كتاب : المبدع شرح المقنع
المؤلف : إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبو إسحاق، برهان الدين

أو ألبسه الصبي فعلى روايتين ويباح حشو الجباب والفرش به ويحتمل أن يحرم ويباح العلم الحرير في الثوب إذا كان أربع أصابع فما دون
ـــــــ
والثانية التحريم للعموم ونصره في التحقيق لكن إذا احتاج إليه مثل أن يكون بطانة لبيضة أو درع أو نحوه أبيح.
وقال بعض أصحابنا يجوز مثل ذلك من الذهب لدرع محوه به لا يستغني عن لبسه وهو محتاج إليه فرع المذهب أنه يباح الحرير لحاجة برد أو حر ونحوه لعدم وذكر ابن تميم أنه من احتاج إلى لبس الحرير لحر أو برد أو تحصين من عدو ونحوه أبيح.
"أو ألبسه الصبي فعلى روايتين" إحداهما يحرم على وليه إلباسه حريرا أو ذهبا نص عليه في رواية الجماعة وصححه في الشرح لقوله عليه السلام "وحرم على ذكورها" وعن جابر قال "كنا ننزعه عن الغلمان ونتركه على الجواري" رواه أبو داود وشقق عمر وابن مسعود وحذيفة قمص الحرير على الصبيان رواه الخلال.
ويتعلق التحريم بالمكلفين بتمكينهم من الحرام كتمكينهم من شرب الخمر وكونهم محلا للزينة مع تحريم الاستمتاع بهم أبلغ في التحريم فعلى هذا لو صلى فيه لم تصح على المذهب والثانية يباح لعدم تكليفه.
قال سعيد حدثنا هشيم عن العوام عن إبراهيم التيمي قال "كانوا يرخصون للصبي في خاتم الذهب فإذا بلغ ألقاه.
"ويباح حشو الجباب والفرش" بضم الراء جمع فراش وقد تسكن "به" لأنه لا خيلاء فيه "ويحتمل أن يحرم" وذكره ابن عقيل رواية كبطانة وللعموم وفي تحريم كتابة المهر فيه وجهان "ويباح العلم" بفتح اللام "الحرير" وهو طراز الثوب "إذا كان أربع أصابع" مضمومة "فما دون" أي فأقل نص عليه وقدمه غير واحد لما روى عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاثة أو أربعة" رواه مسلم

وقال أبو بكر يباح وإن كان مذهبا وكذلك الرقاع ولبنة الجيب وسجف الفراء ويكره للرجل لبس المزعفر
ـــــــ
وفي الوجيز دونها وفي الرعاية وغيرها قدر كف عرضا فلو لبس أثوابا في كل واحد قدر ما يعفى عنه ولو جمع صار ثوبا فقيل لا بأس وقيل يكره.
"وقال أبو بكر يباح وإن كان مذهبا" واختاره المجد وحفيده وهو رواية لما روى معاوية "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الذهب إلا مقطعا" رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن ولأنه يسير أشبه الحرير ويسير الفضة والمذهب أنه يحرم يسير ذهب تبعا نص عليه كالمفرد.
مسألة: يجوز بيع حرير لكافر ولبسه له قاله الشيخ تقي الدين وظاهر كلام أحمد والأصحاب التحريم كما هو ظاهر الأخبار وجزم به في شرح مسلم وقال عن خلافه قد يتوهمه متوهم وهو وهم باطل وليس في الخبر أنه أذن له في لبسها قد بعث النبي صلى الله عليه وسلم الى علي وأسامة كما بعث إلى عمر ولم يلزم منه إباحة لبسه وهو مبني على مخاطبتهم بفروع الإسلام وفائدتها زيادة العقاب في الآخرة.
"وكذلك" تباح "الرقاع" وهو جمع رقعة وهي الخرقة المعروفة "ولبنة" بفتح اللام وكسر الباء" الجيب" قال صاحب المطالع جيب القميص طوقه الذي يخرج منه الرأس فعلى هذه لبنته الزيق "وسجف" جمع سجاف بضم السين مع ضم الجيم وسكونها "الفراء" بكسر الفاء ممدودا واحده فرو بغير هاء قاله الجوهري وأثبتها ابن فارس لأن ذلك كله مساو للعلم وكذا حكم الخياطة به والأزرار.
"ويكره للرجل لبس المزعفر" نقله الأكثر وهو مذهب ابن عمر وغيره لأن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى الرجال عن المزعفر" متفق عليه.
وذكر الأزجي تحريمه عليه وقيل يعيد من صلى به أو بمعصفر

والمعصفر
ـــــــ
اختاره أبو بكر وقدم جماعة لا يكره نص عليه وقيل في غير الصلاة.
"والمعصفر" لما روى علي قال "نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا وعن لبس المعصفر" رواه مسلم وله أيضا "إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ".
ويستثنى منه إلا في الإحرام فإنه لا يكره نص عليه وظاهره أنه يباح للنساء لتخصيص الرجل بالنهي قلت ويلتحق بما ذكره الأحمر المصمت نص عليه واختار في المغني و الشرح أنه لا بأس به والمذهب يكره ونقل المروذي يكره للمرأة كراهة شديدة لغير زينة.
وكذا طيلسان في وجه وجلد مختلف في نجاسته وافتراشه في الأشهر ومشيه في نعل واحدة بلا حاجة وعلم منه أنه يباح الأبيض والأصفر والأخضر وكذا الأسود لأنه عليه السلام دخل مكة عام الفتح وعليه عمامة سوداء وعنه يكره الأسود للجند وقيل في غير حرب ونقل المروذي فيمن ترك ثيابا سودا يحرقها الوصي لأنها لباس الجند أصحاب السلطان والظلمة.
تذنيب : يستحب التواضع في اللباس لما روى أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن زهير بن محمد عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه مرفوعا "البذاذة من الإيمان" رجاله ثقات قال أحمد في رواية الجماعة وهو التواضع في اللباس ونقل المروذي يكره الرقيق للحي ولا بأس بغسله من العرق والوسخ نص عليه.
وكان ابن مسعود يعجبه إذا قام إلى الصلاة الريح الطيبة.
والثياب النقية وقال غير واحد يباح المورد والممسك ويكره للرجل أن يلبس ثياب المرأة والعكس نص عليه كالزيق العريض للرجل واختلفت عنه في كراهته للنساء قال القاضي إنما كرهه أحمد لإفضائه إلى الشهرة.
فصلـــــــ
يسن الرداء وقيل يباح كفتل طرفه نص عليه ويسن إرخاء ذؤابة خلفه نص عليه وإطالتها كثيرا من الإسبال قاله الشيخ تقي الدين وإن أرخى طرفها بين كتفيه فحسن قاله الآجري.
وتسن السراويل وفي التلخيص لا بأس قال صاحب النظم وفي معناه التبان وجزم بعضهم بإباحته والأول أظهر.
قال أحمد السراويل أستر من الإزار ولباس القوم كان الإزار فدل على أنه لا يجمع بينهما.
ويستحب القميص قاله القاضي ويباح القباء قال صاحب النظم ولو للنساء والمراد ولا تشبه قاله في الفروع وظاهر كلامهم لا فرق بين الجديد والعتيق.
قال عبد الله بن محمد الأنصاري ينبغي للفقيه أن يكون له ثلاثة أشياء جديدة سراويله ومداسه وخرقة يصلي عليها ويجدد عمامته كيف شاء.
فرع ما حرم استعماله حرم بيعه وخياطته وكذا أجرتها نص عليه .

باب اجتناب النجاسات

با ب اجتناب النجاسات
وهو الشرط الرابع
ـــــــ
با ب اجتناب النجاسات
وهو الشرط الرابع لقوله تعالى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} قال ابن سيرين وابن زيد أمر بتطهير الثياب من النجاسة التي لا يجوز الصلاة معها وذلك لأن المشركين كانوا لا يتطهرون ولا يطهرون ثيابهم وهذا أظهر الأقوال فيها وهو حمل اللفظ على حقيقته وهو أولى من المجاز فيكون شرطا بمكة لكن صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الهجرة في ظل الكعبة فانبعث أشقى القوم فجاء بسلا حزور بني فلان ودمها وفرثها فطرحه بين كتفيه وهو ساجد حتى أزالته فاطمة رواه البخاري من حديث ابن مسعود.
قال المجد لا نسلم أنه أتى بدمها ثم الظاهر أنه منسوخ لأنه كان بمكة قبل ظهور الإسلام ولعل الخمس لم تكن فرضت والأمر بتجنب النجاسة مدني متأخر بدليل خبر النعلين وصاحب القبرين والأعرابي الذي بال في طائفة المسجد وحديث جابر بن سمرة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أصلي في الثوب الذي آتي فيه أهلي قال "نعم إلا أن ترى فيه شيئا فتغسله" رواه أحمد وابن ماجة وإسناده ثقات ذلك من الأحاديث فثبت بها أنه مأمور باجتنابها ولا يجب ذلك في غير الصلاة فتعين أن يكون فيها والأمر بالشيء نهي عن ضده.
وعنه ليس بشرط للخبر السابق وعلى الأول فطهارة بدن المصلي وسترته وبقعته محل بدنه والمذهب وثيابه مما لا يعفي عنه شرط كطهارة الحدث.
فائدة: طهارة الحدث فرضت قبل التيمم ذكره القاضي وجماعة في قياس الوضوء على التيمم في النية مع تقدمه عليه.

فمتى لاقى ببدنه نجاسة أو ثوبه نجاسة غير معفو عنها أو حملها لم تصح صلاته
ـــــــ
وفي الصحيحين أن عائشة قالت أنزلت آية التيمم قيل هي آية المائدة أو سورة النساء
وقال أبو بكر بن العربي لا نعلم أية آية عنت عائشة بقولها فأنزلت آية التيمم قال وحديثها يدل على أن التيمم قبل ذلك لم يكن معروفا ولا مفعولا لهم
وقال القرطبي معلوم أن غسل الجنابة لم يفرض قبل الوضوء كما أنه معلوم عند جميع أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم منذ افترضت عليه الصلاة بمكة لم يصل إلا بوضوء مثل وضوئنا اليوم
قال أن آية الوضوء إنما نزلت ليكون فرضها المتقدم متلو في التنزيل وفي قولها فنزلت آية التيمم ولم تقل آية الوضوء ما يبين أن الذي طرأ لهم من العلم في ذلك الوقت حكم التيمم لا حكم الوضوء "فمتى لاقى ببدنه أو ثوبه نجاسة غير معفو عنها أو حملها" زاد في المحرر أو حمل ما يلاقيها "لم تصح صلاته" أقول متى باشرها بشيء من بدنه أو ثوبه لم تصح ذكره معظم الأصحاب وفي التلخيص أنه الأظهر وزاد إلا أن يكون يسيرا وذكر ابن عقيل في سترته المنفصلة عن ذاته إذا وقعت حال سجوده على نجاسة أنها لا تبطل
فإن كان ثوبه يمس شيئا نجسا كثوب من يصلي الى جانبه وحائط لا يستند إليه صحت قاله ابن عقيل وصححه في الفروع لأنه ليس بموضع لصلاته ولا محمولا فيها واختار السامري والمجد وجماعة أنها تبطل لأن سترته ملاقية لنجاسة أشبه ما لو وقعت عليه فلو استند إليها حال قيامه أو ركوعه أو سجوده بطلت
وظاهره أنه لو قابلها حال ركوعه أو سجوده مباشرة أنها لا تبطل ,

وإن طين الأرض النجسة أو بسط عليها شيئا طاهرا صحت صلاته مع الكراهة
ـــــــ
ذكره في الكافي و المستوعب وفيه وجه كما لو باشرها ببعض أعضائه فإن كانت بين رجليه لم يصبها والقياس أنها كذلك وذكر السامري وابن حمدان فيها الصحة وشرطها أن تكون النجاسة غيرمعفو عنها لأن المعفو عنه لا أثر له وأما إذا حملها لم تصح كما لو كانت على بدنه
فلو حمل آجرة باطنها نجس أو قارورة مسدودة الراس فيها نجاسة لم تصح لأنه حامل لنجاسة في غير معدنها أشبه حملها في كمه وكذا حمل مستجمر والأصح فيه الصحة وفي حمل بيضة فيها فرخ ميت وجهان وعلم منه أنه إذا حمل طاهرا طائرا أو غيره أنها لا تبطل للخبر ولأن النجاسة في معدنها فهي كالنجاسة في بدن المصلي
فرع إذا جهل كونها في الصلاة أو سقطت عليه فأزالها أو زالت سريعا صحت في الأصح للخبر ولأنه زمن يسير فعفي عنه كاليسير في القدر وفيه وجه
"وإن طين الأرض النجسة أو بسط عليها شيئا طاهرا صحت صلاته" جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر لأنه ليس بحامل للنجاسة ولا مباشر لها وكما لو غسل وجه آجر نجس وكسرير تحته نجس أو علو سفله غصب "مع الكراهة" في ظاهر كلام أحمد وقدمه في الكافي و الرعاية وفي الشرح أنه أولى لاعتماده على النجاسة وعنه يعيد ذكرها الشيخان لاعتماده عليها أشبه ملاقاتها
وعنه إن بسط على نجاسة رطبة لم تصح وإلا صحت اختاره ابن أبي موسى للاتصال وعلى الأول يشترط أن يكون الحائل صفيقا فإن كان خفيفا فالأصح المنع وحيوان نجس كأرض وقيل تصح هنا صححه ابن تميم وكذا ما وضع على حرير يحرم جلوسه عليه ذكره أبو المعالي فيتوجه إن صح جاز جلوسه عليه وإلا فلا ذكره في الفروع ورأى ابن عمر

و إن صلى على مكان طاهر من بساط طرفه نجس صحت صلاته إلا أن يكون متعلقا به بحيث ينجر معه إذا مشى فلا تصح
ـــــــ
النبي صلى الله عليه وسلم "يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر" رواه مسلم.
قال الدارقطني هو غلط من عمرو بن يحيى المازني والمعروف صلاته على البعير والراحلة لكنه من فعل أنس.
"وإن صلى على مكان طاهر من بساط" أو حبل "طرفه نجس" لا يصيبه صحت صلاته ذكره السامري وغيره وصححه المؤلف لأنه ليس بحامل للنجاسة ولامصل عليها وإنما اتصل مصلاه بها أشبه ما لو صلى على أرض طاهرة متصلة بأرض نجسة وظاهره ولو حاذاها بصدره إذا سجد في الأصح.
والثاني: المنع لأنها في حريم مصلاه والهواء تابع للقرار أشبه الصلاة على سقف الحش وظاهره ولو تحرك النجس بحركته وهو المذهب.
"إلا أن يكون متعلقا به بحيث ينجر معه إذا مشى فلا تصح" جزم به في الوجيز و الفروع وغيرهما لأنه مستتبع لها فهو كحاملها فإن كان بيده أو وسطه حبل مشدود في نجس أو سفينة صغيرة فيها نجاسة تنجر معه إذا مشى لم يصح كحمله ما يلاقيها وإلا صحت لأنه ليس بمستتبع لها.
ذكره السامري وجزم به في الفصول واختاره المؤلف كما لو أمسك غصنا من شجرة عليها نجاسة وقيل لا يصح جزم به في التلخيص وقاله القاضي لأنه حامل لما هو ملاق للنجاسة.
قال المجد إن كان الشد في موضع نجس مما لا يمكن جره معه كفيل لم يصح كحمله ما يلاقيها.
قال في الشرح والأول أولى لأنه لا يقدر على استتباع الملاقي للنجاسة أشبه ما لو أمسك سفينة عظيمة فيها نجاسة .

ومتى وجد عليه نجاسة لا يعلم هل كانت في الصلاة أولا فصلاته صحيحة وإن علم أنها كانت فيها لكنه نسيها أو جهلها فعلى روايتين
ـــــــ
قال في الفروع ويتوجه مثلها حبل بيده طرفه على نجاسة يابسة ومقتضى كلام المؤلف الصحة وكذا حكم ما لو سقط طرف ثوبه على نجاسة ذكره ابن تميم
فرع : إذا داس النجاسة عمدا في الأشهر بطلت وإن داسها مركوبة فلا قال ابن حمدان بلى إن أمكن رده عنها ولم يردها
تنبيه : إذا شرب خمرا ولم يسكر غسل فمه وصلى ولم يلزمه قيء نص عليه وقيل بلى يلزمه ولإمكان إزالتها وقد روى أحمد وغيره من حديث ابن عمر مرفوعا "لم يقبل الله له صلاة أربعين يوما" فالمراد نفي ثوابها لا صحتها قاله المجد وحكم سائر النجاسات كذلك لأنها حصلت في معدتها
"ومتى وجد عليه نجاسة لا يعلم هل كانت في الصلاة أو لا فصلاته صحيحة" لأن الأصل عدم كونها في الصلاة لاحتمال حدوثها بعدها فلا نبطلها بالشك
"وإن علم أنها كانت فيها لكنه نسيها أو جهلها فعلى روايتين" وكذا في المحرر إحداهما لا تبطل اختاره المؤلف وجزم به في الوجيز وقدمه ابن تميم والمجد وقاله جماعة منهم ابن عمر لحديث أبي سعيد في خلع النعلين ولو بطلت لاستأنفها النبي صلى الله عليه وسلم والثانية:تبطل وهي الأشهر فعلى هذا يعيد لأنها طهارة مشترطة فلم تسقط بالجهل كطهارة الحدث
وأجيب بأن طهارة الحدث آكد لكونه لا يعفى عن يسيرها وقال القاضي وابن عقيل يعيد مع النسيان رواية واحدة وقطع به في التلخيص وكذا قال الآمدي يعيد إذا كان قد توانى رواية واحدة لأنه منسوب إلى التفريط بخلاف الجاهل وفي المغني الصحيح التسوية بينهما لأن ما عذر فيه

وإذا جبر ساقه بعظم نجس فجبر لم يلزمه قلعه إذا خاف الضرر وإن لم يخف لزمه قلعه وإن سقطت سنه فأعادها بحرارتها فثبتت فهي طاهرة
ـــــــ
بالجهل عذر فيه بالنسيان بل أولى لورود النص بالعفو عنه وكذا الخلاف إن عجز عنها حتى فرغ.
قال أبو المعالي أو زاد مرضه بتحريكه وفي الرعاية أو جهل حكمها.
تنبيه إذا علم بالنجاسة في أثناء الصلاة وأمكن إزالتها من غير عمل كثير ولازمن طويل فالحكم كما لو علم بعد الصلاة فإن قلنا لا تبطل أزالها وبنى وقال ابن عقيل تبطل رواية واحدة وإن لم يمكن إزالتها إلا بعمل كثير او مضى زمن طويل بطلت وقيل لا بل يزيلها ويبني.
"وإذا جبر ساقه بعظم نجس فجبر لم يلزمه قلعه إذا خاف الضرر" قدمه في الكافي و التلخيص وصححه ابن تميم والجد وجزم به في الوجيز والمراد بخوف الضرر فوات نفس أو عضو أو مرض لأن حراسة النفس وأطرافها من الضرر واجب وهو أهم من رعاية شرط الصلاة ولهذا لا يلزمه شراء سترة ولا ماء للوضوء بزيادة تجحف بماله فإذا جاز ترك شرط مجمع عليه لحفظ ماله فترك شرط مختلف فيه لأجل بدنه بطريق الأولى.
وعنه يلزمه إذا لم يخف التلف اختاره أبو بكر لأنه غير خائف للتلف أشبه إذا لم يخف الضرر والأول أولى فإن ستره اللحم لم يحتج إلى تيمم وإلا تيمم له قاله ابن تميم وغيره.
وكذا إذا خاط جرحه بشيء بخس فإن خاف التلف لم يلزمه رواية واحدة.
"وإن لم يخف" الضرر "لزمه قلعه" لأنه قادر على إزالته من غير ضرر فلو صلى معه لم يصح فإذا مات من يلزمه قلعه قلع وأطلقه جماعة قال أبو المعالي وغيره ما لم يغطه اللحم للمثلة.
"وإن سقطت سنة" أو عضوه "فأعادها بحرارتها فثبتت فهي طاهرة" على

وعنه أنها نجسة حكمها حكم العظم النجس إذا جبر به ساقه ولا تصح الصلاة في المقبرة
ـــــــ
المذهب لأنه جزء من جملة فكان حكمه حكمها كسائر الحيوانات الطاهرة والنجسة
"وعنه إنها نجسة" اختارها القاضي لأنه لا حرمة لها بدليل أنه لا يصلي عليها وقد أبينت من حي فتكون نجسة "حكمها حكم العظم النجس إذا جبر به ساقه" لتساويهما حينئذ في أصل النجاسة
وقيل إن ثبتت السن وغيرها ولم يتغير فهو طاهر وإن ثبتت وتريح أو تغير فهو نجس يؤمر بقلعه ويعيد ما صلى قبل زواله
وظاهره أنه إذا لم يثبت فإنه يزيله ويعيد ما صلى به في الأصح
قال في المستوعب أصلهما الروايتان في نجاسته
فرع إذا جعل موضع سنه سن شاة مذكاة فصلاته معه مجزئة ثبتت أو لم تثبت
وصلة وصل المرأة شعرها زاد في الشرح أو شعر غيرها بشعر حرام لأن فاعل ذلك ملعون
وقيل يكره قدمه في الرعاية ولا بأس ببالآخر بقرامل وتركها أفضل وعنه يكره رجحه في الشرح وبعده ابن حمدان وعنه يحرم والأيم وذات الزوج سواء
وقيل لا بأس بإذن زوج لكن إن كان شعر أجنبية في حل النظر إليه وجهان وإن كان شعر بهيمة كره ثم إن كان الشعر نجسا لم تصح الصلاة معه في الأشهر وإن كان طاهرا وقلنا بالتحريم ففي صحة الصلاة معه وجهان
"ولا تصح الصلاة في المقبرة" هي بتثليث الباء لكن بفتحها هو القياس وبضمها المشهور وبكسرها قليل والشيء إذا كثر في مكان جاز أن يبني

والحمام والحش وأعطان الإبل وهي التي تقيم فيها وتأوي إليها.
ـــــــ
من اسمه كقولهم أرض مسبعة إذا كثر فيها السباع.
"والحمام" مشدد واحد الحمامات المبنية.
"والحش" بفتح الحاء وضمها البستان ويطلق على المخرج لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين وهي الحشوش فسميت الأخلية في الحضر حشوشا بذلك.
"وأعطان الإبل" واحدها عطن بفتح الطاء وهي المعاطن الواحد معطن بكسرها "وهي التي تقيم فيها وتأوي إليها" قاله أحمد.
وقيل مكان اجتماعها إذا صدرت عن المنهل زاد بعضهم وما تقف فيه لترد الماء.
قال في المغني و الشرح والأول أجود لأنه جعله في مقابلة مراح الغنم لا نزولها في سيرها قال جماعة أو لعلفها للنهي.
وما ذكره من عدم صحة الصلاة في هذه المواضع هو المجزوم به في المذهب وعليه الأصحاب لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جعلت لي الأرض كلها مسجدا إلا المقبرة والحمام" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصحح أنه مرسل وابن حبان والحاكم وقال أسانيده صحيحة وقال ابن حزم خبر صحيح.
وعن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" رواه مسلم.
وعن البراء ابن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في مبارك الإبل" رواه أحمد وأبو داود وصححه أحمد وإسحاق وقال ابن خزيمة لم نر خلافا بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح والمنع منها تعبد فيتناول ما يقع عليه الاسم

والموضع المغصوب،
ـــــــ
وفي آخر بأنها مظنة النجاسة فأقيمت مقامها وظاهره أن صلاة الجنازة لا تصح في المقبرة كغيرها وهو إحدى الروايات قدمه في الرعاية وعنه يكره ذكرها السامري وفي ثالثة وهي المذهب صحتها فيها من غيركراهة فعلى هذا يستثنى.
ولا فرق فيها بين القديمة والجديدة تكرر نبشها أو لا ولا يضر قبران لأنه لا يتناولها الاسم وقيل بلى واختاره الشيخ تقي الدين.
قال في الفروع وهو أظهر بناء على أنه هل تسمى مقبرة أم لا وظاهر كلامهم أن الخشخاشة فيها جماعة قبر واحد فلا تمنع كما لو دفن بداره موتى.
ونص أحمد وهو المذهب أنه لا يصلي في مشلح حمّام ومثله أتونه وما تبعه في بيع وكره أحمد الصلاة فوق الحمام والصحيح قصر النهي على ما يتناوله النص وإن الحكم لا يتعدى إلى غيره لأن الحكم إن كان تعبدا لم يقس عليه وإن علل فإنما يعلل بمظنة النجاسة ولا يتخيل هذا في أسطحتها لكن يصلى فيها للعذر وفي الإعادة روايتان.
وظاهره أنه لا يصلي فيها من أمكنه الخروج ولو فات الوقت والحش ثبت الحكم فيه بالتنبيه لكونه معدا للنجاسة ومقصودا لها ولانه قد منع من ذكر الله تعالى ومن الكلام فيه فمنع الصلاة فيه أولى وقال في المغني لا أعلم فيه نصا.
"والموضع المغصوب" على المذهب لأنها عبادة أتى بها على الوجه المنهي عنه فلم تصح كصلاة الحائض ولا فرق في الغصب بين دعوى الملك أو المنفعة.
ويلحق به ما إذا أخرج ساباطا في موضع لا يحل له أو غصب راحلة وصلى عليها أو سفينة أو لوحا فجعله سفينة وصلى عليه أو مسجدا وغيره عن هيأته أو بسط طاهرا على أرض مغصوبة أو مغصوبا على أرض مباحة.

وعنه تصح مع التحريم وقال بعض أصحابنا حكم المجزرة والمزبلة وقارعة الطريق وأسطحتها كذلك
ـــــــ
فإن لم يغير المسجد عن هيأته بل منع الناس الصلاة فيه فصلاته فيه صحيحة مع الكراهة في الأصح ولا يضمنه بذلك فإن كانت الأبنية مغصوبة والبقعة حلالا فروايتان.
وقيل هذا إن استند إليها وإلا كرهت وصحت فإن صلى في أرض غيره بلا إذنه أو صلى على مصلاه بلا إذنه ولم يغصبه أو أقام غيره من المسجد وصلى فيه فوجهان.
ويستثنى منه الجمعة فإنها تصح في موضع غصب نص عليه لأنها تختص ببقعته وفي طريق ضرورة وحافتيها نص عليها وعلى راحلة فيها وذكر جماعة وطريق أبيات يسيرة وكذا عيد وجنازة جزم به في الشرح وقيل وكسوف واستسقاء.
"وعنه تصح" في هذه المواضع لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيث أدركته" متفق عليه ولأنه موضع طاهر فصحت الصلاة فيه كالصحراء ولم ينقل عن أحد من العلماء أنهم أمروا بإعادتها ولأن النهي لمعنى في غير الصلاة أشبه ما لو صلى وفي يده خاتم ذهب.
"مع التحريم" للنهي وعنه مع الكراهة وفاقا وعنه لا تصح إن علم النهي لخفاء دليله وقيل إن خاف فوت الوقت صحت.
"وقال بعض أصحابنا حكم المجزرة" وهي ما أعد للذبح "والمزبلة" أي مرمى الزبالة وإن كانت طاهرة "وقارعة الطريق" أي التي تقرعها الأقدام مثل الأسواق والشوارع دون ما علا عن جادة المارة يمنة ويسرة نص عليه.
وألحق صاحب الروضة بذلك المدبغة والمذهب خلافه "وأسطحتها كذلك" أي لا تصح الصلاة فيها في اختيار الأكثر وجزم به في الوجيز ,

وتصح الصلاة إليها
ـــــــ
وصححه ابن الجوزي وفي الفروع وقدمه في المحرر وغيره لما روى ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى في سبع مواطن المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله" رواه ابن ماجة والترمذي وقال ليس إسناده بالقوي وقد رواه الليث بن سعد عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.
وعلم منه أن الصلاة تصح فيها وهو الصحيح عنده وهو قول أكثر العلماء ويحتمله كلام الخرقي لأنه لم يذكرها ولعموم الأحاديث الصحيحة.
واستثنى في بعضها المقبرة والحمام فيبقى فيما عداها على العموم مع أن حديث ابن عمر يرويه زيد بن جبيرة وعبد الله بن عمر العمري وقد تكلم فيهما من قبل حفظهما.
وفي لفظ ومحجة الطريق بدل قارعة وهي الطريق الجادة المسلوكة في السفر وليس المراد كل طريق لأنه لا يخلو موضع من المشي فيه ولهذا ذكر ابن تميم وصاحب الشرح لا بأس بطرق الأبيات القليلة تنبيه: أسطحة مواضع النهي كهي عند أحمد وأكثر الأصحاب لأن الهواء تابع للقرار بدليل الجنب يمنع من اللبث على سطح المسجد ويحنث بدخول سطح الدار إذا حلف لا يدخلها فيعود الضمير إلى الكل وهو ظاهر المغني وظاهر كلامه هنا أن الأسطحة لا يكون لها حكم القرار وصححه في المغني و الشرح لما ذكرنا.
قال أبو الوفاء لا سطح نهر لأن الماء لا يصلى عليه واختار أبو المعالي وغيره الصحة كالسفينة قال ولو جمد الماء فكالطريق وذكر بعضهم الصحة.
"وتصح الصلاة إليها" مع الكراهة نص عليه وجزم به في الوجيز وقدمه جماعة لقوله عليه السلام: "وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" .

إلا المقبرة والحش في قول ابن حامد
ـــــــ
إلا المقبرة اختاره الشيخان قال في الفروع وهو أظهر لما روى أبو مرثد الغنوي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا إليها" رواه مسلم.
"والحش في قول ابن حامد" وهو رواية عن أحمد وقيل وحمام وشرطه لا حائل ولو كمؤخرة الرحل وظاهره ليس كسترة صلاة فيكفي الخط بل كسترة المتخلي ولا يضر بعد كثير عرفا.
وعنه لايكفي حائط المسجد جزم به جماعة لكراهة السلف الصلاة في مسجد في قبلته حش وتأول ابن عقيل النص على سراية النجاسة تحت مقام المصلى واستحسنه صاحب التلخيص.
وعنه لا يصلي إلى ذلك وقارعة الطريق فإن فعل فقال أبو بكر في الإعادة قولان والصحيح أن الإعادة على الجميع قاله ابن تميم وغيره واختار أبو بكر خلافه.
قال القاضي: يقاس على ذلك سائر مواضع النهي إلى الكعبة وفيه نظر لأن النهي عنده تعبد وشرطه فهم المعنى.
تذنيب : مازال اسمه مما نهي عنه زال المنع منه في الأشهر والمصلي في مسجد بني في مقبرة كالمصلي فيها لأنه لا يخرج بذلك عن أن يكون مقبرة لكن إن حدث حول المسجد لم يمنع الصلاة فيه زاد في الشرح بغير خلاف لأنه لم يتبع ما حدث بعده وكذا إن حدث في قبلته فهو كالمصلى إليها.
مسألة : تصح الصلاة في أرض السباخ على الأصح وفي الرعاية يكره كأرض الخسف نص عليه لأنه موضع مسخوط عليه.
ولا تصح في عجلة سائرة ولا أرجوحة تحرك لأنه ليس بمستقر القدمين على الأرض كما لو سجد على بعض أعضاء السجود وترك الباقي معلقا وفيه

ولا تصح الفريضة في الكعبة ولا على ظهرها وتصح النافلة
ـــــــ
وجه وقدم في الشرح أنها تصح على العجلة إذا أمكنه ذلك والمربوط في الهواء يوميء.
"ولا تصح الفريضة في الكعبة ولا على ظهرها" هذا هو المشهور وجزم به أكثر الأصحاب لقوله تعالى {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] وللخبر والمصلي فيها أو عليها غير مستقبل لجهتها.
ولأن المصلي فيها يستدبر منها ما يصلح أن يكون قبلة مع القدرة وذلك يبطل الفرض والمصلي عليها ليس مصليا وقد أمر بالصلاة إليها وظاهره لا فرق بين أن يسجد على منتهى الكعبة أو يقف عليه أو لا ذكره ابن هبيرة وصاحب التلخيص.
وجزم في المحرر وهو ظاهر كلام أحمد أنه إذا وقف على منتهاها بحيث إنه لم يبق وراءه شيء منها أو قام خراجها وسجد فيها فإنه يصح لأنه استقبله ولم يستدبر منه شيئا كما لو صلى إلى أحد أركانه وظاهر كلام الأكثر بخلافه وعنه يصح وهو ظاهر ما قدمه في الكافي واختاره الآجري كمن نذر الصلاة فيها وعنه مع الكراهة وعنه إن جهل النهي لأنه معذور.
"وتصح النافلة" فيها على الأصح وعليها لا نعلم فيه خلافا قاله في المغني و الشرح لما روى ابن عمر قال "دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم فلما فتحوا كنت أول من ولج فلقيت بلالا فينبغي هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم بين العمودين اليمانيين" متفق عليه.
لا يقال فابن عباس قال لم يصل فيها لأنه نفي والإثبات مقدم عليه خصوصا ممن كان حاضر القصة ولأن مبناها على التخفيف والمسامحة بدليل صحتها قاعدا أو إلى غيرالقبلة على الراحلة وقدم في الرعاية أنه لا يصح نفل

إذا كان بين يديه شيء منها
ـــــــ
فوقها في الأصح ويصح فيها على الأصح واقتصر جماعة على الصحة هنا.
وشرطها "إذا كان بين يديه شيء منها" ليكون مستقبلا بعضها فعلى هذا لو صلى إلى جهة الباب أو على ظهرها ولا شاخص متصل بها لم يصح وذكره في الشرح عن الأصحاب لأنه غير مستقبل بشيء منها فإن لم يكن شاخصا فوجهان.
قال في المغني والأولى أنه لا يشترط كون شيء منها بين يديه لأن الواجب استقبال موضعها وهوائها دون حيطانها بدليل ما لو انهدمت والعياذ بالله تعالى ولهذا تصح على أبي قبيس فإنه أعلى منها وقيل لا تصح على ظهرها وقيل لا تصح فيها إن نقض البناء وصلى إلى الموضع والحجر منها نص عليه وهو ستة أذرع وشيء فيصح التوجه إليه.
وقال ابن حامد وابن عقيل لا وقاله أبو المعالي في المكي ويسن النفل فيه والفرض كداخلها في ظاهر كلامهم.
مسألة : يستحب نفله فيها وعنه لا ونقل الأثرم يصلي فيها إذا دخل وجاهه كذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصلي حيث شاء ونقل أبو طالب يقوم كما قام عليه السلام بين الاسطوانتين.

باب استقبال القبلة
وهو الشرط الخامس لصحة الصلاة إلا في حال العجز عنه
__________
باب استقبال القبلةقال الواحدي القبلة الوجهة وهي الفعلة من المقابلة والعرب تقول ماله قبلة ولا دبرة إذا لم يهتد لجهة أمره وأصل القبلة في اللغة الحالة التي يقابل الشيء غيره عليها كالجلسة للحال التي يجلس عليها إلا أنها الآن صارت كالعلم للجهة التي يستقبلها المصلي وسميت قبلة لإقبال الناس عليها وقيل لأنه يقابلها وهي تقابله
"وهو الشرط الخامس لصحة الصلاة" لقوله تعالى {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] قال علي شطره قبله وقال ابن عمر "بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه قرآن وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة" متفق عليه
واختلف هل كانت شرعة التوجه إلى بيت المقدس بالمدينة بالسنة أو القرآن على قولين ذكرهما القاضي وذكر ابن الجوزي عن الحسن وأبي العالية والربيع وعكرمة أنه كان برأيه واجتهاده
قال في الفروع ولم يصرحوا بصلاته قبل الهجرة وسئل عنها ابن عقيل فقال الجواب ذكر ابن أبي خيثمة في تاريخه أنه قيل "إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى الكعبة قبل الهجرة وصلى إلى بيت المقدس بالمدينة"
"إلا في حال العجز عنه" كالمربوط إلى غير القبلة والمصلوب ونحوهما لأنه شرط عجز عنه فسقط كالقيام.

والنافلة على الراحلة في السفر الطويل والقصير
ـــــــ
ومنه إذا اشتد الخوف عند التحام الحرب ويأتي "والنافلة على الراحلة في السفر" هو عبارة عن قطع المسافة وجمعه أسفار سمي بذلك لأنه يسفر عن أخلاق الرجال قاله ثعلب.
"الطويل" قال ابن عبد البر أجمعوا على أنه جائز لكل من سافر سفرا تقصر فيه الصلاة أن يتطوع على دابته حيثما توجهت به.
"والقصير" هو مغن عن الأول لأنه إذا جاز في القصير جاز في الطويل من باب أولى وجزم به الأصحاب لقوله تعالى {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115].
قال ابن عمر نزلت في التطوع خاصة ولما روى هو أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه وكان ابن عمر يفعله" متفق عليه.
وللبخاري إلا الفرائض ولم يفرق بين طويل السفر وقصيره ولأن ذلك تخفيف في التطوع لئلا يؤدي إلى تقليله أو قطعه فاستويا فيه إذا كان مباحا زاد في التلخيص وابن تميم وغيرهما إذا كان يقصد جهة معينة لا من راكب التعاسيف.
ويومئ بالركوع والسجود وهو أخفض من ركوعه هذا إذا كان الراكب يحفظ نفسه بفخذيه وساقيه كراحلة القتب فأما إذا كان في الهودج والعمارية فإن أمكنه الاستقبال في جميعها والركوع والسجود لزمه كراكب السفينة لأنه ممكن غير مشق وإن قدر على الاستقبال دونهما لزمه وأومأ بهما نص عليه وقال أبو الحسن التميمي لا يلزمه ذلك لأن الرخصة العامة يستوي فيها من وجدت فيه المشقة وغيره كالقصر والجمع ولعله موافق لظاهر كلامه.

