كتاب : مجمع الضمانات
المؤلف : أبو محمد غانم بن محمد البغدادي
حَلَقَ رَأْسَ رَجُلٍ ، أَوْ لِحْيَتَهُ فَقَالَ كَانَ أَصْلَعَ ، أَوْ كَوْسَجًا لَمْ يَكُنْ فِي عَارِضِهِ شَعْرٌ فَأُجِّلَ سَنَةً فَلَمْ يَنْبُتْ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ بِقَدْرِ مَا زَعَمَ الْحَالِقُ أَنَّهُ كَانَ فِي رَأْسِهِ ، أَوْ فِي لِحْيَتِهِ مِنْ الشَّعْرِ ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَاجِبَيْنِ وَالْأَشْفَارِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ .
وَلَوْ مَاتَ الْمَحْلُوقُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَمْ يَنْبُتْ الشَّعْرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
لَوْ نَتَفَ بَعْضَ لِحْيَةِ رَجُلٍ يُسْتَأْنَى حَوْلَانِ فَإِنْ الْتَأَمَتْ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ ، وَإِنْ لَمْ تَلْتَئِمْ فَقِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى مَا ذَهَبَ وَعَلَى مَا بَقِيَ فَيَجِبُ بِحِسَابِهِ مِنْ الْوَجِيزِ .
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْأَصْلُ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّهُ إذَا فَوَّتَ جِنْسَ مَنْفَعَةٍ عَلَى الْكَمَالِ ، أَوْ أَزَالَ جَمَالًا مَقْصُودًا فِي الْآدَمِيِّ عَلَى الْكَمَالِ يَجِبُ كُلُّ الدِّيَةِ لِإِتْلَافِهِ النَّفْسَ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْإِتْلَافِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَعْظِيمًا لِلْآدَمِيِّ فَلَوْ ضَرَبَ إنْسَانًا فَذَهَبَ ذَوْقُهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ .
وَلَوْ ضَرَبَ عُضْوًا فَذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَالْيَدِ إذَا شُلَّتْ وَالْعَيْنِ إذَا ذَهَبَ ضَوْءُهَا .
وَلَوْ ضَرَبَ صُلْبَ غَيْرِهِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهُ ، أَوْ احْدَوْدَبَ يَجِبُ الدِّيَةُ وَهَذِهِ مَرَّتْ ، وَلَوْ زَالَتْ الحدوبة لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَفِي عَيْنِ الصَّبِيِّ وَلِسَانِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ صِحَّتَهُ حُكُومَةُ عَدْلٍ ، وَكَذَا لَوْ اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ صَوْتٍ ، وَمَعْرِفَةُ الصِّحَّةِ فِيهِ بِالْكَلَامِ ، وَفِي الْعَيْنِ بِمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى النَّظَرِ ، وَفِي الذَّكَرِ بِالْحَرَكَةِ ا هـ قُلْتُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ يَجِبُ الدِّيَةُ بِالِاسْتِهْلَالِ ، وَفِي قَلْعِ سِنٍّ سَوْدَاءَ حُكُومَةُ عَدْلٍ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْ الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى فَشُلَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَصَابِعِ وَالْيَدِ كُلِّهَا يَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى ، وَفِيمَا بَقِيَ حُكُومَةُ عَدْلٍ ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَسَرَ سِنَّ رَجُلٍ فَاسْوَدَّ مَا بَقِيَ وَلَمْ يَحْكِ مُحَمَّدٌ خِلَافًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الدِّيَةُ فِي السِّنِّ كُلِّهِ .
وَلَوْ شَجَّ رَجُلًا فَالْتَحَمَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ وَنَبَتَ الشَّعْرُ سَقَطَ الْأَرْشُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ أَرْشُ الْأَلَمِ وَهُوَ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الدَّوَاءِ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَشُلَّتْ أُخْرَى يَجِبُ عَلَيْهِ أَرْشُ الْأُصْبُعَيْنِ فِي مَالِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُقْتَصُّ لِلْأُولَى وَيَغْرَمُ دِيَةَ الْأُخْرَى .
وَلَوْ ضَرَبَ الْأُذُنَ فَيَبِسَتْ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ مِنْ الْوَجِيزِ ، وَإِنْ قَطَعَ ثَدْيِ الرَّجُلِ ، أَوْ حَلَمَتَهُ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ هَذِهِ فِي أَحْكَامِ الْأُنْثَى مِنْ الْأَشْبَاهِ .
قَمَطَ رَجُلًا وَطَرَحَهُ فَقَتَلَهُ سَبُعٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ .
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ ، وَلَوْ قَمَطَ صَبِيًّا وَأَلْقَاهُ فِي الشَّمْسِ ، أَوْ فِي يَوْمٍ بَارِدٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ .
إذَا شَقَّ رَجُلٌ بَطْنَ رَجُلٍ وَأَخْرَجَ أَمْعَاءَهُ ثُمَّ ضَرَبَ رَجُلٌ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ عَمْدًا فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي ضَرَبَ الْعُنُقَ وَيُقْتَصُّ إنْ كَانَ عَمْدًا ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً تَجِبُ الدِّيَةُ وَعَلَى الَّذِي شَقَّ ثُلُثُ الدِّيَةِ ، وَإِنْ كَانَ الشَّقُّ نَفَذَ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَثُلُثَا الدِّيَةِ هَذَا إذَا كَانَ يَعِيشُ بَعْدَ شَقِّ الْبَطْنِ يَوْمًا ، أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعِيشُ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ الْحَيَاةُ مَعَهُ وَلَا يَبْقَى مَعَهُ إلَّا اضْطِرَابُ الْمَوْتِ فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي شَقَّ الْبَطْنَ وَيُقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَاَلَّذِي ضَرَبَ الْعُنُقَ يُعَزَّرُ ، وَكَذَا لَوْ جَرَحَ رَجُلًا جِرَاحَةً مُثْخِنَةً لَا يُتَوَهَّمُ الْعَيْشُ مَعَهَا وَجَرَحَهُ آخَرُ جِرَاحَةً أُخْرَى فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي جَرَحَ الْجِرَاحَةَ الْمُثْخِنَةَ هَذَا إذَا كَانَ الْجِرَاحَتَانِ عَلَى التَّعَاقُبِ فَإِنْ كَانَتَا مَعًا فَكِلَاهُمَا قَاتِلَانِ ، وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ رَجُلٌ عَشْرَ جِرَاحَاتٍ وَالْآخَرُ جَرَحَهُ وَاحِدَةً فَكِلَاهُمَا قَاتِلَانِ ؛ لِأَنَّ الْمَرْءَ قَدْ يَمُوتُ بِجُرْحَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَسْلَمُ مِنْ الْكَثِيرِ .
رَجُلٌ قَتَلَ آخَرَ وَهُوَ فِي النَّزْعِ قُتِلَ ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ .
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ : بِعْتُك دَمِي بِأَلْفٍ ، أَوْ بِأَفْلُسٍ فَقَتَلَهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ .
وَفِي التَّجْرِيدِ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُهُمَا ، وَفِي رِوَايَةٍ تَجِبُ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَكَذَا فِي جَمِيعِ الْأَطْرَافِ ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ اقْطَعْ يَدِي عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي هَذَا الثَّوْبَ وَهَذِهِ الدَّارَ فَفَعَلَ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَبَطَلَ الصُّلْحُ ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ : اجْنِ عَلَيَّ فَرَمَاهُ بِحَجَرٍ فَجَرَحَهُ جُرْحًا لَا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ فَهَذَا قَاتِلٌ وَلَا يُسَمَّى جَانِيًا وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ .
وَلَوْ جَرَحَهُ بِالْحَجَرِ جُرْحًا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ لَا يُسَمَّى قَاتِلًا ، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي ، وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ صَارَتْ وَاقِعَةً وَهِيَ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ : ارْمِ إلَيَّ اقْبِضْهُ وَاكْسِرْهُ فَرَمَاهُ فَأَصَابَ عَيْنَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا لَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَفِي الْقُنْيَةِ لَا شَكَّ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ إنَّمَا الْكَلَامُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إذَا تَضَارَبَا بِوَكْزٍ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ مَشَتْ زِدْنَ فَذَهَبَ عَيْنُ أَحَدِهِمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ إذَا أَمْكَنَ ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ ، وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ ده ده ا هـ .
قَمَطَ صَبِيًّا فَأَلْقَاهُ فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتَ ضَمِنَ .
أَوْقَعَ إنْسَانًا فِي الْبَحْرِ فَسَبَحَ سَاعَةً ثُمَّ غَرِقَ لَا يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .
رَجُلٌ ضَرَبَ سِنَّ رَجُلٍ فَاسْوَدَّ فَجَاءَهُ آخَرُ وَنَزَعَهَا كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ أَرْشٌ تَامٌّ خَمْسُمِائَةٍ وَعَلَى الثَّانِي حُكُومَةُ عَدْلٍ ، وَفِي الْعَيْنِ الْحَوْلَاءِ الشَّدِيدَةِ الْحَوَلِ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِبَصَرِهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ .
وَلَوْ سَقَى إنْسَانًا سُمًّا فَمَاتَ فَلَوْ ، أَوْجَرَهُ إيجَارًا تَجِبُ الدِّيَةُ ، وَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ فِي شَرْبَتِهِ وَمَاتَ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ بَلْ يُحْبَسُ وَيُعَزَّرُ .
رَجُلٌ رَأَى رَجُلًا يَزْنِي بِامْرَأَتِهِ ، أَوْ بِامْرَأَةِ آخَرَ وَهُوَ مُحْصَنٌ فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يَهْرُبْ فَقَتَلَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَ قَاطِعَ الطَّرِيقِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ مُرْتَدًّا ، أَوْ مُرْتَدَّةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَالْإِحْصَانِ فَحُبِسَ لِيُرْجَمَ غَدًا فَقَتَلَهُ رَجُلٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى الصَّبِيِّ سِكِّينًا فَضَرَبَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ ، أَوْ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَضْمَنْ الدَّافِعُ شَيْئًا ، وَفِي جِنَايَاتِ الْحَسَنِ إنْ قَتَلَ الصَّبِيُّ غَيْرَهُ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ دِيَةُ الْمَقْتُولِ ثُمَّ تُرْجَعُ عَلَى عَاقِلَةِ الدَّافِعِ بِالدِّيَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى : رَجُلٌ أَعْطَى صَبِيًّا عَصًا أَوْ شَيْئًا مِنْ السِّلَاحِ ، وَقَالَ : امْسِكْهُ لِي فَعَطِبَ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ فَدِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الدَّافِعِ .
وَلَوْ دَفَعَ السِّلَاحَ إلَى الصَّبِيِّ وَلَمْ يَقُلْ أَمْسِكْهُ لِي فَعَطِبَ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ .
رَجُلٌ جَذَبَ وَلَدًا صَغِيرًا مِنْ يَدِ وَالِدِهِ وَالْأَبُ يُمْسِكُهُ حَتَّى مَاتَ الصَّغِيرُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : دِيَةُ الصَّغِيرِ عَلَى الْجَاذِبِ وَيَرِثُهُ وَالِدُهُ ، وَإِنْ جَذَبَاهُ حَتَّى مَاتَ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا وَلَا يَرِثُهُ .
وَلَوْ أَزَالَ عُذْرَةَ أَجْنَبِيَّةٍ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ كَانَ عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا صَغِيرَةً كَانَتْ ، أَوْ كَبِيرَةً ، وَلَوْ أَنَّ بِكْرًا دَفَعَتْ بِكْرًا أُخْرَى فَزَالَتْ عُذْرَتُهَا قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى الدَّافِعَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ : بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي جَارِيَتَيْنِ تَدَافَعَتَا فَزَالَتْ عُذْرَةُ إحْدَاهُمَا تَضْمَنُ الْأُخْرَى مَهْرَ مِثْلِهَا .
وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَأَرْسَلَ فِيهَا رَجُلًا فَغَرِقَ فِي الْمَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ عُمْقُ الْبِئْرِ أَطْوَلَ مِنْ الرَّجُلِ ضَمِنَ الْحَافِرُ ، وَإِنْ كَانَ إلَى صَدْرِ الرَّجُلِ لَمْ يَضْمَنْ مِمَّا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ الْوَجِيزِ .
وَلَوْ أَدْخَلَ إنْسَانًا بَيْتًا وَسَدَّ عَلَيْهِ الْبَابَ حَتَّى مَاتَ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ الدِّيَةُ .
وَلَوْ دَفَنَهُ حَيًّا فِي قَبْرٍ فَمَاتَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْوَجِيزِ ، وَفِي قَاضِي خَانْ رَجُلٌ حَبَسَ رَجُلًا وَطَيَّنَ عَلَيْهِ الْبَابَ حَتَّى مَاتَ جُوعًا قَالَ مُحَمَّدٌ يُعَاقَبُ الرَّجُلُ وَيَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ انْتَهَى .
وَضَعَ سِكِّينًا فِي يَدِ صَبِيٍّ فَقَتَلَ بِهِ نَفْسَهُ لَمْ يَضْمَنْ ، وَلَوْ عَثَرَ بِهِ فَمَاتَ ضَمِنَ .
صَبِيٌّ قَائِمٌ عَلَى سَطْحٍ فَصَاحَ بِهِ رَجُلٌ فَفَزِعَ الصَّبِيُّ فَوَقَعَ وَمَاتَ ضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّائِحِ دِيَتَهُ ، وَكَذَا صَبِيٌّ فِي الطَّرِيقِ فَمَرَّتْ بِهِ دَابَّةٌ فَصَاحَ بِهَا رَجُلٌ فَوَطِئَتْهُ الدَّابَّةُ فَمَاتَ ضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّائِحِ دِيَتَهُ .
وَلَوْ أَدْخَلَ نَائِمًا ، أَوْ صَبِيًّا ، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ فَسَقَطَ فِي الْبَيْتِ قَالَ مُحَمَّدٌ ضَمِنَ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالصَّبِيِّ لَا فِي النَّائِمِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ بَيَانِ أَنَّ النَّائِمَ كَانَ كَالْمُسْتَيْقِظِ مِنْ رَفْعِ النَّائِمِ وَوَضْعِهِ تَحْتَ جِدَارٍ فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْجِدَارُ فَمَاتَ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ .
ضَرَبَ غَيْرَهُ فَسَقَطَ مَيِّتًا ضَمِنَ مَالَهُ وَثِيَابَهُ إذَا ضَاعَتْ .
ضَرَبَ غَيْرَهُ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْبَرَاحُ فَأُخِذَ ثَوْبُهُ لَا يَضْمَنُ الضَّارِبُ كَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ .
سَقَى رَجُلًا سُمًّا حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ فِي شَرْبَتِهِ حَتَّى شَرِبَهُ فَمَاتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَرِثُ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ طَيِّبٌ فَأَكَلَهُ فَإِذَا هُوَ مَسْمُومٌ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
صِبْيَانٌ اجْتَمَعُوا يَلْعَبُونَ فِي مَوْضِعٍ وَيَرْمُونَ فَأَصَابَ سَهْمُ أَحَدِهِمْ عَيْنَ امْرَأَةٍ وَذَهَبَتْ وَالصَّبِيُّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ أَرْشُ عَيْنِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنَّمَا ، أَوْجَبَ الدِّيَةَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى لِلْعَجَمِ عَاقِلَةً ثُمَّ إنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ إذَا ثَبَتَ رَمْيُهُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ لَا بِإِقْرَارِ الصَّبِيِّ بِوُجُودِ سَهْمٍ فِيهَا ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ بَاطِلٌ .
وَجِنَايَةُ الصَّبِيِّ الْمُقِرِّ وَالْمَجْنُونِ عَمْدًا ، أَوْ خَطَأً إذَا بَلَغَتْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ تَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ تَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي حَالًا مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَعَهُ جُرِحَ بِهِ رَمَقٌ حَمَلَهُ إنْسَانٌ إلَى أَهْلِهِ فَمَكَثَ يَوْمًا ، أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ مَاتَ لَا يَضْمَنُ الَّذِي حَمَلَهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَفِي قِيَاسِ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّ يَدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَلَّةِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
مَرَّ رَجُلٌ فِي مَحَلَّةٍ فَأَصَابَهُ سَهْمٌ ، أَوْ حَجَرٌ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ أَصَابَهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ نِصْفُهَا لِرَجُلٍ وَعُشْرُهَا لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ مَا بَقِيَ فَالدِّيَةُ عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ بِمَنْزِلَةِ الشُّفْعَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
لَوْ تَضَارَبَا بِالْوَكْزِ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ : مَشَتْ زِدْنَ فَذَهَبَتْ عَيْنُ أَحَدِهِمَا يُقَادُ لَوْ أَمْكَنَ ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ ، وَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ : ده ده ، وَكَذَا لَوْ بَارَزَا فِي خَانِقَاهُ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ ، أَوْ الْمُلَاعَبَةِ فَأَصَابَتْ الْخَشَبَةُ عَيْنَهُ فَذَهَبَتْ يُقَادُ لَوْ أَمْكَنَ .
إذَا دَخَلَ مُسْلِمَانِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا ، أَوْ خَطَأً فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ ، وَإِنْ كَانَا أَسِيرَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ، أَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ تَاجِرٌ أَسِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ إلَّا الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : فِي الْأَسِيرَيْنِ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ كَذَا فِي السِّيَرِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
أَرَادَ صَبِيًّا ، أَوْ امْرَأَةً فَقَتَلَاهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ لَوْ عَجَزَ عَنْ دَفْعِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
قَالَ : اُقْتُلْ ابْنِي وَهُوَ صَغِيرٌ فَقَتَلَ يَجِبُ الْقِصَاصُ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ تَجِبُ الدِّيَةُ .
وَفِي الْكِفَايَةِ جَعَلَ الْأَخَ كَالِابْنِ وَقَالَ الْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الْقِيَاسُ فِي الْكُلِّ ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ الدِّيَةُ .
وَلَوْ قَالَ : اُقْتُلْ أَبِي فَقَتَلَهُ تَجِبُ الدِّيَةُ .
وَلَوْ قَالَ : اقْطَعْ يَدَهُ فَقَطَعَ يَجِبُ الْقِصَاصُ ، وَلَوْ قَالَ : اُقْتُلْ عَبْدِي ، أَوْ اقْطَعْ يَدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاطِعِ يَدِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ ، وَلَوْ عَمْدًا ، وَلَوْ كَانَ الْقَاطِعُ امْرَأَةً وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ إذَا قَطَعَ يَدَ غَيْرِهِ عَمْدًا وَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُهَا ، وَإِذَا قَتَلَ خَطَأً وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى التَّبْيِينِ ، وَكَذَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْخُنْثَى .
إذَا خَرَجَ رَأْسُ الْمَوْلُودِ فَقَطَعَ إنْسَانٌ أُذُنَهُ وَلَمْ يَمُتْ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا ، وَإِنْ قَطَعَ رَأْسَهُ فَعَلَيْهِ الْغُرَّةُ هَذِهِ فِي فَنِّ الْأَلْغَازِ مِنْهُ .
قَالَ الْمَجْرُوحُ : لَمْ يَجْرَحْنِي فُلَانٌ صَحَّ إقْرَارُهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى فُلَانٍ سَبِيلٌ كَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُذْكَرُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
إذَا قَالَ الْمَجْرُوحُ : قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي حَقِّ فُلَانٍ وَلَا بَيِّنَةُ الْوَارِثِ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ قَتَلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ : جَرَحَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ فَبَرْهَنَ ابْنُهُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ جَرَحَهُ تُقْبَلُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ خُوَاهَرْ زاده الرُّومِيُّ قَائِلًا : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ فِي مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ وَلَمْ أَقِفْ فِي مَشَاهِيرِ شُرُوحِهَا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ وَشَرَحَهَا نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ ، وَفِيهَا نَقْلًا عَنْ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ صَرَفَهَا فَضَلَّ وَأَضَلَّ كَثِيرًا فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي الْمَسْأَلَةِ : فَأَقَامَ ابْنُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ابْنِ آخَرَ أَنَّهُ جَرَحَهُ خَطَأً تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى حِرْمَانِ الْوَلَدِ عَنْ الْإِرْثِ فَقُبِلَتْ ، فَلَمَّا أَجَزْنَا ذَلِكَ فِي الْمِيرَاثِ جَعَلْنَا الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ أَيْضًا فَمَدَارُ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْنًا آخَرَ لِلْجَرِيحِ يَدَّعِي حِرْمَانَهُ لَا عَلَى إيقَاعِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ جَرَحَنِي كَمَا تَوَهَّمَهُ ، وَلِذَلِكَ قَالُوا فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى هَذِهِ : لِأَنَّ هَذَا حَقُّ الْأَبِ ، وَقَدْ أَكْذَبَ الْأَبُ الْبَيِّنَةَ بِقَوْلِهِ : قَتَلَنِي فُلَانٌ كَذَا فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَغَيْرِهِ ، انْتَهَى .
أَقُولُ : وَالْحَقُّ عَلَى مَا ظَهَرَ لَنَا فِي يَدِ الرُّومِيِّ .
إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي مَحَلَّةٍ لَا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ اُسْتُحْلِفَ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْهُمْ يَخْتَارُهُمْ الْوَلِيُّ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا ، فَإِذَا حَلَفُوا قُضِيَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِالدِّيَةِ وَمَنْ أَبَى مِنْهُمْ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ بِخِلَافِ النُّكُولِ فِي الْأَمْوَالِ ، ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ ، أَوْ ادَّعَى عَلَى بَعْضِهِمْ لَا بِأَعْيَانِهِمْ ، أَوْ ادَّعَى عَلَى بَعْضِهِمْ بِأَعْيَانِهِمْ ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ سَقَطَ عَنْهُمْ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ وُجُوبَ الْقَسَامَةِ عَلَيْهِمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ مِنْهُمْ ، فَتَعْيِينُهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا يُنَافِي فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ أَنَّهُ مِنْهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ مِنْ غَيْرِهِمْ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي أَنَّ الْقَاتِلَ لَيْسَ مِنْهُمْ ، وَهُمْ إنَّمَا يَغْرَمُونَ إذَا قَالَ : الْقَاتِلُ مِنْهُمْ ، وَلِأَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ لَا يَغْرَمُونَ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ الْقَتِيلِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ إلَّا بِدَعْوَى الْوَلِيِّ ، فَإِذَا ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى غَيْرِهِمْ امْتَنَعَ دَعْوَاهُ عَلَيْهِمْ وَسَقَطَ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَلَا قَسَامَةَ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَتِيلٍ ؛ لِأَنَّهُ مَنْ فَاتَتْ حَيَاتُهُ بِسَبَبِ مُبَاشَرَةِ حَيٍّ وَهَذَا مَيِّتٌ حَتْفَ أَنْفِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِهِ أَثَرٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَوْنِهِ قَتِيلًا حَتَّى يَجِبَ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ بِهِ جِرَاحَةٌ ، أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ ، أَوْ خَنْقٍ ، وَكَذَا إذَا كَانَ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ عَيْنِهِ ، أَوْ أُذُنِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِفِعْلٍ مِنْ جِهَةِ الْحَيِّ عَادَةً بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ مِنْ فِيهِ ، أَوْ دُبُرِهِ ، أَوْ ذَكَرِهِ ؛ لِأَنَّ هَذَا الدَّمَ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْمُخَارِقِ عَادَةً بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّهِيدِ .
وَلَوْ وُجِدَ بَدَنُ الْقَتِيلِ ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الْبَدَنِ وَمَعَهُ الرَّأْسُ فِي مَحَلَّةٍ فَعَلَى أَهْلِهَا الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ ، وَإِنْ وُجِدَ
نِصْفُهُ مَشْقُوقًا بِالطُّولِ ، أَوْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ وَمَعَهُ الرَّأْسُ ، أَوْ وُجِدَ يَدُهُ ، أَوْ رِجْلُهُ ، أَوْ رَأْسُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ عَرَفْنَاهُ بِالنَّصِّ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ فِي الْبَدَنِ إلَّا أَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ تَعْظِيمًا لِلْآدَمِيِّ بِخِلَافِ الْأَقَلِّ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَدَنٍ وَلَا مُلْحَقٍ بِهِ فَلَا تُجْرَى فِيهِ الْقَسَامَةُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْمَوْجُودَ الْأَوَّلَ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وَجَدَ الْبَاقِيَ تُجْرَى فِيهِ الْقَسَامَةُ لَا تَجِبُ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وَجَدَ الْبَاقِيَ لَا تُجْرَى فِيهِ الْقَسَامَةُ تَجِبُ ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي هَذَا مُنْسَحِبَةٌ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَرَّرُ .
وَلَوْ وُجِدَ فِيهِمْ جَنِينٌ ، أَوْ سِقْطٌ لَيْسَ فِيهِ أَثَرُ الضَّرْبِ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ الْكَبِيرُ حَالًا وَإِنَّ بِهِ أَثَرَ الضَّرْبِ وَهُوَ تَامُّ الْخَلْقِ وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَامَّ الْخَلْقِ يَنْفَصِلُ حَيًّا ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ الْخَلْقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَصِلُ مَيِّتًا لَا حَيًّا ، وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ عَلَى دَابَّةٍ يَسُوقُهَا رَجُلٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دُونَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ فِي دَارِهِ ، وَكَذَا إذَا كَانَ رَاكِبَهَا ، أَوْ قَائِدَهَا فَإِنْ اجْتَمَعُوا فَعَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّ الْقَتِيلَ فِي أَيْدِيهِمْ فَصَارَ كَمَا إذَا وُجِدَ فِي دَارِهِمْ .
وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ وَعَلَيْهَا قَتِيلٌ فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَبْلُغُ أَهْلَهُ الصَّوْتُ وَإِلَّا لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا ، وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ إنْسَانٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا يَدْخُلُ السُّكَّانُ فِي الْقَسَامَةِ مَعَ الْمُلَّاكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : هِيَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا ، ثُمَّ إنَّ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْخِطَّةِ
دُونَ الْمُشْتَرِينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْكُلُّ مُشْتَرِكُونَ ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَجِبُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْخِطَّةِ فَكَذَلِكَ يُغْنِي عَنْ أَهْلِ الْخِطَّةِ ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِأَنْ بَاعُوا كُلُّهُمْ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِينَ بِالِاتِّفَاقِ .
وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا قَسَامَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّارِ أَخَصُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهَا كَأَهْلِ الْمَحَلَّةِ لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهَا عَوَاقِلُهُمْ ، وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ نِصْفُهَا لِرَجُلٍ وَعُشْرُهَا لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ مَا بَقِيَ فَهُوَ عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْقَلِيلِ يُزَاحِمُ صَاحِبَ الْكَثِيرِ فِي التَّدْبِيرِ فَكَانُوا سَوَاءً فِي الْحِفْظِ وَالتَّقْصِيرِ .
وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى وَجَدَ فِيهَا قَتِيلًا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الْبَائِعِ وَإِنَّ فِي الْبَيْعِ خِيَارًا لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي فِي يَدِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَا : إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِيَارٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي تَصِيرُ لَهُ ، وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي سَفِينَةٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ فِيهَا مِنْ الرُّكَّابِ وَالْمَلَّاحِينَ ؛ لِأَنَّهَا فِي أَيْدِيهِمْ وَاللَّفْظُ يَشْمَلُ أَرْبَابَهَا حَتَّى تَجِبَ عَلَى الْأَرْبَابِ الَّذِينَ فِيهَا وَعَلَى السُّكَّانِ ، وَكَذَا عَلَى مَنْ يَمُدُّهَا ، الْمَالِكُ وَغَيْرُ الْمَالِكِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ، وَكَذَلِكَ الْعَجَلَةُ ؛ لِأَنَّ السَّفِينَةَ تُنْقَلُ وَتُحَوَّلُ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَدُ دُونَ الْمِلْكِ كَمَا فِي الدَّابَّةِ بِخِلَافِ الْمَحَلَّةِ وَالدَّارِ .
وَإِنْ وُجِدَ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِهَا ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِيهِ إلَيْهِمْ ، وَإِنْ وُجِدَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ ، أَوْ الشَّارِعِ الْأَعْظَمِ فَلَا قَسَامَةَ وَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ، وَكَذَلِكَ الْجُسُورُ الْعَامَّةُ .
وَلَوْ وُجِدَ فِي السُّوقِ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ عَلَى السُّكَّانِ وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْمَالِكِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا كَالشَّوَارِعِ الْعَامَّةِ الَّتِي بُنِيَتْ فِيهَا فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ .
وَلَوْ وُجِدَ فِي السِّجْنِ فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ : الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ السِّجْنِ ، وَإِنْ وُجِدَ فِي بَرِّيَّةٍ لَيْسَ بِقُرْبِهَا عِمَارَةٌ فَهُوَ هَدَرٌ وَتَفْسِيرُ الْقُرْبِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ اسْتِمَاعِ الصَّوْتِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ .
وَإِنْ وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ كَانَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ ، وَإِنْ وُجِدَ فِي وَسَطِ الْفُرَاتِ يَمُرُّ بِهِ الْمَاءُ فَهُوَ هَدَرٌ ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَبِسًا بِالشَّاطِئِ فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ
الْقُرَى مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي تَقَدَّمَ .
وَإِذَا الْتَقَى قَوْمٌ بِالسُّيُوفِ فَأَجْلَوْا عَنْ قَتِيلٍ فَهُوَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ ؛ لِأَنَّ الْقَتِيلَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَالْحِفْظُ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى أُولَئِكَ ، أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَكُنْ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ شَيْءٌ وَلَا عَلَى أُولَئِكَ حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ ؛ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَا يَثْبُتُ الْحَقُّ إنَّمَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَقُّ عَنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ .
وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مُعَسْكَرٍ أَقَامُوا بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ فِيهَا فَإِنْ وُجِدَ فِي خِبَاءٍ ، أَوْ فُسْطَاطٍ فَعَلَى مَنْ يَسْكُنُهَا الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ ، وَإِنْ كَانَ خَارِجًا مِنْ الْفُسْطَاطِ فَعَلَى أَقْرَبِ الْأَخْبِيَةِ اعْتِبَارًا لِلْيَدِ عِنْدَ انْعِدَامِ الْمِلْكِ .
وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ لَقُوا قِتَالًا وَوُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعَدُوَّ قَتَلَهُ فَكَانَ هَدَرًا ، وَإِنْ لَمْ يَلْقَوْا عَدُوًّا فَعَلَى مَا بَيَّنَّاهُ ، وَإِنْ كَانَ لِلْأَرْضِ مَالِكٌ فَالْعَسْكَرُ كَالسُّكَّانِ فَيَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ .
وَمَنْ جُرِحَ فِي قَبِيلَةٍ فَنُقِلَ إلَى أَهْلِهِ فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ فَإِنْ كَانَ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْقَبِيلَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ ؛ لِأَنَّ الَّذِي حَصَلَ فِي الْقَبِيلَةِ وَالْمَحَلَّةِ مَا دُونَ النَّفْسِ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ وَصَارَ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ فِرَاشٍ .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَعَهُ جُرِحَ بِهِ رَمَقٌ حَمَلَهُ إنْسَانٌ إلَى أَهْلِهِ فَمَكَثَ يَوْمًا ، أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَضْمَنْ الَّذِي حَمَلَهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّ يَدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَلَّةِ ، وَلَوْ وَجَدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي دَارِ نَفْسِهِ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِوَرَثَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَا وَزُفَرَ لَا شَيْءَ فِيهِ كَالْمُكَاتَبِ إذَا وَجَدَ قَتِيلًا فِي دَارِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ هَدَرٌ بِالِاتِّفَاقِ .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ كَانَا فِي بَيْتٍ وَلَيْسَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ فَوُجِدَ أَحَدُهُمَا مَذْبُوحًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَضْمَنُ الْآخَرُ الدِّيَةَ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَضْمَنُ .
وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَةٍ لِامْرَأَةٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمُحَمَّدٍ الْقَسَامَةُ عَلَيْهَا تُكَرَّرُ عَلَيْهَا الْأَيْمَانُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْقَسَامَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَيْضًا ، وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ إنَّ الْمَرْأَةَ تَدْخُلُ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِي التَّحَمُّلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؛ لِأَنَّا أَنْزَلْنَاهَا قَاتِلَةً وَالْقَاتِلَةُ تُشَارِكُ الْعَاقِلَةَ .
وَلَوْ وُجِدَ رَجُلٌ قَتِيلًا فِي أَرْضِ رَجُلٍ إلَى جَانِبِ قَرْيَةٍ لَيْسَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ هُوَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِنُصْرَةِ أَرْضِهِ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
( الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ فَيَهْلَكُ بِهِ إنْسَانٌ ، أَوْ دَابَّةٌ ، وَفِيهِ مَسَائِلُ الْآبَارِ وَالْأَنْهَارِ ) رَجُلٌ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ حَجَرًا ، أَوْ جِذْعًا ، أَوْ بَنَى فِيهِ بِنَاءً ، أَوْ أَخْرَجَ مِنْ حَائِطِهِ جِذْعًا ، أَوْ صَخْرَةً شَاخِصَةً ، أَوْ أَشْرَعَ كَنِيفًا ، أَوْ جَنَاحًا ، أَوْ مِيزَابًا ، أَوْ ظُلَّةً فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ كَانَ ضَامِنًا فَإِنْ عَثَرَ بِمَا أَحْدَثَهُ فِي الطَّرِيقِ رَجُلٌ فَوَقَعَ عَلَى آخَرَ فَمَاتَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي أَحْدَثَهُ فِي الطَّرِيقِ وَصَارَ كَأَنَّهُ دَفَعَ الَّذِي عَثَرَ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَدْفُوعٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَالْمَدْفُوعُ كَالْآلَةِ .
وَلَوْ نَحَّى رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ مَوْضِعِهِ فَعَطِبَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي نَحَّاهُ وَيَخْرُجُ الْأَوَّلُ مِنْ الضَّمَانِ ، وَإِنْ سَقَطَ الْمِيزَابُ عَلَى أَحَدٍ فَقِيلَ : يُنْظَرُ إنْ أَصَابَهُ الطَّرَفُ الَّذِي فِي الْحَائِطِ لَا ضَمَانَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَ ذَلِكَ الطَّرَفَ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا ، وَإِنْ أَصَابَهُ الطَّرَفُ الْخَارِجُ مِنْ الْحَائِطِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْمِيزَابِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِيهِ حَيْثُ شَغَلَ بِهِ هَذَا الطَّرِيقَ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمَا أَصَابَهُ فَفِي الْقِيَاسِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي الضَّمَانِ ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَضْمَنُ النِّصْفَ مِنْ قَاضِي خَانْ ، وَكَذَا لَوْ أَصَابَهُ الطَّرَفَانِ جَمِيعًا وَجَبَ النِّصْفُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ سَقَطَ الْجَنَاحُ ، أَوْ الْكَنِيفُ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا ثُمَّ عَثَرَ رَجُلٌ بِنَقْضِ الْجَنَاحِ وَرَجُلٌ بِالْقَتِيلِ فَعَطِبَا كَانَ ضَمَانُ الْكُلِّ عَلَى صَاحِبِ الْجَنَاحِ وَالْكَنِيفِ هَذِهِ فِي آخِرِ فَصْلِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ إخْرَاجُ الْجَنَاحِ والجرصن وَالْمِيزَابِ إنْ كَانَ يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ لَا يَسَعُهُ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ يَسَعُهُ أَنْ يَفْعَلَ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا عَطِبَ بِهِ سَوَاءٌ أَضَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ ، أَوْ لَمْ يَضُرَّ ، وَلَوْ فَعَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ ، انْتَهَى .
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ غَيْرَ نَافِذٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ أَنْ يَضَعَ فِيهِ خَشَبَهُ وَيَرْبِطَ فِيهِ الدَّابَّةَ وَيَتَوَضَّأَ فِيهِ ، وَإِنْ عَطِبَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ .
وَكَذَا لَوْ أَلْقَى فِيهِ طِينًا ، أَوْ تُرَابًا لَا يَضْمَنُ فَإِنْ بَنَى فِيهِ بَيْتًا ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ كَانَ ضَامِنًا وَلِكُلٍّ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ الِانْتِفَاعُ بِفِنَاءِ دَارِهِ مِنْ إلْقَاءِ الطِّينِ وَالْحَطَبِ وَرَبْطِ الدَّابَّةِ وَبِنَاءِ الدُّكَّانِ وَالتَّنُّورِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ خُوَاهَرْ زَادَهْ إذَا أَحْدَثَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ يُنْظَرُ إنْ أَحْدَثَ مَا لَا يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ وَجَبَ الضَّمَانُ وَيَسْقُطُ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ حِصَّةِ نَفْسِهِ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شُرَكَائِهِ ، وَإِنْ أَحْدَثَ مَا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى كَوَضْعِ الْمَتَاعِ وَرَبْطِ الدَّابَّةِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ .
لَوْ كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَفَعَلَ أَحَدُهُمَا فِيهَا مَا كَانَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى كَوَضْعِ الْمَتَاعِ وَرَبْطِ الدَّابَّةِ جَازَ كَمَا لَوْ سَكَنَ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ وَضَعَ خَشَبَةً فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ ، أَوْ رَشَّ الْمَاءَ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ .
وَفِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا ، وَفِي بَابِ النُّونِ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا رَشَّ كُلَّ الطَّرِيقِ ، وَفِي بَابِ السِّينِ إنْ لَمْ يَرَهُ يَضْمَنُ ، وَإِنْ رَآهُ لَا يَضْمَنُ قَالَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى انْتَهَى .
وَلَوْ كَنَسَ الطَّرِيقَ فَعَطِبَ بِمَوْضِعِ كَنْسِهِ إنْسَانٌ ، أَوْ دَابَّةٌ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِي الطَّرِيقِ شَيْئًا وَإِنَّمَا كَنَسَ الطَّرِيقَ كَيْ لَا يَتَضَرَّرَ الْمَارَّةُ بِالْغُبَارِ .
وَلَوْ جَمَعَ الْكُنَاسَةَ فِي الطَّرِيقِ فَقُتِلَ بِهِ إنْسَانٌ ضَمِنَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ خَشَبَةً ثُمَّ بَاعَ الْخَشَبَةَ مِنْ رَجُلٍ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْهَا فَتَرَكَهَا الْمُشْتَرِي فِي مَكَانِهَا حَتَّى عَطِبَ بِهَا إنْسَانٌ ، أَوْ دَابَّةٌ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ الَّذِي وَضَعَ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي الْوَضْعِ ، وَخُرُوجُ الْخَشَبَةِ مِنْ مِلْكِهِ لَا يَكُونُ فَوْقَ عَدَمِ الْمِلْكِ فِي الْخَشَبَةِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الضَّمَانِ فَإِنْ أَلْقَى خَشَبَةً لِغَيْرِهِ فِي الطَّرِيقِ فَعَطِبَ بِهَا إنْسَانٌ كَانَ ضَامِنًا ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ لَوْ أَشْرَعَ جَنَاحًا مِنْ دَارِهِ إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ فَأَصَابَ الْجَنَاحُ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ يَضْمَنُ بَائِعُ الدَّارِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْهِدَايَةِ لَوْ تَعَمَّدَ الرَّجُلُ الْمُرُورَ عَلَى الْخَشَبَةِ فَعَطِبَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي وَضَعَهَا وَقِيلَ هَذَا إذَا أَخَذَتْ بَعْضَ الطَّرِيقِ ، وَإِذَا أَخَذَتْ جَمِيعَ الطَّرِيقِ ضَمِنَ ؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ فِي الْمُرُورِ انْتَهَى .
رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِيَشْرَعَ لَهُ جَنَاحًا فِي فِنَاءِ دَارِهِ ، أَوْ حَانُوتِهِ فَفَعَلَ وَهَلَكَ بِالْجَنَاحِ شَيْءٌ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَخْبَرَ الْأَجِيرَ أَنَّ لَهُ حَقَّ إشْرَاعِ الْجَنَاحِ يَضْمَنُ الْأَجِيرُ سَوَاءٌ سَقَطَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ ، أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَوَّلَ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْإِشْرَاعِ فِي الْقَدِيمِ ، أَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْأَجِيرَ عَلِمَ بِذَلِكَ إنْ سَقَطَ الْجَنَاحُ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَجِيرِ مِنْ الْبِنَاءِ يَضْمَنُ الْأَجِيرُ بِمَا عَطِبَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا ، وَإِنْ سَقَطَ الْجَنَاحُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْبِنَاءِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ لِمَا عَطِبَ بِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ اسْتِحْسَانًا ، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَرْجِعُ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْهِدَايَةِ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ فَعَلَةً لِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ ، أَوْ الظُّلَّةِ فَوَقَعَ فَقَتَلَ إنْسَانًا قَبْلَ أَنْ يَفْرُغُوا مِنْ الْعَمَلِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ سَقَطَ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ فَالضَّمَانُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ .
وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ لَهُ فِي فِنَاءِ دُكَّانِهِ فَقُتِلَ بِهِ إنْسَانٌ بَعْدَ فَرَاغِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا ، وَلَوْ أَمَرَ بِالْبِنَاءِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ لِفَسَادِ الْأَمْرِ وَإِلْقَاءِ التُّرَابِ وَاِتِّخَاذِ الطِّينِ فِي الطَّرِيقِ بِمَنْزِلَةِ إلْقَاءِ الْحَجَرِ وَالْخَشَبَةِ انْتَهَى .
أَمَرَ أَجِيرًا أَنْ يَحْفِرَ لَهُ فِي الطَّرِيقِ بِئْرًا وَأَعْلَمَهُ بِأَنَّهُ طَرِيقُ الْعَامَّةِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ضَمِنَ الْآمِرُ انْتَهَى .
لَوْ وَضَعَ قَنْطَرَةً عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لِأَقْوَامٍ مَخْصُوصِينَ فَمَشَى عَلَيْهَا إنْسَانٌ فَانْخَسَفَتْ بِهِ وَانْفَعَلَ بِهَا وَمَاتَ إنْ تَعَمَّدَ الْمُرُورَ عَلَيْهَا لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَارُّ بِهِ ضَمِنَ كَمَا لَوْ وَضَعَ الْخَشَبَةَ فِي الطَّرِيقِ فَمَرَّتْ بِهَا دَابَّةٌ لَا بِسَوْقِ أَحَدٍ فَعَطِبَتْ كَانَ ضَامِنًا قَالُوا إنْ كَانَتْ الْخَشَبَةُ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا يُوطَأُ عَلَى مِثْلِهَا لَا يَضْمَنُ وَاضِعُهَا ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْخَشَبَةِ بِمَنْزِلَةِ الزَّلَقِ ، أَوْ التَّعَلُّقِ بِالْحَجَرِ الْمَوْضُوعِ فِي الطَّرِيقِ عَمْدًا وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ ، وَإِنْ كَانَتْ الْخَشَبَةُ كَبِيرَةً وَيُوطَأُ عَلَى مِثْلِهَا يَضْمَنُ وَاضِعُهَا هَذَا إذَا كَانَ النَّهْرُ خَاصًّا لِأَقْوَامٍ مَخْصُوصِينَ ، وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَكُونُ ضَامِنًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا .
وَلَوْ مَرَّ فِي الطَّرِيقِ وَهُوَ يَحْمِلُ حِمْلًا فَوَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَأَتْلَفَهُ كَانَ ضَامِنًا .
وَلَوْ عَثَرَ إنْسَانٌ بِالْحِمْلِ الْوَاقِعِ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَضَعَ الْحِمْلَ فِي الطَّرِيقِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الْمَفَازَةِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ بِمَمَرٍّ وَلَا طَرِيقٍ لِإِنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَعَدَ إنْسَانٌ فِي الْمَفَازَةِ ، أَوْ نَصَبَ خَيْمَةً فَعَثَرَ بِهَا رَجُلٌ لَا يَضْمَنُ الْقَاعِدُ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ .
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ ، وَإِنْ تَلِفَتْ بَهِيمَةٌ فَضَمَانُهَا فِي مَالِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ .
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي الْبَالُوعَةِ يَحْفِرُهَا الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ أَمَرَهُ سُلْطَانٌ بِذَلِكَ ، أَوْ أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ ، وَكَذَا الْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فِي جَمِيعِ مَا فَعَلَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَغَيْرِهِ ، وَكَذَلِكَ إنْ حَفَرَ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ ، وَكَذَلِكَ إذَا حَفَرَ فِي فِنَاءِ دَارِهِ وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ الْفِنَاءُ مَمْلُوكًا لَهُ ، أَوْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَفْرِ فِيهِ ، أَمَّا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ مُشْتَرَكًا بِأَنْ كَانَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَهَذَا صَحِيحٌ انْتَهَى .
وَفِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ فِي فَصْلِ مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ أَنَّ الضَّمَانَ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الْإِمَامُ انْتَهَى .
إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ تَعَدِّيًا بِمَا تَلِفَ بِإِلْقَاءِ غَيْرِهِ هَذِهِ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ ، مِنْ الْأَشْبَاهِ .
وَإِذَا حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا ثُمَّ مَاتَ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ .
وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَوَقَعَ إنْسَانٌ فِيهَا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى هَاتَانِ فِي الْفَرَائِضِ مِنْهُ .
جَعَلَ قَنْطَرَةً عَلَى نَهْرٍ عَامٍّ بِإِذْنِ رَجُلٍ مِنْ عُرْضِ النَّاسِ دُونَ إذْنِ الْإِمَامِ فَهَلَكَ بِهَا دَابَّةٌ ، الْآذِنُ يَضْمَنُ الْبَانِيَ وَلَا يَعْمَلُ إذْنُهُ فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ .
احْتَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ مَكَّةَ ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْفَيَافِي فِي غَيْرِ مَمَرِّ النَّاسِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ وَذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِغَيْرِ مَمَرِّ النَّاسِ فَقَالَ إذَا احْتَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ مَكَّةَ ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْفَيَافِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَمْصَارِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَ هُنَاكَ فُسْطَاطًا ، أَوْ اتَّخَذَ تَنُّورًا لِلْخُبْزِ ، أَوْ رَبَطَ الدَّابَّةَ لَمْ يَضْمَنْ مَا أَصَابَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : وَتَعْلِيلُ الْقَاضِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الطَّرِيقَ الَّتِي فِي الْفَيَافِي لَهَا حُكْمُ الْفَيَافِي ؛ لِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يَمُرُّوا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَمَا يَمُرُّونَ فِيهَا فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْمُرُورُ بِخِلَافِ طُرُقِ الْأَمْصَارِ ، وَفِيمَا بَيْنَ الْأَرْضِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ لَهُ إلَّا بِالْمُرُورِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَافِرَ الْبِئْرِ فِي طَرِيقِ الْمَفَازَةِ وَغَيْرِهَا لَا يَضْمَنُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : التَّقْيِيدُ فِي غَيْرِ الْمَمَرِّ صَحِيحٌ فَإِنَّهُ نَصُّ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ فَقَالَ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ الْمَحَجَّةِ فَأَمَّا إذَا احْتَفَرَ فِي مَحَجَّةِ الطَّرِيقِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا يَقَعُ فِيهِ وَهَكَذَا فَصْلُ الْجَوَابِ فِي الْمُحِيطِ فِي نَصْبِ الْفُسْطَاطِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ ، أَوْ فِي طَرِيقٍ آخَرَ وَالْحَفْرُ لِلْمَاءِ وَلِلسَّيْلِ سَوَاءٌ .
لَوْ وَضَعَ الْبَائِعُ خَابِيَةً مِنْ السقراط عَلَى الشَّارِعِ وَرَجَعَ الفاواذق بِالْعَجَلَةِ إلَى السِّكَّةِ فَانْكَسَرَتْ تِلْكَ الْخَابِيَةُ وَكَانَتْ فِي غَيْرِ جَانِبِهِ وَمَا رَآهَا يَضْمَنُ .
وَلَوْ وَضَعَ خَابِيَةً عَلَى بَابِ دُكَّانٍ فَجَاءَ رَجُلٌ بِوَقْرِ حِمَارٍ شَوْكٍ فَصَدَمَهَا بَغْتَةً وَهُوَ يَقُولُ : كوست كوست يَعْنِي إلَيْك إلَيْك فَكَسَرَهَا يَضْمَنُ ، .
وَفِي الْمُحِيطِ يُعَزَّرُ وَلَمْ يَضْمَنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ .
وَفِيهِ وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ كَبَسَهَا إنْ كَبَسَهَا بِالتُّرَابِ ، أَوْ بِالْجِصِّ ، أَوْ بِمَا هُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَفَرَّغَهَا ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَمَاتَ ضَمِنَ الثَّانِي ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ كَبَسَ الْبِئْرَ بِالطَّعَامِ ، أَوْ بِمَا هُوَ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ يَضْمَنُ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْكَبْسِ لَا يَبْقَى بِئْرًا ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي بَقِيَ بِئْرًا ، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ وَغَطَّى رَأْسَهَا ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَرَفَعَ الْغِطَاءَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ ضَمِنَ الْأَوَّلُ ، وَلَوْ احْتَفَرَ الرَّجُلُ نَهْرًا فِي مِلْكِهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ ، أَوْ دَابَّةٌ لَمْ يَضْمَنْ ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَ عَلَيْهِ جِسْرًا ، أَوْ قَنْطَرَةً فِي أَرْضِهِ ، وَإِنْ حَفَرَ نَهْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبِئْرِ وَيَكُونُ ضَامِنًا ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَ عَلَيْهِ جِسْرًا ، أَوْ قَنْطَرَةً فِي غَيْرِ مِلْكِهِ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إنْ أَحْدَثَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ إذَا كَانَ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ غَيْرُهُ ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَسِبٌ يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِمَا أَحْدَثَهُ ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَكُونُ ضَامِنًا إلَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ النَّاسُ يَكُونُ ضَامِنًا لِمَا عَطِبَ إذَا لَمْ يَفْعَلْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ ، وَإِنْ مَشَى عَلَى جِسْرٍ إنْسَانٌ مُتَعَمِّدًا فَانْخَسَفَ بِهِ لَا يَضْمَنُ وَاضِعُ الْجِسْرِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَرَّ مُتَعَمِّدًا كَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَيْهِ .
رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ ثُمَّ سَقَطَ فِيهَا إنْسَانٌ ، وَفِيهَا إنْسَانٌ ، أَوْ دَابَّةٌ فَقَتَلَ السَّاقِطُ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ ، أَوْ الدَّابَّةَ كَانَ السَّاقِطُ ضَامِنًا ، وَإِنْ كَانَ الْبِئْرُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ فِيمَا أَصَابَ السَّاقِطَ وَالْمَسْقُوطَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْحَافِرَ إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي الْحَفْرِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّافِعِ لِمَنْ سَقَطَ فِي الْبِئْرِ وَالسَّاقِطُ بِمَنْزِلَةِ الْمَدْفُوعِ فَيَكُونُ تَلَفُ الْكُلِّ مُضَافًا إلَى الْحَافِرِ أَمَّا إذَا حَفَرَ فِي مِلْكِهِ فَسُقُوطُهُ لَا يَكُونُ مُضَافًا إلَى غَيْرِهِ فَكَانَ تَلَفُ الْمَسْقُوطِ عَلَيْهِ مُضَافًا إلَى السَّاقِطِ كَرَجُلٍ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ يَضْمَنُ دِيَةَ الْقَتِيلِ .
رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَأَلْقَى نَفْسَهُ فِيهَا مُتَعَمِّدًا لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ ، وَإِنْ لَمْ يُوقِعْ فِيهَا نَفْسَهُ فَسَقَطَ وَسَلِمَ مِنْ السُّقُوطِ وَمَاتَ فِيهَا جُوعًا ، أَوْ غَمًّا لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ مَاتَ فِيهَا جُوعًا فَكَذَلِكَ ، وَإِنْ مَاتَ فِيهَا غَمًّا بِأَنْ أَثَّرَ الْغَمُّ فِي قَلْبِهِ قَبْلَ الْوُقُوعِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ الْحَافِرُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَضْمَنُ الْحَافِرُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بِسَبَبِ الْوُقُوعِ فِي الْبِئْرِ .
رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ آخَرُ وَحَفَرَ مِنْهَا طَائِفَةً فِي أَسْفَلِهَا ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ فِي الْقِيَاسِ الْأَوَّلِ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ كَانَ الْأَوَّلُ كَالدَّافِعِ لِمَنْ وَقَعَ فِي الْقَعْرِ الَّذِي حَفَرَهُ صَاحِبُهُ فِي أَسْفَلِهَا ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ فِي الْحَفْرِ .
وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَوَسَّعَ رَأْسَهَا فَسَقَطَ فِيهَا إنْسَانٌ وَمَاتَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَنْصَافًا قَالُوا تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الثَّانِيَ وَسَّعَ رَأْسَهَا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ السَّاقِطَ إنَّمَا وَضَعَ قَدَمَهُ فِي مَوْضِعٍ بَعْضُهُ مِنْ حَفْرِ الْأَوَّلِ وَبَعْضُهُ مِنْ حَفْرِ الثَّانِي ، فَأَمَّا إذَا وَسَّعَ الثَّانِي رَأْسَهَا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا وَضَعَ قَدَمَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حَفَرَهُ الثَّانِي كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي .
رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ وَعِنْدَ الطَّرِيقِ حَجَرٌ وَضَعَهُ إنْسَانٌ فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَتَعَقَّلَ بِالْحَجَرِ وَسَقَطَ فِي الْبِئْرِ وَمَاتَ فِيهَا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّافِعِ ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْ الْحَجَرَ إنْسَانٌ وَجَاءَ بِهِ سَيْلٌ عِنْدَ الْبِئْرِ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ .
رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَسَقَطَ فَتَعَلَّقَ هَذَا الرَّجُلُ بِرَجُلٍ آخَرَ وَتَعَلَّقَ الثَّانِي بِآخَرَ وَوَقَعُوا جَمِيعًا وَمَاتُوا إنْ لَمْ يُعْلَمْ كَيْفَ مَاتُوا وَلَمْ يَقَعْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَدِيَةُ الْأَوَّلِ عَلَى الْحَافِرِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَوْتِهِ سَبَبٌ سِوَى الْوُقُوعِ فِي الْبِئْرِ وَدِيَةُ الثَّانِي تَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي دَفَعَهُ حَيْثُ جَرَّهُ إلَى نَفْسِهِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ تَكُونُ عَلَى الثَّانِي لِهَذَا الْمَعْنَى ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْبِئْرِ وَلَا يُعْلَمُ كَيْفَ حَالُهُمْ فَفِي الْقِيَاسِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ دِيَةُ الْأَوَّلِ تَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَى عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ فِيهَا قَوْلًا آخَرَ قِيلَ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ قَالَا دِيَةُ الْأَوَّلِ تَكُونُ أَثْلَاثًا ثُلُثُهَا عَلَى الْحَافِرِ وَثُلُثُهَا هَدَرٌ وَثُلُثُهَا عَلَى الثَّانِي وَدِيَةُ الثَّانِي نِصْفُهَا هَدَرٌ وَنِصْفُهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ كُلُّهَا عَلَى الثَّانِي وَوَجْهُهُ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ .
رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَسَقَطَ فِيهَا إنْسَانٌ وَمَاتَ فَقَالَ الْحَافِرُ أَنَّهُ أَلْقَى نَفْسَهُ فِيهَا وَكَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْحَافِرِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْبَصِيرَ يَرَى مَوْضِعَ قَدَمِهِ ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُوقِعُ نَفْسَهُ ، وَإِذَا وَقَعَ الشَّكُّ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِالشَّكِّ .
رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْبَعَةَ رَهْطٍ يَحْفِرُونَ لَهُ بِئْرًا فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ حَفْرِهِمْ وَمَاتَ أَحَدُهُمْ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ رُبُعُ الدِّيَةِ وَيَسْقُطُ رُبُعُهَا ؛ لِأَنَّ الْبِئْرَ وَقَعَ بِفِعْلِهِمْ وَكَانُوا مُبَاشِرِينَ وَالْمَيِّتُ مُبَاشِرٌ أَيْضًا فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَرْبَاعًا فَيَسْقُطُ رُبُعُهَا وَيَجِبُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَمَنْ جَرَحَ إنْسَانًا فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا غَيْرُهُ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَمَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا هَذِهِ فِي جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَأَرْسَلَ فِيهَا رَجُلًا فَغَرِقَ فِي الْمَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ عُمْقُ الْبِئْرِ أَطْوَلَ مِنْ الرَّجُلِ ضَمِنَ الْحَافِرُ ، وَإِنْ كَانَ إلَى صَدْرِ الرَّجُلِ لَمْ يَضْمَنْ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي سُوقِ الْعَامَّةِ ، أَوْ بَنَى فِيهِ دُكَّانًا فَعَطِبَ بِهِ شَيْءٌ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا بِغَيْرِ إذْنِهِ يَكُونُ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ .
دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَحَفَرَ أَحَدُهُمْ فِيهَا بِئْرًا ، أَوْ بَنَى حَائِطًا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبَيْهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ .
وَضَعَ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ لِلْبَيْعِ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ بَرِئَ لَوْ قَعَدَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَإِلَّا ضَمِنَ .
أَلْقَى قِشْرًا فِي الطَّرِيقِ فَزَلِقَتْ بِهِ دَابَّةٌ ضَمِنَ إذْ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ فَيَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
أَلْقَى حَجَرًا فِي فِنَاءِ دَارِهِ لِأَجْلِ الثَّلْجِ وَغَيْرِهِ فَقُتِلَ بِهِ إنْسَانٌ وَهَلَكَ إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ ، وَفِي الْمُنْتَقَى لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا .
الْهَلَاكُ بِالثَّلْجِ الْمَرْمِيِّ إذَا زَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ ، أَوْ دَابَّةٌ إنْ لَمْ تَكُنْ السِّكَّةُ نَافِدَةً لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّامِي ، وَإِنْ كَانَتْ نَافِدَةً ضَمِنَ الرَّامِي وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا نَافِدَةً كَانَتْ ، أَوْ غَيْرَ نَافِدَةٍ قَالَ : وَجَوَابُ مُحَمَّدٍ فِي دِيَارِهِمْ ؛ لِأَنَّ الثَّلْجَ يَقِلُّ هُنَاكَ ، أَوْ لَا يَكُونُ ، وَفِي إلْقَاءِ الطِّينِ ، أَوْ الْحَطَبِ ، وَرَبْطُ الدَّابَّةِ لَا يَتَفَاوَتُ بَيْنَ بَلْدَةٍ وَبَلْدَةٍ .
رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِوَضْعِ الْحَجَرِ فِي الطَّرِيقِ فَعَطِبَ بِهِ الْآمِرُ ضَمِنَ الْوَاضِعُ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ أَشْرِعْ جَنَاحًا مِنْ ذَلِكَ ، أَوْ ابْنِ دُكَّانًا عَلَى بَابِك فَعَطِبَ بِهِ الْآمِرُ ، أَوْ غُلَامُهُ ، وَكَذَا لَوْ بَنَى الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ بِأَمْرِهِ ثُمَّ عَطِبَ بِهِ الْآمِرُ ضَمِنَ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
( الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يُحْدَثُ فِي الْمَسْجِدِ فَيَهْلِكُ بِهِ شَيْءٌ وَمَا يُعْطَبُ بِالْجُلُوسِ فِيهِ ) أَهْلُ الْمَسْجِدِ إذَا احْتَفَرُوا بِئْرًا فِي الْمَسْجِدِ لِمَاءِ الْمَطَرِ ، أَوْ وَضَعُوا فِيهِ جُبًّا يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ ، أَوْ طَرَحُوا فِيهِ الْبَوَارِيَ وَالْحَشِيشَ ، أَوْ الْحَصَى ، أَوْ رَكَّبُوا فِيهِ بَابًا ، أَوْ عَلَّقُوا فِيهِ الْقَنَادِيلَ ، أَوْ ظَلَّلُوهُ فَعَطِبَ بِذَلِكَ شَيْءٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَسْجِدِ فِيمَا هُوَ مِنْ تَدْبِيرِ الْمَسْجِدِ بِمَنْزِلَةِ الْمُلَّاكِ ، وَكَذَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُمْ بِأَمْرِهِمْ ، وَإِنْ فُعِلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ كَانَ ضَامِنًا لِمَا عُطِبَ بِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَقَالَ صَاحِبَاهُ : لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا إذْ الْمَسْجِدُ لِلْعَامَّةِ إلَّا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ وَمَا لَا يَكُونُ مِنْ بَابِ التَّمْكِينِ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ اخْتِصَاصًا بِالتَّدْبِيرِ فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ وَلِهَذَا كَانَ فَتْحُ الْبَابِ وَإِغْلَاقُهُ وَنَصْبُ الْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ إلَيْهِمْ لَا إلَى غَيْرِهِمْ .
وَلَوْ قَعَدَ الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْحَدِيثِ ، أَوْ نَامَ ، أَوْ قَامَ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ فَمَرَّ بِهِ إنْسَانٌ فَعَطِبَ كَانَ ضَامِنًا لِمَا عَطِبَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا لَوْ قَعَدَ فِي الطَّرِيقِ ، وَعَلَى قَوْلِ صَاحِبَيْهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا لَوْ كَانَ جَالِسًا فِي الصَّلَاةِ ، وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ : إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ الْجَالِسُ مَشْغُولًا بِعَمَلٍ لَا يَكُونُ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِالْمَسْجِدِ كَدَرْسِ الْفِقْهِ وَقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ أَمَّا إذَا كَانَ مُعْتَكِفًا ، أَوْ كَانَ جَالِسًا لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ الْكُلِّ ، وَقِيلَ : إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الصَّلَاةِ يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ الْمُنْتَظِرَ لِلصَّلَاةِ لَا يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ فَكَانَ جُلُوسُهُ مُبَاحًا مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَالْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْهِدَايَةِ لَوْ جَلَسَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فِي الْمَسْجِدِ فَعَطِبَ بِهِ رَجُلٌ لَمْ يَضْمَنْ إنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَإِنْ كَانَ جَالِسًا لِلْقِرَاءَةِ ، أَوْ لِلتَّعْلِيمِ ، أَوْ لِلصَّلَاةِ ، أَوْ نَامَ فِيهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ ، أَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ، أَوْ مَرَّ فِيهِ مَارٌّ ، أَوْ قَعَدَ فِيهِ لِحَدِيثٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ ، وَأَمَّا الْمُعْتَكِفُ فَقَدْ قِيلَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ ، وَإِنْ جَلَسَ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَةِ الْمَسْجِدِ رَجُلٌ فِيهِ فِي الصَّلَاةِ فَتَعَقَّلَ بِهِ إنْسَانٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ ا هـ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ مَسْجِدٌ لِعَشِيرَةٍ عَلَّقَ مِنْهُمْ رَجُلٌ فِيهِ قِنْدِيلًا ، أَوْ بَسَطَ حَصِيرًا فَعَطِبَ إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ الْعَشِيرَةِ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا .
وَلَوْ فَعَلَ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ الْعَشِيرَةِ بِإِذْنِ وَاحِدٍ مِنْ الْعَشِيرَةِ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ الْجَالِسَ فِي الصَّلَاةِ ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ يَضْمَنُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا ا هـ .
( الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ ) .
رَجُلٌ مَالَ حَائِطُ دَارِهِ إلَى الطَّرِيقِ ، أَوْ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ فَسَقَطَ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا ، أَوْ مَالًا إنْ سَقَطَ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ وَالْإِشْهَادِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ طُولِبَ بِنَقْضِهِ وَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنْقُضْهُ فِي مُدَّةٍ يَقْدِرُ عَلَى نَقْضِهِ حَتَّى سَقَطَ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَ مِنْ نَفْسٍ ، أَوْ مَالٍ وَشَرْطُ وُجُوبِ الضَّمَانِ الْمُطَالَبَةُ بِالْإِصْلَاحِ وَالتَّفْرِيغِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ وَإِنَّمَا ذُكِرَ الْإِشْهَادُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ إثْبَاتِهِ عِنْدَ إنْكَارِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ فَأَيُّ النَّاسِ أَشْهَدَ عَلَى صَاحِبِهِ فَهُوَ إشْهَادٌ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ رَجُلًا كَانَ ، أَوْ امْرَأَةً حُرًّا كَانَ ، أَوْ مُكَاتَبًا ، وَإِنْ كَانَ إلَى دَارِ إنْسَانٍ فَالْمُطَالَبَةُ إلَى مَالِكِ الدَّارِ خَاصَّةً ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا سُكَّانٌ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُطَالِبُوهُ وَتَصِحُّ الْمُطَالَبَةُ بِالتَّفْرِيغِ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ ، أَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَحَدٌ وَشَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُتَمَكَّنُ مِنْ نَقْضِهِ وَتَفْرِيغِ الْهَوَاءِ وَمَنْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ نَقْضِهِ لَا تَصِحُّ الْمُطَالَبَةُ مِنْهُ كَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُودِعِ وَسَاكِنِ الدَّارِ وَتَصِحُّ مِنْ الرَّاهِنِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ الْفِكَاكِ وَمِنْ الْوَصِيِّ وَأَبِ الصَّبِيِّ وَأُمِّهِ فِي حَائِطِ الصَّبِيِّ لِقِيَامِ الْوِلَايَةِ وَالضَّمَانِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ ، وَمِنْ الْمُكَاتَبِ وَمِنْ الْعَبْدِ التَّاجِرِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ ، ثُمَّ التَّالِفُ بِالسُّقُوطِ إنْ كَانَ مَالًا فَهُوَ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ ، وَإِنْ كَانَ نَفْسًا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى وَتَصِحُّ مِنْ أَحَدِ الْوَرَثَةِ فِي نَصِيبِهِ .
وَإِنْ كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ نَقْضِ الْحَائِطِ وَحْدَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إصْلَاحِ نَصِيبِهِ بِطَرِيقِهِ وَهُوَ الْمُرَافَعَةُ إلَى الْقَاضِي وَصُورَةُ الْإِشْهَادِ وَالْمُطَالَبَةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ اشْهَدُوا
أَنِّي تَقَدَّمْت إلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي هَدْمِ حَائِطِهِ هَذَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَالَ قَاضِي خَانْ وَصُورَةُ الْإِشْهَادِ إذَا كَانَ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ أَنْ يَقُولَ لَهُ وَاحِدٌ أَنَّ حَائِطَك هَذَا مَائِلٌ ، أَوْ مَخُوفٌ ، أَوْ مُنْصَدِعٌ فَاهْدِمْهُ ، وَإِنْ كَانَ مَائِلًا إلَى مِلْكٍ يَقُولُ لَهُ ذَاكَ صَاحِبُهُ ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ : إنَّ حَائِطَك مَائِلٌ يَنْبَغِي لَك أَنْ تَهْدِمَهُ كَانَ ذَلِكَ مَشُورَةً لَا يَكُونُ طَلَبًا وَإِشْهَادًا ا هـ .
وَفِي الْإِيضَاحِ وَيَصِحُّ الطَّلَبُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ النَّقْضِ ا هـ .
وَتُعْتَبَرُ الْقُدْرَةُ مَعَ التَّفْرِيغِ مِنْ وَقْتِ الْإِشْهَادِ إلَى وَقْتِ السُّقُوطِ مِنْ غَيْر زَوَالِ الْقُدْرَةِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَلَوْ سَقَطَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ وَهُوَ فِي طَلَبِ مَنْ يَنْقُضُهُ مِنْ الْعُمَّالِ لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ ، ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى وَلَوْ بَاعَ الدَّارَ بَعْدَ مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ تَرْكِ الْهَدْمِ مَعَ تَمَكُّنِهِ وَقَدْ زَالَ تَمَكُّنُهُ بِالْبَيْعِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ ، وَلَوْ أَشْهَدَ بَعْدَ شِرَائِهِ كَانَ ضَامِنًا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَشْرَعَ كَنِيفًا ، أَوْ جَنَاحًا ، أَوْ مِيزَابًا ، أَوْ خَشَبَةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ ، أَوْ بَاعَ الْخَشَبَةَ ثُمَّ تَلِفَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ ، أَوْ مَالٌ حَيْثُ كَانَ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّ ثَمَّةَ مُجَرَّدِ إخْرَاجِ الْكَنِيفِ وَوَضْعِ الْحَجَرِ فِي الطَّرِيقِ جِنَايَةٌ فَلَا تَبْطُلُ بِالْبَيْعِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ ، وَلَوْ أَجَّلَهُ صَاحِبُ الدَّارِ ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ سَاكِنُوهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ بِالْحَائِطِ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا مَالَ إلَى الطَّرِيقِ فَأَجَّلَهُ الْقَاضِي ، أَوْ مَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِجَمَاعَةِ النَّاسِ وَلَيْسَ إلَيْهِمَا إبْطَالُ حَقِّهِمْ فَيَضْمَنُ ، وَلَوْ بَنَى الْحَائِطَ مَائِلًا فِي الِابْتِدَاءِ قَالُوا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ
بِسُقُوطِهِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ تُعَدُّ ابْتِدَاءً كَمَا إذَا أَشْرَعَ الْجَنَاحَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَتَثْبُتُ الْمُطَالَبَةُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَتَثْبُتُ أَيْضًا بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي .
وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْمَائِلِ عَاقِلًا فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ ثُمَّ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا ، أَوْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقَضَى الْقَاضِي بِلِحَاقِهِ ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا فَرُدَّتْ عَلَيْهِ الدَّارُ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا كَانَ هَدَرًا لَمَّا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِصْلَاحِ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَالْجُنُونِ فَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَكَذَا لَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الدَّارَ بَعْدَ مَا أُشْهِدَ عَلَيْهِ ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ ، أَوْ بِغَيْرِهِ ، أَوْ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ ، أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ لَا يُبْطِلُ وِلَايَةَ الْإِصْلَاحِ فَلَا يُبْطِلُ الْإِشْهَادَ ، وَلَوْ أَسْقَطَ الْبَائِعُ خِيَارَهُ وَأَوْجَبَ الْبَيْعَ بَطَلَ الْإِشْهَادُ ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْحَائِطَ عَنْ مِلْكِهِ .
وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ الْمَائِلُ رَهْنًا فَأَشْهَدَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ سَقَطَ فَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ هَدَرًا ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَمْلِكُ الْإِصْلَاحَ وَالْمَرَمَّةَ بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ عَلَى الرَّاهِنِ حَيْثُ يَضْمَنُ .
وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ مِيرَاثًا لِوَرَثَةٍ فَأَشْهَدَ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ الضَّمَانُ بِسُقُوطِهِ ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ لَا يَمْلِكُ نَقْضَ الْحَائِطِ ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَضْمَنُ هَذَا الْوَارِثُ الَّذِي أُشْهِدَ عَلَيْهِ بِحِصَّةِ نَصِيبِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إصْلَاحِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ آنِفًا .
وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ الصَّغِيرُ فَأَشْهَدَ عَلَى الْأَبِ ، أَوْ الْوَصِيِّ صَحَّ ؛ لِأَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ الْإِصْلَاحَ فَإِنْ سَقَطَ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الصَّغِيرِ ؛
لِأَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ يَقُومَانِ مَقَامَهُ فَكَانَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِمَا كَالْإِشْهَادِ عَلَى الِابْنِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ ، أَوْ الْوَصِيُّ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِمَا بَطَلَ الْإِشْهَادُ حَتَّى لَوْ سَقَطَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ هَدَرًا .
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ جِدَارًا مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا سِوَى هَذِهِ الدَّارِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ وَتَرَكَ ابْنًا لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ فَإِنَّ الْإِشْهَادَ يَكُونُ عَلَى الِابْنِ ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهَا الِابْنُ فَإِنْ سَقَطَ بَعْدَ مَا أَشْهَدَ عَلَى الِابْنِ فَإِنْ تَلِفَ إنْسَانٌ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ لَا عَلَى عَاقِلَةِ الِابْنِ .
إذَا أُشْهِدَ عَلَى الرَّجُلِ فِي حَائِطٍ مِنْ دَارٍ فِي يَدِهِ فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى سَقَطَ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ فَأَنْكَرَتْ الْعَاقِلَةُ أَنْ تَكُونَ الدَّارُ لَهُ وَقَالُوا لَا نَدْرِي أَنَّ الدَّارَ لَهُ ، أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ : الْأَوَّلُ : عَلَى أَنَّ الدَّارَ لَهُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي هَدْمِ الْحَائِطِ .
وَالثَّالِثُ : إنَّ الْمَقْتُولَ مَاتَ بِسُقُوطِ الْحَائِطِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّ الدَّارَ لَهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ قِيَاسًا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَا يُصَدَّقُ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْمُقِرُّ عَلَى الْغَيْرِ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا فِي إقْرَارِهِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَيْهِ دِيَةُ الْقَتِيلِ إنْ أَقَرَّ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّعَدِّي فَإِذَا تَعَذَّرَ الْإِيجَابُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَنْ أَخْرَجَ جَنَاحًا مِنْ دَارٍ فِي يَدِهِ فَوَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَقَالَتْ عَاقِلَتُهُ : لَيْسَتْ الدَّارُ لَهُ وَإِنَّهُ إنَّمَا أَخْرَجَ الْجَنَاحَ بِأَمْرِ صَاحِبِ الدَّارِ وَذُو الْيَدِ يُقِرُّ أَنَّ الدَّارَ لَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا .
وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ عَلَى حَائِطٍ لَهُ وَالْحَائِطُ مَائِلٌ ، أَوْ غَيْرُ مَائِلٍ فَسَقَطَ الْحَائِطُ بِالرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ وَأَصَابَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ كَانَ ضَامِنًا لِمَا هَلَكَ بِالْحَائِطِ إنْ كَانَ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي الْحَائِطِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سِوَاهُ ، وَإِنْ كَانَ هُوَ سَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ دُونَ الْحَائِطِ فَقَدْ مَرَّتْ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ .
وَإِذَا أُشْهِدَ عَلَى الْحَائِطِ الْمَائِلِ عَبْدَانِ ، أَوْ كَافِرَانِ ، أَوْ صَبِيَّانِ ثُمَّ أُعْتِقَ الْعَبْدَانِ ، أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرَانِ ، أَوْ بَلَغَ الصَّبِيَّانِ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ فَأَصَابَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ قَبْلَ عِتْقِ الْعَبْدَيْنِ وَإِسْلَامِ الْكَافِرَيْنِ وَبُلُوغِ الصَّبِيَّيْنِ ثُمَّ شَهِدَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ .
لَقِيطٌ لَهُ حَائِطٌ مَائِلٌ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ الْحَائِطُ فَأَتْلَفَ إنْسَانًا كَانَتْ دِيَةُ الْقَتِيلِ فِي بَيْتِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَجِنَايَتُهُ تَكُونُ فِيهِ ، وَكَذَا الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا فَهُوَ كَاللَّقِيطِ .
حَائِطٌ مَائِلٌ إلَى دَارِ قَوْمٍ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ ، أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ ثُمَّ سَقَطَ وَأَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ الْقَوْمِ ، أَوْ غَيْرِهِمْ كَانَ ضَامِنًا ، وَكَذَا الْعُلُوُّ إذَا وَهَى ، أَوْ تَصَدَّعَ فَأَشْهَدَ أَهْلُ السُّفْلِ عَلَى أَهْلِ الْعُلُوِّ ، وَكَذَلِكَ الْحَائِطُ أَعْلَاهُ لِرَجُلٍ وَأَسْفَلُهُ لِآخَرَ وَهَذَا خِلَافُ الْحَائِطِ إذَا كَانَ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ فِي حُكْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْمَائِلِ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ يَكُونُ مِنْ الْمَالِكِ لَا مِنْ غَيْرِهِ ، وَفِي الطَّرِيقِ يَصِحُّ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ وَالثَّانِي أَنَّ فِي الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ لَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الَّذِي أَشْهَدَ .
حَائِطٌ مَائِلٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أُشْهِدَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُ فَهَاهُنَا كَذَلِكَ .
حَائِطٌ لِرَجُلٍ بَعْضُهُ مَائِلٌ إلَى الطَّرِيقِ وَبَعْضُهُ مَائِلٌ إلَى دَارِ قَوْمٍ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ أَهْلُ الدَّارِ كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ وَاحِدٌ فَصَحَّ الْإِشْهَادُ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ فِيمَا كَانَ مَائِلًا إلَى مِلْكِهِمْ ، وَفِيمَا كَانَ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ فَأَهْلُ الدَّارِ أَشْهَدُوا عَلَيْهِ الْعَامَّةَ فَصَحَّ إشْهَادُهُمْ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَشْهَدَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الدَّارِ صَحَّ إشْهَادُهُ فِيمَا كَانَ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ فَإِذَا صَحَّ الْإِشْهَادُ فِي الْبَعْضِ صَحَّ فِي الْكُلِّ .
حَائِطٌ بَعْضُهُ صَحِيحٌ وَبَعْضُهُ وَاهٍ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ الْوَاهِي وَغَيْرُ الْوَاهِي وَقَتَلَ إنْسَانًا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ طَوِيلًا بِحَيْثُ وَهَى بَعْضُهُ وَلَمْ يه بَعْضُهُ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ مَا أَصَابَ الَّذِي يَهِي ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ حَائِطَيْنِ أَحَدُهُمَا صَحِيحٌ وَالْآخَرُ وَاهٍ فَالْإِشْهَادُ يَصِحُّ فِي الْوَاهِي لَا فِي الصَّحِيحِ .
حَائِطَانِ أَحَدُهُمَا مَائِلٌ وَالْآخَرُ صَحِيحٌ فَأُشْهِدَ عَلَى الْمَائِلِ ثُمَّ وَقَعَ الصَّحِيحُ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَقَعْ الْمَائِلُ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا كَانَ هَدَرًا .
عَبْدٌ تَاجِرٌ لَهُ حَائِطٌ مَائِلٌ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ ، أَوْ لَمْ يَكُنْ ، وَإِنْ أَتْلَفَ مَالًا كَانَ ضَمَانُ الْمَالِ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ دَيْنًا يُبَاعُ فِيهِ ، وَإِنْ أُشْهِدَ عَلَى الْمَوْلَى صَحَّ الْإِشْهَادُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالْحَائِطُ يَكُونُ لِمَوْلَاهُ ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَانَ لِمَوْلَاهُ وِلَايَةُ الِاسْتِخْلَاصِ بِأَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ الْمَوْلَى بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ .
سُفْلٌ لِرَجُلٍ وَعُلُوٌّ لِآخَرَ وَهِيَ الْكُلُّ وَأُشْهِدَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ سَقَطَ الْعُلُوُّ وَقَتَلَ إنْسَانًا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ ؛ لِأَنَّ الْعُلُوَّ غَيْرُ مَدْفُوعٍ بَلْ سَقَطَ بِنَفْسِهِ فَصَحَّ الْإِشْهَادُ فِيهِ عَلَى صَاحِبِهِ فَمَا هَلَكَ بِالْعُلُوِّ يَضْمَنُهُ صَاحِبُهُ .
رَجُلٌ أُشْهِدَ عَلَى حَائِطٍ لَهُ مَائِلٍ إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَى إنْسَانٍ وَقَتَلَهُ ثُمَّ عَثَرَ رَجُلٌ بِنَقْضِ الْحَائِطِ فَعَطِبَ وَعَثَرَ رَجُلٌ بِالْقَتِيلِ وَعَطِبَ كَانَ ضَمَانُ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ وَضَمَانُ مَنْ هَلَكَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ وَضَمَانُ مَنْ هَلَكَ بِالْقَتِيلِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْقَتِيلِ مِنْ الطَّرِيقِ وَرَفْعَ النَّقْضِ يَكُونُ إلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ .
حَائِطٌ لِرَجُلٍ سَقَطَ قَبْلَ الْإِشْهَادِ ثُمَّ أُشْهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ فِي رَفْعِ النَّقْضِ عَنْ الطَّرِيقِ فَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى عَثَرَ بِهِ آدَمِيٌّ ، أَوْ دَابَّةٌ فَعَطِبَ كَانَ ضَامِنًا .
حَائِطٌ مَائِلٌ لِرَجُلٍ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ عَلَى حَائِطٍ لِرَجُلٍ آخَرَ فَهَدَمَهُ كَانَ صَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ وَتَرَكَ النَّقْضَ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَلَا شَيْءَ لَهُ فَمَنْ عَثَرَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ الثَّانِي فَدَمُهُ هَدَرٌ ؛ لِأَنَّ نَقْضَ الْحَائِطِ الثَّانِي فِي مِلْكِ صَاحِبِهِ لَا يَمْلِكُ صَاحِبُ الْأَوَّلِ رَفْعَهُ ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ أَخْرَجَ جَنَاحًا يَضْمَنُ الْأَوَّلُ مَنْ عَثَرَ بِالثَّانِي وَعَطِبَ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ رَفْعَهُ ، وَلَوْ كَانَ الثَّانِي مِلْكَ صَاحِبِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ أَيْضًا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ مَنْ عَثَرَ بِالثَّانِي ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ رَفْعَهُ عَنْ الطَّرِيقِ ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَى حَائِطِ إنْسَانٍ آخَرَ فَسَقَطَ الثَّانِي عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ صَاحِبُ الْأَوَّلِ .
وَلَوْ عَثَرَ بِتُرَابِ الْحَائِطِ الثَّانِي فَتَلِفَ لَا يَضْمَنُ انْتَهَى .
وَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ خَمْسَةِ رِجَالٍ فَأُشْهِدَ عَلَى أَحَدِهِمْ فَقَتَلَ إنْسَانًا ضَمِنَ خُمُسَ الدِّيَةِ ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ كَانَ عَلَيْهِ ثُلُثُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
( الْفَصْلُ الْخَامِسُ : فِي جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا ) الرَّاكِبُ ضَامِنٌ لِمَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ وَلِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا ، أَوْ رِجْلِهَا ، أَوْ رَأْسِهَا ، أَوْ كَدَمَتْ ، أَوْ خَبَطَتْ ، وَكَذَا إذَا صَدَمَتْ وَلَا يَضْمَنُ مَا نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا ، أَوْ ذَنَبِهَا ، وَإِنْ أَوْقَفَهَا فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ النَّفْحَةَ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْإِيقَافِ .
وَإِنْ أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا حَصَاةً ، أَوْ نَوَاةً أَوْ أَثَارَتْ غُبَارًا أَوْ حَجَرًا صَغِيرًا فَفَقَأَتْ عَيْنَ إنْسَانٍ أَوْ أَفْسَدَتْ ثَوْبَهُ لَمْ يَضْمَنْ ، وَإِنْ كَانَ حَجَرًا كَبِيرًا ضَمِنَ وَقِيلَ لَوْ عَنَّفَ فِي الدِّيَةِ ضَمِنَ ذَلِكَ كُلَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُرْتَدِفُ فِيمَا ذَكَرْنَا كَالرَّاكِبِ فَإِنْ رَاثَتْ ، أَوْ بَالَتْ فِي الطَّرِيقِ وَهِيَ تَسِيرُ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ ، وَكَذَا إذَا ، أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ ، وَإِنْ أَوْقَفَهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَبَالَتْ ، أَوْ رَاثَتْ فَعَثَرَ إنْسَانٌ بِرَوْثِهَا ، أَوْ بَوْلِهَا ضَمِنَ وَالسَّائِقُ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا ، أَوْ رِجْلِهَا وَالْقَائِدُ ضَامِنٌ لِمَا نَفَحَتْ بِيَدِهَا دُونَ رِجْلِهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَإِلَيْهِ مَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ أَنَّ السَّائِقَ لَا يَضْمَنُ النَّفْحَةَ أَيْضًا ، وَإِنْ كَانَ يَرَاهَا إذْ لَيْسَ عَلَى رِجْلِهَا مَا يَمْنَعُهَا بِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْكَدْمِ لِإِمْكَانِ كَبْحِهَا بِلِجَامِهَا وَبِهَذَا يَنْطِقُ أَكْثَرُ النُّسَخِ وَهُوَ الْأَصَحُّ .
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ كُلُّ شَيْءٍ ضَمِنَهُ الرَّاكِبُ ضَمِنَهُ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى الرَّاكِبِ الْكَفَّارَةُ فِيمَا وَطِئَتْهُ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا ، أَوْ رِجْلِهَا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى الرَّاكِبِ فِيمَا وَرَاءَ الْإِيطَاءِ ، وَكَذَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِيطَاءِ فِي حَقِّ الرَّاكِبِ حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ دُونَ السَّائِقِ وَالْقَائِدِ ، وَلَوْ
كَانَ رَاكِبٌ وَقَائِدٌ وَسَائِقٌ قِيلَ : لَا ضَمَانَ عَلَى السَّائِقِ فِيمَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ وَقِيلَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ خَرَجَ اللُّعَابُ مِنْ فَمِهَا وَهِيَ تَسِيرُ ، أَوْ سَالَ عَرَقُهَا فَأَصَابَ إنْسَانًا وَأَفْسَدَ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الرَّاكِبُ .
وَلَا يَضْمَنُ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ فِي مِلْكِهِ إلَّا فِيمَا أَوْطَأَتْ الدَّابَّةُ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ رَكِبَ دَابَّةً فِي مِلْكِهِ فَمَا تَوَلَّدَ مِنْ سَيْرِهَا لَمْ يَضْمَنْ إلَّا فِي وَطْءِ الدَّابَّةِ انْتَهَى .
وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا جَنَتْ دَابَّتُهُ كَيْفَمَا كَانَ وَاقِفَةً ، أَوْ سَائِرَةً وَطِئَتْ ، أَوْ نَفَحَتْ ، أَوْ كَدَمَتْ .
وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَالدَّابَّةُ وَاقِفَةٌ يَضْمَنُ مَا وَطِئَتْ بِرِجْلِهَا ، أَوْ كَدَمَتْ بِفَمِهَا ، أَوْ نَفَحَتْ بِذَنَبِهَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْقَفَهَا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الطَّرِيقِ إلَّا إذَا جَعَلَ الْإِمَامُ لِلْمُسْلِمِينَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ مَوْضِعًا يَقِفُ فِيهِ دَوَابُّهُمْ فَمَا حَدَثَ مِنْ الْوُقُوفِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَلَكِنْ لَوْ سَاقَ الدَّابَّةَ ، أَوْ قَادَهَا ، أَوْ سَارَ فِيهِ عَلَى الدَّابَّةِ يَضْمَنُ ، وَعَلَى هَذَا وُقُوفُ الدَّابَّةِ فِي سُوقِ الْخَيْلِ وَالدَّوَابِّ ، انْتَهَى .
وَكَذَا لَوْ ، أَوْقَفَهَا فِي الْفَلَاةِ لَا يَضْمَنُ .
وَلَوْ أَوْقَفَهَا فِي طَرِيقِ مَكَّةَ إنْ أَوْقَفَهَا فِي الْمَحَجَّةِ فَهُوَ كَالْوُقُوفِ فِي الطَّرِيقِ ، وَإِنْ ، أَوْقَفَهَا فِي غَيْرِ الْمَحَجَّةِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ فَهُوَ كَالْوُقُوفِ فِي الْفَلَاةِ ، وَإِنْ أَوْقَفَهَا فِي مِلْكِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِحَالٍ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ ، وَفِيهِ مِنْ فَصْلِ مَا يَحْدُثُ فِي الْمَسْجِدِ لَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي السُّوقِ مَوْضِعَ الْإِيقَافِ لِلدَّابَّةِ لِبَيْعِ مَا وَقَفَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنْ عَيَّنُوا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ فَمَا عَطِبَ بِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ كَانَ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَذِنَ فِي ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ حُكْمِ الطَّرِيقِ .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ ، أَوْقَفَهَا فِي سُوقِ الدَّوَابِّ فَأَتْلَفَتْ لَمْ يَضْمَنْ .
وَلَوْ أَوْقَفَهَا عَلَى بَابِ السُّلْطَانِ ، أَوْ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ ، أَوْ مَسْجِدٍ آخَرَ ضَمِنَ إلَّا إذَا جَعَلَ الْإِمَامُ لِلْمُسْلِمِينَ مَوْقِفًا يُوقِفُونَ دَوَابَّهُمْ فَلَا يَضْمَنُ انْتَهَى .
وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ لَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ عَلَى الطَّرِيقِ وَلَمْ يَشُدَّهَا فَسَارَتْ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمَكِّنْهَا مِنْ ذَلِكَ فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ دَابَّةٍ مُنْفَلِتَةٍ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا أَوْقَفَ دَابَّةً فِي سُوقِ الدَّوَابِّ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا ، وَلَوْ أَوْقَفَ الدَّابَّةَ عَلَى بَابِ السُّلْطَانِ يَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ انْتَهَى .
وَمَنْ سَاقَ دَابَّةً فَوَقَعَ السَّرْجُ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ ، وَكَذَا عَلَى هَذَا سَائِرُ أَدَوَاتِهِ كَاللِّجَامِ وَنَحْوِهِ ، وَكَذَا مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ وَمَاتَ يَضْمَنُ السَّائِقُ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ قَائِدٌ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِأَنْ يَشُدَّ الْحِمْلَ عَلَى الْبَعِيرِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسْقُطُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَلَوْ نَظَرَتْ الدَّابَّةُ وَانْفَلَتَتْ مِنْهُ فَمَا أَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا لَمْ يَضْمَنْ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .
رَجُلٌ سَاقَ دَابَّةً وَعَلَيْهَا سَرْجٌ فَوَقَعَ السَّرْجُ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ السَّائِقُ كَمَا فِي حَمْلِ الشَّيْءِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَمَنْ قَادَ قِطَارًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَوْطَأَ فَإِنْ وَطِئَ بَعِيرٌ إنْسَانًا ضَمِنَ بِهِ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ ، وَإِنْ أَتْلَفَ مَالًا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا ، وَكَذَا إذَا كَانَ السَّائِقُ فِي جَانِبٍ مِنْ الْإِبِلِ أَمَّا إذَا تَوَسَّطَهَا وَأَخَذَ بِذِمَامٍ وَاحِدٍ يَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِمَا هُوَ خَلْفَهُ وَيَضْمَنَانِ مَا تَلِفَ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ قَادَ قِطَارًا فِي الطَّرِيقِ فَأَوْطَأَ أَوَّل الْقِطَارِ ، أَوْ آخِرَهُ بِيَدَيْهِ ، أَوْ رِجْلِهِ ، أَوْ صَدَمَ يَضْمَنُ الْقَائِدُ مَا عَطِبَ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ كَانَ ضَمَانُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا .
وَمَا أُفْسِدَ بِنَفْحَةِ الرِّجْلِ وَالذَّنَبِ يَكُونُ عَلَى السَّائِقِ خَاصَّةً ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ يَسُوقُ الْإِبِلَ وَسَطَ الْقِطَارِ وَأَحْيَانًا يَتَأَخَّرُ وَأَحْيَانًا يَتَقَدَّمُ وَهُوَ يَسُوقُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّائِقِ ؛ لِأَنَّ السَّائِقَ قَدْ يَتَقَدَّمُ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ وَقَدْ يَكُونُ فِي وَسَطِ الْقِطَارِ فَهُوَ سَائِقٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالرَّاكِبُ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّدِيفُ فِيمَا أَوْطَأَتْ الدَّابَّةُ سَوَاءٌ ، انْتَهَى .
وَإِنْ رَبَطَ رِجْلَ بَعِيرٍ إلَى الْقِطَارِ وَالْقَائِدُ لَا يَعْلَمُ فَوَطِئَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَائِدِ الدِّيَةُ ثُمَّ يَرْجِعُونَ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ قَالُوا هَذَا إذَا رَبَطَهُ وَالْقِطَارُ يَسِيرُ أَمَّا إذَا رَبَطَهُ وَالْإِبِلُ قِيَامٌ ثُمَّ قَادَهَا ضَمِنَ الْقَائِدُ بِلَا رُجُوعٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِدُ يَعْلَمُ بِرَبْطِ الْبَعِيرِ فَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْقَائِدُ بِلَا رُجُوعٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ .
وَمَنْ سَارَ عَلَى دَابَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ فَضَرَبَهَا رَجُلٌ ، أَوْ نَخَسَهَا فَنَفَحَتْ رَجُلًا أَوْ ضَرَبَتْهُ بِيَدِهَا ، أَوْ نَفَرَتْ فَصَدَمَتْهُ فَقَتَلَتْهُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ دُونَ الرَّاكِبِ وَالْوَاقِفُ فِي مِلْكِهِ وَاَلَّذِي يَسِيرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ وَالرَّاكِبِ نِصْفَيْنِ ، وَإِنْ نَخَسَهَا بِإِذْنِ الرَّاكِبِ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ فِعْلِ الرَّاكِبِ لَوْ نَخَسَهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي نَخْسِهَا ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِمَا يَمْلِكُهُ .
وَلَوْ وَطِئَتْ رَجُلًا فِي سَيْرِهَا وَقَدْ نَخَسَهَا النَّاخِسُ بِإِذْنِ الرَّاكِبِ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا إذَا كَانَتْ فِي فَوْرِهَا الَّذِي نَخَسَهَا ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي فَوْرِهَا ذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الرَّاكِبِ ثُمَّ قِيلَ يَرْجِعُ النَّاخِسُ عَلَى الرَّاكِبِ بِمَا ضَمِنَ فِي الْإِيطَاءِ ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِأَمْرِهِ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِيمَا أَرَاهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِيطَاءِ وَالنَّخْسُ يَنْفَصِلُ عَنْهُ وَصَارَ كَمَا إذَا أَمَرَ صَبِيًّا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ بِتَسْيِيرِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا وَمَاتَ حَتَّى ضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ عَلَى الْآمِرِ ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالتَّسْيِيرِ وَالْإِيطَاءُ يَنْفَصِلُ عَنْهُ .
وَكَذَا إذَا نَاوَلَهُ سِلَاحًا فَقَتَلَ بِهِ آخَرَ حَتَّى ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ وَمَنْ قَادَ دَابَّتَهُ فَنَخَسَهَا غَيْرُهُ فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِ الْقَائِدِ فَأَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا فَهُوَ عَلَى النَّاخِسِ ، وَكَذَا إذَا كَانَ لَهَا سَائِقٌ فَنَخَسَهَا غَيْرُهُ وَالنَّاخِسُ إذَا كَانَ عَبْدًا فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَتِهِ ، وَإِذَا كَانَ صَبِيًّا فَفِي مَالِهِ ، وَلَوْ نَخَسَهَا شَيْءٌ مَنْصُوبٌ فِي الطَّرِيقِ فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ نَصَبَ ذَلِكَ الشَّيْءَ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ كَانَ لِلدَّابَّةِ سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَنَخَسَهَا رَجُلٌ بِغَيْرِ إذْنِ أَحَدِهِمَا فَنَفَحَتْ إنْسَانًا كَانَ ضَمَانُ النَّفْحِ عَلَى النَّاخِسِ خَاصَّةً ؛ لِأَنَّ السَّائِقَ وَالْقَائِدَ لَا يَضْمَنَانِ النَّفْحَ ، وَإِذَا كَانَ النَّخْسُ بِأَمْرِ أَحَدِهِمَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى أَحَدٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تَسِيرُ وَعَلَيْهَا رَجُلٌ فَنَخَسَهَا آخَرُ فَأَلْقَتْ الرَّجُلَ إنْ كَانَ النَّخْسُ بِإِذْنِهِ لَا يَجِبُ عَلَى النَّاخِسِ شَيْءٌ ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَعَلَيْهِ كَمَالُ الدِّيَةِ ، وَإِنْ ضَرَبَتْ النَّاخِسَ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ ، وَإِنْ أَصَابَتْ رَجُلًا بِالذَّنَبِ ، أَوْ الرِّجْلِ ، أَوْ كَيْفَمَا كَانَ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ فَالضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا إلَّا فِي النَّفْحَةِ بِالرِّجْلِ وَالذَّنَبِ فَإِنَّهَا جُبَارٌ إلَّا إذَا كَانَ الرَّاكِبُ وَاقِفًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَأَمَرَ رَجُلًا فَنَخَسَهَا فَنَفَحَتْ رَجُلًا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالضَّمَانُ كُلُّهُ عَلَى النَّاخِسِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ .
رَجُلٌ وَاقِفٌ عَلَى دَابَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ فَأَمَرَ رَجُلًا بِالنَّخْسِ فَثَارَتْ مِنْ مَوْضِعِهَا ثُمَّ نَفَحَتْ رَجُلًا كَانَ عَلَى النَّاخِسِ دُونَ الرَّاكِبِ ا هـ .
وَلَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَى إنْسَانٍ ، أَوْ دَابَّةٍ فَيَقْتُلُهُ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى .
وَلَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَنَفَرَتْ مِنْهُ دَابَّةٌ فَأَتْلَفَتْ إنْسَانًا لَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الَّذِي وَضَعَهُ .
وَلَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَرَبَطَهَا فَجَالَتْ فِي رِبَاطِهَا فَأَتْلَفَتْ إنْسَانًا ، أَوْ شَيْئًا ضَمِنَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مَا دَامَتْ فِي رِبَاطِهَا .
وَلَوْ رَبَطَ دَابَّةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَهَا فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي خَلَّيْتُك وَإِيَّاهَا فَاقْبِضْهَا كَانَ قَبْضًا لَهُ فَإِنْ جَنَتْ الدَّابَّةُ فِي رِبَاطِهَا فَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ ، وَإِنْ جَالَتْ فِي رِبَاطِهَا فِي مَوْضِعِهَا لَا يَبْرَأُ الْبَائِعُ عَنْ ضَمَانِهَا مَا لَمْ تَحُلَّ الرِّبَاطَ وَتَنْتَقِلَ عَنْ مَوْضِعِهَا فَقَبْلَ ذَلِكَ مَا تَلِفَ بِهَا كَانَ ضَمَانُ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ .
وَلَوْ رَبَطَ حِمَارًا عَلَى سَارِيَةٍ فَجَاءَ آخَرُ وَرَبَطَ حِمَارًا لَهُ عَلَى تِلْكَ السَّارِيَةِ فَعَضَّ أَحَدُ الْحِمَارَيْنِ الْآخَرَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِلْكًا وَلَا طَرِيقًا لِأَحَدٍ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحِمَارِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَكَانِ سَعَةٌ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ فِي مَوْضِعٍ هُوَ مِلْكُ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَنْ يَرْبِطَا الْحِمَارَ كَانَ ضَامِنًا لِمَا أَصَابَ الْحِمَارُ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِلْكًا لِلْأَوَّلِ ضَمِنَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ مَا أَفْسَدَ حِمَارُ الثَّانِي ، وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلثَّانِي لَا يَضْمَنُ الثَّانِي مَا أَفْسَدَ حِمَارُهُ .
وَلَوْ أَرْسَلَ دَابَّةً فِي الْمَرْعَى الْمُبَاحِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَأَرْسَلَ دَابَّتَهُ فَعَضَّ دَابَّةُ الثَّانِي دَابَّةَ الْأَوَّلِ إنْ عَضَّهُ عَلَى الْفَوْرِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَرْبِطٍ لِأَحَدِهِمَا لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْمَرْبِطِ وَيَضْمَنُ الْآخَرُ .
وَإِنْ أَدْخَلَ بَعِيرًا مُغْتَلَمًا فِي دَارِ رَجُلٍ ، وَفِي الدَّارِ بَعِيرُ صَاحِبِ الدَّارِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ الْمُغْتَلَمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ : بَعْضُهُمْ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْمُغْتَلَمِ ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ : إنْ أَدْخَلَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ أَدْخَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُغْتَلَمِ وَإِنْ كَانَ مُسَبِّبًا فَإِذَا أَدْخَلَهُ بِإِذْنِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا .
وَإِنْ أَدْخَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ مُتَعَدِّيًا فَيَضْمَنُ كَمَنْ أَلْقَى حَيَّةً عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَتْهُ كَانَ ضَامِنًا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ سِكِّينًا إلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَ الصَّبِيُّ بِهِ نَفْسَهُ ، أَوْ رَجُلًا بِغَيْرِ أَمْرِ الدَّافِعِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الصَّبِيِّ مُعْتَبَرٌ فَلَا يُضَافُ إلَى الدَّافِعِ وَفِعْلُ الدَّابَّةِ وَالْهَامَّةِ هَدَرٌ فَيُضَافُ إلَى الْمُرْسِلِ .
رَجُلٌ أَذِنَ لِرَجُلٍ أَنْ يَدْخُلَ دَارِهِ وَهُوَ رَاكِبٌ فَدَخَلَ فَوَطِئَتْ دَابَّتُهُ شَيْئًا ضَمِنَ الدَّاخِلُ فَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا لَا يَضْمَنُ مِنْ فَصْلِ إرْسَالِ الدَّابَّةِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
رَجُلٌ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ فَقَالَ لَهُ امْسِكْ لِي فَسَقَطَ الصَّبِيُّ عَنْ الدَّابَّةِ كَانَ دِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ ، أَوْ لَا ، وَإِنْ سَقَطَ قَبْلَ مَا سَارَتْ ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِنْ سَيَّرَ الصَّبِيُّ الدَّابَّةَ فَأَوْطَأَ إنْسَانًا وَالصَّبِيُّ يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَدِيَةُ الْقَتِيلِ تَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ .
وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ لِصِغَرِهِ وَلَا هُوَ مِمَّنْ يُسَيِّرُهَا لِصِغَرِهِ كَانَ دَمُ الْقَتِيلِ هَدَرًا وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّابَّةِ الْمُنْفَلِتَةِ ، وَلَوْ كَانَ رَاكِبًا فَحَمَلَهُ مَعَهُ نَفْسَهُ وَمِثْلُ هَذَا الصَّبِيِّ لَا يَصْرِفُ الدَّابَّةَ وَلَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَصْرِفُ الدَّابَّةَ ، أَوْ يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّ السَّيْرَ يُضَافُ إلَيْهِمَا وَلَا يَرْجِعُ عَاقِلَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ ، وَإِنْ سَقَطَ الصَّبِيُّ وَمَاتَ كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ سَوَاءٌ سَقَطَ بَعْدَ مَا سَيَّرَ الدَّابَّةَ ، أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ ، أَوْ لَا يَسْتَمْسِكُ ، وَلَوْ كَانَ الْحَامِلُ عَبْدًا كَانَتْ دِيَةُ الصَّبِيِّ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ يَدْفَعُهُ الْمَوْلَى ، أَوْ يَفْدِي ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ تَسَبُّبًا أَوْ مُبَاشَرَةً .
وَلَوْ سَارَ الْعَبْدُ مَعَ الصَّبِيِّ فَأَوْطَأَ إنْسَانًا فَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ ، وَفِي عُنُقِ الْعَبْدِ نِصْفُهَا ، وَلَوْ أَنَّ حُرًّا كَبِيرًا حَمَلَ عَبْدًا صَغِيرًا عَلَى دَابَّةٍ وَمِثْلُهُ يَصْرِفُ الدَّابَّةَ وَيَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ عَلَيْهَا فَأَوْطَأَتْ إنْسَانًا كَانَتْ دِيَتُهُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ فَيَدْفَعُهُ الْمَوْلَى أَوْ يَفْدِي ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ فَيَصِيرُ غَاصِبًا
فَإِذَا لَحِقَهُ غُرْمٌ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
سُئِلَ شُرَيْحٌ عَنْ شَاةٍ لِرَجُلٍ أَكَلَتْ غَزْلًا لِحَائِكٍ قَالَ إنْ كَانَ لَيْلًا يَضْمَنُ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نَهَارًا لَا يَضْمَنُ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَفِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ سَوَاءٌ فَعَلَهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ .
وَلَوْ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ حُرَّانِ فَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الدِّيَةُ لِلْأُخْرَى كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
قَالَ فِي إصْلَاحِ الْإِيضَاحِ وَهَاهُنَا شَرْطٌ مَذْكُورٌ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ أَنْ يَقَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَفَاهُ إذْ لَوْ وَقَعَ كِلَاهُمَا عَلَى وَجْهِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَإِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِهِ وَالْآخَرُ عَلَى قَفَاهُ فَدَمُ الَّذِي وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ هَدَرٌ وَشَرْطٌ آخَرُ مَذْكُورٌ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَا عَامِدَيْنِ فِي ذَلِكَ الِاصْطِدَامِ فَإِنَّهُمَا لَوْ كَانَا عَامِدَيْنِ فِيهِ ضَمِنَ كُلٌّ نِصْفَ الدِّيَةِ لِلْآخَرِ ا هـ قُلْتُ وَالْأَخِيرُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ هُدِرَتْ الْجِنَايَةُ وَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدِ الْمَوْلَيَيْنِ لِلْآخَرِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ .
وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ عَبْدًا فَفِي الْخَطَأِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ قِيمَةُ الْعَبْدِ فَيَأْخُذُهَا وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ الْحُرِّ وَيَبْطُلُ حَقُّ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ فِي الدِّيَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ .
وَفِي الْعَمْدِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ النِّصْفُ فِي الْعَمْدِ وَهَذَا الْقَدْرُ يَأْخُذُهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ أَيْضًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ بَسْطٌ مَذْكُورٌ فِيهَا .
وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ رَاكِبٌ خَلْفَ سَائِرِ فَصَدَمَهُ الْجَائِي لَا ضَمَانَ عَلَى السَّائِرِ ، وَلَوْ عَطِبَ السَّائِرُ ضَمِنَ الْجَائِي .
