربع وتسعين ودفن بمقبرة الجامع
40 - عبد الواحد بن محمد
ابن عبد السميع ابو الفضل العباسي من ولد الواثق روي الحديث وكان ثقة صالحا توفي في جمادي الآخر من هذه السنة عن نيف وتسعين ودفن بمقبرة الجامع
41 - علي بن أبي نصر
ابن ودعة كان يؤثر عنه الخير والامانه والديانه وكان رئيس التجار بالموصل توفي ببغداد وحملت جنازتة الى الموصل فكان يوما مشهودا

42 - علي بن فضال ابو الحسن
المجاشعي النحوي سمع الحديث وكان الله وكان له علم غزير وتصانيف حسان الا انه ييضعف في الرواية في في ربيع الاول من هذه السنة ودفن بباب ابرز
43 - علي بن احمد
ابن علي أبو القاسم المعروف بابن الكوفي سمع ابن شاذان وابن غيلان وغيرهما وقرأ القرآن علي ابي العلاء الواسطي وغيره وولي النظر بالمار ستان العضدي فاحسن مراعاة المرضي وتوفي في رجب هذه السنة ودفن بالشونيزية
44 - محمد بن احمد
ابو علي التستري كان متقدم البصرة في الحال او لجدةوله مراكب في البحر حفظ القرآن وسمع الحديث وانفرد برواية سنن ابي داود عن ابي عمر وكان حسن المعتقد صحيح السماع وتوفي في رجب هذه السنة
45 - محمد بن احمد
ابن القزاز المطيري روي الحديث ونظم الشعر وكانت له يدفي القراآت الاانهم حكوا عنه تمسحا في الرواية توفي المطيري عن مائة وثلاث عشرة سنة
46 - محمد بن محمد
ابن احمد بن المسلمة ابو علي بن ابي جعفر ولد سنة احدي واربعمائة وروي عن هلال الحفاروغيره فروي عنه ا شياخنا وتوفي في رمضان هذه السنة ودفن بباب حرب وكان زاهدا صموتا ثقة
47 - محمد بن محمد
ابن علي بن الحسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن ابراهيم ابن محمد بن علي بن عبد الله بن العباسي بن عبد المطلب ابو نصر بن ابي طاهر بن علي

ولد في صفر سنة تسع وثمانين وثلثائة وسمع من المخلص ابي بكر بن زنبور وابي الحسن الحمامي وغيرهم وتزهد في شبابه فانقطع في رباط ابي سعد الصوفي ثم انتقل الى الحريم الطاهري وكان ثقة وعاش ثلاثا وتسعين سنة فلم يبق في الدنيا من سمع اصحاب البغوي غيره وكان آخر من حدث عن المخلص وحدثنا عنه اشياخنا وآخر من حدثنا عنه سيعد بن احمدين البناء وتوفي ليله السبت الحادي والعشرين من جمادي الآخرة وصلي عليه اخوه الكامل ودفن في مقابر الشهداء قريبا من باب حرب
48 - محمد بن عبد القادر
ابن محمد بن يوسف ابو بكر سمع الكثير من ابي الحسين بن بشران وابي الحسن الحمامي وابن ابي الفوارس وغيرهم روي عنه اشياخنا وكان رجلا صالحا قليل المخالطة لا يخرج الا في اوقات الصلوات يتشددفي السنة حضر اخوه مجلس ابي نصر القشيري فهجره وقال شيخنا ابن ناصر كان عالما متقنا ذا ورع وتقى وثقة كثير السماع توفي ليله الخميس ثالث ربع الاول ودفن بمعبرة باب حرب
49 - مطلب الهاشمي
كان خطيبا قديما ثم اقتطعة القائم بأمر الله الي امامته فكان يصلي به وكان خيرا حسن المعتقد يذهب الي مذهب الي احمد بن حنبل توفي في رمضان هذه السنة وهو في عشر السبعين
50 - هبة الله ابن القاضي
محمد علي بن المهتدي ابو الحسن الخطيب ولد في سنة تسع عشرة واربعمائة وروي عن البرقاني وغيره وكان اليه القضاء بعد ابية وخرج في ايام الفتنة بين اهل الكرخ وباب البصرة فوقع فية سهم فمات ودفن يوم الجمعة تاسع عشر صفر عند ابية خلف القبة الخضراء

51 - يحي بن الحسين
ابن اسمعيل بن زيد ابو الحسين الحسني وكان مفتي طائفته علي مذهب زيد بن علي وكان له معرفة بالأصول والحديث

سنة
ثم دخلت سنة ثمانين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه نودي في يوم الخميس غرة المحرم بدفع الضرائب والمكوس بتوقيع شريف صدر عن المتقدي بأمر الله وكتبت الواح الصقت علي الجوامع بتحريم ذلك
وخرج السلطان ملك شاه في رابع المحرم الي ناحية الكوفة للصيد فاصطاد هو وعسكره الوفا حتي بني من حوافرها منارة كبيرة عند الرباط الذي امر ببنائه بالسبيعي بقرب الرحبة في طريق مكة وهي باقية الي الآن وتسمى منارة القرون وقيل انه كان فيها اربعة آلاف رأس
وخرج نظام الملك الي المشهد بالكوفة والحائر فزارهما
وفي يوم السبت سابع عشرالمحرم بعث المقتدي ظفر الخادم فاستدعى السلطان فانفذاليه الطيار فلما وصل السلطان الي باب الغربة قدم الية مركوب الخليفة بمركب جديد صيني وسرج من لبدا سواد فركبة وصل الي الخليفة فأمر بالجلوس فامتنع فأمره ثانيا وأقسم عليه حتي جلس وتقدم بافاضة الخلع عليه ولم يزل نظام الملك يأتي بامير امير الي تجاه السد ة فيقول للامير بالفارسية هذا امير المؤمنين ثم يقول للخليفة هذا العبد الخادم فلان بن فلان ولايته كذا وعسكر ه كذا وذلك الامير يقبل الارض وكانوا اكثر من اربعين امير وكان في جملة الامراء آيتكين خال السلطان فلما حضر استقبل القبلة وصلي بازاء الخليفة ركعتين واستسلم الحيطان ومسح بيدة وجسمة وعاد السلطان وعلية الخلع والتاج والطوقان وكمشتكين الجامدار يرفع ذيلة عن

يمينة وسعد الدولة يرفعه عن شمالة فمثل بين يدي السدة وقبل الارض دفعات فقلده سيفين فقال الوزير ابو شجاع ياجلال الدولة هذا سيدنا ومولانا امير المؤمنين الذي اصطفاء الله بعزا الامامة واسترعاه الأمة فقد اوقع الوديعة عندك موقعها وقلدك سيفين لتكون قويا علي اعداء الله فسأل تقبيل يد الخليفة فلم يجبه فسأل تقبيل خاتمه فأعطاه اياه فقبله ووضعة علي عينة وحضر الناس بأجمعهم فشاهدوا الخليفة والسلطان ثم انكفأ وحمل بين يديه ثلاثة الوية وثلاثة افراس في السفن واربعة علي الطريق واستقبل من داره بالدبادب والرايات ونثرت الدراهم والدنانير وانفذاليه الخلفية سريرا مذهبا ومخادا وفي يوم الآثنين ثاني عشرة محرم جاء نظام الملك الي دار ابنةمؤيد الملك فبات بها وجاء من الغد الي المدرسة ولم يكن رآها نهارا وجلس بها وقرئ عليه فيها الحديث واملي ايضا الحديث وبات بدار ولده وعاد الي الزاهر من الغد
وانفذ السلطان في ثامن عشر المحرم الي الخليفة صندوقين فيهما مال وعمل للآمراء سماطا ثم اجتاز السلطان في الحريم ولم يكن رآه وخرج الي الحلبة ثم عاد بعد ايام فجاز فيه فنثرت علية الدراهم والدنانير واثواب الديباج وعلق البلد لذلك ثم عبر في هذا اليوم الي الجانب الغربي فدخل العطارين والقطيعتين ومضي الي الشونيزى والتوثة ونزل دجلة قال المصنف وقرأت بخط ابن عقيل قال دخل نظام الملك بغداد او اخر سنة ثمانين فلم يدرك رجلا يومئ اليه من اهل العلم
وفي يوم الاحد الخامس عشرين محرم امر الناس بتعليق وتزيين البلد لاجل زفاف خاتون بنت ملك شاه الى المقتدي وكان الزفاف في مستهل صفر ونقل الجهاز على مائة وثلاثين جملا وبين يديه البوقات والطبول والخدم في نحو ثلاثةآلاف فارس ونثر عليه اهل بغداد ثم نقل بعد ذلك شيء آخر على اربعة وسبعين بغلا وكان على ستة منها الخزانة وهي اثنا عشر صندوقا من فضة وبين يديها ثلاثة وثلاثون فرسا والخدم والامراء بين يدي ذلك فلما كانت عشية الجمعة

سلخ محرم ركب الوزير ابو شجاع الى خاثون زوجة السلطان فقال ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها وقد اذن في نقل الوديعة الى الدار العزيزة فقالت السمع والطاعة للمراسم الشريفة فجاء نظام الملك وابو سعد المستوفى والامراء وكل واحد معه الامناء الكثرة الكثيرة ثم جاءت خاتون الخليفة من وراء ذلك كل في محفة مرصعة بالحوهر وقد احاط بمحفتها مائتا جارية من خواصها بالمراكب العجيبة فوصلت الى الخليفة فاهديت اليه تلك الليلة
فلما كان يوم السبت مستهل صفر صبيحة البناء احضر الخليفة عسكر السلطان على سماط استعمل فيه اربعون الف منا سكر وخرج السلطان ليلة الزفاف الى الصيد على عادة الملوك فغاب ثلاثة ايام
وفي خامس صفر تقدم السطان بالنداء في سوق المدرسة لا حريم الا لامير المؤمنين وهذا الموضع داخل في حريمه
وفي هذا اليوم هرب التركي الى دار الخليفة من اجل انه اخذ صبيا فأدخل في دبره دبوسا فمات فسلمه الخليفة الى اصحاب الملك فصلب
وفي نصف صفر خرج ملك ساه من بغداد نحو اصفهان ومعه نظام الملك كوخرج الوزير ابو شجاع فودعه بالنهروان
وفي هذا الشهر ولد للسلطان ولد سماه محمودا وهو الذي خطب له بالمملكة بعده وحضر الناس صبيحة ذلك اليوم فحملوا الاموال وجلس للتهنئة ونفذ اليه الموكب يهنئه
وفي ربيع الاول وقع حريق في احطاب جمعت في اشهر لشوا خير الآجر بالحلبة قصد ايقاع النار فيها عدو لاصحابها فأصاب من تلك النار سطوح الناس والحريم كله حتى كأن في كل سطح شموعا فخرج الناس لاطفائه فما قدر احد ان يقاربه من خمسمائة ذراع الى ان انتهى الحطب فخمدت النار
وفي ربيع الاول غرق ستون مركبا ببحر الشام وهلك فيها ثلثمائة رجل ورمى قوم انفسهم الى الماء فنجوا

وفي شعبان وصلت الكتب السلطانية تتضمن سؤال الخدمة الشريفة ان يتقدم الى خطباء المنابر بذكر الامير احمد بن ملك شاه تالي ذكر ابيه وكان السلطان قد جعله ولي عهده وسار في ركابه ففعل ذلك ونثرت الدنانير على الخطباء
وفي هذا الشهر زلزلت همذان وما داناها من ارض الجبل فرجفت بهم الارض سبعة ايام ووقعت منازل كثيرة وهلك خلق كثير تحت الردم وسقط برجان من قلعة همذان وهلك من سوادها ناحيتان وخرج الناس الى الصحراء حتى سكنت ثم عادوا
وفي رابع ذي القعدة ولد للمقتدي من خاتون ابنة السلطان ولد فسماه جعفرا وكناه ابا الفضل وزين البلد لاجله وجلس الوزير للهناء بباب الفردوس ونصبت القباب بنهر معلى وزينت سوق الصيارفة بأواني الذهب والفضة والجواهر واظهر الكافوريون تماثيل من الكافور واظهر قوم من صناعتهم عجبا فسير الملاحون سفينة على عجل واظهر الطحانون ارحاء تطحن على وجه الارض
وفي هذا الشهر وقع القتال بين اهل الكرخ واهل باب البصرة واصعد اهل باب الازج ناصرين اهل باب البصرة بالزينة والسلاح والاعلام فقصدهم سعد الدولة فمنعهم عن العبور وقاتلهم واخذ سلاحهم فاطفأت الفتنة بذلك
وفي ذي الحجة خرج المرسوم انه قد انهى حال يهود بطريق خراسان وبلاد ابن مزيد لا يلبسون غيارا ولهم شعور كالاتراك ويكنون بكنى المسلمين فتقدم بخروج من عين من العدول والفقهاء فهذبوا نواحي بغداد وقصدوا حلة ابن مزيد فهذبوها وجاء رجل يدعى النبوة وانه خاطبه الجبل والملائكة فتصفح حاله فاذا به من مهوسى العرب فكادوا بحملونه الى المارستان ثم صفح عنه وزود فرحل
وفي هذه السنة بنيت التاجية بباب ابرز وجددت على الزاهر مسناة كان لها اساس قائم غرس فيه نخل وشجر وسور عليها وذلك بأمر السلطان ملك شاه

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
52 - اسمعيل بن عبد الله
ابن موسى بن سعيد ابو القاسم السامري من اهل نيسابور سمع الحديث الكثير من ابي بكر الحيرى وابي سعيد الصيرفي وابن باكويه وغيرهم وسافر البلاد وعبر وراء النهر روى عنه اشياخنا وكان ثقة فاضلا له حظ من الادب ومعرفة بالعربية وتوفي في جمادى الاولى من هذه السنة بنيسابور
53 - شافع بن صالح
ابن حاتم ابو محمد الجبلي سمع من ابي علي بن المذهب والعشاري وابي يعلى بن الفراء وعليه تفقه توفي في صفر هذه السنة
54 - طاهر بن الحسين
ابو الوفاء البندنيجي الهمذاني كان شاعرا مبرزا له قوة في لزوم مالا يلزم وله قصيدتان احداهما في مدح نظام الملك وهي نيف واربعون بيتا غير معجمة كلها اولها ... لا موا ولو علموا ما اللوم مالاموا ... ورد لومهم هم وآلام ... واخرى معجمة كلها نحوها في العدد وكان قويا في علم النحو واللغة والعروض ولم يمدح لابتغاء عرض وكان يعد ذلك عارا توفي في رمضان هذه السنة عن نيف وسبعين سنة بالبندنيجين
55 - عبد الله بن نصر
ابو محمد الحجادي سمع الحديث وصحب الزهاد وتفقه على مذهب احمد بن حنبل وكان خشن العيش في عبادته وحج على قدميه بضع عشرة سنة ودفن بباب حرب
56 - عبد الملك بن الحسن
ابن خيرون بن ابراهيم الدباس اخو ابي الفضل ابن خيرون ابو شيخنا ابي منصور

كان رجلا صالحا من خيار البغداديين روى عنه ابنه وشيخنا عبد الوهاب توفي في ذي الحجة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
57 - فاطمة بنت علي المؤدب
المعروفة ببنت الاقرع الكاتبة سمعت ابا عمر بن مهدي وغيره حدثنا عنها اشياخنا وكان خطها مستحسنا في الغاية وكانت تكتب على طريقة ابن البواب وكتب الناس على خطها واهلت لحسن خطها لكتابة كتاب الهدنة الى ملك الروم من الديوان العزيز وسافرت الى بلاد الجبل الى عميد الملك ابي نصر الكندري وسمعت شيخنا ابا بكر محمد بن عبد الباقي البزار يقول الكاتبة فاطمة بنت الاقرع تقول كتبت ورقة لعميد الملك الكندري فأعطاني الف دينار وتوفيت في محرم هذه السنة ودفنت بباب ابرز
58 - محمد بن امير المؤمنين المقتدى
توفي عن جدري وقد قارب تسع سنين فاشتدت الرزيئة فيه وجلس للعزاء بباب الفردوس ثلاثة ايام وحضر الناس على طبقاتهم فخرج التوقيع يتضمن ان امير المؤمنين اولى من اقتدى بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم والله تعالى يقول الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون الآية وذكر حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم لما مات ولده ابراهيم وقد عزى امير المؤمنين نفسه بما عزى الله تعالى به الامة بعد نبيه بقوله لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة فانا لله وانا اليه راجعون تسليما لحكمه ورضا بقضائه فليعلم الحاضرون ما رجع اليه امير المؤمنين وان العلم الشريف محيط بحضورهم وليؤذن لهم في الانكفاء
59 - محمد بن محمد
ابن زيد بن علي بن موسى بن جعفر بن الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب الحسيني ذو الكنيتين ابو المعالي وابو الحسن

الملقب بالمرتضى ذو الشرفين ولد سنة خمس وأربعمائة وسمع الحديث الكثير وصحب أبا بكر الخطيب وتلمذ وأخذ عنه علم الحديث فصارت له به معرفة حسنة وسمع بقراءتة الكثير من شيوخه روى عنه الخطيب في مصنفاته وكان بغدادي المولد والمنشأ ثم سكن سمرقند وأملى الحديث بأصبهان وغيرها وكان يرجع إلى عقل كامل وفضل وافر ورأي صائب وصنف فأجاد وكان له دينا وافرة وكان يملك نحو أربعين قرية بنواحي كمش وكان يخرج زكاة ماله ثم يتنقل بالصدقة الوافرة وكان ينفذ إلى جماعة من الأئمة الأموال إلى كل بلد واحد من ألف دينار إلى خمسمائة إلى سبعمائة فربما بلغ ببعثه عشرة آلاف دينار وكان يقول هذه زكاة مالي وأنا غريب لا أعرف الفقراء ففرقوها أنتم عليهم وكل من أعطيتموه شيئا من المال فابعثوه إلي حتى أعطيه عشر الغلة وكان يصرف أمواله إلى سبل البر وحسده قاضي البلد فقال للخضر بن إبراهيم وهو ملك ما وراء النهر أن له بستانا ليس للملوك ميله فبعث إليه أني أريد أن أحضر بستانك فقال للرسول لا سبيل إلى ذلك لأني عمرته من المال الحلال ليجتمع عندي فيه أهل الدين فلا أمكنه من الشرب فيه فأخبر الأمير فغضب وأعاد الرسول فأعاد الشريف الجواب وأراد أن يقبض عليه فاختفى وطلب فلم ير فأظهروا أن الخضر قد ندم على ما كان فعل فظهر فبعث إليه الأمير بعد مدة نريد أن نشاورك في مهمات فحضر فحبسه واستولى على أمواله فحكى بعض وكلائه قال توصلت إليه وقلت إنهم يأخذون مالك من غير أختيارك فأعطهم ما يريدون وتخلص فقال لا أفعل وقد طاب لي الحبس والجوع فإني كنت أفكر في نفسي منذ مدة وأقول من يكون من بيت رسول الله صلىالله عليه وسلم لا بد أن يبتلى في ماله ونفسه وأنا قد ربيت في النعم والدولة فلعل في خلل فلما وقعت هذه الواقعة فرحت بها وعلمت أن نسبي صحيح متصل برسول الله صلى الله عليه و سلم ولا أفعل شيئا إلا برضى الله تعالى فمنعوه من الطعام فمات وكان هذا في هذه السنة وأخرج في الليل من القلعة فلما علم ولده نقله إلى موضع آخر فقبره هناك يزار وحكى

أبوالعباس جعفر بن احمد الطبري قال رأيت المرتضى أبا المعالي بعد موته وهو في الجنة بين يديه مائدة طعام موضوعة فقيل له ألا تأكل قال لا حتى يجيء إبنى فإنه غدا يجئ فلما انتبهت من نومي قتل إبنه الظهر في ذلك اليوم
60 - محمد لن أبي سعد
أحمد بن الحسن بن علي بن سليمان بن فرج أبو الفضل المعروف بالبغدادي وهو من أهل أصبهان ولد في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة وسمع وحدث ووعظ وكان يوصف بالفصاحة والعلم بالتفسير والمعاني روى عنه ولده أبو سعد شيخنا وعبد الوهاب الحافظ توفي ببغداد عند رجوعه من الحج في صفر هذه السنة
61 - محمد بن هلال
إبن المحسن بن إبراهيم أبو الحسن الصابي بغرس النعمة سمع أباه وأباعلي بن شاذان وذيل على تاريخ والده الذي ذيله أبوه على تاريخ ثابت بن سنان الذي ذيله على تاريخ إبن جرير وكان له صدقة ومعروف وخلف سبعين ألف دينار توفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن في داره بشارع إبن عوف ثم نقل إلى مشهد علي عليه السلام قال المصنف رحمه الله ونقلت من خط أبي الوفاء بن عقيل قال حضرنا عند بعض الصدور فقال هل بقي ببغداد مؤرخ بعد إبن الصابي فقال القوم لا فقال لا حول ولا قوة إلا بالله يخلو هذا البلد العظيم من مؤرخ حنبلي يعنى إبن عقيل نفسه هذا مما يجب حمد الله عليه فإنه لما كان البلد مملوء بالأخيار وأهل المناقب قيض الله لها من يحكيها فلما عدموا وبقي المؤذي والذميم الفعل أعدم المؤرخ وكان هذا ستر عورة وحكى عنه هبة الله بن المبارك السقطي أنه كان يجازف في تاريخه ويذكر ما ليس بصحيح قال وقد أبتنى بشارع إبن أبي عوف دار كتب ووقف فيها نحو من أربعمائة مجلد في فنون العلوم ورتب بها خازنا يقال له إبن الأقساسي العلوي وتكرر العلماء

