كتاب : المبسوط
المؤلف : محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني أبو عبد الله
الغاصب إلى المولى فاختار المولى دفعه فانه يدفعه يضرب فيه أولياء قتيل العبد بالدية ويضرب فيه أولياء الجارية بقيمتها ويرجع المولى على الغاصب بقيمة العبد ثم يرجع عليه بقيمة الجارية فيدفع من قيمة الجارية إلى أولياء القتيل الذي قتلته الجارية تمام قيمتها ويرجع به المولى على الغاصب ويأخذ أولياء القتيل الذي قتله العبد من قيمة العبد الذي أخذها المولى من الغاصب تمام قيمة العبد ويرجع المولى بذلك على الغاصب ولو أن المولى اختار إمساك العبد كان عليه أن يؤدي الدية إلى أولياء القتيل الذي قتل عنده صاحبهم ويؤدي قيمة الجارية إلى ولي قتيل الجارية ويرجع على الغاصب بقيمة العبد وقيمة الجارية
وإذا اغتصب الرجل عبدا وجارية قيمة كل واحد منهما ألف فقتل كل واحد منهما عنده قتيلا ثم قتل العبد الجارية ثم رده الغاصب إلى المولى فانه يرد معه قيمة الجارية فيدفعها المولى إلى ولي قتيل الجارية ويرجع بها على الغاصب ثم يخير المولى في الغلام بين الدفع والفداء فان اختار الفداء فداه بالدية ورجع بقيمته على الغاصب وإن اختار الدفع دفع الغلام كله إلى ولي قتيل الغلام في قياس قول أبي حنيفة ورجع بقيمته على الغاصب وأما في قياس قول أبي يوسف وهو قول محمد فان اختار الفداء فداه بالدية لولى قتيل الغلام ولا يرجع بقيمته على الغاصب لأنه كان ينبغي له أن يفديه ايضا بقيمة الجارية يدفعها إلى الغاصب لأن الجارية صارت له ثم يرجع عليه بقيمة الغلام
وهي مثل تلك القيمة فصار قصاصا وإن اختار الدفع دفعه إلى ولي قتيل الغلام وإلى الغاصب على أحد عشر جزأ لولي قتيل الغلام عشرة أجزاء وللغاصب جزء لأن الغاصب صار كأن الجارية كانت له ثم يرجع المولى على الغاصب بقيمة الغلام فيدفع منها جزأ من أحد عشر جزأ إلى ولي قتيل الغلام ثم يرجع به على الغاصب فيصير في يدي المولى قيمة الغلام تامة وقيمة الجارية ويصير في يدي ولي قتيل الغلام عشرة أجزاء من أحد عشر جزأ من العبد وجزء من أحد عشر جزأ من قيمته ويصير في يدي الغاصب من الغلام جزء من أحد عشر جزأ ويصير في يدي ولي قتيل الجارية قيمة الجارية فان كان الغاصب معسرا ولم يقدر عليه واختار المولى الدفع وقال ولي قتيل الجارية لا أضرب بقيمة الجارية في الغلام ولكن أنظر فان خرجت قيمة الجارية أخذتها كان له ذلك ودفع الغلام كله في قياس قول أبي حنيفة إلى ولي قتيل الغلام ويرجع الأول على الغاصب بقيمته وبقيمة الجارية فيدفعها إلى ولي قتيل الجارية ثم يرجع عليه بها فيصير في يديه قيمتان وأما في قول أبي يوسف وهو قول محمد فانه يدفع من العبد عشرة أجزاء من أحد عشر جزأ إلى ولي قتيل الغلام ويترك الجزء في يديه فان خرجت قيمة الجارية أخذها ودفعها إلى ولي قتيلها ثم يرجع بها فيصير الغاصب كأن الجارية كانت له فيقال للمولى
ادفع هذا الجزء إلى الغاصب أو افده بقيمة الجارية فان دفعه رجع عليه بقيمة الغلام فيدفع منها إلى ولي قتيل الغلام جزأ من أحد عشر جزأ ويرجع به على الغاصب وإن فداه فداه بقيمة الجارية ويرجع بقيمة الغلام فذلك قصاص ويدفع مكان ذلك الجزء إلى ولي قتيل الغلام جزأ من أحد عشر جزأ من قيمته ويرجع بمثله على الغاصب من القيمة فان قال ولي القتيل قتيل الجارية أنا أضرب في الغلام بقيمتها ودفع إليهم يضرب ولي قتيل الجارية بقيمتها ويضرب ولي قتيل الغلام بالدية فيكون بينهم على أحد عشر جزأ فان قدر على الغاصب أو أيسر أدى إلى المولى قيمة الغلام وقيمة الجارية فيدفع من قيمة الغلام إلى ولي قتيل الغلام جزأ من أحد عشر جزأ من قيمته ويرجع به على الغاصب وليس لولى قتيل الجارية إلا ما أصابه من الغلام ولا يعطي من قيمة الجارية شيئا لأن حقه كان في قيمة الجارية فصار كأنه صالح بهذا القدر من جميع حقه وقد ذكر قبل هذا أنه يرجع في قيمة الجارية بتمام حقه وإن اختار المولى الفداء فداه بعشرة آلاف وبقيمة الجارية ورجع على الغاصب بقيمة الغلام وبقيمتين في الجارية قيمة مكان القيمة التي أداها وقيمة بالغصب في قياس قول أبي حنيفة وأما في قياس قول أبي يوسف وقول محمد فان أدى الغاصب قيمة الغلام وقيمتين في الجارية صار كأن الجارية كانت له فيقال للمولى ادفع جزأ من أحد
عشر جزأ من العبد إليه أو افده بقيمة الجارية فأيما ذلك فعل لم يرجع على الغاصب بشيء وإذا اغتصب الرجل عبدا فقتل مولاه أو قتل عبدا لمولاه وقيمته أكثر من قيمته ثم رده الغاصب على مولاه فان الغاصب ضامن لقيمة العبد الذي اغتصب ألا ترى أن العبد المغتصب لو قتل نفسه ضمنته الغاصب فكذلك قتله عبد مولاه أو مولاه وكذلك لو استهلك المولى مولاه أو عبد مولاه وكذلك لو استهلك المولى مالا أو متاعا يبلغ قيمته أو يزيد فان كان لا يبلغ قيمته فانما يضمن الغاصب الأقل من ذلك وهذا قول أبي حنيفة وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد إن الغاصب لا يضمن من ذلك شيئا لأن العبد لا يلحقه من هذا شيء ألا ترى أنه لا يدفع بشيء منه ولا يباع فيه وليس هذا كقتله نفسه وإذا اغتصب الرجل عبدا ثم أمره أن يقتل رجلا فقتله ثم رد إلى مولاه فقتل عنده آخر فاختار المولى أن يدفعه فانه يدفعه إليهما نصفين ويضمن الغاصب نصف قيمته فيدفعها إلى المولى ويدفعها المولى إلى أولياء القتيل الأول ثم يرجع بها المولى على الغاصب وأمر الغاصب هاهنا وغير أمره سواء من قبل أنه جنى وهو بيده وهو قول
أبي حنيفة وأبي يوسف وأما في قول زفر ومحمد فانه يأخذ المولى من الغاصب نصف القيمة الأولى فيسلم له ولا يدفع إلى ولي الجناية الأولى من قبل أنه جنى وهو في يده
ولو أن أولياء قتيل الأول عفوا عن الدم كان على المولى أن يدفع نصفه إلى أولياء قتيل الآخر ولا يرجع على الغاصب بشيء من قبل أنه لم يؤخر بسببه شيء
وكذلك لو أمسك عبده وفداه فانه يدفع إلى الآخر عشرة آلاف ولا شيء للأول لأنه قد عفا ولا شيء للمولى على الغاصب الأول
ولو دفع العبد إليهما قبل أن يعفو الأول ثم عفا الأول عما بقي له وأخذ المولى الغاصب بنصف القيمة لم يكن لولي قتيل الأول على ذلك النصف القيمة سبيل لأنه قد عفا ويكون للمولى على حاله ولا يرجع على الغصب بغيره من قبل أنه لم يؤخذ من يديه ولا شيء لولى القتيل الآخر من قبل أنه جنى عليه يوم جنى وفي عنقه جناية فانما يكون له نصفه
وإذا اغتصب الرجل عبدا واستودع مولى العبد الغاصب أمة فقتل العبد قتيلا في يدي الغاصب ثم قتلته الأمة فانه يكون على الغاصب قيمة العبد يدفعها إلى المولى فدفعها المولى إلى أولياء القتيل ثم يدفع الغاصب قيمة أخرى إلى المولى من قبل أن القيمة الأولى لم تسلم له إنما تلفت ما كان في يدي الغاصب من الجناية ثم يقال للمولى ادفع امتك الوديعة إلى الغاصب تقتل أو افدها بقيمة العبد لأن العبد
قد صار للغاصب حين غرم قيمته ولو أن العبد هو الذي كان قتل الأمة مع قتله الرجل الآخر كان المولى بالخيار في الدفع والإمساك فان اختار الدفع قسم العبد على دية القتيل وقيمة الأمة فيأخذ من ذلك أولياء القتيل مما أصاب الدية ويأخذ المولى ما اصاب قيمة الأمة ويضمن له الغاصب تمام قيمة الأمة ويرجع المولى على الغاصب من قيمة العبد بمثل ما أخذ أولياء القتيل من قيمة العبد وهذا قول أبي حنيفة وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد إن المولى لا يضرب بشيء من قيمة الأمة في العبد لأنها أمته وعبده وإن دفعه دفعه كله إلى أولياء القتيل ورجع بقيمته على الغاصب
وإذا اغتصب الرجل أمة من رجل فقتلت عنده قتيلا خطأ ثم ولدت ولدا ثم قتلها ولدها فان على الغاصب أن يرد الولد وأن يرد قيمة الأم على المولى بما اغتصبها منه ويقال للمولى ادفع هذه القيمة إلى أولياء القتيل ثم ارجع بها على الغاصب فيكون في يديك ثم يقال له ادفع الولد إلى الغاصب لأن الأمة قد صارت له حين غرم قيمتها أو افده بقيمة الأم وإذا اغتصب الرجلان من الرجال عبدا فقتل في أيديهما قتيلا خطأ ثم إنه قتل أحدهما فانه يقال للمولى ادفعه إلى أولياء القتيلين نصفين
وترجع على الغاصبين بقيمته فيدفع نصفها إلى أولياء القتيل الأول ثم يرجع به المولى على الغاصب الأول وفي مال الغاصب القتيل فيكون له ولا يرجع فيها واحد من الغاصبين من قبل أن العبد لم يصل إليهما إلا بعد الجناية ولم يجن في يديه
باب جناية المكاتب
* وإذا جنى المكاتب جناية خطأ فانه ينظر في أرش الجناية وفي قيمة المكاتب فيكون على المكاتب الأقل من ذلك يسعى فيه فان جنى جناية أخرى بعد ماقضي القاضي بالأولى فعليه أن يسعى في الأقل من قيمته أيضا ومن الجناية فان كان جنى جناية أو جنايتين أو ثلاثة قبل أن يقضي القاضي بشيء من ذلك عليه فانه ينظر إلى قيمته وإلى جميع أرش الجنايات فان كان الأرش كله أقل من القيمة يسعى في الأرش لهم وإن كانت القيمة أقل من الأرش سعى في القيمة بينهم على قدر جناياتهم وإن كانت الجنايات أنفسا قتلها وقيمته أكثر من ذلك فانما يسعى في عشرة آلاف إلا عشرة دراهم ولا يجاوز به ذلك من قبل أنه لو قتل كان على عاقلة قاتله ذلك فكذلك إذا جنى هو فانه لا يبلغ بقيمته أكثر مما يكون فيه إذا قتل هو وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وإذا قتل المكاتب قتيلا خطأ وقيمته ألف فلم يقض عليه بشيء حتى قتل آخر وقيمته يومئذ الفان ثم دفعه إلى القاضي فانه يقضيعلى المكاتب أن يسعى في ألفين فأما أحد الألفين فهو للآخر خاصة وأما الألف الآخر فهو بينهما يضرب فيه الأول بعشرة آلاف والآخر بتسعة الآف فما خرج من السعاية قبل أن يستكمل الأداء فهو بينهما على قدر هذا
وإذا قتل المكاتب رجلا خطأ ثم إنه اعور أو عمي أو اصابه عيب ينقص ذلك من قيمته ثم خوصم إلى القاضي فان على المكاتب قيمته صحيحا يوم جنى وكذلك لو لم ينقص ولكنه ازداد خيرا أو زادت قيمته ثم خوصم إلى القاضي فان عليه قيمته يوم جنى ولست أنظر في هذا إلى النقصان والزيادة إنما عليه قيمته يوم جنى وإذا جنى المكاتب فلم يقض عليه بشيء حتى عجز فرد رقيقا فان مولاه بالجناية إن شاء دفعه بالخيار وإن شاء فداه وإن أفسد المكاتب متاعا أو عقر دابة أو غصب شيئا أو استهلك شئا فهو ضامن لقيمته بالغا ما بلغ دين عليه وليس هذا كالجناية في بني آدم ولو رد المكاتب في الرق كان هذا دينا عليه يباع فيه وليس هذا كالجناية في بني آدم وإذا اغتصب المكاتب رقيقا كان ضامنا لقيمتهم بالغا ما بلغ وليس هذا كالجناية في النفس ألا ترى أنه لو باع بن عبد بيعا فاسدا كان عليه قيمته بالغا ما بلغ وكذلك الغصب
وإذا وجد في دار المكاتب قتيل فانه يقضي عليه بأن يسعى في قيمته وكذلك لو أشرع كنيفا في الطريق أو مال حائط له فاشهد عليه أو أحدث في الطريق حدثا أو احتفر بئرا فهذا كله سواء يسعى في قيمته فان عجز المكاتب فرد رقيقا قبل أن يقضي عليه بالقيمة فانه يقال لمولاه ادفعه أو افده وجميع ما ذكرنا من الحائط والبناء والقتيل في الدار والحفر سواء
وإذا قتل المكاتب قتيلين خطأ فيقضي عليه بنصف القيمة لأحدهما والآخر غائب ثم قتل آخر ثم عجز فانه يخير المولى فان اختار الدفع دفع نصفه إلى الثالث وأتبعه الأول بنصف القيمة فيباع له ذلك النصف في دينه ويدفعه النصف الآخر إلى الثالث وإلى الأوسط فيضرب فيه الأوسط الذي لم يكن قضي له بشيئ بعشرة آلاف ويضرب فيه الثالث بخمسة آلاف وإذا جنى المكاتب جناية ثم مات ولم يترك إلا مائة درهم ومكاتبته أكثر من ذلك ولم يقض عليه بالجناية فان المائة درهم للمولى من قبل أنه مات وهو عبده ألا ترى أنه لو جنى فعجز قيل لمولاه ادفعه أو افده ولو ترك وفاء بالجناية والمكاتبة والجناية لم يقض بها كان عليه الأقل من قيمته ومن أرش الجناية لأهل الجناية ثم يستوفي المولى بعد ذلك المكاتبة وما بقي فهو ميراث ولو كان عليه دين مع ما وصفت لك بالدين ثم كان ما بقي على ما وصفت لك
فان كانت الجناية قد قضي بها كان ما ترك من أصحاب الدين والجناية جميعا يضربون في ذلك بالحصص إذا كانت الجناية قد قضي بها فان لم يكن قضي بها بدئ بالدين فان فضل شيء بعد ذلك فهو وفاء للمكاتبة كان لأصحاب الجناية من ذلك الأقل من قيمة المكاتب ومن الجناية وإن لم يكن فيه وفاء للمكاتبة كان ما بقي بعد الدين للمولى ولا شيء لأصحاب الجناية
وإذا مات المكاتب وترك ابنا قد ولد له في مكاتبته من أمة له وعليه دين وجناية قد قضي بها عليه أو لم يقض بها عليه فان الابن يسعى في الدين ويسعى من الأقل من قيمة ابنه يوم جنى وأرش الجناية ويسعى في المكاتبة ولا يجبر على أن يبدأ من ذلك بشيء قبل شيء غير أنه عجز عن شيء من النجوم أو أخره عن محله ولم يكن عنده وفاء بذلك حاضر فانه يرد في الرق فان رد في الرق بعد ما قضي عليه القاضي بالجناية فانه يكون الثمن بين الغرماء وأصحاب الجناية بالحصص وإن لم يقض بالجناية فانه يكون الثمن بين الغرماء وأصحاب الجناية بالحصص وإن لم يقض بالجناية حتى عجز فان الجناية هاهنا باطل لا يلزمه من قبل أن المكاتب الأول مات عاجرا فصارت الجناية جناية عبد فلا يلزم الابن منها شيء وعجز الابن وعجز الأب سواء ألا ترى أن الابن إذا أدى عتق أبوه وإذا مات المكاتب وقد جنى جناية وترك ابنا قد ولد في مكاتبته
من أمه له وهي حية مع ابنها فانه يقضي عليهما بأن يسعيان في المكاتبة وفي الأقل من قيمة المكاتب وأرش الجناية إن كان قضي بها على المكاتب فهي لهما لازمة وإن لم يقض بها عليه حتى مات فرفعهما أولياء الجناية إلى السلطان قضي بها عليهما فان قتلت الأم قتيلا خطأ قضي عليها أن تسعى في قيمتها لأولياء القتيل فان قتل الابن قتيلا خطأ قضي عليه أن يسعى في قيمته لأولياء القتيل ويسعيان فيما سوى ذلك على حاله ولو كانت هاتين الجنايتين قبل أن يقضي عليهما بالجناية الأولى لم يقض ذلك من جناية الأولى من قبل أن جناية الأب ليس بجنايتهما إنما هو دين لحقهما من قبل الأب فان عجز ورد رقيقا فانه يباع الابن في جنايته خاصة وتباع الأم في جنايتها خاصة فان فضل من أثمانهما شيء كان في جناية الأب وإن لم يفضل من اثمانهما شيء فلا شيء لأصحاب جناية الأب
وإذا ماتت المكاتبة وتركت مائة درهم ابنا ولدته في مكاتبتها وعليها دين وقد قتلت قتيلا خطأ قضي عليها به أو لم يقض فانه يقضي على الابن أن يسعى في المكاتبة وأن يسعى في الدين والجناية ويسعى فيها على ما وصفت لك والمائة درهم من أهل الجناية وأهل الدين بالحصص وإنما أوجبت لأهل الجناية ذلك من قبل أن المكاتبة خلفت ابنا يسعى في مكاتبتها فكأنها حية تسعى في مكاتبتها ألا ترى
أنها لم اتعجز حين كانت من يسعى في المكاتبة بعدها ولو أن الابن استدان دينا وجنى جناية فقضي بذلك عليه مع ما قضي به عليه من دين أمه وجنايتها كان عليه أن يسعى في ذلك كله فان عجز فرد في الرق فانه يباع في دينه وجنايته خاصة دون دين أمه وجنايتها فان فضل شيء من ثمنه كان في دين أمه وجنايتها بالحصص فان كان إنما عجز قبل أن يقضي بالجناية فانه يخير مولاه فان شاء دفعه وإن شاء فداه وتبعه دينه عند أهل الجناية فيباع في دينه خاصة دون دين أمه وجنايتها فان فضل شيء من ثمنه لم يكن في دين أمه ولا في مكاتبتها وجنايتها لأن جنايته أولى من الدين الذي لحقه من قبل أمه وإن أمسكه المولى وفداه بيع في دينه فان بقي من ثمنه شيء بعد دينه كان ذلك في دين أمه وجنايته وإن أمسكه المولى وأدى الفداء أتبعه دينه عند المولى ا وكانت حاله في ذلك كحاله على ما وصفت لك وإذا جنى المكاتب ثم مات قبل أن يقضي عليه بشيء وترك رقيقا وعليه دين فانه يباع رقيقه في دينه ويبدأ به قبل الجناية لأنه مات قبل أن يقضي عليه بشيء وإن لم يبق من تركته شيء بطلت الجناية وإن بقي شيء من تركته وفيه وفاء بالمكاتبه كان لهم أن يستوفوا الأقل من قيمته ومن أرش الجناية فان بقي شيء أديت المكاتبة بعد فان بقي شيء كان ميراثا فان كانت الجناية قد قضي بها
في حياته فهو والدين سواء يتحاصون وإذا كان مملوك من رقيقه فد أذن له في التجارة فاستدان دينا ثم مات المكاتب ولعيه دين وعلى مملوكه دين فانه يباع مملوكه في دينه خاصة دون دين المكاتب فان بقي شيء من ثمنه كان في دين المكاتب وإذا جنى عبد المكاتب فقتل رجلا خطأ ثم مات المكاتب وعليه دين وبقي العبد وليس للمكاتب مال غيره فانه خير المولى فان شاء دفعه هو وجميع الغرماء بالجناية ولا حق للغرماء فيه وإن شاؤا فدوه بالدية ويباع في دين الغرماء
وإن كان على العبد دين أيضا مع جنايته ودين المكاتب فانه يخير مولاه فان شاء دفع وأتبعه دينه إيما كان حتى يباع فيه ولا شيء لغرماء المكاتب فيه وإن شاء المولى فداه ثم يباع لغرماء العبد خاصة فان فضل شيء بعد ذلك كان بين غرماء المكاتب من قبل أن المولى قد أمسكه وصار متطوعا في الفداء وقال زفر إن جنى المكاتب جنايات معا قبل أن يقضي عليه فان عليه لكل جناية الأقل من قيمته وأرش الجناية والقضاء وغير القضاء في ذلك سواء فان جنى جناية ثم عجز قبل أن يقضي عليه بها فانه يباع في الأقل من قيمته وأرش الجناية ولا يدفع والقضاء وغير القضاء في ذلك سواء
باب جناية المكاتب بين اثنين
* وإذا كان العبد بين اثنين فكاتبه أحدهما على نصيبه بغير أمر صاحبه ثم جنى جناية ثم ادى فعتق فانه يقضي على المكاتب بالأقل من نصف قيمته ونصف أرش الجناية فأما الشريك الذي لم يكاتب فانه يأخذ من شريكه نصف ما أخذ من المكاتب ويرجع به الشريك على المكاتب والشريك الذي لم يكاتب بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته ويكون الولاء بينهما وإن شاء ضمن شريكه الذي كاتب العبد إن كان موسرا ويرجع بذلك على العبد فاذا فعل الشريك الذي لم يكاتب إحدى هذه الخصال وقبض فهو ضامن للأقل من نصف قيمة المكاتب ونصف أرش الجناية ولو خاصم المكاتب في الجناية قبل أن يعتق فقضي عليه القاضي بنصف أرشها ثم إنه عجز عن المكاتبة ورد رقيقا فانه يباع نصفه فيما قضى به عليه وهو النصف الذي كاتب ويقال للمولى الآخر الذي لم يكاتب ادفع نصيبك بنصف الجناية أو افده بنصف أرش الجنايةوإذا كان العبد بين اثنين فكاتب أدهما حصته بغير أمر شريكه ثم اشترى المكاتب عبدا فجنى عنده جناية ثم إن المكاتب أدى فعتق فانه يخير المكاتب والذي لم يكاتب فان شاءا دفعاه وإن شاءا
فدياه بالدية
ولو كان هذا العبد ابن المكاتب ولد عنده من أمة له كان عليه أن يسعى في الأقل من نصف قيمته ونصف أرش الجناية وليس على المولى الذي لم يكاتب شيء حتى يعتق أو يستسعى ثم يضمن الأقل من نصف قيمته ومن نصف أرش الجناية وإذا كان العبد بين أثنين فكاتب أحدهما حصته بغير أمر شريكه ثم إن العبد ولد له من أمة له ابن في المكاتبة فجنى ابنه جناية على الأب ثم أدى الأب فعتق فان في عتق الابن نصف قيمة نفسه يسعى فيها للمولى الذي لم يكاتب والذي لم يكاتب بالخيار في المكاتب على ما وصفت لك وأما أم ولد المكاتب فان المكاتب ضامن لنصف قيمتها للذي لم يكاتب من قبل أنها أم ولد فلا تسعى في حال وأما جناية الابن على الأب فقد جنى حين جنى ونصفه مكاتب مع أبيه ونصفه رقيق والأب على تلك الحال فما كان في الأب من حصة الذي لم يكاتب فهو في عنق الابن يبطل من ذلك النصف ويثبت نصفه وهو ربع الجناية في النصف الذي أخذه المولى من الابن ويكون على الابن الأقل من نصف قيمته ومن ربع قيمة المكاتب للمولى الذي لم يكاتب فيكون قصاصا ولا يكون لأحد على أحد شيء
وإذا كاتب الرجل أمة بينه وبين رجل على حصة منها ثم إنها ولدت ولدا فازدادت خيرا أو نقصت بعيب ثم أدت فأعتقت فاختار الشريك أن يضمن الذي كاتب وهو موسر فانه يضمن نصف قيمتها يوم
عتقت زائدة كانت أو ناقصة ألا ترى أني أجعل له نصف ما اكتسب قبل أن يعتق ونصف أرش ما جنى عليهما قبل أن يعتق ولو كان الضمان وقع في يوم كاتب لم يكن له من ذلك شيء وللمولى الذي لم يكاتب أن يستسعى الابن في نصف قيمته وإذا كاتب الرجل أمة بينه وبين رجل على نصيبه منها ثم إنها ولدت ولدا فكاتب الاخر نصيبه من الولد ثم إن الولد جنى على أمه أو جنت عليه جناية لا تبلغ النفس ثم أديا فعتقا والموليان موسران فالذي كاتب الأم لا ضمان له على شريكه في الولد من قبل أن مكاتبة الأم مكاتبة للولد لأنها ولدته وهي مكاتبة وللذي كاتب الابن أن يضمن الذي كاتب الأم نصف قيمة الأم وإن شاء استسعاها وإن شاء أعتقها فان أعتقها أو استسعاها فولاؤها وولاء ولدها بينهما نصفان وإن ضمن مولى الأم الذي كاتبها فولاء الأم له خاصة وولاء الولد بينهما وجناية الولد على أمه وجناية أمه على ما وصفت لك في العبد وابنه
وإذا كان العبد بين اثنين وقيمته الف درهم ففقأ العبد عين أحدهما ثم إن الذي فقئت عينه كاتب نصيبه منه ثم إنه جرحه جرحا آخر ثم أدى فعتق ثم مات المولى بالجنايتين جميعا فان الذي لم يكاتب يأخذ من الذي كاتب نصف ما أخذ من المكاتبة ويرجع بذلك ورثة الذي كاتب على العبد وللذي لم يكاتب أن يستسعى العبد إن شاء
وإن شاء أعتقه وإن شاء ضمن الذي كاتب في ماله إن كان ترك مالا ويقال له إذا فعل إحدى هذه الخصال عليك أن تدفع نصف قيمة العبد إلى ورثة الميت بجنايتة ويقال للعبد عليك أن تسعى في الأقل من نصف قيمتك وربع الدية لورثة المكاتب من قبل جنايتك
وإذا كان العبد بين رجلين فجنى على أحدهما ففقأ عينه أو قطع يده ثم إن الآخر باع نصف نصيبه من شريكه وهو يعلم بالجناية ثم إن العبد جنى عليه أيضا جناية أخرى ثم إن المولى الذي باع ربعه اشترى ذلك الربع ثم كاتبه الذي جنى عليه على نصيبه منه ثم جنى عليه جناية أخرى ثم أدى فعتق ثم مات المولى من الجنايات كلها فان المكاتب يكون عليه نصف قيمته يجنايته وهو مكاتب إلا أن يكون ربع الدية اقل من ذلك ويكون على الشريك الذي لم يكاتب سدس دية صاحبه وربع سدس ديته ونصف قيمة العبد ولا يؤدي نصف القيمة حتى يعتق أو يسعى أو يضمن إلا أن يكون سدس الدية وربع سدس الدية اقل من نصف القيمة فيغرم الأقل من ذلك وقد بطل نصف سدس الدية بجناية الربع الذي اشترى المجني عليه في ملكه وإذا كان العبد بين اثنين فقطع يد رجل ثم باعه أحدهما من صاحبه وهو يعلم ثم اشتراه منه فقطع يد آخر وفقأ عين الأول ثم ماتا جميعا من ذلك فانه يقال للشريك الأول الذي كان اشترى ادفع نصيبك الذي كان في يديك إلى أولياء القتينلين فيكون بينهما نصفين أو افده بعشرة آلاف لكل واحد بخمسة آلاف ويقال للشريك البائع أول مرة
ادفع ألفين وخمسمائة إلى ولي القتيل الأول وادفع إليه ثلث نصيبك أو افده بألفين وخمسمائة وادفع إلى ولي القتيل الآخر بثلثي نصيبك أو افده بخمسة آلاف
وإذا كان العبد بين اثنين فجرح رجلا جرحا خطأ فكاتبه أحد الشريكين وهو يعلم بذلك ثم جرح الرجل أيضا خطأ فكاتبه الثاني وهو يعلم بذلك ثم جرح الرجل الثالث وهو مكاتب لهما على حاله ثم مات الرجل من ذلك فان على المولى الذي كاتب أولا ربع الدية وعلى المولى الذي كاتب أخيرا نصف القيمة إلا أن يكون ربع الدية أقل من ذلك وعلى المكاتب أن يسعى في قيمته إلا أن يكون نصف الدية أقل من ذلك فيكون عليه نصف الدية وهذا الباب كله قياس قول أبي حنيفة
باب جناية المدبر
وإذا قتل المدبر رجلا خطأ فان على مولاه قيمته يوم قتل مدبرا لأولياء القتيل ولا يكون على العبد شيء من ذلك ولا يكون على العاقلة لأنه حال بينهم وبين العبد بالتدبير فان جنى المدبر جناية فقتل رجلا آخر خطأ فانهم يشتركون في تلك القيمة الأولى لا يكون على المولى شيء سوى القيمة الأولى ودفعه القيمة الأولى بمنزلة دفعه العبد بالجناية ولو كان بين الجنايتين وبين قبض القيمة عشرون سنة أو أكثر من ذلك كان لأهل الجناية الآخرة أن يشركوهم في القيمة فان كانت الجناية الآخرة غير نفس كانت قطع يد أو فقأ عين فانهم يشتركون معأصحاب الجناية الأولى فيكون لأصحاب قطع اليد ثلث القيمة ولأصحاب القتيل الأول ثلثا القيمة
وإذا اكتسب المدبر مالا أو وهب له هبة فانه لا يكون لأصحاب الجناية من ذلك شيء
وإذا جنى المدبر وقيمته الف درهم فقتل رجلا خطأ ثم عمى أو ذهبت إحدى عينيه فان على المولى قيمته صحيحا يوم جنى لأهل الجناية وكذلك لو كان ازداد خيرا ولم يصبه ذلك البلاء ولكنه زادت قيمته فانما يكون على المولى قيمته صحيحا يوم جناه وإذا دفع المولى القيمة يوم جنى بغير أمر القاضي ثم جنى جناية ثانية فقتل قتيلا خطأ فانهما يتبعان أهل الجناية الأولى فيأخذوا منهم نصف القيمة وإن شاءا تبعوا بذلك المولى ورجع به المولى على الذي أخذ منه القيمة وإن كان المولى دفعه بقضاء قاض فلا ضمان على المولى ولكن أهل الجناية الآخرة يتبعون أهل الجناية الأولى ولا يضمنون المولى شيئا فيأخذون منه نصف القيمة وأم الولد في جيمع ما ذكرنا من جناية المدبر بمنزلة المدبر في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد قضاء القاضي وغير قضاء القاضي سواء ولا ضمان على المولى في شيء من ذلك إذا دفع القيمة وإذا قتل المدبر قتيلا خطأ وقيمته ألف درهم ثم زادت قيمته
حتى صار يساوي ألفين ثم قتل آخر خطأ ثم نقص أو دخله عيب حتى صار يساوي خمسمائة ثم قتل آخر خطأ فان على مولاه ألفي درهم أكثر قيمته فيكون ألف درهم منها لولي القتيل الأوسط لأنه قتله وقيمته ألفان وتكون خمسمائة من الألف الباقية بين ولي القتيل الأول والأوسط فيضرب فيها الأوسط بتسعة آلاف والأول بعشرة آلاف ويكون الخمسمائة الباقية بينهما جميعا يضرب فيها الآخر بعشرة آلاف ويضرب الأول بعشرة آلاف إلا ما أخذ ويضرب الأوسط بعشرة آلاف إلا ما أخذ
وإذا قتل المدبر قتيلا خطأ وقيمته ألف درهم فدفعها المولى بقضاء قاض ثم نقص المدبر أو دخله عيب فصار يساوي خمسمائة درهم ثم قتل آخر فانه لا شيء على المولى الآخر وخمسمائة مما أخذ للأول خاصة والخمسمائة الباقية يضرب فيها الآخر بعشرة آلاف والأول بعشرة آلاف إلا خمسمائة وذلك لأنه جنى على الأول وقيمته ألف فكانت خمسمائة له خالصة وجنى على الآخر وقيمته خمسمائة فلا يكون جناية الآخر في الألف كلها إنما جنايتهما في خمسمائة منها على قدر قيمة المدبر يوم جنى عليه وإذا اجتمع مدبر وأم الولد وعبد ومكاتب فقتلوا رجلا خطأ فانه يقال لمولى العبد ادفعه أو افده بربع الدية ويقال للمكاتب اسع
في الأقل من قيمتك وربع الدية فيسعى في الأقل من ذلك وأنظر إلى ربع الدية وإلى قيمة المدبر فيكون على المولى الأقل من ذلك وكذلك أم الولد
وإذا أفسد المدبر متاعا أو عقر دابة أو استهلك مالا أو هدم دارا فان ذلك كله يسعى فيه بالغا ما بلغ وليس على المولى من هذا شيء من قبل أنه لو كان غير مدبر كان على المولى أن يبيعه في هذا والجناية في الناس لا يباع فيها إنما يدفع أو يفدي فلذلك اختلفا
وإذا جنى المدبر فقتل قتيلا خطأ أو استهلك مالا فان على المولى قيمته لأولياء القتيل يدفعها إلى أولياء القتيل وعلى المدبر أن يسعى فيما استهلكه من المال ولا يتبع أصحاب المال أولياء القتيل بما أخذوا ولا يشركونهم فيه من قبل أنها جناية والذي لهم دين ولم أن يستسعوا المدبر ولا يحال بينهم وبين ذلك وإذا مات المولى وترك مدبرا قد كان قتل قتيلا خطأ وأفسد متاعا ولا مال لمولاه غيره ولم يقض عليه بشيء فان على مولاه قيمته لأصحاب الجناية وعلى المدبر الذي أفسد المتاع ما أفسد من ذلك فيقال للمدبر اسع في قيمتك فيكون ذلك لهم دون أصحاب الجناية من قبل أن هذا دين في عنقك وجنايته في عنق المولى ولا يسعى للمولى في شيء من قبل أن قيمته قد استغرقت دينه فان كان دينه أقل من القيمة سعى
لهم في بقية القيمة فيكون ذلك قضاء فيستوفي أهل الدين دينهم وما بقي كان لأهل الجناية من دين المولى وإن كان قد قضي على المولى وعلى المدبر قبل أن يموت المولى أو لم يقض فهو بمنزلة هذا وكذلك أم الولد في جميع ما ذكرنا إلا في خصلة واحدة لا تسعى لأصحاب الجناية في شيء
باب جناية العبد على مولاه
وإذا جنى المدبر على مولاه جناية تبلغ النفس أو لا تبلغ النفس فلا شيء على المدبر في ذلك لأنه لا يكون على عبده دين له وكذلك هذه الجناية لو كانت في عبد للمولى أو أمة فبلغت النفس أو دونها فلا شيء عليه فيهوإذا قتل المدبر مولاه خطأ فان عليه أن يسعى في قيمته من قبل أنه لا وصية له لأنه قاتل ولا شيء عليه من قبل الجناية لأنه عبده ولو كانت أم ولد وقتلت مولاها خطأ لم يكن عليها أن تسعى في شيء لأن عتقها ليس بوصية وليس عليها من الجناية شيء لأنها أمته وإذا قتل المدبر مولاه عمدا فعليه السعاية في قيمته من قبل أنه لا وصية له وعليه القصاص فان كان له ابنان لا وارث له غيرهما فعفا أحدهما عن المدبر فعلى المدبر أن يسعى في نصف قيمته للذي لم يعف مع القيمة التي عليه لهما جميعا
وإذا قتلت أم الولد مولاها عمدا فان لم يكن لها منه ولد فعليها القصاص ولا سعاية عليها فان كان لها منه ولد فلا قصاص عليها
من قبل أنه لا قصاص لولد من والد ولا والدة وقد صار لابنها القصاص وعليها أن تسعى في القيمة من قبل الجناية لأنه كان لابنها عليها القصاص فلما صار لابنها فيه حق صار بمنزلة الصلح وهذا قول أبي حنيفة وابي يوسف ومحمد وإذا قتل العبد مولاه عمدا وليس بمدبر فعليه القصاص ولا سعاية عليه ولا يعتق فان كان له وليان فعفا أحدهما عن الدم فهو عبد على حاله بينهما ولا شيء عليه للذي لم يعف في قول أبي حنيفة ومحمد وأما في قول أبي يوسف فعلى الذي عفا للذي لم يعف ربع العبد أو يفديه بربع الدية وإذا كان القتل خطأ من العبد فلا شيء عليه ولا سعاية
باب جناية المدبر في البئر وغيره وعلى مولاه
وإذا قتل المدبر مولاه خطأ فلا شيء عليه من قبل الجناية لأنه ماله وعبده فلا يلزم عبده دين عليه ولكن عليه أن يسعى في قيمته من قبل أنه لا وصية له وجنايته ما دام يسعى والجناية عليه مثل جناية العبد في قول أبي حنيفة وهو مثل جناية الحر في قول أبي يوسف ومحمد ولو قتل مولاه عمدا كان عليه القصاص وعليه قيمته من قبل أنه لا وصية له فان بدأ بالقتل فقتلوه فالقيمة دين عليه وإن بدؤا بالسعاية حتى يستوفوا المال ثم قتلوه فلهم ذلك فان كان للمولى ابنان فعفا أحدهما عن الدم كان عفوه جائزا ولا قصاص على المدبر بعد العفو وعلى المدبر أن يسعى في قيمته ونصف قيمته من ذلكمن قبل أنه لا وصية له فقيمته بين الوارثين ونصف قيمته للذي لم يعف أوجبت له حين عفا أخوه وإنما أوجبت نصف قيمته لأن المدبر جنى وهو بمنزلة العبد في الجناية ما دام يسعى وإن كان على المولى دين فهذه القيمة والنصف للغرماء هم أحق بذلك من الورثة فان بقي منها شيء فهو بين الوارثين للذي عفا من ذلك الثلث وللذي لم يعف من ذلك الثلثان على قدر ما كان لهما إن لم يكن عليه دين وإذا أفسد المدبر متاعا لمولاه أو جنى عليه جناية لم تبلغ النفس ثم مات المولى من غير تلك الجناية فلا شيء على المدبر من ذلك لأنه عبد للمولى لا يلزمه لمولاه دين ويعتق المدبر من الثلث وإذا قتل المدبر مولاه عمدا وللمولى وارثان هما عصبة المولى واحدهما ابن المدبر فان على المدبر أن يسعى في قيمتين قيمة من قبل أنه لا وصية له وقيمة من قبل القتل لأنه كان عمدا فعليه القصاص وإنما يبطل القصاص حين ورث ابن المدبر وليس هذا كالعبد في الباب الأول وإذا احتفر المدبر بئرا في طريق أو أحدث فيه شيئا فأصاب ذلك المولى فقتله فلا شيء على المدبر من ذلك ويعتق من الثلث وإنما
جازت الوصية من قبل أن المدبر ليس بقاتل بيده ألا ترى أنه لا كفارة عليه إنما يحرم الوصية القاتل الذي يجب عليه الكفارة
باب جناية المدبر على غير مولاه
وإذا قتل المدبر رجلا خطأ فعلى المولى قيمة المدبر يقضي بها القاضي عليه وليس على المدبر شيء من ذلك فان قتل آخر بعد ذلك شرك الأول في تلك القيمة الأولى كأنه دفع العبد بنفسه إليهم ولو لم يكن دفع القيمة الأولى ولم يقض به القاضي حتى قتل الثاني كانت القيمة كذلك بينهما نصفين فان كانت قيمته يوم قتل الأول ألف درهم وقيمته يوم قتل الثاني ألفان فعلى المولى ألفان يأخذ الآخر إحداهما ويقتسمان الأخرى يضرب فيها الآخر بتسعة آلاف والأول بعشرة آلاف من قبل أن الآخر أخذ ألفا فلا يضرب بأكثر من تسعة آلآف وإذا قتل المدبر رجلا خطأ وفقأ عين آخر فان على المولى قيمته لولى القتيل منها الثلثان ولصاحب العين الثلث وإذا قتل آخر بعد ذلك شركهم فكان له خمسا ما أخذ كل واحد منهما ولولى القتيل الأول خمسى القيمة يأخذه منها ولصاحب العين خمسها
وإذا قتل المدبر رجلا وقيمة المدبر ألف درهم ثم فقأ رجل عين المدبر فغرم خمسمائة درهم ثم قتل المدبر آخر فان الخمسمائة ارش العين للمولى لا شيء لواحد من أولياء الجناية فيها وعلى المولى ألف درهم خمسمائة منها للأول وخمسمائة منها يضرب فيها الأول بالدية إلا خمسمائة ويضرب فيها الآخر بالدية وإذا قتل المدبر رجلا خطأ ثم فقأ عبد عينه فدفع بذلك ثم قتل المدبر آخر فان على المولى قيمته صحيحا نصفها للأول والنصف الباقي بينهما على دية الأول إلا ما أخذ ودية الآخر والعبد الذي يأخذ في عينه للمولى ولا سبيل عليه لأولياء الجناية ألا ترى أنه لو باعه أو وهبه ولم يأخذه في الجناية لم يضمن ذلك لأصحاب الجناية وكان على المولى قيمة المدبر صحيحا
