كتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم
المؤلف : عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج

424 - الحسين بن عثمان ابن على ابو عبد الله الضرير المقرئ المجاهدى بغدادى سكن دمشق كان يذكر ان ابن مجاهد لقنه القرآن وهو آخر من مات من اصحاب ابن مجاهد وكان قد جاوز المائة توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة ودفن فى مقابر الفراديس
425 - على بن سعيد الاصطخرى احد شيوخ المعتزلة صنف للقادر بالله الرد على الباطنية واجرى عليه جراية سنية فلما توفى نقل جرايته الى ابنته وكان ينزل درب رياح وكانت وفاته فى هذه السنة عن نيف وثمانين سنة 405 سنة ثم دخلت سنة خمس واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الكتاب فى يوم الثلاثاء الخامس من المحرم من الموقف بمكة بسلامة الناس وتمام الحج على يدى رجلين من بنى خفاجة فخلع عليها فطيف بهما البلد فبينما هما كذلك حضر رجل ذكر ان اباه ورد من مكة بهذا الكتاب وان هذين البدويين اعترضاه فى طريقه وقتلاه واخذا الكتاب منه ووردابه فتقدم الى فخر الملك بالقبض عليهما ومعاقبتهما وحبسهما واطلق لولد المقتول ضلة
وفى جمادى الآخرة ورد الخبر بأن الحاكم صاحب مصر حظر على النساء الخروج من منازلهن والاطلاع على سطوحهن ودخول الحمامات ومنع الاساكفة من عمل الخفاف لهن وقتل عدة نسوة خالفن امره فى ذلك وكان الحاكم قد لهج بالركوب بالليل يطوف الاسواق ورتب فى كل درب اصحاب اخيار يطالعونه بما يعرفونه ورتبوا لهم عجائز يدخلن الدور ويرفعن اليهم اخبار النساء وان فلانة يحب فلانه وفلانة تحب فلانا وان تلك تجتمع مع صديقها وهذا مع صاحبته فكان اصحاب الاخبار يرفعون اليه ذلك فينفذ من يقبض على المرأة التى سمع عنها مثل ذلك فاذا

اجتمع عنده جماعة منهن امر بتغريقهن فافتصح الناس وضجوا من ذلك فأمر برفعه والنداء بأنه متى خرجت المرأة من منزلها أباحت دمها ورأى بعد النداء عجائز ظاهرات فغرقهن فكانت المرأة اذا ماتت كتب وليها رقعة الى قاضى القضاء يلتمس غاسلة لغسلها فتوقع الى صاحب المعونة اذا صح عندك وفاة المرأة المذكورة امرت رجلين من ثقاتك ان يحملوا الغاسلة تغسلها ثم تعاد الى منزلها ثم هم بتغيير هذه السنة فاتفق ان مر قاضى القضاة مالك بن سعيد الفارقى ببعض المحال فنادته امرأة من روزنة لها واقسمت عليه بالحاكم وآبائه ان يقف لها فوقت فبكت بكاء شديدا وقالت الى اخ لا املك غيره وعرفت انه فى آخر الرمق وانا اقسم عليك الا أمرت بحملى اليه لأشاهده قبل ان يقضى نحبه فرحمها ورق لها وأمر رجلين من اصحابه ان يحملاها الى الموضع الذى تدلهما عليه فأغلقت باب دارها وتركت المفتاح عند جارة لها وقالت سلميه الى زوجى ومضت الى باب فدقته فدخلت وقالت للرجلين انصرفا وكانت الدار لرجل يهواها وتهواه فلما رآها سربها فأخبرته بالحيلة التى نمت بها فلما انصرف زوجها آخر النهار وجد بابه مغلقا فسأل الجيران فاخبروه بالحال وبما جرى لها مع قاضى القضاة فدخل الى بيته فبات فى اقبح ليلة ثم باكر فى غد دار قاضى القضاة فأعلن بالاستغاثة فأحضر فقال انا زوج المرأة التى فعلت امس فى بابها ما فعلته ومالها اخ وما أفارقك حتى تردها الى فعظم على قاضى القضاة ما سمعه وخاف الحاكم وسطوته ان لم يصدقه فركب فى الحال واستصحب الرجل ودخل على الحاكم وهو مرعوب فسأله عن قصته فقال يا أمير المؤمنين لا بد بعفوك مما تم على امس قال وما هو فشرح له الحال فأمر باحضار الرجل فأدخل فأخبره بالحال فأمر قاضى القضاة ان يركب ويستصحب الرجلين الذى انفذ بهما مع المرأة حتى يرشداه الى الدار ليشاهد ما هو عليه ويقبض على القوم ويجملهم ففعل فوجد المرأة والرجل نائمين فى ازارواحد على سكر فحملا الى الحاكم فسأل المرأة عن الحال فأحالت على الشيطان وما حسنه لها وسأل الرجل فقال هذه امرأة هجمت

على وزعمت انها خلو من زوج وانى لو لم أتزوجها سعت بى اليك لتقتلنى فاستحللتها بموافقة جرت بينى وبينها فتقدم الحاكم ان تلف المرأة فى بارية وتحرق وان يضرب الرجل الف سوط وعاد الحاكم يتشدد على النساء ويمنعهن من الظهور الى ان قتل
وفى يوم الاثنين لليلة بقيت من رجب ورد ابو الحسن احمد بن ابى الشوارب وقلد قضاء القضاة من الحضرة وذلك انه لما توفى ابو محمد بن الأكفانى سمى فخر الملك لذلك جماعة وانقذ ثبتا باسمائهم الى حضرة الخليفة ليكون الاختيار اليه فى التعيين على من يعين عليه فوقع الاختيار على ابى الحسن ابن ابى الشوارب فولى
وفى هذه السنة قلد على بن مزيد اعمال بنى دبيس بالجزيرة الأسدية وخلع فخر الملك على هلال بن بدر واعاده الى ولايته
وفيها عمر فخر الملك مسجد الشرقية ونصب عليه شبابيك من حديد وجرت النفقة على يدىابى الحسن على بن المنذر المحتسب

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
426 - بكر بن شاذان ابن بكر ابو القاسم المقرئ الواعظ ولد سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة وسمع جعفر الخلدى وابا بكر الشافعى وقرأ القرآن على جماعة روى عنه الازهرى والخلال وكان ثقة امينا صالحا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى الحسن بن غالب المقرئ ان بكر بن شاذان وابا الفضل التميمى جرى بينهما كلام فبدر من ابى الفضل كلمة ثقلت على بكر وانصرفا ثم ندم التميمى فقصد ابا بكر بن يوسف فقال له قد كلمت بكرا بشىء جفا عليه وندمت على ذلك واريد ان تجمع بينى وبينه فقال له ابن يوسف سوف يخرج لصلاة العصر فخرج بكر وجاء الى ابن

يوسف والتميمى عنده فقال له التميمى اسألك ان تجعلنى فى حل فقال سبحان الله ما فارقتك حتى احللتك وانصرف فقال التميمى قال لى والدى يا عبد الواحد احذر ان تخاصم من اذا نمت كان منتبها قال ابن غالب وكان لبكر ورد من الليل لا يخل به توفى فى شوال هذه السنة وله نيف وثمانون سنة ولم تفته جمعة قط غير الجمعة التى مات فى غدها لأنه مات فى غداة يوم السبت ودفن فى مقبرة احمد
427 - بدر بن حسنويه ابن الحسين ابو النجم الكردى من اهل الجبل رتبه عضد الدولة ابو شجاع بعد موت حسنويه فكانت له الولاية على الجبل وهمذان والدينور وبروجرد ونهاوند واسداباذ وغير ذلك وقامت هيبته بالشجاعة والسياسة والعدل وكثرة الصدقة وكناه القادر ابا النجم ولقبه ناصر الدولة وعقد له لواء وانفذه اليه وكانت اعماله آمنة فاذا وقف حمل فى البرية تركه صاحبه ومضى فجاء بما يحمله عليه ولما عاث قومه فى البلاد عمل لم دعوة وقدم فيها انواع الطبائخ ولم يقدم خبزا فجلسوا ينتظرون الخبز فقال كلوا قالوا فأين الخبز قال فاذا كنتم تعلمون انه لا بد لكم منه فلم افسدتم الحرث لئن يعترض احدكم بصاحب زرع لأقابلنه بسفك دمه واجتاز يوما برجل محتطب وقد حمل الحطب على ظهره وهو يبكى فقال له مالك قال انى ما استطعمت البارحة طعاما وكان معى رغيفان اريد اتفدى بهما وابيع الحطب واتقوت بثمنه انا وعيالى فاجتازنى احد الفرسان فأخذ الرغيفين فقال هل تعرفه قال بوجهه فجاء به الى مضيق فوقف معه حتى اجتاز العسكر فمر صاحبه فقال هذا فأمر بدران ينزل عن فرسه وألزمه حمل الحطب على ظهره فى البلد وبيعه وتسليم ثمنه الى صاحبه جزاء لما فعل فرام الرجل ان يفتدى نفسه بمال حتى بلغ بوزن الحطب دراهم فلم يقبل منه حتى فعل ما امره به فقامت الهيبة فى النفوس ولم يقدم بعدها احد من اصحابه على شىء وكانت جراياته وصدقاته متصلة على الفقهاء والاشراف والقضاة والشهود والايتام والضعفاء وكان

يصرف كل سنة الف دينار الى عشرين رجلا يحجون عن والدته وعن عضد الدولة لانه كان السبب فى ملكه وكان يتصدق فى كل جمعة بعشرة الآف درهم على الضعفاء والارامل ويصرف فى كل سنة ثلاثة آلاف دينار الى الاساكفة والحذائين بين همذان وبغداد ليقيموا للمنقطعين من الحاج الاحذية وكان يصرف الى تكفين الموتى كل شهر عشرين الف درهم ويعمر القناطر واستحدث فى اعماله ثلاثة الآف مسجد وخان للغرباء ولم يمر بماء جار الا بنى عنده قرية وكان ينفذ كل سنة فى الصدقات على أهل الحرمين وخفر الطريق ومصالحها مائة الف دينار وكان ينفق على عمارة المصانع وتنقية الآبار وجمع العلوفة فى الطريق وكان يعطى سكان المنازل رسوما لقيامها ويحمل الى الحرمين والكوفة وبغداد ما يفرق على الاشراف والفقهاء والقراء والفقراء واهل البيوتات فلما توفى انقطع ذلك وأثر احوال اهله ووقف امر الحج وكان يكثر من الصلاة والتسبيح ولا يقطع بره عن احد لذنب فان مات اعاد ذلك على ولده وكان يرتفع الى خزانته فى كل سنة بعد المؤن والصدقات عشرون الف درهم لانه كان يعمر الاماكن ويعدل وكان له من الدواب المرتبطة الف وسبعمائة وفى الجشير عشرون الف رأس وكان بدر قدر حاصر حسن بن مسعود الكردى فضجر اصحابه من طول الحصار فجاءه رجل كردى فقال قد عزموا على قتلك فقال من هؤلاء الكلاب حتى يقدموا على ذلك فعاوده فقال لا اريد نصحك فهجموا عليه فقتلوه ونهبوا معسكره توفى فى هذه السنة وكانت مدة امارته اثنتين وثلاثين سنة وحمل الى مشهد امير المؤمنين على عليه السلام فدفن به ووجد فى قلعته اربعة عشر الف بدرة عينا واربعين الف بدرة ورقا
428 - الحسن بن الحسين ابن حمكان ابو على الهمذانى احد فقهاء الشافعية نزل بغداد بقرب دار القطن فى نهر طابق وحدث عن الخلدى والنقاش وغيرهما من البغداديين والبصريين وكان

فى شبيبته قدعنى بالحديث وقال كتبت بالبصرة عن اربعمائة ونيف وسبعين شيخا ثم طلب الفقه بعد فدرس على ابى حامد المروروذى روى عنه الازهرى وقال كان ضعيفا ليس بشىء فى الحديث توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة ودفن فى منزله
429 - عبد الله بن محمد ابن عبد الله بن ابراهيم ابو محمد الاسدى المعروف بابن الاكفانى ولد سنة ست عشرة وثلثمائة وحدث عن القاضى المحاملى ومحمد بن مخلد وابن عقدة وغيرهم روى عنه البرقانى والتنوخي
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال قال لى التنوخى قال لى ابو اسحاق الطبرى من قال ان احدا انفق على العلم مائة الف دينار غير ابى محمد ابن الاكفانى فقد كذب وقال لى التنوخى ولى ابن الاكفانى قضاء مدينة المنصور ثم ولى قضاء باب الطاق وضم اليه سوق الثلاثاء ثم جمع له قضاء جميع بغداد فى سنة ست وتسعين وثلثمائة توفى ابو محمد الاكفانى فى صفر هذه السنة عن خمس وثمانين سنة ولى منها القضاء اربعين سنة نيابة ورياسة ودفن فى داره بنهر البزازين
430 - عبد الرحمن بن محمد ابن محمد بن عبد الله بن ادريس ابو سعد الحافظ الاستراباذى ويعرف بالادريسى كان ابوه من استراباذ وسكن هو سمرقند وكان احد من رحل فى طلب العلم وعنى بالحديث وسمع من الاصم وصنف تاريخ سمرقند وعرضه على الدارقطنى فقال هذا كتاب حسن وحدث ببغداد فسمع منه الازهرى والتنوخى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
431 - عبد السلام بن الحسين ابن محمد ابن احمد البصرى اللغوى ولد سنة تسع وعشرين وثلثمائة سمع من جماعة وحدث ببغداد وكان صدوقا عالما اديبا قارئا للقرآن عارفا بالقراءات وكان

يتولى النظ ببغداد فى دار الكتب وكان سمحا جوادا وربما جاءه السائل وليس معه شىء يعطيه فيدفع اليه بعض كتبه التى لها قيمة كثيرة وتوفى فى محرم هذه السنة ودفن بالشونيزية عند قبر ابى على الفارسى
432 - عبد الغفار بن عبد الرحمن ابو بكر الدينورى الفقيه كان آخر من افتى على مذهب سفيان الثورى ببغداد فى جامع المنصور وكان اليه النظر فى الجامع والقيام بأمره توفى فى شوال هذه السنة ودفن فى المقبرة خلف الجامع
433 - عبد العزيز بن عمر ابن محمد بن نباته ابو نصر السعدى الشاعر له شعر موصوف اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال انشدنا على بن محمد بن الحسن الحربى قال انشدنا ابو نصر بن نباتة لنفسه ... واذا عجزت عن العدو فداره ... وامزح له ان المزاح وفاق ... فالنار بالماء الذى هو ضده ... تعطى النضاج وطبعها الاحراق ...

توفى ابو نصر فى شوال هذه السنة
434 - محمد بن عبد الله ابن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم ابو عبد الله الحاكم الضبى يعرف بابن البيع من اهل نيسابور ولد فى سنة احدى وعشرين وثلثمائة واول سماعه فى سنة ثلاثين وكان من اهل الفضل والعلم والحفظ للحديث وله فى علوم الحديث مصنفات قدم بغداد وحدث عن ابى عمرو بن السماك والنجاد ودعلج وغيرهم ثم عاد فوردها وقد علت سنه فحدث بها عن ابى العباس الاصم وغيره روى عنه الدارقطنى وابن ابى الفوارس وغيرهما وكان ثقة الا انه قد اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال كان ابن البيع يميل الى التشيع فحدثنى ابو اسحاق ابراهيم بن محمد الارموى قال جمع الحاكم ابو عبد الله احاديث

زعم انها صحاح على شرط البخارى ومسلم يلزمهما اخراجها فى صحيحهما منها حديث الطائر ومن كنت مولاه فعلى مولاه فانكر عليه اصحاب الحديث ولم يلتفتوا فيه الى قوله ولا صوبوه فى فعله انبأنا محمد بن ناصر انبأنا محمد بن طاهر المقدسى الحافظ قال قال ابو عبد الله الحاكم حديث الطائر لم يخرج فى الصحيح وهو صحيح قال ابن ناصر حديث موضوع انما جاء من سقاط اهل الكوفة عن المشاهير والمجاهيل عن انس وغيره قال ابن طاهر فلا يخلو الحاكم من امرين اما انه يجهل الصحيح فلا يعتمد على ما يقوله واما يعلمه ثم يقول خلافه فيكون معاندا كذبا انبأنا محمد بن عبد الباقى عن ابى محمد التميمى عن ابى عبد الرحمن السلمى قال دخلت على الحاكم ابى عبد الله وهو فى داره لا يمكنه الخروج الى المسجد من جهة اصحاب ابى عبد الله بن كرام وذلك انهم كسروا منبره ومنعوه من الخروج فقلت له لو خرجت وامليت فى فضائل هذا الرجل يعنى معاوية لاسترحت من هذه المحنة فقال لا يجىء من قلبى لا يجىء من قلبى لا يجيء من قلبي توفى الحاكم بنيسابور فى صفر هذه السنة
435 - هبة الله بن عيسى كاتب مهذب الدولة على بن نصر البطائحى كان وزيره ومدبر امره وكان من اشد الكتاب ومترسليهم وكان يفضل على الادباء والعلماء ومن شعره ... اضن بليلى وهى غير سخية ... تبخل ليلى بالهوى واجود ... واعذل فى ليلى ولست بمنته ... واعلم انى مخطىء وأعود ...
وقد ذكرنا خدمته للقادر وملاطفته له حين اقام عندهم بالبطيحة وتحديث القادر له بالمنام الذى رآه توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
436 - يوسف بن محمد ابن كج ابو القاسم كان من شيوخ الشافعيين وكانت له نعمة عظيمة وولى القضاء بالدينور واعمال بدر بن حسنوبه فلما تغيرت البلاد بهلاك بدر بن

حسنويه قتله قوم من العيارين ليلة سبع وعشرين من رمضان هذه السنة

سنة
ثم دخلت سنة ست واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه وقع فى يوم الثلاثاء غرة المحرم فتنة بين العوام كان سببها ان اهل الكرخ جازوا بباب الشعير فتولع بهم اهله فاقتتلوا وتعدى القتال الى القلائين فأنفذ فخر الملك الشريف المرتضى وغيره فأنكروا على اهل الكرخ ما يجرى من سفهائهم واستقر الامر على كفهم وشرط عليهم ان لا يعلقوا فى عاشوراء مسوحا ولا يقيموا نوحا
وفى هذا الشهر ورد الخبر بوقوع الوباء فى البصرة حتى عجز الحفارون عن حفر القبور وانه أظلت البلد سحابة فى حزيران فأمطرت مطرا كثيرا
وفى يوم السبت الثالث من صفر قلد الشريف المرتضى ابو القاسم الموسوى الحج والمظالم ونقابة نقباء الطالبيين وجميع ما كان الى اخيه الرضى وجمع الناس لقراءة عهده فى الدار الملكية وحضر فخر الملك والاشراف والقضاة والفقهاء وكان فى العهد هذا ما عاهد عبد الله ابو العباس احمد الامام القادر بالله امير المؤمنين الى على بن موسى العلوى حين قربته اليه الانساب الزكية وقدمته لديه الاسباب القوية واستظل معه باغصان الدوحة الكريمة واختص عنده بوسائل الحرمة الوكيدة فقلد الحج والنقابة وامره بتقوى الله وذكر كلاما فيه طول من ايصائه بالخير واللطف فيما استرعى
وفى آخر صفر ورد خبر الحاج بعد تأخره بهلاك الكثير منهم وكانوا عشرين الفا فسلم ستة آلاف وان الأمر اشتد بهم حتى شربوا ابوال الجمال وأكلوا لحومها وفى ذى القعدة ورد الحاج الخراسانية ووقف امر الحاج لضيق الوقت وانه لم يرتب مع العرب ما يقع الى مثله سكون
وفيها ورد الخبر ان محمودا غزا الهند وغره ادلاؤه واضلوه الطريق فحصل فى مياه فاضت من البحر فغرق كثير ممن كان معه وخاض الماء بنفسه اياما

ثم تخلص وعاد الى خراسان

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
437 - احمد بن محمد ابن احمد ابو حامد الاسفرائينى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال قدم ابو حامد الاسفرائينى بغداد وهو حدث فدرس فقه الشافعى على ابى الحسن ابن المرزبان ثم على ابى القاسم الداركى فاقام ببغداد مشتغلا بالعلم حتى انتهت اليه الرياسة وعظم جاهه عند الملوك والعوام وحدث عن ابى بكر الاسماعيلى وغيره حدثنا عنه الخلال والازجي وكان ثقة وقد رأيته غير مرة وحضرت تدريسه فى مسجد عبد الله ابن المبارك وهو المسجد الذى فى صدر قطيعة الربيع وسمعت من يذكرانه كان يحضر تدريسه سبعمائة متفقه وكان الناس يقولون لو رآه الشافعى لفرح به قال المصنف وقد ذكر انه كان يقصده فخر الملك ابو غالب وغيره من الاكابر وكان يحمل اليه من البلاد الزكوات والصدقات فيفرقها وكان يجرى على فقراء اصحابه فى كل شهر مائة وستين دينارا واعطى الحاج فى بعض السنين اربعة عشر الف دينار
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب حدثنا محمد بن روق الاسدى قال سمعت ابا الحسين ابن القدورى يقول ما رأيت فى الشافعيين افقه من ابى حامد
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد قال حدثنى ابراهيم بن على الشيرازى قال سألت القاضى أبا عبد الله الصيمرى من أنظر من رأيت من الفقهاء فقال ابو حامد الاسفرائينى
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد قال مات ابو حامد ليلة السبت لاحدى عشرة ليلة بقيت من شوال سنة ست واربعمائة ودفن من الغد وصليت على جنازته فى الصحراء وكان امام جنازته فى الصلاة ابو عبد الله بن المهتدى خطيب جامع

المنصور وكان يوما مشهودا بكثرة الناس وعظم الحزن عليه وشدة البكاء ودفن فى داره الى ان نقل منها ودفن بباب حرب سنة ست عشرة واربعمائة قال المصنف وبلغ من العمر احدى وستين سنة وشهورا
438 - عبد الرحمن بن محمد ابن احمد بن على بن مهران ابو احمد بن ابى مسلم الفرضى المقرىء سمع القاضى المحاملى ويوسف بن يعقوب وحضر مجلس ابى بكر ابن الانبارى وكان اماما ثقة ورعا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى ابو القاسم منصور ابن عمر الفقيه الكرخى قال لم ار فى الشيوخ من يعلم العلم لله خالصا لا يشوبه شىء من الدنيا غير ابى احمد الفرضى فانه كان يكره ادنى سبب حتى المديح لأجل العلم وكان قد اجتمعت فيه أدوات الرياسة من قراءات واسناد وحالة متسعة من الدنيا وكان اورع الخلق وكان يبتدىء كل يوم بتدريس القرآن ويحضر عنده الشيخ الكبير وذو الهيئة فتقدم على الحديث لأجل سبقه فاذا فرغ من اقراء القرآن ولى قراءة الحديث علينا بنفسه فلا يزال كذلك حتى يستنفيذ قوته ويبلغ النهاية فى جهده فى القراءة ثم يضع الكتاب من يده فحينئذ يقطع المجلس وينصرف وكنت اجالسه وأطيل القعود معه وهو على حالة واحدة لا يتحرك ولا يعبث بشىء من اعضائه ولا يغير شيئا من هيئته حتى افارقه قال وبلغنى انه كان يجلس مع أهله على هذا الوصف ولم ار فى الشيوخ مثله
اخبرنا عبد الرحمن بن احمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى عيسى بن احمد الهمذانى قال سمعت على بن عبد الواحد بن مهدى يقول اختلفت الى ابى احمد الفرضى ثلاث عشرة سنة لم أره ضحك فيها غير انه قرأ علينا يوما كتاب الانبساط فأراد ان يضحك فغطى فمه وكان اذا جاء الى أبى حامد الاسفرائينى قام ابو حامد

من مجلسه ومشى الى باب مسجده حافيا مستقبلاله قال وكتب ابو حامد مع رجل خراسانى كتابا الى أبى احمد يشفع له أن يأخذ عليه القرآن فظن ابو احمد انها مسألة قد استفتى فيها فلما قرأ الكتاب غضب ورماه عن يده وقال لا اقرىء القرآن بشفاعة او كما قال توفى ابو احمد فى شوال هذه السنة ودفن فى مقبرة جامع المدينة وقد بلغ ثنتين وثمانين سنة
439 - عبد الملك بن ابى عثمان واسم ابى عثمان محمد بن ابراهيم ويكنى عبد الملك أبا س سعيد الواعظ من اهل نيسابور حدث عن أبى عمرو بن مطر واسمعيل بن نجيد روى عنه الازهرى والأزجى والتنوخى وكان ثقة صالحا ورعا زاهدا وتوفى فى هذه السنة
440 - محمد بن الحسين بن موسى ابن محمد بن موسى بن ابرهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب ابو الحسن العلوى ولد سنة تسع وخمسين وثلثمائة ولقبه بهاء الدولة بالرضى ذى الحسبين ولقب اخاه بالمرتضى ذى المجدين وكان الرضى نقيب الطالبيين ببغداد حفظ القرآن فى مدة يسيرة بعد ان جاوز ثلاثين سنة وعرف من الفقه والفرائض طرفا قويا وكان عالما فاضلا وشاعرا مترسلا عفيفا عالى الهمة متدينا اشترى في بعض الأيام جزازا من امرأة بخمسة دراهم فوجد فيه جزءا بخط أبي على بن مقلة فقال للدلال احضر المرأة فأحضرها فقال قد وجدت في الجزاز جزءا بخط ابن مقلة فإن أردت الجزء فخذيه وإن اخترت ثمنه فهذه خمسة دراهم فأخذتها ودعت له وانصرفت وكان سخيا جوادا أخبرني اسماعيل بن أحمد عن أبي غالب بن بشران قال حدثني الخالع قال مدحت الرضى بقصيدة فجاءني غلامه بتسعة وأربعين درهما فقلت لا شك أن الغلام

قد خانني فلما كان بعد أيام اجتزت بسوق العروس فرأيت رجلا يقول لآخر أتشتري هذا الصحن فإنه يساوي خمسة دنانير ولقد أخرج من دار الرضى فبيع بتسعة واربعين درهما فعلمت انى مدحته وهو مضيق فباع الصحن وأنفذ الثمن الى وكان شعر الرضى غاية فى الحسن
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سمعت ابا عبد الله محمد بن عبد الله الكاتب بحضرة ابى الحسين بن محفوظ وكان احد الرؤساء يقول سمعت جماعة من اهل العلم بالادب يقولون ان الرضى اشعر قريش فقال ابن محفوظ هذا صحيح وقد كان فى قريش من يجيد القول الا ان شعره قليل فأما مجيد مكثر فليس الا الرضى اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال انشدنى القاضى ابو العلاء الواسطى قال انشدنا الرضى لنفسه ... اشتر العز بما شئت ... فما العز بغالى ... بالقصار الصفران شئت ... او السمر الطوال ... ليس بالمغبون عقلا ... من شرى عزا بمال ... انما يدخر الما ... ل لحاجات الرجال ... والفتى من جعل الأموال ... أثمان المعالى ... وله ... فى الناس غير مطهر ... والحر معدوم النظير ... والغسل يخبث بعضه ... ما كل ماء للطهور ... لك دون اعراض الرجال ... حمية الرجل الغيور ... ولماء كفك فى المحول ... طلاقة العام المطير ... آثار شكرك فى فمى ... وسليم ودك فى ضميرى ... وله ... الا اتى حسرة الحاسدين ... وما حسرة العجم الا العرب ... فلا لبسوا غير هذا الشعار ... ولا رزقوا غير هذا اللقب

وله ... ذنبى الى البهم الكوادن اننى لطرف المطهم والاغر الاقرح ... يولينى خزر العيون لاننى ... غلست فى طلب العلا وتصبحوا ... وجذبت بالطول الذى لم يجذبوا ... ومنحت بالغرب الذى لم يمنحوا ... لو لم يكن لى فى العيون مهابة ... لم تطعن الاعداء فى ويقدحوا ... نظروا بعين عداوة لو أنها عين الهوى لاستحسنوا ما استقبحوا ... وله ... يا طائر البان غريدا على فنن ... ما هاج نوحك لى يا طائر البان ... هل انت مبلغ من هام الفؤاد به ... ان الطليق يؤدى حاجة العانى ... ضمانة ما جناها غير مقلته ... يوم الوداع واشواقى الى الجانى ... لولا تذكر ايامى بذى سلم ... وعند رامة اوطارى واوطانى ... لما قدحت بنار الوجد فى كبدى ... ولا بللت بماء الدمع أجفانى ...

واشعاره كثيرة مستحسنة وانما ذكرت منها هذا وجرت للرضى قصة مع القادر
بالله فى ابيات رفع اليه انه قالها وهى هذه
... كم مقامى على الهوان وعندى ... مقول قاطع وانف حمى ... واباء محلق بى عن الضيم كما راع طائر وحشى ... اى عذر له الى المجد ان ذ ... ل غلام فى غمده المشرفى ... البس الذل فى ديار الاعادى ... وبمصر الخليفة العلوى ... من ابوه ابى ومولاه مولا ... ى اذا ضامنى البعيد القصى ... لف عرقى بعرته سيد النا ... س جميعا محمد وعلى ... ان خوفى من ذلك الربع امن ... واوامى بذلك الوردرى ... قد يذل العزيز مالم يشمر ... لا نطلاق وقد يضام الأبى ... كالذى يقبس الظلام وقد اقمر ... من خلفه الهلال المضى ... ولما كتب اصحاب الاخبار بهذه الى القادر وغاظه امرها واستدعى القاضى ابا بكر

محمد بن الطيب وأنفذه الى الشريف الطاهر ابى احمد برسالة فى هذا المعنى فقال القاضى ابو بكر فى الرسالة قد علمت موضعك منا ومنزلتك عندنا ومالا نزال من الاعتداد بك والثقة بصدق الموالاة منك وما تقدم لك فى الدولة العباسية من خدم سابقة ومواقف محمودة وليس يجوز ان تكون على خليقة نرضاها ويكون ولدك على ما يضادها وقد بلغنا انه قال شعرا هو كذا فياليت شعرنا على أى مقام ذل اقام وما الذى دعاه الى هذا المقال وهو ناظر فى النقابة والحج فيما هو اجل الاعمال واقصاها علوا فى المنزلة وعساه لو كان بمصر لما خرج من جملة الرعية وما رأينا على بلوغ الامتعاض منا مبلغه ان نخرج بهذا الولد عن شكواه اليك واصلاحه على يديك فقال الشريف الطاهر والله ما عرفت هذا ولا انا واولادى والا خدم الحضرة المقدسة المعترفون بالحق لها والنعمة منها وكان فى حكم التفضل على يهذب هذا الولد بانفاذ من يحمله الى الدار العزيزة ثم يتقدم فى تأديبه بما يفعل بأهل الغرة والحداثة فقال له القاضى ابو بكر الشريف يفعل فى ذلك ما يراه الحضرة المقدسة فيزول ما خامرها به ثم استدعى الشريف ابنيه المرتضى والرضى وعاتب الرضى العتاب المستوفى
فقال له ما قلت هذه الابيات ولا اعرفها فقال له اذا كنت تنكرها فاكتب خطك للخليفة بمثل ما كنت كتبت به فى امر صاحب مصر واذكره بما أذكره به من الادعاء فى نسبه فقال لا افعل فقال له كأنك تكذبنى بالامتناع من مثل قولى فقال ما اكذبك ولكنى اخاف الديلم ومن للرجل من الدعاة بهذه البلاد فقال يال العجب تخاف من هو منك على بلاد بعيدة وتراقبه وتسخط من انت بمرأى منه ومسمع وهو قادر عليك وعلى اهلك وتردد القول بينهما حتى غلظ الرضى فى الجواب فصاح الطاهر ابو محمد وقام الرضى وحلف الطاهر ان لا يقيم معه فى بلد وآل الامر الى انفاذ القاضى ابى بكر وابى حامد الاسفرائينى واخذا اليمين على الرضى انه لم يقل الشعر المنسوب اليه ولا يعرفه واندرجت القصة على هذا توفى الرضى يوم الاحد لست خلون من محرم هذه السنة وحضر الوزير

فخر الملك وجميع الاشراف والقضاة والشهود والاعيان ودفن فى داره بمسجد الانباريين ومضى اخوه المرتضى الى المشهد بمقابر قريش لأنه لم يستطع ان ينظر الى تابوته ودفنه وصلى عليه الوزير فخر الملك فى الدار مع جماعة امهم ابو عبد الله ابن المهلوس العلوى ثم دخل الناس افواجا فصلوا عليه وركب فخر الملك فى آخر النهار فعزى المرتضى والزمه العود الى داره ففعل وكان مما رثاه اخوه المرتضى ... يال الرجال لفجعة جذ من يدى ... ووددتها ذهبت على برأسى ... ما زلت آبى وردها حتى أتت ... فحسوتها فى بعض ما انا حاسى ... ومطلتها زمنا فلما صممت ... لم يثنها مطلى وطول مكاسى ... لا تنكرن من فيض دمعى عبرة ... والدمع خير مساعد ومواسى ... واها لعمرك من قصير طاهر ... ولرب عمر طال بالأ رجاس ... سنة 407

ثم دخلت سنة سبع واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه فى شهر ربيع الاول احترق مشهد الحسين عليه السلام والأروقة وكان السبب ان القوام اشعلوا شمعتين كبيرتين فسقطتا فى جوف الليل على التأزير فأحرقتاه وتعدت النار
وفى عشر بقين من هذا الشهر احترق نهر طابق ودار الركن اليمانى من البيت الحرام وسقوط حائط بين يدى قبر النبى صلى الله عليه و سلم ووقوع القبة الكبيرة على الصخرة ببيت المقدس وبأن حريقا وقع فى بعض الجامع بسامرا
وفى الشهر اتصلت الفتنة بين الشيعة والسنة بواسط ونهبت محال الشيعة والزيدية بواسط واحترقت وهرب وجوه الشيعة والعلويين فقصدوا على ابن مزيد واستنصروه
وفى ربيع الآخر خلع على ابى محمد الحسن بن الفضل الرامهرمزى خلع الوزارة من قبل سلطان الدولة وهو الذى بنى سور الحائر بمشهد الحسين

وكانت فى هذه السنة وقعة بين سلطان الدولة ابى شجاع واخيه ابى الفوارس انهزم فيها ابو الفوارس بعد أن حصل شيراز وملكها
وفى هذه السنة ملك محمود بن سبكتكين خوارزم ونقل اهلها الى الهند ولم يحج الناس فى هذه السنة من خراسان ولا العراق

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
441 - احمد بن محمد ابن يوسف بن محمد بن دوست ابو عبد الله البزاز ولد فى صفر سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة وحدث عن محمد بن جعفر المطيرى واسمعيل الصفار والبرذعى وغيرهم وكان مكثرا من الحديث عارفا به حافظا له املى الحديث من حفظه وابن شاهين والمخلص حين تكلموا فيه بشىء لا يؤثر فقال الازهرى رأيت كتبه كلها طرية وكان يذكر ان اصوله العتق غرقت وهذا ليس بشىء لأنه من الجائز ان يكون قد قابل بالطرية نسخا قد قرئت عليه وقد كان الرجل يملى من حفظه فيجوز ان يكون حافظا لما ذهب
اخبرنا القزاز اخبرنا ابن ثابت قال حدثنى عيسى بن احمد بن عثمان الهمذانى قال سمعت حمزة بن محمد بن طاهر يقول مكث ابن دوست سبع عشرة سنة يملى الحديث عارفا بالفقه على مذهب مالك وكان عنده عن اسمعيل الصفار وحده صندوق سوى ما كان عنده عن غيره قال وكان يذاكر بحضرة الدارقطنى ويتكلم فى علم الحديث فتكلم فيه الدارقطنى بذلك السبب وكان محمد ابن ابى الفوارس ينكر مضينا اليه وسماعنا منه ثم جاء بعد ذلك وسمع منه
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على الخطيب قال حدثنى ابو عبد الله الصورى قال قال حمزة بن محمد بن طاهر قلت لخالى ابى عبد الله بن دوست اراك تملى المجالس من حفظك فلم لا تملى من كتابك فقال لى انظر فيما امليت فان كان فى ذلك خطأ لم امل من حفظى وان كان جميعه صوابا فما الحاجة الى الكناب توفى ابو عبد الله

ابن دوست فى رمضان هذه السنة ودفن حذاء منارة جامع المنصور
442 - محمد بن احمد ابن خلف بن خاقان ابو الطيب العكبرى سكن بغداد وحدث بها عن محمد بن ايوب الزاهد وابراهيم بن على الباقلاوى وغيرهما
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال سألت ابا القاسم عبد الواحد بن على بن برهان عنه فعرفه وثقه واثنى عليه ثناء حسنا وقال كان صدوقا قال ابن ثابت وحدثنى عنه ابو منصور بن عبد العزيز العكبرى وقال لى ولد بعكبرا فى سنة ثلاث عشرة وثلثمائة وسمعنا منه ببغداد وبعكبرا ومات ببغداد سنة سبع واربعمائة
443 - محمد بن احمد ابن القاسم بن اسمعيل ابو الحسين الضبى القاضي المعروف المعروف بالمحاملى سمع اسماعيل ابن محمد وابا عمرو بن السماك وابا بكر النجاد وابا عمر الزاهد وكان ثقة صادقا خيرا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا عبد الكريم بن محمد الضبى اخبرنا ابو الحسن الدارقطنى قال محمد بن احمد بن القاسم ابو الحسين المحاملى الفقيه الشافعى حفظ القرآن والفرائض وحسابها والدور ودرس الفقه على مذهب الامام الشافعى وكتب الحديث ولزم العلم ونشا فيه وهو عندى ممن يزداد خيرا كل يوم مولده سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة قال ابن ثابت مات ابو الحسين يوم الخميس العاشر من رجب سنة سبع واربعمائة
444 - محمد بن الحسين ابن محمد بن الهيثم ابو عمر البسطامى الواعظ الفقيه على مذهب الشافعى كان مناظرا وكان ابو حامد يجله ولى قضاء نيسابور وحدث عن الطبرانى وغيره وتوفى بنيسابور فى هذه السنة

445 - محمد بن على ابن خلف ابو غالب الوزير الملقب فخر الملك من اهل واسط وكان ابوه صيرفيا فتنقلت به الاحوال الى خدمة بهاء الدولة ابن عضد الدولة وحمل اليه اموال بدر بن حسنويه وحصل لنفسه منها الكثير ولما خلعت عليه خلع الوزارة اعطى كل واحد من صغار الحواشى مائة دينار ودستا من الثياب واعطى حراس دار الملك السودان كل واحد عشرين دينارا وكانوا يزيدون على الخمسين وسد البثوق وعمر سواد الكوفة وعمل الجسر ببغداد وكان قد نسى وبطل وعمل له درابزينات وعمر المارستان وداره باعلى الحريم الطاهرى يقال لها الفخرية وهذه الدار كانت للمتقى لله وابتاعها عز الدولة بختيار بن معز الدولة وخربت فعمرها فخر الملك وأنفق عليها اموالا كثيرة وفرغ منها فى رمضان سنة اثنتين واربعمائة وعصفت فى تلك السنة ريح فقصفت ببغداد زائدا على عشرين الف نخلة فاستعمل فخر الملك اكثرها فى أبنيته وكان كثير الصلاة والصلات يجرى على الفقهاء ما بين بغداد وشيراز وكسا فى يوم الف فقير وسن تفرقة الحلوى فى النصف من رمضان واهمل بعض الواجبات فعوقب سريعا وذلك ان بعض خواصه قتل رجلا ظلما فتصدقت له زوجة المقتول تستغيث ولا يلتفت اليها فلقيته ليلة فى مشهد باب التبن وقد حضر للزيارة فقالت له يا فخر الملك القصص التى كنت ارفعها اليك ولا تلتفت اليها قد صرت ارفعها الى الله تعالى وانا منتظرة خروج التوقيع من جهته فلما قبض عليه قال لا شك ان توقيعها قد خرج وقتله سلطان الدولة بن بهاء الدولة بالاهواز فى هذه السنة وكان عمره اثنتين وخمسين سنة واشهر واخذ من ماله ما بلغ ستمائة ونيفا وثلاثين الف دينار سوى الضياعات والثياب والفروش والآلات وقيل انه وجد له الف الف ومائتا الف دينار مطيعية وكان استخراج ماله عجيبا وذلك ان أبا على الرخجى اثار هذه الاموال وكانت ودائع عند الناس وكان فخر الملك قد احتجر لنفسه من قلعة بدر بن حسنويه ما يزيد على ثلاثة آلاف الف دينار واودعها جماعة

فوقف الرخجى على تذكرة له فاستخرجها من غير ضرب بعصا على ما نذكر فى ترجمة الرخجى وقد ذكر فيها اقواما اودع قد لحن بأسمائهم وكنى عن القابهم

سنة
ثم دخلت سنة ثمان واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الفتنة بين الشيعة والسنة تفاقمت وعمل اهل نهر القلائين بابا على موضعهم وعمل اهل الكرخ بابا على الدقاقين مما يليهم وقتل الناس على هذين البابين وركب المقدام ابو مقاتل وكان على الشرطة ليدخل الكرخ فمنعه اهلها والعيارون الذين فيها وقاتلوه فاحرق الدكاكين واطراف نهر الدجاج ولم يتهيأ له الدخول
وفى هذه السنة استتاب القادر المبتدعة
اخبرنا سعد الله بن على البزاز اخبرنا ابو بكر الطريثيثى اخبرنا هبة الله بن الحسن الطبرى قال وفى سنة ثمان واربعمائة استتاب القادر بالله امير المؤمنين فقهاء المعتزلة الحنفية فأظهروا الرجوع وتبرؤا من الاعتزال ثم نهاهم عن الكلام والتدريس والمناظرة فى الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للاسلام وأخذ خطوطهم بذلك وانهم متى خالفوه حل بهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به امثالهم وامتثل يمين الدولة وامين الملة ابو القاسم محمود امر امير المؤمنين واستن بسننه فى اعماله التى استخلفه عليها من خراسان وغيرها فى قتل المعتزلة والرافضة والاسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة وصلبهم وحبسهم ونفاهم وامر بلعنهم على منابر المسلمين وايعاد كل طائفة من اهل البدع وطردهم عن ديارهم وصار ذلك سنة فى الاسلام
وفيها عقد سلطان الدولة على جبارة بنت قرواش بن المقلد بصداق مبلغه خمسون الف دينار

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
446 - اسمعيل بن الحسن ابن على بن عباس ابو على الصيرفى روى عنه الصيمرى والازجى وكان صدوقا توفى فى رمضان هذه السنة ودفن بمقبرة العباسية بالجانب الشرقى
447 - الحسن بن محمد ابن يحيى ابو محمد المقرئ المعروف بابن الفحام القحام من اهل سر من رأى حدث عن اسمعيل الصفار وقرأ لقرآن على النقاش وكان ينفقه للشافعى وكان يرمى بالتشيع وتوفى بسر من رأى فى هذه السنة
448 - شباشى الحاجب يكنى ابا طاهر المشطب مولى شرف الدولة ابى الفوارس بن عضد الدولة لقبه بهاء الدولة ابو نصر بالسعيد ذى العضدين ولقبه ابو الهيجا بختكين الجرجانى بالمناصح واشرك بينهما فى مراعاة امور الاتراك ببغداد وكان السعيد كثير الصدقة فائض المعروف حتى ان اهل بغداد اذار رأوا من لبس قميصا جديدا قالوا رحم الله السعيد لانه كان يكسو اليتامى والضعفاء وهو الذى بنى قنطرة الخندق والياسرية والزياتين ووقف جبايتها على المارستان وكان ارتفاعها اربعين كرا والف دينار ووقف على الجسر خان النرسى بالكرخ ووقف عليه لربحى بالقفص وسد بثق الخالص وحفر ذابة دجيل وساق الماء منها الى مقابر قريش وعمل المشهد بكوخ ودربه بقرب واسط وحفر المصانع عنده وفى طريقه وله آبار كثيرة بطريق مكة وكان الاصبهسلارية قد اخرجوا يوم العيد الجنائب بمراكب الذهب واظهروا الزينة فقال له بعض اصحابه لو كان لنا

شىء اظهرناه فقال له الا انه ليس فى جنائبهم قنطرة الياسرية والخندق توفى فى شوال هذه السنة ودفن فى مقبرة الامام احمد بن حنبل فى تربة معروفة به ووصى ان لا يبنى عليه فخالفوه وبنوا قبة فسقطت واتفق بعد تسعين

سنة
حمل ميت الى المقبرة فتبعه النساء فتقدمتهن عجوز الى تربة السعيد فلطمت ووافقتها النساء وعدن الى بيوتهن فانتبهت العجوز من منامها مذعورة وقالت رأيت تركيا بيده دبوس وقد خرج من التربة فاراد ان يضربنى وقال اتيت من البعد الى تربتى فلطمت وصويحباتك فيها أبينى وبينك قرابة فلقد آذيتمونى فسألوا عن التربة فاذا هى تربة السعيد فتجنبها النساء بعد ذلك
449 - على بن مزيد ولى الولايات والاعمال وقصد فى آخر امره السلطان فاعتل فى طريقه فبعث ابنه ابا الاغر دبيسا للنيابة عنه وكتب يسأل تقليده ولاية عهده واقرار اعماله فى يده فاجيب وخلع على دبيس وكتب له المنشور بالولاية توفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة تسع واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه قرئ يوم الخميس السابع عشر من المحرم فى الموكب بدار الخلافة كتاب بمذاهب السنة وقيل فيه من قال ان القرآن مخلوق فهو كافر حلال الدم
وفى يوم الخميس النصف من جمادى الاولى فاض ماء البحر المالح ووافى الى الابلة ودخل الى البصرة بعد يومين
وفى شوال تقلد ابو محمد على بن احمد بن بشر الخراسانى القضاء بالبصرة وكان قبل ذلك قاضى البطيحة
وورد الخراسانية والناس مع المختار الى على بن عبيد الله ورجعوا من شاطىء الفرات ولم يعبروا التأخر الامر فى عقد الجسر وضيق الوقت

وفيها دخل سلطان الدولة بغداد ونظر ابو القاسم جعفر بن محمد بن فسانجس فى الوزارة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
450 - رجاء بن عيسى
ابن محمد ابو العباس الانصناوى وانصنا قرية من قرى صعيد مصر ولد سنة سبع وعشرين وسمع جماعة من شيوخ مصر بغداد وقدم فحدث بها فسمع منه ابو عبد الله بن بكير والعتيقى وكان فقيها مالكيا فرضيا ثقة فى الحديث متحريا فى الرواية مقبول الشهادة عند القضاة وتوفى بمصر فى هذه السنة
451 - عبد الله بن محمد ابن ابى علان ابو احمد قاضى الاهواز مولده سنة احدى وعشرين وثلثمائة وله مصنفات كثيرة من جملتها معجزات النبى صلى الله عليه و سلم جمع له فيها الف معجزة وهو احد شيوخ المعتزلة وكان يؤدى خراج ضياعه بالاهواز تسعين الف دينار وكان اصهاره يؤدون ثلاثين الف دينار وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة عن تسع وثمانين سنة
452 - على بن نصر ابو الحسن الملقب مهذب الدولة صاحب البطائح كان له كرم ووفاء وكان الناس يلتجؤن اليه فى الشدائد واكبر فخره نزول القادر عليه وخدمته اياه الى ان جاءته الخلافة قال الوزير ابو شجاع توجت الايام مفرق فخاره بمقام القادر بالله فى جواره وصاغت له المنقبة حسبا وصارت له الى استحقاق المدح سببا كان يرتفع له من اقطاعه تسعة الآف وستمائة كر من الحنطة وثلاثة عشر الف وثلثمائة وسبعون كرا من الشعير وثمانية الآف كر من الارز ومن الورق الفا الف وسبعمائة الف وخمسون الفا وكان بعض بلاده تضمن بعشرة آلاف دينار تزوج بنت الملك بهاء الدولة وأعانه نوائبه وأقرضه

اموالا كثيرة وولى البطائح اثنتين وثلاثين سنة وشهورا وكان سبب موته انه افتصد وانتفخ ساعده واخذه داء الحمرة توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة عن اثنتين وسبعين سنة
453 - عبد الغنى بن سعيد ابن على بن سعيد بن بشران بن مروان بن عبد العزيز ابو محمد الازدى المصرى الحافظ كان عالما بالحديث وأسماء الرجال متقنا قال الطيورى ما رأت عيناى مثله فى معناه
اخبرنا ابن ناصر اخبرنا المبارك بن عبد الجبار وابو الفضل بن خيرون قالا اخبرنا ابو عبد الله الصورى قال قال لى عبد الغنى بن سعيد ولدت لليلتين بقيتا من ذى القعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة وتوفى فى صفر سنة تسع واربعمائة قال الصورى وقال لى ابو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن أبى يزيد الازدى قال لى أبى خرجنا يوما مع الدارقطنى من عند ابى جعفر الحسين فلقيه عبد الغنى بن سعيد فسلم على ابى الحسن فقال يا أصحابنا ما التقيت من مرة مع شابكم هذا فانصرفت عنه الا بفائدة او كما قال الصورى وقال لى ابو الفتح منصور بن على الطرسوسى وكان شيخا صالحا لما اراد ابو الحسن الدارقطنى الخروج من عندنا من مصر خرجنا معه نودعه فلما ودعنا بكينا فقال لم تبكون فقلنا نبكى لما فقدناه من علمك وعد مناه من فوائدك قال تقولون هذا وعندكم عبد الغنى وفيه الخلف قال الصورى وقال لى ابو بكر البرقانى سألت الدارقطنى بعد قدومه من مصر هل رأيت فى طريقك من يفهم شيئا من العلم فقال لى ما رأيت فى طول طريقى احدا الا شابا بمصر يقال له عبد الغنى كأنه شعلة نار وجعل يفخم امره ويرفع ذكره
اخبرنا ابن ناصر اخبرنا المبارك بن عبد الجبار اخبرنا ابو عبد الله الصورى اخبرنا عبد الغنى الحافظ قال لما وصل كتابى الذى عملته فى اغلاط ابى عبد الله الحاكم أجابنى بالشكر عليه وذكر انه املاه على الناس وضمن كتابه الى الاعتراف بالفائدة وبانه لا يذكرها لى غنى وان ابا العباس محمد بن يعقوب الاصم حدثهم قال

حدثنا العباس بن محمد الدورى قال سمعت ابا عبيد يقول من شكر العلم ان يستفيد الشىء فاذا ذكر لك قلت حقى على كذا وكذا ولم يكن لى به علم حتى افادنى فلان كذا وكذا فهذا شكر العلم
454 - محمد بن أمير المؤمنين القادر بالله يكنى ابا الفضل وكان ابوه رشحه للخلافة وجعله ولى عهده ولقبه الغالب بالله ونقش على السكة اسمه ودعى له فى الخطبة بولاية العهد بعده ثم ادركه اجله فتوفى فى رمضان هذه السنة وكان مولده فى ليلة الاثنين لسبع بقين من شوال

سنة
اثنتين وثمانين وثلثمائة ودفن بالرصافة
455 - محمد بن ابراهيم ابن محمد بن يزيد ابو الفتح البزاز الطرسوسى يعرف بابن البصرى سمع خلقا كثيرا وروى عنه البرقانى والازهرى وغيرهما واستوطن بيت المقدس
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على قال قال لى محمد بن على الصورى وقد سمع من محمد بن ابراهيم كان ثقة ومات ببيت المقدس
سنة
ثم دخلت سنة عشر واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الى القادر بالله كتاب من يمين الدولة ابى القاسم محمود ابن سبكتكين يذكر فيه ما افتتحه من بلاد الهند ووصل اليه من اموالهم وغنائمهم فقال فيه ان كتاب العبد صدر من مستقره بغزنة للنصف من المحرم سنة عشر والدين فى ايام سيدنا ومولانا الامير القادر بالله امير المؤمنين مخصوص بمزيد الاظهار والشرك مقهور بجميع الاطراف والاقطار وانتدب العبد لتنفيذ أوامره العالية وتمهيد مراسمه السامية وتابع الوقائع على كفار السند والهند فرتب بنواحى غزنة العبد محمدا مع خمسة عشر الف فارس وعشرة آلاف راجل وانهض

العبد مسعودا مع عشرة آلاف فارس وعشرة آلاف راجل وشحن بلخ وطخرستان بارسلان حاجب مع اثنتى عشر الف فارس وعشرة آلاف راجل وضبط ولاية خوارزم بالتونتاش الحاجب مع عشرين الف فارس وعشرين الف راجل وانتخب ثلاثين الف فارس وعشرة آلاف راجل لصحبة راية الاسلام وانضم اليه جماهير المطوعة وخرج العبد من غزنة يوم السبت الثالث عشر من جمادى الاولى سنة تسع بقلب منشرح لطلب الشهادة ونفس مشتاقة الى درك الشهادة ففتح قلاعا وحصونا واسلم زهاء عشرين الفا من عباد الوثن وسلموا قدر الف الف درهم من المورق ووقع الاحتواء على ثلاثين فيلة وبلغ عدد الهالكين منهم خمسين ألفا ووافى العبد مدينة لهم عاين فيها زهاء ألف قصر مشيد وألف بيت للأصنام ومبلغ ما في الصنم ثمانية وتسعون ألف مثقال وثلثمائة مثقا وقلع من الأصنام الفضية زيادة على ألف صنم ولهم صنم معظم يؤرخون مدته لعظم جهالتهم بثلثمائة ألف عام وقد بنوا حول تلك الأصنام زهاء عشرة آلاف بيت للأصنام المنصوبة واعتنى العبد بتخريب هذه المدينة اعتناء تاما وعمها المجاهدون بالاحراق فلم يبق منها إلا الرسول وحين وجد الفراغ لاستيفاء الغنائم حصل منها عشرون ألف ألف درهم وافرد خمس الرقيق فبلغ ثلاثة وخمسين الفا واستعرض ثلثمائة وستة وخمسين فيلا
وفى ربيع الاول جلس القادر بالله وقرىء عهد الملك ابى الفوارس ولقب قوم الدولة وحملت اليه الخلع بولاية كرمان وتأخر الحاج الخراسانية وتوقف الأمر من العراق وفى هذه السنة مات الاصيفر المنتفقى الذى كان يخفر الحاج وفى يوم الاربعاء تاسع ذى الحجة نشأت ريح شديدة كالزلزلة وورد معها رمل أحمر وفيها قبض على الوزير ابن فسانجس وعلى اخوته

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
456 - احمد بن موسى ابن مردوية بن فورك ابو بكر الحافظ الاصبهانى توفى فى رمضان هذه السنة
457 - ابراهيم بن محمد ابن جعفر بن اسحاق الباقرحى ولد سنة خمس وعشرين وثلثمائة وسمع الحسين ابن يحيى بن عياش وعلى بن محمد المصرى فى آخرين وكان صدوقا حسن النقل جيد الضبط من اهل العلم والمعرفة والادب واستخلفه القاضى ابو بكر بن منير على الفرضة وشهد عنده وشهد عند ابى عبد الله الضبى وابى محمد الاكفانى وكان ينتحل فى الفقه مذهب ابن جرير وكان يسكن الجانب الشرقى وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة ودفن بقرب قبر أبى حنيفة
458 - تركان بن الفرج ابن تركان بن بنان ابو الحسين الباقلاوى كان يسكن باب الشام وحدث عن ابى بكر الشافعى وابن مقسم وكان صدوقا توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
459 - الحسين بن قلابوس ابن عبد الله ابو عبد الله التركى سمع ابا الفضل الزهرى اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال كان شيخنا دينا فقيرا مستورا وتوفى فى رجب هذه السنة
460 - عبيد الله بن احمد ابن جعفر ابو تغلب القاضى له شعر ورسائل وكان بينه وبين الوزير المغربى مكاتبات وكان ينوب عن ابى خازم القاضى فى الجانب الشرقى من واسط

توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
461 - عبد الصمد بن بابك ابوالقاسم الشاعر وشعره مستحسن قدم على الصاحب بن عباد فقال انت ابن بابك فقال انا ابن بابك توفى فى شوال هذه السنة
462 - عبد الواحد بن محمد ابو عمر بن مهدى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال عبد الواحد بن محمد ابن عبد الله بن مهدى بن خشنام بن النعمان بن مخلد ابو عمر البزار الفارسى كازرونى الاصل سمع القاضى المحاملى ومحمد بن مخلد وابن عياش القطان وعبد الله بن احمد بن اسحاق الجوهرى ومحمد بن اسمعيل الفارسى ومحمد بن احمد بن يقوب بن شيبة وابا العباس بن عقدة واسمعيل بن محمد الصفار ومحمد بن عمر والرزاز وابا عمر وبن السماك كتبنا عنه وكان ثقة امينا يسكن درب الزعفرانى قال وسمعت محمد بن على بن مخلد الوراق يذكر ان مولده فى سنة ثمان عشرة وثلثمائة ومات فجاءة فى يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء النصف من رجب سنة عشر واربعمائة ودفن فى مقبرة باب حرب
463 - عبد الواحد بن عبد العزيز ابن الحارث بن راشد ابو الفضل التميمى حدث عن النجاد والبغوى وابن الجعابى قال الخطيب كتبنا عنه وكان صدوقا توفى فى ذى القعدة من هذه السنة ودفن الى جنب قبر احمد بن حنبل وصلى عليه نحو خمسين الفا
464 - عبد الواحد بن محمد ابن عثمان ابو القاسم البجلى من ولد جرير بن عبد الله سمع النجاد والخلدى وقلد القضاء على مواضع وكان ثقة توفى فى رجب هذه السنة

465 - محمد بن اسد ابن على بن سعيد ابو الحسن الكاتب المقرىء سمع ابا بكر النجاد وجعفر الخلدى وغيرهما وكان صدوقا وتوفى يوم الاحد لليلتين خلتا من المحرم ودفن بالشونيزى
466 - محمد بن المظفر ابن عبد الله ابو الحسن المعدل المعروف بابن السراج روى عن ابى بكر النجاد وغيره
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال انشدنا محمد بن المظفر قال انشدنى ابو اسحاق ابراهيم بن هلال الصابى لنفسه ... قد كنت للحدة من ناظرى ... أرى السهى فى الليلة المقمرة ... الآن ما أبصر بدر الدجى ... الا بعين تشتكى الشبكره ... لأننى انظر منها وقد ... غير منى الدهر ما غيره ... ومن طوى الستين من عمره ... راى أمورا فيه مستنكره ... وان تخطاها رأى بعدها ... من حادثات النقص مالم يره ...
توفى ابن المظفر فى جمادى الاولى من هذه السنة
467 - هبة الله بن سلامة
ابو القاسم الضرير المفسر كان من احفظ الناس لتفسير القرآن وكان له حلقة فى جامع المنصور وقد سمع الحديث من أبى بكر بن مالك القطيعى وغيره
انبأنا محمد بن ابى طاهر البزاز عن ابى طالب العشارى حدثنا هبة الله بن المقرىء
حدثنا هبة الله بن سلامة المفسر قال كان لنا شيخ نقرأ عليه فى باب محول فمات بعض اصحابه فرآه الشيخ فى النوم فقال ما فعل الله بك قال غفر لى قال فما حالك مع منكر ونكير قال يا استاذ لما أجلسانى وقالا من ربك من نبيك الهمنى الله عز و جل ان قلت لهما بحق ابى بكر وعمر دعانى فقال احدهما للآخر قد اقسم

علينا بعظيم دعه فتركانى وانصرفا توفى هبة الله فى هذه السنة فى رجب ودفن فى مقبرة جامع المنصور

سنة
ثم دخلت سنة احدى عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه فى يوم الثلاثاء لليلتين بقيتا من شوال فقد الحاكم صاحب مصر وكان يواصل الركوب ليلا ونهارا ويتصدى له الناس فيقف عليهم ويسمع منهم وكان المصريون موتورون منه فكانوا يدسون اليه الرقاع المختومة بالدعاء والسب له ولأسلافه والوقوع فيه وفى حرمه حتى انتهى فعلهم فى ذلك الى ان عملوا تمثال امرأة من قراطيس بخف وازوار ونصبوها فى بعض الطريق وتركوا فى يدها رقعة مختومة تتضمن كل لعن وشتيمة فلما اجتاز بها لم يشك انها امرأة وان الرقعة رقعة ظلامة فتقدم فأخذها من يدها ففتحها فرأى فى اولها ما استعظمه فقال انظروا هذه المرأة من هى فقيل انها مثال معمول من قراطيس فقرأ الرقعة كلها وعاد الى القاهرة ودخل الى قصره وتقدم باستدعاء القواد والعرفاء فلما حضروا امرهم بالمصير الى مصر وضربها بالنار ونهبها وقتل من ظفروا به من اهلها فتوجهوا لذلك وعرف المصريون ذلك فقاتلوا عن نفوسهم قتالا بلغوا فيه غاية وسعهم ولحق النهب والنار الاطراف والسواحل التى لم يكن فى اهلها قوة على امتناع ولا قوة على دفاع واستمرت الحرب بين العبيد والرعية ثلاثة ايام والحاكم يركب كل يوم ويشاهد النار ويسمع الصياح ويسأل عن ذلك فيقال له العبيد يحرقون مصر وينهبونها والنار تعمل فى الموضع الفلانى والموضع الفلانى فيظهر التوجع ويقول من امرهم بهذا لعنهم الله فلما كان فى اليوم الثالث اجتمع الاشراف والشيوخ فى الجوامع ورفعوا المصاحف وعجوا بالبكاء وابتهلوا الى الله تعالى فى الدعاء فرحمهم المشارقة والاتراك فانحازوا اليهم وقاتلوا معهم وارسلوا الى الحاكم يقولون

نحن عبيدك ومماليكك وهذا البلد بلدك وفيه حرمنا واولادنا وما علمنا ان اهله جنوا جناية تقتضى سوء المقابلة فان كان هناك باطن لا نعرفه أشعرتنا به وانتظرت علينا الى ان نخرج اموالنا وعيالنا وان كان ما عليه هؤلاء العبيد مخالفا لرايك اطلعتنا فى معاملتهم بما تعامل به المفسد فاجابهم بانى ما اردت ذلك ولا اذنت لهم وقد اذنت لكم فى نصرتهم والايقاع بمن يتعرض بهم
وراسل العبيد سرابان كونوا على امركم وحمل اليهم سلاحا قواهم به فاقتتلوا واعادوا الرسالة انا قد عرفنا غرضك انه اهلاك هذا البلد وما يجوز ان نسلم انفسنا واشاروا الى بعض الوعيد فى قصد القاهرة فلما رآهم مستظهرين ركب حماره ووقف بين الفريقين واومأ الى العبيد بالانصراف وسكن الآخرين فقبلوا ذلك وشكروه وسكنت الفتنة وكان قدر ما احرق من مصر ثلثها ونهب نصفها وتتبع المصريون من اخذ من زوجاتهم وبناتهم وابتاعوا من العبيد بعد ان فضحوهن حتى قتل منهن نفوسهن خوفا من عار الفواحش المرتكبة منهن ثم زاد ظلم الحاكم وعن له ان يدعى الربوبية فصار قوم من الجهال اذا رأوه يقولون له يا واحدنا يا احدنا يا محيى يا مميت وكان قد اسلم جماعة من اليهود فكانوا يقولون انا نريد ان نعاود شرعنا الاول فيفسح لهم فى الارتداد واوحش اخته بمراسلات قبيحة وقال لها قد وقع الى انك تدخل الرجال اليك فراسلت قائدا يقال له ابن دواس كان شديد الخوف من الحاكم ان يقتله فقالت انى اريد ان القاك اما ان تتنكر لى وتاتيني واما ان اجىء انا اليك فجاءت اليه فقبل الارض بين يديها وخلوا فقالت له لقد جئتك فى امر احرس نفسى ونفسك فقال انا خادمك فقالت انت تعلم ما يعتقده اخى فيك وانه متى تمكن منك لم يبق عليك وانا كذلك ونحن معه على خطر عظيم وقد انضاف الى ذلك ما قد تظاهر به وهتكه الناموس الذى قد اقامه آباؤنا وزيادة جنونه وحمله نفسه على مالا يصبر المسلمون على مثله فأنا خائفة أن يثور الناس علينا فيقتلوه ويقتلونا وتنقضى هذه الدولة اقبح انقضاء قال صدقت فما الرأى قالت تحلف لى واحلف لك

على كتمان ما جرى بيننا من السر وتعاضدنى على ما فيه الراحة من هذا الرجل فقال لها السمع والطاعة فتحالفا على قتله وانهما يقيمان ولده مقامه وتكون انت صاحب جيشه ومديره وانا فلا غرض لى الاسلامة المهجة فأقطعته ما يحصل مائة الف وقالت اختر لى عبدين من عبيدك تثق بهما على سرك وتعتمد عليهما فى مهمك فاحضرها عبدين موصوفين بالامانة والشهامة فاستحلفتهما على كتمان ما تخرج به اليهما فحلفا فوهبت لهما الف دينار ووقعت لهما باقطاع وقالت اريد منكما ان تصعدا غدا الى الجبل فتكتما فيه فان نوبة الحاكم ان يصعد غدا وليس معه الا الركابى وصبى وينفرد بنفسه فاذا قرب منكما خرجتما فقتلتماه وقتلتما الصبى وسلمت اليهما سكينين من عمل المغاربة وقررت ذلك معهما وكان الحاكم ينظر فى النجوم فنظر فى مولده وقد حكم عليه بقطع فى هذا الوقت وقيل فيه انه متى تجاوزه عاش تتمة نيف وثمانين سنة فلما كانت تلك الليلة احضر والدته وقال لها على فى هذه قطع عظيم وكأنى بك قد تهتكت وملكت مع اختى فاننى ما اخاف عليك اضر منها فتسلمى هذا المفتاح فهو لهذه الخزانة ولى فيها صناديق تشتمل على ثلاثمائة الف دينار فحولها الى قصرك لتكون ذخيرة لك فقبلت الارض وبكت وقالت له اذا كنت تتصور هذا فارحمنى ودع ركوبك الليلة فقال افعل وكان من رسمه ان يطوف كل ليلة حول القصر من اول الليل الى الصباح فى الف رجل فقعد تلك الليلة الى مضى صدر من الليل ثم ضجر واحب الركوب فرفقت به والدته وقالت اطلب النوم يا مولانا فنام ثم انتبه وقد بقى من الليل ثلثه فقال ان لم اركب واتفرج خرجت روحى وصعد الى الجبل وليس معه الا الصبى فخرج العبدان فطرحاه الى الأرض وقطعا يده وشقا جوفه ولفاه فى كساء وحملاه الى ابن دواس بعد ان قتلا الصبى فحمله ابن دواس الى اخته فدفنته فى مجلسها وكتمت امره واحضرت الوزير وعرفته الحال واستكتمته واستحلفته على الطاعة ورسمت له مكاتبة ولى العهد عن الحاكم وكان بدمشق بالمبادرة وانفذت

الى احد القواد يقيم فى الطريق فاذا وصل ولى العهد قبض عليه وعدل به الى تنيس وكتبت الى عامل تنيس عن الحاكم بأن يحمل ما قد اجتمع عنده وكان الف الف دينار والفى الف درهم وفقد الناس الحاكم فماجوا فى اليوم الثالث وقصدوا الجبل فلم يقفوا على أثر فعادوا الى اخته فسألوها عنه فقالت قد كان راسلنى قبل ركوبه واعلمنى انه يغيب سبعة ايام فانصرفوا على طمأنينة ورتبت ركابيه بمضمون ويعودون كأنهم يقصدون موضعا ويقولون لكل من يسألهم فارقناه فى الموضع الفلانى وهو عائد يوم كذا ولم تزل الاخت تدعو فى هذه الايام وجوه القواد وتستحلفهم وتعطيهم والبست ابا الحسن على ابن الحاكم افخر الملابس واستدعت ابن دواس وقالت له المعول فى قيام هذه الدولة عليك وتدبيرها موكول اليك وهذا الصبى ولدك فينبغى ان تنتهى فى الخدمة الى غاية وسعك فقبل الارض ووعد بالاخلاص فى الطاعة وأخرجت الصبى وقد لقبته الظاهر لاعزاز دين الله والبسته تاج المعز جد أبيه وأقيمت المأتم على الحاكم ثلاثة ايام ورتبت الامور ترتيبا مهذبا وخلعت على ابن دواس خلعا كثيرة وشرفته تشريفا عظيما فخرج فجلس معظما فلما تعالى النهار خرج نسيم صاحب الستر والسيف ومعه مائة رجل كانوا مختصين بركاب السلطان ويحملون سيوفا بين يديه وكانوا يتولون قتل من يؤمر بقتله فسلموا الى ابن دواس يكونون بحكمه وتقدمت الاخت الى نسيم ان يضبظ ابواب القصر بالخدم ففعل وقالت له اخرج وقف بين يدى ابن دواس وقل يا عبيد مولانا الظاهر يقول لكم هذا قاتل مولانا الحاكم واعملهم بالسيف ومرهم بقتله ففعل ثم قتلت جماعة ممن اطلع على سرها فعظمت هيبتها وكان عمر الحاكم سبعا وثلاثين سنة ومدة ولايته خمسا وعشرين سنة
وفى هذه السنة ولى ابو تمام بن ابى خازم القضاء بواسط من قبل قاضى القضاة ابى الحسن ابن ابى الشوارب
وفيها انحدر سلطان الدولة الى واسط وخلع على ابى محمد بن سهلان الوزير

وامره ان يضرب الطبل فى اوقات الصلاة ثم قبض عليه وكحل بعد ذلك
ووقع حرب بين السلاطين عند واسط عند واسط فاشتدت مجاعتهم فقطعوا عشرين الف رأس من النخل فأكلوا جمارها ودقوا الاجذاع واستفوها واكلوا البغال والكلاب وبيع الكر الحنطة بالف دينار فاشانية وبطل الحج في هذه السنة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
468 - احمد بن موسى ابن عبد الله بن اسحاق ابو بكر الزاهد المعروف بالروشنائى من اهل مصراثا وهى قرية تحت كلواذى سمع ابا بكر بن مالك القطيعى وابا محمد بن ماسى وغيرهما
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على الحافظ قال احمد بن موسى الروشنائى نعم العبد كان فيه فضل وديانة وصلاح وعبادة كتبت عنه فى قريته وكان له بيت الى جنب مسجده فيدخله ويغلقه على نفسه ويشتغل بالعبادة ولا يخرج منه الا لصلاة الجماعة وكان شيخنا ابو الحسين بن بشران يزوره فى الاحيان ويقيم عنده العدد من الايام متبركا برؤيته مستروحا الى مشاهدته
توفى بمصراثا فى رجب هذه السنة خرج الناس من بغداد حتى حضروا الصلاة عليه وكان الجمع كثيرا جدا ودفن فى قريته
469 - الحسين بن الحسين ابن على بن المنذر ابو القاسم القاضى ولد سنة احدى وثلاثين وثلثمائة وسمع اسمعيل الصفار وابا عمرو بن السماك والنجاد والخلدى وغيرهم وكان صدوقا ضابطا صحيح النقل كثير الكتاب حسن الفهم وخلف القاضى ابا عبد الله الحسين بن هارون الضبى على القضاء ببغداد ثم خرج الى ميافارقين فتولى القضاء هناك سنين كثيرة ثم عاد الى بغداد واقام يحدث بها الى حين وفاته وتوفى فى شعبان هذه السنة

نجز الجزء الثالث من كتاب المنتظم فى تاريخ الملوك والامم لابن الجوزى الواعظ بحمد الله وعونه وحسن توفيقه وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلم ورضى الله عن اصحاب رسول الله اجمعين والحمد لله رب العالمين
ويتلوه فى الذى يليه ثم دخلت سنة اثنتى عشرة واربعمائة فمن الحوادث فيها انه كان حاج العراق قد تأخر عن الحج

النسخ الخطية لهذا المجلد نسخة محفوظة بمكتبة ايا صوفية باسلامبول تحت رقم وهى الاصل وعلامتها ص نسخة برلين يصفها حضرة الدكتور كرنكو بأنها قديمة صعبة القراءة وعلامتها ب استحصل حضرة الدكتور سالم الكرنكوى مصحح الدائرة نقولا من النسخة الاولى مأخوذة بالتصوير ثم نسخ هذا الجزء بقلمه من نسخة ص ثم قابله على نسخة ب ثم ارسله الينا مع النقول التصويرية المأخوذة من النسخة الاولى فاعدنا المقابلة مرة اخرى لزيادة التوثق
وقد اعتنى الدكتور المذكور بتصحيح الكتاب جهد الطاقة مع مراجعة تاريخ بغداد وتاريخ ابن جرير وشذرات الذهب وغيرها وعلم كثيرا من الحواشى اثبتنا المهم منها وعلامة حواشيه ك واتممنا التصحيح حسب الامكان والله المستعان

خاتمة الطبع الحمد لله على احسانه حمدا يليق بعظمة شأنه والصلاة والسلام
على خاتم انبيائه سيدنا محمد وآله وصحبه
وبعد فقد تم بحمد الله تعالى طبع الجزء السابع من كتاب المنتظم فى تاريخ الملوك والامم للامام الشهير ابى الفرج ابن الجوزى رحمه الله وهو من انفس كتب التاريخ جمع بين الوقائع والتراجم وكان الطبع بمطبعة الجمعية العلمية الشهيرة بدائرة المعارف العثمانية بحيدرا آباد الدكن ادامها الله مصونة عن الفتن والمحن فى ظل الملك المؤيد المعان الذى اشتهر فضله فى كل مكان السلطان بن

صدارة ذى الفضائل السنية والمفاخر العلية النواب السير حيدرنواز جنك بهادر رئيس الجمعية ورئيس الوزراء فى الدولة الاصفية والعالم العامل بقية الافاضل النواب محمد يارجنك بهادر وتحت اعتماد الماجد الاريب الشريف النسيب النواب مهدى يارجنك بهادر عميد الجمعية و وزير المعارف والمالية فى الدولة الآصفية ومعين امير الجامعة العثمانية وضمن ادارة العالم المحقق والفاضل المدقق مولانا السيد هاشم الندوى معين عميد الجمعية مدير دائرة المعارف ادام الله تعالى درجاتهم سامية ومحاسنهم زاكية
وعنى بتصحيحه من افاضل دائرة المعارف وعلمائها مولانا السيد هاشم الندوى ومولانا محمد طه الندوى ومولانا الشيخ عبد الرحمن اليمانى ومولانا محمد عادل القدوسى ومولانا السيد احمد الله الندوى والسيد حسن جمال الليل المدنى والشيخ احمد بن محمد اليمانى وطبع بعد ملاحظة مولانا العلامة عبد الله العمادى عضو مجلس الدائرة غفر الله ذنوبهم وستر عيوبهم
وكان تمام طبعه يوم الاربعاء تاسع عشر من شهر المحرم الحرام سنة 1359 وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد نبيه الامين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين الى يوم الدين

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

سنة ثم دخلت سنة اثنتى عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه كان حاج العراق تأخر عن الحج سنة عشر وسنة احدى عشرة فلما جاءت سنة اثنتى عشرة قصد جماعة من الناس يمين الدولة إبا القاسم محمود ابن سبكتكين وقالوا له انت سلطان الاسلام واعظم ملوك الأرض وفي كل سنة تفتتح من بلاد الكفر قطعة والثواب في فتح مكة اعظم والتشاغل به اوجب وقد كان بدر بن حسنويه وما في اصحابك الامن هو اكبر شأنا منه يسير الحاج بما له وتدبيره عشرين سنة فانظر الله تعالى واجعل لهذا الأمر حظا من اهتمامك فتقدم الى أبي محمد الناصحي قاضي القضاة في مملكته بالتأهب للحج ونادى في سائر اعمال خراسان بالتأهب للسير واطلق للعرب في البادية ثلاثين الف دينار وسلمها الى الناصحي سوى ما أطلقه من الصدقات فحج بهم ابو الحسن الأقساسى فلما بلغوا فيد حاصرهم العرب فبذل لهم الناصحى خمسة آلاف دينار
فلما لم يقنعوا وصمموا على أخذ الحاج وكان متقدمهم رجل يقال له جماز بن عدي بضما العين من بني نبهان وكان جبارا فركب فرسه وعليه درعه وبيده رمحه وجال جولة يرهب بها وكان في جماعة السمرقنديين غلام بعرف بابن عفان بوصف بجودة الرمى فرماه بنبلة فوصلت الى قلبه فسقط ميتا وأفلت الحاج وساروا فحجوا وعادوا سالمين
وفي هذه السنة قلد القاضي ابو جعفر محمد بن احمد السمناني في الحسبة والمواريث وقرأ لوزير ابن حاجب النعمان عهده وركب بالسواد وخلع على أبي علي الحسن ابن الحسين الرخجي خلع الوزارة ولقب مؤيد الملك وقبض قرواش بن المقلد على أبي القاسم المغربي الوزير وأطلقه وعلي أبي سليمان بن فهد فقتل سليمان نفسه

ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
أحمد بن محمد بن احمد ابن عبدالله بن اسماعيل بن حفص ابو سعد الماليني الصوفي وما لين قرية من قرى هراة احد الرحالين في طلب الحديث والمكثرين منه رحل الى البلاد الكثيرة وسمع من اشياخ كثيرى العدد وكتبه من الكتب الطوال والمصنفات الكبار ثم رحل الى مصر فمات بها في شوال هذه السنة وكان ثقة متقنا صدوقا صالحا
2 - الحسن بن الحسين بن محمد ابن الحسين بن رامين ابو محمد القاضي الاستراباذي نزل بغداد وحدث عن أبي بكر الاسماعيلي وغيره كان صدوقا فقيها فاضلا صالحا توفى في هذه السنة
3 - الحسن بن منصور ابو غالب الوزير الملقب ذا السعادتين ولد بسيراف سنة اثنتين وخمسين وثلثمائة وتقلبت به الامور حتى صحب فخر الملك ولقبه سلطان الدولة وزير الوزراء نجاح الملوك وخلع عليه وجعله ناظرا في بغداد فلما قطعت خطبة سلطان الدولة وخطب لمشرف الدولة ألزم ابا غالب بالانحدار مع الديلم الى خوزستان فانحدر معهم فلما وصل الى الا هواز نادى الديلم بشعار سلطان الدولة وهجموا علي ابي غالب فقتلوه فكانت وزارته ثمانية عشر شهرا أو ثلاثة ايام وعمره ستون سنة وخمسة اشهر وصودر ابنه على ثمانين الف دينار فلما بلغ سلطان الدولة قبل ابي غالب سكن قلبه واطمأن وقال المطرز يرثى ابا غالب
... ابا غالب من للمعالي اذا دعت ... ومن عنك يسعى سعيها ويثيب ... ومن للمذاكي يصطلين بغارة ... بها السيف عار والسنان خضيب ... فتى يستجير الملك ان صرخت به الحوادث او حنت عليه خطوب ... ومن يكشف الغمى عنه بعزمه لها في قلوب النائبات وجيب

4 - الحسين بن عمرو ابو عبد الله الغزال سمع ابن السماك والنجاد والخلدي والنقاش قال ابو بكر الخطيب كتبت عنه وكان شيخا صالحا كثير البكاء عند الذكر ومنزله في شارع دار الرقيق وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
5 - محمد بن عمر ابو القاسم القزاز الحربي سمع النجاد يروى عنه الخطيب وقال كان ثقة يقرئ القرآن ويصوم الدهر وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
6 - محمد بن عمر العنبري الشاعر كان ظريفا اديبا طلق النفس حسن الشعر اخبرنا عبد الرحمن ابن محمد اخبرنا ابو بكر احمد بن علي بن ثابت قال انشدني ابو منصور محمد بن محمد ابن عبد العزيز العكبري قال انشدني ابو بكر العنبري لنفسه
... اني نظرت الى الزما ... ن واهله نظرا كفاني ... فعرفته وعرفتهم ... وعرفت عزي من هواني ... فلذاك اطرح الصديق فلا اراه ولا يراني ... وزهدت فيما في يديه ودونه نيل الأماني ... فتعجبوا لمقالة ... وهب الا قاصى للاداني ... وانسل من بين الزحا ... م فما له في الخلق ثاني ...
وكان العنبري يتصوف ثم بان له عيوب الصوفية فذ مهم بقصائد قد كتبتها في تلبيس ابليس توفي العنبري يوم الخميس ثاني عشر جمادي الاولى من هذه السنة
7 - محمد بن احمد بن محمد
ابن احمد بن رزق بن عبد الله بن يزيد بن خالد ابو الحسن البزاز المعروف بابن

رزقرية كان يذكر له نسبا في همدان سمع اسماعيل بن محمد الصفار وابا الحسن المصري 1 وخلقا كثيرا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن علي بن ثابت قال سمعته يقول ولدت يوم السبت لست خلون من ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثلثمائة واول من سمعت منه الصفار واول ماكتبت سنة سبع وثلاثين قال ابن ثابت كان ابن رزقوية يذكر انه درس الفقه وعلق على مذهب الشافعي وكان ثقة صدوقا كثير السماع والكتاب حسن الاعتقاد جميل المذهب مديما لتلاوة القرآن شديدا على اهل البدع ومكث يملي في جامع المدينة من بعد سنة ثمانين وثلاثمائة الى قبل وفاته بمديدة وهو اول شيخ كتبت عنه واول ما سمعت منه في سنة ثلاث واربعمائة كتبت عنه 2 املاء مجلسا واحدا ثم انقطعت عنه الى سنة ست وعدت فوجدته قد كف بصره فلا زمته الى آخر عمره وسمعته يقول والله ما احب الحياة في الدنيا لكسب ولا تجارة ولكن احبها الذكر الله تعالى ولقراءتي عليكم الحديث هذا قول أبي بكر الخطيب وسمعت البرقاني يسأل عنه فقال ثقة وسمعت الازهري يذكر أن بعض الوزراء دخل بغداد ففرق مالا كثيرا على اهل العلم وكان ابن رزقويه في من وجه اليه من ذلك المال نقبلوا كلهم سواه فانه رده تورعا وظلف نفس وكانت وفاته غداة يوم الاثنين سادس عشر جمادي الاولى سنة اثنتي عشرة واربعمائة ودفن في يومه بعد صلاة الظهر في مقبرة باب الدير بالقرب من معروف الكرخي
8 - محمد بن احمد
ابن محمد بن فارس بن سهل ابو الفتح بن ابي الفوارس كان جده سهل يكنى ابا الفوارس ولد ابو الفتح في سحر يوم الاحد لثمان بقين من شوال سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة وسمع من ابي بكر النقاش والشافعي وابي علي بن الصواف وخلق كثير وسافر في طلب الحديث الى البلاد وكتب الكثير وجمع وكان

ذا حفظ ومعرفة وامانة وثقة مشهورا بالصلاح وكتب الناس عنه بانتخابه على الشيوخ وحدث عنه البرقاني وهبة الله الطبري وكان يسكن بالجانب الشرقي ويملى في جامع الرصافة وتوفي يوم الاربعاء سادس عشر ذي القعدة من هذه السنة ودفن الى جنب احمد بن حنبل غير أن بينهما قبور التميميين الثلاثة كذا قال القزاز عن الخطيب
9 - محمد بن ابراهيم
ابن حوران بن بكران ابو بكر الحداد سمع ابا بكر الشافعي وروى عن ابي جعفر ابن بريه كتاب المبتدأ لوهب وكان صدونا
10 - محمد بن الحسن
ابن محمد ابو العلاء الوراق ولد سنة ثمان عشرة وثلاثمائة وسمع اسماعيل بن محمد الصفار واحمد بن كامل القاضي وغيرهما وكان ثقة وكان ينزل في الجانب الشرقي ناحية سوق يحيى وتوفي يوم الخميس ثاني عشرين ربيع الاول من هذه السنة ودفن في الخيزرانية
11 - محمد بن الحسين
ابن محمد بن موسى ابو عبد الرحمن السلمى النيسابوري روى عن ابي العباس الاصم وغيره وروى عنه مشايخ البغدادين الازهري والعشارى وغيرهما وكانت له عناية بأخبار الصوفية فصنف لهم تفسيرا وسننا وتاريخا وجمع شيوخا وتراجم وابوابا وله بنيسابور دويرة معروفة يسكنها الصوفية وفيها قبره وتوفي يوم الاحد ثالث شعبان من هذه السنة
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن علي بن ثابت قال قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري كان ابو عبد الرحمن غير ثقة ولم يكن سمع من الاصم الاشيئا يسيرا فلما مات الحاكم ابو عبد الله بن البيع حدث عن الاصم بتاريخ يحيى ابن معين وبأشياء كثيرة سواها وكان يضع للصوفية الأحاديث

12 - ابو عبد الله بن الدجاجي
القارى المجود قد ذكرنا بعض حاله في الحج سنة اربع وتسعين وثلثمائة توفي في هذه السنة
13 - ابو علي الحسن
ابن علي الدقاق النيسابوري كان يعظ ويتكلم على الاحوال والمعرفة
اخبرنا ابو الحسن علي بن احمد بن الحسن الموحد حدثنا ابو سعد عبد الرحمن بن مامون بن علي المتولي النيسابوري اخبرنا ابو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال سمعت الاستاذ ابا علي الحسن بن علي الدقاق يقول في قوله من تواضع لغنى لأجل دنياه ذهب ثلثا دينه قال لأنه تواضع له بلسانه وخدمه بأركانه فلو تواضع له بقلبه ذهب دينه كله 2 وقال عليك بطريق السلامة وإياك والتطلع لطرق البلاء ثم أنشد
... ذريني تجئني منيتي 2 مطمئنة ... ولم أتجشم هول تلك الموارد ... رأيت عليات 3 الامور منوطة ... بمستودعات في بطون الاساود ... وقال وعند القوم ان سرور الطلب اتم من فرح الوجود لان فرح الوجود يخطر الزوال وحال الطلب برجاء الوصال وقال في قوله اذكروني اذكركم اذكروني اليوم وانتم احياء اذكركم وانتم تحت التراب ان الاحباب اذا اقفرت ديار احبابهم قالوا سقيا لسكانها ورعيا لقطانها كذلك الحق سبحانه اذا اتت علينا الاعوام ونحن في التراب رحيم 4 ... يقول سقيا لعبادي وقال البلاء الاكبر أن تريد ولا تراد وتدنو وترد الى البعاد وقال في حفت الجنة بالمكاره اذا كان المخلوق لا وصول اليه الا يتحمل المشاق فما ظنك بمن لم يزل وقد قال في الكعبة لم تكونوا بالغية الا بشق الانفس ثم انشد ... لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يفقر والاقدام قتال ...