وهل يجوز التنفل للماشي على روايتين وإن أمكنه افتتاح الصلاة إلى القبلة فهل يلزمه ذلك؟ على روايتين
ـــــــ
ويعتبر طهارة محله نحو سرج وركاب ولا فرق في المركوب بين أن يكون بعيرا أو غيره وظاهره أنه لا يجوز في الحضر على المذهب لأنه لم ينقل عنه عليه السلام.
وعنه يجوز للسائر الراكب خارج المصر فعله أنس لأنه راكب أشبه المسافر "وهل يجوز التنفل للماشي" في السفر سائرا "على روايتين" إحداهما لا يجوز وهو ظاهر الخرقي و الوجيز لأن الرخصة وردت في الراكب والماشي بخلافه لأنه يأتي في الصلاة بمشي متتابع وعمل كثير فلم يصح الإلحاق والثانية: نقلها المثنى بن جامع يجوز اختاره القاضي وجزم به ابن الجوزي وقدمه في المحرر وصححه ابن تميم وفي الفروع لأن الصلاة أبيحت للراكب لئلا ينقطع عن القافلة في السفر وهو موجود في الماشي.
فعلى هذا يلزمه أن يفتتحها إلى القبلة إذا أمكنه رواية واحدة ويركع ويسجد وضوء إليهما لأنه ممكن ويفعل ما سوى ذلك ماشيا إلى جهة سيره.
وقيل: يوميء بهما إلى جهة سيره وقيل ما سوى القيام يفعله إلى القبلة غير ماش.
"وإن أمكنه" أي الراكب "افتتاح الصلاة" أي بالإحرام "إلى القبلة" بالدابة أو بنفسه كراكب راحلة منفردة تطيعه "فهل يلزمه ذلك على روايتين" إحداهما يلزمه بلا مشقة جزم به في الوجيز ونقله واختاره الأكثر وذكره أبو المعالي وغيره المذهب لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر وأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث كان وجهة ركابه رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه وهو حديث حسن.
ولأنه أمكنه ابتداء الصلاة إلى القبلة فلزمه وكراكب السفينة والثانية: لا

والفرض في القبلة إصابة العين لمن قرب منها
ـــــــ
يلزمه اختاره أبو بكر ورجحه في المغني وغيره لما فيه من المشقة ولحديث ابن عمر ولأنه جزء من الصلاة أشبه سائرها.
ويحمل الخبر الأول على الاستحباب وعلم منه أنه إذا لم يمكنه استقبالها به كراكب راحلة لا تطيعه أو جمل مقطور لا يمكنه إدارته لم يلزمه لأنه عاجز عنه أشبه الخائف.
وقال القاضي يحتمل أن يلزمه ولم يتعرض لذكر الركوع والسجود والمذهب أنه يلزمه إذا أمكنه من غير مشقة نص عليه لأنه كسفينة قاله جماعة فدل أنه وفاق وقيل لا يلزمه وذكره في الرعاية رواية للتساوي في الرخص العامة فدل أن السفينة كذلك كالمحفة.
تذنيب : إذا نذر الصلاة عليها جاز وذكر القاضي قولا لا فيتوجه مثله من نذر الصلاة في الكعبة.
فرع إذا عذر من عدلت به دابته عن جهة سيره أو عدل هو إلى غير القبلة وطال بطلت وقيل لا فيسجد للسهو لأنه مغلوب كساه وإن لم يعذر بأن عدلت دابته وأمكنه ردها أو عدل إلى غيرها مع علمه بطلت.
وكذا إن انحرف عن جهة سيره فصار قفاه إلى القبلة عمدا إلا ان يكون ما انحرف إليه جهة القبلة ذكره القاضي
وإن وقفت دابته تعبا أو منتظرا رفقة أو لم يسر كسيرهم أو نوى النزول ببلد دخله استقبل القبلة وإن نزل في أثنائها نزل مستقبلا وأتمها نص عليه وإن أقام في أثنائها أتم صلاة مقيم وإن ركب ماش فيها أتمها والمقدم بطلانها.
"والفرض في القبلة إصابة العين" أي عين الكعبة "لمن قرب منها" وهو من كان معاينا لها أو ناشئا بمكة أو كثر مقامه فيها فيلزمه بحيث لا يخرج شيء من بدنه عنها نص عليه لأنه قادر على التوجه إلى عينها قطعا فلم يجز العدول عنه والتوجه إليها ظنا فعلى هذا لو خرج ببعض بدنه عن مسامتها لم تصح,

وإصابة الجهة لمن بعد عنها
ـــــــ
وقيل بلى فإن كان ثم حائل أصلي من جبل ونحوه وتعذر عليه التعيين اجتهد إلى عينها.
وعنه أو إلى جهتها وذكر جماعة إن تعذر فكبعيد ولا يضر علو عليها ولا نزول عنها إذا أخرجه ذلك عن بنائها ولم يخرج عن موضعها لأن الواجب استقبالها.
تنبيه : حكم من كان بالمدينة في استقبال قبلة النبي صلى الله عليه وسلم حكم من كان بمكة لأنه لا يقر على الخطأ وقال صاحب النظم وكذا مسجد الكوفة لاتفاق الصحابة عليه لكن قال في الشرح في قول الأصحاب نظر فإن صلاة الصف المستطيل في مسجده عليه السلام صحيحة مع خروج بعضهم عن استقبال عين الكعبة لكون الصف أطول منها وقولهم إنه لا يقر على الخط صحيح لكن إنما الواجب عليه استقبال الجهة وقد فعله
"وإصابة الجهة لمن بعد عنها" جزم به في الكافي و الوجيز وقدمه في التلخيص و المحرر و الفروع وهو المذهب لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما بين المشرق والمغرب قبلة" رواه ابن ماجة والترمذي وصححه وحكاه عن عمر وابنه وعلي وابن عباس ولأن الإجماع انعقد على صحة صلاة الأثنين المتباعدين يستقبلان قبلة واحدة وعلى صحة صلاة الصف الطويل على خط مستو.
لا يقال مع البعد يتسع المحاذي لأنه إنما يتسع مع التقوس أما مع عدمه فلا فعلى هذا لا يضر التيامن والتياسر في الجهة.
والبعيد هنا من لم يقدر على المعاينة ولا على من يخبره عن علم.
وعنه يلزمه إصابة عينها اختاره أبو الخطاب وذكر أبو المعالي أنه المشهور لقوله تعالى {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] وقياسا على القريب والخبر الأول لا يمكن حمله على عموم الأمكنة بل هو خاص

فإن أمكنه ذلك بخبر ثقة عن يقين أو استدلال بمحاريب المسلمين لزمه العمل به
ـــــــ
بالمدينة وما شابهها.
فعلى هذا إن تيامن أو تياسر بطلت وفي الرعاية عليها إن رفع رأسه نحو السماء فخرج بوجهه عن القبلة منع وكذا ذكره ابن عبدوس وجعلاه فائدة الخلاف وفيه نظر بل إنما يظهر في صورة يخرج فيها المصلي عن استقبال العين إلى استقبال الجهة وهذا لم يخرج عن العين إلى الجهة وإنما خرج وجهه خاصة.
"فإن أمكنه ذلك" أي معرفة القبلة "بخبر ثقة" عدل ظاهرا وباطنا وقيل أو مستور أو مميز "عن يقين" أي عن علم لزمه تقليده في الأصح وليس له الاجتهاد كالحاكم يقبل النص من الثقة ولا يجتهد.
وقال في التلخيص القادر على معرفة القبلة ليس له متابعة المخبر.
وظاهره أنه لا يقبل خبر فاسق لكن يصح التوجه إلى قبلته في بيته فلو شك في حاله قبل قوله في الأصح وإن شك في إسلامه فلا وأنه إذا أخبره عن اجتهاد أنه لا يجوز تقليده في الأصح وقيل مع ضيق الوقت ذكره القاضي ظاهر كلام أحمد واختاره جماعة وقيل أو كان أعلم منه قلده.
وفي التمهيد يصليها على حسب حاله ثم يعيد إذا قدر فلا ضرورة إلى التقليد كعادم الطهورين يصلي ويعيد ويلزمه السؤال فظاهره يقصد المنزل في الليل ليستخبر.
"أو استدلال بمحاريب" واحدها محراب وهو صدر المجلس ومنه محراب المسجد وهو الغرفة وقال المبرد لا يكون محرابا إلا أن يرتقي إليه بدرج المسلمين عدولا كانوا أو فساقا "لزمه العمل به" إذا علمها لهم لأن اتفاقهم عليها مع تكرر الأعصار إجماع عليها ولا يجوز مخالفتها.
وعنه يجتهد فإن أخطأ فوجهان وعنه ولو بالمدينة والمذهب الأول

وإن وجد محاريب لا يعلم هل هي للمسلمين أولا لم يلتفت إليها. وإن اشتبهت عليه في السفر اجتهد في طلبها بالدلائل وأثبتها القطب
ـــــــ
ولا ينحرف لأن دوام التوجه إليه كالقطع كالحرمين.
"وإن وجد محاريب" ببلد خراب "لا يعلم هل هي للمسلمين أولا لم يلتفت إليها" لأنه لا دلالة فيها لاحتمال كونها لغير المسلمين وإن كان عليها آثار الإسلام لجواز أن يكون الباني مشركا عملها ليغر بها المسلمين وعلم منه أنه إذا علم أنها للكفار لا يجوز له التقليد لأن قولهم لا يرجع إليه فمحاريبهم أولى وفي المغني إذا علمت قبلتهم كالنصارى إذا رأى محاريبهم في كنائسهم علم أنها مستقبلة للمشرق.
"وإن اشتبهت عليه في السفر" ولم يمكنه معرفتها "اجتهد في طلبها" لأن ما وجب اتباعه عند وجوده وجب الاستدلال عليه عند خفائه كالحكم في الحادثة والمجتهد في القبلة هو العالم بأدلتها لأن من علم أدلة شيء كان مجتهدا فيه والجاهل الذي لا يعرف أدلتها وإن كان فقيها وكذا الأعمى فهذان فرضهما التقليد.
ويجب على من يريد السفر تعلم ذلك ومنعه قوم لأن جهة القبلة مما يندر التباسه.
والمكلف يجب عليه تعلم ما يعم لا ما يندر "بالدلائل" جمع دليل وهو أمور منها النجوم قال الله تعالى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: 16].
"وأثبتها القطب" لأنه لا يزول عن مكانه إلا قليلا ويمكن كل أحد معرفته قال جماعة وأصحها وأقواها القطب بتثليث القاف حكاه ابن سيده وهو نجم خفي شمالي.
وذكر السامري أنه الجدي وحوله أنجم دائرة كفراشة الرحى في أحد طرفيها الجدي والآخر الفرقدان وبين ذلك ثلاثة أنجم من فوق وثلاثة من أسفل تدور هذه الفراشة حول القطب دوران فراشة الرحى حول سفودها في كل يوم وليلة

فإذا جعله وراء ظهره كان مستقبلا للقبلة والشمس والقمر ومنازلهما وما يقترن بها كلها تطلع من الشرق وتغرب في الغرب عن يمين المصلي.
ـــــــ
دورة وعليه تدور بنات نعش وهي سبعة أنجم متفرقة مضيئة مما تلي الفرقدين وهو خفي جدا يراه حديد النظر إذا لم يكن القمر طالعا.
"فإذا جعله وراء ظهره كان مستقبلا للقبلة" بالشام والعراق والجزيرة لأنه قد أخبر بذلك ثقات عن يقين وقيل ينحرف في الشام إلى الشرق قليلا وبالعراق يجعله حذاء أذنه اليمنى على علوها ذكره المؤلف.
وذكر ابن تميم أنه إذا جعل القطب أو الجدي أو الفرقدين أو بنات نعش وراءه فقد استقبلها فيما ذكرنا وفيه وجه لا يجتهد وعليه أن يصلي إلى أربع جهات.
"والشمس والقمر ومنازلهما وما يقترن بها ويقاربها كلها تطلع من الشرق وتغرب في الغرب عن يمين المصلي" وذلك معلوم لكن الشمس تختلف مطالعها ومغاربها على حسب اختلاف منازلها فتطلع قرب الجنوب شتاء وقرب الصبا صيفا وهي في الطلوع والغروب كما ذكره.
والقمر يبدو أول ليلة هلالا في المغرب عن يمين المصلي ثم يتأخر كل ليلة منزلا حتى يكون في السابع وقت المغرب في قبلة يصلي مائلا عنها قليلا إلى المغرب ثم يطلع ليلة الرابع عشر من المشرق قبل غروب الشمس بدرا.
فيكون مراده عند التكامل وليلة إحدى وعشرين يكون في قبلة المصلي أو قريبا منها وقت الفجر وليلة ثمان وعشرين يبدو عند الفجر كالهلال من المشرق وتختلف مطالعه بحسب اختلاف منازله وهي ثمانية وعشرون منزلا ينزل في كل ليلة واحدا منها.
والشمس تنزل في كل منزل منها ثلاثة عشر يوما فيكون عودها إلى المنزل الذي نزلت فيه عند تمام حول كامل من أحوال السنة الشمسية فالمنازل منها ما بين

والرياح الجنوب تهب مستقبلة لبطن كتف المصلي اليسرى مارة إلى يمينه والشمال مقابلتها تهب إلى مهب الجنوب والدبور تهب مستقبلة شطر وجه المصلي الأيمن والصبا مقابلتها تهب إلى مهبها
ـــــــ
طلوعها إلى غروبها أربعة عشر منزلا ومن غروبها إلى طلوعها كذلك فوقت الفجر منها منزلان وهو نصف يخلو الليل وسواد الليل وسواد الليل اثنا عشر منزلا.
"والرياح" وأمهاتها أربع لكن قال أبو المعالي الاستدلال بها ضعيف.
"الجنوب تهب مستقبلة لبطن كتف المصلي اليسرى مارة إلى يمينه" والشمال مقابلتها تهب إلى مهب الجنوب والدبور تهب مستقبلة شطر وجه المصلي الأيمن والصبا مقابلتها تهب إلى مهبها مستقبلة لبطن كتف المصلي اليسرى مارة إلى يمينه في الزاوية التي بين المشرق والقبلة فإذا استقبلها المصلي كانت القبلة بالعراق عن يمينه والمشرق على يساره وفي الشام من مطلع سهيل إلى مطلع الشمس في الشتاء "والشمال مقابلتها" تهب من ظهر المصلي لأن مهبها من القطب إلى مغرب الشمس في الصيف "تهب إلى مهب الجنوب" فإذا استقبلها يكون على يمينه والمغرب على يساره.
"والدبور تهب مستقبلة شطر وجه المصلي الأيمن" من الزاوية التي بين القبلة والمغرب فإذا استقبلها يكون القطب على يساره والمشرق على يمينه.
"والصبا مقابلتها تهب إلى مهبها" فهي تهب يسرة المتوجه إلى قبلة الشام لأن مهبها من مطلع الشمس في الصيف إلى مطلع العيوق فإذا استقبلها كانت القبلة بالعراق على يساره والمغرب على يمينه وتسمى القبول لأن باب الكعبة وعادة أبواب العرب إلى مطلع الشمس فتقابلهم وبقية الرياح عن جنوبهم وشمائلهم ومن ورائهم.
فوائد : قال جماعة من أصحابنا يستدل بالأنهار الكبار غير المحددة فكلها بخلقة الأصل تجري من مهب الشمال من يمنة المصلي يسرته على انحراف قليل الإنهرين أحدهما بخراسان ويسمى المقلوب والآخر بالشام ويسمى العاصي فإنهما يجريان عكس ذلك.

فإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه
ـــــــ
قال في المغني وهذا لا ينضبط لأن الأردن بالشام يجري نحو القبلة وكثير منها يجري نحو البحر يصب فيه.
وبالجبال فإن غالب وجوهها إلى القبلة خلفه يعرفه أهله.
وبالمجرة في السماء وهي أول الليل ممتدة على كتف المصلي الأيسر إلى القبلة وفي آخره على الأيمن في الصيف وفي الاستدال بها فيه نظر ولهذا لم يذكرها الأكثر منهم المؤلف.
مسألة : يستحب أن يتعلم أدلة القبلة والوقت ويتوجه وجوبه فإن دخل الوقت وخفيت عليه لزمه قولا واحدا لقصر زمنه ويقلد لضيق الوقت لأن القبلة يجوز تركها للضرورة وهي شدة الخوف ولا يعيد بخلاف الطهارة.
والأعمى يقلد فيه وله العمل بلمس محراب ونحوه فإن قلد غيره ثم أبصر في الصلاة وفرضه قبول الخبر أتمها وكذا إن كان فرضه الاجتهاد ورأى ما يدل على صوابه وإن لم ير شيئا أو كان قلد غيره لعماه بطلت في الأشهر ومن صلى باجتهاد أو بيقين ثم عمي فيها بنى فقط.
"فإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه" لأن فرض كل واحد ما يؤدي إليه اجتهاده فلا يجوز تقليد صاحبه وإن كان أعلم منه كالعالمين يختلفان في الحادثة وظاهره لا فرق بين اختلافهما في جهتين أو جهة والأول المذهب والثاني قويل ولا يصح اقتداؤه به نص عليه لظنه خطأه بإجماع.
وذكر في المغني أن قياس المذهب صحة الاقتداء مع اختلافهما في جهتين وصححه في الشرح لأن كلا منهما يعتقد صحة صلاة الآخر وأن فرضه التوجه إلى ما توجه إليه فلم يمنع الاقتداء به كالمصلين حول الكعبة.
وقيل: تبطل صلاة المأموم فقط وظاهر كلامهم يصح ائتمامه به إذا لم يعلم

ويتبع الجاهل والأعمى أوثقهما في نفسه
ـــــــ
حاله فإن كان اختلافهما في جهة فتيامن أحدهما أو تياسر الآخر وفي صحة اقتداء أحدهما بالآخر وجهان ذكرهما القاضي وذكر في الشرح أنه لا يختلف المذهب في صحة الاقتداء لاتفاقهما في الجهة الواجب استقبالها.
وظاهره ولو ضاق الوقت كالحاكم ليس له تقليده غيره وكما لو كان متسعا وفيه وجه وهو الذي في التلخيص وذكره القاضي ظاهر كلام أحمد لأنه قال فيمن هو في مدينة فتحرى فصلى لغير القبلة في بيت بعيد لأن عليه أن يسأل ورده المؤلف بأن مقتضاه المنع من الاجتهاد في المصر لأنه يمكنه التوصل بطريق الخبر عن يقين فإن اتفق اجتهادهما فائتم أحدهما بالآخر فمن بان له الخطأ انحرف وأتم وينوي المأموم المفارقة للعذر ويتم ويتبعه من قلده في الأصح.
تنبيه : إذا صلى بلا اجتهاد ولا تقليد أو ظن جهة باجتهاده فخالفها أعاد وإن تعذر الأمران لخفاء الأدلة أو عدم من يقلده لجهله صحت صلاته بتحر في الأشهر وإن صلى بلا تحر أعاد وعنه يعيد إن تعذر التحري وقيل ويعيد في الكل إن أخطأ وإلا فلا.
"ويتبع الجاهل والأعمى" وجوبا "أوثقهما في نفسه" ذكره السامري وقدمه في الرعاية و الفروع وجزم به في الوجيز وصححه ابن تميم والمراد به أعلمها عنده وأصدقهما قولا وأشدهما تحريا لدينه لأن الصواب إليه أقرب وظاهره أنه إذا قلد المفضول لا يصح وهو ظاهر الخرقي وغيره لأنه يترك ما يغلب على ظنه أنه الصواب فلم يجز كالمجتهد ترك اجتهاده وقيل يستحب.
فعلى هذا له تقليد من شاء منهما ذكر في الشرح أنه الأولى كما لو استويا وكعامي في الفتيا على الأصح وعلى الأول لا عبرة بظنه فلو غلب على ظنه إصابة المفضول لم يمنعه من تقليد الفاضل فإن كان أحدهما أدين,

وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ أو صلى الأعمى بلا دليل أعادا
ـــــــ
والآخر أعلم فوجهان فلو تساويا فمن شاء وقال أبو الوفاء إن اختلفا فإلى الجهتين.
تذنيب : إذا قلد اثنين لم يرجع برجوع أحدهما لأنه دخل فيها بظاهر فلا يزول إلا بمثله والمقلد إذا أخبر فيها بالخطأ عن يقين لزمه الرجوع إليه لأنه لو أخبر بذلك المجتهد الذي قلده فالجاهل والأعمى أولى وإن كان عن اجتهاد أو لم يتبين له لم يلزمه لأنه شرع فيها بدليل يقينا فلا يزول عنه بالشك وذكر في الشرح أن الثاني إن كان أوثق من الأول وقلنا يلزمه تقليد الأفضل فإنه يرجع إلى قول كالمجتهد إذا تغير اجتهاده في أثنائها.
"وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ" أعاد ذكره معظمهم وجزم به في المحرر وصححه ابن تميم لأن ذلك لا يكون إلا لتفريط لأن الحضر ليس بمحل للاجتهاد لقدرة من فيه على الاستدلال بمحاريب المسلمين ولا فرق في ظاهر كلامهم بين أن يصلي باجتهاد أو غيره.
وعنه لا إعادة عليه إذا صلى باجتهاد قدمه في الرعاية وهو ظاهر المستوعب لأنه أتى بما أمر به فخرج عن العهدة كالمصيب واحتج أحمد بقضية أهل قباء وفي ثالثة ما لم يحط جزما.
وظاهره أن المكي كغيره وهو ظاهر في رواية صالح وأنه لا يعيد مع الإصابة لأنه مأمور بها إلى القبلة وقد وجدت
وقيل يعيد لأنه ترك فرضه وهو السؤال فإذا أخبره ثقة عدل في الحضر بالقبلة فصلى إليها وبان خطؤه أعاد ذكره في المغني و الشرح وغيرهما لأنه قد تبين أن خبره ليس بدليل ويستثنى من كلامه ما إذا كان محبوسا فيه ولا يجد من يخبره فإنه يصلي بالتحري ولا يعيد قاله أبو الحسن التميمي أشبه المسافر.
"أو صلى الأعمى بلا دليل أعاد" كتركه الواجب عليه لأنه في الحضر.

فإن لم يجد الأعمى من يقلده صلى وفي الإعادة وجهان وقال ابن حامد إن أخطأ أعاد وإن أصاب فعلى وجهين ومن صلى بالاجتهاد ثم علم أنه أخطأ القبلة فلا إعادة عليه،
ـــــــ
بمنزلة البصير لقدرته على الاستدلال بالحضر ولمس المحاريب ويعلم أيضا بأن باب المسجد إلى المغرب وغيره وظاهره أنه يعيد ولو أصاب لأنه ترك فرضه مع أنه يغلب على ظنه عدم إصابته وفيه وجه أنه يعيد مع الخطأ.
"فإن لم يجد الأعمى" والمقلد في السفر "من يقلده" تحرى فإن صلى بدونه مع القدرة عليه قضى وقيل إن أخطأ فإن عدم التحري "صلى" على حسب حاله قاله أبو بكر لأنه لو لم يصل لأدى إلى خلو الوقت عن صلاة في الجملة وهوغيرجائز كعادم الطهورين.
"وفي الإعادة وجهان" وقيل روايتان حكاهما في الشرح وغيره إحداهما يعيد مطلقا وهو ظاهر الخرقي لأنه صلى بغير دليل والثانية لا لأنه أتى بما أمر به وعادم للدليل.
"وقال ابن حامد إن أخطأ أعاد" لفوات الشرط وهو عدم الإصابة والصلاة بغير دليل.
"وإن أصاب فعلى وجهين" أحدهما لا يعيد لأنه استقبل القبلة فيها وهو إن كان فرضه السؤال فقد سقط بعدم المسؤول والثاني بلى لأنها وقعت في الوقت على نوع من الخلل استدراكا لما حصل.
"ومن صلى بالاجتهاد" ثم شك في اجتهاده لم يلتفت وبنى لأنه دخل فيها بظاهر فلا يزول عته بالشك وكذا إن زال ظنه ولم يبين له الخطأ ولا ظهر له جهة أخرى "ثم علم أنه أخطأ القبلة فلا إعادة عليه" لما روى عامر بن ربيعة قال "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} " رواه ابن ماجة والترمذي وقال ليس إسناده بذاك.

فإن أراد صلاة أخرى اجتهد لها فإن تغير اجتهاده عمل بالثاني ولم يعد ما صلى بالأول
ـــــــ
ولأنه شرط عجز عنه أشبه سائر الشروط ولا فرق بين كون الأدلة ظاهرة فاشتبهت عليه أو مستورة بغيم أو ما يسترها عنه وكذا إذا قلد فأخطأ مقلده.
"فإن أراد صلاة أخرى اجتهد لها" لأنها واقعة متجددة فتستدعي طلبا جديدا كطلب الماء في التيمم وكالحادثة في الأصح فيها كمفت ومستفت وألزمه فيها أبو الخطاب وأبو الوفاء إن لم يذكر طريق الاجتهاد.
"فإن تغير اجتهاده عمل بالثاني" أي بالآخر لأنه ترجح في ظنه والعمل به واجب وظاهره ولو كان في صلاة فإنه يبني نقله الجماعة وهو الأصح خلافا للشافعي لقصة أهل قباء والصلاة تتسع الاجتهادين لطولها بخلاف حكم الحاكم.
وعنه تبطل وقال ابن أبي موسى يلزمه جهته الأولية لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد.
"ولم يعد ما صلى بالأول" لأنها لو وجبت الإعادة لكان نقضا للاجتهاد بمثله وذلك غيرجائز لعدم تناهيه وكالحاكم بغير خلاف نعلمه
فرع : إذا ظن الخطأ فيها بطلت وقال أبو المعالي إن بان له صحة ما كان عليه ولم يطل زمنه استمر وصحت وإن بان له الخطأ فيها بنى نص عليه لأنه مجتهد أداه اجتهاده إلى جهة أخرى فلم يجز له تركها.
ولأن ما مضى منها كان صحيحا فجاز البناء عليه ومن أخبر فيها بالخطأ يقينا لزمه قبوله وإلا لم يجز وذكر جماعة إلا أن يكون الثاني يلزمه تقليده فكمن تغير اجتهاده.
وخرج أبو الخطاب وغيره على منصوصه في الثياب المشتبهة وجوب الصلاة إلى أربع جهات وهو رواية والله أعلم .

باب النية
وهي الشرط السادس للصلاة ، على كل حال،
ـــــــ
باب النيةالنية مشددة وحكي فيها التخفيف يقال نويت نية ونواة وأنويت كنويت قاله الزجاج وانتويت كذلك حكاه الجوهري
وهي في اللغة القصد وهو عزم القلب على الشيء يقال نواك الله بخير أي قصدك به.
وفي الشرع العزم على فعل الشيء تقربا إلى الله تعالى ومحلها القلب والتلفظ ليس بشرط إذ الغرض جعل العبادة لله تعالى وذلك حاصل بالنية لكن ذكر ابن الجوزي وغيره أنه يستحب أن يلفظ بما نواه وإن سبق لسانه إلى غير ما نواه لم يضر فإن تلفظ بما نواه كان تأكيدا ذكره في الشرح.
"وهي الشرط السادس للصلاة" أي لا تصح إلا بها بغير خلاف لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] والإخلاص عمل القلب وهو أن يقصد بعمله الله وحده ولقوله عليه السلام: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لامرئ ما نوى".
ولأنها قربة محضة فاشترطت لها النية كالصوم وقيل فرض وقيل ركن وعدها في التلخيص مع الأركان لاتصالها بها وإلا فهي بالشروط أشبه وقال سيدنا الشيخ عبد القادر هي قبل الصلاة شرط وفيها ركن قال صاحب النظم فيلزم في بقية الشروط مثلها وفيه نظر.
"على كل حال" أي لا تسقط بوجه فهي شرط مع العلم والجهل والذكر والنسيان وغيرها .

ويجب أن ينوي الصلاة بعينها إن كانت معينة وإلا أجزأته نية الصلاة وهل تشترط نية القضاء في الفائتة ونية الفرضية في الفرض؟ على وجهين
ـــــــ
"ويجب أن ينوي الصلاة بعينها إن كانت معينة" فرضا كانت كالظهر والعصر أو نفلا كالوتر والسنة الراتبة ونحوها نص عليه وجزم به الأصحاب لعموم الخبر فيلزمه نية الفعل والتعيين لتتميز عن غيرها وقيل نية الفرض تغني عن تعيينه ويحتمله كلام الخرقي وقيل إذا نوى فرض الوقت فيه أو ما عليه من رباعية جهلها صح وكفى وأومأ إليه أحمد وقيل يكفي نية الصلاة في نفل معين ذكره في الترغيب.
"وإلا أجزأته نية" مطلق "الصلاة" إذا كانت نافلة مطلقة كصلاة الليل لعدم التعيين فيها.
"وهل تشترط نية القضاء في الفائتة ونية الفرضية في الفرض على وجهين" قيل هما روايتان إحداهما: لا يشترط جزم به معظم الأصحاب وصححه ابن تميم وغيره لأن التعيين يغني عنها لكون الظهر لا يقع من المكلف إلا فرضا كما أغنى عن نية عدد الركعات والثانية: يشترط وهو قول ابن حامد وصححه في الفروع ليتميز عن ظهر الصبي وعن المعادة.
فعلى هذا يحتاج إلى نية الفعل والتعيين والفرضية وكذا الخلاف في اشتراط نية الأداء في الحاضرة ويصح القضاء بنية الأداء وعكسه إذا بان خلاف ظنه ذكره الأصحاب قالوا ولا يصح القضاء بنية الأداء وعكسه أي مع العلم.
وظاهره أنه لا يشترط إضافة الفعل إلى الله تعالى فيهما وكذا في جميع العبادات في قول الأصحاب وقال أبو الفرج الأشبه اشتراطه وقيل يشترط فيما يقصد لعينه كالصلاة والصيام دون الطهارة.
تنبيه : إذا نوى من عليه ظهران فائتتان ظهرا منهما لم يجزئه عن واحدة منهما حتى يعين السابقة لأجل الترتيب وقيل بلى كصلاتي نذر لأنه مخير.

ويأتي بالنية عند تكبيرة الإحرام فإن تقدمت قبل ذلك بالزمن اليسير جاز ويجب أن يستصحب حكمها إلى آخر الصلاة
ـــــــ
هنا في الترتيب وإن قصد بالفائتة أنها ظهر أمسه والحاضرة أنها ظهر يومه لم يحتج إلى وصفهما بالقضاء والأداء فإن كانتا عليه وحاضرة فترك شرطا في واحدة لزمه إعادة واحدة في الأشهر فإذا ظن أن عليه فائتة فنواها في وقت حاضرة مثلها ثم بان أنها لم تكن عليه لم تجزئه عن الحاضرة في الأظهر قاله ابن تميم.
والثاني: تجزئه كما لو نوى ظهر أمس وعليه ظهر يوم قبله.
"ويأتي بالنية عندتكبيرة الإحرام" لأنه أول الصلاة لتكون النية مقارنة للعبادة ويشترط أن يدخل فيها بنية جازمة فإن دخل بنية مترددة لم يصح.
"فإن تقدمت قبل ذلك بالزمن اليسير" عرفا "جاز" هذا ظاهر ما في التلخيص و المحرر وقدمه ابن تميم والجد لأنها عبادة فجاز تقديم نيتها عليها كالصوم ولأن أولها من أجزائها فكفى استصحاب النية فيها كسائر أجزائها.
وذكر السامري وابن الجوزي أنه لا يجوز تقديمها إلا بعد دخول الوقت بالزمن اليسير وقدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز وعليه شرح ابن الزاغوني كلام الخرقي معللا بأنها ركن فلا تقبل قبل الوقت كبقية الأركان.
وقال الآمدي يجوز بالزمن الطويل كالصوم ويحتمله كلام الخرقي واشترط الآجري مقارنتها للتكبير كالشافعي وهذا كله ما لم يفسخها أي يقطعها وبقاء إسلامه قال في الوسيلة و التعليق أو يشتغل بعمل ونحوه كعمل من سلم عن نقص وقيل أو يتكلم وكذا الحكم في سائر العبادات.
فرع: تصح النية للفرض من القاعد وفي التلخيص لا وعليه لا ينعقد نفلا.
"ويجب أن يستصحب حكمها إلى آخر الصلاة" لأن كل عبادة يشترط لها

فإن قطعها في أثنائها بطلت، وإن تردد في قطعها فعلى وجهين،
ـــــــ
النية فيشترط استصحابها كالصوم ومعنى الاستصحاب أن لا ينوي قطعها فدل على أنها إذا ذهل عنها أو عزبت عنه في أثنائها أنها لا تبطل لأن التحرز من هذا غير ممكن.
"فإن قطعها في أثنائها بطلت" نص عليه لأن النية شرط وقد قطعها أشبه ما لو سلم ينوي الخروج منها وفي ثانية لا تبطل كالحج وفرق في المغني و الشرح بأن الحج لا يخرج منه بمحظوراته بخلاف الصلاة وقيل لا تبطل إن أعادها قريبا وهو بعيد.
"وإن تردد في قطعها" أو عزم على النسخ "فعلى وجهين" أحدهما لا تبطل وهو قول ابن حامد لأنه دخل بنية متيقنة فلا تزول بالشك كسائر العبادات والثاني تبطل وجزم به في الوجيز لأن استدامة النية شرط ومع التردد لا يبقى مستديما وكذا إن علق قطعها على شرط بكذا في الرعاية أنها لا تبطل وظاهره أنه إذا عزم على فعل محظور كالحديث أنها لا تبطل وصرح به جمع.
أصل : إذا شك فيها في النية أو في تكبيرة الإحرام استأنفها لأن الأصل عدمها فإن ذكر ما شك فيه قبل قطعها فقدم في الرعاية أنه إن أطال استأنفها وإلا فلا.
وقال جماعة إن لم يكن أتى بشيء من أفعال الصلاة بنى لأنه لم يوجد مبطل لها وإن كان قد عمل فيها عملا مع الشك بنى في قول ابن حامد وقاله في التلخيص لأن الشك لا يزيل حكم النية وقال القاضي تبطل وجزم به في الكافي لخلوه عن نية معتبرة.
وقال المجد إن كان العمل قولا لم تبطل كتعمد زيادة ولا يعتد به وإن كان فعلا كركوع وسجود بطلت لعدم جوازه كتعمده في غير موضعه وحسنه ابن تميم .

فإن أحرم بفرض فبان قبل وقته انقلبت نفلا وإن أحرم به في وقته ثم قلبه نفلا جاز ويحتمل أن لا يجوز إلا لعذر مثل أن يحرم منفردا فيريد الصلاة في جماعة
ـــــــ
"فإن أحرم بفرض فبان قبل وقته" أو بان عدمه أو بفائتة فلم تكن "انقلبت نفلا" لأن نية الفرض تشمل نية النفل فإذا بطلت نية الفرض بقيت نية مطلق الصلاة.
وعنه لا تنعقد لأنه لم ينوه وظاهره أنه إذا أحرم به قبل وقته مع علمه أنها لا تنعقد وهو كذلك في الأصح.
"وإن أحرم به في وقته ثم قلبه نفلا جاز" قدمه جماعة وهو المذهب لأنه إكمال في المعنى كنقض المسجد للإصلاح ولأن نية النفل تضمنتها نية الفرض لكنه يكره لكونه أبطل عمله.
وقال القاضي في موضع لا تصح رواية واحدة كما انتقل من فرض إلى آخر.
وفي الجامع أنه يخرج على روايتين وصحح في المذهب أنه لا تصح لأنه أبطل عمله لغير سبب ولا فائدة.
"ويحتمل أن لا يجوز إلا لعذر" أي لغرض صحيح "مثل أن يحرم منفردا فيريد الصلاة في جماعة" قدمه غير واحد لأنه ينتقل إلى أفضل من حاله وذلك مطلوب في نظر الشرع وهل ذلك أفضل أم تركه على روايتين صرح في الشرح بعدم الكراهة.
وعنه لا يجوز حكاها القاضي وعن أحمد فيمن صلى ركعة من فريضة منفردا ثم حضر الإمام وأقيمت الصلاة يقطع صلاته ويدخل معهم.
يتخرج منه قطع النافلة بحضور الجماعة بطريق الأولى فإن دخل معهم قبل قطعه ففي الإجزاء روايتان.