وإذا جنى المدبر جناية في دابة أو متاع أو مال فليس على مولاه من ذلك شيء وهو على المدبر دين في عنقه بالغا ما بلغ فان أعتقه المولى لم يضمن المولى من ذلك شيئا وكان ذلك دينا على المدبر يتبع به وليس هذا كالجناية في الناس لأن الجناية في الناس يدفع العبد بها وما سوى ذلك لا يدفع به
وإذا قتل المدبر رجلا خطأ واستهلك لرجل ألف درهم فان على المولى قيمته لأهل الجناية وعلى المدبر أن يسعى في ألف درهم لأصحاب الدين فان لم يقض القاضي في شيء من ذلك حتى مان المولى
ولا مال له غير المدبر وقيمته ألف درهم فان على المدبر أن يسعى لأصحاب الدين في الألف ولا شيء لأصحاب الجناية من قبل أن دين أصحاب الجناية على المولى ودين أصحاب المدبر في الألف على المدبر فهم أولى بسعايته
وكذلك لو أن رجلا قتل المدبر فغرم قيمته كان لأصحاب الدين دون أصحاب الجناية وكذلك لو كان المدبر جنى وإذا قتل المدبر رجلا خطأ فدفع المولى قيمته بغير قضاء قاض ثم قتل آخر فانه يتبع الثاني الأول بنصف القيمة ولا شيء على المولى من قبل أنه دفع ذلك يوم دفعه وهو للأول في قول أبي يوسف ومحمد وأما في قول ابي حنيفة فان الآخر بالخيار إن شاء ضمن المولى نصف القيمة وإن شاء ابتع الأول يأخذ نصف ما في يديه فان هو ضمن نصف القيمة رجع المولى بها على الأول ولو كان المولى دفع القيمة بقضاء قاض لم يكن على المولى شيء وابتع الآخر الأول
وإذا قتل المدبر عبدا خطأ فان على المولى أن يدفع الأقل من قيمة القتيل وقيمة المدبر وكذلك لو قتل مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا أو مكاتبة وإذا قتل المدبر رجلين أحدهما عمدا والآخر خطأ فعلى المولى قيمته لأصحاب الخطأ فان عفا أحد ولي العمد فان القيمة بينهم أرباعا للذي لم يعف ربع القيمة ولصاحب الخطأ ثلاثة أرباعها
في قول أبي يوسف ومحمد وأما في قياس قول أبي حنيفة فالقيمة بينهم أثلاثا للذي لم يعف ثلثاه والثلث لأولياء الخطأ
وإذا احتفر المدبر بئرا في طريق المسلمين فوقع فيها رجل فمات فعلى المولى القيمة فان قتل المدبر آخر بيده خطأ فانهم يشتركون في تلك القيمة وكذلك إن عطب رجل بحجر وضعه المدبر في الطريق فمات فهو شريكهم في تلك القيمة وهو بينهم أثلاثا
وإذا قتل المدبر رجلا عمدا ثم عفا أحد الوليين فللآخر نصف القيمة فان قتل آخر خطأ فللآخر نصف القيمة على المولى وله نصف ما أخذ الأول فيكون لولي القتيل الآخر ثلاثة أرباع القيمة وللآول ربع القيمة وليس هذا كالنفس والعين لأن العين في رقبة العبد كله ونصف الدية الذي لم يعف في نصف العبد ليس في كله في قول أبي يوسف ومحمد
باب الغصب في المدبر
وإذا قتل المدبر رجلا خطأ ثم إن رجلا اغتصب المدبر فقتل عنده آخر خطأ ثم رده على المولى فان على المولى قيمته لولى القتيلين بينهما سواء ويرجع المولى على المغتصب بنصف قيمته فيؤديها إلى الأول ولا يرجع بها على الغاصبوإذا اغتصب رجل مدبرا لرجل فقتل عنده قتيلا خطأ ثم رده إلى المولى فقتل عند المولى آخر خطأ فعلى المولى قيمته بينهما ويرجع المولى بنصف قيمته على المغتصب فيؤديها إلى الأول ثم يرجع بها على المغتصب أيضا في قول ابي حنيفة وأبي يوسف وأما في قول زفر ومحمد فان
المولى يرجع على الغاصب بنصف قيمة المدبر فيسلم له ولا يدفع إلى ولى الجناية الأولى شيئا وإذا اغتصب رجل مدبرا فقتل عنده قتيلا ثم رده إلى المولى وقتل اثنين عند المولى خطأ فان على المولى قيمة تامة بينهم أثلاثا ويرجع المولى على المغتصب بثلث القيمة ويدفعها إلى الأول ثم يرجع بثلث القيمة فيدفعها إلى الأول أيضا ثم يرجع بمثله على المغتصب في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وإذا اغتصب الرجل مدبر فقتل عنده رجلا واغتصب مالا عنده ثم رده إلى المولى فقتل عند المولى آخر فان على المولى قيمته لولي القتيلين بينهما نصفان ويسعى لأصحاب الدين في دينهم ويتبع المولى الغاصب بنصف القيمة فيدفعها إلى الأول ويرجع عليه بمثل ذلك النصف في قول أبي حنيفة وابي يوسف ولا شيء لأصحاب الدين من ذلك إنما دينهم في عنق العبد يسعى فيه وإذا سعى المدبر في قيمته للغرماء رجع المولى بذلك على الغاصب ويسعى ويسعى العبد فيما بقي من الدين ولا يرجع به على المولى ألا ترى أن المولى لا يغرم من دينهم شيئا
وإذا قتل المدبر رجلا خطأ ثم نقصت قيمة المدبر أو زادت أو كانت المدبر أمة فولدت بعد فانما على المولى قيمة المدبر يوم جنت ولا يلحقه
من الولد ولا من الزيادة شيء وكذلك لا يحط عنه العيب الذي حدث فيها شيء وإذا قتل ولد المدبرة رجلا خطأ فان على المولى قيمته وهو في ذلك بمنزلة أمة
وإذا قتل المدبر قتيلا عمدا فانه يقتل به ولا شيء على المولى لأن هذا قصاص وإن صالح المولى أحد الوليين أو عفا بغير صلح فان للآخر نصف القيمة وإذا قتل المدبر رجلا ثم اغتصبه رجل فقتل عنده رجلا عمدا ثم إنه رده إلى المولى فانه يقتل وعلى المولى قيمته لصاحب الخطأ ويرجع المولى بقيمته على الغاصب فان عفا أحد ولي العمد كانت القيمة بينهم أرباعا لصاحب الخطأ ثلاثة أرباعها ولصاحب العمد الذي لم يعف ربعها في قول أبي يوسف ومحمد ويرجع المولى على الغاصب بذلك الربع فيدفعه إلى صاحب الخطأ وإذا اغتصب الرجل مدبرا فقتل عنده رجلا عمدا ثم رده فقتل عند المولى رجلا خطأ بعد عفو أحد ولي العمد فان عليه قيمته بينهم أرباعا على ما وصفت لك في قول ابي يوسف ومحمد ثم يرجع على الغاصب بربع القيمة فيدفعها إلى صاحب الذي لم يعف ثم يرجع عليه بمثل ذلك ايضا في قياس قول ابي حنيفة وابي يوسف فيما يرجع به في الجناية في الغصب
وإذا اغتصب الرجل مدبرا فأقر عنده بقتل رجل عمدا وزعم أن
ذلك كان عند المولى أو زعم أن ذلك كان عند الغاصب ثم إن الغاصب رده على المولى فانه يقتل بذلك وعلى الغاصب القيمة في الوجهين جميعا من قبل أنه أقر عنده بشيء أتلفه ولو عفا أحد ولي العمد لم يكن للباقي شيء من قبل أن هذا كان باقرار العبد وقد صار أرشا فلا يصدق على مولاه وكذلك لو كان عبدا غير مدبر
وإذا اغتصب الرجل عبدا مدبرا فأقر عنده بسرقة أو ارتد عن الإسلام ثم أنه رده فقتل في تلك الردة فعلى الغاصب قيمته فان قطع في سرقة فعلى الغاصب نصق فيمته وقياس هذا عندي البيع لو باع رجلا عبدا مرتدا عن الإسلام وكتمه ذلك فقتل عند المشتري رجع المشتري على البائع بالثمن الذي كان نقده وكذلك لو باعه وقد أقر بقتل عمد فهو سواء في قول ابي حنيفة وأما في قول أبي يوسف ومحمد في البيع خاصة فانه يقوم مرتدا أو سارقا ويقوم صحيحا لا شيء به من ذلك ثم يرجع المشتري على البائع بحصة ذلك من الثمن إن كان أعطاه إياه وإذا اغتصب الرجل مدبرا فقتل عنده قتيلا خطأ أو أفسد عنده متاعا ثم إن رجلا قتل العبد خطأ فعلى القاتل قيمة العبد على عاقلته فيكون لأصحاب الدين وعلى المولى قيمة العبد لولي القتيل الذي قتله ويرجع بذلك كله على الغاصب
وإذا اغتصب رجل مدبرا فقتل عنده قتيلا خطأ واستهلك عنده مالا يحيط بقيمته ثم إنه مات عنده فعلى المولى قيمته لأصحاب الجناية ويرجع بها على الغاصب ويرجع بقيمة أخرى على الغاصب بموته فيدفعها
إلى أصحاب الدين ويرجع عليه بقيمة أخرى ولو اغتصب الرجل مدبرا أو عبدا غير مدبرا فاستهلك عنده مالا يجاوز قيمته ثم إنه رده على المولى فمات عند المولى فلا شيء لأصحاب الدين ولا شيء للمولى على الغاصب وإن مات عند الغاصب قبل أن يرده فان على الغاصب قيمته يدفعها إلى المولى فيأخذها الغرماء ثم يرجع المولى عليه بمثل ذلك فان كان رده إلى املوى فقتل عنده خطأ فقيمته لأصحاب الدين على عاقلة القاتل فاذا قبضها المولى أخذها الغرماء ويرجع المولى على الغاصب بتلك القيمة لأنه إنما استهلك بتلك القيمة عند الغاصب
وإذا اغتصب المدبر مالا فاستهلكه وهو عند المولى ثم اغتصبه رجل آخر فخفر عنده بئرا في الطريق ثم إنه رده إلى المولى فقتله رجل خطأ فغرم القيمة للمولى فأخذها أصحاب الدين ثم وقعت في البئر دابة فعطبت وقيمتها والدين سواء فانهم يشاركون أصحاب القيمة فيأخذون نصفها ويرجع المولى على الغاصب بذلك ثم يدفعه إلى أصحاب الدين الأول فان وقع في البئر إنسان آخر فمات فعلى المولى قيمة المدبر ويرجع بذلك على الغاصب
باب جناية المدبر بين رجلين
وإذا كان المدبر بين اثنين فقتل أحد مولييه ورجلا خطأ بدئ بالرجل قبل المولى فان على المولى الباقي نصف قيمته وفي مال المقتولنصف قيمته فيكون لمولى المقتول ربع قيمته وللآخر ثلاثة أرباع قيمته من قبل أن مولى القتيل لا حق له فيما ضمن وإنما حقه في النصف الآخر يضرب فيه بخمسة آلاف وعلى المدبر أن يسعى في قيمته
وإذا قتل المدبر أحد مولييه عمدا ورجلا آخر خطأ بدئ بالرجل قبل المولى فان على مولاه الباقي وفي مال المقتول فيمته تامة لولى القتيل الخطأ ويسعى المدبر في قيمته بين الموليين ويقتل بالعمد فان عفا أحد ولي العمد سعى المدبر للذي لم يعف في نصف قيمته أيضا وإذا قتل المدبر رجلا عمدا ثم قتل أحد مولييه خطأ بعد ما عفا أحد ولي العمد فان على المولى الباقي نصف قيمته فيكون نصف ذلك النصف لولي المولى القتيل والنصف الباقي من ذلك النصف بينه وبين الذي لم يعف وعلى ورثة المولى المقتول ربع القيمة للذي لم يعف وعلى المدبر أن يسعى في قيمته تامة للذي بقي من مولاه ولورثة المولى القتيل لأنه لا وصية له لأنه قاتل وإذا قتل المدبر مولييه جميعا معا خطأ فان عليه أن يسعى في قيمته لورثتهما ولا شيء لواحد منهما على صاحبه
وإذا اغتصب المدبر أحد مولييه فقتل عنده قتيلا خطأ ثم رده فقتل رجلا عمدا له وليان فعفا أحدهما فان عليهما قيمة تامة لصاحب الخطأ ثلاثة أرباعها ولصاحب العمد الذي لم يعف ربعها ويرجع مولى الذي لم يغصب على الغاصب بثلاثة أرباع نصف قيمة المدبر فيرد على صاحب
الخطأ من ذلك ثمن قيمة العبد ويرجع بذلك على الغاصب وإذا قطع رجل يد المدبر وقيمته ألف فبرأ وزاد حتى صارت قيمته ألفين ثم فقأ آخر عينه ثم انتقضت اليد فمات منهما جميعا والمدبر بين اثنين فعفا أحدهما عن اليد وما يحدث فيها وعفا الآخر عن العين وما يحدث فيها فان للذي عفا عن اليد على صاحب العين سبعمائة وخمسين درهما على عاقلته إن كان ذلك كله خطأ وإن كان عمدا ففي ماله وللذي عفا عن العين على صاحب اليد ثلاثمائة واثنا عشر درهما ونصف درهم على عاقلته إن كان خطأ وفي ماله إن كان عمدا من قبل أن القاطع قطع يده وقيمته ألف فكان عليه نصف قيمته خمسمائة فلما فقأ الاخر عينه وقيمته الفان صار عليه نصف الألف فلما مات من الجنايتين جميعا صار صاحب اليد ضامنا للآلف والخمسمائة من قيمته لأنه ثلاثة أرباع الجناية وإنما ضمنت القاطع مائة وخمسة وعشرين مع الخمسمائة التي عليه من قبل اليد لأن الفاقئ كأنه فقأ عينه وقيمته خمسمائة فعليه نصف قيمته خمسين ومائتي درهم فيبقي من النفس مائتان وخمسون فلما مات من جنايتهما صار على كل واحد منهم نصف ذلك وهو مائة وخمسة وعشرون فلما عفا أحد الموليين عن صاحب اليد سقط عنه نصف أرش الجناية وكذلك صاحب العين
وجناية أم الولد في جميع ما ذكرنا مثل جناية المدبر إذا كان على غير المولى
باب جناية أم الولد في البئر وغيرها
* وإذا جنت أم الولد فقتلت مولاها فلا شيء عليها من قبل أن عتقها ليس من الثلث وليس بوصية فتبطل الوصية ولا جناية عليها لمولاها إنما جنت عليه ونهي مملوكة له لا يجب عليها دين وإذا قتلت أم الولد مولاها عمدا وليس له منها ولد فعليها القصاص ولا سعاية عليها فان كان للمولى ابنان فعفا أحدهما سعت للآخر في نصف قيمتها لأن الجناية كانت وهي أمة فلا يلزمها أكثر من ذلكوكذلك عبد قتل رجلا عمدا فأعتقه المولى ثم عفا أحد ولي الدم وإذا قتلت أم الولد مولاها عمدا وله ابنان أحدهما منها والآخر ليس منها فان عليها أن تسعى في قيمتها تامة بينهما نصفان لأن القتل كان عمدا فلما صار إلى ابنها بطل القصاص وصار مالا عليها تسعى فيه وليس هذا كالخطأ وهي حرة في جميع أمورها وليس سعايتها هذه كالسعاية في شيء من الرقبة وهو بمنزلة الحرة
وإذا كاتب الرجل أم ولده أو مدبرة له ثم إنها قتلت مولاها خطأ فأما أم الولد فانها تسعى في قيمتها من قبل الجناية وتبطل عنها المكاتبة من قبل أنها قد عتقت حين مات مولاها وإنما وجبت عليها أن تسعى في قيمتها بالجناية لأنها جنت وهي مكاتبة ألا ترى أنها
لو أفسدت له متاعا أو استقرضت مالا ثم مات المولى بطلت عنها المكاتبة وعتقت ولزمها الدين وأما المدبرة فان عليها أن تسعى في قيمتها من قبل الجناية لأن عتقها وصية ولا وصية لها لأنها قاتلة وإن كانت مكاتبتها أقل من قيمتها سعت في مكاتبتها وإذا أسلمت أم ولد النصراني فاستسعاها في قيمتها فقتلته خطأ وهي تسعى فان عليها قيمتها من قبل الجناية وبطل عنها سعاية الرق وتعتق فان كان القتل عمدا فعليها القصاص مكان القيمة وإن كان لها منه ولد فلا شيء لولدها في ذلك من قبل أنه مسلم مع الأم فلا يرث الأب فان عفا بعض الورثة عن الدم بطل عنها القصاص ورفع عنها حصة من عفا وتسعى في حصة من لم يعف من القيمة
وإذا قتلت أم الولد مولاها عمدا وليس لها منه ولد وهي حبلى منه فلا قصاص له عليها من قبل خصلتين من قبل ما في بطنها لعل أن يكون وارثا ومن قبل أن الحبلى لا تقتل بالقصاص فان ولدت ولدا حيا ورث أباه وصار عليها القيمة لجميع الورثة وإن ولدت ميتا كان عليها القصاص فان كان إنسان ضرب بطنها فألقته ميتا فعليه غرة ولها ميراثها من تلك الغرة وما بقي فهو لإخوة الجنين وتقتل هي
بقتلها مولاها ويرث نصيبها من الغرة بنو مولاها لأنهم عصبة ولا يحرمون الميراث منها لأنهم قتلوها بحق
باب جناية المكاتب في الخطأ
وإذا قتل المكاتب رجلا خطأ وقيمة المكاتب ألف درهم فان على المكاتب أن يسعى في قيمته فان قتل آخر خطأ بعد ما قضي عليه بالأول فان عليه أن يسعى في قيمة أخرى فان قتل اثنين قبل أن يقضي عليه للآول فان عليه أن يسعى في قيمة واحدة لهما جميعا فان كانت الجناية كلها قتلا وقطع يد فالقيمة بينهم أثلاثا لولى القتيل ثلثاه ولصاحب اليد الثلثوإذا قتل المكاتب عبدا خطأ فان عليه أن يسعى في الأقل من قيمته ومن قيمة المقتول وكذلك لو قتل مكاتبا أو مدبرا أو أم ولد فان قتل هؤلاء جميعا وقتل معهم حرا فان عليه قيمته لهم جميعا على قدر قيمتهم ودية الحر وإذا قتل المكاتب رجلا خطأ ثم عجز قبل أن يقضي به قاض فانه يخير مولاه فان شاء دفعه بالخيار وإن شاء فداه بالدية وكذلك لو كانت الجناية دون النفس في عبد أو حر فان مولاه يخير فيه فان شاء دفعه وإن شاء فداه بأرش ذلك وإذا أفسد المكاتب متاعا أو عقر دابة أو استهلك مالا أو متاعا فعليه قيمة ذلك وعليه المال دينا بالغا ما بلغ وليس هذا كالجناية في الناس هذا لا يدفع به أبدا
وإذا قتل المكاتب رجلا خطأ ثم إنه قتل آخر ثم إنه قضي عليه لأحدهما بنصف القيمة والآخر غائب ثم قتل رجلا آخر خطأ ثم عجز واختار مولاه دفعه فانه يدفع نصفه إلى الآخر ويتبع المقضي له الأول بذلك النصف المدفوع إليه فيباع فيه ويدفع النصف الباقي إلى الآخر والأوسط الذي لم يقض له فيه بشيء ويضرب فيه الآخر بخمسة آلاف والأوسط بعشرة آلاف
وإذا قتل المكاتب رجلا خطأ وله وليان فقضى عليه القاضي لأحدهما بنصف القيمة ولم يقض للآخر بشيء ثم قتل آخر فجاء آخر فخاصم إلى القاضي وهو مكاتب بعد فانه يقضي له بثلاثة أرباع القيمة من قبل أن النصف الباقي المقضي فيه للأول لا جناية فيه فيقضي له بنصف الدية فيه فيصير له بذلك نصف القيمة والنصف الباقي يقضي له بنصفه وإن عجز المكاتب وجاء الأوسط فانه يدفع إليه ربع العبد أو يفديه مولاه بنصف الدية وإذا قتل المكاتب رجلا خطأ ثم اعور فقتل آخر خطأ ثم خاصما فان عليه قيمته صحيحا نصفها للآول ونصفها بينهما يضرب فيه الآخر بالدية والأول بالدية إلا ما كان أخذ وكذلك لو كان فقأ عينه إنسان أو نقصت القيمة من سعر أو عيب حتى يذهب بعض ثمنه من أجل ذلك العيب
وإذا قتل المكاتب رجلا خطأ وحفر بئرا فوقع فيها إنسان فمات
أو أحدث شيئا في الطريق فقضي عليه بالقيمة للذي وقع في البئر ولولى القتيل وسعى فيما بينهم ثم عطب بذلك الذي أحدث في الطريق إنسان فمات فانه يشاركهم في القيمة التي أخذوا لأنه أحدث ذلك في الطريق قبل أن يقضي عليه بالقيمة وكذلك لو كان وقع في البئر إنسان آخر فمات
ولو حفر بئرا أخرى في الطريق بعد ما قضي عليه بالقيمة فوقع فيها إنسان فمات قضي عليه القاضي بقيمة أخرى
ولو وقع في البئر الأولى فرس فعطبت أو بهيمة كان عليه قيمتها دينا في رقبته يسعى فيه بالغا ما بلغ لا يشارك أهل الجناية ولا يشركونه ألا ترى أن مكاتبا لو قتل رجلا خطأ أو استهلك مالا فقضي عليه بالقيمة في القتل وقضي عليه بالمال بالغا ما بلغ
وإذا قتل ابن المكاتب من أمته قتيلا خطأ فهو بمنزلة المكاتب يسعى في ذلك وكذلك لو كان المكاتب اشتراه شراء وكذلك أبوه وأمه إذا كانوا في ملكه وكذلك أم ولده يغرم قيمتها ولا يدفع شيئا من هؤلاء ولو كان عبد له جنى جناية أو أمة كان عليه أن يدفعه أو يفديه وكذلك لو كان القتل عمدا فصالح عن عبده كان صلحه جائزا
ولو قتل هو بنفسه رجلا عمدا فصالح عن نفسه فهو جائز ويلزمه المال فان عجز ولم يؤد المال بطل عنه المال في قول أبي حنيفة وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالمال له لازم عجز أو لم يعجز
وإذا أقر المكاتب بالجناية خطأ ثم عجز فاقراره باطل فان عتق كان إقراره جائزا عليه وكذلك إقراره جائز عليه ما لم يعجز وإذا أقر بقتل عمد فهو مصدق على نفسه فان عفا احد الوارثين قضي عليه بنصف القيمة للآخر وإن عجز قبل أن يؤدي بطل ذلك عنه في قول أبي حنيفة إن كان لم يؤد ولا يبطل ذلك عنه في قول أبي يوسف ومحمد إذا قضي به صار دينا عليه يباع به وكذلك كل عبد أو مكاتب أو مدبر يقر بقتل عمد أو زنى أو سرقة أو قذف فانه يقضي عليه من ذلك ما كان فيه القصاص والحد فاذا دخل العفو وصار ما بقي مالا بطل المال في الدم والسرقة إذا درئ فيها الحد إلا أن يكون عبدا تاجرا أو مكاتبا فيؤخذ بالسرقة فيكون دينا في عنقه وهذا قول أبي حنيفة
وإذا قتل المكاتب رجلا عمدا له وليان فعفا أحدهما سعى للآخر في نصف القيمة فان وقع رجل في بئر أحدثها المكاتب في الطريق قبل القتل فان عليه نصف قيمة أخرى لصاحب البئر وشارك أصحاب البئر مع أصحاب القتل العمد فيأخذ منه نصف ما أخذ في قول أبي يوسف ومحمد
وإذا قتل ابن المكاتب رجلا خطأ ثم إن المكاتب قتل ابنه وهو عبد وقتل آخر خطأ فان عليه قيمته يسعى فيها يضرب فيها أولياء القتيل الآخر بالدية ويضرب فيها أولياء قتيل الابن بقيمة الابن
وإذا جنى المكاتب جناية ثم اختلف المكاتب وولى الجناية في قيمة المكاتب وقد علم أن قيمته قد زادت أو نقصت فقال المكاتب
كانت قيمتي ألفا يوم جنيت وقال الولي كانت قيمتك ألفين فالقول قول المكاتب وعلى ولي القتيل البينة
وكذلك لو فقئت عين المكاتب فقال المكاتب جنيت الجناية بعد ما فقئت عيني وقال المولى كانت الجناية قبل أن تفقأ عينك فالقول قول المكاتب وعلى المولى البينة آخر كتاب الديات والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله وسلم
كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في صفر سنة تسع وثلاثين وستمائة الهلالية
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الواحد العدل
(1) *1*
كتاب العقل
باب من عقل الجنايات متى تؤخذ وفي كم تؤخذ ويتحول أو لا يتحول
قال محمد بن الحسن بلغنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فرض العقل على أهل الديوان لأنه أول من وضع الديوان فجعل فيه العقل وكان العقل قبل ذلك على عشيرة الرجل في أموالهم فالعقل على أهلالديوان من المقاتلة
محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في دية الخطأ وشبه العمد في النفس على العاقلة على أهل الديوان في ثلاثة أعوام في كل عام الثلث وما كان من جراحات الخطأ فعلى العاقلة على أهل الديوان إذا بلغت الجراحة ثلثي الدية ففي عامين وإن كان النصف ففي عامين وإن كان الثلث ففي عام وذلك كله على أهل الديوان وليس على الذرية والنساء ممن كان له عطاء في الديوان عقل لأنه بلغنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لا يعقل مع العاقلة صبي ولا امرأة
محمد قال أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي قال أخبرنا عمر بن عثمان ابن سليمان بن أبي حثمة عن عبدالله بن السائب بن يزيد عن أبيه قال
سمعت عمر بن الخطاب يقول لا يعقل مع العاقلة صبي ولا امرأة وإنما جعل العقل فيما نرى والله أعلم على عشيرة الرجل ولم يجنوا ولم يحدثوا حدثا على وجه العون لصاحبهم لأنهم أهل يد واحدة على غيرهم وأهل نصرة واحدة على غيرهم ولم يوضع ذلك على النسب لأن القوم كان يعقل معهم حليفهم وعديدهم ويعقلون عنه وليس بينه وبينهم ولاء ولا قرابة فلما صارت الدواوين صار أهل الديوان يتناصرون دون ذوي القرابات وصاروا يدا على غيرهم وصارت أموالهم الأعطية ففرض العقل على أهل الديوان لذلك فهو على أهل الديوان لذلك فهو على أهل الديوان دون القرابات لأن الأخوين أحدهما يكونن ديوانه بالكوفة والآخر ديوانه بالشام فلا يعقل واحد منهما عن صاحبه
لأنهما وإن اجتمع نسبهما فان نصرتهما ويدهما مختلفة فانما جعل التعاقل على النصرة واليد الواحدة ألا ترى أن أهل ديوان الشام لا يعقلون عن أهل ديوان البصرة وأهل ديوان البصرة لا يعقلون عن أهل ديوان الشام وإن قربت أنسابهم لأنهم ليسوا بأهل نصرة ولا يد واحدة وإنما وضعت المعاقل على ما وصفت لك من النصرة واليد الواحدة والحيطة فجعل العقل وفدا لبعضهم من بعض وعونا لبعضهم من بعض قال محمد بن الحسن إذا قتل الرجل قتيلا خطأ قضي عليه بالدية على عاقلته في ثلاث سنين فلو مضى للقتيل سنتان أو ثلاث أو أكثر ثم رفع إلى القاضي فانه يحكم بالدية في ثلاث سنين من يوم يقضي بذلك ولا يلتفت إلى ما مضي فان كانت العاقلة أهل ديوان قضي بذلك في أعطياتهم فجعل الثلث في أول عطاء يخرج لهم بعد قضائه وإن كان ليس بين القتل وقضائه وبين خروج العطاء إلا شهر أو أقل من ذلك فالثلث الأول فيه ويجعل الثلث في العطاء الآخر إذا خرج إن أبطأ بعد الحول أو عجل قبل السنة ويجعل الثلث في العطاء الثالث فان عجل للقوم العطاء فأخرجت لهم ثلاثة أعطية بمرة واحدة وهي أعطية إنما استحقوها بعد قضاء القاضي بالدية فان الدية كلها تؤخذ من تلك الأعطية الثلاثة فيقضي بالدية على القوم حتى يصيب الرجل في عطائه من الدية كلها أربعة دراهم أو ثلاثة أو أقل من ذلك فان قلت العاقلة فكان الرجل يصيبه من الدية أكثر
من أربعة دراهم ضم إليهم أقرب القبائل في النسب من أهل الديوان حتى يصيب الرجل في عطائه من الدية ما وصفت لك أو أقل من ذلك ولا يستحق العطاء عندنا إلا بآخر السنة فلذلك قلنا إن الرجل إذا قضي بديته على العاقلة ثم خرج العطاء بعد ذلك بشهر أو أقل من ذلك كان ذلك العطاء فيه ثلث الدية
وإذا قتل رجل رجلا خطأ فلم يقض بذلك حتى مضت سنون ثلاث أو أكثر ثم قضي على العاقلة بالدية ولم يخرج للناس عطاء ثم أمر للناس بأعطياتهم الماضية لم يكن فيها من الدية قليل ولا كثير واستقبل لصاحب الدية الأعطية المستقبلة بعد القضاء بالدية
ولو أن رجلا كانت عاقلته أصحاب رزق يأخذونه في كل شهر قضي على عاقلته بالدية في أرزاقهم في ثلاث سنين في كل سنة ثلث الدية فاذا قضي القاضي بذلك ثم خرجت لهم الأرزاق لأشهر ماضية كانت قبل القضاء بالدية لم يكن عليهم من الدية في تلك الأرزاق قليل ولا كثير وإنما الدية فيما تجب من الأرزاق بعد قضاء القاضي بالدية على العاقلة فان خرج رزق شهر من الشهور بعد قضاء القاضي وقد قضي القاضي بالدية في ثلاث سنين وقد بقي من ذلك الشهر يوم أو أكثر أخذ منهم من أرزاقهم التي أرزقوها لذلك الشهر لأن الرزق لا يأخذونه لا يجب إلا بكمال الشهر فان كانوا يأخذون الأرزاق في كل ستة أشهر أو في كل شهر ولم يكن لهم أعطية
أخذ من أرزاقهم كلما خرجت على حساب ذلك فان خرجت لكل ستة أشهر أخذ من أرزاقهم في كل ستة أشهر سدس الدية وإن كانت الأرزاق تخرج لهم في كل شهر أخذ منهم في كل رزق نصف سدس ثلث الدية وإن كان قوم لهم أرزاق في كل شهر ولهم أعطية في سنة فرضت عليهم الدية
في أعطياتهم ولا يعرض لأرزاقهم وإنما تفرض الدية في الأرزاق إذا لم يكن لهم أعطية ومن جنى من أهل البادية وأهل اليمن الذين لا ديوان لهم فرضت الدية على عواقلهم في أموالهم في ثلاث سنين على الأقرب فالأقرب منهم من يوم يقضي القاضي بالدية عليهم ولا ينظر القاضي إلى ما مضى من السنين بعد القتل قبل القضاء بالدية فيؤخذ الدية من أموالهم في كل سنة ثلث الدية عند رأس كل حول من يوم يقضي ويضم إليهم أقرب القبائل في النسب حتى يصيب الرجل في ماله من الدية في السنين الثلاثة ثلاثة دراهم أو أربعة دراهم ومن أقر بقتل خطأ جعلت الدية عليه في ماله في ثلاث سنين فان لم يرتفعوا إلى القاضي حتى يمضي سنون ثم ارتفعوا إلى الحاكم قضي بها الحكم في ماله في ثلاث سنين مستقبلة من يوم يقضي لأن الرجل
بما كانت عليه النفس ولم يصر مالا حتى قضي بها وكذلك العمد الذي لا قصاص فيه الوالد يقتل الولد أو العمد يخالطه الخطأ وإن اجتمعت القتلة فكانوا مائة كانت الدية على عواقلهم في ثلاث سنين والقاتل الواحد والجماعة في هذا سواء وليس يعقل أهل مصر عن أهل مصر لا يعقل أهل البصرة عن أهل الكوفة ولا يعقل أهل الشام عن أهل الكوفة لأن عاقلتهم على الديوان فالدواوين مختلفة وأهل الكوفة يعقلون عن أهل سوادهم وقراهم وأهل البصرة يعقلون عن أهل سوادهم وقراهم وكذلك أهل الشام
ومن كان منزله البصرة وديوانه بالكوفة فأهل الكوفة يعقلون عنه ويعقل عنهم وإن كان أهل البصرة أقرب إليه في النسب ولو أن أخوين لأب وأم أحدهما ديوانه بالكوفة والآخر ديوانه بالبصرة لم يعقل أحدهما عن صاحبه وعقل عنه أهل ديوانه وأهل الديوان يتعاقلون على الدواوين وإن تفرقت أنسابهم ولو أن قوما من أهل خراسان أهل ديوان واحد مختلفين في
أنسابهم ومنهم من له ولاء ومنهم من العرب ومنهم من لا ولاء له جنى بعضهم جناية عقل عنه أهل رايته وأهل قيادته وإن كان غيرهم أقرب إليه في النسب فان كان أهل رايته وقيادته قليلا ضم إليهم الإمام من رأى من أهل الديوان حتى يجعلهم عاقلة واحدة حتى يصيب الرجل في أرزاقه من الدية أربعة دراهم أو ثلاثة دراهم أو أقل من ذلك وأهل الديوان يتعاقلون دون أهل الأنساب لو كان رجل من العرب أو من الموالي معروف ديوانه مع قوم لا ولاء لهم عقل عنهم وعقلوا عنه دون بنى عمه ومواليه ومن كان لا ديوان له من أهل البادية ونحوهم فانهم يتعاقلون على الأنساب أقربهم نسبا يعقل عنه وإن كان بعيد المنزل منه وإن اختلفت الباديتان ولا يعقل أهل البادية عن أهل الأمصار الذي عواقلهم في العطاء ولا يعقل أهل العطاء عنهم وإن كانوا إخوة الأب وأم
ومن جنى جناية من أهل مصر وليس في عطاء وأهل البادية أقرب إليه ومسكنه في المصر عقل عنه أهل الديوان من ذلك المصر وإن لم يكن له فيهم عطاء كما أن صاحب العطاء لا يعقل عنه أهل البادية إذا كان فيهم نازلا وأصحاب الأرزاق الذي لا أعطيات لهم مثل أهل العطاء في العقل في ذلك
ومن كان من أهل الذمة يتعاقلون لهم عواقل معروفة فقتل
أحدهم قتيلا خطأ فديته على عاقلته في ثلاث سنين وهو في ذلك بمنزلة المسلم ومن لم يكن منهم له عاقلة أو لم يكونوا يتعاقلون فالدية في ماله في ثلاث سنين من يوم يقضي بها القاضي ولا يلتفت إلى ما مضى من السنين بعد القتل وإن مضى سنون كثيرة ولا يعقل كافر عن مسلم ولا مسلم عن كافر والكفار يتعاقلون فيما بينهم وإن اختلفت مللهم
ومن قتل قتيلا وهو من أهل الكوفة وله بها عطاء فلم يقض على عاقلته بالدية في ثلاث سنين حتى حول ديوانه فجعل عطاؤه واسمه في ديوان أهل البصرة ثم رجع ذلك إلى القاضي فانه يقضي بالدية على عاقلته من أهل البصرة ولو قضي القاضي بالدية على عاقلة أهل الكوفة في ثلاث سنين وأخذ منهم ثلث ب الدية لسنة أو لم يؤخذ إلا أنه قد قضي بها ثم حول اسمه عنهم فجعل في ديوان أهل البصرة كانت الدية على العاقلة الذين قضي عليهم لا ينتقل ذلك عنهم ويؤخذ منه في عطائه بالبصرة بحصته ولو قلوا بعد ما قضي القاضي عليهم بالدية في ثلاث سنين وأخذ منهم الثلث أو الثلثين ضم إليهم أقرب القبائل منهم في النسب حتى يعقلوا عنهم ولا يشبه قلة العاقلة بعد القضاء بحول الرجل بعطائه من بلد إلى بلد لأن الذين يضافون إليهم عاقلة واحدة وهذه عاقلة مستقلة
وكذلك لو أن رجلا لم يكن له عطاء وكان مسكنه الكوفة فقتل رجلا خطأ فلم يقض القاضي على العاقلة بالدية حتى تحول عن الكوفة وأتى البصرة فاتخدها دارا وأوطنها ثم رفع إلى القاضي فان القاضي يقضي على عاقلته الذي بالبصرة بالدية في ثلاث سنين ولا يلتفت إلى عاقلته بالكوفة
ولو كان قضى بالدية في الكوفة في ثلاث سنين على عاقلته بالكوفة ثم انتقل بعد ذلك قبل أن يؤخذ الدية إلى البصرة فاتخذها دارا لم تبطل الدية عن عاقلته بالكوفة وكذلك صاحب العطاء المنتقل بعطائه إلى البصرة وكذلك لو أن رجلا من أهل البادية قتل رجلا خطأ فلم يقض عليه بشيء حتى قدم مصرا من أمصار المسلمين فالتحق في الديوان والخذه مسكنا وترك البادية ثم رفع إلى القاضي فان القاضي يقضي على عاقلته بالدية من أهل المصر من أهل الديوان ولا يقضي على أهل البادية بشيء ولو كان القاضي قضي على عاقلته بالبادية بالدية في ثلاث سنين في أموالهم ثم صارت حاله إلى ما وصفت لك لم يتحول ذلك عن أهل البادية بتحويل الرجل إلى المصر لأن الجناية لم تجنها العاقلة إنما جناها الرجل فانما يكون على العاقلة إذا قضي بها عليهم ولو أن قوما من أهل البادية قضي عليهم بالدية في أموالهم في
ثلاث سنين فأدوا الثلث لسنه والثلثين وبقيت بقية أو قضي عليهم ولم يؤدوا شيئا حتى جعلهم الإمام في العطاء صارت الدية في أعطياتهم وإن كان القاضي قد قضي بها أول مرة في أموالهم لأن العطاء من أموالهم وهو مال للمقاتلة ولكنه يقضي عليهم في أعطياتهم بما كان قضي به عليهم في البادية إن كان قضي عليهم بالإبل لم يتحول ذلك ولا يشبه هذا تحول العقل عن العاقلة إلى عاقلة أخرى بعد قضاء القاضي وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في قياس قول أبي حنيفة وقول محمد ابن الحسن
باب من الولاء المنتقل والعقل معه أو ينتقل الولاء ويبقى العقل لا ينتقل معه
وقال محمد بن الحسن في رجل لا عن امرأته بولد ولزم الولد أمه فجنى الولد جناية قتل قتيلا خطأ فقضي به القاضي على عاقلة الأم في ثلاث سنين فأخذ أولياء الجناية الدية من عاقلة الأم ثم إن الأب ادعى الولد فانه يكون ابنه ويضرب الحد ويرجع عاقلة الأم على عاقلة الأب بما أدوا من الدية وهذا أيضا قول أبي حنيفةوقال محمد بن الحسن ترجع عاقلة الأم على عاقلة الأب بالدية في ثلاث سنين من يوم يقضي القاضي لعاقلة الأم على عاقلة الأب بذلك ولا يلتفت إلى ما مضي من السنين منذ ادعى الأب الولد وكذلك هذا في مكاتب له امرأة حرة مولاة لبني تميم والمكاتب مكاتب لهمدان فمات المكاتب وترك وفاء وفضلا فلم يؤد مكاتبته حتى جنى ابنه جناية قتل قتيلا خطأ فقضي به القاضي على عاقلة الأم بالدية في ثلاث سنين فأخذت منهم ثم إن المكاتب أدى ما عليه فان ولاء الولد يتحول إلى مولى المكاتب ورجع عاقلة الأم على عاقلة الأب بما أدوا في ثلاث سنين من يوم يقضي القاضي ولو أن رجلا أمر صبيا أن يقتل رجلا فقتله فان القاضي يقضي على عاقلة الصبي بالدية في ثلاث سنين ورجع بها عاقلة الصبي على عاقلة الآمر في ثلاث سنين فان اجتمعت العاقلتان وأولياء الجناية جميعا عند القاضي فقضي القاضي لأولياء الجناية على عاقلة الصبي وقضي لعاقلة الصبي على عاقلة الآمر فكلما أخذ أولياء الجناية من عاقلة الصبي شيئا أخذت عاقلة الصبي من عاقة الآمر مثله فان قضي القاضي على عاقلة
الصبي ولم يخاصموا عاقلة الآمر حتى أدوا جميع الدية ثم خاصموا عاقلة الأم بعد الأداء وبعد ما مضى بعد الأداء سنون فان القاضي يقضي لعاقلة الصبي على عاقلة الآمر الدية في ثلاث سنين منذ يوم يقضي لهم عليهم ولا يلتفت إلى ما مضى قبل ذلك من السنين ولو كان الآمر أقر أنه أمر الصبي ولم يعلم بذلك إلا بقوله قضي القاضي على الآمر في ماله لعاقلة الصبي بالدية في ثلاث سنين من يوم يقضي بالدية ولا يلتفت إلى ما مضى قبل ذلك من السنين ولو أن ابن الملاعنة جنى جناية قتل قتيلا خطأ فقضي به القاضي على عاقلة الأم في ثلاث سنين ثم أدت عاقلة الأم الثلث في أول سنة ثم إن الأب ادعى الولد فألزم الولد وضرب الحد وحضرت أولياء الجناية والعاقلتان جميعا فان القاضي يقضي لعاقلة الأم بالثلث الذي أدوا على عاقلة الأب في سنة مستقبلة من يوم يقضي ويبدأ بهم على أولياء الجناية ويبطل العقل الذي بقي عن عاقلة الأم ويقضي به القاضي على عاقلة الأب في سنين مستقبلتين بعد السنة الأولى التي قضي لعاقلة الأم فيها بثلث الدية على عاقلة الأب فيقضي بالدية مستقبلة على عاقلة الأب في ثلاث سنين الثلث الأول لعاقلة الأم والثلثان لأولياء الجناية ولا يؤخذ من أولياء الجناية ما أخذوا من عاقلة الأم ولكنه يبطل عن عاقلة الأم ما بقى به الأولياء الجناية على عاقلة الأب كما وصفت وكذلك ابن المكاتب من المرأة الحرة إذا مات المكاتب وترك