قال يعقوب يا اسفي علي يوسف ويوسف يقول انت ولي وانشد

جننا بليلى وهي جنت بغيرنا ... وأخرى بنا مجنونة لا نريدها ...
سنة 413
ثم دخلت سنة ثلاث عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في بوم الثلاثاء خامس عشر ذي القعدة فتح المارستان المؤيدى الذي بناه مؤيد الملك ابو علي الحسن الرخجي وزير مشرف الدولة بواسط وحملت اليه الادوية والاشربة ورتب له الخزان والاطباء والوكلاء ووقفت عليه الوقوف وجعلت على المعاملات السلطانية مشاهرة
وفي هذه السنة في زمن الحج عمد بعض الحاج المصريين الى الحجر الاسود فضربه بدبوس كان في يده حتى شعثه وكسر قطعا منه وعاجله الناس فقتلوه وثار المكيون بالمصريين ونهبوهم وقتلوا قوما منهم وركب ابو الفتوح الحسن ابن جعفر فاطفأ الفتنة ودفع عن المصريين قال هلال بن المحسن وقيل ان الفاعل مافعله الا وهو من الجهلة الذين كان الحاكم استغواهم وأفسد اديانهم وقيل كان ذلك في سنة اربع عشرة قال وقرأت في كتاب كتب بمصر في هذا المعنى كان من جملة من دعاه الخوف الى الانتزاح رجل من اهل البصرة اهوج اثول سار مع الحجيج الى مكة فرقا من السيف وتسترا بالحج فلما وصل اعلن الكفر واظهر ما كان يخفيه فقصد الحجر الاسود فضربه بدبوس في يده اطارت شظايا ووصلت بعد ذلك ثم ان هذا الكافر عوجل بالقتل
اخبرنا شيخنا محمد بن ناصر الحافظ قال اخبرنا ابو الغنائم مجمد بن علي بن ميمون النرسي انبأنا ابو عبد الله محمد بن عبد الرحمن العلوي في سنة ثلاث عشرة واربعمائة كسر الحجر الاسود لما صليت الجمعة يوم النفر الاول ولم يكن رجع الناس بعد من منى قام رجل ممن ورد من ناحية مصر باحدى يديه سيف مسلول وبالاخر ى دبوس بعد ماقضى الامام الصلاة فقصد ذلك الحجر ليستلمه على الرسم فضرب وجه الحجر ثلاث ضربات متوالية بالدبوس وقال الى متى يعبد الحجر ولا محمد ولا علي يمنعنى عما افعله فاني اهدم هذا البيت وارفعه

فاتقى اكثر الحاضرين وتراجعوا عنه وكاد يفلت وكان رجلا تام المقامة احمر اللون اشقر الشعر سمين الجسم وكان على باب المسجد عشرة من الفرسان على ان ينصروه فاحتسب رجل من اهل اليمن اومن اهل مكة او من غيرها فوجأه بخنجر واحتوشه الناس فقتلوه وقطعوه وأحرقوه بالنار وقتل من اتهم بمصاحبته ومعاونته علىذلك المنكر جماعة وأحرقوا بالنار وثارت الفتنة وكان الظاهر من القتلى اكثر من عشرين غير ما اختفى منهم وألحوا في ذلك اليوم على المغاربة والمصريين بالنهب والسلب وعلي غيرهم في طريق منى الى البلد وفي يوم النفر الثاني اضطرب الناس وماجوا وقالوا انه قد اخذ في اصحاب الخبيث لعنه الله اربعة انفس اعترفوا بانهم مائة بايعوا على ذلك وضربت اعناق هؤلاء الاربعة وتقشر بعض وجه الحجر في وسطه من تلك الضربات وتخشن وزعم بعض الحاج أنه سقط من الحجر ثلاث قطع واحدة فوق آخرى فكأنه يثقب ثلاث ثقب ما يدخل الأنملة في كل ثقبة وتساقطت منه شظايا مثل الاظفار وطارت منه شقوق بيمنا وشمالا وخرج مكسره احمر يضرب الى الصفرة محببا مثل الخشخاش فأقام الحجر علي ذلك يومين ثم ان بني شيبة جمعوا ما وجدوه مما سقط منه وعجنوه بالمسك واللك وحشوا تلك المواضع وطلوها بطلاء من ذلك فهو بين لمن تأمله وهو على حاله اليوم
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
14 - عمر بن محمد
ابن عمر ابو علي العلوي سكن بغداد وحدث بها وقد ذكرنا حال ابيه وتوسعه في الدنيا وكان لعمر هذا مال كثير فقبض عليه قرواش بن المقلد وأخذ منه مائة الف دينار وتوفي في هذه السنة واستولى السلطان على اكثر امواله وضياعه
15 - دجى بن عبد الله
ابو الحسن الخادم الاسود الخصي مولى الطائع لله كان قريبا منه وخصيصا به

يسفر بينه وبين الملوك سمع ابا الفضل بن المامون وغيره وكان سماعه صحيحا وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة
16 - علي بن هلال
ابو الحسن المعروف بابن البواب صاحب الخط الحسن صحب ابن سمعون وكان يقص بجامع المدينة وبلغنا ان ابا الحسن البتي دخل دار فخر الملك ابي غالب فوجد ابن البواب جالسا في عتبة باب ينتظر خروج الملك فقال جلوس الاستاذ في العتب رعاية للنسب فحرد ابن البواب وقال لو أن إلى من أمر الدنيا شيئا ما مكنت مثلك في الدخول فقال البتى ما تترك صنعه الشيخ رحمة الله توفي ابو الحسن يوم السبت ثاني جمادي الآخرة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب ورثي بابيات منها هذه
... فللقلوب التي ابهجتها حزن ... وللعيون التي أقررتها سهر ... وما لعيش وقد ودعته أرج ... ولا لليل وقد فارقته سحر ...
17 - علي بن عيسى
ابن سليمان بن محمد بن سليمان بن ابان ابو الحسن الفارسي المعروف بالسكري الشاعر اصله من نفر وهو بلد على النرس من بلاد الفرس ولد ببغداد في صفر سنة سبع وخمسين وثلثمائة وكان يحفظ القرآن والقراآت وكان متفننا في الآداب وصحب القاضي ابا بكر بن الطيب واكثر شعره في مدح الصحابة والرد على الرافضة والنقص على شعرائهم توفي في يوم الثلاثاء سلخ شعبان وقيل يوم الاثنين لثلاث بقين من شعبان ودفن في مقبرة باب الدير في الموضع المعروف بتل صافي مقابل قبر معروف وأمر أن يكتب في لوح وينقش على قبره ابيات قالها وهي ... نفس يا نفس كم تمادين في الغى ... وتأتين بالفعل المعيب ... راقبي الله واحذري موضع العر ... ض وخافي يوم الحساب العصيب

لا يغرنك السلامة في العيش فان السليم رهن الخطوب ... كل حي فللمنون ولا يد ... فع بأس المنون كيد الأريب ... واعلمى ان للمنية وقتا ... سوف يأتي عجلان غير هيوب ... فأعدى لذلك اليوم زادا ... وجوابا لله غير كذوب ... ان حب الصديق في موقف الحشر ... أمان للخائف المطلوب
18 - محمد بن احمد بن محمد
ابن منصور ابو جعفر البيع ويعرف بالعتيقي
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال ذكرلي ابنه ابو الحسن انه ولد برويان سنة احدى وثلاثين وثلثمائة وحمل الى طرسوس وهو ابن سبع سنين فنشأ بها وسمع الحديث من شيخ كان بها يعرف بالخواتيمي ولم يزل حتى غلبت الروم على البلد فانتقل الى دمشق ثم ورد بغداد فسكنها حتى مات بها في يوم الخميس الثاني والعشرين من المحرم سنة ثلاث عشرة واربعمائة قال ابو الحسن وحدثني بشيء يسير وسمعت منه
19 - محمد بن احمد بن يوسف
ابن وصيف ابو بكر الصياد ولد في محرم سنة خمس وثلاثين وثلثمائة وسمع ابا بكر الشافعي والقطيعي وغيرهما وكان ثقة صدوقا خير انتخب عليه ابن أبي الفوارس وتوفي يوم الجمعة لخمس خلون من ربيع الاول سنة ثلاث عشرة
20 - محمد بن محمد بن النعمان
ابو الله المعروف بابن المعلم شيخ الإمامية وعالمها صنف على مذهبهم ومن اصحابه المرتضى وكان لابن المعلم مجلس نظر بداره بدرب رياح يحضره كافة العلماء وكانت له منزلة عند امراء الاطراف يميلهم الى مذهبه توفي في رمضان هذه السنة ورثاه المرتضى فقال

من لفضل أخرجت منه خبيئا ومعان فضضت عنها ختاما ... من ينير العقول من بعد ما كنا همو دأ ويفتح الا فهاما ... من يعير الصديق رأيا اذا ما ... سله في الخطوب كان حساما ...
ودفن في مقبرة
سنة 414
ثم دخلت سنة اربع عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه لما سار مشرف الدولة مصعدا الى بغداد روسل الخليفة القادر في البروز لتلقيه فتلقاه من الزلاقة ولم يكن تلقي احدا من الملوك قبله وخرج في يوم الاثنين لليلتين بقيتا من المحرم فركب في الطيار وعليه السواد والبردة ومن جانبه الأيمن الامير ابو جعفر ومن جانبه الايسر الامير ابو القاسم وبين يديه ابو الحسن علي بن عبد العزيز وحوالي القبة المرتضى ابو القاسم الموسوي وأبو الحسن الزينبي وقاضي القضاة ابن أبي الشوارب وفي الزبازب المسودة من العباسين والقضاة والقراء والفقهاء فنزل مشرف الدولة في زبزبة ومعه خواصه وصعدوا الى الطيار وقد طرح أنجره فوقف فقبل الارض دفعة ثانية وسأله الخليفة عن خبره وعرفه استيحاشه لبعده وانسه الآن بقربه والعسكر واقف بأسره في شاطىء دجلة والعامة في الجانبين والسماريات وقام مشرف الدولة فنزل في زبزبة واصعد الطيار
وفي يوم الجمعة لثلاث بقين من شعبان غدر خليفة بن هراج الكلابي بالقافلة الواردة معه وفي خفارته من مصر وعدل بها الى حلته فأناخ جمالها وأخذ احمالها وصرف اربابها على اسوأ حال وكانت تشتمل على نيف واربعين حملا بزا وثلاثين الف دينار مغربية وعرف الخبر قرواش فركب في رمضان من الأنبار وتوجه نحوه فهزم قرواش وتمزقت العرب بالمال
وفي هذه السنة ورد كتاب من يمين الدولة ابي القاسم محمود بن سبكتين الى القادر بالله يذكر له غزوة في بلاد الهند وانه اوغل في بلادهم حتى جاء الى قلعة

عد فيها ستمائة صنم وقال أتيت قلعة ليس لها في الدنيا نظير وما الظن بقلعة تسع خمسمائة الف انسان وخمسمائة فيل وعشرين الف دابة ويقوم لهذا العدد بما يكفيه من علوفة وطعام واعان الله حتى طلبوا الامان فآمنت ملكهم وأقررته على ولايته بخراج قرر عليه وانفذ هدايا كثيرة وفيلة ومن الطرف الغريبة طائر على هيئة القمرى ومن خاصته انه اذا حضر على الخوان وكان في شيء مما قدم سم دمعت عينه وجرى منها ماء تحجروحك فطلى بما يحك منه الجراحات ذوات الأفواه الواسعة فيلحمها فتقبلت هديته وانقلب العبد بنعمة من الله وفضله
ووزر ابو القاسم المغربي لمشرف الدولة بعد الرخجى فقال رجل لكون الوزير كان مشغولا بالنحو
... ويل وعول وويه ... لدوله إبن بويه ... سياسة الملك ليست ... ما جاء عن سيبويه ...
وفي هذه السنة حج بالناس ابو الحسن محمد بن الحسن الاقساسى العلوي وعاد على طريق الشام لاضطراب الجادة
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر * 21 الحسين بن فضل
ابن سهلان ابو محمد الرامهرمزى وزر لسلطان الدولة وبني سور الحائر من مشهد الحسين عليه السلام في سنة ثلاث واربعمائة وقتل في شعبان هذه السنة عن ثلاث وخمسين سنة
22 - الحسين بن محمد
ابو عبدالله الكشفلى الطبري تفقه على ابي القاسم الداركي وكان فهما فاضلا ودرس بعد ابي حامد في مسجده وهو مسجد عبدالله بن المبارك بقطيعة الربيع وكان يقرء عليه فقيه من اهل بلخ فتأخرت نفقته فأضربه ذلك فشكا حاله

الى الكشفلى فأخذه ودخل على رجل من التجار بالقطيعة يقال له ابن برويه وسأله أن يقرضه شيئا حتى تأتي نفقته من بلده فأمر بتقديم الطعام فلما اكلوا تقدم الى جارية فاحضرت زنفيلجة فوزن منها عشرين دينارا ودفعها اليه وخرج الكشفلى وهو يشكره ورأى الفقيه قد تغير فسأله عن حاله فأخبره انه قد هوى الجارية التي حملت الزنفيلجة فعاد الكشفلى الى ابن برويه فقال له قد وقعنا في قصة أخرى قال ما هي فأخبره بحال الفقيه مع الجارية فسلمها اليه وقال ربما كان في قلبها منه مثل ما في قلبه لها ووصل الفقيه من ابيه ستمائة دينار توفي الكشفلى في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن بمقابر باب حرب
23 - الحسين بن الحسن
ابن محمد بن القاسم ابو عبدالله المخزومي الغضائري سمع الصولي وابن السماك والنجاد والخلدي وكان ثقة توفي في محرم هذه السنة ودفن بقرب قبر احمد بن حنبل
24 - علي بن عبدالله
ابن جهضم ابو الحسن الصوفي صاحب بهجة الاسرار وكان شيخ الصوفية توفي بمكة وقد ذكروا انه كان كذابا ويقال انه وضع صلاة الرغائب وانبأنا شيخنا ابن ناصر عن ابي الفضل بن خيرون قال قد تكلموا فيه
25 - القاسم بن جعفر
ابن عبد الواحد ابو عمر الهاشمي البصري قدم بغداد في سنة احدى وسبعين وقبلت شهادته ثم قدمها مع ابي محمد بن معروف في سنة سبع وسبعين

وكانت ولادته سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة سمع عبد الغافر بن سلامة وابا علي اللؤلؤي في خق وكان ثقة أمينا وولى القضاء بالبصرة وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة
26 - محمد بن احمد
ابن الحسين بن يحيى ابو الفرج القاضي الشافعي يعرف بابن سميكة حدث عن ابي بكر النجاد وابي علي بن الصواف وحبيب بن الحسن القزاز وغيرهم اخبرنا القزاز اخبرنا ابن ثابت الخطيب قال كتبنا عنه بانقاء محمد بن ابي الفوارس وكان ثقة وتوفي يوم الثلاثاء ودفن يوم الاربعاء لست خلون من شهر ربيع الاول سنة اربع عشرة واربعمائة ودفن في مقبرة باب حرب
27 - محمد بن احمد
ابو جعفر النسفي كان عالما بالفقه على مذهب ابي حنيفة وصنف تعليقه مشهورة وكان فقيرا متزهدا فبات ليلة مكروبا من الاضاقة فوقع له فرع من فروع مذهبه فأعجب فقام قائما يرقص في داره ويقول ابن الملوك وابناء الملوك فسألته زوجته عن حاله فأخبرها فتعجبت توفي في شعبان هذه السنة
28 - هلال بن محمد
ابن جعفر بن سعدان ابو الفتح الحفار ولد سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة سمع إسماعيل الصفر وابا عمرو بن السماك والنجار وابن الصواف وكان صدوقا ينزل بالجانب الشرقي قريبا من الحطابين توفي في صفر هذه السنة
سنة 415
ثم دخلت سنة خمس عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الوزير المغربي جمع الاتراك والمولدين ليحلفوا لمشرف الدولة وكلف مشرف الدولة المرتضى ونظام الحضرتين ابا الحسن الزينبي وقاضي القضاة وابا الحسن بن ابي الشوارب وجماعة من الشهود الحضور فاحلفت

طائفة من القوم فظن الخليفة ان التحالف لنية مدخولة في حقه فبعث من دار الخليفة من منع الباقين بأن يحلفوا وانكر على المرتضى والزينبي وقاضي القضاة حضورهم بلا اذن واستدعوا الى دار الخلافة وسرح الطيار واظهر عزم الخليفة على الركوب وتأدى ذلك الى مشرف الدولة وانزعج منه ولم يعرف السبب فيه فبحث عن ذلك اذابه انه اتصل بالخليفة ان هذا التحالف عليه فترددت الرسائل باستحالة ذلك وانتهى الامر الى ان حلف مشرف الدولة على الطاعة والمخالصة للخليفة وكان وقوع اليمين في يوم الخميس الحادي عشر من صفر وتولى اخذها واستيفاءها القاضي ابو جعفر السمناني ثم حلف الخليفة لمشرف الدولة
وفي رجب وقع العقد لمشرف الدولة على بنت علاء الدولة ابي جعفر بن كاكويه وكان الصداق خمسين الف دينار
وفي هذه السنة تأخر الحاج الخراسانية للاشفاق من فساد طريق مكة وفيها حج بالناس ابو الحسن الاقساسى وحج معه حسنك صاحب محمود بن سبكتكين فنفذ اليهما صاحب مصر خلعا وصلة فسارا الى العراق ولم يدخل حسنك بغداد خوفا ان ينكر عليه من دار الخلافة فكوتب محمود بن سبكتكين بما فعله حسنك فنفذ برسوله ومعه الخلع المصرية فاحرقت على باب النوبي وعاد الحاج على طريق الشام وورد كثير منهم في السفن من طريق الفرات وجاء قوم على الظهر الى اوانا وذاك لأنهم عللوا العرب في ممرهم بأنا سنرضيكم فخافوا ان يصيروا في ايديهم بحكمهم فعرجوا الى تلك الطريق لطلب السلامة
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
29 - احمد بن محمد
ابن عمر بن الحسن بن عبيد بن عمرو بن خالد بن الرفيل ابو الفرج المعدل المعروف بابن المسلمة ولد في سنة سبع وثلاثين وثلثمائة وسمع أباه واحمد

ابن كامل والنجاد والخطبي ودعلج بن احمد وغيرهم وكان ثقة يسكن في الجانب الشرقي بدرب سليم ويملى في كل سنة مجلسا واحدا في اول المحرم وكان عاقلا فاضلا كثير المعروف وداره مألفا لاهل العلم
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن علي بن ثابت قال حدثني رئيس الروساء أبو القاسم علي بن الحسن بن احمد بن محمد قال كان جدي يختلف في درس الفقه الى ابي بكر الرازي وكان يصوم الدهر وكان يقرأ كل يوم سبع القرآن بالنهار ويعيده بعينه في ليلته في ورده قال رئيس الرؤساء ورأيت ابا الحسين القدوري الفقيه بعد موته في المنام فقلت له كيف حالك فتغير وجهه ودق حتى صار كهيئة الوجه المرئي في السيف دقة وطولا واشار الى صعوبة الامر فقلت كيف حال الشيخ ابي الفرج يعني جده فعاد وجهه الى ما كان عليه وقال لي ومن مثل الشيخ ابي الفرج ذاك ثم رفع يده الى السماء فقلت في نفسي يريد بهذا قول الله تعالى وهم في الغرفات آمنون توفي ابو الفرج ابن المسلمة في ذي القعدة من هذه السنة
30 - احمد بن محمد بن احمد
ابن القاسم ابو الحسن المحاملي كان ابوه احد الشهود ببغداد وتفقه على ابي حامد وبرع وصنف المصنفات المشهورة وكان ابو حامد يقول هو احفظ للفقه مني وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة وهو شاب
31 - سلطان الدولة
ابن بهاء الدولة توفي بشيراز عن اثنتين وثلاثين سنة وخمسة اشهر
32 - عبيد الله بن عمر
ابن علي بن الأشرس ابو القاسم الفقيه المقرىء المعروف بابن البقال سمع النجاد وابا علي ابن الصواف قال الخطيب سمعنا منه بانتفاء ابن ابي الفوارس وكان ثقة

وتوفي في صفر هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
33 - عبيد الله بن عبدالله
ابن الحسين ابو القاسم الخفاف المعروف بابن النقيب
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال رأى الشبلي وسمع من ابي طالب ابن البهلول وكان سماعه صحيحا وكان شديدا في السنة وبلغني انه جلس للتهنئة لما مات ابن المعلم شيخ الرافضة وقال ما ابالي اي وقت مت بعد أن شاهدت موت ابن المعلم قال وسمعت رئيس الروساء ابا القاسم وكان ينزل في جواره ناحية الرصافة قال مكث كذا وكذا سنة ذهب عني حفظ عددها كثره يصلي الفجر على وضوء العشاء ويحيى الليل بالتهجد قال الخطيب وسألته عن مولده فقال ولدت سنة خمس وثلثمائة ومات ابو بكر بن مجاهد في سنة اربع وعشرين ولي تسع عشرة سنة وأذكر من الخلفاء المقتدر والقاهر والراضي والمتقى والمستكفى والمطيع والطائع والقادر والغالب خطب له بولاية العهد توفي ابن النقيب في سلخ شعبان هذه السنة
34 - عمر بن عبدالله
ابن عمر بن تعويذ ابو حفص الدلال توفي في هذه السنة قال المصنف سمعت ابا الفضل الارموي يقول سمعت ابا الحسن بن المهتدى يقول سمعت عمر ابن عبد الله بن تعويذ يقول سمعت الشبلي يقول ... وقد كان شيء يسمى السرور ... قديما سمعنا به ما فعل ... خليلي ان دام هم النفوس ... قليلا على ما نراه قتل ... مؤمل دنيا لتبقى له ... فمات المؤمل قبل الامل ...
35 - علي بن محمد
ابن عبدالله بن بشران بن محمد بن بشر بن مهران ابو الحسين المعدل سمع علي بن المصري واسماعيل بن محمد الصفا والحسين بن صفوان وغيرهم وكان صدوقا

ثقة ثبتا حسن الاخلاق تام المروءة توفي في شعبان هذه السنة وقيل في رجب عن سبع وثمانين سنة ودفن بباب حرب
36 - عبي بن عبد الصمد
ابو الحسن الشيرازي ويعرف بابن أبي علي تولى حجبة القادر بالله في شوال سنة تسع وثمانين وثلثمائة فلم يزل على ولايته الى سنة ثمان واربعمائة وكثرت الفتن فجاء الى دار الخليفة واظهر التوبة من العمل وأشهد على نفسه بذلك في الموكب فولى بعده ابو مقاتل فأراد دخول الكرخ فمنعه أهلها فاحرق الدكاكين والجعافرة فصارت تلولا فعاد علي بن أبي علي الى الولاية في سنة تسع واربعمائة وقتل الموسومين بالفتن من الشيعة والسنة ونفى ابن المعلم ففيه الامامية وجماعة من الوعاظ واهل السنة ونسبهم الى معاونة اهل الفتن فقامت الهيبة وسكن البلد فلما ولي ابو القاسم المغربي الوزارة صادر علي بن أي علي على خمسة آلاف دينار مغربية والف عليه العيارين فقتلوه على باب درب الديزج ليلة النصف من رجب هذه السنة وتولى المعونة بعده ابو علي الحسن بن احمد غلام ابن الهدهد وكان مهيار الشاعر الحي والمطرز الشاعر كوسجا
37 - محمد بن المظفر
ابن علي بن حرب أبو بكر الدينوري الصالح توفي في ذي الحجة من هذه السنة
38 - محمد بن الحسن
ابو الحسن الأقساسى العلوي وهو من ولد محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن على حج بالناس سنين كثيرة نيابة عن المرتضى الموسوى وله شعر مليخ ومنه قوله في غلام اسمه بدر ... يا بدر وجهك بدر ... وغنج عينيك سحر

وماء خديك ورد ... وماء ثغرك خمر ... امرت عنك بصبر ... وليس لي عنك صبر ... تأمرني بالتسلى ... مالي مع الشوق امر ...
توفي في هذه السنة ورثاه المرتضى بأبيات منها قوله
... وقد خطف الموت كل الرجال ... ومثلك من بيننا ما خطف ... وما كنت الا ابي الجنان ... على الضيم محتميا بالانف ... خليا من العار صفر الازار ... مدى الدهر من دنس او نطف ...
39 - محمد بن احمد
ابن عمر بن علي ابو الحسن ويعرف بابن الصابوني ولد سنة احدى وثلاثين وثلثمائة وسمع ابا بكر الشافعي وغيره وكان صدوقا وتوفي يوم الخميس السادس عشر من رجب ودفن في مقبرة باب الشام
40 - محمد بن احمد
ابن محمد بن احمد بن الفرج بن بي طاهر ابو عبدالله الدقاق ويعرف بابن البياض ولد في صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائه وسمع احمد بن سلمان وجعفر الخلدي وابا بكر الشافعي وغيرهم
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن ثابت قال كان الدقاق شيخا فاضلا دينا صالحا ثقة من اهل القرآن ومات في يوم الخميس التاسع والعشرين من شعبان سنة خمس عشرة واربعمائة
41 - محمد بن الحسين
ابن محمد بن الفضل ابو الحسين الازرق القطان سمع اسماعيل الصفار وابا عمرو بن السماك وابا بكر النجاد وجعفر الخلدي في آخرين وكان ثقة وتوفي في رمضان هذه السنة ودفن في مقبرة باب الدير

سنة 416
ثم دخلت سنة ست عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان العيارين انبسطوا انبساطا اسرفوا فيه وخرقوا هيبة السلطان وواصلوا العملات واراقوا الدماء
وفي ربيع الآخر توفي الملك مشرف الدولة ونهبت الخزائن واستقر الامر على تولية جلال الدولة ابي طاهر فخطب له على المنابر وهو بالبصرة فخلع على شرف الملك ابن ماكولا وزيره ولقبه علم الدين سعد الدولة امين الملة شرف الملك وهو اول من لقب بالالقاب الكثيرة ثم تاخر اصعاده لما عليه الامور من الانتشار واعلم بان الملك يحتاج الى المال وليس عنده فاظهر الجند الخوض في امر الملك ابي كاليجار ثم تظاهروا بعقد الأمر له وانحدر الاصفهسلارية الى دار الخلافة وراسلوا الخليفة وعددوا ما عاملهم به جلال الدولة من اغفال امرهم واهمال تدبيرهم وانهم قد عدلوا الى ابي كاليجار اذ كان ولى عهد ابيه سلطان الدولة الذي استخلفه بهاء الدولة عليهم فتوقف الجواب ثم عادوا فقيل لهم نحن مؤثرون لما تؤثرونه وخرج الامر باقامة الخطبة للملك ابي كاليجار واقيمت له في يوم الجمعة سادس عشر شوال فكوتب جلال الدولة بذلك فاصعد من واسط
وكان صاحب مصر قد انفذ الى يمين الدولة محمود بن سبكتكين خلعة مع ابي العباس احمد بن محمد الرشيدي الملقب زين القضاة الى الخليفة فجلس القادر بالله في يوم الخميس لتسع بقين من جمادي الآخرة لأبي العباس الرشيدي بعد أن جمع القضاة والشهود والفقهاء والاماثل واحضر ابو العباس ما كان حمله صاحب مصر وأدى رسالة يمين الدولة بأنه الخادم المخلص الذي يرى الطاعة فرضا ويبرأ من كل ما يخالف الدولة العباسية فلما كان فيما بعد هذا اليوم اخرجت الثياب الى باب النوبي وحفرت حفرة طرح فيها الخطيب ووضعت الثياب

فوقه وضربت بالنار وابو الحسن علي بن عبد العزيز والحجاب حاضرون والعوام ينظرون وسبك المركب فخرج وزن فضة اربعة الآف وخمسمائة واثنتين وستين درهما فتصدق به على ضعفاء بني هاشم
وفي هذه السنة زاد امر العيارين وكبسوا دور الناس نهارا وفي الليل بالمشاعل والموكبيات وكانوا يدخلون على الرجل فيطالبونه بذخائره ويستخرجونها منه بالضرب كما يفعل المصادرون ولا يجد المستغيث مغيثا ظاهرا وانبسطوا على الاتراك وخرج اصحاب الشرط من ابلد وقتل كثير من المتصلين بهم وعملت الابواب واوثقت على الدروب ولم يغن ذلك شيئا واحرقت دار الشريف المرتضى على الصراة وقلع هو باقيها وانتقل الى درب جميل وكان الاتراك قد احرقوا طاق الحراني لفتنة جرت بينهم وبين العيارين والعامة وكان هذا الاختلاط من شهر رجب سنة خمس عشرة الى آخر ست عشرة وغلت الاسعار وفي هذه السنة بيع الكر بثمانين دينارا فخرج خلق من اوطانهم وتأخر في هذه السنة ورود الحاج الخراسانية فلم يحج احد من خراسان ولا العراق
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
42 - سابور بن اردشير
وزر لبهاء الدولة ابي نصر بن عضد الدولة ثلاث مرات وكان كاتبا شديدا وابتاع دارا بين السورين في سنة احدى وثمانين وثلثمائة وحمل اليها كتب العلم من كل فن وسماها دار العلم وكان فيها اكثر من عشرة آلاف مجلد ووقف عليها الوقوف وبقيت سبعين سنة واحرقت عند مجيء طغرلبك في سنة خمسين واربعمائة ووزر لشرف الدولة بن عضد الدولة وكان عفيفا عن الاموال كثير الخير سليم الباطن وكان اذ سمع الاذان ترك ما هو فيه من الاشتغال وقام الي الصلاة ولم يعبأ بشيء الا انه كان يكثر الولاية والعزل فولى بعض العمال عكيرا

فقال له أيها الوزير كيف ترى أستاجر السمارية مصعدا ومنحدرا فتبسم وقال امض ساكنا وتوفي ببغداد هذه السنة وقد قارب السبعين
43 - عثمان النيسابوري
الخركوشي الواعظ كان يعظ الناس وله كتاب صنفه في الوعظ من ابرد الاشياء وفيه احاديث كثيرة موضوعة وكلمات مرذولة لكنه قد كان فيه خير دخل على القادر في سنة ست وتسعين وثلثمائة فوقف بين يديه وقال اطال الله بقاء امير المؤمنين حدثني فلان عن فلان عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال لكل امام دعوة مجابة فان رأى امير المؤمنين ان يخصني في هذا اليوم بدعوة فقال له بارك الله عليك وفيك وكان له حشمة عظيمة ومحلته حمى يلجأ اليها وكان محمود بن سبكتكين اذا رآه يقوم له ويستقبله اذا قصده فدخل عليه محمود يوما وقال له قد ضاق صدري كيف قد صرت تكدى فقال كيف قال بلغني أنك تأخذ اموال الضعفاء وهذا هو الكدية وكان محمود قد سقط على اهل نيسابور شيئا فكف عن ذلك ووقع بنيسابور حرف فأخذ يغسل الموتى ويواريهم فغسل عشرة آلاف
44 - محمد بن الحسن
ابن صالحان ابو منصور وزر لشرف الدولة أبي الفوارس بن عضد الدولة ثم لأخيه بهاء الدولة وكان يحب الخير والعلماء ويميل الى العدل ويفضل على الناس واذا سمع الاذان ترك شغله ونهض لأداء الفرض وكان له مجلس نظر يحضر اهل العلم وكان يعطى العلماء والشعراء وتوفي ببغداد في رمضان هذه السنة عن ست وسبعين سنة وكان ابو علي اسماعيل الموفق يخلف ابا منصور فأتاه بشر بن هارون النصراني فقال اني قد هجوت الوزير ابا منصور بابيات فيها ... قالوا مضيت الى الوزير ... فقلت بظر ام الوزير ... يلقى الكرام نعم واما ذا فيلقى جوف بئر

فقال لو سمعها منك لحمدت امرك معه فقال ما عليك ان انشدتها اياه قال ما تؤثر قال مائة درهم وعشرة اقفزة حنطة فدخل على الوزير وقال له قد انعمت على بما تقصر شكري عنه وقد حسدني قوم على قربي منك وقالوا أبيانا على لساني فيك فأخاف ان تصدق ذلك اذا سمعته فقال لا تخف فما الابيات فأنشده اياه فضحك وخرج وكتب له علي ابو بالدراهم والحنطة على وكيله فدافعه فكتب إليه
... ايها السيد الكريم الجليل ... هل الى نظرة اليك سبيل ... فأناجك باشتكاء وكيل ... ليس حسبي وليس نعم الوكيل ...
45 - مشرف الدولة
ابو علي بن بهاء الدولة أصابه مرض حاد فتوفي لثمان بقين من ربيع الأول عن ثلاث وعشرين سنة وثلاثة اشهر واربعة عشر يوما وكانت مدة امارته خمس سنين وشهرا وخمسة وعشرين يوما
سنة 417
ثم دخلت سنة سبع عشر واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الاصفهسلارية وردوا الى بغداد فراسلوا العيارين وكانوا قد كثروا بالانصراف عن البلد فلم يلتفتوا الى هذه المراسلة وخرجوا الى مضارب الاصفهسلارية وصاحوا وشتموا ووقعت حرب طوال النهار واصبح الجند على غيظ وحنق فلبسوا السلاح وضربوا الدبادب كما يفعل في الحرب ودخلوا الكرخ ووقعت النار فأحرق من الدكاكين الى النحاسين وبعض باب السماكين وسائر الابواب التي كانوا يتحصنون بها ونهبت الكرخ في هذا اليوم وهو يوم الاحد لعشر بقين من المحرم وأخذ الشيء الكثير من القطيعة ودرب رياح وفيه كانت دار أبي يعلى ابن الموصلي رئيس العيارين وأخذ من درب أبي خلف الاموال خص بها من دار ابن زيرك البيع وقلعت الابواب من درب

عون وسائر اسواق الكرخ السالمة من الحريق واصبح الناس في اليوم الثالث على خطة صعبة وكان ما انتهبه العوام من غير اهل الكرخ اكثر مما نهبه الاتراك ومضى المرتضى مستوحشا بما جرى الى دار الخليفة فانحدر الاصفهسلارية وسألوا التقدم اليه بالرجوع فخلع عليه ثم تقدم اليه بالعود ثم حفظت المحال واتسعت المصادرات وقرر على الكرخ مائة الف دينار
وفي ربيع الآخر شهد ابو عبدالله الحسين بن علي الصيمري عند قاضي القضاة ابن ابي الشوارب بعد ان استتابه عماد ذكر عنه من الاعتزل
وفي شهر رمضان انقض كوكب عظيم الضوء كان له دوى كدوي الرعد وجاء في هذه السنة برد لم يعهد مثله منذ يوم الثلاثاء سلخ شوال والى يوم الثلاثاء لعشر بقين من ذي الحجة على الدوام وجمد الماء طول هذه المدة ثخينا حتى في حافات دجلة والانهار الواسعة واما السواقي ومجاري الماء فانها كانت تجمد طولا وعرضا وقاسى الناس من هذه شدة وامتنع كثير منهم من التصرف والحركة وتأخرت الزيادة في دجلة والفرات وامتنع المطر فوقفت العمارة فلم يزرع في السواد الا القليل وفي هذه السنة اعتقل جلال الدولة ابا سعد بن ماكولة وزيره واستوزر ابن عمه ابا علي بن ماكولة
وتأخر الحاج الخراسانية في هذه السنة وبطل الحج من خراسان والعراق
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
46 - احمد بن محمد
ابن عبدالله بن العباس بن محمد بن عبدالله بن ابي الشوارب ابو الحسن القرشي الاموي ولي قضاء البصرة قديما ثم قضاء القضاة بعد أبي محمد بن الاكفاني في ثالث شعبان سنة خمس واربعمائة ولم يزل على القضاء الى حين وفاته وكان عفيفا

نزها وقد سمع من ابي عمر الزاهد وعبد الباقي بن قانع الا انه لم يحدث
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثني القاضي ابو العلاء الواسطي قال ان المتوكل دعا محمد بن عبد الملك بن ابي الشوارب واحمد بن المعدل وابراهيم التيمي من البصرة وعوض على كل واحد منهم قضاء القضاة فاحتج محمد بن عبد الملك بالسن العالية وغير ذلك واحتج احمد بن المعدل بضعف البصر وغير ذلك وامتنع ابراهيم التيمي فقال لم يبق غيرك وجزم عليه فولى فنزل حال ابراهيم التيمي عند اهل العلم وعلت حالة الآخرين قال ابو العلاء فيرى الناس ان بركة امتناع محمد بن عبد الملك دخلت على ولده فولى منهم ربعة وعشرون قاضيا منهم ثمانية تقلدوا قضاء القضاة وآخرهم ابو الحسن احمد بن محمد وما رأينا مثله جلالة ونزاهة وصيانة وشرفا
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا الخطيب قال حدثني القاضي ابو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري قال كان بيني وبين القاضي ابي الحسن ابن ابي الشوارب بالبصرة أنس كثير وامتزاج شديد حتى كان يعدني ولد أو أعده والدا فما علمت له سر قط اوظهر عليه استحي منه وكان بالبصرة رجل من وجوهها واسع الحال كثير المال جدا يعرف بابن نصر بن عبدويه فقال لي وقد دخلت عليه عائدا له في علة الموت في صدري سر واريد اطلاعك عليه لما ولى القاضي ابو الحسن بن أبي الشوارب القضاء بالبصرة في ايام بهاء الدولة وكان بيني وبينه من المودة ما شهرته تغنى عن ذكره مضيت اليه وقلت له قد علمت ان هذا الامر الذي تقلدته يحتاج فيه الى مؤن كثيرة وامور لا يقدر عليها وقد احضرتك مائتي دينار وتعلم انني ممن لا يطلب قضاء ولا شهادة ولا بيني وبين احد خصومة احتاج اليها في الترافع اليك وان حدث بي حدث اقتضى الترافع اليك فبالله عليك الا حكمت علي في ذلك بما يجب على يهودي لو كان في موضعي واسألك ان تقبض مني هذه الدنانير تستعين بها على امرك فان قبلتها بسبب المودة التي بيننا فأنت في حل منها في الدنيا والآخرة وان كرهت قبولها على هذه الوجه فهي قرض لي عليك فقال اعلم

ان الأمر كما ذكرته ووالله اني لمحتاج اليها ولكن لا يراني الله قبلت اعانة على هذا الأمر واسألك بالله ان اطلعت احدا على هذا السر ما دامت في الدنيا فوالله ما ذكرت لأحد قبل هذا الوقت قال ابن حبيب ومات من يومه ذلك توفي ابن ابي الشوارب في شوال هذه السنة
47 - ابراهيم بن عبد الواحد
ابن محمد بن الحباب ابو القاسم الدلال سمع محمد بن عبدالله الشافعي وغيره وكان ثقة يسكن الجانب الشرقي وتوفي في صفر هذه السنة
48 - جعفر بن بابي
ابو مسلم الختلى سمع ابن بطة ودرس فقه الشافعي على ابي حامد الاسفرائيني وكان ثقة فاضلا دينا وتوفي في رمضان هذه السنة
49 - عبد الله بن جعفر
ابو سعد ابن باكويه وزر لجلال الدولة ابي طاهر واعتقله ومات في اعتقاله في هذه السنة وكان اديبا شاعرا
50 - عمر بن احمد
ابن ابراهيم بن عبدربه ابو حازم الهذلي النيسابوري سمع اسماعيل بن نجيد وابا بكر الاسماعيلي وخلقا كثيرا روى عنه محمد بن ابي الفوارس والتنوخي وابو بكر الخطيب وكان ثقة صادقا عارفا حافظا سمع الناس بافادته وكتبوا بانتخابه وتوفي في عيد الفطر من هذه السنة
51 - عمر بن احمد
ابن عثمان ابو حفص البزاز العكبري ولد سنة عشرين وثلثمائة سمع النقاش وكان ثقة مقبول الشهادة عند الحكام وتوفي في هذه السنة

52 - علي بن احمد
ابن عمر بن حفص ابو الحسن المقرى المعروف بابن الحمامي ولد سنة ثمان وعشرين وثلثمائة وسمع ابا عمر وابن السماك والنجاد والخلدي وخلقا كثيرا وكان صدوقا دينا فاضلا حسن الاعتقاد وتفرد بأسانيد القراآت وعلوها في وقتها وكان ينزل سوق السلاح من دار المملكة
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثني نصر بن ابراهيم الفقيه قال سمعت سليم بن ايوب الرازي يقول سمعت ابا الفتح بن ابي الفوارس يقول لو رحل رجل من خراسان ليسمع كلمة من اباالحسن الحمامي او من ابي احمد الفرضي لم تكن رحلته ضائعة عندنا توفي ابو الحسن الحمامي رابع عشرين من شعبان هذه السنة عن تسع وثمانين سنة ودفن بمقبرة باب حرب
53 - محمد بن احمد
ابن ابراهيم بن مشاذى ابو الحسن الهمذاني اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن علي بن ثابت قال كتبت عنه عند رجوعه من الحج وذلك في سنة تسع واربعمائة وكان ثقة
54 - محمد بن احمد
ابن الحسن بن الحسن بن اسحاق ابو الحسن البزاز اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن علي بن ثابت قال محمد بن احمد ابو الحسن البزار سمع بمكة من عبدالله بن محمد بن اسحاق الفاكهي واحمد بن محبوب الفقيه كتبنا عنه بعد أن كف بصره وكان ثقة وتوفي في سنة سبع عشرة واربعمائة
سنة 418
ثم دخلت سنة ثمان عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في آخر نهار الخميس العاشر من ربيع الآخر جاء برد كبار