وإن انتقل من فرض إلى فرض بطلت الصلاتان ومن شرط الجماعة أن ينوي الإمام والمأموم حالهما
ـــــــ
"وإن انتقل من فرض إلى فرض بطلت الصلاتان" لأنه قطع نية الأولى ولم ينو للثانية من أولها.
وقال ابن حمدان إن قلنا لا تجب نية القضاء صح ما نقله إليه دون ما نقله عنه.
وفي الفروع أنه إذا نوى الثاني من أوله بتكبيرة الإحرام أنه يصح وفي نفله الخلاف.
وكذا كل صلاة نواها فرضا واعتقد جوازه بعد إتمامها فرضا كصلاة الفذ خلف الصف وفي الكعبة وخلف الصبي والمتنفل على رواية والأقيس بقاؤها نفلا وإن اعتقد عدم جوازه فوجهان وظاهره البطلان.
وقوله بطلت الصلاتان فيه تجوز لأن الثانية لا توصف به.
"ومن شرط الجماعة أن ينوي الإمام والمأموم حالهما" أي يشترط أن ينوي الإمام الإمامة على الأصح كالجمعة وفاقا والمأموم لحاله لأن الجماعة تتعلق به أحكام وجوب الإتباع وسقوط السهو عن المأموم وفساد صلاته بصلاة إمامه وإنما يتميزان بالنية فكانت شرطا رجلا كان المأموم أو امرأة صرح به في المستوعب.
وقيل إن كان المأموم امرأة لم يصح ائتمامها به إلا بالنية لأن صلاته تفسد إذا وقفت بجنبه ونحن نمنعه ولو سلم فالمأموم مثله ولا ينوي كونها معه في الجماعة فلا عبرة بالفر.ق
وعنه يشترط في الفرض وظاهره أنه إذا نوى أحدهما دون الآخر لم يصح لأن الجماعة إنما تنعقد بالنية فاعتبرت منهما جميعا وأنه إذا اعتقد كل منهما أنه إمام الآخر أو مأمومه فسدت صلاتهما نص عليه لأنه ائتم بمن ليس

وإن أحرم منفردا ثم نوى الائتمام لم يصح في أصح الروايتين.
ـــــــ
بإمام في الصورة الثانية وأم من لم يأتم به في الأولى.
وقيل: تصح فرادى جزم به في الفصول وإن لم يعتبر نية الإمامة صحت في الأولى فرضا فرادى وكذا إذا نوى إمامة من لا يصح أن يؤمه كامرأة تؤم رجلا.
وإن شك في كونه إماما أو مأموما لم يصح لعدم الجزم بالنية وفي المجرد ولو بعد الفراغ لا تصح صلاة الإمام في الأشهر.
مسائل
الأولى : لا يشترط تعيين الإمام وقيل بلى فعلى الأولى لو عينه فبان غيره بطلت وفيه وجه يتمها منفردا.
الثانية : لا يشترط تعيين المأموم وقيل بلى فعلى الأول إن عين مأموما وأخطأ ففي صحة صلاته وجهان.
الثالثة : إذا جهل ما قرأ به إمامه لم يضر في الأشهر.
الرابعة : إذا أحرم بجماعة فانفضوا قبل ركوعهم بطلت وقيل يتمها وحده وكذا إن أحرم ظنا أنه يأتيه مأموم ثم لم يأت وإن فعل ذلك وهو لا يرجو مجيء أحد لم تصح صلاته في الأصح وإن نوى زيد الاقتداء بعمرو ولم ينو عمرو الإمامة صحت صلاة عمرو وحده.
"وإن أحرم منفردا ثم نوى الائتمام لم تصح في أصح الروايتين" وهو المذهب وصححه في الشرح و الفروع وجزم به في الوجيز لأنه لم ينو الائتمام في ابتداء الصلاة ولأنه نقل نفسه مؤتما فلم يجز كنية إمامته فرضا ولا فرق بين أن يصلي وحده ركعة أو لا وفارق نقله إلى الإمامة للحاجة إليه.
والثانية تصح كما لو نوى الإمامة ولأنه نقل نفسه إلى الجماعة فعلى هذا

وإن نوى الإمامة صح في النفل ولم يصح في الفرض ويحتمل أن تصح وهو أصح عندي فإن أحرم مأموما ثم نوى الانفراد لعذر جاز
ـــــــ
يكره وعنه لا ومتى فرغ قبل إمامه فارقه وسلم نص عليه وإن انتظره ليسلم معه جاز "وإن" أحرم منفردا ثم "نوى الإمامة صح في النفل" قدمه في المحرر قال ابن تميم وغيره وهو المنصوص "لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام يتهجد وحده فجاء ابن عباس فأحرم معه فصلى به النبي صلى الله عليه وسلم" متفق عليه.
"ولم يصح في الفرض" على المذهب لأنه لم ينو الإمامة في ابتداء الصلاة أشبه ما لو أحرم يوم الجمعة بعد الخطبة وكمال العدد ثم انفضوا فأحرم بالظهر ثم تكامل العدد وهو في الصلاة فنوى الجمعة وعنه لا تصح في فرض ولا نفل قدمه في التلخيص وقطع به بعضهم.
وفي الفروع اختاره الأكثر لأنه لم ينو الإمامة في ابتدائها أشبه ما لو ائتم بمأموم.
"ويحتمل أن تصح" فيهما "وهو أصح عندي" هذا رواية عنه واختارها المؤلف والشيخ تقي الدين لأنه عليه السلام أحرم وحده فجاء جابر وجبار فصلى بهما رواه أبو داود قاله في الشرح.
قلت: رواه مسلم في صحيحه ولأن الأصل مساواة الفرض للنفل في النية والحاجة داعية إلى ذلك فصح كحالة الاستخلاف "فإن أحرم مأموما ثم نوى الانفراد لعذر" كمرض وغلبة نعاس وتطويل إمام وغير ذلك جاز لما روى جابر قال "صلى معاذ بقومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده فقيل له فقال لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال أفتان أنت يا معاذ مرتين" متفق عليه ولم يأمره بالإعادة.
وكالطائفة الأولى في صلاة الخوف فلو زال عذره وهو يصلي فله الدخول معه ولا يلزمه وكمسبوق مستخلف أتم من خلفه صلاتهم فعلى هذا إن فارقه في ثانية الجمعة لعذر أتمها جمعة كمسبوق وإن فارقه في

وإن كان لغير عذر لم يجز في إحدى الروايتين وإن نوى الإمامة لاستخلاف الإمام إذا سبقه الحدث صح في ظاهر المذهب
ـــــــ
الأولى فكمزحوم فيها حتى تفوته الركعتان.
وإن قلنا لا تصح الظهر قبل الجمعة أتم نفلا وإن فارقه في قيام أتى ببقية القراءة وبعدها له الركوع في الحال وإن ظن في صلاة سر أن الإمام قرأ لم يقرأ وعنه بلى لأنه لم يدرك معه الركوع.
فرع: لو سلم من له عذر ثم صلى وحده فظاهر كلامهم لا يجوز فيحمل فعل من فارق معاذا على ظن الجواز لكن لم ينكر عليه فدل على جوازه وذكره في شرح مسلم.
"وإن كان لغير عذر لم يجز في إحدى الروايتين" وهي الأصح كما لو ترك متابعة إمامه بغير نية المفارقة والثانية يجوز ولا تبطل كما إذا نوى المنفرد الإمامة بل هاهنا أولى فإن المأموم قد يصير منفردا بغير نية وهو المسبوق إذا سلم إمامه والمنفرد لا يصير مأموما بغير نية بحال قال ابن تميم والإمام كالمأموم في ذلك.
فرع : تبطل صلاة مأموم ببطلان صلاة إمامه لعذر أو غيره اختاره الأكثر لا عكسه في الأظهر ويتمها منفردا وعنه لا تبطل صلاة مأموم ويتمونها فرادى والأشهر أو جماعة اختاره جمع وقال القاضي وصاحب التلخيص إن فسدت صلاته بترك ركن فسدت صلاتهم رواية واحدة وإن كان بفعل منهي عنه كالحدث والكلام فروايتان.
واستثنى في المستوعب إذا صلى بهم محدثا ولم يذكر حتى سلم فإنه لا تبطل صلاتهم رواية واحدة استحسانا.
"وإن" أحرم مأموما ثم "نوى الإمامة لاستخلاف الإمام إذا سبقه الحدث صح في ظاهر المذهب" وهو المنصور عند أصحابنا لما روي أن عمر لما طعن أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه فأتم بهم الصلاة رواه البخاري فما


ـــــــ
عابه عائب ولا أنكره منكر فكان كالإجماع ولفعل علي رواه سعيد.
وظاهره: سواء قلنا ببطلان صلاة الإمام أولا وبالجملة فقد اختلفت الرواية فيها والأصح أنها باطلة كتعمده ولقوله عليه السلام: "إذا فسا أحدكم في صلاته فلينصرف فليتوضأ وليعد الصلاة" رواه أبو داود بإسناد جيد من حديث علي بن طلق.
وعنه إن كان من السبيلين ابتدأ ومن غيرهما يبني لأن نجاستهما أغلظ.
وعنه يبني مطلقا اختاره الآجري لخبر رواه ابن ماجة والدارقطني عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم" .
فعلى هذا إذا احتاج إلى عمل كثير فوجهان أصحهما البناء قاله ابن تميم.
وعنه يخير والأول أولى وحديث عائشة فيه إسماعيل بن عياش عن ابن جريج وهو حجازي وروايته عن الحجازيين ضعيفة عند أكثر المحدثين وإن سبق الإمام الحدث فجهل هو والمأموم حتى فرغوا من الصلاة فصلاة المأموم صحيحة.
تنبيه : إذا لم يستخلف الإمام فاستخلف الجماعة أحدهم أو مسبوقا منهم أو من غيرهم أو استخلف كل طائفة رجلا أو صلى بعضهم فرادى أو كلهم أو تطهر الإمام وأتم بهم قريبا وبنى صح الكل على المذهب
وله أن يستخلف لحدوث مرض أو خوف أو حصر عن قراءة واجبة أو قصر ونحوه وظاهره وجنون وإغماء واحتلام ولو مسبوقا نص عليه ويستخلف من يسلم بهم.
وله استخلاف من لم يدخل معه نصا ويبني على ترتيب الأول في الأصح,

وإن سبق اثنان ببعض الصلاة فائتم أحدهما بصاحبه في قضاء ما فاتهما فعلى وجهين وإن كان لغير عذر لم يصح وإن أحرم إماما لغيبة إمام الحي ثم حضر في أثناء الصلاة فأحرم بهم
ـــــــ
فإن استخلف في الركوع لغت تلك الركعة.
وقال ابن حامد إن استخلفه فيه أو بعده قرأ لنفسه وانتظره المأموم ثم ركع ولحق المأموم وإن استخلف امرأة وفيهم رجل أو أميا وفيهم قارئ صحت صلاة الثاني بالنساء والأميين فقط وقال في الرعاية ومن استخلف فيما لا يعتد له به لم يمنع اعتداد المأموم به.
"وإن سبق اثنان" أو أكثر "ببعض الصلاة فائتم أحدهما بصاحبه في قضاء ما فاتهما" أو ائتم مقيم بمثله إذا سلم إمام مسافر "فعلى وجهين" أحدهما يصح قدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز لأنه انتقال من جماعة إلى جماعة لعذر فجاز كالاستخلاف واستدل في الشرح بقضية ابي بكر حين تأخر وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وفيه نظر.
والثاني لا يصح لأنه ثبت لكل منهما حكم الانفراد بسلام إمامه فصار كالمنفرد ابتداء وبناه في الشرح على عدم الاستخلاف وعنه لا يصح هنا وإن صح في التي قبلها اختاره المجد وعلى الأول محله في غير الجمعة كما جزم في الوجيز وصرح به القاضي لأنها إذا أقيمت بمسجد مرة لم تقم فيه ثانية.
"وإن كان لغير عذر" السبق "لم يصح" كاستخلاف إمام بلا عذر لأن مقتضى الدليل منعه وإنما ثبت جوازه في محل العذر لقضية عمر فيبقى فيما عداه على مقتضاه وظاهر كلامه في الكافي و الشرح أن هذا راجع إلى المسألة قبلها وظاهر كلامه في التلخيص أن في جواز ذلك من غير عذر روايتين.
"وإن أحرم إماما لغيبة إمام الحي ثم حضر في أثناء الصلاة فأحرم بهم ,

وبنى على صلاة خليفته وصار الإمام مأموما فهل تصح على وجهين
ـــــــ
وبنى على صلاة خليفته وصار الإمام مأموما فهل تصح على وجهين" أشهرهما: أنه يصح ويجوز لما روى سهل بن سعد "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو ابن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فصلى أبو بكر وجاء النبي صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف وتقدم فصلى بهم" متفق عليه.
والثاني: لا صححه في الوسيلة وذكر أنه اختيار أبي بكر لعدم الحاجة إليه وفعله عليه السلام يحتمل أن يكون خاصاً له لأن أحدا لا يساويه في الفضل ولا ينبغي لأحد أن يتقدم عليه بخلاف غيره كما قال أبو بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل يجوز ذلك للإمام الأعظم فقط.

باب صفة الصلاة
السنة أن يقوم إلى الصلاة إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة
ـــــــ
باب صفة الصلاةيسن الخروج إليها بسكينة ووقار لخبر أبي هريرة في الصحيحين ويقارب خطاه ويقول ما ورد فمنها ما رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خرج من بيته إلى الصلاة فقال اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وأسألك بحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك وأسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أقبل الله إليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك" .
فإذا وصل المسجد قدم رجله اليمنى في الدخول واليسرى في عكسه ويقول ما ورد ولا يشبك أصابعه ولا يخوض في حديث الدنيا ويجلس مستقبل القبلة وإن سمع الإقامة لم يسع إليها إذا كان خارجه ونصه لا بأس به يسيرا إن طمع أنه يدرك التكبيرة الأولى واحتج بأنه جاء عن الصحابة وهم مختلفون.
"السنة أن يقوم إلى الصلاة إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة" كذا في الكافي وغيره لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك رواه ابن أبي أوفى ولأنه دعاء إلى الصلاة فاستحب المبادرة إليها.
قال ابن المنذر أجمع على هذا أهل الحرمين وهذا إن رأى الإمام وإلا قام عند رؤيته وقيل إن كان الإمام غائبا لم يصل إلى المسجد وقيل أو في المسجد لم يقوموا حتى يروه وذكر في الشرح أنه إن كان في المسجد أو قريبا منه قاموا قبل رؤيته وإلا فلا.

ثم يسوي الإمام الصفوف ثم يقول الله أكبر
ـــــــ
وعنه ينبغي أن تقام الصفوف قبل أن يدخل الإمام وذكر بعض أصحابنا الأولى أن يقوم إمام ثم مأموم ولا يحرم الإمام حتى تفرغ الإقامة نص عليه وهو قول جل أئمة الأمصار وعلم منه جواز إقامة المقيم قبل ذلك والمراد بالقيام إليها هو التوجه إليها ليشمل العاجز عنه.
"ثم يسوي الإمام الصفوف" بالمناكب والأكعب استحبابا فيلتفت عن يمينه فيقول استووا رحمكم الله وعن يساره كذلك.
وفي الرعاية يقول عن يساره اعتدلوا رحمكم الله.
ويكمل الأول فالأول ويتراصون قال أنس "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل علينا بوجهه قبل أن يكبر فيقول: "تراصوا واعتدلوا" متفق عليه زاد البخاري "فإني أراكم من وراء ظهري" وروي عن عمر وعثمان.
قال في الفروع ويتوجه يجب تسوية الصفوف وهو ظاهر كلام شيخنا لأنه عليه السلام رأى رجلا باديا صدره فقال: "لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" ومن ذكر الإجماع على استحبابه فمراده ثبوت استحبابه لا نفي وجوبه.
فائدة: يمينه والصف الأول وهو ما يقطعه المنبر وعنه ما يليه للرجال أفضل وله ثوابه وثواب من وراءه ما اتصلت الصفوف فكلما قرب منه فهو أفضل وظاهر ما حكاه أحمد عن عبد الرزاق أن بقربه أفضل ومرادهم أن بعد يمينه ليس أفضل من قرب يساره.
وللأفضل تأخير المفضول والصلاة مكانه فتستثنى وظاهر كلام جماعة لا وفي كراهة ترك الصف الأول لقادر وجهان والصف الأخير للنساء أفضل.
"ثم يقول" قائما في فرض مع القدرة "الله أكبر" فلا تنعقد إلا بها نطقا وما روي عن بعضهم أنه سنة وأن الدخول فيها يكفي فيه مجرد النية فقال النووي إنه لا يصح عنهم مع هذه الأحاديث.

لا يجزئه غيرها فإن لم يحسنها لزمه تعلمها فإن خشي فوات الوقت كبر بلغته
ـــــــ
لا يجزئه غيرها نص عليه لما روى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم" رواه أحمد وأبو داود والترمذي مرسلا قال الترمذي هذا أصح شيء في هذا الباب والعمل عليه عند أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة أمرئ حتى يضع الطهور مواضعه ثم يستقبل القبلة ويقول الله أكبر" رواه أبو داود من حديث رفاعة.
وقال عليه السلام للمسيء في صلاته: "إذا قمت فكبر" متفق عليه.
ولم ينقل أنه كان يستفتحها بغير ذلك فلا تنعقد بقول الله الأكبر أو الكبير أو الجليل ولا الله أقبر بالقاف ولا الله فقط وقيل يكره وتصح في الأوليين وظاهره أنه إذا نكسه لا يصح وهو المشهور مسألة: إذا مد همزة الله لم تنعقد لأنه غيّرالمعنى فصار استفهاما وكذا إن قال أكبار لأنه يعني جمع كبر وهو الطبل وإن مططه كره مع بقاء المعنى وصحت.
فرع: إذا تممه راكعا أو أتى به فيه أو كبر قاعدا أو أتمه قائما انعقدت في الأصح نفلا كسقوط القيام فيه ويدرك الركعة إن كان الإمام في نفل ذكره القاضي.
"فإن لم يحسنها لزمه تعلمها" لأنها ركن في الصلاة فلزمه تعلمها كالفاتحة زاد في الرعاية في مكانه أو فيما قرب منه.
وقال في التلخيص إن كان في البادية لزمه قصد البلد لتعلمه ولا تكفيه الترجمة بدلا بخلاف التيمم "فإن" عجز أو "خشي فوات الوقت كبر بلغته" ذكره السامري وغيره

ويجهر الإمام بالتكبير كله ويسر غيره به وبالقراءة
ـــــــ
وصححه ابن تميم وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع لأنه عجز عن اللفظ فلزمه كلفظة النكاح وعنه لا يكبر إلا بنفلة اختاره الشريف لأنه ذكر تعينت صيغته فلم يترجم عنه كالقراءة وكالقادر فيحرم بقلبه وقيل يجب تحريك لسانه وإن قدر على البعض قاله.
وحكم الذكر الواجب كالتكبير في ذلك بخلاف المسنون فإنه لا يأتي به بغيرالعربية نص عليه فإن ترجم عنه بطلت.
فرعان : الأول: إذا عرف لسانا فارسيا وسريانيا فثالثها يخير ويقدمان على التركي وقيل يخير كما يخير بين التركي والهندي.
الثاني : يلزم الأخرس ومن سقط عنه النطق تحريك لسانه بقدر الواجب من القراءة ونحوها ذكره القاضي وصاحب التلخيص وغيرهما لأن الصحيح يلزمه النطق بتحريك لسانه فإذا عجز عن أحدهما لزمه الآخر واختار المؤلف ورجحه في الشرح لا كمن سقط عنه القيام سقط عنه النهوض إليه وإن قدر عليه لأنه عبث ولم يرد الشرع به كالعبث بسائر جوارحه وإنما لزم القادر ضرورة.
"و" يستحب "أن يجهر الإمام بالتكبير كله" بحيث يسمع من خلفه وأدناه سماع غيره وذلك مطلوب لما فيه من متابعة المأمومين لإمامهم وكذا جهره بتسميع وسلام وقراءة في جهرية فإن لم يمكنه إسماعهم جهر به بعضهم ليسمعهم لما في الصحيح عن جابر قال "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر خلفه فإذا كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر أبو بكر يسمعنا" وكذا حكم جهره بتحميد وسلام لحاجة فيسن.
"ويسر غيره به" أي بالتكبير "وبالقراءة" لأنه لا حاجة إليه وربما لبس على المأمومين وإنما سن له الإسرار بها في حال إخفاء الإمام لا في حال جهره لأنه يسن له الإنصات والجمع بين مسنونية الإسرار والإنصات متناقض.

بقدر ما يسمع نفسه ويرفع يديه من ابتداء التكبير ممدودة الأصابع مضمومة بعضها إلى بعض
ـــــــ
"بقدر ما يسمع نفسه" لأنه يجب على كل مصل أن يجهر بكل قول واجب بقدر ما يسمع نفسه لأنه لا يكون كلاما بدون الصوت وهو ما يتأتى سماعه وأقرب السامعين إليه نفسه وهذا ليس يفيد في مسنونية ذلك لأنه لو رفع صوته بحيث يسمع من يليه فقط لكان مسرا آتيا بالمقصود وهذا إن لم يمنع مانع من سماع نفسه فإن كان فبحيث يحصل السماع مع عدمه
"ويرفع يديه" ندباً بغير خلاف نعلمه عند افتتاحها وليس بواجب اتفاقا ويقال لتاركه تارك السنة وقال القاضي لا بأس أن يقال هو مبتدع فإن عجز عن رفع إحدى يديه رفع الأخرى فإن كانتا في كميه رفعهما لخبر وائل بن حجر
"مع ابتداء التكبير" أي يكون ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير وانتهاؤه مع انتهائه نص عليه وهو الصحيح لماروى وائل بن حجر "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع التكبير" ولأن الرفع للتكبير فكان معه
وعنه يرفعهما قبل التكبير ثم يحطهما بعده لأنه ينفي الكبرياء عن غير الله وبالتكبير يثبتها لله والنفي مقدم ككلمة الشهادة وقيل يخير
قال في الفروع وهو أظهر فإن ترك الرفع حتى فرغ من التكبير لم يرفع لأنها سنة فات محلها
"ممدودة الأصابع" لقول أبي هريرة "كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مدا" رواه أحمد وأبو داود والترمذي بإسناد حسن
"مضموما بعضها إلى بعض" هذا هو المذهب لأن الأصابع إذا ضمت تمتد وعنه مفرقة لما روى أبو هريرة قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر نشر أصابعه" ذكره أحمد ورواه الترمذي وقال إنه خطأ ثم لو صح كان معناه المد لأن النشر لا يقتضي التفريق كنشر الثوب.

إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه ثم يضع كف يده اليمنى على كوع اليسرى
ـــــــ
ويكون مستقبلا ببطونهما القبلة ذكره ابن تميم والمبهج و الفروع ولم يذكره آخرون منهم المؤلف وقيل قائمة حال الرفع والحط.
"إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه ذكره في التلخيص وغيره واختاره الخرقي قال في الفروع وهي أشهر لما روى ابن عمر قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ثم يكبر" متفق عليه.
وعن مالك بن الحويرث "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع إلى فروع أذنيه" رواه مسلم وظاهره التخيير لصحة الرواية بهما وعنه يرفعهما إلى منكبيه اختاره الأكثر وذكر في الشرح أن ميل أبي عبد الله إلى هذا أكثر لكثرة رواته من الصحابة وقربهم.
وعنه إلى فروع أذنيه اختاره الخلال وصاحبه وعنه إلى صدره ونقل أبو الحارث يجاوز بهما أذنيه لأنه عليه السلام فعله.
وقال أبو حفص يجعل يديه حذو منكبيه وإبهاميه عند شحمة أذنيه جمعا بين الأخبار وقاله في التعليق ومن لم يقدر على الرفع المسنون حسب إمكانه وإن لم يمكن رفعهما إلا بزيادة على أذنيه رفعهما لأنه يأتي بالسنة وزيادة ويسقط بفراغ التكبير كله.
فائدة: كشف يديه هنا وفي الدعاء أفضل ورفعهما إشارة إلى الحجاب بينه وبين ربه كما أن السبابة إشارة إلى الوحدانية ذكره ابن شهاب.
"ثم يضع كف يده اليمنى على كوع اليسرى" نص عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم وضع اليمنى على اليسرى" رواه مسلم من حديث وائل.
وفي رواية لأحمد وأبي داود ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى،

ويجعلهما تحت سرته وينظر إلى موضع سجوده ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك
ـــــــ
والرسغ والساعد.
ونقل أبو طالب بعضها على الكف وبعضها على الذراع لابطنها على ظاهر كفه اليسرى وجزم بمثله القاضي في الجامع ومعناه ذل بين يدي عز نقله أحمد بن يحيى الرقي وعنه يخير وعنه يرسلهما في صلاة الجنازة وعنه في صلاة التطوع.
"ويجعلهما تحت سرته" في أشهر الروايات وصححها ابن الجوزي وغره لقول علي من السنة وضع اليمنى على الشمال تحت السرة رواه أحمد وأبو داود وذكر في التحقيق أنه لا يصح قيل للقاضي هو عورة فلا يضعهما عليه كالعانة والفخذ فأجاب بأن العورة أولى وأبلغ بالوضع عليه لحفظه.
وعنه تحت صدره وفوق سرته وعنه يخير اختاره في الإرشاد لأن كلا منهما مأثور وظاهره يكره وضعهما على صدره نص عليه مع أنه رواه.
"وينظر إلى موضع سجوده" لما روى أحمد في الناسخ والمنسوخ عن ابن سيرين "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقلب بصره إلى السماء فنزلت {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} فطأطأ رأسه" ورواه سعيد ثنا حماد بن زيد ثنا أيوب عن ابن سيرين وزاد فيه قال كانوا يستحبون للرجل أن لا يجاوز بصره مصلاه ولأنه أخشع وأكف لنظره إلا في صلاة الخوف عند الحاجة وحال إشارته في التشهد فإنه ينظر إلى سبابته لخبر ابن الزبير وصلاته تجاه الكعبة فإنه ينظر إليها.
وفي الغنية يكره إلصاق الحنك بالصدر على الثوب وأنه يروى عن الحسن أن العلماء من الصحابة كرهته.
"ثم يقول" سرا "سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك

ولا إله غيرك ثم يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ـــــــ
ولا إله غيرك" ذكره معظم الأصحاب.
قال الترمذي العمل عليه عند أهل العلم من التابعين وغيرهم ونص عليه لأنه عليه السلام كان يستفتح بذلك رواه أحمد وأبو داود والترمذي ولفظه له من حديث أبي سعيد وهو من رواية علي بن علي الرفاعي وقد وثقه أبو زرعة وابن معين وتكلم فيه بعضهم.
وصحح أحمد قول عمر بمحضر من الصحابة وهو من رواية عبدة عن عمر ولم يدركه وبأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ليست بذاك وليست وجهت وجهي والآية بعدها أفضل لخبر علي.
واختار الآجري قول ما في خبر علي كله واختار ابن تقي الدين أن جمعهما أفضل ويجوز بما ورد نص عليه.
قال الشيخ تقي الدين الأفضل أن يأتي بكل نوع أحيانا وكذا صلاة الخوف.
ولا يجهر به إمام وإنما جهر به ليعلم الناس
"ثم يقول" سرا قبل القراءة نص عليه "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" ذكره في الكافي وقدمه في الرعاية واختاره القاضي في الجامع لقوله تعالى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} أي إذا أردت القراءة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقولها قبل القراءة.
وعنه أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم جزم به في المحرر وقدمه في التلخيص لحديث أبي سعيد المرفوع قال الترمذي هو أشهر حديث في الباب وهو متضمن للزيادة والأخذ بها أولى لكن ضعفه أحمد وعنه بعد كمالها إن الله هو السميع العليم اختارها في التنبيه والقاضي في المجرد وابن عقيل والسامري جمعا بين الأدلة وكيفما تعوذ فحسن وهذا كله واسع .

ثم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وليست من الفاتحة
ـــــــ
مسألة: الاستفتاح والتعوذ سنتان نص عليه وعنه واجبان اختاره ابن بطة وعنه التعوذ ويسقطان بفوات محلهما كالبسملة واختار الشيخ تقي الدين التعوذ أول كل قربة
"ثم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم" في أول الفاتحة وأول كل سورة في قول أكثرهم لما روى نعيم المجمر قال "صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ ولا الضالين" الحديث ثم قال والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه النسائي وفي لفظ لابن خزيمة والدارقطني "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم وأبو بكر وعمر" وزاد ابن خزيمة "في الصلاة"
"وليست من الفاتحة" جزم به أكثر الأصحاب وصححه ابن الجوزي وابن تميم والجد وحكاه القاضي إجماعا سابقا وكغيرها لما روى أبو هريرة قال "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال الله تعالى حمدني عبدي " رواه مسلم
ولو كانت آية لعدها وبدأ بها ولما تحقق التنصيف لأن ما هو ثناء وتمجيد أربع آيات ونصف وما هو للآدمي اثنان ونصف لأنها سبع آيات إجماعا لكن حكى الرازي عن الحسن البصري أنها ثمان آيات وقال النبي صلى الله عليه وسلم "في {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: 1] "إنها ثلاثون آية" رواه أحمد وأبو داود والترمذي بإسناد حسن
ولا يختلف العادون أنها ثلاثون آية بدون البسملة وهي قرآن على الأصح آية منه وكانت تنزل فصلا بين السورغير براءة وعنه ليست من القرآن إلا في النمل فإنها بعض آية فيها إجماعا فلهذا نقل ابن الحكم لا تكتب أمام الشعر ولا معه وذكر الشعبي أنهم كانوا يكرهونه.

وعنه أنها منها ولا يجهر بشيء من ذلك
ـــــــ
قال القاضي لأنه يشوبه الكذب والهجر غالبا.
"وعنه أنها منها" اختارها ابن بطة وأبو حفص وصححه ابن شهاب لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أنزل علي سورة فقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} " رواه مسلم "وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقراءتها مع الفاتحة" رواه الدارقطني بإسناد رجاله ثقات واحتج أحمد بأن الصحابة أجمعوا على كتابتها في المصاحف.
ثم اعلم أن مسألة البسملة عظيمة صنف فيها الأئمة منهم الخطيب البغدادي قال الأصوليون وقوة الشبهة في {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} منعت التكفير من الجانبين فدل على أنها ليست من المسائل القطعية خلافا للقاضي أبي بكر.
فائدة: تكتب أوائل الكتب كما كتبها سليمان والنبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية وإلى قيصر وغيره نص عليه فتذكر في ابتداء جميع الأفعال وعند دخول المنزل والخروج منه للتبرك وهي تطرد الشيطان وإنما يستحب إذا ابتدأ فعلا تبعا لغيرها لا مستقلة فلم تجعل كالحمدلة ونحوها.
"ولا يجهر بشيء من ذلك" قد مضى شرحه والآن لا يجهر بالبسملة وإن قلنا هي من الفاتحة.
قال في الشرح لا خلاف عنه فيه وحكى الترمذي أنه قول أكثر العلماء من الصحابة والتابعين منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.
وقد روى أحمد والنسائي على شرط الصحيح لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم وفي لفظ البخاري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين وفي رواية مسلم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها.

ثم يقرأ الفاتحة
ـــــــ
وعنه يجهر لأخبار منها ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أم الناس قرأ بسم الله الرحمن الرحيم قال الدارقطني إسنادهم كلهم ثقات.
وعنه بالمدينة ليتبين أنها سنة لأن أهل المدينة ينكرونها كما جهر ابن عباس بقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة وعنه يجهر في نفل وقيل إن قلنا هي من الفاتحة جهر بها واختار تقي الدين يجهر بها وبالتعوذ وبالفاتحة بالجنازة ونحو ذلك أحيانا فإنه المنصوص عن أحمد تعليما للسنة وللتأليف.
ويخير في غير صلاة في الجهر بها نقله الجماعة وكالقراءة والتعوذ وعنه يجهر وعنه لا.
"ثم يقرأ الفاتحة" وهي ركن في كل ركعة في ظاهر المذهب لما روى عبادة مرفوعا "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" متفق عليه "وفي لفظ لا تجزئ صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" رواه الدارقطني وقال إسناده صحيح.
وعن أبي هريرة مرفوعا " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج يقوله ثلاثا" رواه مسلم والخداج النقصان في الذات نقص فساد وبطلان تقول العرب أخدجت الناقة ولدها أي ألقته وهو دم لم يتم خلقه.
فإن نسيها في ركعة لم يعتد بها وذكر ابن عقيل أنه يأتي بها فيما بعدها مرتين ويعتد بها ويسجد للسهو وعنه في الأوليين وعنه يكفي آية من غيرها وظاهره ولو قصرت ولو كانت كلمة وعنه سبع وعنه ما تيسر وعنه لا تجب قراءة في غيرالأوليين والفجر لقول علي.
وحكى أبو الخطاب عن بعض العلماء أن الفاتحة تتعين في ركعة ويأتي حكم المأموم في قراءتها.
بديعة : سميت بالفاتحة لأنه يفتتح بقراءتها في الصلاة وبكتابتها في المصاحف وتسمى الحمد والسبع المثاني وأم الكتاب والواقية والشافية ,

وفيها إحدى عشرة تشديدة فإن ترك ترتيبها أو تشديدة منها أو قطعها بذكر كثير أو لزمه استئنافها
ـــــــ
والأساس والصلاة وأم القرآن لأن المقصود منه تقرير أمور الإلهيات والمعاد والنبوات وإثبات القضاء والقدر لله تعالى ف {الْحَمْدُ لِلَّهِ} إلى {الرَّحِيمِ} يدل على الإلهيات و {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} يدل على المعاد و {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} يدل على نفي الجبر والقدر وعلى إثبات أن الكل بقضاء الله تعالى و {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} إلى آخرها يدل على الثواب وتسمى الشفاء والشافية والسؤال والدعاء.
وقال الحسن أودع الله تعالى فيها معاني القرآن كما أودع فيه معنى الكتب السابقة وهي أفضل سورة قاله ابن شهاب وغيره وهي مكية وقال مجاهد مدنية وخطئ في ذلك وقيل نزلت مرتين فهي مكية مدنية.
"وفيها إحدى عشرة تشديدة" بغير خلاف وهذا على المذهب وعلى أن البسملة آية منها فيصير فيها أربعة عشرة تشديدة لأن فيها ثلاثة ويلزمه أن يأتي بقراءتها مرتبة مشدّدة غير ملحون فيها لحنا يحيل المعنى مثل كسر كاف {إِيَّاكَ} أو ضم تاء {أَنْعَمْتَ} أو فتح همزة الوصل في {اهْدِنَا}.
"فإن ترك ترتيبها أو تشديدة منها أو قطعها بذكر كثير أو لزمه استئنافها" وفيه مسائل.
الأولى : إذا ترك ترتيب الفاتحة ابتدأها لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها مرتبة متوالية وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" ولأن القرآن معجز والإعجاز يتعلق بالنظم والترتيب وهي ركن فلم يجز تنكيسها كتكبيرة الإحرام.
الثانية: إذا ترك شدة منها لزمه استئنافها لأن الشدة أقيمت مقام حرف ومن ترك حرفا منها فكأنه لم يقرأها لأن المركب ينعدم بعدم جزء من أجزائه.
وذكر القاضي في الجامع أنها لا تبطل بترك شدة لأنها غير ثابتة في خط المصحف وإنما هي صفة للحرف ويسمى تاركها قارئا للفاتحة ولا يختلف.

.
ـــــــ
المذهب أنه إذا لينها ولم يحققها على الكمال أنه لا يعيد الصلاة لأن ذلك لا يحيل المعنى ويختلف باختلاف الناس.
قال في المغني و الشرح ولعله إنما أراد في الجامع هذا المعنى فيكون قوله متفقا وفيه نظر.
الثالثة : إذا أطال قطعها بذكر كثير أوسكوت طويل غير مأموم لزمه استئنافها لأنه يعد معرضا عن الفاتحة بذلك وهو على أضرب:
أحدها : قطع بذكر أو سكوت مشروع كالتأمين وسجود التلاوة والتسبيح بالتنبيه واستماع قراءة الإمام فإنه لا يؤثر وإن طال ذكره ابن تميم وكذا إذا سمع آية تقلد فسأل أنه لا يعد معرضا وفي الشرح أنه إذا كثر استأنفها
الثاني : قطع غير مشروع كالتهليل والتسبيح فذكر القاضي أن ذلك مبطل لها والأصح أن الكثير مبطل لأنه أحل بالموالاة بخلاف اليسير فإنه يعفى عنه.
الثالث : قطع بسكوت طويل غير مشروع فهذا مبطل لها في ظاهر كلام الجماعة وسواء كان باختيار أو مانع من عقله أو أرتج عليه لكن إن كان يسيرا جرت العادة به لم يقطع قراءتها سواء نوى قطعها أولا لأنه يسير فعفي عنه.
وقال القاضي يكون قطعها مع النية لتحقق الإعراض ولو نوى قطع القراءة لم يقطع لأن القراءة باللسان فلم ينقطع بخلاف نية الصلاة.
وقيل إن سكت مع ذلك يسيرا انقطعت.
الرابع: قطع بسكوت طويل مشروع كالمأموم يشرع في القراءة ثم يسمع قراءة الإمام فينصت ثم يتمها بعد فراغ إمامه فهذا لا يؤثر لأنه مشروع.

فإذا قال {وَلا الضَّالِّينَ} قال آمين يجهر بها الإمام والمأموم في صلاة الجهر
ـــــــ
كالذكر
مسألة : يستحب أن يقرأها مرتلة معربة يقف عند كل آية لقراءته عليه السلام ويكره الإفراط في التشديد والمد والترجيع وإن أحال منها معنى بلحن يقدر على إصلاحه لم يعتد به وإن لم يحل صح ذكره جماعة فإن قرأ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} بظاء قائمة فأوجه ثالثها إن عرف الفرق بينهما بطلت وإلا فلا
"فإذا قال {وَلا الضَّالِّينَ} قال آمين" بعد سكتة لطيفة ليعلم أنها ليست من القرآن وإنما هي طابع الدعاء ومعناه اللهم استجب وقيل اسم من أسمائه تعالى.
ويحرم تشديد الميم لأنه يصير بمعنى قاصدين ويخير في مد همزته وقصرها والمد أولى ذكره القاضي.
"يجهر بها الإمام والمأموم في صلاة الجهر" لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له" متفق عليه.
وروى أبو وائل "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول آمين يمد بها صوته" رواه أحمد وأبو داود والدارقطني وصححه .
وقال عطاء كان ابن الزبير يؤمن ويؤمنون حتى إن للمسجد للجة رواه الشافعي.
وعن أحمد ترك الجهر وعلى الأولى وهي الأصح يقولها المأموم بعد الإمام وذكر جماعة معا.
وإن تركه إمام أو أسره جهر به مأموم ليذكر الناس فإن تركه حتى قرأ

فإن لم يحسن الفاتحة أو ضاق الوقت إن تعلمها قرأ قدرها في عدد الحروف وقيل في عدد الآيات من غيرها فإن لم يحسن إلا آية واحدة كررها بقدرها
ـــــــ
غيره لم يقله
ولم يتعرض المؤلف لذكر المنفرد وحكمه الجهر بها قياسا عليهما
فرع: إذا قال آمين رب العالمين فقياس قول أحمد في التكبير الله أكبر كبيرا لا يستحب
"فإن لم يحسن الفاتحة" لزمه تعلمها لأنها واجبة في الصلاة فلزمه تحصيلها إذا أمكنه كشروطها فإن لم يفعل مع القدرة عليه لم تصح صلاته
فإن كان عاجزا عنه إما لبعد حفظه "أو ضاق الوقت عن تعلمها" سقط
قال أبو الفرج إذا طال زمنه قرأ لما روى رفاعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "إذا قمت إلي الصلاة فإن كان معك قراءة فاقرأ وإلا فاحمد الله وهلله وكبر ثم اركع" رواه أبو داود والترمذي وظاهره أنه لا ينتقل إلى الذكر إلا عند العجز عن القراءة ويعتبر أن يكون ذلك "قدرها في عدد الحروف" هذا قول في المذهب لأن الثواب مقدر بالحرف فكفى اعتباره
"وقيل في عدد الآيات" دون عدد الحروف "من غيرها" لقوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي} ولأنه عليه السلام عد الفاتحة سبعا ولأن من فاته صوم طويل لم يعتبر في القضاء مثله والمذهب أنه يعتبر أن يكون بعدد الآي والحروف من غير نقص لأن الحرف مقصود بدليل تقدير الحسنات به كالآي وليكون البدل كالمبدل حسب الإمكان وعنه يجزئه قراءة آية
"فإن لم يحسن إلا آية كررها بقدرها" قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لأنه بمثابة من قرأها لكونها من جنس الواجب وظاهره لو أحسن آية منها فقط كررها في الأصح لأن الآية منها أقرب شبها إلى بقية الفاتحة

فإن لم يحسن شيئا من القرآن لم يجز أن يترجم عنه بلغة أخرى ولزمه أن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله
ـــــــ
من غيرها.
والثاني: يقرؤها مرة ويعدل إلى الذكر بقدر بقيتها لأنه إذا قرأها مرة فقد أسقط فرضها فيجب أن لا يعيدها كمن وجد بعض ما يكفيه لغسله فإنه يستعمله ثم ينتقل إلى البدل في الباقي.
وذكر بعضهم: أنه إذا كان يحسن آخرها أتى قبله بالذكر كبدل ثم أتى بما يحسن منها وعنه لا يلزمه تكرار آية اختاره ابن أبي موسى.
وقيل يقرأ الآية وشيئا من غيرها.
وظاهر ما سبق أنه إذا أحسن بعض آية لا يكررها ذكره في المغني وغيره بل يعدل إلي غيره وقيل هي كآية والآية الطويلة كآية الدين لا تحتاج إلى تكرار بخلاف القصيرة
"فإن لم يحسن شيئا من القرآن لم يجز أن يترجم عنه بلغة أخرى" في المنصوص وصححه ابن تميم لقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً} [يوسف: 2] و {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195]
قال أحمد القرآن معجز بنفسه أي في اللفظ والمعنى.
قال الأصحاب ترجمته بالفارسية لا تسمى قرآنا فلا يحرم على الجنب ولا يحنث بها من حلف لا يقرأ وقيل يجوز لقوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] وإنما ينذر كل قوم بلسانهم وجوابه ما سبق.
"ولزمه أن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله" لما روى عبد الله بن أبي أوفى "أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم:

فإن لم يحسن إلا بعض ذلك كرره بقدره فإن لم يحسن شيئا من الذكر وقف بقدر القراءة
ـــــــ
إني لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن فعلمني ما يجزئني فعلمه هؤلاء الخمس" رواه أحمد وأبو داود والنسائي والدارقطني وزاد في صلاتي بإسناد حسن ولم يأمره عليه السلام أن يصلي خلف قارئ زاد بعضهم في الحوقلة العلي العظيم ولأن هذا بدل من غير الجنس أشبه التيمم.
وعنه يكرره بقدر الفاتحة وقاله ابن عقيل وابن الجوري.
والمذهب إسقاط الحوقلة كما ذكره في المحرر وقدمه في الفروع.
وعنه يزيد على الخمس جملتين لتصير سبع جمل بدل آيات الفاتحة من أي ذكر شاء فذكر الحلواني يحمد ويكبر وذكر ابنه في التبصرة يسبح ونقله صالح ونقل ابن منصور ويكبر ونقل الميموني ويهلل ونقل عبد الله يحمد ويكبر ويهلل واحتج بخبر رفاعة فدل أنه لا يعتبر الكل ولا شيء معين.
فرع : إذا صلى وتلقف القراءة من غيره صحت ذكره في النوادر وفي الفروع ويتوجه على الأشهر يلزم غير حافظ يقرأ من مصحف.
"فإن لم يحسن إلا بعض ذلك كرره بقدره" كما قلنا فيمن يحسن بعض الفاتحة.
"فإن لم يحسن شيئا من الذكر" زاد بعضهم وعجز عن قارئ يومه "وقف بقدر القراءة" أي قراءة الفاتحة ذكره في المحرر و الوجيز لأن القيام مقصود في نفسه لأنه لو تركه مع القدرة عليه لم يجزئه وإن كان أخرس فمع القدرة تجب القراءة والقيام بقدرها فإذا عجز عن أحدهما لزمه الآخر لقوله عليه السلام "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" .
مسألة يستحب سكوت الإمام بعد الفاتحة ليقرأ من خلفه لئلا ينازع فيها كنصه على السكوت قبلها ونقل عبد الله يسكت قبل القراءة وبعدها وقيل:

ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة تكون في الصبح من طوال المفصل وفي المغرب من قصاره وفي الباقي من أوساطه
ـــــــ
ظاهر كلام أحمد أن السكتة إذا فرغ من القراءة كلها لئلا يصل القراءة بتكبيرة الركوع ولا يسن السكوت ليقرأ المأموم.
"ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة" كاملة ندبا يبتدئها بالبسملة نص عليه سرا وفي المغني و الشرح أن الخلاف في الجهر هنا كالخلاف في أول الفاتحة.
"تكون في الصبح من طوال المفصل" وهو من قاف وفي الفنون من الحجرات وقيل من القتال وقيل من والضحى وهو غريب.
"وفي المغرب من قصاره وفي الباقي من أوساطه" لما روى سليمان بن يسار عن أبي هريرة قال "ما رأيت رجلا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان قال سليمان فصليت خلفه فكان يقرأ في الغداة بطوال المفصل وفي المغرب بقصاره وفي العشاء بوسط المفصل" رواه أحمد والنسائي ولفظه له ورواته ثقات.
وإن قرأ على خلاف ذلك فظاهر كلام جماعة أنه يكره وصرح به في الواضح في المغرب وهذا إن لم يكن عذر فإن كان عذر لم يكره بأقصر من ذلك كمرض وسفر ونحوهما وإن لم يكن عذر كره بقصاره في فجر لا بطواله في مغرب نص عليهما.
وعنه يجب بعدها قراءة شيء فظاهره ولو بعض آية لظاهر الخبر وعلى المذهب تكره الفاتحة فقط وقراءة السورة وإن قصرت أفضل من بعضها.
قال القاضي وغيره تجوز آية إلا أن أحمد استحب كونها طويلة كآية الدين والكرسي ونص أحمد على جواز تفريق السورة في ركعتين لفعله عليه السلام وإن قرأ السورة قبل الفاتحة لم تقع موقعها.
فائدة : ذكر جماعة أنه يقرأ في الثانية أقل من الأولى وفي الظهر أكثر من العصر وذكر الخرقي وتبعه ابن الجوزي والسامري أنه يقرأ في الأولى من

ويجهر الإمام بالقراءة في الصبح والأوليين في المغرب والعشاء وإن قرأ بقراءة تخرج عن مصحف عثمان لم تصح صلاته
ـــــــ
الظهر بنحو ثلاثين آية وفي الأولى من العصر على النصف لفعله عليه السلام رواه مسلم من حديث أبي سعيد ونص عليه في رواية حرب قاله القاضي في الجامع
"ويجهر الإمام في القراءة في الصبح والأوليين في المغرب والعشاء" وهو مجمع على استحبابه لفعله عليه السلام وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف وظاهره انه لا يشرع للمأموم بغير خلاف لأنه مأمور بالإنصات وصرح غير واحد بالكراهة وقيل يجهر في صلاة الجهر بالحمد
ولا للمنفرد والأشهر أنه يخير لأنه لا يراد سماع غيره أشبه المأموم في سكتات الإمام بخلاف الإمام وعنه يسن له لأنه غير مأمور بالإنصات أشبه الإمام
ونقل الأثرم تركه افضل وقيل يجهر بدل الجمعة
وأما المرأة فان لم يسمعها أجنبي فقيل تجهر كالرجل وقيل يحرم قال أحمد لا ترفع صوتها قال القاضي أطلق المنع
فرع : يخير القائم لقضاء ما فاته بين جهر وإخفات ويسر في قضاء صلاة جهر نهارا مطلقا ويجهر بها ليلا في جماعة
مسألة : يكره جهر أمام أو منفرد نهارا في نفل زاد بعضهم لا يسن له الجماعة وقيل لا ويخير ليلا والأولى تركه إذا كان فيه ضرر وفعله إذا كان فيه نفع
"وإن قرأ بقراءة تخرج عن مصحف عثمان" كقراءة ابن مسعود "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" "لم تصح صلاته" جزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية وعنه تصح وذكر ابن المنجا أنه المذهب لأن القرآن ثبت بطريق مقطوع به وهو التواتر ولا تواتر

وعنه: تصح ثم
ـــــــ
فيها بل أجمعت الصحابة على خلاف ذلك.
"وعنه: تصح" جزم به في المغني وقدمه ابن تميم و في الفروع مع الكراهية وذكر الشيخ تقي الدين أنها أنصهما لصلاة الصحابة بعضهم خلف بعض وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد" رواه أحمد وفي ابن المنجا رواه البخاري وهو وهم وقال أئمة من السلف مصحف عثمان أحد الحروف السبعة وشرطه اتصال سنده وفي تعليق الأحكام به الروايتان وظاهر كلام ابن تميم أن الأحكام لا تتعلق بذلك عليهما واختار المجد لا تبطل الصلاة به ولا تجزئ عن ركن القراءة.
تنبيه : ظاهر ما سبق أنها تصح بما وافق مصحف عثمان زاد بعضهم على الأصح وصح سنده وإن لم يكن من قراء العشرة نص عليه وفي تعليق الأحكام به روايتان واختار أحمد قراءة نافع قال في المغني و الشرح من طريق إسماعيل بن جعفر وعنه قراءة أهل المدينة كلها سواء ثم قراءة عاصم من طريق أبي بكر بن عياش ثم قراءة ابن عامر.
وأثنى أحمد على قراءة أبي أنه كره إدغامه الكبير وعنه يحرم وعنه تكره قراءة حمزة روينا لما فيهما من الكسر والإدغام الشديدين وزيادة المد.
فعلى هذا إن أظهر ولم يدغم وفتح ولم يمل فلا كراهة والصلاة بجميع ذلك صحيحة نص عليه وذكر في الشرح أن أحمد لم يكره قراءة أحد من العشرة إلا ما ذكر عن حمزة والكسائي.
وإن كان في القراءة زيادة حرف فهي أولى لأجل العشر حسنات واختار الشيخ تقي الدين أن الحرف الكلمة وفي المذهب يكره بما خالف عرف البلد.
"ثم" إذا فرغ من قراءته ثبت قائما وسكت حتى ترجع إليه نفسه قبل أن

يرفع يديه ويركع مكبرا فيضع يديه على ركبتيه
ـــــــ
يركع ولا يصل قراءته بتكبيرة الركوع قاله أحمد لحديث سمرة فإذا فرغ من القراءة سكت رواه أبو داود.
"يرفع يديه" مع ابتداء الركوع وذلك مستحب في قول خلائق من الصحابة ومن بعدهم لما روى ابن عمر قال "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع رأسه" متفق عليه وروى أحمد بإسناد جيد عن الحسن "أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يفعلون ذلك" وكان ابن عمر إذا رأى رجلا لا يرفع يديه حصبه وأمره أن يرفع ومضى عمل السلف على هذا.
"ويركع مكبرا" وهو مشروع في كل خفض ورفع في قول عامتهم لما روى أبو هريرة قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر إذا قام إلى الصلاة ثم يكبر" متفق عليه.
"فيضع يديه" مفرجتي الأصابع "على ركبتيه" استحبابا في قول الأكثر وذهب قوم إلى التطبيق وهو أن يجعل المصلي إحدى كفيه على الأخرى ثم يجعلهما بين ركبتيه إذا ركع وهذا كان في أول الإسلام ثم نسخ وقد فعله مصعب بن سعد فنهاه أبوه وقال "كنا نفعل ذلك فأمرنا أن نضع أيدينا على الركب" متفق عليه.
وفي حديث رفاعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك" رواه أبو داود.
والمذهب أن يفرج بين أصابعه لأنه عليه السلام فرج أصابعه من وراء ركبتيه رواه أحمد من حديث ابن مسعود.
وذكر ابن الجوزي وفي الكافي أنه يكون قابضا لركبتيه .

ويمد ظهره مستويا ويجعل رأسه حيال ظهره ولا يرفعه ولا يخفضه ويجافي مرفقيه عن جنبيه وقدر الإجزاء الانحناء بحيث يمكن مس ركبتيه
ـــــــ
"ويمد ظهره مستويا ويجعل رأسه حيال ظهره" اتفاقا "ولا يرفعه ولا يخفضه" لما روت عائشة قالت "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع لم يرفع رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك" متفق عليه.
وروي أنه عليه السلام كان إذا ركع لو كان قدح ماء على ظهره ما تحرك لاستواء ظهره ذكره في المغني و الشرح.
والمحفوظ ما رواه ابن ماجة عن وابصة بن معبد قال "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وكان إذا ركع سوى ظهره حتى لو صب عليه الماء لاستقر".
"ويجافي مرفقيه عن جنبيه" لما روى أبو حميد "أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع فوضع يديه على ركبتيه" كأنه قابض عليهما ووتر يديه فنحاهما عن جنبيه رواه أبو داود والترمذي وصححه.
"وقدر الإجزاء" في ركوع "الانحناء بحيث يمس ركبتيه" بيديه كذا ذكره السامري وجماعة لأنه لا يسمى راكعا بدونه ولا يخرج عن حد القيام إلى الركوع إلا به والاعتبار بمتوسطي الناس لا بالطويل اليدين ولا بقصيرهما.
قال ابن تميم وفي الفروع أو قدره من غيره وقيل في أقل منه احتمالان وفي التلخيص وغيره أدناه الانحناء بحيث تنال كفاه ركبتيه وفي الوسيلة نص عليه.
وذكر ابن هبيرة أنهم اتفقوا على أن هذا مشروع وقال المجد وضابط الإجزاء الذي لا يختلف أن يكون انحناؤه إلى الركوع المعتدل أقرب منه إلى القيام المعتدل فإن كانتا عليلتين لا يمكنه وضعهما انحنى ولم يضعهما فإن كانت إحداهما عليلة وضع الأخرى ذكره في المغني.
فرع : إذا سقط من قيام أو ركوع ولم يطمئن عاد إلى الركوع فاطمأن ,

ثم يقول: سبحان ربي العظيم ثلاثا وهو أدنى الكمال ثم يرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده
ـــــــ
ولا يلزمه أن يقوم وإن اطمأن في ركوعه ثم سقط انتصب قائما ثم ولا يعيد الركوع لأن فرضه قد سقط والاعتدال عنه قد سقط بقيامه وإن ركع ثم عجز عن القيام سجد عن الركوع فإن قدر على القيام قبل سجوده عاد إليه وإن كان بعده لم يلزمه العود إلى القيام لأن السجود قد صح وأجزأ فسقط ما قبله.
قال في الشرح فإن قام من سجوده عالما بتحريم ذلك بطلت لأنه زاد فعلا وإن كان جاهلا أو ناسيا فلا ويعود إلى جلسة الفصل ويسجد للسهو.
"ويقول" في ركوعه "سبحان ربي العظيم" لما روى حذيفة قال "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى" رواه الجماعة إلا البخاري.
وعن عقبة بن عامر قال لما نزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الحاقة: 52] قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال اجعلوها في سجودكم" رواه أحمد وأبو داود.
والاقتصار عليها أفضل من غير زيادة وعنه الأفضل ويحمده اختاره المجد.
قال أحمد جاء هذا وهذا والواجب مرة.
"ثلاثا" وهو أدنى "الكمال" لما روى أبو داود والترمذي من حديث عون عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه وإذا سجد قال مثل ذلك" هذا مرسل لأن عونا لم يلق ابن مسعود.
فالكمال للمنفرد وقيل ما لم يخف سهوا وقيل بقدر قيامه وقيل سبع وهو ظاهر كلامه وقيل عشر والإمام إلى عشر وقيل ثلاث ما لم

ويرفع يديه فإذا قام قال: ربنا ولك الحمد
ـــــــ
يؤثر مأموم وقيل مالم يشق وظاهر الواضح قدر قراءته وقال الآجري خمس ليدرك المأموم ثلاثا وأما الوسط فقال أحمد جاء عن الحسن أنه قال التسبيح التام سبع والوسط خمس وأدناه ثلاث.
"ثم يرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده" إن كان إماما أو منفردا لأنه عليه السلام كان يقول ذلك وروى الدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبريدة "يا بريدة إذا رفعت رأسك من الركوع فقل سمع الله لمن حمد ربنا ولك الحمد" وظاهره أن ترتيب هذا الذكر واجب فلو قال من حمد الله سمع له لم يجزئه لتغير المعنى فإن الأول صيغة تصلح للدعاء معنى سمع أجاب والثاني صيغة شرط وجزاء فافترقا أشبه ما لو نكس التكبير.
"ويرفع يديه" لحديث ابن عمر قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع رفعهما" متفق عليه فيرفعهما مع رفع رأسه في رواية لما تقدم.
وعنه بعد اعتداله نقل أحمد بن الحسين أنه رأى أحمد يفعله.
وقيل: يرفعهما المأموم مع رأسه رواية واحدة لأنه ليس في حقه ذكر بعد الاعتدال والرفع إنما جعل هيأة للذكر وكذا المنفرد إن قلنا لا يقول بعد الرفع شيئا.
"فإذا قام" أي اعتدل قائما "قال: ربنا ولك الحمد" هذا مشروع في حق كل مصل في قول أكثر أهل العلم لما روى أبو هريرة قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع ثم يقول وهو قائم ربنا ولك الحمد" متفق عليه.
ويخير بين إثبات الواو وحذفها وبها أفضل نص عليه وهو الأصح للاتفاق عليه من رواية ابن عمر وأنس وأبي هريرة ويكون أكثر حروفا

ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد
ـــــــ
ويتضمن الحمد مقدرا أو مظهرا فإن التقدير ربنا حمدناك ولك الحمد لأن الواو لما كانت للعطف ولا شيء ها هنا يعطف عليه ظاهرا.
دل أن في الكلام مقدرا وهو قول اللهم ربنا ولك الحمد وبلا واو أفضل نص عليه لأنه متفق عليه من حديث أبي هريرة وأكثر فعله عليه السلام اللهم ربنا لك الحمد.
وعنه يقول "ربنا ولك الحمد" ولا يتخير قال في المغني و الشرح وكيفما قال جاز وكان حسنا لأن السنة وردت به.
فرع : إذا عطس حال رفعه فحمد الله لهما لا يجزئه نص عليه لأنه لم يخلصه للرفع وصحح المؤلف الإجزاء كما لو قاله ذاهلا وإن نوى أحدهما تعين ولم يجزئه عن الآخر.
"ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد" أي حمدا لو كان أجساما لملأ ذلك ولمسلم وغيره وملء ما بينهما والأول أشهر في الأخبار.
واقتصر عليه الإمام والأصحاب لما روى ابن أبي أوفى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع ظهره من الركوع قال: "سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد" رواه أحمد ومسلم.
والمعروف في الأخبار السماوات لما روى علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد" رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه وفي المحرر و الوجيز كالمقنع.
وهذا في حق الإمام والمنفرد كسائر الإذكار وهو اختيار الأصحاب إذ

فإن كان مأموما لم يزد على: ربنا ولك الحمد إلا عند أبي الخطاب
ـــــــ
الأصل التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم لا سيما وقد عضده قوله عليه السلام: " صلوا كما رأيتموني أصلي" .
وعنه يقتصر المنفرد على التسميع والتحميد فقط حطا له عن رتبة الإمام ورفعا له عن رتبة المأموم لأنه أكمل منه لعدم تبعيته.
وعنه يسمع فقط وعنه عكسه.
وظاهره أنه لا تستحب الزيادة على ذلك في رواية وخصها في المغني و الشرح بالفريضة وكلام أحمد عام ونقل عنه أبو الحارث إن شاء قال أهل الثناء والمجد قال أحمد وأنا أقوله فظاهره يستحب واختاره أبو حفص وصححه في المغني و الشرح.
"فإن كان مأموما لم يزد على ربنا ولك الحمد" في ظاهر المذهب لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد" متفق عليه.
واقتصاره على أمرهم بذلك يدل على أنه لا يشرع في حقهم سواه ويأتي به حين يرفع لأنه ياخذ في الرفع عقيب تسميع الإمام فيحمد حينئذ وأما الإمام والمنفرد فيقولان ذلك بعد الاعتدال من الركوع لأنهما في حال الرفع يشرعان في التسميع.
"إلا عند أبي الخطاب" فإنه يزيد على ذلك ملء السماء إلى آخره وهو رواية نقلها الأثرم واختارها صاحب النصيحة والشيخ تقي الدين لأنه ذكر مشروع في الصلاة أشبه بقية الأذكار وظاهره اختصاص الزيادة عنده بما بعد التحميد.
وفي المغني لا أعلم خلافا أن المؤتم لا يسمع لأنه أمر بالتحميد عقيب تسميع إمامه وعنه ويسمع وحكاه في المحرر قولا كالإمام والمنفرد ولأنه ذكر مشروع لهما فشرع للمأموم كسائر الأذكار.

ثم يكبر ويخر ساجدا ولا يرفع يديه فيضع ركبتيه ثم يديه.
ـــــــ
وجوابنا: بأن حديثنا خاص بالمأموم وحديث بريدة عام وتقديم الصحيح الخاص أولى مع أن إسناد حديث بريدة فيه جابر الجعفي وعمرو بن شمر وهما ضعيفان عند أكثر المحدثين.
مسألة لم يتعرض المؤلف لهيأة اليدين بعد الرفع والمنصوص عنه إن شاء أرسلهما وإن شاء وضع يمينه على شماله وفي المذهب والتلخيص يرسلهما.
"ثم يكبر ويخر ساجدا" للنصوص "ولا يرفع يديه" في ظاهر المذهب لقول ابن عمر وكان لا يفعل ذلك في السجود متفق عليه وعنه بلى وعنه في كل خفض ورفع وفيه عن ابن عمر وأبي حميد أحاديث صحاح وحيث استحب رفعهما فقال أحمد هو من تمام الصلاة من رفع أتم صلاة وعنه لا أدري.
قال القاضي إنما توقف على نحو ما يقوله ابن سيرين أن الرفع من تمام صحتها لأنه قد حكي عنه أن من تركه يعيد ولم يتوقف أحمد عن التمام الذي هو تمام فضيلة وسنة ومن تركه فقد ترك السنة.
"فيضع ركبتيه ثم يديه" على المشهور في المذهب وهو قول عامتهم لما روى وائل بن حجر قال "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه" رواه النسائي وابن ماجة والترمذي وقال حسن غريب لا نعرف أحدا رواه غير شريك والعمل عليه عند أكثرهم ورواه أبو داود بإسناد جيد من غير طريق شريك.
ولأنه أرفق بالمصلي وأحسن في الشكل ورأي العين وعنه عكسه لما روى أبو هريرة مرفوعا قال: "إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه ولا يبرك بروك البعير" رواه أحمد وأبو داود والنسائي لكن قال الخطابي حديث وائل أصح وقال الحاكم هو على شرط مسلم .

ثم جبهته وأنفه ويكون على أطراف أصابعه والسجود على هذه الأعضاء واجب
ـــــــ
وتقدير مساواته فهو منسوخ بما روى ابن خزيمة عن أبي سعيد قال "كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا بوضع الركبتين قبل اليدين" لكنه من رواية يحيى بن سلمة بن كهيل وقد تكلم فيه ابن معين والبخاري والمراد باليدين ها هنا الكفان.
"ثم جبهته وأنفه" بغير خلاف لما روى أبو حميد الساعدي قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد أمكن جبهته وأنفه من الأرض" رواه الترمذي وصححه.
"ويكون على أطراف أصابعه" أي أصابع رجليه ويثنيهما إلى القبلة ذكره في المغني و الشرح لقوله عليه السلام "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم" ذكر منها أطراف القدمين.
وفي الصحيح "أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف رجليه القبلة" وفي رواية "وفتخ أصابع رجليه".
وفي المستوعب أنه يقيم قدمه ويجعل بطون أصابعهما على الأرض.
وقال في التلخيص يجب جعل باطن أطرافها إلى القبلة إلا أن يكون فيهما نعال أو خف وقيل يجب فتخها إن أمكن قال في الرعاية ويكره أن يلصق كعبيه في سجوده قاله في المستوعب.
فرع : إذا سقط على جنبه بعد قيامه من الركوع ثم انقلب ساجدا لم يجزئه سجوده حتى ينويه لأنه خرج عن سنن الصلاة وهيأتها وإن سقط منه ساجدا أجزأه بغير نية لأنه على هيأتها فلو قطع النية عن ذلك لم يجزئه قال ابن تميم وغيره ولا تبطل صلاته.
"والسجود على هذه الأعضاء واجب" أي ركن مع القدرة اختاره الأكثر وذكره ابن الجوزي قولا واحدا وعنه لا يجب على غير الجبهة ذكرها الآمدي لقوله عليه السلام "سجد وجهي" فدل على أن السجود على

إلا الأنف على إحدى الروايتين
ـــــــ
الوجه وبه يسمى ساجدا لا بوضع غيره من الأعضاء ولأنه لو وجب السجود على هذه الأعضاء لوجب كشفها كالجبهة.
قال القاضي في الجامع هذا ظاهر كلام أحمد فإنه قد نص في المريض يرفع شيئا يسجد عليه ومعلوم أنه قد أخل بالسجود على يديه ذكره في المغني و الشرح فعلى هذه فيكون السجود على البقية سنة والأول أولى لما روى ابن عباس مرفوعا " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة وأشار بيده إلى أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين" متفق عليه.
وقال: " إذا سجد أحدكم سجد معه سبعة آراب وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه" رواه مسلم وأجاب في المغني و الشرح بأن سجود الوجه لا ينفي سجود ما عداه وسقوط الكشف لا يمنع وجوب السجود فإنا نمنع في الجبهة على رواية ولم سلم فالجبهة هي الأصل في السجود وهي تكشف عادة بخلاف غيرها.
"إلا الأنف" فإنه لا يجب السجود عليه "على إحدى الروايتين" اختارها جماعة وهي ظاهر الوجيز وصححها القاضي قاله في الوسيلة لأنه عليه السلام لم يذكر الأنف منها.
وعن جابر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم سجد بأعلى جبهته على قصاص الشعر رواه تمام في فوائده وإذا سجد بأعلى الجبهة لم يسجد على الأنف.
والثانية: ركن ذكر ابن هبيرة أنها المشهورة وقدمها ابن تميم والجد وصححها ابن المنجا وغيره لما تقدم فمتى أخل بالسجود على عضو من هذه لم تصح.
تنبيه : إذا عجز عن السجود بغير الجبهة سجد بما يقدر عليه ما أمكنه ولا يجب أن يرفع إليه شيئا يسجد عليه لأنه هو الهبوط ولا يحصل بالرفع وإن

ولا يجب عليه مباشرة المصلي بشيء منها إلا الجبهة على إحدى الروايتين
ـــــــ
عجز عن الجبهة لعارض من مرض أو غيره سقط عنه السجود بما يقدر عليه.
قال أحمد في المريض يرفع إلى جبهته شيئا يسجد عليه إنه يجزئه حكاه في المغني و الشرح وصححه ابن تميم.
وقيل لا يسقط جزم به القاضي في التعليق لأنه لا يمكن وضعه بدون بعضها ويمكن رفعه بدون شيء منها ويجزئه بعض كل عضو منها.
وذكر في التلخيص أنه يجب سجوده بباطن كفه أو بعضه.
وفي الرعاية وقيل وأصابعه وهو قول ابن حامد ولا يجزئ سجوده على أنفه عن جبهته وفاقا وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة الإجزاء قال ولا أعلم أحدا سبقه إلى هذا..
قلت ولعله ذهب إلى أن الجبهة والأنف عضو واحد لإشارته عليه السلام إليه والعضو الواحد يجزئ السجود على بعضه.
"ولا تجب عليه مباشرة المصلى بشيء منها" أي من أعضاء السجود وهو إجماع في القدمين لصحة صلاة لابس الخفين وفي الركبتين لاتصالهما بالعورة أو منها عند بعض وقول الجمهور في اليدين لما روى عبد الله بن عبد الرحمن قال "جاءنا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بنا في مسجد بني عبد الأشهل فرأيته واضعا يديه في ثوبه إذا سجد" رواه أحمد وابن ماجة.
"إلا الجبهة" فإنه يجب عليه مباشرة المصلى بها "على إحدى الروايتين" ذكرها أبو الخطاب لقول خباب "شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا" رواه البيهقي ومسلم وليس فيه جباهنا وأكفنا.
وعن علي قال: إذا سجد أحدكم فليحسر العمامة عن جبهته رواه البيهقي وكان ابن عمر يكره السجود على كور العمامة ولأنه سجد على ما هو حائل

.
ـــــــ
له أشبه ما لو سجد على يديه والثانية لا يجب وهي الأصح في المذهب ونصرها في المغني و الشرح وقدمها في المحرر و الفروع لما روى أنس قال "كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود" متفق عليه.
قال البخاري قال الحسن كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه.
وروى البيهقي عن الحسن قال "كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسجدون وأيديهم في ثيابهم وعلى عمائمهم".
وذكر القاضي أنه لو سجد على كور العمامة أو كمه أو ذيله صحت صلاته رواية واحدة.
والجواب عن حديث خباب أنهم طلبوا منه ما يزيل عنهم ضرر الرمضاء في جباههم وأكفهم بتأخير الصلاة أو تسقيف المسجد أو نحوه لا أنهم طلبوا الرخصة في السجود على العمائم والأكمام لأنه إنما طلبه الفقراء ولم يكن لهم عمائم ولا أكمام طوال يتقون بها الرمضاء.
وعلى الصحة ففي كراهة حائل متصل حتى طين كثير روايتان ولا يكره لعذر نقله صالح وغيره وذكر السامري أن ظاهر ما نقله أكثر الأصحاب لا فرق قال في الفروع وليس بمراد بل قال جماعة يكره بمكان شديد الحر والبرد قال ابن شهاب لترك الخشوع كمدافعة الأخبثين.
مسألتان:
الأولى: إذا سجد على يديه لم يجزئه قولا واحدا لأن السجود عليها يفضي إلى تداخل أعضاء السجود
قال القاضي في الجامع لم أجد عن أحمد نصا فيها ويجزئه إن قلنا: لا

ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه ويضع يديه حذو منكبيه ويفرق بين ركبتيه
ـــــــ
يجب السجود على غيرالجبهة وإن قلنا بالوجوب فلا لئلا يتداخل محل السجود بعضه في بعض
الثانية : إذا علا موضع رأسه على موضع قدميه فلم تستعل الأسافل بلا حاجة جاز وقيل يكره وقيل تبطل وقيل إن كثر وقال في التلخيص التنكيس في السجود وهو استعلاء الأسافل واجب والصحيح أن اليسير لا بأس به دون الكثير ولم يذكر جماعة التنكيس في الواجبات والسنن
"و" يسن أن "يجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه" وفخذيه عن ساقيه لما في الصحيح "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يجنح حتى يرى وضح إبطيه" وعن أبي حميد "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض ونحى يديه عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه" رواه أبو داود وقال أبو عبد الله في رسالته جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سجد لو مرت بهيمة لنفدت وذلك لشدة رفع مرفقيه وعضديه وهذا ما لم يؤذ جاره
"ويضع يديه" يعني راحتيه على الأرض مبسوطتين مضمومتي الأصابع مستقبلا بهما القبلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم "كان إذا سجد ضم أصابعه" رواه أبو حاتم والبيهقي
"حذو منكبيه" لما تقدم ونقل عبد الله حذاء أذنيه ونقل أبو طالب قريبة من أذنيه "ويفرق بين ركبتيه" ورجليه لأنه عليه السلام كان إذا سجد فرج بين فخذيه وذكر ابن تميم وغيره أنه يجمع بين عقبيه ويكره افتراش الذراع في السجود للنهي المتفق عليه من حديث أنس
مسألة: له أن يعتمد بمرفقيه على فخذيه إن طال ولم يقيده جماعة لخبر

ويقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا ثم يرفع رأسه مكبرا ويجلس مفترشا يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى
ـــــــ
أبي هريرة "أن الصحابة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مشقة السجود عليهم قال: "استعينوا بالركب" .
قال ابن عجلان هو أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا طال السجود.
وقيل في نفل وعنه يكره.
قال في الفروع وظاهر المسألة لو وضع جبهته بالأرض ولم يعتمد عليها يجزئه.
وقد احتج بعض أصحابنا بأمره عليه السلام بتمكين الجبهة من الأرض وبفعله ووجوب الرجوع إليه وهذا يقتضي الوجوب فهذان وجهان.
وقد ذكروا لو سجد على حشيش أو قطن أو ثلج وبرد ولم يجد حجمه لم يصح لعدم المكان المستقر عليه.
"ويقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا" كالتسبيح في الركوع على ما مر.
وفي المغني أنه يستحب الدعاء بما ورد لقوله عليه السلام: "وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم" رواه مسلم ومعناه حقيق وجدير وقال القاضي لا تستحب الزيادة عليه في الفرض وفي النفل روايتان ورده المؤلف بما صح من الأخبار وسنته عليه السلام أحق بالاتباع.
"ثم يرفع رأسه" إذا قضى سجوده "مكبرا" ويكون ابتداؤه مع ابتدائه وانتهاؤه مع انتهائه "ويجلس مفترشا يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى" ويفتح أصابعه نحو القبلة لقول أبي حميد في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها واعتدل حتى رجع كل عظم في موضعه" وفي حديث عائشة "وكان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى" متفق

ثم يقول رب اغفر لي ثلاثا ثم يسجد الثانية كالأولى ثم يرفع رأسه مكبرا ويقوم على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه إلا أن يشق عليه
ـــــــ
عليه.
قال جماعة منهم الجد ويبسط يديه على فخذيه مضمومة الأصابع زاد في التلخيص ويضم الإبهام ولم يذكره آخرون "ثم يقول بين السجدتين "رب اغفر لي ثلاثا" ذكره السامري وصاحب التلخيص و الفروع وغيرهم لما روى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: "رب اغفر لي رب اغفر لي" رواه النسائي وابن ماجة وإسناده ثقات.
وقال ابن أبي موسى مرتين وهو ظاهر الخرقي للخبر وفي الرعاية يقول رب اغفر لي أو لنا ثلاثا وفي الشرح إن قال رب اغفر لنا فلا بأس ولم يعين أحمد في رواية جماعة ثلاثا بل قال يقول رب اغفر لي قال حرب ومذهبه إن قال شيئا وإن لم يقل جاز والأمر عنده واسع والأصح خلافه ولا يكره في الأصح ما ورد عن ابن عباس قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين: "اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني" رواه أبو داود وعنه يستحب في نفل واختار المؤلف وفرض.
"ثم يسجد الثانية كالأولى" من التكبير والتسبيح والهيأة لأنه عليه السلام كان يفعل ذلك "ثم يرفع رأسه مكبرا" لأنه عليه السلام كان يكبر في كل رفع وخفض.
"ويقوم على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه" نص عليه لحديث وائل بن حجر وعن ابن عمر قال "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة" رواه أبو داود ولأنه أشق فكان أفضل كالتجافي قال القاضي لا يختلف قوله إنه لا يعتمد على الأرض سواء قلنا يجلس للاستراحة أولا "إلا أن يشق عليه ,

فيعتمد بالأرض وعنه يجلس جلسة الاستراحة على قدميه وأليتيه
ـــــــ
فيعتمد بالأرض" لما روى الأثرم عن علي قال من السنة في الصلاة المكتوبة إذا نهض أن لا يعتمد بيديه على الأرض إلا أن يكون شيخا كبيرا لا يستطيع.
وذكر في الشرح أنه إذا شق عليه اعتمد على الأرض لا نعلم فيه خلافا واقتضى كلامه أنه لا يجلس جلسة الاستراحة وهو المذهب المنصور عند أصحابنا لما روى أبو هريرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهض على صدور قدميه" رواه الترمذي بإسناد فيه ضعف وروي ذلك عن عمر وابنه وعلي وابن مسعود وابن عباس
قال أحمد أكثر الأحاديث على هذا قال الترمذي وعليه العمل عند أهل العلم.
قال أبو الزناد تلك السنة.
وفي الغنية يكره أن يقدم إحدى رجليه وإنه قيل يقطع الصلاة وكذا في رسالة أحمد يكره.
"وعنه يجلس جلسة الاستراحة" اختارها أبو بكر عبد العزيز وشيخه الخلال وذكر أن أحمد رجع عن الأولى لما روى مالك ابن الحويرث "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض" رواه البخاري وقيل له ذلك إن كان ضعيفا قال المؤلف وفي هذا جمع بين الأخبار وإلا فمثل هذا لا يخفى على عمر وعلي ومن سمينا.
فيجلس "على قدميه وأليتيه" نص عليه في رواية المروزي وذكر ابن الجوزي أنه ظاهر المذهب لأنه لو جلس مفترشا لم يأمن السهو وليفارق الجلسة بين السجدتين.
وعليه يحمل قول ابن عباس في الإقعاء على القدمين هو سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم للاتفاق على أنه لا يستحب في هذه الصورة وذكر الآمدي أن أصحابنا لا

ثم ينهض ثم يصلي الثانية كالأولى إلا في تكبيرة الإحرام والاستفتاح
ـــــــ
يختلفون في ذلك.
وقيل يجلس مفترشا كالجلوس بين السجدتين قدمه في الشرح و الفروع وذكره القاضي والمؤلف في المغني احتمالا واحتج بحديث أبي حميد وقال هو صحيح صريح لا ينبغي العدول عنه وقال الخلال روي عن أحمد ما لا أحصيه كثرة أنه يجلس على أليتيه وهل هي فصل بين الركعتين أو من الثانية فيه وجهان
"ثم ينهض" بغير تكبير لأنه انتهى تكبيره عند انتهاء جلوسه وقال أبو الخطاب ينهض مكبرا ورده في المغني بأنه يفضي إلى أن يوالي بين تكبيرتين في ركن واحد لم يرد الشرع بجمعهما فيه.
بشرى روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام العبد يصلي أتي بذنوبه فوضعت على رأسه أو عاتقه فكلما ركع أوسجد تساقطت عنه" رواه ابن حبان في صحيحه.
"ثم يصلي الثانية كالأولى" لقوله عليه السلام للمسيء في صلاته لما وصف له الركعة الأولى "ثم افعل بعد ذلك في صلاتك كلها" وفهم منه مساواة قراءة الثانية للأولى وسيأتي.
"إلا في تكبيرة الإحرام" لأنها وضعت للدخول في الصلاة وهو منتف والاستفتاح بغير خلاف نعلمه لما روى أبو هريرة قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نهض إلى الركعة الثانية استفتح القراءة {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ولم يسكت" رواه مسلم.
واستثنى أبو الخطاب و المغني و الوجيز و الفروع تجديد النية لاستصحابها حكما ولأنها تراد للعقد وقد انعقدت
قال المجد وترك استثنائها أولى لأنها شرط لا ركن ويجوز أن يتقدم الصلاة اكتفاء بالدوام الحكمي .

وفي الاستعاذة روايتان ثم يجلس مفترشا ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى يقبض منها الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى
ـــــــ
"وفي الاستعاذة روايتان" كذا في المغني إحداهما لا يتعوذ من تعوذ في الأولى قدمه في المحرر و الفروع وهو قول عطاء والحسن والثوري لظاهر خبر أبي هريرة المتقدم ولأن الصلاة جملة واحدة فإذا أتى بالاستعاذة في أولها كفى فلو تركها في الأولى أتى بها في الثانية
قال ابن الجوزي رواية واحدة بخلاف الاستفتاح نص عليه لأنه يراد لافتتاح الصلاة وهي للقراءة وقيل يفتتح إن وجب
والثانية يستعيذ في كل ركعة لظاهر قوله تعالى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل:98] ولحصول الفصل كالصلاتين فعلى هذه يستعيذ المسبوق وعلى الأولى كالاستفتاح فإذا قام للقضاء استفتح واستعاذ نص عليه لأن ما يدركه المأموم مع الإمام آخر صلاته "ثم يجلس" للتشهد إجماعا "مفترشا" كجلوسه بين السجدتين لحديث أبي حميد "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس للتشهد جلس على رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته" رواه البخاري.
وعنه إن تورك في أثنائه جاز ولا فضل فيه لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس في وسط الصلاة وفي آخرها متوركا والأول أصح لأن حديث أبي حميد مقدم على حديث ابن مسعود فإن أبا حميد ذكره في عشرة من الصحابة فصدقوه وهو متأخر عن ابن مسعود فالأخذ به متعين.
"ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى" وكذا اليسرى لأنه أشهر في الأخبار لا يلقمهما ركبتيه وفي الكافي واختاره صاحب النظم التخيير كذا في الأخبار يديه وفيها كفيه وفي حديث وائل بن حجر ذراعيه.
"يقبض منها الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى" كذا ذكره السامري وابن الجوزي وجزم به في المحرر وقدمه في التلخيص و الفروع

ويشير بالسبابة في تشهده مرارا ويبسط اليسرى على فخذه اليسرى
ـــــــ
لما روى وائل بن حجر "أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ثم عقد من أصابعه الخنصر والتي تليها وحلق حلقة بأصبعه الوسطى على الإبهام ورفع السبابة يشير بها" رواه أحمد وأبو داود.
وعنه يبسطهما ويحلق الإبهام مع الوسطى وهي ظاهر الخرقي.
وعنه يقبض أصابعه الثلاث ويعقد إبهامه كخمسين قدمه ابن تميم واختاره المجد في شرح الهداية لخبر ابن عمر.
وعنه هي كيسراه فيضع أصابعها مضمومة مستقبلا بها القبلة لا مفرجة.
"ويشير بالسبابة" سميت به لأنهم كانوا يشيرون بها إلى السب وسباحة لأنه يشار بها للتوحيد والمراد سبابة اليمنى لفعله عليه السلام.
وظاهره لا بغيرها ولو عدمت قال في الفروع ويتوجه احتمال لأن عليه التنبيه على التوحيد "في تشهده مرارا" وكذا في المستوعب.
وظاهره أنه يشير بها في كل تشهده وهو رواية والأشهر أن موضع الإشارة بها عند ذكر الله لتنبه على الوحدانية زاد ابن تميم وذكر رسوله وقدم في التلخيص أنه يرفعهما في تشهده مرتين أو ثلاثا.
وذكر جماعة أنه يشير بها ولم يقولوا مرارا وظاهره ولو مرة وهو ظاهر كلام أحمد والأخبار وعلى كل حال لا يحركها في الأصح لفعله عليه السلام.
قال في الغنية ويديم نظره إليها في كل تشهده لخبر ابن الزبير رواه أحمد.
فائدة : يشير بالسباحة إذا دعا في صلاته أو غيرها نص عليه لحديث وائل قال فرأيته يحركها يدعو بها رواه أبو داود.
"ويبسط اليسرى على فخذه اليسرى" لما روى ابن عمر قال "كان رسول

ثم يتشهد فيقول التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
ـــــــ
الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه ورفع أصبعه التي تلي الإبهام فدعا بها ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها" رواه مسلم.
قوله على فخذه اليسرى أي لا يخرج بها عنها بل يجعل أطراف أصابعه مسامتة لركبتيه زاد في المحرر وغيره مضمومة الأصابع زاد في المغني وغيره مستقبلا بأطراف أصابعها القبلة.
قال في التلخيص قريبا من الركبة وفي الكافي أو يلقمهما ركبتيه وقال ابن تميم إن قبض بها على ركبته فلا بأس.
"ثم يتشهد" سرا لخبر ابن مسعود وهو في الصحيحين وغيرهما.
"فيقول: التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله".
ولفظه "كنا إذا جلسنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا السلام على الله من عباده السلام على جبريل السلام على ميكائيل السلام على فلان فسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الله هو السلام فإذا جلس أحدكم فليقل التحيات لله إلى" آخره.
قال "ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو" وفي لفظ "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن.
قال الترمذي هو أصح حديث في التشهد والعمل عليه عندأكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين وليس في المتفق عليه حديث غيره.
ورواه أيضا ابن عمر وجابر وأبو هريرة وعائشة.ـــــــ
ويترجح بأنه اختص بأنه عليه السلام أمره بأن يعلمه الناس رواه أحمد وليس تشهد ابن عباس أفضل وهو "التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله"إلى آخره ولفظ مسلم "وأشهد أن محمدا رسول الله" ولا تشهد عمر وهو "التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك" إلى آخره.
فإن تشهد بأحدها أجزأة حكاه ابن هبيرة اتفاقا لكن قال بعض أصحابنا وهو الذي في التلخيص إنه لايجزئ غير تشهد ابن مسعود فعلى هذا لو ترك منه حرفا لم يجزئه.
وقد ذكر المؤلف وصححه هو وغيره أنه متى أخل بلفظة ساقطة في بعض التشهدات فلا بأس وقدمه جماعة كما إذا أسقط لفظا لا يسقط المعنى به.
فعلى هذا الواجب خمس كلمات وهي "التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله" أو "رسول الله" لأن هذا يأتي على معنى الجميع وهو المتفق عليه في الروايات.
وظاهره أنه لا يسمي في أوله وصرح القاضي بالكراهة وأنه يرتب الجمل وهو وجه لأن إذا لم يرتب فقد أخل به في ذكر مشروع فلم يصح كالأذان.
فائدة: إذا قال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ينوي به النساء ومن لا شركة له في صلاته في ظاهر كلامهم لقوله عليه السلام "أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض".
مهمات التحيات جمع تحية وهي العظمة وقال أبو عمرو الملك وقال ابن االأنباري السلام وقيل البقاء والصلوات هي الخمس وقيل الرحمة وقيل الأدعية وقيل العبادات والطيبات هي الأعمال الصالحة.

هذا التشهد الأول ثم يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد وإن شاء قال كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وكما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم
ـــــــ
وقال ابن الأنباري الطيبات من الكلام ومن خواص الهيللة أن حروفها كلها مهملة تنبيها على التجرد من كل معبود سوى الله تعالى وجوفية ليس فيها شيء من الشفوية إشارة إلى أنها تخرج من القلب.
"هذا التشهد الأول" وظاهره تخفيفه وأنه لا يستحب الزيادة عليه ونصه فيها أساء ذكره القاضي في الجامع واختار ابن هبيرة تسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واختاره الآجري وزاد وعلى آله وذكر جماعة لا باس بزيادة وحده لا شريك له وقيل قولها أولى ويكرره مسبوق نص عليه فإن سلم قبل تمامه قام ولم يتمه.
ثم يقول في التشهد الذي يعقبه السلام "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد".
هذا هو المشهور في المذهب واقتصر عليه أكثر أصحابنا لما روى كعب بن عجرة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال "قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد" متفق عليه.
قال جدي في الانتصار إلا أن البخاري قال وآل محمد بإسقاط على وليس كذلك فإنه رواه في كتاب بدء الخلق وعلى آل محمد بإثباتها.
"وإن شاء قال كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وكما باركتـــــــ
على إبراهيم وآل إبراهيم" لما روى أحمد والنسائي والترمذي وصححه من حديث كعب وقال فيه "اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد".
قلت ورواه البخاري من حديثه أيضا وظاهره أنه مخير بينهما وهو رواية لورود الرواية بهما.
وعنه يقتصر على الأخير فقط اختاره ابن عقيل وقدمه في المذهب والأول أولى لأنها وردت بألفاظ مختلفة فوجب أن يجزئ منها ما اجتمعت عليه الأحاديث وهو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حسب اختاره القاضي والشيخان وصححه ابن تميم والجد في فروعه.
وقال ابن حامد وأبو الخطاب يجب الصلاة على ما في خبر كعب وهو ظاهر كلامه في التلخيص و المذهب لظاهر الأمر به.
مسائل:
الأولى: أن المشبه دون المشبه به فكيف تطلب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "وتشبه بالصلاة على إبراهيم وآله".
وجوابه: بأنه يحتمل أن مراده أصل الصلاة بأصلها لا القدر بالقدر كقوله تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ} [البقرة: 183].
ويحتمل أن التشبيه وقع في الصلاة على الآل لا على النبي صلى الله عليه وسلم فيكون وعلى آل محمد متصل بما بعده ويقدر له ما يتعلق به والأول مقطوع عن التشبيه وفيهما نظر.
ويحتمل وهو أحسنها أن المشبه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله بالصلاة على إبراهيم وآله فتقابلت الجملتان وتعذر أن يكون لآل الرسول ما لآل إبراهيم

ويستحب أن يتعوذ فيقول أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال
ـــــــ
الذين هم الأنبياء فكان ما يوفر من ذلك حاصلا للرسول صلى الله عليه وسلم والذي يحصل من ذلك هو آثار التقلد والرضوان ومن كانت في حقه أكثر كان أفضل
الثانية : السنة تقديم التشهد على الصلاة فإن لم يفعل من غير تغيير المعنى والإخلال بشيء من الواجبات فالأصح عدم الإجزاء وكذا لو أبدل آل بأهل وقال القاضي يجزئه
الثالثة : كان يلزمه عليه السلام أن يقول في تشهده وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد إلى آخره والشهادتين في الأذان ذكره ابن عقيل وفيه وجه ذكره ابن حمدان
الرابعة : لا تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة وقيل بلى اختاره أبو جعفر الطحاوي وأبو عبد الله الحليمي واللخمي وابو عبد الله بن بطة والقائلون به قيل يجب في العمر مرة واحدة وقيل كلما ذكر ودليله ظاهر وله الصلاة على غيره منفردا نص عليه وكرهها جماعة وحرمها آخرون وقاله الشيخ تقي الدين مع الشعار
الخامسة: آل محمد عليه السلام أتباعه على دينه ذكره القاضي لقوله تعالى {آلِ فِرْعَوْنَ} يعني أتباعه على دينه وقيل كل تقي للخبر رواه تمام في فوائده وقيل أزواجه ومن آمن به من عشيرته وقيل هم بنو هاشم المؤمنون ونص أحمد على أنهم أهل بيته فمنهم بنو هاشم
وفي بني المطلب روايتا زكاة وأفضل أهل بيته علي وفاطمة وحسن وحسين وظاهر كلامه في موضع أن حمزة أفضل من حسن وحسين
"ويستحب أن يتعوذ فيقول أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال" لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع"

وإن دعا بما ورد في الأخبار فلا بأس
ـــــــ
وذكرهن رواه مسلم "وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بذلك" متفق عليه
وذكر ابن الجوزي وابن تميم تكرار أعوذ بالله في كل جملة وحكى القاضي وجوب ذلك وذكره في الرعاية رواية لظاهر الأمر به.
"وإن دعا بما ورد في الأخبار" أي أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأخبار أصحابه زاد في المغني و الشرح وأخبار السلف وبأمر الآخرة ولو لم يشبه ما ورد فلا بأس وكذا ذكر الخرقي والسامري لقوله "ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو."
وذكر ابن تميم أنه يدعو بما ورد وجزم به في الوجيز و الفروع لما روي عن أبي بكر الصديق أنه قال يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال: "قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم" متفق عليه وعن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت" رواه الترمذي وصححه
وعن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أوصيك بكلمات تقولهن في كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" رواه أحمد
وقال عبد الله سمعت أبي يقول في سجوده اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصن وجهي عن المسألة لغيرك.
قال وكان عبد الرحمن يقوله وقال سمعت الثوري يقوله ومحله مالم يشق على مأموم أو يخف سهوا إن كان منفردا.
وظاهره أنه لا يدعو بغير ذلك وعنه لا بأس أن يدعو بجميع حوائج دنياه وآخرته اختاره في المغني وصححه في الشرح لظواهر الأخبار وظاهر كلام جماعة حواز الدعاء بما كان قربة إلى الله تعالى وإن لم يرد به.

ثم يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره كذلك
ـــــــ
أثر وقطع به في المحرر
فأما ما يقصد به ملاذ الدنيا وشهواتها كقوله "اللهم ارزقني جارية حسناء وحلة خضراء" لم يجز لأنه من كلام الآدميين وعنه يجوز لقوله "ثم ليتخير من الدعاء" إلى آخره وأجيب بحمله على الدعاء المأثور فرع: يجوز الدعاء لمعين على الأصح روي عن علي وأبي الدرداء وقيل في نفل وعنه يكره والمراد بغير كاف الخطاب ذكره جماعة وإلا بطلت لخبر تشميت العاطس وقوله عليه السلام لإبليس "ألعنك بلعنة الله" قبل التحريم أو مؤول ولا تبطل بقوله "لعنه الله" عند اسمه على الأصح ولا من عوذ نفسه بقرآن لحمى ونحوها ولا من لدغته عقرب فقال بسم الله ولا بالحوقلة في أمر الدنيا
"ثم يسلم" وهو جالس بلا نزاع وأنه تحليلها وهو منها لقوله وتحليلها التسليم وليس لها تحليل سواه "عن يمينه" فيقول مطلقا لأنه أحد طرفيها فاشترط له كالأول "السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره كذلك" روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعلي وعمار وابن مسعود لقول ابن مسعود "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده" رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم
وأصح الروايات عنه عليه السلام أنها تسليمتان فعن سعد قال "كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه ويساره حتى يرى بياض خده" رواه مسلم ويسن التفاته فيهما
قال أحمد ثبت عندنا من غير وجه أنه كان عليه السلام يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده ويكون التفاته في الثانية أكثر.

فإن لم يقل ورحمة الله لم يجزئه وقال القاضي يجزئه ونص عليه أحمد في صلاة الجنازة
ـــــــ
قال المؤلف لفعله عليه السلام رواه ابن صاعد وذكر ابن عقيل وابن الجوزي والسامري أنه يبتدئ بقوله السلام عليكم إلى القبلة ثم يلتفت عن يمينه ويساره في الله جمعا بين الأحاديث.
ويجهر بالأولى ويسر الثانية نص عليه لتقدمها أو لحصول التحلل بها واختار ابن حامد وقدمه في الرعاية خلافها لئلا يسابقه المأموم في السلام أو في القيام للقضاء إن كان مسبوقا وظاهر كلام جماعة أنه يجهر وبالأولى أكثر وقيل يسرهما كمأموم قال في المذهب ومنفرد ويستحب حذفه ويجزمه ولا يعربه.
فرع : إذا نكس السلام مطلقا لم يجزئه وقيل بلى وبعده المؤلف فإن نكره فأوجه ثالثها يجزئ مع التنوين لإقامته مقام الألف واللام وقيل تنكيره أفضل وفيه ضعف.
"فإن لم يقل ورحمة الله لم يجزئه" اختاره أبو طالب وابن عقيل وصححه وقدمه في المستوعب و الرعاية لأنه عليه السلام كان يقوله وهو سلام في صلاة فيرد مقرونا بالرحمة فلم يجزئه بدونها كالسلام في التشهد
فعلى هذا هي ركن وصححه في المذهب "وقال القاضي: يجزئه" قال وهو ظاهر كلام أحمد لقوله "وتحليلها التسليم" وهو حاصل بدون ذكر الرحمة وجعله في شرح المحرر دليلا للأول وحمله على السلام المعهود وفيه نظر
وعن علي أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره السلام عليكم السلام عليكم رواه سعيد في سننه ولان ذكر الرحمة تكرير للثناء فعلى هذا هي سنة "ونص عليه أحمد في صلاة الجنازة" من حيث إنها صلاة مفروضة.

وينوي بسلامه الخروج من الصلاة فإن لم ينو جاز وقال ابن حامد تبطل صلاته وإن كان في مغرب أو رباعية نهض مكبرا إذا فرغ من التشهد
ـــــــ
واقتصر فيها على السلام من غير ذكر الرحمة لكن الفرق ظاهر
وفي التلخيص و المحرر في وجوبها روايتان.
تتمة: إذا زاد وبركاته فلا بأس لفعل النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود من حديث وائل وتركها أفضل.
"وينوي بسلامه الخروج من الصلاة" هذا الاولى لتكون النية شاملة لطرفي الصلاة "فإن لم ينو جاز" نص عليه وقدمه ابن تميم يروي وجزم به في الوجيز ونصره في الشرح لأن نية الصلاة قد شملت جميعها والسلام من جملتها فاكتفي فيه بالنية المستصحب حكمها وكتكبيرة الإحرام ولأنها عبادة فلم تجب النية للخروج منها كسائر العبادات.
"وقال ابن حامد تبطل صلاته" هو رواية عن أحمد وصححه في المذهب واقتصر عليه ابن هبيرة لأنه أحد طرفي الصلاة فوجبت فيه النية كالطرف الأول فعلى هذا هي ركن.
وقيل إن سها عنها سجد للسهو فإن نوى الخروج منها مع الحفظة والإمام والمأموم جاز نص عليه لما روى سمرة بن جندب قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نرد على الإمام وأن يسلم بعضنا على بعض رواه أبو داود وإسناده ثقات.
وقيل تبطل للتشريك وقيل يستحب وقال أبو حفص السنة أن ينوي بالأولى الخروج وبالثانية على الحفظة ومن معه إن كان في جماعة.
وإن نوى بسلامه الحاضرين ولم ينو الخروج فقال ابن حامد تبطل وجها وحدا لتمحضه خطاب آدمي والأشهر يجوز وعنه لا يترك السلام على إمامه وإن وجبت الثانية اعتبر الخروج منها.
"وإن كان في مغرب أو رباعية نهض مكبرا إذا فرغ من التشهد" كنهوضه

وصلى الثالثة والرابعة مثل الثانية إلا أنه لا يجهر ولا يقرأ شيئا بعد الفاتحة ثم يجلس في التشهد الثاني متوركا يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى ويخرجهما عن يمينه ويجعل أليتيه على الأرض.
ـــــــ
من السجود قائما على صدور قدميه كما تقدم.
وظاهره أنه لا يرفع يديه وحكاه بعضهم وفاقا وعنه بلى اختاره المجد وحفيده وهي أظهر وقد صححه أحمد وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخطابي وهو قول جماعة من أهل الحديث.
"وصلى الثالثة والرابعة مثل الثانية" لقوله "ثم افعل ذلك في صلاتك كلها" واقتضى كلامه مساواة الثالثة للرابعة في عدم التطويل لأنها مثلها "إلا أنه لا يجهر" فيهما بغير خلاف نعلمه
"ولا يقرأ شيأ بعد الفاتحة" في قول أكثر أهل العلم قال ابن سيرين لا أعلمهم يختلفون فيه لحديث أبي قتادة أنه كان عليه السلام يقرأ في الركعتين الأخريين بأم الكتاب وكتب عمر إلى شريح يأمره بذلك ويستثنى الإمام في صلاة الخوف إذا قلنا ينتظر الطائفة الثانية في الركعة الثالثة فيقرأ سورة معها.
وعنه يستحب لفعل النبي صلى الله عليه وسلم رواه مسلم من حديث أبي سعيد وظاهر كلامهم لا فرق بين الفرض والنفل.
"ثم يجلس في التشهد الثاني متوركا" لحديث أبي حميد فإنه وصف جلوسه في التشهد الأول مفترشا والثاني متوركا وهذا بيان الفرق بينهما وزيادة يجب الأخذ بها والمصير إليها.
وحينئذ لا يسن التورك إلا في صلاة فيها تشهدان أصليان في الأخير منهما وعنه لا تورك في المغرب والأول المذهب.
وصفته كما رواه الأثرم عن الإمام "يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى ويخرجهما عن يمينه ويجعل أليتيه على الأرض" واختاره أبو

والمرأة كالرجل في ذلك كله إلا أنها تجمع نفسها في الركوع والسجود وتجلس متربعة أو تسدل رجليها فتجعلهما في جانب يمينها
ـــــــ
الخطاب وجزم به في المحرر و الفروع لقول أبي حميد فإذاكان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدمه من ناحية واحدة رواه أبو داود.
وفي لفظ: جلس على أليتيه ونصب قدمه اليمنى وذكر الخرقي والقاضي والسامري أنه يجعل باطن قدمه اليسرى تحت فخذه اليمنى وقدمه ابن تميم وصححه المجد في شرح الهداية لأنه عليه السلام كان يفعله رواه مسلم من حديث ابن الزبير.
وعنه يخرج قدمه الأيسر من تحت ساقه الأيمن لحديث أبي حميد أيضا وأيها فعل جاز.
فرع: سئل أحمد هل يتورك في تشهد سجود السهو قال نعم هو من بقية الصلاة وحمله في الشرح على ما إذا كان السهو في صلاة فيها تشهدان وعلله بأن تشهدها يتورك فيه وهذا تابع له وفيه نظر فإن متقضى هذا أنه يتورك في كل تشهد كسجود السهو بعد السلام في الرباعية وغيرها وقاله القاضي لأنه تشهد ثان في الصلاة فيحتاج إلى الفرق "والمرأة كالرجل في ذلك كله" لشمول الخطاب لهما لقوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي" .
"إلا أنها تجمع نفسها في الركوع والسجود" أي لا يسن لها التجافي لما روى زيد بن أبي حبيب أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على امرأتين تصليان فقال "إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى بعض فإن المرأة ليست في ذلك كالرجل" رواه أبو داود في مراسيله ولأنها عورة فكان الأليق بها الانضمام وذكر في المستوعب وغيره أنها تجمع نفسها في جميع أحوال الصلاة لقول علي رضي الله عنه.
"وتجلس متربعة" لأن ابن عمر كان يأمر النساء أن يتربعن في الصلاة.
"أو تسدل رجليها فتجعلهما في جانب يمينها" وكذا في الخرقي و المحرر

وهل يسن لها رفع اليدين على روايتين
ـــــــ
و المذهب ونص عليه لأنه غالب فعل عائشة وأشبه بجلسة الرجل وأبلغ في الانكماش والضم وأسهل عليها وظاهره أنها مخيرة بين الجلوس متربعة لاستوائهما ولكن السدل أفضل نص عليه واختاره في "شرح الهداية".
ولا تجهر بقراءة إن سمعها أجنبي وإلا جهرت كذكر, "وهل يسن لها رفع اليدين؟ على روايتين".
إحداهما: يسن قدمه ابن تميم والجد وهو عموم كلام الأصحاب لأن أم سلمة كانت ترفع يديها ورواه سعيد عن أم الدرداء ورواه الخلال عن حفصة بنت سيرين وقياسا على الرجل.
والثانية : لا يسن جزم بها في الوجيز قال في الشرح لأنه في معنى التجافي فعلى هذا هل يكره أو يجوز على روايتين
والثالثة : ترفع دونه قاله أبو بكر وهو أوسط الأقوال قاله المجد.
فائدة : لم يتعرض المؤلف لذكر الخنثى المشكل وحكمه كامرأة قاله ابن تميم وابن حمدان وغيرهما
فصل :
يستحب الذكر والاستغفار ثلاثا كما ورد في الأخبار ذكره في الشرح وغيره قال في المستوعب والرعاية ويقرأ آية الكرسي وكذا المعوذتين زاد بعضهم و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ولم يذكره الأكثر ويسبح ثلاثا وثلاثين ويحمد كذلك ويكبر أربعا وثلاثين للخبر ذكره في المستوعب و المذهب وغيرهما قالوا ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.
وفي المستوعب وغيره وهو حي لا يموت بيده الخير كذا قالوا واتباع السنة أولى ويفرغ من عدد ذلك معا قاله أحمد في رواية أبي داود للنص.
وعنه يخير بينه وبين إفراد كل جملة واختار القاضي الإفراد.


ـــــــ
ويستحب الجهر بذلك وحكى ابن بطال عن أهل المذاهب المتبوعة خلافه وكلام أصحابنا مختلف قاله في الفروع قال ويتوجه يجهر لقصد التعليم فقط ثم يتركه.
والمقصود من العدد أن لا ينقص منه وأما الزيادة فلا تضر شيئا لا سيما من غير قصد لأن الذكر مشروع في الجملة فهو يشبه المقدر في الزكاة إذا زاد عليه ويشرع للإمام أن يدعو بعد الفجر والعصر لحضور الملائكة فيهما فيؤمنون على الدعاء والأصح وغيرها جزم به جماعة.
ويستقبل المأموم ذكره السامري ولا يخص نفسه بدعوة وإن فعل فلا بأس نص عليه وقيل يكره وهو قول إسحاق.
ويشير إلى السماء في دعائه بأصبعه ويسمعه المأموم وقيل إن قصد تعليمه وإلا خفض صوته كالمأموم والمنفرد وعنه يكره الجهر مطلقا ولا يجب الإنصات خلافا لابن عقيل.
قال ابن تميم: ويستحب للمأموم أن لا ينصرف قبل إمامه إلا أن يطيل الجلوس فإن كان رجال أو نساء استحب أن يقمن عقيب سلامه ويثبت الرجال قليلا وينصرف كيف شاء عن يمينه وشماله وهو في الصحيح وصححه الترمذي وقال العمل عليه عند أهل العلم.
وفي الرعاية ينصرف عن يمينه وقيل أو عن يساره إن سهل قال القاضي يمينه أولى إلا أن تكون جهة انصرافه غيرها.
ومن أدب الدعاء بسط يديه ورفعهما إلى صدره وكشفهما أولى وذكر جماعة أن الدعاء للرهبة بظهر الكف لدعائه عليه السلام في الاستسقاء.
والبداءة بحمد الله تعالى والثناء عليه قال الشيخ تقي الدين وختمه به والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أوله وآخره.
قال الآجري ووسطه وسؤاله بأسمائه وصفاته بدعاء جامع مأثور ويكون

فصل
ويكره الالتفات في الصلاة
ـــــــ
متطهرا مستقبل القبلة ويلح ويكرره ثلاثا ولا يسأم من تكراره في أوقات ولا يعجل وينتظر الفرج من الله تعالى ويجتنب السجع
وسئل ابن عقيل هل يجوز أن يقال في القرآن سجع فأجاب بالجواز قال ابن الصيرفي لو سكت عن هذا كان أحسن ولا يعتد فيه
ويبدأ بنفسه ويعم ويؤمن المستمع وتأمينه في أثناء دعائه وختمه به متجه ويكره رفع بصره وظاهر كلام جماعة خلافه وشرطه الإخلاص
قال الآجري واجتناب الحرام وظاهر كلام ابن الجوزي وغيره أنه من الأدب وقال الشيخ تقي الدين تبعد إجابته إلا مضطرا أو مظلوما وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد في الدعاء قال: "يا حي يا قيوم" رواه الترمذي من رواية إبراهيم بن الفضل وهو ضعيف.
فصل
"ويكره الالتفات في الصلاة" جزم به في المحرر و الوجيز وغيرهما لما روت عائشة قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال: "هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد" رواه البخاري وعن أنس مرفوعا قال " إياك والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة"
فإن كان لابد ففي التطوع لا الفريضة ولأنه يكون به خارجا وجهه عن جهة الكعبة وأقل ما فيه الكراهة
ويستثنى منه ما إذا كان لحاجة فإنه لا يكره لما روى ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وهو يلتفت إلى الشعب" رواه أبو داود ورواه النسائي وفيه وكان أرسل فارسا إليه يحرس.

ورفع بصره إلى السماء وافتراش الذراعين في السجود والإقعاء في الجلوس
ـــــــ
وعلى الأول: لا تبطل الصلاة به إلا أن يستدير عن القبلة بجملته أو يستدبرها ما لم يكن في الكعبة أو يختلف اجتهاده فيها أو في شدة خوف فإن استدار بصدره مع وجهه لم تبطل ذكره ابن عقيل والمؤلف خلافا لابن تميم وغيره ورفع بصره إلى السماء وفاقا لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك حتى قال لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم" رواه البخاري
وكذا يكره تغميضه نص عليه واحتج بأنه فعل اليهود ولأنه يغير هيأة المصلي وربما كان سببا للنوم فأما مع الحاجة فلا وقد نقل أبو داود إن نظر أمته عريانة غمض عينيه
"وافتراش الذراعين في السجود" أي يمدهما على الأرض ملصقا لهما بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب" متفق عليه من حديث أنس قال الترمذي وأهل العلم يختارونه
"والإقعاء في الجلوس" ذكره معظم الأصحاب وفي الشرح أنه الأولى لما روت عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى ويقعد على مقعدته" متفق عليه وعن أبي هريرة قال "نهاني النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاث عن نقرة كنقر الديك وإقعاء كإقعاء الكلب والتفات كالتفات الثعلب" رواه أحمد لأنه يتضمن ترك الافتراش المسنون فعلا وقولا فكان مكروها وحينئذ لا تبطل به
وقال ابن حامد والقاضي في شرحه الصغير تبطل به وذكر ابن تميم وغيره أنه يكره الإقعاء من غير حاجة
وعنه هو جائز روى مهنا عنه لا أفعله ولا أعيب على من يفعله العبادلة كانوا يفعلونه.

هو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه وعنه أنه سنة ويكره أن يصلي وهو حاقن
ـــــــ
"وهو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه" كذا فسره الإمام أحمد واقتصر عليه في المغني و الفروع قال أبو عبيد هذا قول أهل الحديث فأما عند العرب فهو جلوس الرجل على أليتيه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب
قال في المغني ولا أعلم أحدا قال باستحباب الإقعاء على هذه الصفة وقيل هو أن لا يمد ظهري قدميه ويجلس على عقبيه أو بينهما على أليتيه أوينصب قدميه ويجلس بينهما أو عليهما أو يفرشهما ويجلس عليهما أو يجلس على وركيه وأليتيه مع نصب ركبتيه أو فخذيه
وذكر في الرعاية رواية أن هذا كله يسن
وعنه أنه سنة لقول طاووس لابن عباس في الإقعاء على القدمين فقال "هي السنة قال قلنا إنا لنراه جفاء فقال هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم" رواه مسلم
مسألة : يكره أن يعتمد على يده أو غيرها وهو جالس لقول ابن عمر "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يديه" رواه أحمد وأبو داود وأن يستند إلى الجدار ونحوه لأنه يزيل مشقة القيام إلا من حاجة لأنه عليه السلام لما أسن وأخذه اللحم اتخذ عمودا في مصلاه يعتمد عليه رواه أبو داود فإن كان يسقط لو أزيل لم يصح ونقل الميموني لا بأس بالاستناد إليه وحمل على الحاجة
"ويكره أن يصلي وهو حاقن" أي بوله سواء خاف الجماعة أو لا لا نعلم فيه خلافا لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان" رواه مسلم
والمراد به أن يبتدئ بها مع المدافعة ولأنه يشغله عن خشوع الصلاة وحضور قلبه فيها فإن فعل صحت على المذهب كما لو صلى وقلبه مشغول بشيء من الدنيا

أو بحضرة طعام تتوق نفسه إليه ويكره العبث
ـــــــ
وعنه يعيد وعنه إن أزعجه وقاله ابن أبي موسى ويتوجه أنه إذا خاف فوت الوقت فإنه يصلي معها من غيركراهة وفي معناه الحاقب وهو الذي احتبس غائطه.
وعبارته في الفروع أشمل قال ابن أبي الفتح وفي معناهما من به ريح محتبسة فتجيء الروايات وحكم الجوع والعطش المفرط كذلك قاله بعض أصحابنا.
قال ابن عقيل إنما جمع بينهما الشارع لاستوائهما في المعني وكذا قال يكره ما يمنعه من إتمام الصلاة بخشوعها كحر وبرد لأنه يقلقه "أو بحضرة طعام تتوق نفسه إليه" جزم به في المحرر و الوجيز.
قال الترمذي: هو أشبه بالاتباع وهو مروي عن أبي بكر وعمر وابنه لقوله عليه السلام: "لا صلاة بحضرة طعام" ولحديث ابن عمر وهو في الصحيحين.
وللبخاري كان ابن عمر يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ وإنه يسمع قراءة الإمام وهذا ما لم يضق الوقت فإن ضاق فلا يكره بل يجب.
وظاهره أنه إذا لم تتق نفسه إليه أنه يبدأ بالصلاة من غيركراهة وقدم في الفروع وغيره أنه يكره ابتداؤها تائقا لطعام والمعنى يقتضيه وظاهره سواء كان بحضرته أولا لقول أبي الدرداء من فقه الرجل إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ رواه أحمد في الزهد والبخاري في تاريخه لكن الأول هو ظاهر الأخبار وعلى هذا إن بدأ بالصلاة صحت إجماعا حكاه ابن المنذر لأن البداءة بالطعام رخصة فإذا لم يفعلها صحت كسائر الرخص.
"ويكره العبث" لأنه عليه السلام رأى رجلا يعبث في صلاته فقال: "لو

والتخصر والتروح وفرقعة الأصابع وتشبيكها
ـــــــ
خشع قلب هذا لخضعت جوارحه" قال في الهداية للحنفية لأن العبث حرام خارج الصلاة فما ظنك به فيها وخالفه غيره
"والتخصر" هو وضع يده على خاصرته لما روى أبو هريرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل مختصرا" متفق عليه ولأنه يمنع الخضوع والخشوع ويمنع من وضع اليمين على الشمال وتكره صلاة الحازق من ضيق الخف ومن لا يعقل غالبا كخوف أو غضب أو إزعاج وتخبيط ونحوه والتروح بمروحة ونحوها وقاله جماعة منهم عطاء لأنه من العبث زاد في الشرح و الفروع إلا لحاجة كغم شديد نص عليه ومراوحته بين رجليه مستحبة وتكره كثرته لأنه فعل اليهود
"وفرقعة الأصابع" لما روى الحارث عن علي قال "لا تقعقع أصابعك وأنت في الصلاة" رواه ابن ماجه "وتشبيكها" لما روى كعب بن عجرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد شبك أصابعه في الصلاة ففرج بين أصابعه" رواه الترمذي وابن ماجة وإسناده ثقات.
وقال ابن عمر في الذي يصلي وهو مشبك أصابعه "تلك صلاة المغضوب" عليهم رواه ابن ماجة.
مسائل :
يكره أن يصلي وبين يديه ما يلهيه أو ينظر في كتاب وأن يلف شعره أو ثوبه أو يصلي وهو معقوص الشعر ولو فعلهما لعمل قبل صلاته أو مكتوف اليدين ومس لحيته وأن يمسح أثر السجود.
وفي المغني إكثاره منه ولو بعد التشهد وعنه وبعد الصلاة وأن ينفخ

وله رد المار بين يديه
ـــــــ
فيها ويحرك الحصى وأن يخص موضع جبهته بما يسجد عليه لأنه من شعار الرافضة وأن يعلق في قبلته شيئا من مصحف وغيره ولا بأس بكونه على الأرض وأن يكتب في القبلة وأن يصلي وبين يديه نجاسة أو باب مفتوح أو إلى نار في قنديل وشمعة والرمز بالعين والإشارة لغير حاجة وإخراج لسانه وفتح فمه ووضعه فيه شيء لا بيده نص عليه
وأن يستصحب ما فيه صورة من فص أو ثوب وصلاته إلى متحدث أو نائم نص عليه وعنه لا يكره النفل وإلى كافر وصورة منصوبة نص عليهما
وظاهره: ولو كانت صغيرة لا تبدو للناظر إليها وأنه لا يكره إلى غير منصوبة ولا سجوده على صورة ولا صورة خلفه في البيت ولا فوق رأسه في سقف أو عن أحد جانبيه إلى وجه آدمي نص عليه
وفي الرعاية أو حيوان غيره والأول أصح لأنه كان عليه السلام يعرض إليها وإلى امرأة تصلي بين يديه
وإن غلبه تثاؤب في صلاته كظم فإن أبي استحب وضع يده على فيه على الأصح للخبر ولا يقال تثاوب بل تثاءب
"و" يستحب "له رد المار بين يديه" كذا في المحرر و الوجيز و الفروع وهو قول أكثر العلماء لما روى أبو سعيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان" متفق عليه
وعن ابن عمر مرفوعا "إذا كان أحدكم يصلي فلا يدعن أحدا يمر بين يديه فإن أبي فليقاتله فإن معه القرين " رواه مسلم
وعنه يجب رده آدميا كان أو غيره للفرض والنفل في ظاهر كلامهم لظاهر الأخبار.ـــــــ
وعنه يختص بالفرض وظاهر كلامهم سواء كان بين يديه سترة فمر دونها أو لم تكن فمر قريبا منه وقيل: قدر خطوتين بحيث لو مشى ورده لم تبطل وصرح به في الكافي لأنه موضع سجوده أشبه من نصب سترة ولأن المراد بنصبها الإعلام بأنه في الصلاة وفي الدفع إعلام صريح
وقيل هو مختص بمن بين يديه سترة إذا مر دونها وهو ظاهر الرعاية وغيرها والنص شاهد له وهذا ما لم يغلبه أو يكن محتاجا بأن كان الطريق ضيقا ويتعين طريقا
وتكره الصلاة هناك ذكره في المذهب ولا يحرم أو في مكة المشرفة في رواية قدمها ابن تميم لأنه عليه السلام صلى بمكة والناس يمرون بين يديه وليس بينهما سترة رواه أحمد وغيره
وألحق في المغني الحرم بمكة وظاهره لا فرق بين مكة وغيرها وقدمه في الرعاية وأطلق في الفروع الخلاف
فإن تركه يمر نقصت صلاته نص عليه وحمله القاضي إن تركه قادرا فإن أبى دفعه فإن أصر فله قتاله على الأصح ولو مشى فإن خاف فسادها لم يكرر دفعه ويضمنه على الأصح فيهما.
والمذهب يحرم مروره بين مصل وسترته وظاهره ولو بعد منها لما روى أبو جهيم عبد الله بن الحارث بن الصمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم المارّ بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه" قال أبو النضر أحد رواته لا أدري أقال أربعين يوما أو شهرا أو سنة متفق عليه.
وكذا يحرم بين يديه قريبا منها إذا لم يكن سترة في الأصح وهو ثلاثة أذرع وقيل العرف لا موضع سجوده وفي الفصول و الترغيب:

عد الآي والتسبيح وقتل الحية والعقرب والقملة
ـــــــ
يكره وقيل النهي مختص بما بينه وبين سترته
وحكى ابن حزم الاتفاق على إثمه في هذه الصورة
فرع: للمصلي دفع العدو من سيل أو سبع أو سقوط جدار ونحوه وإن كثر لم تبطل في الأشهر "و" له عد الآي زاد ابن تميم والجد لما روى أنس قال "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يعقد الآي بأصابعه" رواه محمد بن خلف وكتكبيرات العيد "والتسبيح" لأنه في معنى عد الآي قاله أبو بكر وصححه ابن أبي موسى وقدمه السامري وجزم به في المحرر ونص أحمد أنه يكره لأن المنقول عن السلف عد الآي دون التسبيح لأنه يتوالى لقصره فتتوالى حسناته فيكثر العمل بخلاف عد الآي وأطلق ابن الجوزي والجد الخلاف
"وقتل الحية والعقرب" في قول أكثرهم لما روى أبو هريرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية والعقرب" رواه الخمسة وصححه الترمذي وكرهه النخعي
والأول أولى "والقملة" لأن عمر وأنسا والحسن البصري كانوا يفعلونه ولأن في تركها أذى له إن تركها على جسده ولغيره إن ألقاها وهو عمل يسير فلم يكره وعنه بلى وقال القاضي التغافل عنها أولى
وفي جواز دفنها في مسجد وجهان وظاهره أنه مباح قتلها فيه وهو المنصوص وعليه أن يخرجها أو يدفنها قيل للقاضي يكره قتلها ودفنها فيه كالنخامة فقال دفن النخامة كفارة لها وإذا دفنها كأنه لم يتنخم فكذا القملة وفيه نظر لأن أعماقه تجب صيانته عن النجاسة كظاهره بخلافها
وفي معناه البرغوث نقل المروذي أنه سئل عن قتل القملة والبرغوث في المسجد فقال أرجو أن لا يكون به بأس.

ولبس الثوب والعمامة ما لم يطل فإن طال الفعل في الصلاة أبطلها عمدا كان أو سهوا إلا أن يفعله متفرقا
ـــــــ
فائدة: له حك جسده يسيرا وقيل ضرورة ويجب رد كافر عصم دمه عن بئر في الأصح كمسلم فيقطع وقيل يتم وكذا إن فرمنه غريمه يخرج في طلبه كإنقاذ غريق
"ولبس الثوب" "و" لف "العمامة" لما روى وائل بن حجر "أن النبي صلى الله عليه وسلم التحف بإزاره وهو في الصلاة" وكذا إن سقط رداؤه فله رفعه ولأنه عمل يسير أشبه حمل أمامة وفتح الباب لعائشة
"ما لم يطل" راجع إلى قوله وله رد االمارّ إلى آخره لأنه قد صح عنه جواز أكثر هذه الأفعال "فإن طال" أي كثر "الفعل" عرفا بلا ضرورة وقيل ثلاثا وقيل ما ظن فاعله لا "في صلاة" في الصلاة متواليا أبطلها إجماعا "عمدا كان أو سهوا" إذا كان من غيرجنس الصلاة لأنه يقطع الموالاة ويمنع متابعة الأذكار ويذهب الخشوع فيها ويغلب على الظن أنه ليس منها وكل ذلك مناف لها أشبه ما لو قطعها
فإن كان لضرورة لم يقطعها وكان حكمه حكم الخائف جزم به في الشرح وغيره وعلم منه أنه لا فرق بين العمد والسهو كما جزم به الأصحاب لوجود المبطل وعنه لا تبطل بالسهو اختاره المجد وعلى الأول يحتاج إلى الفرق بين الأقوال والأفعال لأنه إذا تكلم ساهيا فيه الخلاف بخلاف الفعل إذ القول أخف من الفعل بدليل أنها تبطل بتكرار السجود دون تكرار الفاتحة إلا أن يفعله متفرقا فلا تبطل به ولو طال المجموع لاكل عمل منها لأنه عليه السلام أم الناس في المسجد فكان إذا قام حمل أمامة بنت زينب وإذا سجد وضعها رواه مسلم وللبخاري نحوه
وصلى عليه السلام على المنبر وتكرر صعوده ونزوله عنه متفق عليه.

ويكره تكرار الفاتحة والجمع بين سور في الفرض ولا يكره في النفل ولاتكره قراءة أواخر السور وأوساطها
ـــــــ
وأخذ الحسن والحسين في كل الركعات متفرقا وقيل تبطل به ذكره ابن تميم
فرع : إشارة أخرس مفهومة أو لا كفعل ولا تبطل بعمل القلب في ظاهر المذهب ولا بإطالة نظر في كتاب في الأصح
"ويكره تكرار الفاتحة" لعدم فعل ذلك وهي ركن واختلف في تكرارها وأقل أحواله الكراهة "والجمع بين سور في الفرض" في رواية لأنه خلاف السنة المأثورة
والثانية: لا يكره وهي الصحيحة لقول ابن مسعود "لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن فذكر عشرين سورة من المفصل سورتين في ركعة" متفق عليه.
وعن ابن عمر "أنه كان يقرأ في المكتوبة بالسورتين في ركعة" رواه مالك وكتكرار سورة في ركعة وتفريق سورة في ركعتين نص عليهما لكن لا تستحب الزيادة على سورة في ركعة ذكره جماعة لفعله عليه السلام.
وعنه تكره المداومة "ولا يكره" أي الجمع بين سور "في النفل" قال في الشرح رواية واحدة لأنه عليه السلام قرأ في ركعة سورة البقرة و آل عمران و النساء وكان عثمان يختم القرآن في ركعة.
وقال أحمد صليت ركعتين ختمت فيهما القرآن.
وقيل يكره وهو بعيد "ولا تكره قراءة أواخر السور وأوساطها" وهو المشهور عنه لقوله تعالى {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20] ولقول أبي سعيد "أمرنا أن نقرأ الفاتحة وما تيسر" رواه أبو داود
وعن ابن مسعود أنه كان يقرأ في الآخرة من صلاة الصبح آخر آل عمران وآخر الفرقان رواه الخلال.

وعنه يكره
ـــــــ
قال الحسن: غزوت مع ثلاثمائة من الصحابة فكان أحدهم يقرأ إذا أم أصحابه بخاتمة البقرة وبخاتمة الفرقان وبخاتمة الحشر وكان لا ينكر بعضهم على بعض.
"وعنه يكره" في الفرض نقلها المروذي وقال سورة اعجب إلي قال المروزي كان لأبي عبد الله قرابة يصلي به فكان يقرأ في الثانية من الفجر بآخر السورة فلما أكثر قال أبو عبد الله تقدم أنت فصل فقلت له هذا يصلي بكم منذكم قال دعنا منه يجيء بآخر السورة وكرهه.
قال المؤلف: ولعل أحمد إنما أحب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فإن المنقول عنه قراءة السورة أو بعضها من أولها.
وعنه تكره المداومة وعنه قراءة الأوساط لا الأواخر لعدم نقله وظاهره جواز قراءة أوائل السور وصرح به بعضهم وتكره قراءة كل القرآن في فرض وعنه لا كفرائض.
تذنيب : يستحب أن يقرأ كما في المصحف ويكره تنكيس السور في ركعة أو ركعتين كالآيات وعنه لا اختاره المجد وغيره للأخبار واحتج أحمد بأنه عليه السلام تكلم على ذلك فدل على التسوية.
وقال الشيخ تقي الدين ترتيب الآيات واجب لأن ترتيبها بالنص وترتيب السور بالاجتهاد في قول الجماهير فتجوز قراءة هذه قبل هذه وكذا في الكتابة ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة في كتابتها لكن لما اتفقوا على المصحف زمن عثمان صار هذا مما سنه الخلفاء الراشدون.
وعلل المجد كراهة تنكيس الآيات بأنه مظنة تغير المعنى بخلاف السور إلا ما ارتبطت وتعلقت بالأولى كسورة قريش مع الفيل على رأي فحينئذ يكره ولايبعد تحريمه عمدا لأنه تغيير لموضع السورة فإن نكس الكلمات حرم وبطلت.

وله أن يفتح على الإمام إذا ارتج عليه
ـــــــ
"و" يشرع "له أن يفتح على إمامه إذا ارتج عليه" قاله عامة الأصحاب وروي عن عثمان وابن عمر ورواه البيهقي بإسناد حسن عن علي وظاهره لا فرق بين الفرض والنفل في القراءة الواجبة أو غيرها وعنه إن طال وعنه في نفل وقيل إن سكت وقيل يجوز في الفرض في الحمد وفي النفل مطلقا
وعنه تبطل به لقوله عليه السلام: "يا علي لا تفتح على الإمام" رواه أبو داود بإسناد فيه ضعف قال الشعبي فيه الحارث وكان كذابا وقيل تبطل بتجرده للتفهيم والأول أصح لما روى ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فلبس عليه فلما انصرف قال لأبي أصليت معنا قال نعم قال فما منعك" رواه أبو داود وقال الخطابي إسناده جيد.
ولأنه تنبيه فيها بما هو مشروع أشبه التسبيح فعلى هذا يجب في الفاتحة كما لو نسي سجدة وقيل لا يجب فيها كغيرها وظاهره أنها لا تبطل.
ولو فتح بعد أخذه في قراءة غيرها فإن عجز عن إتمام ما أرتج عليه فقال ابن عقيل يسقط وتصح صلاته وصلاة الأمي خلفه دون القارئ فإنه يفارقه ويتم لنفسه وقيل عليه أن يخرج ثم إن استخلف من يتم بهم وصلى معه جاز وإلا تعلم ما ارتج عليه ثم صلى صححه المؤلف قال ابن تميم وغيره وهو أظهر.
وظاهره أنه لا يفتح على غير إمامه نص عليه لأن ذلك يشغله عن صلاته فإن فعل لم تبطل قال في الشرح وكما لو فتنح غير المصلي عليه
تنبيه : إذا عطس أو بشر بما يسره فقال الحمد لله أو أخبره بما يغمه فقال لا حول ولا قوة إلا بالله أو خاطب بشيء من القرآن لم تبطل على الأصح للأخبار لكن يكره لعاطس الحمد ونقل أبو داود يحمد في نفسه ولا يحرك لسانه فلو عطس حال شروعه في الحمد فنوى القراءة لما عطس ,

وإذا نابه شيء مثل سهو إمامه أو استئذان إنسان عليه سبح إن كان رجلا وإن كانت امرأة صفحت ببطن كفها على ظهر الأخرى
ـــــــ
فهل يجزئ عن فرض؟ على وجهين
وقال القاضي إذا قصد بالحمد الذكر أو القرآن لم تبطل فإن قصد خطاب آدمي بطلت وإن قصدهما فوجهان
"وإذا نابه شيء" أي أمر "مثل سهو إمامه" كما لو أتى بفعل في غير محله لزم المأموم تنبيهه "أو استئذان إنسان" داخل عليه "سبح إن كان رجلا" ولو كثر ويجوز بقراءة وتكبير وتهليل في الأظهر "وإن كانت امرأة صفحت"
وفي المحرر و الوجيز صفقت وهما سواء معناهما متقارب وقيل التصفيح الضرب بظاهر إحداهما على باطن الأخرى وقيل بأصبعين من إحداهما على صفحة الأخرى والتصفيق الضرب بجميع إحدى الصفحتين على الأخرى نقله القاضي عياض "ببطن كفها على ظهر الأخرى" لقوله عليه السلام في خبر سهل "إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال وليصفح النساء"
وعن أبي هريرة مرفوعا "التسبيح للرجال والتصفيق للنساء" متفق عليهما وظاهره أنها لا تسبح بل هو مكروه نص عليه كتصفيقه وتطبيق وصفير ويكره بنحنحة في الأصح
وشرط التصفيق ما لم يطل قاله في الفروع وهو مراد وظاهر ذلك لا تبطل بتصفيقها على جهة اللعب قال في الفروع ولعله غير مراد وتبطل به لمنافاته الصلاة والخنثى كامرأة
فرع : إجابة النبي صلى الله عليه وسلم كانت واجبة في الصلاة مطلقا نص عليه وإن قرأ آية فيها اسمه صلى الله عليه وسلم في نفل نصا وأطلقه بعضهم
ولا يجيب الوالد في نفل إن لزم بالشروع وسأله المروذي عنها فقال: يروى

وإن بدره البصاق بصق في ثوبه وإن كان في غيرالمسجد جاز أن يبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى ويستحب أن يصلي إلى سترة
ـــــــ
عن ابن المنكدر إذا دعتك أمك فيها فأجبه وأبوك لا تجبه وكذا الصوم
"وإن بدره البصاق" ويقال بالسين والزاي أيضا والمخاط أو النخامة "بصق في ثوبه" وحك بعضه ببعض إذهابا لصورته إن كان في المسجد لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا قام أحدكم في صلاته فإنه يناجي ربه فلا يبزقن قبل قبلته ولكن عن يساره أو تحت قدمه ثم أخذ طرف ردائه فبزق فيه ثم رد بعضه على بعض" رواه البخاري ولمسلم معناه من حديث أبي هريرة ولما فيه من صيانة المسجد عن البصاق فيه
قال أحمد البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه للخبر قال أبو الوفاء لأن بدفنه تزول القذارة واختار المجد يجوز في بقعة يندفن فيها أصحهما موضعها استحبابا ويلزم غيره إزالتها إن لم يزلها فاعلها لخبر أبي ذر
"وإن كان في غير المسجد بصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى" قاله جماعة لقوله عليه السلام: "ليبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى" وظاهره أنه يكره أن يبصق أمامه أو عن يمينه لخبر أبي هريرة "وليبصق عن يساره أو تحت قدمه فيدفنها" رواه البخاري.
ولأبي داود بإسناد جيد عن حذيفة مرفوعا "من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه".
وفي الوجيز ويبصق في الصلاة أو المسجد في ثوبه وفي غيرهما يسرة وفيه نظر
"ويستحب أن يصلي إلى سترة" مع القدرة عليها بغير خلاف نعلمه وظاهره لا فرق بين الحضر والسفر ولم يخش مارا لقوله عليه السلام "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها" رواه أبو داود وابن ماجة من حديث أبي سعيد.

مثل آخرة الرحل فإن لم يجد خط خطاً
ـــــــ
وفي الواضح يجب وهو بعيد ويشهد له ما رواه ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في فضاء ليس بين يديه شيء" رواه أحمد وأبو داود
والسترة ما يستتر به ولو بخيط مطلقا "مثل آخرة الرحل" لقوله عليه السلام: "إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبال من يمر وراء ذلك" رواه مسلم وصلى في الكعبة وبينه وبين الجدار نحو من ثلاثة أذرع رواه أحمد والبخاري.
فإن كان في مسجد ونحوه قرب من الجدار أو فضاء فإلى شيء شاخص من شجرة أو بعير أو ظهر إنسان أو عصا لأنه عليه السلام صلى إلى حربة وإلى بعير رواه البخاري ويلقي العصا بين يديه عرضا لأنها في معنى الخط.
ويستحب انحرافه عنها قليلا لفعله عليه السلام رواه أحمد وأبو داود من حديث المقداد بإسناد لين قال عبد الحق وليس إسناده بقوي لكن عليه جماعة من العلماء على ما ذكر ابن عبد البر ويكون بينه وبينها ثلاثة أذرع نص عليه.
وكلما دنا فهو أفضل للنص ولأنه أصون لصلاته وطولها ذراع نص عليه وعنه مثل عظم الذراع وهذا على سبيل التقريب لأنه عليه السلام قدرها بمؤخرة الرحل وهو عود في مؤخره ضد قادمته والمراد به رحل البعير وهو أصغر من القتب والمؤخرة تختلف فتارة تكون ذراعا وتارة أقل وعلى كل حال يجزئ الاستتار بها وعرضها لاحد له لأنها قد تكون غليظة كالحائط ودقيقة كالسهم.
لكن قال أحمد ما كان أعرض هو أعجب إلي.
"فإن لم يجد خط خطا" نص عليه وهو المذهب لقوله عليه السلام: "إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ولايضره ما مر بين يديه" رواه أحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة .

فإذا مر من ورائها شيء لم يكره وإن لم يكن سترة فمر بين يديه الكلب الأسود البهيم بطلت صلاته وفي المرأة والحمار روايتان
ـــــــ
وذكر الطحاوي أن فيه رجلا مجهولا وقال البيهقي لا بأس به في مثل هذا وصفته كالهلال لا طولا لكن قال في الشرح وكيفما خط أجزأه وعنه يكره الخط
"فإذا مر من ورائها شيء لم يكره" للأخبار السابقة "فإن لم يكن له سترة فمر بين يديه" قريبا ومرادهم ثلاثة أذرع فأقل من قدمه أو كانت تمر بينه وبينها "الكلب الأسود البهيم بطلت صلاته" بغير خلاف نعلمه في المذهب لقوله عليه السلام "إذا قام أحدكم فصلى فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل مؤخرة الرحل فإن لم يكن فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود" رواه أحمد من حديث أبي ذر والأسود البهيم الذي لا لون فيه سوى السواد ذكره جماعة وعنه أو بين عينيه بياض وصححه ابن تميم فإن كان فيه بياض في غير هذا الموضع فليس ببهيم رواية واحدة وخص البهيم به مع أنه ليس في الخبر لأنه شيطان.
مسألة: يباح قتل البهيم ذكره المؤلف وغيره لقوله عيه السلام: "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها كل أسود بهيم فإنه شيطان" وذكر ابن تميم وغيره أنه يحرم اقتناؤه.
"وفي المرأة والحمار" الأهلي "روايتان" كذا أطلقهما في المحرر و الفروع إحداهما لا تبطل نقلها الجماعة وهي ظاهر الوجيز لما روي أن زينب بنت أبي سلمة مرت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقطع صلاته رواه أحمد وابن ماجة بإسناد حسن.
وعن ابن عباس قال "أقبلت راكبا على حمار أتان والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع فدخلت في الصف فلم ينكر علي أحد .

.
ـــــــ
وعن عائشة قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة" متفق عليهما
والثانية تبطل قدمه السامري وابن تميم ورجحه في الشرح للنص السابق وحديث عائشة لا حجة فيه لأن حكم الوقوف يخالف حكم المرور وحديث ابن عباس ليس فيه إلا أنه مر بين يدي بعض الصف وسترة الإمام سترة لمن خلفه.
وظاهره أنه لايقطعها غير ما ذكر وهو المذهب.
وعنه يقطعها شيطان قدمه ابن تميم وغيره وعنه وسنور أسود وفي الصغيرة وجه وظاهره لا فرق بين الفرض والنفل وعنه لا يبطل النفل وعنه والجنازة.
فرع : وسترة مغصوبة ونجسة كغيرها قدمه في الرعاية وفيه وجه فالصلاة إليها كالقبر قال صاحب النظم وعلى قياسه سترة الذهب قال في الفروع ويتوجه منها لو وضع المارّ سترة أو تستر بدابة جاز.
تذنيب : سترة الإمام سترة لمن خلفه ذكره الأصحاب وهو قول الفقهاء السبعة للأخبار ولا عكس فلا يستحب لمأموم سترة وليست سترة له ومعناه إذا مر ما يبطلها فظاهره أن هذا فيما يبطلها خاصة وأن كلامهم في نهي الآدمي عن المرور على ظاهره وكذا المصلي لا يدع شيئا يمر بين يديه لأنه عليه السلام كان يصلي إلى سترة دون أصحابه.
وقال صاحب النظم لم أر أحدا تعرض لجواز مرور الإنسان بين يدي المأمومين فيحتمل جوازه اعتبارا بسترة الإمام له حكما ويحتمل اختصاص ذلك بعدم الإبطال لما فيه من المشقة على الجميع.
قال القاضي عياض اختلفوا هل سترة الإمام سترة لمن خلفه أم هي سترة له خاصة وهو سترة لمن خلفه مع الاتفاق على أنهم يصلون إلى سترة ولمسلم من

ويجوز له النظر في المصحف وإذا مرت به آية رحمة أن يسألها وآية عذاب أن يستعيذ منها وعنه يكره في الفرض
ـــــــ
حديث أبي هريرة مرفوعا إنما الإمام جنة أي يمنع من نقص صلاة المأموم لا أنه يجوز المرور قدام المأموم
"ويجوز له النظر في المصحف" والقراءة منه فيها جزم به معظم الأصحاب لما روى الأثرم أن عائشة كان يؤمها عبد لها في المصحف وقال الزهري كان خيارنا يقرؤون في المصاحف وهو قول عطاء ولأنه ليس بعمل كثير والفرض والنفل سواء قاله ابن حامد
وعنه يجوز في النفل وحمل في الشرح كلام المؤلف عليه وعنه لغير الحافظ وعنه يبطل فرض لقول ابن عباس نهانا أن نؤم من المصاحف رواه أبو بكر بن أبي داود وقيل ونفل أيضا لأنه اعتمد في فرض القراءة على غيره كاعتماده بحبل في قيامه
"وإذا مرت به آية رحمة أن يسألها" أي يسأل الرحمة من الله تعالى "وآية عذاب أن يستعيذ منها" على المذهب لما روى حذيفة قال "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت يركع عند المائة ثم مضى إلى أن قال إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ: مختصر رواه مسلم ولأنه دعاء وخير
وعنه يستحب قاله القاضي وغيره وظاهره لكل مصل وسبق إذا تلى آية فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم
"وعنه يكره في الفرض" لأن المنقول عنه عليه السلام في النفل فيقتصر عليه وعنه يفعله إن صلى وحده ونقل الفضل لا بأس أن يقوله مأموم ويخفض صوته وقال أبو بكر الدينوري وابن الجوزي معنى ذلك تكرار الآية قال ابن تميم وليس بشيء
قال أحمد إذا قرأ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} في صلاة وغيرها

فصل
أركان الصلاة إثنا عشرالقيام وتكبيرة الحرام
ـــــــ
قال سبحانك قيل في فرض ونفل ومنع منه ابن عقيل فيهما
فائدة : سئل بعض أصحابنا عن القراءة بما فيه دعاء هل يحصلان له فتوقف ويتوجه الحصول لخبر أبي ذر "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله ختم سورة البقرة بآيتين أعطانيهما من كنزه الذي تحت العرش فتعلموهن وعلموهن نسائكم فإنها صلاة وقرآن ودعاء " رواه الحاكم وقال على شرط البخاري
فصل
"أركان الصلاة" جمع ركن وهو جانب الشيء الأقوى وهو ما كان فيها ولا يسقط عمدا ولا سهوا وسماها بعضهم فروضا وهو لفظي
"اثنا عشر" كذا في الوجيز وغيره وجلعها في البلغة عشرة وعد منها النية لأن المشروع فيها قسمان واجب ومسنون
والأول قسمان: ما لا يسقط مطلقا وهي الأركان "القيام" لقوله تعالى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] ولحديث عمران "صل قائما" ومحله في الفرض لقادر وهو قدر التحريمة لأن المسبوق يدرك به فرض القيام ذكره في الخلاف وغيره ميل رأسه
قال أبو المعالي وغيره وحده ما لم يصر راكعا ويستثنى منه العريان والخائف ولمداواة وقصر سقف لعاجز عن الخروج ومأموم خلف إمام الحي العاجز عنه بشرطه فإن قام على رجل لم يجزئه ذكره في المذهب وظاهر كلامهم يخالفه
ونقل خطاب بن بشر لا أدري
"وتكبيرة الإحرام" لحديث علي "تحريمها التكبير" .

وقراءة الفاتحة والركوع والاعتدال عنه والسجود والجلوس بين السجدتين والطمأنينة في هذه الأفعال
ـــــــ
"وقراءة الفاتحة" أي في حق الإمام والمنفرد ويتحملها إمام عن مأموم وكذا بدلها.
"والركوع" إجماعا وسنده قوله تعالى.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا} [الحج: 77] وحديث المسيء في صلاته وهو ما رواه أبو هريرة "أن رجلا دخل المسجد فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه ثم قال ارجع فصل فإنك لم تصل فعل ذلك ثلاثا ثم قال والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني فقال إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها" رواه الجماعة.
ولمسلم وعزاه عبد الحق إلى البخاري "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر" فدل على ان المسماة في الحديث لا يسقط بحال فإنها لو سقطت لسقطت عن الأعرابي لجهله بها "والاعتدال عنه" لأنه عليه السلام داوم على فعله وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" لو طوله لم تبطل قال الحسن بن محمد الأنماطي رأيت أبا عبد الله يطيل الاعتدال والجلوس بين السجدتين لحديث البراء متفق عليه.
"والسجود" إجماعا "والجلوس بين السجدتين" لما روت عائشة قالت "كان النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من السجود لم يسجد حتى يستوي قاعدا" رواه مسلم.
"والطمأنينة في هذه الأفعال" لما سبق ولحديث حذيفة "أنه رأى رجلا لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال له "ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمدا صلى الله عليه وسلم" رواه البخاري وظاهره أنها ركن واحد في الكل لأنه يعم القيام وهي السكون وإن قل قدمه ابن تميم والجد في فروعه.

والتشهد الأخير والجلوس له والتسليمة الأولى والترتيب ومن ترك شيئا منها عمدا بطلت صلاته
ـــــــ
وقيل بقدر الواجب وحكاه ابن هبيرة عن أكثر العلماء وقيل بقدر ظنه أن مأمومه الضعيف وثقيل اللسان أتى بما يلزمه
"والتشهد الأخير والجلوس له" هذا هو المذهب وهو قول عمر وابنه وأبي سعيد الخدري لقوله "إذا قعد أحدكم في صلاته فليقل التحيات لله" الخبر متفق عليه
وعن ابن مسعود قال "كنا نقول قبل أن يفرض التشهد السلام على الله السلام على جبريل وميكائيل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا هكذا ولكن قولوا التحيات لله" ذكره رواه النسائي وإسناده ثقات والدار قطني وقال إسناد صحيح
وقال عمر لا تجزئ صلاة إلا بتشهد رواه سعيد والبخاري في تاريخه والركن منه اللهم صل على محمد مع ما يجزئ من التشهد الأول
وعنه واجب يسقط بالسهو وهو غريب وعنه سنة وقال أبو الحسين لا يختلف قوله إن الجلوس فرض واختلف قوله في الذكر فيه وهو معنى ما حكاه ابن هبيرة عن أحمد
"والتسليمة الأولى" لقوله "وتحليلها التسليم" وقالت عائشة "كان النبي صلى الله عليه وسلم يختم صلاته بالتسليم" وثبت ذلك عنه من غير وجه ولأنها نطق مشروع في أحد طرفيها فكان ركنا كالطرف الآخر
"والترتيب" أي بين الأركان لأنه عليه السلام كان يصليها مرتبة وعلمها للمسيء في صلاته مرتبا بثم ولأنها عبادة تبطل بالحدث فكان الترتيب ركنا فيها كغيرها
"ومن ترك منها شيأ عمدا بطلت صلاته" لأنه عليه السلام نفى الصلاة

وواجباتها تسعة: التكبير غير تكبيرة الإحرام والتسميع والتحميد في الرفع من الركوع والتسبيح في الركوع والسجود مرة مرة وسؤال المغفرة بين السجدتين مرة والتشهد الأول والجلوس له
ـــــــ
مع الجهل وأمره بالإعادة ولم يجعله عذرا وإذا انتفى مع الجهل فمع العمد أولى وتركه سهوا يأتي "وواجباتها تسعة" هذا هو القسم الثاني من الواجبات وسمى أبو الفرج الواجب سنة اصطلاحا قال ابن شهاب كما سمى المبيت ورمي الجمار وطواف الصدر سنة وهو واجب
"التكبير غير تكبيرة الإحرام" في الأصح لأنه عليه السلام كان يكبر وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وعنه ركن لا يسقط بالسهو كتكبيرة الإحرام وعنه يسقط في حق مأموم فقط
وعنه سنة لأنه عليه السلام لم يعلم المسيء في صلاته ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة قلنا ولم يعلمه التشهد ولا السلام ولعله اقتصر على تعليمه ما أساء فيه
"والتسميع" وهو قول سمع الله لمن حمده في حق إمام ومنفرد
"والتحميد" وهو قول "ربنا ولك الحمد" في حق الكل "في الرفع من الركوع" لما سبق من النصوص فعلا له وأمرا به
"والتسبيح في الركوع والسجود مرة مرة" على المذهب والزائد على المرة سنة
"وسؤال المغفرة بين السجدتين مرة" على المشهور ولم ينقل تركه
وعنه سنة لأنه لم يعلمه المسيء في صلاته
"والتشهد الأول والجلوس له" اختاره الأكثر لأنه عليه السلام فعله وداوم على فعله وأمر به وسجد للسهو حين نسيه وهذا هو الأصل المعتمد

والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في موضعها والتسليمة الثانية في رواية
ـــــــ
عليه في سائر الواجبات لسقوطها بالسهو وانجبارها بالسجود كواجبات الحج ويستثنى منه غير مأموم قام إمامه عنه سهوا فيتابعه.
"والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم" في رواية اختارها الخرقي وفي المغني وهي ظاهر المذهب وصححها في الشرح وجزم بها في الوجيز لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب: 56] والأمر للوجوب ولا موضع تجب فيه الصلاة أولى من الصلاة المفروضة وعنه ركن قدمها في المحرر و الفروع وصححها في المذهب و الوسيلة وذكر ابن هبيرة أنها المشهورة وأنها اختيار الأكثر لحديث كعب
وعنه سنة قال المروزي لأبي عبد الله إن ابن راهويه يقول "لو أن رجلا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد بطلت صلاته فقال ما اجترئ أن أقول مثل هذا وفي رواية هذا شذوذ لقوله "إذا فعلت هذا فقد قضيت صلاتك " وكخارج الصلاة في موضعها أي في التشهد الأخير بعد الشهادتين.
"والتسليمة الثانية في رواية" قال القاضي وهي أصح جزم بها في الوجيز لأنه عليه السلام كان يسلمهما ولأنها عبادة شرع لها تحليلان فكانت واجبة كالأولى.
وعنه أنها ركن كالأولى صححه في المذهب وقدمه في التلخيص وابن تميم وابن حمدان وهي ظاهر الهداية و المحرر لعموم قوله " وتحليلها التسليم" فعلى هذا هما من الصلا.ة
وعنه سنة اختارها المؤلف وصححها في الشرح وجزم بها في الوجيز وحكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه وعنه في النفل وعنه هما واجبتان

من ترك شيئا منها عمدا بطلت صلاته ومن تركه سهوا سجد للسهو وعنه ان هذه سنن لا تبطل الصلاة بتركها
ـــــــ
وذكر ابن هبيرة أنها المشهورة وصححها في الوسيلة قال القاضي الثانية سنة في الجنازة والنافلة رواية واحدة
"من ترك شيئا منها عمدا بطلت صلاته" لأنها واجبة أشبهت الأركان "ومن تركه سهوا" أو جهلا نص عليه "سجد للسهو" لأنه عليه السلام لما ترك التشهد الأول سجد له قبل أن يسلم متفق عليه من حديث عبد الله بن بحينة
ولولا أنه واجب لما سجد لجبره لأنه لا يزيد في الصلاة لجبر ما ليس بواجب وغير التشهد من الواجبات مقيس عليه ولا يمتنع أن يكون للعبادة واجب يجبر إذا تركه وإن كانت لا تصح إلا بها كالحج واقتضى كلامه أن الصلاة صحيحة بترك الواجب سهوا لأنه عليه السلام بنى على صلاته "وعنه أن هذه سنن لا تبطل الصلاة بتركها" لعدم تعليمها للمسئ
تنبيه : إذا ترك شيئا ولم يدر أفرض أم سنة لم يسقط فرضه للشك في صحته وإذا اعتقد الفرض سنة أو بالعكس فصلاها على ذلك لم يصح لأنه بناها على اعتقاد فاسد ذكره ابن الزاغوني
وظاهر كلامهم خلافه قال أبو الخطاب لايضره أن لا يعرف الركن من الشرط والفرض من السنة ورد المجد على من لم يصحح الائتمام بمن يعتقد أن الفاتحة نفل بفعل الصحابة فمن بعدهم مع شدة اختلافهم فيما هو الفرض والسنة ولأن اعتقاد الفرضية والنفلية يؤثر في جملة الصلاة لا تفاصيلها لأن من صلى يعتقد الصلاة فريضة فأتى بأفعال تصح معها الصلاة بعضها فرض وبعضها نفل وهو يجهل الفرض من السنة أو يعتقد الجميع فرضا صحت صلاته إجماعا
فرع: الخشوع وهو ما يتعلق بالقلب سنة ذكره المؤلف وجمع وذكر الشيخ وجيه الدين أنه واجب قال في الفروع مراده والله أعلم

وسنن الأقوال اثنا عشر الاستفتاح والتعوذ وقراءة بسم الله الرحمن الرحيم وقول آمين وقراءة السورة والجهر والإخفات وقول ملء السماء بعد التحميد وما زاد على التسبيحة الواحدة في الركوع والسجود وعلى المرة في سؤال المغفرة والتعوذ في التشهد الأخير والقنوت في الوتر
ـــــــ
في بعضها وإن أراد في كلها فإن لم تبطل بتركه فخلاف قاعدة ترك الواجب وإن أبطل به فخلاف الإجماع وكلاهما خلاف الأخبار.
فائدة : من علم بطلان صلاته ومضى فيها أدب لاستهزائه بها ذكره السامري ولا يكفر إذا صلى محدثا بلا عذر متعمدا في قول الجماهير لأن الكفر بالاعتقاد وهذا اعتقاد صحيح.
"وسنن الأقوال" هذا بيان القسم الثاني أو الثالث "اثنا عشر" كذا في الكافي وغيره "الاستفتاح والتعوذ وقراءة بسم الله الرحمن الرحيم وقول آمين وقراءة السورة" وقد سبق ذكرها.
"والجهر والإخفات" حكاه ابن هبيرة اتفاقا وقيل واجبان وقيل الإخفات فقط وإن نسي فجهر فيما يسر فيه بنى على قراءته سرا.
وإن أسر فيما يجهر فيه بنى على قراءته سرا وعنه يستأنفها جهرا وإن كان فرغ من القراءة نص عليه.
والفرق أن الجهر زيادة حصل بها المقصود وزيادة فلا حاجة إلى إعادته والإسرار نقص فاتت به سنة مقصودة وهو إسماع المأموم القراءة وقد أمكنه الإتيان بها فينبغي أن يأتي بها.
"وقول ملء السماء بعد التحميد" لغير مأموم "وما زاد على التسبيحة الواحدة في الركوع والسجود وعلى المرة في سؤال المغفرة والتعوذ في التشهد الأخير والقنوت في الوتر" لما تقدم في مواضعه
وعنه واجبة وفيه شيء وكذا يسن الدعاء في التشهد الأخير وغير

فهذه لا تبطل الصلاة بتركها ولا يجب السجود لها وهل يشرع على روايتين وما سوى هذا من سنن الأفعال
ـــــــ
التعوذ ذكره أبو الخطاب في هدايته وعد من سنن الأقوال السجود على أنفه وجلسة الاستراحة والتسليمة الثانية في رواية
ومن سنن الأفعال الجهر والإخفات بالقراءة وبآمين وهو بعيد "فهذه لا تبطل الصلاة بتركها" لأنها غير واجبة فلا تبطل بتركها كمسنونات الحج "ولا يجب السجود لها" لأن فعلها غير واجب فجبرها أولى لكن يكره تركها
"وهل يشرع؟ على روايتين" إحداهما يشرع قدمه ابن تميم وابن حمدان قال في الشرح لكل سهو سجدتان رواه أحمد من حديث ثوبان ورواه ابن ماجة حدثنا هشام بن عمار وعثمان بن أبي شيبة قالا حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عبيد عن زهير بن سالم العنسي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن ثوبان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لكل سهو سجدتان بعد ما يسلم" وإسماعيل روايته عن الشاميين حجة
ورواه أحمد حدثنا الحكم بن نافع حدثنا إسماعيل فذكره ولأن السجود جبران فشرع ليجبر ما فات والثانية لا يشرع وهي ظاهر الوجيز لأن تركها عمدا لا يبطل الصلاة فلم يشرع لسهوها سجود كسنن الأفعال
ولأن السجود زيادة في الصلاة فلم يجز إلا بتوقيف "وما سوى هذا من سنن الأفعال" وتسمى هيآتها كرفع يديه عند الإحرام والركوع والرفع منه ووضع اليمنى على اليسرى والنظر إلى موضع سجوده ووضع اليدين على الركبتين في الركوع والتجافي فيه وفي السجود ومد الظهر معتدلا وجعله حيال رأسه والبداءة بوضع الركبتين قبل اليدين في السجود وعكسه في القيام منه.

لا تبطل الصلاة بتركها ولا يشرع السجود لها
ـــــــ
وفي التشهد الأول والتفريق بين ركبتيه في السجود ووضع يديه حذو منكبيه مضمومة مستقبلا بهما القبلة ونصب قدميه وفتخ أصابعهما في السجود والجلوس والافتراش بين السجدتين
وفي التشهد الأول والتورك في الثاني ووضع اليمنى على الفخذ اليمنى مقبوضة محلقة والإشارة بالسبابة ووضع اليسرى على الفخذ اليسرى مبسوطة والالتفات في السلام عن يمينه ويساره والسجود على الأنف وجلسة الاستراحة ونية الخروج منها في سلامه على ما سبق "لا تبطل الصلاة بتركها" لأنها سنة
"ولا يشرع السجود لها" نصره واختاره الأكثر لأنه لا يمكن التحرز من تركها لكثرتها فلو شرع السجود لم تخل صلاة من سجود في الغالب وبه يفرق بينها وبين سنن الأقوال وذكر جماعة منهم أبو الخطاب الروايتين فيهما فعلى هذا لا فرق وقدم ابن تميم وابن حمدان أنه يشرع كالأول فإذا قلنا لا يسجد فسجد لم تبطل صلاته نص عليه .

باب سجود السهو
ولا يشرع في العمد ويشرع للسهو في زيادة ونقص وشك
ـــــــ
باب سجود السهوقال صاحب المشارق السهو في الصلاة النسيان فيها وقيل هو الغفلة وقيل النسيان عدم ذكر ما قد كان مذكورا والسهو ذهول وغفلة عما كان مذكورا وعما لم يكن.
فعلى هذا هو أعم من النسيان ولا مرية في مشروعية سجود السهو.
قال الإمام أحمد "يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أشياء سلم من اثنتين فسجد وسلم من ثلاث فسجد وفي الزيادة والنقصان قام من انثتين ولم يتشهد".
وقال الخطابي المعتمد عليه عند أهل العلم هذه الأحاديث الخمسة يعني حديثي ابن مسعود وأبي سعيد وأبي هريرة وابن بحينة.
"ولا يشرع في العمد" ذكره الأصحاب لقوله عليه السلام: "إذا سها أحدكم فليسجد" فعلق السجود على السهو لأنه شرع جبرانا والعامد لا يعذر ولا ينجبر خلل صلاته بسجوده بخلاف الساهي ولذلك أضيف السجود إلى السهو.
وقال الشافعي يسجد لترك القنوت والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه لأن ما تعلق الجبر بسهوه تعلق بعمده كجبران الحج وجوابه بأنه يبطل بزيادة ركن.
"ويشرع للسهو في زيادة ونقص وشك" لأن الشرع إنما ورد به في ذلك فدل أن حديث النفس لا يشرع له سجود لعدم الاحتراز منه وهو معفو عنه "للنافلة والفرض" في قول أكثر أهل العلم للأخبار الواردة فيه ولأنها صلاة

فأما الزيادة فمتى زاد فعلا من جنس الصلاة قياما أو قعودا أو ركوعا أو سجودا عمدا بطلت الصلاة وإن كان سهوا سجد له
ـــــــ
ذات ركوع وسجود فشرع لها السجود كالفريضة.
ويستثنى منه صلاة الجنازة لأنه لا سجود في صلبها ففي جبرها أولى ولا في سجدة تلاوة لأنه لو شرع كان الجبر زائدا على الأصل أو شكرا ونظر إلى شيء يلهي.
وعنه يسجد في ذلك كله ذكره ابن تميم قال ابن حمدان استحبابا ولا يسجد لسهو في سجدتي السهو نص عليه وهو إجماع حكاه إسحاق لأنه يفضي إلى التسلسل وكذا إن سها بعدهما قبل السلام وكثرة سهو حتى يصير كوسواس ذكره ابن أبي موسى.
"فأما الزيادة" هذا شروع في بيان تفصيل الأحوال الثلاثة وحكمها ثم هي تنقسم إلى قسمين زيادة أقوال وزيادة أفعال وزيادة الأفعال قسمان أحدهما قوله "فمتى زاد فعلا من جنس الصلاة قياما" أي يقوم في موضع جلوس "أو قعودا" أي يقعد في موضع قيام "أو ركوعا أو سجودا عمدا بطلت الصلاة" إجماعا قاله في الشرح لأنه بها يخل بنظم الصلاة ويغير هيأتها فلم تكن صلاة ولا فاعلها مصليا.
"وإن كان سهوا سجد له قليلا" كان أو كثيرا لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود " فإذا زاد الرجل أو نقص في صلاته فليسجد سجدتين" رواه مسلم ولأن الزيادة سهو فيدخل في قول الصحابي سها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد بل هي نقص في المعنى فشرع لها السجود لينجبر النقص لكن متى ذكر عاد إلى ترتيب الصلاة بغير تكبير.
قال جماعة إن زاد عقيب ركعة جلوسا يسيرا زاد جمع بقدر جلسة الاستراحة فهل يسجد لسهوه ويبطل عمده فيه وجهان وفي التلخيص إن جلس عن قيام ولم يتشهد ثم ذكر ولم يسجد للسهو قال القاضي:

وإن زاد ركعة فلم يعلم حتى فرغ منها سجد لها وإن علم فيها جلس في الحال وتشهد إن لم يكن تشهد وسجد وسلم.
ـــــــ
سواء كان بقدر جلسة الاستراحة أو أطول لأن صفتها تخالف صفة الجلوس للتشهد وقياس المذهب أنه إن كان يسيرا لا يسجد لأنه لا يبطل عمده الصلاة ولا وجه لما ذكره القاضي إلا إذا قلنا تجبر الهيآت بالسجود ولهذا علل بتغاير القعودين في الكيفية وقيل إن قام إلى خامسة في رباعية وبطل فرضه وتصير نفلا وفيه نظر.
مسألة: إذا رفع رأسه من السجود يجلس للاستراحة وكان موضع جلوسه للفصل أو التشهد ثم ذكر أتى بذلك ولا سجود عليه.
ولو جلس للتشهد قبل السجود سجد كذلك وإن جلس للفصل فظنه التشهد وطوله لم يجب السجود.
ولو نوى القصر فأتم سهوا ففرضه الركعتان ويسجد للسهو.
وإن قام أو سجد فيها إكراما لإنسان بطلت.
"وإن زاد ركعة" لخامسة في الرباعية أو رابعة في المغرب أو ثالثة في الفجر "فلم يعلم حتى فرغ منها سجد لها" لما روى ابن مسعود "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خمسا فلما انفتل قالوا إنك صليت خمسا فانفتل ثم سجد سجدتين ثم سلم" متفق عليه وفي رواية قال: "إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتي السهو" رواه مسلم.
"وإن علم" بالزيادة "فيها" أي في الركعة "جلس في الحال" بغير تكبير نص عليه لأنه لو لم يجلس لزاد في الصلاة عمدا وذلك مبطل لها "وتشهد إن لم يكن تشهد" لأنه ركن لم يأت به "وسجد" للسهو لقوله عليه السلام "من زاد أو نقص فليسجد سجدتين".
"وسلم" لتكمل صلاته وظاهره أنه إذا كان قد تشهد فإنه يسجد

وإن سبح به أثنان لزمه الرجوع
ـــــــ
و يسلم وفي الشرح وغيره إن كان تشهد ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه ثم سجد للسهو ثم سلم.
تنبيه: إذا قام إلى ثالثة نهارا وقد نوى ركعتين نفلا رجع إن شاء وسجد للسهو وله أن يتمها أربعا ذكره في الشرح ولا يسجد وهو أفضل وإن كان ليلا وكما لو قام إلى ثالثة في الفجر نص عليه لأنها صلاة شرعت ركعتين أشبهت الفجر.
وإن سبح به وفي الفروع نبه وهو أولى لشموله اثنان ثقتان فأكثر ويلزمهم تنبيهه.
وذكر صاحب النظم احتمالا في الفاسق كأذانه وفيه نظر وفي المميز خلاف "لزمه الرجوع" إليهما وظاهره سواء سبحا به إلى زيادة أو نقصان وسواء قلنا يعمل بغلبة ظنه أولا وسواء غلب على ظنه صوابهما أو خطؤهما نص عليه لأنه عليه السلام رجع إلى قول أبي بكر وعمر وأمر عليه السلام بتذكيره وعنه يستحب ذكرها القاضي وعليها يعمل بيقينه أو الحري لا أنه لا يرجع.
وظاهره أنه لا يرجع إلى ثقة نص عليه لأنه عليه السلام لم يرجع إلى قول ذي اليدين وحده وقيل يرجع إليه في زيادة لا مطلقا واختار أبو محمد الجوزي يرجع إلى واحد يظن صدقه قال في الفروع ولعل المراد ما ذكره الشيخ إن ظن صدقه عمل بظنه لا بتسبيحه لكن أطلق أحمد أنه لا يرجع إليه وظاهر ما ذكروه أن المرأة كالرجل في هذا وإلا لم يكن في تنبيهها فائدة ولما كره تنبيهها بالتسبيح ونحوه ظاهره أنه يلزمه الرجوع إليهما ولو تيقن صواب نفسه وهو قول أبي الخطاب وذكره الحلواني رواية كالحاكم بحكم بالشاهدين ويترك يقين نفسه والمذهب أنه لا يلزمه الرجوع إليهما حينئذ ؛

فإن لم يرجع بطلت صلاته وصلاة من أتبعه عالما فإن فارق
ـــــــ
لأن قولهما إنما يفيد الظن واليقين مقدم عليه.
وأجاب في المغني والشرح بأنه علم خطأهما فلا يرجع إليهما فيه وكذا يقول في الشاهدين متى علم الحاكم كذبهما أو غلطهما لم يجز الحكم بشهادتهما ولا أظن أبا الخطاب يمنع من ذلك ومراده ما قاله القاضي يترك الإمام اليقين ومراده الأصل.
قال كالحاكم يرجع إلى الشهود ويترك الأصل واليقين وهو براءة الذمم وكذا شهادتهما برؤية لهلال يرجع إليهما ويترك الأصل واليقين وهو بقاء الشهر.
فرع إذا اختلف الجماعة عليه سقط قولهم كالبينتين إذا تعارضتا ويعمل بغلبة ظنه وفي وجه وذكر في الوسيلة أنه أشبه بالمذهب أنه يرجع إلى من وافقه وقال ابن حامد يرجع إلى قول من أثبت الخطأ ويرجع منفرد إلى يقين وقيل لا لأن من في الصلاة أشد تحفظا قال القاضي والأول أشبه بكلام أحمد في الطواف.
"فإن لم يرجع" الإمام في موضع يلزمه الرجوع "بطلت صلاته" نص عليه وجزم به الأصحاب لأنه ترك الواجب عمدا "وصلاة من اتبعه عالما" على الأصح فيهما لأنه اقتدى بمن يعلم بطلان صلاته كما لو اقتدى بمن يعلم حدثه "فإن فارق" وسلم صحت صلاته في أصح الروايات واختاره الأكثر لأنه فارقه لعذر أشبه من فارق إمامه إذا سبقه الحدث.
وعنه ينتظره ليسلم معه وجوبا وعنه استحبابا وعنه يجب متابعته فيها وعنه يخبر المأموم في انتظاره أو اتباعه وعنه تبطل في الكل ومعنى الإبطال أنها تخرج أن تكون فرضا بل يسلم عقب الرابعة وتكون لهم نفلا ذكره في الفصول عن الأصحاب.

أو كان جاهلا لم تبطل والعمل المستكثر في العادة من غير جنس الصلاة يبطلها عمده وسهوه ولا تبطل باليسير ولا يشرع له سجود وإن أكل أو شرب عمدا بطلت صلاته قل أو كثر
ـــــــ
"أو كان" متبعه "جاهلا" وساهيا "لم تبطل" على الأصح لأن الصحابة تابعوا النبي صلى الله عليه وسلم في الخامسة في حديث ابن مسعود ولم تبطل صلاتهم وتابعوه أيضا في حديث ذي اليدين ولم يأمرهم بالإعادة
تنبيه: إذا أدركه مسبوق فيها انعقدت صلاته واعتد بها قدمه ابن تميم وقاله القاضي بناء على اقتداء المفترض بالمتنفل
والمذهب المنصوص عليه أنه لا يعتد بها لأنها سهو وغلط وعنه الوقف نقلها أبو الحارث والأول نصره المؤلف وهذا إذا لم يعلم بأنها زائدة فإن علم لم يدخل معه مفترض وكذا لا يدخل معه في سجود سهو بعد السلام على الأصح
"والعمل المستكثر في العادة" هذا شروع في بيان القسم الثاني في زيادة الأفعال "من غيرجنس الصلاة" لغير حاجة كالمشي والتروح ونحوهما "يبطلها عمده وسهوه" لما فيه من قطع الموالاة بين الأركان ما لم يكن ضرورة
"ولا تبطل باليسير" لحمل أمامة وفتح الباب لعائشة وقد علم منه أن المرجع فيهما إلى العرف وذكره في المستوعب و الشرح
"ولا يشرع له سجود" لعدم سجوده عليه السلام له
"وإن أكل أو شرب عمدا بطلت صلاته قل أو كثر" لأنه عمل من غير جنس الصلاة فاستوى كثيره وقليله كالجماع
وظاهره لا فرق بين الفرض والنفل وهو إجماع من يحفظ عنه في الفرض لأنهما ينافيان الصلاة إلا ما حكاه في الرعاية قولا أنها لا تبطل بيسير شرب لكنه غير معروف .

وإن كان سهواً لم تبطل إذا كان يسيراً
ـــــــ
وكذا النفل قدمه جماعة وذكر في الشرح أنه الصحيح من المذهب وبه قال أكثرهم لأن ما أبطل الفرض أبطل النفل كسائر المبطلات.
وعنه لا إذا كان يسيرا كغيرهما وعنه لا تبطل بالشرب فقط لما روي أن ابن الزبير وسعيد بن جبير شربا في التطوع.
قال الخلال سهل أبو عبد الله في ذلك وذكر ابن هبيرة أنه المشهور عنه لأن مد النفل وإطالته مستحبة مطلوبة فيحتاج معه كثيرا إلى جرعة العطش كما سومح به جالسا وعلى الراحلة.
"وإن كان" الأكل أو الشرب "سهوا" أو جهلا ولم يذكره جماعة لم تبطل إذا كان يسيرا كذا ذكره معظم الأصحاب لأن تركهما عماد الصوم وركنه الأصلي وفواته اقتضاء لإبطاله من إبطاله الصلاة فإذا لم تؤثر فيه حالة السهو فالصلاة أولى وكالسلام.
قال في الكافي فعلى هذا يسجد لأنه يبطل الصلاة بعمده وعفي عن سهوه فيسجد له لجتس الصلاة وعنه تبطل به وهو قول الأوزاعي وقدمه في الكافي لأنه من غيرجنس الصلاة فاستوى سهوه وعمده كالكثير وقيل تبطل بالأكل فقط وظاهره أنها تبطل به إذا كان كثيرا بغير خلاف قاله في الشرح لأن غيرهما يبطلها إذا كثر فهما أولى.
وقيل الفرض وحده قاله في الرعاية والمذهب أنها لا تبطل بيسير شرب عرفا في نفل ولو عمدا.
وظاهر ما في المستوعب و التلخيص أن الفرض والنفل لا يبطل بكثير ذلك سهوا.
تنبيه : إذا ترك بفيه سكرا ونحوه وبلع ما ذاب فهو كالأكل وكما لو فتح فاه فنزل فيه ماء المطر فابتلعه وقيل لا يبطل فيهما وإن بقي بين أسنانه بقية.

وإن أتى بقول مشروع في غيرموضعه عمدا كالقراءة في السجود والقعود والتشهد في القيام وقراءة السورة في الأخريين لم تبطل به ولا يجب السجود لسهوه وهل يشرع على روايتين
ـــــــ
طعام يجري به ريقه فبلعه أو ازدرده بلا مضغ أو ترك بفمه لقمة لم يمضغها ولم يبتلعها لم تبطل للمشقة ولأنه عمل يسير لكنه يكره ذكره جمع لأنه يشغله عن خشوع الصلاة.
فإن لاكها فهو كالعمل إن كثر تبطل وإلا فلا ذكره في الكافي و الرعاية وقال في الروضة ما أمكن إزالته بطلت بابتلاعه.
"وإن أتى" شرع في بيان زيادة الأقوال وهي قسمان أحدهما ما يبطل عمده الصلاة كالسلام وكلام الآدميين وسيأتي والثاني ما لا يبطلها مطلقا وهو المراد بقوله "بقول مشروع في غير موضعه" عمدا سوى السلام قاله في الوجيز و الفروع وهو مراد من أطلق "كالقراءة في السجود والقعود والتشهد في القيام وقراءة السورة في الأخريين لم تبطل به" نص عليه لأنه مشروع في الصلاة في الجملة.
وقيل تبطل به ذكره ابن الجوزي في مسبوكه وقاله ابن حامد وأبو الفرج في قراءته راكعا أو ساجدا فعلى هذا يجب السجود لسهوه و على الأول "لا يجب السجود لسهوه" كسائر ما لا يبطل عمده الصلاة.
"وهل يشرع؟ على روايتين" إحداهما يشرع صححه في الوسيلة و الرعاية و الفروع ونصره جماعة فعلى هذا هو مستحب وجزم به في الوجيز لعموم قوله عليه السلام "إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين" والثانية لا يشرع قدمها في المغني لأنها لا تبطل بعمده فلم يشرع السجود لسهوه كترك سنن الأفعال.
وظاهره أنه إذا أتى بذكر أو دعاء متعمدا لم يرد الشرع به فيها كقول:

وإن سلم قبل إتمام صلاته عمدا أبطلها وإن كان سهوا ثم ذكر قريبا أتمها وسجد
ـــــــ
آمين رب العالمين وفي التكبير الله أكبر كبيرا أنه لا يشرع له سجود وجزم به في المغني و الشرح لأنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى فلم يأمره بالسجود وفيه وجه أنها تبطل به ذكره ابن الجوزي وفيه بعد.
"وإن سلم قبل إتمام صلاته عمدا أبطلها" لأنه تكلم فيها والباقي منها إما ركن أو واجب وكلاهما تبطل الصلاة بتركه عمدا.
"وإن كان" السلام سهوا لم تبطل به رواية واحدة قاله في المغني لأنه عليه السلام هو وأصحابه فعلوه وبنوا على صلاتهم لأن جنسه مشروع فيها أشبه الزيادة فيها من جنسها "ثم ذكر قريبا أتمها" زاد غير واحد وإن انحرف عن القبلة أو خرج من المسجد نص عليه "وسجد" لما روى ابن سيرين عن أبي هريرة قال "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي" قال ابن سيرين قد سماها أبو هريرة ولكن نسيت أنا فصلى بنا ركعتين ثم سلم فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى وخرجت السرعان من أبواب المسجد فقالوا قصرت الصلاة وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه وفي القوم رجل في يده طول يقال له ذو اليدين فقال: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة فقال لم أنس ولم تقصر فقال كما يقول ذو اليدين فقالوا نعم فتقدم فصلى ما ترك ثم سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر فربما سألوه بم سلم فيقول نبئت أن عمران بن حصين قال ثم سلم " متفق عليه ولفظه للبخاري.
لكن إن لم يذكر حتى قام فعليه أن يجلس لينهض إلى الإتيان بما بقي عليه

فإن طال الفصل أو تكلم لغير مصلحة الصلاة بطلت
ـــــــ
من جلوس لأن هذا القيام واجب للصلاة فلزمه الإتيان به مع النية وشرط الإتمام استمرار الطهارة فلو أحدث استأنفها.
"فإن طال الفصل" بطلت في قول الجمهور لأنها صلاة واحدة فلم يجز بناء بعضها على بعض مع طول الفصل ولتعذر البناء معه ويرجع فيه إلى العرف.
قال في المغني و الشرح والمقاربة لمثل حاله عليه السلام في خبر ذي اليدين إذ لم يرد بتحديده نص وقيل قدر ركعة طويلة قاله القاضي في الجامع وقيل قدر الصلاة التي هو فيها وقيل مادام في المسجد لأنه محل للصلاة.
تنبيه : إذا لم يذكر المتروك حتى شرع في صلاة غيرها فإن طال الفصل بطلت وإن لم يطل عاد إلى الأولى وأتمها
وعنه يستأنفها اقتصر عليه في الكافي لتضمن عمله قطع نيتها.
وعنه يستأنفها إن كان ما شرع فيه نفلا وذكر في المبهج يكمل الأولى من الثانية نفلا كانت أو فرضا لأنه سهو معذور فيه وفي الفصول فيما إذا كانتا صلاتي جمع أتمها ثم سجد عقبيها للسهو عن الأولى لأنهما كصلاة واحدة ولم يخرج من المسجد والأول المذهب لأنه عمل عملا من جنس الصلاة سهوا فلم تبطل كما لو زاد ركعة
وأما إتمام الأولى بالثانية فلا يصح لأنه قد خرج من الأولى بالسلام ونية الخروج منها ولم ينوها بعد ذلك ونية غيرها لا تجزئ عن نيتها كحالة الابتداء "أو تكلم" في هذه الحال أي إذا سلم يظن أن صلاته قد تمت "لغير مصلحة" الصلاة كقوله يا غلام اسقني ماء ونحوه "بطلت" نص عليه في رواية جماعة.
وهو المذهب لما روى معاوية بن الحكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس" رواه مسلم وأبو داود وقال لا يحل

وإن تكلم لمصلحتها ففيه ثلاث روايات إحداهن تبطل والثانية لا تبطل والثالثة تبطل صلاة المأموم دون الإمام اختارها الخرقي
ـــــــ
مكان لا يصلح
وعنه لا تفسد بالكلام في هذه الحال لأنه نوع من النسيان أشبه المتكلم جاهلا وأطلق جمع الخلاف "وإن تكلم لمصلحتها ففيه ثلاث روايات إحداهن تبطل مطلقا" اختارها الخلال وصاحبه وقدمها في المحرر و الرعاية وصححها جماعة وهي اختيار أكثر الأصحاب لما روى زيد بن أرقم قال كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام متفق عليه.
وللترمذي فيه "كنا نتكلم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة" وزيد مدني وهو يدل على أن نسخ الكلام كان بالمدينة ويعضده حديث معاوية.
"والثانية لا تبطل" مطلقا نص عليه في رواية جماعة وقدمه ابن تميم وذكر المؤلف أنه الأولى وصححه في الشرح لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وذا اليدين تكلموا وبنوا على صلاتهم فعلى هذا إن أمكنه استصلاح الصلاة بإشارة ونحوها فتكلم فذكر في المذهب وغيره أنها تبطل.
وعنه إن تكلم لمصلحتها سهوا لم تبطل وإلا بطلت قال في المحرر وهو أصح عندي لأن النهي عام وإنما ورد في حال السهو فيختص به ويبقى في غيره على الأصل.
"والثالثة تبطل صلاة المأموم" لأنه لا يمكنه التأسي بالخليفتين فإنهما كانا مجيبين للنبي صلى الله عليه وسلم وإجابته واجبة بالنص ولا بذي اليدين لأنه تكلم سائلا عن قصر الصلاة في وقت يمكن ذلك فيه فعذر بخلاف غيره "دون الإمام اختارها الخرقي" لأن له أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان إماما وتكلم وبنى على

إن تكلم في صلب الصلاة بطلت
ـــــــ
صلاته.
فعلى هذه المنفرد كالمأموم ذكره في الرعاية وهو ظاهر المحرر وظاهره أن الخلاف جار بمن ظن تمام ثم تكلم واختاره جمع وقال القاضي والمجد هو على الإطلاق وصححه ابن تميم وقدمه في الرعاية لأن الكلام هنا قد يكون أشد كإمام نسي القراءة ونحوها فإنه يحتاج أن يأتي بركعة فلا بد له من إعلام المأموم.
والكلام غير المبطل ما كان يسيرا فإن كثر وطال أبطل اختاره الشيخان والقاضي زاعما أنه رواية واحدة لأن الأحاديث المانعة من الكلام عامة تركت في اليسير للأخبار فيبقى ما عداه على مقتضى العموم.
وقيل لا تبطل وهو ظاهر كلامه واختاره القاضي في الجامع الكبير لأن ما عفي عنه بالنسيان استوى قليله وكثيره كالأكل في الصوم.
مسألة: لا بأس بالسلام على المصلي نص عليه وفعله ابن عمر لقوله تعالى {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: 61] أي على أهل دينكم وعنه يكره وهي قول ابن عقيل وقدمها في الرعاية وقاله الشعبي وعطاء وأبو مجلز لأنه ربما غلط فرد بالكلام.
وعنه يكره في فرض وقيل لا يكره إن عرف كيفية الرد وإن كثر ذلك عرفا بلا ضرورة وإن رده لفظا بطلت لأنه كلام آدمي أشبه تشميت العاطس ويرده إشارة لفعله عليه السلام رواه أبو داود والترمذي وصححه ولا يجب في الأصح.
وعنه يكره وعنه في فرض ولا يرده في نفسه بل يستحب بعدها لرده عليه السلام على ابن مسعود بعد السلام ولو صافح إنسانا يريد السلام عليه لم تبطل.
"وإن تكلم في صلب الصلاة بطلت" اعلم أن الكلام فيها ينقسم إلى أقسام.

وعنه لا تبطل إذا كان ساهيا أو جاهلاً ويسجد له
ـــــــ
أحدها : أن يتكلم عمدا عالماأنه فيها مع علمه بتحريم ذلك لغير مصلحة الصلاة ولا لأمر يوجب ذلك بطلت إجماعا حكاه ابن المنذر لما روى ابن مسعود قال "كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا ثم قال "إن في الصلاة لشغلا" متفق عليه
وفي لفظ لأبي داود قال "فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن الله قد أحدث أن لا تكلموا فيها" وأبعد في الرعاية فحكى قولا أنها لا تبطل بكلام يسير
والثاني : أن يتكلم ساهيا وهو مبطل لها في قول الأكثر للعموم
"وعنه لا تبطل إذا كان ساهيا" قدمه أبو الحسين وابن تميم ونصره في التحقيق ولا فرق بين أن يتكلم ساهيا أنه في صلاة أو يظن أن صلاته قد تمت فيسلم أو جاهلا ويسجد له ويتكلم "أو جاهلا" ذكره المؤلف وصاحب التلخيص لأنه عليه السلام لم يأمر معاوية حين شمت العاطس جهلا بتحريمه بالإعادة والساهي مثله لأن ما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان
وظاهره أنه لا فرق بين الجاهل بتحريم الكلام أو الإبطال به
قال القاضي في الجامع لا أعرف عن أحمد نصا في الجاهل بتحريم الكلام وألحق بعض أصحابنا الحديث العهد بالإسلام به وفيه وجه لا تبطل بحال ذكره في المغني احتمالا
لما روى أبو هريرة أن أعرابيا قال وهو في الصلاة "اللهم ارحمني ومحمدا ولاترحم معنا أحدا فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة" رواه البخاري ثم قال والأولى أن يخرج هذا على الروايتين في الناسي لأنه معذور بمثله
الثالث : أن يتكلم جاهلا وقد ذكر
"ويسجد له" لعموم الأحاديث ولان عمده يبطلها فوجب السجود

.
ـــــــ
لسهوه كترك الواجبات لا يقال لم يأمر معاوية بالسجود فكيف يسجد لأنه كان مأموما والإمام يتحمل عنه سهوه
الرابع: أن يتكلم مغلوبا عليه وهو أنواع:
أحدها : أن تخرج الحروف بغير اختياره كما لو غلبه سعال أو عطاس أو تثاؤب فبان حرفان أو سبق لسانه حال قراءته إلى كلمة أخرى غيرالقرآن لم تبطل نص عليه لأنه لا يمكنه التحرز منه وقيل هو كالناسي.
الثاني : أن ينام فيتكلم فقد توقف أحمد عن الجواب عنه والأولى أنها لا تبطل به لرفع القلم عنه ولعدم صحة إقراره وعتقه.
الثالث : أن يكره على الكلام فصحح في المغني الإبطال به وذكره ابن شهاب كما لو أكره على زيادة ركن أو ركعة وذكر في التلخيص أنه كالناسي لقوله عليه السلام "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" قال القاضي هو أولى منه بالعفو وصحة الصلاة نصره في التحقيق لأن الفعل غيرمنسوب إليه بدليل أنه لو أكره على إتلاف مال لم يضمنه والناسي يضمن ما أتلفه والأول أولى لأن النسيان يكثر بخلاف الإكراه.
الرابع : أن يتكلم بكلام واجب مثل أن يخشى على ضرير أو صبي الوقوع في هلكة أو يرى حية تقصد غافلا أو نارا يخاف أن تشتعل في شيء ولا يمكنه التنبيه بالتسبيح فقال أصحابنا تبطل به لما سبق وقيل لا وهو ظاهر كلام أحمد وصححه في الرعاية لقصة ذي اليدين وقيل هو كالناسي.
وذكر ابن تميم وغيره أنه متى أمكن استغناؤه بإشارة لم يجز أن يتكلم ولا يتكلم بزيادة على حاجته وحاصله: أن المبطل منه ما كان على حرفين كقوله أب ودم أي ظاهرا لأنه لا تنتظم كلمة من أقل منهما فلو قال لا فسدت صلاته ؛

وإن قهقه أو نفخ أو انتحب فبان حرفان فهو كالكلام إلا ما كان من خشية الله تعالى
ـــــــ
لأنها لام وألف
"وإن قهقه أو نفخ أو انتحب فبان حرفان فهو كالكلام إلا ما كان من خشية الله تعالى" وفيه مسائل:
الأولى : إذا قهقه وهي ضحكة معروفة فإن قال قه قه فالأظهر أنها تبطل به وإن لم يبن حرفان ذكره في المغني وقدمه الأكثر كالمتن وحكاه ابن المنذر إجماعا لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "القهقهة تنقض الصلاة ولا تنقض الوضوء" رواه الدارقطني بإسناد فيه ضعف ولأنه تعمد فيها بما ينافيها أشبه خطاب الآدمي
وظاهره: أنها لا تفسد بالتبسم وهو قول الأكثر حكاه ابن المنذر
الثانية : إذا نفخ فيها فهو كالكلام إذا بان حرفان ذكره في المذهب و الوجيز وصححه المؤلف لما روي عن ابن عباس قال من نفخ في صلاته فقد تكلم رواه سعيد وعن أبي هريرة نحوه لكن قال ابن المنذر لا يثبت عنهما
وعنه: تبطل مطلقا لظاهر ما ذكرنا وعنه عكسها روي عن جماعة منهم ابن مسعود وقيل لقدامة بن عبد الله نتأذى بريش الحمام إذا سجدنا فقال انفخوا رواه البيهقي بإسناد حسن وقدامة صحابي وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم "نفخ في صلاة الكسوف" رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن والبخاري تعليقا وكالحرف الواحد والأولى حمله على ما إذا لم ينتظم حرفان فإن انتظم بطلت
الثالثة : إذا انتحب بأن رفع صوته بالبكاء من غير خشية كالكلام إذا بان حرفان لانه من جنس كلام الآدميين وظاهره لا فرق بين ما غلب صاحبه وما لم يغلبه لكن قال في المغني و النهاية إنه إذا غلب صاحبه


ـــــــ
لم يضره لكونه غير داخل في وسعه ولم يحكيا فيه خلافا
قوله فهو كالكلام أي يبطل إن كان عمدا وإن كان ساهيا أو جاهلا خرج على الروايتين
الرابعة : إذا انتحب من خشية الله تعالى أنه لا يضر لما روى مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء" رواه أحمد وأبو داود
قال أحمد كان عمر يبكي حتى يسمع له نشيج وذكره البخاري عن عبد الله بن شداد أنه سمعه وهو في آخر الصفوف.
وظاهره وإن لم يكن عن غلبة وقاله القاضي وأبو الخطاب وصححه ابن تميم وهو ظاهر كلام الأكثر لأن الله تعالى مدح الباكين فقال {خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً} [مريم: 58] {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ} [الإسراء: 109] وهو عام فيما تضمن حرفا أو حروفا ولأنه ذكر ودعاء ولهذا مدح إبراهيم فقال {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114] وفي التفسير أنه كان يتأوه خوفا من الله تعالى.
والثاني: تبطل ذكره المؤلف أنه الأشبه بأصول أحمد لعموم النصوص والمدح على البكاء لا يخصصه كرد السلام وتشميت العاطس وكما لو لم يكن من خشية لأنه يقع على الهجاء ويدل بنفسه على المعنى كالكلام وإن استدعى البكاء كره كالضحك وإلا فلا.
فرع : إذا تأوه أو أن فبان حرفان من خوف الله تعالى لم تبطل وإن كان عن غيرغلبة لأن الكلام لا ينسب إليه ولا يتعلق به حكم من أحكام الكلام فدل أنهما إذا ظهرا من بكاء أو بصاق أو تثاؤب أو سعال لا من خشية الله تعالى أنها تبطل.
قال في المستوعب وغيره إذا قلنا إن الكلام ناسيا لا تبطل الصلاة به , فما

وقال أصحابنا في النحنحة مثل ذلك وقد روي عن أبي عبد الله أنه كان يتنحنح في الصلاة ولا يراها مبطلة للصلاة
فصل
وأما النقص فمتى ترك ركنا فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى بطلت التي تركه منها
ـــــــ
كان من هذه الأشياء غالبا لا تبطل به وإن بان حرفان.
"وقال أصحابنا في النحنحة مثل ذلك" أي هي كالنفخ والقهقهة إن بان حرفان فسدت لأنه إذا أبانهما كان متكلما أشبه ما لو أن.
"وقد روي عن أبي عبد الله أنه كان يتنحنح في الصلاة" نقلها المروذي ومهنا "ولا يراها مبطلة للصلاة" اختارها المؤلف ويعضده ما روى أحمد وابن ماجه عن علي قال "كان لي مدخلان من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل والنهار فإذا دخلت عليه وهو يصلي يتنحنح لي" وللنسائي معناه لا يدل بنفسه ولا مع لفظ غيره على معنى لكونها حروفاً غير محققة كصوت أعقل ولا يسمى فاعلها متكلما بخلاف النفخ والتأوه وأطلق في المحرر الروايتين.
وقيل إن تنحنح لضرورة أو حاجة فبان حرفان فوجهان وحمل الأصحاب ما روي عن الإمام أحمد أنه لم يأت بحرفين ورده المؤلف بأن ظاهر حاله أنه لم يعتبر ذلك لأن الحاجة تدعو إليها.
فصل
"وأما النقص فمتى ترك ركنا" ناسيا أوساهيا غيرتكبيرة الإحرام أو النية إذا قلنا بركنيتها "فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى بطلت" الركعة "التي تركه منها" فقط نص عليه وجزم به الأصحاب لأنه ترك ركنا ولم يمكن استدراكه لتلبسه بالركعة التي بعدها فلغت ركعته وصارت التي تشرع فيها

وإن ذكر قبل ذلك عاد فأتى به
ـــــــ
عوضا عنها
ولا يعيد الاستفتاح نص عليه في رواية الأثرم وقال الشافعي إن ذكر الركن المتروك قبل السجود في الثانية فإنه يعود إلى السجدة الأولى وإن ذكر بعد سجوده في الثانية وقعت عن الأولى لأن الركعة قد صحت وما فعله في الثانية سهوا لا يبطل كما لو ذكر قبل القراءة.
وذكر أحمد هذا القول فقر به إلا أنه اختار الأول وذكره ابن تميم وغيره وجها والأول أقوى لأن المزحوم في الجمعة إذا زال الزحام والإمام راكع في الثانية فإنه يتبعه ويسجد معه ويكون السجود من الثانية دون الأولى.
فعلى هذا إن كان الترك من الأولى صارت الثانية أوليته والثالثة ثانيته والرابعة ثالثته ويأتي بركعة وكذا القول في الثانية والثالثة والرابعة فإن رجع عمدا مع علمه بطلت صلاته نص عليه لتركه الواجب عمدا.
وظاهره: أنه لا يبطل ما مضى من الركعات قبل المتروك ركنها وقال ابن الزاغوني بلى وبعده ابن تميم وغيره.
"وإن ذكره قبل ذلك" أي قبل القراءة "عاد" لزوما "فأتى به" أي بالمتروك نص عليه لكون القيام غير مقصود في نفسه لأنه يلزم منه قدر القراءة الواجبة وهي المقصودة ولانه أيضا ذكره في موضعه كما لو ترك سجدة من الركعة الأخيرة فذكرها قبل السلام فإنه يأتي بها في الحال.
وقال في المبهج: من ترك ركنا ناسيا فلم يذكر حتى شرع في ركن آخر بطلت تلك الركعة وذكره بعضهم رواية.
فعلى الأول: إن لم يعد مع علمه بطلت صلاته وإن كان سهوا أو جهلا لم تبطل لأنه فعل غير متعمد أشبه ما لو مضى قبل ذكر المتروك وتبطل تلك

وبما بعده وإن كان بعد السلام فهو كترك ركعة كاملة
ـــــــ
الركعة وقال أبو الخطاب إذا لم يعده لا يعتد بما يفعله بعد المتروك فإن ذكر الركوع وقد جلس أتى به وبما بعده.
فإن ذكر بعد أن قام من السجدة الثانية وكان جلس للفصل أتى بالسجدة فقط ولم يجلس لأنه لم يتركه وقيل بلى ثم يسجد وإلا جلس للفصل ثم يسجد.
"و" يأتي معه "بما بعده" لوجوب الترتيب "وإن كان بعد السلام فهو كترك ركعة كاملة" كذا ذكره جماعة منهم في المحرر لأن الركعة التي لغت بترك ركنها غير معتد بها فوجودها كعدمها فإذا سلم قبل ذكرها فقد سلم من نقص فإن طال الفصل أو أحدث بطلت لفوات الموالاة كما لو ذكره في يوم آخر وإن لم يطل بل كان عن قرب عرفا لم تبطل وأتى بركعة.
وظاهره لو انحرف عن القبلة أو خرج من المسجد نص عليه ويسجد له قبل السلام نقله حرب بخلاف ترك الركعة بتمامها وقال أبو الخطاب وجزم به في التبصرة و التلخيص تبطل ونقله الأثرم وغيره لأنه ترك ركن الصلاة ولم يمكنه استدراكه لكونه خرج منها بالسلام والأول أولى كما لو كان المتروك ركعة فإنه إجماع لخبر ذي اليدين.
لكن ذكر في المغني و الشرح إن كان المتروك سلاما أتى به فحسب وإن كان تشهدا أتى به وبالسلام وإن كان غيرهما أتى بركعة كاملة وهو المنصوص وقيل يأتي بالركن وبما بعده قال ابن تميم وهو أحسن وإن لم يعلم حتى شرع في صلاة فقد سبق.
تنبيه : إذا ترك ركنا لا يعلم موضعه أو جهل عين الركن المتروك بنى على الأحوط لئلا يخرج من الصلاة وهو شاك فيها فيكون مغررا بها لقوله عليه السلام "لا غرار في صلاة ولا تسليم" رواه أبو داود قال الأثرم سألت أبا عبد الله عن تفسيره أما أنا فأرى أن لا يخرج منها إلا على يقين أنها قد تمت فعلى

وإن نسي أربع سجدات من أربع ركعات وذكر في التشهد سجد سجدة فصحت له ركعة ويأتي بثلاث وعنه تبطل صلاته.
ـــــــ
هذا إذا ترك سجدة لا يعلم من الأولى أو الثانية جعلها من الأولى وأتى بركعة.
وإن ترك سجدتين لا يعلم من ركعة أو ركعتين سجد سجدة وحصلت له ركعة وإن ذكر بعد شروعه في قراءة الثالثة لغت الأوليان فإن ترك ركنا لا يعلم هل هو ركوع أو سجود جعله ركوعا وإن شك في القراءة والركوع جعله قراءة وإن ترك اثنتين متواليتين من الفاتحة جعلهما من ركعة وإن لم يعلم تواليهما جعلهما من ركعتين.
"وإن نسي أربع سجدات من أربع ركعات وذكر في التشهد سجد سجدة فصحت له ركعة ويأتي بثلاث" نقله الجماعة وصححه في التلخيص وهو المذهب لأنه قد بطل كل واحدة من الثلاث بشروعه في التي بعدها وبقيت الرابعة ناقصة فيتمها بسجدة فتصح وتصير أولاه ويأتي بالثلاث الباقية ثم يتشهد ويسجد للسهو ويسلم.
وعنه تصح له ركعتان ويأتي بركعتين قال المؤلف ويحتمل أن يكون هذا هو الصحيح لأن أحمد حكاه عن الشافعي وقال هو أشبه من قول أبي حنيفة وعنه لا يصح له سوى تكبيرة الإحرام فيبني عليها "وعنه تبطل صلاته" وقاله إسحاق لأنه يؤدي إلى التلاعب في الصلاة ويفضي إلى عمل كثيرغيرمعتد به وهو ما بين التحريمة والركعة الرابعة وبناه جماعة منهم صاحب الشرح على المسألة قبلها فإن لم يذكر حتى سلم بطلت نص عليه وذكره في المذهب و التلخيص رواية واحدة لأن الركعة الأخيرة بطلت بسلامه وفيه وجه كما لو لم يسلم وإن ذكر وقد قرأ في الخامسة فهي أولاه ولغا ما قبلها ذكره في التلخيص وغيره ولا يعيد الافتتاح وتشهده قبل سجدتي الأخيرة زيادة فعلية وقبل السجدة

وإن نسي التشهد الأول ونهض لزمه الرجوع ما لم ينتصب قائما وإن استتم قائما لم يرجع وإن رجع جاز وإن شرع في القراءة لم يجز له الرجوع.
ـــــــ
الثانية زيادة قولية.
"وإن نسي التشهد الأول ونهض لزمه الرجوع ما لم ينتصب قائما" كذا ذكره جماعة منهم صاحب المحرر و الوجيز لما روى المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس وإذا استتم قائما فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو" رواه أحمد وابو داود وابن ماجه من رواية جابر الجعفي وقد تكلم فيه ولأنه أخل بواجب وذكره قبل الشروع في ركن فلزمه الإتيان به كما لو لم تفارق أليتاه الأرض.
وظاهره أنه يلزمه الرجوع سواء فارقت أليتاه الأرض أو كان إلى القيام أقرب ويجب على مأموم اعتدل متابعته.
"وإن استتم قائما" ولم يقرأ "لم يرجع وإن رجع جاز" نص عليه وهو معنى ما في المحرر والمذهب و التلخيص والكافي وذكر أنه قول الأصحاب كما لو ذكره قبل الاعتدال ولأنه لم يتلبس بركن مقصود لأن القيام ليس بمقصود في نفسه ولهذا جاز تركه عند العجز بخلاف غيره من الأركان والأشهر يكره رجوعه جزم به في الوجيز وذكره في الفروع وعنه يمضي وجوبا صححه المؤلف لما تقدم من حديث المغيرة ولان القيام ركن فلم يجز الرجوع بعد الشروع فيه كالقراءة.
وعنه يلزمه الرجوع وقاله النخعي ويتبعه المأموم.
"وإن شرع في القراءة لم يجز له الرجوع" لحديث المغيرة ولأنه شرع في ركن مقصود كما لو شرع في الركوع وظاهره أنها تبطل صلاة الإمام إذا رجع بعد شروعه فيها إلا أن يكون جاهلا أو ناسيا.

وعليه السجود لذلك كله
ـــــــ
وكذا حال المأمومين إن تبعوه وإن سبحوا به قبل أن يعتدل فلم يرجع تشهدوا لأنفسهم وتبعوه وقيل بل يفارقونه ويتمون صلاتهم.
"وعليه السجود لذلك كله" جزم به أكثر الأصحاب لحديث المغيرة ولعموم قوله عليه السلام "إذا سها أحدكم فليسجد سجدتين" وعنه إن كثر نهوضه وإن قل قدمه ابن تميم.
وفي التلخيص إن بلغ حد الركوع سجد لأنه زاد ما يبطل عمده الصلاة وقال القاضي في موضع إذا لم يعتدل قائما فلا سجود وحكاه في شرح المذهب عن شيخه لخبر رواه الدارقطني.
مسألة : حكم ترك الذكر فيه كتركهما فلو نسي تسبيح ركوع فذكره بعد زواله عن حد الركوع حتى انتصب قائما فوجهان
أحدهما : لا يرجع جزم به في المغني و الشرح لانه يزيد ركوعا ويأتي بالتسبيح في ركوع غيرمشروع فعلى هذا إن رجع بطلت لا سهوا بل يسجد له فإن أدركه مسبوق في هذا الركوع لم يدركها ذكره المؤلف.
والثاني : يجوز له الرجوع اقتصر عليه في المحرر وذكره القاضي قياسا على القيام من ترك التشهد وليس مثله لأن التشهد واجب في نفسه غيرمتعلق بغيره بخلاف بقية الواجبات لأنها تجب في غيرها كالتسبيح مع أن الأولى في التشهد لا يرجع إما جزما كما في المغني أو استحبابا كالمشهور وقياس بقية الواجبات مثله قاله في المحرر وغيره.

فصل
وأما الشك فمن شك في عدد الركعات بنى على اليقين وعنه يبني على غالب ظنه، وظاهر المذهب أن المنفرد يبني على اليقين والإمام يبني على غالب ظنه.
ـــــــ
فصل
"وأما الشك" هذا هو القسم الثالث مما يشرع له سجود السهو "فمن شك في عدد الركعات بنى على اليقين" اختاره الأكثر منهم أبو بكر وروي عن عمر وابنه وابن عباس لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم" رواه مسلم.
وكطهارة وطواف ذكره ابن شهاب ولأن الأصل عدم ما شك فيه وكما لو شك في اصل الصلاة وسواء تكرر ذلك منه أو لا قاله في المستوعب وغيره.
"وعنه يبني على غالب ظنه" نقلها الأثرم وذكر الشريف وأبو الخطاب أنها اختيار الخرقي.
وروي عن علي وابن مسعود لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين" متفق عليه وللبخاري بعد التسليم وفي لفظ لمسلم "فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب".
واختار الشيخ تقي الدين أنه يستأنفها من يعرض له أولا وقال على هذا عامة أمور الشرع وأن مثله يقال في طواف وسعي ورمي جمار وغير ذالك.
"وظاهر المذهب أن المنفرد يبني على اليقين والإمام يبني على غالب ظنه" جزم به في الكافي و الوجيز وذكر في الشرح أنه المشهور عن أحمد وأنه اختيار

فإن استويا عنده بنى على اليقين ومن شك في ترك ركن فهو كتركه وإن شك في ترك واجب فهل يلزمه السجود على وجهين وإن شك في زيادة لم يسجد
ـــــــ
الخرقي جمعا بين الأخبار ولأن للإمام من ينبهه ويذكره إذا أخطأ الصواب بخلاف المنفرد.
ومرادهم ما لم يكن المأموم واحدا فإن كان فباليقين لأنه لا يرجع إليه بدليل المأموم الواحد لا يرجع إلى فعل إمامه ويبني على اليقين للمعنى المذكور ويعايا بها وذكر في المذهب أن المنفرد يبني على الأقل رواية واحدة وكذا الإمام في الأصح.
"فإن استويا عنده بنى على اليقين "وهو الأقل بغير خلاف لأنه الأصل وهو شامل للإمام والمنفرد وأما الماموم فيتبع إمامه مع عدم الجزم بخطئه وإن جزم بخطئه لم يتبعه ولم يسلم قبله وإن تيقن الإمام أنه مصيب فيما فعله لم يسجد للسهو في الأشهر وسواء بنى على اليقين أو غلبة الظن.
"ومن شك في ترك ركن فهو كتركه" ويعمل باليقين لأن الأصل عدمه وقيل هو كركعة قياسا.
قال أبو الفرج التحري سائغ في الأقوال والأفعال ومحله في غير تكبيرة الإحرام والنية على ما مر.
"وإن شك في ترك واجب فهل يلزمه السجود على وحهين" وكذا في الفروع أحدهما يلزمه السجود قدمه في المحرر وصححه في الشرح لأن الأصل عدمه والثاني لا قدمه في المستوعب و الرعاية وجزم به في الوجيز وذكر في المذهب أنه قول أكثر أصحابنا لان الأصل عدم وجوبه فلا يجب بالشك.
"وإن شك في زيادة لم يسجد" لأن الأصل عدمها وعنه يسجد اختاره القاضي كشكه فيها وقت فعلها فلو بان صوابه أو سجد ثم بان لم يسه أو

وليس على المأموم سجود سهو إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه
ـــــــ
سها بعده قبل سلامه في سجوده قبل السلام فوجهان وقيل يسجد في النقص لا الزيادة.
وقال في الرعاية وهو أظهر فإن كان شكه بعد السلام لم يلتفت إليه نص عليه لأن الظاهر أنه أتى بها على الوجه المشروع وقيل بلى مع قصر الزمن فإن طال فلا وجها واحدا.
فرع: إذا شك هل سهوه مما يسجد له أو لا أو ظن أن له سهوا فسجد له فبان سجوده له سهوا فهل يسجد فيه وجهان فإن كثر السهو حتى صار وسواسا لم يلتفت إليه.
"وليس على المأموم سجود سهو" في قول عامة العلماء لما روى ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على من خلف الإمام سهو فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه" رواه الدارقطني وظاهره ولو أتى بما تركه بعد السلام لكن إن معه أو سها معه أو فيما انفرد سجد وكذا إن سها بعد مفارقة إمامه رواية واحدة.
"إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه" وحكاه إسحاق وابن المنذر إجماعا لعموم قوله "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا سجد فاسجدوا" وسواء كان السجود قبل السلام أو بعده.
وظاهره أنه يسجد مسبوق مع إمامه إن سها إمامه فيما أدركه وكذا فيما لم يدركه.
وعنه لا يلحقه حكمه فلا يسجد معه بل يقضي ثم يسجد إن سجد بعد السلام وإن سجد قبله تبعه وعنه يخير بين متابعة إمامه وتأخير السجود إلى آخر صلاته وإذا تبع المسبوق إمامه ثم قضى هل يعيد السجود فيه روايتان إحداهما يعيده لأن محله آخر صلاته وإنما سجد مع إمامه تبعا.

فإن لم يسجد الإمام فهل يسجد المأموم على روايتين
فصل
وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة واجب
ـــــــ
والثانية: لا لأنه قد سجد وانجبرت صلاته فإن لم يسجد الإمام فهل يسجد المأموم على روايتين فإذا لم يسجد معه سجد وجها واحدا وظاهره أنه يسجد مع إمامه ولو لم يكمل التشهد ثم يتمه وقيل ثم يعيد السجود إذا سلم
تنبيه : إذا قام مأموم لقضاء ما فاته فسجد إمامه بعد السلام وقلنا يجب عليه متابعة إمامه فهو كالقائم عن التشهد الأول نص عليه وهل يعود أولا أو يخير فيه روايات فإن كان قرأ لم يرجع على المذهب فإن أدركه في أحد سجدتي السهو سجد معه فإذا سلم أتى بالثانية ثم قضى صلاته نص عليه
وقيل: لا يأتي بها بل يقضي صلاته بعد سلام إمامه ثم يسجد وإن أدركه بعد سجود السهو وقبل السلام لم يسجد قاله في المذهب
"فإن لم يسجد الإمام فهل يسجد المأموم على روايتين" إحداهما يسجد اختارها الأكثر لأنها نقصت بسهو إمامه فلزمه جبرها وكما لو انفرد لعذر ولعموم قوله فعليه وعلى من خلفه والثانية لا قدمها في المحرر وهي ظاهر الوجيز وقاله جماعة لأنه إنما يسجد تبعا ولم يوجد
قال في التلخيص وأصلهما هل سجود المأموم تبعا أو لسهو إمامه فيه روايتان وهذا فيما إذا تركهما الإمام سهوا فإن ترك سجود السهو الواجب قبل السلام عمدا بطلت صلاة الإمام وفي صلاتهم روايتان والمراد بالمأموم غير المسبوق ببعضها فإنه لا يسجد كذلك في قول أكثرهم
فصل
"وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة واجب" في ظاهر المذهب وعنه:

ومحله قبل السلام إلا في السلام قبل إتمام صلاته وفيما إذا بنى الإمام على غالب ظنه وعنه أن الجميع قبل السلام وعنه ما كان من زيادة فهو بعد السلام وما كان من نقص كان قبله
ـــــــ
شرط لصحتها حكاه ابن تميم وغيره وعنه سنة وتأولها بعضهم والأول هو المشهور عن أحمد قاله ابن هبيرة سوى نفس سجود سهو قبل سلام فإنها تصح مع سهوه ويبطل بتركه عمدا ولا يجب السجود له.
"ومحله قبل السلام إلا في السلام قبل إتمام صلاته وفيما إذا بنى الإمام على غالب ظنه" هذا هو المذهب واختاره الأكثر لحديث ابن مسعود وذي اليدين ولأنه من تمامها فكان قبل السلام كسجود صلبها وظاهره لا فرق بين أن يسلم عن نقص ركعة أو أقل وقال في الخلاف و المحرر وغيرهما عن نقص ركعة وإلا قبله نص عليه
"وعنه أن الجميع قبل السلامط اختاره أبو محمد الجوزي وابنه أبو الفرج قال في الخلاف وهو القياس لحديث ابن بحينة وغيره.
قال الزهري كان آخر الأمرين السجود قبل السلام وعنه عكسه لحديث ثوبان لكل سهو سجدتان بعد التسليم رواه سعيد من رواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين.
"وعنه ما كان من زيادة فهو بعد السلام وما كان من نقص كان قبله" وقاله أبو ثور لأنه عليه السلام سجد في حديث ابن بحينة قبل السلام وكان من نقص والصحيح أن كل سجود سجده عليه السلام بعد السلام فهو بعد السلام وسائر السجود قبله.
وعنه عكسه وهذا الخلاف في محل وجوبه وهو ظاهر المستوعب و التلخيص واختاره الشيخ تقي الدين ويدل عليه كلام أحمد والثاني أنه في محل الفضل ذكره القاضي وأبو الخطاب وجزم به في المحرر و الوجيز وقدمه في الفروع .

وإن نسيه قبل السلام قضاه ما لم يطل الفصل أو يخرج من المسجد ويكفيه لجميع السهو سجدتان إلا أن يختلف محلهما ففيه وجهان
ـــــــ
قال القاضي لا خلاف في جواز الأمرين وإنما الكلام في الأولى والأفضل فلا معنى لادعاء النسخ.
"وإن نسيه قبل السلام قضاه ما لم يطل الفصل" عرفا "أو يخرج من المسجد" نص عليه وقدمه في المستوعب و التلخيص و المحرر وغيرهم لما روى ابن مسعود "أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام والكلام" رواه مسلم.
ولأنه لتكميل الصلاة فلا يأتي به بعد طول الفصل كركن من أركانها ولأن المسجد محل الصلاة فاعتبرت فيه المدة كخيار المجلس وظاهره أنه إذا طال أو خرج أو أحدث لم يسجد وصحت وأنه يأتي به ولو تكلم صرح به في المحرر للخبر.
وعنه متى تكلم امتنع من السجود ولو كان في المسجد وقيل إن تكلم لا لمصلحة الصلاة لم يسجد وقيل إن طال الفصل وهو في المسجد لم يمنع وهو ظاهر الخرقي لأن حكم المسجد حكم البقعة الواحدة فكأنه باق في مصلاه بدليل الاقتداء وقيل يسجد وإن خرج من المسجد ما لم يطل الفصل صححه ابن تميم وهو ظاهر الوجيز لأنه عليه السلام رجع إلى المسجد بعد خروجه منه لإتمام الصلاة فالسجود أولى.
وعنه يسجد وإن خرج وطال الفصل كجبرانات الحج وعنه لا يسجد مطلقا وفيه وجه إذا أحدث بعد صلاته وتوضأ أنه يسجد.
تنبيه : إذا ذكره وهو في صلاة أخرى سجد إذا سلم وقيل إن قرب الزمن ولا يجب بترك سجود السهو ساهيا سجود آخر ولا يبطل به لأنه جابر للعبادة كجبرانات الحج وعنه أنه متى تعذر السجود الواجب بطلت.
"ويكفيه لجميع السهو سجدتان" إذا لم يختلف محلهما بغير خلاف "إلا أن يختلف محلهما ففيه وجهان" أحدهما يكفيه سجدتان نص عليه ونصره

ومتى سجد بعد السلام جلس فتشهد ثم سلم
ـــــــ
المؤلف وهو ظاهر الوجيز وقول الأكثر لأنه عليه السلام سها فسلم وتكلم بعد سلامه وسجد لهما سجودا واحدا ولأنه شرع للجبر فكفى فيه سجود واحد كما لو كان من جنس ولأنه إنما أخر ليجمع السهو كله.
والثاني: يتعدد قدمه في المحرر لعموم حديث ثوبان لكل سهو سجدتان بعد السلام ولأن كل سهو يقتضي سجودا وإنما يتداخلان في الجنس الواحد.
وجوابه: بأن السهو اسم جنس فيكون التقدير لكل صلاة فيها سهو سجدتان يدل عليه قوله بعد السلام ولا يلزمه بعد السلام سجودان الجنسان ما كان قبل السلام وبعده وقيل ما كان من زيادة ونقص والأول أولى قاله المؤلف وإذا قيل بالتداخل سجد قبل السلام لأنه الأصل وقيل بعده وقيل الحكم للأسبق.
فرع : إذا شك في محل سجوده سجد قبل السلام ومن شك هل سجد لسهوه أو لا سجد مرة في الأشهر فلو فارق إمامه لعذر وقد سها الإمام ثم سها المأموم فيما انفرد به فالمنصوص عنه أنهما جنس واحد ويكفيه في الأصح سجود لسهوين أحدهما جماعة والآخر منفردا.
"ومتى سجد بعد السلام" زاد المؤلف وغيره سواء كان محله بعد السلام أو قبله فنسيه إلى ما بعده "جلس فتشهد" أي التشهد الأخير وجوبا "ثم سلم" وهو قول جماعة منهم ابن مسعود لما روى عمران "أن النبي صلى الله عليه وسلم سها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم" رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
ولأنه سجود يسلم له فكان معه تشهد يعقبه سلام كسجود الصلب وفي توركه في شأنه وجهان ويكبر للسجود والرفع منه لفعله عليه السلام وقيل إن سجد بعد السلام كبر واحدة ذكره ابن تميم وصفته وما يقول فيه وبعد الرفع منه كسجود الصلب.
وقيل لا يتشهد اختاره الشيخ تقي الدين كسجوده قبل السلام ذكره

ومن ترك السجود الواجب قبل السلام عمدا بطلت الصلاة وإن ترك المشروع بعد السلام لم تبطل.
ـــــــ
في الخلاف إجماعا ولأنه سجود مفرد أشبه سجدة التلاوة.
"ومن ترك السجود الواجب قبل السلام عمدا بطلت الصلاة" بما قبل السلام لأنه ترك الواجب عمدا وعنه لا ذكره في المحرر قولا مع قطعه بوجوبه كواجبات الحج.
"وإن ترك المشروع بعد السلام لم تبطل" في ظاهر المذهب لأنه جبر للعبادة خارج منها فلم تبطل بتركها كجبرانات الحج وسواء تركه عمدا أو سهوا.
وعنه: تبطل قياسا على المشروع قبل السلام ويفرق بين الواجب في الصلاة والواجب لها لأن الأذان والجماعة واجب لها ولا تبطل بترك شيء من ذلك وفي صلاة المأمومين عليهما الروايتان.

المجلد الثاني
تابع لكتاب الصلاة
باب صلاة التطوع
باب صلاة التطوع
وهي أفضل تطوع البدن
------------------------------------------
باب صلاة التطوع
التطوع في الأصل فعل الطاعة وشرعا وعرفا طاعة غير واجبة والنفل والنافلة الزيادة والتنفل التطوع.
"وهي أفضل تطوع البدن" لما روى سالم بن أبي الجعد عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة" رواه ابن ماجه وإسناده ثقات إلى سالم قال أحمد سالم لم يلق ثوبان بينهما معدان بن أبي طلحة وليست هذه الأحاديث صحاحا ورواه البيهقي في سننه وابن حبان في صحيحه ومالك في موطئه بلاغا وله طرق فيها ضعف.
ولأن فرضها آكد الفروض فتطوعها آكد التطوعات ولأنها تجمع أنواعا من العبادة الإخلاص والقراءة والركوع والسجود ومناجاة الرب والتوجه إلى القبلة والتسبيح والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن أطلق أحمد والأصحاب أن الجهاد أفضل الأعمال المتطوع بها قال أحمد لا أعلم شيئا من الفرائض أفضل من الجهاد.
وذكر أكثر أصحابنا ثم العلم ثم الصلاة وعلى ما ذكره في الجهاد أنه أفضل الأعمال المتطوع بها والصلاة أفضل تطوع بدني محض.
وذكر جماعة أن النفقة فيه أفضل وجزم به آخرون بأن الرباط أفضل من الجهاد.
وقال الشيخ تقي الدين استيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلا ونهارا أفضل من جهاد لم تذهب فيه نفسه وماله ونقل مهنا طلب العلم أفضل الأعمال لمن صحت نيته قيل فأي شيء تصحيح النية قال ينوي يتواضع فيه وينفي عنه

وآكدها صلاة الكسوف والاستسقاء ثم الوتر.
------------------------------------
الجهل.
وقيل بل الصوم لقوله عليه السلام لأبي أمامة " عليك بالصوم فإنه لا مثل له " رواه النسائي وفيه لين.
وقيل ما تعدى نفعه كعيادة مريض واتباع جنازة.
وظاهر كلام ابن الجوزي أن الطواف أفضل من الصلاة فيه وقاله الشيخ تقي الدين وذكره عن الجمهور وقيل الحج أفضل لأنه جهاد فإن فيه مشهدا ليس في الإسلام مثله وهو يوم عرفة وإن مات به فقد خرج من ذنوبه.
ونقل عنه مهنا أفضلية الذكر على الصلاة والصوم قال في الفروع فيتوجه أن عمل القلب أفضل من عمل الجوارح.
وحاصله أن أفضلها جهاد ثم توابعه ثم علم تعلمه وتعليمه ثم صلاة ونص أن طواف الغريب أفضل منها فيه والوقوف بعرفة أفضل منه في الصحيح ثم ما تعدى نفعه فصدقة على قريب محتاج أفضل من عتق وعتق أفضل من صدقة على أجنبي إلا زمن حاجة ثم حج ثم عتق ثم صوم واختار الشيخ تقي الدين أن الذكر بقلب أفضل من القراءة بلا قلب وهو معنى كلام ابن الجوزي.
"وآكدها صلاة الكسوف والاستسقاء" لأنه يشرع لها الجماعة مطلقا أشبها الفرائض وظاهره أن صلاة الكسوف آكد من صلاة الاستسقاء لأنه عليه السلام لم يتركها عند وجود سببها بخلاف الاستسقاء فإنه كان يستسقي تارة ويترك أخرى ويلحق بهما في الآكدية ما تسن له الجماعة كالتراويح ذكره في المذهب و المستوعب وهو معنى ما في الفروع.
"ثم الوتر" قدمه جماعة منهم صاحب التلخيص وجزم به في الوجيز وغيره وذكر ابن تميم وجها أنه آكد مما تسن له الجماعة وهذا على المشهور أنه ليس بواجب وقال القاضي ركعتا الفجر آكد منه

وليس بواجب ووقته ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر.
---------------------------------
لاختصاصها بعدد مخصوص وهو رواية وذكر المؤلف أن السنن الراتبة آكد من التراويح ونقل حنبل ليس بعد المكتوبة أفضل من قيام الليل.
"وليس بواجب" نص عليه وهو الصحيح من المذهب لقوله عليه السلام للأعرابي حين سأله عما فرض الله عليه من الصلاة قال "خمس صلوات قال هل علي غيرها قال قال لا إلا أن تطوع" متفق عليه وكذب عبادة رجلا يقول الوتر واجب وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خمس صلوات كتبهن الله على العبد في اليوم والليلة" الخبر وعن علي قال الوتر ليس بحتم كهيئة الصلاة المكتوبة ولكنه سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أحمد والترمذي وحسنه ولأنه يجوز فعله على الراحلة ضرورة أشبه السنن
وعنه هو واجب اختاره أبو بكر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من لم يوتر فليس منا" رواه أحمد وأبو داود وفيه ضعف.
وعن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الوتر حق فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة ورواته ثقات والنسائي وقال الموقوف أولى بالصواب وكان عليه السلام يواظب عليه حضرا وسفرا وقال أحمد من ترك الوتر عمدا فهو رجل سوء ولا ينبغى ان تقبل له شهادة وأجيب بأنه محمول على تأكيد الاستحباب.
"ووقته ما بين صلاة العشاء وطلع الفجر" الثاني جزم به في المغني والتلخيص والوجيز وقدمه في الفروع لقوله عليه السلام في حديث خارجة بن حذافة "لقد أمدكم الله بصلاة هي خير لكم من حمر النعم وهي الوتر فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر" رواه أحمد وغيره وفيه ضعف وعن معاذ معناه مرفوعا رواه أحمد من رواية عبد الله بن زحر وهو ضعيف وقال النبي صلى الله عليه وسلم "أوتروا قبل أن تصبحوا" رواه مسلم.

وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة.
--------------------------------
وعنه إلى الصلاة الفجر جزم به في الكافي ورواه البهيقي عن ابن مسعود وإسناده ثقات وعن أبي بصرة مرفوعا "إن الله زادكم صلاة فصل:وها مابين العشاء إلى صلاة الصبح" رواه أحمد من رواية ابن لهيعة ويحمل على حذف المضاف بدليل الرواية الأولى ويدخل في كلامه مالو جمع العشاء جمع تقديم وظاهره إذا أوتر قبل العشاء أنه لا يصح وأنه إذا أخره حتى يطلع الفجر يكون قضاء وصححه في المغنى وذكر في الشرح احتمالا أنه يكون أداء لحديث أبي بصرة والأفضل فعله آخر الليل لمن وثق لا مطلقا وقال القاضي وقته المختار كوقت العشاء المختار وقيل كل الليل سواء ومن له تجهد جعله بعده فإن أوتر أول الليل لم يكره نص عليه .
"وأقله ركعة" لحديث أبي أيوب وهو قول كثير من الصحابة "وأكثره" وفي الوجيز وأفضله "إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة" نص عليه وذكره جماعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم "صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة" متفق عليه وعن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يخلو العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة رواه مسلم وظاهره أنه لا يكره فعله بواحدة وإن لم يتقدمها صلاة حتى في حق المسافر وعنه يركع ركعتين ثم يوتر.
قال أحمد الأحاديث التي جاءت عنه عليه السلام أنه أوتر بركعة كان قبلها صلاة متقدمة.
وقال أبو بكر لا بأس بالوتر بركعة لعذر من مرض أو سفر أو نحوه وقيل له سرد عشرة ثم يجلس فيتشهد ثم يوتر بالأخيرة ويتشهد ويسلم نص عليه.
وقيل له سرد إحدى عشرة بتشهد واحد وسلام وقيل أكثره ثلاث عشرة ركعة لما روى أحمد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن يحيى

وإن أوتر بتسع سرد ثمانيا وجلس فتشهد ولم يسلم ثم صلى التاسعة وتشهد وسلم وكذلك السبع وإن أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرهن.
--------------------------
ابن الجزار عن أم سلمة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث عشرة فلما كبر وضعف أوتر بسبع ويحتمل أنهما الركعتان اللتان كان يصليهما جالسا بعد الوتر أو ركعتا الفجر وفيه بعد.
واستحب أحمد أن تكون الركعة عقيب الشفع ولا يؤخرها عنه وليس كالمغرب حتما خلافا لأبي حنيفة ولا أنه ركعة قبله شفع لأحد له خلافا لمالك وتمسكا بأخبار فيها ضعف على أنه لا حجة فيها.
"وإن أوتر بتسع سرد ثمانيا وجلس فتشهد ولم يسلم ثم صلى التاسعة وتشهد وسلم" لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك رواه مسلم وقيل كإحدى عشرة يسلم من كل ركعتين ويوتر بركة قال في الخلاف عن فعله عليه السلام قصد بيان الجواز وإن كان الأفضل غيره وقد نص أحمد على جواز هذا.
"وكذلك السبع" أي يسرد ستا ويجلس ولا يسلم ثم يصلي السابعة ويتشهد ويسلم نص عليه وجزم به في الكافي لفعل النبي صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وأبو داود وإسناده ثقات من حديث عائشة والأشهر في المذهب ونص عليه أحمد أن السبع كالخمس لفعل النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة وإسناده ثقات.
"وإن أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرهن" هذا المذهب لقول عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرهن متفق عليه وحكى ابن عقيل في جميع ذلك وجهين أحدهما أنه يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة قال وهذا آصح والثاني يصلي الجميع بسلام فيجلس عقب الشفع ويتشهد ثم يقوم فيأتي بركعة ثم يتشهد ويسلم .

وأدنى الكمال : ثلاث ركعات بتسليمتين يقرأ في الأولى بعد فاتحة الكتاب : {سَبَّحَ} ، وفي الثانية : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وفي الثالثة : {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ويقنت فيها.
-----------------------------------
"وأدني الكمال ثلاث ركعات بتسليمتين" ذكره الجماعة منهم أبو الخطاب وجزم به في المحرر والوجيز والفروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم "افصل: بين الواحدة والثنتين بالتسليم" رواه الأثرم بسنده عن نافع عن ابن عمر وهو قول جماعة من الصحابة ومن بعدهم ولأن الواحدة المفردة اختلفت في كراهتها والأفضل أن يتقدمها شفع فلذلك كانت الثلاث أدنى الكمال لكن إن سردهن بسلام جاز ذكره جماعة وقال القاضي إذا صلى الثلاث بسلام ولم يكن جلس عقيب الثانية جاز وإن كان جلس فوجهان أصحهما لا يكون وترا.
"يقرأ في الأولى بعد الفاتحة {سَبَّحَ} وفي الثانية {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثالثة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ذلك رواه أحمد والترمذي ورواه أبو داود وغيره من حديث أبي بن أبي كعب زاد أحمد والنسائي فإذا سلم قال سبحان الملك القدوس ثلاثا ولهما في رواية ورفع صوته بالآخرة وعنه يضيف مع الإخلاص المعوذتين لأنه عليه السلام كان يقرأ بذلك رواه ابن ماجه والدارقطني من حديث عائشة لكن فيه ضعف وذكر في التحقيق أنه لا يصح وقد أنكر أحمد وابن معين زيادتهما .
"ويقنت فيها" أي في الركعة الآخرة في جميع السنة على الأصح لأنه عليه السلام كان يقول في وتره أشياء تأتي وكان للدوام ولأن ما شرع في رمضان شرع في غيره كعدده.
وعنه لا يقنت إلا في النصف الأخير من رمضان اختاره الأثرم لأن أبيا كان يفعل ذلك حين يصلى التراويح ورواه أبو داود والبيهقي وفيه انقطاع ثم هو رأي أبي وعنه أنه رجع عنها

بعد الركوع فيقول اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك.
------------------------------------
وخير الشيخ تقي الدين في دعاء القنوت بين فعله وتركه وأنه إن صلى بهم قيام رمضان فإن قنت جميع الشهر أو نصفه الأخير أو لم يقنت بحال فحسن.
" بعد الركوع" نص عليه روي عن الخلفاء الراشدين لما روى أبو هريرة وأنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع" متفق عليه وعنه يسن قبله لكن يكبر ثم يقنت نص عليه روي عن جمع من الصحابة قال الخطيب الأحاديث التي جاء فيها قبل الركوع كلها معلولة ويرفع يديه إلى صدره ويبسط بطونهما نحو السماء نص على ذلك.
"فيقول" الإمام جهرا وكذا منفرد نص عليه وقيل ومأموم وكان أحمد يسر وظاهر كلام جماعة أن الجهر مختص بالإمام فقط قال في الخلاف وهو أظهر.
"اللهم" أصله يا الله فحذفت ياء من أوله وعوض عنها الميم في آخره ولذلك لا يجتمعان إلا في ضرورة الشعر لئلا يجمع بين العوض والمعوض ولخصوا في ذلك أن يكون الابتداء بلفظ اسم الله تعالى تبركا وتعظيما أو طلبا للتخفيف بتصيير اللفظين لفظا واحدا.
"إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك" أي نطلب منك المعونة والهداية والمغفرة ونتوب إليك التوبة الرجوع عن الذنب وفي الشرع الندم على ما مضى من الذنب والإقلاع في الحال والعزم على ترك العود في المستقبل تعظيما لله تعالى فإن كان الحق لآدمي فلا بد أن يحلله "ونؤمن بك" أي نصدق بوحدانيتك.
"ونتوكل عليك" قال الجوهري التوكل إظهار العجز والاعتماد على الغير والاسم التكلان وقال ذو النون المصري هو ترك تدبير النفس والانخلاع من

ونثني عليك الخير كله نشكرك ولانكفرك ، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك الجد بالكفار ملحق.
------------------------------------
الحول والقوة وقال سهل بن عبد الله هو الاسترسال مع الله تعالى على ما يريد.
"ونثني عليك الخير كله" أي نمدحك ونصفك بالخير والثناء في الخير خاصة وبتقديم النون يستعمل في الخير والشر وقال أبو عثمان المعافري أثنيت على الرجل وصفته بخير أو شر.
"نشكرك ولا نكفرك" أصل الكفر الجحود والشر قال في المطالع والمراد هنا كفر النعمة لاقترانه بالشكر.
"اللهم إياك نعبد" قال الجوهري معنى العبادة الطاعة والخضوع والتذلل ولا يستحقه إلا الله تعالى قال الفخر إسماعيل وأبو البقاء العبادة ما أمر به شرعا من غيراطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي وسمي العبد عبدا لذلته وانقياده لمولاه "ولك نصلي ونسجد" لا لغيرك "وإليك نسعى" يقال سعى يسعى سعيا إذا عدا وقيل إذا كان بمعنى الجري عدي بإلى وإذا كان بمعنى العمل فباللام لقوله تعالى {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الاسراء: من الآية19]
"ونحفد" بفتح النون ويجوز ضمها يقال حفد بمعنى أسرع وأحفد لغة فيه بمعنى يحفد يسرع أي يبادر بالعمل والخدمة.
"نرجو رحمتك" يقال رجوته أي أملته والرحمة سعة العطاء "ونخشى عذابك" أي نخاف عقوبتك لقوله تعالى {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر:50].
"إن عذابك الجد" بكسر الجيم الحق لا اللعب "بالكفار ملحق" بكسر الحاء أي لاحق بهم ومن فتحها أراد أن الله يلحقه إياه وهو معنى صحيح غير أن الراوية هي الأولى قال الخلال سألت ثعلبا عن ملحق وملحق فقال العرب تقولهما جميعا.

اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وتولنا فيمن توليت ، وقنا شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت.
------------------------------------
هذا الدعاء قنت به عمر رضي الله عنه وفي أوله بسم الله الرحمن الرحيم وفي آخره اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك وهاتان سورتان في مصحف أبي قال ابن سيرين كتبهما أبي مصحفه إلى قوله ملحق زاد غير واحد ونخلع ونترك من يكفرك.
"اللهم اهدنا فيمن هديت" أصل الهدى الرشاد والبيان لقوله تعالى {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: من الآية52] فأما قوله تعالى {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: من الآية56] فهي من الله تعالى التوفيق والإرشاد وطلب الهداية من المؤمنين مع كونهم مهتدين بمعنى طلب التثبت عليها أوبمعنى المزيد منها.
"وعافنا فيمن عافيت" المراد بها العافية من الأسقام والبلايا والمعافاة أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك.
"وبارك لنا فيما أعطيت" البركة الزيادة وقيل هي حلول الخير الإلهي في الشيء والعطية الهبة والمراد بها ما أنعم به.
"وتولنا فيمن توليت" الولي ضد العدو وهو فعيل من تليت الشيء إذا عنيت به ونظرت فيه كما ينظر الولي في مال اليتيم لأنه تعالى ينظر في أمر وليه بالعناية ويجوز أن يكون من وليت الشيء إذا لم يكن بينه ويينه واسطة بمعنى أن الولي يقطع الوسائط بينه وبين الله تعالى حتى يصير في مقام المراقبة والمشاهدة وهو مقام الإحسان.
"وقنا شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضي عليك" سبحانه لاراد لأمره ولا معقب لحكمه فإنه يفعل ما يشاء يحكم ما يريد "إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت" رواه أحمد ولفظه له وتكلم فيه ,

اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك ، وبك منك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
------------------------------------
وأبو داود والترمذي وحسنه من حديث الحسن بن علي قال علمني النبي صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر "اللهم أهدني. إلى : وتعاليت. وليس فيه: ولا يعز من عاديت" ورواه البيهقي وأثبتها فيه وتبعه المؤلف والرواية إفراد الضمير وجمعها المؤلف لأن الإمام يستحب له أن يشارك المأموم في الدعاء وفي الرعاية لك الحمد على ما قضيت نستغفرك اللهم ونتوب إليك لا لجأ ولا ملجأ ولا ملتجأ ولا منجأ منك إلا إليك.
"اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وبك منك" قال الخطابي في هذا معنى لطيف وذالك أنه سأل الله أن يجيره برضاه من سخطه وهما ضدان ومتقابلان وكذلك المعافاة والمؤاخذة بالعقوبة لجأ إلى ما لا ضد له وهو الله أظهر العجز والانقطاع وفزع منه إليه فاستعاذ به منه قال ابن عقيل لا ينبغي أن يقول في دعائه أعوذ بك منك إذ حاصله أعوذ بالله من الله وفيه نظر إذ هو ثابت في الخبر.
"لا نحصي ثناء عليك" أي لا نطيقه ولا نبلغه ولا تنتهي غايته لقوله تعالى {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} المزمل: من الآية20] تطيقوه.
"أنت كما أثنيت على نفسك" اعترف بالعجز عن تفضيل الثناء ورد إلى المحيط علمه بكل شيء جملة وتفصيلا فكما أنه لا نهاية لسلطانه وعظمته لا نهاية لثناء عليه لأنه تابع للمثني عليه روي هذا عن علي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره:" اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " رواه الخمسة ورواته ثقات.
قال في الشرح ويقول في قنوت الوتر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو معنى ما نقله أبو الحارث يدعو بما شاء واقتصر جماعة على دعاء " اللهم اهدني " وظاهره أنه يستحب وإن لم يتعين واختاره أحمد.

وهل يمسح وجهه بيديه ؟ على روايتين ولا يقنت في غير الوتر.
-------------------------------------
ونقل المروزي يستحب بالسورتين وأنه لا توقيت. ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم نص عليه قال ابن تميم من أوله ووسطه وآخره وفي التبصرة وعلى آله وقوله تعالى {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً} [الاسراء: من الآية111] قال في الفروع فيتوجه قولها قبيل الأذان وفي نهاية أبي المعالي يكره.
فرع: المنفرد يفرد الضمير ويجهر به نص عليه وعند الشيخ تقي الدين يجمعه لأنه يدعو لنفسه وللمؤمنين ويؤمن مأموم على الأصح إن سمع وعنه أنه يقنت معه ويجهر به وعنه يتابعه في الثناء ويؤمن على الدعاء وعنه يخير وإن لم يسمع دعاء نص عليه وذكر أبو الحسين رواية فيمن صلى خلف من يقنت في الفجر أنه يسكت ولا يتابعه.
"و هل يمسح وجهه بيديه" إذا فرغ "على روايتين" أشهرهما أنه يمسح بهما وجهه نقله أحمد واختاره الأكثر لما روى السائب بن يزيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا رفع يديه ومسح بهما وجهه رواه أبو داود من رواية ابن لهيعة وكخارج الصلاة.
والثانية لا نقلها الجماعة واختارها الآجري لضعف الخبر وعنه يكره صححها في الوسيلة وعنه يمرهما على صدره.
وإذا سجد رفع يديه نص عليه لأنه مقصود في القيام فهو كالقراءة ذكره القاضي وغيره وقيل لا وهو أظهر.
"ولا يقنت في غير الوتر" رويت كراهته عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبي الدرداء وصرح ابن تميم بأنه بدعة وعن أحمد الرخصة فيه في الفجر ورواه الخطيب عن أبي بكر وعمر وعلي بأسانيد كمال قال أحمد حدثنا عبد الرازق حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس قال ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا رواه الخطيب وجماعة من

إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة فللإمام خاصة القنوت في صلاة الفجر.
----------------------------------------
طريق أبي جعفر الرازي واسمه عيسى بن أبي عيسى بن ماهان وثقه جماعة وضعفه آخرون.
ولأن عمر كان يقنت فيها بمحضر من الصحابة وغيرهم بل نص أحمد على أنه لا يقنت فيها وقال لا يعجبني لما روى مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يدعو على حي من أحياء العرب ثم تركه وروى أبو هريرة وابن مسعود نحوه مرفوعا.
وعن أبي مالك الأشجعي قال قلت لأبي إنك قد صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وخلف علي هاهنا بالكوفة نحوه من خمس سنين أكانوا يقنتون في الفجر فقال أي بنى محدث رواه أحمد بإسناده صحيح والترمذي وقال العمل عليه عند أهل العلم وليس فيه في الفجر.
ويجاب عن حديث أنس السابق أنه أراد طول القيام فإنه يسمى قنوتا أو أنه كان يقنت إذا دعا لقوم أو دعا عليهم للجمع بينهما ويؤيده ما روى سعيد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت في الفجر إلا إذا دعا لقوم أو دعا عليهم وعن فعل عمر أنه كان في أوقات النوازل وعن سعيد بن جبير قال أشهد على ابن عباس أنه قال القنوت في الفجر بدعة رواه الدارقطني ولأنها صلاة مفروضة فلم يسن فيها كبقية الصلوات.
"إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة" هي الشديدة من شدائد الدهر "فللإمام" أي يستحب للإمام الأعظم لأنه عليه السلام هو الذي قنت فيتعدى الحكم إلى من يقوم مقامه وعنه ونائبه وعنه بإذنه وعنه وإمام جماعة وعنه كل مصلٍ.
"خاصة القنوت في صلاة الفجر" هذا رواية عن أحمد واختاره المؤلف وغيره لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وعنه والمغرب قاله أبو الخطاب لأنه عليه السلام قنت في المغرب والفجر رواه مسلم وقيل والعشاء والمشهور في المذهب:

ثم السنن الرتبة وهي عشر ركعات ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر وهما آكدها.
------------------------------------
أنه يقنت في الصلوات كلها قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لفعل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رواه أحمد وأبو داود.
قال في الشرح والأول أولى لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه إلا في الوتر والفجر.
ويستثني من ذلك الجمعة فإنه لا يقنت فيها على المنصوص وقيل بلى ويرفع صوته في الصلاة جهرية وظاهر كلامهم مصلقا قال في الفروع ويتوجه لا يقنت لرفع الوباء في الأظهر لأنه لم يثبت القنوت في طاعون عمواس ولا في غيره ولأنه شهادة للأخبار فلا يسأل رفعه.
"ثم السنن الراتب" التي تفعل مع الفرائض "وهي عشر ركعات ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر" كذا ذكره معظم الأصحاب لقول ابن عمر حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب في بيته وركعتين بعد العشاء في بيته وركعتين قبل الصبح كانت ساعة لا يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها حدثنني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين متفق عليه وكذا أخبرت عائشة رواه الترمذي وصححه.
"وهما آكدها" أي أفضلها لقول عائشة لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر متفق عليه وقال أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم صلوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل رواه أحمد وأبو داود وقيل سنة المغرب.
ويستحب تخفيف سنة الفجر وقراءة ما ورد لا الفاتحة فقط وتجوز راكبا وتوقف أحمد في موضع نقل أبو الحارث سمعت فيه شيئا ما اجترئ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24