وفاء فجنى ابنه جناية ثم أديت المكاتبة فهو بمنزلة ولد الملاعنة في جميع ما وصفت لك من هذا الوجه
وإذا كانت المرأة حرة وهي مولاة لبني تميم تحت عبد لرجل من همدان فولدت له غلاما فعاقلة الغلام عاقلة أمه بنو تميم فان جنى جناية فلم يقض بها القاضي على عاقلة الأم حتى أعتق الأب فان القاضي يحول ولاء الغلام إلى مولى أبيه ويجعل عاقلته عاقلة أبيه ويقضي بالجناية التي جناها على عاقلة أمه ولا يحولها إلى عاقلة أبيه وكذلك لو كان الغلام حفر بئرا قبل أن يعتق أبوه ثم عتق أبوه فان القاضي يقضي بالدية على عاقلة الأم ولا يجعل على عاقلة الأب من ذلك شيئا والخصم في ذلك حتى تثبت الدية على عاقلة الأم الجاني إن كان قد بلغ مبلغ الرجال فان كان صغيرا فالخصم في ذلك أبوه المعتق لأنه القيم بأمره ولا يشبه هذا ابن الملاعنة ولا ابن المكاتب الذي وصفت لك لأن هذا ولاء حادث حدث بعد الجناية وابن الملاعنة وابن المكاتب لما ادعى ابن الملاعن أبوه وأديت المكاتبة حكمنا بأن الولد كان ولده يوم جنى وأن المكاتب كان حرا يوم مات يورث كما يورث الحر
ولو أن رجلا من أهل الحرب أسلم ووالى رجلا من أهل الإسلام في دار الإسلام ثم جنى جناية عقلت عنه عاقلة الذي والاه فان عقلت عنه لم يقدر على أن يتحول بولائه بعد الجناية فان عقلت عنه
العاقلة أو لم يقض به ثم إن أباه أسر من دار الحرب فاشتراه رجل فأعتقه كان ولاؤه له وجر ولاء ولده من الذي والاه حتى يصير الولد مولى لموالي ابيه ولا يرجع عاقلة المولى الذي كان والاه على عاقلة مولى الأب بشيء لأن هذا ولاء حدث جر ولاء الولد وهذا مثل الذي أعتق أبوه وأمه مولاة لقوم آخرين في جميع ما وصفت لك ولو كان الابن الذي أسلم على يدي الرجل ووالاه جنى جناية فلم يقض بها أو حفر بئرا فلم يقع فيها أحد حتى أسر أبوه فاشتراه رجل فأعتقه ثم قضي بالجناية أو وقع في البئر التي حفر رجل فمات فان القاضي يقضي بذلك على عاقلة الذي أسلم على يديه ووالاه ولا يقضي بها على عاقلة مولى ابيه والذي يلي الخصومة في ذلك الجاني إن كان قد صار مولى لقوم آخرين ولو أن رجلا من أهل الذمة أسلم فلم يوال أحدا حتى قتل قتيلا خطأ فلم يقض القاضي بذلك حتى والى رجلا من بني تميم وعاقده فجنى جناية أخرى ثم إن أولياء الجنايتين الأولى والآخرة رفعوا ذلك إلى القاضي فان القاضي يقضي بالجنايتين جميعا على بيت المال ويجعل ولاءه لجماعة المسلمين ويبطل موالاة الرجل الذي والى لأنه حين جنى أول مرة فقد وجب عقل جنايته على بيت المال فقد ثبت ولاؤه لجماعة المسلمين فليس له أن يجعله لإنسان واحد بعينه وإن مات ورثة جماعة المسلمين وجعل ميراثه في بيت مالهم
وكذلك
لو رمى بسهم أو بحجر خطأ قبل أن يوالي أحدا فلم يقع الرمية حتى والى رجلا وعاقده ثم وقعت الرمية فقتلت رجلا كان هذا والأول سواء وكانت موالاته باطلا ولو أنه حفر بئرا في طريق المسلمين فلم يقع فيها أحد حتى والى رجلا وعاقده ثم وقع في البئر رجلا ومات فان عليه في ماله دية القتيل في ثلاث سنين من يوم يقضي القاضي بذلك ويكون ولاؤه للذي والاه ولا يعقل عنه بيت المال ولا يعقل عنه عاقلة الرجل الذي والاه ولا يشبه هذا ما مضى قبله من الرمية والجناية لأن البئر ليست بجناية يجب لها أرش حتى يقع فيها الرجل فعطب فقد والى الرجل ليس في عنقه جناية فالمولاه جائزة ولا يعقل عنه عاقلة الرجل الذي والى ولا يعقل عنه بيت المال لأنه إن عقل عنه بيت المال رد ولاؤه إلى جماعة المسلمين ولم يكن وجب عليهم عقل ولا جناية قبل خروجه بولائه إلى هذا الرجل فيجعل جنايته في ماله وكذلك الرجل يسلم فيوالي رجلا ثم يجني أو يرمي أو يحفر بئرا ثم ينتقل بولائه إلى رجل فهو بمنزلة هذا فما كان يكون الولاء فيه في الأول لجماعة المسلمين فهو في هذا الرجل الآخر للمولى الأول فلا ينتقل عنه أبدا وأما حفر البئر فالجناية فيها عليه في ماله وولاؤه للآخر ألا ترى أن حافر البئر لو لم يقع في البئر أحد حتى يتحول بولائه إلى رجل آخر فوالاه وعاقده ثم جنى جنايات كثيرة كان عقلها على عاقلة المولى
الآخر علم بحفر البئر أو لم يعلم لأن الجناية لم تجب ولم يجب بها عقل أرأيتم إن عقل عنه عاقلة المولى الآخر جنايات كثيرة وعقل هو عنهم أيضا ثم وقع في البئر رجل أيتحول ولاؤه إلى المولى الأول أو إلى بيت المال ويبطل هذا كله هذا لا يستقيم والأمر فيه على ما وصفت لك
فان قال قائل فكيف لم يشبه الولاء للذي ينتقل بعتق الأب يعني الرجل الذي والى رجلا ثم يحفر بئرا ثم يحول بولائه وهذا ما لم يقض القاضي بالجناية على العاقلتين اللتين تكون إحداهما عاقلة له ثم يتحول إلى العاقلة الأخرى وقد قلت لو أن رجلا من أهل الكوفة له عطاه بالكوفة وعاقلته أهل ديوان الكوفة جنى جناية فلم يقض بها القاضي حتى حول الإمام ديوانه إلى أهل البصرة فصار معهم ثم رفعه أولياء الجناية إلى القاضي أنه يقضي بذلك على عاقلته بالبصرة فكيف لم يكن الولاء المنتقل مثل هذا قيل لهم لا يشبه هذا الولاء لأن الرجل انتقل من ولاء إلى ولاء فصارت حاله الثانية غير حالته الأولى فصارت حاله حالتين فما كان في الحال الأولى من الجناية فعلى العاقلة الأولى وما كان في الحال الثانية من الجناية فعلى العاقلة الثانية وإن صاحب العاقلتين لم يتحول حاله إنما حاله حالة واحدة وإنما تحولت عاقلته وإنما مثل الولاء المنتقل مثل امرأة مسلمة مولاة لبني تميم جنت جناية أو حفرت بئرا فلم يقض القاضي بالجناية حتى ارتدت عن الإسلام ولحقت بدار الحرب مرتدة فسبيت فصارت أمة ثم اشتراها رجل من همدان فأعتقها ثم وقع
في البئر رجل فمات فرفع ذلك إلى القاضي فقضي بذلك وبالجناية التي كان لم يقض بها فانه يقضي بذلك على بني تميم ولا يتحول العقل عنهم بتحول ولاء المرأة إلى همدان فصارت حال المرأة حالين في الولاء الأول والولاء الثاني فكذلك الولاء هو بمنزلة هذا إذا انتقل والخصم في الجناية حتى تثبت على بني تميم المرأة أنها هي الجانية قالوا فلم لا تجعل العاقلتين هكذا منقول إذا جنى وعاقلته أهل عطاه الكوفة ثم حول إلى عطاء البصرة قبل أن يقضي فالجناية لم يتحول عن أهل الكوفة لأنه جنى وهو من أهل الكوفة قيل لهم لا يشبه هذا الولاء لأن الرجل إذا قتل القتيل وجبت عليه نفس القتيل فصارت عليه النفس ولم يجب على العاقلة حتى يقضي بها ببينة ولو كانت وجبت على العاقلة قبل أن يقضي بها عليهم ببينة لكان الرجل إذا أقر بقتل خطأ لم يجب عليه بذلك شيء لأنه إنما أقر على العاقلة إلا أن يكون له معهم ديوان فيكون عليه بالحصة فهذا ليس بشيء لأن العقل إنما يجب على العاقلة بالبينة
أرأيتم لو أقر أنه قتل ولي هذا الرجل خطأ وأنه خاصم هذا الرجل إلى قاضي كورة كذا وكذا فقامت بذلك البينة فقضي به القاضي على عاقلته من أهل ديوان الكوفة فقال ولي الجناية صدقت قد كان هذا وكذب بذلك العاقلة أكان يجب على الرجل في ماله شيء ليس يجب عليه في ماله قليل ولا كثير إلا أن يكون له عطاء معهم فيكون
عليه بحصته أفلا ترون أن الدية إنما تجب على العاقلة بقضاء القاضي بالبينة وأن الإقرار منه يختلف قبل قضاء القاضي وبعده وقد كان أبو حنيفة يقول لو أن رجلا قتل رجلا خطأ فلم يقض عليه القاضي بالدية حتى صالحه على عشرين ألف درهم أو على مائتي بعير أو على ألفين دينار أو ثلاثة آلاف شاة أو ثلاثمائة بقرة لم يجز ذلك ورد ذلك إلى الدية وكان يقول لو قضي القاضي بألف دينار فصالح على عشرين ألف درهم كان جائزا وكذلك لو صالح على مائتي بعير بأعيانها كان جائزا لأنه يقول النفس لم تصر مالا من هذه الأموال حتى يقضي بها القاضي أو لا ترون أيضا لو أن رجلا أقر عند القاضي بقتل رجل خطأ واقام ولي الجناية عليه البينة بالدية قضينا بالدية على العاقلة ولم نلتفت إلى إقرار الجاني فان قال ولي الجناية إني لا أعلم أن لي بينة فاقض لي عليه في ماله فقضيت عليه بالدية في ماله مال الجاني باقراره ثم اصاب ولي الجناية بينة وأراد أن يحول ذلك إلى العاقلة عاقلة الجاني لم يكن له ذلك لأني قضيت به في ماله فلا أحوله إلى غيره ولو أنه أقر فقال ولي الجناية للقاضي لا تعجل بالقضاء لي في ماله لعلى أجد بينه فأخره القاضي ثم وجد بينة قضي له القاضي على العاقلة ولا يشبه قضاء القاضي على العاقلة غير قضائه لأن الحق لا يلزم العاقلة
إلا بالقضاء
قالوا هذا كما تقول لا يلزم العاقلة العقل إلا بالقضاء والولاء المنتقل لا يلزم العاقلة العقل فيه إلا بالقضاء ولكنك تقضي به على الأولين فكيف لم تقض بهذا على الأولين وتجعله مثل الولاء المنتقل فأما الولاء المنتقل فقد وضح بالمرأة المرتدة فاجعل هذا بمنزلة ذلك قيل لهم هذا لا يشبه ذلك أرايتم رجلا من أهل البادية حفر بئرا في البادية ثم إن الإمام أمر بأهل البادية فنقلوا إلى الأمصار فتفرقوا فيها فصاروا أصحاب أعطية وعقلوا زمانا طويلا ثم إن رجلا وقع في تلك البئر أيعود العقل إلى أن يكون على أهل البادية كما كان على الأنساب في الأموال وتكون عليهم الإبل إن كانوا من أهل الإبل أو من أهل الغنم أو من أهل البقر دون الأعطيات وهي الدراهم والدنانير أرأيتم أن كان رجل من أهل العطاء في مصر من الأمصار فحفر بئرا ثم إن الإمام أبطل عطاء ذلك المصر وردهم إلى أنسابهم فتعاقلوا عليهم زمانا طويلا ثم وقع في البئر رجل فمات أيبطل دمه لأن تلك العاقلة قط بطلت حين ذهب الديوان أن العاقلة إنما جعلوا عونا للرجل على جنايته ولم تجن العاقلة شيئا فانما يكون ذلك عليهم يوم يجب المال الذي ينبغي لهم أن يعينوا فيه والرجل لم يخرج من نسبه ولم يتحول إلى غير ذلك إنما جعلت عاقلته قوما ثم صرفت تلك العاقلة بعينها إلى عاقلة أخرى وأنا أقول أيضا أشد من هذا لو أن أهل عطاء الكوفة جنى
رجل منهم جناية فقضي بها على عاقلته ثم ألحق قوما من قومه من أهل البادية ومن أهل المصر لم يكن لهم عطاء في الديوان وجعلوا مع قومهم عقلوا معهم ودخلوا معهم فيما لم يقض به من الجناية وفيما قضي به فان كان الذي قضي به قد أدى بعضه دخلوا فيما بقي قالوا وكيف افترق هذا والعاقلتان المختلفان في قضاء القاضي قيل لهم لا يشبه قضاء القاضي في العاقلتين العاقلة الواحدة ألا ترى أن القاضي لو قضي بالعقل على قومه من أهل العطاء فأدوا ثلثي الدية ثم ماتوا أوقتلوا فأجحف أخذ ما بقي منهم ضم إليهم أقرب القبائل منهم في النسب ممن في العطاء حتى تعقلوا معهم وقد كانوا قبل ذلك ليسوا معهم وكذلك الذين ألحقوا في الديوان وجعلوا معهم يدخلون معهم فيما قضي به وفيما لم يقض به لأنها عاقلة واحدة وأصل هذا إذا كانت عاقلتين مختلفتين لا يعقل إحداهما عن صاحبتها أتعقل من عاقلة إلى عاقلة قبل القضاء فرفع إلى القاضي وهو من أهل هذه العاقلة الآخرة قضي على عاقلته الذي هم عاقلته يوم يقضي فان كان قد قضي على الأولين لم يحول قضاؤه على الآخرين وقد لزم الأولين وهذا بمنزلة إقرار الرجل إذا قضي عليه في ماله لم يتحول على العاقلة ببينة تقوم على ذلك وما لم يقض به
القاضي في مال المقر فان ولي الجناية إن اقام البينة قضى بذلك القاضي على العاقلة
وإذا كانت عاقلة واحدة فالقضاء فيها وغير القضاء سواء يقضي بذلك عليهم في أعطياتهم الذين ألحقوا وغيرهم ومما تبين لك أيضا من العاقلتين أن رجلا لو جنى جناية وهو وقومه من أهل البادية من أهل الإبل فلم يقض بالجناية حتى نقل الإمام الرجل وقومه فجعلوا أهل عطاء وجعل عطاءهم الدنانير ثم رفع ذلك إلى القاضي فقضي عليهم بالدية ألف دينار ولم يقض عليهم بالإبل ولا بقيمة الإبل ولو كان قضي عليهم بالإبل بمائة في ثلاث سنين ثم إن الإمام نقل الرجل وقومه ففرض لهم وجعلوا أهل عطاء وجعلت أعطياتهم الدنانير قضي القاضي عليهم بالإبل أو بقيمتها على حالها التي كانت عليه فأن لم يكن لهم غير العطاء أخذ منهم قيمة الإبل من أعطياتهم إن قلت قيمة الإبل أو كثرت ولم يحولهم إلى الدنانير وكذلك الدراهم والغنم والبقر والحلل إذا لم يقض القاضي بذلك حتى يتحولوا من مال إلى مال آخر قضي عليهم بالدية من المال الذي تحولوا إليه وإذا قضي عليهم بالدية من مال ثم تحولوا قبل أن يؤدوها حتى يصيروا أهل مال آخر لم يتحولوا إلى غير ما قضي به عليهم أفلا ترى أن النفس إنما هي على الجاني ولم يصر على العاقلة حتى يقضي بها عليهم على حالهم يوم يقضي فكذلك الأول وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في قياس قول أبي حنيفة وقول محمد بن الحسن
هذا آخر كتاب أبي نصر زكريا بن يحيى في المعاقل وهذا الباقي زيادة في كتاب ابن سنان قال محمد بن الحسن ولو أن رجلا من أهل الذمة أسلم فوالي رجلا وعاقده كان مولاه فان جنى المولى الذي أسلم جناية خطأ ببينة فلم يقض بها القاضي على العاقلة حتى أبرأ أولياء المجني عليه الجاني من الجناية فللجاني أن يتحول بولائه عن الذي والى وإن كان للقاضي قضي على العاقلة بالدية فلم يؤدوها حتى أبرأ الأولياء العاقلة من الدية لم يكن للمولى أن يتحول بولائه عن الذي والى لأن المال لما صار على العاقلة كان أخذه منهم وهبته لهم سواء وكذلك لم يكن له أن يتحول بولائه عن الذي والى ولو أقر الجاني بالجناية إقرارا ولم يقم بينة بها فقضي بها القاضي على الجاني في ماله في ثلاث سنين فأداها ثم اراد أن يتحول بولائه عن الذي والاه فله أن يتحول لأن العاقلة لم تعقل عنه شيئا ولم يجب عليها بجنايته شيء ولو لم يجن ولكنه التحق معهم في ديوانهم فصار العاقلة معهم فجنى بضهم جناية فعقل عنهم معهم ثم أراد أن يتحول بولائه عنهم ألا ترى أن مولاه الذي والاه ليس يحوله إذا عقل عنهم فكذلك ليس له أن يتحول ألا ترى أن المولى لو عقل عنه لم يكن له أن يحوله عنه بولائه كما ليس له أن يتحول وقد كان
لكل واحد منهما قبل العقل أن يحول الولاء عن صاحبه فاذا لم يكن لأحدهما أن يحول الولاء لم يكن للآخر أن يحوله وإذا كان لأحدهما أن يحول الولاء كان للآخر أن يحوله وقد قال أبو حنيفة إذا والى الرجل رجلا وعاقده فلكل واحد منهما أن يحول الولاء عن نفسه ما لم يعقل المولى الأسفل وكذلك قال أبو يوسف ومحمد وقالا ليس لواحد منهما أن يخرج من ولاء صاحبه إلا بمحضر منه إلا في خصلة واحدة للمولى الأسفل إن والى غير مولاه الأعلى كان خارجا من ولاء الأول وإن لم يحضر ذلك الأول وهذا مالم يعقل عن المولى الأسفل أو يعقل الأسفل عن مولاه الأعلى فاذا عقل أحدهما عن صاحبه أو معه لم يكن لواحد منهما أن يحول الولاء عن صاحبه ولكن المولى الأسفل لو اكتتب مع عاقلة الأعلى في الديوان وأخذ معهم العطاء إلا أنه لم يعقل عن أحد منهم ولاءهم أيضا عقلوا عنه فلكل واحد من الموليين أن يحول الولاء لأن العقل لم يجب على واحد منهما
آخر كتاب العقل والحمد الله رب العالمين وصلاته على سيدنا محمد وآله كتبه إبو بكر بن محمد بن أحمد الطلحي الأصفهاني في صفر سنة تسع وثلاثين وستمائة
** أرى آثاركم فأذوب شوقا ** وأسكب في مواطنكم دموعي ** وأسأل من بفرقتكم بلاني ** بمن على منكم بالرجوع ** خاتمة الطبع
انتهى بحمد الله تعالى ومنه وكرمه طبع الجزء الرابع من كتاب الأصل للامام محمد بن الحسن الشيباني يوم الأثنين 17 من ربيع الثاني من شهور سنة 1393 هـ والحمد لله على ذلك وصلاته وسلامه على رسوله الكريم وعلى آله الأخيار وصحبه الأبرار
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الواحد العدل (1) *
1 أحمد بن حفص قال أخبرنا محمد بن الحسن قال حدثنا أبو حنيفة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الذهب بالذهب مثل بمثل يد بيد والفضل ربا والفضة بالفضة مثل بمثل يد بيد والفضل ربا1
كتاب البيوع والسلم
والحنطة بالحنطة مثل بمثل يد بيد والفضل ربا والتمر بالتمر مثل بمثل يد بيد والفضل ربا والملح بالملح مثل بمثل يد بيد والفضل ربا
2 محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال أسلم ما يكال فيما يوزن وأسلم ما يوزن فيما يكال ولا تسلم ما يوزن فيما يوزن ولا ما يكال فيما يكال وإذا اختلف النوعان فيما لا يكال ولا يوزن فلا بأس به اثنان بواحد يد بيد ولا بأس يه نسيئة وإن كان من نوع واحد مما لا يكال ولا يوزن فلا بأس به اثنان بواحد يد بيد ولا خير فيه نسيئة
3 وإذا أسلم الرجل في الطعام كيلا معلوما وأجلا معلوما وضربا من الطعام وسطا أو جيدا أو رديئا واشتراط المكان الذي يوفيه إياه فيه فهذا جائز وإن ترك شيئا من هذا لم يشترطه فالسلم فاسد
4 وإن كان رأس المال دراهم غير معلومة فالسلم فاسد لأنهما إن تتاركا لم يدر ما هو بدين عليه أو وجد فيها درهما زائفا لم يدر ما هو من الثمن في قول أبي حنيفة
5 وإذا اشترط طعام قرية أو أرض خاصة ولا يبقى طعامها في أيدي الناس فالسلم فاسد لأنه أسلم فيما ينقطع من أيدي الناس
6 ولا بأس بأن تأخذ بعض رأس مالك وبعض ما أسلمت فيه إذا حل الأجل محمد عن أبي حنيفة عن أبي عمر عن ابن جبير عن ابن عباس أنه قال ذلك المعروف الحسن الجميل
7 فالسلم في جميع ما يكال وجميع ما يوزن مما لا ينقطع من أيدي الناس جائز والشعير والحنطة والسمسم والزيت والزبيب والسمن وما أشبهه من الكيل والوزن فلا بأس به
8 ولا بأس بالسلم في الزعفران والمسك والعنبر وما أشبهه مما لا ينقطع من أيدي الناس إذا اشترط وزنا معلوما وضرب له أجلا معلوما وسمى صنفا معلوما فذلك جائز
9 ولا بأس بالسلم في كل ما يكال من الحنا والورد والوسمة والرياحين اليابسة إذا اشترط كيلا معلوما وأجلا معلوما وصنفا معلوما
10 ولا بأس بالسلم في الحديد والرصاص والصفر وما أشبهه مما يوزن إذا اشترط أجلا معلوما ووزنا معلوما وضربا معلوما
11 ولا بأس بالسلم في القت وزنا معلوما وأجلا معلوما
12 ولا خير في السلم في الرطبة ولا في الحطب حزما أو جرزا لأن هذا مجهول لا يعرف ألا ترى أنه لا يعرف طوله ولا عرضه ولا غلظه فإن عرف فهو جائز
13 ولا خير في السلم في جلود الغنم والبقر والإبل ولا في الورق ولا في الأدم لأنه مجهول فيه الصغير والكبير إلا أن يشترط من الورق والصحف والأدم ضربا معلوما والطول والجودة والعرض
14 ولا خير في السلم في شيء من الحيوان بلغنا ذلك عن عبدالله ابن مسعود ألا ترى إنه مختلف مجهول لا يعرف وقته ولا قدره
15 ولو اشترط جذعا أو ثنيا كان ذلك باطلا لا خير فيه من قبل أن الجذعان والثنيان مختلفة
16 ولا بأس بالسلم بالحرير والزطى واليهودي والسابري والقوهي والمروي والبتوت والطيالسة والثياب كلها بعد أن يشترط ضربا معلوما وطولا معلوما وعرضا معلوما وأجلا معلوما وصفة معلومة
17 وكل شيء من السلم له حمل ومؤنة فلا بد من أن يشترط المكان الذي يوفيه فيه فإن لم يشترط ذلك فسد السلم في قول أبي حنيفة
18 ولا خير في السلم في كل شيء ينقطع من أيدي الناس
19 وكل شيء ليس له حمل ولا مؤنة فلا بأس بالسلم فيه ولا يشترط المكان الذي يوفيه
قال يعقوب ومحمد ما كان له حمل ومؤنة وما لم يكن له حمل ولا مؤنة سواء فهو جائز وإن لم يشترط المكان الذي يوفيه فيه وإلا فعليه أن يوفيه في المكان الذي أسلم إليه فيه وهو قول أبي حنيفة الأول ثم رجع عنه وقال لا يجوز
20 ولا خير في السلم في الفاكهة كلها في غير حينها وإذا كان حينها الذي تكون فيه فلا بأس بالسلم فيها ضربا معلوما وكيلا معلوما وأجلا
معلوما قبل أن ينقطع فإن جعلت أجلا بعد انقطاعه فلا خير في السلم فإذا جعلت أجلا قبل انقطاعه ثم لم يجد منه ما عليه حتى ينقطع فصاحب السلم بالخيار إن شاء أخذ رأس ماله وإن شاء أخر السلم حتى يجيء حينه الذي يكون فيه فيأخذ ما أسلم فيه
21 ولا خير في السلم في الرمان ولا في السفرجل ولا في البطيخ ولا في القثاء ولا في البقل ولا في الخيار وما أشبه ذلك مما لا يكال ولا يوزن لأنه مختلف فيه الصغير والكبير
22 ولا بأس بالسلم في الجوز والبيض عددا ولا بأس بالجوز كيلا معروفا
23 ولا بأس بالسلم في الفلوس عددا
24 ولا خير في السلم في اللحم لأنه مختلف في قول أبي حنيفة وأما في قول أبي يوسف ومحمد إذا أسلم في موضع منه معلوم وسمى صفة معلومة فهو جائز
25 ولا خير في السلم في السمك الطري في غير حينه من قبل أنه ينقطع من أيدي الناس ولأنه مختلف وإن أسلم فيه في حينه فهو جائز وأما السمك المالح فلا بأس بالسلم فيه وزنا معلوما وضربا معلوما وأجلا معلوما وإن أ أسلمت فيه عددا فلا خير فيه
26 وإذا أسلم الرجل في الجذوع ضربا معلوما وطولا معلوما وغلظا معلوما وأجلا معلوما فلا بأس به إن اشترط المكان الذي يوفيه فيه
27 وكذلك الساج والصنوف من العيدان والخشب والقصب إذا اشترط طولا معلوما وغلظا معلوما ومكانا معلوما وأجلا معلوما فلا بأس بذلك
28 إذا استصنع الرجل عند الرجل عند الرجل خفين أو قلنسوة أو تورا أو كوزا أو قمقما أو آنية من آنية النحاس واشترط من ذلك صناعة معروفة
ولم يضرب لذلك أجلا فهو بالخيار إذا فرغ الرجل من ذلك لأنه اشترى ما لم ير فإن شاء الذي استصنعه أخذه وإن شاء تركه فإن ضرب له أجلا وكانت تلك الصناعة معروفة واشترط منها وزنا معروفا من النحاس فهو بمنزلة السلم وهو جائز ليس له خيار في قول أبي حنيفة وإن كانت مجهولة فهو فاسد لا يجوز
قال أبو يوسف ومحمد هو جائز وصاحبه بالخيار إذا رآه إن شاء أخذه وإن شاء تركه ولا يكون بمنزلة السلم
29 ولا بأس بالسلم في اللبن في حينه الذي يكون فيه إذا اشترط وزنا معلوما أو كيلا معلوما وأجلا معلوما قبل انقطاعه وكذلك ألبان البقر وغيرها
30 ولا بأس بالسلم في اللبن والآجر إذا اشترط من ذلك شيئا معروفا وجعل له أجلا معلوما ومكانا معلوما وإن كان ذلك لا يعرف فلا خير فيه
31 ولا بأس بالسلم في الأليات إذا اشترط وزنا معلوما وأجلا معلوما
32 ولا بأس بالسلم في شحم البطن إذا اشترط من ذلك وزنا معلوما وأجلا معلوما
33 ولا بأس بالسلم في التبن إذا كان كيلا معلوما وأجلا معلوما وفيمانا معلومة وإذا كان ذلك لا يعرف له قيمة فلا خير فيه
34 ولا خير في السلم في رؤوس الغنم والأكارع لأنها مختلفة فيها الصغيرة والكبيرة
35 ولا خير في السلم في كل شيء يوزن أو يكال إذا اشترط بمكيال غير معروف ولو اشترط بإناء بعينه غير أن ذلك الإناء لا يعرف وزنه ولا يكون رطلا فلا خير فيه ألا ترى لو أن ذلك الإناء هلك لم يعرف ما أسلم فيه وكذلك الطعام وغيره إذا اشترط بإناء مجهول لا يعرف قدره
وإذا اشترى بذلك الإناء يدا بيد فلا بأس ما كان قائما بعينه
36 ولا بأس بالسلم في العصير في حينه الذي يكون فيه بعد أن يكون أجله قبل انقطاعه واشترط من ذلك وزنا وكيلا معلوما وأجلا معلوما ومكانا معلوما وضربا معلوما في حينه فإن ذهب حين العصير كان صاحبه بالخيار إن شاء أخذ رأس ماله وإن شاء أخره حتى يجيء حينه فيأخذ ما أسلم فيه
37 ولا بأس بالسلم في الخل إذا اشترط كيلا معلوما وأجلا معلوما وضربا معلوما من الخل وصنفا معلوما
38 وإذا أسلم الرجل في تمر ولم يسم فارسيا ولا دقلا فلا خير في السلم فيه لأن الفارسي مخالف للدقل
وإن كان اشترط فارسيا فلا بد من أن يقال جيدا أو وسطا أو رديئا
39 ولا خير في السلم في شيء من الطير ولا في لحومها
40 ولا خير في السلم في شيء من الجواهر ولا اللؤلؤ لأنه مختلف مجهول
41 ولا بأس بالسلم في الجص والنورة إذا اشترط من ذلك كيلا معلوما وأجلا معلوما وضربا معلوما ومكانا معلوما وكذلك ما أشبهه مما يكال أو يوزن
42 ولا خير في السلم في الزجاج إلا أن يكون مكسورا فليشترط من ذلك وزنا معلوما وضربا معلوما
43 وإن كانت آنية واشترط من ذلك شيئا معروفا لا يجهل فلا بأس به
وإن كان هذا مجهولا فاشترط من ذلك عددا وفي ذلك الصغير والكبير فلا خير فيه
44 وإذا أسلم الرجل ألف درهم إلى رجل في طعام خمسمائة درهم من ذلك كانت دينا عليه وخمسمائة نقدها إياه فإنه يجزئ ذلك
من حصة النقد وهو النصف ويبطل من ذلك حصة الدين وهو النصف قال وبلغنا ذلك عن أ أبي حنيفة عن ابن عباس ألا ترى أنه أسلم دينا في دين
45 وإذا أسلم الرجل إلى رجل مائة درهم في كر حنطة وكر شعير ولم يبين رأس مال كل واحد منهما فلا خير في ذلك وهو مردود وهذا قول أبي حنيفة قال وبلغنا ذلك عن عبدالله بن عمر
وقال أبو يوسف ومحمد هو جائز
46 وإذا أسلم الرجل الدراهم إلى رجل في طعام على أن أحدهما بالخيار فلا يجوز السلم في هذا والسلم فاسد وهو بمنزلة الصرف إلا أن يبطل صاحب الخيار قبل أن يتفرقا فيجوز ذلك
47 وكذلك لو أسلم إليه دراهم في طعام فافترقا قبل أن يقبض الدراهم
48 قلت وكذلك لو أسلم إليه دراهم في طعام فأعطاه إياها فلما افترقا وجدها زيوفا فإنه يردها وينتقض السلم
وإن أعلمه أنها زيوف وقبضها على ذلك فليس أن يردها والسلم جائز
فإن لم يعلم ثم وجد فيها درهما زائفا فإني أستحسن أن يرده عليه ويأخذ غيره لأنه قبضه
وإن كان ستوقا رده وأحصى وحط عنه بقدره في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إن كان زيوفا كلها فإنا نستحسن أن يبدلها له والسلم على حاله
49 وإذا أسلم الرجل إلى رجل في طعام وأعطاه دراهم لا يعلم ما وزنها أو فضة أو ذهبا لا يعلم ما وزنه فإن السلم فاسد لا يجوز من قبل
أنه لا يعلم ما رأس ماله وهذا قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف هو جائز
50 ولو أسلم ثوبا في طعام فإن هذا جائز في قول أبي حنيفة وإن لم يعلم ما قيمة الثوب من أجل أن الثياب تختلف في الغلاء والرخص في البلدان وإنما تقوم بالظن والحرز وأما الفضة والذهب والدراهم فإنه يقدر على أن يزنه حتى يعلم ما هو فهذا مخالف لذلك
51 وإذا أسلم الرجل إلى رجل في طعام وأخذ كفيلا ثم صالح الكفيل على رأس ماله فإن الذي عليه الطعام بالخيار فإن شاء أجاز الصلح وأعطاه رأس المال وإن شاء رد الصلح وهذا قول أبي حنيفة ومحمد
وقال أبو يوسف أما أنا فأرى الصلح جائزا على الكفيل ولا يلزم الذي عليه الطعام من الصلح شيء إنما يكون عليه طعام مثل ذلك يرده على الكفيل وهذا بمنزلة رجل كفل لرجل بألف درهم فصالحه على خادم أو ثياب فالصلح جائز ويرجع الكفيل على المكفول عنه بألف درهم
52 وإذا أسلم الرجلان إلى رجل في طعام فصالحه أحدهما على رأس المال وأبى الآخر أن يجيز ذلك فإن الصلح لا يجوز من قبل أنه لا يكون لأحدهما دراهم وللآخر طعام فإن رضي الشريك بذلك كان
ما أخذ الآخر من رأس المال وما بقي من الطعام بينهما وهذا قول أبي حنيفة ومحمد
وقال أبو يوسف أما أنا فأرى الصلح جائزا على الذي صالح وإن أبى شريكه كان للذي صالح رأس ماله وكان لشريكه طعامه على حاله فإن توى رجع على شريكه بنصف ما أخذ وهو بمنزلة رجلين لهما على رجل مائة درهم فصالحه أحدهما من حصته على ثوب وأبى الآخر أن يرضى فالمصالح الثوب وللآخر خمسون درهما على المطلوب فإن تويت فله أن يدخل مع صاحب الثوب في الثوب فيكون له نصفه إلا أن يرضى صاحب الثوب أن يرد عليه خمسة وعشرين درهما ولا يكون له من الثوب شيء والخيار في ذلك إلى صاحب الثوب وكذلك هذا في الكر السلم
53 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل دراهم في طعام فصالحه على رأس ماله ثم أراد أن يشتري برأس ماله منه بيعا قبل أن يقبضه فلا خير في ذلك ولا ينبغي له أن يشتري شيئا ولا يأخذ إلا سلمه بعينه أو رأس ماله بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي
54 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل دراهم في طعام ودنانير في طعام قد علم وزن الذهب ولم يعلم وزن الدراهم فلا خير في هذا حتى يعلم وزنهما جميعا وهذا قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد هو جائز
55 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل عشرة دراهم في ثوبين يهوديين إلى أجل معلوم واشترط طولا معلوما وعرضا معلوما ورقعة معلومة فهو جائز ولا يضره أن لا يسمي رأس مال كل واحد منهما على حدة وأكره له أن يبيع واحدا منهما مرابحة على خمسة دراهم لأنه إنما يقومها بالظن والحزر ولا بأس أن يبيعهما جميعا مرابحة على عشرة دراهم وهذا قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد لا بأس بأن يبيع أحدهما مرابحة على خمسة دراهم
56 وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في ثوب يهودي وثوب سابري ولم يسم رأس مال كل واحد منهما فالسلم فاسد وليس هذا كالثوبين اليهوديين لأن هذين من صنفين مختلفين وذلك من صنف واحد
وقال أبو يوسف هو جائز
57 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل دراهم في شيء يجوز فيه السلم ثم تفرقا قبل أن يقبض الذي أسلم إليه الدراهم فإن السلم فاسد
58 ولا بأس بالسلم في المسوح والأكسية والعباء والكرابيس إذا اشترطت طولا معلوما وغرضا معلوما وأجلا معلوما ورقعة معلومة من صنف معروف
59 ولا بأس بالرهن والكفيل في السلم بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي
وبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اشترى من يهودي طعاما بنسيئة ورهنه درعه
وإذا أسلم الرجل في شيء من الثياب فاشترط طولا وعرضا بذراع رجل معروف فلا خير في ذلك ألا ترى أنه لو مات ذلك الرجل لم يدر صاحب السلم ما حقه
61 وإذا اشترط كذا وكذا ذراعا فهو جائز وله ذراع وسط
62 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في حرير واشترط وزنا معلوما ولم يشترط الطول والعرض فلا خير فيه ألا ترى أنه لا يدري ما أسلم فيه
63 وإذا اشترط طولا وعرضا بفيمان غير الذراع فإن كان فيمانا معروفا من فيامين التجار فهو جائز وإن كان مجهولا فهو فاسد
64 وإذا اشترط الرجل في سلمه ثوبا جيدا فأتاه الذي عليه الثوب بثوب ليعطيه إياه فقال رب السلم ليس هذا بجيد وقال الآخر هو جيد فإنه ينظر إلى رجلين عدلين من أهل تلك الصناعة فإن اجتمعا على أنه جيد مما يقع عليه اسم الجيد أجبره رب الثوب على أخذه وإن كان ليس بجيد لا يجبر رب السلم على أخذه
65 وإن كان اشترط وسطا فأتاه الآخر بجيد فقال خذ هذا وزدني درهما فلا بأس بذلك إن فعله وكذلك لو أتاه بثوب أطول مما اشترط عليه أو أعرض فلا بأس بذلك إن فعله
66 وإن كان شيئا مما يكال أو يوزن فأتاه بمثل ذلك الكيل الذي عليه غير أنه أجود مما اشترط فقال خذ هذا وزدني درهما لم يكن في هذا خير ولا يجوز ألا ترى أنه لا يصلح مختوم حنطة بمختوم حنطة وزيادة درهم وكذلك كل ما يكال أو يوزن فأما الثياب فلا بأس أن يأخذ ثوبا و يعطي مثله وزيادة درهم
67 وإذا أسلم الرجل في ثوب قوهي فأتاه بثوب أطول منه على مثل رقعته أو مثل طوله غير أنه أجود منه فقال خذ هذا وزدني درهما فلا بأس بذلك لأن فضل ما بينهما درهم
68 ولو أتاه بأنقص من ثوبه فقال خذ هذا وأرد عليك درهما من رأس مالك لم يجز هذا من قبل أنه لا يدري كم رأس مال ما أخذ وما ترك لأن الثوب مختلف
وكذلك في الطعام ولو أتاه بمثل طعامه في الكيل وهو دونه فقال خذ هذا وأرد عليك درهما كان ذلك باطلا لا يجوز
69 وإذا اختلف الرجلان في السلم فقال الطالب شرطت لي
جيدا وقال المطلوب شرطته لك وسطا من صنف قد سميناه جميعا فالقول في ذلك قول المطلوب مع يمينه ويتحالفان ويترادان البيع إلا أن تقوم للطالب البينة فيؤخذ بينته
70 وإذا اختلف الطالب والمطلوب فقال الطالب أسلمت إليك في كر حنطة وقال المطلوب أسلمت إلي في كر شعير أو قال الطالب في ثوب قوهى وقال المطلوب في ثوب يهودي ولا بينة بينهما فإنهما يترادان السلم ويأخذ الطالب رأس ماله بعد أن يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه فالذي يبدأ به في الحلف المطلوب وهذا قول أبي يوسف الأول ثم قال بعد ذلك الذي يبدأ به باليمين الطالب وهو قول محمد وزفر
فإن قامت لهما بينة جميعا على ما ادعيا أخذت بينة الطالب لأنه هو المدعي وهو قول أبي يوسف وقال محمد يأخذ بالبينتين جميعا ويجعلهما سلمين فإن كانا لم يفترقا قضى على رب السلم بثمنين وقضى على المسلم إليه بالحنطة والشعير جميعا
71 فإن لم يختلفا في السلم ولكنهما اختلفا في المكان الذي يوفيه فيه فقال الطالب شرطت لي مكان كذا وكذا وقال المطلوب
بل شرطت لك مكان كذا وكذا لمكان آخر وليست بينهما بينة فالقول قول المطلوب مع يمينه فإن قامت لهما بينة على ما قالا أخذت بينة الطالب لأنه يدعي
72 ولو أنهما لم يختلفا في المكان ولكنهما اختلفا في الأجل فقال الطالب شرطت لي كذا وكذا من الأجل وقد حل الأجل وقال المطلوب بل شرطت لي كذا وكذا من الأجل أبعد من ذلك ولم يحل ذلك بعد فالقول قول الطالب مع يمينه بالله على ذلك ولو قامت لهما بينة أخذت ببينة المطلوب لأنه المدعي
73 وقال أبو يوسف ومحمد إذا اختلفا في المكان الذي يوفيه فيه السلم فانهما يتحالفان ويترادان السلم
