كتاب : قرى الضيف
المؤلف : عبدالله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس
( فلا عار إن قصرت دون مبرز ... شأن الناس قبلي سعيه وشأني )
( وعذري إليه خاطر كل بعدما ... ثوري وهو ماضي الشفرتين يماني )
( كذا الدهر إما عاد ينقض ما بنى ... وإما بنى ما ينقض الملوان )
( وإن اخرتني اليوم سن تقدمت ... فقد اسلفتني حوز كل رهان )
( ليالي طارت بي عقارب بلاغتي ... وبذت بغاثا ما استطاع يراني )
( ابابيل جابت دون إدراك غايتي ... على انها لم تأل في الطيران ) - الطويل -
فأجابه أبو الحسن بقصيدة منها من الطويل
( ظماني الى من لو اراد سقاني ... وديني على من لو يشاء قضاني )
( ولو كان عندي معسرا لعذرته ... ولكنه وهو الملي لواني )
( رمى مقلتي واسترجع السهم داميا ... غزال بنجلاوين تنتضلان )
( أأرجو شفائي منه وهو الذي جنى ... على بدني داء الضنى وشجاني )
( أبيت فلم أستق من كان غلتي ... ولم استرش من كان قبل براني )
( فإن أسر فالعلياء همي وإن أقم ... فإني على بكر المكارم باني )
( وإن أمض أترك كل حي من العدى ... يقول ألا لله نفس فلان )
( أكرر في الاخوان عينا صحيحة ... على أعين مرضى من الشنآن )
( فلولا أبو إسحاق قل تشبثي ... بخل وضربي عنده بجران )
( هو اللافتي عن ذا الزمان وأهله ... بشيمة لا وان ولا متواني )
( إخاء تساوي فيه ودا وألفة ... رديع صفاء لا رضيع لبان )
( تمازج قلبانا تمازج إخوة ... وكل طلوبي غاية أخوان )
( ورب قريب بالعداوة ساخط ... ورب بعيد بالمودة داني )
( وغيرك ينبو عنه طرفي مجانبا ... وإن كان مني الاقرب المتداني )
( لئن رام قبضا سن بناتك حادث ... لقد عاضنا منك انبساط جنان )
( وإن بز من ذاك الجناح مطاره ... قرب مقال منك ذي طيران )
( وإن أقعدتك النائبات فطالما ... سرى موقرا من مجدك الملوان )
( وإن هدمت منك الخطوب بمرها ... فثم لسان للمناقب باني )
( مآثر تبقى ما رأى الشمس ناظر ... وما سمعت من سامع أذنان )
( وموسومة مقطوعة العقل لم تزل ... شوارد قد بالغن في الجولان )
( وما زل منك الرأي والحزم والحجى ... فتأسى إذا ما زلت القدمان )
( ولو أن لي يوما على الدهر إمرة ... وكانت لي العدوى على الحدثان )
( خلعت على عطفيك برد شبيبتي ... جوادا بعمري واقتبال زماني )
( وحملت ثقل الشيب عنك مفارقي ... وإن فل من غربي وغض عناني )
( وناب طويلا عنك في كل عارض ... وخط بخطو أخمصي وبناني )
( على أنه ما انفل من كان دونه ... حميم يرامي عن يد ولسان )
( وما كل من لم يعط نهضا بعاجز ... ولا كل ليث خادر بجبان )
( وإنك ما استرعيت مني سوى فتى ... صبور على رعي المودة حاني )
( حفي إذا ما ضيع المرء قوله ... وفي إذا ما خون العضدان )
( من الله استهدي بقاك وأن ترى ... محلا لايام العلا بمكان )
( وأسأله أن لا تزال مخلدا ... بملقى سماع بيننا وعيان )
( إذا ما رعاك الله يوما فقد قضى ... مآرب قلبي كلها ورعاني ) - الطويل -
وكتب إليه ابو اسحاق ايضا وكان بين إنفاذه اليه هذه القصيدة وبين موته اثنا عشر يوما ولعلها اخر شعره من الطويل
( ابا كل شيء قيل في وصفه حسن ... إلى ذاك ينحو من كناك ابا الحسن )
( فوحدها للاختصار إشارة ... إلي جملة تفصيلها لك مرتهن )
( تخولتها في خلقة وخليقة ... وإن لم تكن أنت الخليق بها فمن )
( وما هي إلا كنية لك إرثها ... وإن مسها من غير أربابها الدرن )
( ولو ان في تحريمها لي قدرة ... لما اصبحت في غير بيتك تمتهن )
( ألست لها بعد الموصي وآله ... وأنتم اناس فيكم المجد قد قطن )
( ولكن هذا الدهر جار عليكم ... وبالغ حتى في الكنى لكم محن )
( يجاذبكم علياءكم كل حاسد ... به مرض بين الحيازم قد كمن )
( فيجري الى غاياتكم طالبا لها ... على غير منهاج وأنتم على السنن )
( مناقبكم حق بدت بيناته ... ودعواه أضغاث يراهن في الوسن )
( لكم في الثريا خطة وهو في الثرى ... فيا بعدها من أن يلزهما قرن )
( وقد تستوي الاشخاص في عين من رأى ... وتفترق الاعيان في فهم من فطن )
( وبين وسيمات الوجوه تشابه ... فكن فاصلا بين التهيج والسمن )
( وإن جلدة الوجه الوسيم تغضنت ... فلا تحسبن تلك الغضون بها عكن )
( توقلتم في كل هضبة سؤدد ... فأوفيت واستعليت منها على القنن )
( تقسم هذا الفضل بين طوائف ... وأقسامه مجموعة فيك تختزن )
( غدوا لك كالابعاض إذ انت كلهم ... كمالا عجيبا مثله قط لم يكن )
( تراهم إذا غابوا عن المنزل الذي ... تحل به كانوا حضورا له إذن )
( وإن غبت عنهم ظاعنا بان فقرهم ... الى الواحد الفذ الذي عنهم ظعن )
( وإما يباريك المباري بهيئة ... وزي وملبوس على جسمه حسن )
( ففي درعك الانسان تمت صفاته ... وجمت معاليه وفي درعه الوثن )
( كتبت الى ابن الموسوي رسالة ... بلا دخل يدنو إليها ولا دخن )
( بأني مذ بايعتني الود جاعل ... سوادي من قلب وعين له ثمن )
( فإن رمته من صادق غير ماذق ... فدونك صدري مسكنا تحته شجن )
( إذا اغتربت منك الموالاة عند من ... ينافق فيها فهي عندي في الوطن )
( صفت مثل ما تصفو المدام من القذى ... وطابت كما طابت من الغبر الدخن )
( ولم لا وأنت الماجد السيد الذي ... له منن لم تستطع حملها المنن )
( أقيك الردى ليس القلا عنك مقعدي ... ولكن دهاني بالزمانة ذا الزمن )
( وغادرني حلف المضاجع راهنا ... على خلة في الحال والنفس والبدن )
( فإن تنأمك الدار فالذكر ما نأى ... وإن بان مني الشخص فالفكر لم يبن )
( وإن طال عهد الالتقاء فدونه ... عهود عليها من رعايتنا جنن )
( وأيسر حد يلزم النازح الفتى ... من الحق بسط العذر للدالف اليفن ) - الطويل -
وقال الشريف يجيبه عن هذه القصيدة وجعل الجواب على رويها دون وزنها لان ذلك الوزن المقيد لا يجيء الكلام فيه إلا متقلقلا ولا النظم
بزعمه إلا مختلا من البسيط
( دع من دموعك بعد البين للدمن ... غدا لدارهم واليوم للظعن )
( هل وقفة بلوى خبت مؤلفة ... بين الخليطين من شام ومن يمن )
( عجنا على الربع انضاء محرمة ... اثقالها الشوق من باد ومكتمن )
( موسومة بالهوى تدري برؤيتها ... أن المطايا مطايا مضمري شجن )
( ثم انثنينا على بأس وقد شرقت ... نواظر بمجاري دمعها الهتن )
( من ملبغ لي ابا إسحاق مألكة ... عن حنو قلب سليم السر والعلن )
( جرى الوداد له مني وإن بعدت ... منا العلائق مجرى الماء في الغصن )
( لقد توامق قلبانا كأنهما ... تراضعا بدم الاحشاء لا اللبن )
( مسود قضب الاقلام نال بها ... نيل المحمر أطراف القنا اللدن )
( إن لم تكن تورد الارماح موردها ... فما عدلت الى الاقلام عن جبن )
( والطاعن الطعنة النجلاء عن جلد ... كالقائل القولة الغراء عن لسن )
( ما قدر فضلك ما اصبحت ترزقه ... ليس الحظوظ على الاقدار والمهن )
( قد كنت قبلك من دهري على حنق ... فزاد مابك في غيظي على الزمن )
( انت الكرى مؤنسا عيني وبعضهم ... مثل القذى مانعا عيني من الوسن )
( قد جاءت النفثة الغراء ضامنة ... ما يوثق النفس في سر وفي علن )
( انطت من حسنها ماء بلا نضب ... وحزت من نظمها درا بلا ثمن )
( فاقتد إليك ابا اسحاق قافية ... قود الجواد بلا حبل ولا رسن )
( انشدتها فحدا سمعي غرابتها ... الى الضمير حداء الركب بالبدن )
( كانت تقاعس لو ما كنت قائدها ... تقاعس البازل المحبوب في شطن )
( تستوقف الركب إن مرت معارضة ... يهدي عقيلتها العذراء من لمن ) - البسيط -
ذكر وفاة ابي اسحاق وما رثاه به الموسوي
توفي يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة من شوال سنة اربع وثمانين وثلاثمائة وكانت سنوه أحدى وتسعين سنة قمرية فرثاه ابو الحسن بهذه القصيدة الفريدة التي أفصح بها عن بعد شأوه في الشعر وعلو محله في كرم العهد وقد كتبتها كلها لحسن ديباجتها وكثرة رونقها وجودة ألفاظها ومعانيها واستهلالها من الكامل
( أعلمت من حملوا على الاعواد ... أرأيت كيف خبا ضياء النادي )
( جبل هوى لو خر في البحر اغتدى ... من وقعه متتابع الازباد )
( ما كنت أعلم قبل دفنك في الثرى ... أن الثرى يعلو على الاطواد )
( بعدا ليومك في الزمان فإنه ... اقذى العيون وفت في الاعضاد )
( لا ينفد الدمع الذي يبكي به ... إن القلوب له من الامداد )
( كيف انمحي ذاك الجناب وعطلت ... تلك الفجاج وضل ذاك الهادي )
( طاحت بتلك المكرمات طوائح ... وعدت على ذاك الجلال عوادي )
( قالوا أطاع وقيدفي شطن الردى ... ايدي المنون ملكت أي قياد )
( من مصعب لو لم يقده إلهه ... لقضائه ما كان بالمنقاد )
( هذا أبو إسحاق يغلق رهنه ... هل ذائد أو مانع أو فادي )
( لو كانت تفدي لافتدتك فوارس ... مطروا بعارض كل يوم طراد )
( وإذا تالق بارق لوقيعة ... والخيل تفحص بالرجال بداد )
( سلوا الدروع من العياب واقبلوا ... يتحدثون على القنا المياد )
( لكن رماك مجبن الشجعان عن ... إقدامهم ومضعضع الانجاد )
( كالليث يهون بالتراب ويمتلي ... غيظا على الاضغان والاحقاد )
( والدهر تدخل نافذات سهامه ... مأوى الصلال ومربض الاساد )
( ألقي الجران على عنطنط حمير ... فمضى ومد يدا لاحمر عاد )
( أعزز علي بأن اراك وقد خلت ... من جانبيك مجالس العواد )
( اعزز علي بأن أراك بمنزل ... متشابه الامجاد والاوغاد )
( اعزز علي بأن يفارق ناظري ... لمعان ذاك الكوكب الوقاد )
( في عصبة جنبوا الى آجالهم ... والدهر يعجلهم عن الارواد )
( ضربوا بمدرجة الفناء قبابهم ... من غير اطناب ولا اعماد )
( ركب أناخوا لا يرجى منهم ... قصد لاتهام ولا إنجاد )
( كرهوا النزول فأنزلتهم وقعة ... للدهر نازلة بكل مقاد )
( فتهافتوا عن رجل كل مذلل ... وتطارحوا عن سرج كل جواد )
( بادون في صور الجميع وإنهم ... متفردون تفرد الاحاد )
( مما يطيل الهم أن أمامنا ... طول الطريق وقلة الازواد )
( عمري لقد اغمدت منك مهندا ... في الترب كان ممزق الاغماد )
( قد كنت اهوى ان اشاطرك الردى ... لكن اراد الله غير مرادي )
( ولقد كبا طرف الرقاد بناظري ... منذ افتقدت فلالعا لرقادي )
( ثكلتك ارض لم تلد لك ثانيا ... اني ومثلك معوز الميلاد )
( من للبلاغة والفصاحة أن همى ... ذاك الغمام وعب ذاك الوادي )
( من للملوك يحز في أعناقها ... بظبا من القول البليغ حداد )
( من للممالك لا تزال تلمها ... سداد ثغر ضائع وسداد )
( من للمحافل يستزل رماحها ... ويرد رعلتها بغير جلاد )
( من للممارق تسترق قلوبها ... بزلازل الابراق والارعاد )
( وصحائف فيها الاراقم كمن ... مرهوبة الاصدار والايراد )
( تدمي طوابعها إذا استعرضتها ... من شدة التحذير والابعاد )
( حمر على نظر العدو كأنها ... بدم تخط بهن لا بمداد )
( يقدمن إقدام الجيوش وباطل ... أن يهزمن هزائم الاجناد )
( فقر بها تمسي الملوك فقيرة ... ابدا الى مبدا لها ومعاد )
( وتكون سوطا للحرون إذا ونى ... وعناق عنق الجامح المتمادي )
( نزقي وتلدغ في القلوب وإن تشا ... حط النجوم بها من الابعاد )
( أما الدموع عليك غير بخيلة ... والقلب بالسلوان غير جواد )
( سودت ما بين الفضاء وناظري ... وغسلت من عيني كل سواد )
( ري الخدود من المدامع شاهد ... أن القلوب من الغليل صوادي )
( ما كنت أخشى أن تضن بلفظة ... لتقوم بعدك لى مقام الزاد )
( ماذا الذي منع الفنيق هديره ... من بعد صولته على الاذواد )
( ماذا الذي حبس الجواد عن المدى ... من بعد سبقته الى الاماد )
( ماذا الذي منع الهمام بوثبة ... وعدا على دمه وكان العادي )
( قل للنوائب عددي ايامه ... لغنى عن التعديد بالتعداد )
( حمال ألويه العلاء بنجدة ... كالسيف يغني عن مناط نجاد )
( قلصت أظلة كل فضل بعده ... وأمر مشربها على الوراد )
( فقضي لسانك إذ ذوت ثمراته ... أن لا دوام لنضرة الاعواد )
( وقضى جنانك مذ خبت وقداته ... أن لا بقاء لقدح كل زناد )
( بقيت اعيجان يضل تبيعها ... ومضت هواد للرجال هوادي )
( يا ليت اني ما اقتنيتك صاحبا ... كم قنية جلبت اسى لفؤادي )
( من لم يسف الى التناسل نفسه ... كفي الاسى بتفاقد الاولاد )
( برد القلوب بمن تحب بقاءه ... مما يجر حرارة الاكباد )
( ليس الفجائع بالذخائر مثلها ... يا ماجد الاعيان والافراد )
( ويقول من لم يدر كنهك إنهم ... نقصوا به عددا من الاعداد )
( هيهات ادرج بين برديك الردى ... رجل الرجال وأوحد الاحاد )
( لا تطلبي يا نفس خلا بعده ... فلمثله اعيا على المقتاد )
( فقدت ملاءمة الشكول لفقده ... وبقيت بين تباين الاضداد )
( ما مطعم الدنيا بحلو بعده ... ابدا ولا ماء الحيا ببراد )
( الفضل ناسب بيننا إذ لم يكن ... شرفي مناسبة ولا ميلادي )
( إن لا تكن من اسرتي وعشيرتي ... فلأنت اعلقهم يدا بودادي )
( أو لا تكن عالي الاصول فقد وفى ... عظم الجدود بسؤدد الاجداد )
( لادر دري إن مطلتك ذمة ... في باطن متغيب او بادي )
( إن الوفاء كما اقترحت فلو تكن ... حيا إذا ما كنت بالمزداد )
( ليس التنافس بيننا بمعاود ... أبدا وليس زماننا بمعاد )
( ضاقت علي الارض بعدك كلها ... وتركت اضيقها علي بلادي )
( لك في الحشا قبر وإن لم تاوه ... ومن الدموع روائح وغوادي )
( سلوا من الابراد جسمك فانثنى ... جسمي يسل عليك في الابراد )
( كم من طويل العمر بعد وفاته ... بالذكر يصحب حاضرا او بادي )
( ما مات من جعل الزمان لسانه ... يتلو مناقب عود وبوادي )
( فاذهب كما ذهب الربيع وإثره ... باق بكل مهابط ونجاد )
( لا تبعدن واين قربك بعدها ... إن المنايا غاية الابعاد )
( صفح الثرى عن حر وجهك إنه ... مغرى بطى محاسن الامجاد )
( وتماسكت تلك البنان فطالما ... عبث الردي بأنامل الاجواد )
( وسقاك فضلك إنه أروى حيا ... من رائح متعرض او غادي )
( جدث على أن لا نبات بأرضه ... وقفت عليه مطالب الرواد ) - الكامل -
ومر يوما بقبره وهو بالجنينة من ارض كرخايا فقال من الطويل
( ايعلم قبر بالجنينة اننا ... اقمنا به نبغي الندى والمعاليا )
( عطفنا فحيينا مساعيه إنها ... عظام المساعي لا العظام البواليا )
( مررنا به فاستوقفتنا رسومه ... كما استوقف الروض الظباء الجوازيا )
( وما لاح ذاك الترب حتى تخيلت ... من الدمع أوشال ملأن المآفيا )
( نزلنا إليه عن ظهور جيادنا نكفكف بالايدي الدموع الجواريا ... )
( ولما تجاهشنا البكاء ولم نطق ... عن الوجد إقلاعا عذرنا البواكيا )
( اقول لركب رائحين تعرجوا ... اريكم به فرعا من المجد ذاويا )
( الموا عليه عاقرين فإننا ... إذا لم نجد عقرا عقرنا القوافيا )
( وحطوا به رحل المكارم والعلا ... وكبوا الجفان عنده والمقاريا )
( فلو انصفوا شقوا عليه ضمائرا ... وجزوا رقابا بالظبا لا نواصيا )
( وقفنا فأرخصنا الدموع وربما ... تكون على سوم الغرام غواليا )
( ألا ايها القبر الذي ضم لحده ... قضيبا على هام النوائب ماضيا )
( هل ابن هلال منذ اودى كعهدنا ... هلالا على ضوء المطامع باقيا )
( وتلك البنان المورقات من الندى ... نواضب ماء أم بواق كما هيا )
( فإن نيل من ذاك اللسان مضاؤه ... فإن به عضوا من المجد باليا )
( مجيب الدواعي حائدا او مدافعا ... هناك مرم لا يجيب الداعيا )
( وما كنت ابى طول لبث بقبره ... لو أني إذا استعديته كان عاديا )
( صفائح تستسقي الدموع روائحا ... على جانبيها والغمام غواديا )
( ترى الكلم الغران من بعد موته ... نوافر ممن رامهن نوائيا )
( هو الخاضب الاقلام نال بها علا ... تقاصر عنها الخاضبون العواليا )
( معيد ضراب باللسان لوانه ... بيوم وغى فل الجراز اليمانيا )
( مرير القوى نال المعالي واثبا ... إذا غيره نال المعالي حابيا )
( مضى لم يمانع عنه قلب مشيع ... إذا هم لم يرجع عن الهم نائيا )
( ولا المسندوه بالاكف الى الحشى ... على جزع والمفرشوه التراقيا )
( ولا رد في صدر المنون براحة ... يرد بها سمر القنا والمواضيا )
( خلا بعدك الوادي الذي كنت أنسه ... وأصبح تعروه النوائب واديا )
( أرحت علينا ثلة الوجد ترتعى ... ضمائرنا أيامها واللياليا )
( ولولاك كان الصبر من سجية ... تراثا ورثناه الجدود الاواليا )
( رضيت بحكم الدهر فيك ضرورة ... ومن ذا الذي يغذو بما ساء راضيا )
( وطاوعت من رام انتزاعك من يدي ... ولو أجد الاعوان أصبحت عاصيا )
( تطامنت كيما يعبر الخطب جانبي ... فألقي على ظهري وجر زماميا )
( ملأت بمحياك البلاد مساعيا ... ويملأ مثواك البلاد مناعيا )
( كما عم عالي ذكرك الخلق كله ... كذاك أقمت العالمين نواعيا )
( رثيتك كي أسلوك فازددت لوعة ... لان المراثي لا تسد المرازيا )
( وأعلم أن ليس البكاء بنافع ... عليك ولكني امني الامانيا ) - الطويل
الباب الرابع في ذكر ثلاثة من كتاب آل بويه يجرون مجرى الوزراء
116 - أولهم ابو القاسم عبد العزيز بن يوسف
أحد صدور المشرق وفرسان المنطق وأفراد الكرم الكبار الحسان الاثار والاخبار وأعيان الممدحين المقدمين في الاداب والكتابة والبراعة والكفاية وجميع أدوات الرياسة وكان مع تقلده ديوان الرسائل لعضد الدولة طول أيامه معدودا في وزرائه وخواص ندمائه وتقلد الوزارة بعده دفعات لاولاده
وأنا أورد من غرر نثره التي تعرب عن ادب فضفاض وخاطر بالاجادة والاحسان فياض ومن لمع شعره التي هي احسن من زهر الرياض وأسلس من الماء على الرضراض ما هو من شرط هذا الكتاب المشتمل على ملح الاداب
ما أخرج من سلطانياته
فصل من كتاب عن الطائع لله الى ركن الدولة لما ورد عضد الدولة العراق
فأنت وعضد الدولة كلأكما الله يدا أمير المؤمنين فيما يأخذ ويذر وناظراه
فميا يقرب ويبعد بكما افترش مهاد الملك بعد إقضاضه ورفع منار الدين بعد انخفاضه فأبشرا من الله تعالى بالحسنى إن الله لا يضيع أجر المحسنين
ومن كتاب عنه الى عضد الدولة
وراع الشرف الذي افرعك امير المؤمنين ذروته وعقد بك ذؤابته وتوقل في فلك الفخر كيف اردت ومس في حلل المجد اني شئت واستدم النعمة عليك بالتقوى لله تعالى وبحسن الطاعة لامير المؤمنين فإنهما جنتاك وعدتاك وذريعتاك المشفعتان عند الله تعالى في أولاك وأخراك وأحسن كما أحسن الله إليك
ومن كتاب عنه إلى أهل الشام
قد علمتم بشهادة الاثار وتظاهر الاخبار ما أعد الله لامير المؤمنين بطاعته وليه المنصور وصفيه المبرور وعضد الدولة ايده الله تعالى من حام حقيقته ساد خلته راع سدته ورعيته لا يثنيه عن غاياته عارض الشام ولا يلهيه عن هماته راحة الحمام من الطويل
( مضاميره أعيت على من يرومها ... وكل مدى عن غايتيه قصير )
( فهو عين أمير المؤمنين إذا نظر ... ولسانه إذا نطق ويده إذا لمس ) - الطويل -
فهو عين امير المؤمنين إذا نظر ولسانه إذا نطق ويده إذا لمس ألانت أم أمضت ووطأت أن أقضت
ومن كتاب الى عضد الدولة في فتح كرمان
وتآمروا على الوقوع الى ناحية الجروم واجنهم الليل فادرعوه مقتادين بخزائم أنوافهم الى مصارع حتوفهم
ومن كتاب عنه في عود الطائع الى بغداد والتقائه معه
ولما ورد امير المؤمنين النهروان انعم بالاذن لنا في تلقية على الماء فامتثلناه وتقبلناه وتلقانا من عوائد كرمه ونفحات شيمه والمخائل الواعدة بجميل آرائه وعواطف إنحائه ورعاية ما كنفنا يمنه وشايعنا عزه الى أن وصلنا الى حضرته البهية شرفها الله تعالى في الجديرية التي استقبلت منه بسليل النبوة وقعيد الخلافة وسيد الانام والمستنزل بوجهه درر الغمام فتكفأت علينا ظلال نوره وبشره وغمرتنا جهات تفضله وفضله وقرب علينا سنن خدمته وأنالنا شرف القعود بين يديه على كرسي أمر بنصبه لنا عن يمينه وأمام دسته وأوسعنا من جميل لقياه وكريم نجواه ما يسم بالعز اغفال النعم ويضمن الشرف في النفس والعقب ويكفل من الفوز في الدين والدنيا بغايات الامل وكانت لنا في الوصول إليه والقعود بين يديه في مواقع ألحاظه وموارد ألفاظه مراتب لم يعطها احد فيها سلف ولم تجد الايام بمثلها لمن تقدم وسرنا في خدمته على الهيئة التي ألقى شرفها علينا وحصل جمالها مدى الدهر لدينا الى ان سار الى سدة دار الخلافة والسعود تشايعه والميامن تواكبه وطلائع الامال تشرف عليه وثغر الاسلام يبتسم اليه فعزم علينا بالانقلاب معه على ضروب من التشريف لا مورد بعدها في جلال ولا موقف وراءها لمذهب في جمال واجتلت الاعين من محاسن ذلك المنظر وتهادت الالسن من مناقب ذلك المشهد ما بهر بصر الناظر وعاد شمل الاسلام مجموعا ورواق العز ممدودا وصلاح الدهماء مأمولا ونور الدين والدنيا مرقوبا
ومن كتاب عنه إلى اخيه مؤيد الدولة لما فتح جرجان
وصل كتاب مولاي بذكر الفتح الذي ألبسه الله جماله والنجح الذي قرب
الله عليه مناله والنعمة التي نبت عن متعاطيها فانتقلت إليه والمملكة التي اضطربت بمالكيها فقرت لديه
ومن كتاب عنه الى اخيه مؤيد الدولة ايضا في ذكر علة نابته من الحمى
ورد على الخبر بعارض من الحرارة وعك له سيدي مؤيد الدولة ايده الله تعالى بعقب دواء تناوله واتصال ذلك بمليلة أزعجته وحمى نابته فتصرفت في الافكار وملكني الاشفاق وخلص الى قلبي من ألم ما عراه والى نفسي من وجل ما شكاه ما كاد يوحش جناب الانس ويخل بشيمه الصبر لولا أن المعهود في مثل هذا العارض يعقب الاستفراغ اكثر الامر ثم تفضي عقباه الى استقبال الصحة والابلال والقوة حرس الله ساحته وحمى مهجته وأحسن الدفاع عنه
ومن كتاب عنه في ذكر وفاة ركن الدولة
وقد كانت المصيبة نفرت سرب النعم ورنقت شرب الامل وأوحشت رباع المجد والكرم لولا ما عصم الله به وهدى له من تذكر النعمة في ثروة العدد والبقية الحسنى في الاخوة الولد ثم في العزة والقدرة والسلطان والبسطة وفيما شد به الاعضاد في إخوان الصفاء الذين سيدي ايده الله تعالى ناظم شمل محاسنهم وفائت سبق افاضلهم
ومن كتاب في ذكر ابي تغلب
وقد كان الغضنفر بن حمدان حين تفضته المذاهب ولفظته المهارب وأقلقته عن مجاثمة المكايد والكتائب وتطوح الى بلاد الشام يتنقل بين مصارع يحسبها مراتع ومجاهل يعدها معالم يروم انتعاشا والجد خاذله ويبغي انتعاشا والبغي طالبه
ومن كتاب الى الامير خلف بن حمدان
وأما ما صحب فلانا من الطاف واتحاف فقد وصل وكان البعض منه كافيا
في البر وافيا بالحق إلا أن سيدي يأبى إلا الاغراق في اللطف قائلا وفاعلا لا اعدمه الله شمية الفضل ولا أخلاني فيه من كلام العهد ومما اقف فيه موقف العذر في مخاطبة سيدي أن فلانا ورد علي وقد ضاق الوقت عن توفيته واجب حقه لاستمرار العزائم في قصد نواحي العراق لاعادة ما نضب بها من ماء السياسة وما في جنباتها من رواق الامر والنهي بضعف المنن وانتكاث المرر وكتبت كتابي هذا وقد استقل بي المسير مقدما بعون الله كتائب الرعب مستصحبا مفاتح النصر
ومن كتاب في فتح ميا فارقين
فأمرنا أبا الوفاء أن يلين مسه لاهل البلد إبقاء على ذلك الثغر من أن تصاب له ثغرة واتقاء لاراقة دم فيه شبهة
ومن كتاب آخر
ولما ضاق عن هذا المخذول حلمنا باتساع غوايته ووعر الطريق الى استبقائه استخرنا الله تعالى في استرجاع ما ألبسناه من النعم
ومن كتاب عن نفسه الى مؤيد الدولة
وصل كتاب مولانا جوابا عما خدمت به حضرته المحروسة مهنئا فحسبتني وقد تأملت عنوانه مغلوطا بي أو معنيا به غيري إعظاما لتلك الايادي الغر والنعم الزهر التي اعددتها في الشرف مناسب والى الايام والليالي ذرائع
ومن كتاب عن عضد الدولة
وزيد الان عادة الالطاف بدواب تستكرم مناسبتها وتحمد نجابتها ويعرف عتقها في المنظر وسرها في المخبر نرضاها لركابنا ونعتمدها باختيارنا عائدة بإحمادنا واعتدادنا
ما اخرج من إخوانياته
كتب الى الصاحب كتابي أدام الله عز مولانا وحالي فيما أعاينه من تمثيل حضرته وتذكر خدمته والمواقف التي سعدت فيها برؤيته وأفدت من مشاهدته حظها ومقابلة نعم الله عليه وعلى الادب وحزبه والكرم وأهله فيه حال امرئ هب وقد أوردته الاحلام مناهل أمله فهو يتلهف تذكرا وتلذذ تحيرا ويناجي النفس تمثلا ويراقب المنى تعللا واحمد الله تعالى على الاحوال كلها وأسأله قرب الادالة والعقبى السارة وأقول من الطويل
( أقول وقلبي في ذراك مخيم ... وجسمي جنيب للصبا والجنائب )
( يجاذب نحو الصاحب الشوق مقودي ... وقد جاذبتني عنه أيدي الشواذب )
( سقي الله ذاك العهد عهدا من الحيا ... وتلك السجايا الغرغر السحائب )
( تذكرت ايامي بقربك والمنى ... يقابلني بالعز من كل جانب )
( وفي ربعك الدنيا تزف محاسنا ... وتفتر منك عن ثنايا مناقب )
( وقد لحظت عيناي من شخصك العلا ... ومن فرعك الفينان اعلى المناسب )
( ومن لفظك الدر المصون ومن حيا ... محياك ما لم تجره كف خاطب )
( وأخلاقك الغر التي لو تجسمت ... لكانت نجوما للنجوم الثواقب )
( ففاضت على خذي سوابق عبرة ... كما اسلمت عقدا انامل كاعب )
( سلام على تلك المكارم والعلا ... تحية خل عن جنابك غائب )
( يكابد ما لو كان بالسيف ما مضى ... وبالمزن لم تبلل لهاة لشارب )
( وإني وإن روعت بالبين شائم ... طوالع عتبي من طلاع العواقب )
( وما أنا بالناس صنائعك التي ... كتبن علي الرق ضربة لازب ) - الطويل -
ابتدأت أطال الله بقاء مولاي الصاحب بكتابي هذا وفي نفسي إتمامه نثرا فمال طبعي الى النظم وأملى خاطري على يدي منه ما كتبت ونعم المعرب عن الضمير مضمار القريض وقد اقتصرت عليه من الكتاب ناطقا عني واثقا بما عنده لي وأنا استرعيه غيبه واستغطيه عيبه وكنت كتبت الى حضرته من أول منزل أو ثانية بذكر ما أودعه حر الفراق قلبي وأزالته أيدي الاشواق من عزائم صبري وتوقعت الجواب عنه فأبطأ وورد هذا الركابي خاليا من كتابه وكانت عادة كرمه جارية عندي بخلافه ولولا الثقة به وبما استفدته من اللقاء والخدمة وحرمة الوفادة والهجرة من أذمة عهده لابديت ما أخفيت من قلق وانزعاج لاختلاف العادة على ومولادي ولي صوني عن موقف الظن والرجم بالغيب فإني مهتم في خدمته على حسب الضن بها ومنافسة كل احد عليها إن شاء الله تعالى
ومن كتاب له إليه
قد كان ورد لمولانا الصاحب أدام الله عزه من الطويل
( كتاب لو أن الليل يرمي بمثله ... لالقت يدا في حجرتيه ذكاء )
( تهادى بأبكار المعاني وعونها ... وأعيان لفظ ما لهن كفاء )
( شوارد لولا انهن أوالف ... ضرائر إلا أنهن سواء )
( لبسنا بها نعمى وألبست الربا ... خمائل روض جادهن سماء )
( بنان ابن عبادة تعلين نوءه ... وما صوبه إلا حيا وحياء ) - الطويل
وثلاث كتب تناظرت في الحسن والاحسان وتقابلت في البر والانعام لا زالت اياديه قلائد الاعناق ومرامية مضامير السباق ولا انفكت عين الله حامية له وكافلة به
ومن كتاب له إليه
وقف مولانا على ما كتبت به معرضا بخدمته ومجليا عن نيته فصدقه وحققه وقال ادام الله سلطانه إن لسان اثره في الفصاحة كلسان قلمه يتجاريان كفرسي رهان وناهيك بالاول اشتهارا ووضوحا وبالثاني غررا وحجولا وكنا لمثل هذه الحال نعده ونعتمده وننتجز عدات الفضل عنه وحسبنا ما أفادتناه التجارب فيه كافلا بالسعادة ودرك الاراردة وما زالت مخائله وليدا وناشئا وشمائله صغيرا ويافعا نواطق بالحسنى عنه وضوامن النجح فيه فقد اصبح الظن ايقانا والضمان عيانا والتقدير بيانا والاستدلال برهانا ونرجو أن الله بحسن الامتاع به والدفاع عنه كما أحسن الظن به وحقق الاماني فيه
ومن كتاب
وقفت على الابيات التي أتحفني بها سيدي وتكلفت لجوابها على ظلع في خاطري لطول السفار واتصال حالي بالحل والترحال ومولاي يأخذ العفو ويرضى بالميسور ويعذر مستأنفا على التقصير في جواب ما يأتيني من أمثاله ما دمنا في ملكة الهواجر وتعب البكر والاصائل
ومن كتاب له الى الصاحب في فتح عمان وإبادة الزنوج بها وما وصل إلى عضد الدولة من الغنائم
وكانت لاولئك الكفرة عادة اشتهرت منهم في استباحة الناس وأكل لحومهم وبلغ من كلبهم على ذلك انهم كانوا يتنقلون بينهم إذا شربوا بأكف الناس وسأل مولاي عن هذا النقل الغريب فحكى له عنهم أنه لا شيء في
الانسان ألذ من كفه وبنانه وكان في ذلك اليوم الذي شارف فيه طلائع العسكر المنصور باب عمان ثار من بعض المكامن طوائف من أولئك الكلاب فكبا ببعض الغلمان دابته فاختلسوه واقتسموه بينهم وأكلوه في الوقت وتعجب الناس من ضراوتهم وقساوتهم وقد ابادهم الله تعالى جده وطهر البر والبحر من عبثهم ومعرتهم فانقاد أهل جبال عمان باخعين بالطاعة معتصمين بذمة الجماعة وتمت نعمة الله على مولانا في هذا الفتح وكملت له مغانم الاجر ووصل امس غنائم تلك الناحية وفيها فيل صغيره بقدر الفرس ما عهد ألطف ولا أظرف منه وفي الغنائم كل ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين والله تعالى يجني مولانا ثمار الارض برا وبحرا سهلا ووعرا بمنه وكرمه آمين
ومن كتاب له الى ذي الكفايتين ابي الفتح
فأما استبطاؤه لعبده في تراخي ما كان مستشرفا من جهته لعلمه من أخبار حضرة مولانا الملك وما عليه حاله في مساورة الاشفاق ومسامرة الافكار الى أن يعرف خبر الخيل المنصورة المصاحبة ركاب مولانا في سلامتها من وقدة تلك الهواجر ووعورة تلك المسالك وما تولى الله تعالى مولانا به من كفايته وأفاد عليه من ظل حفظه وحراسته فقد وقفت عليه وكنت طالعت حضرته بكتب جمة تقر بها العيون ويفاد بمثلها السكون وانتظرت بالشرخ حال الاستقرار واستجماع الدار ليكون ما أطالع به ناهضا بما أنحوه ومغنيا عما يتلوه من غير فكر في عوادي الاسفار وعواقب الحل والترحال إلى ما اعتمدته من التخفيف لتكافؤ الاحوال بنا وبه في المسير ومناصبة الهجير وأنا الان اعود لعادتي في خدمته واستعمار عهدي من رأيه بمواصلة حضرته
ومن كتاب له الى ابي اسحاق الصابي
علمت كيف تنتظم فرق البلاغة وتلتقي طرق الخطابة وتتراءى اشخاص البيان وتتمايل اعطاف الحسن والاحسان وقرأت لفظا جليا حوى معنى
خفيا وكلاما قريبا رمى غرضا بعيدا وفصولا متباينة كساها الائتلاف صور المشاكلة ومنحها الامتزاج صيغة المضارعة ولحمة الموافقة فصارت لدلالة الاول منها على الثاني وتعلق العجز بالهادي فيها أولاد أرحام مبرورة وذوات قربى موصولة تتعاطف عيونها وتتناصف ابكارها وعونها
ومن كتاب له إليه
وصل كتاب سيدي بكلام شرف في نفسه وكرم في جنسه فهو جوهر الفضل والالفاظ اعراض وعنصر الادب والمعاني اغراض وفهمته فهم من قعدت به الاستطالة عن موقف الشكر فاستسلم وأكتنفه العجز فسلم وسلم وأعيته العبارة عن موجب البر فلاذ بأكناف العجز واعتزف بالقصور عن مفترض الحق
ومن كتاب له اليه
وصل كتاب مولاي بما قرب الى جناه وبعد على مداه من محاسن لفظه ونظمه ومباره التي ما زال يؤثرني فيها بالرغائب ويصفيني منها بالعقائل فوقفت منه بين اعتبار واقتباس واعتذار واغتباط واستبصار في موضع الفضيلة وشكر لما جمع الله لي في وده من المنح الجزيلة ووجدت خطابه مفتتحا بشكوى الايام في انحرافها ومكاره أحداثها فاستوحشت منها لاستيحاشه واستعديت عليها لاستعدائه وشايعت المهجنين لاثارها والزارين على أحكامها لاعراضها دون آماله وقدحها في أحواله ولم يستبق الجمال لنفسه والفضل لاهله دهر اناخ على مولاي بصرفه واختزله دون واجب حقه وقد أجبت عن القصيدة وإن كنت اعملت فيها خاطرا قدمته السفر وكده الحل والرحل وعلى مولاي المعول في ضم نشره وتسديد مختله وحفظ غيبي فيه من الطويل
( وقيت أبا إسحاق من حافظ عهدا ... وراع لمن يمنى بفرقته ودا )
( ومنفرد بالمكرمات تألفت ... عليه المعالي فاستقل بها مجدا )
( بلوت أخلاء الزمان وكلهم ... سواء فلا ذما منحت ولا حمدا )
( ومن يبغ صفو الود من كل صاحب ... يكن صبحه ليلا ومسعاته كدا )
( سواك أبا إسحاق إنك والندى ... لاوفاهم عهدا وأصفاهم عقدا )
( وأبعدهم في كل مكرمة مدى ... وأنظمهم في جيد مأثرة عقدا )
( تلاقت بنا الاداب في خير منسب ... عليه تساقينا على ظمأ بردا )
( وألفن ارواح الصناعة بيننا ... فنحن معا والدار نازحة جدا )
( ضلالا لدهر انت من حسناته ... ولما تكن في نيل إحسانه الفردا )
( لعا إنه الدهر العثور وإنه ... لسيان من أجدى عليه ومن أكدى )
( يميل على ذي الفضل للجهل ضلة ... يجرعه سما ويبدي له شهدا )
( على انه سلم لمن حل بالحمى ... حمى الملك المدعو للدولة العضدا ) - الطويل -
ما أخرج من شعره في عضد الدولة
قال من قصيدة اولها من البسيط
( ما للنوى وقفت دمعي على الطلل ... واستودعتني مطايا الحل والرحل )
( ترمي بطرفك في أطرافها فترى ... ما في الضمائر من غش ومن دغل )
( أريتنا النقص في رأي الاولى وضعوا ... كرمان من خول عنها ومن فشل )
( بمائها الوشل مع تمرها الدقل ... ولصها البطل وأهلها الهمل )
( وكم تركت بها للناس من مثل ... وكم نصبت على الانصاب من مثل )
( يفدي مقامك فيه الخلق قاطبة ... ونحن نفديك بالارواح والمقل )
( وليس يثبت في فرع العلا قدم ... إلا إذا ثبتت في موضع الزلل )
( خلائق هذبتهين العلا فغدت ... بين الخلائق كالاسلام في الملل )
( اسعد بوافد نيروز تقابله ... باليمن والعز والتأييد والجذل )
( واستأنف العيش مسرورا بجدته ... في ظل عز مدى الايام متصل ) - البسط -
ومن قصيدة قال في آخرها من الوافر
( وهاك تهز عطفيها اختيالا ... وتعجب كل مستمع ثناكا )
( تسير بها الرواة بكل ارض ... وتطرب من أحبك أو قلاكا )
( نظيرة تربها لفظا ومعنى ... فدى لك من يقصر عن مداكا )
( وكل الشعر زور ما خلاه ... وكل الناس زور ما خلاكا ) - الوافر -
ومن اخرى فيه من البسيط
( الله اكبر والاسلام قد سلما ... وعاد شمل العلا والمجد ملتئما )
( وظل ملك بني العباس معتليا ... لما غدا ببغاة الحق مدعما )
( بآل بويه أعلى الله رايته ... وشد من عقده ما كان منفصما )
( سادوا الملوك وشادوا المجد وابتدروا ... الى ذرى امد نال السهى شمما )
( هم قلادة عز انت واسطة ... فيها وكل بما قد قلته علما ) - البسيط -
ومنها في وصف السيوف من البسيط
( بيض تصافح بالايدي مقابضها ... وحدها صافح الاعناق والقمما )
( ضحكن من خلل الاغماد مصلتة ... حتى إذا اختلفت ضربا بكين دما )
( حنت خراسان شوقا إذ حننت لها ... حتى كأنكما نازعتما رحما )
( واهتز منبرها يهفو اليك ولو ... اطاق لاخترق القيعان والاكما )
( رفعت راياتك اللاتي خفقن على ... اسد نقلن على أكنافها أجما )
( لا تنتحي بلدا إلا أفضت به ... عدلا وأجليت عنه الظلم والظلما )
( سامتك أبناء سامان فما بلغوا ... مدى من العز لم ترفع له علما )
( وناضلوك عن العليا فكنت بها ... أولى وأثبت منهم في العلا قدما )
( وصاولوك فكانوا في الوغى نقدا ... يأبى الصال وكنت البازل القطما ) - البسيط -
ومن عضدية في وصف مجلس من الطويل
( فيا مجلسا عز الخلافة محدق ... بأقطاره والند والنور والخمر )
( وقد أرجت أرجاؤه وتعطرت ... بساطع نشر ما يقاس به نشر )
( وفتح فيه النرجس الغض أعينا ... محاجرها بيض وأحداقها صفر )
( كأن الشموع المشعلات خلاله ... ثواكل عبري ما ينهنهها الزجر )
( إذا قطعت منها الرؤوس تضاحكت ... وكان على قطع الرؤوس لها بشر )
( ألا يا أمير المشرقين ومن به ... تفاخرت الدنيا وكان له الفخر )
( ولم تخلق الدنيا لغيرك فانتظر ... فهذا هو الفأل المحقق لا الزجر ) - الطويل -
وقال من سذقية من المنسرح
( ما لي لما بي من الهوى رمق ... كأنما سد دوني الطرق )
( كأن نار الامير ساطعة ... من نار قلبي استعارها السذق )
( في ليلة باتت النجوم بها ... حائرة تنمحي وتنمحق )
( ونخرط الليل في النهار فما ... يؤنس إلا الصباح والشفق )
( بكل منشورة ذوائبها ... محمرة من شواظها الافق ) - المنسرح -
وقال في السكر المبني بشيراز ويروي لغيره من الهزج
( شربنا ذهبا يجري ... بشاطئ فضة تجري )
( وما زلنا على السكر ... نداوي السكر بالسكر )
( درينا كيف اصبحنا ... وأمسينا وما ندري )
( وفاض الماء فيض البحر منصبا الى بحر ... )
( كجدوي عضد الدولة ... في نائله الغمر ) - الهزج -
117 - ابو احمد عبد الرحمن بن الفضل الشيرازي
روضة مجد وشرف وحديقة فضل وأدب وكان احد أركان الدولة الديلمية يكتب لمعز الدولة ابي الحسين برسم المطيع لله ويتصرف بالعراق في جلائل الاعمال ويلاحظ بعين الاعظام والاجلال وكان آخذا بطرفي النظم والنثر فمن مشهور شعره وجيده ما كتبه الى القاضي التنوخي من الكامل
( شوقي الى القاضي المنيف بمجده ... شوق يفوت الوصف ايسر حده )
( وبحسب فرط الانس كان بقربه ... قلقي لما قد ساءني من بعده )
( ولو أنني مما احب ممكن ... لم اعد إغذاذا اسير لقصده )
( ووصلت آصال السرى بغدوها ... وقرنت إرقال المطي بوخده )
( ولئن عدمت سعادتي بلقائه ... فلقد أقمت على رعاية عهده )
( وشكرت سالف بره وأشعت محكم وده وقضيت واجب حمده ... )
( وعلمت اني إن طلبت مشاكلا ... لعلاه لم تظفر يداي بنده )
( فقصرت إخلاصي عليه ممسكا ... بإخائه محظى بمطلع سعده )
( من ذا يقاس إليه في آدابه ... أو علمه أو هزله أو جده )
( والمكرمات بأسرها في حزبه ... والصالحات جميعها من عنده )
( بجميل شاهده سالم غيبه ... وكريم صحبته وخالص وده )
( أفديه من حر حليف مناقب ... لولا تكامل فضله لم افده )
( لم تجر امجاد الرجال الى مدى ... للسبق إلا حاز نيل أمده )
( وكأن اضواء المحاسن كلها ... مقدوحة نيرانها من زنده )
( فالله يبقيه ويرغد عيشه ... ويعزه ويعيذنا من فقده ) - الكامل -
فأجابه القاضي بقصيدته وهي قوله من الكامل
( روحي فداؤك والورى من بعده ... جردت سيف صبابتي من غمده )
( عين الامام وكفه اليمني وحد حسامه الماضي ووسطى عقده ... )
( كلف ببذل المال يحسب غنمه ... في عزمه ونموه في حصده )
( وجه يجول البشر فيه برونق ... ماء السماح يفيض من إفرنده )
( متنقب بحيائه فكأنما ... شق الربيع شقيقه في خده )
( ومقابل من فارس في دوحه ... أوفت على قحطانه ومعده )
( هو شد من ازر المكارم والعلا ... حدثا ولم يبلغ أوان اشده )
( يفديه من نوب الزمان معاشر ... أحرارهم لا يلحقون بعبده )
( ابدت مقابحهم محاسن فعله ... والضد يظهر حسنه في ضده )
( ما كنت أعرف قدر ما خولته ... حتى بليت بقربه من بعهده )
( جاءت ألوكته إلي كأنها ... وصل الحبيب اعتضته من صده )
( ففتحت حين فتحتها عن روضة ... متفتح حوذانها في ورده )
( فقرأتها عودا على بدء كما ... عاد المولي في قراءة عهده )
( يا جنة الخلد التي أنا نازل ... ما بين كوثرها وطوبى خلده )
( لو استطيع ركبت متن الريح أو ... اسريت نحو ذراك مسرى وفده )
( وهو الزمان فإن يساعد صرفه ... فبجده يسعى الفتى لا كده ) - الكامل -
ولأبي احمد المذكور في وصف سحابة أدركته فاكتسى بكساء حتى أقلعت من المنسرح
( خرجت من عندكم فأدركني ... سحابة ذات منظر صلف )
( غمامة كالعمامة انتلفت ... فوق رؤوس المشاة في السدف )
( تنالها كف من يزوالها ... تقول للمرء ويك لا تقف )
( يختطف الارض وقع صيبها ... مثل اختطاف المخالب العقف )
( فوقعه والكساء يدفعه ... وقع سهام الاتراك في الهدف )
( كأنما كل قطرة وقعت ... عليه در بدا من الصدف )
( لو أن ما ذاب منه يجمد لم ... يصلح لغير العقود والشنف )
( فيها من الرعد كالدبادب والصنع إذا ما ضربن في شرف ... )
( واشتعل البرق في جوانبها ... مثل السيوف انتضين من غلف )
( قد جمعت حالتين في طلق ... صوت عذول ودمع ذي لهف )
( لو كان كلي لسان ذي نصر ... بوصفه واحتشدت لم اصف ) - المنسرح -
وكتب الى الصاحب يشكو اليه علة النقرش وعلو السن فقال من المتقارب
( الى الله اشكو ضنى شفني ... وكم قبلة من ضنى قد شفاني )
( وسقما ألح فما لي بما ... أحاط برجلي منه يدان )
( تراني وقد كنت ثبت الجنان ... إذا الليل جن سليب الجنان )
( اقطع آناءه بالانين ... وأرقب للصبح وقت الاذان )
( أنقل في موضع موضع ... فحيث حللت نبا بي مكاني )
( أؤمل روحا فيأتي النهار ... بأضعاف ما بت فيه أعاني )
( أقول اقيل فلا استطيع من الم ملحف غير واني ... )
( فمن ليلة أرونانية ... ويوم بما ساءني أروناني )
( أرجي تقضي ما اشتكيه ... من مرض بتقضي الزمان )
( وإني قد جزت حد الكهول ... وناهزت ما عمر الوالدان )
( وجرمت ستين شمسية ... فسدت علي طريق الاماني )
( وأوهت عراي وهدت قواي ... وليس لما يهدم الدهر باني )
( وإن كان لا يهتدى صرفه ... إلى أجل منسإ غير داني )
( وكنت على ثقة أنه ... إذا شاء ابراني من براني )
( فيا من له الخلق والامر من ... بعافية منك تشفي ضماني )
( وجد لي نأي أجل أو دنا ... بعفو وسعت به كل جاني )
( وهبني لاحمد والمصطفين ... من آله اهل بيت الجنان )
( هم عدتي وبهم اتقي العقاب ... وأرجو خلود الجنان ) - المتقارب -
فكتب إليه الصاحب مجيبا من المتقارب
( عناني من الهم ما قد عناني ... فأعطيت صرف الليالي عناني )
( ألفت الدموع وعفت الهجوع ... فعيناي عينان نضاختان )
( لسقم ألح على سيد ... بد قد غفرت ذنوب الزمان )
( أحاط برجليه جورا عليه ... وأني ونعلاهما الفرقدان )
( وكيف سطا بهما واستطال ... وأرض بساطهما النيران )
( وهلا تجاوزه قاصدا ... الى عصبه عصبت بالهوان )
( إذا ما سعى لطلاب العلا ... فكل أوان هم في توان )
( وسوف توافيه كف الشفاء ... بما أنشأت باسمه من أمان )
( وتفقأ فيه عيون الزمان ... عزيز المحل رفيع المكان )
( ويبقى جمالا لاقرانه ... وقد قصروا عنه الفي قران )
( أتتني بالامس ابياته ... تعلل روحي بروح الجنان )
( كبرد الشباب وبرد الشراب ... وظل الامان ونيل الاماني )
( وعهد الصبى ونسيم الصبا ... وصفو الدنان ورجع القيان )
( فلو أن الفاظها جسمت ... لكانت عقود نحور الغواني )
( فيا ليت عمري في عمره ... يزاد ولو أنه حقبتان )
( فيا مهجة قدمت دونه ... بغانية عند ذكر الغواني )
( اجيب عن الشعر مسترسلا ... بطبع شجاع وقلب جبان )
( فلولا سكوني الى فضله ... قبضت بناني بقبضي لساني ) - المتقارب
118 - أبو القاسم علي بن القاسم القاشاني
بقية مشيخة الكتاب المتقدمين في البراعة المالكين لأزمه البلاغة المتوقلين في هضاب المجد المترقلين في درجات الفضل وقد أخرجت من نظمه ونثره ما هو ثمرة العقل وعين القول الفصل
فصل كتابي اطال الله بقاء مولاي وأنا متردد بين جذل لتجدد بره في خطابه وبين خجل من قوارع زجره وعتابه فإذا خليت عنان انسى في رياض مباره فرتعت جاذبيته لاعج الاشفاق فلو كان سوء ظنه بي صادقا لا اعترفت ولعدت منه بحقوي كريم لا يبهظه اغتفار الجرائم ولا يتعاظمه الصفح عن الجرائر
فصل علقت هذه المخاطبة والاشغال تكنفني وكد الخاطر بأسباب شتى تقتسمني ووراء ذلك كلال الذهن بارتقاء السن ونقصان الخواطر بزيادة الشواغل واستمرار البلادة لمفارقة العادة وهو والله يعيذه من السوء مقتبل الشباب زائد الاسباب مؤتنف المخايل الى علم لا يدرك مضماره ولا يشق غباره فإذا حملي على مساجلته فقد عرضني للتكشف وإن عرضني على محنة التتبع فقد سلبني ثوب التجمل
فصل أظلني من مولاي عارض غيث أخلف ودقه وشامني منه لائح غوث كذب برقه فقل في حران ممحل أخطأه النوء وحيران مظلم خذله الضوء
فصل وصل كتاب مولاي من الطويل
( فكم فرحة أدى وكم ولم غلة جلا ... وكم بهجة أولى وكم غمة سلى ) - الطويل -
وسألت الله واهب خصال الفضل له وجامع خلال النبل فيه وحائز جمال المروءة للزمان ببقائه ومانح كمال المزية للاخوان بمكانه أن يتولى حفظ النعم النفسية ويديم حياطة المهج الخطيرة بصيانة تلك الشيم العلية حتى تستوفي
المكارم أعلى حظها في أيامه وتحوز الفضائل أقصى غايتها في مضماره من الطويل
( فينجح ذو فضل ويكمد ناقص ... ويبهج ذو ود ويكمد حاسد ) - الطويل -
فصل وما أرتضى نفسي لمخاطبة مولاي إذا كنت منفي الشواغل فارغ الخواطر مخلى الجوارح مطلق الاسار سليم الافكار فكيف بي مع كلال الجد وانغلاق الفهم واستبهام القريحة واستعجام الطبيعة والمعول على النية وهي لمولاي بظهر الغيب مكشوفة والمرجع الى العقيدة وهي بالولاء المجض معروفة فلا مجال للعتب بين هذه الاحوال كما لا مجال للعذر وراء هذا الخلال
فصل مراتع أهل الفضل موبئة ووجوده مطالب النزاع مظلمة غير مضيئة إلا في محل الشيخ الخصيب وفنائه المألف الرحيب لا جرم أن الامال عليه موقوفة وأعنة الوراد إليه معطوفة وداره مقصودة وحاله مكدودة والمنهل العذب كثير الزحام
فصل إن كان أوداؤه في فضله مستهمين وأولياؤه في إحسانه فوضى مشتركين فلي بحمد الله عفو صنائعه وصفو شرائعه لا اسبق الى جماحها ولا أنازع ثني زمامها فعلى حسب ذلك تصرفي وتجملي من أقسام ما يحدث عنده ويعرض له هذا وقد بلغني من تشريف الامير المؤيد إياه بالعيادة وإطالته عنده الاقامة ومعه المفاوضة ما أمكن في نفسي وقوى ثقتي وأنسى فإنه لم يكن إلا سببا لتجدد هذه النعمة وذريعة الى لباس هذه الرتبة فالله الذي قرن لمولاي تيسير ما قد قاسى عظيم المجد الذي لا يوازي وعميم الفخر الذي لا يسامي ودل بقليل ما مسه على كثير ما وعدت تباشير السعادة من مزيد الكرامة
فصل قد كان منزله مألف الاضياف ومأنس الاشراف ومنتجع الركب
ومقصد الوفد فاستبدل بالانس وحشة وبالنضارة غبرة وبالضياء ظلمة واعتاض من تزاحم المواكب تلازم المآتم ومن ضجيج النداء والصهيل عجيج البكاء والعويل
وله من كتاب الى الصاحب أوله هذه الابيات من المنسرح
( إذا الغيوم ارجفن باسقها ... وحف ارجاءها بوارقها )
( وغيبت للثرى كتائبها ... وانتضيت وسطها عقائقها )
( وجلجل الرعد بينها فحكى ... خفق طبول ألح خافقها )
( وابتسمت فرحة لوامعها ... واختلفت عبرة حمالقها )
( وقيل طوبى لبلدة نتجت ... بحق اكنافها فوارقها )
( أية نعماء لا تجل بها ... وأي بأساء لا تفارقها )
( فليسق غيث الندى أبا القاسم القرم وزير الايام وادقها ... )
( تحكي سجاياه هزة وندى ... واين من خلقه خلائقها )
( ولتهد ريح الصبا محملة ... انفاس طيب امست تعانقها )
( في روضة لا النعيم سابقها ... ولا نسيم الرياض لاحقها )
( جاور حواذنها بنفسجها ... وزان ريحانها شقائقها )
( هبت رخاء مريضة فشفت ... مرضي وشاق النفوس شائقها )
( لم تبق منه النوى سوى كبد ... تدمي وعين تجري سوابقها )
( إني وإن غالب الهوى جلدي ... صبرا لصادي الاحشاء خافقها )
( ذكري لايامنا التي غفلت ... عنها العوادي ونام رامقها )
( إذ النوى لا تروعنا وإذ الايام ... مأمونة بوائقها )
( والله لو ان ما أكابده ... بهضب رضوى خرت شواهقها ) - المنسرح -
هذه اطال الله بقاء مولاي نتائج اريحية أثارها مخاطبات مولاي التي هي أنقع لغلتي من برد الشراب وأعذب إلي من برد الشباب فجاش الصدر بما أبرأ إليه من عهدته وأسكنه ظل أمانه وذمته ليسبل عليه ستر مودته ويتأمل بعين محبته نعم وقد محا الزمان آثار إساءته إلي بما أسعفني به من إقبال مولاي علي وتتابع بره في مخاطباته لدي فكل ذنب لهذه النعمة مغفور وكل جناية بهذا الإحسان معمور
فأجاب الصاحب بكتاب صدره هذه الابيات من المنسرح
( بدت عذارى مدت سرادقها ... وأقسم الحسن لا يفارقها )
( كواعب اخرست دمالجها ... عنا وقد أنطقت مناطقها )
( خراعب حقها وصائفها ... تشي بأبدانها قراطقها )
( صينت عن العطر أن يطيبها ... إلا الذي حملت مخانقها )
( أم روضة ابرزت محاسنها ... ومايني قطرها يعانقها )
( فاورد الورد غصنها بدعا ... وشق عن ارضها شقائقها )
( وأعشت الناظرين حليتها ... وشاق أحداقهم حدائقها )
( أم اشرقت فقرة بدائعها ... حديقة زانها طرائقها )
( أتى بها بالكمال ناسجها ... وزانها بالجمال ناسقها )
( لله حلف العلا ابو حسن ... وقد جرت للعلا سوابقها )
( فحاز خصل الرهان عن كثب ... وفرجت عنده مضايقها )
( لله تلك الالفاظ حاملة ... غر معان تعي دقائقها )
( يكاد إعجازها يشككها ... في سور انها توافقها )
( أهدي سلاما حكى السلامة من ... أسقام سوء يخاف طارقها )
( كأنه دارنا ولم يرها ... ناعبها للنوى وناعقها )
( كأنها غفلة الرقيب وقد ... مكنت من نظرة أسارقها )
( أهديت منه ما لو تحمله الايام ... لم يستقل عاتقها )
( تحدو به صبوة ركائبها ... راتكة لا يميل سائقها )
( خذها وقد احصدت وثائقها ... والحقت بالسهى سواهقها )
( ناشدتك الله حين تنشدها ... وخلة لا يخيل صادقها )
( إلا تعمدت رفع رايتها ... ليملأ الخافقين خافقها )
( نعم وعش في النعيم ما طلعت ... شمس نهار وذو شارقها ) - المنسرح -
هذه أطال الله بقاء مولاي أبيات علقتها والروية لم تعتلقها واعتنقت فيها والفكرة لم تعتنقها لا ثقة بالنفس ووفائها وسكونا الى القريحة وصفائها بل علما بأني وإن أعطيت الجهد عنانه وفسحت لكد ميدانه لم أدان ما ورد من ألفاظ أيسر ما أصفها به الامتناع عن الوصف أن يتقصاها والبعد عن الاطناب أن يبلغ مداها ولقد قرع سمعي منها ما أراني العجز يخطر بين أفكاري والقصور يتبختر بين اقبالي وإدباري الى أن فكرت أن فضيلة المولى يشتمل عبده ويخيم وإن تصرفت عنده فثاب الى خاطر نظمت به ما إن طالعه صفحا وجودا
رجوت ان يحظى بطائل القبول وأن يتبعه نقدا تراجع على اعقاب الخمول هذا ولا عار على من سبقه سباق الزمان المستولي على قصب الرهان
ومن مشهور شعر علي بن القاسم وجيدة قوله من الطويل
( وإني وإن قصرت عن غير بغضة ... لراع لأسباب المودة حافظ )
( وما زال يدعوني إلى الصد ما أرى ... وأبي فتثنيني إليك الحفائظ )
( وأنتظر العقبى وأغضي على القذى ... ألاين طورا في الهوى وأغالظ )
( وأستمطر الاقبال بالود منكم ... وأصبر حتى أوجعتني المغايظ )
( وجربت ما يسلي المحب عن الهوى ... وأقصرت والتجريب للمرء واعظ ) - الطويل
الباب الخامس في ذكر شعراء البصرة ومحاسن كلامهم
119 - القاضي التنوخي ابو القاسم علي ابن محمد بن داود بن فهم
من أعيان اهل العلم والادب وأفراد الكرم وحسن الشيم وكان كما قرأته في فصل للصاحب إن أردت فإني سبحة ناسك أو أحببت فإني تفاحة فاتك أو اقترحت فإني مدرعة راهب أو آثرت فإني نخبة شارب وكان يتقلد قضاء البصرة والاهواز بضع سنين وحين صرف عنه ورد حضرة سيف الدولة زائرا ومادحا فأكرم مثواه وأحسن قراه وكتب في معناه الى الحضرة ببغداد حتى اعيد إلى عمله وزيد في رزقه ورتبته وكان المهلبي الوزير وغيره من وزراء العراق يميلون اليه جدا ويتعصبون له ويعدونه ريحانة الندماء وتاريخ الظرفاء ويعاشرون منه من تطيب عشرته وتلين قشرته وتكرم أخلاقه وتحسن اخباره وتسير اشعاره ناظمة حاشيتي البر والبحر وناحيتي الشرق والغرب
وبلغني انه كان له غلام يسمى نسيما في نهاية الملاحة واللباقة وكان يؤثره على سائر غلمانه ويختصه بتقريبه واستخدامه فكتب اليه بعض من يأنس به يقول من الرمل
( هل على من لامه مدغم ... لاضطرار الشعر في ميم نسيم ) - الرمل
فوقع تحته نعم ولم لا
ويحكى أنه كان في جملة القضاة الذين ينادمون الوزير المهلبي ويجتمعون عنده في الاسبوع ليلتين على اطراح الحشمة والتبسط في القصف والخلاعة وهم ابن قريعة وابن معروف والقاضي التنوخي وغيرهم وما منهم إلا أبيض اللحية طويلها وكذلك كان الوزير المهلبي فإذا تكامل الانس وطاب المجلس ولذ السماع وأخذ الطرب منهم مأخذه وهبوا ثوب الوقار وتقلبوا في أعطاف العيش بين الخفة والطيش ووضع في يد كل واحد منهم كأس ذهب من الف مثقال الى دونها مملوء شرابا قطربليا أو عكبريا فيغمس لحيته فيه بل ينقعها حتى تتشرب اكثره ويرش بها بعضهم على بعض ويرقصون أجمعهم وعليهم المصبغات ومخانق البرم والمنثور ويقولون كلما يكثر شربهم هرهر وإياهم عنى السري بقوله من المنسرح
( مجالس ترقص القضاة بها ... إذا انتشوا في مخانق البرم )
( وصاحب يخلط المجون لنا ... بشيمة حلوة من الشيم )
( تخضب بالراح شيبة عبثا ... أنامل مثل حمرة العنم )
( حتى تخال العيون شيبته ... شيبة فعلان ضرجت بدم ) - المنسرح -
فإذا اصبحوا عادوا لعادتهم في التزمت والتوفر والتحفظ بأبهة القضاة وحشمة المشايخ الكبراء
وقد أخرجت من غرر شعر التنوخي ما هو من شرط الكتاب فمن ذلك وصف الليل والنجوم بقوله من الخفيف
( رب ليل قطعته بصدود ... وفراق ما كان فيه وداع )
( موحش كالثقيل تقذى به العين وتأبى حديثه الاسماع ... )
( وكأن النجوم بين دجاه ... سنن لاح بينهن ابتداع )
( مشرقات كأنهن حجاج ... تقطع الخصم والظلام انقطاع )
( وكأن السماء خيمة وشي ... وكأن الجوزاء فيها شراع )
( كان ليلا فصيرته نهارا ... كتب تكبت العدى ورقاع ) - الخفيف -
وقوله من السريع
( كأنما المريخ والمشتري ... قدامه في شامخ الرفعة )
( منصرف بالليل عن دعوة ... قد اسرجوا قدامه شمعه ) - السريع -
وقوله وعهدي بابي بكر الخوارزمي يستظرفه من الرجز
( وجاء لاجاء الدجى كأنه ... من طلعة الواشي ووجه المرتقب )
( وفعل الظلام بالضياء ما ... يفعله الحرف بابناء الادب ) - الرجز -
وقوله من الطويل
( كأن النجوم الزهر في غلس الدجى ... سنا أوجه العافين في سنة الرد )
( وقد أبطأت خيل الصباح كأنها ... بخيل تباطا حين سيل عن الرفد ) - الطويل -
وقوله ايضا من الطويل
( وليلة مشتاق كأن نجومها ... قد اغتصبت عين الكرى وهي نوم )
( كأن عيون الساهرين لطولها ... إذا شخصت للانجم الزهر انجم )
( كأن سواد الليل والفجر ضاحك ... يلوح ويخفي اسود يتبسم ) - الطويل -
وقال في غور الكواكب عند الصباح من البسيط
( عهدي بها وضياء الصبح يطفئها ... كالسرج تطفأ أو كالاعين العور )
( اعجب به حين وافى وهي نيرة ... فظل يطمس منها النور بالنور ) - البسيط -
وقال من سائر الاوصاف والتشبيهات من مجزوء الرمل
( بات يسقيني ويشرب ... ذهبا للهم مذهب )
( شادن يحمل ماء ... فيه نار تتلهب )
( وردة ضاحكة عن ... اقحوان حين يقطب )
( لو أدرناها على ميت لكان الميت يطرب ... )
( ليت شعري اسرورا ... أم مداما بت أشرب )
( صب في الكاسات منها ... كالشهاب المتصوب )
( فرأيت الراح شرقا ... ورأيت الهم مغرب )
( غصن فوق كثيب ... ونهار تحت غيهب )
( لك منه مطرب يرضيك إن شئت ومضرب ... )
( جنة عذبت فيها ... بتجن وتجنب )
( هل رأيتم أحدا قبلي بالجنة عذب ... )
( بأبي أنت وأمي ... من بعيد حين تقرب )
( لي قلب كيف ما قلبه الله يقلب ... )
( وجفون يغضب الغمض عليها حين يغضب ... )
( رب ليل كتجنيك مقيم ليس يذهب ... )
( قد قطعناه بعزم ... كالحريق المتلهب )
( وكأن البرق لما ... لاح فيه يتنصب )
( كاتب من فوق فرع الغيم بالعقيان يكتب ... )
( وكأن الرعد حاد ... أو مناد أو مثوب )
( ونجوم الليل وقف ... كلال لم تثقب )
( وبد البدر كسيف ... في يد الجوزاء مذهب ) - مجزوء الرمل -
وقال وهو من قلائده من المتقارب
( وراح من الشمس مخلوقة ... بدت لك في قدح من نهار )
( هواء ولكنه ساكن ... وماء ولكنه غير جاري )
( إذا ما تأملتها وهي فيه ... تأملت نورا محيطا بنار )
( وما كان في الحق أن يجمعا ... لبعد التداني وفرط النفار )
( ولكن تجانس معناهما البسيطان فاتفقا في الجوار ... )
( كأن المدير لها باليمين ... إذا مال للسقي أو باليسار )
( تدرع ثوبا من الياسمين ... له فرد كم من الجلنار ) - المتقارب -
وقال في وصف دجلة والقمر من الكامل
( لم أنس دجلة والدجى متصوب ... والبدر في افق السماء معرب )
( فكأنها فيه بساط أزرق ... وكأنه فيها طراز مذهب ) - الكامل -
وقال ايضا في الروض من الخفيف
( ورياض حاكت لهن الثريا ... حللا كان غزلها للرعود )
( نثر الغيث در دمع عليها ... فتحلت بمثل در العقود )
( أقحوان معانق لشقيق ... كثغور تعص ورد الخدود )
( وعيون من نرجس تتراءى ... كعيون موصولة التسهيد )
( وكأن الشقيق حين تبدي ... ظلمة الصدع في خدود الغيد )
( وكأن الندى عليها دموع ... في جفون مفجوعة بفقيد ) - الخفيف -
وقال في البرد من البسيط
( وليلة ترك البرد البلاد بها ... كالقلب اشعر بأسا وهو مثلوج )
( فإن بسطت يدا لم تنبسط خصرا ... وإن تقل فقل لي فيه تثليج )
( فنحن منه ولم نخرس ذوو خرس ... ونحن منه ولم نفلج مفاليج ) - البسيط -
وقال فيه أيضا من البسيط
( أما ترى البرد قد وافت عساكره ... وعسكر الحر كيف انصاع منطلقا )
( والارض تحت ضريب الثلج تحسبها ... قد ألبست حبكا أو غثيت ورقا )
( فانهض بنار الى فحم كأنهما ... في العين ظلم وإنصاف قد اتفقا )
( جاءت ونحن كقلب الصب حين سلا ... بردا فصرنا كقلب الصب إذ عشقا ) - البسيط -
وقال من قصيدة كثيرة العيون وكان الصاحب يفضلها على سائر شعره ويرى أنها من امهات قلائده من الكامل
( أحبب إلي بنهر معقل الذي ... فيه لقلبي من همومي معقل )
( عذب إذا ما عب فيه ناهل ... فكأنه في ريق حب ينهل )
( متسلسل وكأنه لصفائه ... دمع بخدي كاعب يتسلسل )
( وإذا الرياح جرين فوق متونه ... فكأنه درع جلاها صيقل )
( وكأن دجلة إذ يغطمط موجها ... ملل يعظم خيفة ويبجل )
( وكأنها ياقوته أو أعين ... زرق تلائم بينها وتوصل )
( عذبت فما تدري أماء ماؤها ... عند المذاقة أم رحيق سلسل )
( ولها بمد بعد جزر ذاهب ... جيشان يدبر ذا وهذا يقبل )
( وإذا نظرت الى الابلة خلتها ... من جنة الفردوس حين تخيل )
( كم منزل في نهرها الى والسرور ... بأنه في غيره لا ينزل )
( وكأنما تلك القصور عرائس ... والروض فيه حلي خود ترفل )
( غنت قيان الطير في أرجائها ... هزجا يقل له الثقيل الاول )
( وتعانقت تلك الغصون فأذكرت ... يوم الوداع وغيرهم يترحل )
( ربع الربيع به فحاكت كفه ... حللا بها عقد الهموم تحلل )
( فمدبج وموشح ومدنر ... ومعمد ومحبر ومهلهل )
( فتخال ذا عينا وذا ثغرا وذا ... خدا يعضض مرة ويقبل ) - الكامل -
وكتب الى الوزير المهلبي وقد منعه المطر من خدمته من الطويل
( سحاب اتى كالامن بعد تخوف ... له في الثرى فعل الشفاء بمدنف )
( أكب على الافاق إكباب مطرق ... يفكر او كالنادم المتلهف )
( ومد جناحيه على الارض جانحا ... فراح عليها كالغراب المرفوف )
( غدا البر بحرا زاخرا وانثنى الضحى ... بظلمته في ثوب ليل مسجف )
( يعبس عن برق به متبسم ... عبوس نحيل في تبسم معنف )
( تحاول منه الشمس في الجو مخرجا ... كما حاول المغلوب تجريد مرهف ) - الطويل -
اين هذا من قول ابن المعتز من الوافر
( تحاول فتق غيم وهو يأبى ... كعنين يريد نكاح بكر ) - الوافر -
رجع
( فاترع ماء وارد حوضه ... أسلسال ماء أم سلافة قرقف )
( أتى رحمة للناس غيري فإنه ... علي عذاب ماله من تكشف )
( سحاب عداني عن سحاب وعارض ... منعت به من عارض متكفكف )
أخذه من قول الحسن بن وهب لمحمد بن عبد الملك وهو من الخفيف
( لست ادري ماذا أذم واشكو ... من سماء تعوقني عن سماء )
( غير اني ادعو على تيك بالثكل وادعوا لهذه بالبقاء ... ) - الخفيف -
الجواب من الوزير المذكور من الطويل
( أتت رقعة القاضي الجليل فكشفت ... وساوس محزون الفؤاد ملهف )
( فأهدت نظاما من قريض كأنه ... نظام لال او كوشي مفوف )
( تكامل فيه الظرف والشكل مثلما ... تكامل في مهديه كل التظرف )
( حوى منتهى الحسنى بأول خاطر ... يكلفه في الشعر ترك التكلف ) - الطويل
قال في وصف قصيدة من مجزوء الكامل
( وقصيدة ألفاظها ... في النظم كالدر النثير )
( جاءت إلي كأنها التوفيق في كل الامور ... )
( بأرق من شكوى وأحسن من حياة في سرور ... )
( لو قابلت أعمى لاضحى وهو ذو طرف بصير ... )
( فكأنها أمل تحقق بعد يأس في الصدور ... )
( أو كالفقيد إذا اتت ... بقدومه بشرى البشير )
( أو كالمنام لساهر ... لو كالامان لمستجير )
( أو كالشفاء لمدنف ... أو كالغني عند الفقير )
( وكأنما هي من وصال ... أو شباب أو نشور )
( لفظ كأسر معاند ... أو مثل إطلاق الاسير )
( وكأنه إذ لاح من ... فوق المهارق والسطور )
( ورد الخدود إذا انتقلت به على در الثغور ... )
( غرر غدت وكأنها ... من طلعة الظبي الغرير )
( من كل معنى كالسلامة ... أو كتيسير العسير )
( كتبت بحبر كالنوى ... أو كفر نعمى من كفور )
( في مثل ايام التواصل ... أو كاعتاب الدهور )
( أهديتها ياخير من ... يختار في كرم وخير ) - مجزوء الكامل -
وقال في ثوف كتاب من مجزوء الكامل
( وافى كتابك مثلما ... وافى لمفقود بشير )
( وكأنه الإقبال جاء ... أو الشفاء أو النشور )
( كأنه شرخ الشباب ... وعيشة الغض النضير )
( وافى وعير الليل واقفة ... الركائب لا تسير )
( فأضاء لي من كل فج منه فجر مستنير ... )
( وارتد طرف الدهر عني ... وهو مطروف حسير )
( ورأيت افلاك السرور ... بكل ما أهوى تدور )
( وفضضته فكأنه ... أثواب وشي أو حبير )
( خط وقرطاس كأنهما السوالف والثغور ... )
( وكأنه ليل يلوح ... خلاله صبح منير )
( ما بين خط كالحياة ... إذا استتب لها السرور )
( وبدائع تدع القلوب ... تكاد من طرب تطير )
( في كل معنى للغني ... يحويه محتاج فقير )
( أو كالفكاك يناله ... من بعد ما يأس أسير )
( أو كالسعادة أو كما ... يتيسر الامر العسير )
( فاسلم ودم ما دام ذو ... سلم وما ارسى ثبير ) - مجزوء الكامل -
وكتب الى ابي احمد بن ورقاء قصيدة أولها مستحسن جدا وهو من الطويل
( أسير وقلبي في هواك اسير ... وحادي ركابي لوعة وزفير )
( ولي ادمع غزر تفيض كأنها ... جدا فاض في العافين منك غزير )
( وطرف طريف بالسهاد كأنه ... لهاك وجيش الجود فيه مغير )
( رياضكم خضر يرف نباتها ... ونوءكم رطب السحاب مطير )
( وجوه كأكباد المحبين رقة ... ولكنها يوم الهياج صخور ) - الطويل -
وكتب الى بعض اصدقائه قصيدة منها من الطويل
( كتبت وليلي بالسهاد نهار ... وصدري لوراد الهموم صدار )
( ولي ادمع غزر تفيض كأنها ... سحائب فاضت من يديك غزار )
( ولم ار مثل الدمع ماء إذا جرى ... تلهب منه في المدامع نار )
( رحلت وزادي لوعة ومطيتي ... جوانح من حر الفراق حرار )
( مسير دعاه الناس سيرا توسعا ... ومعنى اسمه إن حققوه إسار )
( إذا رمت ان انسى الاسى ذكرت به ... ديار لها بين الضلوع ديار )
( لك الخير عن غير اختياري ترحلي ... وهل لي على صرف الزمان خيار )
( وهذا كتابي والجفون كأنما ... تحكم في اشفارهن شفار ) - الطويل -
الغزل في شعره
قال من الكامل
( حور بعينيه أطال تحيري ... ترك الدموع كخده المتعصفر )
( غصن تأود فوق دعص من نقا ... ليل تبلج عن نهار مسفر )
( كالشمس إلا أنه متنفس ... عن مسكة متبسم عن جوهر )
( وأطال من ليلي وقصر ليله ... أني سهرت وأنه لم يسهر ) - الكامل
وقال أيضا من مجزوء الرمل
( بأبي وجهك لو اشبهه منك الضيع ... )
( أنت بدر ما له في ... فلك الوصل طلوع ) - مجزوء الرمل -
وقال ايضا من الطويل
( رضاك شباب لا يليه مشيب ... وسخطك داء ليس منه طبيب )
( كأنك من كل النفوس مركب ... فأنت الى كل النفوس حبيب ) - الطويل -
وقال في امرد جسيم من البسيط
( قالوا عشقت عظيم الجسم قلت لهم ... الشمس اعظم جرم حازه الفلك )
( من اين استر وجدي وهو منهتك ... ما للمتيم في فتك الهوى درك ) - البسيط -
وقال فيه من الوافر
( لبست نحافة الغصن النحيف ... وذبت سوى ذماء في ضعيف )
( يحوري المحاسن والمعاني ... وإنسي المخايل والاليف )
( له في كل عضو دعص رمل ... ثقيل الجسم ذو روح خفيف )
( أأعشق لا عشقت أخا نحول ... سوى اني أخو الخلق الظريف )
( إذا لمسته كفى لم تلامس ... سوى جلد على عظم نحيف ) - الوافر -
ومما أنشدت له ولم اجده في ديوانه من السريع
( قلت لاصحابي وقد مر بي ... منتقبا بعد الضيا بالظلم )
( بالله يا أهل ودادي قفوا ... كي تبصروا كيف تزول النعم ) - السريع
120 - ابنه ابو علي المحسن ابن القاضي التنوخي
هلال ذلك القمر وغصن هاتيك الشجر والشاهد العدل لمجد أبيه وفضله والفرع المثيل لاصله والنائب عنه في حياته والقائم مقامه بعد وفاته وفيه يقول ابو عبد الله بن الحجاج من الوافر
( إذا ذكر القضاة وهم شيوخ ... تخيرت الشباب على الشيوخ )
( ومن لم يرض لم أصفعه إلا ... بحضرة سيدي القاضي التنوخي ) - الوافر -
وله كتاب الفرج بعد الشدة وناهيك بحسنه وإمتاع فنه وما جرى من الفأل بيمنه لا جرم أنه اسير من الامثال واسرى من الخيال
أخبرني ابو نصر سهل بن المرزبان انه رأى ديوان شعره ببغداد أكبر حجما من ديوان شعر ابيه وان بعض العوائق حال بينه وبين تحصيله حتى فاته واشتد الاسف عليه ولو تقدر له استصحابه كسائر الدواوين البديعة لكنت اتفسح في الانتخاب منه ولكني الان مقل من شعره وسيقع لي ما أتكثر به وألحق المختار منه بمكانه من هذا الباب بمشيئة الله تعالى وعونه ومما علق بحفظ ابي نصر المذكور وأنشدنيه للقاضي ابي علي قوله وهو معنى ظريف ما أراه سبق إليه وهو من الطويل
( خرجنا لنستسقي بين دعائه ... وقد كاد هدب الغيم أن يبلغ الارضا )
( فلما ابتدا يدعو تقشعت السما ... فما تم إلا والغمام قد أنفضا ) - الطويل
وأنشدني غيره له وأنا مرتاب به لفرط جودته وارتفاعه عن طبقته من الطويل
( أقول لها والحي قد فطنوا بنا ... وما لي على ايدي المنون براح )
( لما ساءني أن وحشتني سيوفهم ... وأنك لي دون الوشاح وشاح ) - الطويل -
ومما انشده لنفسه في كتاب الفرج بعد الشدة من الطويل
( لئن اشمت الاعداء صرفي ورحلتي ... فما صرفوا فضلي ولا ارتحل المجد )
( مقام وترحال وقبض وبسطة ... كذا عادة الدنيا وأخلاقها النكد ) - الطويل -
كأنه نسج على منوال المتنبي حيث قال من الطويل
( على ذا مضي الناس اجتماع وفرقة ... وميت ومولود وقال ووامق ) - الطويل -
ومما ينسب إليه قوله لبعض الرؤساء في التهيئة بشهر رمضان من الخفيف
( نلت في ذا الصيام ما ترتجيه ... ووقاك الاله ما تتقيه )
( أنت في الناس مثل شهرك في الاشهر بل مثل ليلة القدر فيه ... ) - الخفيف -
وأنشدني له غير ثقة وهو متنازع من الكامل
( قل للمليحة في الخمار المذهب ... أفسدت نسك أخي التقي المترهب )
( نور الخمار ونور وجهك تحته ... عجبا لوجهك كيف لم يتلهب )
( وجمعت بين المذهبين فلم يكن ... للحسن عن ذهبيهما من مذهب )
( فإذا بدت عين لتسرق نظرة ... قال الشعاع لها اذهبي لا تذهبي ) - الكامل
وأما ابنه ابو القاسم علي فلم يبلغني بعد شعره وقد بلغني ذكره على لسان ابي الحسن علي بن موسى الكرخي وقد أوردت ما أنشدنيه عنه لابي المطاع ذي القرنين ابن ناصر الدولة ابي محمد في باب الامراء من بني حمدان فليراجع
121 - ابن لنكك البصري ابو الحسن محمد بن محمد
فرد البصرة وصدر ادبائها وبدر ظرفائها في زمانه والمروع اليه في لطائف الادب وظرائفه طول ايامه وكانت حرفة الادب تمسه وتجشمه ومحنة الفضل تدركه فتخدشه ونفسه ترفعه ودهره يضعه واتفق في ايامه هبوب الريح للمتنبي وعلو رتبته وبعد صيته وارتفاع مقدار ابي رياش اليمامي وسمو نجمه ونفاق سوقه وفوزهما بالمراتب والحظوظ دونه وسعادتهما من الادب بما شقي به وحصل ابو الحسن على ثلبهما والتشفي بذمهما والعقود تحت المثل السائر أوسعتهم ذما وأودوا بالابل واكثر شعره ملح وظرف خفيفة الارواح تأخذ من القلوب بمجامعها وتقع من النفوس أحسن مواقعها وجلها في شكوى الزمان وأهله وهجاء شعراء أهل عصره وما أشبه شعره في الملاحة وقلة مجاوزة البيتين والثلاثة إلا بشعر كنية أبي الحسن بي فارس وأقدر أنه في الجبال كهو في العراق وكان يقال في منصور الفقيه إذا رمى بزوجته قتل وكذلك ابن لنكك إذا قال البيت والبيتين والثلاثة اغرب بما جلب وابدع فيما صنع فأما إذا قصد القصيد فقلما يفلح وينجح وبلغني ان الصاحب كتب على ظهر جزء من شعر ابن لنكك من المجتث
( شعر الظريف ابن لنكك ... مهذب ومحكك )
( مذهب وممسك ... بمثله يتمسك ) - المجتث -
ما أخرج من شعره في الشكوى وذم الزمان وأهله
قال من مجزوء الرمل
( يا زمانا ألبس الاحرار ذلا ومهانه ... )
( لست عندي بزمان ... إنما انت زمانه )
( كيف نرجو منك خيرا ... والعلا فيك مهانه )
( أجنون ما نراه ... منك يبدو أم مجانه ) - مجزوء الرمل -
وقال ايضا من الطويل
( زمان رأينا فيه كل العجائب ... وأصبحت الاذناب فوق الذوائب )
( لو أن على الافكلاك ما في نفوسنا ... تهافتت الافلاك من كل جانب ) - الطويل -
وقال ايضا من الوافر
( عجائب في زمانك شاهدات ... علب خرف من الفلك المحيط )
( يرى متيقظا ما لا يراه ... إذا ما نام آكل قنبيط ) - الوافر -
لان له خاصية في توليد السوداء ويرى احلاما ردية
وقال من المنسرح
( عجبت للدهر في تصرفه ... وكل افعال دهرنا عجب )
( يعاند الدهر كل ذي أدب ... كأنما ناك امه الادب ) - المنسرح
وقال ايضا من الطويل
( يقولون لي اصبحت في العلم واحدا ... وفي الشعر والاداب مالك ثاني )
( فقلت صدقتم ايها الناس إنني ... كذاك ولكن في حر ام زماني ) - الطويل -
وقال ايضا من الوافر
( مضى الاحرار وانقرضوا وبادوا ... وخلفني الزمان على علوج )
( وقالوا قد لزمت البيت جدا ... فقلت لفقد فائدة الخروج )
( لمن القى إذا ابصرت فيهم ... قرودا راكبين على السروج )
( زمان عز فيه الجود حتى ... تعالى الجود في اعلى البروج ) - الوافر -
وقال في المعنى من البسيط
( جار الزمان علينا في تصرفه ... وأي دهر على الاحرار لم يجر )
( عندي من الدهر ما لو أن ايسره ... يلقي على الفلك الدوار لم يدر ) - البسيط -
وقال ايضا من الخفيف
( نحن والله في زمان غشوم ... لو رايناه في المنام فزغنا )
( يصبح الناس فيه من سوء حال ... حق من مات منهم اين يهنا ) - الخفيف -
وقال ايضا من البسيط
( لا مكث الله دنيانا فقيمتها ... ليست تفي عند ذي عقل بقيراط )
( دنيا تأبت على الاحرار عاصية ... وطاوعت كل صفعان وضراط ) - البسيط
وقال من الوافر
( زمان قد تفرغ للفضول ... يسود كل ذي حمق جهول )
( فإن أحببتم فيه ارتياحا ... فكونوا جاهلين بلا عقول ) - الوافر -
وقال ايضا من البسيط
( إن اصبحت هممي في الافق عالية ... فإن حظي ببطن الارض ملتصق )
( كم يفعل الدهر بي ما لا اسر به ... وكم يسيء زمان جائر حنق )
( كم نفخة لي على الايام من ضجر ... تكاد من حرها الايام تحترق ) - البسيط -
وقال ايضا من المنسرح
( نحن من الدهر في اعاجيب ... فنسأل الله صبر ايوب )
( أقفرت الارض من محاسنها ... فابك عليها بكاء يعقوب ) - المنسرح -
وقال ايضا من الكامل
( ذهب الذين يعاش في اكنافهم ... وبقيت في خلف بلا اكناف )
( بطيالس وقلانس محشوة ... يتعاشرون بقلة الانصاف )
( ما شئت من حلل وفره مراكب ... ابواب دورهم بلا اجواف ) - الكامل -
وقال ايضا من المنسرح
( لا تخدعنك اللحى ولا الصور ... تسعة اعشار من ترى بقر )
( تراهم كالسحاب منتشرا ... وليس فيه لطالب مطر )
( في شجر السرو منهم مثل ... له رواء وماله ثمر ) - المنسرح
كأنه اخذه من قول ابن الرومي من الخفيف
( فغدا كالخلاف يورق للعين ويأبى الاثمار كل الاباء ... ) - الخفيف -
وقال ايضا من الكامل
( يا طالبا بالعلم حظا مسعدا ... في ذا الزمان رايت رأي مخرنق )
( إنفاق علم في زمان جهالة ... ترجو ودهر عمى وسخف مطبق )
( كن ساعيا ومصافعا ومضارطا ... تنل الرغائب في الزمان وتنفق )
( أو ما رأيت ملوك عصرك اصبحوا ... يتجملون بكل قاص احمق )
( لا تلق اشباه الحمير بحكمة ... موه عليهم ما قدرت ومخرق ) - الكامل -
وقال ايضا من المنسرح
( لم يبق حر اليه يختلف ... بل كل ندل عليه مختلف )
( يا فلكا دار بالنذالة والجهل الى كم تدور يا خرف ... )
( فعاقل ما يبل انملة ... وجاهل باليدين يغترف ) - المنسرح -
وقال ايضا من الطويل
( لعنتم جميعا من جوه لبلدة ... تكنفهم جهل ولؤم فأفرطا )
( وإن زمانا انتم رؤساؤه ... لأهل لأن يخرى عليه ويضرطا )
( أراكم تعينون اللئام وإنني ... أراكم بطرق اللؤم اهدى من القطا ) - الطويل -
وقال ايضا
( عدنا في زماننا ... عن طريق المكارم )
( من كفى الناس شره ... فهو في جود حاتم )
ما اخرج من شعره في الهجاء لابي رياش
كان ابو رياش باقعة في حفظ ايام العرب وأنسابها واشعارها غاية بل آية في هذ دواوينها وسدر أخبارها مع فصاحة وبيان وإعراب وإتقان ولكنه كان عديم المروءة وسخ اللبسة كثير التقشف قليل التنظف وفيه يقول ابو عثمان الخالدي من الرجز
( كأنما قمل ابي رياش ... ما بين صئبان قفاه الفاشي )
( وذا وذا قد لج في انتفاش ... شهدانج بدد في حشحاش ) - الرجز -
وكان مع ذلك شرها على الطعام رجيم شيطان المعدة حوتي الالتقام وثعبان الالتهام سيء في المواكلة دعاة ابو يوسف اليزيدي والي البصرة الى القصعة فكان بعد ذلك إذا حضر مائدته امر بأن يهيأ له طبق ليأكل عليه وحده
ودعاه يوما الوزير المهلبي الى طعامه فبينا هو يأكل معه إذ امتخط في منديل الغمر وبزق فيه ثم اخذ زيتونة من قعصة فغمزها بعنف حت طفرت نواتها فأصابت وجه الوزير فتعجب من سوء شرهه واحتمله لفرط أدبه
وفي شره ابي رياش يقول ابن لنكك ما هو في نهاية الملاحة وحسن التعريض من الوافر
( يطير الى الطعام ابو رياش ... مبادرة ولو واراه قبر )
( اصابعه من الحلواء صفر ... ولكن الاخادع منه حمر ) - الوافر -
وأنشدني ابو عبد الله محمد بن حامد الخوارزمي قال انشدني الصاحب لابن لنكك في أبي رياش وكان يطعن على ابي نواس وابي تمام من الطويل
( يقول ابن هاني افسد الشعر ضلة ... وشعر ابي تمامكم هو اضيع )
( ابا الريش يا صفعان صفعات واجب ... ولكن مضى من كان في الله يصفع ) - الطويل -
وقال ايضا من البسيط
( أبو رياش بغى والبغي مهلكة ... فشددوا العين ترموه بآبدته )
( عبد ذليل هجا للحين سيده ... تصحيف كنيته في صدغ والدته ) - البسيط -
وقال فيه ايضا من الكامل
( أأبا رياش يا قبيح المنظر ... يا منكرا ينمى الى مستنكر )
( تصحيف كنيتك التي كنيتها ... في است التي حملتك تسعة أشهر ) - الكامل -
وقال فيه ايضا من الكامل
( نبئت أن ابا رياش قد حوى ... علم اللغات وفاق فيما يدعي )
( من مخبري عنه فإني سائل ... من كان حنكه بأير الاصمعي ) - الكامل -
وقال فيه ايضا من الوافر
( على القبح الفظيع ابو رياش ... يعاشرنا بأخلاق ملاح )
( يبيح اكفنا أبدا قفاه ... فنصفعه على جهة المزاح ) - الوافر
وقال فيه وقد ولي عملا بالبصرة من الكامل
( قل للوضيع ابي رياش لا تبل ... ته كل تيهك بالولاية والعمل )
( ما ازددت حين وليت إلا خسة ... كالكلب انجس ما يكون إذا اغتسل ) - الكامل -
ما أخرج من هجائه لجماعة من الادباء والشعراء
أما هجاؤه للمتنبي فقد اوردته في اخباره ولا وجه لإعادته وقد كان ورد البصرة من ديار ربيعة شاعر يكنى أبا الهيذام كلاب بن حمزة وكان ابن لنكك يتولع به ويبدع في هجائه كقوله فيه من البسيط
( نفسي تقيك ابا الهيذام كل اذى ... إني بكل الذي ترضاه لي راضي )
( ما بال جعسك مركوبا على ذكري ... يا أكرم الناس من باق ومن ماضي )
( ما كان ايري فقيها إذ ظفرت به ... فكيف ألبسته دنية ألقاضي ) - البسيط -
وقال فيه ايضا من الوافر
( حوي يوما ابو الهيذام ايري ... وذاك بمثله ابدا حري )
( فبرنس رأسه بالجعس حتى ... تنكر منه لي خلق وزي )
( فقلت هديت لم برنست ايري ... فقال لان ايرك قرمطي ) - الوافر -
وقال ايضا من البسيط
( أنت ابن كل البرايا لكن اقتصروا ... على اسم حمزة وصفا غير تشميخ )
( كدار بطيخ تحوي كل فاكهة ... وما اسمها الدهر إلا دار بطيخ ) - البسيط
وقال ايضا من الكامل
( يا من تطيب وهو من حرق استه ... قلق يكابد كل داء معضل )
( فشل الصيال وما عهدنا دبره ... مذ كان يفشل عن صيال الفيشل )
( وأراه في الكتب الجليلة زاهدا ... لا يستجيد سوى كتاب المدخل )
( قبلته ولثمت فاه مسلما ... لثم الصديق فم الصديق المجمل )
( فدنا الي على المكان وقال لي ... أفديك من متشوق متغزل )
( إن كنت تلثمني بحق فاسقني ... بلسان بطنك في فمي من اسفل ) - الكامل -
وقال في الرملي الشاعر من الوافر
( لأم الشاعر الرملي صدغ ... صبور ما علمت على الدباغ )
( فرغت ولم تكن فرغت فرامت ... إدامة نيكها حتى الفراغ )
( فقلت لها فديتك لا تجوري ... فليس على الرسول سوى البلاغ ) - الوافر -
وقال فيه ايضا من الرجز
( إن الرميلي بليد خاطره ... يشعر ما دامت له دفاتره )
( فالشعراء كلهم خواطره ... ) - الرجز -
وقال فيه أيضا من مجزوء الرمل
( حلف الرملي فيما اقتص عني وحكاه ... )
( يدعي يوم اصطلحنا انني قبلت فاه ... )
( لم اقبل فاه لكن ... قبلت نعلي قفاه ) - مجزوء الرمل
وقال في المبرمان النحوي من الوافر
( صداع من كلامك يعترينا ... وما فيه لمستمع بيان )
( مكابرة ومخرقة وبهت ... لقد ابرمتنا يا مبرمان ) - الوافر -
ما اخرج من شعره في الغزل والشراب
قال من الوافر
( حبيب جفوتي فرض عليه ... مفري في الهوى منه إليه )
( إذا لحظاته قتللت محبا ... تشحط منه في دم وجنتيه ) - الوافر -
وقال ايضا من الوافر
( اتطمع ان تحب ولا جفون ... مؤرقة ولا قلب جريح )
( فأين هوى تذوب به وتبلى ... أراك تظن أن الزمر ريح ) - الوافر -
وقال ايضا من الوافر
( وروض عبقري الوشى غض ... يشاكل حين زخرف بالشقيق )
( سماء زبرجد خضراء فيها ... نجوم طالعات من عقيق )
( خليلي اسقياني الراح صرفا ... إذا وحريق قلبي بالرحيق )
( ذراني قبل ان القى حمامي ... اشوب بريق من اهواه ريقي ) - الوافر
وقال ايضا من الخفيف
( قد شربنا عل شقائق روض ... شربت عبرة السحاب السكوب )
( صبغت من دم القلوب فما تبصر إلا تعلقت بالقلوب ... ) - الخفيف -
وقال ايضا من المنسرح
( امر غد انت منه في لبس ... وأمس قد فات فاله عن امس )
( وإنما العيش عيش وقتك ذا ... فبادر الشمس بابنة الشمس ) - المنسرح -
وقال ايضا من الوافر
( اقول لصاحبي والراح روح ... لجسم الكأس في كف النديم )
( وقد حبس الدجى عنا بواك ... تسيل نفوسها فوق الجسوم )
( ونحن من المسرة في سماء ... فمن سارى الضياء ومن مقيم )
( شموعك والكؤوس مع الندامى ... نجوم في نجوم في نجوم ) - الوافر -
وقال في قلة شربه وسرعة سكره من الوافر
( فديتك لو علمت ببعض ما بي ... لما جرعتني إلا بمسعط )
( فحسبك أن كرما في جواري ... أمر ببابه فأكاد أسقط ) - الوافر -
وله في مثل ذلك من المجتث
( لو انني مسعي ... شربت ما شئت حينا )
( لكنني عهدي ... فاعرف حديثي يقينا )
( قرأت عهدة كرم ... فكان سكري سنينا ) - المجتث
وقال ايضا من مجزوء الرمل
( ايها الشيخ الذي برز ... قدما في السياده )
( والذي اعطاه اهل الارض ... في السبق المقاده )
( وأقر الكل منهم ... أنه عين القلاده )
( أنا يكفيني من المشروب ... ما يكفي جراده )
( وحديثي طال فيه ... مثل تفسير قتاده )
( وهو ابرام ونقض ... فاكفني فيه الاعاده ) - مجزوء الرمل -
ما اخرج من ملحه في سائر الفنون
قال من الطويل
( تولى شباب كنت فيه منعما ... تروح وتغدو دائم الفرحات )
( فلست تلاقيه ولو سرت خلفه ... كما سار ذو القرنين في الظلمات ) - الطويل -
وقال من الطويل
( فراق أخلائي الذين عهدتهم ... يوكل قلبي بالهموم اللوازم )
( وما ذا ارجبي من حياة تكدرت ... ولو قد صفت كانت كأضغاث حالم ) - الطويل -
وقال ايضا من الكامل
( نكرت نحولي وهو من فرط الاسى ... لفراق إخوان علي كرام )
( وتعجبت للشيب لا تتعجبي ... هذا غبار وقائع الايام ) - الكامل
وهو مأخوذ من قول ابن المعتز من الكامل
( قالت كبرت وشبت قلت لها ... هذا غبار وقائع الدهر ) - الكامل -
وقال ايضا من الوافر
( إذا خفق اللواء علي يوما ... وقد حمل امرؤ القيس اللواء )
( رجوت الله لا أرجو سواه ... لعل الله يرحم من اساء ) - الوافر -
وقال ايضا من البسيط
( إذا أخو الحسن اضحى فعله سمجا ... رأيت صورته من اقبح الصور )
( وهبك كالشمس في حسن ألم ترنا ... نفر منها إذا مالت الى الضرر ) - البسيط -
أخذه الصاحب فقال من المتقارب
( يقال تركت الذي حسنه ... يكاد يخجل شمس الضحى )
( فقلت وشمس الضحى تحتمي ... إذا بسطت في المصيف الاذى ) - المتقارب -
وقال ايضا من مجزوء الرمل
( نحن بالبصرة في لون ... من العيش ظريف )
( نحن ما هبت شمال ... بين جنات وريف )
( فإذا هبت جنوب ... فكأنا في كنيف ) - مجزوء الرمل -
وقال ايضا من مجزوء الرمل
( ليس في البصرة حر ... لا ولا فيها حواذ )
( إنما البصرة انشاب ... ونخل وسماد ) - مجزوء الرمل -
122 - ابنه أبو اسحاق ابراهيم
شاعر مجيد لم يتصل بي من شعره غير ما انشدته له معارضا قول ابيه من السريع
( وعصبة لما توسطتهم ... صارت علي الارض كالخاتم )
( كانهم من سوء افهامهم ... لم يخرجوا بعد الى العالم )
( يضحك إبليس إذا زارهم ... لانهم عار على آدم ) - السريع -
بقوله من السريع
( لا تصلح الارض ولا تستوي ... إلا بكم يا بقر العالم )
( من قال للحرث خلقتم فلم ... يكذب عليكم لا ولم يأثم )
( ما أنتم عار على ادم ... لانكم غير بني ادم ) - السريع -
وقال ايضا من السريع
( وليلة ارقني طولها ... فبتها في حيرة الذاهل )
( كأنما اشتقت لإفراطها ... في طولها من أمل الجاهل ) - السريع -
وقال ايضا من المنسرح
( يا سفلا أوقظوا بخستهم ... لكن عن الجود والندى ناموا )
( لا تكذبوا صح أنكم نعم ... عندكم للزمان انعام ) - المنسرح
123 - ابو عبد الله الحسين بن علي النمري
صاحب ابي رياش وابن لنكك وكان من صدور البصرة في الادب والشعر وقد جمع الحفظ الكثير الغزير والعلم القوي القويم والنظم الظريف المليح
فمما سار من ذلك قوله من قصيدة في ذي الكفايتين ابي الفتح وكان ورد عليه الري فأحسن اليه ووصله بصلة حسنة فيها دراهم في كل درهم منها خمسة دراهم وفيها ايضا دنانير كل دينار منها بخمسة دنانير واستهلالها من الكامل
( واها لأيام الصبابة واها ... بل آه من تذكارهن وآها )
( فالى الحرينة فالجنينة فالربى ... مغنى الاحبة حبذا مغناها )
( روض كلفت بنوره وبنوره ... وربى الفت هواءها وهواها )
( اصبو الى اترابها وترابها ... ومهاة عيشي في ظلال مهاها )
( فيهن شمس لا تروم عيوننا ... حذر العيون سناءها وسناها )
( نمرية من دونها متنمر ... أخشى شباه تارة وشباها )
( ماذا على النمر الكرام عشيرتي ... لو ضم بين فتاتها وفتاها )
( فتيان صدق كالشموس تعودت ... قنص النفوس ظباؤها وظباها )
( يا من لنفس شطرها في بلدة ... بذرى العراق وشطرها بسواها )
( ظمئي الى حو الشفاه وإنما ... حو الشفاه سقامها وشفاها )
( ظمأ الهمام الى المكارم والعلا ... وقد ارتوى منها كما ارواها )
( وجلست في النادي الذي حاز الندى ... من جنة دان إلي جناها )
( دار عرفت معانقة الكرى ... وأخذت حظي لهوها ولهاها )
( عاتبت مكرمة الزمان فأعتبت ... فيها وناجيت السرور شفاها )
( ملك أغر وبركة لجية ... في روضة تعطي العيون رضاها )
( يحبوك ذا المال الجزيل وهذه الماء المعين وهذه رياها ... )
( روض إذا جرت الرياح مريضة ... في زهرة استشفت به مرضاها )
( وإذا تقابلت الندامى وسطه ... سكر الصحاة كما صحا سكراها )
( يتسلسل الماء الزلال خلاله ... فتخاله الحيات خف سراها )
( وأخذت من اقماره وشموسه ... من تبره ولجينه أشباها )
( من ابيض يقق وأصفر فاقع ... لو معن كن سلافة ومياها )
( قد ضوعفت زنة فزادت زينة ... يجلو القذى عنا جلاء قذاها )
( خيفت عليهن العيون فعوذت ... باسم الاله وباسم شاهنشاها )
( يا ابن العميد عميد دولته الذي ... بلسانه وسنانه سناها )
( ما انت إلا صحة ملكوءة ... تتقاصر الافهام دون مداها )
( فإذا مرضت ولا مرضت فإنه ... مرض الرياح يطيب فيه ثناها )
( لم تنسك الامراض ذكر صنائع ... تولي وشكر صنائع تولاها )
( فاسلم لدولتك التي وطدتها ... ورعيت أولاها على أحراها ) - الكامل -
وله من قصيدة كتب بها إلي وبأختها التي تقدمتها ابو سعيد بن دوست كعادته
المشكورة في مهاداتي بطرائف الاداب التي تصلح لهذا الكتاب من مجزوء الكامل
( سرت النجائب بالنجائب ... ترمي الكواكب بالكواكب )
( ترمي تجاهات المشارق ... من تجاهات المغارب )
( رغبا الى ملك تحكم في رغائبه الرغائب ... )
( ملك تبوأ من علاه ... في النواصي والذوائب )
( حيث السوابغ والسوابق ... والنجائب والجنائب )
( يهب المنعمة الكواعب ... والمطهمة السلاهب ) - مجزوء الكامل -
ومنها
( زرناك من ارض البصيرة شاحبين على شواحب ... )
( نرد المناهل كالمجاهل ... والسباسب كالسبائب )
( لاري دون الري والبحر الغطامط ذي الغوارب ... )
( بحر جواهره طواف ... في سواحله رواسب )
( لا دونها اللجج الكوارب ... لا ولا الجج الكواذب )
( كم من ظباء بالبصيرة في المقاصر والسباسب ... )
( إنس ووحش يشتبهن سوى الذوائب والحقائب ... )
( ادم يقاسمن الاراك ... جناك والقضب الرطائب )
( فلإنسها اغصانه ... تجلو به برد السحائب )
( ولوحشها غض الجنى ... عبث المعازف والملاعب )
( نصطاد وحشياتها ... وتصيدنا الانس الخراعب )
( يا رب يوم لي كظلك او كظنك او يقارب ... )
( رقت حواشيه وغضت عين واشيه المراقب ... )
( قصرت لنا اطرافه ... قصر القناع عن الذوائب )
( وتبرجت لذاته ... للخاطبين وللخواطب )
( نزلت به حاجاتنا ... بين المحاجر والحواجب )
( وكسونني حللا صقلن خواطري صقل القواضب ... )
( حللا قديباج الخدود ... مطرزات بالشوارب )
( فلتشكرن رياضنا ... جدوى سحائبك الصوائب )
( ولتنظمن لك القصائد ... كالقائد للكواعب )
124 - المفجع البصري
هو ابو عبد الله الكاتب له مصنفات كثيرة وهو صاحب ابن دريد والقائم مقامه بالبصرة في التأليف والاملاء وفيه قيل من مجزوء الكامل
( إن المفجع ويله ... شر الاوائل والاواخر )
( ومن النوادر انه ... يملي على الناس النوادر ) - مجزوء الكامل -
كأنه من قول ابي تمام من الوافر
( ومالك بالغريب يد ولكن ... تعاطيك الغريب من الغريب ) - الوافر -
أو من قول الاخر من مجزوء الكامل
( ومن المظالم أن قعدت ... على المظالم يا فزاره ) - مجزوء الكامل -
واما شعره فقليل كثير الحلاوة يكاد يقطر منه ماء الظرف حكى ابو بكر الخوارزمي قال قال لي اللحام انشدني المفجع لنفسه من الخفيف
( لي اير أراحني الله منه ... صار همي به عريضا طويلا )
( نام إذ زارني الحبيب عنادا ... ولعهدي به ينيك الرسولا )
( حسبت زورة علي لحيني ... فافترقنا وما شفينا غليلا ) - الخفيف -
فقلت فيه من الكامل
( إن المفجع فالعنوه مؤنث ... نغل يدين ببغض اهل البيت )
( يهوى العلوق وإنما يلقاهم ... بمؤخر حي وقبل ميت ) - الكامل -
وانشدني ابو الحسين الشهرزوري الحنظلي قال انشدني المفجع لنفسه في غلام له يكنى أبا سعد من الخفيف
( زفرات تعتادني عند ذكراك ... وذكراك ما يريم فؤادي )
( وسروري قد غاب عني مذغبت فهل كنتما على ميعاد ... )
( حاربتني الأيام فيك أبا سعد بسيف الهوى وسهم البعاد ... )
( ليس لي مفزع سوى عبرات ... من جفون مكحولة بالسهاد )
( في سهادي لطول انسي بذكراك ... اعتيض عن الكرى والرقاد )
( وبحسبي من المصائب اني ... في بلاد وأنتم في بلاد ) - الخفيف -
وأنشدني ابو نصر الروذباذي الطوسي للمفجع من الهزج
( ألا يا جامع البصرة ... لاخربك الله )
( وسقى صحنك المزن ... من الغيث فرواه )
( فكم من عاشق فيك ... يرى ما يتمناه )
( وكم ظبي من الانس ... مليح فيك مرعاه )
( نصبنا الفخ بالعلم ... له فيك فصدناه )
( بقرآن قرأناه ... وتفسير رويناه )
( وكم من طالب للشعر بالشعر طلبناه ... )
( فما زالت يد الايام ... حتى لان مثناه )
( وحتى ثبت السرج ... عليه فركبناه )
( ألا يا طالب الامرد ... كذب ما ذكرناه )
( فلا يغررك ما قلنا ... فما بالجد قلناه )
( ولو كان من البعض ... بريا حين نلقاه )
( فرح بالدرهم الضرب ... إليه تتلاقاه )
( فبالدرهم يستنزل ... ما في الجو مأواه ) - الهزج -
ومن ملحة المشهورة قوله لانسان اهدى إليه طبقا فيه قصب السكر وأترج ونارنج واراه ابا سعد غلامه فقال من مجزوء الرمل
( إن شيطانك في الظرف ... لشيطان مريد )
( فلهذا انت فيه ... تبتدي ثم تعيد )
( قد أتتنا تحفة منك على الحسن تزيد ... )
( طبق فيه قدود ... وخدود ونهود ) - مجزوء الرمل -
وقوله في غلام مغن جدر فازداد حسنا من السريع
( يا قمرا جدر حين استوى ... فزاده حسنا وزادت هموم )
( كأنما غنى لشمس الضحى ... فنقطته طربا بالنجوم ) - السريع -
وقوله ايضا من الخفيف
( سيدي انت إن عبدك امسى ... خافقا قلبه خفوق الجناح )
( فاغتنم غفلة الرقيب وزره ... في رداء من الدجى ووشاح ) - الخفيف -
وقال ويروي لابن لنكك من السريع
( لنا سراج نوره ظلمة ... ليس له ظل على الارض )
( كأنه شخص الامام الذي ... تبغي الهدى منه أولو الرفض ) - السريع -
ومن ظريف قوله في الهجاء من السريع
( فسا على قوم فقالوا له ... إن لم تقم من بيننا قمنا )
( فقال لا عدت فقالوا له ... من نتن فيه ذا كما كنا ) - السريع -
ووجدت بخط ابي الحسين علي بن احمد بن عبدان في مجموعة المسمى حاطب ليل للمفجع البصري يقول من الوافر
( أداروها ولليل اعتكار ... فخلت الليل فاجأه النهار )
( فقلت لصاحبي والليل داج ... ألاح الصبح أم بدت العقار )
( فقال هي العقار تداولوها ... مشعشعة يطير لها شرار )
( فلو لا انني أمتاح منها ... حلفت بأنها في الكأس نار ) - الوافر -
125 - نصر بن احمد الخبز ارزي
كنت على طي شعره وذكره إما لتقدم زمانه او سفسفة كلامه ثم تذكرت قرب عهده وتكلف ابن لنكك جمع ديوان شعره فسنح لي ان اضمن هذا الكتاب لمعاقد علقت بحفظي منه والاعراض عن التصفح لباقي شعره وترك الفحص عما يصلح للالحاق بها من ملحه وعلى ذكره فقد بلغني من غير جهة أنه كان أميا لا يكتب ولا يتهجى وكانت حرفته خبز الارز في دكانه بمربد البصرة فكان يخبز وينشد أشعاره المقصورة على الغزل والناس يزدحمون عليه ويتطرفون باستماع شعره ويتعجبون من حاله وأمره وأحداث البصرة يتنافسون في ميله إليهم وذكره لهم ويحفظون كلامه لقرب مأخذه وسهولته وكان ابن لنكك على ارتفاع مقداره ينتاب دكانه ويسمع شعره فحضره يوما وعليه ثياب بيض فاخرة فتأذى بالدخان وساء أثره على ثيابه فانصرف وكتب إليه من الوافر
( لنصر في فؤادي فرط حب ... ينيف به على كل الصحاب )
( أتيناه فبخرنا بخورا ... من السعف المدخن بالتهاب )
( فقمت مبادرا وحسبت نصرا ... يريد بذاك طردي أو ذهابي )
( فقال متى أراك ابا حسين ... فقلت له إذا اتسخت ثيابي ) - الوافر -
فلما قرئت عليه الرقعة التي فيها هذه الابيات املى على من كتب له في
ظهرها هذه الابيات من الوافر
( منحت ابا الحسين صميم ودي ... فداعبني بألفاظ عذاب )
( أتى وثيابه كالشيب لونا ... فعدن له كريعان الشباب )
( وبغض للشيب اعد عندي ... سوادا لونه لون الخضاب )
( فإن يكن التفزز فيه فخرا ... فلم يكنى الوصي أبا تراب ) - الوافر -
ويحكى أنه ما كشف قناع الغربة قط لقصور همته على المذكر دون المؤنث وشعره شاهد بذلك فمن النوادر أن شاعرا يكنى بزعمه ابا طاهر انتمى اليه وورد نيسابور بأشعار تناسب دعوته وانتحل كثيرا من محاسن السري والخالديين وغيرهم من المحسنين الذين لم تقع اشعارهم بعد الى خراسان حتى تقشر فلسه وظهر عواره وخزيه وجرى امره على ما قاله احمد بن طاهر من البسيط
( اظن دعوته في الشعر جائزة ... له علي كما جازت على النسب ) - البسيط -
وفيه يقول ابو بكر الخوارزمي من المنسرح
( يقول تصر أبي فقلت لهم ... عندي بهذا شهادة حسنه )
( نعم ولكن أمه حملت ... من بعد ما مات شيخه بسنه ) - المنسرح -
فمن ملح نصر قوله من الطويل
( خليلي هل ابصرتما وسمعتما ... بأكرام من مولى تمشى الى عبد )
( أتى زائرا من غير وعد وقال لي ... أصونك عن تعليق قلبك بالوعد )
( فما زال نجم الكأس بيني وبينه ... يدور بأفلاك السعادة والسعد )
( فطورا على تقبيل نرجس ناظر ... وطورا على تعضيض تفاحة الخد ) - الطويل -
وقوله من مجزوء الرمل
( من يكن يهواه للخلق فإني عبد خلقه ... )
( إن حسن الخلق أبهى ... للفتى من حسن خلقه ) - مجزوء الرمل -
وقوله من البسيط
( قالوا عشقت صغيرا قلت أرتع في ... روض المحاسن حتى يدرك الثمر )
( ربيع حسن دعاني لافتتاح هوى ... لما تفتح منه النور والزهر ) - البسيط -
وقوله من المنسرح
( وددت اني بكفه قلم ... أو انني مدة على قلمه )
( يأخذني مرة ويلثمني ... إن علقت منه شعرة بفمه ) - المنسرح -
وقوله من البسيط
( قد قلت إذ خان صبري من كلفت به ... ولم يكن عنه لي صبر ولا جلد )
( إن كان شاركني في حبه وقح ... فالنهر يشرب منه الكلب والاسد ) - البسيط -
وقوله من الكامل
( لا تعشقن ابن الربيع فإنه ... عند التجرد آية الايات )
( وجه كعبادان ليس وراءه ... لمحبه شيء سوى الخشبات ) - الكامل
وقوله من الخفيف
( تتجنى علي ذنبا وتعتل ... بأن قد رأيت مني ذله )
( لعن الله قربة ليس فيها ... لفتى يطلب التعلة عله ) - الخفيف -
وقوله من الطويل
( ألم يكفني ما نالني في هواكم ... إلى أن طفقتم بين لاه وضاحك )
( شماتتكم بي فوق ما قد اصابني ... وما بي دخول النار بل طنز مالك ) - الطويل -
وأنشدني ابو القاسم الحسين بن محمد بن حبيب المذكور قال انشدني عبد السميع بن محمد الهاشمي قال انشدني نصر بن احمد الخبز أرزي لنفسه من الخفيف
( شاقني الاهل لم تشقني الديار ... والهوى صائر الى حيث صاروا )
( جيرة فرقتهم غربة البين وبين القلوب ذاك الجوار ... )
( كم أناس رعوا لنا حين غابوا ... وأناس جفوا وهم حضار )
( عرضوا ثم اعرضوا واستمالوا ... ثم مالوا وانصفوا ثم جاروا )
( لا تلمهم على التجني فلو لم ... يتجنوا لم يحسن الاعتذار ) - الخفيف -
وأنشدني ابو حفص عمر بن علي الفقيه له من قصيدة من البسيط
( ورد الخدود ورمان النهود وأغصان القدود تصيد السادة الصيدا ... )
( شرطي إذا ما رأيت الخصر مختصرا ... والردف مرتدفا والقد مقدودا ) - البسيط -
126 - ابو عاصم البصري
أنشدني ابو سعيد نصر بن يعقوب لابي عاصم في اقتران الهلال والثريا والزهرة من المتقارب
( رأيت الهلال وقد أحدقته ... نجوم الثريا لكي تسبقه )
( فشبهته وهو في إثرها ... وبينهما الزهرة المشرقه )
( بقوس لرام رمى طائرا ... فأتبع في إثره بندقه ) - المتقارب -
وله في اقتران الهلال والزهرة من الخفيف
( قارن الزهرة الهلال وكانا ... في افتراق ما بين صد وهجره )
( فإذا ما تقارنا قلت طوق ... من لجين قد علقت فيه دره ) - الخفيف -
وله في الغزل من الرمل
( يا بنفسي من إذا جمشته ... نثر الورد عليه ورقه )
( وإذا مدت يدي طرته ... أفلتت مني وعادت حلقه ) - الرمل -
127 - ابو الحسين الظاهر البصري
انشدني ابو علي محمد بن عمر الزاهر قال انشدني ابو الحسين الظاهر البصري لنفسه قوله من البسيط
( نفسي الفداء لمن جاءت تودعني ... يوم الفراق بقلب خائف وجل )
( قد كنت فارقت روحي خوف فرقتها ... لكن حييت بطيب الضم والقبل ) - البسيط -
وله من قصيدة في مفصود من البسيط
( كأنما دمه في الطست حين جرى ... صرف من الراح في قعب من الذهب )
( حتى إذا رجعت في كمه يده ... كالشمس غابت عن الابصار في الحجب )
( كانت كما قال في القران خالقنا ... واضمم جناحك يا موسى من الرهب ) - البسيط -
وله في وصف حية قتلها في بعض اسفاره من الرجز
( عرفت في الاسفار ما لم اعرف ... من كل موصوف وما لم يوصف )
( آليت لا أنصف من لم ينصف ... ولا أفي دهري لخل لا يفي )
( سرت وصحبي وسط قاع صفصف ... إذ اشرفت من فوق طود مشرف )
( رقشاء ترنو من قليب اجوف ... تومي برأس مثل رأس المجدف )
( في ذنب مندمج معقف ... حتى إذا أبصرتها لا تنكفي )
( علوتها بحد سيف مرهف ... فظل يجري دمها كالقرقف )
( اتلفتها لما أرادت تلفي ... ) - الرجز
434
الباب السادس في ذكر نفر من شعراء العراق ونواحيها سوى بغداد وسياق ملحهم ولطائفهم
128 - ابن التمار الواسطي
شعره يتغنى بأكثره ملاحة ورشاقة وإنما كان يقوله تطربا لا تكسبا وقد بلغني به أبيات قلائل إلا أنها قلائد كقوله من البسيط
( أما ترى اليوم في أثوابه الجدد ... يحكيك يا غرة الايام والابد )
( فاشرب وسق الندامى من مشعشعة ... كلون خدك لم تنقص ولم تزد )
( على غدير إذا هب النسيم به ... ابصرته من حبيك الريح كالزرد ) - البسيط -
وله من الكامل
( الخمر شمس في غلالة لاذ ... تجري ومطلعها من الخرداذي )
( فاشرب على طيب الزمان فيومنا ... يوم التذاذ قد أتى برذاذ )
( وانظر الى لمع البروق كانها ... يوم الضراب صفائح الفولاذ ) - الكامل -
وقوله عفا الله عنه من البسيط
( قم فانتصف من صروف الدهر والنوب ... واجمع بكأسك شمل اللهو والطرب )
( أما ترى الليل قد ولت عساكره ... مهزومة وجيوش الصبح في الطلب )
( والبدر في الجانب الغربي تحسبه ... قد مد جسرا على الشطين من ذهب ) - البسيط -
129 - ابو طاهر الواسطي المعروف بسيدوك
شعره يروى حين يروي ويحفظ حين يلحظ وما لظرفه نهاية ولا للطفه غاية ولا عيب فيه غير أن الذي وقع إلي منه قليل يلتقي طرفاه وتجتمع حاشيتاه وديوان شعره ضالتي المنشودة ودرتي المفقودة ولا بأس من حصوله أنشدني كل من ابي طاهر ميمون بن سهل الواسطي الفقيه وأبي الحسن المصيصي ومحمد بن عمر الزاهر قال انشدني سيدوك لنفسه وهو أحسن وأبلغ ما سمعته في طول الليل من البسيط
( عهدي بنا ورداء الشمل يجمعنا ... والليل أطوله كاللمح بالبصر )
( فالان ليلي مذ غابوا فديتهم ... ليل الضرير فصبحي غير منتظر ) - البسيط -
وأنشدني ابو نصر سهل بن المرزبان له من الوافر
( أراح الله نفسي من فؤاد ... أقام على اللجاجة والخلاف )
( ومن مملوكة ملكت رقاها ... ذوي الالباب بالخدع اللطاف )
( كأن جوانحي شوقا إليها ... بنات الماء ترقص في حقاف ) - الوافر -
وأنشدني ميمون الواسطي قال انشدني سيدوك لنفسه من الوافر
( أظن بلية دهمت فؤادي ... وأحسبها غزال بني سليم )
( وإلا لم يغب فتعتريني ... مذلة ضيمة من غير ضيم )
( ولي عين إذا فقدته صارت ... كعين الشمس ملبسة بغيم ) - الوافر -
وأنشدني له ايضا من مخلع البسيط
( أنت من القلب في السواد ... وموضع السر من فؤادي )
( يا ساكنا في سواد عيني ... وبين جفني والرقاد )
( لم تنأ لما نأيت عني ... ولا تباعدت بالبعاد ) - مخلع البسيط -
وأنشدني ايضا له من الطويل
( جنت صبحة الاضحى علي فأذهبت ... فؤادي فلا ضري ملكت ولا نفعي )
( فيا يوم عيد النحر ما لك مهديا ... لنحري سهم النحر نبت عن الشرع ) - الطويل -
وله من أبيات من مجزوء الكامل
( حذري عليك اشد من ... حذري على بصري وسمعي )
( إن كنت تنكر ما أقول ... فهاك سل سهري ودمعي ) - مجزوء الكامل -
ووجدت منسوبا إليه في بعض التعليقات من المتقارب
( جعلت فداءك قد زارني ... أخلاء اعظم اقدارهم )
( وعزمي أكون لهم ساقيا ... فكن بأبي أنت خمارهم ) - المتقارب -
130 - أبو عبد الله الحامدي
حامدة من أعمال واسط ولم يبلغني ذكر هذا الرجل إلا مما أنشدنيه ميمون الواسطي قال أنشدني ابو عبد الله لنفسه بالحامدة من البسيط
( مشتاقة طرقت في النوم مشتاقا ... أهلا بمن لم يخن في العهد ميثاقا )
( أهلا بمن ساق لي طيف الاحبة من ... أرض الاحبة بل أهلا بمن شاقا )
( يا زائرا زار من قرب على بعد ... آنست مستوحشا لا ذقت ما ذاقا )
( الله يعلم لو أني استطعت لقد ... افرشت ممشاك احداقا وآماقا )
( يا ليل عرج على إلفين قد جعلا ... عقد السواعد للاعناق أطواقا )
( ضاق العناق وضم الشوق بينهما ... ضم القرينين اعناقا فأعناقا ) - البسيط -
وأنشدني له ايضا من الكامل
( قل للمليحة في الخمار المشمشي ... كم ذا الدلال عدمت كل محرش )
( يا من غدا قلبي كنرجس طرفها ... في الحب لا صاح ولا هو منتشي )
( هذا الربيع بصحن خدك قد بدا ... لمقبل ومعضض ومخمش )
( فمتى ابيت معانقا لبهاره ... ولورده المستأنس المستوحش ) - الكامل -
وأنشدني له ايضا من الطويل
( سقاني وحياني وبات معانقي ... فيا عطف معشوق على ذل عاشق )
( ويا ليلة باتت سواعدنا بها ... تدور على الاعناق دور المخانق )
( نبث من الشكوى حديثا كأنه ... قلائد در في نحور العواتق ) - الطويل -
وأنشدني له من الكامل
( يا راحلا ترك البكاء مباحا ... ما رحت انت بل اصطباري راحا )
( إن اخلفتني فيك اسباب المنى ... وغدوت لي سقما وكنت صلاحا )
( فلقد عهدتك مسعدا لي في الهوى ... وعهدت وجهك في الظلام صباحا ) - الكامل -
وأنشدني له من الكامل
( ما الرأي عندك ايها البدر ... في عاشق لك خانه الصبر )
( وقع برايك فوق قصته ... يا من إليه النهي والامر )
( لو أن حسنا زاد في عمر ... لازددت عمرا بعده عمر ) - الكامل -
131 - أبو بكر محمد بن ابي محمد القاسم المعروف بالانباري
بلغني له قصيدة فريدة تدل على أن صاحبها من أفراد الشعراء وهي في ابن بقية لما قتل وصلب وقد أثبتها كما هي من الوافر
( علو في الحياة وفي الممات ... لحق انت إحدى المعجزات )
( كأن الناس حولك حين قاموا ... وفود نداك أيام الصلات ) - الوافر -
وأخذه من قول ابن المعتز من الطويل
( وصلوا عليه خاشعين كأنهم ... وفود وقوف للسلام عليه ) - الطويل -
رجع
( كأنك قائم فيهم خطيبا ... وكلهم قيام للصلاة )
( مددت يديك نحوهم احتفالا ... كمدهما إليهم بالهبات )
( ولما ضاق بطن الارض عن أن ... يضم علاك من بعد الممات )
( أصاروا الجو قبرك واستنابوا ... عن الاكفان ثوب السافيات )
( لعظمك في النفوس تبيت ترعى ... بحراس وحفاظ ثقات )
( وتشعل عندك النيران ليلا ... كذلك كنت أيام الحياة )
( ركبت مطية من قبل زيد ... علاها في السنين الماضيات )
( وتلك قضية فيها تأس ... تباعد عنك تعيير العداة )
( ولم أر قبل جذعك قط جذعا ... تمكن من عناق المكرمات )
( أسأت إلى النوائب فاستثارت ... فأنت قتيل ثأر النائبات )
( وكنت تجير من صرف الليالي ... فعاد مطالبا لك بالترات )
( وصير دهرك الاحسان فيه ... إلينا من عظيم السيئات )
( وكنت لمعشر سعدا فلما ... مضيت تفرقوا بالمنحسات )
( غليل باطن لك في فؤادي ... حقيق بالدموع الجاريات )
أخذه من قول ابن الرومي من مخلع البسيط
( لم يظلم الدهر أن توالى ... فيكم مصيباته دراكا )
( كنتم تجيرون من يعادي ... منه فعاداكم لذاكا ) - مخلع البسيط -
عاد
( ولو اني قدرت على قيامي ... بفرضك والحقوق الواجبات )
( ملأت الارض من نظم القوافي ... ونحت بها خلاف النائحات )
( ولكني أصبر عنك نفسي ... مخافة أن أعد من الجناة )
( ومالك تربة فأقول تسقي ... لانك نصب هطل الهلاطلات )
( عليك تحية الرحمن تترى ... برحمات غواد رائحات )
132 - أبو الحسين محمد بن عمر الثغري الكاتب
أحد المقلين المحسنين ولم أسمع له إلا ملحا نادرة كقوله في خط العذار وهو أحسن ما سمعت فيه على كثرته من الخفيف
( لي حبيب يزهى بحسن عجيب ... وبقد مثل القضيب الرطيب )
( أحرقت بالسواد فضة خديه فقد أحرقت سواد القلوب ... ) - الخفيف -
وقوله في وصف التمر من المجتث
( أما ترى التمر يحكي ... في الحسن للنظار )
( مخازنا من عقيق ... قد قمعت بنضار )
( كأنما زعفران ... فيه مع الشهد جاري )
( يشف مثل كؤوس ... مملوءة من عقار ) - المجتث -
وقوله في الباقلاء الرطب من الوافر
( فصوص زبرجد في غلف در ... بأقماع حكت تقليم ظفر )
( وقد صاغ الاله ثيابا ... لها لونان من بيض وخضر )
( ربيع للقلوب بكل أرض ... ونقل ما يمل لشرب خمر ) - الوافر -
وله في الرمان من الوافر
( ورمان رقيق القشر يحكي ... ثدي الغيد في أثواب لاذ )
( إذا قشرته طلعت علينا ... فصوص من عقيق أو بخاذ ) - الوافر
133 - ابو محمد بن زريق الكوفي الكاتب رحمه الله تعالى
أنشدني ابو نصر سهل بن المرزبان قال انشدني ابو سليمان المنطقي ببغداد قال انشدني ابن زريق لنفسه من البسيط
( سافرت إبغي لبغداد وساكنها ... مثلا فحاولت شيئا دونه الياس )
( هيهات بغداد الدنيا بأجمعها ... عندي وسكان بغداد هم الناس ) - البسيط -
وأنشدني له غيره في شعر الصولي من السريع
( داري بلا خيش ولكنني ... عقدت من خيشي طاقين )
( دار إذا ما اشتد حر بها ... أنشدت للصولي بيتين ) - السريع -
وله ايضا في العيادة من مجزوء الخفيف
( يا مريضا بسقمه ... مرض الحلم والوفا )
( لم يكن تركي العيادة ... هجرا ولا جفا )
( لم أطلق أن أراك يا ... أكرم الناس مدنفا )
( طال خوفي عليك فالحمد ... لله إذا كفى ) - مجزوء الخفيف -
وقال في قينة تسمى دبسية حسنة المخبر قبيحة المنظر من المجتث
( أبا سعيد أصخ لي ... يا سيدي ونديمي )
( منيت امس بأمر ... من الامور عظيم )
( حصلت عند صديق ... حر ظريف كريم )
( أسقي على شدودبسية ... فتنفي همومي )
( فكنت حين تغني ... لدي جنان النعيم )
( وإن نظرت إليها ... ففي العذاب الاليم )
( وإن شربت بصوت ... فالراح بالتسنيم )
( وإن شربت بلحظ ... فالمهل بالزقوم )
( فكان سمعي بخير ... ومقلتي في الجحيم ) - المجتث -
وأنشدني ابو نصر سهل بن المرزبان لابي محمد بن زريق يخاطب به أبا عبد الله الكوفي لما قلد مكان ابي جعفر بن شيرزاد وحصل في الدار التي كان ابو جعفر يناظر الناس فيها وعلى دسته وفي مثل حاله وقد كان حضره قبل ذلك فحجب من البسيط
( إنا رأينا حجابا منك قد عرضا ... فلا يكن ذلنا فيه لك الغرضا )
( اسمع لنصحي ولا تغضب علي فما ... أبغي بقولي لا مالا ولا عرضا )
( الشكر يبقى ويفنى ماسواه وكم ... سواك قد نال ملكا فانقضى ومضى )
( في هذه الدار في هذا الرواق على ... هذا السرير رأينا الملك فانقرضا ) - البسيط -
قال فاعتذر إليه الكوفي وقال له حسبنا وقضى حوائجه
134 - ابو الورد
بلغني أنه كان من عجائب الدنيا في المطايبة والمحاكاة وكان يخدم
مجلس المهلبي الوزير ويحكي شمائل الناس وألسنتهم فيؤديها كما هي فيعجب الناظر والمسامع ويضحك الثكلان وكان ابو اسحاق الصابي قد بلي به حتى قال فيه من الطويل
( ومن عجب الايام ان صروفها ... تسوء امرا مثلي بمثل ابي الورد )
( فياليتها اختارت نظيرا وأنها ... رمتني بشنعاء الدواهي على عمد )
( فكم بين معقور الكلاب وإن نجا ... ذليلا ومقتول الضراغمة الاسد ) - الطويل -
وفيه يقول السري حيث يذكر صفعه للملحي الشاعر من الطويل
( وما خلت صفعان العراق يسومني ... لامثاله ذما يسيرا ولا حمدا )
( إذا ما ابو الورد انتحاه بكفه ... حسبت قفاه روضة تنبت الوردا ) - الطويل -
ولأبي الورد شعر لهو في الاضحاك مثل قوله من مجزوء الرمل
( أنا في كل سحير ... في مداراة لا يرى )
( دائبا يطلب وجها ... حسنا من بيت غيري )
( قلت نك يا اير من يرتع ... في خيري وميري )
( قال لا اسطيع نيكا ... لكسير وعوير ) - مجزوء الرمل -
وقوله من الوافر
( طفيلي يؤم الخبز اني ... رآه ولو رآه على يفاع )
( ولا يروي من الاخبار إلا ... أجبت ولو دعيت الى كراع ) - الوافر
وقوله من مجزوء الرمل
( وصديق جاءني يسألني ماذا لديك ... )
( قلت عندي بحر خمر ... حوله آجام نيك ) - مجزوء الرمل -
وقوله من الطويل
( ولي صاحب افسى البرية كلها ... يشككني فيه إذا ما تنفسا )
( تحولت الانفاس منه الى استه ... فما احد يدري تنفس ام فسا ) - الطويل -
وقوله من مجزوء الكامل
( ليس اشتقاق ابي المظفر ... من أن يرى ظفرا فيظفر )
( لكن تطاول ظفره ... فلذاك قيل ابو المظفر ) - مجزوء الكامل
446
الباب السابع في ذكر قوم من شعراء بغداد ومحاسن أشعارهم
135 - ابن نباتة السعدي ابو نصر عبد العزيز ابن محمد بن نباتة
من فحول شعراء العصر وآحادهم وصدور مجيديهم وأفرادهم الذين أخذوا برقاب القوافي وملكوا رق المعاني وشعره مع قرب لفظه بعيد المرام مستمر النظام يشتمل على غرر من حر الكلام كقطع الروض غب القطر وفقر كالغنى بعد الفقر وبدائع أحسن من مطالع الانوار وعهد الشباب وأرق من نسيم الاسحار وشكوى الاحباب وأول ما وقع شعره الى خراسان إنما وقع على يد ابي نصر سهل بن المرزبان فإنه استصحبه من بغداد في جملة ما حصله بها من ظرائف الدفاتر ولطائفها وذخائرها وأخايرها وأتخفني به وهو بغبار السفر وجعلني فيه ابا عذرة النظر فحسبته والطرف معقود به شخص المحبوب بدا لعين محبه وباكورة الاشعار ارفع من باكورة الثمار فكم مرتع انس فيه رعيت وكم فص مختص منه وعيت وأنا كاتب من عيونه ما يمتع الخواطر وبجلو النواظر ويصدق قوله وقد احسن فيه كل الاحسان من الوافر
( وكم لليل عندي من نجوم ... جمعت النثر منها في نظامي )
( عتابا او نسيبا أو مديحا ... لخل أو حبيب أو همام )
( تفيد بها العقول نهى وصحوا ... وقد فعلت بها فعل المدام )
( لها في حلبة الاداب ركض ... الى حب القلوب بلا احتشام ) - الوافر -
وقوله من البسيط
( خذها إذا انشدت في القوم من طرب صدورها علمت فيها قوافيها ... )
( ينسى لها الراكب العجلان حاجته ... ويصبح الحاسد الغضبان يطريها ) - البسيط -
وقوله ايضا من الخفيف
( فات عبد العزيز سابقة القول ... وإني لوصفه في لحاق )
( طلعت في القلوب ألفاظي الغر طلوع النجوم في الافاق ... ) - الخفيف -
وقوله من المنسرح
( هذا الكلام الذي خصصت به ... أخص في الخالدات من أحد )
( قول هو الماء لذ مطعمه ... فكل قول سواه كالزبد ) - المنسرح -
ما أخرج من غرره في الغزل والنسيب
قال من قصيدة من الطويل
( وبدر تمام بت ألثم رجله ... وأكبره عن أن أقبل خده )
( تعشقت فيه كل شيء يوده ... من الجور حتى كدت اعشق صده ) - الطويل -
البيت الاول كأنه مأخوذ من قول ابن طباطبا من الرجز
( وشادن روحي في يديه ... تبيت تهمي قبلي عليه )
( يؤثرن رجليه على خديه ... ) - الرجز
والبيت الثاني فيه رائحة من قول منصور الفقيه من المتقارب
( سررت بهجرك لما علمت ... بأن لقلبك فيه سرورا )
( ولولا سرورك ما سرني ... وما كنت يوما عليه صبورا )
( ولاني ارى كل ما ساءني ... إذا كان يرضيك سهلا يسيرا ) - المتقارب -
وقال من أخرى من الطويل
( عجبت له يخفي سراه ووجهه ... به تشرق الدنيا وبالشمس بعده )
( ولا بد لي من جهلة في وصاله ... فمن لي بخل أودع الحلم عنده ) - الطويل -
ومن اخرى من البسيط
( يا من أضر بحسن الشمس والقمر ... فلم يدع فيهما للناس من وطر )
( نفسي فداؤك من بدر على غصن ... تكاد تأكله عيناي بالنظر )
( إذا تفكرت فيه عند رؤيته ... صدقت قول الحلوليين في الصور ) - البسيط -
ومن أخرى من الطويل
( سقى الله ارضا لا أبوح بذكرها ... فتعرف اشجاني بها حين تذكر )
( سوى انها مسكية الترب ريحها ... ترف وتندي والهواجر تزفر )
( نعمت بها يجلو علي كؤوسه ... أغر الثنايا واضح البشر أحور )
( فوالله ما أدري أكانت مدامة ... من البدر تجني أم من الشمس تعصر )
( إذا صبها جنح الظلام وعبها ... رأيت رداء الليل يطوي وينشر ) - الطويل -
ومن اخرى من الكامل
( دعهم وقلبي لا أريد رجوعه ... أبدا فقلبي كان أصل فسادي )
( لو يعلمون صلاح حالي بعدهم ... ما فرقوا بيني وبين فؤادي ) - الكامل -
ومن أخرى من البسيط
( إن كنت تمنع سعدي من مطالبها ... فلست تمنع سعدي من تمنيها )
( لله نغمة أوتار ومسمعة ... باتت تدل على شوقي أغانيها )
( وقهوة كشعاع الشمس طالعة ... أفنيت بالمزج فيها ريق ساقيها )
( يا لذة بيمين الدهر أدفعها ... في صدره وهو من أحشاي يدنيها )
( لو كان يعلم أني عنك اخدعه ... ثنى انامله لي حين أثنيها ) - البسيط -
الشكوى وذم الزمان
قال من البسيط
( في كل يوم لنا في الدهر معركة ... هام الحوادث في أرجائها فلق )
( حظي من العيش أكل كله غصص ... مر المذاق وشرب كله شرق ) - البسيط -
وقال من الطويل
( وكم من خليل قد تمنيت قربه ... فجربته حتى تمنيت بعده )
( وما للفتى في حادث الدهر حيلة ... إذا نحسه في الامر قابل سعده )
( أرى همم المرء اكتئابا وحسرة ... عليه إذا لم يسعد الله جده ) - الطويل -
كأنه مأخوذ من قول المتنبي من الطويل
( واتعب خلق الله من زاد همه ... وقصر عما تشتهي النفس وجده ) - الطويل -
وقال من قصيدة من الكامل
( ما بال طعم العيش عند معاشر ... حلو وعند معاشر كالعلقم )
( من لي بعيش الاغبياء فإنه ... لا عيش إلا عيش من لم يعلم ) - الكامل -
هذا معنى متداول ومن احسن ما قيل فيه قول ابن المعتز من الكامل
( وحلاوة الدنيا لجاهلها ... ومرارة الدنيا لمن عقلا ) - الكامل -
وقال من اخرى من الكامل
( يأبى مقامي في مكان واحد ... دهر بتفريق الاحبة مولع )
( كفكف قسيك يا فراق فإنه ... لم يبق في قلبي لسهمك موضع ) - الكامل -
كأنه من قول المتنبي من الوافر
( رماني الدهر بالارزاء حتى ... فؤادي في غشاء من نبال )
( فصرت إذا أصابتني سهام ... تكسرت النصال على النصال ) - الوافر -
وقال من الوافر
( برمت من الحياة وأي عيش ... يكون لمن مطاعمه الخبال )
( ولو أني أعد ذنوب دهري ... لضاع القطر فيها والرمال ) - الوافر
وقال من الوافر
( سقام ما يصاب له طبيب ... وأيام محاسنها عيوب )
( ودهر ليس يقبل من أديب ... كما لا يقبل التأديب ذيب )
( يحب على المصائب والرزايا ... فلا كان المحب ولا الحبيب ) - الوافر -
وقال من الوافر
( متى ارجو مسالمة الهموم ... وآمل صحة الجسم السقيم )
( وكر الحادثات علي تجني ... جنايات القروف على الكلوم ) - الوافر -
وقال من الطويل
( طلاب المعالي للمنون صديق ... وطول الاماني للنفوس عشيق )
( تسربل ثياب الموت أو حلل الغنى ... تعش ماجدا أو تعتلقك علوق )
( وما الفقر إلا للمذلة صاحب ... وما الناس إلا للغني صديق )
( وأصغر عيب في زمانك أنه ... به العلم جهل والعفاف فسوق )
( وكيف يسر الحر فيه بمطلب ... وما فيه شيء بالسرور حقيق )
( إذا لم تكن هذي الحياة عزيزة ... فماذا الى طول الحياة تتوق )
( ألا إن خوف الموت مر كطعمه ... وخوف الفتى سيف عليه ذلوق )
( وانك لو تستشعر العيش في الردى ... تحليت طعم الموت حين تذوق ) - الطويل -
وقال من مجزوء الكامل
( كيف السبيل الى الغنى ... والبخل عند الناس فطنه )
( خذ من زمانك كل شيء ... لا يجر عليك منه )
( ونبت بنا ارض العراق ... فما محناها بمحنه )
( غير الرحيل كفى البلاد ... بنقلة الفضلاء هجنه ) - مجزوء الكامل -
وقال رحمه الله من الوافر
( وتأخذ من جوانبنا الليالي ... كما أخذ المساء من الصباح )
( أما في أهلها رجل لبيب ... يحس فيشتكي ألم الجراح )
( أرى التشمير فيه كالتواني ... وحرمان العطية كالنجاح )
( ومن لبس التراب كمن علاه ... فلا تخضعك انفاس الرياح )
( وكيف يكد مهجته حريص ... يرى الارزاق في ضرب القداح ) - الوافر -
وقال سامحه الله من البسيط
( أراحني الله من قلب منيت به ... يهوى القعود ويهوى أشرف الرتب )
( أطلب لصدرك هما بالمنى كلفا ... وخل صدري فما لي فيه من أرب )
( والمجد يطلب بالافات طالبه ... لم يحظ بالمجد من لم يحظ بالنكب )
( ما للزمان سوى اولاده درن ... إن لم يكونوا بنيه فالزمان ابي ) - البسيط -
الفخر والحماسة
قال من الطويل
( خليلي قد لج الزمان ولج بي ... مراد وأحداث الزمان تعوق )
( وأي فتى غنيتما وسقيتما ... فتى فيه نفث السحر ليس يحيق )
( فتى تطرب الالحان من شرف به ... ويسكر منه الخمر وهو مفيق ) - الطويل -
كأنه نسجه على منوال قول القائل من المنسرح
( ريحان ريحانه إذا ورد الروض ومنه تأدب الادب ... )
( تشربه الكأس ليس يشربها ... يطرب من حسن وجهه الطرب ) - المنسرح -
وبعد قوله فتى تطرب الالحان قوله
( ولو شئت علمت المكارم شيمتي ... ولكنني بالمكرمات رفيق )
( أخاف عليها أن تجود بنفسها ... إذا ما أتاها في الزمان مضيق ) - المنسرح -
وقال أيضا من الوافر
( ومغرور يحاول نيل عرضي ... فقلت له الكواكب لا تنال )
( يعاين في المكارم فيض كفي ... ويزعم انه ذهب النوال )
( ويعجب أن حويت الفضل طفلا ... ألا لله ثم لي الكمال )
( احمل ضعف جسمي ثقل نفسي ... ونفسي ليس تحملها الجبال )
( وأسمع كل قول غير قولي ... فأعلم أنه خطل محال ) - الوافر -
وقال من قصيدة من الطويل
( رضينا وما ترضى السيوف القواضب ... نجاذبها عن هامكم وتجاذب )
( فإياكم أن تكشفوا عن رؤوسكم ... ألا إن مغناطيسهن الذوائب )
( أقول لسعد والركاب مناخة ... أأنت لاسباب المنية هائب )
( وهل خلق الله السرور فقال لا ... فقلت أثرها أنت لي اليوم صاحب )
( وخل فضول الطيلسان فإنما ... لباسك هذا للعلا لا يناسب )
( عمائم طلاب المعالي صوارم ... وأثواب طلاب المعالي ثعالب )
( ولي عند أعناق الملوك مآرب ... تقول سيوفي هن لي والكواثب )
( خلقنا باطراف القنا لظهورهم ... عيونا لها وقع السيوف حواجب )
( أؤمل مأمولا يغير صدورها ... فواخجلتا إني الى المجد تائب ) - الطويل -
وله من قصيدة في صباه من البسيط
( تضاءل الدهر حتى ضاع في هممي ... واستفحل المجد حتى صار من شيمي )
( فلو يكون سواد الشعر في ذممي ... ما كان للشيب سلطان على اللمم )
( فالعيش من نعمي والموت من نقمي ... وحكمة الفلك الدوار من حكمي )
( والحزم والعزم في الاقوام من خلقي ... كما الفصاحة في الاقوال من كلمي )
( لو يعلم الناس قدري في زمانهم ... صلوا لوجهي واشتاقوا ثرى قدمي )
( ما زلت اعطف أيامي وتمنحني ... نيلا ادق من المعدوم في العدم )
( حتى تخوف صرف الدهر بادرتي ... فرد كفي وأوما أن يسد فمي )
( أذم كل خليل بات يحمدني ... انا الذي ما له خل سوى الندم )
( وليس سؤلي يا قلبي سوى رهج ... تجوده من دم الفرسان بالديم ) - البسيط -
وقال من الطويل
( وعنفني في موكب الموت معشر ... وقالوا أيهوى الجدب من هو في الخصب )
( وإني لادري أن في العجز راحة ... وأعلم أن السهل أوطا من الصعب )
( ولو طلب الناس المكارم كلهم ... لكان الغنى كالفقر والعبد كالرب )
( ولكن اشخاص المعالي خفية ... على كل عين ليس تنظر باللب )
( لقد زادني حرب الزمان تجاربا ... فلا عشت في يوم يمر بلا حرب )
( ومن يك يعتاد الكروب فؤاده ... فإنك يا قلبي خلقت من الكرب ) - الطويل -
وقال من الكامل
( وأنا البصير بكل علم غامض ... وإذا رأيت مذلة فأنا العمي )
( والذل أثقل من جبال تهامة ... عندي وأعذب منه سم الارقم ) - الكامل -
وقال من المتقارب
( إذا استروح الغمر من همه ... هربت الى الهم مستروحا )
( وإني على شغفي بالمديح لست اسر بأن أمدحا ... )
( وما ينقم الدهر شيئا علي ... سوى انفي منه أن أفرحا ) - المتقارب -
وقال من قصيدة من الطويل
( وإني لاغضي الطرف عن كل منظر ... يصب إليه الناسك المتماسك )
( وما ذاك من جهل به غير أنني ... عيوف لاخلاق الاراذل تارك ) - الطويل -
وقال من قصيدة من الطويل
( وآخذ عفو العيش لا أستكده ... لحى الله غنما يستفاد مع الغرم )
( فإن كنت أرضى بالبشاشة منكم ... ويستر عدمي شيمتي وتكرمي )
( فرب جواد قيد الفقر جوده ... ومبتسم تعبيسه في التبسم ) - الطويل
وله من أخرى من الطويل
( وهل ينفع الفتيان حسن جسومهم ... إذا كانت الاعراض غير حسان )
( فلا تجعل الحسن الدليل على الفتى ... فما كل مصقول الحديد يماني ) - الطويل -
وله من اخرى من البسيط
( حتى م نقدم والايام تغلبنا ... وغيرنا يغلب الايام بالفشل )
( يا أهل بابل عزمي قبله فكري ... في النائبات وسيفي بعده عذلي )
( وعندكم نعم عندي مصائبها ... لكم وصال الغواني والصبابة لي )
( قالوا حنيفة شجعان فقلت لهم ... كل الشجاعة والاقدام في الدول )
( ما لي أغير على دهري فأسلبه ... ويحجمون وفي ايديهم نفلي )
( إن لم تسلني المواضي عن جماجمهم ... إذا تطايرن فالتقصير من قبلي ) - البسيط -
غرر في المدح وما يتصل به
قال من قصيدة في سيف الدولة من البسيط
( يا أيها الدهر أن العي كالخطل ... ما دهرنا غير سيف الدولة البطل )
( نواله جعل الارزاق من قبلي ... وعزه صير الايام من خولي )
( وما تمهل يوما في ندى وردى ... إلا قضيت للمح البرق بالكسل ) - البسيط -
ومنها في ذم الروم والاسرى منهم
( قد كنت تأسرهم بالسيف منصلتا ... فصرت تأسرهم بالخوف والوهل )
( من يزرع الضرب يحصد طاعة عجبا ... ومن يربي العلا يأمن من الثكل )
( كانت سحابك فيهم كل بارقة ... حمراء تهطل بالايدي علىالقلل )
( فاليوم سحبك فيهم كل بارقة ... غراء تهطل بالاموال والحلل )
( حتى تمنى مليك الروم حظهم ... وأنه معهم في الاسر لم يزل )
كأنه أخذه من قول ابي دهبل الجمحي في قوله من المنسرح
( ما زلت في العفو للذنوب وإطلاق لعان بجرمه غلق ... )
( حتى تمنى البراء انهم ... عندك أمسوا في القد والحلق ) - المنسرح -
ومنها في شكر صنائعه
( وما اريد عطاء غير ودكم ... وبشركم ينجلي من جودكم بجلي )
( قد جدت لي باللهى حتى ضجرت بها ... وكدت من ضجر أثني على البخل )
( وإن كنت ترغب في بذل النوال لنا ... فاخلق لنا رغبة أولا فلا تنل )
( لم يبق جودك لي شيئا أؤمله ... تركتني أصحب الدنيا بلا أمل )
وله ايضا فيه من الطويل
( سيوفك امضى في النفوس من الردى ... وخوفك امضى من سيوفك في العدى )
( فتى يتحامى لذة النوم جفنه ... كأن لذيذ النوم في جفنه قذي )
( أطرفك شاك أم سهادك عاشق ... يغار على عينيك من سنة الكرى )
( ومن سهرت في المكرمات جفونه ... رعى طرفه في جوها انجم العلا )
( فليس ينام القلب والجفن ساهر ... ولا تغمد العينان والقلب منتضي ) - الطويل
ومن قصيدة في المهلبي الوزير من الكامل
( لا تأمنوا آراءه وظنونه ... إن العيون لها من الامداد )
( وتعوذوا بالله من أقلامه ... إن السيوف لها من الحساد ) - الكامل -
ومن أخرى في علي بن دوست بن المرزبان من الطويل
( أما لو تخيرت المنى لمنحته ... كمال علي أو سلوت عن الحب )
( ترى الشمس أما والكواكب إخوة ... وتنظر من بدر السماء الى ترب )
( غنيت عن الامال حين رأيته ... فأصبح من بين الورى كلهم حسبي )
( فلم اطلب المعروف من غير كفه ... وهل تطلب الامطار إلا من السحب ) - الطويل -
ومن أخرى من الوافر
( فدتك بدائع الالفاظ طرا ... وأبكار القوافي والمعاني )
( نزلت من المكارم والمعالي ... بمنزلة الشباب من الغواني )
( فلا زالت لياليك البواقي ... مواصلة بأيام التهاني ) - الوافر -
وله من أخرى في المهلبي الوزير من الطويل
( وتطرق اقفال الغيوب بصارم ... من الرأي يخشى الغيب منه ويرهب )
( وتطعن في صدر الكتائب معلما ... كأنك في صدر الدواوين تكتب )
( ولست أرى كسب الدراهم نافعي ... إذا لم يكن لي في المكارم مكسب )
( ولي همة لا تطلب المال للغنى ... ولكنها منك المودة تطلب ) - الطويل
وقال لأبي العلاء صاعد بن ثابت يمدحه ويستهدي منه شرابا من الخفيف
( اي يوم من صاعد لم ارح فيه بخيل كثيرة الاسلاب ... )
( من نوال يسري بغير سؤال ... وعطاء يهمى بغير طلاب )
( جئته زائرا وقد ركب الأفلاك والنجم تحته في التراب ... )
( بمعان سرقتها من علاه ... فكأني قرأتها من كتاب )
( وأشارت ألحاظه بدنوي ... فكأني سمعت فصل الخطاب )
( ثم قبلت ظاهر الكف منه ... فكأني قبلت وجه السحاب )
( يا جوادا أرواحنا من عطاياه ... وأفهامنا مع الالباب )
( إن هذي الهموم تقدح فينا ... قدح كفيك في السلام الصلاب )
( فاسقنا صيب المدام سقاك الله ... صوب الامال والاراب )
( خندريسا كأنها تتقي المزج ... بدرع مسرودة من حباب )
( خجلت من جلالكم فأتتنا ... في رداء مؤزر ونقاب )
( تهب المال للفقير وتغزو ... شربها في عساكر الاطراب )
( سرقت حسن خلقها من سجاياك ... وأخلاقك الكرام الرغاب )
( إنها في السحاب وبل وفي الريح ... نسيم ونشوة في الشراب )
( خلق الله صاعدا يوم خلق الناس للكأس والندى والضراب ... )
( ما سؤال الدنيا له وهي في عينيه ادنى من ودها الكذاب ... )
( قد ظلمناه في السؤال لأنا ... ما سألناه رد شرخ الشباب ) - الخفيف
وقال من قصيدة لعضد الدولة من المنسرح
( يا عضد الدولة الذي قمعت ... دولته الدهر وهو جبار )
( أنت نهار والعالمون دجى ... وأنت طرف والناس أعيار )
( ليس لنا في المديح محمدة ... فعلك غيث والقول نوار ) - المنسرح -
وله من اخرى فيه من المتقارب
( سلمت على عثرات الزمان ... يا عضد الدولة المنتخب )
( ولا زلت ترفع من دولة ... تواضعت فيها بهذا اللقب )
( قسمت زمانك بين الهموم ... تنعم فيها وبين الدأب )
( فيوما تمير عفاة النسور ... ويوماص تمير عفاة الادب ) - المتقارب -
وقال من قصيدة في عضد الدولة يصف فيها نار السذق من الطويل
( لعمري لقد أذكى الهمام بأرضه ... مشهرة ينتابها الفجر صاليا )
( تغيب النجوم الزهر عند طلوعها ... وتحسد أيام الشهور اللياليا )
( هي الليلة الغراء في كل شتوة ... تغادر جيد الدهر أتلع حاليا ) - الطويل -
وقال وقد كثر الارجاف بعلة عضد الدولة رحمه الله تعالى من البسيط
( إذا سمعت حديثا عنك أحسبه ... يرتاع قلبي وما ألفي بمرتاع )
( تجلد الحر لا ينسى حفيظته ... ولو رأى دمه يستن بالقاع )
( أرجوك اقرب ما قالوا به رمق ... وحين يؤيس منك المؤيس الناعي )
( وأسأل الركب هل أحسستم فزعا ... لو كان ميتا لضاعت ثلة الراعي )
( أرضى وأقنع بالاطماع كاذبة ... فما يضرك لو ابقيت أطماعي )
( قد كاد يعرف وجه الذل في نظري ... ويظهر العجز والتقصير في باعي ) - البسيط -
غرر الاوصاف
قال في وصف فرس ادهم اغر محجل حمله عليه سيف الدولة ابوالحسن من الكامل
( يا أيها الملك الذي أخلاقه ... من خلقه ورواؤه من رائه )
( قد جاءني الطرف الذي أهديته ... هاديه يعقد ارضه بسمائه )
( أولاية وليتنا فبعثته ... رمحا سبيب العرف عقد لوائه )
( يختال منه على أغر محجل ... ماء الدياج قطره من مائه )
( وكأنما لطم الصباح حبينه ... فاقتص منه فخاض في أحشائه )
( متمهلا والبرق من اسمائه ... متبرقعا والبدر من اكفائه )
( ما كانت النيران يكمن حرها ... لو كان للنيران بعض ذكائه )
( لا تعلق الالحاظ في أعطافه ... إلا إذا كفكفت من غلوائه )
( لا يكمل الطرف المحاسن كلها ... حتى يكون الطرف من أسرائه ) - الكامل -
وقال ايضا في وصف هذا الفرس من الوافر
( وأدهم يستمد الليل منه ... وتطلع بين عينيه الثريا )
( سرى خلف الصباح يطير مشيا ... ويطوي خلفه الافلاك طيا )
( فلما خاف وشك الفوت منه ... تشبث بالقوائم والمحيا ) - الوافر -
وله في وصف سكين من السريع
( مرهفة تعجز وصف اللسان ... للسيف معنى ولها معنيان )
( تخلفه في حده تارة ... وتارة تخلف حد السنان )
( ما ابصر الراءون من قبلها ... ماء ونارا جمعا في مكان ) - السريع -
فقر وملح وأمثال وحكم
قال في ذم العراق من الوافر
( بلاد انفس الاحرار فيها ... كضب القاع تروى بالنسيم )
( يجوز بها وينفق كل شيء ... سوى الاداب طرا والعلوم ) - الوافر -
وقال يصف كماة الحرب من الوافر
( نسوا أحلامهم تحت العوالي ... ولا أحلام للقوم الغضاب )
( إذا كانت نحورهم دروعا ... فما معنى السوابغ في العياب ) - الوافر -
وقال يصف طيب الهواء من الوافر
( ألا يا حبذا طيب الغبوق ... وملبوس من العيش الرقيق )
( إذا ما الصبح اسفر نبهتني ... جنوب مسها مس الشفيق ) - الوافر
الم فيه بقول ابن المعتز من البسيط
( والريح تجذب اطراف الرداء كما ... أفضى الشقيق الى تنبيه وسنان ) - البسيط -
رجع
( وفيتان تهمهم هموم ... حديثهم ألذ من الرحيق )
وقال من الطويل
( وكنت إذا ما حاجة حال دونها ... نهار وليل ليس يعتذران )
( حملت على حكم القضاء ملامها ... ولم ألزم الاخوان ذنب زماني ) - الطويل -
وقال من قصيدة في سيف الدولة من الطويل
( وأفلت نفقور يرقع جلده ... وفيه لاثار السلاح خروق )
( يجر العوالي والسهام بجسمه ... كمحتطب للحمل ليس يطيق ) - الطويل -
سرقه من قول عنترة من المتقارب
( وغادرن نضلة في معرك ... يجر الاسنة كالمحتطب ) - المتقارب -
وقال من الطويل
( ألا فاخش ما يرجى وجدك هابط ... ولا تخش ما يخشى وجدك رافع )
( فلا نافع إلا مع النحس ضائر ... ولا ضائر إلا مع السعد نافع ) - الطويل -
سرقه من قول يزيد بن محمد المهلبي من الكامل
( وإذا جددت فكل شيء نافع ... وإذا حدت فكل شيء ضائر ) - الكامل
وقال من البسيط
( سعى رجال فنالوا قدر سعيهم ... لم يأت رزق بلا سعي ولا طلب )
( حسن التأتي مفاتيح الغنى وعلى ... قدر المطالب تلفى شدة التعب ) - البسيط -
وقال في نظم مثل من كتاب كليلة ودمنة من المنسرح
( أحسد قوما عليك قد غلبوا ... وكل من بادر المنى غلبا )
( وكنت كالكرم في تكرمه ... تلتف أواراقه بما قربا ) - المنسرح -
وقال من الوافر
( وإني لا ازال ألوم نفسي ... على طول التجنب والبعاد )
( وما اعتاض بالاقوام منكم ... وهل يعتاض صدر من فؤاد ) - الوافر -
وقال من الوافر
( وما استبطأت كفك في نوال ... على عدواء نأي واقتراب )
( ولو كان الحجاب لغير نفع ... لما احتاج الفؤاد الى حجاب ) - الوافر -
هذا أحسن ما قيل في الحجاب وأحسبه بعد قول ابي تمام من البسيط
( ليس الحجاب بمقص عنك لي أملا ... إن السماء لترجي حين تحتجب ) - البسيط -
وقال من الكامل
( مثل خلعت على الزمان رواءه ... عوز الدراهم آفة الاجواد ) - الكامل -
وقال من الكامل
( من لم يذق غصص التفرق لم يمت ... الموت رمح والفراق سنانه ) - الكامل
وقال من الكامل
( يهوي الثناء مبرز ومقصر ... حب الثناء طبيعة الانسان ) - الكامل -
وقال من الوافر
( نعلل بالدواء إذا مرضنا ... وهل يشفي من الموت الدواء )
( ونختار الطبيب وهل طبيب ... يؤخر ما يقدمه القضاء )
( وما أنفاسنا إلا حساب ... وما حركاتنا إلا فناء ) - الوافر -
وقال وهو من قلائده البديعة لشرف الدولة ابي الفوارس من المتقارب
( اسر إليك مقال النصيح ... ولست إلى النصح بالمفتقر )
( عليك إذا ضاغنتك الرجال ... بضرب الرؤوس وطعن الثغر )
( ولا تحقرن عدوا رماك ... وإن كان في ساعديه قصر )
( فإن الحسام يحز الرقاب ... ويعجز عما تنال الابر )
( وينفع في الروع كيد الجبان ... كما لا يضر الشجاع الحذر )
( شب الرعب بالرهب وامزج لهم ... كما يفعل الدهر حلوا بمر ) - المتقارب -
136 - ابو الحسن محمد بن عبد الله السلامي
من أشعر أهل العراق قولا بالاطلاق وشهادة بالاستحقاق وعلى ما أجريته من ذكره شاهد عدل من شعره والذي كتبت من محاسنه نزه العيون ورقى القلوب ومنى النفوس
ومن خبره انه ولد في كرخ بغداد اخر نهار يوم الجمعة لست خلون من رجب سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ونسبته في بني مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب وأمه شاعرة وقال الشعر وهو ابن عشر سنين فمن أول شعر قاله في المكتب قوله من المنسرح
( بدائع الحسن فيه مفترقة ... وأعين الناس فيه متفقه )
( سهام ألحاظه مفوقة ... فكل من رام لحظه رشقه )
( قد كتب الحسن فوق عارضه ... هذا مليح وحق من خلقه ) - المنسرح -
وركب في صباه سمارية ولم يكن رأى دجلة قبل ذلك فقال من الوافر
( وميدان تجول به خيول ... تقود الدارعين ولا تقاد )
( ركبت به الى اللذات طرفا ... له جسم وليس له فؤاد )
( جرى فظننت أن الارض وجه ... ودجلة ناظر وهو السواد ) - الوافر -
ورأى في يد غلام يميل إليه مرآة فقال من المنسرح
( رأيته والمرآة في يده ... كأنها شمسة على ملك )
( فقلت للصورة التي احتجبت ... من غير زهد فينا ولا نسك )
( يا أشبه الناس بالحبيب ألا ... تخبرنا عنك غير مؤتفك )
( قال انا البدر زرت بدركم ... وهذه قطعة من الفلك )
( قلت فإني أرى بها صدأ ... فقال هذا بقية الحبك ) - المنسرح -
وخرج من مدينة السلام وورد الموصل وهو صبي حين راهق فوجد بها
ابا عثمان الخالدي وأبا الفرج الببغاء وأبا الحسين التلعفري وشيوخ الشعراء فلما رأوه عجبوا منه واتهموه بأن الشعر ليس له فقال الخالدي أنا أكفيكم أمره وأتخذ دعوة جمع الشعراء فيها وحصل السلامي معهم فلما توسطوا الشرب أخذوا في ملاحاته والتفتيش على قدر بضاعته فلم يلبثوا أن جاء مطر شديد وبرد ستر الارض فألقى أبو عثمان نارنجا كان بين ايديهم على ذلك البرد وقال يا أصحابنا هل لكم في أن نصف هذا فقال السلامي ارتجالا من مجزوء الكامل
( لله در الخالدي ... الاوحد الندب الخطير )
( اهدى لماء المزن عند جموده نار السعير ... )
( حتى إذا صدر العتاب ... إليه عن حنق الصدور )
( بعثت إليه بعذره ... من خاطري ايدي السرور )
( لا تعذلوه فإنه ... أهدى الخدود الى الثغور ) - مجزوء الكامل -
فلما رأوا ذلك أمسكو عنه وكانوا يصفونه بالفضل ويعترفون له بالحذق إلا التلعفري فإنه أقام على قوله الاول حتى قال فيه السلامي من الكامل
( يا شاعرا بسقوطه لم يشعر ... ما كنت أول طامع لم يظفر )
( لو كنت تعرف والدا تسمو به ... لم تنتسب ضعة الى تلعفر )
( تاه ابن بائعة الفسوق على الورى ... بقذال صفعان ونكهة أبخر )
( وبلادة في الشعر تشهد أنه ... تيس ولو نصرت بطبع البحتري )
( يحلو بأفواه الانامل صفعه ... حتى كأن قذله من سكر ) - الكامل -
وقال فيه أيضا من الوافر
( سما التلعفري الى وصالي ... ونفس الكلب تكبر عن وصاله )
( ينافي خلقه خلقي فتأبى ... فعالي أن تضاف إلى فعاله )
( فصنعتي النفيسة في لساني ... وصنعته الخسيسة في قذاله )
( فان أشعر فما هو من رجالي ... وإن يصفع فما انا من رجاله ) - الوافر -
ودخل يوما الى ابي تغلب وبين يديه درع فقال صفها فارتجل من الكامل
( يا رب سابغة حبتني نعمة ... كافأتها بالسوء غير مفند )
( أضحت تصون عن المنايا مهجتي ... وظللت أبذلها لكل مهند ) - الكامل -
وورد حضرة الصاحب بأصبهان واستمطر منه بنوء غزير وسرى في ضوء قمر منير ولقيه بقصيدة منها من الوافر
( رقى العذال ام خدع الرقيب ... سقت ورد الخدود من القلوب )
( وآباه الصبابة أم بنوها ... يروضون الشبيبة للمشيب )
( وقفنا موقف التوديع نوطي ... نجوم الدمع افاق الغروب )
( تعجب من عناق جر دمعا ... وتقبيل يشيع بالنحيب )
( وقد ضاق العناق فلو فطنا ... دخلنا في المخانق والجيوب )
( ونحن أولاك نطلب من بعيد ... لعزتنا وندرك من قريب )
( تبسطنا على الاثام لما ... رأينا العفو من ثمر الذنوب ) - الوافر -
هذا البيت من إحسانه المشهور ولعله امير شعره
( ولولا الصاحب اخترع القوافي ... لما سهل الخلاص من النسيب )
( ومن يثني الى ليث هصور ... لواحظه عن الرشاء الربيب )
( وكيف يمس حد السيف طوعا ... قريب الكف من غصن رطيب )
( وشبهنا فكنت أبا نواس ... ولكن جل عن قدر الخصيب )
( ومن يك مثل عباد ابوه ... يعش بين الانام بلا ضريب )
( أحرز الخائف الجاني وكنز المقل المعتفى وأخا الغريب ... )
( أما لك غير بأسك من عتاد ... ولا غير العظائم من ركوب )
( تروض مصاعب الايام قهرا ... وتحملها على عود صليب )
( وتبذل دون تاج الملك نفسا ... متيمة بتنفيس الكروب )
( وجربت الملوك فيما أصابت ... لداء الملك غيرك من طيب )
( فمن غصب الامارة إذ حواها ... فما تحوي الوزارة بالغصوب )
( توارثها الكفاة وتقتضيها ... مناسب معرق فيها نسيب )
( تمائمكم مناطقكم إذا ما ... جفت بحضور شبان وشيب )
( دعيتم في المهود بها وعدت ... لكم قبل التصدر والركوب )
( ولو صدقتك جن الليل عني ... شغف بفن انسي عجيب )
( مع القرنين من قلم وطرس ... أو العبدين من طاس وكوب )
( اشق الفكر عن لفظ بديع ... فيقدم بي على معنى غريب )
ولقي مؤيد الدولة بقصيدة اولها من الكامل
( وصل الخيال ومنك رمت وصالا ... هذي الزيارة لا تعد نوالا )
( زار الخيال فلا تزرني في الكرى ... حاشا لحسنك ان يكون خيالا )
( قد كنت فيك شككت يا بدر الدجى ... حتى رأيتك في اللثام هلالا )
( وهواك علمني القريض فزاد في ... حبيك اني منه اكسب مالا )
( هو منهضي نحو الامير وهمة ... حملت إليه صلاته أمالا )
( ووتيرة الشعراء في مدح وفي ... منح فتجمع مفخرا ونوالا )
( ضربوا لك الامثال في أشعارهم ... لكنني بك اضرب الامثال ) - الكامل -
ولقي الصاحب بأرجوزة حسنة منها من الرجز
( يا راقدا لولا الخيال ما رقد ... هل لك في عارية لا تسترد )
( موشي اثواب الجمال بالغيد ... وفر حظ جيده من الجيد )
( لو لم يفض ماء الشباب لاتقد ... قد استدار صدغه حتى انعقد )
( وصين ورد خده عمن ورد ... إن ابا القاسم كالسيف الفرند )
( ذو بدهات لم تخلد في خلد ... أغر ميمون به الملك اعتضد )
( فما تحل الوزراء ما عقد ... بجهدهم ما قاله وما اجتهد )
( شتان ما بين الاسود والنقد ... هل يستوى البحر الخضم والثمد )
( امنيتي من كل خير مستعد ... أن يسلم الصاحب لي طول الابد )
( حتى يقا لم يطل عرم لبد ... فما ابو الف رئيس معتمد )
( كل غلام منهم رب بلد ... يا سعده من والد بما ولد )
( وشم بروق سيفه إذا وقد ... وانساب ماء المزن فيه وأطرد )
( كالروح لا تكمن إلا في جسد ... يحمله عبل الشوى عبل الكبد )
( ينجده وهو عريق في النجد ... وإن جرى كانت له الريح مدد )
( خاض الدماء وتحلى بالزبد ... كأنه انسان عين في رمد )
( يا مجري الفكر الى اقصى امد ... اسمع فقد انجز حر ما وعد )
( عذارء لم يقرع بها سمع أحد ... لو عرضت على أبي النجم سجد )
( وخل من عاندني وما اعتقد ... فليس للحاسد إلا ما حسد ) - الرجز -
وكتب من اصفهان الى ذي الكفايتين ابي الفتح بن العميد وهو بالري قصيدة منها من الكامل
( عبر الجواد بي الفرات ودجلة ... وأتي نداك فليس يعرف معبرا )
( فالان يرجع يا علي القهقري ... لم يستطع متقدما فتأخرا )
( وأعيذها من أن يعارض مثلها ... باد هواك صبرت ام لم تصبرا )
( قالت وقد بعث الملوك بمهرها ... مهري سواك فكن لغيري جوهرا )
( ما ضرها إلا تواطؤ طيء ... فيها على نحت المعاني بحترا )
( جمل غدا عنها جميل مفحما ... وكثرن في تفصيلهن كثيرا ) - الكامل -
وكان بحضرة الصاحب شيخ يكنى بأبي دلف مسعر بن مهلهل الينبوعي يشعر ويتطبب ويتنجم ويحسد السلامي على منزلته فتيعرض له ويولع به حتى ألقمه السلامي الحجر بأن قال له يوما من الخفيف
( قال يوما لنا أبو دلف ابرد من تطرق الهموم فؤاده ... )
( لي شعر كالماء قلت أصاب الشيخ لكن لفظه براده ... )
( أنت شيخ المنجمين ولكن ... لست في حكمهم تنال السعاده )
( وطبيب مجرب ماله بالنجح في كل ما يجرب عاده ... )
( مر يوما الى عليل فقلنا ... قر عينا فقد رزقت الشهاده ) - الخفيف -
ولم يزل السلامي بحضرة الصاحب بين خير مستفيض وجاه عريض ونعم بيض الى أن اثر قصد حضرة عضد الدولة بشيراز فجهزه الصاحب إليها وزوده كتابا بخطه الى ابي القاسم عبد العزيز بن يوسف نسخته
قد علم مولاي أطال الله بقاه أن باعة الشعر أكثر من عدد الشعر ومن يوثق بان حليه التي يهديها من صوغ طبعه وحلله التي يؤديها من نسج فكره اقل من ذلك وممن خبرته بالامتحان فأحمدته وقررته بالاختيار فاخترته أبو الحسن محمد بن عبد الله المخزومي السلامي ايده الله تعالى وله بديهة قوية توفي على الروية ومذهب في الاجادة يهش السمع لوعيه كما يرتاح الطرف لرعيه وقد امتطى امله وخير له الى الحضرة الجليلة رجاء أن يحصل في سواد أمثاله ويظهر معهم بياض حاله فجهزت منه أمير الشعر في موكبه وحليت فرس البلاغة بمركبه وكتابي هذا رائده الى القطر بل مشرعه الى البحر فإن رأى مولاي أن يراعي كلامي في بابه ويجعل ذلك ذرائع إيجابه فعل إن شاء الله تعالى
فلما وردها تكفل به ابو القاسم وافضل عليه وأوصله الى عضد الدولة حتى أنشده قصيدته التي منها من الطويل
( إليك طوى عرض البسيطة جاعل ... قصارى المطايا أن يلوح لها القصر )
( فكنت وعزمي في الظلام وصارمي ... ثلاثة اشباه كما اجتمع النسر )
( فبشرت آمالي بملك هو الورى ... ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر ) - الطويل -
فاشتمل عليه جناح القبول ودفع إليه مفتاح المأمول واختص بخدمة عضد الدولة في مقامه وظعنه الى العراق وتوفر حظه من صلاته وخلعه واللهى تفتح اللهى وسير فيه قصائد كتبت عيون غررها وكان عضد الدولة يقول إذا
رأيت السلامي في مجلس ظننت أن عطاردا نزل من الفلك الي ووقف بين يدي ولما توفي عضد الدولة تراجع طبع السلامي ورقت حاله ثم ما زالت تتماسك مرة وتتداعى اخرى حتى انتقل الى جوار ربه في سنة اربع وتسعين وثلاثمائة
ما اخرج من غرره في النسيب والغزل
قال من الوافر
( منيت بمن إذا منيت افضت ... مناي الى بنفسج عارضيه )
( وفاضت رحمة لي حين ولى ... مدامع كاتبي وكاتبيه ) - الوافر -
وقال ايضا من المتقارب
( ومختصر الخصر من بعده ... هربت فألقيت في صده )
( وقابلني وجهه مقبلا ... بحد الحسام وإفرنده )
( فما زلت اعصر من خده ... واقطف من مجتنى ورده )
( اشم بنفسج اصداغه ... وزهرا تعصفر في خده )
( وأظما فأرشف من ريقه ... فيا حر صدري من برده )
( وما للحاظ سوى وجهه ... وما للعناق سوى قده ) - المتقارب -
وقال ايضا سامحه الله تعالى من الطويل
( وفيهن سكرى للحظ سكرى من الصبا ... تعاتب حلو اللفظ حلو الشمائل )
( أدارت علينا من سلاف حديثها ... كؤوسا وغنتنا بصوت الخلاخل ) - الطويل -
وقال من قصيدة شبب فيها بغلام بدوي كان معه من المتقارب
( تعلقته بدوي اللسان ... والوجه والزي ثبت الجنان )
( أعانق من قده صعدة ... ترى اللحظ منها مكان السنان )
( أدار اللثام على ثغره ... فاهدى الشقيق الى الاقحوان )
( ومسك ذوائبه سائل ... على اس ديباجه الخسرواني )
( يذوب اشتياقا لنبح الكلاب ... إذا هاجنا طرب الغطرفان )
( أحييه بالورد والياسمين ... فيصبو الى الشيح والايهقان )
( ويشتاق فينا عواء الذئاب ... إذا هاجنا طرب العترفان )
( فيا بدوي سهام الجفون ... صر عن ضيوفك حول الجفان )
( فإن كان دينك رعي الذمام ... فقل انت من ذمتي في أمان ) - المتقارب -
ومن قصيدة شبب فيها بغلام عيار من الشطار من المنسرح
( يا مرهفا في لحاظة مرهف ... ومخطف القد سهمه مخطف )
( من أودع الورد وجنتيك ومن ... نقش طرز العذار او غلف )
( وما لهذا الصدغ المشوش قد ... عارض طرق التقبيل واستهدف )
( أطلع افق العجاج لي قمرا ... بين نجوم تجول او تزحف )
( يقطر ماء الجمال منه ويرتج ... إذا ارتج ردفه المردف )
( ومسرف الحسن لا يلام إذا ... جار على عاشقيه أو أسرف )
( عقف كلابه وأرهفه ... فقلت يكفيك صدغك الاعقف )
( تغنيك عن سهمك اللحاظ وعن ... صارمك العضب قدك الاهيف )
( ومال كفي على سوالفه ... والموت من دون لمسها يسلف )
( فمر مر السحاب يسحب فضل الكم عجبا وفاضل المطرف ... )
( وقال والورد قد تعصفر في ... خديه غيظا وآن أن يقطف )
( مثلك يلقي يدا علي أما ... يخاف من ناظري أن يتلف )
( لو مر بي الليث مات خوفا ولو ... ابصر طيفي في النوم لم يطرف )
( أنا العذاب المذاب والاسد الاسود ... بأسا والمقرب المقرف )
( اشطر مني فتى إذا وقعت ... عليه عيني في الوقت لم يتلف )
( إذا شربنا بنت الكروم فبالبيض نحيا وبالقنا نتحف ... )
( لولا توقي أو مراقبتي ... أني عزيز وأنت مستضعف )
( نحرت حتى السماء واقعة ... فوقي والارض تحتنا تخسف )
( فقلت مهلا فلست اول من ... أخطأ جهلا من قبل أن يعرف )
( البدر لا ينسخ الظلام على ... ديباجتيه والبحر لا ينزف )
( عزمت ان ادعي عليك فلا ... تصغ إلى من لحا ومن عنف )
( ولا تكلني إلى اليمين فلو ... شئت اكلت الزبور والمصحف )
( فافتر عن لؤلؤ واسفر عن ... ورد وقبلته فما استنكف )
( وقال ما تشتهي فقلت له ... نقصف حسادنا بأن نقصف )
( فمال بي والظلام شملته ... وفجره في يمينه مرهف )
( الى رياض يغازل القطر ما ... دبج من زهرها وما فوف )
( ما بين فتيان لذة عرفوا العيش فنالوا نعيمة الالطف ... )
( هذا يحيى وذا يغار وذا ... يلثم كرها وذاك يستعطف )
( برد الثرى بردنا وقد زرر البدر علينا دواجه المحصف ... )
( وبيننا خمرتان من ريقة الكرم وريق اشهى من القرقف ... )
( ولطف الله لي بمدرجة ... أمثالها عند مثلي تلطف )
( أنشدته شعر مكشف فأتى ... يلثم تلك السطور والاحرف )
( ومات سكرا فمت من فرح ... وكاد ستر الغرام أن يكشف ) - المنسرح -
وله في غلام عباسي التحى فازداد حسنا من المنسرح
( لما التحى اصبحت عمامته السوداء تجلي مخضرة الحبك ... )
( وصار يختال أن يلين بخلق الخز عن ردفه أو الفتك ... )
( في كل يوم تراه مؤتزرا ... بالروض بين الحياض والبرك )
( وما علمنا بأنه قمر ... حتى اكتسى قطعة من الفلك ) - المنسرح -
وقال من أرجوزة من الرجز
( وليلة كأنها على حذر ... ممرها اسرع من لمح البصر )
( من قبلها لم ار ليلا مختصر ... ولا زمانا لم يبن من القصر )
( والليل لا يكرب إلا في غرر ... إذا وفى أحبابنا فيه غدر )
( زار وما اسود الدجى ولا اعتكر ... ابيض الا المقلتين والشعر )
( اغر اوقاتي إذا زار غرر ... فلم يكن إلا السلام والنظر )
( أو قبلة خالستها على خطر ... حتى انتضى الصبح حساما مشتهر )
( وانفل من أهواه في جيش البكر ... فبت محزونا كأني لم أزر )
( وأحسرتا لليلنا كيف انحسر ... ) - الرجز
وقال من المتقارب
( عذارك جادت عليه الرياض ... بأجفانها وبآماقها )
( وطال غرام الغواني به ... فقد طرزته بأحداقها ) - المتقارب -
وقال من الخفيف
( فاض ماء الجمال في الاقطار ... كل بدر مطرز بعذار )
( قد ارانا عقارب الشعر من خديه ... تأوي مكامن الجلنار ) - الخفيف -
وقال من قصيدة من المتقارب
( يفض الغزال جفون الغزل ... وقد فضح فيها الكحل )
( ولا وجني الورد في وجنتيه ما أوجب اللثم ذاك الخجل ... ) - المتقارب -
وقال من اخرى من الكامل
( ما تسرع الالحاظ تخطف وردة ... من خده إلا عثرن بخاله )
( مذ نقبوه وزرفنوا أصداغه ... ختموا بغالية على أقفاله ) - الكامل -
وقال من الرجز
( تعرض الشعر لعارضيه ... وأطلق العشاق من يديه )
( كأن الصبا يهتز في عطفيه ... والحسن تجري خيله إليه )
( حتى إذا ابصر وجنتيه ... حجبتا بمثل حاجبيه )
( جاد عذاريه بعبرتيه ... كأنما يغسل من خديه )
( صحيفة قد كتبت عليه ... ) - الرجز
وقال من قصيدة شبب فيها بغلام تركي من الكامل
( علقت مفترس الضراغم فارسا ... رحب المدى والصدر والميدان )
( قمر من الاتراك تشهد انه الخود الحصان على أقب حصان ... )
( البدر في ظل الغمامة والنقا ... في سرجه والغصن في الخفتان )
( الفت طرته وغرته وما ... كان الدجى والصبح يأتلفان )
( ورمى بلحظيه القلوب وسهمه ... فعجبت كيف تشابه السهمان )
( بطل حمائله كعارضه وحاجبه ... الازج كقوسه المرنان )
( حييته فدنا وأمطر راحتي ... قبلا فليت فمي مكان بناني )
( وخدعته بالكأس حتى ارتاض لي ... ودرأت عني الحد بالكتمان )
( والمرء ما شغلته فرصة لذة ... ناس العواقب آمن الحدثان ) - الكامل -
وقال من قصيدة من البسيط
( واعرضت إذ رأت في عارضي دررا ... منظومة معها الاحزان تنتظم )
( وللصبابة قوم لا يسرهم ... أن يلبسوا الوشي إلا تحته سقم )
( أشتاق اهلي لظبي بين ارحلهم ... والحب يوصل إذ لا توصل الرحم ) - البسيط -
ومن اخرى من البسيط
( ما ضن عنك بموجود ولا بخلا ... اعز ما عنده النفس التي بذلا )
( يحكي المطايا حنينا والهجير جوى ... والمزن دمعا وأطلال الديار بلى ) - البسيط
ومن أخرى من البسيط
( الحب كالدهر يعطينا ويرتجع ... لا اليأس يصدقنا عنه ولا الطمع )
( صحبته والصبا يغري الصبابة بي ... والوصل طفل غرير والهوى يفع )
( أيام لا النوم في أجفاننا خلس ... ولا الزيارة من أحبابنا لمع )
( وليلة لا ينال الفكر أخرها ... كأنما طرفاها الصبر والجزع )
( إذ الشبيبة سيفي والهوى فرسي ... ورايتي اللهو واللذات لي شيع )
( أحييتها ونديمي في الدحا أمل ... رحب الذرى وسميري خاطر صنع )
( حتى تبسم إعجابا بزينته ... لفظ بديع ومعنى فيك مخترع ) - البسيط -
ومن أخرى من الطويل
( رسولي إذا لم يغشهن رسول ... صبا وقبول بل صبا وقبول )
( وقلب سوى قلب الكتيبة باسل ... وحد سوى حد الحسام صقيل )
( وما حسن صبر ما ترين ولا رضا ... بنأي ولكن المحب حمول ) - الطويل -
كأنه ألم فيه بقول المتنبي من الطويل
( وما عشت من بعد الاحبة سلوة ... ولكنني للنائبات حمول ) - الطويل -
ومن اخرى من الخفيف
( أنوار وأين دار نوار ... أظلم الناس في اشط الديار )
( ذات صدغ من البنفسج قد مال ... على وجنة من الجلنار ) - الخفيف
ومن اخرى من الوافر
( ويغريني بذكر الربع غيد ... به صيد وحور فيه عين )
( سللن من الحداق السود بيضا ... فما ندري قيان ام قيون ) - الوافر -
الخمريات وما تيعلق بها من سائر الاوصاف والتشبيهات
كتب الى صديق له يصف النارنج من الوافر
( أتنشط للصبوح ابا علي ... على حكم المنى ورضا الصديق )
( بنهر للرياح عليه درع ... تذهب بالغروب وبالشروق )
( إذا اصفرت عليه الشمس صبت ... على امواجه ماء الخلوق )
( وقفت به فكم خد رقيق ... يغازلني على قد رشيق )
( وجمر شب في الاغصان حتى ... اضاع الماء في وهج الحريق )
( فدهم الخيل في ميدان تبر ... يصاغ لها كرات من عقيق )
( فهل لك في ختام المسك فضت ... نوافجه ومختوم الرحيق ) - الوافر -
وكتب إليه في وصف الجلنار من الوافر
( أحسن إلى لقاء ابي علي ... ويأبى أن يحن الى جواري )
( وقد جلبت علينا الراح حتى ... مللنا جلوة البيض العذاري )
( وصفر أوجه العذال يوم ... وجوه شموسة تحكي اصفر ارى )
( ونهر تمرح الامواج فيه ... مراح الخيل في رهج الغبار )
( إذا اصفرت عليه الشمس خلنا ... نمير الماء يمزج بالعقار )
( كأن الماء ارض من لجين ... مغشاة صفائح من نضار )
( واشجار محملة كؤوسا ... تضاحك في احمرار واخضرار )
( إذا ابصرن في نهر سماء ... وهبن له نجوم الجلنار )
( فزرنا إن نار الراح تكفي الندامى خيفتي عار ونار ... ) - الوافر -
وقال في الدير الذي بقنطرة النوبندجان وقد شربوا هناك ولبسوا أكاليل الزهر ورموا البنادق من الطويل
( أقنطرة النوبندجان وديرها ... وحور مهى لا تألف الحور غيرها )
( شربنا بها والروض يخلع زهره ... على الشرب والاشجار تنثر طيرها ) - الطويل -
كتب يستهدي الشراب من البسيط
( أرسلت اشكو إليكم غدوة ظمئي ... وما شككت بأني سوف أغتبق )
( فقد كتبت الى أن خانني قلمي ... وقد ترددت حتى ملني الطرق )
( أنت امرؤ جوده غمر ونائله ... همر ووبل نداه مسبل غدق )
( فابعث إلي بصفو الراح يشبهه ... مني قريض ومنك العرف والخلق ) - البسيط -
وكتب الى ابي القاسم عبد العزيز بن يوسف من الوافر
( أظن اليوم يهطل بالمدام ... فإن الافق محمر الغمام )
( وما عودت حمل الكأس إلا ... على سكر الكروم أو الكرام )
( وعهد سماء جودك بالعطايا ... كعهد دم الاعادي بالحسام )
( إذا طلعت شموس الراح فينا ... وهبنا كل مسرجة اللجام )
( أبحر الجود في بحر الاماني ... وبدر الملك في بدر التمام )
( ومن عبد ابن يوسف صير اسمي ... وصيره الندى مولى السلامي )
( إذا ركبت أناملنا كميتا ... من الحبب المفضض في لجام )
( تحيينا بذكرك وانتقلنا ... بمدحك دون سادات الانام )
( طربت فما أبالي ما ورائي ... ونار الراح مشعلة امامي )
( جفون المزن مذ عدمت بواك ... لرحمتنا وخد الورد دامي )
( فأحي بها فتى أحلى مناه ... تقدم من فداك الى الحمام ) - الوافر -
وكتب الى صديق يستدعيه ابياتا منها من الكامل
( يوما لبست به الخلاعة حلة ... وسجتها فسجت خير لباس )
( في مجلس زجل الغناء متوج الكاسات فيه مهذب الجلاس ... )
( والطير قد طربت بحسن غنائها ... لو أنها فطنت لشرب الكاس )
( والشمس من حسد تغيير لونها ... أن لا تكون كغرة العباس )
( أنا لا ابالي من فقدت من الورى ... إما حضرت فأنت كل الناس ) - الكامل -
وقال من قصيدة من البسيط
( وظبية من بنات الانس في يدها ... ووجهها للصبا والحسن خاتام )
( قد حللت لؤلؤ الازرار عن درر ... لهن في ثغرها الفضي أتوام )
( وزارت الروض منها مقلتان لها ... وحشيتان وعذب الريق بسام )
( والكأس للمسكر التبري صائغة ... والماء للحبب الدري نظام )
( بتنا نكفكف بالكاسات ادمعنا ... كأننا في حجور الروض أيتام ) - البسيط -
هذا البيت من إحسانه المشهور في ابتداع الاستعارة
وقال من اخرى من المتقارب
( نفرغ أكياسنا في الكؤوس ... نبيع العقار ونشري العقارا )
( حمدنا الهوى ونسينا الفراق ... ومن يشرب الخمر ينس الخمارا ) - المتقارب -
ومن أخرى من الخفيف
( اشربا واسقيا فتى يصحب الايام ... نفسا كثيرة الاوطار )
( والنفوس الكبار تأنف للسادة ... أن يشربوا بغير الكبار )
( في جوار الصبا نحل بيوتا ... عمرت بالغصون والاقمار )
( ونصلي على أذان الطنابير ... ونصغي لنغمة الاوتار )
( بين قوم إمامهم ساجد للكأس أو راكع على المزمار ... ) - الخفيف -
ومن اخرى من الكامل
( نسب الرياض الى الغمام شريف ... ومحلها عند النسيم لطيف )
( فاشرب وثقل وزن جامك إنه ... يوم على قلب الزمان خفيف )
( أو ما ترى طرز البروق وتوسطت ... أفقا كأن المزن فيه شفوف )
( واليوم من خجل الشقيق مضرج ... خجل ومن مرض النسيم ضعيف )
( والارض طرس والرياض سطوره ... والزهر شكل بينها وحروف )
( وكأنما الدولاب ضل طريقه ... فتراه ليس يزول وهو يطوف ) - الكامل
ومن اخرى من الطويل
( ولباسة حلى الشباب لعوبة ... بطرق الهوى عقادة للزمائم )
( غزال صريم في رجوم صوارم ... وبدر تمام في نجوم تمائم )
( وكان رقادي بين كأس وروضة ... فصار سهادي بين طرف وصارم )
( ولولا نسيب مطرب من قصائدي ... لما احتال طيف في زيارة نائم ) - الطويل -
ومن اخرى من الكامل
( أنسيم هل للصلح عندك موضع ... فيزور طيف أو تهب نسيم )
( والشيب دونك وهو موت مضمر ... والهجر وهو تفرق مكتوم )
( بيني وبين الراح مثل حبابها ... دمع على وجناتها منظوم ) - الكامل -
ومن اخرى من الطويل
( وقد خالط الفجر الظلام كما التقى ... على روضة خضراء ورد وأدهم )
( وعهدي بها والليل ساق ووصلنا ... عقار وفوها الكأس أو كأسها فم )
( الى أن بدرنا بالنجوم وغربها ... يفض عقود الدر والشرق ينظم )
( ونبهت فتيان الصبوح للذة ... فلبوا وما فيهم سوى الليل محرم )
( وفي كل كأس للندامى بقية ... تلوح كدينا يغطيه درهم ) - الطويل -
سائر الاوصاف
نزل عضد الدولة شعب بوان والسلامي معه متوجها الى العراق فقال له قل في الشعب فقد سمعت ما قال المتنبي فعاد الى خيمته وكتب من البسيط
( اشرب على الشعب واحلل روضة انفا ... قد زاد في حسنه فازدد به شغفا )
( إذ البس الهيف من اغصانه حللا ... ولقن العجم من اطياره نتفا )
( واثمرت حسن الاغصان مثمرة ... من نازع قرطا أو لابس شنفا )
( والماء يثني عل أعطافه أزرا ... والريح تعقد في أطرافها شرفا )
( والشمس تخرق من أشجارها طرفا ... بنورها فترينا تحتها طرفا )
( من قائل نسجت درعا مفضضة ... وقائل ذهبت أو فضضت صحفا )
( ظلت تزف له الدنيا محاسنها ... وتستعد له الالطاف والتحفا )
( من عارض وكفا أو طائر هتفا ... او بارق خطفا او سائر وقفا ) - البسيط -
هذا مما قاله بديها وليس بمستحسن في الوزن إلا أن أبا تمام قال من الطويل
( يقول فيسمع ويمشي فيسرع ... ويضرب في ذات الاله فيوجع ) - الطويل -
رجع
( ولست احصي حصى الياقوت فهي ولا ... درا أصادفه في مائه صدفا )
( يظن من وقفت فهي الشجون به ... أن الصبابة شابت والهوى خرفا )
( تعسف الشوق فيه كل ذي شجن ... والشوق الطفه ما كان معتسفا )
( فاحلل عرى الهم واشربها مشعشعة ... رق النسيم مباراة لها وصفا )
( ماذا يقول لك المداح قد نفدت ... فيك المعاني وبحر اللفظ قد نزفا )
( لم يبق لي حيلة إلا الدعاء فإن ... يسمع ظللت عليه الدهر معتكفا )
وقال من قصيدة سذقية في ابي الفوارس وابي دلف من البسيط
( ما زلت اشتاق نارا أوقدت لهما ... حتى ظننت عذاب النار قد عذبا )
( يعلو الدخان بسود من ذوائبها ... قد عط فيها قناع التبر واستلبا )
( قد كللت عنبرا بالمسك ممتزجا ... وطوقت جلنارا واكتسست ذهبا )
( فالنور يعلب في أطرافها مرحا ... والخمر يرعد في اكنافها رهبا )
( وطار عنها شرار لو جرى معه ... برق دنا او تلقى كوكبا لكبا )
( لو كان وقت نثار خلته دررا ... أو كان وقت انتصار خلته شهبا )
( والليل عريان فيه من ملابسه ... نشوان قد شق اثواب الدجى طربا )
( أقسمت بالطرف لو أشرفت حين خبت ... جعلت انفس أعضائي لها حطبا ) - البسيط -
وقال من قصيدة اخرى من الخفيف
( فسمونا والفجر يضحك في الشرق ... إلينا مبشرا بالصباح )
( والثريا كراية أو كجام ... أو بنان أو طائر أو وشاح )
( وكأن النجوم في يد ساق ... تتهاوى تتهاوي الاقداح )
( وجمعنا بين اللواحظ والراح ... وبين الخدود والتفاح )
( وشممنا بنفسج الصدغ حتى ... طالعتنا من الثغور الاقاح )
( زمن فات بين بهو وشرب ... وغناء وراحة وارتياح )
( معقلي نهر معقل فإن ارتحت الى منزل فدير نجاح ... )
( وحياتي بما حوته الى الخمار ... مصروفة او الملاح )
( مركبي مثل لمتي ادهم جون ... ويحكيهما نديمي وراحي ) - الخفيف
مركبة السفينة والزورق وهما اسودان ولمته سوداء لانه شاب ونديمه اسود لانه عربي ونبيذه نبيذ التمر وهو اسود
وقال وكتب بها الى الشريف الرضي وكان خرج من داره في المطر فأعطاه كساء استتر به من الكامل
( ما زال بي مهر الشبيبة جامحا ... حتى حملت على المشيب الكابي )
( فسمعت اقبح ما سمعت نداءها ... ما بال هذا الاشيب المتصابي )
( إني حلفت برب اشرف كعبة ... في مشهد النشوات والاطراب )
( وبكل مخلوع العذار مجرر ... فضل الازار مسحب سحاب )
( وبمصرع الدن الجريح وحرمة الوتر الفصيح وذمة المضراب ... )
( ومتى حلفت بمثلها متأولا ... فصدقت بالازلام والانصاب )
( وأنا دعي في البلاغة ملصحق ... في الشعر منسلخ عن الاداب )
( ويباع في الاكراد شعري إنه ... يغلو إذا ما بيع في الاعراب )
( لقد ارتقت تبغي ابا الحسن العلي ... يطمحن منه الى الابي الابي )
( الموسوي الناصري ابوة ... وخؤولة علوية الانساب )
( في حيث ارثت النبوة نارها ... فخبا لنور الحق كل شهاب )
( لا أدعي لك إنما بك أدعي ... أني وصلت الى اعز جناب )
( زاد الاله بكم قريشا رفعة ... واقر عين قصيها بن كلاب )
( متناسلين وأنت كنت مرادهم ... مترددين إليك في الاصلاب )
( حتى ولدت فأغفلوا انسابهم ... وغدا وجودك اشرف الانساب )
( السان هاشم الذي بغروبه ... تفري وناظر غالب الغلاب )
( أشكو إليك عشية لم نفترق ... فيها على ملل ولا استعتاب )
( ما كنت إلا جنة فارقتها ... كرها فصب علي سوط عذاب )
( ودعت دارك والسماء تجودني ... بيد الغمام فلا أرى بك ما بي )
( ما زلت أركض في الوحول مباريا ... فيها الخيول لواحق الاقراب )
( فجريت والعكاز اخصر شكتي ... قصرا ولكني اعز ركابي )
( ورأيت غالية الطريق ومسكه ... طينا معدا لي على الاثواب )
( وحمى كساؤك لا عدمت معيره ... دراعتي وعمامتي وجبابي )
( فوليت يا بحر السماحة كسوتي ... وولي أخوك الغيث بل ثيابي )
( غيثان هذا ابن الذي من أجله ... خلق السحاب وذا سليل سحاب )
( فوصلت أشكو ذا وأشكر ذا وبالغيثين ما بهما من التسكاب ... )
( وخريدة عذراء رحت أزفها ... ما بين الفاظ شرفن عذاب )
( جاءتك يحملها الجمال وربما ... وقف الجباء بها دوين الباب )
( أهديتها خجلا الى متغلغل الافكار ... محصد مرة الاداب )
( لابي القريض ابن المعاني بل اخي الاعراب ... حين بفوه والاغراب )
( ضمن الحسين له وموسى رتبة ... في الفضل نافرة عن الخطاب )
( انظر بعين رضا الى ما صغته ... وأعره سمع مسامح وهاب )
( وتجاوز الخطأ الشنيع وأخفه ... عن ناظر المتفيهق المغتاب )
( واجهر إذا انشدتها في محفل ... فعثرت بين عيوبها بصواب ) - الكامل -
وقال من قصيدة عضدية في يوم صب الماء من مجزوء الكامل
( عدل الحبيب فمن يجور ... ودنا فأين بنا يسير )
( عوضت من عيس تدور ... بي الفلا كأسا تدور )
( وشربت ما وسع الصغير وزدت ما حمل الكبير ... )
( نبهت ندماني وقد ... عبرت بنا الشعري العبور )
( والبدر في افق السماء ... كروضة فيها غدير )
( هببوا فقد عيي الرقيب ونام وانتبه السرور ... )
( واشار إبليس فقلنا ... كلنا نعم المشير )
( صرعى بمعركة تعف الوحش عنها والنسور ... )
( نوار روضتنا خدود ... والغصون بها خصور )
( والعيش استر ما يكون ... إذا تهتكت الستور )
( هبوا الى شرب المدام ... فإنما الدنيا غرور )
( طاف السقاة بها كما ... اهدت لك الصيد الصقور )
( عذراء يكتمها المزاح ... كأنها فيه ضمير )
( وتظن تحت حبابها ... خدا تقبله ثغور )
( حتى سجدنا والامام ... أمامنا مثنى وزير )
( وإذا صحونا فاللسان ... للعذب والفكر الغزير )
( نفتض معنى او يولد ... بيننا مثل يسير )
( أو يمدح الملك الجليل السيد الفرد الخطير ... )
( ما عزه شيء بغاه ... فكيف اعوزه النظير ) - مجزوء الكامل -
ومنها
( وغداة أنس بشرتك بها المعازف والخمور ... )
( إذا ماء غيثنا ... والارض تربتها عبير )
( تغري بصب الماء يا ... ملكا أنامله بحور )
( ويقول سيبك هكذا ... صبت على العافي البدور )
( ويقول سيفك هكذا ... تجري إذا غضب النحور )
( هيهات تبتسم الثغور ... ولم تسد بك الثغور )
( قد أذعنت ارض العدو ... وجاء بالنصر البشير )
( هذي الاماني لي عبيد ... والسرور معي أجير )
( لا قيته فغضضت طرفي ... إذا بدا القمر المنير )
( وجررت أذيالي بمجلسة وقلت فمن جرير ... )
( وكأن عاما عشته ... في ظله يوم قصير )
وقال يصف الفقاعة وألقاها على طريق الالغاز من الوافر
( شغفت بداية لي اشتهيها ... وما فيها عن الوصل امتناع )
( بباردة المجس وما اقشعرت ... معصبة وليس بها صداع )
( تمنع أو تحل ذؤابتاها ... ويحسر عن مفارقها القناع ) - الوافر -
وقال يصف سوداء من البسيط
( يا رب غانية بيضاء تصحبني ... من العتاب كؤوسا ليس تنساغ )
( اشتاق طرتها أم صدغها ومعي ... من كلها طرر سود وأصداغ )
( كأننا لا أتاح الله فرقتنا ... يا لعبة المسك باز تحته زاغ ) - البسيط
وأمره عضدة الدولة أن يعمل اربعة ابيات تكتب على خواتيم النساء فكتب من الكامل
( مرقومة الجنبات بالبدع التي ... لم يهدها قط الربيع لروضة )
( كتمت روائحها فلما عذبت ... بالنار فاح نسيمها فأقرت )
( وكأنما الملك الاجل السيد المنصور عضد الملك تاج الدولة ... )
( أذكي مجامرها بنار ذكائه ... وغدا الدخان على علو الهمة ) - الكامل -
وقال من قصيدة عضدية سذقية من الطويل
( ألست ترى الاوضاح في دهمة الدجى ... ومنشؤها بالناظرين رفيق )
( دخانا سخامي الصفات شراره ... بروق وعقد الريح فيه وثيق )
( وليلا كيوم الوصل أما رياضه ... فزهر وأما مسكه ففتيق )
( ويغداد بحر ساحلاه جواهر ... ودجلة روض طرتاه شقيق )
( وقد صار ياقوتا حصاها وعنبرا ... ثراها وأمسى الماء وهو رحيق ) - الطويل -
وقال من أخرى من المتقارب
( ولم نر بحرا جرى بالعقار ... ولا ذهبا صيغ منه جبل )
( الى ان جرت دجلة في الشعاع ... وطنب بالنور أعلى القلل )
( سحاب الدخان وبرق الشرار ... ورعد الملاهي وغيث الجدل )
( وما زال يعلو عجاج الدخان ... حتى تلون منه زحل )
( فكنا نرى الموج من فضة ... فذهبه النور حتى اشتعل ) - المتقارب
وقال من اخرى يستهدي مهرا ويصفه من الطويل
( إليك بعثناها شوارد ضمنت ... معاني لولاها لما شرف الشعر )
( عروسا ولكن زوجت بنت ليلة ... مخدرة لكن فكري لها خدر )
( إذا قال جسمي تستحل بحلة ... تقول له رجلاي بل مهرها مهر )
( فمن لي به لا الدهم فازت بلونه ... ولا البرش خازت بردتيه ولا الصفر )
( كميت تذال الشهب والبلق إن بدا ... وتسمو بما نالته من شبهه الشقر )
( يخوض إذا لاقى دما لونه ... ولا ماء إلا ماء رونقه الغمر )
( فغرته مبيضة وحجوله ... ولكن اريقت فوق سائره الخمر )
( واسبق من عاف إليك وشاعر ... قوافيه أفراد محجلة غر )
( فلو شامه في ارض فارس فارس ... لما امسيا إلا ومصر له مصر )
( نتاج فتى في الحرب تنتج خيله ... وبالدم تسقى والنزال لها ضمر ) - الطويل -
وقال من اخرى في وصف السكر المبني بشيراز من الطويل
( على نهر سل في دجى الليل من رأى ... كواكبه زهرا تأمل أم زهرا )
( إذا طلعت فيه النجوم فما ترى ... به العين إلا الثلج مستودعا جمرا )
( ثري قد اعاد الليل مسكا عبيره ... وماء اعاد البدر فضته تبرأ ) - الطويل -
ومن ابيات يصف فيها ارتطامه في الوحل وتلوث ثيابه من المنسرح
( جملة امري اني ركبت الى ... دارك لما اتيتها الخطرا )
( لبست دراعتي وعمتي الخز فصارا كما ترى حبرا ... )
( اصبحت في الطين عقعقا بلقا ... وإن تعريت خلتني نمرا ) - المنسرح -
ومن اخرى في وصف عمامة من البسيط
( حسناء صافية بيضاء ضافية ... كأن رونقها في صارم ذكر )
( يزين أطرافها طرز كما رقمت ... على المجرة طرز الانجم الزهر ) - البسيط -
وقال في وصف زنبور من الطويل
( ولابس لونن واحد وهو طائر ... ملونة أبراده وهو واقع )
( أغر محشي الطيلسان مدبج ... وسود المنايا في حشاه ودائع )
( إذا حك اعلى رأسه فكأنما ... بسالفتيه من يديه جوامع )
( يخاف إذا ولى ويؤمن مقبلا ... ويخفي على الاقران ما هو صانع )
( بدا فارسي الزي يعقد خصره ... عليه فباء زينته الوشائع )
( فمعجرة الوردي أحمر ناصع ... ومئزره التبري أصفر فاقع )
( يرجع الحان الغريض ومعبد ... ويسقي كؤوسا ملؤها السم ناقع ) - الطويل -
غرر من محدائحه العضدية وما يتصل بها
قال من قصيدة من البسيط
( يزور نائلك العافي وصارمك العاصي فتحويهما ايد وأعناق ... )
( في كل يوم لبيت المجد منك غنى ... وثروة ولبيت المال إملاق )
( كم خضت في لجة كالبحر زاخرة ... ماء المنون بها حاشاك ذفاق )
( في فتية من ليوث الحرب قد حفظت ... بالمرهفات لهم في الروع أرماق )
( من كل بعل حياة لا يعاقدها ... إلا على انه في الحرب مطلاق )
( إمام كل خميس كل يوم وغى ... كأنه في صدور الخيل ألحاق )
( رم اين شئت من الدنيا تنله فما ... للجو عرض ولا للبحر اعماق )
( من شك انك مخلوق لتملكه ... كمثل من شك أن الله خلاق )
( فللسماء سماء من علاك وللآفاق من ذكرك المحمود آفاق ... ) - البسيط -
ومن اخرى من البسيط
( يا اهل لست بمشتاق الى وطني ... حتى ارى خيل فناخسر بينكم )
( أضحي يهنأ في الاضحى بمنزلة ... لا العرب نالت مراقيها ولا العجم )
( اصغر بأضحية في غير يوم وغى ... فما اضاحيك إلا الخيل والبهم )
( وإنما انت لطف الله جسمه ... لنا وفي يدك الارزاق والقسم )
( عدلت حتى هممنا أن نجور وكم ... من شاكر نعما في ضمنها نقم )
( إن المسيح وقد بانت دلالته ... لولا هداه لما ضلت به الامم )
( في كل ناحية م ترعها أمم ... الهدي منها بيعد والاذى أمم )
( إن البلاد ومن فيها مروعة ... بها إليك وإن ما طلتها قرم )
( وما نبالي إذا ما كنت شاهدها ... إن غاب معتضد عنها ومعتصم )
( عدها بنصرك أو قل سوف أدركها ... فإن قولك في أمثالها قسم ) - البسيط
ومن أخرى من الطويل
( يشبهه المداح في البأس والندى ... لمن لو رآه كان اصغر خادم )
( ففي جيشه خمسون الفا كعنتر ... وأمضي وفي خزانة ألف حاتم ) - الطويل -
ومن اخرى من البسيط
( ومدح غيرك ذنب لا يقال وما ... نصوغه فيك تهليل وتحميد )
( فعش اعش في ذري رحب ودم تدم الخيرات لي وابق يبق المجد والجود ... ) - البسيط -
وقال من اخرى يصف بها قصرا بني على دجلة ونقشت في حيطانه اشعاره من الكامل
( فالروض عقفت الصبا اصداغه ... والموج صفقت الشمال طراره )
( وأظن دجلة اسلمت أو ما رأيت الجسر يقطع وسطها زناره ... )
( وحكى بناء المجد فيها غارس ... غرس الصنائع حولها اشجاره )
( قد صور الفلك المدار كأنه ... أنشاه قبل كيانه وأداره )
( وبنى على شرف الثريا قصره ... وطحا على فلك النعائم داره )
( فالشيد يصقل صانعوه لجينه ... والساج ينقش مخلصوه نضاره )
( شغلت خواطرنا ولحظ عيوننا ... مذ صار يجعل طرزه أشعاره )
( أوسع مثالا إن خطرت بباله ... ونل السماء إذا بلغت دياره )
( ينسى العمالق واصف أخباره ... ويهين مصر معدد امصاره ) - الكامل
ومن اخرى في وصف الحرب وهو احسن ما قيل فيها من الكامل
( يا سيف دين الله ما ارضى العدى ... لو أن سيفك مثل عدلك يعدل )
( ما إن سننت لهم سنانا في الوغى ... إلا أطل عليه منهم أيطل )
( فالروض من زهر النجوم مضرج ... والماء من ماء الترائب اشكل )
( والنقع ثوب بالنسور مطير ... والارض فرش بالجياد مخيل )
( يهفو العقاب على العقاب ويلتقي ... بين الفوارس اجدل ومجدل )
( وسطور خيلك إنما ألفاتها ... سمر تنقط بالدماء وتشكل ) - الكامل -
ومن اخرى في وصف يوم الفصح وإقامة رسمه من الكامل
( لولا اشتياق الماء كفك لم يكن ... قلب الندى وحشي السحائب تنزل )
( ولقد نثرت على الهوا أمثاله ... ذا سجسج صاف وهذا سلسل )
( وكأنما ذهبي زرافاتنا ... ترمي بأسهم فضة تتسلسل )
( من فوق كل ذؤابتين سحهابة ... أو بين كل اثنين منا جدول )
( فأرقت حتى ماء وجهي إنه ... مع غير ماء الورد لا يتبدل )
( فاترك لنا ماء الشباب ولا ترق ... ماء الصوارم فهو فيها أجمل ) - الكامل -
ومن اخرى وقد دخل عضد الدولة إصبهان والتقى مع ابيه ركن الدولة وأخويه من البسيط
( لم يدر حي وقد جاء البشير به ... إن الزمان لما نرجوه متسع )
( فزارها ليث غاب فرس ... وبدر تم عليه التاج والخلع )
( لما تطلع والرايات تكتمه ... في ظلها وشعاع الشمس مرتفع )
( اعدى بإقباله من اهلها نفرا ... لم يعلموا ان در السعد يرتضع )
( فليهنها منه روض زهره درر ... فتن العقود ومزن قطره دفع )
( لاحظ أباك فهذي مصر معرضة ... وأنت يوسف والاسباط قد جمعوا )
( لكنهم ما نووا غدرا ولا نقضوا ... عهدا ولا اضمروا غلا ولا ابتدعوا )
( أيا أخا الجود وابن المجد لا بلد ... إلا بذكرك أو بالسيف يفترع )
( فدى لجودك آمالي وسابقها ... ومطمع من بحار الشعر ممتنع )
( فالقائلون بطاء عن مداي وإن ... ابدعت معنى فهم في أخذه سرع )
( هم إذا خلطوا شعري بشعرهم ... كالطير يهذون أو يحكون ما سمعوا ) - البسيط -
ومن أخرى يذكر فيها التقاه بالطائع لله بعد أن رده الى مدينة السلام وكان فارقها وهو شاب وعاد وهو أشيب من الكامل
( واشتاق طلعتك الخليفة مظهرا ... لك شوقه المطوي في أسراره )
( ودعا الملوك فلم يلب دعاءه ... إلا أحقهم بدار قراره )
( عظمت امر الله في تعظيمه ... وأقمت دين الله في استحضاره )
( وافاك في برد النبي محمد ... بهدي النبي وسمته ووقاره )
( يشكو الى الاسلام وخط مشيبه ... ما كلفته الترك من أسفاره )
( حتى بدا عضد الهدى وكأنما ... كان الخضاب أحال شيب عذاره )
( حتى إذا ابدى الامام امامه ... ملكا كبدر التم في انواره )
( خلنا على الكرسي ليثا غابه ... سمر القنا نبتت بفيض بحاره )
( وغداة ظلت مساير الاقبال في ... خلع الامام وطوقه وسواره )
( متسورا بأهلة متطوقا ... بالشمس أو بالبدر او بإطاره )
( في خلعة صبغ الشباب بلونها ... فالخلق قد جبلوا على إيثاره ) - الكامل -
هذا من أملح ما مدح به اللباس الاسود وقد سبق الى ذلك
غرر من سائر مدحه وما يتصل بها
قال من قصيدة في ابي الوفاء طاهر بن محمد من الوافر
( ركوب الهول أركبك المذاكي ... ولبس الدرع البسك الغلائل )
( ويومك ضامن لغد علوا ... وعامك ملحق البشري بقابل ) - الوافر -
وله في عبد العزيز بن يوسف يذكر قدومه على الخليفة الطائع لله رسولا من عضد الدولة وبلاغته فيما تحمله من المتقارب
( ولما وقفت امام الاملم ... تأخر خلصانه والشيع )
( دنوت الى تاجه والسرير ... فهذا تعالى وذاك اتسع )
( وضاحك برد النبي القضيب انسا بخوضك فيما شرع ... )
( سفرت فتيمه ما رأى ... وقلت فأطربه ما سمع )
( وأثنت فضائلك الباهرات ... على ملك الدهر فيما اصطنع )
( طلعت فكنت كنجم الصباح ... دل على الشمس لما طلع )
( ومن كلف الدهر امثالكم ... فقد كلف الدهر مالم يسع ) - المتقارب
ما احسنها في دلالة الرسول على المرسل
ومن اخرى له فيه من الوافر
( كرمت وسدت فالجدوى انتهاب ... إذا زرناك والمدح اقتضاب )
( أخزان وما ابقيت مالا ... وابواب وقد رفع الحجاب ) - الوافر -
ومن عيدية من الخفيف
( وإذا هنئ الملوك فصبحت من العيد اسعد التهنئات ... )
( وفداك المحل فالنحر في أرض ... منى والمهل في عرفات )
( وتعجلت اجر من خلع الاحرام عنه الاطمار في الميقات ... )
( وأجاب الاله فيك دعائي ... غافر الذنب سامع الاصوات )
( زرته والغنى مني ويدي قد ... أتعب الناس عهدها بالصلات )
( فكأني ملكت ناصية الدهر ... فصرفتها على شهواتي ) - الخفيف -
وفي قصيدة اخرى من الكامل
( إن كان بالكرم الخلود فما ارى ... في العالمين سوى سعيد يسلم )
( وله من الحسن البديع برافع ... وعليه من بشر السماحة ميسم )
( عبق به مسك الثناء تكاد في النادي نوافج ذكره تتكلم ... ) - الكامل -
ومن اخرى من الكامل
( قد قلت حين افاض احمد سيبه ... يا شقوة المتشبهين بأحمد )
( يشرون مثل جياده وعبيده ... أفيقدرون على ابتياع السؤدد ) - الكامل
ومن اخرى من الخفيف
( هو بحر من مائة ذائب التبر وأدنى أحجاره الياقوت ... )
( لي طعام من داره وشراب ... ومقيل في ظله ومبيت ) - الخفيف -
ومن أخرى من البسيط
( اقبل علي وقل ضيفي ومتبعي ... وشاعري قاصدي راجي ممتاري )
( انت الامام فمن ادعو وحضرتك الدنيا فأين اقضي بعض أوطاري ... ) - البسيط -
ومن أخرى من المتقارب
( افارق بغداد لا عن قلى ... وأسري الى البين لا عن كرم )
( اروح وأغدو ولي قائدان ... عز الاباء وذل العدم )
( وارجو فتى مكرم للندى ... كا رجت الارض صوب الديم ) - المتقارب -
ومن اخرى من البسيط
( ليس الوزراة إلا عندكم ولكم ... ولا مغارسها إلا بدوركم )
( لو انصفت كل ارض في منابتها ... لكان في ارض قم ينبت الكرم ) - البسيط -
الشكوى والعتاب
قال من الكامل
( افلا أجاز ولي ثلاثة اشهر ... لا تعلمون بما اقيم تجملي )
( قد بعت حتى بعت طرفا قائما ... تحت القدور عل ثلاثة أرجل )
( ورهنت حتى قد رهنت منادمي ... ومناشدي ومذكري ومعللي )
( فرأيت حالة حاسديك كحالتي ... ورأيت منزل حاسيدي كمنزلي ) - الكامل -
ومن اخرى من الوافر
( لبست العدم حتى صار ذيلي ... يضيق تقلبي فيه كزيقي )
( وكادحت المطالب بعد ضر ... ودارأت المعيشة بعد ضيق )
( فقد أوقدت صندوقي ثيابي ... وصب الماء في حب الدقيق )
( فهل في الناس يا للناس حر ... يبيض وجه ممتحن مضيق )
( اريد اخي إذا ماثل عرشي ... وصرت الى المعيشة في مضيق )
( فأما حين يصلح بعض حالي ... فإن الناس كلهم صديقي ) - الوافر -
ومن اخرى من الوافر
( قطعتكم برغم المجد شهرا ... أشد علي من شهر الصيام )
( وكيف ازوركم والمزن تبكي ... على داري بأربعة سجام )
( وكانت منزلا طلق المحيا ... فصارت واديا صعب المرام )
( وبحرا من عجائبه خلوصي ... إليكم ظامئا والبحر طامي )
( بناتي كالضفادع في ثراها ... وأهلي في الروازن كالحمام )
( أنادي كلما ارتفعت سحاب ... فابكتنا البوارق بابتسام )
( حوالينا بذاك ولا علينا ... كفانا الله شرك من غمام )
( تهافت ركع الجدران فيها ... سجودا للرعود بلا إمام )
( كأن مصون ما احرزت فيها ... على ابواب مشرعة الخيام )
( فلا باب يرد ولا جدار ... يرد الطرف عن وجه حرام )
( وكانت جنة الفردوس عادت ... ملاعب جنة ووكور هام ) - الوافر -
ومن أخرى من الخفيف
( زرت حتى حجبت وانتقب الناس ... نقابين طرزا باحتشام )
( إن بوابك القصير طويل الباع في سوء عشرتي واهتضامي ... )
( هو تعويذ ملكك البارع الحسن وشيطان عبدك المستظام ... )
( سمج الوجه لو غدا حاجب البيت كفرنا بالحج والاحرام ... ) - الخفيف -
ومن اخرى في سابور الوزير يشكو حاله وسقطه في سكره من الطويل
( محاسن غضت ناظري من تعتبا ... وفضل نهاني وصفه أن أشببا )
( ترى كبرياء الملك فوق جبينه ... فتقرأ سطرا بالمهانة معربا )
( وليس الذي آباؤه وجدوده الملوك كمصنوع إذا ما تنسبا ... )
( فيا ناظر الاسلام هل انت ناظر ... الى خادم أثنى عليك وأطنبا )
( الى شاعر نادى وقد فغر الردى ... له فاه سابور معي فتهيبا )
( ألم يخبر الشرب النشاوي بقصتي ... ولم يتغن الركب بي حين اهدبا )
( ولم تتحدث في الخدور بسقطتي ... عذاري يقلبن البنان المخضبا )
( فدى الشعراء الشامتون بقصتي ... فتى في سماء الشعر يطلع كوكبا )
( فتى لم يسر إلا الذي صاغ أو روى ... وإن قعقع المغرور منهم وأجلبا )
( أظنوا بأني إن سقطت تكسرت ... فوافي أو عاودت فكري وقد ابى )
( توهن جسمي فاشمتوا أو تجملوا ... ولكن عضبا بين فكي ما نبا )
( وكم سار شعر قاعد عنه ربه ... ودون قول من سطيح وصوبا )
( سلوا الموث عني كيف فللت غربه ... ونازعته نفسي وقد كر مغضبا )
( شربنا وكان الشرب بعد سفورنا ... على نرجس قبل الشبيبة شيبا )
( ودجلة تجلو في المصندل شاطئا ... يرق وطيارا يحف وربربا )
( وكانت لنا في جبهة الدهر ليلة ... كهمك لان العيش فيها وأخصبا )
( عفا الدهر عنها بعدما كان ساخطا ... وأحسن فيها بعدما كان مذنبا )
( فيا فرحتا لو كنت اصبحت سالما ... ويا سوءتا إن مركبي زل أو كبا )
( إذا لم أعربد في أواخر نشوتي ... فلا عار ان خطب علي توثبا )
( وصبرا على خير الخمار وشره ... بما قلت اهلا للكؤوس ومرحبا )
( اروح وصبغ الراح يخضب راحتي ... وأغدو بعضو من دمي قد تخضبا )
( فلو بصرت عين الوزير بشاعر ... على مركب قد شانه الله مركبا )
( رأى اللهو ميتا والمجون ممددا ... صريعا وجثمان السرور معذبا )
( وباكرني اشياخ قومي فأكثروا الفضول لعمري والاذى والتعجبا ... )
( يقولون لي تب لا تعود لمثلها ... وهيهات ضاع الوعظ عندي وخيبا )
( وكم قبلها قد مت بالسكر مرة ... وعدت فكان العود احلى وأطيبا )
( كذا أبدا إما تراني مجررا ... ذيولي سكرا أو كسيرا مشعبا )
( ولكن على الاحرار حمل مؤونتي ... إذا ذهبت بي نبوة الدهر مذهبا )
( ولما جفانا من الفنا وصاله ... وأخلف عام كان يرجى وأجدبا )
( رهنا وصرفنا وبعنا منادلا ... وحليا ومذخورا إلينا محببا )
( رايت ابنتي قد احرزت بعض حليها ... فأنشدت تعريضا لها وتشببا )
( تجول خلاخيل النساء ولا ارى ... لرملة خلخالا فقالت هيا أبا )
( سلبت الجواري حليهن فلم تدع ... سوارا ولا طوقا على النحر مذهبا )
( فقلت لها ظل الوزير يبيحنا ... جنابا إذا رضنا به الدهر أعتبا )
( إذا كان بدر الملك سابور طالعا ... فلست ابالي بعده من تغيبا ) - الطويل -
ما أخرج في وصف شعره
قال من قصيدة في ابي الريان من الخفيف
( لي فيك التي ترى البحتري امتار في نظمها ابا تمام ... )
( فهي لفظ سهل ومعنى بديع ... غرة الفكر درة في النظام )
( كلما انشدت شهدت بأن الشهر أمر مسلم للسلامي ... ) - الخفيف -
ومن اخرى من الكامل
( وأزور دارك وهي آنس جنة ... فيفيض حولي من نداك الكوثر )
( واقول فيك فلا تفاخر طيء ... إلا وتسجد لي وتركع بحتر ) - الكامل -
ومن أخرى من الطويل
( وهنيته وحيا من الشعر لم يلق ... بألفاظ غيري عند غيرك درسه )
( صحيفته قلبي إذا ما كتبته ... وأقلامه الافكار والطبع نقسه ) - الطويل
ومن اخرى من المتقارب
( وقافية منك أوضاحها ... ولكن لفظي فيها لمع )
( عراقية اللفظ شامية المحاسن علوية المصطنع ... )
( فيا واحد المجد صنها فمن ... سوى واحد الشعر ما تستمع )
( مدحتك حتى بلغت المشيب ... وكنت ببابك دون اليفع ) - المتقارب -
وقال من اخرى من الطويل
( وأعطيت طبع البحتري وشعره ... فمن بالي بمال البحتري وعمره ) - الطويل -
وقال من اخرى من المتقارب
( ومضمومة تحت حضن الدجى ... مقبلة بشفاه الاماني )
( تروق زهيرا أزاهيرها ... ويعشو الى ضوئها الاعشيان ) - المتقارب -
ومن اخرى من الوافر
( وقد زعمت رواه الشعر أني ... ملكت عنان أبلقه العقوق ) - الوافر -
قد تمت بحول الله تعالى وتيسيره مراجعة الجزء الثاني من كتاب يتيمة الدهر في محاسن اهل العصر لابي منصور عبد الملك بن محمد بن اسماعيل الثعالبي النيسابوري ويليه إن شاء الله تعالى الجزء الثالث مفتتحا بترجمة ابن سكرة الهاشمي نسأل الله جلت قدرته أن يعين على إكماله بمنه وفضله آمين
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - ابن سكرة الهاشمي أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد
شاعر متسع الباع في أنواع الإبداع فائق في قول الملح والظرف أحد الفحول الأفراد جار في ميدان المجون والسخف ما أراد
وكان يقال ببغداد إن زمانا جاد بابن سكرة وابن الحجاج لسخي جدا
وما أشبههما إلا بجرير والفرزدق في عصريهما فيقال إن ديوان ابن سكرة يربى على خمسين ألف بيت منها في قينة سوداء يقال لها خمرة أكثر من عشرة آلاف بيت وكانت عرضة نوادره وملحه كطيلسان بن حرب وهن أبي حكيمة وحمار طباب وضرطة وهب
وحكى أبو طاهر ميمون بن سهل الواسطي أن ابن سكرة حلف بطلاق امرأته وهي ابنة عمه أنه لا يخلى بياض يوم من سواد شعره في هجاء خمرة ولما شعرت امرأته بالقصة كانت كل يوم إذا انفتل زوجها من صلاة الصبح تجيئه بالدواة والقرطاس وتلزم مصلاه لزوم الغريم غير الكريم فلا تفارقه ما لم يقرض ولو بيتا في ذكرها وهجائها وقد أخرجت من عيون ملحه ما يجمع الحجول والغرر ويمتع السمع والبصر
الغزل والنسيب
قال في غلام بيده غصن لوز قد نور
( غصن بان بدا وفي اليد منه ... غصن فيه لؤلؤ منظوم )
( فتحيرت بين غصنين في ذا ... قمر طالع وفي ذا نجوم ) وقال من - الخفيف -
( وغزال لولا تميمة شعر ... ذكرته لقلت بعض الجواري ) شعر ... شارب أشرب الصبابة قلبي ... وعذار خلعت فيه عذاري ) - الخفيف -
( ويوم لا يقاس إليه يوم ... يلوح ضياؤه من غير نار )
( أقمنا فيه للذات سوقا ... نبيع العقل فيها بالعقار ) - الوافر -
( من عذيري من شادن لا يراني ... وهو روحي أهلا لرد السلام )
( أنا من خده وعينيه والثغر ... ومن ريقه البعيد المرام )
بين ورد ونرجس وتلالي ... أقحوان وبابلي مدام ) - الخفيف -
وقال
( الغصن منسوب إلى قده ... والورد منثور على خده )
( بدر يود البدر في حسنه ... بأنه يعزى إلى عبده )
( سألته في صحوة قبلة ... فردني والموت في رده )
( حتى إذا السكر لوى رأسه ... قبلته ألفا بلا حمده ) - السريع -
وقال في غلام يهواه وهو سميه
( إذا باسمي دعيت حننت شوقا ... وذكرني به الداعي حبيبي )
( فليت كما اتفقنا بالأسامي ... وألفتها اتفقنا بالقلوب ) - الوافر -
وقال
( الليالي تسوء ثم تسر ... وصروف الزمان ما تستقر )
( غير أني عن الحوادث راض ... بعد سخط والعيش حلو ومر )
( كنت صبا بواحد ثم ثنيت ... فلي بالجميع وصل وهجر )
( من كمثلي وعن يميني شمس ... تتجلى وعن شمالي بدر )
( ذا على خده من المسك سطر ... وعلى طرف ذا من الغنج سطر )
( بت يجري علي من ريق هذين ... وكأسي شهد ومسك وخمر )
( لي من ريق ذا ومقلة هذا ... مع كأسي سكر وسكر وسكر ) - الخفيف -
وقال
( حذار من وصل من بليت به ... فقد لقيت الردى بجفوته )
( دنوت منه كيما أقبله ... فلم تدعني نيران وجنته ) - المنسرح -
وقال
( قالوا التحى وستسلو عنه قلت لهم ... هل يحسن الروض ما لم يطلع الزهر )
( هل لتحى طرفه الساجي فأهجره ... أم هل تزحزح عن ألحاظه الحور ) - البسيط
وقال
( يا ضحاكا يستهل مضحكه ... عن برد واضح وعن شنب )
( أعطيتني قبلة رشفت بها الشهد ... مشوبا بعبرة العنب )
( كأنني إذ لثمت فاك بها ... لثمت تفاحة من الذهب ) - المنسرح -
وقال
( فديت من الناس من لحظه ... بلا خنجر كاد أن يجرحا )
( كتمت هواه زمان الصبا ... وصرحت بالحب لما التحى )
( وقيل محا الشعر لما بدا ... محاسنه منه واستقبحا )
( فقلت لهم ما محا حسنه ... ولكن صبري عنه محا )
( بنفسي عذار بد طالعا ... على ناضر الورد ما أملحا )
( فصير في رزة أصبعي ... وأوثق كفي تحت الرحى ) - المتقارب -
وقال
( أشبهه وحاشية لديه ... ثقالا كلهم رخم وبوم )
( ببدر التم إشراقا وحسنا ... وقد سترت محاسنه الغيوم )
( عهدت البدر تكنفه نجوم ... وذا بدر تطيف به رجوم ) - الوافر -
وقال
( عابوا وقالوا تسل عنه ... فقلت هذا أوان حبي )
( إن الذي عبتموه منه ... هو الذي يشتهيه قلبي )
( وكلما عبتموه عندي ... زاد جنوني به وعجبي ) - مخلع البسيط -
وقال
( أحببت بدرا ما له مشبه ... في الحسن لولا أنه جافي )
( أحور في مقلته حجة ... للعين والشين مع القاف )
( وفي ارتجاج الردف داع إلى ... نون وياء قبل ما كاف )
( سألته الوصل فلم يحتشم ... وقال قدم نقدك الوافي ) - السريع -
وقال
( يا سيدي ومؤملي ... قد شفني شوقي إليكا )
( دمعي عليك مورد ... فكأنه من وجنتيكا ) - مجزوء الكامل -
وقال في غلام أعرج
( قالوا بليت بأعرج فأجبتهم ... العيب يحدث في غصون البان )
( ماذا علي إذا استجدت شمائلا ... وروادفا تغني عن الكثبان )
( إني أحب جلوسه وأريده ... للنوم لا للجري في الميدان )
( في كل عضو منه حسن كامل ... ما ضرني أن زلت القدمان ) - الكامل -
( ليس شرب المدام للمستهام ... مذهبا ما به من الأسقام )
( كلما دبت المدامة في الأعضاء ... دب اشتياقه في العظام ) - الخفيف -
وقال في غلام رش عليه ماء الورد
( ليت شعري عن ماء وردك هذا ... هو من وجنتيك أم شفتيكا )
( رق حسنا وطاب عرفا فقد ... دل بأوصافه الظراف عليكا ) - الخفيف -
وقال
( بات سكران لا يحير جوابا ... عن كلامي وبت ألثم فاه )
( وأتاني إبليس يأمر بالسوء ... فما كان ذاك لا وهواه )
( شيمة الظرف أن أصون حبيبي ... عن قبيح يراه أو لا يراه )
( أي فرق بين الحبيب إذا نيك ... ولم يحتشم وبين سواه ) - الخفيف -
وقال
( في وجه إنسانة كفلت بها ... أربعة ما من اجتمعن في أحد )
( الخد ورد والصدغ غالية ... والريق خمر والثغر من برد )
( لكل جزء من حسنها بدع ... تودع قلبي بدائع الكمد ) - المنسرح -
وقال
( يا نظير البدر في صورته ... وشبيه الغصن في قامته )
( والذي ينتسب الورد إلى ... روضة تضحك في وجنته )
( ما ترى في عاشق مكتئب ... دمعه وقف على مقلته )
( واقف بالباب يشكو ما به ... فمتى تنظر في قصته ) - الرمل -
وقال
( بأبي الأسمر الذي فزت منه ... بهلال يبين للناظرينا )
( قد سقانا فما شفانا مداما ... وشربنا من ريقه فروينا ) - الخفيف
وقال
( غزال فؤادي إليه صبا ... وهش ولولاه لم يهشش )
( أجل نظرا في نقا خده ... وفي خدي الأصفر الأنمش )
( تجد صحن خديه تفاحة ... وخدي من أجله مشمشي ) - المتقارب -
وقال
( خذ من الدهر ما صفا لك منه ... ودع الفكر في بنات الطريق )
( أي شيء يكون أطيب من كأس ... رحيق شيبت بريق عشيق ) - الخفيف -
وقال
( تظن أني أسلو ... كلا ورب البنيه )
( الآن تيم قلبي ... باللحية السجيه )
( الخد خمرة فضل ... على الخدود النقيه )
( فيه بقية حسن ... لم تبق مني بقيه ) - المجتث -
وله
( أنا والله تالف ... آيس من سلامتي )
( أو أرى القامة التي ... قد أقامت قيامتي ) - مجزوء الخفيف -
وقال
( وشادن ما رأيت غرته الغراء ... إلا شككت في القمر )
( قد قلت لما رأيت صورته ... تبارك الله خالق الصور ) - المنسرح
وقال في غلام زطي زامر
( ظبي من الزط تعلقته ... فصار معشوقي ومولاي )
( أحسن والإحسان لم يجمعا ... في حسن إلا لبلواي )
( إذا نأت روحي عن جسمها ... رد لي النأي بالناي ) - السريع -
وقال في غلام يعرف بإبن برغوث من مشاهير الملاح
( بليت ولا أقول بمن لأني ... متى ما قلت من هو يعشقوه )
( حبيب قد نفا عني رقادي ... فإن غمضت أيقظني أبوه ) - الوافر -
وقال
( مستهام ضاق مذهبه ... في هوى من عز مطلبه )
( كل أمري في الهوى عجب ... وخلاصي منه أعجبه )
( لي حبيب كله حسن ... فعيون الناس تنهبه )
( صيغ من ماء ولي نظر ... ليس يروى حين يشربه )
( ضاع من عيني فمقلتها ... في بحار الدمع تطلبه )
( منعتني من مقبله ... حين أدنو منه عقربه )
( واستدارت فهي تحرسه ... من فمي بخلا وترقبه ) - المديد -
وقال
( أهلا وسهلا بمن زارت بلا عدة ... تحت الظلام ولم تحذر من الحرس )
( تسترت بالدجى عمدا فما استترت ... وناب إشراقها ليلا عن القبس )
( ولو طواها الدجى عنا لأظهرها ... برق الثنايا وعطر النحر والنفس ) - البسيط
المجون وما يجري مجراه
قال
( قد قلت لما مر بي معرضا ... كالبدر تحت الغسق الداجي )
( يهتز في حشيته متعبا ... من كفل كالموج رجراج )
( ويلي على حل سراويله ... فإنه شد على عاج ) - السريع -
وقال في غلام تركي شرب معه
( أيها التركي ما عندك ... للصب النحيل )
( هل إلى ما يستر القرطق ... عني من سبيل )
( أشتهي ذاك وأخشى ... صولة الليث الثقيل ) - مجزوء الرمل -
وقال
( يا ليلة ليس فيها ... إلى الفقاح سبيل )
( طالت على ذي اهتياج ... له قمد طويل )
( مسكرج تتوالى ... دموعه وتسيل )
( رقاده في الدياجي ... حتى ينيك قليل )
( موتر مستقيم ... عليه رأس ثقيل )
( أنزلته خان سوء ... عنه يطيب الرحيل ) - المجتث
وقال
( قل للكويتب عني ... بأي أير تنيك )
( والأير منك صغير ... نضو ضعيف ركيك )
( شارك بأيرك أيري ... ونك فنعم الشريك ) - المجتث -
وقال
( إني بليت بشادن غنج ... حسن الشمائل وافر الكفل )
( يبغى الدراهم وهي معوزة ... عندي فحبلي غير متصل )
( مستعجم الألفاظ أجهل ما ... يبدي ويجهل فهمه غزلي )
( وإذا مدحت فليس يفهمه ... والفارسية ليس من عملي )
( فبحق ما بيني وبينك من ... ود بلا زيغ ولا ميل )
( امنن علي بقربه فعسى ... أحيا بزورته ويسمح لي )
( الجود منك سجية أبدا ... والمدح والتقريظ من قبلي ) - الكامل -
وقال
( إذا لم يكن للأير بخت تعذرت ... عليه جهات النيك من كل ناحيه )
( حرمت الغزال الواسطي لشقوتي ... فدمعة أيري فوق خصييه جاريه )
( وفاز به كل البرايا وربما ... غدت عقدي في خدعة المرد واهيه )
( أقول لأيري وهو يرقب فتكة ... به خبت يا أيري وغالتك داهيه )
( عزاء فقد خاس الرجال بسيدي ... علي ولاذوا بالدعي معاويه ) - الطويل
وقال
( لما رأت كلفي بها وصبابتي ... وتأملت شمطا يلوح بعارضي )
( قالت أكلت جناك ثم أتيتنا ... بمدود من تمر عمرك حامض )
( أفحين نام الأير منك وصلتنا ... تبغي النكاح بغير أير ناهض )
( لا تعرضن لمهرة إن لم ترض ... كل الرضى كسرت ضلوع الرائض ) - الكامل -
وقال
( وجاهلة هبت سفاها تلومني ... وما عندها من لذة القصف ما عندي )
( توبخني بالشيب والشيب مرشد ... لعمري ولكن لست أنشط للرشد )
( فقلت لها كفي ملامك إنني ... بطيء عن العذال في زمن الورد ) - الطويل -
وقال
( وبات في السطح معي واحد ... من أكرم الناس ذوي الفضل )
( أفسو فيفسو وهو لي مسعد ... كأنما أملي له ويستملي ) - السريع -
وقال
( عشقت للحين قينة عطفت ... قلبي بالحسن كل منعطف )
( ورمت نيكا لها فكيف به ... لولا سفاهي والبدع من حرفي )
( قلت ارفقي بالشريف فابتسمت ... عن لؤلؤ ما اعتزى إلى صدف )
( عجبا وأبدت كالقعب عض له ... أيري على بيضه من الأسف )
( وصفقت فوقه تحسرني ... وهو كثيف المجس كالهدف )
( حتى إذا ما رنا له ذكري ... وطال حتى علا على كتفي )
( قالت بحقي عليك تطمع أن ... تولج في ذا بالشعر والشرف )
( تالله لا نكتني بقافية ... ولا بفخر فانسل أو ففف )
( وأسبلت ثوبها عليه فلم ... أملك سلوا ولج بي كلفي )
( فعجت عنها والأير ينشدني ... بيتا ويبكي بأدمع ذرف )
( قال لي الشوق قف لتلثمه ... فمن حذار الرقيب لم أقف ) - المنسرح -
وقال
( أيا من كله قمر ... وكل لحاظه حور )
( لقد طالت عداتك لي ... وأيامي بها قصر )
( متى في البرج تحصل كي ... تزيف ويهدر الذكر )
( وتنشر بيننا قبل ... يطير لنارها شرر ) - مجزوء الوافر -
وقال
( وسوداء بورك في بضعها ... ولا نال بؤسا فما أضيقا )
( نزوت عليها ولا علم لي ... بأن لها كعثنا محرقا )
( وكدت من الحر أن أشتوي ... ومن شدة الضيق أن أخنقا )
( وألفيت من جسدينا معا ... لمبصرنا شبحا أبلقا )
( فإن أخدشت قرطست بالمنى ... وإن تممت ولدت عقعقا ) - المتقارب
وقال
( لخمرة عندي حديث يطول ... رأتني أبول فكادت تبول )
( فلما نهضت أتاني الكتاب ... وجاء الهدايا ووافى الرسول )
( وقالت تقول بنا يا فتى ... فقلت وأنعظت لم لا أقول ) - المتقارب -
وقال
( وأجر غلماني في واسط ... جوع وكانوا لا يرامونا )
( جادوا بما كنت ضنينا به ... فاتسعوا مما يناكونا )
( لو أن رزقي مثل أدبارهم ... كنت من الإثراء قارونا ) - السريع -
ملح من أهاجيه لخمرة
قال
( غشت خميرة يوم العرس حاجبها ... بريقها وأتتني وهي مختضبه )
( فقلت للزوج لا تغررك حمرتها )
( فإنها القفل موضوع على خربه ) - البسيط -
وقال
( يا سائلي عن ليلة لي مضت ... وطيبها عند أبي الجيش )
( وكيف غنت خمرة لا تسل ... غنت فأغنتنا عن الخيش )
( كف على الطبل لإيقاعها ... وكفها الآخرى على الفيش )
( وربما مرت لها فسوة ... من فمها عفت على العيش ) - السريع
وقال
( رب عجوز مستعينيه ... سلقية اللون سلوقيه )
( عاجية الشعر إذا استضحكت ... أبدت ثنايا آبنوسيه )
( ذات حر عنبله بارز ... كمرقب في وسط بريه )
( وشعرة بالقمل منظومة ... كالودع في عقصة كرديه )
( يفتر ذاك الصدغ عن بظرها ... كقنفذ عض على ريه )
( مسنة تصبو إلى أمرد ... فهي على العاهة لوطيه ) - السريع -
وقال
( عجبت لخمرة البخراء أني ... أقامت مع مؤاجرها زمانا )
( وليس لأيره طول ولكن ... ينيك به فيردفه لسانا )
( لحاه الله كيف يدس فيها ... لسانا ربما درس القرانا ) - الوافر -
وقال
( هل لك يا خمرة في تجرة ... مربحة ما مثلها تجره )
( صيري إلى البصرة واسترزقي ... ربك بالنكهة في البصره )
( فلو عرضت الريق في سوقها ... لابتيعت التفلة بالبدره )
( تزكو بها النخل وتحمر في ... غير أوان الحمرة البسره ) - السريع
وقال
( لاتسمعوا خمرة فقد هرمت ... وانكسرت تلكم القوارير )
( رث غناها ورث كعثنها ... والخلق المسترث مهجور )
( وكل باز يمسه هرم ... تخرى على رأسه العصافير ) - المنسرح -
وقال
( وقد كنت قبل الشيب أعشق خمرة ... وتفرط في عشقي وتضرط من حبي )
( إلى أن عفا حرها ودبب منعظي ... وصارت قفا نبك وصرت ألا هبي ) - الطويل -
وقال
( حسبي سواك وبسي من وصالك لي ... شغلت عنك بمن أهواه فاشتغلي )
( لا تعذليني على ما كان من ملل ... من ذا يراك فلا يصبو إلى الملل )
( هرمت حتى تناسيت اللحون معا ... وصرت مفرغة الألحاظ والمقل )
( إن كنت أبصرت أسى منك في بصري ... فلا بلغت الذي أهواه من أملي )
( البحر أنت وأيري ليس من سمك ... وليس بيني وبين البحر من عمل ) - البسيط -
وحصل معها في دعوة فغنت
فقال ابن سكرة
( ذنبي عظيم ما أرى يغفر ... في وصل من نكهتها مبعر )
( فالحمد لله على حكمه ... هذا دليل أنني مدبر )
( قد قلت لما لاح لي ثغرها ... ولاح منه الخزف الأخصر )
( وانتثر السوسن من صدغها ... وثار منها نفس أبخر )
( وشف قلبي نتن آباطها ... يا معشر الناس قفوا فانظروا ) - السريع -
ما أخرج من سائر أهاجيه
قال
( تهت علينا ولست فينا ... ولي عهد ولا خليفه )
( فته وزد ما علي جار ... يقطع عني ولا وظيفه )
( ولا تقل ليس في عيب ... قد تقذف الحرة العفيفه )
( الشعر نار بلا دخان
وللقوافي رقى لطيفه )
( كم من ثقيل المحل سام ... هوت به أحرف خفيفه )
( لو هجى المسك وهو أهل ... لكل مدح لصار جيفه ) - مخلع البسيط -
وقال
( أما الصيام فشيء لست أعدمه ... مدى الزمان وإن بيت إفطارا )
( أغشى أناسا فأغشى في منازلهم ... جوعا علي ولا أغشى لهم نارا )
( قد ألجموا القمل أن ترزأ دماءهم ... وألجموا في الكوى الجرذان والفارا ) - البسيط -
قال
( وهنوا بالصيام فقلت مهلا ... فإني طول دهري في صيام )
( وهل فطر لمن يمسي ويضحي ... يؤمل فضل أقوات اللئام ) - الوافر
وقال
( أكره أن أدنو إلى داركم ... لأنني أخشى على نفسي )
( ضرسي طحون وعلى خبزكم ... من أكل مثلي آية الكرسي )
( وهو الذي أقعدني عنكم ... فكيف آتي ومعي ضرسي ) - السريع -
وقال ( عليل لا يعاد من الخساسة ... له نفس تحيد عن النفاسه )
( دخلت أعوده فازور عني ... كأني جئته لأدق راسه ) - الوافر -
وقال
( قام إلى كلب له مثله ... فلم يزل يعلوه بالسيف )
( فقلت ما ذنب أخيك الذي ... يقنع من زادك بالطيف )
( فقال لي لأغفو عن ذنبه ... حاف علينا أيما حيف )
( صانعه الضيف بعظم له ... فنحن في ريب من الضيف ) - السريع -
وقال
( كل العجائب قد سمعت وما أرى ... أني سمعت لشاعر قرنان )
( قرن يحك به السماء ومثله ... ذنب يزور الحوت في الأزمان )
( وإذا تحدث أحدثت لهواته ... فترى الأنوف تلوذ بالأردان )
( وترى أخادعه تعط كأرنب ... عكفت عليه مناسر العقبان ) - الكامل
وقال
( لا قدست أرض أقمنا بها ... قريبة من طبرستان )
( ليست خراسان ولكنها ... تقرب من أرض خراسان )
( لا سقيت جرجان من وابل ... قطرا ولا ساكن جرجان )
( قوم إذا حل غريب بهم ... مات من الشوق إلى البان ) - السريع -
وقال
( لا وصل الروح إلى تربة ... تضمنت روح أبي روح )
( والضرط والفسو على قبره ... أولى من التأبين والنوح ) - السريع -
وقال
( يا جو أمرد يا حليف البلاده ... لك في الفسق عادة أي عاده )
( أنت لا تعرف الصلاة فقل لي ... لم تأنقت في شرا سجاده ) - الخفيف -
وقال
( يا شاعرا جمت مصائب دبره ... وتكاثفت لوداقه أوجاعه )
( طلب التطبع في القريض بجهده ... فجرت طبيعته وقام طباعه ) - الكامل -
وقال
( علامة النحس والخذلان والشوم ... إغراض وجهك عن صقر إلى بوم )
( كراغب في بنات الزنج من أفن ... وزاهد في بنات الترك والروم ) - البسيط
وقال
( تجشأت في وجه بوابه ... ليعرف شبعي فلا أمنع )
( وقلت له إن بي تخمة ... فهل من دواء لها ينفع )
( فقال لقد غرني معشر ... بهذا الحديث الذي أسمع )
( فلما نذرت بهم صاحبي ... ولاحت موائده أوجعوا )
( فراحوا بطانا ذوي كظة ... وأقبلت من أجلهم أصفع ) - المتقارب -
وقال
( يطيل المكث في الإصطبل حتى ... يرى أير الحمار إذا اسبطرا )
( فيمرسه ويكثر قول طوبى ... لغمد ضم هذا النصل شهرا ) - الوافر -
وقال
( لنا شيخ يصلي من قعود ... وينكح حين ينكح من قيام )
( صموت فم أخو عي ولكن ... له دبر يطفل بالكلام ) - الوافر -
وقال لكاتب وعده كاغدا فلم ينجز
( كددتني أن سألتك الورقا ... فكيف حالي إن قاسمتك الورقا )
( يا كاتبا برزت كتابته ... فصار فيها مقدما لبقا )
( أسلم في مكتب المروءة والظرف ... وكسب العلا فما حذقا )
( حتى إذا أسلموه في مكتب اللؤم ... جرى كيف شاء وانطلقا ) - من المنسرح -
ما أخرج من خمرياته وما يتصل بها من الأوصاف
قال
( إشرب فلليوم فضل لو علمت به ... بادرت باللهو واستعجلت بالطرب )
( ورد الخدود وورد الروض قد جمعا ... والغيم مبتسم والشمس في الحجب )
( لا تحبس الكأس واشربها مشعشعة ... حتى تموت بها موتا بلا سبب ) - البسيط -
وقال وقد شرب في الغمر بواسط
( ليلتي في الغمر دهري ... أو يقضي العمر عمري )
( مر لي في العمر يوم ... لا أجازيه بشكر )
( بين غزلان النصارى ... أمزج الريق بخمر ) - مجزوء الرمل -
وقال وقد شرب عند الأمير أحمد بن ورقاء
( للأمير الجليل لا ... حط من نبل قدره )
( قهوة أشبهت سجاياه ... في كل أمره )
( ذات صفو كوده ... ونسيم كنشره )
( قد حصلنا بمجلس ... فيه ريحان ذكره )
( فشربنا بحمده ... وانتقلنا بشكره )
( وسمعنا غرائبا ... من أفانين شعره )
( فكأنا في الخلد نرتع ... في طيب زهره ) - مجزوء الخفيف -
وقال
( قم يا غزال من الكرى ... روحي فداؤك من غزال )
( هذا الصبوح وأنت ... أنت وهذه بكر الحجال )
( لا تخدعن عن الشمول ... يشوبها ماء الشمال ) - مجزوء الكامل -
وقال سامحه الله تعالى
( قد بدا الصبح مؤذنا بسفور ... وفرى الفجر حلة الديجور )
( فاسقني قهوة تترجم الرقة ... عن دمع عاشق مهجور ) - الخفيف -
وقال
( يا ساهر الطرف قد بدا السحر ... وجمشتنا بنشرها الزهر )
( ورق جلباب ليلنا ودعا ... إلى الصبوح الصباح والقمر )
( فما ترى في اصطباح صافية ... بكر حناها في الحانة الكبر )
( رقت فراقت وفات ملمسها ... ولم يفتنا النسيم والنظر )
( فهي لمن شم ريحها أثر ... وهي لمن رام لمسها خبر )
( ترى الثريا والغرب يجذبها ... والبدر يهوى والفجر ينفجر )
( كف عروس لاحت خواتمها ... أو عقد در في الجو ينتثر )
( في روضة راضها الربيع وما ... قصر في وشي بردها المطر )
( حيث نأى الناي بالعقول وقد ... أبلغ في نيل وتره الوتر ) - المنسرح -
وقال وكتب بها إلى يحيى بن فهيد يستهديه نبيذا
( رسالة من مكد ... وشاعر وشريف )
( إلى فتى مستبد ... بكل فعل ظريف )
( إليك يحيى اشتكائي ... صحوي بيوم طريف )
( ولست مضمر نسك ... كلا ولا بعفيف )
( ولو أسام بديني ... لبعته برغيف )
( موت الوزير دعاني ... إلى التماس طفيف )
( ولم أزل وهو حي ... في كل خصب وريف )
( وأنت منه اعتياضي ... يا ذا المحل المنيف )
( أجل وكهفي وغوثي ... على الزمان العنيف )
( وفي النبيذ سلو ... عن الغرام المطيف )
( فامنن علي بضخم ... من الدنان كثيف )
( مستودع ذات لون ... ومطعم حريف )
( كأنها وهم حس ... أتى بحدس لطيف )
( فقد تبدد شملي ... وأنت للتأليف ) - من المجتث -
وقال
( يا من ثناه وذكره ... بين الورى مسك وعنبر )
( إني كتبت وزائري ... ظبي مليح الدل أحور )
( متمنع في الصحو يسمح ... بالبضاعة حين يسكر )
( وأرى تعذر أمره ... في الكف إن سكر تعذر )
( فامنن علي بقهوة ... أنف الحبيب بها يعفر )
( فأنال منه أنا المنى ... وتحوز أنت ثنا وتؤجر ) - مجزوء الكامل -
وقال
( إن كنت تنشط للمديح ... وللثناء عليك مني )
( فابعث إلي مع الرسول ... إذا أتاك بملء دن )
( ومتى رضيت بأن أقطع ... أو أهجن أو أزني )
( فاصرف رسولي خائبا ... وادفع بقبحك حسن ظني ) - مجزوء الكامل -
وقال
( يا فتى الجصاص قد أعدمتني ... الإحسان دفعه )
( ولزمت الشح بالراح ... فما تسخو بجرعه )
( قد أتى العيد وصحوي ... فيه يا مولاي بدعه )
( أملي فيك قريب ... ليس فيه لي منعه )
( شربة من خمرك الصافي ... في ومن ندك قطعه )
( ينبذ الحب فيستنفده ... الشعر برقعه ) - مجزوء الرمل -
وقال
( لنا على النار قدر ... بخاتم النار بكر )
( وعندنا من بقايا ... صبيحة العيد خمر )
( وقد دعونا غلاما ... كالغصن أعلاه بدر )
( فاطلع علينا وساعد ... أو لا فما لك عذر ) - المجتث -
وقال
( على الأثافي لنا قدرو ... ساكنة النبض لا تفور )
( قامت على سوقها لأكل ... ونحن من حولها ندور )
( وعندنا من شراب عمرو ... دن رحيب الحشى كبير )
( لما فضضناه فاح منه ... نسيم مسك ولاح نور )
( فكن لنا مسعدا وبادر ... يكمل بك الحسن والسرور )
( واعنم من الدهر صفو يوم ... فهو بتكديره جدير ) - مخلع البسيط -
وقال يستهدي نبيذا في ذكره
( وزنجية لم تعرف الزنج طفلة ... خميصة بطن مسها عندك العطش )
( فجاءتك تستسقي من الخمر ريها ... فترجع كالحبلى من النسوة الحبش )
( فكم من هزيل مثلها في ضمورها ... عنيت به حتى تضلع وانتعش ) - الطويل -
وقال
( للورد عندي محل ... لأنه لا يمل )
( كل الرياحين جند ... وهو الأمير الأجل )
( إن غاب عزوا وباهوا ... حتى إذا عاد ذلوا ) - المجتث -
وقال من قصيدة
( ويوم لا يقاس إليه يوم ... يلوح ضياؤه من غير نار )
( أقمنا فيه للذات سوقا ... نبيع العقل فيه بالعقار ) - الوافر -
الشكوى والتفجع
وقال
( أرى حللا وديباجا حسانا ... فألحظها بطرف المستريب )
( وأعرف قصتي وأرد طرفي ... وفي قلبي أحر من اللهيب )
( جنى نسبي علي وصد رزقي ... وأثكلني من الدنيا نصيبي )
( فوا أسفا على كستيج قس ... ويا لهفا على قوس الصليب ) - الوافر -
وقال
( قد أتى العيد لا أتى ... فلقد أنهج المهج )
( ليس فيه لهاشمي ... سرور ولا فرج )
( إنه عيد أهل قم ... وقاشان والكرج )
( يتلاقى بياضهم ... بقلوب من السبج ) - مجزوء الخفيف -
وقال يتأسف على أيام المهلبي الوزير
( يا صاحبي قفا أبثكما ... ما قد منيت به من النوب )
( وافى الربيع وقد ألفت به ... درر السقاة بدائر النخب )
( في روضة صبغ الربيع بها ... ورد الخدود بعصفر العنب )
( وإذا الغلام أدار في يده ... صفراء بعد المزج كالذهب )
( حمراء يضحك فوق مفرقها ... ثغر الحباب كثغر ذي شنب )
( أسجدت فوق الخد منه فمي ... شكرا لما أوليت من طرب )
( هذا حديث كان لي ومضى ... كالأمس ولى ثم لم يثب )
( أيام كنت من المهالب في ... ربع أغن ومرتع خصب )
( فبمن أعوذ اليوم من كمد ... لا أستقل به من الكرب )
( والورد قد وافى بنضرته ... والنفس تطلب غاية الطلب )
( طلقت لذاتي الثلاث فما ... بيني وبين اللهو من سبب )
( فإذا بصرت بوردة قنعت ... نفسي بها وقضت مدى أربي )
( فعلى السرور وكل فائدة ... بعد الوزير سلام محتسب ) - الكامل -
وقال
( مضى ملك عم البرية جوده ... رءوف وإن راع الأسود شفيق )
( سكرت بنعماه وجود وزيره ... فقالت لي الأيام سوف تفيق ) - الطويل -
وقال
( لا عذب الله ميتا كان ينعشني ... فقد لقيت بضري مثل ما لاقى )
( طواه موت طوى مني مكارمه ... فذقت من بعده بالموت ما ذاقا ) - البسيط -
وقال لبضع الوزراء
( يا سيدي أنت إن لي خبرا ... أجرى لساني وصلب الحدقه )
( هاك حديثي فإن نشطت له ... فاسمع وإلا فخرق الورقه )
( مستأنس زارني وحسبك ... بالببغاء ضيفا ذا فقحة شبقه )
( باكرني جائعا فهتكني ... ومص مني دمي ولا علقه )
( وهو على البخت ناقة فمتى ... قدمت ثورا بفرثه شرقه )
( لم يبق في روح برمتي رمقا ... أتى على اللحم واحتسى المرقه )
( وعاث في سفرتي كمشبلة ... غرثى بتلك الأنامل اللبقه )
( قلعا وبلعا بلا مراقبة ... لله في عيلتي ولا شفقه )
( قل للرئيس الذي أنامله ... مبسوطة بالنوال منخرقه )
( حلت لي الميتة التي حرمت ... فكيف تنبو نفسي عن الصدقه ) - المنسرح -
وقال
( يا سيدا ظل فردا في سيادته ... يخشى ويرجى لدفع الحادث الجلل )
( الشوق ينهضني والعدم يقعدني ... فمن شناك به ما بي من الخلل ) - البسيط -
وقال
( جملة أمري أنني مفلس ... وليس للمفلس إخوان )
( وكل ذي عيش بلا درهم ... فعيشه ظلم وعدوان ) - السريع -
وقال
( قيل ما أعددت للبرد ... فقد جاء بشده )
( قلت دراعة عري ... تحتها جبة رعده ) - مجزوء الرمل -
وقال
( وجاهل قال لي لا بد من فرج ... فقلت للغيظ لم لا بد من فرج )
( فقال من بعد حين قلت يا عجبا ... من يضمن العمر لي يا بارد الحجج )
( ولو كان ما قلت حقا لم أكن رجلا ... مقسم العمر في الروحات والدلج )
( أسعى لأدرك حظا لو حظيت به ... ما كنت أول محظوظ من الهمج )
( ذنبي إلى الدهر أني أبطحي أب ... ولست أعزى إلى قم ولا كرج ) وقال من - البسيط -
وقال
( أمسى يسائل عن حالي ليخبرها ... وكيف أمسيت في أهلي وفي بلدي )
( فقلت حالي بحال من رثاثتها ... وعلة الحال تنسي علة الجسد ) - البسيط -
المدائح وما يقترن بها
قال من قصيدة في الفرج
( وقائل لم غبت عن لحظه ... وأنت من أصغر غلمانه )
( فقلت ما أجهل فخري بمن ... تسمو به سادات أزمانه )
( هيبته تمنع من قربه ... وحبه يغري بغشيانه )
( وقد تبلدت فهل حيلة ... تبسط أنسي عند لقيانه ) - السريع -
وقال لإبن لوزة وقد أهدى إليه دواة
( أخ مزجت بروحي روحه جرى ... مني كمجرى دمي في الجسم أفديه )
( ثم اتفقنا على ألقاب سالفنا ... فصرت في كل حال ما أضاهيه )
( أهدى إلي دواة لو كتبت بها ... دهري أياديه لم تنفد أياديه ) - البسيط -
وقال في أبي الحسن محمد بن عمر بن يحيى
( لقد أمسكت من عمر بن يحيى ... بحبل لا أخاف له انبتاتا )
( حباني في الحياة ورم حالي ... وأوصى بي أبا حسن وماتا )
( فكنت مجاورا للبحر منه ... فلما مات جاورت الفراتا ) - الوافر -
وقال يهني بالعيد
( عماد الدين قابلك السعود ... وعشت كما تريد لمن تريد )
( وأظهرك الإله على الأعادي ... ومات بدائه فيك الحسود )
( أتاك العيد مقتبلا جديدا ... وجدك فيه مقتبل سعيد )
( يهني الناس بالأعياد فينا ... وأنت لنا برغم العيد عيد ) - الوافر -
وقال
( ولعمر الإله لولا أياديك ... لماتت خواطر الشعراء )
( عشت تطوي الأعياد طي الأعادي ... في سرور ونعمة ورخاء ) - الخفيف -
سائر الملح والنوادر
قال
( أقر الله عينك يا جفوني ... فقد أعتقت من رق السهاد )
( ويا عيني لك البشرى فنامي ... وتهنيك السلامة يا فؤادي )
( نزعت عن الهوى وبرئت منه ... إليك وكنت دهري في جهاد ) - الوافر -
وقال
( يا شاعرا نمتار من ... أفكاره الفقر الدقاقا )
( شعر لو أن الشهد ... قيس به وجدناه زعاقا ) - مجزوء الكامل -
وقال يصف رمكة شقراء
( شقراء إلا حجول مؤخرها ... فهي مدام ورسغها الزبد )
( تعطيك مجهودها فراهتها ... في السير فالحضر عندها وتد ) - المنسرح -
وقال
( قلت للنزلة حلي ... وانزلي غير لهاتي )
( واتركي حلقي بحقي ... فهو دهليز حياتي ) - مجزوء الرمل -
وقال في غلام له كبر فأخرجه
( ما تركناه وفيه ... لمحب من طباخ )
( هدر الطير ومن ... عاداتنا أكل الفراخ ) - مجزوء الرمل -
وقال
( وهامة نيطت بها لحية ... يظلم من قد قاسها باللحى )
( قد نصل الخضب إلى نصفها ... فهي كمثل النمل إذ أجنحا ) - السريع -
وقال
( فإن كنت من هاشم في الذرى ... فقد ينبت الشوك وسط الأقاحي ) - المتقارب -
وقال
( هو البحر إلا أنه عذب مورد ... ومن عجب أن العذوبة في البحر ) - الطويل
وقال
( الجوع يطرد بالرغيف اليابس ... فعلام تكثر حسرتي ووساوسي )
( والموت أنصف حين عدل قسمة ... بين الخليفة والفقير البائس ) - الكامل -
وقال
( كنت فقيرا ثم أغنيتني ... وعدت في الفقر من الراس )
( كمثل من بخره أهله ... وهو على مجمره فاسي ) - السريع -
وله
( أما ترى الروضة قد نورت ... وظاهر الروضة قد أعشبا )
( كأنما الأرض سماء لنا ... نقطف منها كوكبا كوكبا ) - السريع -
وقال
( أطعمني في خروفكم خرفي ... فجئت مستعجلا ولم أقف )
( غدوت أرجو طرافه فغدت ... في طرف والسماك في طرف ) - المنسرح -
وقال
( لقد بان الشباب وكان غضا ... له ثمر وأوراق تظلك )
( وكان البعض منك فمات فاعلم ... متى ما مات بعضك مات كلك ) - الوافر -
أخذه من قول الخريمي
( إذا ما مات بعضك فابك بعضا ... فبعض الشيء من بعض قريب ) - الوافر
وقال في الزهد يخاطب نفسه
( محمد ما أعددت للقبر والبلى ... وللملكين الواقفين على القبر )
( وأنت مصر لا تراجع توبة ... ولا ترعوي عما يذم من الأمر )
( تبيت على خمر تعاقر دنها ... وتصبح مخمورا مريضا من الخمر )
( سيأتيك يوم لا تحاول دفعه ... فقدم له زادا إلى البعث والحشر ) - الطويل
الباب السابع
2 - نذكر فيه محاسن أبي عبد الله الحسن بن أحمد بن الحجاج وغرائبه
هو وإن كان في أكثر شعره لا يستتر من العقل بسجف ولا يبني رجل قوله إلا على سخف
فإنه من سحرة الشعر وعجائب العصر
وقد اتفق من رأيته وسمعت به من أهل البصيرة في الأدب وحسن المعرفة على أنه فرد زمانه في فنه الذي شهر به وأنه لم يسبق إلى طريقته ولم يلحق شأوه في نمطه ولم ير كاقتداره على ما يرده من المعاني التي تقع في طرزه مع سلاسة الألفاظ وعذوبتها وانتظامها في سلك الملاحة والبلاغة
وإن كانت مفصحة عن السخافة مشوبة بلغات الخلديين والمكدين وأهل الشطارة
ولولا أن جد الأدب جد وهزله هزل كما قال إبراهيم بن المهدي لصنت كتابي هذا عن كثير من كلام من يمد يد المجون فيعرك بها أذن الحرم
ويفتح جراب السخف فيصفع بها قفا العقل
ولكنه على علاته تتفكه الفضلاء بثمار شعره وتستملح الكبراء ببنات طبعه وتستخف الأدباء أرواح نظمه ويحتمل المحتشمون فرط رفثه وقذعه
ومنهم من يغلو في الميل إلى ما يضحك ويمتع من نوادره ولقد مدح الملوك
والأمراء والوزراء والرؤساء فلم يخل قصيدة فيهم من سفاتج هزله ونتائج فحشه وهو عندهم مقبول الجملة غالى مهر الكلام موفور الحظ من الإكرام والإنعام مجاب إلى مقترجه من الصلات الجسام والأعمال المجدية التي ينقلب منها إلى خير حال وكان طول عمره يتحكم على وزراء الوقت ورؤساء العصر تحكم الصبي على أهله ويعيش في أكنافهم عيشة راضية ويستثمر نعمة صافية ضافية
وديوان شعره أسير في الآفاق من الأمثال وأسرى من الخيال
وقد أخرجت أخرجت من ملحه الخالية من الفحش المفرط الحالية بأحسن المقرط ونوادره التي تسر النفس وتعيد الأنس
ما يستغرق وصف ابن الرومي
( شرك العقول ونزهة ما مثلها ... للمطمئن وعقله المستوفز )
( إن طال لم يملل وإن هي أوجزت ... ود المحدث أنها لم توجز ) - الكامل -
فمن ذلك وصفه لشعره ولسخفه كقوله
( فإن شعري ظريف ... من بابة الظرفاء )
( ألذ معنى وأشهى ... من استماع الغناء ) - المجتث -
وقوله
( قرم إذا أنشدته ... شعري البديع تهللا )
( فحسبت أن أبا ... عبادة يمدح المتوكلا ) - مجزوء الكامل
وقوله
( إن عاب ثعلب شعري ... أو عاب خفة روحي )
( خريت في باب أفعلت ... من كتاب الفصيح ) - المجتث -
وقال
( يا سيدي هذي القوافي التي ... وجودها مثل الدنانير )
( خفيفة من نضجها هشة ... كأنها خبز الأبازير ) - السريع -
ومن أخرى يصف فيها نفسه
( حدث السن لم يزل يتلهى ... علمه بالمشايخ الكبراء )
( خاطر يصفع الفرزدق في الشعر ... ونحو ينيك أم الكسائي )
( غير أني أصبحت أضيع في القوم ... من البدر في ليالي الشتاء ) - الخفيف -
ومن جملتها
( رجل يدعي النبوة في السخف ... ومن ذا يشك في الأنبياء )
( جاء بالمعجزات يدعو إليها ... فأجيبوا يا معشر السخفاء )
وقال
( بالله يا أحمد بن عمرو ... تعرف الناس مثل شعري )
( شعر يفيض الكنيف منه ... من جانبي خاطري ونحري )
( نسميه منتن المعاني ... كأنه فتلة بجحر )
( لو جد شعري رأيت فيه ... كواكب الليل كيف تسري )
( وإنما هزله مجون ... يمشي به في المعاش أمري ) - مخلع البسيط -
وقال من قصيدة
( ألست تعلم أني ... في غيبتي وحضوري )
( ما زلت فيك بمدحي ... أنيك أم جرير ) - المجتث -
ومن أخرى
( ويد تخرج العرائس في مدحك ... بين الأقلام والأدراج )
( فاستمعها مني ألذ وأشهى ... من سماع الأرمال والأهزاج )
( بمعان بخورها لك طيب ... وفساها في لحية الزجاج )
( حلقت في الطوال ذقن جرير ... والأراجيز لحية العجاج ) - الخفيف -
وكتب إليه بعض الرؤساء
( يا أبا عبد الإله ... بك أصبحت أباهي )
( غير أن السخف في شعرك ... قد جاز التناهي )
( ولقد أعطيت من ذاك ... ملاحات الملاهي )
( أقدم الآن على القول ... ولا تصغ لناهي ) - مجزوء الرمل -
فأجابه
( سيدي شكرك عندي ... مثل شكري لإلهي )
( سيدي سخفي الذي قد ... صار يأتي بالدواهي )
( أنت تدري أنه يدفع ... عن مالي وجاهي )
( ليت من عاداك عندي ... وهو ساهي الذقن لاهي )
( فترى لحيته في استي ... إلى الصدغ كما هي ) - مجزوء الرمل -
وقال من الوافر
( وشعري سخفه لا بد منه ... فقد طبنا وزال الإحتشام )
( وهل دار تكون بلا كنيف ... فيمكن عاقلا فيها المقام ) - الوافر -
وقال
( تراني ساكنا حانوت عطر ... فإن أنشدت ثار لك الكنيف ) - الوافر -
وقال
( شعري الذي أصبحت فيه ... فضيحة بين الملا )
( لا يستجيب لخاطري ... إلا إذا دخل الخلا ) - مجزوء الكامل -
ومن أخرى
( ألا أيها الأستاذ دعوة شاعر ... طريقته في الشعر لا تتبهرج )
( إذا أنت وظفت القوافي فخيرها ... وإن قل ما يرجو وما يتروج )
( ومن كان يحوي العطر دكان شعره ... فإني كناس وشعري له مخرج ) - الطويل -
وقال من قصيدة في بعض الوزراء خالية من السخف
( وهذي القصيدة مثل العروس ... موشحة بالمعاني الملاح )
( بلا نفحة من فسا عارض ... ولا وزن خردلة من سلاح )
( فلو أنها جعلت خطبة ... لكانت تحل عقود النكاح )
( بعثت بها عنبرا في الشتاء ... وفي الصيف كافور خرط رياحي )
( فما مسحت خفشلنج الخصي ... ولا حنكت بلعوق الفقاح )
( وشعري لا بد من سخفه ... ولا بد للدار من مستراح ) - المتقارب -
ولما غلب على شعره هذا الفن من ذكر المقاذر وما ينضاف إليها وسئل يوما ابن سكرة عن قيمة ديوان شعره فقال قيمته بربخ أي لكثرة ما يشتمل عليه مما يقع فيه وبلغني أن كثيرا ما بيع ديوان شعره بخمسين دينارا إلى سبعين وأنا كاسر فصلا على ذكر ما أشرت إليه والحديث شجون
قطعة من نوادره في ذلك
كتب إلى أبي أحمد بن ثوابة وقد شرب دواء مسهلا
( يا أبا أحمد بنفسي أفديك ... وأهلي من سائر الأسواء )
( كيف كان انحطاط جعسك في طاعة ... شرب الدواء يوم الدواء )
( كيف أمسى سبال مبعرك النذل ... عريقا في المرة الصفراء )
( يا أبا أحمد ونصحك عندي ... واجب في الإخاء فاحفظ إخائي )
( رب ريح يوم الدواء دبور ... شوشت في عصاعص الأغبياء )
( قدروها فسا وقد كمن الجعس ... لهم في مهب ذاك الفساء )
( فإذا الفرش في خليج سلاح ... ذائب في قوام جسم الماء )
( فاتق الله أن تغرك ريح ... عصفت في جوانب الأحشاء )
( لا تنفس خناق سرمك عنه ... أو تخلي سبيله في الخلاء )
( والغذاء الغذاء فاحذر بأن تفسو ... فوق الفراش بعد الغذاء )
( احترس إنها نصيحة شيخ ... حنكته تجارب الآراء ) - الخفيف -
وأهدى إليه صديق له نبيذا وكتب له
( مدامة تمرية صافيه ... تلبس من يشربها العافيه )
( زففتها طوعا إلى شاعر ... ما وقفت قط له قافيه ) - السريع -
فصادف وصول النبيذ خلفة عرضت له فكتب إليه
( مولاي قد أحسست لما أتى ... شعرك بالعافية الشافيه )
( لكنني في صورة للخرا ... جملتها مقنعة كافيه )
( قد كتبت سطرا على عصعصي ... هذا لسلطان الخرا ضافيه ) - السريع -
وقال يهجو
( ولقد عهدتك تشتهي ... قربي وتستدعي حضوري )
( وأرى الجفا بعد الوفا ... مثل الفسا بعد البخور )
( يا خرية العدس الصحيح ... النيء والخبز الفطير )
( في جوف منحل الطبيعة ... والقوى شيخ كبير )
( يخرى فيخرج سرمه ... شبرين من وجع الزحير )
( يا فسوة بعد العشا ... بالبيض واللبن الكثير )
( وفطائر عجنت بلا الملح ... الجريش ولا الخمير )
( يا ضرطة الشيخ المبجل ... بين حساد حضور )
( يا ريح سرقين البغال ... يداف في بول الحمير )
( يا نتن رائحة الطبيخ ... إذا تغير في القدور )
( يا عش بيض القمل فرخ ... في السوالف والشعور )
( يا بول صبيان الفطام ... ويا خراهم في الحجور )
( يا بغض تدخين الجشام ... في الصوم من تخم السحور )
( يا حر قولنج البطون ... وبرد أعصاب الظهور )
( يا ذلة المظلوم أصبح ... وهو معدوم النصير )
( يا سوء عاقبة التعقد ... عند تمشية الأمور )
( يا كل شيء متعب ... متعقد صعب عسير )
( يا حيرة الشيخ الأصم ... وحسرة الحدث الضرير )
( يا قعدة في دجلة ... والريح تلعب بالجسور )
( يا قرحة السل التي ... هدت شراسيف الصدرو )
( يا أربعاء لا تدور ... به محاقات الشهور )
( يا هدة الحيطان تنقض ... بالمعاول والمرور )
( يا قرحة في ناظر ... غلطوا عليها بالذرور )
( فتسلخت مع ما يليها ... في الجفون من البثور )
( يا خيبة الأمل الذي ... أمسى يعلل بالغرور )
( يا غلمة المتخدرات ... وراء أبواب القصور )
( يا ملتقى سعف الأيور ... على عراجين البظور )
( يا وحشة الموتى إذا ... صاروا إلى ظلم القبور )
( يا ضجرة المحموم بالغدوات ... من ماء الشعير )
( يا شؤم إقبال الشتاء ... أضر بالشيخ الفقير )
( يا دولة الحزن التي ... خسفت بأيام السرور )
( يا ضجة الصخب المصدع ... ذي التنازع والشرور )
( يا عثرة القلم المرشش ... بين أثناء السطور )
( يا ليلة العريان غب ... عشية اليوم المطير )
( يا نومة في شمس آب ... على التراب بلا حصير )
( يا فجأة المكروه في اليوم ... العبوس القمطرير )
( يا نهشة الكلب العقولر ... ونكهة الليث الهصور )
( يا عيش عان موثق ... في القيد مغلول أسير )
( يا حدة الرمد الذي ... لا يستفيق من القطور )
( يا حيرة العطشان وقت الظهر في وسط الهجير )
( من لي بأن تلقاك خيل ... بني كلاب بلا خفير )
( وأرى بعيني لحمك المطبوخ ... في نار السعير )
( في الأرض ما بين السباع ... وفي السما بين النسور ) - مجزوء الكامل -
وقال في المهلبي الوزير
( قيل إن الوزير قد قال شعرا ... يجمع الجهل شمله ويعمه )
( ثم أخفاه فهو كالهر يخرا ... في زوايا البيوت ثم يطمه )
( ليتني كنت حاضرا حين يرويه ... فأفسو في راحتي وأشمه ) - الخفيف
وقال
( وذي همة في حضيض الكنيف ... وقرنين في فلك المشتري )
( دخلت عليه انتصاف النهار ... على غفلة حين لم يشعر )
( وبين يديه رغيفان مع ... سكرجة كان فيها مري )
( فلما قعدت فسا فسوة ... فلم تخط عصفتها منخري )
( وأقبل يضرط في إثرها ... فقلت أقوم وإلا خري ) - المتقارب -
وقال في شيخ بني بعجوز
( أفصح ودعني من الرموز ... قد دخل الشيخ بالعجوز )
( من لي بها حين ضاجعته ... في ذلك الموضع الحريز )
( فكنت أخرا على زليخا ... وهي إلى جانب العزيز ) - مخلع البسيط -
وقال وقد ركب إلى قوم فوجد بعضهم نائما وبعضهم شارب دواء
( قد أصبحوا كما ترى ... ما بين نوم وخرا )
( قوم برئت منهم ... لأنهم مني برا )
( ما إن أرى مثلا لهم ... ولا أرى أني أرى ) - مجزوء الرجز -
وقال وقد عاتب إنسانا على زلة فجاء بأكبر منها
( لي صديق جنى علي ... مرارا فأكثرا )
( ثم لما عتبته ... غسل البول بالخرا ) - مجزوء الخفيف -
وقال
( فقدت بختي إنه ... ما زال بختا قذرا )
( لو كان شيئا ناطقا ... لكان شيخا أبخرا )
( من حيث ما درت به ... لطخ وجهي بالخرا ) - مجزوء الرجز -
وقال
( يقول قولم أبصروني وقد ... تلفت ما بينهم سكرا )
( قم بالحق الظهر ولو ركعة ... فالناس قد صلوا بنا العصرا )
( فقلت ما أحسن ما قلتم ... أقوم حتى ألحق الظهرا )
( أقوم والركعة من عند من ... نعم وإن قمت فمن يقرا )
( قالوا فلا تسكر فلسنا نرى ... لعاقل في سكره عذرا )
( والله لولا السكر يا سادتي ... ما ذقت مطبوخا ولا خمرا )
( قالوا فهذا السكر ما حده ... فقلت حد السكر أن أخرا ) - السريع -
وقال
( قومي تنحي فلست من شاني ... قومي اذهبي لا يراك شيطاني )
( لا كان دهر عليك حصلني ... ولا زمان إليك ألجاني )
( قعدت تفسين فوق طنفستي ... ما بين راحي وبين ريحاني )
( فما عدمنا من الكنيف إذا ... حضرت إلا بنات وردان ) - المنسرح -
سمعت ميمون بن سهل الواسطي يقول حضرت مجلس الصاحب ليلة بجرجان في جماعة من الفقهاء والمتكلمين كالعادة كانت عنده في أكثر ليالي الأسبوع فلما امتد المجلس وخالط النعاس بعض الأعين وجد الصاحب رائحة تأذى بها وتأفف منها فأنشد هذه الأبيات المتقدمة
( قومي تنحي فلست من شاني ... )
وجاء الفراشون بالند فتلافوا تلك الفرطة وتقوض المجلس
وقال في شهر رمضان وقد جاء في آب
( شهر أراه يلج مع من ... يغتاظ من طوله ويدرد )
( فالبول قد جف من حماه ... في الجوف والجعس قد تقدد ) - مخلع البسيط -
وكان ضمن فرائض الصدقات بسقي الفرات واستخلف على نواحي فم النيل خليفة فكتب إليه
( الحمد لله وشكرا له ... والله أهل الحمد والشكر )
( يا أيها الذئب الذي اخترته ... خليفة ينظر في أمري )
( أوصيك بالأغنام شرا وهل ... يوصي أبو جعدة بالشر )
( امش إليها مشية الليث أو ... فاحمل عليها حملة البر )
( ولا تدع في النيل من إثرها ... إلا بقايا الصوف والبعر )
( أنظر إلى السكباج من شمها ... أو مر مجتازا على القدر )
( فاقبض على لحيته واحترز ... من حيلة في أمرها تجري )
( أريد أن تحصي طاقاتها ... وكل ما فيها من الشعر )
( اعمل بها لي عملا جامعا ... مستظهرا فيه كما تدري )
( واحذر إذا وفيتها في غد ... أن ينقص الكيل عن الحزر )
( حتى إذا جئتك سلمتها ... بذلك الإحصا إلى جحري )
( أوصيك في القوم بهذا الذي ... عقدته في السر والجهر )
( وكيف لا أوصي بهذا وقد ... بليت منهم ببني البظر )
( واضطرني جور زماني إلى ... معيشة تزري على الحر )
( والدهر قد صارت به هيضة ... فنحن غرقى في خرا الدهر ) - السريع -
وقال في ابن سكرة
( سلحة بعد قرقره ... من سلاح المزوره )
( باتت الليل كله ... جوف بطني مخمره )
( ثم رامت تخلصا ... فاغتدت ذات طرطره )
( ثم سارت كأسهم ... عن قسي موتره )
( فأصابت بوثبة ... جوف ذقن ابن سكره ) - مجزوء الخفيف -
وقال لأبي الفضل الشيرازي لما تقلد الوزارة وعرض بأبي الفرج بن فسابخس
( سعدك للحاسدين نحس ... وهم ظلام وأنت شمس )
( ارفق عليهم فلن يعودوا ... إليك حتى يعود أمس )
( فأنت تحت الظلام تسعى ... وذاك تحت اللحاف يفسو ) - مخلع البسيط -
وكان يوما جالسا بجنب الدست في دار أبي الفرج فسابخس فعرضت له حاجة إلى الخلاء فبادر ورجع فسئل عن مبادرته فقال
( يا سائلي عن خبري ... زاحم جوفي قذري )
( فكدت أن أخرى على ... دست الرئيس الطبري )
( فقمت أعدو حافيا ... وقد تغشى بصري )
( حتى خريت خرية ... مثل الخبيص الجزري )
( كأنها من عظمها ... روثة كرش بقري ) - مجزوء الرجز -
وقال
( أبا الحسين بن نصر ... أبشر بعز ونصر )
( فأنت في الصدر أحلى ... من المنى جوف صدري )
( وليت لحية من لا ... يهواك في جوف حجري )
( من أين مثلي حر ... أو سفلة غير حر )
( خراي عند القوافي ... وذقن غيري بشعري )
( ومن تكلف في الشعر ... نظم سبحة در )
( نظمت من مثل طبعي الخسيس ... سبحة بعر )
( وجملة القول أني ... إحدى عجائب دهري )
( قد در ضرعي على ما ... ترى فلله دري ) - المجتث -
وقال في إنسان طبري مات بالقولنج
( يا غصة الموت افغري ... فاك لروح الطبري )
( حتى تمجيها على ... علاتها في سقر )
( يا أيها الثاوي الذي ... أفلح لو كان خري )
( لمثل ذا اليوم يقال ... من خري فقد بري ) - مجزوء الرجز -
وقال يستميح شرابا
( ألا يا إخوتي وذوي ودادي ... دعاء فتى إجابته مناه )
( زيادة دجلة والورد غض ... قد استولى على قلبي هواه )
( فهذي ليس يفتنني سواها ... وهذا ليس يسبيني سواه )
( أما فيكم فتى يرثي لصحوي ... فيسقيني المشوم ولو خراه ) - الوافر -
وقال
( يا عيني السفلى لحى سادتي ... قد شهدت بالزور فاستعبري )
( أبكي عليها كلما سرحت ... في استي بدمع سلس أصفر ) - السريع -
واتخذ دعوة كبيرة في أيام عز الدولة ودعا إليها أقواما شتى من رجال الدولة وقال
( قل للأمير المرتجى ... من جاءني فقد نجا )
( ومن أبى فذقنه ... في عصعصي قد لججا )
( يسبح في بحر خرا ... إذا جرى تموجا )
( وها هنا حكم إذا ... كوى لحاهم أنضجا )
( من لم يجىء فذقنه ... في است الذي استدعي فجا )
( فقل لمن لجج في ... جوابه أو مجمجا )
( سبالك المحفوف قد ... حرك مني مخرجا )
( مؤزرا بالجعس في ... حافاته مصهرجا )
( فيه خرا معتق ... كالبن حين كرجا )
( تدفعه مقعدتي ... بعد العشا ملهوجا )
( من قبل أن تطبخه ... طبيعتي فينضجا )
( من كل من سرمي إلى ... لحيته قد التجا )
( عاشرت باستي ذقنه ... فامتزجا وازدوجا )
( وصعدا ونزلا ... ودخلا وخرجا )
( ولن ترى أحسن من ... ذقن تواخي شرجا ) - مجزوء الرجز -
وقال من أخرى
( أنظر لهرون وقد جاءني ... يطمع أن يبتزني ضيعتي )
( جذبت قوس استي في وجهه ... فقرطست لحيته ضرطتي ) - السريع -
ومن أخرى في قائد من الأتراك أراه أخذ داره
( إن أطفالي الذين تراهم ... حول ناري في الليل مثل الفراش )
( أترى ما شممت ريح فساهم ... حين باكرتني وهم في الفراش )
( وجعيساتهم خلال الزوايا ... مثل ذرق الفراخ في الأعشاش )
( لا ترمهم واقبل نصيحة رأيي ... لك واحذر مغبة الغشاش ) - الخفيف -
وقال من أبيات وقد دخل على رجل اسمه عمرو والمزين يحفى شاربه
( قد لعمري فارت طبيعة حجري ... منذ أحفى المقراض شارب عمر )
( كلما قص شعرة صر منها ... عصعصي النذل أو تفرقع ظهري ) - الخفيف -
وقال من قصيدة في الوزير وقد أراده على الخروج معه لقتال أهل البطيحة
( يا سائلي عن بكاي حين رأى ... دموع عيني تسابق المطرا )
( ساعة قيل الوزير منحدر ... أسرع دمعي وفاض منحدرا )
( وقلت يا نفس تصبرين وهل ... يعيش بعد الفراق من صبرا )
( شاورته والهوى يفتته ... والرأي رأي الصواب قد حضرا )
( أهوى إنحداري والحزم يكرهه ... وتارك الحزم يركب الغررا )
( لأنني عاقل ويعجبني ... لزوم بيتي وأكره السفرا )
( الخيش نصف النهار يعجبني ... والماء بالثلج باردا خصرا )
( والشرب في روشني أقول به ... كما أرى الماء منه والقمرا )
( ولا أقود الخيل العتاق بلى ... أسوق بين الأزقة البقرا )
( من كل جاموسة لعنبلها ... رأس بقرنيه يفلق الحجرا )
( قد نفخ الشحم جوفها فغدا ... كأنه بطن ناقة عشرا )
( لما أتتني بالليل مقبلة ... وثوبها بالخرا قد ائتزرا )
( تركض مثل الحصان نافرة ... ومن يرد الحصان إن نفرا )
( مد ذراعي في سرمها لببا ... وسد أيري في سرمها شعرا )
( أحسن في الحرب من صفوفكم ... غدا قعودي أصفف الطررا )
( وأنتف الشعر من جبين حر ... لطفت في نتفه وما شعرا )
( أو مبعر جعسه يطالعني ... من كوة الباب كلما زحرا )
( هيهات أن أحضر القتال وأن ... ترى بعينيك فيه لي أثرا )
( بل الذي لا يزال يعجبني الدبيب ... بالليل خائفا حذرا )
( أنا إلى تلك وهي نائمة ... وذا إلى ذاك بعد ما سكرا )
( وضجة النيك كلما ضرطت ... واحدة تحت واحد نخرا )
( وقول بعض المميزين وقد ... شم فسانا بأنفه سحرا )
( في جعس هذا فطورة وأرى ... أن خرا تلك بعد ما اختمرا )
( الدف يوم الصبوح دبدبتي ... وبوقي الناي كلما زمرا )
( وخريتي كلما رميت بها ... مقتل ذقن خضبتها بخرا )
( هذا اعتقادي وهكذا أبدا ... أرى لنفسي فأنت كيف ترى ) - المنسرح -
وقال
( إذا تغنى سليم ... عاق المسرة عني )
( وافى بذقن سخيف المغني ... وجئت ببطني )
( فلحية التيس منه ... وسلحة الفيل سني ) - المجتث -
ملح مما يتمثل به من أحوال السلف
قال من قصيدة في أبي الفضل الشيرازي
( الناس يفدونك اضطرارا ... منهم وأفديك باختياري )
( وبعضهم في جوار بعض ... وأنت حتى أموت جاري )
( فعش لخبزي وعش لمائي ... وعش لداري وأهل داري )
( يا من بإحسانه بلغت السماء ... في العز واليسار )
( فاليوم قارون في غناه ... عبدي وكسرى ركاب داري ) - مخلع البسيط -
وقال
( يا من يدي من خيره فارغه ... مليت لبس النعمة السابغة )
( قد هشمت رأسي بأحجارها ... ألفاظك الهاشمة الدامغه )
( فيا أبا قابوس في ملكه ... رفقا أبيت اللعن بالنابغه ) - السريع -
وقال
( إنك إنسان له موقع ... من ناظري في جوف إنسانه )
( فكيف تخشى هجو من مدحه ... فيك يرى أول ديوانه )
( ومن له في شعره مذهب ... ذكرك فيه نور بستانه )
( تمضي لياليه وأيامه ... وسره فيك كإعلانه )
( ولست ممن يخلط الكفر في ... شكر أياديك بإيمانه )
( قل للذي جهز في السعي بي ... بضاعة عادت بخسرانه )
( لا تغترر أنك من فارس ... في معدن الملك وأوطانه )
( لو حدثت كسرى بذا نفسه ... صفعته في وسط إيوانه ) - السريع -
وقال في بختيار
( فديت وجه الأمير من قمر ... يجلو القذى نوره عن البصر )
( فديت من وجهه يشككني ... في أنه من سلالة البشر )
( إن زليخا لو أبصرتك لما ... ملت إلى الحشر لذة النظر )
( ولم تقس يوسفا إليك كما ... نجم السهى لا يقاس بالقمر )
( وكان يا سيدي قباك إذا ... هربت منها ينقد من دبر )
( بل وحياتي لو كنت يوسفها ... لم تك من تهمة العزيز بري )
( لأنني عالم بأنك لو ... شممت ريا نسيمها العطر )
( سبقتها وانزبقت تتبعها ... ما بين تلك البيوت والحجر )
( ولم تزل بالكدين تقصرها ... من قبل وقت العشا إلى السحر )
( وقد علمنا بأن سيدنا الأمير ... ممن يقول بالبظر )
( ولم تكن تلك تشتكي أبدا ... ما كان من يوسف من الحذر )
( طبعك كالماء في سهولته ... لكن أبو الزبرقان من حجر )
( إن الملوك الشباب ما خلقوا ... إلا صلاب الفياش والكمر ) - المنسرح -
وقال
( إن بني برمك لو شاهدوا ... فعلك بالغائب والشاهد )
( ما اعترف الفضل بيحيى أبا ... ولا انتمى يحيى إلى خالد ) - السريع -
وقال من المسرح
( وكاتب بارع بلاغته ... تجلو علينا كلام سحبان )
( وخطه والكتاب في يده ... ينثر درا أمام مرجان )
( لو كان عند المأمون جوهره ... أهداه أو بعضه لبوران ) - المنسرح -
وقال في رجل سقطت امرأته من السطح فماتت
( عفا الله عنها إنها يوم ودعت ... أجل فقيد في التراب مغيب )
( ولو أنها اعتلت لكان مصابها ... أخف على قلب الحزين المعذب )
( ولكن رأت في الأرض أفعى مجدلا ... على قدر غرمول الحمار المشغب )
( فظنته أيرا والظنون كواذب ... إذا أخبرت عن عام ما في المغيب )
( وأهوت إليه من يفاع ودونه ... ثمانون باعا في علو مصوب )
( فصارت حديثا شاع بين مصدق ... تحققه علما وبين مكذب )
( سعى الطمع المردي إليها بحتفها ... ومن يمتثل أمر المطامع يعطب )
( فأعظم يا هذا لك الله ربها ... وربك أجر الثكل في شاة أشعب ) - الطويل -
قيل لأشعب هل رأيت أطمع منك قال نعم شاة كانت لي على سطح فنظرت إلى قوس قزح فظنته حبل قت فأهوت إليه واثبة فسقطت من السطح فاندقت عنقها
وسأل الهنكري مغني سيف الدولة ابن حجاج أن يصنع شعرا يغني به بين يدي صاحبه فقال
( أميري يا من ندى كفه ... يزيد على العارض الممطر )
( أرى يومنا يوم كأس تدور ... من يد ذي دعج أحور )
( وأبيض يحدوك سكر الغرام ... على لثم شاربه الأخضر )
( بحمرة وجنته تستدل ... على أنه من بني الأصفر )
( وأنك من دونه قد ضربت ... هامة ذي لبدة قسور )
( وشعر ابن حجاج يا سيدي ... يغني به عبدك الهنكري )
( غناء وشعر لنا يجمعان ... ما بين زلزل والبحتري ) - المتقارب -
وقال
( غدا أراه على عبل الشوى مرح ... والخيل من حوله مثل الحصى عددا )
( في خلعة لو رآها يوم يلبسها ... نمرود قبل وجه الأرض أو سجدا ) - البسيط
وقال
( يا من إذا ما اختللت أيدني ... ومن إذا ضعفت قواني )
( ابق لي اليوم ضعف ما بقيت ... أمس نسور الحكيم لقمان ) - المنسرح -
وقال
( يا درة الملك ويا غرة ... في وجه هذا الزمن الأدهم )
( تراب نعليك على ناظري ... أعز من عيسى على مريم ) - السريع -
وقال
( فتى له عزم إذا كلت السيوف ... مثل المرهف الصارم )
( وراحة لو صفعت حاتما ... تعلم الجود قفا حاتم ) - السريع -
ومن أخرى
( هذا حديثي تنمي عجائبه ... بكثرة القال فيه والقيل )
( أعجزني دفنه فشاع كما ... أعجز قابيل دفن هابيل ) - المنسرح -
ومن أخرى
( وأبرص من بني الزواني ... ملمع أبلق اليدين )
( قلت وقد لج بي أذاه ... وزاد ما بينه وبيني )
( يا معشر الشيعة الحقوني ... قد ظفر الشمر بالحسين ) - مخلع البسيط -
ومن أخرى
( كل خفيف الرجلين ثقل ... خفة رجليه بالحديد )
( أذقه من غب ما جناه ... ما ذاق يحيى من الرشيد ) - مخلع البسيط -
ومن أخرى
( واستوف عمر الدهر في نعمة ... دون مداها موقف الحشر )
( مصيبة الحاسد في مكثها ... مصيبة الخنساء في صخر ) - السريع -
ومن أخرى
( يا من يعادي الهوى جهلا بموقعه ... ولا يزال يعادي المرء ما جهلا )
( أما رأيت الهوى استولى بفتنته ... على النبيين واستغوى بها الرسلا )
( فإن شككت فسل زيدا بقصته ... وأورياء يقولا الحق إن سئلا )
( لم بت هذا طلاقا حبل زوجته ... وذاك في رقعة التابوت لم قتلا ) - البسيط -
ومن أخرى
( مولاي يا من كل شيء سوى ... نظيره في الحسن موجود )
( إن كنت أذننبت بجهلي فقد ... أذنب واستغفر داود ) - السريع -
ومن أخرى
( ملك لو لم يكن من ملكه ... غير دار وشحت بالنعم )
( لو رمى شداد فيها طرفه ... زهدته بعدها في إرم ) - الرمل -
وله وقد خرج هاربا من غرمائه
( هربت من موطني إلى بلد ... قد صفر الجوع فيه منقاري )
( يقول قوم فر الخسيس ولو ... كان فتى كان غير فرار )
( لا عيب لا عيب في الفرار فقد ... فر نبي الهدى إلى الغار ) - المنسرح
ملح من سائر أمثاله في الجد والهزل الواقعة في فنون ونوادره
قال
( جميع ما لي صدقه ... لأكسرن فستقه )
( فبس كم تهذين يا ... سندية مطلقه )
( لا بد للسندان أن ... يصبر تحت المطرقه )
( وفيشتي لا بد أن ... أسبكها في البوتقه )
( لا بد أن أطعن ... بالمردي صميم الدرقه )
( وأن أمر الميل في ... جوف سواد الحدقه )
( تريد مني أترك اللحم ... وأحسو المرقه )
( ليس الثريد بابتي ... بسي من الملبقه )
( أريد من لحم است من ... أعشقها مدققه )
( أح ب أن لا تشفقي ... عدمت هذي الشفقه )
( وكل شاة في غد ... برجلها معلقه )
( لا بد من أن يقع ... الزرفين جوف الحلقه ) - مجزوء الرجز -
وقال
( أخشى على حسبتي العدو وفي الناس ... لمثلي أصادق وعدي )
( هر يراني وفي فمي غدد ... والهر بالطبع يألف الغددا )
( وإن تغافلت عنه غافصني ... واستلب الكرش من يدي وغدا ) - المنسرح