كتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا
المؤلف : أحمد بن علي القلقشندي
فصمم عزمك على ما عاهدت الله عليه من رفع أيدي قضاتهم ومنعهم هم ومن اتبع خطوات الشيطان في سبيل مرضاتهم وحذرهم مما لا يعود معه على أحد منهم ستر يسبل ولا يبقى بعده لغير السيف حكم يقبل فمن خاض للسلف الصالح يم ذم أغرق في تياره أو قدح فيهم زناد عناد أحرق بناره وألزم أهل المدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم بكلمة السنة فإنها أول ما رفعت بتلك المواطن المعظمة أعلامها وسمعت في تلك الحجرة المكرمة أحكامها مع تعفية آثار ما ينشأ على هذه البدعة من الفتن حتى لا ينعقد لها نقع مثار وتوطئة أكناف الحمى لئلا يبقى به لمبطل في مدارج نطقه عثار والوصية بسكان هذا الحرم الشريف ومن ينزل به من نزيل ويجاور به مستقرا في مهاد إقامة أو مستوفزا على جناح رحيل ومن يهوي إليهم من ركائب ويأوي إليهم من رفقة مالت من نشوات الكرى بهم راقصات النجائب ومن يصل من ركبان الآفاق وإخوان نوى يتشاكون إليهم مر الفراق ومن يتلاقى بهم من طوائف كلهم في بيوت هذا الحي عشاق وأمم شتى جموعهم من مصر وشام ويمن وعراق وما يصل معهم في مسيل وفودنا وسبيل جودنا ومحاملنا الشريفة التي ينصب لنا بها في كل أرض سرير وأعلامنا التي ما سميت بالعقبان إلا وهي إليها من الأشواق تطير فمتى شعرت بمقدم ركابهم أو برقت لك عوارض الأقمار من سماء قبابهم فبادر إلى تلقيهم وقبل لنا الأرض في آثار مواطيهم وقم بما يجب في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه وطاعتنا وأخرج عنهم كل يد ولا تخرجهم عن جماعتنا
وأهل البادية هم حزبك الجيش اللهام وحربك إذا كان وقودها جثث وهام وهم قوم لم يؤدبهم الحضر ولا يبيت أحد منهم لأنفته على حذر فاستجلب بمداراتك قلوبهم الأشتات وبادر حبال إبلهم النافرة قبل البتات وترقب مراسمنا المطاعة إذا ذرت لك مشارقها وتأهب لجهاد أعداء الله متى
لمعت لك من الحروب بوارقها وأحسن كما أحسن الله إليك ولولا أن السيف لا يحتاج إلى حلية لأطلنا حمائل ما نمليه عليك فما شهد للشريف بصحة نسبه أزكى من عمله بحسبه والله تعالى يقوي أسبابك المتينة ويمتع العيون بلوامعك المبينة ويمسك بك ما طال به إرجاف أهل المدينة والاعتماد
وهذه نسخة تقليد بإمرة المدينة النبوية وهي
الحمد لله الذي خص بالنصرة دار الهجرة وأطلع للإيمان فجره بتلك الحجرة وطيب طيبة وأودع فيها سليل الأسرة
نحمده حمدا نأمن به مكره ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبد تمسك بالحج وتنسك بالعمرة ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي شرف الله قدره وأنفذ أمره وأيده في ساعة العسرة وكان أكرم الناس في العشرة وأسخى العالمين إذ يبسط بالجود راحتيه فما أسمح عشره صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه صلاة ثبتت شجرتها من الأرض فاتصلت فروعها بالسدرة وسلم تسليما
وبعد فإن المدينة النبوية معدن الهدى والوقار ومسكن الرضوان والأنوار ومهبط الملائكة الأبرار ومنزل الوحي في الليل والنهار ودار الهجرة
للنبي المختار وتربة مدفنه الزاكي المعطار تشد الرحال إليها من أقاصي الأقطار ويأتي إليها الظالمون لأنفسهم بالاستغفار فيرجعون وقد محيت عنهم الأوزار فقلوب أهل الاشتياق مقيمة في فناء تلك الدار وإن كانت أجسامهم بعيدة من وراء البحار وبها من آل البيت سادة أطهار وأمراء كبار يتقرب إلى الله بحبهم في الإعلان والإضمار ويتوسل بولائهم في دعوة الأسحار قد ضموا إلى كرم الراحة وسماحة الأنفس المرتاحة شجاعة وبسالة وعلوية فعالة وتمسكا بالمروءة المعروفة بشرف الأصالة وهم يتوارثون إمرتها عن آباء سادات وكرام لهم في الفضل عادات
ولما كان فلان هو بقية الأسرة المتضوعة وثمرة الشجرة المتفرعة والمخصوص بالوصف الذي رفعه والقول الذي اتبعه حين سمعه ما زال في المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام مشكور الطريقة محفوظ الوثيقة معروف الحقيقة موصوف الآثار الحسنة بين الخليقة يجتني لكل صالحة من تلك الروضة الشريفة المثمرة الوريقة ويحمي السرح أن ينتهب ويطفيء نار الفتن فما تلتهب ويعظم المجاورين والواردين والقادمين على حمى سيد العجم والعرب
فلذلك رسم أن يستقر
فليحل هذا الربع المعمور بالتقى وليباشر هذه الإمرة الشريفة زادها الله علوا وارتقا وليستعمل السكينة فإنها جميلة اللقا وليسلك الأدب مع ساكن النقا وليعتمد على حسن اليقين فإنه له وقا وقد جاور العقيق فأصبح بقلائده الفاخرة مطوقا وليحكم بالعدل في بلد نشأ منه العدل والإنصاف فمنذ اجتمعا فيه ما افترقا وليصن شرفه من الولوج في فتنة وليغمد سيفه ولا يشهره في وقت محنة ويحقن الدماء أن تراق ويتلق الزوار بالإرفاق فإنهم جاءوا من أقاصي الآفاق رجالا وعلى النياق تحثهم الصبابة والأشواق
وكلمة الشرع وشعار السنة فليكن معظما لها باتفاق بغير شقاق وشيخ
الحرم الشريف وخدامه ومجاوريه فليكرم محسنهم ويعامله بحسن الأخلاق ويتجاوز عن مسيئهم بطيب أخلاق وحواصل الحرم الشريف المخزونة فيه فلتكن محمية من التبذير في وقت الإنفاق وتلك دار هم سكانها الطيبو الأعراق والتقوى فمن بيتهم الشريف آثارها الإشراق وعليهم نزل الفرقان والتحريم والطلاق فماذا عسى أن يوصيه وهو أهل الفضل على الإطلاق والله تعالى يجعل نجاره في الفخر مجليه في السباق بمنه وكرمه
وهذه وصية لأمير المدينة أوردها في التعريف وهي
فكمل بتقوى الله شرفك واتبع في الشريعة الشريفة سلفك وكتاب الله المنزل أنتم أهل بيت فيكم تنزل وسنة جدك سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه لا تهمل وهي مجدكم المؤثل ومعرفة حق من مضى عنكم وإلا فعمن تنقل ومنكم وإلا فممن تؤمل وإزالة البدع وإلا فلأي شيء سيوفكم تصقل ولماذا رماحكم تعدل والرافضة وغلاة الشيعة هم دنس من انتمى إلى هذا البيت الشريف بولائه وسبب وقوف من يقصد الدخول تحت لوائه فهم وإن حسبوا من أمداده ليسوا وحاشى نوره الساطع إلا من المكثيرين لسواده أرادوا حفظ المودة في القربى فأخلوا وقصدوا تكثير عددهم فقلوا وأنف من هو بريء من سوء مذهبهم أن يتظاهر بالولاء فيعد في أهل البدع بسببهم مع أنهم طمعوا في رضا الله فأخطأتهم المطامع وصحيح أنهم زادوهم عددا إلا أنها كزيادة الشغياء أو كزيادة الأصابع
فصمم عزمك على ما عاهدت الله عليه من رفع أيدي قضاتهم ومنعهم من اتباع خطوات الشيطان في سبيل مرضاتهم وحذرهم مما لا يعود معه على أحد منهم ستر يسبل ولا يبقى معه لغير السيف حكم يقبل فمن خاض
للسلف الصالح يم ذم أغرق في تياره أو قدح فيهم زناد عناد أحرق بناره وألزم أهل المدينة الشريفة النبوية بكلمة السنة فإنها أول ما رفعت بتلك المواطن المعظمة أعلامها وسمعت في تلك الحجرة المكرمة أحكامها مع تعفية آثار ما ينشأ على هذه البدعة من الفتن حتى لا ينعقد لها نقع مثار وتوطئة أكناف ذلك الحمى لئلا يبقى به لمبطل في مدارج نطقه عثار والوصية بسكان هذا الحرم الشريف على الحال به أفضل الصلاة والسلام ومن ينزل به من نزيل ويجاور به مستقرا في مهاد إقامة أو مستوفزا على جناح رحيل ومن يهوي إليهم من ركائب ويأوي إليهم من رفقة مالت من نشوات الكرى بهم راقصات النجائب ومن يصل من ركبان الآفاق وإخوان نوى يتشاكون إليهم مر الفراق ومن يتلاقى بها من طوائف كلهم في بيوت هذا الحي عشاق وأمم شتى جموعهم من مصر وشام ويمن وعراق وما يصل في مسيل وفودنا وسبيل جودنا ومحاملنا الشريفة التي ينصب لنا بها في كل أرض سرير وأعلامنا التي ما سميت بالعقبان إلا وهي إليها من الأشواق تطير
فمتى شعرت بمقدم ركابهم أو برقت لك عوارض الأقمار من سماء قبابهم فبادر إلى تلقيهم وقبل لنا الأرض في آثار مواطيهم وقم بما يجب في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه وطاعتنا وأخرج عنهم كل يد ولا تخرجهم عن جماعتنا
وأهل البادية هم حزبك الجيش اللهام وحربك إذا كان وقودها جثث وهام وهم قوم لم يؤدبهم الحضر ولا يبيت أحد منهم لأنفته على حذر فاستجلب بمداراتك قلوبهم الأشتات وبادر حبال إبلهم النافرة قبل الانبتات وترقب مراسمنا المطاعة إذا ذرت لك مشارقها وتأهب لجهاد أعداء الله متى لمعت لك من الحروب بوارقها وأحسن كما أحسن الله إليك ولولا أن السيف لا يحتاج إلى حلية لأطلنا حمائل ما نمليه عليك فما شهد للشريف
بصحة نسبه أزكى من عمله بحسبه والله تعالى يقوي أسبابك المتينة ويمتع العيون بلوامعك المبينة ويمسك بك ما طال به إرجاف أهل المدينة
الوظيفة الثانية القضاء
وكان في الزمن القديم بها قاض واحد شافعي ثم استقر بها قاضيان آخران حنفي ومالكي يكتب لكل منهم توقيع في قطع الثلث بالسامي بالياءوهذه نسخة تقليد بقضاء الشافعية بالمدينة النبوية
الحمد لله الذي جعل الشرع الشريف دافق السيول وفي طيبة له الأصول ومنها نشأ وتفرع فله في البسيطة عموم وشمول وكل قطر به مشمول وكل ربع به مأهول وتأكد به المعلوم وتبدد به المجهول وزالت الشرائع كلها وهو إلى آخر الدهور لا يزول
نحمده وحمده يطول ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عمرت بها طلول ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أشرف رسول وأكرم مأمول وأفضل مسؤول ومهند من سيوف الله مسلول صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الطيبي الفروع والأصول وسلم تسليما كثيرا
وبعد فإن الشرع الشريف معدنه في أرض ثوى خير الرسل فيها ومنشؤه في بلد ملائكة الله تحميها فلا يلي أقضية الناس إلا من طالت ذوائب علمه وأشرقت ثواقب فهمه وبنيت على الأصول قواعد حكمه وتحلى بالورع فتجلى في سماء النجاة كنجمه
ولما كان فلان هو الذي جذبته السعادة إلى مقرها وخطبته المغفرة إلى
موطن برها وأهلته الأقدار إلى جوار نبي هو خاتم الأنبياء وفاتح أمرها وأصبح للحكم في المدينة مستحقا لما فيه من سكينة وتحصيل للعلم ومن حصل العلم كان الله معينه
فلذلك رسم أن يستقر
فليباشر منصبا جليلا في محل جليل وليعلم أن سائر الأمصار تغبطه وتحسده وما لمنصبه من مثيل أين يوجد سواه في كل سبيل من قاض هو بسيد المرسلين نزيل ومن يصبح ويمسي جارا للمستجير في المحشر الطويل
فاحكم بين ناس طيبة بورع وتأصيل وتحرير في تحريم وتحليل واتق الله في كل فعل وقيل واستقم على الحق حذار أن تميل فصاحب الشرع أنت منه قريب والنبي من الله قريب وحبيب وخليل وماذا عسى أن نوصيه وهو بحمد الله تعالى كالنهار لا يحتاج إلى دليل
وأما الخطابة فارق درج منبرها وشنف الأسماع من ألفاظك بدرها وحرر ما تقوله من المواعظ فإن صاحب العظات يسمعك وتواضع لله فإن الله يرفعك وهذا المرقى فقد قام فيه النبي الأمي سيد الثقلين ومن بعده الخليفتان قرتا العين ومن بعدهما عثمان ذو النورين وعلى رضي الله عنه أبو الحسنين فاخشع عند المطلع واصدع بما ينفع وانظر لما تقوله فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه هناك يسمع وقاضي المدينة وخطيبها يرجو أن ليس للشيطان فيه مطمع والله تعالى يحوز له الخير ويجمع بمنه وكرمه
الوظيفة الثالثة مشيخة الحرم الشريف
وقد جرت العادة أن يكون له خادم من الخصيان المعبر عنهم بالطواشية يعين لذلك من الأبواب السلطانية ويكتب له توقيع في قطع الثلث بالمجلس السامي بالياء مفتتحا بالحمد لله وهذه نسخة توقيع شريف من ذلك
الحمد لله الذي شرف بخدمة سيد الرسل الأقدار وفضل بالتأهل للدخول في عداد كرمه بخدمته من اختاره لذلك من المهاجرين والأنصار وجعل الاختصاص بمجاورة حرمه أفضل غاية تهجر لبلوغها الأوطان والأوطار وعجل لمن حل بمسجده الشريف تبوأ أشرف روضة تردها البصائر وترودها الأبصار
نحمده على نعمه التي أكملها خدمة نبيه الكريم وأفضلها التوفر على مصالح مجاوري قبر رسوله الهادي إلى الحق وإلى طريق مستقيم وأجملها الانتظام في سلك خدمةحرمه لأنها بمنزلة واسطة العقد الكريم النظيم ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مزلفة لديه مقربة إليه مدخرة ليوم العرض عليه ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أشرف نبي بعث إلى الأسود والأحمر وأكرم من أنار ليل الشرك بالشرع الأقمر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين فخرت الحبشة بهجرتهم الأولى ونجا النجاشي بما اتخذ عندهم من السابقة الحسنة واليد الطولى وأولي بلالهم من السبق إلى خدمة أشرف الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام أفضل ما يولى صلاة لا يزال شهابها مرشدا وذكرها في الآفاق مغيرا ومنجدا وسلم تسليما كثيرا
وبعد فإن أولى من اعتمد عليه من أفاء الله عليه من نعمه وأفاض عليه من ملابس كرمه وشرف قدره بأن أهله لخدمة سيد الرسل بل لمشيخة حرمه وخصه برتبة هي أسنى الرتب الفاخرة وأجمع الوظائف لشرف الدنيا والآخرة من رجحه لذلك دينه المتين وورعه المكين وزهده الذي بلغ به إلى هذه الرتبة التي سيكون بها إن شاء الله تعالى وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين
ولما كان فلان هو الذي أدرك من خدمة سيد الرسل غاية سوله وزكت
عند الله هجرته التي كانت على الحقيقة إلى الله ورسوله وسلك في طريق خدمته الشريفة أحسن السلوك وانتهت به السعادة إلى خدمة رسول الله صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه ليعرض بجوهرها الأعلى عن عرض خدمة الملوك وفاز من مجاورة الحجرة الشريفة بما عظمت عليه به المنة وحل به مما بين القبر والمنبر في روضة من رياض الجنة وأقام في مقام جبريل ومهبط الوحي والتنزيل يتفيأ ظلال الرحمة الوارفة ويتهيأ من تلك النعمة بالعارفة بعد العارفة تعين أن يكون هو المحلى بعقود مشيخة ذلك الحرم والمتولي لمصالح هذه الطائفة التي له في التقدم عليهم أثبت قدم
فرسم بالأمر الشريف لا زال أن تفوض إليه المشيخة على خدام الحرم الشريف النبوي للعلم بأنه العامل الورع والكافل الذي يعرف أدب تلك الوظيفة من خدمة الرسول صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه على ما شرع والزاهد الذي آثر جوار نبيه على سواه والخاشع الذي نوى بخدمته الدخول في زمرة من خدمه في حياته ولكل امريء ما نواه
فليستقر في هذه الوظيفة الكريمة قائما بآدابها مشرفا بها نفسه التي تشبثت من خدمته الشريفة بأهدابها سالكا في ذلك ما يجب محافظا على قواعد الورع في كل ما يأتي وما يجتنب قاصدا بذلك وجه الله الذي لا يخيب لرابح أملا ولا يضيع أجر من أحسن عملا ملزما كلا من طائفة الخدام بما يقربه عند الله زلفى ويضاعف الحسنة الواحدة سبعين ضعفا هاديا من ضل في قوانين الخدمة إلى سواء السبيل مبديا لهم من آداب سلوكه ما يغدو لهم منه أوضح هاد وأنور دليل وفيه من آداب دينه مايغني عن تكرار الوصايا وتجديد القضايا والله تعالى يسدده في القول والعمل ويوفقه لخدمة سيد المرسلين صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه وقد فعل بمنه وكرمه
القاعدة الثالثة الينبع وبها وظيفة واحدة وهي النيابة
وقد تقدم أن نيابتها في بني الحسن من بني قتادة أيضا وعدل بها عن لفظ الإمارة إلى لفظ النيابة تصغيرا لشأنها عن مكة والمدينة ويكتب لنائبها مرسوم شريف في قطع الثلث بالمجلس السامي بغير ياءوهذه نسخة مرسوم شريف بنيابة الينبع كتب به لمخذم بن عقيل في عاشر رجب الفرد سنة أربع وثلاثين وسبعمائة من إنشاء المقر الشهابي بن فضل الله وهو
الحمد لله الذي أتم لدولتنا الشريفة أنعما وأحسن في تقديم شريف كل قوم تقدما وأمضى في كف كف الأعداء رمحا سمهريا وسيفا مخذما
نحمده حمدا يكاثر عدد القطر إذا همى ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تؤمن بالإدمان عليها منجدا ومتهما ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي شرف من إليه انتمى وعلى نسبه الشريف ارتمى وبجواره المنيع احتمى صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الذين طلعوا في صباح كل نهار شموسا وفي عشية كل ليل أنجما وسلم تسليما
وبعد فإن أولى من أعدنا له سعادة جده وعدنا إلى عوائده الحسنى لأبيه وجده ورعت صدقاتنا الشريفة قصده الجميل وشرفه الذي سما به من أصله إلى النجم فرع لا ينال طويل وأقرت عينه بسكنه واستقرت به مراسمنا العالية في مسكنه وأغنته عنايتنا الشريفة عن انتظار كل نجم سعادة يطلع وبعثت إليه كل خير إلى وطنه وهو ينبع منزلة نسبه الصميم والحسب الذي يتمسك به
في قومه كل كريم والشرف الذي أنارت كواكبه والوصف الذي ينظم الدر ثاقبة
ولما كان المجلس السامي الأمير الأجل الكبير الشريف الحسيب النسيب الأوحد العضد النصير الأصيل فلان الدين مجد الإسلام زين الأنام شرف الأمراء الأشراف فخر العترة الطاهرة جمال الأسرة الزاهرة نسيب الخلافة عضد الملوك والسلاطين مخدم بن عقيل أيده الله تعالى هو الذي تقدمت إليه كل إشارة وحسنت به كل شارة وتعجلت له بمراضينا الشريفة من مخلق الشفق كل بشارة وحصل في الينبع ما حصل من الاعتداء وامتدت الأيدي به إلى ما كان لحجاج بيت الله من وديعة وظن أنه لا يشيع خبره في البيداء فخالف الواجب وتعدى الشريعة فاقتضت آراؤنا الشريفة تفويضها إلى العارف منها بما يجب العالم من طريق سلفه الصالح بما يأتي فيها ويجتنب العامل في طاعتنا الشريفة بما هو به وبمثله من أهل الشرف يليق الماشي في خدمتنا الشريفة وفي خدمة الوفود إلى بيت الله الحرام على الطريق
فرسم بالأمر الشريف أعلاه الله تعالى وشرفه وأنفذه وصرفه أن تفوض إليه النيابة بالينبع على عادة من تقدمه وقاعدته إلى آخر وقت
فليقدم تقوى الله في كل ما تقدم ويقف مع حكم الشرع الشريف فإنه المهم المقدم وليستوص بالحجاج خيرا فإنهم وفد الله وهوعليه سيقدم وليؤمن الطريق فإنه بين حرمين بيت الله ومسجد رسوله صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه وليحفظ أمانة الله فيما يخلي ويخلف عنده الحجاج كتب الله سلامتهم من وداعة
وليأخذ بقلوب الجلابة فإنهم في توسيعهم على أهل الحرمين كالمتصدقين وإن كانوا تجارا ببضاعة وليوصل من تأخر من أبناء السبيل إلى مأمنهم وليخص بالعدل أهل بلده ليستقروا آمنين في موطنهم والرفق فهو الذي بحلله يزين وبحليه يستحسن والتأني في معرفة الحق من الباطل فإن به الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الباطل يبين ولزوم الطاعة التي أوجبها الله لنا على عباده وندب إليها وملازمة الجماعة التي يكفيه من بركاتها أن يد الله عليها وإقامة الخدمة فيما قبله من البلاد وكل حاضر وباد وكل من كاد أو كاد أو تعرض لعناد العباد فمن أقدم على محذور أو تقدم إلى محظور أو ارتكب في الخلاف أمرا من الأمور فجره بالبغي إلى مصرعه وحرك السيف لمضجعه ودع الرمح الذي اعتقله للشقاق يبكي للإشفاق عليه بأدمعه وقد رأيت كيف طريقتنا المثلى وسيرتنا التي لا تجد لها مثلا فاسلك هذه المحجة وحسبك أن تتخذ بينك وبين الله حجة وفي هذا عن بقية الوصايا غنى والله يزيل عنك الخوف في الخيف ويبلغك المنى في منى والاعتماد
القسم الرابع مما يكتب من الولايات عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية ما يقع على سبيل الندور وهو الذي يقع في حين من الأحيان من غير أن يسبق له نظير
قال الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي في حسن التوسل ويحتاج الكاتب فيه إلى حسن التصرف على ما يقتضيه الحال
فمن ذلك ما يكتب به للنيابة الخارجة عن المملكة إذا رغب فيها متوليها
وهذه نسخة تقليد شريف من ذلك كتب به المولى الفاضل شهاب الدين
محمود الحلبي لمتملك سيس بإقراره على ما هو قاطع النهر من بلاده وهي
الحمد لله الذي خص أيامنا الزاهرة باصطناع ملوك الملل وفضل دولتنا القاهرة بإجابة من سأل بعض ما أحرزته لها البيض والأسل وجعل من خصائص ملكنا إطلاق الممالك وإعطاء الدول والمن بالنفوس التي جعلها النصر لنا من جملة الخول وأغرى عواطفنا بتحقيق رجاء من مد إلى عوارفنا كف الأمل وأفاض بمواهب نعمائنا على من أناب إلى الطاعة حلل الأمن بعد الوجل وانتزع بآلائنا لمن تمسك بولائنا أرواح رعاياه من قبضة الأجل وجعل برد العفو عنه وعنهم بالطاعة نتيجة ما أذاقهم العصيان من حرارة الغضب إذ ربما صحت الأجسام بالعلل
نحمده على نعمه التي جعلت عفونا ممن رجاه قريبا وكرمنا لمن دعاه بإخلاص الطاعة مجيبا وبرنا لمن أقبل إليه مثيبا بوجه الأمل منيبا وبأسنا مصيبا لمن لم يجعل الله له في التمسك بمراحمنا نصيبا ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تعصم دم من تمسك بذمامها وتحسم مواد من عاندها بانتقام حسامها وتفصم عرى الأعناق ممن أطمعه الغرور في انفصال أحكامها وانفصامها وتقصم من قصد إطفاء ما أظهره الله من نورها واقتطاع ما قضاه من دوامها وتجعل كلمة حملتها هي العليا ولا تزال أعناق جاحديها في قبضة أوليائها وتحت أقدمها ونشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالهدى ودين الحق إلى كل أمة المنعوت في الكتب المنزلة بالرأفة والرحمة المخصوص مع عموم المعجزات بخمس منها الرعب الذي كان يتقدمه إلى من قصده ويسبقه مسيرة شهر إلى من أمه المنصوص في الكتب المحكمة
على جهاد أمته الذين لا حياة لمن لم يتمسك من طاعتهم بذمة صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الذين فتحوا بدعوته الممالك وأوضحوا بشرعته إلى الله المسالك وجلوا بنور سنته عن وجه الزمن كل حال حالك وأوردوا من كفر بربه ورسله موارد المهالك ووثقوا بما وعد الله نبيه حين زوى له مشارق الأرض ومغاربها من أن ملكهم سيبلغ إلى ما زوى الله له من ذلك صلاة لا تزال الأرض لها مسجدا ولا يبرح ذكرها مغيرا في الآفاق ومنجدا ما استفتحت ألسنة الأسنة النصر بإقامتها وأبادت أعداءها باستدامتها وسلم تسليما كثيرا
وبعد فإنه لما آتانا الله ملك البسيطة وجعل دعوتنا بأعنة ممالك الأقطار محيطة ومكن لنا في الأرض وأنهضنا من الجهاد في سبيله بالسنة والفرض وجعل كل يوم تعرض فيه جيوشنا من أمثلة يوم العرض وأظلتنا بوادر الفتوح وأظلت على الأعداء سيوفنا التي هي على من كفر بالله وكفر النعمة دعوة نوح وأيدنا بالملائكة والروح على من جعل الواحد سبحانه ثلاثة فانتصر بالأب والابن والروح وألقت إلينا ملوك الأقطار السلام وبذلت كرائم بلادها وتلادها رغبة في الالتجاء من عفونا إلى ظل أعلى من الأعلام وتوسل من كان منهم يظهر الغلظة بالذلة والخضوع وتوصل من كان منهم يبدي القوة بالإخلاص الذي رأوه لهم أقوى الجنن وأوقى الدروع عاهدنا الله تعالى أن لا نرد منهم آملا ولا نصد عن مشارع كرمنا ناهلا ولا نخيب من إحساننا راجيا ولا نحليء عن ظل برنا لاجيا علما أن ذلك شكر للقدرة التي جعلها الله لنا على ذلك الآمل ووثوقا بأنه حيث كان في قبضتنا متى نشاء نجمع عليه الأنامل اللهم إلا أن يكون ذلك اللاجيء للغل مسرا وعلى عداوة الإسلام مصرا فيكون هو
الجاني على نفسه والحاني على موضع رمسه والمفرط في مصلحة يومه وغده بتذكير عداوة أمسه
ولما كان من تقدم بالمملكة الفلانية قد زين له الشيطان أعماله وعقد بحبال الغرور آماله وحسن له التمسك بالتتار الذين هم بمهابتنا محصورون في ديارهم مأسورون في حبائل إدبارهم عاجزون عن حفظ ما لديهم قاصرون عن ضبط ما استلبته السرايا المنصورة من يديهم ليس منهم إلا من له عند سيوفنا ثار ولها في عنقه آثار ومن يعلم أنه لا بد له عندنا من خطتي خسف إما القتل أو الإسار
وحين تمادى المذكور في غيه وحمله الغرور على ركوب جواد بغيه أمرنا جيوشنا المنصورة فجاست خلال تلك الممالك وداست حوافر خيلها ما هنالك وساوت في عموم القتل والأسر بين العبد والحر والمملوك والمالك وألحقت رواسي جبالهم بالصعيد وجعلت حماتهم كزروع فلاتهم منها قائم وحصيد فأسلمهم الشيطان ومر وتركهم وفر وماكرهم وماكر وأعلمهم أن موعدهم الساعة والساعة أدهى وأمر وأخلفهم ما ضمن لهم من العون وقال لهم ( إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون )
وكان الملك فلان ممن تدبر طرق النجاة فلم ير إليها سوى الطاعة سبيلا وتأمل أسباب النجاح فلم يجد عليها غير صدق الانتماء دليلا فأبصر بالخدمة موضع رشده وأدرك بسعيه نافر سعده وأراه الإقبال كيف ثبتت قدمه في الملك الذي زلت عنه قدم من سلف وأظهر له الإشفاق على رعاياه مصارع من أورده سوء تدبير أخيه موارد التلف وعرفه التمسك بإحساننا كيف احتوت يده على
ما لم يبق غضبنا في يد أخيه منه إلا الأسى والأسف وحسنت له الثقة بكرمنا كيف يجمل الطلب وعلمته الطاعة كيف يستنزل عوارفنا عن بعض ما غلبت عليه سيوفنا وإنما الدنيا لمن غلب وانتمى إلينا فصار من خدم أيامنا وصنائع إنعامنا وقطع علائقه من غيرنا فلجأ منا إلى ركن شديد وظل مديد ونصر عتيد وحرم يأوي أمله إليه وكرم تقر نضارته ناظريه وإحسان يمتعه بما أقره عطاؤنا في يديه وامتنان يضع عنه إصره والأغلال التي كانت عليه اقتضى إحساننا أن نغضي له عن بعض ما حلت جيوشنا ذراه وحلت سطوات عساكرنا عراه وأضعفت عزمات سرايانا قواه ونشرت طلائع جنودنا ما كان ستره صفحنا عنهم من عورات بلادهم وطواه وأن نخوله بعض ما وردت خيولنا مناهله ووطئت جيادنا غاربه وكاهله وسلكت كماتنا فملكت دارسه وآهله وأن نبقي مملكة هذا البيت الذي مضى سلفه في الطاعة عليه ويستمر ملك الأرمن الذي أجمل السعي في مصالحه بيديه لتتيمن رعاياه به ويعلموا أنهم أمنوا على أرواحهم وأولادهم بسببه ويتحققوا أن أثقالهم بحسن توصله إلى طاعتنا قد خفت وأن بوادر الأمن بلطف توسله إلى مراضينا قد أطافت بهم وحفت وأن سيوفنا التي كانت مجردة على مقاتلهم بجميل استعطافه قد كفتهم بأسها وكفت وأن سطوتنا الحاكمة على أرواحهم قد عفت عنهم بملاطفته وعفت فرسم أن يقلد كيت وكيت ويستقر بهذه المملكة الفاسدة استقرارا لا ينازع في استحقاقه ولا يعارض فيماسبق من إعطائه له وإطلاقه ولا يطالب عنه بقطيعة ولا يطلب منه بسببه غير طوية مخلصة ونفس مطيعة ولا تخشى عليه يد جائرة ولا سرية في طلب الغرة سائرة ولا تطرق كناسه أسد جيوش مفترسة ولا سباع نهاب مختلسة بل تستمر بلاده المذكورة في ذمام
رعايتنا وحضانة عنايتنا وكنف إحساننا ووديعة برنا وامتناننا لا تطمح إليها عين معاند ولا يمتد إليها إلا ساعد مساعد وعضد معاضد
فليقابل هذه النعمة بشكر الله الذي هداه إلى الطاعة وصان بإخلاص ولائه نفسه ونفائس بلاده من الإضاعة وليقرن ذلك بإصفاء موارد المودة وإضفاء ملابس الطاعة التي لا تزداد بحسن الوفاء إلا جدة واستمرار المناصحة في السر والعلن واجتناب المخادعة ما ظهر منها وما بطن وأداء الأمانة فيما استقر معه الحلف عليه ومباينة ما يخشى أن يتوجه بسببه وجه عتب إليه واستدامة هذه النعمة بحفظ أسبابها واستقامة أحوال هذه المنة برفض موجبات الكدر واجتنابها وإخلاص النية التي لا تعتبر ظواهر الأحوال الصالحة إلا بها
ومن ذلك ما يكتب به لحكم رماة البندق
قد جرت العادة أنه إذا كان للسلطان عناية برمي البندق أقام لرماته حاكما من الأمراء الذين لهم عناية برمي البندق
وهذه نسخة توقيع من ذلك
الحمد لله الذي خص أيامنا الزاهرة باستكمال المحاسن في كل مرام وجعل من أولياء دولتنا القاهرة من أصاب من كل مرمى بعيد شاكلة الصواب حتى أصبح حاكما فيه بين كل رام وجمع لخواصنا من أشتات المفاخر ما إذا برزوا فيه للرياضة ليلا أغنت قسيهم عن الأهلة ورجومها عن رجوم الظلام
وسدد مقاصد أصفيائنا في كل أمر فما شغلوا بمسرة سر إلا وكانت من أقوى أسباب التمرن على خوض الغمرات العظام واقتحام الحرب اللهام واشتمال جلابيب الدجى في مصالح الإسلام
نحمده على نعمه الوسام وأياديه الجسام وآلائه التي ما برحت بها ثغور المسار دائمة الابتسام ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تعصم من الزلل وتؤمن من الزيغ والخلل وتلبس المتمسك بها من أنوار الجلالة أبهى الحلل ونشهد أن محمدا عبده ورسوله المنزه عن الهوى المخصوص بالوحي الذي علمه شديد القوى الدال على اعتبار الأعمال بصحة القصد بقوله صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء مانوى صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الذين وفق الإخلاص مساعيهم ووفر الإيمان دواعيهم صلاة دائمة الاتصال مستمرة الإقامة بالغدو والآصال وسلم تسليما كثيرا
وبعد فإنه لما كان رمي البندق من أحسن ما لهت به الكماة في حال سلمها ومن أبهج ما حفظت به الرماة حياة نفوسها وعزة عزمها على ما فيه من اطراح الراحة واجتنابها واستدعاء الرياضة واجتنائها وخوض الظلمات في الظلام وتوخي الإصابة في غمرات الدجى التي تخفى فيها المقاتل على حدق السهام وارتقاب ظفر يسفر عنه وجه سفر ومهاجمة خطر تفضي إلى بلوغ وطر وله شرائط تقتضي التقدم بين أربابه وقواعد لا يخالفها من كان مبرزا في أصحابه وأدوات كمال لا بد للمتحلي بهذه الرتبة منها وحسن خلال تهدر أعمال من بعد عليه مرامها وقصرت مساعيه عنها وعوائد معلومة بين أرباب هذا الشأن وكبرائه ومقاصد مفهومة فيما يتميز به المصيب الحاذق على نظرائه
ولما كان الجناب العالي الفلاني ممن يشار إليه في هذه الرتبة ببنان
الترجيح ويرجع إلى أقواله فيما اقتضى التعديل فيما بين أربابها والتجريح ويعمل فيها بإشارته الخالصة من الهوى والأغراض ويعول فيها على قدم معرفته المميزة بين أقدار الرماة مع تساوي إصابة الأغراض لاحتوائه على غايات الكمال فيها وسبقه منها إلى مقامات حسان لا يعطيها حقها إلا مثله ولا يوفيها اقتضى رأينا الشريف أن نعدق به أحكامها ونرد إلى أمره ونهيه كبراءها وحكامها
فرسم بالأمر الشريف أن يكون حاكما في البندق لما يتعين من اختصاصها بجنابه ويتبين من أولويته بالحكم في هذا الفن على سائر أربابه
فليل ذلك حاكما بشروطه اللازمة بين أهله المعتبرة بها خلال الكمال في قول كل أحد منهم وفعله المميزة بين تفاوت الرماة بحسب كيفية الرمي وإتقانه المرجحة في كثرة الطير بإمكانه له في وقت البروز ومكانه المهدرة ما يجب بين أهل هذا الفن إهداره المثبتة ما يتعين في كمال الأدوات إثباته في قدم الكبراء وإقراره وليعمل في ذلك جميعه بما تقتضيه معرفته المجمع في فنه عليها ويتقدم فيها بما تدله عليه خبرته التي ما برح وجه الاختيار مصروفا إليها والله تعالى يسدده في القول والعمل ويبلغه مراتب الرفعة في خلاله الجميلة وقد فعل والخير يكون إن شاء الله تعالى
قلت وربما كان المرسوم المكتتب لمن هو دون من تقدم من أمير عشرة أو من في معناه فيفتتح بأما بعد ويكمل على نحو ما تقدم
وهذه نسخة ثانية لحاكم البندق مفتتحة بأما بعد وهي
أما بعد حمد الله الذي لا معقب لحكمه ولا يعزب شيء عن علمه ولا قنوط من رحمته وسعة حلمه ملهم أهل محاربة أعداء دينه بالرياضة لها في أيام سلمه ومنجز وعود السعود لمن كان النجم مبدأ همته والصدق حلة
سجيته والعز حلية اسمه والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي هدى الله بنور ملته العادلة من تردى في ظلمات ظلمه ورفع منار النبوة بماخصه به من افتتاح التقدم في رتبتها وختمه وعلى آله وصحبه الذي سرى كل منهم إلى غاية الكمال على نجائب همته وجياد عزمه فإن أولى من رعيت له أسباب قدمه وتقدمه وفتحت له أبواب حكمه في رتبته وتحكمه وأعيد إلى مكانته التي رقاها باستحقاقه قديما ورفع إلى منزلته التي لم يزل بقواعدها خبيرا وبأوضاعها عليما من ارتقى في رتبته إلى نجم أفقها واقتدى في مناهجه بدليل مسالكها وطرقها فأتى في مصالحها بيوت الإصابة من أبوابها ونقل فيها أوضاع الإجادة عمن كان أدرى بها وتقدم فيها تقدم هجرته وسبق قدمه وبلغ في مقاماتها الغاية بين وثبات ساعده وثبات قدمه وجمع من أشتات الطير ما افترق في غيره وحوى من السبق إلى أنواعها ماحكم بسعد نجمه ويمن طيره فكم ليلة أسفر فيما أبرزوه عن صباح نجاحه وكم طائر زاحم النسرين بقوادمه أصبح لديه محمولا بجناحه وكم أنزلت أهلة قسيه الطير على حكمها وكم حكت بنادقه في رجوم الطير المحلقة إلى السماء انقضاض نجمها وكم أبصر مقاتل الطير وهي من الليل في ظلمات بعضها فوق بعض وكم اشتغل من الطير الواجب بندب رمي لم يشغله من إعداد الأهبة للجهاد عن الفرض حتى كاد النسر الطائر إذا توهم أن الهلال قوسه يغدو كأخيه واقعا والمرزم المحلق في الأفق يمسي لإشارة بنادقه الصم متتبعا حتى أصبح وهو الكبير في فنه بآداب التعريف وأضحى وهو الخبير بنوعه بطريق النقل والتوقيف
ولما كان فلان هو كبير هذا الفن وخبيره ومقدم هذا النوع الذي لم يزل بنجلائه عظيم كل عصر وأميره وقديم هذا المرمى الذي جل المراد به الجد لا
اللعب وأليف هذا المرام الذي ينشط إليه اللاعب ويستروح إليه التعب اقتضى الرأي الشريف أن نجعله حاكما في هذه الرتبة الجليلة بما علم أو علم منها فاصلا بين أهلها بمعرفته التي ما برحت يؤخذ بها في قواعدها وينقل عنها فرسم بالأمر الشريف أن يكون حاكما في البندق
فليستقر في هذه الرتبة التي تلقاها بيمين كفايته ويمنه وارتقاها بتفرده في نوعه وتقدمه في فنه وليعتمد الإنصاف في أحكام قواعدها وإجراء أمر أربابها على أحوالها المعروفة وعوائدها وينافس المعروفين بها على التحلي بآدابها والتمسك من المروءة والأخوة بأفضل أهدابها وينصف بينهم فيما يعتد به من واجبها ويلزم الداخل فيها بالمشي على المألوف من طرقها والمعروف من مراتبها ولا يحكم في التقديم والتأخير بهوى نفسه ولا يقبل من لم يتحر الصدق في يومه أنه قبل منه في أمسه فإن استدامة شروطها أمان من السقوط عن درجها وإذا حكمت نفوس أهلها الصدق في أقوالها وأفعالها فقد خرجت من خط حرجها وليرع لذوي التقدم فيها قدم هجرتهم واشتهار سيرتهم الحسنة بين أسرتهم وقد خبر من أوصافه الحسنة وسابق رتبته التي لم تكن عين العناية عنها وسنة ما اقتضى استقرار رتبته على مكانتها ومكانها واكتفي له من مبسوط الوصايا بعنوانها فليتق الله في قوله وعمله ويجعل الاعتماد على توفيقه غاية أمله والخير يكون إن شاء الله تعالى
ومن ذلك ما يكتب به في إلباس الفتوة
اعلم أن طائفة من الناس يذهبون إلى إلباس لباس الفتوة ويقيمون لذلك شروطا وآدابا جارية بينهم ينسبون ذلك في الأصل إلى أنه مأخوذ عن الإمام علي كرم الله وجهه
والطريق الجاري عليه أمرهم الآن أنه إذا أراد أحدهم أخذ الطريق عن كبير من كبراء هذه الطائفة اجتمع من أهلها من تيسر جمعه وتقدم ذلك الكبير
فيلبس ذلك المريد ثيابا ثم يجعل في كوز أو نحوه ماء ويخلط به بعض ملح ويقوم كل منهم فيشرب من ذلك الماء وينسبه إلى كبيرة وربما اعتن بذلك بعض الملوك وقد جرت العادة في ذلك أنه إذا ألبس السلطان واحدا من الأمراء أن يكتب له بذلك توقيعا
وهذه نسخة توقيع بفتوة من إنشاء القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر وهو
الحمد لله الذي جعل أنساب الفتوة متصلة بأشرف أسباب النبوة وأفضل من أمده منه بكل حيل وقوة وأسعد من سما فكان عليا على كل من سام علوه
نحمده حمدا تغدو الأفواه به مملوة ونشكره على مواهبه بآيات الشكر المتلوة ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من جعل إلى منهج التوحيد رواحه وغدوه ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي شد الله أزره بخير من أفتى وفتى فنال كل فتوي من الفتيان به شرف الأبوة والبنوة صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الذين نصروا وليه وخذلوا عدوه صلاة موصلة إلى نيل الأماني المرجوة
وبعد فإن خير من اتصل به رجاء الرجال الأجواد وطوى البعيد إلى تحصيل مرامه كل طود من الأطواد وأماط به عن مكارم الأخلاق لثام كل جود وامتطى ظهر خير جواد واستمسك من ملابس الشرف بما يؤمن ويؤمل وما يشد به من كل خير لباس التقوى وما تؤيد به عزيمته فتقوى وما يتقيد به على رؤوس الأحزاب وما يتنزل به عليه أحسن آية من هذا الكتاب من اشتهر بالشجاعة التي تقدم بها على قومه وحمد أمسها في يومه وبالشهامة التي لها ما للسهام من تفويق ولزرق الأسنة من تحذيق ولبيض الصفاح من حدة متون وللسمهرية من ازدحام إذا ازدحمت المنون ومن صدق العزيمة ما يشهد به كرم الشيمة ومن شدة الباس ما يجتمع به على طاعته كثير من الناس ومن صدق اللهجة واللسان ما اتصف عفافه منهما بأشرف ما يتصف به
الإنسان ومن طهارة النفس ما يتنافس على مثله المتنافسون ويستضيء بأنواره القابسون ويرفل في حلل نعمائه اللابسون وكان من الذين أبانوا عن حسن الطاعة وأنابوا وإذا دعوا إلى استنفار جهاد واجتهاد لبوا وأجابوا والذين لا يلوون ألسنتهم عن الصدق ولا يولون وجوههم عن الحق والذين لا يقعدهم عن بلوغ الأوطار مع إيمانهم حب الأوطان وإذا نفذوا في حرب الأعداء لا ينفذون إلا بسلطان
ولما كان فلان ذوالمفاخر والمآثر أمير الفتيان مميز الإخوان والأعيان هو صاحب هذا المحفل المعقود والممدوح بهذا المقال المحمود والممنوح بهذا المقام المشهود والثناء الذي سر باله بما سربله أثواب العزة والفخار والاعتناء الذي استخير الله في اصطفائه واختباره في ذلك فخار اقتضى حسن الرأي الشريف كرم الله أنصاره وأعلى مناره أن نجيب وسائل من وقف في هذا القصد وقفة سائل لينال بذلك كل إحسان وإحسان كل نائل ودعا إلى الكريم العام بالإنعام والدعاء لسلطان يدعى له ويدعو كل الأنام فقال أسأل الله وأسأل سلطان الأرض ملك البسيطة إمام العصر رافع لواء النصر ناصر الملة المحمدية محيي الدولة العباسية فاتح البلاد والقلاع والأمصار قاهر الكفار مبيد الفرنج والأرمن والتتار سلطان الزمان خسروان إيران شاهنشاه القان سلطان العالم وارث الملك سلطان العرب والعجم والترك الذي انتهى إليه عن أمير المؤمنين الإمام الأواب المغوار علي بن أبي طالب ذي الفخار شرف الفتوة واتصال الأنساب
قلت هذا ما وقفت عليه من نسخة هذا التوقيع وقد ذكر الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي في كتابه حسن التوسل نسخة تقليد أنشأه في الفتوة أسقط منه أول الخطبة وهو وابتدأ منه بقوله
نحمده على ما منحنا من نعم شتى ووهبنا من علم وحلم غدونا بهما
أشرف من أفتى في الكرم وفتى وآتانا ملك خلال الشرف الذي لا ينبغي لغير ما اختصنا به من الكمال ولا يتأتى وخصنا به من رفع أهل الطاعة إلى سماء النعم يتبوأون من جنان الكرم حيث شاءوا وغيرهم لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من انتمى في فخار أبوة التقى إلى حسب علي وانتهى من بنوة المروءة إلى سبب قوى ونسب زكي وارتدى حلل الوقار بواسطة الفتوة عن خير وصي عن أشرف نبي ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي نور شريعته جلي وجاه شفاعته ملي وبسيفه وبه حاز النصر من انتمى إليه فلا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي
وبعد فإن أولى من لبى إحساننا نداء وده وربى امتناننا نتاج ولائه الموروث عن أبيه وجده ورقاه كرمنا إلى رتبة علاء يقف جواد الأمل عن بلوغها عند حده وتلقت كرائمنا وفد قصده بالترحيب وأنزلت جار رجائه من مصر نصرها بالحرم الآمن والربع الخصيب وأذنت لأمله ما نأى من الأغراض حتى بلغه بفضلها سهم اجتهاده المصيب وأعدت له من حلل الجلالة ما هو أبهى من رداء السماء الذي تزداد على الأبد جدة برده القشيب وخصته لابتناء المجد بأجل بنوة جعلت له في إرث خلال الشرف أوفر حظ وأوفى نصيب من سمت منابر المجد بذكره وابتسمت أسرة الحمد بشكر أوصافه ووصف شكره واختالت مواد الثناء بحسن خلاله واختارت كواكب السناء إقبال طوالعه بطوالع إقباله وتمسك من طاعتنا بأمثل أسباب الهدى
واعتصم بعروة بنوة الأبناء فأوطأه التوثق بها رقاب العدا واتصف بمحاسن الشيم في مودتنا فأضحى فتي السن كهل الحلم يهتز للندى وانتمى إلينا فأصبح لدينا ملكا مقربا وأوجب من حقوق الطاعة علينا ما أمسى به لدينا مع جلالة الأبناء ابنا وغدونا له مع شرف الآباء في نسب الفخر العريق أبا ونشأ في مهاد الملك فسما به للعلم والعلم بالسيف والقلم والبأس والكرم واعتزى إلى أبوة حنونا ببنوة رجائه فتشبه بعدل أيامنا ومن يشبه أباه فما ظلم وتحلى بصدق الولاء وهو أول ما يطلب في سر هذا النسب ويعتبر وتحلى لنكاية عدو الإسلام بلطف مكايده إذ السيوف تجز الرقاب وتعجز عما تنال الإبر
ولما كان فلان هو الذي زان بموالاتنا عقود مجده وزاد في طاعتنا على ما ورث من مكارم ابيه وجده وساد الملوك في اقتبال شبابه وصان ملك أبيه عن عوارض أوصابه باتباع ما أوصى به وأنفت صوارمه أن تكون لغير جهاد أعداء الله معدة وعزائمه أن تتخذ عدو الله وعدوه أولياء تلقي إليهم بالمودة وسهامه أن تسدد إلا إلى مقاتل العدا وأسنته أن يبل لها من غير مناهل صدور الكفر صدى مع اجتماع خلال الشرف لشرف خلاله وافتراق أسباب السرار عن هالة كماله وسؤاله ما ليس لغيره أن يمد إليه يدا والتماسه من كرمنا العميم أجل ما نحل والد ولدا وأنه وقف على قدم الرجاء الثابت ومت بقدم غروس الولاء التي أصلها في روض المودة نابت وقال أسأل الله وأسأل سلطان
الأرض القائم لجهاد أعداء الله بالسنة والفرض فاتح الأمصار الذي لم تزل سيوفه تهاجر في سبيل الله عن غمودها إلى أن صار له من الملائكة الكرام أنصار الذي كرم الله شرف الفتوة بانتمائها إليه وأعلى قدر بنوة المروءة باتصالها به عن الخلفاء الراشدين عن أب فأب عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وأورثه من خلقه الكرم والبأس فتحليا منه بأجل مواف وأكمل موافق ومنحه بحفظ العهد من خصائصه ما عهد به إليه النبي الأمي من أنه ما يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق أعز الله سلطانه وأوطأ جياده معاقل الكفر وأوطانه أن يتقبل قصدي بقبول حسن ويقبل بوجه كرمه على أملي الذي لم يقعد به عن فروض الطاعات وسننها وسن وينظمني في سلك عقود الفتوة ملتزما بأسبابها مقتديا بطاعته التي هي أكمل أنسابها متصفا بموالاته التي لا يثبت لها حكم إلا بها آتيا بشروط خدمته التي من لم يأت بها على ما يجب فما أتى البيوت من أبوابها
فاستخرنا الله تعالى في عقد لواء هذا الفخار لمجده فخار ونظمناه لعقد هذا المقام الكريم واسطة لمثله كان يزينها الادخار
فرسم بالأمر الشريف لا زال جوده يعلي الجدود ويوطد لأبناء ملوك الزمن من رتب الشرف فوق ما وطدت الآباء والجدود أن نصل سببه بهذا السبب الكريم ونعقد حسبه في الفتوة بأواخي هذا الحسب الصميم ونعذق نسبه بأصالة هذه الأبوة التي هي إلا عن مثله عقيم ويفاض عليه شعار هذا
الخلق المتصل عن أكرم وصي بمن قال الله تعالى في حقه ( إنك لعلى خلق عظيم )
فليحل هذه الهضبة التي أخذت من أفق العز بالمعاقد ويحل هذه الرتبة التي دون بلوغها من نوع الفراقد ألف راقد ويجر رداء الفخر على أهداب الكواكب ويزاحم بمواكب مجده النجوم على ورود نهر المجرة بالمناكب وليصل شرف هذه النسبة من جهته بمن رآه أهلا لذلك وليفت في الفتوة بما علم من مذهبنا الذي انتهى فيه منا إلى مالك وليطل على ملوك الأقطار بهذه الرتبة التي تفانى الرجال على حبها ويصل على صروف الأقدار بهذه العناية التي جعلته وهي حلية حزب الله من حزبها وليصل سر هذا الفضل العميم بإيداعه إلى أهله وانتزاعه ممن لم يره أهلا لحمله
قلت وما تقدم مما يكتب عن الأبواب الشريفة السلطانية بالديار المصرية والممالك الشامية لأرباب السيوف وأرباب الأقلام وغيهرهم من التقاليد والتفاويض والتواقيع والمراسيم المكبرة والمصغرة ليس هو على سبيل الاستيعاب بل على سبيل التمثيل والتذكير لينسج على منواله وينهج على نهجه فإن استيفاء ما يكتب في ذلك مما يشق ويقف القصد دونه بل لا بد من حوادث تحدث لم يسبق لها مثال يقتفى أثره فيحتاج الكاتب إلى حسن سعته والله تعالى هو الموفق إلى نهج الصواب والهادي إلى طريق الحق في الأمور كلها بمنه وكرمه
الفصل الثالث من الباب الرابع من المقالة الخامسة فيما يكتب من الولايات
عن نواب السلطنة وفيه طرفانالطرف الأول في مقدمات هذه الولايات ويتعلق بها مقاصد
المقصد الأول في بيان من تصدر عنه الولايات من نواب السلطنة
أعلم أن نواب السلطنة بالديار المصرية لا تصدر عنهم ولاية في جليل ولا حقير بل التولية والعزل منوطان بالسلطان والكتابة في ذلك معدوقة به سواء في ذلك النائب الكافل ونائب الإسكندرية ونائبا الوجهين القبلي والبحري إلا ما يكتب عليه النائب الكافل من القصص في صغائر الولايات من نظر الأوقاف وغيرها ثم تعين ويكتب بها تواقيع سلطانيةأما نواب السلطنة بالممالك الشامية وهم نائب السلطنة بالشام ونائب السلطنة بحلب ونائب السلطنة بطرابلس ونائب السلطنة بحماة ونائب السلطنة بصفد ونائب السلطنة بغزة إذا كانت نيابة لا تقدمة عسكر
المقصد الثاني في بيان الولايات التي تصدر عن نواب السلطنة بالممالك
الشاميةقد تقدم في الكلام على الولايات الصادرة على الأبواب السلطانية بالممالك الشامية أن نواب هذه الممالك يستبدون بتولية ولاة الأعمال وقد يستبدون أيضا بتولية صغار النواب كالقلاع والبلدان التي تكون نيابتها إمرة عشرة وربما استبدوا بتولية بعض النيابات التي تكون نيابتها إمرة طبلخاناه إلا أن تولية العشرات عن النواب أكثر وتولية الطبلخاناه عن السلطان أكثر أما النيابات التي تكون نيابتها تقدمة ألف فإنها مختصة بالسلطان والنيابات التي يكون متوليها جنديا أو مقدم حلقة فإنها مختصة بالنواب وأن تولية أكابر أرباب الأقلام ككاتب السر والوزير بالشام حيث جعلت وزارة وناظر النظار حيث جعلت نظرا وأصحاب دواوين المكاتبات ونظار المال بسائر الممالك ونظار الجيش وقضاة القضاة بها فإن التولية في ذلك تختص بالسلطان دون النواب وما عدا ذلك يولي فيه السلطان تارة والنواب أخرى وربما حصلت الولاية في بعض ذلك من بعض النواب ثم يكتب من الأبواب السلطانية بالحمل عليها على ما تقدم بسط القول فيه هناك فليراجع منه
المقصد الثالث في افتتاحات التواقيع والمراسيم بتلك الولايات
تقدم في الكلام على الولايات الصادرة عن الأبواب السلطانية أنه يراعى فيها براعة الاستهلال في الافتتاح وأن الافتتاح فيها بالحمد لله أعلى من الافتتاح بأما بعد والافتتاح بأما بعد أعلى من الافتتاح برسم بالأمر الشريف وأن لفظ أما بعد أعلى من لفظ وبعد وأنه يراعى في الولايات وصف المتولي والولاية ويؤتى لكل أحد من ذلك بما يناسبه من صفات المدح ثم يقال ولما كان فلان هو المشار إليه بالصفات المتقدمة اقتضى حسن الرأي أن يستقر في كذا ونحو ذلك ثم يؤتى من الوصايا بما يناسب مقام الولاية والمتولي لها ثم يؤتى بالاختتام من المشيئة والتاريخ والحمدلة والتصلية والحسبلة
والأمر فيما يكتب عن النواب جار على هذا المنهج إلا في أمور قليلة
منها أن جميع ما يكتب عن النواب بالشأم يقال فيه توقيع ولا يقال فيه تقليد ولا تفويض وربما قيل مرسوم في أمور خاصة
ومنها أن التوقيع يوصف بالكريم لا بالشريف فيقال توقيع كريم أن يستقر فلان في كذا أو مرسوم كريم لفلان بكذا بخلاف ما يكتب عن الأبواب السلطانية فإنه يوصف بكونه شريفا فيقال تقليد شريف وتفويض شريف ومرسوم شريف وتوقيع شريف على ما تقدم ذكره
ومنها أن الكاتب يأتي بنون الجمع جاريا في ذلك على من تصدر عنه الولاية كما أن الولايات عن الأبواب السلطانية يجري فيها على العادة في الكتابة عن الملوك وكأنهم راعوا في ذلك أن المكتوب عنه هو السلطان في الحقيقة وفعل النائب كأنه فعله نفسه كما يقال هزم الأمير الجيش وفتح السلطان المدينة والذي هزم وفتح إنما هو جنده لا هو في نفس الأمر
ومنها أنه إذا افتتح التوقيع برسم بالأمر لا يوصف بالشريف بل بالعالي على ما تقدم فيقال رسم بالأمر العالي المولوي السلطاني الملكي الفلاني الفلاني وكذلك إذا أتي بذكر رسم بعد الافتتاح بالحمد لله وأما بعد فإنه يقال فيه العالي دون الشريف
قلت هذا ما كان الأمر عليه في الزمن المتقدم كما أشار إليه المقر الشهابي بن فضل الله في التعريف ثم استقر الحال على وصف الأمر
بالشريف فيقال رسم بالأمر الشريف العالي إلى آخره كما يكتب عن السلطان
ومنها أنه يقال في آخر التوقيع والاعتماد على الخط الكريم أعلاه ولا يقال على الخط الشريف كما في السلطان
ومنها أنه لا يذكر في تواقيع النواب مستند كتابتها كما يكتب فيما يكتب عن السلطان
المقصد الرابع في بيان الألقاب
قد تقدم في المقالة الثالثة في الكلام على الولايات الصادرة عن الأبواب السلطانية أن أعلى ما يكتب لأرباب السيوف المقر الكريم ثم الجناب الكريم ثم الجناب العالي ثم المجلس العالي ثم المجلس السامي بالياء ثم المجلس السامي بغير ياء ثم مجلس الأمير ثم الأميروأن أعلى ما يكتب لأرباب الوظائف الديوانية الجناب العالي ثم المجلس العالي ثم المجلس السامي بالياء ثم المجلس السامي بغير ياء ثم مجلس القاضي ثم القاضي
وأن أعلى ما يكتب لأرباب الوظائف الدينية المجلس العالي ثم استقر أعلى ما يكتب لهم الجناب العالي والمجلس العالي بعده ثم السامي بالياء ثم السامي بغير ياء ثم مجلس القاضي ثم القاضي على ما تقدم في أرباب الوظائف الديوانية إلا فيما يقع الاختلاف فيه من الألقاب والنعوت الخاصة بكل منهما
وأن أعلى ما يكتب لأرباب الوظائف الصوفية المجلس العالي ثم المجلس السامي بالياء ثم المجلس السامي بغير ياء ثم مجلس الشيخ ثم الشيخ
وأنه يكتب لأرباب الوظائف العادية المجلس السامي الصدر الأجل أو مجلس الصدر أو الصدر
وأنه يكتب لزعماء أهل الذمة ألقابهم المتعارفة فيكتب لرئيس اليهود الرئيس ولبطاركة النصارى البطرك ونحو ذلك
فأما ما يكتب عن نواب الشام فعلى أصناف كما تقدم في الألقاب التي تكتب عن الأبواب السلطانية مع اختلاف في بعض الألقاب بزيادة ونقص وعلو وهبوط
الصنف الأول أرباب السيوف ولألقابهم مراتب
المرتبة الأولى المقر الشريف وبذلك يكتب للطبقة الأولى من مقدمي الألوف بالشام وحلب وطرابلس إذا ولي أحد منهم نظر وقف أو نحو ذلك أما غير هذه الممالك الثلاث فقد تقدم أنه ليس في شيء منها تقدمة ألف ويقال فيه عندهم المقر الشريف العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي العوني الغياثي الزعيمي الظهيري المخدومي الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين ناصر الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين عون الأمة كهف الملة ظهير الملوك والسلاطين فلان الفلاني أعز الله تعالى أنصاره
المرتبة الثانية المقر الكريم وبذلك يكتب للطبقة الثانية من مقدمي الألوف ويقال فيه المقر الكريم العالي المولوي بنحو الألقاب المتقدمة
المرتبة الثالثة المقر العالي وبه يكتب للطبقة الثالثة من مقدمي الألوف ويقال فيه المقر العالي المولوي بنحو الألقاب المتقدمة أيضا كما يكتب لنقيب الأشراف بحلب وهي المقر العالي الأميري الكبيري النقيبي الحسيبي النسيبي العريقي الأصيلي الفاضلي العلامي العارفي الحجي القدوي الناسكي الزاهدي العابدي الفلاني جلال الإسلام والمسلمين جمال الفضلاء البارعين فخر الأمراء الحاكمين زين العترة الطاهرة شرف الأسرة الفاخرة حجة العصابة الهاشمية قدوة الطائفة العلوية نخبة الفرقة الناجية الحسنية شرف أولي المراتب نقيب ذوي المناقب ملاذ الطلاب الداعين بركة الملوك والسلاطين فلان أسبغ الله عليه ظلاله
المرتبة الرابعة الجناب الكريم وبه يكتب للأمراء الطبلخاناه ويقال
فيه الجناب الكريم العالي المولوي الأميري الكبيري العضدي النصيري المجاهدي المؤيدي الذخري الظهيري الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين ظهير الملوك والسلاطين فلان أعز الله تعالى نصرته
المرتبة الخامسة الجناب العالي وبه يكتب لأمراء العشرينات ويقال فيه الجناب العالي الأميري الكبيري الذخري النصيري المجاهدي المؤيدي الأوحدي الأكملي الظهيري الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين ظهير الملوك والسلاطين فلان أدام الله تعالى نعمته
المرتبة السادسة المجلس العالي وبه يكتب لأمراء العشرات ويقال فيه المجلس العالي الأميري الكبيري الأجلي المجاهدي العضدي النصيري الهمامي الأوحدي الذخري الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين عضد الملوك والسلاطين فلان أدام الله تعالى رفعته
المرتبة السابعة المجلس السامي بالياء وبه يكتب لمقدمي الحلقة وأعيان جند الحلقة ويقال فيه المجلس السامي الأميري الأجلي الكبيري المجاهدي الأعزي الأخصي الأكملي الأوحدي الفلاني مجد الأمراء زين الأكابر ذخر المجاهدين فلان أدام الله توفيقه
المرتبة الثامنة المجلس السامي بغير ياء وبه يكتب للطبقة الثانية من جند الحلقة ويقال فيه المجلس السامي الأمير الأجل الكبير الغازي المجاهد المرتضى المختار فلان الدين مجد الإسلام بهاء الأنام زين الأمراء فخر المجاهدين عمدة الملوك والسلاطين فلان أعزه الله تعالى
المرتبة التاسعة مجلس الأمير وبه يكتب للطبقة الثالثة من جند الحلقة ويقال فيه مجلس الأمير الكبير بنحو ألقاب السامي بغير ياء
المرتبة العاشرة الأمير وبه يكتب لجند الأمراء ونحوهم ويقال فيه الأمير الأجل
الصنف الثاني من أرباب الولايات بالممالك الشامية أرباب الوظائف
الديوانية وفيهم مراتبالمرتبة الأولى المقر الشريف وبه يكتب لكاتب السر بالشام وصاحب ديوان الرسائل بحلب ومن في معناهما
وهذه ألقاب كتب بها لكاتب السر بدمشق بولاية مشيخة الشيوخ وبولغ فيها جد المبالغة إلا أنها ليست حسنة التأليف ولا رائقة الترتيب وهي المقر الشريف العالي المولوي القاضوي الكبيري العالمي العاملي العلامي الإمامي الفريدي المفيدي القدوي الحجي الأجلي الحبري المحققي المدققي الزاهدي العارفي الخاشعي الناسكي المسلكي العابدي المرشدي الرباني الورعي الممهدي المشيدي المشيري السفيري اليميني الملاذي الشيخي الفلاني جلال الإسلام والمسلمين سيد الأكابر والرؤساء في العالمين عون الأمة صلاح الملة جمال المملكة نظام الدولة عز الملك لسان الممالك زين الأولياء مظهر أنباء الشريعة وناصرها مؤيد الحق والمعين على إظهاره قامع البدع ومخفي أهلها رحلة الحفاظ علم المفسرين حجة الطالبين سيف المناظرين قدوة العباد والزهاد ملجأ الصلحاء والعارفين حسنة الأيام فرد الزمان غرة وجه الأوان
شيخ المشايخ مفيد كل غاد ورائح موصل السالكين مربي الأتقياء والمريدين كنز السالكين والمرشدين ممهد الدول مشيد الممالك مجمل الأمصار مدبر أمور سلطانه في الليل والنهار مجهد نفسه في رضا مولاه معين الخلائق على حقوقهم مذل حزب الشيطان ملك البلغاء والمتكلمين خلاصة سلف القوم المباركين بركة الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين فلان الفلاني أسبغ الله تعالى ظلاله
المرتبة الثانية المقر الكريم وبه يكتب للطبقة الثانية من أرباب الوظائف الديوانية ويقال فيه المقر الكريم العالي المولوي القاضوي بنحو الألقاب السابقة مع المقر الشريف
المرتبة الثالثة الجناب الكريم وبه يكتب للطبقة الثالثة من أرباب الوظائف الديوانية وهذه ألقاب كتب بها لبعض الكتاب بكتابة الإنشاء والجيش بحلب وهي الجناب الكريم العالي المولوي القضائي الكبيري العالمي الفاضلي البارعي الكاملي الماجدي الأوحدي الأثيري الأثيلي الأصيلي القوامي النظامي الفلاني ضياء الإسلام والمسلمين أوحد الفضلاء في العالمين خالصة الملوك والسلاطين فلان ضاعف الله تعالى نعمته
المرتبة الرابعة الجناب العالي وبه يكتب لكتاب الدست ونحوهم وهذه ألقاب كتب بها لبعض كتاب الدست بالشأم وهي الجناب العالي القضائي الكبيري العالمي الفاضلي الأكملي البارعي الأوحدي القوامي النظامي المفوهي الرئيسي الماجدي الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الرؤساء في العالمين أوحد الفضلاء الماجدين قدوة البلغاء جمال الكتاب زين المنتشئين خالصة الملوك والسلاطين فلان أدام الله تعالى نعمته
المرتبة الخامسة المجلس العالي وهذه ألقاب كتب بها لكاتب درج بالشام جليل القدر وهي المجلس العالي القضائي الأجلي الكبيري العالمي الفاضلي البارعي الكاملي الرئيسي الأوحدي الأثيري الأصيلي العريقي الفلاني مجد الإسلام شرف الرؤساء في الأنام حجة البلغاء قدوة الفضلاء أوحد الأمناء زين الكتاب رضي الدولة صفوة الملوك والسلاطين فلان أدام الله علوه
المرتبة السادسة المجلس السامي بالياء وهذه ألقاب كتب بها لبعض كتاب دمشق بنظر الرباع وهي المجلس السامي القضائي الأجلي الكبيري الرئيسي الأوحدي الأكملي الماجدي الأثيري الأثيلي الأصيلي الفلاني مجد الإسلام شرف الرؤساء أوحد الفضلاء صفوة الملوك والسلاطين أدام الله تعالى علوه
المرتبة السابعة المجلس السامي بغير ياء وهذه ألقاب كتب بها لكتاب درج بالشام وهي المجلس السامي القاضي الأجل الكبير الفاضل الأوحد الأثير الرئيس البليغ الأصيل فلان الدين مجد الإسلام بهاء الأنام شرف الرؤساء أوحد الفضلاء زين الأعيان فخر الصدور نجل الأكابر سليل العلماء صفوة الملوك والسلاطين فلان أدام الله تعالى رفعته
المرتبة الثامنة مجلس القاضي وهي مجلس القاضي الأجل
الكبير والباقي من نسبة ألقاب السامي بغير ياء
المرتبة التاسعة القاضي ويقال فيها القاضي الأجل وربما زيد على ذلك قليلا كما تقدم في السلطانيات
الصنف الثالث من أرباب الولايات بالممالك الشامية أرباب الوظائف الدينية
وفيه مراتبالمرتبة الأولى المقر الشريف وبذلك يكتب لقضاة القضاة ومن في معناهم
وهذه ألقاب كتب بها لقاضي القضاة المالكي بدمشق بتصدير وهي المقر الشريف العالي المولوي القضائي الكبيري الإمامي العالمي العلامي الفريدي المفيدي الخاشعي الناسكي الرحلي القدوي الملاذي العابدي المحققي المدققي المحسني الحاكمي الفلاني جلال الإسلام والمسلمين سيد العلماء في العالمين قدوة البارعين سيد المناظرين لسان المتكلمين ملاذ الطالبين كنز المتفقهين إمام الأئمة حجة الأمة ناصر الشريعة فرد الزمان أوحد الوقت والأوان رحلة القاصدين حكم الملوك والسلاطين فلان أسبغ الله ظلاله
المرتبة الثانية المقر الكريم وبه يكتب لمن دونه من هذه الرتبة
وهذه ألقاب كتب بها لقاضي القضاة بحلب بوظيفة دينية وهي المقر الكريم العالي المولوي القاضوي الكبيري العالمي العادلي
الأصيلي العريقي القوامي النظامي الإمامي العلامي القدوي المفيدي الشيخي الركني الصاحبي الحاكمي المحسني الفلاني فلان الإسلام والمسلمين شرف الفضلاء في العالمين قدوة العلماء العاملين لسان المتكلمين برهان المناظرين صدر المدرسين رحلة الطالبين بقية السلف الكرام الدارجين بركة الملوك والسلاطين خالصة أمير المؤمنين فلان أعز الله تعالى أحكامه
المرتبة الثالثة الجناب الكريم وهذه ألقاب كتب بها لبعض المشايخ بتدريس بالشام وهي الجناب الكريم العالي المولوي القضائي الكبيري العالمي الفاضلي المفيدي الفريدي المحققي المدققي الأوحدي الأكملي الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف العلماء في العالمين جمال الفضلاء المدرسين خالصة الملوك والسلاطين فلان أسبغ الله تعالى ظله
المرتبة الرابعة الجناب العالي وهذه ألقاب من ذلك كتب بها لقاض من قضاة العسكر بالشام وهي الجناب العالي القضائي الكبيري العالمي الفاضلي الرئيسي الأكملي الإمامي العلامي المفيدي المحققي الفريدي البارعي المدققي الأوحدي القدوي الحبري الحافظي الأصيلي الأثيري الناسكي الورعي العلامي مجد الإسلام والمسلمين شرف العلماء العاملين زين الحكام في العالمين حجة المذهب إمام البلغاء مفتي المسلمين مفيد الطالبين قطب الزهاد ملاذ
العباد خالصة الملوك والسلاطين فلان أدام الله تعالى نعمته
المرتبة الخامسة المجلس العالي وهي المجلس العالي القضائي الأجلي الكبيري العالمي الفاضلي الكاملي الرئيسي الأوحدي الأثيري الأثيلي الأصيلي العريقي الفلاني مجد الإسلام شرف الرؤساء في الأنام حجة الفضلاء صدر المدرسين مرتضى الملوك والسلاطين فلان أدام الله تعالى علوه
المرتبة السادسة المجلس السامي بالياء وهي المجلس السامي القضائي العالمي الفاضلي الكاملي الأوحدي الأصيلي العريقي المحققي الفلاني مجد الإسلام والمسلمين أوحد الفضلاء في العالمين صدر المدرسين أوحد المفيدين مرتضى الملوك والسلاطين فلان أدام الله سعادته
المرتبة السابعة المجلس السامي بغير ياء وهي المجلس السامي القاضي الأجل الكبير الأوحد المرتضى الأكمل فلان الدين مجد الإسلام بهاء الأنام زين الفضلاء أوحد العلماء رضي الملوك والسلاطين فلان أدام الله عزه
المرتبة الثامنة مجلس القاضي وهي مجلس القاضي الأجل بنحو الألقاب المذكورة في السامي بغير ياء
المرتبة التاسعة القاضي وهي القاضي الأجل على ما تقدم
الصنف الرابع من أرباب الولايات بالممالك الشامية مشايخ الصوفية
ولم أقف على شيء من ألقاب ما كتب من هذا الباب سوى ما كتب في مشيخة الشيوخ بالشام لكاتب السر وقد تقدم ذكره في أول الألقاب الديوانية هناك وألقاب الجناب العالي فيما كتب به في مشيخة الزاوية الأمينية بدمشق وهي الجناب العالي الشيخي العالمي العاملي العلامي الأوحدي القدوي العابدي الزاهدي الورعي الناسكي الخاشعي المسلكي المرقي الرباني الأصيلي الفلاني مجد الإسلام حسنة الأيام قدوة الزهاد ملاذ العباد جمال الورعين مربي المريدين أوحد السالكين خلف الأولياء بركة السلاطين فلان أعاد الله تعالى من بركتهومن هذا يؤخذ ماحدث كتابته مما هو فوق ذلك أو دونه
الصنف الخامس من أرباب الولايات بالممالك الشامية أمراء العربان
ولم أقف على شيء مما كتب به من ألقابهم سوى ألقاب السامي بغير ياء لبعض أمراء بني مهدي وهي المجلس السامي الأمير الأجل الكبير المجاهد الأصيل العريق الأوحد فلان الدين مجد الإسلام بهاء الأنام شرف العربان زين القبائل عمدة الملوك والسلاطين فلان أعزه الله تعالى وعليه يقاس ما عساه يكتب من هذا النمط
الصنف السادس من أرباب الولايات بالممالك الشامية أرباب الوظائف العادية
كرآسة الطب ونحوهاوألقاب رئيس الطب المجلس العالي القضائي على نحو ما تقدم في الديوانيات
الصنف السابع من أرباب الولايات بالنيابات الشامية زعماء أهل الذمة
وهي رآسة اليهود وبطركية النصارىأما رئيس اليهود فالذي رأيته لهم من ألقابه في عهد قديم كتبه ابن الزكي في الدولة الأيوبية قال في ألقابه الرئيس الأوحد الأجل الأعز الأخص الكبير شرف الداووديين فلان
أما بطرك النصارى فرأيت لهم فيه طريقتين
الطريقة الأولى البطرك المحتشم المبجل فلان العالم بأمور دينه المعلم أهل ملته ذخر الملة المسيحية كبير الطائفة العيسوية المشكور بعقله عند الملوك والسلاطين وفقه الله تعالى
الطريقة الثانية مجلس القسيس الجليل الروحاني الخطير المتبتل ابن المطران الناصب الخاشع المبجل قدوة دين النصرانية فخر الملة العيسوية عماد بني المعمودية جمال الطائفة الفلانية صفوة الملوك والسلاطين فلان أدام الله تعالى بهجته
المقصد الخامس في بيان مقادير قطع الورق المستعمل فيما يكتب عن نواب
الممالك الشاميةقد تقدم في المقالة الثالثة في الكلام على مقادير قطع الورق أن الورق المستعمل في دواوين الممالك الشامية على ثلاثة مقادير قطع الطلحية الشامية الكاملة وهو في عرض الطلحية المعبر عنها بالفرخة وطولها وقطع نصف الحموي وهو في نصف عرض الطلحية التي في قطع الحموي وطولها وربما نقصت في الطول وقطع العادة وهو على نحو من قطع العادة البلدي وقد تقدم ذكره
فما كان منها في طول الشامي الكامل كتب بقلم الثلث وما كان في قطع نصف الحموي كتب بقلم التوقيعات وما كان في قطع العادة كتب بقلم الرقاع ثم ما كان في قطع الطلحية افتتح ما يكتب فيه بالحمد لله وما كان في قطع نصف الحموي افتتح ما يكتب فيه بأما بعد حمد الله وما كان في قطع العادة افتتح ما يكتب فيه برسم بالأمر الشريف سواء في ذلك علت الألقاب أو انحطت حتى إنه ربما كتب بالمقر في قطع العادة اعتبارا بحال الوظيفة
المقصد السادس في بيان ما يكتب في طرة التواقيع
أعلم أن النواب بالممالك الشامية عادتهم في العلامة كتابة اسم النائب كما أن السلطان فيما يكتب عنه من الولاية يكتب في العلامة اسمه وحينئذ فيحتاج الكاتب إلى أن يكتب في أعلى الدرج في الوسط ما صورته الاسم الكريم ثم يكتب من أول عرض الدرج ما صورته توقيع كريم باستقرار المقر الشريف أو الكريم أو الجناب الكريم أو العالي أو المجلس العالي أو السامي أو مجلس الأمير أو القاضي أو الشيخ ونحو ذلك في كذا وكذا إلى آخره فإن كان فيه معلوم كتب آخرا بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور أو الشاهد به كتاب الوقف ونحو ذلك ثم يكتب حسب ما رسم به على ما شرح فيه ولفظ حسب ما رسم به مما جرت به عادة كتابهم بخلاف ما يكتب به من الأبواب السلطانية على ما تقدم ذكره
وهذه طرة توقيع بنقابة الأشراف بحلب المحروسة كتب به للشريف غياث الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم المعروف بابن الممدوح وهي
توقيع كريم باستقرار المقر العالي الأميري الكبيري الشريفي النقيبي الحسيبي الأصيلي العزي بركة الملوك والسلاطين أحمد ابن المقر العالي الشريفي النقيبي الشهابي أحمد الحسيني أسبغ الله ظلالهما في وظيفة نقابة السادة الأشراف ونظر أوقافها والحكم في طوائفهم على اختلافهم أجمعين عوضا عن والده المشار إليه برضاه على عادته في ذلك ومستقر قاعدته وتعاليمه المستمرة إلى آخر وقت حسب ما رسم به بمقتضى الخط الكريم على ما شرح فيه
وهذه نسخة طرة توقيع بكشف الصفقة القبلية بالشام مما كتب به لغرس الدين خليل الناصري وهي
توقيع كريم بأن يستقر الجناب الكريم العالي المولوي الأميري الكبيري الغرسي ظهير الملوك والسلاطين خليل الناصري أدام الله تعالى
نعمته في كشف البلاد القبلية المحروسة بالشام المحروس على عادة من تقدمه في ذلك ومستقر قاعدته حسب ما رسم به على ما شرح فيه
وهذه نسخة طرة توقيع بالمهمندارية بالشام المحروس كتب به لغرس الدين خليل الطناحي وهي
توقيع كريم باستقرار الجناب العالي الأميري الكبيري الغرسي عضد الملوك والسلاطين خليل الطناحي أدام الله تعالى نعمته في وظيفة المهمندارية الثانية بالشام بالمحروس عوضا عن حسام الدين حسن بن صاروجا بحكم شغورها عنه لما اتفق من الغضب الشريف عليه واعتقاله بالقلعة المنصورة بحلب المحروسة على أجمل عادة وأكمل قاعدة حسب ما رسم به على ما شرح فيه
وهذه نسخة طرة توقيع بتصدير الجامع الأموي بالشام كتب به للقاضي ناصر الدين بن أبي الطيب كاتب السر بالشام وهي
توقيع كريم بأن يستقر المقر الشريف الناصري محمد بن أبي الطيب العمري العثماني الشافعي صاحب ديوان الإنشاء الشريف بالمملكة الشريفة الشامية المحروسة عظم الله تعالى شأنه في وظيفة التصدير بالجامع الأموي المعمور بذكر الله تعالى عوضا عن القاضي صدر الدين عبد الرحمن الكفري الشافعي بحكم وفاته إلى رحمة الله تعالى بما له من المعلوم الذي
يشهد به ديوان الوقف المبرور حسب ما رسم به على ما شرح فيه
وهذه نسخة طرة توقيع بإعادة مشيخة الشيوخ بالشام إلى القاضي ناصر الدين بن أبي الطيب المذكور أعلاه وهي
توقيع كريم بأن تفوض إلى المقر الشريف العالي المولوي القاضوي الناصري محمد بن أبي الطيب العمري العثماني الشافعي صاحب ديوان الإنشاء الشريف بالمملكة الشريفة الشامية المحروسة أعاد الله تعالى من بركاته وأسبغ ظلاله مشيخة الشيوخ بالشام المحروس وظيفته التي خرجت عنه المرسوم الآن إعادتها إليه عوضا عمن هي بيده بمعلومه في النظر والمشيخة الشاهد بهما ديوان الوقف المبرور إلى آخر وقت على أجمل العوائد وأكمل القواعد حسب ما رسم به على ما شرح فيه
وهذه طرة توقيع بالحمل على النزول والتقرير الشرعي بالزاوية الأمينية بالقدس كتب به للشيخ برهان الدين الموصلي وهي
توقيع كريم بأن يحمل الجناب العالي الشيخي البرهاني إبراهيم ابن سيدنا المرحوم الشيخ القطب تقي الدين أبي بكر الموصلي رضي الله عنه وأعاد من بركاتهما في وظيفتي النظر والمشيخة بالزاوية الأمينية بالقدس الشريف على حكم النزول الشرعي واستمرار ذلك بمقتضاهما ومنع المنازع بغير حكم الشرع الشريف حسب ما رسم به على ما شرح فيه
وهذه طرة مرسوم بربع تقدمة إمرة بني مهدي كتب به لعيسى بن حناس وهي
مرسوم كريم بأن يستقر المجلس السامي الأمير شرف الدين
عيسى بن حناس أعزه الله تعالى في ربع تقدمة بني مهدي على عادة من تقدمه حملا على ما بيده من التوقيع الكريم على ما شرح فيه
وهذه طرة توقيع ببطركية النصارى الملكية بالشام كتب به لداود الخوري وهي
توقيع كريم بأن يستقر البطريرك المحتشم المبجل داود الخوري المشكور بعقله لدى الملوك والسلاطين وفقه الله تعالى بطريرك الملكية بالمملكة الشريفة الشامية المحروسة حسب ما اختاره أهل ملته المقيمون بالشام المحروس ورغبوا فيه وكتبوا خطوطهم به وسألونا تقريره دون غيره حسب ما رسم به على ما شرح فيه
المقصد السابع في بيان كيفية ترتيب هذه التواقيع
قد جرت عادة كتاب هذه النيابات أن تكتب الطرة بأعلى الدرج كما تقدم ثم يترك وصلان بياضا بما في ذلك من وصل الطرة ثم تكتب البسملة في أول الوصل الثالث ثم يكتب تحت البسملة على سمت الجلالة الملكي الفلاني ثم يخلى بيت العلامة نحو ستة أصابع معترضة ثم يكتب السطر الثاني ويوافي كتابة السطر ويكون ما بينهما بقدر أصبعين والباقي على نحو ما تقدم في السلطانيات
الطرف الثاني في نسخ التواقيع المكتتبة عن نواب السلطنة بالممالك الشامية
قد تقدم في المقالة الثانية أن بالبلاد الشامية سبع نيابات دمشق وحلب وطرابلس وحماة وصفد وغزة إن كانت نيابة والكرك وأن أعلاها دمشق ثم حلب ثم طرابلس وفي معنى طرابلس حماة وصفدوقد اقتصرت في نسخ التواقيع على ما يكتب في ثلاث نيابات تقديما لها على ما عداها
النيابة الأولى الشام والتواقيع التي تكتب بها على خمسة أصناف
الصنف الأول ما يكتب بوظائف أرباب السيوف وهو على ضربين
الضرب الأول ما هو بحاضرة دمشق وهو على مراتب
المرتبة الأولى ما يفتتح بالحمد لله وفيها وظائف
وهذه نسخ تواقيع من ذلكنسخة توقيع بولاية دمشق
الحمد لله الذي جعل هذه الأيام الزاهرة تنقل أولياء آلائه الشريفة إلى أعلى المراتب وتجزل لهم من مننه الجمة المواهب وتضاعف لهم النعمة بكرمها الذي إذا أنهمل كان كالغيث الساكب
نحمده على أن جعل نظرنا يلمح أهل الهمم ويراقب ونشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له شهادة يبلغ قائلها ببركتها المنى والمآرب وتهون عليه كل المصاعب ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أظهر الله ببعثته الحق في المشارق والمغارب وأنار به ظلم الغياهب صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين شيدوا منار الإسلام وأقاموه بالسيوف القواضب وسلم تسلميا كثيرا
وبعد فإن المناصب بمتوليها والمعالي بمعليها والعقود ليست بمن تحليه بل بمن يحليها وأطيب البقاع جنابا ما طاب أرجا وثمارا وفجر خلاله كل نهر يروع حصاه حالية العذارى ورنحت معاطف غصونه سلاف النسيم فتراها سكارى وتمتد ظلال الغصون فيخال أنها على وجنات الأنهار عذارا
ولما كانت دمشق المحروسة لها هذه الصفات وعلى ضفاتها تهب نسمات هذه السمات لم يتصف غيرها بهذه الصفة ولا اتفق أولو الألباب إلا على محاسنها المختلفة وكان الجناب الكريم هو من أعيان الدولة وأماثلهم ووجوه رؤسائهم وأفاضلهم وله في طاعتها استرسال الأمن من سوء مواطن المخاوف ووصل في ولائها القديم بالحديث والتالد بالطارف وتولى مهمات الخدم فأبان في جميعها عن مضاء عزمه وكان من حسن آثاره فيها ما شهر غفلها بوسمه فمن ناواه من أقرانه أربى عليه وزاد ومن باراه من أنظاره أنسى ذكره أو كاد
فلذلك رسم بالأمر الشريف أن يستقر في ولاية مدينة دمشق المحروسة
فليباشر هذه الولاية عاملا بتقوى الله تعالى التي أمر بها في محكم الكتاب حيث يقول ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب ) وليشمل كافة الرعايا بالحفظ والرعاية ويجزل حظهم من
الملاحظة والعناية وليساو في الحق بين ضعيفهم وقويهم وفقيرهم وغنيهم وليلزم أتباعه بحفظ الشوارع والحارات وحراستها في جميع الأزمنة والأوقات مع مواصلة التطواف كل ليلة بنفسه في أوفى عدة وأظهر عدة منتهيا في ذلك وفيما يجاريه إلى ما يشهد باجتهاده ويعرب عن سداده ويعلم منه صواب قصده واعتماده وبذل مناصحته في إصداره وإيراده والله تعالى يعينه على ما ولاه ويحفظ عليه ما نوله وأولاه بمنه وكرمه
وهذه نسخة توقيع بنظر الجامع الأموي لصاحب سيف كتب به في الدولة الظاهرية برقوق لناصر الدين محمد ابن الأمير جمال الدين عبد الله ابن الحاجب عند مصاهرته الأمير بطا الدوادار وهي
الحمد لله الذي قدم أعظم الأمراء ليعم مواطن الذكر بنظره السعيد وأقام لتعظيم بيوت أذن الله أن ترفع أميرا في الاكتساب للأجور أسرع من البريد وأطرب المسامع بسيرته في أحسن معبد جليت فيه عروس مهرها كتاب الله تعالى والنور من زيتونة لا شرقية ولا غربية ومرئي عليه من مكان بعيد
نحمده على أن أحل ناصر الدين بجماله الأسنى أشرف المراتب وبوأه المحل الرفيع الذي بلغ به الأمة المحمدية المآرب وسار خبر سيرته في المشارق والمغارب وبلغ بمشارفة نظره السعيد الشاهد والغائب حمدا نرفعه على النسر الطائر ونتمثل بقول القائل كم ترك الأول للآخر ونشهد أن لا إله إلا
إلا الله وحده لا شريك له الذي خلق العباد لعبادته وفضل بعض المساجد على بعض لما سبق في علمه من إرادته ونشهد أن سيدنا محمدا خير الخلائق عبده ورسوله الذي سن الجمعة والجماعة وعمر المساجد بالركوع والسجود إلى قيام الساعة صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الذين اتبعوه في قيام الليل إلا قليلا ولازموا المساجد بكرة وأصيلا وحضوا على الجماعة إلى يوم تكون الجبال فيه كثيبا مهيلا وسلم تسليما كثيرا
وبعد فلما كان جامع دمشق المحروسة رابع المساجد وموطن كل راكع وساجد وتقصده الأمم من الأقطار ولم يخل من العبادة في الليل والنهار ورواتب حكام الشريعة عليه والعلماء الأعلام تبث فيه العلوم وتأوي إليه وغالب المساجد إلى سماط وقفه مضافة وخطابته تضاهي مرتبة الخلافة وهو أجل عجائب الدنيا التي وضعت على غير مثال وبه يفتخر أهل الهدى على أهل الضلال تعين أن يكون الناظر في أمره من عظم قدرا وطاب ذكرا وفتح لوقفه باب الزيادة على مضي الساعات وجمع أمواله بعد الشتات ووصل الحقوق لأربابها الذين كأنهم جراد منتشر ولم يضع من ماله مثقال حبة ومن قال إنه صدقة فيومه يوم عسر وعم جميع المساجد المضافة إليه بالفرش والتنوير وبدأ الأئمة والمؤذنين والخدمة بعد العمارة على الكبير والصغير
وكان الجناب الكريم ضاعف الله تعالى نعمته هو الذي يقوم في هذا الأمر أحسن مقام ويصلح له في مصلحته الكلام
رسم بالأمر العالي المولوي السلطاني الملكي الظاهري السيفي لا زال هذا الدين القيم قائما بمحمده والمساجد المعمورة معمورة بإكرام مسجده أن يستقر الجناب الناصري المشار إليه في النظر
السعيد على الجامع الأموي المعمور بذكر الله تعالى وأوقافه المبرورة على أجمل العوائد وأكمل القواعد بالمعلوم الشاهد به ديوان الوقف المبرور إلى آخر وقت
فليباشر ذلك لما يعرف من فعاله الحسنة وخبرته التي نطقت بها من المحابر الأفواه ومن الأقلام الألسنة ولما حازه من فضيلتي السيف والقلم وأعماله التي بدت للمهتدي بها كنور لا نار على علم وليعمر ما دثر من الأوقاف وليوصل الحقوق إلى أربابها وليدفع الأموال إلى من هو أولى بها ويكف كف الظلم وليبلغ المستحق المآرب وليحجب الخونة عن التوصل إلى مثقال ذرة بجده فهو كجده حاجب وليبدأ بالعمارة والفرش والتنوير في جميع الأوقات وأرباب الصلاة والصلات والوصايا كثيرة وهو بها أدرى وتقوى الله عز و جل ملاكها ولا زال يفيدها كما يعلم الشجاعة زيدا وعمرا والله تعالى يجعله أبدا للدين ناصرا ويصلح عمله أولا وآخرا والاعتماد في معناه على الخط الكريم أعلاه
المرتبة الثانية ما يفتتح بأما بعد حمد الله وفيها وظائف
وهذه نسخة توقيع بتولية الزكاة من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة وهيأما بعد حمد الله مسعد من زكاة عمله ووفاه وعد الخير أمله ومصعد من وفت في تدبير الوظائف تفاصيل أمره ووفرت في تثمير الأموال جمله والصلاة
والسلام على سيدنا محمد عبده ورسوله الذي أمرنا بالصلاة والزكاة وشفى جانب الدين القيم من الشكاة وعلى آله وصحبه الذين سار على نهجه القويم سائرهم وتزكى وإنما يتزكى لنفسه منجدهم وغائرهم فإن أحق الوظائف أن يندب لحمايتها الحسام ويترتب لكفايتها من تحلت بالمحامد شيمه الجسام وظيفة الزكاة التي وصلت سبب مكانها بإمكانها وبنيت شريعة الإسلام على أحد أركانها ومدحت المملكة بمعالي البر والإحسان المنظمة من ديوانها
ولما كان فلان ممن زكت صفاته وسمت بالجميل سماته ووضحت كفاءته ودرايته وصلحت حمايته الحسامية ووقايته وكان اليمن في قبضة مضائه وتجريده وانتضائه وكان نفوذ أمره واقفا عند حده واقعا على وفق ارتضائه تعين أن يوصل سبب الشد بأسبابه ويرجع إليه في الزكاة المستحق نصابها حتى يقال رجع الحق بالحسام إلى نصابه
فلذلك رسم أن يرتب علما بأنه الكافي الذي إذا شد سد وإذا قصر رأيه على الصنع الجميل مد والخبير الذي إذا جمع مالا وعدده كان مشكورا وإذا فرقه في مستحقيه كان خلاف الغير بالخير مذكورا والناهض الذي ما تبرم بمضايق المهمات ولا شكاها والمهيب الذي قد أمن من سار بالبضاعة إليه وقد أفلح من زكاها
فليستقر في هذه الجهة استقرارا يزيد مكانه وإمكانه ويثمر عمله وديوانه وليوصل كل ذي حق إلى حقه فإنما بسطت أيدي ولاة الأمور ليبسط عدله متوليها وإحسانه وتقوى الله تعالى هي العمدة فليحقق باعتمادها فيه ظنون الراجين وليستعن بها على رضا المستنهضين له وعلى رضا المحتاجين والله تعالى يلهمه الخير في ذوي الصادر والوارد حتى يكونوا إلى خير
لاجين خير لاجين
وهذه نسخة توقيع بشد الحوطات بدمشق كتب به لشرف الدين يحيى بن العفيف بإجرائه على عادته وحمله على ما بيده من التوقيع الشريف وهي
أما بعد حمد الله الذي سهل الخيرات بأسبابها وأقر في الوظائف السنية كفاة أربابها وكمل أدوات من حنكته التجارب في المباشرات حتى دخل المناصب العلية من أبوابها والصلاة والسلام الأتمين الأكملين على سيدنا محمد الذي جاء برشد الشريعة وصوابها وعرف بحسن الصنيعة وثوابها وعلى آله وصحبه وعترته الطاهرين فإن أولى من لفتنا إليه جيد الإحسان وألقينا إليه طرف التكريم فلبغ الأماني والأمان ولحظناه بعين عنايتنا فنال من فضلنا ما أخجل الغيث الهتان ومنحناه من برنا ما شرح له صدرا واستصحبنا له ما ألفه من كرمنا وجعلنا له بعد عسر يسرا وأيقظنا حظه وقد كاد أن يغفى وأطلعنا كوكب سعده بعد أن كاد يخفى من ألفت مهماتنا منه الهمم العلية وسلك بين أيدينا المسالك المرضية وأتمن على أموال الحوطات الديوانية فنمت بحسن أمانته وشكرت الدولة جميل تدبيره ودرايته
وكان المجلس العالي فلان أدام الله عزه هو الذي أخبر عنه الوصف بما أثبته العيان وأظهر الاختبار منه حسن السيرة والسريرة والسجايا الحسان
فلذلك رسم بالأمر العالي أعلاه الله تعالى وضاعف إحسانه على أهل الهمم ووالى أن يستمر المشار إليه في شد الحوطات الديوانية بدمشق المحروسة على عادته ومستقر قاعدته وحمله على ما بيده من التوقيع الشريف المستمر حكمه
فليباشر هذه الوظيفة على أجمل عوائده وليعد إليها على أكمل قواعده إلا أن التذكرة بتقوى الله تعالى لا بد من اقتباس ضياها والتنبيه على سلوك سبيل هداها فلتكن قاعدة أمله وخاتمة عمله والاعتماد في معناه على الخط الكريم أعلاه إن شاء الله تعالى
المرتبة الثالثة من تواقيع وظائف أرباب السيوف بدمشق ما يفتتح برسم
بالأمر العالي وفيه وظائفوهذه نسخ تواقيع من ذلك
نسخة توقيع بشد مراكز البريد من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة كتب بها لمن لقبه بدر الدين في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة وهي
رسم بالأمر العالي لا زالت البرد سائرة بأوامر عدله المديد وهوامر جوده المجيد وسوائر الأخبار عن بأسه ونداه المروي سندهما عن ثابت ويزيد ولا برحت جوامع عطاياه وقضاياه هذه فاتحة لمصالح الآمال باب الزيادة وهذه فاتحة لمصالح الإسلام باب البريد أن يستقر المجلس على عادته الأولى وقاعدته التي ما برحت قدم مساعيه فيها المقدمة ويد أمانته الطولى علما بكفاءته التي شهدت بها حتى الخيل الماثلات خرسا فأفصحت المواصلات سعيا فأنجحت الموريات قدحا إلا أن ألسنة الأحوال في شهادتها ما
قدحت المغيرات على السرى صبحا ما دار عليها شفق العشي فاغتبقت حتى دار عليها شفق الفجر فاصطبحت ومراكز الطرق التي حمتها مهابته فكأنها مراكز الأسل ومراكض السبل كل واد منها وما حمل وكل حدب وما نسل واعتمادا على سداد عزمه الذي وافق خبره الخبر ورشاد سعيه الذي كل أوقاته من وجوه الإجادة ووجوه الجياد غرر وركونا إلى أنه الكافي فيما يعتمده ويراه الساري في المهمات لا يمل وهيهات أن يمل البدر من سراه كم أعان الإسلام على ما أتخذه من قوة ومن رباط الخيل وكم جاد على الجياد على الغيث حتى سارت بين يديه كالسيل وكم حفظ عليها قوتها وقوتها فبعد ما كانت تموت بالعدد صارت تعيش بالكيل
فليباشر ما عول فيه عليه وأعيد من حقه وإن كان خرج عنه إليه وليطلق يد أمره ونهيه بمايسره أن يقدمه بين يديه حريصا على أن تنطق هذه الدواب الخرس غدا بثنائه مجريا لقوائمها وللإقامة بها علىعادة إجرائه متخيرا لها كل حسن الإمرة والسياسة عند رحيلها وقدومها ومن إذا عرضت عليه بالعشي الصافنات الجياد طفق مسحا ولكن بإماطة الأذى عن جسومها موسعا عليها من المباني والأحوال كل مضيق آمرا بما يحتاج إليه نوعها البديع من صناعتي ترشيح وتطبيق مستأمنا من الأيدي من يرد عنها الأيادي الضائمة ومن يساوي بينها في الأقوات حتى لا تكون كما قال الأول خيل صيام وخيل غير صائمة متحريا في تكفيتها أجمل الطرق والطرائق مستجلبا صنوف العليق فلا تنقطع من بره العلائق والله تعالى يمده بعونه ورشده ويجعل عزمه سابقا إلى التوفيق سبق الجواد إذا استولى على أمده بمنه وكرمه
وهذه نسخة توقيع بنقابة النقباء من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة أيضا كتب بها لشهاب الدين بولاقي عوضا عن أبيه في سنة أربع وثمانمائة وهي
رسم بالأمر العالي لا زال بإنعامه يسفر عن وجه الأمل نقابة ويحفظ لكافي الخدمة أعقابه ويلوي باستمرار النعم أدوار الزمان وأحقابه ويطلع في آفاق دولته شهاب كل عزم تحمد عساكره المنصورة ارتقاءه وارتقابه أن يرتب المجلس السامي الأمير علما بأوصافه الحسنة وأوضاعه التي لا يحتاج الحكم بفضلها إلى إقامة بينة وكفاءته التي تنطق بها ألسنة الأحوال المؤمنة وقلوب العساكر المؤمنة وهمته التي إذا وقفت المواقف على الأعداء عرفته أصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وتصديقا لدلالة عزمه الواعد وتحقيقا لحماية شهابه الواقد وركونا إلى قيامه مقام أبيه رحمه الله في الخدمة حتى كأن لم يفقده من الجيش فاقد وأنه لدرجات الاستحقاق راقي وأنه العوض عن أب لاقى منيته وكل امريء لاقي المنية وابن لاقي وأنه كفء هذه المنزلة كما حكم الرأي واقتضى وكما شهد لغرته بغرر الفوائد وكيف لا وهو ابن النقيب المرتضى
فليتلق بشهابه المضيء هذا المطلع الأسنى وليقم في هذه الوظيفة على قدم الخدمة صورة ومعنى مقدما على النقباء تقديم إمامهم معلما لجند الإسلام معلوم مقامهم مالئا بإتقان معرفة الحلى سمع من استملاه محظيا
للجندي معينا له على حصول الخير حتى يشكره شكر من أطعمه وحلاه ناظما للمواكب عقد مجتمعها الثمين مصاحبا لها صحبة يثني بها عليه وحسبه أن يكون من أصحاب اليمين مرتبا لها أحسن ترتيب منقبا عن محاسن تجملها فإن اسم النقيب مشتق من التنقيب وليكاثر حملة السيوف فإنه حامل سيف وعصا وإنه بهذه مخلص حقوق من أطاع وبهذا موبق نفس من عصى وليحرص على أن يقوم بوعد الاجتهاد المنجز وعلى أن يكون سيف تحريض على جرحى الأعداء مجهز وعلى أن يحصل في مواطن الجهاد على الأجرين أجر المقاتل وأجر المجهز والله تعالى يحمد في الخير طرائقه ويؤيد عزمه الجيشي حتى تلهج بشكره ألسنة الأعلام الخافقة والاعتماد
وهذه نسخة توقيع بشد خزائن السلاح من إنشاء ابن نباتة أيضا وهي
رسم بالأمر الشريف لا زالت أسنة نجوم السعد من سلاحه وصواعقها من أعوان صفاحه وسماكها الرامح من أنصار رماحه ولا برح يعمل معادن الأرض حتى يفنى ذهبها وحديدهاعلى يدي بأسه وسماحه أن يرتب لأنه الناهض الذي تتزين الوظائف بسمته وباسمه وتتعين المصالح والمناجح بعزمه وحزمه والمسدد من آرائه سهاما والمجرد من اهتمامه كل ماضي الحد إذا كان بعض الاهتمام كهاما والوفي في شد الجهات قولا وعملا والملي بحمل السلاح واستعماله على رغم القائل أصبحت لا أحمل السلاح ولا والخبير بمحاسن الاقتراح والكافي ولا عجب إذا سلمت له ذوو الوظائف وألقت عليه السلاح ذو العزم الأشد والرأي الأسد والذكي الذي إذا تناول بعض الأسلحة وانتسبت شجاعته رأيت القوس في يد عطارد في بيت الأسد
فليباشر هذه الوظيفة المباركة بعزم أقطع من حسام وأمانة أقوم من ألف
وصيانة أحصن من لام معتبرا لأحوالها مقررا لمطالب مآلها من مالها موفرا من أسلحتها التي تتوفر بها من الخير سهامه منصفا لصناعها الذين يحمد عند استعمالهم صنيعه واهتمامه مكثرا لخزائنها من ذخائر العدد مجهزا لجيوش الإسلام من مادة عملها بأنفع مدد من قسي تقصي أهلها بقطع أعمار العدا وسيوف صقيلة إذا نادت ديار الناكثين أجابت الندا ودروع تموجت غدرانها إلا أنها في مهالك الحرب لا تغور ورماح اطردت كعوبها فكلها على عدو الإسلام كعب مدور إلى غير ذلك ممايدل على عزمه الحميد ويقضي للنعمة عليه بالمزيد والله تعالى يثقف عزمه ويوفر من السلاح والنجاح سهمه
وهذه نسخة توقيع بشد الجوالي من إنشاء ابن نباته أيضا وهي
رسم بالأمر الشريف لا زالت سعود أوامره واضحة الأدلة نافذة الحكم على كل ملة قائمة لخصب البلاد بالعدل مقام السحب المستهلة أن يرتب فلان في شد الجوالي بدمشق المحروسة لماظهر من نجابته وأشتهر من حزمه ومهابته وبدا من هممه العوالي وعزائمه التي تجلو صدأ الهم بالجوالي وإذا قيل لحاسده له ولأبيه إمرة الخيل قال والجوى لي وأنه الكافي الذي إذا استنهض كانت عزائمه شابة ونفحات ذكره الجميل هابة ونجل الهمام الذي أشهد علىكفاءته النهار وعلى تعبده الليل وأعد لمصالح الإسلام ما استطاع من قوة ومن رباط الخيل وأن مرباه جميل ومنشاه في منازل الخير دليل
فليباشر هذه الوظيفة المباركة بعزم يثمر مالها ويقرر على السداد أحوالها ويستخلص الحق من أهل الاعتقاد الباطل ويستخرج الوفر من أهل الجلد الماطل فلا نصراني إلا وهو يتضرع تحت الزرقاء من باسه ولا يهودي إلا وهو يشكو الصفراء في راسه ولا سامري إلا والنار الحمراء مطلة على أنفاسه حتى تكون أوصاف شده متلوة وعزائمه في الجوالي مجلوة وهممه جارية علىإيلافها ومألوفها مجزئة لأقلام الحساب والدراهم علىحروفها صحيحة الوزن غير منهوك آخذة الدينار من وازنه وهو كالمأخوذ منه مصكوك شدا تنعقد على اختياره الخناصر وكما أن للإسلام منه قوة فليكن للوظائف الدينية منه ناصر
الضرب الثاني ممن يكتب له عن نائب السلطنة بالشام من أرباب السيوف من هو
بأعمال دمشق ومواضعهم على ثلاث مراتب أيضاالمرتبة الأولى ما يفتتح بالحمد لله وفيها وظائف
وهذه نسخ تواقيع من ذلكنسخة توقيع بنيابة بعلبك كتب بها لركن الدين عمر بن الطحان وهي
الحمد لله الذي جمل بمحاسن زينه من استحق الصعود إلى أعلى المنازل وجعل نجم سعده بارتقائه إلى سماء المناصب طالعا غير آفل وصان بعقله الراجح أحصن المعاقل
نحمده على إحسانه الواصل وغيث جوده الذي هو على الدوام هاطل حمدا ينطق بمدح معدلته كل لسان قائل ويزيد خيره على كل عام قابل ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي ألحق جياد الأواخر بالأوائل
وجعل أجمل الأمراء يفوق البدور الكوامل ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي جعله لديه أعظم الوسائل وتلازم هو وجبريل في علو المنازل والتقدم في المحافل صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه سادات العشائر والقبائل والمجاهدين في سبيل الله بالبيض البواتر والسمر الذوابل وسلم تسليما كثيرا
وبعد فلما كانت بعلبك المحروسة من أعز بلاد الإسلام وأبهج مدن الشام تعين أن نعين لها حاكما دينا خبيرا أمينا أميرا شجاعا مهتابا بطلا برمحه وسيفه في صدور الأعداء ورقابهم طعانا ضرابا وكان الجناب الكريم فلان ضاعف الله تعالى نعمته وحرس من الغير مهجته من بيت كان على التقوى أساسه وعدت لدفع المعضلات أناسه واشتهرت همتهم فلا يرد لهم سهم ولا يطاق باسه طالما نفوا عن الدين الحنيفي خبث الكفر بعدما تمكنت أدناسه وشمروا عن ساعد الاجتهاد فمحي بسيوفهم ضلال الشرك وأرجاسه وهو أعزه الله تعالى ممن شجى بشجاعته حلوق الكتائب ووفى بعدله وحسن سياسته حقوق المناصب وقام في خدمة الدولة الشريفة أحسن قيام وهذبته بمرورها الليالي والأيام وتأهل لحلول الرتب العلية وتعين لارتقاء المراتب السنية فأردنا أن نختبره فيما نوليه ونخبر عزمه فيما نوليه
فلذلك رسم بالأمر العالي لا زال أمره مستمر الإحسان مجزلا لذوي الاستحقاق عوارف النعم الحسان أن يستقر الجناب الكريم المشار إليه ضاعف الله تعالى نعمته في نيابة السلطنة الشريفة ببعلبك المحروسة والبقاعين المعمورين على عادة من تقدمه في ذلك ومستقر قاعدته بالمعلوم الذي يشهد به الديوان المعمور إلى آخر وقت
فليباشر هذه النيابة الشريفة بخاطر منفسح حاضر وقلب منشرح على الخيرات مثابر وليتخذ الشرع الشريف إماما وليتوخ أوامره ونواهيه نقضا وإبراما وليقف عند حدوده المشروعة ولا يتعدها ومن يتعد حدود الله فيده من الإيمان منزوعة وليلن جانبه للرعية وليحملهم من العدل والإنصاف على المحجة الواضحة الجلية فإنهم الرعية الضعفاء الصالحون الذين أنعم الله عليهم بتفويض أمورهم إليه وليعرفهم قول النبي صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه اللهم من ولي من أمور أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ومن شق عليهم فاشقق عليه وليعمر البلاد وليقمع أهل الفساد وليمهد البقاع وليحيي موات الضياع وليقم على القلعة المنصورة الحرس ولا يغفل عن حفظها بمعرفته التي أكدت له من السعادة سببا والله تعالى يبلغه من إحساننا أربا وينجح له من فضلنا طلبا ويحرسه بسورتي فاطر وسبا والاعتماد في معناه على الخط الكريم أعلاه
وهذه نسخة توقيع بكشف البلاد القبلية كتب به لغرس الدين خليل الناصري في الدولة الظاهرية برقوق وهي
الحمد لله الذي جرد من أولياء هذه الدولة الشريفة سيوفا تحسم مواد الفساد وتبيد أهل الزيغ والعناد وتعم ببأسها وبعدلها البلاد حمدا مستمرا على الآباد مزودا غرسها النافع ونعم الزاد ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العباد القائم على كل نفس بما كسبت والمجازي لها بما عملت يوم يقوم الأشهاد ونشهد أن سيدنا محمدا خير الخلائق عبده ورسوله الذي بلغه في الدنيا والآخرة أقصى المراد وفضله على الخلائق الآلاف والمئين والعشرات والآحاد صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الذين فتحوا البلاد
بسيوفهم الحداد ومزقت رماحهم من مخالفي دينهم القويم القلوب والأكباد وسلم تسليما كثيرا إلى يوم التناد
وبعد فلما كانت المملكة القبلية جل البلاد الشامية وبها أرزاق العساكر الإسلامية وطريق الحاج إلى بيت الله الحرام وزيارة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام وإلى الأرض المقدسة التي هي على الخيرات مؤسسة وإلى الأبواب الشريفة السلطانية وممر التجار قاصدين الديار المصرية ومنازل العربان ومواطن العشران وجب أن يفوض حكمها إلى من عرف بالشهامة والشجاعة واليقظة التي لا يغفل بها عن مصلحة المسلمين ساعة من اثمر غرسه وما يفوه وأينع بالمروءة والفتوة وتقدم في الكمال على زيد وعمرو وأضرم في قلوب الأعداء نارا أحر من الجمر
وكان الجناب الكريم أدام الله نعمته هو المشهور بهذه الصفات والمنعوت بالشجاعة والإقدام وحسن الأدوات
فلذلك رسم بالأمر العالي لا زال إحسانه يثمر غرسا وجوده يسر نفسا أن يستقر الجناب المشار إليه في كشف البلاد القبلية المحروسة على منوال من تقدمه وعادته وحدوده في ذلك ومستقر قاعدته
فليباشر ذلك بهمته العلية وشجاعته الأحزمية ونفسه الأبية وليبيض وجهه في هذه النوبة حتى يطرب الناس بالنوبة الخليلية وليعدل في الكبير والصغير وليقمع رؤوس عشير اتخذوا رأسهم مولى فلبئس المولى ولبئس العشير وليدفع أذى العرب وليحذرهم شرا اقترب وليكثر الركوب إلى المعاملات ولا يخش من كثرة الحركات وليعلم أن كل ما هو آت آت وليتخذ الشرع الشريف إماما وليتوخ أوامره ونواهيه نقضا وإبراما وليقف عند
حدوده المشروعة ولا يتعدها ومن يتعد حدود الله فيده من الإيمان منزوعة وليلن جانبه للرعية وليحملهم من العدل والإنصاف على المحجة الواضحة الجلية فإنهم الرعية الضعفاء الذين أنعم الله عليهم بتفويض أمورهم إليه وليعتمد قول النبي صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه اللهم من ولي من أمور أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ومن شق عليهم فاشقق عليه والوصايا كثيرة وتقوى الله عز و جل نظامها وقوامها واتباع سنة نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه قيادها وزمامها والاعتماد في معناه على الخط الكريم أعلاه
وهذه نسخة توقيع بكشف الرملة كتب به لأبي بكر أمير علم في الدولة الظاهرية برقوق وهي
الحمد الله الذي قلد أجياد المجاهدين سيف نصره وأكد بعزائم أهل اليقين حماية حوزة الإسلام وصيانة ثغره وجعل ألسنة أسنة المرابطين في فم الثغر زينا إذا أزدان بغرة بدره وأنزل بأعداء الدين قوادح نقمه وقوارع قهره
أحمده أن حمى بأولي النجدة والبأس للمسلمين حمى وأشكره على ما همع من صيب نعمائه وهمى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أتخذها عند الله ذخرا وأرجو بها في العقبى أجرا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي آيد يده بالسيف وأمده أيدا وعلى آله الذين حلى بهم للإسلام جيدا وصحبه الذين جلا ببوارق صفاحهم وخوارق رماحهم غمم المجال وغمم القتال فلم يهمل الأعداء ولم يمهلهم رويدا
وبعد فإن أولى من جعل في نحر البحر هماما صارم وأشد من قاطع
أعداء الدين وصارم من تضرب بشجاعته الأمثال ويورد في صدور الأبطال صم الأسل النهال ويحمي حمى الثغر فلا يدع عدوا ولا يرهب نهبا ويرقى رقاب الكفر فيؤمنون وإن كان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا
ولما كان الجناب الكريم فلان أدام الله تعالى نعمته هو الذي أخلص في الطاعة ونصح سلطانه حسب الطاقة والاستطاعة رسم بالأمر الشريف العالي لا زال سيف عدله ماضيا وكل بحكمه راضيا أن يستقر الجناب المشار إليه كاشفا بالرملة المعمورة على عادة من تقدمه في ذلك
فليباشر ذلك معمرا تلك البلاد بعدله مجتهدا على إيصال الحق إلى أهله وليتخذ الشرع الشريف إماما وليتوخ أوامره ونواهيه نقضا وإبراما وليقف عند حدوده المشروعة ولا يتعدها ومن يتعد حدود الله فيده من بر الإيمان منزوعة وليلن جانبه للرعية وليحملهم من العدل والإنصاف علىالمحجة الواضحة الجلية فإنهم الرعية الضعفاء الذين أنعم الله عليهم بتفويض أمورهم إليه وليعتمد فيهم قول النبي صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه اللهم من ولي من أمور أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ومن شق عليهم فاشقق عليه والوصايا كثيرة وأهمها التقوى فليلازم عليها فإنها تحفظه وبالسيادة والسعادة تلحظه والله تعالى يكمل توفيقه ويسهل إلى نجح المقاصد طريقه والاعتماد في معناه على الخط الكريم أعلاه
قلت ومن تأمل وصايا هذه التواقيع الثلاثة المتقدمة الذكر علم ما كان عليه كتاب الزمان من انتزاع الفقرات من توقيع وترصيعها في توقيع آخر من غير تغيير لفظ في أكثرها
المرتبة الثانية من تواقيع أرباب السيوف ممن بأعمال دمشق ما يفتتح بأما
بعد حمد الله وفيها وظائفوهذه نسخ تواقيع من ذلك
نسخة توقيع بنيابة بعلبك لمن دون من تقدم في المرتبة الأولى من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة كتب به لمن لقبه ناصر الدين وهي
أما بعد حمد الله الذي لم يخل مملكة إسلامية من قوة ولا ناصر ولم يحل أمرها على ذي عزم قاصر ولم يحل وجهها إلا بمن نسي به القديم وشهد له المعاصر ولم يلق مقاليدها إلا لمن وضح برأيه الإبهام وثبتت بفضله الشهادة وعقدت على ذكره الخناصر صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه على سيدنا محمد الذي شيد معالم الدين وأركانه وجدد مكان الحق وإمكانه وعلى آله وصحبه الذين تابعوا في الخلق عدله وإحسانه وشايعوا في النصر نصله وسنانه ما استناب الودق في سقيا الرياض غدرانه وخلع على الغصون خلعا خطر فيها الزهر بأكمامه وعقد من الثمر تيجانه فإن شرف الأماكن بساكنيها وجسوم الديار بنفوس قاطينها والمنازل بكواكبها والمناصب بنصيبها من الكفاءة ونائبها وإن مدينة بعلبك علم في المدائن مرفوع الخطة وجسم من جسوم الديار قد آتاه الله بسطة بنية سليمان عليه السلام فهي بالمملك قديمة الاختصاص ومبتنى الجان المنسوبة عقودها العلية والدرية إلىكل بناء وغواص وشام الشام المعجبة وروضة نداه المعشبة وثنية ثغره الباسم وعرف أعراق حياه الناسم ومأوى صلحائه أحياء بين أوطانها وأمواتا بين صفيح لبنانها لو عرضت البلاد سحبا لقيل لسحابها يا كثير المنن ولو صورت أناسي لقيل لإنسانها ياطيب النجر واللبن لا يمنع ماعونها ولا ينقطع عونها عن البلاد وما أدراك ما عونها ولا
تليق من النواب إلا بكل سري العزم والهمة علي الآراء في الملمة المدلهمة ناجح القول والعمل صالح لأن يثني على نيابته البعلبكية صالحو المدينة والجبل مكمل لسلوك الحق الأنجي والعزم الأنجد مؤهل لارتقاء الرتب التي إن خلت من ماجد تناولها الأمجد
وكان فلان هو جملة هذا التفصيل وجمال هذا التفضيل وكفء هذه العقيلة وسعد هذه المنزلة التي مدت بالسيف والقلم ذراعه ونظمت من البناء إكليله
فلذلك رسم بالأمر الشريف لا زالت الممالك بمحاسن أيامه إرم ذات العماد والبلاد ذات الخصب السني لا ذات السنة الجماد أن يرتب في نيابة بعلبك المحروسة مجددا بهمته العالية علو صرحها وحماية سرحها ورعاية جبلها وسفحها موريا في مصالحها زناد فكره التي لا تتمكن أقوال العداة من قدحها مصرفا أوامره كيف شاءت منصفا للأحوال المنوطة برعايته إن دنت أو تناءت باسطا لعدل قلمه على المجيدين وسطوات سيفه على المعتدين وازعا بمهابته من جاور جبال العمل من الضالين ( فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) وليتبوأ منها معقلا يحمده المناصر والمهاجر وليحط منها ثغرا مساويكه الأسل والمسعى إليه على المحاجر وليجر أمور الديوان على سنن التمييز والتثمير وليدبر الأوقاف المبرورة بمحاسن التدبير وليشارك أهلها في الأجر الأول بالأجر الأخير والأسوار هي وقلوب الرجال من أهم ما يعمره ووفور الحواصل والسلاح مما للولي ولقاء العدو يدخره وتقوى الله عز و جل مما لا يزال لسانه يستحلي القول فيه فيكرره والله تعالى يمده بإعانته ولطفه ويكفيه ما أهم من الأمور فما كفي من لم يكفه
وهذه نسخة توقيع بولاية الولاة بالشام المحروس لمن لقبه عز الدين من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة أيضا وهي
أما بعد حمد الله الذي جعل للولاة في هذه الدولة عزا يتجدد وعزما يتشدد وفعلا إذا حكم لا يتعدى ورأيا لا يتعدد وكافي ولاة يتلذذ الواصف بذكر اهتمامه الذي إذا اهتم لا يتلدد وإذا اعتبر عزمه وحزمه فهذا فضل يتجدد وهذا وصف لا يتحدد صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه على سيد الخلق محمد وعلى آله وصحبه ذوي العز المؤبد والعزم المؤيد ما كتب قلم الغيث الجائد على طرس الروض فجود فإنه لما كانت الولاة في خدمة البلاد جيشا يحمون سرحها ويعمرون صرحها ويخصبون بالعدل قبل العمارة سفحها ويحكمون في رعاياها ويتمكثون في قضاياها ويقرعون ثغورها ويفرعون ثناياها تعين أن نقدم على هذا الجيش المذكور أمير يقرر أمرها وينسق من ميمنته وميسرته يمنها ويسرها ويجرد من الرأي سلاحه ويسر قلبه بالتدبير ويريش جناحه
وكان المجلس السامي هو الأمير الدال عليه هذه الإمارة المعني بهذه الشارة والإشارة المستحق بشريف نفسه مدراج الارتقاء ومباهج الانتقاد والانتقاء المسبل أذيال مفاخره أي إسبال المرقوم باسمه ورسمه على أرجاء الولايات عز يدوم وإقبال المقيم من أمانته ومهابته بين حرزين الشهم الذي لا يذل وهو من نعته ومنتسبه بين عزين الصمصام الذي تسر به يد من ارتضاه وانتضاه والماشي على الحق الظاهر حتى يقال أهذا والي الولاة أم قاضي القضاة
فلذلك رسم بالأمر الشريف شرفه الله وعظمه أن
يستقر اعتمادا على شهامته التي بمثلها تمهد البلاد وكفاءته التي تفصح بالخيرات السنية ألسنة الجماد وصرامته التي تشد على أيدي الولاة فيردون الحقوق من أيدي الاغتصاب ودرايته التي ينتسبون إليها فينشدون
( وكنا كالسهام إذا أصابت ... مراميها فراميها أصاب )
فليباشر هذه الرتبة بكفئها من العزم العالي والقدر الغالي والمعدلة التي تتمسك منها الأحوال بأوثق العرا وتتلو سيارتها المرفقة ( وما كنا مهلكي القرى ) مراعيا لجميع الأحوال مثمرا لمربع الأموال واليا علىولاة إن شكوا في صنع الله فمالهم من الله من وال ماشيا من تقوى الله تعالى في كل أمر على أقوى وأقوم منوال والله تعالى يخصب البلاد بغمام رأيه الصيب ويطيب الأماكن المنبتة بمثله وكل مكان ينبت العز طيب
وهذه نسخة توقيع بولاية البلقاء والصلت من إنشاء ابن نباتة وهي
أما بعد حمد الله مضاعف النعمة ومرادف رتب الإحسان لمن أخلص في الخدمة ومجدد منازل العز لمن طلعت كواكب اهتمامه في آفاق الأمور المهمة ومؤكد سهام الخير المقتسمة لمن سدد في شرف الأغراض رأيه بل سهمه صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه على سيدنا محمد النبي الأمي هادي الأمة وعلى آله وصحبه حماة الدين من العوارض الملمة صلاة تكون بين أرواحهم الزكية مودة ورحمة فإن أحق الأولياء بمزيد الآلاء المتصلة وتجديد النعم المقبلة وتقديم المساعي التي لا تلبس حلل الفخار إلا مكتملة من وضحت في صفات الفضل آياته وتقابلت في حالتي التدبير سطاه وأناته وروى غلة البلد الخائف
ففاض على المعتدين جدول سيفه وجرت بالدم قناته وقام على قدم الاجتهاد وقسم بين جفنه وجفن سيفه السهاد
ولما كان المجلس هو المقصود بهذه الكناية والمشهود له في طلق هذه الغاية والعالي بهممه على ذوي الارتقاء والوالي الذي إذا ركب الولاة لاشتهار ذكر كان من بينهم فارس البلقاء والناهض بتثمير الأموال غمام رأيه الصيب والطيب بسياسته محل الولاية وكل مكان ينبت العز طيب تعين أن نتزيد منصبه إذا تزيدت المناصب وأن تستمر مرتبته إذا مرت لذهابها المراتب وأن يشتمل في استمرارها عليه وأن يكون في إعراب الدولة القاهرة مضافا ومضافا إليه
فلذلك رسم بالأمر الشريف أعلى الله تعالى أبدا عماده وجعل لولاة أيامه الحسنى وزيادة أن يستمر على ولاية البلقاء على عادته وأن تضاف إليه ولاية الصلت جمعا له بين الأختين حلالا والذروتين منالا والرايتين نهوضا بهما واستقلالا وعلما بوفاء عزمه الذي أمر أمره ورفعا لقدره الذي حسن أن يقول لمنصب البلقاء لنا الأبلق الفرد الذي سار ذكره وتيمنا بغرة الصلت فإن الصلت هو الجبين الواضح بشره وكيف لا وهو الكافي الذي جمع مال الجهات فاوعى وقسم فنون المصالح جنسا ونوعا وحسم أدواءها بحسام رفقه كرها وطوعا
فليباشر بالعز واليمن جهتيه وليأخذهما بكلتا يديه وليفض وجه عزمه في أرض الدولة حتى يكون شبه البلقاء اللازم لإحدى ولايتيه محصنا بسماكي سيفه وقلمه فنعم البلدتان مثمرا بسداد قوله وفعله ومن دونهما جنتان موفيا للحقوق معفيا لاعتراف النعمة من العقوق راقيا بهمته إن شاء الله تعالى إلى رتب لو رامها نجم الأفق لعاقه العيوق عاملا بتقوى الله عز و جل فإن
خير الدنيا والآخرة بتقوى الله معدوق والله تعالى يوضح لرأيه أجمل الطرائق وينجح على البلقاء وغيرها سعيه السائق وفكره السابق بمنه وكرمه
وهذه نسخة توقيع بولاية نابلس من إنشاء ابن نباتة أيضا وهي
أما بعد حمد الله على ماهنأ من المواهب وهيأ من علي المراتب وأنجز من وعود السعود بعد مطال المطالب وزين من سماء الوظائف عند إزهائها بزينة الكواكب وعمر من صدور الولاة والولاية بعلي تثني عليه الرعية ولو سكتوا أثنت عليه الحقائب والصلاة على سيدنا محمد عبده ورسوله الذي جرد لنصر الإيمان حده القاضب وحزبه الغالب وندب لإحياء الحق عليه بعدما همت به النوادب وعلى آله وصحبه الذين هم في الممات جمال الكتب كما كانوا في الحياة جمال الكتائب صلاة تتعطر بنفحاتها الصبا وتتقطر من خلف سراها الجنائب فإن عقائل الولايات أولى بخطبة أكفائها ورغبة السراة من ذوي اصطفائها ونسبة من يقوم للأمور المعللة بقانونها وشفائها
ولما كانت بلد نابلس المحروسة من أعلى عقائل البلاد قدرا وأمرإ الجهات أمرا وأسرى الولايات محلا وذكرا وأوفى النواحي من زمان بني أيوب على تكاليف الملك صبرا وأنزه البقاع التي لو رآها الملك المصري لما استغلى غوطة الشام بشبرين من شبرا بلد أعارته الحمامة طوقها وحملت الثناء فوق طوقه ونجم نبات واديها الزهر حتى تساوى النجمان من تحته ومن فوقه تعين أن يختار لولايتها من تعين ولاؤه وتمكن من الرتب علاؤه وتبين في مصالح الولايات احتفاله واحتفاؤه وشهر وفاؤه بالخدمة فلا شرف بسعي إلا له منه شينه وراؤه وفاؤه من شهدت السواحل الشامية في مباشرته أنه أجرى منها
المال بحرا وأفاض الوصف درا وشهدت الزكاة وديوانها المادح أنه أفلح من زكاها خبرا وخبرا
فلذلك رسم بالأمر الشريف أن يرتب فلان علما بأنه الأوحد الذي جمع الأوصاف المتقدمة وأسمع من المحامد نتيجة لها من كلا قوله وفعله مقدمة وأطلع في آفاق الوظائف كنجوم الجوزاء الثلاثة رأيه وسيفه وقلمه واطلع على محاسن التدبير فكان في رعايا بلده ممن تواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة وأنه الكافي الذي إذا ولي ثمر وإذا صال على المفسدين دمر وإذا شامت المهمات بارق عزم أسبل وإذا سامت قواه شمر وأنه الأمين إذا تصرف والمأمون إذا تعرف والشجاع إذا تحصنت البلاد بنسبه الحصني فسواء في شمول الأمن ما توسط منها وما تطرف
فليباشر هذه الولاية المباركة بعزم يوضح بشرها وينجح أمرها ويقيم في خطبة علاه عذرها وحزم يثمر مالها وغلالها وينقع غلتها ويضع أغلالها وبأس يدع المفسد من سيفه أو قيده في طوق أو حجل ويذر السارق والمارق يشير بلا كف ويسعى بلا رجل مشيدا لنواحيها بالترغيب والترهيب على أوثق المباني مصلحا بين أهل الأهواء حتى لا يضر قول القائل رفيقك قيسي وأنت يماني متفقدا من الأحوال كل جليل وحقير ناهضا في تلقي المهمات على قدم التقدم بالعزم الأثير جاعلا من لدى محجة عمله لصلاح العشيرة نعم العشير عاملا بتقوى الله تعالى في كل أمر وإليها بالحديث يشير
وهذه نسخة توقيع بشد الدواوين بغزة من إنشاء ابن نباتة كتب به لعلاء الدين بن الحصني المقدم ذكره في التوقيع قبله وهي
أما بعد حمد الله على كل نعمة جلت ونعمة في أهلها حلت وحلت ورتبة بانتساب كافيها وباسمه تحصنت على الحقيقة وتعلت والصلاة والسلام على سيدنا
محمد خير من سلمت عليه الألسنة وصلت وسلت به سيوف النصر وصلت صلاة دائمة ما أمليت على الأسماع فملت ولا قابلتها وجوه الملائكة إلا تهللت ولا سحب الرضوان إلا انهلت فإن منزلة يستقى من مهمات الدولة خبرها ويستدعى من جانبي مصر والشام سبرها ويحمد إليها من ناحيتي الساحل والجبل سراها وسيرها وتلك وظيفة شد الدواوين المعمورة بغزة المحروسة التي تلتقط من ساحل بحرها درر الخير المقتبل وتقول المهمات الشريفة لسراة استنهاضها يا سارية الجبل حقيقة أن يتخير لها من الشاكرين من يحمد اجتهاده وجده ومن السابقين إلى المقاصد من يحسن كما يقال تقريبه وشده ومن شكرت في الولايات آلاؤه ومن إذا علا نظر رأيه في المصالح قيل دام علاؤه ومن إذا دبر جهة قالت بلسان الحال لقد زاد في المصالح حسنا ولقد تحصنت بانتساب ذكره فلا عدمت منه حصنا
ولذلك رسم بالأمر الشريف أن يستقر لما عرف من حزمه وعزمه ولما جدد في مقدمات القدر من رفعه وفي إعلاء المهمات من جزمه ولما عهد من هممه في جهات دبرها وفي ولايات ثمرها وفي وظائف شدها أما على العتاة فشددها وأما على المستحقين فيسرها ولما اشتهر من ذكره الذي لا برح عليا ولما ظهر من درايته التي جعلت كوكب سعده وسعيه دريا ولما بهر من تميزه الذي إذا هز عصاه بيد تساقط على المقاصد رطبا جنيا
فليباشر هذه الوظيفة المباركة مباشرة تبيض لها وجها وعرضا وإذا أثنى عليه المثني تبرعا كافأه حتى يكون قرضا مجتهدا في تثمير الأموال والغلال ضابطا لأمور الديوان حتى لا يشكو الخلة ولا الاختلال قائما بحقوق الخدمة مستزيدا بشكر الأقوال والأفعال لما يرسخ له من أقسام النعمة عليا على كل حال إذا وفت الفكر قدره وإذا ذكر اللسان اسمه
المرتبة الثالثة من تواقيع أرباب السيوف بأعمال دمشق ما يفتتح برسم وفيها
وظائفوهذه نسخ تواقيع من ذلك
نسخة توقيع بنيابة قلعة القدس من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة كتب بها لشرف الدين موسى الردادي وهي
رسم لا زالت ولاة أيامه عالية الشرف سامية المستشرف آوية من جنات خير الدنيا والآخرة إلىغرف من فوقها غرف أن يستقر المجلس السامي علما باهتمامه الوفي واعتزامه المتيقظ إذا نام حد المشرفي واستنادا إلى رأيه الذي يقول نجمه الطالع وما أبعد العيب والنقصان من شرفي وإرشاد سعيه إلى أن اتخذ من الأرض المقدسة دارا ومن حرمه الشريف جارا واتقاد ذهنه وشجاعته اللذين آنس بهما من جانب الطور نارا وكيف لا وقد قالت همته يا موسى أقبل ولا تخف وأخرج يدك البيضاء في النيابة تكن أحق من اغترف بها الإحسان واعترف
فليباشر ما فوض إليه مباشرة يعلو بها شرف اسمه ومسماه ويبدو للاختيار والاختبار فضل التقدم الذي إذا بدا له كفاه وليجر بهذه الرتبة رأيا حسن الإحكام وليواظب على حفظ هذه القلعة التي فتح بها عليه فإنها من أعظم فتوح الإسلام وليمد عليها من كفايته سورا حول سورها وليتفقد رجالها وعددها تفقد الشهب في ديجورها وليرد عنها بعزمه الردادي عيون الأعادي الزرق حتى لا يراع في أرض الحرم ولا حمامات طيورها وليشكر نعمة أوته إلى هذه المنازل الطاهرة وليقرب ليد آمله طلب خير الدنيا والآخرة وليقدم من الوصايا تقوى الله التي عن أصلها تتفرع نعمه الباطنة والظاهرة حتىيجعل له في الوادي المقدس ربعا مأنوسا وجمعا محروسا وأحاديث حسنة تقول لمستمع مثلها في الآفاق ( هل أتاك حديث موسى ) والله تعالى يمده بإعانته ويلهمه شكر ما رزق من فضل مكانه ومكانته بمنه وكرمه
وهذه نسخة توقيع بنيابة قلعة صرخد لمن لقبه جمال الدين وهي
رسم بالأمر لا زال يتخير لقلاعه النائب ويتحيز من النائبة ويمدها بسحائب بره وفكره الصائبة ويندب لخدمتها كل سيف يرضي النادب ويقيم على غيرها النادبة أن يرتب مجلس الأمير لأنه الكافي الذي تسر الحصون بأمثاله وتبتسم شرفات القلاع لإقباله وتنشرح منازلها بتنقل نجوم الهداية من أفعاله وأقواله والملي بأداء الخدمة والمرشح لما هو أوفى وأوفر من الأمور المهمة
فليباشر نيابة هذه القلعة القديم أثرها والشهير خيرها وخبرها بعزمه سيف قاطعة وحدة بأس ذائعة ومهابة ذكر لشياطين النفاق عنها رادعة فإنها من بناء المردة فليرد عنها آفة جنسها وليحط برقى عزائمه حول نفاستها
ونفسها وليجر أمرها على السدد وليبنها بلزومه المهدي أوثق مما بناها أولئك بالصفاح والعمد وليرض الآثار السليمانية بسلمان بيت الملازمة على طول الأبد وليجتهد فيما هو بصدده حتى تدمر بتدمر جوانح الحسدة بالكمد مكثرا بذكرى مهابته لعددها موفرا لعددها مستوجبا لاستجلاب الإنعام عليه باستجلاب مددها
وهذه نسخة توقيع بنيابة قلعة الصبيبة وهي
رسم بالأمر العالي لا زال إحسانه يعيد إلى الحصون ناصرها وزينها ويفيد أصحاب الهمم صونها ويحرسها بمن إذا نظر فيها وحماها كان عونها وعينها أن يستقر المجلس السامي الأميري لما ألفته هذه القلعة المنصورة من تحصينه وتحسينه وعرفته من ترتيبه في عمارتها وتزيينه ولأنه الأدرى بالمصالح العائد نفعها والأدرب بمناجحها الحميد وقعها الذي
باشرها من قبل فأحسن السلوك ونصح هذه الدولة القاهرة فأثنى على سيرته ملوك الحصون وحصون الملوك
فليعد إلى هذا المعقل المنيع عود الماء إلى مشاربه وليسر في أرجاء أبراجها مسير القمر بين كواكبه وليتفقد أمور رجالها المستخدمين وليستجلب قلوب حفظتها الأقدمين متحاشيا من رأي القاصر الغبي قائما بالمهمات التي تزاحم منه بشيخ لا تزاحم بصبي مقيما على رفع الأدعية لهذه الدولة القاهرة مستزيدا بالشكر لنعم الله الباطنة والظاهرة مجتهدا معتمدا على تقوى الله تعالى التي جعلت له مكانامكينا في الدنيا وطريقا سهلا إلى الآخرة والله تعالى ينجح قصده ويتقبل جهاده وجهده بمنه وكرمه
قلت هذا كان شأنها حين كان يولى بها مقدم حلقة أو جندي من الشام لكن قد تقدم في الكلام على ترتيب الممالك الشامية في المقالة الثالثة أنها استقرت في الدولة الناصرية فرج في سنة أربع عشرة وثمانمائة ولاية
وحينئذ فتكون ولايتها من الأبواب السلطانية فإن عادت إلى ما كانت عليه أولا عاد الحكم كذلك
وهذه نسخة توقيع بنيابة قلعة حمص من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة وهي
رسم بالأمر لا زال يندب لخدمة قلاعه كل سيف مختبر ومجرب عبرت عليه العبر ومؤد لفرائض الخدمة إما بقيام عند الصبا وإما بقعود عند الكبر أن يرتب فلان في نيابة قلعة حمص المنصورة إجابة لسؤاله فيما سأله من التوفر على مواصلة الصلوات ورفع الدعوات وجمع ثوابي الجهاد
والخلوات وتقضي باقي العمر وادعا متنسكا طائعا إذا بكى بجواره حتى النهر العاصي رق عليه فما يعدم منه بكا
فليباشر نيابة هذه القلعة العلي خبرها ومخبرها الملي سماعها ومنظرها المطلة على مراكز الرماح المشهورة ومهاب الرياح إما بغيث السهام ممطرة وإما بسهام الغيث ممطورة المجاورة لسيف الله خالد فهي بإعراب المجاورة منصورة غير مكسورة معتبرا لأحوالها مستدعيا لما تحتاج إليه من عددها وعدد رجالها محصنا باستدعاء السلاح وسلاح الأدعية الجديرين بأمثالها
وهذه نسخة توقيع بنيابة قلعة جعبر قبل أن تنقل إلى حلب وهي
رسم بالأمر الشريف أعلى الله تعالى في سماء الملك كواكبه ونصر في أقطار الأرض كتبه وكتائبه وصرف بأوامره العالية كل نائب وفرق بها كل نائبة أن يرتب علما بأنه الكافي الذي تعقد على همته الخناصر ويثني على تقديم عزائمه القديم والمعاصر وتقوى الجهات وتنصر باسمه بعد أن كانت بغير قوة ولا ناصر واعتمادا على كفاءته النافعة وشهامته
الرائقة الرائعة ودرايته التي تضيء بها القلعة وتسمو حتى يقول الاستيقان ما هذه شميس هذه شمس طالعة
فليباشر هذه القلعة القديم أثرها الحميد خبرها وخبرها المصغر تصغير التحبيب والتحسين اسمها ومنظرها المنفرد سهلها بذيل الآفاق فتمسك بسحبها المنشدة لارتقاب نهضة حال من علم ابن منصور بها راقيا صرحها راعيا بالمصالح سرحها مجتهدا فيما يقضي لقدره بالرفعة ولرائد أمله بخصب النجعة جاعلا هذه المنزلة أول درجاته وحسبه بمنزلة يكون أول درجاتها قبة قلعة والله تعالى يسدد عزمه وحزمه ويحمد في الكفاة خبره كما أحمد فيهم اسمه بمنه وكرمه
وهذه نسخة توقيع بنيابة مغارة زلايا من إنشاء ابن نباتة وهي
رسم بالأمر لا زال يزيد قلاع الإسلام علاء في السمة والاسم وفي القوة والجسم وفي اعتناء يجمع لعقيلتها بين الحسن والقسم أن يرتب مجلس الأمير لقيامه بواجب الخدمة وملازمة فرائضها المهمة وعزمته الوفية في النفس الزائد وصفها على الأمس العلي نسبها وحسبها فتارة إلى العلى وتارة إلى الشمس
فليباشر هذه القلعة التي علت بنفسها محلا وسكنا وقال ساكن مغارها لثاني اثنين من حزمه وعزمه ( لا تحزن إن الله معنا ) واستعلى ثنيتها فأنشد أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ونادى بقعتها هذا عزمي وحزمي لا يقال
ولا يازلايا مجتهدا في سداد أمورها وتحصينها بالمهابة القائمة مقام سورها مستجلبا ما يحتاج إليه وما يرتب من عدة ملازما لزوم الخمس لأوقات مباشرتها لا يوصف بالزوال بل بطول المدة
وهذه نسخة توقيع بولاية القدس من إنشاء ابن نباتة وهي
رسم بالأمر لا زال يشمل بظله وفضله ويجمل بإحسانه وعدله وينقل شمس الولاة من البرج الظاهر إلى مثله أن ينقل فلان من كذا إلى ولاية القدس الشريف علما بكفايته التي تقدمت وشهامته التي تحكمت وإمامته التي سلمت فيما سلمت وهمته التي وضحت شمسا فلا تنفس وقالت لقيامه في المصالح ( اخلع نعليك إنك بالواد المقدس )
فليباشر هذه الولاية مباشرة تمحو بضياء شمسه ظلما وظلاما وتقول لنار الحوادث في المشاهد الجليلة ( يا نار كوني بردا وسلاما ) مجتهدا فيما هو بصدده عارفا بوجوه المصالح حتى يكون السكن أعرف بشمس بلده ناهضا بأمور الديوان جليها وخفيها وعبء المهمات حافلها وحفيها مستزيدا بالشكر لمباديء النعم قائلا في محل البلدين المباركين ما سرت من حرم إلا إلى حرم
وهذه نسخة توقيع بولاية غزة وهي
رسم بالأمر لا زال ينشيء في رياض الإحسان غرسا ويحقق في استحقاق الكفاة حدسا ويقدم من لا تزال الولايات تحمد له يوما وتذكر لقومه أمسا أن يرتب لما عرف من عزمه الذي جرد من الاختيار والاختبار جميلا وكمال شخصه الذي اتخذه التوفيق فلم يقل ( ليتني لم أتخذ فلانا خليلا ) واعتماد الذي يصبح في المحامد ويمسي وينافس مرباه فهذا يقول ثمري وهذا يقول غرسي
فليباشر هذه الولاية بعزم مقتبل الشبيبة وحزم لا يقعد الرأي المحيل تجريده في المصالح وتجريبه ونفع في المهمات وردع للمفسدين تحمد موارده ومصادره وذكر له حسن تلتقط من ساحل الشام جواهره مستزيدا لما رسخ له من درجات الأمور المهمة منزه العرض عن كل لائمة مرجحا تقوى الله تعالى في كل ملمة والله تعالى يحمد في الخدمة آثاره ويعز في ولاية حربه الساقة إذا هانت الحرب على النظارة
وهذه نسخة توقيع بولاية لد لمن اسمه نجم الدين أيوب وهي
رسم بالأمر لا زالت نجوم أوامره سعيدة وظلال عوارفه مديدة ومنازل الولايات حامدة لمن يقدمه وطوالع أفقها حميدة أن يرتب اعتمادا على كفاءته التي تشيد له مجدا وتعقب مسعاه حمدا وتكفي من هذه الجهة وأهلها بلدا وقوما لدا لما احتوى عليه من موجبات الاصطناع ودواعيه وفات باستقلاله أمد مساجله ومناويه واشتمل على الخلال التي
قضت بتقديمه والأفعال التي استدعت المبالغة في تفخيمة وتكريمه وسلك من المخالصة ما يوجب الاستحقاق والاستيجاب ويوصل حميد مسعاه إلى بلوغ الآمال وإدراك المحاب
فليباشر هذه الولاية عاملا بتقوى الله تعالى فيما يسره ويعلنه معتمدا فيها غاية ما يستطيعه المكلف ونهاية ما يمكنه وليسو بين القوي من أهل هذه الولاية والضعيف ولا يجعل في الحق فرقا بين المشروف والشريف ويمد على كافتهم رواق السكون والأمنة وليجرهم في المعدلة على العادة الجميلة الحسنة وليأخذ في الأمور الديوانية بالاجتهاد مراعيا في ذلك حال العمارة آتيا من الإحسان إلى الرعية ما يكون للعدل شارة وافيا في ذلك كله بالمطلوب صابرا على تكاليف المهمات ولا ينكر الصبر لأيوب
وهذه نسخة توقيع بولاية بيسان لمن لقبه شهاب الدين من إنشاء ابن نباتة وهي
رسم بالأمر لا زالت شهب أوقاته سعيدة وسحب هباته ساحبة الجود مديدة وبحور نعمائه الحقيقية كبحور الأعاريض المجازية كاملة منسرحة مديدة أن يستقر اعتمادا على عزمه المنير شهابه الكثير توقده في أوقات المهمات والتهابه واستنادا إلى كفاءته التي يشهد بها ولاؤه في الخدمة وولايته وشهامته التي يجزم بها في الأمر رأيه وترفع في الخدمة ولايته ومهابته وعلما بسياسته التي يقمع بها أهل الفساد وتكاد تفخر بيسان بفضلها كما فخرت بفاضلها على البلاد
فليقم في وظيفته على قدم اجتهاده وكرم ارتياده واعتياده شافيا لأحوال أهل ناحيته من الوصب مثمرا الغلال والأموال بعزم قد ارتفع وانتصب ظاهرا في الخدمة مجهوده ملينا لحديد من عصى عليه في عمله كما أورثه داوده والله تعالى يوفقه
وهذه نسخة توقيع بولاية صيدا لمن لقبه شجاع الدين بالمجلس العالي وهي
رسم بالأمر العالي أنفذه الله في الأقطار ونجم بولاته أيام الأوطان والأوطار وأجرى بشكره سفن الركائب وركائب السفن إذا سف وإذا طار أن يستقر فلان ركونا إلى عزمه وحزمه وسكونا إلى اهتمامه الذي حكم فيه الاختبار بعلمه وعلما أن للولايات به الانتفاع ولحصونها الامتناع والارتفاع وأنه إذا ولي رعى وإذا أقوى كان أعصم راع وإذا فكر في الرأي ووقب في المهم كان نعم الشجاع
فليباشر ولاية عمله ناهضا بأعبائه رافعا بالعدل لأرجائه ورجائه حريصا على طيب الأخبار المنتشرة من كافور صبحه ومسك مسائه وليتفقد أحوال بره وبحره ويتيقظ لذلك البر وجهره وذلك البحر وسره حتى يتحدث البحر عن عزمه ولا حرج ويسير ذكره كنسيم الروض لاضائع الصنع ولكن ضائع الأرج ويعتمد مصالح النواحي وسكانها والأموال وديوانها والجهات وضمانها ونجوم التقسيطات في البلدة وتحرير ميزانها ويجمع بين اللين والشدة بسياسة لا يخرج بها الرأي عن إبانها وتقوى الله تعالى هي العمدة فعليها يعتمد
وعلى ركنها يستند حتى تجعل له على المصالح أيدا وحتى تثني نحو الثناء عليه عمرا وزيدا وحتى تجعل له بأسا في الأعداء يكيد كيدا وحسن ذكر في البلد يصيد صيدا
وهذه نسخة توقيع بولاية قاقون من إنشاء ابن نباتة وهي
رسم بالأمر لا زال يندب لمصالح الولايات سيوفا ويقدم ظنا في الكفاة يعلم أنه سيوفى ويدني من ثمرات الإنعام والإرغام لأيدي المجتنين قطوفا أن يستقر اعتمادا على همته الشائدة ودرايته السائدة وأمانته الشاهدة وصفات عزمه التي هي في الولايات معن وهي زائدة مجتهدا على أن يثمر عمل ولايته فتزكو أعماله وترد عليه المهمات فتتلقاها بالكفاءة أفعاله المعروفة وأقواله وتشهد منه الأحوال معنى بل معاني يثبت بها في الأذهان قبوله وإقباله
وهذه نسخة توقيع بولاية صرخد من إنشائه لمن لقبه جمال الدين وهي
رسم بالأمر أعلاه الله تعالى وبلغ بأيامه الرتب وأهلها آمالا وزان الولايات بما ينتج من مقدمة فعله وقوله جمالا أن يرتب مجلس الأمير لأنه الكافي الذي عرفت في المهمات همته
وألفت عزمته وأديرت أوصافه عقارا صرخدية ولا عجب أن سرت بالنواحي خدمته والناهض الذي وفي الولاية حقها وأدى الأمانة وسلك طرقها وأطلع في سماء الولايات شهب رأيه فحمى وزان أفقها
فليباشر هذه الولاية بعزم سني وحزم سري ومهابة تأخذ للضعيف من القوي وديانة تمشي من الكفاءة والأمانة على صراط سوي مثمرا للمال والغلال راقما لحلل الذكر بحسن الخلال محسنا لذكر ولايته حتى يجمع لها بالوصف والنعت بين الحسن والجمال وإياه والجبن عن المهمات فما كل جبن صرخدي محمود العاقبة والمآل
هذه نسخة توقيع بولاية سلمية من إنشائه كتب به لشهاب الدين الحجازي وهي
رسم لا زال يطلع شهب الولاة مشرقة وينشيء سحب الإحسان مغدقة ولا برحت أقلام علائمه كالغصون بأحسن ثمرات الدوح مثمرة مورقة أن يرتب علما أنه الناهض الذي إذا ولي كفى وإذا طب الولاية المعتلة بتقديم المعرفة شفى وركونا إلى عزمه الذي أبى لشهابه أن يخمد وكفاءته التي قضت لاسمه بالعود فإن العود أحمد واعتمادا على سيرته الحسنة السمعة الحقيقية بالرفعة وعلى سطوته
بالمفسدين التي حسنت أن يقال فيه لقد أوقع الجحاف بالبشر وقعة
فليباشر هذه الولاية بعزمه المتوالي واجتهاد رأيه الذي يطرب بارقه المتعالي جاريا على عادة سدده مجتهدا فيما هو بصدده مسددا إن شاء الله في القول والعمل مانعا لناحيته الأعرابية من تطرق الخلل وتطرف الجلل مصلحا بالتدبير عمل ما يشهد بعزائمه الوفية وهممه الجلية وإذا سأل عن شد الولاة واحد قيل سل مية عن سلمية
وهذه نسخة توقيع بشد متحصل قمامة من إنشاء ابن نباتة وهي
رسم بالأمر بسط الله تعالى على الأمم مهابته وظله وبأسه وفضله ووجه إليه آمال الخلق من كل قبلة وأعلى آراءه التي يقال لعدلها لقد جدت حتى جزت في كل ملة أن يرتب مضافا لما بيده واستنادا إلى صحيح خبره في الكفاءة وعلو سنده وارتيادا لهممه التي إن رواها مسلم عن طوعه رواها نصراني عن تجلده وسكونا إلى حركته التي تحصل مالا وتصل إلى مالا وتستخرج الوفر من مكمنه وتأخذ الحق من قدام يدي الماثل ومن خلف أذنه وعلما أن ما لمتحصل قمامة مثل عزمه المختار ورفقه الذي يستنزل در القصد المدرار واجتهاده الذي زرعه المستنهضون فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار
فليباشر هذه الوظيفة بشدة ولين يجعل كل واحد منهما في موضعه ومقامه وحق منير يجعل سبت نور كل لياليه وأيامه وأمانة مدلة وكفاءة مظلة
وصيانة توجب مزيد الخير إذا له ومهابة إذا أدخلت مستخرج قمامة أصلحته وجعلت أعزة أهلها أذلة لا يثني هممه النفيسة ولا يلتفت كما يقال لتبخير الكنيسة بل يستعمل فراسة تروع من حمل عن أداء الحق بهتانا ومناقشة تكشف عن جبال التجلد أكنانا ورأفة مع ذلك بالظاهري العجز ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا ومتابعة للضرائب القديمة لا يصرف عنها واستخلاص ما على الرأس حتى يقال ليس تحت الزرقاء أخضع منها عاملا بتقوى الله تعالى فإن أهل معاملته أهل ذمة مجتهدا في استحقاق ما يترشح له من ولايات الأمور المهمة
الصنف الثاني مما يكتب لأرباب الوظائف بدمشق تواقيع أرباب الوظائف