74 وإذا اختلفا في الأجل فقال الطالب أجلتك شهرا وقد مضى وقال المطلوب لم يمض بعد إنما أخذت السلم منك الساعة ولا بينة بينهما فالقول في ذلك قول المطلوب مع يمينه وعلى الطالب البينة فإن قامت لهما بينة أخذت بينة المطلوب لأن شهوده قد أكذبوا الطالب حيث ادعى أنه أجله شهرا وقد مضى ولأن المطلوب هو المدعي للفضل ههنا فالقول ههنا قوله والبينة بينته
75 وإذا اختلفا في الأجل فقال أحدهما لم يكن له أجل وقال الآخر بلى قد كان له أجل فالقول قول الذي زعم أن له أجلا أيهما ما كان ولا يصدق الآخر لأنه يريد أن يفسد السلم فلا يصدق على إفساده
وأما في القياس فإنه ينبغي أن يكون القول قول الذي قال ليس له أجل وأن يكون السلم فاسدا وعلى الذي يدعي أجلا البينة وهو قول أبي يوسف ومحمد إذا كان الذي يقول ذلك الذي له السلم
76 وإذا قبض صاحب السلم رأس ماله وتتاركا ثم اختلفا في رأس المال فقال المطلوب إن رأس مالك خمسة دراهم وقال الطالب بل كان رأس مالي عشرة دراهم فإن القول في ذلك 24
قول المطلوب مع يمينه فإن قامت للطالب بينة على ما يدعي من الفضل أخذ له بذلك
وإذا تتاركا السلم فقال المطلوب كان رأس مالك هذا الثوب وقال الطالب بل كان رأس مالي عشرة دراهم أو دينار أو ثوب هو أجود من هذا فإن القول في ذلك قول المطلوب مع يمينه إلا أن يقوم للطالب بينة على ما يدعي فيؤخذ له بدعواه
77 وإذا أسلم الرجل إلي الرجل دراهم فوجد فيها درهما زائفا بعد ما افترقا به فإنه ينبغي في القياس أن يرد الدرهم ويبطل من السلم بحساب ذلك فإن أنكر رب السلم أن يكون ذلك من دراهمه فالقول قول المطلوب المسلم إليه مع يمينه وعلى الطالب البينة إنه أعطاه جيادا في قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد يستبدله إذا كان زائفا إذا أقر به صاحبه ولا ينتقض وليس ينبغي أن يفترقا
78 فإذا أسلم إليه حتى يقبض رأس المال فإن افترقا قبل أن يقبض رأس المال فالسلم فاسد لا يكون دينا 25
في دين إن أسلم إليه دراهم
79 وإذا أسلم الرجل إلى رجل دراهم في شيء مما ذكرت لك إلى أجل معلوم وجعل للدراهم أجلا يعطيها إياه ثم افترقا فالسلم فاسد ولا يكون دينا في دين
80 فإن أسلم إليه دراهم في طعام فقبض بعضا وأحال ببعض على آخر وبقي عنده بعض ثم تفرقا فإنما له من السلم بحساب ما قبض من المال فأما ما أحاله به أو بقي عنده لم ينقده إياه فلا خير فيه ويرجع رب السلم بالدراهم التي أحاله بها على المحتال عليه
81 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل جارية أو غلاما أو إبلا أو بقرا أو ثوبا من صنوف الثياب في شيء مما يكال أو يوزن واشترط 26
ما ذكرت لك من ذلك من الكيل المعلوم والأجل المعلوم وضربا من ذلك معلوما فهو جائز
82 وكذلك إذا أسلم ثوبا قوهيا في ثوب مروي أو ثوبا هرويا في ثوب قوهي أو ثوبا يهوديا في ثوب زطي أو بت في طيلسان أو طيلسان في بت أو كساء من صوف في ثوب أو طيلسان أو ثوب كتان في ثوب قطن واشترط من ذلك ذرعا معلوما في العرض والطول والرقعة فهو جائز
وإن كان هذا قطنا كله أو كتانا فلا بأس بالسلم فيه لأن مختلف
83 ولا بأس بالسلم في الكتان وزنا معلوما وكذلك القطن والقز والإبريسم ولا بأس في ذلك كله
84 وإذا اشترط رب السلم أن يوفيه السلم في مدينة كذا وكذا أو في مصر كذا وكذا فقال رب السلم ادفعه إلى في ناحية كذا من المصر وقال المسلم إليه بل ادفعه إليك في ناحية أخرى ليس في تلك الناحية قال فحيث ما دفعه إليه الذي عليه السلم من ذلك المصر وتلك المدينة فذلك له وهو بريء وليس لرب السلم ما ادعى من ذلك 27
85 ولا خير في السلم في المسابق والفراء إلا أن يشترط من ذلك شيئا معروف الطول والعرض والتقطيع والصفة فإن كان يعرف شيئا من هذا فهو جائز
86 ولا خير في السلم بالحطب أو قارا ولا أحمالا لأن هذا مجهول غير معروف فلا خير فيه وكذلك كل سلم اشترط فيه أو قارا أو أحمالا فلا خير فيه
87 وإذا اشترط على الرجل الذي عليه السلم أن يحمل السلم إلى منزل صاحب السلم بعد ما يوفيه إياه في المكان الذي اشترط فلا خير في السلم على هذا الشرط
88 وإذا اشترط رب السلم في سلمه أن يوفيه إياه في منزله فلا بأس به وهذا حمله في القياس سواء غير أنا نأخذ في حمله إلى منزله بالقياس ونأخذ في هذا بالاستحسان
89 ولا خير في السلم في الحطب عددا لأنه مجهول لا يعرف فيه الصغير والكبير 28
90 ولا بأس بالسلم في الجبن والمصل إذا اشترط من ذلك ضربا معلوما وأجلا معلوما ومكانا معلوما يوفيه فيه
91 ولا خير في السلم في القصيل ولا في الحشيش احمالا ولا أوقارا ولا حزما
92 وإذا اختلف الرجلان في السلم فقال الذي أسلم أسلمت إليك في ثوب يهودي وقال الذي عليه السلم بل هو زطى وليس بينهما بينة فإن الذي عليه السلم يحلف بالله ما هو يهودي فإن نكل عن اليمين لزمه ثوب يهودي وإن حلف برئ وعلى الطالب أن يحلف بالله ما هو زطى على ما ادعى الآخر فإن نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه وإن حلف برئ ورد عليه رأس ماله
وإن قامت لهما بينة أخذت بينة الطالب في قول آبي يوسف
93 وإن اتفقا أنه ثوب يهودي غير أنهما اختلفا في الصفة فقال المطلوب طوله خمسة أذرع في ثلاثة أذرع وقال الطالب بل هو ستة أذرع في ثلاثة أذرع واتفقا على ما سوى ذلك فإن هذا والأول في القياس سواء يتحالفان ويترادان السلم وبالقياس نأخذ 29
وأما الاستحسان فإنه ينبغي أن يكون القول ههنا قول المطلوب مع يمينه إلا أن يقوم للطالب بينة وبالقياس نأخذ
94 وإذا اختلفا في السلم بعينه أو في رأس المال ولم يقبض رأس المال ولم يتفرقا فقال المسلم إليه أسلمت إلى هذه الجارية في مائة مختوم حنطة وقال رب السلم بل أسلمت إليك هذا العبد في مائتي مختوم حنطة وليس بينهما بينة فإنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه ثم يترادان السلم وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه قبله
وإن قامت لهما بينة لزمته الجارية بمائة مختوم حنطة ولزمه العبد بمائتي مختوم حنطة
95 ولا بأس بأن يسلم الحيوان في كل ما يكال أو يوزن و يذرع من الثياب إلى أجل معلوم ألا ترى أنه لا بأس ببيع الحيوان بالدراهم والدنانير إلى أجل معلوم
وكذلك لو أسلمت جارية في عشرة أكرار حنطة وشعير
96 ولو أسلمت فيها عبدا أو دابة أو ثوبا كان ذلك جائزا ولا يضرك أن لا يسمى رأس مال الحنطة من ذلك ولا رأس مال الشعير
97 ولو أسلمت ثوبا في عشرة أكرار حنطة وشعير ولم يسم رأس 30
مال كل واحد منهما لم يضرك ذلك وكان ذلك جائزا وكان رأس مال كل واحد منهما على حساب قيمة ذلك لأنك لا تقدر على تقويمه إلا بالظن والحزر ولو كانت دراهم لم تصلح لأنه يقدر على وزن حصة كل واحد منهما وهذا قول أبي حنيفة
وقال يعقوب هما سواء والسلم جائز
98 وإذا باع الرجل جارية بألف مثقال فضة وذهب جياد أو دنانير ودراهم كان له من كل واحد خمسمائة مثقال وهذا جائز
99 وإذا استأجر الرجل أرضا أو دارا أو عبدا أو ثوبا أو دابة أو أمة أو شق محمل أو شق زاملة إلى مكة بشيء مما يكال أو يوزن كيلا معلوما أو وزنا معلوما وأجلا معلوما وسمى المدينة التي استأجر إليها والأرض والدار والخادم والحمام وسمى من ذلك الكيل صنفا معروفا فإن هذا كله جائز 31
وكذلك لو استأجر ذلك بثوب يهودي وبين طوله وعرضه ورقعته وأجله فهو جائز
100 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل عشرة دراهم في عشرين مختوم شعير أو عشرة مخاتيم حنطة ووقع السلم على هذا والشرط على هذا أن يعطيه أيهما شاء رب السلم أو المسلم إليه فلا خير في هذا لأن السلم لم يقع على شيء معلوم
وكذلك إن قال إن أعطيتني إلى شهر فهو عشرة مخاتيم وإن أعطيتني إلى شهرين فهو عشرون مختوما كان هذا فاسدا لا يجوز السلم فيه
101 وإذا أسلم الرجل إلى رجل دراهم في حنطة فقال رجل لرب السلم ولني هذا السلم فإنه لا يستطيع أن يوليه ذلك السلم ولا يجوز من قبل أن التولية بيع ولا يجوز أن يبيع ما لم يقبض وقد جاء قي الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الرجل ما لم يقبض 32
102 وإذا قال الرجل لرجل قد أسلمت الى عشرة دراهم في كر حنطة وسكت ثم قال بعد ما سكت ولكني لم أقبض الدراهم منك وقال رب السلم بلى قد قبضتها مني كان القول قول رب السلم مع يمينه من قبل أن المسلم إليه قد أقر بالقبض حيث قال أسلمت إلى فهذا منه قبض إذا قال قد أسلمت إلى فهذا مثل قوله قد أعطيتني عشرة دراهم في كر حنطة ألا ترى أنه لو قال أقرضتني عشرة دراهم قرضا برؤوسها وأسلفتني عشرة دراهم برؤوسها سلفا ثم قال بعد ذلك لم أقبض منك شيئا لم أصدقه وألزمته الدراهم وكان هذا إقرارا منه بالقبض
وكذلك إذا قال أسلمت إلى ثوبا في كر حنطة فهو مثل ذلك
وهو استحسان منا وليس بالقياس وكان ينبغي في القياس ألا يكون قابضا حتى يقول قد قبضت الثوب والدراهم
وكذلك لو قال لفلان على ألف درهم إلى سنة أو حاله من ثمن جارية باعنيها ثم قال بعد ذلك لم أقبضها وقال الآخر قد قبضت كان المال عليه ألا ترى أن لا يلزمه المال إلا بالقبض فإقراره بالمال إقرار بالقبض وصل أو قطع وهو قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد القول قول المطلوب أنه لم يقبض إذا أقر 33
الطالب أن ذلك من بيع وهذا قول أبي يوسف الآخر وكان يقول مرة إن وصل صدق وإن قطع لم يصدق
103 وإذا أسلم الرجل إلى رجل في كر حنطة ثم أعطاه كرا بغير كيل ليس ينبغي له أن يبيعه ولا يأكله حتى يكيله وإن باعه المشتري فالبيع فاسد ألا ترى أنه باع ما لم يقبض
ولو هلك الكر عند المشتري وهو مقر بأنه كر واف غير أنه لم يكتله فهو مستوف
104 وإذا أسلم الرجل إلى رجل في كر حنطة فاشترى الذي عليه الكر كر حنطة من رجل آخر ثم قال اقبضه قبل أن يكتاله من المشتري فليس ينبغي لرب السلم أن يقبضه حتى يكاله المشتري ثم يكتاله رب السلم ولا يصلح له أن يأخذه بكيله حتى يأخذه بكيل مستقبل لنفسه
105 وإذا وقع الذي عليه السلم إلى رب السلم دراهم فقال اشتر بها طعاما فاقبضه لي بكيل ثم اكتله لنفسك بكيل آخر مستقبل كان جائزا
106 وإن قال رب السلم الذي عليه السلم كان ما لي
عليك من الطعام فاعزله في بيتك أو في غرائرك ففعل ذلك الذي عليه السلم وليس رب السلم بحاضر فلا يجوز ولا يكون هذا قبضا من رب السلم
وكذلك لو كاله في غرائر لرب السلم بأمره غير أن رب السلم ليس بحاضر لم يحضر الكيل لم يكن هذا قبضا
وإن وكل رب السلم يقبض ذلك غلام الذي عليه السلم أو ابنه فهو جائز
وكذلك لو قال زن ما عليك من الدراهم فاعزلها لي في بيتك ففعل ذلك لم يكن هذا قبضا من الطالب
وقال محمد كان أبو حنيفة يقول لو أن رجلا اشترى من رجل طعاما بعينه على أنه كر ثم دفع إليه غرائر فأمره أن يكيله فيها وليس المشتري بحاضر ففعل انه قبض وله أن يبيعه ولو لم يكن اشتراه ولكن أسلم إليه فيه فدفع إليه غرائر يكيله فيها فكاله وهو غائب عنه لم يكن قبضا ولم يجز وفرق ما بينهما وقال ألا ترى
أنه إذا اشتراه بعينه أنه له فإذا أمره بكيله في غرائره فكأنه أمره أن يطحنه فيجوز ذلك ويكون قبضا منه لأنه شيء بعينه يملكه أحدث فيه عملا بأمره فصار قابضا والسلم دين لا يملكه بعينه فأما ما طحنه وكاله فهو من مال الذي عليه ولا يكون قابضا من حنطه دقيقا في السلم وهما مختلفان
107 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في كر حنطة ثم أسلم الآخر إليه في كر حنطة وأجلهما واحد وصفتهما واحدة أو مختلفة فلا يكون شيء من ذلك قصاصا وإن تقاصا به فلا يجوز ألا ترى أنه يبيع ما لم يقبض كل واحد منهما ليس يقبض من كره كرا يأخذه إنما يأخذ به دينا عليه ولا يجوز أن يأخذ إلا رأس ماله أو الذي أسلم فيه والذي عليه ليس مما أسلم فيه ولا رأس ماله
108 وإذا كان الأول منهما سلما والآخر قرضا فلا بأس أن يكون قصاصا إذا كان سواء
وإن كان الأول قرضا والآخر سلما فلا يكون قصاصا وإن تراضيا بذلك
وكذلك هذا في الصرف إذا باع دينارا بعشرة
دراهم ثم استقرض منه يكون قصاصا لأن الدراهم والدنانير من الأثمان
109 وإن كان للذي عليه السلم قرض على رجل أم لم يكن له
فاستقرض من رجل كرا فقال كله لصاحب السلم فاكتاله صاحب السلم كيلا واحدا فهو قبض وهو جائز من قبل أن أصل الطعام على المطلوب وليس قرض وليس بيع ألا ترى لو أن رجلا كال كرا من الطعام فاستقرضه رجل منه على كيله كان جائزا وله أن يبيعه من قبل أن يكتاله فإن القرض لا يحتاج فيه إلى كيل فهو يأخذه قرضا ليس يكيله له إنما هو كيل للبائع لأن القرض لا يفسده أن لا يكال فإذا اشترى رجل كرا من طعام مكايلة فاكتاله فلا يبيعه حتى يكتاله وإذا كان كر سلم على رجل فاشترى من رجل كرا ووكل رب السلم أن يقبضه له ويأخذه من سلمه فلا يجزيه كيل واحد في بيع واقتضاء
110 وإذا تتاركا السلم ورأس المال ثوب فهلك الثوب عند المطلوب قبل أن يقبض الطالب فعلى المطلوب قيمته وكذلك لو تتاركا السلم بعد هلاك الثوب كان على المطلوب قيمته والقول في ذلك قول المطلوب وعلى الطالب البينة على ما يدعي من فضل القيمة وإن لم يكن له بينة حلف المطلوب على القيمة التي أقر بها وأداها
ألا ترى لو أن رجلا اشترى من رجل جارية بعبد وتقابضا فمات
أحدهما في يديه ثم تناقضا أنه جائز وهو بمنزلة الرد بالعيب ألا ترى أنه لو أصاب به عيبا بعد موت الآخر فقبله بغير قضاء قاض إنها إقالة ولو أصاب به عيبا وقد هلك الآخر أو رده بخيار رؤية فان ذلك جائز
وكذلك الأول في السلم لأن السلم بيع ولا يشبه هذا الأثمان الدنانير والدراهم
وكذلك هذا في الصرف ولو كان كل واحد منهما بعينه فتقايلا كان لكل واحد منهما أن يعطي غير الذي اشترى
111 وإذا أسلم الرجل إلى رجل دراهم في كر حنطة فوجد فيها دراهم ستوقة فجاء يردها فقال الذي عليه السلم هذا نصف رأس المال فقد بطل نصف السلم وقال رب السلم بل هو ثلث رأس المال فان القول في ذلك قول الذي عليه السلم مع يمينه
وعلى رب السلم البينة على ما يدعي لأن السلم لم يتم في الكر فالقول قول الذي عليه السلم مع يمينه فيما تم منه
112 وإذا اختلفا في السلم فقال رب السلم أسلمت إليك ثوبا في كر حنطة وقال المسلم إليه بل أسلمت إلى في كر شعير وليس بينهما بينة فان يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه ثم يترادان السلم
فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة رب السلم لأنه مدع للفضل
113 فإن اختلفا فقال المسلم إليه أسلمت إلى هذين الثوبين في كر حنطة وقال رب السلم بل أسلمت إليك هذا الثوب بعينه في كر حنطة فإن لم يكن لهما بينة فإنهما يتحالفان ويترادان وإن كانت لهما بينة أخذت ببينة المسلم إليه وكان الثوبان جميعا بكر حنطة لأنه مدع للفضل ألا ترى أن شهودهما قد اتفقوا على كر وثوب وإن بينة المسلم إليه قد شهدوا على فضل ثوب فهو للمدعي
114 وإذا اختلفا فقال المسلم إليه أسلمت إلى ثوبين في كر حنطة وقال رب السلم بل أسلمت إليك أحدهما وهو هذا بعينه في كر حنطة وكر شعير فأقاما جميعا البينة فإنه يقضي للمسلم إليه بالثوبين جميعا ويقضي عليه بكر حنطة وكر شعير من قبل أن بينة رب السلم
قد شهدوا على كر شعير فضل وشهدت شهود المسلم إليه بفضل ثوب
115 وإذا أسلم الرجل فلوسا في كر طعام أو شيء مما يكال أو يوزن فهو جائز
116 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل عشرة دراهم في كر حنطة فأقام رب السلم بينة أنهما تفرقا قبل أن يقبض المسلم إليه رأس المال وأقام المسلم إليه البينة أنه قد قبض رأس المال قبل أن يتفرقا فالسلم جائز ويؤخذ ببينة المسلم إليه
ولو كانت الدراهم في يدي رب السلم بأعيانها فقال المسلم إليه أودعتها إياه أو غصبنيها بعد قبضي إياها وقد قامت البينة بالقبض كان القول كما قال ويقضي له بالدراهم والسلم جائز
117 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل ثوبا أو دابة أو عبدا أو أمة أو شيئا مما يكال أو يوزن إلى أجل ثم تفرقا قبل أن يقبض رأس المال كان السلم فاسدا ولا يجوز إن أراد أن يعود إلى ذلك إلا باستقبال السلم
ولو باع جارية أو عبدا أو ثوبا بشيء مما يكال أو يوزن إلى أجل ثم تفرقا قبل أن يقبض جاريته غير أن البائع لم يمنعه من قبض ذلك كان البيع جائزا وكان له أن يقبض متى ما شاء
وهذا والسلم في القياس سواء غير أني أخذت في السلم بالاستحسان ألا ترى أنه لو باع ثوبا بحنطة كيلا مسمى وضربا مسمى ولم يجعل لذلك أجلا كان جائزا ولو أسلم هذا الثوب في كر حنطة على هذه الصفة ولم يجعل له أجلا كان فاسدا
118 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في طعام فقال له رجل آخر بعد ما نقد وتفرقا أو قبل أن يتفرقا أشركني فيه فإن الشركة لا تجوز لأن الشركة بيع وهذا بيع ما لم يقبض
119 وإذا أخذ الرجل بالسلم رهنا يكون فيه وفاء بالسلم فهلك الرهن فقد بطل السلم لأن الرهن بما فيه
ولو لم يهلك الرهن حتى يموت المسلم إليه وعليه دين كان صاحب السلم أحق بالرهن يباع له في حقه يستوفي
ولو كان الرهن أقل من قيمة السلم ثم هلك رجع رب السلم بالفضل وبطل من سلمة بقدر قيمة الرهن
ولو كان الرهن أكثر من السلم بطل السلم كله وكان المرتهن في فضل الرهن أمينا
وهذا القول في الرهن قول أبي حنيفة محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم وبه كان يأخذ أبو حنيفة
وهو قول أبي يوسف ومحمد
120 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في طعام فلم يتفرقا ولم يقبض المسلم إليه الثمن حتى اختلفا فقال هذا أسلمت إلى عشرة دراهم في كر حنطة وقال رب السلم بل أسلمت إليك خمسة دراهم في كر حنطة فإنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه ويترادان السلم
فان كانت لهما بينة على ما قالا أخذت ببينة المسلم إليه وأقضى له بعشرة لأنه مدع للفضل وهذا قول أبي يوسف
وقال محمد هذان سلمان مختلفان وأقضى له بخمسة عشر درهما واجعل عليه كرين كرا بعشرة دراهم وكرا بخمسة دراهم
121 ولو كانا اختلفا في السلم فقال رب السلم أسلمت إليك خمسة دراهم في كري حنطة وقال المسلم إليه بل أسلمت إلى عشرة دراهم في كر حنطة ولا بينة بينهما حلف كل واحد منهما
على دعوى صاحبه فان حلفا جميعا ترادا وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه
وإن قامت لهما بينة أخذت ببينة المسلم إليه بالعشرة وببينة الطالب في الكرين في قول أبي يوسف
وقال محمد هما سلمان اقضي بهما جميعا
122 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في طعام ثم وكل رب السلم وكيلا يدفع إليه الدراهم أو عبدا له أو ابنا له أو شريكا له مفاوضا أو غير مفاوض وقام رب السلم الذي أسلم فذهب قبل أن يقبض المسلم إليه رأس المال فان السلم فاسد ألا ترى أنهما قد تفرقا قبل أن يقبض المسلم إليه
123 وإذا وكل المسلم إليه أحدا من هؤلاء بقبض رأس المال من رب السلم ثم فارقه المسلم إليه قبل أن يقبض رأس المال فإن السلم فاسد
124 وإذا كفل الرجل بالسلم فاستوفى الكفيل السلم من المسلم إليه على وجه الاقتضاء منه ثم باعه وربح فيه أو أكله ثم قضى رب السلم طعاما مثله وفضل في يده فضل من ذلك فهو له حلال
لأنه قبضه على وجه الاقتضاء منه
125 ولو كان قبضه على وجه الرسالة فإنه رسول فيه حتى يدفعه إلى رب السلم فإن فعل به شيئا من ذلك كان ينبغي له أن يتصدق بالربح وكان لا يحل الفضل
126 وإن قضى الكفيل السلم من ماله قبل أن يقبضه من المكفول عنه ثم صالح المكفول عنه على دراهم أو شعير أو على غير ذلك مما يكال أو يوزن أو على عروض أو على حيوان غير أن ذلك يد بيد فهو جائز من قبل أن الكفيل ههنا مقرض للمكفول عنه وليس بمنزلة رب السلم ألا ترى أن له قرضا على المكفول عنه فلا بأس بأن يبيع القرض ببعض ما ذكرنا
127 وليس لرب السلم أن يبيع السلم بشيء من ذلك لا يأخذ إلا طعامه أو رأس ماله ولا ينبغي له مع ذلك ان صالح على رأس ماله أن يشتري به شيئا حتى يقبضه قال أخبرنا أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك
128 فإذا كفل الكفيل لرب السلم برأس ماله قبل أن يترادا فهذه الكفالة باطلة لا تجوز لأنه كفيل بغير حقه
129 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في بعض الأدهان في البنفسج أو الخيرى أو غيره من السمن والعسل إذا اشترط من ذلك وزنا معلوما وكيلا معلوما وضربا معلوما وأجلا معلوما فلا بأس
وكل شيء وقع عليه اسم الكيل الرطل فهو موزون
130 وإذا أسلم النصراني في خمر بكيل معلوم وأجل معلوم وضرب معلوم فهو جائز فيما بينهما فأيهما أسلم قبل أن يقبض السلم فان السلم فاسد لا يجوز ويكون على المسلم إليه أن يرد رأس المال ألا ترى أن المسلم إن كان هو الطالب فلا ينبغي له أن يأخذها فان كان المطلوب فلا ينبغي له أن يعطي الخمر
وإن كانا أسلما جميعا فكذلك أيضا
131 وان كان قبض بعض الخمر قبل أن يسلما ثم أسلما فما قبض فهو له وما بقي فيه رأس المال بحصته
132 وإذا أسلم نصراني ثوبا في خمر ثم أسلما فالسلم فاسد
فان اختلفا في رأس المال فان القول قول المسلم إليه فان قال المسلم إليه هو زطي وقال الآخر بل هو هروي فهو زطي كما قال المسلم إليه وعلى المطلوب يمين بالله انه زطي كما قال
133 وان كان الثوب قد هلك فاختلفوا في القيمة فالقول قول المسلم إليه مع يمينه وان قامت لرب السلم بينة على ما يدعي أخذت ببينته
134 وان باعه ثوبا بخمر إلى أجل وهما نصرانيان فهو جائز فان أسلما أو أسلم أحدهما فالبيع فاسد ويرد عليه رأس ماله وإن كان قد هلك فعليه قيمته
135 وإذا أسلم النصراني إلى النصراني في خنزير إلى أجل فانه لا يجوز لأنه حيوان
136 وإذا أسلم إليه في عصير في غير حينه فانه لا يجوز
والنصراني والمسلم في جميع السلم سواء ما خلا الخمر فإني أجيزها بين أهل الكفار ولا أجيزها بين أهل الإسلام
137 وإذا أسلم الرجل إلى رجل في طعام جيد من طعام العراق والشام فهو جائز لأنهما لا ينقطعان من أيدي الناس
ولو أسلم إليه في طعام قرية أو أرض خاصة أو قراح كان السلم فاسدا لأنه ينقطع من أيدي الناس
138 وكذلك إذا أسلم إليه في تمر نحل معلوم فالسلم فاسد لأنه ينقطع من أيدي الناس
139 ولا بأس بالسلم في الصوف صنفا معلوما ووزنا معلوما إلى أجل معلوم إذا اشترط منه ضربا معلوما وان اشترط كذا وكذا جزة بغير وزن فلا خير في السلم في ذلك
140 وإذا أسلمت في صوف غنم لرجل بعينها فلا خير فيه وكذلك إذا أسلمت في ألبانها أو في سمن من أسمانها لأن هذا لا يبقي في أيدي الناس
وكذلك إن أسلم في سمن الأرض لا يبقي منها في أيدي الناس
وكذلك الزبيب وما أشبه ذلك
141 وكذلك إذا أسلمت في سمن حديث أو حديث زيت في غير حينه فلا خير فيه
142 ولا خير في السلم في المسوح ولا في الجوالق إلا أن يشترط من ذلك ضربا معلوما وطولا معلوما وأجلا معلوما
143 ولا خير في السلم في الحنطة الحديثة من قبل أنك لا تدري أن يكون ذلك في تلك السنة أم لا فهي منقطعة من أيدي الناس يوم أسلمت فيها
وكذلك الأشياء كلها
144 وإذا أسلم الرجل في حنطة هراة خاصة وهي تنقطع من أيدي الناس فلا خير فيه
145 وإذا أسلمت في ثوب هروي فلا بأس به لأن الثوب الهروي من الثياب بمنزلة الحنطة من الحبوب ألا ترى أنك لو أسلمت في حنطة جيدة علمت ما أسلمت فيه ولو أسلمت في ثوب جيد ولم تنسبه إلى أرض لم يعلم ما أسلمت فيه والثوب الهروي لا يصنع بغير تلك البلاد وهو اسمه لا يستطيع أن يسميه بغيره
146 ولا بأس بالسلم في البواري طولا معلوما وعرضا معلوما وصنفا معلوما وأجلا معلوما
وكذلك الحصير
147 ولا خير في السلم في الطلع
148 ولا بأس بالسلم في نصول السيوف إذا كان النصل معلوم طوله وعرضه وصفته
149 وإذا كان السلم بين رجلين فاقتسماه وهو دين فلا يجوز ولا خير فيه
وكذلك كل دين لا يجوز قسمته حتى يقبض
150 وإذا اشترط رب السلم أن يوفيه إياه في مكان كذا وكذا وقال الذي عليه السلم خذه في غير ذلك المكان وخذ مني الكراء إلى ذلك المكان فأخذه منه كان أخذه جائزا ولا يجوز له الكراء يرد الكراء إلى الذي كان عليه السلم والذي أخذ المسلم بالخيار إن شاء تم أخذه المسلم ولم يكن له غير ذلك وإن شاء رده بما اشترط من الأجر حتى يوفيه إياه بالمكان الذي اشترط له في أصل السلم
فان كان قبض قد هلك في يديه فلا شيء له
151 ولا خير في أن يسلم العروض في تراب المعادن لأنه مجهول لا يعرف
152 ولا بأس بأن يسلم الحنطة وكل ما يباع من الحبوب في السمن والزيت والعسل وما أشبه ذلك مما يوزن ويكال بالرطل
والكيل بالرطل عندنا هو الوزن
153 ولا بأس بأن يسلم ما يكال فيما يوزن وما يوزن فيما يكال ولا يسلم ما يكال فيما يكال ولا ما يوزن فيما يوزن وإن اختلف النوعان
وتفسير ذلك أنك لا تسلم الحنطة في الشعير ولا الشعير في السمسم ولا يسلم بشيء من الحبوب في غيره مما يكال فانه لا خير في ذلك لأنه كيل
فكذلك الوزن إذا أسلمت بعضه في بعض
ولا بأس بأن يشتري ذلك يدا بيد واحدا بواحد واثنين بواحد
وإن كان نوعا واحدا فلا خير فيه إلا مثلا بمثل ولا خير في واحد باثنين
وإن كان نوعا واحدا مما يوزن سمن أو عسل فلا بأس بذلك واحدا بواحد لا فضل فيه ولا يجوز نسيئة
154 ولا بأس بالبنفسج بالخيرى رطلين برطل يدا بيد وكذلك البنفسج بالزنبق والورد لأن هذين مختلفان فلا بأس به اثنين بواحد يدا بيد ولا خير فيه نسيئة
155 وكذلك ألبان البقر بألبان الغنم وكذلك ألبان الإبل وكذلك لحم البقر بلحم الغنم اثنين بواحد ولا خير فيه نسيئة ألا ترى أنه مختلف وأن هذا غير هذا
156 ولا خير في الحنطة بالدقيق لأنه من شيء واحد ولا يعلم أيهما أكثر وكذلك السويق بالدقيق فلا خير فيه وهذا قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد السويق بالدقيق لا بأس به يدا بيد وإن كان أحدهما أكثر من صاحبه فلا بأس به من قبل أنه قد اختلف ولا يعود واحد منهما أن يكون مثل صاحبه
157 ولا خير في الزيت بالزيتون لأنه لا يدري لعل ما في الزيتون أكثر مما أخذ من الزيت فإن كان ما في الزيتون من الزيت يعلم ذلك فلا بأس به ويكون الفضل الذي في الزيت بما بقي من ثفل الزيتون
158 وكذلك دهن السمسم بالسمسم وكذلك العصير بالعنب وكذلك اللبن بالسمن وكذلك الرطب بالدبس ولا خير في شيء من هذا حتى تعلم أنت ما في السمسم من الدهن وما في العنب من العصير وما في اللبن من السمن وما في الرطب من الدبس أقل مما يعطي حتى يكون ما يفضل من اللبن بعد ما يخرج من السمن منه وثفل السمسم وثفل العنب وثفل الرطب بعد ما يخرج من الدبس بالفضل الذي كان فيما أعطاه الآخر
ولا خير في شيء من هذا نسيئة
159 ولا بأس بخل الخمر بخل السكر اثنين بواحد يدا بيد ولا خير فيه نسيئة
160 وإذا اشترى الرجل شاة حية بصوف وعلى ظهرها من الصوف أكثر مما يعطي كان هذا فاسدا لا يجوز حتى يكون
ما على ظهرها من الصوف أقل منه
161 فإذا اشتراها بلحم أقل من لحمها فهو في القياس ينبغي أن يكون فاسدا ولكنا ندع القياس ونجيزه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف
وقال محمد إن هذا فاسد الشاة باللحم إلا أن يكون اللحم أكثر من لحم الشاة فيكون الفضل بالصوف والجلد والسقط للأثر الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع اللحم بالحيوان
والأول قول أبي حنيفة
162 وكذلك لو اشتراها بلبن وفي ضرعها من اللبن فيما يرى أكثر منه كان هذا فاسدا
163 ولا بأس بأن يشتري الحديد بالنحاس اثنين بواحد والنحاس بالرصاص اثنين بواحد يدا بيد لأنهما مختلفان
ولا خير في شيء من ذلك نسيئة لأنه وزن كله
164 وإذا أسلم الرجل حنطة في شعير وزيت إلى أجل معلوم فلا يجوز ذلك في الشعير ويجوز في الزيت في قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن
ويبطل ذلك كله في قول أبي حنيفة من قبل أنه أسلم كيلا في كيل
165 وإذا أسلم الرجل دراهم في فضة وذهب كان ذلك فاسدا
166 وإذا أسلم الرجل شيئا من الحديد والصفر والنحاس والرصاص في شيء مما يوزن من الأدهان من الزيت والسمن والعسل وأشباه ذلك أو شيء مما يوزن فلا خير فيه لأنه وزن كله
167 وإذا أسلم الفلوس في شيء من ذلك فلا بأس به لأن الفلوس قد خرجت من الوزن إلا الصفر وحده فإني لا أجيز أن يسلم الرجل فيه الفلوس
168 وكذلك لو باع سيفا بشيء مما يوزن إلى أجل أو أسلم السيف في شيء مما يوزن إلى أجل كان ذلك جائزا لأن السيف قد خرج من الوزن إلا الحديد فإنه نوع واحد
وكذلك كل متاع أو إناء مصوغ من حديد أو نحاس قد خرج من الوزن ولا بأس بأن يسلم فيما يوزن من السمن والزيت والعسل وأشباه ذلك من الأدهان ولا بأس بأن يبيعه نسيئة بشيء من ذلك
169 ولا بأس بأن يبيع إناء مصوغا من ذلك بإناء مصوغ يدا بيد فيه أكثر مما فيه من الوزن إذا كان ذلك الإناء لا يباع وزنا
170 وكذلك الفلوس لا بأس بأن يستبدل فلسا بفلسين أو أكثر يدا بيد ولا خير فيه نسيئة وهذا قول أبي يوسف
وقال محمد لا يجوز ذلك يدا بيد ولا نسيئة لأن الفلوس ثمن إن ضاع منها شيء قبل القبض وجب على صاحبه مكانه لأنه من نوعه
وقال أبو يوسف إن ضاع الفلس قبل أن يدفعه فقبض الفلسين لم يجز أن يدفع أحدهما قضاء منه وكذلك الفلوس لا بأس بأن يشتري فلسا بفلسين أو أكثر يدا بيد ولا خير فيه نسيئة
171 وكذلك الخز لا بأس بأن يستبدل شقة من خز بشقة هي أكبر منها أو أكثر وزنا
172 وكذلك الطيالسة والمسوح والأكسية والبتوت وأصناف الثياب كلها لأن هذا قد خرج من الوزن فلا بأس بأن يستبدل هذا بشيء هو أكثر وزنا منها لأن هذا لا يوزن
173 وكذلك الصوف بالإبريسم لا بأس به
174 ولا خير في أن يبيع شيئا من الدهن بالزيت لأنه وزن يوزن
ولا خير في أن يسلم أحدهما في صاحبه لأن هذا وزن كله
ولا بأس بأن يسلم هذا فيما يكال أو أن يسلم ما يكال في هذا إذا اشترطت ذلك على ما وصفت لك
175 وقال أبو حنيفة لا بأس بالتمر بالرطب مثلا بمثل وإن كان الرطب ينقص إذا جف
وكذلك الحنطة الرطبة بالحنطة اليابسة وهذا قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد لا خير في الرطب بالتمر مثلا بمثل يدا بيد لأن الرطب ينقص إذا جف قال بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك
وكذلك الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة في قول محمد
وأجاز ذلك أبو يوسف كما قال أبو حنيفة
176 ولا خير في الحنطة بالحنطة التي قد قليت وطحنت والحنطة بالسويق لا خير فيه مثلا بمثل ولا اثنين بواحد
ولو كان مع ذلك ذهب أو فضة فلا خير فيه بلغنا نحو من ذلك عن الشعبي إلا في الخصلة الواحدة إلا أن يكون السويق بالحنطة مثلا بمثل والحنطة أكثر ومع السويق دراهم أو ذهب فتكون الدراهم والذهب بفضل الحنطة
177 وإذا كان نوعا واحدا مما لا يكال أو يوزن فلا بأس به اثنين بواحد أو أكثر من ذلك أو أقل يدا بيد ولا خير فيه نسيئة
وإن صرف إلى ذلك شيئا من غير ذلك الصنف فأسلم قوهية في قوهية وهروية نسيئة فلا خير فيه كله في قياس قول أبي حنيفة
ولا خير فيه في قول أبي يوسف ومحمد في القوهية خاصة
وهو جائز في الهروية إن كانت القوهية معجلة والهروية نسيئة فلا بأس به
178 وكذلك لو أسلم ثوبا قوهيا في ثوب هروي فعجل فضل دراهم أو تعجل شيئا من المتاع سوى ما أسلم أو سوى ما أعطى هو إن تعجله أيضا من صاحبه فهذا جائز لا بأس به
179 وكذلك لو أعطاه ثوبا في حنطة وشعير فجعل نصفه عاجلا ونصفه إلى أجل فذلك جائز
180 ولو أعطاه ثوبا قوهيا في ثوب قوهي نسيئة فهو مردود سلما كان أو بيعا مقايضة أو قرضا فلا خير في شيء من ذلك لأنه نوع واحد فلا خير فيه
وإن زاد فيه درهما مع الثوب الذي عجل أو زاد الآخر مع الثوب الآخر درهما عاجلا أو آجلا كان ذلك كله فاسدا لا يجوز لأنه نوع واحد فلا يجوز أن يزيد فيه شيئا
وكذلك لو كانت الزيادة دنانير أو ثوبا يهوديا أو حنطة أو شيئا مما يكال أو يوزن
181 وإذا كان الثوبان من نوعين مختلفين فأعطاه ثوبا يهوديا في ثوب زطي أو أعطاه ثوبا مرويا في ثوب هروي وزيادة درهم من عنده عاجلا أو زاده الآخر درهما عاجلا أو آجلا فذلك كله جائز بعد أن يكون الأجل معلوما والرقعة والطول والعرض من قبل أن النوعين قد اختلفا
182 وكذلك إذا أسلم طعاما في شيء مما يوزن وزاد مع ذلك درهما أو دينارا أو ثوبا عجله فهو جائز
وإن جعل الشيء من ذلك مؤجلا فلا خير فيه
وإن كانت الزيادة من الذي عليه السلم أو كانت دراهم أو دنانير أو ثوبا أو شيئا مما يوزن فعجله وسمى وزن الذي عجله كان ذلك جائزا
وإذا جعل ذلك كله إلى أجل فهو جائز إذا علم ذلك
183 ولو أسلم رجل طعاما في شيء مما يوزن أو ثياب معلومة من أصناف معلومة مختلفة وفي أشياء معلومة من صنوف الوزن واشترط كل ضرب من ذلك على حاله معلوما وزنه وذرعه وصفته وجعل لها أجلا واحدا أو آجالا مختلفة وسمى لكل صنف من ذلك رأس مال من الطعام فان ذلك جائز
وان كان لم يسم رأس مال كل صنف فهو فاسد في قول أبي حنيفة
184 وإذا أسلم الرجل شيئا مما يكال في شيء مما يوزن أو يذرع ذرعا على هذه الصفة فهو جائز
وإن أدخل في ذلك شيئا من الكيل فأسلم فيه مع الوزن والذرع فسد السلم كله في قول أبي حنيفة
وأما في قول أبي يوسف ومحمد فانه يفسد في نوع رأس المال ويجوز فيما بقي لأن رأس المال مما يكال
185 ولا بأس أن يشتري الرجل الشاة الحية بالشاة المذبوحة يدا بيد من قبل أن الشاة الحية لا توزن ولا خير فيه نسيئة
186 ولو كانتا شاتين مذبوحتين قد سلختهما اشتراهما رجل بشاة مذبوحة لم تسلخ كان ذلك جائزا يكون لحم الشاة الواحدة بلحم إحدى الشاتين وجلدها بلحم الشاة الأخرى
ولو كانت الشاة ليست معها جلد كان ذلك فاسدا إلا أن يكون مثلا بمثل لأن اللحم هو وزن كله
187 ولا بأس بكر حنطة وكر شعير بثلاثة أكرار كر حنطة وكر شعير يدا بيد فتكون حنطة هذا بشعير هذا وشعير هذا بحنطة هذا وكذلك كر حنطة وكر شعير بنصف كر حنطة ونصف كر شعير فتكون الحنطة بالشعير والشعير بالحنطة
ولا خير في شيء من هذا نسيئة
188 وإن اشترى الرجل قفيز حنطة بنصف قفيز حنطة هو أجود منه أو قفيز شعير بنصف قفيز شعير هو أجود منه فلا خير فيه
64 ولو أعطيت قفيزا من حنطة وقفيزا من شعير بقفيزين من تمر لم يكن بذلك بأس يدا بيد
وكذلك لو كان مع التمر قفيز من حنطة فلا بأس
189 ولا بأس بأن يشتري الكفري بما شئت من التمر يد بيد لأن الكفري ليس بتمر ولا يكال
ولا خير فيه إذا كان الكفري بنسيئة من قبل أن هذا شيء مجهول لا يعرف وفيه الصغير والكبير
190 ولا خير في التمر بالبسر اثنين بواحد وإن كان البسر لم يحمر ولم يصفر من قبل أن أصله واحد
وكذلك القسب بالتمر لا خير فيه اثنين بواحد يدا بيد ولا خير فيه نسيئة وكذلك كل صنف من صنوف التمر والقسب والبسر فهذا كله واحد ولا خير في بعضه ببعض إلا يدا بيد مثلا بمثل
191 ولا خير في أن يبتاع حنطة مجازفة بحنطة مجازفة
وكذلك كل شيء يكال أو يوزن
192 فكذلك التمر في رؤوس النخل لا خير فيه أن يبتاعه بالتمر كيلا أو مجازفة بلغنا نحو من ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
193 وكذلك الزرع إذا كان قد أدرك وبلغ وهو حنطة فلا خير في ذلك أن يبتاعه بحنطة كيلا أو مجازفة لأنك لا تدري أي ذلك أكثر
194 ولا بأس بأن يبتاعه وهو قصيل من قبل أن يكون حنطة بكيل أو بغير كيل بعد أن يكون طعاما بعينه
فإذا اشترط عليه أن يترك القصيل في أرضه حتى يدرك فلا خير في البيع
195 ولا بأس أن يبتاع زرع الحنطة بعد ما أدرك بدراهم أو بشيء مما يكال غير الحنطة أو بشيء مما يوزن مجازفة أو غير مجازفة من قبل أنهما نوعان مختلفان
196 وإذا كان الشيء مما يكال أو يوزن بين رجلين فاقتسما مجازفة أخذ أحدهما أحد النوعين وأخذ الآخر النوع الآخر أو أخذ كل واحد منهما نصف نوع واصطلحا على ذلك مجازفة بغير كيل كان ذلك جائزا لأن كل نوع منهما يصير بنوع الآخر
197 ولا خير في شراء ألبان الغنم في ضروعها كيلا ولا مجازفة بدراهم ولا غير ذلك وكذلك أولادها في بطونها
وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن شراء حبل الحبلى ونهى عن بيع الغرر وهذا عندنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شراء اللبن في الضروع وشراء حبل الحبلة
198 وكذلك شراء أصوافها على ظهورها لأن هذا غرر لا يعرف
199 وكذلك كل شيء اشتريت من الثمار مما يكال وهو في الشجر بنصف غيره فلا بأس به يدا بيد إذا كان قد أدرك
فإن اشترطت عليه أن يتركه في الشجر حتى يدرك فلا خير فيه
وإن كان لم يدرك فهو سواء
وإن لم يشترط عليه تركه فهو جائز
فإذا اشتريت لتقطعه مكانك فلا بأس به
وإن أذن لك بعد الشراء أن تتركه فتركته حتى يبلغ فهو جائز
200 وإذا اشترى الرجل طعاما بطعام مثله فعجله كله وترك الذي اشترى ولم يقبضه فهو جائز لأنه حاضر وليس له أجل
وإن قبضه بعد ذلك بيوم أو أكثر فلا بأس به
وليس هذا كالصرف ولا كالسلم
201 وكذلك لو أن رجلا اشترى عبدا بعبدين أو شاة بشاتين يدا بيد فقبض أحدهما ولم يقبض الآخر إلا بعد ذلك بيوم أو يومين فهو جائز ألا ترى أن الرجل يشتري الجارية أو الشاة أو الطعام أو الشيء من العروض وينقد الدراهم ولا يقبض ذلك يوما أو يومين فيكون ذلك جائزا فلا بأس به وليس هذا بنسيئة
ولو جعل فيه أجل يوم أو أكثر من ذلك كان هذا فاسدا من قبل أنه اشترى شيئا بعينه فلا يجوز فيه الأجل
202 وإذا اشترى الرجل طعاما بطعام أو بغيره مما يكال أو يوزن واشترط عليه أن يوفيه إياه في منزله وهما في المصر الذي فيه المنزل فذلك جائز ما خلا الطعام فإنه قد أخذ طعاما بطعام وفضل فلا خير فيه
203 وإذا اشترى طعاما بدراهم أو بعروض بعينها على أن يحملها إلى منزله فلا خير فيه وكذلك لو اشترط عليه أن يوفيه إياه في منزله كان فاسدا
غير أني أستحسن في هذا خصلة واحدة إذا كان في مصر واحدة واشترط عليه أن يوفيه إياه في منزله فلا بأس به وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف
وقال محمد هذا كله فاسد
204 وإذا اشترى الرجل شعرا بصوف
متفاضلا فلا بأس به يدا بيد ولا خير فيه نسيئة
205 ولا بأس بالقطن والكتان والحديد والنحاس وما أشبه ذلك أن يشتريه واحدا باثنين بعضه ببعض إذا اختلف النوعان يدا بيد ولا خير فيه نسيئة
ولا خير في أن يسلم في شيء من هذا في شيء مما يكال بالأرطال لأنه وزن كله
206 وإذا اسلم الرجل ثوبا أو جارية أو شيئا من العروض أو الحيوان في نوعين من الكيل والوزن مختلفين فلا بأس بذلك وإن لم يبين رأس مال كل واحد منهما من قبل أن رأس ماله لا ينقص وليس هذا كالطعام في قول أبي حنيفة الذي ينقص ويوزن ويكال
207 وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في حنطة وسطا فأعطاه الآخر طعاما جيدا أو أسلم في تمرد قل فأعطاه الآخر فارسيا فلا بأس بذلك
وكذلك لو أعطاه دون شرطه فأخذه كان ذلك جائزا
208 وقال أبو حنيفة إذا اشترى الرجل عبدين وقبضهما فمات أحدهما في يديه ثم اختلفا في الثمن فان القول في ذلك قول المشتري إلا أن يشاء البائع أن يأخذ الحي ولا يأخذ من ثمن الميت شيئا
وفيها قول آخر قول أبي يوسف أن القول قول المشتري في حصة الميت ويتحالفان ويترادان في الحي منهما وهذا قول أبي يوسف
وقال محمد يتحالفان ويترادان في الحي وفي حصة الهالك والقول في قيمة الهالك قول المشتري مع يمينه
* 1
باب الوكالة في السلم
1 وإذا وكل الرجل رجلا أن يسلم له عشرة دراهم في كر حنطة فأسلمها إلى رجل واشترط ضربا من الحنطة معلوما وأجلا معلوما في كيل مسمى والمكان الذي يوفيه فيه فهو جائزوللوكيل أن يقبض الطعام إذا حل الأجل
2 وإن كان الوكيل نقد الدراهم من عنده ولم يدفع الذي وكل شيئا فهو جائز والطعام للذي وكله والدراهم للوكيل دين على الموكل
فإذا قبض الوكيل الطعام فله أن يحبسه عنده حتى يستوفي الدراهم من الموكل وهذا بمنزلة الرجل أمر رجلا أن يشتري له خادما بعينها فاشتراها ولم يدفع إليه الثمن ونقد الوكيل الثمن من عنده وقبض الخادم فللوكيل أن يحبسها حتى يستوفي المال من الموكل فان هلكت الجارية عند الوكيل بعد ما حبسها وأبى أن يدفعها إلى الموكل حتى طلبها فهي من مال الوكيل والثمن دين على الموكل فكذلك السلم في الطعام
3 وإذا وكل رجل رجلا بأن يسلم له في حنطة ودفع إليه دراهم فأسلمها وأخذ بها رهنا فهو جائز
5 وكذلك لو أخذ بها كفيلا فهو جائز على الموكل
4 وإن حل الأجل فأخر الوكيل السلم فهو جائز عليه خاصة وهو ضامن للطعام للموكل
6 وكذلك لو أبرأ الذي عليه الطعام أو وهبه له كان جائزا عليه وكان الوكيل ضامنا للطعام للموكل
ولو لم يفعل الوكيل شيئا من ذلك ولكن احتال به على رجل وأبرأ الأول فهو جائز عليه خاصة
وان كان المحتال عليه مليئا أو غير مليء فالوكيل ضامن للطعام للموكل لأنه أبرأه من طعامه بغير قبض
7 فان اقتضى الوكيل طعاما دون شرطه وكان شرطه جيدا فاقتضى منه وسطا أو رديئا فهو جائز عليه وللموكل أن يضمنه طعاما مثل طعامه وهذا قول أبي حنيفة ومحمد
وقال أبو يوسف لا يجوز شيء من هذا إلا في الكفيل والرهن
8 وإذا وكل الرجل رجلا بأن يسلم له دراهم في طعام ثم إن الوكيل تارك السلم وقبض رأس المال فهو جائز وهو ضامن للطعام مثله لرب السلم لأن الطعام قد وجب للآمر وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد
وأما في قول أبي يوسف فلا يجوز إبراء الوكيل ولا هبته ولا متاركته ولا تأخيره وللموكل أن يرجع بطعامه استحسن ذلك وادع القياس فيه
9 وإذا وكل الرجل رجلا فأسلم له دراهم في طعامه ثم فارق الوكيل المسلم إليه وأسلم وأمر الوكيل الموكل أن يدفع إليه الدراهم فان السلم قد فسد وانتقض من قبل أن الوكيل هو الذي ولى الصفقة وفارقه قبل أن ينقده
وإن نقد الموكل الدراهم رجع بها على الذي أخذها منه
وكذلك لو كان الذي عليه السلم وكل وكيلا أيضا فهو سواء
10 وإذا وكل رجل رجلا أن يسلم له عشرة دراهم في حنطة فأسلمها في قفيز حنطة فهذا جائز على الوكيل ولا يجوز على رب السلم والوكيل ضامن للدراهم للموكل
ولو أسلمها في أكثر من ذلك من الحنطة أو كان حط عنه شيئا يتغابن الناس فيه كان ذلك جائزا على الموكل
11 وإذا وكل رجل رجلا أن يسلم له دراهم في طعام فالطعام عندنا الحنطة يستحسن ذلك فان أسلم في شعير أو في تمر أو في سمسم فهو جائز على الوكيل ولا يجوز على الموكل
وإن رجع الآمر على الذي أسلم إليه بدراهمه كان له ذلك فان كان الذي أسلم إليه قد فارق صاحب السلم انتقض السلم وإن كان لم يفارقه حتى أعطاه دراهم مثلها كان ذلك جائزا مستقيما
والوكيل ضامن للدراهم إن شاء أخذه ولم يتبع بها المسلم إليه
12 وإن أسلم الدراهم في دقيق حنطة فهو جائز
13 وإذا وكل رجل رجلا بأن يأخذ له دراهم في طعام مسمى إلى أجل فأخذ الوكيل الدراهم ثم دفعها إلى الذي وكله فان الطعام على الوكيل
وإنما للوكيل على الذي وكله دراهم قرض لأن الوكيل حيث أسلم إليه في طعام صار عليه وحيث دفع الدراهم إلى الذي وكله لم يسلمها إليه في طعام فصارت قرضا عليه
وقد كان للوكيل أن يمنعها إياه ألا ترى أن رب السلم ليس له على الموكل شيء
14 وإذا وكل رجل رجلا ودفع إليه عشرة دراهم يسلمها في ثوب ولم يسم جنسه فأسلمها الوكيل في ثوب وسمى طوله وعرضه ورقعته وجنسه وأجله فهو جائز على الوكيل والوكيل ضامن للدراهم للآمر
ولا يجوز هذا على الآمر من قبل انه لم يسم جنس الثوب
ولرب الدراهم أن يضمن ماله المسلم إليه فان ضمن الدراهم المسلم إليه انتقض السلم وإن ضمنها الوكيل بقي السلم وكان للوكيل على المسلم إليه ثوب
15 وإذا أمره أن يسلم الدراهم في الثوب اليهودي فأسلم في ثوب يهودي واشترط طوله وعرضه ورقعته وأجله فهو جائز
وكذلك إذا قال أسلمها في ثوب قوهي أو مروي إذا سمى له جنسا من الثياب كان ذلك على الآمر
فان خالف الوكيل فأسلم في غير ذلك فلرب الدراهم أن يضمن الوكيل الدراهم فان ضمنها إياه جاز السلم للوكيل وإن ضمنها المسلم إليه بطل السلم
16 وإذا وكل رجل رجلا أن يسلم له دراهم في حنطة ودفعها إليه فأسلمها إليه ولم يشهد على المسلم إليه بقبض المال ولا بالاستيفاء ثم جاء المسلم إليه بدرهم يرده إليه وقال وجدته زائفا فإنه يصدق ويقضي على الوكيل ببدله ويرجع به الوكيل على الموكل
وكذلك لو وجد درهمين
فإن وجد النصف زيوفا رد ذلك وبطل من السلم بحساب ذلك في قول أبي حنيفة
وأما في قول أبي يوسف ومحمد فانه يستبدل
فان كانت كلها زيوفا استبدلها
وإن كان قد أشهد عليه أنه استوفى رأس المال لم يصدق المسلم إليه على الدراهم الزيوف ولم تقبل منه البينة على ذلك ولم يكن له يمين على الوكيل
17 وإذا وكل رجل رجلا أن يسلم له عشرة دراهم من الدين الذي عليه في الطعام فأسلمها له فان هذا لا يكون سلما للآمر في قول أبي حنيفة وهو من مال الوكيل المأمور حتى يقبض الطعام ويدفعه إلى الآمر
وهو في قول أبي يوسف ومحمد جائز
وكذلك ألف درهم على رجل فقال اصرفها لي بدنانير أو اشتر لي بها عدلا زطيا
18 وإذا وكل رجل رجلين أن يسلما له دراهم في طعام فأسلم أحدهما دون الآخر فانه لا يجوز على الآمر لأنه لم يرض برأى هذا وحده
وإن أسلما جميعا الدراهم في طعام فهو جائز على الآمر
وإن تارك أحدهما المسلم إليه فانه لا يجوز في قول أبي حنيفة ولا في قول أبي يوسف ومحمد والطعام على حاله دين
19 وإذا وكل رجل رجلا أن يسلم له دراهم في طعام فأسلمها له ثم إن الآمر اقتضى الطعام وقبضه فهو جائز
وكذلك لو تارك السلم وقبض رأس المال فهو جائز
والذي عليه الطعام بريء
ولو لم يفعل ذلك وأراد قبض الطعام وأبى الذي عليه الطعام أن يدفعه إليه فله أن يمتنع منه ولا يعطيه شيئا لأنه لم يسلم إليه في شيء
20 وإذا وكل رجل رجلا فدفع إليه دراهم يسلمها له في الحنطة فقاول الوكيل رجلا وبايعه ولم يكن له نية في دفع دراهمه ولا في دفع
دراهم الآمر ثم دفع إليه دراهم الآمر فهو جائز وهي للآمر وإن دفع إليه دراهم لنفسه فالطعام له ودراهم الآمر عند الوكيل حتى يسلمها وهو قول يعقوب إذا لم تكن النية في ذلك لنفسه ولا للآمر
وفيها قول آخر قول محمد انه لازم للوكيل إلا أن يكون نواه للآمر عند عقدة الشراء فان نوى ذلك لم يسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن يأخذه لنفسه
فان تكاذبا فيما قال الوكيل من نيته فالذي اشترى للذي نقد ماله أيهما كان
وإذا أسلم الرجل إلى رجل دراهم في طعام ثم وكل رجلا أن يدفع إليه الدراهم وقام هو فذهب فقد انتقض السلم وبطل
فإن دفع الوكيل الدراهم والرجل حاضر فهو جائز وإذا وكل المسلم إليه رجلا يقبض الدراهم من رب السلم وفارقه فذهب فقد انتقض السلم وبطل
وان لم يذهب ولم يفارقه حتى قبض الوكيل الدراهم فهو جائز فالدراهم للمسلم إليه والطعام عليه لأنه ولى صفقة البيع
22 وإذا وكل رجل رجلا بثوب يبيعه بدراهم فأسلمه في طعام إلى أجل فانه لا يجوز فان ضمن رب الثوب الوكيل جاز السلم وكان له وان ضمن المسلم إليه الثوب بطل السلم وهذا قول أبي يوسف ومحمد
23 وإذا وكل رجل رجلا بثوب يبيعه ولم يسم له الثمن فأسلمه في طعام إلى أجل فهو جائز على الآمر لأن هذا بيع أرأيت لو باعه بدراهم نسيئة ألم تجزه أرأيت لو باعه بدراهم يدا بيد ألم تجزه وهذا قول أبي حنيفة
وأما أبو يوسف ومحمد فانهما قالا لا يجوز إلا أن يبيع ذلك بدراهم أو دنانير
24 وإذا وكل رجل رجلا بطعام يبيعه فباعه بزيت أو سمن فهو جائز وإن أسلمه في زيت فهو جائز على الآمر
وقال يعقوب ومحمد لا يجوز إلا أن يبيعه بدراهم أو دنانير لأنهما الثمن الذي تجري عليه بياعات الناس
25 وإذا وكل رجل رجلا بأن يسلم له دراهم إلى رجل بعينه في طعام فأسلمها إلى غيره فانه لا يجوز
فإن فعل ذلك فالطعام له ولا يجوز على الآمر
26 وإذا وكل رجل رجلا بدراهم أن يسلمها في طعام فأسلمها وأدخل في السلم شرطا يفسده فان السلم باطل
ولا يضمن الوكيل من الفساد الذي دخل فيه شيئا
27 وإذا وكل رجل رجلا بدراهم أن يسلمها له والوكيل ذمي فإني أكره له ذلك وأجيزه على الآمر
وإذا وكل الذمي المسلم أن يسلم دراهم في طعام فهو جائز
28 وكذلك لو وكل الحر العبد بدراهم فهو جائز
وإذا وكل العبد التاجر الرجل الحر بذلك فهو جائز
29 وإذا وكل الرجل الحر المكاتب فهو جائز
وإذا وكل المكاتب الحر فهو جائز
30 وإذا وكل المضارب رجلا يسلم له في طعام فهو جائز وان كانت من دراهم المضاربة فهو جائز
31 وإذا وكل رجل رجلا يسلم له دراهم في طعام فهو جائز وليس للوكيل أن يوكل بذلك غيره لأنه لم يفوض ذلك إليه
فان قال الذي وكله ما صنعت في ذلك من شيء فهو جائز فله أن يوكل غيره ويجوز على الآمر
32 وإذا وكل الذمي المسلم أن يسلم في خمر إلى ذمي ففعل المسلم ذلك فان ذلك لا يجوز من قبل أن المسلم ولى عقدة السلم
وإذا وكل المسلم الذمي أن يسلم له في خمر فأسلمها إلى ذمي فهو جائز لأن الذمي ولى الصفقة والذي باع ذمي وينبغي للمسلم أن يخللها في قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد لا يكون الخمر للمسلم على حال ولكنها للذمي
33 وإذا كان المكاتب كافرا ومولاه مسلما فوكل المكاتب كافرا فأسلم له في خمر إلى كافر فهو جائز
وكذلك العبد التاجر الكافر
34 وإذا وكل رجل رجلا بدراهم يسلمها له فصرفها الوكيل بدراهم غيرها فان الوكيل قد خالف وهو ضامن لدراهم الآمر
35 وإذا دفع الرجل إلى رجل دينارا فقال أسلمه لي في طعام فصرفه بدراهم ثم أسلمها في طعام فهو للوكيل
والوكيل ضامن لدينار الآمر
36 وإذا وكل رجلان رجلا واحدا أن يسلم لهما في طعام كل واحد منهما بدراهمه على حدة فأسلم الدراهم كلها إلى رجل واحد في طعام واحد فهو جائز ولا يضمن الوكيل لأنه لم يخلط الدراهم بالدراهم
والطعام بين الرجلين ما قبض منه فهو لهما وما توى منه فعليهما ولو كان الوكيل خلط الدراهم ثم أسلمها لهما كان السلم له وكان ضامنا للدراهم لهما
ولو لم يخلطها ولكنه أسلم دراهم كل واحد منهما وحدها كان جائزا فان اقتضى شيئا فقال كل واحد منهما هذا من مالي فالقول في ذلك قول الذي كان عليه الطعام فان قال هو من هذا الصك فهو منه فان كان غائبا فالقول قول الوكيل فان قدم الذي عليه الطعام فاكذب الوكيل فالقول قول الذي عليه الصك
37 وإذا وكل رجل رجلا بأن يسلم له دراهم في طعام فأسلمها إلى نفسه فإنه لا يجوز
وكذلك لو أسلمها إلى عبده أو مكاتبه فإنه لا يجوز على الآمر
فإن أسلمها إلى أبيه أو ابنه أو إلى أمه أو زوجته فإنه لا يجوز في قياس قول أبي حنيفة
وهذا قول أبي يوسف ومحمد جائز
38 فإن أسلمها إلى شريك له مفاوض لم يجز أيضا
وإن أسلمها إلى شريك له عنان جاز ذلك إذا لم يكن ذلك من تجارتهما
39 وإذا وكل رجل رجلا فأسلم له دراهم في طعام ثم إن الوكيل وكل بقبض ذلك الطعام وكيلا فقبضه وكيل الوكيل فقد برئ الذي عليه الطعام
فإن كان وكيل الوكيل عبد الوكيل الأول أو ابنه في عياله أو أجيرا له فهو جائز على الآمر
وإن كان أجنبيا فالوكيل الأول ضامن للطعام إن ضاع في يدي
الوكيل الثاني فإن وصل إلى الوكيل الأول برئ الوكيل الأول والثاني من الضمان وكان الطعام للآمر
40 وإذا وكل رجل رجلا فأسلم له دراهم في الطعام إلى امرأة فهو جائز
وكذلك إن كان الوكيل امرأة فهو جائز وكذلك إن كان الآمر امرأة فهو جائز
* 2
باب البيوع الفاسدة
1 وإذا باع الرجل رجلا عدل زطي أو جراب هروي على أن فيه خمسين ثوبا بألف درهم فوجد فيه واحدا وخمسين ثوبا كان هذا البيع باطلا لا يجوزألا ترى أنه لو قال ابتعت منك خمسين مما في هذا العدل وفيه أكثر من ذلك كان هذا فاسدا لأنه لا يدري ما اشترى من ذلك أرأيت لو قال المشتري آخذ جياد العدل وقال البائع بل أعطيك شرار العدل ألا ترى أن هذا فاسد
2 وإذا اشترى الرجل عدل بز بألف درهم على أن فيه خمسين ثوبا فإذا فيه تسعة وأربعون ثوبا فإن البيع فاسد من قبل انه لا يدري بكم يقوم الثوب الذاهب منها
3 ولو كان سمى لكل ثوب عشرة دراهم فكان في العدل واحد وخمسون ثوبا كان أيضا فاسدا لأنه لا يدري أي ثوب
منها يرد وأيها يأخذ
وإن كانت الثياب تنقص ثوبا وقد سمى لكل ثوب ثمنا فان البيع جائز والمشتري بالخيار إن شاء أخذ كل ثوب بما سمى وإن شاء ترك
4 وإذا اشترى الرجل عبدين صفقة واحدة فإذا أحدهما حر فان البيع فاسد لا يجوز في العبد منهما لأنه صفقة واحدة أرأيت لو باعه عبدا وخنزيرا أو ميتة ألم يبطل البيع كله فكذلك الحر لا يجوز بيعه
5 وإذا اشترى الرجل عبدين فإذا أحدهما مكاتب أو مدبر أو اشترى أمتين فإذا إحداهما أم ولد وقد قبض المشتري المبيع فإنه يرد المكاتب والمدبر وأم الولد في ذلك بحصته ويلزم الآخر بحصته من الثمن ولا يشبه هذا الحر ألا ترى أن بعض الفقهاء يجيز بيع أم الولد والمدبر وإن هؤلاء رقيق بعد لم يعتقوا وليس للمشتري خيار في الباقي منهما إذا علم بذلك يوم اشترى
6 وإذا اشترى الرجل شاتين مذبوحتين فإذا إحداهما ذبيحة
مجوسي أو ذبيحة مسلم ترك التسمية عمدا أو ميتة فعلم بذلك قبل القبض أو بعده فالبيع فاسد في ذلك كله
وكذلك دنين من خل فإذا أحدهما خمر كان البيع فاسدا باطلا لا يجوز واحد منهما والقبض في هذا وغير القبض سواء
ألا ترى أن مسلما لو قال لمسلم أبيعك هذا الخمر وهذا الخل بدراهم أو أبيعك هذا اللحم وهذه الميتة بدراهم كان هذا فاسدا لا يجوز وكذلك الذي يجيز بعض هذا قد أجاز ما لم يحل بيعه لمسلم ولا شراؤه
7 وإذا اشترى الرجل غنما أو بقرا أو إبلا أو رقيقا أو عدل زطي أو جراب هروي فقال قد أخذت كل واحد من هذا بكذا وكذا درهما ولم يسم جماعة ذلك الشيء فإن البيع في هذا فاسد لأنه إنما وقع على شيء واحد لا يدري ايما هو في قول أبي حنيفة
وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد أن البيع جائز كله وإن جميع ذلك الشيء عدل هذا ان كان قد رآه
8 وإذا اشترى الرجل دارا كل ذراع منها بكذا وكذا ولم يسم جماعة الذرعان فالبيع في هذا فاسد ألا ترى أنه لا يدري ما جماعة
الثمن وإن بعض الدار أفضل من بعض
وكذلك الثوب والخشبة يشتريها الرجل كل ذراع بكذا وكذا درهما ولم يسم جماعة الذرعان فهو فاسد لأنه إنما وقع البيع على شيء واحد منها وهي مختلفة ألا ترى أنه لا يعلم جماعتها في قول أبي حنيفة
وقال يعقوب ومحمد في هذا هو جائز كله إذا كان قد رآه وان لم يره فهو بالخيار ان رآه
وإن ذرع ذلك كله قبل أن يتفرقا ان شاء أخذه وإن شاء تركه فهذا قول أبي حنيفة
9 وإذا اشترى الرجل غنما أو بقرا أو إبلا أو عدل زطي كل اثنين من ذلك بعشرة دراهم فهو باطل لا يجوز من قبل أنها مختلفة ألا ترى أنها الغالي والرخيص والجيد والرديء فأي شيء يضم
مع الجيد رديئا أم جيدا أو بما يرد إذا وجد عيبا فهذا باطل لا يجوز
10 وإذا اشترى الرجل عدل زطي أو جراب هروي بقيمته أو بحكمه فالبيع في هذا فاسد لا يجوز لأنه اشترى بما لا يعرف
11 وإذا اشترى بألف درهم ونحلة يمينه فإن البيع في هذا فاسد لا يجوز لأن نحلة اليمين مجهولة
12 وإذا اشترى بألف درهم إلا دينارا أو بمائة دينار إلا درهما كان البيع في هذا فاسدا
وكذلك لو اشتراه بألف درهم إلا كر حنطة أو بألف درهم إلا شاة
فانه لا يجوز البيع في هذا ألا ترى أنه استثنى شيئا لا يدري كم هو ولا يدري كم هو من الثمن
13 وإذا اشترى الرجل بيعا كر حنطة أو فرق سمن أو زيت أو ثوبا أو غير ذلك من جميع الأصناف فقال قد أخذت منك هذا بمثل ما يبيع الناس فهذا فاسد وهو ضامن لمثله ان استهلكه إن كان مما يكال ويوزن
وكذلك لو قال أخذت منك هذا بمثل ما أخذ فلان من الثمن فهو فاسد وإن علم قبل أن يتفرقا فهو بمنزلة الدار إذا قال قد اشتريتها كل ذراع بدرهم في قول أبي حنيفة وهو بالخيار إذا علم ثمنها إن شاء أخذها وإن شاء تركها
14 وإذا باع متاع غيره ثم اشتراه أو ورثه فإن البيع الذي كان قبل ذلك لا يجوز لأنه باع ما لا يملك
15 وإذا باع الرجل بيعا فقال هو بالنسيئة بكذا وبالنقد بكذا كذا أو قال هو إلى أجل كذا بكذا وكذا وإلى أجل كذا بكذا وكذا فافترقا على هذا فإنه لا يجوز بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه نهى عن شرطين في بيع قال محمد حدثنا بذلك أبو حنيفة رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
16 وإذا باع الرجل بيعا قد كان اشتراه قبل أن يقبضه أو اشترك فيه أو ولاه فإن هذا مردود لا يجوز
قال محمد حدثنا بذلك أبو حنيفة رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن بيع ما لم يقبض
17 وإذا باع الرجل عبدا آبقا ليس في يديه حين باعه فإن هذا لا يجوز لأن هذا غرر بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه نهى عن بيع الغرر وعن بيع العبد الآبق
18 وإذا باع الرجل جارية قد كان أعتق ما في بطنها من الولد وهي حامل فإن البيع فاسد لا يجوز
وكذلك إن كان لم يعتق ما في بطنها ولكن باع ما في بطنها دونها فهو فاسد
وكذلك لو باعها واستثنى ما في بطنها فإن البيع فاسد في هذا كله لا يجوز لأنه باع ما لم يعرف واستثنى ما لم يعرف
19 وإذا باع الرجل عبدا قد اغتصبه إياه رجل آخر فذهب به أو باعه المغتصب من آخر فإن البيع موقوف
فإن جحد الغاصب المولى عبده ولم يكن له بينة لم يجز البيع وإن أقر به فإن سلمه تم البيع وإن لم يسلمه حتى يتلف فقد انتقض البيع
20 وكذلك لو كان العبد رهنا فباعه الراهن فأبى المرتهن أن يجيز البيع فيه فإنه لا يجوز البيع وهو موقوف
21 وإذا باع سمكا محظورا في أجمة فان البيع باطل لا يجوز بلغنا نحوا من ذلك عن عمر بن الخطاب وبلغنا أيضا عن عبد الله ابن مسعود انه قال لا تبتاعوا السمك في الماء فإنه غرر
وكذلك كل شيء من السمك لا يؤخذ إلا بصيد فانه لا يجوز البيع فيه
وإن كان في وعاء أو جب يقدر على أخذه بغير صيد فالبيع
جائز والمشتري بالخيار إذا رآه وليس الذي قد أحرزه صاحبه ويأخذه متى شاء ما شاء كالذي لا يأخذه إلا بصيد
22 وإذا اشترى الرجل صوف الغنم وهو على ظهورها وألبانها وهو في ضروعها فان ذلك لا يجوز بلغنا ذلك عن عبد الله بن عباس
وكذلك الأولاد ما في بطونها
23 وكذلك شراء لحومها قبل أن تذبح وشراء التمر قبل أن يخرج وأشباهه فان هذا كله فاسد لأنه يبتاع ما لم يكن بعد أو لم يدر ما هو
وقد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه نهى عن بيع الغرر وهذا عندنا من الغرر
24 وكذلك شراء الزيت في الزيتون قبل أن يعصر وشراء دهن السمسم قبل أن يعصر وشراء السمن قبل أن يسلا فهذا كله فاسد لا يجوز البيع فيه
25 وشراء التمر كله إذا خرج والأعناب والفواكه والزروع جائز إذا اشترط على المشتري أن يأخذه ساعتئذ
فإن اشترط تركه حتى يبلغ فلا خير فيه والبيع فاسد مردود
26 وكذلك شراء الحيوان بالحيوان نسيئة فاسد لا يجوز
27 وكذلك المروي بالمروي وكل صنف من الثياب بصفة فلا يجوز البيع فيه نسيئة مثل بمثل ولا أكثر من ذلك ولا أقل
28 وكذلك الطعام بالطعام
وكذلك كل ضرب مما يكال بصفة فلا يجوز شيء منه بشيء منه نسيئة مثل بمثل ولا أقل من ذلك ولا أكثر
وكذلك كل ما يوزن
29 وإذا اشترى الرجل فصا على أنه ياقوت فإذا هو غير ذلك فإن البيع فاسد وعلى المشتري قيمته إذا استهلكه
وكذلك لو اشترى ثوبا على أنه هروي فإذا هو من صنف آخر لأن البيع لم يقع على هذا قط
ألا ترى أنه لو اشترى عبدا مملوكا فوجده جارية أو اشترى قلب فضة فإذا هو رصاص أو فص ياقوت فوجده زجاجا كان هذا باطلا لا يجوز ولا يقع في شيء منه البيع لأن البيع لم يقع قط على هذا فإن استهلكه المشتري فهو ضامن لقيمته
* 3
باب البيوع إذا كان فيها شرط يفسدها
1 وإذا اشترى الرجل عبدا على أن لا يبيع ولا يهب ولا يتصدق فهذا بيع فاسد ولا يجوزوكذلك لو اشترى الرجل عبدا على أن يعتقه وكذلك إذا اشترى الرجل جارية على أن يتخذها أم ولد له فهذا كله فاسد لا يجوز
وإذا استهلك المشتري البيع فهو ضامن لقيمته إلا في العتق خاصة فإني أستحسن أن أجعل عليه الثمن إذا أعتقه
2 وإذا اشترى الرجل من الرجل بيعا على أن يقرضه قرضا أو يهب له هبة أو على أن يعطيه عطية أو على أن يتصدق عليه صدقة أو على أن يبيعه كذا وكذا بكذا وكذا من الثمن فهذا كله فاسد
وأيهما اشترط هذا على صاحبه فهو فاسد لا يجوز البيع في شيء من ذلك
وكل شيء فسد فيه البيع فالمشتري إذا استهلكه ضامن لقيمته بالغة ما بلغت
3 وإذا اشترى الرجل ثوبا على أنه إن لم ينقده الثمن إلى أربعة أيام أو إلى شهر فلا بيع بينهما فالبيع في هذا فاسد لا يجوز
وهذا بمنزلة الخيار إلى هذه المدة في قول أبي حنيفة
وأما في قول محمد فهو جائز
وكل شيء رده المشتري على البائع بهبة أو صدقة أو بيع أو بوجه من الوجوه ووقع في يدي البائع فهو متاركة للبيع وبرئ المشتري من ضمانه
4 وإذا اشترى الرجل بيعا وشرط على البائع أن يحمله إلى منزله أو على أن يطحن الحنطة أو على أن يخيط الثوب فهذا كله فاسد لا يجوز لما دخل فيه من الشرط
وكذلك لو باع دارا على أن يسكنها البائع شهرا أو أقل أو أكثر فهو فاسد
وإذا اشترط الرجل طعاما على أن يوفيه إياه في منزله فهو
فاسد غير أني أستحسن فيه خصلة إذا كان في مصر أجزناه وإذا كان خارجا من المصر كان فاسدا لا يجوز البيع فيه
5 وإذا اشترى الرجل بيعا على أن يرهنه رهنا ولم يسمه أو على أن يعطيه كفيلا بنفسه سماه أو لم يسمه فلا خير في هذا البيع لأني لا أدري أيتكفل به الكفيل أم لا
غير أني أستحسن إذا كان الكفيل حاضرا عند عقدة البيع وان لم يسمه لم أجزه لأنه لا يعرف ما هو وإذا كان الكفيل غائبا عن ذلك فلا يجوز
وإن سماه الراهن أجزت البيع على الراهن وان لم يسمه لم أجزه لأنه لا يعرف ما هو
6 وإذا باع الرجل بقرة أو ناقة أو شاة أو خادما وهن حوامل واستثنى ما في بطونها فان البيع على هذا فاسد لا يجوز
7 وإذا اشترى الرجل غنما على أن يرد منها شاة أو أكثر
من ذلك ولم يبين أيتهن هي فالبيع على هذا فاسد لا يجوز
وكذلك لو كان البائع اشترط أن يأخذ منها شاة غير مسماة فهذا باطل لا يجوز
وكذلك إذا باع الرجل نخلا واشترط منها نخلة أو نخلتين مجهولتين فالبيع على هذا فاسد لا يجوز
وكذلك لو باع عدل بز ثم قال لي منها ثوب أو ثوبان فهذا أيضا باطل لا يجوز إذا لم يعرف الذي استثنى بعينه فالبيع على هذا فاسد لا يجوز
وكذلك كل شيء مجهول في بيع فانه يفسد البيع فيه
8 وكذلك لو اشترى شاة واشترط أنها حامل أو أنها تحلب كان البيع على هذا فاسد لأنه لا يدري لعل الشرط باطل
ولو كان البائع باع الخادم وتبرأ من الحبل فكان بها حبل أو لم يكن كان هذا جائز وليس البراءة في هذا كالشرط
9 وإذا اشترى الرجل من الرجل حنطة وشرط له أن يطحن له منها كذا وكذا مختوما منها دقيقا فهذا فاسد لا يجوز
وكذلك لو اشترى سمسما أو زيتونا وشرط له البائع أن فيه من الدهن كذا وكذا رطلا فالبيع فاسد لا يجوز
وكذلك كل شيء ما يكون على هذا
10 وإذا اشترى الرجل جارية بجاريتين إلى أجل فأخذ الجارية فذهبت عينها عنده من عمله أو غير عمله فللبائع أن يأخذ جاريته وله أن يأخذ من المشتري نصف قيمتها
ولو فقأ عينها غيره كان للبائع أن يأخذ جاريته وإن شاء اتبع الفاقئ بنصف قيمتها وإن شاء أخذ ذلك من المشتري واتبع المشتري الفاقئ
11 ولو كانت كما هي غير أنها قد ولدت ولدين فمات أحدهما فإن للبائع أن يأخذ جاريته وولدها الباقي فإن كانت الولادة قد نقصتها فكان في الولد الباقي وفاء بالنقصان فليس له شيء غيره وإلا فعلى المشتري تمام ذلك
وإن كان الولد الميت مات من عمل المشتري أو جنى عليه
فهو ضامن لقيمته يردها مع الأم فإن كان في قيمة الولد المجني عليه والباقي وفاء لنقصان الولادة فهو له وإن لم يكن وفاء ضمن المشتري تمام ذلك النقصان
ولو كان الولدان حيين جميعا وماتت الأم عند المشتري من عمله أو غير عمله أخذ البائع الولدين وضمن قيمة الأم يوم قبضها
وهذا القول هكذا في كل بيع فاسد
12 ولو أعتق المشتري الجارية بعد قبضه إياها جاز عتقه
وكذلك لو باعها أو وهبها وقبضها الموهوب له أو دبرها أو كاتبها أو وطئها فعلقت منه كان هذا استهلاكا منه جائز ما صنع من ذلك وعليه القيمة وليس عليه في الوطء مهر لأني قد جعلتها له
وإنما جاز بيعه وعتقه لأن البائع قد سلطه على ذلك
13 وإن وهبها فعليه قيمتها فإن لم يقبضها قبل أن يضمنه القاضي قيمتها ردها عليه
وكذلك إن عجزت عن المكاتبة وكذلك إن رجع في الهبة
أو رد عليه بعيب في البيع بقضاء قاض قبل أن يقضي القاضي بالقيمة على المشتري فإنها ترد على البائع
14 ولو أنه أجرها فله أن ينقض الإجارة ويردها لأن هذا عذر في الإجارة
وكذلك كل بيع فاسد
ألا ترى أنه لو باعها إلى العطاء وقبضها المشتري فوطئها فولدت منه أو أعتقها كان ذلك جائزا وكان عليه قيمة الجارية فقبيح أن يرد ولده رقيقا
15 وإذا اشتراها بألف درهم وهو بالخيار أربعة أيام أو اشتراها بألف درهم ونحلة اليمين ثم قبض وأعتق جاز عتقه
ولو اشتراها بخمر أو خنزير كان هذا باطلا وان اعتق جاز عتقه ألا ترى أني أجيز بيعها بالخمر والخنزير من أهل الذمة ولم يدخل في ذلك استهلاك ولا عتق
ولو اشتراها بميتة أو دم أو بشيء من ذلك مما ليس له ثمن أو بحر وقبض وأعتق أبطل عتقه لأن هذا ليس له ثمن ولا يتبايع الناس له فيما بينهم والمسلمون خاصة
* 4
باب البيوع الجائزة وما اختلف منها في الثمن وما اختلف فيها مما قبض أو لم يقبض
1 وإذا اشترى الرجل سمنا في زق أو عسلا أو زيتا في زق فاتزنه كله بزقه فإذا فيه مائة رطل ثم جاء بالزق ليرده وفيه عشرون رطلا فقال البائع ليس في هذا زقي وقال المشتري بل هو زقك فالقول قول المشتري مع يمينه وعلى البائع البينة لأنه مدع2 وإذا ابتاع الرجل عبدين فقبض أحدهما ومات الآخر في يدي البائع ومات العبد الذي قبض المشتري ثم اختلفا في ذلك فقال المشتري قبضت عبدا يساوي ألف درهم ومات عبد في يديك يساوي ألف درهم وقال البائع بل قبضت عبدا يساوي ألفين وبقي الذي مات عندي وهو يساوي خمسمائة درهم فالقول قول المشتري مع يمينه وعلى البائع البينة
ألا ترى أنه لو اشترى كر حنطة فقبض طائفة ثم انه هلك ما بقي من الكر فقال المشتري قبضت ثلثه وقال البائع بل قبضت نصفه فالقول قول المشتري مع يمينه
وكذلك كل شيء مما يكال أو يوزن
وكذلك العروض والحيوان
3 ولو كان قبض العبدين كليهما ثم مات أحد العبدين عند المشتري وجاء يرد أحدهما بعيب فاختلفا في قيمة الميت فقال البائع كانت قيمته ألف درهم وقال المشتري كانت قيمته خمسمائة فإن القول في ذلك قول البائع مع يمينه وعلى المشتري البينة لأن الثمن قد لزم المشتري فهو يريد أن يبرأ منه فلا يصدق على البراءة بقوله ذلك
وكذلك لو كان عدلا من زطي أو جراب هروي فأراد أن يرد منه ثوبا بعيب وقد هلك ما بقي فأما الذي يرده بعيب فإنه يقوم قيمة عدل وليس به عيب ويقوم الذي هلك بقول البائع مع يمينه ثم يقسم الثمن على ذلك كله فيرد الذي به العيب بما أصابه
ولو أقاما جميعا البينة على قيمة الميت أخذت ببينة البائع لأنهم شهدوا على الفضل فإما البينة ببينته أو القول قوله
4 وإذا اختلف البائع والمشتري في الثمن والسلعة قائمة بعينها في يدي البائع أو المشتري فإن القول في ذلك قول البائع بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه اليمين بالله فإن نكل عن اليمين لزمه البيع بما ادعى المشتري فإن حلف استحلف المشتري على دعوى البائع
وأيهما قامت بينته على ما ادعى أخذت ببينته وإن كانت لهما جميعا البينة أخذت ببينة البائع لأنهم شهدوا على أكثر مما شهد به الآخرون وهذا قول أبي يوسف الأول ثم رجع فقال الذي يبدأ به في اليمين المشتري وهو قول محمد
5 وإن كان البائع قد مات فاختلف في الثمن ورثة البائع
والمشتري فإن القول قول ورثة البائع إن كان المبيع في أيديهم والقول قول المشتري إن كان المبيع في يديه
وكذلك لو مات المشتري وبقي البائع كان القول قول الذي هو في يديه منهم وهذا ليس بقياس إنما هو استحسان
والقياس في هذا وفي الأول أن يكون القول قول المشتري في ذلك كله وإنما تركنا ذلك للأثر الذي جاء فيه وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف
وقال محمد يتحالفان ويترادان القيمة وموتهما وحياتهما سواء
6 وإذا كانت السلعة في يدي المشتري فازدادت خيرا ثم اختلفا في الثمن فإن القول قول المشتري لأنها قد زادت خيرا في يديه وتغيرت وعليه اليمين بالله وعلى البائع البينة على ما يدعي من الفضل
7 وإذا كانت السلعة قد نقصت فاختلفا في الثمن فإن القول قول المشتري مع يمينه إلا أن يرضى البائع أن يأخذها ناقصة
8 وإذا اختلفا وقد ولدت عند المشتري أو جنى عليها جناية فأخذ المشتري أرشها ولم تلد فالقول في الثمن قول المشتري مع يمينه
وإذا كان هو الذي جنى عليها ولم تلد فالقول قول المشتري
إلا أن يرضى البائع أن يأخذها ناقصة بغير أرش وليس هذا كالباب الأول لها أرش لا يستطيع البائع أن يأخذه ولا يستقيم له أخذه والباب الآخر ليس معها أرش
9 وإذا اختلفا في الثمن وقد خرجت السلعة من ملك المشتري فالقول قول المشتري مع يمينه
وإن رجعت إليه السلعة بشراء أو هبة أو ميراث أو بوجه من الوجوه بغير الذي خرجت به من يديه ثم اختلفا في الثمن فالقول قول المشتري مع يمينه أيضا لأنها في ملكه بغير الملك الأول
10 وإن كان البائع قد باع من رجلين فباع أحدهما نصيبه من شريكه ثم اختلفا في الثمن فالقول قول المشتري الذي باع مع يمينه في نصيبه ويتحالفان في حصة الآخر الذي لم يبع
11 فإذا اختلفا في الأجل فقال البائع الأجل شهر وقال المشتري بل شهران فالقول في ذلك قول البائع مع يمينه
وكذلك لو قال البائع بعتك حالا كان البيع حالا والقول قول البائع مع يمينه وعلى المشتري البينة
فإذا اختلفا في الأجل فقال البائع قد مضى الأجل وقال المشتري لم يمض فإن القول قول المشتري مع يمينه وعلى البائع البينة انه قد مضى
12 وإذا اختلفا في الثمن فقال البائع بعتك بمائة دينار وقال المشتري بل اشتريت منك بخمسين دينارا وأقاما جميعا البينة أخذت ببينة البائع لأنه مدع للفضل
ولو قال بعتك هذه الجارية وحدها بمائة دينار وأقام البينة وقال المشتري بعتني هذه الجارية بخمسين دينارا وأقاما جميعا البينة أخذت ببينة البائع لأنه المدعي للفضل
ولو قال المشتري بعتني معها هذا الوصيف وهما جميعا بخمسين دينارا وأقام البينة وقال البائع بعتك وحدها بمائة دينار وأقام البينة فإنهما يكونان جميعا للمشتري بمائة دينار
أخذت ببينة البائع في الثمن وأخذت ببينة المشتري في المبيع
وكذلك لو قال بعتك هذه الخادم بألف درهم وأقام البينة على ذلك وقال المشتري اشتريت منك هذه الخادم وهذه الأخرى معها بخمسمائة درهم وأقام على ذلك البينة فإنهما جميعا يلزمانه بالألف
13 ولو قال البائع بعتك هذه الخادم بعبدك هذا وأقام على ذلك بينة وقال المشتري اشتريتها منك بمائة دينار وأقام البينة على ذلك لزمه البيع بالعبد
14 وإذا اشترى الرجل عبدا بثوبين وقبض كل واحد منهما وتفرقا ثم وجد بالعبد عيبا فرده أو استحق العبد وقد هلك أحد الثوبين وبقي الآخر فإنه يأخذ الثوب الباقي وقيمة الذي هلك
وكذلك لو هلكا جميعا أخذ قيمتهما والقول في ذلك قول الذي كانا في يديه وعلى الطالب البينة على ما يدعي من الفضل
ولو باع عبدا بمال وقبضا جميعا ثم استحق العبد فرجع بالمال على البائع كان القول قوله مع يمينه وعلى المشتري البينة على ما يدعي من الفضل
15 ولو كان الثمن جارية ولدت من غير السيد ثم استحق العبد كان لصاحب الجارية أن يأخذها ويأخذ الولد فان كانت الجارية قد دخلها عيب ينقصها عور ونحوه أخذها وأخذ ولدها وأخذ النقصان
ولو كان المشتري قد أعتقها كان عتقه جائزا وكان عليه القيمة ويأخذ البائع الولد مع القيمة إن كانت قد ولدت قبل العتق
وكذلك البيع الفاسد في هذا الوجه
ولو كان العبد حرا فأعتق المشتري الجارية كان عتقه باطلا
وكذلك لو باعها أو أمهرها أو وهبها كان ذلك باطلا كله لا يجوز من قبل أنه اشتراها بشيء ليس له ثمن
وإذا اشترى الرجل عبدا بثوبين فهلك الثوبان قبل أن يقبضهما وقد كان قبض العبد فان كان قد استهلكه فعليه قيمته إذا فعل ذلك بعد هلاك الثوبين
وإن كان قد أعتقه أو وهبه الموهوب له أو باعه فهو جائز وعليه قيمته إذا فعل ذلك بعد هلاك الثوبين قبل أن يقضي القاضي بينهما بشيء
ولو كان الثوبان استحقا وقضى بهما لرجل وقد أعتق الذي أخذ العبد كان عتقه جائزا من قبل أن البيع كان على غير الفساد
ولو لم يستحق شيء من ذلك وقبض هذين الثوبين وقبض هذا العبد ثم إن أحد الثوبين استحق فقال الذي كانا في يديه استحق أغلاهما ثمنا وقال الذي باعهما بل استحق أرخصهما ثمنا فإن القول قول المشتري للثوبين مع يمينه لأن العبد كله لم يجب له فيصدق الذي يريد أن يرجع بالعبد إلا أن تقوم له ببينة
16 وإذا اختلف البائع والمشتري فقال البائع بعتك هذا العبد بألف درهم وقال المشتري بل اشتريت منك هذه الجارية بخمسين دينارا وليس بينهما بينة فإن كل واحد منهما يحلف على دعوى صاحبه فإن حلفا ترادا البيع وأيهما نكل عن اليمين لزمه ما قال صاحبه
فإن قامت لهما جميعا البينة أجزت البيع في العبد والأمة
17 وإذا كان عبد في يدي رجل فقال ابتعته من فلان بألف درهم ونقدت الثمن وقال فلان ما بعتك هذا العبد وإنما بعتك جارية بهذه الألف وقبضت الثمن ودفعتها إليك فإنه يحلف بالله ما باعه العبد فإن حلف رد عليه العبد ثم يحلف الذي كان في يديه العبد ما اشتريت منه جارية ولا قبضتها فإن حلف رد عليه الآخر الألف
وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه
وإن لم يتحالفا ترك العبد في يديه على حاله كهيئته كما كان
فإن قامت لهما جميعا البينة على ما ادعيا كان العبد له ولزمه ألف أخرى
18 وإذا اشترى الرجل عدل زطي وأقر أنه زطي ولم يره وقبضه على ذلك ثم جاء به بعد ذلك يرده وقال وجدته كرابيس فإنه لا يصدق
ولكنه لو اشترى فقال لا أدري أزطي هو أم لا ولا أدري أقوهي هو أم لا ولكن آخذه على ذلك وأنظر إليه فأخذه ثم جاء بعد ذلك يرده وقال وجدته كرابيس كان مصدقا والقول قوله مع يمينه
وكذلك كل شيء هو فيه بالخيار فهو مصدق في رده إن قال البائع لم أبعك بهذا
19 ولو اشترى ثوبا فقال البائع هو هروي وقال المشتري لا أدري وقد رآه ولكني أخذته على ما يقول ثم جاء به بعد ذلك يرده فقال قد وجدته يهوديا لم يصدق لأنه لم يكن له فيه خيار ولأنه قد رآه وليس هذا كالعدل الذي لم يره
وإذا نظر إلى العدل مطويا ولم ينشره ثم اشتراه فليس له أن يرده إلا من عيب
وإذا اشترى الرجل خادما على أنها خراسانية فوجدها سندية كان له أن يردها وكان هذا عندي بمنزلة العيب
* 5
باب البيوع الفاسدة من قبل الأجل
1 وإذا اشترى الرجل شيئا إلى الحصاد أو إلى الدياس أو إلى جذاذ النخل أو إلى رجوع الحاج فهذا كله باطل بلغنا ذلك عن عبد الله بن عباسولا يجوز فيه البيع والمشتري ضامن لقيمة المبيع وإن كان قد هلك عنده
وكذلك البيع إلى العطاء
غير أن للمشتري أن يبطل الأجل الفاسد وينقد الثمن استحسن هذا وأدع القياس فيه
2 وإذا أسلم الرجل في طعام إلى أجل من هذه الآجال فالسلم فاسد مردود ويرد رأس المال
3 وإذا اشترى الرجل بيعا إلى المهرجان أو إلى النيروز فإن هذا فاسد لا يجوز أيضا إلا أن يكون ذلك معروفا ولا يتقدم ولا يتأخر كما تعرف الأهلة فيكون ذلك جائزا
وكذلك البيع إلى الميلاد أو إلى صوم النصارى
4 وإذا باعه إلى فطر النصارى فهذا جائز إذا كان قد دخل في الصوم لأنه إذا دخل في الصوم فقد عرف الفطر
وإذا كانت المبايعة قبل الصوم إلى فطر النصارى فلا يجوز ذلك إلا أن يكون يعرف أن ذلك الأجل لا يتقدم ولا يتأخر فيكون ذلك جائزا
5 وإذا اشترى الرجل بيعا إلى أجلين وتفرقا على ذلك فلا خير في ذلك محمد حدثنا أبو حنيفة رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن شرطين في بيع
وإذا اشترى الرجل بيعا إلى أجل بكذا كذا نسيئة وكذا كذا حالا فلا خير في البيع من ذلك
وإن ساومه في البيع مساومة إلى أجلين ثم قاطعه على واحد من ذينك الأجلين فأمضى البيع فهو جائز
6 وإذا باع الرجل قوهية بقوهيتين إلى أجل فالبيع فاسد وكذلك كل صنف من الثياب باعه بشيء من صنفه إلى أجل مثله أو أكثر أو أقل فلا خير فيه
7 وإذا باع الرجل قوهية بمرويين إلى أجل فلا بأس بذلك بعد أن يشترط طولا معلوما وعرضا معلوما ورقعة معلومة وأجلا معلوما وليس هذا بنوع واحد
ألا ترى أنه لو اشترى كرباسين إلى أجل بقوهية كان جائزا لأن هذا مختلف وإن كان أصله قطنا
ألا ترى أنه يبيع طيلسانا ببردين إلى أجل أو بكساءين
من صوف إلى أجل وأصل ذلك كله صوف لأنه مختلف
وكذلك كساء صوف همذاني بعباءتين إلى أجل أو عباءة بكساءيين همذانيين أو أكثر من ذلك إلى أجل
فإن كان كساء همذاني بكساء همذاني أو أكثر إلى أجل لم يكن فيه خير ولا بأس به يدا بيد
8 ولا بأس بيهوديين بزطيين إلى أجل
ولا بأس بثوب قطن بثوبي كتان إلى أجل
ولا بأس بطيلسان كردي بطيلسان خوارزمي إلى أجل
وكل شيء من هذا أجزته في النسيئة فهو إذا كان يدا بيد فهو جائز
وقد يجوز يدا بيد اثنين بواحد وواحدا بواحد وإن كان نوعا واحدا
9 وإن كان ثوب يهودي بيهوديين أو مروية بمرويتين أو قوهية بقوهيتين فلا خير في ذلك إذا كان نسيئة
ولا بأس بمسح موصلي بمسحين قشاساريين إلى أجل
ولا بأس بقطيفة أصفهانية بقطيفتين كرديتين إلى أجل
10 ولا بأس بالزيت بالشعير أو الحنطة إلى أجل
وكذلك العنبر والزعفران
وكل ما يوزن بالأرطال والأمناء والمثاقيل فهو وزن كله
ولا بأس بأن يبيعه بشيء مما يكال قليلا كان أو كثيرا إلى أجل
ولا بأس بأن يبيع شيئا مما يكال بشيء مما يوزن مما سمينا في هذا الكتاب من الحنطة يبيعها بالزيت أو بالسمن أو بالقت أو بشيء مما يوزن غير ذلك
11 ولا خير في بيع الحنطة بشيء مما يكال إلى أجل أو ما يوزن بما يوزن إلى أجل قليلا كان أو كثيرا مثل الشعير والحنطة والسمن وأشباه ذلك
ولا خير في بيع شيء من الأدهان بغيره من الأدهان إلى أجل لأن هذا كله وزن
12 وإذا اختلف النوعان من الوزن فلا بأس اثنين بواحد يدا بيد
وكذلك إذا اختلف النوعان من الكيل
ولا خير فيه نسيئة
* 6
باب الخيار
1 بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من اشترى شاة محفلة فهو بخير النظرين إلى ثلاثة أياموبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جعل رجلا من أهل الأنصار بالخيار في كل بيع يشتريه ثلاثة أيام
2 والخيار عندنا ثلاثة أيام فما دونها ولا يكون أكثر من ذلك
ولو جعلت المدة أكثر من ثلاثة أيام فلا خير فيه إن طالت المدة فيدخل في هذا ما لا يحسن في طول المدة ويعتبر المبيع وهذا قول أبي حنيفة
وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالخيار جائز وان اشترط شهرا أو أكثر من ذلك بعد أن يبين ذلك إلى وقت معلوم
3 وإذا اشترى الرجل السلعة على أنه بالخيار أربعة أيام فإن هذا بيع فاسد لا يجوز في قول أبي حنيفة فإن اختار المشتري البيع قبل أن يمضي ثلاثة أيام فذلك له وإن مضت الثلاثة الأيام قبل أن يختار فالبيع فاسد
وكذلك إن كان الشرط من الخيار للبائع
وقال أبو يوسف ومحمد الخيار أربعة أيام وخمسة أيام وأكثر من ذلك بعد أن يسمى أجلا معلوما فهو جائز إن اشترط ذلك المشتري أو البائع
4 وإذا اشترى الرجل بيعا على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم مات المشتري قبل أن يختار فإن خياره ينقطع إذا مات والبيع ماض
ألا ترى أن البيع قد كان لزمه غير أن للمشتري مشيئة في رده فإذا مات لم نحول مشيئته إلى غيره
5 وكذلك إذا ذهب عقله أو أغمي عليه أو ارتد في هذه الثلاثة الأيام عن الإسلام فقتل أو مات
6 وكذلك إن كان الخيار للبائع ثم مات قبل أن يختار فقد انقطع خياره ولزمه البيع والقبض
7 وإن كان الخيار لهما جميعا فماتا جميعا فقد انقطع الخيار ولزم البيع
والقبض في هذا وغير القبض سواء
8 وإذا كان الخيار للمشتري وقد قبض السلعة فماتت في يديه قبل أن يختار فقد لزمه البيع وعليه الثمن
وكذلك إن تغيرت في يديه بعيب أصابها به هو أو غيره أو أصابها من غير جناية أحد
وكذلك إن وطئها أو عرضها على بيع
فهذا كله خيار
9 وكذلك إذا قال قد رضيتها أو قد أجزتها فالثمن له لازم في هذا كله
10 فإن لم يصنع شيئا مما ذكرت واختار ردها على البائع بغير محضر من البائع ثم هلكت في يديه بعد ذلك فعليه الثمن وليس اختياره الرد بغير محضر من البائع بشيء لو شاء أن يقول بعد ذلك قد رضيتها وأخذتها كان له ذلك وهو قول أبي حنيفة ومحمد
وقال أبو يوسف رده بغير محضر من البائع جائز وكان قوله الأول مثل قول أبي حنيفة
11 ولو اختار ردها بقلبه كان ذلك باطلا
12 وإذا كان الخيار للبائع وقد قبضها المشتري فماتت في يد المشتري فعليه القيمة لأنه قد أخذها على وجه البيع
ولو لم تمت ولكن أعتقها البائع أو دبرها أو وهبها وقبضها الموهوبة له أو رهنها وقبضها المرتهن أو أجرها وقبضها
المستأجر أو لم يقبضها أو كاتبها أو وطئها فهذا كله اختيار ونقض للبيع
13 ولو لم يقبض ولم يصنع شيئا مما ذكرت واختار رد البيع بغير محضر من المشتري ولم يقبضها منه كان هذا باطلا وكان المشتري ضامنا لقيمتها إن ماتت في يديه
وله بعد هذا المنطق أن يجيز البيع ما دامت حية في قول أبي حنيفة ومحمد
وقال أبو يوسف كما وصفت لك نقضه جائز بغير محضر من المشتري
14 وإذا اختار البائع إلزام البيع والمشتري غائب فهو جائز والبيع لازم للمشتري
وليس للبائع بعد الرضا أن ينقض البيع
وقال يعقوب نقض صاحب الخيار البائع كان أو المشتري بغير محضر من صاحبه جائز كما تجوز إجازته
وقال أبو حنيفة ومحمد لا يجوز ذلك إلا بمحضر من صاحبه أو وكيل له في ذلك
15 وإذا اشترط المشتري الخيار لأبيه أو لابنه أو لأمه أو لأحد من أهله أو من غير أهله فهذا كله كاشتراطه الخيار لنفسه
وكذلك البائع
16 وإذا كانت السلعة في يدي البائع وله الخيار أو الخيار للمشتري فلا ضمان على المشتري
17 وإذا اشترى الرجل بيعا وهو بالخيار ثلاثة أيام أو أكثر من ذلك أو أقل وكان البائع بالخيار أو المشتري فجاء به المشتري ليرده فقال البائع ليس هذا الذي بعتك وقال المشتري بل هو الذي بعتني فإن القول قول المشتري مع يمينه
18 فإن كان البيع لم يقبض واختلفا فيه والخيار ثلاثة أيام أو أقل فأراد البائع أن يلزمه البيع فقال المشتري ليس هو هذا فالقول قول المشتري مع يمينه ولا يلزمه البيع إلا أن تقوم عليه بينة انه هو البيع فيلزمه البيع فإن كان له الخيار رده إن شاء
19 وإذا اشترى الرجل بيعا واشترط الخيار لشريك له
أو لابنه أو لبعض أهله ثلاثة أيام ثم إن الذي كان له الخيار رد البيع على البائع بمحضر منه قبل أن يمضي الأجل فرده جائز
وإن لم يرده وقال المشتري قد أجزته وقال الذي له الخيار لا أرضي فالبيع لازم للمشتري وليس له الخيار إذا رضي المشتري
وكذلك لو كان البائع اشترط الخيار لنفسه ولبعض أهله فقال قد أوجبت البيع وقال الذي له الخيار لا أرضي فالبيع جائز
20 ولو قال البائع قد رددت البيع أو أبطلت وقال الذي له الخيار قد أوجبت البيع كان البيع باطلا مردودا على صاحبه لأن الخيار إنما هو للبائع
ولو أوجب الذي له الخيار البيع للمشتري فدفعه إليه وقال البائع بعد ذلك لا أجيزه كان البيع جائزا
21 وإذا كان المشتري بالخيار أو البائع والعبد عند المشتري فالتقيا البائع والمشتري فيه فتناقضا البيع أو ترادا
غير أن البائع لم يقبض من المشتري العبد حتى هلك فإن المشتري ضامن
فإن كان الخيار له فهو ضامن للثمن
وإن كان الخيار للبائع فإنه ضامن لقيمته
22 ولا يجوز عتق المشتري فيه بعد ما ترادا البيع ولا هبته ولا بيعه ولا صدقته ولا إجارته
وعتق البائع فيه جائز لأنه قد صار له وحده
23 وإذا اشترى الرجل عدل زطي برأس ماله ولم يعلم ما هو ثم أخبره برأس ماله فالمشتري بالخيار إن شاء أخذه وإن شاء تركه
وكذلك إذا أخذه المشتري برقمه ولو لم يعلم ما هو ثم علم ما رقمه فهو بالخيار إن شاء أخذه وإن شاء تركه
وكذلك إذا استهلكه المشتري قبل أن يخبره برقمه وثمنه فعليه القيمة
24 ولو اشترى رجل من رجل عدل بز على أنهما فيه بالخيار ثلاثة أيام فقال البائع قد ألزمتك البيع وقال المشتري لا أقبله فان البيع لا يلزمه
وكذلك المشتري لو قال قبلت البيع وقال البائع لا ألزمكه فان البيع لا يلزم المشتري
ولا يلزم البيع في هذه المنزلة حتى يجتمعا على إجازة البيع
25 وإذا اشترى الرجل بيعا من رجل على أنه إن لم ينقده الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما فهذا جائز
فان كان عبدا أو أمة أعتقه ثم لم ينقده حتى مضت الثلاثة الأيام جميعا فالبيع جائز والعتق جائز وعليه الثمن
وكذلك إن قال إن لم ينقد اليوم الثمن أو إلى يومين فلا بيع بيني وبينك
26 ولو اشترى اثنان شيئا على أنهما بالخيار فاختار أحدهما رده واختار الآخر إمساكه فليس لواحد منهما أن يرد حصته دون الآخر لأنهما صفقة واحدة ولا يرد بعضها دون بعض
وكذلك لو كانا وصيين أو شريكين شركة عنان وهذا قول أبي حنيفة
وأما في قول أبي يوسف ومحمد فلأحدهما أن يرد دون صاحبه فان اختار أحدهما جاز ذلك وكان للآخر أن يرد إن شاء
وأما إذا كانا متفاوضين فإن قال أحدهما للبائع قد أجزت البيع فهو جائز عليه وعلى شريكه وليس لشريكه أن يرده
وكذلك إذا باعا بيعا واشترط الخيار لهما فأيهما ما أمضى البيع على المشتري جاز على الآخر وأيهما نقض البيع قبل أن ينقضه الآخر فهو منتقض ليس للآخر أن يمضيه إلا ببيع مستقبل
27 وإذا اشترى الرجل لابنه وهو صغير في عياله أو باع له واشترط الخيار لنفسه أو اشترط الخيار المشتري عليه فهو جائز
28 وإذا كان البائع أو المشتري بالخيار ثلاثة أيام فمضت الثلاثة قبل أن يختار فقد جاز البيع ولزم المشتري
وكذلك إذا مات صاحب الخيار كان البيع جائزا لازما له ولا يورث الخيار ولا يكون لغير الذي اشترطه
29 وإذا اشترى الرجل بيعا على أنه فيه بالخيار إلى غد أو إلى الليل أو إلى الظهر فإن له الخيار الغد كله والليل كله ووقت الظهر كله وهذا قول أبي حنيفة
وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد إن له الخيار إلى مطلع الفجر أو إلى أن تغيب الشمس أو إلى أن تزول الشمس
30 وإذا اشترى الرجل بيعا لرجل واشترط له الخيار بأمره فقال البائع قد رضي الآمر والآمر غائب فإن البائع لا يصدق وليس على المشتري يمين في ذلك
ولو كانت عليه يمين لم يكن له أن يرده حتى يحضر الآمر
وله أن يرده بغير يمين وليس بخصم فيما يدعي البائع على الآمر وهو في ذلك بمنزلة الأجنبي وإنما هو خصم في خصومة ما بينهما لا في غير ذلك
وإذا أقام البائع البينة أن الآمر قد رضي فإن البيع لازم للآمر
وإن لم تقم له بينة على ذلك فقال المشتري قد رضي الآمر وصدقه البائع وقال الآمر في الثلاثة الأيام قد أبطلت البيع بمحضر من البائع قبل أن يمضي أجل الخيار فإن البيع يلزم المشتري ولا يلزم الآمر فإن كانت هذه المقالة منه بعد ما مضى الخيار فإن البيع يلزم الآمر ألا ترى أنه قد لزمه قبل أن يتكلم بشيء من أمر الخيار
31 وإذا اشترى الرجل عدل زطي أو جراب هروي فيه خمسون ثوبا كل ثوب بكذا كذا أو جماعة بألف درهم على أنه بالخيار ثلاثة أيام فأراد أن يرد بعضه دون بعض فليس له ذلك وإنما له أن يأخذه كله أو يرده كله
وكذلك الطعام وكل ما يكال أو يوزن مجازفة أو مكايلة وكذلك العروض كلها والحيوان إذا اشتراها صفقة واحدة وهو بالخيار ثلاثة أيام فليس له أن يرد بعضه دون بعض
32 وإذا اشترى الرجل ثوبين كل واحد منهما بعشرة دراهم على أنه بالخيار فيهما ثلاثة أيام وقبضهما فهلك أحدهما فليس له أن يرد الباقي منهما وعليه الثمن كله
وكذلك لو لم يهلك ولكنه أصابه عيب عنده من عمله أو من غير عمله
وكذلك لو باعه أو باع بعضه فإنه لا يستطيع أن يرد الصحيح منهما بالخيار إلا وهذا معه لأنهما صفقة واحدة وقد لزم الذي دخله العيب فإذا لزمه ذلك لزمه الآخر
33 وإذا كان له الخيار أن يأخذ أحدهما دون الآخر ولم يكن له إلا أن يأخذ واحدا بعشرة فهلك أحدهما أو دخله عيب من عمله أو من غير عمله فانه يلزمه الذي هلك أو الذي دخله عيب بعشرة ويرد الباقي
وإذا لم يهلك ولم يدخله عيب ثم هلكا جميعا معا فإن عليه نصف ثمن كل واحد منهما
وكذلك لو كانا مختلفي الثمن
فإن كانا قائمين بأعيانهما واختار أحدهما ألزمته ثمنه وكان في الآخر أمينا فإن ضاع عنده بعد ذلك لم يكن عليه ضمان
وأصل هذا البيع في القياس فاسد لأنه اشترى ما لم يعرف وما لم يعلم ألا ترى أنه لو اشترى ثوبا من عشرة أثواب أو أكثر من ذلك فقال آخذ أيها شئت أو قال البائع ألزمك أيها شئت أو كانت حيوانا من البقر والإبل والغنم فقال قد أخذت منك واحدة من هذه بعشرة كان هذا باطلا لا يجوز ولكني أستحسن في ذلك في الثوبين والثلاثة إذا كان المشتري قد قبض واختاره
34 وإذا اشترى الرجل خادمين إحداهما بألف درهم والأخرى بخمسمائة على أن يأخذ أيهما شاء ويترك الأخرى
أعتقهما جميعا في كلمة واحدة فإنه يخير فأيهما اختار وقع لعتق عليها بالثمن الذي يسمى ويرد الأخرى
35 ولو لم يعتق واحدة منهما ولم يطأ غير أنه حدث بهما عيب لا يدري أيهما أول فقال البائع قد أخذت التي ثمنها ألف درهم وقال المشتري قد أخذت التي ثمنها خمسمائة أول مرة فالقول قوله ويرد الأخرى ونصف قيمة العيب في القياس ولكني أستحسن أن يردها ولا يرد نصف قيمة العيب أستحسن ذلك
فإن حدث بهما جميعا العيب معا فإنه يرد أيهما شاء ويمسك الأخرى ولا يرد نصف قيمة العيب أستحسن ذلك
ولو حدث لإحداهما عيب آخر بعد ذلك أو ماتت أو جنى عليها المشتري جناية لزمته ورد الأخرى وهذا قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد
36 وإن كان أعتق البائع الذي اختار المشتري فلا يقع عليها عتق
فإن كان البائع قد أعتقهما جميعا أعتقت الذي يرد عليه منهما
37 وإن لم يعتق واحد من الموليين غير أن المشتري وطيء الجاريتين جميعا فحبلت كل واحدة منهما منه ثم مات قبل أن يبين أيتهما اختار فإن علم أيتهما وطئ أول مرة فهي أم ولد له وعليه ثمنها ويرد الأخرى وولدها على البائع وعقرها ولا يثبت نسبه من المشتري ويكون على المشتري عقرها
فإن لم يعلم أيتهما وطيء أول مرة فالقول قوله إن كان حيا وإن كان ميتا فالقول قول ورثة المشتري أيضا فإن قالوا لا نعلم فإنه يلزم المشتري نصف ثمن كل واحدة ونصف عقر كل واحدة وتسعى كل واحدة منهما في نصف قيمتها للبائع ويسعى ولد كل واحد منهما في نصف قيمته للبائع ولا يثبت نسب واحد منهما
وإذا وطئهما البائع مع المشتري وادعى هو والمشتري الولدين جميعا فالقول قول المشتري أيهما قال هو أول هو ولده وأمه أم ولده وعليه عقر الأخرى والأخرى وولدها للبائع يثبت نسبه منه وعلى البائع عقر أم ولد المشتري لأنه كان وطئها معه
فلما صارت أم ولد المشتري جعلت على البائع العقر بالوطء وجعلت على المشتري عقر أم ولد البائع أيضا
فإن مات البائع والمشتري ولم يبينا شيئا من ذلك فالقول قول ورثة المشتري فإن لم يعلموا ذلك لم يثبت نسب واحد من الولدين من المشتري ولا من البائع والأمتان وأولادهما أحرار وولاء أولادهما بين المشتري والبائع وعلى البائع والمشتري نصف عقر كل واحدة منهما فهذا قصاص
38 وإذا اشترى الرجل لرجل عبدا على أنه بالخيار ثلاثة أيام فاختلفا في الخيار فقال البائع قد مضى الخيار فلا خيار لك وقال المشتري لم يمض الخيار وقد تصادقا على أنه بالخيار ثلاثة أيام فالقول قول المشتري مه يمينه وعلى البائع البينة انه قد مضى
وإن كان الخيار للبائع فاختلفا فيه فالقول قول البائع انه لم يمض وعلى المشتري البينة أنه قد مضى
39 وإذا اختلفا فقال المشتري لي خيار ثلاثة أيام وقال البائع إنما لك خيار يومين فالقول قول البائع مع يمينه وعلى المشتري البينة لأنه مدع
وكذلك لو قال البائع لي خيار يومين وقال المشتري بل لك خيار يوم فان القول قول المشتري مع يمينه وعلى البائع البينة
40 وإن قال المشتري لي خيار وقال البائع ما شرطت لك خيارا فان القول قول البائع مع يمينه وعلى المشتري البينة لأنه مدع
وقال أبو يوسف القول قول الذي يقر بالبتات في البيع والمدعي بالخيار عليه البينة
وإن قال البائع لي الخيار وقال المشتري ما لك خيار كان القول قول المشتري مع يمينه وعلى البائع البينة وأيهما ادعى الخيار فإنه لا يصدق إلا ببينة والقول قول الآخر في قول أبي يوسف ومحمد
41 ولو كان المبيع دارا كان للبائع فيها خيار لم يكن فيها شفعة لأن البيع لم يجب بعد
وإن كان الخيار للمشتري فللشفيع فيها شفعة لأن البيع قد وجب
42 وإذا قال الرجل للرجل اذهب بهذه السلعة فانظر اليها اليوم فإن رضيتها فهي لك بألف درهم فقال نعم فهذا وقوله وقد أخذتها بالألف وأنا بالخيار إلى الليل سواء
43 وإذا كان المشتري بالخيار في الجارية ثلاثة أيام فاستخدمها فليس هذا اختيارا وإنما يجعل الخيار في الرقيق لهذا
وكذلك لو كانت دابة فركبها ينظر إليها أو إلى سيرها
وكذلك لو كان قميصا فلبسه ينظر إلى قدره عليه فهو على خياره وإن لبسه بعد ذلك فقد رضيه
44 وإذا سافر على الدابة فقد رضيها
وإذا سكن الدار فقد رضيها وأبطل الخيار
وإذا غشي الجارية أو لمسها بشهوة أو قبلها بشهوة فقد رضيها وأبطل الخيار وكذلك إن نظر إلى فرجها من شهوة
وكذلك إذا أصابها عنده عيب من فعله أو من فعل غيره أو أصابها بلاء عنده فإن هذا كله بمنزلة الرضا
وإن كانت الأمة هي التي نظرت إلى فرج الرجل أو لمسته بشهوة أو قبلته بشهوة فأقر السيد بذلك أنها فعلت ذلك من شهوة فقد جازت عليه لأنه إذا أقر بذلك منها حرمت عليه ابنتها وأمها وكذلك هذا في الرجعة وهو قول أبي يوسف قاسه على قول أبي حنيفة
وأما في قول محمد فلا يكون ما صنعت الجارية بالمشتري رضا من المشتري لأنه لم يصنع
ولو لم يكن الخيار للمشتري وكان للبائع فجامعها أو لمسها من شهوة أو قبلها من شهوة كان هذا نقضا للبيع
45 وإذا باع الرجل خادما لرجل بأمره واشترط الخيار لآمره فقال البائع قد رضي الآمر وأجاز البيع وقال الآمر ما رضيت ولا أجزت فإن القول قول الآمر ولا يمضي البيع وعلى الآمر اليمين ما أجازه
وإن اختلف الآمر والمشتري في الخادم فقال الآمر ليس هذه بخادمي وقال المشتري هي الخادم التي اشتريت منك فالقول في ذلك قول المشتري مع يمينه
وكذلك لو كان المشتري بالخيار فردها فاختلفا فيها فالقول في ذلك قول المشتري مع يمينه
46 فإذا رضي الذي له الخيار بالبيع بقلبه من غير أن يقول قولا أو يصنع شيئا يوجب البيع فإن الرضا له بالقلب ليس بشيء
ولا يكون رضا بالقلب حتى يتكلم أو يعمل عملا يعرف أنه قد رضي بعمله ذلك
وإذا أجمع على ردها بقلبه فليس بشيء وله بعد هذا أن يأخذها وأن يوجب البيع
47 وإن لم يكن للخيار وقت فلصاحبه أن يأخذ بالخيار ما بينه وبين ثلاثة أيام فإذا مضت الثلاثة الأيام قبل أن يختار
البيع فالبيع فاسد لأن الخيار لا يكون أكثر من ثلاثة أيام في قول أبي حنيفة
48 وإذا اشترى الرجل عبدين أحدهما بألف والآخر بخمسمائة على أن يأخذ أحدهما ويرد الآخر أيهما شاء وعلى أنه لا يأخذهما جميعا فماتا جميعا فقال البائع مات الذي بألف قبل وقال المشتري بل مات الذي بخمسمائة قبل فإنه لا يصدق واحد منهما على ما قال غير أن على المشتري اليمين بالله ما يعلم أن الذي بألف مات أولا ويحلف البائع بالله ما يعلم أن الذي بخمسمائة مات أولا فأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه وإن حلفا جميعا لزمه نصف ثمن كل واحد منهما
وقال يعقوب بعد ذلك القول قول المشتري في ذلك وأيهما زعم أنه الذي مات أولا فالقول قوله مع يمينه لأنه مدعي عليه الفضل إلا أن يقيم الآخر بينة وهذا قول محمد
فإن قامت البينة لكل واحد منهما على دعوى صاحبه لزم المشتري ألف درهم لأن البائع يدعي الفضل
وكذلك لو لم يموتا جميعا ولكن حدث بهما جميعا عيب ثم ماتا ثم قامت بينة أن الذي بألف درهم مات أولا وأقام المشتري البينة أن الذي بخمسمائة مات أولا فإذا جاءت البينتان جميعا أخذت ببينة الألف وكذلك لو جاءوا متفرقين وهو قول محمد
49 وإذا اشترى الرجل عبدا على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام فقطعت يد العبد عند المشتري قطعها المشتري أو غيره فان البائع
بالخيار إن شاء ألزمه البيع وأخذ الثمن وان شاء أخذ عبده وأخذ نصف قيمته من المشتري واتبع المشتري القاطع
وإن كان البائع هو الذي قطع يد العبد ثم أراد أن يلزم المشتري البيع فليس له ذلك وقطعه يده اختيار للبيع ورد له
50 وإذا اشترى الرجل جارية على أنه فيها بالخيار فولدت عنده أو وطئها هو أو غيره بفجور أو غير ذلك فان الخيار قد انقطع ولزمه البيع لأن هذا شيء حدث فيها يلزم البيع في مثله
وإذا اشترى النصراني من النصراني خمرا على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أسلم المشتري قبل الثلاث فله أن يرد الخمر وقد انتقض البيع
وكذلك رجل مسلم اشترى من مسلم عبدا على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم ارتد عن الإسلام المشتري قبل أن تمضي الثلاث فله أن يرد العبد ولا يوجب عليه الإسلام ولا الكفر شيئا
52 وإذا اشترى النصراني من النصراني خمرا فلم يقبضها حتى أسلم المشتري فلا بيع بينهما
وكذلك لو كان البائع هذا الذي أسلم
وهذا استحسان وليس بقياس
53 وإذا اشترى الرجل عبدين بألف درهم على أن أحدهما له لازم والآخر هو فيه بالخيار إن شاء أمسكه وإن شاء رده فهذا فاسد لا يجوز لأنه لا يعرف الذي لزمه والذي هو فيه بالخيار
فإن ماتا وقد اشتراهما بألف درهم وقيمتهما ألفان فهو ضامن لقيمتهما
54 وإذا اشترى النصراني من النصراني خمرا أو خنزيرا وهو بالخيار ثلاثة أيام فأسلما جميعا أو أحدهما قبل صاحبه قبل أن يمضي الخيار فان البيع فاسد ينتقض قبض أو لم يقبض في قياس قول أبي حنيفة
وأما في قول أبي يوسف ومحمد إذا قبض المشتري لزمه البيع ووجب عليه الثمن
وهذا كالرؤية
* 7
باب الخيار بغير شرط
1 وإذا اشترى الرجل جراب هروي أو عدل زطي أو سمنا أو زيتا في زق أو حنطة في جوالق ولم ير شيئا من ذلك فهو بالخيار إذا رآهوليس للخيار في هذا وقت
2 فإن رأى بعضها ولم ير كله فهو فيما بقي من الثياب بالخيار ويرد ما لم ير وما قد رأى
ولو بقي ثوب واحد لم يره كان له أن يردها جميعا
وكذلك كل حيوان أو عروض مما لا يكال ولا يوزن
أما السمن والزيت والحنطة فإن كان الذي لم يره مثل الذي قد رآه فهو له لازم لأنه شيء واحد
فإن اختلفا فقال المشتري قد تغير وقال البائع لم يتغير فالقول في ذلك قول البائع مع يمينه وعلى المشتري البينة
3 وإن رأى الرجل متاعا مطويا ولم ينشره ولم يفتشه
فاشتراه على ذلك فالبيع له لازم ولا خيار له فيه
4 ولو نظر إلى مملوك أو إلى دابة كائنة ما كانت ثم اشتراها بعد من صاحبها بعد ذلك بشهر لم يكن فيه خيار
فإن قال المشتري قد تغيرت عن حالها الذي رأيتها عليه فعليه البينة على ما قال فإن لم تكن له بينة فعلى البائع اليمين بالله فإن نكل عن اليمين بطل البيع وإن حلف مضى البيع على المشتري
5 وإذا اشترى الرجل بيعا ولم يره ثم أرسل رسولا من قبله فقبضه فهو بالخيار إذا رآه ولا يوجبه عليه نظر الرسول إلى المتاع وقبضه إياه
ولو وكل وكيلا يقبضه كان قبض الوكيل عليه جائزا ولا خيار له بعد نظر الوكيل إليه وليس الوكيل في هذا كالرسول وهذا قول أبي حنيفة
وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالوكيل والرسول في ذلك سواء والمشتري فيهما جميعا بالخيار إذا رأى إن شاء أخذ وإن شاء ترك لأن المشتري لم يوكله بالرؤية بشيء ولم يرض به إنما وكله بالقبض
6 وإذا اشترى الرجل عدل زطي ولم يره ثم باع منه ثوبا أو لبسه حتى تغير أو قطعه ثم نظر إلى ما بقي فلم يرضه فليس له أن يرده فالبيع له لازم إنما له أن يأخذ كله أو يرد كله إلا أن يجد به عيبا فيرده بالعيب
7 وإذا اشترى الرجل عدل زطي بثمن واحد أو كل ثوب بعشرة أو كر حنطة أو خادمين أو شيئا مما يكال أو يوزن فحدث في شيء منه عيب قبل أن يقبضه فهو بالخيار إن شاء أخذه كله وإن شاء تركه كله وليس له أن يأخذ الذي ليس به عيب بحصته من الثمن ويرد الذي به العيب لأنها صفقة واحدة
ولو كان قبض ثم رأى العيب لزمه الذي ليس به عيب بحصته من الثمن وكان بالخيار في الذي به العيب إن شاء رده وإن شاء أمسكه
وأما ما كان من كيل أو وزن من ضرب واحد فقبضه ثم وجد به عيبا بعد ذلك قد دلسه به فليس له إلا أن يأخذه جميعا أو يرده جميعا
8 وإذا اشترى الرجل عدل زطي أو جراب هروي أو شيئا من العروض أو الحيوان صفقة واحدة فاستحق بعضه قبل أن يقبض أو حدث به عيب أو كان به عيب قبل أن يشتريه فاطلع عليه قبل أن يقبض فالمشتري بالخيار إن شاء أخذه كله وإن شاء رده كله وليس له أن يأخذ بعضه دون بعض لأنها صفقة واحدة ولأنه لم يقبضه
وإن كان قد قبضه ثم استحق بعضه أو وجد ببعضه عيبا فإن له أن يرد الذي به العيب خاصة ويمسك ما سواه ويرجع بثمن ما استحق خاصة ويلزمه ما بقي مما لم يستحق
ولو كان ثوبا واحدا أو عبدا واحدا مما لا يتبعض فاستحق بعضه كان له أن يرد ما بقي
ولو كان ثوبين فاستحق أحدهما فاستحق أحدهما جاز عليه الآخر إذا كان الاستحقاق بعد القبض ولو كان قبض أحدهما ولم يقبض الآخر ثم استحق الذي قبض أو الآخر أيهما ما كان فله الخيار في الباقي
بحصته من الثمن إن شاء أخذ بذلك وإن شاء تركه لأنه لم يقبض ما اشترى كله
9 وإذا اشترى شيئا مما يكال أو يوزن صفقة واحدة فاستحق بعضه فإن له أن يترك ما بقي ولا يأخذه إن كان استحق قبل القبض
وكذلك إن وجده ناقصا فله أن يتركه وإن شاء أخذه بحصته من الثمن
10 فإن كان اشتري عدل زطي بثمن واحد فوجده ناقصا أو زائدا فلا خير في البيع وله أن يرده
وإن كان سمى لكل ثوب ثمنا فلا خير فيه إذا كان زائدا لأن الذي وقع عليه البيع في هذا مجهول لا يعرف
وإن كان ناقصا فعلم بذلك قبل أن يقبض أو بعد ما قبض فهو بالخيار إن شاء ترك وإن شاء أخذ ما بقي بما سمى لكل ثوب من الثمن
11 وإذا اشترى الرجل كر حنطة بخمسين درهما فوجده
ناقصا فإن شاء أخذه بحصته من الثمن لأن هذا يعرف ما نصيبه من الثمن فليس هذا كالعروض التي ثمنها جملة واحدة
12 وإذا اشترى الرجل أمتين صفقة واحدة فإذا إحداهما أم ولد أو مدبرة أو مكاتبة فعلم قبل القبض فالمشتري بالخيار إن شاء لم يلزمه الأمة الباقية وإن شاء أخذها بحصتها من الثمن
13 والأعمى في كل ما اشترى إذا لم يقلب ولم يجس بالخيار فإذا قلب أو جس فهو بمنزلة النظر من الصحيح ولا خيار له إذا لم يجد به عيبا
فإن وجد بع عيبا فهو بمنزلة الصحيح
* 8
باب المرابحة
1 وإذا اشترى الرجل بيعا نسيئة فليس له أن يبيعه مرابحة حتى يبين له أنه اشتراه نسيئة فإن باعه مرابحة وكتم ذلك فالمشتري بالخيار إذا اطلع على ذلك إن شاء رده وأخذ ماله وإن شاء أجاز البيعفإن كان المشتري قد استهلك البيع أو قد استهلك بعضه فالبيع لازم له جائز عليه وليس له أن يرد ما بقي منه بذلك ولا يرجع في شيء من الثمن
2 وإذا اشترى الرجل خادما أو ثوبا أو طعاما أو دابة فأصاب الخادم بلاء ذهب من ذلك بصرها أو لزمها من ذلك عيب أو أصاب الدابة من ذلك عيب أو أصاب الثوب من ذلك عيب أو أصاب الطعام شيء فدخله من ذلك عيب فلا بأس أن يبيع ذلك مرابحة
ألا ترى أن الثوب لو اصفر أو توسخ وكان ذلك ينقصه فلا بأس بأن يبيع ذلك مرابحة
ولو أصاب من غلة الخادم أو الدابة أو الدار أو العبد شيئا باعه مرابحة لأن الغلة ليست من أصل ذلك البيع
3 وإن أصاب العبد شيء من ذلك عيب من عمل المولى ينقصه فلا يبيع شيئا من ذلك مرابحة حتى يبين ذلك
وكذلك إذا أصابه من عمل غيره لأنه ضامن لما ينقصه فإن كان عمله بإذن المولى فهو إذا بمنزلة المولى
فإن باع شيئا من ذلك ولم يبينه فالمشتري بالخيار إن شاء رد البيع وإن شاء أمسكه وإن كان قد استهلكه أو بعضه لزم البيع ولم يكن للمشتري أن يرده ولا يرد ما بقي ولا يرجع في شيء من الثمن
4 وإذا ولدت الجارية أو الغنم أو البقر أو الإبل أو أثمر النخل أو الشجر فلا بأس بأن يبيعه مرابحة وذلك معه
فان استهلك المولى ذلك فليس له أن يبيع شيئا من ذلك مرابحة حتى يبين ما أصاب من ذلك
وكذلك ألبان الغنم وأصوافها وسمونها ما أصاب من ذلك من شيء فلا يبيع شيئا من ذلك مرابحة حتى يبين ما أصاب منها
5 فإن كان قد أنفق عليها ما يساوي ذلك في علفها أو ما يصلحها فلا بأس بأن يبيعها مرابحة ولا يبين ذلك
وإن لم يكن أنفق عليها شيئا ولم يصب من أولادها ولكنها ماتت موتا أو أصاب الغلة آفة فأهلكتها فله أن يبيع ذلك مرابحة ولا يبين ذلك وإن كان ذلك قد نقص الخادم أو الإبل أو الغنم أو البقر
6 وإذا اشترى الرجل متاعا فله أن يجعل عليه من الخياطة والقصارة والكراء ويقول قام على بكذا كذا ولا يقول اشتريته بكذا وكذا فإن ذلك كذب لأنه لم يأخذه به إنما قام
عليه مع النفقة بعد ما اشتراه بكذا كذا وقد اشتراه بأقل مما قام عليه ثم لحقه من النفقة حتى قام عليه بذلك
ولا يلحق ما أنفق على نفسه وسفره في طعام ولا مؤونة ولا كراء وأما الرقيق فله أن يلحق بهم طعامهم وكسوتهم بالمعروف ثم يقول قاموا على بكذا وكذا
7 وإذا اشترى الرجل طعاما فأكل نصفه أو ثلثه فله أن يبيع النصف الباقي مرابحة على نصف الثمن لأن علمه يحيط ان هذا نصفه
وكذلك كل شيء يكال أو يوزن بعد أن يكون من ضرب واحد
فإن كان مختلفا فلا يبيعن مرابحة بما بقي قل أو كثر
وكذلك الثوب الواحد إذا ذهب نصفه احترق أو حرقه إنسان أو هو أو باعه أو وهبه أو تصدق به فلا يبيع النصف الباقي مرابحة على الثمن الأول لأنه لا يدري ان هذا وذاك سواء من قبل ما دخل في شقه
8 وكذلك الثوبان إذا اشتراهما جميعا صفقة واحدة فلا يبيعن أحدهما مرابحة دون الآخر لأنه لا يعلم ما رأس مال هذا من هذا إلا ظنا بظنه أو حزرا بحزره
9 وكذلك لو اشترى عدل زطي أو عدل يهودي أو جراب هروي بألف درهم فلا يبيعن ثوبا منها مرابحة لأنه لا يعلم ما رأس ماله
ولو كان أخذ كل ثوب منها بعشرة دراهم فله أن يبيع كل ثوب منها مرابحة على عشرة وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف
وقال محمد لا يبيعن مرابحة حتى يبين أنه اشترى معه غيره
10 وكذلك لو باع كل ثوب منها برقمه الذي عليه أو زيادة دانق على رقمه ثم علم ما رقمه فرضي بذلك فهو جائز وله أن يبيعه مرابحة على ما سمى لكل ثوب
ألا ترى أنه لو كان ثوبان فأخذهما جميعا الأبيض بعشرة والأصفر بخمسة عشر كان له أن يبيع كل واحد منهما على ما سمى له ولو كانتا دارين كان لشفيع كل واحد منهما أن يأخذها بالذي سمى لها ولو وجد عيبا يرد منه رد كل ثوب وجد فيه العيب بما سمى له من الثمن ثم لو استحق ثوب منها برئ من ثمنه الذي سمى له وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف
وأما في قول محمد فإذا اشترى ثيابا صفقة واحدة بعضها
أفضل من بعض كل ثوب بعشرة فلا ينبغي أن يبيع ثوبا منها مرابحة على عشرة حتى يبين الأمر على وجهه لأن الرجل قد يشتري الثوبين بمائة وخمسين أحدهما يساوي مائة والآخر يساوي خمسين كل ثوب بخمسة وسبعين فإن باع أحدهما بخمسة وسبعين مرابحة كان ذلك قبيحا لأنه إنما زاد في ثمن ذلك لمكان الآخر حتى يبين فيبيع كيف يشاء
11 وإذا اشترى الرجل بيعا بحنطة أو شعير أو شيء مما يكال أو يوزن فلا بأس بأن يبيعه مرابحة على ذلك
12 وإذا اشترى الرجل ثوبا بعشرة دراهم فباعه بخمسة عشر
درهما ثم اشتراه بعشرة فلا يبيعه مرابحة حتى يطرح ربحه الأول من رأس مال البيع الآخر فيقوم بخمسة دراهم وهذا قول أبي حنيفة
وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد فلا يبيعه مرابحة على عشرة دراهم ولا يطرح منها شيئا لأنه شراء مستقبل لا يدخل فيه شيء كان قبله من ربح ولا وضيعة
ألا ترى أنه لو كان أصله هبة أو صدقة أو ميراثا أو وصية ثم باعه ثم اشتراه كان له أن يبيعه مرابحة على الثمن الآخر ولا يطرح منه شيئا
ولو كان أصله بيعا فباعه بوصيف أو بدابة ثم اشتراه بعشرة كان له أن يبيعه مرابحة ولا يطرح منه شيئا فكيف يطرح الوصيف والدابة من العشرة
13 وإذا اشترى الرجل نصف عبد بمائة درهم واشترى آخر نصفه بمائتين ثم باعاه مرابحة أو قالا ربح كذا وكذا
على رأس المال أو بوضيعة كذا وكذا من رأس المال فإن الثمن يكون بينهما أثلاثا على مائتين وعلى مائة
ولو كان أحدهما قد اشترى ثلثه بمائة درهم واشترى الآخر ثلثيه بمائتي درهم ثم باعاه مرابحة كان الثمن بينهما على ما سميا من الثمن
وكذلك لو ولياه رجلا بالذي أخذاه به
ولو قسما الثمن بينهما على القدر الذي لهما في العبد فربحا أحدهما أو وضع الآخر فهذا لا يكون وقد باعاه مرابحة أو ولياه رجلا بالذي أخذاه به
14 وإذا أنفق الرجل على عبده في تعليم عمل من الأعمال دراهم فإنه لا يلحق ذلك في رأس ماله ولا يبيعه مرابحة على ذلك
فكذلك الشعر والغناء والعربية وأجر تعليم القرآن لا يوضع
شيء من هذا على رأس المال وكل شيء علم به رجل جارية له أو عبدا له مما لا يحل فلا يلحق برأس ماله
وكذلك أجر الطبيب وأجر الرائض والراعي وجعل الآبق وأجر الحجام والختان فهو مثل ذلك أيضا
وأما سائق الغنم الذي يسوقها من بلد إلى بلد فإنه يلحقه في رأس ماله
وكذلك أجر السمسار يلحقه في رأس ماله مثل أجر القصار ولا يلحق أجر المعلم الحساب في رأس ماله وكذلك أجر النائحة
15 ولو باع جاريتين إحداهما أفضل من الأخرى وقد اشترى كل واحدة منهما بخمسمائة فباعهما مرابحة كان الثمن نصفين وإن كانت إحداهما أفضل من الأخرى
ألا ترى أنهما لو كانتا دارين على هذه الصفة أخذ الشفيع كل واحدة منهما بالذي أخذها به لا ينقصه ولا يزيده شيئا
وكذلك التولية
وقال محمد لا يبيع إحداهما مرابحة حتى يبين أنه اشترى معها غيرها مرابحة
16 وإذا باع الرجل متاعه مرابحة ثم حط من البيع الأول شيئا فإنه يحط ذلك الشيء وربحه عن المشتري الآخر ويجير على ذلك في القضاء
وكذلك لو كان ولاه رجلا ثم حط عنه شيئا حط مثله عن المشتري
17 وإذا باع الرجل متاعا مرابحة فخانه في المرابحة ودلس له فان المشتري بالخيار إذا اطلع على ذلك إن شاء رد المتاع وإن شاء أخذه بالثمن الذي اشتراه به لا ينقص منه شيئا
فإن كان المشتري قد أهلك المتاع أو بعضه فالثمن له لازم ولا يحط عنه منه شيء
18 وإذا أقر البائع بأنه قد خانه أو زاد عليه أو قامت عليه بذلك بينة لم يكن للمشتري أن يرجع في شيء من ذلك لتلك الخيانة إنما له أن يرد المتاع كله كما أخذه أو يلزمه الثمن كله وهذا قول أبي حنيفة ومحمد
وقال أبو يوسف نرى أن يحط عنه الخيانة وحصتها من الربح على كل حال
19 واذا اشترى الرجل ثوبا بعشرة دراهم فليس له أن يبيع ذراعا منه مرابحة لأن الثوب مختلف
وكذلك ليس له أن يبيع منه أكثر من ذراع أو أقل منه مرابحة إلا أن يقول أبيعك نصفه أو ثلثه أو جزءا من كذا وكذا جزءا فلا بأس بأن يبيعه على هذه الصفة لأنه يكون شريكا فيه كله بذلك
20 وإذا اشترى الرجل مما يكال أو يوزن بعد أن يكون شيئا واحدا غير مختلف فلا بأس أن يبيع رطلا منه أو قفيزا
منه على حصته من الثمن مرابحة لأنه شيء واحد قد أحاط علمه به
فان كان مختلفا فليس له أن يبيع واحدا منها مرابحة وهو قول أبي حنيفة
21 وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في ثوبين من نوع واحد ومن ضرب واحد وشرط واحد وأعطاه عشرة دراهم ثم قبضهما فلا يبيعن واحدا منها مرابحة في قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد له أن يبيع كل واحد منهما على خمسة دراهم ألا ترى أن صفقتهما واحدة وأنه لو صالح الذي عليه السلم على رأس مال أحدهما وأخذ الآخر كان ذلك جائزا وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في هذا
22 وإذا اشترى الرجل نصف عبد بمائة ثم اشترى
النصف الآخر بمائتين فله أن يبيع أي النصفين شاء مرابحة على ما اشتراه به وإن شاء باعه كله على ثلاثمائة مرابحة
23 وإذا اشترى الرجل عبدا بألف درهم ثم وهب له البائع الثمن كله فله أن يبيعه مرابحة على الألف التي اشتراه بها منه
وإن وهب له بعض الثمن كان للمشتري أن يبيعه مرابحة على ما بقي من الثمن وكذلك لو حط عنه بعض الثمن
وليس يشبه هبة الثمن كله هبة بعض الثمن
24 وإذا اشترى عبدا بألف درهم ثم باعه بالثمن عروضا أو أعطاه به رهنا فهلك الرهن كان له أن يبيع العبد مرابحة على ألف درهم
25 وإذا اشترى الرجل ثوبا بعشرة دراهم جياد فنقدها فوجد أحدها زائفا فجاوز به البائع عنه فله أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم جياد
وكذلك لو اشتراه بعشرة دراهم نقد ليس لها أجل فلم ينقد الثمن أشهرا فله أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم لأن هذا نقد ليس بتأخر
26 وإذا اشترى الرجل ثوبا بعشرة دراهم ثم وهبه ثم رجع في هبته وأخذه فله أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم
وكذلك لو باعه بعشرة دراهم أو أكثر ثم رد عليه بعيب أو بيع فاسد أو بخيار أو باستقالة البائع فأقاله كان له أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم
27 ولو كان باعه ثم ورثه أو وهبه أو صار في ملكه بغير شراء لم يكن له أن يبيعه مرابحة لأن هذا الملك الثاني ملك بغير شراء وقد هدر الملك الأول الذي كان فيه الشراء
28 وإذا اشترى الرجل من أبيه أو أمه أو مكاتبه أو عبده أو عبد من مواليه أو مكاتب من مواليه متاعا بثمن قد قام على البائع بأقل من ذلك فليس للمشتري أن يبيعه مرابحة إلا بالذي قام على البائع للتهمة
وليس هذا كالشراء من الأجنبي ولا من الأخ ولا من العم
29 وإذا اشترى الرجل من امرأته فليس له أن يبيع مرابحة
وكل من لا تجوز شهادته له فلا يبيعن ما اشترى منه مرابحة وهذا قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف أنا أرى أن يبيع كل ما اشترى من هؤلاء مرابحة ما خلا عبده أو مكاتبه أو عبد من مولاه وهو قول محمد
30 وإذا اشترى الرجل ثوبا بثوب قد قام الثوب الأول بعشرة دراهم فليس له أن يبيع الثوب الآخر مرابحة على عشرة دراهم
31 وإذا اشترى الرجلان من رجل عدل زطي بألف درهم فاقتسماه بينهما فليس لواحد منهما أن يبيع نصيبه مرابحة لأنه ليس يحيط علمه ان هذا هو النصف
32 وإذا اشترى الرجل عبدا به عيب قد دلس له أو ثوبا
فيه عيب قد دلس له ثم اطلع عليه بعد فرضي أو لم يرض فله أن يبيعه مرابحة لأنه قد اشتراه بذلك الثمن
وكذلك لو اشترى بيعا مرابحة فخانه صاحبه فيه كان له أن يبيعه مرابحة على ما أخذه به لأنه بذلك قام عليه
33 وإذا ولى رجل رجلا بيعا بما قام عليه ثم اطلع على أنه أخذه بأقل من ذلك بشهادة شهود قامت على ذلك رجع عليه بالفضل أو باقرار من البائع الأوسط أو بدعوى من المشتري الآخر وأبى البائع الأوسط أن يحلف عليها فانه يرجع عليه بذلك الفضل ويتم له البيع ويكون له على أن يبيع مرابحة على ما بقي
34 ولو باعه مرابحة قبل أن يرجع بشيء على البائع الأول كان ذلك جائزا وله أن يرجع بتلك الخيانة وما أخذه رده على المشتري وهذا قول أبي حنيفة
وفرق بين التولية وبين المرابحة فقال يرجع بالخيانة في التولية
ولا يرجع في المرابحة وله الخيار
وقال يعقوب هما سواء في ذلك كله يرجع بالخيانة والربح
وقال محمد هما سواء فلا يرجع بخيانة ولا ربح إن كان ما استهلكه فهو بالخيار إن شاء أخذه بجميع الثمن ولا يطرح عنه الخيانة وإن شاء رده على صاحبه وبطل البيع
35 وإذا اشترى الرجل من شريك له شركة عنان فلا بأس بأن يبيعه مرابحة
فان كان للأول فيه حصة فليس له أن يبيعه حصة نفسه مرابحة إلا على ما اشتراه به
فان كان لم يشتره وصار له بوجه غير الشراء فلا يبيعن حصته مرابحة
36 وإذا كانت خادما لشريك المفاوض للخدمة فاشتراها شريكه منه لتخدمه ثم بدا له أن يبيعها فلا بأس بأن يبيعها مرابحة
وكذلك كل شيء كان لأحدهما دون صاحبه فاشتراه الآخر ليكون له دون صاحبه
وكل شيء كان بينهما فلا يبيعه واحد منهما مرابحة إذا اشتراه من صاحبه إلا على الأصل الأول
37 وإذا كان عبد بين اثنين قد قام عليهما بمائة دينار فربح أحدهما صاحبه في حصته دينارا فلا بأس بأن يبيعه مرابحة على مائة دينار ودينار
38 وإذا اشترى الرجل متاعا ثم رقمه بأكثر من ثمنه
ثم باعه مرابحة على رقمه فهو جائز ولا يقول قام على كذا بكذا ولكن رقمه كذا وكذا فانا أبيعه مرابحة على ذلك
وكذلك لو كان أصله ميراثا أو هبة أو صدقة أو وصية فقومه قيمته ثم باعه مرابحة على تلك القيمة كان ذلك جائزا
39 وإذا اشترى الرجل من عبد له أو عبد لبعض ولده أو من أمته أو من أمة لابن له بيعا قد قام عليه بأقل من ذلك فلا يبيعه مرابحة إن كان على العبد دين أو لم يكن إلا على الأقل
وكذلك العبد وأم الولد والمكاتب والمدبر والعبد قد عتق نصفه وهو يسعى في بعض قيمته وهذا قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد أما العبد الذي قد عتق نصفه فلا بأس بأن يبيع ما اشترى منه مرابحة لأنه حر كله
40 وإذا باع الرجل المتاع بربح ده يا زده أو بعشرة
أحد عشر أو بده دوازده أو بعشرة اثني عشر أو بده سيزده أو بعشرة ثلاثة عشر فهذا سواء كله
فإذا علم المشتري بالثمن فهو بالخيار إن شاء أخذه بذلك وإن شاء رده فإن كان قد علم بالثمن قبل عقده البيع ليس له أن يرده
وكذلك المتاع يرقمه فهو كذلك أيضا إذا علم الرقم إن شاء أخذه وإن شاء تركه
41 وإذا اشترى الرجل ثوبا بعشرة دراهم ثم باعه بوضيعة ده يازده على الثمن فإن الثمن يكون تسعة دراهم وجزءا من أحد عشر جزءا من الدرهم وصارت الوضيعة عشرة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم
42 وإذا اشترى الرجل ثوبا بخمسة دراهم واشترى آخر ثوبا بستة دراهم ثم باعاهما جميعا صفقة واحدة مرابحة أو مواضعة فإن الثمن بينهما على قدر رؤوس أموالهما
43 وإذا اشترى الرجل عبدا بألف درهم ثم ولاه رجلا ثم حط عن المشتري الأول الثمن كله فإنه لا يحط عن الآخر شيئا لأن هذا ليس بحط ولا وضيعة
* 9
باب العيوب في البيوع كلها
1 وإذا باع الرجل عبدا أو أمة أو دارا أو ثوبا أو شيئا من الأشياء فبرئ البائع إلى المشتري عند عقده البيع من كل عيب فهو براءة جائزة ولا يضره أن لا يسمى شيئا من ذلكألا ترى أنه لو برئ إليه من القروح والخروق في الثوب ومن الدبر في الدابة كانت هذه البراءة جائزة فيما سمى وإن كان لم يقل فوجد قرحة كذا وكذا أو كذا وكذا دبرة
وكذلك لو قال هو بريء من كل عيب فقد دخل فيه كل عيب وكذلك كل داء وكل دبرة وكل حرق أو خرق أو كي أو غيره من العيوب وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد
178
2 وإذا شهد شاهدان على البراءة من كل عيب في خادم ثم إن أحد الشاهدين اشتراها بغير براءة فوجد بها عيبا كان له أن يردها من قبل أن الشهادة على البراءة لم تكن اقرارا منه ولا من البائع ولا من المشتري ان بها عيبا
وكذلك لو قال برئت من الإباق وأشهد على ذلك ثم اشتراها منه أحد الشاهدين بغير براءة من ذلك فوجدها آبقة كان له أن يردها بذلك
3 وإذا اشترى الرجل السلعة ولم يبرأ البائع اليه من شيء ثم أراد البائع بعد ما وقع البيع أن يبرأ من العيوب فأبى المشتري أن يبرئه من ذلك فله ذلك وليس للبائع البراءة إلا عند عقدة البيع
4 وإذا اشترى الرجل من الرجل أمة فلا يقربها حتى
تحيض حيضة بلغنا نحو من ذلك عن علي بن أبي طالب
ولا ينبغي للبائع أن يبيعها إذا كان يطؤها حتى تحيض حيضة عنده
وإن كانت لا تحيض فينبغي للمشتري أن يستبرئها بشهر ولا يقبلها ولا يباشرها حتى يستبرئها بحيضة أو بشهر
وإن كانت ممن تحيض فارتفع حيضها انتظر بها حتى يعلم أنها غير حامل ثم يطؤها
وإذا قربها المشتري ووجد بها عيبا قد دلس فليس له أن يردها بذلك العيب وتقوم به وتقوم وليس بها عيب فإن كان العيب ينقصها العشر رجع بعشر الثمن
وكذلك لو لم يطأها ولكن حدث بها عيب عنده ثم وجد عيبا قد دلس له فليس له أن يردها بذلك العيب ولكن تقوم وبها العيب وتقوم وليس بها العيب إن كان العيب ينقصها العشر رجع بعشر الثمن ويكون فيها كما كان في التي وطئ
فإن باعها بعد ما رأى العيب فليس له أن يرجع بشيء من قبل أن البائع يقول أنا أقبلها
وكذلك لو وطئها غير المشتري بزنا أو بشبهة
وكذلك لو زوجها المشتري فوطئها الزوج أو لم يطأها لم يكن للمشتري أن يردها بالعيب ولكن يرجع بنقصان العيب
ولو كان لها زوج عند البائع قد وطئها عنده ثم وطئها عند المشتري فإن للمشتري أن يردها بالعيب ولا يشبه هذا وطء المشتري ولا وطء الزوج الذي زوجها المشتري
ولو اشترى جارية بكرا ولها زوج فوطئها عند المشتري لم يكن للمشتري أن يردها لأنها كانت بكرا فذهبت عذرتها عند المشتري ولا يشبه هذا الباب الأول
5 ولو اشترى ثوبا فصبغه بعصفر أو زعفران أو قطعه قميصا أو قباء ولم يخطه بعد ثم وجد به عيبا كان له أن يرجع بفضل ما بينهما
فان باعه قبل أن يخاصمه لم يكن له أن يرجع بشيء إلا في العصفر والزعفران فان له أن يرجع فيه لأن البائع لو قال أنا أقبله لم يكن له أن يأخذه
6 وكل عيب وجده المشتري بالسلعة فعرضها بعد ما رآه على البيع أو وطئها أو قبلها أو لامسها لشهوة أو أجرها أو رهنها أو وهبها فان هذا كله رضا بذلك في القياس وليس له أن يردها ولا يرجع بفضل ما بينهما
ولو استخدمها كان هذا في القياس رضا ولكني أدع القياس ويكون له أن يردها في الاستحسان
ولو كان قميصا أو ثوبا فلبسه أو دابة فركبها كان هذا كله رضا بالعيب غير أني استحسن إذا ركب الدابة ليردها أو ليسقيها أن لا يكون هذا رضا إنما الرضا ركوبه في حاجته
7 ولو ولدت الجارية عند الرجل أو وطئها فباعها وكتم ذلك فليس للمشتري أن يردها بذلك لأن هذا ليس بعيب لازم
ولا بأس بأن يبيعها مرابحة إن لم يكن ينقصها إذا كان الولد قد مات
فإن كان جامعها وهي بكر فلا يبيعها مرابحة حتى يبين ذلك
8 وإذا اشترى الرجل خادما فدبرها أو أعتقها البتة أو ولدت ولدا فكانت أم ولد له ثم وجد بها عيبا قد دلس له كان له أن يرجع بنقصان ما بينهما
ولو كان باعها أو وهبها وقبضها الموهوبة له ثم وجد بها عيبا قد دلس له لم يكن له أن يرجع إليه لأنها قد خرجت من ملكه إلى ملك غيره
وكذلك لو باع بعضها وبقي في يده بعضها لم يكن له أن يرد ما بقي ولا يرجع بفضل خادم غيره
ألا ترى أنه لو باعها من البائع ثم وجد المشتري بها عيبا لم يكن له أن يرجع على البائع بشيء والخادم عند البائع
وكذلك لو وهبها أو تصدق بها عليه
9 وإذا اشترى الرجل خادما فقتلها هو ثم وجد بها عيبا قد دلس له لم يرجع بشيء لأنه هو الذي جنى عليها
وهذا والعتق في القياس سواء ولكن أستحسن في العتق
ولو لم يقتلها هو ولكنها ماتت موتا كان له أن يرجع بفضل العيب وليس الموت كالقتل لأن القتل من جنايته
ولو قتلها غيره لم يرجع بشيء
10 وكذلك لو اشترى ثوبا فخرقه أو طعاما فأكله لم يكن له أن يرجع بنقصان العيب
وإن لم يكن علم بالعيب ولبس الثوب حتى تخرق أو أكل الطعام ثم علم بعيب كان قد دلس له لم يكن له أن يرجع بشيء وهذا قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد له أن يرجع بفضل ما بين العيب والصحة وليس هذا كالأول هذا مما يصنع الناس
وكذلك الحنطة إذا طحنها والسويق إذا لته كان له أن يرجع بفضل ما بينهما لأن السويق قائم بعينه وهو بمنزلة الثوب يصبغه أو يقطعه قميصا أو قباء
11 وإذا اشترى خفين أو نعلين أو مصراعي باب بيت فوجد في أحدهما عيبا فله أن يردهما جميعا
فإن كان قد باع الذي ليس به عيب فليس له أن يرد ما بقي ولا يرجع بشيء لأن هذا بمنزلة شيء واحد باع بعضه
12 وإذا اشترى عبدا ثم باعه فرد عليه بعيب فقبله بغير قضاء قاض فليس له أن يرده على الأول لأن هذا بمنزلة الصلح والرضا
ولو قبله بقضاء قاض ببينة قامت أو باباء يمين أو بإقرار عند القاضي أنه باعه والعيب فيه ولا يعلم هو بالعيب كان له أن يرده على الذي باعه إياه إن كانت له على العيب بينة وإلا استحلفه فان نكل عن اليمين رده عليه وإن حلف لم يرده عليه
13 وإذا اشترى الرجل جارية لها زوج ولا يعلم به ثم علم أو عبدا له امرأة وهو لا يعلم ثم علم به كان هذا عيبا
يرد منه لأن فرج الجارية عليه حرام إذا كان لها زوج ولأن العبد يلزمه نفقة المرأة
14 وإذا اشترى الرجل شاة فحلب لبنها فأكله أو ناقة لم يكن له أن يردها بعيب ولكن يرجع بنقصان العيب
وكذلك نخلة أو شجرة إذا اشتراها رجل فأكل غلتها فانه لا يردها بعيب
ولو كان عبدا فأكل غلته أو كانت دارا فأكل غلتها كان له أن يردها بالعيب لأن هذا غلة ليس منه وغلة النخل والشجر ولبن الشاة والبقرة منها وهذا بمنزلة الولد
15 وإذا اشترى الرجل عبدا فوجده مخنثا فله أن يرده وكذلك إن كان سارقا
وكذلك لو كان على غير دين الإسلام كان له أن يرده
16 وإذا كان زانيا أو ولد زنا لم يكن له أن يرده لأن هذا ليس بعيب في الغلام
وهو عيب في الجارية يردها منه إذا كانت زانية أو ولد زنا لأنها توطأ وتتخذ أم ولد
17 والثؤلول إذا كان ينقص الثمن عيب فإذا كان لا ينقصه فليس بعيب والخال أيضا والبجر عيب
والصهوبة في الشعر عيب والشمط عيب
والبخر عيب في الجارية ولا يكون في الغلام إلا أن يكون من داء
والآدر عيب والأعمش عيب والأعشى عيب
187
والذفر في الغلام ليس بعيب إلا أن يكون ذلك شيئا لا يكون في الناس فاحشا ينقص الثمن فيكون عيبا
والسن السوداء عيب والسن الساقطة عيب ضرسا كان أو غيره
والظفر الأسود إذا كان ينقص الثمن فهو عيب
18 والإباق مرة واحدة عيب وإن كان صغيرا فهو عيب ما كان صغيرا فإذا احتلم وحاضت الجارية فليس ذلك بعيب إلا أن يأبق بعد الكبر
وكذلك البول على الفراش ما دام صغيرا فإذا احتلم الرجل وحاضت الجارية فليس ذلك بعيب ولا يرد من ذلك إلا أن يفعله بعد ما احتلم وبعد ما حاضت الجارية
وإن أبق بعد ما احتلم فهو عيب لازم أبدا
والجنون عيب إذا جن مرة واحدة فهو عيب لازم أبدا والحبل في الجارية عيب والحول عيب والقرن عيب والعفل عيب
والبرص عيب والجذام عيب والفتق عيب والسلعة عيب
وكل شيء ينقص في الثمن من الرقيق والدواب والإبل والبقر فهو عيب
19 والكي والقروح والفدع في القدم عيب
هذا كله عيب
والفحج عيب والحنف عيب والصكك عيب والصدف عيب والشدق عيب في الفم
20 وكل عيب طعن به المشتري ظاهرا أو باطنا
ولا بينة له فان القاضي لا ينبغي له أن يستحلف البائع حتى يعلم أن العيب بالسلعة
فإن كان ظاهرا نظر إليه
وإن كان باطنا ولا ينظر إليه إلا النساء فإن أخبرت امرأتان حرتان مسلمتان أو امرأة بالعيب استحلف البائع
فإن كان باطنا في الجوف أو في البصر أرى ذلك الأطباء فإذا اجتمع رجلان مسلمان منهم على ذلك استحلف القاضي البائع بالله لقد باعه وقبضه المشتري وما هذا العيب به البتة
ولا يستحلفه على علمه في شيء من هذا
21 ولو طعن المشتري باباق أو جنون ولا يعلم القاضي ذلك فإنه لا يستحلف البائع حتى يشهد شاهدان أنه قد أبق عند المشتري أو جن عنده
فإذا قام على هذا بينة استحلف البائع البتة بالله لقد باعه وما أبق قط منذ بلغ عنده ولا جن عنده قط
فإذا أبى البائع أن يحلف ردت السلعة عليه
وإن لم بكن له بينة وادعى أن البائع قد علم أنه قد أبق
عنده فإن البائع يحلف على علمه بالله ما يعلمه أبق عند المشتري فإن حلف برئ وإن أبى اليمين استحلف بالله لقد باعه وما أبق قط منذ ما بلغ فإن حلف برئ وإن نكل عن اليمين لزمه
فإن طعن البائع فقال استحلف المشتري بالله ما رضيت بالعيب منذ رأيته ولا عزمت على بيع حلف المشتري على ذلك ثم يردها فإن أبى أن يحلف لم يرد
22 والعسر عيب
والحبل في الجارية عيب وليس الحبل في البهيمة عيب ولا يشبه الإنسان في هذا البهيمة
والبقرة والشاة والناقة والفرس وغير ذلك من البهائم سواء في ذلك ولا يكون ذلك فيهن عيبا كما يكون في الإنسان
23 والعزل عيب والمشش عيب والنخس عيب والحرد عيب والزوائد عيب
والصدف عيب والمهقوع عيب والجمح عيب
وخلع الرأس عيب وبل المخلاة عيب إذا كان ينقص الثمن والانتشار عيب
والأعشى عيب والشتر عيب والحول عيب والحوص عيب والظفر عيب والشعر يكون في جوف
العين عيب والجرب عيب في العين وغير العين والماء في العين عيب وريح السبل عيب والغرب عيب
والسعال القديم عيب إذا كان من داء
والمستحاضة والتي يرتفع حيضها زمانا فهذا كله عيب
24 وإذا اشترى الرجل عبدا وعليه دين لم يعلم به ثم علم به فله أن يرده إلا أن يقضي البائع عنه دينه أو يبرئه الغرماء من الدين
25 وإذا اشترى الرجل جارية محرمة بالحج وهو لا يعلم به ثم علم فليس هذا عيبا لأن له أن يحللها
26 وإذا اشترى الرجل جارية في عدة من طلاق بائن أو موت فليس هذا بعيب
فإن كان في عدة من طلاق يملك فيه الرجعة فهذا عيب يرد منه
فإن انقضت العدة فقد وجبت لأن العيب قد ذهب
27 وإذا ابتاع الرجل خادما من رجل فطعن المشتري بعيب فقال البائع ما هذا بخادمي فالقول قول البائع مع يمينه بالله وعلى المشتري البينة أنه اشترى منه هذه الجارية
28 وإذا اشترى الرجل جارية على أنها بكر فوجدها ثيبا فإنه لا يصدق على ذلك والقول قول البائع أنها بكر مع يمينه وعلى المشتري البينة أنها ثيب
29 وإذا اشترى الرجل جوزا أو بيضا فوجده فاسدا كله وقد كسره فله أن يرده ويأخذ الثمن كله
وكذلك البطيخ والفاكهة إذا وجدها فاسدة كلها بعد ما يكسرها فله أن يرده إذا كان لا يساوي شيئا فهو فاسد
30 وإذا اشترى الرجل عبدا قد حل دمه بقصاص فقتل عنده فانه يرجع على البائع بالثمن كله
وكذلك لو كان مرتدا فقتل عنده
ولو باعه وهو سارق فقطعت يده عنده كان له أن يرده ويأخذ الثمن كله وهذا قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد انه يقوم سارقا ويقوم غير سارق ثم يرجع بفضل ما بينهما من الثمن ولا يستطيع أن يرده بعد القطع وكذلك حلال الدم ولو كان هذا مستقيما كان الرجل إذا اشترى جارية حاملا فماتت في نفاسها وقد دلس له الحمل كان له أن يرجع بالثمن كله وهذا ليس بشيء
31 وإذا اشترى الرجل جارية وعبدا فزوجها ثم وجد بهما عيبا لم يكن له أن يردهما لما أحدث فيهما
فإن طلقها ثلاثا بائنا ولم يكن دخل بها كان له أن يردهما
32 وإذا اشترى الرجل جارية فوجد بها عيبا فشهد شاهد أنه اشتراها وهذا العيب بها وشهد آخر على إقرار البائع بهذا كان هذا باطلا لا يردها بهذه الشهادة لأنهما قد اختلفا ولا يرجع بفضل عيب
33 وإذا وهب الرجل للرجل جارية على عوض وقبضا جميعا ثم وجد عيبا فله أن يرده في هذا كما يرد في الشراء
وكذلك الصدقة بالعوض
34 وإذا تزوجت المرأة على جارية فقبضتها فوجدت بها عيبا كان لها أن تردها وتأخذ قيمتها صحيحة
وإن حدث بها عيب آخر عندها لم تستطع ردها ولكنها ترجع بفضل ما بينهما من العيب الأول ومن قيمتها صحيحة
وكذلك لو خلعها على جارية كان كذلك أيضا
35 ولو باع من عبد نفسه بجارية ثم وجد بها عيبا كان له أن يردها عليه ويأخذ منه قيمة نفسه وهذا قول أبي حنيفة الآخر وهو قول أبي يوسف
وقال محمد يرجع عليه بقيمة الجارية وهو قول أبي حنيفة الأول
فإن كان حدث بها عند المولى عيب لا يستطيع ردها ويرجع بفضل ما بينهما من قيمة العبد تقوم صحيحة وتقوم وبها العيب فإن كان ينقصها عشر ذلك رجع بعشر قيمة العبد في قول أبي حنيفة الآخر وهو قول أبي يوسف
وأما في قول محمد فإنه يرجع بذلك من قيمتها فإن ردت الجارية رجع على العبد بقيمتها
36 ولو كاتبه على جارية بغير عينها فأداها إليه وأعتق ثم وجد بها عيبا كان له أن يردها عليه ويأخذ مكانها مثلها صحيحة
فإن كان قد حدث بها عيب عند المولى لم يكن له أن يردها وكان له أن يرجع بما نقصها العيب من قيمة الجارية
37 وإذا باع الرجل لرجل جارية بأمره ثم خوصم في عيب فقبلها بغير قضاء قاض فإنها تلزم البائع ولا تلزم
لآمر إلا إن كان عيبا يعلم أن مثله لا يحدث فيلزم الآمر
وكذلك لو قامت بينة أنه باعها وبها العيب ألزمته البائع وألزمت الآمر
ولو كان عيبا يحدث مثله فخاصمه البائع فيها إلى القاضي وأقر عنده بالعيب كان إقراره عند القاضي وعند غيره سواء لا يلزم الآمر إلا في عيب لا يحدث مثله
فإن لم يقر ولكنه أبى أن يحلف فألزمه القاضي الجارية فإنها تلزم الآمر
فإن أنكر المولى أن تكون جاريته التي باع لم تلزم الآمر وكان القول في ذلك قوله وعليه اليمين بالله
فإن أقام البائع البينة على أنها هي الجارية التي باع له فإنها تلزم الآمر
38 وإذا اشترى الرجل للرجل جارية بأمره ثم وجد بها عيبا فله أن يدفعها إلى الآمر وله أن يخاصم فيها ويردها وان كان الآمر غير حاضر ألا ترى انه لو كان معه مال مضاربة
اشترى بها بزا ورب المال غائب فوجد بثوب منها عيبا كان له أن يخاصم فيه ويرده
فان ادعى البائع أن الآمر قد رضي بالعيب وطلب يمين الآمر أو يمين المأمور ما رضي بذلك الآمر لم يكن له على المأمور يمين بذلك ولا على الآمر ولو كانت عليه يمين بذلك لم يكن له أن يردها حتى يحضر الآمر فيحلف
فإن قامت بينة على رضا الآمر لم يكن له أن يردها
ولو كان الآمر قد قبضها ثم وجد بها عيبا لم يكن له أن يردها ولا يخاصم فيها حتى يحضر المشتري فيكون هو الذي يخاصم ويرد
ولو أقر المشتري أنه قد أبرأ البائع من هذا العيب صدق المشتري على نفسه بالعيب ولا يصدق على الآمر وتلزم الجارية المشتري إلا أن يرضي الآمر بقوله أو يقيم بينة على ذلك
39 ولو اشترى رجلان جارية فوجدا بها عيبا فرضي
أحدهما وأبى الآخر أن يرضي لم يكن لواحد منهما أن يرد حتى يجتمعا جميعا على الرد لأنها صفقة واحدة وهذا قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد الذي رضي بالعيب يلزمه نصيبه ويرد الآخر حصته ولا يلزم الآخر عيب لأنه لم يرض به إن رضي به غيره
40 وإذا اشترى الرجل عبدا بجارية وقبضها ثم وجد صاحب العبد بالعبد عيبا ثم مات عنده فإنه يقوم صحيحا ويقوم وبه العيب فإن كان ذلك ينقصه عشر قيمته رجع بعشر الجارية وإن كان الثلث فالثلث
وإن كان العبد قائما بعينه رده وأخذ الجارية
وكذلك الحيوان والعروض كلها إذا باع منها شيئا بشيء فاستحق أو وجد به عيبا رده وأخذ متاعه
وإذا كان المتاع قد استهلك رد عليه قيمته
وكذلك كل ما يكال أو يوزن في هذا الباب إذا كان بعينه
ولو استحق شيء من ذلك بإقرار الذي هو في يده لم يرجع بشيء لأنه أقر أنه أتلف السلعة
وكذلك إذا اشترى الرجل خادما وأقر أنها لفلان فلا يرجع بشيء على البائع
ولو قضى بها القاضي بشهادة الشهود قضى له على البائع بالثمن
فإن قال البائع ليست هذه بجاريتي التي بعتك فالقول قول البائع مع وعلى المشتري البينة أنها هي الخادم التي اشتراها منه
41 وإذا اشترى الرجل خادما بكر حنطة وليس الكر عنده فإنه لا يجوز
فإن قال بكر حنطة جيد أو وسط أو رديء فهو جائز استحسن ذلك وادع القياس فيه لأنه بلغنا عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم انه اشترى جزورا بثمن ثم استقرضه فأعطاه إياه
فإن وجد عيبا بالجارية وقد استهلك البائع الكر رد الجارية وأخذ كرا مثل كره
وكذلك كل ما يكال أو يوزن والذي يعد عددا
وليس ما سوى ذلك من العروض مثل هذا لأنه ان اشترى جارية بثوب وليس الثوب عنده فالبيع باطل ولو اشتراها بثوب عنده ثم وجد بها عيبا وقد استهلك البائع الثوب ردها وأخذ قيمة الثوب لأن الثوب لا يقرض والطعام وما أشبهه من الكيل والوزن يستقرض فيكون عليه مثله
42 وإذا اشترى الرجل بيعا بنسيئة أو ينقد ولم ينقد فليس ينبغي له أن يبيع ذلك من البائع بأقل من ذلك الثمن الذي أخذه به إن كان لم ينقده الثمن ولا ينبغي للبائع أن يشتريه منه بأقل من ذلك ولو فعل رددت البيع الآخر
وان كان قد انتقد الثمن فلا بأس بأن يشتريه بأقل أو أكثر
وان كان لم ينقد الثمن وقد حدث بالسلعة عيب فلا بأس بأن يشتريه بأقل من الثمن
وان كان لم يحدث بها عيب ولكن السعر رخص فلا يشتريه بأقل من الثمن
43 ولا يجوز شراؤه ولا شراء ابنه ولا أبيه ولا مكاتبه ولا عبده ولا مدبره ولا أم ولده ولا وكيله إلا أن الوكيل الذي اشتراها لزمته ولا تلزم الآمر في قول أبي يوسف
وأما في قول محمد فإنها تلزم الآمر ويكون البيع فاسدا كأن الآمر اشترى ذلك
ولو باعه لرجل لم يكن ينبغي له أن يشتريه بأقل من ذلك قبل أن ينقد فليس ينبغي له ذلك لا لنفسه ولا لغيره ولا ينبغي للذي باعه أن يشتريه أيضا بأقل من ذلك لنفسه ولا لغيره لأنه هو البائع
وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن شراء أبيه وابنه جائز
ولو كان الذي اشتراه اشتراه لغيره لم يجز بيع الوكيل الذي
205 اشتراه بيع الذي اشتراه له
وكذلك لو باعه من البائع بأقل من ذلك أو من الآمر
44 ولا بأس بأن يشتريه الآمر أو البائع بالعروض بأقل من قيمة الثمن لأن هذا غير الثمن الذي باعه به
ولو باعه بحنطة لم يكن له ثانيا أن يشتريه بشعير بأقل من ذلك وإن كان لم يبعه به
وكذلك لا بأس بأن يشتري بما سوى الحنطة من العروض
وكذلك إذا باعه بدراهم أو دنانير فلا بأس بأن يشتريه بأي العروض شاء وإن كانت أقل من الثمن
فأما الدراهم والدنانير فلا يشتريه بأقل من الثمن
فإن كان باعه بدراهم فلا يشتريه بدنانير أقل من تلك الدراهم أدع القياس في هذا واستحسن لأن الدراهم والدنانير في هذا سواء
وإذا باعه بألف درهم نسيئة سنة ثم اشتراه بألف درهم نسيئة سنتين قبل أن ينتقد كان البيع الثاني باطلا لا يجوز
من قبل أنه أخذه بأقل مما باعه حيث زاده في الأجل سنة ولو كان زاده على الثمن درهما أو أكثر كان البيع جائزا
45 وإذا باع الرجل طعاما بدراهم فلا بأس بأن يشتري بالثمن قبل أن يقبضه من المشتري ما بدا له من العروض يدا بيد طعاما كان أو غيره أكثر من طعامه أو أقل إذا لم يكن طعامه بعينه لأن هذا غير ما باع
قال بلغنا عن عائشة أن امرأة سألتها فقالت إني اشتريت من زيد بن أرقم خادما بثمانمائة درهم إلى أجل ثم بعتها منه بسبعمائة درهم فقالت بئس ما اشتريت وبئس ما شريت أبلغي زيد بن أرقم أن الله قد أبطل جهادك إن لم تتب قال محمد حدثنا بذلك أبو حنيفة رفعه إلى عائشة
46 وإذا كان لرجل على رجل دين إلى أجل من ثمن بيع فحط عنه على أن يعجل له فلا خير في هذا
ولا يجوز بلغنا ذلك عن عبد الله بن عمر ويرد المال على المطلوب ويكون المال كله عليه على حاله إلى أجله
47 وإذا باع الرجل عبدا بنسيئة فليس ينبغي لمكاتب له أن يشتريه بأقل من ذلك من قبل أن ينتقد المولى الثمن وكذلك أم الولد والمدبر والمكاتب والعبد
وكذلك لو باع أحد من هؤلاء من أمتعتهم لم يكن للمولى أن يشتريه بأقل من ذلك قبل أن ينتقده
ولو باعه بتأخير لم يكن للمولى أن يشتريه بمثل ذلك الثمن إلى أبعد من ذلك الأجل فأما إلى أقل من ذلك الأجل أو إلى مثله فلا بأس به
48 وإذا باع الرجل عبدا بنسيئة أو بنقد فلم ينتقد البائع الثمن حتى باع المشتري العبد أو وهبه أو خرج من ملكه
أو مات فأوصى به فاشتراه البائع من الذي كان له بأقل من ذلك كان هذا جائزا لا بأس به لأنه قد خرج من ملك الأول
فلو مات الأول وتركه ميراثا لم يكن للبائع أن يشتريه من الورثة بأقل مما باعه والورثة في هذا بمنزلة المشتري ألا ترى أنهم يردونه عليه بعيب
49 وإذا باع الرجل عبدا نسيئة ثم اشتراه هو وعبدا آخر بمثل ذلك الثمن أو أقل قبل أن ينتقد الذي باعه فهذا فاسد يرده ويلزمه الآخر الذي لم يبع بحصته من الثمن
وكذلك لو اشترى العبد الذي باعه هو ورجل آخر بأقل من ذلك الثمن كانت حصة الذي اشتراه معه جائزة وحصته مردودة لا تجوز
وكذلك لو اشتراه هو وعبدا آخر بأكثر من ذلك الثمن إذا كان الذي باعه نصيبه من الثمن أقل مما باعه فإنه فاسد
ويرده خاصة ويجوز عليه الآخر وإذا كان نصيبه من الثمن مثل ما باعه فالبيع فيه جائز
50 وإذا باع الرجل خادما بنسيئة سنة فولدت عند المشتري ثم أراد البائع أن يشتريها بأقل من ذلك قبل أن ينتقد فلا بأس بذلك
وإن كانت الولادة لم تنقصها فلا يبتاعها بأقل من ذلك الثمن الذي باعها به
وإذا ولدت الجارية عند آخر ثم باعها ولم يسم ذلك بنسيئة أو بنقد فهو جائز لا يفسد ذلك بيعه
51 وإذا اشترى الرجل جارية من رجل فولدت عنده لأقل من ستة أشهر من يوم اشتراها فادعياه البائع والمشتري جميعا معا فإنه يكون ابن البائع والأمة أم ولده ويرد الثمن
وكذلك إذا ادعاه البائع ثم ادعاه المشتري بعد
ولو كان المشتري ادعاه قبل البائع جازت دعواه وكانت أم ولد له ولا تجوز دعوى البائع بعد
وكذلك لو ولدت لأكثر من ستة أشهر فادعياه جميعا كانت الدعوى دعوى المشتري ولا تجوز دعوى البائع
ولو ادعاه البائع ولم يدعه المشتري لم تجز دعواه إذا جاءت به لأكثر من ستة أشهر منذ يوم باعه
وإذا كان المشتري قد أعتق الولد وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم باع فإنه لا تجوز دعوى البائع لأن ولاءه قد ثبت من المشتري
وكذلك لو مات وبقيت أمه لأنه لم يبق معها ولد يثبت نسبه
ولو باعه ولم يعتق وأعتق المشتري الأم ثم ادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه من البائع فأما الأم فإنها لا تكون أم ولد بعد العتق ويقسم الثمن على قيمتها وقيمة ولدها فيرد البائع ما أصاب الابن من الثمن على المشتري إن كان قد انتقد وإن لم يكن انتقد رد المشتري على البائع ما أصاب الأم
ولو كانت قد ولدت عند البائع قبل أن يبيع ثم باع ثم ادعى الولد جازت دعواه إذا كان لم يدخل فيه عتق وكذلك لو لم يمت وصارت أمه أم ولد
ولو لم يولد عنده ولكنه اشتراهما ثم باعهما ثم ادعى الولد فإن نسبه لا يثبت من قبل انه لم يولد عنده
ولو اشتراها وهي حبلى ثم باعها فولدت من الغد من يوم اشتراها فادعاه البائع الأوسط لم يصدق لأن الحبل كان أصله عند البائع الأول ولو كان ادعى البائع الأول الذي كان عنده الحبل فإن أبا حنيفة قال هو مصدق وهو قول أبي يوسف ومحمد
ولو ولدت عنده ولدين في بطن واحد ثم باعهما أو باع أحدهما ثم ادعى الذي عنده لزمه الولدان جميعا وصارت الأم أم ولد له ويرد الثمن
وإن كان المشتري قد أعتق الولد الذي عنده ثم ادعى البائع الولد الذي كان عنده لزمه نسبهما جميعا وكانت دعواه للذي عنده بمنزلة الشاهد وأبطلت عتق المشتري
فإن أعتق المشتري الأم قبل ادعاء هذا الولد جاز عتقه فيها ولا تكون أم ولد البائع لأنها لا ترد إلى الرق بعد أبدا
* 10
باب بيوع أهل الذمة بعضهم من بعض
1 وإذا اشترى الرجل من أهل الذمة العبد المسلم من المسلمين فإن شراءه جائز يلزمه البيعوكذلك لو اشترى أمة مسلمة
والصغير في ذلك من الرقيق والكبير سواء
والبيع في ذلك كله جائز لازم له
وكذلك لو اشترى من ذمي مثله عبدا مسلما أو أمة مسلمة
فإني أجيز البيع وأجبر المشتري الذي لزمه البيع على بيع ذلك من المسلمين ولا أخلى بينه وبين أن يكون في ملكه
ليس ينبغي أن يكون في ملك أحد من أهل الذمة عبد مسلم ولا أمة مسلمة صغيرا كان أو كبيرا إلا أن يجبروا على بيعه من المسلمين
2 وإذا كان للذمي عبد كافر أو أمة كافرة فأسلمت أو أسلم العبد فإنه يجبر على بيعهما
3 وإذا كان للذمي عبد وامرأته أمة قد ولدت منه فأسلم العبد وله منها ولد صغير فإنه يجبر على بيع العبد مع ولده الصغير لأنهما مسلمان وإن كان ذلك مما يفرق بينه وبين أمه للحق الذي لزم في ذلك
ألا ترى أن أمه لو كان لها ابن صغير فجنى جناية دفع بها وأمسكت الأم
ولو لزم الولد دين بيع فيه وأمسكت الأم لأن هذا حق لزم في الولد خاصة دون الأم كما لزم الإسلام
4 وإذا كان العبد الكافر بين المسلم والكافر فأسلم العبد فإن الكافر يجبر على بيع حصته منه
5 ولو أن عبدا أسلم ومولاه كافر فكاتبه مولاه جازت مكاتبته فإن أداها عتق وإن عجز فرد في الرق أجبر المولى على بيعه
6 ولو أن العبد الكافر أسلم ثم إن الكافر رهنه عند مسلم أو كافر فإنه سواء ويجبر المولى على البيع في ذلك ويكون ثمنه رهنا مكانه
وكذلك لو أجره من مسلم أو كافر تبطل الإجارة ولا يترك في ملكه ولا يعلق فيه شيء من هذا
ولو كان رهنه أو أجره وهو كافر ثم أسلم في يدي المرتهن أو المستأجر أجبرته على بيعه ولا أتركه في يدي الكافر وهو مسلم
7 ولو دبر الكافر عبدا مسلما بعد ما أسلم العبد أو قبل إسلامه أو كانت أمة فوقع عليها فولدت منه بعد إسلامها أو قبل قومت قيمة عدل أم ولد أو مدبرة ثم سعت في قيمتها فإذا أدت عتقت وهي بمنزلة الأمة ما دامت تسعى
وتجب على أم الولد العدة إذا هي أدت ويكون ولاؤها وولاء المدبرة لمولاها الكافر
8 وإذا باع الرجل عبدا على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أسلم العبد ثم اختار الكافر إمضاء بيع العبد أو رده فإن اختاره أجبرته على بيعه وإن اختار إمضاء البيع لكافر مثله أجبرت ذلك الكافر على بيعه وإن كان أمضى البيع لمسلم فهو له ولا يجبر على بيعه
فإن كان المشتري بالخيار فرد البيع أجبرت الكافر وإن اختاره وهو مسلم فهو له وإن كان كافرا فهو له وأجبره على بيعه
9 وإذا اشترى الكافر عبدا مسلما بيعا فاسدا فقبضه الكافر فإنه يجبر على رده على البائع فإن كان البائع كافرا أجبر على بيعه
وإن كان البائع غائبا وكان مسلما فرفع أمر المشتري
إلى القاضي فإن كان البيع بيعا يجوز في مثله البيع أجبرته على بيعه
ولو أن مسلما اشترى عبدا مسلما من كافر بيعا فاسدا أجبر على رده على الكافر وعلى بيعه
وإن كان الكافر غائبا فهو له على حاله عند المسلم
10 ولو أن رجلا مسلما وهب عبدا مسلما لكافر أو تصدق به عليه كان ذلك جائزا إذا قبض وأجبر الكافر على بيعه
ولو أراد المسلم أن يرجع في هبته كان له ذلك ما لم يبع الكافر أو يعوض أو يكون ذا رحم محرم منه أو تكون الهبة قد ازدادت خيرا
ولو أن كافرا وهب عبدا مسلما لرجل مسلم وقبض ثم رجع الكافر فيه وقبضه كان جائزا وأجبر الكافر على بيعه
11 ولو أن رجلا مسلما تحته امرأة نصرانية لها مملوك مسلم فأجبرت على بيعه فباعته من زوجها واشتراه زوجها لولد له صغير كان ذلك جائزا ولا يجبر على بيعه
12 وإذا أسلم عبد لنصراني فأجبر القاضي على بيعه فباعه ثم جاء نصراني آخر فاستحقه بعد البيع ببينة من المسلمين فالبيع مردود ويجبر الذي استحقه على بيعه
فإن كان قد أعتقه فعتقه باطل
13 ولو أن يتامى من النصارى أسلم عبد لهم أجبروا على بيعه فإن كان لهم وصي باعه الوصي وإن لم يكن لهم وصي جعل لهم القاضي وصيا فباعه لهم
14 وإذا أسلم عبد نصراني ولم يحتلم بعد أن يتكلم الإسلام ويكون عاقلا فإن هذا إسلام ويجبر المولى على بيعه استحسن هذا وادع القياس فيه
15 وإذا أسلم عبد المكاتب وهو نصراني وهو مكاتب
أجبر المكاتب النصراني على بيعه
16 ولو كان مولاه عبدا نصرانيا تاجرا لنصراني أجبرته على بيعه
ولو كان المولى مسلما ولا دين على العبد لم أجبره على بيعه
وإن كان على العبد دين أجبرته على بيعه
17 وكذلك إذا اشترى النصراني عبدا مسلما فوجد به عيبا فقال أنا أرده تركته حتى يرده وكان هذا بمنزلة البيع
وإذا اشترى النصراني عبدا مسلما فأراد أن يخاصم بعيب فوكل وكيلا يخاصم عنه فإن الوكيل تقبل منه الخصومة في ذلك حتى يبلغ اليمين بالله ما رأى ولا رضي فإذا بلغ ذلك لم يستطع أن يرده حتى يجيء الموكل الآمر فيحلف
وإن كان البائع هو الذي وكل فهو جائز من قبل أن وكيله لو أقر عليه لجاز
ولو أقر وكيل المشتري أن المشتري قد رضي بالعيب كان إقراره عند القاضي جائزا على المشتري
وإذا أبى وكيل البائع أن يحلف فأبى أن يقر فعلى البائع أن يحلف بالله وليس يحلف الوكيل لقد باعه وما هذا به ولكن البائع يحلف بالله لقد باعه وما هذا به يوم باعه يؤتي به حتى يحلف
18 وإذا اشترى النصراني مصحفا أجبرته على بيعه وكان شراؤه جائزا عليه
وكذلك لو باعه كان بيعه جائزا
19 وإذا اشترى النصراني عبدا وهو بالخيار ثلاثة أيام فأسلم العبد قبل أن يمضي الخيار فإن أجاز البيع فهو جائز ويجبر على بيعه وإن رد البيع ولم يجبره فهو جائز
وكذلك لو كان البائع بالخيار
20 ولا يجوز فيما بين أهل الذمة الربا ولا بيع الحيوان بالحيوان ولا يجوز السلم فيما بينهم في الحيوان ولا الدرهم بالدرهمين يدا بيد ولا النسيئة ولا الصرف بالنسيئة ولا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد وكذلك الفضة وكذلك كل ما يكال أو يوزن إذا كان صنفا واحدا
هم في البيوع كلها بمنزلة أهل الإسلام ما خلا الخمر والخنزير
ولا أجيز فيما بينهم بيع الميتة والدم
فأما الخمر والخنزير فإني أجيز بيعها بين أهل الذمة لأنها
أموال أهل الذمة استحسن ذلك وادع القياس فيه من قبل الأثر الذي جاء في نحو من ذلك عن عمر
21 وإذا اشترى النصراني أو الرجل من أهل الذمة الخمر من الرجل المسلم فذلك باطل لا يجوز
وكذلك لو باع الكافر من مسلم خمرا لم يجز ذلك
وإن استهلك المسلم خمرا لكافر فعليه قيمتها
وإن استهلك الكافر خمرا لمسلم فلا شيء عليه
لا يحل الخمر لمسلم ولا يحل بيعها ولا أكل ثمنها بلغنا نحو من ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
22 وإذا اشترى النصراني خمرا من نصراني فأسلما جميعا أو أحدهما أيهما ما كان قبل أن يقبض المشتري فالبيع فاسد لا يجوز لأنها قد صارت حراما على المسلم منهما
ولو كان قبضها قبل أن يسلم واحد منهما ثم أسلما أو أسلم
أحدهما قبل أن قبض الثمن كان الثمن دينا على المشتري لأنه ماله ويخلل الخمر إن كان هو المسلم
23 وإذا أسلم النصراني إلى النصراني في خمر ثم أسلما جميعا أو أسلم أحدهما فالبيع باطل ويرد رأس ماله
وكذلك إذا اشترى منه خنزيرا فأسلم قبل أن يقبض فالبيع باطل فاسد لا يجوز ويرد عليه ما قبض من الثمن
24 وإذا اشترى المسلم من المسلم عصيرا ثم صار خمرا قبل أن يقبضه فالبيع فاسد لا يجوز فإن صارت الخمر خلا قبل أن يترافعا إلى السلطان فالمشتري بالخيار إن شاء أخذه وإن شاء أخذ الثمن إن كان أعطاه لأن أصل الشراء كان عصيرا حلالا
وكذلك النصراني يشتري من النصراني خمرا ثم صارت خلا قبل أن يقبض ثم أسلما فإن شاء المشتري أخذها وأعطى الثمن
ولو أن المسلم حيث صار العصير خمرا خاصم فيها أبطل القاضي البيع فإن صارت خلا بعد ذلك فلا سبيل له عليها من قبل أن القاضي قد نقض البيع
25 وإذا أقرض النصراني من النصراني خمرا ثم أسلم المقرض فلا شيء له عليه وكذلك لو أسلما جميعا لأنها الخمر بعينها
ولو لم يسلم المقرض وأسلم المستقرض فأيهما ما أسلم فلا شيء له على المستقرض وهذا قول أبي يوسف رواه عن أبي حنيفة
وفيها قول آخر قول محمد فإن أسلم المستقرض أو أسلما جميعا إلا أن المستقرض لو بدأ بالإسلام فقيمتها دين عليه لأنها قد كانت لازمة له فلا يقدر على إبطالها عنه وهذا قول زفر وعافية الذي روى عن أبي حنيفة
26 ولو استهلك نصراني لنصراني خمرا أو خنزيرا ثم أسلم المستهلك كان عليه القيمة في الخنزير في قول أبي يوسف الذي روى عن أبي حنيفة وهو قول محمد على ما وصفت لك إذا أسلم المستهلك لها فعليه قيمتها وإن أسلم الذي هي له أبطلت عن المستهلك
ولو أسلم الطالب ولم يسلم المطلوب كان عليه قيمة الخنزير وكانت الخمر باطلا لأن على المطلوب خمرا مثلها كيلا فلا يعطي الطالب وهو مسلم خمرا وقيمة الخنزير قد وجبت عليه له قبل أن يتكلم وإن الخمر إنما يكون له خمر مثلها فإن أسلم فهي باطل لا يقضي بها له في القول الأول وهو قول أبي يوسف
27 وإذا اشترى النصراني من النصراني خمرا أو خنزيرا على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أسلم المشتري قبل أن يختار وقد قبض كان البيع باطلا في قول أبي حنيفة من قبل أنه لم يجب البيع
ألا ترى أنه لو اشترى أباه وهو بالخيار فيه لم يعتق في قول أبي حنيفة ويعتق في قول أبي يوسف ومحمد
ويجوز البيع في الخمر على المشتري إذا كان قد قبض ثم أسلم وهو بالخيار ويبطل الخيار في قول أبي يوسف ومحمد
28 ولو كان البائع بالخيار ثم أسلما جميعا أو اسلم البائع وهو بالخيار كان البيع باطلا لا يجوز
وإن أسلم المشتري وقد قبض الخمر والخيار للبائع لم يفسد البيع لأن البيع قد تم من قبل المشتري
ألا ترى أن المشتري لو مات لم ينتقض البيع بموته وكان البيع على حاله وكان البائع على خياره وكذلك إسلامه لا ينقض شيئا من البيع
29 وإذا ارتهن النصراني من النصراني خمرا بدين له أو خنزيرا فهو جائز
فإن أسلم المرتهن بطل الرهن وكان دينه على حاله كما هو
فإن هلك الرهن في يديه فهو على حاله كما كان رهنا حتى يرده إلى صاحبه
ولو كان الراهن هو الذي أسلم بطل ذلك كله
فإن هلك الرهن لم ينقض من حق المرتهن شيئا
30 وإذا اشترى النصراني خمرا لمسلم بأمره من نصراني فهو جائز لأن النصراني هو الذي اشتراه ويخللها المسلم وهذا قول أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد لا يجوز البيع على المسلم وهي لازمة للنصراني
فإن اشترى المسلم خمرا لنصراني من نصراني كان باطلا لا يجوز لأن المسلم هو الذي ولى عقدة البيع
ولو باع نصراني خمرا لمسلم من نصراني كان جائزا لأن النصراني هو الذي ولى عقدة البيع في قول أبي حنيفة
31 وقال ولو كان العبد نصرانيا ومولاه مسلم فاشترى العبد خنزيرا أو باعه كان البيع جائزا
وكذلك المكاتب النصراني إن كان مولاه مسلما
وكذلك المدبر والمدبرة وأم الولد النصرانية إن كان مواليهم مسلمين
وإذا كان العبد مسلما أو المكاتب أو المدبر أو أم الولد فاشترى أحد منهم خمرا أو باعها من نصراني فلا يجوز وإن كان المولى نصرانيا لأن المسلم هو الذي ولى عقدة البيع
32 وإذا كان لأحد من أهل الذمة عبدان أخوان فلست أكره لهم التفريق لأن ما فيه أهل الذمة من الشرك أعظم مما يدخل عليهم من التفريق
* 11
باب بيوع ذوي الأرحام
1 قال أبو حنيفة رحمه الله ليس ينبغي للرجل أن يفرق بين الجارية وبين ولدها في البيع إذا كانوا صغاراوكذلك كل ذي رحم محرم منه
وكذلك الأخوان
قال وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في الأخوين
والكافر في ذلك والمسلم عندنا سواء
وإن كانوا رجالا أو نساء أو غلمانا قد احتلموا أو جواري قد حضن فلا بأس بأن يفرق بين هؤلاء
2 ولو كان عبد لرجل وذو رحم محرم من العبد عبد صغير لابن الرجل وهو صغير في عياله فأراد الرجل أن يبيع واحدا منهما ويفرق بينهما كان ذلك جائزا
3 ولو اشتراهما جميعا فوجد بأحدهما عيبا كان له أن يرده ويمسك الآخر الباقي منهما
4 ولو جنى أحدهما جناية كان له أن يدفع أحدهما ويمسك الآخر
5 ولو لحق أحدهما دين كان له أن يبيعه في الدين ويمسك الآخر
6 ولو كان له من كل واحد منهما شقص لم أكره له أن يبيع شقصه في أحدهما دون الآخر
7 ولو كانا مملوكين كلاهما جميعا له فباع أحدهما وفرق بينهما كان مسيئا وكان ذلك جائزا وهذا قول أبي حنيفة ومحمد
وقال أبو يوسف أبطل البيع في الولد خاصة إذا بيع وهو صغير أو بيع والده ولا أبطله في الأخوين
8 ولو دبر أحدهما أو كاتب أم ولد له لم أكره له أن يبيع الآخر قبل ذلك
9 ولا بأس بأن يكاتب أحدهما دون الآخر
وكذلك العتق
10 ولا بأس بأن يبيع أحدهما نسمة للعتق ويمسك الآخر
11 ولو كان في غير ملكه وكان كل واحد منهما في ملك بعض ولده وولده صغار فلا بأس بأن يبيع كل واحد منهما على حدة لأنه لم يملكهما إنسان واحد
ولو كان أحدهما لابن له كبير لم يكن بأس بالتفريق أيضا
وكذلك لو كان أحدهما له والآخر لزوجته من قبل أنه لا يقدر على بيع الذي لزوجته ولا الذي لولده الكبير
12 ولو كان أحدهما له والآخر لمكاتب له أو لعبد له مأذون له في التجارة وعليه دين للناس لم يكن بالتفريق بأس لأنه لا يملك بيع عبد مكاتبه ولا بيع عبد لعبد له عليه يدن
ولو كان عبده ليس عليه دين لم يكن له أن يفرق بينهما لأن مال عبده له
13 وإذا كان أحدهما للمضارب له فلا بأس بأن يبيع المضارب ما كان عنده من ذلك
14 وإن كان عنده اخوان جميعا فلا يفرق بينهما
15 وإذا كانت عنده أمة فباعها وهو بالخيار ثلاثة أيام ثم اشترى إبنا لها لم تر له أن يوجب البيع في أمته تلك وكرهت له ذلك لأنه قد ملكهما جميعا
ولو كان المشتري هو الذي كان بالخيار لم يكن بذلك بأس أن يستوجبها
ولو كان عنده ابن لها فاختار ردها لم يكن بذلك بأس ألا ترى أنه يردها بعيب لو كان بها ولا يكون به بذلك بأس
16 وإذا كان في ملك المكاتب ذو رحم محرم أو كان ذلك في ملك العبد التاجر وعليه دين أو ليس عليه دين فإني أكره له من ذلك ما أكره للحر المسلم
17 وإذا كان في ملك الحر المسلم ذو محرم من الرضاعة أو ذو محرم من غير النسب فلا بأس بأن يفرق بين أولئك قال بلغنا عن عبد الله بن مسعود أن رجلا سأله فقال أبيع جارية لي قد أرضعت ولدي فقال ابن مسعود قل من يشتري أم ولدي
18 وإذا كان عند الرجل عبد له وامرأته أمة له وهما جميعا له فلا بأس بأن يفرق بينهما يبيع أحدهما ويمسك الآخر
وليس هذا كالذي يبيع الرحم المحرم
19 ولو كان للمسلم رقيق من أهل الكفر من السبي أو الغنيمة أو اشتراهم من أهل الذمة وهو ذو رحم محرم كرهت له أن يفرق بينهم كما أكره له أن يفرق بين المسلمين
20 ولا ينبغي أن يفرق بينهم بهبة أو صدقة ولا وصية ولا يبيع أحدا منهم لابن له وهو صغير في عياله لأن هذا تفريق كله
21 وإذا دخل الرجل الحربي بغلامين أخوين صغيرين دار الإسلام بأمان فأراد بيع أحدهما فلا بأس بشرائه وإن كان يفرق بينهما لأني لو لم أشتره منه أعاده فادخله دار الحرب فصار حربيا
ولكنه لو اشترى أخوين في دار الإسلام كرهت لمسلم لأن يشتري أحدهما وأجبره السلطان على بيعهما جميعا لأنه اشتراهما في دار الإسلام من أهل الإسلام وكذلك لو اشتراهما من أهل الذمة
ولو اشتراهما في دار الإسلام من حربي مستأمن لم يجبر على بيعهما وللمسلم أن يشتري أحدهما دون الآخر
* 12
باب الأمة الحامل إذا بيعت
1 وإذا باع الرجل أمة من رجل فقبضها أو لم يقبضها حتى ولدت ولدا فادعياه جميعا فإنه ينظر فإن كانت جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر من يوم وقع البيع فهو من البائع وهي أم ولد له ويرد الثمن إن كان انتقد المشتريفإن جاءت به لستة أشهر بعد عقدة البيع أو أكثر فإنه ولد المشتري وهي أم ولد له
2 وإن ولدت ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر والآخر لأكثر من ستة أشهر بيوم فادعاهما جميعا البائع والمشتري ردا البيع وهي أم ولد للبائع
فإن لم يدعهما المشتري ولا البائع حتى أعتق المشتري الأم ثم ادعى البائع الولد وقد جاءت به لأكثر من ستة أشهر
فلا يصدق على ذلك ولو لم يكن أعتق الأم المشتري لم يصدق أيضا
فإن كانت جاءت به لأقل من ستة أشهر وقد أعتق الأم فإن نسب الولد يثبت ويكون الولد إبنا للبائع ولا يصدق على الأم انها حرة وقد وجب ولاؤها لغيره وحرم فرجها إلا بنكاح فلا أردها أمة رقيقا توطأ بغير نكاح وإن كان البائع انتقد الثمن قسم الثمن على قيمة الولد والأم فيرد على المشتري ما أصاب الولد ويمسك ما أصاب الأم
3 وإذا باع الرجل أمة حاملا فولدت عند المشتري بعد البيع لشهر فأعتق المشتري الولد أو أعتقهما جميعا ثم ادعى البائع الولد فإن دعوته لا تجوز ولا يصدق من قبل الولاء
الذي يثبت للمشتري بالولد ولو كانت الجارية لم تعتق بعد لم ترجع إليه أيضا من قبل أن ولدها لم يثبت نسبه منه لأنه أعتق
وكذلك لو لم يعتق واحدا منهما ولكن الولد مات ثم ادعاه البائع فإن دعواه باطلة من قبل أنه لا يثبت نسبه من بعد الموت
ولو كان للولد ولد حي ثم ادعى البائع الولد لم أجز له ذلك ولم أجعل الجارية أم ولد له ولم أردها عليه ولا يشبه هذا ولد الملاعنة لأن هذا مات عبدا فلا يصير حرا بعد الموت ولأنه لا يثبت نسب الولد بعد
الموت فإذا مات الولد وترك ولدا لم يصدق على الدعوة وولد الملاعنة قد كان نسبه ثابتا أبطله اللعان فإذا مات ابن الملاعنة وترك ولدا ثم ادعاه الزوج فهو ثابت النسب منه ألا ترى أن الرجل لو لاعن امرأته بولد ولم يكن دخل بالأم أنه لا ينبغي له أن يطأ ولدها ولو مات قبل الملاعنة ثبت نسبه منه
4 وإذا باع الرجل أمة فولدت بعد البيع لأكثر من ستة أشهر فادعاه البائع وصدقه المشتري فإنه يصدق وهو ابنه وهي أم ولد له ويرد الثمن إن كان قد قبض منه
ولو لم يصدقه المشتري لم يثبت النسب ولم يصدق
5 وإذا باع الرجل أمة حاملا ثم باعها المشتري من رجل آخر حتى تناسخها رجال ثم ولدت لأقل من ستة أشهر من البيع الأول فادعوه جميعا معا فإنه للأول وهي أم ولد له ويترادان البيع
6 وكذلك لو باع عبدا قد ولد عنده ثم ادعاه فإنه
يصدق وعليه أن يرد الثمن على المشتري
7 وإذا كان في يدي الرجل صبي لا ينطق ولد عنده فزعم أنه عبده ثم أعتقه ثم زعم أنه ابنه فإني أستحسن في هذا أن أجعله ابنه وأدع القياس فيه
ولو كان عبدا كبيرا أعتقه ثم ادعاه ومثله يولد لمثله لم أجز دعوته إلا أن يصدقه
وهما في القياس سواء
8 كما أني أستحسن في المدبرة بين اثنين إذا جاءت بولد فادعاه أحدهما أثبت نسبه منه وضمن نصف قيمته لشريكه إن كان موسرا والولاء له ولشريكه
ولو كان عبدا كبيرا دبره هو وشريكه ثم ادعاه أحدهما أعتقت حصته منه وضمن لشريكه نصف قيمته مدبرا
وأثبت نسبه إن كان مثله يولد لمثله بعد أن لا يكون له نسب معروف والولاء بينهما على حاله أستحسن هذا وأدع القياس فيه
9 وإذا ولدت الأمة ولدين في بطن واحد فباع المولى أحدهما وباع الأم ثم إن المشتري ادعى الذي اشتراه فإن نسبه يثبت منه وتكون الأمة أم ولد له ويثبت نسب الولد الذي عند البائع منه وهو عبد للبائع
وإن لم يدع المشتري الولد ولكنه أعتق الولد الذي اشتراه أو أعتق أمته ثم إن البائع ادعى الولد الذي عنده فإن نسبه يثبت ويثبت نسب الآخر ويرد حصة الابن من الثمن إن كان قد انتقد أما الأم فعتقها نافذ لا ترجع أم ولد فتكون رقيقا يستحل فرجها بغير نكاح بعد أن حرم
وإذا لم يدع البائع ولم يعتق المشتري ثم إنهما جميعا ادعيا
الولد فإنه يثبت نسبه من البائع من قبل أنه للأول والجارية أم ولد له ويرد الثمن إن كان قد انتقده
10 وإذا باع الرجل أمة حاملا فخاف المشتري أن يدعي البائع حبلها فأراد أن يتحرز منه ويستوثق حتى لا تجوز دعوته فإنه يشهد عليه أن هذا الحبل من عبد له كان زوجا للأمة فإذا أقر بهذا لم يستطع أن يدعيه أبدا وهذا قول أبي حنيفة
وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد انه يستطيع أن يدعيه إذا أنكر العبد ذلك الولد ألا ترى أن قول المولى لا يجوز على العبد إذا أنكر فلا يكون ابنا للعبد والولد ههنا لم يثبت نسبه من أحدهما
11 وإذا كانت الأمة بين اثنين فباعها أحدهما من صاحبه ثم ادعى البائع الولد وقد ولدت لأقل من ستة أشهر فإني أجيز دعوته وأجعلها أم ولد له ويرد ما أخذ من الثمن من المشتري ويرد نصف العقر ونصف القيمة على شريكه
ولو أنهما ادعياه جميعا ثبت نسبه منهما وكان ابنهما ويرثهما ويرثانه ويرد البائع ما أخذ من الثمن
فإن ادعاه البائع وأعتق المشتري وخرج الكلام منهما جميعا معا صار الغلام حرا وهو ابن البائع ويرد الثمن على المشتري وهو ضامن لنصف العقر ولنصف قيمة الأم والعتق فيه باطل من قبل أن الولد شاهد وقد كان قبل الكلام منهما فيه
وكذلك لو كانت الأم بينهما على حالها لم يبعها أحد من صاحبه
12 وإذا كانت الأمة بين اثنين فباع أحدهما من رجل وهي حامل فادعى المشتري الحبل وادعاه البائع والذي لم يبع فادعوه جميعا معا فإن نسبه يثبت إذا كانت وضعته لأقل
من ستة أشهر بعد البيع من البائع والذي لم يبع ولا يثبت نسبه من المشتري ويأخذ المشتري ما نقد من الثمن ويرد على الذي لم يبع نصف العقر بإقراره بالوطء
فإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر بعد البيع ثبت نسبه من المشتري ومن الذي لم يبع وكان ابنهما وكانت أم ولدهما ولا يثبت نسبه من البائع وعلى البائع نصف العقر للذي لم يبع
* 13
باب الاستبراء في البيوع وغيرها
1 وإذا اشترى الرجل جارية فليس ينبغي له أن يقربها حتى يستبرئها بحيضة قال بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب وعن عبد الله بن عمر2 وكذلك إذا اشتراها من امرأة أو من عبد أو من مكاتب أو من صبي باعها له أبوه أو وصية فإنه في ذلك سواء لا يقربها حتى يستبرئها بحيضة
3 وكذلك ينبغي أن لا يقبلها ولا يباشرها ولا ينظر منها إلى عورة
4 وإذا كانت لا تحيض لصغر أو كبر استبرأها بشهر
5 وإن كانت حاملا فليس له أن يقربها حتى تضع
فإن ارتفع حيضها وهي ممن تحيض تركها حتى إذا استبان له أنها ليست بحامل وقع عليها
6 وإذا أصاب الرجل الجارية من السبي فليس ينبغي له أن يقربها حتى يستبرئها بحيضة بلغنا نحو من ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكذلك إذا كانت حاملا فليس له أن يقربها حتى تضع حملها بلغنا نحو من ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
7 فإن اشتراها من الفيء أو وقعت في سهمه فهو سواء
8 وكذلك إذا وهب الرجل جارية أو تصدق بها عليه أو أوصى بها له فهو بمنزلة الشراء لا يقربها حتى تحيض بحيضة
وكذلك لو ورثها
9 وكذلك لو كان له في جارية شقص فاشترى بقيتها أو ورثها ببعض ما ذكرت من الوجوه
10 وإذا اشترى الرجل جارية وهي حائض فإنه لا يحتسب بتلك الحيضة حتى تحيض عنده حيضة مستقبلة
11 وإذا اشترى الرجل الجارية فلم يقبضها حتى حاضت عند البائع فإنه لا يحتسب بتلك الحيضة ولا يجزيه حتى تحيض عنده حيضة بعد ما يقبضها
12 وإذا وضعاها على يدي العدل حتى ينقد الثمن فحاضت عند العدل فلا يجزيه بتلك الحيضة حتى تحيض بعد ما يقبضها المشتري حيضة عنده
13 ولو باع رجل جارية فلم يقبضها المشتري حتى تاركه البائع البيع وناقضه كان ينبغي في قياس هذا القول أن لا يقربها البائع الأول حتى يستبرئها بحيضة ولكنا ندع القياس في هذا الباب ونأخذ فيه بالاستحسان ولا يحمل عليه استبراء
14 وإذا اشترى الرجل جارية فاستبرأها بعشرين يوما ثم حاضت انتقضت الأيام وكان عليه أن يستبرئها بهذه الحيضة
15 وإذا حاضت عند المشتري حيضة ثم وجد بها عيبا فردها فإنه ينبغي للبائع الذي ردت عليه أن لا يقربها حتى تحيض عنده حيضة
وكذلك لو استقاله البائع فأقاله بعد ما قبض المشتري
16 وإذا رهن الرجل الجارية ثم افتكها أو كاتبها ثم عجزت فليس عليه أن يستبرئها لأن هذا لم يملك رقبتها عليه غيره