بنواحي قطربل والنعمانية والنيل واثر في غلات هذه النواحي وقتل كثيرا من الوحش والغنم وقيل انه كان في البردة منه ما وزنه رطلان واكثر رجاء في ليلة الجمعة لاحدى عشرة ليلة خلت من هذا الشهر في مدينة السلام برد كبير كقدر البيض واكبر بعد مطر متصل وورد الكتاب من واسط بانه سقط من البرد ما كان وزن الواحدة منه ارطالا فهلكت الغلات ولم يصح منها الا الأقل
وفي ربيع الآخر قصد الاصفهسلارية والغلمان دار الخليفة وراسلوه بأنك انت مالك الامور وقد كنا عند وفاة الملك مشرف الدولة اخترنا جلال الدولة تقديرا منا انه ينظر في امورنا فأغفلنا فعدلنا الى ابي كاليجار ظنا منه انه يحقق ما يعدنا به فكنا على اقبح من الحالة الاولى ولا بد من تدبير امورنا فخرج الجواب بأنكم ابناء دولتنا وأول ما نأمركم به ان تكون كلمتكم واحدة وبعد فقد جرى الأمر من عقد الامر لأبي طاهر ثم نقضه ثم ساعدناكم عليه وفيه قبح علينا وعليكم ثم عقدتم لأبي كاليجار عقد لا يحسن حله من غير روية ولبنى بويه في رقابنا عهود لا يجوز العدول عنها والوجه ان تدعونا حتى نكاتب ابا كاليجار ونعرف ما عنده ثم كوتب انك ان لم تتدارك الأمر خرج عن اليد ثم آل الامر أن عادوا وسألوا التقدم بالخطبة لجلال الدولة ابي طاهر واقيمت الخطبة له وكتب الامير يمين الدولة محمود الى الخليفة كتابا يذكر فيه ما فتحه من بلاد الهند وكسره الصنم المعروف بسومنات وكان في كتابه ان اصناف الخلق افتتنوا بهذا الصنم وربما اتفق برؤ عليل يقصده وكانوا يأتونه من كل فج عميق ويتقربون اليه بالاموال الكثيرة حتى بلغت اوقاته عشرة آلاف قرية مشهورة في تلك البقاع وامتلأت خزانة بالأموال ورتب له الف رجل للمواظبة على خدمته وثلثمائة يحلقون حجيجه وثلثمائة وخمسون يرقصون ويغنون على باب الصنم وقد كان العبد يتمنى قلع هذا الوثن فكان يتعرف الاحوال فتوصف له المفاوز اليه وقلة الماء واستيلاء الرمل على الطرق فاستخار العبد الله تعالى في الانتداب لهذا الواجب ومثل في فهمه اضعاف المسموع من المتاعب طلبا

للثواب الجزيل ونهض العبد في شعبان سنة ست عشرة في ثلاثين الف فارس اختارهم سوى المطوعة ففرق في المطوعة خمسين الف دينار ليستعينوا على أخذ الآ هبة ثم مضى في مقارنة اصعب مما وصف وقضى الله الوصول الى بلد الصنم واعان حتى ملك البلد وقلع الوثن واوقدت عليه النار حتى تقطع وقتل خمسون الف من سكان البلد
وفي يوم السبت ثالث رمضان دخل جلال الدولة الى دار المملكة بعد أن خرج الخليفة ليلقيه قبل ذلك بساعة فاجتمعا في دجلة ونزل الخليفة من داره في الطيار بين سرادقين مضروبين ومعه الامير ابو جعفر وابو الحسن علي بن عبد العزيز والمرتضى ابو القاسم الموسري ونظام الحضرتين ابو الحسن الزينبي والمصطنع ابو نصر منصور بن رطاس الحاجب وانحدر الى ان قرب من مضرب الملك جلال الدولة فخرج اليه في زبزبه وصعد فقبل الارض دفعات وجلس بين يديه على كرسي طرح له وسأله عن اخباره وعرفه انه يقرب داره فشكر ودعا وعاد الى الزبزب فوقف فيه فتقدم اليه الخليفة بالجلوس فجلس وتبع الطيار على سبيل الخدمة الى ان عبر الى درجة دار الخليفة وصعد الملك من الزبزب وجلس في خيمة لطيفة ضربت له على شاطىء دجلة بقرب قصر عيسى ثم مضى الى دار المملكة وتقدم بأن يضرب له الطبل على بابها في اوقات الصلوات الخمس على مثل ما كان سلطان الدولة فعله عند وروده وغير مشرف الدولة بعده ورده الى الرسم وهو في اوقات الصلوات الثلاث وعلى ذلك جرت العادة في ايام عضد الدولة وصمصامها وشرفها وبهائها فثقل ما فعله على الخليفة لانه مساواة له وراسل في معناه فاحتج بما فعله سلطان الدولة فقيل ذلك على غير اصل ومن غير اذن ولم تجر العادة بمماثلة الخليفة في هذا الأمر ثم تردد الرسائل ما نتهى الى ان قطع الملك ضرب الطبل في الواحدة فأذن الخليفة في ضرب الطبل في اوقات الصلوات الخمس
وفي هذه السنة حلف جلال الدولة لجنوده على الوفاء والصفاء وحلف

لامير المؤمنين ايضا على المخالصة والطاعة
وفي يوم الاربعاء لثلاث بقيت من شوال وهو التاسع والعشرين من تشرين الثاني هبت ريح من الغرب باردة ودام البرد الى يوم الثلاثاء ثالث ذي القعدة فجاوز العدة وجمدت منه حافات دجلة وجمد الخل والنبيذ وابوال الدواب ورثيت ناعورة قد وقفت لجمود الماء وقد صار الماء في أنقابها كالعمود وقلد ابو طاهر بن حماد واسطا والبطيحة ولقب عميد الحضرة ذا الرتبتين وفيها زاد الامر في نقص دار معز الدولة بباب الشماسية وكان معز الدولة قد بنى هذه الدار بناء صرف اليه عنايته فعظم المجالس وفخم البناء ووصل بها من الاصطبلات ما يسع الوفا من الكراع وجعل على كل اصطبل بابا من حديد وانفق عليها اثنى عشر الف الف درهم قيمتها الف الف دينار سوى ما كان من معادن الحص والنورة والاسفيذاج ولم يعمل من مسناتها الا البعض لأنه اراد أن يصل المسناة بمسناة دار الصيمري فعاجلته المنية فلما توفى جعلها ولده عز الدولة دار الموكب وكان لا يحضرها الا عند البروز للعسكر وكانت داره التي ينزلها الدار الغربة التي كانت للمتقى لله وتجددت دولة بعد دولة ودار العز مهجورة فلما عمر بهاء الدولة بسوق الثلاثاء التي كانت معروفة بمونس فسخ في اخذ شيء من آجر الاصطبلات فدب الخراب فيها وبعث بهاء الدولة لقلع السقف الساج المذهب من بيت المائدة وكانت قد انفقت عليه اموال عظيمة فحمله الى مهروبان ليحوله الى دار المملكة بشيراز فلم يتم ذلك وبقي موضعه فهلك وبذل في ثمنه من يحك ذهبه ثمانية آلاف دينار فلم يقبل الرجل ثم امتدت يد الجند الى أخذ آجرها ثم اقيم من ينقضها ويبيع آلاتها
وتأخر في هذه السنة الحاج الخراسانية ولم يحج من خراسان والعراق احد
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
55 - احمد بن محمد
ابن عبدالله بن عبد الصمد بن المهتدى بالله ابو عبدالله الشاهد خطب في جامع

المنصور في سنة ست وثمانين وثلثمائة وكان يخطب خطبة واحدة كل جمعة لا يغيرها وإذا سمعها منه الناس ضجوا بالبكاء وخشعوا لصوته توفى في هذه السنة
56 - الحسين بن علي ابن الحسين أبو القاسم المغربي الوزير ولد بمصر في ذي الحجة سنة سبعين وثلثمائة وهرب منها حين قتل صاحبها أباه وعمه وقصد مكة ثم الشام ثم بغداد فوزر لمشرف الدولة بعد أبي على الرخجي وكان كاتبا عالما يقول الشعر الحسن ثم وزر بعد ذلك لابن مروان بديار بكر ومات عنده قال أبو غالب بن بشران الواسطي رويت له أن بعض الحكماء قال لبنيه تعلموا العلم فلأن يذم الزمان لكم خير من أن يذم بكم ففكر ساعة وكتب ... ولقد بلوت الدهر أعجم صرفة ... فأطاع لي عصيانه وليانه ... ووجدت عقل المرء قيمة نفسه ... وبجده جدواه وحرمانه ... فإذا جفاه المجد عيبت نفسه ... وإذا جفاه الجد عيبت زمانه ...
ومن شعره المستحسن ما أنبأنا به أبو القاسم السمرقندي قال أنشدنا أبو محمد التميمي للوزير أبي القاسم المغربي ... وما ظبية ادماء تحنوا على الطلا ... ترى الإنس وحشا وهي تأنس بالوحش ... غدت فارتعت ثم انثنت لرضاعه ... فلم تلق شيئا من قوائمه الحمش ... فطافت بذاك القاع ولها فصادفت ... سباع الفلا ينهشنه أي ما نهش ... بأوجع منى يوم ظلت أنامل ... تودعني بالدر من شبك النقش ... واجمالهم تمشى وقد خيل الهوى ... كأن مطاياهم على ناظري تمشي ... وأعجب ما في الأمر إن عشت بعدهم ... على أنه ما خلفوا في من بطش ...
وكان المغربي إذا دخل عليه الفقيه سأله عن النحو والنحوى سأله عن الفرائض أو الشاعر سأله عن القرآن قصدا ليسكتهم فدخل عليه شيخ معروف فسأله عن العلم فقال ما أدري ولكني رجل يودعني الغريب الذي لا أعرفه الأموال

العظيمة ويعود بعد سنين وهي مختومها فأخجله بذلك وآل الأمر الى أن زار رجلا من الصالحين المنقطعين إلى الله تعالى فقال لو صحبتنا لنستفيد منك وتستفيد منا فقال ردني عن هذا بيت شعر ... إذا شئت أن تحيا غنيا فلا تكن ... بمنزلة إلا رضيت بدونها ...
فأنا اكتفي بعيشي هذا فقال يا شيخ ما هذا بيت شعر هذا بيت مال ثم قال اللهم أغننا كما أغنيت هذا الشيخ واعتزل السلطان فقيل له لو تركت المناصب في عنفوان شبابك فقال
... كنت في سفرة البطالة والجهل ... زمانا فحان مني قدوم ... تبت من كل مأثم فعسى ... يمحي بهذا الحديث ذاك القديم ... بعد خمس وأربعين لقد ما ... طلت إلا أن الغريم كريم ...
ولما أحسن بالموت كتب كتابا إلى من يصل إليه من الأمراء والرؤساء الذين من ديار بكر والكوفة يعرفهم أن حظية له توفيت وإن تابوتها يجتاز بهم إلى مشهد أمير المؤمنين علي عليه السلام وخاطبهم في المراعاة لمن يصحبه ويخفره وكان قصده أن لا يتعرض أحد لتابوته وإن ينطوي خبره فتم له ذلك وتوفي في رمضان بميا فارقين عن ست وأربعين سنة وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين علي عليه السلام فدفن هناك
57 - محمد بن اسحاق ابن الطل ابن وائل أبو بكر الأزدي الأنباري سمع أحمد بن يعقوب القرنجلي أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال حدثني الصوري أنه سمع منه بالأنبار في سنة ثمان عشرة وأربعمائة ومات في تلك السنة
58 - محمد بن الحسين ابن ابراهيم بن محمد أبو بكر الوراق ويعرف بابن الخفاف حدث عن أحمد بن جعفر

القطيعي وغيره
اخبرنا القزاز ابو بكر بن علي الحافظ حدثنا محمد بن الحسين الخفاف عن جماعة كثيرة لا تعرف ذكر أنه كتب عنهم في السفر وكان غير ثقة لا شك انه كان يركب الاحاديث ويضعها على من يرويها عنه ويختلق اسماء وانسابا عجيبة وعندي عنه من تلك الأباطيل اشياء وكنت عرضت بعضها علي هبة الله بن الحسن الطبري فخرق كتابي بها وجعل يعجب مني كيف اسمع منه توفي الخفاف في ذي الحجة من هذه السنة
59 - هبة الله بن الحسن
ابن منصور ابو القاسم الرازي طبري الأصل ويعرف بالألكاني سمع عيسى بن علي بن عيسى الوزير والمخلص وخلقا كثيرا ودرس الفقه على مذهب الشافعي عند ابي حامد الاسفرائيني وكان يفهم ويحفظ كتبا وادركته المنية قبل ان ينتشر عنه شيء فتوفى بالدينور في رمضان هذه السنة
اخبرنا الفزاز اخبرنا الخطيب قال حدثني علي بن الحسين بن جداء العكبري قال رأيت ابا القاسم الطبري في المنام فقلت له ما فعل الله بك قال غفر لي قلت بماذا فكأنه قال كلمة خفية بالسنة
60 - ابو القاسم بن القادر بالله
توفي ليلة الاحد الليلة خلت من جمادي الآخرة وصلى عليه ابو جعفر ومشى الناس بين يدي جنازته من رأس الجسر الى التربة بالرصافة واعاد الصلاة عليه ابو محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر وقطع ضرب الطبل في دار الخلافة اياما لاجل المصيبة ولحق الخليفة عليه من الحزن امر عظيم
61 - ابو الحسن ابن طباطبا
الشريف له شعر مليح ومنه أن رجلا كتب اليه فأجابه على ظهر رقعته فقال ... وقرأت الذي كتبت وما زا ... ل نجيى ومؤنسي وسميري

وغدا الفال بامتزاج السطور ... حاكما بامتزاجنا في الضمير ... واقتران الكلام لفظا وخطا شاهد باقتران ود الصدور ... وتبركت باجتماع الكلامين رجاء اجتماعنا في سرور ... وتفاءلت بالظهور على الواشي فصارت اجابتي في الظهور ... توفى في ذي القعدة من هذه السنة
سنة 419
ثم دخلت سنة تسع عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان العلمان اجتمعوا يوم الأحد ثاني عشر المحرم وتحالفوا على اتفاق الكلمة واخرجوا الخيم واخرجوا اكابر الاصفهسلارية معهم فخرجوا يوم السبت ثامن عشر المحرم ثم انفذوا يوم الاحد جماعة الى دار الخلافة برسالة يقولون فيها نحن عبيد امير المؤمنين وهذا الملك متوفر على لذاته لا يقوم بامورنا ونريد أن توعز اليه بالعود الى البصرة وانفاذ ولده ليقيم بيننا نائبا عنه في مراعاتنا فأجيبوا ووعدوا بمراسلة جلال الدولة وأنفذ اليه المرتضى وابو الحسن الزينبي وابو نصر المصطنع برسالة تتضمن ما قالوه فقال كل ما ذكروا من أغفالنا لهم صحيح ونحن معتذرون عفا الله عما سلف ونحن نستأنف الطريقة التي تؤدى الى مرادهم فلما بلغهم ذلك قالوا فاذا نحن مطيعون الا أننا نريد ما وعدنا به عاجلا قبل دخولنا الى منازلنا ثم نقرر القواعد بعد ذلك واخرج من المصاغ والفضة اكثر من مائة الف درهم فلم يرضهم وباكروا فنهبوا دار الوزير ابي علي ابن ما كولا وبعض دور الاصحاب والحواشي وعظمت الفتنة وخرقت الهيبة ومد اقوام ايديهم الى دور العوام ووكلوا جماعة منهم بابواب دار المملكة ومنعوا من دخول الطعام والماء فضاق الامر على من في الدار حتى اكلوا ما في البستان وشربوا من الآبار فخرج الملك ودعا قوما من الموكلين بالابواب فلم يأوا فكتب رقعة الى الغلمان بأني ارجع عن كل ما انكرتموه واعطيكم

فقالوا لو اعطيتنا ملء بغداد لم تصلح لنا ولم نصلح لك فقال إذ كرهتموني فمكنوتي من الانحدار واستقر الأمر على انحداره وابتيع له زبزب شعث فقال يكون نزولي بالليل فقالوا لا بل الآن والغلمان يرونه قائما فلا يسلمون عليه ويدعوهم فلا يجيبونه فحمل قوم من الغلمان على السرادق فظن انهم يريدون الحرام فخرج وفي يده طير وقال قد بلغ الامر الى الحرم فقال بعضهم ارجع الى دارك فانك ملكنا وصاحوا جلال الدولة يا منصور وانتضبت السيوف وترجلوا وقبلوا الارض واخرج المصاغ حتى حلي النساء فصرفه اليهم واخرج الثياب والفروش والآلات الكثيرة فلم يف ببعض المقصود ثم اجتمعوا عند الوزير وهموا بقتله فقال لا ذنب له واخرجت الآلات فبيعت وكان فيها كيس وسفرة وطست وقد ذكرنا ما جرى على النخل في السنة الماضية من البرد والريح فلما جاءت هذه السنة عدم الرطب الا ما يجلب من بعد فبيع كل ثلاثة ارطال بدينار جلالي واشتد البرد فجمدت حافات دجلة وونفت العروب بعكبرا عن الدوران لجمود ما حولها وهلك ببغداد من النخل عشرات الوف وتأخر في هذه السنة ورود الحاج من خراسان وبطل الحج من العراق والبصرة وتأخر عنه اهل مصر ومضى قوم من خراسان الى مكران فركبوا في البحر من هناك الى جدة فحجعوا
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
62 - الحسين بن الحسن
ابن يحيى ابو عبدالله العلوي ويعرف بالنهرسابسى كتب عنه ابو بكر 2 الخطيب وكان صدوقا قال وسألته عن مولده فقال ولدت بالكوفة سنة تسع وعشرين وثلثمائة ومات بواسط في جمادي الآخرة من هذه السنة
63 - حمزة بن ابراهيم
ابو الخطاب اتصل ببهاء الدولة بعلمه النجوم ونزل منزلة لم يبلغها امثاله وكان

الوزراء يتعبونه وحمل اليه فخر الملك ابن خلف لما فتح قلعة سابور مائة الف دينار فاستقلها وعاتبه فآل أمره الى ان مات بكرخ سامرا غريبا مفوجا وذهب ما له وجاهه
64 - محمد بن محمد بن ابراهيم
ابن مخلد ابو الحسن التاجر سمع اسماعيل بن محمد الصغار ومحمد بن عمر الرزاز وعمر بن الحسن الشيباني وهو آخر من حدث عنهم وسمع ابا عمرو بن السماك واحمد بن سليمان النجاد وجعفر الخلدي وغيرهم ولم يكن بقي اعلى اسنادا منه وكانت له معرفة بشيء من الفقه وكان ذا حال ونعمة وعرضت عليه الشهادة فأباها وأشفق من المصادرة فخرج الى مصر فاقام بها سنة ثم عاد فالزم في التقسيط على الكرخ الذي وقع في سنة سبع عشرة ما افقره حتى انه توفي في ربيع الاول من هذه السنة ولم يكن عنده كفن فبعث القادر بالله اكفانه من عنده
65 - مبارك الانماطي
كان له مال عظيم وجاه كبير فتوفي بمصر وخلف ما يزيد على ثلثمائة الف دينار فترك جميع ذلك على بنت كانت له ببغداد
66 - ابو الفوارس بن بهاء الدولة
توفي بكر مان فنادى اصحابه بشعار ابن اخيه ابي كليجار وكان ابو الفوارس ظالما كان اذا شرب ضرب اصحابه وضرب وزيره في بعض الايام مائتي مقرعة واحلفه بالطلاق انه لا يتأوه ولا يخبر بذلك احدا فقيل ان حواشيه سموه ودفنوه بشيراز
67 - محمد باشاذ
وزر لابي كاليجار فلقبه معز الدين فلك الدولة سيد الامة وزير الوزراء عماد الملك ثم سلم الى جلال الدولة ابي طاهر فاعتل ومات

68 - ابو عبد الله بن التبان المتكلم توفي في هذه السنة
سنة 420
ثم دخلت سنة عشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه انحدر ذو البراعتين احمد بن محمد الواسطي الى البصرة واليا عليها في محرم هذه السنة
وورد الخبر لسبع خلون من ربيع الآخر بأن مطرا ورد بنواحي النعمانية ومعه برد كبار في بردة ارطال وذكر أنه ورد بنواحي دير العاقول مطر معه بردوزن الواحدة منها خمسة دراهم واقل وارتفعت بعده ريح سوداء فقلعت كثيرا من اصول الزيتون العامية العتيقة وعبرت بها من شرقي النهروان الى غربيه وطرحتها علي بعد وقلعت الريح نخلة من اصلها ثم حملت جذعها الى دار بينها وبينها ثلاث دور وقلعت الريح سقف مسجد الجامع ببعض القرى وشوهد من البرد ما يكون في الواحدة ما بين الرطل الى الرطلين ووجدت بردة عظيمة الحجم يزيد وزنها على مائة رطل فحزرت بمائة وخمسين رطلا وكانت كالثور النائم وقد نزلت في الارض نحوا من ذراع
وورد الى الخليفة كتاب من الامير يمين الدولة ابي القاسم محمود وكان فيه سلام على سيدنا ومولانا الامام القادر بالله امير المؤمنين فان كتاب العبد صدر من معسكره بظاهر الرى غرة جمادي الآخرة سنة عشرين وقد أزال الله عن هذه البقعة ايدي الظلمة وطهرها من دعوة الباطنية الكفرة والمبتدعة الفجرة وقد تناهت الى الحضرة المقدسة حقيقة الحال في ماقصر العبد عليه سعيه واجتهاده من غزو أهل الكفر والضلالا وقمع من نبغ ببلاد خراسان من الفئة الباطنية الفجار وكانت مدينة الري مخصوصة بالتجائهم اليها واعلانهم بالدعاء الى كفرهم فيها يختلطون بالمعتزلة المبتدعة والغلية من الروافض المخالفة لكتاب

الله والسنة يتجاهرون بشتم الصحابة ويرون اعتقاد الكفر ومذهب الاباحة وكان زعيمهم رستم بن علي الديلمي فعطف العبد عنانه بالعساكر فطلع بجرجان وتوقف بها الى انصراف الشتاء ثم دلف منها الى دامغان ووجه عليا الحاجب في مقدمة العسكر الى الري فبرز رستم بن علي من وجاره على حكم الاستسلام والاضطرار فقبض عليه وعلى اعيان الباطنية من فؤاده وطلعت الرايات أثر المقدمة بسواد الري غدوة الاثنين السادس عشر من جمادي الاولى وخرج الديللة معترفين بذنوبهم شاهدين بالكفر والرفض على نفوسهم فرجع الى الفقهاء في تعرف احوالهم فانفقوا على انهم خارجون من الطاعة وداخلون في اهل الفساد مستمرون على العناد فيجب عليهم القتل والقطع والنفي على مراتب جناياتهم وان لم يكونوا من أهل الالحاد فكيف واعتقادهم في مذاهبهم لا يعدو ثلاثة اوجه تسود بها الوجوه في القيامة التشبع والرفض والباطن وذكر هؤلاء الفقهاء أن اكثر القوم لا يقيمون الصلاة ولا يؤتون الزكاة ولا يعرفون شرائط الاسلام ولا يميزون بين الحلال والحرام بل يجاهرون بالقذف وشتم الصحابة ويعتقدون ذلك ديانة والأمثل منهم يتقلد مذهب الاعتزال والباطنية منهم لا يؤمنون بالله عز و جل وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر انهم يعدون جميع الملل مخاريق الحكماء ويعتقدون مذاهب الاباحة في الاموال والفروج والدماء وحكموا بأن رستم بن علي كان يظهر التستر ويتميز به عن سلفه الا أن في حبالته زيادة على خمسين امرأة من الحرائر ولدن ثلاثة وثلاثين نفسا من الذكور والاناث وحين رجع اليه في السؤال عن هذه الحال وعرف ان من يستجيز مثل هذا الضنيع مجاوز كل حد في الاستحلال ذكر أن هذه العدة من النساء ازواجه وان اولادهن اولاده وان الرسم الجاري لسلفه في ارتباط الحرائر كان مستمرا على هذه الجملة وأنه لم يخالف عادتهم في ارتكاب هذه الخطة وان ناحية من سواد الري قد خصت بقوم من المزدكية يدعون الاسلام باعلان الشهادة ثم يجاهرون بترك الصلاة والزكاة والصوم والغسل وأكل

الميتة فقضى الانتصار لدين الله تعالى بتميز الباطنية عنهم فصلبوا على شارع مدينة طال ما امتلكوها غصبا واقتسموا اموالها نهبا وقد كانوا بذلوا اموالا جمة يفتدون بها نفوسهم فعرفوا ان الغرض نهب نفوسهم دون العرض وحول رستم ابن علي وابنه وجماعة من الديلمة الى خراسان وضم اليهم اعيان المعتزلة والغلاة من الروافض ليتخلص الناس من فتنتهم ثم نظر فيما اخترته رستم بن علي فعثر من الجواهر ما يقارب خمسمائة الف دينار ومن النقد على مائتين وستين الف دينار ومن الذهبيات والفضيات على ما بلغ قيمة ثلاثين الف دينار ومن اصناف الثياب على خمسة آلاف وثلثمائة ثوب وبلغت قيمة الدسوت من النسيج والخزوانيات عشرين الف دينار ووقف اعيان على مائتي الف دينار وحول من الكتب خمسون حملا ماخلا كتب المعتزلة والفلاسفة والروافض فانها احرقت تحت جذوع المصليين اذ كانت اصول البدع فخلت هذه البقعة من دعاة الباطنية واعيان المعتزلة وانتصرت السنة فطالع العبد بحقيقة ما يسره الله تعالى لانصار الدولة القاهرة
وفي وقت عتمة ليلة الثلاثاء لعشر بقين من رجب انقض كوكب عظيم اضاءت منه الارض وكان له دوي كدوي الرعد وتقطع اربع قطع وانقض في ليلة الخميس بعده كوكب آخر دونه وانقض في ليلة الاربعاء لليلتين بقيتا من الشهر كوكب ثالث اكبر من الاول واكثر اضاءة وانتشار شعاع
وفي شعبان اضطرب البلد وكثرت العملات وكبس العيارون عدة محال منه وضعفت رجالة المعونة
وفي يوم الاثنين الثامن عشر من هذا الشهر غار الماء في الفرات غورا شديدا وجزرت فوهة نهر الرفيل وانقطع الماء عنه ووقفت الارحاء التي عليه وتعذرت الطحون وبلغت اجرة الكارة في طحنها ثلاث دنانير ركنية قيمتها دينار وكانت الركينة نصفا من المس ثم صارت مسا وحده

وفي هذا اليوم جمع الاشراف والقضاة والشهود والفقهاء في دار الخلافة وقرئ عليهم كتاب طويل عمله الخليفة القادر بالله يتضمن الوعظ وتفضيل مذهب السنة والطعن على المعتزلة وايراد الاخبار الكثيرة في ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم والصحابة
وفي يوم الخميس لعشر بقين من رمضان جمع الاشراف والقضاة والشهود والفقهاء والوعاظ والزهاد الى دار الخلافة وقرأ عليهم ابو الحسن بن حاجب النعمان كتابا طويلا عمله الخليفة القادر بالله وذكر فيه اخبارا من اخبار النبي صلى الله عليه و سلم ووفاته وما روى عنه في امور من من الدين وشرائعه وخرج من ذلك الى الطعن على من يقول بخلق القرآن وتفسيقه وحكاية ما جرى بين عبد العزيز وبشر المريسي فيه ثم ختم القول بالوعظ والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واخذت في آخر الكتاب خطوط الحاضرين وسماعهم بماسمعوه
وفي يوم الاثنين غرة ذي القعدة جمع القضاة والشهود والفقهاء والوعاظ والزهاد الى دار الخلافة وقرىء عليهم كتاب طويل جدا يتضمن ذكر ابي بكر وعمر وفضائلهما ووفاة النبي صلى الله عليه و سلم والطعن على من يقول بخلق القرآن واعيد فيه ما جرى بين بشر المريسي وعبد العزيز المكي في ذاك ويخرج من هذا الى الوعظ والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واقام الناس الى بعد العتمة حتى استوفيت قراءته ثم اخذت خطوطهم في آخره بحضورهم وسماع ما سمعوه وكان يخطب في جامع براثا من يذكر في خطبته مذهبا فاحشا من مذاهب الشيعة فقبض عليه من دار الخلافة وتقدم يوم الجمعة التاسع عشر من ذي القعدة الى ابي منصور بن تمام الخطيب ليخطب بدلا عن الخطيب الذي كان مرسوما به فلما صعد المنبر دقه بعقب سيفه على ما جرت به العادة والشيعة تنكر ذلك وخطب خطبة قصر فيها عما كان يفعله من تقدمه في ذكر علي بن ابي طالب وختم قوله بان قال اللهم اغفر المسلمين ومن زعم ان عليا مولاه فرماه العامة

حينئذ بالآجر ود موا ونزل من المنبر ووقف المسالح دونه حتى صلى ركعتي الجمعة خفيفة وعرف الخليفة ذلك فغاظه واحفظه وخرج امره باستدعاء الشريفين ابي القاسم المرتضى وأبي الحسن الزينبي نظام الحضرتين محمد بن علي والقاضي ابي صالح وامر بمكاتبة الحضر الملكية والوزير ابي علي ابن ماكولا والاصبهلارية في هذا المعنى بما تقام القيامة فيه فكان كما كتب
بسم الله الرحمن الرحيم اذا بلغ الامر اطال الله بقاء صاحب الجيش الى الجرءة على الدين وسياسة الدولة والمملكة ثبتها الله من الرعاع والاوباش فلا صبر دون المبالغة بما توجبه الحمية وبغير شك انه قد بلغه ما جرى في يوم الجمعة الماضية من مسجد براثا الذي يجمع الكفرة والزنادقة ومن قد تبرأ الله منه فصار أشبه شيء بمسجد الضرار وذلك ان خطيبا كان فيه يجري الى ما لا يخرج به عن الزندقة والدعوى لعلي بن ابي طالب عليه السلام مالو كان حيا فسمعه لقتل قائله وقد فعل مثل ذلك في الغواة امثال هؤلاء الغثاء الذين يدعون الله ما تكاد السموات يتفطرن منه فان فانه كان في بعض ما يورده هذا الخطيب قبحه الله بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم فيقول وعلى اخيه امير المؤمنين علي بن ابي طالب مكلم الجمجمة ومحي الاموات البشري الالاهي مكلم فتية اصحاب الكهف الى غير ذلك من الغلو المبتدع الذي تقشعر منه الجلود ويتحرك منه المسلمون وتنخلع قلوبهم ويرون الجهاد فيه كجهاد الثغر فلما ظهر ذلك قبض على الخطيب وانقذ ابن تمام ليعتمد اقامة الخطبة القويمة فاورد الرسم الذي يطرق الاسماع من الخطبة ولم يخرج عن قوله اللهم صلى على محمد وعلى آله الطاهرين واصحابه المنتجبين وأزواجه الطاهرات امهات المؤمنين وذكر العباس وعليا عليهما السلام ثم قال في التفاته المعهود عن يمينه اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد امام ائمة الهدى وعن يساره اللهم صلي على محمد الشفيع المشفع في الورى واقام الدعوتين الجليلتين ونزل فوافاه الآجر كالمطر فخلع كتفه وكسر أنفه وادمى وجهه وهو لمابه واشط بدمه لولا انه كان هناك اربعة من الاتراك ايدهم الله

فنفروا واجهدوا في ان حموه لكان قد هلك وهذه هجمة على دين الله وفتك في شريعة رسول الله صلى الله عليه و سلم وخلاعة ذكر الربوبية والحاجة صادقة والضرورة ماسة الى أن يقصد الامتعاص البالغ في هذه الحال العظيمة الهائلة التي ارتكبها الكفرة الفجرة واقدموا على ما اقدموا عليه وبقي التظافر على اقتناصهم وأخذ البريء بالسقيم واباحة الدماء الواجب سفحها وكسر الايدي والارجل التي تجب ابانتها عن أجسادها والشد على ايدي اصحاب المعونه فيها يقصدونه من ذلك والعمل على ركوب الجم الغفير وجمهور كبراء العسكر أدام الله عزهم في يوم الجمعة الآتية ليكون الخطيب ايده الله في صحبتهم ويجري الامر في الخطبة الاسلامية على تقويمها ورغم من رغم ولا يكون ذلك الا بعد نكاية تظهر وتعم فان هؤلاء الشيع قد درسوا الاسلام وقد بقيت منه بقية وان لم تدفع هؤلاء الزنادقة المرتدة عن سنن الاسلام والاهدم وذهبت هذه البقية وله ادام الله تأييده سامى رأيه في الوف على ذلك والجري على العادة في كفاية هذا المهم واجابتي عن هذه الرقعة بما انهيه فيقع السكون اليه والاعتماد عليه ان شاء الله بعد فقد لحق تماما الخطيب في نفسه وولده ما ستنشر معرفته وقد انهتك محرمه ويحتاج ان يستدعي صاحب المعونة ليستكشف عن حقيقة الحال ومن الذي جنى هذه الجناية ويتعرف من الملاحين الذين في المشارع من اي جهة وردوا والى أين صاروا ويتعرف ذلك من حراس الدروب بعد الارهاب الذي يعمل في مثله ويطالع بما ينتهي اليه الاجتهاد ان شاء الله
وكان الذي لحق الخطيب انه كبسه نحو ثلاثين رجلا في ليلة الاثنين بالمشاعل واخذوا ما كان في داره واعروا ولده وحرمه واشفق الوزير والاسفهسلارية في الجمعة الثانية من حدوث فتنة بركوب الغلمان مع الخطيب فراسلوا ابا الحسن بن حاجب النعمان بالتوقف عن انقاذه في هذا اليوم الى ان تسكن الفورة وترتب لهذا الأمر قاعدة يؤمن معها الاختلاط والفساد فلم يحضر خطيب ولا اقيمت صلاة الجمعة في مسجد يراثا وقد كان شيوخ الشيعة امتنعوا من

حضوره وتأهب الاحداث والسفهاء للفتنة
وفي هذا الوقت كثرت العملات والكبسات في الجانب الشرقي من المعروف بالبرجمي ومن معه من الدعار المتغربين من الاجمة بالأحمرية وكانوا يدخلون على الدار التي يعينون عليها من نقوب ينقبونها اليها فيصبح اهلها ويطلبون مغيثا او معينا من الاتراك يجاورونهم فلا يخرج احد منهم داره ولا يمئعض لما يجري في جواره وزاد الأمر بخلو الجانب الشرقي من ناظر في معونة ودخل على ابي بكر بن تمام الخطيب ومنزلة ملاصق مسجد القهر مانة بازاء دار المملكة فصاح واستغاث بالملك ودعاه باسمه فلما كان في ليلة السبت لئلاث بقين من ذي القعدة ارتفع الصباح ليلا في جوار دار المملكة لأن هؤلاء الدعار قصدوا دارا لبعض الاتراك وحاولوا الوصول اليها فنذر بهم وسمع الملك الصوت فركب في غلمانه وحواشيه وخرج الى باب درب حماد فطلب القوم وخرج كثير من العامة يدعون له ويذكرون الاتراك بما يعجزونهم فيه فعاد الى داره وتعدى الفساد من الجانب الشرقي الى الجانب الغربي وكبست فيه دور وفتحت دكاكين وكبس جامع الرصافة ليلا وأخذت ثياب من فيه واستؤذن الخليفة في تحويل آلات الجامع من الستور والقناديل فحولت الى التربة بالرصافة
وفي يوم الخميس التاسع من ذي الحجة حضر الاشراف والقضاة والشهود في دار الخلافة وقرىء عليهم عهد ابي عبدالله الحسين بن علي بن ماكولا يتقلده قضاء القضاة وخلع عليه ثم قرىء عهده بعد ذلك في جامع الرصافة وجامع المدينة
وفي يوم الجمعة الذي كان عيد النحر خرج الناس والجند الى ظاهر البلد بحضرة مسجد براثا فلم يحضر خطيب ولا حضر صاحب معونة فلما طال الانتظار قيل لاحد المؤذنين في الموضع تقدم فصل فتقدم وكبر في اول ركعة مالم يضبط عدد حيرة ودهشا وسجد قوم ولم يسجد قوم وكبر في الركعة الثانية تكبيرة او تكبيرتين ووقعت الصيحة فظن انها من فتنة فانزعج الناس واختاطوا وانقطعت

الصلاة وكان سبب انقطاع الخطباء عن هذا الموضع ما سبق ذكره عن ابي منصور بن تمام الخطيب وغيظ الخليفة في ان لم يفعل مقابلة ذلك لما كتب وأمر به ثم اجتمع بعد هذا قوم من مشايخ اهل الكرخ فصاروا مع الشريف المرتضى الى دار الخلافة فاحالوا على سفهاء الاحداث فيما جرى على الخطيب وسألوا الصفح عن هذه الجناية وان لا يخلى عن هذا المسجد من المراعاة واقامة الخطبة فيه فاقيم لهم خطيب وعادت الصلاة في مسجد براثا منذ يوم الجمعة غرة المحرم بعد ان عملت للخطيب نسخة يعمدها فيما يخطب واعفاءهم الخطيب من دق المنبر بعقب سيفه ومن قوله اللهم اغفر للمسلمين ومن اعتقد ان عليا مولاه وفي ليلة الجمعة لعشر بقين من ذي الحجة ورد ابو يعلى الموصلي وجماعة من العيارين كانوا مقيمين باوانا وعكبر فقتلوا خمسة من الرجالة واصحاب المسالح وظهروا من الغد في الكرخ بالسيوف المسلولة واظهروا ان كمال الدولة ابا سنان انفذهم لحفظ البلد وخدمة السلطان فثار بهم اهل الكرخ فقتلوا وصلبوا
وفي هذه السنة جرد صاحب مصر جيشا لقتال صالح من مرداس صاحب حلب وبعث الجيش مع انوشتكين التزبري فكانت الواقعة عند شاطئ نهر الاردن فاستظهر التزبري وقتل صالحا وابنه وانفذ راسيهما الى مصر واقام نصرين صالح بحلب
وتأخر الحج في هذه السنة من خرسان والعراق
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
69 - الحسن بن ابي الهبيش
ويكنى ابا علي كان من الزهاد المتعبدين ودخل عليه ابو القاسم ابن المغربي الوزير فقبل يده فقيل له كيف قبلت يده فقال كيف لا اقبل يدا ما امتدت الى قط الا الى الله تعالى وحكى ابو عبد الله محمد بن علي العلوي قال بت عنده ليلة فلم اتمكن من النوم لكثرة البق وهو واقف يصلي فلا ادري امنع البق منه

ام صبر عليه ورأيت مئزره قد انحل وسقط عن كعبيه ثم استوى وعلا الى سرته وهو واقف يصلي ولا ادري ارتفع المئزر ام طالت يده حتى اعادته وتوفي في هذه السنة وقبره ظاهر بالكوفة وقد عمل عليه مشهد وقد زرته في طريق الحج
70 - الحسين بن عبد الله
ابن احمد بن الحسن ابن ابي علاثة ابو الفرج المقرئ تفقه في حداثته وقرأ بالقراآت وكتب الحديث الكثير وحدث عن الشافعي وغيره ثم في كبره سخف امره وسقطت مروءته توفي في جمادي الاولى من هذه السنة
71 - علي بن عيسى
ابن الفرج بن صالح ابو الحسن الربعي النحوى صاحب أبي علي الفارسي ولد سنة ثمان وعشرين وثلثمائة ودرس ببغداد الادب على أبي سعيد السيرافي وخرج الى شيراز فدرس بها على ابي علي الفارسي عشرين سنة ثم عاد فأقام ببغداد الى آخر عمره فكان أبو علي يقول قولوا له لو سرت من الشرق الى الغرب لم تجد أنحى منك وكان علي بن عيسى يوما يمشي على شاطئ دجلة فرأى الرضى والمرتضى في سفينة ومعها عثمان بن جني فقال لهما من اعجب احوال الشريفين ان يكون عثمان جالسا معهما ويمشي على علي الشط بعيدا منهما توفي في محرم هذه السنة عن اثنتين وتسعين سنة ودفن بمقبرة باب الدير واخبرنا ابن ناصر عن ابي الفضل بن خيرون قال قيل انه تبع جنازته ثلاثة أنفس
سنة 421
ثم دخلت سنة احدى وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه اغلق اهل الكرخ اسواقهم وعلقوا المسوح على دكاكينهم رجوعا الى عادتهم الاولى في ذلك وسكونا الى بعد الاتراك وكان السلطان قد انحدر عنهم فحدثت الفتنة ووقع القتال بينهم وبين اهل القلائين وروسل

المرتضى في انفاذ من يحط التعاليق فحط والفتنة قائمة بين العوام واستمرت بعد ذلك وقتل من الفريقين وخربت عدة دكاكين ورتب بين الدقاقين والقلائين من يمنع القتال
وفي ليلة السبت مستهل صفر كبس جماعة من العيارين يزيدون على خمسين رجلا على مصلحي بنهر الدجاج فقتلوه وقتلوا قوما كانوا معه واحرقوا الدار ولم يتجا سر احد من الجيران أن ينذربهم خوفا منهم وفي هذا الشهر كثرت العملات والكبسات في الجانب الشرقي من المعروف بالبرجمي متقدم العيارين ووصل الى عدة مخازن ومنازل واخذ منها شيئا كثيرا واستمر ذلك فلقى الناس منه امرا عظيما
وفي يوم الاحد النصف من صفر عصفت ريح شديدة وسمع في اثنائها دوي افزع وتلاه برد كهيئة التين في حجمه وتحدد رأسه
وفي يوم السبت الحادي عشر من ربيع الآخر ورد الكتاب بدخول الملك جلال الدولة والاصفهسلارية الأهواز فضربت البوقات للبشارة بذلك وخلع على الركابية وطيف بهم في الاسواق وذلك انه لما امتنع عليهم قتال من بواسط عملوا على قصد الاهواز واطمعوا العسكر في النهب فلما مضوا اليها تخادل من كان بها من الاتراك وهرب الديلم فدخلوا فنهبوا ما يتجاوز حد الحصر واستمر النهب ستة عشر يوما حتى انه اخذ من دار ميمون البائع وخان انباره ما قدره سبع مائة الف دينار وزاد المأخوذ من البلد على خمسة آلاف الف دينار والفى جارية وحرائر واتلف واحرق مالا يمكن ضبطه
وفي يوم الجمعة لليلتين خلتا من جمادي الاولى سقطت قنطرة الزياتين على نهر عيسى
وفي يوم الاحد الثامن عشر من هذا الشهر جلس الخليفة القادر بالله واذن للخاصة والعامة فوصلوا اليه وشاهدوه وذلك عقب شكاه عرضت له شووقع الارجاف معهابه واظهر في هذا اليوم تقليد الامير ابي جعفر عبد الله ولده ولاية

عهده وكانت الاقوال قبل هذا قد كثرت في معنى الامير ابي جعفر وتوليته العهد وتوقف الخليفة عن ذلك ثم ابتديت الحال بأن ذكر على المنابر بالحضرة في ذي الحجة من السنة الماضية في عرض الدعاء للخليفة وقيل اللهم امتعه بذخيرة الدين المرجو لولاية عهده في المسلمين اشارة اليه من غير افصاح باسمه ولا نص عليه فلما جلس في هذا اليوم تقدم الصاحب ابو الغنائم محمد بن احمد وقوم من الاتراك وقال ابو الغنائم في اثناء ضجة وازدحام خدم مولانا امير المؤمنين الغلمان داعون له باطالة البقاء وادامة الدولة وشاكرون لما بلغهم من نظره لهم وللمسلمين باختيار الامير ابي جعفر لولاية العهد فقال الخليفة من هذا المتكلم ولم يفهم قوله فقيل الناظر في امور الاتراك فقال للامير ابي جعفر اسمع ما يقوله فأعاد الصاحب القول فقال الخليفة اذا كان الله قد اذن في ذلك فقد اذنا فيه فقال الامير ابو جعفر مولانا يقول اذا كان الله قد اذن في ذلك فنرجو الخيرة فيه فقال الخليفة وزحف من مخاده حتى اشرف على الناس من اعلى سريره بصوت عال وقد اذنا فقال نظام الحضرتين ابو الحسن الزينبي ثد سمع قول مولانا امير المؤمنين وحفظ والله يقرن ذلك بالخيرة والسعادة ومدت الستارة في وجهه وجلس الامير ابو جعفر على السرير الذي كان قائما عليه بين يديه وخدمه الحاضرون بالدعاء والتهنيئة وتقدم ابو الحسن ابن حاجب النعمان فقبل يده وهناه ودعا له فقال له ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى لالله المؤمنين القتال اتها ما له بافساد رأي الخليفة فيه فبكى واكب على تقبيل قدمه وتعفير خده ولحيته بين يديه وقال قولا كثيرا في التبري والاستعطاف فلما كان يوم الجمعة لسبع بقين من الشهر ذكر الخطبة على منابر الحضرة بالقائم بأمر الله ولي عهد المسلمين واثبت ذلك على سكة العين والورق
ثم ورد في يوم السبت لست بقين من الشهر كتاب الملك جلال الدولة الى الخليفة يسأله فيه هذا الذي فعل فجمع الناس يوم الثلاثاء في بيت الموكب وقرئ عليهم وكان فيه سلام على أمير المؤمنين اما بعد اطال الله بقاء سيدنا ومولانا

الامام القادر بالله امير المؤمنين فان كتابي صادر الى الحضرة القاهرة القادرية المحفوظة بالبركات النبوية وما استأ من فيه من امور الرعايا وحفظ نظام العسكر مستمر بمبذول الامكان والاجتهاد فما ازال اعمل فكر في مصالح المسلمين وادأب سعيا في حراسة شملهم وعلم سيدنا و مولانا الامام القادر بالله امير المؤمنين محيط بان الله تعالى جعل لكل شيء امدا وسوى في نقل الخلق فلم يخل من حتمه نبيا ولا صفيا وقد سار مولانا الامام القادر بالله امير المؤمنين باحسن السير حاميا للخواص والعوام من الغير ولاشه تسمية النظر في حاضر يومه لغده واعداد ما سيظهره من عدده حتى لا يسأله الله يوم المعاد عن حق اهمل وقد تعين وجوده وان اولى ما اعتمده النظر لا مة محمد ومن في ذمتها والنص على ما يعهد الله بسياستها حتى لا تكون مهملة في وقت وان الحنبة العزيزة الجعفرية مستحقة لولاية العهد بعد الامد الفسيح الذي نسأالله ان يطيله وارغب الى الموقف القادري ان يشدازر الخلافة بامضاء العقد المتين لها وصلة اسمها بالاسم العزيز في اقامة الدعوة وانشاء الكتب الى البلاد بما رأى في ذلك ليكون سيدنا ومولانا امير المؤمنين بعد الامد الفسيح قد سلم الامة الى راع فان رأت الحضرة الشريفة النبوية الانعام بالاجابة الى المرام انعمت بذلك واصدرت هذه الخدمة يوم الاحد لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادي الاولى سنة احدى وعشرين واربعمائة وأتبع هذا بكتاب عن الخليفة يذكر ما قلده الامير ابا جعفر من ولاية عهده فقال فيه وان امير المؤمنين لما تأمل ما وهبه الله تعالى من سلالته ابي جعفر عبد الله وجده شهابا لا يخبوه وخيرمن مغيبات احواله ما لم يزل يستوضحه فولاه
وفي يوم الاثنين لليلة خلت من رجب قلد ابو محمد بن النسوى النظر في المعونة ولقب الناصح واستحجب وخلع عليه واستدعى جماعة العيارين فأقامهم اعوانا واصحاب مسالح
وفي رمضان ورد الخبر من الموصل بتاريخ الجمعة لخمس بقين من شعبان ان

فضلون الكردي غزا الخزم فقتل منهم وسبى وغنم من اموالهم غنما كثيرا وعاد الى بلده يقدر انه قد كسر شوكتهم وامن غائلتهم فاتبعوه وكسبوه واستنقذوا الغنائم والسبي من يده قتلوا من الأكراد والمطوعة اكثر من عشرة الآف واستباحوا اموالهم
وكان ملك الروم قد قصد حلب في ثلثمائة الف ومعه أموال على سبعين جمازة فأشرف على عسكره مائة فارس من لعرب والف راجل فظن الروم انها كبسة فلبس ملكهم خفا اسود حتى يخفي امره وافلت واخذوا من خاصته اربعمائة بغل محملة ثيابا وقتلوا مقتله كثيرة من رجاله
ولليلة بقيت من رمضان كان اول تشرين الاول وينقضي ايلول عن حر شديد زاد على حر تموز وحزيران زيادة كثيرة وعصفت في اليوم السابع منه ريح سموم تلاها رعد ومطر جود
وكان في هذه السنة موتان ببغداد وجرف عظيم في السواد
وفي سادس شوال جرت منازعة بين احد الاتراك النازلين بباب البصرة وبعض الهاشميين فاجتمع الهاشميون الى جامع المدينة ورفعوا المصاحف واستنفروا الناس فاجتمع لهم الفقهاء والعدد الكثير من الكرخ وغيرها وضجوا بالاستغفار من الاتراك وسبهم فركب جماعة من الاتراك فلما رأوهم قد رفعوا اوراق القرآن على القصب رفعوا بازائهم قناة عليها صليب وترامى الفريقان بالنشاب والآجر وقتل من الآجر قوم ثم اصلحت الحال
وفي ليالي هذه الايام كثرت العملات والكبسات الجانب الشرقي من البرجمي ورجاله وقصدوا درب عليه ودرب الربع ففتحوا فيها عدة خانسارات ومخازن وأخذوا منها شيئا كثيرا وكبسوا عدة دور واستولوا على ما فيها
وتجدد القتال بين القلائين والدقاقين واسمترت الفتنة ودخل من كان غائبا من العيارين وكثر الاستقفاء وفتح الدكاكين وعمل العملات ليلا ولم يعمل الغدير ولا الغار في هذه السنة لأجل الفتنة وفي هذا الوقت تجدد دخول

الاكراد المتلصصة ليلا واخذهم دواب الاتراك من اصطبلاتهم وفعل ذلك في عدة اصطبلات بالجانبين حتى دعاهم الخوف الى نقل دوابهم الى دورهم وشدها فيها ليلا ونقل السلطان ماله من كراع الى دار المملكة وعملت هناك المعالف واغلق جلال الدولة بابه وصرف حواشيه لارتفاع الاقامة عنه وانصرف الحاصل الى الاتراك
وتأخر الحاج من خراسان في هذه السنة ولم يخرج من العراق إلا قوم ركبوا من الكوفة على جمال البادية وتحفروا من قبيلة إلا قبيلة وبلغت اجرة الراكب الى فيد اربعة دنانير
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
72 - ابراهيم بن الفضل
ابن حيان الحلواني قاضي سر من رأى نزل بغداد وحدث بها روى عنه المافى ابن زكريا توفى في هذه السنة
73 - الحسن بن احمد
ابن محمد بن فارس بن سهل ابو الفوارس البزاز وهو أخو أبي الفتح بن زبي الفوارس ولد سنة اربع واربعين وثلثمائة سمع ابا بكر الشافعي وابن الصواف وكان ثقة وتوفي في صفر هذه السنة ودفن في مقبرة الخيزران
74 - الحسين بن محمد
ابو عبد الله الخالع الشاعر توفي في هذه السنة عن سن عالية
75 - على بن عبد العزيز
ابن ابراهيم بن بيان ابو الحسن المعروف بابن حاجب النعمان كان كاتب القادر بالله ولد سنة اربعين وثلثمائة وذكر انه سمع من ابي بكر النجاد والشافعي وابن مقسم وكان ابوه بخدم ابا عمر المهلبي في ايام وزارته وكتب هو للطائع لله

ثم كتب بعده للقادر في شوال سنة ست وثمانين فكتب للخليفتين اربعين سنة وكان له لسان وبلاغة وتوفي في رجب هذه السنة ودفن ببركة زلزل ثم نقل تابوته الى مقابر قريش ودفن بها في سنة خمس وعشرين
76 - عنبر ابو المسك
خادم بهاء الدولة كان قد بلغ مبلغا لم يبلغه امثاله ورأى اصحاب الاطراف يقبلون يده ويترجلون عند لقائه وينفذ حكمه فيما ينفذ فيه حكم الملوك انحدر الى بغداد طمعا في تملكها معونة للملك ابي كاليجار فتوفي
77 - محمد بن جعفر
ابن علان ابو جعفر الوراق الشروطى ويعرف بالطوابيقى اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن علي الخطيب قال كان شيخا مستورا من اهل القرآن ضابطا لحروف قراءة كانت تقرأ عليه وحدث عن احمد بن يوسف بن خلاد وأبي علي الطوماري وأبي جعفر بن المتيم كتبت عنه وكان صدوقا ومات في ذي القعدة من سنة احدىوعشرين واربعمائة ودفن في مقابر باب الدير
78 - محمود بن سبكتكين
يكنى ابا القاسم ويكنى ابوه ابا منصور كان ابو منصور صاحب جيش السامانية واستولى عليها بعد وفاة منصور بن نوح وتوفى سبكتين في سنة سبع وثمانين وثلثمائة ببلخ فنازع بن شبكتين اخاه محمود فكسره محمود وملك خراسنان وزالت على يده دولة سامان وكان ال سامان قد ملكوا سمرقند وفرغانة وتلك النواحي اكثر من مائة سنة قصدهم محمود وقبض عليهم وملك ديارهم واتام الخطبة للقادر بالله وراسل محمود بهاء الدولة ابا نصر بن بويه بابي عمر البسطامي ونفذ اليه هدايا وخمسة فيلة وسأله خطاب الخليفة في توليته فبعث بهاء الدولة بأبي عمر البسطامي الى فخر الملك ابي غالب وامره أن يقصد دار الخلافة ويسأله في هذا المعنى فأجاب القادر بالله الى ذلك في شعبان سنة اربع واربعمائة

وحصل له من الفتوح في بلاد الهند والكفر مالم يحصل لغيره وكان الخليفة قد بعث اليه الخلع ولقبه بيمين الدولة وامين الملة أضيف الى ذلك نظام الدين ناصر الحق ومالك محمود سجشتان وتملك مملكة واسعة وبلغ الى قلعة لملك الهند تسع خمسمائة الف انسان وخمسمائة فيل وعشرين الف دابة فأحاط بها فجاءة رسول على نعش يحمل قواذمة اربعة غلمان ويحقه مطرح ومخدة فقال له ان مفارقة ديننا لا سبيل اليه ولكن نصالحك فصالحهم علي خمسمائة فيل وثلاثة الاف ومائة بقرة فبعث محمود الى ملكهم قباء وعمامة وسيفا ومنطقة وفرسا ومركبا وخفا وخاتما عليه اسمه وأمره ان يقطع اصبعه وهي عادة للتو ثقة عندهم وكان عند محمود من اصابع من هادنه الكثير فلبس ملكهم الخلعة واخرج حديدة قطع اصبعه الصغرى من غيران يتغير وجهه واحضر دواء فطرحه عليها وشدها وفتح محمود قلعة سومنات وهدم البيت الذي يحجونه وفيه اصنام من الذهب والفضة مرصعة بالجواهر وقيمة ذلك تزيد على عشرين الف الف دينار وكانوا يحملون الى الصنم ماء من نهر بينه وبينه مائتا فرسخ ورتبوا ألفا من البراهمة يواظبون على خدمته ويحلقون رؤوس زواره ولحاهم واجروا على ثلثمائة رجل وخمسمائة امرأة كانوا يغنون للزوار فحاربهم محمود وقتل خمسين الفا وغنم الاموال وقبض على ابي طالب رستم بن فخر الدولة ابي الحسن وكتب الى القادر بالله بانه وجد الأبي طالب زيادة على خمسين امرأة حرة على على ما سبق ذكره وخطب لمحمود في الأطراف وعقد على جيحون جسرا ولم يقدر على ذلك احد قبله وانفق في سفرته الفى الف دينار ولم يخط بطائل فاتهم وزيره وقال اغرمتني هذا المال فأخذ منه خمسة الاف الف دينار واعتقله وكان قد عبر في غزوة الى ما وراء النهر فضمن له اهل سمرقند الف غلام حتى كف عنهم وكان معه اربعمائة فيل تقاتل وحمل اليه وهو بغزنه شخصان من النسناس الذين يكونون في بادية نحو الترك وهم على صور الناس في جميع اعضائهم الا ان ابدانهم ملبسة بالشعر

لا يكاد يبين منه ولهم كلام كصغير الوحش فقدم لهذين المحمولين خبز وثريد ولحم فلم يأكلا وحملا الى موضع الفيلة فما خافا وأكلا من الحشيش الذي يأكلونه كما يأكل الحمار وتغوطا كما تفعل البهائم واتراك بلادهم يأكلونهم ويذكرون انهم اطيب اللحوم لحما ومرض محمود وكانت علته سوء المزاج وانطلاق البطن وهو على غزواته ونهضاته لا ينثنى فلما اشتد به الأمر أمر بالجواهر التي اقتناها من ملوك خرسان وما وراء النهر وعظماء الترك والهند فصفت في صحن فسيح في قصره وكان قد جمع سبعين رطلا من الجوهر فلما نظر اليها بكى بكاء متحسر على ما يخلفه ثم أمر بردها الى مكانها من القلعة بغزنه وتوفي يوم الخميس لسبع بقين من ربيع الآخر من هذه السنة وهو ابن ثلاث وستين سنة ملك منها ثلاث وثلاثين سنة ومات وهو مستند في دسته لم يضع جنبه الى الارض وكان ظاهر أمره التدين والتسنن وولى ابنه مسعود مكانه
سنة 422
ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في ليلة الخميس ثالث المحرم نقب قوم من اللصوص على دار المملكة فأفضوا الى حجرة من حجر الحرم واخذوا منها شيئا من الثياب ونذربهم فهربوا ورتب بعد ذلك حرس يطوفون حول الدار في كل ليلة وفي صفر عملت عملة في اصحاب الاكسية فأخذت امتعة كثيرة وثار اهل الكرخ بالعيارين وطلبوهم فهربوا واقام التجار على اغلاق دكاكينهم والمبيت في اسواقهم وراسلوا حاجب الحجاب وسألوه ان يندب الي المعونة من يعاونونهم على اصلاح البلد فاعيد ابو محمد النسوى الى العمل فوجدوا احد العيارين فقتلوه ونهبت الدار التي استترفيها ثم قوى العيارون وهرب ابن النسوى وعادت الفتن وفي يوم الثلاثاء خامس ربيع الاول صرف ابو الفضل محمد بن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان عن كتابة القادر بالله وكانت مدة نظره شبعة اشهر وعشرين يوما وسبب ذلك انه لما توفي والده ابو الحسن واقيم مقامه لم يكن له

دربة بالعمل
وفي يوم الجمعة لثمان بقين من ربيع الاول تجددت الفتنة بين السنة والرافض واشتدت وكان سبب ذلك الخزلجي الصوفي الملقب بالمذكور اظهر العزم على الغزو واستأذن السلطان فكتب له منشور من دار الخلافة واعطى منحوقا واجتمع اليه لفيف كثير وقصد في هذا اليوم جامع المدينة للصلاة فيه وقرءة المنشور فاجتاز بباب الشعير وخرج منه الى طاق الحراني وعلى رأسه المنحوق وبين يديه الرجال بالسلاح فصاح من بين يديه العوام بذكر ابي بكر وعمر وقالوا هذا يوم مغازى فنافرهم اهل الكرخ ورموهم وثارت الفتنة ومنعت الصلاة ونقبت دار المرتضىفخرج منها مرتاعا منزعجا فجاءه جيرانه من الاتراك فدافعوا عنه وعن حرمه واحرقت احدى سميريتيه ونهبت دور اليهود وطلبوا وخانساراتهم لانه قيل عنهم انهم اعانوا اهل الكرخ فلما كان من الغد اجتمع عامة اهل السنة من الجانبين وانضاف اليهم كثير من الاتراك وقصدوا الكرخ فأحرقوا وهدموا الاسواق واشرف اهل الكرخ على خطة عظيمة وكتب الخليفة الى الملك والاصفهسلارية ينكر ذلك عليهم انكارا شديدا وينسب اليهم تخريق علامته التي كانت مع الغزاة وامر باقامة الحد في الجناة فركب وزير الملك فوقعت في صدره آجرة وسقطت عمامته وقتل من اهل الكرخ جماعة وانتهب الغلمان ما قدروا عليه ثم رتب الوزير قوما منعوا القتال واحترق وخرب من هذه الفتنة سوق العروس وسوق الانماط وسوق الصفارين وسوق الدقاقين ومواضع اخرى
وفي ليلة الاحد لثمان بقين من ربيع الآخر كبس قوم من الدعار المسجد الجامع ببراثا واخذوا ما فيه من حصر وسجادات وقلعوا شباكه الحديد وزاد الاختلاط في هذه الايام وعاد القتال بين العوام وكثرت العملات واجتاز سكران بالكرخ فضرب بالسيف رأس صبي فقتله ولم يجر في هذه الاشياء انكار من السلطان لسقوط هيبته

وفي جمادي الآخرة قتل العامة الكلالكى وكان ينظر قديما في المعونة واحرقوه ثم زاد الاختلاط ببسط العوام كثيرا وأثاروا الفتنة ووقع القتال في اصقاع البلد من جانبيه واقتتل اهل نهر طابق واهل القلائين واهل الكرخ واهل باب البصرة وفي الجابن الشرقي اهل سوق السلاح وأهل سوق الثلاثاء واهل باب الطلق والاساكفة واهل سوق يحى والرهادرة واهل الفرضة واهل درب سليمان حتى قطع الجسر ليفرق بين الفريقين ودخل العيارون البلد وكبسوا ابا محمد النسوى قي داره بدرب الزبرج وكثر الاستقفاء نهارا والكبس ليلا
وفي هذه الايام لحقت القادر بالله شكاة ارجف به فوقع الانزعاج وانتقل من كان ملتجأ الى داره ومقيما بها ونقل ما كان فيها من الاموال وتكلم الغلمان في مطالبة الامير ولي العهد بمال البيعة ثم استقل الخليفة مما وجده ثم وجد الغلمان واظهروا كراهية الملك جلال وشكوا اطراحه تدبيرهم واشاعوا بأنهم يقطعون خطبته في الجمعة المقبلة الى ان يستقر رأيهم على من يختارونه فعرف الملك ذلك فأقلقه وفرق مالا في بعضهم ووعدهم وبذل أن يخلف لهم فخلف ثم عادوا الاجتماع والخوض في قطع خطبته وقالوا قد وقفت امورنا وانقطعت موادنا ويأسنا من ان يجري لنا على يد هذا الملك خير وهوان ارضى بعضنا فماذا يصنع الباقون وانفذوا الى دار الخلافة جماعة من طوائفهم يقولون قد عرف امير المؤمنين صورتنا مع هذا الملك وما هو عليه من اطراحنا ونريد ان تأمر بقطع خطبته فخرج الجواب بأننا على ما تعرفون من المراعاة لكم وهذا الرجل مولاكم وشيخ بني بويه اليوم وله في عنقنا واذا انكرتم منه أمرا رددناه عنه وتوسطنا الامر غير هذا فلا يجوز الاذن فيه فان قبلتم هذا والا فما ندخل فيها ولا نأمركم بها فانصرفوا غير راضين وصليت الجمعة من غد ووقعت الخطبة على رسمها الا في جامع الرصافة فان قوما من الاتراك حضروا عند المنبر ومنعوا ابا بكر بن تمام الخطيب من ذكر الملك وضرب احدهم يد الخطيب وخاف الناس الفتنة فتفرقوا من غير صلاة ثم عاودوا الشكوى حتى شارفت الحال

المكاشفة ثم توطنوا فسكتوا
وكان المهرجان في رمضان فلم يجلس السلطان فيه ولا ضرب له دبدية على ما جرى به الرسم وقد كان الطبالون انصرفوا قبل ذلك بأيام وقطعوا ضرب الطبل في اوقات الصلوات وذلك لانقطاع الاقامة عنهم وعن الحواشى ثم وقع عيد الفطر فجرت الحال على مثل هذه السبيل ولم يركب الى الجامع والمصليان صاحب المعونة ولا ضرب بوق ولا نشر علم ولا اظهرت زينة وزاد الاختلاط ووقعت الفتنة بين العوام واحرقت سوق الخراطين ومدبغة الجلود وقبلها سوق القلائين وكثر الاستقفاء والكبسات ثم حدث في شوال فتنة بين اصحاب الأكسية واصحاب الخلقان اشفى منها اهل الكرخ على خطر عظيم والفريقان متفقان على مذهب التشيع
وثارت في هذا الوقت بين الغلمان فمالت العوام الى بعضهم فاوقعوا بهم وأخذوا سلاحهم ثم نودى في الكرخ باخافة العيارين وباحلالهم يومين فلما كان اليوم اجتمعوا وكانوا انحوا من خمسين ووقفوا على دجلة بازاء دار المملكة وعليهم السلاح وبين ايديهم المشاعل وصاحوا بعد الدعاء للملك بانا يا مولانا عبيدك العيارون وما نريد ابن النسوى واليا فإن عدل عنه والا احرقنا وافسدنا وانصرفوا فخرج قوم منهم الى السواد ثم طلبوا فهربوا ثم عادوا الي الكبسات والعملات وفي اول ذي الحجة جرت فتنة وقتال شديد على القنطرتين العتيقة والجديدة واعترض اهل باب البصرة قوما من القميين لزيارة المشهدين بالكوفة والحائر وقتلوا منهم ثلاثة نفر وجرحوا آخرين وامتنعت زيارة المشهد بمقابر قريش يومئذ وفي ذي الحجة توفي القادر بالله وولي القائم
باب ذكر خلافة القائم بامر الله
اسمه عبد الله بن القادر بالله ويكنى ابا جعفر
اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن علي بن ثابت

الخطيب قال سمعت ابا القاسم على بن المحسن التنوخي يذكر أن مولد الامام القائم بأمر الله يوم الجمعة الثامن عشر من ذي القعدة سنة احدى وتسعين وثلثمائة وامه ام ولد تسمى قطر الندى أرمنية ادركت خلافته بويع للخلافة القاذم بأمر الله بعد موت أبيه القادر بالله يوم الاثنين الحادي عشر من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين واربعمائة وكان القادر بالله جعله ولي عهده من بعده ولقبه القاذم بامر الله وخطب له يذلك في حياته قال المصنف رحمه الله وذكر ابو الحسن على بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب ان القائم بأمر الله ولد يوم الخميس ثامن عشر ذي القعدة وانه بويع له بالخلافة يوم الثلاثاء الثالث عشر من ذي الحجة وان امه أم ولد اسمها بدر الدجى وانه كان سنة يوم ولى احدى وثلاثين سنة
ذكر البيعة
لما توفي القادر حضر الاشراف والقضاة الفقهاء والا ماثل وحفظت ابواب البلد مخافة الفتنة وخرج القائم بأمر الله وقت العصر من وراء ستر فصلى بالحاضرين المغرب وصلى بعدها على القادر فكبر اربعا ثم جلس في دار الشجرة على كرسي وعليه قميص ورداء فبايعه الناس فكان يقال للرجل تبايع امير المومنين القاذم بامر الله على الرضا بامامته والالتزام بشرائط طاعته فيقول نعم ويأخذ يده فيقبلها واول من بايعه المرتضى وقال له ... فاما مضى جبل وانقضى ... فمنك لنا جبل قدرسا ... وانا فجعنا ببدر المام ... فقد بعثت منه شمس الضحى ... لنا حزن في محل السرور ... وكم ضحك في خلال الرجا ... قياصار ما اغمدته يد ... لنا بعدك الصارم المنتضى ... ولما حضرناك عقد البياع ... عرفنا بهديك طرق الهدى ... فقابلتنا بوقار المشيب ... كما لا وسنك سن الفتى ... وحضر الامير ابو محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر من الغد وبايعه وكتب الى

البلاد بأخذ البيعة وهم الاتراك بالشغب لأجل رسم البيعة فتكلم تركى بما لا يصلح في حق الخليفة القائم فقتله هاشمي فثار الاتراك وقالوا ان كان هذا بأمر الخليفة خرجنا عن البلد وان لم يكن فيسلم الينا القاتل فخرج توقيع الخليفة انه لم يجر ذلك بارادتنا وانما فعله رعاع في مقابلة قول تجاوز به عدوه ونحن نطلب القاتل ونقيم فيه حد الله تعالى ولم يركب السلطان الى البيعة غضبا للاتراك ثم لجوا في طلب مال البيعة فقيل لهم ان القادر لم يخلف مالا فأدى الملك بهاء الدولة من عنده الي الجند ثم تقرر الأمر على ما قيمته ثلاثة آلاف ألف دينار فعرض الخليفة عند ذلك خانا بالقطيعة وبستانا وشيئا من انقاض الدار على البيع ووزرله ابو طالب محمد بن ايوب وابو الفتح بن دارست وابو القاسم ابن المسلمة وابو نصر بن جهير وكان قاضيه ابن ماكولا وابو عبد الله الدامغاني
ذكر طرف من سيرة القائم بامر الله
كانت للقائم عناية بالادب ولم يكن يرتضى اكثر ما ينشأ في الديوان حتى يصلح فيه اشياء وروى الرئيس ابو الحسن على بن هبة الله بن عبد السلام عن ابي الفضل محمد بن علي بن عامر اوكيل قال دخلت يوما الى المخزن فلم يبق احدالا واعطاني قصة وامتلأت كمامي بالرقاع فلما رأيتها كثيرة قلت لو كان هذا الخليفة اخي او ابن عمي حتى اعرض عليه هذه الرقاع لا عرض عني وألقيتها في بركة ماء والقائم ينظر الى ولا اعلم فلما وقفت بين يديه امر الخدم بأخذ الرقاع من البركة فتبادروا اليها وبسطوها في الشمس فكلما جفت قصة حملت اليه فلما تأملها وقع عليها جميعها باغراض اصحابها ثم قال يا عامي وكان اذا ضجر يخاطبني بهذا ما جملك على هذا الفعل وهل كان عليك في ايصالها درك فقلت بل وقع لي ان الضجر يقع منها فقال يحك ما اطلقنا من اموالنا شيئا نحن وكلاء فلا تعد الى ما هذا سبيله ومتى ورد عليك وارد فاياك ان تنقاصى عن ايصال قصته
وفي يوم الاثنين الثامن عشر من ذي الحجة كان الغدير وقام العيارون بالاشغال في ليلته ونحر جمل في صبيحته بعد أن جبوا الاسواق والمحال لذلك واشتد تبسط

هذه الطائفة وخلعوا جلباب المراقبة وضربوا وقتلوا وفعل اهل السنة في محالهم ما كانوا يفعلونه من تعليق الثياب والسلاح واظهار الزينة ونصب الاعلام واشعال النيران ليلا في الاسواق في يوم الاثنين المقبل زعما منهم انه في هذا اليوم اجتمع رسول الله صلى الله عليه و سلم وابو بكر في الغار
ثم ان العيارين اسعروا الناس ليلا كبسا لمنازلهم واخذا لاموالهم ثم ظهروا وعدلوا بالكبسات عن الكرخ الى باقي المحال
وورد الخبر بان قوما من الدعار كبسوا ابا الطيب ابن كمارويه القاضي بواسط في داره واخذوا ما وجدوه وضربوه ضربات كانت فيها وفاته
وخرجت هذه السنة ومملكة جلال الدولة ما بين الحضرة واسط والبطيحة وليس له من ذلك الا الخطبة فاما الاموال والاعمال فمنقسمة بين الاعراب والاكراد والاطراف منها في ايدي المقطعين من الاتراك والوزارة خالية من ناظر فيها
وتأخرت الامطار في هذه السنة وقلت الزراعة في السواد لقلة المياه وتجدد لاحتباس القطر يبس في الابدان فأصاب اكثر الناس نزلات في رؤوسهم وصدورهم معها حمى وسعال فكثر طباخو ماء الشعير حتى طبخه اصحاب الارز بالبن وبيع كل ثلاثين رمانة حلوة بدينار سابورى ومناشراب بعشرة قراريط واصاب اهل الرى وهمذان وحلوان وواسط ونواحي فارس وكرمان وارجان نحو ذلك وكان السبب تأخر المطر
ولم يحج الناس في هذه السنة من خراسان والعراق لانقطاع الطرق وزيادة الاضطراب
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
79 - احمد القادر بالله امير المؤمنين ابن اسحاق بن المقتدر
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا الخطيب قال توفي القادر بالله في ليلة الاثنين

الحادي عشر من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين واربعمائة ودفن ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء في دار الخلافة بعد أن صلى عليه ابنه القائم بامر الله ظاهرا وعامة الناس وراءه وكبر عليه اربعا فلم يزل مدفونا في الدار حتى نقل تابوته وحمل في الطيار ليلا الى الرصافة فدفن بها في ليلة الجمعة لخمس خلون من ذي القعدة سنة ثلاثة وعشرين واربعمائة وكان مبلغ عمر القادر بالله ستا وثمانين سنة وعشرة أشهر واحدى وعشرين يوما وكانت مدة خلافته احدى واربعين سنة وثلاثة اشهر ولم يبلغ هذا القدر احد في الخلافة غيره وقال غيره جلسوا في عزائه سبعة ايام لمعنيين احدهما تعظيم المصيبة والثاني لاجتماع العامة واقامة الهيبة خوفا من فتنة الغلمان
80 - الحسن بن علي
ابن جعفر ابو علي بن ماكولا وزر لجلال الدولة ابي طاهر وقتله غلام له بالأهواز في ذي الحجة من هذه السنة وكان عمره ستا وخمسين سنة
81 - طلحة بن علي
ابن الصقر ابو القاسم الكناني سمع النجاد وابا بكر الشافعي وكان ثقة صالحا يسكن درب الدجاج وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن بالشونيزية
82 - عبد الوهاب بن علي
ابن نصر ابو محمد المالكي كان فقيها على مذهب مالك وولى قضاء بادرايا وباكسايا خرج من بغداد لاضافته فحصل له مال كثير من المغاربة ومات بها في شعبان وقال شعرا يتشوق فيه الى بغداد ... سلام على بغداد في كل موقف ... وحق لها مني سلام مضاعف ... فوالله ما فارقتها عن قلى لها ... وإني بشطى جانبيها لعارف ... ولكنها ضاقت علي بأسرها ... ولم تكن الأرزاق فيها تساعف ... فكانت كخل كنت اهوى دنوه ... واخلاقه تنأى به وتخالف

اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال روى عبد الوهاب عن ابن شاهين وكتبت عنه وكان ثقة ولم نلق من المالكين احدا أفقه منه
سنة 423
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان المطر تأخر في الشتوة وخرج الناس للاستسقاء لست خلون من المحرم بامر من دار الخليفة فذهبوا الي الجوامع واستمر تأخر المطر وكثر الموتان بنواحي النيل
وفي يوم الثلاثاء كان عاشوراء وعلقت المسوح في الاسواق واقيم النوح في المشاهد وتولى ذلك العيارون
وفي يوم الاثنين سادس عشر المحرم قرئ في الموكب عهد خرج من حضرة القائم بامر الله باقرار قاضي القضاة ابي عبد الله الحسين بن علي على ما يتولاه من قضاء القضاة وكان في الكتاب وان امير المؤمنين اعمل فكره وادام سبره في اختيار من يسند اليه الاحكام ويجعله حجة بينه وبين الله تعالى في هذا المقام وكان الحسين بن علي قاضي القضاة متهى رأيه ومقر اختياره لما هو من عفافه واستقامه طريقته وامره في الكتاب بتقوى الله والعدل في الحكم وترك لمحاباة واورد فيه اخبار كثيرة في العدل وحكايات
وفي يوم الجمعة لخمس خلون من صفر ثار أهل الكرخ بالعيارين وطلبوهم فهربوا فكبسوا دورهم ونهبوا سلاحهم وراسلوا السلطان ليعاونهم وكان سبب هذا الفعل ان العيارين دخلوا ليلا على احد البزازين فأخذوا ماله فتعصب له اهل سوقه فرد العيارون بعض ما اخذوا ثم كبسوا في ليلة الاحد دار ابن الفلو الواعظ بدار القطن من نهر طابق فأخذوا ماله وما كان للناس عنده ومروا على عادتهم في الكبسات واختلط بهم في العملات مولد والاتراك وحواشيهم ثم أن الغلمان صمموا على عزل جلال الدولة ابي طاهر واظهار ابي كاليجار وقال بعضهم لبعض هذا الملك مشغول عنا وقد طمع فينا حتى العوام وبلغ منا الفقر

فحالفوا على خلعه واجتهدوا في اصلاحهم فلم ينفع وقالوا له لا بد أن تخرج عنا وتنحدر الى واسط
وفي يوم الاثنين لثمان بقين من صفر قرئ في الموكب بدار الخلافة كتاب ورد من القاضي ابي اسحاق محمد بن عبد المؤمن باسكاف وتوقيع اقرن به وامر الناس فيه بالخروج الى الاستسقاء وكان في ذلك الكتاب انه ذكر عن رجل فيه حكى عن امرأة عربية ولدت ولدا لم يظهر منه سوى رأس بفم واسنان وحلق كالخيارة منتفخة وبقية البدن كالحية والمصران بلايد ولا رجل فحين سقط الى الارض تكلم وقال الناس تحت غضب منذ اربع سنين ويجب عليهم الانابة وان يخرجوا الى الاستسقاء والاطفال والبهاذم فخرج التوقيع يذكر فيه ان امتناع القطر لأجل ما اقام عليه المذنبون من المعاصي فتقدم الى الناس بالخروج في يوم الجمعة والسبت والاحد بعد أن يصوموا هذه الايام الثلاثة ويخلصوا الدعاء والابتهال فلم يخرج في يومي السبت والاحد الاعدد قليل لم يتجاوز عددهم يوم السبت في جامع المدينة نيفا واربعين وببراثا عشرة نفر وخرج يوم الأحد الى جامع المدينة شبعة عشر وببراثا خمسة نفر وكانت الجوامع الباقية علي نحو هذا فلم يسق الناس ولا اغيثوا
وفي يوم الجمعة الثالث من ربيع الاول ركب جماعة من القواد فقطعوا خطبة جلال الدولة وبلغه ذلك فازعجه وانفذ خواص جواريه الي دار الخلافة وغيرها وخير الباقيات بين ان يعتقن او يأخذن لنفوسهن ومنهن من اعتق ومنهن من مضى الى من كن له من قبل ثم اجتمع الغلمان وراسلوا الملك فقالوا قد علمت ما وافقتنا عليه من الانحدار الى واسط والوجه ان تستخير الله في ذلك فقال انما قررتم من يخرج معي من يسلم الى البصرة فاما ان اخرج علي غير قاعدة فما افعل وامتلأ جانبا دجلة وشطها بالناس والسميريات وترددت الرسل الي الملك بالمطالبة بالخروج فقال ابعثوا معي مائة غلام يحرسونني في طريقي فقالوا لا يمكن مائة ولكن عشرون فقال اريد شفيقا يحملني ونفقة تتخصصني فقرروا بينهم

اطلاق ستين دينارا لنفقة من يصحبه من الغلمان والتزم بعض القواد منها ثلاثة دنانير ونصفا فلما كان الليل من ليلة الاثنين سادس ربيع الاول خرج في نفر من غلمان فمضى الى عكبرا على وجه المخاطرة فتبادر الغلمان الى دار المملكة فنهبوا ما فيها وكتب الاصفهسلارية عن نفوسهم وعن فرق من الغلمان وطوائفهم كتبا الي الملك ابي كاليجار بما فعلوه في خدمته وهنأوه باجتماع الكلمة علي طاعته واستدعوا منه انفاذ من يدبر الامور ويحفظ نظام الجمهور واخرجوا بهار كابية فقال هؤلاء الاتراك يكتبون مالايعقدونالوقاء به ويعدون ولا يصدقون فان كانوا محقين في طاعتهم فليظهروا شعارنا وليخرجوا من عندهم ولا اقل من ان يخرجوا الينا منهم خمسمائة غلام ليكون توجهنا معهم فاما بالاغترار باقوال لا يعرف ما وراءها فلا الوجه ان يعلل القوم بالمدافعة وتوقعوا ما تحدثه الايام فانهم في كل يوم يضعفون وتدعوهم الضرورة الينا فنأخذ الامر عفوا ونربح المال الذي ننفقه والغرر الذي نركبه وكان من وزراء ابي كاليجار ابو منصور ابن فنة وكان فاضلا ومن آثاره دار كتب وقفها علي طلاب العلم جمع فيها تسعة عشر الف مجلد ما فيها الا اصل منسوب وفيها اربعة الاف ورقة بخط بني مقلة ثم اختلت المملكة وقطع عن جلال الدولة المادة حتى اخرج من ثيابه وآلاته الحقيرة وباعها في الاسواق وخلت داره من حاجب وفراش وبواب وصار اكثر الابواب مغلقا وقطع ضرب الطبل له في اكثر الايام لانقطاع الطبالين وظهر العيارون وكثر الاستقفاء والكبسات ومد الاتراك ايديهم الي الغصوب وتشاور القواد في ان يخطب للملك ابي كاليجار فقال بعضهم لانخطب لأحد حتى تستقر امورنا معه وخرج الملك الى عكبرا وقصد حلة كمال الدولة ابي سنان فاستقبله وقبل الارض بين يديه وقال له خزانتي واموالي وبلادي لك وانا اتوسط بينك وبين جندك وزوجه ابنته ثم مضى اليه جماعة من الجند واعتذروا مما فعلوا وأعيدت خطبة جلال الدولة في السابع عشر من ربيع الاول فاقيمت في جامع المدينة وجامع الرصافة ولم تقم في جامع الخليفة ثم اقيمت فيه

في الجمعة الثالثة
وفي يوم السبت الثامن عشر منه خرج ابو منصور بن طاس الحاجب وابو القاسم علي بن ابي علي وخادمان الي حضرة الملك بكتاب من الخليفة يتضمن الاستيحاش لبعده ويهنئه بالسلام واسفار الامور عن الاستقامة ثم بعث الخليفة القاضي ابا الحسن الماوردى ومبشر الخادم الي الملك ابي كاليجار الى الاهواز بكتاب قال الماوردى قدمنا عليه فتلقينا وانزلنا دار عامرة وحملت الينا انزل كثيرة ثم استدعينا الي حضرته وقد فرشت دار الامارة بالفروش الجميلة ووقف الخواص والاصحاب على مراتبهم من جانبي سريره واقيم الجند في المجلس والصحن صفين فما يتجاوز قدم قدما وفي آخر الصفين ستمائة غلام دارية البزة الحسنة والأقبية الملونة فحدمنا وسلمنا واوصلنا الكتاب وتردد من القول بين استخبار الاخبار وابتداء وجواب ما يتردد مثله وانصرفنا وأقيمت الخطبة في يوم الجمعة السابعة ليوم اللقاء ثم جرى الخوض فيما طلبوه من اللقب واقترحوا ان يكون اللقب السلطان المعظم مالك الأمم فقلت هذا لا يمكن لأن السلطان المعظم الخليفة وكذلك مالك الامم فعدلوا الي ملك الدولة فقلت ربما جاز واشرت ان يخدم الخليفة بالطاف فقالوا يكون ذلك بعد التلقيب فقلت الاولى بان يقدم ففعلوا وحملوا معي الفى دينار سابورية وثلاثين الف درهم نقرة وعشرة امناء كافورو الف مثقال عنبر والف مثقال نسكا وثلثمائة صحن صيني وعشرة اثواب خزا سوسيا ومائة ثوب ديباجيا مرتفعة وماذة آخرى دونها وعشرين منا عودا ووقع بأقطاع وكيل الخدمة خمسة الاف دينار مغربية من معاملات البصرة وان يسلم اليه ثلاثة الاف قوصرة كل سنة ويجاز بغير مؤنة ولا ضريبة وافرد عميد الرؤساء ابو طالب بن طالب بن ايوب بخمسمائة دينار وعشرة الاف درهم وعشرة اثواب ديباجا وعدنا الي بغداد فرسم لي الخروج الى جلال الدولة واعلامه الحال فخرجت وتلطفت في اجراء حديث اللقب وما سأله الملك فثقل

