كتاب : مجمع الضمانات
المؤلف : أبو محمد غانم بن محمد البغدادي
جِنَايَةُ الْعَبْدِ الرَّهْنَ عَلَى الرَّاهِنِ فِي نَفْسِهِ جِنَايَةٌ تُوجِبُ الْمَالَ ، وَعَلَى مَالِهِ هَدَرٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا ، وَجِنَايَتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ أَوْ فِي مَالِهِ هَدَرٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَلَّتْ قِيمَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ كَثُرَتْ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مُعْتَبَرَةٌ فَإِنْ اجْتَمَعَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَلَى الدَّفْعِ دَفَعَاهُ بِالْجِنَايَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ ، وَيَبْطُلُ الدَّيْنُ مِنْ قَاضِي خَانْ فَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ : لَا أَطْلُبُ الْجِنَايَةَ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ انْتَهَى ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي رَهْنِ جَمِيعِهِ مَضْمُونٌ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ فَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْضُهُ مَضْمُونًا ، وَبَعْضُهُ أَمَانَةً بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ضِعْفَ الدَّيْنِ فَإِنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ مُعْتَبَرَةٌ اتِّفَاقًا فَيُقَالُ لِلرَّاهِنِ : إنْ شِئْت ادْفَعْهُ بِالْجِنَايَةِ ، وَإِنْ شِئْت افْدِهِ فَإِنْ دَفَعَهُ ، وَقَبِلَ الْمُرْتَهِنُ بَطَلَ الدَّيْنُ كُلُّهُ ، وَصَارَ الْعَبْدُ لِلْمُرْتَهِنِ ، وَإِنْ اخْتَارَ فِدَاءَهُ فَنِصْفُ الْفِدَاءِ عَلَى الرَّاهِنِ ، وَنِصْفُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَمَا كَانَ حِصَّةَ الْمُرْتَهِنِ يَبْطُلُ ، وَمَا كَانَ حِصَّةُ الرَّاهِنِ يُفْدَى وَالْعَبْدُ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ .
وَفِي الْوَجِيزِ فَإِنْ كَانَ فِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَنْ الدَّيْنِ فَجِنَايَتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ، وَرَقِيقُهُ مُعْتَبَرَةٌ بِالْإِجْمَاعِ انْتَهَى .
وَفِي الْهِدَايَةِ : وَجِنَايَةُ الرَّهْنِ عَلَى مَالِ الْمُرْتَهِنِ لَا تُعْتَبَرُ بِالِاتِّفَاقِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَالدَّيْنُ سَوَاءً لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِاعْتِبَارِهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُ الْعَبْدَ ، وَهُوَ الْفَائِدَةُ ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِقَدْرِ الْأَمَانَةِ وَعَنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ جِنَايَةُ الرَّهْنِ عَلَى ابْنِ الرَّاهِنِ ، وَابْنِ الْمُرْتَهِنِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى
الْأَجْنَبِيِّ انْتَهَى
الْعَبْدُ الْمُرْتَهَنُ إذَا قَتَلَ الرَّاهِنَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ أَوْ غَيْرَهُمَا عَمْدًا يُقْتَصُّ مِنْهُ ، وَيَبْطُلُ الدَّيْنُ مِنْ قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ .
، وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الرَّهْنُ قَتِيلًا خَطَأً فَضَمَانُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّمْلِيكَ فَإِنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بَقِيَ الدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِشَيْءٍ مِنْ الْفِدَاءِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَصَلَتْ فِي ضَمَانِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ إصْلَاحُهَا وَلَوْ أَبَى الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَفْدِيَ قِيلَ لِلرَّاهِنِ : ادْفَعْ الْعَبْدَ أَوْ افْدِهِ بِالدِّيَةِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ سَقَطَ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ لِمَعْنًى فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَصَارَ كَالْهَلَاكِ .
وَكَذَلِكَ إنْ فَدَى يَسْقُطُ الدَّيْنُ لِأَنَّ الْعَبْدَ كَالْحَاصِلِ لَهُ بِعِوَضٍ كَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ، وَهُوَ الْفِدَاءُ بِخِلَافِ وَلَدِ الرَّهْنِ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا أَوْ أَهْلَكَ مَالًا فَإِنَّ الرَّاهِنَ يُخَاطَبُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ ، وَإِنْ فَدَى فَهُوَ رَهْنٌ مَعَ أُمِّهِ عَلَى حَالِهِمَا مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ : إنَّمَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِتَمَامِهِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ أَوْ مُسَاوِيًا أَمَّا إذَا كَانَ أَكْثَرَ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَا يَسْقُطُ الْبَاقِي ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَتْنِ هَذَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ لَا يَكُونَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ انْتَهَى .
وَفِي الْوَجِيزِ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَمَا فَدَاهُ الرَّاهِنُ يُرَدُّ عَلَى الرَّاهِنِ الْفِدَاءَ انْتَهَى .
، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَيْنِ ، وَهُوَ رَهْنٌ بِأَلْفٍ قَدْ جَنَى الْعَبْدُ خَطَأً يُقَالُ لَهُمَا : افْدِيَا ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ مِنْهُ مَضْمُونٌ وَالنِّصْفَ أَمَانَةٌ ، وَالْفِدَاءُ فِي الْمَضْمُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ، وَفِي الْأَمَانَةِ عَلَى الرَّاهِنِ فَإِنْ أَجْمَعَا عَلَى الدَّفْعِ دَفَعَاهُ ، وَبَطَلَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ ، وَالدَّفْعُ لَا يَجُوزُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ
الْمُرْتَهِنِ لِمَا بَيَّنَّاهُ ، وَإِنَّمَا مِنْهُ الرِّضَا بِهِ فَإِنْ تَشَاحَّا فَالْقَوْلُ لِمَنْ قَالَ : أَنَا أَفْدِي رَاهِنًا كَانَ أَوْ مُرْتَهِنًا ، وَكَذَا فِي جِنَايَةِ وَلَدِ الرَّهْنِ ، وَإِذَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ : أَنَا أَفْدِي لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ يَخْتَارُ الدَّفْعَ وَلَوْ أَبَى الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَفْدِيَ ، وَفَدَاهُ الرَّاهِنُ فَإِنَّهُ يُحْتَسَبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ نِصْفُ الْفِدَاءِ مِنْ الدَّيْنِ ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الدَّيْنِ أَمْرٌ لَازِمٌ فَدَى أَوْ دَفَعَ فَلَمْ يُجْعَلْ الرَّاهِنُ فِي الْفِدَاءِ مُتَطَوِّعًا ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ نِصْفُ الْفِدَاءِ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بَطَلَ الدَّيْنُ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ نِصْفِ الْفِدَاءِ ، وَكَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِمَا بَقِيَ ، وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ فَدَى ، وَالرَّاهِنُ حَاضِرٌ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ .
وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ وَنِصْفِ الْفِدَاءِ لَكِنَّهُ يَحْبِسُ الْعَبْدَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْعَبْدِ بِنِصْفِ الْفِدَاءِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ : الْمُرْتَهِنُ مُتَطَوِّعٌ فِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ إلَّا بِدَيْنِهِ خَاصَّةً ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ قَالَ فِي الْوَجِيزِ : وَلَوْ دَفَعَهُ الرَّاهِنُ فَلِلْمُرْتَهِنِ إذَا حَضَرَ أَنْ يَبْطُلَ دَفْعُهُ ، وَيَفْدِي عَنْهُ انْتَهَى .
وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ مَالًا يَسْتَغْرِقُ رَقَبَتَهُ فَإِنْ أَدَّى الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ الَّذِي لَزِمَ الْعَبْدُ فَدَيْنُهُ عَلَى حَالِهِ كَمَا فِي الْفِدَاءِ ، وَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلرَّاهِنِ : بِعْهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ فَإِنْ أَدَّى بَطَلَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْفِدَاءِ ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ ، وَبِيعَ الْعَبْدُ يَأْخُذُ صَاحِبُ دَيْنِ الْعَبْدِ دَيْنَهُ ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ وَدَيْنُ غَرِيمِ الْعَبْدِ مِثْلُ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ أَكْثَرَ فَالْفَضْلُ لِلرَّاهِنِ ، وَبَطَلَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ اُسْتُحِقَّتْ بِمَعْنًى هُوَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَأَشْبَهَ الْهَلَاكَ ، وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْهُ يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ بِقَدْرِ دَيْنِ الْعَبْدِ ، وَمَا فَضَلَ مِنْ دَيْنِ الْعَبْدِ يَبْقَى رَهْنًا كَمَا كَانَ ثُمَّ إنْ كَانَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ قَدْ حَلَّ أَخْذُهُ ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَحِلَّ أَمْسَكَهُ حَتَّى يَحِلَّ ، وَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الْعَبْدِ لَا يَفِي بِدَيْنِ الْغَرِيمِ أَخَذَ الْغَرِيمُ الثَّمَنَ ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ بِمَا بَقِيَ حَتَّى يُعْتَقَ الْعَبْدُ ثُمَّ إذَا أَدَّى بَعْدَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْوَجِيزِ الْعَبْدُ لَوْ أَتْلَفَ مَتَاعًا لِرَجُلٍ يُبَاعُ فِيهِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لِلْمُرْتَهِنِ .
وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ أَقَامَ الرَّاهِنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَهَنَهُ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ ، وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ ، وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ ، وَلَا يَدْرِي الْعَبْدُ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ قِيمَتَهُ كُلَّهَا النِّصْفُ يَسْقُطُ بِدَيْنِهِ ، وَيُؤْخَذُ بِالنِّصْفِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَكَتَ الْمُرْتَهِنُ ، وَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يَجْحَدْ ، وَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ : يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ لَا يُسْمَعُ قَوْلُهُ انْتَهَى .
الْعَبْدُ الرَّهْنُ إذَا قُتِلَ عَمْدًا لَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ مَعَهُ فَإِذَا اجْتَمَعَا فَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَتَكُونُ الْقِيمَةُ رَهْنًا مَكَانَ الْعَبْدِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
الْبَابُ التَّاسِعُ فِي مَسَائِلِ الْغَصْبِ ، وَيَشْتَمِلُ عَلَى تِسْعَةِ فُصُولٍ أَيْضًا .
( الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِهِ ، وَالْكَلَامِ فِي أَحْكَامِهِ ، وَأَحْكَامِ الْغَاصِبِ مِنْ الْغَاصِبِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ ) .
الْغَصْبُ شَرْعًا هُوَ أَخْذُ مَالٍ مُتَقَوِّمٌ مُحْتَرَمٍ بِلَا إذْنِ مَنْ لَهُ الْإِذْنُ عَلَى وَجْهٍ يُزِيلُ يَدَهُ بِفِعْلٍ فِي الْعَيْنِ وَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ الْحُرُّ ، وَالْمَيْتَةُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ فِيهِمَا ، وَبِالثَّانِي خَمْرُ الْمُسْلِمِ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ ، وَبِالثَّالِثِ مَالُ الْحَرْبِيِّ .
وَاحْتُرِزَ بِالرَّابِعِ عَنْ الْوَدِيعَةِ ، وَتَقْيِيدِ الْخَامِسِ بِقَوْلِنَا بِفِعْلٍ فِي الْعَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى أَصْلِ الشَّيْخَيْنِ وَبِدُونِهِ وَيَنْطَبِقُ الْحَدُّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ الشَّيْخَيْنِ اعْتَبَرَا فِي الْغَصْبِ إزَالَةَ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ بِفِعْلٍ فِي الْعَيْنِ وَمُحَمَّدٌ اكْتَفَى بِإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا مَسَائِلُ مِنْهَا : إنَّ زَوَائِدَ الْمَغْصُوبِ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِتَحَقُّقِ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ دُونَ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ ، وَمِنْهَا أَنَّ الْعَقَارَ لَا يُغْصَبُ عِنْدَهُمَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْإِزَالَةِ بِفِعْلٍ فِيهِ ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ لَا تَزُولُ إلَّا بِإِخْرَاجِهِ عَنْهُ ، وَهُوَ فِعْلٌ فِيهِ لَا فِي الْعَقَارِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِتَحَقُّقِ مُطْلَقِ الْإِزَالَةِ وَالْإِثْبَاتِ فِيهِ .
وَمِنْهَا أَنَّ اسْتِخْدَامَ الْقِنِّ ، وَحَمْلَ الدَّابَّةِ غَصْبٌ لَا الْجُلُوسُ عَلَى الْبِسَاطِ إذْ فِي الْأَوَّلَيْنِ أُثْبِتَتْ فِيهِ الْيَدُ الْمُتَصَرِّفَةُ ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ الْأَخِيرِ فَإِنَّ الْجُلُوسَ عَلَيْهِ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ فِيهِ مِنْ الْإِيضَاحِ وَالْإِصْلَاحِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ : الْغَصْبُ عِبَارَةٌ عَنْ إيقَاعِ الْفِعْلِ فِيمَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ أَمَّا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ فِي الْمَحَلِّ فَلَا يَصِيرُ غَاصِبًا حَتَّى لَوْ مَنَعَ رَجُلًا مِنْ دُخُولِ دَارِهِ أَوْ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ أَخْذِ مَالِهِ لَا يَكُونُ غَاصِبًا بِذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ مُنِعَ الْمَالِكُ عَنْ الْمَوَاشِي حَتَّى ضَاعَتْ الْمَوَاشِي لَا يَضْمَنُ ، وَلَوْ نَقَلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا يَصِيرُ غَاصِبًا انْتَهَى .
وَحُكْمُ الْغَصْبِ الْإِثْمُ ، وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ الْمَغْصُوبِ لَوْ كَانَ قَائِمًا فِي مَكَانِ غَصْبِهِ لِتَفَاوُتِ الْقِيَمِ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ ، وَأُجْرَةُ الرَّدِّ عَلَى الْغَاصِبِ هَذِهِ فِي عَارِيَّةِ الْهِدَايَةِ ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا وَلَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهِ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا فَأَبَقَ ، وَنَحْوُهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ لَوْ كَانَ مِثْلِيًّا كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ وَالْمُرَادُ بِالْمَوْزُونِ مَا لَا تُخْرِجُهُ الصَّنْعَةُ عَنْ بَيْعِهِ بِحَسَبِ الْوَزْنِ بِأَنْ يَكُونَ مُقَابَلَتُهُ بِالثَّمَنِ مَبْنِيًّا عَلَى الْوَزْنِ فَمِثْلُ الْقَمْقَمَةِ ، وَالْقَدْرُ لَيْسَ مِنْهُ فَإِنْ انْقَطَعَ الْمِثْلُ بِأَنْ كَانَ عَيْنًا فَانْقَطَعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَيَوْمَ الْغَصْبِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، وَيَوْمَ الِانْقِطَاعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ، وَلَوْ صَبَرَ الْمَالِكُ إلَى أَنْ يُوجَدَ جِنْسُهُ لَهُ ذَلِكَ ، وَلَوْ لَمْ يَنْصَرِمْ بِالْكُلِّيَّةِ ، وَلَكِنْ بَقِيَ مِنْهُ نَاقِصُ الصِّفَةِ كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ نَاقِصًا ، وَإِنْ شَاءَ عَدَلَ إلَى الْقِيمَةِ هَذِهِ فِي جِنَايَةِ الْهِدَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا كَالْمَزْرُوعَاتِ ، وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ أَيْ الَّذِي تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فِي الْقِيمَةِ لَا الَّذِي تَتَفَاوَتُ أَنْوَاعُهُ دُونَ آحَادِهِ كَبَاذِنْجَانٍ فَإِنَّهُ مِثْلِيٌّ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ ، وَيُقَوَّمُ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ هَذِهِ فِي زَكَاةِ الْهِدَايَةِ .
فَلَوْ غَصَبَ فُلُوسًا فَكَسَدَتْ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ مِثْلُ الَّتِي كَسَدَتْ ، وَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا ، وَلَا مِثْلَهَا مِنْ الَّذِي أَحْدَثُوهُ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ يَوْمَ الْغَصْبِ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ : عَلَيْهِ الْقِيمَةُ فِي آخِرِ يَوْمٍ كَانَتْ رَائِجَةً فَكَسَدَتْ لَكِنَّ وَالِدِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ رِفْقًا بِالنَّاسِ فَنُفْتِي كَذَلِكَ ، وَالْعَدَدِيُّ كَالْفُلُوسِ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ مِنْ الصُّغْرَى .
وَاللَّحْمُ يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ هَذِهِ فِي السَّلَمِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ اللَّحْمُ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ لَوْ مَطْبُوخًا بِالْإِجْمَاعِ ، وَكَذَا لَوْ نِيئًا وَهُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى .
وَفِي الصُّغْرَى اللَّحْمُ مِثْلِيٌّ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ ، وَالْفُولُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ انْتَهَى .
وَفِي الْقُنْيَةِ فِي كَوْنِ الْغَزْلِ مِثْلِيًّا رِوَايَتَانِ كَالْإِبْرَيْسَمِ ، وَالدِّبْسُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَلَوْ أَتْلَفَ دِبْسَ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ صُنْعِ الْعِبَادِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ عَادَةُ الْمُمَاثَلَةِ لِتَفَاوُتِهِمْ فِي الصِّنَاعَةِ انْتَهَى .
وَالْمَاءُ قِيَمِيٌّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ مِثْلِيٌّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ، وَالْكَاغِدِ مِثْلِيٌّ ، وَالْخُبْزُ قِيَمِيٌّ هُوَ الصَّحِيحُ ، وَمِثْلِيٌّ بِإِطْلَاقِ لَفْظِ الطَّحَاوِيِّ .
كُلُّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ ، وَلَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ مَضَرَّةٌ غَيْرُ الْمَصْنُوعِ فَهُوَ مِثْلِيُّ ، وَكَذَا الْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ كَجَوْزٍ وَبَيْضٍ وَنَحْوِهِمَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ .
وَاسْتِيفَاءُ الْكَلَامِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيَمِيِّ عَلَى التَّفْصِيلِ يَحْتَاجُ إلَى بَسْطٍ وَتَطْوِيلٍ وَقَدْ أَتَى صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ بِمَا يُغْنِي فَلْيُرْجَعْ إلَيْهِ وَقْتَ الْحَاجَةِ .
وَإِنْ ادَّعَى الْهَلَاكَ ، وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً لَأَظْهَرَهَا ثُمَّ قَضَى عَلَيْهَا بِبَدَلِهَا وَإِذَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ مَلَكَهَا عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ذَكَرَهُ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ لَمْ يُقِمْ الْمَالِكُ حُجَّةً عَلَى الزِّيَادَةِ فَإِنْ ظَهَرَتْ الْعَيْنُ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَالضَّمَانِ ، وَقِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِمَّا ضَمِنَ ، وَقَدْ ضَمِنَهَا بِقَوْلِ الْمَالِكِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الْمَالِكُ عَلَى قِيمَتِهَا أَوْ بِنُكُولِ الْغَاصِبِ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا خِيَارَ لِلْمَالِكِ ، وَهُوَ لِلْغَاصِبِ إذْ مَلَكَهَا لَمَّا ضَمِنَهَا ، وَقَدْ كَانَ الضَّمَانُ بِقَوْلِ الْمَالِكِ فَتَمَّ الْمِلْكُ لِلْغَاصِبِ بِسَبَبٍ اتَّصَلَ بِهِ رِضَا الْمَالِكِ حَيْثُ ادَّعَى هَذَا الْمِقْدَارَ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ ، وَإِنْ كَانَ ضَمَانُ الْقِيمَةِ بِقَوْلِ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ فَالْمَالِك بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الضَّمَانَ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَيْنَ ، وَرَدَّ الْعِوَضَ ، وَلَوْ ظَهَرَتْ الْعَيْنُ وَقِيمَتُهَا مِثْلُ مَا ضَمِنَهُ أَوْ دُونَهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ الْأَخِيرِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْكَرْخِيُّ إنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ مِنْ الْهِدَايَةِ .
غَصَبَ جَارِيَةً وَعَيَّبَهَا ، وَاخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ فَقَالَ صَاحِبُهَا : كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفَيْنِ ، وَقَالَ الْغَاصِبُ : كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا ، وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الْغَاصِبِ بِأَلْفٍ لَا يَحِلُّ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا ، وَلَا يَطَأَهَا ، وَلَا يَبِيعَهَا إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا تَامَّةً فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْغَاصِبُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ النَّاقِصَةِ يَجُوزُ عِتْقُهُ ، وَعَلَيْهِ تَمَامُ الْقِيمَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
غَصَبَ الْعَبْدَ الْمَدْيُونَ ، وَمَاتَ عِنْدَهُ فَلِأَرْبَابِ الدُّيُونِ مُطَالَبَتُهُ مِنْ الْقُنْيَةِ .
وَلَوْ غَصَبَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ غَاصِبَ الْغَاصِبِ إلَّا فِي الْوَقْفِ إذَا غَصَبَ مِنْ الْغَاصِبِ وَكَانَ الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّي إنَّمَا يُضَمِّنُ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ فَإِنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الثَّانِي ، وَإِنْ ضَمِنَ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ .
وَكَذَا السَّارِقُ مِنْ الْغَاصِبِ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ ، وَلَوْ اخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا لَا يَبْرَأُ الْآخَرُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ مِنْ الْوَجِيزِ وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ لَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الضَّمَانِ مِنْ الْأَوَّلِ ، وَالْبَعْضَ مِنْ الثَّانِي وَلَكِنْ يُخَيَّرُ فِي تَضْمِينِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ ، وَرَضِيَ بِهِ الْغَاصِبُ أَوْ لَمْ يَرْضَ وَلَكِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ ، وَيُضَمِّنَ الثَّانِيَ ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْأَوَّلُ ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْحَاكِمُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيُضَمِّنَ الثَّانِيَ ، وَإِنْ اخْتَارَ الْأَوَّلَ ، وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا ، وَهُوَ مُفْلِسٌ فَالْحَاكِمُ يَأْمُرُ الْأَوَّلَ بِقَبْضِ مَالِهِ عَلَى الثَّانِي ، وَيُعْطِيهِ لَهُ فَإِنْ أَبَى فَالْمَالِكُ يُحْضِرُهُمَا ثُمَّ تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ ، وَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ الثَّانِي فَيَقْضِيهِ انْتَهَى .
غَاصِبُ الْغَاصِبِ إذَا رَدَّهُ عَلَى الْغَاصِبِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ ، وَعَنْ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ ، وَأَبِي مُطِيعٍ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ عَلَى الْغَاصِبِ قَالَ صَاحِبُ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ : وَعِنْدِي أَنَّهُ إنْ كَانَ يَرْجُوَانِهِ يُرِيدُ رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ رَجَوْت أَنْ يَبْرَأَ مِنْ الصُّغْرَى .
إذَا غَصَبَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً فَغَصَبَهَا مِنْهُ آخَرُ فَأَبَقَتْ فَرَجَعَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ إلَى الْقَاضِي ، وَتَصَادَقُوا عَلَى الْأَمْرِ عَلَى وَجْهِهِ فَإِنَّ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا فَإِذَا دَفَعَ الثَّانِي الضَّمَانَ إلَى الْأَوَّلِ بَرِئَ كَمَا لَوْ رَدَّ عَيْنَهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ .
غَاصِبُ الْغَاصِبِ إذَا اسْتَهْلَكَ الْغَصْبَ أَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ فَأَدَّى الْقِيمَةَ إلَى الْأَوَّلِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ ، وَلَوْ رَدَّ الثَّانِي عَيْنَ الْغَصْبِ عَلَى الْأَوَّلِ بَرِئَ عِنْدَ الْكُلِّ .
وَلَوْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الثَّانِي لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ ، وَكَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الثَّانِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الثَّانِي غَاصِبُ الْمُودَعِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ كيليا أَوْ وَزْنِيًّا فَاسْتَهْلَكَهُ الثَّانِي فَأَخَذَ الْأَوَّلُ قِيمَتَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَا يَبْرَأُ الثَّانِي لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا قَبْضُ عَيْنِهِ أَوْ بَدَلِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ .
لَوْ بَاعَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ ، وَقَبَضَ ثَمَنَهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبِهِ وَلَيْسَ لَهُ إجَازَةُ الْبَيْعِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَلَوْ اخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَ أَحَدِ الْغَاصِبَيْنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ هَذِهِ فِي كَفَالَةِ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ كُلًّا مِنْهُمَا نِصْفَ قِيمَتِهِ ، وَإِذَا ضَمَّنَ أَحَدَهُمَا يَبْرَأُ الْآخَرُ أَمَّا لَوْ اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يَبْرَأُ الْآخَرُ حَتَّى لَوْ تَوِيَ الْمَالُ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَهُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى .
وَلَوْ أَنَّ رِجَالًا غَصَبُوا مِنْ رَجُلٍ حَبَّةً مِنْ الْحِنْطَةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ قَفِيزَ حِنْطَةٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ : إذَا غَصَبَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ أُضَمِّنُهُمْ قِيمَتَهُ ، وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَعْدَ رَجُلٍ لَمْ أُضَمِّنْهُ شَيْئًا .
رَجُلٌ غَصَبَ مَالًا فَغَصَبَهُ مِنْ الْغَاصِبِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ الْغَصْبِ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَاصِبٌ فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَا يَبْرَأُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ ، وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ بَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِمَاعَةَ أَنَّ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا إنَّمَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ لِلْآخَرِ إذَا رَضِيَ مَنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ بِذَلِكَ أَوْ قَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي أَمَّا بِدُونِ الْقَضَاءِ وَالرِّضَا لَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ انْتَهَى .
رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَخَذَ غَيْرُ صَاحِبِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ شَيْئًا ، وَدَفَعَهُ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ فَالْأَوَّلُ غَاصِبٌ ، وَالثَّانِي غَاصِبُ الْغَاصِبِ فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْآخِذِ لَمْ يَصِرْ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ ، وَإِنْ اخْتَارَ صَاحِبُ الدَّيْنِ يَصِيرُ قِصَاصًا ؛ لِأَنَّ الْآخِذَ بِمَنْزِلَةِ الْمُعِينِ لَهُ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ ، وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَلَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ فِي تَضْمِينِ مَنْ شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْبَائِعِ هَذِهِ فِي الْمَأْذُونِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ : لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ يُضَمِّنُ أَيَّهمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ جَازَ بَيْعُهُ وَالثَّمَنُ لَهُ ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ، وَبَطَلَ الْبَيْعُ ، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمَّنَ عَلَيْهِ قَالَ : تَأْوِيلُهُ إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ ، وَسَلَّمَ أَمَّا بِدُونِ التَّسْلِيمِ فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ انْتَهَى .
غَصَبَ عَبْدًا فَبَاعَهُ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ بَعْدَ بَيْعِهِ فَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ بَعْدَ الضَّمَانِ بِعَيْبٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ ، وَيَسْتَرِدَّ الْقِيمَةَ هَذِهِ فِي الْمَأْذُونِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ أَعَارَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ ، وَلَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ مِنْ إنْسَانٍ ، وَهَلَكَ عِنْدَهُ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ الْوَجِيزِ .
الْغَاصِبُ إذَا أَجَّرَ الْمَغْصُوبَ فَالْأَجْرُ لَهُ فَإِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ أَوْ تَلِفَ لَا مِنْهُ ، وَضَمِنَهُ الْغَاصِبُ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِأَجْرِهِ فِي أَدَاءِ الضَّمَانِ ، وَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي إذَا كَانَ فَقِيرًا فَإِذَا كَانَ غَنِيًّا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِالْغَلَّةِ فِي أَدَاءِ الضَّمَانِ فِي الصَّحِيحِ .
وَلَوْ كَانَتْ دَابَّةٌ فَأَخَذَ أَجْرَهَا ثُمَّ بَاعَهَا ، وَأَخَذَ ثَمَنَهَا وَتَلِفَ الثَّمَنُ ثُمَّ مَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ، وَضَمَّنَ الْمَالِكُ الْمُشْتَرِيَ ، وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ فِي أَدَاءِ الضَّمَانِ بِالْأَجْرِ .
وَلَوْ أَوْدَعَهُ الْغَاصِبُ عِنْدَ رَجُلٍ ، وَهَلَكَ عِنْدَهُ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ ، وَلَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمُودَعِ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَ ، وَيَرْجِعُ الْمُودَعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا ضَمِنَ ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُودَعُ فَالْجَوَابُ عَلَى قَلْبِ هَذَا ، وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُودَعِ ، وَكَذَا لَوْ أَجَّرَهُ الْغَاصِبُ أَوْ رَهَنَهُ فَهَلَكَ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمْ شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ لَا يَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ، وَلَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ ، وَلَكِنْ يَسْقُطُ دَيْنُهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا ضَمِنَ إلَّا إذَا اسْتَهْلَكَهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ ، وَلَوْ أَعَارَهُ الْغَاصِبُ فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ ، وَأَيًّا يَضْمَنُ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُسْتَعِيرُ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
إذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَأَوْدَعَهَا فَأَبَقَتْ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ قِيمَتَهَا مَلَكَهَا الْغَاصِبُ فَلَوْ أَعْتَقَهَا الْغَاصِبُ صَحَّ ، وَلَوْ ضَمَّنَهَا الْمُودَعَ فَأَعْتَقَهَا لَمْ يَجُزْ ، وَلَوْ كَانَتْ مَحْرَمًا مِنْ الْغَاصِبِ عَتَقَتْ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُودَعِ إذَا ضَمِنَهَا ؛ لِأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمُودَعَ ، وَإِنْ جَازَ تَضْمِينُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْغَاصِبِ ، وَهُوَ الْمُودِعُ لِكَوْنِهِ عَامِلًا لَهُ فَهُوَ كَوَكِيلِ الشِّرَاءِ ، وَلَوْ اخْتَارَ الْمُودَعُ بَعْدَ تَضْمِينِهِ أَخْذَهَا بَعْدَ عَوْدِهَا ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْعَوْدِ مِنْ الْإِبَاقِ كَانَتْ أَمَانَةً لَهُ ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا ضَمِنَ ، وَكَذَا إذَا ذَهَبَتْ عَيْنُهَا ، وَلِلْمُودَعِ حَبْسُهَا عَنْ الْغَاصِبِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا ضَمَّنَهُ الْمَالِكُ فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْحَبْسِ هَلَكَتْ بِالْقِيمَةِ ، وَإِنْ ذَهَبَتْ عَيْنُهَا بَعْدَ الْحَبْسِ لَمْ يَضْمَنْهَا كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّ الْفَائِتَ وَصْفٌ ، وَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ ، وَلَكِنْ يَتَخَيَّرُ الْغَاصِبُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا ، وَأَدَّى جَمِيعَ الْقِيمَةِ .
وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ أَجَّرَهَا أَوْ رَهَنَهَا فَهُوَ الْوَدِيعَةُ سَوَاءٌ ، وَإِنْ أَعَارَهَا أَوْ وَهَبَهَا فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ كَانَ الْمِلْكُ لَهُ ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ أَوْ الْمَوْهُوبَ لَهُ كَانَ الْمِلْكُ لَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا يَسْتَوْجِبَانِ الرُّجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ فَكَانَ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِمَا فَكَانَ الْمِلْكُ لَهُمَا ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُمَا مُشْتَرٍ فَضَمِنَ سُلِّمَتْ الْجَارِيَةُ لَهُ ، وَكَذَلِكَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ إذَا ضَمِنَ مَلَكَهَا لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ مَحْرَمَةً مِنْهُ وَإِنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ مَلَكَهَا فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ مَحْرَمَةً ، وَلَوْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةٌ فَلِلْأَوَّلِ الرُّجُوعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ مَلَكَهَا
فَيَصِيرُ الثَّانِي غَاصِبًا مِلْكَ الْأَوَّلِ ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ بَعْدَ التَّضْمِينِ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي ، وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْأَوَّلَ ، وَلَمْ يُضَمِّنْ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ حَتَّى ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ كَانَتْ مِلْكًا لِلْأَوَّلِ فَإِنْ قَالَ : أَنَا أُسَلِّمُهَا لِلثَّانِي ، وَأَرْجِعُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ قَدَرَ عَلَى رَدِّ الْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ تَضْمِينُهُ ، وَإِنْ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي ثُمَّ ظَهَرَتْ كَانَتْ لِلثَّانِي كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِقَاضِي خَانْ .
وَفِي الْوَجِيزِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ : إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْمَوْلَى انْتَهَى .
وَلَوْ كُفِّنَ الْغَاصِبُ بِثَوْبِ الْغَصْبِ مَيِّتًا قَالُوا : إنْ شَاءَ أَخَذَ صَاحِبُ الثَّوْبِ قِيمَةَ الثَّوْبِ ، وَإِنْ شَاءَ نُبِشَ الْقَبْرُ فَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ : إنْ كَانَ الْمَيِّتُ تَرَكَ مَالًا يُعْطَى قِيمَةَ الثَّوْبِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ ، وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ مُتَبَرِّعٌ قِيمَةَ الثَّوْبِ لَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يَنْبُشَ مِنْ قَاضِي خَانْ .
، وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً ، وَغَابَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَطَلَبَ الْغَاصِبُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ الْمَغْصُوبَ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ بِالْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي لِذَلِكَ ، وَيَتْرُكُهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَنَفَقَتُهُ تَكُونُ عَلَى الْغَاصِبِ ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَغْصُوبِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي الْمَصْلَحَةَ فِي أَنْ يَبِيعَ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ بِأَنْ كَانَ الْغَاصِبُ مَخُوفًا وَيُمْسِكُ الثَّمَنَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ فَعَلَ ذَلِكَ .
رَجُلٌ ابْتَلَعَ دُرَّةَ رَجُلٍ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَلَا يَنْتَظِرُ إلَى أَنْ تَخْرُجَ مِنْهُ ، وَلَوْ مَاتَ ، وَتَرَك مَالًا يُعْطَى الضَّمَانَ مِنْ تَرِكَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَدَعْ مَالًا لَا يُشَقُّ بَطْنُهُ انْتَهَى .
وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا لِرَجُلٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَدُفِعَ الْقَاتِلُ مَكَانَهُ تَخَيَّرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَدْفُوعَ مَكَانَهُ ، وَبَيْنَ أَنْ يُطَالِبَ الْغَاصِبَ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ هَذِهِ فِي الرَّهْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
الْفَصْلُ الثَّانِي إذَا ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي بَلْدَةٍ فَطَالَبَهُ الْمَالِكُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهَا وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْقِيمَةِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَ السِّعْرُ .
وَلَوْ غَصَبَ عَيْنًا فَلَقِيَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى ، وَالْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي هَذَا الْمَكَانِ مِثْلَ الْقِيمَةِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ الْغَصْبَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْقِيمَةِ ، وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَقَلَّ مِنْ السِّعْرِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ عَلَى سِعْرِ مَكَانِ الْغَصْبِ ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ حَتَّى يَأْخُذَ الْمَغْصُوبَ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ ، وَلَوْ كَانَ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبُ قَدْ هَلَكَ ، وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي الْتَقَيَا مِثْلَ السِّعْرِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ يَبْرَأُ بِرَدِّ الْمِثْلِ .
وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَقَلَّ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْنِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمِثْلَ فِي الْحَالِ ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ ، وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ يُخَيَّرُ الْغَاصِبُ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِثْلَهُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ حَيْثُ غَصَبَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالتَّأْخِيرِ ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمَكَانَيْنِ سَوَاءً كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْمِثْلِ مِنْ قَاضِي خَانْ ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَلِلْمَالِكِ قِيمَةُ بَلَدِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ حِنْطَةً بِمَكَّةَ وَحَمَلَهَا إلَى بَغْدَادَ قَالَ : عَلَيْهِ قِيمَتُهَا بِمَكَّةَ ، وَلَوْ غَصَبَ غُلَامًا بِمَكَّةَ فَجَاءَ بِهِ إلَى بَغْدَادَ قَالَ : إنْ كَانَ صَاحِبُهُ مِنْ
أَهْلِ مَكَّةَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا أَخَذَ غُلَامَهُ .
غَصَبَ سَفِينَةً فَوَجَدَ رَبَّهَا فِي وَسَطِ الْبَحْرِ لَا يَسْتَرِدُّهَا مِنْ الْغَاصِبِ وَلَكِنْ يُؤَاجِرُهَا مِنْهُ إلَى السَّاحِلِ .
وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا غَصَبَ دَابَّةً فَوَجَدَهَا الْمَالِكُ مَعَ الْغَاصِبِ فِي الْمَفَازَةِ فَإِنَّ الْمَالِكَ لَا يَسْتَرِدُّهَا مِنْهُ ، وَلَكِنْ يُؤَاجِرُهَا إلَى الْمَأْمَنِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
رَجُلٌ غَصَبَ دَوَابَّ بِالْكُوفَةِ فَرَدَّهَا بِخُرَاسَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ غَصْبِ الْعَيْنِ فَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي غَصَبَهَا ، وَفِي مَوْضِعِ الرَّدِّ إلَى آخِرِهِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْغَاصِبِ سَوَاءٌ غَيَّبَ الْمَغْصُوبَ أَوْ غَابَ الْمَالِكُ عَنْهُ ، وَإِنْ أَتَى بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ .
الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ غَاصِبًا وَضَامِنًا .
لَوْ اسْتَخْدَمَ مَمْلُوكَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَتِهِ أَوْ رَكِبَ دَابَّتَهُ أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا ، وَسَاقَهَا فَهَلَكَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ مِنْ الْوَجِيزِ .
اسْتَخْدَمَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهَلَكَ أَوْ أَبَقَ حَالَةَ الِاسْتِعْمَالِ ضَمِنَ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ لَا ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ : اسْتَعْمِلْنِي فَأَنَا حُرٌّ فَهَلَكَ أَوْ أَبَقَ يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
رَجُلٌ بَعَثَ غُلَامًا صَغِيرًا فِي حَاجَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِ الْغُلَامِ فَرَأَى الْغُلَامُ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ فَانْتَهَى إلَيْهِمْ ، وَارْتَقَى سَطْحَ بَيْتٍ فَوَقَعَ فَمَاتَ يَضْمَنُ الَّذِي بَعَثَهُ فِي حَاجَتِهِ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِالِاسْتِعْمَالِ .
رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ : ارْتَقِ هَذِهِ الشَّجَرَةَ ، وَانْثُرْ الْمِشْمِشَ لِتَأْكُلَ أَنْتَ فَفَعَلَ ، وَوَقَعَ مِنْ الشَّجَرَةِ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ ، وَلَوْ قَالَ : لِنَأْكُلْ ضَمِنَ النِّصْفَ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
فَمَنْ جَاءَ إلَى مَنْ يَكْسِرُ الْحَطَبَ فَطَلَبَ مِنْهُ الْقَدُومَ ، وَكَسَرَ الْحَطَبَ فَضَرَبَ بَعْضَ الْمَكْسُورِ مِنْ الْحَطَبِ فِي عَيْنِهِ لَا يَضْمَنُ رَبُّ الْحَطَبِ شَيْئًا إذْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْكَسْرِ ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ الْقِنُّ بِاخْتِيَارِهِ .
اسْتَخْدَمَ قِنَّ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ أَوْ قَادَ دَابَّتَهُ أَوْ سَاقَهَا أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا أَوْ رَكِبَهَا ضَمِنَ هَلَكَ فِي تِلْكَ الْخِدْمَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
رَجُلٌ أَوْدَعَ عَبْدَهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَبَعَثَهُ فِي حَاجَتِهِ صَارَ غَاصِبًا مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَلَوْ غَصَبَ عَبْدَ مَحْجُورٍ مِثْلَهُ فَمَاتَ مَعَهُ ضَمِنَهُ ؛ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ فَإِنْ كَانَ الْغَصْبُ ظَاهِرًا يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا بَلْ أَقَرَّ بِهِ لَا يُؤَاخَذُ فِي الْحَالِ بَلْ يُؤَاخَذُ بَعْدَ الْعِتْقِ هَذِهِ فِي الْجِنَايَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
لَوْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطِ غَيْرِهِ أَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ بِثَوْبٍ فَأَلْقَتْهُ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا مَا لَمْ يَنْقُلْهُ أَوْ يُمْسِكْهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَجِيزِ .
نَامَ عَلَى فِرَاشِ إنْسَانٍ أَوْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطِهِ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لِأَنَّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ غَصْبُ الْمَنْقُولِ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَهْلِكْ بِفِعْلِهِ .
وَكَذَلِكَ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ إنْسَانٍ لِيَزْرَعَ فِيهَا حِنْطَةً فَزَرَعَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ حِنْطَةً وَحَصَدَهَا وَدَاسَهَا فَمَنَعَهُ الْآجِرُ أَنْ يَرْفَعَهَا حَتَّى يُعْطِيَهُ الْأَجْرَ فَهَلَكَتْ الْحِنْطَةُ فِي مَوْضِعِهَا لَا يَضْمَنُ الْآجِرُ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَكَانِهَا .
وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ رَجُلٌ رَكِبَ دَابَّةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ نَزَلَ فَمَاتَتْ يَضْمَنُ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ، وَعَنْهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قَالَ النَّاطِفِيُّ : الصَّحِيحُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ حَتَّى يُحَوِّلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا .
رَجُلٌ قَعَدَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ لِرَجُلٍ ، وَلَمْ يُحَرِّكْهَا ، وَلَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى جَاءَ آخَرُ وَعَقَرَ الدَّابَّةَ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي عَقَرَ دُونَ الَّذِي رَكِبَ ، وَلَمْ تَهْلِكْ مِنْ رُكُوبِهِ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي رَكِبَ الدَّابَّةَ جَحَدَهَا ، وَمَنَعَهَا عَنْ صَاحِبِهَا قَبْلَ أَنْ تُعْقَرَ ، وَلَمْ يُحَرِّكْهَا فَجَاءَ رَجُلٌ ، وَعَقَرَهَا فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمَا شَاءَ ، وَكَذَا إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ دَارَ إنْسَانٍ ، وَأَخَذَ مَتَاعًا ، وَجَحَدَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ ، وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهُ ، وَلَمْ يَجْحَدْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَهْلَكَ بِفِعْلِهِ أَوْ يُخْرِجَهُ مِنْ الدَّارِ .
رَجُلٌ أَصَابَ فِي زَرْعِهِ ثَوْرَيْنِ فَسَاقَهُمَا إلَى مَرْبِطِهِ ، وَظَنَّ أَنَّهُمَا لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ فَإِذَا هُمَا لِغَيْرِ أَهْلِ قَرْيَتِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَرْبِطَهُمَا فَدَخَلَ أَحَدُهُمَا الْمَرْبِطَ فَهَرَبَ الْآخَرُ فَتَبِعَهُ ، وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ : إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يُشْهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَخَذَهُمَا لِيَرُدَّهُمَا عَلَى صَاحِبِهِمَا لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْأَخْذِ أَنْ يَمْنَعَهُمَا مِنْ صَاحِبِهِمَا فَيَضْمَنُ هَذَا إذَا كَانَ فِي اللَّيْلِ فَإِذَا كَانَ فِي النَّهَارِ ، وَكَانَ الثَّوْرُ لِغَيْرِ أَهْلِ قَرْيَتِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ ، وَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ ضَمِنَ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ كَانَ عُذْرًا ، وَإِنْ كَانَ الثَّوْرُ لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ زَرْعِهِ ، وَسَاقَهُ ضَمِنَ لِأَنَّ مَا يَكُونُ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ اللُّقْطَةِ فِي النَّهَارِ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ اللُّقَطَةِ فِي اللَّيْلِ أَمَّا فِي النَّهَارِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَيَضْمَنُ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ قَالَ : وَمِقْدَارُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ ، وَإِنْ سَاقَهُ ، وَرَاءَ ذَلِكَ بِنَفْسِ السَّرْحِ يَصِيرُ غَاصِبًا ، وَيَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ إلَّا إذَا سَاقَهُ إلَى مَوْضِعٍ يَأْمَنُ مِنْهُ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ ، وَقَالَ مَشَايِخُنَا : يَضْمَنُ ، وَبِهِ يُفْتَى .
وَكَذَا لَوْ حَبَسَ دَابَّةً ، وَجَدَهَا فِي كَرْمِهِ قَدْ أَفْسَدَتْ كَرْمَهُ فَهَلَكَتْ ضَمِنَ .
وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَهَا عَنْ زَرْعِ الْغَيْرِ ضَمِنَ انْتَهَى .
وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ أَخْرَجَ دَابَّةَ الْغَيْرِ عَنْ زَرْعِ الْغَيْرِ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُسْقِهَا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ يَضْمَنُ .
رَجُلٌ رَفَعَ قَلَنْسُوَةً مِنْ رَأْسِ رَجُلٍ وَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ آخَرَ فَطَرَحَهَا الرَّجُلُ مِنْ رَأْسِهِ فَضَاعَتْ قَالُوا إنْ كَانَتْ الْقَلَنْسُوَةُ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْ صَاحِبِهَا ، وَأَمْكَنَهُ رَفْعُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا يَضْمَنُ الطَّارِحُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَضْمَنُ .
زِقُّ سَمْنٍ انْشَقَّ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ ، وَأَخَذَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ قَالُوا : إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ حَاضِرًا يَضْمَنُ ، وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ هَذَا إذَا أَخَذَ الزِّقَّ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ ، وَلَمْ يُرِقْ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ حَاضِرًا ، وَعَلَى هَذَا إذَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ إنْسَانٍ فَرَآهُ رَجُلٌ .
لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً فَزَنَى بِهَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَوْلَى فَظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ عِنْدَ الْمَوْلَى لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ رَدَّ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ غَصَبَ جَارِيَةً ، وَزَنَى بِهَا ثُمَّ رَدَّهَا فَحَبِلَتْ وَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ عَلِقَتْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْحُرَّةِ ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : لَا يَضْمَنُ فِي الْأَمَةِ أَيْضًا انْتَهَى ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ رَجُلٌ غَصَبَ جَارِيَةً فَزَنَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا ، وَمَاتَ الْوَلَدُ أَيْضًا كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا نُقْصَانُ الْحَبَلِ انْتَهَى .
غَصَبَ حُرًّا عَلَيْهِ ثَوْبٌ لَا يَضْمَنُ ثَوْبَهُ لِأَنَّهُ تَحْتَ يَدِهِ ، وَلَوْ قِنًّا ضَمِنَ ثَوْبَهُ أَيْضًا تَبَعًا .
غَصَبَ قِنًّا مَعَهُ مَالُ مَوْلَاهُ يَصِيرُ غَاصِبًا لِلْمَالِ ، وَلَوْ أَبَقَ فَغَاصِبُهُ ضَمِنَ الْمَالَ ، وَقِيمَتَهُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا وَشَرَدَ الْعَبْدُ وَقَتَلَ نَفْسَهُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ عِنْدَ الْغَاصِبِ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ .
رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً ، وَغَيَّبَهَا فَأَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جَارِيَتَهُ ، وَلَمْ يَذْكُرُوا صِفَةَ الْجَارِيَةِ ، وَلَا قِيمَتَهَا قَالَ فِي الْكِتَابِ : يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهَا ، وَتُرَدَّ عَلَى صَاحِبِهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ : تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالْإِقْرَارِ مُعَايَنَةً فَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلِ الْغَصْبِ لَا تُقْبَلُ مَعَ جَهَالَةِ الْمَغْصُوبِ ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ إثْبَاتُ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي فِي الْمَغْصُوبِ ، وَلَا وَجْهَ لِلْقَضَاءِ بِالْمَجْهُولِ وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ .
وَقَالَ الشَّيْخُ الزَّاهِدُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ : الْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ صَحِيحَةٌ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَكُونُ مُمْتَنِعًا عَنْ إحْضَارِ الْمَغْصُوبِ عَادَةً وَالشُّهُودُ عَلَى الْغَصْبِ قَلَّمَا يَقِفُونَ عَلَى أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ ، وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى مِنْهُمْ مُعَايَنَةُ فِعْلِ الْغَصْبِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ عِلْمِهِمْ بِأَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ فَثَبَتَ بِشَهَادَتِهِمْ فِعْلُ الْغَصْبِ فِي مَحَلٍّ هُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ ، وَيَصِيرُ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثُّبُوتِ بِإِقْرَارِهِ فَيُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهَا ، وَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَإِنْ قَالَ الْغَاصِبُ : قَدْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ بِعْتُهَا ، وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُعَجِّلُ بِالْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْقِيمَةِ يَنْتَقِلُ فِي حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ فَيَتَلَوَّمُ زَمَانًا ، وَذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَرْضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ فَأَمَّا إذَا رَضِيَ فَإِنَّهُ يَقْضِي وَلَا يَتَلَوَّمُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ كِتَابِ الْخُلَاصَةِ لِلْمُفْتِينَ : وَمِمَّا يُخْتَبَرُ بِهِ الْفَقِيهُ لَوْ سُئِلَ عَمَّنْ أَخَذَ حِمَارَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَوْضِعٍ أَخَذَهُ مِنْهُ ، وَكَانَ مَعَهُ جَحْشٌ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ضَمِنَ لَوْ سَاقَ الْجَحْشَ مَعَهُ لَا لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِشَيْءٍ بِأَنْ سَاقَ الْأُمَّ فَانْسَاقَ الْجَحْشُ مَعَهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا .
رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ ثُمَّ نَزَلَ وَتَرَكَهَا فِي مَكَانِهَا كَانَ ضَامِنًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ زُفَرَ .
رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ فَأَخَذَ صَاحِبُ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْ الْمَدْيُونِ مِثْلَ حَقِّهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ : صَاحِبُ دَيْنِ الْمَيِّتِ يَكُونُ غَاصِبًا ، وَيَصِيرُ مَا أَخَذَ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا يَكُونُ غَاصِبًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِإِذْنِ الشَّرْعِ إلَّا أَنَّ الْمَأْخُوذَ يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيَكُونُ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ كَمَا لَوْ ظَفِرَ بِمَالِ الْمَدْيُونِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ .
رَجُلٌ قَالَ : إذَا تَنَاوَلَ فُلَانٌ مَالِي فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ فَتَنَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بِإِبَاحَتِهِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ : يَجُوزُ ذَلِكَ ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ .
وَلَوْ قَالَ : كُلُّ إنْسَانٍ تَنَاوَلَ مِنْ مَالِي فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ : لَا يَجُوزُ ، وَإِنْ تَنَاوَلَ ضَمِنَ .
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ هُوَ جَائِزٌ وَأَبُو نَصْرٍ جَعَلَ هَذَا إبَاحَةً ، وَالْإِبَاحَةُ لِلْمَجْهُولِ جَائِزَةٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ جَعَلَهُ إبْرَاءً عَمَّا تَنَاوَلَهُ وَالْإِبْرَاءُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي نَصْرٍ ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ : جَمِيعُ مَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَقَدْ جَعَلْتُك فِي حِلٍّ مِنْهُ يَكُونُ الْأَكْلُ حَلَالًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا ، وَلَوْ قَالَ : جَمِيعُ مَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَقَدْ أَبْرَأْتُك ذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : إنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ .
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ : أَنْتِ فِي حِلٍّ مِمَّا أَكَلْت مِنْ مَالِي أَوْ أَخَذْت أَوْ أَعْطَيْت حَلَّ لَهُ الْأَكْلُ ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ .
رَجُلٌ قَالَ : أَذِنْت لِلنَّاسِ فِي ثَمَرِ نَخِيلِي فَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فَبَلَغَ النَّاسَ ، وَأَخَذُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُمْ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ إبَاحَةٌ .
رَجُلٌ قَالَ : أَبَحْت لِفُلَانٍ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِي ، وَفُلَانٌ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ إنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ إطْلَاقٌ ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْعِلْمِ ، وَعَنْ الْبَعْضِ الْإِبَاحَةُ تَثْبُتُ قَبْلَ الْعِلْمِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
غَصَبَ ثَوْبًا ، وَلَبِسَهُ فَمَدَّهُ مَالِكُهُ ، وَالْغَاصِبُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الْمَالِكُ فَتَخَرَّقَ لَا يَضْمَنُ لَوْ تَخَرَّقَ مِنْ مَدِّهِ .
وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ : رُدَّ ثَوْبِي فَأَبَى فَمَدَّهُ مَدًّا لَا يُمَدُّ مِثْلُهُ فَتَخَرَّقَ مِنْ شَدِّهِ لَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ أَيْضًا كَتَخْرِيقٍ بِسِكِّينٍ ، وَلَوْ مَدَّهُ مَدًّا مُتَعَارَفًا ضَمِنَ الْغَاصِبُ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَتِهِمَا ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِبَاءَ وَالْإِمْسَاكَ ، وَلَوْ لَمْ يُوضَعْ لِلْمَدِّ وَلَكِنْ بَعْدَ مَا طَلَبَهُ مَالِكُهُ فَمَنَعَهُ قَاصِدًا بِاللُّبْسِ مُدَّةً فَتَلِفَ بِمَدِّهِمَا .
وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ مِلْكًا لِمَنْ لَبِسَهُ فَمَدَّهُ رَجُلٌ مَدًّا يُمَدُّ مِثْلُهُ أَوَّلًا فَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْقِيمَةِ ؛ لِأَنَّ التَّخْرِيقَ يُضَافُ إلَى مَدِّهِ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ مَدِّهِ تَخَرَّقَ .
مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
تَشَبَّثَ بِثَوْبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَجَذَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَتَخَرَّقَ قَالَ مُحَمَّدٌ : يَضْمَنُ الْمُتَشَبِّثُ نِصْفَ قِيمَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي جَذَبَهُ هُوَ الْمُتَشَبِّثُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ الثَّوْبُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ .
جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ ، وَصَاحِبُ الثَّوْبِ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَقَامَ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَانْشَقَّ الثَّوْبُ مِنْ جُلُوسِ الْجَالِسِ كَانَ عَلَى الْجَالِسِ نِصْفُ ضَمَانِ الشَّقِّ ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةٍ يَضْمَنُ الشَّقَّ ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ .
رَجُلٌ لَهُ كُرَّانِ مِنْ حِنْطَةٍ غَصَبَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا ، وَذَهَبَ بِهِ ثُمَّ إنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ أَوْدَعَ الْغَاصِبَ الْكُرَّ فَخَلَطَهُ الْغَاصِبُ بِكُرِّ الْغَصْبِ ثُمَّ ضَاعَ الْكُلُّ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الْكُرَّ الَّذِي غَصَبَ وَلَا يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ .
رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ يَنْظُرُ إلَيْهَا فَوَقَعَ بَعْضُهَا عَلَى دَرَاهِمِ غَيْرِهِ ، وَاخْتَلَطَتْ كَانَ الَّذِي وَقَعَ الدَّرَاهِمُ مِنْ يَدِهِ غَاصِبًا ضَامِنًا ، وَهَذِهِ جِنَايَةٌ مِنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ مِنْ قَاضِي خَانْ .
لَوْ مَنَعَ رَجُلًا مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ أَوْ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ أَخْذِ مَالَهُ لَمْ يَصِرْ غَاصِبًا ، وَلَوْ حَالَ بَيْنَ إنْسَانٍ وَبَيْنَ أَمْلَاكِهِ حَتَّى تَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْ ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمَنْقُولِ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ لَوْ أُبْعِدَ الْمَالِكُ عَنْ الْمَوَاشِي لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَلَوْ مَنَعَهَا مِنْهُ ضَمِنَ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ .
إذَا تَنَاوَلَ مَالَ الْغَيْرِ حَالَةَ الْمَخْمَصَةِ يَضْمَنُ هَذِهِ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
رَجُلٌ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ ثُمَّ غَصَبَهُ رَجُلٌ فَمَاتَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ الْقَطْعِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ مَقْطُوعَ الْيَدِ ، وَلَوْ أَنَّ السَّيِّدَ قَطَعَ يَدَهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَمَاتَ مِنْهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَمْ يَضْمَنْ الْغَاصِبُ هَذِهِ فِي جِنَايَةِ الْهِدَايَةِ .
غَصَبَ عُجُولًا فَأَتْلَفَهُ حَتَّى يَبِسَ ضَرْعُ أُمِّهِ يَضْمَنُ الْعِجْلَ دُونَ نُقْصَانِ الْبَقَرَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ .
إذَا غَصَبَ عَبْدًا ، وَمَعَهُ مَالُ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا لِلْمَالِ أَيْضًا حَتَّى لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الْمَالَ ، وَقِيمَةَ الْعَبْدِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ .
الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْعَقَارِ ، وَفِيهِ لَوْ هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ أَوْ حَفَرَ فِي أَرْضِهِ أَوْ طَمَّ بِئْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ .
قَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ الْعَقَارَ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْغَصْبُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَإِذَا غَصَبَ عَقَارًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ بِأَنْ انْهَدَمَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ جَاءَ سَيْلٌ فَذَهَبَ بِالْبِنَاءِ أَوْ أَشْجَارِهِ أَوْ غَلَبَ السَّيْلُ عَلَى أَرْضٍ فَبَقِيَتْ تَحْتَ الْمَاءِ لَا يَضْمَنُهُ عِنْدَهُمَا .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : يَضْمَنُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ ، وَدَلِيلُ كُلِّ مَذْكُورٌ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ : الْعَقَارُ لَا يُضْمَنُ إلَّا فِي مَسَائِلَ إذَا جَحَدَهُ الْمُودَعُ ، وَإِذَا بَاعَهُ الْغَاصِبُ ، وَسَلَّمَهُ ، وَإِذَا رَجَعَ الشُّهُودُ بِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ انْتَهَى ، وَزِيدَ رَابِعَةٌ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْعَقَارُ وَقْفًا فَإِنَّهُ يُفْتَى بِضَمَانِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ فَوَائِدِ ظَهِيرِ الدِّينِ إِسْحَاقَ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ مِنْ سُكْنَاهُ يَضْمَنُ ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ الْأَشْجَارَ ضَمِنَ مَا قَطَعَ بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ فَأَجْمَعُوا أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا نَقَصَهُ مِنْهُ بِفِعْلِهِ ، وَسُكْنَاهُ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ ، وَالْعَقَارُ يُضْمَنُ بِهِ كَمَا إذَا نَقَلَ تُرَابَهُ ، وَأَمَّا مَنَافِعُهُ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هِيَ مَضْمُونَةٌ اسْتَعْمَلَهُ أَوْ عَطَّلَهُ فَيَجِبُ الْأَجْرُ .
وَقَالَ مَالِكٌ : إنْ عَطَّلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَعِنْدَنَا لَا تُضْمَنُ الْمَنَافِعُ فِي الْفُصُولَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قُلْتُ : إلَّا فِي ثَلَاثٍ فَإِنَّهَا تُضْمَنُ فِيهَا وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ : مَالُ الْيَتِيمِ ، وَمَالُ الْوَقْفِ ، وَالْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ إلَّا إذَا سَكَنَ الْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِلْكِ أَمَّا الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا
لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَسْأَلَةٌ : سَكَنَتْ أُمُّهُ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَارِهِ بِلَا أَجْرٍ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ ، وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا ، وَلَا تَصِيرُ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ بِإِجَارَتِهَا إنَّمَا تَصِيرُ مُعَدَّةً إذَا بَنَاهَا لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهَا لَهُ وَبِإِعْدَادِ الْبَائِعِ لَا تَصِيرُ مُعَدَّةً فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي وَإِذَا أَجَّرَ الْغَاصِبُ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةٌ مِنْ مَالِ يَتِيمٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ مُعَدٍّ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لَا أَجْرَ الْمِثْلِ ، وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ إنَّمَا يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْأَشْبَاهِ .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الذَّخِيرَةِ مَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ يَجِبُ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ عَلَى مَا هُوَ عُرْفُ الْقَرْيَةِ ، وَفِيهِ رِوَايَةُ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ كَذَا أَجَابَ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ .
سُئِلَ شَيْخ الْإِسْلَامِ وَبُرْهَانُ الدِّينِ كه مَعْهُود سِتّ كه ايشان غَلَّهُ بكارند ، وَحُصّه زُمَيْن سه يك يَا جَهَار يك بدهند كسى بِهِ وَجْه كديورى كَشَتِّ غَلَّهُ وَاجِب شودياني أَجَابَ شود انْتَهَى .
لَوْ أَخَذَ مِنْ أَرْضِ إنْسَانٍ تُرَابًا قَالُوا : إنْ كَانَ لِذَلِكَ التُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَضْمَنُ قِيمَةَ التُّرَابِ سَوَاءٌ تَمَكَّنَ بِهِ النُّقْصَانُ بِالْأَرْضِ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يُنْظَرُ إنْ انْتَقَصَتْ بِهِ الْأَرْضُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَلَا يُؤْمَرُ بِالْكَبْسِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يُؤْمَرُ بِذَلِكَ مِنْ قَاضِي خَانْ .
غَصَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ نَابِتٌ وَهُوَ قَصِيلٌ فَهَلَكَ الْقَصِيلُ أَوْ يَبِسَ لَمْ يَضْمَنْ بِالْغَصْبِ ، وَالْمَنْقُولُ إنَّمَا يُضْمَنُ بِالنَّقْلِ ، وَلَمْ يُوجَدْ .
وَكَذَا لَوْ غَصَبَ كَرْمًا ، وَفِيهِ أَشْجَارٌ فَيَبِسَتْ لَا يَضْمَنُ الْأَشْجَارَ لِمَا مَرَّ ، وَلَوْ قَلَعَ الْأَشْجَارَ ضَمِنَ فَلَوْ قَلَعَ الْأَشْجَارَ آخَرُ ، وَهَدَمَ الْبِنَاءَ آخَرُ يَضْمَنُ هُوَ لَا الْغَاصِبُ .
هَدَمَ بَيْتًا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا لَا قِيمَةَ الْعَرْصَةِ ؛ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ ، وَالْغَصْبُ لَا يَجْرِي فِي الْعَقَارِ .
غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا قُطْنًا فَزَرَعَهَا رَبُّهَا شَيْئًا آخَرَ لَا يَضْمَنُ الْمَالِكُ .
وَلَوْ غَصَبَ مَرْبِطًا فَشَدَّ بِهِ دَابَّةً فَأَخْرَجَهَا الْمَالِكُ ضَمِنَ .
وَلَوْ أَدْخَلَ دَابَّةً فِي دَارِ غَيْرِهِ فَأَخْرَجَهَا رَبُّ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ إذْ الدَّابَّةُ تَضُرُّ بِالدَّارِ فَلَهُ دَفْعُ الضَّرَرِ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
غَصَبَ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ قِيلَ لَهُ : اقْلَعْ الْبِنَاءَ أَوْ الْغَرْسَ وَرُدَّهَا فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَقْلُوعًا ، وَيَكُونُ لَهُ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا مَعْنَاهُ قِيمَةُ شَجَرٍ أَوْ بِنَاءٍ أَمَرَ بِقَلْعِهِ فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ بِدُونِ الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ ، وَتُقَوَّمُ وَبِهَا شَجَرٌ وَبِنَاءٌ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ يَتَمَلَّكُ الْغَاصِبُ الْأَرْضَ بِقِيمَتِهَا كَذَا عَنْ الْكَرْخِيِّ ، وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَخْذُهَا .
قَالَ فِي الْعُدَّةِ : وَقَدْ أَفْتَى الْبَعْضُ بِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ فَإِنَّهُ حَسَنٌ ، وَنَحْنُ نُفْتِي بِجَوَابِ الْكِتَابِ اتِّبَاعًا لِأَشْيَاخِنَا فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتْرُكُونَ جَوَابَ الْكِتَابِ انْتَهَى .
رَجُلٌ قَلَعَ تَالَّةً مِنْ الْأَرْضِ ، وَرَجُلٌ غَرَسَهَا فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ فَكَبِرَتْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ لِلْغَارِسِ ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَّةِ يَوْمَ قَلْعِ التَّالَّةِ ، وَيُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِقَلْعِ الشَّجَرَةِ فَإِنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ مَقْلُوعَةً .
رَجُلٌ بَنَى حَائِطًا فِي أَرْضِ الْغَصْبِ مِنْ تُرَابِ هَذِهِ الْأَرْضِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ : الْحَائِطُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لَا سَبِيلَ لِلْبَانِي عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ أُمِرَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ يَصِيرُ تُرَابًا كَمَا كَانَ ، وَهَكَذَا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ، وَعَنْ غَيْرِهِمَا : رَجُلٌ بَنَى حَائِطًا فِي كَرْمِ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الْكَرْمِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فَإِنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ ، وَيَكُونُ الْبَانِي مُتَبَرِّعًا بِعَمَلِهِ ، وَإِنْ كَانَ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فَإِنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِلْبَانِي ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ .
وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ هَدَمَ لِآخَرَ بَيْتًا مَبْنِيًّا ، وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ سِوَى الْأَرْضِ مِائَةُ دِرْهَمٍ ، وَقِيمَةُ التُّرَابِ الْمَهْدُومِ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا قَالَ : صَاحِبُ الْبِنَاءِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ ، وَيَصِيرُ تُرَابُ الْبِنَاءِ وَنَقْضُهُ لِلْهَادِمِ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ سَبْعِينَ دِرْهَمًا ، وَلَيْسَ لِلْهَادِمِ مِنْ تُرَابِهِ شَيْءٌ .
وَعَنْ ابْنِ مُقَاتِلٍ رَجُلٌ هَدَمَ حَائِطَ رَجُلٍ قَالَ : يُقَوَّمُ الْحَائِطُ مَبْنِيًّا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَائِطِ مِائَةَ دِرْهَمٍ ، وَقِيمَةُ تُرَابِهِ عَشَرَةً يَضْمَنُ الْهَادِمُ تِسْعِينَ دِرْهَمًا ، وَالتُّرَابُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ ، وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الْحَائِطِ : لَا أُرِيدُ أَخْذَ تُرَابِ الْحَائِطِ ، وَادْفَعْهُ إلَى الْهَادِمِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ ، وَيُضَمِّنُهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ قَاضِي خَانْ .
رَجُلٌ هَدَمَ بَيْتَهُ فَأَلْقَى تُرَابًا كَثِيرًا بِزِيقِ الْجِدَارِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ ، وَوَضَعَ فَوْقَهُ لَبِنًا كَثِيرًا حَتَّى مَالَ الْحَائِطُ أَوْ هُدِمَ بِنَقْضِهِ إنْ كَانَ اللَّبِنُ مُشْرِفًا عَلَى الْحَائِطِ مُتَّصِلًا بِحَيْثُ دَخَلَ الْوَهْنُ فِي الْحَائِطِ مِنْ ثِقَلِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ .
رَجُلٌ هَدَمَ دَارِهِ فَانْهَدَمَ بِذَلِكَ مَنْزِلُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
حَفَرَ بِئْرًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يُؤْمَرُ بِكَبْسٍ لَا بِنُقْصَانٍ .
وَلَوْ هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بِنَائِهِ فَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ أَوْ أَخَذَ النَّقْضَ ، وَقِيمَةَ النُّقْصَانِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَوْ كَانَ قَدِيمًا لَا يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ جَدِيدًا يُؤْمَرُ .
وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ لَوْ هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ فَلَوْ كَانَ مِنْ خَشَبٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ ، وَلَوْ مِنْ طِينٍ فَلَوْ عَتِيقًا فَكَذَلِكَ وَلَوْ جَدِيدًا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
لَوْ هَدَمَ حَائِطَ رَجُلٍ أَوْ كَسَرَهُ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إنْ كَانَ الْحَائِطُ حَدِيثًا كَانَ عَلَى الْهَادِمِ إعَادَةُ الْحَائِطِ بِالْمَدَرِ إنْ كَانَ مِنْ الْمَدَرِ وَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ إنْ كَانَ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ ، وَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ عَتِيقًا قَالَ : خَلَفَ عَلَيْهِ النُّقْصَانَ كَذَا فِي دَعَاوَى قَاضِي خَانَ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ .
حَفَرَ بِئْرًا فِي فِنَاءِ مَسْجِدٍ أَوْ هَدَمَ حَائِطَ الْمَسْجِدِ يُؤْمَرُ بِالتَّسْوِيَةِ ، وَلَا يُقْضَى بِالنُّقْصَانِ .
وَكَذَا مَنْ حَفَرَ فِي فِنَاءِ قَوْمٍ يُؤْمَرُ بِالتَّسْوِيَةِ .
وَلَوْ هَدَمَ جِدَارَ رَجُلٍ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ نَقْلًا عَنْ كَرَاهِيَةِ الْخَانِيَّةِ مَنْ هَدَمَ حَائِطَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ ، وَلَا يُؤْمَرُ بِالْعِمَارَةِ إلَّا فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ انْتَهَى .
حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَطَمَّهَا رَجُلٌ بِتُرَابِهَا قَالَ الْكَرْخِيُّ : أُقَوِّمُهَا مَحْفُورَةً وَغَيْرَ مَحْفُورَةٍ فَيَغْرَمُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا ، وَلَوْ طَرَحَ فِيهَا تُرَابًا أُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ .
نَزَحَ مَاءَ بِئْرِ رَجُلٍ حَتَّى يَبِسَتْ لَمْ يَضْمَنْ إذْ مَالِكُ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ الْمَاءَ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَصَبَ مَاءً مِنْ الْجُبِّ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِمْلَائِهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ .
وَلَوْ هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ ثُمَّ بَنَاهُ مِنْ تُرَابٍ كَمَا هُوَ أَوْ كَانَ مِنْ خَشَبٍ فَبَنَاهُ مِنْ خَشَبِهِ بَرِئَ لَا لَوْ بَنَاهُ بِخَشَبٍ آخَرَ إذْ الْخَشَبُ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ فَلَا إعَادَةَ لِلْأَوَّلِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الثَّانِيَ أَجْوَدُ مِنْ الْأَوَّلِ يَبْرَأُ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَعَزَاهُ إلَى الْبَزَّازِيَّةِ .
وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دَارِ غَصْبٍ ، وَرَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ ، وَأَرَادَ الْغَاصِبُ الطَّمَّ يُمْنَعُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
غَصَبَ أَرْضًا فَبَذَرَهَا حِنْطَةً ثُمَّ اخْتَصَمَا قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ قَالَ مُحَمَّدٌ : إنْ شَاءَ صَاحِبُ الْأَرْضِ تَرَكَهَا حَتَّى يَنْبُتَ ثُمَّ يُقَالُ لِلْغَاصِبِ : اقْلَعْ زَرْعَك ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَرَعَ فِيهِ فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ لَيْسَ فِيهَا بَذْرٌ ، وَتُقَوَّمُ ، وَبِهَا بَذْرٌ مُسْتَحَقُّ الْقَلْعِ فَأَعْطَاهُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ قَاضِي خَانْ ، وَذَكَرَ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُعْطِيهِ مِثْلَ بَذْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .
غَصَبَ أَرْضَ خَرَاجٍ فَزَرَعَهَا كَانَ الْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ ، وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إنْ انْتَقَصَتْ الْأَرْضُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِ زِرَاعِهِ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَا خَرَاجَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْهَا فَالْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ ، وَإِنْ نَقَصَتْهَا الزِّرَاعَةُ كَانَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ قَلَّ النُّقْصَانُ أَوْ كَثُرَ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ عَنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ .
وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي مَحَلِّهِ فَهَدَمَ رَجُلٌ بَيْتَ جَارِهِ حَتَّى لَا يَحْتَرِقَ بَيْتُهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ بَيْتِ الْجَارِ كَمُضْطَرٍّ أَكَلَ فِي الْمَفَازَةِ طَعَامَ غَيْرِهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ قُلْتُ : إلَّا إذَا هَدَمَهَا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ فَنِّ الْأَلْغَازِ .
غَصَبَ ديرة ، وَحَفَرَهَا حَوْضًا ضَمِنَ ضَمَانَ الْإِتْلَافِ وَقَالَ شَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ : ضَمَانُ النُّقْصَانِ وَعَنْ سَيْفِ الْأَئِمَّةِ السَّائِلِيِّ يُؤْمَرُ بِالْكَبْسِ وَيَضْمَنُ إنْ نَقَصَ مِنْ الْقُنْيَةِ .
أَحْضَرَ فِعْلَةً لِهَدْمِ جِدَارِهِ فَهَدَمَهُ آخَرُ بِلَا إذْنِهِ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
غَصَبَ آجُرًّا وَلَبِنًا فَبَنَى بِهِ أَسَاسَ حَائِطٍ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْ الْعَيْنِ ، وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ مِنْ الْوَجِيزِ .
غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا وَنَبَتَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْمُرَ الْغَاصِبَ بِقَلْعِهِ ، وَلَوْ أَبَى فَلِلْمَالِكِ قَلْعُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ نُقْصَانِ أَرْضِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
حَفَرَ قَبْرًا فَدَفَنَ فِيهِ آخَرُ مَيِّتًا فَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَلِلْمَالِكِ النَّبْشُ عَلَيْهِ ، وَإِخْرَاجُهُ وَلَهُ التَّسْوِيَةُ وَالْبِزْرُ فَوْقَهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَوْ مَوْقُوفَةٍ ضَمِنَ الْحَافِرُ قِيمَةَ حَفْرِهِ مِمَّنْ دَفَنَ فِيهِ .
حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ ضَمِنَهُ ، وَلَوْ فِي مِلْكِهِ لَا يَضْمَنُهُ مِنْ الْأَشْبَاهِ .
وَلَوْ قَالَ الْغَاصِبُ : غَصَبْتُك أَرْضًا ، وَبَنَيْت فِيهَا ، وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ : بَلْ غَصَبْتنِي الْأَرْضَ مَبْنِيَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ ، وَكَذَلِكَ النَّخْلُ وَالشَّجَرُ فِي الْأَرْضِ .
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مَتَاعٍ فِي الدَّارِ أَوْ آجُرٍّ أَوْ خَشَبٍ مَوْضُوعٍ فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي .
الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي زَوَائِدِ الْغَصْبِ وَمَنَافِعِهِ زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ مُتَّصِلَةً كَانَتْ كَالسِّمَنِ ، وَالْجَمَالِ أَوْ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ ، وَالثَّمَرِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ إنْ هَلَكَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا تَعَدَّى فِيهَا أَوْ طَلَبَهَا رَبُّهَا فَمَنَعَهَا إيَّاهُ فَيَضْمَنُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ فِي سِعْرٍ أَوْ بِزْرٍ أَوْ انْتَقَصَتْ ثُمَّ هَلَكَ عِنْدَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا ، وَلَوْ لَمْ يَهْلَكْ ، وَرَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ كَانَ النُّقْصَانُ فِي الْبِزْرِ ضَمِنَ قِيمَةَ النُّقْصَانِ ، وَلَوْ كَانَ النُّقْصَانُ فِي السِّعْرِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ بَعْدَ النُّقْصَانِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ نَحْوُ أَنْ يَبِيعَهُ وَيُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ ، وَجَازَ الْبَيْعُ ، وَالثَّمَنُ لِلْغَاصِبِ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْقَبْضِ ، وَبَطَلَ الْبَيْعُ ، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ وَقْتَ التَّسْلِيمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَفِي الْوَجِيزِ إنْ اسْتَهْلَكَ الْمُتَّصِلَةَ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ا هـ .
وَلَوْ غَصَبَ شَاةً فَسَمِنَتْ ثُمَّ ذَبَحَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ .
وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ مَثَلًا فَازْدَادَتْ عِنْدَهُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ حَتَّى صَارَ قِيمَتُهَا أَلْفَيْنِ فَقَتَلَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ خَطَأً فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ أَلْفًا قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ حَالَّةً فِي مَالِهِ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ عَاقِلَةَ الْقَاتِلِ أَلْفَيْنِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَتْلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا فِي الْوَجِيزِ وَإِنْ بَاعَ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ ، وَسَلَّمَهَا ضَمِنَهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَمَانَةً فِي يَدِهِ ، وَبِالتَّسْلِيمِ إلَى الْغَيْرِ صَارَ مُتَعَدِّيًا ، قُيِّدَ بِالتَّسْلِيمِ ؛ لِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا قَرَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ الْحَقَائِقِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْوَجِيزِ : وَإِنْ بَاعَ الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ ، وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ ا هـ وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ ، وَالْمَجْمَعِ فَإِذَا غَصَبَ أَمَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ مَثَلًا فَزَادَتْ عِنْدَهُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهَا أَلْفَيْنِ فَبَاعَهَا يُخَيَّرُ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ ، وَهِيَ أَلْفٌ أَوْ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا ، وَهِيَ أَلْفَانِ وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ قِيمَتَهَا أَلْفَيْنِ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ .
وَمَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ عِنْدَنَا سَوَاءٌ اسْتَوْفَاهَا الْغَاصِبُ أَوْ عَطَّلَهُ ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فَإِذَا اسْتَعْمَلَ عَبْدًا أَوْ حُرًّا قَهْرًا أَوْ أَمْسَكَهُ زَمَانًا ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ مِنْ الْحَقَائِقِ .
وَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمَغْصُوبَ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا فَأَجَّرَهُ فَالْأُجْرَةُ لَهُ ، وَلَا تَطِيبُ لَهُ فَيَتَصَدَّقُ بِهَا .
وَكَذَا لَوْ رَبِحَ بِدَرَاهِمِ الْغَصْبِ كَانَ الرِّبْحُ لَهُ ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ ، وَلَوْ دَفَعَ الْغَلَّةَ إلَى الْمَالِكِ حَلَّ لِلْمَالِكِ تَنَاوُلُهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْأَشْبَاهِ مَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ : مَالِ الْيَتِيمِ ، وَمَالِ الْوَقْفِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ فِيهَا فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا فِي الْعَقَارِ فَلْيُرَاجَعْ .
الْفَصْلُ السَّادِسُ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ ، وَمَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ وَمَا يَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ كَالْمُدَبَّرِ ، وَأُمِّ الْوَلَدِ ، وَآلَاتِ اللَّهْوِ قَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ الْغَصْبَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْحُرِّ ، وَالْمَيِّتِ ، وَخَمْرِ الْمُسْلِمِ لَكِنْ ذُكِرَ فِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ غَصَبَ حُرًّا صَغِيرًا يَضْمَنُ إلَّا إذَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَأَمَّا إذَا غَرِقَ أَوْ حُرِقَ أَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ ضَمِنَ ا هـ وَكَذَا لَوْ قَتَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ ، وَفِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْجِنَايَاتِ رَجُلٌ غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ الصَّبِيُّ عَنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهِ أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَاتَ ، وَلَوْ قُتِلَ الصَّبِيُّ فِي يَدِهِ أَوْ أَكَلَهُ سَبُعٌ أَوْ سَقَطَ مِنْ حَائِطٍ ضَمِنَ الْغَاصِبُ وَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حُمَّى لَا يَضْمَنُ .
وَفِي الْغَصْبِ مِنْهُ رَجُلٌ خَدَعَ صَبِيَّةً ، وَذَهَبَ بِهَا إلَى مَوْضِعٍ لَا يُعْرَفُ قَالَ مُحَمَّدٌ : يُحْبَسُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ ، وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ : الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَلَا يَضْمَنُ بِالْغَصْبِ .
وَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَجْأَةً أَوْ بِحُمَّى لَمْ يَضْمَنْ ، وَلَا يَرِدُ مَا قَالُوا لَوْ مَاتَ بِصَاعِقَةٍ أَوْ بِنَهْشَةِ حَيَّةٍ أَوْ بِنَقْلِهِ إلَى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَوْ إلَى أَرْضِ الصَّوَاعِقِ أَوْ إلَى مَكَان يَغْلِبُ فِيهِ الْحُمَّى وَالْأَمْرَاضُ فَإِنَّ دِيَتَهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافٍ ، لَا ضَمَانَ غَصْبٍ ، وَالْحُرُّ يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ ، وَالْعَبْدُ يُضْمَنُ بِهِمَا ، وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ ، وَلَوْ صَغِيرًا وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرِّ ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ قَبْلَ بَابِ الْقِسْمَةِ انْتَهَى ، وَفِيهِ مِنْ أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ وَقَدْ سُئِلْت عَمَّنْ أَخَذَ ابْنَ إنْسَانٍ صَغِيرًا ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْبَلَدِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ إلَى أَبِيهِ ؟ فَأَجَبْت بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ الصَّبِيُّ عَنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهِ أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَاتَ انْتَهَى .
لَوْ بَعَثَ صَغِيرًا إلَى حَاجَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ فَارْتَقَى فَوْقَ بَيْتٍ مَعَ الصِّبْيَانِ ، وَوَقَعَ ، وَمَاتَ ضَمِنَ ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ صَبِيًّا بَيْتَهُ فَسَقَطَ عَنْ الْبَيْتِ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَلَوْ غَصَبَ الْمُسْلِمُ خَمْرَ الذِّمِّيِّ أَوْ خِنْزِيرَهُ وَأَتْلَفَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ قُلْتُ : إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَا يَرَى ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ السِّيَرِ .
وَكَذَا إذَا كَانَ يُظْهِرُ بَيْعَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا ضَمَانَ فِي إرَاقَتِهَا ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الذِّمِّيِّ .
وَلَوْ أَتْلَفَ مَيْتَةَ الذِّمِّيِّ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ، وَلَوْ أَتْلَفَهَا الْمُسْلِمُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ غَصَبَ الذِّمِّيُّ خِنْزِيرَ الذِّمِّيِّ ، وَأَتْلَفَهَا ضَمِنَ مِثْلَهَا فَإِنْ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالضَّمَانِ أَوْ بَعْدَهُ بَطَلَ الضَّمَانُ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ أَسْلَمَ الْغَاصِبُ يُنْتَقَلُ إلَى الْقِيمَةِ ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَبْطُلُ مِنْ الْوَجِيزِ .
وَفِي الْمَجْمَعِ لَوْ أَسْلَمَ الْمُتْلِفُ بَعْدَ إتْلَافِهَا يُبْرِيهِ أَبُو يُوسُفَ وَأَوْجَبَ مُحَمَّدٌ الْقِيمَةَ ، وَالْقَوْلَانِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ا هـ ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ فَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ .
وَلَوْ غَصَبَ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا فَخَلَّلَهَا بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا كَمَا إذَا أَلْقَى حَنْظَلَةً أَوْ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ الْمِلْحِ بِحَيْثُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَمَا إذَا شَمَّسَهَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ ، وَالْإِصْلَاحِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا الْغَاصِبُ بَعْدَ التَّخْلِيلِ ضَمِنَهَا وَإِنْ خَلَّلَهَا بِذِي قِيمَةٍ كَالْمِلْحِ الْكَثِيرِ ، وَالْخَلِّ مَلَكَهَا الْغَاصِبُ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا أَخَذَهَا الْمَالِكُ ، وَأَعْطَى مَا زَادَ الْمِلْحُ فِيهِ إنْ كَانَ التَّخْلِيلُ بِالْمِلْحِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ : وَمَعْنَاهُ هُنَا أَنْ يُعْطِيَهُ مِثْلَ وَزْنِ الْمِلْحِ مِنْ الْخَلِّ ، وَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ تَرْكَهُ وَتَضْمِينَهُ فَلَهُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ .
وَفِي رِوَايَةٍ لَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ ، وَقِيلَ : لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَإِذَا كَانَ بِالْخَلِّ فَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ صَارَ خَلًّا مِنْ سَاعَتِهِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ صَارَ خَلًّا بَعْدَ زَمَانٍ بِأَنْ كَانَ الْمُلْقَى فِيهِ خَلًّا قَلِيلًا فَهِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ كَيْلِهِمَا ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ : وَبِهِ نَأْخُذُ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ ، وَالْإِصْلَاحِ .
وَفِي الْوَجِيزِ قِيلَ : يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا بِالْإِجْمَاعِ ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ فِي الِاسْتِهْلَاكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ أَهْلَكَ مِلْكَ نَفْسِهِ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَيَضْمَنُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ : لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ الْخَلَّ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ ، وَقَدْ كَثُرَتْ فِيهِ أَقْوَالُ الْمَشَايِخِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ .
أَرَادَ إنْسَانٌ صَبَّ خَمْرِ نَفْسِهِ فَأَخَذَهَا آخَرُ فَتَخَلَّلَتْ عِنْدَهُ فَالْخَلُّ لِلْآخِذِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْفُصُولَيْنِ .
وَلَوْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ مِنْ مُسْلِمٍ فَدَبَغَهُ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالتُّرَابِ ، وَالشَّمْسِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ بِلَا شَيْءٍ ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَقِيلَ : يَضْمَنُ قِيمَتَهُ طَاهِرًا غَيْرَ مَدْبُوغٍ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَإِنْ هَلَكَ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَلَوْ دَبَغَهُ بِشَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ كَالْقَرَظِ وَالْعَفْصِ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَهُ ، وَيَرُدَّ عَلَيْهِ مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ فَيُقَوَّمُ ذَكِيًّا غَيْرَ مَدْبُوغٍ وَمَدْبُوغًا فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا ، وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ فَكَذَلِكَ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الْجِلْدَ مَدْبُوغًا وَيُعْطِيهِ الْمَالِكُ مَا زَادَ فِيهِ ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ غَيْرُ الْغَاصِبِ ضَمِنَهُ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ، وَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يَتْرُكَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ قِيلَ : لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهُ ، وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ .
وَمَنْ كَسَرَ مِعْزَفًا أَوْ بَرْبَطًا أَوْ طَبْلًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ مِزْمَارًا أَوْ دُفًّا سَوَاءٌ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ .
وَفِي الْإِصْلَاحِ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قِيمَتَهُ خَشَبًا أَلْوَاحًا وَقَالَا : لَا يَضْمَنُ أَصْلًا ، وَعَلَى هَذَا النَّرْدُ ، وَالشِّطْرَنْجُ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا ، وَالِاخْتِلَافُ فِي الطَّبْلِ وَالدُّفِّ الَّذِي يُضْرَبُ لِلَّهْوِ فَأَمَّا طَبْلُ الْغُزَاةِ وَالدُّفُّ الَّذِي يُبَاحُ ضَرْبُهُ فِي الْعُرْسِ فَيُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ بِلَا خِلَافٍ .
وَلَوْ أَتْلَفَ صَلِيبًا عَلَى نَصْرَانِيٍّ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ صَلِيبًا لِأَنَّهُ مُقَرٌّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ الْمَعَازِفِ فَإِنَّهَا كَبِيرَةٌ فِي الْأَدْيَانِ كُلِّهَا وَلَمْ يُقَرُّوا عَلَيْهَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ ، وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ لَوْ أَهْرَقَ لِمُسْلِمٍ سَكَرًا وَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ الرُّطَبِ إذَا اشْتَدَّ أَوْ مُنَصَّفًا ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ نِصْفُهُ بِالطَّبْخِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَفِي الْمَطْبُوخِ أَدْنَى طَبْخَةٍ ، وَهُوَ الْبَاذَقُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ وَقَالَا : لَا يَضْمَنُ ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا .
وَمَنْ غَصَبَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُدَبَّرَةً فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْمُدَبَّرَةِ ، وَلَمْ يَضْمَنْ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُمَا مِنْ الْهِدَايَةِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ ، وَالْكَلَامُ فِيهِ مَرَّ فِي مَسَائِلِ الْعِتْقِ فَلَا نُعِيدُهُ .
وَلَوْ غَصَبَ مُدَبَّرًا فَأَبَقَ عِنْدَهُ ، وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لَا يَتَمَلَّكُهُ الْغَاصِبُ فَإِذَا وَجَدَهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَهُ هَذِهِ فِي كِتَابِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ جَنَى الْمُدَبَّرُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ غَرِمَ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى هَذَا الْغَاصِبِ مِنْ الْوَجِيزِ .
وَالْمُكَاتَبُ مَضْمُونٌ بِالْغَصْبِ هَذِهِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ اسْتَهْلَكَ عَلَى رَجُلٍ جَارِيَةً مُغَنِّيَةً يَضْمَنُ قِيمَتَهَا غَيْرَ مُغَنِّيَةٍ .
وَلَوْ شَقَّ خَمْرَ الْمُسْلِمِ لِإِرَاقَتِهَا نَهْيًا عَنْ الْمُنْكَرِ لَا يَضْمَنُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ قَاضِي خَانْ : وَلَوْ شَقَّ زِقًّا فِيهِ خَمْرٌ لِمُسْلِمٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفَسَقَةِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَهَا لِلشُّرْبِ إنْ فَعَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ ، وَبِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ يَضْمَنُ الزِّقَّ قُلْتُ : وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى كَاسِرِ الْمَعَازِفِ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ بِالْيَدِ إلَى الْأُمَرَاءِ لِقُدْرَتِهِمْ وَبِاللِّسَانِ إلَى غَيْرِهِمْ .
وَفِي السِّيَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ لَوْ شَقَّ زِقًّا لِمُسْلِمٍ فِيهِ الْخَمْرُ لَا يَضْمَنُ الْخَمْرَ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ ، وَيَضْمَنُ الزِّقَّ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا يَرَى ذَلِكَ مُبَاحًا فَلَا يَضْمَنُ ا هـ .
وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الذِّمِّيِّ إتْلَافُ خَمْرِ الْمُسْلِمِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ ذِمِّيًّا بِخِلَافِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ إلَّا أَنْ يُظْهِرَ بَيْعَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَكُونَ الْمُتْلِفُ إمَامًا يَرَى ذَلِكَ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إظْهَارُ شُرْبِهَا كَإِظْهَارِ بَيْعِهَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الضَّمَانِ ، وَلَوْ أَرَهُ الْآنَ ا هـ
الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي نُقْصَانِ الْمَغْصُوبِ ، وَتَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلٍ ، وَمَا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْ الْعَيْنِ ، وَيَنْتَقِلُ إلَى الْقِيمَةِ .
النُّقْصَانُ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا كَانَ الرَّدُّ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ ، وَأَمَّا النُّقْصَانُ بِفَوَاتِ الْوَصْفِ أَوْ الْجُزْءِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ دَخَلَ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ فِي ضَمَانِهِ بِالْغَصْبِ فَمَا تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهِ يَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهِ ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ ، وَأَمَّا فِي الرِّبَوِيَّاتِ لَا يُمْكِنُهُ تَضْمِينُ النُّقْصَانِ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قُلْتُ : فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَبَيْنَ تَضْمِينِ مِثْلِهِ أَوْ خِلَافِ جِنْسِهِ .
قَالَ فِي الْوَجِيزِ : وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ بِفَوَاتِ الْوَصْفِ فِي الْأَمْوَالِ نَحْوُ إنْ غَصَبَ حِنْطَةً فَعَفَنَتْ عِنْدَهُ أَوْ انْكَسَرَتْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ أَوْ غَصَبَ خَلًّا فَصَبَّ فِيهِ مَاءً فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ ، وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ مِثْلِهِ ، وَإِنْ كَانَ فِضَّةً فَتَهَشَّمَ فِي يَدِهِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ ، وَكَذَلِكَ آنِيَةُ الصُّفْرِ ، وَالنُّحَاسِ ، وَالشَّبَهِ إنْ كَانَ يُبَاعُ وَزْنًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فَنُقْصَانُ الْوَصْفِ كَذَهَابِ السَّمْعِ ، وَالْبَصَرِ ، وَنِسْيَانِ الْحِرْفَةِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ ، وَكَذَا لَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ كَالْإِبَاقِ ، وَالْجُنُونِ ، وَالسَّرِقَةِ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ ، وَالزِّنَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ صَحِيحًا ، وَيُقَوَّمُ بِهِ الْعَيْبُ ، وَالنَّقْصُ فَيَضْمَنُ مَا بَيْنَهُمَا لِصَاحِبِهِ انْتَهَى .
وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا غَصَبَ جَارِيَةً ، وَأَبَقَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ سَرَقَتْ أَوْ زَنَتْ ، وَلَمْ تَكُنْ فَعَلَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَعَلَى
الْغَاصِبِ مَا انْتَقَصَ بِسَبَبِ الْإِبَاقِ ، وَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَا ، وَكَذَا مَا أَحْدَثَ مِنْ النُّقْصَانِ مِنْ عَوَرٍ أَوْ شَلَلٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ ، وَلَوْ حَبِلَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ الزِّنَا أَخَذَهَا الْمَالِكُ ، وَنُقْصَانَ ذَلِكَ فَإِنْ زَالَ الْعَيْبُ فِي يَدِ الْمَوْلَى رَدَّ مَا أَخَذَ بِسَبَبِ النُّقْصَانِ عَلَى الْغَاصِبِ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : يُنْظَرُ إلَى نَقْصِهَا بِالْحَبَلِ ، وَأَرْشِ عَيْبِ الزِّنَا فَيَضْمَنُ الْأَكْثَرَ ، وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِيهِ ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ الْأَمْرَيْنِ ، وَهُوَ الْقِيَاسُ انْتَهَى .
رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا قَارِئًا أَوْ خَبَّازًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَنَسِيَ الْعَمَلَ عِنْدَ الْغَاصِبِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ قَاضِي خَانْ ، وَلَوْ كَانَ شَابًّا فَصَارَ شَيْخًا أَوْ كَانَتْ شَابَّةً فَصَارَتْ عَجُوزًا ضَمِنَ النُّقْصَانَ فَإِنَّ الشُّيُوخَةَ عَيْبٌ فِي الرَّقِيقِ كَمَا فِي الصُّغْرَى ، وَالْوَجِيزِ .
وَلَوْ غَصَبَ غُلَامًا أَمْرَدَ فَالْتَحَى عِنْدَهُ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا ، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً نَاهِدَةَ الثَّدْيِ فَانْكَسَرَ ثَدْيُهَا فَهَذَا عَيْبٌ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ كَمَا فِي الصُّغْرَى .
وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَصَارَ خَلًّا أَوْ عِنَبًا فَصَارَ زَبِيبًا أَوْ لَبَنًا فَصَارَ رَائِبًا أَوْ رُطَبًا فَصَارَ تَمْرًا فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ عَيْنَهُ ، وَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَهُ مِنْ الْوَجِيزِ .
غَصَبَ غُلَامًا صَغِيرًا أَوْ جَارِيَةً فَكَبِرَا عِنْدَهُ أَخَذَهُمَا الْمَالِكُ ، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ مِنْ النَّفَقَةِ ، وَكَذَا سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ كَمَا فِي الصُّغْرَى .
غَصَبَ عَبْدًا حَسَنَ الصَّوْتِ فَتَغَيَّرَ صَوْتُهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ كَانَ لَهُ النُّقْصَانُ .
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُغَنِّيًا فَنَسِيَ ذَلِكَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ شَيْئًا .
غَصَبَ عَصًا فَكَسَرَهُ أَوْ ثَوْبًا فَخَرَقَهُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ ، وَلَوْ كَانَ الْكَسْرُ فَاحِشًا بِأَنْ صَارَتْ حَطَبًا أَوْ وَتِدًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَنْفَعَةَ الْعَصَا أَوْ كَانَ الْخَرْقُ فَاحِشًا كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ وَالْخَرْقُ الْفَاحِشُ عِنْدَ الْبَعْضِ مَا يُنْقِصُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ ، وَلَوْ شَقَّ الثَّوْبَ نِصْفَيْنِ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ ، وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ .
غَصَبَ ثَوْبًا فَخَرَقَهُ إنْ كَانَ الْخَرْقُ يَسِيرًا أَخَذَهُ الْمَالِكُ ، وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَهُ ، وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا يَصِيرُ بِالْخِيَاطَةِ مُنْتَفَعًا بِهِ انْتِفَاعَ الثَّوْبِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ ، وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعَ الثَّوْبِ ، وَلَا يَصْلُحُ بِالْخِيَاطَةِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بِلَا خِيَارٍ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَفِي الصُّغْرَى اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْخَرْقِ الْيَسِيرِ ، وَالْفَاحِشِ قَالَ بَعْضُهُمْ : مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ رُبْعِ الْقِيمَةِ فَصَاعِدًا فَهُوَ فَاحِشٌ ، وَمَا دُونَهُ يَسِيرٌ ، وَالْيَسِيرُ مَا يُصْلَحُ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْفَاحِشَ مَا يَفُوتُ بِهِ بَعْضُ الْعَيْنِ ، وَبَعْضُ الْمَنْفَعَةِ وَالْيَسِيرُ مَا يَفُوتُ بِهِ بَعْضُ الْمَنْفَعَةِ انْتَهَى ، وَقِيلَ : الْيَسِيرُ مَا لَا يَفُوتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ ، وَإِنَّمَا يُدْخِلُ نُقْصَانًا فِي الْمَنْفَعَةِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَعَلَى هَذَا الْكَسْرُ الْيَسِيرُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَطْبَةً حَتَّى لَا يَفُوتُ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِ الْعَصَا حَتَّى لَوْ شَقَّهُ بِنِصْفَيْنِ طُولًا أَوْ عَرْضًا حَتَّى فَاتَ بَعْضُ الْمَنَافِعِ يَكُونُ اسْتِهْلَاكًا مِنْ ، وَجْهٍ نُقْصَانًا مِنْ ، وَجْهٍ فَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ .
وَلَوْ حُمَّتْ الْأَمَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَوْلَى فَمَاتَتْ مِنْ تِلْكَ الْحُمَّى لَمْ يَضْمَنْ الْغَاصِبُ إلَّا نُقْصَانَ الْحُمَّى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ، وَلَوْ ابْيَضَّتْ عَيْنَاهَا فَأَخَذَ الْمَالِكُ نُقْصَانَ الضَّمَانِ ثُمَّ انْجَلَتْ رَدَّ الْمَوْلَى ضَمَانَ النُّقْصَانِ .
وَلَوْ حَبِلَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ زَوْجٍ كَانَ لَهَا عِنْدَ الْمَوْلَى أَوْ أَحْبَلَهَا الْمَوْلَى لَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ ، وَإِنْ مَاتَتْ عِنْدَهُ بِالْوِلَادَةِ وَإِنْ حَبِلَتْ مِنْ زِنًا فَرَدَّهَا ، وَرَدَّ أَرْشَ الْحَبَلِ مَعَهَا ثُمَّ ، وَلَدَتْ ، وَسَلِمَتْ يُنْظَرُ إلَى أَرْشِ الْحَبَلِ وَعَيْبِ الزِّنَا فَإِنْ كَانَ عَيْبُ الزِّنَا أَكْثَرَ مِنْ عَيْبِ الْحَبَلِ ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُتَمِّمَ ضَمَانَ عَيْبِ الزِّنَا وَإِنْ كَانَ عَيْبُ الْحَبَلِ أَكْثَرَ يَرُدُّ الْفَضْلَ مِنْ نُقْصَانِ عَيْبِ الزِّنَا ، وَعَيْبُ الْحَبَلِ قَدْ زَالَ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَلَوْ غَصَبَ جَارِيَةً مَحْمُومَةً أَوْ حُبْلَى أَوْ بِهَا مَرَضٌ فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا ، وَبِهَا ذَلِكَ الْعَيْبُ .
وَمَنْ غَصَبَ جَارِيَةً ، فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ مِنْ الزِّنَا رَدَّهَا ، وَرَدَّ مَا نَقَصَتْهُ الْوِلَادَةُ وَيُجْبَرُ النُّقْصَانُ بِالْوِلْدَانِ كَانَ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءٌ بِالنُّقْصَانِ ، وَيَسْقُطُ ضَمَانُهُ عَنْ الْغَاصِبِ خِلَافًا لِزُفَرَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَكَذَا بِالْعِدَّةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ لَا يُجْبَرُ ، وَلَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ ، وَبَقِيَ الْوَلَدُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْأُمِّ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قُلْتُ : إلَّا نُقْصَانَ الْحُمَّى ، وَنُقْصَانَ عَيْبِ الزِّنَا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ فَلَوْ رَدَّهَا الْغَاصِبُ حَامِلًا فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ ، وَبَقِيَ وَلَدُهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ فَلَمْ يُجْبَرْ شَيْءٌ مِنْ الْأُمِّ بِالْوَلَدِ ، وَلَوْ رَدَّهَا حَامِلًا عَلَى الْمَالِكِ فَجُلِدَتْ فَمَاتَتْ بِالْجَلْدِ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ بِالْإِجْمَاعِ انْتَهَى .
وَلَوْ جَنَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ جِنَايَةً فَقُتِلَتْ بِهَا فِي يَدِ الْمَالِكِ أَوْ دَفَعَتْ بِهَا بِأَنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِكُلِّ الْقِيمَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
، وَإِنْ سَرَقَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ فَقُطِعَتْ عِنْدَهُ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : يَضْمَنُ نُقْصَانَ السَّرِقَةِ مِنْ الْوَجِيزِ .
غَصَبَ غُلَامًا فَعَلَّمَهُ حِرْفَةً فَأَضْنَاهُ التَّعْلِيمُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ غَسَلَ ثَوْبًا غَصَبَهُ فَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ بِلَا شَيْءٍ ، وَكَذَا حَيَوَانٌ كَبِرَ عِنْدَ غَاصِبِهِ ، وَزَادَتْ قِيمَتُهُ أَوْ جَرِيحٌ فَدَوَاهُ غَاصِبُهُ فَبَرِئَ أَوْ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ أَوْ نَخْلٌ فَسَقَى ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَا أَحْدَثَ عَلَيْهِ عَيْنًا مُتَقَوِّمًا إنَّمَا أَظْهَرَ أَصْلَهُ ، وَنَمَاءَ مِلْكِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ قَالَ قَاضِي خَانْ .
وَلَوْ غَصَبَ نَخْلًا أَوْ زَرْعًا فَسَقَاهُ ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ حَتَّى انْتَهَى أَوْ عَبْدًا جَرِيحًا فَدَاوَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَكَذَا لَوْ قَصَّرَ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ أَوْ فَتْلُهُ لَا شَيْءَ لَهُ ، وَلَوْ خَرَقَ ثَوْبًا فَرَفَاهُ يُقَوَّمُ صَحِيحًا وَيُقَوَّمُ مَرْفُوًّا فَيَضْمَنُ مَا بَيْنَهُمَا انْتَهَى .
وَإِذَا غَصَبَ كُدْسًا فَدَاسَهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْجُلِّ ، وَعَلَيْهِ الْبُرُّ .
وَلَوْ أَحْرَقَ كُدْسَ إنْسَانٍ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ، وَيُنْظَرُ إنْ كَانَ الْبُرُّ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْهُ فِي السُّنْبُلِ إذَا كَانَ خَارِجًا فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ ، وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ أَكْثَرَ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ ، وَعَلَيْهِ فِي الْجُلِّ الْقِيمَةُ .
وَإِذَا تَغَيَّرَتْ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ بِفِعْلٍ حَتَّى زَالَ اسْمُهَا ، وَأَعْظَمُ مَنَافِعِهَا زَالَ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَنْهَا ، وَمَلَكَهَا الْغَاصِبُ ، وَضَمِنَهَا ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ بَدَلَهَا كَمَنْ غَصَبَ شَاةً وَشَوَاهَا أَوْ طَبَخَهَا أَوْ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا أَوْ حَدِيدَةً فَاِتَّخَذَهَا سَيْفًا أَوْ صُفْرًا فَعَمِلَهُ آنِيَةً أَوْ بُرًّا فَزَرَعَهُ ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ اللَّوْحَ الْمَغْصُوبَ فِي سَفِينَةٍ أَوْ خَاطَ بِالْخَيْطِ الْمَغْصُوبِ بَطْنَ جَارِيَتِهِ أَوْ عَبْدِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ دَقِيقًا فَخَبَزَهُ أَوْ زَيْتُونًا أَوْ عِنَبًا فَعَصَرَهُ أَوْ قُطْنًا فَغَزَلَهُ أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ وَكَذَا لَوْ حَضَنَ الْبَيْضَةَ الْمَغْصُوبَةَ دَجَاجَةٌ فَأَفْرَخَتْ أَوْ جَعَلَ الْخُوصَ زِنْبِيلًا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ ، وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ فَإِنَّهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِلَا تَضْمِينِ نُقْصَانٍ مِنْ الْهِدَايَةِ .
غَصَبَ بَيْضَةً وَأَوْدَعَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْضَةً أُخْرَى فَحَضَنَتْ دَجَاجَةٌ عَلَيْهِمَا فَخَرَجَتْ فَرْخَتَانِ فَرْخَةُ الْوَدِيعَةِ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ ، وَفَرْخَةُ الْغَصْبِ لِلْغَاصِبِ ، وَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْبَيْضَةِ الَّتِي غَصَبَ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ غَصَبَ بَيْضَتَيْنِ فَحَضَنَ أَحَدَهُمَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ لَهُ ، وَحَضَنَتْ دَجَاجَةٌ أُخْرَى لَهُ عَلَى الْبَيْضَةِ الْأُخْرَى فَخَرَجَتْ مِنْ كُلِّ بَيْضَةٍ فَرْخَةٌ فَالْفَرْخَتَانِ لَهُ ، وَعَلَيْهِ الْبَيْضَتَانِ ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْغَصْبِ وَدِيعَةٌ فَاَلَّتِي حَضَنَتْ الدَّجَاجَةُ لِصَاحِبِ الْبَيْضَةِ انْتَهَى .
غَصَبَ سَاجَةً فَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ أَوْ جَعَلَهَا بَابًا مَلَكَهَا بِالْقِيمَةِ ، وَيَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْهَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ ، وَكَذَا لَوْ بَنَى عَلَيْهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْكَرْخِيُّ : إنَّمَا لَا يُنْقَضُ الْبِنَاءُ إذَا بَنَى فِي حَوَالِي السَّاجَةِ إمَّا إذَا بَنَى عَلَيْهَا نَفْسَهَا يُنْقَضُ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُنْقَضُ مُطْلَقًا مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَكَلَامُ قَاضِي خَانْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَانِيَ إنَّمَا يَمْلِكُ السَّاجَةَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ لَا مُطْلَقًا حَيْثُ قَالَ : وَمَنْ غَصَبَ سَاجَةً فَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ فَإِنَّهُ يَتَمَلَّكُ السَّاجَةَ ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ السَّاجَةِ ، وَالْبِنَاءِ سَوَاءً فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ ، وَإِنْ تَنَازَعَا يُبَاعُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِمَا ، وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالِهِمَا ثُمَّ عَقَّبَهُمَا بِمَائِلٍ لَيْسَ هَذَا مَحَلُّهَا ثُمَّ قَالَ : وَإِنْ تَنَازَعَا ، وَأَحَدُهُمَا نَصِيبُهُ أَكْثَرَ فَلِصَاحِبِ أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْآخَرَ بِقِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً يُبَاعُ عَلَيْهِمَا وَيَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ انْتَهَى كَلَامُهُ فَتَأَمَّلْ يَظْهَرُ لَك مَرَامُهُ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ غَصَبَ سَاجَةً ، وَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ .
وَقَالَ الْكَرْخِيُّ : إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ يَنْقَطِعُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَفْتَوْا بِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ ، وَأَنَّهُ حَسَنٌ ، وَنَحْنُ نُفْتِي بِجَوَابِ الْكِتَابِ اتِّبَاعًا لِشُيُوخِنَا فَإِنَّهُمْ لَا يُطْلِقُونَ جَوَابَ الْكِتَابِ ، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ لَوْحًا فَأَدْخَلَهُ فِي السَّفِينَةِ أَوْ إبْرَيْسَمًا فَخَاطَ بَطْنَ نَفْسِهِ أَوْ بَطْنَ عَبْدِهِ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ ، وَلَوْ غَصَبَ خَمْرًا فَخَلَّلَهَا فَالْمَالِكُ يَأْخُذُهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ هَذَا إذَا خَلَّلَهَا بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ كَمَا إذَا خَلَّلَهَا بِالنَّقْلِ مِنْ الظِّلِّ إلَى الشَّمْسِ ، وَمِنْ الشَّمْسِ إلَى الظِّلِّ أَمَّا إذَا خَلَّلَهَا
بِإِلْقَاءِ الْمِلْحِ فِيهَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ ، وَلَوْ خَلَّلَهَا بِإِلْقَاءِ الْخَلِّ فِيهَا إنْ صَارَ خَلًّا مِنْ سَاعَتِهِ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ بِالْإِجْمَاعِ ، وَإِنْ صَارَ خَلًّا بَعْدَ مُضِيِّ الزَّمَانِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَلِكَ ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا بَقِيَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ الْخَلِّ .
وَلَوْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَهَا فَالْمَالِكُ يُعْطِيهِ مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ ، وَيَأْخُذُ الْجِلْدَ فَإِنْ أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : هَذَا مَا ذُكِرَ فِي نَظْمِ الزُّبَدِ انْتَهَى .
الْخَشَبُ إذَا كَسَرَهُ الْغَاصِبُ فَاحِشًا لَا يَمْلِكُهُ مِنْ الْأَشْبَاهِ .
غَصَبَ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا ، وَضَرَبَهَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ آنِيَةً لَمْ يَزُلْ مِلْكُ مَالِكِهَا عَنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَأْخُذَهَا ، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ وَقَالَا : يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ ، وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَكَذَا النُّحَاسُ إذَا كَانَ الْمَعْمُولُ مِنْهُ يُبَاعُ وَزْنًا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ .
وَمَنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ أَوْ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبٍ أَبْيَضَ وَمِثْلَ السَّوِيقِ وَسَلَّمَهُ لِلْغَاصِبِ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا ، وَغَرِمَ مَا زَادَ الصَّبْغُ وَالسَّمْنُ فِيهِمَا ، وَقَالَ أَبُو عِصْمَةَ : إنْ شَاءَ رَبُّ الثَّوْبِ بَاعَهُ ، وَيَضْرِبُ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَصَاحِبُ الصَّبْغِ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ ، وَالصُّفْرَةُ كَالْحُمْرَةِ ، وَلَوْ صَبَغَهُ أَسْوَدَ فَهُوَ نُقْصَانٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا زِيَادَةٌ ، وَقِيلَ : هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ وَقِيلَ : إنْ كَانَ ثَوْبًا يُنْقِصُهُ السَّوَادُ فَهُوَ نُقْصَانٌ ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبًا يَزِيدُ فِيهِ السَّوَادُ فَهُوَ كَالْحُمْرَةِ ، وَقَدْ عُرِفَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبًا تُنْقِصُهُ الْحُمْرَةُ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَتَرَاجَعَتْ بِالصَّبْغِ إلَى عِشْرِينَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى ثَوْبٍ يَزِيدُ فِيهِ الْحُمْرَةُ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ خَمْسَةً يَأْخُذُ ثَوْبَهُ ، وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ ؛ لِأَنَّ إحْدَى الْخَمْسَتَيْنِ جُبِرَتْ بِالصَّبْغِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ غَصَبَ اللَّبَنَ فَاسْتَخْرَجَ سَمْنَهُ يَمْلِكُهُ هَذِهِ فِي الْهِبَةِ مِنْهَا .
نَقَشَ بَابًا مَقْلُوعًا لِرَجُلٍ بِالنَّقْرِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الْبَابَ بِقِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَوْ أَخَذَهُ لَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا .
، وَلَوْ غَصَبَ إنَاءَ فِضَّةٍ فَنَقَشَهُ بِالنَّقْرِ فَهُوَ كَالْبَابِ لِمَا قُلْنَا مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ فَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ ، وَالْهِدَايَةِ .
غَصَبَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ ، وَخَاطَهُ مَلَكَهُ بِالْقِيمَةِ ، وَكَذَا لَوْ لَبَّدَ صُوفًا ، وَلَوْ قَطَعَهُ ، وَلَمْ يَخِيطُهُ فَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ نَخْلًا فَشَقَّهُ جُذُوعًا لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ لِلْأَجْزَاءِ .
وَلَوْ غَصَبَ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا ، وَقَطَعَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ مَلَكَهُ ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ صَحِيحًا .
وَلَوْ غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا ، وَسَلَخَهَا أَوْ غَزْلًا فَسَدَاهُ أَوْ لَبَنًا فَطَبَخَهُ مَضِيرَةٌ أَوْ خُبْزًا فَثَرَدَهُ أَوْ لَحْمًا فَجَعَلَهُ إرَبًا إرَبًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَكَسَرَهَا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ قُطْنًا فَحَلَجَهُ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ لِقِيَامِ عَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَاسَ بُرًّا حَيْثُ يُقْضَى لِمَالِكِهِ بِالْبُرِّ ، وَالتِّبْنُ لِلْغَاصِبِ ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْجُلِّ .
وَلَوْ غَصَبَ أُرْزًا فَقَشَّرَهُ أَوْ بُرًّا ، وَاِتَّخَذَهُ كِشْكًا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ لِقِيَامِ الْعَيْنِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي إقْرَارِ الْوَجِيزِ عَنْ الْمُنْتَقَى قَالَ مُحَمَّدٌ : لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ : غَصَبْتُك ثَوْبًا فَقَطَعْته ، وَخَطَّتْهُ بِغَيْرِ أَمْرِك ، وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ : بَلْ غَصَبْتنِي الْقَمِيصَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ انْتَهَى .
وَلَوْ قَطَعَ عُضْوًا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ ، وَسَلَّمَهُ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَكَذَا لَوْ ذَبَحَهَا أَوْ سَلَخَهَا ، وَجَعَلَهَا عُضْوًا عُضْوًا ، وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ ، وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ .
وَإِنْ قَطَعَ عُضْوًا يَدًا أَوْ رِجْلًا مِنْ حَيَوَانٍ لَا يُؤْكَلُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَقَطَعَ يَدَهَا أَوْ رِجْلَهَا حَيْثُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَهَا ، وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا بِذَلِكَ وَإِنْ انْقَطَعَ الْعُضْوُ مِنْ مَأْكُولٍ كَالشَّاةِ ، وَالْجَزُورِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَذَا ، وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ ، وَيُمْسِكَ الدَّابَّةَ هَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ .
وَكَذَا إذَا ذَبَحَ شَاةً فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَذْبُوحَةَ ، وَلَا شَيْءَ لَهُ .
وَكَذَا لَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَلَكِنَّهُ يُضَمِّنُهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَ الْحِمَارَ الْمَذْبُوحَ ، وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ ، وَكَذَا الْمَقْطُوعُ الْيَدُ أَوْ الرِّجْلُ ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَتَلَ ذِئْبًا مَمْلُوكًا أَوْ أَسَدًا مَمْلُوكًا لَا يَضْمَنُ شَيْئًا ، وَيَضْمَنُ فِي الْقِرْدِ لِأَنَّ الْقِرْدَ يَكْنُسُ الْبَيْتَ ، وَيَخْدُمُ .
وَلَوْ غَصَبَ مُصْحَفًا فَنَقَطَهُ قَالُوا : هَذِهِ زِيَادَةٌ فَصَاحِبُ الْمُصْحَفِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ ذَلِكَ فِيهِ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَنْقُوطٍ ، وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ صَاحِبَهُ يَأْخُذُهُ
بِغَيْرِ شَيْءٍ مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْوَجِيزِ مُسْتَدِلًّا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ : لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِلنَّقْطِ بِعَيْنِهِ ، وَإِنَّمَا الْمُتَقَوِّمُ الصِّفَةُ ، وَلَا تُقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ انْتَهَى .
وَفِي الْخُلَاصَةِ مَا يُوجِبُ الْمِلْكَ ، وَالضَّمَانَ إذَا غَيَّرَهُ مِنْ حَالِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْهَا إذَا غَصَبَ كِرْبَاسًا فَخَاطَهُ قَمِيصًا أَوْ حَدِيدًا فَصَاغَهُ إنَاءً أَوْ سَيْفًا أَوْ سِكِّينًا فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ أَوْ غَصَبَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا أَوْ سَاجَةً فَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ أَوْ غَصَبَ لَحْمًا فَطَبَخَهُ مَرَقَةً ، وَيَضْمَنُ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ أَوْ غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا ، وَسَلَخَهَا فَجَعَلَهَا إرَبًا إرَبًا مَلَكَهَا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا حَيَّةً أَوْ غَصَبَ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا وَقَطَعَ يَدَهُمَا أَوْ أَرْجُلَهُمَا مَلَكَهُمَا ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا صَحِيحًا أَوْ غَصَبَ حُبُوبًا فَبَذَرَهَا فِي أَرْضِهِ أَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَصَارَ عِنْدَهُ خَمْرًا أَوْ خَمْرَةً فَخَلَّلَهَا أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ أَوْ قُطْنًا فَغَزَلَهُ أَوْ دَقِيقًا فَخَبَزَهُ ، وَمَا يَلْحَقُ بِهِ أَوْ غَصَبَ بَيَاضًا فَكَتَبَ عَلَيْهِ أَوْ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ لَا تُوجِبُ الْمِلْكَ مِنْهَا إذَا غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا ، وَأَخَذَ قِيمَتَهَا حَيَّةً ، وَمِنْهَا إذَا قَطَعَ ثَوْبَ غَيْرِهِ أَوْ غَصَبَ قَلْبَ فِضَّةٍ فَكَسَرَهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَكْسُورًا ، وَلَا يُضَمِّنُهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ عَلَيْهِ ، وَأَخَذَ قِيمَةَ الْقَلْبِ مِنْ الذَّهَبِ ، وَلَا يُضَمِّنُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ غَصَبَ نُقْرَةَ فِضَّةٍ فَسَبَكَهَا لَمْ يَمْلِكْهَا ، وَيَأْخُذُهَا صَاحِبُهَا .
وَلَوْ ضَرَبَهَا دَرَاهِمَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا ، وَمِنْهَا إذَا غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ يُعْطِيهِ الْمَالِكُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ ، وَلَا يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ ، وَلَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ بِثَوْبِ إنْسَانٍ ، وَأَلْقَتْهُ فِي صِبْغِ الْغَيْرِ فَهُوَ عَلَى هَذَا أَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ لَمْ يَمْلِكْهُ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ مَكَثَ حَتَّى يَرْجِعَ ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُضَمِّنَهُ
أَوْ غَصَبَ غَزْلًا فَسَدَاهُ أَوْ مَحْلُوجًا فَنَدَفَهُ أَوْ قُطْنًا فَحَلَجَهُ أَوْ دَقِيقًا أَوْ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنِ أَوْ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا أَوْ زَرَعَ أَوْ غَرَسَ أَوْ لَبَنًا فَطَبَخَهُ مَضِيرَةً أَوْ غَصَبَ خُبْزًا فَثَرَدَهُ أَوْ لَحْمًا فَجَعَلَهُ إرَبًا إرَبًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَكَسَرَهَا انْتَهَى .
غَصَبَ دُودَ الْقَزِّ وَرَبَّاهَا فَالْفَلِيقُ لِلْغَاصِبِ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَالْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ .
عَجَنَ الْغَاصِبُ الدَّقِيقَ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ .
جَعَلَ الْأُرْزَ أَبْيَضَ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ ذَكَرَهُ شَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ ، وَفِي فَتَاوَى الْعَصْرِ لَا يَنْقَطِعُ .
جَشَّ الْحِنْطَةَ وَالدُّخْنَ يَنْقَطِعُ ، وَقِيلَ : لَا يَنْقَطِعُ ، وَعَلَى هَذَا لَوْ جَعَلَ السِّمْسِمَ أَبْيَضَ .
لَوْ غَصَبَ تُرَابًا ، وَأَضْجَعَ عَلَيْهِ بَقَرَةً حَتَّى صَارَ سِرْقِينًا فَالسِّرْقِينُ لِصَاحِبِ الْبَقَرَةِ ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ .
وَلَوْ غَصَبَ بَابًا مَعَ الْعِضَادَتَيْنِ وَرَكَّبَهُ فِي دَارِهِ يَنْقَطِعُ بِالْقِيمَةِ .
وَقِصَارَةُ الثَّوْبِ بالنشاستج ، وَالْغِرَاءِ كَصَبْغِهِ وَوَشْمِهِ بِالطَّاهِرِ كَصَبْغِهِ ، وَبِالنَّجِسِ لَهُ تَنْقِيصٌ .
غَصَبَ قِرْطَاسًا ، وَكَتَبَهُ يَنْقَطِعُ ، وَصْلُ غُصْنِهِ بِشَجَرَةٍ غَيْرِ بَلْخٍ كَوَفْيِك فَأَثْمَرَ الْوَصْلُ فَالثَّمَرُ وَالشَّجَرُ لِصَاحِبِهَا .
وَلَوْ غَصَبَ النَّجَّارُ خَشَبَةً ، وَأَدْرَجَهَا فِي بِنَاءِ مَالِكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَمْلِكُهُ النَّجَّارُ ، وَلَا رَبُّ الدَّارِ .
مَا يَغْصِبُهُ الْأَتْرَاكُ مِنْ الْجُذُوعِ وَالْعَوَارِضِ ، وَسَائِرِ الْأَخْشَابِ ، وَيَكْسِرُونَهَا كَسْرًا اسْتِفْحَاشًا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ ، وَإِنْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهَا بِالْكَسْرِ .
غَصَبَ بِطِّيخَةً ، وَقَطَعَ مِنْهَا شَرِيدَةً لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ مَالِكِهَا ، وَلَوْ جَعَلَهَا كُلَّهَا شرائد يَنْقَطِعُ لِزَوَالِ اسْمِهَا .
قَتَلَ عَبْدَ إنْسَانٍ ، وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لَا يَمْلِكُهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ حَتَّى لَا يَكُونَ عَلَيْهِ الْكَفَنُ فَإِنَّ الْمَضْمُونَ إذَا كَانَ مَالًا يَمْلِكُهُ بِالضَّمَانِ مِنْ الْقُنْيَةِ .
جَزَّ صُوفَ غَنَمِ إنْسَانٍ غَصْبًا قَالَ أَبُو نَصْرٍ : يُنْظَرُ إنْ لَمْ يُنْقِصْ مِنْ قِيمَةِ الْغَنَمِ شَيْئًا كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ مِثْلُ صُوفِهِ ، وَإِنْ نَقَصَ كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ نُقْصَانَ الْغَنَمِ ، وَالصُّوفُ لِلْغَاصِبِ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِثْلَ صُوفِهِ ، وَقَدْرَ نُقْصَانِ الْغَنَمِ لَا مِنْ جِهَةِ الصُّوفِ .
رَجُلٌ حَمَّلَ دَابَّةَ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَتَّى تَوَرَّمَ ظَهْرُ الدَّابَّةِ فَشَقَّهُ صَاحِبُهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ : يَتَلَوَّمُ إنْ انْدَمَلَ لَا ضَمَانَ ، وَإِنْ نَقَصَ إنْ كَانَ مِنْ الشَّقِّ فَكَذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَرَمِ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ ، وَكَذَا إذَا مَاتَتْ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي اسْتَعْمَلَ الدَّابَّةَ مَعَ يَمِينِهِ إنْ حَلَفَ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ لِلدَّابَّةِ ، وَلَا يَبْرَأُ عَنْ ضَمَانِ النُّقْصَانِ .
غَصَبَ غُلَامًا قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ فَخَصَاهُ فَبَرَأَ ، وَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ صَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ خَمْسَمِائَةٍ قِيمَتَهُ يَوْمَ خَصَاهُ ، وَدَفَعَ إلَيْهِ الْغُلَامَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْغُلَامَ ، وَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَلَا عَلَيْهِ مِنْ قَاضِي خَانْ ، وَقِيلَ : يُقَوَّمُ الْعَبْدُ لِلْعَمَلِ قَبْلَ الْخَصِيِّ ، وَيُقَوَّمُ بَعْدَ الْخَصِيِّ فَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .
وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ عَبْدٌ لِرَجُلٍ فَدَفَعَ الْقَاتِلُ مَكَانَهُ يَتَخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَدْفُوعَ مَكَانَهُ ، وَبَيْنَ أَنْ يُطَالِبَ الْغَاصِبَ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ هَذِهِ فِي الرَّهْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْهُ ، وَلَمْ يَكُنْ أَبَقَ قَبْلُ قَطُّ فَرُدَّ عَلَى الْمَالِكِ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَالْجُعْلُ عَلَى الْمَوْلَى ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ ، وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا نَقَصَهُ الْإِبَاقُ مِنْ قِيمَتِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
أَبَقَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ زَنَتْ أَوْ سَرَقَتْ ، وَلَمْ تَكُنْ فَعَلَتْ قَبْلُ ضَمِنَ مَا نَقَصَ بِسَبَبِ ذَلِكَ .
وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ كَاتِبًا فَنَسِيَ ضَمِنَ النُّقْصَانَ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
إذَا غَصَبَ بِزْرًا فَغَرَسَهُ فَأَنْبَتَهُ مَلَكَهُ بِالْقِيمَةِ ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ .
لَوْ غَزَلَتْ الْمَرْأَةُ قُطْنَ زَوْجِهَا بِلَا إذْنِهِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ بَائِعَ الْقُطْنِ كَانَ الْغَزْلُ لَهَا ، وَعَلَيْهَا الْقُطْنُ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى الْقُطْنَ لِلتِّجَارَةِ فَكَانَ النَّهْيُ ثَابِتًا مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ فَتَصِيرُ غَاصِبَةً ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَائِعَ الْقُطْنِ فَاشْتَرَى قُطْنًا ، وَجَاءَ إلَى مَنْزِلِهِ فَغَزَلَتْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ الْغَزْلُ لِلزَّوْجِ ، وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَاءَ بِهِ إلَى الْمَنْزِلِ لِتَغْزِلَهُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ خَبَزَتْ مِنْ دَقِيقِ الزَّوْجِ أَوْ طَبَخَتْ قِدْرَ اللَّحْمِ جَاءَ بِهِ الزَّوْجُ فَإِنَّ الطَّعَامَ يَكُونُ لِلزَّوْجِ وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مُتَطَوِّعَةً .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى قُطْنًا ، وَأَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَغْزِلَهُ فَغَزَلَتْهُ كَانَ الْغَزْلُ لِلزَّوْجِ ، وَإِنْ وَضَعَ الْقُطْنَ فِي بَيْتِهِ ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَغَزَلَتْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ الْغَزْلُ لَهَا ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ طَعَامٍ وُضِعَ فِي بَيْتِهِ فَأَكَلَتْهُ الْمَرْأَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ .
غَصَبَ تَالَّةً صَغِيرَةً فَغَرَسَهَا فِي مِلْكِهِ فَأَدْرَكَتْ فِي أَرْضِهِ فَلِرَبِّ التَّالَّةِ قِيمَتُهَا لَا النَّخْلَةُ ، وَلَوْ غَرَسَ تَالَّةً فَلَمْ تَزْدَدْ فَلَوْ لَمْ تَنْبُتْ فَلَا شَكَّ إنَّهَا لِرَبِّهَا ، وَلَوْ نَبَتَتْ ، وَلَمْ تَزْدَدْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِرَبِّهَا أَيْضًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
عَرَجَ الْحِمَارُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ إنْ كَانَ يَمْشِي مَعَ الْعَرَجِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْشِي فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقَطْعِ ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي اخْتِلَافِ الْغَاصِبِ ، وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ غَصَبَ دَابَّةً فَهَلَكَتْ ، وَأَقَامَ صَاحِبُهَا بَيِّنَةً أَنَّهَا هَلَكَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ مِنْ رُكُوبِهِ وَأَقَامَ الْغَاصِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَدَّهَا ، وَمَاتَتْ عِنْدَ صَاحِبِهَا كَانَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى ، وَيَقْضِي عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ شُهُودُ صَاحِبِهَا أَنَّ الْغَاصِبَ قَتَلَهَا أَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ دَارًا فَأَقَامَ صَاحِبُهَا بَيِّنَةً أَنَّ الْغَاصِبَ هَدَمَ الدَّارَ ، وَأَقَامَ الْغَاصِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا كَانَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى ، وَلَوْ أَقَامَ صَاحِبُهَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا مَاتَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ ، وَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا فَمَاتَتْ عِنْدَ صَاحِبِهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ : بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : يَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْغَاصِبِ .
وَذَكَرَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ : رَجُلٌ غَزَلَ قُطْنَ غَيْرِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ صَاحِبُ الْقُطْنِ : غَزَلْت بِإِذْنِي وَالْغَزْلُ لِي ، وَقَالَ الْآخَرُ : غَزَلْته بِغَيْرِ إذْنِكَ فَالْغَزْلُ لِي ، وَلَكَ مِثْلُ قُطْنِك كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْقُطْنِ مِنْ قَاضِي خَانْ ، وَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ غَصَبَهَا ، وَنَقَصَتْ عِنْدَهُ ، وَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَضْمَنُ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ ، وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَفِيهَا أَيْضًا أَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ كَذَا فَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا كَذَا فَبَيِّنَةُ الْمَالِكِ أَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ بَيِّنَةٌ فَأَرَادَ الْغَاصِبُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَقَالَ الْمَالِكُ : أُحَلِّفُهُ وَلَا أُرِيدُ الْبَيِّنَةَ لَهُ ذَلِكَ .
أَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْقِيمَةٍ ، وَالْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةٍ لَا تُقْبَلُ .
جَاءَ الْغَاصِبُ بِثَوْبٍ ، وَقَالَ : أَنَا غَصَبْت هَذَا فَقَالَ الْمَالِكُ : لَا بَلْ غَصَبْت ثَوْبًا آخَرَ غَيْرَ هَذَا الثَّوْبِ هَرَوِيًّا أَوْ مَرْوِيًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ .
ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جُبَّةً مَحْشُوَّةً فَقَالَ : غَصَبْت الظِّهَارَةَ ، وَلَا غَيْرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ، وَلَوْ قَالَ : غَصَبْتُك الْجُبَّةَ ثُمَّ قَالَ : الْحَشْوُ لِي وَالْبِطَانَةُ لِي أَوْ قَالَ : غَصَبْتُك الْخَاتَمَ إلَّا أَنَّ الْفَصَّ لِي أَوْ قَالَ غَصَبْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ ثُمَّ قَالَ : الْبِنَاءُ لِي أَوْ قَالَ : غَصَبْتُك الْأَرْضَ ثُمَّ قَالَ : الْأَشْجَارُ لِي لَمْ يُصَدَّقْ فِي هَذَا كُلِّهِ انْتَهَى .
لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ فِي قِيمَتِهِ ، وَقْتَ الْغَصْبِ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ .
وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِقِيمَةٍ الْمَغْصُوبِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِيمَةِ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ ، وَلَا يُصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَيْهِ ، وَلَوْ قَالَ الْغَاصِبُ : رَدَدْت الْمَغْصُوبَ ، وَقَالَ الْمَالِكُ : لَا بَلْ هَلَكَ عِنْدَكَ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ مِنْ الْوَجِيزِ .
رَجُلَانِ خَاصَمَا رَجُلًا فِي جَارِيَةٍ ، وَأَقَامَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَا الْيَدِ غَصَبَ مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ فِي وَقْتِ كَذَا ، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَا الْيَدِ غَصَبَ مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَوَقَّتَ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتِ الْأَوَّلِ فَهِيَ لِلثَّانِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهَا لِلْأَوَّلِ ، وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْجَارِيَةُ لِلْأَوَّلِ ، وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ لِلثَّانِي شَيْئًا مِنْ قَاضِي خَانْ .
لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ : غَصَبْتُك ثَوْبًا فَقَطَعْته ، وَخَطَّتْهُ بِغَيْرِ أَمْرِك ، وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ : بَلْ غَصَبْتنِي الْقَمِيصَ قَالَ مُحَمَّدٌ : الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ كَذَا فِي إقْرَارِ الْوَجِيزِ ، وَقَدْ مَرَّتْ .
الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ ، وَمَا يَكُونُ رَدًّا لِلْمَغْصُوبِ ، وَمَا لَا يَكُونُ رَجُلٌ غَصَبَ ثَوْبًا أَوْ دَابَّةً أَوْ دَرَاهِمَ فَأَبْرَأَهُ الْمَالِكُ مِنْهَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ عَنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ ، وَيَصِيرُ الْمَغْصُوبُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ .
وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ : حَلَلْتُهُ مِنْ الْغَصْبِ بَرِئَ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ فَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مُسْتَهْلَكًا بَرِئَ الْغَاصِبُ عَنْ ضَمَانِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّيْنِ ، وَالدَّيْنُ يَقْبَلُ الْإِبْرَاءَ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ قَائِمًا كَانَ التَّحْلِيلُ إبْرَاءً لَهُ عَنْ سَبَبِ الضَّمَانِ فَتَصِيرُ الْعَيْنُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ عِنْدَنَا ، وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ لَا يَبْرَأُ عَنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ .
إذَا أَتَى بِقِيمَةٍ الْمَغْصُوبِ الْمُسْتَهْلَكِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ : يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَأْمُرَهُ بِالْقَبُولِ فَيَبْرَأُ ، وَقَالَ : نُصَيْرٌ كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ إذَا وُضِعَ بَيْنَ يَدَيَّ الْمَالِكِ بَرِئَ ، وَفِي الدَّيْنِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يَضَعَهُ فِي يَدِهِ أَوْ فِي حِجْرِهِ فَقَدْ بَرِئَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنَّهُ ثَوْبُهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ ، وَرَمَاهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَرَفَعَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ : أَخَاف أَنْ لَا يَبْرَأَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَقَعُ عِنْدَ صَاحِبِ الثَّوْبِ إنَّهَا ، وَدِيعَةٌ ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ ثَوْبُهُ ، وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ يَبْرَأُ لِأَنَّهُ رَدَّ عَيْنِ مَالِهِ عَلَيْهِ أَلَا يَرَى أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ أَطْعَمَ الْمَالِكُ الطَّعَامَ الْمَغْصُوبَ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ ، وَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ مُسْتَهْلَكًا فَأَعْطَاهُ الْقِيمَةَ فَلَمْ يَقْبَلْ ، وَلَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَوَضَعَ الْقِيمَةَ بَيْنَ يَدَيْ الْمَالِكِ لَا يَبْرَأُ وَإِنْ وَضَعَهُ فِي يَدِهِ أَوْ فِي حِجْرِهِ يَبْرَأُ .
غَصَبَ مِنْ صَبِيٍّ شَيْئًا ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ بِأَنْ كَانَ يَعْقِلُ الْأَخْذَ ، وَالْإِعْطَاءَ صَحَّ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ رَفَعَ السَّرْجَ عَنْ ظَهْرِ دَابَّةِ الْغَيْرِ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ لَا يَصِحُّ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ اسْتَهْلَكَ الْغَصْبَ حَتَّى ضَمِنَ الْقِيمَةَ فَدَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى الصَّبِيِّ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ صَحَّ ، وَبَرِئَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ بِتَضْمِينِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ .
غَصَبَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ : اذْهَبْ بِهِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَبِعْهُ فَذَهَبَ بِهِ الْغَاصِبُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَعَطِبَ فِي الطَّرِيقِ كَانَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا عَلَى حَالِهِ فَلَوْ أَنَّ الْغَاصِبَ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمَالِكِ يَبْنِي لَهُ حَائِطًا مَعْلُومًا فَإِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَأْخُذَ فِي عَمَلِ الْحَائِطِ فَإِذَا أَخَذَ فِي عَمَلِ الْحَائِطِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ ، وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ مِنْ الْمَالِكِ لِلْخِدْمَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَقِيلَ : لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْخِدْمَةِ يَبْرَأُ لِلْحَالِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ الْمَالِكُ لَوْ أَجَّرَ الْقِنَّ مِنْ الْغَاصِبِ بَرِئَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لَا لَوْ أَعَارَهُ مِنْهُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ ضَمِنَ انْتَهَى .
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْإِجَارَةِ لَوْ اغْتَصَبَ دَابَّةً ثُمَّ آجَرَهُ إيَّاهَا رَبُّهَا إلَى الْكُوفَةِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ جَازَ ، وَيَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ انْتَهَى .
غَصَبَ دَابَّةً ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَرْبِطِ الْمَالِكِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَقَالَ زُفَرُ : يَبْرَأُ .
نَزَعَ خَاتَمًا مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى أُصْبُعِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَبِهَ النَّائِمُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ فِي قَوْلِهِمْ ، وَلَوْ انْتَبَهَ النَّائِمُ ثُمَّ نَامَ فَأَعَادَهُ إلَى أُصْبُعِهِ لَا يَبْرَأُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَيَبْرَأُ فِي قَوْلِ زُفَرَ .
وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْمُنْتَقَى إذَا أَخَذَ رَجُلٌ خَاتَمًا مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ أَوْ دَرَاهِمَ مِنْ كِيسِهِ أَوْ خُفًّا مِنْ رِجْلِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ ، وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ لَمْ يُعِدْهُ حَتَّى انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ ثُمَّ نَامَ نَوْمَةً أُخْرَى فَأَعَادَهُ إلَى مَوْضِعِهِ فَإِنْ أَعَادَهُ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ اسْتَحْسَنْت أَنْ لَا أُضَمِّنَهُ ، وَإِلَّا ضَمَّنْتُهُ ، وَكَذَا لَوْ أَعَادَ الْخَاتَمَ إلَى أُصْبُعٍ أُخْرَى ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ قَوْلًا لِأَبِي حَنِيفَةَ قَالَ : وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّحْوِيلِ ، وَذَكَرَ فِي جَمِيعِ التَّفَارِيقِ إذَا نَزَعَ مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ خَاتَمًا ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُعْتَبَرُ النَّوْمَةُ الْأُولَى ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُعْتَبَرُ الْمَجْلِسُ اسْتِحْسَانًا مِنْ قَاضِي خَانْ .
أَخْرَجَ خَاتَمًا مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى كُمِّهِ أَوْ سَبَّابَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا غَيْرِ الْأُصْبُعِ الَّتِي كَانَ فِيهَا ضَمِنَ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ .
لَوْ زَوَّجَ الْمَالِكُ الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ الْغَاصِبِ لَمْ يَبْرَأْ لِلْحَالِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ ، وَهِيَ فَرْعُ مَا لَوْ تَزَوَّجَ الْمُشْتَرِي أَمَةً اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْقَبْضِ يَصِيرُ بِهِ قَابِضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا ، وَكَسَاهُ الْمَالِكَ أَوْ طَعَامًا فَقَدَّمَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمَالِكِ لِيَأْكُلَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ بَرِئَ .
وَكَذَا لَوْ لَبِسَ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ أَوْ كَانَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ أَوْ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ ، وَلَا يَعْلَمُ بِهِ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .
بَقَرَةٌ غَصَبَهَا رَجُلٌ آخَرُ مِنْ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَرَقَهَا الْمَالِكُ مِنْ غَاصِبِ الْغَاصِبِ لِعَجْزِهِ عَنْ الِاسْتِرْدَادِ مِنْهُ مُجَاهَرَةً بِنَفْسِهِ أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ إنَّ غَاصِبَ الْغَاصِبِ اسْتَرَدَّهَا بِالسَّلْطَنَةِ ، وَعَجَزَ الْمَالِكُ عَنْ مُخَاصَمَتِهِ لَيْسَ لَهُ حَقُّ مُخَاصَمَةِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْقِيمَةِ .
وَلَوْ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ إنَّهُ رَدَّ الدَّابَّةَ الْمَغْصُوبَةَ عَلَى الْمَالِكِ ، وَأَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا مَاتَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِرُكُوبِهِ فَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَلَوْ غَصَبَ حِمَارًا ثُمَّ جَاءَ بِهِ ، وَأَدْخَلَهُ فِي إصْطَبْلِ الْمَالِكِ ، وَأَخْبَرَهُ فَقَالَ : نَعَمْ مَا فَعَلْت لَا يَبْرَأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَيَبْرَأُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لَا تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَتَلْحَقُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ مِنْ الْقُنْيَةِ .
غَصَبَ عِنَبًا فَحَلَّلَهُ مَالِكُهُ مِنْ كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ قِبَلَهُ قَالَ أَئِمَّةُ بَلْخِي : التَّحْلِيلُ يَقَعُ عَلَى مَا هُوَ وَاجِبٌ فِي الذِّمَّةِ لَا عَلَى عَيْنٍ قَائِمَةٍ هَذِهِ فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ .
أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إبْرَائِهِ عَنْ الْمَغْصُوبِ لَا يَكُونُ إبْرَاءً عَنْ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ ، وَإِنَّمَا هُوَ إبْرَاءٌ عَنْ الضَّمَانِ لِلرَّدِّ لَا عَنْ ضَمَانِ الْقِيمَةِ ؛ لِأَنَّ حَالَ قِيَامِهِ الرَّدُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لَا قِيمَتُهُ فَكَانَ إبْرَاءً عَمَّا لَيْسَ بِوَاجِبٍ هَذِهِ فِي الدَّعْوَى مِنْ الْخُلَاصَةِ .
إذَا أَحْدَثَ الْمَالِكُ فِي الْغَصْبِ حَدَثًا يَصِيرُ بِهِ غَاصِبًا لَوْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ كَانَ قَابِضًا ، وَبَرِئَ الْغَاصِبُ كَاسْتِخْدَامٍ وَلُبْسٍ وَأَكْلٍ ، وَهُوَ يَعْرِفُهُ أَوْ لَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ .
لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ لِيَعْلَمَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ عَمَلًا مِنْ الْأَعْمَالِ أَوْ يَغْسِلَ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ لَا يَبْرَأُ ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْحِفْظِ لَمْ يَجُزْ .
وَلَوْ ، وَكَّلَ الْغَاصِبُ بِبَيْعِ الْمَغْصُوبِ لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الضَّمَانِ حَتَّى يَبِيعَ وَيُسَلِّمَ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .
رَجُلٌ غَصَبَ دَارًا ، وَاسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالدَّارُ لَيْسَتْ بِحَضْرَتِهِمَا حِينَ اسْتَأْجَرَهَا فَإِذَا سَكَنَهَا أَوْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ بَرِئَ الْغَاصِبُ عَنْ ضَمَانِهَا .
وَلَوْ غَصَبَ أَمَةً فَتَزَوَّجَهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ الْغَاصِبِ بَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ قُلْتُ : وَقَدْ مَرَّ آنِفًا أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِتَزَوُّجِ الْأَمَةِ عَنْ ضَمَانِهَا فِي الْحَالِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَتَأَمَّلْ .
لَوْ قَالَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ : أَوْدَعْتُك الْمَغْصُوبَ لَا يَبْرَأُ إذْ لَمْ يُوجَدْ الْإِبْرَاءُ ، وَلَوْ انْتَفَعَ الْغَاصِبُ بِهِ فَأَمَرَهُ الْمَالِكُ بِحِفْظِهِ لَمْ يَبْرَأْ مَا لَمْ يَحْفَظْ إذْ الْأَمْرُ بِالْحِفْظِ ، وَعَقْدُ الْوَدِيعَةِ لَا يُنَافِيَانِ الضَّمَانَ ، وَلَوْ بَاعَ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ ، وَلَوْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى مَالِكِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ فَجَاءَ بِهِ إلَى بَيْتِهِ فَهَلَكَ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ ، وَفِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْبُيُوعِ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ بِالْحَمْلِ إلَى مَنْزِلِهِ إذَا لَمْ يَضَعْهُ عِنْدَ الْمَالِكِ فَأَمَّا إذَا ، وَضَعَ عِنْدَ الْمَالِكِ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ ثُمَّ حَمَلَهُ مَرَّةً أُخْرَى إلَى مَنْزِلِهِ فَضَاعَ كَانَ ضَامِنًا أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ فَقَالَ لِلْمَالِكِ : خُذْهُ ، وَلَمْ يَقْبَلْ يَصِيرُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ ا هـ .
لَوْ غَصَبَ سَرْجًا مِنْ ظَهْرِ دَابَّةٍ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى ظَهْرِهَا لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ .
وَلَوْ غَصَبَ الدَّرَاهِمَ مِنْ كِيسِ رَجُلٍ ثُمَّ رَدَّهَا فِي الْكِيسِ ، وَصَاحِبُهَا لَا يَعْلَمُ يَبْرَأُ .
غَصَبَ شَيْئًا ، وَقَبَضَ لِلْحِفْظِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ حِفْظَهُ كَمَا أَخَذَ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ فَإِنْ انْتَفَعَ بِهِ فَأُمِرَ بِالْحِفْظِ لَا يَبْرَأُ ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَوْدَعَ الرَّجُلُ مَالَ الْغَيْرِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
غَصَبَ حَطَبًا ، وَاسْتَأْجَرَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ فَأَوْقَدَهُ فِي قِدْرِ الْغَاصِبِ ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِأَنَّهُ حَطَبُهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَبْرَأَ كَمَا لَوْ غَصَبَ طَعَامًا ثُمَّ أَطْعَمَهُ الْمَالِكَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأَصْلِ : أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ فِي مَقْصُودِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْفَرْعِ فَافْتَرَقَا مِنْ الْقُنْيَةِ .
لَوْ غَصَبَ فَأَجَازَ الْمَالِكُ قَبْضَهُ بَرِئَ ، وَكَذَا لَوْ أَوْدَعَ مَالَ غَيْرِهِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ بَرِئَ إذْ الْإِذْنُ انْتِهَاءً كَالْأَمْرِ ابْتِدَاءً .
الْإِجَازَةُ تَلْحَقُ الْعُقُودَ لَا الْأَفْعَالَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَتَلْحَقُهُمَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ مَا غَصَبَهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَأَجَازَ الْمَالِكُ قَبْضَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي الْأَشْبَاهِ الْإِجَازَةُ لَا تَلْحَقُ بِالْإِتْلَافِ فَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا فَقَالَ الْمَالِكُ : أَجَزْت ، وَرَضِيت لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الضَّمَانِ ا هـ .
لَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ الْغَصْبَ مِنْ الْمَالِكِ ، وَسَلَّمَهُ أَوْ بَاعَهُ مِنْهُ ، وَسَلَّمَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ بَرِئَ .
غَصَبَ بُرًّا فَطَحَنَهُ ، وَخَبَزَهُ ، وَأَطْعَمَهُ مَالِكُهُ أَوْ تَمْرًا فَنَبَذَهُ ، وَسَقَاهُ إيَّاهُ أَوْ كِرْبَاسًا فَقَطَعَهُ وَخَاطَهُ وَأَعْطَاهُ إيَّاهُ لَمْ يَبْرَأْ إذْ مَلَكَهُ زَالَ بِمَا فَعَلَ .
لَبِسَ ثَوْبَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ حَالَ غَيْبَتِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَبْرَأُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ بَيْتِهِ بِلَا أَمْرِهِ فَلَبِسَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى بَيْتِهِ بَرِئَ اسْتِحْسَانًا .
وَكَذَا لَوْ أَخَذَ دَابَّةً مِنْ دَارِ رَبِّهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَكَانِهَا بَرِئَ .
وَلَوْ أَخَذَهَا مِنْ يَدِ رَبِّهَا غَصْبًا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى دَارِ رَبِّهَا ، وَرَبَطَهَا عَلَى مُعَلَّقِهَا ، وَلَمْ يَجِدْ رَبَّهَا ، وَلَا خَادِمَهُ ضَمِنَ .
قَصَّابٌ كوسفنديكي را بِغَلَطِ بردو بيجوبان دَادَ خداوند كوسفند كَفَتْ كه كوسفند مِنْ جه كَرُدَّى كَفَتْ بجوبان دادم كَفَتْ روبكوكه كوسفند فُلَانٌ است جون بيايدبوي دهي فَذَهَبَ قِيلَ : لَا يَبْرَأُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
قَالَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ : ضَحِّ بِهَا فَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ التَّضْحِيَةِ ضَمِنَهَا ، وَإِنْ بَعْدَهُ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْأَشْبَاهِ .
غَصَبَ مِنْ قِنٍّ شَيْئًا ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ بَرِئَ ، وَلَوْ مَحْجُورًا ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ فَرَدَّ قِيمَتَهُ فَلَوْ مَأْذُونًا صَحَّ ، وَلَوْ مَحْجُورًا لَا يَصِحُّ .
غَصَبَ شَيْئًا مِنْ الصَّاحِي فَرَدَّهُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ سَكْرَانُ بَرِئَ لَا لَوْ أَخَذَهُ ، وَهُوَ يَقْظَانُ فَرَدَّهُ ، وَهُوَ نَائِمٌ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ فَنِّ الْأَلْغَازِ أَيُّ غَاصِبٍ لَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ فَقُلْ : إذَا كَانَ الْمَالِكُ لَا يَعْقِلُ ا هـ غَصَبَ شَيْئًا ثُمَّ حَمَلَهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ ، وَأَبَى الْمَالِكُ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ فَحَمَلَهُ الْغَاصِبُ إلَى مَنْزِلِهِ فَضَاعَ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قِيلَ لَهُ لِمَ لَا يَكُونُ غَصْبًا جَدِيدًا قَالَ : إنَّمَا يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ غَصْبِ جَدِيدٍ لَوْ وَضَعَهُ عِنْدَهُ ثُمَّ حَمَلَهُ مَرَّةً أُخْرَى أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَمْ يَضَعْهُ مِنْ يَدِهِ ، وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ فَهَذَا عَلَى الْأَمَانَةِ هَذِهِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ الْخُلَاصَةِ ، وَقَدْ مَرَّتْ آنِفًا .
غَصَبَ دَابَّةً فَلَقِيَهَا صَاحِبُهَا فِي الْمَفَاوِزِ الْمُهْلِكَةِ ، وَلَمْ يَسْتَرِدَّهَا لَمْ يَبْرَأْ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى .
رَجُلٌ أَخَذَ مِنْ كِيسِ رَجُلٍ فِيهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ خَمْسَمِائَةٍ فَذَهَبَ بِهَا ثُمَّ رَدَّهَا بَعْدَ أَيَّامٍ وَوَضَعَهَا فِي الْكِيسِ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْخَمْسَمِائَةِ الَّتِي أَخَذَهَا لَا غَيْرَ ، وَلَا يَبْرَأُ بِهَذَا الرَّدِّ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِيهِ لَوْ غَصَبَ دَابَّةً فَمَاتَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَجَاءَ الْوَارِثُ ، وَاسْتَعَارَ مِنْ الْغَاصِبِ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَأَعَارَهَا الْغَاصِبُ إيَّاهُ فَعَطِبَتْ تَحْتَهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ .
الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ .
لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ ، وَلَا دَلَالَةٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ الْأُولَى يَجُوزُ لِلْوَلَدِ وَالْوَالِدِ الشِّرَاءُ مِنْ مَالِ الْمَرِيضِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ .
وَالثَّانِيَةُ : إذَا أَنْفَقَ الْمُودَعُ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَكَانَ فِي مَكَانٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِطْلَاعُ رَأْيِ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا .
وَالثَّالِثَةُ : مَاتَ بَعْضُ الرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ فَبَاعُوا قُمَاشَهُ وَعُدَّتَهُ وَجَهَّزُوهُ بِثَمَنِهِ وَرَدُّوا الْبَقِيَّةَ إلَى الْوَرَثَةِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَنْفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَضْمَنُوا اسْتِحْسَانًا وَهِيَ وَاقِعَةُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مِنْ الْأَشْبَاهِ .
وَمَنْ طَبَخَ لَحْمَ غَيْرِهِ أَوْ طَحَنَ حِنْطَتَهُ أَوْ رَفَعَ جَرَّتَهُ فَانْكَسَرَتْ أَوْ حَمَلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَعَطِبَتْ كُلُّ ذَلِكَ بِلَا أَمْرِ الْمَالِكِ يَكُونُ ضَامِنًا وَلَوْ ، وَضَعَ الْمَالِكُ اللَّحْمَ فِي الْقِدْرِ ، وَالْقِدْرُ عَلَى الْكَانُونِ فَأَوْقَدَ رَجُلٌ النَّارَ فَطَبَخَهُ أَوْ جَعَلَ الْحِنْطَةَ فِي دَوْرَقٍ ، وَرَبَطَ الدَّابَّةَ عَلَيْهِ فَسَاقَهَا رَجُلٌ فَطَبَخَهَا أَوْ رَفَعَ الْجَرَّةَ ، وَأَمَالَهَا إلَى نَفْسِهِ فَأَعَانَهُ عَلَى رَفْعِهَا رَجُلٌ فَانْكَسَرَتْ فِيمَا بَيْنَهُمَا أَوْ حَمَلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَسَقَطَ فِي الطَّرِيقِ فَحَمَلَ رَجُلٌ مَا سَقَطَ عَلَى دَابَّتِهِ فَعَطِبَتْ لَا يَضْمَنُ الرَّجُلُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ اسْتِحْسَانًا لِوُجُودِ الْإِذْنِ دَلَالَةً مِنْ أُضْحِيَّةِ الْهِدَايَةِ .
ذَبَحَ شَاةً ، وَعَلَّقَهَا لِلسَّلْخِ فَسَلَخَهَا رَجُلٌ ضَمِنَ .
وَلَوْ أَحْضَرَ فَعَلَةً لِهَدْمِ دَارِهِ فَهَدَمَهُ آخَرُ بِلَا إذْنٍ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا إذْ الْأَصْلُ فِي جِنْسِهَا أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ يَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ فِيهِ لِكُلِّ أَحَدٍ دَلَالَةً وَمَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ لَا تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ لِكُلِّ أَحَدٍ ، وَمِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ شَدُّ الْوَزْعِ لِيَسْقِيَ زَرْعَهُ فَفَتَحَ رَجُلٌ فُوَّهَةَ الْأَرْضِ فَسَقَاهَا يَبْرَأُ كَذَا فِي الْحَجِّ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
رَجُلٌ رَكِبَ دَابَّةَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَمَاتَتْ الدَّابَّةُ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُحَوِّلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا كَذَا فِي شَرْحِ الشَّافِي ، وَفِي نُسْخَةِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ : عِنْدَ زُفَرَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ .
رَجُلٌ حَمَلَ عَلَى دَابَّةِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَتَوَرَّمَ ظَهْرُ الْحِمَارِ فَشَقَّ صَاحِبُ الْحِمَارِ ذَلِكَ الْوَرَمَ فَانْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ قِيمَةُ الْحِمَارِ إنْ انْدَمَلَ مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ انْتَقَصَ لَا يَخْلُو إنْ انْتَقَصَ مِنْ الْوَرَمِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ ، وَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ الشَّقِّ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْحِمَارُ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْغَاصِبُ : مَاتَ مِنْ الشَّقِّ ، وَقَالَ صَاحِبُهُ : مَاتَ مِنْ الْوَرَمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ .
وَفِيهَا دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ وَأَخْرَجَ مِنْهَا ثَوْبًا ، وَوَضَعَهُ فِي مَنْزِلٍ آخَرَ مِنْهَا فَضَاعَ الثَّوْبُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ تَفَاوُتٌ فِي الْحِرْزِ لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ يَضْمَنُ انْتَهَى .
دَخَلَ دَارَ إنْسَانٍ ، وَأَخَذَ مَتَاعًا مِنْ بَيْتٍ ، وَحَوَّلَهُ إلَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ أَوْ إلَى صَحْنِ الدَّارِ ، وَصَاحِبُ الدَّارِ مَعَ غِلْمَانِهِ يَسْكُنُ فِي تِلْكَ الدَّارِ فَهَلَكَ الْمَتَاعُ فِي الْقِيَاسِ يَكُونُ ضَامِنًا ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ إنْ كَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ مِثْلَ الْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ .
رَجُلٌ صَلَّى فَوَقَعَتْ قَلَنْسُوَتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَحَّاهَا رَجُلٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ إنْ وَضَعَهَا حَيْثُ لَا تُسْرَقُ لَمْ يَضْمَنْ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَضْمَنُ .
رَجُلٌ بَعَثَ رَجُلًا إلَى مَاشِيَةٍ لِيَأْتِيَ بِهَا فَرَكِبَ الْمَأْمُورُ دَابَّةَ الْآمِرِ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ : إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ فِي أَنْ يَفْعَلَ فِي مَالِهِ مِثْلَ هَذَا لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَ .
قَطَعَ تَالَّةً مِنْ أَرْضٍ فَغَرَسَهَا فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ : الشَّجَرَةُ تَكُونُ لِلْغَارِسِ ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَّةِ لِلْمَالِكِ يَوْمَ الْقَطْعِ ، وَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ ، وَإِنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ الْأَرْضَ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ شَجَرَةٍ لَيْسَ لَهَا حَقُّ الْقَرَارِ .
رَفَعَ قَلَنْسُوَةً مِنْ رَأْسِ إنْسَانٍ ، وَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ آخَرَ فَطَرَحَهَا الرَّجُلُ عَنْ رَأْسِهِ قَالُوا : إنْ كَانَتْ الْقَلَنْسُوَةُ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْ صَاحِبِهَا ، وَأَمْكَنَهُ رَفْعُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا يَضْمَنُ الطَّارِحُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَكُونُ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الَّذِي رَفَعَ الْقَلَنْسُوَةَ ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الطَّارِحِ انْتَهَى .
دَخَلَ مَنْزِلَ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ ، وَأَخَذَ إنَاءً مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَنْظُرُ فِيهِ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ قَالَ النَّاطِفِيُّ : لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ دَلَالَةً ، وَلَوْ أَنَّهُ أَخَذَ سَوِيقًا يَبِيعُهُ فِي إنَاءٍ فَأَخَذَهُ إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِيَنْظُرَ فِيهِ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ ، وَانْكَسَرَ يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ بِذَلِكَ دَلَالَةً بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِدُخُولِ الْمَنْزِلِ إذْنٌ بِذَلِكَ دَلَالَةً .
سَكْرَانُ لَا يَعْقِلُ وَهُوَ نَائِمٌ وَوَقَعَ ثَوْبُهُ فِي الطَّرِيقِ فَأَخَذَ رَجُلٌ ثَوْبَهُ لِيَحْفَظَهُ لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ أَخَذَ الثَّوْبَ مِنْ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ أَخَذَ خَاتَمًا مِنْ يَدِهِ أَوْ كِيسًا مِنْ وَسَطِهِ أَوْ دِرْهَمًا مِنْ كُمِّهِ لِيَحْفَظَهُ لِأَنَّهُ خَافَ ضَيَاعَهُ ضَمِنَ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ كَانَ مَحْفُوظًا بِصَاحِبِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ دَارِ إنْسَانٍ فَوَضَعَهُ فِي مَنْزِلٍ آخَرَ ، وَضَاعَ ضَمِنَ لَوْ تَفَاوَتَا فِي الْحِرْزِ ، وَإِلَّا فَلَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
إذَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَى إنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ فَمَاتَتْ ، وَادَّعَى إنْ كَانَ بِإِذْنِهَا ، وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ .
مَيِّتٌ دُفِنَ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِذَلِكَ ، وَإِنْ شَاءَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ الْمَيِّتِ ، وَإِنْ شَاءَ سَوَّى الْأَرْضَ ، وَزَرَعَ فَوْقَهَا ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ ظَاهِرَهَا ، وَبَاطِنَهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ مِنْ وَقْفِ قَاضِي خَانْ .
جَمَاعَةٌ فِي بَيْتِ إنْسَانٍ أَخَذَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِرْآتَهُ وَنَظَرَ فِيهَا ، وَدَفَعَهَا إلَى آخَرَ فَنَظَرَ فِيهَا ثُمَّ ضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِهِ دَلَالَةً حَتَّى لَوْ كَانَ شَيْئًا يَجْرِي الشُّحُّ بِاسْتِعْمَالِهِ يَكُونُ غَاصِبًا .
رَفَعَ قَدُومَ النَّجَّارِ ، وَهُوَ يَرَاهُ ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَاسْتَعْمَلَهُ وَانْكَسَرَ يَضْمَنُ .
نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِمَارَ صَاحِبِهِ الْخَاصَّ ، وَطَحَنَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَأَكَلَ الْحِمَارُ الْحِنْطَةَ فِي الرَّحَى ، وَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ لِوُجُودِ الْإِذْنِ دَلَالَةً فِي ذَلِكَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَلَمْ يُعْجِبْنَا ذَلِكَ لِاعْتِقَادِنَا الْعُرْفَ بِخِلَافِهِ لَكِنْ عُرِفَ بِجَوَابِهِ هَذَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِيمَا يُوجَدُ الْإِذْنُ دَلَالَةً ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ صَرِيحًا حَتَّى لَوْ فَعَلَ الْأَبُ بِحِمَارِ وَلَدِهِ ذَلِكَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِحِمَارِ الْآخَرِ ، وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ لِوُجُودِ الْإِذْنِ دَلَالَةً .
وَلَوْ أَرْسَلَ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ فِي شَأْنِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَأَبَقَتْ لَا يَضْمَنُ ، وَبِضَرْبِ عَبْدِ الْغَيْرِ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا مِنْ الْقُنْيَةِ .
سُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ أَوْ جَارِيَةَ الْغَيْرِ ، وَأَبَقَ فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ ضَامِنٌ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ إذَا أَبَقَ مِنْ يَدِهِ ، وَمَنْ اسْتَعْمَلَ عَبْدًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ حَضْرَةِ صَاحِبِهِ فَمَاتَ فِي خِدْمَتِهِ لَا يَضْمَنُ ، وَفِي الدَّابَّةِ لَا يَضْمَنُ ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ اسْتِعْمَالَ عَبْدِ الْغَيْرِ يُوجِبُ الضَّمَانَ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُ الْغَيْرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ : إنِّي حُرٌّ فَاسْتَعْمِلْنِي فِي عَمَلِ كَذَا فَاسْتَعْمَلَهُ ، وَهَلَكَ الرَّجُلُ ثُمَّ ظَهَرَ إنَّهُ عَبْدٌ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ سَوَاءٌ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ، وَهَذَا إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلِ نَفْسِهِ أَمَّا إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ : ارْتَقِ الشَّجَرَةَ ، وَانْثُرْ الْمِشْمِشَ لِتَأْكُلَهُ أَنْتَ فَسَقَطَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَلَوْ قَالَ لِتَأْكُلَ أَنْتَ وَأَنَا يَضْمَنُ .
غُلَامٌ حَمَلَ كُوزَ مَاءٍ لِيَنْقُلَ الْمَاءَ إلَى بَيْتِ الْمَوْلَى بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَدَفَعَ رَجُلٌ كُوزَهُ لِيَحْمِلَ مَاءً لَهُ مِنْ الْحَوْضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ : مَرَّةً يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ ثُمَّ قَالَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَةِ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ صَارَ نَاسِخًا لِفِعْلِ الْمَوْلَى فَيَصِيرُ غَاصِبًا كُلَّ الْعَبْدِ .
لَوْ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ فَهَلَكَ الْعَبْدُ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ قَالَ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا غَصَبَ دَابَّةَ رَجُلٍ مِنْ الْإِصْطَبْلِ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْإِصْطَبْلِ لَا إلَى الْمَالِكِ ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَبْرَأُ وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ إنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْبَةِ الْمَالِكِ ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ بِحَضْرَةِ الْمَوْلَى فَمَا لَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إجْمَاعًا كَمَا لَوْ غَصَبَهُ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ .
إذَا اسْتَخْدَمَ عَبْدَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ قَادَ دَابَّتَهُ أَوْ سَاقَهَا أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا أَوْ رَكِبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ مِنْ عَطْبٍ فِي تِلْكَ الْخِدْمَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ مِنْ الْغَصْبِ أَقُولُ : وَقَدْ مَرَّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ فِي الْغَصْبِ كَثِيرٌ .
الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ وَإِفْسَادِهِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا ، وَيَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ .
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ بِنَفْسِهِ وَيَدِهِ .
الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ وَالْمُتَسَبِّبُ لَا إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ضَمِنَهُ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ .
إذَا انْقَلَبَ النَّائِمُ عَلَى مَتَاعٍ وَكَسَرَهُ يَجِبُ الضَّمَانُ هَذِهِ فِي بَيَانِ أَنَّ النَّائِمَ كَالْمُسْتَيْقِظِ مِنْهُ .
وَضَعَ شَيْئًا عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَسَقَطَ ، وَهَلَكَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ يَضْمَنُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
وَضَعَ زِقًّا فِي الطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَشَقَّهُ يَضْمَنُ إنْ كَانَ وَضَعَهُ بِعُذْرٍ وَإِلَّا فَلَا .
وَفِي الْمُحِيطِ : إنْ كَانَ أَبْصَرَهُ ، وَعَثَرَ عَلَيْهِ يَضْمَنُ ، وَإِلَّا فَلَا مِنْ جِنَايَاتِ الْقُنْيَةِ .
رَمَى سَهْمًا إلَى هَدَفٍ فِي مِلْكِهِ فَتَجَاوَزَهُ ، وَأَتْلَفَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ ضَمِنَ .
رَجُلٌ تَقَدَّمَ إلَى خَزَّافٍ يَبِيعُ الْخَزَفَ فَأَخَذَ غَضَارَةً بِإِذْنِهِ لِيَنْظُرَ فِيهَا فَوَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ عَلَى غَضَارَاتٍ أُخَرَ فَانْكَسَرَتْ لَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الَّتِي أَخَذَهَا لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِإِذْنِهِ ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا سِوَاهَا لِأَنَّهُ تَلِفَ بِفِعْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ .
لَوْ شَقَّ زِقَّ غَيْرِهِ ، وَفِيهِ سَمْنٌ جَامِدٌ فَأَصَابَتْهُ الشَّمْسُ فَذَابَ اخْتَلَفُوا فِيهِ ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ .
رَجُلٌ دَفَعَ الدِّرْهَمَ إلَى نَاقِدٍ لِيَنْقُدَهُ فَغَمَزَ الدِّرْهَمَ فَكَسَرَهُ قَالُوا : يَكُونُ ضَامِنًا إلَّا إذَا قَالَ لَهُ الْمَالِكُ : اغْمِزْ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَكْسُورُ لَا يَرُوجُ رَوَاجَ الصِّحَاحِ ، وَيَبْيَضُّ بِالْكَسْرِ .
رَجُلٌ أَتْلَفَ مِنْ رَجُلٍ أَحَدَ مِصْرَاعَيْ بَابٍ أَوْ أَخَذَ زَوْجَيْ خُفٍّ أَوْ مُكْعِب كَانَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ الْآخَرَ ، وَيُضَمِّنُهُ قِيمَتَهُمَا .
تَعَلَّقَ بِرَجُلٍ ، وَخَاصَمَهُ فَسَقَطَ مِنْ الْمُتَعَلَّقِ بِهِ شَيْءٌ فَضَاعَ قَالُوا : يَضْمَنُ الْمُتَعَلِّقُ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ سَقَطَ بِقُرْبٍ مِنْ صَاحِبِهِ ، وَهُوَ يَرَاهُ ، وَأَمْكَنَهُ أَخْذُهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَإِلَّا كَانَ ضَامِنًا .
رَجُلٌ حَرَقَ صَكَّ رَجُلٍ أَوْ دَفْتَرَ حِسَابِهِ تَكَلَّمُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَصَحَّ مَا فِيهِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الصَّكِّ مَكْتُوبًا مِنْ قَاضِي خَانْ ، وَقِيلَ : يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بِمَا يَتَقَوَّمُ بِهِ عِنْدَ مَالِكِ الصَّكِّ ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقِيمَةُ عِنْدَ التَّلَفِ كَإِتْلَافِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْوَجِيزِ : وَعَامَّةُ مَشَايِخِنَا عَلَى إنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الصَّكِّ وَالدَّفْتَرِ مَكْتُوبًا لَا مَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتَهَى .
لَوْ صَبَّ زَيْتًا أَوْ دُهْنًا لِإِنْسَانٍ ، وَقَالَ : كَانَ نَجِسًا قَدْ مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ لَحْمَ إنْسَانٍ ، وَقَالَ : هُوَ مَيْتَةٌ لَا يُصَدَّقُ ، وَيَضْمَنُ هَذِهِ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْوَجِيزِ .
وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَوْلَى لِمُكَاتَبِهِ مَالًا غَرِمَ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَغَيْرِهَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ الْمَالِكُ : رَضِيتُ بِمَا صَنَعْت أَوْ أَجَزْتُ مَا صَنَعْت لَا يَبْرَأُ مِنْهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
الْمُتْلَفُ بِلَا غَصْبٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ .
رَجُلٌ صَبَّ مَاءً عَلَى حِنْطَةٍ فَنَقَصَتْ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَصَبَّ عَلَيْهَا أَيْضًا حَتَّى زَادَتْ فِي النُّقْصَانِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الثَّانِيَ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ صَبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ، وَبَرِئَ الْأَوَّلُ .
رَجُلٌ أَحْمَى تَنُّورَهُ بِقَصَبٍ أَوْ حَشِيشٍ ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَجَاءَ آخَرُ فَصَبَّ فِيهِ الْمَاءَ قَالُوا : يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ التَّنُّورِ مَسْجُورًا ، وَغَيْرَ مَسْجُورٍ فَيَغْرَمُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا ، وَقِيلَ : يُنْظَرُ إلَى أُجْرَتِهِ مَسْجُورًا ، وَغَيْرَ مَسْجُورٍ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ ، وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا فَتَقَ قَمِيصَ إنْسَانٍ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ مَخِيطًا ، وَغَيْرَ مَخِيطٍ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ ، وَكَذَا إذَا نَزَعَ بَابَ دَارِ إنْسَانٍ عَنْ مَوْضِعِهِ أَوْ بَالَ فِي بِئْرِ مَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ حَلَّ سَرْجَ إنْسَانٍ ، وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ مُؤَلَّفًا مُرَكَّبًا إذَا نَقَضَ تَرْكِيبَهُ ، وَلَوْ أَفْسَدَ عَلَى آخَرَ تَأْلِيفَ حَصِيرِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ : إنْ أَمْكَنَ إعَادَتُهُ أَمَرَ بِإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ سَلَّمَ إلَيْهِ الْمَنْقُوضَ ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ الْحَصِيرِ صَحِيحًا ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُمْكِنُ إعَادَتُهُ كَمَا كَانَ .
وَلَوْ حَلَّ سِلْسِلَةَ ذَهَبٍ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الْفِضَّةِ .
وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا شَدَّ أَسْنَانَ عَبْدِهِ بِذَهَبٍ فَرَمَى بِهَا رَجُلٌ .
وَلَوْ حَلَّ سُدَى حَائِكٍ ، وَنَشَرَهُ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ سُدًى ، وَإِلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ سُدًى فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ نَعْلَ رَجُلٍ مِنْ نِعَالِ الْعَرَبِ فَحَلَّ شِرَاكَهُ يُقَوَّمُ النَّعْلُ مُشَرَّكَةً وَغَيْرَ مُشَرَّكَةٍ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ أَفْسَدَ تَأْلِيفَ حَصِيرِ رَجُلٍ إنْ كَانَ يُمْكِنُ إعَادَتُهَا كَمَا كَانَتْ أُمِرَ بِالْإِعَادَةِ كَمَنْ أَخَذَ سُلَّمَ إنْسَانٍ ، وَفَرَّقَ أَسْنَانَهُ ، وَلَوْ حَلَّ شِرَاكَ نَعْلِ رَجُلٍ إنْ كَانَ النَّعْلُ مِثْلَ الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ الْعَوَامُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ا هـ .
هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ تُقَوَّمُ دَارُهُ مَعَ جُدْرَانِهَا وَتُقَوَّمُ بِدُونِ هَذَا الْجِدَارِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا .
إنْ هَدَمَ حَائِطَ الْمَسْجِدِ يُؤْمَرُ بِتَسْوِيَتِهِ وَإِصْلَاحِهِ وَفِي حَائِطِ الدَّارِ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ إنْ هَدَمَ حَائِطًا مُتَّخَذًا مِنْ خَشَبٍ أَوْ عَتِيقًا مِنْ رَهْصٍ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثًا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ .
وَفِي دُرَرِ الْبِحَارِ : الْغَضَّةُ يُؤَاخَذُ فِي هَدْمِ الْحَائِطِ بِالْبِنَاءِ لَا بِالنُّقْصَانِ .
وَفِي الْمُحِيطِ يُؤَاخَذُ بِالْقِيمَةِ ، وَقِيلَ : بِالْبِنَاءِ .
قَطَعَ أَغْصَانَ شَجَرَةِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا يَضْمَنُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ ، وَإِلَّا فَالنُّقْصَانَ .
حَفَرَ حَفِيرَةً فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَأَضَرَّ بِالْأَرْضِ فَعِنْدَ عُلَمَائِنَا يَلْزَمُهُ النُّقْصَانُ ، وَقِيلَ : يُؤْمَرُ بِالْكَبْسِ ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ حَفَرَ بِئْرًا فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ يُؤْخَذُ بِالطَّمِّ دُونَ نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَفِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ يُؤْخَذُ بِالطَّمِّ ، وَإِنْ نَقَصَتْ فَالنُّقْصَانُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : لِأَنَّ نُقْصَانَ السِّكَّةِ وَالطَّرِيقِ يُجْبَرُ بِالطَّمِّ ، وَنُقْصَانَ الْأَرْضِ وَالدَّارِ لَا يُجْبَرُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَلِبُ بِالطَّمِّ سَبْخَةً وَيَخْرُجُ عَنْ صَلَاحِيَّةِ الْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ مُدَّةً مَدِيدَةً وَفِي الْحَفْرِ فِي فِنَاءِ الدَّارِ كَلَامٌ أَنَّهُ كَالْأَرْضِ أَمْ كَالطَّرِيقِ .
وَلَوْ أَلْقَى نَجَاسَةً فِي بِئْرٍ خَاصَّةٍ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ دُونَ النَّزْحِ ، وَفِي الْبِئْرِ الْعَامَّةِ يُؤْمَرُ بِنَزْحِهَا ؛ لِأَنَّ لِلْهَادِمِ نَصِيبًا فِي الْعَامَّةِ وَيَتَعَذَّرُ تَمْيِيزُ نَصِيبِ غَيْرِهِ عَنْ نَصِيبِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِالضَّمَانِ بِخِلَافِ الْخَاصَّةِ مِنْ الْقُنْيَةِ مِنْ الْغَصْبِ .
قَصَّارٌ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي الطَّرِيقِ ، وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ فَصَدَمَهَا رَاكِبٌ ، وَمَزَّقَ بَعْضَ الثِّيَابِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الدَّابَّةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ : إنْ رَأَى الرَّاكِبُ الدَّابَّةَ الْوَاقِفَةَ ضَمِنَ ، وَإِنْ لَمْ يُبْصِرْ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ مَرَّ رَجُلٌ عَلَى ثَوْبٍ مَوْضُوعٍ فِي الطَّرِيقِ ، وَهُوَ لَا يُبْصِرُهُ فَتَخَرَّقَ لَا يَضْمَنُ .
رَجُلٌ كَسَرَ دِرْهَمَ رَجُلٍ فَوَجَدَ دَاخِلَهُ فَاسِدًا أَوْ كَسَرَ جَوْزًا فَوَجَدَ دَاخِلَهُ فَاسِدًا قَالُوا : لَا يَضْمَنُ .
رَجُلَانِ مَعَ أَحَدِهِمَا سَوِيقٌ ، وَمَعَ الْآخَرِ زَيْتٌ أَوْ سَمْنٌ فَاصْطَدَمَا فَانْصَبَّ زَيْتُ هَذَا أَوْ سَمْنُهُ فِي سَوِيقِ ذَلِكَ قَالَ : صَاحِبُ السَّوِيقِ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ الزَّيْتِ أَوْ السَّمْنِ مِثْلَ زَيْتِهِ أَوْ سَمْنِهِ لِأَنَّ صَاحِبَ السَّوِيقِ اسْتَهْلَكَ سَمْنَ هَذَا أَوْ زَيْتَهُ وَلَمْ يَسْتَهْلِكْ صَاحِبُ الزَّيْتِ سَوِيقَهُ ؛ لِأَنَّ هَذَا زِيَادَةٌ فِي السَّوِيقِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
رَجُلٌ دَفَعَ غُلَامَهُ إلَى آخَرَ مُقَيَّدًا بِالسِّلْسِلَةِ ، وَقَالَ : اذْهَبْ بِهِ إلَى بَيْتِك مَعَ السِّلْسِلَةِ فَذَهَبَ بِهِ بِدُونِ السِّلْسِلَةِ فَأَبَقَ الْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ وَفِيهَا زِقٌّ انْفَتَحَ فَمَرَّ رَجُلٌ فَأَخَذَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ إنْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا يَضْمَنُ ، وَكَذَا لَوْ تَعَلَّقَ رَجُلٌ بِآخَرَ فَسَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ بِتَعَلُّقِهِ إنْ وَقَعَ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ لَا يَضْمَنُ ا هـ .
وَثَبَ مِنْ حَائِطٍ فِي الطَّرِيقِ فَنَفَرَتْ الدَّابَّةُ وَأَلْقَتْ جَرَّةَ دِبْسٍ عَلَيْهَا ، وَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ ، وَكَذَا لَوْ صَاحَ عَلَى دَابَّةٍ فَنَفَرَتْ ، وَأَلْقَتْ حَمْلَهَا ، وَهَلَكَ قَالَ بَهَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ : يَضْمَنُ الْوَاثِبُ وَالصَّائِحُ قِيمَةَ الْهَالِكِ .
جَاءَ رَاعِي أَحْمِرَةٍ بِهَا لِيَعْبُرَهَا ، وَجَاءَ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ صَبِيٌّ غَيْرُ بَالِغٍ مَعَ الْعَجَلَةِ فَقَالَ لَهُ الرَّاعِي : أَمْسِكْ الثَّوْرَ مَعَ الْعَجَلَةِ حَتَّى تَمُرَّ الْأَحْمِرَةُ فَلَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاكُهُ فَمَضَى ، وَوَقَعَ الْحِمَارُ فِي النَّهْرِ لَمْ يَضْمَنْ ، وَكَذَا الرَّاعِي إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاكُ الْحِمَارِ ، وَإِلَّا يَضْمَنُ .
أَصَابَتْ الْعَجَلَةُ صَبِيًّا فَكَسَرَتْ رِجْلَهُ وَصَاحِبُهَا رَاكِبٌ عَلَيْهَا ، وَقَالَ : كُنْت نَائِمًا فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْكَسْرِ مِنْ الْقُنْيَةِ مِنْ الْجِنَايَاتِ .
لَوْ حَلَّ قَيْدَ عَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ رِبَاطَ دَابَّتِهِ أَوْ فَتَحَ بَابَ إصْطَبْلِهَا أَوْ قَفَصَ طَائِرِهِ فَذَهَبَ لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْوُقَايَةِ .
وَلَوْ أَمَرَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِالْإِبَاقِ أَوْ قَالَ : اُقْتُلْ نَفْسَك فَفَعَلَ يَضْمَنُ الْآمِرُ قِيمَتَهُ مِنْ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ .
وَفِي الصُّغْرَى لَوْ حَلَّ قَيْدَ عَبْدٍ آبِقٍ لِغَيْرِهِ فَذَهَبَ الْعَبْدُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَجْنُونًا فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ .
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَجْنُونُ مُقَيَّدًا فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ فَحَلَّ رَجُلٌ قَيْدَهُ ، وَفَتَحَ آخَرُ الْبَابَ فَذَهَبَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْفَاتِحِ .
وَلَوْ فَتَحَ بَابَ قَفَصٍ فَطَارَ الطَّيْرُ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : يَضْمَنُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا حَلَّ رِبَاطَ الدَّابَّةِ أَوْ فَتَحَ الْبَابَ .
وَلَوْ فَتَحَ رِبَاطَ الزِّقِّ فَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ ذَائِبًا ضَمِنَ ، وَلَوْ كَانَ جَامِدًا فَذَابَ بِالشَّمْسِ لَمْ يَضْمَنْ انْتَهَى .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ فِي الْجَامِدِ إذَا لَمْ يَنْقُلْهُ أَمَّا لَوْ نَقَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ يَضْمَنُ .
وَفِي أُصُولِ الْفِقْهِ كُلُّ مَا كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ اللُّبْثُ لَمْ يُضْمَنْ كَفَتْحِ بَابِ قَفَصٍ ، وَحَلِّ قَيْدِ عَبْدٍ ، وَمَا كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ أَنْ لَا يَلْبَثَ ضُمِنَ كَشَقِّ زِقٍّ ، وَقَطْعِ حَبْلِ قِنْدِيلٍ ، وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ يَقُولُ : يَضْمَنُ فِي الْكُلِّ انْتَهَى .
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْغَصْبِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ شَقَّ الزِّقَّ فَسَالَ الدُّهْنُ وَالدُّهْنُ سَائِلٌ أَوْ قَطَعَ الْحَبْلَ حَتَّى تَلِفَ الْقِنْدِيلُ ضَمِنَ انْتَهَى .
مَنْ رَأَى الْغَيْرَ يَشُقُّ زِقَّهُ فَسَكَتَ حَتَّى سَالَ مَا فِيهِ يَضْمَنُ الشَّاقُّ هَذِهِ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ ذَاهِبَ الْعَقْلِ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فِي الْبِئْرِ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَعْقِلُ انْتَهَى .
لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مَرْبُوطَةً ، وَالْبَابُ مُغْلَقٌ فَحَلَّ حَبْلَهَا ، وَفَتَحَ الْبَابَ آخَرُ ضَمِنَ الْفَاتِحُ وَكَذَا الْقَائِمُ .
وَلَوْ حَلَّ قِطَارَ إبِلٍ لَمْ يَضْمَنْ إذْ لَمْ يَغْصِبْ إبِلًا .
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْغَصْبِ رَجُلٌ جَاءَ إلَى حِمَارٍ مَشْدُودٍ فِي سِكَّةٍ فَحَلَّهُ فَغَابَ الْحِمَارُ لَا يَضْمَنُ ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ .
جَاءَ إلَى قِطَارِ إبِلٍ فَحَلَّ بَعْضَهَا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ انْتَهَى .
لَوْ نَفَّرَ طَيْرَ إنْسَانٍ عَمْدًا ضَمِنَ لَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ ، وَإِنْ دَنَا مِنْهُ .
حَلَّ سَفِينَةً مَرْبُوطَةً فِي يَوْمِ رِيحٍ إنْ ثَبَتَتْ بَعْدَ الْحَلِّ أَقَلَّ الْقَلِيلِ ثُمَّ سَارَتْ ، وَغَرِقَتْ لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ قُلْتُ : وَتَحْقِيقُ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْمَسَائِلِ السَّبَبِيَّةِ مَحَلُّهُ الْأُصُولُ .
عَثَرَ فِي زِقِّ إنْسَانٍ ، وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ إلَّا إذَا وَضَعَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ .
وَلَوْ حَمَلَ حِمْلًا فِي الطَّرِيقِ فَوَقَعَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ لِأَنَّهُ أَثَرُ فِعْلِهِ أَصْلُهُ مَنْ وَضَعَ فِي طَرِيقٍ لَا يَمْلِكُهُ شَيْئًا فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ ضَمِنَ .
أَلْقَى قِشْرًا فِي الطَّرِيقِ فَزَلَقَتْ بِهِ دَابَّةٌ ضَمِنَ إذْ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ فَيَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ .
وَضَعَ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ بَرِئَ لَوْ قَعَدَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ ، وَإِلَّا ضَمِنَ .
الْمَارُّ فِي الطَّرِيقِ لَوْ أَصَابَ شَيْئًا ضَمِنَ لِلْإِذْنِ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ .
وَضَعَ خَابِيَةً عَلَى بَابِ دُكَّانِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ بِوَقْرِ شَوْكٍ عَلَى حِمَارٍ فَصَدَمَهَا بَغْتَةً ، وَهُوَ يَقُولُ : إلَيْك إلَيْك قِيلَ : ضَمِنَ وَقِيلَ : ضَمِنَ لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ ، وَإِلَّا فَلَا .
الْبَيَّاعُ لَوْ وَضَعَ خَابِيَةً مِنْ السقراط عَلَى الشَّارِعِ ، وَرَجَعَ الفاواذق بِالْعَجَلَةِ إلَى السِّكَّةِ فَانْكَسَرَتْ تِلْكَ الْخَابِيَةُ ، وَكَانَتْ فِي غَيْرِ جَانِبِهِ فَلَمْ يَرَهَا ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
ازْدَحَمُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَدَفَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَوَقَعَ عَلَى زُجَاجِ الْخَزَّافِ وَقُدُورِهِ فَانْكَسَرَتْ يَضْمَنُ الدَّافِعُ إنْ انْكَسَرَتْ بِقُوَّةِ دَفْعِهِ .
قَطَعَ شَجَرَةً فَوَقَعَتْ عَلَى شَجَرَةِ جَارِهِ فَانْكَسَرَتْ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ .
رَجُلَانِ وَضَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَرَّةً فِي الطَّرِيقِ فَتَدَحْرَجَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَانْكَسَرَتَا جَمِيعًا يَغْرَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَرَّةَ صَاحِبِهِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ جَرَّةً فِيهَا رُبٌّ أَوْ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ وَرَجُلٌ آخَرُ وَضَعَ جَرَّةً أُخْرَى فِي الطَّرِيقِ فَتَدَحْرَجَتْ إحْدَاهُمَا فَأَصَابَتْ الْأُخْرَى فَانْكَسَرَتَا جَمِيعًا قَالَ : يَضْمَنُ صَاحِبُ الْجَرَّةِ الْقَائِمَةِ الَّتِي لَمْ تَتَدَحْرَجْ قِيمَةَ الْجَرَّةِ الَّتِي تَدَحْرَجَتْ ، وَمِثْلُ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ الرُّبِّ ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ حَجَرٍ وُضِعَ فِي الطَّرِيقِ فَمَا عَطِبَ بِهِ يَضْمَنُ فَأَمَّا الَّتِي تَدَحْرَجَتْ فَإِنَّهَا حِينَ تَدَحْرَجَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا فَتَدَحْرَجَ صَاحِبُهَا عَنْ الضَّمَانِ .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اغْتَرَفَ مِنْ الْحَوْضِ الْكَبِيرِ بِجَرَّةٍ فَوَضَعَهَا عَلَى الشَّطِّ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ فَتَدَحْرَجَتْ الْأَخِيرَةُ ، وَصَدَمَتْ الْأُولَى فَانْكَسَرَتَا قَالَ بَعْضُهُمْ : يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأَخِيرَةِ قِيمَةَ الْجَرَّةِ الْأُولَى لِصَاحِبِهَا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةَ جَرَّةِ صَاحِبِهِ ، وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ لِلْوَاضِعِ حَقُّ الْوَضْعِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَا يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا تَلِفَ بِذَلِكَ الْوَضْعِ شَيْءٌ سَوَاءٌ تَلِفَ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ أَوْ بَعْدَ مَا زَالَ عَنْ مَكَانِهِ كَمَا لَوْ وَضَعَ جَرَّةً عَلَى حَائِطٍ فَسَقَطَتْ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَتْهُ لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ إذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْوَضْعِ ، وَفِي كُلِّ مَكَان لَمْ يَكُنْ لِلْوَاضِعِ حَقُّ الْوَضْعِ إذَا عَطِبَ فِي الْمَوْضُوعِ شَيْءٌ إنْ عَطِبَ ، وَالْمَوْضُوعُ فِي مَكَانِهِ لَمْ يَزَلْ يَضْمَنُ الْوَاضِعُ فَإِنْ عَطِبَ بَعْدَمَا زَالَ الْمَوْضُوعُ عَنْ مَكَانِهِ إنْ زَالَ بِمُزِيلٍ نَحْوُ أَنْ يَضَعَ جَمْرَةً عَلَى الطَّرِيقِ فَهَبَّتْ بِهَا الرِّيحُ ، وَأَزَالَتْهَا عَنْ مَكَانِهَا فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ ، وَكَذَا لَوْ ، وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ السَّيْلُ ، وَدَحْرَجَهُ فَكَسَرَ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ زَالَتْ بِالْمَاءِ وَالرِّيحِ وَإِنْ كَانَ الزَّوَالُ عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ لَا بِمُزِيلٍ كَأَنْ وَضَعَ جَرَّةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَوَضَعَ جَرَّةً أُخْرَى فِي الطَّرِيقِ فَتَدَحْرَجَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَانْكَسَرَتَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ : يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَرَّةَ صَاحِبِهِ ، وَعَنْهُ فِي رِوَايَةٍ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْجَرَّةِ الْقَائِمَةِ فِي مَوْضِعِهَا قِيمَةَ الْجَرَّةِ الَّتِي زَالَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ صَاحِبِ الْأُولَى قَدْ زَالَتْ ، وَإِنْ دَحْرَجَتْهَا الرِّيحُ ، وَنَحَّتْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا فَعَطِبَ بِهَا شَيْءٌ لَا يَضْمَنُ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَدَحْرَجَتْ بِنَفْسِهَا .
وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ جَرَّةً مَمْلُوءَةً مِنْ الزَّيْتِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، وَوَضَعَ بِجَنْبِ هَذِهِ الْجَرَّةِ جَرَّةً أُخْرَى فَسَالَ مِنْ الْأُولَى شَيْءٌ ، وَابْتَلَّ الْمَكَانُ فَوَقَعَتْ عَلَى الْأُخْرَى فَكُسِرَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ : أَوَّلًا لَا أَدْرِي هَذَا ثُمَّ قَالَ : لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأُولَى .
أَرْبَابُ السُّفُنِ إذَا أَوْقَفُوهَا عَلَى الشَّطِّ فَجَاءَتْ سَفِينَةٌ فَأَصَابَتْ السَّفِينَةَ الْوَاقِفَةَ فَانْكَسَرَتْ السَّفِينَةُ الْوَاقِفَةُ كَانَ ضَمَانُ الْوَاقِفَةِ عَلَى صَاحِبِ السَّفِينَةِ الْجَائِيَةِ فَإِنْ انْكَسَرَتْ الْجَائِيَةُ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْوَاقِفَةِ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَذِنَ لِأَرْبَابِ السُّفُنِ بِإِيقَافِ السُّفُنِ عَلَى الشَّطِّ فَلَا يَكُونُ تَعَدِّيًا .
رَجُلٌ مَرَّ فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَتَعَلَّقَ ثَوْبُهُ بِقُفْلِ حَانُوتِ رَجُلٍ فَتَخَرَّقَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ : إنْ كَانَ الْقُفْلُ فِي مِلْكِهِ لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ضَمِنَ ثُمَّ قَالَ : وَهُنَا شَيْءٌ آخَرُ إنَّهُ إذَا تَعَلَّقَ ثَوْبُهُ بِذَلِكَ فَجَرَّ ثَوْبَهُ فَتَخَرَّقَ بِجَرِّهِ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْقُفْلِ ، وَإِنْ كَانَ ثَوْبُهُ تَعَلَّقَ بِالْقُفْلِ لِأَنَّهُ إذَا جَرَّ الثَّوْبَ فَهُوَ الَّذِي أَتْلَفَهُ .
رَجُلٌ دَقَّ فِي دَارِهِ شَيْئًا فَسَقَطَ مِنْ ذَلِكَ فِي دَارِ جَارِهِ شَيْءٌ ، وَتَلِفَ كَانَ ضَمَانُ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي دَقَّ فِي دَارِهِ .
رَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَ رَجُلٍ فَأَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الدَّارِ فِي الْجُلُوسِ عَلَى وِسَادَتِهِ فَجَلَسَ عَلَيْهَا فَإِذَا تَحْتَهَا قَارُورَةٌ فِيهَا دُهْنٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَانْدَفَعَتْ الْقَارُورَةُ فَذَهَبَ الدُّهْنُ فَضَمَانُ الدُّهْنِ ، وَضَمَانُ مَا تَخَرَّقَ مِنْ الْوِسَادَةِ وَالْقَارُورَةِ عَلَى الْجَالِسِ ، وَلَوْ كَانَتْ الْقَارُورَةُ تَحْتَ مَلَاءَةٍ قَدْ غَطَّتْهَا فَأَذِنَ لَهُ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْمَلَاءَةِ لَا يَضْمَنُ الْجَالِسُ قَالَ الْفَقِيهُ : فِي الْوِسَادَةِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْبَعْضِ أَيْضًا وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ ؛ لِأَنَّ الْوِسَادَةَ لَا تُمْسِكُ الْجَالِسَ كَمَا لَا تُمْسِكُهُ الْمَلَاءَةُ ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ بِالْجُلُوسِ عَلَى سَطْحٍ فَانْخَسَفَ بِهِ فَوَقَعَ عَلَى مَمْلُوكِ الْآذِنِ ضَمِنَ الْجَالِسُ .
رَجُلٌ قَطَعَ أَشْجَارَ كَرْمٍ لِإِنْسَانٍ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا ، وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ أَنْ يُقَوَّمَ الْكَرْمُ مَعَ الْأَشْجَارِ الْقَائِمَةِ ، وَيُقَوَّمَ مَقْطُوعَ الْأَشْجَارِ فَمَا بَيْنَهُمَا يَكُونُ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ فَإِذَا عُرِفَتْ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ بَعْدَ ذَلِكَ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ إلَى الْقَاطِعِ ، وَضَمَّنَهُ تِلْكَ الْقِيمَةَ ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْمَقْلُوعَةَ ، وَيَرْفَعُ مِنْ قِيمَةِ الْأَشْجَارِ قِيمَةَ الْمَقْطُوعَةِ ، وَيُضَمِّنُهُ الْبَاقِيَ .
رَجُلٌ قَطَعَ شَجَرَةً مِنْ دَارِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ يُخَيَّرُ صَاحِبُهَا فَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الشَّجَرَةَ عَلَى الْقَاطِعِ ، وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ قَائِمَةً لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ شَجَرَةً قَائِمَةً ، وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ تِلْكَ الْقِيمَةِ أَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ مَعَ الشَّجَرَةِ قَائِمَةً ، وَتُقَوَّمَ بِغَيْرِ شَجَرَةٍ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا ، وَإِنْ أَمْسَكَ الشَّجَرَةَ ، وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ النُّقْصَانِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ الْقِيَامَ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَتْ قِيمَةُ الشَّجَرَةِ الْقَائِمَةِ بِالطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا فَبَعْدَ ذَلِكَ تَنْظُرُ إلَى تِلْكَ الْقِيمَةِ ، وَإِلَى قِيمَةِ الشَّجَرَةِ الْمَقْطُوعَةِ فَفَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيمَةُ نُقْصَانِ الْقَطْعِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مَقْطُوعَةً ، وَقِيمَتُهَا غَيْرَ مَقْطُوعَةٍ سَوَاءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا .
رَجُلٌ لَهُ شَجَرَةُ الْجَوْزِ أَخْرَجَتْ جَوْزًا صِغَارًا رَطْبَةً فَأَتْلَفَ إنْسَانٌ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ كَانَ عَلَيْهِ نُقْصَانُ الشَّجَرَةِ ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ ، وَلَيْسَتْ بِمَالٍ حَتَّى لَا تُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ لَكِنْ إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الشَّجَرَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَلَى الشَّجَرَةِ فَإِتْلَافُهَا وَقَطْعُهَا يُنْقِصُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ فَلْيُنْظَرْ أَنَّ الشَّجَرَةَ بِدُونِ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ بِمَاذَا تُشْتَرَى ، وَمَعَ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ بِمَاذَا تُشْتَرَى فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ رَجُلٌ كَسَرَ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ الْقَائِمَةِ تُقَوَّمُ الشَّجَرَةُ مَعَ الْغُصْنِ ، وَتُقَوَّمُ بِدُونِ الْغُصْنِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا .
كَسَرَ رَجُلٌ غُصْنًا لِرَجُلٍ أَوْ حَرَقَ ثَوْبَهُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ ، وَلَوْ كَانَ الْكَسْرُ فَاحِشًا كَانَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ ، وَيُسَلِّمَ إلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ الْحَرْقُ إذَا كَانَ فَاحِشًا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ غَصْبِ قَاضِي خَانْ وَمَعْرِفَةُ الْفَاحِشِ وَالْيَسِيرِ مَرَّتْ مِنَّا فِي الْغَصْبِ .
لَوْ اسْتَهْلَكَ عَلَى رَجُلٍ جَارِيَةً مُغَنِّيَةً يَضْمَنُ قِيمَتَهَا غَيْرَ مُغَنِّيَةٍ هَذِهِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَ إنَاءَ فِضَّةٍ ، وَعَلَيْهِ تَمَاثِيلُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ غَيْرَ مُصَوَّرَةٍ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلتَّمَاثِيلِ رُءُوسٌ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مُصَوَّرَةً .
وَلَوْ قَتَلَ فَاخِتَةً أَوْ حَمَامَةً تَفَرَّقُوا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا مُقَرْقِرَةً ، وَلَوْ كَانَتْ حَمَامَةٌ تَجِيءُ مِنْ وَاسِطَ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ ، وَكَذَا فِي الْحَمَامَةِ الطَّيَّارَةِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا طَائِرَةً ، وَكَذَا الْجَارِيَةُ إذَا كَانَتْ حَسَنَةَ الصَّوْتِ لَكِنَّهَا لَا تُغَنِّي فَهِيَ عَلَى حُسْنِ الصَّوْتِ كَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْغَصْبِ أَلْقَى هِرَّةً فِي بَيْتِ حَمَامِ الْغَيْرِ ، وَلَمْ يَجِدْ مَخْرَجًا فَقَتَلَتْ الْحَمَامَ بِأَسْرِهَا ، وَهِيَ طَيَّارَةٌ بلح تغحند سادر غوش وَإِنَّهَا غَالِيَةُ الْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يُطَيِّرُونَهَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ انْتَهَى .
جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَقَامَ رَبُّ الثَّوْبِ وَتَخَرَّقَ يَضْمَنُ الْجَالِسُ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدْ مَرَّتْ مِنَّا فِي الْغَصْبِ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ .
أَرَادَ نَقْضَ جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ فَمَنَعَهُ جَارُهُ فَقَالَ النَّاقِضُ : ائْذَنْ لِي فَمَا خَرِبَ مِنْ دَارِكَ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَأَذِنَ لَهُ بَعْدَ الشَّرْطِ فَنَقَضَهُ ، وَخَرِبَ مِنْ دَارِهِ شَيْءٌ بِنَقْضِهِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ تَكُنْ مُبَاشَرَةٌ .
وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ مِثْلُهُ لَكِنَّهُ قَالَ : لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا مُطْلَقًا كَمَا لَوْ قَالَ : ضَمِنْتُ لَك مَا يَهْلَكُ مِنْ مَالِكَ لَا يَصِحُّ ، وَكَذَا لَوْ بَنَى حَمَّامًا ، وَعَمَّرَهُ وَقَالَ : إنْ لَحِقَك مِمَّا صَنَعْت خَرَابُ دَارِك فَعَلَيَّ ضَمَانُهُ .
شَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْفَضْلِيُّ هَدَمَ جِدَارَهُ فَسَقَطَ عَلَى جِدَارِ جَارِهِ فَهَدَمَ لَا يَضْمَنُ ، وَلَوْ أَذِنَ لِجَارِهِ فِي هَدْمِ جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ بِشَرْطِ أَنْ يُنْصِبَ الْأَخْشَابَ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ كَذَا فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ .
وَقَالَ السُّغْدِيُّ : لَا يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ .
فَتَحَ رَأْسَ مُجَمَّدَةِ غَيْرِهِ ، وَتَرَكَهَا مَفْتُوحَةً فَأَذَابَتْهَا الشَّمْسُ لَا يَضْمَنُ .
مَرَّ بِالرَّمَثِ تَحْتَ الْقَنْطَرَةِ فَكَسَرَ أُسْطُوَانَاتِهَا ، وَخَرِبَتْ الْقَنْطَرَةُ يَضْمَنُ .
اشْتَرَى مُدَّهِنَةٌ ، وَبَنَى فِيهَا خِرَاسًا وَمِدَقَّةً ، وَفِي جِوَارِهَا مَكْتَبٌ فَسَقَطَ مِنْ دَقِّ الْحِنْطَةِ وَالْأُرْزِ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْمَدْهَنَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : لِأَنَّ التَّلَفَ لَمَّا حَصَلَ بِذَلِكَ كَانَ مُبَاشَرَةً لَا تَسَبُّبًا ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَدِّي فِي الْمُبَاشَرَةِ .
قَصَّارٌ يَدُقُّ الثِّيَابَ فِي حَانُوتِهِ فَانْهَدَمَ حَائِطُ الْجَارِ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ مُبَاشَرَةٌ .
حَفَرَ مَحْظُورَةً فِي أَرْضِ الْغَيْرِ ، وَجَعَلَ فِيهَا جَوْزًا ، وَسَقَى صَاحِبُ الْأَرْضِ أَرْضَهُ ، وَلَمْ يَعْلَمْ فَهَلَكَ فِيهِ اخْتِلَافٌ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ .
اتَّخَذَ قالبزا ، وَوَضَعَ عَلَى مَوَاضِعِ الْبُذُورِ مَدَرَانِ لِئَلَّا يُخْرِجَهَا الْحَمَامُ أَوْ لَا يُفْسِدُهَا الْمَطَرُ فَأَزَالَهَا إنْسَانٌ فَهَلَكَ الْبُذُورُ فَإِنْ أَزَالَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهِ ، وَالْتَزَمَ الْحِفْظَ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا ، وَتَفْسِيرُ الضَّمَانِ أَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ مَعَ الْبُذُورِ ، وَتُقَوَّمَ بِدُونِهَا فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا .
وَإِنْ فَتَحَ كُوَّةَ بَيْتٍ فِيهِ بطاطيخ أَوْ ثِمَارٌ فَهَلَكَتْ بِالْبَرْدِ إنْ تَلِفَتْ فِي الْحَالِ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ حَلَّ السَّفِينَةَ الْمَشْدُودَةَ بِالشَّطِّ .
وَلَوْ أَمْسَكَ رَجُلًا حَتَّى جَاءَ آخَرُ فَأَخَذَ مِنْهُ مَالًا لَا يَضْمَنُ الْمُمْسِكُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْغَصْبِ .
رَجُلٌ دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ فَعَثَرَ عَلَى جَرَّةٍ فَانْكَسَرَتْ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ عَثَرَ عَلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَهُ يَضْمَنُ .
رَجُلٌ قَعَدَ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَقَامَ فَتَخَرَّقَ ضَمِنَ الَّذِي قَعَدَ عَلَى الثَّوْبِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ الضَّمَانِ مِنْ الْمُخَرَّقِ .
وَفِي الْعُيُونِ يَضْمَنُ نِصْفَ الشَّقِّ ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِجُلُوسِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ، وَعَلَى هَذَا رَجُلٌ ، وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى مُكْعِب غَيْرِهِ فَرَفَعَ رِجْلَهُ فَتَخَرَّقَ الْمُكَعَّبُ ، وَكَذَا مَنْ تَشَبَّثَ بِثَوْبِ إنْسَانٍ ، وَجَذَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ .
رَجُلٌ يَمْشِي ، وَمَعَهُ زُجَاجَةُ دُهْنٍ فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ فَاصْطَدَمَا فَانْكَسَرَتْ الزُّجَاجَةُ ، وَأَصَابَ الدُّهْنُ ثَوْبَ الْقَابِلِ فَفَسَدَ ثَوْبُهُ إنْ مَشَى صَاحِبُ الزُّجَاجَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ ، وَإِنْ مَشَى الْآخَرُ إلَيْهِ لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ مَشَيَا مَعًا ، وَهُمَا يَرَيَانِ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ شَيْئًا ، وَإِنْ رَأَى أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الرَّائِي مِنْ الْخُلَاصَةِ .
رَجُلٌ طَرَحَ لَبَنًا أَوْ أَلْقَى تُرَابًا كَثِيرًا فَوَهَنَ جِدَارُ جَارِهِ حَتَّى انْهَدَمَ الْحَائِطُ فَإِنْ دَخَلَ الْوَهَنُ فِي الْحَائِطِ مِنْ ثِقَلِهِ ضَمِنَ مِنْ الْوَجِيزِ مِنْ الْغَصْبِ .
دَارَانِ مُتَلَاصِقَانِ جَعَلَ أَحَدُ صَاحِبَيْهِمَا دَارِهِ إصْطَبْلًا ، وَكَانَ فِي الْقَدِيمِ سَكَنًا ، وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ الْأُخْرَى قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ : إنْ كَانَ وُجُوهُ الدَّوَابِّ إلَى الْجِدَارِ لَا يُمْنَعُ ، وَإِنْ كَانَ حَوَافِرُهَا إلَيْهِ فَلِلْجَارِ مَنْعُهُ ، وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ لَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ ، وَإِنْ كَانَ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ التَّصَرُّفِ ثُمَّ إذَا خَرِبَ دَارُ الْجَارِ ، وَعَلِمَ أَنَّهَا خَرِبَتْ بِسَبَبِ الْإِصْطَبْلِ هَلْ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْإِصْطَبْلِ ؟ قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ : لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الدَّوَابِّ لَا يُضَافُ إلَيْهِ فَلَوْ ضَمِنَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالتَّسَبُّبِ ، وَهُوَ إدْخَالُ الدَّوَابِّ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فِي ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَاقَ الدَّابَّةَ إلَى زَرْعِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ فِي السَّوْقِ مُتَعَدٍّ فَيَضْمَنُ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ الصُّغْرَى ، وَفِي قِسْمَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْإِنْسَانِ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ ، وَإِنْ تَأَذَّى جَارُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهَا سُورًا أَوْ حَمَّامًا ، وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ ا هـ .
أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ عَلَى الْغَرَقِ فَأَلْقَى بَعْضُهُمْ حِنْطَةَ غَيْرِهِ فِي الْمَاءِ حَتَّى خَفَّتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ مِنْ غَصْبِ الْقُنْيَةِ .
رَجُلٌ مَشَى عَلَى الطَّرِيقِ فَوَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ فَوَقَعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى رَجُلٍ أَوْ مَتَاعٍ فَأَفْسَدَتْهُ ضَمِنَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ الدِّيَةَ .
لَوْ اتَّخَذَ رَجُلٌ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ أَوْ بَالُوعَةً فَوَهَنَ مِنْهَا حَائِطُ جَارِهِ ، وَطَلَبَ مِنْهُ جَارُهُ تَحْوِيلَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فَإِنْ سَقَطَ الْحَائِطُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ كَانَ يُفْتِي بِجَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ، وَأَصْلُ هَذَا فِي مَنَاقِبِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
هَدَمَ بَيْتَ نَفْسِهِ فَانْهَدَمَ بِهِ بَيْتُ جَارِهِ ، وَطَلَبَ مِنْهُ جَارُهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ لَا يَضْمَنُ .
لَوْ قَطَعَ شَجَرَةً مِنْ بُسْتَانٍ أَوْ دَارٍ أَوْ ضَيْعَةٍ وَأَتْلَفَهَا مَاذَا يَلْزَمُهُ قِيلَ : مَا قَطَعَ مِنْ بُسْتَانٍ وَدَارٍ يَلْزَمُهُ نُقْصَانُهَا ، وَمَا قَطَعَ مِنْ الْأَرْضِ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْحَطَبِ .
أَتْلَفَ شَجَرَةً مِنْ ضَيْعَةٍ ، وَلَمْ يَنْقُصْ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ الضَّيْعَةِ قِيلَ : يَجِبُ قِيمَةُ الشَّجَرَةِ مَقْلُوعَةً ، وَقِيلَ : قِيمَتُهَا ثَابِتَةٌ .
شَجَرَةٌ نَوَّرَتْ فَنَفَضَهَا رَجُلٌ حَتَّى تَنَاثَرَ نُورُهَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الشَّجَرَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْجَوْزَاتِ الصِّغَارِ .
قَطَعَ غُصْنَ رَجُلٍ فَنَبَتَ مَكَانَهُ آخَرُ لَا يَبْرَأُ ، وَكَذَا الزَّرْعُ وَالْبَقْلُ .
ضَرَبَ رَجُلًا فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْبَرَاحُ فَأُخِذَ ثَوْبُهُ لَا يَضْمَنُ ، وَلَوْ مَاتَ ضَمِنَ مَالَهُ ، وَثِيَابَهُ أَيْضًا إذَا ضَاعَتْ .
ضَرَبَهُ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ، وَسَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ مُحَمَّدٌ : يَضْمَنُ مَا مَعَهُ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ مَالٍ وَثِيَابٍ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلِكٌ .
خَرَقَتْ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ أُذُنَ الْأُخْرَى الْمُسْتَأْجَرَةِ فَسَقَطَ الْقُرْطُ فَضَاعَ لَمْ تَضْمَنْ قُلْتُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ عَنْ قَاضِي خَانْ فِيمَنْ تَعَلَّقَ بِرَجُلٍ فَسَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ .
أَلْقَاهُ فِي حَوْضٍ أَوْ نَهْرٍ وَمَعَهُ دَرَاهِمُ فَسَقَطَتْ فِي الْحَوْضِ فَلَوْ سَقَطَتْ عِنْدَ إلْقَائِهِ ضَمِنَ ؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ لَا لَوْ سَقَطَتْ وَقْتَ خُرُوجِهِ عَنْ الْمَاءِ فَإِنَّهُ بِفِعْلِ مَالِكِهَا .
فَرَّ مِنْ ظَالِمٍ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ حَتَّى أَدْرَكَهُ الظَّالِمُ وَغَرَّمَهُ أَوْ طَلَبَهُ ظَالِمٌ فَدَلَّ رَجُلٌ عَلَيْهِ فَأَخَذَ مَالَهُ ، فِي قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ الْآخِذُ وَالدَّالُّ لِلسَّبَبِيَّةِ لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ يُفْتَى .
أَلْقَى شَاةً مَيِّتَةً فِي نَهْرِ طَاحُونَةٍ فَسَالَ بِهَا إلَى الطَّاحُونَةِ ضَمِنَ لَوْ كَانَ النَّهْرُ يَحْتَاجُ لِكَرْيٍ وَإِلَّا فَلَا ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ : لَوْ اسْتَقَرَّتْ فِي الْمَاءِ كَمَا أَلْقَاهَا ثُمَّ ذَهَبَتْ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذْ ذَهَابُهَا بَعْدَ ذَلِكَ يُضَافُ إلَى الْمَاءِ لَا إلَى الْمُلْقِي ، وَلِذَا أَمْثِلَةٌ : مِنْهَا أَرْسَلَ دَابَّتَهُ فَأَصَابَتْ شَيْئًا بِفَوْرِهَا ضَمِنَ لَا لَوْ وَقَفَتْ سَاعَةً ثُمَّ سَارَتْ وَسَنَذْكُرُهَا فِي مَوَاضِعِهَا .
رَفَعَ الْحَشِيشَ عَنْ رَأْسِ الْمُجَمَّدَةِ حَتَّى ذَابَ الْجَمَدُ أَجَابَ بَعْضُهُمْ لَا يَضْمَنُ كَسَمْنٍ جَامِدٍ قَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ : وَكَانُوا يُفْتُونَ بِضَمَانِهِ لَكِنَّهُ أَجَابَ بِعَدَمِهِ إذْ تَلِفَ لَا بِفِعْلِهِ .
مردى سوارخ ميوه حانه كَسِيِّ كَشَادِّ سرماد رامد وميوها فسرد لَوْ كَانَ الْبَرْدُ غَالِبًا بِحَيْثُ ينجمد الثِّمَارُ إذَا فَتَحَ النَّقْبَ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ زَمَانٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ رَبُّ الْبَيْتِ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا تَلِفَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ كَسَمْنٍ جَامِدٍ وَفِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ .
فَتَحَ فَمَ بِئْرِ الْبُرِّ وَتَرَكَهُ كَذَلِكَ حَتَّى أَخَذَ الْآخِذُ بُرَّهُ لَا يَضْمَنُ الْفَاتِحُ .
نَقَبَ حَائِطًا فَغَابَ فَدَخَلَ مِنْهُ رَجُلٌ فَسَرَقَ لَا يَضْمَنُ النَّاقِبُ وَبِهِ يُفْتَى ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ وَالسَّارِقُ مُبَاشِرٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ
نَقَبَ حَائِطَ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ فَسُرِقَ شَيْءٌ لَمْ يَضْمَنْ النَّاقِبُ .
رَجُلٌ خَرَجَ مِنْ خَانٍ لَيْلًا وَخَلَّى الْبَابَ مَفْتُوحًا فَسُرِقَ مِنْ الْخَانِ شَيْءٌ لَمْ يَضْمَنْ .
لَوْ أَخَذْت أَغْصَانُ شَجَرَةِ رَجُلٍ هَوَاءَ دَارِ آخَرَ فَقَطَعَ رَبُّ الدَّارِ الْأَغْصَانَ فَإِنْ كَانَتْ الْأَغْصَانُ يُمْكِنُ صَاحِبُهَا أَنْ يَشُدَّهَا وَيُفَرِّغَ هَوَاءَ دَارِهِ ضَمِنَ الْقَاطِعُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شَدُّهَا بِأَنْ كَانَتْ غِلَاظًا لَا يَضْمَنُ إذَا قَطَعَ مِنْ مَوْضِعٍ لَوْ رَفَعَ إلَى الْحَاكِمِ أَمَرَ بِالْقَطْعِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِ الْحِيطَانِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
شَقَّ رَاوِيَةَ إنْسَانٍ فَسَالَ مَا فِيهَا ضَمِنَ مَا شَقَّ مِنْهَا وَمَا سَالَ وَمَا عَطِبَ بِالسَّائِلِ مِنْهَا فَإِنْ سَاقَ صَاحِبُ الرَّاوِيَةِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَمَا سَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الْآنَ لَا يَضْمَنُ .
وَكَذَا لَوْ شَقَّ مَا حَمَلَهُ الْحَمَّالُ فَسَالَ يَضْمَنُ فَإِنْ ذَهَبَ الْحَمَّالُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الشَّاقُّ مَا سَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ غَصْبِ الصُّغْرَى .
وَلَوْ شَقَّ الرَّاوِيَةَ فَسَالَ مَا فِيهَا حَتَّى مَالَ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ وَوَقَعَ فَانْخَرَقَ ضَمِنَ الشَّاقُّ قِيمَتَهُمَا جَمِيعًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْبَعِيرِ لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَسَاقَ الْبَعِيرَ مَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ ضَمَانُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَ السَّوْقِ عَلَى الشَّاقِّ ، وَلَوْ شَقَّهَا صَغِيرٌ أَوْ قَالَ صَاحِبُهَا رَضِيت مَا صَنَعْت ثُمَّ سَاقَ الْبَعِيرَ فَزَلِق بِمَا سَالَ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا فِي إجَارَاتِ قَاضِي خَانْ .
هَشَّمَ طَشْتَ آخَرَ وَهُوَ مِمَّا يُبَاعُ وَزْنًا فَمَالِكُهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الطَّشْتَ وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ دَفَعَهُ وَأَخَذَ قِيمَةَ السَّلِيمِ ، وَكَذَا كُلُّ إنَاءٍ مَصْنُوعٍ وَلَوْ مِمَّا لَا يُبَاعُ وَزْنًا كَسَيْفٍ فَكَسَرَهُ ضَمِنَ نُقْصَانَهُ وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَكْسُورَ آخَرُ ضَمِنَ حَدِيدًا مِثْلَهُ .
سُئِلَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ عَمَّنْ كَسَرَ قُمْقُمَةً قَالَ : لَوْ تُبَاعُ وَزْنًا لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ كَانَتْ تُبَاعُ عَدَدًا ضَمِنَ النُّقْصَانَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
كَسَرَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ أَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي طَعَامِهِ وَأَفْسَدَهُ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَلَا شَيْءَ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ إلَيْهِ الْإِبْرِيقَ وَالطَّعَامَ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْإِبْرِيقِ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ وَضَمَّنَهُ مِثْلَ ذَلِكَ الطَّعَامِ وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ النُّقْصَانِ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ مِنْ دَعَاوَى قَاضِي خَانْ .
هَشَّمَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ فَهَشَّمَهُ آخَرُ أَيْضًا أَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى حِنْطَةِ رَجُلٍ فَنَقَصَتْ ثُمَّ صَبَّ آخَرُ أَيْضًا حَتَّى زَادَ النُّقْصَانُ ضَمِنَ الثَّانِي وَبَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ غَصْبِ الْوَجِيزِ .
وَلَوْ صَبَّ مَاءً مِنْ الْجُبِّ لِإِنْسَانٍ يُؤْمَرُ بِإِمْلَائِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَالْمَاءُ مِثْلِيٌّ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
مَرَّ بِحِمَارٍ عَلَيْهِ حَطَبٌ وَهُوَ يَقُولُ : إلَيْك إلَيْك إلَّا أَنَّ الْمُخَاطَبَ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ حَتَّى أَصَابَ ثَوْبَهُ وَتَخَرَّقَ يَضْمَنُ وَإِنْ سَمِعَ إلَّا إنَّهُ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ التَّنَحِّي بِطُولِ الْمُدَّةِ فَكَذَلِكَ ، وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ وَلَمْ يَتَنَحَّ لَا يَضْمَنُ مِنْ جِنَايَاتِ الصُّغْرَى وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْأَصَمِّ وَغَيْرِهِ .
وَلَوْ وَضَعَ ثَوْبَهُ فِي بَيْتِ الْغَيْرِ فَرَمَى بِهِ مَالِكُ الْبَيْتِ ضَمِنَ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ مِنْ الْجِنَايَاتِ إذْ لَا ضَرَرَ مِنْ الثَّوْبِ فِي الْبَيْتِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ وَفِيهِ أَيْضًا أَقَامَ حِمَارًا عَلَى الطَّرِيقِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ فَأَصَابَ رَاكِبٌ الثَّوْبَ وَخَرَقَهُ ، إنْ كَانَ الرَّاكِبُ يُبْصِرُ الثَّوْبَ وَالْحِمَارَ يَضْمَنُ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُبْصِرُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ فِي الطَّرِيقِ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَهُ لَا يَضْمَنُونَ ا هـ .
لَوْ دَفَعَ دَرَاهِمَ نَبَهْرَجَةً إلَى إنْسَانٍ لِيَنْظُرَ فِيهَا فَكَسَرَهَا لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِهَذِهِ الصَّنْعَةِ مِنْ بُيُوعِ قَاضِي خَانْ مِنْ فَصْلِ قَبْضِ الثَّمَنِ .
إصْطَبْلٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَقَرَةٌ فَدَخَلَ أَحَدُهُمَا الْإِصْطَبْلَ وَشَدَّ بَقَرَةَ الْآخَرِ حَتَّى لَا تَضْرِبَ بَقَرَتَهُ فَتَحَرَّكَتْ الْبَقَرَةُ وتخنقت بِالْحَبْلِ وَمَاتَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا مِنْ مَكَان إلَى مَكَان آخَرَ ، هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
( الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الضَّمَانِ بِالسِّعَايَةِ وَالْأَمْرِ ، وَفِيمَا يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ بِفِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ ) .
لَوْ سَعَى إلَى سُلْطَانٍ ظَالِمٍ حَتَّى غَرَّمَ رَجُلًا فَلَوْ بِحَقٍّ ، نَحْوُ إنْ كَانَ يُؤْذِيهِ وَعَجَزَ عَنْ دَفْعِهِ إلَّا بِسَعْيِهِ أَوْ فَاسِقًا لَا يَمْتَنِعُ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فَفِي مِثْلِهِ لَا يَضْمَنُ وَالسِّعَايَةُ الْمُوجِبَةُ لِلضَّمَانِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَذِبٍ يَكُونُ سَبَبًا لِأَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ أَوْ لَا يَكُونُ قَصْدُهُ إقَامَةَ الْحِسْبَةِ كَمَا لَوْ قَالَ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَنَّهُ وَجَدَ مَالًا وَقَدْ وَجَدَ الْمَالَ أَوْ قَالَ قَدْ وَجَدَ كَنْزًا أَوْ لُقَطَةً فَظَهَرَ كَذِبُهُ ضَمِنَ إلَّا إذَا كَانَ السُّلْطَانُ عَادِلًا لَا يُغَرِّمُ بِمِثْلِ هَذِهِ السِّعَايَةِ أَوْ قَدْ يُغَرِّمُ وَقَدْ لَا يُغَرِّمُ بَرِئَ السَّاعِي .
لَوْ قَالَ عِنْدَ السُّلْطَانِ : إنَّ لِفُلَانٍ فَرَسًا جَيِّدًا أَوْ أَمَةً جَيِّدَةً وَالسُّلْطَانُ يَأْخُذُ فَأَخَذَ ضَمِنَ .
وَلَوْ كَانَ السَّاعِي قِنًّا ضَمِنَ بَعْدَ عِتْقِهِ ، وَسَوَاءٌ أَخْبَرَ السَّاعِي عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ وَيَعْجِزُ عَنْ دَفْعِهِ ضَمِنَ السَّاعِي ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
لَا حَاجَةَ فِي دَعْوَى السِّعَايَةِ إلَى ذِكْرِ اسْمِ قَابِضِ الْمَالِ وَنَسَبِهِ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ آلَةَ التَّضْمِينِ السِّعَايَةَ ، أَمَّا لَوْ قَالَ فُلَانٌ عمر ردومر تاريان كرد بذمرا ظَالِمًا فَإِنَّ بِمُجَرَّدِ هَذَا لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَهُ فُلَانٌ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ارْتَشَى لَا يَصِحُّ أَيْضًا بِدُونِ التَّفْسِيرِ فَإِنْ فَسَّرَ عَلَى الْوَجْهِ يُسْمَعُ وَإِلَّا فَلَا .
رَجُلٌ فَرَّ مِنْ ظَالِمٍ فَأَخَذَهُ إنْسَانٌ حَتَّى أَدْرَكَهُ الظَّالِمُ فَأَخَذَهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ كَفَاتِحِ الْقَفَصِ وَالْفَتْوَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ السِّعَايَةِ ، وَكَذَا لَوْ رَجُلٌ يَطْلُبُ رَجُلًا فَأَخَذَهُ وَأَخْسَرَهُ هَلْ يَضْمَنُ الدَّالُّ عَلَى هَذَا وَالسِّعَايَةُ الْمُوجِبَةُ لِلضَّمَانِ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا هُوَ سَبَبٌ لِأَخْذِ الْمَالِ وَهُوَ لَا يَكُونُ بِهِ قَاصِدَ الْحِسْبَةِ فَإِنْ كَانَ قَاصِدَ الْحِسْبَةِ لَا يَكُونُ سِعَايَةً وَتَفْسِيرُ السِّعَايَةِ قَالَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ لَوْ قَالَ عِنْدَ ظَالِمٍ فُلَانٌ وَجَدَ مَالًا أَوْ أَصَابَ مِيرَاثًا أَوْ قَالَ عِنْدَهُ مَالُ فُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْ إنَّهُ يُرِيدُ الْفُجُورَ بِأَهْلِي فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مِمَّنْ يَأْخُذُ الْمَالَ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ كَانَ ذَلِكَ سَعْيًا مُوجِبًا لِلضَّمَانِ إذَا كَانَ كَاذِبًا فِيمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَظَلِّمًا وَلَا مُحْتَسِبًا فِي ذَلِكَ فَكَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ إنَّهُ ضَرَبَنِي أَوْ ظَلَمَنِي وَهُوَ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا ا هـ .
لَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ يَجِيءُ إلَى امْرَأَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فَرَفَعَ إلَى السُّلْطَانِ فَغَرَّمَهُ وَظَهَرَ كَذِبُهُ لَمْ يَضْمَنْ السَّاعِي عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَضَمِنَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَبِهِ يُفْتَى لِغَلَبَةِ السِّعَايَةِ فِي زَمَانِنَا .
وَفِي فَتَاوَى الدِّينَارِيِّ قَالَ لِلسُّلْطَانِ فُلَانٌ يازن فُلَانٌ فَاحِشه ميكند وَقَوْم ملامت ميكنند بازغى ايستد فَغَرَّمَهُ السُّلْطَانُ لَا يَضْمَنُ الْقَائِلُ كه أَمَرَ معروفست غَمَزَنِي ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ .
قَالَ فِي الْوُقَايَةِ لَوْ سَعَى بِغَيْرِ حَقٍّ يَضْمَنُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ زَجْرًا لَهُ وَبِهِ يُفْتَى ا هـ .
ذَكَرَ الْبَزْدَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ سَعَى إلَى السُّلْطَانِ فَغَرَّمَهُ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ عُلَمَائِنَا أَنَّهُمْ أَفْتَوْا بِضَمَانِ السَّاعِي وَبَعْضُهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ سُلْطَانٍ وَسُلْطَانٍ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِتَغْرِيمِ مَنْ سَعَى إلَيْهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ : وَنَحْنُ لَا نُفْتِي بِهِ فَإِنَّهُ خِلَافُ أُصُولِ أَصْحَابِنَا إذْ السَّعْيُ سَبَبٌ مَحْضٌ لِلْإِهْلَاكِ إذْ السُّلْطَانُ يُغَرِّمُهُ اخْتِيَارًا لَا طَبْعًا وَلَكِنْ نَكِلُ الرَّأْيَ إلَى الْقَاضِي إذْ الْمَوْضِعُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ .
اشْتَرَى شَيْئًا فَقِيلَ لَهُ شَرَيْته بِثَمَنٍ غَالٍ فَسَعَى الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عِنْدَ ظَالِمٍ فَأَخْسَرَهُ ضَمِنَ إنْ كَانَ كَاذِبًا لَا لَوْ صَادِقًا .
وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ فِي الْوَصَايَا ادَّعَى عَلَيْهِ سَرِقَةً وَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ يَطْلُبُ مِنْهُ ضَرْبَهُ حَتَّى يَفِرَّ فَضَرَبَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَحَبَسَهُ فَخَافَ مِنْ التَّعْذِيبِ وَالضَّرْبِ فَصَعَدَ السَّطْحَ لِيَنْفَلِتَ فَسَقَطَ عَنْ السَّطْحِ فَمَاتَ وَقَدْ غَرَّمَهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ فَظَهَرَتْ السَّرِقَةُ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ فَلِلْوَرَثَةِ أَخْذُ مُدَّعِي السَّرِقَةِ بِدِيَةِ مُورِثِهِمْ وَبِغَرَامَةٍ أَدَّاهَا إلَى السُّلْطَانِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ اسب يكى رااولاغي كرفتند خداوند اسب ديكرى نمود اسب خودرا خَلَاص كَرِدِّ قِيلَ أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بُرْهَانُ الدِّينِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ الرِّوَايَةُ بِخِلَافِهِ وَهِيَ أَنَّهُ إذَا دَلَّ الْمُودِعُ سَارِقًا ضَمِنَ لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُودِعِ فَاعْتَبَرَهَا بِمَسْأَلَةِ السِّعَايَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ ا هـ .
اشْتَرَى جَارِيَةً بِغَيْبَةِ النَّخَّاسِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا إنْسَانٌ فَأَخَذَ النِّخَاسَةَ يَضْمَنُ قُلْتُ وَهَذِهِ وَاقِعَةٌ فِي زَمَانِنَا فِي دِيَارِنَا فَإِنَّ الظَّلَمَةَ يَأْخُذُونَ الدَّامِغَانِ مِنْ جَمِيعِ السِّلَعِ فَمَنْ أَخْبَرَهُمْ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ حَتَّى أَخَذُوا الدَّامِغَانِ أَوْ الْجِبَايَةَ مِنْهُ يَضْمَنُ وَلِلْمَظْلُومِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ .
أَخْبَرَ الظَّلَمَةُ أَنَّ لِفُلَانٍ حِنْطَةً فِي مَطْمُورَةٍ فَأَخَذُوهَا مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْمُخْبِرِ ، وَكَذَا إذَا عَلِمَهَا الظَّالِمُ لَكِنْ أَمَرَهُ السَّاعِي بِالْأَخْذِ يَضْمَنُ .
شَكَا عِنْدَ الْوَالِي بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَتَى بِقَائِدٍ فَضَرَبَ الْمَشْكُوَّ عَلَيْهِ فَكَسَرَ سِنَّهُ أَوْ يَدَهُ يَضْمَنُ الشَّاكِي أَرْشَهُ كَالْمَالِ ، وَقِيلَ : إنَّ مَنْ حُبِسَ بِسِعَايَةٍ فَهَرَبَ وَتَسَوَّرَ جِدَارَ السِّجْنِ فَأَصَابَ بَدَنَهُ تَلَفٌ يَضْمَنُ السَّاعِي فَكَيْفَ هَاهُنَا فَقِيلَ أَتُفْتِي بِالضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ قَالَ لَا وَلَوْ مَاتَ الْمَشْكُوُّ عَلَيْهِ بِضَرْبِ الْقَائِدِ لَا يَضْمَنُ الشَّاكِي ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ فِيهِ نَادِرٌ فَسِعَايَتُهُ لَا تُقْضَى إلَيْهِ غَالِبًا .
قَالَ لِغَيْرِهِ : ادْفَعْ هَذِهِ الْقُمْقُمَةَ إلَى أَحَدٍ مِنْ الصَّفَّارِينَ لِيُصْلِحَهَا فَدَفَعَهَا إلَى أَحَدٍ وَنَسِيَهُ لَمْ يَضْمَنْ كَالْمُودَعِ إذَا نَسِيَ الْوَدِيعَةَ أَنَّهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى صَاعِدٍ .
ادْفَعْ هَذَا الْغَزْلَ إلَى نَسَّاجٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ وَلَمْ يَقُلْ : إلَى مَنْ شِئْت فَدَفَعَ وَهَرَبَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ .
قَوْمٌ وَقَعَتْ بِهِمْ الْمُصَادَرَةُ فَأَمَرُوا رَجُلًا بِأَنْ يَسْتَقْرِضَ لَهُمْ مَالًا يُنْفَقُ فِي هَذِهِ الْمُؤْنَاتِ فَفَعَلَ فَالْمُقْرِضُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ ، وَالْمُسْتَقْرِضُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِينَ ؟ إنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ يَرْجِعُ وَبِدُونِ الشَّرْطِ هَلْ يَرْجِعُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ هَذِهِ فِي الْوَصَايَا مِنْ الْخُلَاصَةِ .
رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ : كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ طَيِّبٌ فَأَكَلَهُ فَإِذَا هُوَ مَسْمُومٌ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَ فَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ لَا يَضْمَنُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْغَصْبِ .
وَلَوْ قَالَ لَهُ لَوْ مَخُوفًا : وَأُخِذَ مَالَكَ فَأَنَا ضَامِنٌ يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ ظَهِيرِ الدِّينِ ، ثُمَّ قَالَ : فَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّ الْمَغْرُورَ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ لَوْ حَصَلَ الْغُرُورُ فِي ضِمْنِ الْمُعَاوَضَةَ ، أَوْ ضَمِنَ الْغَارُّ صِفَةَ السَّلَامَةِ كَمَا لَوْ قَالَ الطَّحَّانُ لِرَبِّ الْبُرِّ : اجْعَلْهُ فِي الدَّلْوِ فَجَعَلَهُ فِيهِ فَذَهَبَ مِنْ الثُّقْبِ إلَى الْمَاءِ وَالطَّحَّانُ كَانَ عَالِمًا بِهِ يَضْمَنُ إذْ غَرَّهُ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ ، وَهُوَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ ثُمَّ قَالَ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ أُخِذَ مَالُكَ فَأَنَا ضَامِنٌ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ : مَنْ غَصَبَك مِنْ النَّاسِ ، أَوْ مَنْ بَايَعْت مِنْ النَّاسِ فَأَنَا ضَامِنٌ لِذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ ا هـ .
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ : اُخْرُقْ ثَوْبَ فُلَانٍ فَخَرَقَهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي خَرَقَهُ لَا عَلَى الْآمِرِ مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ الْغَصْبِ .
رَجُلَانِ عَلَى شَطَّيْ نَهْرٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا : ارْمِ بِفَاسِي إلَيَّ فَرَمَاهُ فَضَاعَ فِي الْمَاءِ يَضْمَنُ إذَا كَانَتْ قُوَّتُهُ لَوْ رَمَى يُوَصِّلُهُ إلَى الشَّطِّ وَإِلَّا فَلَا .
أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَةٍ هَلْ صَارَ خَلًّا فَنَظَرَ وَسَالَ فِيهَا مِنْ أَنْفِهِ دَمٌ وَقَدْ صَارَ خَلًّا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ مَا بَيْنَ طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ مِنْ الْغَصْبِ .
الْحُرُّ الْبَالِغُ إذَا أَمَرَ عَبْدًا صَغِيرًا ، أَوْ كَبِيرًا مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ ، أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِيَقْتُلَ رَجُلًا خَطَأً فَقَتَلَ يُخَاطَبُ مَوْلَى الْمَأْمُورِ بِالدَّفْعِ ، أَوْ الْفِدَاءِ ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ ثُمَّ يَرْجِعُ مَوْلَى الْعَبْدِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دِيَةِ الْمَقْتُولِ عَلَى الْآمِرِ فِي مَالِهِ وَلِهَذَا لَوْ تَلِفَ فِي حَالِ اسْتِعْمَالِهِ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
رَجُلٌ قَالَ لِصَبِيٍّ مَحْجُورٍ اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَانْفُضْ لِي ثِمَارَهَا فَصَعِدَ الصَّبِيُّ وَسَقَطَ وَهَلَكَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ دِيَةُ الصَّبِيِّ ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِحَمْلِ شَيْءٍ ، أَوْ كَسْرِ حَطَبٍ يَضْمَنُ .
وَلَوْ قَالَ اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَانْفُضْ الثِّمَارَ وَلَمْ يَقُلْ اُنْفُضْ لِي فَفَعَلَ الصَّبِيُّ ذَلِكَ فَعَطِبَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءٌ قَالَ اُنْفُضْ لِي الشَّجَرَةَ ، أَوْ قَالَ اُنْفُضْ وَلَمْ يَقُلْ لِي .
رَجُلٌ رَأَى صَبِيًّا عَلَى حَائِطٍ ، أَوْ شَجَرَةٍ فَصَاحَ بِهِ الرَّجُلُ وَقَالَ لَهُ قَعْ فَوَقَعَ الصَّبِيُّ وَمَاتَ ضَمِنَ الْقَائِلُ دِيَتَهُ ، وَلَوْ قَالَ لَا تَقَعْ فَوَقَعَ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ .
وَلَوْ أَنَّ بَالِغًا أَمَرَ صَبِيًّا بِتَخْرِيقِ ثَوْبِ إنْسَانٍ ، أَوْ بِقَتْلِ دَابَّتِهِ فَضَمَانُ ذَلِكَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ ، وَكَذَا لَوْ أُمِرَ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَقَتَلَهُ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ الدِّيَةُ ثُمَّ تَرْجِعُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ عَلِمَ الصَّبِيُّ بِفَسَادِ الْأَمْرِ ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ، وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا مَأْذُونًا أَمَرَ صَبِيًّا بِتَخْرِيقِ ثَوْبِ إنْسَانٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَضْمَنُ الْآمِرُ .
وَلَوْ أَمَرَهُ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَفَعَلَ لَا يَضْمَنُ الْآمِرُ .
وَلَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بَالِغًا بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ وَلَا يُرْجَعُ بِذَلِكَ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ ، وَلَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بَالِغًا لَا يَضْمَنُ الْآمِرُ .
وَلَوْ أَمَرَ بَالِغٌ بَالِغًا بِذَلِكَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ .
لَوْ أَنَّ عَبْدًا مَحْجُورًا بَالِغًا أَمَرَ عَبْدًا مِثْلَهُ بِقَتْلِ رَجُلٍ ، أَوْ كَانَ الْآمِرُ بَالِغًا وَالْمَأْمُورُ صَغِيرًا فَفَعَلَ يَرْجِعُ بِالضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ الْعِتْقِ ، وَلَوْ أَنَّ صَغِيرًا حُرًّا أَمَرَهُ عَبْدٌ مَحْجُورٌ صَغِيرٌ بِذَلِكَ فَفَعَلَ ضَمِنَ الصَّغِيرُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ الْآمِرِ هَاهُنَا وَإِنْ أُعْتِقَ الْآمِرُ .
وَلَوْ ضَرَبَ الْمُعَلِّمُ أَوْ الْأُسْتَاذُ الصَّبِيَّ أَوْ التِّلْمِيذَ بِأَمْرِ الْأَبِ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ مِنْ جِنَايَاتِ قَاضِي خَانْ وَالْأَخِيرَةُ مَرَّتْ فِي مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ مُفَصَّلَةً فَلْيُطْلَبْ مِنْهَا .
وَفِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ لَوْ كَانَ الْآمِرُ عَبْدًا إنْ كَانَ مَأْذُونًا وَهُوَ صَغِيرٌ ، أَوْ كَبِيرٌ وَالْمَأْمُورُ مَأْذُونٌ ، أَوْ مَحْجُورٌ صَغِيرٌ ، أَوْ كَبِيرٌ يُخَاطَبُ مَوْلَى الْمَأْمُورِ بِالدَّفْعِ ، أَوْ الْفِدَاءِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْمَأْمُورِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ فِي رَقَبَةِ الْآمِرِ كَذَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
أَمَرَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ مَالِهِ عَنْ نَفْسِهِ ، أَوْ قَالَ هَبْ لِفُلَانٍ شَيْئًا ، أَوْ قَالَ عَوِّضْ الْوَاهِبَ لِي عَنْ هِبَتِهِ مِنْ مَالِكٍ ، أَوْ أَنْفِقْ عَلَى عِيَالِي ، أَوْ مَنْ فِي فِنَاءِ دَارِي مِنْ مَالِك وَلَا خَلَطَ بَيْنَهُمَا وَلَا شَرَطَ الرُّجُوعَ ، قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ : يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْآمِرِ وَقَالَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ لَا يَرْجِعُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَفِي الْجِبَايَاتِ وَالْمُؤَنِ الْمَالِيَّةِ إذَا أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَدَائِهَا قَالَ الْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِغَيْرِ شَرْطٍ ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَا كَانَ مُطَالَبًا بِهِ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ حِسًّا وَالرَّجُلُ إذَا أَخَذَهُ السُّلْطَانُ لِيُصَادِرَهُ فَقَالَ لِرَجُلٍ خَلِّصْنِي ، أَوْ أَسِيرٌ فِي يَدِ الْكَافِرِ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ مَالًا وَخَلَّصَهُ مِنْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا بِشَرْطِ الرُّجُوعِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْأَسِيرِ يَرْجِعُ بِلَا شَرْطٍ لَا فِي الْمُصَادَرَةِ وَالْإِمَامُ السَّرَخْسِيِّ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِمَا بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ كَمَا فِي الْمَدْيُونِ إذَا أَمَرَ آخَرَ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ عَنْهُ ا هـ .
وَفِيهَا مِنْ الْإِجَارَةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا مِنْ بُخَارَى إلَى نَسَفَ فَلَمَّا سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ عَيِيَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ فروماند وَكَانَ صَاحِبُ الْحِمَارِ بِنَسْفٍ فَأَمَرَ هُوَ رَجُلًا بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْحِمَارِ وَبَيَّنَ لَهُ الْأُجْرَةَ فَفَعَلَ ، إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ يَعْلَمُ أَنَّ الْآمِرَ لَيْسَ بِصَاحِبِ الْحِمَارِ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ ضَمِنَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ انْتَهَى وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْمَسَائِلِ يَأْتِي فِي بَابِ الْوِكَالَةِ فَلْيُطْلَبْ هُنَاكَ .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ مُرًّا قَالَ لَهُ اسْقِ بِهِ أَرْضِي وَلَا تَسْقِ بِهِ أَرْضَ غَيْرِي فَسَقَى بِهِ أَرْضَ الْآمِرِ ثُمَّ سَقَى أَرْضَ غَيْرِهِ فَضَاعَ الْمُرَّانِ ضَاعَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ السَّقْيِ الثَّانِي ضَمِنَ وَإِنْ ضَاعَ بَعْدَ مَا فَرَغَ لَا يَضْمَنُ هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
قَالَ لِآخَرَ : ادْفَعْ إلَى هَذَا الرَّجُلِ دِينَارًا فَدَفَعَ بِحَضْرَتِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَ الْآمِرِ لِلْمَأْمُورِ .
أَخَذَ وَعْظًا وَقَالَ لِجَارِهِ : اخْتِنْ وَلَدِي مَعَ وَلَدِك تاهرجه خَرَجَ كنى مِنْ حِصَّتِهِ خودبدهم فَفَعَلَ فَاِتَّخَذَ ضِيَافَةً فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ إنْ كَانَ ابْنُهُ صَغِيرًا وَإِنْ كَانَ بَالِغًا لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْأَبُ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ مِنْ وِكَالَةِ الْقُنْيَةِ .
إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِأَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآخِذِ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَصِحَّ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَصِحُّ الْأَمْرُ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ .
الْجَابِي لَوْ أَمَرَ الْعَوَانَ بِالْأَخْذِ فَفِيهِ نَظَرٌ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَابِي الضَّمَانُ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْآخِذِ ، وَبِاعْتِبَارِ السَّعْيِ يَجِبُ عَلَى الْجَابِي فَيُتَأَمَّلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْفَتْوَى قَالَ أُسْتَاذُنَا : الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْآخِذَ ضَامِنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ ثُمَّ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ أَمْ لَا إنْ كَانَ دَفَعَ الْمَأْخُوذُ إلَى الْآمِرِ رَجَعَ وَإِنْ هَلَكَ عِنْدَهُ ، أَوْ اُسْتُهْلِكَ لَا يَرْجِعُ فَإِنْ أَنْفَقَهُ فِي حَاجَةِ الْآمِرِ بِأَمْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَأْمُورِ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فِي حَاجَةِ الْآمِرِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ مِنْ الصُّغْرَى قُلْتُ وَاَلَّذِي فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِإِنْفَاقِ مَالِهِ فِي حَوَائِجِهِ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الرُّجُوعُ .
وَأَمَّا الْجَابِي لَوْ أَرَى الْعَوَانَ بَيْتَ الْمَالِكِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِشَيْءٍ ، أَوْ الشَّرِيكُ أَرَى الْعَوَانَ بَيْتَ شَرِيكِهِ حَتَّى أَخَذَ الْمَالَ ، أَوْ أَخَذَ مِنْ بَيْتِهِ رَهْنًا بِالْمَالِ الْمَطْلُوبِ لِأَجْلٍ مِلْكِهِ وَضَاعَ الرَّهْنُ فَلَا يَضْمَنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ الْجَابِي وَالشَّرِيكِ بِلَا شُبْهَةٍ ، إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا أَمْرٌ وَلَا حَمْلٌ ، وَدَفْعُ الْعَوَانِ مُمْكِنٌ وَأَمَّا دَفْعُ السُّلْطَانِ فَلَا يُمْكِنُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْمُحِيطِ وَفِيهِ نَقْلًا عَنْ فَوَائِدِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَوْ كَانَ الْآمِرُ سَاكِنًا فِي الدَّارِ ، أَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى الْحَفْرِ رَجَعَ الْحَافِرُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْآمِرِ .
زَنَى مردى راكفت كه أَيْنَ خاكرا ازين خَانَهُ بيرون انداز فَأَلْقَاهُ ثُمَّ حَضَرَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ فَقَالَ : إنِّي وَضَعْت كَذَا ذَهَبًا فِي ذَلِكَ التُّرَابِ فَلَوْ ثَبَتَ ضَمِنَ الْمَأْمُورُ .
وَفِيهِ عَنْ عَدِّهِ خَرَقَ ثَوْبَ إنْسَانٍ بِأَمْرِ غَيْرِهِ ضَمِنَ الْمُخْرِقُ لَا الْآمِرُ وَاَلَّذِي يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ السُّلْطَانُ ، أَوْ الْمَوْلَى إذَا أَمَرَ قِنَّهُ وَفِيهِ عَنْ الذَّخِيرَةِ ضَمِنَ الْآمِرُ لَوْ سُلْطَانًا لَا لَوْ غَيْرُهُ إذْ أَمْرُ السُّلْطَانِ إكْرَاهٌ إذْ الْمَأْمُورُ يَعْلَمُ عَادَةً أَنَّهُ يُعَاقِبُهُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ السُّلْطَانِ فَيَضْمَنُ السُّلْطَانُ لَا مَأْمُورُهُ ، وَفِيهِ عَنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ مُجَرَّدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ لَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ لَا يَخَافُ مِنْهُ لَوْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ وَفِيهِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ جَعَلَ مُجَرَّدَ أَمْرِهِ إكْرَاهًا ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ لَا يَخَافُ مِنْهُ لَوْ لَمْ يَمْتَثِلْ وَذُكِرَ فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّ الْأَبَ أَيْضًا يَضْمَنُ بِأَمْرِ ابْنِهِ .
لَوْ أَمَرَ قِنَّ غَيْرِهِ بِإِتْلَافِ مَالِ رَجُلٍ يَغْرَمُ مَوْلَاهُ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى آمِرِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلْقِنِّ فَصَارَ غَاصِبًا ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِإِبَاقٍ ، أَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْ نَفْسَك فَفَعَلَ يَضْمَنُ الْآمِرُ قِيمَتَهُ ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِإِتْلَافِ مَالِ مَوْلَاهُ فَأَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْ الْآمِرُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ قُلْتُ : فَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْآمِرَ لَا يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ إلَّا فِي سِتَّةٍ : الْأُولَى : إذَا كَانَ الْآمِرُ السُّلْطَانَ .
الثَّانِيَةُ : إذَا كَانَ مَوْلًى لِلْمَأْمُورِ .
الثَّالِثَةُ : إذَا كَانَ أَبًا لِلْمَأْمُورِ .
الرَّابِعَةُ : إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ صَبِيًّا وَالْآمِرُ بَالِغًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَذَا الْقَيْدِ فِي الْأَشْبَاهِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ يُرْشِدُك إلَيْهِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ قَاضِي خَانْ آنِفًا .
السَّادِسَةُ : إذَا أَمَرَهُ بِحَفْرِ بَابٍ فِي حَائِطِ الْغَيْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَافِرِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ ثُمَّ وَجَدْتُ أُخْرَى وَهِيَ جَاءَ بِدَابَّةٍ إلَى النَّهْرِ لِيَغْسِلَهَا فَقَالَ لِرَجُلٍ أَدْخِلْهَا النَّهْرَ فَأَدْخَلَهَا فَغَرِقَتْ وَكَانَ الْآمِرُ سَائِسَ الدَّابَّةِ لِرَجُلٍ آخَرَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُورُ بِذَلِكَ فَلَوْ كَانَ الْمَاءُ بِحَالٍ لَا يُدْخِلُ النَّاسُ دَوَابَّهُمْ فِيهِ ضَمِنَ رَبُّهَا أَيَّهُمَا شَاءَ فَلَوْ ضَمِنَ الْمَأْمُورُ وَرَجَعَ عَلَى السَّائِسِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ فَيَصِيرُ الْمُسْتَثْنَى سَبُعًا ، ثُمَّ وَجَدْتُ أُخْرَى وَهِيَ صَاحِبُ حَانُوتٍ أَمَرَ أَجِيرًا لَهُ لِيُرْسِلَ لَهُ الْمَاءَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَفَعَلَ وَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ الْآمِرُ ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْوُضُوءِ فَتَوَضَّأَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْوُضُوءِ تَكُونُ لِلْمُتَوَضِّئِ وَمَنْفَعَةَ الْإِرْسَالِ تَكُونُ لِلْآمِرِ كَمَا فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِيهِ مِنْ الْجِنَايَاتِ لَوْ أَمَرَ أَجِيرًا ، أَوْ سَقَّاءً بِرَشِّ الْمَاءِ فِي فِنَاءِ دُكَّانِهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ ضَمِنَ الْآمِرُ لَا الرَّاشُّ انْتَهَى ثُمَّ وَجَدْتُ أُخْرَى وَهِيَ لَوْ أَمَرَ
آخَرَ بِذَبْحِ هَذِهِ الشَّاةِ فَذَبَحَهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الشَّاةَ لِغَيْرِهِ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ : الْآمِرُ لَا يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ إلَّا فِي خَمْسَةٍ لَيْسَ حَصْرًا يُعْتَدُّ بِهِ كَمَا تَرَى إذْ قَدْ بَلَغَتْ ثَمَانِيًا .
لَوْ أَرَاهُ قَوْسًا وَقَالَ لَهُ : مُدَّهُ فَمَدَّهُ فَانْكَسَرَ لَا يَضْمَنُ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِهِ ضَمِنَ ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دِرْهَمًا لِيَنْقُدَهُ فَغَمَزَهُ فَانْكَسَرَ فَهُوَ عَلَى هَذَا وَقَدْ مَرَّ .
دَفَعَ إلَيْهِ قِنًّا مُقَيَّدًا بِسِلْسِلَةٍ وَقَالَ لَهُ : اذْهَبْ بِهِ إلَى بَيْتِك مَعَ هَذِهِ السِّلْسِلَةِ فَذَهَبَ بِهِ بِلَا سِلْسِلَةٍ فَأَبَقَ الْقِنُّ لَمْ يَضْمَنْ إذْ أُمِرَ بِشَيْئَيْنِ وَقَدْ أَتَى بِأَحَدِهِمَا .
دَفَعَ بَعِيرَهُ إلَى رَجُلٍ لِيُكْرِيَهُ وَيَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِكِرَائِهِ فَعَمِيَ الْبَعِيرُ فَبَاعَهُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ فَهَلَكَ ، لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي ، أَوْ يَسْتَطِيعُ إمْسَاكَهُ ، أَوْ رَدَّهُ أَعْمَى ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا يكى رامال دادكه بِفُلَانِ كَسَّ جون خَطّ بُسْتَانِيّ بِدَهِي فَدَفَعَهُ بِلَا خَطٍّ ضَمِنَ .
يكى راعينى دادكه بيش فُلَان أمانت نه وى درخانه خودنهاد حَتَّى هَلَكَ ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذْ قَالَ : لَوْ أَعْطَى رَجُلًا قَلْبَ فِضَّةٍ وَقَالَ : ارْهَنْهُ لِي عِنْدَ فُلَانٍ بِعَشْرَةٍ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ فَأَمْسَكَهُ الْمَأْمُورُ عِنْدَهُ فَأَعْطَاهُ عَشْرَةً وَقَالَ : رَهَنْته كَمَا قُلْت وَلَمْ يَقُلْ رَهَنْته عِنْدَ آخَرَ ثُمَّ هَلَكَ الْقَلْبُ عِنْدَهُ فَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ رَجَعَ بِالْعَشَرَةِ عَلَى الْآمِرِ وَكَانَ أَمِينًا فِي الْقَلْبِ إذْ الرَّهْنُ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ فَهَذَا أَمِينٌ أَمَرَهُ أَنْ يُودِعَ عِنْدَ آخَرَ فَلَمْ يَفْعَلْ ، أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ فَلَمْ يَبِعْ فَلَا يَصِيرُ مُخَالِفًا وَرَجَعَ إذْ أُقْرِضَ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ .
أَمَرَ تِلْمِيذَهُ بِالْبَيْعِ وَتَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَى فُلَانٍ فَبَاعَ وَأَمْسَكَ الثَّمَنَ لَمْ يَضْمَنْ إذْ الْوَكِيلُ لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ مَا تَبَرَّعَ بِهِ .
دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفًا فَقَالَ : ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ الْيَوْمَ وَلَمْ يَدْفَعْهُ لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ عَلَى جِنْسٍ فَتَصَدَّقَ الْمَأْمُورُ عَلَى غَيْرِهِمْ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ .
أَمَرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ فَتَصَدَّقَ الْمَأْمُورُ عَلَى أَبِ نَفْسِهِ ، أَوْ ابْنِهِ جَازَ إجْمَاعًا كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَصَايَا .
لَهُمَا دَيْنٌ عَلَى خَزِينَةِ السُّلْطَانِ ، أَوْ الدِّيوَانِ وَلَا يُسْتَخْلَصُ إلَّا بِالرِّشَا وَالْهَدَايَا لِلسُّعَاةِ فِيهِ فَأَمَرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِهِمَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ لَهُ بِحِصَّتِهِ يَصِحُّ وَيَرْجِعُ .
قَالَ لِآخَرَ : هَبْ لِفُلَانٍ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَوَهَبَ كَانَتْ الْهِبَةُ مِنْ الْآمِرِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَلَا عَلَى الْقَابِضِ ، وَلِلْآمِرِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ وَالدَّافِعُ مَمْنُوعٌ .
وَلَوْ قَالَ : هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَفَعَلَ جَازَتْ الْهِبَةُ وَيَضْمَنُ الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ وَيَرْجِعُ الْآمِرُ فِي الْهِبَةِ دُونَ الدَّافِعِ هَذِهِ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ قُلْتُ وَبَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ يُطْلَبُ مِنْ الْوَكَالَةِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا .
جَمَاعَةٌ أَجَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِمَارَهُ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَ إلَيْهِ الْحُمُرَ ثُمَّ قَالَ أَصْحَابُ الْحُمُرِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ اذْهَبْ أَنْتَ مَعَهُ تَتَعَاهَدُ الْحُمُرَ فَإِنَّا لَا نَعْرِفُهُ فَذَهَبَ الرَّجُلُ مَعَ الْمُسْتَأْجَرِ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجَرُ : قِفْ هُنَا حَتَّى أَذْهَبَ أَنَا بِالْحِمَارِ وَأَحْمِلَ الْجُوَالِقَ وَأَجِيءَ إلَيْك فَذَهَبَ الْمُسْتَأْجَرُ بِالْحِمَارِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ قَالُوا : لَا يَضْمَنُ الْمُتَعَاهِدُ ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ أَمَرُوهُ بِتَعَاهُدِ مَا كَانَ فِي يَدِ غَيْرِهِمْ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إيدَاعًا مِنْ الْإِجَارَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
أَمَرَ رَجُلًا بِضَرْبِ قِنِّهِ عَشْرَةَ أَسْوَاطٍ فَضَرَبَهُ أَحَدَ عَشَرَ سَوْطًا فَمَاتَ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ إذْ الْمُعْتَبَرُ فِي الْقَتْلِ عَدَدُ الْجِنَايَةِ وَهَذَا الْفِقْهُ وَهُوَ أَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الْجِرَاحَةِ فِي الْقَتْلِ مُهْلِكٌ وَالْأَكْثَرَ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ غَيْرُ مُهْلِكٍ فَاعْتُبِرَ فِيهِ عَدَدُ الْجِنَايَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْجِنَايَاتِ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ عَشْرَةَ أَسْوَاطٍ فَضَرَبَهُ أَحَدَ عَشَرَ فَمَاتَ رَفَعَ عَنْهُ مَا نَقَصَتْهُ الْعَشَرَةُ وَضَمِنَ مَا نَقَصَهُ الْأَخِيرُ فَيَضْمَنُهُ مَضْرُوبًا بِعَشْرَةِ أَسْوَاطٍ وَنِصْفِ قِيمَتِهِ انْتَهَى .
رَجُلَانِ فِي سَفِينَةٍ مَعَهُمَا مَتَاعٌ ثَقُلَتْ السَّفِينَةُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : أَلْقِ مَتَاعَك عَلَى أَنْ يَكُونَ مَتَاعِي بَيْنَك وَبَيْنِي أَنْصَافًا قَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا فَاسِدٌ وَضَمِنَ مَالِكُ الْمَتَاعِ نِصْفَ قِيمَةِ مَتَاعِهِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْقُنْيَةِ : إذَا خِيفَ الْغَرَقُ فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ فَأَلْقَوْا فَالْغُرْمُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ ؛ لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ انْتَهَى .
قَالَ لِرَجُلٍ : اُقْتُلْ عَبْدِي لَمْ يَحِلَّ قَتْلُهُ ، وَلَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ قَتَلَ إنْسَانًا بِأَمْرِهِ يَضْمَنُ الدِّيَةَ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْمَجْمَعِ لَوْ قَالَ : اُقْتُلْنِي فَفَعَلَ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَمَضَى فِي آخَرَ خِلَافًا لِزُفَرَ وَيَجِبُ فِي مَالِهِ الدِّيَةُ فِي أُخْرَى انْتَهَى .
وَذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ : رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَلَوْ قَالَ : اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ بِالْإِجْمَاعِ ، وَلَوْ قَالَ : اُقْتُلْ ابْنِي ، أَوْ اقْطَعْ يَدَايَ وَهُوَ صَغِيرٌ ، أَوْ قَالَ اُقْتُلْ أَخِي وَهُوَ وَارِثُهُ فَقَتَلَهُ لَا يَقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ ، وَلَوْ قَالَ : اُقْتُلْ عَبْدِي ، أَوْ اقْطَعْ يَدَهُ فَفَعَلَ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْ الْوَجِيزِ وَفِيهِ عَنْ الْفَتَاوَى لَوْ قَالَ لِآخَرَ : بِعْتُك دَمِي بِفَلْسٍ ، أَوْ بِأَلْفٍ فَقَتَلَهُ يُقْتَصُّ بِهِ انْتَهَى .
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ : احْفِرْ لِي بَابًا فِي هَذَا الْحَائِطِ لِغَيْرِهِ ضَمِنَ الْحَافِرُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : احْفِرْ فِي حَائِطِي وَكَانَ سَاكِنًا فِي تِلْكَ الدَّارِ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ عَلَامَاتِ الْمِلْكِ ، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى ذَلِكَ .
وَلَوْ قَالَ لَهُ احْفِرْ وَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا قَالَ فِي حَائِطِي وَلَمْ يَكُنْ سَاكِنًا فِيهَا وَلَمْ يَسْتَأْجِرْهُ عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
( الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالنَّارِ وَمَا لَا يُضْمَنُ ) رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَحْرِقَ حَصَائِدَ أَرْضِهِ فَأَوْقَدَ النَّارَ فِي حَصَائِدِهِ فَذَهَبَتْ النَّارُ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَأَحْرَقَ زَرْعَهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَقَ حَصَائِدَهُ تَتَعَدَّى النَّارُ إلَى زَرْعِ جَارِهِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ كَانَ قَاصِدًا إحْرَاقَ زَرْعِ الْغَيْرِ .
قَالُوا : إنْ كَانَ زَرْعُ غَيْرِهِ يَبْعُدُ عَنْ حَصَائِدِهِ الَّتِي أَحْرَقَهَا وَكَانَ يَأْمَنُ أَنْ يَحْتَرِقَ زَرْعُ جَارِهِ وَلَا يَطِيرُ شَيْءٌ مِنْ نَارِهِ إلَّا شَرَارَةٌ ، أَوْ شَرَارَتَانِ فَحَمَلَتْ الرِّيحُ نَارَهُ مِنْ أَرْضِهِ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فانحرق زَرْعُ الْجَارِ وَكُنْهُ لَا يَضْمَنُ فَإِذَا كَانَ أَرْضُ جَارِهِ قَرِيبًا مِنْ أَرْضِهِ بِأَنْ كَانَ الزَّرْعَانِ مُلْتَصِقَيْنِ ، أَوْ قَرِيبَيْنِ مِنْ الِالْتِصَاقِ عَلَى وَجْهِ أَنَّ نَارَهُ تَصِلُ إلَى زَرْعِ جَارِهِ يَضْمَنُ صَاحِبُ النَّارِ زَرْعَ الْجَارِ وَكَذَلِكَ رَجُلٌ لَهُ قُطْنٌ فِي أَرْضِهِ ، وَأَرْضِ جَارِهِ لَاصِقَةٌ بِأَرْضِهِ ، فَأَوْقَدَ النَّارَ مِنْ طَرَفِ أَرْضِهِ إلَى جَانِبِ الْقُطْنِ فَأَحْرَقَتْ ذَلِكَ الْقُطْنَ كَانَ ضَمَانُ الْقُطْنِ عَلَى الَّذِي أَوْقَدَ النَّارَ ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ نَارَهُ تَتَعَدَّى إلَى الْقُطْنِ كَانَ قَاصِدًا إحْرَاقَ الْقُطْنِ .
رَجُلٌ ، أَوْقَدَ تَنُّورَهُ نَارًا فَأَلْقَى فِيهِ مِنْ الْحَطَبِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ التَّنُّورُ فَاحْتَرَقَ بَيْتُهُ وَتَعَدَّى إلَى دَارِ جَارِهِ فَأَحْرَقَ يَضْمَنُ صَاحِبُ التَّنُّورِ .
رَجُلٌ مَرَّ بِنَارٍ فِي مِلْكِهِ ، أَوْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَوَقَعَتْ شَرَارَةٌ مِنْ النَّارِ عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ : يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ حَمْلِ النَّارِ وَالْوُقُوعِ عَلَى الثَّوْبِ وَاسِطَةٌ ، فَيَكُونُ مُضَافًا إلَيْهِ ، حَتَّى لَوْ طَارَتْ الرِّيحُ بِشَرَرٍ مِنْ النَّارِ فَأَلْقَتْهُ عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ .
هَكَذَا ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إنْ مَرَّ بِالنَّارِ فِي مَوْضِعٍ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَالْجَوَابُ فِيهِ يَكُونُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ وَقَعَتْ مِنْهُ شَرَارَةٌ يَضْمَنُ وَإِنْ هَبَّتْ بِهِ الرِّيحُ لَا يَضْمَنُ وَهَذَا أَظْهَرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَكَذَا لَوْ وَضَعَ جَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ فَاحْتَمَلَ بِهِ شَيْءٌ ضَمِنَ .
وَلَوْ هَبَّتْ بِهِ الرِّيحُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهَا فِيهِ .
قَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ السَّرَخْسِيُّ : إذَا وَضَعَ الْجَمْرَةَ فِي الطَّرِيقِ فِي يَوْمِ الرِّيحِ يَكُونُ ضَامِنًا ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي كِتَابِ السِّيَرِ إذَا وَضَعَ جَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ ، أَوْ مَرَّ بِنَارٍ فِي مِلْكِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَأَطْلَقَ الْجَوَابَ فِيهِ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ : أَوْقَدَ نَارًا فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَجَاءَ الرِّيحُ وَنَقَلَهَا إلَى دَارِ رَجُلٍ آخَرَ وَأَحْرَقَهَا لَا يَضْمَنُ فَعَلَّلَ وَقَالَ : لِأَنَّ جِنَايَتَهُ قَدْ زَالَتْ وَذَكَرَ فِي الْجِنَايَاتِ مَسْأَلَةً تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ النَّاطِفِيُّ أَنَّ جِنَايَتَهُ قَدْ زَالَتْ .
حَدَّادٌ ضَرَبَ حَدِيدًا عَلَى حَدِيدٍ مَحْمِيٍّ فَانْتُزِعَتْ شَرَارَةٌ مِنْ ضَرْبِهِ فَوَقَعَتْ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ يَمُرُّ فِي الطَّرِيقِ فَأَحْرَقَتْ ثَوْبَهُ ضَمِنَ الْحَدَّادُ .
وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ : حَدَّادٌ يَجْلِسُ فِي دُكَّانٍ اتَّخَذَ فِي حَانُوتِهِ كِيرًا يَعْمَلُ بِهِ ، وَالْحَانُوتُ إلَى جَانِبِ طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَأَوْقَدَ الْحَدَّادُ كِيرَهُ نَارًا عَلَى حَدِيدٍ لَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ حَدِيدَهُ فَوَضَعَهُ عَلَى عِلَّاته وَطَرَقَهَا بِمِطْرَقَةٍ فَتَطَايَرَ مَا يَتَطَايَرُ مِنْ الْحَدِيدَةِ الْمُحْمَاةِ وَخَرَجَ ذَلِكَ مِنْ حَانُوتِهِ وَقَتَلَ رَجُلًا ، أَوْ فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ ، أَوْ أَحْرَقَ ثَوْبَ إنْسَانٍ ، أَوْ قَتَلَ دَابَّتَهُ كَانَ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِذَلِكَ مِنْ الْمَالِ وَالدَّابَّةِ فِي مَالِ الْحَدَّادِ دِيَةُ الْقَتِيلِ وَالْعَيْنِ تَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ ؛ لِأَنَّ مَا طَارَ مِنْ دَقِّ الْحَدِيدِ وَضَرْبِهِ فَهُوَ كَجِنَايَتِهِ بِيَدِهِ لَا عَنْ قَصْدِهِ ، وَلَوْ لَمْ يَدُقَّ الْحَدَّادُ لَكِنْ احْتَمَلَتْ الرِّيحُ عَنْ بَعْضِ النَّارِ مِنْ كِيرِهِ ، أَوْ بِحَدِيدَةٍ مُحْمَاةٍ وَأَخْرَجَتْهُ إلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلَتْ إنْسَانًا ، أَوْ أَحْرَقَتْ ثَوْبَ إنْسَانٍ ، أَوْ قَتَلَتْ دَابَّةً كَانَ هَدَرًا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ .
اسْتَأْجَرَ أَرْضًا ، أَوْ اسْتَعَارَهَا فَأَحْرَقَ الْحَصَائِدَ وَأُحْرِقَ شَيْءٌ فِي أَرْضٍ أُخْرَى فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ فَأَشْبَهَ حَافِرَ الْبِئْرِ فِي دَارِ نَفْسِهِ ، وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَتْ الرِّيَاحُ هَادِئَةً ثُمَّ تَغَيَّرَتْ أَمَّا إذَا كَانَتْ مُضْطَرِبَةً يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّ مُوقِدَ النَّارِ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ هَذِهِ ، فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
أَوْقَدَ نَارًا فَأَحْرَقَتْ دَارَ جَارِهِ لَمْ يَضْمَنْ لَوْ أَوْقَدَ نَارًا يُوقَدُ مِثْلُهَا وَأَطْلَقَ الْجَوَابَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَقَالَ لَا يَضْمَنُ .
أَوْقَدَ نَارًا فِي مِلْكِهِ يَوْمَ الرِّيحِ لِيَخْبِزَ فَاحْتَرَقَ الْحَشِيشُ وَسَرَتْ النَّارُ إلَى الْأَكْدَاسِ وَاحْتَرَقَتْ لَوْ كَانَتْ الرِّيحُ تَهُبُّ إلَى جَانِبِ الْكُدْسِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا إذْ لِلْإِنْسَانِ الْإِيقَادُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
أَمَرَ ابْنَهُ الْبَالِغَ لِيُوقِدَ نَارًا فِي أَرْضِهِ فَفَعَلَ وَتَعَدَّتْ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا يَضْمَنُ الْأَبُ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ صَحَّ فَانْتَقَلَ فِعْلُ الِابْنِ إلَيْهِ كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ الْأَبُ .
أَمَرَ صَبِيًّا لِيَأْتِيَ لَهُ بِالنَّارِ مِنْ بَاغِ فُلَانٍ فَجَاءَ بِهَا وَسَقَطَتْ مِنْهُ عَلَى حَشِيشٍ وَتَعَدَّتْ إلَى الْكُدْسِ فَاحْتَرَقَ يَضْمَنُ الصَّبِيُّ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ ، مِنْ جِنَايَاتِ الْقُنْيَةِ .
وَفِيهَا دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ لِأَحَدِهِمَا فِيهَا أَنْعَامٌ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَأَذِنَ الْآخَرُ لِرَجُلٍ بِالسُّكْنَى فِيهَا فَسَكَنَ وَأَوْقَدَ فِيهَا نَارًا فَاحْتَرَقَتْ الدَّارُ وَالْأَنْعَامُ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْأَنْعَامِ وَالدَّارِ فِي الْإِيقَادِ الْمُعْتَادِ قُلْت هَكَذَا وَجَدْتُهُ مَكْتُوبًا لَكِنْ تَقْيِيدُهُ بِالْإِيقَادِ الْمُعْتَادِ أَوْقَعَ لِي شُبْهَةً فِيهِ .
حَمَلَ قُطْنًا إلَى النَّدَّافِ فَلَقِيَتْهُ فِي السِّكَّةِ امْرَأَةٌ تَحْمِلُ قَبَسًا مِنْ النَّارِ فَأَخَذَتْ النَّارُ قُطْنًا فَأَحْرَقَتْهُ لَمْ يَضْمَنْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ حَرَكَةِ الرِّيحِ وَإِلَّا يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي مَشَتْ إلَى الْقُطْنِ ضَمِنَتْ وَإِنْ مَشَى صَاحِبُ الْقُطْنِ إلَى النَّارِ لَمْ تَضْمَنْ .
رَجُلَانِ كَانَا يَدْبُغَانِ جُلُودًا فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ فَأَذَابَ أَحَدُهُمَا شَحْمًا فِي مِرْجَلٍ نُحَاسٍ فَصَبَّ فِيهِ مَاءً لِيَسْكُنَ فَالْتَهَبَ الشَّحْمُ وَأَصَابَ السَّقْفَ فَاحْتَرَقَ مَتَاعُ صَاحِبِهِ وَأَمْتِعَةُ الْجِيرَانِ لَمْ يَضْمَنْ انْتَهَى .
رَجُلٌ أَحْرَقَ كُدْسًا لِرَجُلٍ قَالَ مُحَمَّدٌ : لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبُرِّ فِي السُّنْبُلِ أَكْمَلَ مِنْ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ خَارِجًا عَنْ السُّنْبُلِ كَانَ عَلَيْهِ الْجُلُّ مِنْ قَاضِي خَانْ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْغَصْبِ .
لَوْ وَقَعَتْ جَمْرَةٌ مِنْ يَدِهِ عَلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ مِنْ الْأَرْضِ أَصَابَتْ ثَوْبَ إنْسَانٍ فَاحْتَرَقَ يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
( الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمَاءِ وَمَا لَا يُضْمَنُ ) لَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ وَخَرَجَ عَنْ صَبِّهِ ذَلِكَ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَفْسَدَ شَيْئًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّ صَبَّ الْمَاءِ فِي مِلْكِهِ مُبَاحٌ لَهُ مُطْلَقًا ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ : إذَا صَبَّ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ يَكُونُ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ سَيَّالٌ فَإِذَا كَانَ يَعْلَمُ عِنْدَ الصَّبِّ أَنَّهُ يَسِيلُ إلَى مِلْكِ جَارِهِ يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا لَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي مِيزَابِهِ وَتَحْتَ الْمِيزَابِ مَتَاعُ غَيْرِهِ فَفَسَدَ بِهِ كَانَ ضَامِنًا وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إذَا سَقَى أَرْضَ نَفْسِهِ فَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ قَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إنْ أَجْرَى الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ إجْرَاءً لَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ وَإِنَّمَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ جَارُهُ بِالسَّكْرِ وَالْإِحْكَامِ فَلَمْ يَفْعَلْ كَانَ ضَامِنًا اسْتِحْسَانًا وَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْحَائِطِ الْمَائِلِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَيْهِ جَارُهُ بِالسَّكْرِ وَالْإِحْكَامِ حَتَّى تَعَدَّى الْمَاءُ إلَى أَرْضِ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ كَانَ أَرْضُهُ فِي صَعْدَةٍ وَأَرْضُ جَارِهِ فِي هَبْطَةٍ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ إذَا سَقَى أَرْضَهُ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا وَيُؤْمَرُ بِوَضْعِ الْمُسَنَّاةِ حَتَّى يَصِيرَ مَانِعًا وَيُمْنَعُ مِنْ السَّقْيِ قَبْلَ أَنْ يَضَعَ الْمُسَنَّاةَ .
وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ لَا يُمْنَعُ مِنْ السَّقْيِ ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : مِنْ الشِّرْبِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَرْضُهُ فِي صَعْدَةٍ لَا يُمْنَعُ قَالَ وَالْمَذْكُورُ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ إذَا سَقَى غَيْرَ مُعْتَادٍ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ مُعْتَادًا لَا يَضْمَنُ انْتَهَى .
وَلَوْ كَانَ فِي أَرْضِهِ ثُقْبٌ ، أَوْ حَجَرٌ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَسُدَّهُ حَتَّى فَسَدَتْ أَرْضُ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا سَقَى أَرْضَهُ فَخَرَجَ الْمَاءُ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ ، وَلَوْ صَبَّ الْمَاءَ إلَى أَرْضِهِ صَبًّا خَرَجَ مِنْهَا إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ كَانَ ضَامِنًا .
رَجُلٌ يَسْقِي أَرْضَهُ مِنْ نَهْرِ الْعَامَّةِ وَكَانَ عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ أَنْهَارٌ صِغَارٌ مَفْتُوحَةٌ فُوَّهَاتُهَا فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْأَنْهَارِ الصِّغَارِ فَفَسَدَتْ بِذَلِكَ أَرْضُ قَوْمٍ قَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ ظَهِيرُ الدِّينِ يَكُونُ ضَامِنًا كَأَنَّهُ أَجْرَى الْمَاءَ فِيهَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ سِوَى الْمَنْقُولِ مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ مِنْ الْجِنَايَاتِ .
أَجْرَى الْمَاءَ فِي النَّهْرِ مَا لَمْ يَتَحَمَّلْ النَّهْرُ فَدَخَلَ دَارَ إنْسَانٍ بِغَيْرِ نَقْبٍ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ ، وَلَوْ دَخَلَهُ مِنْ جُحْرٍ ، وَلَوْلَا الْجُحْرُ لَمَا دَخَلَ وَالْجُحْرُ خَفِيٌّ لَمْ يَضْمَنْ .
انْشَقَّ النَّهْرُ وَخَرَّبَ بَعْضَ الْأَرْضِ لَا يُؤْخَذُونَ بِضَمَانِ الْأَرْضِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الشِّرْبِ نَهْرٌ يَجْرِي فِي أَرْضِ قَوْمٍ فَانْفَتَقَ النَّهْرُ وَخَرِبَ وَخَرَّبَ بَعْضَ أَرْضِ قَوْمٍ لِأَصْحَابِ الْأَرَضِينِ أَنْ يَأْخُذُوا أَصْحَابَ النَّهْرِ بِعِمَارَةِ النَّهْرِ دُونَ عِمَارَةِ الْأَرْضِ انْتَهَى .
سَقَى أَرْضَهُ وَأَرْسَلَ الْمَاءَ إلَى النَّهْرِ حَتَّى جَاوَزَ أَرْضَهُ وَقَدْ كَانَ طَرَحَ رَجُلٌ أَسْفَلُ مِنْهُ فِي النَّهْرِ تُرَابًا فَمَال الْمَاءُ عَنْ النَّهْرِ وَغَرَّقَ قَصِيلًا ضَمِنَ مَنْ أَحْدَثَ فِي النَّهْرِ لَا مَنْ أَرْسَلَ الْمَاءَ لَوْ لَهُ حَقٌّ فِي النَّهْرِ ، وَلَمْ يَعْرِفْ عَمَّا حَدَثَ فِيهِ .
سَقَى أَرْضَهُ فَانْبَثَقَ الْمَاءُ مِنْ أَرْضِهِ فَأَفْسَدَ أَرْضَ جَارِهِ ، أَوْ زَرْعَهُ لَمْ يَضْمَنْ ، وَلَوْ أَرْسَلَ الْمَاءَ فَأَفْسَدَهُ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
أَلْقَى شَاةً مَيِّتَةً فِي نَهْرِ الطَّاحُونَةِ فَسَالَ بِهَا الْمَاءُ إلَى الطَّاحُونَةِ فَخَرِبَتْ الطَّاحُونَةُ إنْ كَانَ النَّهْرُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ وَعَلِمَ أَنَّهَا خَرِبَتْ مِنْ ذَلِكَ يَضْمَنُ .
رَجُلٌ قَلَعَ شَجَرَةً لَهُ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ فَانْقَلَعَ النَّهْرُ وَأَخَذَ التُّرَابَ وَأَلْقَاهُ فِي مَوْضِعِ شَجَرَتِهِ حَتَّى سَوَّاهُ وَتَرَكَهُ ، ثُمَّ إنَّ أَرْبَابَ النَّهْرِ اسْتَأْجَرُوا رَجُلًا لِيَكْنِسَ النَّهْرَ فَأَجْرَى فِيهِ الْمَاءَ لِيَبْتَلَّ النَّهْرُ حَتَّى يَسْهُلَ كَرْيُهُ فَأَرْسَلَ الْمَاءَ فِي النَّهْرِ وَنَامَ فِي الطَّرِيقِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي اللَّيْلِ فَلَمَّا انْتَبَهَ وَجَدَ الْمَاءَ قَدْ خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِ قَلْعِ الشَّجَرَةِ وَغَرَّقَ كُدْسَ حِنْطَةٍ لِرَجُلٍ أَمَّا الْأَجِيرُ فَلَا يَضْمَنُ ، وَأَمَّا قَالِعُ الشَّجَرَةِ يَكْفِهِ النَّهْرُ حَتَّى سَاوَتْ جَانِبَ النَّهْرِ يَضْمَنُ .
سَكَرَ النَّهْرَ الْمُشْتَرَكَ فَانْشَقَّ الْمَاءُ وَخَرَّبَ قَصْرَ رَجُلٍ ضَمِنَ وَقَدْ ذُكِرَ قَبْلَ هَذَا إذَا كَانَ السَّكْرُ بِالتُّرَابِ أَمَّا إذَا كَانَ السَّكْرُ بِالْخَشَبِ وَالْحَشِيشِ لَهُ ذَلِكَ بِإِذْنِ الشُّرَكَاءِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِمْ .
وَفِي فَتَاوَى الْبَقَّالِي لَوْ فَتَحَ الْمَاءَ وَتَرَكَهُ فَازْدَادَ الْمَاءُ ، أَوْ فَتَحَ النَّهْرَ وَلَيْسَ فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ جَاءَ الْمَاءُ لَمْ يَضْمَنْ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا أَرْسَلَ الْمَاءَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْتَمِلُهُ النَّهْرُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ إذَا سَقَى غَيْرَ مُعْتَادٍ يَضْمَنُ ، وَتَفْسِيرُ الضَّمَانِ أَنْ تَقُومَ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةً وَغَيْرَ مَزْرُوعَةٍ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ .
وَلَوْ سَدَّ أَنْهَارَ الشُّرَكَاءِ حَتَّى امْتَلَأَ النَّهْرُ وَانْبَثَقَ وَغَرَّقَ قُطْنَ رَجُلٍ ، أَوْ أَرْسَلَ الْمَاءَ فِي النَّهْرِ وَعَلَى النَّهْرِ أَنْهَارٌ صِغَارٌ مَفْتُوحَةُ الْفُوَّهَاتِ فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْفُوَّهَاتِ وَأَفْسَدَ زَرْعَ غَيْرِهِ ضَمِنَ فِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْخُلَاصَةِ فِي الشِّرْبِ .
سَقَى أَرْضَهُ ، وَلَمْ يَسْتَوْثِقْ فِي سَدِّ الشِّقِّ حَتَّى أَفْسَدَ الْمَاءُ الشِّقَّ وَأَخْرَبَ أَرْضَ جَارِهِ ضَمِنَ إذَا كَانَ النَّهْرُ مُشْتَرَكًا وَقَصَّرَ فِي السَّدِّ .
لَهُ نَهْرٌ لَمْ يَحْفَظْ شَطَّهُ فَازْدَادَ الْمَاءُ وَغَرِقَتْ أَرْضُ جَارِهِ لَمْ يَضْمَنْ .
فَتَحَ الْمَاءَ إلَى كَرَدَّتِهِ وَاشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ حَتَّى امْتَلَأَتْ وَتَجَاوَزَ الْمَاءُ الحجاوم وَأَفْسَدَ زَرْعَ جَارِهِ ضَمِنَ ، وَلَوْ مَلَأَهَا حَتَّى خَرَجَ الْمَاءُ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا هَذَا إذَا كَانَ أَرْضُ السَّاقِي بِحَالٍ لَا يَسْتَقِرُّ الْمَاءُ فِيهَا فَإِذَا اسْتَقَرَّ فِيهَا ثُمَّ خَرَجَ لَا يَضْمَنُ .
جَدْوَلٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْجِيرَانِ عَلَى رَأْسِهِ رَاقُودٌ يَفْتَحُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ وَيَسْقِي أَرْضَهُ وَيَسُدُّهُ عَقِيبَ السَّقْيِ بِهِ جَرَتْ عَادَتُهُمْ فَتَرَكَهُ أَحَدُهُمْ مَفْتُوحًا بَعْدَ السَّقْيِ حَتَّى غَرِقَتْ أَرْضُ بَعْضِهِمْ لَا يَضْمَنُ لِمَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْفَتْحِ وَالسَّقْيِ مِنْ الْقُنْيَةِ فِي الشِّرْبِ .
سَقَى أَرْضَهُ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا فَأَفْسَدَتْ مَتَاعًا ، أَوْ زَرْعًا ، أَوْ كِرَابًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي مِلْكِهِ فَيُبَاحُ لَهُ مُطْلَقًا .
لَوْ حَفَرَ نَهْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَانْبَثَقَ الْمَاءُ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ وَغَرَّقَ أَرْضًا ، أَوْ قَرْيَةً كَانَ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّهُ سَيَّلَ الْمَاءَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَيَضْمَنُ .
وَلَوْ رَشَّ الطَّرِيقَ فَعَطِبَ إنْسَانٌ بِذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا ، هَذَا إذَا رَشَّ كُلَّ الطَّرِيقِ وَإِنْ رَشَّ بَعْضَهُ فَمَرَّ إنْسَانٌ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي رُشَّ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَعَطِبَ كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ فَمَرَّ فِيهِ مَعَ الْعِلْمِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا ، هَكَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا ، وَفِي الْكِتَابِ أَطْلَقَ الْجَوَابَ وَأَوْجَبَ الضَّمَانَ عَلَى الَّذِي رَشَّ وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ سَوَاءٌ رَشَّ الْبَعْضَ ، أَوْ الْكُلَّ مِنْ قَاضِي خَانْ .
قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ : لَوْ تَعَدَّى بِرَشِّهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ بِأَنْ رَشَّ هُوَ كَالْعَادَةِ لِدَفْعِ الْغُبَارِ ، وَلَوْ رَأَى سَائِقُ الدَّابَّةِ الْمَاءَ قَدْ رُشَّ فَسَاقَهَا لَمْ يَضْمَنْ الرَّاشُّ ، وَلَوْ لَمْ يَرَهُ ، أَوْ كَانَ بِاللَّيْلِ ضَمِنَ كَذَا أَفْتَى بَعْضُهُمْ .
وَلَوْ صَبَّ فِيهِ مَاءً فانجمد فَزَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ ، أَوْ ذَابَ ثُمَّ زَلِقَ ضَمِنَ .
وَلَوْ رَشَّ فِيهِ الْمَاءَ فَجَاءَ رَجُلٌ بِحِمَارَيْنِ فَتَقَدَّمَ صَاحِبُهُمَا إلَى أَحَدِهِمَا يَقُودُهُ فَتَبِعَهُ الْحِمَارُ الْآخَرُ فَزَلِقَ فَلَوْ كَانَ سَائِقًا لَمْ يَضْمَنْ الرَّاشُّ إذْ التَّلَفُ يُضَافُ إلَى سَوْقِهِ انْتَهَى .
وَحَارِسُ السُّوقِ إذَا رَشَّ الْمَاءَ يَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ هَذَا كُلُّهُ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَأَمَّا فِي السِّكَّةِ الْغَيْرِ نَافِذَةٍ إذَا رَشَّ فِيهَا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا لَا يَكُونُ ضَامِنًا مِنْ جِنَايَاتِ قَاضِي خَانْ .
رَمَى الثَّلْجَ فِي طَرِيقٍ فَسَقَطَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ ضَمِنَ ، وَكَذَا لَوْ رَمَاهُ فِي مَمَرِّ الدَّوَابِّ لِلْإِذْنِ فِي الْإِلْقَاءِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ ، وَكَذَا فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ النَّافِذَةِ فَلَوْ رَمَاهُ فِيهَا أَصْحَابُ الدُّورِ فَهَلَكَ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنُوا وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي ظَهِيرُ الدِّينِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي النَّافِذَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
لَوْ أَخَذَ الْجَمَلَ فِي طَرِيقِ الْبَهَائِمِ إلَى شِرْبِ الْمَاءِ فَزَلِقَتْ فِيهَا بَهِيمَةٌ لَا يَضْمَنُ .
نَقَبَ مَوْضِعًا مِنْ حَوْضٍ لِسَقْيِ الْمَاءِ فَوَقَعَ فِيهِ أَعْمَى فَتَلِفَ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ كَمَنْ وَضَعَ قَنْطَرَةً عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ وَهَلَكَ بِهَا شَيْءٌ يَضْمَنُ ، وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِرَفْعِ الْمَاءِ وَلَا يَتَهَيَّأُ لَهُ إلَّا بِالنَّقْبِ مِنْ جِنَايَاتِ الْقُنْيَةِ .
أَرْسَلَ فِي أَرْضِهِ مَاءً لَا تَحْتَمِلُهُ أَرْضُهُ فَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَأَفْسَدَ مَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَرْضَهُ تَحْتَمِلُ ذَلِكَ الْمَاءَ لَا يَضْمَنُ مِنْ فَصْلِ النَّارِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
صَبِيٌّ بَالَ عَلَى سَطْحٍ فَنَزَلَ مِنْ الْمِيزَابِ وَأَصَابَ ثَوْبًا فَأَفْسَدَهُ غَرِمَ الصَّبِيُّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَضَى عَلَى مَنْ صَبَّ الْمَاءَ الْحَارَّ عَلَى رَأْسِ إنْسَانٍ حَتَّى ذَهَبَ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعَقْلُهُ وَشَعْرُهُ بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ ، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي مَسَائِلِ الْجِنَايَاتِ ) الْجِنَايَةُ لُغَةً : اسْمٌ لِمَا يَجْتَنِيه الْمَرْءُ مِنْ شَرٍّ اكْتَسَبَهُ .
وَفِي الشَّرْعِ : اسْمٌ لِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَالٍ ، أَوْ فِي نَفْسٍ لَكِنْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ يُرَادُ بِإِطْلَاقِ اسْمِ الْجِنَايَةِ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ فِي النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ ذَكَرَهُ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ آخِذًا مِنْ التَّبْيِينِ وَيَشْتَمِلُ هَذَا الْبَابُ عَلَى سَبْعَةِ فُصُولٍ ( الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا ) الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَلَمْ يَتَعَدَّ ، وَالْمُتَسَبِّبُ لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّ ، فَلَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى هَدَفٍ فِي مِلْكِهِ فَأَصَابَ إنْسَانًا ضَمِنَ .
وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ ، وَلَوْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ضَمِنَ .
وَلَوْ سَقَطَ إنْسَانٌ مِنْ حَائِطٍ عَلَى إنْسَانٍ فِي الطَّرِيقِ فَقَتَلَهُ كَانَ ضَامِنًا دِيَةَ الْمَقْتُولِ بِمَنْزِلَةِ نَائِمٍ انْقَلَبَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا .
وَلَوْ مَاتَ السَّاقِطُ بِمَنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَاشِيًا فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي الْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْ سُقُوطِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَاقِفًا فِي الطَّرِيقِ قَائِمًا ، أَوْ قَاعِدًا ، أَوْ نَائِمًا كَانَ دِيَةُ السَّاقِطِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الْوُقُوفِ فِي الطَّرِيقِ وَالْقُعُودِ وَالنَّوْمِ فَيَكُونُ ضَامِنًا لِمَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فِي الْوُقُوفِ وَالنَّوْمِ فِي مِلْكِهِ وَعَلَى الْأَعْلَى ضَمَانُ الْأَسْفَلِ ، وَإِنْ مَاتَ الْأَسْفَلُ بِهِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا ؛ لِأَنَّ الْأَعْلَى مُبَاشِرٌ قَتْلَ الْأَسْفَلِ وَفِي الْمُبَاشَرَةِ الْمِلْكُ وَغَيْرُ الْمِلْكِ سَوَاءٌ كَأَنْ نَامَ فِي مِلْكِهِ فَانْقَلَبَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ كَانَ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ فِي قَتْلِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَلَوْ رَمَى شَخْصًا يَظُنُّهُ صَيْدًا فَإِذَا هُوَ آدَمِيٌّ ، أَوْ حَرْبِيًّا فَإِذَا هُوَ مُسْلِمٌ وَجَبَتْ الدِّيَةُ ، وَكَذَا لَوْ أَغْرَقَ صَبِيًّا فِي الْبَحْرِ تَجِبُ الدِّيَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يُقْتَصُّ مِنْهُ .
وَإِذَا الْتَقَى صَفَّانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ فَقَتَلَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا ظَنَّ أَنَّهُ مُشْرِكٌ فَلَا قَوَدَ وَتَجِبُ الدِّيَةُ هَذَا إذَا كَانُوا مُخْتَلِطِينَ وَإِنْ كَانَ فِي صَفِّ الْمُشْرِكِينَ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ لِسُقُوطِ عِصْمَتِهِ بِتَكْثِيرِ سَوَادِهِمْ .
وَمَنْ شَجَّ نَفْسَهُ وَشَجَّهُ رَجُلٌ وَعَقَرَهُ أَسَدٌ وَأَصَابَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى الْأَسَدِ ثُلُثُ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْحَيَّةِ وَالْأَسَدِ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِكَوْنِهِ هَدَرًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ تَلِفَ بِثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ فَيَكُونُ التَّالِفُ بِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ .
وَمَنْ شَهَرَ عَلَى رَجُلٍ سِلَاحًا لَيْلًا ، أَوْ نَهَارًا ، أَوْ شَهَرَ عَصًا لَيْلًا فِي مِصْرٍ ، أَوْ نَهَارًا فِي طَرِيقٍ فِي غَيْرِ مِصْرٍ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ عَمْدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَلَوْ شَهَرَ عَلَيْهِ عَصًا نَهَارًا فِي مِصْرٍ فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الْإِصْلَاحِ .
وَإِنْ شَهَرَ الْمَجْنُونُ عَلَى غَيْرِهِ سِلَاحًا ، أَوْ الصَّبِيُّ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
لَوْ ضَرَبَ الشَّاهِرُ الْمَشْهُورَ عَلَيْهِ بِسِلَاحٍ فِي الْمِصْرِ فَانْصَرَفَ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ اُقْتُصَّ مِنْ الْمَشْهُورِ عَلَيْهِ وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ لَيْلًا وَأَخْرَجَ السَّرِقَةَ فَاتَّبَعَهُ رَبُّ الْمَالِ وَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ إلَّا بِالْقَتْلِ ، وَلَوْ شَهَرَ الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ سِلَاحًا وَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ إلَّا بِقَتْلِهِ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
أَرَادَ أَنْ يُكْرِهَ غُلَامًا ، أَوْ امْرَأَةً عَلَى فَاحِشَةٍ فَلَمْ يَسْتَطِيعَا دَفْعَهُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَدَمُهُ هَدَرٌ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْمُنْيَةِ .
وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ قَطَعَ الْوَالِدُ الْأُصْبُعَ الزَّائِدَ مِنْ وَلَدِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قَطَعَ غَيْرَهُ ضَمِنَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ اجْتَمَعَ الصِّبْيَانُ ، أَوْ الْمَجَانِينُ عَلَى رَجُلٍ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ وَأَخْذَ مَالَهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِمْ إلَّا بِالْقَتْلِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ ، وَلَوْ قَتَلَهُمْ ضَمِنَ دِيَتَهُمْ ا هـ قُلْتُ وَهَذَا مُشْكِلٌ يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ .
وَلَوْ رَمَى رَجُلًا عَمْدًا فَنَفِدَ السَّهْمُ مِنْهُ إلَى آخَرَ فَمَاتَا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِلْأَوَّلِ وَالدِّيَةُ لِلثَّانِي عَلَى عَاقِلَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَمْدٌ وَالثَّانِيَ أَحَدُ نَوْعَيْ الْخَطَأِ .
وَمَنْ لَهُ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ إذَا اسْتَوْفَاهُ ثُمَّ سَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ يَضْمَنُ الْمُقْتَصُّ دِيَةَ النَّفْسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا : لَا يَضْمَنُ كَالْإِمَامِ والبزاغ وَالْحَجَّامِ وَالْمَأْمُورِ بِقَطْعِ الْيَدِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ قُتِلَ الرَّجُلُ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيٌّ وَاحِدٌ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْقَاتِلَ قِصَاصًا سَوَاءٌ قَضَى الْقَاضِي ، أَوْ لَمْ يَقْضِ وَيَقْتُلَ بِالسَّيْفِ وَيَضْرِبَ عِلَاوَتَهُ .
وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ بِغَيْرِ السَّيْفِ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ يُعَزَّرُ إلَّا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَصَارَ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَلِكَ هَذَا إذَا قَتَلَ وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَإِذَا قَتَلَ فَقَالَ الْوَلِيُّ كُنْت أَمَرْته لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ .
رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَحْلِقَ لِحْيَةَ رَجُلٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْلَعَ سِنَّهُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ هَذَا إذَا قَلَعَ أَمَّا إذَا جَاءَ بِالْمِبْرَدِ لِبَرْدِ سِنِّهِ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ .
لَوْ ضَرَبَ إنْسَانًا ضَرْبَةً لَا أَثَرَ لَهَا فِي النَّفْسِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا .
رَجُلٌ صَاحَ عَلَى آخَرَ فَمَاتَ مِنْ صَيْحَتِهِ تَجِبُ الدِّيَةُ .
رَجُلٌ أَعْطَى صَبِيًّا سِلَاحًا لِيَمْسِكَهُ فَعَطِبَ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ تَجِبُ دِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُعْطِي ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ أَمْسِكْهُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَضْمَنُ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلصَّبِيِّ اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَانْفُضْ ثِمَارَهَا فَصَعِدَ وَسَقَطَ ضَمِنَ الْآمِرُ .
وَلَوْ دَفَعَ السِّلَاحَ إلَى الصَّبِيِّ فَقَتَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ ، أَوْ غَيْرَهُ لَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَضَمَانُ الصَّبِيِّ إذَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِ أَبِيهِ ، أَوْ وَصِيِّهِ تَأْدِيبًا عَلَيْهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا هَذِهِ فِي الدَّعْوَى مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ الْوَاجِبُ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَالْمُبَاحُ يَتَقَيَّدُ بِهِ فَلَا ضَمَانَ لَوْ سَرَى قَطْعُ الْقَاضِي إلَى النَّفْسِ ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْمُعَزَّرُ ، وَكَذَا إذَا سَرَى الْفَصْدُ إلَى النَّفْسِ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ الْمُعْتَادَ لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ ، وَلَوْ قَطَعَ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ يَدَ قَاطِعِهِ فَسَرَتْ ضَمِنَ الدِّيَةَ ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَيَتَقَيَّدُ وَضَمِنَ لَوْ عَزَّرَ زَوْجَتَهُ فَمَاتَتْ وَمِنْهُ الْمُرُورُ فِي الطَّرِيقِ مُقَيَّدٌ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَمِنْهُ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ ، أَوْ الْأُمِّ ، أَوْ الْوَصِيِّ تَأْدِيبًا وَمِنْ الْأَوَّلِ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ ، أَوْ الْأُمِّ ، أَوْ الْوَصِيِّ ، أَوْ الْمُعَلِّمِ بِإِذْنِ الْأَبِ تَعْلِيمًا فَمَاتَ لَا ضَمَانَ فَضَرْبُ التَّأْدِيبِ مُقَيَّدٌ لِكَوْنِهِ مُبَاحًا وَضَرْبُ التَّعْلِيمِ لَا لِكَوْنِهِ وَاجِبًا وَمَحَلُّهُ فِي الضَّرْبِ الْمُعْتَادِ أَمَّا فِي غَيْرِهِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي الْكُلِّ وَخَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ الثَّانِي مَا إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَأَفْضَاهَا وَمَاتَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ مُبَاحًا لِكَوْنِ الْوَطْءِ أَخَذَ مُوجِبَهُ وَهُوَ الْمَهْرُ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ آخَرُ وَتَمَامُهُ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ ا هـ .
وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ ضَرَبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَمَاتَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَضْمَنُ الْوَالِدُ دِيَتَهُ وَلَا يَرِثُهُ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : لَا يَضْمَنُ وَيَرِثُهُ ، وَإِنْ ضَرَبَ الْمُعَلِّمُ بِإِذْنِ الْوَالِدِ لَا يَضْمَنُ الْمُعَلِّمُ ا هـ .
وَلَوْ رَمَى مُسْلِمًا فَارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ وَقَعَ بِهِ السَّهْمُ فَعَلَى الرَّامِي الدِّيَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَلَوْ رَمَى وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ وَقَعَ بِهِ السَّهْمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا ، وَكَذَا إذَا رَمَى حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ ارْتَدَّ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ عَمْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ ، أَوْجَبَ مُحَمَّدٌ أَرْشَهَا وَهُمَا دِيَتُهُ مِنْ الْمَجْمَعِ .
وَلَوْ شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً فَذَهَبَ بِهَا سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ يَجِبُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي الْمُوضِحَةِ وَدِيَةُ النَّفْسِ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِيهَا .
وَلَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً فَذَهَبَ بِهَا شَعْرُ رَأْسِهِ يَجِبُ دِيَةً كَامِلَةً لِلشَّعْرِ وَيَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِيهَا .
وَلَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً فَذَهَبَ بِهَا عَقْلُهُ كَانَ عَلَيْهِ دِيَةُ النَّفْسِ لِأَجْلِ الْعَقْلِ وَيَدْخُلُ فِيهَا أَرْشُ الْمُوضِحَةِ وَفِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ إذَا ذَهَبَ وَلَمْ يَنْبُتْ دِيَةُ النَّفْسِ .
وَإِنْ حَلَقَ لِحْيَةَ إنْسَانٍ فَنَبَتَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ يَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ ، وَكَذَا فِي لِحْيَةِ الْكَوْسَجِ إذَا كَانَتْ الشُّعُورُ طَاقَاتٍ مُتَفَرِّقَةً وَإِنْ سُتِرَتْ وَهِيَ رَقِيقَةٌ فَفِيهَا دِيَةٌ وَإِنْ كَانَتْ شَعَرَاتٌ عَلَى الذَّقَنِ لَا شَيْءَ فِيهَا ، وَإِنْ حَلَقَ الشَّارِبَ فَلَمْ يَنْبُتْ يَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَيُؤَجَّلُ حَالِقُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ سَنَةً فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ تَجِبُ الدِّيَةُ فَإِنْ أُجِّلَ فِي الرَّأْسِ ، أَوْ اللِّحْيَةِ وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ النَّبَاتِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَفِي قَطْعِ الْأَنْفِ دِيَةُ النَّفْسِ ، وَكَذَا إذَا قَطَعَ الْمَارِنَ وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ وَإِنْ قَطَعَ نِصْفَ قَصَبَةِ الْأَنْفِ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَفِيهِ دِيَةُ النَّفْسِ .
وَلَوْ ضَرَبَ أَنْفَ رَجُلٍ فَلَمْ يَجِدْ رِيحًا طَيِّبًا وَلَا نَتِنًا فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِيهَا الدِّيَةُ وَذَهَابُ الشَّمِّ بِمَنْزِلَةِ ذَهَابِ السَّمْعِ وَفِي قَطْعِ كُلِّ الذَّكَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَكَذَلِكَ الْحَشَفَةُ وَحْدَهَا وَإِنْ ضَرَبَهُ عَلَى الظَّهْرِ فَفَاتَتْ مَنْفَعَةُ الْجِمَاعِ ، أَوْ صَارَ أَحْدَبَ يَجِبُ دِيَةُ النَّفْسِ .
وَلَوْ طَعَنَهُ بِرُمْحٍ ، أَوْ غَيْرِهِ فِي الدُّبُرِ فَلَا يَسْتَمْسِكُ الطَّعَامَ فِي جَوْفِهِ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ ، وَكَذَا لَوْ ضَرَبَهُ فَسَلِسَ بَوْلُهُ وَلَا يَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ فَفِيهَا الدِّيَةُ وَإِنْ
أَفْضَى امْرَأَةً فَلَا يَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ فَفِيهَا الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ فَهِيَ جَائِفَةٌ يَجِبُ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي الْعَيْنَيْنِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَالشَّفَتَيْنِ وَثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ وَحَلَمَتَيْهَا الدِّيَةُ ، وَكَذَا فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَاللَّحْيَيْنِ وَالْأَلْيَتَيْنِ إذَا لَمْ يَبْقَ عَلَى عَظْمِ الْوَرِكِ لَحْمٌ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ اللَّحْمِ شَيْءٌ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَفِي أَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفٌ وَفِي كُلِّ شَفْرٍ رُبُعُ الدِّيَةِ وَفِي أَصَابِعِ الْيَدِ الدِّيَةُ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرُ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ مَفْصِلٍ ثُلُثٌ مِنْ عُشْرِ الدِّيَةِ إلَّا الْإِبْهَامَ وَفِي كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْ الْإِبْهَامِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ سِنٍّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَسْنَانُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَذَهَبَ الْكُلُّ فَفِيهَا دِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ .
وَفِي اعْوِجَاجِ الْوَجْهِ وَقَطْعِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ إنْ مَنَعَ الْوَطْءَ ، أَوْ ضُرِبَ عَلَى الظَّهْرِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهُ فَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي حُكُومَةِ الْعَدْلِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يُقَوِّمُ عَبْدًا بِلَا هَذَا الْأَثَرِ ثُمَّ مَعَهُ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ حُكُومَةُ الْعَدْلِ وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ اللِّسَانِ فَمُنِعَ الْكَلَامَ يَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ مُنِعَ بَعْضَ الْكَلَامِ دُونَ الْبَعْضِ تُقْسَمُ دِيَةُ اللِّسَانِ عَلَى الْحُرُوفِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِاللِّسَانِ فَيَجِبُ الدِّيَةُ بِقَدْرِ مَا فَاتَ مِنْ الْحُرُوفِ .
وَلَوْ شَجَّ دَامِيَةً ، أَوْ بَاضِعَةً ، أَوْ مُتَلَاحِمَةً ، أَوْ سَمْحًا فَأَخْطَأَ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ ، وَفِي الْمُوضِحَةِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ لَوْ خَطَأً ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَكَذَلِكَ فِي الْهَاشِمَةِ ، وَفِي الْآمَّةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ إذَا وَصَلَتْ إلَى الْجَوْفِ وَلَمْ تَنْفُذْ فَإِذَا نَفَذَتْ وَرَاءَهُ فَفِيهَا ثُلُثَا الدِّيَةِ .
وَلَوْ حَلَقَ رَأْسَ شَابٍّ فَنَبَتَ أَبْيَضَ لَا شَيْءَ
عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَكَذَا إذَا قَطَعَ الرِّجْلَ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ ، وَفِي قَطْعِ الْيَدِ الشَّلَّاءِ حُكُومَةُ عَدْلٍ ، وَكَذَا فِي قَطْعِ الرِّجْلِ الْعَرْجَاءِ حُكُومَةُ عَدْلٍ .
وَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ كَانَ عَلَيْهِ فِي الْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ دِيَةُ الْيَدِ ، وَفِي نِصْفِ السَّاعِدِ حُكُومَةُ عَدْلٍ .
وَلَوْ قَطَعَ أَظَافِرَ الْيَدَيْنِ ، أَوْ الرِّجْلَيْنِ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةَ عَدْلٍ ، وَفِي الْخُصْيَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ حُكُومَةُ عَدْلٍ ، وَفِي ذَكَرِ الْمَوْلُودِ إنْ تَحَرَّكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ كَانَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي لِسَانِ الصَّبِيِّ إذَا اسْتَهَلَّ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ كَانَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ ، وَكَذَا فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ يَجِبُ حُكُومَةُ الْعَدْلِ ، وَإِذَا دَفَعَ امْرَأَةً وَهِيَ بِكْرٌ فَسَقَطَتْ وَذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ مَهْرِ مِثْلِهَا .
وَلَوْ ضَرَبَ سِنَّ إنْسَانٍ فَتَحَرَّكَ فَأُجِّلَ فَإِنْ اخْضَرَّ أَوْ احْمَرَّ يَجِبُ دِيَةُ السِّنِّ خَمْسَمِائَةٍ ، وَإِنْ اصْفَرَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ ، وَلَوْ اسْوَدَّ يَجِبُ دِيَةُ السِّنِّ إذَا فَاتَتْ مَنْفَعَةُ الْمَضْغِ وَإِنْ لَمْ تَفُتْ إلَّا أَنَّهُ مِنْ الْأَسْنَانِ الَّتِي تُرَى حَتَّى فَاتَ جَمَالُهُ فَكَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ ، وَإِنْ قَلَعَ سِنَّ بَالِغٍ فَنَبَتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَكَذَا سِنُّ الصَّبِيِّ إذَا نَبَتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَلَوْ نَزَعَ سِنَّ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ الْمَنْزُوعُ سِنُّهُ سِنَّ النَّازِعِ قِصَاصًا فَنَبَتَتْ سِنُّ الْأَوَّلِ كَانَ عَلَى النَّازِعِ الثَّانِي أَرْشُ سِنِّ النَّازِعِ الْأَوَّلِ خَمْسَمِائَةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَبَتَ سِنُّ الْأَوَّلِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقِصَاصَ لَمْ يَكُنْ ، وَلَوْ نَبَتَ سِنُّهُ أَعْوَجَ كَانَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ .
وَلَوْ نَبَتَ نِصْفُ السِّنِّ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ أَرْشِهَا .
وَلَوْ عَضَّ يَدَ
رَجُلٍ فَانْتَزَعَ صَاحِبُ الْيَدِ يَدَهُ وَقَلَعَ سِنَّ الْعَاضِّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَلَيْهِ دِيَةُ السِّنِّ .
وَلَوْ عَضَّ ذِرَاعَ رَجُلٍ فَجَذَبَهُ مِنْ فِيهِ فَسَقَطَ بَعْضُ أَسْنَانِ الْعَاضِّ وَذَهَبَ لَحْمُ ذِرَاعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَضْمَنُ الْأَسْنَانَ وَيَضْمَنُ الْعَاضُّ أَرْشَ ذِرَاعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ .
وَلَوْ تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي حَبْلٍ وَاحِدٍ كُلٌّ مِنْهُمَا أَخَذَ طَرَفَهُ يَجْذِبَانِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَوَضَعَ السِّكِّينَ عَلَى الْوَسَطِ وَقَطَعَ الْحَبْلَ فَسَقَطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَانِبِهِ وَمَاتَ لَيْسَ عَلَى الْقَاطِعِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الصُّلْحَ دُونَ الْهَلَاكِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْوَجِيزِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى رَجُلَانِ مَدَّا حَبْلًا فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ فَسَقَطَا وَمَاتَا إنْ سَقَطَا عَلَى الْقَفَا لَا ضَمَانَ فِيهِمَا ، وَإِنْ سَقَطَا عَلَى الْوَجْهِ فَدِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، وَإِنْ سَقَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَفَا وَالْآخَرُ عَلَى الْوَجْهِ هُدِرَ دَمُ السَّاقِطِ عَلَى الْقَفَا وَوَجَبَتْ دِيَةُ السَّاقِطِ عَلَى الْوَجْهِ ، وَإِنْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ الْحَبْلَ حَتَّى سَقَطَا وَمَاتَا ضَمِنَ الْقَاطِعُ ا هـ .
وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُخْتَارِ فَلَمْ أَدْرِ مِنْ أَيْنَ ذَهَبَ قَاضِي خَانْ إلَى مَا ذَهَبَ وَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ عَلَى رِوَايَةٍ فِي الْمَذْهَبِ فَاخْتَارَهَا وَإِلَيْهَا ذَهَبَ ثُمَّ إنِّي اطَّلَعْت عَلَى شَاهِدٍ مِنْ قَاضِي خَانْ عَلَى مَا ظَنَنْت بِهِ قَالَ فِي فَصْلٍ آخَرَ مِنْ الْجِنَايَاتِ مِنْدِيلٌ ، أَوْ حَبْلٌ طَرَفَاهُ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ يَتَجَاذَبَانِ فَانْقَطَعَ الْمِنْدِيلُ ، أَوْ الْحَبْلُ فَسَقَطَا وَمَاتَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ سَقَطَا عَلَى قَفَاهُمَا هُدِرَ دَمُهُمَا ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ ، وَإِنْ سَقَطَا عَلَى وَجْهِهِمَا فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى الْآخَرِ ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِصُنْعِ الْآخَرِ ، وَإِنْ سَقَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِهِ وَالْآخَرُ عَلَى قَفَاهُ وَجَبَتْ دِيَةُ السَّاقِطِ عَلَى الْوَجْهِ دُونَ الْمُسْتَلْقِي ، وَإِنْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ هَذَا الْحَبْلَ فَوَقَعَا عَلَى قَفَاهُمَا يَضْمَنُ الْقَاطِعُ دِيَتَهُمَا وَقِيمَةَ الْحَبْلِ ، وَلَوْ وَقَعَا عَلَى وُجُوهِهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ فَذَاكَ لَا يَكُونُ مِنْ قَطْعِ الْحَبْلِ ، وَلَوْ وَقَعَا عَلَى قَفَاهُمَا ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى قَاطِعِ الْحَبْلِ ا هـ .
رَجُلَانِ اصْطَدَمَا فَمَاتَا إنْ وَقَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهِهِ لَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَإِنْ وَقَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَفَاهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ صَاحِبِهِ ، وَإِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى قَفَاهُ وَالْآخَرُ عَلَى وَجْهِهِ فَدَمُ الَّذِي وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ هَدَرٌ وَدِيَةُ الْآخَرِ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِهِ .
صَبِيَّتَانِ وَقَعَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَزَالَتْ بَكَارَةُ إحْدَاهُمَا بِفِعْلِ الْأُخْرَى يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الصَّبِيَّةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَفِيهَا أَنَّ الْمَجْنُونَ إذَا قَصَدَ قَتْلَ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ يَضْمَنُ الدِّيَةَ .
رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ بِالسَّيْفِ فَأَخَذَ آخَرُ السَّيْفَ بِيَدِهِ فَجَذَبَ صَاحِبُ السَّيْفِ سَيْفَهُ مِنْ يَدِهِ فَقَطَعَ نِصْفَ أَصَابِعِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْمَفَاصِلِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَفَاصِلِ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْأَصَابِعِ .
وَلَوْ قَطَعَ ظُفْرَ غَيْرِهِ إنْ نَبَتَ كَمَا كَانَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ ، وَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ ، أَوْ نَبَتَ مُتَعَيِّبًا فَفِيهِ حُكُومَةُ الْعَدْلِ لَكِنْ فِي الْمُتَعَيِّبِ دُونَ مَا لَمْ يَنْبُتْ وَلَيْسَ فِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ وَلَا قِصَاصٌ .
وَلَوْ ضَرَبَ امْرَأَةً حَتَّى صَارَتْ مُسْتَحَاضَةً يَجِبُ الدِّيَةُ .
وَفِي الْخِزَانَةِ يُنْتَظَرُ حَوْلٌ إنْ بَرِئَتْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ ، وَإِنْ لَمْ تَبْرَأْ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ ، وَفِي الضِّلْعِ إذَا كُسِرَتْ حُكُومَةُ الْعَدْلِ ، وَفِي الصُّلْبِ إذَا دُقَّ لَكِنْ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ .
رَجُلَانِ فِي بَيْتٍ وَلَيْسَ مَعَهُمَا أَحَدٌ وَوُجِدَ أَحَدُهُمَا مَقْتُولًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ أُضَمِّنُهُ الدِّيَةَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا أُضَمِّنُهُ لَعَلَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
ضَرَبَ رَجُلًا فَصُمَّتْ إحْدَى أُذُنَيْهِ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ الزِّينَةُ كَمَا إذَا ذَهَبَ ضَوْءُ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ .
فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَا نَعْلَمُ فِيمَنْ اطَّلَعَ عَلَى بَيْتِ غَيْرِهِ فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ شَيْئًا مَنْصُوصًا عَنْ أَصْحَابِنَا وَمَذْهَبُهُمْ أَنَّهُ هَدَرٌ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَيَلْزَمُهُ حُكْمُ الْجِنَايَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ هَدَرٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مَنْ اطَّلَعَ عَلَى دَارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلَا دِيَةَ وَلَا قِصَاصَ } وَعِنْدَنَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ لَا بِفَقْءِ الْعَيْنِ وَهُوَ هَدَرٌ بِالْإِجْمَاعِ .
وَفِي كَنْزِ الرُّءُوسِ : إذَا نَظَرَ فِي بَابِ دَارِ إنْسَانٍ فَفَقَأَ عَيْنَهُ صَاحِبُ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَنْحِيَتُهُ مِنْ غَيْرِ فَقْءِ الْعَيْنِ ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ يَضْمَنُ .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ .
وَلَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فَرَمَاهُ صَاحِبُ الدَّارِ فَفَقَأَ عَيْنَهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّهُ شَغَلَ مِلْكَهُ كَمَا لَوْ قَصَدَ أَخْذَ ثِيَابِهِ فَدَفَعَهُ حَتَّى قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ نَظَرَ مِنْ خَارِجِهَا .
انْفَلَتَتْ فَأْسٌ مِنْ قَصَّابٍ كَانَ يَكْسِرُ الْعَظْمَ فَأَتْلَفَتْ عُضْوَ إنْسَانٍ يَضْمَنُ وَهُوَ خَطَأٌ وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ .
امْرَأَةٌ غَطَّتْ قِدْرَ أُخْرَى تَغْلِي فَانْصَبَّ شَيْءٌ مِنْ شِدَّةِ غَلَيَانِهَا وَأَحْرَقَ رِجْلَ صَبِيٍّ تَضْمَنُ الْمُغَطِّيَةُ .
أَبُو الْفَضْلِ صَغِيرَانِ يَلْعَبَانِ فَصَرَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَانْكَسَرَ فَخِذُهُ وَلَمْ يَنْجَبِرْ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ الْمَشْيُ فَعَلَى أَقْرِبَاءِ الصَّبِيِّ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ .
أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ صِبْيَانٌ يَرْمُونَ لَعِبًا فَأَصَابَ سَهْمُ أَحَدِهِمْ عَيْنَ امْرَأَةٍ وَهُوَ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ ، أَوْ نَحْوَهُ فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ ، قَالَ أَبُو اللَّيْثِ : وَإِنَّمَا أَوْجَبَ الدِّيَةَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى لِلْعَجَمِ عَاقِلَةً ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ عَاقِلَةٌ وَثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ .
وَلَوْ شَهِدَ الصِّبْيَانُ ، أَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ لَمْ يَجِبْ عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ .
نَزَعَ سِنَّ امْرَأَةٍ فَتُجَنُّ يَوْمًا وَتُفِيقُ يَوْمًا فَحُكُومَةُ عَدْلٍ مِنْ الْقُنْيَةِ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَجُلَانِ مَدَّا شَجَرَةً فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمَا فَقَتَلَتْهُمَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبِهِ .
رَجُلٌ أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ فَجَذَبَ الْآخَرُ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ فَانْفَلَتَتْ يَدُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ أَخَذَهَا لِلْمُصَافَحَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخِذِ ، وَإِنْ أَخَذَهَا لِيَغْمِزَهَا ضَمِنَ الْآخِذُ أَرْشَ الْيَدِ .
وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ رَجُلٍ خَطَأً فَأَثْبَتَهَا مَكَانَهَا غَرِمَ أَرْشَهَا وَكَذَلِكَ الْأُذُنُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى حَالَتِهَا الْأُولَى وَلِهَذَا لَوْ قَلَعَ أَسْنَانَ هَذَا الْمَقْلُوعِ ثَانِيًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَلَوْ نَبَتَتْ بِنَفْسِهَا صَحِيحَةً لَا يَضْمَنُ شَيْئًا ، وَلَوْ نَبَتَتْ عَلَى عَيْبٍ فَحُكُومَةُ عَدْلٍ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ قَلَعَ سِنَّ صَبِيٍّ ، أَوْ حَلَقَ رَأْسَ امْرَأَةٍ فَصَالَحَ الْجَانِي أَبَ الصَّبِيِّ ، أَوْ الْمَرْأَةَ عَلَى الدَّرَاهِمِ ثُمَّ نَبَتَ السِّنُّ وَالشَّعْرُ يَرُدُّ الدَّرَاهِمَ وَكَذَلِكَ إذَا كُسِرَتْ فَجُبِرَتْ فَصَالَحَهُ مِنْهُمَا ثُمَّ صَحَّتْ ، وَفِي قَلْمِ الْأَظْفَارِ إذَا لَمْ تَنْبُتْ قِيلَ : يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ وَقِيلَ : لَا يَجِبُ ، وَإِنْ نَبَتَ أَصْفَرَ ، أَوْ أَعْوَجَ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ ، وَإِنْ حَلَقَ نِصْفَ اللِّحْيَةِ ، أَوْ الرَّأْسِ قِيلَ : يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَقِيلَ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ .
وَلَوْ حَلَقَ الشَّارِبَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةَ عَدْلٍ ، وَلَوْ سَلَخَ جِلْدَةَ الْوَجْهِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَعَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ .