كتاب : مجمع الضمانات
المؤلف : أبو محمد غانم بن محمد البغدادي
الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْأَصْلِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ كَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ وَتُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَضُرُّ حُصُولُهَا لَهُ مَجَّانًا ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ الْمَبِيعِ فَلَمْ يَمْلِكْهَا بِالثَّمَنِ وَإِنَّمَا مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الرَّدِّ كَانَ فِي ضَمَانِهِ ، وَلَوْ هَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِهِ وَبِمِثْلِهِ بِطَيِّبِ الرِّبْحِ لِحَدِيثِ الْخَرَاج بِالضَّمَانِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
اشْتَرَى شَاةً عَلَى أَنَّهَا لَبُونٌ فَحَلَبَهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَتَبَيَّنَ لَهُ بِنُقْصَانِ لَبَنِهَا أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مَعَ اللَّبَنِ وَلَا بِدُونِ اللَّبَنِ .
اشْتَرَى قُدُومًا فَأَدْخَلَهُ النَّارَ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ ، وَفِي الذَّهَبِ لَوْ أَدْخَلَهُ النَّارَ رَدَّهُ .
وَلَوْ اشْتَرَى مِنْشَارًا وَحَدَّدَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّهُ .
اشْتَرَى شَجَرَةً لِيَتَّخِذَ مِنْهَا بَابًا ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَقَطَعَهَا فَوَجَدَهَا لَا تَصْلُحُ لِمَا اشْتَرَاهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْبَائِعُ مَقْطُوعَةً وَيَرُدُّ الثَّمَنَ .
رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ وَتَقَابَضَا فَوَطِئَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ ثُمَّ رَأَى مُشْتَرِي الْعَبْدِ بِهِ عَيْبًا وَلَمْ يَرْضَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ يَوْمَ قَبْضِهَا ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ النُّقْصَانَ إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَلَا الْعُقْرَ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَصَلَ عَلَى مِلْكِهِ .
رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعِيرٌ تَبَايَعَا وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا فِي الْبَعِيرِ الَّذِي اشْتَرَاهُ عَيْبًا ثُمَّ مَاتَ فِي يَدِهِ وَقَدْ مَرِضَ الْبَعِيرُ الْآخَرُ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الْبَعِيرِ الْآخَرِ ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْمَبِيعِ مِنْ قِيمَةِ الْبَعِيرِ الْآخَرِ صَحِيحًا وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ لِمَرَضِ الْبَعِيرِ .
بَيَّاعٌ عِنْدَهُ بَضَائِعُ لِلنَّاسِ أَمَرُوهُ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنٍ مُسَمًّى وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ عَجَّلَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ إلَى أَصْحَابِهَا عَلَى أَنْ يَصْرِفَ أَثْمَانَهَا إلَى نَفْسِهَا إذَا قَبَضَهَا فَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَنَوَى مَا عَلَيْهِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَى أَصْحَابِ الْبَضَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَى بِشَرْطِ الرُّجُوعِ .
رَجُلٌ بَعَثَ أَغْنَامًا إلَى بَيَّاعٍ لِيَبِيعَهَا فَبَاعَهَا فِي الْحَظِيرَةِ مِنْ رَجُلٍ وَمَاتَ الْبَيَّاعُ وَتَرَكَ وَارِثًا فَلِصَاحِبِ الْأَغْنَامِ أَنْ يُطَالِبَ وَارِثَ الْبَيَّاعِ مَا لَمْ يَثْبُتْ قَبْضُ الْبَيَّاعِ الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ لَا يَصِيرُ مَحَلًّا لِلْوَدِيعَةِ فَلَا يَصِيرُ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ إلَّا بِأَمْرِ وَصِيِّ الْبَيَّاعِ ؛ لِأَنَّ الْبَيَّاعَ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا مَاتَ يَنْتَقِلُ حَقُّ قَبْضِ الثَّمَنِ إلَى وَصِيِّهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُنَصِّبَ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا وَلَا يَكُونُ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْمُوَكِّلِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ نَقَضَ الْبَيْعَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ تَبْقَى الْأَرْضُ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَهَا لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ فَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي فِي زِرَاعَةِ هَذِهِ الْأَرْضِ سَنَةً فَزَرَعَهَا تَصِيرُ الْأَرْضُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ قَبْلَ مَا يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُهَا لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا زَرَعَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ صَارَ كَأَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَى الْبَائِعِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْ يَدِهِ وَقَدْ كَانَ أَبَقَ عِنْدَ الْبَائِعِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ مَا دَامَ الْعَبْدُ حَيًّا أَيْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى دَابَّةً ثُمَّ سُرِقَتْ ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا كَانَ مَحْمُومًا عِنْدَ الْبَائِعِ تَأْخُذُهُ الْحُمَّى كُلَّ يَوْمٍ ، أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي فَأَطْبَقَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ ، وَلَوْ أَنَّهُ صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ بِذَلِكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَهَذَا عَيْبٌ آخَرُ غَيْرَ الْحُمَّى فَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَجَدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَقَدْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ وَرَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ لَيْسَ لِبَائِعِهِ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا فِي الْمُشْتَمِلِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ .
وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ عَبْدِهِ مِنْهُ بِجَارِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَهَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ مُحَمَّدٌ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا وَقَالَا بِقِيمَتِهِ .
وَلَوْ وَطِئَ الْبَائِعُ أَمَتَهُ الْمَبِيعَةَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَالثَّمَنُ كَامِلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ بِأَنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَقَالَا يَجِبُ الْعُقْرُ فَتَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ مَثَلًا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَعُقْرُهَا مِائَةً يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى أَحَدَ عَشْرَ سَهْمًا فَيَسْقُطُ سَهْمٌ وَاحِدٌ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِنْ نَقَصَهَا الْوَطْءُ بِأَنْ كَانَتْ بِكْرًا فَالثَّمَنُ مَقْسُومٌ عَلَى النُّقْصَانِ وَعَلَى قِيمَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَسْقُطُ مَا أَصَابَ النُّقْصَانُ وَقَالَا يَنْظُرُ إلَى الْعُقْرِ وَإِلَى نُقْصَانِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَكْثَرُ يَجِبُ ذَلِكَ وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِيهِ ثُمَّ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَعَلَى قِيمَةِ الْجَارِيَةِ نَاقِصَةً فَمَا أَصَابَ الْأَكْثَرُ سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَيَجِبُ الْبَاقِي ، مِنْ الْمَجْمَعِ .
وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَإِذَا هُوَ حُرٌّ وَقَدْ قَالَ الْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرِنِي فَإِنِّي عَبْدٌ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا ، أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً مَعْرُوفَةً لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ وَرَجَعَ الْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قُيِّدَ بِالْأَمْرِ وَالْإِقْرَارِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِالشِّرَاءِ وَلَمْ يُقِرَّ ، أَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَأْمُرْ لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ اتِّفَاقًا انْتَهَى .
كُلُّ مَبِيعٍ بَيْعًا فَاسِدًا إذَا رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِهِبَةٍ ، أَوْ صَدَقَةٍ ، أَوْ بَيْعٍ ، أَوْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْغَصْبِ وَوَقَعَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهُوَ مُتَارَكَةٌ لِلْبَيْعِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ ضَمَانِهِ .
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْ الْكَرْخِيِّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا أَوْدَعَهُ الْبَائِعُ بَيْعًا فَاسِدًا ، أَوْ أَعَارَهُ أَوْ رَهَنَهُ ، أَوْ أَجَّرَهُ إيَّاهُ ، أَوْ غَصَبَهُ الْبَائِعُ ، أَوْ اشْتَرَى بِعِوَضٍ فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ وَقَدْ انْتَقَضَتْ الْعُقْدَةُ الْأُولَى وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ ضَمَانِهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَدِّهِ عَلَيْهِ .
اشْتَرَى مَكِيلًا مُكَايَلَةً وَكَالَهُ لِنَفْسِهِ فَزَادَ زِيَادَةً يَجِبُ رَدُّهَا فَعَزَلَهَا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْبَاقِي ، وَلَوْ هَلَكَتْ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ .
اشْتَرَى حِنْطَةً عَلَى أَنَّهَا رَبِيعِيَّةٌ لِلْبَذْرِ فَزَرَعَهَا وَنَبَتَتْ فَبَانَ أَنَّهَا خَرِيفِيَّةٌ وَفَاتَ مِنْهُ فَائِدَةُ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ الرَّبِيعِيِّ وَالْخَرِيفِيِّ فِي الْقِيمَةِ وَقْتَ الْبَذْرِ قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيِّ الْجَوَابُ فِيهِ كَمَا فِيمَا إذَا اسْتَوْفَى دَيْنَهُ دَرَاهِمَ فَأَنْقَصَهَا ثُمَّ عَلِمَ زِيَادَتَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرُدُّ مِثْلَ الزُّيُوفِ وَيَرْجِعُ بِالْخِيَارِ كَذَا هَذَا .
اشْتَرَى زَيْدٌ بِنَجِيَّاتٍ بِبُخَارَى عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فَبَلَغَهَا بَغْدَادَ فَإِذَا هُوَ عِشْرُونَ فَرَجَعَ بِهَا لِيَرُدَّهَا وَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الذَّرْعِ ، وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ .
وَفِي الْمُحِيطِ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ .
وَالْمُشْتَرِي فِي خِيَارِ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ كَالرَّهْنِ ، وَفِي خِيَارِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَالرَّدُّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ بِقَضَاءِ نَظِيرِ الرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي .
اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً وَغَابَ الْبَائِعُ ، وَلَوْ انْتَظَرَ حُضُورَهُ تَفْسُدُ فَشَوَاهَا ، أَوْ بَاعَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ فِي دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ وَظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ سُئِلَ عَنْ مِثْلِهَا فِي الْمِشْمِشِ فَقَالَ : لَا يَرْجِعُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ .
اشْتَرَى دَارًا جِدَارُهَا مَائِلٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى سَقَطَ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ .
وَلَوْ كَانَ فَيْلَقًا فَجَعَلَهُ إبْرَيْسَمًا أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ رَطْبًا وَانْتَقَصَ وَزْنُهُ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى مِنْهُ دُخْنًا لِلْبَذْرِ وَقَالَ ازْرَعْهُ فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ فَأَنَا ضَامِنٌ لِهَذَا الْبَذْرِ فَزَرَعَ وَلَمْ يَنْبُتْ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ النُّقْصَانِ لَا غَيْرُ .
اشْتَرَى مِنْهُ فَرَسًا بِهِ قُرْحَةٌ فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي : لَا تَخَفْ مِنْهَا فَإِنْ هَلَكَ بِسَبَبِهَا فَأَنَا ضَامِنٌ فَأَخَذَهُ وَهَلَكَ بِسَبَبِهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
اشْتَرَى أَرْضًا وَغَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا وَكَرْمًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ تُقَوَّمُ الْأَشْجَارُ عَلَى الْبَائِعِ غَيْرَ مَقْلُوعَةٍ ، وَعَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيِّ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ فِيهَا وَمَا لَحِقَهُ مِنْ النُّقْصَانِ وَالْمُؤَنِ .
اشْتَرَى بَقَرَةً وَتَقَابَضَا ثُمَّ تَقَايَلَا وَالْبَقَرَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدُ يَحْلِبُهَا وَيَأْكُلُ لَبَنَهَا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ مِثْلَ اللَّبَنِ ، وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ وَلَا يَسْقُطُ ضَمَانُ اللَّبَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي لِظُهُورِ الْإِقَالَةِ فِي حَقِّ الْقَائِمِ دُونَ الْهَالِكِ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَمَكَثَ عِنْدَهُ سَنَةً ثُمَّ بَرْهَنَ آخَرُ أَنَّ الشَّيْءَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ ، وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَخَاطَهُ قَمِيصًا فَبَرْهَنَ الْمُسْتَحِقُّ أَنَّ الْقَمِيصَ لَهُ فَالْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ إذْ الْمَبِيعُ لَمْ يُسْتَحَقَّ كَمَا بِيعَ ، وَفِيهِ ، مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ الِاسْتِحْقَاقُ نَوْعَانِ اسْتِحْقَاقٌ مُبْطِلٌ كَدَعْوَاهُ الْحُرِّيَّةَ وَالْعِتْقَ مِنْ الْبَائِعِ وَثُبُوتُهُ يُوَرِّثُ فَسْخَ الْبِيَاعَاتِ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ .
وَنَافِلٌ كَدَعْوَاهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَنَّهُ لَا يُوجِبُ فَسْخَ الْبِيَاعَاتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ، وَكَذَا يَخْتَلِفُ الْمُبْطِلُ مَعَ النَّافِلِ فِي الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ فِي الْمُبْطِلِ الْبَاعَةُ تَرْجِعُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قَبْلَ رُجُوعِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي وَالثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ وَكَذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ فَإِنْ لَمْ يَقْضِ فَعَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ ، وَفِي النَّافِلِ لَا يَرْجِعُ الْبَاعَةُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قَبْلَ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ .
وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ آخَرَ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَرْجِعُ هُوَ عَلَى بَائِعِهِ وَبَائِعُهُ عَلَى بَائِعِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ .
وَفِيهِ عَنْ شَرْحِ الزِّيَادَاتِ إذَا بَاعَ رَجُلٌ فَرَسًا ، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ فَقَالَ : هُوَ مِلْكِي فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَالْمُسْتَحِقُّ يَأْخُذُ الْمَبِيعَ مَعَ أَوْلَادِهِ وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْأَوْلَادِ ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَتَرْجِعُ الْعُهْدَةُ إلَيْهِ .
وَفِيهِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ لَوْ رَآهُ سَجَّلَ الِاسْتِحْقَاقَ فَأَقَرَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَقَبِلَ السَّجْلَ وَوَعَدَ أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَهُ يُجْبَرَ عَلَيْهِ ، وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلَكِنَّهُ وَعَدَ أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَبِمُجَرَّدِ الْوَعْدِ لَا يُلْزَمُ بِشَيْءِ انْتَهَى .
وَمَنْ أَسْلَمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَأَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ أَنْ يَكِيلَ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ فِي غَرَائِرِ رَبِّ السَّلَمِ فَفَعَلَ وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا ، وَلَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ مُشْتَرَاةً وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا صَارَ قَابِضًا ، وَلَوْ أَمَرَ بِالطَّحْنِ كَانَ الطَّحْنُ فِي السَّلَمِ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ ، وَفِي الشِّرَاءِ لِلْمُشْتَرِي ، وَكَذَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّهُ فِي الْبَحْرِ فِي السَّلَمِ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ ، وَفِي الشِّرَاءِ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَيَتَقَرَّرُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ ، وَلَوْ أَمَرَهُ فِي الشِّرَاءِ بِأَنْ يَكِيلَهُ فِي غَرَائِرِ الْبَائِعِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَكِيلَهُ وَيَعْزِلَهُ فِي نَاحِيَةِ بَيْتِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا .
وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ : بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك خَمْسَمِائَةٍ مِنْ الثَّمَنِ سِوَى الْأَلْفِ فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ ، وَيَأْخُذُ الْأَلْفَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْخَمْسَمِائَةِ مِنْ الضَّامِنِ ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْبَلْ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ الْبَيْعُ بِالْأَلْفِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الضَّمِينِ .
وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى زَوَّجَهَا فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَهَذَا قَبْضٌ ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فَلَيْسَ بِقَبْضٍ .
وَمَنْ دَفَعَ إلَى صَائِغٍ دِرْهَمًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ دِينَارًا يَصِيرُ قَابِضًا ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِيهَا أَيْضًا وَمَنْ أَسْلَمَ جَارِيَةً فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَقَبَضَهَا الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ ثُمَّ تَقَايَلَا السَّلَمَ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا .
وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفٍ ثُمَّ تَقَايَلَا فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ ، وَكَذَا لَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ مَوْتِهَا انْتَهَى .
رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ قَطَعَهُ قَمِيصًا وَنَوَى عِنْدَ الْقَطْعِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنُّقْصَانِ ، وَلَوْ نَوَى الْقَطْعَ لِابْنِهِ الْبَالِغِ لَا تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبْضِ .
وَلَوْ اشْتَرَى دَقِيقًا فَخَبَزَ بَعْضَهُ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ مُرًّا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ وَيَرْجِعَ بِنُقْصَانِ مَا خَبَزَ .
وَلَوْ اشْتَرَى سَمْنًا ذَائِبًا وَأَكَلَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ وَقَعَ فِيهِ فَأْرَةٌ وَمَاتَتْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي الْفَتْوَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ .
وَلَوْ اشْتَرَى جُبَّةً فَلَبِسَهَا وَانْتَقَصَتْ بِاللُّبْسِ ثُمَّ عَلِمَ فِيهَا عَيْبًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْبَائِعُ وَيَرْضَى بِنُقْصَانِ اللُّبْسِ .
وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَجَعَلَهَا مَسْجِدًا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ فِي قَوْلِهِمْ وَاخْتَلَفُوا فِي الرُّجُوعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ يَرْجِعُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا وَوَقَفَهَا ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ ، ذَكَرَ هِلَالٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَضَمِنَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي بِحِصَّةِ مَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ : يَجُوزُ ذَلِكَ فَإِذَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الضَّامِنِ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ، إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ عَبْدًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : ضَمِنْت لَك عَمَاهُ فَكَانَ أَعْمَى فَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الضَّامِنِ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ ، وَلَوْ قَالَ الضَّامِنُ : إنْ كَانَ أَعْمَى فَعَلَيَّ حِصَّةِ الْعَمَى مِنْ الثَّمَنِ فَرَدَّهُ بِالْعَمَى كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّةَ الْعَمَى .
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَقَالَ لَهُ : قَدْ ضَمِنْت لَك الْعَيْبَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ .
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَبَضَهُ فَوَهَبَهُ مِنْ آخَرَ ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَاسْتَحَقَّهُ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ ، أَوْ مِنْ يَدِ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَهَا ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَلَمْ يُوَقِّتْ لِذَلِكَ وَقْتًا قَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا فَادَّعَاهَا آخَرُ فَاشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُدَّعِي أَيْضًا ، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا النِّصْفَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَاسْتَحَقَّهَا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَيُسَلِّمُ الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا يَوْمَ سَلَّمَ الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَنَى بِالْجِصِّ وَالْآجُرِّ وَالسَّاجِ وَالْقَصَبِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْبَائِعِ يَوْمَ سَلَّمَ إلَى الْبَائِعِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَسَكَنَ فِيهَا زَمَانًا حَتَّى خَلِقَ الْبِنَاءُ ، أَوْ تَغَيَّرَ أَوْ تَهَدَّمَ بَعْضُهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ تَسْلِيمِ الْبِنَاءِ إلَى الْبَائِعِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى الْجِصِّ وَالْآجُرِّ وَالسَّاجِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يُوجَدُ إلَّا بِعِشْرِينَ أَلْفًا ، أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ سَلَّمَ وَلَا يَنْظُرُ إلَى مَا كَانَ أَنْفَقَ فِيهِ .
وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ وَالْمُسْتَحِقُّ أَخَذَ الدَّارَ وَأَمَرَ الْمُشْتَرِيَ بِهَدْمِ الْبِنَاءِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي إنَّ الْبَائِعَ قَدْ غَرَّنِي وَهُوَ غَائِبٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي بَلْ يُؤْمَرُ بِهَدْمِ الْبِنَاءِ وَيُدْفَعُ الدَّارُ إلَى الْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ حَضَرَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْهَدْمِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ إنَّمَا يَرْجِعُ إذَا كَانَ الْبِنَاءُ قَائِمًا فَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ فَيَهْدِمُ الْبِنَاءَ وَيَأْخُذُ النَّقْضَ ، وَأَمَّا إذَا هَدَمَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ ، وَأَمَّا إذَا هَدَمَهُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الْبَائِعَ بِقِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَيُسَلِّمُ إلَيْهِ فَيَهْدِمُ الْبَائِعُ مَا بَقِيَ وَيَكُونُ النَّقْضُ لَهُ ، وَإِنْ
شَاءَ الْمُشْتَرِي نَقَضَ كُلَّهُ وَيَكُونُ النَّقْضُ لَهُ وَلَا يُسَلِّمُ الْبِنَاءَ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَبْعَثُ مَنْ يُقَوِّمُ الْبِنَاءَ ثُمَّ يَقُولُ لِلْمُشْتَرِي : اُنْقُضْهُ وَاحْفَظْ النَّقْضَ ، وَإِذَا ظَفِرَ بِالْبَائِعِ سَلَّمَ النَّقْضَ إلَيْهِ وَيُقْضَى لَك عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا نُقِضَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ فَسَلَّمَ النَّقْضَ إلَى الْبَائِعِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى النَّظَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
اشْتَرَى أَرْضًا خَرِبَةً فَأَنْفَقَ فِي عِمَارَتِهَا وَتَسْوِيَةِ آكَامِهَا وَحُفَرِهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِمَا أَنْفَقَ فِي عِمَارَتِهَا ، وَإِنْ كَرَى الْمُشْتَرِي فِي الْأَرْضِ نَهْرًا ، أَوْ حَفَرَ سَاقِيَّةً ، أَوْ قَنْطَرَةً عَلَى نَهَرِهَا بِآجُرِّ قَنْطَرَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْقَنْطَرَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ فِي كَرْيِ النَّهْرِ وَحَفْرِ السَّاقِيَّةِ وَبِنَاءِ الْمُسَنَّاةِ مِنْ تُرَابِهَا ، وَإِنْ بَنَاهَا بِآجُرٍّ ، أَوْ لَبِنٍ ، أَوْ قَصَبٍ ، أَوْ شَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ رَجَعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ بِأَنْ يَرُدَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَأْخُذَ الْبَائِعُ بِقِيمَتِهِ ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ : إنَّمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْبِنَاءُ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَنْقُضُهُ الْمُسْتَحِقُّ وَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا يَوْمَ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ ، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا وَطَوَاهَا بِالْآجُرِّ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا طَوَى دُونَ مَا أَنْفَقَ فِي الْحَفْرِ ، وَلَوْ انْهَدَمَ مَا بَنَى قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرُّجُوعِ قِيَامُ الْبِنَاءِ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ .
اشْتَرَى عَبْدًا ، أَوْ بَقَرَةً فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ .
اشْتَرَى إبِلًا مَهَازِيلَ فَعَلَفَهَا حَتَّى سَمِنَتْ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ فِي الْعَلَفِ .
اشْتَرَى حِمَارًا وَكَفَلَ بِالثَّمَنِ رَجُلٌ فَأَدَّاهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْحِمَارُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى يَحْضُرَ الْكَفِيلُ ، وَلَوْ اشْتَرَى عَيْنًا وَبَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَأَبْرَأَهُ مِنْ الثَّمَنِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ ، وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعٌ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ .
اشْتَرَى جَارِيَةً ، أَوْ غُلَامًا عَلَيْهِ ثِيَابٌ ، أَوْ حِمَارًا عَلَيْهِ بَرْدَعَةٌ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْبَيْعِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الثِّيَابُ ، أَوْ الْبَرْدَعَةُ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَكُلُّ شَيْءٍ يَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِيهِ .
أَقَرَّ بِعَيْنٍ صَرِيحًا أَنَّهَا لِفُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ وَالْمَنْصُوصُ هُوَ الْأَوَّلُ .
وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ فَقَطَعَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مِنْ قِيمَةِ الْأَشْجَارِ شَيْءٌ وَتُسَلَّمُ الْأَشْجَارُ لِلْمُشْتَرِي هَذَا إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ بِقَطْعِ الْأَشْجَارِ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقْتَ الْإِقَالَةِ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَطَعَ يَدَهُ فَأَخَذَ أَرْشَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ لِلْبَالِغِ مِنْ أَرْشِ الْيَدِ إذَا عَلِمَ وَقْتَ الْإِقَالَةِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ وَأَخَذَ أَرْشَهَا ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَخْذِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ التَّرْكِ ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ : الْأَشْجَارُ لَا تُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهَا مِنْهُ ؛ لِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ وَقْتَ الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْأَرْشِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ أَصْلًا لَا قَصْدًا وَلَا ضِمْنًا .
رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَبَنَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي فِيهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ فَإِنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَلَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى بَائِعِهِ إلَّا بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَوَلَدَتْ الْجَارِيَةُ مِنْ الثَّانِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَا يَرْجِعُ بَائِعُهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ فَتَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا كَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ وَقَدْ تَعَيَّبَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ بِعَيْبٍ حَادِثٍ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالنُّقْصَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَكَذَا إذَا مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَرَجَعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى بَائِعِهِ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَنَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى بَائِعِهِ فَتُقَوَّمُ الدَّارُ مَبْنِيَّةً وَغَيْرَ مَبْنِيَّةٍ فَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ ، وَكَذَا الْأَرْضُ إذَا غَرَسَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَقَلَعَ الْمُشْتَرِي الشَّجَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالنُّقْصَانِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا شَجَرًا فَنَبَتَ الشَّجَرُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي اقْلَعْ الشَّجَرَ فَإِنْ كَانَ قَلْعُهُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ يُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ إنْ شِئْت تَدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَيَكُونُ الشَّجَرُ لَك ، وَإِنْ شِئْت فَخَلِّهِ حَتَّى يُقْلِعَ الشَّجَرَ وَيَضْمَنَ لَك نُقْصَانَ أَرْضِك فَإِنْ أَمَرَهُ بِالْقَلْعِ وَقَلَعَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَفِرَ بِالْبَائِعِ بَعْدَ الْقَلْعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ وَلَا بِمَا ضَمِنَ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ ، وَإِنْ اخْتَارَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَيُمْسِكَ الشَّجَرَ وَأَعْطَاهُ الْقِيمَةَ ثُمَّ ظَفِرَ الْمُشْتَرِي بِالْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْأَرْضِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَارَ دَفْعَ قِيمَةِ الشَّجَرِ صَارَ كَأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ هُوَ الَّذِي غَرَسَ الشَّجَرَ ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ الْحَسَنُ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ أَمِينًا يُقَوِّمُ النَّابِتَ فِي الْأَرْضِ ، ثُمَّ يَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي : اقْلَعْ الشَّجَرَ وَاحْفَظْهُ حَتَّى إذَا ظَفِرْت بِالْبَائِعِ فَسَلِّمْهُ إلَيْهِ وَتَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ نَابِتًا ، وَإِنْ لَمْ تُسْتَحَقَّ الْأَرْضُ حَتَّى أَثْمَرَ الشَّجَرُ وَبَلَغَ الثَّمَرُ حَتَّى جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّ الْأَرْضَ وَطَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِقَلْعِ الشَّجَرِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بَائِعُ الْأَرْضِ حَاضِرًا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ نَابِتًا فِي الْأَرْضِ وَيُسَلِّمَ الشَّجَرَ قَائِمًا إلَى الْبَائِعِ وَيُجْبِرَ الْبَائِعَ عَلَى قَلْعِ الشَّجَرِ ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا قَلَعَهُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ .
وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَرَعَ فِي الْأَرْضِ حِنْطَةً ، أَوْ شَيْئًا مِنْ أَصْنَافِ الرَّيَاحِينِ وَالْحُبُوبِ
وَالْبُقُولِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْلَعَ الزَّرْعَ إنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ ، وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ أَخْرَبَ الْأَرْضَ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَهُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِالثَّمَنِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ كَرَى الْأَرْضَ نَهْرًا ، أَوْ حَفَرَ سَاقِيَةً أَوْ قَنْطَرَ قَنْطَرَةً عَلَى النَّهْرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ مَا أَحْدَثَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بِنَاءِ الْقَنْطَرَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ فِي كَرْيِ النَّهْرِ وَحَفْرِ السَّاقِيَةِ وَلَا فِي مُسَنَّاةٍ جَعَلَهَا فِي التُّرَابِ وَإِنْ جَعَلَهَا مِنْ آجُرٍّ ، أَوْ لَبِنٍ ، أَوْ قَصَبٍ ، أَوْ شَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُؤْمَرُ الْبَائِعُ بِقَلْعِ ذَلِكَ ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ .
إذَا اشْتَرَى أَرْضًا وَأَحْيَاهَا أَيْ عَمَّرَهَا فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرَى هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ فِي الْعِمَارَةِ لَا رِوَايَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ ؛ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ حَصَلَ بِصَرْفِ الْمَنَافِعِ وَالْمَنَافِعُ عِنْدَنَا لَا تَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ .
وَفِي الْإِسْعَافِ لَوْ اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا وَطَيَّنَ سُطُوحَهَا وَجَصَّصَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِثَمَنِ الدَّارِ وَبِمَا يُمْكِنُ هَدْمُهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَيْهِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْبَائِعِ لِكَوْنِهِ مَغْرُورًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ أَخْذُ عَيْنِهِ هُوَ فِي حُكْمِ الْهَالِكِ لَا يُرْجَعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْبَائِعِ انْتَهَى .
وَلَوْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ الْقَدِيمَ وَبَنَاهَا جَدِيدًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّارَ وَقِيمَةَ الْبِنَاءِ الْقَدِيمِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَرَفَعَ الْبِنَاءَ الْجَدِيدَ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِحِصَّةِ الْأَرْضِ مِنْ الثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ الْجَدِيدِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ الْقَدِيمِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ وَلَدًا عِنْدَهُ فَادَّعَاهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ غَرِمَ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ يُخَاصِمُ ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ الْمَغْرُورِ وَإِنَّ الْمَغْرُورَ مَنْ يَطَأُ امْرَأَةً مُعْتَمِدًا فِي ذَلِكَ عَلَى مِلْكِ يَمِينٍ ، أَوْ نِكَاحٍ فَتَلِدُ مِنْهُ ثُمَّ تَسْتَحِقُّ ، وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ مَالًا وَالْمَالُ لِأَبِيهِ ، وَلَوْ قَتَلَهُ الْأَبُ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ يَأْخُذُ دِيَتَهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى بَائِعِهِ ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَتَهُ كَمَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ بِخِلَافِ الْعُقْرِ ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ دَعْوَى النَّسَبِ .
بَاعَ جُبَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَخَاطَهُ أَضْيَقَ انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ هَذِهِ فِي الْغَضَبِ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا ، أَوْ غَرَسَ وَقَدْ قَبَضَهَا بِغَيْرِ نَقْدِ الثَّمَنِ وَبِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَحْبِسَهَا بِالثَّمَنِ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ضَمِنَ مَا زَادَ الْبِنَاءُ وَالصَّبْغُ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
بَاعَ عَبْدَهُ مِنْهُ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى بَاعَهُ الْبَائِعُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى عَقْدَهُ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي قِيمَةَ عَبْدِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ ، وَكَذَا فِي الْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَهُ وَاسْتَرَدَّ مَا دَفَعَ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَضْمَنَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ ، وَكَذَا فِي الْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ آجَرَهُ ، أَوْ أَوْدَعَهُ وَسَلَّمَ وَمَاتَ فِي يَدِهِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّهُ إنْ ضَمِنَهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ .
بَاعَ عَبْدَهُ وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِقَتْلِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْمُشْتَرِي تَضْمِينُهُ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْبَائِعِ لِعَدَمِ الْغَرَرِ .
وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا ثُمَّ قَالَ لِلْخَيَّاطِ اقْطَعْهُ لِي قَمِيصًا بِأَجْرٍ ، أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ الْخَيَّاطَ ؛ لِأَنَّ الْخَيَّاطَ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْبَائِعِ .
أَخَذَ الْمُتَوَسِّطُ الثَّمَنَ وَجَعَلَهُ فِي كُمِّ الْبَائِعِ فَقَالَ : لَا آخُذُهُ وَمَدَّ كُمَّهُ فَضَاعَ فَإِنْ جَعَلَهُ الْمُتَوَسِّطُ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُ الْبَائِعُ وَإِلَّا فَهُوَ غَصْبٌ فَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي أَيَّهُمَا شَاءَ ، .
وَفِي فَتَاوَى الْعَصْرِ إنْ كَانَ الْمُتَوَسِّطُ قَبَضَهُ الْبَائِعُ بِإِذْنِهِ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ بِرِضَاهُ ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَضْيِيعٌ عَمْدًا ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
رَجُلٌ وَرِثَ جَارِيَةً مِنْ ابْنِهِ وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُسْتَوْلِدُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى مَنْ بَاعَ الْجَارِيَةَ مِنْ مُورِثِهِ وَيَخْلُفُ الْوَارِثُ الْمُورِثَ فِي ضَمَانِ الْغَرَرِ كَمَا لَوْ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى بَائِعِ الْمُورِثِ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ إذَا اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْمُوصِي لَا بِالثَّمَنِ وَلَا بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الْحَيِّ وَلَا يَرُدُّهَا بِعَيْبٍ .
رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَاسْتَحَقَّتْ الْعَرْصَةُ ، وَفِيهَا بِنَاءٌ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ : اشْتَرَيْت مِنْك الْعَرْصَةَ ثُمَّ بَنَيْت الْبِنَاءَ وَلِي حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْك بِقِيمَةٍ الْبِنَاءِ بِحُكْمِ الْغَرَرِ ، وَقَالَ الْبَائِعُ : لَا بَلْ بِعْتُك الْعَرْصَةَ وَالْبِنَاءَ جَمِيعًا فَلَيْسَ لَك أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقَّ الرُّجُوعِ ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ ضَمَانَ مَا أَحْدَثَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَسَدَ الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ ضَمَانَ مَا أَحْدَثَ مُطْلَقًا فَسَدَ الْبَيْعُ ، وَإِنْ قَيَّدَ الضَّمَانَ فَقَالَ : أَنَا ضَامِنٌ مَا أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ ، أَوْ زَرْعٍ ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ جَازَ وَيَكُونُ ضَامِنًا .
رَجُلٌ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً كَانَتْ لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَقَالَ الْمُسْتَوْلِدُ : اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَحِقُّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَحِقِّ ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُدْعَى عَلَيْهِ حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ بِحُكْمِ الْغُرُورِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ الْمُسْتَحِقُّ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ .
رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا وَوَهَبَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ .
رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَهَا وَرَدَّ الْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ عَلَى الْبَائِعِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ فِي النِّصْفِ ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ مِنْهَا نِصْفًا بِعَيْنِهِ وَكَانَ الْبِنَاءُ فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يُسْتَحَقَّ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِرَدِّ الْبَاقِي وَلَا يَرْجِعَ بِشَيْءٍ مِنْ الْبِنَاءِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً فَادَّعَاهَا رَجُلٌ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ أَيْضًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَمَةُ وَقَدْ وَلَدَتْ لِلْمُشْتَرِي وَلَدًا قَالَ مُحَمَّدٌ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنَيْنِ عَلَى الْبَائِعَيْنِ ، فَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ الثَّانِي رَجَعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الَّتِي يَغْرَمُهَا لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا .
رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ صَبِيٍّ غَيْرِ مَأْذُونٍ ، أَوْ مِنْ مَحْجُورٍ وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ كَانَ الْوَلَدُ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَكُونُ رَقِيقًا ، هَذِهِ فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
اشْتَرَى عَبْدًا بِثَوْبٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ وَقَدْ هَلَكَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ ، وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ مِنْ السَّيِّدِ ، أَوْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ يَلْزَمُهُ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْجَارِيَةِ وَلَا يَضْمَنُ لِلْوَلَدِ شَيْئًا ، وَلَوْ وَجَدَ الْعَبْدَ حُرًّا كَانَ عِتْقُهَا بَاطِلًا وَوَلَدُهَا رَقِيقًا .
رَجُلَانِ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ دَارٍ مُشَاعًا وَقَبَضَا جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَ الدَّارِ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ، وَلَوْ اشْتَرَى وَاحِدٌ نِصْفَهَا وَقَبَضَهُ يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ فَإِنْ سَلَّمَ الْبَائِعُ النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدِهِ جَازَ وَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي .
رَجُلٌ بَاعَ نِصْفَ دَارِهِ فَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهُ شَائِعًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ : يَبْطُلُ الْبَيْعُ .
وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمَا فَإِنْ لَمْ يَجِدَا بَيِّنَةً فَنَقَضَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا وَرَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً لَا يُنْقَضُ نَقْضُهُ ، وَلَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ نُقِضَ النَّقْضُ وَيَلْزَمُ الْمَبِيعُ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ نَقَضَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ بِأَنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْهُ فَأَعْطَاهُ لَا يَرْتَفِعُ نَقْضُهُمَا بِحَالٍ ، وَإِنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ لَا يُنْتَقَضُ إلَّا بِالْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ .
وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ الْمَبِيعَةُ وَقَدْ بَنَى فِيهَا الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَبِقِيمَةِ بِنَائِهِ يَوْمَ يُسَلِّمُهُ إلَى الْبَائِعِ وَيُسَلِّمُ النَّقْصَ لِلْبَائِعِ ، وَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ نَقْضَ بِنَائِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ ، وَلَوْ أَفْسَدَهُ الْمَطَرُ فَعَلَى الْبَائِعِ فَضْلُ مَا بَيْنَ النَّقْضِ وَالْبِنَاءِ ، وَإِنْ شَاءَ الْبَالِغُ أَخَذَ النَّقْضَ وَأَعْطَاهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
اشْتَرَى كَرْمًا وَعَمِلَ فِيهِ حَتَّى أَدْرَكَ الْعِنَبَ وَالثَّمَرَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا كَمَا يَعْمَلُ الْأَكَّارُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ أَجْرَ الْعَمَلِ ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ وَهُوَ مَا كَانَ أَكَّارًا بَلْ كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ .
اشْتَرَى عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ بِمَالٍ أَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ لَمْ يَرْجِعْ الْمُسْتَحِقُّ بِالْمَالِ عَلَى الْمُعْتِقِ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ خِلَافًا لَهُمَا وَأَصْلُهُ غَصَبَ عَبْدًا فَأَجَّرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ فَأَخَذَ الْغَاصِبُ الْأَجْرَ مِنْ الْعَبْدِ وَأَكَلَهُ يَضْمَنُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا .
زَيْدٌ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ عَمْرٍو وَكَانَ عَمْرٌو اشْتَرَاهَا مِنْ بَكْرٍ فَسَمِعَ زَيْدٌ أَنَّ بَكْرًا كَانَ أَعْتَقَهَا وَطَلَبَ ثَمَنَهَا مِنْ عَمْرٍو وَقَالَ بِعْتنِيهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ عَمْرٌو وَكَانَ زَيْدٌ يَسْتَخْدِمُهَا ثُمَّ أَقَامَتْ الْجَارِيَةُ بَيِّنَةً عَلَى زَيْدٍ أَنَّ بَكْرًا كَانَ أَعْتَقَهَا وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى عَمْرٍو ، وَإِنْ كَانَ عِتْقُهَا ثَابِتًا قَبْلَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ غَيْرُ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ فِيهِ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ أَكْسَابِهَا السَّابِقَةِ عَلَى إقْرَارِهِ لَهَا ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْعِتْقِ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ تَبْيِينٌ أَنَّهَا لَمْ تُعْتَقْ بِإِقْرَارِهِ بَلْ بِإِعْتَاقِ بَكْرٍ ، وَلَوْ أَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً عَلَى عَمْرٍو أَنَّ بَكْرًا أَعْتَقَهَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُرْجَعُ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهَا زَيْدٌ ثُمَّ أَخَذَ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فَأَقَامَتْ الْجَارِيَةُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ بَكْرًا كَانَ أَعْتَقَهَا وَقَضَى لَهَا بِالْعِتْقِ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى عَمْرٍو .
اشْتَرَى جَارِيَةً وَبَاعَهَا مِنْ آخَرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَرَجَعَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ بِانْقِضَاءٍ وَأَرَادَ الْأَوَّلُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ فَادَّعَى بَائِعِهِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَهَا بَاعَهَا مِنِّي وَلِي بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لَك الرُّجُوعُ عَلَيَّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ : تُسْمَعُ ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ ، أَوْ الثَّانِي هَذِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ تُسْمَعُ ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بَيِّنَةً عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي بِأَنَّك كُنْت بِعْت هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ بَائِعِ بَائِعِي فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَيَرُدُّهَا عَلَى الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ ، وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَحِقِّ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهَا عَلَيْهِ .
اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ وَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ وَيَأْخُذُهَا الْبَائِعُ مِنْ الشَّفِيعِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي دَفَعَهَا إلَى الشَّفِيعِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَسَمَّاهَا فَهَذَا كَالْمَبِيعِ بَيْنَهُمَا وَهِيَ لِلشَّفِيعِ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الدَّارِ لِلْبَائِعِ ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الْمُسْتَحِقِّ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي بِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ فَنَفَذَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي ، أَوْ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا ، أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ ضَمِنَ قِيمَةَ الدَّارِ لِلْبَائِعِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْقُنْيَةِ .
وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ ثُمَّ حَبَسَ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ إنْ لَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ نَقَصَهَا غَرِمَ النُّقْصَانَ وَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ هَذِهِ فِي النِّكَاحِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
إذَا تَمَلَّكَ بِالْبَدَلِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالثَّمَنِ كَمَا إذَا اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا أَغْرَاسًا ، أَوْ دَارًا فَبَنَى فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ اسْتَحَقَّهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَقْلَعُ الْأَشْجَارَ وَيَنْقُضُ الْبِنَاءَ وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ النَّقْضَ إلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ مَغْرُوسًا غَيْرَ مَقْلُوعٍ وَمَبْنِيًّا غَيْرَ مَنْقُوضٍ ، وَإِنْ شَاءَ حَبَسَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا إذَا كَانَ بِاتِّفَاقِهِمَا ، وَفِي الْفَتَاوَى ، وَكَذَا لَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِقِيمَةٍ عِنْدَ الْبِنَاءِ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ، وَكَذَا لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فَبَائِعُهُ لَا يَرْجِعُ .
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالنُّقْصَانِ وَلَمْ يَرْجِعْ بَائِعُهُ عَلَى بَائِعِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا هَذَا إذَا تَمَلَّكَ بِالْبَدَلِ أَمَّا إذَا تَمَلَّكَ بِغَيْرِ بَدَلٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِمَا غَرِمَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ إلَّا فِي الْمِيرَاثِ فَإِنَّ الْوَارِثَ إذَا غَرِمَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْأَمَةِ مِنْ مُورِثِهِ بِمَا غَرِمَ إلَى هُنَا ، مِنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى .
وَفِيهِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ قَالَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ : لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ مِنْهَا الشُّفْعَةُ وَالْمَأْسُورَةُ وَمَسْأَلَةُ الْقِسْمَةِ وَصُورَتُهَا دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ قَسَّمَاهَا بِقَضَاءٍ فَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ بِنَاءً ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نَصِيبُهُ وَنُقِضَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ فِي الدَّارِ فَيُشَارِكُهُ فِيمَا حَصَلَ لَهُ بِالْقِسْمَةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا نُقِضَ مِنْ بِنَائِهِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَجْبُورٌ عَلَى الْقِسْمَةِ وَبِمِثْلِهِ لَوْ كَانَتْ دَارَانِ فَاقْتَسَمَاهَا وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَارًا ، وَإِنْ قَسَّمَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا وَالنَّقْضُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي قَسَّمَ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ بِالْإِجْمَاعِ لَكِنْ يُشَارِكُهُ فِي الدَّارِ ، وَفِي النِّصَابِ فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ : لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ مِنْهَا الشُّفْعَةُ صُورَتُهَا الشَّفِيعُ إذَا أَخَذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ فَبَنَى فِيهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ وَنُقِضَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ رَجَعَ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ خَاصَّةً وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ .
الثَّانِيَةُ : مَسْأَلَةُ الْمَأْسُورَةِ فَإِنَّهَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ فِي يَدِ الْمَوْلَى بَعْدَمَا أَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِمَا قَامَتْ عَلَيْهِ وَبَعْدَمَا اسْتَوْلَدَهَا وَأَقَامَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ ، أَوْ مُدَبَّرَتُهُ وَقَضَى عَلَيْهِ بِالْجَارِيَةِ وَالْعُقْرِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ فَالْمَوْلَى لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِ .
الثَّالِثَةُ : الْقِسْمَةُ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ إلَى تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ .
وَفِي بُيُوعِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا وَغَابَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ بَاعَهَا مِنْ إنْسَانٍ آخَرَ وَنَقَضَ الثَّانِي بِنَاءَ الْأَوَّلِ وَبَنَى فِيهَا ، ثُمَّ جَاءَ الْأَوَّلُ وَاسْتَحَقَّهَا لَا يَخْلُو إنْ بَنَى الثَّانِي بِآلَاتٍ هِيَ مِلْكُهُ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِلْأَوَّلِ حِصَّةَ الْبِنَاءِ الْعَامِرِ وَالنَّقْضَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَ قَائِمًا ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ النَّقْضِ إنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ بَنَى بِنَقْضِ الْأَوَّلِ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مَا قُلْنَاهُ ، وَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَمْسِكَ الْبِنَاءَ ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ رَفْعَ الْبِنَاءِ ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مِلْكِهِ ، وَإِنْ زَادَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي زِيَادَةً فِي ذَلِكَ أَعْطَاهُ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْطِيَهُ أَجْرَ الْعَامِلِ ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَالْعَمَلُ لَا يَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ وَلَمْ يُوجَدْ .
رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لِغَيْرِ الْبَائِعِ وَقَالَ الْبَائِعُ : وَكَّلَنِي صَاحِبُهَا بِالْبَيْعِ فَهَذَا وَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ مَالِكِهَا سَوَاءٌ ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ : إنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَأْمُرنِي بِالْبَيْعِ لَكِنْ أَرْجُو أَنْ يَرْضَى فَلَمْ يَرْضَ حِينَ اشْتَرَاهَا وَهُوَ قَدْ بَنَى لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَجْلِ الْبِنَاءِ ، وَلَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ بَعْدَمَا بَنَاهَا الْمُشْتَرِي تَمَّ الْبَيْعُ فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَقِيلَ لَهُ اهْدِمْ بِنَاءَك ، أَمَّا إذَا بَنَاهَا بَعْدَمَا أَجَازَ الْبَيْعَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ .
لَوْ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ وَقَدْ أَدَّى الْمُشْتَرِي خَرَاجَهَا لَا يَرْجِعُ بِالْخَرَاجِ عَلَى الْبَائِعِ .
اشْتَرَى دَارًا وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ هُوَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ .
الْمُسْتَحِقُّ إذَا قَالَ لِلْمُشْتَرِي : الثَّمَنُ الَّذِي دَفَعْته إلَى الْبَائِعِ خُذْهُ مِنِّي فَأَخَذَهُ يَكُونُ قَاضِيًا دَيْنَ الْبَائِعِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ .
اشْتَرَى أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَاسْتُحِقَّتْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ ، وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي ، أَمَّا لَوْ قُتِلَ وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي الدِّيَةَ غَرِمَ الْمُشْتَرِي لِلْمُسْتَحِقِّ الْقِيمَةَ ، وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَتَرَكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَالْمِيرَاثُ لَهُ وَلَزِمَهُ الْعُقْرُ ، وَلَوْ اكْتَسَبَتْ الْجَارِيَةُ كَسْبًا ، أَوْ وُهِبَ لَهَا هِبَةٌ يَأْخُذُهَا الْمُسْتَحِقُّ مَعَ الْإِكْسَابِ وَبِمَا وُهِبَ لَهَا .
اشْتَرَى جَارِيَةً فَظَهَرَ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَقَدْ مَاتَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَ أَنَّ بَائِعَ الْمَيِّتِ حَاضِرٌ يُجْعَلُ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى يَرْجِعَ هُوَ عَلَيْهِ وَالنَّائِبُ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنْ الْمَيِّتِ .
اُسْتُحِقَّتْ جَارِيَةٌ اسْمُهَا دلير فَقَالَ الْبَائِعُ : بِعْت مِنْك جَارِيَةً اسْمُهَا نَفِيسَةُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ ، وَقِيلَ : غَلَطُ الِاسْمِ لَا يُعْتَبَرُ فَإِذَا قَالَ : اُسْتُحِقَّتْ عَلَيَّ جَارِيَةٌ اشْتَرَيْتهَا مِنْك تُسْمَعُ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهَا فَإِذَا ذَكَرَ وَلَا تَعَلُّقَ لِلْحُكْمِ بِهِ لَا يَكُونُ مَانِعًا كَيْفَ وَوَجْهُنَا لَيْسَ بِمُنَاقِضٍ ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهَا اسْمَانِ .
اشْتَرَى جَارِيَةً قِيمَتُهَا ثَلَاثُونَ ثُمَّ صَارَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ خَمْسِينَ وَالْمُشْتَرِي أَزَالَ بَكَارَتَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نُقْصَانَ ضَمَانِ الْبَكَارَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا ضَمِنَ كَمَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْعُقْرِ .
أَعْطَى حِمَارًا مُعَيَّنًا فِي مُعَاوَضَةِ الْقَرَاطِيسِ بِسَبْعِينَ وَقِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِسَبْعِينَ .
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ رَجُلٌ يَبِيعُ مَا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفَيْنِ وَيَقْبِضُ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفًا إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ يَبِيعُ بِأَلْفٍ وَعَشَرَةٍ عَرَضًا يُسَاوِي عَشَرَةً الْأَحْوَطُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ وَهُوَ أَلْفٌ وَعَشَرَةٌ ذَهَبًا يُسَاوِي عَشَرَةً حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا أَعْطَاهُ ، وَلَوْ أَعْطَاهُ بِأَلْفٍ ، أَوْ بِعَشَرَةٍ ، أَوْ عَرَضًا يُسَاوِي عَشَرَةً فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ انْتَهَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ .
الْمُشْتَرِي إذَا اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ بِبَيِّنَةٍ فَقَالَ أَخَذَهُ الْمُدَّعِي ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ هَذِهِ فِي الْقِسْمَةِ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
بَاعَ مُسْلِمٌ عَبْدًا مِنْ كَافِرٍ وَاسْتَحَقَّ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ الْكَافِرِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِهِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ الْمُسْلِمِ ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ ظَهَرَتْ فِي حَقِّهِ خَاصَّةً ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ .
رَجُلٌ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سَاجَةً مُلْقَاةً فِي الطَّرِيقِ وَالْمُشْتَرِي قَائِمٌ عَلَيْهَا وَخَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَلَمْ يُحَرِّكْهَا الْمُشْتَرِي مِنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ وَأَحْرَقَهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَهُ فَإِنْ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُحْرِقَ وَلَا يَضْمَنَ الْمُشْتَرِيَ .
رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى رَهَنَهُ الْبَائِعُ بِمِائَةٍ ، أَوْ آجَرَهُ ، أَوْ أَوْدَعَهُ فَمَاتَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ ؛ لِأَنَّهُ إنْ ضَمِنَهُمْ رَجَعُوا عَلَى الْبَائِعِ ، وَلَوْ أَعَارَهُ ، أَوْ وَهَبَهُ فَمَاتَ عِنْدَ الْمُعِيرِ ، أَوْ الْمُوهِبِ أَوْ أَوْدَعَهُ فَاسْتَعْمَلَهُ الْمُودِعُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْمُودِعَ وَالْمَوْهُوبَ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ هَؤُلَاءِ لَيْسَ لِلضَّامِنِ مِنْهُمْ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ فَمَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مَعَ عِلْمِهِ ، أَوْ مَعَ غَيْرِ عِلْمِهِ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ ثُمَّ رَجَعَ الثَّانِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ .
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَمَرَ الْبَائِعُ رَجُلًا فَقَتَلَهُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ الْقَاتِلَ قِيمَتَهُ وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْبَائِعِ .
وَلَوْ بَاعَ شَاةً ثُمَّ أَمَرَ الْبَائِعُ رَجُلًا فَذَبَحَهَا فَإِنْ كَانَ الذَّابِحُ يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ الذَّابِحَ وَلَا يَرْجِعُ الذَّابِحُ عَلَى الْآمِرِ .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ شَاةٌ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَذْبَحَهَا ثُمَّ بَاعَ الشَّاةَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَهَا ثُمَّ ذَبَحَ الْمَأْمُورُ الشَّاةَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ الذَّابِحَ وَلَا يَرْجِعُ الذَّابِحُ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُورُ بِالْبَيْعِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى خُفَّيْنِ ، أَوْ نَعْلَيْنِ ، أَوْ مِصْرَاعَيْ بَابٍ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا فَهَلَكَ الْمَقْبُوضُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَالْآخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي حِصَّةُ مَا هَلَكَ عِنْدَهُ وَمَا هَلَكَ عِنْدَ الْبَائِعِ يَهْلِكُ عَلَى الْبَائِعِ ، وَلَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ أَحَدِهِمَا قَابِضًا لَهُمَا جَمِيعًا ، وَلَوْ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ يَصِيرُ قَابِضًا لَهُمَا جَمِيعًا ، وَإِنْ أَحْدَثَ الْبَائِعُ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي يَصِيرُ قَابِضًا لَهُمَا جَمِيعًا ، وَلَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا وَاسْتَهْلَكَهُ ، أَوْ أَحْدَثَ بِهِ عَيْبًا ثُمَّ هَلَكَ الْآخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لَهُمَا جَمِيعًا وَيَدْفَعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ .
وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى سَمْنًا وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ ظَرْفًا وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَزِنَ فِيهِ ، وَفِي الظَّرْفِ خَرْقٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ بِهِ فَتَلِفَ كَانَ التَّلَفُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِهِ وَالْبَائِعُ لَا يَعْلَمُ أَوْ كَانَا يَعْلَمَانِ جَمِيعًا كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْمَبِيعِ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ .
رَجُلٌ لَهُ رِمَاكٌ فِي حَظِيرَةٍ فَبَاعَ مِنْهَا وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا لِرَجُلٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي : اُدْخُلْ الْحَظِيرَةَ وَاقْبِضْهَا وَقَدْ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهَا فَدَخَلَ لِيَقْبِضَهَا فَعَالَجَهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْ بَابِ الْحَظِيرَةِ وَذَهَبَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ سَلَّمَ الرَّمَكَةَ إلَى الْمُشْتَرِي فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا بِوَهْقٍ وَمَعَهُ وَهْقٌ وَالرَّمَكَةُ لَا تَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَهُوَ قَبْضٌ وَإِنْ كَانَتْ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَنْفَلِتَ مِنْهُ فَلَيْسَ بِقَبْضٍ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا بِوَهْقٍ وَلَا يَقْدِرُ بِغَيْرِ وَهْقٍ وَلَيْسَ مَعَهُ وَهْقٌ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا إنْ كَانَ مَعَهُ أَعْوَانٌ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا وَحْدَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ أَعْوَانٌ فَانْفَلَتَتْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا بِغَيْرِ حَبْلٍ وَلَا أَعْوَانٍ فَخَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فَانْفَلَتَتْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَإِنْ كَانَتْ الرَّمَكَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ يَمْسِكُهَا بِعَنَانِهَا فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ رَجُلٌ وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ هَاكَ الرَّمَكَةِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حَتَّى صَارَتْ فِي أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا فَقَالَ الْبَائِعُ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهَا وَلَسْت أَمْسِكُهَا مَنْعًا لَهَا مِنْك وَإِنَّمَا أَمْسِكُهَا حَتَّى تَضْبِطُهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْ أَيْدِيهِمَا فَهُوَ قَبْضٌ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ الرَّمَكَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ تَصِلَ إلَى يَدِ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهَا فَاقْبِضْهَا فَإِنِّي أَمْسِكُهَا لَك فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ الْبَائِعِ وَضَبْطِهَا فَلَيْسَ هَذَا بِقَبْضٍ مِنْ الْمُشْتَرِي .
وَلَوْ كَانَتْ الرِّمَاكُ فِي حَظِيرَةٍ عَلَيْهَا بَابٌ مُغْلَقٌ لَا تَقْدِرُ الرِّمَاكُ عَلَى الْخُرُوجِ فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَفَتَحَ الْمُشْتَرِي
الْبَابَ فَفَلَتَتْ الرِّمَاكُ وَخَرَجَتْ كَانَ الثَّمَنُ لَازِمًا عَلَى الْمُشْتَرِي سَوَاءً كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الرِّمَاكِ ، أَوْ لَا يَقْدِرُ وَإِنْ لَمْ يَفْتَحْ الْمُشْتَرِي الْبَابَ وَإِنَّمَا فَتَحَهُ أَجْنَبِيٌّ ، أَوْ فَتَحَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى خَرَجَتْ الرِّمَاكُ فَنَظَرَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَوْ دَخَلَ الْحَظِيرَةَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا يَكُونُ قَابِضًا وَإِلَّا فَلَا .
وَإِنْ اشْتَرَى طَيْرًا يَطِيرُ فِي بَيْتٍ عَظِيمٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ إلَّا بِفَتْحِ الْبَابِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ لِطَيَرَانِهِ وَخَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَفَتَحَ الْمُشْتَرِي الْبَابَ فَخَرَجَ الطَّيْرُ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّهُ يَكُونُ قَابِضًا لِلطَّيْرِ ، وَلَوْ فَتَحَ الْبَابَ غَيْرُ الْمُشْتَرِي ، أَوْ فَتَحَتْهُ الرِّيحُ لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا .
وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَأَمَرَهُ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى غَصَبَهُ إنْسَانٌ فَإِنْ كَانَ حِينَ أَمَرَهُ الْبَائِعُ بِالْقَبْضِ أَمْكَنَهُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ وَيَقْبِضَهُ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ صَحَّ التَّسْلِيمُ وَإِلَّا فَلَا .
رَجُلٌ بَاعَ فَصًّا فِي خَاتَمٍ بِدِينَارٍ وَدَفَعَ الْخَاتَمَ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِعَ الْفَصَّ فَهَلَكَ الْخَاتَمُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي ثَمَنُ الْفَصِّ لَا غَيْرُ ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ أَمِينًا فِي الْخَاتَمِ وَإِذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِهِ إلَّا بِضَرَرٍ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ لَمْ يَصِحَّ .
رَجُلٌ اشْتَرَى بَقَرَةً فَقَالَ لِلْبَائِعِ : سُقْهَا إلَى مَنْزِلِك حَتَّى أَجِيءَ بِحَقِّك إلَى مَنْزِلِك وَأَسُوقُهَا إلَى مَنْزِلِي فَمَاتَتْ الْبَقَرَةُ فِي بَيْتِ الْبَائِعِ فَإِنَّهَا تَهْلِكُ عَلَى الْبَائِعِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ ، وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فَقَالَ لِلْبَائِعِ : لَا آمَنُك عَلَيْهِ ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ فَيَكُونُ عِنْدَهُ حَتَّى أَدْفَعَ إلَيْك الثَّمَنَ فَدَفَعَهُ الْبَائِعُ إلَى فُلَانٍ وَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ يُمْسِكُهُ بِالثَّمَنِ لِأَجْلِ الْبَائِعِ فَتَكُونُ يَدُهُ كَيَدِ الْبَائِعِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى دَابَّةً مَرِيضَةً فِي إصْطَبْلِ الْبَائِعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ : تَكُونُ هَا هُنَا اللَّيْلَةَ فَإِنْ مَاتَتْ مَاتَتْ لِي فَهَلَكَتْ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ لَا مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي .
رَجُلٌ بَاعَ مَكِيلًا فِي بَيْتٍ مُكَايَلَةً ، أَوْ مَوْزُونًا مُوَازَنَةً وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي : خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهُ فَاقْبِضْهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّخْلِيَةَ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي تَكُونُ قَبْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِثَلَاثِ شَرَائِطَ : أَحَدُهَا : أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَ الْمَبِيعِ فَاقْبِضْهُ وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضْت .
الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي بِحَيْثُ يَصِلُ إلَى الْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ .
الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُفْرَزًا غَيْرَ مَشْغُولٍ بِحَقِّ الْغَيْرِ فَإِنْ كَانَ شَاغِلًا لِحَقِّ الْغَيْرِ كَالْحِنْطَةِ فِي جُوَالِقِ الْبَائِعِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ التَّخْلِيَةَ وَاخْتَلَفَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي التَّخْلِيَةِ فِي دَارِ الْبَائِعِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ : لَا تَكُونُ تَخْلِيَةً ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَكُونُ تَخْلِيَةً مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ : إذَا أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ حَتَّى فَعَلَ لَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا إذَا أَمَرَهُ بِحَلْقِ شَعْرِ الْعَبْدِ .
الثَّانِي : لَوْ أَمَرَهُ بِالْحِجَامَةِ .
الثَّالِثُ : لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَسْقِيَهُ دَوَاءً .
الرَّابِعُ : لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يُدَاوِيَ جُرْحَهُ .
وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ : لَوْ أَمَرَهُ بِالْخِتَانِ فِي الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامِ أَوْ الْفَضَّةِ ، أَوْ بِشَقِّ جُرْحِهِ ، أَوْ أَنْ يَقْطَعَ عُرْفَ الْفَرَسِ ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا فَأَمَرَهُ بِالْقِصَارَةِ أَوْ حَبْكِهِ ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مُكَعَّبًا فَأَمَرَهُ أَنْ يُنْعِلَهُ أَوْ كَانَ نَعْلًا فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَحْذُوَهُ أَوْ طَعَامًا فَأَمَرَهُ بِالطَّبْخِ أَوْ كَانَ دَارًا فَأَجَّرَهَا مِنْ الْبَائِعِ ، الْعَاشِرُ : إذَا كَانَتْ جَارِيَةً فَأَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا ، وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَا يَصِيرُ قَابِضًا ا هـ .
رَجُلٌ اشْتَرَى خَلًّا فَنَظَرَ فِي دَنِّ الْخَلَّالِ فَوَقَعَتْ قَطْرَةُ دَمٍ مِنْ أَنْفِهِ يَتَنَجَّسُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ نَظَرَ بِإِذْنِ الْخَلَّالِ ، وَإِنْ نَظَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ ، قُلْتُ : وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْغَصْبِ أَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَتِهِ فَنَظَرَ فَسَالَ الدَّمُ فِيهَا مِنْ أَنْفِهِ ضَمِنَ نُقْصَانَ الْخَلِّ ا هـ .
وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْغَصْبِ رَجُلٌ نَظَرَ إلَى دُهْنِ الْغَيْرِ وَهُوَ مَائِعٌ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ فَوَقَعَ فِي الدُّهْنِ مِنْ أَنْفِهِ قَطْرَةٌ مِنْ الدَّمِ تَنَجَّسَ الدَّنُّ ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ لَا يَضْمَنُ ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الدُّهْنُ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَأْكُولٍ ضَمِنَ مِثْلَ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَالْمَوْزُونُ مِثْلُ ذَلِكَ الدُّهْنِ ا هـ .
دَفَعَ إلَى بَقَّالٍ إنَاءً لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا فَوَزَنَهُ فَضَاعَ مِنْهُ شَيْءٌ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ فَإِنْ وَزَنَهُ بِإِذْنِ الدَّافِعِ ضَاعَ مِنْ الدَّافِعِ وَعَنْ عَيْنِ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيِّ وَزَنَ مَا ضَاعَ مِنْ الْبَقَّالِ .
اشْتَرَى ثَوْرًا ، أَوْ فَرَسًا مِنْ خَوْفٍ لِاسْتِئْنَاسِ الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ وَلَا قِيمَةَ لَهُ وَلَا يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ .
اشْتَرَى دَارًا وَلِلْبَائِعِ فِيهَا بَابٌ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ إلَّا بِقَلْعِ الْبَابِ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ نُقْصَانُ هَدْمِ الْبَابِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ يُخْرِجُهُ الْبَائِعُ وَيَدْفَعُ نُقْصَانَ الْهَدْمِ .
التَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ صَحِيحٌ كَالتَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ إلَى الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَقَبْضِ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ فَيَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ .
قَبَضَ الْكِرْبَاسَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِأَمْرِهِ وَقَطَعَهُ ثُمَّ أَوْدَعَهُ الْبَائِعُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْهُ وَعَلَى الْمُشْتَرِي نُقْصَانُ الْقَطْعِ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
رَجُلٌ بَاعَ خَلًّا فَلَمَّا صَبَّهُ فِي خَابِيَةٍ الْمُشْتَرِي بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي ظَهَرَ أَنَّهُ مُنْتِنٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ هُوَ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إنْ هَلَكَ ، أَوْ فَسَدَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَرَاقَهُ الْمُشْتَرِي لِفَسَادِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى بِطِّيخَةً فَقَطَعَهَا فَوَجَدَهَا فَاسِدَةً قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِهَا وَلَمْ يَسْتَهْلِكْ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى خَاصَمَ الْبَائِعَ وَلَهَا مَعَ فَسَادِهَا قِيمَةٌ كَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ حِصَّةَ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْبِطِّيخَةَ ، وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهَا وَيَرُدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَلِمَ بِفَسَادِهَا وَاسْتَهْلَكَهَا ، أَوْ اسْتَهْلَكَ بَعْضَهَا بِأَنْ أَطْعَمَهَا أَوْلَادَهُ ، أَوْ عَبِيدَهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبِطِّيخَةِ قِيمَةٌ مَعَ فَسَادِهَا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ .
رَجُلٌ اشْتَرَى بَعِيرًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَذَهَبَ بِهِ إلَى الْبَائِعِ لِيَرُدَّهُ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ أَثْبَتَ الْعَيْبَ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ .
وَلَوْ اشْتَرَى بَعِيرًا فَقَبَضَهُ فَوَجَدَهُ لَا يَعْتَلِفُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ رِيحٌ فَوَقَعَ فَانْكَسَرَ وَنُحِرَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْبَائِعِ .
وَلَوْ اشْتَرَى بَعِيرًا فَأَدْخَلَهُ دَارِهِ فَسَقَطَ فَذَبَحَهُ إنْسَانٌ فَنَظَرُوا إلَى أَمْعَائِهِ فَإِذَا هُوَ فَاسِدٌ فَسَادًا قَدِيمًا إنْ كَانَ الذَّابِحُ ذَبَحَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الذَّابِحِ ، وَإِنْ ذَبَحَهُ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي ، أَوْ ذَبَحَهُ الْمُشْتَرِي بِنَفْسِهِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى جَوْزًا فَانْكَسَرَ بَعْضُهُ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَهُ قِيمَةٌ عِنْدَ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِيمَا كُسِرَ وَلَا يَرُدُّ الْمَكْسُورَةَ وَلَا الْبَاقِيَ إلَّا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ إنَّ الْبَاقِيَ مَعِيبٌ .
وَلَوْ اشْتَرَى بِطِّيخًا عَدَدًا فَكَسَرَ وَاحِدَةً مِنْهَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَوَجَدَهَا فَاسِدَةً لَا يَنْتَفِعُ بِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَرُدُّ غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى فَسَادِ مَا بَقِيَ وَلَيْسَ الْبِطِّيخُ فِي هَذَا كَالْجَوْزِ ؛ لِأَنَّ الْجَوْزَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْجَوْزِ فَاسِدًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ يَرُدُّ الْكُلَّ ، وَكَذَا اللَّوْزُ وَالْبُنْدُقُ وَالْفُسْتُقُ وَالْبَيْضُ وَأَمَّا الْبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالسَّفَرْجَلُ وَالْخِيَارُ لَا يَرُدُّ غَيْرَ الْوَاحِدَةِ الْفَاسِدَةِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى فُقَّاعًا أَوْ شَرَابًا وَأَخَذَ الْكُوزَ ، أَوْ الْقَدَحَ مِنْ الْفُقَّاعِيِّ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ أَعَارَ مِنْهُ الْكُوزَ .
رَجُلٌ أَخَذَ مَتَاعًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَنْزِلِهِ فَإِنْ رَضِيَ اشْتَرَاهُ ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ قَالَ الْفَقِيهُ الْكَبِيرُ لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الْمُسَاوِمَةِ ، وَإِنْ اشْتَرَى مَتَاعًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إلَى مَنْزِلِهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ .
رَجُلٌ دَفَعَ سِلْعَةً إلَى مُنَادٍ لِيُنَادِيَ عَلَيْهَا فَطُلِبَتْ مِنْهُ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ فَوَضَعَهَا عِنْدَ الَّذِي طَلَبَهَا فَقَالَ : ضَاعَتْ مِنِّي أَوْ وَقَعَتْ مِنِّي كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ قَالُوا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُنَادِي وَهَذَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا .
رَجُلٌ بَاعَ جَارِيَةً ، أَوْ مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَوَزْنَ لَهُ الْمُشْتَرِي أَلْفًا وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَضَاعَتْ عِنْدَهُ كَانَ الْبَائِعُ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ بِأَلْفٍ وَالزِّيَادَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِهَلَاكِهَا ، وَإِنْ ضَاعَ نِصْفُهَا كَانَ الْبَاقِي بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي سِتَّةٌ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمَقْبُوضَ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةِ خَمْسَةٍ أَسْدَاسِهِ لِلْبَائِعِ وَالسُّدُسُ لِلْمُشْتَرِي فَمَا هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَمَا بَقِيَ يَبْقَى عَلَى الشَّرِكَةِ ، وَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ عَزَلَ مِنْهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِيَرُدَّهَا فَضَاعَتْ الْمِائَتَانِ وَبَقِيَ أَلْفٌ كَانَ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةٍ ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ دَرَاهِمَ صِحَاحًا فَكَسَرَهَا الْبَائِعُ فَوَجَدَهَا نَبَهْرَجَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا يَضْمَنُ بِالْكَسْرِ ؛ لِأَنَّ الصِّحَاحَ وَالْمُكَسَّرَةَ فِيهِ سَوَاءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِهَذِهِ الصَّنْعَةِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ الْقَصَّابِ كُلَّ يَوْمٍ لَحْمًا بِدِرْهَمٍ وَكَانَ الْقَصَّابُ يَقْطَعُ لَهُ اللَّحْمَ وَيَضَعُهُ فِي الْمِيزَانِ وَيَزِنُ وَالْمُشْتَرِي يَظُنُّ أَنَّهُ مَنٌّ ؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ يُبَاعُ فِي الْبَلَدِ مَنًّا بِدِرْهَمٍ فَوَزَنَ الْمُشْتَرِي اللَّحْمَ يَوْمًا فَوَجَدَهُ ثَلَاثِينَ اسْتَارَا قَالُوا إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ يَرْجِعُ عَلَى الْقَصَّابِ بِحِصَّةِ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِحِصَّةِ النُّقْصَانِ مِنْ اللَّحْمِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ كَانَ الْقَصَّابُ يُنْكِرُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ مَنٌّ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَصَّابِ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّ سِعْرَ الْبَلَدِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغُرَبَاءِ .
بَلْدَةٌ اصْطَلَحَ أَهْلُهَا عَلَى سِعْرِ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَشَاعَ ذَلِكَ فَجَاءَ رَجُلٌ غَرِيبٌ إلَى الْخَبَّازِ فَقَالَ : أَعْطِنِي خُبْزًا بِدِرْهَمٍ ، أَوْ أَعْطِنِي لَحْمًا بِدِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ أَقَلَّ مِمَّا يُبَاعُ فِي الْبَلَدِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ قَالُوا يَرْجِعُ فِي الْخُبْزِ بِحِصَّةِ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى الْمَوْزُونِ الَّذِي شَاعَ فِي الْبَلَدِ فَإِذَا وَجَدَهُ أَقَلَّ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ ، وَفِي اللَّحْمِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّ سِعْرَ اللَّحْمِ لَا يَشِيعُ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغُرَبَاءِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى رَطْبًا وَقَبَضَهُ فَجَفَّ عِنْدَهُ وَانْتَقَصَ وَزْنُهُ بِالْجَفَافِ ثُمَّ إنَّهُمَا تَفَاسَخَا الْبَيْعَ صَحَّ الْفَسْخُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ ؛ لِأَنَّهُ مَا فَاتَ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْ آخَرَ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ : لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَالصَّدَقَةُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ خِلَافًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ لِرَجُلٍ فَوَهَبَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الثَّانِي كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ .
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَيْهِ فَإِذَا رَجَعَ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ .
اشْتَرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثَوْبًا ، أَوْ خَادِمًا وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى وَلَدِهِ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِوَلَدِهِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ ، وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ يُؤْخَذُ الثَّمَنُ مِنْ تَرِكَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَلَدِ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ لَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِوَلَدِهِ ، وَإِنْ اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا وَضَمِنَ الثَّمَنَ ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَنَ فِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ عَلَى الْوَلَدِ ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَرْجِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ .
إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ وَبِهِ كِفْلٌ بِالدَّرْكِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ مَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْبَائِعِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُخَيِّرُ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْبِنَاءِ .
وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِي أَدَّى الثَّمَنَ إلَى الْحَوِيلِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُحْتَالِ لَهُ ، وَلَوْ كَانَ الشِّرَاءُ مِنْ الْوَكِيلِ فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ هَذَا إذَا أَدَّى الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ ، أَمَّا إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يُقَالُ لِلْوَكِيلِ : طَالِبِ الْمُوَكِّلَ وَخُذْ الثَّمَنَ مِنْهُ وَادْفَعْهُ إلَى الْمُشْتَرِي ، وَفِيمَا إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ يُقَالُ لَهُ أَدِّ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِك وَلَا تَنْتَظِرْ أَخْذَ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَهُنَا يَنْتَظِرُ هَذَا هُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا .
الْحِمَارُ الْمَبِيعُ مَعَ الْبَرْدَعَةِ إذَا اُسْتُحِقَّ بِدُونِ الْبَرْدَعَةِ يَمْسِكُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ الْبَرْدَعَةِ ، وَكَذَا لَوْ ضَاعَتْ الْبَرْدَعَةُ ، وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ الْبَرْدَعَةَ وَحْدَهَا لَهُ ذَلِكَ ، وَفِي الْكَرْمِ لَوْ اُسْتُحِقَّ الْكَرْمُ دُونَ الْأَشْجَارِ يَرُدُّ الْأَشْجَارَ عَلَى بَائِعِهِ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ .
وَفِي الْفَتَاوَى قَالَ لَا حِصَّةَ لِلْبَرْدَعَةِ مِنْ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ لِلشَّجَرِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَكُونُ تَبَعًا مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ الدَّعْوَى .
بَاعَ ضَيْعَةً بِوَكَالَةٍ وَظَهَرَ بَعْضُهَا وَقْفًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ عَلَى الْوَكِيلِ ثُمَّ الْوَكِيلُ يَرُدُّهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ بِبَيِّنَةٍ لَا لَوْ رَدَّ عَلَى الْوَكِيلِ بِإِقْرَارِهِ وَهُوَ وَالرَّدُّ بِعَيْبٍ سَوَاءٌ ثُمَّ هَلْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي قِيلَ يَفْسُدُ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَقِنٍّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ إذْ الْوَقْفُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ كَمُدَبَّرٍ لَا كَحُرٍّ .
شَرَى سُكْنَى فِي دُكَّانٍ وَقْفٍ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مَا أَذِنْت لَهُ بِالسُّكْنَى فَأَمَرَ بِالرَّفْعِ فَلَوْ شَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَرَارِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ وَلَا بِنُقْصَانِهِ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
لَوْ اشْتَرَى طَاحُونَةً فَكَانَتْ فِي يَدِهِ مُدَّةً ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِغَلَّاتِ الطَّاحُونَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ بَلْ كَسْبُهُ وَفِعْلُهُ .
سُئِلَ حَافِظُ الدِّينِ الْبَزَّازِيُّ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى كَرْمًا فَقَبَضَهُ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ ثَلَاثَ سِنِينَ ، أَوْ أَكْثَرَ ، أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْكَرْمَ الْمَذْكُورَ رَجُلٌ آخَرُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَخَذَهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي ثُمَّ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ الْمُشْتَرِي الْغَلَّةَ الَّتِي تَصَرَّفَ فِيهَا الْمُشْتَرِي هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْغَلَّةِ أَمْ لَا ، وَلَوْ كَانَ الْكَرْمُ خَرَابًا حَتَّى اشْتَرَى وَعَمَّرَ الْمُشْتَرِي وَأَنْفَقَ فِي عِمَارَتِهِ مِنْ قَطْعِ الْكَرْمِ وَإِصْلَاحِ السَّوَاقِي وَبِنَاءِ الْحِيطَانِ وَمَرَمَّتِهِ فَازْدَادَتْ قِيمَةُ الْكَرْمِ وَصَارَ يُسَاوِي ضِعْفَ الثَّمَنِ أَوْ أَضْعَافَهُ هَلْ يُوضَعُ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا أَنْفَقَ أَمْ لَا فَأَجَابَ إنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ قَائِمَةٌ فِي يَدِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَقْتَ الْقَضَاءِ وَعَلِمَ الْقَاضِي بِهَا رَدَّهَا إلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِيمَا أَنْفَقَ ، وَلَوْ هَالِكَةً وَخَارِجَةً عَنْ مِلْكِهِ وَقْتَ الْقَضَاءِ بِهِ فَلَا نَصَّ عَنْ مُحَمَّدٍ ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ .
لَوْ أَوْدَعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ أَعَارَهُ مِنْهُ ، أَوْ آجَرَهُ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ ، أَوْ أَعَارَهُ مِنْهُ ، أَوْ أَمَرَ الْبَائِعَ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ يَصِيرُ قَابِضًا ، وَلَوْ أَمَرَ الْبَائِعَ بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ مُدَّةً مِنْ إنْسَانٍ يَصِيرُ قَابِضًا وَالْأَجْرُ الَّذِي يَأْخُذُهُ يُحْسَبُ مِنْ الثَّمَنِ ، وَلَوْ أَرْسَلَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ فِي حَاجَةٍ يَصِيرُ قَابِضًا وَالْمَقْبُوضُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ وَمَكْسُوبُ الْمَبِيعِ وَمَوْهُوبٌ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي تَمَّ الْبَيْعُ ، أَوْ انْتَقَضَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا إنْ تَمَّ فَلِلْمُشْتَرِي ، وَإِنْ انْتَقَضَ فَلِلْبَائِعِ وَأَيُّهُمَا اسْتَهْلَكَهُ لَمْ يَضْمَنْ ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْكَاسِبِ وَلَيْسَ بِمَبِيعٍ فَلَا يُمْكِنُ تَضْمِينُهُ بِالثَّمَنِ وَلَا بِالْقِيمَةِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْبَائِعِ بِالْقِيمَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَكَذَلِكَ التَّبَعُ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي بِالْإِجْمَاعِ ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَالْمَكْسُوبُ وَالْمَوْهُوبُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَلِلْمُشْتَرِي ، وَإِنْ انْتَقَضَ فَلِلْبَائِعِ ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ النَّقْضِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُ ، وَإِنْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ كَكَسْبِ الْمَغْصُوبِ إذَا أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَالْكَسْبُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي تَمَّ الْبَيْعُ ، أَوْ انْتَقَضَ بِالْإِجْمَاعِ .
وَلَوْ قَطَعَ الْبَائِعُ يَدَ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ ثُمَّ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَاتَ مِنْ جِنَايَةِ الْبَائِعِ سَقَطَ نِصْفُ الثَّمَنِ وَلَزِمَهُ نِصْفُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يُفِيدُ مِلْكَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفَ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الْجِنَايَةِ وَالسِّرَايَةِ
نَوْعُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيَقْطَعُ إضَافَةَ السِّرَايَةِ إلَى الْجِنَايَةِ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَغَيَّبَهُ فَالْغُرَمَاءُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْبَائِعَ قِيمَتَهُ ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمْ حَتَّى كَانَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْمَوْلَى دَيْنَهُمْ وَالْبَائِعُ مُتْلِفٌ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ وَالتَّغْيِيبِ فَيُخَيَّرُونَ فِي التَّضْمِينِ ، وَإِنْ شَاءُوا أَجَازُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ وَالْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةُ كَالْإِذْنِ السَّابِقِ هَذِهِ فِي الْمَأْذُونِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ قَاضِي خَانْ فِي الْمَأْذُونِ الْمَوْلَى إذَا بَاعَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ وَهُوَ عَالِمٌ بِدُيُونِهِ كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دُيُونِهِ ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِدُيُونِهِ ، وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ فَاسِدٌ ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا قَالَ فِي الْكِتَابِ بَيْعُهُ بَاطِلٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ ، وَمَعْنَى قَوْلُهُ بَاطِلٌ سَيَبْطُلُ وَإِذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهُ صَحَّتْ إجَازَتُهُمْ وَيَهْلِكُ الثَّمَنُ عَلَى الْغُرَمَاءِ ، وَلَوْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ الْبَيْعَ وَنَقَضَ بَعْضُهُمْ بِحَضْرَةِ الْعَبْدِ وَالْمُشْتَرِي لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ انْتَهَى .
وَيَجُوزُ بَيْعُ الْوَارِثِ الرَّقَبَةَ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا وَأَمَّا بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُوصَى لَهُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَمْ يَنْقُلْ حَقَّهُ إلَى الثَّمَنِ إلَّا بِالرِّضَا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَأَمَّا بَيْعُ الْعَبْدِ الْجَانِي فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْجِنَايَاتِ .
بَيْعُ الْمُعَامَلَةِ وَبَيْعُ الْوَفَاءِ فَاسِدٌ وَيُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَيُقَالُ هُوَ رَهْنُ حَقِيقَةٍ حَتَّى لَا يُبَاحَ الِانْتِفَاعُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَيَضْمَنُ مَا أَكَلَ ، أَوْ اسْتَهْلَكَ وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ إذَا قَضَى دَيْنَهُ مَتَى شَاءَ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَنْ الْقِيمَةِ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالصَّحِيحِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى صَابُونًا رَطْبًا ثُمَّ تَفَاسَخَا الْمَبِيعَ فِيهِ وَقَدْ جَفَّ وَنَقَصَ وَزْنُهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ كُلًّا الْمَبِيعِ بَاقٍ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
دَفَعَ السِّمْسَارُ دَرَاهِمَ نَفْسِهِ إلَى الرستاقي ثَمَنَ دِبْسٍ ، أَوْ قُطْنٍ ، أَوْ حِنْطَةٍ لِيَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَعَجَزَ السِّمْسَارُ عَنْ أَخْذِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي لِإِفْلَاسِهِ يَسْتَرِدُّهَا مِنْ الْآخِذِ اسْتِحْسَانًا بِهِ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي بِلَادِنَا أَنَّ السِّمْسَارَ يَدْفَعُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَتَّى يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَصَارَ كَمَا لَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي نَصًّا قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالسَّمَاسِرَةُ فِي بُخَارَى قَوْمٌ لَهُمْ حَوَانِيتُ مُعَدَّةٌ لِلسَّمْسَرَةِ يَضَعُ فِيهَا أَهْلُ الرَّسَاتِيقِ مَا يُرِيدُونَ بَيْعَهُ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْفَوَاكِهِ وَيَتْرُكُونَهَا فَيَبِيعُهَا السِّمْسَارُ ثُمَّ قَدْ يَتَعَجَّلُ الرستاقي الرُّجُوعَ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ السِّمْسَارُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ لِيَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهَذَا صُورَتُهُ هَذِهِ فِي الْحَوَالَةِ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
وَمَنْ بَاعَ دَارًا لِغَيْرِهِ فَأَدْخَلَهَا الْمُشْتَرِي فِي بِنَائِهِ لَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَكَانَ يَقُولُ ، أَوْ لَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي قَاضِي خَانْ قُبَيْلَ أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اخْتَلَفُوا فِي الْبَيْعِ الَّذِي يُسَمِّيه النَّاسُ بَيْعَ الْوَفَاءِ ، أَوْ الْبَيْعَ الْجَائِزَ قَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ مِنْهُمْ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو شُجَاعٍ وَالْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّهْنِ لَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي مَا أُكِلَ مِنْ ثَمَرِهِ وَلَا يُبَاحُ لَهُ الِانْتِفَاعُ وَلَا الْأَكْلُ إلَّا إنْ أَبَاحَهُ الْمَالِكُ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ إذَا كَانَ بِهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ إذَا هَلَكَ لَا بِصُنْعِهِ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ رَهْنًا ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ ذَكَرَا شَرْطَ الْفَسْخِ فِي الْبَيْعِ فَسَدَ الْبَيْعُ ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَتَلَفَّظَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ ، أَوْ تَلَفَّظَا بِالْبَيْعِ الْجَائِزِ وَعِنْدَهُمَا هَذَا الْبَيْعُ عِبَارَةٌ عَنْ بَيْعٍ غَيْرِ لَازِمٍ فَكَذَلِكَ ، وَإِنْ ذَكَرَ الْبَيْعَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ ذَكَرَا الشَّرْطَ عَلَى وَجْهِ الْمُوَاعَدَةِ جَازَ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ ؛ لِأَنَّ الْمَوَاعِيدَ قَدْ تَكُونُ لَازِمَةً فَيُجْعَلُ لَازِمًا لِحَاجَةِ النَّاسِ انْتَهَى .
لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ فَبَاعَ الْوَرَثَةُ كَرْمًا مِنْهَا بِالثَّمَنِ فَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْحَاكِمُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ ، أَوْ الْبَائِعَ ، وَلَوْ أَثْمَرَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ضَمِنَ لَوْ أَتْلَفَهُ وَإِلَّا فَلَا كَزَوَائِدِ الْغَصْبِ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَرِيضًا وَمَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ يَتَزَايَدُ فَيَحْصُلُ الْمَوْتُ بِالزَّائِدِ فَلَا يُضَافُ إلَى السَّابِقِ لَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ .
الْبَائِعُ لَوْ أَبْرَأ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ صَحَّ فَيُؤْمَرُ بِرَدِّهِ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ ، وَفِيهِ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ مُشْتَرِيهِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَتَلِفَ لَوْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى سَبِيلِ فَسْخِ الْقَبْضِ هَلَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالرَّدُّ عَلَى سَبِيلِ الْفَسْخِ أَنْ يَقُولَ خُذْ حَتَّى أَقْبِضَ غَدًا فَقَبَضَ الْمُشْتَرِي بِتِلْكَ الْجِهَةِ يُنْتَقَضُ الْقَبْضُ ، وَكَذَا سَائِرُ الدُّيُونِ .
وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمَدْيُونُ : وَدِيعَةً ، وَقَالَ الدَّائِنُ رَدَدْت بِجِهَةِ فَسْخِ الْقَبْضِ صُدِّقَ الْمَدْيُونُ إذَا اتَّفَقَا عَلَى قَبْضِ الدَّيْنِ فَبَعْدَهُ الدَّائِنُ يَدَّعِي فَسْخَهُ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيُصَدَّقُ انْتَهَى .
الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ مِنْ شَرْطِ الْوَكَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ وَتَلْزَمُهُ الْأَحْكَامُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَعْقِلُ الْعَقْدَ وَيَقْصِدُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ صَبِيًّا ، أَوْ مَجْنُونًا كَانَ التَّوْكِيلُ بَاطِلًا وَكُلُّ عَقْدٍ يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ إلَى نَفْسِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَحُقُوقُهُ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ إلَّا إذَا كَانَ صَبِيًّا مَحْجُورًا عَلَيْهِ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ ، أَوْ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا الْحُقُوقُ وَتَتَعَلَّقُ بِمُوَكِّلِهِمَا .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِ الْبَائِعِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَبِيٌّ ، أَوْ مَجْنُونٌ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ ، وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا فَلَوْ وُكِّلَ بِشِرَاءٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَالْعُهْدَةُ عَلَى آمِرِهِ لَا عَلَيْهِ فَيُطَالَبُ بِثَمَنِهِ آمِرُهُ لَا هُوَ وَبِشِرَاءٍ بِثَمَنٍ حَالٍّ لَزِمَهُ الْعُهْدَةُ اسْتِحْسَانًا انْتَهَى .
وَكُلُّ عَقْدٍ يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ إلَى مُوَكِّلِهِ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَإِنَّ حُقُوقَهُ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ فَلَا يُطَالَبُ وَكِيلُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ وَلَا يَلْزَمُ وَكِيلُ الْمَرْأَةِ تَسْلِيمَهَا ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهَا سَفِيرٌ مَحْضٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ إضَافَتِهِ إلَى مُوَكِّلِهِ ، وَلَوْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ كَانَ النِّكَاحُ لَهُ فَصَارَ كَالرَّسُولِ وَإِذَا دَفَعَ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّهُ انْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا مُبَادَلَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَلِهَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ يَتَحَالَفَانِ وَيَرُدُّ الْمُوَكِّلُ بِالْعَيْبِ عَلَى الْوَكِيلِ وَقَدْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي لِلْمُوَكِّلِ مِنْ جِهَةِ الْوَكِيلِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ قَبْلَ حَبْسِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَسْقُطْ الثَّمَنُ وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنْ حَبَسَهُ وَهَلَكَ كَانَ مَضْمُونًا ضَمَانَ الرَّهْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَضَمَانَ الْمَبِيعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَضَمَانَ الْغَصْبِ عِنْدَ زُفَرَ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
بَعَثَ الْمَدْيُونُ الْمَالَ عَلَى يَدِ رَسُولِ الدَّائِنِ هَلَكَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ الْمَدْيُونِ هَلَكَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَشْبَاهِ .
اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ ادْفَعْهُ إلَى رَسُولِي فُلَانٍ فَقَالَ الْمُقْرِضُ : قَدْ دَفَعْت ، وَقَالَ الرَّسُولُ : قَدْ قَبَضْته مِنْهُ وَجَحَدَ الْمُسْتَقْرِضُ أَنْ يَكُونَ الْمُقْرِضُ دَفَعَ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَقْرِضَ شَيْءٌ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
رَجُلٌ بَعَثَ رَسُولًا إلَى الْفُصُولَيْنِ ابْعَثْ إلَيَّ بِثَوْبِ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا ، وَكَذَا فَبَعَثَ إلَيْهِ الْفُصُولَيْنِ مَعَ رَسُولِهِ ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَضَاعَ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الرَّسُولُ إلَى الْآمِرِ وَتَصَادَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَأَقَرُّوا بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ فِي شَيْءٍ ، وَإِنْ بَعَثَ الْفُصُولَيْنِ مَعَ رَسُولِ الْآمِرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ ؛ لِأَنَّ رَسُولَهُ قَبَضَ الثَّوْبَ مَعَ الْمُسَاوَمَةِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ رَبِّ الثَّوْبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ فَإِذَا وَصَلَ الثَّوْبُ إلَى الْآمِرِ يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا لَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ وَقَالَ ابْعَثْ إلَيَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قَرْضًا فَقَالَ نَعَمْ وَبَعَثَ إلَيْهِ مَعَ رَسُولِ الْآمِرِ فَالْآمِرُ ضَامِنٌ لَهَا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ رَسُولَهُ قَدْ قَبَضَهَا ، وَإِنْ بَعَثَ بِهَا مَعَ غَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَبَعَثَ لِلْمَدْيُونِ رَسُولًا أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْك فَإِنْ بَعَثَ لَهُ مَعَ الرَّسُولِ الْآمِرِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ إذَا قَالَ لِلْمَدْيُونِ ابْعَثْ بِهِ مَعَ فُلَانِ ، أَوْ أَرْسَلَ بِهِ مَعَ فُلَانٍ ، أَوْ قَالَ مَعَ ابْنِك ، أَوْ مَعَ ابْنِي ، أَوْ مَعَ غُلَامِك ، أَوْ مَعَ غُلَامِي وَفَعَلَ الْمَدْيُونُ فَضَاعَ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمَطْلُوبِ وَقَوْلُهُ : ابْعَثْ بِهِ مَعَ فُلَانٍ لَيْسَ تَوْكِيلًا ، وَلَوْ قَالَ : ادْفَعْ إلَى ابْنِي ، أَوْ إلَى ابْنِك فَهَذَا تَوْكِيلٌ فَإِنْ ضَاعَ فَمِنْ مَالِ الطَّالِبِ انْتَهَى .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَعَثَ إلَى رَجُلٍ بِكِتَابٍ مَعَ رَسُولِهِ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ ثَوْبَ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا فَفَعَلَ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ الَّذِي أَتَاهُ بِالْكِتَابِ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْقَرْضُ وَالِاقْتِضَاءُ فِي هَذَا إنَّمَا الرَّسُولُ رَسُولٌ بِالْكِتَابِ .
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ إنَّ وَكِيلَك حَضَرَنِي وَأَدَّى رِسَالَتَك وَقَالَ إنَّ الْمُرْسِلَ يَقُولُ ابْعَثْ إلَيَّ ثَوْبَ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا وَبَيَّنَ ثَمَنَهُ فَبَعَثْته وَأَنْكَرَ الْمُرْسِلُ وُصُولَ الثَّوْبِ إلَيْهِ وَالْوَكِيلُ يَقُولُ أَوْصَلْت قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ أَقَرَّ الْمُرْسِلُ بِقَبْضِ الرَّسُولِ الثَّوْبَ مِنْهُ وَأَنْكَرَ الْوُصُولَ إلَيْهِ يَضْمَنُ الْمُرْسِلُ قِيمَةَ الثَّوْبِ ، وَإِنْ أَنْكَرَ قَبْضَ الرَّسُولِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ بِمَاذَا يَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَلَمْ يَضْمَنْ الثَّمَنَ وَقَبْضُ الرَّسُولِ كَقَبْضِ الْمُرْسِلِ ، قَالَ : لِأَنَّ الْمُرْسِلَ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ الْبَيْعُ إذَا دَفَعَ الرَّسُولُ الثَّوْبَ إلَى الْمُرْسِلِ فَإِنْ أَنْكَرَ وُصُولَ الثَّوْبِ إلَيْهِ صَارَ كَأَنَّهُ أَنْكَرَ وُجُودَ الْبَيْعِ فَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ .
الْمَدْيُونُ إذَا بَعَثَ بِالدَّيْنِ عَلَى يَدِ وَكِيلِهِ فَجَاءَ الْوَكِيلُ إلَى الطَّالِبِ ، وَأَخْبَرَهُ فَرَضِيَ بِهِ الطَّالِبُ ، وَقَالَ لِلْوَكِيلِ : اشْتَرِ لِي بِهِ شَيْئًا فَذَهَبَ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ بِبَعْضِهِ شَيْئًا وَطَرَحَ الْبَاقِيَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ : يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مِنْ مَالِ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا جَاءَ بِهِ الْوَكِيلُ وَخَلَّى بَيْنَ الْمَالِ وَبَيْنَ الطَّالِبِ ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ صَارَ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ فَإِذَا أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَيْئًا صَحَّ أَمْرُهُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ فَكَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَمَّا أَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِمَا فِي يَدِهِ فَقَدْ رَضِيَ بِأَنْ يَكُونَ يَدُ الْوَكِيلِ يَدَ نَفْسِهِ .
رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ دَفَعَ مَالًا إلَى رَجُلٍ وَوَكَّلَهُ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى الطَّالِبِ ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ قَالُوا إنْ كَانَ الْوَكِيلُ عَلِمَ بِأَنَّ الطَّالِبَ وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ لَا يَضْمَنُ وَمِنْ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَاتٌ : مِنْهَا رَجُلٌ دَفَعَ مَالًا إلَى رَجُلٍ يَقْضِي مَا لِفُلَانٍ عَلَى الدَّافِعِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَقَضَاهُ الْوَكِيلُ فِي رِدَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ الطَّالِبُ عَلَى رِدَّتِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ عَلِمَ أَنَّ الدَّفْعَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ لَا يَجُوزُ كَانَ الْوَكِيلُ ضَامِنًا لِمَا دَفَعَ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْفِقْهِ لَا يَضْمَنُ مُحَمَّدٌ فِي النَّوَادِرِ رَجُلٌ قَالَ لَهُ الْمَدْيُونُ : ادْفَعْ مَا لِي عَلَيْك إلَى فُلَانٍ قَضَاءٌ عَنْ حَقِّهِ الَّذِي عَلَيَّ ثُمَّ إنَّ الْآمِرَ قَضَى دَيْنَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَأْمُورُ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ عَلَى الْقَابِضِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى آمِرِهِ عَلِمَ بِذَلِكَ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُورُ بِقَضَاءِ الْآمِرِ جَازَ دَفْعُهُ عَنْ الْآمِرِ ، وَإِنْ عَلِمَ لَا يَجُوزُ وَمِنْهَا مُتَفَاوِضَانِ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ ضَمِنَ الثَّانِي مَا أَدَّى عَنْ صَاحِبِهِ عَلِمَ الثَّانِي بِأَدَاءِ الْأَوَّلِ عَنْهُ وَعَنْ صَاحِبِهِ ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَا يَضْمَنُ وَمِنْهَا مَا ذَكَرْنَا آنِفًا فِي الْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الْمُوَكِّلِ قَالُوا هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَمَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ مَرَّتْ بِنَا فِي بَابِهَا .
وَفِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ بَعْدَ إبْرَاءِ الطَّالِبِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلِلدَّافِعِ تَضْمِينُ الْمُوَكِّلِ .
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالَمٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُوَكِّلِ ا هـ .
وَفِي مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ عَنْ الْعِمَادِيِّ .
وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَأْمُورُ بِبَيْعِهِ ، أَوْ الْمُوَكِّلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَكِيلُ فَبَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَلَا فِي تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ ا هـ .
لَوْ أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ فَعَلْت وَمَاتَ الْعَبْدُ عِنْدِي ، وَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْت لِنَفْسِك صُدِّقَ الْآمِرُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ الثَّمَنَ ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا أَخَذَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا ، أَوْ كَفِيلًا جَازَ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِلثَّمَنِ وَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا وَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ عِنْدَ الْكُلِّ إنْ كَانَ قَالَ الْمُوَكِّلُ لَهُ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ قَالَ لَهُ ذَلِكَ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُهُ الْآمِرُ ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ ، أَوْ وَهَبَهُ لَهُ صَحَّ وَيَكُونُ ضَامِنًا ، وَكَذَا إذَا أَحَطَّ بَعْضَ الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِعَيْبٍ أَوْ بِغَيْرِ عَيْبٍ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّأْجِيلَ فِي الْأَصْلِ قِيلَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا كَمَا لَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَقِيلَ : إنَّهُ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يَصِيرُ بِهِ الْوَكِيلُ ضَامِنًا يَنْفُذُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَنْفُذُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْهُ لَا يَصِحُّ أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ حَطَّ بَعْضَهُ ، أَوْ وَهَبَ لَمْ يَصِحَّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَلَوْ أَقَالَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ عِنْدَهُمَا وَيَكُونُ ضَامِنًا لِلثَّمَنِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَا يَمْلِكُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَلَوْ قَبَضَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ إجْمَاعًا .
إنْ أَمْهَلَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ صَحَّ وَلِمُوَكِّلِهِ أَنْ يُطَالِبَ وَكِيلَهُ فِي الْحَالِ ثُمَّ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ يَأْخُذُ هُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي ، وَلَوْ نَوَى الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَى مُوَكِّلِهِ إنْ أَمْهَلَ ، أَوْ أَخَّرَ ، أَوْ صَالَحَ لِضَمَانِهِ .
وَلَوْ بَاعَ وَأَدَّى ثَمَنَهُ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ أَمْهَلَ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ .
لَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ حَتَّى لَقِيَ الْآمِرَ فَقَالَ : بِعْت ثَوْبَك مِنْ فُلَانٍ فَأَنَا أَقْضِيكَ عَنْهُ ثَمَنَهُ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَلَوْ قَالَ : أَنَا أَقْضِيكَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الَّذِي عَلَى الْمُشْتَرِي لِي لَمْ يَجُزْ وَرَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِمَا دَفَعَ .
بَيَّاعٌ عِنْدَهُ بَضَائِعُ النَّاسِ أَمَرُوهُ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا بِثَمَنٍ مُسَمًّى فَعَجَّلَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ إلَى أَصْحَابِهَا عَلَى أَنَّ أَثْمَانَهَا لَهُ إذَا قَبَضَهَا فَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَى أَصْحَابِ الْبَضَائِعِ .
الْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ لَوْ قَبَضَ أَدْوَنَ مِمَّا شَرَطَ صَحَّ وَضَمِنَ لِمُوَكِّلِهِ مَا شَرَطَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ السَّلَمِ ، أَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ ، أَوْ أَقَالَهُ ، أَوْ احْتَالَ بِهِ صَحَّ وَضَمِنَ عِنْدَهُمَا وَلَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ لَوْ كَانَ عَيْنًا فَوَهَبَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَجُزْ ، وَكَذَا النَّقْدُ بَعْدَ قَبْضِهِ يُمَاثِلُهُ السَّلَمُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ السَّلَمَ رَبُّهُ ، أَوْ الثَّمَنَ مُوَكِّلُ الْبَيْعِ ، أَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي أَوْ اشْتَرَى بِالثَّمَنِ شَيْئًا مِنْ الْمُشْتَرِي ، أَوْ صَالَحَهُ صَحَّ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَوْ قَبَضَ زُيُوفًا وَتَجَوَّزَ بِهَا صَحَّ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ لِمُوَكِّلِهِ مِثْلَ دَرَاهِمِهِ لَوْ عَلِمَ وَقْتَ قَبْضِهِ وَإِلَّا لَا إجْمَاعًا ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا فَغَصَبَ الْوَكِيلُ مِنْ رَجُلٍ أَلْفًا وَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ أَدَّى مَالَ الْمُوَكِّلِ مَكَانَهَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ يَجُوزُ هَذِهِ فِي الْوَصَايَا مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَلَوْ قَبَضَ وَكِيلُ الْبَيْعِ الثَّمَنَ ثُمَّ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ صَحَّ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَأَتْلَفَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ تَصَدَّقَ عَنْ الْآمِرِ بِعَشَرَةٍ مِنْ مَالِهِ يَكُونُ ضَامِنًا لَلْعَشْرَةِ ، وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَأَمْسَكَهَا الْوَكِيلُ وَتَصَدَّقَ مِنْ عِنْدِهِ بِعَشَرَةٍ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَتَكُونُ الْعَشَرَةُ لَهُ بِعَشَرَةٍ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يَصِيرُ الثَّمَنُ قِصَاصًا لِمَا عَلَى الْوَكِيلِ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ لَمْ يُسَلِّمْ مَا بَاعَ حَتَّى هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ بَطَلَتْ الْمُقَاصَّةُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمَّا هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ مِنْ الْأَصْلِ وَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ ، وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُوَكِّلِ دَيْنٌ قَالُوا بِأَنَّ الثَّمَنَ يَصِيرُ قِصَاصًا لِمَا عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ الْكُلِّ ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَمْلِكُ إسْقَاطَ الثَّمَنِ بِالْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ عِنْدَ الْكُلِّ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي إسْقَاطِ الْوَكِيلِ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَوَكَّلَ غَيْرَهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَقَبَضَ فَهَلَكَ الثَّمَنُ عِنْدَ الْقَابِضِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : الضَّمَانُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَا عَلَى الْقَابِضِ فَعِنْدَهُ الْقَابِضُ بِمَنْزِلَةِ مُودِعِ الْمُودَعِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْقُنْيَةِ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُرْسِلَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَيُوَكِّلَ إلَّا أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ إلَّا أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي وَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي خِلَافًا لَهُمَا كَالْمُودِعِ وَقِيلَ لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَضْمَنُ .
وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ بِهِ فَقَبَضَهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي مِنْ عِيَالِ الْأَوَّلِ لَا يَرْجِعُ الدَّائِنُ عَلَى أَحَدٍ وَإِلَّا يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ بِدَيْنِهِ انْتَهَى .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَسَلَّمَ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَبَضَ الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ بَرِئَ الْمُشْتَرِي وَيَحْلِفُ الْوَكِيلُ عَلَى الْبَتَاتِ ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِالثَّمَنِ ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ أَبْرَأَ أَحَدَهُمَا ضَمِنَ الْوَكِيلُ كُلَّ الْمَالِ لِلْآمِرِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ بِخَمْسِمِائَةٍ .
رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ ثَوْبًا سَمَّاهُ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ وَغَابَ وَأَمَرَ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا بِقَبْضِهِ مِنْ الْبَائِعِ فَقَبَضَ الْأَجْنَبِيُّ وَهَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ ضَمِنَ الْوَكِيلُ ؛ لِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْقَابِضِ .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا وَسَمَّى جِنْسَ الثَّوْبِ وَصِفَتَهُ فَأَنْفَقَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمِائَةَ وَاشْتَرَى لَهُ ثَوْبًا بِمِائَةٍ مِنْ عِنْدِهِ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ فَإِنْ ضَاعَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ كَذَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ فَنَهَاهُ الْبَائِعُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ فَإِنْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَتَوَى الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ .
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ صَحَّ فَلَوْ بَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ بِنَقْدٍ فَبَاعَهُ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ .
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَدْفَعْ الْعَبْدَ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَأْخُذَهُ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَيُسَلَّمُ إلَى الْمُشْتَرِي .
وَلَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ الْعَبْدِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى أَخَذَهُ الْمُوَكِّلُ مِنْ بَيْتِهِ وَنَهَى الْوَكِيلُ عَنْ التَّسْلِيمِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ صَحَّ نَهْيُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ بَيْتِ الْآمِرِ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ .
وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ لَهُ وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْآمِرِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ الْآمِرُ بِالْقَبْضِ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ وَأَخَذَ الْعَبْدُ مِنْ بَيْتِ الْآمِرِ لِيُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ لَمْ يَنْتَقِضْ الْبَيْعُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلِلْآمِرِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَنْقُدَ الثَّمَنَ فَإِنْ اسْتَرَدَّ الْآمِرُ الْعَبْدَ ثُمَّ أَحْضَرَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَالْآمِرُ يَدْفَعُ الْعَبْدَ إلَى الْوَكِيلِ وَيَأْمُرُهُ بِدَفْعِهِ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَخْذِ الثَّمَنِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ لِلْآمِرِ عَلَى أَحَدٍ لَا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ الْقِيمَةِ لَكِنَّ الْوَكِيلَ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَدْفَعُهُ إلَى الْآمِرِ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ فَنَهَاهُ الْآمِرُ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ ، أَوْ إلَّا بِمَحْضَرِ فُلَانٍ ، أَوْ نَهَاهُ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَبِغَيْرِ مَحْضَرِ فُلَانٍ ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلَ أَوْ جُنَّ بَعْدَ الْبَيْعِ يَبْقَى لِلْوَكِيلِ حَقُّ الثَّمَنِ ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ إلَّا بِشُهُودٍ أَوْ إلَّا بِمَحْضَرِ فُلَانٍ يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِغَيْرِ مَحْضَرِ الشُّهُودِ وَبِغَيْرِ مَحْضَرِ فُلَانٍ .
وَلَوْ قَالَ : وَكَّلْتُك بِبَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَقْبِضَ الثَّمَنَ كَانَ النَّهْيُ بَاطِلًا وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ : بِعْ عَبْدِي هَذَا وَأَشْهِدْ فَبَاعَ وَلَمْ يُشْهِدْ كَانَ جَائِزًا .
وَلَوْ قَالَ : لَا تَبِعْ إلَّا بِشُهُودٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ شُهُودٍ لَمْ يَجُزْ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : بِعْ بِشُهُودٍ .
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ بِرَهْنٍ ثِقَةً فَبَاعَ بِغَيْرِ رَهْنٍ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِرَهْنٍ يُسَاوِي .
وَلَوْ قَالَ : بِعْهُ بِرَهْنٍ فَبَاعَ بِرَهْنٍ قَلِيلِ الْقِيمَةِ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَفِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِنُقْصَانٍ يُتَغَابَنُ فِيهِ .
وَلَوْ قَالَ : بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ بِكَفِيلٍ ثِقَةٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ كَفِيلٍ لَمْ يَجُزْ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ بِعْهُ وَخُذْ كَفِيلًا ، أَوْ قَالَ : بِعْهُ وَخُذْ رَهْنًا لَا يَجُوزُ إلَّا كَذَلِكَ ، وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ لَمْ تَأْمُرْنِي بِذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآمِرِ ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُسْتَفَادٌ مِنْ جِهَتِهِ .
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ مِنْ فُلَانٍ وَسَمَّاهُ بِعَيْنِهِ فَبَاعَهُ مِنْهُ وَمِنْ آخَرَ جَازَ النِّصْفُ الَّذِي بَاعَهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ .
الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِأَلْفٍ إذَا اشْتَرَى وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَقَبَضَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ نَقَدَ لَهُ الْمُوَكِّلُ خَمْسَمِائَةٍ وَطَلَبَ مِنْهُ الْجَارِيَةَ فَمَنَعَهَا فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْوَكِيلِ قَالُوا تُسَلَّمُ لِلْوَكِيلِ الْخَمْسُمِائَةِ الْمَقْبُوضَةُ وَبَطَلَتْ الْخَمْسُمِائَةِ الْبَاقِيَةُ ، وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ طَلَبَ مِنْهُ الْجَارِيَةَ قَبْلَ نَقْدِ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَمَنَعَ الْوَكِيلُ ثُمَّ نَقَدَ الْخَمْسَمِائَةِ فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْوَكِيلِ قَالُوا تُسَلَّمُ لِلْوَكِيلِ الْخَمْسُمِائَةِ الْمَقْبُوضَةُ وَيَبْطُلُ الْبَاقِي مِنْ قَاضِي خَانْ .
لَوْ سَلَّمَ أَحَدُ الْمُوَكِّلَيْنِ بِالشِّرَاءِ إلَى الْآخَرِ فِي يَدِهِ مَا يَقْسِمُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ وُكِّلَ بِشِرَاءِ أَمَةٍ فَاشْتَرَى عَمْيَاءَ ، أَوْ شَلَّاءَ فَهُوَ نَافِذٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا أَوْ بِشِرَاءِ هَذَا الْعَبْدِ ، أَوْ بَيْعِهِ بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى مَعَهُ آخَرُ ، أَوْ بَاعَ بِأَلْفَيْنِ وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَهُوَ غَيْرُ نَافِذٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ، مِنْ الْمَجْمَعِ ، وَفِي شَرْحِهِ ، وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَوْرَاءَ ، أَوْ فَاسِدَةَ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ وَقَدْ اشْتَرَاهَا بِلَا غَبْنٍ فَاحِشٍ نَفَذَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْإِجْمَاعِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ لَوْ كَانَتْ مُقْعَدَةً ، أَوْ مَجْنُونَةً نَفَذَ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا انْتَهَى .
وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ قَالَ الرَّجُلُ : اشْتَرِ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ بَيَّنَ الصِّفَةَ فَقَالَ : جَارِيَةً حَبَشِيَّةً فَاشْتَرَى جَارِيَةً حَبَشِيَّةً عَمْيَاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ ، أَوْ الرِّجْلَيْنِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ، أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَلْزَمُ الْآمِرَ وَقَالَا لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ ، وَلَوْ كَانَتْ عَوْرَاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ ، أَوْ أَحَدِ الرِّجْلَيْنِ لَزِمَ الْآمِرُ اتِّفَاقًا .
وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ : رَقَبَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عَبْدًا أَعْمَى أَوْ جَارِيَةً عَمْيَاءَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ مِثْلُ قِيمَتِهَا لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ اتِّفَاقًا ، انْتَهَى .
وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ عَلَى فُلَانٍ فَأَخْبَرَ بِهِ الْمَدْيُونَ فَوَكَّلَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ وَإِيفَاءِ ثَمَنِهَا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ فَبَاعَهَا وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا وَمَقْضِيًّا .
زَوْجَانِ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا فُرْقَةٌ فَطَالَبَتْهُ بِنَفَقَةِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ فَوَكَّلَ رَجُلًا إنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَيْهِ وَيُنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ فَالتَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَصِحُّ لَكِنْ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ .
الْوَكِيلُ مَا دَامَ حَيًّا ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا تَنْتَقِلُ الْحُقُوقُ إلَى الْمُوَكِّلِ .
وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ ثُمَّ إنَّ رَبَّ الدَّيْنِ وَهَبَهُ مِنْ الْغَرِيمِ وَالْوَكِيلُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَقَبَضَهُ مِنْهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلِلدَّافِعِ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ .
وَلَوْ صَرَفَ الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ إلَى دَيْنِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى دَيْنَ الْمُوَكِّلِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ضَمِنَهُ وَكَانَ مُتَبَرِّعًا .
وَلَوْ بَعَثَ رَجُلًا إلَى رَجُلٍ لِيُقْرِضَهُ فَأَقْرَضَهُ فَضَاعَ مِنْ يَدِهِ فَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ أَقْرِضْ لِلْمُرْسِلِ ضَمِنَ مُرْسِلُهُ ، وَلَوْ قَالَ : أَقْرِضْنِي لِلْمُرْسِلِ ضَمِنَ رَسُولُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِقْرَاضِ جَائِزٌ وَبِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَجُوزُ ، وَلَوْ أَخْرَجَ وَكِيلُ الِاسْتِقْرَاضِ كَلَامَهُ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ يَقَعُ الْقَضَاءُ لِلْآمِرِ ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ يُضِيفَهُ إلَى نَفْسِهِ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ آمِرِهِ ، مِنْ الْمُشْتَمِلِ .
وَإِذَا وَكَّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنَهُ فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ مَعَ عَبْدٍ آخَرَ وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ نَفَذَ عَلَى الْآمِرِ اتِّفَاقًا إذَا كَانَ حِصَّةُ الْمُشْتَرِي لِلْآمِرِ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ قِيمَتِهِ ، أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا يُتَغَابَنُ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ .
إذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ الثَّمَنَ فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِكَيْلِيٍّ ، أَوْ وَزْنِيٍّ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ أَنَفَذْنَاهُ عَلَى الْوَكِيلِ ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ الشِّرَاءُ بِالْأَثْمَانِ الْمُطْلَقَةِ وَعِنْدَ زُفَرَ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ هَذِهِ فِي سُلَّمِ الْمَجْمَعِ ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِكَيْلِيٍّ ، أَوْ وَزْنِيٍّ عَيْنٍ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعَ كُلِّ وَجْهٍ لَا شِرَاءٌ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالْعَرَضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَجُوزُ عَقْدُهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَزِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ ، وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ لِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ قَالُوا : يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ ، وَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ فَالشِّرَاءُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ اشْتَرَى بَاقِيه لَزِمَ الْمُوَكِّلَ وَإِلَّا لَا وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَهَبَ كُلَّ الْأَلْفِ لِلْوَكِيلِ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَكَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْأَلْفِ ، وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ لِلْوَكِيلِ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَ مِنْهُ الْخَمْسَمِائَةِ الْبَاقِيَةَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْخَمْسِمِائَةِ الْأُولَى وَيَرْجِعُ بِالْخَمْسِمِائَةِ الثَّانِيَةِ ، وَلَوْ وَهَبَ مِنْهُ تِسْعَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَ مِنْهُ الْمِائَةَ الْبَاقِيَةَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ إلَّا بِمِائَةٍ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ .
وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ مَا صَنَعْت مِنْ أَمْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا آخَرَ بِهَذَا الشِّرَاءِ ثُمَّ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ الثَّانِي الْجَارِيَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلِمَ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِذَلِكَ ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَانَ الْمُوَكِّلُ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَدْفَعْ ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ وَاشْتَرَى الثَّانِي صَحَّ شِرَاؤُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ .
قَالَ لِاثْنَيْنِ لِيَشْتَرِ لِي أَحَدُكُمَا جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا ثُمَّ اشْتَرَى الثَّانِي كَانَ الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ ، وَلَوْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَارِيَةً لِلْآمِرِ عَلَى حِدَةٍ وَوَقَعَ شِرَاؤُهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَتْ الْجَارِيَتَانِ لِلْمُوَكِّلِ .
خَمْسَةٌ وَكَّلُوا رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُمْ حِمَارًا فَاشْتَرَى لَهُمْ ثُمَّ قَبَضَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ فَضَاعَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ قَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى يَضْمَنُ الْوَكِيلُ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَبَضَ مِنْهُمْ الثَّمَنَ بَعْدَ الشِّرَاءِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا مَا وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِمْ بِعَقْدِ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ الْمُسْتَوْفَى مَضْمُونًا عَلَيْهِ .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا عَبْدًا فَوَضَعَ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ فِي مَنْزِلِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الدَّرَاهِمَ لِيَدْفَعَهَا إلَى الْبَائِعِ فَإِذَا الدَّرَاهِمُ قَدْ سُرِقَتْ وَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي مَنْزِلِهِ فَجَاءَ الْبَائِعُ وَطَلَبَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَجَاءَ الْمُوَكِّلُ فَطَلَبَ مِنْهُ الْعَبْدَ كَيْفَ يَفْعَلُ ؟ قَالُوا : يَأْخُذُ الْوَكِيلُ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَدْفَعُهَا إلَى الْبَائِعِ ، وَالْعَبْدُ وَالدَّرَاهِمُ هَلَكَا فِي يَدِهِ عَلَى الْأَمَانَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ : هَذَا إذَا عُلِمَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ أَنَّهُ اشْتَرَى الْعَبْدَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ .
وَإِنْ اخْتَلَطَ عَقْلُ الْوَكِيلِ بِالنَّبِيذِ إلَّا أَنَّهُ يَعْرِفُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ جَازَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَطَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ ، وَقَالَ غَيْرُهُ فِي شُرْبِ النَّبِيذِ أَيْضًا لَا يَجُوزُ عَقْدُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّ بَيْعَ السَّكْرَانِ إنَّمَا جَازَ زَجْرًا عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمُوَكِّلِ .
أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ، أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ جَازَ وَلَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُمَا بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ أَقَلَّ جَازَ ، وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الْآخَرُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا قَلَّتْ الزِّيَادَةُ ، أَوْ كَثُرَتْ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ : إذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ وَبَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ مَا يَشْتَرِي بِهِ الْآخَرُ جَازَ .
رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً وَسَمَّى لَهُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى جَارِيَةً هِيَ ذَاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ جَارِيَةً حَلَفَ الْمُوَكِّلُ بِعِتْقِهَا إنْ مَلَكَهَا جَازَ وَتُعْتَقُ .
رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ جَارِيَةً بِكَذَا أَطَؤُهَا فَاشْتَرَى أُخْتَ امْرَأَتِهِ ، أَوْ عَمَّتَهَا ، أَوْ خَالَتَهَا مِنْ رَضَاعٍ ، أَوْ نَسَبٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ ، أَوْ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ ، أَوْ ثَلَاثٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالشُّهُورِ لَزِمَ الْآمِرُ وَذُكِرَ فِي الْعُيُونِ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ اشْتَرَى أُخْتَ امْرَأَةِ الْمُوَكِّلِ لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلُ ، وَإِنْ اشْتَرَى أُخْتَ أَمَةٍ لِلْمُوَكِّلِ قَدْ وَطِئَهَا لَزِمَ الْآمِرُ وَقَالَا هُمَا فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ غَيْرَ أَنِّي اسْتَحْسَنْت هَذَا ؛ لِأَنَّ فِي أُخْتِ الْأَمَةِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَ الْمَوْطُوءَةَ مِنْ سَاعَتِهِ فَيَطَأَ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ ، وَفِي أُخْتِ امْرَأَتِهِ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُطَلِّقَ الْمَنْكُوحَةَ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَيَطَؤُهَا .
وَلَوْ اشْتَرَى صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا ، أَوْ مَحْبُوسَةً لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ ، وَإِنْ اشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً ، أَوْ يَهُودِيَّةً لَزِمَ الْآمِرُ ، وَكَذَا الصَّابِئِيَّةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَفِي قِيَاسِ قَوْلِهِمَا الصَّابِئِيَّةُ لَا تَلْزَمُ الْآمِرَ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ جَازَ عَلَى الْآمِرِ وَلَهُ حَقُّ الرَّدِّ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ .
قَالَ لِغَيْرِهِ : اشْتَرِ لِي جَارِيَتَيْنِ أَطَؤُهُمَا فَاشْتَرَى أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ ، أَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَعَمَّتَهَا ، أَوْ خَالَتَهَا مِنْ رَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ عِنْدَنَا ، وَقَالَ زُفَرُ : يَلْزَمُ الْآمِرَ اتِّفَاقًا وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ اشْتَرَى هَذَا الْوَكِيلُ جَارِيَةً وَابْنَتَهَا لَزِمَ الْآمِرَ ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى وَطْءِ إحْدَاهُمَا فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأُخْرَى بَعْدَ وَطْءِ الْأُولَى .
وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً يُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارٍ فَاشْتَرَى عَمْيَاءَ ، أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ لَزِمَ الْآمِرَ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ ، وَلَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ .
وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِكَذَا فَاشْتَرَى جَارِيَةً فَاسْتُحِقَّتْ لَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ ، وَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَظَهَرَ أَنَّهَا حُرَّةٌ ضَمِنَ الْوَكِيلُ قَاضِي خَانْ .
الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ فَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا فَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَوَطِئَهَا لَا يُحَدُّ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَتَكُونُ الْأَمَةُ وَوَلَدُهَا لِلْآمِرِ قَالَ مَشَايِخُنَا : وَيَلْزَمُ الْعُقْرُ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى الْجَارِيَةِ وَالْعُقْرِ فَمَا أَصَابَ الْعُقْرَ يَسْقُطُ وَمَا أَصَابَ الْجَارِيَةَ بَقِيَ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِ الْعُقْرُ إنْ قَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ .
وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَقَبَضَ بَعْضَهَا جَازَ إلَّا إذَا قَالَ لَا تَقْبِضْ إلَّا جَمِيعَهَا فَقَبَضَ بَعْضَهَا ضَمِنَ فَإِنْ قَبَضَ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ يَهْلِكَ الْأَوَّلُ يَسْقُطُ الضَّمَانُ .
وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَابَّةٍ عَارِيَّةً فَرَكِبَهَا الْوَكِيلُ ضَمِنَ .
وَكَّلَهُ بِقَبْضِ حَيَوَانٍ وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْوَكِيلِ قَبْضُهَا وَمَا وَلَدَتْ ، وَإِنْ وَلَدَتْ قَبْلَ الْوَكَالَةِ لَا يَمْلِكُ قَبْضَهُ وَالثَّمَرَةُ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ مُتَّصِلًا وَمُنْفَصِلًا بِأَنْ خَرَجَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْوَكَالَةِ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
وَكَّلَ رَجُلًا يَبِيعُ مَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَهُوَ عَلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ إذَا كَانَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ خَرَجَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى فَسُرِقَ أَوْ ضَاعَ كَانَ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَا يَلْتَزِمُ بِالْمُؤْنَةِ فَإِذَا خَرَجَ بِهِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى رُبَّمَا لَا يُنْفِقُ فَيَحْتَاجُ إلَى النَّقْلِ إلَى الْمَكَانِ الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ ، وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ الْوَكِيلُ إلَى مَكَان آخَرَ فَخَرَجَ هُوَ فَبَاعَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ كَانَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ فِي مَكَانِ الْبَيْعِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَتَقَيَّدُ الْأَمْرُ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ وَهُوَ فِي الْمِصْرِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمِصْرِ وَبَاعَهُ ضَمِنَ اسْتِحْسَانًا وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ انْتَهَى ، وَفِي الْوَدِيعَةِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِالْكُوفَةِ إذَا سَافَرَ بِهِ يَضْمَنُ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ إذَا سَافَرَ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ يَضْمَنُ انْتَهَى .
رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ ضَيْعَةٍ لَهُ فَبَاعَهَا الْوَكِيلُ فَظَهَرَ فِيهَا قِطْعَةُ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى مُوَكِّلِهِ وَإِنْ رُدَّتْ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَهُوَ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ سَوَاءٌ إنْ كَانَ بِاعْتِرَافِ الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ ، وَإِنْ كَانَ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ أَمَرَ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَهُ فَقَبَضَ الثَّمَنَ ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بِإِبَاءِ يَمِينٍ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْآمِرِ ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ وَالْوَكِيلُ مُضْطَرٌّ فِي النُّكُولِ لِبُعْدِ الْعَيْبِ عَنْ عَمَلِهِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ مُمَارَسَةِ الْمَبِيعِ فَلَزِمَ الْآمِرَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِقْرَارٍ لَزِمَ الْمَأْمُورَ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ لِإِمْكَانِ السُّكُوتِ وَالنُّكُولِ انْتَهَى .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ حِنْطَةً وَيَزْرَعَهَا فَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ حِنْطَةً فَزَرَعَهَا فِي وَقْتٍ لَا يَخْرُجُ الزَّرْعُ قَالُوا : إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ فِي أَوَانِ الزِّرَاعَةِ وَزَرَعَهَا فِي غَيْرِ أَوَانِهَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ عَلَى الْآمِرِ وَعَلَى الْمَأْمُورِ مِثْلُ تِلْكَ الْحِنْطَةِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا بِإِلْقَائِهَا فِي الْأَرْضِ فِي غَيْرِ أَوَانِ الزِّرَاعَةِ ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا فِي غَيْرِ أَوَانِ الزِّرَاعَةِ كَانَ الْمَأْمُورُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ فَيَضْمَنُ دَرَاهِمَ الْآمِرِ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشِّرَاءِ لِلزِّرَاعَةِ مُقَيَّدٌ بِأَوَانِ الزِّرَاعَةِ كَالْأَمْرِ بِشِرَاءِ الْجُمْدِ وَالْفَحْمِ .
رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ وَأَدَّى الْمِائَةَ ثُمَّ إنَّ الْمَأْمُورَ دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ الْبَائِعُ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ فَفَعَلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَالْكُرُّ الْأَوَّلُ يَكُونُ لِلْآمِرِ وَالْكُرُّ الزِّيَادَةُ يَكُونُ لِلْمَأْمُورِ وَيَضْمَنُ لِلْآمِرِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا زَادَ كُرًّا بِخَمْسِينَ فَقَدْ حَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي خَمْسِينَ فَصَارَ الْكُرَّانِ جَمِيعًا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ كُلُّ كُرٍّ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ يَنْصَرِفُ إلَى الْكُرَّيْنِ جَمِيعًا فَيَصِيرُ الْكُرُّ الْأَوَّلُ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ وَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُورِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْآمِرِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ هَذَا ثَمَنًا لِلْكُرِّ الثَّانِي .
الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ إنْ كَانَ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ يَكُونُ أَمَانَةً سَوَاءٌ هَلَكَ قَبْلَ شِرَاءِ الْوَكِيلِ أَوْ بَعْدَهُ ، وَإِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ بَعْدَ الشِّرَاءِ يَهْلِكُ مَضْمُونًا .
رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِلْآمِرِ فَوَكَّلَ الْمَأْمُورُ رَجُلًا فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَأْمُورِ بِالتَّوْكِيلِ ثُمَّ الْمَأْمُورُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ مُوَكِّلَهُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ نَكِلَ ضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ وَأَخَذَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا فَضَاعَ فِي يَدِهِ أَوْ أَخَذَ بِهِ كَفِيلًا فَتَوَى الْمَالُ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْهَا وَالْكَفَالَةُ تُوثَقُ بِهِ وَالِارْتِهَانُ وَثِيقَةٌ لِجَانِبِ الِاسْتِيفَاءِ فَيَمْلِكُهُمَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُ نِيَابَةً وَقَدْ أَنَابَهُ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ دُونَ الْكَفَالَةِ وَأَخْذِ الرَّهْنِ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَقْبِضُ أَصَالَةً وَبِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ حَجْرَهُ عَنْ الْقَبْضِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ بَقَرَةٍ سَوْدَاءَ لِلْأُضْحِيَّةِ فَاشْتَرَى بَيْضَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ ، وَلَوْ أُنْثَى فَاشْتَرَى ذَكَرًا لَا ، وَكَذَا الشَّاةُ ، وَلَوْ قَالَ : بَقَرَةً ، وَلَمْ يَقُلْ : أُنْثَى لَزِمَ الْمُوَكِّلَ .
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ كَبْشٍ أَقْرَنَ فَاشْتَرَى كَبْشًا لَيْسَ بِأَقْرَنَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ ، مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ .
الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا صَرَفَ مَالَ الْمُوَكِّلِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى دَيْنَ الْمُوَكِّلِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي قَضَاءِ دَيْنِ الْمُوَكِّلِ ، مِنْ الْخَانِيَّةِ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا أَمْهَلَ الْمُشْتَرِي صَحَّ إمْهَالُهُ وَكَانَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُطَالِبَ الْوَكِيلَ فِي الْحَالِ فَيُؤَدِّيَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ .
الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا خَلَطَ مَالَ الْمُوَكِّلِ بِمَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى دَيْنَ الْمُوَكِّلِ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ وَكَانَ مُتَبَرِّعًا فِي الْقَضَاءِ وَعَلَيْهِ لِلْمُوَكِّلِ مَا أَدَّى إلَيْهِ مِنْ الْمَالِ .
وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَأْمُورُ بِبَيْعِهِ ، أَوْ الْمُوَكِّلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَأْمُورُ فَبَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ وَلَا فِي تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ .
وَمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يُنْفِقُهَا عَلَى أَهْلِهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ عَشَرَةً مِنْ عِنْدِهِ فَالْعَشَرَةُ بِالْعَشَرَةِ ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِنْفَاقِ وَكِيلٌ بِالشِّرَاءِ وَقِيلَ هَذَا اسْتِحْسَانٌ ، وَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَصِيرُ مُتَبَرِّعًا وَقِيلَ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشِرَاءٍ فَأَمَّا الْإِنْفَاقُ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ الشِّرَاءَ فَلَا يَدْخُلَانِهِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْبُيُوعِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي لَهُ بِهَا ثَوْبًا قَدْ سَمَّاهُ فَأَنْفَقَ الْوَكِيلُ عَلَى نَفْسِهِ دَرَاهِمَ الْمُوَكِّلِ وَاشْتَرَى ثَوْبًا لِلْآمِرِ بِدَرَاهِمِ نَفْسِهِ كَانَ الثَّوْبُ لِلْمُشْتَرِي لَا لِلْآمِرِ ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَقَيَّدَتْ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِهَلَاكِهَا .
وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا لِلْآمِرِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ دَرَاهِمَ الْآمِرِ كَانَ الثَّوْبُ لَهُ وَيَطِيبُ لَهُ دَرَاهِمُ الْمُوَكِّلِ اسْتِحْسَانًا كَالْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِمَالِ نَفْسِهِ ، وَلَوْ دَفَعَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ لِيُنْفِقَهَا عَلَى عِيَالِهِ فَأَنْفَقَ الْمَأْمُورُ مِنْ مَالِهِ وَأَمْسَكَ دَرَاهِمَ الْمُوَكِّلِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ ، وَلَوْ أَنْفَقَ دَرَاهِمَ الْآمِرِ فِي حَاجَتِهِ أَوَّلًا حَتَّى صَارَ ضَامِنًا ثُمَّ أَنْفَقَ مِنْ دَرَاهِمِ نَفْسِهِ عَلَى عِيَالِ الْآمِرِ ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَخْرُجُ انْتَهَى .
وَفِي الْخَانِيَّةِ الْوَكِيلُ إذَا اشْتَرَى مَا أُمِرَ بِهِ وَأَنْفَقَ الدَّرَاهِمَ بَعْدَمَا سَلَّمَ مَا اشْتَرَى إلَى الْآمِرِ ثُمَّ نَقَدَ الْبَائِعُ غَيْرَهَا جَازَ ، وَفِي الْأَصْلِ لَوْ اشْتَرَى بِدَنَانِيرَ غَيْرِهَا ثُمَّ نَقَدَ دَنَانِيرَ الْمُوَكِّلِ فَالشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ وَضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ دَنَانِيرَهُ لِلتَّعَدِّي .
وَفِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ فَإِنْ هَلَكَ الْمُشْتَرَى فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ الْحَبْسِ يَهْلِكُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ حَبَسَهُ لِأَجْلِ الثَّمَنِ يَهْلِكُ هَلَاكَ الرَّهْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَهْلِكُ هَلَاكَ الْمَبِيعِ .
لَوْ وَكَّلَ إنْسَانًا بِالشِّرَاءِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى هَلَكَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنْ هَلَكَ ثَانِيًا لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ وَالْمُضَارِبُ يَرْجِعُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى .
أَمَرَهُ بِأَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ فَقَضَى مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ الدَّنَانِيرَ جَازَ اسْتِحْسَانًا .
أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ فَتَصَدَّقَ بِالْأَلْفِ مِنْ مَالِهِ إنْ أَنْفَقَ الْوَكِيلُ أَوَّلًا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ تَصَدَّقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ عِنْدَهُ فَتَصَدَّقَ مِنْ عِنْدِهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ وَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ أُمِرَ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ إلَيْهِ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَهُ وَإِلَّا دَفَعَ إلَيْهِ الْغَرِيمُ ثَانِيًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيفَاءُ حَيْثُ أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَمَعَ يَمِينِهِ فَيَفْسُدُ الْأَدَاءُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهِ ، وَإِنْ كَانَ ضَاعَ فِي يَدِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمِنَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ ، وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ لَمْ يُصَدِّقْ عَلَى الْوَكَالَةِ بَلْ سَكَتَ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى ادِّعَائِهِ فَإِنْ رَجَعَ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى الْغَرِيمِ رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَكِيلِ وَكَذَا إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى تَكْذِيبِهِ إيَّاهُ فِي الْوَكَالَةِ ، وَفِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَدْفُوعَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ وَكَّلَنِي فُلَانٌ بِقَبْضِ مَا لَهُ عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمَدْيُونُ أَوْ يُكَذِّبَهُ ، أَوْ يَسْكُتَ فَإِنْ صَدَّقَهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ ، أَوْ سَكَتَ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ لَكِنْ لَوْ دَفَعَهُ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ جَاءَ الْمُوَكِّلُ وَأَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ مَضَى الْأَمْرُ ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ يَأْخُذُ دَيْنَهُ مِنْ الْغَرِيمِ وَالْغَرِيمُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ كَانَ قَائِمًا ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُ مِثْلَهُ ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ إنْ صَدَّقَهُ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ صَدَّقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ ، أَوْ كَذَّبَهُ ، أَوْ سَكَتَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ ، ثُمَّ إذَا رَجَعَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْغَرِيمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ ثَانِيًا وَلَوْ أَرَادَ الْغَرِيمُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ مَا وَكَّلْته كَانَ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ دَفَعَ عَنْ سُكُوتٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّالِبَ إلَّا إذَا عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ ، وَإِنْ دَفَعَ عَنْ جُحُودٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّالِبَ سَوَاءٌ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ ، أَوْ لَمْ يَعُدْ لَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُحَلِّفَ الْغَرِيمَ فِي الْجُحُودِ وَالسُّكُوتِ بِأَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ ، فَإِنْ حَلَفَ مَضَى الْأَمْرُ وَإِنْ نَكَلَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُحَلِّفْ الْغَرِيمَ لَكِنْ يُحَلِّفُ الطَّالِبَ بِاَللَّهِ مَا وَكَّلَهُ ، فَإِنْ حَلَفَ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَى الْوَكِيلِ ، وَإِنْ نَكَلَ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الطَّالِبِ ، هَذَا كُلُّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الدَّيْنِ ، فَأَمَّا فِي الْوَدِيعَةِ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ : عِنْدَك وَدِيعَةٌ وَكَّلَنِي بِقَبْضِهَا فَصَدَّقَهُ الْمُودَعُ ثُمَّ امْتَنَعَ عَنْ دَفْعِهَا إلَيْهِ لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَاقَى مِلْكَ غَيْرِهِ وَهُوَ الْوَدِيعَةُ ، وَفِي الدَّيْنِ مِلْكَ نَفْسِهِ ،
فَإِنْ قَالَ : لَمْ يُوَكِّلْنِي وَلَكِنْ ادْفَعْ الدَّيْنَ إلَيَّ فَإِنَّهُ سَيُجِيزُ قَبْضِي وَعَلَى ضَمَانِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّيْنَ وَلَا الْوَدِيعَةَ فَإِنْ دَفَعَ صَارَ ضَامِنًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ .
وَإِذَا عَلِمَ الْمَدْيُونُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ بِالْقَبْضِ وَمَعَ هَذَا دَفَعَ فَالْمَالُ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ فَالدَّافِعُ إنْ أَرَادَ قَبْضَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ الْغَائِبُ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ ضَاعَ فِي أَيْدِي الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ كَانَ مِنْ الطَّالِبِ وَصَارَ كَأَنَّهُ وَكِيلٌ يَوْمَ قَبْضِ الْمَالِ .
الْمَدْيُونُ إذَا قَالَ لِلْوَكِيلِ : لَا آمَنُ مِنْ أَنْ يَجْحَدَ الطَّالِبُ إذَا حَضَرَ فَاضْمَنْ لِي مَا قَبَضَهُ الطَّالِبُ مِنِّي فَضَمِنَ صَحَّ ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَضْمَنْ لَكِنْ قَالَ : أَقْبِضُ مِنْك عَلَى أَنْ أُبْرِئَك مِنْ فُلَانٍ فَإِنْ أَنْكَرَ الطَّالِبُ وَقَبَضَ الْمَالَ مِنْ الْمَطْلُوبِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ مُصَدِّقًا أَنَّهُ وَكِيلٌ انْتَهَى .
وَفِي الْأَشْبَاهِ الْوَكِيلُ إذَا أَمْسَكَ مَالَ الْمُوَكِّلِ وَفَعَلَ بِمَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَلَوْ أَمْسَكَ دِينَارَ الْمُوَكِّلِ وَبَاعَ دِينَارَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ : الْأَوْلَى : الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَهْلِهِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ الْكَنْزِ .
الثَّانِيَةُ : الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى بِنَاءِ دَارِهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ .
الثَّالِثَةُ : الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَمْسَكَ الْمَدْفُوعَ وَنَقَدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ .
الرَّابِعَةُ : الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ كَذَلِكَ ، وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا وَقَيَّدَ الثَّالِثَةَ فِيهَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا وَلَمْ يُضِفْ الشِّرَاءَ إلَى نَفْسِهِ .
الْخَامِسَةُ : الْوَكِيلُ بِإِعْطَاءِ الزَّكَاةِ إذَا أَمْسَكَ وَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ نَاوِيًا الرُّجُوعَ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ انْتَهَى .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ إلَيْهِ حَتَّى قَالَ : بِعْته مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَقَبَضَ الْآمِرُ الثَّمَنَ مِنْهُ ، أَوْ قَالَ : هَلَكَ عِنْدِي وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ ، أَوْ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ وَحْدَهُ صَدَقَ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ دُونَ قَبْضِ الثَّمَنِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ ، فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي نَقَدَ الثَّمَنَ ثَانِيًا إلَى الْمُوَكِّلِ وَقَبَضَ مِنْهُ الْمَبِيعَ ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَلَهُ الثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا إلَّا فِي قَوْلِهِ قَبَضَ الْآمِرُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْبَيْعِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ وَكَذَّبَهُ فِي الْهَلَاكِ ، أَوْ الدَّفْعِ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ وَيُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى تَسْلِيمِ الْعَبْدِ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ ثَانِيًا ، هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مُسَلَّمًا إلَى الْوَكِيلِ أَمَّا إذَا كَانَ مُسَلَّمًا إلَيْهِ فَالْوَكِيلُ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَيُسَلِّمُ الْعَبْدَ إلَى الْمُشْتَرِي ، وَالثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ دُونَ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ أَقَرَّ بِبَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ .
فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى مَا يَدَّعِي بَرِئَ هُوَ أَيْضًا ، وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْمُوَكِّلِ ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُوَكِّلُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُوَكِّلِ ، وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ مُوَكِّلَهُ عَلَى الْعِلْمِ بِقَبْضِ الْوَكِيلِ فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْوَكِيلِ وَكَذَّبَهُ فِي الدَّفْعِ وَفِي الْهَلَاكِ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ الثَّمَنَ ، أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمُوَكِّلِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا عَلَى
الْمُوَكِّلِ فَلَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْمَبِيعُ لَكِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ بِقَضَاءٍ إنْ كَانَ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ اسْتَرَدَّ مِنْهُ الثَّمَنَ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ عَلَى مُوَكِّلِهِ إنْ كَانَ صَدَّقَهُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ لِلْمُوَكِّلِ ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ لَا يَرْجِعُ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُوَكِّلَ عَلَى الْعِلْمِ بِقَبْضِهِ فَإِنْ نَكَلَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يَبِيعُ الْعَبْدَ وَيَسْتَوْفِي مَا ضَمِنَ مِنْ ثَمَنِهِ وَيَرُدُّ الْفَضْلَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَا يَرْجِعُ بِالنَّقْضِ عَلَى أَحَدٍ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمُوَكِّلِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ لِعَدَمِ رُجُوعِ النَّفْعِ إلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فِي إقْرَارِهِمَا بِالْقَبْضِ وَيَحْلِفُ الْمُوَكِّلُ بَاتًّا فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ عَلَيْهِ وَالْمَبِيعُ لَهُ ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْجِعُ لَكِنْ يُبَاعُ الْمَبِيعُ يَسْتَوْفِي الثَّمَنَ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي بَاعَ وَسَلَّمَ وَوَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبَضْت فَضَاعَ ، أَوْ دَفَعْت إلَى الْآمِرِ فَجَحَدَ الْآمِرُ كُلَّهُ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ ، وَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَإِذَا رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ لَا عَلَى الْبَائِعِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْقَبْضِ فِي زَعْمِهِ وَلَا عَلَى الْوَكِيلِ ؛ لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ أَمِينٌ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا ذَكَرْنَا وَإِذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بَاعَهُ الْقَاضِي وَأَوْفَى ثَمَنَ الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنِهِ وَيَرُدُّ الْفَضْلَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنُّقْصَانِ وَلَا عَلَى الْوَكِيلِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي وَكَالَةِ الْجَامِعِ ، وَفِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَالتَّاسِعِ ، مِنْ
شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى .
وَإِذَا وَكَّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ بِثَمَنٍ مُسَمًّى فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ وَكِيلًا آخَرَ فَاشْتَرَاهُ لَزِمَ الْآمِرَ الثَّانِيَ دُونَ الْأَوَّلِ إذَا لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ لَزِمَ الْآمِرَ ، وَفِي شَرِكَةِ الْعُيُونِ قَالَ الْآخَرُ : اشْتَرِ لِي جَارِيَةَ فُلَانٍ فَذَهَبَ الْمَأْمُورُ فَسَاوَمَهَا ثُمَّ قَالَ لِنَفْسِي كَانَتْ لَهُ فَإِنْ اشْتَرَاهَا وَسَكَتَ فَإِنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَحْدُثَ بِهَا عَيْبٌ ، أَوْ تَهْلَكَ اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ فَالْقَوْلُ لَهُ ، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَمَا مَاتَتْ ، أَوْ بَقِيَتْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْآمِرُ هَذَا كُلُّهُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ .
الْمَأْمُورُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ بِأَلْفٍ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ الْمِائَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَالْعَبْدُ لِلْمَأْمُورِ دُونَ الْآمِرِ .
أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَرْهَنَ مَالًا وَيَلْزَمَ الرِّبْحُ لِيُؤَدِّيَ إلَيْهِ الْآمِرُ فَأَدَّى الْمَأْمُورُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَدَّى .
الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا قَالَ قَبَضْت وَهَلَكَ عِنْدِي ، أَوْ قَالَ دَفَعْته إلَى الْمُوَكِّلِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ يُصَدَّقُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ الْمَدْيُونِ لَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُوَكِّلِ عَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ إنْسَانٌ مَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ لَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ .
رَجُلَانِ وَكَّلَا بِالْخُصُومَةِ فِي دَيْنٍ ، وَفِي قَبْضِهِ فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُخَاصِمَ وَلَا يَقْبِضَانِ إلَّا مَعًا ، وَقَالَ زُفَرُ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْخُصُومَةِ أَيْضًا .
الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا وَكَّلَ مَنْ فِي عِيَالِهِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ صَحَّ التَّوْكِيلُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الثَّانِي يَهْلِكُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ ، مِنْ الصُّغْرَى .
وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ تَعْمِيمِ تَفْوِيضٍ إلَّا لِوَكِيلٍ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ فِي عِيَالِهِ بِدُونِهِمَا فَيَبْرَأَ الْمَدْيُونُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ ، وَالْوَكِيلُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ ثُمَّ وَثُمَّ فَدَفَعَ الْآخَرُ جَازَ وَلَا يَتَوَقَّفُ كَمَا فِي أُضْحِيَّةِ الْخَانِيَّةِ انْتَهَى .
الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا وُهِبَ الدَّيْنَ مِنْ الْغَرِيمِ أَوْ أَبْرَأهُ ، أَوْ ارْتَهَنَ بِهِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ ، وَلَوْ أَخَذَ بِهِ كَفِيلًا جَازَ .
وَلَوْ أَمَرَهُ الْمَدْيُونُ بِأَخْذِ الرَّهْنِ فَقَالَ لَهُ : خُذْ هَذَا رَهْنًا حَتَّى أُعْطِيَك الْمَالَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَهَلَكَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ ، وَكَذَا الْوَصِيُّ لَوْ أَخَذَ الرَّهْنَ وَالْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارٌ .
الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا دَفَعَ الدَّيْنَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا كِتَابَةِ بَرَاءَةٍ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ لَا تَدْفَعْ إلَّا بِشُهُودٍ ، وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَشْهَدْت وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ .
لَوْ مَاتَ الطَّالِبُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْغَرِيمُ فَدَفَعَ الْمَالَ إلَى الْوَكِيلِ لَا يَبْرَأُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ ، وَلَوْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ إنْ ضَاعَ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُضَمِّنُهُ ، وَكَذَا لَوْ وُهِبَ الطَّالِبُ الْمَالَ أَوْ أَبْرَأَهُ ثُمَّ دَفَعَ إلَى الْوَكِيلِ ضَمِنَ إنْ عَلِمَ بِهِ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ .
لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ كُنْت قَبَضْت الْمَالَ حَالَ حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَسَلَّمْته إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِحُجَّةٍ .
وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى أَبِي الْوَكِيلِ أَوْ ابْنِهِ ، أَوْ عَبْدِهِ ، أَوْ وَكَّلَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ فَقَالَ : أَخَذْت وَهَلَكَ عِنْدِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَقَوْلُهُ وَمِنْ عَبْدِهِ إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ ، وَفِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ عَبْدِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ ، أَوْ لَا .
إذَا قَالَ الْمَأْمُورُ فِي بَيْعِهِ الْجَارِيَةَ بَعْدَمَا قَبَضَ الثَّمَنَ بِعْت وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَسَلَّمْته إلَى الْمَالِكِ ، أَوْ هَلَكَ عِنْدِي قَبْلَ قَوْلِهِ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ ، وَلَكِنْ تُبَاعُ الْجَارِيَةُ فَيُوفِي ثَمَنَ الْمُشْتَرِي وَالنُّقْصَانُ عَلَى الْوَكِيلِ ، وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَهُوَ لِلْآمِرِ ، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ دَفَعَ الْجَارِيَةَ إلَى الْمَأْمُورِ ، وَقَالَ إنَّهُ بَاعَهَا وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ أَوْ دَفَعَهُ إلَى الْآمِرِ فَأَنْكَرَ الْمَالِكُ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
الرَّسُولُ بِالتَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ فِي الْقَبْضِ وَلَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ إجْمَاعًا .
إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَجَاءَ الْوَكِيلُ ، وَقَالَ قَضَيْت فَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ لَكِنْ قَالَ لَا أَدْفَعُ إلَيْكَ مَخَافَةَ أَنَّ الْقَابِضَ لَوْ جَاءَ وَأَنْكَرَ يَأْخُذُهُ مِنِّي ثَانِيًا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَيُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْقَضَاءِ لِلْوَكِيلِ ، فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ جَاءَ رَبُّ الدَّيْنِ وَأَنْكَرَ الِاقْتِضَاءَ قَبَضَ مِنْ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِمَا أَدَّى ، وَإِنْ كَانَ صَدَّقَهُ .
رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ أَلْفًا لِرَجُلٍ فَقَالَ الْمَأْمُورُ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلْت وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُ الْمَالِ وَحَلَفَ يَرْجِعُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْآمِرِ لَكِنْ لَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ مِنْ بُيُوعِ الْجَامِعِ وَذَكَرَ فِي الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ يَرْجِعُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدْيُونِ بِالدَّيْنِ وَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْمَدْيُونِ بِمَا قَضَى .
أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ الَّذِي لِفُلَانٍ عَلَيْهِ فَقَضَاهُ ثُمَّ جَاءَ إلَى الْآمِرِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ : مَا كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ أَصْلًا وَلَا أَمَرْتُك أَنْ تَقْضِيَهُ وَلَا أَنْتَ قَضَيْت شَيْئًا ، وَاَلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ غَائِبٌ فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّائِنِ وَالْآمِرِ بِالْقَضَاءِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْمَالِ عَلَى الْآمِرِ ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبًا ؛ لِأَنَّ عَنْهُ خَصْمًا حَاضِرًا فَإِنَّ مَا يَدَّعِيه الْمَأْمُورُ عَلَى الْغَائِبِ سَبَبٌ لِثُبُوتِ مَا يَدَّعِيه عَلَى الْحَاضِرِ .
وَإِذَا أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ وَإِذَا أَمَرَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْهُ بِأَنْ قَالَ : اقْضِ عَنِّي دَيْنِي فَقَضَاهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ .
وَلَوْ قَالَ لَهُ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي أَوْ هَبْ فُلَانًا عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ ، مِنْ سِيَرِ خُوَاهَرْ زَادَهُ .
وَفِي هِبَةِ الْقُدُورِيِّ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ : عَوِّضْ الْوَاهِبَ عَنِّي ، أَوْ قَالَ : أَطْعِمْ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي ، أَوْ قَالَ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهُ : عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ ، أَمَّا الْمَأْمُورُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الْآمِرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَى الْآمِرِ الضَّمَانَ ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مَلَكَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ مُقَابِلًا بِمِلْكِ الْمَالِ فَالْمَأْمُورُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا دَفَعَ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الضَّمَانَ .
وَلَوْ قَالَ : ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفًا قَضَاءً وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا قَالَ عَلَى أَنَّهَا لَك عَلَى فَدَفَعَهَا الْمَأْمُورُ فَإِنْ كَانَ خَلِيطًا يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلِيطًا لَا يَرْجِعُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ : يَرْجِعُ عَلَيْهِ خَلِيطًا كَانَ أَوْ غَيْرَ خَلِيطٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ كَانَ أَمَرَ بِذَلِكَ وَلَدَهُ ، أَوْ أَخَاهُ كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ الْقَرِيبِ الَّذِي لَمْ يُخَالِطْ إلَّا أَنْ يَأْمُرَ إنْسَانًا فِي عِيَالِهِ مِنْ وَلَدٍ ، أَوْ زَوْجَةٍ ، أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ قَرِيبٍ ، أَوْ بَعِيدٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي عِيَالِهِ ، أَوْ امْرَأَةٌ أَمَرَتْ زَوْجَهَا فَدَفَعَهُ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيطِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ أَجِيرًا لَهُ وَكَذَلِكَ الشَّرِيكُ أَسْتَحْسِنُ هَذَا وَأَرَى هَؤُلَاءِ جَمِيعًا بِمَنْزِلَةِ الشَّرِيكِ وَالْخَلِيطِ وَكَذَلِكَ إنْ أَمَرَ الِابْنَ أَبَاهُ وَالِابْنُ كَبِيرٌ فِي عِيَالِ الْأَبِ .
إذَا قَالَ لِآخَرَ اقْضِ عَنِّي فُلَانًا ، أَوْ قَالَ لَهُ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ ، أَوْ قَالَ : ادْفَعْ عَلَى أَنَّ لَكَ عَلَيَّ فَأَدَّى الْمَأْمُورُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ وَيَكُونُ هَذَا إقْرَارًا بِهَذَا الْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ قَالَ اقْضِ فُلَانًا ، أَوْ قَالَ ادْفَعْ قَضَاءً وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي أَجْمَعُوا أَنَّ الْمَأْمُورَ إذَا كَانَ شَرِيكًا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَكَذَلِكَ الْخَلِيطُ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فِي السُّوقِ أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ بِأَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ وَكِيلَ الْآمِرِ ، أَوْ رَسُولِهِ يَأْتِيهِ فَيَبِيعُ مِنْهُ الْمَأْمُورُ ، أَوْ يُقْرِضُهُ ، أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ فِي عِيَالِ الْآمِرِ كَالزَّوْجِ يَأْمُرُ الزَّوْجَةَ ، وَالزَّوْجَةِ تَأْمُرُ زَوْجَهَا ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ لَا يَرْجِعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرْجِعُ ثُمَّ عِنْدَهُمَا هَلْ يَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ بِمَا دَفَعَ إنْ قَالَ لَهُ : اقْضِ ، أَوْ قَالَ : ادْفَعْ قَضَاءً ؟ لَا يَرْجِعُ ، وَإِنْ قَالَ : ادْفَعْ وَلَمْ يَقُلْ قَضَاءً رَجَعَ وَحُمِلَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِيدَاعِ مِنْ كَفَالَةِ عِصَامٍ .
أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ : اُنْقُدْ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَهُ عَلَيَّ أَوْ قَالَ : ادْفَعْ إلَيْهِ الَّذِي عَلَيَّ أَوْ قَالَ : أَعْطِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ ، أَوْ قَالَ أَوْفِهِ مَا لَهُ عَلَيَّ ، أَوْ قَالَ أَعْطِهِ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ ، أَوْ قَالَ اقْضِهِ مَا لَهُ عَلَيَّ ، أَوْ قَالَ : اقْضِهِ عَنِّي فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْآمِرِ وَقَوْلُهُ أَعْطِهِ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَالَ عَلَيْهِ ، وَلَوْ قَالَ : اُنْقُدْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ بِهَا أَوْ عَلَى أَنِّي كَفِيلٌ بِهَا ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا لَك ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا لَك عَلَيَّ ، أَوْ قِبَلِي فَهُوَ سَوَاءٌ ، وَإِذَا نَقَدَهَا رَجَعَ بِهَا عَلَى الْآمِرِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَقَدَ بِهَا مِائَةَ دِينَارٍ وَبَاعَهُ بِهَا جَارِيَةً أَوْ عَبْدًا ، أَوْ دَابَّةً ، أَوْ عَرَضًا وَقَبَضَهُ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْآمِرِ .
وَلَوْ أَمَرَ خَلِيطًا لَهُ بِأَنْ يَنْقُدَ فُلَانًا عَنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ جَيِّدَةٍ فَنَقَدَهُ أَلْفًا نَبَهْرَجَةً ، أَوْ غَلَّةً لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ إلَّا بِمِثْلِ مَا أَعْطَى ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِحُكْمِ الْإِقْرَاضِ ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ كَفِيلًا يَرْجِعُ بِأَلْفٍ جَيِّدَةٍ ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِحُكْمِ تَمَلُّكِهِ مَا فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ ، مِنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى .
وَفِي كَفَالَةِ الْأَشْبَاهِ مَنْ أَقَامَ بِوَاجِبٍ عَنْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ كَالْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَبِقَضَاءِ دَيْنِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ أَمَرَهُ بِتَعْوِيضٍ عَنْ هِبَتِهِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ عَنْ كَفَّارَتِهِ ، أَوْ بِأَدَاءِ زَكَاةِ مَالِهِ ، أَوْ بِأَنْ يَهَبَ فُلَانًا عَنِّي وَأَصْلُهُ فِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ انْتَهَى .
لَوْ أَمَرَ رَجُلًا لِيَقْضِيَ مِنْ دَيْنِهِ أَلْفًا فَقَضَى أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِأَلْفٍ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي الزِّيَادَةِ مِنْ بُيُوعٍ قَاضِي خَانْ .
قَالَ لِآخَرَ ادْفَعْ إلَى زَيْدٍ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ بِهَا وَزَيْدٌ حَاضِرٌ سَمِعَهُ فَدَفَعَهُ فَالْأَلْفُ قَرْضٌ لِلدَّافِعِ عَلَى الْآمِرِ وَزَيْدٌ وَكِيلُهُ بِقَبْضِهِ وَقَوْلُهُ سَمِعَهُ إذْ الْوَكَالَةُ لَا تَصِحُّ قَبْلَ الْعِلْمِ فَشَرَطَ حَضْرَتَهُ وَسَمَاعَهُ ، وَلَوْ أَهْلَكَهُ زَيْدٌ يَضْمَنُ ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : أَعْطِهِ .
وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْهُ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَهُوَ قَرْضٌ عَلَى زَيْدٍ وَالْآمِرُ ضَامِنٌ .
قَالَ لِخَلِيطِهِ ادْفَعْ إلَى زَيْدٍ أَلْفًا فَفَعَلَ ضَمِنَ الْآمِرُ لَا زَيْدٌ عَكْسُ أَقْرِضْ فَإِنَّ الْآمِرَ لَا يَضْمَنُ إذْ مَوْضِعُ الْخُلْطَةِ أَنْ لَا يَقْتَضِيَ ضَمَانَ التَّمَلُّكِ وَضَمَانُ الْقَرْضِ ضَمَانُ التَّمَلُّكِ فَيَجِبُ عَلَى الْقَابِضِ .
أَمَرَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ أَسِيرًا فَلَوْ قَالَ اشْتَرِهِ لِي ، أَوْ قَالَ مِنْ مَالِي رَجَعَ وَإِلَّا لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ خَلِيطًا .
مُتَقَبَّلُ الْحَمَّامِ وَالطَّاحُونَةِ لَيْسَ بِخَلِيطٍ هَكَذَا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ إذْ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ بَيْنَهُمَا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ .
الْأَمْرُ بِالْإِنْفَاقِ وَأَدَاءِ خَرَاجٍ وَصَدَقَاتٍ وَاجِبَةٍ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِلَا شَرْطٍ إلَّا رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
قَالَ لِغَيْرِهِ ابْنِ دَارِي ، أَوْ اقْضِ دَيْنِي أَوْ أَنْفِقْ عَلَى أَهْلِي ، أَوْ فِي بِنَاءٍ قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ لَا يَرْجِعُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
رَجُلٌ وَكَّلَهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي طَعَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ فَأَسْلَمَ لَهُمَا فِي عُقْدَةٍ جَازَ ، وَإِنْ خَلَطَ ثُمَّ أَسْلَمَ كَانَ السَّلَمُ لَهُ وَيَكُونُ ضَامِنًا بِالْخَلْطِ .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ فَأَمَرَهُ أَنَّ يُسْلِمَ لَهُ فِي حِنْطَةٍ فَأَسْلَمَ الْوَكِيلُ إنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ نَوَى السَّلَمَ لِنَفْسِهِ كَانَ السَّلَمُ لِلْوَكِيلِ وَيَضْمَنُ الدَّرَاهِمَ لِلْمُوَكِّلِ ، وَلَوْ تَكَاذَبَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ فِي النِّيَّةِ يُحَكَّمُ النَّقْدُ إنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ الْمُوَكِّلِ كَانَ لِلْمُوَكِّلِ ، وَإِنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ نَفْسِهِ كَانَ لَهُ ، وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُحَكَّمُ النَّقْدُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَكُونُ لِلْوَكِيلِ ، وَإِنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَكُونُ الْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ عِنْدَ الْكُلِّ .
الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَخَذَ السِّلْعَةَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَأَدَّاهَا لِلْمُوَكِّلِ فَلَمْ يَرْضَ وَرَدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ قِيمَةَ السِّلْعَةِ لِلْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ أَمَرَهُ بِالْأَخْذِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْأَمْرُ بِالشِّرَاءِ لَا يَكُونُ أَمْرًا بِالْأَخْذِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَ الْآمِرُ أَمَرَ بِالْأَخْذِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْوَكِيلِ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ .
رَجُلٌ أَمَرَ تِلْمِيذَهُ أَنْ يَبِيعَ الْأَمْتِعَةَ وَيَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى فُلَانٍ فَبَاعَ وَأَمْسَكَ الثَّمَنَ حَتَّى هَلَكَ لَا يَضْمَنُ بِتَأْخِيرِ الْأَدَاءِ .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَى بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ ، وَإِنْ اشْتَرَى بِتِسْعَةَ عَشَرَ مَا يُسَاوِي عِشْرِينَ لَزِمَ الْآمِرَ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُسَاوِي لَا يَلْزَمُ مِنْ بُيُوعِ قَاضِي خَانْ .
إذَا دَفَعَ عَبْدًا إلَى رَبِّ الدَّيْنِ ، وَقَالَ لَهُ : بِعْهُ وَخُذْ حَقَّك ، أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَنَانِيرَ وَقَالَ : اصْرِفْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا وَحَقُّهُ فِي الدَّرَاهِمِ فَبَاعَ ، أَوْ صَرَفَ وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ هَلَكَتْ عَلَى الْمَدْيُونِ مَا لَمْ يُحْدِثْ الدَّائِنُ فِيهَا قَبْضًا ، وَيَصِيرُ آخِذًا ، وَلَوْ قَالَ لَهُ : بِعْ الدَّنَانِيرَ بِحَقِّك فَفَعَلَ يَصِيرُ الْمَقْبُوضُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِقَبْضِهِ ، مِنْ الصُّغْرَى .
وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَقْبِضَهُ إلَّا جَمِيعًا فَقَبَضَ كُلَّهُ إلَّا دِرْهَمًا لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ عَلَى الْآمِرِ وَلِلطَّالِبِ أَنْ يَرْجِعَ بِكُلِّ حَقِّهِ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : لَا تَقْبِضْ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ مَعْنَاهُ لَا تَقْبِضْ مُتَفَرِّقًا فَلَوْ قَبَضَ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ لَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ مِنْ شَيْءٍ .
وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَقَبَضَ بَعْضَهَا جَازَ فَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ لَا يَقْبِضَهَا إلَّا جَمِيعًا فَقَبَضَ بَعْضَهَا ضَمِنَ وَلَمْ يَجُزْ الْقَبْضُ فَلَوْ قَبَضَ مَا بَقِيَ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكَ الْأَوَّلُ جَازَ الْقَبْضُ عَنْ الْمُوَكِّلِ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
الْوَكِيلُ يُصَدَّقُ فِي بَرَاءَتِهِ دُونَ الرُّجُوعِ فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدًا وَيَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ فَاشْتَرَى وَادَّعَى الزِّيَادَةَ وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ تَحَالَفَا وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا لِلتَّعَذُّرِ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْمُعَيَّنَةِ حَالَ قِيَامِهَا وَتَمَامُهُ فِي الْجَامِعِ .
وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنِ مُوَكِّلِهِ ، وَلَوْ كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً إلَّا إنْ ضُمِّنَ .
الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إنْ دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِهِ إلَّا فِيمَا إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَلَا رُجُوعَ .
الْمَأْمُورُ بِالشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ فِي الْجِنْسِ نَفَذَ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ بُيُوعِ الولوالجية الْأَسِيرُ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَخَالَفَ فِي الْجِنْسِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ .
الْوَكِيلُ إذَا سَمَّى لَهُ الْمُوَكِّلُ ثَمَنًا فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ نَفَذَ عَلَى الْوَكِيلِ إلَّا الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ لَزِمَ الْآمِرَ الْمُسَمَّى .
لَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مَلَكَ قَبْضَ بَعْضِهِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى أَنْ لَا يَقْبِضَ إلَّا الْكُلَّ مَعًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ غَاصِبًا ، أَوْ مَدْيُونًا كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ .
لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَجْهُولٍ إلَّا لِإِسْقَاطِ عَدَمِ الرِّضَا بِالتَّوْكِيلِ كَمَا بَيَّنَّا فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ ، مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ ، وَمِنْ التَّوْكِيلِ الْمَجْهُولِ قَوْلُ الدَّائِنِ لِمَدْيُونِهِ : مَنْ جَاءَك بِعَلَامَةِ كَذَا ، أَوْ مَنْ أَخَذَ أُصْبُعَك أَوْ قَالَ لَك كَذَا فَادْفَعْ إلَيْهِ مَا لِي عَلَيْك لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ مَجْهُولٌ فَلَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
الْوَكِيلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا يَدَّعِيه إلَّا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ إنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فِيمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَكَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا ، وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ عَزْلِهِ : بِعْته أَمْسِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ ، وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ : بِعْته مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتهَا وَهَلَكَتْ وَكَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُسْتَهْلِكًا الْكُلَّ ، مِنْ الولوالجية .
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْأُولَى فَلَوْ قَالَ : كُنْت قَبَضْته فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَدَفَعْته إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَقَدْ بُحِثَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ كَذَلِكَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِمَا فَرَّقَ بِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ نَفْيَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ انْتَهَى .
الْوَكِيلُ إذَا أَجَازَ فِعْلَ الْفُضُولِيِّ ، أَوْ وَكَّلَ بِهِ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَحَضَرَهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُضُورُ رَأْيِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِنَا الْوَكِيلُ يُصَدَّقُ فِي بَرَاءَتِهِ إلَى هُنَا ، مِنْ الْأَشْبَاهِ .
وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ دَفَعَ الْمَبِيعَ إلَى رَجُلٍ لِيَعْرِضَهُ عَلَى مَنْ أَحَبَّ فَهَرَبَ الرَّجُلُ بِالْمَبِيعِ ، أَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ قِيلَ لَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ كَانَ مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ أَمِينًا لَمْ يَضْمَنْ لِلرِّضَا بِهِ عَادَةً وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَعْرِضَهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَمْ يَضْمَنْ وَقِيلَ يَضْمَنُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ .
قِنٌّ مَحْجُورٌ كَسَبَ مَالًا فَشَرَى بِهِ بُرًّا وَأَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ وَسَلَّمَهُ وَغَابَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ .
لَوْ قَالَ وَكِيلُ الْبَيْعِ دَفَعْته مِنْ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَسَلَّمْته وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ ضَمِنَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقُمْقُمَةِ وَهِيَ دَفَعَ إلَيْهِ قُمْقُمَةً ، وَقَالَ لَهُ ادْفَعْهَا إلَى مَنْ يُصْلِحُهَا فَدَفَعَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ إلَى مَنْ دَفَعَهَا لَمْ يَضْمَنْ .
وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ سَافَرَ بِمَا أُمِرَ بِبَيْعِهِ ضَمِنَ .
وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ خَالَفَ بِأَنْ اسْتَعْمَلَهُ حَتَّى صَارَ ضَامِنًا ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ يَبْرَأُ كَالْمُودَعِ ، وَالْوَكَالَةُ بَاقِيَةٌ فِي بَيْعِهِ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
الْوَكِيلُ إذَا قَالَ بِعْته مِنْ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَسَلَّمْته إلَيْهِ وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ يَضْمَنُ .
قَالَ الْآخَرُ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِعَبْدِك هَذَا فَفَعَلَ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْمُوَكِّلِ وَيَصِيرُ الْمُوَكِّلُ مُسْتَقْرِضًا لِعَبْدِ الْوَكِيلِ قَالَ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ اسْتِقْرَاضُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالتَّسْلِيمِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَضْمَنُ الْمُوَكِّلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَهُ .
التَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ صَحِيحٌ كَالتَّوْكِيلِ إلَى الْحَصَادِ وَغَيْرِهِ وَبَعْدَ صِحَّتِهِ يَكُونُ شِرَاءُ الْوَكِيلِ كَشِرَاءِ الْمُوَكِّلِ وَقَبْضِ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ فَيَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ .
دَفَعَ إلَيْهِ دِرْهَمًا وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِنِصْفِهِ لَحْمًا وَبِنِصْفِهِ خُبْزًا فَاشْتَرَى بِنِصْفِهِ لَحْمًا وَأَخَذَ بِالنِّصْفِ فُلُوسًا فَاشْتَرَى بِهَا الْخُبْزَ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَيَضْمَنُ النِّصْفَ ، وَالسَّبِيلُ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ اللَّحْمَ وَالْخُبْزَ مِنْ الْقَصَّابِ وَالْخَبَّازِ وَيَدْفَعَ الدِّرْهَمَ إلَيْهِمَا ، أَوْ يَشْتَرِيَ الْخَبَّازُ لَحْمًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ ، أَوْ الْقَصَّابُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ خُبْزًا وَيَبِيعَهَا إيَّاهُ بِدِرْهَمٍ كَذَا ذَكَر فِي تَنْبِيهِ الْمُجِيبِ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ سِوَى هَذَا .
أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَاشْتَرَى مَعَ الْجُحُودِ ثُمَّ أَقَرَّ فَالْعَبْدُ لِلْآمِرِ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ : الْوَكِيلُ يَبِيعُ الْعَبْدَ إذَا جَحَدَ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَقَرَّ فَبَاعَهُ جَازَ وَبَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ ، وَكَذَا الْمَأْمُورُ بِالْهِبَةِ وَالْإِعْتَاقِ ، وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ أَوْ أَعْتَقَهُ ، أَوْ وَهَبَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ الْبَيْعِ فَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ شِرَاءُ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ الْآمِرَ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَضَعَ الْمَتَاعَ فِي دُكَّانِهِ ثُمَّ قَامَ وَاسْتَحْفَظَ جَارَهُ وَضَاعَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحْفِظُ فِي عِيَالِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَارِ إنْ لَمْ يُضَيِّعْهُ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي الْحِفْظِ جَرَتْ عَادَةُ حَاكَّةِ الرُّسْتَاقِ إنَّهُمْ يَبْعَثُونَ الْكَرَابِيسَ إلَى مَنْ يَبِيعُهَا لَهُمْ فِي الْبَلَدِ وَيَبْعَثُ بِأَثْمَانِهَا إلَيْهِمْ بَيْدَ مَنْ شَاءَ وَيَرَاهُ أَمِينًا فَإِذَا بَعَثَ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْكَرَابِيسِ بِيَدِ شَخْصٍ ظَنَّهُ أَمِينًا وَأَبَقَ ذَلِكَ الرَّسُولُ لَا يَضْمَنُ الْبَاعِثُ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعَادَةُ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ ، قَالَ أُسْتَاذُنَا : وَبِهِ أُجِيبُ أَنَا وَغَيْرِي ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
التَّوْكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ صَحِيحٌ وَيَبْرَأُ الْمَطْلُوبُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَلَوْ وَكَّلَهُ يَقْبِضُ الدَّيْنِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمَطْلُوبِ يَبْرَأُ الْمَطْلُوبُ بِالدَّفْعِ حَتَّى يَعْلَمَ بِالْعَزْلِ ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْهُ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ بَعْدَ الْعَزْلِ قَبْلَ عِلْمِ الْمَطْلُوب بِهِ .
وَتَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْتَ وَكِيلِي فِي قَبْضِ دُيُونِي .
وَلَوْ قَالَ : أَنْتَ وَكِيلِي فِي قَبْضِ كُلِّ دَيْنٍ لِي وَلَا دَيْنَ لَهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ حَدَثَ يَمْلِكُ قَبْضَهُ اسْتِحْسَانًا .
أَخَذَ الطَّالِبُ كَفِيلًا بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَكَالَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ الْقَبْضُ مِنْ الْكَفِيلِ وَلَوْ أَخَذَ الْكَفِيلُ بَعْدَ الْوَكَالَةِ قَبْضَهُ مِنْ الْكَفِيلِ .
الْوَكِيلُ يَقْبِضُ الدَّيْنَ لَوْ أَخَذَ كَفِيلًا جَازَ قُلْتُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ إذَا قِيلَ : الْحَوَالَةُ لَا تَجُوزُ .
الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ أَبِي الْوَكِيلِ ، أَوْ ابْنِهِ ، أَوْ مِنْ مَوْلَاهُ أَوْ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي الْقَبْضِ وَالْهَلَاكِ وَقِيلَ : إنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمَوْلَى بِقَبْضِ الدَّيْنِ عَنْ عَبْدِهِ .
اخْتَلَفَا فِي الْأَمْرِ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ .
لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ : بِعْته مِنْ هَذَا وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَهَلَكَ فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي جَازَ ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ لَا يَجُوزُ لَوْ مَاتَ الْآمِرُ فَقَالَ وَرَثَتُهُ : لَمْ تَبِعْهُ ، وَقَالَ الْوَكِيلُ : بِعْته مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَهَلَكَ فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا لَمْ يُصَدَّقْ الْوَكِيلُ وَيَرُدُّ الْمَبِيعُ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ مَعَ يَمِينِهِ اسْتِحْسَانًا .
لَوْ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الشِّرَاءِ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ وَيَرْجِعُ بِمِثْلِهِ عَلَى الْآمِرِ فَإِنْ قَبَضَ وَهَلَكَ ثَانِيًا لَمْ يَرْجِعْ وَالْمُضَارِبُ يَرْجِعُ أَبَدًا .
لَوْ قَالَ : اشْتَرِ لِي بِهَذَا الْأَلْفِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ حَتَّى هَلَكَ فَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ جَازَ عَلَى الْآمِرِ عَلِمَ بِالْهَلَاكِ أَمْ لَا .
وَكَّلَهُ بِتَقَاضِي دَيْنِهِ فَوَكَّلَ غَيْرَهُ فَقَبَضَ لَا يَبْرَأُ الْمَطْلُوبُ إلَّا إذَا كَانَ الثَّانِي مِنْ عِيَالِ الْأَوَّلِ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ لِظُهُورِ الْخِيَانَةِ لِلْوُكَلَاءِ ، وَقَدْ يُوثَقُ عَلَى الْخُصُومَةِ مَنْ لَا يُوثَقُ عَلَى الْمَالِ وَنَظِيرُهُ الْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى أَصْلِ الرِّوَايَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنْ لَا يَمْلِكَ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَكَّلَ الْمَرِيضُ رَجُلًا بِبَيْعِ هَذَا الْمَالِ ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ الْوَكِيلُ : بِعْت وَاسْتَوْفَيْت الثَّمَنَ وَدَفَعْته إلَى الْوَارِثِ ، أَوْ قَالَ : ضَاعَ الثَّمَنُ يُصَدَّقُ إنْ كَانَ الْمَرِيضُ حَيًّا ، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا لَا يُصَدَّقُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَيُصَدَّقُ إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ وَهُوَ حَيٌّ لَا يُصَدَّقُ ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَرِيضُ ، وَكَذَا فِي الْإِقْرَارِ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ مَعَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ ، وَقَالَا : يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إلَّا مِنْ عَبْدِهِ ، أَوْ مُكَاتَبِهِ ، وَالْإِجَارَةُ وَالصَّرْفُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ .
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِأَلْفٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ فَالْأَلْفَانِ كُلُّهُ لِلْمُوَكِّلِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ : اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بَيْنِي وَبَيْنَك فَقَالَ الْمَأْمُورُ : نَعَمْ ، فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ عِنْدِهِ لَقِيَهُ رَجُلٌ آخَرُ وَقَالَ : اشْتَرِهِ بَيْنِي وَبَيْنَك فَقَالَ الْمَأْمُورُ : نَعَمْ فَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ ذَلِكَ الْعَبْدَ كَانَ لِلْآمِرِ الْأَوَّلِ نِصْفُهُ وَلِلْآمِرِ الثَّانِي نِصْفُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي هَذَا إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ قَالَ لَهُ الثَّانِي ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالْآمِرِ الثَّانِي نِصْفَيْنِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ ، وَلَوْ لَقِيَهُ ثَالِثٌ وَقَالَ اشْتَرِهِ بَيْنِي وَبَيْنَك وَذَلِكَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَقَالَ : نَعَمْ ، فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَلَيْسَ لِلثَّالِثِ شَيْءٌ كَذَا فِي الشَّرِكَةِ ، مِنْ قَاضِي خَانْ .
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَضَحٍ فَوَكَّلَ آخَرَ بِقَبْضِهِ مِنْهُ وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ وَصِيٌّ فَقَبَضَ الْوَكِيلُ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ غَلَّةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا غَلَّةٌ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ ، وَلَوْ ضَاعَتْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ ضَمِنَهَا الْوَكِيلُ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ لَوْ قَبَضَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا غَلَّةٌ فَقَبْضُهُ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَأْخُذَ وَضَحًا فَإِنْ ضَاعَتْ فِي يَدِهِ فَكَأَنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ يَدِ الْآمِرِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
دَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الدَّائِنِ عَبْدًا وَقَالَ : لَهُ بِعْهُ وَخُذْ حَقَّك مِنْ ثَمَنِهِ ، أَوْ دَنَانِيرَ وَقَالَ : اصْرِفْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا وَحَقُّهُ فِي الدَّرَاهِمِ فَبَاعَ أَوْ صَرَفَ وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ وَهَلَكَتْ هَلَكَتْ عَلَى الْمَدْيُونِ مَا لَمْ يُحْدِثْ الدَّائِنُ فِيهَا قَبْضًا ، وَبِمِثْلِهِ لَوْ قَالَ : بِعْهُ بِحَقِّك ، أَوْ قَالَ بِعْ الدَّنَانِيرَ بِحَقِّك فَفَعَلَ يَصِيرُ الْمَقْبُوضُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِقَبْضِهِ .
قَالَ لِآخَرَ أَقْرِضْ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقْرَضَهُ لَا يَضْمَنُ الْآمِرُ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ خَلِيطًا لَهُ ، أَوْ لَمْ يَكُنْ ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنْ يُعَوِّضَ الْوَاهِبَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِي بِطَعَامِك أَوْ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي بِمَالِك ، أَوْ أَحْجِجْ عَنِّي رَجُلًا بِمَالِك ، أَوْ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا عَنْ ظِهَارِي وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَقَدْ مَرَّ نَحْوُهَا عَنْ قَرِيبٍ .
وَكَّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً عَلَى أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِهِ وَيُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا لِلْإِنْفَاقِ بَلْ أَطْلَقَ لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فَطَالَبَتْهُ الْوَرَثَةُ بِبَيَانِ مَا أَنْفَقَ وَمَصْرِفَهُ فَإِذَا كَانَ عَدْلًا لَا يُصَدَّقُ فِيمَا قَالَ ، وَإِنْ اتَّهَمُوا حَلَّفُوهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيَانُ جِهَاتِ الْإِنْفَاقِ قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ إنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ عَنْ الضَّمَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ، وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ .
دَفَعَ إلَيْهِ قَدْرًا لِيَدْفَعَ إلَى فُلَانٍ مِنْ الزَّكَاةِ فَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ فَدَفَعَهُ الْآخَرُ إلَى ذَلِكَ الْفَقِيرِ أَجْزَأَهُ وَخَرَجَ الْوَكِيلُ عَنْ الضَّمَانِ .
وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَدْلِيَّاتٍ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى كُلِّ فَقِيرٍ بِأَرْبَعِ عَدْلِيَّاتٍ فَتَصَدَّقَ عَلَى كُلِّ فَقِيرٍ بِعَدْلَيْنِ فَهُوَ ضَامِنٌ .
دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا لِيَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ ، أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَتَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ وَعَمَلِهِ يَجُوزُ .
وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ مُعَيَّنٍ فَدَفَعَهُ إلَى فَقِيرٍ آخَرَ لَا يَضْمَنُ ، وَفِي الزَّكَاةِ يَضْمَنُ وَلَهُ التَّعْيِينُ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فِي الْيَوْمِ فَلَهُ قَبْضُهَا غَدًا ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِهَا غَدًا لَا يَمْلِكُ قَبْضَهَا الْيَوْمَ إذَا ذَكَرَ الْيَوْمَ لِلتَّعْجِيلِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي بِهِ السَّاعَةَ فَإِذَا ثَبَتَتْ وَكَالَتُهُ السَّاعَةَ دَامَتْ ضَرُورَةً وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وَكَالَةِ الْغَدِ وَكَالَةُ الْيَوْمِ لَا صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً ، وَكَذَا لَوْ قَالَ اقْبِضْهُ السَّاعَةَ فَلَهُ قَبْضُهُ بَعْدَهَا ، أَوْ قَالَ : اقْبِضْهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ فَقَبَضَهُ بِغَيْبَتِهِ جَازَ ، أَوْ قَالَ : اقْبِضْهُ بِشُهُودٍ فَلَهُ قَبْضُهُ بِدُونِهِمْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا تَقْبِضْهُ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ حَيْثُ لَا يَمْلِكُ قَبْضَهُ بِدُونِهِ إذْ نَهَى عَنْ قَبْضِهِ وَاسْتَثْنَى قَبْضًا بِمَحْضَرٍ مِنْهُ .
قَبَضَ دَيْنَهُ بِوَكَالَةٍ فَهُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَ الْكُلِّ فَلَوْ سَافَرَ بِهِ ، أَوْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ ، أَوْ وَضَعَهُ عِنْدَ مَنْ فِي عِيَالِهِ كَخَادِمٍ ، أَوْ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ ، وَلَوْ أَوْدَعَهُ غَيْرَهُ ضَمِنَ .
الْوَكِيلُ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ فَلَوْ قَالَ قَبَضْته فِي حَيَاةِ مُوَكِّلِي وَدَفَعْته إلَيْهِ صَدَقَ .
الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ لَوْ وَكَّلَ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ بِقَبْضِ ذَلِكَ جَازَ إذْ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْوَكِيلِ فَلَهُ تَفْوِيضُهُ إلَى غَيْرِهِ ، لَكِنْ الْوَكِيلُ يَضْمَنُ لِلْآمِرِ ، لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ وَكِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ كَقَبْضِهِ بِنَفْسِهِ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ .
وَكِيلٌ قَبَضَ الدَّيْنَ لَوْ قَالَ : قَبَضْته فَتَلِفَ ، أَوْ دَفَعْته إلَى رَبِّهِ بَرِئَ الْغَرِيمُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الطَّالِبِ .
وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ الثَّمَنَ يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ نَفْسِهِ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ وَكِيلَ الْبَيْعِ أَصِيلٌ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ لِعَوْدِ الْحُقُوقِ إلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحِلِّهِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ كَمَا مَرَّ فَكَانَ مُقِرًّا بِمَا لَهُ تَسْلِيطُهُ فَصَحَّ بِخِلَافِ وَكِيلِ الْقَبْضِ إذْ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ فَكَانَ مُقِرًّا بِمَا لَيْسَ لَهُ تَسْلِيطُهُ فَلَغَا .
وَكِيلٌ قَبَضَ الْوَدِيعَةَ قَالَ لَهُ الْمُودَعُ : دَفَعْته إلَيْك وَالْوَكِيلُ يُنْكِرُ صُدِّقَ الْمُودَعُ فِي حَقِّ دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ لَا فِي إلْزَامِ الضَّمَانِ عَلَى الْوَكِيلِ .
وَكِيلٌ بِخُصُومَةٍ ، أَوْ قَبْضِ دَيْنٍ قَالَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ قَبَضْت وَدَفَعْت إلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا ، وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ وَمُوَكِّلُهُ قَدْ اسْتَثْنَى إقْرَارَهُ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ .
وَكَّلَهُ بِإِيدَاعٍ قِنِّهِ زَيْدًا فَقَالَ : لَهُ أَوْدَعَك فُلَانٌ هَذَا فَقَبِلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ إذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالرَّدِّ فَيَصِيرَ كَرَدِّهِ إلَى أَجْنَبِيٍّ قِيلَ : هَذَا عَلَى اخْتِلَافِ مُودِعِ الْمُودَعِ يَبْرَأُ الْقَابِضُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيلَ : هَذَا عَلَى الْوِفَاقِ إذْ الرَّدُّ فَسْخٌ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ فَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَمَرَك فُلَانٌ أَنْ تَسْتَخْدِمَهُ ، أَوْ تَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَقَبِلَ فَهَلَكَ الْقِنُّ يَبْرَأُ الْوَكِيلُ ، وَلَوْ كَذَبَ وَيَضْمَنُ الْمُودَعُ وَإِنَّمَا يَبْرَأُ الْوَكِيلُ ؛ لِأَنَّهُ مُشِيرٌ فَإِنْ قِيلَ هَلَّا يَضْمَنُ بِالْغُرُورِ قُلْنَا الْغُرُورُ وَإِنَّمَا يَتَمَكَّنُ فِي الْعَقْدِ وَلَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَصِيرَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ .
وَكَّلَهُ بِقَبْضِ بُرٍّ لَهُ عَلَى آخَرَ فَقَبَضَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ جَازَ إذْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَا قَبَضَ حَقَّهُ ، وَلَوْ لَا عَيْبَ فَاسْتَأْجَرَ لِحَمْلِهِ إلَى بَيْتِ الْآمِرِ فَلَوْ فِي الْمِصْرِ لَزِمَ الْآمِرَ كِرَاؤُهُ اسْتِحْسَانًا إذْ الظَّاهِرُ فِي الْمِصْرِ أَنَّ الْآمِرَ بِالْقَبْضِ آمِرٌ بِالْحَمْلِ إلَيْهِ وَالْمُؤْنَةُ فِي خَارِجِ الْمِصْرِ كَثِيرٌ فَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِقَبْضِهِ أَمْرًا بِحَمْلِهِ إلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الْكِرَاءُ عَلَى الْآمِرِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ لَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ رَقِيقٍ ، أَوْ دَوَابَّ فَأَنْفَقَ لِلرَّعْيِ وَالْكِسْوَةِ وَطَعَامِهِمْ كَانَ مُتَبَرِّعًا .
وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَوْ وُهِبَ الدَّيْنَ مِنْ الْغَرِيمِ ، أَوْ أَبْرَأهُ ، أَوْ أَخَّرَهُ ، أَوْ أَخَذَ بِهِ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِهِ وَالْأَصْلُ أَنَّ وَكِيلَ الْقَبْضِ إنَّمَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْهُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْبِضَ جِنْسَ الْحَقِّ بِصِفَتِهِ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ وَأَمَّا كُلُّ مَا لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ إذَا عَرَضَهُ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ ذَلِكَ كَاسْتِبْدَالٍ وَشِرَاءٍ بِدَيْنٍ .
قَالَ لِرَجُلٍ حَرِّرْ قِنِّي ، أَوْ دَبِّرْهُ ، أَوْ كَاتِبْهُ ، أَوْ هَبْهُ مِنْ زَيْدٍ ، أَوْ بِعْهُ مِنْهُ ، أَوْ طَلِّقْ امْرَأَتِي ، أَوْ ادْفَعْ هَذَا الثَّوْبَ إلَى فُلَانٍ فَقَبِلَهُ وَغَابَ مُوَكِّلُهُ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا فِي دَفْعِ الثَّوْبِ إلَيْهِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الثَّوْبَ لَهُ فَيَجِبُ دَفْعُهُ إلَيْهِ .
وَكَّلَ الْغَاصِبُ ، أَوْ الْمُسْتَعِيرُ رَجُلًا لِيَرُدَّ الْمَأْخُوذَ عَلَى مَالِكِهِ حَيْثُ اسْتَعَارَهُ ، أَوْ غَصَبَهُ فِيهِ وَغَابَ مُوَكِّلُهُ لَا يُجْبَرُ وَكِيلُهُ عَلَى حَمْلِهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ دَفْعُهُ حَيْثُ وَجَدَهُ .
وَفِي الْإِيضَاحِ رَبُّ الْمَتَاعِ لَوْ أَخَذَ مِنْ الْغَاصِبِ ، أَوْ الْمُسْتَعِيرِ كَفِيلًا بِرَدِّهِ يَصِحُّ وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّدِّ كَالْأَصِيلِ وَإِذَا رَدَّ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِأَجْرِ عَمَلِهِ إذْ الْكَفِيلُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِمِثْلِ مَا أَدَّى وَبِمِثْلِ أَجْرِ عَمَلِهِ ، وَلَوْ أَخَذَ وَكِيلًا بِذَلِكَ لَا كَفِيلًا فَإِنَّهُ يَدْفَعُهُ حَيْثُ وَجَدَهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى حَمْلِهِ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمُتَبَرَّعِ بِهِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ إذَا الْتَزَمَ ذَلِكَ ، وَالْوَكِيلُ لَمْ يَضْمَنْ الرَّدَّ وَإِنَّمَا وَعَدَهُ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّبَرُّعِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ ، وَكَذَا الْمَأْمُورُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يُجْبَرُ وَيُخَيَّرُ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ لَا يُجْبَرُ خِزَانَةً .
بَاعَ مَالًا بِوَكَالَةٍ فِي بَلَدٍ نَسِيئَةً لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ لِيَقْضِيَ الثَّمَنَ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُوَكِّلَ الْمَالِكَ إمَّا بِشُهُودٍ يَخْرُجُونَ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ ، أَوْ بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى قَاضِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ .
وَلَوْ وَكَّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ أَنَّهُ يُخَاصِمُ وَيُخَاصَمُ ثُمَّ إنَّ جَمَاعَةً بَرْهَنُوا أَنَّ لَهُمْ عَلَى مُوَكِّلِهِ مَالًا لَا يُحْبَسُ بِهِ وَكِيلُهُ إذْ لَمْ تَنْتَظِمْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ الْأَمْرَ بِالْأَدَاءِ ، أَوْ بِالضَّمَانِ قَاضِي خَانْ .
وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ عِنْدَ النَّاسِ وَمَعَهُمْ وَعَلَيْهِمْ ، وَفِي أَيْدِيهِمْ وَبِحَبْسِ مَنْ يَرَى حَبْسَهُ وَتَخْلِيَةً عَنْهُ لَوْ رَأَى ذَلِكَ وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ أَنَّهُ يُخَاصِمُ وَيُخَاصَمُ ثُمَّ إنَّ قَوْمًا بَرْهَنُوا أَنَّ لَهُمْ عَلَى مُوَكِّلِهِ مَالًا فَلَا يُحْبَسُ بِهِ وَكِيلُهُ ؛ لِأَنَّهُ جَزَاءُ الظُّلْمِ وَلَمْ يَظْلِمْ إذْ لَيْسَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَمْرٌ بِأَدَاءِ الْمَالِ وَلَا ضَمَانِ الْوَكِيلِ عَنْ آمِرِهِ ، فَإِذَا لَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَضْمَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ فَلَمْ يَظْلِمْ بِامْتِنَاعِهِ عَنْ الْأَدَاءِ قَالَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِ آمِرِهِ يُجْبَرُ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ .
وَفِيهِ أَيْضًا اكْتَرَى جِمَالًا وَحَمَلَ عَلَيْهَا وَأَمَرَ الْجَمَّالَ بِدَفْعِ الْحِمْلِ إلَى وَكِيلِهِ بِبَلْخٍ وَقَبَضَ كِرَائِهِ مِنْهُ فَجَاءَ بِهِ إلَيْهِ فَقَبِلَ الْوَكِيلُ الْحَمْلَ وَأَدَّى بَعْضَ الْكِرَاءِ لَا الْبَعْضَ قَالُوا لَوْ لِلْمَالِكِ دَيْنٌ عَلَى الْوَكِيلِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ وَبِأَمْرِهِ يُجْبَرُ عَلَى بَقِيَّةِ كِرَائِهِ ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْآمِرُ فَلِلْجَمَّالِ تَحْلِيفُهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَالِكَ أَمَرَهُ بِقَبْضِهِ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ دَيْنٌ عَلَى وَكِيلِهِ لَا يُجْبَرُ ، قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهَذَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ دَيْنٌ عَلَى وَكِيلِهِ وَكَانَتْ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ قَوْلِنَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فِي الْيَوْمِ إلَى هُنَا ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ إذَا امْتَنَعَ عَنْ فِعْلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مُتَبَرِّعًا إلَّا فِي مَسَائِلَ إذَا وَكَّلَهُ فِي دَفْعِ عَيْنٍ وَغَابَ لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ إلَيْهِ وَالْمَغْصُوبُ وَالْأَمَانَةُ سَوَاءٌ ، وَفِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ ، وَفِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي وَغَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمِنْ فُرُوعِ الْأَصْلِ لَا جَبْرَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْهِبَةِ مِنْ فُلَانٍ وَالْبَيْعِ مِنْهُ وَطَلَاقِ فُلَانَةَ وَقَضَاءِ دَيْنِ فُلَانٍ إذَا غَابَ الْمُوَكِّلُ وَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أَجْرٍ عَلَى تَقَاضِي الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُحِيلُ الْمُوَكِّلُ وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنِ مُوَكِّلِهِ ، وَلَوْ كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً إلَّا إذَا ضَمِنَ انْتَهَى .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ شَيْئًا لِيَبِيعَهُ وَيَدْفَعَ ثَمَنَهُ إلَى زَيْدٍ فَجَاءَ صَاحِبُ الْمَالِ يَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْ زَيْدٍ فَقَالَ زَيْدٌ لَمْ يَدْفَعْ الْبَائِعُ إلَيَّ الثَّمَنَ فَقَالَ الْبَائِعُ دَفَعْت إلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ بَائِعًا بِلَا أَجْرٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ بَائِعًا بِأَجْرٍ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ أَمِينٌ فَكَذَلِكَ الثَّمَنُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى زَيْدٍ ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْبَائِعِ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ .
رَجُلٌ غَابَ وَأَمَرَ تِلْمِيذَهُ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ وَيُسَلِّمَ ثَمَنَهَا إلَى فُلَانٍ فَبَاعَ وَأَمْسَكَ الثَّمَنَ عِنْدَهُ حَتَّى هَلَكَ لَا يَضْمَنُ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ لَا تَدْفَعْ الْعَبْدَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا دَفَعَ الْعَيْنَ إلَى الْمُسْتَلِمِ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى بَيْتِهِ وَيَعْرِضَهُ عَلَى أَهْلِهِ فَضَاعَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا ، وَفِي الْقِيَاسِ يَضْمَنُ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ بُيُوعِ الْخُلَاصَةِ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَعْرِضَ الْعَيْنَ عَلَى مَنْ كَانَ أَهْلًا ، أَوْ عَلَى مَنْ أَحَبَّ فَغَابَ الْأَجِيرُ ، أَوْ ضَاعَ فِي يَدِ الْأَجِيرِ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ .
الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا كَسَبَ مَالًا وَاشْتَرَى بِهِ وَقَرَّ حِنْطَةً وَأَمَرَ إنْسَانًا بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ وَغَابَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ وَأَمْرُ الْمَحْجُورِ بَاطِلٌ فَقَدْ قَبَضَ هُوَ مَالَ مَوْلَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَلَوْ طَلَبَ الْعَبْدُ الضَّمَانَ لَهُ ذَلِكَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إلَى الْغَاصِبِ .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ قُمْقُمَةً وَقَالَ لَهُ ادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ لِيُصْلِحَهَا ثُمَّ نَسِيَ الْمَأْمُورُ وَلَا يَدْرِي إلَى مَنْ دَفَعَهَا لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ وَضَعَهَا فِي دَارِهِ وَنَسِيَهَا .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا وَبَيَّنَ نَوْعَهُ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهِ وَأَنْفَقَ الْبَعْضَ فِي الْحَمْلِ وَالْكِرَاءِ لَا يَضْمَنُ ، وَلَوْ اشْتَرَى بِالْكُلِّ وَأَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ صَارَ مُتَطَوِّعًا .
وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ كُرِّ حِنْطَةٍ مِنْ الْفُرَاتِ فَاشْتَرَاهُ فَاسْتَأْجَرَ بَعِيرًا فَحَمَلَهُ فَالْكِرَاءُ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ فِي السُّوقِ فَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْمِلُهُ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
دَفَعَ إلَى رَجُلٍ بَعِيرًا يُؤَاجِرُهُ وَيَأْخُذُ مِنْ أُجْرَةٍ شَيْئًا وَأَخَذَهُ فَعَمِيَ الْبَعِيرُ عِنْدَهُ فَبَاعَهُ وَأَخَذَ بِالثَّمَنِ شَيْئًا فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ أَعْمَى ، وَلَا حَاكِمَ ثَمَّةَ لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ ، أَوْ يَجِدُ حَاكِمًا يَرْفَعُ إلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ .
أَمَرَهُ أَنْ يَكْتَرِيَ حِمَارًا إلَى كَذَا فَفَعَلَ فَأَدْخَلَ الْكَرْيَ فِي الرِّبَاطِ بَعْدَمَا فَرَغَ فَسُرِقَ مِنْ الرِّبَاطِ لَا يَضْمَنُ ، مِنْ إجَارَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَبِحَمْلِ الدَّرَاهِمِ إلَيْهِ إنْ بَاعَ وَحَمَلَ الدَّرَاهِمَ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَجَعَلَهَا فِي بَرْدَعَةِ الْحِمَارِ وَنَزَلَ فِي رِبَاطِ الْقَافِلَةِ فَسُرِقَ الْحِمَارُ مَعَ الْبَرْدَعَةِ وَالدَّرَاهِمِ وَقَدْ حَمَلَ بِغَيْرِ أَجْرٍ قَالُوا لَا يَضْمَنُ مِنْ بُيُوعِ الْخُلَاصَةِ .
الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا قَالَ بِعْت وَسَلَّمْت قَبْلَ الْعَزْلِ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ الْعَزْلِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مُسْتَهْلَكًا ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ مِنْ إضَافَةِ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ ، مِنْ الْأَشْبَاهِ .
وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ الْمَدْيُونِ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْوَكِيلِ فِي الْمَبِيعِ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِمَّا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ .
الْوَكِيلُ يَرْجِعُ بِضَمَانِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ .
وَكَّلَ رَجُلًا لِيَسْتَأْجِرَ لَهُ دَارًا مُعَيَّنَةً فَاسْتَأْجَرَ وَقَبَضَهَا وَمَنَعَهَا مِنْ الْآمِرِ أَوَّلًا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَالْأَجْرُ عَلَى الْوَكِيلِ ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَرَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقَبْضِ نَائِبٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي حَقِّ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَصَارَ قَابِضًا لَهُ حُكْمًا فَإِنْ شَرَطَ الْوَكِيلُ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ وَقَبَضَ الدَّارَ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطْلُبْهَا الْآمِرُ مِنْهُ رَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ صَارَ قَابِضًا بِقَبْضِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْمَنْعُ ، وَلَوْ طَلَبَهَا فَأَبَى حَتَّى تَعَجَّلَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَبَسَ الدَّارَ مِنْ الْآمِرِ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ خَرَجَتْ يَدُ الْوَكِيلِ مِنْ أَنْ تَكُونَ يَدَ نِيَابَةٍ فَلَمْ يَصِرْ الْمُوَكِّلُ قَابِضًا حُكْمًا وَلَمْ تَصِرْ الْمَنَافِعُ حَادِثَةً فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ مِنْ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ نَقْلًا عَنْ الْكَافِي .
لَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ هَذِهِ فِي الْإِجَارَةِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ ، وَفِيهَا أَيْضًا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُؤَجِّرَ دَارِهِ ، أَوْ أَرْضَهُ بِأَجْرٍ وَسَمَّى الْفِعْلَ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَجِّرَ يَعْنِي الْوَكِيلَ نَاقِصُ الْإِجَارَةَ جَازَتْ الْمُنَاقَصَةُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّارِ لَمْ يَتَمَلَّكْ شَيْئًا هَذَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا فَإِنْ أَجَّرَهَا بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَعَجَّلَ ذَلِكَ فَرَبُّ الدَّارِ صَارَ مَالِكًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ فَلَا تَجُوزُ مُنَاقَصَتُهُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ انْتَهَى .
( الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ ) لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا عَبْدٍ مَحْجُورٍ وَلَا مُكَاتَبٍ وَلَا مِنْ الْمَرِيضِ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْهَائِمِ وَهِيَ ضَرْبَانِ كَفَالَةٌ بِالنَّفْسِ وَكَفَالَةٌ بِالْمَالِ وَالْمَضْمُونُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِهِ وَتَنْعَقِدُ إذَا قَالَ : تَكَفَّلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ أَوْ بِرَقَبَتِهِ ، أَوْ بِرُوحِهِ ، أَوْ بِجَسَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ ، وَكَذَا بِبَدَنِهِ ، وَكَذَا إذَا قَالَ بِنِصْفِهِ ، أَوْ بِثُلُثِهِ ، أَوْ بِجُزْءٍ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ : تَكَفَّلْت بِيَدِ فُلَانٍ ، أَوْ بِرِجْلِهِ ، وَكَذَا إذَا قَالَ ضَمِنْته ، أَوْ قَالَ عَلَيَّ تَنْعَقِدُ ، وَكَذَا إذَا قَالَ أَنَا زَعِيمٌ بِهِ ، أَوْ قَبِيلٌ بِخِلَافِ أَنَا ضَامِنٌ بِمَعْرِفَتِهِ فَإِنْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ تَسْلِيمَ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ إذَا طَالَبَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ وَإِلَّا حَبَسَهُ الْحَاكِمُ وَلَكِنْ لَا يَحْبِسُهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ لَعَلَّهُ مَا دَرَى بِمَاذَا يَدَّعِي ، وَلَوْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَإِنْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَكَانَهُ لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ كَمَا فِي الْكَنْزِ .
وَلَوْ تَكَفَّلَ بِرَجُلٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ جَازَ وَلَكِنَّهُ إنَّمَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ وَالْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَلَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَظَاهِرِ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْكَفَالَةَ إذَا حَصَلَتْ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّمَا يَصِيرُ الْكَفِيلُ كَفِيلًا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَفِيلٍ لِلْحَالِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ لِلْحَالِ يُجْبَرُ الطَّالِبُ عَلَى الْقَبُولِ ، وَلَكِنْ ذِكْرُ الشَّهْرِ تَأْجِيلٌ لِلتَّكْفِيلِ حَتَّى لَا يُطَالِبَ لِلْحَالِّ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُطَالِبُ لِلْحَالِّ وَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَشْبَهَ بِعُرْفِ النَّاسِ وَذَكَرَ قَاضِي خَانَ فِي فَتَاوَاهُ إنَّ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ بْنَ الْفَضْلِ كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ .
وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنَّهُ بَرِئَ بَعْدَ الشَّهْرِ فَهُوَ كَمَا قَالَ .
وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ إلَى شَهْرٍ تَنْتَهِي الْكَفَالَةُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ .
وَفِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ يُطَالِبُ بِتَسْلِيمِ الْأَصِيلِ إلَى الطَّالِبِ مَعَ قُدْرَتِهِ إلَّا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنَّهُ بَرِئَ بَعْدَهُ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا أَصْلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي كَفَالَةٍ لَا تَلْزَمُ انْتَهَى .
وَإِذَا أَحْضَرَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِنَفْسِهِ وَسَلَّمَهُ فِي مَكَانٍ يَقْدِرُ الْمَكْفُولُ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ فِيهِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي مِصْرٍ بَرِئَ مِنْ كَفَالَتِهِ فَإِذَا كَفَلَ لَهُ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي فَسَلَّمَهُ فِي السُّوقِ بَرِئَ وَقِيلَ فِي زَمَانِنَا لَا يَبْرَأُ ، وَإِنْ سَلَّمَهُ فِي بَرِّيَّةٍ لَا يَبْرَأُ ، وَكَذَا إذَا سَلَّمَهُ فِي سَوَادٍ ، وَلَوْ سَلَّمَهُ فِي مِصْرٍ آخَرَ غَيْرِ الْمِصْرِ الَّذِي كَفَلَ فِيهِ بَرِئَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَبْرَأُ .
وَإِذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مِنْ الْكَفَالَةِ ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْكَفِيلُ .
وَلَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فَلِوَارِثِهِ .
وَمَنْ كَفَلَ بِنَفْسِ آخَرَ وَلَمْ يَقُلْ إذَا دَفَعْت إلَيْك فَأَنَا بَرِيءٌ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَهُوَ بَرِيءٌ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الطَّالِبِ التَّسْلِيمَ كَمَا فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ .
وَلَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ كَفَالَتِهِ صَحَّ ، وَكَذَا إذَا سَلَّمَهُ إلَيْهِ وَكِيلُ الْكَفِيلِ ، أَوْ رَسُولُهُ فَإِنْ تَكَفَّلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوفِ بِهِ إلَى وَقْتِ كَذَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ أَلْفٌ فَلَمْ يُحْضِرْهُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لَزِمَهُ ضَمَانُ الْمَالِ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ .
وَمَنْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَقَالَ : إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمَالُ فَإِنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ ضَمِنَ الْمَالَ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ زَيْدٍ فَإِنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ غَدًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ عَمْرٍو وَهُوَ مَدْيُونٌ آخَرَ لِلطَّالِبِ ، أَوْ فَعَلَى أَلْفٍ مُطْلَقًا أَبْطَلَ مُحَمَّدٌ الثَّانِيَةَ وَقَالَا كِلَاهُمَا صَحِيحٌ .
وَلَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ زَيْدٍ فَإِنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ غَدًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِمَا لَكَ عَلَى عَمْرٍو أَبْطَلَ مُحَمَّدٌ الثَّانِيَةَ وَقَالَا هُمَا صَحِيحَانِ وَيَلْزَمُهُ مَا عَلَى عَمْرٍو إنْ لَمْ يُوَافِ بِزَيْدٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ .
وَلَوْ قَالَ : إنْ لَمْ أُوَافِكَ بِهِ غَدًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِمَا لَكَ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ بِعَيْنِهِ يَصِحُّ إجْمَاعًا ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ الْأَلْفَ الَّذِي عَلَيْهِ فَمَضَى غَدٌ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ وَفُلَانٌ يَقُولُ لَا شَيْءَ عَلَيَّ وَالطَّالِبُ يَدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْكَفِيلُ يُنْكِرُ وُجُوبَهُ عَلَى الْأَصِيلِ فَعَلَى الْكَفِيلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ فَالْمَالُ الَّذِي لِلطَّالِبِ عَلَى فُلَانٍ رَجُلٍ آخَرَ وَهُوَ كَذَا عَلَى الْكَفِيلِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ ، وَهَاهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ : إحْدَاهَا : أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ وَاحِدًا فِي الْكَفَالَتَيْنِ وَإِنَّهُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا ، وَالثَّانِيَةُ : أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ مُخْتَلِفًا وَتَبْطُلُ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَطْلُوبُ وَاحِدًا ، أَوْ اثْنَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ وَاحِدًا وَالْمَطْلُوبُ اثْنَيْنِ فَهُوَ الْمُخْتَلَفُ انْتَهَى .
وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مِائَةَ دِينَارٍ وَبَيَّنَهَا ، أَوْ لَمْ يُبَيِّنْهَا حَتَّى تَكَفَّلَ بِنَفْسِهِ رَجُلٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ لَمْ يُبَيِّنْهَا حَتَّى تَكَفَّلَ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَاهُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ صَالَحَ مِنْ كَفَالَتِهِ بِالنَّفْسِ عَلَى عِوَضٍ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ فِي رِوَايَةٍ ، وَفِي أُخْرَى لَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ هَذِهِ فِي شُفْعَةِ الْهِدَايَةِ .
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ : إنْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَالَكَ فَأَنَا ضَامِنٌ بِذَلِكَ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَقَاضَى الَّذِي عَلَى الْأَصْلِ فَإِنْ تَقَاضَاهُ فَقَالَ لَا أُعْطِيك لَزِمَ الْكَفِيلَ ، وَلَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ أَنْ يَتَقَاضَى ، أَوْ لَمْ يَمُتْ لَكِنَّهُ قَالَ : أَنَا أُعْطِيك إنْ أَعْطَاهُ مَكَانَهُ ، أَوْ ذَهَبَ إلَى السُّوقِ فَأَعْطَاهُ ، أَوْ قَالَ اذْهَبْ إلَى مَنْزِلِي حَتَّى أُعْطِيَك مَالَك فَأَعْطَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْطِهِ مِنْ يَوْمِ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْمَالُ .
قَالَ لِآخَرَ : ضَمِنْت مَالَكَ عَلَى فُلَانٍ أَنْ أَقْبِضَهُ مِنْهُ وَأَدْفَعَهُ إلَيْك قَالَ هَذَا لَيْسَ عَلَى ضَمَانِ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَهُ مِنْ عِنْدِهِ إنَّمَا هَذَا عَلَى أَنْ يَتَقَاضَاهُ لَهُ وَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ .
لَوْ قَالَ لِآخَرَ هرجه ترابر فُلَانٌ بشكند فَهُوَ عَلَيَّ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ تَصِحُّ إنْ قَالَ عَلَيَّ لَك .
رَجُلٌ كَفَلَ لِرَجُلٍ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ عَلَى أَنْ يَكْفُلَ عَنْهُ فُلَانٌ بِكَذَا مِنْ الْمَالِ فَلَمْ يَكْفُلْ فُلَانٌ فَالْكَفَالَةُ لَازِمَةٌ وَلَيْسَ لَهُ خِيَارٌ فِي تَرْكِ الْكَفَالَةِ .
كَفَلَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ صَحَّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْكَفَالَةِ عَلَى التَّوْسِعَةِ .
قَالَ لِآخَرَ مَا أَقَرَّ بِهِ لَك فُلَانٌ فَهُوَ عَلَى ضَمَانِ الْكَفِيلِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ فَالْمَالُ لَازِمٌ فِي تَرْكِ الْكَفِيلِ ، وَكَذَا فِي ضَمَانِ الدَّرَكِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَالَبَهُ يُسَلِّمُهُ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ بِدَيْنِهِ فَمَاتَ الْمَطْلُوبُ فَطَالَبَهُ الطَّالِبُ فَعَجَزَ لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْرَأَ إذْ الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا تَصِحُّ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فَلَا كَفَالَةَ بِالْمَالِ ، وَلَوْ قَالَ : لَوْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَالَك فَأَنَا ضَامِنٌ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ لَوْ تَقَاضَاهُ ، أَوْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ تَقَاضِيهِ ، وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ فَأَقَرَّ طَالِبُهُ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَلَهُ أَخْذُ كَفِيلِهِ بِنَفْسِهِ .
وَلَوْ قَالَ بذير فَثُمَّ فَلَا نراكه فردابتو تَسْلِيم كنم هَذِهِ كَفَالَةٌ مُطْلَقَةٌ إذْ قَوْلُهُ بذبرفثم فلانرا كَفَالَةٌ تَامَّةٌ وَقَوْلُهُ فردا تَسْلِيم كنم لَمْ يَدْخُلْ فِي الْكَفَالَةِ بِخِلَافِ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ غَدًا كَذَا فِي الْعِدَّةِ فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ قَالَ بذيرفثم مِنْ فلانراكه هركاه كد طَلَب كنى بتو تَسْلِيم كنم يَكُونُ كَفَالَةً مُطْلَقَةً حَتَّى لَوْ سَلَّمَهُ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَهُ يَبْرَأُ وَلَوْ قَالَ : هركاه طَلَب كنى فلانرا مِنْ أورا بذير فَثُمَّ ، قِيلَ : يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِيرَ كَفِيلًا قَبْلَ طَلَبِهِ مِنْهُ .
وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ وَسَلَّمَهُ إلَى طَالِبِهِ وَبَرِئَ فَلَازَمَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ فَقَالَ الْكَفِيلُ : دَعْهُ وَأَنَا عَلَى كَفَالَتِي بمانش مِنْ برهمان يذير فتاري أُمّ فَفَعَلَ فَهُوَ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ اسْتِحْسَانًا لِقَبُولٍ مِنْهُ وَهُوَ تَرْكُ مُلَازَمَتِهِ فَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كَفِيلًا إذْ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ ، وَلَوْ قَالَ خَلِّ سَبِيلَهُ عَلَى أَنْ أُوفِيَك بِهِ تَكُونُ كَفَالَةً بِنَفْسِهِ اسْتِحْسَانًا ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ أُوفِيَك بِهِ ، أَوْ آتِيك بِهِ فَهُوَ كَفِيلٌ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ بذيرفثم كه فَلَا نرابتور سانم ، أَوْ قَالَ آوردن فُلَانٌ بنزديك توبر مِنْ فَهُوَ كَفِيلٌ لَا بِقَوْلِهِ اشناست ، وَلَوْ قَالَ اشنابي فُلَان بِرّ مِنْ ، قِيلَ كَفِيلِ وَقِيلَ لَا ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي الصُّغْرَى لَوْ قَالَ : فُلَانٌ اشناست أَوْ اشناى منست فَهُوَ كَفِيلٌ بِالنَّفْسِ عُرْفًا وَإِذَا قَالَ لِآخَرَ أشنابى فُلَانٌ بِرّ مَنْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ يَصِيرُ كَفِيلًا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ : أَنَا ضَامِنٌ لَأَنْ أَدُلَّك عَلَيْهِ ، أَوْ لَأَنْ أَدُلَّ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَكُونُ كَفَالَةً .
وَلَوْ قَالَ : أَنَا ضَامِنٌ لِتَعْرِيفِهِ ، أَوْ عَلَى تَعْرِيفِهِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ .
وَفِي النَّوَازِلِ عَنْ نُصَيْرٍ قَالَ سَأَلَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنُ الْحَسَنِ أَبَا سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ : أَنَا ضَامِنٌ لِمَعْرِفَةِ فُلَانٍ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ أَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِيك لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ : هَذَا عَلَى مُعَامَلَةِ النَّاسِ وَعُرْفِهِمْ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ غَيْرُ مَشْهُورٍ وَالظَّاهِرُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ قُلْتُ وَبِهِ يُفْتَى انْتَهَى .
قَالَ لِآخَرَ تَكَفَّلْ عَنِّي بِمَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَقَالَ : فُلَانٌ كَمْ وَكَتَبَ فِي الْقُبَالَةِ تَكَفَّلْت لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ هَذَا الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْقُبَالَةِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهَا لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهَا وَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ ، وَإِنْ قَبِلَ الدَّائِنُ الْخَطَّ ، وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَصِحُّ أَيْضًا بُرْهَانُ الدِّينِ الصَّدْرُ كَتْبُهُ الْكَفَالَةَ فِي الْخَطِّ بَعْدَمَا طَلَبَ الدَّائِنُ كَفَالَتَهُ كَفَالَةً ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهَا ، وَكَذَا قَوْلُهُ أَنَا فِي عُهْدَةِ مَا عَلَى فُلَانٍ كَفَالَةٌ ، مِنْ الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهِ ، وَكَذَا عُهْدَةُ ابْنِ بَرَمْنَ لَيْسَ بِكَفَالَةٍ زيراكد عُهْدَة جيزى مَعْلُومٌ نيست وَمَبْنِيٌّ أَنَّ كَفَالَة ن ي ، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ .
إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ سَلَّمَ نَفْسَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَقَالَ هَذَا تَسْلِيمٌ عَنْ الْكَفِيلِ بَرِئَ الْكَفِيلُ ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ رَجُلٌ عَنْ الْكَفِيلِ بِأَنْ أَنَابَ الْكَفِيلُ غَيْرَهُ مَنَابَ نَفْسِهِ فِي تَسْلِيمِ نَفْسِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَنْ الْكَفِيلِ لَا يَبْرَأُ ، وَلَوْ سَلَّمَ أَجْنَبِيٌّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ عَنْ الْكَفِيلِ إنْ قَبِلَ الْمَكْفُولُ لَهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَإِلَّا فَلَا .
الْقَاضِي ، أَوْ رَسُولُهُ إذَا أَخَذَ كَفِيلًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ بِأَمْرِ الْمُدَّعِي ، أَوْ لَا بِأَمْرِهِ فَالْكَفِيلُ إذَا سَلَّمَ إلَى الْقَاضِي ، أَوْ إلَى رَسُولِهِ بَرِئَ ، وَإِنْ سَلَّمَ إلَى الْمُدَّعِي لَا ، هَذَا إذَا لَمْ يُضِفْ الْكَفَالَةَ إلَى الْمُدَّعِي بِأَنْ قَالَ الْقَاضِي ، أَوْ رَسُولُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ : أَعْطِ كَفِيلًا بِنَفْسِك وَلَمْ يَقُلْ لِلطَّالِبِ فَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَى الْقَاضِي ، أَوْ إلَى رَسُولِهِ الَّذِي أَخَذَ الْكَفِيلَ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ يَبْرَأُ ، وَلَوْ سَلَّمَ إلَى الْمُدَّعِي لَا يَبْرَأُ ، وَلَوْ أَضَافَ إلَى الْمُدَّعِي بِأَنْ قَالَ : أَعْطِ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ لِلطَّالِبِ كَانَ الْجَوَابُ عَلَى الْعَكْسِ .
إذَا وَكَّلَ رَجُلًا لِيَأْخُذَ كَفِيلًا عَنْ فُلَانٍ جَازَ وَإِذَا أَخَذَ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ كَفَلْت عَنْ فُلَانٍ وَلِيَ وَالثَّانِي إذَا أَضَافَ إلَى الْمُوَكِّلِ وَلَا يَخْلُو أَنْ يُسَلِّمَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ ، أَوْ إلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ سَلَّمَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ بَرِئَ سَوَاءٌ كَانَ أَضَافَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ ، أَوْ إلَى نَفْسِهِ أَمَّا إذَا سَلَّمَهُ إلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ بَرِئَ ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ أَضَافَ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا يَبْرَأُ ؛ لِأَنَّهُ رَسُولٌ .
إذَا ضَمِنَ لِآخَرَ بِنَفْسِهِ فَحُبِسَ الْمَطْلُوبُ فِي السِّجْنِ فَأَتَى بِهِ الَّذِي ضَمِنَهُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَدَفَعَهُ إلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَبْرَأُ ؛ لِأَنَّهُ فِي السِّجْنِ ، وَإِنْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي السِّجْنِ ثُمَّ خَلَّى عَنْهُ ثُمَّ حُبِسَ ثَانِيًا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ قَالَ : إنْ كَانَ الْحَبْسُ الثَّانِي فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ التِّجَارَةِ ، أَوْ نَحْوِهَا فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ فِي الْحَبْسِ ، وَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ آخَرَ مِنْ أُمُورِ السُّلْطَانِ لَا يَبْرَأُ مِنْ الصُّغْرَى .
وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ مَعْلُومًا كَانَ الْمَالُ الْمَكْفُولُ بِهِ أَوْ مَجْهُولًا إذَا كَانَ دَيْنًا صَحِيحًا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ تَكَفَّلْت عَنْهُ بِأَلْفٍ أَوْ بِمَا لَكَ عَلَيْهِ ، أَوْ بِمَا يُدْرِكُك فِي هَذَا الْبَيْعِ وَالْمَكْفُولُ لَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ كَفِيلَهُ إلَّا إذَا كَانَ شَرَطَ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ فَحِينَئِذٍ تَنْعَقِدُ حَوَالَةً كَمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْرَأَ بِهَا الْمُحِيلُ تَكُونُ كَفَالَةً ، وَلَوْ طَالَبَ أَحَدَهُمَا لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمَا بِخِلَافِ الْمَالِكِ إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِ الْغَاصِبَيْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِدَيْنٍ صَحِيحٍ وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ ، أَوْ الْإِبْرَاءِ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِهِ كَبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّعْجِيزِ قُلْتُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهَا قَالُوا : لَوْ كَفَلَ بِالنَّفَقَةِ الْمُقَرَّرَةِ الْمَاضِيَةِ صَحَّتْ مَعَ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِدُونِهِمَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا ، وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ وَقَدْ قَرَّرَ لَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا ، أَوْ بِيَوْمٍ يَأْتِي وَقَدْ قَرَّرَ لَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ انْتَهَى .
وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِمَالٍ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبُولِ صَارَ حُرًّا مَدْيُونًا هَذِهِ فِي بَابِ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَبَدَلُ السِّعَايَةِ كَمَالِ الْكِتَابَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ بِمَا أَدَّى ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِحَّ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ ، وَلَوْ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ صَحَّ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهَا ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَا أَدَّى بِحُكْمِ كَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ وَالْكَفَالَةُ بِالْأَمَانَاتِ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْعُقُودِ .
رَجُلٌ قَالَ لِلْمُودِعِ : إنْ أَتْلَفَ الْمُودَعُ وَدِيعَتَك ، أَوْ جَحَدَ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك صَحَّ .
وَلَوْ قَالَ : إنْ قَتَلَك أَوْ قَتَلَ ابْنَك فُلَانٌ خَطَأً فَأَنَا ضَامِنٌ الدِّيَةَ صَحَّ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ أَكَلَكَ السَّبُعُ ، أَوْ قَالَ : إنْ غَصَبَ فُلَانٌ مَالَك ، أَوْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك صَحَّ .
وَلَوْ عَمَّمَ فَقَالَ : إنْ غَصَبَك إنْسَانٌ شَيْئًا فَأَنَا لَهُ ضَامِنٌ لَك لَا تَصِحُّ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ ، وَلَوْ قَالَ : مَا غَصَبَك فُلَانٌ فَأَنَا ضَامِنٌ فَشَرَطَ الْقَبُولَ فِي الْحَالِ اسْتَقْرَضَهُ فَامْتَنَعَ فَقَالَ بَلْ أَقْرِضْهُ فَأَنَا بِهِ ضَامِنٌ فَأَقْرَضَهُ فِي الْحَالِ وَلَمْ يَقْبَلْ ضَمَانَهُ صَرِيحًا صَحَّ الضَّمَانُ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
وَجَهَالَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُضَافَةِ كَقَوْلِهِ إنْ غَصَبَك إنْسَانٌ شَيْئًا فَأَنَا كَفِيلٌ تَمْنَعُ جَوَازَهَا لَا فِي الْكَفَالَةِ الْمُرْسَلَةِ .
وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ : اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنْ أُخِذَ مَالُك فَأَنَا ضَامِنٌ فَأُخِذَ مَالُهُ صَحَّ الضَّمَانُ وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ مَجْهُولٌ ، وَلَوْ قَالَ : مَا ذَابَ لَك عَلَى النَّاسِ أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ فَعَلَيَّ لَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : مَا ذَابَ لِلنَّاسِ ، أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ عَلَيْك فَعَلَيَّ لَا يَصِحُّ لِجَهْلِ الْمَضْمُونِ لَهُ .
وَكَذَا إنْ اسْتَهْلَكَ مَالَك أَحَدٌ ، وَلَوْ قَالَ : لَوْ غَصَبَ مَالَكَ فُلَانٌ ، أَوْ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَأَنَا ضَامِنٌ يَصِحُّ ، وَلَوْ ضَمِنَ خَرَاجَهُ وَنَوَائِبَهُ وَقِسْمَتَهُ جَازَ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك بِهِ وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ حَاضِرٌ يَسْمَعُ فَهَذَا اسْتِقْرَاضٌ مِنْ الْآمِرِ ، وَالْقَابِضُ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ فَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْقَابِضُ ضَمِنَ ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَهْلِكُ أَمَانَةً ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ : أَعْطِهِ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك بِهِ ، وَلَوْ قَالَ : أَقْرِضْهُ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك بِهِ وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ حَاضِرٌ فَقَالَ : نَعَمْ فَدَفَعَ فَهُوَ قَرْضٌ عَلَى الْقَابِضِ وَالْآمِرُ ضَامِنٌ .
وَلَوْ قَالَ : ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفًا ، أَوْ أَعْطِهِ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ عَنْهُ فَهُوَ قَرْضٌ لِلدَّافِعِ عَلَى الْقَابِضِ وَالْآمِرُ ضَامِنٌ .
وَلَوْ قَالَ الْقَابِضُ : أَعْطِنِي أَلْفًا عَلَى أَنَّ فُلَانًا ضَامِنٌ وَذَلِكَ الرَّجُلُ حَاضِرٌ فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ قَرْضٌ عَلَى الْقَابِضِ وَالْآمِرُ ضَامِنٌ .
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفًا ، أَوْ تَصَدَّقْ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهُ فَفَعَلَ وَقَبَضَهُ فُلَانٌ فَهُوَ جَائِزٌ وَصَارَ الْآمِرُ مُسْتَقْرِضًا وَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ : أَقْرِضْنِي أَلْفًا وَكُنْ وَكِيلِي بِالْهِبَةِ مِنْ فُلَانٍ وَالصَّدَقَةِ فَإِنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ تَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْآمِرِ وَلَيْسَ لِلدَّافِعِ عَلَى الْقَابِضِ شَيْءٌ فَإِنْ غَابَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَأَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا قَالَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ ، وَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ غَائِبًا ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُلْ هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك لَكِنَّهُ قَالَ : ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ .
وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَبْ لِي أَلْفًا عَلَى أَنَّ فُلَانًا ضَامِنٌ فَقَالَ فُلَانٌ : نَعَمْ فَالْأَلْفُ قَرْضٌ عَلَى الَّذِي قَالَ نَعَمْ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ نَعَمْ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هَبْ لَهُ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ ، وَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ وَلَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعَ بَلْ قَالَ : هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، أَوْ هَبْ عَنِّي فَوَهَبَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَالزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ وَالصَّدَقَاتُ وَالنَّفَقَاتُ وَالْخَرَاجُ كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَشَرْطِ الضَّمَانِ ، أَوْ شَرْطِ الرُّجُوعِ ، وَفِي الْأَمْرِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ ، وَفِي كِتَابِ اللَّقِيطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْفِقْ عَلَيَّ فَأَنْفَقَ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الضَّمَانَ وَالرُّجُوعَ وَهَكَذَا اخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي فَتَاوَاهُ وَقَالَ مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ لَوْ قَالَ لِآخَرَ أَنْفِقْ عَلَى أَوْلَادِي فَأَنْفَقَ لَهُ الرُّجُوعُ .
وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ ثُمَّ الْآمِرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَوْ قَالَ : ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَضَاءً وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي ، أَوْ قَالَ : اقْضِ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا قَالَ : عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ شَرِيكَ
الْآمِرِ أَوْ خَلِيطَهُ ، وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ فِي السُّوقِ بَيْنَهُمَا أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ وَمُوَاضَعَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَتَى جَاءَ رَسُولُهُ ، أَوْ وَكِيلُهُ يَبِيعُ ، أَوْ يُقْرِضُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِالْإِجْمَاعِ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْآمِرُ فِي عِيَالِ الْمَأْمُورِ ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرْجِعُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقُلْ اقْضِ عَنِّي فَإِنْ قَالَ : يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْآمِرِ بِالْإِجْمَاعِ .
السُّلْطَانُ إذَا صَادَرَ رَجُلًا فَقَالَ الْمَطْلُوبُ لِرَجُلٍ ادْفَعْ إلَيْهِ ، أَوْ إلَى أَعْوَانِهِ شَيْئًا عَنْ جِبَايَتِي فَدَفَعَ بِأَمْرِهِ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَالْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا دَفَعَ بِدُونِ شَرْطِ الرُّجُوعِ وَالضَّمَانِ كَالْأَمْرِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ ، وَقَالَا : الْمُطَالَبَةُ الْحَيَّةُ كَالْمُطَالَبَةِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَأَصْلُ هَذَا مُفَادَاةُ الْأَسِيرِ ، وَقَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ لَا يَرْجِعُ بِدُونِ شَرْطِ الرُّجُوعِ وَالضَّمَانِ فَلَوْ قَالَ الْمَأْمُورُ : قَضَيْت لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ غَائِبٌ وَأَنْكَرَ الْآمِرُ دَفْعَهُ إلَيْهِ وَالدَّيْنَ فَأَقَامَ الدَّافِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ وَالْقَضَاءُ يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ وَيَقْضِي عَلَى الْآمِرِ لِلْمَأْمُورِ ، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ غَائِبًا فَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِدَيْنِهِ ، وَلَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ بِجُحُودِهِ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، أَلَا يُرَى أَنَّ رَجُلًا فِي يَدِهِ عَبْدٌ فَقَالَ لِآخَرَ إنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ اشْتَرِهِ لِي مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَانْقُدْ الثَّمَنَ فَجَاءَ الْمَأْمُورُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ : قَدْ فَعَلْت فَجَحَدَ هُوَ فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْبَيْعِ ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَجَحَدَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى جُحُودِهِ ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ صَارَ خَصْمًا عَنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ ، وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَقَرَّ أَنَّهُ قَدْ قَضَى الدَّيْنَ لَكِنَّهُ قَالَ لَا أَدْفَعُ إلَيْك مَخَافَةَ أَنْ يَحْضُرَ الْغَائِبُ فَيَجْحَدَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَلْفَ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الِاسْتِيفَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ الْآمِرِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَأْمُورِ كَمَا لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فِي يَدِهِ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ اشْتَرَيْت وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ وَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَأَنْكَرَ الْبَيْعَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ
وَيَأْخُذُ عَبْدَهُ وَيَرْجِعُ الْآمِرُ عَلَى الْمَأْمُورِ بِمَا أَدَّى كَذَا هَذَا مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ .
رَجُلٌ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ أَجَازَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ لَا يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ نَفَذَتْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِإِجَازَتِهِ ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ نَقْلًا عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ .
وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا كَالْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمَغْصُوبِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ مَا دَامَتْ قَائِمَةً وَتَسْلِيمُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ هَالِكَةً ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَلَا تَصِحُّ بِمَا كَانَ مَضْمُونًا بِغَيْرِهِ كَالْمَرْهُونِ وَالْمَبِيعِ وَلَا بِمَا كَانَ أَمَانَةً كَالْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَفِيهِ أَيْضًا ، وَلَوْ كَفَلَ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ، أَوْ بِتَسْلِيمِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَى الرَّاهِنِ ، أَوْ تَسْلِيمِ الْمُسْتَأْجَرِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ بِعَيْنِهَا لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِالْحَمْلِ ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا جَازَتْ الْكَفَالَةُ ، وَكَذَا مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ وَتَكَفَّلَ لَهُ رَجُلٌ بِخِدْمَتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ انْتَهَى .
وَفِي الْوَجِيزِ كُلُّ عَيْنٍ هِيَ أَمَانَةٌ لَكِنْ وَاجِبَةُ التَّسْلِيمِ كَالْمُسْتَأْجَرِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعَارِ يَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِهَا إلَّا بِعَيْنِهَا حَتَّى لَوْ هَلَكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ قِيمَةُ الْعَيْنِ وَذَكَر فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالرَّهْنِ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهَا تَصِحُّ بِالتَّسْلِيمِ وَالْكَفَالَةُ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ ، أَوْ بِخِيَاطَةٍ بِيَدِهِ لَا تَصِحُّ ، وَإِنْ كَفَلَ بِتَسْلِيمِ الْعَبْدِ ، أَوْ بِنَفْسِ الْخِيَاطَةِ أَوْ بِفِعْلِ الْخَيَّاطِ مُطْلَقًا يَجُوزُ ، وَإِنْ فَعَلَ الْكَفِيلُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ ، وَإِنْ مَاتَ الْخَيَّاطُ بَرِئَ الْكَفِيلُ لَوْ كَفَلَ بِالْحُمُولَةِ بِعَيْنِهَا جَازَ وَبِالْحَمْلِ عَلَى هَذِهِ الْإِبِلِ لَا يَجُوزُ .
وَلَوْ كَفَلَ بِالْحَمْلِ مُطْلَقًا يَصِحُّ انْتَهَى .
وَإِذَا تَكَفَّلَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ جَازَ .
وَكُلُّ حَقٍّ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْكَفِيلِ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ قَالَ : مَعْنَاهُ بِنَفْسِ الْحَدِّ لَا بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ الْأَصْلُ أَنَّ الْكَفَالَةَ لَوْ كَانَتْ بِمَضْمُونٍ ، أَوْ مُضَافَةً إلَى سَبَبٍ مَضْمُونٍ مَقْدُورٍ عَلَى الْإِيفَاءِ وَالْمَضْمُونِ لَهُ وَعَنْهُ مَعْلُومَانِ جَائِزَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا كَكَفَالَةٍ بِدَيْنٍ ، أَوْ عَيْنٍ مَضْمُونٍ كَغَصْبٍ وَمَهْرٍ وَبَدَلِ خُلْعٍ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ وَمَهْرٍ فِي يَدِ الزَّوْجِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَالْكَفَالَةُ بِمَبِيعٍ فِي يَدِ بَائِعِهِ لِمُشْتَرِيهِ تَصِحُّ مَا دَامَ قَائِمًا فَإِذَا هَلَكَ بَطَلَتْ وَالْمُضَافَةُ إلَى سَبَبٍ مَضْمُونٍ مِثْلِ مَا لَوْ قَالَ : مَا ذَابَ لَك عَلَى فُلَانٍ ، أَوْ قَالَ مَا ثَبَتَ لَك عَلَى فُلَانٍ فَعَلَيَّ ، أَوْ ضَمِنَ مَا بَاعَهُ ، أَوْ أَقْرَضَهُ ، أَوْ اسْتَهْلَكَهُ مِنْ مَالٍ ، أَوْ مَا قُضِيَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ فَهَذِهِ تَصِحُّ ، وَلَمْ يَكُنْ الضَّمَانُ ثَابِتًا فِي الْحَالِ فَيَأْخُذُهُ بِجَمِيعِ مَا قُضِيَ لَهُ يَعْنِي إذَا قَالَ مَا قَضَى ، أَوْ مَا ثَبَتَ لَهُ وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْكَفِيلِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَفَلَ بِمَقْضِيٍّ ، وَلَوْ قَالَ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ فَجَمِيعُ مَا يَثْبُتُ لَهُ بِالْمُبَايَعَةِ بَعْدَ هَذِهِ الْكَفَالَةِ يَأْخُذُهُ بِهِ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بَدَلُ مَا الَّذِي أَوْ كُلَّمَا ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ مَا أَنَّ أَوْ مَتَى ، أَوْ إذَا كَانَ كَفِيلًا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَقَطْ لَا فِيمَا بَعْدَهَا ، وَلَوْ قَالَ مَا بَايَعْت فُلَانًا مِنْ شَيْءٍ فَعَلَيَّ فَأَسْلَمَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فِي بُرٍّ أَوْ بَايَعَهُ شَعِيرًا بِزَيْتٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْكَفِيلِ وَقَوْلُنَا أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ الْإِيفَاءِ حَتَّى لَوْ كَفَلَ بِقَوَدٍ ، أَوْ بِحَدٍّ لَمْ يَجُزْ ، وَكَذَا الْكَفَالَةُ بِالْخِدْمَةِ بِنَفْسِهِ ، وَلَوْ لَمْ يَشْرِطْ عَمَلَهُ بِنَفْسِهِ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ وَيَرْجِعُ إذَا عَمِلَ عَلَى الْأَصِيلِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ ، وَقَوْلُنَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَعَنْهُ مَعْلُومَيْنِ قَدْ سَبَقَ مَعْنَاهُ .
وَلَوْ قَالَ مَا ثَبَتَ لَك عَلَى هَؤُلَاءِ ، أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَعَلَيَّ يَصِحُّ وَمِنْ شَرَائِطِ جَوَازِهَا كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ بِحَيْثُ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَلِذَا قُلْنَا : إنَّ الْكَفَالَةَ بِالْأَمَانَةِ كَوَدِيعَةٍ وَمَالِ مُضَارَبَةٍ وَشَرِكَةٍ بَاطِلَةٍ ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ لَا عَيْنُهَا وَلَا تَسْلِيمُهَا وَأَمَّا الْكَفَالَةُ بِتَمْكِينِ الْمُودِعِ مِنْ الْأَخْذِ فَتَصِحُّ ، وَالْكَفَالَةُ لِلرَّاهِنِ بِتَسْلِيمِ رَهْنِهِ تَجُوزُ ، وَلَوْ هَلَكَ سَقَطَ ضَمَانُهُ وَالْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الشَّاهِدِ لِيَحْضُرَ مَجْلِسَ الْقَاضِي فَيَشْهَدَ لَمْ تَجُزْ وَمِنْ شَرَائِطِ جَوَازِهَا كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَلِهَذَا قُلْنَا مَنْ تَقَبَّلَ مِنْ رَجُلٍ بِنَاءَ دَارٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ كِرَاءَ أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ وَأَعْطَاهُ كَفِيلًا بِهِ فَلَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ مُطْلَقًا يَجُوزُ لَا لَوْ شَرَطَ عَمَلَهُ بِنَفْسِهِ ، وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ الْعَمَلِ لَمْ يَجُزْ ، وَلَوْ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الْمُتَقَبَّلِ جَازَ ، وَكَذَا لَوْ تَكَارَى إبِلًا وَأَخَذَ مِنْ الْمُكَارِي كَفِيلًا فَلَوْ كَانَتْ الْإِبِلُ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا تَصِحُّ سَوَاءٌ كَفَلَ بِالْحُمُولَةِ ، أَوْ بِنَفْسِ الْإِبِلِ ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِبِلُ بِأَعْيَانِهَا تَصِحُّ بِالتَّسْلِيمِ لَا بِالْحَمْلِ ، وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسٍ غَائِبٍ لَا يَعْرِفُ مَكَانَهُ لَا تَصِحُّ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ
وَفِي الْوَجِيزِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ : مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ فَبَايَعَهُ مِرَارًا يَلْزَمُهُ ثَمَنُ مَا بَايَعَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُهُ جَمِيعُهُ وَلَوْ تَصَادَقَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ عَلَى الْمُبَايَعَةِ وَجَحَدَ الْكَفِيلُ لَزِمَ الْمَالُ الْكَفِيلَ انْتَهَى .
وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ لِآخَرَ بَايِعْ فُلَانًا فَمَا بَايَعْته مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ عَلَى صَحَّ ، وَإِنْ قَالَ : بِعْته مَتَاعًا بِأَلْفٍ وَقَبَضَهُ مِنِّي فَأَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ وَجَحَدَ الْكَفِيلُ يُؤْخَذُ بِهِ الْكَفِيلُ اسْتِحْسَانًا بِدُونِ الْبَيِّنَةِ ، وَلَوْ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَنْ هَذَا الضَّمَانِ وَنَهَاهُ عَنْ الْمُبَايَعَةِ صَحَّ حَتَّى لَوْ بَايَعَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُلْزَمْ الْكَفِيلُ بِشَيْءٍ انْتَهَى وَهِيَ عَمَّا فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ، مِنْ الْمَجْمَعِ
وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَلَا تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ بِقَوْلِهِ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَدْفَعُهُ إلَيْك وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ : إنْ لَمْ يُؤَدِّ فُلَانٌ فَأَنَا أَدْفَعْهُ إلَيْك انْتَهَى
وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الدَّيْنُ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَدْفَعُهُ إلَيْك ، أَوْ أُسَلِّمُهُ إلَيْك أَوْ أَقْبِضُهُ لَا يَكُونُ كَفَالَةً مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ بِأَنْ يَقُولَ كَفَلْت ، أَوْ ضَمِنْت ، أَوْ عَلَيَّ ، أَوْ إلَيَّ انْتَهَى .
وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ : مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ ، أَوْ مَا ذَابَ لَك عَلَيْهِ فَعَلَيَّ ، أَوْ مَا غَصَبَك فَعَلَيَّ قَالَ : وَالْأَصْلُ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْحَقِّ كَقَوْلِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ مِثْلَ قَوْلِهِ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ وَهُوَ مَكْفُولٌ عَنْهُ أَوْ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِثْلَ قَوْلِهِ إذَا غَابَ عَنْ الْبَلَدِ وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ الشَّرْطِ وَفِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ إنَّمَا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ ، أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ وَكَذَا إذَا جَعَلَ وَاحِدًا مِنْهَا آخِرًا إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا وَلَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ إلَى قُدُومِ الْحَاجِّ وَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالْقِطَافِ وَالْجِذَاذِ ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ مُحْتَمَلَةٌ فِي الْكَفَالَةِ فَإِنْ قَالَ تَكَفَّلْت بِمَا لَك عَلَيْهِ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَلْفٍ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ الْكَفِيلُ ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ مَعَ يَمِينِهِ فِي مِقْدَارِ مَا يَعْتَرِفُ بِهِ فَإِنْ اعْتَرَفَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى كَفِيلِهِ وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ
وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ وَهُوَ غَيْرُ صَبِيٍّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا يُؤَدِّيهِ ، وَقَوْلُنَا رَجَعَ بِمَا أَدَّى عَلَيْهِ إذَا أَدَّى مَا ضَمِنَهُ أَمَّا إذَا أَدَّى خِلَافَهُ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الدَّيْنَ بِالْأَدَاءِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الطَّالِبِ كَمَا إذَا مَلَكَهُ بِالْهِبَةِ ، أَوْ بِالْإِرْثِ ، وَكَذَا إذَا مَلَكَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ حَيْثُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَمْلِكَ الدَّيْنَ بِالْأَدَاءِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَنْ الْأَلْفِ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ فَصَارَ كَمَا إذَا أَبْرَأَ الْكَفِيلَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ : لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ الزُّيُوفَ وَقَدْ كَفَلَ بِالْجِيَادِ ، أَوْ الدَّنَانِيرِ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ ، أَوْ صَالَحَ عَلَى مَكِيلٍ ، أَوْ مَوْزُونٍ رَجَعَ بِمَا كَفَلَ انْتَهَى .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ الْكَفَالَةُ بِأَمْرٍ إنَّمَا تُوجِبُ الرُّجُوعَ لَوْ كَانَ الْآمِرُ مِمَّنْ يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى صَبِيٍّ حَجْرٌ ، وَلَوْ أَمَرَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْقِنِّ بَعْدَ عِتْقِهِ انْتَهَى
رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَكْفُلَ عَنْ فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَكَفَلَ وَأَدَّى لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ ، مِنْ الصُّغْرَى .
، وَإِنْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِمَا يُؤَدِّي ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ كَفَلَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَأَجَازَ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ حَتَّى لَوْ أَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ هَذَا فِي الْمُكَاتَبِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ قَالَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ : قَدْ أَجَزْت ضَمَانَك فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى .
وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ : ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ مَالًا وَأَنَا ضَمِينٌ ، أَوْ كَفِيلٌ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي ، أَوْ عَلَيَّ كَانَ خَلِيطًا لَهُ ، أَوْ فِي عِيَالِهِ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْآمِرِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ مُطْلَقًا انْتَهَى وَتَفْسِيرُ الْخَلِيطِ مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ .
وَإِذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ ، أَوْ اسْتَوْفَى مِنْهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ ؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ وَلَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلَ لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ ، وَكَذَا إذَا أَخَّرَ الطَّالِبُ عَنْ الْأَصِيلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ عَنْ كَفِيلِهِ ، وَلَوْ أَخَّرَ عَنْ الْكَفِيلِ لَمْ يَكُنْ تَأْخِيرًا عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَلَ بِالْمَالِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ فَإِنَّهُ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ
، وَفِي الْأَشْبَاهِ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مُوجِبَةٌ لِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ إلَّا إذَا كَفَلَ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ فَبَرْهَنَ فُلَانٌ عَلَى أَنَّهُ قَضَاهَا قَبْلَ ضَمَانِ الْكَفِيلِ فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ دُونَ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ .
التَّأْخِيرُ عَنْ الْأَصِيلِ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلِ إلَّا إذَا صَالَحَ الْمُكَاتَبُ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ بِمَالٍ ثُمَّ كَفَلَهُ إنْسَانٌ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ تَأَخَّرَتْ مُطَالَبَةُ الْمَصَالِحِ إلَى عِتْقِ الْأَصِيلِ وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ الْآنَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ .
إبْرَاءُ الْأَصِيلِ يُوجِبُ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ إلَّا كَفِيلَ النَّفْسِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
كَفَلَ بِنَفْسِهِ فَأَقَرَّ طَالِبُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ فَلَهُ أَخْذُ كَفِيلِهِ بِنَفْسِهِ هَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَّا إذَا قَالَ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ وَلَا لِمُوَكِّلِي وَلَا لِيَتِيمٍ أَنَا وَصِيُّهُ وَلَا لِوَقْفٍ أَنَا مُتَوَلِّيهِ فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي آخِرِ وَكَالَةِ الْبَدَائِعِ انْتَهَى .
وَلَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَكَفَلَ بِهِ فَمَاتَ الْكَفِيلُ حَلَّ بِمَوْتِهِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَلِلطَّالِبِ أَخْذُهُ مِنْ وَارِثِ الْكَفِيلِ وَلَا رُجُوعَ لِلْوَارِثِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ عِنْدَنَا ، مِنْ الْمَجْمَعِ ، وَلَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ حَلَّ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْكَفِيلِ .
وَلَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ وَالطَّالِبُ وَارِثُهُ وَتَرَكَ مَالًا فِي يَدِهِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا بِدَيْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِالْمَالِ ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ وَالطَّالِبُ وَارِثُهُ وَلَمْ يَصِلْ الْمَالُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلُ بِدَيْنِهِ ، وَإِنْ وَصَلَ الْمَالُ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى فِي مِيرَاثِ الْمَطْلُوبِ مَتَى كَفَلَ بِأَمْرِهِ ، مِنْ الْوَجِيزِ
إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ رَبَّ الْمَالِ عَنْ الْأَلْفِ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فَقَدْ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ عَنْ خَمْسِمِائَةٍ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصْلِ بِخَمْسِمِائَةٍ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ ؛ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةٌ فَيَرْجِعُ بِالْأَلْفِ كُلِّهَا ، وَلَوْ كَانَ صَالَحَهُ عَمَّا اسْتَوْجَبَهُ بِالْكَفَالَةِ لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ
وَمَنْ قَالَ لِكَفِيلٍ ضَمِنَ لَهُ مَالًا : قَدْ بَرِئْت إلَيَّ مِنْ الْمَالِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ ، وَلَوْ قَالَ بَرِئْت فَكَذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَرْجِعُ هَذَا إذَا كَانَ الطَّالِبُ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا قِيلَ : يَرْجِعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَالَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ
وَلَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ أَبْرَأْتُك يَسْقُطُ عَنْهُ لَا عَنْ الْأَصِيلِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ .
وَلَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ مِنْ الدَّيْنِ الْأَلْفُ عَلَى مِائَةٍ عَلَى أَنْ يَهَبَ الْبَاقِيَ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ بِالْأَلْفِ ، وَإِنْ شَرَطَ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ خَاصَّةً بَرِئَا ، وَإِنْ شَرَطَ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ خَاصَّةً بَرِئَ الْكَفِيلُ دُونَ الْأَصِيلِ وَكَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِتِسْعِمِائَةٍ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِمِائَةٍ ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ بَرَاءَتَهُمَا فِي الصُّلْحِ بَرِئَا عَنْ تِسْعِمِائَةٍ .
وَلَوْ قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ الْكَفِيلُ بِهِ ، أَوْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ رَجَعَ بِذَلِكَ فِي الَّذِي تَرَكَهُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ وَبِهِ كَفِيلٌ فَأَبْرَأَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ إنْ قَبِلَ إبْرَاءَهُ بَرِئَ هُوَ وَالْكَفِيلُ جَمِيعًا ، وَإِنْ رَدَّ إبْرَاءَهُ صَحَّ رَدُّهُ فِي حَقِّهِ وَيَبْقَى الْمَالُ عَلَيْهِ وَهَلْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْأَصِيلَ فَمَاتَ الْأَصِيلُ قَبْلَ الرَّدِّ وَالْقَبُولِ كَانَ ذَلِكَ قَبُولًا وَلَوْ أَبْرَأَ الْمَدْيُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَرَدَّ وَرَثَتُهُ إبْرَاءَهُ يَبْطُلُ الْإِبْرَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَبْطُلُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ كَمَا فِي سَائِرِ الْبَرَاءَاتِ وَيُرْوَى أَنَّهُ يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةَ دُونَ الدَّيْنِ فِي الصَّحِيحِ فَكَانَ إسْقَاطًا مَحْضًا كَالطَّلَاقِ وَلِهَذَا لَا يَرْتَدُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْكَفِيلِ بِالرَّدِّ بِخِلَافِ إبْرَاءِ الْأَصِيلِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ
لَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ أَبْرَأْتُك فَقَالَ لَا قِيلَ يَبْرَأُ ، وَلَوْ قَالَ وَهَبْته يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِلْأَصِيلِ فَرَدَّ يَرْتَدُّ فِيهِمَا وَعَادَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ وَعَلَى كَفِيلِهِ .
دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ فَقَالَ الطَّالِبُ أَبْرَأْتُهُ وَهُوَ فِي حِلٍّ ، أَوْ وَهَبْت لَهُ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ لَا نَقْبَلُ لَهُمْ ذَلِكَ وَيَقْضُونَ الْمَالَ وَالْكَفِيلُ بَرِئَ مِنْهُمْ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَصِحُّ رَدُّهُمْ .
وَلَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ أَعْطِنِي بَعْضَ دَيْنِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ لَا يَجُوزُ وَلَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ فِي رِوَايَةٍ ، وَفِي رِوَايَةٍ تَبْطُلُ .
وَلَوْ قَالَ : أَعْطِنِي الْمَالَ الَّذِي عَلَيْهِ وَارْجِعْ عَلَيْهِ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ لَا يَجُوزُ .
وَلَوْ قَالَ لِلْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ .
وَلَوْ كَانَ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ فَقَالَ : ادْفَعْ نَفْسَ الْمَطْلُوبِ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ ، أَوْ ادْفَعْ الْمَالَ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ النَّفْسِ لَا يَجُوزُ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجُوزُ إذَا بَلَغَهُ فَأَجَازَ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْإِجَازَةَ وَالْخِلَافُ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ .
وَفِي الصُّغْرَى الْكَفَالَةُ لِلْغَائِبِ لَا تَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنْ قَبِلَ عَنْ الْمَكْفُولِ فُضُولِيٌّ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِذَا أَجَازَ جَازَ ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَا يُتَوَقَّفُ عِنْدَهُمَا انْتَهَى
وَفِي الْحَقَائِقِ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ ، أَوْ بِمَالٍ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْبَةِ الطَّالِبِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْبَلَ عَنْهُ قَابِلٌ فِي الْمَجْلِسِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ انْتَهَى قَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ شَرْطُ الصِّحَّةِ مُطْلَقُ الْقَبُولِ ، وَأَمَّا قَبُولُ الطَّالِبِ بِخُصُوصِهِ فَإِنَّمَا هُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ انْتَهَى قُلْتُ إلَّا فِي صُورَةٍ ، وَهِيَ إذَا قَالَ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ : تَكَفَّلْ عَنِّي بِمَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَكَفَلَ بِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ يَصِحُّ بِلَا قَبُولٍ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَصِيَّةٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَلِذَلِكَ يَصِحُّ ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَكْفُولَ لَهُمْ ، وَلِهَذَا قَالُوا إنَّمَا تَصِحُّ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِذَا قَالَ الْمَرِيضُ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ
وَلَوْ كَفَلَ بِمَالٍ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَكْفُولِ فَرَضِيَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَأْيَ الْمَكْفُولِ لَهُ جَازَ ، وَلَوْ أَدَّاهُ الْمَالَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَزِمَ الْمَكْفُولَ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَتَكَفَّلَ عَنْهُ رَجُلٌ لِلْغُرَمَاءِ لَمْ تَصِحَّ عِنْدَهُ وَقَالَا تَصِحُّ ، مِنْ الْهِدَايَةِ
الْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ جَائِزَةٌ وَهُوَ الْتِزَامُ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ وَلَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يَقْضِي بِالِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي ، مِنْ الْوَجِيزِ .
وَمَنْ تَكَفَّلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَا ذَابَ لَهُ عَلَيْهِ ، أَوْ بِمَا قَضَى لَهُ عَلَيْهِ فَغَابَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكَفِيلِ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ .
وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَنَّ هَذَا كَفِيلٌ عَنْهُ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ وَعَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَقْضِي عَلَى الْكَفِيلِ خَاصَّةً ، وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْآمِرِ .
وَقَالَ زُفَرُ لَا يَرْجِعُ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْكَرَ فَقَدْ ظَلَمَ فِي زَعْمِهِ فَلَا يَظْلِمُ غَيْرَهُ وَنَحْنُ نَقُولُ صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا فَبَطَلَ زَعْمُهُ
وَمَنْ بَاعَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا وَضَمِنَ لَهُ الثَّمَنَ ، أَوْ مُضَارِبٌ ضَمِنَ ثَمَنَ مَتَاعِ رَبِّ الْمَالِ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ رَجُلَانِ بَاعَا عَبْدًا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَضَمِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَا صَفْقَتَيْنِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ ، وَلَوْ بَاعَاهُ صَفْقَتَيْنِ وَبَيَّنَ كُلٌّ ثَمَنَ حِصَّتِهِ ثُمَّ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ صَحَّ .
وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْمُوَكِّلِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ لَهَا وَبِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ بِنَفْسِهِ ، وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ إذَا ضَمِنَ الْمِثْلَ لِلْمُوَكِّلِ صَحَّ انْتَهَى ، وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْوَكَالَةِ
لَهُمَا دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى آخَرَ فَضَمِنَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ لَمْ يَجُزْ فَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدَّاهُ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ ضَمَانِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ ، وَكَذَا وَكِيلُ الْبَيْعِ إذَا ضَمِنَ الثَّمَنَ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يَجُزْ فَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى ، وَلَوْ أَدَّى بِغَيْرِ ضَمَانٍ جَازَ وَلَا يَرْجِعُ .
قَالَ لِغَيْرِهِ : بِعْ مِنْ هَذَا الْمَحْجُورِ مَتَاعًا وَأَنَا ضَامِنٌ ثَمَنَهُ فَبَاعَهُ وَقَبَضَهُ وَأَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْ إذَا ضَمِنَ الثَّمَنَ وَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ .
قَالَ لَهُ ادْفَعْ إلَى هَذَا الصَّبِيِّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يُنْفِقْهَا عَلَى نَفْسِهِ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهَا وَالصَّبِيُّ مَحْجُورٌ فَفَعَلَ كَانَ ضَامِنًا لَا لَوْ ضَمِنَ بَعْدَ الدَّفْعِ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
قَالَ فِي الصُّغْرَى رَجُلٌ دَفَعَ إلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ : أَنْفِقْهَا عَلَى نَفْسِك فَجَاءَ إنْسَانٌ وَضَمِنَ لِلدَّافِعِ عَنْ الصَّبِيِّ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ مَا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ عَلَى الْأَصِيلِ ، وَلَوْ ضَمِنَ قَبْلَ الدَّفْعِ بِأَنْ قَالَ : ادْفَعْ إلَيْهِ عَشَرَةً عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك عَنْهُ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ يَجُوزُ وَطَرِيقُ الْجَوَازِ أَنَّ الضَّامِنَ يَصِيرُ مُسْتَقْرِضًا الْعَشَرَةَ مِنْ الدَّافِعِ بِأَمْرِهِ بِالدَّفْعِ إلَى الصَّبِيِّ فَيَنُوبُ عَنْهُ قَبْضُ الصَّبِيِّ ، وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمَجْحُورُ إذَا بَاعَ شَيْئًا فَجَاءَ إنْسَانٌ وَكَفَلَ بِالدَّرَكِ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَفَلَ بَعْدَمَا قَبَضَ الصَّبِيُّ الثَّمَنَ لَا تَجُوزُ ، وَإِنْ كَفَلَ قَبْلَ ذَلِكَ جَازَ انْتَهَى .
وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ مَالَ الصَّغِيرِ وَضَمِنَ لَهُ الثَّمَنَ لَا يَجُوزُ هَذِهِ فِي الْمَهْرِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ
صَبِيٌّ مَأْذُونٌ كَفَلَ عَنْهُ رَجُلٌ بِإِذْنِهِ جَازَ وَيُؤْخَذُ بِهِ الصَّبِيُّ ، وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَأْخُذَ وَلِيَّهُ حَتَّى يُحْضِرَهُ وَلَوْ كَفَلَ عَنْهُ بِمَالٍ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَوْ الْأَبِ ، أَوْ الْوَصِيِّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَبِأَمْرِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا يَرْجِعُ وَالْكَفَالَةُ لَا تَجُوزُ حَتَّى يُخَاطِبَ عَنْهُ وَلِيُّهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ .
وَلَوْ كَفَلَ عَنْ صَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ جَازَ عَلَى الْكَفِيلِ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
وَلَوْ قَالَ لِضَيْفِهِ وَهُوَ يَخَافُ عَلَى حِمَارِهِ : إنْ أَكَلَ الذِّئْبُ حِمَارَك فَأَنَا ضَامِنٌ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْمُشْتَمِلِ عَنْ الْمُنْيَةِ .
الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إذَا أَدَّى قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ ، مِنْ الصُّغْرَى .
إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى اثْنَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ كَمَا إذَا اشْتَرَيَا عَبْدًا بِأَلْفٍ وَكَفَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَمَا أَدَّى أَحَدُهُمَا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى شَرِيكِهِ حَتَّى يَزِيدَ مَا يُؤَدِّيهِ عَلَى النِّصْفِ فَيَرْجِعَ بِالزِّيَادَةِ .
وَإِذَا كَفَلَ رَجُلَانِ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَكُلُّ شَيْءٍ أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْأَصِيلِ ، وَإِنْ شَاءَ الْمُؤَدِّي رَجَعَ بِالْجَمِيعِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ فِي الصَّحِيحِ أَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ بِالْكُلِّ عَنْ الْأَصِيلِ وَبِالْكُلِّ عَنْ الشَّرِيكِ وَإِذَا أَبْرَأَ رَبُّ الدَّيْنِ أَحَدَهُمَا أَخَذَ الْآخَرَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَإِنْ ضَمِنَا عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .
رَجُلَانِ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ ، أَوْ ابْنَانِ وَارِثَانِ وَكَفَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ شَرَعَ فِي الْأَدَاءِ صَحَّ الْكَفِيلُ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ .
أَدَّى الْمَالَ إلَى الدَّائِنِ بَعْدَمَا أَدَّى الْأَصِيلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ حُكِمَ فَلَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ ضِمْنًا ، مِنْ الْقُنْيَةِ
وَإِذَا افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ فَلِأَصْحَابِ الدُّيُونِ أَنْ يَأْخُذُوا أَيَّهُمَا شَاءُوا بِجَمِيعِ الدُّيُونِ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَإِذَا كُوتِبَ الْعَبْدَانِ كِتَابَةً وَاحِدَةً وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفَلَ عَنْ صَاحِبِهِ فَكُلُّ شَيْءٍ أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ ، وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّيَا شَيْئًا حَتَّى أَعْتَقَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا جَازَ الْعِتْقُ وَبَرِئَ عَنْ النِّصْفِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ بِحِصَّةِ الَّذِي لَمْ يُعْتَقْ أَيُّهُمَا شَاءَ فَإِنْ أَخَذَ الَّذِي أُعْتِقَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا أَدَّى ، وَإِنْ أَخَذَ الْآخَرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُعْتَقِ بِشَيْءٍ
وَمَنْ ضَمِنَ عَنْ عَبْدٍ مَالًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يُعْتَقَ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِ مَالٍ وَكَذَّبَهُ سَيِّدُهُ ، أَوْ أَقْرَضَهُ سَيِّدُهُ ، أَوْ بَاعَهُ وَهُوَ مَحْجُورٌ وَلَمْ يُسَمِّ حَالًّا وَلَا غَيْرَهُ فَهُوَ حَالٌّ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ حَالٌّ عَلَيْهِ لِوُجُودِ السَّبَبِ وَقَبُولِ الذِّمَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ لِعُسْرَتِهِ أَوْ جَمِيعُ مَا فِي يَدِهِ مِلْكُ الْمَوْلَى وَلَمْ يَرْضَ بِتَعَلُّقِهِ بِهِ وَالْكَفِيلُ غَيْرُ مُعْسِرٍ فَصَارَ كَمَا إذَا كَفَلَ عَنْ غَائِبٍ ، أَوْ مُفْلِسٍ بِخِلَافِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ بِمُؤَخَّرٍ ثُمَّ إذَا أَدَّى يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ
وَمَنْ ادَّعَى عَلَى عَبْدٍ مَالًا وَكَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِنَفْسِهِ فَمَاتَ الْعَبْدُ بَرِئَ الْكَفِيلُ لِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ كَمَا إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ حُرًّا فَإِنْ ادَّعَى رَقَبَةَ الْعَبْدِ فَكَفَلَ بِهِ رَجُلٌ فَمَاتَ الْعَبْدُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ ضَمِنَ الْكَفِيلُ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ الْمَالَ عَلَى الْعَبْدِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ نَفْسَ الْعَبْدِ لَا يَبْرَأُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ .
وَفِي التَّجْرِيدِ عَنْ مُحَمَّدٍ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ أَنَّهُ غَصَبَ عَبْدًا فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا ضَامِنٌ الْعَبْدَ إلَى مَنْ يَدَّعِي قَالَ : هُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يَأْتِيَ الْعَبْدُ فَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَاسْتَحَقَّهُ بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْعَبْدِ .
وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ عَبْدًا وَمَاتَ فِي يَدِهِ فَقَالَ : خَلِّهِ وَأَنَا ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ ضَامِنٌ يَأْخُذُهُ بِهَا مِنْ سَاعَتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ بِالْبَيِّنَةِ انْتَهَى .
وَلَا يَجُوزُ كَفَالَةُ الْمَمْلُوكِ وَالصَّبِيِّ إلَّا بِإِذْنٍ ، مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَكَذَا لَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ هَذِهِ فِي الشَّرِكَةِ ، مِنْهَا قَالَ فِي الْوَجِيزِ لَوْ كَفَلَ الْمُكَاتَبُ بِنَفْسٍ ، أَوْ بِمَالٍ لَا يَجُوزُ ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ كَفَالَةُ الْقِنِّ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ تَجُوزُ وَيُؤَاخَذُ الْقِنُّ بِهِ فِي الرِّقِّ وَبَعْدَ عِتْقِهِ وَكَفَالَةُ الصَّغِيرِ لَمْ تَجُزْ ، وَلَوْ بِإِذْنِ أَبِيهِ .
وَلَوْ اسْتَدَانَ بِشِرَاءٍ نَسِيئَةً أَبُوهُ ، أَوْ وَصِيُّهُ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَكْفُلَ بِالدَّيْنِ عَنْهُ ، أَوْ بِنَفْسِهِ جَازَتْ كَفَالَتُهُ بِالدَّيْنِ دُونَ النَّفْسِ انْتَهَى .