كتاب : المنتظم في تاريخ الملوك والأمم
المؤلف : عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج

133 - سعيد بن احمد
ابن محمد بن جعفر ابو عثمان النيسابورى قدم بغداد وحدث بها عن ابى العباس الاصم وغيره فروى عنه ابو العلاء الواسطى وتوفى عند انصرافه من الحج فى جمادى الاولى من هذه السنة
134 - عبد الله بن ابراهيم
ابن ايوب بن ماسى ابو محمد البزاز ولد سنة اربع وسبعين ومائتين سمع ابا مسلم الكجى ويوسف بن يعقوب القاضى روى عنه ابن رزقويه وابو على ابن شاذان وكان ثقة توفى فى رجب هذه السنة
135 - محمد بن صالح
ابن على بن يحيى ابو الحسن الهاشمى ويعرف بابن ام شيبان ولد يوم عاشوراء من سنة اربع وتسعين ومائتين وله اخ يقال له محمد ايضا الا ان هذا هو الاكبر واصله من الكوفة وولى القضاء ببغداد وحدث عن عبد الله بن زيدان وغيره روى عنه البرقانى
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا على بن المحسن اخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر لما نقل المستكفى بالله ابا السائب عن القضاء بمدينة المنصور يوم الاثنين مستهل ربيع الاول سنة اربع وثلاثين وثلثمائة قلد فى هذا اليوم ابا الحسن محمد بن صالح ويعرف هو واهله بنى ام شيبان واسمها كنيتها وهى بنت يحيى بن محمد من اولاد طلحة بن عبيد الله والقاضى ابو الحسن من اهل الكوفة بها ولد ونشأ وكتب الحديث ثم قدم بغداد وقرأ على ابن مجاهد ولقى الشيوخ وصاهر قاضى القضاة ابا عمر محمد بن يوسف على بنت ابنته وابو الحسن رجل عظيم القدر وافر العقل واسع العلم حسن التصنيف ثم قلده المطيع قضاء الشرقية مضافا الى مدينة المنصورة وتوفى فجاءة فى جمادى الاولى من هذه السنة

136 - محمد بن اسحاق

ابن محمد ابن اسحاق النعالى سمع على بن دليل وابا سعيد بن رميح النسوى
وغيرهما وتوفى قبل سنة سبعين وثلثمائة
137 - ابو الحسين بن احمد
ابن زكرياء بن فارس صاحب المجمل فى اللغة وغيره من الكتب له التصانيف الحسان والعلم الغزير والمعرفة الجيدة باللغة انشدنا محمد بن ناصر قال انشدنا ابو زكرياء يحيى بن على التبريزى لابن فارس ... وقالوا كيف حالك قلت خير ... تقصر حاجة وتفوت حاج ... اذا ازدحمت هموم الصدر قلنا ... عسى يوما يكون لها انفراج ... نديمى هرتى وشفاء نفسى ... دفاتر لى ومعشوقى السراج ...
قال وانشدنا له وذكر انه قالها قبل وفاته بيومين ... يا رب ان ذنوبى قد احطت بها ... علما وبى وبأعلانى وأسرارى ... انا الموحد لكنى المقر بها ... فهب ذنوبى لتوحيدى واقرارى ... سنة 370
ثم دخلت سنة سبعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها ان الصاحب بن عباد ورد الى خدمة عضد الدولة عن مؤيد الدولة وعن نفسه فتلقاه عضد الدولة على بعد من البلد وبالغ فى اكرامه ورسم لأكابر كتابه واصحابه يعظمونه وكانوا يغشونه مدة مقامه ولم يركب هو الى احد منهم وكان غرض عضد الدولة تأنيسه واكرام مؤيد الدولة ووصلت كتب مؤيد الدولة يستطيل مقام الصاحب ويذكر اضطراب الامور ببعده ثم ان عضد الدولة برز الى ظاهر همذان فى ربيع الآخر للمضى الى بغداد وخلع على الصاحب الخلع الجميلة وحمله على فرس بمركب ذهب ونصب له دستا كاملا فى خركاه تتصل بمضاربه واقطعه ضياعا جليلة وحمل الى مؤيد الدولة فى صحبته ألطافا

وورد عضد الدولة الى بغداد فنزل بجسر النهروان فى يوم الاربعاء حادى عشر جمادى الآخرة وطلب من الطائع ان يتلقاه فخرج اليه الطائع من غد هذا اليوم فتلقاه وضربت له قباب وزينت الاسواق قال ابو الحسن على بن عبد العزيز بن حاجب النعمان لم تكن العادة جارية بخروج الخلفاء لتلقى احد من الامراء فلما توفيت فاطمة اخت معز الدولة ابى الحسين ركب المطيع الى معز الدولة يعزيه عنها فنزل معز الدولة وقبل الارض بين يديه واكثر الشكر فلما صار عضد الدولة الى بغداد فى الدفعة الاخيرة مستوليا على الامور فيها انفذ ابا الحسن محمد بن عمر العلوى من معسكره ندبا الى حضرة الطائع فوافى باب دار الخلافة نصف الليل وراسل بأنه قد حضر فى مهم فجلس له الطائع واوصله فقال يا مولانا امير المؤمنين قد ورد هذا الملك وهو من الملوك المتقدمين وجارى مجارى الاكاسرة المعظمين وقد أمل من مولانا التمييز عن من تقدمه والتشريف بالاستقبال الذى يتبين على جميل الرأى فيه فقال الطائع نحن له معتقدون وعليه معتزمون و به قبل السؤال متبرعون فاعلمه ذلك قال ابن حاجب النعمان ولم يكن للطائع نية فى ذلك ولا هم به لانه علم انه لا يجوز رده فأحب ان يجعل المنة ابتداء منه قال محمد بن عمر فعدت الى عضد الدولة من وقتى فعرفته ما جرى فسر به وخرج الطائع من غد فتلقاه فى دجلة قال محمد بن عمر فقال لى عضد الدولة هذه خدمة قد أحسنت القيام بها وبقيت اخرى لا نعرف فيها غيرك وهى منع العوام من لقائنا بدعاء وصياح فقلت يا مولانا تدخل الى البلد قد تطلعت نفوس اهله اليك ثم تريد منهم السكوت فقال ما نعرف فى كفهم سواك وكان اهل بغداد قد تلقوه مرة بالكلام السفيه فما احب ان تدعو تلك الألسنة قال فدعوت اصحاب المعونة وقلت قد امر الملك بكذا وتوعد ما يجرى من ضده بضرب العنق فأشاعوا فى العوام ذلك وخوفوا من ينطق بالقتل فاجتاز عضد الدولة فرأى الامر على ما اراد فعجب من طاعة العوام لمحمد بن عمر فقال هؤلاء اضعاف جندنا وقد اطاعوه فلو اراد بنا سوءا

كان ورأى فى روزنامج الف الف وثلاثمائة الف درهم باسم محمد بن عمر مما أداه من معاملاته فقبض عليه واستولى على امواله
وفى ليلة الخميس الحادى عشر من جمادى الآخرة زفت السيدة بنت عضد الدولة الى الطائع وحمل معها من المال والثياب والاوانى والفرش الكثيرة
وفى هذا الشهر ورد رسول من صاحب اليمن الى عضد الدولة ومعه الهدايا والملاطفات ما كان فى جملته قطعة عنبر وزنها ستة وخمسون رطلا
وزادت دجلة فى هذه السنة زيادة مفرطة والفرات وانفجر بثق وسقطت قناطر الصراة فوقعت الجديدة فى نصف ذى القعدة ووقعت العتيقة بعدها وكان يوم الاربعاء ثم وقع الشروع فى عمل القنطرتين فانفق عليها المال الكثير وبنينا البناء الوثيق
وكان الصيدلاوى رجل يقطع الطريق فاحتال عليه بعض الولاة فدس اليه جماعة من الصعاليك اظهروا الانحياز اليه فلما خالطوه قبضوا عليه وحملوه اسيرا الى الكوفة فقتل وحمل رأسه الى بغداد
وحج بالناس فى هذه السنة ابو الفتح احمد بن عمر بن يحيى العلوى وخطب بمكة والمدينة للمغربى صاحب مصر

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
138 - احمد بن على
ابو بكر الرازى الفقيه امام اهل الرأى فى وقته كان مشهورا بالزهد والورع ورد بغداد فى شبيبته ودرس الفقه على ابى الحسن الكرخى ولم يزل حتى انتهت اليه الرياسة ورحل اليه المتفقهة وخوطب فى ان يلى قضاء القضاة فامتنع واعيد اليه الحطاب فلم يفعل وله تصانيف كثيرة ضمنها احاديث رواها عن ابى العباس الاصم وسليمان الطيرانى وغيرهما
اخبرنا محمد بن عبد الملك انبأنا الخطيب قال حدثنى القاضى ابو عبد الله الصيمرى

قال حدثنى ابو اسحاق ابراهيم بن احمد الطبرى قال حدثنى ابو بكر الابهرى قال خاطبنى المطيع على قضاء القضاة وكان السفير فى ذلك ابو الحسن بن ابى عمرو الشرابى فأبيت عليه واشرت بأبى بكر احمد بن على الرازى فاحضر الخطاب على ذلك وسألنى ابو الحسن بن ابى عمر ومعونته عليه فخوطب فامتنع وخلوت به فقال تشير على بذلك فقلت لا ارى لك ذلك ثم قمنا الى بين يدى أبى الحسن ابن أبى عمرو فأعاد خطابه وعدت الى معونته فقال لى اليس قد شاورتك فأشرت على أن لا افعل فوجم ابو الحسن بن ابى عمرو من ذلك فقال تشير علينا بانسان ثم تشير عليه ان لا يفعل قلت نعم امالى فى ذلك اسوة بمالك بن انس اشار على اهل المدينة ان يقدموا نافعا القارئ فى مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم واشار على نافع ان لا يقبل فقيل له فى ذلك فقال اشرت عليكم بنافع لأنى لم اعرف مثله واشرت عليه ان لا يفعل لانه يحصل له اعداء وحساد فكذلك انا اشرت عليكم به لانى لا اعرف مثله واشرت عليه ان لايفعل لانه اسلم لدينه قال الصيمرى وتوفى ابو بكر الرازى فى ذى الحجة سنة سبعين وثلاثمائة وصلى عليه ابو بكر محمد بن موسى الخوارزمى
139 - الزبير بن عبد الواحد
ابن موسى ابو يعلى البغدادى نزيل نيسابور سمع البغوى وابن صاعد وسمع بالبصرة وخوزستان واصبهان وبلاد آذربيجان ثم دخل بلاد خراسان فسمع فيها الكثير ثم انصرف الى البصرة وتوفى بالموصل فى هذه السنة
140 - عبيد الله بن على
ابن جعفر ابو الطيب الدقاق سمع محمد بن سليمان الباهلى روى عنه البرقانى وقال كان شيخا فاضلا ثقة مجودا من اصحاب الحديث توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
141 - عبيد الله بن العباس ابن الوليد بن مسلم ابو احمد السداوى سمع عبد الله بن محمد بن ناجية وابراهيم

ابن موسى الجوزى روى عنه القاضى ابو العلاء وكان ثقة وتوفى فى شوال هذه السنة
142 - محمد بن احمد ابن محمد بن حماد ابو جعفر مولى الهادى بالله ويعرف بابن المتيم سمع خلقا كثيرا وروى عنه ابو بكر البرقانى قال ابو نعيم الاصبهانى لم اسمع فيه الاخيرا وقال ابن ابى الفوارس توفى يوم الثلاثاء لسبع خلون من شوال وكان لا بأس به
143 - محمد بن جعفر
ابن الحسين بن محمد بن زكريا ابو بكر الوراق يلقب غندرا كان جوا لاحداث ببلاد فارس وخراسان عن الباغندى وابن صاعد وابن دريد وغيرهم روى عنه ابو نعيم الاصبهانى وغيره وكان حافظا ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى محمد بن احمد ابن يعقوب عن محمد بن عبد الله بن محمد النيسابورى الحافظ ان غندرا خرج من مروقاصدا بخارا فمات فى المفازة

سنة
سبعين وثلثمائة هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة احدى وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان عضد الدولة امر بحفر النهر من عمود الخالص وسياقة الماء الى بستان داره فبدئ فى ذلك وحشر الرجال لعمله
وانه كان على صدر زبزب عضد الدولة على صورة السبع من فضة فسرق فى صفر وعجب الناس كيف كان هذا مع هيبة عضد الدولة المفرطة وكونه شديد المعاقبة على اقل جناية ثم قلبت الارض فى البحث عن سارقه فلم يوقف له على خبر ويقال ان صاحب مصر دس من فعل هذا
وفى ربيع الاول وقع حريق بالكرخ من حد درب القراطيس الى بعض البزازين من الجانبين واتى على الأساكفة والحذائين واحترق فيه جماعة من

الناس وبقى لهبه اسبوعا
وفى ذى القعدة تقلد ابو القاسم عيسى بن على بن عيسى كتابة الطائع لله وخلع عليه

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
144 - احمد بن ابراهيم
ابن اسمعيل بن العباس ابو بكر الاسماعيلى الجرجانى طلب الحديث وسافر
اخبرنا اسمعيل بن احمد اخبرنا اسمعيل بن مسعدة اخبرنا حمزة بن يوسف السهمى قال سمعت ابا بكر الاسمعيلي يقول لما ورد نعى محمد بن ايوب الرازى دخلت الداروبكيت وصرخت ومزقت القميص ووضعت التراب على رأسى فاجتمع اهلى وقالوا ما اصابك قلت نعى الى محمد بن ايوب منعتمونى الارتحال اليه فاذنوا لى فى الخروج واصحبونى خالى الى نسا الى الحسن بن سفيان ولم يكن فى وجهى طاقة فقدمت فقرأت عليه المسند وغيره وكانت اول رحلتى فى طلب الحديث وكان للاسماعيلى علم وافر بالنقل وصنف كتابا على صحيح البخارى حدثنا به يحيى ابن ثابت بن بندار عن ابيه عن البرقانى عنه وكان الدارقطنى يقول كنت عزمت غير مرة ان ارحل الى ابى بكر الاسماعيلى فلم ارزق توفى الاسماعيلى يوم السبت غرة رجب سنة احدى وسبعين وثلثمائة عن اربع وتسعين سنة
145 - الحسن بن صالح
ابو محمد السبيعى سمع ابن جرير الطبرى وقاسم المطرز روى عنه الدارقطنى والبرقانى وكان ثقة حافظا مكثرا وكان عسرا فى الرواية ولما كان بآخره عزم على التحديث والاملاء فى مجلس عام فتهيأ لذلك ولم يبق الا تعيين يوم المجلس فمات
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال لنا القاضى ابو العلاء محمد بن على الواسطى رأيت ابا الحسن الدارقطنى جالسا بين يدى ابى محمد السبيعي كحوس الصبى بين يدى معلم هيبة له توفى فى ذى الحجة من هذه السنة

109 -

الحسن بن على
ابن الحسن بن الهيثم بن طهمان ابو عبد الله الشاهد المعروف بابن البادا ولد سنة اربع وسبعين ومائتين سمع الحسن بن علويه وشعيب بن محمد الذارع وكان عمره سبعا وتسعين سنة منها خمس عشرة سنة فى آخر عمره مقعد اعمى وتوفى فى رجب هذه السنة
147 - الحسن بن يوسف
ابن يحيى ابو معاذ البستى روى عنه البرقانى وكان ثقة قال ابن ابى الفوارس
توفى فى ذى الحجة من هذه السنة وكان ثقة مستورا جميل المذهب
148 - عبد الله بن ابراهيم ابن جعفر بن بنيان ابو الحسين المعروف بالزينبى ولد فى ذى الحجة سنة ثمان وسبعين ومائتين وكان يسكن ببركة زلزل وحدث عن الحسن بن علويه والفريابى روى عنه البرقانى والتنوخى وكان ثقة توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
149 - عبد الله بن الحسن
ابن اسمعيل بن محمد ابو بكر الضبى القاضى
اخبرنا القزاز اخبرنا ابن ثابت اخبرنا عبد الكريم بن احمد الضبى اخبرنا الدارقطنى قال عبد الله بن الحسين ابو بكر القاضى سمع اكثر حديث ابيه وكتب عن ابى بكر النيسابورى وغيره وحدث وولاه امير المؤمنين المتقى القضاء على آمد وارزن وميافارقين وما يلي ذلك فى سنة تسع وعشرين وثلثمائة ثم ولاه المتقى ايضا فى سنة احدى وثلاثين القضاء على طريق الموصل وقطر بل ومسكن وغير ذلك وولاه المطيع لله سنة اربع وثلاثين على الموصل واعمالها وقضاء الحديثة وما يتصل بذلك ثم ولاه المطيع ايضا القضاء على حلب وانطاكية واعمالها وولاه الطائع على ديار بكر وآمد وارزن وميافارقين

وارمينية واعمال ذلك وكان عفيفا نزها فقيها توفى فى هذه السنة
150 - عبد العزيز بن الحارث
ابن اسد بن الليث ابو الحسن التميمى حدث عن ابى بكر بن زياد النيسابورى والقاضى المحاملى ومحمد بن مخلد الدورى ونفطويه وغيرهم وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة
اخبرنا احمد بن الحسن بن البنا انبأنا القاضى ابو يعلى ابن الفراء قال ابو الحسن عبد العزيز التميمى رجل جليل القدر وله كلام فى مسائل الخلاف وتصنيف فى الاصول والفرائض قال المصنف وقد تعصب عليه الخطيب وهذا شأنه فى اصاحب احمد فحكى عن ابى القاسم عبد الواحد بن على الاسدى العكبرى ان التميمى وضع حديثا وهذا العكبرى لا يعول على قوله فانه لم يكن من اهل الحديث والعلم انما كان يعرف شيئا من العربية ولم يرو شيئا من الحديث كذلك ذكر عنه الخطيب وكان ايضا معتزليا يقول ان الكفار لا يخلدون فى النار وعنه حكى الطعن فى ابن بطة ايضا وسيأتى القدح فى هذا الاسدى مستوفى فى ترجمة ابن بطة فقد انفق هذا الاسدى مبغضا لاصحاب احمد طاعنا فى اكابرهم وانفق الخطيب يبهرج اذا شاء بعصبية باردة فانه اذا ذكر المتكلمين من المبتدعة عظم القوم وذكر لهم ما يقارب الاستحالة فانه ذكر عن ابن اللبان انه قال حفظت القرآن ولى خمس سنين وحكى عن ابن رزقويه ان التميمى وضع فى مسند آخر حديثين ويجوز ان يكون قد كتب فى بعض المسانيد من مسند آخر ومن مسموعاته من غير ذلك المسند متى كان الشىء محتملا لم يجزأن يقطع على صاحبه بالكذب نعوذ بالله من الاعراض الفاسدة على انها تحول على صاحبها
151 - على بن ابراهيم ابو الحسن الحصرى الصوفى الواعظ بصرى الاصل سكن بغداد وكان شيخ

المتصوفة صحب الشبلى وغيره وبلغنى انه كبر سنة فصعب عليه المجىء الى الجامع فبنى له الرباط المقابل لجامع المنصور ثم عرف بصاحبه الزوزنى كان الحصرى لا يخرج الا من جمعة الى جمعة وله على طريقتهم كلام
انبأنا محمد بن محمد الحافظ انا المبارك بن عبد الجبار الصيرفى انا الحسين بن على ابن غالب المقريء أخبرنا ابو عبد الله الحسين بن احمد بن جعفر البغدادى قال سمعت ابا الحسن على بن ابراهيم الحصرى يقول وجدت من يدعو انما يدعو الله بظاهره ويدعو الى نفسه بباطنه لأنه يحب ان يعظم وان يشار اليه ويعرف موضعه ويثنى عليه الثناء الحسن واذا احب يحبه الخلق له وتعظيمهم اياه فقد دعاهم الى نفسه لا الى ربه وقال ما على منى واى شىء لى فى حتى اخاف عليه وارجو له ان رحم رحم ماله وان عذب عذب ماله توفى الحصرى يوم الجمعة ببغداد فى ذى القعدة من هذه السنة وقد اناف على الثمانين ودفن بمقبرة باب حرب
152 - على بن محمد الأحدب المزور كان يكتب على خط كل احد حتى لا يشك المزور على خطه انه خطه وبلى الناس منه ببلوى عظيمة وختم السلطان على يده مرارا وتوفى يوم الاحد تاسع رجب هذه السنة
153 - محمد بن احمد
ابن روح ابو بكر الحريرى سمع ابراهيم بن عبد الله الزينبى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو بكر البرقانى عن محمد بن احمد الحريرى وسألته عنه فقال ثقة فاضل قال ابن ثابت وحدثت عن ابى الحسن محمد بن العباس بن الفرات قال توفى محمد بن احمد بن روح فى ذى الحجة سنة احدى وسبعين وثلثمائة مستور ثقة

154 - محمد بن احمد
ابن عبد الله بن محمد ابو زيد المروزى الفقيه سمع محمد بن عبد الله السعدى وغيره وكان احد ائمة المسلمين حافظا لمذهب الشافعى حسن النظر مشهورا بالزهد والورع ورد بغداد وحدث بها فسمع منه الدارقطنى
اخبرنا ابو منصور القزاز قال اخبرنا ابو بكر بن على قال اخبرنى محمد بن احمد بن يعقوب عن محمد بن عبد الله بن نعيم النيسابورى قال سمعت ابا بكر البزاز يقول عادلت الفقيه ابا زيد من نيسابور الى مكة فما اعلم ان الملائكة كتبت عليه حطيئة قال ابو نعيم توفى ابو زيد بمرو يوم الخميس الثالث عشر من رجب هذه السنة
155 - محمد بن خلف
ابن جيان بالجيم ابو بكر الفقيه روى عنه البرقانى والتنوخى وغيرهما وكان ثقة توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
156 - محمد بن خفيف
ابو عبد الله الشيرازى صحب الجريرى وابن عطاء وغيرهما وقد ذكرت فى كتابى المسمى بتلبيس ابليس عنه من الحكايات ما يدل على انه كان يذهب مذهب الاباحة

سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد فى يوم الخميس ثانى عشر المحرم فتح الماء الذى استخرجه عضد الدولة من الخالص الى داره وبستان الزاهر
وفى يوم الخميس لثلاث خلون من صفر وقيل بل لليلة خلت من ربيع الأخر فتح المارستان الذى انشأه عضد الدولة فى الجانب الغربى من مدينة السلام ورتب فيه الاطباء والمعالجون والخزان والبوابون والوكلاء والناظرون

ونقلت اليه الادوية والاشربة والفرش والآلات
وفى شوال توفى عضد الدولة فكتم اصحابه موته ثم استدعوا ولده صمصام الدولة من الغد الى دار المملكة واخرجوا امر عضد الدولة بتوليته العهد وروسل الطائع فسئل كتب عهده منه ففعل وبعث اليه خلعا ولواء وعهد بامضاء ما قلده اياه ابوه وجلس جلوسا عاما حتى قرئ العهد بين يديه وهنأه الناس واستمرت الحال على اخفاء وفاة عضد الدولة الى ان تمهد الامر
وفى يوم الاثنين لعشر بقين من ذى الحجة قلد ابو القاسم على بن ابى تمام الزينبى نقابة العباسيين والصلاة بالحضرة وخلع عليه
وفى هذا الشهر خلع على ابى منصور بن الفتح العلوى للخروج بالحاج

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
157 - اسحاق بن سعد
ابن الحسن بن سفيان ابو يعقوب النسوى روى عن جده الحسن بن سفيان ومحمد بن اسحاق بن خزيمة وانتقى عليه الدارقطنى وكان ثقة امينا توفى بطريق خراسان مرجعه من الحج
158 - احمد بن جعفر
ابو الحسن الخلال كان ثقة مستورا حسن الحال توفى فى رمضان هذه السنة
159 - فناخسرو ابن الحسن بن بويه بن فناخسرو بن تمام بن كوهى بن شيرزيل ابو شجاع الملقب عضد الدولة كذاذ كره الامير ابو نصر بن ماكولا ونسبه الى سابور بن اردشير وكان ابوه يكنى ابا على ويلقب ركن الدولة وهو اول من خوطب فى الاسلام بالملك شاهنشاه وكان دخوله الى بغداد فى ربيع الآخر سنة سبع وستين وثلثمائة وخرج الطائع اليه متلقيا له ولم يتلق سواء ودخل الى الطائع فطوته وسؤره

وشافهه بالولاية وامر ان يخطب له على المنابر ببغداد ولم تجر بذلك عادة لغير الخليفة واذن له فى ضرب الطبل على بابه فى اوقات الصلوات الثلاث ودخل بغداد وقد استولى الخراب عليها وعلى سوادها بانفجار بثوتها وقطع المفسدين طرقاتها فبعث العسكر الى بنى شيبان وكانوا يقطعون الطريق فأوقع بهم واسر منهم ثمانى مائة وسد بثق السهلية وبثق اليهودى وامر الاغنياء بعمارة مسناتهم وان يغرسوا فى كل خراب لا صاحب له وغرس هو الزاهر وهو دار ابى على ابن مقلة وكانت قد صارت تلاوغرس التاجى عند قطربل وحوطه على الف وسبعمائة جريب وامر بحفر الانهار التى اندرست وعمل عليها ارجاء الماء وحول من البادية قوما فاسكنهم بين فارس وكرمان فزرعوا وعمروا البرية وكان ينقل الى بلاده مالا يوجد بها فمما نقله الى كرمان حب النيل وبلغ فى الحماية اقصى حد واخر الخراج الى النوروز العضدى ورفع الجباية عن الحاج واقام لهم السوانى فى الطريق وحفر المصانع والآبار واطلق الصلات لاهل الحرمين ورد رسومهم القديمة واشار السور على مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم وكسا المساجد فادر أرزاق المؤذنين والقراء وربما صدق بثلاين الفا وصدق مرة بثلاثين بدرة وعمل الجسر وبنى القنطرتين العتيقة والجديدة على الصراة فتمت الجديدة بعد وفاته واستحدث المارستان وكان بجكم قد شرع ليعمله فلم يتم وجلب اليه ما يصلح لكل فن وعمل بين يديه سوقا للبزازين ووقف عليه وقوفا كثيرة وعمل له ارحاء بالزبيدية من نهر عيسى ووقفها عليه وكان يبحث عن اشراف الملوك وينقب عن سرائرهم وكانت اخبار الدنيا عنده حتى لو تكلم انسان بمصر رقى اليه حتى ان رجلا بمصر ذكره بكلمة فاحال حتى جاء به ووبخه عليها ثم رده فكان الناس يحترزون فى كلامهم وافعالهم من نسائهم وغلمانهم وكانت له حيل عجيبة فى التوصل الى كشف المشكلات وقد ذكرت منها جملة فى كتاب الاذكياء فكرهت الاعادة وكانت هيبته عظيمة فلو لطم انسان انسانا قابله اقبح مقابلة فانكف الناس عن التظالم وكان غزير العقل شديد التيقظ كثير الفضل بعيد

الهمة محبا للفضائل مجتنبا للرذائل وكان يباكر دخول الحمام فاذا خرج صلى الفجر ودخل اليه اصحابه فاذا ترحل النهار سأل عن الاخبار الواردة فان تأخرت عن وقتها قامت عليه القيامة وسأل عن سبب التعويق فان كان من غير عذر انزل البلايا عليهم حتى ان بعضهم يعوق بمقدار ما تغدى فيضرب وكانت الاخبار تصل من شيراز الى بغداد فى سبعة ايام وتحمل معهم الفواكه الطرية ثم يتغدى والطبيب قائم وهو يسأله عن منافع الأطعمة ومضارها ثم ينام فاذا انتبه صلى الظهر وخرج الى مجلس الندماء والراحة وسماع الغناء وكذلك الى ان يمضى من الليل صدر ثم يأوى الى فراشه فاذا كان يوم موكب برز للأولياء فلقيهم ببشر معه هيبة وكان يقتل ويهلك ظنا منه ان ذلك سياسة فيخرج بذلك الفعل عن مقتضى الشريعة حتى ان جارية شغلت قلبه بميله اليها عن تدبير المملكة فأمر بتغريقها وأخذ بطيخا من رجل غلام غصبا فضربه بسيف فقطعه نصفين وكان يحب العلم والعلماء ويجرى الرسوم للفقهاء والادباء والقراء فرغب الناس فى العلم وكان هو يتشاغل بالعلم فوجد له فى تذكرة اذا فرغنا من حل اوقليدس كله تصدقت بعشرين الف درهم واذا فرغنا من كتاب ابى على النحوى تصدقت بخمسين الف درهم وكل ابن يولد لنا كما نحب اتصدق بعشرة آلاف درهم فان كان من فلانة فبخمسين الف درهم وكل بنت فبخمسة آلاف فان كان منها فبثلاثين الفا وكان يحب الشعر فمدح كثيرا وكان يؤثر مجالسة الادباء على منادمة الامراء وقال شعرا كثيرا فمن شعره ... يا طيب رائحة من نفحة الخيرى ... اذا تمزق جلباب الدياجير ... كان مارش بالما وردا و عبقت ... فيه دواخين ند عند تبخير ... كان اوراته فى القداجنحة ... صفر وحمر وبيض من زنابير ...
ومن شعره وقد خرج الى بستان وقال لو ساعدنا غيث فجاء المطر فقال ... ليس شرب الكأس الا فى المطر ... وغناء من جوار فى السحر ... غانيات سالبات للنهى ... ناعمات فى تضاعيف الوتر

راقصات زاهرات نجل ... رافلات فى افانين الحبر ... مطربات محسنات مجن ... رافضات الهم ابان الفكر ... مبرزات الكأس من محزنها ... مسقيات الخمر من فاق البشر ... عضد الدولة وابن ركنها ... مالك الاملاك غلاب القدر ... سهل الله له بغيته ... فى ملوك الارض ما دار القمر ... وأراه الخير فى أولاده ... ليساس الملك منه بالغرر ...
وقالوا انه مذ قال غلاب القدر لم يفلح وليس شعره بالفائق فلم اكتب منه غير ما كتبت واهدى اليك بنو اسحاق لصابىء استرلابافى يوم مهرجان وكتب معه ... اهدى اليك بنو الاملاك واختلفوا ... فى مهرجان جديد انت مبليه ... لكن عبدك ابراهيم حين رأى ... علو قدرك عن شىء تدانيه ... لم يرض بالارض مهداة اليك فقد ... اهدى لك الفلك الاعلى بما فيه ...
وكان قد طلب حسان دخله فى السنة فاذا هو ثلثمائة الف الف وعشرين الف الف درهم فقال اريد ان ابلغ به الى ثلثمائة وستين الف الف درهم ليكون دخلنا فى كل يوم الف الف درهم وفى رواية انه كان يرتفع له كل عام اثنان وثلاثون الف الف دينار ومائتا الف درهم وكان له كرمان وفارس وعمان وخوزستان والعراق والموصل وديار بكر وحران ومنبج وكان مع صدقاته وايصاله ينظر فى الدنيار وينافس فى القيراط واقام مكوسا ومنع ان يعمل فى الآلة واثر آثار من الظلم فلما احتضر عضد الدولة جعل يتمثل بقول القاسم بن عبيد الله ... قتلت صناديد الرجال فلم ادع ... عدوا ولم امهل على ظنة خلقا

واخليت دور الملك فى كل نازل ... فشردتهم غربا وبددتهم شرقا ... فلما بلغت النجم عزا ورفعة ... وصارت رقاب الخلق اجمع لى رقا ... رمانى الردى سهما فأخمد جمرتى ... فها انا ذا فى حفرتى عاطلا ملقى ... فأذهبت دنياى ودينى سفاهة ... فمن ذا الذى منى بمصرعة أشقى ...
ثم جعل يقول ما اغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانيه فرددها الى ان توفى فى آخر يوم الاثنين من شوال هذه السنة عن سبع واربعين سنة واحد عشر شهرا او ثلاثة ايام وفل بل عن ثمانية واربعين سنة وستة اشهر وخسمة عشر يوما واخفى خبره ودفن فى دار المملكة الى ان خرجت السنة وتقررت قواعد المملكة لولده ثم اظهرن وفاته وحمل الى مشهد على عليه السلام وسنذكر تمام ما يتعلق به فى السنة المقبلة فلما توفى بلغ خبره الى بعض مجلس العلماء وفيه جماعة من اكابر اهل العلم فتذاكروا الكلمات التى قالها الحكماء عند موت الاسكندر وقد رويت لنا من طرق مختلفة الالفاظ ونحن نذكر احسنها وذاك ان الاسكندر لما مات قام عند تابوته جماعة من الحكماء فقال احدهم سلك الاسكندر طريق من فنى وفى موته عبرة لمن بقى وقال الثانى خلف الاسكندر ماله لغيره ونحكم فيه بغير حكمه وقال الثالث اصبح الاسكندر مشتغلا بما عاين وهو بالاعمال يوم الجراء اشغل وقال الرابع كنت مثلى حديثا وانا مثلك وشيكا وقال الخامس ان هذا الشخص كان لكم واعظا ولم يعظكم قط بأفضل من مصرعه وقال السادس كان الاسكندر كحلم نائم انقضى او كظل غمام انجلى وقال السابع لأن كنت امس لا يأمنك احد لقد اصبحت البوم وما يخالك احد وقال الثامن هذه الدنيا الطويلة العريضة طويت فى ذراعين وقال التاسع اجاهل كنت بالموت فنعذرك ام عالم به فنلومك وقال العاشر كفى للعامة اسوة بموت الملوك وكفى للملوك عظة بموت العامة وقال بعض من حضر المجلس الذى اشنع فيه بموت عضد الدولة وتذكرت فيه هذه الكلمات فلو قلتم انتم مثلها لكان ذلك يؤثر عنكم فقال احدهم لقد وزن هذا الشخص الدنيا مثقالها

واعطاها فوق قيمتها وحسبك انه طلب الربح فيها فخسر روحه فيها وقال الثانى من استيقظ للدنيا فهذا نومه ومن حلم فيها فهذا انتباهه وقال الثالث ما رأيت غافلا فى غفلته ولا غافلا فى عقله مثله لقد كان ينقض جانبا وهو يظن انه مبرم ويغرم وهو يظن انه غانم وقال الرابع من جد للدنيا هزلت به ومن هزل راغبا عنها جدت له وقال الخامس ترك هذا الدنيا شاغرة ورحل عنها بلا زاد ولا راحلة وقال السادس ان ماء اطفأ هذه النار لعظيم وان ريحا زعزعت هذا الركن لعصوف وقال السابع انما سلبك من قدر عليك وقال الثامن وكان معتبرا فى حياته لما صار عبرة فى مماته وقال التاسع الصاعد فى درجاتها الى سفال والنازل فى درجاتها الى معال وقال العاشر كيف غفلت عن كيد هذا الامر حتى نفذ فيك وهلا اتخذت دونه جنة تقيك ان فيك لعبرة للمعتبرين وانك لآية للمستبصرين
160 - محمد بن اسحاق ابن هبة الله بن ابراهيم بن المهتدى بالله ابو احمد الهاشمى حدث عن الحسين بن يحيى بن عياش القطان روى عنه عبد العزيز الأزجى وتوفى فى ليلة الجمعة لاربع بقين من شوال هذه السنة
161 - محمد بن احمد
ابن تميم ابو نصر السرخسى قدم بغداد وحدث بها عن محمد بن ادريس الشامى واحمد بن اسحاق السرخسى وروى عنه ابن رزقويه وغيره وكان ثقة
162 - محمد بن جعفر
ابن احمد بن جعفر بن الحسن بن وهب ابو بكر الحريرى المعدل ويعرف بزوج الحرة وسمع ابن جرير الطبرى والبغوى وابن ابى داود والعباس بن يوسف الشكلى روى عنه ابن رزقويه والبرقانى وابن شاذان قال البرقانى هو بغدادى جليل احد العدول الثقات

حدثنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا على بن المحسن القاضى قال حدثنى ابى قال حدثنى الامير ابو الفضل جعفر بن المكتفى بالله قال كانت بنت بدرمولى المعتضد زوجة امير المؤمنين المقتدر بالله فأقامت عنده سنين وكان لها مكرما وعليها مفضلا الافضال العظيم فما ثلت حالها وانضاف ذلك الى عظيم نعمتها الموروثة وقتل المقتدر فافلتت من النكبة وسلم لها جميع اموالها وذخائرها حتى لم يذهب لها شىء وخرجت عن الدار وكان يدخل الى مطبخها حدث يحمل فيه على رأسه يعرف بمحمد بن جعفر وكان حركا فيقف على القهرمانة بخدمته فنقلوه الى ان صار وكيل المطبخ وبلغها خبره ورأته فردت اليه الوكالة فى غير المطبخ وترقى امره حتى صار ينظر فى ضياعها وعقارها وغلب عليها حتى صارت تكلمه من وراء ستر وخلف باب وزاد اختصاصه بها حتى علق بقلبها فاستدعته الى تزويجها فلم يجسر على ذلك فجسرته وبذلت له مالا حتى تم لها ذلك وقد كانت حاله تأثلت بها واعطته لما ارادت ذلك منه اموالا جعلها لنفسه نعمة ظاهرة لئلا يمنعها اولياؤها منه لفقره وانه ليس بكفوء ثم هادت القضاة بهدايا جليلة حتى زوجوها منه واعترض الاولياء فغالبتهم بالحكم والدراهم فتم له ذلك ولها فأقام معها سنين ثم ماتت فحصل له من مالها نحو ثلثمائة الف دينار فهو يتقلب الى الآن فيها قال ابى قد رأيت انا هذا الرجل وهو شيخ عاقل شاهد مقبول توصل بالمال الى ان قبله ابو السائب القاضى حتى اقر فى يده وتوف الحرة ووصيتها لانها وصت اليه فى مالها ووقوفها وهو الى الآن لا يعرف الا بزوج الحرة وانما سميت الحرة لاجل تزويج المقتدر بها وكذا عادة الخلفاء لغلبة المماليك عليهم اذا كانت لهم زوجة قيل لها الحرة قال ابن ثابت قال لنا ابو على بن شاذان كان محمد بن جعفر زوج الحرة جارنا وسمعت منه مجالس من امانيه وكان يحضره فى مجلس الحديث القاضى الجراحى وابو الحسين ابن المظفر والدارقطنى وابن حيويه وغيرهم من الشيوخ وتوفى ليلة الجمعة ودفن يوم الجمعة لأربع خلون من صفر هذه السنة ودفن بالقرب من قبر معروف الكرخى وحضرت مع ابى الصلاة عليه

163 - منصور بن احمد
ابن هارون الفقيه ابو صادق سمع من جماعة ولم يحدث قط وكان من الزهاد الهاربين من الرياسات وقال الزهديات وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة وهو ابن خمس وستين سنة
سنة 373

ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه في يوم عاشوراء وهو عاشر المحرم اظهرت وفاة عضد الدولة وحمل تابوته الى المشهد الغربى ودفن فى تربة بنيت له هناك وكتب على قبره فى ملبن ساج هذا قبر عضد الدولة وتاج الملة ابى شجاع ابن ركن الدولة احب مجاورة هذا الامام التقى لطمعه فى الحلاص يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها والحمد لله وصلى الله على محمد وعترته الطاهرة
وتولى امره وحمله ابو الحسن على بن احمد بن اسحاق العلوى النقيب وجلس صمصام الدولة للعزاء به بالنياب السود على الارض وجاءه الطائع لله معزيا ولطم عليه فى دوره والاسواق اللطم الشديد المتصل اياما كثيرة فلما انقضى ذلك ركب صمصام الدولة الى دار الخلافة يوم السبت لسبع بقين من الشهر وخلع عليه فيها الحلع السبع والعمامة السوداء وسور وطوق وتوج وعقد له لواءان ولقب شمس الملة وحمل على فرس بمركب من ذهب وقيد بين يديه مثله وقرىء عهده بتقليده الامور فيما بلغته الدعوة فى جميع الممالك ونزل من هناك فى الطيار الى دار المملكة واخذت له البيعة على جميع الاولياء بالطاعة واخلاص النية فى المناصحة واطلق له رسومها وكوتب الولاة والعمال واصحاب النواحى والاطراف بأخذ البيعة على من قبلهم من الاحفاد
وفى ليلة الاربعاء السادس عشر من صفر انقض كوكب عظيم الضوء وكانت عقيبة دوى كالرعد

وورد الخبر بوفاة مؤيد الدولة ابى منصور بويه بن ركن الدولة بجرجان فجلس صمصام الدولة للعزاء به فى يوم الخميس لثمان بقين من رمضان وجاءه الطائع لله معزيا ولما اشتدت علة مؤيد الدولة قال له الصاحب ابو القاسم اسمعيل ابن عباد لو عهد امير الامراء في الامر الى من يراه عهدا كان تسكن الجند اليه عاجلا الى ان يتفضل الله بعافيته وقيامه الى تدبير مملكته كان ذلك من الاستظهار الذى لا ضرر فيه فقال انا فى شغل عما تخاطبنى عليه وما لهذا الملك قدر مع انتهاء الانسان الى مثل ما انا فيه فافعلوا ما بدا لكم ان تفعلوه ثم اشفى فقال له الصاحب تب يا مولانا من كل ما فرطت فيه وتبرأ من هذه الاموال التى لست على ثقة من طيبها وحصولها من حلها واعتقد متى اقامك الله وعافاك ان تصرفها فى وجوهها وترد كل ظلامة تعرفها ففعل ذلك وتلفظ به ومات فكتب الصاحب فى الوقت الى اخيه فخر الدولة ابى الحسن على بن ركن الدولة بالاسراع والتعجيل وانفذ اليه خاتم مؤيد الدولة وارسل بعض ثقاته حتى استحلفه على الحفظ والوفاء بالعهد فأسرع فلما وصل وانتظم له الامر قال له الصاحب قد بلغك الله يا مولانا وبلغنى فيك ما املته ومن حقوق خدمتى لك اجابتى الى ما انا مؤثر له من ملازمة دارى واعتزال الحندية والتوفر على امر الله تعالى فقال له لا تقل هذا فاننى ما اريد هذا الملك الا بك ولا يجوز ان يستقيم لي فيه امر الا بك واذا كرهت ملابسة الامور كرهت انا ذلك وانصرفت فقبل الارض وقال الامر لك فاستوزره وخلع عليه الخلع السنية
وزادت الاسعار فى هذه السنة زيادة مفرطة ولحق الناس مجاعة عظيمة وبلغ الكر الحنطة فى رمضان ثلاثة آلاف درهم تاجية وبلغ فى ذى القعدة اربعة آلاف وثمانمائة درهم وضج الناس وكسروا منابر الجوامع ومنعوا الصلاة فى عدة جمع ومات خلق من الضعفاء جوعا على الطريق ثم تناقصت الاسعار فى ذى الحجة
وفى هذه السنة وفى القرامطة الى البصرة لما حدث من طمعهم بعد وفاة عضد