الدينية وهي على ضربينالضرب الأول ما يكتب لمن هو بحاضرة دمشق وهو على ثلاث مراتب
المرتبة الأولى ما يفتتح بالحمد لله
وهذه نسخ تواقيع من ذلكتوقيع بنظر الحسبة بالشام كتب به للقاضي نور الدين علي بن أبي الفرج بالجناب الكريم وهو
الحمد لله الذي جعل مقام الأولياء عليا ورقى بهم إلى طور العناية
فاشرق نورهم سنيا ووفقهم للأمر بالمعروف فلم يزل غيث الندى بهم وليا وزند سبل الرشاد والحكمة وريا
نحمده حمدا كثيرا طيبا زكيا ونشكره شكرا لا يزال غصنه بالزيادة جنيا ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نكررها بكرة وعشيا ونسلك بها صراطا سويا ونشهد أن سيدنا محمدا عبده الذي اختاره صفيا وقربه نجيا ورسوله الذي قام به الحق وأصبح به الباطل خفيا صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه صلاة ينال بها المؤمن يوم العطش ريا ويحوز بها في جنة المأوى حللا وحليا وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فإن أولى مايلزم الفكر فيه ويتعين ويتم النجح بحسن النظر فيه ويتبين أمر الحسبة الشريفة فإنها المنصب الذي به صلاح أحوال الرعية وقوام إقامة الحدود الشرعية تسلك العامة لمستوليه سبل صنائعه ذللا وتكسو بإتقانها أنواع بضائعها حللا وينتفع بمعرفته الآمر والمأمور وتحاط المعايش عن غشيان الغش من حرمته بسور وتطمئن القلوب بإصلاح المطاعم وتتهنى وتقول الألسنة شكرا لمن سن هذه السنة الشريفة وسنى وردع ذوي الغش عن غوايتهم فمن غشنا ليس منا لا سيما بدمشق فإنها شامة البلاد المحروسة وموطن البركة المأثورة والبهجة المأنوسة بلد شاع ذكرها في المغارب والمشارق وإن محاسنها لن تقاس بغيرها والجامع الفارق
وكان فلان ممن تحلى من عقود المحامد بجواهرها وارتدى من حلل المآثر بمفاخرها وعرف بالنهضة والعفاف واتصف بجميل المعرفة والإنصاف وحسنت سيرته في أحكامه وحمدت قواعد تعهده ونضارة نظامه
فلذلك رسم بالأمر العالي لا زال يولي جميلا ويولي في الوظائف السنية جليلا أن يستقر المشار إليه في نظر الحسبة الشريفة بالشام
المحروس على عادة من تقدمه في ذلك والقاعدة المستمرة بالمعلوم المستمر للوظيفة المذكورة إلى آخر وقت وضعا للشيء في محله وتفويضا لجميل النظر إلى أهله
فليباشر ذلك آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر سالكا من حسن الطريقة ما يحمد به ويشكر ويسره حين تتلى سور محاسنه وتذكر متفقدا أحوال العامة ومعايشها في كل آن ملتفتا في أمر ما يكال أو يوزن إلى قوله تعالى ( وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ) مشمرا عن ساعده في الإجراء على العوائد المستحبة محترزا فيما يأمر به فإن الله تعالى لا يخفى عليه مثقال حبة ولينظر في الدقيق والجليل والكثير والقليل وليستكثر الأخبار وليستعلم الأسعار ولا يغفل عن تعاهد السوقة آناء الليل وأطراف النهار وليلاحظ أمر السكة السلطانية بإصلاح العيار وضبط أحوال النقود بمقدار وليقم من خدمته رقيبا على من اتهم في صنعته أو استراب وليبالغ في النظر في أمر المآكل والمشارب فإن أكثر الداء من الطعام والشراب وليزجر بتأديبه من افترى أو تلقى الركبان أو غدا في الأقوات محتكرا وليعلم أنه قلد أمر هذه الوظيفة المباركة فليختر من يستنيب وليبصر كيف يسلك برعايته من حكم عليه فما يلفظ من قول إلا لديه رقيب والوصايا كثيرة وأصلها التقوى التي هي أجل ما يقتني المؤمن ويكتسب وأجدر بالزيادة ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) والله تعالى يديم علاه ويتولاه فيما تولاه وهذه نسخة توقيع بنظر الجامع الأموي من إنشاء الشيخ جمال الدين بن
نباتة كتب به للقاضي عماد الدين بن الشيرازي في الدولة الصالحية صالح بن الناصر محمد بالجناب الكريم وهي
الحمد لله الذي أذن لبيوته أن ترفع فرفع عمادها وأعاد أحسنها إلى نظر من صرف أمورها بما حسن وصرفها عما دهى وأحيا الآثار الأموية حتى غدت كالهاشمية تدعو أجوادها وسجادها وأنجز وعد أهلها بمن أشارت إلى مباشرته أعلام أعلام المنابر بالأصابع ونصت المآذن أجيادها
نحمده على ما هيأ من الفوائد وهنأ من العوائد ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يقوم بها الخطاب شاهدا ويقوم بها الخطباء في المشاهد ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أوتي الجوامع من الكلم وجعلت له الأرض من المساجد صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الذين عمروا بيوت العبادات بهدايته وظهروا في مجال الجمع وسجال الجموع تحت رايته صلاة متصلة السير كالسيل مسبلة الغمام كالذيل واضحة كردع الخلوق لدلوك الشمس فائحة كفتيت المسك إلى غسق الليل
وبعد فإن أولى الأمور الدينية بتقديم الاهتمام وتقرير الاعتزاء إلى الاعتزام وتشمير ساعد الرأي وزهراته على الأكمام أمر تكون إقامة الصلوات أحد أركانه وتدبير المصالح مشيرا إلى علو شانه وأرزاق العلماء والصلحاء تستدر من هطاله وهتانه
وكان الجامع الأموي بدمشق المحروسة لهذه الأركان بمنزلة الأس الراسخ تمكينه والفرع الشامخ في وجه السحاب عرنينه وبنية زمان بني أمية
الذين عفا شرف مفاخرهم وما عفا شرفه وفخره ووكر الإسلام الذي مضى لبد أمثاله وما بقي إلا نسر السماء ونسره ذو المرأى الشارح والفضل المشروح والحسن الذي إن تغالى في وصف الجوامع قوم قيل باب الزيادة مفتوح تفخر به دمشق وحق لها على كل مصر أن تفخر وتبعث نظرات حسنه الفخر من حملة فصوص الترخيم إلى الأسود والأحمر يحمد المجاور به مغناه وغناه ويسع أرباب العلم والمقاصد ناديه ونداه ويطالع المسك سطور مياهه المتجعدة فأول ما يقرأ من تنبيه عزمه باب المياه وقد عهد أن يتولى نظره كل سني المفاخر سري المآثر كريم الفرع والأصل ماضي العزم كالنصل حائز من أقلامه أمد العلياء وقصب الخصل
ولذلك رسم بالأمر الشريف لا زال وجه الفضل بدولته الشريفة واضحا وميزان العدل والإحسان راجحا ولا زال في كنف من من به على الدين والدنيا وآتاهما صالحا أن يفوض إلى فلان نظر الجامع الأموي المذكور لما عرف من أنه الرئيس الذي ما ساد سدى والكامل الذي إذا آنس سار نار فكرته وجد على النار هدى وأنه باشر نظر هذا الجامع قديما فجمله ورصد سناه فكمله واستشهد في محضر ديوانه على النزاهة أقلامه المعدلة وتدبيره المعد له وكثر أوقافه وكانت قد اضمحلت وشيد عمائره وكانت قد استقلت وملأ حواصله وكانت أقلام المكتسبة تنشد أسائلها أي المواطن حلت ولما ألف هذا الجامع المعمور من عواطفه وعرف من عوارفه وشهد من جلوسه لمصالح وقفه أحسن الله مكافأة جالسه وواقفه فأثبت في صدر المحافل أن الله
تعالى قد رزقه من الفضل جسيما وكتب له من شرف الاكتساب والانتساب حديثا وقديما وألقى إلى يده قلم كفاءة وأمانة كان كرمها للآملين حصينا وكان قلمها للخائنين خصيما كم وفر به المصالح فوفى وكم جمع بهمته المحاولة مالا فجهز به من جند الدعاء صفا كم سر بمناقبه سراة سلف ما منهم إلا جواد لا يرضى في سبق المكارم بحاتمه وكاتب يكبر عن قول الواصف إن ياقوتا في فص خاتمه ورئيس هو أجل ما أهدت شيراز إلى دمشق من عالي طراز الفضل وعالمه
فليباشر ما فوض إليه بعزم لا تفل مضاربه ورأي لا تأفل كواكبه ومعدن وفاء بالمنصب لا تبرح لجناة الخيانة مهالكه ولجناة الجنان مطالبه ناظرا في حسن وظيفتها باجتهاد لا يمل من النظر مثمرا لأوقافها بغصن قلمه الذي لا ينكر لأصله الصائب أطايب الثمر ملاحظا لمباني هذا الجامع بسعادته وإن السعادة لتلحظ الحجر صارفا لذوي الاستحقاق مستحقهم كما عهدوا من إمام براعته المنتظر مجتهدا على أن يرضي الوظيفة والقوم معينا عدوى أنامله الخمس على عددها من فريضة الليلة واليوم عالما أن الله تعالى قد أحيا هذا الديوان فإنه كما علم أصل في بابه آمرا بما يقترح لنظام هذا الديوان وكتابه منتقدا حال من إذا عمر دواة في وقف كانت سببا لعمرانه أو سببا والعياذ بالله تعالى لخرابه مطالبا من ظن أن حسابه يهمل في دهر هذه المباشرة فكان حساب الدهر غير حسابه متخيرا من الكفاة كل مأثور الفضيلة ومن الأمناء كل مأمون الرذيلة ومن القوام كل من لا يقعد عن الواجب ومن الوقادين كل من لا يعاب بطول الفتيلة جاعلا تقوى الله تعالى في كل ما يأتي ويذر سائقه إلى الفوز ودليله والله تعالى يمده بالسداد ويصل مفاخره بالسند ويحرس شرف بيته من السناد ويجعل كل منصب كريم باسمه وقلمه كما قال الأول رفيع العماد طويل النجاد
وهذه نسخة توقيع بنظر مدرسة الشيخ أبي عمر من إنشاء ابن نباتة كتب
به للقاضي تقي الدين بالجناب العالي وهي
الحمد لله الذي عمر عهد التقى بتقيه وأقر نظره بمشاهدة أبيض العرض نقيه وأخصب منازل الأولياء بمن ينوب تثميره وتدبيره عن الغيث مناب وليه ومن إذا شهد مقام الزهاد بمعروفه شهد سداد العزم بسريه
نحمده على جلي اللطف وخفيه ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة وافي الحق وفيه ونشهد أن سيدنا محمدا عبده أكرم بعبده ونبيه ورسوله وصفيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة يمزج أرجها كافور صباح النهار بمسك عشيه
وبعد فخير النظر ما كان به الثواب مأمولا والعمل مقبولا والآخرة للناهض فيه خيرا من الأولى وتخير الأكفاء لمناصبه الدينية سببا لخير الدارين موصولا
ولما كانت المدرسة الصالحية بجبل الصالحية المعروفة بالشيخ العارف أبي عمر رضي الله عنه وأرضاه وسقى سبل الغيث آثاره الطاهرة وثراه مما يتعين في مصالحها حسن النظر ويتبين في القيام بأمرها فضل الآراء والفكر إذ هي زاوية الخير النافعة ومدرسة الذكر الجامعة وعش القرآن المترنمة أطياره بخفقان القلوب الخاشعة وصفة الفقراء الذين لا يسألون الناس إلحافا والأصفياء من الطمع الذين لا يتقاضون الدهر إنصافا وإن صافى ومرتكض سوابق الأعمال والأقوال ومقر القراء والقراءة على ممر الليالي الطوال ومعدن التلاوة المأثور غناؤها في ذلك الجبل وما كل المعادن ولا كل الجبال والبنية لله وتحتاج من ينظر بنور الله في وقفها ويحفظ مسالك جمعها وصرفها وينمي حال درهمها بتدبيره الوافي فربما أبقتها الأحوال منه على نصفها
وكان فلان ممن لحظ أمورها على بعد فشغف الملحوظ باللاحظ وحفظها على نأي فكأنما روت بالإجارة عن الحافظ وأدار عليها من رشفات قلمه نغبة الساقي وأنهلها شربة مضى بها ما مضى من تعدد المال وفي الجرائد باق يطلب الباقي وسأل أهلها بعد ذلك ملازمته للنظر فلزموا ورفعوا قصصهم في طلبه لهذه الوظيفة فجزموا وكيف لا وهو نعم الناظر والإنسان وفي مصالح القول والعمل ذو اليدين واللسان وذو العزائم التي تقيدت في حبه الرتب ومن وجد الإحسان والمتقدم فعله ورأيه في العاجل والآجل والمأمون الذي يعزى إلى عقيلة نسبة الرشيد ولا عجب أن يعزى المأمون إلى مراجل كم جرت ألسنة الأوقاف بأوصافه وكم روى الجامع الصحيح خبرا عن مسلم عفافه وكم جدد لبنائه زخرفا بعد ما كاد نادب الرسوم يقف على أحقافه كم وفر على الأيتام ميراث وفرها وكم قال اختبار الملوك الباقية لأشكرنك ما حييت فقال ماضي الملوك ذوي الأوقاف ولتشكرنك أعظمي في قبرها فاقتضى الرأي أن يجاب في طلبه المهم سؤال القوم وأن يتصل أمس الإقبال باليوم وأن تبلغ هذه الوظيفة أملها فيه بعد ما مضت عليها من الدهر ملاوة وهذه المدرسة التي لولا تداركه لكانت كما قال الخزاعي مدارس آيات خلت من تلاوة
ولذلك رسم بالأمر الشريف لا زال يراعي مصالح المؤمنين أن يفوض إليه النظر على هذه المدرسة المعمورة وأوقافها المبرورة إجابة لسؤال من فيها من جماعة الفقراء ورغبتهم فيه وارتقابهم لعزمه الذي إذا نظر حالها الأول تلا فيه تلافيه على أن يتبع في أمرها شرط الواقف برأى غير قاعد وإن كان لا
يزيد فيها على أربعمائة نفر إلا أن يزيد ريع الوقف وهو إن شاء الله ببركته وهمته زائد
فليباشر ما فوض إليه مباشرة من إذا بدأ أعاد وإذا دعي لمثل هذا الحال الضعيف طلب وعاد ومثمرا لمالها على عادة غصن قلمه الأخضر أثمارا مستخلصا للبواقي من أربابها التي تنهب العين وتدعي لفتراتها انكسارا قائلا في حال هذه المدرسة بالعطف مساويا في المواساة بين فقرائها عند الميزان والصرف نازلا بنور بشره ووده بينهم منازل القلب والطرف مجهزا لجيش عسرتهم فإنهم جمع للتلاوة والصلوات متطلعا لخبرهم فإنهم أجناد صفوف الأسحار وسلاحهم الدعوات وتقوى الله تعالى مشتق منها اسمه فلتكن شقيقة نفسه في الخلوات والله تعالى يحفظ عليه حظا نفيسا وقدرا للنجوم جليسا ويحيي به ميت الوظائف حتى يقال أسليمان أنت أم عيسى
وهذه نسخة توقيع بخطابة الجامع الأموي من إنشاء ابن نباتة كتب به باستمرار القاضي تاج الدين بالجناب العالي وهي
الحمد لله الذي رفع للمنابر رأسا باستقرار تاجها وجمع لصدور المحاريب شملا بعوائد ابتهاجها وزين مواقع النعم بالتكرار كما تزان لآليء النظام بازدواجها وبين مطالع الفرج بعد الغم وما الدهر إلا ليل غمة ثم صبح انفراجها
نحمده على معاد الآمال ومعاجها ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تمشي البصائر إلى الحق بسراجها ونشهد أن محمدا عبده ورسوله القائم على المنابر لمداواة الفهوم وعلاجها ومداراة الخصوم وحجاجها القائل له تأديب ربه ( واصبر وما صبرك إلا بالله ) آية يسري
الفطن على منهاجها صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه بحور النعم والنقم عذبها وأجاجها وبدور مساجد التقى ومشاهد الوغى عند عجاج ليلها وليل عجاجها صلاة كصلاتهم آمنة من خداجها ما مدت نفحات الروض إلى مخالطة سيرهم يد احتجاجها ومازجت معاليهم النجوم فحسن بكأس الثريا شرف امتزاجها
وبعد فإن أولى الناس باستقرار مناصب الدين العريقة واستمرار علو الدرجات إما من المراتب مجازا وإما من المنابر حقيقة واستمطار الوظائف بعيادة فضله ولا سيما أعواد الخطابة واستبصارها بلفظه ولا سيما إذا سلمت الراية العباسية من نطقه لعرابة من درج من عش فروعها خافقا عليه جناحا علمية وصعد إلى عرشها مقبلة بنظرات الجفون المتسامية آثار قدميه وأعرق نسبه في موطن مكانها المكين وبلغ مقامه مقام سلفه أربعين سنة في الطلوع بأفقها المبين وقال استحقاق ميراثه وماذا تدري الخطباء مني وقد جاوزت بمقام السلف حد الأربعين ومن إذا سمعت خطابته قال الحفل لا فض فوه ولا عدم البيت ولا بنوه ومن إذا طلع درج المنبر قال المستجلون لسناه أهل البدر قيل لهم أخوه ومن إذا قام فريدا عد بألف من فرائد الرجال تنظم وإذا أقبل في سواد طيلسانه واحدا قيل جاء السواد الأعظم
ولما كان فلان هو معنى هذه الإشارة وفحوى هذه العبارة وصدر هذا التصدير ومن سواه أحق بصفات الصدارة ومن إذا ضرب المثل بالخطابة النباتية في حلب قال لخطابته بدمشق إياك أعني فاسمعي يا جارة ومن نشأ في محل فخار طيب المعاقد ومن وضع رجله على المنابر ومد عزمه إلى الفراقد ومن شمر في أوائل عمره إلى العلياء وحيدا وخلف دونها من أنداده ألف راقد ومن إذا صعد للخطابة أنشد الحفدة
( ولما رأيت الناس دون محله ... تيقنت أن الدهر للناس ناقد )
وكان الجامع الأموي المعمور بذكر الله تعالى بدمشق المحروسة هو الذي كل بنان إلى حسنه يشير وكل ذي مذهب إذا عاين تصنيف وضعه قال هذا لفقه المحاسن هو الجامع الكبير تعين أنه المسلم ليده المعلم بطرازي نسبه ورشده المقدم ليد نصرته سيف خطابة لا يخرج بيد الاستحقاق عن حده تكاد المنابر تعود للنشأة الأولى طربا لسجع بيانه يسهب ويقول الناس ليته لا اختصر ويودون لو لبس كل يوم سواد أهبته وزيد فيه منهم سواد القلب والبصر وعارضه من العظماء الكفاة من نوى بدلا فأبى حنو الدولة إلا عطفا ونازله وارد من القضاء ولكن أنزل الله عليه مع القضاء لطفا
ولذلك رسم بالأمر الشريف أن يستقر على عادته في خطابة الجامع المذكور وما يتعلق بذلك من تدريس وتصدير وتقرير وتقدير وتأثيل وتأثير ومحكوم بالتفويض إليه ومحكم ومرسوم لا يغير عليه ما رسم به وما يرسم وأن يمنع دليل الاعتراض ويدفع ويكف حتى تتصل العناية بهذا البيت الذي هو من بيوت أذن الله أن ترفع وحتى يعلم أن قوما أحسنوا صحبة الدول
فسعدوا ونبهوا عهود الخدمة لأعقابهم وهجدوا وحتى يقول هذا النجل الظافر بعد آبائه وأخيه ليت أشياخي ببدر شهدوا
فليعد حديث منصبه القديم وليقم إلى تشنيف الأسماع من نثير لفظه بأبهى من العقد النظيم وليفك أسرى القلوب برواتب إشارته فإنه الفاضل عبد الرحيم وليبك العيون بوعظه وإن أقرها بمشاهدته وليحرص على فخر الدولة الشريفة به كما فخر سيف الدولة بابن نباتته
ووصايا هذه الرتبة متشعبة وهو على كل حال أدرب وأدرى بها وما استقرت على قبض سيوفها يده إلا ورجعت الحقوق إلى نصابها وكذلك ما هو معدوق بوظائفه من مدارس علوم ومجالس نظر طالما نظر في كتبها وهو الصحيح نظرة في النجوم لا يحتاج فيها إلى مطالعة الوصايا فإنه من كل أبوابها دخل ولا يمر بها على أذنه فم المبلغ فإنها من فمه أحلى ومن تسويغ فمه أحل ولكن التذكار بتقوى الله تعالى فيما يأتي ويذر أس جليل ووجه تتفاضل وجوه الألفاظ من ذكره على لفظ جميل وألفاظ الخطيب المتقي إذا وصلت من القلب إلى القلب وفت بري الغليل والله تعالى يمده بألطافه ويجريه على عوائد إسعاده وإسعافه ويروي بصواب كلمه الأسماع وبصوب الغمام عهود أسلافه
وهذه نسخة توقيع بتدريس المدرسة المسرورية بدمشق من إنشاء الشيخ صلاح الدين الصفدي كتب به للشيخ تقي الدين السبكي
بالمقر الكريم وهي
الحمد لله الذي جعل تقي الدين عليا وأوجده فردا في هذا الملإ فكان بكل علم مليا وأظهر فضله الجليل فكان كالصباح جليا
نحمده على نعمه التي تكاثرت فأخجلت الغمائم وتوفرت الألسنة على حمده فتعلمت أسجاعها الحمائم وتأثرت بموافقها الأحوال فأخملت زهر الخمائل في الكمائم ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة لا شبهة تعكر ما صفا من لجتها ولا ريبة توعر ما تسهل من محجتها ولا ظلمة باطل تكدر ما أنار من حجتها ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي جمعت فيه مكارم الأخلاق وتفرد بمزايا منها أنه حبيب الخلاق وشارك الأنبياء في معجزاتهم وزاد عليهم بما أتيح له من خمس لم يعطهن غيره منهم على الإطلاق صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الذين تفقهوا في الدين وحازوا الأجور لما جروا إلى جز الغلاصم من الملحدين وأنزلوا لما نازلوا أبطال الباطل والمعتلين من المعتدين صلاة يفوح نسيم رياها المتأرج ويلوح وسيم محياها المتضرج ما فرج العلماء مضايق الجدال في الدروس وقبلت ثغور الأقلام وجنات الطروس وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين
وبعد فإن المدارس عمرها الله تعالى بالعلماء لواقفيها شروط ولأهلها همم أنزلها بالنجوم منوط يغوصون بحور البحوث في طلب اللآلي ويقطعون ظلل الظلام بالسهر في حب المعالي سيما المدرسة المسرورية فإن واقفها أثابه الله تعالى شرط في المدرس بها شروطا قل من يقلها أو يتحلى بعقودها أو يحلها وكان مفرقها قد تحلى بتاج تجوهر ومغلقها قد ضم منه فاضلا تمهدت به قواعد المذهب لما تمهر فأعرض عنها ونفض يده منها
رغبة في الإقبال على شانه وانقطاعا إلى مالك الأمر وديانه فخلا ربعها من أنسه وكادت تكون طللا بعد درسه
وكان فلان أسبغ الله ظله قد وافق بعض ما فيه شرط الواقف وشهد بنشر علومه البادي والعاكف وطاف بكعبة فوائده كل طائف ينصرف عنه باللطائف أما التفسير فإنه فيه آية وأما الحديث فإنه الرحلة في الرواية والدراية وأما الأصول فإنه زأر بالرازي حتى اختفى وأما الفقه فلو شاء أملى في كل مسألة منه مصنفا وأما الخلاف فقد وقع الاتفاق على أنه شيخ المذاهب وأما العربية فالفارسي يعترف له فيها بالغرائب إلى غير ذلك من العلوم التي هو لها حامل الراية وله بالتدقيق فيها أتم عناية وإذا كان أهل كل علم في المبادي كان هو في الغاية
فلذلك رسم بالأمر العالي أعلاه الله تعالى أن يفوض إليه كذا وكذا وضعا للشيء في محله ومنعا لتاريخ ولاية غيره أن يفجأ في غير مستهله فالآن أمسى الواقف مسرورا على الحقيقة والآن جرى الخلاف فيها على أحسن طريقة وهو أسبغ الله تعالى ظله أجل خطرا من أن يذكر بشيء من الوصايا وأعظم قدرا من أن تدل ألمعيته على نكتها الخفايا لأنه بركة الإسلام وعلامة الأعلام وأوحد المجتهدين والسلام والله تعالى يمتع المسلمين ببقائه ويعلي درجات ارتقائه والخط الكريم أعلاه الله تعالى أعلاه حجة في ثبوت العمل بمقتضاه إن شاء الله تعالى
وهذه نسخة توقيع بتدريس المدرسة الناصرية الجوانية من إنشاء الصلاح الصفدي أيضا كتب به للقاضي ناصر الدين محمد بن يعقوب كاتب السر
يومئذ بالشام حين عاد إلى تدريسها بعد انفصاله عنها بالمقر الكريم وهي
الحمد لله الذي بدأ النعم وأعادها وأفاء المنن وأفادها وزان المناصب السنية بمن يليها وزادها وشاد عماد المعالي بأربابها وصانها عما دهى
نحمده على نعمه التي بدأت بالمعروف وتممت وخصصت بالإحسان وعممت وبرأت من النقائص وسلمت وفلت بالألطاف الخفية صوارم الحوادث وثلمت ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تضيء بها الحنادس وتزكو بأنوائها منابت الإيمان والمغارس وتسمو باقتنائها إلى عليين النفوس النفائس ويرغم المؤمنون بأعلائها من الكفار المعاطس ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي تمم للناس مكارم الأخلاق وأخجل بجود كفه الفياض صوب الغيث الدفاق وفضح البدر اللياح في الدجى بنور جبينه البراق وتقدم النبيين والمرسلين في حلبة الشرف على جواد فضله السباق صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه أعلى من نصبوا للهدى أعلاما وأرقى من أصبح العلم لفضلهم الباهر رقاما وأحلى من كان الزمان بوجودهم وجودهم للعفاة أحلاما وأقوى من كان الإيمان بهم إذا استنجد على الكفر أقواما صلاة لا ينفد لها أمد ولا يفنى لها مدد ما شب بارق وخمد وشفى الغمام طرف زهر من الرمد وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين
وبعد فإن مدارس العلم الشريف لها الذكر الخالد والشرف الطارف والتالد بها تتبين فوارس الجلاد في مضايق الجدال وتتجلى بدور الكلام في مطالع الكمال وتبدو شموس الجمال فيما لها من فسيح المجال والمدرسة الناصرية أثاب الله تعالى واقفها هي الواسطة في عقودها والدرة الثمينة بلا كفء لهابين قيم نقودها قد تدبج فيها البناء وتأرج عليها الثناء وتخرج عنها الحسن فإن له بها مزيد اعتناء
وكان المقر الفلاني قد نفض يده من عنانها ورفض عن اختيار بهاء جنانها وثنى طلبته عن محاورتها ورمى أمنيته من مجاورتها فساء من بها من أهل العلم فراقه وأوحشهم وجهه الذي أخجل البدور رونقه والبحر اندفاقه وفقدوا مكارمه التي ما سمع السمعاني بمثلها ولا وصلت إلى الصولي ولا ضمتها أوراقه
فلذلك رسم بالأمر العالي أن يعاد إلى تدريسها لأن العود أمدح وأحمد والرجوع إلىالحق أسعف وأسعد
فليباشر ما فوض إليه مباشرة ألفت من كمال أدواته وعرفت من جمال ذاته ناشرا أعلام علومه المتنوعة وفضائله التي تقصر عن الثناء عليها أنفاس الرياض المتضوعة فلو عاصره ابن عطية أمسك عنه في تفسيره أو صاحب الكشاف لغطى رأسه من تقصيره أو الرافعي لأصبحت راية رأيه في الفقه خافضة رافعة أو النووي رحمه الله لاستعار منه زهرات روضته اليانعة أو الآمدي لما امتدت له معه في أصوله خطوة أو ابن
الحاجب لما كان له مع ابن الحاجب حظوة أو ابن يعيش لمات ذكره في النحو فكان فقيدا أو ابن مالك لأمسى تسهيله تعقيدا أو الشبلي لعلم أنه ما شب له في التصرف مثل شبله أو ابن عربي لأعرب عن عجمه وما تمسك صوفي بحبله إلى غير ذلك من إنشاء إنشاء ساد في العبدين عبد الحميد وعبد الرحيم ونظم كلما نظمأ إلى رشفه طافت علينا قوافيه بكأس مزاجها من تسنيم وعلى الجملة فتفصيل معارفه يضيق عن فضها فضاء هذا التوقيع الكريم وسرد محاسنه لا تتسع له حواشي هذا البرد الرقيم ولكن أشارت أنملة القلم منها إلى نبذه وعلمنا أن القلوب تشتاق إلى أوصافه ففلذنا لها من ذلك فلذة
وأما الوصايا فمثله لا يذكر بشيء منها ولا يقال له دع هذه الودعة وهذه الدرة صنها لأن الأمر والنهي له في ذلك وإذا أطلع بدور وصية ضوأ أحوال الدياجي الحوالك ولكن تقوى الله عز و جل ذكرها في كل توقيع طرازه
المعلم ونكتته التي طودها لا يثل وحدها لا يثلم فليكن مستصحب حالها الحالي مستصعب فراقها الذي يهونه البال البالي والله تعالى لا يخلي ربوع العلم من أنسه ويجعل سعده في غد زائدا كما زاد في يومه على أمسه والخط الكريم أعلاه حجة في ثبوت العمل بمقتضاه
وهذه نسخة توقيع بتدريس المدرسة النورية من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة كتب به لقاضي القضاة نجم الدين الحنفي بنزول والده عنها بالجناب الكريم وهي
الحمد لله الذي أنمى أهلة العلم فأبدرت وفروعه فأثمرت ونجومه فاستقلت مطالعها النورية وتنورت ولآلئه في بحار اللفظ والفضل فتجوهرت وأنهاره التي أخذت في المد ماخذ تلك البحار فاسترحبت واستبحرت
نحمده على نعمه التي قرت وقرت ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة إذا خصلها اليقين وفرت وإذا نصلها الإخلاص مضت في أوداج الباطل وفرت ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الحاكم في فصل الأقضية لما شجرت والناظم درر الإيمان حتى زهت في أعناق العقائد وزهرت صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه فئة الحق التي ظهرت وطهرت وعصابة الإسلام التي سرت خلفها سرايا الدين فهاجرت في الله ونصرت
صلاة طيبة تحلو إذا تكررت وتحية باقية تشرق شمسها إذا الشمس كورت وتعبق نفحات نشرها إذا الصحف نشرت
أما بعد فإن منازل العلم من خير ما أبقى الآباء للأعقاب وأكمل ما ذخر لنجباء الأبناء على مدى الأحقاب وأعدل ما شهد بلسان حاله المتمثل أن وكر العقاب لابن العقاب وكانت المدرسة النورية الكبرى بدمشق المحروسة هي الواسطة والمدارس درر والصبح وأوطان العلم غرر ومنزلة الحكم الأمنع وبيت القضاء الذي أذن الله لقدره أن يرفع ومكان ذي اليد الماضي سيف حكمه إذا قرعت العصا لذي الإصبع وذات العماد التي ادخرها لنجله وأعد فضلها في العباد والبلاد لفضله وكان ذلك قد نزل لولده فلان عن الحكم على هذا الحكم ونطق بمزية الاستحقاق وقلوب بعض الأعداء صم بكم ورغب أجله الله فيما يرغب فيه من الانقطاع ذو السن العالي والقدر الغالي وانتظم تقليده الشريف فكان أجود حلية على أحسن جيد حالي ثم التوقيع بتدريس هذه المدرسة التي زكي في أهل الفضل شهيدها ونظرها الذي خلف في حكمه ولي عهده عن أبيه فلله أمين هذه الخلافة ورشيدها
ولذلك رسم بالأمر الشريف أن يفوض إلى فلان تدريس المدرسة النورية ونظرها لاستحقاقه لها بشفعة منصب الحكم العزيز ومنشإ الفضل الحريز ووجيز النزول المكتتب وقبول هبة والده الذي يعتاد أن يهب الجليل لمن يهب وتشريفه بإنعامها النفيس وإجلاسه بها على مرتبة حكم وبساط نظر وسجادة تدريس وعلما بأن نجم ذلك النير أولى بهذه المنازل وشبل ذلك الأسد أحق بهذا الغاب الماثل وأنه كوكب هذا المذهب المنير وإمام جامعيه المعروفين كبير وصغير وصاحب شبيبة العزم المقتبل والرأي الموفي على
قياس الأمل وتجنيس الجود والإجادة وتكميل بحري العلم والبر واجتهاد الزيادة وأنه ممن آتاه الله رفعة في القدر والاسم وزاده بسطة في العلم والجسم وأحكم بديهة علمه فما تستوقف الاسماع رويته وأعلاه وعظمه فما هو النجم الذي تستصغر الأبصار رؤيته
فليباشر تدريس هذه المدرسة ونظرها بعزمه الباهر وصفا التالي بلسان الحمد ( وإبراهيم الذي وفى ) جاريا على أعراق نسبه المشهور فائض اللفظ والفضل فإنه بحر من البحور مظهرا من مباحثه التي تقلد العقول بأبهى مما تقلد النحور مهتديا من رأيه ومن بركة الواقف رضي الله عنه بنور على نور والله تعالى يزين بنجمه أفق السيادة ويزيد فيما وهبه من الفضل إن كان التمام يقبل زيادة
توقيع بتدريس المدرسة الريحانية الحنفية من إنشاء ابن نباتة كتب به للقاضي عماد الدين الحنفي بالجناب الكريم وهو
الحمد لله الذي جمل مدارس العلم بذات عمادها وصاحب نفلها واجتهادها ومنشر عهدها ومنشيء عهادها وواصل مناسبها التي لو ادعاها دونه زيد لكانت دعوى زيادها ومفصح فتاويها على منبر قلم اهتز عوده ونفح وأطرب فناهيك بثلاثة أعوادها
نحمده على نعمه التي قضى الحمد بازديادها ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تعدها النفس لمعادها ونشهد أن محمدا عبده ورسوله هادي الأمة إلى سبيل رشادها صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه بحار العلم وأطوادها ما قامت الطروس والسطور لعيون الألفاظ مقام بياضها وسوادها
أما بعد فإن لمذاهب العلم رجالا يوضحون طرقها ويمدون في
المباحث طلقها ويعمرون مدارسها فيا لها من ذات دروس يكون العمران معتلقها ومعتنقها
ولما كانت المدرسة الريحانية بدمشق في أيدي العلماء نخبة ريحانية وشقيقة نفس نعمانية مأهولة المنازه والمنازل بكل ذي فضل جلي وعلم ملي ووصف كريم ونفس نفيس يتلقاه منهاروح وريحان وجنة نعيم وخلت الآن من إمام كرمت خلاله وعظمت خصاله ومضى وتمضى وما يبقى إلا الله جل عن الحوادث جلاله فتعين أن نختار لتدريس مكانها من يفتخر به المكان والزمان ويتشيد بزيادة علمه لصاحب مذهبها أضعاف ما شاده زياد للنعمان من شيد الشريعة الشريفة مقاله ومقامه وعلا عماده إلى عقود الشهب فلله مراده ومرامه من لو عاصره ابن الحسين لحسن أن يعترف بقدره الجليل وقال عند محاضرة بحثه كما قال أبو يوسف فصبر جميل واستزاد شمس الشريعة فكيف السراج من لمعه البريقة وقال ابن الساعاتي ما رأيت أرفع من هذا القدر درجة ولا أبدع من هذا الذهن دقيقه
ولذلك رسم بالأمر الشريف لا زال عاليا بأمره كل عماد زاهيا بمحامد ملكه كل ناطق وجماد أن يفوض لفلان لأنه المعني بما تقدم من الأوصاف الحلوة إذا تكررت والمقصود بألفاظها إذا تعنونت الأفهام وتيسرت والمعوذة فرائد مباحثه المفرقة ب ( إذا الكواكب انتثرت وإذا البحار فجرت ) وإمام المذهب الحنفي والحكم الأحنفي وحصاة القلب التي
تنسف بإشارتها جبال النسفي ولسان النظر الذي أشرف على بعده فاختفى في قربه المشرفي وصاحب الفنون وما وسقت وأفنان الحكم والحكم وما بسقت ونعوت الفضل والفضائل وما عطفت من البيان ونسقت
فليتول تدريس هذه المدرسة المعمورة مؤيد الولاية مجدد البداية لحنيفيتها والنهاية ساجدا قلم الفتاوى والفتوة كلما تلا كرمه وكلمه آية بعد آية منفقا من ألفاظه حتى يستغني عن الكنز وصاحبه ويرد فرع المقال على الأصل وطالبه ويعرض عن أعاريض البسيط ويغرق في أفكار وارده المحيط ويمد سماط العلم الذي وفى بعد القدوري وما خان وتفخر بقاضيها أعظم مدينة فما يضرها فقد قاضي خان وتتذكر المقدمية في طلبته فوائد الحلقة وينتقل الجناب الكريم من تقدمتها إلى ما هو أوفى في الغرض وأوفر في النفقة والله تعالى يزيد رتب العلم به سرورا ويجعل له باستطلاعها كتاب حكم وحكم يلقاه منشورا
وهذه نسخة توقيع بتصدير بالجامع الأموي كتب به لقاضي القضاة علم
الدين ابن القفصي قاضي قضاة دمشق بالمقر الشريف وهي من تلفيق كتاب الزمان على أنها بالمدرس أليق منها بالمصدر وهي
الحمد لله الذي أعلى علم أئمة الدين إلى أعلى الغرف وميزهم بالعلم الشريف الذي يسمو شرفه على كل شرف وأوضح بهم منهج الحق القويم فعلا بإرشادهم سبيل الهدى وانكشف
نحمده على ما أفاض من نعمه المتواترة كل حين ونشكره على إحياء معاهد المعابد بمن حذا حذو الأولياء المتقين حمدا يظهر الآيات المحمدية والبراهين ويبسط ظل من هو عن الحق لا يمين ونشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له رب العالمين الذي علم الإنسان ما لم يعلم وهو العالم بما تخفي الصدور ويعلم عباده المؤمنين ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أوتي علم الأولين والآخرين وكان من دعائه لشيبة اللهم فقهه في الدين صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الذي عملوا بما علموا فكانوا أئمة المسلمين والعمدة على أقوالهم التي نقلوها عن خاتم النبيين على توالي الأيام والجمع والأشهر والسنين وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فلما كانت أعلام العلماء في الآفاق منشورة وربوع الفوائد بطريقتهم المثلى معمورة وصدور المعابد الشريفة محتاجة إلى صلتها بكفئها الفرد مسرورة وكان فلان أسبغ الله تعالى ظلاله وضاعف جلاله هو الذي ملأت مباشرته العيون والأسماع وانعقدت على تفرده في عصره كلمة الإجماع واشتهر ذكره الجميل بأنواع المكرمات وأطاعه من مشكل المذهب ما هو على غيره شديد الامتناع وأضحت فضائله المدونة ولفظه الجلاب
وكنفه الموطأ للطلبة يغنيهم عن معاهد عبد الوهاب وعزيمته لا يلحق غبارها في المعارك ولا يظن خدام العلوم الشرعية والأدبية إلا أم مالك وابن مالك
فلذلك رسم بالأمر الشريف لا زال يجمع لمن برع في العلوم من ألوان المناصب المختلفة ويرفع قدر القوم الذين قلوبهم على التقوى مؤتلفة أن يستقر المشار إليه في وظيفة التصدير بالجامع الأموي بدمشق المحروسة عمره الله تعالى بذكره عوضا عن فلان بحكم نزوله عن برضاه حملا على ما بيده من النزول الشرعي بالمعلوم الذي يشهد به ديوان الوقف المبرور على أجمل عادة وصرفه إليه مهنأ ميسرا أسوة أمثاله
فليباشر هذه الوظيفة على عادة مباشراته التي حفت بالعلوم وافتخرت بحسن المنطوق الدال على المعنى المفهوم ويمد موائد علمه المحتوية على أنواع الفضائل وليبين ما يخفى على الطلبة بأوضح الدلائل وليؤد الفوائد الواصلة إلى الأذهان على أحسن أسلوب وليقرر الأصول التي امتدت فروعها بقواعد السنة المحمدية وفي ثمرها الجني تقوية القلوب وليكرم منهم من يضح فضله لديه ويبين وليبسط هممهم بقوله صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وليوضح طريق إرشاده ليسهل سلوكها عليهم وليجعل وفود فوائده في كل وقت واصلة إليهم وليتبع إمام دار الهجرة في مذهبه المذهب وليخلد من صفاته الجميلة ما يذهب الزمان ولا يذهب وليسمح للفقهاء بمواصلة فضله الأعم فإنه أن يهدى به واحد خير من حمر النعم
والوصيا كثيرة ومنه يطلب بيانها وبه تقوى أسبابها ويعلو بنيانها ولكن الذكرى تنفع المؤمنين ويظهر بها سر خبرهم ويستبين وتقوى الله تعالى هي
العروة الوثقى والخصلة التي بها يعظم كل واحد ويرقى فليواظب عليها وليصرف وجه العناية إليها والله تعالى المسؤول أن يجعل علم علمه دائما في الآفاق منشورا وذكره الطيب على ألسنة الخلائق كل أوان مذكورا
المرتبة الثانية من تواقيع أرباب الوظائف الدينية بحاضرة دمشق ما يفتتح
بأما بعد حمد الله وفيها عدة وظائفوهذه نسخ تواقيع من ذلك
توقيع بقضاء العسكر بدمشق كتب به للقاضي شمس الدين محمد الإخنائي الشافعي بالجناب العالي وهو
أما بعد حمد الله تعالى مضاعف النعمة ومرادف رتب الإحسان لمن أخلص في الخدمة ومجدد منازل السعد لمن أطلعت كواكب اهتمامه في آفاق الأمور المهمة والصلاة والسلام الأتمين الأكملين على سيدنا محمد وآله الذي بشر بنصر هذه الأمة ووعد بأن سيكشف به غمام كل غمة وأنه يتجاوز عن أهلها بشفاعته وكيف لا وقد أرسل للعالمين رحمة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تجزل لقائلها نصيبه من الأجر وتوفر قسمه فإن أحق الأولياء من تأكدت له أسباب السعادة وكافأناه بالحسنى وزيادة وبلغناه من إقبالنا غاية مآربه ومطالبه وعرفت منه العلوم التي لا يشك فيها والنباهة التي لا يقدر أحد من أقرانه يوفيها والخبرة الوافية الوافرة والديانة الباطنة والظاهرة وسار بعلومه المثل وسلك مسلك الأولياء في العلم والعمل واعتبرت أحواله التي توجب
التقديم واختبرت فعاله التي ضاعفت له مزيد التكريم
وكان فلان أدام الله تعالى نعمته هو الذي أتقن العلوم بحثا وتهذيبا وبرهن عن المسائل الشرعية بأفهام تزيدها إلى الطالبين تقريبا وأوضح عويص مشكلاتها وصحح من ألسن العرب لغاتها
فلذلك رسم بالأمر العالي لا زالت شمسه بالعناية مشرقة وأنواء فضائل أوليائه مغدقة أن يستقر فلان في وظيفة قضاء العساكر المنصورة الشامية حملا على ما بيده من النزول الشرعي على عادة من تقدمه في ذلك وقاعدته ومعلومه الذي يشهد به الديوان المعمور إلى آخر وقت فهو الحاكم الذي لم يزل للعساكر المنصورة نعم الصاحب والمورد على سمعهم من الأحكام الشرعية ما يقتدي به الحاضر والغائب والقائم بأعباء العساكر المنصورة والحافظ لنظام الملك الشريف على أحسن صورة
فليباشر هذه الوظيفة المباركة وليحل في قضاء العساكر المنصورة بطلعته السنية وليفصل بينهم في الأسفار كل قضية وليعرفهم طرق القواعد الشرعية وليحترز في كل ما يأتيه ويذره ويقصده ويحذره ويورده ويصدره
والوصايا كثيرة ومنه تستفاد وإليه يرجع أمرها ويعاد ولكن لا بد للقلم من المرح في ميدان التذكار والتنبيه على منهاج التقوى التي هي أجمل شعار والله تعالى يمنحه من إحساننا جزيل العطاء والإيثار ويسمعه من أنباء كرمنا كل آونة أطيب الأخبار بمنه وكرمه
توقيع بنظر جامع يلبغا اليحياوي كتب به للأمير جمال الدين يوسف شاه العمري الظاهري بالجناب الكريم وهو
أما بعد حمد الله الذي أظهر جمال الأتقياء في كل مشهد وجامع وقدمه بما أولاه على كل ساجد وراكع وخصه من فضله بما قصرت عنه الآمال والمطامع والصلاة والسلام الأتمين الأكملين على سيدنا محمد عبده ورسوله مولي الخير الواسع والإحسان المتتابع ومن أحيا جود جوده النفوس وسر القلوب وأطرب ذكر عظاته المسامع وعلى آله وصحبه النجوم الطوالع والذين أودعهم العلم الذي آتاه لإقامة دينه من لا تخيب لديه الودائع والتشريف والإكرام والتبجيل والإعظام فإن أولى من رعينا له حق الخدم ووقوفه في الطاعة الشريفة على أثبت قدم من قام بما لم يقم به غيره وحسنت سيرته وسيره
وكان فلان أدام الله تعالى نعمته وحرس من الغير مهجته ممن جمل الممالك ودبرها وضبط أموال الأوقاف وحررها وارتفع على الرؤوس وحصل أموال الأوقاف التي فطر تحصيلها أكباد الخونة وسر من مستحقيها النفوس تعين أن نعرف له مقداره الذي لا يخفى ونوفيه بعض حقه فإنه الذي بالإحسان قد أوفى
فلذلك رسم بالأمر الشريف لا زال يقبل على فضل وليه ويضاعف له البر المستمطر من غيث جوده ووليه أن يستقر فلان في كذا على عادة من تقدمه في ذلك ومستقر قاعدته بالمعلوم الشاهد به ديوان الوقف المبرور إلى آخر وقت
فليباشر هذه الأوقاف وليسلك فيها طرق العدل والإنصاف وليتبع شرط واقفها رحمه الله تعالى المجمع على صحته من غير خلاف وليحي ما تشعث وتخرب في الجامع المشار إليه وأوقافه بعين بصيرته وليقم بالمعروف من معرفته وهو أعزه الله تعالى أولى من باشره وعمر داثره وأحرى من تحرى
مباره ومآثره وميز أوقافه وتدارك بتلافيه تلافه وهو غني عن شرح الوصايا فإنها من آدابه تعرف ومن بحر أدواته تغرف وملاكها تقوى الله تعالى الرؤوف فليكن على مستحقي هذا الوقف عطوف والله تعالى يجزل له أجرا ويجعل له ما يفعله من الخير ذخرا
توقيع بنظر تربة أرغون شاه كتب به لقجا السيفي بوطا بالجناب العالي وهو
أما بعد حمد الله الذي بلغ الأولياء من مبراته الأمل والإرادة وألقى مقاليد الأمور إلى من استحق بحسن مباشرته الزيادة والصلاة والسلام الأتمين الأكملين على سيدنا محمد عبده ورسوله صاحب لواء الحمد والنصر ومن جاءت آيات تفضيله كفلق الصبح وجملت محاسنه كل عصر وعلى آله وصحبه الذين نصروه فنصرهم الله وحجبوه بأنفسهم عن البأس ولم يحجبوه عن الناس لخفض جناحه لمولاه والتشريف والتكريم والتبجيل والتعظيم
ولما كان فلان أدام الله تعالى نعمته وهو المعروف بالأوصاف الجميلة والمنعوت بالنعوت التي أتت في وصفه بكل فضيلة فلذلك رسم بالأمر العالي لا زال إحسانه عميما وفضله لذوي الاستحقاق أبدا مقيما أن يستقر فلان في كذا على عادة من تقدمه في ذلك ومستقر قاعدته بالمعلوم الذي يشهد به ديوان الوقف المبرور إلى آخر وقت
فليباشر ذلك بهمته العلية ونفسه الأبية والوصايا كثيرة وأهمها التقوى فليلازم عليها فإنها تحفظه وبالسيادة تلحظه والله تعالى يكمل توفيقه ويسهل إلى نجح المقاصد طريقه بمحمد وآله
توقيع بتدريس الجامع الأموي عودا إليه من إنشاء جمال الدين بن نباتة
كتب به للقاضي فخر الدين المصري وهو
أما بعد حمد الله معيد الحق إلى نصابه والغيث إلى مصابه والليث وإن غاب إلى مستقر غابه وشرف المكان إلى من هو أحق وأولى به وبحر العلوم إلى دوائر محافله في الدروس وإلى قوي أسبابه والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي هاجر فرجع بغنيمته وإيابه وطلع من ثنيات الوداع طلوع البدر المشرق في أثناء سحابه وعلى آله وصحبه الشائمين سبل صوبه السالكين سبيل صوابه ما قطف من غصون أقلام العلماء ثمر البيان والتبيين متشابها وغير متشابه فإن شرف الكواكب في سيرها ورجوعها ونمو تشعلها ما بين فترة مغيبها وطلوعها لا سيما العلماء الذين يهتدى بأنوارهم ويقتدى بآثارهم ومصابيح الحق التي تقدح ولا يقدح في أزندة أفكارهم
وكان من قصد بهذا التلويح ذكره وعرف من هذا المعنى المفهوم فخره قد حمد بمجالس التصدير بالجامع الأموي ما ذكره من سلف أعيانه وقام بوجود الدليل على وجود ماضي برهانه وجادل لسانه وقلم يده عن الشريعة وغيره من العي لا من يده ولا من لسانه ثم هجر مكانه هجرة على العذر محمولة وهاجر إلى حرم الله تعالى وحرم رسوله صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه هجرة مقبولة ورام بعض الصبيان التقدم إلى رتبة الشيخ فقالت إليك عني فأنا من مخطوبات الأكابر فما أنا منك ولا أنت مني ثم حضر إلى محله الكريم من غاب ورجع إلى مستقره الأمثل به وما كل حمزة أسد الله فليسكن في ذلك الغاب
فلذلك رسم بالأمر الشريف لا زالت صلات مراسمه جميلة العوائد جليلة الفوائد وأقلامها أغصانها ممدود بها الرزق فهي على الوصفين موائد أن يستمر على عادته في كذا وكذا وإبطال ما كتب به لغيره عملا باختبار الحاضر واختيار نظر الناظر وعلما بأن هذه المرتبة لمن له إتقان عقلها
ونقلها وتلاوة في موضع الوقف ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها )
فقولا للممنوع ما كل عز بدائم ولا كل ذي طلب بكمال الوجوب قائم ومن أين لهذه الرتبة مثل هذا الكفء الذي اشتهر فخره وزهت به على الأمصار شامه ومصره وهذا الإمام وكل مضاه مأموم وهذا المقدام تحت علم العلم وكل مباه مهزوم وهذا الثابت وكل ند مشرد وهذا الكامل وكل ضد مبرد
فليستمر على عادته الجميلة مجملا لزمانه ومكانه مكملا في وشائع العلم ما يشي ابن الصباغ من ألوانه مالكا لما حرره الشافعي جازما بفعل ما نصبه الرافعي ساميا عن وفاء الواصف فسواء في ذكره إسراف بيان أو إسراف عي شاملا للطلبة المعتادين بعطفه مقابلا للمستفتين بلطائفه ولطفه باحثا عن درر الجدال بفكره إذا بحث قلم بعض المجادلين عن حتفه بظلفه داعيا لهذا الملك الصالحي فإن دعاء العالم الصالح سور من بين يديه ومن خلفه والله تعالى يجريه على خير العوائد ويمده بإقبال النعم الزوائد بمنه وكرمه
توقيع بتدريس المدرسة الدماغية بدمشق من إنشاء ابن نباتة كتب به للقاضي جمال الدين أبي الطيب الحسن بن علي الشافعي وهو
أما بعد حمد الله رافع منادى العلم بمفرده وبيت التقى بقافية سؤدده
ونظم المفاخر بمن إذ قيل أبو الطيب أصغى الحفل لمنشده ومشهد الفضل بإمامه وحسبك من يكون الحسن بن علي إمام مشهده والصلاة والسلام على سيدنا محمد عبده ورسوله سيد الخلق وسنده وعلى آله وصحبه السائرين في العلم والحلم على جدده ما سحب نسيم الروض برده وافتر لعس السحاب عن ثغر برده فإن للعلم أبناء ينشأون في ظلاله ويسكنون في حلاله ويفرقون للخلق بين حرام المشتبه وحلاله ويجملون وجه الزمان فلا عدم الزمان منهم جمال وجهه ولا وجه جماله ترتشف شفاه المدارس من كلمهم كل عذب المساغ وتشافه منهم كل ذي فضل ما هو عند البلاغ ببلاغ وتشاهد ما خصوا به من الشرف والرآسة فلا عجب أن محلهم منهما محل الدماغ
وكانت المدرسة الشافعية الدماغية بدمشق المحروسة رأسا في مدارس العلم وهامة في أعضاء منازل ذوي الحكم والحلم لا تسمو همتها إلا بكل سامي العمامة هامي الفضل كالغمامة ساجع اللفظ إلا أنه أبهى وأزهى من طوق الحمامة كائد للملحد مكرم للطالب ولا كيد لابن الخطيب ولا كرامة واسطة بين العادلية والأشرفية تليق بمن يكون عقد كلامه المثمن ونظامه الأمكن وبيانه المنشد أجارة بيتينا يعني بيت النسب وبيت المسكن
فلذلك رسم بالأمر الشريف لا زال يجدد لوجوه العلم جمالا ولوجوب الحمد نوالا ولوجود الفضل كرما ما قال قط ولا نوى لا أن يفوض إلى فلان أيد الله مجده وحرس للمسلمين أباه وأعلى بالسعادة جده تدريس المدرسة الدماغية المذكورة لأنه جمال العلم المعقودة على خطبته الآمال المعدوقة بمقدمات فضله وفصله نتائج الأقوال الصالحة والأعمال المحبوبة إلى الله والخلق سيماه وشيمه ولا نكر فإن الله جميل يحب الجمال ولأنه العالم
الذي إذا قال لم يترك مقالا لقائل وإذا شرح على قياسه أتى بما لم تستطعه الأوائل وإذا جارى العلماء كاد إمام الحرمين يقول أنا المصلي وأنت السابق والغزالي من لي أن أنسج على منوال هذا اللفظ الرائق وابن دقيق العيد ليت لي من هذه الدقائق بلغة وابن الصباغ هذا الذي صبغه الله من المهد عالما ومن أحسن من الله صبغة ولأنه العالم الذي أحيا ذكر ابن نقطة بعدما دارت عليه الدوائر وأغنى وحده دمشق عمن أتى في النسب بعساكر ولأنه في البيان ذو الانتقاد والانتقاء والعربي الذي إن كان لرقاب الفضلاء ابن مالك فإن قرينه أبو البقاء والكامل حسبا ومثل جيده المنقود لا يبهرج والواصل نسبا ومثل فرعه بعد أصله ولله أوس آخرون وخزرج
فليباشر هذا التدريس بعزائم سرية ومباحث تستنار منها معارف القول التبرية وطرائف لا تحبس بدمشق على نقداتها المصرية ولينصر مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه فإن قومه الأنصار وليخفض جناحه للطلبة فطالما خفضت الملائكة أجنحتها ليصير فلا عجب أن صار وليفد وافديه وهو قاعد أضعاف ما أفادهم صاحب المكان وهو واقف وتقوى الله عز و جل أولى ما طالعه في سره وجهره من عوارف المعارف والله تعالى يمده بإسعاده
ولطفه ويحوطه بمعقبات من بين يديه ومن خلفه ويضيء بارق كلمه الصيب ويطرب أسماع الطلبة بالطيب من معاني أبي الطيب
توقيع بتدريس المدرسة الركنية الحنفية بظاهر دمشق كتب به للقاضي بدر الدين محمد بن أبي المنصور الحنفي بالمقر العالي وهو
أما بعد حمد الله الذي أطلع بدر الدين مشرقا في منازل السعود وحرس سماء مجده فلا يطيق من رام جنابها الاستطراق إليها ولا الصعود وجعل ركنه الشديد في أيامنا الزاهرة المشيد وظله الممدود والصلاة والسلام الأتمين الأكملين على سيدنا محمد ذي الحوض المورود والكرم والجود وعلى آله وصحبه نجوم الهدى وأعيان الوجود ما أورق عود وحمدت عقبى الصدور والورود صلاة دائمة إلى اليوم الموعود فإن أعلام الهدى لم تزل منشورة بمعالم العلماء وأقطار الأرض مابرحت مشرقة بمن تستغفر لهم الحيتان في البحر والملائكة في السماء وطول الأرض إلى فضائلهم أشد اضطرارا وأحوج إلى القرب إليهم والانتماء وكان فلان أدام الله تعالى تأييده من بيت شهدت الأيام مفاخره وحمد الأنام أوائله وأواخره وأضحت عيون الزمان إلى مآثره ناظرة وغصون الفنون بفرائده ناضرة وأوصافه الجليلة للأبصار والبصائر باهرة وأصناف الفضائل من إملائه وارده صادرة
فلذلك رسم بالأمر العالي زاده الله تعالى على العلماء إقبالا وضاعف إحسانه إليهم ووالى أن يستمر المشار إليه فيما هو مستمر فيه من تدريس المدرسة الركنية الحنفية بظاهر دمشق المحروسة حملا على ما بيده من الولاية الشرعية والتوقيع الشريف رعاية لجانبه وتوقيرا وإجابة لقصده الجميل وتوفيرا واستمرارا بالأحق وتقريرا
فليباشر ذلك مباشرة ألفت منه واشتهر وصفها الزكي عنه وليوضح للطلبة سبل الهداية وليوصلهم من مقاصدهم الجميلة إلى الغاية وليسلك
طريقه والده فإنها الطريقة المثلى وليتحل من جواهر فرائده فإنها أعلى قيمة وأغلى وليمل على الأسماع فضائله التي لا تمل حين تملى
وهذه نسخة توقيع بتدريس المدرسة الخاتونية البرانية الحنفية بدمشق كتب بها للشيخ صدر الدين علي بن الآدمي الحنفي بالجناب الكريم وكأنه في الأصل لمن لقبه بدر الدين لأن البدر هو المناسب لهذا الافتتاح فنقله بعض جهله الكتاب إلى صدر الدين كما تراه وهذه نسخته
أما بعد حمد الله الذي زان أهل العلم الشريف بصدر أخفى نوره الشموس وأعلاه لما حازه من الشرف الأعلى على الرؤوس وجعل كل قلب يأوي إلى تبيان بيانه يوم الدروس والصلاة والسلام الأتمين الأكملين على سيدنا محمد الذي أذهب الله ببركته عن هذه الأمة كل مكر وبوس وخصهم في الدنيا بطيب الحياة وفي الآخرة بسرور النفوس وعلى آله وصحبه صلاة مثمرة الغروس فإن أولى من تنصرف إليه الهمم من تبدو دلائل علمه كنور لا نار على علم وتسير فضائله في الآفاق سير الشموس والأقمار وتبرز إذا يبديها صدره من حجب وأستار
وكان فلان ضاعف الله تعالى نعمته وحرس من الغير مهجته هو الذي أشير إلى ما حواه صدره الكريم من الفضائل واشتهر في دروسه بإقامة الحجج وإيضاح الدلائل وبرع في العلوم الدينية وفاق أبناء عصره في الصناعة الأدبية وأنفق كنزه على الطلاب فأصبح عمدة المحدثين وأمسى مختار الأصحاب أبو يعلى ينزل ببابه وابن عقيل يرتد على أعقابه وابن
الحاجب يرفعه على عينه والرازي يدخر كسبه لوفاء دينه وابن بطة يطير من مواقع سهامه ومقاتل مجروح بحد كلامه وابن قدامة متأخر عن مجاراته والأثرم يخرس عند سماع عباراته
فلذلك رسم بالأمر العالي لا زال يجمع لمن برع في العلوم من ألوان المناصب المختلفة ويرفع قدر القوم الذين قلوبهم على التقوى مؤتلفة أن يستمر الجناب الكريم المشار إليه بالمدرسة الخاتونية البرانية الحنفية حملا على ما بيده من النزول الشرعي والولاية الشرعية لأنه الخلاصة التي صفت من الأقذار والعدة ليوم الجدال إذا ولى غيره الأدبار والمختار الذي جنحت المناصب السنية إلى اختياره دون من سواه رغبة فيما ادخره من الفضائل وحواه بدايته نهاية الطلاب وعلومه تحفة الأصحاب إن حدث فابن معن بصحة نقله يحيا أو فسر فمجاهد عن مجاراته يعيا والزمخشري يبعد عن الجوار والبغوي يبتغي الوقوف على الآثار وسيبويه عندما ينحو يقصد التسهيل من لفظه المغرب المعرب وابن عصفور يكاد يطير طربا لمايبديه من المرقص المطرب وأبو يوسف أصبح بصحبته منصورا ومحمد بن الحسن أضحى برفعته مسرورا هو في القدر علي وفي الطريقة محمود وفي العلوم محمد وفي النطق والحركة سعيد وفي النظر أسعد وفي النضارة النعمان وطاووس يتحلى جزءا من كمال خصاله والحسن يقتدي بحسن فعاله نشأ في العفة والصيانة وكفله التوفيق وزانته الأمانة فهو بحر العلوم ومستخلص درها المكنون ومظهر سرها المكتوم لو رآه الإمام لقاس علاه بالشمس المنيرة ولو عاصر الأصحاب لغدت أعينهم به قريرة
فليباشر هاتين الوظيفتين اللتين اكتستا به بعد نور الشمس جلالا وليلق علومه التي يقول القائل عند سماعها هكذا هكذا وإلا فلا لا وليعلم الطلبة إذا أدهشتهم كثرة علومه أن فوق كل ذي علم عليم وليتكرم عليهم بكثرة الإفادة فإن عليا هو الكريم وليفق في مباشرة النظر كل مثيل ونظير ولا ينبئك مثل
خبير وليجتهد على عمارة معاهدها بذكر الله تعالى وأداء الوظائف بحسن ملاحظته ليزداد عند الخليقة جلالا وفيه بحمد الله ما يغني عن تأكيد الوصايا ويعين على السداد وفصل القضايا وكيف لا وهو الخبير بما يأتي ويذر والصدر الذي لا يعدو الصواب في ورد ولا صدر والله تعالى يسر القلوب بعلو مراتبه ويقر العيون ببلوغ مقاصده ومآربه بمنه وكرمه
توقيع بخطابة جامع جراح من إنشاء ابن نباته كتب به لشرف الدين ابن عمرون بالمجلس العالي وهو
أما بعد حمد الله الذي قسم للمنابر شرفا يتجدد وعطفا من الفصحاء يتأكد وعلما مرفوعا لا يتعدى وعلما منصوبا لا يتعدى والصلاة والسلام على سيد الثقلين وصاحب القبلتين محمد وعلى آله وصحبه القانتين القائمين الركع السجد ما عظم خطيب ومجد وبدا في حلية سيادة وأهبة خطابة وهو على الحالين مسود فإن لصهوات المنابر فرسانا ولصدور المحاريب أعيانا ولعيون المشاهد أناسي يراعي منها الاستحقاق لكل عين إنسانا
ولما كان جامع جراح المعمور بذكر الله تعالى مما أسس على التقوى ووسم بأهل الزهد سمة إذا ضعفت السمات تقوى مجمع الصلحاء من كل ناحية ومنتجع الفقراء فنعم الجامع لهم ونعمت الزاوية ومفزع العظماء عند استدفاع حرب وكرب ومطلع لنور الهداة الذي أغرب فأطلع نجومهم من الغرب تعين أن نختار له الخطباء والأئمة وننتخب لمنصبه من أفاضل الأمة وتتناسب حضار منبره بصاحب علومهم وأعلامهم وإمامهم المسرورين به يوم يأتي كل أناس بإمامهم
فرسم بالأمر لا زالت أعواد المنابر بذكره أرجة وأعلامها كالألسنة بحمده لهجة أن يفوض لفلان علما باستحقاق شرفه لهذه
الرتبة وصعود هذه الذروة والهضبة ولأنه الأولى بدرجات الرتب النفائس والأجدر بجنى فروعها الموائس والإمام على الحالين إذا قامت صفوف المساجد وإذا قعدت صفوف المدارس والعربي الذي إذا رقى ذروة منبر أطلقت عليه لفظة فارس والورع الذي آثر في مناصبه الباقية على الفانية ومنابر الحكم المضيئة على مراتب الحكم الماضية وعلى مجالس الدعاوى مجالس الدعوات وعلى مقام الصلات مقام الصلوات وعلى القضاء الفرض وعلى الرحبة المحل الأرقى ولو كمفحص القطاة من الأرض وعلى عرض الدنيا القليل جوهر الفضل الكثير وعلى كتاب أدب القاضي كتاب الجامع الصغير
فليباشر هذه الوظيفة المباركة خطيبا تدرأ مواعظه الخطوب واعظا من قلب تقي تصل هدايا تقاه إلى القلوب فصيحا تكاد المنابر تهتز طربا ببيانه نجيحا تكاد أجنحة أعلامها تطير فرحا بمكانه شاملا بنفحات فضله النواسم كاملا لو تقدم زمانه لم يقل فلا الكرج الدنيا ولا الناس قاسم والله تعالى يسدد أقواله وأفعاله ويرفع على المنابر والرتب والمراتب مقامه ومقاله ويمتعه بهذه الرتبة التي أشبهت معنى في الخلافة فلم يكن يصلح إلا لها ولم تكن تصلح إلا له
المرتبة الثالثة من تواقيع أرباب الوظائف الدينية بحاضرة دمشق ما يفتتح
برسم بالأمر وفيها وظائفوهذه نسخ تواقيع من ذلك
نسخة توقيع بالتدريس بالجامع الأموي والإفتاء به من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة كتب بها للشيخ فخر الدين المصري استمرارا بالمجلس العالي وهي
رسم بالأمر الشريف لا زال لدولته الفخر على الإطلاق والمن على الأعناق والكرم لطالبي الإرفاد والإرفاق والتكريم والتقديم لذوي التأهيل والاستحقاق ولا برحت النعم الثابتة للساجعين بمدحه المطرب قائمة مقام الأطواق أن يستقر فلان نفع الله ببقائه ورفع عيون الأنجم لدرجات ارتقائه لفوائده التي شملت الورى وعلت الذرا وحمدت الأفهام عند صباحها السرى وقعد بهامسبل ذيل الحياء وسار بذكره من لا يسير مشمرا ومنزلته التي نصبت للهدى علما وألفاظه التي أعربت عن بدائع بهرت فما فتح بمثلها العلماء فما واستنباطه الذي يقول للأول قال وقلتم وأقام وزلتم واحتياطه الذي يقول للسائلين اهبطوا من انتساب حلقته مصرا فإن لكم ما سألتم وأنه الفاضل الذي ما استنار بعلمه فتى فتاه والنافع الذي ما استطب بكلماته سقيم ذهن فلما تحركت شفتاه شفتاه كم جلس للأشغال فثنى أنفس المارة عن أشغالها ونصر العلم في حلقته المجندة فكان من أمرائها المنصور ولم يكن للأنداد من رجالها كم سلم لبيان بحثه الحقيقي والمجازي وكم سطرت لمناظرته المحمدية مع أهل الزيغ سير ومغازي وكم خلص دينار فهمه المصري على النقد فهيهات أن يروز مثله الرازي كم فخرت مصر بانتسابه ودمشق بسقيا سحابه وكم قال الرازي ليت لي هذا الفخر فأروي في الأول بفتى خطيبه وفي الآخر بفتي خطابه
فليستمر نفع الله به على وظيفته المأثورة وحلقته التي نصبت على مصايد كلماته المشهورة ومائدة علمه المنصوبة وذيول منافعها في الآفاق مجرورة وليواظب على جلوسه بالجامع المنشرح المشروح ودرسه المتضمن
فتح أبواب العلوم وغيره كما يقال على المفتوح سالكا من نهج الإفادة مسالكه مكاثرا بأجنحة فتاويه الطيارة ما يبسط لديه من أجنحة الملائكة متصرفا على عادة عبادته في مواطن العلم والعمل مستندا في جلسته إلى سارية يقول لها وقاره وحلمه يا سارية الجبل الجبل داعيا لهذه الدولة الشريفة فإن دعاء العالم مثله طائر لآفاق القبول من أوكار القبل والله تعالى يمده بعونه ولطفه ويحوط مجالس علمه بالملائكة المقربين من بين يديه ومن خلفه بمنه وكرمه
وهذه نسخة توقيع بتدريس مدرسة القصاعين من إنشاء ابن نباتة كتب به لفخر الدين أحمد بن الفصيح الحنفي المقري بالمجلس السامي وهي
رسم بالأمر الشريف لا زال يقدم من العلماء أفخرهم ذكرا وأحمدهم أمرا وأفصحهم نسب فضائل وفضائل نسب يقول الاستحقاق كلاهما وتمرا أن يرتب فلان لما شهر من علومه السنية وفوائده السرية ووجوه فضائله الحسنة وعيون كلماته المتيقظة إذا كانت بعض العيون مستوسنة ولأنه غريب في الوصف والمكان وصاحب علم لا يكاد يوجد له شقيق وإن كان منسوبا إلى النعمان وإمام قراءات ثبتت له فيها على أبي علي الحجة وتوضحت ببيانه المحجة وتعين محله الأثير وروى الطالب من علمه عن نافع ومن ذهنه في الفوائد عن ابن كثير وأنه فخر الحنفية القائم في السمعة مقام رازيها المطل بمنسر قلمه على المعاني إطلال بازيها الأكمل الذي له من علوم صدره خزانة الصدر الذي كل صدر يشهد له بعلو المكانة
فليباشر تدريس هذه المدرسة المباركة حقيقا بجلوس صدرها خليقا بتجديد شرفها وذكرها مظهرا للخبايا النكت في زواياها جديرا بأن يكون في خفايا المسائل ابن جلاها وطلاع ثناياها يملأ ببيان بحوثه فكر الواعي وسمعه ويشير ببنان قلم فتياه ما يتجدد له من رفعة ويبسط إدلال الطلبة حتى يأكلوا في القصاعية معه في القصعة والله تعالى يسره من مدارس الحنفية بهذه البداية ويقره بما يتجدد من وظائفها التالية ( وما نريهم من آية ) بمنه وكرمه
وهذه نسخة توقيع بتدريس المدرسة الطرخانية من إنشاء ابن نباتة كتب به للقاضي جمال الدين يوسف الحنفي بنزول من والده وهي
رسم بالأمر الشريف لا زالت مواطن العلم مكملة بذكره مبجلة بأمره مؤهلة لكل يوسفي الجمال يذكر عزيز شامه عزيز مصره أن يستقر فلان في كذا بحكم ما قرره مجلس الحكم العزيز الشافعي ونعم المالك لمذهب شافع واتباعا لما حرره الجناب الشريف التقوي ذو النسب الصحابي الذي كل أمر لأمره تابع وعملا بما رآه رأيه الكريم الذي إذا كان الجمال شافعا كان هو للجمال شافع وإذا أنشأ من أبناء العلماء فروعا لا تميل عليهم الأيام ميلة وإذا وقفت في طريقهم الأنداد قال اقتصار نسبه الأنصاري يأبى الله ذاك وبنو قيلة وقبولا لنزول هذا الوالد الذي أعرقت في آفاق العلم مطالعه وإقبالا على هذ الولد الذي نجحت في استحقاق التقديم مطامعه وعلما بنجابة هذا الفاضل الذي طاب أصلا وفرعا وقدم نفسه ووالده وترا وشفعا وهذا البادي الشبيبة الذي يأمر بفضائله على الشيب وينهى وهذا الواضح الدلالة على مفاخر قومه فحبذا الدعوى وبينتها منها وهذا النجيب الذي قدمه أبوه منجبا وذكاؤه
معجبا وقلمه في الأوراق معشبا واشتغاله إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت من محفوظات كتبي ما يقارب أحد عشر كوكبا وإذا درس كان لطلبته ملاذا وإذا عانده معاند قال برفيع همته يوسف أعرض عن هذا وإذا قرأ كتب فصاحته أذهل ذوي الألباب وإذا فتح لتفسير كتاب الله فاتحة عوذ بفضل ( الم ذلك الكتاب ) وإذا روى الأحاديث أطربت حقيقته السماع وإذا أخذ في دقائق النقل والعقل علم وعقل أن الفكرة صناع
فليباشر هذه المدرسة المباركة ببيان عربي وإن كان نسبها طرخانيا وعلم روضي لا يعرف العلماء شقيقه وإن كان مذهبه نعمانيا ومباحث تذكي نار قريحته فكم طبخ لأنداده من أصحاب القدوري قدرا ولزوم درس يسر أباه بمذهبه فإنه القاضي أبو يوسف خبرا في الحقيقة وخبرا والله تعالى يصون شبيبته المقبلة من طوارق الحدثان وينفع بعلوم بيته التي من شك منها في الحق فكأنه من الحدثان
وهذه نسخة توقيع بتصدير بالجامع الأموي من إنشاء ابن نباتة كتب به لشمس الدين بن الخطيب وهي
رسم بالأمر الشريف لا زالت نعمه ظاهرة الفضل كالشمس طاهرة الوضوح من دنس اللبس وافرة النمو فيومها قاصر عن الغد زائد على الأمس أن يرتب فلان في كذا ويرتب له كذا على المصالح فكم للمسلمين في جامع علمه مصالح وفي منافع قصده مناجح وفي فوائده نصيب وفي طرق هداه معالم ولا تنكر المعالم لابن الخطيب ليتناول هذا الراتب المستقر من أحل الجهات وأجلها وتكون شمسه المباركة خير شمس تجري لمستقر لها
عوضا عما نزل عنه من تدريس الحلقة المعدوقة بصاحب حمص وتصديرا بالجامع الأموي يبسط به أنواره الشمسية وينقل اسمه إلى إمرة العلم بدمشق عوضا عن الحلقة الحمصية فليعتمد ما رسم به ولا يتحول عما قضى العدل والإحسان بموجبه
الضرب الثاني من تواقيع أرباب الوظائف الدينية بالشام ما يكتب به لمن هو
بأعمال دمشق وهو على مرتبتين )المرتبة الأولى ما يفتتح بأما بعد حمد الله وفيها وظائف
توقيع بتدريس المدرسة النورية بحمص من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة كتب به للقاضي زين الدين عمر البلفياني بالمجلس العالي وهو
أما بعد حمد الله الذي جعل لوجوه العلم زينا وأي زين وأقر لأماكنها عينا بمن يكون التنبيه على فضل مكانته فرض عين ونشر أحاديثها بمن إذا حدث عن يد تمكنه في العقل والنقل قيل صدق ذو اليدين وأحيا مذاهبها بمن إذا عقدت الخناصر على أمثاله العلماء كان أول العقد وثاني الغيث وثالث العمرين والصلاة والسلام على سيدنا محمد عبده ورسوله الذي أوضح تبيين الهدى وسنه وأرهف شبا الحق وسنه وعلى آله وصحبه الذين منهم علي مفتاح مدينة العلم وعمر سراج أهل الجنة ما جرت أقلام العلم والجود في هذه الأيام الصالحية طلقة العنان مطلقة الأعنة فإن أولى العلماء بمدارس علم لا خلت ومجالس فهم عزت بأهلها فلا تعزلت ومشاهد عقل
ونقل لا عقلت ألسنتها بعد مستحقيها ولا انتقلت من أضاءت مشكاتها النورية بمصابيح كلمه وفتحت كمائمها النورية عن زهرات الهدى بقطرات قلمه وتذكرت بأوقاته الأخيرة عهود أهلها من هداة الإسلام وأوقات ذي سلمه
ولما كان فلان هو المقصود بخلاصة هذا المعنى والممدود إليه نظر هذا الوصف الأسنى والعالم الذي تشبث بأسباب محاسنه بلد الهرمين والسابق وإن خلا وقته الطاهر خلف وقت إمام الحرمين كم اجتنى ثمر الفوائد من أصل وفرع وكم بات قلمه من ورق فتاويه وإسكات مناويه بين وصل وقطع كم صدق برق بديهته الأفكار حين شامت وكم نبهت عند ليالي المشكلات عمر ثم نامت وكم تهادت نظره كتب العلم حتى قال كتاب الأم نعم الولد النجيب وقال كتاب الروضة نعم أخو الغائث الصائب على رياض القول المصيب وقال الشامل من فضله هذا لطلبته نهاية المطلب وقال التنبيه علىمحاسنه ليت النابغة رآه فدرى أي الرجال المهذب وكانت المدرسة الشهيدية النورية بحمص المحروسة قد شهدت مع من شهد بفضله وسعدت بنبله ووسمت بعلم علمه وسمت سمو الشهباء هذه بمقر تدريسه وهذه بمجلس حكمه ثم زار دمشق زورة
تشوقت إليه بعدها تلك المشاهد وتشوفت إلى العود هاتيك المعاهد وقضى الوفاء أن يعاد إليها أحسن إعادة وأن يرجع إلى الأماكن الشهيدية الشاهدة ببره فتكون منه عادة ومنها شهادة واقتضى الاستحقاق أن يردها بالمعلوم المستقر وزيادة وأحسن ما ورد البحر في الزيادة
فلذلك رسم بالأمر الشريف أعلاه الله وشرفه وحلى بسيره الصالحة سمع الدهر وشنفه أن يستقر فلان في تدريس المدرسة النورية بحمص المحروسة على عادته وعلى نهج إفاءته وإفادته بالمعلوم المقرر له بمجلس الحكم العزيز الشافعي بدمشق المحروسة رعاية لتلك المعاهد النورية التي تتأرج بها الآصال والبكر وأنوار القبول القائلة لوفدها الطارق عليك سلام الله يا عمر
فليعد إلى هذه الوظيفة عود الحلي إلى العاطل وليقبل على رتبته المرتقبة إقبال الغيث على الماحل وليقل بلسان تقدمه لمعانديه إن كان أعجبكم عامكم فعودوا إلى حمص في قابل ولينصر بقاعها الحمصية بجلاد جداله فإنها من أول جند الإسلام وليقم الآن في هذه الأوقات الشامية فإنه بركة الوقت والبركة في الشام مثمرا من أقلام علومه أزكى الغروس مظهرا من مباحثه النفائس مبهجا من طلبته النفوس عامرا لمعاهدها بدروسه ويا عجبا لمعاهد تعمر بالدروس ذاكرا للوصايا الحسنة التي لا تقص عليه فهو أخبر بها والتي من أولها وأولاها تقوى الله تعالى وهي بأفعاله أمسك من تفاعيل العروض بسببها والله تعالى يعضده في رحلته ومقامه ويمتع الرتب تارة بمجالس دروسه وتارة بمجالس أحكامه ويروي صدى مصر والشام من موارد علمه هذه بأوفى من نيلها وهذا بأوفر من غمامه
المرتبة الثانية من تواقيع أرباب الوظائف الدينية بأعمال دمشق ما يفتتح
برسم بالأمر وفيها وظائف )وهذه نسخ تواقيع من ذلك
نسخة توقيع بحسبة بعلبك من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة كتب بها لشهاب الدين بن أبي النور وهي
رسم بالأمر الشريف لا زالت شهب أوامره عالية السنا والسناء وفية لذوي الاستحقاق بمزيد الاعتناء والاغتناء جلية البر بمن شهد بحسن حسبته حتى لسان الميزان وفم الكيل وشفة الإناء أن يستمر فلان لما ذكر من أوصافه التي ضاعفت فيه الرغبة وحالفت به سمو الرتبة وشهدت بها حسبته تلو الشهود وحسبك من اجتمعت على فضله شهادة الفرض وشهادة الحسبة ولما صح من كفاءته وتجريبه ووضح في هذه الوظيفة من تدريبه التي تدري به ولما تعين من استمرار شهابه في المنزلة التي تكتسي من أضوائه وتكتسب وهذه الرتبة التي تعلو بمعرفته وكفاه أنه يرزق من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب وأنه فيا ذو الرأي الزائد والنفع الوارد والشهاب الذي نور هداه في وجه المريد وأثر كي حسبته في وجه المارد وأنه وليها ولاية لا تزال تذكر وتشكر وعرف بوفائها وكان أوفى من أمر بمعروف أو نهى عن منكر وأنه قام حق القيام حتى قال البلد رعى الله زمانك واجتهد حتى قال الاعتبار للميزان لا تذكر الزيغ ولا تحرك به لسانك
فليستمر في حسبته المباركة استمرارا يستحلى ذكره ويستجلى في الاسم شهابه وفي السمة بدره وليحتسب في نفع المسلمين حسبة يحتسب بها عند المملكة ثناءه وعند الملائكة أجره سالكا على نهج العزم الجميل جاعلا أول نظره من أقوات الرعية في الدقيق والجليل مستبينا لما التبس من غش المطاعم والمشارب فلم يستبن حاكما ولا سيما في قاعات بعلبك برأي
يفرق بين الماء واللبن حاثا على بيع المآكل بخبرة من ملإ بصره حريصا على أن لا ينشد لسان الداخل فيه ومن لم يمت بالسيف مات بغيره دافعا ضرر المجتري البائع عن المشتري المسكين ذكيا فيما يذكي فيذبح بسكين ويذبح متناوله بغير سكين قاضيا بالحق في كل ما يشترى ويباع متكلما في أنواع الملابس وغيرها بالباع والذراع وازنا بالعدل في كل موزون ومكيول رادعا لكل عمال مداهن في كل مدهون ومعمول حاملا على الحال المستقيم كل حي لديه وكل من هو على آلة حدباء محمول ومن زاد في الإضرار فليمنع زائده ومن زاد في الاشتطاط وتجبير الشراء فليقطع بالنكال زائده ومن دنس في الأشربة فلا يلبث أن يغلظ التأديب وأن يريقه ومن سقى الضعفاء منها كما يقال سقية فليسقه من السوط ما يكاد ينثر جسمه على الحقيقة ومن عانى صناعة ليس له فيها يد فليلزمه بما بسط في إفساده اليدين ومن حكم في صناعة الطب بما لم يسغ في المسائل فليصرفه منها بخفي حنين ومن تمرد في معاملته فليرده بالقهر إلى صالح مرده ومن عدا وعتا فليعامله بما يخرجه من الترح لا من الفرح من جلده مقداما في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا جزع مستعينا بالديوان فيماأهم فإن الله يزع بالسلطان مالا يزع مجتهدا فيما يزيد تقدم سعيه المشكور وصنعه المبرور منيرا لآفاق منصبه وكيف لا وهو الشهاب بن أبي النور وتقوى الله تعالى هي السبيل الأقوم فليكن لها منهاجا وليواظب على طريقة الحق فكم شر عنها حاد وكم خير منها جا
توقيع بنظر السبيل بدرب الحجاز بالركب الشامي من إنشاء ابن نباتة كتب به للقاضي قطب الدين السبكي وهو
رسم بالأمر لا زال يقر بالوظائف الدينية من يحبها وتحبه ومن يتوارد
على ذكره بادي الشكر وركبه ومن إذا بدت مطالع الخير فهو نيره وإذا دار فلك الثناء فهو قطبه أن يستقر لما ذكر من وصفه الجميل واستحقاقه الذي دل عليه البرهان في محفله وبرهن في موكبه الدليل وديانته التي هي لمباني الأوصاف الرفيعة أساس وكفاءته التي لها من نفسه نص ومن نفس قومه قياس ومرباه في بيت تقي صحت تجارب معدنه على السبك ودلت مناقبه على استحقاق الرتب التي يقول بشيرها قفا نبتسم ويقول حاسدها قفا نبك ولما تقدم من تشوفه لهذه العزمة الناجحة وتشوقه من هذه المبرة الشريفة الصالحية بسلوك تلك الفجاج الصالحة ولأن الضعف عاقه عن الماضي فأطلقته الآن هذه القوة وجعلت له بأوفى القادرين على الحسنات والإحسان أسوة ومكنته في هذه الشقة الطويلة على سحب أذيال المعروف من منزل الكسوة إلى منازل ذات الكسوة
فليباشر هذه الوظيفة المبرورة بعزم يبير من الوجد ماكنه وحزم يثير من المدح المشكور كامنه وسمعة على ألسنة التذكار يمضي وتبقى حتى تكاد تكون للكواكب السبعة ثامنة متصرفا في الإرفاد والإرفاق بآراء يؤيد الله بها الذين هم رفاق وأي رفاق منفقا في سبيل الله على يده أعدل إنفاق حاميا عدله من لفظة نفاق مخصبا بإنعام الدولة الشريفة في القفر الماحل حاملا للمنقطع على أنهض وأبرك الرواحل مواصلا لنقل الأزواد إقامته ومسيره وبالماء والشراب الطيبين الطهورين ضعيفه وفقيره وبأنواع الأدوية والعقاقير التي تعم متتابع الركب وعقيره وتجبر على الحالين كسيره وبوفاء جميع المستحقين تاليا عن لسان الدولة الشريفة ( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة ) داعيا بخلود ملكها في تلك المشاهد التي هي بقبول مصاعد الدعوات ونزول
مواعد البركات جديرة والله تعالى يتقبل دعاءه وسعيه ويحسن كلاءته ورعيه بمنه وكرمه
الصنف الثالث من التواقيع التي تكتب لأرباب الوظائف بدمشق ما يكتب لأرباب
الوظائف الديوانية وهي على ضربينالضرب الأول ما يكتب لمن بحاضرة دمشق منهم وهو على ثلاث مراتب
المرتبة الأولى ما يفتتح بالحمد لله وفيها وظائف
وهذه نسخ تواقيع من ذلكنسخة توقيع بكتابة الدست بدمشق كتب به لتاج الدين عبد الوهاب ابن المنجا التنوخي عوضا عن شمس الدين محمد بن حميد بالوفاة وهي
الحمد لله الذي جعل تاج الأولياء أينما حل حلى المراتب وزانها وغدا على التحقيق كفأها ووزانها وألبسها من براعته ويراعته عقودا تزر دررها وجمانها ومنح دستها العلي من ألفاظها المجيدة بيانها وزادها بأصالته فخارا يستصحب وقتها وزمانها وارتقى ذروتها التي طالما زاد بالمعالي أركانها فتبوأ بمزيد المجد مكانها
نحمده على نعمه التي أجزلت إحسانها وأجملت امتنانها ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تشهد القلوب إيمانها ويدخر القائل إلى يوم المخاف أمانها ويتبوأ بها في الدار الآخرة من يخلص فيها جنانه جنانها
ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أظهر الله تعالى به الشريعة المطهرة وأبانها وشرف هذه الأمة ورفع على جميع الأمم شانها وبعثه رحمة إلى كافة الخلق فأقام بمعجزاته دليل الهداية وبرهانها وأطفأ بنور إرشاده شرر الضلالة ونيرانها وأحمد بدينه القويم وصراطه المستقيم معتقدات طوائف الشرك وأديانها صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الذين ما منهم إلا من نزه نفسه النفيسة وصانها وسلك في خدمته وصحبته الطريقة المثلى فأحسن إسرار أموره وإعلانها صلاة دائمة باقية تحمد بالأجور اقترانها وسلم تسليما كثيرا
وبعد فإن أولى من جددنا رفعة تاجه وسددنا قوله في مجلس عدل ينشر فيه بكلمة الحق ما انطوى من أدراجه وحددنا له محل سفارة يلحظ فيه حوائج السائل فيغنيه عن إلحاحه ولجاجه من هو في السؤدد عريق ولسانه في الفضائل طليق وقلمه حلى الطروس بما يفوق زهر الرياض وهو لها شقيق وكان فلان هو الذي علا تاجه مفرق الرآسة وجلا وصفه صور المحاسن والنفاسة
فرسم بالأمر العالي لا زال يولي جميلا ويولي المناصب الجليلة جليلا أن يستقر المشار إليه في وظيفة توقيع الدست الشريف بالشام المحروس عوضا عن فلان بحكم وفاته إلى رحمة الله تعالى بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور إلى آخر وقت
فليباشر ذلك مباشرة تشكر مدى الزمان وتحمد كل وقت وأوان وليملأ بالأجور لنا صحفا بما يؤديه عنا من خير وإحسان والوصايا كثيرة وأهمها التقوى فليلازم عليها في السر والنجوى والله تعالى يحرسه ويرعاه ويتولاه فيمن تولاه والاعتماد
وهذه نسخة توقيع بنظر الخاص من إنشاء ابن نباتة كتب به للقاضي بهاء الدين بن ريان وهي
الحمد لله معلي رتب الأعيان ومبقي أحباء السيادة على ممر الأحيان ومبدي بهاء المناصب بمن فضله الواضح والصبح سيان ومنشي ثمرات المناقب في منابت أهلها حيث الفرع باسق والأصل ريان
نحمده على أن يسر البيت المعلى بحسنه وأيقظ جفن الآمال من وسنه ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تجمع لنا من خيري الدنيا والآخرة كرم المطلبين وشرف المنصبين ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المشرق فضله على أهل المشرقين والمغربين صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الذين أصبح الثناء عليهم وقفا واشتمال الذكر عليهم عطفا صلاة تضيء آفاق القبول بشمعة صبح لا تقط ولا تطفى وسلم
أما بعد فإن للمناصب الدينية نسبة ببيوت أهل الديانة ولخاص الرتب تعلقا بالخاص من ذوي الكفاءة والأمانة والمنازل بكواكبها المتألقة والحدائق بمغارسها المتأنقة ونفوس الديار بسكان معاهدها المتشوفة المتشوقة
ولما كان الخاص الشريف والوقف المنصوري لوجه المناصب الشامية بمنزلة حسن الشامتين ولرائد الخصب من جهتي الدنيا والآخرة بمحل نفع الغمامتين هذا على صنع البر الممدود مقصور وهذا لسحاب الخير سفاح لأنهر جهة للمنصور يعلو هذا بالناظر في دقائقه إلى أعلى الدرج ويتلو هذا بلسان ميزانه المنفق على المارستان ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج ) لا يليق الجمع بين رتبتيهما إلا لمن يجمع بسعيه فضل الدارين ومن يجيد بنان قلمه الحلبي حلب ضرعيهما الدارين ومن نشأ في بيت سعادة أذن الله لقدره أن يرفع وأقلام بيته
أن تنفع ولمحاسن ذويه أن تشفع بجمالها إلى قلوب الأولياء فتشفع ومن يسر برواية فضله وبرؤيته السمع والعين ومن يفترض شرفه وشرف إخائه حب الحسن والحسين ومن تبتهج جوانح المحاريب بتعبده وتلهج ألسنة مصابيح المساجد بالثناء على تردده وتودده وتستبق جياد عزمه فبينما الكميت في الشهباء تابع أدبه إذا بابن أدهم رسيل تزهده ومن تقول مناصب حلب لله در بهائه المقتبل ومن ينشد ثبات وقاره مع لطافة خلقه يا حبذا جبل الريان من جبل ومن تنفح أخباره منافح الأزهار ومن يشهد بفضله جيش المحراب في الليل وبمباشرته جيش الحرب في النهار ومن تأسى بلدة فارقها فراق العين للوسن ومن يروي صامت دمشق وغيرها من تدبيره عن عامر وعن حسن
فلذلك رسم بالأمر الشريف لا زال من ألقابه الشريفة صالح المؤمنين وعماد الداعين لدولته القاهرة والمؤمنين أن يفوض للجناب العالي فإنه المعني بهذه الأوصاف المتقدمة والمقصود بإفاضة حللها المعلمة والموصوف الذي يحلو وصفه إذا كرر ويستعبد الأوصاف والأسماع إذا حرر والأحق برتبة عز في النظار مضى وأبقى ثناءه ومكان نظر إن لم يقل الدعاء اليوم أدام الله عزه قال أدام الله بهاءه واللائق بتقرير منصب تقصر دونه
المطامع وتصدير ديوان إن انقطعت روايته عن حمزة فقد اتصلت روايته عن نافع
فليباشر هذين المنصبين المنجبين مجتهدا في مصالح الخاص الشريف والوقف الذي لا تحتاج همته فيه إلى توقيف حتى يكون خير الخاص عاما وأمر الوقف تاما وريعهما بالبركات خير محفوف والمنصوري من جهة المعاضدة قد أضحى وهو بالعضدين موصوف
والوصايا متعددة وهو أدرى وأدرب بها وتقوى الله تعالى أولى وصية تمسك المرء بسببها وشكر النعمة أدل على نبيه همم الرجال وعلى فضل مهذبها والله تعالى يسدد قلمه ويثبت في مطالع العز قدمه بمنه وكرمه
توقيع بنظر الخزانة العالية من إنشاء ابن نباتة كتب به للقاضي تقي الدين بن أبي الطيب بالجناب العالي وهو
الحمد لله الذي له خزائن السموات والأرض وبحكمته يهب منها ما يشاء لمن يشاء رضي المعاند أم لم يرض وبمنته فضلت مراتب أهل التقى على الرتب كما فضل على النافلة الفرض وبعنايته بنيت بيوت أهل السيادة على الطول وبقي صالح عملهم إلى العرض وبهدايته سما إلى أعلى الخزائن من تقرضها أوصاف قلمه وقلم أبيه أحسن القرض
نحمده على ما منح من خزائن فضله ونشكره والشكر ضامن المزيد لأهله ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يدخرها الإنسان لنيته وقوله وفعله ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي جمع بفيئه وفرق
ببذله وأعطى ما لم تنطو ضمائر الأكياس في صدور الخزائن على مثله صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه السالكين سنن فضيلته وفضله التابعين في الكرم والبأس قياس بيانه ونص نصله ما أطلعت خزانة الوسمي آثار نقط الغيث كالدراهم وخلعت على الدنيا خلع الروض متقلنسة بمستدير الظلال مزرورة بمعقود الكمائم وسلم تسليما كثيرا
وبعد فإن الرتب ذخائر قوم في خزائن الاختيار وأخاير أهل تزكو نقود شيمهم على محك الاعتناء والاعتبار وفروع خلف تظهر مظاهر نصولها الزكية سابغة الظل رائقة الزهر فائقة الثمار إذا احتيج منهم إلى ذخيرة نفعت وإلى أخير وقت أربى على عزائم الأول وما صنعت وإلى فروع شجرة سرت محامدها الضائعة لا مما ضاعت بل مما تضوعت
ولما كانت رتبة نظر الخزانة العالية بدمشق المحروسة أحق بمن هذا وصفه وهذا نعته في مقدمة الذكر الجميل وهذا إليه عطفه إذ هي مرتبة العلياء ومكانها وزهرة سماء المملكة وميزانها ومنشأ غيوث صلاتها الهامرة ومنبت رياض خلعها الزاهرة وأفق السعادة ومطلع نجمها المنير وجنة أولياء الدولة ولباسهم فيها حرير ومعنى شرف الاكتساء والاكتساب ومأوى الفاضل والحمد لله الذي يحفظها التحصيل بحساب ويعطيها الجود بغير حساب
وكان الجناب ممن تضم أعطافه أنوار السعادة وتحف أطرافه والسيادة وتنتقل جلسته إما من تنفيذ الديوان لمرتبة وإما من تدريس العلم لسجادة ذو الفضل والفضائل حسن التجنيس والتطبيق والكتابة من حساب وإنشاء زاكية النثر على التعليق ونفحات البر من نفحات العيش أجود والشبيبة فيها النهي فمكانه كما قال البحتري نسب أسود والهمم التي حاولت منال الشهب الممتنعة ولات حين مناص والكلمة التي لو
عاين البصري فرائد نحرها لقال كل هذه درة الغواص والعزائم التي رامت المناصب فما قبلت من خزانتها سوى الرفيع وما رضيت من ديوانها سوى الخاص كم نبهت منه المقاصد عمر ثم نامت وكم أجلسته كواكب اليمن في صدر محفل ثم قامت كم حوى من الحمد سنيا وملأ الرباع خيرا وفيا وقيض الله للفقراء والأيتام حنانا من لدنه وزكاة وكان تقيا
فلذلك رسم بالأمر الشريف لا برح صالح الدهر كالزهر مالك نفوس الأولياء والأعداء هاتيك بالأنعام وهاتيك بالقهر أن يفوض إليه نظر الخزانة العالية مضافا إلى ما بيده من نظر الخاص الشريف لأن مثله لا يصرف عن وظيفة بسناه تعترف ومن نداه تغترف وأن اجتماع العدل والمعرفة قاض بأن وظيفة بسناه تعترف ومن نداه تغترف وأن اجتماع العدل والمعرفة قاض بأن عمر لا ينصرف وأن الخاص لخاص الأولياء أمس مكانة وأن الخزانة أنسب بمن عرف بالصيانة وأن خزائن الأرض وهي مصر لو نطق نظيرها لقال ليس لي مثل هذه الخزانة وأن عين الأعيان أولى بالنظر وأن الأنظار لا بل الصحابة أحق بعمر لما علم من سيرته النقية وسريرته التقية وصفاته التي يمتد فيها نفس القول حتى ينقطع وفي الأوصاف بعد بقية وبقية
فليباشر ما فوض إليه من أعلى المراتب المنجبات والوظائف المعجبات المعشبات والجهات التي ما لها كبيتة الطيبي والطيبون للطيبات مستجدا من نظر هذه الخزانة ثوب سعده الجديد معملا في مصارف الذهب والفضة بصر آرائه الحديد منبها لهاعزمه العمري ونعم من ينبه مشبها في الكفاءة أباه المرحوم وماظلم من أشبه مقررا من أحوالها أحسن مقرر محررا من أمورها أولى ما اعتمد والخزانة أولى بالمحرر حافظا لمالها بقلم التحصيل حتى ينفذ قلم الإطلاق صائنا لوفرها حتى ينفقه الكرم خشية الإمساك بعدما أمسكه الصون خشية الإنفاق مستدعيا من أصنافها كل ما تنوع وتصنف وتوشع
وتفوف مثبتا كل ما خلع من ديوانها العزيز وتخلف مؤلفا للكساوي في رحلة كل صيف وشتوة مواصلا للأحمال من دمشق على كل حال من جهة الكسوة منهيا لإنعامها بقلم الإطلاق التام متلقفا بعصا قلمه في يده البيضاء ما تأفك عصا الأقلام حريصا على أن يكون بابها في الكرم كما يقال سهل الحجاب مؤدب الخدام عاملا بتقوى الله تعالى التي بها يبدأ الذكر الجميل ويختم ويلبس بها في الدنيا والآخرة رداء الخير المعلم غنيا عن تبيين بقايا الوصايا التي هو فيها بحر وابن بحر بكتاب البيان والتبيين أعلم والله تعالى يمده بفضله ويحفظ عليه الفضل الذي هو من أهله ويملأ آماله بغمام الخير الصيب ويديم سعادة بيته الذي لا يرفع الشكر لطيبه إلا الكلم الطيب
المرتبة الثانية من تواقيع أرباب الوظائف الديوانية بحاضرة دمشق ما يفتتح
بأما بعد حمد اللهوهذه نسخ تواقيع من ذلك
نسخة توقيع بنظر الأسرى ونظر الأسوار كتب بها لدوادار الأمير سودون الطرنطاي كافل الشام وإن كانت هي في الأصل ديوانية أو دينية وهي
أما بعد حمد الله الذي خص أولياءه بفضله الوافر وعمهم بحسن نظره فأشرق صبح صباحهم السافر وانتضى من عزائمهم لنصرة الدين سيفا يسر المؤمن ويغيظ الكافر واجتبى من الكفاة من يشيد معاقل الإسلام بفضله
المتظافر والصلاة والسلام الأتمين الأكملين على سيدنا محمد الذي أضاء برسالته الوجود وخصه الله تعالى بالصفات الفائقة والمآثر الحسنة والجود وعلى آله وصحبه الذين حرسوا الملة الحنيفية من جهادهم بأمنع سور وأوهنوا جانب الكفر وأنقذوا الأسير وجبروا المكسور صلاة دائمة مدى الأيام والشهور معلية للأولياء علم النصر المنشور فإن أولى من عدقنا به المناصب السنية وفوضنا إليه جليل الوظائف الدينية ونطنا به فك رقبة المسلم من أسره وخلاصه من عدوه الذي لا يرثي لمسكنته ولا يرق لكسره وأجرينا قلمه ببذل الفداء وجعلنا مداده درياقا لمرض الأسير الذي يعدل ألف داء وأقمناه للعاني من شرك الشرك منقذا وللدافع في بيداء العدا بحسن إعانته منجدا وللأسوار الممنعة بجميل نظره متفقدا من أضحى فضله ظاهرا وجلاله باهرا وخلاله موصوفة بالمحاسن أولا وآخرا
وكان فلان هو الذي بهرت مآثره الأبصار وملأت الأسماع وانعقدت على تفرده في عصره بالمفاخر كلمة الإجماع وسارت الركبان بذكره الذي طاب وجوده الذي شاع وصفت سريرته فأضحى جميل الإعلان وحمدت سفارته فكانت عاقبة كل صعب ببركتها أن لان
فلذلك رسم بالأمر العالي لا زال يولي جميلا ويولي في الوظائف جليلا أن يستقر المشار إليه في وظيفتي نظر الأسرى والأسوار بدمشق المحروسة على أجمل عادة وأكمل قاعدة بالمعلوم الشاهد به ديوان الوقف المبرور إلى آخر وقت وضعا للشيء في محله وتفويضا لجميل النظر إلى أهله
فليباشر ذلك مباشرة تسر النفوس وتزيد بها الغلال وتزكو بها الغروس وليجر أحوال الوقف المبرور على مقتضى شرط الواقف والشرع الشريف
وليتصرف في تحصيل المال وإنفاقه أحسن تصريف وليجتهد على تخليص المأسور وإغاثة من ضرب بينه وبينه بسور ويسارع إلى تشييد الأسوار الممنعة وإتقان تحصينها ليتضاعف لمن حوته منا الأمن والدعة والوصايا كثيرة وملاكها تقوى الله تعالى وسلوك صراط الحق المستقيم فليواظب عليها وليصرف وجه عنايته إليها والله تعالى يديم علاه ويتولاه فيما تولاه بمنه وكرمه
توقيع بصحابة ديوان الأسرى من إنشاء ابن نباتة كتب به للقاضي شرف الدين سالم بن القلاقسي وهو
أما بعد حمد الله الذي جدد بطالع الشرف قواعد بيت السيادة ومشاهد حوك السعادة ومصاعد ذرا الأقلام التي قسمت مجاني قصبها للإفاءة والإفادة ومعاهد القوم الذين سلكوا مسالك سلفهم الحسنى ولو كان التمام يقبل هنا مزيدا قيل وزيادة والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي شد الله برسالته أزر الحق وشاده وعلى آله وصحبه ذوي الأقدار المستزادة المستجادة ما اتصل بحديث الفضل سنده وأمن بيت التقوى سناده فإن البيوت المنتظم فخارها المأمون من عروض الأيام زحافها وانكسارها أولى بأن تنتخب لهم المناصب كما تنتخب للبيوت المعاني وتستقرى الوظائف العلية كما تستقرى لمواضع كلمها المباني وتختار لنجل الأصحاب بينهم كل جهة مأمونة الصحابة موقورة السحابة مجرورة ذيل الخيرات السحابة مصونة عن غير الأكفاء كما يصان للجهات حجبا لائقة بالأفاضل لأن لأوقاف الأسرى بالفاضل نسبا
فلذلك رسم بالأمر الشريف أن يرتب في كذا علما بأنه الرئيس الذي إذا
ولي وظيفة كفاها وإذا وعدها بصلاح التدبير وفاه وفاها وإذا وصل نسبها بنسبه كان من إخوان صفائها لا من إخوان صفاها والخبير الذي استوضح بيمن الرأي مذاهبه ومسالكه والعالم الذي إذا مشى الأمور بسط جناح الرفق وإذا مشى بسطت له أجنحتها الملائكة والجليل الذي إذا نظر ذهنه في المشكلات دقق والكاتب الذي تعينت أقلام عمله وكفاءته إلا أن كلها في الفصل محقق هذا وخط عذاره ما كتب في الخد حواشيه وليل صباه ما اكتمل فكيف إذا أطلعت كواكب المشيب دياجيه وكيف لا وأبوه أعلى الله تعالى جده صاحب المجد الأثيل والفضل الأصيل ووكيل السلطنة الذي إذا تأملت محاسنه قالت حسبنا الله ونعم الوكيل
فليباشر هذه الوظيفة برأي يسهل بمشيئة الله عسيرها ويفك بعون الله أسيرها واجتهاد سني يحسن قلمه في الأمور مسرى واعتماد سري لا يرى ديوان أسرى منه أسرى مشبها أباه في عدله ومن أشبه أباه فما ظلم وتوقد رأيه لدى طود حلم وعلم فيالك من نار على علم حتى يأمن ديوان مباشرته من ظلم الظالم ويشعل ذكاءه حتى يقال عجبا للمشعل نارا وهو سالم ويثمر مال الجهة بتدبيره ويشترك لفظ إطلاق الديون في ماله وأسيره وتنتقل الأسرى من ركوب الأداهم إلى ركوب الشهب والحمر من دراهمه ودنانيره ويحمد على الإطلاق وينفق خشية الإمساك إذا أمسك غيره خشية الإنفاق ويمشي بتقوى الله عز و جل في الطريق اللاحب وينسب إلى ديوانه وقومه فيقال صاحب طالما انتسب من سلفه لصاحب والله تعالى ينجح لكواكب رأيه مسيرا ويجبر به من ضعف الحال كسيرا ويكافيء سادات بيته الذين ( يطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا )
المرتبة الثالثة من تواقيع أرباب الوظائف الديوانية بحاضرة دمشق ما يفتتح
برسم بالأمر الشريفوهذه نسخ تواقيع من ذلك
نسخة توقيع من إنشاء ابن نباتة كتب به للقاضي علاء الدين بن شرف الدين بن الشهاب محمود عند موت أبيه وهو صغير وهي
رسم بالأمر الشريف لا زال يجبر ببره مصاب الأبناء بآبائهم ويسرهم بما يتجدد في كواكب الشرف من علائهم ويعتق قلوبهم من إسار الحزن حتى ينشأوا من الصغر على أنساب عفتهم وولائهم أن يستقر اعتمادا على نجابته الشاهده ومخايل همته السائدة واستنادا إلى أصالته التي لا يبدي فرعها إلا زكي الثمر ولا يهدي بحرها إلا أنفس الدرر ولا يخلف أفقها إلا كبيرا تستصغر الأبصار رؤيته والذنب للطرف لا للكوكب في الصغر وعلما أنه من أسرة شهابية لا يهتدى في الإنشاء إلا بنورهم ولا يتحدث بالعجائب إلا عن بحورهم ولا ينبت أقلام البلاغة إلا عشبهم ولا تعشب روضات الصحائف إلا سحبهم ولا تثبت أفلاك الكتابة إلا كتبهم صغيرهم في صدور الإنشاء كبير وملقن آيات فضلهم يروي أعداد الفوائد عن ابن كثير وعليهم بعد أبي بكر تقول المحامد لسلفه وخلفه منا أمير ومنكم أمير وأنه اليوم لا سيف إلا ذو الفقار من أذهانهم ولا فتى إلا علي من ولدانهم وأن فرخ البط سابح وسعد القوم للأنداد ذابح وخواتم صحف الجمع الظاهر أشبه
بالفواتح والبلاغة في الدنيا كنوز والأقلام في أيديهم مفاتح وأن الكلام حليته وسمته وأنه إذا خدم دولة بعد مخلفه قيل للذاهب لقد أوحشنا وجهه وللقادم لقد آنستنا خدمته
فليأخذ في هذه الوظيفة بقوة كتابه وليتناول باليمن واليمين قلم جده كما تناول راية مجده عرابة وليتقلد بقلائد هذه النعم عقيب ما نزع التمائم وليجهد في إمرار كلمه الحلو الذي أول سمائه قطر ثم صوب الغمائم مجودا خطه ولفظه حتى تتناسب عقده ناشئا على كتم السر حتى كأن الفؤاد قبره والجنب لحده مهتديا بالعلم الشهابي في بر أخيه الأكبر فإنه من بوارق المزن مبتديا مع أخيه الآخر السرور إذ ينزع عنهما لباسهما من الحزن والله تعالى يزيد في فضله ويتم عليه النعمة كما أتمها على أبيه من قبله ويفقهه في السيادة حتى يحسن في الفخار رد الفرع إلى أصله
توقيع بنظر مطابخ السكر من إنشاء ابن نباتة كتب به للقاضي شرف الدين بن عمرون وهو
رسم لا زالت سمة المناصب في دولته الشريفة مشرفة وأقلام الكفاة مصرفة وألفاظ الشكر ثابتة عند ذوي الاستحقاق ومصنفة والنعماء المنصفة لأمثالهم حلوة المذاقين من نوع ومن صفة أن يستقر لماعرف من شيمه المستجادة وهممه المستزادة وكفاءته اللائق بها حسن النظر الثابت بفضلها رقم الشهادة وأصالته التي نهض أولها بمهمات الدول فلو رآه معاوية رضي الله عنه لقال يا عمرون أنت عمرو وزيادة ولما ألف من مباشرته المنيفة خبرا وخبرا وأنظاره السامية إلى معالي
الأمور نظرا ووظائفه التي لا يكاد يبلغ العشر منها ذوو الهمم العلية وجهاته التي عرف بها سلفه وخلفه فلا غرو أن لبس عمامة مفاخره بيضاء وسكرية
فليباشر هذه الوظيفة الحلوة معنى ومذاقا الحلية عقدا ونطاقا المحسوبة على مطالع الشرف وفقا وآفاقا جاعلا شكر النعمة من أوفى وأوفر مزاياه وصلف الهمة من أولى وأول وصاياه حافظا للمطابخ وإن كان عادة آبائه بذلها مدخرا للجفان وإن كانت سمة قراهم إزالتها ونقلها حريصا على أن لا يجعل لأيدي الأقلام الخائنة مطمحا وعلى أن ينشد كل يوم للتدبير لا للتبذير لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى
محررا لحساب درهمها ومحمولها ومصروفها ومحصولها محترزا على مباشرته من الخلل في هذين المكانين حذرا من كفتها وقبانها فإنها تتكلم في الحمد أو في الذم بلسانين بل تعلن إن شاء الله بحمده المقرر وتكرر الأحاديث الحلوة عنه فمن عندها خرج حديث الحلو المكرر والله تعالى يمد مساعيه بالنجح الوفي ويلهم همته أن تنشد ما أبعد العيب والنقصان من شرفي
توقيع بنظر دار الطراز من إنشاء ابن نباتة وهو
رسم بالأمر لا زالت سيره بمرقوم المحامد مطرزة ودولته بمحاسن التأييد والتأبيد معززة ونعمه ونقمه هذه على الأعداء مجهزة وهذه إلى الأولياء مجهزة أن يرتب فلان لكتابته التي رقمت الطروس وطرزت بالظلماء أردية الشموس وأثمرت أقلامه بمحاسن التدبير فكانت في جهات الدول نعم الغروس وحسابه الذي ناقش ونقش ورقم الأوراق ورقش واعتزامه الذي
علم رشدا وسلك طريقا في الخدمة جددا وقوي اسمه وتكاثرت أوصافه فما كان من أنداده أضعف ناصرا وأقل عددا وأنه الكافي الذي إذا قدم نهض وإذا سدد سهم قلمه أصاب الغرض والسامي إلى سماء رتبه بالقلب والطرف والمنزه لقلمه الحر من أن يستعبد على حرف
فليباشر هذه الوظيفة بكفاءة عليها المعول وأقلام إذا تمشت في دار الطراز على الورق قيل شم الأنوف من الطراز الأول مستدعيا لأصنافها ومالها عادلا في قسمة رجائها ورجالها معملا راحته بالقلم فإن كتابتها متعبة مهتديا في طرق حسابها فإنها متشعبة ماشيا على نهج الاحتراز ساعيا إلى الرتب بإرهاف عزم كالسيف الجراز سعيد السعي إن شاء الله تعالى حتى يقول سناء الملك المستنهض له هذا القاضي السعيد وهذه دار الطراز والله تعالى يوفقه في جميع أحواله ويؤيد مساعي قلمه الذي تنسج أقلام الكفاة على منواله
توقيع بنظر الرباع من إنشاء الشيخ صلاح الدين الصفدي باسم القاضي نجم الدين أحمد بن نجم الدين محمد بن أبي الطيب وهو
رسم بالأمر العالي لا زال نجم آلائه يتقد نورا وخاطر أوليائه يتحد بالآمال سرورا أن يرتب المجلس السامي القضائي أدام الله تعالى علوه في نظر الرباع الديوانية ومباشرة الأيتام حرسهم الله تعالى على عادة من تقدمه وقاعدته بالمعلوم الذي يشهد به الديوان المعمور إلى آخر وقت لأنه النجم الذي بزغ في أفق الرآسة وجمل ما آثره قبيله وأناسه والأصيل الذي
شاد الفضل مجده وأحكم الفخر عقده والرئيس الذي يصدق التفرس في شمائله ويحكم الظن الصائب في أثناء مخايله
فليباشر ذلك مباشرة هي معروفة من هذا البيت مألوفة من كبيرهم وصغيرهم فإنهم لا لو فيهم ولا ليت معتمدا على سلوك طريقة أخيه وأبيه مجتهدا على اتباع اعتمادهما في توخيه الصواب أو تأبيه حتى يقال هذا صنو ذلك الغصن الناضر وهذا شبل ذلك الليث الخادر وتصبح الرباع بحسن نظره آهلة بالأهلة كاملة بالمحاسن التي تمسي الأقمار منها مستهلة وتعود الأيتام بمشارفته كأنهم لم يفقدوا بر والدهم ولم يحتاجوا مع تدبيره إلى مساعدهم والوصايا كثيرة وأهمها تقوى الله عز و جل فإنها الحصن الأوقى والمعقل المنيع المرقى فليتخذها لعينيه نصبا وليشغل بها ضميره حتى يكون بها صبا والله تعالى ينمي غصنه الناضر ويقر بكماله القلب والناظر والخط الكريم أعلاه الله تعالى أعلاه حجة في ثبوت العمل بما اقتضاه والله الموفق بمنه وكرمه
توقيع باستيفاء المقابلة واستيفاء الجيش وهو
رسم بالأمر لا زالت المناقب في دولته الشريفة شمسية الأنوار قرشية الفخار مشتقة المحامد من الأسماء والآثار محصلة بأقلام اليمين ما يبذله الكرم من أقسام اليسار أن يستقر حسب الاستحقاق المقتضى
والاختيار المرتضى وعين الرأي الذي ما بينه وبين الرائي حاجب وتقدم السنة القديمة فإن التقديم لقريش واجب ولأن الصفات الشمسية أولى بشرف آفاقها ومنازل إشرافها وإشراقها ومطالع سعدها المنزهة عن اللبس وجلائل قلمها العطاردي في يد الشمس ولأن المشار إليه أحق بمصاعد المرتقين ولأنه تربى في بيت التقى فكان الله معه إن الله مع المتقين
فليباشر هاتين الوظيفتين على العادة المعروفة بعزمه السديد ومدات قلمه التي بحرها في السبع بسيط وظلها في النفع مديد وليتمثل بديوان مقابلة فريدا لا يرهب مماثلة وليجبر أحوالها بضبطه حتى يجمع بين الجبر والمقابلة وليمد الجيوش المنصورة من أوراقه بأعلامه ومن قصبات السبق برماح تعرف بأقلامه وليسترفع من الحسبانات ما يمحو بإيضاحه وتكميله من مقدمات ظلم وإظلام وليجمع بين ضرتي الدنيا والآخرة في شريعة الإسلام والله تعالى يمد قرشيته بأنصار من العزم وتابعين بإحسان من نوافذ نوافل الحزم
توقيع بصحابة ديوان الأسواق من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة وهو
رسم بالأمر لا زالت أسواق نعمه قائمة وأجلاب كرمه دائمة ولا برحت المناصب مكملة بكفاة أيامه الذين يحققون ظنونها السامية ويرعون أحوالها السائمة أن يرتب فلان علما بكتابته التي وسمت الدفاتر أحسن سمة واستبقت إلى صنع الخير المسومة وكفاءته التي لا تزال تنمو لديه وتنتمي ويراعته التي إذا سئل عنها السوق قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ودرايته التي تعين المملكة على المير ويشهد
تيمنها أن الخيل في نواصيها الخير وتحقق فيه الظن والأمل وتحوط السوق عن الخائن حتى يقول لا ناقة لي في هذا ولا جمل وأنه الكافي الذي إن قال أو فعل كان مسددا وإن ضبط ديوان الشد السعيد كان على الزائغين من الكتبة حرفا مشددا
فليباشر هذه الوظيفة المباركة متمكن الأسباب مالك الحزم والرفق حتى تكثر لديه الجلاب معينا لبيت المال على الإنفاق قائما بحقوق ذوي الاستحقاق عالما أنه متولي أكثر جهات الخير المطلق فليكن بها مشكورا على الإطلاق مجتهدا في رضا المطالبين حتى يتبعوا سنن المرسلين في هذه الصفة يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق مواظبا على الديوان الذي هو بصحابته معدوق سالكا سبل الصيانة والكفاءة فكلاهما نعم السبيل المطروق محترزا من ذي خيانة إن غفل عنه طفق مسحا بالسوق والله تعالى يوفق عزائمه التي هي أشهر من علم وهمته التي قاسمت أبا الطيب والخيل تشهد والقرطاس والقلم
نسخة توقيع بشهادة الخزانة العالية من إنشاء ابن نباتة كتب به لجمال الدين عبد الله بن العماد الشيرازي وهي
رسم بالأمر الشريف لا زالت سمة المناصب في دولته بأسماء الكفاة مجملة وخلع المفاخر على بيوت السيادة مكملة وخزائن الملك بين نقيضين من جنس واحد فبينما هي بأقلام الكفاة محتفظة إذا هي بأقلام الكفاة مبذلة أن يستقر المجلس السامي علما بمحاسنه التي وضح
جمالها وتفسح في العلياء مجالها ونجح في منابت الفضل أصلها وشرف بكواكب اليمن اتصالها ومعاليه التي تهلل بها وجه الأصالة وكمل بيت الرآسة والجلالة ومساعيه التي استوفى بها أجناس الفضل وتوريثه فما أخذها عن كلال ولا ورثها عن كلالة وسيرته التي تطوي فخار الأقران حين تنشر وهمته التي أنشدت السعادة فرعها الكريم مباديك في العلياء غاية معشر ومكانته من بيت السيادة الرفيع عماده البديع سنده المنيع سناده المديد من تلقاء المجرة طنبه الثابتة من حيز النجوم أوتاده وأنه نجل السراة الذين أخذوا من الفضل في كل واد واستشهدوا على مناقبهم كل عدو وكل واد وحملوا من صناعاتهم رايات عباسية سارت بها رماح أقلامهم تحت أبدع سواد وملأوا قديم الأوطان بشرف الأخير فسواء على شيراز محاسن ابن العميد ومحاسن ابن العماد وتبينت مناقبهم بهذا النجل السعيد طرق المراتب كيف تسلك وإحراز المناصب كيف يكون لها يد أرباب البيوت أملك ودرجات الوظائف كيف تسر الوالد بالولد حتى يقول لا أبالي هي اليوم لي أم لك كم استنهض والده لجليل فكفى وجميل قصد فوفى وأوقات علت حتى أضحت إلى علاه تنتسب ومناصب رزق بتقواه فيها من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب وجاء هذا الولد ذخيرة والده فحسنت للخزانة الذخيرة وعضدت الأولة من السيادة بالأخيرة
فليباشر هذه الوظيفة مباشرة هي أعلى منها وأشرف سيرة مجتهدا فيما يبيض وجه علمه ونسبه عارفا قدر هذه الرتبة من أوائل رتبه متيقظ الأفكار والطرف متأرج المعرفة إذا ذكروا العرف زاكيا تبر شهادته على التعليق فلا ينتقد عليه في متحصل ولا صرف حتى تقول الخزانة نعم العزم الشاهد وحتى يشهد بوفاء فضله المضمون وحتى يعلم بأمانته أن عبد الله هو المأمون وتقوى الله تعالى في الوصايا أول وأولى ما تمسك به واستقام على
شرف مذهبه والله تعالى يسر الإسلام بتنبيه قدره ويقر الأوصاف بمهذبه
توقيع بشهادة الأسوار وهو
رسم بالأمر لا زال يمد على الإسلام من عنايته سورا ويجدد للأولياء برا ميسورا ويسعدهم بكل توقيع يكون بالحساب يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا أن يرتب المجلس علما بعزمه الساهد وحزمه الشاهد وكفاءته وأمانته التي ما كان وصفهما حديثا يفترى ونظرا لحاله وحال الأسوار فيالها شهادة كان أصلها نظرا
فليباشر هذه الرتبة المباركة كما عهد منه مباشرة حسنة الآثار مشرقة الأنوار جاعلة تلك العمائر حلية لدمشق فبينما هي سور إذا هي سوار ضابطا لمتحصلها ومصروفها محررا لوقفها محترزا من وقوفها جاريا على جميل عادته زاكيا بكرم الله تعالى على التوفيق تبر شهادته حتى تشهد هذه الوظيفة بهمته المتمكنة الأسباب ويضرب بين المدينة وبين من كادها بسور باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب والله تعالى يسدده في كل أمر ويحفظ همته وبركته ليوم كريهة وسداد ثغر
توقيع بمشارفة خزائن السلاح لمن لقبه جمال الدين إبراهيم وهو
رسم بالأمر العالي أعلى الله تعالى أعلام حمده وجعل أحكام المقادير
من جنده ولا زالت أفلاك الشهب من خزائن سلاح سعده أن يرتب حملا على حكم النزول الشرعي والطلوع إلى رتب الاستحقاق المرعي وعلما بكفايته التي بلغته آمالا وجعلت للوظائف بذكره جمالا وثمرت بقلمه للجهات مالا وأوصلته على رغم الأنداد لمالا واعتمادا على أمانته التي أعدها ملاذا واكتفى بها سلاح عزمه نفاذا وصيانته التي طالما اعترض لها عرض الدنيا فقالت يا إبراهيم أعرض عن هذا واستنادا إلى نشأته في بيت علت في المناصب أعلامه وصدقت في المراتب حلومه وأحلامه وتناسبت الآن تصرفاته السعيدة فإما في تدبير الجيوش وإما في تثمير السلاح أقلامه
فليباشر هذه الوظيفة المباركة بعزم بادي النجا والنجاح وقلم على حالتي وظيفته وهمته ماضي عزم السلاح مقررا لعملها ومعمولها ضابطا لواصلها ومحمولها حتى يذهب لسان سيفها بشكره وتطلع أهله قسيها بميامن ذكره وتكون كعوب رماحها كلها كعب مبارك بمباشرته وبشره والله تعالى يسدد قلمه في وظيفته تسديد سهامها ويوفر له من أنصباء المراشد وسهامها
قلت وهذا توقيع بوظيفة بكتابة ديوانية لسامري من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة وهو
رسم بالأمر لا زال قلم أوامره الفضي يظهر ثمره مسمعا حديث الإنعام الشامل حتى سمره أن يرتب فلان في كذا علما بكفايته التي يعذر بها في قومه على سلوك التيه وحذق حسابه الذي هو ألذ من السلوى لمجتنيه ومجتبيه وقريحته التي إذا اختارها اختيار قوم موسى فاز من العمل بمطلوبه وإذا قيل يا سامري ما قدمك على القرناء في الحساب قال بصرت بما لم يبصروا به وأمانته التي حاطت حياطة الصعدة السمراء ورفعت رايته على الأنداد قائلة
ما حاط البيضاء والصفراء كصاحب الحمراء واعتمادا على كتابته التي شهدت بها من حسباناته الأسفار المبينة وإقراء لصناعاته التي سحرت الفكر حتى قيل هذا من شعب القراريين والكهنة
فليباشر هذا الاستيفاء لأوفى منه مترقيا ولكلمات الاختيار متلقيا ناهضا بالخدمة مجددا باعتزامه الإسرائيلي ذكر النعمة عارفا قدر الإنعام الذي رعى وشمل كل ذمة سالكا من الاجتهاد في خدمة حسابه كل طريقة غائظا للحساد من أهل ملته فيعبدون العجل مجازا وحقيقة مجتهدا في استنزال المن لا المنع معوذا آلاف الحواصل بعشر كلمات راتبة منه في السمع معلقا على جميعها هيكلا من أمانته فهو أدرى في الهيكل بشرط الجمع صائنا لنفسه من عدوان الخيانة حتى لا يعدو في سبت ولا في أحد متنزها عن أكل المال مع الخونة حتى يقال نعم السامري الذي لا يأكل مع أحد
الضرب الثاني من الوظائف الديوانية بالشام ما هو خارج عن حاضرة دمشق
وغالب ما يكتب فيها من التواقيع مفتتح برسموهذه نسخ تواقيع من ذلك
نسخة توقيع بنظر غزة وهي
رسم بالأمر لا زال النصر المكرر يحلو بذكره والسعد المقرر يجلو وجوه الآمال بدهره ولا برح سراج الخدم مضيئا عند ليالي نهيه الحالك وأمره أن يستقر فلان لما عرف في المناصب من نهوضه الذي راق وراج وفي المهمات من رأيه الذي يمشي أحوال الجهات المستقيمة بسراج ولما شهر
له في الأنظار المتعددة من علو الهمم وفي الوظائف المترددة من العزمات التي يقول السداد نبه لها عمرا ثم نم ولما وصف من أمانته ودرايته وهما المراد من مثله ورآسه خلقه وخلقه المشيدين عن حسن الثناء وسهله وآثاره الحميدة المنتقلات وكيف لا وهو المنتسب إلى سلف يحمد لسان الإسلام أثر عقله ونقله
فليباشر هذه الوظيفة المباركة على العادة مباشرة يحمد أثرها ويسند عن صحيح عزمه خبرها وخبرها ويورق بغصون الأقلام ورق حسابها ويروق ثمرها مجتهدا فهو من نسل المجتهدين في عوائد التحصين والتحصيل والتأثير والتأثيل مليا بمايجبر كسر هذه البلاد بالصحة ويأسو جرحها بعد التعديل حريصا على أن يحيي بمشيئة الله تعالى وتدبيره عملها الذي لم يبق الموت من ذمائه غير القليل سالكا من النزاهة والصيانة طريقته المثلى ومن الكفاءة والأمانة عادته التي ترفع درجته إن شاء الله إلى ما هو أعلى وأغلى مسترفعا للحساب ولقدره في الخدمة شاكرا فإن الشكر ضمين لازدياد النعمة بعد النعمة سراجا وهاج الذكاء على المنار ولا ظلم مع وجوده ولا ظلمة والله تعالى يعلي قدره ولا يطفيء ذكره
توقيع بصحابة ديوان الحرمين من إنشاء ابن نباتة لمن لقبه شمس الدين وهو
رسم بالأمر لا زالت أوامره نافذة في الآفاق عاطفة عطف النسق على ذوي الاستحقاق مطلعة شمس التقى والعلم في منازل الإشراق أن يستقر المجلس علما باستحقاقه لما هو أكثر وأكبر وأوفى وأوفر وإطلاعا
لشمسه وإن اعترضها غم غيم في مطالع شرفها الأنوار وإعلاما بأنه غيم يزور ويزول ونقص لا يقيم إلا كما يذهب عارض من أفول واعتمادا على ما عرف من وفاء صحابته وألف من سناء درايته ودرابته ووصف من أيام ديونته بعد أيام حكمه بعد أيام خطابته واستنادا إلى نشأته في بيت العلم المستفاد والحكم المستجاد والفضل المستزاد وتربية الوالد الذي كان الاختيار يحلف بالفخر أنه ما يرى أظهر من ذات العماد
فليباشر صحابة ديوان هذين الحرمين الشريفين بأمل مبسوط وحال بينما هو منحوس حظ إذا هو إن شاء الله مغبوط واجتهاد مضمون لجدواه فضل الزيادة وسير لا يزال بشمسه حتى تجري لمستقر لها من منازل السعادة ومباشرة لأوقافها تعان وتعاد أجمل إعانة وأكمل إعادة وصحابة يتنوع في نفعها ويتعين حتى تكون منه عادة ومنها شهادة
توقيع بنظر الشعرا وبانياس من إنشاء ابن نباتة لمن لقبه صدر الدين واسمه أحمد بالعود وهو
رسم بالأمر لا زالت صدور الكفاة منشرحة في أيامه منسرحة الآمال في إنعامه ولا برح عوده أحمد إلى المناصب في ظلال سيوفه وأقلامه
ومنه فليباشر هذه الوظيفة الشاكرة له أولا وآخرا وليجتهد فيما يزيده من الاعتناء والاغتناء باطنا وظاهرا وليستزد بشكره من النعمة فما أخلف وعد المزيد
شاكرا وليحرص على أن يرى أبدا في المراتب صدرا ولا يرى عن ورود الإحسان صادرا
توقيع بنظر حمص من إنشاء ابن نباتة كتب به لابن البدر ناظر حمص بالنزول من أبيه عندما أسن وهو
رسم بالأمر لا زال حسن النظر من مواهبه ويمن الظفر من مراكبه وسقي البلاد صوب العدل من سحائبه ولا برح سنا البدر من خدمه فإذا أحس بالسرار ألقى الخدمة إلى أزهر كواكبه أن يستقر المجلس لما علم من رأيه الأسد وعزمه الأشد ومربى والده حتى يبين عظم الهناء بالشبل عندما وهن عظم الأسد وركونا إلى نجابته التي سمت أصلا وفرعا وقدمت غناء ونفعا وتبسمت كمائم أصلها المستأنفة حيث كاد الزمان ينعى منه ينعا واستنادا إلى أن الصناعة شابة ونسمات التمكين هابة وإلى أن أغصان العزائم نضرة وإلى أن مع القدرة قدرة وإلى أن كوكب العز في المنزلة قد خلف بدره واعتمادا على سهام تنفيذه الصائبة وأحكام هممه الواجبة وأقلام يده التي تحسن إخراج الأمل فيه وكيف لا وهي الحاسبة الكاتبة
فليباشر هذا النظر المفوض إليه ساميا نظره زاكيا في الخدمة خبره وخبره شاكرا هذا الإنعام الذي بر أباه وأسعد جده ومزيد الإنعام مضمون المزيد لمن شكره عالما أن هذه المملكة الحمصية من أقدم ذخائر الأيام وأكرم ما أفاء الله من غنيمتها وظلها على جند الإسلام وأنها من مراكز الرماح كما شهر فليمدها من تدبيره برماح الأقلام وليواظب بحسن نظره على تقرير أحوالها وتقريب آمالها وتأثير المصالح في أعمالها ولا يحمص أمرها في التضييق فكفى ما حمصتها الأيام على تعاقب أحوالها بل يجتهد في إزاحة
أعذارها بسداد الرأي الرابح وإشاعة الذكر الحسن مع كل غاد ورائح ورفع الأيدي بالأدعية الصالحة في تلك المشاهد للملك الظاهر في هذا الوقت والملك الصالح حتى يشهد سيف الله خالد بمضاء سيف حزمه وعزمه وحتى يتوفر من غرض الخير والحمد نصيب سهمه وتقوى الله تعالى أول الوصايا وآخرها فلتكن أبدا في همة فهمه
توقيع بنظر الرحبة من إنشاء ابن نباتة لمن لقبه تاج الدين وهو
رسم بالأمر لا زال مليء السحاب بسقيا الآمال الوارده مملوء الرحاب بكفاة الأعمال السائدة مخدوم الممالك والأيام بأقلام الدواوين الحاسبة وأقلام الدواوين الحامدة أن يستقر لكفاءته التي وافق خبرها الخبر ونشر ذكرها نشر الحبر وصناعة حسابه التي لو عاش أبو القاسم المعري لم يكن له فيها قسيما ولو عاصرها ابن الجراح بقدمه وإقدامه لانقلب عنها جريح الفكر هزيما بل لو ناوأه الشديد الماعز لذبح بغير سكين والتاج الطويل لرجع عن هذا التاج الطائل رجوع المسكين
فليباشر ما فوض من هذه الوظيفة إليه ونبه الاختبار فيها نظره الجميل وناظريه جاريا على عوائد هممه الوثيقة ماشيا على أنجح طريق من آرائه وأوضح طريقة نازلا منزلة العين من هذه الجهة التي لو صورت بشرا لكان ناظرها على الحقيقة مفرجا لمضايقها حتى تكون كما يقال رحبة مقتحما من حزون أحوالها العقبة وما أدراك ما العقبة فك من رقاب السفار المعوقين
رقبة وأطعم أرباب الاستحقاقات في يوم ذي مسغبة وساعف بتيسير المعلوم كل كاتب ذي متربة حريصا على أن يغني الديوان بوفره وتغني حداة التجار بشكره وعلى أن يقوم رجال الاستخدام في المهمات بنصره وعلى أن تساق بفضي قلمه الأموال أحسن سوق وعلى أن يكون لأهل الرحبة من إحسانه مالك ومن جدوى تدبيره طوق والله تعالى يوضح في المصالح منهاجه ويعلي على رؤوس الأوصاف تاجه
توقيع بنظر جعبر قبل أن تنقل إلى عمل حلب من إنشاء ابن نباتة كتب به لهبة الله بن النفيس وهو
رسم بالأمر لا زالت المناصب في دولته الشريفة تستقبل هبة الله بشكرها ونتائج الذكر النفيس بمقدمات نشرها وبشرها أن يرتب لكفاءته التي اشتهرت وأمانته التي طهرت فظهرت ومباشرته التي ضاهت نجوم السماء إذا زهرت ونجوم الأرض إذا أزهرت وأنه الذي جرب عزمه فزكا على التجريب ورقي في مطالع التدريج والتدريب ونص حديث اجتهاده المقرب فكان سابقا على النص والتقريب وأن هذه البقعة المباركة ممن أطاب التاريخ خبرها وقص سيرها وحمد صاحبها العقيلي من قديم أثرها وعرف بركتها لما استسقى بها من السماء على لسان بعض الحيوان مطرها
فليباشر هذا الثغر المحروس بكفاءة باسمة وعزمة كالحسام لأدواء الأمور حاسمة ورأي للنجاح حسن الاستصحاب وتثمير كما ملأ الرحبة
فليملأ بمضاعفته الرحاب موفرا العدد للحواصل وحواصل العداد فاتحا لأفواه القفول بذكره الجميل في التهائم والنجاد ماشيا فيما يأتي ويذر على سداد الطرق وطرق السداد
توقيع بنظر البقاع من إنشاء ابن نباتة وهو
رسم بالأمر لا زال يهنيء للكفاة رزقا ويهيء لتجديد المناصب مستحقا ولا برحت البقاع بأيامه الكريمة تسعد كما تسعد الرجال ولا تشقى أن يرتب حسب ما تضمنته مكاتبة الجناب الفلاني منبها على قدر هذا الناظر المهذب وصفه المرتب على نحو الثناء نعته وعطفه المشهور بمباشرته انتفاع الوظائف وارتفاعها الشاهد بكفاءته وأمانته مسالك الأعمال وبقاعها واعتمادا على مباشرته الزكية وكتابته التي لا يداهنها المداهنون وهي نعم البعلبكية
فليباشر هذه الوظيفة المتيمنة بمطالع رشده ومطالب سدده عالما أن البقاع كالرجال تسعد وتشقى فليكن سعدها على قلمه ويده مجتهدا فيما يبيض وجه شاكره حريصا على ازدياد الصفات التي كانت في عقد حساب العمل محل بنانه فجعلته الآن محل ناظره مثمرا لأموال النواحي وغلالها واضعا عن أرباب الاستحقاقات ما عليها من سوء التدبير من إصرها وأغلالها محتاطا لنفسه في الحوطات حتى لا يذكر إلا بخير ولا يعرف قلمه إلا بمير ناثرا حب حبه حتى تهوي إليه ألفاظ الثناء هوي الطير جاعلا تقوى الله مقصده فإنها السبيل إلى فوز الدارين لا غير
الصنف الرابع مما يكتب لأرباب الوظائف بالشام تواقيع مشايخ الخوانق وهي
على ضربينالضرب الأول ما هو بحاضرة دمشق وهو على ثلاث مراتب
المرتبة الأولى ما يفتتح بالحمد لله
وهو توقيع شيخ الشيوخ بدمشق وهي مشيخة الخانقاه الصلاحية المعروفة بالشميصاتية وقد تقدم أنها يكتب بها أيضا من الأبواب السلطانية ثم هي تفرد تارة عن كتابة السر بالشام وتارة تضاف إليهاتوقيع بمشيخة الشيوخ بالشام من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة كتب به للشيخ علاء الدين علي مفردة عن كتابة السر وهو
الحمد لله الذي جعل شرف أوليائه عليا وفضله الجليل جليا واتصال علائهم كاتصال كوكب الشرف بإيلاء الخيرات مليا وحاضر أفقهم كغائبه إذا سطرت دعواته واستمطرت هباته كان على كلا الحالين وليا
نحمده على توالي النعم الأنيقة ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تستمر بأصلها فروع الحقيقة ونشهد أن محمدا عبده ورسوله أجدر الخلق بكرم الخليقة صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الذين سلكوا بهداه أحسن طريق وسلكوا في أحسن طريقة صلاة دائمة لا تزال بها عقائد الإخلاص موثقة وألسنة الذكر طليقة وتحية إذا بدت في حضرة الادكار كانت للأعين من النور نهاره وكانت للأنجم من القدر شقيقه
أما بعد فإن أولى المراتب الدينية بتقديم العناية وتفخيم الرعاية وتكريم التولية ولا سيما إذا كانت منتسبة إلى أهل الولاية مرتبة مشيخة الشيوخ التي يجمع عباد الله الصالحين نطاقها ويضمهم رواقها وتطلعهم مطالع كواكب الهدى آفاقها المنيرة وأوفاقها
ولما خلت الآن هذه الرتبة بالشام المحروس من شيخ تدور هذه الطائفة على قطبه وتجتمع على مائدة قرباته وقربه وتمشي على قدمه وتناجي صلاح أحوالها عن قلبه تعين أن نختار لها من كملت بالله أداته وصفت في مشاهد الحق ذاته وزكت في علمي الإبانة والأمانة شهادته المفصحة ومشاهداته وأجمع الناس على فوائد تسليكه واسلاك قلمه حيث بدت في وجوه الحسن حسناته ووجوه الشام شاماته لما شهر من معرفته وعرفانه ولما دعي له ببقاء نوح لما فاض في العلم من طوفانه ولما قام في الأذهان من طبقة قدره الموصوف ولما سار من رسالة أخباره فإذا قالت الآثار هذا السري قال الإيثار وفضله معروف
فليباشر هذه المشيخة المباركة بصدر للسالكين رحيب وبر للسائلين مجيب وفضل يقول الرائد والمريد بدار إقامته قفا نبك من ذكرى منزل وحبيب وبشر وبشرى يملآن عين المجتلي ويد المجتدي وعطف ولطف إذا قال الذاكر لمن مضى راح مالكي قال المعاين وجاء سيدي وليراع أمور الخوانق الشامية ما غاب منها وما حضر وما سمع منها وما نظر وليهذب قلوب ساكنيها حتى يعود كإخوان الصفاء من المودة قوم كانوا إخوان الصفا من الحجر قائما بحقوق الرتبة قيام مثله من أئمة العلم والعمل داعيا لهذه الدولة العادلة فإنه أقصى دواعي الأمل معربا لأن العربية من علومه عن الإيضاح غنيا عن تفصيل الجمل وهو المسلك فما يحتاج لتسليك درر الوصايا المخبوء لمثل
هذه الزوايا المبرورة فنعم الزوايا المحبوة بنعم الخبايا والله تعالى يعيد على الأمة بركاته ويمتعهم باستسقاء الغيوث إما ببسطها عند بره وإما ببسطها عند دعواته
وهذه نسخة توقيع بمشيخة الشيوخ بالشام أيضا مضافة إلى كتابة السر به كتب بها للقاضي ناصر الدين محمد بن أبي الطيب كاتب السر بالشام بالمقر الشريف وهي
الحمد لله الذي شرح صدور أوليائه بمعرفة الحق واتباعه وجعلهم خواصه الذين غدوا من أتباع الحبيب وأشياعه ورفع ذكرهم على رؤوس الأشهاد وآواهم إلى مقام الأنس في محل القرب بالتسليك المحمدي الذي أوصل إليه مزيده بانقطاعه وخصهم ببركات من حضهم على الأعمال الصالحة بقصده الجميل وعلمه الغزير واتضاعه ومنحهم بمن أوضح لهم الطريق المستقيم بإبدائه الحق وإبدار إبداعه وغذاهم بالحكمة فنشأوا بالمعرفة وصار لهم العقل السليم بالتحفظ من الأهوية الردية فسلمت لهم الطيبة على قانون الصحة بحسن تركيبه وأوضاعه وأفاض عليهم من بحر علمه ما نالوا به الرشد فصاروا أولياء بملازمة أوراده ومتابعة أوزاعه
نحمده على ما ألهمنا من وضع الشيء في محله وإيصال الحق إلى أهله وإجابة سؤال الفقراء وإعانتهم بمن أغناهم عن السؤال بفضائله وفضله حمدا يعيد كشف الكرب على مريديه وطلبته ويرفع مقام من قام بشعار الدين بتعظيم قدره وعلو درجته ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي من تقرب منه ذراعا تقرب منه باعا ومن أتاه يمشي أتاه هرولة وإذا تقرب إليه عبده
بالنوافل أحبه ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة ) ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أضاءت الأكوان من نور هديه فاهتدت به أصحاب المعارف المسلمون لموجدهم الأمر والإرادة ومن هو روح الوجود الذي أحيا كل موجود وسلك طريق سنته الموصلة إلى عالم الغيب والشهادة صلى الله عليه و سلم وآله وصحبه الذين صفت قلوبهم من الأكدار وإلى التقوى سبقوا وصدقوا في المحبة فاستحقوا ثناء مولاهم ( من المؤمنين رجال صدقوا ) فمنهم من شمت من فيه رائحة كبد مشوية من خشية الله ومنهم من حدث بما شاهده ببصره وبصيرته على البعد ورآه ومنهم من أحيا ليلة واستحيت منه ملائكة السماء ومنهم من اتخذه أخا إذ هو باب مدينة العلم وركن العلماء صلاة دائمة تطيب أوقات المحبين وتطرب بسماعها قلوب المتقين أهل اليقين وسلم تسليما
أما بعد فإن أولى من قدمناه إلى أهل الصلاح ورفعناه إلى محل القرب وروح الأرواح وحكمناه على أهل الخير ومكناه في حزب الله الذي غلب لما اجتهدوا على إخراج حزب الشيطان من قلوبهم وزحفوا على قراره بجيش التقوى وسمتهم الزهد وحسن السير ووليناه أجل المناصب الذي تجتمع فيه قلوب الأولياء على الطاعة وأحللناه أرفع المراتب الذي خطبه منهم خيار الجمع لجلوة عروس الجمال في الخلوة بعقد ميثاق سنة المحبة وشهادة قلوب الجماعة من جمله صورة ومعنى وافتخر به أحاد ومثنى وباشره على أحسن الوجوه وبلغ كلا من مريديه وطلبته من فضائله وفضله ما يؤمله ويرجوه ومد موائد علومه المحتوية على أنواع الفضائل المغذية للقلوب وجلس في حلل الرضا فكسا القوم الذين لا يشقى بهم الجليس ملابس التقوى المطهرة من العيوب
وظهر في محفلهم للهداية كالبدر وهم حوله هالة وكان دليلهم إلى الحق فغدوا بتسليكه من مشايخ الرسالة وجاهد في بيان معاني القرآن العظيم حتى قيل لما فسره هذا مجاهد واستدل على تنزيه من تكلم به سبحانه عن التشبيه والتعليل وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد ونقل الحديث المحمدي الذي هو موطأ لتفهيم الغريب منه وميز صحيحه لكل مسلم فأطرب بسماعه الوفود وأفاد العباد تنبيه الغافلين فقاموا في الخدمة فأصبحوا تعرفهم بسيماهم ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) وخفض جناحه الذي عبر به الشعرى العبور والنسر الطائر وسار إحسانه إلى طوائف الفقراء فصار مثلا فحبذا المثل السائر
وكان فلان أعاد الله تعالى من بركاته وأسبغ ظلاله هو الذي أقامه الله تعالى لهذه الطائفة المباركة مرة بعد مرة وذكرت صفاته الجميلة فكان مثله للعيون قرة واتصف بهذه الصفات التي ملأت الأفواه والمسامع كما ملأت مرءآته المقل وحصل البشر بمعروفه الذي تتبعه السري أبو يزيد فجرى على عادة القوم الكرام ووصل ونبعت عناصر فضائله فكانت شراب الذين صفت قلوبهم من كدرها وأمطرت سحائب علومه الإلهية الدارة من سماء الحقيقة فسالت أودية بقدرها وظهرت لمعة أنوار شمس معارفه عند التجلي على المريد وساق نفوس القائمين لما عز مطلبهم بأصله الذي شرح طلاسم قلب الفاني بذكر الباقي فغرقوا في بحار المحبة ( وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد )
فلذلك رسم بالأمر العالي لا زال يرفع أهل العلم والعمل إلى أعلى مقام ويبني لهم في جنات القرب قصور الرضا ( لهم ما يشاءون فيها ) ومزيدهم الإكرام أن تفوض إليه مشيخة الشيوخ بالشام المحروس وظيفته التي خرجت عنه المرسوم الآن إعادتها عليه عوضا عمن كانت بيده بمعلومي النظر والمشيخة الشاهد بهما ديوان الوقف المبرور إلى آخر وقت على أجمل العوائد وأكمل القواعد تفويضا نظمت بالقبول عقوده ودامت في دار السعادة سعوده وفي درج المعالي صعوده
فليتلق ذلك بالقبول وليبلغ الفقراء من إقباله الجم الذي ألجم عدوه المنى والسول وليعامل المريدين بالشفقة المعروفة من رحمة دينه وإفضاله وليشمل كلا منهم بعنايته ولطفه فإن الخلق عيال الله وأحبهم إليه أشفقهم على عياله وليأمرهم بملازمة إقامة الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل وإذا مالوا والعياذ بالله تعالى يوما إلى منافسة بينهم فليقل اتقوا الله ما استطعتم وكونوا عباد الله إخوانا ولا تميلوا كل الميل وليفسح لهم حرم الخير الذي وقفوا فيه تجاه قصر تعبده الذي علا بالجوهر الفرد وقوة الإخلاص وليدخلهم منه جنة إقبال فوائده التي فيها من أبكار معانيه حور مقصورات في خيام أداته لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان وأعجز قصره العالي وجوهره الغالي كل بناء وغواص وليجعلهم له على جبل اعتماده ومروة مروءته إخوان الصفا وليقمهم في ركن مقام المناجاة إذا زمزم مطرب حيهم تلقاء أهل الوفا وليقدم السابقين بمعرفة حقهم ونجدتهم بالورع الذي يغلبون به الشيطان فإن حزب الله هم الغالبون وليداو قلوبهم المرضى بشراب المحبة وتركيب أدوية الامتلاء من الدنيا ليغتذوا وقت السحر بحديث هل من تائب ولا يسقهم كاسات تضعف عنها قوتهم
حتى ينقوا من بردة الهوى المضرة ويغتسلوا بحار مجاري دموع الخشوع ويلبسوا جديد ملابس التقى ويغدوا من الحبائب ومنه تعرف الوصايا وعنه تنقل المزايا وكرم الأخلاق والسجايا وليأمر السالكين بمداومة الأعمال التي قامت بحسن العقائد واستقلت وليحض المريدين أوائل التسليك على ذلك فإن أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قلت وليعرفهم المحبة بذكر الله لئلا يقوموا على قدم الهيام وليبين لهم المعنى إذا لم يعرفوا المعنى ليقطعوا الهواجر في طلب الصيام وليفرق بين الورادات بملازمة الأوراد لئلا يقعوا من الاشتباه في حيرة وليأمرهم بادخار العمل الصالح لتكون التقوى لقلوبهم قوتا والزهد ميرة وليقمع أهل البدع وليرفع من اتضع وليتفقد أحوال أوقافهم بجميع الخوانق والربط والزوايا بالجميل من النظر وليزد في الأجور بما يؤثر فيها نظره الذي ما زال لهم منه أوفر نصيب فحبذا العين والأثر والوصايا وإن كثرت فهو مفيدها وعنده منبعها وتقوى الله الذي هو شيخها ومريدها في بيته المبارك حلاوة ذوقها ومجمعها والله تعالى يكلؤه في الليل والنهار بآياته البينات ويرفعه بها ويرقيه إلى أعلى الدرجات
المرتبة الثانية من تواقيع مشايخ الأمكنة بحاضرة دمشق ما يفتتح بأما بعد
حمد الله وفيها وظائفنسخة توقيع بمشيخة إقراء القرآن من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة كتب به للشيخ شهاب الدين أحمد بن النقيب بالمجلس العالي وهي
أما بعد حمد الله رافع شهب الهدى أعلاما وجاعل رتب أفضلها أعلى ما ومحل أحمدها من مدارس الآيات منازل بدر إذا محا المحاق من هذا اسما أثبت من سمو هذا قمرا تماما ومسكنه من مواطن الذكر جنات قوم بارتقائهم وبقاء ذكرهم خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما والصلاةو السلام على سيدنا
محمد أرفع من اتخذ القرآن إماما وأنفع من عقد استحقاق النبوة على حمده خنصرا وجلا الحق بهداه إبهاما وعلى آله وصحبه أمنع من لبس بسرد الآيات درعا واقتسم من بركتها سهاما فإن وظيفة يكون القرآن الكريم ربيع فصلها وفضلها ورتبة يكون الذكر الحكيم مداوي قلوب جفلها ومشيخة يكون مريد الآيات البينات وارد زوايا أهلها لأحق أن تتخير لها الأكفاء من ذوي الفضل الأثير والأدلاء على أشرف نتاج الهداية من ذوي الحلم الساكن والعزم المثير
ولما كانت مشيخة إقراء القرآن بالتربة المعروفة بأم الصالح بدمشق المحروسة هي كما يقال أم العلم وأبوه وأخوه وحموه وصاحبته وأهل الكتاب والسنة بنوه وخلت الآن من شيخ كان يحمي حماها وتقسم الخلوات والآيات من بركته وتلاوته بالشمس وضحاها والقمر إذا تلاها وكان فلان هو الذخيرة المخبوءة لهذا الأمر وذو السيرة المحبوة بهذا الشرف الغمر وصاحب القراءة والبيان الذي لا يعوز زمان طلبته أبو عمر ولا أبو عمرو والجامع لعلوم كتاب الله تعالى جمع سلامة في فنه وصحة في شرف ذهنه وجواز أمر يشهد أن البحر يخرج لدى المشكلات من صدره ويدخل عند عقد الحبا في ردنه والقاريء الذي إذا قال مبينا قال الذي عنده علم الكتاب والتالي الذي إذا قصر أو مد مد إلى سموات العلى بأسباب والمشير إلى علمه المرسوم بمصحفه فلا عدم إشارته ومرسومه أولو الألباب والمجلي وإن سماه العرف تاليا والمنقب عن غوامض التفسير وابن النقيب أولى بسند التفسير عاليا والإمام السني وإن سماه الشرع الإمام الحاكم دهرا وأقام له في أفق كل فضل داعيا والسامي الذي يسلك بفخره على العراقي أوضح محجة والعربي الذي ما للفارسي دخول في باب تيقنه وإن جاء بحجة وذو
الروايات المروية سحائبه وخلف العلماء الأبيض فما خلف الأحمر مما يقاربه ولا ثعلب مما تضج لديه ثعالبه ولا ابن خروف مما يدانيه وهو الليث ومن الأقلام مخالبه وبقية السادة القراء المنشد قول الحماسي
( وإني من القوم الذين هم هم ... إذا مات منهم سيد قام صاحبه )
( بدور سماء كلما غاب كوكب ... بدا كوكب تأوي إليه كواكبه )
تعين أن يخطب لهذه المشيخة خطبة الفتى لاقتبال مجده والشيخ لتوقيره ويطلب لهذه الرتبة طلبا يقضي الأمل فيه بعنوان تيسيره
فرسم بالأمر الشريف أن يستقر وضعا للأشياء في محلها ورفعا لأقدار الأفاضل إلى أعلى رتب الفضل وأجلها وعلما بمقدار هذا العالم السابق في أفق الهدى شهابا المدفق على رياض العلم سحابا الناقل إلى مجالس الاشتغال خطا يقول لها المؤمن بالإكرام والكافر بالإرغام ( ياليتني كنت ترابا )
فليباشر هذه الوظيفة مباشرة مثله من ذوي الأناة والإفادة وكفاة المناصب الذين على سعيهم الحسنى وعلى الدولة تصل الزيادة وليسلك في الأشغال عادة نطقه الأحسن وليعامل طلبته في المباحث بغير ما ألفوا من الخلق الأخشن وليعلم أنه قد جمع بين بره وتربة الأم كي تقر عينها ولا تحزن فليسرها بنبله وليبرها بفضله وليوفر السعي إليها كل وقت في المسير وليفسر أحلام أملها فيه فمن مفردات علومه التفسير وليحسن لتلامذته الجمع وليحم حمى رواياتهم من الخطإ ولا عجب أن يحمى حمى السبع تاليا كلام ربه كما أنزل وحسبه داعيا بنسب قراءته إلى ابن كعب فحبذا نسبه المبارك وكعبه ناصبا بمنظر شخصه