وَلَوْ اصْطَدَمَ دَابَّتَانِ فَعَطِبَتْ إحْدَاهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا سَائِقٌ فَضَمَانُ الَّتِي عَطِبَتْ عَلَى الْآخَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيُّ سَكْرَانُ جَنَحَ بِهِ فَرَسُهُ فَاصْطَدَمَ إنْسَانًا فَمَاتَ أَجَابَ إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ فَلَيْسَ بِمُسَيِّرٍ لَهُ فَلَا يُضَافُ سَيْرُهُ إلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ قَالَ ، وَكَذَا غَيْرُ السَّكْرَانِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَنْعِ ا هـ رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبًا ، أَوْ دَابَّةً ، أَوْ طَيْرًا فَأَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ فِي فَوْرِهِ ضَمِنَ الْمُرْسِلُ فِي الْهِدَايَةِ إنْ كَانَ سَائِقًا لَهَا وَلَا يَضْمَنُ فِي الْكَلْبِ وَالطَّيْرِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ فِي الْكُلِّ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى إنْسَانٍ فَعَضَّهُ أَوْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ .
وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ قَائِدًا لَهُ ، أَوْ سَائِقًا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا ، وَإِنْ أَغْرَاهُ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ ، وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ : كَانَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ هُوَ سَائِقًا لَهُ وَيَضْمَنُ مُطْلَقًا ، وَفِي غَيْرِ الْمُعَلَّمِ يُشْتَرَطُ السَّوْقُ ا هـ .
وَفِي النِّهَايَةِ رَجُلٌ لَهُ كَلْبٌ عَقُورٌ كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ عَضَّهُ فَلِأَهْلِ الْقَرْيَةِ أَنْ يَقْتُلُوهُ فَإِنْ عَضَّ هَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمُوا إلَيْهِ قَبْلَ الْعَضِّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانُوا تَقَدَّمُوا عَلَى صَاحِبِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ .
وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ طَرَحَ رَجُلٌ غَيْرَهُ قُدَّامَ أَسَدٍ ، أَوْ سَبُعٍ فَلَيْسَ عَلَى الطَّارِحِ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ وَيُضْرَبُ ضَرْبًا وَجِيعًا وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَمَّا أَنَا فَأَرَى الْحَبْسَ حَتَّى يَمُوتَ ا هـ .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيُّ سَكْرَانُ جَنَحَ بِهِ فَرَسُهُ فَاصْطَدَمَ إنْسَانًا فَمَاتَ قَالَ لَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ فَلَيْسَ بِمُسَيِّرٍ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ إذْ لَا يُضَافُ إلَيْهِ سَيْرُهُ ، وَكَذَا غَيْرُ السَّكْرَانِ لَوْ عَاجِزًا عَنْ مَنْعِهِ ا هـ .
رَجُلٌ سَاقَ حِمَارًا وَعَلَيْهِ وِقْرُ حَطَبٍ وَكَانَ رَجُلٌ وَاقِفًا فِي الطَّرِيقِ ، أَوْ يَسِيرُ فَقَالَ السَّائِقُ بِالْفَارِسِيَّةِ : كوست كوست أَوْ بَرَّتْ بَرَّتْ فَلَمْ يَسْمَعْ الْوَاقِفُ حَتَّى أَصَابَهُ الْحَطَبُ فَخَرَقَ ثَوْبَهُ ، أَوْ سَمِعَ لَكِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ أَنْ يَتَنَحَّى عَنْ الطَّرِيقِ لِضِيقِ الْمُدَّةِ ضَمِنَ ، وَإِنْ سَمِعَ وَتَهَيَّأَ لَكِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ لَا يَضْمَنُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْأَصَمِّ وَغَيْرِهِ وَنَظِيرُ هَذَا مَنْ أَقَامَ حِمَارًا عَلَى الطَّرِيقِ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ فَجَاءَ رَاكِبٌ وَخَرَقَ الثِّيَابَ إنْ كَانَ الرَّاكِبُ يُبْصِرُ الْحِمَارَ وَالثَّوْبَ يَضْمَنُ ، وَإِنْ لَمْ يُبْصِرْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ عَلَى الطَّرِيقِ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ وَلَا يَضْمَنُونَ .
وَكَذَا رَجُلٌ جَلَسَ عَلَى الطَّرِيقِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ وَلَمْ يَرَهُ فَمَاتَ الْجَالِسُ لَا يَضْمَنُ ثُمَّ الَّذِي سَاقَ حِمَارَ الْحَطَبِ إذَا كَانَ لَا يُنَادِي بَرَّتْ بَرَّتْ أَوْ كوست كوست حَتَّى تَعَلَّقَ الْحَطَبُ بِثَوْبِ إنْسَانٍ وَخَرَقَهُ يَضْمَنُ إنْ مَشَى الْحِمَارُ إلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ أَمَّا إذَا كَانَ صَاحِبُ الثَّوْبِ يَمْشِي إلَى الْحِمَارِ وَهُوَ يَرَاهُ وَلَمْ يَتَبَاعَدْ عَنْهُ لَا يَضْمَنُ .
رَجُلٌ أَدْخَلَ غَنَمًا ، أَوْ ثَوْرًا أَوْ حِمَارًا كَرْمًا ، أَوْ بُسْتَانًا ، أَوْ أَرْضًا فَأَفْسَدَهَا وَصَاحِبُهَا مَعَهَا يَسُوقُهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَفْسَدَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَسُوقُهَا لَا يَضْمَنُ وَقِيلَ يَضْمَنُ ، وَإِنْ لَمْ يَسُقْهَا عَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ وَالْبَعِيرِ الْمُغْتَلَمِ .
سَرَّحَ ثَوْرَهُ إلَى كَرِدَّةِ جَارِهِ لِيَعْتَلِفَ فَنَطَحَ أَتَانُهُ صَاحِبَ الْكُرْدَةِ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إذَا أَرْسَلَهُ عَلَيْهَا فَنَطَحَهَا فِي فَوْرِهِ ، وَلَوْ أَمَرَ صَاحِبُ الكردة بِإِخْرَاجِهِ عَنْهَا فَلَمْ يُخْرِجْهُ حَتَّى نَطَحَهَا لَمْ يَضْمَنْ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
وَلَوْ أَرْسَلَ بَعْضَ الْهَوَامِّ عَلَى رَجُلٍ يَكُونُ ضَامِنًا .
وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى شَاةٍ إنْ وَقَفَ الْكَلْبُ ثُمَّ سَارَ فَأَتْلَفَهَا لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ أَخَذَ يَمِينًا ، أَوْ شِمَالًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا طَرِيقٌ غَيْرُ ذَلِكَ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا فَأَصَابَ إنْسَانًا لَا يَضْمَنُ وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَغَيْرُهُ مِنْ شُرَّاحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ سَائِقًا أَنْ يَكُونَ خَلْفَهُ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ يَحْتَمِلُ السَّوْقَ كَسَائِرِ الدَّوَابِّ فَأُضِيفَ إلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبًا فَأَصَابَ فِي فَوْرِهِ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ أَوْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ ضَمِنَ الْمُرْسِلُ ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ فِي فَوْرِهِ فَكَأَنَّهُ خَلْفَهُ .
وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى صَيْدٍ وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا فَأَصَابَ إنْسَانًا لَا يَضْمَنُ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى الصَّيْدِ فَأَصَابَ نَفْسًا ، أَوْ مَالًا فِي فَوْرِهِ لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ ، وَإِذَا أَرْسَلَ دَابَّةً فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَأَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا فَالْمُرْسِلُ ضَامِنٌ ؛ لِأَنَّ سَيْرَهَا مُضَافٌ إلَيْهِ مَا دَامَ التَّسْيِيرُ عَلَى سَنَنِهَا ، وَلَوْ انْعَطَفَتْ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً انْقَطَعَ حُكْمُ الْإِرْسَالِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ سِوَاهُ ، وَكَذَا إذَا وَقَفَتْ ثُمَّ سَارَتْ ا هـ .
رَجُلٌ أَلْقَى حَيَّةً فِي الطَّرِيقِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ حَتَّى تَزُولَ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَلْقَى شَيْئًا مِنْ الْهَوَامِّ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَأَصَابَتْ إنْسَانًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ضَمِنَ الَّذِي طَرَحَهَا مَا لَمْ تَبْرَحْ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِذَا بَرِحَتْ ثُمَّ أَصَابَتْ لَا يَضْمَنُ الَّذِي طَرَحَهَا .
( مَطْلَبٌ إفْسَادُ الزَّرْعِ ) .
وَلَوْ أَرْسَلَ حِمَارَهُ فَدَخَلَ زَرْعَ إنْسَانٍ وَأَفْسَدَهُ إنْ سَاقَهُ إلَى الزَّرْعِ ضَمِنَ ، وَإِنْ لَمْ يَسُقْهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ إلَّا أَنَّ الْحِمَارَ ذَهَبَ فِي فَوْرِهِ وَلَمْ يَنْعَطِفْ يَمِينًا ، أَوْ شِمَالًا وَذَهَبَ إلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرْسَلَهُ فَأَصَابَ الزَّرْعَ كَانَ ضَامِنًا ، وَإِنْ ذَهَبَ يَمِينًا وَشِمَالًا ثُمَّ أَصَابَ الزَّرْعَ إنْ كَانَ طَرِيقٌ آخَرُ لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَ ، وَإِنْ رَدَّهُ إنْسَانٌ فَأَفْسَدَ الزَّرْعَ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي رَدَّهُ مِنْ قَاضِي خَانْ .
غَنَمٌ أَتْلَفَ زَرْعًا ضَمِنَ لَوْ سَائِقًا وَإِلَّا فَلَا ، وَكَذَا ثَوْرٌ وَحِمَارٌ ، وَلَوْ قَادَهَا الرَّاعِي قَرِيبًا مِنْ الزَّرْعِ بِحَيْثُ لَوْ مَالَتْ تَنَاوَلَتْ ضَمِنَ الرَّاعِي الزَّرْعَ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَلَوْ أَنَّ دَابَّةً انْفَلَتَتْ لَيْلًا ، أَوْ نَهَارًا فَأَصَابَتْ مَالًا ، أَوْ آدَمِيًّا لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْعَجْمَاءِ هَدَرٌ صُرِّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ مَرْبُوطَةٍ فَزَالَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا بَعْدَ مَا أَوْقَفَهَا ثُمَّ جَنَتْ عَلَى رَجُلٍ كَانَ هَدَرًا .
لَوْ وَجَدَ فِي زَرْعِهِ ، أَوْ كَرْمِهِ دَابَّةً وَقَدْ أَفْسَدَتْ زَرْعَهُ فَحَبَسَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ صَاحِبُ الْكَرْمِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
دَخَلَتْ دَابَّتُهُ زَرْعَ غَيْرِهِ تُفْسِدُهُ ، وَلَوْ دَخَلَهُ لِيُخْرِجَهَا يُفْسِدُهُ أَيْضًا لَكِنْ أَقَلُّ مِنْ الدَّابَّةِ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ ، وَلَوْ كَانَتْ دَابَّةَ غَيْرِهِ لَا يَجِبُ ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ .
رَأَى حِمَارَهُ يَأْكُلُ حِنْطَةَ غَيْرِهِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ حَتَّى أَكَلَهَا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
إذَا رَأَى فِي زَرْعِهِ دَابَّةً فَأَخْرَجَهَا فَمِقْدَارُ مَا يُخْرِجُهَا عَنْ مِلْكِهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا فَإِذَا سَاقَهَا وَرَاءَ ذَلِكَ الْقَدْرِ يَصِيرُ ضَامِنًا بِنَفْسِ السَّوْقِ هَكَذَا ذَكَرَهُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ وَتَبِعَهُ أَبُو نَصْرٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ : إذَا سَاقَهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهَا لَا يَكُونُ ضَامِنًا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إذَا وَجَدَ الرَّجُلُ دَابَّةً فِي زَرْعِهِ فَأَخْرَجَهَا فَقَتَلَهَا سَبُعٌ كَانَ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْرِجَهَا وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْدِيَ عَلَى صَاحِبِهَا وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ إنَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ مِلْكِهِ وَلَا يَسُوقُهَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَإِنْ سَاقَهَا بَعْدَ مَا أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ يَصِيرُ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِي الصُّغْرَى قَالَ اللَّيْثُ وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا بَلْ نَأْخُذُ بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَا يَضْمَنُ لَوْ أَخْرَجَهَا ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الزَّرْعِ أَنْ يُخْرِجَ الدَّابَّةَ مِنْ زَرْعِهِ وَلَا يَسُوقُهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ا هـ وَإِنْ سَاقَهَا لِيَرُدَّهَا فَعَطِبَتْ فِي الطَّرِيقِ وَانْكَسَرَ رِجْلُهَا كَانَ ضَامِنًا .
وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الزَّرْعِ لَمْ يُخْرِجْهَا وَلَكِنَّهُ أَمَرَ صَاحِبَهَا أَنْ يُخْرِجَهَا فَأَفْسَدَتْ شَيْئًا فِي إخْرَاجِهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِمَا أَفْسَدَتْ ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا بِأَمْرِهِ ، وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ دَابَّتُك فِي الزَّرْعِ وَلَمْ يَقُلْ أَخْرِجْهَا فَأَخْرَجَهَا صَاحِبُهَا فَأَفْسَدَتْ شَيْئًا فِي إخْرَاجِهَا كَانَ ضَامِنًا وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَكُونُ ضَامِنًا أَيْضًا لِوُجُودِ السَّوْقِ مِنْ صَاحِبِهَا وَصَاحِبُ الزَّرْعِ لَمْ يَضْمَنْ بِالْفَسَادِ وَإِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ الصِّيَانَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الزَّرْعِ حَمَلَ عَلَى دَابَّةٍ وَجَدَهَا فِي زَرْعِهِ فَأَسْرَعَتْ ضَمِنَ مَا أَصَابَتْ ، وَكَذَا لَوْ تَبِعَهَا كَثِيرًا بَعْدَ مَا أَخْرَجَهَا فَذَهَبَتْ ضَمِنَ
، وَلَوْ أَخْرَجَهَا أَجْنَبِيٌّ قَالَ أَبُو نَصْرٍ أَرْجُو أَنْ لَا يَضْمَنَ وَعَنْ بَعْضِهِمْ يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَبَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي الْغَصْبِ وَقَدْ مَرَّ فِيهِ حُكْمُ مَا لَوْ وَجَدَ فِي زَرْعِهِ ثَوْرَيْنِ لَيْلًا فَظَنَّ أَنَّهُمَا لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ فَسَاقَهُمَا إلَى مَرْبِطِهِ وَضَاعَ أَحَدُهُمَا فَلْيُطْلَبْ هُنَاكَ .
دَخَلَ زَرْعَهُ جَمَلُ غَيْرِهِ مِرَارًا وَلَا يُطِيقُ مَنْعَهُ فَحَبَسَهُ حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهُ ثُمَّ غَابَ الْجَمَلُ مِنْ الْإِصْطَبْلِ فَوُجِدَ مَكْسُورَ الرِّجْلِ فَإِنْ لَمْ يَنْكَسِرْ فِي حَبْسِهِ قَالُوا : لَا يَضْمَنُ وَقَدْ قَالُوا يَضْمَنُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى صَاحِبِهِ فَالرَّأْيُ فِيهِ إلَى الْقَاضِي ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
أَدْخَلَ بَقَرًا نطوحا بِسَرْحِ إنْسَانٍ فَنَطَحَ جَحْشًا لَا يَضْمَنُ
أَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَأَخْرَجَهَا مَالِكُ الدَّارِ فَتَلِفَتْ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَ فِي مَرْبِطِ دَابَّتِهِ دَابَّةً فَأَخْرَجَهَا فَضَاعَتْ ، أَوْ أَكَلَهَا الذِّئْبُ يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الدَّابَّةِ فِي الْبَيْتِ يَضُرُّ بِخِلَافِ الْمَرْبِطِ فَإِنَّهُ مَحِلُّهَا .
شَاةٌ لِإِنْسَانٍ دَخَلَتْ دُكَّانَ طَبَّاخٍ فَتَبِعَهَا مَالِكُهَا لِإِخْرَاجِهَا مِنْهُ فَكَسَرَتْ قِدْرَ الطَّبَّاخِ يَضْمَنُ مَالِكُهَا الدَّاخِلُ ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
إصْطَبْلٌ بَيْنَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْرٌ فَشَدَّ أَحَدُهُمَا ثَوْرَ الْآخَرِ حَتَّى لَا يَنْطَحَ ثَوْرَهُ فَاخْتَنَقَ الْمَشْدُودُ بِالْحَبْلِ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ الرَّابِطُ إذَا لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ مَكَانِهِ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ .
رَجُلٌ رَبَطَ حِمَارًا عَلَى سَارِيَةٍ فَجَاءَ آخَرُ بِحِمَارٍ وَرَبَطَ حِمَارَهُ عَلَى تِلْكَ السَّارِيَةِ فَعَضَّ أَحَدُ الْحِمَارَيْنِ الْآخَرَ فَهَلَكَ فَإِنْ رَبَطَا فِي مَوْضِعٍ لَهُمَا وِلَايَةُ الرَّبْطِ لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وِلَايَةُ الرَّبْطِ ضَمِنَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِلْكًا وَلَا طَرِيقًا لِأَحَدٍ لَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ فِي الْمَكَانِ سَعَةٌ ، وَفِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ .
شَاةٌ لِإِنْسَانٍ دَخَلَتْ دُكَّانَ رَآَّسٍ فَدَخَلَ صَاحِبُ الشَّاةِ الدُّكَّانَ لِيُخْرِجَهَا فَكَسَرَتْ الشَّاةُ قِدْرَ الرَّأْسِ يَضْمَنُ فِي الْخُلَاصَةِ .
صَبِيٌّ عَاقِلٌ أَشْلَى كَلْبًا عَلَى غَنَمِ آخَرَ فَتَفَرَّقَتْ وَذَهَبَتْ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَتْ لَمْ يَضْمَنْ وَعَنْ شَرَفِ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيِّ إنْ مَشَى عِنْدَ الْأَشْلَاءِ مَعَهُ خُطُوَاتٍ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا .
وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ظَهْرِ فَرَسٍ وَعَادَتُهُ نَفْحُهُ بِذَنَبِهِ ، أَوْ بِرِجْلِهِ فَنَفَحَ وَأَتْلَفَ لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ النَّخْسِ ؛ لِأَنَّ الِاضْطِرَابَ لَازِمٌ لِلنَّخْسِ دُونَ وَضْعِ الْيَدِ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
لَوْ فَقَأَ عَيْنَ شَاةٍ ضَمِنَ نُقْصَانَهَا ، وَفِي عَيْنِ الْبَقَرِ وَالْجَزُورِ وَالْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَالْفَرَسِ يَضْمَنُ رُبُعَ الْقِيمَةِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قُلْتُ ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ لِصِغَرِهِ كَجَحْشٍ وَفَصِيلٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ رُبُعَ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَالدَّجَاجَةُ كَشَاةٍ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ أَيْ يَضْمَنُ إذَا فَقَأَ عَيْنَهَا النُّقْصَانَ ، وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ فَقَأَ إحْدَى عَيْنِي الطَّيْرِ وَالْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ ضَمِنَ مَا انْتَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ كَالشَّاةِ وَالْجَمَلِ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ فِي جَمِيعِ الْبَهَائِمِ انْتَهَى قُلْتُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا نُقْصَانُهُ كَذَا فِي الْغَصْبِ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
أَوْقَفَ دَابَّةً فِي الطَّرِيقِ وَآخَرُ كَذَلِكَ فَهَرَبَتْ إحْدَاهُمَا فَأَصَابَتْ الْأُخْرَى لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْهَارِبَةِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ إذَا قَطَعَ أُذُنَ الدَّابَّةِ ، أَوْ بَعْضَهُ ، أَوْ قَطَعَ ذَنَبَهَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ .
وَإِذَا اسْتَهْلَكَ حِمَارَ غَيْرِهِ أَوْ بَغْلَهُ بِقَطْعِ يَدٍ ، أَوْ رِجْلٍ أَوْ بِذَبْحِهِ إنْ شَاءَ صَاحِبُهُ ضَمَّنَهُ ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .
وَلَوْ ضَرَبَ رَجُلٌ دَابَّةً حَتَّى صَارَتْ عَرْجَاءَ فَهُوَ كَالْقَطْعِ انْتَهَى .
وَفِي الْهِدَايَةِ ذَبَحَ شَاةً فَمَالِكُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ أَوْ أَخَذَهَا وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ ، وَكَذَا الْجَزُورُ ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُمَا وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْهُ لَوْ شَاءَ أَخَذَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَالدَّابَّةُ لَوْ لَمْ تَكُنْ مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ وَقَطَعَ طَرَفَهَا فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا لِلْإِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ انْتَهَى ، وَفِي قَاضِي خَانْ ذَبَحَ شَاةَ إنْسَانٍ ظُلْمًا فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَذْبُوحَ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَذْبُوحَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ .
وَلَوْ قَطَعَ يَدَ حِمَارٍ ، أَوْ بَغْلٍ أَوْ رِجْلَهُ فَصَاحِبُهُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ الدَّابَّةَ أَوْ أَمْسَكَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَ قِنٍّ فَإِنَّ لِمَالِكِهِ أَنْ يُضَمِّنَّهُ النُّقْصَانَ ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ بِقَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ لَا يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْعَوَامِلِ ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مِمَّا يُؤْكَلُ كَالشَّاةِ وَالْجَزُورِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَيَمْسِكَ الدَّابَّةَ هَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ قُلْتُ : وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَكِنْ يُضَمِّنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِلْمَالِكِ أَنْ يَمْسِكَ الْحِمَارَ وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ ، وَإِنْ قَتَلَهُ قَتْلًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَّهُ النُّقْصَانَ .
وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ لِلدَّابَّةِ قِيمَةٌ بَعْدَ قَطْعِ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ إنْ شَاءَ الْمَالِكُ أَمْسَكَ الدَّابَّةَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ .
وَلَوْ فَقَأَ عَيْنَ حِمَارٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ضَمَّنَهُ كُلَّ قِيمَتِهِ وَسَلَّمَهُ
وَلَا يُضَمِّنُ النُّقْصَانَ مَعَ إمْسَاكِ الْجُثَّةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْجُثَّةِ الْعَمْيَاءِ .
وَإِذَا قَتَلَ ذِئْبًا مَمْلُوكًا لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَيَضْمَنُ فِي الْقِرْدِ ؛ لِأَنَّ الْقِرْدَ يَكْنِسُ الْبَيْتَ وَيَخْدُمُ انْتَهَى مَا فِي قَاضِي خَانْ وَقَدْ اخْتَصَرْنَا بَعْضَ كَلِمَاتِهِ وَتَرَكْنَا الْبَعْضَ مَخَافَةَ التَّكْرَارِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ مَرَّتْ بَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي الْغَصْبِ أَيْضًا .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ لِحِرَاسَةٍ ، أَوْ مَاشِيَةٍ ، أَوْ صَيْدٍ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيَغْرَمُ مُتْلِفُهُ انْتَهَى .
وَلَوْ صَالَ جَمَلٌ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ دَفْعًا لِشَرِّهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ عِنْدَنَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
الْبَعِيرُ السَّكْرَانُ إذَا قَصَدَ قَتْلَ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
قَطَعَ لِسَانَ الثَّوْرِ يَلْزَمُهُ كَمَالُ الْقِيمَةِ لِفَوْتِ الِاعْتِلَافِ ، وَفِي لِسَانِ الْحِمَارِ يَلْزَمُهُ النُّقْصَانُ .
جَاءَ بِأَتَانِهِ إلَى حِمَارِ غَيْرِهِ مَشْدُودٍ بِالطُّولِ وَأَنْزَى عَلَيْهَا ذَلِكَ الْحِمَارَ فَحَصَلَ نُقْصَانٌ بِسَبَبِهِ لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّ الْحِمَارَ نَزَا عَلَيْهَا بِاخْتِيَارِهِ وَالْإِنْزَاءُ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلنُّقْصَانِ غَالِبًا فَلَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ أَشْلَاءِ الْكَلْبِ .
ضَرَبَ ثَوْرَ غَيْرِهِ فَكَسَرَ ثَلَاثَةً مِنْ أَضْلَاعِهِ فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمَالِكُ يَضْمَنُ كُلَّ الْقِيمَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَهْلِكْ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ كُلَّ الْقِيمَةِ .
وَلَوْ خَلَّى حِمَارَ الْفَحْلِ الْقَوِيَّ فَأَهْلَكَ حِمَارَ الْآخَرِ إنْ خَلَّاهُ فِي مَوْضِعٍ لَهُ وِلَايَةُ التَّخْلِيَةِ فِيهِ لَا يَضْمَنُ .
وَلَوْ سَاقَ أَتَانَهُ الْغَيْرُ مِنْ مَوْضِعٍ فَذَهَبَ مَعَهَا الْجَحْشُ ثُمَّ أَتَى بِهَا إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَجَاءَ مَعَهَا الْجَحْشُ وَأَكَلَهُ الذِّئْبُ يَضْمَنُ .
وَلَوْ رَمَى يتقلتسون عَلَى رَجُل بَعِيرٍ فَضَرَبَ رِجْلَهُ بِسَبَبِهِ عَلَى جِدَارٍ فَانْكَسَرَ يَضْمَنُ .
دَخَلَ زَرْعَهُ جَمَلُ غَيْرِهِ مِرَارًا وَلَا يُطِيقُ مَنْعَهُ فَحَبَسَهُ حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهُ ثُمَّ غَابَ الْجَمَلُ مِنْ الْإِصْطَبْلِ فَوُجِدَ مَكْسُورَ الرِّجْلِ فَإِنْ لَمْ يَنْكَسِرْ فِي حَبْسِهِ قَالُوا لَا يَضْمَنُ وَقَدْ قَالُوا يَضْمَنُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى صَاحِبِهِ فَالرَّأْيُ فِيهِ إلَى الْقَاضِي .
وَلَوْ سَلَّمَ حِمَارَهُ الْمُزَارِعِيَّ يَشُدُّهُ فِي الدَّالِيَةِ فَفَعَلَ وَنَامَ وَانْقَطَعَ حَبْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْمُعَرَّاةِ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ .
ثَوْرٌ يَعْتَادُ أَكْلَ الثِّيَابِ وَسَاقَهُ صَبِيُّ صَاحِبِ الثَّوْرِ إلَى فِنَاءٍ فِيهِ تُجَّارُ ثِيَابٍ فَقِيلَ لِلصَّبِيِّ احْفَظْ الثَّوْرَ وَجَدَ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَكَلَ ثَوْبًا مِنْهُ يَضْمَنُ الصَّبِيُّ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا مِنْ دَفْعِهِ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِهِ مِنْهُ .
لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ الْعِنَبَ مِنْ الْكُرُومِ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِيمَا يُخَافُ تَلَفُ بَنِي آدَمَ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ وَنَطْحِ الثَّوْرِ وَعَقْرِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَيَضْمَنُ إذَا لَمْ يَحْفَظْ أَوْ لَمْ يَهْدِمْ فِي الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالُ تَبَعٌ لَهَا .
أَدْخَلَ ثَوْرًا فِي السُّوقِ خَائِفًا فَهَرَبَ مِنْهُ وَاسْتَهْلَكَ صَبِيًّا لَا يَضْمَنُ .
رَبَطَ كَبْشًا عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنْقُلْهُ حَتَّى نَطَحَ صَبِيًّا وَكَسَرَ ثَنِيَّتَهُ يَضْمَنُ .
حَلَّ ثَوْرًا فِي إصْطَبْلٍ فِيهِ غَيْرُهُ لِصَاحِبِهِ وَنَطَحَ ثَوْرُهُ الْآخَرَ لَا يَضْمَنُ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
ضَرَبَ حِمَارَ غَيْرِهِ فَعَيَّبَهُ وَضَمِنَ ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا ضَمِنَ .
أَلْقَى هِرَّةً فِي بَيْتِ حَمَامٍ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَخْرَجًا فَقُتِلَتْ الْحَمَامَةَ بِأَسْرِهَا وَهِيَ طَيَّارَةٌ بَلَح تفخند سادر غوش وَإِنَّهَا غَالِيَةٌ الْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يُطَيِّرُونَهَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ كَذَا فِي الْغَصْبِ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
وَلَوْ ضَرَبَ رِجْلَ حِمَارٍ حَتَّى صَارَ أَعْرَجَ فَهُوَ كَالْقَطْعِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
( الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ ) إذَا جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً خَطَأً فِي النَّفْسِ أَوْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِ الْخَطَأِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِاسْتِوَاءِ الْحُكْمِ فَإِنَّ الْقِصَاصَ لَا يَجْرِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْعَبْدِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَمَوْلَاهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْعَبْدَ الْجَانِيَ بِالْجِنَايَةِ فَيُمَلِّكُهُ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ ، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ ، وَلَوْ جَنَى جِنَايَاتٍ إنْ شَاءَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ إلَى الْأَوْلِيَاءِ يَقْتَسِمُونَهُ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ ، وَإِنْ شَاءَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِجَمِيعِ أُرُوشِهِمْ .
وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ الْمَوْلَى شَيْئًا حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ بَطَلَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ لَمْ يَبْرَأْ ، وَإِنْ فَدَاهُ فَجَنَى ثَانِيًا كَانَ حُكْمُ الثَّانِيَةِ كَالْأُولَى فِي أَنَّ الْمَوْلَى يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَدَى عَنْ الْأُولَى صَارَتْ الْأُولَى كَأَنْ لَمْ تَكُنْ ، وَكَذَا لَوْ جَنَى ثَالِثًا ، أَوْ رَابِعًا ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ مَا جَنَى وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِهَا ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَرْشُ وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْبَيْعُ وَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ بِأَنْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ الْجَانِيَةَ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْعَبْدِ الْجَانِي لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَرْشُ عَلَى الْمَوْلَى عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَأَلْحَقَ الْكَرْخِيُّ الْإِقْرَارَ بِالْبَيْعِ وَأَخَوَاتِهِ وَإِطْلَاقُ الْبَيْعِ يَنْتَظِمُ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ مِنْ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَنَقْضُهُ وَبِخِلَافِ الْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ ، وَلَوْ بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِنَّ مُوجِبَهَا يَثْبُتُ قَبْلَ قَبْضِ
الْبَدَلِ فَيَصِيرُ بِنَفْسِ الْكِتَابَةِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ ، وَلَوْ بَاعَهُ مَوْلَاهُ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَهَبَهُ مِنْهُ وَإِعْتَاقُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْمَوْلَى بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ مِنْ الْمَوْلَى فِيمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَلَوْ ضَرَبَهُ الْمَوْلَى فَنَقَصَهُ بِأَنْ عَيَّبَهُ فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ بِكْرًا فَوَطِئَهَا بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ وَبِخِلَافِ وَطْءِ الثَّيِّبِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِخِلَافِ الِاسْتِخْدَامِ وَلَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ بِالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ فِي الْأَظْهَرِ ، وَكَذَا بِالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ .
وَإِنْ رَكِبَهُ دَيْنٌ ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يُفَوِّتُ الدَّفْعَ وَلَا يُنْقِصُ الرَّقَبَةَ إلَّا أَنَّ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِهِ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَحِقَهُ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى فَيَلْزَمُ الْمَوْلَى قِيمَتُهُ ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْهِدَايَةِ بِاخْتِصَارٍ وَتَوْضِيحٍ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَوْلَى مَتَى أَحْدَثَ فِي الْقِنِّ الْجَانِي تَصَرُّفًا يُعْجِزُهُ عَنْ الدَّفْعِ كَالْبَيْعِ الْبَاتِّ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالِاسْتِيلَادِ ، وَفِي الْجَارِيَةِ الْجَانِيَةِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ لَمْ يَكُنْ مُخْتَارًا وَضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الْأَرْشِ وَمَتَى أَحْدَثَ تَصَرُّفًا لَا يُعْجِزُهُ عَنْ الدَّفْعِ كَالْجِمَاعِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ لِلْغَيْرِ وَالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ ، وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْعَتَاقِ فِي الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ يَصِيرُ مُخْتَارًا ، وَكَذَا فِي التَّعَيُّبِ .
وَلَوْ جَنَى جِنَايَتَيْنِ فَعَلِمَ بِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَأَعْتَقَهُ ، أَوْ بَاعَهُ ، أَوْ نَحْوَهُ يَكُونُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ فِيمَا عَلِمَ ، وَفِيمَا لَمْ يَعْلَمْ يَلْزَمُهُ حِصَّتُهَا مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ .
وَلَوْ حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَقَدْ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ بَعْدَ الْحَفْرِ قَبْلَ الْوُقُوعِ غَرِمَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا ثَانٍ وَثَالِثٌ فَإِنَّهُمْ يَشْتَرِكُونَ فِي قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ عُلِمَ بِالْحَفْرِ ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .
وَلَوْ حَفَرَ عَبْدٌ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ بِئْرًا فَمَاتَ فِيهَا إنْسَانٌ فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَفْرِ وَمَوْتِ الْإِنْسَانِ فَعَلَى الْمَوْلَى دِيَتُهُ اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ بِالْإِعْتَاقِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ فَإِنْ مَاتَ فِيهَا آخَرُ فَلِوَلِيِّ الثَّانِي أَنْ يُشَارِكَ الْأَوَّلَ فِيمَا قَبَضَ بِضَرْبِ الْأَوَّلِ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ وَالثَّانِي بِجَمِيعِ قِيمَةِ الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَتُقْسَمُ عَلَى ذَلِكَ الدِّيَةُ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يُقَدِّرَ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِائَةً مَثَلًا وَالدِّيَةَ أَلْفًا فَتُقْسَمُ الدِّيَةُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا وَيَأْخُذُ وَلِيُّ الثَّانِي جُزْءًا وَوَلِيُّ الْأَوَّلِ عَشَرَةً وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى لِلْأَوَّلِ كُلُّ الدِّيَةِ وَلِلثَّانِي نِصْفُ الْقِيمَةِ مِنْ الْحَقَائِقِ .
وَفِي الصُّغْرَى لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْجَانِيَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْجِنَايَةِ يَصِيرُ مُطَالَبًا بِجَمِيعِ الْفِدَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ انْتَهَى .
وَفِي الْقُنْيَةِ عَبْدٌ مَحْجُورٌ جَنَى عَلَى مَالٍ فَبَاعَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهَا عَلَى مَنْ اشْتَرَاهُ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ انْتَهَى .
وَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ قَتَلْتَ فُلَانًا أَوْ رَمَيْتُهُ ، أَوْ شَجَجْته فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلْفِدَاءِ إنْ فَعَلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ خِلَافًا لِزُفَرَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ فَاخْتَارَ مَوْلَاهُ الْفِدَاءَ وَهُوَ مُفْلِسٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَحُكْمُهُ النَّظِرَةُ إلَى الْمَيْسَرَةِ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ دَفْعُهُ مِنْ الْحَقَائِقِ .
وَفِي الْوَجِيزِ عَنْ الْمُنْتَقَى رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي عَبْدٍ قَطَعَ أُصْبُعَ رَجُلٍ خَطَأً فَفَدَاهُ الْمَوْلَى بِأَلْفٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَقْطُوعُ أُصْبُعُهُ ، إنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَعَلَيْهِ تَمَامُ الدِّيَةِ ، وَإِنْ فَدَاهُ بِقَضَاءٍ بَطَلَ الْفِدَاءُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ انْتَهَى .
وَإِذَا جَنَى الْمَأْذُونُ لَهُ جِنَايَةً وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بِلَا عِلْمٍ بِهَا غَرِمَ لِرَبِّ الدَّيْنِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دَيْنِهِ وَلِوَلِيِّهَا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الْأَرْشِ ذَكَرَهُ فِي الْوُقَايَةِ .