الدولة فصالحوا على مال اعطوه وانصرفوا

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
164 - احمد بن عبد العزيز
ابو بكر العكبرى روى عن ابى خليفة الساجى وغيره وكان ثقة مأمونا توفى
بعكبرا فى رجب هذه السنة
165 - بوية ابو منصور الملقب مؤيد الدولة ابن ركن الدولة كان وزيره الصاحب بن عباد فضبطه مملكته واحسن التدبير وكان قد تزوج بنت عمه زبيدة بنت معز الدولة ابى الحسين فأنفق فى عرسه سبعمائة الف دينار و وتوفى بجرجان فى ثالث عشر شعبان هذه السنة وكانت علته الحوانيق وكان عمره ثلاثا واربعين سنة وشهرا وامارته سبع وستين شهرا وخمسة عشر يوما
166 - جعفر الضرير المقرئ بباب الشام توفى فى ذى القعدة من هذه السنة وكان ثقة
167 - سعيد بن سلام
ابو عثمان المغربى ولد بقيروان فى قرية يقال لها كركنت ولقى الشيوخ بمصر ودخل بلاد الشام وصحب ابا الخير الاقطع وجاور بمكة سنين وكان لا يظهر فى المواسم وكانت له كرامات وكان ابو سليمان الخطابى يقول ان كان فى هذا العصر من المحدثين احد فأبو عثمان
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا ابو سعيد الحسن بن على بن احمد الشيرازى قال سمعت ابا مسلم غالب بن على الرازى يقول سمعت ابا عثمان المغربى يقول كنت ببغداد وكان بى وجع من ركبتى حتى نزل الى مثانتى فاشتد وجعى وكنت استغيث بالله فنادانى بعض الحن ما استفاثنك بالله وغوثه بعد

فلما سمعت ذلك رفعت صوتى وزدت فى مقالتى حتى سمع اهل الدارصوتى فما كان الا بعد ساعة فجاء البول وقدم الى سطل اهريق فيه الماء فخرج منى شىء بقوة فضرب وسط السطل حتى سمعت له صوتا فاذا هو حجر قد خرج من مثانتى وذهب الوجع عنى فقلت ما اسرع الغوث وكذا الظن به توفى ابو عثمان بنيسابور فى جمادى الاولى من هذه السنة ودفن الى جنب ابى عثمان الحيرى
168 - عبد الله بن احمد ابن ماهيزذ ابو محمد الاصبهانى يعرف بالظريف سكن بغداد وحدث بها عن الباغندى والبغوى وابن ابى داود روى عنه البرقانى ولازحى وكان ثقة اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا احمد بن عمر بن روح النهروانى قال ذكرنا عبد الله بن احمد بن ماهيزذ انه ولد فى

سنة
ثلاث او اربع وسبعين ومائتين قال ودخلت بغداد سنة سبع وتسعين ومائتين وحججت في سنة ثلاث وثلثمائة وصمت ثمانية وثمانين رمضانا
169 - عبد الله بن محمد
ابن عبد الله بن عثمان بن المختار ابو محمد المزنى الواسطى ويعرف بابن السقاء سمع عبدان وابا يعلى الموصلى والبغوى وابن ابى داود وكان فهما حافظا ورد بغداد فحدث بها مجالسه كلها من حفظه بحضرة ابن المظفر والدارقطنى وكانا يقولان ما رأينا معه كتابا انما حدثنا حفظا وما أخذنا عليه خطأ فى شىء غير انه حدث عن ابى يعلى بحديث فى القلب منه شىء قال ابو العلاء الواسطى فلما عدت الى واسط اخبرته فأخرج الحديث واصله بخط الصبى توفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اربع وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان ابا عبد الله بن سعدان ان شرع فى اصلاح ما بين صمصام الدولة وفخر الدولة وخوطب الطائع لله على ما يجدده لفخر الدولة من الخلع

والعهد واللقب ففعل وجلس لذلك واحضرت الخلع وقرئ عهده وبعثت اليه وفى شهر رجب كان عرس فى درب رباح فوقعت الدار فهلك كثير من النساء واخرجن من تحت الهدم بالحلى والزينة فكانت المصيبة عامة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
170 - ابراهيم بن احمد
بن جعفر بن موسى ابو اسحاق المقرئ الحرفى من اهل الجانب الشرقى كان ينزل سوق يحيى وحدث عن جماعة وروى عنه التنوخى والجوهرى وكان ثقة صالحا توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
171 - اسحاق بن سعد ابن الحسين بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز ابو يعقوب الشيبانى النسوى وله سنة ثلاث وتسعين ومائتين روى عن جده الحسن وعن محمد بن اسحاق السراج ومحمد بن اسحاق بن خزيمة كتب عنه الناس بانتخاب الدارقطنى وكان ثقة توفى فى هذه السنة
172 - عبد الله بن موسى ابن اسحاق ابو العباس الهاشمى روى عن ابن بنت منيع وابن ابى داود وقاسم المطرز وابى خبيب البرتى وغيرهم وكان ثقة امينا من اهل القرآن والحديث توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
173 - محمد بن احمد
ابن بالويه ابو على النيسابورى المعدل سمع عبد الله بن محمد بن شيرويه و محمد بن اسحاق بن خزيمة ومحمد بن اسحاق السراج وغيرهم وكان ثقة وتوفى بنيسابور يوم الخميس سلخ شوال هذه السنة عن اربع وتسعين سنة
174 - محمد بن احمد
ابن محمد بن عبدان بن فضال ابو الفرج الاسدى ولد فى سنة تسع وتسعين

ومائتين وسمع الباغندى وابا عمر القاضى وابا بكر ابن ابى داود
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر ابن ثابت اخبرنا العتيقى قال توفى ابو الفرج ابن عبدان فى ذى الحجة سنة اربع وسبعين وثلثمائة وكان ثقة مأمونا
175 - محمد بن احمد

ابن يحيى بن عبد الله بن اسمعيل ابو على البزاز العطشى سمع جعفر بن محمد
الفريابى وابا يعلى الموصلى وابن جرير الطبرى والباغندى وغيرهم
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال اخبرنا احمد ابن محمد العتيقى قال سنة اربع وسبعين وثلثمائة فيها مات ابو على العطشى فى ذى الحجة وكان ثقة مأمونا
176 - محمد بن جعفر ابن الحسن بن سليمان بن على بن صالح صاحب المصلى يكنى ابا الفرج حدث عن الهيثم بن خلف الدورى والباغندى وخلق كثير روى عنه ابو الحسن النعيمى وابو القاسم التنوخى احاديث تدل على سوء ضبطه وضعف حاله وهو سىء الحال عندهم توفى فى هذه السنة بالبصرة
177 - محمد بن الحسنن ابن محمد ابو عبد الله الرازى السراجى سمع ابن ابى حاتم وعيره روى عنه ابن رزقويه والبرقانى وقال هو ثقة وقال العتيقى كان ثقة امينا مستورا توفى فى ليلة الجمعة الثانى من ذى القعدة في هذه السنة
178 - محمد بن الحسين ابن احمد بن الحسين ابو الفتح الازدى الموصلى روى عن ابى يعلى الموصلى وابن جرير الطبرى وابى عروبة والباغندى وغيرهم وكان حافظا وله تصانيف فى علوم الحديث

اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على الخطيب قال حدثنى ابو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الارموى قال رأيت اهل الموصل يوهنون ابا الفتح لازدى جدا ولا يعدونه شيئا قال وحدثنى محمد بن صدقة ان ابا الفتح قدم بغداد على الامير يعنى ابن بويه فوضع له حديثا ان جبريل عليه السلام كان ينزل على النبي صلى الله عليه و سلم فى صورته بأجازة واعطاه دراهم كثيرة قال الخطيب وسألت ابا بكر العرقاني فاشار الى انه كان ضعيفا قال ورأيته فى جامع المدينة وأصحاب الحديث لا يرفعون به راسا ويتجنبونه توفى فى هذه السنة وبعضهم يقول فى

سنة
تسع وستين وثلثمائة
179 - محمد بن الحسين
ابن ابراهيم بن مهران ابو بكر الحربى سمع ابا جعفر بن بريه ودعلج بن احمد روى عنه الازهرى وقال كان شيخا صالحا
سنة
ثم دخلت سنة خمس وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه قدم فى يوم الخميس لثمان بقين من ربيع الاول خلع الطائع لله على صمصام الدولة وطوته وسوره وحمله على فرس بمركب ذهب وقاد بين يديه مثله
وفى ربيع الاول ورد الخبر من الكوفة بورود اسحاق وجعفر الهجريين وهما من القرامطة الذين يدعون بالسادة فى جموع كثيرة وكان دخولهما اياها على وجه التغلب واقاموا الخطبة لشرف الدولة واعتزوا الى ملك الجهة فوقع الانزعاج الشديد من ذلك لما كان تمكن من النفوس من هيبة هولاء القوم وانهم ممن لا يصطلى بنارهم ولأن جماعة من الملوك كانوا يصانعونهم حتى عضد الدولة اقطعهم بواسط ناحية واقطعهم عز الدولة قبله بشقى الفرات اقطاعا وانتشر اصحابهما فى النواحى واكبوا على تناول الغلات واستخراج المال فنفذ

من بغداد عسكر طردهم وبطل ناموسهم
وفى ذى الحجة ورد كتاب من الرى بوفاة ابن مؤيد الدولة فجلس صمصام الدولة للعزاء به وركب الطائع الى تعزيته فى سفينة لا بسا للسواد وعلى رأسه شمسة والقراء والاولياء فى الزبازب فقدم الى مشرعة دار الملك ونزل صمصام الدولة وقبل الارض بين يديه ورده بعد خطاب تردد بينهما فى العزاء والشكر
وفى هذه السنة هم صمصام الدولة ان يجعل على الثياب الابريسميات والقطنيات التى تنسج ببغداد ونواحيها ضريبة وكان ابو الفتح الرازى قد كثر ما يحصل من هذا الوجه وبذل تحصيل الف الف درهم منه فى كل سنة فاجتمع الناس فى جامع المنصور وعزموا على المنع من صلاة الجمعة وكاد البلد يفتتن فاعفوا من احداث هذا الرسم

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
180 - الحسن بن الحسين
ابن ابى هريرة الفقيه ابو على القاضى كان احد اصحاب الشافعى وله مسائل فى الورع محفوظة توفى فى رجب هذه السنة
181 - الحسن بن على ابن داود بن خلف ابو على المطرز المصرى ولد سنة تسعين ومائتين قدم بغداد وحدث بها عن محمد بن بدر الباهلى وغيره روى عنه البرقانى وابو العلاء الواسطى وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطنى وكان ثقة وتوفى بمكة فى صفر هذه السنة
182 - الحسين بن على
ابن محمد بن يحيى ابو احمد النيسابورى ويقال له حسينك ولد سنة ثلاث وتسعين ومائتين ورباه ابو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة فسمع منه الحديث ومن غيره

بنيسابور وسمع ببغداد والكوفة روى عنه ابو بكر البرقانى وقال كان ثقة جليلا وحجة واكثر اثار نيسابور منوطة باهل بيته
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنى محمد بن على المقرئ عن محمد بن عبد الله الحافظ النيسابورى قال كان حسينك تربية ابى بكر ابن خزيمة وجاره الأدنى وفى حجره من حين ولد الى ان توفى ابو بكر وهو ابن ثلاث وعشرين سنة وكان ابن خزيمة اذا نخلف عن مجالس السلاطين بعث بالحسين نائبا عنه وكان يقدمه على جميع اولاه ويقرأ له وحده مالا يقرأه لغيره وكان يحكى ابا بكر فى وضوءه وصلاته فانى ما رأيت فى الاغنياء احسن طهارة وصلاة منه ولقد صحبته قريبا من ثلاثين سنة فى الحضر والسفروفى والحر وفى البرد فما رايته ترك صلاة الليل وكان يقرأ فى كل ليلة سبعا من القرآن ولا يفوته ذلك وكانت صدقاته دائمة فى السر والعلانية ولما وقع الاستنفار لطرسوس دخلت عليه وهو يبكى ويقول قد دخل الطاغى ثغر المسلمين طرسوس وليس فى الخزانة ذهب ولا فضة ثم باع ضيعتين نفيستين من اجل ضياعه بخمسين الف درهم واحرج عشرة من الغزاة المتطوعة الاجلاد بدلا عن نفسه وسمعته غير مرة يقول اللهم انك تلم انى لادخر ما ادخره ولا اقتنى هذه الضباع الا للاستغناء عن خلقك والاحسان الى اهل السنة والمستورين توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة وصلى عليه ابو احمد بنيسابور
183 - عبيد الله بن محمد
ابن احمد بن محمد ابو الحسين الشيبانى المعروف بالحوشبى سمع ابا بكر بن ابى داود روى عنه البرقانى والتنوخى وكان ثقة ثبتا مستورا امينا توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
184 - عبد الرحمن بن محمد
ابن عبد الله بن مهران ابو مسلم سمع الباغندى والبغوى ورحل الى الشام والى

بغداد والى خراسان وما وراء النهر فكتب وجمع وكان متقنا حافظا ثبتا مع ورع وتدين وزهد وتصون وكان الدارقطنى وغيره يعظمونه وخرج الى مكة فتوفى بها فى هذه السنة ودفن قريبا من الفضيل
185 - عبد الملك بن ابراهيم القرميسينى
سمع ابن صاعد وروى عنه ابو القاسم التنوخى وكان ثقة وتوفى فى شوال هذه السنة
186 - عبد العزيز بن جعفر ابن محمد بن عبد الحميد ابو القاسم الخرقى سمع احمد بن الحسن الصوفى والهيثم ابن خلف الدورى روى عنه البرقانى والعتيقى والتنوخى والجوهرى وكان ثقة امينا وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
187 - عبد العزيز بن عبد الله
ابن محمد ابو القاسم الداركى الفقيه الشافعى نزل نيسابور عدة سنين ودرس الفقه ثم صار الى بغداد فسكنها الى حين موته وحدث بها وكان امينا وانتهت رياسة اصحاب الشافعى اليه وكان يدرس فى مسجد دعلج بدرب ابي خلف من قطيعة الربيع وله حلقة فى جامع المدينة للفتوى والنظر روى عنه الأزهرى والخلال والازجى والعتيقى والتنوخى وكان ثقة
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب اخبرنا ابو الطيب الطبرى قال سمعت ابا حامد الاسفرائينى يقول ما رأيت افقه من الداركى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سمعت عيسى بن احمد بن عثمان الهمذانى يقول كان عبد العزيز الداركى اذا جاءته مسألة تفكر طويلا ثم افتى فيها فربما كانت فتواه خلاف مذهب الشافعى وابى حنيفة فيقال له فى ذلك فيقول ويحكم حدث فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بكذا وكذا والأخذ بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم اولى من الاخذ بقول الشافعى وابى حنيفة

اذا خالفاه توفى الداركى فى شوال هذه السنة عن نيف وسبعين سنة ودفن بمقبرة الشونيزى
188 - عمر بن محمد
ابن على بن يحيى بن موسى ابو حفص الناقد المعروف بالزيات ولد سنة ست وثمانين ومائتين سمع جعفر الفريابى وخلقا كثيرا وروى عنه البرقانى والازهرى والجوهرى وكان ثقة صدوقا متكثرا متقنا توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن بالشونيزية
189 - على بن الحسن

ابن على ابو الحسن الجراحى روى عنه جابر بن شعيب البلخى وغيره وكان خيرا
حسن المذهب توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
190 - محمد بن احمد ابن حسنويه ابو سهل النيسابورى ويعرف بالحسنوى اديب تفقه على مذهب الشافعى وسمع الحديث من جماعة وحدث فى البلاد وكان من التاركين لما لا يعنيهم المشتغلين بأنفسهم وتوفى فى صفر وهو ابن تسع وخمسين ودفن فى مقبرة الخيزران
191 - محمد بن الحسن
ابن سليمان ابو بكر القزوينى وحدث عن جعفر الفريابى وابن ذريح والبغوى
وغيرهم
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب حدثنا عنه على بن محمد بن الحسن المالكى وكان عنده جزء عنه وكان فى اكثر الاحاديث تخليط فى الاسانيد والمتون توفى ابو بكر القزوينى يوم الخميس غرة شعبان هذه السنة
192 - محمد بن الحسن
ابن محمد بن جعفر بن حفص ابو الفضل الكاتب حدث عن المحاملى وابن مخلد

والمصرى وغيرهم روى عنه عبد العزيز الازجى وكان صالحا دينا
193 - محمد بن عبد الله
ابن صالح ابو بكر الفقيه المالكى الابهرى ولد سنة تسع وثمانين ومائتين وروى عن ابن ابى عروبة والباغندى وابن ابى داود وغيرهم روى عنه البرقانى وله تصانيف فى شرح مذهب مالك وذكره محمد بن ابى الفوارس فقال كان ثقة امينا مستورا وانتهت اليه الرياسة فى مذهب مالك
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ اخبرنا القاضى ابو العلاء الواسطى قال كان ابو بكر الابهرى معظما عند سائر علماء وقته لا يشهد محضرا الا كان هو المقدم فيه واذا جلس قاضى القضاة ابو الحسن ابن ام شيبان اقعده عن يمينه والخلق كلهم من القضاة والشهود والفقهاء دونه وسئل ان يلى القضاء فامتنع فاستشير فيمن يصلح لذلك قال ابو بكر احمد بن على الرازى وكان الرازى يزيد حاله على منزلة الرهبان فى العبادة فاريد للقضاء فامتنع واشار بأن يولى الابهرى فلما لم يجب واحد منهما الى القضاء ولى غيرهما توفى فى شوال هذه السنة
194 - محمد بن نصر

ابن مكرم ابو العباس الشاهد روى عن البغوى وغيره وكان ثقة مقدما فى
الشهادة توفي في شعبان هذه السنة
سنة 376 ثم دخلت سنة ست وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه كثر الموت فى المحرم بالحميات الحادة فهلك من الناس خلق كثير
وفى ليلة الاثلاثاء لتسع خلون من ربيع الاول وهى ليلة العشرين من تموز وافى مطر كثير مفرط ببرق

وفى رجب زاد السعر فبيعت الكارة الدقيق الخشكار بنيف وتسعين درهما وفى هذا الشهر ورد الخبر بزلزلة كانت بالموصل هدمت كثيرا من المنازل واهلكت خلقا كثيرا من الناس
وكان الامر قد صلح بين صمصام الدولة واخيه شرف الدولة وجلس الطائع فى صفر وبعث الخلع الى شرف الدولة ثم ان العسكر مال الى شرف الدولة وتركوا صمصام الدولة فانحدر صمصام الدولة الى شرف الدولة راضيا بما يعامله به فلما وصل اليه قبل الارض بين يديه ثلاث دفعات ثم قبل يده فقال له شرف الدولة كيف انت وكيف حالك فى طريقك ما عملت الا بالصواب فى ورودك تمض وتغير ثيابك تتودع من تعبك فحمل الى خيمة وخركاه قد ضربا له بغير سرادق فجلس واجما نادما واجتمع عسكر شرف الدولة من الديلم تسعة عشر الفا وكان الاتراك ثلاثة آلاف غلام فاستطال الديلم فخاصمهم الاتراك فكانت بينهم وقعة فانهزم الديلم وقتل منهم ثلاثة آلاف فى رمضان فأخذ الديلم يذكرون صمصام الدولة فقيل لشرف الدولة اقتلته فما تأمنهم وقدم شرف الدولة بغداد فركب الطائع اليه يهنئه بالسلامة ثم خفى خبر صمصام الدولة وذلك انه حمل الى القلعة ثم نفذ بفراش ليكحله فوصل الفراش وقد توفى شرف الدولة فكحله فالعجب امضاء امر ملك قد مات
وفى ذى الحجة قبل قاضى القضاة ابو محمد بن معروف شهادة ابى الحسن الدارقطنى وابى محمد بن عقبة وذكر ابن ابى الفوارس ان الدارقطنى ندم على شهادته وقال كان يقبل قولى على رسول الله صلى الله عليه و سلم بانفرادى فصار ولا يقبل قولى على بقلى الا مع آخر
ومنع شرف الدولة من المصادرة ورد على الناس املاكهم

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
195 - الحسين بن جعفر
ابن محمد ابو القاسم الواعظ المعروف بالوزان سمع البغوى وابا عمر القاضى وابن

ابى داود وابن صاعد والمحاملى وابن عقدة روى عنه الازهرى والازجى وكان يسكن سوق العطش وكان ثقة امينا صالحا ستيرا توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
196 - الحسين بن محمد

ابن عبد الله ابو عبد الله الصيرفى حدث عن محمد بن مخلد الدورى والنجاد
وكان ثقة امينا من امناء القضاة ينزل بينى سليم وتوفى فى هذه السنة
197 - عبيد الله بن احمد
ابن يعقوب ابو الحسين ويعرف بابن البواب سمع الباغندى والبغوى روى عنه
الازهرى والعتيقى وكان ثقة مامونا وتوفى فى رمضان هذه السنة
198 - عمر بن محمد ابن ابراهيم ابو القاسم البجلى ويعرف بابن سنيك ولد سنة احدى وتسعين ومائتين واول ما سمع الحديث فى سنة ثلثمائة سمع الباغندى والبغوى وروى عنه الازهرى والتنوخى وكان يسكن باب الازج وقيل ابو السائب قاضى القضاة شهادته ثم استخلفه ابو محمد بن معروف على الحكم بسوق الثلاثاء وحريم دار الخلافة وكان ثقة عدلا وتوفى فى رجب هذه السنة
199 - محمد بن احمد
ابن محمد بن ابى صالح ابو بكر نزل بلخ واقام بها حتى مات وحدث هناك عن
ابن شعيب الحرانى ويوسف بن يعقوب القاضى وابى يعلى الموصلى
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن ثابت قال حدثنى ابو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبى قال مات ابو بكر بن ابى صالح ببلخ فى سنة ست وسبعين وثلثمائة قال وكان واهيا عند اهل بلخ وتكلم فيه ابو اسحاق المستملى وغيره

200 - محمد بن جعفر

ابن محمد ابو الفتح الهمذانى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال ويعرف بابن المراغى سكن بغداد وروى بها عن ابى جعفر احمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة حدث عنه القاضى ابو الحسين محمد ابن احمد بن القاسم المحاملى وذكر انه سمع منه فى سنة احدى وسبعين وثلثمائة وكان من اهل الادب عالما بالنحو واللغة وله كتاب صنفه وسماه كتاب البهجة على مثال الكامل للمبرد
201 - محمد بن احمد
ابن حمدان بن على بن عبد الله بن مسنان الزاهد ابو عمرو الحيرى سمع جماعة من العلماء وصحب جماعة من الزهاد وكان عالما بالقراءات والنحو وكان متعبدا وكان المسجد منزله نيفا وثلاثين سنة وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة وقالت له زوجته حين وفاته قد قربت ولادتى فقال سلميه الى الله تعالى فقد جاؤا ببراءتى من السماء وتشهد ومات فى الحال
202 - محمد بن عبد الله ابن عبد العزيز بن شاذان ابو بكر الرازى المذكر جمع من كلام التصوف واكثر ثم انتسب الى محمد بن ايوب بن يحيى الضريبسى البجلى ومحمد بن ايوب لم يعقب ولدا ذكرا قال الحاكم ابو عبد الله فلقيته فذكرت له ذلك فانزجر وترك ذلك النسب ثم رايته بعد يحدث بالمسانيد وما كان يحدث بها قبل ذلك وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
203 - محمد بن حماد
ابن اسحاق بن اسمعيل بن حماد بن زيد الازدى القاضى حدث عن سليمان بن عبد العزيز المدينى واستقضى على البصرة قيل يوسف بن يعقوب والدأبى عمرو

وضم اليه قضاء واسط وكور دجلة وكان يلزم الموفق بالله حيث كان ثم توفى فى هذه السنة

سنة
ثم دخلت سنة سبع وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الوزير ابو منصور محمد بن الحسن فتلقاه القواد والحجاب والحواشى والكتاب ووجوه اهل بغداد فلما قارب تلقاه شرف الدولة بالشفيعى يوم السبت لست خلون من المحرم ووصل فى صحبته عشرون الف الف درهم وثياب وآلات كثيرة وكان يغلب عليه الخير وايثار العدل وكان اذا سمع الاذان ترك جميع شغله وتوفر على اداء فرضه وكان يكثر التقليد والعزل ولا يترك عاملا يقيم فى ناحية سنة
وفى يوم السبت ثامن عشر صفر عقد مجلس حضره الاشراف والقضاة والشهود وجددت فيه التوثقة بين الطائع لله وشرف الدولة
وفى يوم السبت الثانى من ربيع الاول ركب شرف الدولة الى دار الطائع لله فى الطيار بعد أن ضربت القباب على شاطىء دجلة وزينت الدور التى عليها من الجانبين بأحسن زينة وخلع عليه الخلع السلطانية وتوجه وطوقه وسوره وعقد له لوائين واستخلفه على ما وراء بابه وقرىء عهده بمسمع منه ومن الناس على طبقاتهم وخرج من حضرته فدخل الى اخته زوجة الطائع فأقام عندها الى العصر وانصرف والعسكر والناس مقيمون على انتظاره ولما حمل اللواء تخرق ووقعت قطعة منه فتطير من ذلك فقال الطائع له لم تتخرق وانما انفصلت قطعة منه وحملتها الريح وتأويل هذه الحال انك تملك مهب الرياح وكان فى جملة من حضر مع شرف الدولة ابو محمد عبيد الله بن احمد بن معروف فلما رآه الطائع لله قال له ... مرحبا بالأحبة القادمينا ... اوحشونا وطال ما آنسونا ...
فقبل الارض وشكر ودعا وجلس شرف الدولة فى داره للتهنئة يوم الاثنين

لأربع خلون من الشهر وعليه الخلع وبين يديه لواء ان مركوزان ابيض واسود ووصل اليه العامة والخاصة ورد شرف الدولة على الشريف ابى الحسن محمد بن عمر جميع املاكه وخراج املاكه فى كل سنة الفى الف وخمسمائة الف درهم ورد على الشريف ابى احمد الموسوى جميع املاكه ورفع امر المصادرات وسد طرق السعايات
وفى شهر ربيع الاول بيعت الكارة من الدقيق الخشكار بمائة وخمسة وستين درهما وجلا الناس عن بغداد ثم زاد السعر فى ربيع الآخر فبلغ ثمن الكارة الخشكار مائتين واربعين درهما
وفى يوم السبت لليلتين بقيتا من ربيع الآخر توفيت والدة شرف الدولة وكانت امرأة تركية ام ولد فركب اليه الطائع لله فى الماء معزيا بها
وفى شعبان ولد لشرف الدولة ولدان ذكران توأمان كنى احدهما ابا حرب وسماه سلاروكنى الآخر ابا منصور وسماه فناخسرو
وفى هذه السنة بعث شرف الدولة العسكر لقتال بدر بن حسنويه فظفر بهم بدر وانهزموا واستولى بدر بعد ذلك على الجبل واعماله وفى ذى الحجة وقع مع الغلاء وباء عظيم

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
204 - احمد بن يوسف
ابن يعقوب بن اسحاق بن البهلول التنوخى الازرق الانبارى الكاتب توفى يوم
الجمعة لأربع بقين من المحرم
205 - احمد بن محمد
ابن بشر الشاهد توفى فى يوم الجمعة تاسع عشر المحرم والاصح سابع عشر

206 - احمد بن العلاء
ابو نصر الشيرازى الكاتب توفى يوم الاربعاء لعشر بقين من رجب
207 - احمد بن الحسين ابن على ابو حامد المروزى ويعرف بابن الطبرى كان ابوه من اهل همذان سمع من جماعة من المحدثين وكان احد العباد المجتهدين والعلماء المتقنين حافظا للحديث بصيرا بالأثر ورد بغداد فى حداثته فتفقه بها ودرس على ابى الحسن الكرخى مذهب ابى حنيفة ثم عاد الى خراسان فولى بها قضاء القضاة وصنف الكتب والتاريخ ثم دخل بغداد وقد علت سنه فحدث بها وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطنى روى عنه البرقانى ووثقه توفى بمروفى صفر هذه السنة سنة سبع وسبعين وبعضهم يقول فى سنة ثلاث وسبعين
208 - اسحاق بن المقتدر بالله ابو محمد ولد سنة سبع عشرة وثلثمائة وتوفى ليلة الجمعة سابع عشر ذى القعدة وغسله ابو بكر بن أبى موسى الهاشمى وصلى عليه ابنه القادر بالله وهو اذ ذاك امير ودفن فى تربة شغب جدته والدة المقتدر بالله وانفذ الطائع خواص خدمه وحجابه لتعزية ابنه القادر وركب الاشراف والقضاة مع جنازته وانقذ شرف الدولة وزيره ابا منصور فى جماعة الى الطائع للتعزية والاعتذار لشكوى يجدها
209 - جعفر بن المكتفى بالله
كان فاضلا توفى يوم الثلاثاء سابع صفر هذه السنة
210 - جعفر بن محمد ابن احمد بن اسحاق بن البهلول بن حسان ابو محمد بن ابى طالب التنوخى اصله من الانبار وولد ببغداد فى سنة ثلاث وثلثمائة وقرأ القراءات وكتب الحديث

وحدث عن البغوى وابن أبى داود وابى عمر القاضى وابن صاعد وعرض عليه القضاء والشهادة فأباهما تورعا وصلاحا روى عنه ابو على التنوخى وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
211 - الحسن بن احمد
ابن عبد الغفار بن سليمان ابو على الفارسى النحوى ولد ببلده فسا وسمع شيئا من الحديث فروى عنه الجوهرى والتنوخى وقد اتهمه قوم بالاعتزال
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال قال لى التنوخى ولد ابو على الحسن بن احمد النحوى الفارسى بفسا وقدم بغداد فاستوطنها وسمعنا منه فى رجب سنة خمس وسبعين وثلثمائة وعلت منزلته فى النحو حتى قال قوم من تلامذته هو فوق المبرد واعلم منه وصنف كتبا عجيبة حسنة لم يسبق الى مثلها واشتهر ذكره فى الآفاق وبرع له غلمان حذاق مثل عثمان بن جنى وعلى بن عيسى الشيرازى وغيرهما وخدم الملوك ونفق عليهم وتقدم عند عضد الدولة فسمعت ابى يقول سمعت عضد الدولة يقول انا غلام ابى على النحوى فى النحو توفى فى ربيع الاول من هذه السنة ودفن بالشونيزيه عن نيف وتسعين سنة
212 - ستيتة
بنت القاضى ابى عبد الله الحسين بن اسمعيل الضبى المحاملى تكنى امة الواحد اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال لنا احمد بن عبد الله ابن الحسين بن اسمعيل المحاملى اسمها ستيتة وهى ام القاضى ابى الحسين محمد بن احمد بن القاسم بن اسمعيل المحاملى وكانت فاضلة عالمة من احفظ الناس للفقه على مذهب الشافعى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى ابو اسحاق الشيرازى قال سمعت ابا بكر البرقانى يقول كانت بنت المحاملى تفتى مع أبى على

ابن أبى هريرة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ اخبرنا عبد الكريم بن محمد بن احمد الضبى اخبرنا ابو الحسن الدارقطنى قال امة الواحد بنت الحسين بن اسمعيل بن محمد القاضى المحاملى سمعت اباها واسمعيل بن العباس الوراق وعبد الغافر ابن سلامة الحمصى وابا الحسن المصرى وحمزة الهاشمى وغيرهم وحفظت القرآن والفقه على مذهب الشافعى والفرائض وحسابها والدور والنحو وغير ذلك من العلوم كانت فاضلة فى نفسها كثيرة الصدقة مسارعة فى الخيرات حدثت وكتب عنها الحديث وتوفيت فى شهر رمضان سنة سبع وسبعين وثلثمائة
213 - عبيد الله بن محمد

ابن عابد بن الحسين ابو محمد الخلال ولد سنة احدى وتسعين ومائتين وسمع
الباغندى وروى عنه الازهرى وكان ثقة توفى فى شوال هذه السنة
214 - عبد الواحد ابن على بن محمد بن احمد بن خشيش ابو القاسم الوراق ولد سنة احدى وثمانين ومائتين وسمع البغوى وابن صاعد روى عنه الخلال وكان ثقة وتوفى فى محرم هذه السنة
215 - عبد الوهاب
ابن الطائع لله توفى ليلة الاربعاء ثامن عشر ربيع الآخر ودفن فى التربة التى بناها الطائع لله بالرصافة بازاء تربة جدته شغب
216 - على بن احمد
ابن ابراهيم بن ثابت ابو القاسم الربعى قدم بغداد وحدث بها فروى عنه ابو
العلاء

الواسطى كان ثقة حافظا توفى بالرى فى هذه السنة
217 - على بن محمد
ابن احمد بن نصير بن عرفة ابو الحسن الثقفى الوراق ويعرف بابن لؤلؤ ولد سنة احدى وثمانين ومائتين وسمع الفريابى وخلقا كثيرا وقد حدثنا ابو بكر بن عبد الباقى عن الجوهرى عنه وكان ثقة صدوقا فأخذ على قراءة الحديث الشىء اليسير
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت التنوخى يقول حضرت عند ابى الحسن ابن لؤلؤ مع ابى الحسين البيضاوى لنقرأ عليه وكان قد ذكر له عدد من يحضر السماع ودفعنا اليه دراهم كنا قد وافقناه عليها فرأى فى جملتنا واحدا زائدا على العدد الذى ذكر له فامر باخراجه فجلس الرجل فى الدهليز وجعل البيضاوى يقرأ ويرفع صوته ليسمع الرجل فقال ابن لؤلؤ يا ابا الحسن أتعاطى على وانا بغدادى باب طاقى وراق صاحب حديث شيعى ازرق كوسج ثم امر جاريته ان تدق فى الهاون اشنانا حتى لا يصل صوت البيضاوى بالقراءة الى الرجل توفى فى محرم هذه السنة
218 - محمد بن احمد

ابن الحسين بن القاسم بن الغطريف الجهم ابو احمد الرباطى الجرجانى
حدثنا ابوالحسين بن ابى الطيب الطبرى عنه وكان ابو بكر الاسمعيلى يقول فى حقه لا اعرفه الا صواما قواما وتوفى فى رجب هذه السنة
219 - محمد بن جعفر
ابن زيد ابو الطيب المكتب حدث عن البغوى حدث عنه ابنه عبد الغفار وكان
يقول ولد ابى سنة احدى وثلثمائة ومات فى شعبان سنة سبع وسبعين وثلثمائة

220 - محمد بن زيد

ابن على بن جعفر بن محمد بن مروان ابو عبد الله الابزارى روى عنه الازهرى
والتنوخى والجوهرى
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا احمد بن محمد العتيقى قال سنة سبع وسبعين وثلثمائة فيها توفى ابو عبد الله ابن مروان بالكوفة فى صفر وكان ثقة مأمونا انتقى عليه الدارقطنى وسمعنا منه ببغداد
221 - محمد بن محمد
ابن عبد الله بن ادريس بن الحسن بن متويه ابو عبد الله الاستراباذى سمع من ابيه وجده وسافر الكثير وتفقه وكان من افاضل الناس دينا وزهدا وامانة وورعا متهجدا بالليل متمسكا بمكارم الاخلاق وتوفى فى رمضان هذه السنة
سنة 378
ثم دخلت سنة ثمان وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها غلاء الاسعار وعدم الاقوات وظهور الموت والاغلال فى المحرم وبيعت الكارة الدقيق بستين درهما
وفى هذا الوقت تقدم السلطان شرف الدولة برصد الكواكب السبعة فى مسيرها وتنقلها فى بروجها على مثل ما كان المأمون فعله فى ايامه فبنى بيتا فى دار المملكة فى آخر البستان محكما ورصد ما كتب به محضرا اخذ فيه خطوط من يعرف الهندسة بحسن صناعة هذا الموضع لهذا البيت
وفى شعبان كثرت الرياح العواصف وجاءت بفم الصلح وقت العصر من يوم الخميس لخمس بقين منه ريح شبهت بالتنين حتى خرقت دجلة حتى ذكرانه بانت ارضها من ممر الريح وهدمت قطعة من المسجد الجامع واهلكت جماعة من الناس وغرقت كثيرا من السفن الكبيرة المملوءة بالامتعة واحتملت زورقا منحدرا وفيه دواب وعدة سفن وطرحت ذلك فى ارض جوخى فشوهد

بعد ايام وفى هذه السنة لحق الناس بالبصرة حر عظيم وجنوب فتساقط الناس فى الشوارع وماتوا فى الطرقات

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
222 - الحسين بن على
ابن ثابت ابو عبد الله المقرىء ولد اعمى وكان حافظا يحضر مجلس ابن الأنبارى فيحفظ ما يمليه وهو صاحب القصيدة فى قراءة السبعة عملها فى حياة النقاش فأعجب بها النقاش وشيوخ زمانه وكان ظريفا حسن الزى توفى فى رمضان هذه السنة
223 - الخليل بن احمد القاضى شيخ اهل الرأى فى عصره وكان متقدما فى علم الفقه والوعظ وسمع الحديث من محمد بن اسحاق بن خزيمة واقرانه وسمع بالعراق البغوى وابن صاعد واقرانهما وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
224 - زياد بن محمد ابن زياد بن الهيثم ابو العباس الخرجانى روى عن الحسن بن محمد الداركى وغيره توفى فى هذه السنة وهذا الخرجانى بخاء يتلوها بعد الراء جيم فأما الخرخانى بخائين معجمتين فمنهم ابو جعفر محمد بن ابراهيم بن الحسن الخرخانى روى عن البغوى وهى قرية من قرى قومس فأما الجرجانى بجيمين فخلق كثير نزلوا جرجان فأمر الحرجانى بحاء مهملة وبعد الراء جيم فبلد بقرب من الشوش وقم يشكل فى هذا الهوجانى بهاء مهملة وبعدها واو ثم جيم وهو منسوب الى قرية من بلاد المغرب ويشبه بهذا مثله فى الخط الجوجانى بجيمين والواو بينهما مشددا احد رساتيق نيسابور كان منها ابو العلاء صاعد بن محمد القاضى وابو عمر الفارانى وقد يكتبها بعض الناس بالسين والاصل ما ذكرناه وربما

نسبوا الى مجتمع التمر فقالوا جوخان بجيم وخاء
225 - سليمان بن محمد ابن احمد بن ابى ايوب ابو القاسم ولد سنة ثمان وتسعين ومائتين وسمع البغوى والباغندى وابن ابى داود روى عنه الازهرى والخلال وكان ثقة يشهد عند الحكام عدلا مقبول من اهل بيت الشهادة والستر والفقه توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة ودفن فى مقبرة الخيزران
226 - عبيد الله بن احمد

ابن محمد ابو العباس الكاتب كان اديبا شاعرا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا التنوخى قال انشدنى ابو العباس الكاتب قال انشدنا ابو بكر ابن الانبارى ... وكم من قائل قد قال دعه ... فلم يك وده لك بالسليم ... فقلت اذا جزيت الغدر غدرا ... فما فضل الكريم على اللئيم ... واين الالف تعطفنى عليه ... واين رعاية الحق القديم ...
قال التنوخى وانشدنى ايضا
... لىصديق قد ضيع من سوء عهده ... ورمانى الزمان منه بصد ... كان وجدى به فصار عليه ... وطريف زوال وجد بوجد ...
227 - عبد العزيز ابن احمد بن على بن ابى صابر ابو محمد الصيرفى الجهبذ سمع ابن ابى داود وابن صاعد روى عنه الخلال و الجوهرى وكان ثقة وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
228 - محمد بن اسمعيل
ابن العباس ابو بكر الوراق المستملى يروى عن اسمعيل الحاسب وغيره وكان
ثقة وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة

239 - محمد بن اسحاق ابن محمد بن اسحاق بن عيسى بن طارق ابو بكر القطيعى الناقد سمع الباغندى والبغوى وابن صاعد وغيرهم وروى عنه ابن شاذان وغيره قال محمد بن ابى الفوارس كان يدعى الحفظ وفيه بعض التساهل توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
230 - محمد بن احمد

ابن عمران بن موسى بن هارون بن دينار ابو بكر الجشمى المطرز سمع خلقا
كثيرا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال لى الازهرى كان هذا الشيخ قريبا منا ينزل فى التسترين وسمعت منه وكان ثقة
231 - محمد بن احمد
ابن محمد بن يعقوب ابو بكر المفيد ولد ببغداد سنة اربع وثمانين ومائتين سكن جرجرايا وبها قبره وكان من الحفاظ وسماه موسى بن هارون المفيد وسافر الكثير وحدث عن ابى يعلى الموصلى وخلق لا يحصون وروى مناكير وعن مشائخ مجهولين منهم الحسن بن عبيد الله العبدى حدث عن عفان وعبد الله ابن رجاء ومحمد بن كثير وعمرو بن مرزوق ومسدد واحمد بن عبد الرحمن السقطى روى عنه جزءا عن يزيد بن هارون وهذا السقطى لا يعرف وقد روى عن الدارقطنى انه قال قد حدثنا جماعة عن هذا السقطى الا ان الحكاية عن الدارقطنى لا يثبت
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال كان شيخنا ابو بكر البرقانى قد اخرج فى مسنده الصحيح عن المفيد حديثا واحدا فكان كلما قرئ اعتذر من روايته عنه وذكر ان ذلك الحديث لم يقع اليه الا من جهته فأخرجه عنه وسألته عنه فقال ليس بحجة وقال لنا البرقانى رحلت الى المفيد فكتبت عنه

الموطأ فلما رجعت الى بغداد قال لى ابو بكر بن ابى سعد اخلف الله عليك نفقتك فدفعته الى بعض الناس فأخذت بدله بياضا قال الخطيب روى المفيد الموطأ عن الحسن بن عبيد الله العبدى عن القعنبى فاشار ابن ابى سعد الى ان نفقة البرقانى ضاعت فى رحلته لأن العبدى مجهول لا يعرف وتوفى المفيد فى ربيع الآخر من هذه السنة
232 - محمد بن احمد
ابن ابى مسلم واسمه محمد بن على بن مهران ابو الحسن الاصبهانى فى الاصل سمع الباغندى وطبقته روى عنه ابنه ابو احمد عبيد الله بن محمد الفرضى وكان ثقة
233 - محمد بن عبيد الله

ابن الشخير ابو بكر روى عن الباغندى والبغوى وغيرهما وكان ثقة امينا توفى
فى رجب هذه السنة
234 - محمد بن اسمعيل
ابن العباس بن محمد بن عمر بن مهران بن مسرور ابو بكر المستملى الوراق ولد ببغداد سنة ثلاث وتسعين ومائتين وسمع اباه والباغندى والبغوى وغيرهم روى عنه الدارقطنى والبرقانى والازهرى وغيرهم
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على قال سألت ابا بكر البرقانى عن ابن اسمعيل فقال ثقة تقة وقال ابن ابى الفوارس ابن اسمعيل متيقظ ثقة حسن المعرفة وكانت كتبه قد ضاعت واستحدث من كتب الناس فيه بعض التساهل قال وحدثنى الازهرى قال كان ابن اسمعيل حافظا الاانه لين فى الرواية وذلك ان ابا القاسم ابن زوج الحرة كان عنده صحف كثيرة عن يحيى بن صاعد من مسنده وجموعه وكان ابن اسمعيل شيخا فقيرا يحضر دار ابى القاسم كثيرا فقال له ان هذه الكتب كلها سماعى من ابن صاعد فقرأها عليه ابو القاسم من غير ان يكون سماعه فيها ولاله اصول بها قال الخطيب وقد اشتريت قطعة من تلك الكتب فرأيت الامر

فيها على ما حكى لى الازهرى لم اجد لابن اسمعيل سماعا فيها ولا رأيت علامات الاصلاح والمعارضة فى شىء منها
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى ابو الحسين احمد بن عمر القاضى قال سمعت ابا بكر بن اسمعيل الوراق يقول دققت على ابى محمد بن صاعد بابه فقال من ذا فقلت انا ابو بكر بن ابى على يحيى هاهنا فسمعته يقول للجارية هاتى النعل حتى اخرج الى هذا الجاهل الذى يكنى نفسه ويكنى اباه ويسمينى انا فأصفعه قال الخطيب ذكرت هذه الحكاية لبعض شيوخنا فقال كان فى ابن اسمعيل سلامة توفى ابن اسمعيل يوم الاحد لاثنتى عشرة بقين من ربيع الآخر من هذه السنة
235 - محمد بن محمد ابن احمد بن اسحاق ابو احمد الحافظ القاضى امام عصره فى صنعة الحديث سمع بنيسابور ابا بكر بن خزيمة وابا العباس الثقفى واقرانهما وخرج الى طبرستان والرى وبغداد والكوفة والحجاز والجزيرة والشام وسمع من اشياخها وصنف كتبا كثيرة وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة وهو ابن ثلاث وتسعين سنة ودفن فى داره موضع جلوسه للتصنيف عند كتبه
236 - محمد بن العباس ابن احمد بن محمد بن عصم ابو عبد الله بن ابى ذهل الضبى ويعرف بالعصمى سمع بهراة ونيسابور والرى وبغداد من خلق كثير سمع منه الدارقطنى والبرقانى وكان ثبتا ثقة رئيسا من ذوى الاقدار كثير الافضال على الفقهاء والقراء وكانت تضرب له دنانير فى كل دينار دينار ونصف واكثر فيتصدق بها ويقول ان الفقير يفرح اذا ناولته كاغذافيتوهم ان فيه فضة ثم يفتحه فيفرح اذا رأى صفرة الدينار ثم يزنه فيفرح اذا زاد على المثقال استشهد العصمى برستاق من رساتيق نيسابور فى هذه السنة واوصى ان يحمل تابوته الى هراة فحمل ثم قبر

237 - مطرف بن الحسين
ابن احمد ابو على الاستراباذى سمع أباه وجده وخلقا كثيرا وكان فاضلا عالما دينا ظريفا يرجع اليه فى المعضلات من المسائل توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة

سنة
ثم دخلت سنة تسع وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر فى المحرم بأن ابن الجراح الطائى خرج على الحاج بين سميراء وفيد ونازلهم ثم صالحهم على ثلثمائة الف درهم وشىء من الثياب المصرية والامتعة اليمنية فأخذه وانصرف
وفيها انتقل السلطان شرف الدولة الى قصر معز الدولة بباب الشماسية لأن الاطباء اشاروا عليه وزعموا ان الهواء هناك اصح وكان قد ابتدأ به المرض من سنة ثمان وسبعين من فساد مزاج فشغب الديلم وطلبوا ارزاقهم فعاد الى داره وراسلهم وقبض على جماعة اتهموا بالسعى فى الفساد
وفى يوم الاثنين لثمان بقين من جمادى الآخرة انفذ الطائع لله الرئيس ابا الحسن على بن عبد العزيز بن حاجب النعمان كاتبه الى دار القادر بالله وهو امير ليقبض عليه فهرب منه وكان السبب انه لما توفى اسحاق بن المقتدر والد القادر جرت بين القادروبين آمنة اخته بنت معجبة منازعة فى ضيعة واتفق ان عرض للطائع علة صعبة ثم ابل منها فسعت آمنة بالقادر الى الطائع وقالت انه شرع فى تقلد الخلافة الخلافة عند مرضك وراسل ارباب الدولة فظن ذلك حقا فتغير رأيه فيه وانفذ ابن حاجب النعمان فى جماعة للقبض عليه وكان يسكن الحريم الطاهرى فقالوا امير المؤمنين يستدعيك فقام وقال له الى ان البس ثيابا تصلح للقاء الخليفة فعلق به ومنعه فعرف الحرم ما يراد به فانتزعوه من يده وبادر الى سرداب فتخلص منهم فعادوا الىالطائع وعرفوه الصورة وانحدر القادر بالله الى

البطيحة فأقام بها عند مهذب الدولة الى ان قبض بهاء الدر ولة على الطائع واظهر أمر القادر
وفى جمادى الاولى زاد مرض شرف الدولة وتوفى وعهد الى ولده ابى نصر فاجتمع العسكر وطالبوه برسم البيعة فخوطبوا فى ان يقنع كل واحد بخمسمائة درهم والى ستمائة فأبوا فخاطبهم ابو نصر واعلمهم خلو الخزائن ووعدهم ان يكسروا الاوانى ويعطيهم وتردد بين ابى نصر وبين الطائع مراسلات انتهت الى ان حلف كل واحد منهما لصاحبه على التصافى وصحة العقيدة وكل ذلك فى يوم السبت سادس جمادى الآخرة وركب الطائع لله الطيار وسار الى دار المملكة بالمخرم لتعزية ابى نصر والشطان منغصان بالنظارة فنزل الامير ابو نصر متشحا بكساء طبرى والديلم والاتراك بين يديه وحواليه الى المشرعة التى قدم اليها الطيار وقبل الارض وقبلها العسكر بتقبيله وصعد الرئيس ابو الحسن على بن عبد العزيز الى الامير ابى نصر فأدى اليه رسالة الطائع بالتعزية فقبل الارض ثانيا وشكر ودعا فعاد ابو الحسن الى الطائع فاعلمه شكره ودعاءه وعاود الصعود الى ابى نصر لوداعه عن الطائع لله تقبل الارض ثالثا وانحدر الطيار على مثل ما اصعد ورجع الامير ابو نصر الى داره فلما كان يوم السبت عاشر هذا الشهر ركب الامير ابو نصر الى حضرة الطائع وحضر الاشراف والفقهاء وجلس الطائع لله فى الرواق الذى فى صحن السلام متقلداسيفا وادخل السلطان الى بيت فى جانب الرواق مما يلى دجلة وخلع عليه فيه الخلع السلطانية وخرج وعليه سبع طاقات اعلاها سواد وعلى رأسه عمامة سوداء وفى عنقه طوق كبير وفى يده سواران ومشى الحجاب بين يديه بالسيوف والمناطق فلما حصل بين يدى الطائع قبل الارض فأومأ اليه الطائع بالجلوس وطرح له كرسى فقبل الارض دفعة ثانية وجلس وقرأ ابو الحسن على بن عبد العزيز عهده وقدم الى الطائع لواءاه حتى عقدهما بيده ولقب بهاء الدولة وضياء الملة فسار بين يديه العسكر كله الى باب الشماسية فى القباب المنصوبة وانحدر فى الطيار الى

دار المملكة وأقر الوزير ابا منصور ابن صالحان على الوزارة وخلع عليه
وفى هذه السنة عمر مهذب الدولة على بن نصر السقايات بواسط فغرم عليها ستة آلاف وفيها بنى جامع القطيعة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على قال حدثنى هلال بن المحسن الكاتب ان الناس تحدثوا فى سنة تسع وسبعين وثلثمائة بأن امرأة من اهل الجانب الشرقى رأت فى منامها النبى صلى الله عليه و سلم كأنه يخبرها بأنها تموت من غد عصرا وانه يصلى فى مسجد بقطيعة ام جعفر من الجانب الغربى فى القافلائين ووضع كفه فى حائط القبلة وانها ذكرت هذه الرؤية عند انتباهها من نومها فقصد الموضع ووجد اثر الكف وماتت المرأة فى ذلك الوقت وعمر المسجد ووسعه ابو احمد الموسوى بعد ذلك وبناه واستأذن الطائع لله فى أن يجعل مسجدا يصلى فيه الجمعات واحتج بأنه من وراء خندق يقطع بينه وبين البلد ويصير به ذلك السقع بلدا آخر فأذن له فى ذلك وصار جامعا يصلى فيه الجمعات

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
238 - الحسين بن احمد ابن محمد بن دينار بن موسى ابو القاسم الدقاق ولد فى ربيع الاول سنة اربع وثلثمائة سمع البغوى وابن أبى داود روى عنه ابو محمد الحلال قال الازهرى كان ثقة وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة
239 - شرف الدولة ابن عضد الدولة كان يميل الى الخير وازال المصادرات وكان مرضه الاستسقاء وفساد المزاج فامتنع من الحمية ووافق هواه فى التخليط فتوفى عصر يوم الجمعة ثانى جمادى الآخرة من هذه السنة وحمل الى المشهد بالكوفة فدفن فى تربة عضد الدولة وكان مدة عمره ثمانى وعشرين سنة وخمسة اشهر ومدة ملكه

ببغداد سنتين وثمانية اشهر
240 - طاهر بن محمد ابن سهلوية بن الحارث بن يزيد بن بحر ابو الحسين النيسابورى قدم بغداد حاجا وحدث بها عن جماعة روى عنه الازهرى والخلال وكان ثقة عدلا مقبول الشهادة عند الحكام توفى فى هذه السنة ببغداد وله سبعون سنة
241 - محمد بن اسحاق ابن ابراهيم بن يزيد بن مهران ابو بكر الصفار الضرير ولد فى شوال سنة تسع وثمانين ومائتين سمع البغوى وغيره وروى عنه الدارقطنى والتنوخى وقال سمعت منه فى سنة احدى وسبعين وقال البرقانى شيخ ثقة فاضل اصله من الشام
242 - محمد بن احمد
ابن ابى طالب على بن محمد بن محمد بن الجهم الكاتب يكنى ابا الفياض حدث عن البغوى وغيره
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال ذكر ابن ابى الفوارس ابا الفياض فقال كان فيه تساهل فى الحديث وقال لى ابو على ابن المذهب مات ابو الفياض يوم الاربعاء التاسع عشر من ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وثلثمائة وكان ابوه قد مات قبله بخمسة ايام وماتت والدته بعد ابيه بيومين
243 - محمد بن احمد

ابن على ابو الفتوح المعروف بالحداد
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال كان هذا الرجل يورق بالأجرة وحدث عن احمد بن سليمان النجاد وابى بكر الشافعى وعلى بن

ابراهيم بن حماد القاضى وغيرهم حدثنا عنه القاضى ابو الحسين بن المهتدى وقال لى كان عبدا صالحا واثنى عليه ثناء حسنا
244 - محمد بن احمد
ابن العباس بن احمد بن خلاد ابو جعفر السلمى نقاش الفضة ولد للنصف من جمادى الاولى سنة اربع وتسعين ومائتين وسمع الباغندى والبغوى وابن صاعد وابن مجاهد فى آخرين
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال سألت الأزهرى عن ابى جعفر النقاش فقال ثقة قال وكان احد المتكلمين على مذهب الاشعرى ومنه تعلم ابو على بن شاذان الكلام
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا العتيقى قال سنة تسع وسبعين وثلثمائة فيها توفى ابو جعفر النقاش لست خلون من المحرم وكان ثقة
245 - محمد بن جعفر
ابن العباس بن جعفر ابو بكر النجاد سمع محمد بن هارون المجدر وابا حامد الحضرى وابن صاعد وابا بكر النيسابورى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا عنه الحسن بن محمد الخلال وذكر لى انه كان يلقب غندرا قال وكان ثقة فهما يحفظ القرآن حفظا حسنا وتوفى فى محرم هذه السنة
246 - محمد بن جعفر ابن محمد بن عبد الكريم بن بديل ابو الفضل الخزاعى الجرجانى قدم بغداد وحدث بها عن يوسف بن يعقوب النجيرمى وابى بكر الاسماعيلى وغيرهما وروى عنه التنوخى

اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال كان الخزاعى شديد العناية بعلم القراءات ورأيته له مصنفا يشتمل على أسانيد القراءات المذكورة فيه على عدة من الاجزاء فأعظمت ذلك واستنكرته حتى ذكر لى بعض من يعتنى بعلوم القرآن انه كان يختلط تخليطا قبيحا ولم يكن على ما يرويه مأمونا وحكى لى القاضى ابو العلاء الواسطى عنه انه وضع كتابا فى الحروف ونسبه الى ابى حنيفة قال ابو العلاء فأخذت خط الدارقطنى وجماعة من اهل العلم بأن ذلك الكتاب موضوع لا اصل له فكبر ذلك عليه وخرج من بغداد الى الجبل ثم بلغنى ان حاله اشتهرت عند اهل الجبل وسقطت هناك منزلته قال ابو العلاء كتبت عنه بواسط وذكر لى ان اسمه كميل ثم غير اسمه بعد وتسمى محمدا
247 - محمد بن المظفر
ابن موسى بن عيسى بن محمد بن عبد الله بن سلمة بن اياس ابو الحسين البزاز ولد فى محرم سنة ست وثمانين ومائتين واول سماعه للحديث فى محرم سنة ثلثمائة سافر الكثير سمع بحران ودمشق ومصر وبغداد وروى عن ابن جرير والبغوى وخلق كثير وروى عنه الدارقطنى وابن شاهين والخلال والازهرى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى ابو بكر البرقانى قال كتب الدارقطنى عن ابن مظفر الف حديث والف حديث والف حديث فعده ذلك مرات حدثنا عبد الرحمن ثنا احمد بن على قال حدثنى محمد بن عمر ابن اسمعيل القاضى قال رأيت اباالحسن الدارقطنى يعظم ابا الحسين بن المظفر ويجله ولا يستند بحضرته وقد روى عنه أشياء كثيرة
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على قال اخبرنى احمد بن على المحتسب قال اخبرنا محمد بن ابى الفوارس قال كان محمد بن المظفر ثقة امينا مأمونا حسن الحفظ وانتهى اليه الحديث وحفظه وعلمه وكان قديما ينتقى على الشيوخ وكان متقدما عندهم توفى ابن المظفر يوم الجمعة ودفن يوم السبت لثلاث خلون من

جمادى الاولى من هذه السنة وقيل توفى فى جمادى الآخرة عن نيف وتسعين

سنة
سنة
ثم دخلت سنة ثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه قلد ابو احمد الحسين بن موسى الموسوى نقابة الطالبيين والنظر فى المظالم وامارة الحاج وكتب عهده على جميع ذلك واستخلف له ولداه المرتضى ابو القاسم والرضى ابو الحسن على النقابة وخلع عليهما من دار الخلافة
وفيها زاد أمر العيارين فى جانبى بغداد مدينة السلام ووقعت بينهم حروب وعظمت الفتنة واتصل القتال بين الكرخ وباب البصرة وصار فى كل حرب امير وفى كل كل محلة متقدم وأخذت الاموال وتواترت العملات واتصلت الكبسات واحرق بعضهم محال بعض وتوسط الشريف ابو احمد الموسوى الأمر
وفيها وقع حريق عظيم نهارا فى نهر الدجاج ورواضعه فذهب من عقار الناس واموالهم شىء كثير
وفى هذه السنة حج بالناس ابو عبد الله احمد بن محمد بن عبيد الله العلوى نيابة عن الشريف ابى احمد الموسوى
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
248 - ابراهيم بن احمد
ابن بشران بن زكريا ابو اسحاق الصيرفى سمع البغوى وابن صاعد وغيرهما
انتقى عليه الدارقطنى وكان ثقة توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
249 - البهلول بن محمد ابن احمد بن اسحاق البهلول بن حسان ابو القاسم التنوخى الانبارى ولد ببغداد

سنة احدى وثلاثين وثلثمائة فسكنها وحدث بها فروى عنه ابو القاسم التنوخى وكان ينزل سكة بالمدينة يعرف بسكة ابى العباس الطوسى وتوفى فى رجب هذه السنة
250 - الحسين بن محمد
ابن الحسين ابو بكر المعروف بابن المحاملى سمع القاضى المحاملى وابن عقدة روى عنه الجوهرى وتوفى فى شعبان هذه السنة
251 - حمدون بن احمد
ابن سلم ابو جعفر السمسار وهو ابن بنت سعدويه الواسطى روى عن جماعة وروى عنه ابو بكر الشافعى ذكره الدارقطنى فقال لا بأس به وتوفى فى صفر هذه السنة
252 - طلحة بن محمد ابن جعفر ابو القاسم الشاهد من قدماء اصحاب ابن مجاهد ولد سنة احدى وتسعين ومائتين وشهد عند ابى السائب القاضى وكان مقدما فى وقته على الشهود وحدث عن البغوى وغيره وكان يذهب الى الاعتزال توفى فى شوال هذه السنة
253 - عبد الله بن محمد ابن احمد بن عقبة ابو محمد القاضى سمع ابا بكر النيسابورى وروى عنه ابو القاسم الازهرى وكان ثقة مأمونا ذا هيئة وتوفى يوم الجمعة وقت طلوع الشمس واخرجت جنازته قبل الصلاة وذلك فى سادس عشر ربيع الاول من هذه السنة
254 - عبيد الله بن محمد

ابن احمد ابو القاسم التوزى حدث عن البغوى روى عنه الأزهرى وكان ثقة

وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
255 - عبيد الله بن عبد الله

ابن محمد ابو القاسم السرخسى التاجر روى عن المحاملى وابن مخلد وانتقل
الى بخارا فأقام بها الىان توفى فى رجب هذه السنة وكان ثقة
256 - عبد الواحد بن محمد
ابن الحسن بن شاذان ابو القاسم سمع البغوى وكان ثقة توفى فى هذه السنة
257 - على بن عمرو
الحريرى حدث عن ابى عروبة وكان ثقة توفى فجاءة وهو يصلى فى ربيع الآخر
258 - محمد بن ابراهيم
ابن حمدان بن ابرهيم بن يونس بن نيطرا ابو بكر قاضى دير العاقول حدث
ببغداد عن جده حمدان و البغوى وابن صاعد وغيرهما
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر الخطيب قال حدثنا عنه الازهرى والتنوخى وسألتهما عنه فقالا ثقة وحدثنى الازهرى قال جاءنا الخبر من دير العاقول ان ابن نيطرا توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة اعنى سنة ثمانين وثلثمائة
259 - يعقوب بن يوسف ابو الفرج وزير صاحب مصر الملقب بالعزيز كان عالى الهمة عظيم الهيبة ناصحا لصاحبه فوض الامر اليه فلما مرض ركب اليه صاحب مصر عائدا فقال يا يعقوب وددت ان تباع فابتاعك بملكى او تفدى فأفديك فهل من حاجة توصى بها فبكى يعقوب وقبل يده ووضعها على عينه وقال اما فيما يخصنى فلا فانك

أرعى لحقى من ان استرعيك وارأف بمخلفى من ان اوصيك ولكن فيا يتعلق بدولتك سالم الروم ما سالموك واقنع من الحمدانية بالدعوة والسكة ولا تبق على المفرج بن دغفل الخراج متى امكنت فيه الفرصة ثم توفى فأمر صاحب مصر أن يدفن فى قصره فى قبة كان بناها لنفسه وحضر جنازته فصلى عليه والحده بيده وحزن واغلق ديوانه اياما سنة 381

ثم دخلت سنة احدى وثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان ابا الحسين محمد بن قاضى القضاة ابى محمد عبيد الله بن احمد ابن معروف قلد ما كان الى ابى بكر من الاعمال وقرىء عهده على ذلك بحضرة ابيه فى داره الشطانية بمشهد من الاشراف والقضاة والفقهاء والوجوه
وفى يوم السبت تاسع عشر رمضان قبض على الطائع فى داره وكان السبب ان ابا الحسن بن المعلم وكان من خواص بهاء الدولة ركب الى الطائع ووصى وقد دخوله ان لا يمنع احد من الحجاب ثم سار بهاء الدولة فى الجيش فدخل وقد جلس الطائع فى صدر الرواق من دار السلام متقلدا سيفا فلما قرب منه بهاء الدولة قبل الأرض وطرح له كرسى فجلس عليه وتقدم اصحاب بهاء الدولة فجذبوا الطائع بحمائل سيفه من سريره وتكاثر الديلم فلف فى كساء وحمل الى بعض الزبازب واصعد به الى الخزانة فى دار المملكة واختلط الناس وقدر أكثر الجيش ومن ليس عنده علم بهذا ان القبض على بهاء الدولة وتشاغلوا بالنهب وأخذ ثياب من حضر من الاشراف والشهود وقبض على ابي الحسن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان فى آخرين الى ان قرر عليهم مال فاستولى منهم واحتيط على الحجر والخزائن والخدم والحواشى وخرست الاخت زوجة الطائع وانصرف بهاء الدولة الى داره واظهر امر القادر بالله ونودى بذلك فى الاسواق وكتب الى الطائع كتاب بخلع نفسه وتسليمه الأمر الى القادر بالله وشهد عليه

الاشراف والقضاة وذلك فى يوم الاحد ثانى يوم القبض وانفذ الى القادر واذن الطائع والكتاب عليه بخلعه نفسه وتسليمه الأمر الى القادر بالله وحث على المبادرة وشغب الديلم والاتراك يطالبون برسم البيعة وخرجوا الى قبر النذور وترددت الرسل بينهم وبين بهاء الدولة ومنعوا من الخطبة باسم القادر فى يوم الجمعة لخمس بقين من الشهر فقيل اللهم اصلح عبدك وخليفتك القادر بالله ولم يسم ثم أرضى الوجوه والاكابر ووقع السكون وأخذت البيعة على الجماعة واتفقت الكلمة على الرضا والطاعة واقيمت الخطبة فى يوم الجمعة الثالث من رمضان باسم القادر وحول من دار الخلافة جميع ما كان فيها من المال والثياب والاوانى والمصاغ والفروش والآلات والعدد والسلاح والخدم والجوارى والدواب والرصاص والرخام والخشب الساج والتماثيل وطاف بهاء الدولة دار الخلافة مجلسا مجلسا واستقراها موضعا موضعا وانتخب للخاصة والعامة فدخلوها وشعثوا ابنيتها وقلعوا من ابوابها وشبابيكها ثم منعوا بعد ذلك وقام مهذب الدولة ابو الحسن على بن نصر الذى كان القادر هرب اليه بالبطائح بتجهيزه وحمل اليه من المال والفروش والآلات اكثر شىء واحسنه واعطاه طيارا كان بناه لنفسه وشيعه فلما وصل الى واسط اجتمع الجند وطالبوه برسم البيعة ومنعوه من اصعاده الا بعد اطلاق مالها وجرت معهم خطوب انتهت الى ان وعدوا باجرائهم مجرى البغداديين فيما يتقرر عليه امورهم فرضوا وسار وكان مقامه بالبطيحة منذ حصل فيها الى ان خرج عنها سنتين واحد عشر شهرا وقيل سنتين واربعة اشهر واحد عشر يوما
اخبرنا محمد بن ابى منصور اخبرنا محمد بن ابى نصر الحميدى اخبرنا ابو الحسن محمد ابن هلال بن المحسن قال اخبرنى ابى قال حدثنى ابو الحسين محمد بن الحسن بن محفوظ قال حدثنى الوزير ابو العباس عيسى بن ماسر جس قال حدثنى ابو القاسم هبة الله ابن عيسى كاتب مهذب الدولة قال لما ورد القادر بالله البطيحة واقام عندنا كنت اغشاه يومين فى كل اسبوع كالنوبة فى خدمته فاذا حضرت تناهى فى الادناء لى

والاحفاء بى والرفع من مجلسى والزيادة فى بسطى واجتهد فى تقبيل يده فيمنعنيها ولا يمكننى منها فاتفق ان دخلت ذلك يوما على رسمى فوجدته متأهبا تأهبا لم اعرف سببه ولا جرت له به عادة ولم أرمنه ما عودنيه من الاكرام والرفع من مجلسى والاقبال على والبسط وجلست دون موضعى فما انكر ذلك منى ورمت تقبيل يده فمدها الى وشاهدت من امره وفعله ما اشتد وجومى له واختلفت فى الظنون فيه وقلت له عند رؤيتى ما رأيته وانكارى ما أنكرته أيؤذن لى فى الكلام قال قل قلت أرى اليوم من الانقباض عنى ما قد اوحشنى وخفت ان يكون لزلة كانت منى فان يكن ذلك فمن حكم التفضل اشعارى به لأطاب بالعذر مخرجا منه واستعين بالاخلاق الشريفة فى العفو عنه فأجابنى بوقار اسمع اخبرك رأيت البارحة فى منامى كأن نهركم هذا وأومأ الى نهر الصليق قد اتسع حتى صار فى عرض دجلة دفعات وكأننى متعجب من ذلك وسرت على ضفتيه متاملا لأمره ومستظرفا لعظمه فرأيت دستاهيج قنطرة فقلت ترى من قد حدث نفسه بعمل قنطرة فى هذا الموضع وعلى هذا البحر الكبير وصعدته وكان وثيقا محكما ومددت عينى فاذا بازائه مثله فزال عنى الشك فى انهما دستاهيج قنطرة واقبلت اصعد واصوب فىالتعجب وبينا انا واقف عليه رأيت شخصا قد قابلنى من ذلك الجانب الآخر ونادانى يا احمد تريد ان تعبر قلت نعم فمد يده حتى وصلت الى وأخذنى وعبرنى فهالنى امره وفعله وقلت له وقد تعاظمنى امره من انت قال على بن ابى طالب وهذا الامر صائر اليك ويطول عمرك فيه فأحسن فى ولدى وشيعتى فما انتهى الخليفة الى هذا المكان حتى سمعنا صياح الملاحين وضجيج ناس فسألنا عن ذلك فقيل ورد ابو على الحسن بن محمد بن نصر ومعه جماعة واذا هم الواردون للاصعاد به وقد تقررت الخلافة له وانفذ اليه معهم قطعة من اذن الطائع لله فعاودت تقبيل يده ورجله وخاطبته بامرة المؤمنين وبايعته وكان من اصعاده واصعادى معه ما كان قال هلال وجدت كتابا كتبه القادر بالله من الصليق الى بهاء الدولة نسخته

بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله احمد الامام القادر بالله امير المؤمنين الى بهاء الدولة وضياء الملة ابى نصر بن عضد الدولة وتاج الملة مولى امير المؤمنين سلام عليك فان امير المؤمنين يحمد اليك الله الذى لا اله الا هو ويسأله ان يصلى على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه و سلم تسليما اما بعد اطال الله بقاءك وادام عزك وتأييدك واحسن امتاع امير المؤمنين بك وبالنعمة فيك وعندك فان كتابك الوارد فى صحبة الحسن بن محمد بن نصر رعاه الله عرض على امير المؤمنين تاليا لما تقدمه وشافعا ما سبقه ومتضمنا مثل ما حواه الكتاب قبله من اجماع المسلمين قبلك الخاص والعام بمشهد منك على خلع العاصى المتلقب بالطائع عن الامامة ونزعه عن منصب الخلافة لبوائسه المستمرة وسوء نيته المدخولة ولشهادته على نفسه بنكوله وعجزه وابرائه الكافة من بيعته وخروجهم من عهده وذمته ومبادرة الكبير والصغير الى المبايعة لامير المؤمنين واصفاقهم واتفاقهم عليها بانشراح فى صدورهم وانفساح من آمالهم واستتباب ذلك بتلطفك من حسن الارتياد للمسلمين وانتظامه بغضبك لله ولامير المؤمنين حتى ناديت بشعاره فى الآفاق واقمت الدعوة لله فى الاقطار ورفعت من شأن الحق ما كان العاصى خفضه وقمت من عماد الدين ما كان المخلوع رفضه ووقف امير المؤمنين على ذلك كله واحاط علمه بجميعه ووجدك ادام الله تأييدك قد انفردت بهذه المأثرة واستحققت بها من الله تعالى جليل الاثرة ومن امير المؤمنين سنى المنزلة وعلى المرتبة وكانت هذه المنزلة عليك موقوفة كما كانت الظنون فيها اليك مصروفة حتى فزت بها ما يقابلك فى الدنيا ذكره وفخره وفى الآخرة ثوابه واجره فأحسن الله عن هذه الافعال مكافأتك واجزل عاجلا وآجلا مجازاتك وشملك من توفيقه وتسديده ومعونته وتأييده بما يديم نصر امير المؤمنين بك وظفره على يدك وجعلك ابدا مخصوصا بفضل السابقة فى ولائه متوحدا بتقدم القدم فى اصفائه فقد اصبحت وامسيت سيف امير المؤمنين لأعدائه

والحاظى دون غيرك بجميل رأيك والمستبد بحماية حوزته ورعاية رعيته والسفارة بينه وبين ودائع الله عنده وقد برزت راية امير المؤمنين عن الصليق متوجهة نحو سريره الذى حرسته ومستقر عزه الذى شيدته ودار مملكته التى انت عمادها ورحى دولته التى انت قطبها معتقدا لك ما يعتقد فى المخلص طاعة ومشايعة والمهذب نية وطوية من صنوف الاختصاص الذى لا يضرب معك فيه بسهم دان ولا قاص وتوفى على كل سالف ويفوت كل انف ويعجز كل مناو ويفحم كل مسام ومساو ولا يبقى احد الا علم انه منزاح عنك غير متواز لك فأحببت لمحلك وقصر خطأه عن مجازاتك ووقع دون موقعك وتزحزح لك عن موضعك وقد وجد امير المؤمنين الحسن بن محمد بن نصر كلأه الله مصدقا بفعله وصفك محققا ثناءك مستوجبا لما اهلته ورشحته للقيام به من المسيرفى خدمته والحقوق فيما يبديه له وعلم امير المؤمنين انك لم تتلقه الا بأوثق خواصك فى نفسك واوفرهم عندك فاحمد فى ذلك اعتمادك واضافه الى سوالف امثاله منك فاعلم ذلك ادام الله تأييدك واجر على عادتك الحسناء وطريقتك المثلى فى النيابة تبقى وواصل حضرة امير المؤمنين بالانهاء والمطالعة ان شاء الله والسلام عليك ورحمة الله وبركاته كتب ليلة الاحد لثلاث ليال بقين من شعبان سنة احدى وثمانين وثلثمائة

باب ذكر خلافة القادر بالله
واسمه احمد بن اسحاق بن المقتدر ويكنى ابا العباس واسم امه تمنى مولاة عبد الواحد بن المقتدر وكانت من اهل الدين ولد فى يوم الثلاثاء التاسع من ربيع الاول سنة ست وثلاثين وثلثمائة وتقلد الخلافة بعد أن قبض الطائع وخلع وكان القادر حسن الطريقة كثير المعروف ماثلا الى الخير والتدين ولما رحل القادر عن البطيحة فوصل الى جبل فى عاشر رمضان وانحدر بهاء الدولة ووجوه الأولياء واماثل الناس لاستقباله فدخل دار الخلافة ليلة الاحد

ثانى عشر رمضان سنة احدى وثمانين وجلس من الغد جلوسا عاما وهنىء وأنشد بين يديه المديح ومن ذلك قصيدة الرضى التى اولها ... شرف الخلافة يا بنى العباس ... اليوم جدده ابو العباس ... ذا الطود ابقاه الزمان ذخيرة ... من ذلك الجبل العظيم الراسى ...
وحمل الى القادر بعض الفروش والآلات المأخوذة من الطائع واستكتب له ابو الفضل محمد بن احمد الديلمى وجعل استاذ الدار عبد الواحد بن الحسين الشيرازى وفى يوم الخميس لتسع بقين من شوال جمع الاشراف والقضاة والشهود فى مجلس القادر حتى سمعوا يمينه لبهاء الدولة بالوفاء وخلوص النية ولفظه بتقليده ما وراء بابه مما تقام فيه الدعوة وذلك بعد أن حلف له بهاء الدولة على صدقه والطاعة والقيام بشروط البيعة

ذكر طرف من سيرة القادر بالله
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت الخطيب قال رأيت القادر دفعات وكان ابيض حسن الجسم كث اللحية طويلها يخضب وكان من اهل الستر والديانة وادامة التهجد بالليل وكثرة البر والصدقات على صفة اشتهرت عنه وعرف بها عند كل أحد مع حسن المذهب وصحة الاعتقاد وكان صنف كتابا فيه الاصول ذكر فيه فضائل الصحابة على ترتيب مذهب اصحاب الحديث واورد فى كتابه فضائل عمر بن عبد العزيز وافكار المعتزلة والقائلين بخلق القرآن وكان الكتاب يقرأ فى كل جمعة فىحلقة اصحاب الحديث بجامع المهدى ويحضر الناس سماعه ذكر محمد بن عبد الملك الهمدانى ان القادر بالله كان يلبس زى العوام ويقصد الاماكن المعروفة بالبركة كقبر معروف وتربة ابن بشار وقال الحسين بن هارون القاضى كان بالكرخ يتيم لم يثبت رشده وله دكان كثير النعمة وأمرنى ابن حاجب النعمان ان افك عنه الحجر ليبتاع صاحب له الدكان منه فلم افعل فأنفده يستدعينى فقلت لغلامه تقدمنى حتى اعبر ففعل فجئت الى قبر معروف فدعوت الله ان يكفينى امره وجئت

الى قبر ابن بشار ففعلت ذلك فرآنى شيخ فقال ايها القاضى على من تدعو فقلت على ابن حاجب النعمان امرنى بكذا وكذا فأمسك الشيخ عنى وعبرت الى ابن حاجب النعمان فجعل يخاطبنى خطابا غليظا فى فك الحجر عن الصبى ولا يقبل منى عذرا واذا قد اتاه خادم بتوقيع ففتحه وقرأه وتغير لونه ثم عدل من الغلظة الى الاعتذار وقال كتبت الى الخليفة قصة فقلت لا فعلمت ان الشيخ كان القادر بالله وانه عبر الى داره فوقع اليه بما اوجب اعتذاره قال وكان القادر يوصل الرسوم فى كل سنة الى أربابها من غير ان يكتب احد منهم قصة فان كان احد منهم قد مات اعيد ما يخصه الى ورثته وبعث يوما الى ابن القزوينى الزاهد ليسأله ان ينفذ اليه من طعامه الذى يأكله قال ابن الهمذانى فأنفذ ابن القزوينى طبقا من الخلاف فيه غضائر لطاف فيها باذنجان مقلو وخل وباقلاء ودبس وعلى ذلك رغيفان من خبز البيت وشدد ذلك فى مئزر قطن فتناول الخليفة من كل لون منه وفرق الباقى وبعث الى ابن القزوينى مائتى دينار فلما كان بعد ايام انفذ الخليفة بالفراش يلتمس من ابن القزوينى انفاذ شىء من افطاره فأنفذ طبقا جديدا وفيه زبادى جياد وفيها فراريج وقطعة فالوذج وخبز سميذ ودجاجة مشوية وقد غطى ذلك بفوطة جديدة فلما وصل ذلك الى الخليفة تعجب وقال قد كلفنا الرجل مالم تجربه عادته فانفذ اليه لم يكن بك حاجة الى الكلفة فقال ما تكلفت وانما اعتمدت ما أمرنى الله به اذا وسع الله على وسعت على نفسى واذا ضيق ضيقت وقد كان من انعام امير المؤمنين ما عدت به على نفسى وجيرانى فتعجب القادر بالله من دينه وعقله ولم يزل يواصله بالعطاء وكان القادر يقسم الطعام الذى يهيألافطاره ثلاثة اقسام فقسم يتركه بين يديه وقسم يحمل الى جامع الرصافة وقسم الى جامع المدينة فيفرق على المجاورين فاتفق ان الفراش حمل الى جامع المدينة جونة فيها طعام ففرقه على المنقطعين فأخذوا الاشاب فانه رد ذلك فلما صلوا صلاة المغرب صلى الفراش معهم فرأى ذلك الشاب قد خرج من الجامع فتبعه فوقف على باب

فاستطعم فأطعموه كسيرات فأخذها وعاد الى الجامع فتعلق به الفراش وقال ويحك الا تستحى ينفذ اليك خليفة الله فى ارضه بطعام حلال فترده وتخرج فتستطعم من الابواب فقال والله ما رددته الالأنك عرضته على قبل الافطار وكنت غير محتاج اليه حينئذ فلما جاء وقت الافطار استطعمت عند الحاجة فعاد الفراش فأخبر القادر فبكى وقال له راع مثل هذا واغتنم أجره واقم الى وقت الافطار وادفع اليه ما يفطر عليه
حدثنا ابراهيم بن دينار الفقيه قال حدثنى ابو سعد عبد الوهاب بن حمزة باسناد له عن ابى الحسن الابهرى قال بعثنى بهاء الدولة من الأهواز فىرسالة الى القادر بالله فلما اذن لى فى الدخول عليه سمعته ينشد هذه الأبيات ... سبق القضاء بكل ما هو كائن ... والله يا هذا لرزقك ضامن ... تغنى بما تكفى وتترك ما به ... تعيى كأنك للحوادث آمن ... اوما ترى الدنيا ومصرع اهلها ... فاعمل ليوم فراقها يا خائن ... واعلم بانك لا ابا لك في الذى ... اصبحت تجمعه لغيرك خازن ... يا عامر الدنيا أتعمر منزلا ... لم يبق فيه مع المنية ساكن ... الموت شئ انت تعلم انه ... حق وانت بذكره متهاون ... ان المنية لا تؤامر من اتت ... فى نفسه يوما ولا تستأذن ...
فقلت الحمد لله الذى وفق امير المؤمنين لانشاء مثل هذه الابيات وتدبر معانيها والعمل بمضمونها فقال يا ابا الحسن بل لله المنة علينا اذ الهمنا بذكره ووفقنا لشكره ألم تسمع الى قول الحسن البصرى وقد ذكر عنده اهل المعاصى فقال هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم وفى ذى القعدة لقب القادر بالله بهاء الدولة بغياث الأمة وخطب له بذلك على المنابر مضافا الى القابه
ونقل بهاء الدولة اخته زوجة الطائع لله الى دار بمشرعة الصخر واقام لها اقامات كافية واقطعها اقطاعات فلم تزل كذلك حتى ماتت
وفى يوم الثانى عشر من ذى الحجة وهو يوم الغدير جرت فتنة بين اهل الكرخ

وباب البصرة واستظهر أهل باب البصرة وخرقوا اعلام السلطان فقتل يومئذ جماعة اتهموا بفعل ذلك وصلبوا على القنطرة فقامت الهيبة وارتدعوا وفى هذه السنة حج بالناس ابو الحسن محمد بن الحسن بن يحيى العلوى وكذلك سنة اثنتين وثلاث وكان امير مكة ابو الفتوح الحسن بن جعفر العلوى فاتفق ان ابا القاسم بن المغربى حضر عند حسان بن المفرج بن الجراح الطائى فحمله على مباينة العزيز صاحب مصر وقال لا مغمز فى نسب ابى الفتوح والصواب ان تنصبه اماما فوافقه ومضى المغربى الى مكة فأطمع ابا الفتوح فى الملك وسهل عليه الأمر فاصفى الى قوله وبايعه شيوخ الحسنيين وحسن له ابو القاسم المغربى ان أخذ قبلة البيت وما فيه من فضة وضربه دراهم فاتفق انه توفى بجدة رجل يعرف بالمطوعى وعنده اموال للهند والصين وخلف مالا عظيما فأوصى لابى الفتوح بمائة الف دينار ليصون بها تركته والودائع التى عنده فحمله المغربى على الاستيلاء على التركة فخطب لنفسه بمكة وتسمى بالراشد بالله وصار لاحقا بآل الجراح فلما قرب من الرملة تلقاه العرب وقبلوا الارض بين يديه وسلموا عليه بأمير المؤمنين ولقيهم راكبا على فرس متقلدا سيفا زعم انه ذو الفقار وفى يده قضيب ذكر انه قضيب رسول الله صلى الله عليه و سلم وحوله جماعة من بنى عمه وبين يديه الف عبد اسود فنزل الرملة ونادى بايضاء العدل والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فبلغ العزيز هذا فانزعج وكتب الى حسان ملطفات وبذل له بذولا كثيرة وآل المفرج واستمال آل الجراح كلهم وحمل الى اولاد المفرج اموالا جزيلة حتى فلهما عن ذلك الجمع وكتب الى ابن عم ابى الفتوح فولاه الحرمين وانفذ له ولشيوخ بنى حسن مالا وكان حسان قد انفذ والدته الى مصر بتذكرة تتضمن اعراضا له وسأل فى جملتها ان يهدى له جارية من اماء القصر فأجابه العزيز الى ما سأل وبعث اليه خمسين الف دينار واهدى له جارية

جهزها بمال عظيم فعادت والدته بالرغائب له ولأبيه فسر بذلك واظهر طاعة العزيز ولبس خلعة وعرف ابو الفتوح الحال فأيس معها من نفسه وركب الى المفرج مستجيرا به وقال انما فارقت نعمتى وابديت للعزيز صفحتى سكونا الى ذمامك وانا الآن خائف من غدر حسان فأبلغنى مأمنى وسيرنى الى وطنى فرده الى مكة وكاتب العزيز صاحب مصر واعتذر اليه فعذره

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
260 - احمد بن محمد
ابن الفضل بن جعفر بن محمد بن الجراح ابو بكر الخزاز روى عن جماعة منهم ابن دريد وابن الانبارى وكان ثقة صدوقا فاضلا اديبا كثير الكتب ظاهر الثروة اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت الخطيب حدثنا التنوخى قال كان ابو بكر الجراح يقول كتبى بعشرة آلاف درهم وجاريتى بعشرة آلاف درهم وسلاحى بعشرة آلاف درهم ودوابى بعشرة آلاف درهم قال التنوخى وكان احد الفرسان يلبس اداته ويركب فرسه ويخرج الى الميدان ويطارد الفرسان فيه توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
261 - احمد بن الحسين
ابن مهران ابو بكر المقرئ توفى فى شوال هذه السنة انبأنا زاهر بن طاهر اخبرنا احمد بن الحسين البيهقى اخبرنا ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال توفى ابو بكر احمد بن الحسين بن مهران المقرئ يوم الاربعاء سابع عشرين شوال سنة احدى وثمانين وثلثمائة وهو ابن سنه وثمانين سنة وتوفى فى ذلك اليوم ابو الحسن العامرى صاحب الفلسفة قال فحدثنى عمر بن احمد الزاهد قال سمعت الثقة من اصحابنا يذكر انه رأى ابا بكر احمد بن الحسين بن مهران فى المنام فى الليلة التى دفن فيها قال فقلت له ايها الاستاذ ما فعل الله بك فقال ان الله عز و جل اقام ابا الحسن العامرى بازائى وقال هذا فداءك من النار

الحسين بن عمر
ابن عمران بن حبيش ابو عبد الله الضراب ويعرف بابن الضرير ولد سنة تسع وتسعين ومائتين فروى عن الباغندى وروى عنه الازهرى والتنوخى وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة وكان ثقة
263 - عبيد الله بن احمد
ابن معروف ابو محمد ولد سنة ست وثلثمائة وولى قضاء القضاة ببغداد وحدث عن ابن صاعد وغيره روى عنه الخلال والازهرى وابو جعفر بن المسلمة وكان من العلماء الثقات العقلاء الفطناء الألباء وكان وسيم المنظر مليح الملبس مهيبا عفيفا عن الاموال
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا الخطيب قال سمعت ابا القاسم التنوخى يقول كان الصاحب ابو القاسم ابن عباد يقول كنت اشتهى ان ادخل بغداد واشاهد جراءة محمد بن عمر العلوى وتنسك ابى احمد الموسوى وظرف ابى محمد بن معروف اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على اخبرنا العتيقى قال كان لأبى محمد بن معروف فى كل سنة مجلسان يجلس فيهما للحديث اول يوم المحرم واول يوم من رجب ولم يكن له سماع كثير وكان مجردا فى مذهب الاعتزال وكان عفيفا نزها فى القضاء لم ير مثله فى عفته ونزاهته توفى فى صفر سنة احدى وثمانين وثلثمائة وصلى عليه فى داره ابو احمد الموسوى وكبر عليه خمسا ثم حمل الى جامع المنصور وصلى عليه ابنه وكبر عليه اربعا ثم حمل الى داره على شاطىء دجلة فدفن فيها
264 - عبيد الله بن عبد الرحمن ابن محمد بن محمد بن عبيد الله بن سعد بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ابو الفضل الزهرى ولد سنة تسعين ومائتين وسمع جعفر بن محمد الفريابى وابا القاسم وخلقا كثيرا روى عنه البرقانى والخلال والازهرى وكان ثقة من الصالحين اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا العتيقى قال سمعت ابا الفضل

الزهرى يقول حضرت مجلس جعفر بن محمد الفريابى وفيه عشرة آلاف رجل فلم يبق غيرى وجعل يبكى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا التنوخى سأل ابي ابا الحسن الدارقطنى وانا اسمع عن ابى الفضل الزهرى فقال هو ثقة صدوق صاحب كتاب وليس بينه وبين عبد الرحمن بن عوف الا من قد روى عنه الحديث ثم قال الخطيب حدثنا الصورى قال حدثنى بعض الشيوخ انه حضر مجلس القاضى ابى محمد بن معروف يوما فدخل ابو الفضل الزهرى وكان ابو الحسين بن المظفر حاضرا فقام عن مكانه وأجلس ابا الفضل فيه ولم يكن ابن معروف يعرف ابا الفضل فاقبل عليه ابن المظفر فقال ايها القاضى هذا الشيخ من ولد عبد الرحمن بن عوف وهو محدث وآباؤه كلهم محدثون الى عبد الرحمن ابن عوف ثم قال ابن المظفر حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد الزهرى والد هذا الشيخ وحدثنا فلان عن ابيه محمد بن عبيد الله وحدثنا فلان عن جده عبيد الله بن سعد ولم يزل يروى لكل واحد من آباء ابى الفضل حديثا حتى انتهى الى عبد الرحمن بن عوف توفى ابو الفضل فى ربيع الاخر من هذه السنة
265 - يحيى بن محمد

ابن الروزبهان ابو زكريا يعرف بالدنبائى جد عبيد الله بن احمد بن عثمان
الصيرفى لأمه من اهل واسط
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنا عنه ابن بنته ابو القاسم الازهرى قال سمعته يقول ما رفعت ذيلى على حرام قط
سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان ابا الحسن على بن محمد الكوكبى المعلم كان قد استولى على امور

السلطان كلها ومنع اهل الكرخ وباب الطاق من النوح فى عاشوراء وتعليق المسوح ووقع من قبله ايضا باسقاط جميع من قبل من الشهود بعد ابن محمد بن معروف وان لا يقبل فى الشهادة الا من كان ارتضاه وكان السبب فى هذا انه لما توفى ابن معروف كثر قبول الشهود بالبذل والشفاعات حتى بلغت عدة الشهود ثلثمائة وثلاثة انفس فقيل لابى الحسن متى تكلمت فى هذا حصل لك منهم جملة فوقع بذلك ثم عادو وقع بقبولهم فى نصف
صفر وفى هذا الشهر شرع ابو الحسن فى حفر الانهار المخترقة لاسواق الكرخ وما يتصل به وجبى من أرباب العقار مالا جزيلا
وفى يوم الاثنين لعشر بقين من جمادى الآخرة شغب الديلم والاتراك وخرجوا بالخيم الى باب الشماسية وراسلوا بهاء الدولة بالشكوى من أبى الحسن بن المعلم وتعديد ما يعاملهم به وطالبوه بتسليمه اليهم وكان ابو الحسن قد استولى على الامور والمقرب من قربه والمبعد من أبعده فنقل على كبار الجند أمره وقصر هو فى مراعاة امورهم وانضاف الى ذلك ما يعامل به الديلم فضجوا وخرجوا فأجابهم السلطان بالتلطف ووعدهم بازالة ما شكوه وان يقتصر بأبى الحسن ابن المعلم على خدمته فى خاصه ويتولى هو النظر فى امورهم والقيام بتدبيرهم فاعادوا الرسالة بأنهم لا يقنعون بهذا القول ولا يرضون الا بتسليمه فأعاد الجواب بانه يبعده عن مملكته الى حيث يكون فيه مبقيا على مهجته راعيا لحقوق خدمته وقال ما يحسن فى ان اسلمه للقتل وقد طالت صحبته لى واذا كفيتكم امره فقد بلغتم مرادكم فكانت الرسالة الثالثة التوعد بالانحدار والمسير الى شيراز وقال بكران لبهاء الدولة وهو كان المتوسط ما بينه وبين العسكر أيها الملك ان الامر على خلاف ما تقدره فاختر بين بقاء أبى الحسن او ابقاء دولتك فقبض عليه حينئذ وعلى اصحابه واخذ ما كان فى داره من مال وثياب وجوار وغلمان واقام الجند على انهم لا يرجعون من مخيمهم الا بتسليمه فركب اليهم يوم الخميس لسبع بقين من الشهر ليسألهم الدخول والاقتصار على ما فعله به من القبض

والاعتقال فلم يقم منهم أحد اليه ولاخدمه وعاد وقد أقاموا على المطالبة به وترك الرجوع الا بعد تسليمه فسلم الى ابى حرب شيرزيل وهو خال بهاء الدولة فسقى السم دفعتين فلم يعمل فيه فخنق بحبل الستارة ودفن بالمخرم
وفى ليلة الاحد الثالث من رجب سلم المخلوع الى القادر بالله فأنزله حجرة من حجر خاصته ووكل به من يحفظه من ثقات خدمته واحسن ضيافته ومراعاة اموره وكان يطالب من زيادة الخدمة ما كان يطالب به ايام الخلافة فتزاح علله فى جميع ما يطلبه وانه حمل اليه فى بعض الايام طيب من العطارين فقال من هذا يتطيب ابو العباس قالوا نعم فقال قولوا له فى الموضع الفلانى من الدار كندوج فيه طيب مما كنت استعمله فانفذ لى بعضه وقدم اليه يوما عدسية فقال ما هذا قالوا عدس وسلق فقال أوقدأكل ابو العباس من هذا قالوا نعم فقال قولوا له لما اردت أن تأكل عدسية لم اختفيت ايام هذا الامير وما كانت العدسية تعوذك لو لم تتقلد الخلافة فعند ذلك امر القادر بالله ان تفرد له جارية من طباخاته تحضر له ما يلتمسه كل يوم وقدم اليه فى بعض الايام تين فى مراكز فرفسه برجله فقال ما تعودنا ان يقدم ين ايدينا مسلوج وقدمت بين يديه فى بعض الليالى شمعة قد احترق بعضها فأنكرها ودفعها الى الفراش فحمل غيرها وكان على هذه الحال الى أن توفى
وكان بهاء الدولة قد قبض على وزيره ابى نصر سابور ثم اطلقه فالتجأ الى البطيحة وأقام عند مهذب الدولة على بن نصر خوفا من ابن المعلم الى ان قبض بهاء الدولة على ابى القاسم على بن احمد الابرقوهى الوزير ثم استدعى ابا نصر سابور من البطيحة فى سنة اثنتين وثمانين وجمع بينه فى الوزارة وبين ابى منصور ابن صالحان فخلع عليهما فى يوم الاحد تاسع شعبان وكانا يتناوبان فى الوزارة وفى يوم الجمعة ثامن عشر شوال تجددت الفتنة فى الكرخ فركب ابو الفتح محمد بن الحسن الحاجب وقتل وصلب فسكن البلد وقامت الهيبة
وفى ليلة الاثنين لتسع بقين من شوال ولد الامير ابو الفضل محمد بن القادر

بالله وامه ام ولد اسمها علم وهو الذى جعل ولى العهد ولقب الغالب بالله
وفى هذا الوقت غلت الاسعار وبيع الرطل من الخبز باربعين درهم والحوزة بدرهم
وفى ذى القعدة ورد صاحب الاصيفر الاعرابى وبذل الخدمة فى تسيير الحاج الى مكة وحراستهم صادرين وواردين وأعيد اقامة الخطبة للخليفة القادر من حد اليمامة والبحرين الى الكوفة فقبل ذلك منه وحمل الى خلعة ولواء

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
266 - ابراهيم بن عبد السلام
ابن محمد بن شاكر ابو اسحاق الوشاء حدث عن ابى كريب وغيره روى عنه اسمعيل الخطبى وابو بكر الشافعى والطبرانى وانتقل الى مصر فحدث بها ومات هناك فى هذه السنة
267 - عبد الله بن عثمان
ابن محمد بن على بن بنان ابو محمد الصفار سمع ابراهيم بن عبد الصمد الهاشمى والمحاملى وابن مخلد روى عنه الازهرى والعتيقى والتنوخى وكان ثقة وتوفى فى محرم هذه السنة
268 - عمر بن احمد بن هارون ابو حفص المعروف بابن الآجرى سمع ابا عمر القاضى وابا بكر النيسابورى روى عنه الازهر والخلال وكان دينا ثقة امينا صالحا وتوفى فى هذه السنة
269 - محمد بن العباس ابن محمد بن زكريا بن يحيى بن معاذ ابو عمر الخزاز المعروف بابن حيويه ولد فى ذى القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين وسمع الباغندى والبغوى وابن صاعد وخلقا

كثيرا وانتقى عليه الدارقطنى وكان ثقة دينا كثير السماع كثير الكتابة للحديث كتب الكتب الكبار بيده كالطبقات والمغازى وغير ذلك وكان ذا يقظة ومروءة روى عنه البرقانى والخلال والتنوخى والجوهرى وغيرهم وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
270 - محمد بن عبد الرحيم

ابو بكر المازنى الكاتب حدث عن البغوى وغيره وكان ثقة مأمونا توفى فى
ربيع الاخر من هذه السنة
سنة 383
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان القادر بالله تقدم بعمارة مسجد الحربية وكسوته واجرائه مجرى الجوامع فى الصلاة
اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على الخطيب قال ذكر لى هلال بن المحسن ان ابا بكر محمد بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمى كان بنى مسجدا بالحربية فى ايام المطيع لله ليكون جامعا يخطب فيها فمنع المطيع من ذلك ومكث المسجد على تلك الحالة حتى استخلف القادر بالله فاستفتى الفقهاء فى أمره فأجمعوا على جواز الصلاة فيه فرسم أن يعمر ويكسى وينصب فيه منبر ورتب اماما يصلى فيه الجمعة وذلك فى شهر ربيع الآخر فى سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة قال ابو بكر الخطيب فأدركت صلاة الجمعة وهى تقام ببغداد فى مسجد المدينة والرصافة ومسجد دار الخلافة ومسجد براثا ومسجد قطيعة ام جعفر ومسجد الحربية ولم يزل على هذا الى سنة احدى وخمسين واربعمائة ثم تعطلت فى مسجد براثا فلم يصل فيه
وفى يوم الاربعاء لاربع بقين من جمادى الاولى وقع الفراغ من الجسر الذى عمله بهاء الدولة فى مشرعة القطانين بحضرة دار مؤنس واجتاز عليه من الغد ماشيا وقد زين بالمطارد

وفى يوم الجمعة الثانى عشر من جمادى الآخرة شغب الديلم شغبا شديدا لاجل فساد النقد وغلاء السعر وتأخر العطاء ومنعوا من الصلاة بجامع الرصافة فلما كان بكرة السبت قصدوا دار ابى نصر سابور بباب خراسان وهجموا فنهبوها وافلت من بين ايديهم هاربا على السطوح وثارت بذلك فتنة دخلها العامة ورجع الديلم فراسلوا بهاء الدولة بالتماس ابى نصر سابور و ابى الفرج محمد بن على الخازن وكان ناظرا فى خزانة المال ودار الضرب وتردد القول معهم الى ان وعدوا بالاطلاق وتغير النقد
وفى الخميس الثانى من ذى الحجة عقد للخليفة القادر بالله على سكينة بنت بهاء الدولة بصداق مبلغه مائة الف دينار وكان الاملاك بحضرته والولى الشريف ابو احمد الحسين بن موسى الموسوى وتوفيت قبل النقلة
وفى هذا الشهر بلغ الكرا لحنطة ستةآلاف وستمائة درهم غياثية والكارة الدقيق مائتين وستين درهما
وفيها ابتاع ابو نصر سابور بن اردشير دارا فى الكرخ بين السورين وعمرها وبيضها وسماها دار العلم ووقفها على اهله ونقل اليها كتبا كثيرة ابتاعها وجمعها وعمل لها فهرستا ورد النظر فى امورها ومراعاتها والاحتياط عليها الى الشريفين ابى الحسين محمد بن الحسين بن ابى شيبة وابى عبد الله محمد بن احمد الحسنى والقاضى ابى عبد الله الحسين بن هارون الضبى وكلف الشيخ ابا بكر محمد بن موسى الخوارزمى فضل عناية بها

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
271 - احمد بن ابراهيم ابن الحسن بن شاذان بن حرب بن مهران ابو بكر البزاز ولد فى ربيع الاول سنة ثمان وتسعين ومائتين وسمع البغوى وابن أبى داود وابن صاعد وابن دريد وخلقا كثيرا وروى عنه الدارقطنى والبرقانى والازهرى والخلال وغيرهم

وكان ثقة ثبتا صحيح السماع كثير الحديث والكتب اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال سمعت ابا القاسم التنوخى يقول سئل ابن شاذان أسمعت من محمد بن محمد الباغندى شيئا فقال لا اعلم انى سمعت منه شيئا ثم وجد سماعه من الباغندى فسألوا ان يحدث به فلم يفعل توفى فى شوال هذه السنة
272 - جعفر بن محمد ابن على بن الحسين ابو محمد الطاهرى ينسب الى طاهر بن الحسين حدث عن البغوى وابن صاعد روى عنه الغشارى وكان ثقة ينزل شارع دار الرقيق توفى فى شوال هذه السنة
273 - طاهر بن محمد ابن عبد الله ابو عبد الله البغدادى نزل نيسابور وحدث بها روى عنه ابو عبد الله الحاكم وكان من اظرف من رأينا من العراقيين واحسنهم كتابة واكثرهم فائدة وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
274 - على بن القاسم

ابن الفضل بن شاذان ابو الحسين القاضى ثقة توفى بالرى فى رمضان هذه السنة
275 - محمد بن ابراهيم
ابن سلمة ابو الحسن الكهيلى حدث عن مطين وكان سماعه صحيحا ومضى على سداد
وامر جميل توفى بالكوفة فى هذه السنة
276 - محمد بن عبد الله
ابن يحيى ابو بكر الدقاق المعروف بالصابونى كان ثقة مأمونا توفى فى شوال
هذه السنة
سنة 384 ثم دخلت سنة اربع وثمانين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها ان القاضى ابا محمد عبد الله بن محمد بن الاكفانى قبل شهادة ابى القاسم على بن المحسن التنوخى فى المحرم وشهادة ابى بكر بن الاخضر فى رجب وفى صفر قبل القاضى ابو عبد الله الضبى شهادة ابى العلاء محمد بن على بن يعقوب الواسطى وفيه قوى امر العيارين واتصل القتال بين الكرخ وباب البصرة وظهر العيار المعروف بعزيز من باب البصرة واستفحل امره والتحق به كثير من الذعار وطرح النار فى المحال وطلب اصحاب الشرط ثم صالح اهل الكرخ وقصد سوق التمارين وطلب بضرائب الامتعة وجبى ارتفاع الاسواق الباقية وكاشف السلطان واصحابه ونادى فيهم وكان ينزل الى السفن فيطالب بالضرائب واصحاب السلطان يرونه من الجانب الآخر فأمر السلطان بطلب العيارين فهربوا من بين يديه
وفى ذى القعدة عزل ابو احمد الموسوى وصرف الرضى والمرتضى عن النقابة وكان ينوبان عن أبيهما ابى احمد
وفى يوم الاربعاء رابع ذى الحجة ورد الخبر برجوع الحاج الحاج من الطريق وكان السبب انهم لما حصلوا بين زبالة والثعلبية اعترضهم الاصيفر الاعرابى ومنعهم الجواز وذكر ان الدنانير التى اعطيها عام اول كانت دراهم مطلية وانه لا يفرج لهم عن الطريق الا بعد ان يعطوه رسمه لسنتين وتردد الامر الى ان ضاق الوقت فعادوا وكان الذى سار بهم ابو الحسن محمد بن الحسن العلوى فعادوا ولم يحج فى هذه السنة ايضا اهل الشام واليمن وانما حج اهل مصر والمغرب خاصة
وفى يوم السبت سابع ذى الحجة قبل ابو عبد الله الضبى شهادة ابى عبد الله ابن المهتدى الخطيب
وفى يوم الاثنين تاسع ذى الحجة قلد الشريف ابو الحسن محمد بن على بن ابى تمام الزينبى نقابة العباسيين وقرأ عهده ابو الفضل يوسف بن سليمان بحضرة القادر بالله وحضره القضاة والشهود والاشراف والاكابر
وفى هذه السنة عقد لمهذب الدولة على بن نصر على بنت بهاء الدولة بن عضد

الدولة وعقد الامير ابو منصور بن بهاء الدولة على بنت مهذب الدولة على بن نصر كل عقد منهما على صداق مبلغه مائة اله دينار

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
277 - الطيب بن يمن
ابن عبد الله ابو القاسم مولى المعتضد بالله ولد سنة سبع وتسعين ومائتين وسمع البغوى روى عنه الصيمرى والجوهرى والتنوخى والعتيقى وقال هو ثقة صحيح الاصول توفى فى رجب هذه السنة
278 - عبيد الله بن محمد ابن على بن عبد الرحمن ابو محمد الكاتب المعروف بابن الجرادى مروزى الاصل حدث عن البغوى وابن دريد وابن الانبارى روى عنه التنوخى والعشارى وكان فاضلا صاحب كتب كثيرة وتوفى فى هذه السنة وقيل فى السنة التى قبلها
279 - عبيد الله بن محمد ابن نافع بن مكرم ابو العباس البستى الزاهد ورث عن آبائه اموالا كثيرة فأنفقها فى الخير وكان كثيرالتعبد بقى سبعين سنة لا يستند الى حائظ ولا الى غيره ولا يتكىء على وسادة وحج من نيسابور حافيا راجلا دخل الشام والرملة واقام ببيت المقدس اشهرا ثم خرج الى مصر وبلاد المغرب ثم حج من المغرب وانصرف الى بست فتصدق ببقية املاكه فلما مرض جعل يتلوى فقيل له ما هذا الوجع فقال اى وجع بين يدى امور هائلة ولا ادرى كيف انجو وتوفى فى محرم هذه السنة وهو ابن خمس وثمانين سنة فلما مات رأى رجل فى المنام رجلا من الموتى فقال له من بالباب فقال ليس على الباب اجل من عبيد الله الزاهد ورأت امرأة من الزاهدات امها فى المنام قد تزينت ولبست احسن الثياب

فقالت لها ما السبب فى هذا فقالت لنا عيد ان عبيد الله الزاهد تقدم علينا
280 - على بن الحسين
ابن محمويه بن زيد ابو الحسن الصوفى سمع وحدث ولقى الزهاد الاكابر وصحب ابا الخير الاقطع ثم لازم مسجد جده ابى على بن زيد بنيسابور على التجريد الى ان توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
281 - على بن القاضى ابى تمام الحسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن محمد بن القاسم الزينبى كان نقيب العباسيين وصاحب الصلاة وهو اول من جمع بين الصلاة والنقابة فى سنة ثمانين وثلثمائة واستخلف له ابنه ابو الحسن الملقب بنظام الحضرتين بعد ذلك على الصلاة وخلع عليه توفى فى هذه السنة
282 - على بن عيسى ابن على بن عبد الله ابو الحسن النحوى المعروف بالرمانى ولد سنة ست وتسعين ومائتين وحدث عن ابن دريد وكانت له يد فى النحو والفقه والكلام والمنطق وله تفسير كبير وشهد عند ابى محمد بن معروف روى عنه التنوخى والجوهرى وتوفى فى هذه السنة ودفن بالشونيزية عند قبر أبى على الفارسى وتوفى عن ثمان وثمانين سنة
283 - محمد بن العباس

ابن احمد بن محمد بن الفرات ابو الحسن سمع محمد بن مخلد وابا الحسن
المصرى وخلقا كثيرا وكتب الكتب الكثيرة وكان ثقة مأمونا
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال كان ابو الحسن ابن الفرات ثقة كتب الكتب الكثيرة وجمع مالم يجمعه احد فى وقته قال وبلغنى انه كان عنده عن على بن محمد المصرى وحده الف جزء وانه كتب مائة تفسير ومائة تاريخ

ولم يخرج عنه الا الشىء اليسير حدثنا عنه ابراهيم بن عمرالبرمكى وحدثنى الازهرى قال خلف ابن الفرات ثمانية عشر صندوقا مملوءة كتبا اكثرها بخطه سوى ما سرق من كتبه وكتابه هو الحجة فى صحة النقل وجودة الضبط وكان مولده فى سنة بضع عشرة وثلثمائة ومكث يكتب الحديث من قبل سنة ثلاثين وثلثمائة الى ان مات وكانت له جارية تعارضه بما يكتبه ومات فى شوال سنة اربع وثمانين وثلثمائة
284 - محمد بن عمران ابن موسى بن عبيد الله ابو عبيد الله الكاتب المعروف بالمرزبانى حدث عن البغوى وابن دريد وابن الانبارى ونفطويه وغيرهم روى عنه الصيمرى والتنوخى والجوهرى وغيرهم وكان صاحب اخبار ورواية للآداب وصنف كتبا كثيرة مستحسنة فى فنون وكان أشياخه يحضرون عنده فى داره فيسمعهم ويسمع منهم وكان عنده خمسون ما بين لحاف ودواج معدة لاهل العلم الذين يبيتون عنده وكان عضد الدولة يجتاز على داره فيقف ببابه حتى يخرج اليه فيسلم عليه وكان ابو على الفارسى يقول هو من محاسن الدنيا وقد اختلفت فيه مشائخ المحدثين قال الازهرى ما كان ثقة وقال العتيقى كان ثقة قال مؤلف الكتاب رحمه الله كانت آفته ثلاثا الميل الى التشيع والى الاعتزال وتخليط المسموع بالاجازة والا فليس بداخل فى الكذابين وتوفى فى شوال هذه السنة عن ثمان وثمانين سنةوصلى عليه ابو بكر الخوارزمى ودفن بالجانب الشرقى
285 - محمد بن عثمان

ابن عبيد الله بن الخطاب ابو الطيب الصيدلانى حدث عن البغوى وغيره وكان
ثقة مأمونا توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
286 - منصور بن ملاعب
حدث عن البغوى وغيره وكان ثقة مامونا توفى فى محرم هذه السنة

287 - المحسن بن على
ابن محمد بن ابى الفهم ابو على التنوخى القاضى ولد بالبصرة وسمع بها من جماعة ونزل بغداد فاقام بها وحدث وكان سماعه صحيحا وكان اديبا شاعرا اخباريا اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنا ابن المحسن بن على قال قال ابى مولدى سنة سبع وعشرين وثلثمائة بالبصرة وكان مولده فى ليلة الاحد لاربع بقين من ربيع الاول واول سماعه الحديث فى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة واول ما تقلد القضاء من قبل ابى السائب عتبة بن عبيد الله بالقصر وبسورا فى سنة تسع واربعين ثم ولاه المطيع لله القضاء بعسكر مكرم وايذج ورامهرمز وتقلد بعد ذلك اعمالا كثيرة فى نواح مختلفة وتوفى ببغداد ليلة الاثنين لخمس بقين من المحرم سنة اربع وثمانين وثلثمائة
سنة 385

ثم دخلت سنة خمس وثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه عاد ابو القاسم على بن احمد الابرقوهى من البطيحة الى حضرة بهاء الدولة للوزارة واستقر ذلك بوساطة مهذب الدولة على بن نصر بعد ان اشترط بهاء الدولة ان يمشى الامر على يده والا اعاده محروسا الى البطيحة ثم ان امره وقف وعاد الى البطيحة لأن جميع الحاشية تطابقت على فساد امره فكاد بهاء الدولة ان يقبض عليه فذكر الشريف ابو احمد العهد المستقر مع مهذب الدولة وان الغد ربه مكاشفة ولمهذب الدولة بالقبح ففسح فى عوده مع الشريف ابى احمد الى البطيحة
وفيها حج بالناس ابو عبد الله احمد بن محمد بن عبيد الله العلوى وكذلك فى سنة ست وسبع وثمان وبعث فى السنة بدر بن حسنويه تسعة آلاف دينار لتدفع الى الأصيفر عوضا عما كان يأخذه من الحاج وجعل ذلك رسما له من ماله وبعث

ذلك له الى سنة ثلاث واربعمائة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
288 - ابراهيم بن محمد ابن الفتح المصيصى ويعرف بالحلى ولد بالمصيصة وسكن بغداد وحدث بها وكان حافظا ضريرا فروى عنه من اهلها ابو بكر البرقانى والازهرى وغيرهما وكان ثقة صدوقا وتوفى فى هذه السنة ودفن بمقبرة الشونيزية
289 - اسمعيل بن عباد
ابو القاسم ويلقب كافى الكفاة الصاحب وزر لمؤيد الدولة وقصده ابو الفتح
ابن ذى الكفايتين فأزاله عن الوزارة ثم نصر عليه عليه وعاد الى الوزارة
انبأنا محمد بن عبد الباقى البزاز انبأنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابو اسحاق ابراهيم بن على بن سعيد النصيبى قال كان ابو الفتح ابن الملقب بذى الكفايتين قد تداخله فى بعض العشايا سرور فاستدعى ندماءه وعبى لهم مجلسا عظيما بالآت الذهب والفضة وفاخر الزجاج والصينى والآلات الحسنة والطيب والفاكهة الكثيرة واحضر المطرب وشرب بقية يومه وعامة ليلته ثم عمل شعرا انشده ندماءه وغنى به فى الحال وهو ... دعوت المنا ودعوت الطلا ... فلما اجابا دعوت القدح ... وقلت لايام شرخ الشباب ... الى فهذا اوان الفرح ... اذا بلغ المرء آماله ... فليس له بعدها مقترح ...
قال وكان هذا بعد تدبيره على الصاحب ابى القاسم بن عباد حتى ابعده عن كتبه صاحبة الامير مؤيد الدولة وسيره عن حضرته بالرى الى اصفهان وانفرد هو بتدبير الامور لمؤيد الدولة كما كان لركن الدولة فلما غنى الشعر استطابه وشرب عليه الى ان سكر ثم قال لغلمانه غطوا المجلس ولا تسقطوا شيئا منه لاصطبح فى غدليله وقال لندمائه باكرونى ولا تتاخروا فقد اشتهيت الصبوح وقام الى

بيت منامه وانصرف الندماء فدعاه مؤيد الدولة فى السحر فلم يشك انه لمهم فقبض عليه وانفذ الى داره من أخذ جميع ما فيها وتطاولت به النكبة حتى مات فيها ثم عاد ابن عباد الى وزارة مؤيد الدولة ثم وزر لأخيه فخر الدولة فبقى في الوزارة ثمانية عشر سنة وشهور ( وفتح خمسين قلعة سلمها الى فخر الدولة لم يجتمع منها الى ابيه وكان الصاحب عالما بفنون من العلوم كثيرة ) لم يقاربه فى ذلك وزير وله التصانيف الحسان والنثر البالغ وجمع كتبا عظيمة حتى كان يحتاج نقلها على اربعمائة حمل وكان يخالط العلماء والادباء ويقول لهم نحن بالنهار سلطان وبالليل اخوان وسمع الحديث واملى وروى ابو الحسن على بن محمد الطبرى المعروف بكيا قال سمعت ابا الفضل زيد بن صالح الحنفى يقول لما عزم الصاحب اسمعيل بن عباد على الاملاء وكان حينئذ فى الوزارة خرج يوما متطلسا متحنكا بزى اهل العلم فقال قد علمتم قدمى فى العلم فاقروا له بذلك فقال وانا متلبس بهذا الامر وجميع ما انفقته من صغرى الى وقتى هذا من مال أبى وجدى ومع هذا فلا أخلو من تبعات اشهد الله واشهذكم أنى تائب الى الله من كل ذنب أذنبته واتخذ لنفسه بيتا وسماه بيت التوبة ولبث اسبوعا على ذلك ثم اخذ خطوط الفقهاء بصحة توبته ثم خرج فقعد للإملاء وحضر الخلق الكثير وكان المستملى الواحد ينضاف اليه ستة كل يبلغ صاحبه فكتب الناس حتى القاضى عبد الجبار وكان الصاحب ينفذ كل سنة الى بغداد خمسة آلاف دينار تفرق فى الفقهاء واهل الادب وكان لا تأخذه فى الله لومة لائم ويبغض من يميل الى الفلسفة واهدى اليه العميرى القاضى بقزوين كتبا وكتب معها ... العميرى عبد كافى الكفاة ... وان اعتد فى وجوه القضاة ... خدم المجلس الرفيع بكتب ... مفعمات من حسنها مترعات ...
فوقع تحتها ... قد قبلنا من الجميع كتابا ... ورددنا لوقتنا الباقيات ... لست استغنم الكثير فطبعى ... قول خذ ليس مذهبى قول هات

فاستدعى يوما شرابا فجىء بقدح فما أراد أن يشرب قال له بعض خواصه لا تشربه فانه مسموم فقال وما الشاهد على صحة قولك قال ان تجربه على من اعطاكه قال لا استحل ذلك قال فجربه على دجاجة قال ان التمثيل بالحيوان لا يجوز فرد القدح وامر بصب ما فيه وقال للغلام لا تدخل دارى وامر بافراد جراية عليه ومرض بالأهواز عن سحج عرض له فكان اذا قام عن الطست يترك الى جانبه عشرة دنانير حتى لا يتبرم به الفراشون فكانوا يتمنون دوام علنه فلما برأ أنهب الفقراء ما حوت داره فكان هذا يخرج بدواج وهذا بمركب وهذا بتور الشمع فأخذ من داره ما يقارب خمسين الف دينار فلما مرض مرض الموت كان امراء الديلم ووجوه الحواشى معاودون بابه ويقبلون الارض وينصرفون وجاءه فخر الدولة دفعات فلما يئس من نفسه قال لفخر الدولة قد خدمتك الخدمة التى استفرغت فيها الوسع وسرت فى دولتك السيرة التى حصلت لك حسن الذكر بها فان اجريت الامور بعدى على رسومها علم ان ذلك منك ونسب الجميل فيه اليك واستمرت الا حدوثه الطيبة بذلك ونسيت انا فى اثناء ما يثنى به عليك وان غيرت ذلك وعدلت عنه كنت المذكور بما تقدم والمشكور عليه وقدح فى دولتك وذكرك ما يسع ايقاعك فأظهر له قبول رايه توفى فى مساء يوم الجمعة لست بقين من صفر هذه السنة وكان الصاحب افضل وزراء الدولة الديلمية وجميع ملكهم كان مائة وعشرين سنة وزرلهم فيها جماعة فيهم معان حسنة ولكن لم يكن من يذكر عنه العلم كما يذكر عن الصاحب
290 - الحسن بن حامد
ابن الحسن بن حامد بن الحسن بن حامد بن الحسن بن حامد ابو محمد الاديب سمع على بن محمد بن سعيد الموصلى وكان تاجرا ممولا نزل عليه المتنبى حين قدم بغداد وكان القيم باموره فقال له لو كنت مادحا تاجرا لمدحتك روى عنه الصورى وكان صدوقا
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال انشدنى الجوهرى والتنوخى قالا

انشدنا ابو محمد الحسن بن حامد لنفسه ... سريت المعالى غير منتظر بها ... كسادا ولا سوقا تقام لها اخرى ... وما انا من اهل المكاس وكلما ... توفرت الاثمان كنت لها اشرى ...
291 - داود بن سليمان ابن داود بن محمد ابو الحسن البزاز سمع الحسين بن اسمعيل المحاملى روى عنه التنوخى والعشارى والعتيقى وقال كان جارنا فى قطيعة الربيع وكان شيخا نبيلا ثقة توفى فى محرم هذه السنة
292 - عمر بن احمد
ابن عثمان بن محمد بن ايوب بن ازداذ ابو حفص الواعظ المعروف بابن شاهين ولد فى صفر سنة سبع وتسعين ومائتين وسمع شعيب بن محمد الذارع وابا خبيب البرتى ومحمد بن محمد الباغندى وابا بكر بن ابى داود وخلقا كثيرا وكان ثقة امينا يسكن الجانب الشرقى
اخبرنا ابو منصورالقزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا ابو الفتح عبد الكريم ابن محمد المحاملى قال ذكر لنا ابن شاهين قال اول ما كتبت الحديث بيدى سنة ثمان وثلثمائة وكان لى احدى عشرة سنة وكذا كتب ثلاثة من شيوخى فى هذه السن فتبركت بهم ابو القاسم البغوى وابو محمد بن صاعد وابو بكر بن ابى داود وقال المصنف وكذلك انا كتبت الحديث ولى احدى عشرة سنة وسمعت قبل ذلك
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا القاضى ابو الحسين محمد بن على بن محمد الهاشمى قال قال لنا ابو حفص بن شاهين صنفت ثلثمائة مصنف وثلاثين مصنفا احدها التفسير الكبير الف جزء والمسند الف وخمسمائة جزء والتاريخ مائة وخمسين جزءا والزهدمائة جزء
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب حدثنا القاضى ابو بكر محمد بن عمر بن اسمعيل الداودى

قال سمعت ابا حفص بن شاهين يقول يوما حسبت ما اشتريت من الحبر الى هذا الوقت فكان سبعمائة درهم قال الداودى وكنا نشترى الحبر اربعة ارطال بدرهم قال وقد مكث ابن شاهين بعد ذلك يكتب زمانا توفى ابن شاهين الحادى والعشرين من ذى الحجة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
293 - على بن عمر
ابن احمد بن مهدى بن مسعود بن دينار بن عبد الله ابو الحسن الحافظ الدارقطنى ولد سنة ست وثلثمائة وقيل سنة خمس وسمع البغوى وابن ابى داود وابن صاعد وخلقا كثيرا وكان فريد عصره وامام وقته انتهى اليه علم الأثر والمعرفة باسماء الرجال وعلل الحديث وسلم ذلك له انفرد بالحفظ ايضا من تأثير حفظه انه املى علل المسند من حفظه على البرقانى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال كان ابو منصور ابراهيم ابن الحسن بن حمكان الصيرفى وسمع كثيرا واراد ان يصنف مسندا معللا وكان الدارقطنى يحضر عنده فى كل اسبوع يوما يتعلم على الاحاديث فى اصوله وينقلها ابو بكر البرقانى ويملى عليه الدارقطنى علل الحديث حتى خرج من ذلك شيئا كثيرا وتوفى ابو منصور قبل استتمامه فنقل البرقانى كلام الدارقطنى فهو كتاب العلل الذى يرويه الناس عن الدارقطنى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى الازهرى قال قال رأيت محمد بن ابى الفوارس وقد سأل الدارقطنىعن علة حديث او اسم فيه فأجابه ثم قال يا ابا الفتح ليس بين المشرق والمغرب من يعرف هذا غيرى
اخبرنا ابو منصور القزاز ثنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى الازهرى قال بلغنى ان الدارقطنى حضر فى حداثته مجلس اسمعيل الصفار فجعل ينسخ جزءا كان معه واسمعيل يملى فقال له بعض الحاضرين لا يصح سماعك وانت تنسخ فقال الدارقطنى فهمى للاملاء خلاف فهمك ثم قال تحفظ كم املى الشيخ من حديث الى الان قال لا فقال الدارقطنى املى ثمانية عشر حديثا فعددت الاحاديث

فوجدت كما قال ثم قال ابو الحسن الحديث الاول منها عن فلان عن فلان ومتنه كذا والحديث الثانى عن فلان عن فلان ومتنه كذا ولم يزل يذكر اسانيد الاحاديث ومتونها على ترتيبها فى الاملاء حتى أتى على آخرها فتعجب الناس منه قال المصنف رحمه الله وقد كان الحاكم ابو عبد الله يقول ما رأى الدارقطنى مثل نفسه
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا الصورى قال سمعت رجاء بن محمد بن عيسى المعدل يقول سألت الدارقطنى فقلت رأى الشيخ مثل نفسه فقال لى قال الله تعالى فلا تزكوا أنفسكم قلت لم ارد هذا وانما اردت ان اعلمه لأقول رأيت شيخا لم ير مثل نفسه فقال ان كان فى فن واحد فقد رأيت من هو افضل منى وأما من اجتمع ما اجتمع فى فلا قال المصنف رحمه الله كان الدارقطنى قد اجتمع له مع علم الحديث والمعرفة بالقراءات والنحو والفقه والشعر مع الامانة والعدالة وصحة العقيدة
سمعت ابا الفضل بن ناصر يقول سمعت ثابت بن بندار يقول سمعت ابا الحسن العتيقى يقول قال الدارقطنى كنت انا والكتانى نسمع الحديث فكانوا يقولون يخرج الكتانى محدث البلد ويخرج الدارقطنى مقرئ البلد فخرجت انا محدثا والكتانى مقرئا
اخبرنا ابو القاسم الحريرى عن ابى طالب العشارى قال توفى الدارقطنى آخر نهار يوم الثلاثاء سابع ذى القعدة سنة خمس وثمانين وثلثمائة ودفن فى مقبرة معروف يوم الاربعاء وكان مولده لخمس خلون من ذى القعدة سنة ست وثلثمائة وله تسع وسبعون سنة ويومان
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على حدثنا ابو نصر على بن هبة الله بن ماكولا قال رأيت فى المنام كأنىأسأل عن حال ابى الحسن الدارقطنى فى الآخرة وما آل اليه امره فقيل ذلك يدعى فى الجنة الامام
294 - عباد بن العباس ابن عباد ابو الحسن الطالقانى والد الصاحب اسمعيل بن عباد سمع ابا خليفة الفضل

ابن الحباب وغيره وصنف كتابا فى احكام القرآن وروى عنه ابنه ابو القاسم الوزير وابو بكر بن مردويه وطالقان التى ينسب اليها ولاية بين قزوين وابهر وهى عدة قرى يقع عليها هذا الاسم وثم بلدة من بلاد خراسان خرج منها جماعة كثيرة من المحدثين يقال لها طالقان توفى عباد فى هذه السنة
295 - عقيل بن محمد

ابو الحسن الأحنف العكبرى كان أديبا شاعرا مليح القول روى عنه ابو على
ابن شهاب ديوان شعره
انبأنا ابن ناصر انبأنا الحسن بن احمد قال انشدنى على بن عبد الواحد للاحنف العكبرى ... اقضى على من الآجل ... عذل العذول اذا عذل ... واشد من عذل العذو ... ل صدود ألف قد وصل ... واشد من هذا وذا ... طلب النوال من السفل ...
انشدنا محمد بن ناصر الحافظ قال انشدنى الرئيس ابو الثناء على بن ابى منصور الكاتب قال انشدنى بعض من اثق به وذكر انها للاحنف العكبرى ولم اسمع فى معناها مثلها وهى ... من اراد الملك والرا ... حة من هم طويل ... فليكن فردا من النا ... س ويرضى بالقليل ... ويرى ان قليلا ... نافعا غير قليل ... ويرى بالحرم ان الحزم ... فى ترك الفضول ... ويداوى مرض الوحدة بالصبر الجميل ... لا يمارى احدا ما ... عاش فى قال وقيل ... يلزم الصمت فان الصمت تهذيب العقول ... يذر الكبر لأهليه ... ويرضى بالخمول ... اىعيش لامرىء يصبح فى حال ذليل ... بين قصد وعدو ... ومداراة جهول

واعتلال من صديق ... وتحن عن ملول ... واحتراس من ظنون السوء وعذل عذول ... ومما شاة بغيض ومقاساة ثقيل ... اف من معرفة الناس ... على كل سبيل ... وتمام الامر لا تعرف سمحا من بخيل ... فاذا اكل هذا ... كان فى ملك جليل ...
296 - محمد بن عبد الله
ابن سكرة ابو الحسن الهاشمى من ولد على بن المهدى كان شاعرا مطبوع القول
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا الخطيب قال انشدنى على بن المحسن قال انشدنى ابو الحسن بن سكرة يقول دخلت حماما وخرجت وقد سرق مداسى فعدت الى دارى حافيا وانا اقول ... اليك اذم حمام ابن موسى ... وان فاق المنى طيبا وحرا ... تكاثرت اللصوص عليه حتى ... ليحفى من يطيف به ويعرا ... ولم افقد به ثوبا ولكن ... دخلت محمدا وخرجت بشرا ...
ومن اشعاره فى القاضى ابى السائب ... ان شئت ان تبصر اعجوبة ... من جور احكام ابى السائب ... فاعمد من الليل الى صرة ... وقرر الامر مع الحاجب ... حتى ترى مروان يقضى له ... على على بن أبى طالب ...
توفى ابن سكرة فى ربيع الاول من هذه السنة
297 - محمد بن عبيد

ابو عمر الاصبهانى حدث عن شيوخ اصبهان وكان ثقة مأمونا وتوفى فى ربيع
الآخر من هذه السنة

298 - يوسف بن عمر ابن مسروق ابو الفتح القواس ولد سنة ثلثمائة سمع البغوى وابن ابى داود وابن صاعد وغيرهم روى عنه الخلال والعشارى والتنوخى وغيرهم وكان ثقة صالحا زاهدا صدوقا وكان يقال انه من الابدال وانه مجاب الدعوة قال الدارقطنى كنا نتبرك بيوسف القواس وهو صبى توفى يوم الجمعة لثلاث بقين من ربيع الاول من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
299 - يوسف بن ابى سعيد

السيرافى يكنى ابا محمد كان نحويا وتمم شرح ابيه لكتاب سيبويه وكان يرجع
الى علم ودين وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة وله خمس وخمسون سنة
سنة 386
ثم دخلت سنة ست وثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان اهل البصرة فى شهر المحرم ادعوا انهم كشفوا عن قبر عتيق فوجدوا فيه ميتا طريا بثيابه وسيفه وانه الزبير بن العوام فأخرجوه وكفنوه ودفنوه بالمريد بين الدربين وبنى عيه الاثير ابو المسك عنبر بناء وجعل الموضع مسجدا ونقلت اليه القناديل والآلات والحصر والسمادات واقيم فيه قوام وحفظه ووقف عليه وقوفا
وفى يوم الاحد ثانى شوال خلع القادر بالله على ابى الحسن ابن حاجب النعمان واظهر امره فى كتابه له
وفيها قلد ابو عبد الله احمد بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن المهتدى بالله الصلاة فى جامع المنصور وابو بكر التمام بن محمد بن هارون بن المطلب الصلاة فى جامع الرصافة
وفى هذه السنة حج بالناس ابو عبد الله بن عبيد الله العلوى وحمل ابو النجم بدر بن حسنويه وكان امير الجبل خمسة آلاف دينار من وجوه القوافل من

الخراسانية لتدفع الى الاصيفر عوضا عما كان يجبى له من الحاج فى كل سنة وجعل ذلك رسمازادفيه من بعد حتى بلغ تسعة آلاف دينار ومائتى دينار واوصل حمل ذلك الى حين وفاته

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
300 - احمد بن ابراهيم
ابن محمد بن يحيى بن سختويه ابو حامد بن ابى اسحاق المزكى النيسابورى سمع ابا العباس الاصم وطبقته ورد بغداد وكتب عن اسمعيل بن محمد الصفار وخرج الى مكة فسمع ابا سعيد ابن الاعرابى ورجع الى نيسابور ولم يزل معروفا بالعبادة من زمن الصبى الى ان توفى روى عنه محمد بن المظفر الحافظ والازهرى والقاضى ابو العلاء وغيرهم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ قال اخبرنى محمد بن على المقرئ عن الحاكم ابى عبد الله النيسابورى قال توفى ابو حامد احمد بن ابراهيم المزكى ليلة الاثنين الثالث عشر من شعبان سنة ست وثمانين وكان مولده سنة ثلاث وعشرين وصام الدهر تسعا وعشرين سنة وعندى ان الملك لم يكتب عليه خطيئة وحدثنى ابو عبد الله بن ابى اسحاق انه رأى اخاه ابا حامد فى المنام فى نعمة وراحة وصفها فسأله عن حاله فقال لقد انعم على فان اردت اللحوق بى فالزم ما كنت عليه
301 - عبد الله بن احمد
ابن مالك ابو محمد البيع سمع ابا بكر بن ابى داود وغيره روى عنه العتيقى
والعشارى وكان ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
302 - على بن عمر
ابن محمد بن الحسن بن شاذان بن ابراهيم ابو اسحاق الحميرى ويعرف بالسكرى

وبالصيرفى وبالكيال وبالحربى ولد سنة ست وتسعين ومائتين وسمع احمد بن عبدالجبار الصوفى الطبرى والازهرى العتيقى والتنوخى واول سماعه فى سنة ثلاث وثلثمائة وسمع الباغذى والبغوى وخلقا كثيرا روى عنه ابوالطيب وقال الازهرى هو صدوق ولكن بعض اهل الحديث قرأ عليه ما لم يكن سماعه واما هو فى نفسه فثقة وقد طعن فيه البرقانى ذهب بصره فى آخر عمره وتوفى فى شوال هذه السنة
303 - محمد بن على
ابن عطية ابو طالب المكى حدث عن على بن احمد المصيصى وابى بكر المفيد وغيرهما روى عنه عبد العزيز بن على الازجى وغيره وكان من الزهاد المتعبدين قال العتيقى كان رجلا صالحا مجتهدا صنف كتابا سماه قوت القلوب وذكر فيه احاديث لا اصل لها وكان يعظ الناس فى الجامع ببغداد
انبأنا على بن عبيد الله عن ابى محمد التميمى قال دخل عبد الصمد على ابى طالب المكى وعاتبه على اباحته السماع فأنشد ابو طالب ... فيا ليل كم فيك من متعة ... ويا صبح ليتك لم تقترب ...
فخرج عبد الصمد مغضبا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال لى ابو طاهر محمد ابن على العلاف كان ابوطالب المكى من اهل الجبل ونشأ بمكة ودخل البصرة بعد وفاة ابى الحسن بن سالم فانتمى الى مقالته وقدم بغداد فاجتمع الناس عليه من مجلس الوعظ فخلط فى كلامه وحفظ عنه انه قال ليس على المخلوقين اضر من الخالق فبدعه الناس و هجروه فامتنع من الكلام على الناس بعد ذلك سمعت شيخنا اباالقاسم اسمعيل بن احمد السمرقندى يقول سمعت شيخنا ابا على محمد بن احمد بن المسلمة يقول سمعت شيخنا ابا القاسم بن بشران يقول دخلت على شيخنا ابو طالب المكى وقت وفاته فقلت له اوصنى فقال اذا علمت انه

قد ختم لى بخير فاذا اخرجت جنازتى فانثر على سكرا ولوزا وقل هذا للحاذق فقلت من اين اعلم قال خذ يدى وقت وفاتى فاذا قبضت بيدي على يدك فاعلم انه قد ختم الله بخير واذا لم اقبض على يدك وسيبت يدك من يدى فاعلم انه لم يختم لى بخير قال شيخنا ابو القاسم فقعدت عنده فلما كان عند وفاته قبض على يدى قبضا شديدا فلما اخرجت جنازته نثرت عليه سكرا ولوزا وقلت هذا للحاذق كما امرنى توفى ابو طالب فى جمادى الآخرة من هذه السنة

نزار بن معد
ابو تميم ويكنى نزار ابا منصور ويلقب بالعزيز وهو صاحب مصر ولد بالقيروان وولى احدى وعشرين سنة وخمسة اشهر واياما وكان قد ولى عيسى نسطورس النصرانى واستناب بالشام يهوديا يعرف بميشا فاستولى اهل هاتين الملتين على المسلمين فكتبت امرأةالى العزيز بالذى اعز اليهود بميشا والنصارى بعيسى بن نسطورس واذل المسلمين بك الا نظرت فى امرى فقبض على اليهودى والنصرانى واخذ من عيسى ثلثمائة الف دينار توفى فى رمضان هذه السنة وعمره اثنتان واربعون سنة
بنت عضد الدولة
التى كانت زوجة الطائع لله توفيت يوم الخميس لثلاث بقين من المحرم وحملت تركتها الى بهاء الدولة وكان فيها جوهر كثير
سنة ثم دخلت سنة سبع وثمانين وثلثمائة فمن الحوادث فيها أن فخر الدولة أبو الحسن على بن ركن الدولة توفي بالري فرتب ولده رستم في الأمر بعده وهو يومئذ ابن أربع سنين وأخذت له البيعة على الجند وحطت الأموال في الزبل للتفرقة على الجند

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
306 - جعفر بن محمد ابن الفضل بن عبد الله ابو القاسم الدقاق ويعرف بابن المارستانى ولد ببغداد سنة ثمان وثلثمائة ثم سافر ثم قدم بغداد من مصر وحدث عن ابى بكر بن مجاهد روى عنه الخلال وابن المذهب لكن الدارقطنى والصورى كذباه وتوفى فى هذه السنة
307 - الحسن بن عبد الله

ابن سعيد ابو احمد العسكرى الراوية العلامة صاحب الفضل الغزير والتصنيف
الحسن الكثير فى الادب واللغة والامثال وكان يميل الى المعتزلة
اخبرنا محمد بن ناصر الحافظ اخبرنا ابو زكريا يحيى بن على التبريزى قال حكى لنا ابو عبد الله الحسن بن محمد بن الحسن الحلوانى قال حدثنى ابو الحسن على بن المظفر ابن بدر البندنيجى قال كنت اقرأ بالبصرة على الشيوخ فلما دخلت سنة تسع وسبعين بلغنى حياة ابى احمد العسكرى فقصدته فقرأت عليه فوصل فخر الدولة والصاحب ابن عباد فبينا نحن جلوس نقرأ عليه وصل اليه ركابى ومعه رقعة ففضها وقرأها وكتب على ظهرها جوابها فقلت له ايها الشيخ ما هذه الرقعة فقال رقعة الصاحب كتب الى ... ولما أبيتم ان تزوروا وقلتم ... ضعفنا فما تقوى على الوخدان ... أتيناكم من بعد أرض نزوركم ... فكم منزل بكر لنا وعوان ... نناشدكم هل من قرى لنزيلكم ... بطول جوار لا بملء جفان ...
قلت فما كتبت فى جوابه قال كتبت ... أروم نهوضا ثم بثنى عزيمتى ... قعود واعضائى من الرجفان ... فضمنت بنت ابن الرشيد كأنما ... تعمد تشبيهى به وعنانى

اهم بأمر الحزم لو استطيعه ... وقد حيل بين العنز والنزوان ...
ثم نهض وقال لا بد من الحمل على النفس فان الصاحب لا يقنعه هذا فركب بفلة فلم يتمكن من الوصول الى الصاحب لاستيلاء الخيم فصعد تلعة فرفع صوته بقول ابى تمام ... مالى ارى القبة الفيحاء مقفلة ... دونى وقد طال ما استفتحت مقفلها ... كأنها جنة الفردوس معرضة ... وليس لى عمل زاك فادخلها ...
قال فناداه الصاحب ادخلها ابا احمد فلك السابقة الاولى فتبادر اليه اصحابه فحملوه حتى جلس بين يديه فسأله عن مسألة فقال ابو احمد الخبير صادفت فقال الصاحب يا ابا احمد تغرب فى كل شىء حتى فى المثل فقال تفاءلته عن السقوط بحضرة مولانا وانما كلام العرب على الخبير سقطت توفى ابو احمد يوم التروية من هذه السنة
308 - الحسين بن محمد ابن سليمان ابو عبد الله الكاتب ولد سنة اثنتين وثلثمائة حدث عن البغوى وابن صاعد وابى بكر النيسابورى وابن الانبارى روى عن الازهرى والصيمرى والعتيقى وكان صدوقا ثقة يسكن مدينة المنصور توفى فى هذه السنة
309 - عبد الله بن محمد
ابن عبد الله بن ابراهيم بن عبيد الله بن زياد بن مهران ابو القاسم الشاهد المعروف بابن الثلاج حلوانى الاصل حدث عن البغوى وابن ابى داود وابن صاعد روى عنه الصيمرى والتنوخى والازهرى والعتيقى وغيرهم
اخبرنا ابو منصو القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال حدثنى التنوخى قال قال لنا ابن الثلاج ما باع احد من سلفينا ثلجا قط وانما كانوا بحلوان وكان

جدى مترفا فكان يجمع له فى كل سنة ثلج كثير لنفسه فاجتاز الموفق او غيره من الخلفاء فطلب ثلجا فلم يوجد الا عند جدى واهدى اليه منه فوقع منه موقعا لطيفا وطلبه منه اياما كثيرة طول مقامه وكان يحمله اليه فقال اطلبوا عبد الله الثلاج واطلبوا ثلجا من عند عبد الله الثلاج فعرف بالثلاج وغلب عليه قال المصنف وقد ضعفه المحدثون منهم الدارقطنى ونسبوه الى انه يركب الاسانيد ويضع الحديث على الرجال
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على قال حدثنى الازهرى قال كان ابو القاسم ابن الثلاج مخلطا فى الحديث يدعى مالم يسمع ويضع الحديث
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على قال حدثنى احمد بن محمد العتيقى قال ذكر ابو عبد الله ابن بكير ان ابا سعد الادريسى لما قدم بغداد قال لاصحاب الحديث ان كان ها هنا شيخ له جموع وفوائد فأفيدونى عنه فدلوه على ابى القاسم ابن الثلاج فلما اجتمع معه اخرج اليه جمعة لحديث قبض العلم وانا فيه حدثنى ابو سعد عبد الرحمن بن محمد الادريسى فقال الادريسى اين سمعت من هذا الشيخ فقال هذا شيخ قدم علينا حاجا فسمعنا منه فقال ايها الشيخ انا ابو سعد عبد الرحمن بن محمد الادريسى وهذا حديثى ووالله ما رأيتك ولا اجتمعت معك قبل هذا الوقت فخجل ابن الثلاج وقال العتيقى ثم اجتمعت مع ابى سعد الادريسى فحدثنى بهذه القصة كما حدثنى بها ابن بكير عنه توفى ابن الثلاج فى ربيع الاول من هذه السنة فجاءة
310 - عبيد الله بن محمد ابن محمد بن حمدان ابو عبد الله العكبرى المعروف بابن بطة ولد يوم الاثنين لاربع خلون من شوال سنة اربع وثلثمائة وسمع ابا القاسم البغوى ويحيى بن صاعد وابا بكر النيسابورى وخلقا كثيرا وسافر البلاد البعيدة فى طلب العلم روى عنه ابو الفتح بن ابى الفوارس والازجى والبرمكى وغيرهم واثنى عليه العلماء الاكابر

اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى القاضى ابو حامد احمد بن محمد الدلوى قال لما رجع ابو عبد الله ابن بطة من الرحلة لازم بيته اربعين سنة فلم ير منها فى سوق ولا روئى مفطرا الا فى يومى الاضحى والفطر وكان امارا بالمعروف ولم يبلغه خبر منكر الا غيره او كما قال
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا العتيقى قال كان ابن بطة شيخا صالحا مستجاب الدعوة اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على قال لم ار فى شيوخ اصحاب الحديث ولا فى غيرهم احسن هيئة من ابن بطة
انبأنا ابو بكر محمد بن عبد الباقى عن ابى محمد الحسن بن على الجوهرى قال سمعت اخى ابا عبد الله الحسين بن على يقول رأيت النبي صلى الله عليه و سلم فى المنام فقلت يا رسول الله قد اختلفت علينا المذاهب فبمن نقتدى فقال لى عليك بأبى عبد الله بن بطة فلما اصبحت لبست ثيابى واصعدت الى عكبرا فدخلت اليه فلما رآنى تبسم وقال لى صدق رسول الله صدق رسول الله صدق رسول الله يقولها ثلاثا قال المصنف وقد تعصب له الخطيب بعد ان نقل عن مشائخه الاكابر مدحه فغمزه بأشياء منها انه قال كتب الى ابو ذر عبد بن احمد الهروى من مكة يذكر انه سمع نصرا الاندلسى يقول خرجنا الى عكبرا فكتبت عن ابن بطة كتاب السنن لرجاء بن مرجى عن حفص بن عمر الأردبيلى عن رجاء فأخبرت الدارقطنى فقال هذا محال دخل رجاء بغداد سنة اربعين ودخل حفص سنة خمسين ومائتين فكيف سمع منه قال الخطيب وحدثنى عبد الواحد الاسدى انه لما انكر الدارقطنى هذا تتبع ابن بطة النسخ التى كتبت عنه وغير الرواية وجعلها عن ابى الراجيان عن فتح بن شخرف عن رجاء وجواب هذا ان ابا ذر كان من الاشاعرة المبغضين وهو اول من ادخل الحرم مذهب الاشعرى ولا يقبل جرحه لحنبلى يعتقد كفره واما عبد الواحد الاسدى فهو ابن برهان وكان معتزليا قال الخطيب كان ابن برهان يذكر انه سمع من ابن بطة ولم يرو شيئا وانما كانت له معرفة بالنحو واللغة وقال ابن عقيل كان ابن برهان يختار مذهب مرجئة المعتزلة وينفى

الخلود فى حق الكفار ويقول دوام العقاب فى حق من لا يجوز عليه التشفى لا وجه له مع ما قد وصف به نفسه من الرحمة وهذا انما يوجد فى الشاهد لما يعترى الغضبان من طلب الانتقام وهذا يستحيل فى حقه قال ابن عقيل وهذا كلام نرده على قائله ما قد ذكره وذكل انه اخذ صفات البارى من صفات الشاهد وذكر ان المثير للغضب ما يدخل على قلب الغضبان من غليان الدم طلبا للانتقام واوجب بذلك منع دوام العقاب حيث لا يوجد فى حقه سبحانه التشفى والشاهد يرد عليه ما ذكره لان المانع من التشفى علبه الرحمة والرأفة وكلاهما رفعه طبع وليس البارى بهذا الوصف ولا رحمته وغضبه من اوصاف المخلوقين بشىء وهذا الذى ذكره من عدم التشفى وفورة الغضب كما يمنع دخوله عليه من الدوام يمنع من دخوله ووصفه ينبغى بهذه الطريقة ان يمنع اصل الوعيد ويحيله فى حقه سبحانه كسائر المستحيلات عليه ولا يختلف نفس وجودها ودوامها فلا افسد اعتقادا ممن أخذ صفات الله من صفاتنا وقاس افعاله على افعالنا قال المصنف فمن كان اعتقاده يخالف اجماع المسلمين فهو خارج عن الاسلام فكيف يقبل قوله وقال محمد بن عبد الملك الهمذانى كان ابن برهان يميل الى المرد الملاح ويقبلهم وروى الخطيب عن ابى القاسم التنوخى قال اراد ابى ان يخرجنى من عكبرا الاسمع من ابن بطة كتاب المعجم للبغوى فجاءه ابو عبد الله بن بكير وقال له لا تفعل فان ابن بطة لم يسمع المعجم من البغوى وجواب هذا من ثلاثة اوجه احدها ان التنوخى كان معتزليا يميل الى الرفض فكيف يقبل قوله فى سنى والثانى ان هذه الشهادة على نفى فمن اين له انه لم يسمع واذا قال ابن بطة سمعت فالاثبات مقدم والثالث من اين له انه ان كان لم يسمع انه يرويه فمن الجائز انه لو مضى اليه قال له ليس بسماعى وانما ارويه اجازة فما ابله هذا الطاعن بهذا انما وجه الطعن ان يقول قد رواه وليس بسماعه قال الخطيب وحدثنى ابو الفضل ابن خيرون قال رأيت كتاب ابن بطة بمعجم البغوى فى نسخة كانت لغيره قد حك سماع وكتب سماعه عليها قال انظر الى طعن المحدثين اتراه اذا حصلت للانسان نسخة فحك اسم صاحبها

وكتب سماع نفسه وهى سماعه ايوجب هذا طعنا ومن اين له انه لم يعارض بهذا اصل سماعه ولقد قرأت بخط ابى القاسم ابن الفراء اخى القاضى ابى يعلى قال قابلت اصل ابن بطة بالمعجم فرأيت سماعه فى كل جزء الا انى لم ار الجزء الثالث اصلا
واخبرنا اسمعيل بن احمد السمرقندى اخبرنا ابو القاسم على بن احمد بن البسرى عن ابى عبد الله بن بطة قال كان لأبى ببغداد شركاء وفيهم رجل يعرف بابى بكر فقال لأبى ابعث الى بغداد ابنك ليسمع الحديث فقال ابنى صغير فقال انا احمله معى فحملنى الى بغداد فجئت الى ابن منيع وهو يقرأ عليه الحديث فقال لى بعضهم سل الشيخ يخرج اليك معجمة فسألت ابنه او ابن بنته فقال انه يريد دراهم فأعطيناه ثم قرأنا عليه كتاب المعجم فى نفر خاص فى مدة عشرة ايام او اقل او اكثر وذلك فى سنة خمس عشرة او ست عشرة واذكره وقد قال حدثنا اسحاق بن اسمعيل الطالقانى فى سنة اربع وعشرين ومائتين فقال المستملى خذوا هذا قبل ان يولد كل محدث على وجه الارض وسمعت المستملى وهو ابو عبد الله بن مهران يقول له من ذكرت يا ثلث الاسلام قال المصنف فاذا كان ابن بطة يقول سمعت المعجم وقد ثبت صدقه وروى سماعه فكيف يدفع هذا بنفى فيقال ما سمع فالقادح بهذا لا يخلوا ما ان يكون قليل الدين او قليل الفهم فيكون مارأى سماعه فى نسخة او مارآه حاضرا مع طبقته فينفى عنه السماع قال الخطيب وحدثنى عبد الواحد بن برهان قال قال لى محمد بن ابى الفوارس روى ابن بطة عن البغوى عن مصعب عن مالك عن الزهرى عن انس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال طلب العلم فريضة على كل مسلم قال الخطيب هذا باطل من حديث مالك والحمل فيه على ابن بطة قال المصنف وجواب هذا من وجهين احدهما ان هذا لا يصح عن ابن برهان قال شيخنا ابو محمد عبد الله بن على المقرئ شاهدت بخط الشيخ ابى القاسم بن برهان وكان الخط بيد الشيخ ابى الكرم النحوى بما حكاه عنى احمد بن ثابت الخطيب من القدح فى الشيخ الزاهد ابى عبد الله

ابن بطة لا اصل له وهو شيخى وعنه أخذت العلم فى البداية والثانى انه لو صح فقد ذكرنا القدح فى ابن برهان فيقال حينئذ للخطيب لم قبلت قول من يعتقد مذهب المعتزلة وان الكفار لا يخلدون فيخرج بذلك الى الكفر بخرقه الاجماع فيمن شهدت له بالسفر الطويل وطلب العلم وحكيت عن العلماء انه الصالح المجاب الدعوة أفلا تستحيى من الله ان تجعل الحمل عليه فى حديث ذكره عنه ابن برهان ولا تجعل الحمل على ابن برهان نعوذ بالله من الهوى توفى عبد الله ابن بطة بعكبرا فى محرم هذه السنة
311 - على بن عبد العزيز ابن مردك ابو الحسن البرذعى حدث عن عبد الرحمن بن أبى حاتم وغيره وكان احد الباعة الكبار ببغداد فترك الدنيا ولزم المسجد واشتغل بالعبادة واريد على الشهادة فامتنع وتوفى فى محرم هذه السنة
312 - على بن محمد ابن احمد بن شوكر ابو الحسن المعدل سمع البغوى وابن صاعد روى عنه الخلال والتنوخى وكان ثقة كتب الناس عنه بانتخاب الدارقطنى توفى فى هذه السنة
313 - على ابو الحسن الملقب فخر الدولة بن ابى الملقب ركن الدولة بن بويه اقطعه ابوه بلدانا وكان فى ملك فلما توفىاخوه مؤيد الدولة كتب اليه الصاحب ابن عباد يأمره بالاسراع فأسرع وملك مكان اخيه واستوزر الصاحب وكان شجاعا ولقبه الطائع بفلك الامة وتوفى فى شعبان هذه السنة وكانت امارته ثلاث عشرة سنة وعشرة اشهر وسبعة وعشرين يوما وكان عمره ستا واربعين سنة وخمسة ايام وكان حين اشتد مرضه قد صعد به الى قلعة فبقى فيها اياما يعلل ثم مات وكانت الخزائن مغلقة محتومة وقد جعلت مفاتيحها فى كيس من حديد وسمره وحصلت

عنده ولده رستم فلم يوجد له فى ليلة وفاته ما يكفن فيه وتعذر النزول الى البلد لشدة شغب وقع بين الجند فابتيع من قيم الجامع الذى تحت القلعة ثوب ولف فيه وكان قد اراح لتشاغل الناس باختلاف الجند فلم يمكنهم لذلك القرب منه ولا مباشرة دفنه فشد بالحبال وجر على درج القلعة من بعد حتى تقطع وكان يقول فى حياته قد جمعت من الاموال لولدى ما يكفيهم ويكفى عسكرهم خمس عشرة سنة اذا لم يكن لهم مادة الا من الحاصل وكان قد ترك الفى الف دينار وثمانمائة الف وخمسة وسبعين الفا ومائتين واربعة وثمانين دينارا وكان فى خزانته من الجوهر والبواقيت واللؤلؤ والبلخش اربع عشرة الف وخمسمائة وعشرين قطعة قيمتها ثلاثة آلاف الف دينار ومن اوانى الذهب ما وزنه الف الف دينار ومن اوانى الفضة ما وزنه ثلاثة آلاف الف ومن الثياب ثلاثة آلاف حمل وخزانة السلاح الفا حمل وخزانة الفرش الف وخمسمائة حمل
314 - محمد بن احمد
ابن اسمعيل بن عنبس بن اسمعيل ابوالحسين الواعظ المعروف بابن سمعون ولد فى سنة ثلثمائة وروى عن عبد الله بن ابى داود السجستانى ومحمد بن مخلد الدورى وخلق كثير واملى الحديث وكان يعظ الناس ويقال له الناطق بالحكمة وله كلام حسن وتدقيق فى باب المعاملات وكانت له فراسة وكرامات فحكى ان الرصاص الزاهد كان يقبل رجل ابن سمعون دائما فلا يمنعه فقيل له فى ذلك فقال كان فى دارى صبية خرج فى رجلها الشوكة فرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فى النوم فقال لى قل لابن سمعون يضع رجله عليها فانها تبرأ فلما كان من الغد بكرت اليه فرأيته قد لبس ثيابه فسلمت عليه فقال بسم الله فقلت لعل له حاجة امضى معه واعرض عليه فى الطريق حديث الصبية فجاء الى دارى فقال بسم الله فدخلت واخرجت الصبية اليه وقد طرحت عليها شيئا فترك رجله

عليها وانصرف وقامت الجارية معافاة فانا اقبل رجله ابدا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال حدثنى رئيس الرؤساء ابو القاسم على بن الحسن قال حدثنى ابو طاهر محمد بن على بن العلاف قال حضرت ابا الحسين بن سمعون يوما فى مجلس الوعظ وهو جالس على كرسيه يتكلم وكان ابو الفتح القواس جالسا الى جنب الكرسى فغشيه النعاس ونام فأمسك ابو الحسين عن الكلام ساعة حتى استيقظ ابو الفتح ورفع رأسه فقال له ابو الحسين رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فى نومك قال نعم فقال ابو الحسين لذلك امسكت عن الكلام خوفا ان تنزعج وتنقطع ما كنت فيه قال وحدثنى رئيس الرؤساء قال حكى لى ابو على بن ابى موسى الهاشمى قال حكى دجى مولى الطائع لله قال امرنى الطائع ان اوجه الى ابن سمعون فاحضره دار الخلافة ورأيت الطائع على صفة من الغضب وكان ذا حدة فبعثت الى ابن سمعون وانا مشغول القلب لأجله فلما حضرا علمت الطائع حضوره فجلس مجلسه واذن له فى الدخول فدخل وسلم عيله بالخلافة ثم أخذ فى وعظه فأول ما ابتدأ به ان قال روى عن أمير المؤمنين على بن ابى طالب رضي الله عنه وذكر خبرا واحاديث بعده ثم قال روى عن امير المؤمنين على بن ابى طالب كرم الله وجهه وذكر عنه خبرا ولم يزل يجرى فى ديوان الوعظ حتى بكى الطائع وسمع شهيقه وابتل منديل بين يديه بدموعه وامسك ابن سمعون حينئذ ودفع الى الطائع درجا فيه طيب وغيره فدفعته اليه وانصرف وعدت الى حضرةالطائع فقلت يا مولاى رأيتك على صفة شديدة من الغضب على ابن سمعون ثم انتقلت عن تلك الصفة عند حضوره فما السبب فقال رفع الى عنه انه يتنقص بعلى بن أبى طالب فأحببت ان اتيقن عند حضوره لأقابله عليه ان صح منه فلما حضر بين يدي افتتح كلامه بذكر على بن ابى طالب والصلاة عليه واعاد وابدأ فى ذلك وقد كان له مندوحة فى الرواية عن غيره وترك الابتداء به فعلمت انه وقف لما تزول به عنه الظنة وتبرأ ساحته عندى ولعله كوشف بذلك او كما قال وقد ذكرنا لابن سمعون قصة مع عضد الدولة

قد سبقت
اخبرنا ابو المعمر الانصارى اخبرنا محفوظ بن احمد قال قال لنا ابو على الحسن بن غالب الحربى سمعت ابا سعد احمد بن المنازل البزاز يقول سمعت عمى محمد بن احمد يقول رأيت فى المنام رسول الله صلى الله عليه و سلم فى جامع الخليفة والى جنبه رجل متكهل فسألت عنه فقيل هو عيسى بن مريم وهو يقول للنبى صلى الله عليه و سلم أليس من أمتى الأحبار أليس من امتى الرهبان أليس من امتى اصحاب الصوامع مع فدخل ابو الحسين بن سمعون فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم فى امتك مثل هذا فسكت وانتبهت وحكى ابن الهمذانى ان ابن سمعون ذكر على كرسيه فى ليلة النصف من رمضان الحلوا وكانت مزنة جارية ابى سعيد الصائغ حاضرة وهو تاجر مشهور بكثرة المال ومنزله بدرب رياح فلما امسى أتاه غلام ومعه خمسمائة خشكنا نكة فكسر واحدة فوجد فيها دينارا فكسر الجميع واخرج الدنانير وحملها بنفسه الى ابى سعيد الصائغ وقال قد جئتك فى سبب وأريد ان يكون جوابك قبول قولى وان لا تنكر على اهل الدار واخبره بالدنانير فقال له ابو سعيد اعيذك بالله ان يحضر مجلسك من فيه ريبة والله ما تركت المرأة الدنانير الا بحضرتى وتساعدنا جميعا على هذا العمل
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا احمد بن محمد العتيقى قال سنة سبع وثمانين وثلثمائة توفى فيها ابو الحسين ابن سمعون يوم النصف من ذى القعدة وكان ثقة مأمونا قال ابن ثابت وذكر لى غير العتيقى انه توفى يوم الخميس الرابع عشر من ذى القعدة ودفن بداره بشارع العتابيين فلم يزل هناك مدفونا حتى نقل يوم الخميس الحادى عشر من رجب سنة ست وعشرين واربعمائة فدفن بباب حرب قال المصنف صلى على ابن سمعون فى جامع المنصور ثم دفن فى داره سنين ثم أخرج الى مقبرة احمد واكفانه لم تبل
315 - محمد بن احمد ابن محمد ابو عمر الانماطى المروزى قدم بغداد حاجا فى سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة

وحدث بها عن ابى العباس الاصم وقد اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب حدثنا العتيقى عنه
316 - محمد بن احمد

ابن محمد بن الحسن ابو الفتح الخواص
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال قال ابو بكر احمد بن سليمان بن على المقرئ كان هذا الخواص شيخا فاضلا حضر عند ابى اسحاق الطبرى فسمعت منه
317 - محمد بن احمد
ابن محمد بن جعفر ابوالحسن الادمى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال قال لى ابو طاهر حمزة بن محمد لم يكن الآدمى هذا صدوقا فى الحديث كان يسمع لنفسه فى كتب لم يسمعها فسألت البرقانى عنه فقال ما علمت منه الاخير اكان قديما غير انه كان يطلق لسانه فى الناس ويتكلم فى ابن المظفر والدارقطنى
318 - موسى بن عيسى ابن عبد الله ابو القاسم السراج ولد سنة خمس وتسعين ومائتين سمع الباغندى وابن أبى داود وروى عنه الازهرى والعتيقى وكان ثقة مأمونا توفى فى محرم هذه السنة
319 - نوح بن منصور ابن نوح بن نصر بن احمد بن اسماعيل ابو القاسم السامانى كان ملك خراسان وغزنة وما وراء النهر ولى وله ثلاثة عشر سنة فبقى واليا احدى وعشرين سنة وتسعة اشهر وتوفى فى رجب هذه السنة فولى بعده ابنه ابو الحارث

منصور فبقى سنة وتسعة اشهر ثم قبض عليه خواصه واجلسوا اخاه عبد الملك فقصدهم محمود بن سبكتكين فكسرهم وهربوا منه الى بخارا ثم اتاهم ايلك مظهرا لنصرتهم فقبض عليهم وعلى جميع السامانية فى سنة تسع وثمانين وانقرض ملكهم وكان ملكهم مائة سنة وسنتين وشهورا سنة 388

ثم دخلت سنة ثمان وثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان القادر بالله قبض على ابى الحسن على بن عبد العزيز فى يوم السبت لليلة بقيت من رمضان وقلد كتابته ابا العلاء سعيد بن الحسن بن تريك فاقام على خدمته نيفا وسبعين يوما ثم صرفه واعاد ابا الحسن
وفى يوم الخميس خامس عشر ذى الحجة وافى برد شديد وجمد الماء منه جمودا ثخينا لم يعهد مثله حتى جمدت جوب الحمامات وبول الدواب والخيل والنبيذ
وفى هذه السنة جلس القادر بالله للرسولين الواردين من ابى طالب رستم بن فخر الدولة وابى النجم بدر بن حسنويه وكنى ابا طالب ولقبه مجدالدولة وكهف الامة وكنى ابا النجم ولقبه نصر الدولة وعهد لابى طالب على الرى واعمالها وعقد له لواء وحمل اليه الخلع السلطانية الكاملة وعهد لبدر على اعماله وتصرف بالجبل وعقد له لواء وحمل اليه الخلع الجميلة وذلك بسؤال بهاء الدولة وكتابه فاما مجد الدولة فانه لبس الخلع وتلقب واما بدر فقد كان سأل ان يلقب بناصر الدولة فلما عدل به عنه توقف عن اللقب ثم اجيب فيما بعد سؤاله فلقب بناصر الدين والدولة
وفيها هرب عبد الله بن جعفر المعروف بابن الوثاب من الاعتقال وكان منتسبا الى الطائع فلما قبض على الطائع وخلع هرب هذا وتنقل فى البلاد وصار الى البطيحة واقام عند مهذب الدولة ثم خرج وتنقل فنفذ القادر من احضره

مقبوضا عليه وحبس ثم هرب فمضى الى كيلان وادعى انه هو الطائع لله وذكر لهم علامات عرفها بحكم انسه بدار الخلافة فقبلوه وعظموه وزوجه محمد بن العباس احد امرائهم ابنته وشد منه واقام له الدعوة فى بلده وأطاعه اهل نواح أخر وأدوا اليه العشر الذى يؤدونه الى من يتولى امر دينهم ثم ورد قوم منهم الى بغداد فانكشف لهم حاله فانصرف عنهم

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
320 - الحسين بن احمد
ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن بكير ابو عبد الله الصيرفى ولد سنة سبع وعشرين وثلثمائة وسمع اسمعيل الصفار وابا عمرو بن السماك والنجاد والخلدى وابا بكر الشافعى روى عنه ابن شاهين والازهرى والتنوخى وكان حافظا وروى حديثا فكتبه عنه الدارقطنى وابن شاهين
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال قال لى الازهرى كنت احضر عند ابى عبد الله ابن بكير وبين يديه اجزاء كبار قد خرج فيها احاديث فانظر فى بعضها فيقول ايما احب اليك تذكرلى متن ما تريد من هذه الاحاديث حتى اخبرك باسناده او تذكرلى اسناده حتى اخبرك بمتنه فكنت اذكر له المتون فيخبرنى بالاسانيد من حفظه كما فى كتابه وفعلت هذا مرارا كثيرة قال وكان ثقة فحسدوه فتكلموا فيه قال الخطيب وممن تكلم فيه ابن ابى الفوارس فقال كان يتساهل فى الحديث ويلحق فى اصول الشيوخ ما ليس فها ويصل المقاطيع ويزيد الاسماء فى الاسانيد توفى فى ربيع الاخر من هذه السنة
321 - عبد العزيز بن يوسف
الحكار ابو القاسم كان كاتب الانشاء لعضد الدولة ثم وزر لابنه بهاء
الدولة خمسة اشهر وكان يقول الشعر وتوفى فى شوال هذه السنة

322 - صمصام الدولة ابن عضد الدولة خرج عليه ابو نصر بن بختيار فاراد الصعود الى القلعة فلم يفتح له حافظها فراسل الاكراد وتوثق فيهم وسار معهم بخزائنه وذخائره فلما بعدوا به عطفوا فنهبوا جميع ما صحبه وهرب فوافاه اصحاب ابن بختيار فقتلوه وذلك فى ذى الحجة من هذه السنة وكانت مدة عمره خمسا وثلاثين سنة وسبعة اشهر وترك رأسه فى طست بين يدى ابن بختيار فقال هذه سنة سنها ابوك
323 - عبيد الله بن عمرو ابن محمد بن المنتاب ابو القاسم الهمذانى ولد سنة احدى وثلثمائة وسمع ابن صاعد وابن السماك روى عنه التنوخى والعتيقى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
324 - محمد بن احمد
ابن ابراهيم ابو الفرج المقرئ المعروف بغلام الشنبوذى ولد فى سنة ثلثمائة وروى عن ابى الحسن بن شنبوذ وغيره كتبا فى القراءات وتكلم الناس فى رواياته واساء الدارقطنى القول فيه والثناء عليه
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سمعت ابا الفضل عبيد الله بن احمد بن على الصيرفى يذكر ابا الفرج الشنبوذى فعظم امره ووصف علمه بالقراءات وحفظه للتفسير وقال سمعته يقول احفظ خمسين الف بيت من الشعر شواهد للقرآن توفى ابو الفرج الشنبوذى فى صفر هذه السنة وقيل فى سنة سبع وثمانين
325 - محمد بن احمد

ابن محمى ابو بكر الجوهرى ولد سنة احد وثلثمائة وسمع البغوى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سألت الازهرى عنه فقال ثقة وكذلك قال العتيقى ثقة مأمون توفى فى شعبان هذه السنة

326 - محمد بن الحسن ابن احمد بن قشيش ابو بكر السمسار سمع اسمعيل بن محمد الصفار وابا عمرو بن السماك وابا بكر النجاد والخلدى وكان صدوقا من اهل القرآن ويذهب فى الفقه مذهب احمد بن حنبل وتوفى اول محرم هذه السنة
327 - محمد بن الحسن

ابن جعفر بن محمد البحيرى قدم بغداد وحدث بها روى عنه القاضى ابو العلاء
الواسطى
328 - محمد بن الحسن ابن عبدان بن الحسن بن مهران ابو بكر سمع البغوى وابن صاعد والمحاملى اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى عنه عبيد الله بن احمد بن عثمان الصيرفى وسالته عنه فقالت أكان ثقة فقال فوق الثقة توفى فى هذه السنة
329 - محمد بن الحسن ابن محمد بن احمد بن محمويه حدث ببغداد عن البغوى وابن مجاهد وأبى داود روى عنه القاضى ابو عبد الله الصيمرى
330 - محمد بن الحسن ابن المظفر ابو على اللغوى المعروف بالحاتمى روى عن أبى عمر الزاهد وغيره اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى عنه على بن المحسن التنوخى قال لى مات يوم الاربعاء لثلاث بقين من ربيع الاخر من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة تسع وثمانين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه انقض فى يوم الاحد لعشر بقين من ربيع الاول كوكب

كبير ضحوة النهار وفى يوم الخميس للنصف من جمادى الاولى خلع على الشريف ابى الحسن محمد بن على الحسن الزينبى ولقب نقيب النقباء وقد كانت جرت عادة الشيعة في الكرخ وباب الطاق بنصب القباب وتعليق الثياب واظهار الزينة فى يوم الغدير واشعال النار فى ليلته ونحر جمل فى صبيحتة فارادت الطائفة الاخرى ان تعمل فى مقابلة هذا شيئا فادعت ان اليوم الثامن من يوم الغدير كان اليوم الذى حصل النبى صلى الله عليه و سلم فى الغار وابو بكر معه فعملت فيه مثل ما عملت الشيعة فى يوم الغدير وجعلت بازاء يوم عاشوراء يوما بعده بثمانية ايام نسبته الى مقتل مصعب بن الزبير وزارت قبره بمسكن كما يزار قبر الحسين عليه السلام وكان ابتداء ما عمل يوم الغار يوم الجمعة لاربع بقين من ذى الحجة
وفى هذه السنة وافى برد شديد مع غيم مطبق وريح معزق متصلة فهلك من النخل فى سواد بغداد الوف كثيرة وسلم ما سلم ضعيفا فلم يرجع الى حاله وحمله الا بعد سنين
وفيها حج بالناس ابو الحارث محمد بن محمد بن عمر وكذلك الى سنة ثلاث وتسعين وحج الشريفان الرضى والمرتضى واعتاقهم ابن الجراح الطائى فاعطوه تسعة آلاف دينار من اموالهم

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
331 - الحسن بن على ابن احمد بن عون ابو محمد الحريرى سمع القاضى المحاملى وحدث عنه العتيقى وقال توفى فى جمادى الاولى من سنة تسع وثمانين وثلثمائة وكان ثقة
332 - زاهر بن احمد ابن محمد بن عيسى ابو محمد السرخسى الفقيه المحدث شيخ عصره بخراسان قرأ على

ابن مجاهد وسمع البغوى وابن صاعد وغيرهما وتفقه على ابى اسحاق المروزى وتعلم الادب من أبى بكر ابن الانبارى وتوفى فى ربيع الاخر من هذه السنة وهو ابن ست وتسعين سنة
333 - عبيد الله بن محمد ابن اسحاق بن سليمان بن مخلد بن ابراهيم بن مروان ابو القاسم البزاز ويعرف بابن حبابة ولد ببغداد سنة تسع وتسعين ومائتين وسمع البغوى وابن أبى داود وكان ثقة مامونا وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة وصلى عليه ابو حامد الاسفراينى ودفن فى تربة ملاصقة بسور باب البصرة مقابل جامع المنصور
334 - عبد الله بن عتاب ابن محمد بن عبد الله ابو القاسم العبدى سمع الحسين بن اسمعيل المحاملى روى عنه ابو العلاء الواسطى وانتقى عليه الدارقطنى جزءا وكان ثقة مأمونا توفى فى هذه السنة
335 - عبيد الله بن خليفة ابن شداد ابو احمد البلدى روى عنه الازهرى وكان صدوقا ثقة توفى فى ربيع الاول من هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة تسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ظهر فى ارض سجستان معدن الذهب كانوا يحفرون فيه آبارا ويخرجون من التراب الذهب الاحمر
وفيها فى يوم الخميس لسبع بقين من شوال قلد القاضى ابو عبد الله الحسين بن هارون الضبى مدينة المنصور مضافة الى الكرخ والكوفة وشقى الفرات وقلد القاضى ابو محمد عبد الله ابن محمد الاكفانى الرصافة واعمالها عوضا عن

المدينة التى كان يليها وقلد القضاء ابو الحسن الخرزى طريقى دجلة وخراسان مضافا الى عمله بالحضرة وقرئت عهودهم على ذلك وولى ابو خازم محمد بن الحسن الواسطى القضاء بواسط واعمالها وقرئ عهده بالموكب بدار الخلافة وكتب الامام القادر بالله لمحمد بن عبد الله بن الحسن وقد ولاه بلاد جيلان كتابا اختصرته وفيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله احمد الامام القادر بالله امير المؤمنين الى محمد بن عبد الله بن الحسن حين بلا حقائق اخباره واستشعر مواقع آثاره وانهى الى امير المؤمنين رسوخه فى العلم وسمته بالفهم فاستخار الله عز و جل فيما يعتمده عليه وسأله التسديد فيما يفوضه اليه فقلده الصلاة والخطابة على المنابر والقضاء والحكم ببلاد جيلان اسودها وابيضها وما توفيق امير المؤمنين الا بالله عليه توكله اليه فى كل حال موئله وحسب امير المؤمنين الله ونعم الوكيل امره بخشية الله فانها مزية العلماء ومراقبته فانها خاصة الادباء وتقواه ما استطاع فانها سكة من اطاع وجنة من تجاذبه الاطماع وان يأخذ لامر الله أهبته ويعدله عدته ولا يترخص فيه فيفرط ولا يضيع وظيفة من وظائفه فيتورط وان يستعمل نفسه فى المهل ويؤذنها بقرب الاجل ولا يغرها انه منظر وان عصى فيغفر فقد قال الله تعالى حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذى الطول لا اله الا هو اليه المصير وامره بقراءة القرآن وتلاوته والمحافظة عليه ودراسته وامره بمداومة الطهر فانه أمان من الفقر ولا يقنع به فى الجوارح او أن يكون مثله فيما بين الجوائح فان النقاء هناك هو النقاء الذى يتم به البهاء وحينئذ تكمل الطهارة وتزول الادران وامره بمراعاة مواقيت الصلاة للجمع فاذا حانت سعى اليها واذا وجبت جميع اليها بالأذان الذى يسمع به مؤذنوه الملأ والاقامة الذى يقوم به فرض الله عز و جل وامره بالاحسان فى الموعظة مستقصيا للمناصحة وامره بالنداء على المنابر وفى سائر المحافل والمعاقل بالشعار إلا على والفرض الا وفى من ذكر

دولة امير المؤمنين وحث الامة على طاعته اجمعين قال الله عز و جل اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم وان يديم التصفح لأحوال البلاد التى ولى فيها ما وليه من قواعد الشريعة وليقابل نعمة الله بشكر الصنيعة فان وجد فيها نافرا عن فريضة الدعوة الشريفة القادرية اجتذبه اليها بالموعظة الحسنة والدلالة الصريحة فان استبصر لرشده وراجع المفروض بجهده فقد فاز وغنم وان تشاوس وعند استنفر عليه الامم وقمعه بما يوجبه الحكم وامره بصلوات الاعياد والخسوف والاستسقاء وأمره ان يكون لامر الله متأهبا ولنزول الموت مترقبا ولطروقه متوقعا وأمره ان لا يخلى عن ما فوضه اليه من ظهير يستنيبه وأمره أن يتبع شرائع الاسلام وان يواصل تلاوة القرآن ويستنبط منه ويهتدى به فانه جلاء للبصائر ومنار الحكم ولسان البلاغة وامره ان يخلى ذهنة اذا انتدب للنظر ويقضى امامه كل وطر ويأخذ لجوارحه بحفظ بقيتها فان القلب اذا اكتنفه المآرب يعرض له التعب وامره بالجلوس للخصوم فى مساجد الجوامع ليتساووا فى لقائه وان يقسم لحظه ولفظه بين جمهورهم وأمره بالنظر فى الامور بالعدل وامره بانتخاب الشهود والفحص عن احوالهم وأمره بالتناهى فى تفقد الايتام فانهم أسراء الاسلام وامره بتعهد الوقوف واجراء احوالها على ما يوجبه التوقيف من أربابها هذا عهد امير المؤمنين اليك وحجته المنعم بها عليك وتذكرته المستودعة فوائد توفيقه فانصب لمحاورته واصخ لمخاطبته واغرس مواعظه فى قلبك تجن من ثمرها الفوز عند ربك وكتب على بن عبد العزيز بن ابراهيم فى شهر ربيع الاول سنة تسعين وثلثمائة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
336 - احمد بن محمد ابن ابى موسى ابو بكر الهاشمى القاضى ولد سنة خمس عشرة وثلثمائة سمع من

جماعة وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطنى وكان مالكى المذهب ثقة مأمونا وتقلد قضاء المدائن وسر من رأى ونصيبين وديار ربيعة وغيرها من البلاد وتولى خطابة جامع المنصور مدة وتوفى فى محرم هذه السنة ودفن فى داره
337 - عبيد الله بن عثمان ابن يحيى ابو القاسم الدقاق المعروف بابن جنيقا كذا ذكره الخطيب بالنون وهو جد القاضى ابى يعلى ابن الفراء لأمه قال ابو على البردانى قال لنا القاضى ابو يعلى الناس يقولون جنيقا بالنون وهو غلط انما هو جليقا باللام روى عنه الازهرى والعتيقى وكان صحيح السماع ثبت الرواية قال محمد بن ابى الفوارس كان ثقة مأمونا حسن الخلق ما رأينا مثله فى معناه وتوفى فى رجب هذه السنة
338 - الحسين بن محمد ابن خلف ابو عبد الله الفراء احد الشهود المعدلين وهو والد القاضى ابى يعلى حدث عن جماعة روى عنه ابنه ابو خازم محمد بن الحسين وكان رجلا صالحا على مذهب ابى حنيفة توفى فى شعبان هذه السنة
339 - عبد الله بن احمد ابن على بن ابى طالب ابو القاسم البغدادى ولد سنة سبع وثلثمائة ونزل مصر وروى بها الحديث عن جماعة فسمع عنه عبد الغنى بن سعيد وكان ثقة وتوفى فى محرم هذه السنة

340 - عمر بن ابراهيم ابن احمد ابو حفص المقرئ المعروف بالكتانى ولد سنة ثلثمائة وسمع البغوى وابن صاعد وابن مجاهد وغيرهم روى عنه الازهرى والخلال وكان ثقة ينزل ناحية نهر الدجاج وتوفى في رجب هذه السنة الجمعة الثامن والعشرين من شعبان هذه السنة
341 - علي بن عبد الله ابن محمد بن عبيد أبو الحسن الزجاج الشاهد حدث عن عن حبشون بن موسى الخلال روى عنه التنوخي وقال سمعته يقول ولدت في رمضان سنة خمس وتسعين ومائتين وكان نبيلا فاضلا من قراء القرآن وتوفي في هذه السنة
342 - محمد بن عبد الله ابن الحسن بن عبد الله بن هارون أبو الحسين الدقاق المعروف بابن أخي سمى سمع البغوي وروى عنه الأزهري والعشاري ولد يوم الثلاثاء عاشر صفر أربع وثلثمائة ولم يزل يكتب الحديث إلى أن مات وكان ثقة مأمونا دينا فاضلا وكان حسن الاخلاق مكث أربع وأربعين سنة لم ينم على ظهر سطح وتوفي ليلة الجمعة الثامن والعشرين من شعبان هذه السنة
343 - محمد بن عمر ابن يحيى بن الحسين بن احمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن على بن الحسين ابن على بن ابى طالب ابو الحسن العلوى الكوفى ولد فى سنة خمس عشرة وثلثمائة وسمع ابا العباس بن عقدة روى عنه ابو العلاء الواسطى والخلال سكن بغداد وكان المقدم على الطالبيين فى وقته مع كثرة المال والضياع وكان يخدم عضد الدولة وناب عن بنى بويه وكان داره تلى قصر بنى المأمون وكان عضد الدولة يغيظه منه كثرة ماله وعلو همته ونفوذ أمره ولما دخل عضد الدولة الى بغداد سنة سبعين قال له امنع العوام من لقائنا بالدعاء والصياح ففعل فعجب من

طاعة العوام له ولما ورد رسول القرامطة الى الكوفة امر عضد الدولة وزيره المطهر بن عبد الله ان يتقدم الى الشريف ابى الحسن ليكاتب نوابه بالكوفة بانزال الرسول واكرامه فتقدم بذلك سرا الى صاحبه وكتب على طائر كوفى بما رسم ووصل الطائر وكتب الجواب على بغدادى واتاه رسوله بالرقعة وما مضى غير ساعات فقال له الوزير امرك الملك عضد الدولة بأمر فأخرته فينبغى ان تنهض الى دارك وتقدم بمكاتبة نوابك حتى يعود الجواب فى اليوم السادس وتعرضه عليه فقال له قد كتبت وورد الجواب وعرضه عليه ودخل الى عضد الدولة فأخبره فانزعج لذلك وبلغه انه طوق قنينة بلور للشرب بحب قيمته مائة الف دينار فنقم عليه لذلك ورأى عضد الدولة فى روزنامج الف الف وثلثمائة الف باسم محمد بن عمر مما أداه من معاملاته بفارس فاعتقله بها واستولى على امواله فبقى فى الاعتقال سنين حتى اطلقه شرف الدولة ابو الفوارس ابن عضد الدولة فأقام معه وأشار عليه بطلب المملكة فتم له ذلك ودخل معه بغداد وتزايدت حاله فى ايامه ورفع ابو الحسن على بن طاهر عامل شقى الفرات الى شرف الدولة ان ابن عمر زرع فى سنة ثمان وسبعين ثمانمائة الف جريب وانه يستغل ضياعه الفى الف دينار فدخل ابن عمر على شرف الدولة فقال يا مولانا والله ما خاطبت بمولانا ملكا سواك ولا قبلت الارض لملك غيرك لأنك اخرجتنىمن محبسى وحفظت روحى ورددت على ضياعى وقد احببت ان اجعل النصف مما املكه لولدك وجميع ما يبلغك عنى صحيح فقال له شرف الدولة لو كان ارتفاعك اضعافه كان قليلا لك وقد وفرالله عليك مالك واغنى ولدى عن مداخلتك فكن على حالك وهرب ابن طاهر الى مصر فلم يعد حتى مات ابن عمر وصادر بهاء الدولة ابو نصر بن عضد الدولة الشريف ابا الحسن على الف الف دينار عينا وأخذ منه شيئا آخر واعتقله سنتين وعشرة اشهر ولزمه يوم اطلاقه تسعون الف دينار ثم استنابه ببغداد الوزير

ابو نصر سابور وأخد من تركته خمسين الف دينار ونصف املاكه وارتفع لورثته الفا كر ومائتان اصنافا وتسعة عشر الف دينار ثم نقل الى الكوفة فدفن بها انبأنا محمد بن عبد الباقى البزاز انبأنا ابو القاسم على بن المحسن عن ابيه قال حدثنى ابوالقاسم عبد الله بن احمد الاسكافى قال سمعت ابا الحسن محمد بن عمر العلوى يقول انه لما بنى داره بالكوفة وكان فيها حائط عظيم العلو فبينا البناء قائم على اعلاه لاصلاحه سقط الى الارض فارتفع الضجيج استعظاما للحال لان العادة لم تجر بسلامة من يسقط عن مثل ذلك الحائط فقام الرجل سالما لاقلبةبه واراد العود الى الحائط ليتم البناء على الحائط فقال له الشريف ابو الحسن قد شاع سقوطك من اعلى الحائط واهلك لا يصدقون سلامتك ولست احب ان يردوا الى بابى صوارخ فامض الى اهلك ليشاهدوا سلامتك وعد الى شغلك فمضى مسرعا فثر بعتبة الباب فسقط ميتا توفىالشريف لعشر خلون من ربيع الاول من هذه السنة وعمره خمس وسبعون سنة ودفن فى حجرة بدرب المنصور بالكرخ وحضرنا جنازته
344 - محمد بن يوسف ابن محمد بن الجنيد الكشى الجرجانى وكش قرية من قرى جرجان على طريق الجبل معروفة على ثلاثة فراسخ من جرجان سمع من ابى نعيم الاستراباذى ومكى بن عبدان وكان يفهم ويحفظ وحدث ببغداد وأملى بالبصرة وانتقل الى مكة فحدث بها سنين الى ان توفى فى هذه السنة بها
345 - المعافى بن زكريا ابن يحيى بن حميد بن حماد بن داود ابو الفرج النهرواتي القاضى المعروف بابن طراز ولد سنة خمس وثلثمائة وكان عالما بالنحو واللغة واصناف الآداب والفقه وكان يذهب مذهب محمد بن جرير الطبرى وحدث عن البغوى وابن صاعد وخلق كثير وكان ثقة وناب فى القضاء وهو صاحب كتاب الجليس

والانيس وكان ابو محمد يقول اذا حضر المعافى فقد حضرت العلوم كلها ولو ان رجلا اوصى بثلث ماله لأعلم الناس لوجب ان يدفع الى المعافى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال حدثنى احمد بن عمر ابن روح ان المعافى بن زكريا حضر فى دار بعض الرؤساء وكان هناك جماعة من اهل العلم والادب فقالوا له فى اي نوع من العلم نتذاكر فقال المعالى لذلك الرئيس خزانتك قد جمعت انواع العلوم واصناف الادب فان رأيت بأن تبعث بالغلام اليها وتأمره ان يفتح بابها ويضرب بيده الى اى كتاب قرب منها فيحمله ثم نفتحه وننظر فى اي نوع هو فنتذاكره ونتجارى فيه قال ابن روح وهذا يدل على ان المعافى كان له انس بسائر العلوم
واخبرنا ابو منصور القزاز قال اخبرنا ابن ثابت قال انشدنا ابو الطيب الطبرى قال انشدنا المعافى بن زكريا لنفسه ... الاقل لمن كان لىحاسدا ... أتدرى على من اسأت الأدب ... اسأت على الله فى مفعله ... لأنك لم ترض لى ما وهب ... فجازاك عنى بأن زادنى ... وسد عليك وجوه الطلب ...
توفى المعافى فى ذى الحجة من هذه السنة
346 - امة السلام بنت القاضى ابى بكر احمد بن كامل بن خلف بن شجرة وتكنى ام الفتح ولدت سنة ثمان وتسعين ومائتين فى رجب وسمعت محمد بن اسمعيل البصلانى ومحمد ابن الحسين بن حميد بن الربيع روى عنها الازهرى والتنوخى وابو يعلى ابن الفراء وغيرهم
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت الازهرى والتنوخى وذكرا امة السلام بنت احمد القاضى فأثنيا عليها ثناء حسنا ووصفاها بالديانة والعقل والفضل توفيت فى رجب هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة احدى وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان القادر بالله جلس للحاج الخراسانية واعلمهم انه قد جعل الامير ابا الفضل ابنه ولى عهده ولقبه الغالب بالله وقرئت عليهم الكتب المنشأة بذلك وحضر الاشراف والشهود والفقهاء وكان لهذا الولد يومئذ ثمانى سنين واربعة اشهر وايام وكتب الى البلاد ان يخطب له بعده وكان السبب فى هذه العجلة ان عبد الله بن عثمان الواثقى من ولد الواثق كان من الشهود وكانت اليه الخطابة فحدث بينه وبين القاضى ابى على التنوخى وحشة فقيل له لو استصلحته فقال انا مفكر كيف اطفىء شمع هذا الملك وآخذ ملكه ثم اتفق انه خرج الى خراسان واستغوى بعض السلاطين وانفق وهو ورجل آخر كبير القدر على ان افتعلا كتابا عن الخليفة بتقيلد الواثقى العهد بعده فخطب له بعد القادر وكتب الى القادر فغاظه ورتب ابا الفضل فى ولاية العهد واثبت فسق الواثقى ثم قدم بغداد مستخفيا ثم انحدر الى البصرة ثم مضى الى فارس وبلاد الترك ونفذت كتب القادر تتبعه فهرب الى خوارزم ثم قصد بعض السلاطين فرقاه الى قلعة فلم يزل بها حتى مات
وفى يوم الجمعة الخامس من جمادى الآخرة توفى القاضى ابو الحسن عبد العزيز ابن احمد الخرزى واقر ابنه ابو القاسم على عمله وقرئ عهده بذلك فى يوم الاثنين لليلة بقيت منه ثم صرف بعد مديدة قريبة
وفى يوم الخميس ثامن عشر ذى القعدة ولد الامير ابو جعفر عبد الله بن القادر بالله وهو القائم
وفيها حج بالناس ابو الحارث محمد بن محمد بن عمر العلوى
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
347 - جعفر بن الفضل

ابن جعفر بن محمد بن الفرات ابو الفضل المعروف بابن حنزابة الوزير ولد فى ذى الحجة سنةثمان وثلثمائة ونزل مصر وتقلد الوزارة لأميرها كافور وكان ابوه وزير المقتدر وحدث عن محمد بن هارون الحضرمى وطبقته من البغداديين وكان يذكر انه سمع من البغوى مجلسا ولم يكن عنده فكان يقول من جاءنى به اغنيته وكان يملى الحديث بمصر فخرج اليه الدارقطنى واقام عنده مدة فصنف له المسند وحصل له من جهته مال كثير وروى عنه الدارقطنى فى كتاب المديح وغيره احاديث
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى محمد بن احمد اللخمى بالانبار قال انشدنى ابوالقاسم عمر بن عيسى المسعودى بمصر قال انشدنا الوزير ابو الفضل جعفر بن الفرات ابن حنزابة لنفسه ... من اخمل النفس احياها وروحها ... ولم يبت طاويا منها على ضجر ... ان الرياح اذا اشتدت عواصفها ... فليس ترمى سوى العالى من الشجر ...

توفي جعفر في ربيع الاول من هذه السنة
348 - الحسين بن احمد ابن الحجاج ابو عبد الله الشاعر كان من اولاد العمال والكتاب وكانت اليه حسبه بغداد فى ايام عز الدولة فاستخلف عليها ستة انفس كلهم لا خير فيه ثم تشاغل بالشعر وتفرد بالسخف الذى يدل على خساسة النفس فحصل الاموال به وصار ممن يتقى لسانه وحمل اليه صاحب مصر عن مديح مدحه به الف دينار مغربية وقد افرد ابو الحسن الرضى من شعره ما خلا عن السخف وهو شعر حسن

اخبرنا ابو الحسن محمد بن احمد الصائغ اخبرنا ابو على محمد بن وشاح قال انشدنا ابو عبد الله بن الحجاج لنفسه ... قالوا غدا العيد فاستبشر به فرحا ... فقلت مالى وما للعيد والفرح ... قد كان ذا و النوى لم تمس نازلة ... بعقوتى وغراب البين لم يصح ... ايام لم يخترم قربى المنون ولم ... يغد الشتات على شمل ولم يرح ... فاليوم بعدك قلبى غير منفسح ... لما يسر وصدرى غير منشرح ... وطائر ناح فى خضراء مؤنقة ... على شفا جدول بالعشب متشح ... بالعمر من واسط والليل ما هبطت ... فيه النجوم وضوء الصبح لم يلح ... بكى وناح ولولا انه شجن ... بشجو قلبى المعنى فيك لم ينح ... بينى وبينك ود ليس يخلقه ... بعد المزار وعهد غير مطرح ... فما ذكرتك والاقداح دائرة ... الا مزجت بدمعى باكيا قدحى ... ولا سمعت لصوت فيه ذكر نوى ... الا عصيت عليه كل مقترح ...
توفى ابن الحجاج بالنيل فى جمادى الآخرة من هذه السنة ورثاه الرضى بقوله ... نعوه على ضمن قلبى به ... فلله ماذا نعى الناعيان ... رضيع صفاء له شعبة ... من القلب مثل رضيع اللبان ... بكيتك للشرد السائرا ... ت تعبق الفاظها بالمعانى ... وما كنت احسب ان المنون ... تفل مضارب ذاك اللسان ... لبيك الزمان طويلا عليك ... فقد كنت خفة روح الزمان ...
ورءاه ابو الفضل ابن الخازن فى المنام بعد موته فقال ما صنع الله بك فقال

افسد حسن مذهبى ... فى الشعر سوء المذهب ... وحملى الجد على ... ظهر حصان اللعب ... لم يرض مولاى على ... بسب اصحاب النبى ... وقال لى ويلك يا ... احمق لم لم تتب ... من بغض قوم من رجا ... ولاء هم لم يخب ... رمت الرضى جهلا بما ... اصلاك نار الغضب ...
349 - عبد العزيز بن احمد ابو الحسن الخرزى القاضى كان يقضى بالمخرم وحريم دار الخلافة وباب الازج والنهروانات وطريق حراسان وكان على مذهب داود الاصفهانى وتقدم اليه وكيلان فى حكومة فاختصما فبكى احدهما فقال القاضى ارنى الوكالة فأراه اياها فتأملها ثم قال ما رأيت فيها انه جعل اليك ان تبكى عنه فنهض الوكيل وضحك الحاضرون توفى الخرزى فى هذه السنة
350 - عيسى بن الوزير على بن عيسى بن داود بن الجراح ابو القاسم ولد فى رمضان سنة اثنتين وثلثمائة وزر ابوه المعلوم فضله ونظر هو للطائع وكتب له وروى عن البغوى وابن ابى داود وابن صاعد وابن دريد وغيرهم وروى عنه الازهرى والخلال والصيمرى وغيرهم وكان ثبت السماع صحيح الكتاب واملى الحديث وكان عارفا بالمنطق فرموه بشىء من مذهب الفلاسفة
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن ثابت قال انشدنى ابو يعلى ابن الفراء قال انشدنى عيسى بن الوزير على بن عيسى لنفسه ... رب ميت قد صار بالعلم حيا ... ومبقى قد حاز جهلا وغيا ... فاقتنوا العلم كى تنالوا خلودا ... لا تعدوا الحياة فى الجهل شيا

اخبرنا محمد بن عبد الباقى عن ابى محمد الجوهرى قال انقطعت عن زيارة ابى القاسم عيسى بن على ثم قصدته فلما نظر الى قال ... رأيت جفاء الدهر لى فجفوتنى ... كأنك غضبانا على مع الدهر ...
قال وخرج الينا يوما فقال الله بيننا وبين على بن الجهم فقلت من هو على بن الجهم قال الشاعر قلت ورآه سيدنا قال لا ولكن له بيت آذانا به وانشدنا هذا ... ولا عار ان زالت عن الحر نعمة ... ولكن عار أن يزول التجمل ...

توفى عيسى فى هذه السنة ودفن فى داره
سنة 392 ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان العوام ثاروا فى يوم الاثنين سابع ربيع الآخر بالنصارى فنهبوا البيعة بقطيعة الدقيق وأحرقوها فسقطت على جماعة من المسلمين رجال وصبيان ونساء فهلكوا
وفى شعبان قبض على الموفق ابى على الحسن بن محمد بن اسمعيل وحمل الى القلعة وفى رمضان عظمت الفتنة ببغداد وكثرت العملات وانتشر الدعار
وفى ليلةالاربعاء لثمان بقين من رمضان طلع كوكب الذؤابة
وفى ليلة الاثنين ثالث ذى القعدة انقض كوكب كضوء القمر ليلة التمام ومضى الضياء وبقى جرمه يتموج نحو ذراعين في ذراع برأى العين وتشقق بعد ساعة
وفى يوم الثلاثاء الحادى عشر منه تكامل دخول الخراسانية بغداد وعبروا باسرهم الى الجانب الغربى ثم توقفوا عن التوجه نحو البلاد لفساد الطريق وانتشار العرب وعادوا الى بلادهم وبطل الحج من المشرق فى هذه السنة
وفى يوم الاثنين التاسع من ذى الحجة ولد الامير ابو الحسن وابو الحسين ابنا بهاء الدولة توأمين فعاش ابو الحسين بضع سنين ومات وبقى ابو على وملك الامرة بالحضرة فلقب مشرف الدولة

وزاد امر العيارين والفساد ببغداد وكان فيهم من هو عباسى وعلوى فواصلوا العملات واخذوا الاموال وقتلوا واشرف الناس معهم على خطه صعبة فبعث بهاء الدولة عميد الجيوش ابا على بن استاذ هرمز الى العراق ليدبر امورها فدخلها يوم الثلاثاء سابع عشر ذى الحجة فزينت له بغداد خوفا منه فكان يقرن بين العباسى والعلوى ويفرقها نهارا وغرق جماعة من حواشى الاتراك ومنع السنة والشيعة من اظهار مذهب ونفى بعد ذلك ابن المعلم فقيه الشيعة عن البلد فقامت هيبته

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
351 - اسمعيل بن سعيد ابن اسمعيل بن محمد بن سويد ابو القاسم المعدل من اهل الجانب الشرقى حدث عن ابن دريد وابن الانبارى والكوكبى وغيرهم قال حمزة بن محمد بن طاهر كان ثقة وقال الخطيب كان يلحق سماعه وقال ابن ابى الفوارس كان فيه تساهل فى الحديث والدين توفى فى محرم هذه السنة ودفن بالخيزرانية
352 - عثمان بن جنى ابو الفتح الموصلى النحوى اللغوى اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال عثمان بن جنى له كتب مصنفة فى علم النحو ابدع فيها واحسن منها التلقين واللمع والتعاقب فى العربية وشرح القوافى والمذكر والمؤنث وسر الصناعة والخصائص وغير ذلك وكان يقول الشعر ويجيد نظمه وابوه جنى كان عبدا روميا مملوكا لسليمان بن فهد بن احمد الازدى الموصلى وانشدنى يحيى بن على التبريزى لعثمان بن جنى ... فان اصبح بلا نسب فعلمى فعلمى فى الورى نسبى ... على أنى اؤول الى ... قروم سادة نجب ... قياصرة اذا نطقوا ... ارم الدهر فى الخطب

أولاك دعا النبى لهم ... كفى شرفا دعانى نبى ...
سكن ابن جنى بغداد ودرس بها العلم الى ان مات وكانت وفاته ببغداد على ما ذكر احمد بن على التوزى فى يوم الجمعة لليلتين بقيتا من صفر سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة
353 - على بن عبد العزيز ابو الحسن الجرجانى القاضى بالرى سمع الحديث الكثير وترقى فى العلوم فأقر له الناس بالتفرد وله اشعار حسان انبأنا ابو بكر محمد بن عبد الباقى البزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا عبد الله بن على بن حمويه اخبرنا احمد بن عبد الرحمن الشيرازى قال انشدنا القاضى ابو الحسن على بن عبد العزيز الجرجانى لنفسه ... يقولون لى فيك انقباض وانما ... رأوا رجلا عن موقف الذل احجما ... أرى الناس من داناهم هان عندهم ... ومن اكرمته عزة النفس اكرما ... ولم اقض حق العلم ان كان كلما ... بدا طمع صيرته لى سلما ... اذا قيل هذا منهل قلت قد أرى ... ولكن نفس الحر تحتمل الظما ... ولم ابتذل فى خدمة العلم مهجتى ... لأخدم من لاقيت لكن لأخدما ... أأشقى به غرسا واجنبه ذله ... إذن فاتباع الجهل قد كان احزما ... ولو أن اهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه فى النفوس لعظما ... ولكن اذلوه فهان ودنسوا ... محياه بالاطماع حتى تجهما ...
انشدنا ابو نصر احمد بن محمد الطوسى قال انشدنى ابو يوسف القزوينى قال انشدنى والدى قال انشدنى القاضى ابو الحسن على بن عبد العزيز الجرجانى لنفسه ... اذا شئت ان تستقرض المال منفقا ... على شهوات النفس فى زمن العسر ... فسل نفسك الاقراض من كيس صبرها ... عليك وانظارا الى زمن اليسر ... فان فعلت كنت الغنى وان ابت ... فكل ممنوع بعدها واسع العذر ...
اخبرنا اسمعيل بن احمد انبأنا سعد بن على الزنجانى كتابة من مكة قال انشدنى عبد الله بن محمد بن احمد الواعظ قال انشدنى قاضى القضاة على بن عبد العزيز

الجرجانى لنفسه ... ما تطعمت لذة العيش حتى ... صرن للنفس والكتاب جليسا ... ليس شىء اعز عندى من العلم ... فلم ابتغى سواه انيسا ... انما الذل فىمخالطة النا ... س فدعهم وعش عزيزا رئيسا ...
توفى على بن عبد العزيز فى هذه السنة بالرى وحمل تابوته الى جرجان فدفن بها
354 - محمد بن محمد ابن جعفر ابو بكر الدقاق الشافعى وكان ينوب فى القضاء عن ابى عبد الله الحسين ابن هارون الضبى وكانت فيه دعابة فحكى انه دخل الحمام بغير مئزر فبلغ ذلك الضبى فظن انه فعله لفقره فبعث اليه ميازر كثيرة فرئى بعد ذلك فى الحمام بغير مئزر فسأله الضبى عن سبب فعله فقال يا سيدى يأخذنى به ضيق النفس توفى الدقاق فى هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة فمن الحوادث فيها ان عميد الجيوش منع اهل الكرخ وباب الطاق فى عاشوراء من النوح فى الشاهد وتعليق المسوح فى الاسواق فامتنعوا ومنع اهل باب البصرة وباب الشعير من مثل ذلك فيما نسبوه الى مقتل مصعب بن الزبير بن العوام وقبض بهاء الدولة على وزيره ابى غالب محمد بن خلف يوم الخميس لخمس بقين من المحرم وقرر عليه مائة الف دينار قاسانية
وفى هذا الشهر قبض مهذب الدولة ابو الحسن على بن نصر على سابور بن اردشير لامر اتهمه به فأقام فى الاعتقال الى ان ملك البطيحة ابو العباس بن واصل فاطلقه
وفى اوائل صفر غلت الاسعار وعدمت الحنطة وبلغ الكر من الحنطة مائة

وعشرين دينارا وفيها برز عميد الجيوش الى النجمى ومضى الى سورا واستدعى سند الدولة ابا الحسن على بن مزيد وقرر عليه اربعين الف دينار فى كل سنة عن بلاده وأقره عليها ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
355 - ابراهيم بن احمد ابن محمد ابو اسحاق الطبرى قرأ القرآن وسمع الكثير من الحديث وكان فقيها على مذهب مالك من المعدلين وكان شيخ الشهود ومقدمهم وكان كريما مفضلا على اهل العلم خرج له الدارقطنى خمسمائة جزء وعليه قرأ الرضى القرآن فقال له يوما ايها الشريف اين مقامك فقال فى دار ابى بباب المحول فقال له مثلك لا يقيم بدار ابيه ونحله الدار التى بالبركة فى الكرخ فامتنع الرضى وقال لم اقبل من غير ابى قط شيئا فقال له حقى عليك اعظم لأنى حفظتك كتاب الله فقبلها اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى على بن ابى على المعدل قال قصد ابو الحسين بن سمعون ابا اسحاق ابراهيم بن احمد الطبرى ليهنئه بقدومه من البصرة فجلس فى الموضع الذى جرت عادة ابى اسحاق بالجلوس فيه لصلاة الجمعة من جامع المدينة ولم يكن وافى فلما جاء والتقيا قام اليه وسلم عليه وقال له بعد أن جلسا ... الصبر الا عنك محمود ... والعيش الا بك منكود ... ويوم تأتى سالما غانما ... يوم على الاخوان مسعود ... مذغبت غاب الخير من عندنا ... وان تعد فالخير مردود ...

توفي الطبري في هذه السنة
356 - ادريس بن على ابن اسحاق بن يعقوب بن زنجويه ابو القاسم المؤدب كان يسكن الحربية وحدث عن ابى حامد محمد بن هارون الحضرمى وابراهيم بن عبد الصمد الهاشمى

وابى بكر بن الأنبارى وقرأ على ابن شنبوذ روى عنه الازهرى والطناجيرى وكان ثقة مأمونا توفى فى رمضان هذه السنة
357 - الحسن بن القاسم ابن محمد بن يحيى ابو على المخزومى المؤدب ولد سنة احدى وثلثمائة وحدث عن ابن ابى داود وابن مجاهد روى عنه الخلال والازهرى وكان ثقة وتوفى فى رمضان فى هذه السنة وبعضهم يقول فى سنة اثنتين وتسعين ودفن فى مقبرة باب حرب
358 - عبد الكريم الطائع لله امير المؤمنين ابن المطيع لله ذكرنا كيف قبض عليه بهاء الدولة ابو نصر بن عضد الدولة وكيف خلع واعتقل وحمل الى دار المملكة ونفذ الى القادر الكتاب عليه بخلعه نفسه ثم سلم بعد ذلك الى القادر فأقام عنده الى ان توفى ليلة عيد الفطر من هذه السنة وقد بلغ ستا وسبعين سنة وكانت خلافته سبع عشرة سنة وتسعة اشهر وايام وصلى عليه القادر وكبر خمسا وحمل الى الرصافة فدفن فيها وشيعه الاكابر والخدم ورثاه الرضى فقال ... اى طود لك من اى جبال ... لقحت أرض به بعد حيال ... ما رأى حى نزار قبلها ... جبلا سار على ايدى الرجال ... واذا رامى المقادير رمى ... فد روع المرء اعوان النصال ... ايها القبر الذى امسى به ... عاطل الارض جميعا وهو حالى ... لم يواروا بك ميتا انما ... افرغوا فيك ذنوبا من نوال ... عزمن امسى مفدى ظهره ... اخذ الاهبة يوما للزيال ... لا أرى الدمع كفاء لجوى ... ليس ان الدمع من بعدك غالى ... وبرغمى ان كسوناك الثرى ... وفرشناك زرابى الرمال

وهجرناك على ضن الهوى ... رب هجران على غير تقالى ... لا تقل تلك قبور انما ... هى اصداف على غر لآلى ...
359 - عثمان بن محمد ابن احمد بن العباس ابو عمر والقارىء المخرمى سمع اسمعيل الصفار والبرذعى والخلدى وسمع الكثير من الأصم وروى حديثا عن ابن شاهين فدلسه فقال حدثنا عمر بن احمد النقاش فقال له ابن شاهين انا نقاش فقال الست تنقش الكتاب بالخط روى عنه العتيقى وقال هو شيخ ثقة من اهل القرآن وكان حسن الصوت مع كبر سنه وتوفى بالدينور فى هذه السنة
360 - كوهى بن الحسن ابن يوسف بن يعقوب ابو محمد الفارسى روى عنه الازجى والصيمرى وكان ثقة وتوفى فى شوال هذه السنة
361 - محمد بن ثابت ابن عبد الله ابو الحسن الصيرفى سمع ابا عمر وابن السماك وغيره وروى عنه عبيد الله ابن احمد بن عثمان الصيرفى وتوفى عمرو بن فى يوم السبت سابع رمضان هذه السنة
362 - محمد بن عبد الرحمن ابن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا أبو طاهر المخلص ولد سنة خمس وثلثمائة وسمع البغوي وابن صاعد وخلقا كثيرا وأول سماعه في ذي القعدة سنة اثنتي عشرة روى عنه البرتاني والأزهري والخلال والتنوخي وغيرهم وكان ثقة من الصالحين وتوفي في رمضان هذه السنة عن ثمان وثمانين سنة
363 - محمد بن عبد الله أبو الحسن السلامي الشاعر وله شعر مليح منه قوله في الدرع

يا رب سابغة حبتنى نعمة ... كافأتها بالسوء غير مفند ... أضحت تصون عن المنايا مهجتي ... وظللت أبذ لها لكل مهند ... ومدح عضد الدولة بقصيدة يقول فيها ... وكنت وعزمى والظلام وصارمى ... ثلاثة اشياء كما اجتمع النسر ... وبشرت آمالى بملك هو الورى ... ودار هي الذنيا ويوم هو الدهر ...
364 - ميمونة بنت ساقولة الواعظة اخبرنا محمد بن ناصر الحافظ انبأنا ابو على محمد بن محمد بن عبد العزيز بن المهدى قال اخبرنى ابى قال سمعت ميمونة بنت ساقولة الواعظة تقول هذا قميصى اليوم له سبع واربعون سنة البسه وما تخرق غزلته امى وصبغته بماء السنابك الثوب اذا لم يعص الله فيه لم يتخرق سريعا وسمعتها تقول آذانا جار لنا فصليت ركعتين وقرأت من فاتحة كل سورة آية حتى ختمت القرآن وقلت اللهم اكفنا امره ثم نمت ففتحت عينى فرأيت النجوم مصطفة فقرأت فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم فلما كان سحر قام ذلك الانسان لينزل فزلقت قدمه فوقع فمات واخبرنى ابنها عبد الصمد قال كان فى دارنا حائط له جوف فقلت لها استدعى البناء فقالت هات رقعة والدواة فناولتها فكتبت فيها شيئا وقالت دعه نقب منه ففعلت فبقى الحائط نحوا من عشرين سنة فلما ماتت ذكرت ذلك القرطاس فقمت فأخذته لأقرأه فوقع الحائط واذا فى الرقعة ان الله يمسك السموات والارض ان تزولا بسم الله يا ممسك السموات والارض أمسكه توفيت ميمونة فى هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة اربع وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان الشريف ابا احمد الحسين بن موسى قلده بهاء الدولة قضاء القضاة والحج والمظالم ونقابة الطالبيين وكان التقليد له بشيراز وكتب له منها

عهد على جميع ذلك ولقب بالطاهر الاوحد ذى المناقب فلم ينظر فى قضاء القضاة لامتناع القادر بالله من الاذن له وترددت فى هذا اقوال انتهت الى الوقوف وفى هذه السنة حج بالناس ابو الحارث محمد بن محمد بن عمر العلوى وكان فى جملة الحاج ابو الحسين بن الرفاء وابو عبد الله بن الدجاجى وكانا من احسن الناس قراءة فاعترض الحاج الأصيفر المنتفقى وحاصرهم بالباطنة وعول على نهبهم فقالوا من يمضى اليه ويقرر معه شيئا نعطيه فندبوا ابا الحسين بن الرفاء وابا عبد الله ابن الدجاجى فدخلا اليه وقرءا بين يديه فقال لهما كيف عيشكما ببغداد فقالا نعم العيش يصلنا من اهلنا الخلع والصلات والهدايا فقال هل وهبوا لكما الف الف دينار فى صرة فقالا لا ولا الف دينار فى موضع فقال لهما قد وهبت لكما الحاج واموالهم وذلك يزيد على الف الف دينار فشكروه وانصرفوا من عنده ووفى للحاج بذلك ولما قرءا بعرفات على جبل الرحمة قال اهل مكة واهل مصر والشام ما سمعنا عنكم يا أهل بغداد تبذيرا مثل هذا يكون عندكم مثل هذين الشخصين فتستصحبوا بهما معا فان هلكا فبأى شىء تتجملون كان ينبغى ان تستصحبوا كل سنة واحدا ولما حجوا عول الامير على ترك زيارة المدينة واعتذر بقعود الاعراب فى طريقه وما يلزمه من الخفارات عند تعويقه فتقدما الحاج ووقفا عند الميل الذى عند يسار الراجع من مكة ويرى من بعيد كأنه عنق طائر ومنه يعدل القاصد من مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم ويسير فى سبخة من ورائها صفينة فقرءا ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب ان يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه فعند ذلك ضج الناس بالبكاء ولوت الجمال اعناقها نحوهما وقصد بهم الامير

المدينة ولما ورد ابو الحسين بن بويه بغداد اخذ هذين القارئين ومعهما ابو عبد الله بن البهلول وكان قارئا محسنا فرتبهم لصلاة التراويح به وهم احداث وكانوا يتناوبون الصلاة ويأتم بهم ورغب لأجلهم فى صلاة التراويح وكان ابو الحسين بن الرفاء تلميذ ابى الحسن بن الخشاب وكان ابن الخشاب مليح الصوت حسن التلاوة وانه قرأ فى جامع الرصافة فى بعض الليالى الاحياء الم يأن للذين ءامنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله فتواجد صوفى وقال بلى قد آن ثم جلس وبكى طويلا وسكت سكتة طالت فحرك فاذا به ميت وكان ابن الخشاب تلميذ ابى بكر بن الآدمى الموصوف بطيب التلاوة
وجرى مثل هذا لابى عبد الله ابن البهلول قال فأنبأنا احمد بن على ابن المحاملى قال سمعت ابا الحسين محمد بن على ابن المهتدى يقول قرأ ابو عبد الله ابن البهلول يوما فى دار القطان فى الجامع بعد الصلاة يوم الجمعة الم يأن للذين ءامنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله فقام رجل من اهل عكبرا فقال له كيف قرأت يا ابا عبد الله فردد عليه فقال الرجل بلى والله فسقط ميتا

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
365 - الحسن بن محمد ابن اسمعيل ابو على الاسكافى ويلقب بالموفق كان متقدما عند بهاء الدولة ابى نصر فولاه بغداد فقبض على اليهود وأخذ منهم دنانير وهرب الى البطيحة فأقام بها سنتين ثم خرج منها فوزر لبهاء الدولة وكان شهما فى الحروب منصورا فيها فأخذ بلاد فارس ممن استولى عليها وارتفع امره حتى قال قائل لبهاء الدولة زينك الله يا مولانا فى عين الموفق فبالغ فى عقوبته ثم قتله فى هذه السنة وله تسع واربعون سنة
366 - عبد السلام بن على ابن محمد بن عمر ابو احمد المؤدب حدث عن ابى بكر النيسابورى وابن مجاهد

روى عنه الازهرى والعتيقى وقال هو ثقة مأمون توفى فى رجب هذه السنة ودفن فى مقبرة معروف وكان ينزل درب الآجر من نهر طابق

سنة ثم دخلت سنة خمس وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد فى ليلة الخميس لسبع بقين من المحرم اوائل الحاج من مكة بعد أن اعتاقهم ابن الجراح الطائى فى طريقهم ولزمهم تسعة آلاف دينار مضافة الى رسم الاصيفر الذي يقوم به بدر بن حسنويه وقد سبق ذكر ذلك وفيها حج بالناس جعفر بن شعيب السلار ولحقهم عطش فى طريقهم فهلك خلق كثير ولحق قوم منهم الحج
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
367 - اسحاق بن محمد ابن حمدان بن محمد بن نوح ابو ابراهيم المهلبى الخطيب ويعرف بالجبنى من اهل بخارا روى عنه الازهرى وكان احد الفقهاء على مذهب ابى حنيفة وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة
368 - الحسين بن محمد ابن اسمعيل بن محمد بن ابى عائذ ابو القاسم الكوفى ولد سنة سبع وعشرين وثلثمائة وسمع من جماعة وروى عنه ابو القاسم التنوخى وقال كان ثقة كثير الحديث جيد المعرفة وولى القضاء بالكوفة من قبل ابى وكان فقيها على مذهب ابى حنيفة وكان يحفظ القرآن ويحسن قطعة من الفرائض وعلم القضاء قيما بذلك وكان زاهدا عفيفا توفى فى صفر هذه السنة

369 - عبد الله بن محمد ابن جعفر بن قيس ابو الحسين البزاز سمع محمد بن مخلد وابا الحسين بن المنادى وابا العباس بن عقدة روى عنه العتيقى وقال توفى فى شوال هذه السنة وكان ثقة
370 - محمد بن احمد ابن محمد بن موسى بن جعفر ابو نصر البخارى المعروف بالملاحمى ولد

سنة
اثنتى عشرة وثلثمائة وقدم بغداد وحدث بها عن محمود بن اسحاق عن البخارى وروى عن الهيثم بن كليب وغيره وسمع منه الدارقطنى وكان من اعيان اصحاب الحديث وحفاظهم وتوفى ببخارا يوم السبت السابع من شعبان هذه السنة
371 - محمد بن ابى اسمعيل واسمه على بن الحسين بن الحسن بن القاسم ابو الحسن العلوى ولد بهمذان ونشأ ببغداد وكتب الحديث عن جعفر الخلدى وغيره وسمع بنيسابور من الاصم وغيره ودرس فقه الشافعى عن ابى على بن ابى هريرة وسافر الى الشام وصحب الصوفية وصار كبيرا فيهم وحج مرات على الوحدة وتوفى ببلخ فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ست وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه طلع كوكب كبير يشبه الزهرة فى كبره واضاءته عن يسرة القبلة يتموج وله شعاع على الارض كشعاع القمر وذلك فى ليلة الجمعة مستهل شعبان وثبت الى النصف من ذى القعدة ثم غاب
وفى هذه السنة ولى ابو محمد بن الاكفانى قضاء جميع بغداد وجلس القادر لأبى المنيع قرواش بن ابى حسان ولقبه بمعتمد الدولة وتفرد قرواش بالامارة وفيها حج بالناس محمد بن محمد بن عمر العلوى وخطب بمكة والمدينة للحاكم صاحب مصر على الرسم فى ذلك وامر الناس فى الحرمين بالقيام عند ذكره وفعل

مثل ذلك بمصر وكان اذا ذكرنا قاموا وسجدوا فى السوق ومواضع الاجتماع

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
372 - اسمعيل بن احمد ابن ابراهيم بن اسمعيل ابوسعد الجرجانى المعروف بالاسماعيلى ورد بغداد غير مرة وكان آخر وروده والدارقطنى حى وحدث عن ابيه ابى بكر الاسماعيلى والاصم وعبد الله بن عدى روى عنه الخلال والتنوخى وكان ثقة فاضلا فقيها على مذهب الشافعى عارفا بالعربية سخيا جوادا يفضل على اهل العلم وكان له ورع والرياسة بجرجان الى اليوم فى ولده واهل بيته
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت ابا الطيب الطبرى يقول ورد ابو سعد الاسماعيلى بغداد وعقد له الفقهاء مجلسين فولى احدهما ابو حامد الاسفرائنى وتولى الآخر ابو محمد البافى فبعث البافى الى القاضى ابى الفرج المعافى بن زكريا بابنه ابى الفضل يسأله حضور المجلس فكتب على يده هذين البيتين ... اذا اكرم القاضى الجليل وليه ... وصاحبه الفاه للشكر موضعا ... ولى حاجة يأتى بنيى بذكرها ... ويسأله فيها التطول اجمعا ...
فأجابه ابو الفرج
... دعا الشيخ مطواعا سميعا لأمره ... يؤاتيه باعا حيث يرسم اصبعا ... وها انا غاد فى غد نحو داره ... ابادر ما قد حده لى مسرعا ...
توفى الاسماعيلى بجرجان فى ربيع الاخر من هذه السنة وكان فى صلاة المغرب فقرأ اياك نعبد واياك نستعين
373 - على بن محمد ابن يوسف بن يعقوب ابو الحسن المقرئ المعروف بابن العلاف سمع على بن محمد

المصرى وقرأ على ابى طاهر بن ابى هاشم وكان احد شهود القاضى ابى محمد بن الاكفانى روى عنه عبد العزيز الازجى وتوفى فى شوال هذه السنة
374 - محمد بن احمد ابن محمد بن جعفر بن محمد بن بحير ابو عمرو المزكى من اهل نيسابور يعرف بالبحيرى رحل فى طلب العلم الى العراق والحجاز وورد بغداد فحدث بها سنة ثمانين وثلثمائة وكان ثقة حافظا مبرزا فى المذاكرة وتوفى بنيسابور فى شعبان هذه السنة وهو ابن ثلاث وستين
375 - محمد بن الحسن ابن الفضل بن المأمون ابو الفضل الهاشمى سمع ابا بكر الانبارى والنيسابورى روى عنه البرقانى وغيره وقال العتيقى هو ثقة توفى يوم السبت سلخ ربيع الآخر من هذه السنة وله ست وثمانون سنة
376 - محمد بن الحسن ابن عمر بن الحسن ابو الحسين المؤدب يعرف بابن ابى حسان حدث عن ابى العباس بن عقدة وغيره روى عنه العتيقى
377 - محمد بن اسحاق ابن محمد بن يحيى بن منده ابو عبد الله الحافظ الاصبهانى من بيت الحديث والحفظ سمع من اصحاب ابى مسعود ويونس بن حبيب وابى العباس المحبوبى وسافر البلاد وكتب الكثير وصنف التاريخ والشيوخ وتوفى باصبهان فى صفر هذه السنة
اخبرنا عبد الله بن على المقرئ اخبرنا عبد الله بن عطاء الهروى قال سمعت ابا محمد

الحسن بن احمد السمرقندى يقول سمعت ابا العباس جعفر بن محمد بن المعتز الحافظ يقول ما رأيت احفظ من ابى عبد الله بن منده وسألته يوما كم يكون سماع الشيخ فقال يكون خمسة آلاف منا

سنة
ثم دخلت سنة سبع وتسعين وثلمثائة
فمن الحوادث فيها خروج ابى ركوة وما جرى له مع الحاكم وهذا رجل اموى من ولد هشام بن عبد الملك واسمه الوليد وانما كنى بأبى ركوة لركوة كانت معه فى اسفاره يحملها على مذهب الصوفية وكان قد لقى الشيوخ وكتب الحديث بمصر وانتقل الى مكة ثم الى اليمن ثم عاد الى الشام وهو فى خلال اسفاره يدعو الى القائم من ولد هشام بن عبد الملك ويأخذ البيعة على من يجد عنده انقيادا وقبولا ثم نزل حلة وصار معلما واجتمع عنده صبيان العرب وتظاهر بالنسك ودعا جماعة منهم فوافقوه ثم اعلمهم انه هو الامام الذى يدعو اليه وقد امر بالظهور ووعد النصر فخاطبوه بالامامة ولقب نفسه الثائر بأمر الله المنتصر من اعداء الله وعرف هذا بعض الولاة فكتب الى الحاكم يستأذنه فى طلبه قبل ان تقوى شوكته فأمره باطراح الفكر فى امره لئلا يجعل له سوقا وكان يخبر عن الغائبات فيقول انه يكون كذا وكذا ثم لقيه ذلك الوالى فى جمع فهزمهم وحصل من اموالهم ما قويت به حاله فدخل برقة فجمع له اهلها مائتى الف دينار وقبض على رجل يهودى اتهمه بودائع عنده فأخذ منه مائتى الف دينار ونقش السكة باسمه والقابه وركب يوم الجمعة وخطب ولعن الحاكم فجمع له الحاكم ستة عشر الفا وبعث عليهم الفضل بن عبد الله فنهض وأخذ معه ثلثمائة

الف دينار لنفقاته ونفقات العسكر وحمل اليه الحاكم خمسمائة الف دينار وخمسة آلاف قطعة ثيابا وقال اجعل هذا عدة معك فلما سار تلقاه ابو ركوة فرام مناجزته والفضل يتعلل ويراوغ فقال اصحاب ابى ركوة قد بذلنا نفوسنا دونك ولم يبق فضل لمعاودة حرب وما دمت بين ظهرانينا فنحن مطلوبون لأجلك فخذ لنفسك وانظر اى بلد تريد لنحملك اليه فقال تسلمون الى فارسين يصحباننى الى بلاد النوبة فان بينى وبينهم عهدا وذما ما فأوصلوه بلاد النوبة فبعث الفضل وراءه فتسلموه فحمل الى الحاكم فأركبه جملا وشهره ثم قتله وقدم الحاكم الفضل واقطعه اقطاعات كثيرة وبلغ فى اكرامه الى ان عاده دفعتين فى علة عرضت له فلما ابل وعوفى قتله
وفى يوم الاثنين لاربع خلون من جمادى الاولى اظهر ورود كتاب من حضرة بهاء الدولة بتقليد ابى الحسن محمد بن الحسين بن موسى النقابة والحج وتلقيبه بالرضى ذى الحسبين
وفى هذه السنة لقب الشريف ابو القاسم اخوه بالمرتضى ذى المجدين ولقب الشريف ابو الحسين الزينبى بالرضا ذى الفخرين
وفى رمضان هذه السنة قلد سند الدولة ابو الحسن على بن مزيد ما كان لقرواش وخلع عليه ولقب سند الدولة
وفيها ثارت على الحاج ريح سوداء بالثعلبية اظلمت الدنيا منها حتى لم ير بعضهم بعضا واصابهم عطش شديد واعتاقهم ابن الجراح على مال طلبه وضاق الوقت فعادوا الى الكوفة ووصل اوائلهم الى بغداد فى يوم التروية ولم يتم الحج فى هذه السنة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
378 - عبد الرحمن بن عمر ابن احمد ابو الحسين المعدل المعروف بابن حمة الخلال سمع الحسين بن اسمعيل

المحاملى روى عنه البرقانى والازهرى وكان ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة وصلى عليه ابو حامد الاسفراينى ودفن بالشونيزى
379 - عبد الصمدبن عمر ابن محمد بن اسحاق ابو القاسم الدينورى الواعظ الزاهد قرأ القرآن ودرس فقه الشافعى على ابى سعيد الاصطخرى وسمع الحديث من ابى بكر النجاد وروى عنه الازجى والصيمرى وكان ثقة ولزم طريقة يضرب بها المثل من المجاهدة للنفس واستعمال الجد المحض والتعفف والتقشف والامر بالمعروف والنهى عن المنكر
اخبرنا محمد بن عبد الباقى انبأنا على بن المحسن التنوخى قال كان عبد الصمد يدق السعد فى العطارين ويذهب مذهب التدين والتصون والتعفف والتقشف فسمع عطارا يهوديا يقول لابنه يا بنى قد جربت هؤلاء المسلمين فما وجدت فيهم ثقة فتركه عبد الصمد اياما ثم جاءه فقال ايها الرجل تستأجرنى لحفظ دكانك قال نعم وكم تأخذ منى قال ثلاثة ارطال خبز ودانقين فضة كل يوم قال قد رضيت قال فاعطنى الخبز ادرارا واجمع لى الفضة عندك فانى اريدها لكسوتى فعمل معه سنة فلما انقضت جاءه فحاسبه فقال انظر الى دكانك قال قد نظرت قال فهل وجدت خيانة او خللا قال لا والله قال فانى لم ارد العمل معك وانما سمعتك تقول لولدك فى الوقت الفلانى انك لم ترفى المسلمين امينا فأردت ان انقض عليك قولك واعلمك انه اذا كان مثلى وانا احد الفقراء على هذه الصورة فغيرى من المسلمين عل مثلها وما هو اكثر منها ثم ارقه واقام على دق السعد مدة وعرفه الناس واشتهر بفعله ودينه عندهم وانقطع لى الوعظ وحضور الجوامع وكثر اصحابه وشاع ذكره وكان ينكر على من سمع القضيب

اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى على بن محمد بن الحسن المالكى قال جاء رجل الى عبد الصمد بمائةدينار ليدفعها اليه فقال انا غنى عنها فقال ففرقها على اصحابك هؤلاء فقال ضعها على الارض ففعل فقال عبد الصمد للجماعة من احتاج منكم الى شىء فليأخذ على قدر حاجته فتوزعتها الجماعة على صفات مختلفة من القلة والكثرة ولم يمسها هو بيده ثم جاءه ابنه بعد ساعة فطلب منه شيئا فقال له اذهب الى البقال فخذ منه على ربع رطل تمر وبلغنا عن عبد الصمد انه اشترى يوما دجاجة وفاكهة وحلوى فرآه بعض اصحابه فتعجب فمشى وراءه فطرق باب ارامل وايتام فأعطاهم ذلك ثم التفت فرآه فقال له المتقى يزاحم ارباب الشهوات ويؤثر بها فى الخلوات حتى لا يتعب بها جسمه ولا يظهر بتركها اسمه توفى عبد الصمد بدرب شماس من نهر القلائين بالجانب الغربى يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذى الحجة من هذه السنة
وقيل توفى ليلا وكان يقول فى حالة نزعه سيدى لهذه الساعة خبأتك صلى عليه بجامع المنصور ودفن فى مقبرة الامام احمد
380 - ابو العباس بن واصل كان يخدم الكرج وكان يخرج له فى الحساب انه يملك فكانوا يهزؤن به ويقول له بعضهم اذا صرت ملكا فاستخذ منى ويقول الآخر اخلع على والآخر يقول عاقبنى فصار ملكا وملك سيراف ثم البصرة وقصد الاهواز وهزم بهاء الدولة وملك البطيحة واخرج عنها مهذب الدولة على بن نصر الى بغداد بعد ان كان قد لجأ اليه فى بعض الاحوال فخرج بهاء الدولة بما امكنه من امواله وأخذت امواله فى الطريق واضطر الى ان ركب بقرة ودخل ابن واصل فأخذ اموال مهذب الدولة ثم ان فخر الملك ابا غالب قصد ابن واصل فاستجار ابن واصل بحسان بن ثمال الخفاجى فصيره الى مشهد على عليه السلام فتصدق هناك بصدقات كثيرة وسار من المشهد قاصدا بدر بن حسنويه لصداقة كانت بينهما فكبسه ابو الفتح بن عناز فسلمه الى اصحاب بهاء الدولة بعد ان

حلف له على الحراسة فحمل اليه فقتله بواسط فى صفر هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة ثمان وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان الثلج وقع ببغداد فى يوم الاربعاء الحادى عشر من ربيع الاول فعلا على وجه الارض ذراعا فى موضع وذراعا ونصفا واقام اسبوعا لم يذب رماه الناس عن سطوحهم بالرفوش الى الشوارع والدروب وابتدأ يذوب وبقيت منه بقايا فى موضع نحو عشرين يوما وبلغ سقوطه الى تكريت ووردت الكتب من واسط بسقوطه فيها بين البطيحة وبين البصرة والكوفة وعبادان ومهروبان
وفى هذا الشهر كثرت العملات ببغداد وكبس الذعار عدة مواضع وقصد قوم منهم مسجد براثا ليلة الجمعة واخذوا حصره وستوره وقناديله فجد اصحاب الشرطة فى طلبهم فظفروا ببعضهم فشهروا وعرفوا وكحلوا وقطعوا
وفى يوم الاحد عاشر رجب جرت فتنة بين اهل الكرخ والفقهاء بقطيعة الربيع وكان السبب ان بعض الهاشميين من اهل باب البصرة قصدوا ابا عبد الله محمد بن النعمان المعروف بابن المعلم وكان فقيه الشيعة فى مسجده بدرب رياح وتعرض به تعرضا امتعض منه اصحابه فساروا واستنفروا اهل الكرخ وصاروا الى دار القاضى ابى محمد بن الاكفانى وابى حامد الاسفراينى فسبوهما وطلبوا الفقهاء ليواقعوا بهم ونشات من ذلك فتنة عظيمة واتفق انه احضر مصحفا ذكر انه مصحف ابن مسعود وهو يخالف المصاحف فجمع الاشراف والقضاة والفقهاء فى يوم الجمعة لليلة بقيت من رجب وعرض المصحف عليهم فأشار ابو حامد الاسفراينى والفقهاء بتحريفه ففعل ذلك بمحضرهم فلما كان فى شعبان كتب الى الخليفة بأن رجلا من اهل جسر النهروان حضر المشهد بالحائر ليلة النصف ودعا على من احرق المصحف وسبه فتقدم بطلبه فأخذ فرسم قتله فتكلم اهل الكرخ فى هذا المقتول لأنه من الشيعة ووقع القتال بينهم وبين اهل باب

البصرة وباب الشعير والقلائين وقصد احداث الكرخ باب دار ابى حامد فانتقل عنها ونزل دار القطن وصاحوا حاكم يا منصور فبلغ ذلك الخليفة فاحفظه وانفذ الخول الذين على بابه لمعاونة اهل الستة وساعدهم الغلمان وضعف اهل الكرخ واحرق ما يلى بنهر الدجاج ثم اجتمع الاشراف والتجار الى دار الخليفة فسألوه العفو عما فعل السفهاء فعفا عنهم فبلغ الخبر الى عميد الجيوش فسار ودخل بغداد فراسل ابا عبد الله ابن المعلم فقيه الشيعة بان يخرج عن البلد ولا يساكنه ووكل به فخرج فى ليلة الاحد لسبع بقين من رمضان وتقدم بالقبض على من كانت له يد فى الفتنة فضرب قوم وحبس قوم ورجع ابو حامد الى داره ومنع القصاص من الجلوس فسأل على بن مزيد فى ابن المعلم فرد ورسم للقصاص عودهم الى عادتهم من الكلام بعد ان شرط عليهم ترك التعرض للفتن
وفى يوم الاثنين ثالث شعبان وافى مطر ومعه برد فى الواحدة منها خمسة دراهم ونحوها
وفى ليلة الاحد سادس عشر شعبان حدثت زلزلة عظيمة بالدينور وورد الخبر بانها هدمت المنازل وهلك فيها اكثر من ستة عشر الف انسان غير من خاست به الارض وطمه الهدم وخرج السالمون الى الصحراء فأقاموا فى اكواخ عملوها وذهب من الاثاث والمتاع فيما تهذم مالا يحصى
وورد الخبر فى سادس عشر رمضان بهبوب عاصف من الريح سوداء بدقوقا قلعت المنازل والنخل والزيتون وخرج الناس لأجلها من منازلهم وقتلت جماعة وورد الخبر من تكريت بنحو ذلك وورد الخبر من شيراز بعصوف ريح سوداء احرقت الزروع وهدمت قطعة من البلد وان رجفة كانت بسيراف والسيف غرق فيها عدة مراكب واهلكت كثيرا من الناس
وورد الخبر من واسط وشقى الفرات انه ورد فى هذين الصقعين برد عظيم كان وزن الواحدة منه مائة وسته دراهم وجاء ببغداد فى يوم الاثنين لثمان بقين من رمضان وهو سلخ ايار مطر كثير جرت منه المآزيب

وفى هذه السنة ورد الخبر بأن الحاكم صاحب مصر هدم بيعة قمامة وهذه البيعة تجاور بيت المقدس وهى عظيمة القدر عند النصارى وكانوا يخرجون فى كل سنة من المواضع فى العماريات الى بيت المقدس لحضور فصحهم وربما جاء ملك الروم وكبراء بطارقته متنكرا ويحملون اليها الاموال والثياب والستور والفروش ويصوغون لها القناديل والاوانى الذهب والفضة واجتمع فيها مع الزمان مال عظيم فاذا اجتمعوا يوم الفصح اظهروا زينتهم ونصبوا صلبانهم ويعلق القوم القناديل فى بيت المذبح ويجعلون فيها دهن الزيتون ويجعلون بين كل قنديلين كالخيط من الحديد متصلا ويطلونه بدهن البلسان ويقرب بعض القوم النار من خيط منها بحيث لا يعلم الحاضرون فيشعلونه وينتقل من القناديل فيشعل الكل ويظن من حضر انها نار نزلت من السماء فيكثر تكبيرهم وضجيجهم فلما وصفت هذه الحالة للحاكم تقدم بان يكتب الى والى الرملة والى احمد بن يعقوب الداعى بأن يقصدوا بيت المقدس ويستصحبا الاشراف والقضاة والشهود ووجوه البلد وينزلا ببيعة قمامة ويبيحا العامة نهبها وأخذ ما فيها ويتقدما بنقضها وتعفيه أثرها وبلغ الخبر النصارى فأخرجوا ما في البيعة من جوهر وثياب وذهب وفضة فأنتهب ما بقي وهدمت ثم جاز الحاكم إلى موضع فيه ثلاث بيع تعظمها النصارى على أعلاها الصلبان الظاهرة فضجت العامة إليه فنقض منها شيئا بيده ثم أمرهم بنقضها ورجع إلى منزله فكتب بنقض جميع البيع والكنائس وبني مساجد مكانها فهدمت الوف وأمر بالنداء بمصر في أهل الذمة من أراد الدخول في الإسلام دخل ومن أراد الانتقال إلى الروم كان آمنا إلى أن يخرج ويصل أو المقام على أن يلبس الغيار ويلزم ما شرط عليه في ذلك أقام وشرط على النصارى تعليق الصلبان ظاهرة على صدورهم وعلى اليهود تمثال رأس عجل والامتناع من ركوب الخيل فعملوا صلبان الذهب والفضة فأنكر الحاكم ذلك وامر المحتسبين ان يأخذوا النصارى بتعليق صلبان الخشب الذى يكون قدر الواحد منها اربعة ارطال واليهود بتعليق

خشبة كالمدقة وزنها ستة ارطال وان تشد فى اعناقهم اجراس عند دخولهم الحمامات ليتميزوا بها عن المسلمين ففعل ذلك ثم انه قبيل قتله اذن فى اعادة بناء البيع والكنائس واذن لمن اسلم منهم ان يعود الى دينه وقال ننزه مساجدنا عمن لانية له فى الاسلام وهذا غلط قبيح منه وقلة علم فانه لا يجوز ان يمكن من اسلم من الارتداد

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
381 - احمد بن ابراهيم ابو العباس الضبى توفى فى صفر هذه السنة وكان اوصى ان يدفن فى مشهد كربلاء وبعث ابنه الى ابى بكر الخوارزمى شيخ الحنفيين يسأله ان يبتاع له تربة يدفن بها ويقوم بامره فبذل للشريف ابى احمد والد الرضى خمسمائة دينار مغربية ثمن تربة فقال هذا رجل لجأ الى جوار جدى فلاآخذ لتربته ثمنا واخرج التابوت من بغداد وشيعه بنفسه ومعه الاشراف والفقهاء وصلوا عليه بمسجد براثا وأصحبه خمسين رجلا من رجالة بباب
382 - الحسين بن هارون ابو عبد الله الضبى القاضى ولد سنة عشرين وثلثمائة وكان اليه القضاء بربع الكرخ ثم صار اليه القضاء بالجانب الغربى جميعه والكوفة وشقى الفرات وحدث عن الحسين المحاملى وابن عقدة وكان فاضلا دينا ثقة حجة عفيفا عارفا بالقضاء والحكم بليغا فى الكتابة وولى القضاء نيابة عن ابن معروف فى سنة ست وسبعين ثم وليه رياسة ثم عزل الضبى عن القضاء فى سنة سبع وسبعين فانحدر الى البصرة وتوفى بها فى شوال هذه السنة
383 - عبد الله بن محمد ابو محمد البخارى المعروف بالبافى الخوارزمى كان من افقه اهل وقته على

مذهب الشافعى تفقه على ابى القاسم الداركى ودرس مكانه وله معرفة بالأدب وفصاحة وشعر مطبوع يقوله من غير كلفة ويعمل الخطب ويكتب الكتب الطوال من غير روية
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنا البرقانى قال قصد ابو محمد البافى صديقا له ليزوره فى داره فلم يجده فاستدعى بياضا ودواة فكتب اليه ... كم حضرنا وليس يقضى التلاقى ... نسأل الله خير هذا الفراق ... ان اغب لم تغب وان لم نغب ... غبت كأن افتراقنا باتفاق ...

توفي البافى في محرم هذه السنة
384 - عبيد الله بن احمد ابن على بن الحسين ابو القاسم المقرئ المعروف بابن الصيدلانى ولد سنة تسع وثلاثمائة وسمع ابن صاعد وهو احد من حدث عنه من الثقات روى عنه الازهرى وكان صالحا مأمونا ثقة توفى فى رجب هذه السنة ودفن فى مقبرة احمد بن حنبل
385 - عبيد الله بن عثمان ابن على ابو زرعة البناء الصيدلانى ولد سنة سبع عشرة وثلاثمائة وسمع القاضى المحاملى روى عنه الازهرى والعتيقى وكان ثقة مأمونا وتوفى فى هذه السنة
386 - عبد الواحد بن نصر ابن محمد ابو الفرج المخزومى الشاعر الملقب بالببغاء كان اديبا فاضلا وكاتبا مترسلا وشاعرا مجيدا لطيفا
اخبرنا عبد الرحن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال انشدنا ابو نصر احمد بن عبد الله قال انشدنا ابو الفرج عبد الواحد بن نصر لنفسه ... يامن تشابه منه الخلق والخلق ... فما تسافر الا نحوه الحدق ... ترديد دمعى فى خديك مختلس ... وسقم جسمى من جفنيك مسترق

لم يبق لى رمق اشكو صواك به ... وانما يشتكى من به رمق ...
اخبرنا محمد بن ناصر اخبرنا محمد بن ابى نصر الحميدى قال انشدنا ابو غالب محمد بن احمد بن بشران قال انشدنا ابو الفرج المخزومى المعروف بالببغاء لنفسه ... طمعت ثم رأيت اليأس اجمل لى ... تنزها فخصمت الشوق بالجلد ... تبدلت وتبدلنا وأخسرنا ... من ابتغى خلفا يسلى فلم يجد ...
قال وانشدنا ابو غالب عن ابى الفرج الببغاء قال انها من مشهور شعره الى عميد الجيوش ولم نسمعها منه ... سألت زمانى بمن استغيث ... فقال استغث بعميد الجيوش ... فناديت مالى به حرمة ... فجاوب حوشيت من ذا وحوشى ... رجاؤك اياه يدنيك منه ... ولو كنت بالصين او بالعريش ... نبت بى دارى وفر العبيد ... واودت ثيابى وبعت فروشى ... وكنت القب بالببغاء ... قديما فقد مزق الدهر ريشى ... وكان غذائى نقى الارز ... فها انا مقتنع بالحشيش ...
وكتب اليه ابو اسحاق ابراهيم بن هلال الصابى من الحبس وكان قد زاره فى محبسه ... ابا الفرج اسلم وابق وانعم ولا تزل ... يزيدك صرف الدهر حظا اذا نقص ... مضت مدة استام ودك غاليا ... فأرخصته والبيع غال ومرتخص ... وآنستنى من محبسى بزيارة ... شفت قرما من صاحب له قد خلص ... ولكنما كانت كشجو لطائر ... فواقا كما يستفرض الفارض الفرص ... فاحسبك استوحشت من ضيق موضعى ... واوحشت خوفا من تذكرك القفص ... كذا الكرز اللماح ينجو بنفسه ... اذا عاين الاشراك تنصب للقنص ... فحوشيت باقس الطيور فصاحة ... اذا انشد المنظوم ودرس القصص ... من المنشر الاشغى ومن حزة الهدى ... ومن بندق الرامى ومن قصة المقص ... ومن صعدة فيها من الدهر لهذم ... لفرسانكم عند الطراش بها قعص

فهذى دواهى الطير وقيت شرها ... اذا الدهر من احداثه جرع الغصص ...
فكتب اليه الببغاء جوابه ... ابا حامد مذيمم المجد ما نقص ... وبدر تمام مذ تكامل ما نقص ... ستخلص من هذا السرار وانما ... هلال يوارى بالسرار فما خلص ... برأفة تاج الملة الملك الذى ... بسودده فى خطة المشترى خصص ... تقنصت بالانصاف شكرى ولم اكن ... علمت بأن الحر بالبر يقتنص ... وصادفت امتى فرصة فانتهزتها ... بلقياك اذ بالحزم تنتهز الفرص ... اتتنى القوافى الباهرات بحمل البدايع من مستحسن الجد والرخص ... فقابلت زهر الروض منها ولم يجد ... واخرزت درالبحر فيها ولم اغص ... وان كنت بالببغاء قدما ملقبا ... فكم لقب بالجور لا العدل مخترص ... وبعد فما اخشى تقنص جارح ... وقلبك لى وغر وصدرك لى قفص ...
توفى الببغاء فى شعبان هذه السنة
387 - محمد بن يحيى ابو عبد الله الجرجانى كان زاهدا عالما مناظرا لابى بكر الرازى وكان يدرس فى اول قطيعة الربيع وفلج فى آخر عمره ومات فى هذه السنة ودفن الى جنب ابى حنيفة

سنة
ثم دخلت سنة تسع وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه انقض فى وقت المغرب من يوم الاربعاء مستهل رجب كوكب عظيم الضوء وتقطع ثلاث قطع اخذت كل قطعة جانبا
وفى يوم الثلاثاء ثالث عشر شعبان عصفت ريح شديدة والقت رملا احمر فى الدور والطرق
وفيها صرف ابو عمر بن عبد الواحد عن قضاء البصرة وقلد ابو الحسن بن

ابى الشوارب وقال العصفرى الشاعر ... عندى حديث ظريف ... بمثله يتغنا ... من قاضيين يعزى ... هذا وهذا يهنا ... فذا يقول اكرهونا ... وذا يقول استرحنا ... ويكذبان ونهذى ... فمن يصدق منا ...
وفيها بلغ الحاج الثعلبية فهبت عليهم ريح سوداء اظلمت منها الدنيا حتى لم ير بعضهم بعضا وكان ذلك فى شهر آب واصابهم عطش شديد واعتاقهم ابن الجراح الطائى فعادوا ووصلوا بغداد يوم عرفة وأخذ بنو رعب الهلاليون وكانوا ستمائة رجل حاج البصرة وأخذوا منهم زيادة على الف الف دينار

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
388 - تمنى ام القادر بالله اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى عبيد الله بن احمد بن عثمان الصيرفى ان ام القادر بالله مولاة عبد الواحد ابن المقتدر بالله قال وكانت من اهل الدين والفضل والخير توفيت يوم الخميس الثانى والعشرين من شعبان وصلى عليها القادر بالله فى داره ثم حملت بعد صلاة عشاء الآخرة فى ليلة السبت الرابع والعشرين من شعبان سنة تسع تسعين وثلثمائة فى الطيار الى الرصافة فدفنت هناك
389 - الحين بن حيدرة ابن عمر بن الحسين ابو الخطاب الداودى الشاهد كان ينزل الجانب الشرقى وحدث عن الحسين ابن اسمعيل ابن المحاملى وغيره روى عنه الازجى وكان ثقة وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
390 - عبد الله بن بكر ابن محمد بن الحسين ابو احمد الطبرانى سمع ببغداد وبمكة من جماعة وكان مكثرا

سمع منه الدارقطنى وعبد الغنى وعاد الى الشام واستوطن موضعا يعرف بالاكواخ عند بانياس فى اصل جبل فأقام هناك يتعبد الى ان توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
391 - محمد بن احمد ابن على ابو مسلم كاتب الوزير ابى الفضل ابن حنزابة نزل بمصر وحدث بها عن البغوى وابن ابى داود وابن صاعد وابن دريد وابن مجاهد وابن عرفة وغيرهم وكان اخر من بقى من اصحاب البغوى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى الصورى قال حدثنى ابو الحسين العطار وكيل ابى مسلم الكاتب وكان من اهل العلم والمعرفة بالحديث وكتب وجمع ولم يكن بمصر بعد عبد الغنى افهم منه وقال ما رأيت فى اصول ابى مسلم عن البغوى شيئا صحيحا غير جزء واحد كان سماعه فيه صحيحا وما عدا ذلك مفسود قال الصورى وقد اطلع منه على تخليط ومات فى آخر هذه السنة
392 - محمد بن على ابن اسحاق ويعرف اسحاق بالمهلوس بن العباس بن اسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن ابى طالب يكنى محمد ابا طالب ولد

سنة
ست عشرة وثلثمائة وكان احد الزهاد وكان القادر بالله يعظمه لدينه وحسن طريقته وقد روى عن الشبلى وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الماء نقص فى شهر ربيع الاول من دجلة نقصانا لم يعهد مثله وظهرت فيها جزائر لم تكن قبل وامتنع سير السفن فيها من اوانا والراشدية من اعالى دجلة وانفذ بمن كرى هذا الموضع وكان كرى دجلة مما استظرف وعجب منه لأنه لم تكر دجلة الا فى هذه السنة

وفى جمادى الاولى بدىء ببناء السور على المشهد بالحائروكان ابو محمد الحسن بن الفضل بن سهلان قد زار هذا المشهد وأحب ان يؤثر فيه مؤثرا ثم ما نذر لأجله ان يعمل عليه سورا حصينا مانعا لكثرة من يطرق الموضع من العرب وشرع فى قضاء هذا النذر ففعل وعمل السور واحكم وعلى عرض ونصبت عليه ابواب وثيقة وبعضها حديد وتمم وفرغ منه وتحصن المشهد به وحسن الاثر فيه
وفى رمضان ارجف بالخليفة القادر بالله فجلس للناس فى يوم جمعة بعد الصلاة وعليه البردة وبيده القضيب وحضر ابو حامد الاسفرائنى وسأل ابو الحسن ابن حاجب النعمان الخليفة ان يقرأ آيات من القرآن ليسمعها الناس فقرأ بصوت عال مسموع لئن لم ينته المنافقون والذين فى قلوبهم مرض والمرجفون فى المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها الا قليلا ملعونين اينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا فبكى الناس وانصرفوا ودعو
وفى هذه السنة ورد الخبر بأن الحاكم انفذ الى دار جعفر بن محمد الصادق بالمدينة من فتحها وأخذ مصحفا وآلات كانت فيها ولم يتعرض لهذه الدار احد منذ وفاة جعفر وكان الحاكم قد انفذ فى هذه السنة رجلاومعه رسوم الحسنيين والحسينيين وزادهم فيها ورسم له ان يحضرهم ويعلمهم اشارة لفتح الدار والنظر الى ما فيها من آثار جعفر وحمل ذلك الى حضرته ليراه ويرده الى مكانه ووعدهم على ذلك الزيادة فى البر فأجابوه ففتحت فوجد فيها مصحف وقعب من خشب مطوق بحديد ودرقة خيزران وحربة وسرير فجمع وحمل ومضى معه جماعة من العلويين فلما وصلوا اطلق لهم النفقات القريبة ورد عليهم السرير وأخذ الباقى وقال انا احق به
فانصرفوا ذامين له واضاف الناس هذا الى ما كان يفعله من الامور التى خرق بها العادات فدعى عليه فأمر بعمارة دار العلم واحضر فيها العلماء والمحدثين وعمر الجامع وبالغ فى ذلك فاتصل الدعاء له فبقى كذلك ثلاث سنين ثم أخذ

يقتل اهل العلم واغلق دار العلم ومنع من كل ما فسح فيه
وفى هذه السنة حج بالناس ابو الحارث محمد بن محمد بن عمر العلوى

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
393 - الحسين بن موسى ابن محمد بن ابراهيم بن موسى بن جعفر ابو احمد الموسوى ولد سنة اربع وثلاثمائة وكان يلقب بالطاهر وبذى المناقب ولقب بالاوحد وخاطبه بهاء الدولة بالطاهر الاوحد وولاه قضاء القضاة فلم يمكنه القادر بالله ولى النقابة فى سنة اربع وخمسين وثلاثمائة ثم صرفه ابو الفضل العباس بن الحسين ابن الحسين الشيرازى وزير عز الدولة سنة ستين وقلد ابا محمد بن الناصر العدوى ثم اعيد ابو احمد الى النقابة لما مات عضد الدولة فى صفر سنة ست وسبعين ثم مرض فقلد مكانه ابو الحسين على بن احمد بن احمد بن اسحاق ثم ولى ابو الفتح محمد بن عمر وولى مع النقابة طريق الحج وحج بالناس مرات ثم توفى وبقى الطالبيون بغير نقيب فأعيد ابو احمد واضيف اليه المظالم والحج واستخلف له ولداه المرتضى والرضى وخلع عليهما فى سنة اربع وثمانين ثم عزل وولى ابو الحسن محمد بن الحسين الزيدى ثم اعيد ابو احمد وهى الولاية الخامسة فلم يزل وليا حتى توفى وكان قد خالفته الامراض واضر فتوفى فى هذه السنة عن سبع وتسعين سنة وصلى عليه ابنه المرتضى ودفن فى داره ثم نقل الى مشهد الحسين ورثاه ابنه المرتضى فقال ... سلام الله تنقله الليالى ... ويهديه الغدو الى الرواح ... على جدث تشبث من لوى ... بينبوع العبادة والصلاح ... فتى لم يرو الا من حلال ... ولم يك زاده غير المباح ... ولا دنست له ازربوزر ... ولا علت له راح براح

خفيف الظهر من ثقل الخطايا ... وعريان الجوانح من جناح ... مشوف فى الامور الى مداها ... ومدلول على باب النجاح ... من القوم الذين لهم قلوب ... بذكر الله عامرة النواح ... بأجسام من التقوى عراض ... لمبصرها وأديان صحاح ...
394 - الحجاج بن هرمزفنة ابو جعفر كان قد استنابه بهاء الدولة بالعراق وندبه لحرب الاعراب والاكراد وكان متقدما فى ايام عضد الدولة واولاده عارفا بالحرب وكانت له هيبة عظيمة وشجاعة معروفة وآراء صائبة وخرج عن بغداد فى رمضان

سنة
اثنتين وتسعين وثلاثمائة فوقعت بها الفتن وكثرت العملات وتوفى بالاهواز فى ربيع الاول من هذه السنة عن مائة سنة وخمس سنين
395 - ابو عبد الله القمى المصرى التاجر كان ذا مال غزير وكان يزار الخزانة بمصر فاشتملت وصيته على الف الف ونيف مالا صامتا ومتاعا وجواهر وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة عند توجهه من مصر الى مكة وحمل عند وفاته الى المدينة ودفن بالبقيع فى جوار الحسن بن على عليه السلام
396 - ابو الحسين بن الرفاء القارى المجيد قد ذكرنا من احواله فى الحج سنة اربع وتسعين وثلثمائة توفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة احدى واربعين
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر بأن ابا المنيع قرواش بن المقلد جمع اهل الموصل واظهر عندهم طاعة الحاكم صاحب مصر وعرفهم ما عزم عليه من اقامة الدعوة

له ودعاهم الى قبول ذلك فأجابوه جواب الرعية المملوكة وأسروا الاباء والكراهية واحضر الخاطب فى يوم الجمعة الرابع من المحرم فخلع عليه واعطاه النسخة ما يخطب به فكانت الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله وله الحمد الذى انجلت بنوره غمرات الغضب وانقدت بقدرته اركان النصب واطلع بنوره شمس الحق من الغرب الذى محا بعد له جور الظلمة وقصم بقوته ظهر الغشمة فعاد الامر الى نصابه والحق الى اربابه الباين بذاته المنفرد بصفاته الظاهر بآياته المتوحد بدلالاته لم تفته الاوقات فتسبقه الازمنة ولم تشبه الصور فتحويه الامكنة ولم تره العيون فتصفه الالسنة سبق كل موجود وجوده وفات كل جود جوده واستقر فى كل عقل توحيده وقام فى كل مرأى شهيده احمده بما يجب على اوليائه الشاكرين تحميده واستعينه على القيام بما يشاء ويريده واشهد له بما شهد اصفياؤه وشهوده واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة لا يشوبها دنس الشرك ولا يعتريها وهم الشك خالصة من الادهان قائمة بالطاعة والاذعان واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه اصطفاه واختاره لهداية الخلق واقامة الحق فبلغ الرسالة وهدى من الضلالة والناس حينئذ من الهوى غافلون وعن سبيل الحق ضالون فأنقذهم من عبادة الاوثان وامرهم بطاعة الرحمن حتى قامت حجج الله وآياته وتمت بالتبليغ كلماته صلى الله عليه وعلى اول مستجيب له على امير المؤمنين وسيد الوصيين اساس الفضل والرحمة وعماد العلم والحكمة واصل الشجرة الكرام البررة النابتة فى الارومة المقدسة المطهرة وعلى خلفائه الاغصان البواسق من تلك الشجرة وعلى ما خلص منها وزكا من الثمرة ايها الناس اتقو الله حق تقاته وارغبوا فى ثوابه واحذروا من عقابه فقد ترون ما يتلى عليكم فى كتابه قال الله تعالى يوم ندعو كل اناس بامامهم وقال يا أيها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم فالحذر الحذر ايها الناس فكأن قد افضت بكم الدنيا الى الآخرة وقد بان اشراطها ولاح سراطها ومناقشة حسابها والعرض على كتابها فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره

ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره اركبوا سفينة نجاتكم قبل ان تغرقوا واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واعلموا انه يعلم ما فى انفسكم فاحذروه وانيبوا الى الله خير الانابة واجيبوا داعى باب الاجابة قبل ان تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت فى جنب الله وان كنت لمن الساخرين او تقول لو ان الله هدانى لكنت من المتقين او تقول ما حين ترى العذاب لو ان لى كرة فاكون من المحسنين تيقظوا من الغفلة والفترة قبل الندامة والحسرة وتمنى الكرة والتماس الخلاص ولات حين مناص واطيعوا امامكم ترشدوا وتمسكوا بولاة العهد تهتدوا فقد نصب لكم علما لتهتدوا به وسبيلا لتقتدوا به جعلنا الله واياكم ممن تبع مراده وجعل الايمان زاده والهمه تقواه ورشاده واستغفر الله العظيم ولكم ولجميع المسلمين ثم جلس وقام فقال الحمد لله ذى الجلال وخالق الانام ومقدر الاقسام المنفرد بالبقاء والدوام فالق الاصباح وخالق الاشباح وفاطر الارواح احمده اولا وآخرا واستشهده باطنا وظاهرا واستعين به الها قادرا واستنصره وليا ناصرا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله شهادة من اقر بوحدانيته ايمانا واعترف بربوبيته اتيانا وعلم برهان ما يدعو اليه وعرف حقيقة الدلالة عليه اللهم صل على وليك الازهر وصديقك الاكبر على بن ابى طالب ابى الائمة الراشدين المهتدين اللهم صل على السبطين الطاهرين الحسن والحسين وعلى الائمة الابرار الصفوة الاخيار من اقام منهم وظهر ومن خاف منهم واستتر اللهم صل على الامام المهدى بك والذى بلغ بأمرك واظهر حجتك ونهض بالعدل فى بلادك هاديا لعبادك اللهم صل على القائم بامرك وعلى المنصور بنصرك اللذين بذلا نفوسهما فى رضاك وجاهد أعداءك اللهم صل على المعز لدينك المجاهد فى سبيلك المظهر لآياتك الحقية والحجة العلية اللهم صل على العزيز بك الذى مهدت به البلاد وهديت به العباد اللهم اجعل توافى صلواتك وزواكى بركاتك على سيدنا ومولانا امام الزمان وحصن الايمان وصاحب

الدعوة العلوية والملة النبوية عبدك ووليك المنصور ابى على الحاكم بامر الله امير المؤمنين كما صليت على آبائه الراشدين واكرمت اولياءك المهتدين اللهم اعنه على ما وليته واحفظه فيما استر عيته وبارك له فيما اتيته وانصر جيوشه واعل اعلامه فى مشارق الارض ومغاربها انك على كل شىء قدير وكان السبب فى هذا ان رسل الحاكم ومكاتباته كانت تتردد الى قرواش ترددا اوجبت استمالته فأقام له الدعوة بالموصل على ما ذكرناه وانحدر الى الانبار فتقدم الى الخطيب باقامتها فهرب الخطيب الى الكوفة فأقامها بها يوم الجمعة ثانى ربيع الاول وانفذ الى القصر والمدائن فأقيمت بها فى يوم الجمعة التاسع من هذا الشهر وكشف قرواش وجهه بالخلاف واظهر المباينة وأدخل يده فى المعاملات السلطانية وخبط الناس خبطة المخارقة وورد على الخليفة من هذا ما أزعجه فراسل عميد الجيوش وكاتب بهاء الدولة وانفذ اليه ابا بكر محمد بن الطيب المتكلم رسولا وحمله قولا طويلا فقال والله ان عندنا من هذا الامر اكثر مما عند امير المؤمنين لان الفساد علينا به اكثر وقد كاتبنا ابا على وتقدمنا باطلاق مائة الف دينار يستعين بها على نفقات العسكر وان دعت الحاجة الى مسيرنا كنا اول طالع على امير المؤمنين ثم نفذ الى قرواش فى ذلك فاعتذر ووثق من نفسه فى ازالة ذلك ووثق له فى ترك المؤاخذة به ثم وقع الرضا عنه واقيمت الخطبة للقادر بالله وكان الحاكم قد نفذ الى قرواش ما قيمته ثلاثون الف دينار فسار الرسول فتلقاه قطع الخطبة بالرقة فكتب الى الحاكم يعرفه فكتب دع ما معك عند والى الرقة
وفى يوم الخميس لسبع بقين من صفر انقض كوكب فى وقت العصر من الجانب الغربى الى سمت دار الخلافة من الجانب الشرقى لم ير أعظم منه
ولخمس بقين من رجب زادت دجلة وامتدت الزيادة الى رمضان فبلغت احدى وعشرين ذراعا ودخل الماء اكثر الدور الشاطئة وقطيعة الدقيق وباب التبن وباب الشعير وباب الطاق وفاض على مسجد الكف بقطيعة الدقيق فخربه

واحتمل اجذعه وسقوفه وتفجرت البثوق وغرقت القرى والحصون وفيها ورد الوزير ابو غالب بن خلف الى بغداد وقد رد اليه امر العراق ولقب فخر الملك
وفيها قلد ابو محمد مكرم كرمان مضافة الى عمان
وفيها عصى ابو الفتوح الحسن بن جعفر العلوى على الحاكم ودعا الى نفسه وتلقب بالراشد بالله ولم يحج فى هذه السنة احد من العراق

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
397 - ابراهيم بن محمد
ابن عبيد ابو مسعود الدمشقى الحافظ سافر الكثير وسمع وكتب ببغداد والكوفة والبصرة وواسط والاهواز واصبهان وبلاد خراسان وكان له عناية بالصحيحين فعمل تعليقة اطراف الكتابين ولم ير الا اليسير وكان صدوقا دينا ورعا فهما روى عنه ابو القاسم الطبرى توفى ببغداد هذه السنة واوصى الى ابى حامد الاسفراينى فصلى عليه ودفن فى مقبرة جامع المنصور قريبا من السكك
398 - آدم بن محمد ابو القاسم العكبرى المعدل حدث عن النجاد وابن قانع وعمر بن جعفر بن مسلم وغيرهم وتوفى فى صفر هذه السنة
399 - الحسن بن ابى جعفر استاذ هرمز يكنى ابا على ويلقب عميد الجيوش ولد سنة خمسين وثلثمائة وكان ابوه من حجاب عضد الدولة وجعل ابنه ابا على برسم خدمة ابنه صمصام الدولة فخدم صمصام الدولة وبهاء الدولة وولاه بهاء الدولة تدبير العراق فقدم سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة والفتن كثيرة والذعار قد انتشر وافقتل وأغرق خلقا

كثيرا وأقام الهيبة ومنع اهل الكرخ يوم عاشوراء من النياحة وتعليق المسوح وأهل باب البصرة من زيارة قبر مصعب وأعطى بعض غلمانه صينية فضة فيها دنانير وقال خذها على رأسك وسر من النجمى الى الماصر الا على فان اعترضك معترض فاعطه اياها واعرف الموضع الذى أخذت منك فيه فجاءه وقد انتصف الليل وقال قد مشيت البلد جميعه فلم يلقني أحد وأدخل الرخجي على عميد الجيوش سبعين مجلدة خزا ومنديلا كثيرا فيه مال وقال مات نصراني من أهل مصر وخلف هذا وليس له وارث فقال عميد الجيوش من حكم الاستظهار أن يترك هذا بحاله فإن حضر وارث وإلا أخذ فقال الرخجي يحمل إلى خزانة مولانا إلى أن يبين الحال فقال لا يجوز أن يدخل خزانة السلطان ما لم يصح استحقاقه فكتب من بمصر باستحقاق تلك التركة فجاء أخو الميت وأوصل الكتاب من مصر بأنه أخو المتوفي فصادف عميد الجيوش واقفا على روشن داره يصلى الفجر فظنه نقيبا فدفع إليه الكتاب وسأله أيضا له إلى صاحب الخبر فقضى له حاجته فدخل صاحب الخبر الى عميد الجيوش ضاحكا وقال يا مولانا قد صرفت عنك اليوم نفعا ومرفقا فان السوادى قال لى عند قضاء حاجته باى شىء اخدم النقيب الذى اوصل كتابى اليك فقلت ويحك هذا عميد الجيوش فقال لى هذا الذى تهابه ملوك الاطراف وكثر الدعاء له فلما كان بعد مدة ورد كتاب ابن القمى التاجر من مصر على عميد الجيوش يعرفه ان ذلك الرجل حضر فى مجمع من التجار وحكى القصة فضج الناس بالدعاء وقالوا ليتنا كنا فى جواره وظله ففرح عميد الجيوش وقال قد احسن المكافأة بقى عميد الجيوش واليا على العراق ثمانى سنين وسبعة اشهر واحد عشر يوما وهو الذى يقول فيه الببغاء كما ذكرنا فى ترجمته ... سألت زمانى بمن استغيث ... فقال استغث بعميد الجيوش ...
وتوفى فى هذه السنة عن احدى وخمسين سنة وتولى ابو الحسن الرضى بامره ودفن بمقابر قريش

400 - الحسين بن المظفر ابن احمد بن عبد الله بن كنداج ابو عبد الله سمع اسمعيل بن محمد الصفار والخلدى وابن كامل القاضى روى عنه البرقانى وقال ليس به بأس كان من اولاد المحدثين وكان يعرف توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
401 - خلف بن محمد ابن على بن حمدون ابو محمد الواسطى سمع الكثير ورافق ابا الفتح ابن ابى الفوارس فى رحلته فسمع بجرجان ودخل بلاد حراسان وعاد الى بغداد ثم خرج الى الشام ودخل مصر وكتب الناس بانتخابه وخرج اطراف الصحيحين وكان له حفظ ومعرفة ونزل بعد ذلك ناحية الرملة فاشتغل بالتجارة وترك النظر فى العلم الى ان مات هناك روى عنه الازهرى
402 - عبيد الله بن احمد ابن الذيل ابو احمد الكاتب حدث عن اسمعيل الصفار روى عنه الخلال وكان ثقة توفى فى محرم هذه السنة ودفن وراء الجامع بمدينة المنصور
403 - عبد الله بن عمر ابن محمد ابو الفرج المصاحفى سمع ابا طاهر بن أبى هاشم المقرىء وكان ثقة توفى فى شعبان هذه السنة

سنة
ثم دخلت سنة اثنتين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان فخر الملك اذن لأهل الكرخ وباب الطاق فى عمل عاشوراء فعلقوا المسوح واقاموا النياحة فى المشاهد

وفى ربيع الآخر امر القادر بالله بعمارة مسجد الكف بقطيعة الدقيق واعادة ابنيته ففعل ذلك وعمل لموضع الكف ملبن من صندل وضبب بفضة وعمل بين يديه درا بزينات
وفى هذا الشهر كتب فى ديوان الحلافة محاضر فى معنى الذين بمصر والقدح فى انسابهم ومذاهبهم وكانت نسخة ما قرئ منها ببغداد وأخذت فيه خطوط الاشراف والقضاء والفقهاء والصالحين والمعدلين والثقات والامائل بما عندهم من العلم والمعرفة بنسب الديصانية وهم منسوبون الى ديصان بن سعيد الخرمى احزاب الكافر بن ونطف الشياطين شهادة متقرب الى الله جلت عظمته وممتعض للدين والاسلام ومعتقد اظهار ما اوجب الله تعالى على العلماء ان يبينوه للناس ولا يكتمونه شهدوا جميعا ان الناجم بمصر وهو منصور بن نزار المتلقب بالحاكم حكم لله عليه بالبوار والدمار والخزى والنكال والاستيصال ابن معد بن اسمعيل ابن عبد الرحمن بن سعيد لا اسعده الله فانه لما صار الى الغرب تسمى بعبيد الله وتلقب بالمهدى ومن تقدمه من سلفه الارجاس الأنجاس عليه وعليهم لعنة الله ولعنة اللاعنين ادعياء خوارج لا نسب لهم في ولد على بن ابى طالب ولا يتعلقون منه بسبب وانه منزه عن باطلهم وان الذى ادعوه من الانتساب اليه باطل وزور وانهم لا يعلمون ان احدا من اهل بيوتات الطالبيين توقف عن اطلاق القول فى هؤلاء الخوارج انهم ادعياء وقد كان هذا الانكار لباطلهم ودعواهم شائعا بالحرمين وفى اول امرهم بالغرب منتشرا انتشارا يمنع من ان يتدلس على احد كذبهم او يذهب وهم الى تصديقهم وان هذا الناجم بمصر هو وسلفه كفار وفساق فجار ملحدون زنادقة معطلون وللاسلام جاحدون ولمذهب الثنوية والمجوسية معتقدون قد عطلوا الحدود واباحوا الفروج واحلوا الخمور وسفكوا الدماء وسبوا الانبياء ولعنوا السلف وادعوا الربوبية وكتب فى ربيع الآخر من سنة اثنتين واربعمائة وقد كتب خطه فى المحضر خلق كثير من العلويين المرتضى والرضى وابن الازرق الموسوى وابو طاهر بن ابى الطيب ومحمد

ابن محمد بن عمر وابن ابى يعلى ومن القضاة ابو محمد ابن الاكفانى وابو القاسم الخرزى وابو العباس السورى ومن الفقهاء ابو حامد الاسفرائينى وابو محمد الكشفلى وابو الحسين القدورى وابو عبد الله الصيمرى وابو عبد الله البيضاوى وابو على بن حكمان ومن الشهداء ابو القاسم التنوخى وقرئ بالبصرة وكتب فيه خلق كثير
وفى رجب وشعبان ورمضان واصل فخر الملك الصدقات والحمول الى المشاهد بمقابر قريش والحائر والكوفة وفرق الثياب والتمور والنفقات فى العيد على الضعفاء وركب الى الصلاة فى الجوامع واعطى الخطباء والقواد والمؤذنين الثياب والدنانير وتقدم ليلة الفطر يتأمل من فى حبوس القضاء فمن كان محبوسا على دينار وعشرة قضى ومن كان اكثر من ذلك كفر واخرج ليعود بعد التعبيد واوغر بتمييز من فى حبس المعونة واطلاق من صغرت جنايته ووقعت توبته فكثر الدعاء له فى المساجد والاسواق
وفى رمضان تقدم فخر الملك بنقض الدار المعزية بحصيرة شارع دار الدقيق واستيثاق عمارتها وتغيير أبنيتها وعمل دورا لحواشى جوارها فانفق عليها الجملة الكثيرة وحملت اليها الآلات من كل بلد وجعل فيها المجالس الواسعة والحجر الكثيرة والابنية الرائقة واستعملت لها الفروش بفارس والاهواز على مقادير بيوتها ومجالسها وعمل على الانتقال اليها وسكناها ثم استبعد موضعها ورآه نائبا عن الكرخ فجعلها متنزها فى الخلوات ومرسومة بالسمط والدعوات
وفى ليلة الاربعاء خامس شوال عصفت ريح سوداء فرمت من النخل اكثر من عشرة آلاف رأس
وورد كتاب من يمين الدولة محمود بن سبكتكين الى الخليفة بأنه غزا قوما من الكفار فقطع اليهم مفازة من رمل واصابه واصحابه العطش كادوا يهلكون منه

ثم تفضل الله سبحانه عليهم بسحابة أظلتهم ومطرت وشربوا وسقوا ووصلوا الى القوم وهم خلق عظيم ومعهم ستمائة فيل فظفر بهم وأخذ غنائمهم وعاد وكان ابو الحسين عبد الله بن دنجا عاملا على البصرة وكان ملقبا بذى الرتبتين وكان بينه وبين أبى سعد بن ماكولا وحشة فمرض ابو سعد مرضا صعبا فأنفذ ابو الحسين فوكل بداره ثم اعتل ابو الحسين ومات وتماثل ابو سعد فأنفذ الى داره بأولئك الموكلين حتى احتاطوا على ماله وقبضوا على اصحابه
وفى ذى الحجة ورد كتاب أبى الحارث محمد بن محمد بن عمر بان ريحا سوداء هاجت عند حصول الحاج بزبالى وفقدوا الماء فهلك منهم خلق كثير وبلغت المزادة من الماء مائة درهم وتخفر جماعة ببنى خفاجة ورجعوا الى الكوفة وعمل الغدير والغار على سكون وطمأنينة واظهرت الفتيان من التعليق شيئا كثيرا واستعمل اهل السنة بالأتراك فأعاروهم الثياب والفروش الحسان والمصاغ والاسلحة

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
404 - احمد بن عبد الله ابن الخضر بن مسرور ابو الحسين المعدل المعروف بابن السوسنجردى سمع ابا عمر وابن السماك واحمد بن سلمان النجاد وابا بكر الشافعى وغيرهم وكان ثقة دينا حسن الاعتقاد شديدا فى السنة واجتاز يوما فى الكرخ فسمع سب بعض الصحابة فجعل على نفسه ان لا يمشى فى الكرخ وكان يسكن باب الشام فلم يعبر قنطرة الصراة حتى مات توفى فى رجب هذه السنة عن نيف وثمانين سنة اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى على بن الحسين العكبرى قال سمعت عبد القادر بن محمد بن يوسف يقول رأيت ابا الحسن الحمامى المقرئ فى المنام فقلت ما فعل الله بك قال انا فى الجنة قلت وابى قال وابوك معنا فقلت وجدنا يعنى ابا الحسين السوسنجردى فقال فى الحظيرة قلت

حظيرة القدس قال نعم او كما قال
405 - اسمعيل بن الحسين ابن على بن الحسن بن هارون ابو محمد البخارى الفقيه الزاهد ورد بغداد حاجا مرارا وحدث بها عن جماعة روى عنه عبد العزيز الازجى توفى فى شعبان هذه السنة
406 - الحسن بن الحسين ابن على بن العباس بن اسمعيل بن ابى سهل بن نوبخت ابو محمد النوبختى الكاتب ولد فى سنة عشرين وثلثمائة حدث عن على بن عبد الله بن مبشر الواسطى والقاضى المحاملى وكان سماعه صحيحا روى عنه البرقانى والازهرى والتنوخى ققال البرقانى كان معتزليا وكان يتشيع الا انه يتبين انه صدوق وقال الازهرى كان رافضيا ردىء المذهب وقال العتيقى كان ثقة فى الحديث يذهب الى الاعتزال وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة
407 - الحسن بن القاسم ابن الحسن بن العلاء بن الحسن ابو على الدباس واصله من شهر زور روى عنه الازهرى والخلال وكان ثقة توفى فى صفر هذه السنة
408 - عثمان بن عيسى ابو عمر والباقلاوى كان احد الزهاد المتعبدين المؤثرين للخلوة المنعكفين على الذكر وكان قوته من نخلات له وقيل من كسب البوارى وكان لا يخرج الا يوم الجمعة للصلاة
اخبرنا محمد بن ابى طاهر البزاز عن ابى الحسين ابن المهتدى قال كان عثمان له مغتسل وجنازة فى المسجد وكان يصلى بينهما وكنت اصلى به فى شهر رمضان فقرأت ليلة سورة الحاقة حتى اتيت الى هذه الاية فيومئذ وقعت الواقعة فصاح وسقط مغشيا عليه فما بقى فى المسجد احد الا انتحب وكان يتعمم بشاروفة وكان يأكل

من كسب البوارى وكان قد سأله السعيد التركى ان يصل اليه منه شىء فأبى فقال له اذا ابيت فتأذن لى ان اشترى دهنا نشعله فى المسجد وكان مأواه المسجد ما كان يخرج منه الا يوم الجمعة فأجاب الى ذلك فلما عاد الرسول على انه يحمل اليه دهنا قال له لا تجئنى بشىء آخر قد أظلم على البيت
اخبرنا محمد بن ابى طاهر عن ابى القاسم التنوخى قال قصدته لشدة وقعت فيها فطرقت بابه فقال من قلت مضطرا فقال ادع ربك يجبك فدعوت على بابه وعدت وقد كفيت ما خفته توفى لسبع بقين من رمضان هذه السنة ودفن فى مقبرة جامع المنصور
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى على بن الحسين ابن جداء العكبرى قال سمعت عرس الخباز يقول لما دفن عثمان الباقلاوى رأيت فى المنام بعض من هو مدفون فى جوار قبره فقلت كيف فرحكم بجوار عثمان فقال وان عثمان لما جىء به سمعنا قائلا يقول الفردوس الاعلى او كما قال
409 - على بن احمد ابن محمد بن يوسف ابو الحسن القاضى السامرى من اهل سر من رأى سمع ابراهيم ابن عبد الصمد الهاشمى وكان ثقة صدوقا صالحا
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنا عنه ابن بنته ابو الحسين محمد بن احمد ابن حسنون النرسى قال لنا ما رأيت جدى مفطرا بنهار قط توفى فى هذه السنة
410 - محمد بن بكران ابن عمران بن موسى بن المبارك ابو عبد الله البزاز ويعرف بابن الرازى سمع الحسين بن اسمعيل المحاملى ومحمد بن مخلد
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر الخطيب حدثنا عنه البرقانى وسالته عنه فقال ثقة وقال العتيقى ثقة وحدثنى عبد الله بن على قال توفى يوم

الخميس لعشر بقين من جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن بالشونيزية
411 - محمد بن جعفر ابن محمد بن هارون بن فروة بن ناجية ابو الحسن التميمى النحوى المعروف بابن النجار من اهل الكوفة ولد

سنة
ثلاث وثلثمائة بالكوفة وقدم بغداد وحدث بها عن ابن دريد ونفطويه والصولى وغيرهم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا العتيقى قال ابن النجار ثقة توفى بالكوفة فى جمادى الاولى من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ثلاث واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه قلد الراضى ابو الحسن الموسوى يوم الجمعة السادس عشر من المحرم نقابة نقباء الطالبيين فى سائر الممالك وورد له عهد بذلك من حضرة بهاء الدولة وقرئ فى دار فخر الملك بحضرته بعد ان جمع الأكابر من الاشراف والقضاة والعلماء والجند وخلعت عليه خلعة سوداء وهو اول طالبى خلع عليه السواد
وفى يوم الاربعاء سادس صفر خرج فخر الملك الى بثق اليهودى بالنهروان فعمل فيه حتى احكمه وأخذ بيده باقة قصب فطرحها فوافقه الناس وحملوا التراب على رؤسهم ووقع فى بعض الخسوف والفوارات رجلان من السوادية فطرح التراب والقصب عليهما فهلكا وكان فخر الملك ساهرا ليلته قائما على رجله والرجال يعملون حتى ثبت السكر ثم رتب العمال فى كل رستاق وعمر البلاد فارتفع فى تلك السنة بحق السلطان بضعة عشر الف كر وخمسون الف دينار
وفى هذا الشهر ورد الخبر على فخر الملك من الكوفة بان ابا فليتة ابن القوى سبق الحاج الى واقصة فى ستمائة رجل فنزح الماء فى مصانع البرمكى والريان

وغورها وطرح فى الآبار الحنظل واقام يراصد ورودهم فلما وردوا العقبة فى يوم الثلاثاء لاثنتى عشرة ليلة خلت من صفر اعتقلهم هناك ومنعهم الاجتياز وطالبهم بخمسين الف دينار فامتنعوا من تقرير امره على شىء وضعفوا عن الصبر وبلغ منهم العطش فهجم عليهم فلم يكن عندهم دفع ولا منع فاحتوى على الجمال والاحمال والاموال فهلك من الناس الكثير وقيل هلك خمسة عشر الف انسان ولم يفلت الا العدد اليسير وافلت ابو الحارث بن عمر العلوى وهو اميرهم فى نفر من الكبار على اسوأ حال وفى آخر رمق خلص بالتخفير من العرب وركوب الغرر فى المشى على القدم وكان فخر الملك حينئذ مقيما على سد البسق فورد عليه من هذه الامر اعظم مورد وكاتب عامل الكوفة بأن يحسن الى من سلم ونصبهم وكاتب على بن مزيد وامره ان يطلب العرب الذين فعلوا هذا ويوقع بهم بما يشفى الصدر منهم وندب من يخرج لمعاونته فسار ابن مزيد فلحق القوم فى البرية وقد قاربوا البصرة فأوقع بهم وقتل كثيرا منهم واسر ابن القوى ابا فليتة والاشتر واربعة عشر رجلا من وجوه بنى خفاجة ووجد الاحمال والاموال قد تمزقت وأخذ كل فريق من ذلك الجمع طرفا فانتزع ما امكنه انتزاعه وعاد الى الكوفة وبعث بالأسراء الى بغداد فشهروا واودعوا الحبس واجيع منهم جماعة واطعموا المالح وتركوا على دجلة حتى شاهدوا الماء حسرة وماتوا عطشا هناك واوقع ابو الحسن بن مزيد بخفاجة بعد سنين فافلت من اسروه من الحاج وكانوا قد جعلوهم رعاة لأغنامهم فعادوا وقد قسمت تركاتهم وتزوجت نساؤهم
وفى ليلة الاربعاء لثلاث بقين من صفر وقت العشاء انقض كوكب كبير الجرم عن يمنة القبلة وملأ الارض ضوءه واستعظم الناس ما رأوه منه
وفى شعبان وقعت بالكوفة صاعقة فى اثناء رعد وبرق فسقطت على حائط فرمت به وفى رمضان انقض كوكب من المشرق الى المغرب غلب ضوؤه ضوء القمر وتقطع قطعا وبقى ساعة طويلة

وفى شوال توفيت بنت ابى نوح الاهوازى الطبيب زوجة ابى نصر بن اسرائيل كاتب المناصح ابى الهيجاء فاخرجت جنازتها نهارا ومعها النوائح والطبول والزمور والرهبان والصلبان والشموع فقام رجل من الهاشميين فانكر ذلك ورجم الجنازة فوثب احد غلمان المناصح بالهاشمى فضربه بدبوس على رأسه فشجه فسال دمه وهرب النصارى بالجنازة الى بيعة دار الروم فتبعهم المسلمون ونهبوا البيعة واكثر دور النصارى المجاورة لها وعاد ابن اسرائيل الى داره فهجموا عليه فهرب منهم واخرج ابن اسرائيل مستخفيا حتى اوصل الى دار المناصح وثارت الفتنة بين العامة وغلمان المناصح وزادت ورفعت المصاحف فى الاسواق وغلقت ابواب المساجد وقصد الناس دار الخليفة على سبيل الاستنفار وركب ذو العادتين ابو غالب الى دار المناصح فاقام بها ووردت رسالة الخليفة الى المناصح بانكار ما جرى وتعظيم الامر فيه وبالتماس ابن اسرائيل وتسليمه فامتنع المناصح من ذلك فغاظ الخليفة امتناعه وتقدم باصلاح الطيار للخروج عن البلد وجمع الهاشميين الى داره واجتمعت العوام فى يوم الجمعة وقصدوا دار المناصح ودفع غلمانه فقتل رجل ذكر انه علوى فزادت الشناعة وامتنع الناس من صلاة الجمعة وظفرت العامة بقوم من النصارى فقتلوهم وترددت الرسائل الى المناصح الى ان بذل حمل ابن اسرائيل الى دار الخلافة فكف العامة عن ذلك والزم اهل الذمة الغيار ثم افرج عن ابن اسرائيل فى ذى القعدة
وفى ذى القعدة بعث يمين الدولة ابو القاسم محمود الى حضرة الخليفة كتابا ورد اليه من الحاكم صاحب مصر يدعوه فيه الى طاعته والدخول فى بيعته وقد خرقه وبصق فى وسطه
وفى هذه السنة قرئ عهد ابى نصر بن مروان الكردى على آمد وميافارقين وديار بكر وخلع عليه الطوق والسوار ولقب نصير الدولة
وفيها ورد دحاج خراسان ووقف الامر فى توجههم الىمكة لفساد فى الطريق

وغيبة فخر الملك فانصرفوا وبطل الحج من خراسان والعرق
وفيها خلع على ابى الحسن على بن مزيد وهو اول من تقدم من اهل بيته

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
412 - احمد بن على ابو الحسن البتى كان يكتب للقادر عنه مقامه بالبطيحة ولما وصلته البيعة كتب عنه الى بهاء الدولة وكان البتى حافظا للقرآن تاليا له مليح المذاكرة بالاخبار والآداب عجيب النادرة ظريف التماجن انحدر مع الرضى والمرتضى وابن ابى الريان وجماعة من الاكابر لاستقبال بعض الملوك فخرج عليهم اللصوص ورموهم بالحذاقات وجعلوا يقولون ادخلوا يا ازواج القحاب فقال البتى ما خرج هؤلاء علينا الا بعين قالوا ومن اين علمت قال والا فمن اين علموا انا ازواج قحاب وكان البتى صاحب الخبر والبريد فى الديوان القادرى توفى فى شعبان هذه السنة
413 - اسمعيل بن عمر ابن محمد بن ابراهيم المعروف بابن نسنبك كان من ولد جرير بن عبد الله وكان يسكن باب الازج وتقلد النظر فى الحكم هناك وحدث عن ابى بكر الشافعى وكان ثقة توفى فى ذى القعدة من هذه السنة ودفن بباب الازج
414 - اسمعيل بن الحسن ابن عبد الله بن الهيثم الصرصرى من اهل صرصر سمع الحسين بن اسمعيل المحاملى وابا العباس بن عقدة وغيرهما روى عنه البرقانى وقال هو ثقة وتوفى ببغداد فى هذه السنة وصلى عليه ابو حامد الاسفرائينى فى مشهد سوق الطعام وحمل الى صرصر
415 - الحسن بن حامد ابن على بن مروان ابو عبد الله الوراق الحنبلى كان مدرس اصحاب احمد وفقيههم

فى زمانه وله المصنفات الكبار منها كتاب الجامع نحو اربعمائة جزء يشتمل على اختلاف الفقهاء وله مصنفات فى اصول الدين والفقه وهو شيخ القاضى ابى يعلى ابن الفراء وكان معظما فى النفوس مقدما عند السلطان والعامة وحدث عن ابى بكر الشافعى وابن مالك القطيعى وغيرهما وكان ينسخ باجرة ويتقوت بذلك وخرج فى هذه السنة الى مكة فجرى من العرب ما قد ذكرناه فاستند الى حجر فجاءه رجل بقليل من ماء وقد اشفى على التلف فقال من اين هذا فقال ما هذا وقته فقال بلى هذا وقته عند لقاء الله تعالى فتوفىبقرب واقصة
416 - الحسين بن الحسن ابن محمد ابو عبد الله الحليمى ولد بجرجان وحمل الى بخارا وكتب الحديث وتفقه وصار رئيس المحدثين ببخارا وتوفى القضاء وتوفى فى هذه السنة
417 - فيروز ابو نصر الملقب بهاء الدولة هو الذى قبض على الطائع جمع من الاموال مالم يجمعه احد من بنى بويه وكان يبخل بالدرهم الواحد ويؤثر المصادرات وتوفى بأرجان فى جمادى الآخرة من هذه السنة وكانت امارته اربعا وعشرين سنة وثلاثة ايام وعمره اثنتين واربعين سنة وستة اشهر وعشرين يوما وكان مرضه الصرع وحمل الى الكوفة فدفن بالمشهد
418 - قابوس بن وشمكير كان اصحابه قد تغيروا عليه حين سطا بهم وترك الرفق وقتل خواصه فاجتمع نفر منهم الى ابنه منوجهر واعلموه انهم قد عزموا على قتل قابوس وانه ان لم يقبض عليه قرنوه به فقبض عليه ورقاه القلعة ومنعه ما يتدثر به فى شدة البرد فهلك وكان قد حكم على نفسه فى النجوم ان منيته على يد ولده فأبعد ولده دارا لما كان يرى من عقوقه فبعد وقرب منوجهر لما كان ير من طاعته وكانت منيته بسببه ومن شعر قابوس

خطرات ذكرك تستثير مودتى ... فاحس منها فى الفؤاد دبيبا ... لا عضولى الا وفيه صبابة ... فكأن اعضاى خلقن قلوبا ...
419 - محمد بن محمد ابن عمر ابو الحارث العلوى كانت اليه نقابة العلويين بالكوفة وكان اليه تسيير الحاج فسيرهم عشر سنين وتوفى فى هذه السنة
420 - محمد بن الطيب ابن محمد ابو بكر الباقلاوى سمع الحديث من ابى بكر بن مالك القطيعى وابى محمد ابن ماسى وابى احمد النيسابورى الا انه كان متكلما على مذهب الاشعرى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ اخبرنا ابو القاسم على بن الحسن بن ابى عثمان وغيره ان عضد الدولة كان قد بث القاضى ابا بكر الباقلاوى فى رسالة الى ملك الروم فلما ورد مدينته عرف الملك خبره وبين له محله فى العلم فأفكر الملك فى امره وعلم انه لا يفكر له اذا دخل عليه كما جرى رسم الرعية ان يقبل الارض بين يدي الملوك ثم نتجت له الفكرة ان يضع سريره الذى يجلس عليه وراء باب لطيف لا يمكن احد ان يدخل منه الا راكعا ليدخل القاضى منه على تلك الحال عوضا من تكفيره بين يديه فلما وضع سريره فى ذلك الموضع امر بادخال القاضى من الباب فسار حتى وصل الى المكان فلما رآه تفكر فيه ثم فطن بالقصة فأدار ظهره وحنى رأسه ودخل من الباب وهو يمشى الى خلفه وقد استقبل الملك بدبره حتى صار بين يديه ثم رفع رأسه ونصب ظهره وأدار وجهه حينئذ الى الملك فعجب من فطنته ووقعت له الهيبة فى نفسه توفى ابو بكر الباقلاوى يوم السبت لسبع بقين من ذى القعدة من هذه السنة ودفن فى داره بدرب المجوس من نهر طابق ثم نقل بعد ذلك فدفن فى مقبرة باب حرب

421 - محمد بن موسى ابن محمد ابو بكر الخوارزمى شيخ اهل الرأى وفقيههم سمع الحديث من ابى بكر الشافعى وغيره ودرس الفقه على ابى بكر احمد بن على الرازى وانتهى اليه الرياسة فى مذهب ابى حنيفة وكان معظما عند الملوك وكان من تلامذته الرضى والصيمرى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال سمعت ابا بكر البرقانى يذكر ابا بكر الخوارزمى بالجميل فسألته عن مذهبه فى الاصول فقال سمعته يقول ديننا دين العجائز ولسنا فى الكلام فى شىء قال البرقانى وكان له امام يصلى به حنبلى ووصف لنا البرقانى حسن اعتقاده وجميل طريقته قال ابن ثابت وحدثنى القاضى ابو عبد الله الصيمرى قال ثم صار امام اصحاب ابى حنيفة ومدرسهم ومفتيهم شيخنا ابو بكر محمد بن موسى الخوارزمى وما شهد الناس مثله فى حسن الفتوى والاصابة فيها وحسن التدريس وقد دعى الى ولاية الحكم مرارا فامتنع منه وتوفى ليلة الجمعة الثامن عشر من جمادى الاولى سنة ثلاث واربعمائة ودفن فى منزله بدرب عبدة
422 - ورام التركى ابو المذكور الامير توفى واقام ابنه ابو الفتح مقامه سنة 404 ثم دخلت سنة أربع وأربعمائة فمن الحوادث فيها أنه في يوم الخميس غرة ربيع الأول انحدر فخر الملك إلى دار الخلافة فلما صعد من الزبزب تلقاه أبو الحسن على بن عبد العزيز بن حاجب النعمان وقبل الأرض بين يديه مرارا وفعل من كان معه من الحجاب وقدم الدار مثل ذلك وقدمت له دابة فركبها من المشرعة إلى الموضع الذي نزل فيه عضد الدولة من دار السلام ودخل والحجاب قدامه واجلس في الرواق الذي دون

قبة الخمار وجلس الخليفة في القبة ودعا فخر الملك ووصل الناس بعده على مراتبهم ثم زحموا ودخلوا بأسرهم فامتلأ الموضع كثر البوش واللفظ وامتنع على الحجاب ان يمسكو الابواب فقال الخليفة يا فخر الملك امنع من هذا الاختلاط فأخذ دبوسا ورد كثيرا من الناس وأخرجهم ووكل النقباء والستريين بباب القبة وقرأ ابو الحسن على بن عبد العزيز عهد سلطان الدولة بالتقليد له والألقاب فلما فرغ منه اوقع الخليفة علامته فيه واحضرت الخلع فكانت سبعا على العادة ومعممة سوداء وسيفا وتاجا مرصعا وسوارين وطوقا وكل ذلك مصوغ من ذهب وفرسين بمركبين من ذهب ولوائين تولى الخليفة عقدهما بيده ثم اعطاه سيفا وقال للخادم قلده به فهو بزله ولعقبه يفتح به شرق الارض وغربها وفى هذه السنة حج بالناس ابو الحسن محمد بن الحسن ابن الاقساسى وكذلك فى سنة خمس وست
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
الحسين بن احمد ابن جعفر ابو عبد الله المعروف بابن البغدادى سمع الحديث وكان زاهدا عابدا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت بعض الشيوخ الصالحين يقول كان ابو عبد الله ابن البغدادى لا يزال يخرج الينا وقد انشق رأسه وانفتحت جبهته فقيل له كيف ذلك قال كان لا ينام الا عن غلبة ولم يخلو ان يكون بين يديه محبرة او قدح او شىء من الاشياء موضوعا فاذا غلبه النوم سقط على ما يكون بين يديه فيؤثر فى جبهته أثرا وكان لا يدخل الحمام ولا يحلق رأسه لكن يقص شعره اذا طال بالجلم وكان يغسل ثيابه بالماء حسب من غير صابون وكان يأكل خبز الشعير فقيل له فى ذلك فقال الشعير والحنطة عندى سواء توفى فى شعبان هذه السنة ودفن فى مقبرة باب حرب

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11