عليه ذلك ثقلا اقتضاء وقوف الأمر فيه
وفي ربيع الآخر وكان في اذار جمد الماء جمودا ثخينا حتى في حافات دجلة وهبت ريح رمت رملا احمر وقام الثلج ماجمع ودق واستمر تأخر الامطار واجدبت الارض وهلك المواشي وتلف جمهور الثمار
وقوى أمر العيارين ويحبس رئيسهم البرجمى خانا فأخذ ما فيه فقوتل فقتل جماعة وكان يأخذ كل مصعد ومنحدر وكبس دار بسوق يحيى وأخذ ما فيها واحرقها هذا والعسكر ببغداد
وفي هذا الشهر اجتمع الجند ومنعوا من الخطبة للخليفة لأجل رسوم البيعة فلم تصل الجمعة فتلطف الأمر حتى اقيمت الخطبة في الجمعة الثانية علي العادة
وفي هذا الشهر حلف الملك للخليفة يمينا حضرها المرتضى وقاضي القضاة ابن ماكولا وغيرهما وركب الوزير ابو القاسم من غد الى دار الخلافة فحضر عنده وحضر المرتضى وقاضي القضاة فحلف الملك فكان فيها اقسم عبد الله ابو جعفر القائم بأمر الله امير المؤمنين فقال والله الذي لا اله الا هو الطالب الغالب المدرك المهلك عالم السرو والعلانية ووحق رسوله محمد صلى الله عليه و سلم ووحق القرآن العظيم والآيات والذكر الحكيم لا قيمن لركن الدولة جلال الدولة أبي طاهر بن بهاء الدولة أبي نصر على اخلاص النية والصفاء ولألتزمن له شروط الموافقة والوفاء من غير احلال بما يصلح حاله ويحفظ عليه مكانه ولأكونن له على افضل ما يؤثره من حراسته في نفسه وما يليه ولوزير الوزراء أبي القاسم وساذر حاشيته واقراره على رتبته وله على بذلك عهدا الله وميثاقه وما أخذه على ملائكته المقربين وانبيائه المرسلين والله شهيد على ذلك وهذه اليمين يميني والنية فيها نية جلال الدولة أبي طاهر وذلك في ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين واربعمائة
وفي عشية يوم الاربعاء لخمس خلون من جمادي الاولى عند تصويب الشمس للغروب انقض كوكب كبير الجرم كثير الضوء وعاد في هذا الوقت أمر العيارين

فاشتد وتجدد القتل بين العوام ثم ولى ابن النسوى فردعهم ردعا تاما
وفي نصف رجب عصفت ريح شديدة ثلاثة ايام ليلا ونهارا واحتجبت مها السماء والشمس ورمت ترابا احمر ورملا
وفي هذا الشهر زادت الاسعار ووردت الاخبار بتلف الغلات في الموصل وانه لم ترجع البذور في كثير من النواحي وكذلك الأهواز وواسط ووردت الاخبار عن الأحساء وتلك البلاد ان الأقوات عدمت فاضطر اهل بادية كانوا فيها الى مواشيهم ثم اولادهم وكان الواحد يعارض بولده غيره كيلا تدركه رقة في ذبحه وأكله وفارق اهل البوادي منازلهم
وفي ليلة الاثنين ثاني شوال انقض كوكب اضاءت منه الارض وارتاع له الناس وكان في شكل ولم يزل يتقلب حتى اضمحل
وفي يوم الاربعاء حادي عشر شوال نزل الملك ابو طاهر من داره على سكر وانحدر في سميرية بمنكور الى دار الخلافة ومعه ثلاثة نفر من حواشيه وصعد الى بستان الدار ورمى بعض معيناته القصب ودخله ثم جلس تحت شجرة واستدعى نبيذا فشربه وأمر الزامر فزمر وعرف الخليفة ذلك فشق عليه وازعجه وغلقت أبواب الدار على وجه الاستظهار ثم خرج اليه القاضي بو علي بن أبي موسى وابو منصور بن بكران الحاجب فخدماه ووقفا بين يديه وقالا قد سر السلطان قرب مولانا وانبساطه وأما البيذ والزمر فانهما مما لا يجوز في هذا الموضع فلم يقبل ولا امتنع وقال لأبي منصور بن بكر ان قل لمولانا امير المؤمنين انا عبدك وقد حصل وزيري ابو سعد في دارك ووقف امري بذلك واريد ان يتقدم بتسليمه الى فأراد ابو منصور ان يجيبه فزبره وقال له ليس الخطاب معك ولاالجواب عليك وانما انت رسول فامض واعد ما قيل لك فمضى وعاد بجواب يقال فيه ما نعلم ان الوزير في دارنا ولاها هنا امتناع عليك مما يؤدي الي صلاح امرك فرده وقال اريد جوابا محصلا بفعل أو منع فعاد وقال الأمر يجري على ما تؤثره فقال للمختص ابي غانم اشهد عليهم بأنهم

يسلمون وزيري فقال له الامرلك وجعلوا يدارونه حتى نزل الى زبزبه واصعد الى داره واجتمع من العامة على دجلة خلق كثير يهزؤن بالقول ويخرجون الى الحرق ومعهم سيوف وسكاكين مستورة فلما كان من غد استدعى الخليفة المحتص والقائد ابا الوفاء وقال لهما قد عرفتما ما جرى وانه امر زاد علي الحد وتناهى في القبح وقابلناه بالاحتمال والحلم وكان الاولى بجلال الدولة ان يتنزه عن فعله وينزهنا عن مثله ويتخلق بأخلاق ابائه في مراعاة الخدمة والتزام الحشمة ويكفي ما نحن محملوه من مجاري الافعال المحظورة ومتحملوه فيها من سوء السمعة والاحدوثة فان جرائر متعلقة علينا واوزاره متعدية الينا اذ كانت هذه الامور مصوبة بنا وانما فوضناها الى جلال الدولة احسانا للظن به واعتقاد للجميل فيه وليس من حقوق ذلك وما نقضى عليه من الاسباب المذكورة ونتجرعه فيها من المرارة الشديدة ان يرتكب معنا هذه المراكب المستنكرة ويجترئ علينا هذه الجراآت المستمرة ونعامل حالا بعد حال ووقتا بعد وقت بما يفارق فيه المراقبة والمجاملة وكيف كانت الصورة تكون لوجرى من ذلك الجمع نادرة غلط وهل كان الفائت يستدرك والآن فاما رجع معنا إلى الاولى وسلك الطريق المثلى والافارقنا هذا البلد ودبرنا امورنا بما يجب فقبلا الارض واقاما بعض العذر ومضيا الي الملك فاوردا عليه ما سمعاه واعتذارهما عنه فركب يوم الجمعة في زبزبه واشعر الخليفة بحضوره للاعتذار فنزل اليه عميد الروساء ابو طالب بن ايوب وخدم وقال له تذكر حضوري للخدمة وتجديد الاعتذار من تلك الخرمة التي لم تكن بارادة ووقف حتى رجع بجواب يدل على قبول العذر وشكر مااستؤنف من الفعل ثم يمم الى الميدان بالحلية ولعب فيه بالصولجان وعاد في زبزبه
وفي ليلة الجمعة لخمس خلون من ذي القعدة نقل تابوت القادر بالله من دار الخلافة الى التربة بالرصافة واختبر هذا الوقت لاجل حضور حاج خراسان في البلد واجتمع الاكابر وعليهم ثياب التعزية وحمل التابوت الى الطيار ثم حمل من

مشرعة باب الطاق على اعناق الرجال الى التربة والجماعة مشاة بين يديه وصح عند الناس عدم المياه في طريق مكة والعلونة فتأخروا وحضر الناس يوم الموكب لخمس بقين من هذا الشهر فاظهر ان ابا الحسن على بن ميكائيل الوارد من خراسان قد بذل اطلاق الفي دينار تنفق على طريق مكة فرد الخليفة ذلك واطلقه من خزانته وخلع علي ابن الاقساسي لتقلده النيابة عن المرتضى في الحج
وورد الكتاب من البصرة بما جرى على حاج البصرة من اخذ العرب لهم على ثلاثة ايام من البصرة وانهم نهبوا وجاعوا فبعث اليهم الوزير ابو الفرج ابن فسانجس جمالا وتمرا لحملهم ومعاونتهم وحج الناس من الامصار الا من بغداد وخراسان وورد مع المصرية كسوة للكعبة ومال للصدقة وصلات لأمير مكة
ووودت الأخبار بما كان من الوباء والموت في بلاد الهند وغزنة وكثير من اعمال خراسان وجرجان والرى واصبهان ونواحي الجبل والموصل وان ذلك زاد على مجاري العادة وخرج من اصبهان في مدة قريبة اربعون الف جنازة وكان ببغداد من ذلك طرف قوى ومات من الصبيان والرجال والنساء بالجدري ما زاد علي حد الاحصاء حتى لم تخل دار من مصاب واستمر هذا الجدري في حزيران وتموز وآب وايلول وتشرين الاول والثاني وكان في الصيف اكثر منه في الخريف وجاء كتاب من الموصل انه مات بالجدري اربعة آلاف صبي
وخرجت هذه السنة ومملكة جلال الدولة مشتملة علي ما بين الحضرة وواسط والبطيحة وليس له من ذلك الا اقامة الخطبة والوزارة خالية عن ناظر فيها ورأى رجل من اصبهان في النوم ان شخصا صعد منارة مسجد اصبهان وكان اهل اصبهان اذ ذلك في خفض من العيش والراحة والا من وقال بصوت جهورى رفيع الى ان اسمع اهل اصبهان سكت نطق سكت نطق ثلاث مرات

فا نتبه الرجل فزعا وحكىهذا المنام فما عرف تأويله فقال رجل احذر يا اهل اصبهان فاني قرأت في شعر ابي العتاهية ... سكت الدهر زمانا عنهم ... ثم ابكاهم دما حين نطق ...

فما مر على هذا الحديث الا ايام قلائل حتى جاء مسعود بن محمود بن سبكتكين
فنهب البلد وقتل عالما لا يحصى حتى قتل جماعة في الجوامع
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
83 - اسماعيل بن ابراهيم
ابن علي بن عروة ابو القاسم البندار ولد في رجب سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة وحدث عن ابي سهل بن زياد وابي بكر الشافعي وكان صدوقا وتوفي في محرم هذه السنة
84 - روح بن محمد
ابن احمد ابو زرعة الرازي اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال جدروح ابو بكر ابن السني الدينورى واسمه احمد بن محمد بن اسحاق بن ابراهيم بن اسباط بن عبد الله ابن ابراهيم بن بديح مولى عبد الله بن جعفر بن ابي طالب سمع ابو زرعة جماعة وقدم علينا حاجا فكتبنا عنه ولقيته بالكرخ فكتبت عنه هناك وكان صدوقا فهما اديبا يتقفه علي مذهب الشافعي وولى قضاء اصبهان وبلغني انه مات بالكرخ في سنة ثلاث وعشرين واربعمائة 85 علي بن احمد
ابن الحسن بن محمد بن نعيم ابو الحسن البصري المعروف بالنعيمي نسبة الي جده حدث عن جماعة وكان حافظا فاضلا شاعرا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت محمد بن علي الصوري يقول لم ارببغداد احدا اكمل من النعيمي كان جمع معرفة الحديث والكلام والادب ودرس شيئا من فقه الشافعي قال وكان ابو بكر الشافعي يقول هو كامل

في كل شيء لولاتأدبه
انشدنا ابو نصر احمد بن محمد الطوسي قال انشدنا الحسين بن عاصم انشدنا ابو الحسن البصري المعروف بالنعيمي لنفسه ... اذا اظمأتك أكف اللئام ... كفتك القناعة شبعاوريا ... فكم رجلا رجله في الثرى ... وهامة همته في الثريا ... ابيا لنائل ذي ثروة ... تراه بما في يديه أبيا ... فإن اراقه ماء الحيا ... ة دون اراقة ماء المحيا ...

توفي النعيمي في ذي القعدة من هذه السنة
86 - محمد بن احمد
ابن السرى بن ابي عون ابو الحسن النهرواني سمع ابا بكر ابي مالك الاسكافي وغيره اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال قدم علينا هذا الرجل بغداد في حياة ابي الحسين ابن بشران وكتبنا عنه وكان صدوقا
87 - محمد بن الطيب
ابن سعيد بن موسى ابو بكر الصباغ حدث عن احمد بن سليمان النجاد وابي بكر الشافعي وكان صدوقا
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا ابو بكر الخطيب قال سمعت رئيس الرؤساء ابا القاسم علي بن الحسن يقول تزوج محمد بن الطيب الصباغ زيادة علي تسعمائة امرأة قال الخطيب وسمعت محمد بن الطيب يقول ولدت في سنة ثمان وثلاثين وثليمائة ومات يوم الجمعة تاسع ربيع آخر سنة ثلاث وعشرين واربعمائة
سنة 424
ثم دخلت سنة اربع وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها أن الخليفة هنئ بدخول الحمام من جدرى ظهر به وكتم الامر فيه ان برأ وذلك في المحرم

وفي يوم الاثنين لست بقين من صفر كبس البرجمي العيار درب أبي الربيع ووصل الى مخازن فيها مال عظيم وتفاوض الناس ان جماعة من الاصبهسلارية خرجوا اليه وآكلوه وشاربوه فظهر من خوف الخلق منه ما اوجب نقل الاموال الي دار الخليفة وواصل الناس المبيت في الدروب والاسواق للجفظ وزيد في حرس دار الخلافة وطيف وراء السوق وقتل صاحب الشرطة بباب الازج غيلة واتصلت العملات وكبست دار تاجر فأخذ منها ما قيمته عشرة آلاف دينار وزادت المخالفة من هذا العيار حتي صار اهل الرصافة وباب الطاق ودار الروم لا يتجاسرون علي ذكره الا ان يقولوا القاذد ابو علي لئلا يصل اليه منهم غير ذلك وشاع عنه انه لا يتعرض لامرأة ولا يمكن من اخذ شئ معها او عليها وفي ربيع الاول خرج جماعة من القود والاصبهسلارية في طلب هذا البرجمي عند زيادة امره وتعاظم خطبه واتصال فساده فنزلوا الأجمة التي ياوى اليها وهي اجمة ذات قصب وماء كثير تمتد خمس فراسخ وفي وسطها تل قد جعله معقلا ومنزلا فترتب كل واحد من الاصبهسلارية علي باب من ابوابها فخرج اليهم البرجمي في ركاه وعلى رزسه غلامه وقال لهم من العجب خروجكم الى وأنا كل ليلة عندكم فان شئتم ان ترجعوا وادخل اليكم فعلت وان شئتم ان تدخلوا الي فافعلوا فذكر ان قوما منهم راسلوه وقووا نفسه وأروه انهم يردون العسكر عنه وفي جمادي الاولى كثرت العملات والكبسات ووقع القتال في القلائين وعلى القنطرتين وعاد الاختلاط وطرحت النار فاحترق شئ عظيم واسواق ومساجد ووقع النهب في درب عون واخذت ابوابه ودرب القراطيس ورواضعه الي نهر الدجاج
وفي هذه الايام تغيرت قلوب الجند فقدم الوزير ابو القاسم فظنوا ان وروده للتعرض باموالهم ونعمهم واستوحشوا وانكروا ورود الوزير من غير اجماع منهم ولا اسقرار قاعدة معهم في امره واظهروا المطالبة بما اخذه الملك من مال بادرويا فجاءت منهم جماعة الي باب دار السلطان وصاحوا وجبلوا واخذوا

دواب من كان هناك وانزعج الوزير ومن معه من الاكابر وبادروا الدخول الى صحن الدار مبادرة ازدحموا فيها وانقضى ذلك اليوم واجتمعوا من غد في مسجد القهرمانة وتكلموا في اهمال السلطان لأمورهم واخذ اموالهم وعقدوا آراءهم على مراسلة الملك بتسليمه اقواما من اصحابه وخروجه من بغداد الى واسط أو البصرة واقامة احد اولاده الاصاغر عندهم ثم انفصلت طاذفة منهم فاجتازوا على دار المملكة فاذا باب البستان مفتوح فدخلوا بدوابهم فعرف الملك فخرج من دور الحرم اليهم فرأوه فتراجعوا قليلا فأطاف بهم غلمان الدار والحواشي فأمرهم بالانصراف فتبعه احد خواصه فضربه بآجرة فرجع ومشى وحده الي القوم وقال لهم تعالوا أسمع كلامكم وأنظر ما تريدون فأحاطوا به وأخذوه واخرجوه الى دجلة وهم لا يدرون ما يفعلون به لأن الذي جرى منهم لم يكن علي اصل ولا انفاق وانما كان تخليطا وانزلوه سميرية فلما حصل قال لعضهم لبعض هذا غلط وربما عبر الى الجانب الغربي واعتصم بالكرخ واستجاش العوام والصواب ان تحمله الى مجمع الغلمان ليدبروا امره بما يرون فتسرعوا الى رد السميرية وعلقوا بمجدافها واضطربت فدخلها الماء حتى ابتلت ثيابه وتكابوا عليه فرحموه واخرجوه ومشوابه خطوات كثيرة فأعطاه بعض الاتراك فرسه فحملوه الي الجمع بعد ان كلموه بكل قبيح واقاموه راكبا في الشمس زمانا وانزلوه فوقف علي عتبة الباب طويلا ثم دخل المسجد فوكلوا به ثم تفرقوا الي منازلهم وجاءت صلاة الظهر وهو مشتغل بالصلاة والدعاء ثم تآمروا علىنقله الى الدار المهلبية فخرج القاذد ابو الوفاء ومعه عشرون غلاما دارية وحواشى الدار العامة ومن تاب من العيارين وهجم عليهم فدفعهم عنه واستخرجوه من أيديهم فاعاده الي داره وكان ذلك في رمضان فنقل الملك ولده وحرمه وما بقى من ثيابه وآلاته ودوابه وفرش داره الي الجانب الغربي بعد أن نهب الغلمان ما نهبوا من ذلك ثم عبر في الليل الى الكرخ فتلقاه اهلها بالدعاء فنزل في دار

المرتضى بدرب جميل وعبر الوزير ابو القاسم بعبوره فنزل في دار تجاوره ثم اجتمع الغلمان وعزموا علي عقد الجسر والعبور للمطالبة لأهل الكرخ باخراج الملك عنهم ثم تشاوروا فاختلفوا فقال الخائفون من عقبي ما جنوا هذا الملك قد اقل مراعاتنا والمبالاة بنا وأخذ اوالنا وتركنا جياعا وما ينفع فيه عذل ولا يصلحه قبيح ولا جميل وقد كان منا اليه ما قد علمتم اولا واخيرا مالا يصفولنا معه نية منه وقال آخرون فما ترون وما الذي نفعل وهل ها هنا من نجعله عوضا عنه وما بقى من بني بويه الاهو وابو كاليجار ابن اخيه قد سلم الامر اليه ومضى الى فارس وتنحل الامر إلى ان كتبوا الى الملك رقعة يقولون فيها نحن عبيدك ومماليكك ملكناك امورنا ابتداء وقد ضيقت علينا مرة بعد مرة وتعدنا وتعتذر الينا ولا نجد أثر ذلك ولك ممالك كثيرة فيجوز أن تطرح كلك عنها مدة وترفر علينا هذه الصبابة من المادة وهذا امر قد اجتمعت عليه كلمتنا ومن الصواب ان لا تخالفنا فيه وتحوج هذا العسكر الى تجاوز ما قد وقفوا عنده وانفذوا الرقعة الي المرتضى ليعرضها وتنجز جوابها فعرضها عليه فأجاب بانا معترفون لكم بما ذكرتم وما يحصل لنا نصرفه اليكم واما خروجنا فالاحوال التي نقاسيها تدعوا اليها ولو لم تسألوه وهذه ايام صوم وحر واذا انقضت انحدرنا علي ما هو اجمل بنا وبكم فلما وصل الجواب نفروا وقالوا انما غرضه المدافعة لينتقض ما عقدنا من غرضنا ولا نتركه الا اليوم او غد فقال بعضهم هذا لا يحسن ولكن كاتبوه ليقتصر على مدة قريبة فكاتبوه فأجاب اذا قدرتم مدة قريبة يمكن انجاز اموري في مثلها ندبتم من يكون في صحبتي وعينتم على اليوم الذي تختارونه لم اتأخر عنه فوصل الجواب وجمعهم اقل من كل يوم فوجموا وقال بعضهم لبعض اذا خرج فعلى ما نعول بعده فكتبوا اليه قد شكرنا انعام مولانا ونحن نسأل قبل الخروج ان يحلف لنا على صلاح النية وان لا يريدبنا سوء او يرتب عندنا احد الامراء الاصاغر برسم النيابة عنه ثم ينحدر وأنفذ الملك في اثناء هذه المراجعات الى الاصاغر يستميلهم ويعدهم وجاءه

بعضهم ليلا فخاطبهم بما استصلحهم به فوعدوه فل هذه العزيمة وراسل كلا من الأكابر واراه سكونه اليه وتعويله عليه والتمس حاجب الحجاب منه تجديد اليمين على سلامة الاعتقاد فيه وان لا يستوزر ابا القاسم ففعل فاجتمعوا في مسجد القهرمانة وقال بعضهم لبعض جلال الدولة ملكنا ونحن جنده وباكروا دار المرتضى ودخلوا الي الملك وقبلوا الارض بين يديه واستصفحوا عما جرت الهفوة فيه وسألوه العود الى داره فركب معهم الى دار المرتضى التي بناها علي شاطئ دجلة وسكنت الثائرة ورضوا بالوزير أبي القاسم واقام جلال الدولة مكانه حتى تكرر سؤالهم فغير الى داره
وفي هذه الايام تبسط العامة وانتشر العيارون وقتلوا وترددوا في الكرخ حاملين السلاح وتبعهم اصاغر المماليك ومضت الايام علي كبس المنازل ليلا والاستقفاء نهارا فنظمت المحنة وتعدوا الي الجانب الشرقي ففسد ووقع بين عوامه من اهل باب الطاق وسوق يحيى قتال اتصل وهلك فيه جماعة فاجتمع الوزير وحاجب الحجاب على تدبير الامور وقلد ابا محمد ابن النسوى البلد وضم اليه جماعة فطلب العيارين وشردهم ثم قتل رفيق لابن النسوى فخاف واستتر وخرج عن البلد فعاد الامر كما كان وكبس البرجمي دارا في ظهر دار المرتضى في ليلة الثلاثاء لعشر بقين من شوال واخذ منها شيذا كثيرا وصاح اهل الدار والجيران فلم يجدوا مغيثا
فلما كان يوم الجمعة ثار العوام في جامع الرصافة ومنعوا من الخطبة ورجموا القاضي ابا الحسين بن العريف الخطيب وقالوا إن خطبت للبرجمي والافلا تخطب لخليفة ولا لملك ثم اقيم علي المعونة ابو الغنائم بن علي فركب وطاف وقتل فوقعت الرهبة ثم عادوا واتفق ان بعض القواد اخذ اربعة من اصحاب البرجمى فاعتقلهم فأخذ البرجمي اربعة من اصحاب ذلك القاذد وجاءبهم الى دار القائد فطرق عليه الباب فخرج فوقف خلف الباب فقال له قد اخذت اربعة من اصحابك عوضا عمن اخذته من اصحابي فاما ان تطلق من عندك لا طلق من عندي واما ان

أضرب رقابهم واحرق دارك وأنصرف وشأنك ومن عندك فسلم القوم اليه ومما يشاكل هذا الوهن ان احد وجوه الاتراك بسوق يحيى اراد أن يختن ولدا له فأهدى الى البرجمي جملانا وفاكهة وشرابا وقال هذا نصيبك من طهر فلان ولدي واستذم منه على داره
وتأخرو رود الحاج الخراسانية في هذه السنة وتأخر المصريون خوفا من البادية وخرج اهل البصرة فخفروا فغدروا بهم ونهبوهم وارتهنوهم
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
88 - احمد بن الحسين
ابن احمد ابو الحسن الواعظ المعروف بابن السماك ولد سنة ثلاثين وثلثمائة وحدث عن جعفر الخلدي وغيره وكان يعظ بجامع المنصور وجامع المهدي ويتكلم على طريقة التصوف
اخبرنا ابو بكر محمد بن الحسين قال حكى لي ابو محمد التميمي ان ابا الحسين بن السماك الواعظ دخل عليهم يوما وهم يتكلمون في ابا بيل فقال في اي شئ انتم فقالوا نحن في الف أبابيل هل هي الف وصل اوالف قطع فقال لا الف وصل ولا الف قطع وانما هو الف سخط الاترى انه بلبل عليهم عيشهم فضحك القوم من ذلك
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال قال لي ابو الفتح محمد بن احمد المصري لم اكتب ببغداد عمن اطلق عليه الكذب غير اربعة منهم ابو الحسين بن السماك توفي في ذي الحجة من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
سنة 425
ثم دخلت سنة خمس وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها عود العيارين الى الانتشار ومواصلة الكبسات بالليل والنهار

ومضى البرجمي الي العامل على الماصر الاعلى بقطيعة الدقيق فقرر معه ان يعطيه في كل شهر عشرة دنانير من الارتفاع ويطلقوا له سميريتين كبار بغير اعتراض واخذ عهده على مراعاة الموضع وواصل البرجمي محال الجانب الشرقي حتى خرب كثير منه ودخل خان القوارير بباب الطاق بأخذ منه شيئا عظيما وعبر الي الجانب الغربي وطلب درب الزعفراني فمنع اصحابه عن نفوسهم وتحارس الناس واجتمعوا طول الليل في الدروب وعلي السطوح ثم وجد الخليفة والسلطان في طلب العيارين
وورد كتاب من الموصل ذكر فيه ان ريحا سوداء هبت بنصيبين فقلعت من بساتينها اكثر من مائتي اصل توثا وعنايا وجوزا ودحت بها على الارض خطوات وانه كان في بعض البساتين قصر مبني بآجر وحجارة وكلس فرمته من اصله ومطر البلد بعد ذلك مطرا وقع معه برد كبار في اشكال الاكف والزنود والاصابع وورد الخبر بأن البحر في تلك السواحل جزر نحو ثلاثة فاراسخ وخرج الناس الي ما ظهر من الارض يبتغون السمك والصدف فجاء الماء واخذ قوما منهم وكان بالرمالة زلازل خرج الناس منها بأولادهم وحرمهم وعبيدهم الى ظهر البلد فأقاموا ثمانية ايام وهدمت تلك الزلزلة ثلث البلد تقديرا وتطعت المسجد الجامع تقطيعا واهلكت من الناس قوما وتعدت الى نابلس فسقط نصف بنيانها وتلف ثلثمائة نفس من سكانها وقلبت قرية بازاذها فخاست باهلها وبقرها وعنمهم وخسف بقرى اخر وسقط بعض حائط بيت المقدس ووقع من محراب داود عليه السلام قطعة كبيرة ومن مسجد ابراهيم عليه السلام قطعة الا ان الحجرة سلمت وسقطت منارة المسجد الجامع بعسقلان ورأس منارة غزة واتفق في هذا الوقت كثرة الموتان ببغداد لا سيما في النساء وكان معظمه بالخوانيق وكان مثل ذلك بالموصل واتصل الخبر بما كان بنواحي فارس وشيرازمن الموت حتى كانت الدورتسد على اصحابها وان الفأر متن في الدور

ثم عاد العيارون فظهروا ثم بذلوا حفظ البلد ولزوم الاسقامة فاقروا على ذلك وفسخ لهم في جباية ما كان اصحاب المسالح يجبونه من الاسواق واعطوا ما كان لصاحب المعونة من ارتفاع المواخير والقيان وكانوا يخاطبون بالقواد
وفي هذا الاوان خاطب الدينوري الزاهد الملك في ازالة ضرائب الملح وأعلمه ما يتطرق على الناس من الأذى بذلك فأمر بذلك وكتب به منشور وقرىء في الجوامع وكتب علي ابوابها بلعن من يتعرض لاعادة هذه الجباية وكانت جارية في الخاص وارتفاعها نحو الفين دينار في كل سنة
ثم عاد امر العبارين فانتشروا واتصلت الفتن باهل الكرخ مع اهل باب البصرة والقلائين واهل باب الطاق مع اهل سوق يحيى واهل نهر طابق مع اهل الارحاء وباب الدير ثم اضاف الى ذلك قتال جرى بين الطائفتين من الاتراك وكثر قتل النفوس ولم يقدر احد على جباية او يؤخذ بقود وانتشرت العرب ببادرويا وقطربل فنهبوا النواحي وساقوا المواشي وقطعوا الطريق وبلغوا الى اطراف بغداد حتى وصلوا الى جامع المدينة وسلبوا النساء ثيابهن في المقابر ثم عاد الجند الي التشعيب وقالوا قد كان قررت لنا امور ما نرى لها اثرا ثم ادخلوا ايديهم في الاموال وخاص السلطان وقد روا ارتفاع ذلك فكان اربعة وخمسين الف دينار سابورية وفتحوا الجوالي وطالبوا اهل الذمة بها وخاضوا في امر دار الضرب واقامة صاغة فيها وفسروا متاعا ورد من الموصل واستوفوا ضرائبه
وفي اول رمضان عمل ابنا الاصبهاني العياران اللذان كانا تابا وحصلا في دار المملكة وخدما في جملة فراشيها ومن في جملتها من العيارين مجانيق مذهبة للخروج الى زيارة قبر مصعب بن الزبير مقابلة لما عمله عيارو الكرخ في النصف من شعبان من مثلها للخروج الى زيارة المشهد بالحائر ورفعواها وطافوا بالاسواق بها وبين ايديهم البوقات ووقفوا بازاء دار المملكة ومعهم لفيف كثير ودعوا للسلطان واحدث ذلك وقوع القتال بين هذه الطاذفة وبين اهل الكرخ

على باب درب الديزج وفي القلائين والصغارين وعند القنطرتين وعظمت الفتنة واعترض كل فريق على من يجتاز من اهل محال الفريق الآخر وقتلت النفوس واخذت الاموال ومنع ابناء الاصفهاني من حمل الماء من دجلة الى الكرخ ورواضعه حتى تأذى الناس بذلك ولحقتهم المشقة وبيعت الراوية بدر همين وثلاثة ثم توسط الامر بين الفيئتين فاصطلحتا
وفي ليلة الاحد سادس عشر رمضان غرق البرجمي اللص بفم الدجيل اخذه معتمد الدولة فغرقه بعد أن بذل ما لا كثيرا علي ان يترك فلم يقبل منه ثم دخل اخو البرجمي الي بغداد فاخذ اختا له من سوق يحيى وخرج فتبع وقتل
وقي يوم السبت ثالث عشر شوال روسل المرتضى باحضار العيارين الى داره وان يقول لهم من اراد منكم التوبة قبلت توبته واقر في معيشته ومن اراد خدمة السلطان استخدم مع صاحب البلد ومن اراد الانصراف عن البلد كان آمنا على نفسه ثلاثة ايام فعرض ذلك عليهم فقالوا تخرج فخرجوا وتجدد الاستقفاء والفساد وقلد ابو محمد ابن النسوى المعونة لسكون اهل الكرخ اليه ثم خاف فاستعفى واظهر التوبة ورد ابو الغنائم بن ابي علي وقد حصلت له هيبة شديدة
وفي ليلة الاربعاء لسبع بقين من ذي القعدة انقض شهاب كبير هال منظره فلما جاءت ليلة الجمعة وقت العتمة انقض شهاب كاعظم ما يكون من البرق حتى ملأ ضوءه الارض وغلب ضوءه المشاعل وروع من رآه وتطاول مكثه من وقت انقضاضه زيادة على ما جرت به عادة امثاله وقال من لا يعلم ان السماء انفرجت لعظم ما شهدوا منه
وفي ذي الحجة وقع الموت فذكر أنه تمات في بغداد سبعون الفا
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
89 - احمد بن محمد
ابن احمد بن غالب ابو بكر الخوارزمي المعروف بالبرقاني ولد سنة ست وثلاثين

وثلثمائة ورحل الى البلاد وسمع بها الكثير وكتب الكثير وانتقل من دار الى دار فنقل كتبه في ثلاثة وستين سفطا وصندوقين وكان اماما ثقة ورعا متقنا متثبتا فهما حافظا للقرآن عارنا بالفقه والنحو وصنف في الحديث تصانيف وكان الازهري يقول اذا مات البرقاني ذهب هذا الشان وقيل له هل رأيت انفس منه قال لا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت ابا محمد الخلال ذكر البرقاني فقال كان نسيج وحده قال ابن ثابت وحدثني محمد بن يحيى الكرماني الفقيه قال ما رأيت في اصحاب الحديث اكثر عبادة من البرقاني
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن علي قال قال لي محمد بن علي الصورى دخلت على البرقاني قبل وفاته بأربعة ايام اعوده فقال لي هذا اليوم السادس والعشرون من جمادي الآخرة وقد سألت الله تعالى ان يؤخر وفاتي حتى يهل رجب فقد روى ان لله فيه عتقاء من النار عسى ان اكون منهم قال الصورى وكان هذا القول يوم السبت فتوفي صبيحة يوم الاربعاء مسهل رجب
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال مات البرقاني يوم الاربعاء اول يوم من رجب سنة خمس وعشرين واربعمائة ودفن في مقبرة الجامع مما يلي باب سكة الخرقي
90 - احمد بن محمد
ابن عبد الرحمن بن سعيد ابو العباس الابيوردي احد فقهاء الشافعيين من اصحاب ابي حامد الاسفرائيني سكن بغداد وولي القضاء بها على الجانب الشرقي ومدينة المنصور في ايام ابن الاكفائي ثم عزل وكان يدرس في قطيعة الربيع وله حلقه الفتوى في جامع المنصور وقد سمع الحديث ورواه وكان حسن الاعتقاد جميل الطريقة فصيح اللسان يقول الشعر وكان صبورا على الفقر كاتما له
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن علي بن ثابت قال ذكر لي عبيد الله بن احمد بن عثمان الصيرفي عمن حدثه ان القاضي ابا العباس الا بيوردي كان يصوم

الدهر وان غالب افطاره كان على الخبز والملح وكان فقيرا يظهر المروءة ومكث شتوة كاملة لا يملك جبة يلبسها وكان يقول لأصحابه بي علة تمنعني من لبس المحشو فكانوا يظنونه يعني المرض وانما كان يعني بذلك الفقر ولا يظهره تصونا
توفي في جمادي الآخرة من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
91 - الحسن بن عبيد الله
ابن يحيى ابو علي البندنيجي الفقيه القاضي سكن بغداد ودرس فقه الشافعي على ابي حامد الاسفرائيني ولم يكن في اصحابه مثله وكان له حلقة في جامع المنصور للفتوى وكان صالحا دينا ورعا وتوفي في جمادي الآخرة من هذه السنة
92 - عبد الوهاب بن عبد العزيز
ابن الحارث بن اسد ابو الفرج التميمي ولد سنة ثلاث وخمسين وثلثمائة وسمع من ابيه وغيره وكان له في جامع المنصور حلقة للوعظ والفتوى على مذهب احمد بن حنبل
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت حدثنا عبد الوهاب بن عبد العزيز ابن الحارث بن اسد بن الليث بن سليمان بن الاسود بن سفيان بن يزيد بن اكينة ابن عبد الله التميمي قال سمعت ابي يقول سمعت ابي يقول سمعت ابي يقول سمعت ابي يقول سمعت ابي يقول سمعت ابي يقول سمعت ابي يقول سمعت ابي يقول سمعت علي بن ابي طالب عليه السلام وقد سذل عن الحنان المنان فقال الحنان الذي يقبل على من اعرض عنه والمنان الذي يبدأ بالنوال قبل السوأل قال الخطيب بين ابي الفرج وبين على تسعة اباء آخرهم اكينة توفي عبد الوهاب في ربيع الاول من هذه السنة ودفن عند قبر احمد
93 - محمد بن الحسن
ابن علي بن ثابت بن احمد ابو بكر المعروف بالنعماني ولد في سنة تسع واربعين

وثلثمائة وسمع من احمد بن سندى وغيره وكان سماعه صحيحا توفي ليلة الخميس رابع جمادي الاولى من هذه السنة ودفن في مقربة باب الدير وكان صدوقا ثقة سنة 426
ثم دخلت سنة ست وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه تجدد في المحرم ورود العرب المتلصصة اطراف البلد في الجانب الغربي وحدث منهم انهم اذا اسروا من اسروه اخذوا ما معه وطالبوه يفدي نفسه ثم ظهر قوم من العيارين ففتكوا وقتلوا فنهض ابو الغنائم ابن علي فقتل منهم نفس فعاودوا الخروج وقتلوا رجلين وقاتلوا ابا الغنائم وتتابعت العملات والاستقفاء وأخذ ما يحضر من جمال السقائين وبغالهم ونهض ابو الغنائم ففتك وأخذ وقتل ثم عاد الفساد وحصل العيارون في دور الاتراك والحواشي يخرجون منها ليلا ويقيمون فيها نهارا وسقطت الهيبة باهمال ما أهمل من الامر وكتب العيارون رقاعا يقولون فيها ان صرف ابو الغنائم عنا حفظنا البلد وان لم يصرف فما نترك الفساد واتفق ان غلاما كبس قراحا للخليفة ونهب من ثمرته فامتعض الخليفة من ذلك وكوتب الملك والوزير بالقبض على هذا الغلام وتأديبه فوقع التواني عن ذلك لضعف الهيبة فزاد غيظ الخليفة فأمر القضاة بالامتناع عن الحكم والفقهاء بترك الفتاوي والخطباء بان لا يحضروا املاكا ولا يعقدوا عقدا وعمل على اغلاق باب الجامع ومنع الصلاة فحل الغلام ووكل به ثم اطلق وعادت الفتن وكثر القتل ومنع اهل السوق يحيى حمل الماء من دجلة الي اهل باب الطاق والرصافة وخذل الاتراك والسلطان في هذه الامور حتى لو حاولوا دفع فساد زاد وملك العيارون البلد
وفي مستهل صفر زاد ماء المد في دجلة البصرة حتى علا على الضياع نحو ذراعين وسقط بالبصرة في هذا اليوم وليلته اكثر من الفي دار

وفي شعبان وصل كتاب من الامير مسعود بن محمود بن سبكتكين بفتح فتحه بالهند ذكر فيه انه قتل من القوم خمسين الفا وسبى سبعين الفا وغنم منهم ما يقارب ثلاثين الف الف درهم فرجع وقد افسد الغزبلاده فاوقع بهم وفتح جرجان وطبرستان
ووثب ابو الحسن بن ابي البركات بن ثمال الخفاجي على عمه نقتله واقام بامارة بني خفاجة
ثم اشتد امر العيارين وكاشفوا بالافطار في رمضان وشرب الخمر وارتكاب الفروج وفي شوال وقع حريق وسط العطارين احترق فيه عدة دور ودكاكين ومخازن ونهب العيارون من اموال الناس وما كانوا يحصلونه من منازلهم وخانباراتهم ما يزيد على عشرة آلاف دينار وكانت النهاية تنقل النار من موضع الى موضع فتجعل ذلك طريقا الى النهب وعاد القتال بين اهل المحال وكثرت العملات واعيا الخرقي على الراقع وقال الملك انا اركب بنفسي في هذا الامر
ولم يحج الناس في هذه السنة من خراسان ولا العراق
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
94 - احمد بن كليب الاديب الشاعر
اخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ اخبرنا ابو عبدالله محمد بن أبي نصر الحميدي قال حدثني ابو محمد علي بن احمد الفقيه الحافظ اخبرنا ابو عبدالله محمد بن الحسن المذحجي الاديب قال كنت اختلف في النحو الى أبي عبدالله محمد بن خطاب النحوي في جماعة ايام الحداثة وكان معنا اسلم بن احمد بن سعيد بن قاضي قضاة الاندلس قال محمد بن الحسن وكان من اجمل من رأته العيون وكان معنا عند محمد بن خطاب احمد بن كليب وكان من اهل الادب والشعر فاشتد كلفه باسلم وفارق صبره وصرف فيه القول مستترا بذلك الى ان فشت اشعاره فيه وجرت

على الالسنة وتنو شدت في المحافل فلعهدي بعرس في بعض الشوارع والنكوري الزامر في وسط المحافل يزمر بقول احمد بن كليب في اسلم ... واسلمني في هوا ... ه اسلم هذا الرشا ... غزال له مقلة ... يصيب بها من يشا ... وشي بيننا حاسد ... يسأل عما وشى ... فلو شاء ان يرتشي ... على الوصل روحي ارتشى ...
ومغن محسن يسايره فلما بلغ هذا المبلغ انقطع اسلم عن جميع مجالس الطلب ولزم بيته والجلوس على بابه وكان احمد بن كليب لا شغل له الا المرور على باب دار اسلم سائرا او مقبلا نهاره كله فانقطع اسلم من الجلوس على باب داره نهارا فاذا صلى المغرب واختلط الظلام خرج مستروحا وجلس على باب داره فعيل صبر احمد ابن كليب فتحيل في بعض الليالي ولبس جبة صوف من جباب اهل البادية واعتم بمثل عمائمهم واخذ باحدى يديه دجاجا وبالاخرى قفصا فيه بيض كأنه قدم من بعض الضياع ونحن جلوس مع اسلم عند اختلاط الظلام على بابه فتقدم اليه وقبل يده وقال يا مولاي من يقبض هذا فقال له اسلم من انت فقال اجيرك في الضيعة الفلانية وقد كان يعرف اسماء ضياعة والعاملين فامر اسلم غلمانه بقبض ذلك منه على عادتهم في قبول هدا يا العاملين في ضياعهم ثم جعل يسأله عن احوال الضيعة فلما جاوبه انكر الكلام فتأمله فعرفه فقال يا اخي والى ها هنا تتبعني اما كفاك انقطاعي عن مجالس الطلب وعن الخروج جملة وعن القعود على بابي نهارا حتى قطعت على جميع مالي فيه واحة فقد صرت في سجنك والله لا فارقت بعد هذه الليلة قعر منزلي ولا جلست بعدها على بابي ليلا ولا نهارا ثم قام وانصرف احمد بن كليب حزينا كئيبا
قال محمد واتصل بنا ذلك فقلنا لاحمد بن كليب قد خسرت دجاجك وبيضك فقال هات كل ليلة قبلة يده واخسر اضعاف ذلك فلما يئس من رؤيته البتة نهكته العلة واضجعه المرض قال محمد بن الحسن فاخبرني شيخنا محمد بن خطاب قال عدته

فوجدته باسوأ حال فقلت له لم لاتتداوى فقال دوائي معروف واما الاطباء فلا حيلة لهم في البتة فقلت له فما دواؤك قال نظرة من اسلم فلو سعيت في ان يزوروني لاعظم الله اجرك بذلك واجره فرحمته وتقطعت نفسي له فنهضت الى أسلم فاستأذنت عليه فاذن لي وتلقاني بما يجب فقلت له لي حاجة فقال وما هي قلت قد علمت ما جمعك مع احمد بن كليب من ذمام الطلب عندي فقال نعم ولكن قد تعلم انه قد برح بي وشهر اسمى وآذاني فقلت له كل ذلك يغتفر في مثل هذه الحال التي هو فيها والرجل يموت فتفضل بعيادته فقال لي والله ما اقدر على ذلك فلا تكلفني هذا فقلت له لا بد من ذلك فليس عليك فيه شيء وانما هي عيادة مريض قال ولم ازل به حتى اجاب فقلت له فقم الآن قال لست والله افعل ولكن غدا فقلت له ولا خلف قال نعم فانصرفت الى احمد ابن كليب فاخبرته بوعده بعد تأبيه فسر بذلك فارتاحب نفسه فلما كان من الغد بكرت الى اسلم وقلت له الوعد فوجم وقال والله لقد تحملني على خطة صعبة وما ادري كيف اطبق ذلك قال وقلت له لا بد ان تفي بوعدك لي قال فأخذ رداءه ونهض معي راجلا فلما اتينا منزل احمد بن كليب وكان يسكن في درب طويل وتوسط الزقاق وقف واحمر وخجل وقال لي يا سيدي الساعة والله اموت وما استطيع ان انقل قدمي ولا استطيع ان اعرض هذا على نفسي فقلت لا تفعل بعد أن بلغت المنزل تنصرف قال لا سبيل والله الى ذلك البتة ورجع هاربا فاتبعته واخذت بردائه فتمادى وتمزق الرداء وبقيت قطعة منه في يدي لمده وامساكي له ومضى ولم ادركه فرجعت ودخلت على احمد بن كليب قال وقد كان غلامه قد دخل عليه اذرآني من اول الزقاق مبشرا قال فلما رآني تغير وجهه وقال ابن ابو الحسن فاخبرته بالقصة فاستحال من وقته واختلط وجعل يتكلم بكلام لا يعقل منه اكثر من الاسترجاع فاستبشعت الحال وجعلت اترجع وقمت قال فثاب اليه ذهنه فقال يا ابا عبدالله اسمع مني واحفظ مني ثم انشأ يقول

اسلم يا راحة العليل ... رفقا على الهائم النحيل ... وصلك اشهى الى فؤادي ... من رحمة الخالق الجليل ...
قال فقلت له اتق الله ما هذه العظيمة فقال قد كان قال فخرجت عنه فوالله ما توسطت الزقاق حتى سمعت الصراخ عليه وقد فارق الدنيا قال الحميدي قال لنا ابو محمد وهذه قصة مشهورة عندنا ومحمد بن الحسن ثقة ومحمد بن خطاب ثقة واسلم هذا من بني خالد وكانت فيهم وزارة وحجابة وابوه الآن في الحياة يكنى ابا الجعد قال ابو محمد ولقد ذكرت هذه الحكاية لأبي عبدالله محمد بن سعيد الخولاني الكاتب فعرفها وقال لقد اخبرني الثقة انه رأى اسلم هذا في يوم شديد المطر لا يكاد احد يمشي في طريق وهو جالس على قبر احمد بن كليب المذكور زائرا له قد تحين غفلة الناس في مثل ذلك اليوم قال الحميدي وانشدني ابو محمد علي بن احمد قال انشدني محمد بن عبد الرحمن النحوي لاحمد بن كليب وقد اهدى الى اسلم كتاب الفصيح لتغلب ... هذا كتاب الفصيح ... بكل لفظ مليح ... وهبته لك طوعا ... كما وهبتك روحي ...
95 - الحسن بن احمد
ابن ابراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان بن حرب بن مهران ابو علي البزار ولد في ربيع الاول سنة تسع وثلاثين وثلثمائة وسمع عثمان بن احمد الدقاق والنجاد والخلدي وخلقا كثيرا وكان ثقة صدوقا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثني محمد بن يحيى الكرماني قال كنا يوما بحضرة ابي علي بن شاذان فدخل علينا شاب لا يعرفه منا احد فسلم وقال ايكم ابو علي بن شاذان فاشرنا اليه فقال له ايها الشيخ رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في المنام فقال لي سل عن ابي علي بن شاذان فاذا لقيته فاقرئه السلام ثم انصرف الشاب فبكى ابو علي وقال ما اعرف لي عملا استحق به هذا الا ان يكون صبري على قراءة الحديث علي وتكرير الصلاة على رسول الله صلى الله

عليه وسلم كلما جاء ذكره قال ولم يلبث ابو علي بعد ذلك الا شهرين او ثلاثة حتى مات توفي في محرم هذه السنة ودفن في مقبرة باب الدير
96 - الحسن بن عثمان
ابن احمد بن الحسن بن سورة ابو عمر الواعظ المعروف بابن الفلو ولد في ربيع الآخر سنة سبع واربعين وثلثمائة وسمع الحديث من جماعة وكان يعظ وله بلاغة وفيه كرم
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن علي واخبرنا ابن ناصر اخبرنا ابن خيرون قال اخبرنا احمد بن الحسن المعدل قال انشدنا ابو عمر ابن الفلو لنفسه ... دخلت على سلطان في دار عزه ... بفقر ولم اجلب بخيل ولا رجل ... وقلت انظروا ما بين فقري وملككم ... بمقدار ما بين الولاية والعزل ...
توفي ليلة الاحد الرابع عشر من صفر في هذه السنة وصلى عليه بجامع المدينة ودفن بمقبرة باب حرب الى جنب ابي الحسين بن السماك
97 - الحسين بن احمد
ابن عثمان بن شيطا ابو القاسم البزار سمع ابا بكر الشافعي قال ابو بكر الخطيب كتبت عنه وكان ثقة وتوفي في صفر هذه السنة
98 - الحسين بن عمر
ابن محمد بن احمد بن عبدالله ابو عبدالله العلاف اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال قال لنا الحسين بن عمر ولدت في يوم الخميس الثالث من شوال سنة احدى واربعين وثلثمائة قال وسمع ابا بكر الشافعي ويحيى بن وصيف واحمد ابن جعفر بن مسلم كتبنا عنه وكان ثقة يسكن الجانب الشرقي في درب السقائين قريبا من سوق السلاح وتوفي في رجب هذه السنة
99 - حمزة بن يوسف
ابن ابراهيم بن موسى بن ابراهيم ابو القاسم الجرجاني روى الحديث الكثير

توفي في هذه السنة
100 - عبدالله بن احمد
ابن ابراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان ابو محمد الصيرفي وهو اخو ابي علي سمع ابا بكر بن مالك القطيعي وغيره وكان صدوقا توفي في شعبان هذه السنة ودفن بمقبرة باب الدير
101 - عمر بن ابراهيم
ابن اسماعيل ابو الفضل بن ابي سعد الزاهد من اهل هراة ولد سنة ثمان واربعين وثلثمائة قدم بغداد فحدث بها عن ابي بكر الاسماعيلي وابي احمد الغطريفي قال الخطيب كتبنا عنه وكان ثقة وتوفي بهراة في هذه السنة
سنة 427
ثم دخلت سنة سبع وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان العيارين كبسوا في المحرم دار بلوربك التركي بباب خراسان واخذوا ما فيها ورد ابو محمد النسوي الى باب البصرة لكشف العملة فأخذ هاشميا فقتله فثار اهل الموضع ورفعوا المصاحف على القصب ومضوا الى دار الخلافة وجرى خطب طويل
وكانت قنطرة الشوك قد سقطت على نهر عيسى فبقيت مدة فأمر الملك بعمارتها فتكامل عمارتها في المحرم وكان ابو الحسين بن القدوري يشارف الانفاق عليها وفي صفر تقدم الخليفة بترك التعامل بالدنانير المغربية وأمر الشهود ان لا يشهدوا في كتاب ابتياع ولا اجازة ولا مداينة يذكر فيها هذا الصنف فعدل الناس الى القادرية والنيسابورية والقاشانية
وفي ليلة الثلاثاء ثاني ربيع الآخر دخل العيارون البلد في مائة رجل من الاكراد والاعراب والسواد فاحرقوا دار ابن النسوي وفتحوا خانا واخذوا ما فيه وخرجوا والكارات على رؤوسهم

وفي ربيع الآخر نقل ابو القاسم بن ماكولا الوزير بعد ان قبض عليه وسلم الى المرتضى الى دار المملكة فمرض ويئس منه فروسل الخليفة في معنى اخيه قاضي القضاة ابي عبدالله بن ماكولا وقبل هو يعرف امواله فدافع عنه الخليفة وحامى وكادت الحال من الاتراك تشرف على احد حالين اما تسليمه واما خرق لا يتلافى فكتب الى الخليفة في حقه فخرج في الجواب انه لم يبق من امرنا الا هذا الناموس في حراسة من عندنا وهو لكم لا لنا وهذا القاضي لم يتصرف تصرفا سلطانيا يلزمه فيه تبعة ثم زاد الامر في ذلك وروجع الخليفة فكتب الى حاجب الحجاب رقعة قبل فيها قد زاد الامر في اطراح مراقبتنا واسقاط حشمتنا وصار الاولى ان نغلق بابنا وندبر امرنا بما نحرس به جاهنا فامسك عن المراجعة ثم ان الجند شغبوا على جلال الدولة وقالوا ان البلد لا يحتملنا واياك فاخرج من بيننا فانه اولى لك فقال كيف يمكنني الخروج على هذه الصورة امهلوني ثلاثة ايام حتى آخذ حرمي وولدي وامضي وقالوا لا تفعل ورموه بآجرة في صدر فتلقاها بيده واخرى في كتفه فاستجاش الملك الحواشي والعوام وكان المرتضى والزينبي والماوردي عند الملك فاستشارهم في العبور الى الكرخ كما فعل في المرة الاولى فقالوا ليس الامر كما كان واحداث الموضع قد ذهبوا وحول الغلمان خيمهم الى ما حول الدار احاطة بها وبات الناس على اصعب خطة فخرج الملك نصف الليل الى زقاق غامض فنزل الى دجلة فقعد في سميرية فيها بعض حواشيه فغرقوها تقديرا أنه فيها ومضى الملك مستترا الى دار المرتضى وبعث حرمه الى دار الخليفة ونهب الجند دار المملكة وابوابها وساجها ورتبوا فيها حفظة فكانت الحفظة تخربها نهارا وتنقل ما اجتمع من ذلك ليلا وراسل الجند الخليفة في قطع خطبة جلال الدولة فقيل لهم سننظر ثم خرج الملك الى او انا ثم الى كرخ سامرا ثم خرجوا اليه واعتذروا وصلحت الحال
وفي جمادي الآخرة وردت ظلمة طبقت البلد حتى لم يشاهد الرجل صاحبه الماشي بين يديه واخذت بالانفاس حتى لو تأخر انكشافها لهلك كثير من الناس

وفي ضحوة نهار يوم السبت لثمان بقين من رجب انقض كوكب غلب ضوءه على ضوء الشمس وشوهد في آخره مثل التنين ازرق يضرب الى السواد وبقي نحو ساعة
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
102 - الحسن بن وهب
ابن موصلايا الكاتب المجود توفي في هذه السنة
103 - علي ابو الحسن بن الحاكم
صاحب مصر الملقب بالظاهر لاعزاز دين الله في يوم الاحد النصف من شعبان هذه السنة وكان عمره ثلاثين سنة الا شهر فكانت ولايته ست عشرة سنة وتسعة اشهر وولى بعده ولده ولقب المصتنصر بالله
104 - محمد بن ابراهيم
ابن احمد ابو بكر الأردستاني اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال كان الاردستاني يسكن اصبهان وكان رجلا صالحا يكثر السفر الى مكة ويحج ماشيا وحدث ببغداد عن الدارقطني وغيره وكان ثقة يفهم الحديث قال وبلغنا انه مات بهمذان في سنة سبع وعشرين واربعمائة
105 - محمد بن الحسين
ابن عبيدالله بن عمر بن حمدون ابو يعلى الصيرفي المعروف بابن السراج ولد في سنة ثلاث وسبعين وثلثمائة وسمع ابا الفضل الزهري وكان ثقة فهما يعلم القرآن والنحو وتوفي ليلة الجمعة الثامن والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
428
- ثم دخلت سنة ثمان وعشرين واربعمائة

فمن الحوادث فيها ان الخليفة خلع على أبي تمام محمد بن محمد بن علي الزينبي وقلده ما كان الى ابيه ابي الحسن من نقابة العباسيين والصلاة
وتجدد شغب من الجند على جلال الدولة ثم آل الامر في هذه السنة الى أن قطعوا خطبته وخطبوا الملك أبي كاليجار ثم عادوا وخطبوا لهما ثم صلحت حال جلال الدولة وحلف الخليفة له وقبض على ابن ماكولا ووزر ابو المعالي ابن عبد الرحيم
وفي ربيع الآخر ورد كتاب من فم الصلح ذكر فيه ان قوما من اهل الجبيل وردوا وحكوا انهم مطروا مطر كثير في اثنائه سمك وزن بعضه رطل ورطلين
وكان صاحب مصر بعث مالا ليتفق على نهر بالكوفة فجاء اهل الكوفة يستأذنون الخليفة فجمع الفقهاء لذلك في جمادي الآخرة فقالوا هذا مال من فيء المسلمين وصرفه في مصالحم صواب فأذن في ذلك
وفي ليلة السبت لتسع بقين من جمادي الآخرة ثار جماعة من العيارين فكبسوا الحبس بالشرقية وقتلوا بضعة عشر نفسا من رجاله المعونة ثم عادوا في ذي الحجة فكثروا واخذوا بغال السقائين وثياب القصارين وانبسطوا انبساطا زائدا عن الحد
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
106 - احمد بن محمد
ابن احمد بن جعفر ابو الحسن القدوري الفقيه الحنفي ولد سنة اثنتين وستين وثلثمائة
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال سمع القدوري من عبيدالله بن محمد الحوشي ولم يحدث الا بشيء يسير كتبت عنه وكان صدوقا وكان ممن انجب في الفقه لذكائه وانتهت اليه بالعراق رياسة اصحاب ابي حنيفة وارتفع جاهه وكان حسن العبارة في النظر مديما لتلاوة القرآن وتوفي يوم الاحد الخامس من رجب هذه السنة ودفن من يومه في داره بدرب ابي خلف

107 - الحسن بن شهاب
ابن الحسن بن علي بن شهاب ابو بكر العكبراوي ولد بعكبرا في محرم سنة خمس وثلاثين وثلثماذة وسمع الحديث على كبر من أبي علي بن الصواف وأبي علي الطوماري وابن مالك القطيعي وكان فقيها فاضلا يتفقه على مذهب احمد وكان يقرء القراآت ويعرف الادب ويقول الشعر قال البرقاني هو ثقة امين
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت حدثنا عيسى بن احمد الهمذاني قال قال لي ابو علي بن شهاب يوما أرني خطك فقد ذكر لي انك سريع الكتابة فنظر فيه فلم يرضه وقال لي كسبت في الوراقة خمسة وعشرين الف درهم راضية وكنت اشترى كاعدا بخمسة دراهم فأكتب فيه ديوان المتنبي في ثلاث ليال وأبيعه بمائتي درهم واقله بمائة وخمسين درهما قال ابن ثابت وسمعت الازهري يقول اخذ السلطان من تركة ابن شهاب ما قدره الف دينار وسوى ما خلفه الكروم والعقار وكان اوصى بثلث ما له لمتفقهة الحنابلة فلم يعطوا شيئا توفي في ليلة النصف من رجب هذه السنة
108 - الحسين بن علي
ابن الحسين بن ابراهيم بن بطحا ابو عبدالله التميمي المحتسب سمع ابا بكر الشافعي وكان ثقة سكن شارع دار الرقيق وتوفي في جمادي الاولى من هذه السنة
109 - عثمان بن محمد
ابن يوسف بن دوست ابو عمرو والعلاف هو اخو عبدالله وكان الاصغر ولد سنة اثنتين واربعين وثلثمائة وسمع النجاد وكان صدوقا توفي في صفر هذه السنة
110 - لطف الله بن احمد
ابن عيسى ابو الفضل الهاشمي كان ذا لسان وولى القضاء والخطابة وسكن بدر زنجان واضر وكان يروى حكايات واناشيد من حفظه

اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال انشدنا لطف الله بن احمد قال انشدنا ابو الحسن عمر بن احمد النوقاتي السجزى لنفسه ... واني لاعرف كيف الحقوق ... وكيف يبر الصديق الصديق ... وكم من جواد وساع الخطى ... يقصر عنه خطاه مضيق ... ورحب فؤاد الفتى محنة ... عليه اذا كان في الحال ضيق ...
111 - محمد بن احمد
ابن محمد بن ابي موسى واسم ابي موسى عيسى بن احمد بن موسى بن محمد بن ابراهيم ابن عبدالله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب ابو علي الهاشمي القاضي ولد في ذي القعدة سنة خمس واربعين وسمع محمد بن المظفر وابا الحسين بن سمعون وكان ثقة وهو احد فقهاء اصحاب احمد بن حنبل وكان يدرس ويفتي وله تصانيف على مذهب احمد وقال ابو علي ضاق بي الأمر مرة فبعت رجلا داري واذا رجل قد دخل علي فأنشد ... ليس من شدة تصيبك الا ... سوف تمضي وسوف تكشف كشفا ... لا يضق ذرعك الرحيب فا ... ن النار يعلو ليبها ثم تطفا ...
قال التميمي دخلت على أبي علي في مرضه فقال لي اسمع مني الاعتقاد ولا شك في عقلي فما رأيت الملكين بعد وتوفي يوم الاحد الثالث من ربيع الآخر من هذه السنة ودفن بباب حرب
112 - محمد بن الحسن
ابن احمد بن محمد بن موسى ابو الحسين الاهوازي ويعرف بإبن أبي علي الاصبهاني ولد في سنة خمس واربعين وثلثمائة وقدم الى بغداد من الاهواز وخرج له ابو الحسن النعيمي اجزاء من حديثه وسمع منه البرقاني الا انه بان كذبه
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن علي حدثنا ابو الوليد الحسن بن محمد

الدربندي قال سمعت ابا نصر احمد بن علي بن عبدوس يقول كنا نسمي ابن ابي علي الاصبهاني جراب الكذب اقام الاهوازي ببغداد سبع سنين ثم خرج الى الاهواز ووصل الخبر بوفاته في هذه السنة
113 - محمد بن علي
ابو الحسن الزيني نقيب العباسيين توفي بداء الصرع في هذه السنة وقلد ابنه ابو تمام ما كان اليه
114 - مهيار بن مرزويه
ابو الحسن الكاتب الفارسي كان مجوسيا فاسلم سنة اربع وتسعين وثلثمائة وصار رافضيا غاليا وفي شعره لطف الا انه يذكر الصحابة بما لا يصلح قال له ابو القاسم ابن برهان يا مهيار انتقلت باسلامك في النار من زاوية الى زاوية قال وكيف ذاك قال لأنك كنت مجوسيا فأسلمت فصرت تسب الصحابة وكان منزله بدرب رياح بالكرخ وكانت امرأة تخدمه فكنست الغرفة فوجدت خيطا فجرته فاذا هو خيط هميان فيه مال وكان قد نزل الدار قوم من الخراسانية الحاج فأخبرته فلم يتغير وقال لها قد تعبت حتى خبأته فلماذ انبشتيه وكان فيه الفا دينار وسعى به الى جلال الدولة فقبض عليه ثم اطلقه ومن مستحسن شعره قوله ... استنجد الصبر فيكم وهو مغلوب ... واسأل النوم عنكم وهو مسلوب ... وابتغى عندكم قلبا سمعت به ... وكيف يرجع شيء وهو موهوب ... ومنها ... ما كنت اعرف ما مقدار وصلكم ... حتى هجرم وبعض الهجر تأديب ... وله ... اجبر اننا بالغور والركب متهم ... ايعلم حال كيف باب المتيم ... رحلتم وعمر الليل فينا وفيكم ... سواء ولكن ساهرون ونوم

تناء تيم من ظاعنين وخلفوا ... قلوبا أبت ان تعرف الصبر عنكم ... ولما جلا النوديع عما حذرته ... ولم يبق الا نظرة تتغنم ... بكيت على الوادي فحرمت ماءه ... وكيف يحل الماء اكثره دم ...
ولما رأيت شعره مستحسنا كله انتصرت على ما ذكرت و توفى في جمادي الآخرة من هذه السنة
115 - هبة الله بن الحسن
ابو الحسين المعروف بالحاجب وكان من اهل الفضل والادب والتدين وله شعر مستحسن
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن علي بن ثابت قال انشدني ابو الحسين الحاجب لنفسه
... يا ليلة سلك ا ... ن بطيبها في كل مسلك ... اذا ارتعى روض المسر ... ة مدركا ما ليس يدرك ... والبدر قد فضح الظلا ... م فستره فيه مهتك ... وكأنما زهر النجو ... م بلمعها شعل تحرك ... والغيم احيانا يلوح ... ح كأنه ثوب مسك ... وكأنه تجعيد الريا ... ح لدجلة ثوب مغرك ... وكأن نشر المسك ينفح ... في النسيم اذا تحرك ... وكأنما المنثور مصفر ... الذرى ذهب مشبك ... والنور يبسم في الريا ... ض فان نظرت اليه سرك ... شارطت نفسي في أن اقو ... م بحقها والشرط املك ... حتى تولى الليل منهزما وجاء الصبح يضحك ... واه الفتى لو انه ... في ظل طيب العيش بترك ... والمرء يحسب عمره ... فاذا أتاه الشيب فذاك ...
توفي في هبة الله فجاءة في رمضان هذه السنة

سنة 429
ثم دخلت سنة تسع وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الكتاب من عكبرا بأن قوما من اهلها اجتمعوا في ليلة الميلاد بأشعال النار على عادة لهم في ذلك وصعدت طائفة منهم الى روشن في عليه فسقط على الباقين فمات ثلاثة واربعون نفسا منهم ست نسوة احداهن المكان وتكاثر وحبلى
وفي يوم الجمعة التاسع من جمادي الاولى حضر ابو الحسن ابن القزويني الزاهد الجامع والخطيب على المنبر فاختلط الناس بين آت معه وناهض لتلقيه ومتشوق الى رؤيته ووقع الصياح فظن قوم انه للصلاة فقاموا ووقفوا طويلا الى أن عرفوا الحال فجلسوا وقعد القزويني عند المنبر فلما قضيت الصلاة وضع منبر من وراء الشباك دون المقصورة فوقف عليه ابن المذهب الواعظ فحمد الله وأثنى عليه وقرأ احاديث الرؤية انكم ترون ربكم فناداه ابن التميمي الواعظ اذكر في كل باب حديثا فلم يلتفت الى قوله فقام التميمي فتخطا رقاب الناس وصعد على المنبر واخذ الكتاب من يده وقرأ احاديث الصفات ثم التفت الى ابن القزويني فقال ان رأى الشيخ الزاهد أن يقول قولا لا تسمعه الجماعة فيروونه عنه فقال ابلغهم عني أن القرآن كلام الله وان الجدال بدعة والمتكملين على ضلالة فذكر نحو هذا
وفي رجب حلف جلال الدولة للملك أبي كاليجار وحلف له أيضا ان لا يجري من احدهما ما يؤذي الآخر
وفي سلخ رجب جمع الاشراف والقضاة والشهود والفقهاء والوجوه الى بيت النوبة واستدعى جاثليق النصارى ورأس جالوت اليهود وخرج توقيع الخليفة في امر العيار والزام اهل الذمة اياه وكان في التوقيع بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فان الله تعالى بعزته التي لا تحاول وقدرته التي لا تطاول اختار الاسلام دينا وارتضاه واعلاه وبعث به محمدا واجتباه وأذل من ناواه فقال تعالى

وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا وقال ليظهره على الدين كله وامير المؤمنين يرى ان من اقرب الوسائل الى الله به بقاء ما كان حافظا للشرع ومجددا لمعالمه وقد كان الخلفاء الراشدون فرضوا على اهل الذمة المعاهدين حدودا معقودة على الاسشعار والاخبات والاستكانة والتفرد عن المسلمين اعظاما للاسلام واهله لما تطرق على هذه السنة اغفال واستمر فيها الاهمال اطرحت هذه الطائفة دواعي الاحتراس وتشبهت بالمسلمين في زيهم فرأى امير المؤمنين الإيعاز الى جميع اهل الذمة بتغيير اللباس الظاهر مما يعرفون به عند المشاهدة فليعلم ذلك من رأى امير المؤمنين فقالوا السمع والطاعة
وفي رمضان استقر أن يزاد في القاب جلال الدولة شاهان شاه الاعظم ملك الملوك فأمر الخليفة بذلك فحطب له به فنفر العامة ورموا الخطباء بالآجر ووقعت فتنة وكتب الى الفقهاء في ذلك فكتب ابو عبدالله الصيمري الحنفي ان هذه الاسماء يعتبر فيها القصد والنية وقد قال الله تعالى ان الله قد بعث طالوت ملكا وقال تعالى وكان وراءهم ملك واذا كان في الارض طول جاز أن يكون بعضهم فوق بعض لتفاضلهم في القوة والامكان وجائز ان يكون بعضهم اعظم من بعض وليس في ما يوجب التكبر ولا المماثلة بين الخالق والمخلوقين وكتب ابو الطيب الطبري ان اطلاق ملك الملوك جائز ويكون معناه ملك ملوك الارض فاذا جاز أن يقال كافي الكفاة وقاضي القضاة جاز ملك الملوك فاذا كان في اللفظ ما يدل على ان المراد به ملك الارض زالت الشبهة وفيه قولهم اللهم اصلح الملك فينصرف الكلام الى المخلوقين وكتب التميمي نحو ذلك وقد حكى عن اقضى القضاة ابي الحسن الماوردي انه كتب قريبا من ذلك وذكر محمد بن عبد الملك الهمذاني ان الماوردي منع من جواز ذلك وكان مختصا بخدمة جلال الدولة فلما امتنع عن الكتابة انقطع عن خدمته واستدعاه جلال الدولة بكرة يوم العيد فمضى على وجل شديد يتوقع المكروه فلما دخل على الملك قال له انا اتحقق انك لو حابيت احد لحابيتني لما بين وبينك مع كونك اكثر الفقهاء مالا واوفاهم

جاها وحالا وما حملك على مخالفتي الا الدين وقد قربك ذلك مني وزاد محلك في قلبي وقدمتك على نظائرك عندي قال المصنف الذي ذكره الأكثرون في جواز أن يقال ملك الملوك هو القياس اذا قصد به ملوك الدنيا الا أني لا ارى الا ما رآه الماوردي لأنه قد صح في الحديث ما يدل على المنع ولكن الفقهاء المتأخرين عن النقل بمعزل
خبرنا هبة الله بن محمد بن الحصين اخبرنا الحسن بن علي بن المذهب اخبرنا ابو بكر ابن مالك القطيعي حدثنا عبدالله بن احمد بن حنبل قال حدثني ابي حدثنا سفيان عن ابي الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال اخنع اسم عند الله يوم القيامة رجل تسمى بملك الاملاك قال احمد سألت ابا عمرو الشيباني عن اخنع فقال اوضح اخرجه البخاري عن علي واخرجه مسلم عن الامام احمد كلاهما عن سفيان وقال سفيان هو مثل شاهان شاه واخرجه مسلم من حديث همام عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال اغيظ رجل على الله يوم القيامة واخبثه رجل يسمى ملك الاملاك لا ملك الا الله
واخبرنا ابن الحسين اخبرنا ابن المذهب اخبرنا احمد بن جعفر حدثنا عبدالله بن احمد بن حنبل قال حدثني ابي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا عوف عن الخلاس عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اشتد غضب الله على رجل قتله نبيه واشتد غضب الله على رجل تسمى بملك الاملاك لا ملك الا الله سبحانه وتعالى
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
116 - اسحاق بن ابراهيم
ابن مخلد بن جعفر بن مخلد بن سهل ابو الفضل المعروف بابن الباقر حي ولد سنة خمس وستين وثلثمائة توفي في ربيع الآخر من هذه السنة وكان صدوقا
117 - الحسين بن احمد
ابن سفيان ابو علي العطار قال الخطيب كتبت عنه كان صدوقا وتوفي

في هذه السنة
118 - علي بن الحسين
ابن مكرم ابو القاسم صاحب عمان توفي في هذه السنة وقام ابنه مقامه
119 - محمد بن عمر
ابن الاخضر الداودي ولد سنة ثلاث وخمسين وثلثمائة وكان ثقة كثر السماع يفهم الحديث توفي في شوال هذه السنة
سنة 430
ثم دخلت سنة ثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في ليلة الثلاثاء لست بقين من ربيع الآخر سقط ثلج بجانبي مدينة اسلام من وقت العتمة الى نصف الليل وعلا على وجه الارض قدر شبر فرماه الناس من سطوحهم بالرفوش وبقي اياما في الدروب
وفي جمادي الآخرة ملك سلجوق خراسان والجبل وهرب مسعود بن محمود بن سبكتكين واخذوا الدولة واستولى طغرل يك ابو طالب محمد واخوه داود ونيروز اولاد ميكائيل على البلاد وتقسموا الاطراف
وفي يوم الثلاثاء لتسع بقين من جمادي الآخرة وكان العشرين من اذار وافي حر شديد كاشد ما يكون في حزيران وتموز فلما كان يوم الثلاثاء والاربعاء بعدهما جاء برد شديد جمد منه الماء
وفي يوم الخميس من شعبان جلس الخليفة وخلع على قاضي القضاة ابي عبدالله الحسين بن علي بن ماكولا خلع الشريف قريبا مما طرقه من المصيبة بالوزير ابي القاسم اخيه وقرىء توقيع جميل في أمره وفي يوم السبت النصف من هذا الشهر قبل قاضي القضاة ابو عبدالله شهادة ابي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي
وفي هذه السنة خوطب ابو منصور ابن جلال الدولة بالملك العزيز وكان مقيما

بواسط وبه انقرض ملك بويه
ولم يحج الناس في هذه السنة من خراسان والعراق ومصر والشام كثير احد
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
120 - احمد بن عبدالله
ابن احمد بن اسحاق ابو نعيم الاصبهاني الحافظ سمع الكثير وصنف الكثير وكان يميل الى مذهب الاشعري ميلا كثيرا
انبأنا محمد بن ناصر انبأنا ابو زكريا يحيى بن عبد الوهاب ابن مندة قال سمعت ان ابا بكر احمد بن علي بن ثابت كان يقول كان ابو نعيم يخلط المسموع له بالمجاز ولا يوضح احدهما من الآخر قال ابو زكريا وسمعت ابا الحسين القاضي يقول سمعت عبد العزيز النخشبي يقول لم يسمع ابو نعيم مسند الحارث بتمامه من ابي بكر ابن خلاد فحدث به كله توفي ابو نعيم في ثاني عشر محرم من هذه السنة
121 - الحسن بن احمد
ابن محمد بن عمر بن الحسن ابو محمد المعدل المعروف بابن المسلمة ولد في سنة تسع وستين وثلثمائة وحدث عن محمد بن المظفر وكان صدوقا ينزل درب سليم من الجانب الشرقي توفي في صفر هذه السنة
122 - الحسن بن احمد
ابن محمد بن الحسن بن حمزة ابو علي الخطيب البلخي ولد سنة اربع وثلاثين وثلثمائة وحدث ببغداد وكان صدوقا توفي ببلخ في هذه السنة
123 - الحسن بن جعفر
ابو الفتوح العلوي امير مكة توفي في هذه السنة
124 - الحسن بن الحسين
ابو علي الزخجي وزر لمشرف الدولة ابي علي بن بهاء الدولة سنتين ثم عزل

وكان في زمان عطلته عظيم الجاه وتوفي في هذه السنة وقد قارب الثمانين وكان قد قيل ان واسط خالية عن مارستان وهي مصر من الامصار والكبار وتجاوزها البطائح واعمالها فاختار وضعا فجعله مارستانا وانفق عليه جملة وافرة وفتح في سنة ثلاث عشرة وحملت اليه الادوية ورتب له الخزان والاطباء ووقف عليه الوقوف وتولى اثارة اموال فخر الملك من غير ضرب بعصا فاستخرجها بأنظف شيء وكان فخر الدولة قد اودع اقواما ولحن باسمائهم وكنى عن القابهم فكان فيها عند الكوسج اللحياني عشرون الف دينار وعند بسرة بقمعها ثلاثون الف دينار فسلم يعرف من هذان فدخل عليه رجل كان يتطايب لفخر الملك ويأنس به وكان يلقبه الكوسج اللحياني لكثافة الشعر في احد عارضيه وخفته في الآخر فدخل على الرخجي متطلبا من جار له متقربا اليه بخدمة فخر الملك فقال له يا مولانا انه كان يطلعني فخر الملك على اسراره ويلقبني بالكوسج اللحياني فقال لأصحابه لا تفارقوه الا بعشرين الف دينار وتهدده بالعقوبة فحملها بختومها ثم تفكر في قوله عند بسرة بقعها فقال هو الصابىء فاحضر هلال ابن المحسن فخاطبه سرا وكان هذا احد كتاب فخر الملك فلم ينكر فقال له قم ايها الرئيس آمنا ولا تظهر هذا الحديث لاحد وأنفق المال على نفسك وولدك ثم حضر ابن الصائبي على ابي سعد بن عبد الرحيم في وزارته فقال له قد عرفت ما دار بينك وبين الرخجي وانت تعلم حاجتي الى حبة واحدة وتاولى عن من لا معاملة بيني وبينه ولا يسبقني الرخجي الى مكرمة وما كنت لأنكب مثلك والصواب ان تشتغل بتاريخ اخبار الناس فاشتغل ابن الصابئي من ذلك الوقت بتاريخه الذي ذيله على تاريخ سنان فاستخدمه الملوك فلم يحتج الى انفاق شيء من المال وخلف ولده ابا الحسن غرس النعمة وخلف له املاكا نفيسة على نهر عيسى وانفق مقتصدا في النفقة وعمر الاملاك ولم يطلع احد من اولاده على ذلك وظن اولاده ان تركته تقارب الالف دينار فوجدوا له تذكرة تشتمل على دفائن في داره فحفروها فكانت اثنى عشر الف دينار وكان ما خلفه من القماش وغيره

لا يبلغ خمسين دينار دينار وانفق اولاده التركة في اسرع زمان
125 - الحسين بن محمد
ابن الحسن بن علي ابو عبدالله المؤدب وهو أخو ابي محمد الخلال سمع ابا حفص بن الزيات وابا الحسن بن البواب وسافر الى خراسان فسمع صحيح البخاري من اسماعيل بن محمد بن حاجب الكشمبهيني وتوفي في جمادي الاولى من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
126 - عبيد الله بن منصور
ابن علي بن حبيش ابو القاسم المقرى المعروف بالغزال من اهل الحربية اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب انه كان شيخا صالحا ثقة ظاهر الخشوع كثير البكاء عند الذكر واقعد في آخر عمره سألته عن مولده فقال سنة تسع واربعين وثلثمائة وتوفي في صفر هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
127 - عبد الملك بن محمد
ابن عبدالله بن محمد بن بشر بن مهران ابو القاسم الواعظ ولد في شوال سنة تسع وثلاثين وسمع النجاد ودعلج بن احمد والآجري وغيرهم وكان يسكن درب الديوان من الجانب الشرقي بالقرب من جامع المهدي وكان صدوقا ثبتا وكان يشهد عند الحكام قديما ثم ترك الشهادة رغبة عنها وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة وصلى عليه بجامع الرصافة وكان الجمع يفوت الاحصاء ودفن في مقبرة المالكية الى جانب ابي طالب المكي وصية منه بذلك
128 - محمد بن الحسين
ابن خلف بن الفراء ابو خازم اخو القاضي ابي يعلى سمع ابا الفضل الزهري وعلى ابن عمر اسكري وابا عمر بن حيوية والدارقطني وابن شاهين وغيرهم
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر قال كتبنا عن ابي خازم وكان لا بأس

به رأيت له اصولا سماعه فيها ثم بلغنا عنه انه خلط في التحديث بمصر واشترى من الوراقين صحفا فروى منها وكان يذهب الى الاعتزال ومات بتنيس في يوم الخميس سابع عشر محرم هذه السنة
129 - محمد بن الحسين
ابن علي بن حمدون ابو الحسن اليعقوبي حدث عن ابي القاسم ابن الصيدلاني وولى القضاء بيعقوبا والحسبة ببغداد وكان ثقة وقتله ابو الشوك امير الاكراد في ربيع الاول من هذه السنة
130 - محمد بن عبيد الله
ابو بكر الدنيوري الزاهد وكان يسكن بغداد ناحية الرصافة وكان حسن العيش وكان ابو الحسن القزويني يقول عند الدينوري فنظره خلف من بعده وراءه وكان السلطان جلال الدولة يأتيه فيزوره وسأله يوما في ضريبة الملح كانت كل سنة الفي دينار فتركها السلطان توفي في ليلة الأحد لسبع بقين من شعبان هذه السنة واجتمع الناس من اقطار البلد وصلى عليه في جامع الرصافة ثم حمل الى جامع المدينة صلي عليه ثم جامع الحربية ايضا ودفن في مقبرة باب حرب
131 - هبة الله بن علي
ابن جعفر ابو القاسم ابن ماكولا وزر لجلال الدولة ابي طاهر مرارا وكان حافظا للقرآن عارفا بالشعر والاخبار وخنق بهيت في جمادي الآخرة من هذه السنة
132 - الفضل بن منصور
ابن الظريف ابو الرضا اخبرنا محمد بن ناصر عن ابي زكريا التبريزي قال انشدني ابو العلاء المعري لابن الظريف

يا قالة الشعر قد نصحت لكم ... ولست ادهى الا من النصح ... قد ذهب الدهر بالكرام وفي ... ذاك امور طويلة الشرح ... وتطلبون النوال من رجل ... قد طبعت نفسه على الشح ... وانتم تمدحون بالحسن والظرف وجوها في غاية القبح ... وانتم تمدحون بالجود والبذل لئاما في غاية الشح ... من اجل ذا تحرمون رزقكم ... لأنكم تكذبون في المدح ... صونوا القوافي فما ارى احدا ... يغترف فيه الرجاء بالنجح ... فان شككم فيما اقول لكم ... فكذبوني بواحد سمح ...
ويروى لابن الظريف
... ومخطف الخصر مطبوع على صلف ... عشقته ودواعي البين تعشقه ... فكيف اطمع منه في مواصلة ... وكل يوم لنا شمل يفرقه ... وقد تسامح قلبي في مساعدتي ... على السلو ولكن من يصدقه ... اهابه وهو طلق الوجه مبتسم ... فكيف يطمعني في السيف رونقه ...
سنة 431
ثم دخلت سنة احدى وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان دجلة زادت في يوم وليلة ستة عشرة ذراعا وحملت الجسر قطعة واحدة ومن كان عليه
وفي ذي القعدة شغب الاتراك وخرجوا بالخيم الى شاطىء دجلة واجتمعوا وتفاوضوا في الشكوى من تأخر الاقساط عليهم وامتناع الاقوات على كثير منهم ووقوع الاستيلاء على اقطاعاتهم فعرف السلطان هذا فكاتب دبيس ابن علي بن مزيد وابا الفتح بن ورام وابا الفوارس بن سعدي للاستظهار بهم في امر إن غلب وكتب الى الغلمان رقعة يستعلم السبب فيما فعلوا ويقول فيها قد كان الاولى الاجتماع في دارنا ومطالعتنا بما تشكونه فاعروضوا عن قراءة الرقعة وتفاوضوا فيما يؤكد الفساد وقالوا نريد أن يتوسط امرنا الخليفة

ثم كمن قوم منهم تحت دار المملكة فنزل قوم وثاوروهم وقتلوا بعضهم وأفلت قوم وألقى آخرون انفسهم في دجلة وركب جماعة منهم في ذي الحجة على ان يحيطوا بدار المملكة ويحاصرون من فيها وعبر السلطان فانزعج الناس وبذل لهم السلطان شيئا معروفا وقال ان قنعتم بما بذلنا والا فاعطونا قدر ما نحتاج اليه لمؤمنتنا وتسلموا جميع المعاملات والا اعتزلناكم وعملتم ما تريدون فقالوا اقوالا لا ترجع الى محصول وزادت البلوى بنهب النواحي فغلا السعر وصار الناس لا يستطيعون الورود من المحول والياسرية والخروج اليها الا بخفير يأخذ من الماشي دانقين ومن الراكب الحمار اربعة دوانيق واحرقت عدة دواليب وجرى على السواد في جانبي بغداد من النهب والاجتياح واخذ العوامل والمواشي ما درسه حتى ان الخطيب صلى يوم الجمعة يوم عيد الاضحى ببراثا وليس وراءه الا ثلاثة نفر ونودي في جمعة اخرى من اراد الصلاة بجامع براثا فثلاثة انفس بدرهم خفارة وخرج الملك ابو طاهر لزيارة المشهدين بالحائر والكوفة ومعه اولاده والوزير كما الملك وجماعة من الاتراك والاتباع فبدأ بالحائر ومشى حافيا من القبر الى المشهد وزار الكوفة فمشى حافيا من الخندق الى المشهد فقدر ذلك فرسخ
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
133 - اسماعيل بن احمد
ابن عبدالله ابو عبدالرحمن الضرير الحيري من اهل نيسابور ولد سنة احدى وستين وثلثمائة وقدم الى بغداد حاجا سنة ثلاث وعشرين واربعمائة وحدث عن جماعة وكان فاضلا عالما عارفا فهما ذا امانة وحذق وديانة وحسن خلق وقرأ عليه الخطيب ببغداد صحيح البخاري بروايته عن ابي الهيثم الكشميهنى عن الفربري في ثلاثة مجالس

134 - بشرى بن مسيس
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال بشرى بن مسيس ابو الحسن الرومي مولى فاتن مولى المطيع لله كان يذكر انه اسر من بلاد الروم وهو كبير قال واهداني بعض امراء بني حمدان الفاتن فعلمني وادبني وسمعني الحديث وكان يروى عن محمد بن جعفر بن الهيثم الانباري ومحمد بن بدر الحمامي ومحمد بن حميد المخرمي وعمر بن محمد الترمذي وسعد بن محمد الصيرفي وأبي بكر بن مالك القطيعي واحمد ابن جعفر بن سلم الختلى وغيرهم من البغداديين والغرباء كتبنا عنه وكان صدوقا صالحا دينا وحدثني ان اباه ورد بغداد سرا ليتلطف في اخذه ورده الى بلاد الروم فلما رآني على تلك الصفة من الاشتغال بالعلم والمثابرة على لقاء الشيوخ لم ثبوت الاسلام في قلبي ويئس مني فانصرف وكان بشرى ينزل الجانب الشرقي في حريم الخلافة بالقرب من الباب النوبي ومات في يوم عيد الفطر من سنة احدى وثلاثين واربعمائة وكان يوم سبت
135 - الحسن بن الحسين
ابن العباس ابو علي المعروف بابن دوما سمع ابا بكر الشافعي وخلقا كثيرا واكثر من السماع وذكر الخطيب انه الحق سماعه في جزء قال المصنف رحمه الله ومن الجائز ان يكون قد عارضه بأصل فيه سماعه توفي في هذه السنة
136 - عبد الغالب بن جعفر
ابن الحسن ابو معاذ الضراب سمع ابن شاهين والكتاني قال الخطيب كتبت عنه وكان عبدا صالحا صدوقا توفي في شعبان هذه السنة
137 - محمد بن احمد
ابن عبدالله بن ابراهيم ابو الحسن الجواليقي مولى بني تميم من اهل الكوفة سمع ابراهيم بن عبدالله بن ابي العزائم وجعفر بن محمد الأحمسى وخلقا كثيرا وقدم بغداد وحدث بها وكان ثقة وتوفي بمصر في هذه السنة

138 - محمد بن علي
ابن احمد بن يعقوب بن مروان ابو العلاء ابو الواسطي ولد في صفر سنة تسع واربعين وثلثمائة اصله من فم الصلح ونشأ بواسط وحفظ بها القرآن وقرأ على شيوخها وكتب بها الحديث ثم قدم بغداد فسمع ورحل الى الكوفة والدينور ثم عاد واستوطن بغداد وقبلت شهادته عندا لحكام ورد اليه القضاء بالحريم من شرقي بغداد وبالكوفة وغيرها من شقي الفرات وكان قد جمع الكثير من الحديث وقد قدح في روايته القراآت جماعة من القراء وفي روايته الحديث جماعته من المحدثين توفي في جمادي الآخرة من هذه السنة ودفن في داره
سنة 432
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الغز نزلوا الري وانصرف مسعود بن محمود بن سبكتكين الى غزنة وعاد طغرل بك الى نيسابور واستولت الغز على جميع خراسان وظهر من خرقهم الهيبة واطراحهم الحشمة وقتلهم الناس ما خرج عن الحد وقصدوا خلقا كثيرا من الكتاب وغيرهم فقتلوا منهم وصانعهم بعضهم
وفي يوم الاربعاء لثمان خلوان من جمادي الاولى تجددت الفتن ووقع القتال بين اهل الكرخ وباب البصرة على القنطرتين واستمر ذلك وقتل في اثنائه جماعة وكان السبب انخراق الهيبة وقلة الاعوان
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
139 - الحسن بن عبدالله
ابن محمد بن الحسين ابو علي المقرىء الصفار سمع من ابن مالك القطيعي وغيره وكان ثقة يسكن نهر القلائين توفى في ربيع الاول من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب

140 - صاعد بن محمد
ابو العلاء النيسابوري ثم الاستوائي من اهل استواء وهي تربة من رستاق نيسابور سمع الحديث بنيسابور وولى قضاءها ثم عزل وكان عالما فاضلا صدوقا انتهت اليه رياسة اصحاب الرأي بخراسان وتوفي في هذه السنة
141 - محمد بن الحسن
ابن احمد بن محمد بن إسحاق المظفر القرينيني وقرينين ناحية من نواحي مرو سكن بغداد وحدث بها عن المخلص وغيره وكان صدوقا ثقة يذهب مذهب الشافعي وتوفي بناحية شهر زور ذي القعدة من هذه السنة
142 - محمد بن الحسين
ابن الفضل بن العباس ابو يعلى البصري الصوفي اذهب عمره في السفر والتغرب وقدم بغداد في سنة اثنتين وثلاثين واربعمائة فحدث بها عن ابي بكر بن ابي الحديد الدمشقي وابي الحسين بن جميع الغساني وكان صدوقا ظريفا من اهل الأدب والفضل حسن الشعر
سنة 433
ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه دخل ابو كاليجار همذان ودفع الغز عنها وان الاتراك شغبوا في جمادي الآخرة وتبسطوا في اخذ ثياب الناس وخطف ما يرد الى البلد وغرقوا امرأتين من نساء اصحاب المسالح وكثر الهرج الى ان وعدوا بأطلاق ارزاقهم
وفي شوال سقطت قنطرة بني زريق على نهر عيسى والقنطرة العتيقة التي تقاربها وورد رجل من البلغر ذكرانه من كبار القوم في خمسين رجلا قاصدا للحج فروعي من دار الخلافة بنزل يحمل اليه وكان معه رجل يعرف يعلى ابن اسحاق الحوارزمي ويدعى بالقاضي فسئل في الديوان عن البلغر من اي الامم هم فقال

هو قوم تولدوا من بين الترك والصقالية وبلادهم في اقصى بلاد الترك وكانوا كفارا ثم ظهر فيهم الاسلام وهم على مذهب ابي حنيفة ولهم عيون تجري في انهار وزروعهم على المطر وعندهم كورات العسل وحكى ان الليل يقصر عندهم حتى يكون ست ساعات وكذلك النهار
وفي هذه السنة قرىء الاعتقاد القادري في الديوان
اخبرنا محمد بن ناصر الحافظ حدثنا ابو الحسين محمد بن محمد بن الفراء قال اخرج الامام القائم بامر الله امير المؤمنين ابو جعفر ابن القادر بالله في سنة نيف وثلاثين واربعمائة الاعتقاد القادري الذي ذكره القادر فقرىء في الديوان وحضر الزهاد والعلماء وممن حضر الشيخ ابو الحسن علي بن عمر القزويني فكتب خطه تحته قبل ان يكتب الفقهاء وكتب الفقهاء خطوطهم فيه ان هذا اعتقاد المسلمين ومن خالفه فقد فسق وكفر وهو يجب على الانسان ان يعلم ان الله عزو جل وحده لا شريك له لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احدا لم يتخذ صاحبه ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك وهو اول لم يزل وآخر لم يزل قادر على كل شيء غير عاجز عن شيء اذا اراد شيئا قال له كن فيكون غنى غير محتاج الى شيء لا اله الا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم يطعم ولا يطعم لا يستوحش من وحده ولا يأنس بشيء وهو الغنى عن كل شي لا تخلفه الدهور والازمان وكيف تغيره الدهور والازمان وهو خالق الدهور والازمان والليل والنهار والضوء والظلمة والسموات والارض وما فيها من انواع الخلق والبر والبحر وما فيهما وكل شيء حي او موات او جماد كان ربنا وحده لا شيء معه ولا مكان يحويه فخلق كل شيء بقدرته وخلق العرش لا لحاجته اليه فاستوى عليه كيف شاء واراد لا استقرار راحة كما يستريح الخلق وهو مدبر السموات والارضين ومدبر ما فيهما ومن في البر والبحر ولا مدبر غيره ولا حافظ سواه يرزقهم ويمرضهم ويعافيهم ويميتهم ويحيهم والخلق كلهم عاجزون والملائكة والنبيون والمرسلون والخلق كلهم اجمعون وهو القادر بقدرة والعالم بعلم ازلي غير مستفاد

وهو السميع بسمع والمبصر ببصر يعرف صفتهما من نفسه لا يبلغ كنههما احد من خلقه متكلم بكلام لا بآلة مخلوقة كآلة المخلوقين لا يوصف الا بما وصف به نفسه او وصفه به نبيه عليه السلام وكل صفة وصف بها نفسه او وصفه بها رسوله فهي صفة حقيقة لا مجازية ويعلم ان كلام الله تعالى غير مخلوق تكلم به تكليما وانزله على رسوله صلى الله عليه و سلم على لسان جبريل بعد ما سمعه جبريل منه فتلاه جبريل على محمد وتلاه محمد على اصحابه وتلاه اصحابه على الامة ولم يصر بتلاوة المخلوقين مخلوقا لانه ذلك الكلام بعينه الذي تكلم الله به فهو غير مخلوق فبكل حال متلوا ومحفوظا ومكتوبا ومسموعا ومن قال انه مخلوق على حال من الاحوال فهو كافر حلال الدم بعد الاستتابة منه ويعلم ان الايمان قول وعمل ونية وقول باللسان وعمل بالاركان والجوارح وتصديق به يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وهو ذو اجزاء وشعب فارفع اجزائه لا اله الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من شعب الايمان والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد والانسان لا يدري كيف هو مكتوب عند الله ولا بماذا يختم له فلذلك يقول مؤمن ان شاء الله وارجو ان اكون مؤمنا ولا يضره الاستثناء والرجاء ولا يكون بهما شاكا ولا مرتابا لأنه يريد بذلك ما هو مغيب عنه عن امر آخرته وخاتمته وكل شيء يتقرب به الى الله تعالى ويعمل لخالص وجهه من انواع الطاعات فرائضه وسننه وفضائله فهو كله من الايمان منسوب اليه ولا يكون للايمان نهاية ابدا لأنه لا نهاية للفضائل ولا للمتبوع في الفرائض ابدا ويجب ان يحب الصحابة من اصحاب النبي صلى الله عليه و سلم كلهم ونعلم انهم خير الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم وان خيرهم كلهم وافضلهم بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم ابو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن ابي طالب رضي الله عنهم ويشهد للعشرة بالجنة ويترحم على ازواج رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن سب عائشة فلاحظ له

في الاسلام ولا يقول في معاوية الا خيرا ولا يدخل في شيء شجر بينهم ويترحم على جماعتهم قال الله تعالى والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم وقال فيهم ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين ولا يكفر بترك شيء من الفرائض غير الصلاة المكتوبة وحدها فانه من تركها من غير عذر وهو صحيح فارغ حتى يخرج وقت الاخرى فهو كافر وان لم يجحدها لقول النبي صلى الله عليه و سلم بين العبد والكفر ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر ولا يزال كافرا حتى يندم ويعيدها فان مات قبل ان يندم ويعيد او يضمران يعيد لم يصل عليه وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف وسائر الاعمال لا يكفر بتركها وان كان يفسق حتى يجحدها ثم قال هذا قول اهل السنة والجماعة الذي من تمسك به كان على الحق المبين وعلى منهاج الدين والطريق الواضح ورجى به النجاة من النار ودخول الجنة ان شاء الله وقال النبي صلى الله عليه و سلم وعلم الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين ولعامتهم وقال عليه السلام ايما عبد جاءته موعظة من الله في دينه فانها نعمة من الله سيقت إليه فان قبلها يشكر والا كانت حجة عليه والله ليزداد بها اثما ويزاد بها من الله سخطا جعلنا الله لآلائه من الشاكرين ولنعمائه ذاكرين وبالسنة معتصمين وغفر لنا ولجميع المسلمين
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
143 - بهر ام بن مافنة
ابو منصور وزير الملك ابي كاليجار ولد بكازرون سنة ست وستين وثلثمائة ونشأ عفيفا وعمل بفيروز اباذ خزانة كتب تشتمل على سبعة آلاف مجلد فيها اربعة آلاف ورقة بخط ابي علي وابي عبدالله ابني مقلة

144 - الحسين بن بكر
ابن عبيدالله بن محمد ابو القاسم ولد سنة خمسين وثلثمائة وسمع ابا بكر بن مالك القطيعي وغيره وكان ثقة مقبول القول والشهادة عند القضاة وخلفه القاضي ابو محمد الاكفاني على عمله بالكرخ وتوفي في رمضان هذه السنة
145 - محمد بن احمد
ابن عبدالله ابو بكر المؤدب الاعور ويعرف بابن ابي العباس الصابوني سمع ابا بكر ابن مالك القطيعي واحمد بن ابراهيم بن شاذان وابا القاسم بن حبابة وكان سماعه صحيحا وتوفي في شوال هذه السنة
146 - محمد بن احمد
ابن علي بن محمد بن جعفر بن هارون ابو الحسن المعروف بابن ابي شيخ حدث عن محمد بن المظفر وكان ثقة من الشهود المعدلي
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سمعت ابن ابي شيخ يقول ولدت يوم السبت للنصف من ربيع الآخر سنة ست وخمسين وسمعت من ابن مالك القطيعي جميع مسند احمد بن حنبل وسمعت من ابن المظفر شيئا كثيرا وذكر انه كتب الشيء الكثير من الحديث ولكن ذهبت كتبه ومات في ليلة الثلاثاء السادس عشر من جمادي الاولى من سنة ثلاث وثلاثين واربعمائة ودفن في صبيحة تلك الليلة بمقابر قريش
147 - محمد بن جعفر
ابو الحسين المعروف بالجهرمي
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال هو احد الشعراء الذين لقيناهم وسمعنا منهم وكان يجيد القول ولد في سنة ثمان وخمسين وثلثمائة ومسكنه دار القطن ومات

يوم السبت التاسع عشر من جمادي الآخرة سنة ثلاث وثلاثين واربعمائة ومن شعره ... يا ويح قلبي من تقلبه ... ابدا يحن الى معذبه ... قالوا كتمت هواه عن جلد ... لو ان لي جلدا لبحت به ... بأبي حبيب غير مكترث ... عني ويكثر من تعتبه ... حسبي رضاه من الحياة ويا ... قلقي وموتي من تغضبه ...
148 - مسعود بن محمود
ابن سبكتيكن توفي وقام اخوه مقامه وخرج مودود بن مسعود على عمه محمد فقبض عليه وعاد الى غزنة واستتب له الأمر
149 - بنت المتقى لله
توفيت في الحريم لطاهري في رجب هذه السنة عن احدى وتسعين سنة ودفنت في التربة بالرصافة
سنة 434
ثم دخلت سنة اربع وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الجوالى افتتحت في اول المحرم فانفذ الملك ابو طاهر من منع اصحاب الخليفة عنها واخذ ما استخرجوه منها وأقام فيها من يتولى جبايتها وشق على الخليفة ذلك وترددت فيه المراسلات ولم تنفع فاظهر العزم على مفارقة البلد وتقدم باصلاح الطيار والزبازب وروسل وجوه الاطراف والقضاة والفقهاء والشهود بالتأهب للخروج في الصحبة وتحدث بأن الخليفة قد عمل على غلق الجوامع ومنع الصلاة يوم الجمعة هذا الشهر قال ابو الحسن علي بن محمد الماوردي اخرج التوقيع من الخليفة وكنت انا الرسول فنفذ لعلي بن محمد بن حبيب ليس يختل على ذي عقل غلط ما أباه جلال الدولة من عدو له عن عهوده والوفاء بعقود وأن الأيمان المؤكدة اشتملت على مالا فسيحة

في نقضه ولا سبيل الى حله وفيما جرى من الاعتراض على الجوالي في جبايتها بعد تسليمها الى الوكلاء نقض لما عقده والتعويل على عهده فانطلقت الالسن بما يصان عن مثله فان ذكر ان ضرورة دعت الى ذاك قالا راسلنا على الوجه الأجمل ولو أنه لما اراد ما اراد جعل الوكلاء القائمين يحملونه اليه لكان ذلك اولى فأما العدول عن هذه الطريقة فظاهر الغرض فيه قصد الومقين ولولا ما عليه الوكلاء من الاضافة ترى ترك القول في مال هذه الجوالي مع نزارة قدره لكن للضرورة حكما تمنع من الاختيار وان روعي الوكلاء يدفعون ايامهم والا فلهم عند الضرورات متسع في الارض ونحن نقاضيه الى الله تعالى وهو الحكم بيننا فكان الجواب من الملك الاعتراف بوجوب الطاعة ثم قال ونحن نائبون عن الخدمة نيابة لا تنتظم الا باطلاق ارزاق العساكر وقد التجأ جماعة ممن خدمنا الى الحريم واستعصم به حتى ان احدهم اخذ من تلاعنا في دفعة واحدة تسعمائة بدرة ونحن نمنع من احضارها ونحن محذورون عند الحاجة وورد كتاب أبي جعفر ابن الرق العلوي النقيب بالموصل بتاريخ تاسع عشرين جمادي الاولى بما قال فيه وردت الاخبار الصحيحة بوقوع زلزلة عظيمة بتبريز هدمت قلعتها وسورها ودورها ومساكنها وحماماتها واسواقها واكثر دار الامارة وخلص الامير لكونه كان في بعض البساتين وسلم جنده لأنه كان قد انقذهم الى اخيه وانه احصى من هلك تحت الهدم فكانوا قريبا من خمسين الف انسان وان الامير لبس السواد وجلس على لمسوح لعظم هذا المصاب وانه على الصعود الى بعض قلاعه والتحصن بها خوفا من توجه الغز الى بلد وهم الترك
وفي هذه السنة استولى طغرل بك على نيسابور وانقذ أخاه ابراهيم بن يوسف المعروف بينال فأخذ الري والجبل
وولى القضاء بواسط ابو القاسم علي بن ابراهيم بن غسان
وفيها فرغ من عمل القنطرة على فوهة نهر ملك عملها دبيس بن علي

وفيها ملك ثمال بن صالح بن مرداس حلب فانقذ المصريون اليه من حاربه
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
150 - حسين بن عمر
ابن محمد بن عبدالله ابو عبدالله ويعرف بابن القصاب سمع ابن مالك القطيعي والدارقطني وكان صدوقا وتوفي في رجب هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
151 - الحسين بن يحيى
ابن عياش ابو عبدالله القطان ويقال التمار ولد في رجب سنة تسع وثلاثين وثلثمائة وسمع الحسن بن عرفة وغيره روى عنه الدارقطني ويوسف القواس وابو عمر بن مهدي وابن مخلد وهلال الحفار وكان ثقة في جمادي الآخرة من هذه السنة ودفن عند قبر معروف
152 - عبيد الله بن عبد العزيز
ابن جعفر ابو القاسم البرذعي سمع محمد بن عبيدالله بن الشخير روى عن ابن المظفر قال الخطيب كتبت عنه وكان صدوقا وسألته عن مولده فقال ولدت في مدينة ابي جعفر في دار القاضي ابي بكر بن الجعابي في سنة ثلاث وستين وثلثمائة وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة
153 - عبد الودود بن عبد المتكبر
ابن هارون بن محمد بن عبيدالله بن المهتدي ولد في سنة اربعين وثلثمائة حدث عن أبي بكر الشافعي وتوفي في شعبان هذه السنة ودفن بقرب القبة الخضراء
154 - عبد بن احمد
ابن محمد ابو ذر الهروي سافر الكثير وحدث وخرج الى مكة فسكنها مدة ثم

تزوج في المغرب واقام بالسروات وكان يحج كل عام ويقيم بمكة ايام الموسم ويحدث ويرجع الى اهله وكان ثقة ضابطا فاضلا وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة وقيل انه كان يميل الى مذهب الاشعري
155 - محمد بن الحسين
ابن محمد بن جعفر ابو الفتح الشيباني العطار ويعرف بقطيط سافر الكثير الى البصرة ومكة ومصر والشام والجزيرة وبلاد الثغور وبلاد فارس وحدث عن ابي الفضل الزهري وابن المظفر وابن شاهين وغيرهم وكان شيخا ظريفا مليح المحاضرة يسلك طريق النصوف وكان يقول لما ولدت سميت قططا على اسماء اهل البادية ثم سماني بعض اهلي محمدا وتوفي في هذه السنة
156 - ابو الحسن بن سفر يشوع
المهندس صاحب علم الهيئة توفي في هذه السنة
سنة 435
ثم دخلت سنة خمس وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه ردت الجوالي على وكلاء الخدمة وسافر طغرل بك الى الجبل وورد كتابه على جلال الدومة ابي طاهر من الري وكان اصحابه قد اخربوها ولم يبق منها لا غير ثلاثة الف نفس وسدت ابواب المساجد وخاطب طغرل بك جلال الدومة بالملك الجليل وخاطب عميد الدولة بالشيخ الاجل الرئيس ابي طالب محمد بن ايوب من طغرل بك محمد بن ميكائيل ولى امير المؤمنين فخرج التوقيع الى اقضى القضاة الماوردي وروسل به طغرل بك برسالة تتضمن تقبيح ما فعل في البلاد ويأمره بالاحسان في الرعية فمضى الماوردي وخرج طغرل بك فتلقاه على اربعة فراسخ اجلالا لرسائله الخليفة
وارجف بموت ابي طاهر جلال الدولة ارحافا لورم لحقه في كبده وانزعج

الناس ونقوا اموالهم الى دار الخلافة وما زال الارجاف حتى خرج الملك فقعد على كرسي فرآه الناس فسكتوا ثم توفي وغلقت الابواب وخرج الامراء أولاده فأطلعوا من الروشن على الاتراك والاصبهسلارية وقالوا لهم انتم اصحابنا ومشايخ دولتنا وقائمون مقام والدنا فأرعوا حقوقنا وصونوا حريمنا فانكم تعلمون انه لا مال عندنا فقبلوا الارض وبكوا بكاء شديدا وقالوا السمع والطاعة وكان ابنه الملقب بالملك العزيز بواسط فانشئت اليه تعزية من الديوان واجاب ثاني العيد
وفي هذه السنة دخل الغز الموصل واخذوا حرم قرواش وافسدوا فيها ووصل ابو البركات ربيب ابي جعفر السمغائي الخليفة مستنفرا عليهم ثم ورد الشريف ابو الحسن بن جعفر النسابة هاربا فاجتمع قرواش بن المقلد ودبيس بن علي بن مزيد على الايقاع بالغز فقتلت منهم مقتلة عظيمة وخطب في بغداد الملك ابي كاليجار
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
157 - الحسين بن عثمان
ابن احمد بن سهل بن احمد بن عبد العزيز بن ابي دلف العجلي يكني ابا سعد رحل في طلب الحديث الى اصفهان والري وبلاد خراسان ثم اقام ببغداد وحدث اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال كتبنا عنه وكان صدوقا متنبها وانتقل في آخر عمره الى مكة فسكنها حتى مات بها في شوال هذه السنة
158 - عبيد الله بن أبي الفتح
واسمه احمد بن عثمان بن الفرج بن الازهر ابو القاسم الصيرفي وهو الازهري ويعرف بابن السوادي
اخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال ذكر لي عبيد الله أن جده عثمان كان من اهل اسكاف قدم بغدد فاستوطنها فعرف بالسوادي وحده لأمه يعرف بالدبثائي

سمع ابا مالك القطيعي وابا محمد بن ماسى وابا سعيد الخرقي وابا حفص بن الزيات ومن يطول ذكره وكان احد المكثرين من الحديث كتابة وسماعا من المعتنين به والجامعين له مع صدق وامانة صحة واستقامة وسلامة مذهب وحسن معتقد ودوام درس للقرآن وسمعنا منه المصنفات الكبار والكتب الطوال وكان يسكن درب الآخر من نهر طابق وسمعته يقول ولدت يوم السبت التاسع من صفر سنة خمس وخمسين وثلثمائة ومات في يوم الثلاثاء التاسع عشر من صفر سنة 3 خمس وثلاثين واربعمائة ودفن من الغد في تربة كانت له آخر درب الآجر مما يلي نهر عيسى وكان مدة عمره ثمانين سنة وعشرة ايام
159 - ابو طاهر جلال الدولة
ولد في ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة وكان يزور الصالحين ويتبرك بهم ويقصد القزويني والدينوري وسأله الدينوري في ضريبة الملح فاسقطها وكانت في كل سنة الفي دينار ولحقه ورم في كبده وتوفي في ليلة الجمعة خامس شعبان من هذه السنة وغسله ابو القاسم بن شاهين الواعظ وعبد القادر بن السماك ودفن في بيته من دار المملكة في بيت كان دفن فيه عضد الدولة وبهاء الدولة قبل نقلها وكانت ولايته لبغداد ستة عشر سنة واحد عشر شهرا وخلف من الذكور ستة وخمس عشرة انثى وكان عمره احدى وخمسين سنة واشهر
سنة 436
ثم دخلت سنة ست وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انها جاء مطر في شعبان فيه رعد فوقعت رجفة عقيب الرعد وكان في الصحراء غلام يرعى فرسا ومهرا فماتوا في الوقت ولحقت ثلاثة انفس كانوا على بعد منها مثل الغشى فأفاقوا بعد عتمة
وفي سادس رمضان نقل تابوت جلال الدولة وبنته الكبرى من دار المملكة الى تربة لهم في مقابر قريش

وفي يوم الخميس ثالث عشر رمضان حمل الطيار الجلالي الى باب دار المملكة بعد مخاطبات جرت من اجله ومراجعات فيما استجد من صفره وآلاته فقال الملك اننا نزلنا عنه لدار الخلافة وهذا طيار جليل لم يعمل مثله وكان جلال الدولة قد اتفق عليه عشرة آلاف دينار ودخل ابو كاليجار بغداد وصرف ابو المعالي بن عبد الرحيم عن الوزارة موقرا وفي يوم الجمعة رابع عشر هذا الشهر استقر النظر في الوزارة للوزير ذي السعادات أبي الفرج محمد بن جعفر ابن العباس بن فسانجس وقيل للاتراك اعترفوا له حقه
وتوفى المرتضى فتقلد ابو احمد عدنان ابن الرضى ما كان يتقلده عمه المرتضى وتوفى الوزير الجرجرائي بمصر فوزر ابو نصر احمد بن يوسف وكان يهوديا فأسلم
واحدث ابو كاليجار ضرب الطبل في الصلوات الخمس ولم يكن الملوك يضرب لها الطبل ببغداد فأكرم عضد الدولة بأن ضرب له فيها ثلاث نوب وجعلها ابو كاليجار خمسا
وفيها نظر رئيس الرؤساء ابو القاسم ابن مسلمة في كتابه القائم وكان عنده في منزلة عالية
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
160 - الحسين بن علي
ابن محمد بن جعفر ابو عبدالله الصيمري منسوب الى نهر من انهار البصرة يقال له الصيمر عليه عدة قرى ولد سنة احدى وخمسين وثلثمائة وكان احد الفقهاء المذكورين من العراقيين حسن العبارة جيد النظر ولى قضاء المدائن ثم ولى القضاء بربع الكرخ وحدث عن ابي بكر المفيد وابن شاذان وعن ابن شاهين وغيرهم وكان صدوقا وافر العقل جميل المعاشرة عارفا بحقوق العلماء وتوفى في شوال هذه السنة ودفن في داره بدرب الزرادين

161 - طاهرة بنت احمد
ابن يوسف الازرق التنوخية ولدت سنة تسع وخمسين وثلثمائة وسمعت من ابي فهد بن ماسى وجماعة وتوفيت بالبصرة في هذه السنة
162 - عبد الوهاب بن منصور
ابن احمد ابو الحسين المعروف بإبن المشتري الاهوازي كان له قضاء الاهواز ونواحيها وكانت له منزلة عند السلطان وكان كثير المال مفضلا على طائفة من اهل العلم وكان ينتحل مذهب الشافعي وكان صدوقا توفي في ذي القعدة من هذ السنة بالاهواز
163 - علي بن الحسين
ابن موسى بن محمد بن ابراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب ولد سنة خمس وخمسين وثلثمائة وهو اكبر من اخيه الرضى وكان يلقب بالمرتضى ذي المجدين وكانت له نقابة الطالبين وكان يقول الشعر الحسن وكان يميل الى الاعتزال ويناظر عنده في كل المذاهب وكان يظهر مذهبه الامامية ويقول فيه العجب وله تصانيف على مذهب الشيعة فمها كتابهم الذي ذكره فيه فقههم وما انفردوا به نقلت منه مسائل من خط ابي الوفاء بن عقيل وانا اذكر هاهنا شيئا منها فمنها لا يجوز السجود على ما ليس بارض ولا من نباب الارض كالصوف والجلود والوبر وان الاستجمار لا يجزى في البول بل في الغائط وان الكتابيات حرام وان الطلاق المعلق على شرط لا يقع وان وجد شرطه وان الطلاق لا يقع الا بحضور شاهدين عدلين ومتى حلف ان فعل كذا فامرأته طالق لم يكن يمينا وان النذر لا ينعقد اذا كان مشروطا بقدوم مسافر او شفاه مريض وان من نام عن صلاة العشاء الى ان يمضي نصف الليل وجب عليه اذا استيقظ القضاء وان يصبح صائما كفارة لذلك

وان المرأة اذا جزت شعرها فعليها كفارة قتل الخطاء وان شق ثوبه في موت ابن له او زوجة فعليه كفارة يمين وان من تزوج امرأة ولها زوج وهو لا يعلم لزمه ان يتصدق بخمسة دراهم وان قطع السارق من اصول الاصابع وان ذبائح اهل الكتاب محرمة واشترطوا في الذبح استقبال القبلة وكل طعام تولاه اليهود والنصارى او من قطع بكفره فحرام أكله وهذه مذاهب عجيبة تخرق الاجماع واعجب منها ذم الصحابة
انبأنا محمد بن ناصر الحافظ حدثنا ابو الفضل احمد بن الحسين بن خيرون المعدل انه نسخ من نسخه ذكرنا ناسخها انه كتبها عن المرتضى من تأليفه وكلامه قال المرتضى سألني الرئيس الاجل عن السبب في نكاح امير المؤمنين بنته عمر بن الخطاب فكيف صح ذلك مع اعتقاد الشيعة في عمر انه على حال لا يجوز معها انكاحه قال وانا اذكر من الكلام في ذلك جملة كافية اعلم ان الزبدية القائلين بالنص على امير المؤمنين بالامامة بعد الرسول يذهبون الى ان رفع النص فسق يستحق به فاعله الخلود في نار جهنم وليس يكفر والفاسق يجوز انكاحه والنكاح اليه بخلاف الكافر ويبقى الكلام مع الامامية الذين يذهبون ان رفع النص كفر ويسألون عن ذلك مسائل منها انكاح النبي صلى الله عليه و سلم عثمان بن عفان بنته واحدة بعد واحدة وذلك مع القول بأنه يكفر بجحد النص على امير المؤمنين غير جائز وليس لكم ان تقولوا جحد النص انما كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم فهو غير مناف كما وقع في حياته لأن رفع النص اذا كان كفر والكافر عندكم لا يجوز ان يقع منه الايمان متقدم بل المستقر في مذهبهم ان من آمن بالله طرفة عين لا يجوز ان يكفر بعد ايمانه فعلى هذا المذهب ان كل من كفر يدفع النص لا يجوز ان يكون له حلة ايمان متقدمة وان اظهر الايمان فهو مبطن لخلافة والمسألة لازمة مع هذا التحقيق ومن مسائلهم ايضا ان عائشة اذا كانت بقتالها امير المؤمنين قد كفرت وبدفعها ايضا امامته وكانت حفصة ايضا شريكتها مع انكار امامته والاختلاف عليه فقد اشتركتا في الكفر

وعلى مذاهبهم لا يجوز ان لا يكون الايمان واقعا في حالة متقدمة ممن كفر ومات على كفر وكيف ساغ للنبي صلى الله عليه و سلم ان ينكحها وهما في تلك الحال غير مؤمنين ومن المسائل تزويج امير المؤمنين على من عمر بن الخطاب وتحقيق الكلام في ذلك كتحقيقه في عثمان قال المرتضى والجواب ان نكاح الكافرة ونكاح الكافر لا يدفعه العقل وليس في مجرده ما يقتضي قبيحه وانما يرجع في قبيحه او حسنه الى ادلة السمع ولا شيء اوضح وادل على الاحكام من فعل النبي صلى الله عليه و سلم او فعل امير المؤمنين فاذا رأينا هما قد نكحا وانكحا الى من ذكرت حاله وفعلهما حجة وما لا يقع الا صحيحا صوابا قطعنا على جواز ذلك وانه قبيح ولا محظور وبعد فليست حال عثمان ونكاحه بنتي رسول الله صلى الله عليه و سلم وحال نكاح عائشة وحفصة كحال عمر في نكاحه بنت امير المؤمنين لأن عثمان كان في حياة النبي صلى الله عليه و سلم لم يظهر منه ما ينافي الايمان وانما كان مظهرا بغير شك الايمان وكذلك عائشة وحفصة وعمر في حال نكاح بنت امير المؤمنين كان مظهرا من جحد النص ما هو كفر والحال مفترقة فاذا قيل واي انتفاء الآن باظهار الايمان والنبي صلى الله عليه و سلم يقطع على كفره مظهرا في الباطن لانه اذا علم انه سيظهر ممن اظهر الايمان في تلك الاحوال كفر ويموت عليه فلا بد ان يكون في الحال قاطعا على ان الايمان المظهر انما هو نفاق كان الباطن بخلافة وقد عدنا الى انه انكح ونكح مع القطع على الكفر قلنا غير ممنوع ان يكون عليه السلام في حال نكاح عثمان لم يكن الله اطلعه على انه سيجحد النص بعده فان ذلك مما لا يجب الاطلاع عليه ثم اذا ظهر في مذاهب الامامية انه عليه السلام كان مطلعا على ذلك فليس معنا تاريخ بوقت اطلاعه ويجوز ان يكون عليه السلام انما علم ذلك بعد الانكاح او بعد موت المرأتين المنكوحتين وكذلك القول في عائشة وحفصة يجوز ان يكون ما علم باحوالهما الا بعد النكاح لهما فاذا قيل فكان يجب ان يفارقهما بعد العلم بما لا يجوز استمرار الزوجية معه امكن ان يقال ليس معنا قطع على انه عليه السلام اعلم ان المرأتين يجحدان النص فان ذلك مما

لم ترد به رواية واكثر ما وردت له الرواية وان كانت من جهة الآحاد ومما لا يقطع بمثله انه عليه السلام قال ستقاتليه وانت ظالمة له وهذا اذا صح وقطع عليه امكن ان يقال فيه ان محض القتال ليس بكفر وانما قد يكون كفر اذا وقع على سبيل الاستحلال له والجحود لامامته ونفي فرض طاعته واذا جازان يكون عليه السلام لم يعلم باكثر من مجرد القتال الذي يجوز ان يكون فسقا ويجوز ان يكون كفرا فلا يجب ان يكون قاطعا على نفاق في الحال لأن الفاسق في المستقبل لا يمتنع ان يتقدم منه الايمان وهذه المحاسبة والمناقشة لم تمض في كتاب احد من اصحابنا وفيها سقوط هذه المسألة على انا اذا سلمنا على اشد الوجوه انه عليه السلام علم انهما في الحال على نفاق وعلم ايضا في عثمان مثل ذلك في حال انكاحه لا بعد ذلك جازان يقول ان نكاح المنافق وانكاحه جائز في الشريعة ولا يجب ان يجري المنافق مجرى مظهر الكفر ومعلنه واذا جازان تفرق الشريعة بين الكافر الحربي والمرتد وبين الذمي في جواز النكاح فنقبح نكاح الذمية عند مخالفينا كلهم مع اختيار وعند موافقينا مع الضرورة وفقد المؤمنات ولا نبيح نكاح الحربية على كل حال جاز أن يفرق بين مظهر الكفر ومبطنه في جواز النكاح واذا فرقت الشريعة بين نكاح الذمي والنكاح اليه جاز الفرق بين المظهر للكفر والمنافق في جواز انكاحه والشيعة الامامية تقول ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يعرف جماعة من المنافقين باعيانهم ويقطع على ان في بواطنهم الكفر بدلالة قوله تعالى ولا تصل على احد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره ومحال ان يتعبده بترك الصلاة والقيام على قبره الا وقد عينه تعالى له عليه السلام وبدلالة قوله تعالى ولو نشاء لاريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولنعرفتهم في لحن القول واذا كان عليه السلام عارفا باحوال المنافقين ومميزا لهم من غيرهم ومع هذا فما رأيناه فرق بين احد منهم وبين زوجته ولا خالف بين احكامهم واحكام المؤمنين وكان على الظاهر يعظمهم كما يعظم المؤمنين الذي لا يطلع على نفاقهم فقد بان ان الشريعة قد فرقت بين مظهر الكفر ومبطنه في هذه الاحكام

فان قيل افيجوز ان يكون نكح وانكح من يعلم خبث باطنه قلنا فعله ذلك يقتضي انه مباح غير اننا نبعد ان ينكح احدنا غيره مع قطعه على انه عدو في الدين وان جاز ان تبيح ذلك الشريعة والاشبه ان يكون عليه السلام اذا فرضنا انه عالم بخبث باطن من انكحه في الحال ان يكون انما فعل ذلك لتدبير وسياسة وتألف والا فمع الايثار وارتفاع الاسباب لا يجوز ان يفعل ذلك ومن حمل نفسه من عقلة اصحابنا على ان دفع كون رقية وزينب بنتي رسول الله صلى الله عليه و سلم على الحقيقة وانهما بنتا خديجة من ابي هالة دافع ظاهرا معلوما لأن العلم بذلك كالعلم بغيره من الامور والشك فيه كالشك في امر معلوم وما بنا الى المكابرات ودفع المعلومات حاجة فأما الكلام في نكاح عمر فقد تقدم ان العقل لا يمنع من مناكحة الكفار وان فعل امير المؤمنين قوي حجة واضح دليل وهذه الجملة كافية لو اقتصرنا عليها لكنا نقول ان امير المؤمنين لم ينكح عمر مختارا بل مكرها وبعد مراجعة وتهديد ووعيد وقد ورد الخبر بأنه راسله فدفعه بأجمل دفع فاستدعى عمه العباس فقال له مالي اي بأس بي فقال له العباس وما الذي اقتضى هذا القول فقال له خطبت الى ابن اخيك فدفعني وهذا يدل على عداوته لي وثنوه عني والله لأفعلن كذا وكذا ولأبلغن الى كذا وكذا وانما كتبنا عن التصريح بالوعيد عما روى لفحشه وقبحه وتجاوزه كل حد والالفاظ مشهورة في الرواية معروفة فعاد العباس الى امير المؤمنين فعاتبه وخوفه وسأله رد امر المرأة اليه فقال له افعل ما شئت فمضى وعقد عليها ومع الاكراه والتخويف قد تحل المحارم كالخمر والخنزير قال المرتضى وروى ان عبدالله الصادق سئل عن ذلك فقال ذاك فرج غصبنا عليه وبعد فاذا كانت التقية وخوف المخارجة قطع مادة المظاهرة وما حمل مجموعه وتفصيله على بيعة من حلس من مكانه واستولى على حقه واظهار طاعته والرضا بامامته واخذ عطيته فأهون من ذلك انكاحه فما النكاح باعظم بما ذكرنا فاذا حسن العذر في هذه الامور كلها ولولاه لكانت قبحة محظورة فكذلك العذر بعينه قائم في النكاح

وبعد ان النكاح اخف حالا واهون خطبا مما عددنا لأنه جائز في العقول يبيح الله انكاح الكافر مع الاختيار فليس في ذلك وجه ثابت لا بد من حصوله وليس تبيح العقول مع الايثار والاختياران يسمى بالامامة من لا يستحقها وان يطاع ويقتدي بمن لم يكن فيه شرائط الامامة فاذا اباحت الضرورة ما كان لا يجوز مع الايثار في العقول اباحته كيف لا تبيح الضرورة ما كان يجوز في العقل مع الايثار في القول استباحة نفسه من اصحابنا على ايثار هذه المظاهرة كمن حمل نفسه على انكار كون رقية وزينب بنتي رسول الله صلى اله عليه وسلم في دفع الضرورة والاشمات بنفسه اعداه فانه يطرق عليه انه لا يعلم حقائق الامور وانه في كل مذاهبه واعتقاداته على مثل هذه الحال التي لا تخفى على العقلاء ضرورة ومرتكبها او من قال من جهال اصحابنا ان العقد وقع لكن الله كان يبدل هذه العقود عليها بشيطانه عند القصد الى التمتع بها فما يضحك الثكلى لأن المسألة باقية عليه في العقد لكافر على مؤمنة هذا المطلوب منه فلا معنى لذلك المنع من المتمتع كيف سمح بالعقد المبيح للمتمتع من لا يجوز مناكحته ولا عقد النكاح له وإذا أباح بالعقد المبيح للمتمتع من لا يجوز مناحكته ولا عقد النكاح له فكيف منعه من لا يقتضيه العقد والمنع من العقد اولى من ايقاعه والمنع من مقتضاه وانما احوج الى ذلك العجز عن ذكر العذر الصحيح وهذه جملة مغنية عما سواها قال المصنف رحمه الله ومن تأمل ما صنعه المرتضى من الفقه المتقدم وكلامه في الصحابه وازواج رسول الله وبناته علم انه احق بما قرف به سواه ولولا ان هذا الكتاب لا يصلح التطويل فيه بالرد لبينت عوار كلامه على ان الامر ظاهر لا يخفى على من له فهم واول ما ذكر فيما ادعاه النص على علي عليه السلام وهل يروى الا في الاحاديث الموضوعة المحالات وانما يكفر الانسان لمخالفة النص الصحيح الصريح الذي لا يحتمل التأويل ومالنا ها هنا بحمد الله نص اصلاحتي ندعى على الصحابة الكفر والفسق بمخالفته ومن التخرص وعيد عمر لعلي اذ أبى تزويجه وغير دلك من المحالات والعجب انه يقول روى

حديث قتال عائشة لعلي من طريق الآحاد افترى النص عليه ثبت عنده بطريق التواتر ولكن اذا لم تستحي فاصنع ما شئت توفى المرتضى في هذه السنة ودفن في داره
اخبرنا ابن ناصر عن ابي الحسين بن الطيوري قال سمعت ابا القاسم بن برهان يقول دخلت على الشريف المرتضى ابي القاسم العلوي في مرضه واذا قد حول وجهه الى الجدار فسمعته يقول ابو بكر وعمر وليا فعدلا واسترحما فرحما اما انا اقول ارتد ابعد ما اسلما فقمت فما بلغت عتبة الباب حتى سمعت الزعقة عليه
164 - محمد بن احمد
ابن شعيب بن عبدالله بن الفضل ابو منصور الروياني صاحب ابي حامد الاسفرائيني
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سكن هذا الرجل بغداد وحدث بها عن علي ابن محمد بن احمد بن كيسان وابي حفص بن الزيات وابي بكر بن المقيد ومن في طبقتهم كتبنا عنه وكان صدوقا يسكن قطيعة الربيع ومات في يوم الاربعاء السابع من ربيع الاول سنة ست وثلاثين واربعمائة ودفن من الغد في مقبرة باب حرب
165 - محمد بن الحسين
ابن الحسين بن احمد بن عبدالله بن بكير ابو طالب التاجر سمع ابا بكر بن مالك القطيعي وابا الفتح الازدي وغيرهما وكان صدوقا وتوفي في جمادي الآخرة من هذه السنة ودفن على نهر عيسى بين محلة التوتة ودرب الآجر
166 - محمد بن علي
ابن الطيب ابو الحسين البصري المتكلم المعتزلي سكن بغداد وكان يدرس هذا المذهب وله التصانيف الواسعة فيه توفى في ربيع الآخر من هذه السنة وصلى عليه القاضي ابو عبدالله الصيمري ودفن في الشونيزية ولا يعرف انه روى غير

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11