وَلَوْ اكْتَسَبَ الْعَبْدُ الْجَانِي ، أَوْ وَلَدَتْ الْأَمَةُ الْجَانِيَةُ لَا يَدْفَعُ الْكَسْبَ وَالْوَلَدَ مَعَهُمَا كَمَا فِي الْوَجِيزِ وَالثَّانِيَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْهِدَايَةِ أَيْضًا لَكِنْ وَضَعَهَا فِي الْمَأْذُونَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا .
وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلَيْنِ عَمْدًا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِيَّان فَعَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُ نِصْفَهُ إلَى الْآخَرِينَ ، أَوْ يَفْدِيه بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ ، وَإِنْ كَانَ قَتَلَ أَحَدَهُمَا عَمْدًا وَالْآخَرَ خَطَأً فَعَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ الْعَمْدِ فَإِنْ فَدَاهُ الْمَوْلَى فَدَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا ، خَمْسَةُ آلَافٍ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ مِنْ وَلِيِّ الْعَمْدِ وَعَشَرَةُ آلَافٍ لِوَلِيِّ الْخَطَأِ وَهَكَذَا إذَا دَفَعَهُ كَانَ ثُلُثَاهُ لِوَلِيِّ الْخَطَأِ وَثُلُثُهُ لِغَيْرِ الْعَافِي مِنْ وَلِيِّ الْعَمْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَدْفَعُهُ أَرْبَاعًا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِوَلِيِّ الْخَطَأِ وَرُبُعُهُ لِوَلِيِّ الْعَمْدِ فَالْقِسْمَةُ عِنْدَهُمَا بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ وَعِنْدَهُ بِطَرِيقِ الْعَوْلِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَلَى رَجُلٍ خَطَأً وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَفَدَاهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا الدَّفْعُ .
وَلَوْ أَقَرَّ الْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بِجِنَايَةٍ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ .
أَقَرَّ عَلَى عَبْدِهِ بِجِنَايَةٍ ثُمَّ بِجِنَايَةٍ دَفَعَهُ إلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْجِنَايَةِ الْأُولَى عَلَى الْمَوْلَى بِنِصْفِ قِيمَتِهِ إذَا تَكَاذَبَ الْوَلِيَّانِ ، وَفِي قَتْلِ الْعَبْدِ الْعَمْدِ لَوْ اخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ فِي نَصِيبِ أَحَدِ الْوَلِيَّيْنِ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ فِي الْكُلِّ ، وَفِي قَتْلِ الْخَطَأِ لَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فِي النِّصْفِ يَكُونُ اخْتِيَارُ الْفِدَاءِ فِي النِّصْفِ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ فِي الْكُلِّ مَا دَامَ الْعَبْدُ قَائِمًا ، وَلَوْ صَالَحَ أَحَدُهُمَا عَلَى نِصْفِ الْعَبْدِ خُيِّرَ الْمَوْلَى وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَا نِصْفَ الْعَبْدِ إلَى الثَّانِي ، أَوْ يَفْدِيَا ، وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُهُمَا عَلَى جَمِيعِ الْعَبْدِ قِيلَ لِلشَّرِيكِ ادْفَعْ نِصْفَهُ إلَى أَخِيك ، أَوْ افْدِهِ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
وَإِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ ، أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ جِنَايَةً ضَمِنَ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِهَا كَمَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَجِنَايَةُ الْمُدَبَّرِ ، وَإِنْ تَوَالَتْ لَا تُوجِبُ إلَّا قِيمَةً وَاحِدَةً وَيَتَضَارَبُونَ بِالْحِصَصِ فِيهَا وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي حَالَةِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ ثُمَّ صَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ فَقَتَلَ آخَرَ خَطَأً فَالْأَلْفُ الزَّائِدَةُ لِلثَّانِي وَتَخَاصَمَا فِي الْأَوَّلِ فَإِنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ جِنَايَةً أُخْرَى وَقَدْ دَفَعَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ إلَى وَلِيِّ الْأُولَى بِقَضَاءٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى بِالْإِجْمَاعِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى دَفَعَ الْقِيمَةَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَالْوَلِيُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَوْلَى ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : لَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى ، مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَلَوْ اتَّبَعَ وَلِيُّ الثَّانِيَةِ الْمَوْلَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ رَجَعَ الْمَوْلَى عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ وَلِيُّ الثَّانِيَةِ ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ إلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْحَفْرِ لَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ ، وَلَوْ دَفَعَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بَعْدَ مَا وَقَعَ الثَّانِي فِي الْبِئْرِ غَرِمَ لِلثَّانِي بِالْإِجْمَاعِ وَيَرْجِعُ بِالْأَوَّلِ وَوَضْعُ الْحَجَرِ فِي الطَّرِيقِ وَسَوْقُهُ الدَّابَّةَ وَصَبُّهُ الْمَاءَ بِمَنْزِلَةِ الْحَفْرِ .
وَلَوْ غَصَبَ مَالًا وَاسْتَهْلَكَهُ بِبَيْعٍ لَمْ يَغْرَمْ الْمَوْلَى .
وَلَوْ قَتَلَ الْمَوْلَى خَطَأً يَبِيعُ فِي قِيمَتِهِ وَالتَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ بِرَقَبَتِهِ وَلَا وَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ .
وَلَوْ حَفَرَ الْمُدَبَّرُ بِئْرًا فَوَقَعَ فِيهَا الْمَوْلَى ، أَوْ مَنْ يَرِثُهُ مَوْلَاهُ هُدِرَ دَمُهُ ، وَلَوْ قَتَلَ مَوْلَاهُ عَمْدًا فَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَسْعَوْهُ فِي قِيمَتِهِ ثُمَّ قَتَلُوهُ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْمُدَبَّرَ وَقَدْ جَنَى جِنَايَاتٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ وَأُمُّ الْوَلَدِ بِمَنْزِلَةِ الْمُدَبَّرِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا .
وَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَبَّرُ بِجِنَايَةِ الْخَطَأِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ وَلَا يُلْزَمُ الْمَوْلَى بِهِ شَيْءٌ عَتَقَ أَوْ لَمْ يَعْتِقْ ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ جِنَايَةِ الْخَطَأِ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِقْرَارُهُ بِهِ لَا يَنْفُذُ عَلَى السَّيِّدِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ ادَّعَى مُشْتَرِي الْعَبْدِ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ دَبَّرَهُ فَأَنْكَرَ حَتَّى جَنَى الْعَبْدُ فَالْحَالُ مَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : يُسْعَى .
وَلَوْ ادَّعَى اسْتِيلَادَ شَرِيكِهِ فَأَنْكَرَ فَجَنَتْ الْجَارِيَةُ فَنِصْفُ الْأَرْشِ عَلَى الْمُنْكِرِ وَالنِّصْفُ مَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُوجِبُ أَبُو يُوسُفَ الْمَوْقُوفَ فِي كَسْبِهَا وَأَوْجَبَ مُحَمَّدٌ الْكُلَّ هَاتَانِ فِي عِتْقِ الْمَجْمَعِ .
وَلَوْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ وَانْقَضَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ بِلَا فَصْلٍ لَمْ يَبْطُلْ مِنْ الْمَوْلَى شَيْءٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مِائَةً .
وَلَوْ جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَاتٍ أَوْ وَاحِدَةً كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الْأَرْشِ ، وَإِنْ تَكَرَّرَتْ الْجِنَايَاتُ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَزِمَتْهُ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ جَنَى أُخْرَى فَإِنْ قُضِيَ عَلَيْهِ يَضْمَنُهُ أُخْرَى ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْمُكَاتَبِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ بِالصُّلْحِ ، أَوْ بِالْيَأْسِ عَنْ الدَّفْعِ بِأَنْ يُعْتَقَ ، أَوْ يَمُوتَ فَيَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الْقِيمَةِ عَلَى مَا يُوجِبُ تَوْكِيدَهَا وَهِيَ الْأَشْيَاءُ الثَّلَاثَةُ ، وَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ دَفَعَهُ مَوْلَاهُ أَوْ فَدَاهُ ، وَإِنْ قُضِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ عَجَزَ بِيعَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ مَوْلَاهُ ، وَإِنْ أُعْتِقَ يُسْعَى وَجِنَايَةُ عَبْدِ الْمُكَاتَبِ مِثْلُ جِنَايَةِ عَبْدِ الْحُرِّ إلَّا أَنَّهُ إذَا فُدِيَ وَالْفِدَاءُ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَتِهِ زِيَادَةً فَاحِشَةً ، أَوْ دَفَعَ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَرْشِ كَثِيرًا فَاحِشًا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَصِحُّ ، وَلَوْ جَنَى مُكَاتَبٌ عَلَى مَوْلَاهُ ، أَوْ عَبْدِهِ أَوْ ابْنِهِ كَانَ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى غَيْرِهِمْ فَإِنْ عَجَزَ هُدِرَتْ الْجِنَايَةُ قُضِىَ بِهَا ، أَوْ لَا ، مِنْ الْوَجِيزِ .
الْعَبْدُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ الْجِنَايَةُ عَلَى الْعَبْدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ مُسْتَهْلَكَةً ، أَوْ غَيْرَ مُسْتَهْلَكَةٍ مِثَالُهُ فَقْءُ الْعَيْنَيْنِ وَقَطْعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالذَّكَرِ ، وَقَطْعُ يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا قَطْعُ الْأُذُنَيْنِ وَحَلْقُ الْحَاجِبَيْنِ إذَا لَمْ يَنْبُتْ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ مُسْتَهْلَكَةٌ ، وَفِي رِوَايَةٍ غَيْرُ مُسْتَهْلَكَةٍ ، وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْحُرِّ لَا تُوجِبُ كَمَالَ الدِّيَةِ كَقَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ خِلَافٍ فَذَاكَ غَيْرُ مُسْتَهْلَكَةٍ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ جِنَايَةٍ لَوْ حَصَلَتْ عَلَى الْحُرِّ وَلَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ كَالْمُوضِحَةِ فِيهَا خَمْسُمِائَةٍ وَذَلِكَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ فَإِذَا حَصَلَتْ فِي الْعَبْدِ يَجِبُ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ إلَّا إذَا بَلَغَتْ خَمْسَمِائَةٍ فَحِينَئِذٍ يُنْقَصُ نِصْفُ دِرْهَمٍ ، وَإِنْ كَانَتْ أُذُنًا وَاحِدَةً ، أَوْ عَيْنًا وَاحِدَةً يَجِبُ نِصْفُ قِيمَتِهِ إلَّا إذَا بَلَغَ نِصْفُ الْقِيمَةِ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَحِينَئِذٍ يُنْقَصُ مِنْهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فِي الْحُرِّ يَجِبُ فِي الْعَبْدِ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ ، وَفِي قَطْعِ أُذُنٍ وَاحِدَةٍ وَتَلَفِ حَاجِبٍ وَاحِدَةٍ رِوَايَتَانِ وَاخْتَارَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يَجِبُ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ مُسْتَهْلَكَةٍ ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَطْعُهُمَا وَشَقَّهُمَا مُسْتَهْلَكَةٌ فَيَجِبُ نِصْفُ قِيمَتِهِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مُسْتَهْلَكَةً فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ حَبَسَ الْعَبْدَ لِنَفْسِهِ وَلَا شَيْءَ يَرْجِعُ بِهِ ، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهُ إلَى الْجَانِي وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ وَعِنْدَهُمَا إنْ شَاءَ سَلَّمَ وَرَجَعَ بِالْقِيمَةِ ، وَإِنْ شَاءَ حَبَسَ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ ا هـ .
وَمَنْ قَتَلَ عَبْدًا خَطَأً فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَا تُزَادُ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ، أَوْ أَكْثَرَ قُضِىَ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةً ، وَفِي الْأَمَةِ إذَا زَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَى الدِّيَةِ قُضِىَ بِخَمْسَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ .
وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ : قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا فِي الْغَصْبِ ، وَفِي يَدِ الْعَبْدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَا يُزَادُ عَلَى خَمْسَةِ آلَافٍ مَنْقُوصَةٍ بِخَمْسَةٍ ؛ لِأَنَّ الْيَدَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ فَيُعْتَبَرُ كُلُّهُ وَيُنْقَصُ هَذَا الْقَدْرُ إظْهَارًا لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ وَكُلُّ مَا يُقَدَّرُ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ فَهُوَ مُقَدَّرٌ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْعَبْدِ كَالدِّيَةِ فِي الْحُرِّ .
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ ثُمَّ شُجَّا فَأَوْقَعَ الْعِتْقَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَأَرْشُهُمَا لِلْمَوْلَى ، وَلَوْ قَتَلَهُمَا رَجُلٌ تَجِبُ دِيَةُ حُرٍّ وَقِيمَةُ عَبْدٍ فَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى دَفَعَ الْعَبْدَ الْمَقْتُولَ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ النُّقْصَانِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا أَمْسَكَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ مَا نَقَصَهُ ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُضَمِّنُهُ كُلَّ الْقِيمَةِ وَيُمْسِكُ الْجُثَّةَ ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ يُؤْمَرُ الْمَوْلَى بِالدَّفْعِ ، أَوْ الْفِدَاءِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ قَطَعَ رَجُلٌ رِجْلَ عَبْدٍ مَقْطُوعِ الْيَدِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ قَطَعَ رِجْلَهُ مِنْ جَانِبِ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ كَانَ عَلَى الْجَانِي مَا انْتَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ مَقْطُوعَ الْيَدِ ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا انْتَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ وَلَا يَجِبُ الْأَرْشُ الْمُقَدَّرُ لِلرِّجْلِ ، وَإِنْ قَطَعَ الرِّجْلَ لَا مِنْ جَانِبِ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَقْطُوعُ الْيَدِ قَطَعَ إنْسَانٌ يَدَهُ الْأُخْرَى كَانَ عَلَيْهِ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ مَقْطُوعَ الْيَدِ ، وَكَذَا الْبَائِعُ إذَا قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي سَقَطَ نِصْفُ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي قَدْرَ مَا انْتَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ مَقْطُوعَ الْيَدِ إنْ انْتَقَصَ الثُّلُثَ سَقَطَ ثُلُثُ الثَّمَنِ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْقَطْعِ فَقْءُ الْعَيْنِ فَإِذَا فَقَأَ عَيْنَ عَبْدٍ مَفْقُوءِ الْعَيْنِ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا انْتَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ مَفْقُوءَ الْعَيْنِ .
وَلَوْ ضَرَبَ سِنَّ مَمْلُوكٍ فَاصْفَرَّ تَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ بِالِاتِّفَاقِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَلَوْ دَفَعَتْ جَارِيَةٌ جَارِيَةً أُخْرَى فَذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا قَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي جَارِيَتَيْنِ تَدَافَعَتَا فِي حَمَّامٍ فَأُذْهِبَتْ عُذْرَةُ إحْدَاهُمَا تَضْمَنُ الْأُخْرَى صَدَاقَ مِثْلِهَا وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِبُخَارَى ، مِنْ الصُّغْرَى .
وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ فَالْفِدَاءُ عَلَى الْمَخْدُومِ فَإِنْ مَاتَ رَجَعَ وَرَثَتُهُ بِالْفِدَاءِ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ فِي عُنُقِهِ ، وَلَوْ أَبَى الْمَخْدُومُ الْفِدَاءَ فَدَى صَاحِبُ الرَّقَبَةِ ، أَوْ دَفَعَ وَبَطَلَتْ وَصِيَّةُ الْمَخْدُومِ .
وَلَوْ جَنَى عَلَى الْعَبْدِ الْخَادِمِ جِنَايَةً لَا تُنْقِصُ الْخِدْمَةَ كَانَ الْأَرْشُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ اكْتَسَبَ ، أَوْ وَهَبَ لِلْخَادِمِ ، وَلَوْ نَقَصَتْ الْخِدْمَةُ يَشْتَرِي بِالْأَرْشِ خَادِمًا يَخْدُمُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ خَادِمٍ بِيعَ الْأَوَّلُ وَضُمَّ ثَمَنُهُ إلَى الْأَرْشِ فَيَشْتَرِي خَادِمًا ، وَلَوْ اصْطَلَحَا فِي الْأَرْشِ أَنْ يَقْتَسِمَاهُ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَصَ حَقَّهُ الْمُتَعَلِّقَ بِرَقَبَتِهِ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
وَإِذَا قُتِلَ خَطَأً أُخِذَتْ قِيمَتُهُ وَيَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا وَيَنْتَقِلُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِيهِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ .
رَجُلٌ شَجَّ غَيْرَهُ مُوضِحَةً فِي رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ وَالْجَامِعِ يَجِبُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ بِنِصْفِ عُشْرِ قِيمَتِهِ ، وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ عَنْ أَصْحَابِنَا يَجِبُ النُّقْصَانُ كَالْبَهَائِمِ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى .
وَلَوْ حَلَقَ لِحْيَةَ عَبْدٍ فَلَمْ تَنْبُتْ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَجِبُ مَا نَقَصَ الْعَبْدَ .
وَإِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ ، أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَلَا الدِّيَةُ ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ غَرِمَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لِغُرَمَائِهِ حَالَّةً ، كَمَا لَوْ وُجِدَ الْعَبْدُ قَتِيلًا فِي دَارِ مَوْلَاهُ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الْمَوْلَى تُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ يَقْضِي مِنْهُ كِتَابَتَهُ وَيَحْكُمُ بِحُرِّيَّتِهِ وَمَا بَقِيَ يَكُونُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ .
وَلَوْ وَجَدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي دَارِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى كَانَ الْعَبْدُ مَدْيُونًا ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَإِنْ جَنَى الْمَوْلَى عَلَى مُكَاتَبِهِ ، أَوْ عَلَى وَلَدِ الْمُكَاتَبِ لَزِمَتْهُ الْجِنَايَةُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا .
وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ عَلَى مَوْلَاهُ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ بِأَنْ قَتَلَهُ خَطَأً ، أَوْ جَنَى عَلَى رَقِيقِهِ خَطَأً ، أَوْ عَلَى مَالِهِ بِأَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ مِلْكِهِ تُعْتَبَرُ جِنَايَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يَضْمَنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ لِمَوْلَاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ ، أَوْ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَقَالَ صَاحِبَاهُ جِنَايَتُهُ عَلَى مَوْلَاهُ وَعَلَى رَقِيقِهِ وَعَلَى مَالِهِ هَدَرٌ .
وَلَوْ جَنَى عَلَى غَاصِبِهِ أَوْ رَقِيقِهِ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تُعْتَبَرُ فَتَكُونُ هَدَرًا حَتَّى لَا يُخَاطَبَ الْمَوْلَى بِالدَّفْعِ ، أَوْ الْفِدَاءِ وَقَالَا تَكُونُ مُعْتَبَرَةً وَيُقَالُ لِلْوَلِيِّ : ادْفَعْ الْعَبْدَ ، أَوْ افْدِهِ بِالْأَرْشِ ، وَإِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ غَرِمَ مَوْلَاهُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ ، وَإِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى فَجَنَى عِنْدَ الْمَوْلَى جِنَايَةً أُخْرَى فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَيَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى ثُمَّ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ نِصْفُ الْقِيمَةِ الَّتِي رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ يُسَلَّمُ لِلْمَوْلَى وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى .
لَوْ جَنَى عَبْدُ الْمَوْلَى أَوَّلًا ثُمَّ غَصَبَهُ فَجَنَى عِنْدَهُ ضَمِنَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لَهُمَا وَرَجَعَ بِنِصْفِهَا عَلَى الْغَاصِبِ فَيَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ وَالْجَوَابُ فِي الْعَبْدِ كَالْجَوَابِ فِي الْمُدَبَّرِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا إلَّا أَنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُ الْعَبْدَ وَالْقِيمَةَ فِي الْمُدَبَّرِ ، وَمَنْ غَصَبَ مُدَبَّرًا فَجَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى ثُمَّ غَصَبَهُ ثُمَّ جَنَى عِنْدَهُ جِنَايَةً
أُخْرَى فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ فَيَدْفَعُ نِصْفَهَا إلَى وَلِيِّ الْأُولَى وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى وَلَا إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ مَعَ مُحَمَّدٍ كَالْأُولَى وَقِيلَ عَلَى الْإِتْلَافِ بِالِاتِّفَاقِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
مَرِيضٌ حَرَّرَ قِنَّهُ فَقَتَلَ مَوْلَاهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُسْعَى فِي قِيمَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إحْدَاهُمَا نَقْضًا لِلْوَصِيَّةِ إذْ التَّحْرِيرُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَصِيَّةٌ فَلَمْ تَجُزْ لِقَاتِلِهِ إلَّا أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ ثُمَّ عَلَيْهِ قِيمَةٌ أُخْرَى بِقَتْلِهِ إذْ الْمُسْتَسْعَى كَمُكَاتَبٍ عِنْدَهُ وَالْمُكَاتَبُ بِقَتْلِهِ مَوْلَاهُ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدِّيَةِ وَالْقِيمَةُ هُنَا أَقَلُّ فَيُسْعَى لِذَلِكَ فِي قِيمَتِهِ وَقَالَا يُسْعَى فِي قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْوَصِيَّةِ إذْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَقَتْلِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَالْمُسْتَسْعَى حُرٌّ مَدْيُونٌ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
( الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْجَنِينِ ) إذَا ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَجَبَتْ الْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي سَنَةٍ وَالْغُرَّةُ عِنْدَهُمَا خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الرَّجُلِ ذَكَرًا كَانَ الْجَنِينُ ، أَوْ أُنْثَى ، أَوْ عَبْدًا ، أَوْ فَرَسًا قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً ، وَإِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ فِي الْأُمِّ وَغُرَّةٌ فِي الْجَنِينِ ، وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ ثُمَّ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ وَمَا يَجِبُ فِي الْجَنِينِ يُورَثُ عَنْهُ وَلَا يَرِثُ الضَّارِبُ حَتَّى لَوْ كَانَ الضَّارِبُ الْأَبَ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا يَرِثُ مِنْهَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَإِذَا أَسْقَطَتْ الْمَرْأَةُ الْوَلَدَ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَتِهَا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَاقِلَةٌ فَفِي مَالِهَا فِي سَنَةٍ وَلَا تَرِثُ مِنْهَا ، وَإِنْ لَمْ تَتَعَمَّدْ إسْقَاطَ الْوَلَدِ فَسَقَطَ الْوَلَدُ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ ، وَفِي الْوِقَايَةِ أَسْقَطَتْ الْحُرَّةُ الْوَلَدَ عَمْدًا بِدَوَاءٍ ، أَوْ فِعْلٍ بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا وَجَبَتْ الْغُرَّةُ وَإِنْ أَذِنَ لَا لِعَدَمِ التَّعَدِّي ، انْتَهَى .
وَكَذَلِكَ مُخْتَلِعَةٌ حَامِلٌ احْتَالَتْ لِمُضِيِّ عِدَّتِهَا بِإِسْقَاطِ الْوَلَدِ فَعَلَيْهَا الْغُرَّةُ لِلزَّوْجِ كَمَا فِي الْوَجِيزِ وَالْفُصُولَيْنِ ، وَفِي جَنِينِ الْأَمَةِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَعُشْرُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَ أُنْثَى وَهُمَا فِي الْقَدْرِ سَوَاءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : فِي جَنِينِ الْأَمَةِ نُقْصَانُ الْأَمَةِ كَمَا فِي سَخْلَةِ الشَّاةِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَيُعْتَبَرُ قِيمَةُ نَفْسِهِ لَا قِيمَةُ أُمِّهِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَيَجِبُ فِي مَالِ الضَّارِبِ حَالًّا كَمَا فِي الْمَجْمَعِ ، وَإِنْ ضَرَبَ فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ تَجِبُ قِيمَتُهُ حَيًّا وَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقِيلَ هَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ قِيمَةُ
مَا بَيْنَ كَوْنِهِ مَضْرُوبًا إلَى كَوْنِهِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَيْنِ أَحَدُهُمَا مَيِّتٌ وَالْآخَرُ حَيٌّ فَمَاتَ الْحَيُّ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ كَانَ عَلَى الضَّارِبِ غُرَّةٌ فِي الْمَيِّتِ وَدِيَةٌ كَامِلَةٌ فِي الْحَيِّ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ ، وَإِنْ أَلْقَتْهُمَا حَيَّيْنِ ثُمَّ مَاتَا فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ ، وَإِنْ أَلْقَتْهُمَا مَيِّتَيْنِ فَفِيهِمَا غُرَّتَانِ كَمَا فِي الْوَجِيزِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَنِينَيْنِ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ مَا يَجِبُ حَالَةَ الِانْفِرَادِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ ، وَإِنْ ضَرَبَتْ الْمَرْأَةُ بَطْنَ نَفْسِهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا إنْ تَعَمَّدَتْ بِذَلِكَ إسْقَاطَ الْوَلَدِ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ وَإِلَّا فَلَا ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى .
وَالْجَنِينُ الَّذِي اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ كَالتَّامِّ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الزِّيَادَاتِ شَرَى أَمَةً فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ ضَرَبَتْ بَطْنَ نَفْسِهَا أَوْ فَعَلَتْ شَيْئًا كَدَوَاءٍ وَغَيْرِهِ مُتَعَمِّدَةً لِسُقُوطِ الْجَنِينِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بِبَيِّنَةٍ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا وَبِعُقْرِهَا يُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ : قَتَلَتْ أَمَتُك وَلَدَهَا وَهُوَ وَلَدُ هَذَا الرَّجُلِ وَهُوَ حُرٌّ ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ مَغْرُورٍ وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ حُرٌّ وَالْجَنِينُ الْحُرُّ مَضْمُونٌ بِالْغُرَّةِ فَادْفَعْ أَمَتَك أَوْ افْدِهَا بِغُرَّةِ الْجَنِينِ الْحُرِّ ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ إذَا أَخَذَ الْغُرَّةَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقِيمَةِ الْجَنِينِ إذْ قِيَامُ الْبَدَلِ كَقِيَامِ الْمُبْدَلِ عَنْهُ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي وَلَدِ مَغْرُورٍ قُتِلَ قَدْ أَثْبَتُّهُ عَنْ الْكَافِي وَغَيْرِهِ فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى بِلَطَائِفِ الْإِشَارَاتِ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي مَسَائِلِ الْحُدُودِ ، وَفِيهِ ضَمَانُ جِنَايَةِ الزِّنَا وَضَمَانُ السَّارِقِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ ) إذَا وَجَبَ عَلَى رَجُلٍ حَدٌّ وَتَعْزِيرٌ فَجَلَدَهُ الْإِمَامُ ، أَوْ عَزَّرَهُ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ بِخِلَافِ الزَّوْجِ إذَا عَزَّرَ زَوْجَتَهُ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ تَعْزِيرُهَا حَيْثُ يَضْمَنُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَالْمُبَاحُ يَتَقَيَّدُ بِهَا وَفِعْلُ الْإِمَامِ مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ وَفِعْلُ الزَّوْجِ مِنْ قَبِيلِ الثَّانِي وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ وَذَكَرْنَا عَنْ الْأَشْبَاهِ طَرَفًا مِنْهُ فِي الْجِنَايَاتِ .
ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَاضٍ رَأَى التَّعْزِيرَ لِرَجُلٍ مِائَةً فَمَاتَ قَالَ لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ الْأَثَرُ إنَّ أَكْثَرَ مَا عَزَّرُوهُ مِائَةٌ فَإِنْ زَادَ عَلَى مِائَةٍ فَمَاتَ فَنِصْفُ الدِّيَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ نَقْلًا عَنْ الْوَجِيزِ .
لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَجُلِدَ فَجَرَحَهُ الْجَلْدُ وَمَاتَ ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا ، أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَكِنْ تُحَدُّ الشُّهُودُ وَقَالَ صَاحِبَاهُ أَرْشُ الْجُرْحِ وَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَى هَذَا إذَا رَجَعُوا يُحَدُّونَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ عِنْدَهُ ، وَقَالَا : يَجِبُ عَلَيْهِمْ الضَّمَانُ فِي الرُّجُوعِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ لَوْ ظَهَرَ أَحَدُهُمْ كَافِرًا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَلَّادِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا مُحْصَنًا فَرُجِمَ ثُمَّ ظَهَرُوا عَبِيدًا فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا .
شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ حُدَّ وَغَرِمَ رُبُعَ الدِّيَةِ وَهَكَذَا كُلَّمَا رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حُدَّ وَغَرِمَ رُبُعَ الدِّيَةِ ، وَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ حُدَّ وَغَرِمَ رُبُعَ الدِّيَةِ ، وَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الزِّنَا فَزُكُّوا فَرُجِمَ ثُمَّ ظَهَرُوا مَجُوسًا ، أَوْ عَبِيدًا فَالدِّيَةُ عَلَى الْمُزَكِّي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ، قِيلَ : هَذَا إذَا قَالُوا تَعَمَّدْنَا التَّزْكِيَةَ عَلَى عِلْمِنَا بِحَالِهِمْ ، وَإِنْ قَالُوا : أَخْطَأْنَا فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا وَهَذَا إذَا أَخْبَرُوا بِالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَأَمَّا إذَا قَالُوا هُمْ عُدُولٌ وَظَهَرُوا عَبِيدًا فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ رَجَعَ الْمُزَكُّونَ عَنْ التَّزْكِيَةِ بَعْدَ الرَّجْمِ عُزِّرُوا وَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ قَالَ فِي شَرْحِهِ هَذَا إذَا قَالُوا تَعَمَّدْنَا التَّزْكِيَةَ ، وَإِنْ قَالُوا أَخْطَأْنَا فِي التَّزْكِيَةِ يَضْمَنُونَ اتِّفَاقًا .
وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى مُحْصَنٍ بِالزِّنَا وَرَجُلَانِ عَلَى الْإِحْصَانِ ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ الْإِحْصَانِ بَعْدَ الرَّجْمِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الْإِحْصَانِ وَلَا يُحَدُّونَ وَيَجِبُ الْحَدُّ عَلَى شُهُودِ الزِّنَا وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِمْ وَقَالَ زُفَرُ لَا حَدَّ عَلَى أَحَدٍ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَيْنِ ، وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَأَمَرَ الْقَاضِي بِرَجْمِهِ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ ثُمَّ وَجَدَ الشُّهُودَ عَبِيدًا فَعَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ ، وَلَوْ رُجِمَ ثُمَّ ظَهَرُوا عَبِيدًا فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا لَوْ بَاشَرَ الْإِمَامُ الرَّجْمَ بِنَفْسِهِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ .
رَجُلٌ أَقَرَّ بِالزِّنَا وَهُوَ مُحْصَنٌ فَأَمَرَ الْقَاضِي بِرَجْمِهِ فَذَهَبُوا لِيَرْجُمُوهُ فَرَجَعَ عَمَّا أَقَرَّ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُبْطِلْ الْقَاضِي عَقْدَ الرَّجْمِ .
وَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَأَفْضَاهَا وَلَمْ تَسْتَمْسِكْ مَعَهُ الْبَوْلَ حُدَّ وَضَمِنَ الدِّيَةَ ، وَإِنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ حُدَّ وَضَمِنَ ثُلُثَ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّهُ أَجَافَهَا ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَإِنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَالْمَهْرُ كَامِلًا وَلَا حَدَّ وَيُعَزَّرُ ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَسْتَمْسِكُ ضَمِنَ الدِّيَةَ وَلَا يَضْمَنُ الْمَهْرَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ وَلَا حَدَّ عَلَى الرَّجُلِ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
إذَا زَنَى بِصَغِيرَةٍ مُشْتَهَاةٍ بِشُبْهَةٍ ، أَوْ كَبِيرَةٍ مُسْتَكْرَهَةٍ فَأَفْضَاهَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ لِتَفْوِيتِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ فِي مَالِهِ ؛ لِأَنَّهُ شَبَهُ الْعَمْدِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ عِنْدَهُمَا ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجِبُ ، وَأَمَّا الْحَدُّ فَلَا يَجِبُ اتِّفَاقًا ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَهَاةً لَزِمَهُ الْمَهْرُ كَامِلًا اتِّفَاقًا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَدَعْ الشُّبْهَةَ لِتَمَكُّنِ الْقُصُورِ فِي مَعْنَى الزِّنَا .
وَلَوْ وَطِئَ صَغِيرَةً مُشْتَهَاةً بِدَعْوَى الشُّبْهَةِ فَلَا حَدَّ وَيَجِبُ الْعُقْرُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الشُّبْهَةِ فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ وَلَا مَهْرَ لِوُجُوبِ الْحَدِّ وَلَا شَيْءَ لَهَا فِي الْإِفْضَاءِ فِي الْفُصُولَيْنِ لِرِضَاهَا بِهِ ، مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ ، وَالْإِفْضَاءُ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ : هُوَ جَعْلُ مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَالْحَيْضِ وَاحِدًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ جَعْلُ مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَاحِدًا ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَفْضَاهَا بِحَيْثُ لَا تَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ إذْ لَوْ كَانَتْ مُفْضَاةً مُسْتَمْسِكَةً بَوْلَهَا ضَمِنَ ثُلُثَ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْجَائِفَةِ وَلَا يَجِبُ مَعَهُ الْعُقْرُ اتِّفَاقًا ، مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ .
وَلَوْ أَكْرَهَ امْرَأَةً عَلَى الزِّنَا فَزَنَى بِهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ فَقَطْ عِنْدَنَا ، وَقَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْعُقْرُ أَيْضًا ، مِنْ دُرَرِ الْبِحَارِ .
وَإِذَا زَنَى بِجَارِيَةٍ فَقَتَلَهَا بِفِعْلِ الزِّنَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَيَسْقُطُ الْحَدُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَا يُحَدُّ أَيْضًا ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ صَغِيرَةٍ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَمَاتَتْ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ هَذِهِ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ إنْسَانٍ بِشُبْهَةٍ وَأَزَالَ بَكَارَتهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يُنْظَرُ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا غَيْرِ بِكْرٍ وَإِلَى نُقْصَانِ الْبَكَارَةِ أَيُّهُمَا كَانَ أَكْثَرَ يَجِبُ ذَلِكَ ، وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ ، وَلَوْ أَنَّ صَبِيًّا زَنَى بِصَبِيَّةٍ لَا حَدَّ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ فِي مَالِهِ بِإِزَالَةِ الْبَكَارَةِ ؛ لِأَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ وَإِذْنُهَا لَمْ يَصِحَّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الصُّغْرَى ، وَإِنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً لَا يَجِبُ الْمَهْرُ ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَوْ وَجَبَ عَلَى الصَّبِيِّ كَانَ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِشَيْءٍ فَلَحِقَهُ غُرْمٌ كَانَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ فَلَا يُفِيدُ تَضْمِينَ الصَّغِيرِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ ، وَوَجْهٌ آخَرُ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى وَهُوَ أَنَّ رِضَاهَا مُعْتَبَرٌ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا .
وَلَوْ أَنَّ أَمَةً بَالِغَةً دَعَتْ صَبِيًّا فَزَنَى بِهَا وَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا كَانَ عَلَى الصَّبِيِّ مَهْرُهَا ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْأَمَةِ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْمَوْلَى مِنْ قَاضِي خَانْ ، وَكَذَا لَوْ دَعَتْ صَبِيَّةٌ صَبِيًّا كَانَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَطِئَ بَهِيمَةً لِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا إذْ يَحْرُمُ أَكْلُهَا ، مِنْ الصُّغْرَى وَغَيْرِهَا .
ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَتَهُ وَحَبِلَتْ مِنْهُ وَادَّعَى النُّقْصَانَ بِهَذَا السَّبَبِ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ إنْ أَنْكَرَ الدُّخُولَ بِهَا ، وَإِنْ حَلَفَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْحَاكِمِ تَقْرِيرَ الْمُدَّعِي ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى لَهُ طَلَبَ النُّقْصَانِ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقِيمَتِهَا قَبْلَ الْعَلُوقِ لِقَوْلِهِمْ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ شَرْطًا لِلِاسْتِيلَادِ عِنْدَنَا لَا حُكْمًا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ .
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ الْإِمَامِ أَدْرَكْت اللِّصَّ وَهُوَ يُنَقِّبُ لَك قَتْلُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ قَتَلَهُ غَرِمَ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ ، وَقَالَ الثَّانِي حَذَّرَهُ فَإِنْ ذَهَبَ وَإِلَّا فَارْمِهِ فَإِنْ دَخَلَ بَيْتًا فَخِفْت أَنْ يَبْدَأَك بِضَرْبٍ أَوْ خِفْت أَنْ يَرْمِيَك فَارْمِهِ وَلَا تَتَحَذَّرْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ أَنَّ لِصًّا دَخَلَ دَارًا وَلَا سِلَاحَ مَعَهُ وَصَاحِبُ الدَّارِ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْوَى عَلَى أَخْذِهِ إنْ ثَبَتَ إلَّا أَنَّهُ يَخَافُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ مَتَاعِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَسِعَهُ ضَرْبُهُ وَقَتْلُهُ وَكَذَا لَوْ رَأَى فِي مَنْزِلِهِ رَجُلًا مَعَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَجَارِهِ يَفْجُرُ وَخَافَ إنْ أَخَذَهُ أَنْ يَقْهَرَهُ فَهُوَ فِي سِعَةٍ مِنْ قَتْلِهِ وَلَوْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً لَهُ قَتَلَهُمَا .
وَلَوْ اسْتَكْرَهَ رَجُلٌ امْرَأَةً لَهَا قَتْلُهُ وَكَذَا الْغُلَامُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ وَإِنْ قَتَلَهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ مَنْعَهُ إلَّا بِالْقَتْلِ .
قَتَلَهُ صَاحِبُ الدَّارِ وَبَرْهَنَ فَدَمُهُ هَدَرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَابَرَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْتُولُ مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ قُتِلَ صَاحِبُ الدَّارِ قِصَاصًا وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِهَا فَكَذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ أَوْرَثْت شُبْهَةً فِي الْقِصَاصِ لَا فِي الْمَالِ ، مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ .
وَلَوْ نَقَبَ حَائِطًا وَلَمْ يُنْفِذْ نَقْبَهُ حَتَّى عَلِمَ صَاحِبُ الْبَيْتِ فَأَلْقَى عَلَيْهِ حَجَرًا فَقَتَلَهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ .
لَوْ قَطَعَ الْقَاضِي يَدَ السَّارِقِ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَهِيَ مِنْ فُرُوعِ الْأَصْلِ الَّذِي مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ .
وَلَوْ أَمَرَ الْقَاضِي الْجَلَّادَ بِقَطْعِ يَمِينِهِ فَقَطَعَ يَسَارَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : يَضْمَنُ فِي الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ وَقَالَ زُفَرُ يَضْمَنُ فِيهِمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَطَعَ يَسَارَهُ غَيْرُ الْجَلَّادِ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا عِنْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ .
وَلَوْ أَخْرَجَ السَّارِقُ يَسَارَهُ وَقَالَ هَذَا يَمِينِي لَا يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ هَذَا إذَا صَرَّحَ الْحَاكِمُ بِيَمِينِ السَّارِقِ أَمَّا لَوْ قَالَ : اقْطَعْ يَدَهُ فَلَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ قَطَعَ رِجْلَ السَّارِقِ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَ الْحَاكِمُ بِهِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ اتِّفَاقًا ا هـ .
وَإِذَا قُطِعَ السَّارِقُ بِالسَّرِقَةِ وَالْمَالُ بَاقٍ رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ تَلِفَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا غُرْمَ عَلَى السَّارِقِ بَعْدَمَا قُطِعَتْ يَمِينُهُ } ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ .
وَمَنْ سَرَقَ سَرِقَاتٍ فَقُطِعَ فِي إحْدَاهَا فَهُوَ لِجَمِيعِهَا وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَضْمَنُ كُلَّهَا إلَّا الَّتِي قُطِعَ لَهَا وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا حَضَرَ أَحَدُهُمْ وَادَّعَى السَّرِقَةَ فَإِنْ حَضَرُوا جَمِيعًا وَقُطِعَتْ يَدُهُ بِخُصُومَتِهِمْ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا بِالِاتِّفَاقِ فِي السَّرِقَاتِ كُلِّهَا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إنْ كَانَتْ النُّصُبُ كُلُّهَا لِوَاحِدٍ فَخَاصَمَ فِي الْبَعْضِ .
وَكَذَا قَاطِعُ الطَّرِيقِ إذَا قُتِلَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي مَالٍ أَخَذَهُ فَتَلِفَ وَإِنْ أَخَذَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ بَعْدَمَا تَابَ وَقَدْ قَتَلَ عَمْدًا وَأَخَذَ مَالًا فَإِنْ شَاءَ الْأَوْلِيَاءُ قَتَلُوهُ وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا عَنْهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْمَالِ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ اُسْتُهْلِكَ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بِالسَّرِقَةِ يَصِحُّ وَيُقْطَعُ وَالْمَالُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ أَوْ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَالْمَالُ هَالِكٌ تُقْطَعُ يَدُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَإِنْ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَذَّبَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تُقْطَعُ وَالْمَالُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تُقْطَعُ وَالْمَالُ لِلْمَوْلَى .
وَلَوْ اجْتَمَعَ عَشْرَةُ نِسْوَةٍ فَقَطَعْنَ الطَّرِيقَ وَأَخَذْنَ الْمَالَ فَتَبَايُنٌ وَضُمِنَ الْمَالُ مِنْ الْوَجِيزِ .
إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ دَلَّ سَارِقًا عَلَى مَالِ إنْسَانٍ فَسَرَقَهُ هَذِهِ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ ، مِنْ الْأَشْبَاهِ .
السَّارِقُ إذَا أَخَذَ الدَّنَانِيرَ بَعْدَمَا دَخَلَ الْبَيْتَ لَمْ يُقْطَعْ وَغَرِمَ مِثْلَهَا .
رَجُلٌ نَقَبَ حَائِطًا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ ثُمَّ غَابَ وَدَخَلَ سَارِقٌ وَسَرَقَ شَيْئًا الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ النَّاقِبُ مَا سَرَقَهُ السَّارِقُ مِنْ الْخُلَاصَةِ .
السَّارِقُ لَوْ رَدَّهُ إلَى دَارِ الْمَالِكِ أَوْ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ فِي الْجَامِعِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَيَسْقُطُ اسْتِحْسَانًا ، مِنْ الْمُشْتَمِلِ .
الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْإِكْرَاهِ الْإِكْرَاهُ يَثْبُتُ حُكْمُهُ إذَا حَصَلَ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى إيقَاعِ مَا تَوَعَّدَ بِهِ سُلْطَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَإِنْ غَابَ الْمُكْرَهُ عَنْ نَظَرِ مَنْ أَكْرَهَهُ يَزُولُ الْإِكْرَاهُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَنَفْسُ الْأَمْرِ مِنْ السُّلْطَانِ إكْرَاهٌ مِنْ غَيْرِ تَهْدِيدٍ وَوَعِيدٍ وَمِنْ غَيْرِهِ لَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْمُورُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ أَوْ بِقَطْعِ عُضْوِهِ أَوْ بِضَرْبِهِ ضَرْبًا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ تَلَفِ عُضْوِهِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْأَشْبَاهِ .
وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ بِضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ حَبْسٍ حَتَّى بَاعَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَى الشِّرَاءِ فَالْبَائِعُ يَضْمَنُ أَيُّهُمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُكْرِهُ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ وَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الشِّرَاءِ فَهَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ إنْ هَلَكَ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ لَا يَضْمَنُ وَيَهْلِكُ أَمَانَةً .
وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ يَجِبُ قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَتَبْطُلُ الزِّيَادَةُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَوْ عِتْقِ عَبْدِهِ فَفَعَلَ يَقَعُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا يَرْجِعُ الْآمِرُ عَلَى الْعَبْدِ بِالضَّمَانِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ شَيْءٌ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْمُتْعَةِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِشَيْءٍ وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ قَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِصْلَاحِ وَالْإِيضَاحِ هَذَا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ قَوْلًا أَمَّا إذَا كَانَ فِعْلًا كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْقِيمَةِ ا هـ .
إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ بِوَعِيدِ قَيْدٍ أَوْ حَبْسٍ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ فَفَعَلَ لَا يَصِحُّ الْإِكْرَاهُ وَعَلَى الْقَاتِلِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِهِمْ وَإِنْ أُكْرِهَ بِقَتْلٍ أَوْ إتْلَافِ عُضْوٍ فَفَعَلَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ يَصِحُّ الْإِكْرَاهُ وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَكَانَ عَلَى الْآمِرِ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَقَالَ زُفَرُ الْإِكْرَاهُ بَاطِلٌ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ يُقْتَلَانِ جَمِيعًا .
السُّلْطَانُ إذَا قَالَ لِرَجُلٍ : اقْطَعْ يَدَ فُلَانٍ هَذَا وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ وَسِعَهُ أَنْ يَقْطَعَ وَإِذَا قَطَعَ كَانَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَا رِوَايَةَ فِيهَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ .
وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ : أَلْقِ نَفْسَك فِي هَذِهِ النَّارِ وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ يَنْظُرُ إنْ كَانَتْ النَّارُ قَدْ يَنْجُو مِنْهَا وَقَدْ لَا يَنْجُو وَسِعَهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فِيهَا فَإِنْ أَلْقَى وَمَاتَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ : فِي رِوَايَةٍ : يَجِبُ الْقِصَاصُ ، وَفِي رِوَايَةٍ : تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ النَّارُ بِحَيْثُ لَا يَنْجُوَ مِنْهَا لَكِنَّ لَهُ فِي الْإِلْقَاءِ قَلِيلُ رَاحَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فِيهَا ، وَقِيلَ بِأَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فَإِنْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِيهَا وَهَلَكَ كَانَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْآمِرِ وَلَا قِصَاصَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إلْقَاءِ النَّفْسِ قَلِيلُ رَاحَةٍ وَلَا يَنْجُو مِنْهَا لَا يَسَعُهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فَإِذَا أَلْقَى هُدِرَ دَمُهُ فِي قَوْلِهِمْ .
وَلَوْ قَالَ : لَتُلْقِيَنَّ نَفْسَك مِنْ شَاهِقِ الْجَبَلِ وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْإِلْقَاءِ أَدْنَى رَاحَةً لَا يَسَعُهُ الْإِلْقَاءُ فَإِنْ أُلْقِي وَهَلَكَ هُدِرَ دَمُهُ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ أَدْنَى رَاحَةً وَسِعَهُ الْإِلْقَاءُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، فَإِنْ أَلْقَى وَهَلَكَ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ ، وَفِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ لَا يَسَعُهُ الْإِلْقَاءُ فَإِنْ أَلْقَى وَهَلَكَ كَانَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ ، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكَ وَيَرْجُو النَّجَاةَ وَأَلْقَى نَفْسَهُ فَهَلَكَ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ فِي قَوْلِهِمْ .
وَلَوْ قَالَ لَهُ : أَلْقِ نَفْسَك فِي هَذَا الْمَاءِ وَإِلَّا قَتَلْتُك إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْجُو لَا يَسَعُهُ أَنْ يَفْعَلَ فَإِنْ فَعَلَ هُدِرَ دَمُهُ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ أَدْنَى رَاحَةٍ وَسِعَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَسَعُهُ ، فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ دِيَتُهُ عَلَى الْآمِرِ فِي مَالِهِ وَلَا
قِصَاصَ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ مِثْلُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِهِ دِيَةُ الْمُكْرَهِ عَلَى الْقَتْلِ لَوْ قَتَلَهُ الْآخَرُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ .
وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى إتْلَافِ مَالٍ مُسْلِمٍ بِأَمْرٍ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ وَسِعَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَضْمَنَ الْآمِرَ ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ آلَةٌ لِلْمُكْرِهِ فِيمَا يَصِحُّ آلَةٌ لَهُ وَالْإِتْلَافُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَأَمَّا حُكْمُ الضَّمَانِ فَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ آلَةً لِغَيْرِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْفَاعِلِ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ وَكُلُّ شَيْءٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ آلَةً لِغَيْرِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُكْرِهِ كَمَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى الْقَتْلِ أَوْ اسْتِهْلَاكِ مَالِ الْغَيْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُكْرِهِ خَاصَّةً إلَّا أَنَّ فِي الْإِكْرَاهِ بِالْقَتْلِ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكْرِهِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْمُكْرَهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ ، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ ، أَوْ الْقَرَابَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ ، مِنْ الْأَشْبَاهِ .
وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّدْبِيرِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالنُّقْصَانِ فِي الْحَالِ وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى وَعَتَقَ رَجَعَ الْوَارِثُ بِبَاقِي قِيمَتِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ .
وَلَوْ أَمَرَ بِقَتْلِ رَجُلٍ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اُقْتُلْهُ وَإِلَّا قَتَلْتُك لَكِنَّ الْمَأْمُورَ يَعْلَمُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ يَقْتُلْهُ ، أَوْ يَقْطَعْ يَدَهُ ، أَوْ يَضْرِبْهُ ضَرْبًا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ ، أَوْ يُتْلِفْ عُضْوًا ، كَانَ مُكْرَهًا ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
وَإِنْ أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى النِّكَاحِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرِهِ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كُفُؤًا وَالْمُسَمَّى مَهْرُ الْمِثْلِ ، أَوْ أَكْثَرُ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَالزَّوْجُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَتَمَّ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ ، وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَهِيَ طَائِعَةٌ فَهُوَ رِضًا بِالْمُسَمَّى إلَّا أَنَّ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقَّ الِاعْتِرَاضِ .
وَإِنْ أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ حَتَّى تَقْبَلَ تَطْلِيقَةً عَلَى أَلْفٍ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُكْرَهْ الزَّوْجُ لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ فَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ ، وَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ : رَضِيت الطَّلَاقَ بِذَلِكَ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَزِمَهَا الْمَالُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ عَلَيْهَا .
وَلَوْ أُكْرِهَتْ أَمَةٌ أُعْتِقَتْ عَلَى أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ وَلَا لِمَوْلَاهَا وَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرِهُ .
وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَعْتِقَ عَبْدًا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَالْعَبْدُ غَيْرُ مُكْرَهٍ يُعْتَقُ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ ثُمَّ إنْ شَاءَ الْمَوْلَى ضَمِنَ الْمُكْرِهُ قِيمَتَهُ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى ضَمِنَ الْمُكْرِهُ تِسْعَمِائَةٍ وَأَخَذَ مِنْ الْعَبْدِ مِائَةً ، مِنْ الْوَجِيزِ .
وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى إعْتَاقِ نِصْفِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَ كُلَّهُ فَهُوَ مُخْتَارٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى إعْتَاقِ كُلِّهِ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ فَالْمُكْرِهُ ضَامِنٌ لِنِصْفِهِ عِنْدَهُ وَقَالَ صَاحِبَاهُ هُوَ ضَامِنٌ لِكُلِّهِ مِنْ الْمَجْمَعِ .
( مَطْلَبُ عَدَمِ جَرَيَانِ الْإِكْرَاهِ ) وَالنَّذْرُ لَا يَعْمَلُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ الْفَسْخُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِمَا لَزِمَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا مُطَالِبَ لَهُ فِي الدُّنْيَا فَلَا يُطَالِبُ بِهِ فِيهَا ، وَكَذَا الْيَمِينُ وَالظِّهَارُ لَا يَعْمَلُ فِيهِمَا الْإِكْرَاهُ ، وَكَذَا الرَّجْعَةُ وَالْإِيلَاءُ وَالْفَيْءُ فِيهِ بِاللِّسَانِ وَالْخُلْعُ مِنْ جَانِبِهِ يَمِينٌ ، أَوْ طَلَاقٌ لَا يَعْمَلُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ فَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُكْرَهًا دُونَهَا لَزِمَهُ الْبَدَلُ لِرِضَاهَا بِالِالْتِزَامِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَطْعِ يَدِ رَجُلٍ فَفَعَلَ ثُمَّ قَطَعَ رِجْلَهُ طَوْعًا فَمَاتَ الْمَقْطُوعُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ جَمِيعًا فِي مَالَيْهِمَا وَأَوْجَبَا الْقِصَاصَ عَلَيْهِمَا ، مِنْ الْمَجْمَعِ .
الْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ الْحَبْسِ وَالْقَيْدِ يَظْهَرُ فِي الْأَقْوَالِ نَحْوِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَاقَةِ وَإِبْرَاءِ الْغَرِيمِ مِنْ الدَّيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ وَلَا يَظْهَرُ فِي الْأَفْعَالِ حَتَّى لَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدٍ وَقَيْدٍ ، أَوْ حَبْسٍ عَلَى أَنْ يَطْرَحَ مَالَهُ فِي الْمَاءِ ، أَوْ فِي النَّارِ ، أَوْ يَدْفَعَ مَالَهُ إلَى فُلَانٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مَكْرُوهًا وَالْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ الْقَتْلِ وَإِتْلَافِ الْعُضْوِ يَظْهَرُ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ جَمِيعًا .
وَلَوْ أَكْرَهَ الْقَاضِي رَجُلًا لِيُقِرَّ بِالسَّرِقَةِ أَوْ بِقَتْلِ رَجُلٍ بِعَمْدٍ ، أَوْ بِقَطْعِ يَدِ رَجُلٍ بِعَمْدٍ فَأَقَرَّ بِقَطْعِ يَدِهِ أَوْ قَتْلِهِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ، أَوْ قُتِلَ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مَوْصُوفًا بِالْإِصْلَاحِ يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاضِي ، وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِالسَّرِقَةِ مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ فَفِي الْقِيَاسِ يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاضِي وَلَا يُقْتَصُّ اسْتِحْسَانًا .
وَإِذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يُودِعَ مَالَهُ عِنْدَ فُلَانٍ وَأُكْرِهَ الْمُودَعُ عَلَى الْأَخْذِ صَحَّ الْإِيدَاعُ وَيَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ الْآخِذِ ، وَإِنْ أُكْرِهَ الْقَابِضُ عَلَى الْقَبْضِ لِيَدْفَعَهَا إلَى الْآمِرِ الْمُكْرِهِ فَقَبَضَهَا فَضَاعَتْ فِي يَدِ الْقَابِضِ فَإِنْ قَالَ الْقَابِضُ : قَبَضْتهَا حَتَّى أَدْفَعَهَا إلَى الْآمِرِ الْمُكْرِهِ كَمَا أَمَرَنِي بِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الضَّمَانِ ، وَإِنْ قَالَ : قَبَضْتهَا حَتَّى أَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا كَانَتْ أَمَانَةً عِنْدَهُ .
وَلَوْ تَلْفِت لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْهِبَةِ إذَا أُكْرِهَ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ وَأُكْرِهَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى الْقَبْضِ فَتَلِفَ الْمَالُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْهُوبِ لَهُ .
إذَا أَكْرَهَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِضَرْبٍ مُتْلِفٍ لِتُصَالِحَ مِنْ الصَّدَاقِ ، أَوْ تُبْرِئَهُ كَانَ إكْرَاهًا لَا يَصِحُّ صُلْحُهَا وَلَا إبْرَاؤُهَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ فِي أَيِّ مَكَان يَقْدِرُ الظَّالِمُ عَلَى تَحْقِيقِ مَا هَدَّدَ بِهِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ فِي الْمَفَاوِزِ وَالْقُرَى لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا ، وَفِي الْمِصْرِ يَتَحَقَّقُ فِي اللَّيْلِ وَلَا يَتَحَقَّقُ فِي النَّهَارِ .
وَإِنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِالْمَالِ قَالَ بَعْضُهُمْ : إذَا هَدَّدَهُ وَأَكْرَهَهُ بِمَا يَخَافُ مِنْهُ الضَّرَرَ الْبَيِّنَ يَكُونُ إكْرَاهًا وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ لِذَلِكَ حَدًّا قَالُوا وَهُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ أَمَّا الضَّرْبُ بِسَوْطٍ وَاحِدٍ ، أَوْ حَبْسِ يَوْمٍ ، أَوْ قَيْدِ يَوْمٍ فَلَا يَكُونُ إكْرَاهًا فِي الْإِقْرَارِ بِأَلْفٍ .
لَوْ أُكْرِهَ لِيُقِرَّ لِرَجُلٍ بِمَالٍ فَأَقَرَّ وَأَخَذَ الرَّجُلُ الْمَالَ وَغَابَ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَمَاتَ مُفْلِسًا كَانَ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكْرِهِ ، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ فَأَتْلَفَ وَضَمِنَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالدِّيَةِ فِيمَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَالْقِصَاصُ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ ، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ عَبْدِهِ بِقَتْلٍ ، أَوْ غَيْرِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَفْعَلَ ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ فَلَا يَظْلِمُ غَيْرَهُ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ .
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأُكْرِهَ أَحَدُهُمَا عَلَى إعْتَاقِ نَصِيبِهِ فَفَعَلَ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَاخْتَارَ الشَّرِيكُ السَّاكِتُ تَضْمِينَ الْمُكْرِهِ كَانَ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ .
وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ أَنْ يَهَبَ عَبْدَهُ لِفُلَانٍ فَوَهَبَ وَسَلَّمَ وَغَابَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ عَبْدِهِ .
وَإِذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَتَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا يَجِبُ الْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ فَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ .
وَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ عَبْدِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ فَفَعَلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ .
وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ بِعِوَضٍ يَعْدِلُهُ فَوَهَبَ وَقَبَضَ الْعِوَضَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ ، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ بِعِوَضٍ فَفَعَلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ .
وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى قَتْلِ مُورِثِهِ بِوَعِيدِ قَتْلٍ فَقَتَلَ لَا يُحْرَمُ الْقَاتِلُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْمُكْرِهَ قِصَاصًا بِمُورِثِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ .
وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ ، أَوْ أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ عَبْدٍ حَلَفَ بِعِتْقِهِ إنْ مَلَكَهُ وَقَدْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى وَقَبَضَ الْعَبْدَ يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَلْفُ دِرْهَمِ ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ مِثْلُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَدَلِ ، كَمَا لَوْ قَالَ : إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ ، وَأُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَهْرِ مِثْلِهَا جَازَ النِّكَاحُ وَتَطْلُقُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكْرِهِ .
وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَقُولَ : كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا أَسْتَقْبِلُ فَهُوَ حُرٌّ فَقَالَ ذَلِكَ ثُمَّ مَلَكَ عَبْدًا عَتَقَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ ، وَإِنْ وَرِثَ عَبْدًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَتَقَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ اسْتِحْسَانًا .
وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَقُولَ لِلْعَبْدِ : إنْ شِئْت فَأَنْتَ حُرٌّ ، أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ شَاءَ الْعَبْدُ ، أَوْ دَخَلَ الدَّارَ عَتَقَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ .
وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُعَلِّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَذَلِكَ الْفِعْلُ أَمْرٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ كَصَلَاةِ الْفَرْضِ وَنَحْوِهَا ، أَوْ كَانَ فِعْلًا يَخَافُ بِتَرْكِهِ الْهَلَاكَ عَلَى نَفْسِهِ كَالْأَكْلِ ، أَوْ الشُّرْبِ فَفَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ .
وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُعَلِّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِتَقَاضِي دَيْنِهِ ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْإِكْرَاهِ بِوَعِيدِ الْحَبْسِ .
وَلَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يُوجِبَ عَلَى نَفْسِهِ نَذْرًا أَوْ صَدَقَةً ، أَوْ حَجًّا ، أَوْ شَيْئًا مِنْ الْقُرَبِ فَفَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْمَنْذُورُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ .
وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الظِّهَارِ فَفَعَلَ كَانَ مُظَاهِرًا ، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِيلَاءِ فَفَعَلَ صَحَّ الْإِيلَاءُ فَهُوَ إكْرَاهٌ عَلَى التَّكْفِيرِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الظِّهَارِ فَفَعَلَ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِثْلَ قِيمَةِ عَبْدٍ وَسَطٍ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْوَسَطِ يَضْمَنُ الْمُكْرِهُ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْوَسَطِ .
وَلَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا فَحُكْمُهُمَا فِي الْإِكْرَاهِ حُكْمُ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ ، وَلَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ غُلَامًا ، أَوْ مَعْتُوهًا لَهُ تَسَلُّطٌ كَانَ الْقَاتِلُ هُوَ الْمُكْرِهُ لَا الْمُبَاشِرُ لِلْقَتْلِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ .
وَلَوْ أُكْرِهَ بِحَبْسٍ ، أَوْ قَيْدٍ ، أَوْ ضَرْبِ عَبْدِهِ فَفَعَلَ رَجَعَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ .
وَلَوْ أُكْرِهَ بِحَبْسٍ ، أَوْ قَيْدٍ ، أَوْ ضَرْبِ سَوْطٍ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ فَأَقَرَّ صَحَّ إقْرَارُهُ قَالُوا : إنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ بِحَيْثُ يَسْتَنْكِفُ عَنْ ضَرْبِ سَوْطٍ فِي الْمَلَأ ، أَوْ حَبْسِ يَوْمٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُكْرَهًا يَصِحُّ إقْرَارُهُ .
وَلَوْ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَلْفٍ فَأَقَرَّ بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفَيْنِ ، أَوْ أَقَرَّ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ صِنْفٍ آخَرَ لَزِمَهُ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَمَلَ رَجُلًا إلَى بَعْضِ الْبِلَادِ كُرْهًا كَانَ عَلَى الْحَامِلِ كِرَاؤُهُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي حَمَلَهُ مِنْهُ هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَإِجَارَةُ الدَّوَابِّ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
أُكْرِهَ عَلَى قَبُولِ الْوَدِيعَةِ فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَلِمُسْتَحَقِّهَا تَضْمِينُ الْمُودِعِ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
( الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي مَسَائِلِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ ) رَجُلٌ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ وَلَمْ يُثْخِنْهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ حَيْزِ الِامْتِنَاعِ فَرَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلثَّانِي وَحَلَّ أَكْلُهُ ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَثْخَنَهُ فَرَمَاهُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَلَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ ؛ لِأَنَّ سَهْمَ الْأَوَّلِ لَمَّا أَثْخَنَهُ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَيْدًا فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِزَكَاةِ الِاخْتِيَارِ وَيَضْمَنُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا بِجِرَاحَةِ الْأَوَّلِ ، وَهَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِالثَّانِي بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَجُوزُ أَنْ يَسْلَمَ الصَّيْدُ مِنْهُ ، وَالثَّانِي بِحَالٍ لَا يَسْلَمُ الصَّيْدُ مِنْهُ كَمَا إذَا أَبَانَ رَأْسَهُ لِيَكُونَ الْقَتْلُ مُضَافًا إلَى الثَّانِي ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ مِنْ الْجِرَاحَتَيْنِ ، أَوْ لَا يَدْرِي قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ يَضْمَنُ الثَّانِي مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِجِرَاحَتَيْنِ ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ لَحْمِهِ وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ .
وَإِنْ رَمَيَا مَعًا إلَى صَيْدٍ فَسَبَقَ سَهْمُ أَحَدِهِمَا وَأَثْخَنَهُ ثُمَّ لَحِقَ الْآخَرُ فَقَتَلَهُ كَانَ لِلْأَوَّلِ ، وَلَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي الزِّيَادَاتِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْوَجِيزِ هَكَذَا رَجُلَانِ رَمَيَا مَعًا صَيْدًا فَبَادَرَ أَحَدُهُمَا فَأَصَابَ الصَّيْدَ فَكَسَرَ جَنَاحَهُ فَمَاتَ مِنْهُمَا فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَيَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي شَيْئًا انْتَهَى .
وَهَكَذَا لَوْ رَمَاهُ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ سَهْمُ الْأَوَّلِ فَقَتَلَهُ لَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي شَيْئًا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ .
وَذَكَرَ فِي بَابِ الْيَمِينِ مِنْ فَتَاوَاهُ إذَا اجْتَمَعَ السَّمَكُ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَاخْتِيَارٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ .
انْتَهَى .
رَمَى صَيْدًا فِي الْهَوَاءِ فَلَمَّا عَادَ السَّهْمُ إلَى الْأَرْضِ أَصَابَ إنْسَانًا ، أَوْ مَالًا يَضْمَنُ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
( الْمَسَائِلُ الاستحسانية ) ذَبَحَ شَاةً لَا يُرْجَى حَيَاتُهَا لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا سَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ رَاعِيًا ، وَفِي فَرَسٍ وَبَغْلٍ يُفْتَى بِضَمَانِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ فَرَسٍ وَحِمَارٍ لَا يُرْجَى حَيَاتُهُمَا ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْغَصْبِ ، لَوْ مَرَّ رَجُلٌ بِشَاةِ غَيْرِهِ وَقَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى الْهَلَاكِ فَذَبَحَهَا يَكُونُ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِالْحِفْظِ .
وَذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ شَاةٌ لِإِنْسَانٍ سَقَطَتْ وَخِيفَ عَلَيْهَا الْمَوْتُ فَذَبَحَهَا إنْسَانٌ كَيْ لَا تَمُوتَ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ دَلَالَةً .
وَكَذَا الْقَصَّابُ إذَا شَدَّ رِجْلَ شَاةٍ وَأَضْجَعَهَا وَجَاءَ إنْسَانٌ وَذَبَحَهَا لَا يَضْمَنُ انْتَهَى وَتُسَمَّى هَذِهِ اسْتِحْسَانِيَّةٌ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ : وَلَيْسَ مِنْهَا سَلْخُ الشَّاةِ بَعْدَ تَعْلِيقِهَا لِلتَّفَاوُتِ انْتَهَى .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ حَجِّ الْمَرِيضِ فِي جِنْسِ الْمَسَائِلِ الاستحسانية ، إنَّ كُلَّ فِعْلٍ لَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ فِيهِ لِكُلِّ أَحَدٍ دَلَالَةً ، وَمَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ لَا تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ لِكُلِّ أَحَدٍ ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةً وَعَلَّقَهَا لِلسَّلْخِ فَسَلَخَهَا رَجُلٌ ضَمِنَ وَمِنْ الْأَوَّلِ ذَبْحُ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ فِي أَيَّامِهَا بِلَا إذْنِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا ، وَكَذَا لَوْ ذَبَحَ شَاةَ الْقَصَّابِ إذَا شَدَّهَا لِلذَّبْحِ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ قَاضِي خَانْ لَا لَوْ لَمْ يَشُدَّهَا وَقَدْ مَرَّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ طَرَفٌ فِي فَصْلِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ .
أَمَرَهُ بِذَبْحِ شَاةٍ فَلَمْ يَذْبَحْ حَتَّى بَاعَ ثُمَّ ذَبَحَ يَضْمَنُ عَلِمَ بِالْبَيْعِ ، أَوْ لَا .
وَفِي الْأَجْنَاسِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْأُضْحِيَّة ، مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ .
( الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ ) اللُّقَطَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ لَا يَضْمَنُهَا إلَّا بِالتَّعَدِّي عَلَيْهَا ، أَوْ بِالْمَنْعِ عِنْدَ الطَّلَبِ إذَا أَشْهَدَ الْمُلْتَقِطُ حِينَ الْأَخْذِ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا لِيَحْفَظَهَا وَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَيَكْفِيهِ لِلْإِشْهَادِ أَنْ يَقُولَ : مَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَنْشُدُ لُقَطَةً فَدُلُّوهُ عَلَيَّ ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ وَقَالَ أَخَذْتُهَا لِلرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَضْمَنُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ أَخَذَ لِلرَّدِّ ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ الْخِلَافُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَاضِي خَانْ فِيمَا إذَا تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ إمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُشْهِدُهُ عِنْدَ الرَّفْعِ ، أَوْ خَافَ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ الرَّفْعِ يَأْخُذُهَا مِنْهُ ظَالِمٌ لَا يَكُونُ ضَامِنًا بِالِاتِّفَاقِ ، وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُشْهِدُهُ حَتَّى جَاوَزَ ضَمِنَ ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مِنْ قَاضِي خَانْ ، وَفِيهِ أَيْضًا هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى كَوْنِهَا لُقَطَةً وَلَكِنْ اخْتَلَفَا هَلْ الْتَقَطَهُمَا لِلْمَالِكِ أَمْ لَا ؟ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا لُقَطَةً فَقَالَ الْمَالِكُ : أَخَذْتهَا غَصْبًا وَقَالَ الْمُلْتَقِطُ : لُقَطَةً أَخَذْتهَا لَك كَانَ الْمُلْتَقِطُ ضَامِنَهَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا .
وَعَلَى الْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعَرِّفَهَا إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى رَأْيِهِ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا لَا يَبْقَى كَالْأَطْعِمَةِ الْمُعَدَّةِ لِلْأَكْلِ وَبَعْضِ الثِّمَارِ إلَى أَنْ يَخَافَ فَسَادَهُ ثُمَّ يَتَصَدَّقَ بِهَا ، وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا لَوْ فَقِيرًا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا بَعْدَمَا تَصَدَّقَ بِهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الصَّدَقَةَ وَلَهُ ثَوَابُهَا ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُلْتَقِطَ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمِسْكِينَ إذَا
هَلَكَ فِي يَدِهِ وَإِذَا كَانَ قَائِمًا أَخَذَهُ ، ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ التَّصَدُّقُ فِي التَّضْمِينِ بِقَوْلِهِمْ إنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا ، كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ ، وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو جَعْفَرٍ إنْ تَصَدَّقَ بِإِذْنِ الْقَاضِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ ، انْتَهَى .
وَأَيَّهُمَا ضَمِنَ الْمُلْتَقَطُ وَالْمِسْكِينُ لَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبهِ بِشَيْءِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ .
وَإِنْ أَتْلَفَ الْعَبْدُ مَا الْتَقَطَهُ قَبْلَ التَّعْرِيفِ ، أَوْ بَعْدَهُ بِبَيْعٍ ، أَوْ فِدًى وَعِنْدَ مَالِكٍ إنْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ التَّعَرُّفِ لَا يُطَالِبُ بِهِ لِلْحَالِ بَلْ بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ ، وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى النَّفَقَةِ إنْ كَانَ شَيْئًا يُمْكِنُ إجَارَتُهُ يُؤَاجِرُهَا بِأَمْرِ الْقَاضِي وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ الْأَجْرِ ، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى صَاحِبِهَا وَلِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ حَتَّى يُحْضِرَ النَّفَقَةَ فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْحَبْسِ سَقَطَ دَيْنُ النَّفَقَةِ ؛ لِأَنَّهَا بِالْحَبْسِ صَارَتْ كَالرَّهْنِ وَهُوَ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ ، وَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ الْحَبْسِ لَا يَسْقُطُ دَيْنُ النَّفَقَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَفِي الْإِيضَاحِ نَقْلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ وَالتَّقْرِيبِ لِأَبِي الْحَسَنِ الْقُدُورِيِّ ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا : لَوْ أَنْفَقَ عَلَى اللُّقَطَةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَحَبَسَهَا بِالنَّفَقَةِ فَهَلَكَتْ لَمْ تَسْقُطْ النَّفَقَةُ خِلَافًا لِزُفَرَ ؛ لِأَنَّهَا رَهْنٌ غَيْرُ بَدَلٍ عَنْ عَيْنٍ وَلَا عَنْ عَمَلٍ مِنْهُ فِيهَا وَلَا تَنَاوَلَهُ عَقْدٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ ، انْتَهَى .