إليها سنين كثيرة مالم تزل له أجرة فصرف الخازن وحك ذكر الوقف من الكتب وباعها فأنكرت ذلك عليه فقال قد أستغنى عنها بدار الكتب النظامية قال المصنف فقلت بيع الكتب بعد وقفها محظور فقال قد صرفت ثمنها في الصدقات
62 - هبة الله بن علي
إبن محمد بن أحمد المحلى أبو نصر إبن المهتدي وإبن المأمون والخطيب وخلقا كثيرا وكتب الكثير وكان حلو الخط وصنف وجمع وأنشا الخطب والمواعظ وأدركته المنية قبل زمان الرواية وإنما سمع منه القليل فتوفي في هذه السنة ودفن بمقبرة جامع المنصور
63 - أبو بكر بن عمر
أمير الملثمين كان بأرض غانة في مجاهدة الكفار وقام له ناموس لم يقم مثله لأحد بالدين والزهد وكان يركب إذا ركب أصحابه ويطعم إذا طعموا ويجوع إذا جاعوا وقد قيل إنه لم يتوجه في وجه من مجاهدة أو دفع عدو في أقل من خمسمائة ألف كل يعتقد طاعة الله تعالى في طاعته وكان يحفظ الحرمات ويراعي قوانين الإسلام مع صحة المعتقد وموالاة الدولة العباسية فأصابته نشابة في حلقه فمات بها في هذه السنة عن نيف وستين

سنة
سنة
ثم دخلت سنة إحدى وثمانين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها أن أهل باب البصرة شرعوا في بناء القنطرة الجديدة في صفر ونقلوا الآجر في أطباق الذهب والفضة وبين أيديهم البوقات والدبادب وجاء إليهم أهل المحال وأهل باب الأزج فاجتازوا بامرأة تسقي الماء فجعلوا يتناولون منها ويقولون السبيل فاتفق أنه جاز سعد الدولة فاستغاث المرأة إليه فأمر بإبعادهم عنها فضربهم الأتراك بالمقارع فجذبوا سيوفهم وضربوا وجه فرس

بنمياز حاجبه فرمته فحمل سعد الدولة الحنق فصعد من سميرتيه راجلا ومعه النشاب فحمل عليهم أحدهم فطعنه بأسفل القطعة فخبطه في الماء والطين وحرصوا أن يقع هذا الرجل فما قدروا عليه وأخذ ثمانية من القوم لم يكن معهم سلاح فقتل واحد وقطعت أعصاب ثلاثة
وفي ربيع الآخر بنى أهل الكرخ عقدا لأنفسهم
وفي هذا الشهر اتباع تركي من أصحاب خاتون زوجة الخليفة من طواف شيئا فتنابذا فضربه التركي فشجه فاستغاث العامة فخرج توقيع الخليفة بإبعاد الأتراك أصحاب خاتون من الحريم وأن لا يبيت أحد منهم فيه فأخرجوا من ساعتهم على أقبح صورة فباتوا بدار المملكة
وفي هذه السنة فتح ملك شاه سمر قند
وفيها حج الوزير أبو شجاع واستناب إبنه أبا منصور وطراد بن محمد الزينبي

ذكر من توفي في هذه السنة من الآكابر
64 - أحمد بن أبي حاتم
عبد الصمد بن أبي الفضل التاجر الغورجي الهروي أبو بكر سمع أبا محمد الجراحي حدثنا عنه أبو الفتح الكروخي وتوفي في يوم الثلاثاء تاسع عشر ذي الحجة فجأة
65 - أحمد بن محمد
إبن الحسن بن الخضر أبو طاهر الجواليقي والد شيخنا أبي منصور سمع أبا القاسم عبد الملك بن بشران وروى عنه شيخنا عبد الوهاب قال شيخنا إبن ناصر كان شيخا صالحا متعبدا من أهل البيوتات القديمة ببغداد ذا مذهب حسن وتعبد وكان جده الخضر صاحب قرى وضياع ودخل كثير وتوفي أبو طاهر جأة في رجب هذه السنة
66 - عبد الله بن محمد
إبن علي بن محمد بن علي بن جعفر أبو اسماعيل الأنصاري الهروي ولد في ذي الحجة

سنة خمس وتسعين وثلثمائة وكان كثير السهر بالليل وحدث وصنف وكان شديدا على أهل البدع قويا في نصرة السنة حدثنا عنه ابو الفتح الكروخي وانبأنا محمد بن ناصر عن المؤتمن بن احمد الحافظ قال كان عبد الله الانصاري لايشد على الذهب شيئا ويتركه كما يكون ويذهب الى قول رسول الله صلى الله عليه و سلم لا توكي فيوكي عليك وكان لا يصوم رجب وينهى عن ذلك ويقول ما صح في فضل رجب وفي صيامه شيء عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان يملي في شعبان وفي رمضان ولا يملي في رجب توفي بهراة في يوم جمعة وقت غروب الشمس رابع عشرين ذي الحجة من هذه السنة
67 - عبد الملك بن احمد
ابو طاهر السيوري سمع ابا القاسم بن بشران وغيره روى عنه اشياخنا وكان شيخا صالحا دينا خيرا وتوفي في جمادي الآخرة من هذه السنة ودفن من الغد بمقبرة باب الدير
68 - عبد العزيز بن طاهر
ابن الحسين بن علي ابو طاهر الصحراوي من اهل باب البصرة حدث عن ابن رزقوية وغيره بشيء يسير وكان صالحا زاهدا فآثر العزلة واشتغل بالتعبد وكان مقيما في جامع المدينة وتوفي في شعبان هذه السنة ودفن في المقبرة الشونيزية
69 - محمد بن احمد
ابن محمد بن علي ابو الحسين ابن الآبنوسي ولد في سنة احدى وثمانين وثلثمائة وسمع من الدارقطني وابن شاهين وابن حبابة والكتاني والمخلص وغيرهم وكان سمعه صحيحا حدثنا عنه اشياخنا وتوفي في ليلة الاثنين تاسع عشرين شوال هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب

70 - محمد بن اسحاق
ابن ابراهيم بن مخلد بن جعفر ابو الحسن الباقر حي ولد في شعبان

سنة
سبع وتسعين وثلثمائة وسمع من ابي الحسين ابن المتيم وابي الحسن بن رزقويه وابن شاذان وغيرهم وحدثنا عنه اشيخانا وهو من الثقات اهل بيت الحديث والعلم والعداله من ظراف البغداديين وتوفي في يوم الاحد ثاني رمضان ودفن في باب حرب
71 - محمد بن احمد
ابن محمد ابو جابر الزهري من ولد عبد الرحمن بن عوف سمع ابا عبد الله احمد بن عبد الله المحاملي وابا علي الحسين بن علي بن بطحاء وغيرهما روى عنه شيخنا ابو القاسم السمر قندي توفي في يوم الاربعاء عاشر شوال هذه السنة
72 - محمد بن الحسين
ابن علي بن محمد بن محمود ابو يعلى السراج من اهل همذان سمع صحيح البخاري من كريمة بنت احمد بن محمد بن ابي حاتم المروزية بمكة وبمصر من ابي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي وحدث عن ابي محمد الجوهري وتوفي في صفر هذه السنة
73 - محمد بن القاسم
ابن محمد بن عامر القاضي الازدي من ولد المهلب بن ابي صفرة سمع ابا محمد الجراحي روى عنه ابو الفتح الكروخي وتوفي في جمادي الاخرة بهراة
سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وثمانين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في تاسع عشر المحرم درس ابو بكر الشاشي في المدرسة التي بناها تاج الملك ابو الغنائم بباب ابرز وقفها علي اصحاب الشافعي وسماها التاجية
وفي ثالث صفر ورد الى بغداد بزان وصواب بعثهما السلطان الى المقتدي فطلبا

تسليم خاتون اليهما وكانت خاتون قد اكثرت الشكاية الى ابيها من اعراض الخليفة عنها فأجاب الخليفة الى ذلك وخرجت واصحبها الخليفة النقيبين الكامل والطاهر وجماعة من الخدم وخرج معها ابنها الامير ابو الفضل جعفربن المقتدي وكان خروجها يوم الاربعاء سادس عشر ربيع الاول وخرج الوزير عشية الخميس مشيعا لهم الي النهروان وكان بين يدي محفة الامير ابي الفضل ووصل الخبر في ثاني شوال بموتها باصفهان بالجدري فجلس الوزير ابو شجاع للعزاء بها سبعة ايام ووصل النقيبان من اصبهان في ثالث عشر شوال
وفي سلخ ذي الحجة خرج ابو محمد التميمي وعفيف لتعزية السلطان فأما التميمى فعاد من اصبهان لأن السلطان توجه الي ما وراءالنهر واكبر الخليفة عوده بغير اذن ويمم عفيف الى السلطان
وفي عشية الجمعة تاسع عشر صفر كبس اهل باب البصرة الكرخيين فقتلوا رجلا وجرحوا آخر فاغلقت اسواق الكرخ ورفعت المصاحف علي القصب وما زالت الفتن تزيد وتنقص الي جمادي الاولي فقويت نارها وقتل خلق كثير واستولي هل المحال علي قطعة كبيره من الكرخ فنهبوها فنزل خمارتاش نائب الشحنة على دجلة ليكف الفتنة فلم يقدر وكان اهل الكرخ يخرجون اليه والي اصحابه الاقامة وكان اهل باب البصرة يأتون ومعهم سبع أحمريقاتلون تحته وعزموا على قصد باب التبن فمنعهم اهل الحربية والهاشميون من ذلك وركب حاجب الخليفة وخدمه والقضاة ابو الفرج بن السيبي ويعقوب البرزبيني وابو منصور ابن الصباغ والشيوخ ابو الوفاء بن عقيل وابو الخطاب وابو جعفر ابن الخرقي المحتسب وعبروا الي الشحنة وقرؤا منشورا بالكرخ من الديوان وفيه قد حكي عنكم امور فيجب ان نأخذ علماءكم على ايدي سفهائكم وان يدينوا بمذهب اهل السنة فاذعنوا بالطاعة فبين هم علي ذلك جاء الصارخ من نحوالدجاج الحقونا ونصب هل الكرخ رأيتين على باب السماكين وكتبوا على مساجدهم خير الناس بعد رسول الله ابو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وفي غد يوم

القتال نهب اهل الكرخ شارع ابن ابي عوف وكان في جملة مانهب دار ابي الفضل بن خيرون فقصد الديوان مستنفرا ومعة الناس ورفع العامة الصلبان على القصب وتهجموا على الويز ابي شجاع في حجرتة من الديوان وكثروا من الكلام الشنيع ولم يصل حاجب الباب في جامع القصر اشفاقا من العامة وكان قد مات يومئذ هاشمي من اهل باب الازج بنشابة وقعت فيه فقتل العامة علويا ورموه في خربة الحمام وزاد امر الفتنة وامر الخليفة بمكابتة سيف الدولة ابي الحسن صدقة بن مزيد بانفاذ جند فغعل وخلع عليهم وجعل عليهم ابو الحسن الفاسي فنقض دورالذين قتلوا العلوي وحلق شعور من ليس بشريف ولا حندي وقبل قوم ونفي قوم فسكنت الفتنة قال المصنف ونقلت من خط ابي الوفاء بن عقيل قال عظمت الفتنة الجارية بين السنة واهل الركخ فقتل فيها نحو مائتي قتيل ودامت شهورا من سنة اثنتين وثمانين واربعمائة وانقهر الشحنة واتحش السلطان وصار العوام يتبعون بعضهم بعضا في الطرقات والسفن فيقتل القوى الضعيف ويأخذ ماله وكان الشباب قد احدثوا الشعور والجمم وحملوا السلاح وعملوا الدروع ورموا عن القسي بالنشاب والنبل وسب اهل الكرخ الصحابة وازواج رسول الله صلى الله عليه و سلم على السطوح وراتفعوا الى سب النبي صلى الله عليه و سلم ولم اجد من سكان الكرخ من الفقهاء والصلحاء من غضب ولا انزعج عن مساكنتهم فنفر المقتدي امام العصر نفرة قبض فيها على العوام واركب الاتراك والبس الاجناد الاسلحة وحلق الجمم والكلاجات وضرب بالسياط وحبسهم في البيوت تحت السقوف وكان شهر آب فكثر الكلام على السلطان وقال العوام هلك الدين وماتت السنة ونصبت البدعة ونرى ان الله ما ينصر الا الرافضة فنرتد عن الاسلام قال ابن عقيل فخرجت الى المسجد وقلت بلغني ان اقواما يتسمون بالاسلام والسنة قد غضبوا على الله وهجروا شريعته وعزموا على الارتداد وقد ارتدوا فان المسلمين اجمعوا على أن العزم على الكفر كفر فلقد بلغ الشيطان منهم كل مبلغ حيث دلس عليهم نفوسهم

وغطى عيونهم وأراهم ان ازالة النصرة عنهم مع استحقاقهم لها ولم يكشف عن عوار اديانهم حيث صب عليهم النعم صبا و ارخص اسعارهما وأمن ديارهم وجعل سلطانهم رحيما لطيفا وجعل لهم وزيرا صالحا يجتهد في اخراج الحكومات المستبهة الى الفقهاء ليسلم دينه من التبعات ويأخذ الاجماع في اكثر العبادات ولا يتكبر ولا يحتجب فأمرجوا في المعاصي ثم انتقلوا الى بناء العقود بالطبول ولهج منهم قوم بسب فلما نهض السلطان بعصبية دينية او سياسة وقد استحقوا قطع الرؤوس وتخليد الحبوس فقعد الحمقى في مأتم النياحة يقولون هل رأيتم في الزمن الماضي مثل ما جرى على اهل السنة في هذه الدولة طاب والله الانتقال عن الاسلام لو كان ما نحن فيه حقا لنصره الله وحملوا الصلبان في حلوقهم ودعوا بشعار الرفض وقالوا لا دين الا دين اهل الكرخ وهل كانوا على الدين فيخرجوا وهل الدين النطق باللسان من غير تحقيق معتقد واس المعتقد من قوم تناهوا في العصيان والشرود عن الشرع وسفكوا الدماء فلما فرضوا بعذاب ردعا لهم ليقلعوا انكروا وتسخطوا فأردتم ان يتبع الحق اهواءكم ويسكت السلاطين عن قبيح افعالكم حتى تفانون بالخصومة والمحاربة فلا في ايام السعة الدعة شكرتم النعم ولا في ايام التأديب سلمتم للحكيم الحكم فليتكم لما فسدت دنياكم ابقت بقية من امر أديانكم

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
74 - احمد بن محمد
ابن صاعد بن محمد بن احمد ابو نصر النيسابوري ولد سنة عشر واربعمائة وسمع بنيسابور من جده ابي العلاء صاعد بن محمد ومن ابيه محمد بن صاعد وعمه اسمعيل ابن صاعد وابي بكر الحيري وابي سعيد الصيرفي وسمع ببخارا من ابي سهل الكلاباذي وابي ثابت البخاري وسمع ببغداد من ابي الطيب الطبري وغيره
وروى عنه أشياخنا وكان في صباه من اجمل الشباب واجمعهم لاسباب السيادة

من الفروسية والرمي وصار رئيس نيسابور واملى الحديث وتوفي في شعبان هذه السنة ودفن بنيسابور
75 - احمد بن محمد
ابن احمد بن جعفر ابو الفتح المقريء مقريء اصبهان قرأ القراآت على جماعة وسمع الحديث من جماعة وتوفي في هذه السنة
76 - احمد بن محمد
ابن احمد ابو العباس الجرجاني قاضي البصرة سمع من ابي طالب بن غيلان وابي القاسم التنوخي وابي محمد الجوهري وغيرهم وكان رجلا جلدا ذكيا وتوفي في هذه السنة في طريق البصرة
77 - عبد العزيز بن محمد
ابن علي بن ابراهيم بن ثمامة ابو نصر الهروى سمع ابا محمد الجراحي وتوفي في رمضان بهراة
78 - عبد الصمد بن احمد
ابن علي ابو محمد السليطي المعروف بطاهر النيسابورى رازي المولد والمنشأ نيسابوري الاصل رحل البلاد وسمع الحديث الكثير وجود الضبط وكان احد الحفاظ واوعية العلم سمع من ابن المذهب وابي الحسن الباقلاوي وابي الطيب الطبري وابي محمد الجوهري وخرج له الامالي وكان صدوقا توفي بهمذان في هذه السنة
79 - علي بن ابي يعلي
ابن زيد ابو القاسم الدبوسي من اهل دبوسة بلدة بين سمر قند وبخارا ولي التدريس بالنظامية في بغداد وتوحد في الفقه والجدل وسمع الحديث وتوفي ببغداد في شعبان هذه السنة

80 - علي بن محمد
ابن علي الطراح ابو الحسن المدير توفي في ذي الحجة
81 - ابو الحسن بن المعوج
كاتب الزمام توفي في هذه السنة
82 - عاصم بن الحسن
ابن محمد بن علي بن عاصم بن مهران ابو الحسين العاصمي ولد سنة سبع وتسعين وثلثمائة وهو من اهل الكرخ يسكن باب الشعير من ملاح البغداديين وظرفائهم له الاشعار الرائقة النادرة المستحسنة وكان من اهل الفضل والادب وسمع ابا عمر عبد الواحد بن مهدي وابا الحسين بن المتيم وابا الحسين بن بشران وغيرهم وحدث عن ابي بكر الخطيب وكان ثقة متقنا حدثنا عنه اشياخنا كثيرا وانشدونا من شعره ... ماذاعلى متلون الاخلاق ... لو زارني وابثه اشواقي ... وابوح بالشكوى اليه تذللا ... وافض ختم الدمع من آماقي ... فعساه يسمح بالوصال لمدنف ... ذي لوعة وصبابة مشتاق ... اسرالفؤاد ولم يرق لوثق ... ما ضره لو جاد بالاطلاق ... ان كان قد لسعت عقارب صدغه ... قلبي فان رضابه درياقي ... يا قاتلي ظلما بسيف صدوده ... حاشاك تقتليني بلا استحقاق ... ما مذهبي شرب السلاف وانني ... لاحب شرب سلافة الارياق ... وسقيتني دمعي وما يروى به ... ظمأى ولكن لا عدمت الساقي ...
ومن شعره الرائق ... لهفي على قوم بكاظمة ... ودعتهم والركب معترض ... لم تترك العبرات مذ بعدوا ... لي مقلة ترنو وتغتمض ... رحلوا فطر في دمعه هطل ... جار وقلبي حشوه مرض ... وتعوضوا لاذقت فقدهم ... عني ومالي عنهم عوض

اقرضتهم قلبي على ثقة ... بهم فما ردوا الذي اقترضوا ...
وله ... أتعجبون من بياض لمتي ... وهجركم قد شيب المفارقا ... فان تولت شرتي فطالما ... عهد تموني مرخيا غرانقا ... لما رأيت داركم خالية ... من بعد ما ثورتم الايانقا ... بكيت في ربوعها صبابة ... فأنبتت مدا معي شقائقا ...
قال المصنف رحمه الله سمعت شيخنا عبد الوهاب بن المبارك الانماطي يقول قال عاصم مرضت فغسلت شعري وكان غسلي له في المرض توفي عاصم في جمادي الاخرة من هذه السنة ودفن في مقبرة جامع المدينة
83 - محمد بن احمد
ابن حامد بن عبيد ابو جعفر البخاري البيكندي المتكلم المعروف بقاضي حلب داعية الى الاعتزال ورد بغداد في ايام ابي منصور عبد الملك بن محمد بن يوسف فمنعه ان يدخلها فلما مات ابن يوسف دخلها وسكنها ومات بها قال شيخنا عبد الوهاب كان كذابا توفي في هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
84 - محمد بن احمد
ابن عبد الله بن محمد بن اسمعيل ابو الفتح الاصبهاني ويعرف بسمكويه ولد بأصبهان

سنة
تسع واربعمائة ثم نزل هراة مدة ثم خرج عنها وكان من الحفاظ المعروفين بالطلب والرحلة وسمع الكثير وجمع الكتب وورد بغداد فسمع ابا محمد الخلال وغيره ثم خرج الى ما وراء النهر وكتب بها ورجع الى هراة فتديرها وكان على رأى العلماء والصالحين مشغولا بنفسه عما لا يعينه وتوفي بنيسابور ليلة الاربعاء سابع عشر ذي الحجة من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين واربعمائة

فمن الحوادث فيها انه ورد ابو عبد الله الطبري الفقيه في المحرم بمنشور من نظام الملك بتولية التدريس بالنظامية فدرس بها ثم وصل في ربيع الاخر ابو محمد عبد الوهاب الشيرازي ومعه منشور بالتدريس بها فتقرر ان يدرس فيها هذا يوما وهذا يوما وفي ربيع الآخر خلع على ابي القاسم علي بن طراد وكتب له منشور بنقابة العباسيين بعد ابيه
وفي جمادي الاولى ورد البصرة رجل كان ينظر في علوم النجوم يقال له تليا واستغوى جماعة وادعى انه الامام المهدي واحرق البصرة فاحرقت دار كتب عملت قبل عضد الدولة وهي اول دار كتب عملت في الاسلام وخربت وقوف البصرة التي وقفت على الدواليب التي تدور وتحمل الماء فتطرحه في قناة الرصاص الجارية الى المصانع التي اماكنها على فرسخ من الماء وحكى طالوت بن عباد انه رأى محمد بن سليمان امير البصرة في المنام فقال له ما فعل الله بك فقال غفر لي ولولا حوض المربد لهلكت وكان محمد قد ابتدأ بهذا المصنع عند خروجه الى مكة وعاد الى البصرة فاستقبل بمائة فشربه وصلى على جانبه ركعتين شكرا لله تعالى على تمام هذه المصلحة فأصبح طالوت فعمل مصنعا وقف عليه وقوفا
قال المصنف وقرأت بخط ابن عقيل استفتى على المعلمين في سنة ثلاث وثمانين فأخرجهم ظهير الدين يعني من المساجد وبقي خالوه مجيرا وكان رجلا صالحا من اصحاب الشافعي في مسجد كبير يصونه ويصلي فيه بهم وينظفه فاستثنى بالسؤال فيه فقال قائل لم يخص هذا قال ابن عقيل قد ورد التخصيص بالفضائل في المساجد خاصة قال النبي صلى الله عليه و سلم سدوا هذه الخوخات التي في المسجد الا خوخة ابي بكر ولا نشك انه انما خصه لسابقته وهذا فقيه يدري كيف يصان المساجد وله حرمة وهو فقير لا يقدر على استئجار منزل فجاز تخصيصه بهذا

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
85 - جعفر بن محمد
ابن جعفر بن المكتفي بالله ابو محمد سمع ابا القاسم بن بشران حدث عنه شيخنا

عبد الوهاب واثنى عليه ووصفه بالخيرية وتوفي في جمادي الآخرة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب وبلغ تسعا وستين سنة
86 - محمد بن احمد
ابن عمر ابو يعلى المؤذن سمع ابا الحسن علي بن عبد الله بن ابراهيم الهاشمي وكان شيخا صالحا خيرا روى عنه اشياخنا وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن في مقبرة الخلد على شاطيء الفرات
87 - محمد بن محمد
ابن جهير ابو نصر وزر للقائم والمقتدي ولد بالموصل ثم اعادته الاقدار الى الموصل فمات بها
88 - محمد بن علي
ابن الحسن ابو طالب الواسطي حدث عن القاضي ابي الحسين بن المهتدي وغيره سمع منه صاعد بن سيار وكان الرجل من اهل بغداد فخرج الى خراسان فتوفي بها في صفر
89 - محمد بن علي
ابن محمد بن جعفر ابو سعد الرسيم ولد في سنة اربعمائة وسمع من ابي الحسين بن بشران وابي الحسن القطان وغيرهما روى عنه شيخنا عبد الوهاب واثنى عله وقال كان رجلا فيه خير وتوفي في هذه السنة ودفن في مقبرة جامع المدينة
90 - محمد بن علي ابن الحسن بن محمد بن ابي عثمان عمر بن محمد بن عثمان ابن المنتاب الدقاق وهو اخو ابي محمد وأبي تمام وهو اضغرهم سمع ابا عمر بن مهدي وابا الحسين بن بشران وابن رزقويه وغيرهم حدثنا عنه اشياخنا وكان ثقة دينا وتوفي في يوم الاربعاء للنصف من جمادي الآخرة ودفن في مقبرة الشونيزية

91 - محمد بن احمد
ابن محمد بن اللحاس العطار ويعرف بابن الجبان سمع ابن رزقويه وابن بشران وابن أبي الفوارس وغيرهم حدثنا عنه عبد الوهاب وقال كان رجلا صالحا وكان مزاحا وتوفي يوم الجمعة ثامن رجب في هذه السنة ودفن بباب حرب
92 - محمد بن احمد
ابن محمد بن عمر ابو يعلي ابا الحسن علي بن عبد الله الهاشمي العيسوى روى عنه اشياخنا وتوفي في يوم السبت سابع عشر ذي القعدة ودفن في مقبرة الخلد على شاطيء الفرات

سنة
ثم دخلت سنة اربع وثمانين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه لما احرق المنجم البصرة كتب الى واسط يدعوهم الى طاعته ويقول انا الامام المهدي صاحب الزمان آمر بالمعروف وانهى عن المنكر واهدي الخلق الى الحق فان صدقتم بي امنتكم من العذاب وان عدلتم عن الحق خسفت بكم فأمنوا بالله وبالامام المهدي
وفي رابع عشر صفر خرج توقيع الخليفة بالزام اهل الذمة بلبس الغيار والزنار والدرهم الرصاص المعلق في اعناقهم مكتوب عليه ذمي وان تلبس النساء مثل هذا الدرهم في حلوقهن عند دخول الحمام ليعرفن وان تلبس الخفاف فردا اسود وفردا احمر وجلجلا في ارجلهن وشدد الوزير ابو شجاع في هذا فاجابه المبتدي الى ما اشار به واسلم حينئذ ابو سعد بن الموصلا يا كاتب الانشاء وابن اخته ابو نصر هبة الله بحضرة الخليفة
وفي جمادي الاولى قدم ابو حامد محمد بن محمد بن محمد الغز الى الطوسي من اصبهان الى بغداد للتدريس بالنظامية ولقبه نظام الملك بزين الدين شرف الائمة وكان كلامه معسولا وذكاؤه شديدا

وفي يوم الخميس تاسع رمضان خرج التوقيع بعزل الوزير ابي شجاع وكان السبب ان اصحاب السلطان شكوا منه فصادف ذلك غرض النظام في عزله فأكد نوبته وكتب السلطان الى الخليفة يشكو منه فصادف ذلك ضجرا من الخليفة من افعاله التي تصدر عن قلة رغبة في الخدمة فعزله وكان يكسر اعراض الديوان والعسكر متابعة للشرع حتى انه لما فتحت مسرقند على يدي ملك شاه جاء البشير فخلع عليه فقال وأي بشارة هذه كأنه قد فتح بلدا من بلاد الكفر وهل هم الاقوم مسلمون استبيح منهم ما لا يستباح من المسلمين فبلغ هذا الى السلطان مع ما في قلب الخليفة فعزله وهو في الديوان فانصرف الى داره على حالته مع حواشيه وانشد حينئذ ... تولاها وليس له عدو ... وفارقها وليس له صديق ...
فلما كان يوم الجمعة عاشر الشهر خرج الى الجامع من داره بباب المراتب ماشيا متلفعا بمنديل من قطن مع جماعة من العلماء والزهاد فعظمت العامة ذلك وشنعوا وقال الاعداء انما قصد الشناعة فأنكر عليه اشد الانكار والزم منزله واخذ الجماعة الذين مشوا معه فأهينوا ثم وردت كتب النظام بان يخرج من بغداد فأخرج الى درا ورد وهو موطنه قديما فاقام هناك مدة ثم استأذن في الحج فأذن له فجاء الى النيل فأقام بها فلم تطب له لكثرة منكرها فمضى الى مشهد على عليه السلام ثم سافر الى مكة فلما اراد الخروج الى مكة صلحت له نية نظام الملك فبعث اليه يقول انا اسألك ان اكون عديلك وكان النظام قد استعد لذلك لكن لم يقدر له فقال للرسول تخدم عنى وتقول منذ اطبق دواتي امير المؤمنين لم افتحها ولولا ذلك لكتبت الجواب وانا اعادل بالدعاء وناب ابن الموصلايا ولقب امين الدولة وخلع عليه وتقدم الى ابي محمد التميمي ويمن الخادم بالخروج الى باب السلطان لاستدعاء ابي منصور بن جهير وتقرير وزارته
وفي خامس عشرين رمضان رضي الخليفة عن ابي بكر الشامي قاضي القضاة وخرج اليه توقيع يأمره فيه الاغضاء عما كان من الشهود والوكلاء

في حقه وكانوا قد بالغوا في عداوته وخرج الشهود في صحبته لتلقي السلطان مع ابن الموصلايا ومعه فتيت لافطاره ولم يقبل ما يحمل اليه
وفي رمضان دخل السلطان ملك شاه الى بغداد وخرج لتلقيه ابن الموصلايا ونزل نظام الملك بدار ولده مؤيد الملك وفي ذي القعده خرج ملك شاه وابنه ابن بنته الذي ابوه المقتدي في خلق عظيم وزي عظيم الى الكوفة
وفي ذي القعدة استوزر ابو منصور بن جهير وهي النوبة الثانية من زارته للمقتدي وخلع عليه وركب اليه نظام الملك الى دار بباب العامة فهنأه
وفي ذي الحجة عمل السلطان ملك شاه الصدق بدجلة وهو اشعال النيران والشموع العظيمة في السميريات والزواريق الكبار وعلى كل زورق قبة عظيمة وخرج اهل بغداد للفرجة فباتوا على الشواطيء وزينت دجلة باشعال النار واظهر ارباب المملكة كنظام الملك وغيره من زينتهم ما قدروا عليه وحملوا في السفن بانواع الملاهي واخذوا السفن الكبار فألقوا فيها الحطب واضرموا فيها النار واحدروا من مسناة دار معز الدولة الى دار نظام الملك ونزل اهل محال الجانب الغربي كل واحد معه شمعة واثنتان وكان على سطح دار المملكة الى دجلة حبال قد احكم شدها وفيها سميرية يصعد بها رجل في الحبال ثم ينحدر بها وفيها نار ووصف الشعراء ما جرى تلك الليلة فقال ابو القاسم المطرز ... وكل نار على العشاق مضرمة ... من نار قلبي او من ليلة الصدق ... نار تجلت بها الظلماء واشتبهت ... بسدفة الليل فيها غرة الفلق ... وزارت الشمس فيها البدر واصطلحا ... على الكواكب بعد الغيظ والحنق ... مدت على الارض بسطا من جواهرها ... ما بين مجتمع وارو مفترق ... مثل المصابيح الا انها نزلت ... من السماء بلا رجم ولا حرق ... اعجب بنار ورضوان يسعرها ... ومالك قائم منها على فرق ... في مجلس ضحكت روض الجنان له ... لما جلت ثغرة عن واضح يقق

وللشموع عيون كلما نظرت ... تظلمت من يديها انجم الغسق ... من كل مرهفة الاعطاف كالغصن المياد لكنه عار من الورق ... اني لأعجب منها وهي وادعة ... تبكي وعيشتها في ضربة العنق ...
ومن غد تلك الليلة اخرج تليا المنجم وشهر وعلى رأسه طرطور بودع والدرة تأخذه وهو على جمل يشتم الناس ويشتمونه قال المصنف ونقلت من خط ابي الوفاء بن عقيل قال لما دخل جلال الدولة أي نظام الملك في هذه السنة قال اريد استدعي بهم وأسألهم عن مذهبهم فقد قيل لي انهم مجسمة يعني الحنابلة فأحببت ان اسوغ كلاما يجوز ان يقال ذا سأل فقلت ينبغي لهؤلاء الجماعة يسألون عن صاحبنا فاذا اجمعوا على حفظه لاخبار رسول الله صلى الله عليه و سلم وسلموا انه كان ثقة فالشريعة ليست باكثر من اقوال رسول الله صلى الله عليه و سلم وفعاله الا ما كان للرأي فيه مدخل من الحوادث الفقهية فنحن على مذهب ذلك الرجل الذي اجمعوا على تعديله كما انهم على مذهب قوم اجمعنا على سلامتهم من البدعة فان وافقوا اننا على مذهبه فقد اجمعوا على سلامتنا معه لان متبع السليم سليم وان ادعى علينا انا تركنا مذهبه وتمذهبنا بما يخالف الفقهاء فليذكروا ذلك ليكون الجواب بحبسه وان قالوا احمد ما شبه وانتم شبهتم قلنا الشافعي لم يكن اشعريا وانتم اشعرية فان كان مكذوبا عليكم فقد كذب علينا ونحن نفزع في التأويل مع نفي التشبيه فلا يعاب علينا الا ترك الخوض والبحث وليس بطريقة السلف ثم ما يريد الطاعنون علينا ونحن لا نزاحمهم على طلب الدنيا
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
93 - عبد الرحمن بن احمد
ابن علك ابو طاهر ولد بأصبهان وسمع الحديث وتفقه بسمرقند وهو كان السبب في فتحها وكان من رؤساء الشافعية حتى قال يحيى بن عبد الوهاب بن منده لم نر فقيها في وقتنا انصف منه ولا اعلم وكان بهيج المنظر فصيح اللهجة ذا مروءة

وكانت له حال عظيمة ونعمة كبيرة وكان يقرض الامراء الخمسين الف دنيار وما زاد وتوفي ببغداد فمشى تاج الملك وغيره في جنازته من المدرسة النظامية الى باب ابرز ولم يتبعه راكب سوى نظام الملك واعتذر بعلو السن ودفن بتربة ابي اسحاق الى جانبه وجاء السلطان عشية ذلك اليوم الى قبره قال ابن عقيل جلست الى جانب نظام الملك بتربة ابي اسحاق والملوك قيام بين يديه واجترأت على ذلك بالعلم وكان جالسا للتعزية بابن علك فقال لا اله الا الله دفن في هذا المكان ارغب اهل الدنيا في الدنيا يعني ابن علك وازهدهم فيها يعني ابا اسحاق ورئي ليلة دفن عنده ابو طاهر كأنه قد خرج من قبره وجلس على شفير القبر وهو يحرك اصبعه المسبحة ويقول يا بني الاتراك يا بني الاتراك فكأنه يستغيث من جواره
94 - علي بن احمد
ابن عبد الله بن النظر ابو طاهر الدقاق توفي يوم الاربعاء سادس عشر صفر
95 - علي بن الحسين
ابن قريش ابو الحسن البناء ولد سنة ثمان وتسعين وثلثمائة حدثنا عنه اشياخنا وتوفي يوم الجمعة سابع عشر ذي الحجة ودفن بباب حرب
96 - عفيف القائمي
كان له اختصاص بالقائم وكانت فيه معان
97 - محمد بن عبد السلام
ابن علي بن عمر بن عفان ابو الوفاء الواعظ سمع ابا علي بن شاذان حدثنا عنه اشياخنا وكان يسكن نهر طابق ويعظ وله قبول ولما رأى اصحاب احمد بن حنبل ابن عفان قدمالأ الاشاعرة في ايام ابن القيشري هجروه وتوفي يوم الاحد رابع جمادي الآخرة ودفن في داره بقطيعة عيسى

98 - محمد بن عبد السلام
ابن علي بن نظيف ابو سعد الصيدلاني سمع ابا طالب الزهري وابا الحسين النهرواني حدثنا عنه اشياخنا توفي في يوم الخميس حادي عشر ذي القعدة
99 - محمد بن احمد
ابن علي بن حامد ابو نصر المروزي كان اماما في القراآت اوحد وقته وصنف فيها التصانيف وسافر الكثير في طلب علم القرأن وغرق مرة في البحر فذكر انه كان الموج يلعب به فنظر الى الشمس وقد زالت ودخل وقت الظهر فغاص في الماء ونوى الظهر وشرع في الصلاة على حسب الطاقة فخلص ببركة ذلك وتوفي في يوم الاحد ثاني عشر ذي الحجة من هذه السنة وهو ابن نيف وتسعين سنة
100 - محمد بن عبد الله
ابن الحسين ابو بكر الناصح الحنفي قاضي قضاة الري سمع وحدث وكان فقيها مناظرا متكلما يميل الى الاعتزال وكان وكلاء مجلسه يميلون الى اخذ الرشاء فصرف عن قضاء نيسابور وتوجه الى الري قاضيا وتوفي في رجب هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة خمس وثمانين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان السطان ملك شاه تقدم في المحرم ببناء سوق المدينة لمقاربة داره التي بمدينة طغرلبك وبنى فيها خانات الباعة وسوقا عنده ودروب وآدر وبنت خاتون حجرة لدار الضرب ونودي ان لا تعامل الا بالدنانير ثم بعمارة الجامع الذي تمم بأخرة على يدي بهروز الخادم في سنة اربع وعشرين وخمسمائة وتولى السلطان تقدير هذا الجامع بنفسه وبدرهم منجمه وجماعة من الرصديين واشرف على ذلك قاضي القضاة ابو بكر الشامي وجلبت اخشابه من جامع سامرا وكثرت العمارة بالسوق واستأجر نظام الملك بستان الجسر وما يليه من وقوف المارستان مدة خمسين سنة وتجرد لعمارة ذلك دارا واهدى له ابو الحسن الهروى

خانه وتولى عمارة ذلك ابو سعد بن سمحا اليهودي وابتاع تاج الملك ابو الغنائم دار الهمام وما يليها بقصر بني المأمون ودار ختلغ امير الحاج وبنى جميع ذلك دارا وتولى عمارتها الرئيس ابو طاهر ابن الاصباغي
وفي المحرم قصد الامير جعفر بن المقتدي اباه امير المؤمنين ليلا فزاره ثم عاد وفي المحرم مرض نظام الملك فكان يداوي نفسه بالصدقة فيجتمع عنده خلق من الضعفاء فيتصدق عليهم فعوفي
وفي النصف من ربيع الاول توجه السلطان خارجا الى اصفهان وخرج صحبته الامير ابو الفضل بن المقتدى
وفي يوم الثلاثاء تاسع جمادي الاولى وقع الحريق بنهر معلى في الموضع المعروف بنهر الحديد الى خرابة الهواس والى باب دار الضرب واحترق سوق الصاغة والصيارف والمخلطيين والريحانيين من الظهر الى العصر وهلك خلق كثير من الناس ومن جملتهم الشيخ مالك البانياسي المحدث وابو بكر بن ابي الفضل الحداد وكان من المجودين في علم القرآن واحاطت النار بمسجد الرزاقين ولم يحترق وتقدم الخليفة الى عميد الدولة ابي منصور بن جهير فركب ووقف عند مسجد ابن حردة وتقدم بحشر السقائين والفعلة فلم يزل راكبا حتى طفئت النار
وفي مستهل رمضان توجه السلطان من اصفهان الى بغداد بنية غير مرضية ذكر عنه انه اراد تشعيث امر المقتدي وكان معه النظام فقتل النظام في عاشر رمضان في الطريق ووصل نعيه إلى بغداد في ثامن عشر رمضان فلما قارب السلطان بغداد خلع المقتدي على وزيره عميد الدولة ابي منصور تشريفا له وجبرا لمصابه بنظام الملك فانه كان يعتضد به وهو الذي سفر له في عوده الى منصبه وكان عميد الدولة قد تزوج بنت النظام فخرج في الموكب للتلقي يوم الخميس ثاني عشرين رمضان وسار الى النهروان واقام الى العصر من يوم الجمعة ودخل ليلة السبت ودخل السلطان الى دار المملكة يوم السبت ومنع تاج الملك العسكر ان ينزل في دار احد وركب عميد الدولة واربها معه الى دار السلطان فهنأه عن الخليفة بمقدمة

وبعث السلطان إلى الخليفة يقول لا بد أن تترك لي بغداد وتنصرف إلى أي البلاد شئت فانزعج الخليفة من هذا انزعاجا شديدا ثم قال أمهلني شهرا فعاد الجواب لا يمكن أن تؤخر ساعة فقال الخليفة لوزير السلطان سله أن يؤخرنا عشرة أيام فجاء إليه فقال لو أن رجلا من العوام أراد أن ينتقل من دار إلى دار تكلف للخروج فكيف بمن يريد أن ينقل أهله ومن يتعلق به فيحسن أن تمهله عشرة أيام فقال يجوز فلما كان يوم عيد الفطر صلى الصلاة بالمصلى العتيق وخرج إلى الصيد فاقتصد فأخذته الحمى وكان قد فوض الأمر إلى تاج الملوك أبي الغنائم اوقع عليه إسم الوزارء واستقر أنت تفاض عليه الخلع يوم الأثنين رابع شوال فمنع هذا الأمر الذي حرى وركب عميد الدولة مع الجماعة الى السلطان فلم يصلوا اليه ونقل ارباب الدولة اموالهم الى حريم الخليفة وتوفي السلطان فضبطت زوجته زبيدة خاتون العسكر بعد موته احسن ضبط فلم يلطم خد ولم يشق ثوب وبعثت بخاتم السلطان مع الامير قوام الدولة صاحب الموصل الى القلعة التي باصبهان تأمر صاحبها بتسليمها واتبعته بالامير قماج فاستوليا على امور القلعة وساست الامور سياسة عظيمة وانفقت الاموال التي جمعها ملك شاه فأرضت بها العسكر وكانت تزيد على عشرين الف الف دينار واستقر مع الخليفة ترتيب ولدها محمود في السلطنة وعمره يومئذ خمس سنين وعشرة اشهر وخطب له على منابر الحضرة وترتب لوزارته تاج الملك ابو الغنائم المرزبان بن خسرو وجاء عميد الدولة بخلع من الخليفة فافاضها على محمود ودخل الى امه فغزاها وهنأها عن الخليفة ثم خرج العسكر وخاتون وولدها المعقود له السلطنة ووزيره هذا يوم الثلاثاء السادس والعشرين من شوال وحمل الامير ابو الفضل ابن المقتدي الى ابيه ودخل اولئك الى اصبهان وخطب لمحمود بالحرمين وراسلت امه الحليفة ان يكتب له عهدا فجرت في ذلك محاورات الى ان اقتضى الرأي ان يكتب له عهد باسم السلطنة وراسلت امه الخليفة ان يكتب له عهدا بأسم السلطنة خاصة ويكتب للامير انر عهد في تدبير الجيوش ويكتب لتاج الملك

عهد بترتيب العمال وجبايات الأموال فأبت الأم إلا أن يستند ذلك كله إلى إبنها محمود فلم يجب الخليفة وقال هذا لا يجيزه الشرع واستفتى الفقهاء فتجرد أبو حامد الغزالي وقال لا يجوز إلا ما قاله الخليفة وقال المشطب بن محمد الحنفي يجوز ما رامته الأم فغلب قول الغزالي
وفي شوال قتل إبن سمحا اليهودي
وفي ذي القعدة طمع بنو خفاجة في الحاج لموت السلطان وبعد العسكر فهجموا عليهم حين خرجوا من الكزفة فأوقعوا على إبن ختلغ أمير الحاج وقتلوا أكثر العسكر وانهزم باقيهم إلى الكوفة فدخل بنو حفاجة الكوفة فأغاروا وقتلوا فرماهم الناس بالنشاب فأعروا الرجال والنساء فبعث من بغداد عسكر فانهزم بنو خفاجة ونهبت أموالهم وقتل منهم خلق كثير
فأما مماليك النظام فإنهم بعده أووا إلى بركياروق إبن السلطان ملك شاة الكبير وخطبوا له بالري وانحاز إليه أكثر العسكر سوى الخاصكية فإنهم إلتجأوا إلى خاتون ففرقت عليهم ثلاثة آلاف ألف دينار وأنقذهم إلى قتال بركياروق وكان مدبر العسكر وزعيمه الوزير تاج الملك فالتقى الفريقان في سادس عشر ذي الحجة بقرب بروجرد فاستأمن من أكثر الخاصية إلى بركياروق ووقعت الهزيمة واسر تاج الملك وقتل
وجاء الخبر بما أنزل بأهل البصرة من البرد الذي في الواحدة منه خمسة أرطال وبلغ بعضه ثلاثة عشر رطلا فرمى الأبراج المبنية بالجص والآجر وقصف قلوب النخل وأحرقها وكان معه ريح فقصفت عشارت الوف من النخل واستدعى قاضي واسط إبن حرز إلى بغداد فعزل وقلد القضاء أبو على الحسن إبن إبراهيم الفارقي ووصل إلى واسط في جمادي الأولى

ذكر من توفي في هذه السنة من الآكابر
101 - أحمد بن إبراهيم
إبن عثمان أبو غالب الادمي القاري سمع أبا علي شاذان وغيره روى عنه

شيخنا عبد الوهاب وأثنى عليه ووصفه بالخير وكان حسن التلاوة لكتاب الله العزيز يقرأ بين أيدي الوعاظ توفي في ذي الحجة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب أبرز
102 - جعفر بن يحيى
ابن عبد الله بن عبد الرحمن أبو الفضل التميمي المعروف بالحكاك من أهل مكة ولد سنة سبع عشرة وقيل سنة ست وأربعمائة ورحل في طلب الحديث إلى الشام والعراق وفارس وخوزستان وأكثر عن العراقيين وخرج لأبي الحسين بن النقور أجزاء من مسموعاته وتكلم على الأحاديث بكلام حسن وكان حافظا متقنا أديبا فهما ثقة صدوقا خيرا وكان يترسل عن إبن أبي هاشم امير مكة إلى الخلفاء والأمراء ويتولى ما يوقع من مال وكسوة وكان من ذوي الهيئات النبلاء حدثنا عنه اشياخنا وآخر من حدث عنه أبو الفتح إبن البطي توفي يوم الجمعة رابع عشر صفر حين قدم من الحج وكانت وفاته بالكوفة ودفن في مقبرة البيع
103 - الحسن بن علي
إبن إسحاق بن العباس أبو علي الطوسي الملقب نظام الملك وزير السلطانين ألب أارسلان وولده ملك شاة نسقا متتاليا تسعا وعشرين سنة ولد بطوس وكان من أولاد الدهاقين وأرباب الضياع بناحية بيهق كان عالي الهمة إلا أنه كان فقيرا مشغولا بالفقه والحديث ثم أتصل بخدمة أبي علي بن شاذان المعتمد عليه ببلخ فكان يكتب له وكان يصادره كل سنة فهرب منه في خدمته فقصد داودا بن ميكائيل والد السلطان ألب أرسلان وعرفه رغبته في خدمته فلما دخل عليه أخذ بيده فسلمه إلى ولده ألب أرسلان وقال هذا حسن الطوسي قتسلمه واتخذه والدا لا تخالفه وقيل بل خدم إبن شاذان إلى أن توفي فأوصى به إلى ألب أرسلان دبر له الملك فأحسن التدبير فبقي في خدمته عشر سنين ثم مات وازدحم أولاده

على الملك وطغى الخصوم فدبر الأمور ووطد الملك لملك شاة فصار الأمر كله إليه و وليس للسلطان إلا التخت والصيد فبقي على هذا عشرين سنة ودخل على المقتدي فأذن له في الجلوس بين يديه وقال له يا حسن رضي الله عنك برضا أمير المؤمنين عنك وكان مجلسه عامرا بالفقهاء وأئمة المسلمين وأهل التدين حتى كانوا يشغلونه عن مهمات الدولة فقال له بعض كتابه هذه الطائفة من العلماء قد بسطتهم في مجلسك حتى شغلوك عن مصالح الرعية ليلا ونهارا فإن تقدمت إن لا يوصل أحدا إلا بإذن وإذا وصل جلس بحيث لا يضيق عليك مجلسك فقال هذه الطائفة أركان الإسلام وهم جمال الدنيا والآخرة ولو أجلست كلا منهم على رأسي لاستقللت لهم ذلك وكان إذا دخل عليه أبو القاسم القشيري وأبو المعالي الجويني يقوم لهما ويجلسان في مسند ويجلس في المسند على حالته
فإذا دخل عليه أبو علي الفارمذي قام وأجلسه في مكانه وجلس بين يديه فامتعض من هذا الجويني فقال لحاجبه في ذلك فأخبره فقال هو والقشيري وامثالهما قالوا لي أنت أنت وأطروني بما ليس في فيزيدني كلامهم تيها والفارمذي يذكر لي عيوبي وظلمي فأنكر وأرجع عن الكثير مما أنافيه وكان المتصوفة تنفق عليه حتى أنه أعطى بعض متمنيهم في مرات ثمانين الف دينار
أنبأنا علي بن عبيد الله عن أبي محمد التميمي قال سالت نظام الملك عن سبب تعظيمه الصوفية فقال أتاني صوفي وأنا في خدمة بعض الأمراء فوعظني وقال أخدم من تنفعك خدمته ولا تشتغل بما تأكله الكلاب غدا فلم أعرف معنى قوله فشرب ذلك الأمير من الغد وكانت له كلاب كالسباع تفرس الغرباء باليل فغلبه السكر وخرج وحده فلم تعرفه الكلاب فمرزفته فعلمت أن الرجل كوشف بذلك فأنا أطلب أمثاله وكان للنظام من المكرمات مالا يحصى كلما سمع الأذان أمسك عما هو فيه وكان يراعي أوقات الصلوات ويصوم الأثنين والخميس ولكثر الصدقة وكان له الحلم والوقار وأحسن خلاله مراعة العلماء وترتيتبه العلم وبناء المدارس والمساجد والرباطات والوقوف عليها وإثره العجيب ببغداد هذه

المدرسة وسقوفها الموقوف عليها وفي كتاب شرطها انها وقف علىأصحاب الشافعي أصلا وفرعا وكذلك الأملاك الموقوفة عليها شرط فيها أن يكون على اصحاب الشافعي اصلا وفرعا وكذلك شرط في المدرس الذي يكون بها الواعظ الذي يعظ بها ومتولى الكتب وشرط أن يكون فيها مقرىء يقرأ القرآن ونحوي يدرس العربية وفرض لكل قسطا من الوقف وكان يطلق ببغداد كل سنة من الصلات مائتي كروثمانية عشر ألف دينار ولما طالت ولايته تقررت قواعده قبل قدره ولما عبر في جيحون وقع لملاحين بأجرتهم على عامل أنطاكية بعشرة آلاف دينار وملك من الغلمان الأتراك الوفاء وحدث بمرونيسابور والري وأصبهان وبغداد وأملى في جامع المهدي وفي مدرسته وكان يقول اني لأعلم انى لست اهلا للرواية ولكنى اريد ان اربط نفسي على قطار النقلة لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم وحدث عنه جماعة من شيوخنا منهم أبو الفضل الأرموي وآخر من روى عنه أبو القاسم العكبري وكان النظام يقول كنت أتمنى ان يكون لي قرية ومسجد أتخلى فيه بطاعة ربي ثم تمنيت بعد ذلك قطعة من الأرض بشربها أقوت برفعها وأتخلى في مسجد في جبل ثم الان أتمنى ان يكون لي رغيف وأتعبد في مسجد وقال رأيت إبليس في النوم فقلت له ويلك خلقك الله ثم أمرك بسجدة فلم تفعل وأنا الحسن أمرني بالسجود فأنا أسجد له كل يوم سجدات فقال
... من لم يكن للوصال أهلا ... 5 فكل أحسانه ذنوب ...
وكان له أولاد جماعة وزر منهم خمسة للسلاطين وزر أحمد بن النظام لمحمد بن ملك شاة وللمسترشد خرج النظام مع ملك شاة يقصد العراق من أصفهان يوم الخميس غره رمضان وكان آخر سفرة سافرها فلما أفطر ركب في محفة وسير به فبلغ إلى قرية قريبة من نهاوند فقال هذا الموضع قتل فيه جماعة من الصحابة زمن عمر فطوبى لمن كان معهم فقتل تلك الليلة اعترضه صبي ديلمي على صفة الصوفية معه قصة فدعا له وسأل تناولها فمد يده لياخذها فضربه بسكين

في فؤاده فحمل إلى مضربه فمات وقتل القاتل في الحال بعد أن هرب فعثر بطنب خيمة فوقع فركب السلطان الى معسكره فسكنهم وذلك في ليلة السبت عاشر رمضان وكان عمره ستا وسبعين سنة وعشرة اشهر وتسعة عشر يوما وشاع بين الناس ان السلطان سئم طول عمره وصور له اعداؤه كثرة ما يخرج من الاموال وقد كان عثمان بن النظام رئيس مرو فانفذ السلطان مملوكا له كبيرا قد جعله شحنة فاختصما فقبض عليه عثمان واخرق به فلما اطلقه قصد السطان مستغيثا فاستعدعى السلطان ارباب الدولة وقال امضوا الى خواجه حسن وقولوا له ان كنت شريكي في الملك فلذلك حكم وان كنت تابعي فيجب ان تلزم حدك وهؤلاء اولادك قد استولوا على الدنيا ولا يقنعهم حتى يخرجوا من الحرمة فلما ابلغوه قال لهم قولوا له أما علم اني شريكه في الملك وانه ما بلغ ما بلغ الا بتدبيري او ما يذكر حين قتل ابوه كيف جمعت الناس عليه وعبرت بالعساكر النهر وفتحت الامصار وصار الملك بحسن تدبيري بين راج للرأفة ووجل من المخافة وبعد هذا فقولوا له ان ثبات القلنسوة مصدوق بفتح هذه الدواة ومتى اطبقت هذه زالت تلك فحكى ذلك للسلطان فما زال يدبر عليه فيقال انه الف عليه بمواطأة تاج الملك ابي الغنائم من قتله فلم تطل مدة السلطان بعده وانما كان بينهما خمسة وثلاثين يوما فكان في ذلك عبرة فكان الناس يتحدثون ان السلطان انما رضي بقتله لان السلطان كان قد عزم على تشعيث امر المقتدي ودبر ذلك تاج الملك وخاتون زوجة السلطان لانها أرادت من السلطان ان ينص على ولدها محمود فثناه عن رأيه النظام فخشوا من النظام تثبيطا عن مرادهم ووصل نعي نظام الملك الى بغداد يوم الاحد ثامن عشر رمضان فجلس عميد الدولة للعزاء به في الديوان ثلاثة ايام وحضر الناس على طبقاتهم وخرج التوقيع يوم الثالث وفي آخره وفي بقاء معز الدولة مما يجبر المسلمين ويعضد امير المؤمنين قال المصنف ونقلت من خط ابي الوفاء بن عقيل قال رأينا في اوائل اعمارنا ناسا طاب العيش معهم

من العلماء والزهاد واعيان الناس واما النظام فان سيرته بهرت العقول جودا وكرما وحشمة واحياء لمعالم الدين فبنى المدارس ووقف عليها الوقوف ونعش العلم واهله وعمر الحرمين وعمر دور الكتب وابتاع الكتب فكانت سوق العلم في ايامه قائمة والعلماء مستطيلين على الصدور من ابناء الدنيا وما ظنك برجل كان الدهر في خفارته لانه كان قد افاض من الانعام ما ارضى الناس وانما كانوا يذمون الدهر لضيق ارزاق واختلال احوال فلما عمهم احسانه امسكوا عن ذم زمانهم قال ابن عقيل بلغت كلمتي هذه وهي قوله كان الدهر في خفارته جماعة من الوزراء والعمداء فشطروها واستحسنها العقلاء الذين سمعوها قال ابن عقيل وقلت مرة في وصفه ترك الناس بعده موتى اما اهل العلم والفقراء ففقدوا العيش بعده بانقطاع الارزاق واما الصدور والاغنياء فقد كانوا مستورين بالغنا عنهم فلما عرضت الحاجات عجزوا عن تحمل بعض ما عود من الاحسان فانكشفت معايبهم من ضيق الاخلاق فهؤلاء موتى بالمنع وهؤلاء موتى بالذم وهو حي بعد موته بمدح الناس لايامه ثم ختم له بالشهادة فكفاه الله امر آخرته كما كفى اهل العلم امر دنياهم ولقد كان نعمة من الله علي اهل الاسلام فما شكروها فسلبوها قال المصنف رحمه الله وقد رثاه مقاتل ابن عطية المسمى بشبل الدولة فذكر هذا المعنى ... كان الوزير نظام الملك لؤلؤة ... يتيمة صاغها الرحمان من شرف ... عزت فلم تعرف الايام قيمتها ... فردها غيرة منه الى الصدف ...
104 - عبد الباقي بن محمد
ابن الحسين بن داود بن ناقيا ابو القاسم الشاعر من اهل الحريم الطاهري ولد سنة عشر واربعمائة وسمع ابا القاسم الخرقي وغيره وكان اديبا حدث عنه اشياخنا ورموه بانه كان يرى رأي الاوائل ويطعن على الشريعة وقال شيخنا عبد الوهاب الانماطي ما كان يصلي وكان يقول في السماء نهر من خمر ونهر من لبن ونهر من عسل ما سقط منه شيء قط هذا الذي يخرب البيوت ويهدم

السقوف توفي في محرم هذه السنة ودفن بباب الشام وانبأنا عمر بن ظفر المغازلي قال سمعت ابا الحسن علي بن محمد الدهان يقول دخلت على ابي القاسم ابن ناقيا بعد موته لاغسله فوجدت يده مضمومة فاجتهدت على فتحها فاذا فيها مكتوب ... نزلت بجار لا يخيب ضيفه ... ارجى نجاتي من عذاب جهنم ... واني على خوفي من الله واثق ... بانعامه والله اكرم منعم ...
105 - عبد الرحمن بن محمد
ابو محمد العماني كان يتولى قضاء ربع الكرخ ببغداد ثم ولي قضاء البصرة وتوفي في رمضان هذه السنة
106 - مالك بن احمد
ابن علي بن ابراهيم ابو عبد الله البانياسي وبانياس بلد من بلاد الغور قريب من فلسطين ولد سنة ثمان وتسعين وهذا الرجل له اسمان وكنيتان يقال له ابو عبد الله مالك وابو الحسن على وكان يقول سماني ابي مالكا وكناني بابي عبد الله واسمتني أمي عليا وكنتني بابي الحسن فانا اعرف بهما لكنه اشتهر بما سماه ابوه سمع ابا الحسن بن الصلت وهو آخر من حدث عنه في الدنيا وسمع من ابي الفضل بن ابي الفوارس وابا الحسين بن بشران وحدثنا عنه مشايخنا آخرهم ابو الفتح ابن البطي وكان ثقة
واحترق سوق الريحانيين يوم الثلاثاء بين الظهر والعصر تاسع عشر جمادي الاخرة من هذه السنة وهلك فيه جماعة من الناس فاحترق فيه مالك البانياسي وكان في غرفته ودفن يوم الاربعاء
107 - ملك شاه
ويكنى ابا الفتح بن ابي شجاع محمد الب ارسلان ابن داود بن ميكائيل بن سلجوق الملقب جلال الدولة عمر القناطر واسقط المكوس والضرائب

وحفر الانهار الخراب وبنى الجامع الذي يقال له جامع السلطان ببغداد وبنى مدرسة ابي حنيفة والسوق وبنى منارة القرون من صيودة وهي التي بظاهر الكوفة وبنى مثلها وراء النهر وتذكر ما اصطاده بنفسه فكان عشرة آلاف فتصدق بعشرة آلاف دينار وقال اني خائف من الله سبحانه من ارهاق روح لغير مأكله وخطب له من اقصى بلاد الترك الى اقصى بلاد اليمن وراسله الملوك حتى قال النظام كم من يوم وقعت باطلاق اذ مات لرسل ملك الروم واللان والخزر والشام واليمن وفارس وغير ذلك قال وان خرج هذا السلطان في السنة نحو من عشرين الف الف دينار وكانت السبل في زمانه آمنة وكانت نيته في الخير جميلة وكان يقف للمرأة والضعيف ولا يبرح الا بعد انصافهم ومن محاسن ما جرى له في ذلك ان بعض التجار قال كنت يوما في معسكره فركب يوما الى الصيد فلقيه سوادي يبكي فقال له مالك فقال له يا خيلباشي كان معي حمل بطيخ هو بضاعتي فلقيني ثلاثة غلمان فأخذوه فقال له امض الى العسكر فهناك قبة حمراء فاقعد عندها ولا تبرح الى آخر النهار فانا ارجع واعطيك ما يغنيك فلما عاد قال للشرابي قد اشتهيت بطيخا ففتش العسكر وخيمهم ففعل فاحضر البطيخ فقال عند من رأيتموه فقال في خيمة فلان الحاجب فقال أحضروه فقال له من اين لك هذا البطيخ فقال جاء به الغلمان فقال اريدهم هذه الساعة فمضى وقد احس بالشر فهرب الغلمان خوفا من ان يقتلهم وعاد وقال قد هربوا لما علموا ان السلطان يطلبهم فقال احضروا السوادي فاأحضر فقال له هذا بطيخك الذي اخذ منك قال نعم فقال هذا الحاجب مملوك ابي ومملوكي وقد سلمته اليك ووهبته لك ولم يحضر الذين اخذوا مالك ووالله لئن تركته لاضربن رقبتك فأخذ السوادي بيد الحاجب واخرجه فاشترى الحاجب نفسه منه بثلثمائة دينار فعاد السوادى الى السلطان فقال يا سلطان قد بعت المملوك الذي وهبته لي بثلثمائة دينار فقال قد رضيت بذلك قال نعم فقال اقبضها وامض مصاحبا
ومن محاسن افعاله انه لقي انسانا تاجرا على عقبة معه بغال عليها متاع فذهب

اصحابه ينحون البغال الى صاحب الخيل فقال لا تفعلوا نحن على خيل يمكننا ان نصعد الى هناك وهذه البغال عليها اثقال وفي ترقيتها خطر فصعد على الجادة الى ان مضى التاجر بأحماله ثم عاد ولقي امرأة تمشي فقال لها الى اين قالت الى الحج قال كيف تقدرين على ذاك قالت امشي الى بغداد واطرح نفسي هناك على من يحملني لطلب الثواب فأخرج ما كان في خريطته من الدنانير فطرحه في ازارها وقال خذي هذا فاشتري منه مركوبا واصرفي بقيته في نفقتك ولما توجه الى حرب اخيه تكش اجتاز بمشهد على بن موسى الرضا بطوس فدخل للزيارة ومعه النظام فلما خرجا قال له يا حسن بما دعوت فقال دعوت الله ان يظفرك باخيك فقال انني لم اسأل ذلك وانما قلت اللهم ان كان اخي اصلح للمسلمين منى فظفره بي وان كنت اصلح لهم فظفرني به وجاء اليه تركماني قد لازم تركمانيا فقال له اني وجدت هذا قد ابتنى بابنتي واريد ان تأذن لي في قتله فقال لا تقتله ولكنا نزوجها به ونعطي المهر من خزانتنا عنه فقال لا اقنع الا بقتله فقال هاتوا سيفا فجيء به فأخذه وسله وقال للرجل تعال فتعجب الناس وظنو انه يقتل الاب فلما قرب منه اعطاه السيف وامسك بيده الجفن وأمره ان يعيد السيف الى الجفن فكلما رام الرجل ذلك قلب السلطان الجفن فلم يكنه من ادخال السيف فيه فقال مالك لا تدخل السيف فقال يا سلطان ما تدعي فقال كذلك ابنتك لو لم ترد ما فعل بها هذا الرجل ولما امكنه غصبها وقهرها فإن كنت تريد قتله لأجل فعلها فاقتلهما جميعا فبقى الرجل لا يرد جوابا وقال الامر للسلطان فاحضر من زوجه بها واعطى المهر من الخزانة ودخل على هذا السلطان واعظ فحكى له ان يعض الاكاسرة انفرد عن عسكره فجاز على بستان فطلب منه ماء ليشرب فأخرجت له صبية اناء فيه ماء قصب السكر والثلج فشربه فاستطابه فقال هذا كيف يعمل فقالت من قصب السكر يزكو عندنا حتى نعصره بأيدينا فيخرج منه هذا الماء فقال احضريني شيئا آخر منه فمضت وهي لا تعرفه فنوى في نفسه اصطفاء المكان لنفسه وتعويضهم عنه فما كان بأسرع من ان خرجت باكية فقال لها مالك فقالت

نية سلطاننا قد تغيرت علينا فقال لها من اين علمت قالت كنت آخذ من هذا الماء ما اريد من غير تعسف والآن فقد اجتهدت في العصر فلم يسمح ببعض ما كان يخرج عفوا فعلم صدقها فقال ارجعي الآن فانك تلقين الغرض ونوى ان لا يفعل ما عزم عليه فخرجت ومعها ما شاءت وهي مستبشرة فلما حكى الواعظ هذا قال له السلطان انت تحكي لي مثل هذا فلم لا تحكي للرعية ان كسرى اجتاز وحده على بستان فقال للناطور ناولني عنقودا من الحصرم فقد كظني العطش واستولت على الصفراء فقال له ما يمكنني فان السلطان لم يأخذ حقه منه فما يمكنني جنايته فعجب من حضر وكان فيهم نظام الملك من مقابلة السلطان تلك الحكاية بهذه واستدلوا على قوة فطتنه وقد سار هذا السلطان من اصبهان الى انطاكية وعاد الى بغداد فما نقل ان احدا من عسكره اخذ شيئا بغير حق ودخل الى بغداد ثلاث مرات وكان الناس يخافون الغلاء فيظهر الامر بخلاف ما ظنوا وكانت السوقة تخترق عسكره ليلا ونهارا والسوادي يطوف بالتين والدجاج في وسط العسكر ولا يخافون ولا يبيعون الا بما يريدون وتقدم بترك المكوس فقال له احد المستوفين يا سلطان العام قد اسقطت من خزائن اموالك ستمائة الف ونيفا فيما هذا سبيله فقال المال مال الله والعبيد عبيده والبلاد بدلاه وانما يبقى في ذلك فمتى راجعني احد في ذلك تقدمت بضرب عنقه وذكر هبة الله بن المبارك بن يوسف السقطى في تاريخه قال حدثني عبد السميع بن داود العباسي قال قصد ملك شاه رجلان من اهل البلاد السفلي من ارض العراق يعرفان بابني غزال من قرية تعرف بالحدادية فتعلقا بركابه وقالا نحن من اسفل واسط من قرية مقطعة لخمارتكين الحلبي صادرنا على الف وستمائة دينار وكسر ثنيتي احدنا والثنيتان بيده وقد قصدناك ايها الملك لتقتص لنا منه فقد شاع من عدلك ما حملنا على قصدك فان اخذت بحقنا كما اوجب الله عليك والا فالله الحاكم بالعدل بيننا وفسر على السلطان ما قالاه قال عبد السميع فشاهدت السلطان وقد نزل عن فرسه وقال ليمسك كل واحد منكما بطرف كمي واسحباني الى دار حسن هو نظام الملك

فأفزعهما ذلك ولم يقدما عليه فأقسم عليهما الا فعلا فأخذ كل واحد منهما بطرف كمه وسارا به الى باب النظام فبلغه الخبر فخرج مسرعا وقبل الارض بين يديه وقال ايها السلطان المعظم ما حملك على هذا فقال كيف يكون حالي غدا عند الله اذا طولبت بحقوق المسلمين وقد قلدتك هذا الامر لتكفيني مثل هذا الموقف فان تطرق على الرعية ثلم لم يتطرق الا بك وانت المطالب فانظر بين يديك فقبل الارض وسار في خدمته وعاد من وقته فكتب بعزل خمارتكين وحل اقطاعه ورد المال عليهما وقال وقلع ثنيتيه ان ثبت عليه البينة ووصلهما بمائة دينار وعادا من وقتهما واستحضر ملك شاه مغنية مستحسنة بالري فأعجبته بغنائها واستطابه فتاقت نفسه اليها فقالت له يا سلطان اني اغار على هذا الوجه الجميل ان يعذب بالنار بين الحلال والحرام كلمة فقال صدقت واستدعى القاضي فزوجه اياها وكان هذا السلطان قد افسد عقيدته الباطنية ثم رجع الى الصلاح قال المصنف نقلت من خط ابن عقيل قال كان الجرجاني الواعظ مختصا بجلال الدولة فاستسرني ان الملك قد افسده الباطنية فصار يقول لي ايش هو الله والى ما تشيرون بقولكم الله فبهت واردت جوابا حسنا فكتبت اعلم أيها الملك ان هؤلاء العوام والجهال يطلبون الله من طريق الحواس فاذا فقدوه جحدوه وهذا لا يحسن بارباب العقول الصحيحة وذلك ان لنا موجودات مانالها الحسن ولم يجحدها العقل ولم يمكننا جحدها لقيام دلالة العقل على اثباتها فان قال لك احد من هؤلاء لا يثبت الا ما نرى فمن ها هنا دخل الالحاد على جهال العوام الذين يستثقلون الامر والنهي وهم يرون ان لنا هذه الاجساد الطويلة العميقة التي تنمي ولا يعد وتقبل الاغذية وتصدر عنها الاعمال والمحكمة كالطب والهندسة فعلموا ان ذلك صادر عن امر وراء هذه الاجساد المستحيلة وهو الروح والعقل فاذا سألناهم هل ادركتم هذين الامرين بشيء من احساسكم قالوا لا لكنا ادركناهما من طريق الاستدلال بما صدر عنهما من التأثيرات قلنا فما بالكم جحدتم الاله حيث فقدتموه حسا مع ما صدر عنه من انشاء الرياح والنجوم وادارة الافلاك وانبات الزرع وتقليب الازمنة وكما ان لهذا الجسد

روحا وعقلا بهما قوامه ولا يدركهما الحسن لكن شهدت بهما ادلة العقل من حيث الآثار كذلك الله سبحانه وتعالى وله المثل الاعلى ثبت بالعقل لمشاهدة الاحساس من آثار صنائعه واتقان افعاله قال فحكى لي انه أعاده عليه فاستحسنه وهش اليه ولعن اولئك وكشف اليه ما يقولون له وثم ان السلطان ملك شاه قدم بغداد وبعث الى الخليفة يقول له تنح عن بغداد فقال اجلني عشرة ايام على ما سبق ذكره في حوادث السنين فتوفي السطان في ليلة الجمعة النصف من شوال وقد ذكروا في سبب موته ثلاثة اقوال احدها انه خرج الى الصيد بعد صلاة العيد فأكل من لحم الصيد وافتصد فحم فمات والثاني انه طرقته حمى حادة فمات والثالث ان خردك سمه في خلال هلك به وكان عمره سبعا وثلاثين سنة ومدة ملكه تسع عشرة سنة واشهر ودفن في الشونيزية ولم يصل عليه احد
108 - المرزبان بن خسرو
ابو الغنائم المسمى تاج الملك وهو الذي بنى التاجية ببغداد وبنى تربة ابي اسحاق وعمل لقبره ملبنا وكان قد زعم ملك شاه ان يستوزره بعد النطام فهلك ملك شاه قتولى أمر ابنه محمود وخرج ليقاتل بركيا روق فقتل وقطعه غلمان النظام اربا اربا لما كانوا ينسبون اليه من قتل النظام ومثلوا به وذلك في ذي الحجة من هذه السنة
109 - هبة الله بن عبد الوارث
ابن علي بن احمد بن بوري ابو القاسم الشيرازي احد الرحالين في طلب الحديث الجوالين في الآفاق البالغين منه سمع بخراسان والعراق وقومس والجبال وفارس وخوزستان والحجاز والبصرة واليمن والجزيرة والشامات والثغور والسواحل وديار مصر وكان حافظا متقنا ثقة صالحا خيرا ورعا حسن السيرة كثير العبادة مشتغلا بنفسه وخرج التخاريج وصنف وانتفع جماعة من طلاب الحديث بصحبته وقد سمع من ابي يعلي بن الفراء وابي الحسين بن المهتدي وابي

الغنائم ثم بن المأمون وأبي علي بن وشاح وجابر بن ياسين ودخل صريفين فرأى أبا محمد الصريفيني فسأله هل سمعت شيئا من الحديث فأخرج إليه أصوله فقراها عليه وكتب إلى بغداد فأخبر الناس فرحلوا إليه وكان هبة الله بن عبد الوارث يحكي عن والدته فاطمة بنت علي قالت سمعت أبا عبد الله محد بن أحمد المعروف بإبن أبي زرعة الطبري قال سافرت مع أبي إلى مكة فأصابتنا فاقة شديدة فدخلنا مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم وبتنا طاويين وكنت دون البالغ فكنت أجيء إلى أبي وأقول أنا جائع فأتى بي أبي إلى الحضرة وقال يا رسول الله أنا ضيفك الليلة وجلس فلما كان بعد ساعة رفع رأسه وجعل يبكي ساعة ويضحك ساعة فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فوضع في يدي دراهم ففتح يده فغذا فيها دراهم وبارك فيها إلىأن رجعنا إلى شيراز وكنا ننفق منها توفي هبة الله في هذه السنة بمرو وكانت علته البطن فقام في ليلة وفاته سبعين مرة أو نحوها في كل مرة يغتسل في النهر إلى أن توفي علىطهارة

سنة
ثم دخلت سنة ست وثمانين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها أنه كان قد قدم إلى بغداد في شوال سنة خمس وثمانين رجل من أهل مرو وإسمه أردشير بن منصور أبو الحسن العبادي ثم خرج إلى الحج فلما قدم جلس في النظامية سنة ست وحضرة أبو حامد الغزالي إلى المدرس بها وكان الغزالي يحاضره ويسمع كلامه منذ قدم بغداد فلما جلس كثر الناس عليه حتى امتلأء صحن المدرسة وأروقتها وبيوتها وغرفها وسطوحها وعجز المكان فكان يجلس في قراح ظفر وفي كل مجلس يتضاعف الجمع وذرعت الأرض التي عليها الرجال خاصة فكان طولها مائة وسبعين ذراعا وعرضها مائة وعشرين ذراعا وكان النساء أكثر من ذلك فكانوا على سبيل الحزر ثلاثة ألفا وكان صمت هذا الرجل أكثر من نطقه وكانت آثار الزهادة بينة عليه وكان إذا تكلم كلمة ضجوا وهاموا وترك الناس معايشهم وحلق أكثر الصبيان شعورهم وأووا

إلى المساجد والجوامع وتوفروا على الجماعات وأريقت الأنبذة والخمور وكسرت آلات الملاهي وحكي إسماعيل بن أبي سعيد الصوفي قال كان العبادي ينزل في رباطنا بركة كبيرة كان يتوضأ فيها فكان الناس ينقلون منها الماء بالقوارير والكيزان تبركا حتى كان يظهر فيها نقصان الماء وحدثني أبو منصور الأمين أنه قام إليه رجل ليتوب فقال له قف مكانك ليغسلك ماء المطر فوقف فوقع المطر وأظنه قال وليس في السماء قزعه قال وقال يا أبا منصور أشتهي توثا شاميا وثلجا فإن حلقي قد تغير قال فعبرت إلى الجانب المغربي ولي ثم البساتين فطفت واجتهدت فلم أجد فرجعت قبيل الظهر فدخلت إلى الدار وكان أصحابه فيها وهو منفرد في بيت فقلت لأصحابه من جاء اليوم فقالوا جاءت إمرأة فقالت قد غزلت عزلا واجب أن تقبل مني ثمنه فأخبرناه فقال ليس لي بذلك عادة فجلست تبكي فرحمها فقال قولوا لها تشتري ما يقع في نفسها فخرجت فاشترت توثا شاميا وثلجا وجاءت به وقال لي أبو منصور ودخلت يوما عليه فقال الي يا أبا منصور قد اشتهيت أن تعمل لي دعوة فاشتريت الدجاج وعقدت الحلوى وغرمت أكثر من أربعين دينارا فلما تم ذلك جلس يفرقه ويقول أحمل هذا إلى الرباط الفلاني وإلى الموضع الفلاني فلما انتهينا رآني كأني ضيق الصدر إذ لم يتناول منه شيئا فغمس أصبعه الصغرى في الحلوى وقال يكفي هذا قال وكنت أراصده في الليل فربما تقلب طول الليل على فراشئه ثم قام وقت الفجر فصلى بوضوئه وكان معه طعام قد جاء به من بلدة فلم يأكل من غلة بغداد وحكى لي عبد الوهاب بن أبي منصور الأمين عن ابيه قال دخلت على العبادي وهو يشرب مرقة فقلت في قلبي ليته أعطاني فضلته لأشربها لعلي أحفظ القرأن قال فناولني ما فضل منه وقال إشربه على تلك النية فشربته ورزقني الله حفظ القرآن وحكى لي أن هذا الرجل تكلم في الربا وبيع القراضة بالصحيح فمنع من الجلوس وأمر بالخروج من البلد فخرج
وفي هذه السنة خطب تاج الدولة تتش لنفسه بالسلطنة وقصد الرحبة ففتحها

عنوة ودخل في طاعته آق سنقر صاحب حلب وبوزان صاحب الرها ووزر له الكافي إبن فخر الدولة بن جهير وملك ديار بكر والموصل وبعث إلى الخليفة يتلمس أقامه الخطبة له ببغداد فتوقف وانفصل بعد ذلك عن تتش آق سنقر وبوزان وتوجه بركيا روق إلى حرب تتش فاستقبلهم بباب حلب فكسرهم وأسر بوزان وآق سنقر وصلبهما
وفي جمادى الآخرة بدأت الفتن في الجانب الغربي وقطعت بها طرق السابلة وقتل اهل النصرية مسلحيا يعرف بإبن الداعي وأنفذ سعد الدولة أصحابه فأحرقوا النصرية وتتبع المفسدين فهربوا ثم اتصلت الفتن بين أهل باب البصرة والكرخ ووقع القتال على القنطرة الجديدة وأنفذ سعد الدولة إلىالكرخ فنهبت وأحرقت
وفي شعبان ولد لولد الخليفة ولد وهو أبو منصور الفضل إبن ولي العهد أبي العباس أحمد المستنصر والفضل هو المسترشد
وفي يوم الجمعة سادس عشر ذي القعدة خرج الوزير أبو منصور بن جهير في الموكب لتلقي السلطان بركياروق فهنأه عن الخليفة بالقدوم

ذكر من توفي في هذه السنة من الآكابر
110 - جعفر بن المقتدي
الذي كان من خاتون بنت ملكشاه توفي يوم الثلاثاء ثالث عشر جمادي الأولى من هذه السنة وجلس الوزير عمميد الدولة للعزاء به ثلاثة أيام
111 - أحمد بن محمد
إبن أحمد أبو العباس اللبادابهري الأصل أصبهاني المولد والمنشأ أحد عدول أصبهان رحل البلاد وسمع الكثير وجمع الشيوخ وكان ثقة حسن الخلق سليم مضت أموره على السداد قتل في أيام الباطنية مظلوما في شوال هذه السنة

112 - سليمان بن إبراهيم
إبن محمد بن سليمان أبو مسعود الأصبهاني ولد في رمضان سنة سبع وتسعين وثلاثمائة ورحل في طلب الحديث وطلب وتعب وجمع ونسخ وسمع أبا بكر بن مردوية وأبا نعيم وأبا علي بن شاذان وأبا بكر البرقاني وخلقا كثيرا سمع منه أبو نعيم وأبو بكر الخطيب وكان له معرفة بالحديث وصنف التصانيف وخرج على الصحيحين وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة بأصبهان
113 - عبد الله بن عبد الصمد
إبن علي بن المأمون أبو القاسم حدث عنه شيخنا إبن ناصر توفي في ربيع آلآخر ودفن في داره بقصر بني المأمون
114 - عبد ( 1 ) بن علي
إبن زكرى أبو الفضل الدقاق سمع أبا الحسين بن بشران وسمع منه اشياخنا وتوفي يوم الثلاثاء
115 - عبد الواحد بن علي
إبن محمد بن فهد أبو القاسم العلاف سمع أبا الفرج الفوري وأبا الفتح بن أبي الفوارس وهو آخر من حدث عنهما سمع منه أشياخنا وتوفي يوم الجمعة سادس عشر من ذي القعدة ودفن بباب حرب
116 - عبد الواحد بن أحمد
إبن الحصين الدسكري أبو سعد الفقيه صحب أبا إسحاق الشيرازي وروى الحديث ثم خرج في المخزن وكان مألفا لأهل العلم وكان يقول ما غمر بدني هذا في لذة قط وتوفي يوم الثلاثاء العشرين من رجب ودفن بباب حرب
117 - علي بن أحمد
إبن يوسف بن جعفر توفي في هذه السنة

118 - أبو الحسن الهكاري والهكارية جبال فوق الموصل فيها قرى أبتنى أربطة وقدم إلى بغداد فنزل في رباط الزوزني وسمع الحديث من أبي القاسم بن بشران وأبي بكر الخياط وغيرهما وكان صالحا من أهل السنة كثير التعبد وحدث فسمع منه أبو المظفر إبن التركي الخطيب وكان يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في المنام في المدرسة في الروضة فقلت يا رسول الله اوصني فقال عليك باعتقاد مذهب أحمد بن حنبل ومذهب الشافعي وإياك ومجالسة أهل البدع توفي في محرم هذه السنة وورد الخبر بذلك إلى بغداد
119 - على بن محمد
إبن محمد أبو الحسن الخطيب الأنباري ويعرف بإبن الأخضر سمع أبا أحمد الفرضي وهو آخر من حدث في الدنيا عنه وتوفي بالأنبار في شوال روى عنه إشياخنا آخرهم أبو الفتح إبن البطي وبلغ من العمر خمسا وتسعين سنة
120 - علي بن هبة الله
إبن علي بن جعفر بن علي بن محمد بن دلف بن أبي دلف العجلي أبو نصر بن ماكولا ولد سنة أثنتين وأبعمائة وكان حافظا للحديث وصنف كتاب المؤتلف والمختلف فذكر فيه كتاب عبد الغني وكتاب الدار قطني والخطيب وزاد عليهم زيادات كثيرة وسماه كتاب الأكمال وكان نحويا مبرزا غزل الشعر فصيح العبارة وسمع من ابي طالب قال ابو طالب الطبري وحدث كثيرا وسمعت شيخنا عبد الوهاب يطعن في دينه ويقول العلم يحتاج إلى دين وقتل في خوزستان في هذه السنة أو في السنة التي بعدها
121 - نصر بن الحسن
إبن القاسم بن الفضل أبو الليث وأبو الفتح التنكتي وكان له كنيتان من أهل تنكت بلدة عند الشاش ما وراء النهر ولد سنة ست وأربعمائة وطاف البلاد

وسار من الشرق إلى الغرب وجال في بلاد الأندلس وأقام بها مدة وسمع من جماعة وحدث بصحيح مسلم وبالمتفق لأبي بكر الجوزقي حدثنا عنه شيوخنا وكان نبيلا صدوقا أمينا ثقة من أهل الثروة كثير النعم حسن الزي مليح البشر كريم الأخلاق قومت تركته بعد موته مائة ألف وثلاثين ألف دينار توفي في ذي القعدة من هذه السنة بنيسابور ودفن بالحيرة
122 - يعقوب بن إبراهيم
إبن أحمد بن سطور أبو علي البرزباني سمع أبا إسحاق البرمكي وتفقه على القاضي أبي يعلى إبن الفراء ودرس في حياته وصنف وحدث فروى عنه أشياخنا وشهد عند أبي عبد الله ألدامغاني في

سنة
ثلاث وخمسين هو والشريف أبو جعفر ورد إليه قضاء باب الأزج وتوفي في شوال هذه السنة عن سبع وسبعين سنة ودفن بمقبرة دار الفيل إلى جانب عبد العزيز غلام الخلال
سنة
ثم دخلت سنة سبع وثمانين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها أنه لما قدم السلطان بركياروق بن ملك شاة بغداد تقرر مع الخليفة المقتدي بأن يحمل السلطان إليه المال الذي ينسب إلى البيعة وأن يخطب له بالسلطنة على رسم أبيه وتقدم الخليفة إلى أبي سعد بن الموصلايا كاتب الإنشاء أن يكتب عهده فكتب ورتبت الخلع وذلك يوم الجمعة رابع عشر محرم وحمل العهد إلى الخليفة يوم الجمعة فوقع فيه وتأمل الخلع ثم قدم إليه الطعام فتناول منه وغسل يده وأقبل على النظر في العهد وهو أكمل ما كان صحة وسرورا وبين يديه قهرامانته شمس النهار فقال لها من هذه الأشخاص الذين قد دخلوا علينا بغير إذن قالت فالتفت فلم أرا أحدا ورأيته قد تغيرت حالته إسترخت يداه ورجلاه وانحلت قواه وسقط إلى الأرض فظننتها غشية لحقته ومرة غلبته فحللت إزرار ثيابه فوجدته لا يجيب داعيا فحققت موته ثم أنها تماسكت

وتشجعت وقالت لجارية كانت عنده ليس هذا وقت يظهر فيه الهلع فإن ظهر منك صياح قتلتك وأفردتها في حجرة وأغلقت عليها الباب ثم نفذت بمن استدعى يمنا الخادم وهو صهر القهر مانة على إبنتها فلما حضر أمرته باستدعاء الوزير عميد الدولة إبن جهير فمضى إليه عند إختلاط الظلام فلما شعر به ارتاع وخرج إليه فأمره بالحضور والأفكار تتلاعب به فلما رأى القهر مانة أجلها زيادة على ما جرت به عادته معها فدخلت الحجرة إلى أن قالت قد عجزت عن الخدمة وقد عولت على سؤال أمير المؤمنين أن يأذن لي في الحج وأنت شفيعي إليه وأسألك أن تحفظني في مغيبي كما تحفظني في مشهدي وأخذت عليه الأيمان أن يتوفر على مصالحها فلما استوثقت منه استنهضته فدخل على الخليفة فرآه مسجى فاجهش بالبكاء وأحضروا ولي العهد المستظهر فعرفوه الحال وعزوه عن المصيبة وهنأوه بالخلافة وبايعوه فقد بان بما ذكرنا أنه من حوداث هذه السنة موت المقتدي وخلافة المستظهر قال شيخنا أبو الفضل بن ناصر كانت ببغداد زلزلة في محرم سنة سبع وثمانين بين العشائين فحدث بعدها موت المقتدي وخروج تتش وقتله ومجيء إبن أبق إلى بغداد وغير ذلك من الفتن والحروب وغلاء السعر

باب ذكر خلافة المستظهر بالله
ولما بويع المستظهر وهو إبن ست عشرة سنة وشهرين وإسمه أحمد بن المقتدي ويكنى أبا العباس وأمه أم ولد كان كريم الأخلاق لين الجانب سخي النفس مؤثرا للإحسان حافظا للقرآن محبا للعلم منكرا للظلم فصيح اللسان له شعر مستحسن منه قوله
... أذاب حر الهوى في القلب ما جمدا ... يوما مددت على رسم الوداع يدا ... فكيف أسلك نهج الإصطبار وقد ... أرى طرائق في مهوى الهوى قددا ... قد أخلف الوعد بدر قد شغفت به ... من بعد ما قد وفى دهرا بما وعدا ... إن كنت أنقض عهد الحب في خلدي ... من بعد هذا فلا عاينته أبدا

ولما بويع المستظهر استوزر ابا منصور ابن جهير وقال له الامور مفوضة اليك والتعويل فيها عليك فدبرها بما تراه فقال هذا وقت صعب وقد اجتمعت العساكر ببغداد مع هذا السلطان الذي عندنا ولا بد من بذل الاموال التي تستدعي اخلاصهم وطاعتهم فقال له الخزائن بحكمك فتصرف فيها عن غير استنجاز ولا مراجعة ولا محاسبة فقال ينبغي كتمان هذه الحال الى ان يصلح نشرها وانا استأذن في اطلاع ابني الموصلا يا على الحال فهما كاتبا الحضرة فقال المستظهر قد أذن في ذلك وفي جميع ما تراه فخرج الى الديوان واستدعى ابني الموصلايا وقال لهما قد حدث حادثة عظيمة وتفاوضوا فيما يقع عليه العمل فركب عميد الدولة باكرا الى السلطان بركياروق يوم السبت وهو متشجع فخلع عليه وعاد الى بيت النوبة فأنهى الحال الى المستظهر وجرى الامر في ذلك على استنظام الا ان الارجاف انتشر في هذا اليوم ثم تكاثر في يوم الاحد ثم زاد يوم الاثنين فوقع الوزير الى ارباب المناصب بالحضور فحضر طراد بن محمد من باب البصرة في الزمرة العباسية مظهرين شعار المصيبة وجاء نقيب الطالبيين المعمر على مثل ذلك في زمرة العلوية فضج الناس بالبكاء ثم اظهر موت المقتدى بعد ثلاثة ايام وذلك يوم الثلاثاء ثامن عشر المحرم فأخرج في تابوت وصلى عليه المستظهر ولم يحضر السلطان بل حضر اعيان دولته وارباب المناصب واهل العلم مثل الغز الى والشاشي وابن عقيل فبايعوه وكان المتولى لاخذ البيعة عل الكل الوزير ابو منصور بن جهير وكان المستظهر كريما فحكى ابو الحسن المخزني قال اخرج الينا من الدار اربع عشرة جبة طلساء قد تدنست ازياقها تزيد قيمتها على خمسمائة دينار فسلمها الى مطري وظننت ان كتاب المخزن قد اثبتوها ولم تطلب مني ولا ذكرت بها واتصلت اشغالي ومضى على هذا حدود من ثلاث سنين فخرج الينا من طلب الجباب فأنكرت الحال وقلت متى كان هذا وفي أي وقت فذكروني الوقت ومن جاء بها فتذكرت وما علمت الى من سلمتها فاستدعيت كل مطري جرت عادته بخدمة المخزن

فحضروا وفيهم الذي سلمتها اليه فتأملته وقد استحال لونه فقلت له اين الجباب فلم ينطق فعاودته فسكت فأمرت بضربه فقال اصدقك لما اصلحت الجباب لم تلتمس مني وبقيت سنة وعلمت بعدها اعمالا كثيرة للخزن وما ذكرت لي فعلمت انها قد نسيت وكان علي دين فبعت واحدة ثم مضى زمان فلم تطلب فبعت اخرى ثم آخرى الى ان بقي عندي منها ست جباب فبعتها جملة وجهزت ابنة لي والله ما في يدي منها خيط ولا من ثمنها حبة ومالي سوى ثمن دويرة البنت والرحل الذي جهزتها به فقلت ويلك خاطرت بدمي وعرضتني للتهمة ودخلت على ابي القاسم بن الحصين صاحب المخزن فعرفته فتقدم بتقييده وحمله الي الحبس ثم طولع المستظهر بالحال وترقب ان يتقدم بقطع يده اظهارا للسياسة قوقع ان امر بالجواب كانت المقابلة لمن فرضه الحفظ اذفرط فالذنب للراعي اذ نعس لا للذئب اذا ختلس والذي انصرف فيه ثمن الثياب انفع لا ربابها منها فليخل سبيل هذا ولا يعرض لدار بنته ورحلها والله المعين
وفي ربيع الآخر رأى بعض اليهود مناما انهم سيطيرون فجاء فأخبرهم فوهبوا اموالهم وذخائر هم وجعلوا ينتظرون الطيران فلم يطيروا فصاروا ضحكة بين الامم
وفي ثالث عشر شعبان ولي ابو الحسن الدامغاني قضاء القضاة والله الوزير عميد الدولة شفاها وتقدم بافاضة الخلع في الديوان وعبر الى داره بنهر القلائين ومعة النقيبان وحجاب الديوان واتي محلته والفتنة قائمة فسكنت فجلس وحكم وولي اخاه ابا جعفر القضاء بالرصافة وباب الطاق ومن اعلى بغداد الى الموصل وغيرها من البلاد بعد أن قبل شهادته وكانت الفتنة بين اهل نهر طابق واهل باب الارحاء فاحترقت نهر طابق وصارت تلولا فلما احترقت نهر طابق عبر يمن وصاحب الشرطة فقتل رجلا مستورا فنفر الناس عنه وعزل فى اليوم الثالث من ولايتة

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
124 - عبد الله المقتدى بالله
امير المؤمنين توفى فجاءة ليلة السبت خامس عشر محرم هذه السنة وكان عمره ثمانيا وعشرين
سنة
وثمانية اشهر وسبعة ايام وكانت مدة خلافته تسع عشرة سنة وثمانية اشهر الا يومين
125 - خاتون
زوجة السلطان ملكشاه تسمى تركان وهي بنت طراج وابوها من نسل افراسياب ملك الفرس وكانت حازمة حافظة شهمة وكان معها من الاتراك الى حين وفاتها عشرة آلاف وقد ذكرنا كيف زمت الامور حين وفاة السلطان وحفظت اموال السلطان فلم يذهب منها شيء وهي صاحبة اصبهان باشرت الحروب ودبرت الجيوش وقادت العساكر وتوفيت في رمضان هذه السنة فانحل امر ابنها محمود بموتها وعقد الامر لبركياروق بن ملكشاه
سنة
ثم دخلت سنة ثمان وثمانين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ورود يوسف بن أبق التركماني الى بغداد في صفر انفذه تاج الدولة ابو سعيد تتش بن محمد الب ارسلان لاقامة الدعوة له فأخرج اليه من الديوان حاجب فلما لقيه ضربه واراد خروج الوزير فعلم انه طالب مكيدة ودخل بغداد فاستدعى سيف الدولة صدقة بن منصور وكان نافرا من تاج الدولة ولم يغير الخطبة في بلاده لبركياروق لما غيرها الديوان فخيم سيف الدولة بباب الشعير فرحل ابن ابق فنهب باجسرى وقرر على شهربان ثلاثة آلاف دينار ونهب طريق خراسان فقال الوزير لحاجبه قل للوراميه استلأموا بسدفة يريد البسوا السلاح في ظلمة الليل فقال لهم الحاجب قال لكم مولانا

ناموا في الصفة فقال ورام بن ابي فراس فكأنا برحنا من الصفة فعاد الحاجب فقال له الوزير ما الذي قلت فأخبره فضحك وقال شر المصائب ما يضحك ثم ان الخليفة استدعى ابن ابق فدخل فقبل الارض خارج الحلبة ونزل بدار المملكة واستعد اهل بغداد السلاح وتحارسوا لانه كان عازما على نهب بغداد فوصل اخو يوسف فأخبره بقتل تاج الدولة فانهزم قاصدا الى حلب وكانت الوقعة بين تاج الدولة وبركياروق يوم الاحد سابع عشر صفر سنة ثمان وثمانين بموضع بقرب الري وكان تاج الدولة في القلب فقتل في اول من قتل
وفي يوم الجمعة تاسع عشر ربيع الاول خطب لولي العهد ابي منصور الفضل ابن المستظهر بالله ولقب عمدة الدين
وفي ثامن عشر ربيع الآخر خرج الوزير عميد الدولة ابو منصور فخط السور على الحريم وقدره ومعه المساح وتقدم بجبايات المال الذي يحتاج اليه عقارات الناس ودورهم واذن للعوام في الفرجة والعمل وحمل اهل المحال السلاح والاعلام والبوقات والطبول ومعهم المعاول والسبلات وانواع الملاهي من الزمور والحكايات والخيالات فعمل اهل باب المراتب من البواري المقيرة على صورة الفيل وتحته قوم يسيرون به وعملوا زرافة كذلك واتى اهل قصر عيسى بسميرة كبيرة فيها الملاحون يجدفون وهي تجري على هاذور واتى اهل سوق يحيى بناعورة تدور معهم في الاسواق وعمل اهل سوق المدرسة قلعة خشب تسير على عجل وفيها غلمان يضربون بقسى البندق والنشاب واخرج قوم بئرا على عجل وفيها حائك ينسج وكذلك السقلاطونيون وكذلك الخبازون جاؤا بتنور وتحته ما يسير به والخباز يخبز ويرمي الخبر الى الناس
وكتب ابو الوفاء بن عقيل الى الوزير ابن جهير احراق العوام بالشريعة في بناء السور فكان فيه مما نقلته من خطه لولا اعتقادي صحة البعث وان لنا دارا اخرى لعلى اكون فيها على حال احمدها لما بغضت نفسي الى ما لك عصري وعلى الله اعتمد

في جميع ما اورده بعد ان اشهده اني محب متعصب لكن اذا تقابل دين محمد ودين بني جهيرة فوالله ما ازن هذه بهذه ولو كنت كذلك كنت كافرا فاقول ان كان هذا الخرق الذي جرى بالشريعة عن عمد لمناصبة واضعها فما بالنا نعتقد الختمات ورواية الاحاديث واذا نزلت بنا الحوادث تقدمنا مجموع الختمات والدعاء عقيبها ثم بعد ذلك طبول وسواني ومخانيث وخيال وكشف عورات الرجال مع حضور النساء اسقاطا لحكم الله وما عندي يا شرف الدين ان فيك ان تقوم لسخطه من سخطات الله ترى بأي وجه تلقى محمدا صلى الله عليه و سلم بل لو رأيته في المنام مقطبا كان ذلك يزعجك في يقظتك واي حرمة تبقى لوجوهنا وايدينا والسنتنا عند الله اذا وضعنا الجباه ساجدة ثم كيف نطالب الاجناد تقبيل عتبة ولثم ترابها ونقيم الحد في دهليز الحريم صباحا ومساء على قدح نبيذ مختلف فيه ثم ترمح العوام في المنكر المجمع على تحريمه هذا مضاف الى الزناء الظاهر بباب بدرو لبس الحرير على جميع المتعلقين والاصحاب يا شرف الدين اتق سخط الله فان سخطه لا تقاومه سماء ولا ارض فان فسدت حالى بما قلت فلعل الله يلطف بي ويكفيني هوائج الطباع ثم لا تلومنا على ملازمة البيوت والاختفاء عن العوام لانهم ان سألونا لم نقل الا ما يقتضي الاعظام لهذه القبائح والانكار لها والنياحة على الشريعة اترى لو جاءت معتبة من الله سبحانه في منام او على لسان نبي ان لو كان قد بقي للوحي نزول او القى الى روع مسلم بالهام هل كانت الا اليك فاتق الله تقوى من علم مقدار سخطه فقد قال فلما آسفونا انتقمنا منهم وقد ملأتكم في عيونكم مدائح الشعراء ومداجاة المتمولين بدولتكم الاغنياء الاغبياء الذين خسروا الله فيكم فحسنوا لكم طرائقكم والعاقل من عرف نفسه ولم يغيره مدح من لا يخبرها
وفي شعبان شهد ابو الخطاب الكلوذاني وابو سعيد المخرمي وفي رمضان جرح السلطان بركياروق جرحه سجزى كان ستريا على بابه بعد الافطار فأخذ الجارح واقر على رجلين سجزيين انهما اعطياه مائة دينار ليقتله فقتل وقررا فاعترفا فضربا

فلم يقرأ على من أمرهما بذلك وعذبا بأنواع العذاب فلم يذكر من وضعهما فترك أحدهما تحت يد الفيل فقال خلصوني حتى أقر بالحال خلى التفت إلى رفقيه فقال له يا أخي لا بد من هذه القتلة فلا تفصح أهل سجتستان بإفشاء الأسرار فقتلا وبعث يمن الخادم إلى السلطان مهنئا له بالسلامة
وفي ذي القعدة خرج أبو حامد الغزالي من بغداد متوجها إلى بيت المقدس تاركا للتدريس في النظامية زاهدا في ذلك لابسا خشن الثياب بعد ناعمها وناب عنه أخوه في التدريس وعاد في السنة الثالثة من خروجه وقد صنف كتاب الأحياء فكان يجتمع إليه الخلق الكثير كل يوم في الرباط فيسمعونه منه ثم حج في سنة تسعين ثم عاد إلى بلده
وفي يوم عرفة خلع على القاضي أبي الفرج عبدالوهاب بن هبة الله السيبي ولقب بشرف القضاة ورد إليه ولاية القضاء بالحريم وغيره
وفي هذه السنة أصطلح أهل الكرخ مع بقية المحال وتزاوروا وتواكلوا وتشاوروا وكان هذا من العجائب

ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
126 - أحمد بن الحسن
إبن أحمد بن خيرون أبو الفضل الباقلاوي ولد لثلاث بقين من جمادي الآخرة سنة ست وأربعمائة وسمع الحديث الكثير وكتبه وله به معرفة حسنة روى عنه أبو بكر الخطيب وحدثنا عنه أشياخنا وكان من الثقات وشهد عند أبي عبد الله الدامغاني ثم صار أمينا له ثم ولي أشراف خزانة الغلات وتوفي ضحوة يوم الخميس رابع عشر رجب هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
127 - تتش بن ألب أرسلان
قتل في وقعة كانت بينه وبين بركياروق إبن ملك شاة وكان وزير تتش أبو المظفر علي بن النظام الملك فأسر في الوقعة وكان وزير بركياروق أبو بكر

عبد الله بن نظام الملك فأطلق له أبا المظفر فعزله بركياروق واستوزر أبا المظفر
128 - حمد بن أحمد
إبن الحسن بن أحمد بن مسهرة أبو الفضل الحداد الأصبهاني سمع خلقا كثيرا وقدم بغداد في سنة خمس وثمانين فروى الحلية عن أبي نعيم وغيره وكان أكبر من أخيه أبي علي المعمر وكان إماما فاضلا عالما صحيح السماع محققا في الأخذ توفي في هذه السنة
129 - رزق الله بن عبد الوهاب
إبن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود سفيان إبن يزيد بن أكنية بن عبد الله بن الهيثم بن عبد الله وكان عبد الله إسمه عبد اللات فسماه النبي صلى الله عليه و سلم عبد الله وعلمه وأرسله إلى اليمامة والبحرين ليعلمهم أمر دينهم وقال نزع الله من صدرك وصدر ولدك ألغل والغش إلى يوم القيامة
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا أبو محمد التميمي قال سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت أبي يقول سمعت علي بن أبي طالب يقول هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا رحل ولد أبو محمد رزق الله سنة أربعمائة وقيل سنة إحدى وأربعمائة وقرأ القرآن على أبي الحسن الجمامي وقرأ بالقرآت وسمع أبا عمر بن مهدي وإبن البادا وإبني بشران وأبا علي بن شاذان وخلقا كثيرا وأخذ الفقه عن القاضي أبي علي بن أبي موسى الهاشمي وشهد عند أبي عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا

قاضي القضاة في يوم السبت النصف من شعبان سنة وأربعمائة ولم يزل شاهدا إلى أن ولي قضاء القضاة أبو عبد الله الدامغاني بعد موت إبن ماكولا فترك الشهادة ترفعا عن أن يشهد عنده فجاء قاضي القضاة إليه مستدعيا لمودته وشهادته عنده فلم يخرج له عن موضعه ولم يصحبه مقصودة وكان قد اجتمع للتميمي القراآت والفقه والحديث والأدب والوعظ وكان جميل الصورة فوقع لع القبول بين الخواص والعوام وجعله الخليفة رسولا إلى السلطان في مهام الدولة وله الحلقة في الفقه والفتوى والوعظ بجامع المنصور فلما انتقل إلى باب المراتب كانت له حلقة في جامع القصر يروي فيها الحديث ويفتي وكان يجلس فيها شيخنا إبن ناصر وكان يمضي في السنة أربع دفعات في رجب وشعبان وعرفة وعاشوراء إلى مقبرة الإمام أحمد ويعقد هناك مجلسا للوعظ حدثنا عنه أشياخنا قال إبن عقيل كان سيد الجماعة من أصحاب أحمد يمنا ورياسة وحشمة أبو محمد التميمي وكان أحلى الناس عبارة في النظر وأجرأهم قلما فيي الفتيا وأحسنهم وعظا أنشدنا إبن ناصر قال أنشدنا أبو محمد التميمي لنفسه
... افق يا فؤادي من غرامك واستمع ... مقالة محزون عليك شفيق ... علقت فتاة قلبها متعلق ... بغيرك فاستوثقت غير وثيق ... فأصبحت موثوقا وراحت طليقة ... فكم بين موثوق وبين طليق ...
وتوفي ليلة الثلاثاء خامس عشر جمادي الأولى من هذه السنة وصلى عليه إبنه أبوالفضل عبد الواحد ودفن في داره بباب المراتب بإذن المستظهر ولم يدفن بها أحد قبله ثم توفي إبنه أبو الفضل سنة أحدى وتسعين فنقل معه والده إلى مقبرة باب حرب ودفن إلى جانب أبيه وجده وعمه بدكة الإمام أحمد عن يمنة
130 - عبد السلام بن محمد
إبن يوسف بن بندار أبو يوسف القزويني أحد شيوخ المعتزلة المجاهرين بالمذهب الدعاة قرأ على عبد الجبار الهمذاني ورحل إلى مصر وأقام بها أربعين سنة وحصل

أحمالا من الكتب فحملها إلى بغداد وكان قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني يكرمه ويقوم له وروى الحديث ببغداد عن أبي عمر بن مهدي وفسر القرآن في سبعمائة مجلد وجمع فيه العجب حتى أنه ذكر قوله تعالى واتبعوا ما تتلوا الشياطين في مجلد قال إبن عقيل كان رجلا طويل اللسان يعلم تارة ويسفه أخرى ولم يكن محققا في علم وكان يفتخر ويقول أنا معتزلي وكان ذلك جهلا منه لأنه يخاطر بدمه في مذهب لا يساوي قال وبلغني عنه لما وكل به الأتراك مطالبة بما اتهموه به من إيداع بني جهير الوزراء عنده أموالا قيل له أدع الله فقال مالله في هذا شيء هذا فعل الظلمة قال إبن عقيل هذا قول خر ف لأنه أن قصد بذلك التعديل ونفي الجور فقد أخرج الله سبحانه وتعالى عن التقدير ثم هب أنه ليس هو المقدر لذلك أليس بقادر على المنع والدفع قال شيخنا أبو بكر بن عبد الباقي دخل أبو يوسف على نظام الملك وعنده أبو محمد التميمي ورجل آخر أشعري فقال أيها الصدر قد أجتمع عند رؤوس أهل النار فقال كيف فقال أنا معتزلي وهذا مشبه وذاك أشعري وبعضنا يكفر بعضتا توفي أبو يوسف في ذي القعدة من هذه السنة وقد بلغ ستا وتسعين سنة وما تزوج إلا في آخر عمره ودفن بمقبرة الخيزران قريبا من أبي حنيفة
131 - محمد بن حسين بن عبد الله
إبن إبراهيم أبو شجاع الوزير الروذراوي الأصل بلدة من ناحية همذان أهوازي المولد الوزير إبن الوزير لأن أبا يعلي الحسين كاتبه القائم وهو بالأهواز بوزارته وخاطبه بها فوصله الكتاب يستدعي له وهو ميت وكان أبو شجاع قد قرأ الفقه والعربية وسمع الحديث من جماعة منهم أبو إسحاق الشيرازي وصنف كتبا منها كتابه الذي ذيله على تجارب الأمم ووزر للمقتدي سليما من طمع وكان يملك حينئذ عينا ستمائة ألف دينار فأنفقها في الخيرات والصدقات وقال أبو جعفر بن الخرقي كنت أنا من أحد عشر يتولون إخراج صدقاته فحسبت ما خرج على يدي فكان مائة ألف دينار ووقف الوقوف وبنى المساجد وأكثر

الأنعام على الأرامل واليتامى وكان يبيع الخطوط الحسنة ويتصدق بثمنها ويقول أحب الأشياء إلي الدينار والخط الحسن فأنا أخرج الله محبوبي ووقع مرض في زمانه فبعث إلي جميع أصقاع البلد أنواع الأشربة والأدوية وكان يخرج العشر من جميع أمواله النباتية على اختلاف أنواع وعرضت عليه رقعة من بعض الصالحين يذكر فيها أن إمرأة معها أربعة أطفال أيتام وهم عراة جياع فقال للرجل أمض الان إليهم واحمل معك ما يصلحهم ثم خلع أثوبه فقال والله لا لبستها ولا دفئت حتى تعود وتخبرني أنك كسوتهم وأشبعتهم فمضى وعاد فأخبره وهو يرعد من البرد حكى حاجبه الخاص به قال استدعاني ليلة وقال إني امرت بعمل قطائف فلما حضر بين يدي ذكرت نفوسا تشتهيه فلا تقدر عليه فنغص ذلك علي أكله ولم أذق منه شيئا فأحمل هذه الحصون إلى أقوام فقراء فحملها الفراشون معه وجعل يطرق أبواب المساجد بباب المراتب ويدفع ذلك إلى الأضراء المجاورين بها وكان يبالغ في التواضع حتى ترك الإحتجاب فكلم المرأة والطفل وأوطأ العوام والصالحين مجلسه وكان يحضر الفقهاء الديوان في كل مشكل وكانوا إذا أفتوا في حق شخص بوجوب حق القصاص عليه سأل أولياء الدم اخذ شيء من ماله وان يعفوا فان فعلوا والا امر بالقصاص واعطى ذلك المال ورثة المقتول الثاني ولقد جرت منه عصبية مرة في ليلة الغيم فأمر إبن الخرقي المحتسب أن يجلس بباب النوبي ويكرم الناس بالإفطار وأحضر أطباقا فيها لوز وسكر وبعث إلى أبي إسحاق الخزاز بباب المراتب ليمنعه من صلاة التراويح تلك الليلة فلم يمتنع ذاك وقرأ أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى فعدد في هذا الشهر أن صام الناس ثمانية وعشرين يوما فأسقط في يده وذبح البقر وصدق بصدقات وافرة وعاهد الله سبحانه أن لا يتعصب في الفروع أبدا وفي زمانه أسقطت المكوس وألبس أهل الذمة الغيار وتقدم إلى إبن الخرقي المحتسب أن يؤدب كل من فتح دكانه يوم الجمعة ويغلقه يوم السبت من البزازين وغيرهم وقال هذه مشاركة لليهود في حفظ سبتهم وكان قد سمع

إن النفاطين والكلابزية يقفون على دكاكين المتعيشين فيأخذون منهم كل أسبوع شيئا فنفذ من يمنعهم من ألاجتياز بهم وحج في وزارته سنة ثمانين فبذل في طريقه الزاد والأدوية وعم أهل الحرمين بصدقات وساوى الفقراء في إقامة المناسك والتعبدات وكانت به وسوسة في الطهارة
قال المصنف رحمه الله ونقلت في خط أبي الوفاء بن عقيل انه كتب إليه لأجل وسوسوة أما بعد فإن أجل محصول عند العقلاء بإجماع الفقهاء الوقت فهو غنيمة ينتهز فيها الغرض والتكاليف كثيره والأوقات خاطفة وأقل متعبد به الماء ومن اطلع على اسرار الشريعة علم قدر التخفيف فمن ذلك قوله صبوا على بول الأعرابي ذنوبا من ماء وقوله في المنى أمطه عنك باذخرة وقوله في الخف طهوره إن تدلكه بالأرض وفي ذيل المرأة يطهره ما بعده وقوله عليه السلام يغسل بول الجارية وينضح بول الغلام وكان يحمل بنت أبي العاص في الصلاة ونهى الراعي عن إعلام السائل له عن الماء وما يرده وقال أب لنا طهور وقال يا صاحب البراز لا تخبره فإن خطر بالبال نوع أحتياط في الطهارة كالاحتياط في غيرها من مراعاة الإطالة وغيبوبة الشمس والزكاة فإنه يفوت من الأعمار مالا يفي به الإحتياط في الماء الذي أصله الطهارة وقد صافح رسول الله صلى الله عليه و سلم الأعراب وركب الحمار وما عرف من خلقه التعبد بكثرة الماء وقد توضأ من سقاية المسجد ومعلوم حال الأعراب الذين بان من أحدهم الأقدام على البول في المسجد وتوضأ من جرة نصرانية وما احترز تعليما لنا وتشريعا وإعلاما أن الماء على أصل الطهارة وتوضأ من غدير كأن ماءه نقاعة الحناء فأما قوله تنزهوا من البول فإن للتنزه حدا معلوما فأما الإستشعار فإنه إذا علق نما وانقطع الوقت بما لا يقتضى بمثله الشرع قال إبن عقيل كان الوزير أبو شجاع كثير البر للخلق كثير التلطف بهم فقدم من الحج وقد اتفق نفور العوام نفورا أريقت فيها الدماء وانبسط حتى هجموا على الديوان وبطشوا بالأبواب والستور فخرج من من الخليفة إنكارا عليه وأمره أن يلبس أخلاق السياسة لتنحسم

مادة الفساد فأدب وضرب وبطش فانبسطت فيه الألنسة بأنواع التهم حتى قال قوم ها هو إسماعيل وهبط عندهم ما تقدم من إحسانه قال إبن عقيل فقلت لنفسي أفلسي من الناس كل إفلاس ولا تثقي بهم فمن يقدر على إحسان هذا إليهم وهذه أقوالهم عنه قال إبن عقيل وقد رأيت أكثر أعمال الناس لا يقع إلا للناس إلا من عصم الله من ذاك أني رأيت في زمن أبي يوسف كثر أهل القرآن والمنكرون لأكرام أصحاب عبد الصمد وكثر متفقهة الحنابلة ومات فاختل ذلك فاتفق إبن جهير فرأيت من كان يتقرب إلى إبن جهير يرفع أخبار العاملين ثم جاءت دولة النظام فعظم الأشعرية فرأيت من كان يتسخط على بنفي التشبيه غلوا في مذهب أحمد وكان يظهر بغضي يعود علي بالغمض على الحنابلة وصار كلامه ككلام رافضي وصل إلى مشهد الحسين فأمن مباح ورأيت كثيرا من أصحاب المذاهب انتقلوا ونافقوا وتوثق بمذهب الأشعري والشافعي طمعا في العز والجرايات ثم رأيت الوزير أبا شجاع يدين بحب الصلحاء والزهاد فانقطع البطالون إلى المساجد وتعمد خلق للزهد فلما افتقدت ذلك قلت لنفسي هل حظيت من هذا الإفتقاد بشيء ينفعك فقالت البصيرة نعم استفدت أن الثقة خيبة والغنى بهم إفلاس ولا ينبغي أن يعول على غير الله قال المصنف ولما عزل الوزير أبو شجاع خرج إلى الجامع يوم الجمعة فانثالت عليه العامة تصافحه وتدعو له فكان ذلك سببا لالتزامه بيته والإنكار على من صحبه وبني في دهليز داره مسجدا وكان يؤذن ويصلي فيه ثم وردت كتب نظام الملك بإخراجه من بغداد فأخرج إلى بلدة فأقام مدة ثم إستأذن في الحج فأذن له فخرج قال أبو الحسن بن عبد السلام اجتمعت به بالمدينة فقبل يدي فأعظمت ذلك فقال ذلك لي قد كنت تفعل هذا بي فأحببت أن اكافئك وجاور بالمدينة فلما مرض مرض الموت حمل إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم فوقف بالحضرة وبكى وقال يا رسول الله قال الله عزوجل ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله فاستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما وقد جئت معترفا بذنوبي وجرائمي ارجو شفاعتك وبكى وتوفي من يومه ودفن بالبقيع

عند قبر إبراهيم عليه السلام بعد أن صلى عليه بمسجد رسول الله صلىالله عليه وسلم وزوربه الحضرة وذلك في منتصف جمادي الآخرة من هذه السنة وهو ابن إحدى وخمسين سنة وكان له شعر حسن فمنه قوله ... ما كان بالاحسان اولاكم ... لوزرتم من كان يهواكم ... احباب قلبي مالكم والجفا ... ومن بهذا الهجر اغراكم ... ما ضركم لوعدتم مدنفا ... ممرضا من بعد قتلاكم ... انكرتمونا مذ عهدناكم ... وخنتمونا مذ جفظناكم ... لانظرت عينى سوى شخصكم ... ولا اطاع القلب الاكم ... جرتم وخنتم وتحاملتم ... على المعنى في قضاياكم ... يا قوم ما اخوانكم في الهوى ... وما على الهجران اجراكم ... حولوا وجوروا وانصفوا واعدلوا ... في كل حال لاعدمناكم ... ما كان اغناني عن المشتكى ... الى نجوم الليل لولاكم ... سلوا حداة العيس هل ارودت ... ماء سوى دمعي مطاياكم ... او فسئلوا طيفكم هل رأى ... طرفي اغفي بعد مسراكم ... أحاول النوم عسى انني ... في مستلذ النوم القاكم ... ما آن ان تقضوا غريما لكم ... يخشاكم ان يتقاضاكم ... يستنشق الريح إذا ما جرت ... من نحو نجد اين مسراكم ...
وله ايضا ... لو انكم عاينتم بعد مسراكم ... وقوفي على الاطلال اندب مغناكم ... انادي وعينى قد تفيض بذكراكم ... ايا خلتي لم ابعد البين مرماكم ... ولم غبتم عن ناظري بعد رؤياكم ... ولم نعب البين المشت وأقصاكم ...
132 - محمد بن المظفر
ابن بكران الحموي الشامي ولد سنة اربعمائة وحج في سنة سبع عشرة واربعمائة وتفقه ببلدة بعد حجة ثم قدم بغداد فتفقه على ابي الطيب الطبري وسمع من

ابي القاسم بن بشران وغيره وشهد عند قاضي القضاة ابي عبد الله الدامغاني في ربيع الاول سنة اثنتين وخمسين وزكاة القاضي ابو يعلي بن الفراء وابو الحسن ابن السمناني وناب عنه في القضاء بربع المدينة حدثنا عنه اشياخنا وكان حسن الطريقة خشن الاخلاق وفيه حدة وكان ثقة عفيفا نزها لا يقبل من سلطان عطية ولا من صديق هدية ولازم مسجدا بقطيعة ام الربيع يؤم اهله ويدرس ويقرأ عليه الحديث زائدا على خمس وخمسين سنة ولما مات ابو عبد الله الدامغاني اشار به الوزير ابو شجاع على المقتدى فقلده قضاء القضاة في رمضان سنة ثمان وسبعين وخلع عليه وقرىء عهده ولم يرتزق على القضاء شيئا ولم يغير ملبسه ومأكله وأمواله قبل القضاء وكان يتولى القضاء بنفسه ولا يستنيب احدا ولا يحابي مخلوقا فلما اقام الحق نفرت عنه قلوب المبطلين ولفقوا له معايب لم يلصق به منها شيء وكان غاية تأثيرها انه سخط عليه الخليفة ومنع الشهود من اتيان مجلسه واشاع عزله فقال لم يطر على فسق استحق به العزل فبقي كذلك سنتين وشهورا واذن لابي عبد الله محمد بن عبيد الله الدامغاني في سماع البينة فنفذ من العسكر بان الخبر قد وصل الينا ان الديوان قد استغنى عن ابن بكر ان ونحن بنا حاجة اليه فيسرح الينا فوقع الامساك عنه ثم صلح رأي الخليفة فيه واذن للشهود في العود الى مجلسه فاستقامت اموره وحمل اليه يهودي جحد مسلما ثيابا ادعاها عليه فأمر ببطحه وضربه فعوقب فأقر فعاقبه الوزير ابو شجاع على ذلك واغتنم اعداؤه الفرصة في ذلك فصنف ابو بكر الشاشي كتابا في الرد عليه سماه الرد على من حكم بالفراسة وحققها بالضرب والعقوبة وقد ذكر أن الذي فعله له وجه ومستند من كلام الشافعي قال المصنف نقلت من خط ابي الوفاء ابن عقيل قال اخذ قوم يعيبون على الشامي ويقولون كان يقضي بالفراسة ويواقعه فضرب كرديا حتى اقر بمال اخذه غصبا وكان ضربه بجريدة من نخلة داره فقلت اعرف دينه وامانته ما كان ذاك بالفراسة لكن بامارات واذا تأملتم الشرع وجدتم انه يجوز التعويل على مثلها فانه اذا رأى صاحب كلالجات

ورعونة يقال انه رجم سطحا لاجل طائر فكسر جرة وكان عنده خبر انه يلعب بالطيور فقال بل هذا الشيخ رجم وقد ذهب مالك الى التوصل الى الاقرار بما يراه الحاكم على ما حكاه بعض الفقهاء وذلك يستند الى قوله ان كان قميصه قد من قبل ومن حكمنا بعقد الازج وكثرة الخشب ومعاقد القمط وما يصلح للمرأة وما يصلح للرجل والدباغ والعطار اذا تخاصما في جلد وهل اللوث في القسامة الا نحو هذا وحمل يوما الى دار السلطان ليحكم في حادثة فشهد عنده المشطب ابن محمد بن اسامة الفرغاني الامام وكان فقيها من فحول المناظرين فرد شهادته فقال ما ادري لاى علة رد شهادتي فقال الشامي قولوا له كنت اظن انك عالم فاسق والآن انت جاهل فاسق اما تعلم انك تفسق باستعمال الذهب وكان يلبس خاتم الذهب والحرير وادعى عنده بعض الاتراك على رجل شيئا فقال ألك بينة قال نعم قال من قال فلان والمشطب فقال لا اقبل شهادته لانه يلبس الحرير فقال التركي السلطان ملك شاه ووزيره نظام الملك يلبسان الحرير فقال الشامي ولو شهدا عندي في باقة بقل ما قبلت شهادتهما توفي الشامي يوم الثلاثاء عاشر شعبان هذه السنة ودفن بتربة له عند قبر ابي العباس بن سريج على باب قطيعة الفقهاء من الكرخ
133 - محمد بن ابي نصر
فتوح بن عبد الله بن حميد ابو عبد الله الحميدي الاندلسي من اهل المغرب من جزيرة يقال لها ميورقة قريبة من الاندلس ولد قبل العشرين واربعمائة وسمع ببلدة الكثير وبمصر وبمكة وبالشام وورد بغداد فسمع من اصحاب الدارقطني وابن شاهين وكان حافظا دينا نزها عفيفا كتب من مصنفات ابن حزم الكثير وكتب تصانيف الخطيب وصنف فأحسن ووقف كتبه على طلبه العلم فنفع الله بها حدثنا عنه اشياخنا وتوفي ليلة الثلاثاء سابع عشر ذي الحجة ودفن بمقبرة باب ابرز ثم نقل في صفر سنة احدى وتسعين الى باب حرب فدفن في دكة بشر الحافي

134 - هبة الله بن علي
ابن عقيل ابو منصور بن ابي الوفاء ولد في ذي الحجة

سنة
اربع وسبعين وتوفي وهو ابن اربع عشرة سنة وكان قد حفظ القرآن وتفقه وظهر منه اشياء تدل على عقل غزير ودين عظيم وكان هذا الصبي قد طال مرضه وانفق عليه ابوه مالا في المرض وبالغ قرأت بخط ابيه ابي الوفاء قال قال لي ابني لما تقارب اجله يا سيدي قد انفقت وبالغت في الادوية والطب والادعية ولله سبحانه في اختيار فدعنى مع اختيار الله قال فوالله ما انطق الله سبحانه ولدي بهذه المقالة التي تشاكل قول اسحاق لابراهيم افعل ما تؤمر الا وقد اختار الله له الحظوة
سنة
ثم دخلت سنة تسع وثمانين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في ربيع الاول كثر العبث من بني خفاجة واتوا الى المسجد بالحائر فتظاهروا فيه بالمنكر فوجه اليهم سيف الدولة عسكرا فكبسوهم فى المشهد واخذوا عليهم ابوابه وقتل منهم خلق عند الضريح ومن اعجب العجائب ان احدهم ركب فرسه وصعد الى سورا المشهد والقى نفسه وفرسه فنجوا جميعا وفي هذه السنة حكم المنجمون بطرفان يكون في الناس يقارب طوفان نوح وكثر الحديث فيه فتقدم المسظهر بالله باحضار ابن عيشون المنجم فقال ان طوفان نوح اجتمع في برج الحوت الطوالع السبعة والآن فقد اجتمع في برج الحوت من الطوالع ستة وزحل لم يجتمع معهم فلوكان معهم كان طوفان نوح ولكن اقول ان مدينة او بقعة من البقاع يجتمع فيه عالم من بلاد كثيرة فيغرقون ويكون من كل بلد الواحد والجماعة فقيل ما يجتمع في بلد ما يجتمع في بغداد وربما غرقت فتقدم باحكام المسنات والمواضع التى يخشى منها الانفجار وكان الناس ينتظرون الغرق فوصل الخبر بان الحاج حصلوا في وادى المناقب بعد نخلة فأتاهم سيل عظيم فنجا منهم من تعلق برؤوس الجبال واذهب الماء الرحال والرجال فخلع على ذلك المنجم واجرى له جراية

ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
135 - احمد بن الحسن
ابن احمد بن الحسن بن محمد بن خداداد الكرخى الباقلاوى ابو طاهر بن ابي على سمع من ابى على بن شاذان وابى القاسم بن بشر ان وابى بكر البرقانى وغيرهم وكان ثقة ضابطا وكان جميل الخصال مقبلاعلى ما يعنيه زاهدا فى الدنيا حدث عنه عبد الوهاب الانماطى وغيره من اشياخنا قال شيخنا عبد الوهاب كان يتشاغل يوم الجمعة بالتعبدويقول لاصحاب الحديث من السبت الى الخميس ويوم الجمعة انا بحكم نفسى للتبكير الى الصلاة وقراءة القرآن وما قرئ عليه في الجامع حديث قط قال ولما قدم نظام الملك الى بغداد اراد ان يسمع من شيوخها فكتبوا له اسماء الشيوخ وكتبوا في جماعتهم اسم ابى طاهر وسألوه ان يحضرداره فامتنع فألحوا فلم يجب قال ابو الفضل بن خيرون قرأبتى وما أنفرد انا بشئ عنه ما سمعته قد سمعة وانا في خزانه الخليفة فما يمتنع عليكم فاما انا فلا أحضر وتوفي ليله الاثنين الرابع من ربيع الآخر ودفن بمقبرة باب حرب
136 - احمد بن عمر
ابن الاشعث ابو بكر السمرقندى والد شيخنا ابى القاسم ولد سنة ثمان وثمانين وثلثمائة وقرأ القرآن على ابى على الاهوازى بالقرا آت التى صنفها وكان مجودا وكان ينسخ المصاحف وسمع الحديث الكثير وروى عنه اشياخنا وتوفي في يوم الاحد سادس عشرين من رمضان ودفن بمقابر الشهداء بباب حرب الى جانب ابى بكر الدينورى الزاهد
137 - ابراهيم بن الحسين
ابو سحاق الخزاز كان من الزهاد توفى يوم السبت تاسع ربيع الآخر ودفن بمقبرة باب حرب ونقلت من خط ابى الوفاء بن عقيل قال كان الشيخ ابو اسحاق الخزاز شيخا صالحا بباب المراتب وهو أول من لقنني كتاب الله بدرب الديوان

بالرصافة وكان من عادته الامساك عن الكلام فى رمضان وكان يخاطب بآى القرآن في اغراضه وسوانحة وحوائجة فيقول فى إذنه ادخلوا علهيم الباب ويقول لابنه فى عشية الصوم من بقلها وقثائها آمرا له بشراء البقل فقلت له هذا تعتقده عباده وهو معصية فصعب عليه فبسطت الكلام وقلت ان هذا القرآن العزيز نزل فى بيان احكام الشريعة فلا يستعمل فى اغراض دنيوية وما عندى ان هذا بمثابة صرك السدر والاشنان فى ورق المصحف او توسدك له فهجرنى وهجرته مدة
138 - حمزة بن محمد
ابن الحسن بن محمد بن على بن محمد بن ابراهيم بن اسمعيل بن عامر بن عبيد الله بن الزبير بن العوام القرشى ابو القاسم ولد سنة ثمان واربعمائة وسكن نهر الدجاج وسمع ابا القاسم الخرقى وابا على بن شاذان ورى عنه مشايخنا وكان صالحا دينا ثقة وتوفى يوم الجمعة ثانى شعبان هذه السنة ودفن بمقبرة الشونيزية
139 - سليمان بن احمد
ابن محمد بن الربيع السرقسطى من اهل الاندلس دخل بغداد واقام بها وسمع ابا لقاسم بن بشران وابا العلاء الواسطى ومن بعدهما كأبى بكر الخطيب وغيره وكانت له معرفة باللغة وروى عنه اشياخنا لكنهم جرحوه فقال ابو منصور بن خيرون نهانى عمى ابو الفضل ان اقرأ عليه القرآن وقال ابن ناصر كان كاذابا يلحق سماعاته توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
140 - عبد الله بن ابراهيم
ابن عبد الله ابو حكيم الخبرى وخبر إحدى بلاد فارس وهو جد شيخنا ابى الفضل ابن ناصر لأمة تفقه على ابى اسحاق وسمع من الجواهرى وغيره وكانت له معرفة تامة بالفرائض وله فيها تصنيف وله معرفة بالادب واللغة وكان مرضى الطريقة وحدثنى عنه شيخنا ابو الفضل بن ناصر قال كان يكتب المصاحف فبينا هو يوما

قاعدا مستندا يكتب وضع القلم من يده واستند قال والله ان كان هذا موتا فهذا موت طيب ثم مات
141 - عبد المحسن
ابن محمد بن علي بن احمد ابو منصور الشيخى التاجر ويعرف بابن شهدانكة من اهل النصرية وسمع ببغداد ابا طالب بن غيلان وابا القاسم التنوخى وابا الحسن القزوينى وابا اسحاق البرمكى والجواهرى ورحل الى الشام وديار مصر فسمع بها من جماعة وأكثر عن ابى بكر الخطيب بصور واهدى اليه الخطيب تاريخ بغداد بخطه وقال لوكان عندى اعز منه لاهديته لك لانه حمل الخطيب من الشام الى العراق وروى عنه الخطيب فى تصانيفه فسماه عبد الله وكان يسمى عبد الله وكان ثقة خيرا دينا توفى يوم الاثنين سادس عشرجمادى الآخرة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
142 - عبد الملك بن ابراهيم
ابن احمد الهمذانى سمع ابا على الحسن بن على الشاموخى وغيره روى عنه اشياخنا وكان يعرف العلوم الشرعية والادبية الا ان علم الفرائض والحساب انتهى اليه وكان قد تفقه على اقضى القضاة ابى الحسن الماوردى وكان يحفط غريب الحديث لابى عبيد والمجمل لابن فارس وكان عفيفا زاهدا وكان يسكن درب رياح وكان الوزير ابو شجاع قد نص عليه القضاء القضاة فأجابه المقتدى فاستدعاه فأبى اشد الاباء واعتذار بالعجز وعلو السن وعاود الوزير أن لايعاود ذكره فى هذا الحال انبأنا شيخنا عبد الوهاب الانماطى قال سمعت ابا الحسن بن ابى الفضل الهمذانى يقول كان والدى اذا اراد ان يؤدبنى يأخذ العصا بيده يقول نويت ان اضرب ابنى تأديبا كما امر الله ثم يضربنى قال ابو الحسن والى ان ينوى ويتم النية كنت اهرب توفي يوم الاحد تاسع عشر رمضان من هذه السنة ودفن عند قبر ابن سريج

143 - محمد بن احمد
ابن عبد الباقى بن منصور ابو بكر ويعرف بابن الخاضبة الدقاق كان معروفا بالافادة وجودة القراءة وحسن الخط وجودة النقل وجمع علم القراآت والحديث واكثر عن ابى بكر الخطيب واصحاب المخلص والكتانى حدثنا عنه شيوخنا وكانوا يثنون عليه وعاجلته المنية قبل الرواية توفى ليلة الجمعة ثانى ربيع الاول ودفن فى المقبرة المعروفة بالاجمة بباب ابرز انبأنا ابو زرعة عن ابية محمد ابن طاهر قال سمعت ابا بكر محمد بن احمد الدقاق المعروف بابن الخاضبة يقول لما كانت سنة الغرق وقعت دارى على قماشى وكتبى ولم يبق لى شئ وكانت لى عائله وكنت اورق للناس فكتبت صحيح مسلم تلك السنة سبع مرات فنمت ليلة فرأيت فى المنام كأن القيامة قد قامت ومناد ينادى اين ابن الخاضبة فاحضرت فقيل لى ادخل الجنة فلما دخلت استلقيت على فراشى ووضعت احدى رجلى على الاخرى وقلت استرحت والله من النسخ
144 - محمد بن على
ابن عمير ابو عبد الله المقهندزى العميرى خرج من هراة الى الحجاز سنة عشرين واربعمائة وركب البحر وخرج الى عدن وزبيد ووصل الى مكة بعد سنتين وسمع بها ثم انصرف الى بغداد وسمع بها وبهراة ونيسابور وسجستان وغير ذلك من البلاد سمع المؤتمن وغيره وكان متقنا فهما فقيها فاضلا دينا خيرا ورعا زاهدا حدث بالكثير وتوفى فى محرم هذه السنة
145 - محمد بن على
ابن محمد ابو ياسر الحمامي قرأ على ابى بكر الخياط وغيره وكتب الكثير من علوم القرآن والحديث وسمع من ابى محمد الخلال وابى جعفر بن المسلمة والصريفينى وغيرهم وكان ثقة اماما فى القرا آت والحديث سمع اشياخنا منه وتوفى يوم الثلاثاء تاسع المحرم ودفن بمقبرة باب حرب انشدنى ابو الفتح بن أبى السعادات

الوكيل قال انشدنا ابو عمر وعثمان بن محمد بن الحسين المدنى قال انشدنى ابو ياسر الحمامى ... دحرجنى الدهر الى معشر ... ما فيهم للخير مستمتع ... ان حدثوا لم يفهموا لفظه ... او حدثوا ضجوا فلم يسمعوا ...
146 - محمد بن احمد بن محمد
ابو نصر الرامشى من اهل نيسابور ولد سنة اربع واربعمائة وسافر الكثير وسمع الكثير ورحل فى طلب القرا آت والحديث وكان مبرزا فى علوم القرآن وله حظ فى علم العربية واملى بنيسابور سنين وتوفى فى هذه السنة
147 - منصور بن محمد
ابن عبد الجبار بن احمد بن محمد ابو المظفر السمعانى من أهل مرو تفقه على ابيه ابى منصور على مذهب ابى حنيفة حتى برع في الفقة وبرز على اقرانه من الشبان ثم ورد بغداد فى سنة احدى وستين وسمع الحديث الكثير بها واجتمع بابى اسحاق الشيرازى وابى نصر بن الصباغ ثم انتقل الى مذهب الشافعى فلما رجع الى بلده اضطرب اهل بلده وجلب عليه العوام وقالوا طريقة ناظر عليها اكثر من ثلاثين سنة ثم تحول عنها فخرج الى طوس ثم قصد نيسابور ووعظ وصنف والبرهان والاصطلام وكتاب القواطع فى اصول الفقه وكتاب الانتصار في الحديث وغير ذلك واملى الحديث وكان يقول ما حفظت شيئا فنسيته وسئل عن اخبار الصفات فقال عليكم بدين العجائز وسئل عن قوله الرحمن على العرش استوى فقال ... جئتمانى لتعلما سر سعدى ... تجد انى بسر سعدى شحيحا ... ان سعدى لمنية المتمنى ... جمعت عفة ووجها صبيحا ...
توفى ابو المظفر فى ربيع الاول من هذه السنة ودفن فى مقبرة مرو

سنة
ثم دخلت سنة تسعين واربمعائة
فمن الحوادث فيها انه فى يوم عاشوراء كبس على ابى نصر بن جلال الدوله أبي طاهر ابن بويه وكان يلقب بهاء الدولة وكان قد اقطعه جلال الدولة ملك شاه المدائن ودير العاقول وغيرهما فلما كبس عليه هرب الى بلد سيف الدولة صدقة ثم تنقل فى البلاد وكان قد ثبت عليه عند القاضى امور أوجبت اراقة دمة وقضت بارتداده وبنيت داره بدرب القيار مسجدين احدهما لاصحاب الشافعي والآخر لآصحاب ابى حنيفة
وفي ربيع الآخر تظاهر العيارون بالفتك فى الجانب الغربى
وفي شوال قتل انسان باطنى على باب النوابي اتى من قلاعهم نجوزستان وشهد عليه بمذهبه شاهدان دعاهما هو الى مذهبة بأفتى الفقهاء لقتله منهم ابن عقيل وكان من اشدهم عليه فقال الباطنى كيف تقتلونى وانا اقول لااله الا الله قال ابن عقيل انا اقتلك قال بأى حجة قال بقول الله عز و جل فلما رأو بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكقرنا بما كنا بة مشركين فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأو بأسنا
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
148 - احمد بن محمد
ابن الحسن بن على بن زكريا بن دينار ابو يلعى البصرى العبدى يعرف بابن الصواف ولد سنة اربعمائة وكان ينزل القسامل احدى محال البصرة دخل بغداد في سنة احدى وعشرين وسمع ابا على بن شاذان وابا بكر البرقانى وسمع بالبصرة من ابى عبد الله بن داسة وغيره وكان فقيها مدرسا زاهدا خشن العيش متهونا ذا سمت ووقار وسكينة وكان اماما فى عشرة علوم توفى فى رمضان هذه السنة
149 - ابراهيم بن عبد الوهاب
ابن محمد بن اسحاق ابو اسحاق بن ابى عمر بن ابى عبد الله بن منده ولد فى صفر سنة

اثنتين وثلاثين واربعمائة وسمع من ابية وغيره وكان كثير التعبد والتهجد وتوفى فى بادية الكوفة متوجها الى مكة فى هذه السنة
150 - محمد بن على
ابن الحسين ابو عبد الله القطيعى الكاتب سمع ابا القاسم بن بشر ان وحدث وروى عنه شيوخنا وتوفى يوم الجمعة ثالث رمضان ودفن فى مقبرة باب حرب
151 - محمد بن محمد
ابن عبيد الله ابو غالب البقال سمع ابا على بن شاذان وابا القاسم بن بشر ان وابا القاسم الخرقى وغيرهم حدثنا عنه اشياخنا وكان صدوقا نزل الى دجلة ليتوضأ فغرق فى يوم الاثنين سادس عشر رجب فأخرج حمل الى داره واخرجت جنازته من الغد فصلى عليه ثم حمل الىمقبرة باب حرب
152 - المعمر بن محمد
ابن المعمر بن احمد بن محمد ابو القائم الحسيني الطاهر ذو المناقب نقيب الطالبيين وكان جميل الصورة كريم الاخلاق كثير التعبد لا يحفظ عنه انه آذى مخلوقا ولا شتم حاجبا وسمع الحديث ورواه وتوفي بداره بالكرخ بنهر البزازين ليلة الجمعة ثامن عشر ربيع الاول وحمل من الغد الى جامع المنصور فصلى عليه ثم حمل الى مشهد مقابر قريش فدفن به ومات عن اثنتين وسبعين سنة ولى النقابة منها اثنتين وثلاثين سنة وثلاثة اشهر وتولى مكانه ابنه ابو الفتوح حيدرة ولقب بالرضى ذي الفخرين ورثاه ابو عبد الله بن عطية بأبيات منها ... هل ينفعن من المنون حذار ... ام للامام من الردى انصار ... هيهات ما دون الحمام اذا دنا ... وزر ولا يسطاع منه حذار ... نفذ القضاء على الورى من عادل ... في حكمه وجرت به الاقدار ... مالي أرى الآمال تخدع بالمنا ... عدة تطول وتقصر الاعمار

والناس في شغل وقد افناهم ... ليل يكر عليهم ونهار ... ويد المنية شثنة مبسوطة ... في كل انملة لها أظفار ... لو كان يدفع بطشها عن مهجة ... ويرد حتفا معقل وجدار ... لفدت ربيعة ذا المناقب واشترت ... حباله طول البقاء نزار ... خربت ذرى المجد المنيف وأصبحت ... عرصات ربع المجد وهي قفار ... وخلا مقام النسك من تسبيحه ... وبكت على صلواته الاسحار ...
153 - يحيى بن احمد
ابن احمد بن محمد بن علي السيبي ولد

سنة
ثلاث وثلاثين وثلثمائة فرحل الناس اليه وكان صالحا ثقة صدوقا توفي ليلة السبت خامس عشرين ربيع الآخر وكان عمره مائة وثلاثا وخمسين سنة وثلاثا اشهر واياما وكان صحيح الحواس يقرأ عليه القرآن والحديث
سنة
ثم دخلت سنة احدى وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في شهر ربيع الآخر كثر الاستنفار على الافرنج وتواترت الشكايات بكل مكان ووردت كتب السلطان بركياروق الى جميع الامراء يأمرهم بالخروج مع الوزير ابن جهير لحربهم واجتمعوا في بيت النوبة وبرز سيف الدولة صدقة فنزل بقرب الانبار وضرب سعد الدولة مضاربة بالجانب الغربي ثم انفسخت هذه العزيمة ووردت الاخبار بان الإفرنج ملكوا انطاكية ثم جاؤا الى معرة النعمان فحاصروها ودخلوا وقتلوا ونهبوا وقيل انهم قتلوا ببيت المقدس سبعين الف نفس وكانوا قد خرجوا في الف الف
وفي شعبان خرج ابو نصر ابن الموصلايا الى المعسكر الى نيسابور مستنفرا على الافرنج برسالة من الديوان

ذكرمن توفي في هذه السنة من الاكابر
154 - طراد بن محمد
ابن علي بن الحسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن ابراهيم الامام ابن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ابو الفوارس بن ابي الحسن بن ابي القاسم ابن تمام من ولد زينب بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس وهي ام ولد عبد الله بن محمد بن ابراهيم الامام بن محمد بن عبد الله بن عباس حدث عنها احمد بن منصور الرمادى وكناها ام على ولد فى سنة ثمان وتسعين وثلثمائة وسمع الكثير والكتب الكبار وسمع من ابى نصر النرسى وهلال الحفار والحسين بن عمرو بن برهان وهو آخر من حدث عنهم ورحل اليه من الاقطار واملى بجامع المنصور واستملى له ابو على البرداني وكان يحضر مجلسه جميع المحدثين والفقهاء وحضر املاءة قاضى القضاة ابو عبد الله الدامغانى وحج سنة تسع وثمانين فاملى بمكة المدينة وبيتة معروف فى الرئاسة ولى نفابة العباسيين بالبصرة ثم انتقل الى بغداد وترسل من الديوان العزيز الى الملوك وساد الناس رتبة ورأيا ومتع بجوارحه وقد حدث عنه جماعة من مشايخنا وقد تورع قوم عن الرواية عنه ليصرفه وصحبتة للسلاطين ولما احتضر بكى اهله فقال صيحوا وامختلساه انما يبكى على من سنه دان فأما من عمره مترام فما فائده البكاء عليه وتوفى فى سلخ شوال هذه السنة وقد جاوز التسعين ودفن فى داره بباب البصرة ثم نقل فى ذى الحجة سنة اثنتين وتسعين الى مقابر الشهداء فدفن بها
155 - عبد الله بن سبعون
ابن يحى بن احمد ابو محمد السلمى القيسى القيروانى سمع من ابن غيلان والجوهرى وخلقا كثيرا فى البلدان وقرأ ونقل وكانت له معرفة بالنقل روى عنه اشياخنا وتوفى فى رمضان هذه السنة ودفن فى مقبرة باب حرب
156 - عبد الواحد بن علوان
ابن عقيل بن قيس ابو الفتح الشيبانى حدثنا عنه ابو محمد المقرى وتوفى فى رجب هذه السنة

157 - محمد بن احمد
ابن محمد ابو عبد الله الميبذى وميبذة بلدة من كورة اصطخر قريبة من يزدورد قدم بغداد وسمع الكثير من ابن المسلمة وابن النقور وغيرهما وكان له معرفة باللغة والادب وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة ودفن بمقبرة المارستان فى غربى بغداد
158 - محمد بن الحسين
ابن محمد ابو سعد المخرمى من اهل مكة نزل هراة ورحل الى البلاد فى طلب العلم وسمع الكثير وكان من الزهاد الورعين لا يخالط احدا وكانوا يعدونه من البدلاء توفى فى رمضان هذه السنة
159 - محمد بن محمد
ابن احمد بن حمزة ابو الوضاح العلوى تفقه على ابيه وبرع فى الفقه ودرس وتوفى فى شوال هذه السنة وهو ابن اربع وخمسين سنة
160 - الحظفر ابو الفتح
ابن رئيس الرؤساء ابى القاسم ابن المسلمة كانت داره مجمعا لأهل العلم والدين والادب ومن جملة من اقام بها الى ان توفى ابو اسحاق الشيرازى توفي المظفر خامس ذي القعده من هذه السنه ودفن عند ابي اساق الشيرازى
161 - هبة الله بن عبد الرزاق
ابن محمد بن عبد الله بن الليث ابو الحسن الانصارى الاشهلى ولد سنة اثنتين واربعمائة وسمع ابا الفتح هلال بن محمد الحفار وابا الفضل عبد الواحد التميمى

وهو آخر من حدث عنه روى عنه اشياخنا وكان من ذوى الهيآت وارباب الديانات وأحد قرأ الموكب عمر حتى حمل عنه وكان صحيح السماع توفى فى ربيع الآخرمن هذه السنه ودفن في مقبرة الشونيزى

سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها اخذ الافرنج بيت المقدس فى يوم الجمعة ثالث عشر شعبان وقتلوا فيه زائدا على سبعين الف مسلم واخذوا من عند الصخرة نيفا واربعين قنديلا فضة كل قنديل وزنه ثلاثة آلالف وستمائة درهم واخذوا تنور فضة وزنه اربعون رطلا بالشامى واخذوا نيفا وعشرين قنديلا من ذهب ومن الثياب وغيره مالايحصى وورد المستنفرون من بلاد الشام واخبروا بما جرى على المسلمين وقام القاضى ابو سعد الهروى قاضى دمشق فى الديوان واورد كلاما ابكى الحاضرين وندب من الديوان من يمضى الى العسكر ويعرفهم حال هذه المصيبة ثم وقع التقاعد فقال ابو المظفر الابيوردى قصيدة فى هذه الحالة فيها ... وكيف تنام العين ملء جفونها ... على هنوات ايقظت كل نائم ... واخوانكم بالشام يضحى مقيلهم ... ظهور المذاكى او بطون القشاعم ... تسومهم الروم الهوان وانتم ... تجرون ذيل الخفض فعل المسالم ...
الى ان قال ... وتلك حروب من يغب عن غمارها ... ليسلم يقرع بعدها سن نادم ... وكاد لهن المستجن بطيبة ... ينادى بأعلى الصوت يا آل هاشم ... ارى امتى لا يشرعون الى العدى ... رماحهم والدين واهى الدعائم ... ويجتنبون الثار خوفا من الردى ... ولا يحسبون العار ضربة لازم ... اترضى صناديد الاعاريب بالأذى ... وتغضى على ذل كماة الاعاجم ... وليتهم ان لم يذودوا حمية ... عن الدين ضنوا غيرة بالمحارم ... وان زهدوا فى الاجر اذ حمى الوغى ... فهلا اتوه رغبة فى المغانم

ذكر ابتداء امر السلطان محمد
كان ابو شجاع محمد بن ملك شاه وهو وسنجر اخوين لأب وأم وكان محمد ببغداد لما مات ابوه وخرج الى اصبهان مع اخيه محمود لما خرجت تركان كان خاتون بابنها محمود حاصرها باصبهان بركياروق فأقام عنده فأقعة كنجة واعمالها وسار محمد بركياروق الى بغداد لما دخلها سنة ست وثمانين فقتل اتا بكه واستوالى على اقليم جنزة ولحق به مؤيد الملك وحسن له طلب الملك وصار وزيرا له واجتمع اليه النظامية وغيرهم وخطب لنفسه وضرب الطبل وخرج اكثر عسكر بركياروق اليه وانفذ رسولا الى بغداد فخطب له فى ذى الحجة سنة اثنتين وتسعين وكانت له مع بركياروق خمس وقائع
وفيها زادت الاسعار ومنع القطر وبلغ الكر تسعين دينار ببغداد وواسط ومات الناس على الطرقات واشتد امر العيارين فى المحال

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
162 - احمد بن عبد القادر
ابن محمد بن يوسف ابو الحسين المحدث الزاهد ولد سنة اثنتي عشرة واربعمائة وسافر الكثير ووصل الى بلاد المغرب وسمع الحديث الكثير من ابن بشران وابن شاذان وخلق كثير وحدثنا عنه اشياخنا وتوفى فى شعبان ودفن فى مقابر الشهداء
163 - ابرهيم بن مسعود
ابن محمود بن سبكتكين قد ذكرنا حالة محمود بن سبكتكين فى ايام المقادر بالله ولما مات ملك مكانه ابنه مسعود ثم اخذ واعتقل آل الامر الى ابراهيم فملك فحكى ابو الحسن الطبرى الفقيه الملقب بالكيا قال ارسلنى اليه السلطان بركياروق فرأيت فىمملكته مالا يتأتى وصفه فدخلت عليه وهو جالس فى طارمة عظيمة بقدر رواق المدرسة وفوق ذلك الى السقف صفائح الذهب الاحمر وعلى

باب الطارمة الستور التنيسى وللمكان شعاع يأخذ بالبصر عند طلوع الشمس عليه وكان تحتة سرير ملبس بصفائح الذهب وحواليه التماثيل المرصعة من الجوهر واليواقيت فسلمت عليه وتركت بين يدية هدية كانت معى فقال نتبرك بما يهدية العلماء ثم امر خادمة ان يطوف بى فى داره فدخلنا الى خركاه عظيمة قد البست قوائمها من الذهب وفيها من الجواهر اليواقيت شئ كثير وفى وسطها سرير من العود الهندى وتمثال طيور بحركات اذا جلس الملك صفقت بأجنحتها الى غير ذلك من العجائب فلما عدت رويت له الخبر عن النبى صلى الله عليه و سلم لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة احسن من هذا فبكى قال وبلغنى انه كان لايبنى لنفسه منزلا حتى يبنى لله مسجدا او مدرسة توفى فى رجب هذه السنة وقد جاوز السبعين وملك فيها اثنتين واربعين سنة
164 - انر الامير
كان السلطان بركياروق قد ولاه فارس جميعها ثم ولاه ولاية العراق وانتدب لقتال الباطنية ثم عزم على ترك بركياروق وطاعة السلطان محمد وكان اقطاعه يزيد على عشرة آلاف الف دينار فجلس ليله على طبعة فهجم عليه ثلاثة نفر من الاتراك المولودين بخوارزم وكانوا قد دخلوا شفى حيلة فصدم احدهم المشعل فرمى به وصدم الآخر شمعة فأطفأها وجذب الآخر سكينين فقتلة بهما فانلت اثنان وقتل الثالث ونهب ماله وحمل الى داره باصبهان فدفن بها
165 - بركة بن احمد
ابن عبد الله ابو غالب الواسطى ولد سنة عشر واربعمائة وسمع ابا القاسم بن بشران وابا عبد الله المحالى حدث عنه شيخنا عبد الوهاب وأثنى عليه وكان ثقة وتوفى يوم الاثنين ثالث عشر ذى الحجة ودفن بمقبرة الشونيزية
166 - عبد الباقى بن يوسف
ابن على صالح ابو تراب المراغى ولد سنة احدى واربعمائة سمع ببغداد ابا القاسم

ابن بشران وابا على بن شاذان وابا محمد السكرى وابا على ابن المذهب وابا بكر ابن بشران وابا محمد وابا الطيب الطيرى وتفقه عليه وسمع الموصل وباصبهان ونيسابور ونزلها وتشاغل بالتدريس والمناظرة والفتوى وكان يقول أحفظ اربعة آلاف مسأله فى الخلاف واحفظ الكلام فيها ويمكننى ان اناظر فى جميعها وكان يحفظ من الحكايات والاشعار والملح الكثير كان صبورا على الكفاف معرضا عن كسب الدنيا على طريق السلف بعث اليه منشور بقضاء همذان فقال انا فى انتظار المنشور من الله تعالى على يدى ملك الموت وقدومى الآخرة اليق من منشور القضاء بهمذان وقعودى فى هذا المسجد ساعة على فراغ القلب احب الى من علم الثقلين توفى فى ذى القعدة من هذه السنة عن ثلاث وتسعين

سنة
167 - على بن الحسين
ابن على بن ايوب ابو الحسن البزاز ولد سنة عشر واربعمائة فى شوال وسمع ابا على ابن شاذان وابا محمد الخلال وابا العلاء الواسطى حدثنا اشياخنا توفى يوم عرفه ودفن فى مقبرة جامع المنصور
سنة
ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان بركياروق وصل الى خوزستان بحال سيئة لميل الناس الى السلطان محمد وكان مع بركياروق ينال وهو امير عسكره ثم خاف منه فرحل عنه الى الاهواز فصادر اهلها واصعد بركياروق الى واسط فهرب اعيان البلد فدخل العسكر فعاثوا ونهبوا وقلعوا الابواب وستخرجوا الذخائر وفعلوا مالا يفعل الروم وحمل الى السلطان قوم ذكر انهم جاؤا للفتك واقر رئيسهم بذلك فأمر به السلطان فبطحو وضربة فقسمه نصفين ثم رحل السلطان الى بلاد سيف الدولة صدقة ففعلت العساكر نحوا مما فعلت بواسط والتقى سيف الدولة بالسلطان واصعد معه الى بغداد وكان سعد لدولة الكوهرائين مخيما بالشفيعى مقيما على المباينة لبركياروق والطاعة للسلطان محمد فلما

علم بوصوله الى زريران رحل الى النهروان في ليلة الجمعة النصف من صفر وسارت معه زوجة مؤيد الملك وهي ابنة القاسم بن رضوان فلما كان يوم الجمعة منتصف صفر قطعت خطبة محمد واقيمت لبركياروق
وفي يوم السبت سادس عشر صفر خرج الوزير عميد الدولة لاستقبال السلطان بركياروق الى جسر صرصر في الموكب وعاد من يومه ودخل السلطان بغداد يوم الاحد وجلس على السرير في دار المملكة وسر العوام النساء والصبيان فدومه ونفذ الخليفة اليه هدية تشتمل على خيل وسلاح
وفي ربيع الاول تقررت له وزارة العميد ابي المحاسن عبد الجليل بن علي بن محمد الدهستاني ولقب بنظام الدين وجلس للنظر في دار المملكة وخرج الى حلوان فانضاف اليه سعد الدولة وغيره ودخلوا معه الى بغداد فخرج الموكب يتلقاه ثم نفذت له الخلع في يوم آخر من عميد الدولة فاحتبسه عنده واستدعى ابا الحسن الدامغاني وابا القاسم الزينبي وابا منصور حاجب الباب وقال لهم ابو المحاسن ان السلطان يقول لكم قد عرفتم ما نحن فيه من الاضافة ومطالبة العسكر وهذا الوزير ابن جهير قد تصرف هو وابوه في ديار بكر والجزيرة والموصل في ايام جلال الدولة وجبوا اموالها واخذوا ارتفاعها وينبغي ان يعاد كل حق الى حقه فخرجوا الى الوزير فاعلموه بالحال فقال انا مملوك ولا يمكنني الكلام الا بإذن مولاي فاستأذنوا في الانصراف فأذن لهم فعرفوا الخليفة الحال فكتب الخليفة الى السلطان كتابا مشحونا بالغضب والتهديد والغلظه وقال فيه فلا يغرك امساكنا عن مقابلة الفلتات فوحق السالف من الآباء المتقدمين بحكم رب السماء لئن قصر في ان يعاد شاكرا وبالحباء موفورا لنفعلن فقريء الكتاب على السلطان وآل الامر الى ان احضر عميد الدولة بين يدي السلطان ووعده عنه وزيره بالجميل وقال السلطان يقول اننا ثقلنا عليك كما يثقل الولد على والده لضرورات دعت فانطلق والامراء بين يديه وصحح مائة الف وستين الف دينار
والتقى السلطان بركياروق ومحمد في يوم الاربعاء رابع رجب بمكان قريب من

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11