قُلْت : وَلَعَلَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ اطَّلَعَ عَلَى رِوَايَةٍ فِي ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِنَا وَبِالْجُمْلَةِ فَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْفَتْوَى ، وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْأُسْرُوشَنِيِّ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِأَمْرِ الْقَاضِي فَجَاءَ مَالِكًا فَقَالَ الْآخِذُ : أَنْفَقْت عَلَيْهَا كَذَا وَكَذَا وَذَلِكَ نَفَقَةُ مِثْلِهَا ، وَكَذَّبَ رَبُّ الدَّابَّةِ وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ ؛ لِأَنَّ الْوَاجِدَ يَدَّعِي عَلَيْهِ دَيْنًا هُوَ يُنْكِرُهُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ ، انْتَهَى .
وَكَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي بَكْرٍ .
رَجُلٌ دَفَعَ لُقَطَةً وَأَشْهَدَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا لَهُ وَذَكَرَ وَزْنَهَا وَكَيْلَهَا وَعَدَدَهَا وَكُلَّ عَلَامَةٍ كَانَتْ لَهَا فَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الْمُلْتَقِطُ وَطَلَبَ الْبَيِّنَةَ ، عِنْدَنَا لَا يُجْبَرُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ ، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِالْعَلَامَةِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ فَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الْأَوَّلِ يَأْخُذُهَا صَاحِبُهَا مِنْهُ إذَا قَدَرَ وَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدٍ ، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً ، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهَا فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْآخِذَ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ ، وَذُكِرَ فِي الْكِتَابِ إنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ دَفَعَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي ضَمِنَ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ دَفَعَ اللُّقَطَةَ إلَيْهِ يَعْنِي إلَى مَنْ صَدَّقَهُ أَنَّهَا لَهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَاسْتَحَقَّهَا بِالْبَيِّنَةِ إنْ وَجَدَ عَيْنَهَا أَخَذَهَا ، وَإِنْ هَلَكَتْ ضَمِنَ أَيَّهُمَا شَاءَ ، فَإِنْ ضَمِنَ الْقَابِضُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الدَّافِعِ ، وَإِنْ ضَمِنَ الدَّافِعُ يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِض فِي رِوَايَةٍ ، هَذَا إذَا دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ، وَإِنْ دَفَعَ بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ ، انْتَهَى .
حَطَبٌ وُجِدَ فِي الْمَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فَهُوَ حَلَالٌ لِمَنْ أَخَذَهُ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ يَكُونُ لُقَطَةً وَحُكْمُ اللُّقَطَةِ مَعْلُومٌ .
التُّفَّاحُ وَالْكُمَّثْرَى إذَا كَانَا فِي نَهْرٍ جَارٍ قَالُوا : يَجُوزُ أَخْذُهُ ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَفْسُدُ لَوْ تُرِكَ ، وَلَوْ وَجَدَ جَوْزَةً ثُمَّ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَ عَشْرًا وَلَهَا قِيمَةٌ فَإِنْ وَجَدَ الْكُلَّ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ ، وَإِنْ وَجَدَهَا مُتَفَرِّقَةً اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا لُقَطَةٌ بِخِلَافِ النَّوَى إذَا وُجِدْت مُتَفَرِّقَةً وَيَكُونُ لَهَا قِيمَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُهَا ؛ لِأَنَّ النَّوَاةَ مِمَّا يُرْمَى عَادَةً فَتَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمُبَاحِ وَلَا كَذَلِكَ الْجَوْزُ حَتَّى لَوْ وُجِدَ الْجَوْزُ تَحْتَ الْأَشْجَارِ وَيَتْرُكُهَا صَاحِبُهَا فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ النَّوَاةِ .
وَإِنْ وَجَدَ فِي الطَّرِيقِ شَجَرًا ، أَوْ وَرَقًا مِنْ شَجَرٍ يُنْتَفَعُ بِهِ نَحْوَ وَرَقِ التُّوتِ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُرْمَى إلَى دُودِ الْقَزِّ ، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَهُ قِيمَةٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ ، وَإِنْ أَخَذَهُ كَانَ ضَامِنًا ، وَإِنْ كَانَ وَرَقًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ .
رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً لِيُعَرِّفَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ ، وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ مَا إذَا تَحَوَّلَ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ أَعَادَهَا إلَيْهِ وَبَيْنَ مَا إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ : إنَّمَا يَبْرَأُ إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ التَّحْوِيلِ فَإِذَا أَعَادَهَا بَعْدَمَا تَحَوَّلَ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُخْتَصَرِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا مَشَى خُطْوَتَيْنِ ، أَوْ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ ثُمَّ أَعَادَهَا إلَى مَكَانِهَا بَرِئَ انْبَنَى هَذَا إذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ لِيُعَرِّفَهَا فَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا لِيَأْكُلَهَا لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَدْفَعْهَا إلَى صَاحِبِهَا ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا لِيَأْكُلَهَا يَصِيرُ غَاصِبًا وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَهُوَ كَمَا قَالُوا لَوْ كَانَتْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا وَتَرَكَهَا فِي مَكَانِهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ ضَامِنًا وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا ، وَكَذَا لَوْ نَزَعَ خَاتَمًا مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى أُصْبُعِهِ بَعْدَمَا انْتَبَهَ ثُمَّ نَامَ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي فَصْلِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِتَمَامِهَا ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ ثُمَّ نَزَعَهُ وَأَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَهَذَا إذَا لَبِسَ كَمَا يَلْبَسُ الثَّوْبَ عَادَةً ، فَأَمَّا إذَا كَانَ قَمِيصًا فَوَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا ؛ لِأَنَّهُ حِفْظٌ وَلَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ ، وَكَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْخَاتَمِ فِيمَا إذَا لَبِسَهُ فِي الْخِنْصَرِ وَيَسْتَوِي فِيهَا الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى أَمَّا إذَا لَبِسَهُ فِي أُصْبُعٍ أُخْرَى ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي قَوْلِهِمْ ، وَإِنْ لَبِسَهُ فِي خِنْصَرِهِ
عَلَى خَاتَمٍ فَإِنْ كَانَ الرَّجُل مَعْرُوفًا بِكَوْنِهِ يَتَخَتَّمُ بِخَاتَمَيْنِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي قَوْلِهِمْ إذَا أَعَادَهُ إلَى مَكَانَهُ قَبْلَ التَّحَوُّلِ .
وَكَذَا إذَا تَقَلَّدَ بِالسَّيْفِ ثُمَّ نَزَعَهُ وَأَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي قَوْلِهِمْ ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ سِوَى الْمَنْقُولِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ ، قُلْت : وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ يُقَالُ لَهَا اخْتِلَافُ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ ، قَالَ فِي الصُّغْرَى وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ بِأَجْنَاسِهَا فِي غَصْبِ الْمُنْتَقَى وَآخِرِ شَرْحِ لُقَطَةِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَخُوَاهَرْ زَادَهْ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ الْمَالِكُ يَرْفَعُ الْمُلْتَقِطُ الْأَمْرَ إلَى الْإِمَامِ ثُمَّ الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَ ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ فَإِذَا قَبِلَ إنْ شَاءَ عَجَّلَ صَدَقَتَهَا ، وَإِنْ شَاءَ أَقْرَضَهَا مِنْ رَجُل مَلِيءٍ ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهَا مُضَارَبَةً ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا عَلَى الْمُلْتَقِطِ ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ يَتَصَرَّفُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ لِصَاحِبِهَا ، وَإِنْ شَاءَ بَاعَهَا إنْ لَمْ تَكُنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَأَمْسَكَ ثَمَنَهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ حَضَرَ مَالِكُهَا لَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ إنْ كَانَ الْبَيْعُ بِأَمْرِ الْقَاضِي ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَهِيَ قَائِمَةٌ فَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ ، وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ عَيْنَ مَالِهِ ، وَإِنْ هَلَكَ إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْبَائِعِ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ الْبَائِعُ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْفُذُ الْبَيْعُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ انْتَهَى .
لَوْ وَجَدَ شَيْئًا عَلَى الْأَرْضِ فَلَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى ضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِهِ ، وَكَذَا لَوْ قَلَبَهُ بِرِجْلِهِ لِيَنْظُرَ مَا هُوَ وَلَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يَضْمَنْ ، مِنْ الْحَدَّادِيِّ .
إذَا اخْتَلَطَ بِحَمَامِهِ حَمَامٌ أَهْلِيٌّ لِغَيْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ يَأْخُذُهُ ، وَإِنْ أَخَذَهُ يَطْلُبُ صَاحِبَهُ وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ وَفَرَّخَ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ غَرِيبَةً لَا يَتَعَرَّضُ لِفَرْخِهِ فَإِنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ ، وَإِنْ كَانَتْ لِصَاحِبِ الْبُرْجِ وَالْغَرِيبُ ذَكَرٌ فَإِنَّ الْفَرْخَ يَكُونُ لَهُ ، وَكَذَا الْبِيضُ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَاللَّقِيطُ كَاللُّقَطَةِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ وَأَمْرُ نَفَقَتِهِ كَاللُّقَطَةِ لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْمُلْتَقِطُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى اللَّقِيطِ ، وَإِنْ أَمَرَهُ الْقَاضِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ دَيْنًا عَلَى اللَّقِيطِ فَمَا أَنْفَقَ يَكُونُ دَيْنًا لَهُ عَلَى اللَّقِيطِ ، وَإِنْ أَمَرَهُ الْقَاضِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى اللَّقِيطِ أَشَارَ فِي الْكِتَابِ إلَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ بَعْدَ الْبُلُوغِ إذَا أَنْفَقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الرُّجُوعَ كَالْبَالِغِ إذَا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُنْفِقَ عَلَى اللَّقِيطِ كَانَ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَنْفَقَ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الرُّجُوعَ .
وَإِنْ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى اللَّقِيطِ فَادَّعَى الْمُلْتَقِطُ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَذَا إنْ صَدَّقَهُ اللَّقِيطُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ بِالْإِنْفَاقِ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ مِنْ قَاضِي خَانْ ، وَإِنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ فَإِنْ صَدَّقَهُ اللَّقِيطُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي ذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ .
وَلَوْ وُجِدَ مَالٌ مَشْدُودٌ عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَشْدُودًا عَلَى دَابَّةٍ ثُمَّ يَصْرِفُهُ الْوَاجِدُ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْقَاضِي ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَمْلِكُ الْمُلْتَقِطُ عَلَيْهِ ذَكَرًا كَانَ ، أَوْ أُنْثَى تَصَرُّفًا مِنْ بَيْعٍ ، أَوْ شِرَاءٍ ، أَوْ نِكَاحٍ وَإِنَّمَا لَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ لَا غَيْرُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتِنَهُ فَإِنْ فَعَلَهُ فَهَلَكَ بِذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْوَجِيزِ ، وَلَوْ قَتَلَهُ رَجُلٌ هُدِرَ دَمُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ذَكَرَهُ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ .
وَفِي قَاضِي خَانْ رَجُلٌ الْتَقَطَ لَقِيطًا ثُمَّ قَتَلَهُ هُوَ ، أَوْ غَيْرُهُ خَطَأً كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ ، وَإِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ قَتَلَ الْقَاتِلَ ، وَإِنْ شَاءَ صَالَحَهُ عَلَى الدِّيَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ ا هـ .
( الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي مَسَائِلِ الْآبِقِ ) الْآبِقُ كَاللُّقَطَةِ إذَا أُشْهِدَ عَلَى أَنَّهُ يَأْخُذُهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَوْلَاهُ كَانَتْ أَمَانَةً بِيَدِهِ إذَا مَاتَ ، أَوْ أَبَقَ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ لَهُ ، أَمَّا إذَا تَرَكَ الْإِشْهَادَ وَكَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ يَضْمَنُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَمَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ أَنَّ عِنْدَهُ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَنَّهُ أَخَذَهُ لِلرَّدِّ وَإِذَا اسْتَعْمَلَ الرَّادُّ الْآبِقَ فِي حَاجَتِهِ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ أَبَقَ يَضْمَنُ .
وَفِي التَّجْرِيدِ كيزك يكى را كرفت بازازد سِتّ وى كريخت اكنون جَنِين ميكو يدكه أَيْنَ كنيزك كفت كه مِنْ ازادم رها كردمش لَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ الْأَخْذِ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِمَالِكِهَا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ ، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ ضَمِنَ ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ .
وَفِي الْأَشْبَاهِ إذَا أَشْهَدَ رَادُّ الْآبِقِ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ انْتَفَى الضَّمَانُ وَاسْتَحَقَّ الْجَعْلَ وَإِلَّا فَلَا فِيهِمَا ا هـ وَلِلرَّادِّ أَنْ يَحْبِسَ الْآبِقَ لِاسْتِيفَاءِ الْجَعْلِ هَذِهِ فِي اللُّقَطَةِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَلَوْ حَبَسَهُ بِالْجَعْلِ فَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْوَجِيزِ إلَّا أَنَّ فِي الْوَجِيزِ قَالُوا : لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ وَقَدْ أَمْسَكَهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ صَاحِبُ الْمُشْتَمِلِ .
وَلَوْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى كَوْنَ عَبْدِهِ آبِقًا فَالْقَوْلُ لَهُ وَالْآخِذُ ضَامِنٌ إجْمَاعًا ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الضَّمَانِ قَدْ ظَهَرَ مِنْ الْآخِذِ وَهُوَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ يَدَّعِي الْمَسْقَطَ وَهُوَ الْإِذْنُ شَرْعًا بِكَوْنِ الْعَبْدِ آبِقًا كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
وَأَمْرُ نَفَقَتِهِ كَاللُّقَطَةِ لَوْ أَنْفَقَ الرَّادُّ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَوْلَى وَإِلَّا كَانَ مُتَبَرِّعًا ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْمُحِيطِ رَجُلٌ أَخَذَ آبِقًا فَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَقَرَّ أَنَّ الْقِنَّ لَهُ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي فَهَلَكَ عِنْدَهُ فَاسْتَحَقَّهُ آخَرُ بِبَيِّنَةٍ ضَمِنَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَيَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ ثُمَّ قَالَ : أَقُولُ هَذَا يَصِحُّ لَوْ دَفَعَهُ مُضَمَّنًا ، أَوْ غَيْرَ مُصَدَّقٍ أَمَّا لَوْ صَدَّقَهُ وَدَفَعَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ لِزَعْمِهِ أَنَّ الْقَابِضَ مُحِقٌّ وَالْمُسْتَحِقَّ مُبْطِلٌ ، وَفِيهِ أَيْضًا ، وَلَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الْأَوَّلِ حَتَّى شَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ فَدَفَعَهُ بِلَا حُكْمٍ فَبَرْهَنَ آخَرُ أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِهِ لِلثَّانِي إذْ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ قَامَتْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ
فَلَا تُعَارِضُ بَيِّنَةً قَامَتْ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلَوْ أَعَادَ الْأَوَّلُ بَيِّنَتَهُ لَا تُقْبَلُ إذْ الْقِنُّ فِي يَدِهِ فَبَيِّنَتُهُ لَا تُعَارِضُ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ ، وَلَوْ بَاعَهُ الْأَوَّلُ ثُمَّ بَرْهَنَ رَجُلٌ أَنَّهُ قِنُّهُ ضَمِنَ أَيَّهُمَا شَاءَ الْمُشْتَرِي ، أَوْ الْبَائِعُ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ ، وَلَوْ ضَمِنَ الْبَائِعُ نَفَذَ بَيْعُهُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَلَهُ ثَمَنُهُ وَتَصَدَّقَ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ رِبْحٌ حَصَلَ لَا مِنْ مِلْكِهِ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ .
وَلَوْ اغْتَصَبَهُ رَجُلٌ مِنْ الرَّادِّ وَجَاءَ بِهِ إلَى الْمَوْلَى فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَأَخَذَ جَعْلَهُ ثُمَّ أَقَامَ الْآخِذُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَدَّى إلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .
( الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْبَيْعِ ) الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ لَا الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذُكِرَ فِي بُيُوعِ الْأَشْبَاهِ ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ عِنْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ وَعَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ مُطْلَقًا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ انْتَهَى قُلْت وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُفْتَى بِهِ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ .
قَالَ قَاضِي خَانْ رَجُلٌ جَاءَ إلَى الزَّجَّاجِ فَقَالَ : ادْفَعْ إلَيَّ هَذِهِ الْقَارُورَةَ فَأَرَاهَا فَقَالَ الزَّجَّاجُ : ارْفَعْهَا فَرَفَعَهَا فَوَقَعَتْ وَانْكَسَرَتْ لَا يَضْمَنُ الرَّافِعُ ؛ لِأَنَّ رَفْعَهَا ، وَإِنْ كَانَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَالثَّمَنُ غَيْرُ مَذْكُورٍ وَالْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا إلَّا بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ .
وَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ قَالَ لِلزَّجَّاجِ : بِكَمْ هَذِهِ الْقَارُورَةُ ؟ فَقَالَ الزَّجَّاجُ : بِكَذَا ، فَقَالَ : آخُذُهَا فَأَرَاهَا فَقَالَ الزَّجَّاجُ : نَعَمْ ، فَرَفَعَهَا فَوَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ وَانْكَسَرَتْ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا انْتَهَى .
وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ رَفَعَ قَارُورَةً مِنْ دُكَّانِ الزَّجَّاجِ فَقَالَ : ارْفَعْهَا حَتَّى أُرِيَهَا غَيْرِي فَسَقَطَتْ إنْ بَيَّنَ الثَّمَنَ ضَمِنَ ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَا ، وَإِنْ أَخَذَهَا بِغَيْرِ إذْنٍ ضَمِنَ فِي الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى .
وَفِي قَاضِي خَانْ إذَا أَخَذَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِ الْمُسَاوَمَةِ بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ ، وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ وَارِثُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَوْتِ الْمُشْتَرِي انْتَهَى .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ مَا قُبِضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ لَوْ سُمِّيَ ثَمَنُهُ يُمَاثِلُ الْفَاسِدَ يُضْمَنُ فِي الْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ ، وَفِي غَيْرِهِ بِقِيمَتِهِ .
وَفِي الْوَجِيزِ عَنْ الْمُنْتَقَى ، الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ مَتَى بَيَّنَ لَهُ ثَمَنًا ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ثَمَنًا لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا وَصُورَتُهُ لَوْ قَالَ لِآخَرَ : هَذَا الثَّوْبُ لَكَ بِعِشْرِينَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي آخُذُهُ بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِالثَّوْبِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ ؛ لِأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِقَبْضِهِ إلَّا بِعِوَضٍ ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ فَعَلَيْهِ عِشْرُونَ ؛ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ صَارَ رَاضِيًا بِالْبَيْعِ بِالْمُسَمَّى دَلَالَةً حَمْلًا لِفِعْلِهِ عَلَى غَلَبَةِ الصَّلَاحِ .
وَلَوْ قَالَ : هَذَا الثَّوْبُ لَك بِعَشَرَةٍ فَقَالَ : هَاتِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ فَآخُذَهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى جِهَةِ الْبَيْعِ ، وَإِنْ قَالَ : هَاتِ فَإِنْ رَضِيته أَخَذْته بِعَشَرَةٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ انْتَهَى .
وَفِي الصُّغْرَى الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنَّمَا يَكُونُ مَضْمُونًا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُسَمًّى نَصَّ عَلَيْهِ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي بُيُوعِ الْعُيُونِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ إذَا قَالَ : اذْهَبْ بِهَذَا الثَّوْبِ فَإِنْ رَضِيته اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِهِ فَهَلَكَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى انْتَهَى .
وَالْمَقْبُوضُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ يَوْمَئِذٍ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ .
وَلَوْ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ فَقَالَ هُوَ بِعِشْرِينَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي : لَا أَزِيدُكَ عَلَى عَشَرَةٍ فَأَخَذَهُ وَذَهَبَ بِهِ فَضَاعَ عِنْدَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ بِعِشْرِينَ .
وَلَوْ قَالَ آخُذُ ثَوْبًا عَلَى الْمُسَاوَمَةِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ الْبَائِعُ وَهُوَ يُسَاوِمُهُ وَالْبَائِعُ يَقُولُ : هُوَ بِعَشَرَةٍ فَهُوَ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي قَالَ الْبَائِعُ حَتَّى يَرُدَّهُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ هَاتِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْبَائِعُ وَقَالَ لَا نَقْصَ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي : قَدْ أَخَذْته بِعَشَرَةٍ فَسَكَتَ الْبَائِعُ وَذَهَبَ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ .
رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ : هَذَا الثَّوْبُ لَك بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَقَالَ : هَاتِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ ، أَوْ حَتَّى أُرِيَهُ غَيْرِي فَأَخَذَ عَلَى هَذَا فَضَاعَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ قَالَ : هَاتِهِ فَإِنْ رَضِيته أَخَذْته فَضَاعَ فَعَلَيْهِ الثَّمَنُ ، وَإِنْ قَالَ : إنْ رَضِيته اشْتَرَيْته فَهُوَ بَاطِلٌ وَهَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ سَاوَمَ رَجُلًا بِثَوْبٍ فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ لَك بِعِشْرِينَ ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا بَلْ بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِعَشَرَةٍ فَلَيْسَ هَذَا بِبَيْعٍ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ اسْتَهْلَكَهُ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ مَا لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِالْعُرْفِ وَيَلْزَمُهُ هَذَا بِعِشْرِينَ .
رَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِقَدَحٍ فَقَالَ لِصَاحِبِ الْقَدَحِ أَرِنِي قَدَحَك هَذَا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَنَظَرَ إلَيْهِ الرَّجُلُ فَوَقَعَ مِنْهُ عَلَى أَقْدَاحٍ لِصَاحِبِ الزَّجَّاجِ فَانْكَسَرَ الْقَدَحُ وَالْأَقْدَاحُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَضْمَنُ الْقَابِضُ الْقَدَحَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الثَّمَنِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْأَقْدَاحِ الَّتِي انْكَسَرَتْ بِفِعْلِهِ ، انْتَهَى .
وَلَا يَضْمَنُ الْقَدَحَ ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَيَضْمَنُ سَائِرَ الْأَقْدَاحِ ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ قُلْت : إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُسَمًّى فَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْقَدَحِ أَيْضًا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ .
لَوْ قَالَ الْبَائِعُ : أَبِيعُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا آخُذُ إلَّا بِعَشَرَةٍ وَالثَّوْبُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَذَهَبَ فَهُوَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَهُوَ بِعَشَرَةٍ .
اشْتَرَى ثَوْبًا فَغَلِطَ وَأَخَذَ ثَوْبًا غَيْرَ مَا اشْتَرَاهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ ، مِنْ الْوَجِيزِ .
رَجُلٌ طَلَب مِنْ الْفُصُولَيْنِ ثَوْبًا فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ ، وَقَالَ هَذَا بِعَشَرَةٍ وَهَذَا بِعِشْرِينَ وَهَذَا بِثَلَاثِينَ احْمِلْهَا إلَى مَنْزِلِك فَأَيُّ ثَوْبٍ رَضِيته بِعْتُكَهُ فَحَمَلَ الرَّجُلُ الثِّيَابَ فَاحْتَرَقَتْ الْكُلُّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي .
قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ هَلَكَ الْكُلُّ جُمْلَةً ، أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ وَلَا يَدْرِي الَّذِي هَلَكَ أَوَّلًا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي ثُلُثَ ثَمَنِ كُلِّ ثَوْبٍ ، وَإِنْ عَرَفَ الْأَوَّلَ لَزِمَهُ ثَمَنُهُ وَالثَّوْبَانِ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ ، وَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبَانِ وَبَقِيَ الثَّالِثُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الثَّالِثَ ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَأَمَّا الثَّوْبَانِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ نِصْفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَيَّهُمَا هَلَكَ ، وَإِنْ هَلَكَ وَاحِدٌ وَبَقِيَ اثْنَانِ لَزِمَهُ قِيمَةُ مَا هَلَكَ وَيَرُدُّ الثَّوْبَيْنِ ، وَإِنْ احْتَرَقَ الثَّوْبَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ ثُلُثُهُ ، أَوْ رُبُعُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمَا احْتَرَقَ أَوَّلًا يَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّالِثِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ وَلَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الثَّالِثِ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَفِيهِ رَجُلٌ يَبِيعُ سِلْعَةً فَقَالَ لِغَيْرِهِ : اُنْظُرْ فِيهَا فَأَخَذَهَا لِيَنْظُرَ فِيهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ قَالَ النَّاظِرُ بَعْدَمَا نَظَرَ : بِكَمْ تَبِيعُ ؟ قَالُوا : يَكُونُ ضَامِنًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا إلَّا إذَا قَالَ صَاحِبُ السِّلْعَةِ بِكَذَا انْتَهَى .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ قَبَضَهُ بِالشِّرَاءِ ، وَإِنْ شَاءَ قَبَضَهُ بِالْإِجَارَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا فَهَلَكَ عِنْدَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ هَلَكَ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ عَلَى الْإِجَارَةِ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ أَرَدْت الْمِلْكَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الْأَجْرِ ، أَوْ أَكْثَرَ قَبِلَ قَوْلَهُ ، وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ أَكْثَرَ لَا يُصَدَّقُ ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَضْمَنُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ عَلَى الضَّامِنِ هَذِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ مِنْ إجَارَاتِ الْخُلَاصَةِ .
اسْتَبَاعَ قَوْسًا فَقَالَ لَهُ بَائِعِهَا : خُذْهَا فَمُدَّهَا فَمَدَّهَا فَانْكَسَرَتْ يَضْمَنُ ، وَكَذَا إذَا قَالَ : مُدَّهَا فَإِنْ انْكَسَرَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْك يَضْمَنُ أَيْضًا ، قَالَ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ : هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ كَمَا إذَا أَخَذَ شَيْئًا عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ وَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ : إنْ هَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك يَضْمَنُ كَذَا هَذَا فِي الْغَصْبِ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
لَوْ بَاعَهُ وَسَكَتَ عَنْ الثَّمَنِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ .
وَلَوْ قَالَ : بِعْت بِغَيْرِ ثَمَنٍ لَا يَمْلِكُ الْمَبِيعَ ، وَإِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي الْمُعَاوَضَةَ فَإِذَا سَكَتَ عَنْ الثَّمَنِ كَانَ عِوَضُهُ قِيمَتَهُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ : بِعْته بِالْقِيمَةِ ، وَكَذَا جَمِيعُ الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ : بِعْت بِغَيْرِ ثَمَنٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلْمُقْتَضِي مَعَ التَّصْرِيحِ بِخِلَافِهِ ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
الْبَيْعُ الْبَاطِلُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ ، وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِيهِ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَبَقِيَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ يَكُونُ مَضْمُونًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ قَبْلَ الْأَوَّلِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّانِي قَوْلُهُمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَفِيهَا أَيْضًا ، وَإِنْ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ قُلْتُ فَمَا قِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ الضَّمَانِ فِيهِمَا عَنْهُ ، وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَلَا يَسْتَقِيمُ كَمَا لَا يَخْفَى .
وَفِي الصُّغْرَى ذَكَرَ الطَّوَاوِيسِيُّ فِي بُيُوعِهِ إذَا اشْتَرَى بِالْمَيْتَةِ ، أَوْ الدَّمِ وَقَبَضَ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا وَابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا ، وَفِي قَاضِي خَانْ الْمُشْتَرِي بِالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ لَا يَمْلِكُ ، وَإِنْ قَبَضَ فَإِنْ هَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي رِوَايَةٍ لَا يَضْمَنُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى .
قُلْت : وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ أَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَالٍ وَهُوَ مَا لَا يَجْرِي فِيهِ التَّنَافُسُ وَالِابْتِذَالُ كَالتُّرَابِ وَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ حَتْفَ أَنْفِهَا أَوْ الْحُرُّ ، أَوْ غَيْرَ مُتَقَوِّمِ بَيْعٍ يَنْفُذُ كَخَمْرِ الْمُسْلِمِ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَضْمَنُهُ بِالْهَلَاكِ كَمَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ وَإِلَّا يَكُونُ مَضْمُونًا كَمَا هُوَ فِيهِ أَيْضًا .
وَالْفَاسِدُ يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ الْقَبْضِ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ مَضْمُونًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَلْزَمُهُ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَالْقِيمَةُ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَزَوَائِدُ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا لَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ وَلَا تُضْمَنُ بِالْهَلَاكِ وَتُضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ زَوَائِدُ الْمَبِيعِ الْمُنْفَصِلَةُ إنْ كَانَتْ مُتَوَلِّدَةً عَنْ الْأَصْلِ كَالْوَلَدِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا جَمِيعًا ، وَلَوْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ نَقَصَتْهَا أُجْبِرَ النُّقْصَانُ بِالْحَادِثِ إنْ كَانَ بِهِ وَفَاءً عِنْدَنَا ، وَلَوْ هَلَكَتْ هَذِهِ الزَّوَائِدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا تُضْمَنُ كَزَوَائِدِ الْغَصْبِ وَيَغْرَمُ نُقْصَانَ الْوِلَادَةِ ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي هَذِهِ الزَّوَائِدَ يَضْمَنُ .
وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ وَالزِّيَادَةُ قَائِمَةٌ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الزِّيَادَةَ وَيَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْقَبْضِ .
وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالْهِبَةِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مَعَ هَذِهِ الزَّوَائِدِ وَلَا تَطِيبُ لَهُ فَإِنْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تَقَرَّرَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْمَبِيعِ وَبَقِيَتْ الزَّوَائِدُ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الزَّوَائِدِ الْمُتَوَلِّدَةِ انْتَهَى .
وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْجِهَادِ وَالْأَوْصَافِ تُضْمَنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي الْغَصْبِ انْتَهَى .
وَفِي الْحَقَائِقِ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ فِي يَدِهِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَيَوْمَ الْقَبْضِ عِنْدَهُمَا ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ حَيْثُ الْعَيْنِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ اتِّفَاقًا وَالْبَيْعُ كَالِاسْتِهْلَاكِ ، انْتَهَى .
قُلْتُ : وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَجْمَعِ وَدُرَرِ الْبِحَارِ وَالثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ بِبَيْعٍ بَاطِلٌ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَضْمُونٌ كَفَاسِدٍ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْجَامِعِ وَالْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ .
وَلَوْ اشْتَرَى وَقْرَ حَطَبٍ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إلَى مَنْزِلِ الْمُشْتَرِي عُرْفًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي الطَّرِيقِ يَهْلِكُ عَلَى الْبَائِعِ .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى قَصَّابٍ دِرْهَمًا وَزِنْبِيلًا وَقَالَ : اعْطِنِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ لَحْمًا وَزِنْهُ وَضَعْهُ فِي هَذَا الزِّنْبِيلِ حَتَّى أَجِيءَ بَعْدَ سَاعَةٍ فَفَعَلَ الْقَصَّابُ ذَلِكَ فَأَكَلَتْهُ الْهِرَّةُ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ عَلَى الْقَصَّابِ ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَمْ تَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ اللَّحْمِ ، وَإِنْ بَيَّنَ مَوْضِعَ اللَّحْمِ فَقَالَ مِنْ الذِّرَاعِ ، أَوْ الْجَنْبِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً بِعَيْنِهَا وَدَفَعَ غَرَائِرَهُ إلَى الْبَائِعِ ، وَقَالَ كُلُّهَا فِيهِ فَفَعَلَ يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا ، وَلَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِأَنْ كَانَتْ سَلَمًا ، أَوْ ثَمَنَ سِلْعَةٍ فَدَفَعَ رَبُّ السَّلَمِ غَرَائِرَهُ إلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَكِيلَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ فِيهَا فَفَعَلَ لَا يَصِيرُ قَابِضًا إلَّا إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ رَبِّ السَّلَمِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِي شِرَاءِ الْكِرْبَاسِ .
لَوْ اشْتَرَى ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ وَقَالَ اقْطَعْ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ فَقَطَعَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُشْتَرِي كَانَ لَازِمًا عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا .
اسْتَبَاعَ قَوْسًا فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ مُدَّ الْقَوْسَ فَمَدَّهُ فَانْكَسَرَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ، وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ مُدَّهُ فَإِنْ انْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك فَمَدَّهُ وَانْكَسَرَ يَضْمَنُ أَيْضًا قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَوْ أَخَذَ شَيْئًا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ إنْ هَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك بَعْدَمَا اتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ فَهَلَكَ يَضْمَنُ فَكَذَلِكَ هُنَا .
اشْتَرَى دُهْنًا وَدَفَعَ الْقَارُورَةَ إلَى الدَّهَّانِ وَقَالَ لِلدَّهَّانِ ابْعَثْ الْقَارُورَةَ إلَى مَنْزِلِي عَلَى يَدِ غُلَامِك فَانْكَسَرَتْ الْقَارُورَةُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَهْلِكُ الدِّهْنُ عَلَى الْبَائِعِ ، وَإِنْ قَالَ لِلدَّهَّانِ : ابْعَثْ عَلَى يَدِ غُلَامِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي .
رَجُلٌ اشْتَرَى دَجَاجَةً تُسَاوِي عَشْرَ بَيْضَاتٍ بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ وَلَمْ يَقْبِضْ الدَّجَاجَةَ حَتَّى بَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ خَمْسَ بَيْضَاتٍ فَاسْتَهْلَكَ الْبَائِعُ الْبَيْضَاتِ الْحَادِثَةَ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الدَّجَاجَةَ بِثَلَاثِ بَيْضَاتٍ وَثُلُثِ بَيْضَةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَاضَتْ خَمْسَ بَيْضَاتٍ وَاسْتَهْلَكَهَا الْبَائِعُ صَارَتْ الْبَيْضَاتُ مَقْصُودَةً بِالِاسْتِهْلَاكِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الدَّجَاجَةِ عَشْرَ بَيْضَاتٍ فَيَسْقُطُ حِصَّةُ الْبَيْضَاتِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ بِعَيْنِهَا ، أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا .
لَوْ اشْتَرَى أَمَةً عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ فَوَطِئَهَا وَهِيَ بِكْرٌ ، أَوْ ثَيِّبٌ ، أَوْ جَنَى عَلَيْهَا ، أَوْ أَحْدَثَ عَيْبًا ثُمَّ مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ خُيِّرَ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا مَعَ النُّقْصَانِ وَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَأَخَذَ ثَمَنَهَا .
رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ فَادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي إلَى مَنْزِلِهِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ لَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَلَا الْقِيمَةُ وَقَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ سَلَّامٍ : إنْ كَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ غَيْرَ مُخْتَلِفٍ فِيهِ فَبِرَدِّهِ عَلَى الْبَائِعِ بَرِئَ الْمُشْتَرِي عَنْ الضَّمَانِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ ، وَإِنْ كَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي إلَّا بِقَبُولِ الْبَائِعِ أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ : يَبْرَأُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَمَا قَالَهُ أَبُو نَصْرٍ أَشْبَهُ ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ فِيمَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِقَضَاءٍ ، أَوْ رِضًا كَمَا فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ وَفَسْخِ الْإِجَارَةِ لِلْعُذْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ قَاضِي خَانْ ، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا بَاعَ شَيْئًا وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي يَصِيرُ قَابِضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَلَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ إلَى الْبَائِعِ لَوْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ لَا يَصِيرُ الْبَائِعُ قَابِضًا حَتَّى يَقْبِضَهُ بِيَدِهِ ، وَكَذَا لَوْ خَلَّى الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْبَائِعِ وَالثَّمَنِ يَصِيرُ الْبَائِعُ قَابِضًا ، وَلَوْ بَاعَ ثَمَرًا عَلَى النَّخْلِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا انْتَهَى .
وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى تَجَانَسَ الْقَبْضَانِ نَابَ أَحَدُهُمَا مَنَابَ الْآخَرِ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُمَا قَبْضَ أَمَانَةٍ ، أَوْ قَبْضَ ضَمَانٍ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فَيَنُوبُ الْمَضْمُونُ عَنْ غَيْرِ الْمَضْمُونِ وَلَا يَنُوبُ عَنْ الْمَضْمُونِ بَيَانُهُ أَنَّ الشَّيْءَ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ بِغَصْبٍ أَوْ مَقْبُوضًا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَاشْتَرَاهُ مِنْ الْمَالِكِ عَقْدًا صَحِيحًا يَنُوبُ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ إلَى بَيْتِهِ
وَيَصِلَ إلَيْهِ ، أَوْ يَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ فَالْهَلَاكُ عَلَيْهِ .
وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّيْءُ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً ، أَوْ عَارِيَّةٍ فَوَهَبَهُ مِنْهُ مَالِكُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ آخَرَ ، وَيَنُوبُ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي .
وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ بِالْغَصْبِ ، أَوْ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَوَهَبَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ فَهَاهُنَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ جَدِيدٍ وَلَا يَنُوبُ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي وَإِذَا انْتَهَى إلَى مَكَان يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ يَصِيرُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ وَالرَّهْنِ كَالْعَارِيَّةِ .
أَرْسَلَ غُلَامَهُ فِي حَاجَتِهِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ جَازَ الْبَيْعُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْأَبِ مَاتَ مِنْ مَالِ الْأَبِ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَرَجَعَ إلَى الْأَبِ إنْ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا فَقَبْضُ الْأَبِ قَبْضٌ لَهُ ، وَلَوْ كَبِرَ الْوَلَدُ حِينَ رَجَعَ الْغُلَامُ فَالْقَبْضُ إلَى الْوَلَدِ ، وَلَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَى الْوَلَدِ انْتَهَى .
وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ عَمَّنْ بَاعَ خَلًّا فِي دَنٍّ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي وَخَتَمَ الْمُشْتَرِي عَلَى الدَّنِّ وَتَرَكَهُ عَلَى حَالِهِ ثُمَّ هَلَكَ الْخَلُّ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْبَائِعُ أَعَارَ مِنْهُ الدَّنَّ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى حِنْطَةً ثُمَّ قَالَ لِلْبَائِعِ : كِلْهَا فِي غَرَائِرِك فَفَعَلَ وَالْمُشْتَرِي حَاضِرٌ يَصِيرُ قَابِضًا ، وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا اشْتَرَى حِنْطَةً بِعَيْنِهَا فَاسْتَعَارَ مِنْ الْبَائِعِ جُوَالِقًا وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَكِيلَ فِيهَا فَفَعَلَ الْبَائِعُ فَإِنْ كَانَ الْجُوَالِقُ بِعَيْنِهَا صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِكَيْلِ الْبَائِعِ فِيهَا ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِأَنْ قَالَ أَعِرْنِي جُوَالِقًا وَكِلْهَا فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا فَهُوَ قَبْضٌ ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَكُونُ قَبْضًا عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي فِي الْوَجْهَيْنِ حَتَّى يَقْبِضَ الْجُوَالِقَ فَيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ .
وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ اشْتَرَى دَابَّةً وَالْبَائِعُ رَاكِبُهَا فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي احْمِلْنِي مَعَك فَفَعَلَ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَهِيَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَكَانَ رُكُوبُهُ قَبْضًا .
اشْتَرَى دُهْنًا وَدَفَعَ دِيَتَهُ إلَيْهِ لِيَزِنَهُ فِيهَا فَهَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى دُهْنًا عَيْنًا وَدَفَعَ الدِّيَةَ إلَيْهِ وَقَالَ : زِنْ فِيهَا فَوَزَنَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي صَارَ الْمُشْتَرِي بِالْوَزْنِ قَابِضًا ، وَإِنْ كَانَ فِي دُكَّانِ الْبَائِعِ ، أَوْ بَيْتِهِ ؛ لِأَنَّ وَزْنَ الْبَائِعِ هَاهُنَا مُنْتَقِلٌ إلَى الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ صَحَّ ، وَإِنْ كَانَ وَزْنُ الْبَائِعِ بِغَيْبَةِ الْمُشْتَرِي لَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا ، وَإِنْ كَانَ الدُّهْنُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ وُزِنَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي ، أَوْ بِغَيْبَتِهِ لَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَلَا مُشْتَرِيًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا بِالشِّرَاءِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَا بِالتَّعَاطِي ؛ لِأَنَّ التَّعَاطِيَ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالتَّخْلِيَةُ لَمْ تَصِحُّ فِي دَارِ الْبَائِعِ فَإِذَا قَبَضَ صَارَ مُشْتَرِيًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْكَافِي فِي بَابِ السَّلَمِ بِلَا خِلَافٍ .
لَوْ اشْتَرَى مِنْ آخِرِهِ عَشْرَةَ أَرْطَالِ دُهْنٍ وَجَاءَ بِقَارُورَةٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَهُ فِيهَا وَالدُّهْنُ مُعَيَّنٌ فَلَمَّا وَزَنَ فِيهَا رِطْلًا انْكَسَرَتْ الْقَارُورَةُ وَسَالَ الدُّهْنُ وَوَزَنَ الْبَاقِي وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ الِانْكِسَارَ فَمَا وُزِنَ قَبْلَ الِانْكِسَارِ فَالْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَمَا وُزِنَ بَعْدَ الِانْكِسَارِ فَالْهَلَاكُ عَلَى الْبَائِعِ ، وَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الِانْكِسَارِ شَيْءٌ مِمَّا وُزِنَ قَبْلَ الِانْكِسَارِ وَصَبَّ الْبَائِعُ فِيهِ دُهْنًا آخَرَ كَانَ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ وَضَمِنَ الْبَائِعُ مِثْلَ ذَلِكَ الْقَدْرِ لِلْمُشْتَرِي هَذَا إذَا دَفَعَ الْقَارُورَةَ صَحِيحَةً فَإِنْ دَفَعَهَا مُنْكَسِرَةً وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَأَمَرَهُ بِالصَّبِّ فِيهَا فَصَبَّ الْبَائِعُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَيْضًا فَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا دَفَعَ الْقَارُورَةَ إلَى الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَمْسِكُهَا بِيَدِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَى الْبَائِعِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْهَلَاكُ كُلُّهُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا عَلَى الْمُشْتَرِي .
إذَا اشْتَرَى حَطَبًا فَلَمَّا ذَهَبَا فِي الطَّرِيقِ غُصِبَ الْحَطَبُ مِنْ الْبَائِعِ فَهُوَ عَلَى الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي لَمَّا كَانَ الْبَائِعُ فِي الْمِصْرِ وَهَكَذَا التِّبْنُ وَيَصِيرُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ فِي الشِّرَاءِ كَمَا فِي الْجَائِزِ .
اشْتَرَى عَقَارًا فَقَالَ الْبَائِعُ : سَلَّمْتُهَا إلَيْك وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي وَالْعَقَارُ غَائِبٌ عَنْ حَضْرَتِهِمَا كَانَ قَبْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى دُخُولِهِ وَإِغْلَاقِهِ فَهُوَ تَسْلِيمٌ وَقَبْضٌ وَإِلَّا فَلَا .
وَفِي فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَ مِفْتَاحَهَا وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الدَّارِ فَإِنْ كَانَ الْمِفْتَاحُ بِحَالٍ يَتَهَيَّأُ لَهُ أَنْ يَفْتَحَهُ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ يَكُونُ قَابِضًا ، وَإِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ فَتْحُهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا .
إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا فَالْوَطْءُ نُقْصَانٌ لَا مَحَالَةَ فَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي بِهِ لَهَا قَابِضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ تَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَحْدَثَ الْبَائِعُ مَنْعًا بَعْدَ وَطْءِ الْمُشْتَرِي صَارَ نَاقِضًا قَبْضَ الْمُشْتَرِي حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ تَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ إلَّا أَنَّهُ يَبْقَى حِصَّةُ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ الثَّمَنِ تَقَرَّرَ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ ثَيِّبًا فَالْوَطْءُ لَيْسَ بِنُقْصَانٍ لَكِنْ يَصِيرُ بِهِ الْمُشْتَرِي قَابِضًا فَإِنْ أَحْدَثَ الْبَائِعُ مَنْعًا بَعْدَ وَطْءِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ هَلَكَتْ تَهْلِكُ كُلُّهَا مِنْ مَالِ الْبَائِعِ .
الرَّجُلُ لَوْ بَاعَ مَالَهُ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَنُوبُ ذَلِكَ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ فَمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقَبْضِ حَقِيقَةً يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْأَبِ ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ ، مِنْ الصُّغْرَى وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِي تَقْرِيرِ بَعْضِهَا تَرَكْنَاهُ حَذَرًا عَنْ التَّطْوِيلِ وَاعْتِمَادًا عَلَى مَا صَحَّحَهُ فَإِنَّهُ الْعَمْدُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهِيَ لَهُ وَارِثَةٌ كَمَا لَا يَخْفَى .
وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ بَاعَ دَارًا وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي ، وَفِيهَا مَتَاعٌ قَلِيلٌ لِلْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ تَسْلِيمًا إلَّا إذَا سَلَّمَهَا فَارِغَةً ، وَإِنْ أَوْدَعَ الْمَتَاعَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَأَذِنَ لِلْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الدَّارِ وَالْمَتَاعِ جَمِيعًا صَحَّ تَسْلِيمُهُ .
وَلَوْ بَاعَ دَارًا لَيْسَتْ بِحَضْرَتِهِمَا فَقَالَ الْبَائِعُ سَلَّمْتُهَا إلَيْك وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ ، ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إنَّ التَّخْلِيَةَ فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ لَا تَكُونُ إلَّا بِقُرْبٍ مِنْهَا وَذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ ، إذَا قَالَ الْبَائِعُ سَلَّمْتُهَا إلَيْك وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ وَالدَّارُ لَيْسَتْ بِحَضْرَتِهِمَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : إنْ كَانَتْ الدَّارُ بِقُرْبٍ مِنْهُمَا بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الدُّخُولِ وَالْإِغْلَاقِ فَهُوَ تَسْلِيمٌ وَقَبْضٌ وَإِلَّا فَلَا ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اعْتَبَرَ الْقُرْبَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ؛ لِأَنَّ فِي الْقَرِيبِ يُتَصَوَّرُ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ فِي الْحَالِ فَتُقَامُ التَّخْلِيَةُ مَقَامَ الْقَبْضِ ، وَإِنْ دَفَعَ الْمِفْتَاحَ إلَى الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقُلْ : خَلَّيْتُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الدَّارِ فَاقْبِضْهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَبْضًا انْتَهَى .
الْمُشْتَرِي إذَا وَجَدَ فِي الْمُشْتَرَى عَيْبًا بَعْدَمَا ازْدَادَ الْمُشْتَرَى لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ ، أَوْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مُتَوَلِّدَةً فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالصَّبْغِ صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِإِحْدَاثِهَا وَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً لَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهُمَا ، وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ بِالْأَصْلِ عَيْبًا لَكِنْ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ رَدِّ الزِّيَادَةِ إلَّا إذَا كَانَ حُدُوثُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُورِثُ نُقْصَانًا فِي الْمَبِيعِ فَحِينَئِذٍ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ فِي الْمَبِيعِ ، وَلَوْ قَبَضَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا وَالزِّيَادَةُ قَائِمَةٌ لَهُ أَنْ يُرْجِعَ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ خَاصَّةً بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَمَا قَسَّمَ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ وَقْتَ الْقَبْضِ ، وَلَوْ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا دُونَهُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا خَاصَّةً بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْكَسْبِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ فَإِذَا رَدَّهُ فَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَلَا تَطِيبُ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْبَيْعِ إثْبَاتٌ لِلْمُشْتَرِي تَمَّ الْبَيْعُ ، أَوْ انْفَسَخَ ، وَفِي الْبَيْعِ مَعَ الْخِيَارِ مَوْقُوفَةٌ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَلِلْمُشْتَرِي ، وَإِنْ انْفَسَخَ فَلِلْبَائِعِ هَذَا إذَا حَدَّثَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمَّا إذَا حَدَّثَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مَنَعَتْ الرَّدَّ وَالْفَسْخَ
عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مَنَعَتْ الرَّدَّ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ إلَّا إذَا تَرَاضَيَا عَنْ الرَّدِّ فَصَارَ كَبَيْعٍ جَدِيدٍ هَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَائِمَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ هَلَكَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ جُعِلَتْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرَى ، وَإِنْ هَلَكَتْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ الْبَائِعُ قَبِلَ وَرَدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ وَرَدَّ حِصَّةَ الْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ حُدُوثُ الزِّيَادَةِ يُورِثُ النُّقْصَانَ فِي الْأَصْلِ أَوَّلًا ، مِنْ الْخُلَاصَةِ .
إذَا بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّبِيِّ مِنْ غَرِيمِ نَفْسِهِ جَازَ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ وَيَضْمَنُ لِلصَّبِيِّ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا بِشَجَرِهَا فَأَثْمَرَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا ، وَقِيمَةُ الْأَرْضِ وَالثَّمَرِ وَالثَّمَنُ سَوَاءٌ فَاسْتَهْلَكَ الْبَائِعُ ثَمَرَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ يَسْقُطُ رُبْعُ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَسْقُطُ ثُلُثُهُ .
أَثْمَرَتْ ثَمَرَتَيْنِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَاسْتَهْلَكَهُ الْبَائِعُ يَسْقُطُ ثُلُثُ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا نِصْفُهُ ، مِنْ الْمَجْمَعِ ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا الثَّمَرُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَشَرَطَاهُ لِلْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ اسْتَهْلَكَهُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي يَسْقُطُ الثُّلُثُ اتِّفَاقًا ، وَكَذَا لَوْ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ يَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ بِلَا خِلَافٍ وَالْحَادِثُ بَعْدَ الْبَيْعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَوْ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَا يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ إجْمَاعًا ، مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ .
وَزَوَائِدُ الْمَبِيعِ لَا يَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا إذَا صَارَ مَقْصُودًا بِالْقَبْضِ ، هَذِهِ فِي الرَّهْنِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ وَخِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ ، فَلَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ انْفَسَخَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ وَخِيَارُ الْمُشْتَرِي لَا يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : يَمْلِكُهُ فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي الْمُدَّةِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ لِارْتِفَاعِ الْقَبْضِ بِالرَّدِّ عِنْدَهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَعِنْدَهُمَا يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي لِصِحَّةِ الْإِيدَاعِ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ الْمِلْكِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَسَلَّمَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَوْدَعَهُ الْبَائِعَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَطَلَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْكُلِّ .
وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا
فَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالثَّمَنُ حَالٌّ ، أَوْ مُؤَجَّلٌ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ رُؤْيَةٍ ، أَوْ عَيْبٍ فَأَوْدَعَهُ الْبَائِعُ فَهَلَكَ عِنْدَ الْبَائِعِ تَمَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ عِنْدَ الْكُلِّ مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَإِذَا حَصَلَ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَرُدُّ الْمَبِيعَ إلَّا أَنْ يَرَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِعَيْنِهِ فَلَهُ ذَلِكَ ، مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَمْ يَذْكُرُوا اعْتِبَارَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ ، أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ النُّقْصَانِ يَوْمَ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَمْ يُجَوِّزْ عُلَمَاؤُنَا الرَّدَّ مَعَ ضَمَانِ النُّقْصَانِ وَعِنْدَ مَالِكٍ يُرَدُّ وَيَضْمَنُ نُقْصَانَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ .
وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ : أَنَا أَقْبَلُهُ كَذَلِكَ كَانَ لَهُ فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ ، وَإِنْ قَطَعَ الثَّوْبَ وَخَاطَهُ أَوْ صَبَغَهُ أَحْمَرَ ، أَوْ لَتَّ ذَلِكَ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَمَا رَأَى الْعَيْبَ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ .
وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ لِبَاسًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَخَاطَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ ، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا يَرْجِعُ .
وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ أَوْ مَاتَ عِنْدَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ بِنُقْصَانِهِ وَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ بِمَنْزِلَتِهِ ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَرْجِعُ ، وَإِنْ قَتَلَهُ الْمُشْتَرِي ، أَوْ كَانَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ ، وَإِنْ أَكَلَ بَعْضَ الطَّعَامِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَكَذَا الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَصَارَ كَبَيْعِ الْبَعْضِ وَعِنْدَهُمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي الْكُلِّ وَعَنْهُمَا أَنَّهُ يَرُدُّ مَا بَقِيَ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْحَقَائِقِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ رَضِيَ الْبَائِعُ أَوْ لَا ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ، وَفِيهِ أَيْضًا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ ، وَإِنْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فَأَكَلَ مَا فِي أَحَدِهِمَا ، أَوْ بَاعَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ اتِّفَاقًا انْتَهَى .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِيمَا إذَا أَكَلَ الطَّعَامَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ .
وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً قَدْ حَبِلَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَامِلًا إلَى غَيْرِ حَامِلٍ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ بِالْوِلَادَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا حُبْلَى إنْ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَسْتَرِدُّ كُلَّ الثَّمَنِ .
اشْتَرَى حَدِيدًا لِيَتَّخِذَ مِنْهُ آلَاتِ النَّجَّارِينَ وَجَعَلَهُ فِي الْكُورِ لِيُجَرِّبَهُ فِي النَّارِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَلَا يَصْلُحُ لِتِلْكَ الْآلَاتِ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّ .
اشْتَرَى سِنْجَابًا وَجُلُودَ الثَّعَالِبِ فَبَلَّهَا لِلدَّبْغِ فَظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى إبْرَيْسَمًا فَبَلَّهُ فَظَهَرَ عَيْبُهُ .
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَبِهِ أَثَرُ قُرْحَةٍ وَبَدَتْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ ثُمَّ عَادَتْ قُرْحَتُهُ وَأَخْبَرَ الْجَرَّاحُونَ أَنَّ عَوْدَهَا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لَمْ يَرُدَّهُ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَبْدِ ، مِنْ الْقُنْيَةِ .
وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى عَيْبِهِ بَعْدَمَا كَاتَبَ الْعَبْدَ ، أَوْ أَبَقَ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ ، مِنْ الْمَجْمَعِ .
وَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ ، أَوْ وَهَبَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِي الْبَاقِي عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ ، مِنْ شَرْحِ الدُّرَرِ .
وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ أَصْلُهُ أَنَّ حَقَّ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ إنَّمَا يَسْقُطُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا بِوُصُولِ عِوَضِ الْمَبِيعِ إلَيْهِ حَقِيقَةً ، أَوْ مَعْنًى ، أَوْ بِتَشَبُّثِهِ بِالْمَبِيعِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ حَالَ إمْكَانِ الرَّدِّ وَتَشَبُّثِهِ بِالْمَبِيعِ حَالَ عَجْزِهِ عَنْ رَدِّهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَتَشَبُّثُ غَيْرِهِ بِتَسْلِيطِهِ كَتَشَبُّثِهِ بِنَفْسِهِ ا هـ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ مَتَى كَانَ يُصْنَعُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي يُسْقِطُ حَقَّ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ وَمَتَى كَانَ لَا يُصْنَعُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ فِي الرُّجُوعِ ، إذَا ثَبَتَ هَذَا نَقُولُ : إذَا بَاعَهَا بَعْدَمَا وَطِئَهَا بَطَلَ حَقُّهُ فِي الرُّجُوعِ ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقْبَلَهَا بَعْدَ وَطْئِهِ فَتَعَذَّرَ الرَّدُّ كَانَ بِصُنْعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَهَا غَيْرُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا .
وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَصَبَغَهُ ، أَوْ قَطَعَهُ ، أَوْ خَاطَهُ ، أَوْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ لَا يَرُدُّ فَإِنْ بَاعَهُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ ، وَفِي الْقَطْعِ بِدُونِ الْخِيَاطَةِ لَوْ بَاعَهُ بَطَلَ حَقُّ الرُّجُوعِ ا هـ .
وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا قَدْ سَرَقَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَقُطِعَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : يَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَارِقًا إلَى غَيْرِ سَارِقٍ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ إذَا قُتِلَ بِسَبَبٍ وُجِدَ فِي يَدِ الْبَائِعِ مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ الرَّدُّ فِي صُورَةِ الْقَطْعِ أَمَّا فِي الْقَتْلِ فَلَا رَدَّ بَلْ يَأْخُذُ الثَّمَنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْتُولًا إلَى غَيْرِ مَقْتُولٍ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنْ يَقُومَ الْعَبْدُ مُبَاحَ الدَّمِ وَمَعْصُومَ الدَّمِ وَكَذَلِكَ فِي السَّرِقَةِ يَقُومُ سَارِقًا وَغَيْرَ سَارِقٍ فَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِمَا ، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ وَاجِبَ الْحَدِّ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ عِنْدَهُ فَمَاتَ أَوْ انْتَقَصَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عَلَى الْبَائِعِ اتِّفَاقًا عَلِمَ بِهِ أَمْ لَا ا هـ .
وَلَوْ سَرَقَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثُمَّ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَقُطِعَ بِهِمَا عِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا ذَكَرْنَا وَعِنْدَهُ لَا يَرُدُّهُ بِدُونِ رِضَا الْبَائِعِ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ وَيَرْجِعُ بِرُبْعِ الثَّمَنِ ، مِنْ الْهِدَايَةِ .
وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ شَجَّةٍ أَيْ بِهِ عَيْبٌ وَاحِدٌ فَإِذَا بِهِ شَجَّتَانِ وَقَدْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ يُخَيِّرُ أَبُو يُوسُفَ الْبَائِعَ فِي تَعْيِينِ الَّتِي تَبَرَّأَ عَنْهَا ، وَجَعَلَ مُحَمَّدٌ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ أَيِّ الْعَيْبَيْنِ شَاءَ ، وَكَذَا إذَا وَجَدَ بِهِ ثَلَاثَ عُيُوبٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ .
وَلَوْ وَجَدَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسَلَّمَ فِيهِ مَعِيبًا وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ آخَرُ فَإِنْ قَبِلَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ عَادَ السَّلَمُ لِانْتِقَاضِ الْقَبْضِ ، وَإِنْ أَبَى الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ عَنْ الْقَبُولِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إنْ أَبَى عَنْ الْقَبُولِ يَرُدُّ رَبُّ السَّلَمِ عَلَيْهِ مِثْلَ الْمَقْبُوضِ وَيَرْجِعُ بِالْمَشْرُوطِ فِي الْعَقْدِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ أَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ فَلِرَبِّ السَّلَمِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ فِي رَأْسِ الْمَالِ فَيَقُومُ الْمُسَلَّمُ فِيهِ سَلِيمًا عَنْ الْعَيْبِ ثُمَّ يَقُومُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْمَجْمَعُ .
اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَإِذَا هِيَ غَيْرُ بِكْرٍ عَرَفَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَإِنْ امْتَنَعَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةِ الْبَكَارَةِ مِنْ الثَّمَنِ فَتَقُومُ بِكْرًا وَغَيْرَ بِكْرٍ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الثَّمَنِ .
اشْتَرَى جَارِيَةً وَغَابَ الْبَائِعُ فَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي ، وَأَثْبَتَ عِنْدَهُ الشِّرَاءَ وَالْعَيْبَ فَأَخَذَهَا الْقَاضِي وَوَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ أَمِينٍ فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ وَحَضَرَ الْغَائِبُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْهُ وَكَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ قَبُولًا لِلْجَارِيَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ بَلْ كَانَ وَاضِعًا لَهَا عَلَى يَدِ أَمِينٍ حَتَّى إذَا حَضَرَ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ عَلَيْهِ رَدَّهَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ تُتْرَكْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ فَكَانَ هَلَاكُهَا فِي يَدِ أَمِينِ الْقَاضِي هَلَاكًا عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ قَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ بَلْ أَخَذَهَا مِنْهُ وَوَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ ، أَمَّا إذَا قَضَى عَلَى الْبَائِعِ بِالرَّدِّ فَيَنْبَغِي أَنْ تَهْلِكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَيَسْتَرِدَّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ هَذَا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ خَصْمٍ حَاضِرٍ وَلَكِنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ يَنْفُذُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا فَوَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَا يَرُدُّهَا وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَلَا يَدْفَعُ النُّقْصَانَ .
اشْتَرَى بَذْرَ الْبَصَلِ وَزَرَعَهُ فَلَمْ يَنْبُتْ فَظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ فَسَادٍ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ يو سِيدَهْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ .
اشْتَرَى كَفَنًا لِلْمَيِّتِ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّ وَلَا يَرْجِعُ بِالنَّقْصِ .
إنْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ ، وَلَوْ وَارِثًا رَجَعَ بِالنَّقْصِ مِنْ التَّرِكَةِ .
اشْتَرَى عَبْدًا فَتَقَابَضَا وَضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ عُيُوبَهُ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ وَرَدَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ كَضَمَانِ الْعَهْدِ ، وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ السَّرِقَةَ ، أَوْ الْحُرِّيَّةَ فَوَجَدَ مَسْرُوقًا ، أَوْ حُرًّا ، أَوْ الْجُنُونَ أَوْ الْعَمَى فَوَجَدَهُ كَذَلِكَ رَجَعَ عَلَى الضَّامِنِ بِالثَّمَنِ ، وَلَوْ مَاتَ عِنْدَهُ وَقَضَى بِالنَّقْصِ رَجَعَ بِهِ عَلَى ضَامِنِ الثَّمَنِ .
اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا عَذْرَاءُ فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ كَذَا عَنْ الْإِمَامِ وَعَنْ الثَّانِي يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ .
اشْتَرَى الدَّابَّةَ عَلَى أَنَّهَا لَبُونٌ فَحَلَبَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَبَانَ نُقْصَانُ لَبَنِهَا لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَرَجَعَ بِالنَّقْصِ .
اشْتَرَى دَابَّةً ، أَوْ غُلَامًا فَاطَّلَعَ بِهِ عَلَى عَيْبٍ وَلَمْ يَجِدْ الْمَالِكَ فَأَمْسَكَهُ وَأَطْعَمَهُ وَلَمْ يَتَصَرَّفْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا يَرُدُّهُ لَوْ حَضَرَ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ إنْ هَلَكَ ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ .
رَجُلٌ اشْتَرَى شَجَرَةً فَقَطَعَهَا وَوَجَدَهَا لَا تَصْلُحُ إلَّا لِلْحَطَبِ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْبَائِعُ مَقْطُوعَةً .
رَجُلٌ اشْتَرَى طَاوُسًا إلَى النَّيْرُوزِ إنْ كَانَا يَعْرِفَانِ النَّيْرُوزَ جَازَ وَإِلَّا فَسَدَ فَإِنْ حَمَلَهُ إلَى مَنْزِلِهِ فَوَجَدَهُ مَرِيضًا وَأَخْبَرَ الْبَائِعَ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَفِيمَا إذَا لَمْ يَعْرِفَا النَّيْرُوزَ حَتَّى فَسَدَ فَلَمْ يَقْبَلْ فَحَمَلَهُ إلَى مَنْزِلِهِ فَمَاتَ لَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ كَمَنْ غَصَبَ شَيْئًا ثُمَّ حَمَلَهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَأَبَى الْمَالِكُ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ فَحَمَلَهُ الْغَاصِبُ إلَى مَنْزِلِهِ فَضَاعَ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ كَانَ أَبُو نَصْرٍ يَقُولُ : إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُبَرَّأُ مِنْ الضَّمَانِ سَوَاءٌ قَبِلَ ، أَوْ لَمْ يَقْبَلْ فَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَيْهِ لَمْ يُبَرَّأْ إلَّا بِقَبُولِ الْبَائِعِ ، أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي .
إذَا انْتَقَصَ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ النُّقْصَانُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ مَعَ أَرْشِ النُّقْصَانِ ، وَكَذَا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي ، أَوْ بِفِعْلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ فَالْأَرْشُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْجَانِي وَالْجَانِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي كَمَا فِي الْغَصْبِ .
لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً تُرْكِيَّةً ، أَوْ غُلَامًا تُرْكِيًّا ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا تُرْكِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ هِنْدِيَّةٌ يَرُدُّهُمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ .
اشْتَرَى قَبَاءً ، أَوْ قَلَنْسُوَةً عَلَى أَنَّ حَشْوَهَا قُطْنٌ فَإِذَا هُوَ مِنْ صُوفٍ جَازَ الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّ الْحَشْوَةَ تَبَعٌ وَرَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ .
اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا خَبَّازَةٌ وَقَبَضَهَا وَهَلَكَتْ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ خَبَّازَةً لَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانِ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً رَدَّهَا ، قَالَ : هَذَا جَوَابُ الْجَامِعِ .
وَفِي الزِّيَادَاتِ لَوْ مَاتَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ حَتَّى تَعَذَّرَ الرَّدُّ تُقَوَّمُ وَهِيَ خَبَّازَةٌ ، أَوْ كَاتِبَةٌ وَتُقَوَّمُ وَهِيَ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَرْجِعُ بِالْفَضْلِ وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ كَاتِبَةً أَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ .
وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَوَجَدَهُ ثَمَانِيَةَ أَذْرُعٍ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ فَهَلَكَ يُقَوَّمُ عَلَى هَذَا وَعَلَى هَذَا .
رَجُلٌ اشْتَرَى خَمْسَةَ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ فَوَجَدَ فِيهَا تُرَابًا إنْ كَانَ مِثْلَ مَا يُوجَدُ فِي الْحِنْطَةِ لَا يَرُدُّ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَكُونُ فِي الْحِنْطَةِ مِثْلُ ذَلِكَ وَيَعُدُّهُ النَّاسُ عَيْبًا لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْحِنْطَةَ كُلَّهَا ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُمَيِّزَ التُّرَابَ ، أَوْ الْمَعِيبَ وَيَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَحْبِسَ الْحِنْطَةَ بِثَمَنِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، فَإِنْ مَيَّزَ مَعَ هَذَا فَوَجَدَهُ تُرَابًا كَثِيرًا يَعُدُّهُ النَّاسُ عَيْبًا إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كُلَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ الْكَيْلِ لَوْ خَلَطَ الْبَعْضَ بِالْبَعْضِ لَهُ أَنْ يَرُدَّ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّدُّ بِذَلِكَ الْكَيْلِ لَوْ خَلَطَهَا بِذَلِكَ بِأَنْ نَقَصَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَهُوَ نُقْصَانُ الْحِنْطَةِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِعَيْبِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَالسِّمْسِمُ وَنَحْوُهُ عَلَى هَذَا مِنْ الْخُلَاصَةِ .
رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ تَنَاقَضَا الْبَيْعَ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ أَبْرَأَ الْبَائِعَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الْقِيمَةِ ثُمَّ مَاتَ الْغُلَامُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْعَبْدِ ثُمَّ مَاتَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَبْرَأَهُ عَنْ الْغُلَامِ فَقَدْ أَخْرَجَ الْغُلَامَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا وَصَارَ أَمَانَةً فَلَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْهَلَاكِ .
وَإِنْ بَاعَهُ جَائِزًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ فَهَلَكَ الْغُلَامُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ فِي الْبَيْعِ الْجَائِزِ الْغُلَامُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ ، فَإِذَا أَبْرَأَهُ عَنْ الثَّمَنِ صَحَّ إبْرَاؤُهُ ، مَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ لَا فِي الْقِيمَةِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ حَقُّهُ إلَى الْقِيمَةِ عِنْدَ الْهَلَاكِ فَإِذَا أَبْرَأَ عَنْ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْهَلَاكِ فَقَدْ أَبْرَأَ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَلَا يَصِحُّ حَتَّى لَوْ قَالَ : أَبْرَأْتُك عَنْ الْغُلَامِ كَانَ بريأ وَصَارَ وَدِيعَةً فَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بِالْهَلَاكِ .
اشْتَرَى ثَوْبًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ وَقَطَعَهُ قَمِيصًا وَلَمْ يَخِطْهُ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهَلَكَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي نُقْصَانَ الْقَطْعِ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الثَّوْبِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْدَعَهُ الْبَائِعُ فَقَدْ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا قَدْرَ نُقْصَانِ الْقَطْعِ ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِحُكْمِ الْفَسَادِ مُسْتَحَقٌّ فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْبَائِعِ بِأَيِّ وَجْهٍ وَصَلَ يَقَعُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ .
اشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ ، أَوْ قَتَلَهُ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ وَالْقَتْلِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ .
اشْتَرَى أَمَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهَا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَدًا فَأَعْتَقَهُمَا كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْقَبْضِ ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ كَانَ أَمَانَةً فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ .
اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَاسْتَوْلَدَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَبَطَلَ حَقُّ الْفَسْخِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِلْبَائِعِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْعُقْرِ لِلْبَائِعِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ : إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لَا يَجِبُ الْعُقْرُ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : يَجِبُ الْعُقْرُ مَعَ الْقِيمَةِ وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ ، وَإِنْ وَطِئَهَا وَلَمْ يَسْتَوْلِدْهَا رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَيَغْرَمُ الْعُقْرَ لِلْبَائِعِ عِنْدَ الْكُلِّ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ .
إذَا بَاعَ الرَّجُلُ مَالَ الْغَيْرِ يَتَوَقَّفُ الْبَيْعُ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ قِيَامُ الْعَاقِدَيْنِ وَقِيَامُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ، وَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ ، وَعِنْدَ اخْتِيَارِ تَضْمِينِ أَحَدِهِمَا يَبْرَأُ الْآخَرُ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ نَقَدَهُ ، وَإِنْ ضَمِنَ الْبَائِعُ نَفَذَ الْبَيْعُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِأَنْ سَلَّمَ أَوَّلًا ثُمَّ بَاعَ ، وَإِنْ بَاعَ أَوَّلًا ثُمَّ سَلَّمَ لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ قَاضِي خَانْ .
وَإِنْ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ قَبْلَ الْهَلَاكِ يَكُونُ الثَّمَنُ مَمْلُوكًا لَهُ حَتَّى لَوْ ضَاعَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ ، أَوْ بَعْدَهَا لَا يَضْمَنُهُ الْفُضُولِيُّ ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ .