كتاب : مجاز القرآن
المؤلف : أبو عبيدة

(فَأَتَى اللهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ القَوَاعِدِ) (26) مجازه مجاز المثل والتشبيه والقواعد الأساس. إذا استأصلوا شيئاً قالوا هذا الكلام، وهو مثل؛ القواعد واحدتها قاعدة، والقاعد من النساء التي لا تحيض.
(أَيْنَ شُرَكَائِيَ الّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ) (27) أي تحاربون فيهم.
(فَأَلْقَوا السَّلْمَ) (28) أي صالحوا وسالموا والسلم والسلم والسلام واحد.
(وَالزُّبُرِ) (44) وهي الكتب واحدها: زبور، ويقال: زبرتُ وذبرت أي كتبت، وقال أبو ذؤيب:
عرَفتُ الدِّيارَ كرقْمِ الدُّوا ... ة كما زَبرَ الكاتبُ الحمِيرَيّ
وكما ذَبرَ في رواية.
(أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ) (479 مجازه: على تنقُّص قال:
أُلاَمُ على الهجاء وكل يَوم ... يلاقيني من الجِيرانِ غُولُ
تخوَّفُ غَدْرِهم مالي وأُهدِي ... سَلاسلَ في الحُلوق لها صَليلُ
أي تَنَقّصُ غَدْرِهم مالي. سلاسل يريد القوافي تُنَشد فهو صليلها وهو قلائد في أعناقهم وقال طَرفة:
وجاملٍ خوَّف مِن نِيبهِ ... زجر المُعَلّى أصُلاً والسَفِيحْ
خوّف من نيبه أي لا يدعه يزيد.
(وَهُمْ دَاخِرُونَ) (48) أي صاغرون، يقال: فلان دخر لله، أي ذل وخضع.
(وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً) (52) أي دائماً، قال أبو الأسود الدُّؤَليّ:
لا أَبتغي الحمدَ القليلَ بقاؤه ... يوماً بِذَم الدهرِ أجْمَعَ واصِبا
(فَإِلَيْه تجْأَرُونَ) (53) أي ترفعون أصواتكم، وقال عَدِيّ بن زَيْد:
إنّني واللهِ فاقْبَلْ حَلِفِي ... بأَبِيلٍ كلّما صلَّى جَأرْ
أي رفع صوتَه وشدَّه.
(وَهُوَ كَظِمٌ) (58) أي يكظم شدة حزنه ووجده ولا يظهره، وهو في موضع كاظم خرج مخرج عليم وعالم.
(أَيُمْسِكهُ عَلَى هَوْنٍ) (59) أي هُوانِ.
(مُفْرَطُونَ) (62) أي متروكون منسيون مخلفون.
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) (66) يُذكَّر ويؤَنث، وقال آخرون: المعنى على النَّعَم لأن النعم يذكر ويؤنث، قال:
أكلَّ عامٍ نَعَمٌ تَحْوُونه ... يُلْقِحُه قومٌ وتَنْتجونَه
أَرْبابه نَوْكي ولا يَحْمونه
والعرب قد تُظهر الشئ ثم تخبر عن بعض ما هو بسببه وإن لم يظهروه كقوله:
قبائلنا سَبعٌ وأنتم ثَلاثةٌ ... وللسَّبعُ أزكيَ من ثَلاثٍ وأكثرُ
قال أنتم أحيْاءٍ ثم قال: من ثلاث، فذهب به إلى القبائل وفي آية أخرى: (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ) (169) أي من السبل سبيل جائر.
(تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) (67) أي طُعْماً، ويقال: جعلوا لك هذا سكراً أي طُعْماً، وهذا له سَكَرٌ أي طُعْم، وقال جَنْدَل:
جعَلتَ عَيْبَ الأكْرمِينَ سَكَرا
وله موضع آخر مجازه: سَكناً، وقال:
جاء الشتاء واجثالَّ القُنَبَرُ ... وجعلتْ عينُ الحَرور تَسكرُ
أي يسكن حرها ويخبو، ويقال ليلة ساكرة أي ساكنة، وقال:
تريد الليالَي في طولها ... وليست بطَلْقٍ ولا ساكرَةْ
ويروى تزيد ليالي في طولها.
(وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) (68) أي يجعلونه عريشاً، ويقال: يَعرِش ويَعرُش.
(بَنِينَ وَحَفَدَةً) (72) أعواناً وخدّاماً، قال جَمِيل:
حَفدَ الولائدُ بينهنّ وأَسلَمتْ ... بأكُفّهن أزِمَّة الأجْمالِ
واحدهم: حافد، خرج مخرج كامل والجميع كملة.
(وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَةُ) (76) أي عيال على ابن عمّه وكل وليّ له.
(واللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعلَ لَكُمْ السَّمْعَ والأَبْصَارَ والأَفْئِدَةَ) (78) قبل أن يخرجكم، والعرب تقدِّم وتؤخِّر، قال الأخْطَل:
ضَخْمٌ تُعلَّق أَشْناقُ الدِّياتِ به ... إذا المِئون أمِرَّتْ فوقَه حَمَلا
الشَّنق: ما بين الفريضتين؛ والمئون: أعظم من الشَّنَق فبدأ بالأقل قبل الأعظم.
(السَّمْعَ) (78) لفظه لفظ الواحد. وهو في موضع الجميع، كقولك: الأسماع، وفي آية أخرى: (فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فاسْتَعِذْ بِاللهِ) (1698) وهي قبل القراءة.
(جَوِّ السَّمَاءٍ) (79) أي الهَواء، قال:

وَيْل أمَّها مِن هَواءٍ الجّو طالبّة ... ولا كهذا الذي في الأرض مطلوبُ
وقوله (أَثَاثاً) (80) أي مَتاعاً، قال محمد بن نُميرَ الثَّقفيّ:
أَهاجتك الظَّمائنُ يوم بانوا ... بذي الرِّئِ الجميلِ من الأثاثِ
والرئُ الكسوة الظاهرة وما ظهر.
(وجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الجِبَالِ أَكْنَاناً) (81) واحدها: كِنّ.
(سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الحَرَّ) (81) أي قمُصاً، وَسَرَابيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) (81) أي دروعاً وقال كَعْبُ بن زُهَيْر:
شُمّ العرانينِ أبطالُ لَبوسُهم ... مِن نَسْجِ داودَ في الهَيْجاءِ سَرابِيلُ
(فَأَلْقَوا إِلَيْهِمُ القَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ) (86) أي قالوا: إنكم لكاذبون، يقال: ألقيت إليه كذا، أي قلت له كذا.
(وَأَلْقَوْا إِلى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ) (87) أي المسالمة.
(تِبْيَاناً لِكُلِّ شَئٍ) (89) أي بياناً.
(وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى) (90) يعني وإعطاؤه.
(قُوَّةٍ أَنْكَاثاً) (92) كل حبل وغزل ونحو ذلك نقضته فهو نكث، وهو من قولهم نكثت قال المسيَّب بن عَلَس:
مِن غير مقلِيةٍ وإنّ حِبالها ... ليست بأنْكاثٍ ولا أقطاعِ
(دَخَلاً بَيْنَكُمْ) (92) كل شئ وأمر لم يصح فهو دَخَلٌ: (هِيَ أَرْبَى مِنْ أَمَّةٍ) (92) أي أكثر.
(فَنَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهُا) (94) مثل يقال: لكل مبتلى بعد عافية أو ساقط في ورطة بعد سلامة ونحو ذلك: زَلَّت قَدَمُه.
(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَر أَو أُنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ) (97) من تَقع على الواحد وعلى الجميع والذكر والأنثى، ولفظها لفظ الواحد فجاء الأول من الكناية على لفظ من وإن كان المعنى إنما يقع على الجميع ثم جاء الآخر من الكناية على معنى الجميع، فقال: (ولَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ).
(فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فاسْتَعِذْ بِاللهِ) (98) مقدَّم ومؤخَّر، لأن الإستعاذة قبل القراءة.
(رُوحُ القُدُسِ) (102) جبريل عليه السلام.
(لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجمِيٌّ) (103) أي يَعدِلون إليه، ويقال: أَلَحدَ فلان أي جار؛ أعجميٌّ أضيف إلى أعجم اللسان.
(وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ) (106) شرح صدره بذلك: تابعته نفسه وانبسط إلى ذلك، يقال: ما يشرح صدري لك بذلك، أي لا يطيب، وجاء قوله: فعليهم غضب على معنى الجميع لأن من يقع على الجميع.
(يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً) (112) أي واسعاً كثيراً.
(فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ) (112) واحدها نُعمْ ومعناه نِعمة وهما واحد، قالوا: نادى مُنادي النبيِّ عليه السلام بمنى: إنها أيام طُعْم ونُعْم فلا تصوموا).
(وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا) (118) من اليهود.
(إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً للهِ) (120) أي إماماً مطيعاً لله.
(حَنِيفاً) (120) مسلماً؛ ومن كان في الجاهلية يختتن ويحج البيت فهو حنيف.
(اجْتَبَاهُ) (121) اختاره.
(فِي ضَيْقٍ) (137) مفتوح الأول وهو تخفيف ضَيِّقٍ بمنزلة ميِّت وهيِّن وليِّن، وإذا خففتها قلت ميت ولين وإذا كسرت أول ضيق فهو مصدر الضِّيق.
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة بني إسرائيل
(وَقَضيْنَا) (4) مجازه: أخبرنا.
(فَجَاسُوا) (5) قتلوا.
(خِلاَلَ الدِّيَارِ) (5) بين الديار.
(رَدَدْنَا لَكُمُ الكَرَّةَ) (6) أعقبنا لكم الدولة.
(أَكْثَر نَفِيراً) (6) مجازه: من الذين نفروا معه.
(وَلِيُتَبِّرُوا) (7) وليدمروا، (جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً) (8) من الحصر والحبس فكان معناه محبساً، ويقال: للملك حصير لأنه محجوب، قال لبيد:
ومَقامةٍ غُلْب الرِّقَاب كأَنَّهم ... جِنٌّ لدَى بابِ الحَصير قِيامُ
والحصير أيضاً: البساط الصغير، فيجوز أن تكون جهنم لهم مهاداً بمنزلة الحصير، ويقال للجنبين: حصيران، يقال: لاضربن حصيريك وصُقْلَيك.
(أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ) (13) أي حظّه.

(وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (15) أي ولا تأثم آثمة إثم أخرى أثمته ولم تَأثَمْه الأُولى منهما، ومجاز وزرَت تَزِر: مجاز أثمت، فالمعنى أنه: لا تحمل آثمة إثم أخرى، يقال: وزر هو، ووزِّرته أنا.
(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً آمَرْنَا مُتْفَرفِيهَا) (16) أي أكثرنا مترفيها وهي من قولهم: قد أمر بنو فلان، أي كثروا فخرج على تقدير قولهم: علم فلان، وأعلمته أنا ذلك، قال لبيد:
كُلّ بني حُرّةٍ قُصارُهمُ ... قُلٌّ وإن أَكْثَرَتْ من العَدَدِ
إن يغبطوا يهبْطوا وإن أَمِروا ... يوماً يَصِيروا للهُلْك والنَّفَدِ
وبعضهم يقرؤها: أَمَرنَا مُتْرَفيها على تقدير أخذنا وهي في معنى أكثرنا وآمرنا غير ا،ها لغة؛ أمرنا: أكثرنا ترك المد ومعناه أمرنا، ثم قالوا: مأمورة من هذا، فإن احتج محتج فقال هي منأمرت فقل كان ينبغي أن يكون آمرة ولكنهم يتركون إحدى الهمزتين، وكان ينبغي أن يكون آمرة ثم طولوا ثم حذفوا (وَلأَمُرَنَّهُمْ) (4119) فلم يمدوها قال الأثرم: وقول أبي عبيدة في مأمورة لغة وقول أصحابنا قياس وزعم يونس عن أبي عمرو أنه قال: لا يكون هذا وقد قالت العرب: خير المال نخلة مأبورة ومهرة مأمورة أي كثيرة الولد. وله موضع آخر مجازه: أمرنا ونهينا في قول بعضهم وثقله بعضهم فجعل معناه أنهم جعلوا أمراء.
(فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ) (16) أي فوجب عليها العذاب.
(مَذْحُوراً) (18) أي مقصى مبعداً. يقال: ادْحَر الشيطانَ عنك، ومصدره الدُّحور.
(وَقَضى رَبُّكَ أَنْ لا تَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ) (23) مجازه: وأَمر ربُّك.
(فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفّ) (23) تُكسَر وتُضَمّ وتفتح بغير تنوين، وموضعه في معناه ما غلظ وقبح من الكلام.
(فَإنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً) (25) أي للتَّوابين من الذنوب.
(المُبَذِّرِينَ) (27) المبذِّر هو المُسرف المُفسد العائث.
(قَوْلاً مَيْسُوراً) (28) أي ليِّناً هيِّناً، وهو من اليُسْر.
(وَلاَ تجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ) (29) مجازه في موضع قولهم: لا تُمسك عما ينبغي لك أن تَبْذل من الحق وهو مثل وتشبيه.
(وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ) (29) أي لا تسرفْ كل السرف، وتبذِّرْ كل التبذير.
(مَلُوماً محْسُوراً) (29) أي مُنْضىً قد أعيا، يقال: حسرت البعيرَ، وحسرته بالمسئلة؛ والبصر أيضاً إذا رجع محسوراً، وقال الهذلي:
إنّ العَسِير بها داءً مُخامُرها ... فشَطْرَها نَظَرُ العَيْنَيْنِ مَحْسورُ
أي فَنَحْوَها.
(وَلا تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) (31) كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الفقر وهو الإملاق.
(إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً) (31) إثما وهو اسم من خطأت، وإذا فتحته فهو مصدر كقول أوس بن عَلْفاء الهُجَيْميّ.
دَعِيني إنّما خَطَأي وصَوْبي ... علىَّ وإن ما أَهلكتُ مالُ
يريد إصابتي، وخطأت لغتان، زعم يونس عن أبي إسحاق قال: أصل الكلام بناؤه على فعل ثم يبنى آخره على عدد من له الفعل من المؤنث والمذكر من الواحد والإثنين والجميع كقولك: فعلت وفعلنا وفعلن وفعلا وفعلوا، ويزاد في أوله ما ليس من بنائه فيزيدون الألف، كقولك: أعطيت إنما أصلها عطوت، ثم يقولون معطى فيزيدون الميم بدلاً من الألف وإنما أصلها عاطي، ويزيدون في أوساط فعل افتعل وانفعل واستفعل ونحو هذا، والأصل فعل وإنما أعادوا هذه الزوائد إلى الأصل فمن ذلك في القرآن (وأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ) (1522) وإنما يريد الريح ملقحة فأعادوه إلى الأصل ومنه قولهم:
طَوَّحتْنِي الطَّوائحُ
وإنما هي المطَاوحُ لأنها المُطَوِّحة، ومن ذلك قول العَجَّاج:
يَكشِفُ عن جمّاتهِ دَلْوُ الدالْ
وهي مِن أَدْلَى دَلْوهَ، وكذلك قول رُؤبة:
يَخْرُجن مِن أجواز ليلٍ غاضِي
وهي من أَغضَى الليلُ أي سكن (وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنى) (32) مقصور وقد يُمدّ في كلام أهل نجد، قال الفَرَزْدَق:
أبا حاضرٍ مَن يَزن يُعرف زناؤه ... ومَن يشرب الخُرطومَ يُصْبِحْ مُسَكَّرا
وقال الفرزدق:
أخضبت عَرْدَك للزناء ولم تكن ... يوم اللقاء لتَخضِبَ الأبطالا

وقال الجعدي:
كانت فريضةُ ما تقول كما ... كان الزناء فريضةَ الرَّجمِ
(فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي القَتْلِ) (33) جزمه بعضهم على مجاز النهى، كقولك: فلا يسرفن في القتل أي يمثل به ويطول عليه العذاب، ويقول بعضهم (فَلا يُسْرِفُ فِي القَتْلِ) فيرفعه على مجاز الخبر كقولك: إنه ليس في قتل ولي المقتول الذي قتل ثم قتل هو به سَرَفٌ.
(إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً) (33) مجازه من النصر، أي يُعان ويُدفَع إليه حتى يقتله بمقتوله.
(مَالَ اليَتِيمِ إِلا بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ) (34) مجازه: بالقوت إذا قام به وعمرَه من غير أن يتأثَل منه مالاً.
(حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) (34) مجازه: مُنتهاه من بُلوغه، ولا واحد له منه فإن أكرهوا على ذلك قالوا: أشَدَّ، بمنزلة صَبّ والجميع أضُبّ.
(إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) (34) أي مطلوباً، يقال: وليسألن فلان عهد فلان.
(وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (36) مجازه: ولا تتبع ما لا تعلمه ولا يعنيك. وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نحن بنو النَضْر بن كِنانة لا نَقذِف أمَّنا ولا نَقْفوا آباءنا)؛ وروى في الحديث: (ولا نقتفي من أبينا) وقال النَّابِغة الجَعْديّ:
ومِثلُ الدُّمى شُمُّ العَرانِينِ ساكنٌ ... بِهن الحياءُ لا بُشعِن التَّقافِيا
يعني التقاذف.
(كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) (36) خرج مخرج ما جعلوا الخبر عنه والعدد كالخبر عن الآدميّين وعلى لفظ عددهم إذا جمعوا وهو في الكلام: كل تلك، ومجاز عنه كقولهم: كل أولئك ذاهب، لأنه يرجع الخبر إلى كل ولفظه لفظ الواحد والمعنى يقع على الجميع، وبعضهم يقول: كل أولئك ذاهبوا، لأنه يجعل الخبر للجميع الذي بعد كل.
(إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ) (37) مجازه: لن تقطع الأرض، وقال رؤبة:
وقاتم الأعْماقِ خاوِي المُخترَقْ
أي المقطَّع وقال آخرون: إنك لن تَنْقٌب الأرض، وليس بشئ.
(أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالبَنِينَ) (40) أي اختصكم.
(وَفِي آذَانِهمْ وَقْراً) (46) أي صَمماً واستكاكاً وثِقلاً وأوله مفتوح والوِقْر من الحِمل مكسور الأول.
(وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً) (46) أي أعقابهم، نفور: جمع نافر بمنزلة قاعد وقُعُود وجالس وجلوس.
(وَإِذْ هُمْ نَجْوَى) (47) وهي مصدر من ناجيت أواسم منها فوصف القوم بها والعرب تفعل ذلك، كقولهم: إنما هم عذاب وأنتم غم، فجاءت في موضع متناجين.
(إِنْ تَتَّبعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً) (47) أي ما تتبعون كقولك ما تتبعون إلا رجلاً مسحوراً، أي له سحر وهو أيضاً مسحر وكذلك كل دابة أو طائر أو بشر يأكل فهو مسحور لأن له سحراً، والسحر الرِّئة، قال لبيد:
فإن تسألينا فيم نحن فإننا ... عصافيرُ من هذا الأنام المُسحَّرِ
وقال:
ونُسْحَر بالشراب وبالطَّعامِ
أي نُغذي لأن أهل السماء لا يأَكلون فأَرادوا أن يكون مَلكاً.
(أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً) (49) عظاماً لم تُحطَم، ورُفاتاً أي حُطاماً.
(يُكْبُرُ فِي صُدُورِكِمْ) (51) أي يعظم.
(فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (51) أي خَلَقكم.
(فَسَنُغْضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ) (51) مجازه: فسيرفعون ويحركون استهزاء منهم، ويقال: قد نغضب سِنُّ فلان إذا تحركت وارتفعت من أصلها قال:
ونغضَت مِن هَرَمٍ أَسْنانُها
وقال:
لما رأتني أنغضتْ لِي الرأسا
قال ذو الرمة:
ظعائنُ لم يسكنّ أكنافَ قَرْية ... بسِيْفٍ ولم تَنْغُضْ بهن القَناطرُ
(إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) (53) أي يفسد ويهيج، وبعضهم يكسر زاي ينزع.
(كَانَ ذَلكَ فِي الكتَابِ مَسْطُوراً) (58) أي مثبتاً، مكتوباً، قال العَجّاج:
واعلم بأنّ ذا الجلال قد قدرْ ... في الصُّحف الأولى التي كان سَطَرْ
أمُرك هذا فاحتفظْ فيه النَّتَرْ
النَّتر: الخديعة، قال يونس لما أنشد العجاج هذا البيت قال: لا قوة إلا بالله.
(فَظَلَمُوا بِهَا) (59) مجازه: فكفروا بها.

(لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتِهُ إِلاَّ قَلِيلاً) (62) مجازه: لأستميلنّهم ولأستأصلنهم، يقال: احتك فلان ما عند فلان أجمع من مال أو علم أو حديث أو غيره أخذه كله واستقصاء، قال:
نشكو إليك سَنة قد اجحفت ... جهداً إلى جَهدٍ بنا فأَضعفتْ
واحتنكتْ أموالنا وجلفّتْ
(وأَسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ) (64) أي استخفف واستجهل.
(بِخَيْلِكَ وَرَجْلِكَ) (64) جميع راجل، بمنزلة تاجر والجميع تجر وصاحب والجميع صحب.
(أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكمْ حَاصِباً) (68) ريحاً عاصفاً، تحصب قال الفَرَزْدَق:
مستقبِلين شَمالَ الشام تضربنا ... بحاصبٍ كنَديف القُطْن منثورُ
أي بصقيع.
(تَارَةً أُخْرَى) (69) مرّة أخرى والجميع تارات وتِيرَ.
(فَيُرْسِلَ عَليْكُم قَاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) (59) أي تقصف كل شئ أي تحطم، يقال: بعث الله عليهم ريحاً عاصفاً قاصفاً لم تبق لهم ثاغيةً ولا راغية.
(ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً) (69) أي من يتبعنا لكم تبيعة ولا طالباً لنا بها.
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) (70) أي أَكرمنا إلا أنها أشدّ مبالغةً في الكرامة.
(يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإمَامِهِمْ) (71) أي بالذي اقتدوا به وجعلوه إماماً، ويجوز أن يكون بكتابهم: (وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (71) وهو المتفتّل الذي في شق بطن النواة.
(فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمِى) (72) أشدّ عَمىً.
(لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً) (74) أي تميل وتعدل وتطمئن.
(إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَياةِ) (75) مختصر، كقولك ضعفَ عذاب الحياة وعذاب الممات فهما عذابان عذاب الممات به ضوعف عذاب الحياة.
(وَإِذا لاّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ) (76) رُفع يلبثون على التقديم والتأخير كقولك: ولا يلبثون خلافك إذاً، أي بعدك، قال:
عفَتِ الديارُ خلافَها فكأنما ... بسَط الشواطبُ بينهن حصيرا
أي بعدهن ويقرؤه آخرون خلفك والمعنى واحد.
(لِدُلُوكِ الشَّمْس إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) (78) ودلوك الشمس من عند زوالها إلى أن تغيب وقال:
هذا مُقامُ قدَمْى رَباحِ ... غُدْوَة حتى دَلَكَتْ بَراحِ
ألا ترى أنها تُدفَع بالراح، يضع كفه على حاجبيه من شعاعها لينظر ما بقي من غيابها والدلوك دنوها من غيبوبتها، قال العجاج:
والشمسُ قد كادت تكون دَنَفاً ... أدفَعُها بالراح كي تَزَحْلَفا
(إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ)، أي ظَلامه قال: ابن قَيْس الرُّقَيّات:
إنّ هذا الليل قد غَسَقا ... واشتكيْت الهَمَّ والأرْقَا
(وَقُرْآنَ الفَجْرِ) (78) أي ما يقرأ به في صلاة الفجر.
(إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) (78) مجازه: إن ملائكة الليل تشهده وإذا صليت الغداة أعقبتها ملائكة النهار.
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ) (79) أي اسهر بصلاة أو بذكر الله، وهجدت: نمت أيضاً وهو الهُجود، قال لَبِيد بن رَبِيعة.
قال هجّدِنا فقد طال السُّرَى
يقول: نوَّمنا (نَافِلَةً لَكَ) أي نَفْلاً وغَنيمة لك.
(أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ) (80) مِن أدخلت ومن جعله من دخلت قال: مَدْخَل صِدْقٍ بفتح الميم.
(نَأَي بِجَانِبِهِ) (83) أي تباعد بناحيته وقُربه.
(وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَان يَئُوساً) (83) أي قنوطاً، أي شديد اليأس لا يرجو.
(يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) (84) أي على ناحيته وخليقته ومنها قولهم: هذا مِن شِكل هذا.
(وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ في هذا القُرْآن) (89) أي وجّهنا وبيّنا.
(حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً) (90) وهي يفعول من تَبَع الماء، أي ظَهر وفاضَ.
(عَلَيْنَا كِسَفاً) (92) من القطعَ فيجوز أن يكون واحداً أي قطعة، ويجوز أن يكون جميع كسفة فيخرج مخرج سدرة والجميع سدر، ويجوز أن تفتح ثاني حروفه فيخرج مخرج كسرة والجميع كسر، يقال: جاءنا بثريد كف، أي قطع خبز لم تُثرَد.
(وَالمَلائكَةِ قَبِيلاً) (92) مجازه: مقابلة، أي معاينة وقال:
نصالحكم حتى تبوؤا بمثلها ... كَصَرْخة حُبْلَى بشَّرتْها قبيلُها

أي قابلتُها؛ فإذا وصفوا بتقدير فعيل من قولهم: قابلت ونحوها جعلوا لفظ صفة الأثنين والجميع من المذكر والمؤنث على لفظ واحد، نحو قولك: هي قبيلي وهما قبيلي وهم قبيلي وكذلك هن قَبِيلي.
(بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) (93) وهو مصدر المُزَخرف وهو المزيَّن.
(كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً) (97) أي تأججا، وخبت سكنت قال الكُمَيْت:
ومنّا ضِرارٌ وأبْنَماه وحاجبٌ ... مُؤجِّجُ نيران المَكارمِ لا المُخْبى
قال: ولا تكون لزيادة إلا على أقل منها قبل الزيادة قال القُطامِىُّ:
وتخبو ساعةَ وتَشُبّ ساعا
ولم يذكر ها هنا جلودهم فيكون الخُبوُّ لها.
(قُلْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ) (100) معناه: لو تملكون أنتم.
(وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُوراً) (100) أي مُقتِراً.
(يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) (102) أي مهلكاًز قال ابن الزبعري:
إذا أُجارى الشيطانَ في سَنَن الغَ ... يّ ومَن مال ميْلَه مَثْبورُ
الزِّبَعْريَ الرجل الغليظ الأزبُّ، وكذلك الناقة زِبَعرَي.
(وَيَخِرُّونِ لِلأَذْقَانِ) (109) واحدها ذَقَن وهو مجمع اللَّحْيَيْنِ.
(وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) (110) مجازه: لا تخفُتْ بها، ولاتَفَوة بها، ولكن أسمعها نفسك ولا نجهر بها فترفع صوتك، وهذه في صلاة النهار العجما؛ كذلك تسميها العرب ولم نسمع في صلاة الليل شيئاً.
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الكهف
(مِنْ لَدُنْه) (2) من عنده.
(فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ) (6) مُهلِكٌ نفسَك، قال ذُو الرُّمَّة:
أَلا أيّهذا الباخع الوجد نَفْسَه ... لِشئٍ نَحَتْه عن يدْيه المَقادرُ
أي نحَّته مشدّد، ويقال: بخعتُ له نفسي ونُصْحي أي جهدت له.
(بهِذَا الحْدِيث أَسَفاً) (6) أي نَدَماً وتلهُّفاً، وأَسىً.
(صَعِيداً) (8) أي مستوياً، وجه الأرض.
(جُرُزاً) (8) أي غُلْظاً لا ينبت شيئاً والجميع أَرَضُون أجراز، ويقال للسنة المُجْدِبة: جرز وسنون أجراز لجدوبها ويبسها وقلة مطرها، قال ذُو الرُّمَّة:
طَوَى النَّخْرُ وَالأجْرازُ ما في عروضها ... فما بقيت إلا الصدورُ الجَراشُع
وقال:
قد جرّفتهن السِّنون الأجرازْ
(وَالرَّقِيمِ) (9) الوادي الذي فيه الكَهْف.
(أَحْصى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً) (12) أي غابة.
(وَرَبَطْنَا على قُلُوبِهِمْ) (14) مجازه: صبَّرناهم وألهمناهم الصبرَ.
(قُلْنَا إِذاً شَطَطاً) (149 أي جوراً وغلوّاً قال:
ألا يالِقومٍ قد أشطَّتْ عواذِلي ... ويَزُعمن أن أوْدَى بحقِيَ باطلِي
ويَلْحَيْنَنِي في اللّهو أن لا أُحبّه ... وللَّهو داعٍ دائبٌ غير غافِل
(وَيُهَيِّئ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً) (16) هو ما ارْتُفق به ويقرؤه قوم مَرْفِقاً فأما في اليدين فهو مرفق.
(تَزَاوَرُ عَنْ كَهفِهِمْ) (17) أي تميل وتعدل وهو من الزور يعني العوج والمنيل، قال ابن مقبل:
فينا كَراكِرُ أَجْوازٍ مُضَبَّرةٍ ... فيها دروٌّ إذا شئنا من الزَّوَرِ
وقال أبو الزحف الكليبي:
ودون ليلى بَلَدٌ سَمَهْدرُ ... جَدْبُ المُنَدّى عن هوَانا أزوَرُ
بُنضِى المَطايا خِمْسُة العَشنَزرُ
العَشَنزر الشديد؛ المندّى حيث يرتع ساعة من النهار.
(تَقْرِضُهُم ذَاتَ الشِّمَالِ) (17) أي تُخلِّفهم شِمالاً وتجاورهم وتقطعهم وتتركهم عن شمالها، ويقال: هل مررت بمكان كذا وكذا، فيقول المسئول: قرضته ذات اليمين ليلا، وقال ذو الرُّمَّة:
إلى ظُعُنٍ يَقرِضن أَجوازَ مُشرِفٍ ... شِمالاًوعن أَيمانهن الفوارسُ
(وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ) (17) أي مُتَّسع، والجميع فَجَوات، وفِجاء مكسورة الفاءُ.
(وَتَحْسِبُهُمْ أَيْقَاظاً) (18) واحدهم: يَقِظٌ، ورجال أيقاظ، وكذلك جميع يَقظان أيْقاظ، يذهبون به إلى جميع يَقِظٍ، وقال رُؤْبَة:
ووَجَدوا إخوانَهم أَيقاظاً ... وسَيْفَ غَيّاظٍ لهم غياظا
(وَنُقَلِّبُهمْ ذَاتَ اليَمِينِ وذَاتَ الشِّمَالِ) (18) أي على أيمانهم وعلى شمائلهم.

(بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ) (18) على الباب وبفناء الباب جميعاً لأن الباب يوصد، أي يغلق، والجميع وصائد ووصُدُ.
(وَكَذلِكَ بَعَثْنَاهُمْ) (19) أي أحييناهم، وهو من يوم البعث.
(أَيُّهَا أَزْكىَ طَعَاماً) (19) أي أكثر، قال:
قبائلنا سَبعٌ وأنتم ثلاثةٌ ... وللسَّبعُ أَزكَى مِن ثَلاثٍ وأَكثرُ
(وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ) (19) لا يُعلمنَّ بكن، يقال: شَعرتُ بالأمر، أي علمت به، ومنه الشاعر.
(رَجْماً بِالْغَيْبِ) (23) والرجم ما لم تستيقنه، وقال: ظن مُرْجَّم لا يُدرَي أحق هو أم باطل؛ قال زُهَيْر:
وما الجرب إلاّ ما رأيتم وذُقتُمُ ... وما هو عنها بالحديث المُرجَّمِ
(ثلثَمائَةٍ سِنِينَ) (26) مقدَّم ومؤخَّر، مجازه: سِنين ثلثمائة.
(وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) (28) أي مَعْدِلاً واللَّحد منه والإلحاد.
(وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ) (29) جرم لأن مجازه مجاز النهى، والموضع: لا تجاوز عيناك، ويقال: ما عدوت ذلك أي ما جاوزته.
(وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطا) (29) أي سَرَفاً وتضييعاً.
(إِنَّا أَعْتَدْنَا) (30) من العَتاد وموضعه موضع أعددنا من العُدة.
(أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُها) (30) كسُرادق الفُسَطاط وهي الحجرة التي تطيف بالفُسطاط، قال رُؤْبة:
يا حَكمَ بن المْنِذر بن الجارودْ ... أنت الجَوْاد بن الجَوْاد المَحْمودْ
سُرادِقُ المجْدِ إليك مَمْدودْ
وقال سلامة بن جَنْدَل:
هو المُولِج النُّعمانَ بيتاً سَماؤُه ... صُدورُ بَعْد بيتٍ مُسَرْدَق
أي له سُرادق.
(يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالمُهْلِ) (30) كل شئ أَذَبته من نُحاس أو رصاص ونحو ذلك فهو مُهْل، وسمعت المُنْتَجِع بن نَبْهان يقول: والله لفلاَنٌ أبغض إلىّ من الطَّلياء والمُهْل، فقلنا: وما هما فقال الجَرْباءُ والملّة التي تنحدر عن جوانب الخبزة إذا مُلت في النار من النار كأنه مُهْلة حمراء مدقَّفة فهي جَمْرة.
(وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً) (30) أي مُتَّكَئاً، قال أبو ذُؤَيب الهُذَلِيّ.
إنِّي أَرِقتُ فبتُّ الليلَ مُرتفَقاً ... كأنّ عَيْنَيَّ فيها الصابُ مذبوحُ
وذبحه: انفجاره، قال: وهو شديد وحُكى عن أبي عَمْرو بن العَلاء أو غيره يقال: انفقأت واحدة فقطّرت في عيني فكأنه كان في عيني وَتَدٌ.
(أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) (31) واحدها: إِسْوار ومن جعلها سِوار فإن جمعه سُوْر وما بين الثلاثة إلى العشرة أَسْوِرة.
(مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى اْلأرَائكِ) (31) واحدتها أريكة وهي السُّرر في الحجال قال ذُو الرُّمَّة:
خدوداً جفَتْ في السَّير حتى كأنما ... يباشرن بالمَعْزَاءِ مَسَّ الأرائكِ
وقال الأعْشَى:
بَيْن الرِّواق وجانبٍ من سَترها ... منها وبين أَريكةِ الأنضادِ
(وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ) (32) مجازه: اطفناهما وحجزناهما مِن جوانبهما قال الطِّرِمّاح:
تظلُّ بالأكمام مَحْفوفةً ... تَرمُقها أعيُنُ جُرَّامِها
(وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً) (33) ولم تَنقص، ويقال: ظلمني فلان حقي أي نقصني، وقال رجل لاِبنهِ:
تظلَّمني مالي كذا ولَوىَ يدي ... لَوىَ يده الله الذي لا يغالبُهْ
(وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا نَهَراً) (33) أي وَسطهما وبينهما، وبعضهم يسكّن هاء النهر.
(وَكَانَ لهُ ثُمُرٌ) (34) وهو جماعة الثَّمَر.
(وَهُوَ يُحَاوِرُهُ) (37) أي يكلّمه، ومعناه من المحاورة.
(لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) (38) مجازه: لكن أنا هو الله ربي، ثم حذفت الألف الأولى وأُدغمت إحدى النونين في الأخرى فشددت، والعرب تفعل ذلك.
(حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاءِ) (40) مجازها: مَرامى، وواحدتها حُسْبانة أي ناراً تحرقها.
(صَعِيداً زَلَقاً) (40) الصعيد وجه الأرْض، والزَّلَق الذي لا يثبت فيه القدمُ.
(أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غّوْراً) (41) أي غائراً، والعرب قد تصف الفاعل بمصدره وكذلك الأثنين والجميعَ على لفظ المصدر، قال عَمْرو بن كُلْثُوم.
تظلّ جِيادُه نَوْحاً عليه ... مُقلَّدةً أَعِنَّتُها صُفونا
أي ناحيات، وقال باكٍ يَبكيِ هِشامَ بن المُغِيرَة:

هَرِيقِي مِن دموعها سِجاما ... ضُباعَ وجاوبِي نَوْحاً قياما
وقال لَقيط بن زُرارة يوم جَبَلةَ:
شتَّانَ هذا والعِناقُ والنَومْ ... والمَشرَبُ الباردُ والظِلُّ الدَّومْ
أي الدائم.
(فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا) (42) أي فأصبح نادماً، والعرب تقول ذلك للنادم: أصبح فلان يقّلب كفيْه نَدماً وتلهُّفاً على ذلك وعلى ما فاته.
(وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) (42) مجازه: خالية على بيوتها.
(فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ) (43) أي جماعة، وقال العَجّاج:
كما يَحُوز الفِئَةَ الكَمِيُّ
(هُنَا لِكَ الْوَلاّيَةُ للهِ (44) مصدر الوَلِى، فإذا كسرتَ الواو فهو مصدر وليتَ العملَ والأمرَ تليه.
(خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقباً) (44) مجازه مجاز العاقبة والعُقبيَ والعُقْبة، كلهن واحدة والمعنى الآخرة.
(هَشِيماً) (46) أي يابساً متْفتِّتْا قال لَبِيد:
ولا للضَّيف إن طرقَتْ بَلِيِلٌ ... بأفنانِ العِضاةِ وبالهَشِيمِ
(تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ) (459 أي تطيّره وتفرقه، ويقال: ذرته الريح تذروه وأَذرته تذرِيه.
(وَتَرَى اْلأَرْضَ بَارِزَةً) (48) أي ظاهرة.
(فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) (50) جار عنه وكفر به، وقال رُؤْبة:
يَهوين في نَجْدٍ وغوراً غائراً ... فواسقاً عن قصدها جَوائرا
(مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) (51) أي أَنصاراً وعِزّاً وأعواناً، ويقال: فلان عضُدي أي ناصري وعِزّي وعوني، ويقال: قد عاضد فلان فلاناً وقد عضده، أي قوّاه ونصره.
(وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) (54) أي مَوعِداً، قال:
وحاد شَرَوْرَي والسِّتارَ فلم يدع ... تِعاراً له والواديَيْنِ بمَوْبِقِ
(وَلمُ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً) (53) أي مَعْدِلاً، وقال أبو كَبير الهُذَليّ:
أزُهَيْرُ هل عن شَيْبَةٍ مِن مَصْرِف ... أم لا خلودَ لِباذلٍ متكلِّفِ
(أَوْ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ قِبَلاً) (55) أي أولاً يقال: من ذي قِبَلٍ، فإن فتحوا أولها فالمعنى: استئنافاً، قال:
لن يغلب اليوم جَبَاكم قبَلى
أي استئنافِي، وإن ضمَّوا أوّ لها فالمعنى: مقابلة، يقال: أُقبِلَ قُبُلُ فلانٍ: انكسَر، وله موضع آخر: أن يكون جميع قبيل فمعناه: أو يأتيهم العذاب قُبُلاً، أي قبيلاً قبيلاً، أي ضَرْباً ضَرْباً ولَوْناً لوْناً.
(لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ) (56) مجازه: ليُزِيلوا به الحق ويَذهبوا به، ودحَض هو ويقال: مكان دَحْضٌ، أي مَزِلٌ مزلق، لا يثبت فيه خُفّ ولا قَدم ولا حافر، قال طَرَفة:
ورَدتُ ونحّى اليَشْكِريَّ حِذارُهُ ... وحادَ كما حادَ البعيرُ عن الدَّحّضِ
(لَنْ يَجِدوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) (58) مجازه مَنْجىً، وهو من قولهم:
فلا وأَلتْ نفسٌ عليها تحاذرُ
أي لا نجت. وقال الأعْشَى:
وقد أُخالسُ رَبَّ البيتِ غفلَتَه ... وقد يحاذر منِّي تم ما يَئِلُ
أي لا ينجو.
(أَوْ أَمْضِىَ حُقُباً) (60) أي زماناً وجميعه أحقاب، ويقال في معناه: مضت له حِقْبة والجميع حِقَب على تقدير كِسرة والجميع كِسَر كثيرةٌ.
(فِي الْبَحْرِ سَرَباً) (61) أي مَسلكا ومَذهباً أي يَسْرُبُ فيه، وفي آيةٍ أخرى (وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ) (1311).
(فَارْتَدَّا عَلَى آثَارهِمَا قَصَصاً) (64) مجازه: نَكَصا على أَدبارهما فرجعا قصصاً، رجعا يقصان الأّثر.
(جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) (71) أَي داهيةً نُكْراً عظيماً، وفي آية أُخرى: (شَيْئاً إِدّاً) (1990) قال:
قد لَقِيَ الأقْرانُ مني نُكْراً ... داهِيةً دَهْيَاءَ إدّاً إمْراً.
(وَلاَ تُرْهِقْنِي) (73) أي لا تُغْشِني وقال زُهَيْرٌ:
ومُرهِّقُ النَّيرانِ يحُمدَ في ال ... لأواءِ غيرَ مُلَعَّنِ القِدْرِ
(زَكِيَّةٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ) (74) أَي مُطَهَّرة.
(شَيْئاً نُكْراً) (74) أَي داهية: أَمْراً عظيماً.
(فأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا) (77) أي أن يُنزلوهما منزل الأضياف، ويقال: ضِفْتُ أَنا، وأَضافني الذي أنزلني.

(يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) (77) وليس للحائط إرادة ولا للموات ولكنه إذا كَان في هذه الحال مِن ربه فهو إرداته، وهذا قول العرب في غيره قال الحارِثيّ:
يريد الرمحُ صَدْرَ بني بَراءٍ ... ويَرْغَب عن دِماءِ بني عقيل
ومجاز (أن ينقضَّ) مجاز يَقَع، يقال: انقضت الدارُ إذا انهدمت وسقطت وقرأ قوم أَنْ يَنْقاضَّ ومجازه: أن ينقلع من أصله ويتصدع بمنزلة قولهم: قد انقاضت السن، أي انصدعت وتقلعت مِن أصلها، يقال: فراق كقَيْض السِّن أي لا يجتمع أهله، وقال:
فِراقٌ كقَيْضِ السِّنّ فالصّبرَ إنه ... لكل أناسٍ عثْرةٌ وجُبور
(لوْ شِئْتَ لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) (77) الخاء مكسورة، ومعناها معنى أخذت فكان مخرجها مخرج فعِلتَ تفعَل، قال المُمزِّق العَبْدِيّ:
وقد تخِذتْ رِجْليِ إلى جَنْب غَرْرها ... نَسِيفاً كأُفْحُوص القطة المطِّرقِ
النسِيف موضع العُقبِ الأثْر الذي يكون في خِلال الرجِل؛ وأفحوص القَطاةِ: الموضع الذي تَبِيض فيه. والمطرق التي تريد أن تبيض، يقال: قد طرَّقت المرأة لولدها إذا استقام ليَخرُج.
(وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ) (79) أي بين أيديهم وأمامهم، قال:
أَترجو بنو مروانَ سَمْعِي وطاعتِي ... وقومي تَمِيمٌ والفَلاةُ ورائيا
أي أمامي.
(أَنْ يُرْهِقَهما) (80) أي يَغشِيَهما.
(وَأَقْرَبَ رُحْماً) (81) معناها معنى رَحْماً مثل عمُرْ وعَمر وهُلْك وهَلْك، قال الشاعر:
فلا ومُنَزِّلِ الفُرقا ... نِ مالَكَ عندَها ظُلْمُ
وكيف بظلم جاريةٍ ... ومنها اللِّينُ والرُّحْمُ
قال العَجَّاج:
ولم تُعَوَّجْ رُحْمُ من تَعَوَّجا
(فَأَتْبَعَ سَبَباً) (85) أي طريقاً وأثراً ومَنْهَجاً.
(فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) (86) تقديرها: فَعِلَةٌ ومَرسِة وهي مهموزة، لأن مجازها مجاز ذات حمأةٍ، قال:
تجئ بمِلْئها يوماً ويوماً ... تجئ بحمأةٍ وقليل ماءِ
وقال حاتِم طيّ:
وسُقيتُ بالماءِ النّميرِ ولم ... أترك الأُطم حمأةَ الْجَفْرِ
النمير الماء الذي تسمَن عنه الماشية. ومن لم يهمزها جعل مجازه مجاز فُعِلة من الحرّ الحامي وموضعها حامية.
(بَيْنَ السُّدَّيْنِ) (93) مضموم إذا جعلوه مخلوقاً من فعل الله وإن كان من فعل الآدميين فهو سَدّ، مفتوح.
(يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ) (94) لا ينصرفان، وبعضهم يهمز ألقيهما وبعضهم لا يهمزها، قال رُؤْبة:
لو أن يأجُوجَ ومأجوج معا ... وعاد عادٌ واستجاشوا نُبَّعا
فلم يصرّفها.
(زُبَرَ الْحَدِيدِ) (96) أي قِطَع الحديد واحدتها زُبْرة.
(بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) (96) فبعضهم يضمها وبعضهم يفتحها ويحرّك الدال، ومجازهما ما بين الناحيتين من الجبَلَيْنِ، وقال:
قد أخذتْ ما بين عَرْضِ الصُّدفيْنِ ... ناحيتيها وأعالي الرُّكْنَيَيْنِ
(أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) 096) أي أَصُبَّ عليه حديداً ذائباً، قال:
حُساماً كَلَونِ الْمِلح صافٍ حديدُه ... جُرازاً من أقطارِ الحديد المُنعَّتِ
جمع قِطرٍ، وجعله قوم الرَّصاص النُّقر.
(فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يظهَرُوهُ) (97) أي أن يعلوه، ويقال: ظهرتُ فوق الجبل وفوق البيت، أي علوته.
(جَعَلَهُ دَكَّاءَ) (98) أي تركه مدكوكاً أي ألزقه بالأرض، ويقال: ناقة دَكَّاءُ أي لا سَنامَ لها مستوية الظهر، قال الأَغْلَبُ:
هل غيرُ غارٍ دَكَّ غاراً فانهَدمْ
والعرب تصف الفاعل والمفعول بمصدرهما فمن ذلك (جَعَلهُ دكّاً) أي مدكوكاً.
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) (99) واحدتها صورة خرجت مخرج سُورة المدينة والجميع سور المدينة، ومجازه مجاز المختصر المضمر فيه أي نُفخ فيها أرواحها.
(يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (104) أي عملاً والصنع والصنعة والصنيع واحد، ويقال فرس صنيع أي مصنوع.
(لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً) (108) أي لا يريدون ولا يُحبّون عنها تحويلاً.
تم الجزء الأول من مجاز القرآن.
مجاز القرآن : الجزء الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة مريم عليها السلام
" وإنِّي خِفْتُ المْوَاَليَ مِن وَّرَائِي " أي بني العم من ورائي ، أي قدامي وبين يدي وأمامي ، قال :

أَتَرجو بني مَرْوان سَمْعي وطاعتي ... وقَوْمي تميم والفَلاة ورائيا
قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهبٍ :
مَهْلاً بني عمنّا مَهْلاً مَوالينا ... لا تُظهرنَّ لنا ما كان مَدْفونا
" وكانَتَ امْرَأَتِي عَاقِراً " أي لا تلد ، وكذلك لفظ المذكر مثل الأنثى ، قال عامر بن الطفيل :
لَبئس الفَتَى إِن كنتُ أعورَ عاقراً ... جَباناً فما عُذْرى لَدَى كل مَحْضِر
" فَهَبْ ليِ مِن لَدُنْكَ وَلِيّاً " أي من عندك ولداً ووارثاً وعضداً رضياً يرثني ؛ يرفعه قوم على الصفة ، مجازه : هب لي ولياً وارثاً ، يقولون : ائتني بدابة أركبها ، رفع لأن معناها : ائتني بدابة تصلح لي أن أركبها ؛ ولم يرد الشرط ومن جزمه فعلى مجاز الشريطة والمجازاة كقولك : فإنك إن وهبته لي ورثني .
" يَا زَكَريَّا " مجازه مجاز المختصر كأنك قلت : " فقلنا يا زكريا " وفيه ثلاث لغات : زكرّياء ممدود ، وزكرّيا ساكن ، وزَكَرىٌّ تقديره بختِيٌّ .
" مِنَ الكِبَرِ عِتِيّاً " كل مبالغ من كبر أو كفرٍ أو فسادٍ فقد عتا يعتو عتياً .
" هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ " أي أهون .
" وَحَنَانا مِّن لَّدُنَّا " أي رحمة من عندنا ، قال امرؤ القيس ابن حجر الكندي :
ويمنَحُها بنو شَمَجي بن جَرْمٍ ... مَعِيزَهُمُ حَنَانكَ ذا الحَنانِ
وقال الحطيئة :
تَحنَّنْ علىَّ هداكَ المليك ... فإن لكل مقامٍ مقالا
أي ترحم ، وعامة ما يستعمل في المنطق على لفظ الاثنين ، قال طرفة العبدي :
أبا مُنْذر أفنيت فاستبق بِعضنَا ... حَنانَيْكَ بعض الشرّ أهونُ من بعضِ
" إذِ انْتَبَذتْ مِنْ أَهْلِهَا " اعتزلت وتنحت .
" مَكَاناً شرْقِيّاً " مما يلي المشرق وهو عند العرب خير من الغربي الذي يلي المغرب .
" مَكانَاً قَصِيّاً " أي بعيدا .
" فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إلىَ جِذْعِ النَّخْلِة " مجازها أفعلها من جاءت هي وأجاء غيرها إليه ، يقال في المثل : شر ما أجاءني إلى مخه عرقوب ، وقال زهير :
وجارٍ سار معتمداً إليكم ... أجاءتْه المخافُة والرَّجاء
" وكنْتُ نِسْياً مَّنْسِياً " وهو ما نُسي مِن عصاً أو أدواةٍ أو غير ذلك ، قال الشنفري :
كأَنَّ لها في الأرض نَسْياً تَقُصُّه ... على أَمِّها وإنْ تُحَدّثْك تَبْلَتِ
أي تقطع الحديث استحياءً وقال الكميت :
أتجعلنا قيسٌ لِكلب بضاعةً ... ولسْتُ بِنسيٍ في مَعّد ولا دَخلِ
وقال دكين الفقيمي :
كالنَّسْي مُلْقىً بالجَهادِ البَسْبَسِ
الجهاد غلظٌ من الأرض .
" سَرِيّاً " أي نهراً ، قال لبيد بن ربيعة :
فرمى بها عُرْضَ السَّرِيِّ فغادرا ... مسجورةً متجاورِاً قُلاّمُها
مسجورة أي مملوءة ، القلام شجر يشبه القاقلي وهو نبت .
" وَهُزِّي إِلَيْك بِجِذْعِ النَّخْلِة " مجازه : هُزّي إليك جذع النخلة ، الياء من حروف الزوائد ، وقال :
نَضرب بالبِيض ونرجو بالفَرَجْ
معناه : ونرجو الفرج .
" يَسَّاقَطْ عَلَيْكِ " من جعل " يساقط " بالياء فالمعنى على الجذع ومن جعله بالتاء فالمعنى على النخلة وهي ساكنة إذا كانت في موضع المجازات وموضع " يسَّاقط " في موضع يسقط عليك رطباً جنياً والعرب تفعل ذلك ، قال أوفى ابن مطرٍ المازني :
تخاطَّأَت النَّبلُ أَحشاءَه ... وأُخِّر يَومى فلم يُعَجلِ
تخاطَّأت وهو في موضع أخطأت ، وقال الأعشى :
ربي كريمٌ لا يكدِّر نِعمةً ... وإذا تُنُوشد بالمهَارِقِ أنشدا
هو في موضع نشد ، أي سئل بالمهارق وهي الكتب ، قال أمرؤ القيس :
ومثِلك بيضاءِ العوارضِ طَفْلةٍ ... لَعوبٍ تنَاساِني إذا قمتُ سِربالِي
في معنى تنسيني . وقال جرير :
لولا عظامُ طَرِيفٍ ما غفرتُ لكم ... بيعى قرايَ ولا نسَّأتكم غَضَبي
أي ما أنسأتكم لولا عظام طريف ، يعني طريف بن تميم العنبري ، قتله حمصيصة الشيباني ، وهو ابن شراحيل .
" إنيَّ نَذَرْتُ للرِحَّمْنِ صَوْماً " يقال لكل ممسك عن شيء من طعام أو شراب أو كلام أو عن أعراض الناس وعيبهم صائم ، قال النابغة الذبياني .

خَيلٌ صيامٌ وخيلٌ غير صائمة ... تحتَ العَجَاج وخيلٌ تَعْلُكُ الُلجُما
" شيئاً فَريّاً " أي عجباً فائقاً ، وكذلك كل شيء فائق من عجب أو عمل أو جرى فهو فريٌ .
" مَنْ كاَنَ فيِ الْمَهْدِ صَبِيَّاً " ول " كان " مواضع ، فمنها لما مضى ، ومنها لما حدث ساعته وهو : كيف نكلم من حدث في المهد صبياً ، ومنها لما يجيئ بعد في موضع " يكون " والعرب تفعل ذلك ، قال الشاعر :
إن يَسمعوا رِيبة طاروا بها فَرحاً ... منى وما يَسمعوا من صالح دَفَنوا
أي يطيروا ويدفنوا . " وكاَنَ اللهُ عَليماً حَكيِماً " فيما مضى والساعة ، وفيما يكون ويجي " كان " أيضاً زائدة ولا تعمل في الاسم ، كقوله :
فكيف إذا رأيت دِيارَ قومٍ ... وجِيرانٍ لهم كانوا كِرامِ
والمعنى وديار جيرانٍ كرامٍ كانوا " ، " وكانوا " فضلٌ لأنها لم تعمل فتنصب القافية ، قال غيلان بن حريث الربعي :
إِلى كِناسٍ كان مستعيِدِه
وكان فضل ، يريد إلى كِناسٍ مستعيدِ ، وسمعت قيس بن غالب البدري يقول : ولدت فاطمة بنت الخرشب الكملة من بني عبس لم يوجد كان مثلهم ، أي لم يوجد مثلهم ، " كان " فضل .
" كاَنَ بِيَ حَفِيَّاً " أي متحفياً ، يقال : تحفيت بفلان . " وَقَرَّبْنَاهُ نَجِياًّ " .
" وَاجْتَبَيْنَا " أي اخترنا .
" وَبُكيّاً " جمع باكٍ .
" لاَ يَسْمَعُون فِيهَا لَغْواً " أي هذراً وباطلاً " إلاّ سلاماً " فالسلام ليس من اللغو والعرب تستثني الشيء بعد الشيء وليس منه وذلك أنها تضمر فيه ، فكان مجازه : لا يسمعون فيها لغواً إلا أنهم يسمعون سلاماً ، قال :
يا بَن رُقَيع هل لها من مَغْبَقِ ... ما شَرِبتْ بعد طَوِيِّ الكُرْبَق
من قَطرةٍ غير النجاءِ الأدْفقِ
فاستثنى النجاء من قطرة الماء وليس منها ، قال أبو جندب الهذلي :
نَجا سالمٌ والنفسُ منه بشِدْقه ... ولم بنَجْ إلاّ جفْنُ سَيفِ ومئزَرا
ولسيا منه .
" هَلْ تَعْلَمُ لَهَ سَمِيّاً " هل تعرف له نظيراً ومثلاً ، إذا كان بعد هل تاء ففيها لغتان فبعضهم يبين لام " هل " وبعضهم يخمدها فيقول : " هتَّعلم " ، كأنها أدغمت اللام في التاء فثقلوا التاء .
" حَوْلَ جَهَنَّمِ جِثيِاًّ " جمع جاثٍ ، خرج مخرج فاعل والجميع فعول ، غير أنهم لا يدخلون الواو في المعتل .
" عِتِيّاً " مصدر عتوت تعتو .
" ِصِليّاً " مصدر " صليت تصلى " خرج مخرج فعلت فعولاً ولا يظهرون في هذا أيضاً الواو .
" وَأَحْسَنُ نَدِيّاً " أي مجلساً والندى والنادي واحد ، قال حاتم طي :
ودُعيتُ في أُولَى النَّدِىِّ ... ولم يُنظَر إليَّ بأَعْيُن خُزْرِ
والجميع منها أندية ، قال سلامة بن جندل :
يَوْمانِ يومُ مقَاماتٍ وأنديةٍ ... ويوم سُير إلى الأعداء تأويبِ
" أثَاثاً " أي متاعا وهو جيد المتاع .
" ورِئْياً " وهو ما ظهر عليه ورأيته عليه .
" أَفَرَأَيْتَ الذَّيِ كَفَرَ بِآيَاتَنَا " إذا استفهموا ب " رأيت " فمنهم من يدعها على حالها كأنه لم يعده أحدث فيها شيئاً كما أحدث في " يَرَى " فيبقى همزتها ، ومنهم من يرى أنه أحدث فيها شيئاً فيدع همزتها ، قال أبو الأسود :
أَرَيْتَ اَمْرَءاً كنتُ لم أبْلُهُ ... أتاني فقال اتَّخِذْني خليلا
فخاللتُه ثم أكرمتُه ... فلم أستفد مِن لَديه فَتِيلا
ألستُ حقيقاً بتوديعه ... وإِتباعِ ذلك صَرْماً جميلا
وقال المتوكل الليثي :
أرأيتَ إن أهلكتُ مالِيَ كلَّه ... وتركت مالَك فيمَ أنْتَ تلومُ
" تَؤُزُّهُمْ أزَّاً " أي تهيجهم وتغوبهم ، فقال رؤبة :
لا يأخذ التأفيكُ والتَّحزّي ... فينا ولا قذفُ العُدَى ذو الأَزِّ
العدى بضم العين الأعداء ، والعدى بكسر العين الغرباء .
" إلَى الرَّحْمنِ وَفْداً " جمع وافد .
" إلَى جَهَنّمَ وِرْداً " مصدر " وَرَد يَردِ " .
" جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً " عظيماً من أعظم الدواهي ، قال رؤبة :
نَطَحَ بَني أُدٍ رؤوس الأدادْ
وقال :
كيْلاً على دُجوَةَ كَيْلا إدّاً ... كيْلا عليه أربعين مُدّا

وكذلك " إمْراً " وكذلك " شيئاً نُكْراً " وكذلك " شَيْئاً فَرِيّاً " عظيماً من أعظم الدواهي .
" تَكاَدُ السَّموَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ " أي يتشققن كما يتفطر الزجاجة والحجر ، ويقال : فطر نابه إذا شق نابه .
" وَتَخِرُّ الجِبَالُ هَدَّاً " مصدر هددت ، أي سقطت ؛ فجاء مصدره صفةً للجبال .
" أَنْ دَعَوْا للِرَّحمْنِ وَلَداً " وليس هو من دعاء الصوت ، مجازه : أن جعلوا لله ولداً ، قال الشاعر :
أَلا رُبَّ مَن تدعو نصيحا وإن تغب ... تجده بغيب غير منتصِح الصدْرِ
وقال ابن أحمر :
أهْوَى لها مِشْقَصاً حَشْراً فَشَبْرقَها ... وكنتُ أدعو قَذاها الإثمِدَ القَرِدا
القرد المنقطع من الإثمد يلزم بعضه بعضاً ، أدعو أجمل ؛ الحشر السهم الذي حشر حشراً ، وهو المخفف الريش ويقال للحمار : حشرٌ ، إذا كان خفيفاً ، وللرجل إذا كان صدعاً ، والصدع : الربعة من الرجال .
" سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدَّاً " أي محبة ، وهو مصدر " وددت " ، " سيجعل لهم " أي سيثيبهم ويزرقهم ذلك . .
" قَوْماً لُدّاً " واحدهم : ألد ، وهو الشديد الخصومة الذي لا يقبل الحق ويدعي الباطل ، قال مهلهل :
إنّ تحت الأحجار حَدَّاً وليناً ... وخَصيماً أَلدّ ذا مِغلاقِ
ويروى مغلاق الحجة عن أبي عبيدة وقال رؤبة :
أَسْكَتَ أَجراسَ القُرُوم الألواد ... الضَّيْغَمّياتِ العِظام الألدادْ
" رِكْزاً " الركز : الصوت الخفي والحركة كركز الكتيبة ، قال لبيد :
فتوجَّست رِكْزَ الأَنيس فَرابَها ... عن ظهر غيبٍ والأنيسُ سَقامُها
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة طه
" طه " ساكنٌ لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي ومجاز موضعه في المعنى كمجاز ابتداء فواتح سائر السور ، قال أبو طفيلة الحرمازي ، فزعم أن طه " يا رجل " ، ولا ينبغي أن يكون إسماً لأنه ساكن لو كان إسماً لدخله الإعراب .
" مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى " مجازه مجاز المقدم والمؤخر وفيه ضمير ، وله موضع آخر من المختصر الذي فيه ضمير : ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة لمن يخشى لا لتشقى ؛ والموضع الآخر : ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ، وما أنزلناه إلا تذكرة لمن يخشى .
" الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْش اسْتَوَى " أي علا ، يقال : استويت فوق الدابة وعلى البعير وعلى الجبل وفوق البيت ، أي علوت عليه وفوقه ، ورفع الرحمن في مكانين : أحدهما على القطع من الأول المجرور والابتداء وعلى إعمال الفعل ، مجازه : استوى الرحمن على العرش .
" فَإنَّه يَعْلَمُ السِّرَّ وأَخْفَى " يعني والخفى الذي حدثت به نفسك ولم تسره إلى أحد ، وقد يوضع " افعل " في موضع الفاعل ونحوه ، قال :
تَمنَّى رِجالٌ أن أموت وإنْ أَمتْ ... فتلك سبيلٌ لستُ فيها بأَوحدِ
وله موضع آخر من المختصر الذي فيه ضمير يعلم السر وأخفى من السر .
" بِالْوادِ الْمُقَدِّسِ " طوى يكسر أوله قومٌ وبضمه قوم كمجاز قوله :
أالا يا سَلْمى يا هندُ هِنْدَ بني بَدْر ... وإن كان حياناً عِدًى آخرَ الدَّهرِ
وعُدًى ومن جعل طِوًى إسم أرض لم ينون فيه لأنه مؤنث لا ينصرف ومن جعله اسم الوادي صرفه لأنه مذكر ، ومن جعله ممصدراً بمعنى " نودي مرتين " صرفه كقولك : ناديته ثني وطوى ، قال عدي بن زيد :
أَعازلَ أَن اللَّوم في غير كُنْهه ... عَلَىَّ ثِنّي من غَيّكِ المتردِد
ويقول قوم : على ثنىً أي مرة : " أَكَادُ أُخْفِيها " له موضعان موضع كتمان وموضع إظهار كسائر حروف الأضداد أنشدني أبو الخطاب قول امرئ القيس بن عابسٍ الكندي عن أهله في بلده .
وإِن تَدفِنوا الدَّاء لا نُخفْيهِ ... وإن تَبعثوا الحربَ لا نَقعد
أي لا نظهره ، ومن يلغي الألف منها في هذا المعنى أكثر ، وقال علقمة ابن عبدة وقال بعضهم امرؤ القيس :
خَفَاهن من أَنْفاقهِنِ كأنما ... خَفاهن وَدْق من عَشيَّ مجُلّبِ
أي أظهرهن ، ويقال : خفيت ملتي من النار ، أي أخرجتها منها وكذلك خفايا الركايا ، تقول خفيت ركيةً ، أي استخرجتها .

" فَترْدَى " فتهلك ، يقال : رديت ، تقديرها ، شقيت ، وقال دريد ، حيث تنادوا :
تَنادَو فقالوا أَرْدتِ الخيلُ فارساً ... فقلتُ أَعْبدَ الله ذلكم الرَّدِى
" وأَهُشُّ بهَا عَلَى غَنَمِي " أي أختبط بها فأضرب بها الأغصان ليسقط ورقها على غنمي فتأكله ، قال :
أَهُشُّ بالعَصا على أَغنامِي ... مِن ناعمِ الأراك والبشَامِ
" مآرِبُ أُخْرى " واحدتها مأرَبة ومأرُبة ، الراء مفتوحة ويضمها قوم ، ومعناها حوائج وهي من قولهم : لا أرب لي فيها ، لأي لا حاجة لي .
" سَنُعيدُهَا سِيرَتَها الأولىَ " أي خلقتها التي كانت عليها قبل ذلك وقد يجعلون أيضاً بينها وبين الذي قبلها " إلى " ، كقولهم لمن كان على شيء فتركه ثم عاد إليه وتحول عن هذا : عاد فلان إلى سيرته الأولى ، قال سمعت أبا زيد : إلى إدرونه الإولى .
" وَاضْمُمْ يَدَكَ إلَى جَنَاحِكَ " مجازه : إلى ناحية جنبك ، والجناحان هما الناحيتان ، قال :
أَضمُّه للصدر والجناح
" تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ " أي تخرج نقية شديدة البياض من غير برصٍ والسوء كل داءٍ معضلٍ من جذام أو برص ، أو غير ذلك .
" لِنُريَكَ مِنْ آياَتِنَا الكُبْرَى " مجازها مقدم ومؤخر ، أي لنريك الكبرى من آياتنا ، أي من عجائبنا ، ومجاز الكبرى : الكبيرة من آياتنا ، وقع المعنى على واحدة .
" وَاحْلُلْ عُقْدَة مِن لِسَانِي " مجاز العقدة في اللسان كل مالم ينطلق بحرف أو كانت منه مسكة من تمتمةٍ أو فأفأةٍ .
" أشْدُدْ بهِ أَزْري " أي ظهري ، معناه صار مثلي ، وعاونني على من يكفله ، ويقال : قد أزرني ، أي كان لي ظهراً ، وآزرني أي صار لي وزيراً .
" فَاقْذِفيهِ في الْيَمِّ " أي ارمي به في البحر ، واليم معظم البحر ، قال العجاج :
كباذِخِ اليَمِّش سقاه اليمُّ
" وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي " مجازه : جعلت لك محبة مني في صدور الناس ، ويقول الرجل إذا أحب أخاه : ألقيت عليك رحمتي ، أي محبتي .
" وَلتُصْنَعَ عَلَى عَيْنيِ " مجازه ولتغذى ولتربى على ما أريد وأحب ، يقال : اتخذه لي على عيني ، أي على ما اردت وهويت .
" عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ " أي يضمه ، وقال " وكَفَلَهَا زَكَرِيَّا " أي ضمها .
" وفَتَنَّاك فُتُوناً " مجازه : وابتليناك .
" أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا " مجازه أن يقدم علينا ببسطٍ وعقوبة ويعجل علينا ، وكل متقدم أو متعجل فارطٌ ، قال :
قد فرَط الِعْلُج علينا وعَجَلْ
وإذا أدخلوا في أوله الألف فقالوا أفرط علينا فإن معناه اشتط وتعدى " إنَّنيِ مَعَكُمَا " مجازه أعينكما .
" فَمَا باَلُ الْقُروُن الأولَى " أي ما خبر الأمم الأولى وما حديثهم .
" لاِ ولِي الْنُّهَى " مجازه لذوي الحجى واحدتها نهية ، أي أحلام وعقول وانتهى إلى عقول أمرهم ورأيهم ومجاز قولهم لذي حجى أي لذي عقل ولب .
" مَكاناً سُوًى " يضم أوله ويكسر وهو منقوص يجري مجرى عدًى وعدى ، والمعنى النصف ، والوسط فيما بين القريتين . وقال موسى ابن جابر الحنفي :
وإنَّ أبانا كان حلَّ ببلدةٍ ... سوى بين قَيْس قيس عيلانَ والفِزْر
والفزر سعد بن زيد مناة .
" مَوْعِدُكُم يَّومُ الزِّيْنَةِ " مجازه يوم العيد .
" وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً " أي يساق الناس فيجتمعون من كل فج .
" فَيُسْحْتِكَمْ بِعذَابٍ " مجازه : فيهلكلم ، وفيه لغتان سحت الدهر ، والجدب بني فلانٍ ، وقوم يقولون : أسحته بالألف وقال الفرزدق :
وعَضُّ زمانٍ يا بْنَ مَروانَ لم يَدَع ... من المال إلاّ مُسْحَتٌ أو مُجلَّفُ
والمسحت المهلك ، والمجلف : الذي قد بقي منه بقيةٌ ، ولم يدع ، أي لم يبق وقال سويد بن أبي كاهل :
أَرَّقَ العَيْنَ خَيالٌ لم يَدَعْ ... من سُلَيْمَى فَفُوادِي مُنْتذَعْ
لم يدع أي لم يستقر .

" إنَّ هَذَانِ لَسَاحِرانِ " قال أبو عمرو وعيسى ويونس " إنّ هذين لساحران " في اللفظ وكتب " هذان " كما يزيدون وينقصون في الكتاب واللفظ صواب ، وزعم أبو الخطاب أنه سمع قوماً من بني كنانة وغيرهم يرفعون الاثنين في موضع الجر والنصب ، قال بشر بن هلال " إنَّ " بمعنى الابتداء والإيجاب ، ألا ترى أنها تعمل فيما يليها ولا تعمل فيما بعد الذي بعدها فترفع الخبر ولا تنصبه كما تنصب الاسم فكان مجازه " إنّ هذان لساحران " مجاز كلامين ، مخرجه : إنه أي نعم ، ثم قلت : هذان ساحران ، ألا ترى أنهم يرفعون المشرك كقوله :
فمنْ يكُ أَمسَى بالمدينة رَحْلُه ... فإنيّ وَقيّارٌ بها لَغريبُ
وقوله :
إنَّ شَرْخَ الشَّباب والشَّعَرُ الأسودُ ... ما لم يُعاصَ كان جُنونا
وقوله :
إنّ السيوفَ غدوُّهَا ورَواحُها ... تركَت هَوزانَ مثلَ قَرَنِ الأَعْضَبِ
ويقول بعضهم " إنَّ اللهَ ومَلاَئكَتُهُ يُصَلونَ عَلَى النَّبيِ " فيرفعون ملائكته على شركة الابتداء ولا يعملون فيها " إن " ، وقال سمعت الفصحاء من المحرمين يقولون : إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك له .
وقرأها قومٌ على تخفيف نون " إن " وإسكانها وهو يجوز لأنهم قد أدخلوا اللام في الابتداء وهي فضل ، قال :
أُم الحُلَيس لَعجوزٌ شَهْرَبَهْ
وزعم قومٌ أنه لا يجوز لأنه إذا خفف نون " إن " فلا بد له من أن يدخل إلا فيقول : إن هذان إلا ساحران .
" بِطَرِيقَتِكُمُ " مجازه بسنتكم ودينكم وما أنتم عليه ، ويقال فلان حسن الطريقة .
" المُثْلَى " تأنيث الأمثل ، يقال : خذ المثلى منهما ، للأنثى ، وخذ الأمثل منهما ، إذا كان ذكراً .
" ثُمَّ ائْتُوا صَفَّاً " أي صفوفاً وله موضع آخر من قولهم : هل أتيتَ الصفَّ اليوم يعني المصلى الذي يصلي فيه . قال أبو عبيدة قال أبو العرب الكليبي ما استطعت أن آتي الصف أمس يعني المصلى .
" فَأَوْجَسَ في نَفْسِهِ خِيفَةً " أي أضمر وأحس منهم خيفةً ، أي خوفاً فذهبت الواو فصارت ياء من أجل كسرة الخاء .
" وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى " أي حيث كان .
" لَكبِيرُكمُ " أي معلمكم قال ابو عبيدة سمعت بعض المكيين قال يقول : الغلام لمستأجره كبيرى .
" فِي جُذوُعِ النَّخْلِ " أي على جذوع النخل ، قال :
هم صَلَبوا العَبدي في جِذع نخلةٍ ... فلا عَطِستْ شَيبانُ إلّا بأَجْدعا
" فاَقْضِ ماَ أَنْتَ قَاضٍ " مجازه : اصنع ما أنت صانع وأنفذ ما أنت منقذٌ فقد قضى قضاؤك ، وقال أبو ذؤيب :
وعليهما مَسرودتان قَضاهُما ... داود أو صَنَعُ السوابغِ تُبَّعُ
أي صنعهما وأحكمهما .
" إِنّما تَقْضِى هذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا " وله موضع آخر في معنى إنما تخلف هذه الحياة الدنيا ، كقولك قضيت سفري .
" أَنْ أَسْرِ بِعِبْادِي " وقومٌ يجعلونه بغير ألف فيقولون : سريت وهو سري الليل أي سير الليل .
" طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبْسَاً " متحرك الحروف بالفتحة والمعنى يابساً ، ويقال : شاة يبسٌ بفتح الباء أي يابسة ليس لها لبنٌ ، وبعضهم يسكن الباء قال علقمة بن عبدة :
تَخَشْخَشُ أَبدانُ الحديدِ عليهم ... كما خشخشَتْ يبْسَ الحِصَادِ جنوبُ
" فَنَسِيَ أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِليَهْمَ قَوْلاً " مجازه أنه لا يرجع إليهم قولاً ومن لم يضمر الهاء نصب " أن لا يرجعَ " .
" لَنْ نَبْرَح عَلَيْهِ عَاكِفيِنَ " مجازه لن نزال ، قال أوس بن حجر :
فما برحتْ خَيلٌ تثوبُ وتدّعي ... ويَلحق منها لاحقٌ وتقّطعُ
أي فما زالت .
" يَا بْنَ أُمَّ لاَ تَأُخُذْ بِلِحْيَتيِ وَلا برأْسَي " فتح بعضهم الميم لأنهم جعلوه إسمين بمنزلة خمسة عشر لأنهما إسمان فأجروهما مجرى إسمٍ واحدٍ كقولهم : هو جاري بيت بيتً ولقيته كفة كفة ، وكسر بعضهم الميم فقال يا بن أم بغير ياء ولا تنوين كما فعلوا ذلك بقولهم : يا زيد ، بغير تنوين ، وقال زهير :
تبصَّر خَليِليِ هل تَرى مِن ظَغائن ... تحمّلن بالعَلْياء من فوق جُرْثُمِ

وأطلق بعضهم ياء الاضافة لأنه جعل النداء في ابن فقال يا ابن أمي ، لأنه يجعل النداء في ابن كما جعله في زيد ثم أظهر في الاسم الثاني ياء الاضافة كما قال :
يا بْنَ أُمِّي ويا شُقِّيقَ نفسيِ ... أَنت خَلَّيَتني لدهرٍ شديدِ
وكذلك قال :
يا بنْتَ عمي لاحني الهواجِرُ
فأطلق الياء وقال :
رجالٌ ونسوانٌ يوَدّون أنني ... وإياكُ نخزَى يابنَ عمّ ونُفْضَحُ
فلم يطلق ياء الإضافة وجرها بعضهم وفتحها آخرون .
" وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي " مجازه لم تسمع قولي ولم تنتظر . وفي آية أخرى " لا يَرْقُبُونَ في مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَلاَ ذِمَّةً " أي لا يراقبون .
" فمَا خَطْبُكَ " أي ما بالك وشأنك وأمرك واحد ، قال رؤبة :
والعَبْدُ حَيَّانُ بن ذاتِ القْنبِ ... يا عَجَبا ما خطبُهُ وخَطْبي
" قَالَ بَصُرْتُ بمَا لَمْ تَبْصُرُوا بِهِ " أي علمت ما لم تعلموه وبصرت فعلت في البصيرة فصرت بها عالماً بصيراً ولها موضع آخر قوم يقولون بصرت وأبصرت سواء بمنزلةٍ سرعت وأسرعت ماشيت .
" فَقَبَضْتُ قَبْضَةً " أي أخذت ملء جمع كفي وقبضت قبضةً أي تناولت بأطراف أصابعي : " سَوَّلَتْ ليِ نَفْسِي " أي زينت له وأغوته ، يقال : إنك لتسول لفلانٍ سوء عمله ، أي تزبن له .
" لاَ مِسَاسَ " إذا كسرت الميم دخلها النصب والجر والرفع بالتنوين في مواضعهن وهي هاهنا منفية فلذلك نصبتها بغير تنوين قال الجعدي :
فأَصبح من ذاك كالسامريّ ... إذ قال موسى له لا مَسَاسا
وقال القلاخ بن حزن المنقري:
ووتّر الأساورُ القِياسا ... صُغْدِيّةً تنتزع الأنفاسا
حتى يقول الأزدُ لا مَساسا.
وهو المماسة والمخالطة ، ومن فتح الميم جعله إسماً منه فلم يدخلها نصبٌ ولا رفعٌ وكسر آخرها بغير تنوين ، كقوله :
تميمٌ كرَهطِ السامريِّش وقولهِ ... ألا لا يريد السامري مَساسِ
جر بغير تنوين وهو في موضع نصب لأنه أجرى مجرى " قطام " وحذام . ونزال إذا فتحوا أوله وقال زهير :
ولنِعم حَشْرُ الدِّرْع أَنت إذا ... دُعِيت نَزالِ ولُجَّ في الذُّعْرِ
وإن كسروا أوله دخله الرفع والنصب والجر والتنوين في مواضعها وهو المنازلة " الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً " يفتح أوله قوم إذا أَلقوا منه إحدى اللامين ويجزمون اللام الباقية لأنهم يدعونها على حالها في التضعيف قبل التخفيف كقولك : ظلت ، وقوم يكسرون الظاء إذا حذفوا اللام المكسروة فيحولون عليها كسرة اللام فيقولون : ظلت عليه ، وقد تحذف العرب التضعيف قال :
خَلاَ أَنّ العِتاقَ من المطايا ... أَحَسْنَ به فهن إليه شُوسُ
أراد أحسن به .
" لنَنَسْفِنَهَّ في الْيَمِّ نَسْفاً " مجازه : لنقذفنه ولنذرينه وكل شيء وضعته في منسفٍ ، ثم طيرت عنه غباره بيديك أو قشوره فقد نسفته أيضاً ، وما زلنا ننسف منذ اليوم أن نمشي ، وفي آية آخرى " فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً " .
" وَسِعَ كلَّ شَيْءٍ علْماً " مجازه : أحاط به علماً وعلمه ، ويقال : لا أسع لهذا الذي تدعوني إليه ، أي لا أقوم به ولا أقوى له ، قال أبو زبيد :
حمّالِ أثقالِ أهلِ الوُدِّ آونةً ... أُعطيهم الجَهْدَ مني بَلْهَ ما أَسعُ
يقول : أعطيهم على الجهد مني بله ، يقول : فدع ما أسع له وأحيط به وأقدر عليه فأناله حينئذٍ أعطي .
" كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ " مجازه نَأثره .
" فَإنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً " أي ثقلاً وحملاً وإثماً .
" خَالِدينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ " ذلك الوزر " يَوْمَ القْيَامَةِ حِمْلاً " .
" يَتَخَافَتُونَ بِيْنَهُمْ " يتَسارّون ويَهْمِس بعضهم إلى بعض بالكلام وفي آية أخرى : " ولاَ تُخَافِتْ بهَا " .
" ويَسْئَلْونَكَ عَنِ الجِبَالِ فقل يَنْسِفُهَا رَبي نَسْفاً " مجازها : يطيرها فيستأصلها . " فَيَذَرُهَا قاعاً صَفْصَفاً " أي مستوياً أملس .
" عَوِجاً " مجازه مصدر ما أعوج من المحاني والمسايل والأدوية والارتفاع يميناً وشمالا إذا كسرت أوله ، وإنه فتحته فهو في كل رمح وسنٍ وحائطٍ .

" ولا أَمْتاً " مجازه لا ربى ولا وطئاً أي لا ارتفاع ولا هبوط ، يقال : مد حبله حتى ما ترك فيه أمتاً ، أي استرخاءً وملأ سقاءه حتى ما ترك فيه أمتا ، أي انثناءً .
وقال يزيد بن ضبة :
مُنعَّمةٌ بيضاءُ ليس بها أَمْتُ
وقال الراجز :
ما في انجذابِ سَيْرِه مِن أَمْتِ
" فَلاَ تَسْمَعُ إلّا هَمْساً " أي صوتاً خفياً وهو مثل الركز ، ويقال : همس إلي بحديثٍ ، أي أخفاء : " وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ القْيَوُّمِ " فهي تعنو عنواً أي استأسرت فهي عوانِ لربها ، واحدها عانٍ بمنزلة الأسير العاني لأسره ، أي ذليل ، ومنه قولهم : النساء عوانٍ عند أزواجهن .
" ومَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ " مجازه ومن يعمل الصالحات ، و " مِن " من حروف الزوائد ، وفي آية أخرى : " فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ، وقال الشاعر :
جزَيتكِ ضِعْفَ الحُبِّ لما استثبِتهِ ... وما إن جزاكِ الضّعفَ من أحدٍ قَبْلِي
زاد " مِن " لماكن النفي لا تزاد " مِن " في أمرٍ واجبٍ ، يقال : ما عندي من شيء وما عندك من خيرٍ وهل عندك من طعام ، فإذا كان واجباً لم يجز شيء من هذا فلا تقول : عندي من خير ولا عندي من درهم وأنت تريد : عندي درهم .
" وَلاَ هَضْماً " أي ولا نقيصة ، قال لبيد :
ومُقسِّمٌ يُعطِي العَشِيرَة حقَّها ... ومُغَذمِرٌ لِحقوقها هَضّامها
يقال : هضمني فلان حقي ومنه هضيم الكشح أي ضامر البطن ومنه ، طلعها هضيمٌ قد لزق بعضه ببعض وضم بعضه بعضاً ، ويقال : هضمني طعامي ، ألا ترى أنه قد ذهب ؛ وهو في قول أحسن : أكيلٌ هضومٌ مطعمٌ قد أمكن أن يؤكل .
" وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ " مجازه بيناً .
" لاَ تَظَمْأ فِيهَا ولاَ تَضْحَى " أي لا تعطش ولا تضحى للشمس فتجد الحر ، قال عمر بن أبي ربيعة .
رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضَتْ ... فَيضْحَى وأمَّا بالعَشِى فيَحضَرُ
" فَإنَّ لَهُ مَعٍيشَةً ضَنَكاً " مجازه معيشة ضيَقة ، والضَّنَك توصف به الأنثى ، والمذكَّر بغير الهاء وكل عيش أو منزلٍ أو مكان ضيق فهو ضنكٌ ، قال عنترة .
إن المنيَّة لو تُمثَّلُ مُثّلتْ ... مِثْلي إذا نزِلوا بضَنْك المَنزِلِ
وقال :
وإنْ نَزَلوا بِضَنْكٍ أنزِل
" أَفَلَمْ نَهْدِ لَهُمْ " أي نبين لهم ونوضح لهم .
" لَكاَنَ لِزَاماً " أي فيصلا يلزم كل إنسان طائره إن خيرا فخير وإن شراً فشر فلازمه .
قال حجل بن نضلة الباهلي :
لا زِلتَ مِحتملاً على ضَغِينةً ... حتى المماتِ يكونُ منك لِزاما
فأخرجه مخرج قطام ورقاش .
" وَمِنْ آنَاء الليَّلْ " أي ساعات الليل واحدها إنيٌ تقديره حسنىٌ والجميع أحساء ، وقال المتنخل الهذلي وهو أبو أثيلةٌ :
حُلْوٌ وَمُرٌّ كعَطف القِدْح مِرَّتُهُ ... في كل إنْيٍ قضاه الليلُ ينتعلُ
" زَهْرَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا " أي زينة الدنيا وجمالها .
" لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ " أي لنبلوهم فيه .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الأنبياء
" وَاَسرُّو النجْوَى الذَّيِنَ ظَلَمُوا " خرج تقدير فعل الجميع هاهنا على غير المستعمل في المنطق لأنهم يقولون في الكلام وأسروا النجوى الذين ظلموا مجازه مجاز إضمار القوم فيه وإظهار كفايتهم فيه التي ظهرت في آخر الفعل ثم جعلوا " الذين " صفة الكناية المظهرة ، فكان مجازه : " وأسرّ القومُ الذين ظلَموا النجوى " فجاءت " الذين " صفة لهؤلاء المضمرين ، لأن فعلوا ذلك في موضع فعل القوم ذلك ، وقال آخرون : بل قد تفعل العرب هذا فيظهرون عدد القوم في فعلهم إذا بدءوا بالفعل قال أبو عمرو الهذلي : " أكلوني البراغيث " يلفظ الجميع في الفعل وقد أظهر الفاعلين بعد الفعل ومجازه مجاز ما يبدأ بالمفعول قبل الفاعل لأن النجوى المفعولة جاءت قبل الذين أسروها والعرب قد تفعل ذلك وقال :
فجذّ حبلَ الوصل منها الواشي
" أسرّوا " من حروف الأضداد ، أي أظهروا .
" أضْغَاثُ أَحْلاَمٍ " واحدها ضغث وهو ما لم يكن له تأويل ولا تفسير ، قال :
كضِغث حُلْم غُرّ منه حالمهْ
" قَصَمْنَا " أهلكنا .

" فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا " أي لقوه ورأوه ، يقال : هل أحسست فلاناً ، أي هل وجدته ورأيته ولقيته ، ويقال : هل أحسست مني ضعفاً ، وهل أحسست من نفسك برءاً ، قال الشاعر :
أَحَسْن به فهن إليه شُوسُ
" إذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ " أي يهربون ويسرعون ويعدون ويعجلون ، والمرأة تركض ذيلها برجلها إذا مشت ، أي تحركه قال الأعشى :
والراكضاتِ ذيولَ الخَزِّ آونةً ... والرافِلاتِ على أعجازها العِجَلُ
العجَل : القِرَب واحدتها عِجْلة .
" حَتَّى جَعَلْنَاُهْم حَصِيداً خَامِدِينَ " مجاز الخامد مجاز الهامد كما يقال للنار إذا طفئت : خمدت النار .
والحصيد : مجازه مجاز المستأصل وهو يوصف بلفظ الواحد والاثنين والجميع من الذكر والأنثى سواء كأنه أجرى مجرى المصدر الذي يوصف به الذكر والأنثى والاثنان والجميع منه على لفظه ، وفي آية أخرى : " كاَنَتَا رَتْقاً " مثله .
" لاَ يَسْتَحْسِرُونَ " أي لا يفترون ولا يعيون ولا يملون ، ويقال : حسرت البعير .
" أَنَّ السَّموَاتِ والأرْضَ كاَنَتَا رَتْقاً ففَتَقنْاهُما " فالسموات جميع والأرض واحدة فخرج لفظ صفةٍ الجميع على تقدير لفظ صفة الواحد كما ترى ولم يجيء : " أنّ السموات والأرض كُنَّ رتَقاً " ولا " ففتقاهن " ، والعرب قد تفعل هذا إذا كان جميع مَوارتٍ أو جميع حيوانٍ ثم أشركوا بينه وبين واحد من الموات أو من الحيوان جعلوا لفظ صفتهما أو لفظ خبرهما على لفظ الاثنين وقال الأسود بن يعفر :
أن المَنِيَّةَ والحُتوف كلاهما ... يُوفِى المخَارمَ يَرقبان سَوَادي
فجميع وواحد جعلهما اثنين ، وقال الراعي :
أخُلَيد إنّ أباِك ضاف وساده ... هَمّان باتا جَنْبةً ودخيلا
ثم جعل الاثنين جميعا فقال :
طَرَقا فتِلك هماهِمي أفريهما ... قُلُصاً لوَاقِحَ كالقِسيِّ وَحُولا
فجعل الهماهِم وهي جميع واحدا وجعل الهمين جميعاً وهما اثنان وأنشدني غالبٌ أبو علي النفيلي للقطامي .
ألم يحزنكِ أن حِبال قَيْسٍ ... وتَغْلِبَ قد تباينتا انقطاعا
فجعل " حبال قيس " وهي جميع وحبال تغلب وهي جميع اثنين .
" كاَنَتَا رَتْقاً " مجازه مجاز المصدر الذي يوصف بلفظه الواحد والاثنان والجميع من المؤنث والمذكر سواء ومعنى الرتق الذي ليس فيه ثقب ثم فتق الله السماء بالمطر وفتق الأرض بالشجر .
" فِجَاجاً " الفجاج المسالك واحدها فج ، وقال العجاج لحميد الأرقط : " الغجاج " ، وتنازعا أرجوزتين على الطاء ، فقال له الحميد : الخلاط يا أبا الشعثاء ، فقال له العجاج . الفجاج أوسع من ذلك يابن أخي ، أي لا تخلط أرجوزتي بأرجوزتك .
" كُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُون " الفلك : القطب الذي تدور به النجوم قال :
بَاتتْ تُناصِي الفَلَك الدوارا ... حتى الصباح تُعمِل الأقتارا
" يَسْبَحُون " أي يجرون ، و " كل " تقع صفته وخبره وفعله على لفظ الواحد لأن لفظه لفظ الواحد والمعنى يقع على الجميع لأن معناه معنى الجميع وكذلك " كلاهما " قال الشاعر :
أن المَنِيِّةَ والحتُوف كلاهما ... يوفى المخارمَ يَرْقبان سَوادي
قال " يوفى " على لفظ الواحد ثم عاد إلى المعنى فجعله اثنين فقال : يرقبان سوادي ، ومعنى كل المستعمل يقع أيضاً على الآدميين فجاء هنا في غير جنس الآدميين والعرب قد تفعل ذلك قال النابغة الجعدي :
تمزّزتُها والدِّيكُ يَدعو صباحَه ... إذا ما بنو نَعْشٍ دَنَوْا فتصوَّبوا
وفي رواية أخرى " لَقَدْ عَلِمْتَ هؤُلاَءِ يَنْطِقُونَ " وفي آية أخرى " والشَّمْسَ وَالقَمَرَ رَأَيتْهُمُ لي سَاجدِينَ " وفي آية أخرى " ياَ أَيُّهُاَ النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُم " .
" خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَل " مجازه مجاز خلق العجل من الإنسان وهو العجلة والعرب تفعل هذا إذا كان الشيء من سبب الشيء بدءوا بالسبب ، وفي آية أخرى " مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولى الْقُوَّة " .
والعصبة هي التي تنوء بالمفاتيح ، ويقال : إنها لتنوء عجيزتها ، والمعنى أنها هي التي تنوء بعجيزتها ، قال الأعشى :

لمحْقوقة أن تَسْتجِيبي لِصوته ... وأن تَعْلمي أن المُعانَ مُوَفَّقُ
أي أن الموفق معان ، وقال الأخطل :
مثلُ القَنافذ هدّاجون قد بلغتْ ... نجرانَ اوبلغت سوآتِهم هَجَرُ
وإنما السَّوءة البالغة هجر ، وهذا البيت مقلوب وليس بمنصوب .
" قلْ مَنْ يَكْلَؤُكمْ " مجازه : يحفظكم ويمنعكم ، قال ابن هرمة :
إنّ سُلَيمَى والله يكلؤها ... ضَنّتْ بشيء ما كان يرزَؤها
" مِثْقَالَ حَبّة " مجازه وزن حبة .
" فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً " أي مستأصلين قال جرير :
بَني المهلّب جذّ اللهُ دابرَهم ... أمسوْا رَمادا فلا أصلٌ ولا طَرَفُ
لم يبق منهم شيء ولفظ " جُذاذ " يقع على الواحد والاثنين والجميع من المؤنث والمذكر سواء بمنزلة المصدر .
" فَأَتَوْا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النّاسِ " أي أظهروه تقول العرب ، إذا أظهر الأمر وشهر ، كان ذلك على أعين الناس ، أي بأعين الناس ، ويقول بعضهم جاؤوا به على رؤوس الخلق .
" فَسْئَلوهُمْ إنْ كاَنُوا يَنْطِقُونَ " فهذا من الموات وخرج مخرج الآدميين بمنزلة قوله : " رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كوْكبَاً والشَّمْسَ والْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ ليِ سَاجِدِينَ " ويقال : سألت وسلت تسال لا يهمز فهو بلغة من قال سلته .
" ثمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهْم " مجازه : قلبوا ، ويقال : نكست فلاناً على رأسه ، إذا قهره وعلاه ونحو ذلك .
" إسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً " أي غنيمة ، قال لبيد بن ربيعة :
لله نافلة الأعزّ الأفضلِ
" وكلّا جَعَلْنَا صاَلحِينَ " " وكل " يقع خبره على الواحد لأن لفظه لفظ الواحد ويقع خبره على خبر الجميع .
" إذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنمُ الْقَوْمِ " النّفْش أن تدخل في زَرْع ليلاً فتأكله وقالت : نفشت في جدادي ، الجداد من نسج الثوب تعنى الغنم .
" وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبوُس لَّكُمْ " واللبوس : السلاح كلما من درع إلى رمح وقال الهذلي :
ومعي لَبوسٌ للبَئيس كأنه ... رَوْقٌ بجبهة ذي نِعاجٍ مُجفِلِ
" وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوُصُونَ له " " ومن " يقع على الواحد والاثنين والجميع من المذكر والمؤنث قال الفرزدق :
تعالَ فإن عاهدتَني لا تَخُونني ... نَكُنْ مثلَ مَن يا دئبُ يصطَحبانِ
وكذلك يقع على المؤنث كقوله " وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلهِ وَرَسُوِلهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً " ، وقد يجوز أن يخرج لفظ فِعْل : " مَنْ " على لفظ الواحد والمعنى على الجميع كقولك : من يفعل ذلك ، وأنت تسأل عن الجميع .
" وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ " مجازه واختلفوا وتفرقوا .
" فَلاَ كُفْرانَ لِسَعْيهِ " أي فلا كفر لعمله ، وقال :
من الناس ناس لا تنام جدودهم ... وجَدّى ولا كفران الله نائمُ
" يَنْسِلُونَ " يعجلون في مشيهم كما ينسل الذئب ويعسل قال الجعدي :
عَسَلانَ الذئبِ أَمسَى قارباً ... بردَ الليلُ عليه فنَسلْ
" حَصَبُ جَهَنَّمَ " كل شيء ألقيته في نار فقد حصبتها ، ويقال : حصب في الأرض أي ذهب فيها .
" لَوْ كَانَ هَؤُلاَءِ آلِهَةً مَاوَرَدوها " فهو من الموات الذي خرج مخرج الآدميين .
" لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَها " أي صوتها والحسيس والحس والواحد قال عبيد بن الأبرص :
فاشتال وارتاع مِن حَسيسها ... وفِعْلَه يفَعَل المذؤُوبُ
فاشتال يعني الثعلب رفع ذتبه .
" وتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلاَئِكةُ هَذَا يَوْمُكُمْ " مجازه مجاز المختصر المضمر فيه " ويقولون : هذا يومكم " .
" وآذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاء " إذا انذرت عدوك واعلمته ذلك ونبذت إليه الحرب حتى تكون أنت وهو على سواء وحذر فقد آذنته على سواء .
؟

بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الحج
" الحجّ " بكسر أوله ويفتح .
" يَوْمَ تَرَوَنْهُا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضَعةٍ " أي تسلو وتنسى ، قال كثير عزة :
صحا قلبُه يا عَزَّ أو كاد يَذَهلُ
أي يصحو ويسلو .
" مِنْ مُّضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ " أي مخلوقة .
" ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً " مجازه أنه في موضع أطفال والعرب تضع لفظ الواحد في معنى الجميع قال :
في حَلْقكم عظمٌ وقد شَجينا

وقال عباس بن مرداس :
فقلنا أَسِلموا إنا أَخوكم ... فقد بَرِئَت من الإحَنِ الصدورُ
وفي آية أخرى : " وَالمْلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلكَ ظَهِيرٌ " أي ظهراء وقال :
إن العواذل ليس لي بأميرِ
أراد أمراء : " أرذَلِ العمر " : مجازه أن يذهب العقل ويخرف .
" وَتَرىَ الأرْضَ هَامِدَةً " أي يابسة لا نبات فيها ويقال : ويقال رماد هامد إذا كان يدرس .
" زَوْج بَهِيجٍ " أي حسن قشيب جديد ويقال أيضاً بهج : " وَأَنَّ اللّه يَبَعْثُ " أي يجيء .
" ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ " يقال جاءني فلان ثاني عطفه أي يتبختر من التكبر ، قال الشماخ :
نُبَّئتُ أن رُبَيْعاً أن رَعَى إِبلاً ... يُهدى إلىَّ خَناه ثانَي الجيدِ
قال أبو زبيد :
فجاءهُمُ يَستنٌّ ثانيَ عِطفه ... له غَيَبٌ كأَنما بات يُمكَرُ
" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ الله عَلَى حَرْف " كل شاك في شيء فهو على حرف لا يثبت ولا يدوم وتقول : إنما أنت لي على حرف ، أي لا أثق بك " لَبِئْسَ الْمَوْلَي " مجازه هاهان ابن العم ، " ولبئس العشير " الخليط المعاشر .
" مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَن لَّنْ يَنْصُرَهُ اللّه " مجازه أن لن يرزقه الله وأن لن يعطيه الله ، قال وقف علينا سائل من بني بكر على حلقة في المسجد الجامع فقال : من ينصرني نصره الله أي من يعطيني أعطاه الله ويقال نصر المطر أرض كذا ، أي جادها وأحياها ، قال وبيت الراعي :
وانصري أرض عامرِ
أي تعمدي ، وقال الراعي :
أبوك الذي أجدى عليّ بنصره ... فانصتَ عني بعده كُّل قائلِ
أي بعطيته وقال :
وإنك لا تعطي امرءًا فوقَ حظه ... ولا تَمِلك الشِقَّ الذي الغيث ناصرهُ
" فلَيْمَدْدُ بِسَبَبٍ إلىَ السَّماءِ " أي بحبل .
" إنَّ الذَّيِنَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا لصِّاِبئينَ والنَّصَارَى وَالمَجُوسَ والّذِين أَشْرَكُوا إنَّ اللَّه يَفِصُل بيَنَهُم يَوْمَ القِيَامَةِ " مجازه : الله يفصل بينهم ، وإن من حروف الزوائد ؛ والمجوس من العجم " والذين أشركوا " من العرب ، وقال آخرون : قد تبدأ العرب بالشيء ثم تحول الخبر إلى غيره إذا كان من سببه كقول الشاعر :
فمنْ يَك سائلاًعني فإني ... وجَروْة لا تَرود ولا تُعارُ
بدأ بنفسه ثم خبر عن فرسه وقال الأعشى :
وإن إِمراءً أهدى إليك ودونه ... من الأرض مَؤماة وبيداء سَمْلقُ
لمحقوقة أن تستجيبي لِصَوته ... وأن تعلمي أن المُعان مُوقَّفُ
بذأ بالمهدي ثم حول الخبر إلى الناقة : " يُصْهَرُ بِهِ " يذاب به ، قال الشاعر :
شّكَ السَّفافِيدِ الشِّواء المُصْطَهَرْ
ومنه قولهم : صُهارة الأَلْيَة وقال ابن أحمر :
تَرويِ لَقىً أُلقِىَ في صَفْصفٍ ... نَصهَره الشمسُ فما ينصهرْ
تَروى : تصير له روايةٌ لفراخها كما يروى رواية القوم عليهم وهو البعير والحمار .
" وَلِبَاسُهُمْ فيهَا حَرِيرٌ " مجازه لَبوسهم ، قال أبو كبير الهدلي :
ومعى لَبوسٌ للبئيس كأنه ... رَوْقٌ بجبهة ذي نِعاج مُجِفلِ
أي مسرع ، ذو نعاج يعني الثور .
" سَوَاءِ العَاكِفُ فيه " أي المقيم فيه " وَالبَادِ " : الذي لا يقيم فيه . " وَمَنْ يُرِد فِيهِ بإلْحادٍ " مجازه ومن يرد فيه إلحاداً والباء من حروف الزوائد وهو الزيغ والجور والعدل عن الحق وفي آية أخرى " مِنْ طُور سينَاء تُنْبِتُ بالدُّهْنِ " مجازه تنبت الدهن والعرب قد تفعل ذلك قال الشاعر
بوادٍ يمانٍ يُنبت الشَّتَّ صدرُه ... وأسفله بالمَرْخ والشَّهَبانِ
المعنى : وأسفله نبت المرخ قال :
حَوْءبةٌ تُنقِض بالضُّلوعِ
أي تنقض الضلوع والحوءبة الدلو العظيم ، يقال إنه لحوب البطن أي عظيمة قال الأعشى :
ضمنت برزق عَيالنا أرماحُنا ... مِلءَ المَراجِلِ والصريحَ الأجردا
أي ضمنت رزقَ عيالنا أرماحنا والباء من حروف الزوائد .
وَإذْ بَوَّأْنَا لإبرَاهِيمَ " مجازه من قوله :
ليتني كنت قبله قد بُوّأتُ مَضجعا
ويقال للرجل : هل تبوّأت بعدنا أي هل تزوجت .

" وَأَذِّنْ فيِ النَّاسِ باِلحْجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَاِمرٍ " قوم يفتحون أول الحج وقوم يكسرونه وواحد الرجال راجل بمنزلة صاحب والجميع صحاب وتاجر والجميع تجار والقائم والجميع قيام ، يأتوك مُشاةً وعلى كل ضامر أي ركباناً " يأْتِينَ من كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ " أي بعيد قال :
يقطعن بُعْدَ النازحِ العَميقِ
" فَجّ " أي مسلك وناحية .
" مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ " خرجت مخرج " يُخْرجُكُمْ طِفْلاً " والبهائم : الأنعام والدواب .
" ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ " وهو الأخذ من الشارب وقص الأظفار ونتف الأبط والاستحداد وحلق العانة .
" الزُّور " الكذب .
" سَحِيقٍ " والسحيق البعيد وهو من قولهم أبعده الله وأسحقه وسحقته الريح ، ومنه نخلة سحوقٌ أي طويلة ويقال : بعد وسحقٌ وقال ابن قيس الرقيات :
كانت لنا جارةً فأَزعجها ... قاذورةٌ يَسْحَق النَّوى قُدُما
وقالوا : يُسِحق ، والقاذورةُ : المتقذر الذي لا يخالط الناس لا تراه إلا معتزلاً من الناس ، والنوى : من السفر .
" فَاذْكُرُوا اسْمَ الله عَلَيْهَا صَوافَّ " أي مصطفة وتصف بين أيديها وهو من المضاعف ، وبعضهم يجعلها من باب الياء فيقول صواف يتركون الياء من الكتاب كما يقول : هذا قاض ، وواحدتها صافية لله .
" فَإذَا وَجَبتْ جُنُوبُها " أي سقطت ، ومنها وجوب الشمس إذا سقطت لتغيب ، وقال أوس بن حجر :
ألم تكَسفِ الشمس والبدر والك ... واكبُ للجبل الواجبِ
أي الواقع : " وأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ " مجازه السائل الذي قنع إليكم تقدير فعله : ذهب يذهب ومعناه سأل وخضع ومصدره القنوع ، قال الشماخ :
لمال المرء يُصلحه فيغني ... مفَاقره أعُّف من القُنوعِ
أي من الفقر والمسألة والخضوع . والمعتر الذي يعتريك يأتيك لتعطيه تقول : اعترني وعرني واعتريته واعتقيته إذا ألممت به قال حسان :
لعمرك ما المُعَتُّر يأتي بلادَنا ... لنمنَعه بالضايع المتهضَّمِ
وقال لبيد في القنوع :
وإعطائيَ المولَى على حين فقره ... إذا قال أبصرْ خَلَّتِي وقُنُوعيِ
وأما القانع في معنى الراضي فإنه من قنعت به قناعة وقناعا وقناعا وقنعا ، تقديره علمت ، يقال من القنوع : قنع يقنع قنوعاً ، والقانع قنع يقنع قناعة وقنعاناً وقنعاً وهو القانع الراضي .
" الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ إلاَّ أَنْ يَقولوُا رَبُّنَا اللهُ " مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك : إلا أنهم يقولون الحق .
" لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ " مجازها مصليات .
" كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ " قوم ، يذكَّر ويؤنَّث .
" فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ " الياء من فكأيّن مُثقلة وهي قراءة الستة ويخففها آخرون قال ذو الرمة :
وكائنْ تخطَّتْ ناقتي من مَفازة ... وهِلْباجةٍ لا يُطلِع الهمَّ رامكُ
أي يطلب ومعناها وكم من قرية .
" وَقَصْر مَشيدٍ " مجازه مجازُ مفعول من " شِدتَ نَشِيد " أي زينته بالشيد وهو الجص والجيار والملاط الجيار الصاروج وهو الكلس وقال عدي ابن زيد العبادي .
شادَهُ مرمراً وجَلّله كِلْسا فللطير في ذرَاهُ وكُورُ
وهو الكلس وقال :
كحيّة الماء بين الطَّيّ والشِّيدِ
" لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً " الميم مضمومة لأنها من " أدخلت " والخاء مفتوحة وإذا كان من دخلت فالميم والخاء مفتوحتان .
" يَكادَوُنَ يَسْطُونَ " أي يفرطون عليه ومنه السطوة .
" بِشَرِّ مِّنْ ذَلِكُمُ النَّارُ " مروفوعة على القطع من شركة الباء ولكنه مستأنف خبر عنه ولم تعمل الباء فيه وقال :
وبلد بآلهِ مؤزَّرُ ... إذا استقلوا من مُناخٍ شَمَّروا
وإن بدت أعلام أرض كبَّروا
مؤزر مرفوع على ذلك القطع .
" مَا قَدَرُو اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ " مجازه ما عرفوا الله حق معرفته ، ولا وصفوفه مبلغ صفته .
" فَنِعْمَ المَوْلَى " أي الرب .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة المؤمنون
" فِي صَلاَتِهمْ خَاشِعُونَ " أي لا تطمح أبصارهم ولا يلتفتون مكبون .

" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلاَلةٍ مِنْ طِينٍ " مجازها الولد والنطفة قالت بنت النعمان بن بشير الأنصارية :
وهل كنتُ إلاّ مُهرةً عربيّة ... سُلالة أَفراسٍ تجلّلها بَغْلُ
فإن نُتِجتُ مُهراً كريماً فبالحَرَى ... وإنْ يك إقرافٌ فمِن قِبل الفَحْل
تقول لزوجها روح بن زنباع الجذامي .
ويقال : سليلة وقال :
يقذفن في اسلائها بالسلايلِ
وقال حسان :
فجاءت به عُضْبَ الأديم غَضَنفراً ... سلالة فرْج كان غير حَصينِ
ويقال لبن غضنفر أي خائر غليظ والأسد سمي غضنفر لكثافته وعظم هامته وأذنيه ، والغضنفر الغليظ من اللبن ومن كل شيء .
" سَبْعَ طَرَائِقَ " مجازها أن كل شيء فوق شيء فهو طريقة من كل شيء والمعنى هنا السموات لأن بعضهن فوق بعض .
" تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ " مجازه تنبت الدهن والباء من حروف الزوائد وفي آية آخرى : " وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإلْحَادٍ " مجازه يريد فيه إلحاداً قال الراجز :
نحن بنو جعدة أصحاب الفَلجُ ... نَضِرب بالبيِض ونرجو بالفَرَجْ
أي نرجو الفرج .
" طورِ سِينَاءَ " الطور الجبل قال العجاج :
دانَي جَناحَيْه مِن الطُّور فمرّ
و " سِينَاء " اسم .
" بِهِ جِنَّةٌ " مجازها مجاز الجنون وهما واحد .
" فَاْسْلكْ فِيهَا مِنْ كلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ " مجازها فاجعل واحمل وفي آية أخرى " مَا سَلَكَكُمْ في سَقَرَ " قال عدي بن زيد : " وكنتُ لزِازَ خَصْمكَ لم أُعَرِّد وقد سلكوك في يوم عَصِيبِ وبعضهم يقول اسلك بالألف قال :
حتى إذا أسلكوهم في قتائدة ... شَلأ كما تطرد الجمالة الشُرُدا
" فَإذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَّنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ " مجازه إذا علوت على السفينة وفي آية أخرى : " عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى " أي علا وقال آخرون : حتى إذا كنت أنت ومن معك في الفلك " لأن " في " و " على " واحد كقوله " وَلاَ صَلِّبَنَّكُمْ في جُذُوعِ النَّخْلِ " أي على جذوع النخل والفلك هاهنا السفينة وقد يقع على الواحد والجميع بلفظ واحد .
" فَقل الْحَمْدُ لِلِه " مرفوع لأنه حكاية يأمره أن يلفظ بهذا اللفظ ولم يعملوا فيه " قل خيرا " فينصبونه .
" وَأَنْرْفَناهُمْ في الْحيَاةِ الدُّنْيَا " مجازه وسعنا عليهم فأترفوا فيها وبغوا ونِظروا فكفروا وأعجبوا قال العجاج :
وقد أراني بالديار مُترَفا
" عَمَّا قَلِيلٍ " مجازه عن قليل وما من حروف الزوائد فلذلك جروه وفي آية أخرى " إنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا " والعرب قد تفعل ذلك ، قال النابغة :
قالت ألا ليت ما هذا الحمام لنا ... إلى حَمامتنا ونصفَه فقدِ
ويقال في المثل : ليت ما من العشب خوصة .
" فَجَعَلْناَهُمْ غُثاَءً " وهو ما أشبه الزبد وما ارتفع على السيل وما أشبه ذلك مما لا ينتفع به في شيء .
" ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَترَى " أي بعضهم في أثر بعض ومنه قولهم : جاءت كتبه تترى ، والوجه أن لا ينون فيها لأنها تفعل وقوم قليل ينونون فيه لأنهم يجعلونه اسماً ومن جعله اسماً في موضع تفعل لم يجاوز به ذلك فيصرفه .
" وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ " أي يتمثل بهم في الشر ولا يقال في الخير : جعلته حديثاً .
" لنَا عَابِدُونَ " أي داينون مطيعون ، وكل من دان لملك فهو عابد له ومنه سمي أهل الخبرة العباد .
" وَآوَيْناَهُماَ إلَى رَبْوَةٍ " تقديره أفعلنا وأوى وهو على تقدير عوى ومعناه ضممنا وربوة يضم أولها ويكسر وهي النجوة من الأرض ومنها قولهم : فلان في ربوة من قومه ، أي عز وشرف وعدد .
" ذَاتِ قَرَار وَمَعِينٍ " أي تلك الربوة لها ساحةٌ وسعةٌ أسفل منها وذات معين أي ماء جار طاهر بينهم .
" زُبُراً " أي قطعاً ، ومن قرأها زبرا - بفتح الباء - فإنه يجعل واحدتها زبرة كزبرة الحديد : القطعة .
" إذَا هُمْ بَجْأَرُونَ " أي يرفعون أصواتهم كما يجأر الثور ، قال عدي بن زيد :
إنّني والله فاسمَع حَلِفِي ... بأبيل كلما صَلَّى جَأَرْ
" فَكْنتُمُ على أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ " يقال لمن رجع من حيث جاء : نكص فلان على عقبيه .

" سَامِراً تَهْجُرُونَ " مجازه : تهجرون سامراً وهو من سمر الليل ، قال ابن أحمر :
مِن دونهم إن جئتهم سَمَراً ... عَزْفُ القِيَانِ ومَجْلِسٌ غَمْرُ
وسامر في موضع " سمار " بمنزل طفل في موضع أطفال .
" أمْ تَسْئَلُهُمْ خَرْجاً " أي أتاوة وغلةً كخرج العبد إلى مولاء ، أو الرعية إلى الوالي ، والخرج أيضاً من السحاب ومنه يرى اشتق هذا أجمع قال أبو ذؤيب :
إذا همَّض بالإقلاع هَبَّتْ له الصَّبا ... وأعقَبَ نَوْءٌ بعدَها وخُرُوجُ
قال أبو عمرو الهذلي : إنما سمي خروجاً الماء يخرج منه .
" عَنِ الصِّرَاطِ لَنَا كِبوُنَ " أي لَعَادِلون ، يقال نكب عنه ، ويقال : نكب عن فلان ، أي عدل عنه ، ويقال : نكب عن الطريق ، أي عدل عنه .
" قلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ " أي فكيف تعمون عن هذا وتصدون عنه وتراه من قوله : سحرت أعيينا عنه فلم ينصره .
" منْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ " وهمز الشيطان غمزه الإنسان وقمعه فيه .
" وَمِنْ وَرَائِهمْ بَرْزَخٌ " أي أمامهم وقدامهم ، قال الشاعر :
أترجو بنو مروان سمي وطاعتي ... وقومى تميم والغُلاةُ ورائيا
وما بين كل شيئين برزخ وما بين الدنيا والاخرة برزخ ، قال :
ومقدارُ ما بيني وبينكَ بَرْزَخُ
" فَاتَّخَذْتُموهمْ سِخْرِيّاً " مكسورة الأولى لأنه من قولهم : يسخر منه ، وبعضهم يضم أوله ، لأنه يجعله من السخرة والتسخر بهم .
" لاَ بُرْهَانَ " لا بيان .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة النور
" سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا " مرفوعةٌ بالابتداء ثم جاء الفعل مشغولا بالهاء عن أن تعمل فيها ؛ وبعضهم ينصبها على قولهم زيداً لقيته والمعنى لقيت زيدا .
" فرّضناها " أي حددنا فيها الحلال والحرام ، ومن خففه جعل معناه من الفريضة .
" الزَّانِيَةُ والزَّانِي فاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُما " مرفوعا من حيث رفع " السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فاَقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا " وكان بعضهم ينصبهن .
" وَيَدْرَأَ عَنْهَا الْعَذَابَ " مجازه ، عنها الحد والرجم .
" جَاءُوا بالْإفْكِ " مجازه الكذب والبهتان ، يقال كذب فلان وأفك ، أي أثم .
" تَوَلَّى كِبْرَهُ " أي تحمل معظمه وهو مصدر الكبير من الأشياء والأمور ، وفرقوا بينه وبين مصدر الكبير السن فضموا هذا فقالوا : هو كبر قومه وقد قرأ بعضهم بالضمة بمنزلة مصدر الكبير السن " كُبْرَهُُ " . ويقال فلان : ذو كبرٍ مكسور أي كبرياء .
" ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً " أي بأهل دينهم وبأمثالهم .
" لَوْلاَ جَاءُوا عَلَيْهِ " مجازه هلا جاءوا عليه وقال :
تعدّون عَقْر النّيب أفضل سَعْيكم ... بنى ضَوْطَرى لولا الكَمِىَّ المقَنَّعا
أي فهلا تعدون قتل الكمي .
" فِيمَا أَفَضْتمْ فِيهِ " أي حضتم فيه .
" إذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكمْ " مجازه تقبلونه ويأخذه بعضكم عن بعض قال ابو مهدي : تلقيت هذا عن عمي تلقاه عن أبي هريرة تلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
" قلْتُمْ مَا يَكونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذَا سُبْحَانَكَ هذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ " أي ما ينبغي .
" خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ " مجازه آثار الشيطان ومذاهبه ومسالكه ، وهو من " خطوت " .
" وَلاَ يَأْتَلِ أُولوا الْفَضْلِ مِنْكمْ " مجازه ولا يفتعل من آليت : أقسمت ، وله موضع آخر من ألوت بالواو ، أولو الفضل : أي ذوو السعة والجدة ، والفضل التفضل .
" أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ " جمع بعلٍ وهو أزواجهن " أو إخوانهن " أي إخواتهن .
" غَيْرَ أُوِلي الْإرْبَةِ " مجازه مجاز الإربة الذين لهم في النساء إربة وحاجة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أملكهم لإربة أي لشهوته وحاجته إلى النساء .
" الأيَامَي " من الرجال والنساء الذين لا أزواج لهم ولهن ، ويقال : رجل أيم وامرأة أيمة وأيم أيضاً ، قال الشاعر :
فإن تَنْكحي أَنِكحْ وإن تَتأيّمِي ... وإن كنتُ أَفْتَى منكم أَتأَيّمُ
" وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ " مجازها إمائكم والفتى في موضعها العبد أيضاً والبغاء مصدر : البغي وهو الزناء .

" مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ " وهي الكوة في الحائط التي ليست بنافذة ، ثم رجع إلى المشكاة فقال : " كأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌ " بغير همز أي مضيءٌ ويراد كالدر إذا ضممت أوله ، فإن كسرت جعلته فعيلا من درأت وهو من النجوم الدراريء اللاتي يدرأن .
" يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرَقْيِةَّ ولاَ غَرْبِيَّةٍ " مجازه لا بشرقية تضحى للشمس ولا تصيب ظلاً ولا بغربية في الظل ولا يصيبها الشرق ولكنها شرقية وغربية يصيبها الشرق والغرب وهو خير الشجر والنبات .
" كَسَرَابٍ بِقِيَعة " السراب يكون نصف النهار وإذا اشتد الحر والآل يكون أول النهار يرفع كل شخص . والقيعة والقاع واحد .
" لُجِّيّءٍ " مضاف إلى اللجة وهي معظم البحر .
" لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا " لباب كاد مواضعٌ : موضع للمقاربة ، وموضع للتقديم والتأخير ، وموضع لا يدنو لذلك وهو لم يدن لأن يراها ولم يرها فخرج مخرج لم يرها ولم يكد وقال في موضع المقاربة : ما كدت أعرف إلا بعد إنكار ، وقال في الدنو : كاد العروس أن يكون أميراً ، وكاد النعام يطير .
" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحَاباً " أي يسوق .
" ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً " أي متراكما بعضه على بعض .
" فَتَرَى الْوَدْقَ " أي القطر والمطر ، قال عامر بن جوبن الطائي :
فلا مُزْنة ودَقتْ وَدْقَها ... ولا أرض أَبْقَلَ إبقالَها
" يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلَه " أي من بين السحاب ، يقال : من خلاله ومن خلله ، قال زيد الخيل :
ضُرِبن بغَمرة فخرجن منها ... خروجَ الوَدق مِن خلَل السَّحابِ
" سَنَا بَرْقِهِ " منقوص أي ضوء البرق " وسَناء " الشرف ممدود .
" فمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِه " فهذا من التشبيه لأن المشي لا يكون على البطن إنما يكون لمن له قوائم فإذا خلطوا ماله قوائم بما لا قوائم له جاز ذلك كما يقولون : أكلت خبزاً ولبناً ولا يقال : أكلت لبناً ، ولكن يقال : أكلت الخبز قال الشاعر :
يا ليتَ زوجَكِ قد غَدا ... متقلِّداً سيفاً ورُمْحا
" يَأتُوا إلَيْهِ مُذْعِنِينَ " أي مقرِّين مُستخذين منقادين ، يقال : أذعن لي : انقاد لي .
" قُلْ لاَ تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ " مرفوعتان ، لأنهما كلامان لم يقع الأمر عليهما فينصبهما ، مجاز " لا تقسموا " أي لا تحلفوا وهو من القسم ثم جاءت طاعة معروفة ابتداء فرفعتا على ضمير يرفع به ، أو ابتداء .
" لَعَلَّكمْ تُرْحَمُونَ " واجبة من الله .
" وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ " هن اللواتي قد قعدن عن الولد ولا يحضن قال الشماخ :
أَبْوال النساء القواعد
" مُتَبَرِّجَاتٍ " التبرج أن يظهرن محاسنهن مما ينبغي لهن أن يظهرنها .
" وَلاَ عَلَى المَرِيضِ حَرَجٌ " وأصله الضيق .
" أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ " أو ما ملكتم إنفاذه وإخراجه لا يزاحم في شيء منه .
" أَشْتَاتاً " شتى وشتات واحد .
" لِوَاذاً " مصدر " لاوذته " من الملاوذة .
" الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ " مجازه يخالفون أمره سواء ، وعن زائدة .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الفرقان
" وَلاَ حَيَاةً ولا نُشُوراً " مصدر نشر الميت نشوراً وهو أن يبعث ويحيا بعد الموت ، قال الأعشى :
حتى يقول الناسُ مما رأوا ... يا عَجَبا للميَّت الناشرِ
" إنْ هذَا إلاَّ إِنْكٌ افْتراهُ " الإفك البهتان وأسوأ الكذب ، افتراه أي اختلقه واخترعه من عنده .
" فَهِيَ تُمْلَي عَلَيْهِ " أي تقرأ عليه وهي من أمليته عليه ، وهي في موضع أخر أمللت عليه .
" وَأَعْتَدْنَا لَمِنْ كَذَّبَ بالسَّاعَةِ سَعِيراً " ثم جاء بعده " إذَا رَأَنْهُمُ مِنْ مَكاَنٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً " والسعير مذكر وهو ما تسعر من سعار النار ، ثم جاء بعده فعل مؤنثه مجازها أنها النار ، والعرب تفعل ذلك تظهر مذكراً من سبب مؤنثةٍ ثم يؤنثون ما بعد المذكر على معنى مؤنثة .
قال المخيس :
إن تميما خُلقت ملموما
فتميم رجل ثم ذهب بفعله إلى القبيلة فأنثه فقال : خلقت ، ثم رجع إلى تميم فذكر فعله فقال " ملموماً " ثم عاد إلى الجماعة فقال : قوماً ترى واحدهم صهميماً ثم عاد إليه فقال:

لا راحِمَ الناس ولا مرحوما
" دَعَوْا هُنَالِكَ ثبُوراً " أي هلكة وهومصدر ثبر الرجل أي هلك ، قال :
إذْ أُجاري الشيطانَ في سَنِنِ الغَ ... يّ وَمن مال مَيَلهَ مثبورُ
" مَا كاَنَ يَنْبَغِي لَنَا " مجازه ما يكون لنا و " كان " من حروف الزوائد هاهنا قال ابن أحمر :
ما أُمُّ غُفْر على دَعْجاء ذي عَلَق ... ينفي القرَامِيَد عنها الأعصَمُ الوَقَلُ
في رأس خلقاء من عَنقاء مُشْرِفة ... لا ينبغي دونها سَهلٌ ولا جَبَلُ
وَقْلٌ ووَقَلَ ونَدْس ونَدَس وحَدْث وحَدَث وفرْد وفرد ، والغفر ولد الوعل الصغير ، والدعجاء : اسم هضبة وذو علق جبلٌ ، والقراميد أولاد الوعول واحدها قرمود ، والقراهيد الصغار أيضاً : الأعصم الذي بإحدى يديه بياض . والوقل المتوقل في الجبال والخلقاء الملساء والعنقاء الطويلة قال أبو عبيدة : أي لا يكون سهل ولا جبل مثلها .
" ولَكِن متَّعَّتْهَمُ ْوآبَاءَهُمْ " أي أنسأتهم وأخرتهم ومددت لهم .
" وَكاَنُوا قَوْماً بُوراً " واحدهم بائر أي هالك ومنه قولهم : نعوذ بالله من بوار الأيم ، وبار الطعام وبارت السوق أي هلكت وقال عبد الله ابن الزبعري :
يا رسولَ المليك إنّ لساني ... راتِقٌ ما فتقتُ إذ أنا بورُ
وقال بعضهم : رجل بور ورجلان بور ورجال بور وقوم بور ، وكذلك الواحدة والثنتان والجميع من المؤنثة .
" وَقَالَ الذَّيِنَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا " مجازه لا يخافون ولا يخشون . وقال أبو ذؤيب :
إذا لسعْته الدبُر لم يَرْجُ لَسْعَها ... وحَالفها في بيتُ نوب عوامِلِ
ويروى خالفها بالخاء .
" وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً " أي حراما محرماً ، قال المتلمس :
حنَّت إِلى النَّخلة القُصْوَى فقلت لها ... حِجْرٌ حرامٌ أَلا تلك الدَّهارِيسُ
وفي آية أخرى " لِذِي حِجْرٍ " أي لذي عقل ولب ، ومن الحرام سمي حجر الكعبة ، والأنثى من الخيل يقال لها حجرٌ .
" وَقَدِمْنَا إلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ " مجازه وعمدنا إلى ما عملوا ، قال :
فقدَم الخوارج الضُّلاّلُ ... إلى عِباد رَبِّهم فقالوا
إنّ دِماءكم لنا حَلالُ
مثل الغبار إذا طلعت فيه الشمس وليس له مسٌ ولا يرى في الظل .
" يَوْماً عَلَى الْكاَفِريَن عَسِيراً " أي شديدياً صعباً .
" مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً " أي سبباً ووصلةً قال جرير :
أفبَعْدَ مَقْتَلكم خليلَ محمدٍ ... ترجو القُيونُ مع الرسول سبيلا
" وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ " وقال هاهنا في موضع " يقول " والعرب تفعل ذلك قال الشاعر :
مِثْلُ العَصَافير أحلاماً ومَقْدرَة ... لو يُوزَنون بزِفِّ الرِّيش ماوزَنوا
وهي في موضع آخر لم يزنوا لأنهم لم يفعلوا بعد وقال :
إن يسمعوا ريبة طاورا بها فَرّحاً ... مِني وما يسمعوا من صالحٍ دَفَنوا
أي يطيروا ويدفنوا .
" لِثُبَتِّ به فُؤَادَكَ " مجازه لنطيب به نفسك ونشجعك .
" أَصْحَابُ الرَّسِّ " أي المعدن قال النابغة الجعدي :
سَبَقتُ إلى فَرَطٍ ناهل ... تَنابلةً يَحفِرون الرِّساسا
والرساس المعادن .
" وَكُلاً تَبَّرْنَا تَتْبيراً " أي أهلكنا واستأصلنا .
" إنْ كاَدَ لَيُضِلنَا عَنْ آلِهَتِنَا " كاد هاهنا في موضع المقاربة وقد فرغنا فوق هذا مو مواضع " كاد " .
" تَكونُ عَلَيْهِ وَكِيلا " أي حفيظاً .
" كيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً " فالظل ما أصبح ونسخته الشمس ، ولو شاء الله لم تنسخه الشمس فتركه تماماً ممدوداً لم تنقصه الشمس ، ولكنه جعل الشمس دليلاً عليه ، أي على الظل حيث نسخته ، والشمس مؤنثة وجاءت صفتها على تقدير صفة المذكر ، والعرب قد تفعل ذلك وإنما يريدون به البدل كقولهم : هي عديلى أي التي تعادلني ووصى ونحو ذلك . قال الأعشى :
هي الصاحبُ الأدنى وبيني وبينها ... مُجوفٌ عِلافِيٌ وَقِطْع وَنْمُرقُ
رجل عَلاِفيٌ مجوفٌ ضخم الجوف ، قال :
وصاحبي ذاتُ هِبابٍ دَمْشَقُ
وقالت :

قامتْ تُبكيِّه عَلَى قبرِه ... مَن لِيَ مِن بَعدك يا عامرُ
تركتنَيِ في الدار ذا غُربةٍ ... قد ذَل منَ ليس له ناصرُ
والفَيء ما نَسَخ الشمسَ من الظل : وهو بالعشى وإذا استدارت الشمس .
" أَرْسَلَ الرِّيَاحَ نَشْراً " أي حياة وهو من " نَشَر " . " بَلْدةً مَيْتاً " مخففة بمنزلة تخفيف هين ولين وضيق : هين ولين وضيق ولم تدخل الهاء فيها ، والبلدة مؤنثة فتكون ميتة لأن المعنى وقع على المكان والعرب تفعل ذلك قال :
إن تَميماً خُلقت ملموما
فذهب بتذكيره إلى تميم وقال آخرون : بل الأرض التي ليس فيها نبات ميت بلا هاء ، والروحانية إذا ماتت فهي ميتة بالهاء .
" وَهَوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرينِ " إذا تركت الشيء وخليته فقد مرجته ، ومنه قولهم مرج الأمير الناس أي خلاهم بعضهم على بعض مرجت دابتك أي تركتها في أمر مريج أي مختلط ، وإذا رعيت الدابة فقد أمرجتها قال العجاج :
رعى بها مَرْج رَبيعٍ ممرَجَا
وفي الحديث مرجت عهودهم وأماناتهم أي اختلطت وفسدت .
" هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ " أي شديد العذوبة .
" أُجَاجٌ " والأجاج أملح الملوحة وما بين ذلك المسوس والزعاق الذي يحرق كل شيء من ملوحته قال ذو الإصبع :
لو كنتَ ماءً كنتَ لا ... عذبَ المَذاق ولا مسَوُسا
" وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً " كل ما بين شيئين برزخ وما بين الدنيا والآخرة برزخ .
" وَهُوَ الذَّي خَلَقَ مِن الْمَاءِ بَشَراً " مجازه خلق من النطف البشر وفي آية أخرى " مِن مَّاءٍ دَافِقٍ " أي نطفة .
" وَكَانَ الْكافِرُ عَلَى رَبِّه ظَهِيراً " أي مظهوراً به أي هيناً ومنه ظهرت به فلم التفت إليه .
وفي موضع آخر مجازه معيناً عدوه .
" قَلْ مَا أَسْئَلْكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إلىَ رَبِّهِ سَبِيلاً " والعرب قد تستثني الشيء من الشيء وليس منه على الاختصار ، وفيه ضمير تقديره قل ما أسألكم عليه من أجر إلا أنه من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً فليتخذه ، قال ابو خراس :
نجَا سالمٌ والنَّفسُ منه بِشِدْقِه ... ولم يَنْجُ الاجَفْنَ سيفٍ ومِئزَرا
فاستثنى الجَفن والمئزر وليسا من سالم إنما هو على الاختصار وقال :
وبَلَدٍ ليس به أَنيسُ ... إلاّ اليعَافيرُ وإلاّ العِيسُ
يعني الإبل فاستثنى اليعافير ، والعيس من الناس كأنه قال : إلا أن بها يعافير وعيساً ، واليعافير الظباء واحدها يعفور ، وفي آية أخرى : " فَإنهُمْ عَدُوٌ لِيَ إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ " وقال :
فدَيتُ بنفسِه نفسي ومالي ... وما آلوكَ إلا ما أُطِيقُ
وقال :
يا بن رُفَيْع هل لَها من غَبَقِ ... ما شربت بعد رَكيِّ العرَقِ
من قطرة غير النجاء الدَّفَقِ
" الَّذي خَلَق السَّمَوَاتِ والأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا " والسموات جميع فجاءت على تقدير الواحد والعرب إذا جمعوا جميع موات ثم أشركوا بينه وبين واحد جعلوا خبر جميع الجميع المشرك بالواحد على تقدير خبر الواحد قال :
إن المَنيَّة والحُتوفَ كِلاهِما ... تُوفِى المَخارِم تَرْقبانِ سَوادِي
وكذلك الجميع مع الجميع قال القطامي :
ألم يحزنك أن حِبال قيس ... وتَغْلبَ قد تباينتا انقطاعا
أي وحبال تغلب .
" وَجَعَلَ فيهَا سِراجاً " أي شمساً وضياء .
" وَجَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً " أي يجيء الليل بعد النهار ويجيء النهار بعد الليل يخلف منه وجعلهما خلفة وهما اثنان لأن الخلفة مصدر فلفظه من الواحد والاثنين والجميع من المذكر والمؤنث واحد وقال الشاعر :
ولها بالماطِرون إذا ... أكل النَّملُ الذي جَمعا
خلفةً حتى إذا ارتبعت ... سكنت من جِلَّقٍ بِيَعَا
وقال :
بها العِينُ والآرامُ يمشينِ خِلْفةً ... وأطلاؤهما ينهض في كلَ مَجْثَمِ
" إنَّ عَذَابَها كَانَ غَرَاماً " أي هلاكاً ولزاماً لهم ومنه رجل مغرم بالحب حب النساء من الغرم والدين قال الأعشى :
فَرْعُ نَيْعٍ يَهتزُّ في غُصن المج ... د غَزير النَّدى شديد المِحالِ

إن يعاقِب يكن غراماً وإن يع ... ط جزيلا فإنه لا يبالي
وقال بشر بن أبي خازم :
ويومَ النِسار ويوم الجِفا ... ر كانوا عذاباً وكانوا غراما
أي هلكة .
" سَاءَتْ مُسْتَقَراً وَمُقاماً " أي قراراً وأقامة لأنه من أقام أي مخلداً ومنزلاً ، وقال جرير :
حيّوا المُقامَ وحَيّوا ساكن الدارِ
وقال سلامة بن جندل :
يومان يومُ مُقاماتٍ وأنْدية ... ويوم سَير إلى الأعداء تأويب
وإذا فتحوا أوله فهو من قمت وفي آية أخرى " وَمَقَامٍ كَرِيمٍ " أي مجلس وقال عباس بن مرداس :
فأيِّ ما وأيُّك كان شرّاً ... فَقيدَ إلى المقامة لا يراها
يدعو عليه بالعمى ، أي إلى المجلس .
" يَلْقَ أَثَاماً " أي عقوبة .
" يُضَعَّفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " أي يلق عقوبة وعقاباً كما وصف " يضعف له العذاب " وقال بلعاء بن قيس الكناني :
جَزَى الله ابن عُروة حيث أَمْسَى ... عقوقاً والعقوق له أثامُ
أي عقاباً .
" اللَّغْو " كل كلامٍ ليس بحسنٍ وهو في اليمين لا والله وبلى والله .
" لَمْ يَحِزُّوا عَلَيْهَا صُماًّ وعُمْيَاناً " مجازه لميقيموا عليها تاركين لها لم يقبلوها .
" قُلْ مَا يَعْبَأَ بِكُمْ رَبِّي " ومنه قولهم ما عبأت بك شيئاً أي ما عددتك شيئاً .
" فَسَوْفَ يكُونُ لِزَاماً " أي جزاء وهو الفيصل قال الهذلي :
فإما ينجوا مِن حَتفِ يومٍ ... فقد لَقِيَا حُتوفَهما لِزاما
يلزم كل عامل ما عمل من خير أو شر وله موضع آخر فسوف يكون هلاكا قال أبو ذؤيب :
ففاجئه بعاديةٍ لزامٍ ... كام يتفجَّر الحوضُ اللقيفُ
الحوض اللقيف الذي قد تهدمت حجارته سقط بعضها على بعض ؛ لزام أي كثيرة بعضها في إثر بعض .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الشعراء
" لَعَلَك بَاخِع نَّفْسَكَ " أمي مهلك وقاتل قال ذو الرمة :
ألا أيهذا الباخع الوجد نفسَه ... لِشيء نَحَتْه من يديه المقادر
" فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهمْ لهَا خَاضعِينَ " فخرج هذا مخرج فعل الآدميين وفي آية أخرى : " أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً والشَّمْسَ والْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ ليِ سَاجِدِينَ " وفي آية أخرى " قَالَتَا أَتَنْيَا طَائعِينَ " فخرج على تقدير فعل الآدميين والعرب قد تفعل ذلك وقال :
شربتُ إذا ما الدِّيك يدعو صباحَه ... إذا ما بنو نَعشٍ دَنَوا فتصوَّبوا
وزعم يونس عن أبي عمرو أن خاضعين ليس من صفة الأعناق وإنما هي من صفة الكناية عن القوم التي في آخر الأعناق فكأنه في التمثيل فظلت أعناق القوم في موضع " هم " والعرب قد تترك الخبر عن الأول وتجعل الخبر للآخر منهما وقال :
طولُ الليالي أسرعتْ في نَقْضي ... طَوَين طُولي وطَوين عَرْضِي
فترك طول الليالي وحول الخبر إلى الليالي فقال أسرعت ثم قال طوين وقال جرير :
رَأت مرَّ السنين أخذن مني ... كما أخذ السِّرارُ من الهلالِ
رجع إلى السنين وترك " مرَّ " وقال الفرزدق :
ترى أَرْباقَهم مُتقلديها ... إذا صَدىْ الحديدُ على الكماة
فلم يجعل الخبر للأرباق ولكن جعله للذين في آخرها من كنايتهم ولو كان للأرباق لقال متقلدات ولكن مجازه : تراهم متقلدين أرباقهم .
" وَلَهُمْ عَلىَّ ذَنْبٌ " مجازه ولهم عندي ذنب قال القحيف العقيلي :
إذا رضيت عليَّ بنو قُشَيرٍ ... لعَمر أبيك أعجبني رضاها
فلا تنبو سيوف بني قُشَير ... ولا تمضي الأسنّةُ في صَفاها
أي إذا رضيت عني ، قال أبو النجم :
قد أصبحت أُم الخِيار تدَّعى ... علىّ ذنباً كله لم أصنع
" فَقُولاَ إنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ " مجازه إنا رسالة رب العالمين قال عباس بن مرداس :
ألا منَ مُبلغٌ عّني جفافاً ... رسولا بيت أهلك منّهاها
ألا ترى أنه أنثها وقال كثير عزة :
لقد كذَّب الواشون ما بُحتُ عندهم ... بسّر ولا أرسلتُهم برسولِ
أي برسالة .
" أنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ " أي اتخذتم عبيداً .

" فَأَلْقَى عَصَاهُ فإذا هي ثُعْبَانٌ مُّبينٌ " فإذا هي حية تسعى ثعباناً ومجاز " مبين " أي بين في الظاهر .
" وَنَزَعَ يَدَهُ " أي فأخرج يده .
وقوله : " أُرْجِهْ وَأَخَاهُ " أي أخره .
" أئنَّ لَنَا لأَجْرأً " أي ثواباً وجراءً .
" تَلْقَفُ مَا يأْفِكُونَ " أي ما يفترون ويسحرون .
" قالُوا لا ضَيْرَ " مصدر ضار يضير ، ويقال : لا يضيرك عليه رجل أي لا يزيدك عليه .
" إنَّ هؤُلاَءِ لَشِرْذِمَةٌ قلِيلونُ " أي طائفة وكل بقية قليلة فهي شرذمة قال :
يحذين في شراذم النِّعالِ
أي قطع النعال وبقاياها ، وهي ها هنا في موضع الجماعات ألا ترى أنه قال شرذمة قليلون .
" وإنَّا لَجَميع حَذِروُنَ " قال ابن أحمر :
هل أَنسأْن يوماً إلى غيره ... أَنّى حَوالي وأنّى حَذِرْ
حذر وحذر وحاذر ، قوم حذرون وحاذرون ، حوالي ذو حيلة ، قال عباس بن مرداس :
وإِني حاذر أَنْمِى سلاحي ... إلى أوصال ذَيّالٍ منيعِ
الذيال الفرس الطويل الذنب .
" فأتَبْعَوُهُمْ مُشرقِين " مجاز المشرق مجاز الصبح .
" كالْطَّوِد الْعَظِيم " أي كالجبل قال الشاعر :
حَلُّوا بأنْقِرة بَجيش عليهم ... ماء الفُرات يجيء من أَطْوادِ
" وَأَزْلَفْنَا ثمَّ الآخَرِينَ " أي وجمعنا ، ومنه ليلة المزدلفة ، والحجة فيها أنها ليلة جمع وقال بعضهم وأهلكنا .
" هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إذْ تَدْعُونَ " أي يسمعون دعاءكم وفي آية أخرى " إذَا كَالوُهمْ أَوْ وَزَنوهُمْ يُخْسِرُونَ " وفي الكلام أنصتك حتى فرغت واشتقتك أي اشتقت إليك .
" وَاجْعَلْ ليِ لِسَانَ صِدْقٍ في الآخَرِينَ " أي ثناءً حسناً في الآخرين .
" وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ للمُتَّقِين " قربت وأدنيت ، ومنه قوله :
طَيُّ الليالِي زُلَفاً فزُلَفا ... سُماوةَ الهِلاَلِ حتى احقَوْقفا
ويقال : له عندي زلفة أي قربى .
" فَكُبْكِبُوا فِيهَا " أي طرح بعضهم على بعض جماعةً جماعةً0 " كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ " قوم يذكر ويؤنث .
" فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَنْيَهُمْ فَتْحاً " أي أحكم بيني وبنيهم حكماً قال الشاعر :
ألا أبلغ بني عُصْم رسولاً ... فإني عن فتاحتكم غَنُّي
" فيٌ الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ " أي المملوء ، ومنه قولهم شحنها عليهم خيلا ورجالاً أي ملأها ، والفلك يقع لفظه على الواحد والجميع من السفن سواء ، بمنزلة قوله السلام رطابٌ وكذلك الحجر الواحد .
" بكُلِّ رِبعٍ " وهو الارتفاع من الأرض والطريق والجميع أرباع وربعة قال ذو الرمة :
طِراقَ الخَوافي مُشرف فوق رِبِعةٍ ... نَدَى ليِله في ريشهِ يترَقرقُ
وقال الشماخ :
تَعُنُّ له بِمذَنبِ كل وادٍ ... إذا ما الغيث أَخضلَ كلَ رِبعِ
" وتَتَّخِذُونَ مَصَانعَ " وكل بناء مصنعة .
" ونَخْلٌ طَلْعُهَا هَضِيمٌ " أي قد ضمَّ بعضه بعضاً وهي النخل وهو النخل يذكر ويؤنث ، وفي آية أخرى " أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ " .
" وَتَنْحِتُونَ مِنَ الجِبْاَل بُيُوتاً فَارِهينَ " أي حاذقين ، وقال آخرون : فارهين أي مرحين ، وقال عدي بن وداع المقوى من العقاة بن عمرو بن مالك ابن فهم من الأزد :
لا أَستكينْ إذا ما أزمة أزَمتْ ... ولن تراني بخير فارِه اللبَبِ
أي مرح اللبب ويجوز فرهين في معني فارهين .
" قَالوُا إنمَّا أَنْتَ مِنَ المُسَحَّرِينَ " وكل من أكل من إنس أو دابة فهو مسحر وذلك أن له سحراً يقرى يجمع ما أكل فيه ، قال لبيد بن ربيعة :
فإن تسألينا فيم نحن فإننا ... عصافير في هذا الأنام المسحَّرِ
" لَهَا شِرْبٌ " يكسر أوله ويضم ويفتح .
" إلاّ عَجُوزاً في الْغَابرِينَ " والغابر الباقي قال العجاج :
فما وَنَى محمد مذ أن غَفْر ... له الإله ما مَضَى وما غَبَرْ
أي بقى وكذلك غبر اللبن والحيض وغير الليل ، ويقال : غبرٌ تخفف من ذا إلا عجوزراً وقد هلكت في الهالكين الذي هلكوا من قومها ومجازها إلا عجوزاً هرمة في العابرين الذين بقوا حتى هرموا وقد أهلكت مع الذين أهلكوا ، وقال الأعشى :
عضَّ بما أَبْقَى المَواسي له ... من أمه في الزمن الغابرِ

معناه عض بالذي أبقى المواسي له من أمه ، الغابر منه أي الباقي ألا ترى أنه قال :
وكُنّ قد أبقين منها أذىً ... عند المَلاقي وافر الشافِر
" أَصْحَابُ الأَيْكَةِ " وجمعها أَيْكٌ وهي جماع من الشجر .
" وَزِنُوا بِالْقِسَطاسِ المْسَتِقيِم " أي بالسواء والعدل .
" وَلاَ تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْيَاءَهُمْ " أي لا تنقصوهم يقال في المثل :
تحسبها حَمقاء وهي باخسة
" وَلاَ تَعْثَوا في الأرْضِ " يقال عثيت تعثى عثواً وهي أشد الفساد والخراب .
" وَالْجِبِلَّةَ الأوَّلِينَ " أي الخلق وجاء خبرها على المعنى الجماع وإذا نزعت الهاء من آخرها ضممت أوله كما هو في آية أخرى " وَلَقَدْ أَضَلَّ منْكُمْ جِبِلّاً " قال أبو ذؤيب :
مَنَايا يُقَرِّبنَ الحُتوف لأهلها ... جهاراً ويستمتعن بالأنَسَ الجبْلِ
" فَأَسْقِطْ عَلَيناَ كِسَفاً مِنَ السّماءِ " جمع كسفة بمنزلة سدرة والجميع سدر ومعناها قطعاً .
" فِي زُبُرِ الأوَّلينَ " أي كتب الأولين واحدها زبور .
" وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأعْجَمِينَ " يقال رجل أعجم إذا كانت في لسانه عجمة ، ورجل عجمى أي من العجم وليس من اللسان ، قال ذو الرمة :
أُحبُّ المكان القفر من أَجل أنني ... به أتغنّى بأسمها غير مُعْجمِ
والدواب عجم لأنها لا تتكلم وجاء في الحديث العجماء جبارٌ لا تودي أي لا دية فيه .
" إنَّهُمْ عَنِ السَّمْع " مفتوح الأول لأنه مصدر " سمعت " " والمعنى الاستماع " يقال : سمعته سمعاً حسناً .
وَأَخْفِضَ جَنَاحَكَ " أي ألِنْ جانبك وكلامك .
" كُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ " أي كذاب بهات أثيم أي آثم بمنزلة عليم في موضع عالم : " فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ " الهائم هو المخالف للقصد الجائر عن كل حق وخير .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة النمل
" وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ " أي تأخذه عنه ويلقى عليك .
" إنِّي آنَسْتُ نَاراً " أي أبصرت وأحسست بها .
" بِشِهَابٍ قَبَسٍ " أي بشعالة نارٍ ، ومجاز " قَبَس " ما اقتبست منها من الجمر قال :
في كفِّه صَعْدة مثقفَّة ... فيها سِنانٌ كشُعْلة الْقَبَسِ
" كَأَنَّهَا جَانٌّ " وهي جنس من الحيات .
" وَلَمْ يُعَقِّبْ " أي ولم يرجع يقال : عقب عليه فأخذه .
" فَهُمْ يُوزَعُونَ " أي يدفعون فيستحث آخرهم ويحبس أولهم ، وفي آية أخرى : " أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ " مجازه : شددني إليه ومنه قولهم : وزعني الحلم من السفاه أي منعني ، ومنه قوله :
على حين عاقبتُ المَشيبَ على الصَّبا ... فقلت ألمَّا تَصْحُ والشَّيبُ وازِعُ
ومنه الوزعة الذين يدفعون الخصوم والناس عن القضاة والأمراء .
" قاَلَتْ نَمْلَةٌ يَأيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلوا مَسَاكِنَكُمْ " هذا من الحيوان الذي خرج مخرج الآدميين والعرب قد تفعل ذلك قال :
شَربتُ إذا ما الدِّيك يدعو صباحه ... إذا ما بنوا نَعْشٍ دَنَوْا فَتَصَوَّبوا
" فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ " أي غير طويل ، كاف " مكث " مفتوحة ، وبعضهم يضمها .
" أَلاَ يَسْجُدُوا لِلِه " مجازه الأمر ، وهذه الياء التي قبل الألف " اسجدوا " تزيدها العرب للتنبيه إذا كانت ألف الأمر التي فيها من ألفات الوصل نحو قولك : اضرب يا فتى ، واسجد واسلم ونحو ذلك قال العجاج :
يا دار سَلْمَى يا سلَمِى ثم اسلَمِى
فالياء زائدة في قوله : " يا سلمى " ، وقال ذو الرمة :
ألا يا سِلَمى يا دار مّيٍ على البِلَى ... ولا زال مُنْهَلاً بجَرْعائِكِ القَطْرُ
وقال الأخطل :
ألا يا سلمى يا هند بني بَدْر ... وإن كان حَيّاناً عَدى آخر الدهرِ
" الَّذِي يُخِرجُ الْخَبْءَ في السَّموَاتِ والأرْضِ " ما خبأت في نفسك أي ما أسررت .
" لاَ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا " مجازه لا طاقة لهم بها ولا يدين .
" قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الِجْنِّ " وهو من كل جن وإنس أو شيطان الفائق المبالغ الرئيس ، يقال عفرية نفرية وعفارية وهما مثل عفريت قال جرير :
قرنتُ الظالمين بمَرْمَريس ... بِذلُّ له العفاريةُ المَريدُ

المرميس : الداهية الشديدة ، قال ذو الرمة :
كأنه كوكبٌ في إثر عِفْرية ... مسوَّم في سواد الليل منقضِبُ
قال " الصَّرْحَ " القصر وكان من قوارير قال أبو ذؤيب :
بهن نَعامٌ بناها الرجا ... لُ تُشَبِّه أَعلامَهن الصروحا
كل بناء بنيتَه من حجارة فهو نعامة والجماع نعام وإذا كان من شجر وثرى فهو ثاية .
" قَالُوا تَقَاسَمُوا باللِه " أي تحالفوا وهو من القسم .
" قَدَّرْنَاهَا مِنَ الغَابِرِينَ " أي جعلناها من الباقين .
" آللّهُ خَيْرٌ أَمَّا تُشْرِكُونَ " مجازه أم ما تشركون أي أم الذي تشركون به فأدغمت الميم في الميم فثقلت و " ما " قد يوضع في موضع " من " و " الذي " وكذلك هي في آية أخرى : " وَالسَّمَاءِ ومَا بَنَاهَا " ومن بناها ؛ " والأرْضِ وَمَا طَحَاهَا " ومن طحاها .
" فَأَنْبَتْنَا بِه حَدَائِقَ " أي جناناً من جنان الدنيا واحدتها حديقة .
" وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ " مجازه متى وفي آية أخرى : " أَيَّانَ مُرْسَاهَا " أي متى .
" عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ " مجازه جاء بعدكم .
" وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً " أمة كل نبي الذين آمنوا به ، ومن كل أمة أي من كل قرن فوجاً جماعة ، ويقال جاءوني أفواجاً أي جماعات ، وفي آية أخرى : " وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلونَ في دينِ اللهِ أَفْوَاجاً " أي جماعات .
" وَوَقَعً الْقَوْلُ علَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا " مجازه وجب المقاب عليهم بما كفروا .
" وَالنَّهَارَ مُبْصِراً " مجازه مجاز ما كان العمل والفعل فيه لغيره أي يبصر فيه ، ألا ترى أن البصر إنما هو في النهار والنهار لا يبصر كما أن النوم في الليل ولا ينام الليل فإذا نيم فيه قالوا : ليله قائم ونهاره صائم قال جرير :
لقد لُمْتِنَا يا أُمِّ غيلانَ في السُّرَى ... ونَمِت وما ليل المَطيِّ بنائِم
" وَكُلٌّ أَنَوْهُ دَاخِرِينَ " أي صاغرين خاضعين " كل ٌ " لفظه لفظ واحد ومعناه جميع ، فهذه الآية في موضع جميع وقد يجوز في الكلام أن تجعله في موضع واحد فتقول : كل آتيه ذاخراً .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة القصص
" ط " ساكن لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي ومجاز موضعه في المعنى مجاز ابتداء فواتح سائر السور .
" تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ " مجازها : هذه آيات القرآن بمنزلة قوله : " أَلم ذلِكَ الْكِتَابُ " مجازه : هذا القرآن وقد فرغنا من تلخيصه في موضعه وفي غير موضعٍ .
" مِنْ نَبَإ مُوسَى " أي من خبر موسى قال الربيع بن زياد العبسي :
إِنِّي أَرِقْتُ فلم أُغمِّضَ حارِ ... جَزَعاً من النباء الجَليل السَّاري
جزعاً أي فزعاً .
" إنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الْأَرْضِ " أي عظم وشرف وغلب عليها وطغى .
" وجَعَلَ أَهْلَهَا شَيِعاً " أي فرقاً متفرقين ، قال الأعشى :
وبَلدةٍ يَكرَه الجوَّابُ دُلْجَتَها ... حتى تراه عليها يبتغي الشِّيَعا
أي الأصحاب والجماعات في تفرقة .
" وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ " ومجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك : هذا قرة عين لي ولك وعلى هذا التفسير وقعت " قرة عين " .
" وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمُّ مُوسَى فَارِغاً " مجازه : فارغاً من الحزن لعلها أنه لم يغرق منه قولهم دمِ فرغٌ أي لا قود فيه ولا دية فيه .
" وَقَالَتْ لأَخْتِهِ قُصِّيِه " أي ابتغى إثره ، يقال : قصصت آثار القوم .
" فَبَصُرَتْ بِه عَنْ جُنُبٍ " وأبصرته لغتان ، عن جنب عن بعد وتجنب ، ويقال : ما تأتينا إلا عن جنب وعن جنابة ، قال علقمة بن عبدة :
فَلاَ تَحْرِمَنّي مني نائلاً عن جنابةٍ ... فإني امرؤ وَسْط القِباب غريبُ
وقال الحطيئة :
واللهِ يا مَعْشَرٌ لاَمُوا امرءًا جنباً ... في آل لأي شمَّاسٍ لأَكياسِ
" يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ " أي يضمونه .
" بَلَغَ أَشُدَّهُ " بلغ أي انتهى وموضع أشد موضع جميع ولا واحد له من لفظه . قال الفراء والكسائي واحد الأشد شد على فعل وافعل مثل بحر وأبحر ، أشده مضعف مشدد .
" واسْتَوَى " أي استحكم وتمّ .

" فَوَكَزَهُ مُوسَى " بمنزلة لهزه في صدره يجمع كفه ، فهو اللكز واللهز .
" فَقَضَى عَلَيْهِ " أي فقتله وأتى على نفسه .
" فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً " أي معيناً خائفاً .
" يَتَرَقَّبُ " أي ينتظر .
" فَإذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ " مجازه فإذا ذلك الذي كان استنصر هذا يستصرخه أي يستصرخ الذي كان بالأمس استنصره وهو من الصارخ يقال : يآل بني فلان يا صاحباه .
" أَنْ يَبْطِشَ بالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا " الطاء مكسورة ومضمومة لغتان .
" إِنَّ الَمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ " مجازه يهمون بك ويتوامرون فيك ويتشاورون فيك ويرتئون ، قال النمر بن تولب :
أَرَى النَّاسَ قد أحدثوا شِيمة ... وفي كل حادثة يُؤتمَرْ
وقال ربيعة بن جشم النمري :
أَحار بن عمرو كأني خَمِرْ ... ويعدو على المرءِ ما يأتَمْر
ما يأتمر : ما يرى لنفسه فيرى أنه رشد فربما كان هلاكه من ذلك .
" وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ " مجازه : نحو مدين ولا يتنصرف مدين لأنها اسم مؤنثة ، ويقال : فعل ذلك من تلقاء نفسه ودار فلان تلقاء دار فلان .
" سَوَاءَ السَّبِيل " مجازه قصد السبيل ووسطه قال :
حتى أُغيَّب في سواء المُلحَدِ
وهو مفتوح ممدود .
" وَجَدَ عَلَيِه أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقونَ " أي جماعة .
" تَذودَانِ " مجازه : تمنعان وتردان وتطردان قال جرير :
وقد سلبتْ عصاكَ بنُو تميم ... فما تدري بأي عَصاً تذود
وقال سعيد بن كراع :
أبيتُ على باب القَوافي كأنما ... أذود بها سِرباً من الوحش نُزَّعا
ويروى الحوش ، والحوش إبل الجنِّ يزعمون أنها تضربه في المهربة والعمانية فمن ثم هي هكذا .
" قَالَ مَا خَطْبُكُمَا " أي ما أمركما وحالكما وشأنكما ، قال :
يا عجباً ما خطبه وخطبي
" عَلَى أَنْ تأَجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ " مجازه من الإجارة وهي أجر العمل يقال : أجرت أجبري أي أعطيته أجره ويفعل منها : " يأجر " تقديره أكل يأكل ومنه قول الناس : أجرك الله وهو يأجرك أي أثباك الله .
" أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ " أي الغايتين والشرطين ومجازه أي الأجلين و " ما " من حروف الزوائد في كلام العرب قال عباس بن مرداس :
فأبىّ ما وأيك كان شرّاً ... فقيد إلى المقامة لا يراها
" فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ " وهومن العدا والتعدي والعدو واحد كله وهو الظلم .
" آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً " أي أبصر ، قال :
آنس خربانَ فَضاءٍ فانكدرْ ... دانَى جَناحيه من الطور فمَرّْ
الطور : الجبل .
" أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ " أي قطعة غليظة من الحطب ليس فيها لهبٌ وهي مثل الجذمة من أصل الشجرة وجماعها الجذاء ، قال ابن مقبل :
باتتْ حَواطبُ ليْلى يلتمسن لها ... جَزْلَ الجِذا غيرَ خَوَّارٍ ولا دَعِرِ
" شَاطِئ الْوَادِي الْأَيْمَنِ " شط الوادي وهو ضفة الوادي وعدوته وعدوتا وعدوتاه ، ومنه شط السنام لنصفه .
" تَهْتَزُّ كأنَّهَا جَانٌّ " وفي آية أخرى : " فإذا هِيَ حَيّةٌ تَسْعَى " فالحيات أجناس فيها الجان وغير ذلك والأفَعى والحفاث ومجازها كأنها جان من الحيات ومجاز الأخرى فإذا هي حية من الجان .
" وَلَمْ يُعَقِّبْ " أي لم يرجع يقال : عقب على ما كان فرده أي رجع عليه .
" اسْلُكْ يَدَكَ فيِ جَيْبِكَ " مجازه : أدخل وهما لغتان سلكته وأسلكته وقد فسرناه فوق هذا .
" بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ " أي من غير برص .
" وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ " أي يدك . و " الرَّهْبِ " مثل الرهبة ومعناهما الخوف والفرق .
" فَذَانِّكَ بُرْهَانَانِ " واحدهما برهان وهو البيان يقال : هات على ما تقول ببرهان ونون قوله " فذانّك " مشددة لأنها أشد مبالغة منه إذا خففتها وقد يخفف في الكلام .
وقوله : " هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً " لأن موسى كانت في لسانه عقدة ويقال للفرس والبعير إذا كان صافي الصهيل وصافي الهدير : إنه لفصيح الصهيل وإنه لفصيح الهدير .
" رِدْءًا " أي معيناً ، ويقال : قد أردأت فلاناً على عدوه وعلى ضيعته أي أكنفته وأعنته أي صرت له كنفاً .

" سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ " أي سنقويك به ونعينك به يقال إذا أعز رجل رجلاً ومنعه : قد شد فلان على عضد فلان وهو من عاضدته على أمره أي عاونته وآزرته عليه .
قال ابن مقبل :
عاضدتها بعَنودٍ غير مُعْتَلَثٍ ... كأنه وَقفُ عاجٍ باتَ مكنونا
معتلث يعني القدح ، العنود : السهم ، والمعتلث : تكون السهام من قنا فيكون فيها السهم من غير قنأ ، فذاك المعتلث وكذاك الخشب ، وقف عاج : موقف فيه طرائق من حسنه والمعتلث يقال : امتلث وافتلث واسم علاثة مشتق منه ، وفلان يأكل العليث إذا أكل خبز الشعير والحنطة ، وافتلث واعتلث واحد وهو المختلط يعني قوساً أنه عاضدها بسهم .
" إنْ هَذا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً " مجازه : ما هذا إلا سحر مفترى يقال إذا افتعل الرجل من قبله شيئاً : افتريته .
" عاَقِبَةُ الدَّارِ " وعاقبة الأمر أي آخره .
الصرح " صَرْحَاً " البناء والقصر ، قال الشاعر :
بهن نَعام بناها الرجا ... ل تحسب أعلامهن الصُّروحا
" فَأَخَدْنَاهُ وَجُنوَدهُ " أي فجمعناه وجنوده .
" فَنَبَذْنَاهُمْ فيِ الْيَمِّ " أي فألقيناهم في البحر فأهلكناهم وغرقناهم قال العجاج:
كبازخِ اليمِّ زهاه اليمُّ
وقال أبو الأسود الدؤلي :
نظرتُ إلى عُنوانه فنبذتُه ... كنبذك نعلاً أَطْلَقْت من نِعالكا
" أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلَى النَّارِ " والإمام يكون في الخير وفي الشر " أَتْبَعْنَاُهمْ " مجازه ألزمناهم .
" مِنَ المَقْبُوحِينَ " مجازه : المهليكن .
" بِجَانِبِ الْغَرْبيِّ " وهو حيث تغرب الشمس والنجوم والقمر .
" وَلكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُوناً " أي خلقنا قروناً أي أمماً .
" الْعُمُر " والعمر واحد وهما لغتان وهما مثل الضعف والضعف والمكث والمكث .
" ثَاوِيِاً في أَهْلِ مَدْيَنَ " أي مقيماً ، قال الأعشى :
أَثوَى وقصّر ليلة ليزوَّدا ... فمضت وأخلف من قُتَيلة موعِدا
ويروى أثوى الثوى الصيف ، قال العجاج :
فبات حتى يدخل الثَّوِىُّ ... مُجرَمِزاً وليلُه قَسِيُّ
" وَلَوْلاَ أَنْ تصِيبَهُمْ مُصِيبةٌ " وهي من كل نقِمة وعذاب ، نقمة بكسر القاف : " بِمَا قَدَّمَت أَيْدِبهِمْ " مجازه : بما كانوا اكتسبوا وليس هاهنا .
" لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً " مجازه هلاً ، وفي آية أخرى : " لَوْلاَ أُوتِيَ " مجازه : هلا أوتي .
" سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " أي تعاونا .
" فَإن لَّمْ يَسْتَجِيُبوا لَكَ " مجازه : فإن لم يجيبوك ، وقال الغنوي :
وداعٍ دعايَا مَنْ يُجيب إلى النَّدى ... فلم يستجْبه عند ذاك مجيبُ
" وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ " أي أتمناه ، قال :
جعلت عِمامتي صلةً لحبلى
وقال الأخطل :
فقلْ لِبني مَرْوان ما بال ذِمةٍ ... وحبلٍ ضعيفٍ لا يزال يوصَّل
" وَإذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ " أي يقرأ عليهم .
" وَيَدْرَهونَ بِالَحْسَنَةِ السّيِّئَةِ " مجازه : يدفعون السيء بالحسن .
" وإَذا سَمِعُوا اللّغْوَا أَعْرَضُوا عَنْهُ " مجازه هاهنا الفحش والقبيح .
" يَجْبَى إَلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ " مجازه يجمع كما يجيئ الماء في الجابية فيجمع للواردة .
" بَطَرَتْ مَعِيَشَتَها " مجازها أنها أشرت وطغت وبغت .
" وَمَا كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتّى يَبْعَثَ في أُمِّهَا رَسُولاً " أم القرى مكة وأم الأرضين في قول العرب وفي آية أخرى : " لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلها " .
" مِنَ المُحْضَرِينَ " أي من المشهدين .
" وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ " مجازه : يوم يقول لهم .
" الَّذِين حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ " مجازه : وجب عليهم العقاب .
" إيَّانَا يَعْبُدُونَ " مجازه : مجاز إياك نعبد لأنه بدأ بالكناية قبل الفعل .
" فعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ " مجازه : فخفيت عليهم الأخبار ، يقال : عمي على خير القوم .
" وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " مجازه : من الذين يشركون به .
" تُكِنُّ صُدُورُهمْ " أي تخفى ، ويقال : أكننت ذلك في صدري ، وكننت الشيء بغير ألف : صنته .

" إنْ جَعَلَ اللّهُ عَلَيْكمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً :جازه : دائماً لا نهار فيه ، وكل شيء لا ينقطع من عيش أو رخاء أو غم وبلاءٍ دائم فهو سرمد .
" وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكمُ اللّيْلَ والنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ " مجازه : لتسكنوا في الليل ولتبتغوا في النهار من فضل الله .
" وَنَزْعنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهيداً " مجازه : وأحضرنا من كل أمة ، لها موضعان أحدهما : من كل أمةٍ نبيٍ ، والآخر : من كل قرن وجماعة ، وشهيد في موضع شاهد بمنزلة عليم في موضع عالم ، ويقال : نزع فلان بحجته أي أخرجها وأحضرها .
" مَا إنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِى الْقُوَّةِ " أي مفاتح خزائته ، ومجازه : ما إن العصبة ذوى القوة لتنوء بمفاتح نعمه ؛ ويقال في الكلام : إنها لتنوء بها عجيزتها ، وإنما هي تنوء بعجيزتها كما ينوء البعير بحمله ، والعرب قد تفعل مثل هذا ، قال الشاعر :
فدَيْتُ بنفسه نفسي ومالِي ... ولا ألوك إلّا ما أُطيقُ
والمعنى فديت بنفسي وبمالي نفسه وقال :
وتُركبَ خَيْلٌ لا هَوادَة بينهَا ... وتَشْقَى الرماحُ بالضَّياطرة الحُمْرِ
الخيل هاهنا الرجال ، وإنما تشقى الضياطرة بالرماح ، وقال أبو زبيد :
والصَّدرُ منه في عاملٍ مقصودِ
وإنما الرمح في الصدر ، ويقال : أعرض الناقةً على الحوض وإنما يعرض من الحوض على الناقة .
" لاَ تَفْرَحْ " أي لا تأشر ولا تمرح ، قال هدبة :
ولستُ بمفراحٍ إذا الدهر سَرَّني ... ولا جازعٍ من صَرْفِه المُتَقَلِّبِ
وقال ابن أحمر :
ولا يُنِسيني الحَدثانُ عِرْضي ... ولا أُلقى من الفَرَحِ إلازارا
أي لا أبدي عورتي للناس .
" وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا " مجازه : لا تدع حظك وطلب الرزق الحلال منها .
" وَلاَ يُلَقَّاهَا إلَّا الصَّابِرُونَ " مجازه : لا يوقف لها ولا يرزقها ولا يلقاها .
" فمَا كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ " أي من أعوان وظهراء ، قال خفاف :
فلم أر مثلهم حيّاً لَقاحاً ... وجدّك بينىقاسية وحجْرٍ
أشدَّ على صروف الدهر آداً ... وآمر منهم فيئة بصَبْرٍ
" وَيْكَأَنَّ اللهَ مجازه : ألم تر أن الله يبسط الرزق ، قال الشاعر : وَى كأنَّ مَن يكن له نَشَبٌ يجب ومن يفتقر يَعشْ عَيْشَ ضُرِّ . " إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ " مجازه : أنزل عليك .
" كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلاَّ وَجْهَهُ " مجازه : إلا هو ما استثنوه من جميع فهو منصوب وهذا المعنى بين النفختين ، فإذا هلك كل شيء من جنةٍ ونار وملك وسماء وأرض وملك الموت فإذا بقي وحده نفخ في الصور النفخة الآخرة وأعاد كل جنة ونار وملك وما أراد ، فتم خلود أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة العنكبوت
" آلم أَحَسِبَ النَّاسُ " ساكنٌ لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن من مجاز حروف التهجي ومجاز موضعه في المعنى مجاز ابتداء فواتح سائر السور .
" وَهُمْ لاَ يَفْتَنُونَ " مجازه : وهم لا يبتلون ، ومن بلوته أي خبرته .
" فَلَيَعْلَمنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَّقُوا " مجازه : فليميزن الله لأن الله قد علم ذلك من قبل .
" مَنْ كانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللِه " مجازه : من كان يخاف بعث الله ، قال أبو ذؤيب :
إذا لَسعتْه الدّبْرُ لم يرْجُ لَسْعَها ... وحالفها في بيتِ نوبٍ عواملِ
أي لم يجف .
" وَإنْ جَاهَدَاكَ " مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقوله : وقلنا له وإن جاهداك .
" فَإذَا أُذوِيَ في الله جَعَلَ فِتْنَةَ الناس كَعَذَابِ اللِه " مجازه : جعل أذى الناس " وَلَيَعْلَمَنَّ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعَلَّمنَّ المُنَافِقينَ " مجازه : وليميزن الله هؤلاء من هؤلاء .
" اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلِنَحْملْ خَطَابَاكُمْ " مجازه : اتبعوا ديننا . " وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهمْ " مجازها : وليحملن أوزارهم وخطاياهم وأوزاراً وخطايا مع أوزارهم وخطاياهم .
" عَمَّا كانَوا يفْتَرُونَ " أي يكذبون ويخترعون .

" الطُّوفَانُ " ممجازه : كل ما طام فاشٍ من سبيل كان أو من غيره وهو كذلك من للوت إذا كان جارفاً فاشياً كثيراً ، قال :
أفناهُم طوفانُث موتٍ جارفِ
" أَوْثَاناً " الوثن من حجارة أو من جص .
" وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً " مجازه : تختلقون وتفترون .
" وَاشْكُرُوا لَهُ " واشكروه واحد .
" أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِيْ اللّهُ الَخْلَقْ " مجازه : كيف استأنف الخلق الأول .
" ثُمَّ بُعِيدُهُ " بعد ، يقال: رجع عَودهُ على بدْئه أي آخره وعلى أوله ، وفيه لغتان يقال : أبدأ وأعاد وكان ذلك مُبدئاً ومُعيداً وبدأ وعاد وكان ذلك ادئاً وعائداً .
" كَيْفَ بَدَأ الخْلْقَ ثمُ اللهُ يُنْشِيءُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ " مجاز " ينشيء " يبدئ .
" وإِلَيْه تُقْلَبُونَ " أي ترجعون .
" وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إلَى رِبِّي " كل من خرج من داره أو قطع شيئاً فقد هاجر ومنه : مهاجر والمسلمين .
" إِنَّا مُنَجُّوكَ وأَهْلَكَ إِلا امْرَأَتَكَ كاَنَتْ مِنْ الغَابِرينَ " أي من الباقين الذين طالت أعمارهم فبقيت ثم أهلكت ، قال العجاج :
فما وَنى محمدٌ مذ أن غَفَرْ ... له الإلهُ ما مضَى وما غَبَرْ
وإذا كانت امرأة مع رجال كانت صفاتهم صفات الرجال كقولك : عجوزاً من الغابرين ، وقوله : " كَانَتْ مِنْ الْقَانِتينَ " .
" سِيءَ بِهِمْ " مجازه : فعل بهم من سؤت بنا .
" تَركْنا مِنْهَا آيَةً " مجازه : أبقينا منها علامة .
" وأَرْجُو الْيَوْمَ الآخِرَ " مجازه : وأخشو اليوم الآخر ، قال أبو ذؤيب :
إذا لَسَعَتْه الدَّبْرُ لم يَرْج لسعَها ... وحالفها في بيتِ نُوبٍ عواملِ
أي لم يخف .
" وَلاَ تَعَثَوْا فيِ الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ " مجازه من : عثيت تعثى عثواً هو أشد مباللغة من عثيت ثعيت .
" جَاثِمينَ " بعضهم على بعض ، وجاثمين لركبهم وعلى ركبهم .
" وَمَا كَانُوا سَابِقين " مجازه : فائقين معجزين .
" أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً " أي ريحاً عاصفاً فيها حصىً ويكون في كلام العرب : الحاصب من الجليد ونحوه أيضاً ، قال الفرزدق :
مُستقبلين شِمال الشام تَضربنا ... بحاصب كنَدِيف القُطن منثورِ
" وَتْلكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاس " مجازها : هذه الأشباه والنظائر نحتج بها ، يقال اضرب لي مثلاً : قال الأعشى :
هل تذكر العَهَدَ في تَنَمُّصَ إذ ... تضرب لي قاعداً بها مثلا
" وَمَا كُنْتَ تَتْلُو منْ قَبْلِه مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّه بِيَمِينِكَ إِذاً لاَرْتَابَ الْمُبْطُلوَن " مجازه : ما كنت تقرأ من قبل القرآن حتى أنزل إليك ولا قبل ذلك من كتاب ، مجازه : ما كنت تقرأ كتاباً ، ومن من حروف الزوائد ، وفي آية أخرى : " فمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزينَ " مجازه : ما منكم أحد عنه حاجزين " وَلاَ تَخُطُّه بِيَمِنكِ " أي ولا تكتب كتاباً ، ومجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك : ولو كنت تقرأ الكتاب وتخطه لارتاب المبطلون .
" لَنُبَوِّئَنَّهْم مِنَ الجَنَّةِ غُرَفاً " مجازه : لننزلنهم ، وهو من قولهم : " اللهم بوّئْنا مُبوَّأَ صِدْقٍ " .
" وَكَأَيْن مِنْ دابَّةٍ لاَ تَحْمِلُ رِزْقَهَا " مجازه : وكم من دابة ، ومجاز الدابة : أن كل شيء يحتاج إلى الأكل والشرب فهو دابة من إنس أو غيرهم ، " والدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ " مجازه : الدار الآخرة هي الحيوان ، واللام تزاد للتوكيد ، قال الشاعر :
أُمّ الحُلَيس لَعجوزٌ شَهْرَ بَهْ ... تَرْضَى من اللحم يعظم الرَّقَبَهْ
ومجاز الحيوان والحياة واحد ، ومنه قولهم : نهر الحيوان أي نهر الحياة ، ويقال : حييت حياً على تقدير : عييت عياً ، فهو مصدر ، والحيوان والحياة اسمان منه فيما تقول العرب ، قال العجاج :
وقد ترى إذ الحياة حيُّ
أي الحياة .
" ألَيْسَ فيِ جَهنَّمَ مثْوًى لِلْكَافرِينَ " مجازه مجاز الإيجا لأن هذه الألف يكون الاستفهام وللايجاب فهي هاهنا للإيجاب ، وقال جرير :
ألستُمْ خيرَ مَن ركِب المَطايا ... وأندَى العالمين بطونَ راحِ

فهذا لم يشك ، ولكن أوجب لهم أنهم كذلك ، ولولا ذلك ما أثابوه ؛ والرجل يعاتب عبده وهو يقول له : أفعلت كذا ، وهو لا يشك .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الروم
" آلم غُلِبَتِ الرُّومُ " ساكن لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي ومجاز موضعه في المعنى كمجار ابتداء فواتح سائر السور .
" فيِ بِضْعِ سِنِينَ " والبضع ما بين ثلاث سنين وخمس سنين .
" وَعْدَ الّلهِ لاَ يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ " " وعد الله " منصوب من موضعين أحدهما : على قولك : وهم من بعد غلبهم سيغلبون ، وعداً من الله فصار في موضع مصدر " سيغلبون " وقد ينصبون المصدر إذا كان غير المصدر الفعل الذي قبله لأنه في موضع مصدر ذلك الفعل ، والثاني : لأنه قد يجوز أن يكون في موضع " فعل " وفي موضع " يفعل " منه قال أبو عمرو بن العلاء والبيت لكعب :
تَسَعى الوُشاةُ جنَابَيها وقِيلَهمُ ... إنك يا بن أبي سُلْمَى لمَقتولُ
أي ويقولون فلذاك نصب " وقيلَهم " .
" وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا " أي استخرجوها ، ومنه قولهم : أثار ما عندي : أي استخرجه ،وأثار القوم : أي استخرجهم .
" وَيَوْمَ تَقومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ " أي يتندمون ويكتئبون وييأسون .
قال العجاج :
يا صاح هل تعرف رَسْماً مُكرَساً ... قال نعم أعرفه وأَبْلسَا
" في رَوْضَة يُحْبَرُونَ " مجازه : يفرحون ويسرون وليس شيء أحسن عند العرب من الرياض المعشبة ولا أطيب ريحاً قال الأعشى :
ما روضةٌ من رِياض الحَزْن مُعْشِيبةٌ ... خَضراءُ جادَ عليها مُسبِلٌ هَطِلٌ
يوماً بأَطْيبَ مِنها نَشْر رَائحةٍ ... ولا بأَحسنَ منها إذ دنَا الأُصُلُ
وقال العجاج :
والحمد لله الذي أعطى الحَبْر ... مَوالِيَ الحقِّ إنّ المَوْلَى شَكرْ
ويقال في المثل : مليت بيوتهم حبرةٍ فهم ينتظرون العبرة .
" مَنَامُكُمْ بِالَّلْيِل وَالنَّهَارِ " وهي من مصادر النوم بمنزلة قام يقوم مقاما ، وقال يقول مقالاً .
" كُلٌّ لَّهُ قاَنتِونَ " أي مطيعون و " كلٌ " لفظه لفظ الواحد ويقع معناه على الجميع فهو هاهنا جميع وفي الكلام : كل له مطيع أيضاً .
" وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ " مجازه أنه خلقه ولم يكن من البدء شيئا ثم يحيه بعد موته " وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ " فجاز مجازه : وذلك هين عليه لأن " أفعل " يوضع في موضع الفاعل قال :
لعمرك ما أدري وإني لأَوْجَلُ ... على أيَّنا تعدو المَنِيَّة أوَّلُ
أي وإني لواجلٌ أي لوجلٌ ، وقال :
فتلك سبيلٌ لست فيها بأَوْحَدِ
أي بواحد وفي الأذان : الله أكبر أي الله كبير . وقال الشاعر :
أصبحتُ أمنحُك الصُّدُودَ وإنني ... قسماً إليك مع الصدود لأَميَلُ
وقال الفرزدق :
إن الذي سَمَكَ السماء بَنَى لنا ... بيتا دعائمُه أَعزُّ وأطوَلُ
أي عزيزة طويلة ، فإن احتج محتجٌ فقال إن الله لا يوصف بهذا وإنما يوصف به الخلق فزعم أنه وهو أهون على الخلق وإن الحجة عليه قول الله " وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسيراً " وفي آية أخرى " وَلاَ يَؤُدُهُ حِفْظُهمَا " أي لا يثقله .
" فِطْرَةَ اللهِ الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا " أي صبغة الله التي خلق عليها الناس ، وفي الحديث : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه الذين يهودانه وينصرانه أي على الملة والصبغة وهي واحدة وهي العهد الذي كان أخذه الله منهم ونصبوها على موضع المصدر وإن شئت فعلى موضع الفعل قال :
إنّ نِزاراً أَصبحت نِزاراً ... دعوة أبرارٍ دعوا أبرارا
" مُنِيبِينَ إِلَيْهِ " أي راجعين تائبين .
" كَانُوا شِيَعاً أي أحزاباً فرقا .
" كلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ " أي كل شيعة وفرقة بما عندهم فتمتعوا فسوف تعلمون مجازه مجاز التوعد والتهدد وليس بأمر طاعة ولا فريضة .
" إذَا هُمْ يَقْنَطُونَ " أي يئسون قال حميد الأرقط :
قد وجدوا الحَجْاج غير قانطِ
" فلاَ يَرْبُو عِنْدَ اللّهِ " أي لا يزيد ولا يمني .

" اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رِزَقَكْم ثمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِكُمْ هَلْ منْ شُرَكائِكْم مَن يَّفْعَلُ مِنْ ذلِكم مِّنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ " مجازه : من يفعل من ذلكم شيئاً ، " من " من حروف الزوائد وقد أثبتنا تفسيره في غير مكان وجاء " من ذلكم " وهو واحد وقبله جميع قال : " خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحيكم " والعرب قد تفعل مثل ذلك قال رؤبة بن العجاج :
فيها خطوطُ مِن سَوادٍ وبَلَقْ ... كأنه في الجِلد توليع البَهَقْ
يريد كأن ذاك ولم يرد خطوطاً فيؤنثه ولا سواداً أو بلقاً فيثنيه وهذا كله يحاجهم به القرآن وليس باستفهام ب " هل " ومعناه : ما من شركائكم مني فعل ذلك ، ومجاز " سبحانه " مجاز موضع التنزيه والتعظيم والتبرؤ قال الأعشى :
أقول لمّا جاءني فخرهُ ... سُبْحاَن مِن عَلْقَمة الفاخرِ
يتبرؤ من ذلك له ؛ وتعالى أي علا عن ذلك .
" يَوْمَئِذِ يَّصَّدَّعُونَ " أي يتفرقون ويتخاذلون .
" مَنْ عَمِل صَالِحاً فَلأِنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ " مَن يقع على الواحد والاثنين والجميع من المذكر والمؤنث ومجازها هاهنا مجاز الجميع " ويَمهَد " أي يكتسب ويعمل ويستعد قال سليمان بن يزيد العدوي :
أمهِدْ لنفسك حان السُقم والتلَف ... ولا تُضِعينّ نفساً مالها خَلَفُ
" فَتُثِيرُ سَحاَباً " مجازه : تجمع وتستخرج .
" الوَدْقَ " والقطر واحد قال :
فلا مُزْنةٌ ودقت وَدْقَها ... ولا أرضٌ أبقل أبقالها
" مِنْ خِلاَلِهِ " أي من بينه .
" فَانْظُرْ إِلى آنَارِ رَحْمَةِ اللِه كَيْفَ يُحْيِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " المحيي الموتى هو الله ولم تقع هذه الصفة على رحمة الله ولكنها وقعت على أن الله هو محيي الموتى وهو على كل شيء قدير . والعرب قد تفعل ذلك فتصف الآخر وتترك الأول يقولون : رأيت غلام زيدٍ أنه عنه لحليم أي أن زيداً عن غلامه وعن غيره لحليم .
" وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً " الهاء هاهنا للأثر كقولك : فرأوا ألثر مصفراً ومعناه النبات .
" خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ " أي صغاراً أطفالاً .
" ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضُعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدَ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشِيبَةً " أي الكبر بعد القوة .
" كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ " يقال للسيف إذا جرب وصديء : قد طبع السيف وهو أشد الصدأ .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة لقمان
" آلم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتبِ " ساكن لأنهجرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي ومجاز موضعه في المعنى كمجاز ابتداء فواتح سائر السور ، ومجاز : " تلك آيات الكتاب " أي هذه الآيات من القرآن .
" وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ " مجازه : وجعل فيها رواسي أي جبالاً قد رست أي ثبتت .
" أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ " أي أن تحرك بكم يميناً وشمالاً .
" وَبَثَّ فيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ " أي فرق في الأرض من الدواب وكل ما أكل وشرب فهو دابة .
" ماذَا خَلَقَ الذَّيِنَ مِنْ دُونهِ " أي الذين جعلتم معه تبارك وتعالى عن ذلك .
" حَمَلتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ " مجازه : ضعفاً إلى ضعفها وفي آية أخرى " وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّى " .
وقال زهير :
فلن يقولوا بحَبل واهنٍ خَلَقِ ... لو كان قومُك في أمثاله هَلَكوا
" وَفِصَالُه " أي فطامه .
" وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ " أي طريق من رجع وتاب إلى الله وهذا مما وصى الله به ثم رجع الخبر إلى لقمان فقال " يا بُنَيَّ إِنَّها إنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبِةَّ مَنْ خَرْدَلٍ " أي زنة حبة .
" وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ " مجازه : ولا تقلب وجهك ولا تعرض بوجهك في ناحية من الكبر ومنه الصعر الذي يأخذ الإبل في رؤوسها حتى يلفت أعناقها عن رؤوسها قال عمرو بن حنة التغلبي :
وكنا إذا الجبارُ صعَّر خدَّه ... أَقمنا له مِن مَيْله فتَقَوَّما
والصعر داء يأخذ البعير في عنقه أو رأسه فيشبه به الرجل الذي يتكبر على الناس .

" وَلاَ تَمْشِ في الْأَرْضِ مَرْحاً " أي لا تمرح في مشيك من الكبر " إنَّ أَنْكَرَ الأْصواتِ " أي أشد الأصوات .
" وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالبْحَرْ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كِلماتُ اللهِ " مجاز البحر هاهنا الماء العذب يقال : ركبنا هذا البحر وكنا في ناحية هذا البحر أي في الريف لأن الملح في البحر لا ينبت القلام ؛ يمده من بعده أي من خلفه أي يسيل فيه سبعة أبحر . ومجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير ، سبيله : فكتب كتاب الله بهذه الأقلام وبهذه البحور ما نفد كتاب الله .
" مَا خَلَقَكُمْ وَلاَ بَعَثَكُمْ إلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ " مجازه مجاز قولك إلا كخلق نفس واحدة وإلا كبعث نفسٍ واحدة أي كإحياء نفس لأنه إذا قدر على ذلك من بعض يقدر على بعث أكثر من ذلك إنما يقول لها : كوني فتكون وإذا قدر على أن يخلق نفساً يقدر على خلق أكثر من ذلك .
" وَأَنَّ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ " أي تجعلون معه قال :
ألا ربّ من تدعو صديقاً وغيبه ... لك الدهر قُدْماً غير مُنْشَرِح الصِدر
" وَإذَا غَشِيَهُمِ مَّوْجٌ كالظلَلِ " واحدتها ظلة ومجازه : من شدة سواد كثرة الماء ومعظمه .
قال النابغة الجعدي وهو يصف البحر :
يماشيهنَّ أخضرُ ذو ظلالٍ ... على حافاته فِلَقُ الدِّنانِ
ويروى " يعارضهن " .
" كُلٌّ خَتَّارٍ كَفُورٍ " الَخْتَر أقبح الغدر قال الأعشى :
بالأبْلقِ الفَردِ من تَيماءَ منزِلُه ... حِصنٌ حصين وجارٌ غيرُ خَتَّارِ
وقال عمرو بن معد يكرب :
وإنكَ لو رأيتَ أبا عُمَير ... ملأتَ يديكَ مِن غَدْر وخَتْرِ
" لاَ يَجْزِيَ وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ " قوم يقولون : جزيت عنك كأنه من الجزاء وهو من أغنيت وقوم يقولون لا يجزئ عنك ، يجعلونه من أجزأت عنك يهمزونه ويدخلون في أوله ألفا .
" وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللِه الغَرُورُ " مجازه أن كل من غرك من أمر الله أو من غير ذلك فهو غرور شيطاناً كان أو غيره ، تقديره فعول من غررت تغر .
" بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ " يقال : بأي أرض كنت وبأيت أرض كنت لغتان .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة السجدة
" آلم " ساكن لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي ومجاز موضعه في المعنى كمجاز ابتداء فواتح سائر السور .
" أَمْ يَقُولُونَ افْترَاهُ " مجازه مجاز " أم " التي توضع في موضع معنى الواو ومعنى " بل " ، سبيلها : ويقولون ، وبل ويقولون ، قال الأخطل :
كذَبَتْك عينُك أم رأيتَ بواسطٍ ... غَلَسَ الظَّلاِم من الرَّباب خيالا
أي بل رأيت : " افتراه " أي تكذبه واخترقه وتخلقه من قبل نفسه .
" ثُمَّ يَعْرُجُ إلَيْهِ " مجازه : ينزل وهو من المعارج أي الدرج .
" أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ " مجازه : أحسن خلق كل شيء والعرب تفعل هذا يقدمون ويؤخرون قال الشاعر :
وَطَعْني إليكَ الليلَ حِضْنَيْه إنَّني ... لتلك إذا هاب الهِدانُ فعُولُ
معناه : وطعني حضني الليل إليك وقال الراعي :
كان هنداً ثَناياها وبَهْجَتها ... يومَ التقينا على أَدْحال دَبَّابِ
أي كأن ثنايا هند وبهجة هند ، دباب : مكان سمي أدحال دباب وهو اسم مكان أو رجل ، واحد الأدحال دحلٌ ، قال ذو الرمة :
عَفا الُّزرْقُ من أطلال مَيَّة فالدَّحْلُ
" ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةِ مِّنْ مَاءٍ مَهِينٍ " مجازه ثم خلق ولده من ماء انسل فخرج من مائه أي هراقته يقال : انسل فلان وفلان لم ينسل ، مهين أي ضعيف مائع رقيق قال :
فجاءت به غَضْبَ الأديم غَضْنفراً ... سلالة فرْج كان غير حصَينِ
" قَلِيلاً مَا تشكُرُونَ " مجازه : تشكرون قليلا و " ما " من حروف الزوائد قال الشاعر :
فَعْن ما ساعة وَفَداو إليه ... بما أَعْدمَنُهْم أهلاً ومالا
أي ففي ساعة أي بعد ساعة .
" وَقَاُلوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ " مجازه : همدنا فلم يوجد لنا لحم ولا عظم .
" قُلْ يَتَوفاكُمْ مَلَكُ المَوْتِ " مجازه من : توفى العدد من الموتى .

قال منظور الزبيري :
إن بني الأدْرم ليسوا من أحدْ ... ليسوا إلى قيسٍ وليسوا من أسَدْ
ولا توفّاهم قريشٌ في العددْ
" إنَّا نَسِيْنَاكُمْ " محازه : إنا تركناكم ولم ننظر إليكم والله عز وجل لا ينسى فيذهب الشيء من ذكره قال النابغة :
كأنه خارجاً من جَنْبِ صَفْحتِه ... سَفُّوُد شَرْبٍ نَسُوه عند مُفتأدِ
أي تركزه .
" تَتَجَافَىَ جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضاجِع " مجازه : ترتفع عنها وتنحى لأنهم يصلون بالليل ، قال الزفيان من بني عوافة :
وصاحبي ذات هِبابٍ دَمْشَقُ ... كأنها غِبَّ الكَلال زَوْرَقُ
أَذَلُّ بُرْءاً الثافرين دَوْسَقُ ... شَوَارُها قتُودُها والنُمْرُقُ
وبُرَةٌ فيها زِمامٌ مُعْلَقُ ... كأن ثنيين شُجاعٌ مُطْرِقُ
وابن مِلاطٍ متجافٍ أَدْفَقُ
برءاً : متعوج على خلقه الطير زين ، وثافر الزور مقدمه ومؤخره ، وبيت دوسق ليس بعظيم ولا صغيرٍ وسطٌ ، متجافٍ : أي منتحى عن كركرتها .
" يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا " أي بما تقويهم وبقوتنا .
" أَوَ لَمْ يَهْدِ لَهُمْ " الواو مفتوحة لأنها واو الموالاة وليست بواو " أو " فتكون ساكنة ولا الألف التي قبلها خرجت مخرج ألف الاستفهام ويه في موضع التقرير ومجاز " يهد لهم " يبين لهم وهو من الهدى .
" إلىَ الَأْرِض الْجُرُزِ " أي الغليظة اليابسة التي لم يصبها مطر .
" وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ " مجازه هذا الحكم والثواب والعقاب .
" وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ " هي مكية وكل آية أمر فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالمكث والانتظار والصفح والعفو فهي مكية إلى أن أمر بالهجرة فلما قدم المدينة أمر بالبسط والحرب فكل آية أمر فيها بالبسط فهي مدنية ومدنية أيضاً أو غير ذلك وليست بمكية .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الأحزاب
" فَإخْوَانكُمْ فيِ الدِّينِ " أي إخوانكم في المِلّة وخرج مخرج فتىً والجميع فتيان وفيتية.
" وَمَوَالِيكُمْ " أي بنو عمكم وولاتكم .
" فيِ الكِتَابِ مَسْطُوراً " أي مكتوباً قال العجاج :
في الصُّحُف الأولى التي كان سَطِرْ
" وَإذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ " أي حارت وطمحت وعدلت وفي آية أخرى : " مَا زَاغَ البْصَرَ ُ " .
" زُلِزْلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً " أي ابتلوا وفتنوا ومنه الزلازل .
" يَثْرِبَ " اسم أرض ومدينة النبي صلى الله عليه في ناحية من يثرب قال حسان في الجاهلية :
سأُهدِي لها في كل عامٍ قصيدةً ... وأَقعدُ مَكفِياً بيَثْرِبَ مُكَرما
" لاَ مَقَامَ لَكُمْ " مفتوحة الأول ومجازها : لا مكان لكم تقومون فيه ومنه قوله :
فايٌّ ما وأيُّك كان شراً ... فَقِيدَ إلى المقامة لا يراها
" مِنْ أَقْطَارِهَا " أي من جوانبها ونواحيها وأحدها قطر .
" سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لأَتَوْهَا " أي لأعطوها .
" فَإذَا ذَهَبَ الخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةِ حِدَادٍ " أي بالغوا في عيبكم ولا ائمتكم ومنه قولهم خطيب مسلقٌ ومنه الخاطب المسلاق وبالصاد أيضاً وقال الأعشى :
فيهم الَحْزَمُ والسَّماحةُ والنَّجْد ... ة فيهم والخاطب المِسْلاَقُ
ويقال : لسان حديد أي ذلقٌ وذليق .
" الأحْزَابَ " واحدهم حزب يقال : من أي حزب أنت وقال رؤبة :
وكيف أَضوَى وبِلالٌ حِزْبي .
" فَمِنْهُم مَنْ قضَى نَحْبَهُ " أي نذره الذي كان نحب أي نذر والنحب أيضاً النفس أي الموت وجعله جرير الخطر العظيم فقال :
بِطَخْفةَ جالدنا المُلوكَ وَخَيْلنا ... عَشِيَّةَ بِسْطامٍ جَرينَ على نَحْبِ
أي خطر عظيم ، قال ومنه التنحيب قال الفرزدق :
وإذ نحبَّت كلبٌ على الناس أيُّهمْ ... أحقٌّ بتاجٍ الماجد المُتكرِّم
وقال ذو الرمة :
قَضَى نَحْبَه في مُلْتَقى الخيل هَوْبَرُ
أي نفسه وإنما هو يزيد بن هوبر ويقال : نحب في سيره يومه أجمع إذا مدًّ فلم ينزل وليلته جميعاً .
" الّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ " أي عاونوهم وهو من التظاهر .
" مِنْ صَياصِيهْم " أي من حصونهم وأصولهم يقال : جذ الله صيصة فلانٍ أي أصله وهي أيضاً شوك الحاكة قال :

وما راعني إلاّ الرماحُ تنوشُهُ ... كوَقْع الصَّياصي في النَّسيج الممُدَّد
وهي شوكتا الديك وهي قرن البقرة أيضاً .
" يُضَاعَفْ لَهَا العْذَابُ ضِعفْيَن " أي يجعل لها العذاب ثلاثة أعذبة لأن ضعف الشيء مثله ، وضعفي الشيء مثلا الشيء ومجاز " يضاعف " أي يجعل الشيء ، شيئين حتى يكون ثلاثة فأما قوله ويضعف أي يجعل الشيء شيئين .
" نُؤْتَها أَجْرَهَا " أي نُعطها ثوابها .
" لَسْتُنَّ كأحَدٍ من النِّسَاءِ " أحد يقع على الذكر والأنثى بلفظ واحد يقع على ما ليس في الآدميين ، يقال : لم أجد فيها أحداً شاة ولا بعيراً .
" وَقِرْنَ فيِ بُيُوتِكُنَّ " القاف مكسورة لأنها من وقرت تقر ، تقديره وزنت تزن ومعناه من الوقار ومن فتح القاف فإن مجازها من " قرّت تقر " تقديره : قررت تقر فحذف الراء الثانية فخففها وقد تفعل العرب ذلك وقال الشاعر :
خَلا أنَّ العِتاق من المَطايا ... أَحسْنَ به فهنَّ إليه شُوسُ
أراد أحسسن .
" وَلاَ يَتَبَرَّجْنَ " وهو من التبرج وهو أن يبرزن محاسنهن فيظهرونها .
" فلَمَّا قَضًى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً " أي أرباً وحاجة قال الشاعر :
ودَّعَني قبل أن أُودّعَه ... لمّا قضى من شَبابنا وَطَرا
أي أرباً وحاجة .
" مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللّهِ في الذّينَ خَلَوَا مِنْ قَبْلُ " سنة الله منصوبة لأنها في موضع مصدر من غير لفظها ؛ من حرج أي من ضيق وإثم ، خلوا أي مضوا .
" بُكْرَةً وَأَصِيلاً " ما بين العصر إلى الليل .
" هُوَ الذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ " أي يبارك عليكم قال الأعشى :
عليكِ مِثْل الَّذِي صلَّيْتِ فاغْتمضى ... نَوْماً فإن لجنب المَرْء مُضطَجعاً
" ألّتي أَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ " أي أعطيت مهورهن .
" مَّمِا أَفَاءَ اللّهُ عَلَيْكَ " أي مما فتح الله عليك من الفيء .
" وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةٌ إنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبيِّ " مجازه : إن تهب والموضع موضع مجازاة والعرب قد تجازى بحرف وتضمر الآخر معهما قال ذو الرمة :
وإني متى أُشِرفْ على الجانب الذي ... به أنتِ ما بين الجَوانب ناظرُ
قال القطامي :
والناسُ من يَلْقَ خيراً قائلون له ... ما يشتهي ولأُمِّ المُخطئ الهَبَلُ
قال " وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ للنَّبيِّ " إن أراد النبي أن يستنكحها " خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ المؤُمْنِينَ " وهبت في موضع " تهب " والعرب تفعل ذلك قال :
إن يَسمعوا ريبةً طاروا بها فَرَحاً ... وإن ذُكرتُ بسوءٍ عندهم أَذنِوا
أي يطيروا . والعرب قد تخاطب فتخبر عن الغائب والمعنى للشاهد فترجع إلى الشاهد فتخاطبه قال عنترة :
شَطَّتْ مزارُ العاشقين فأَصبحْت ... عَسِراً عَلَىَّ طلابُك ابنةَ مَخْرَم
" تُرْجِى مَنْ تَشَاءُ " أي تؤخر .
" وتُؤْوِى إِلَيْكَ مَنْ تَشَاء " أي تضم .
" لاَ يَحَلُِّ لَكَ النساءُ مِنْ بَعْدُ " إذا جعلت العرب من فعل المؤنث وبينها شيئاً ذكروا فعلها ؛ وبعد مرفوعه بغير تنوين لأنه غاية لم تصف وحرم على النبي صلى الله عليه وسلم غير هؤلاء ، فإن قال قائل إنهن لم يحرمن عليه فإن الآية إذا منسوخة " عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً " أي حفيظاً قال أبو داود :
كمقاعد الرُّقباء للضُّرباء أيديهم نَوَاهِدْ
" إلىَ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ " أي إدراكه وبلوغه ويقال أبي لك أن تفعل ، يأني أنياً والاسم إني وأبى أبلغ أدرك قال :
تمخَّضت المَنونَ له بيوم ... أَنى ولكلِّ حاملةٍ تَمامُ
" وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تَؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً " مجازه : ما كان لكم أن تفعلوا شيئاً منذ لك وكان من حروف الزوائد قال :
فكيف إذا رأيتَ ديار قومٍ ... وجيرانٍ لهم كانوا كرامِ
القافية مجرورة والقصيدة لأنه جعل " كانوا زائدة للتوكيد ولو أعمل " كان " لنصب القافية وقال العجاج :
إلى كِناسٍ كان مُسْتَعِيدِه
وقال الفزاري :
لم يُوجَدْ كان مثلُ بني زِياد

فرفع مثل بني زياد لأنه ألقى " كان " وأعمل " يوجد " .
" لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ " أي لنسلطنك عليهم .
" وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً سُنَّةَ اللِه " نصبوها لأنها في موضع مصدر فعل من غير لفظها " وقُتِّلوا " أشد مبالغة من من قُتلوا " إذا خففته .
" لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً " مجازه مجاز الظرف هاهنا ولو كان وصفاً للساعة لكان قريبة وإذا كان ظرفاً فإن لفظها في الواحد والاثنين والجميع من المذكر والمؤنث واحد بغير الهاء وبغير تثنية وبغير جمع .
" فَأَضَلُونَا السَّبِيلاَ " ويقال أيضاً في الكلام . أضلى عن السبيل ومجازه عن الحق والدين .
" وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً " قصداً ، قال أوس بن حجر :
وما جَبُنوا إني أَسُدُّ عليهمُ ... ولكن لقواً ناراً تَحُسُّ وتَسفَعُ
ويروى : ناراً تخش توقد ، وتحس : تستأصل ؛ أسد أقول عليهم السداد ، يقال أسددت بالقوم إذا قلت عليهم حقاً وسدداً .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة سبأ
" يَعْلَمُ مَا يَلِجُ في الأَرْضِ " أي يدخل ويغيب فيها قال طرفة :
رأيتُ القوَافي يتَّلجْنَ موَالجاً ... تَضَايقُ عنها أن تَوَلَجَّأ الإبَرْ
" لاَ يَغْرُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّة " أي لا يشذ ولا يغيب مثقال ذرة أي زنة ذرة .
" والذّيِنَ سَعَوْا في آيَاتِنَا معُاجِزينَ " أي مسابقين : سَعَوا : كذبوا .
" إنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمْ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ " أي قطعاً ، واحدتها كسفة ، على تقدير سدرة وسدر .
" وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً " أي أعطينا .
" يَا جِبَالُ أَوِّبي مَعَهُ " مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير : وقلنا جبال أُوِّبِى معه ، والتأويب أن يبيت في أهله قال سلامة بن جندل :
يَوْمانِ يومُ مقاماتٍ وأنديةٍ ... ويومُ سَيْر إلى الأعداء تأويبِ
أي رجوع .
" وَالطَّيْرَ " نصب من مكانين أحدهما فيما زعم يونس عن أبي عمرو على قوله : " وسخَّرنا له الطير " . والآخر على قول النحويين : " يا زيد أقبل والصلت ، نصب لأنه لا يحسن النداء فيما فيه ألف ولام فنصب على إعمال ضمير فعل كأنه قال : وأعنى الصلت .
" أَنِ أَعْمَلْ سَابِغَاتٍ " أي دروعاً واسعة طويلة .
" وَقَدِّرْ في السَرْدِ " يقال : درعٌ مسرودة أي مسمورة الحلق ، قال أبو ذؤيب :
وعليهما مسرودتانِ قضاهما ... داودُ أو صَنَعُ السوابغِ تُبَّعُ
مثل دِسار السفينة وهو ما خرز به من كنبارٍ أو ليفٍ . ويقال : دسره بالرمح إذا طعنه .
" وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ " منصوبة ، عمل فيها " وسخَّرنا لسليمان الريح " .
" غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ " مجازه مجاز المختصر المضمر فيه غدوها كأنه غدوها مسيرة شهرٍ ورواحها مسيرة شهر .
" وَأَسَلْنَا لَهُ عيَنْ القِطْرِ " أي أجرينا وأذنبنا وأسلنا .
" مَحَاريِبَ " واحدها محراب وهو مقدم كل مسجد ومصلى وبيتٍ قال وضاح اليمن :
رَبَّةُ محرابٍ إذا جئتُها ... لم ألقَها أو أرتقي سُلمّا
" وَجِفَانٍ كَالَجْوابِ " واحدتها جابية وهي الحوض الذي يجيء فيه الماء قال :
فصبَّحتْ جابيةً صَهَارجَا ... كأنه جلد السماء خارجا
" وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ " عظام ويقال : ثابتات دائمات ، قال زهير :
وأيْنَ الذين يحضرون جِفانَه ... إذا قُدّمتْ ألقَوا عليها المَراسِيا
أي أثبتوا عليها .
" تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ " وهي العصا أوصلها من نسأت بها الغنم وهي من الهمز الذي تركت العرب الهمزة من أسمائها . ينسأ بها الغنم أي يسوقها ، قال طرفة بن العبد :
وعَنْس كألواح الإران نسأْتُها ... على لاحبٍ كأنه ظَهْرُ بُرجُدِ
نسأتها : نسقتها ويهمزون الفعل منها كما تركوا همزة النبي والبرية والخابية وهي من أنبأت ومن برأت وخبأت قال :
إذا دَببتَ على المِنْساة من كِبَرٍ ... فقد تباعدَ عنك اللّهوُ والغَزَلُ
وبعضهم يهمزها فيقول منسأة ، قال :
أمِنْ أَجل حَبْلٍ لا أباك ضربتَه ... بمنسَأةٍ قد جرّ حَبْلُكَ أحْبَلا

" فَلمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أنْ لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ " مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير لأن " تبينت " في موضع " : أبانت الجن للناس أن لو كانوا يعلمون الغيب لما كانوا في العذاب وقد مات سليمان صلى الله عليه " .
" لَقَدْ كَانَ لِسَبَاءٍ في مَسَاكِنِهمِ " ينون " سَبَأَ " بعضهم لأنه يجعله اسم أبٍ ويهمزه ، وبعضهم لا ينون فيه يجعله اسم أرض.
" سَيْلَ الَعِرمَ " واحدها عرمة وهو بناء مثل المشار يحبس به الماء ببناء فيشرف به على الماء في وسط الأرض ويترك فيه سبيل للسفينة فتلك العرمات واحدها عرمة والمسار بلسان العجم قال الأعشى :
وفي ذاك للمؤتسى إِسوَةٌ ... ومأْرِبُ قَفًّى عليها الْعَرِمْ
رُخامٌ بناه لهم حِمْيَرٌ ... إذا جاش دُفّاعُه لم يرمْ
أي حبسه وقال آخر :
من سَبَأَ الحاضرينَ مأربَ إذ ... يبنون من دون سَيْله العَرِما
" أُكُلٍ خَمْطٍ " والخمط كل شجرة ذي شوك والأكل هو الجنى " رَبَّنَا بَاعدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا " مجازه مجاز الدّعاء وقرأه قوم " ربنا بّعِّدْ بين أسفارنا " .
" وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمّزَّقٍ " أي قطعناهم وفرقناهم .
" وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ " مخفف ومثقل ومجازه أنه وجد ظنه بهم صادقاً .
" إلاَّ لِنَعْلَمَ مَنُ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ " مجازه : إلاّ لنميز .
" مِنْ ظَهِيرٍ " أي من معين .
" حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَنْ قُلوبِهِمْ " أي اذهب عن قلوبهم .
" قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ " منصوب لأنه مختصر كأنه : قالوا قال ربنا الحق ، وقد رفعه لَبِيد ولا أظنه إلا احتياجاً إلى القافبة قال :
ألا تسألان المرءَ ماذا يحاوِلُ ... أَنَحْبٌ فيُقضي أم ضلالٌ وباطلُ
" وَإِناَ وَإيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَو فِي ضَلاَلٍ مُّبِينِ " مجازه : إنا لعلى هدى وإياكم إنكم في ضلال مبين لأن العرب تضع " أو " في موضع واو الموالاة قال :
أثعلبةَ الفوارس أو رياحا ... عَدلَتَ بهم طُهَيَّةَ والخِشابا
يعنى أثعلبة ورياحاً . وقال قوم قد يتكلم بهذا من لا يشك في دينه وقد علموا أنهم على هدى وأولئك في ضلال مبين فيقال هذا وإن كان كلاماً واحداً على وجه الاستهزاء يقال هذا لهم ، قال أبو الأسود :
يقولُ الأرذلون بنو قُشَيْرٍ ... طَوالَ الدهر ما تَنسى عَلِيَا
بنو عمِّ النبيِّ وأَقربوه ... أَحبُّ الناس كلِّهم إلَيّا
فإن يك حبُّهمْ رشداً أُصبْه ... ولستُ بمخطِئ إن كان غَيّا
" ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ " أي يحكم بيننا .
" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةُ للِنَّاسِ " أي إلا عاماً .
" مَتَى هَذَا الْوَعْدُ " والوعيد والميعاد واحد .
" وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَاداً " أي أضداد ، واحده ند وضد قال حسان بن ثابت :
أتهجوه ولستَ له بِندِّ ... فشَرُّكما لخيركما الِفدَاءُ
" هَلْ يَجُزْوَنْ إِلا مَا كانَوُا يَعْمَلُون " مجازها هاهنا مجاز الإيجاب وليس باستفهام ، مجازه : ما يجزون إلا ما كانوا يعلمون .
" إِلاّ قَالَ مُتْرَفُوهَا " كفارها المتكبرون .
" قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ " يبسط : يوسع ويكثر " ويقدر " من قول الله : " قُدِرَ عَلَيْهِ رِْزقُهُ " .
" وَما أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أوْلاَدُكُمْ بِالّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زلْفَى " مجاز " زُلفَى " بما يقع على الجميع وعلى الواحد سواء . وزلفىَ : قربى ومجازه مجاز المشركين يخبر عن أحدهما بلفظ الواحد منهما ويكف عن الآخر وقد دخل معه في المعنى فمجازها : وما أموالكم بالتي تقربكم إلينا زُلْفى ولا أولادكم أيضاً فالخبر بلفظ أحدهما وقد دخل معه في المعنى ولو جمع خبرهما لكان مجازه : وما أموالكم ولا أولادكم بالذين يقربونكم عندنا زلفى لأن العرب إذا أشركوا بين الآدميين والموات غلب تقدم فعل الآدميين على فعل الموات .

" وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَكلَائِكَةِ أَهَؤُلاَءِ إِبَّاكُمْ كانَوُا يَعْبُدُونَ " مجاز الألف ها هنا مجاز الإيجاب والإخبار والتقرير وليست بألف الاستفهام بل هي تقرير للذين عبدو الملائكة وأبسٌ لهم قال جرير :
ألستمْ خيرَ من ركِب المَطَايَا ... وأنَدى العالمين بُطونَ رَاحِ
" وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ " أي عشر ما أعطيناهم .
" فَكَيْفَ كَانَ نَكيِرِ " أي تغييري وعقوبتي .
" مَثْنَى وَفُرَادَى " اثنين اثنين وفرداً فرداً ولا ينون في مثنى ، زعم النحويون لأنه صرف عن وجهه .
" قُلْ إِنِّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاّمُ الغُيُوبِ " أي يأتي بالحق . " أنَّى لَهُمْ " أي كيف لهم وأين .
" التَّنَاوْشُ " يجعله من لم يهمزه " من نشتَ تَنُوش " وهو التناول قال غيلان :
فهْيَ تنوشُ الحوضَ نَوْشاً مِن عَلا
ومن همزة جعله من " نأشتُ إليه " وهو من بعد المطلب قال رؤبة :
أَقْمَحِني جارُ أبِي الخامُوش ... إليك نَاشي القَدَر النَّؤوشِ
" كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِْ مِنْ قَبْلُ " يقال : شيعة والجميع شيع ثم جمعوا شيعاً فقالوا : أشياع .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الملائكة
" مَثْنَى وثُلاَثَ وَرْبَاعَ " مجازه :اثنين وثلاثة وأربعة فزعم النحويون أنه مما صرف عن وجهه لم ينون فيه قال صخر بن عمرو :
ولقد قتلْتُكمُ ثُناءَ ومَوحَدا ... وتركتُ مُرّةَ مثل أمْسِ المُدْبِرِ
" أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فإنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يشَاءُ " مجازه مجاز المكفوف عن خبره لتمامه عند السامع فاختصر ثم استأنف فقال : " فإن اللّه يضل من يشاء " .
" أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتثُيِرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ " فتثير أي تجمع وتجيء به وتخرجه ومجاز " فسقناه " مجاز فنسوقه والعرب قد تضع " فعلنا " في موضع " نفعل " قال الشاعر :
إِن يَسمعوا رِيبة طاروا بها فَرَحاً ... منِي وما يَسمعوا من صالحٍ دَفَنَوا
في موضع " يطيروا " و " يدفنوا " .
" النَشُورُ " مصدر الناشر قال الأعشى :
حتّى يقول الناسُ ممَّا رأوا ... يا عجبا لِلمِّيت الناشرِ
" يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ " كسبون ويجترحون .
" هَذَا عَذْب فراتٌ سَائغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " الفرات أعذب العذب والاجاج أملح الملوحة .
" فِيهِ مَوَاخِرَ " تقديرها فواعل مِن " مخرت السفنُ الماءَ " والمعنى : شقَّت .
" كُلٌّ يَجْرِي لأَجِلٍَ مُسَمَّى " مجازه مجاز ما خرج من الحيوان والموات مخرج الآدميين .
" مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ " وهو الفوقة التي فيها النواة .
" وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى " مجازه : ولا تحمل آثمة إثم أخرى ، وزرته أي فعلته أي أثمته هي .
" الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ " الحرور بالنهار مع الشمس هاهنا وكان رؤبة يقول : الحرور بالليل والسموم بالنهار ؛
وَنسَجتْ لَوَامِعُ الحَرورِ ... بِرَقْرَقَانِ آلهاً المَسْجُورِ
سَبائباً كسَرَقِ الحرير
" ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا " أي فعاقبت .
" فَكَيْفَ كَانَ نِكيرِ " أي تغيري وعقوبتي .
" وَغَرَابِيبُ سُودٌ " مقدم ومؤخر لأنه يقال : أسود غربيب .
" وَمنَ النَّاسَ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِف أَلْوَانُهُ " مجازه : من هؤلاء جميع مختلف ألوانه ومن أولئك جميع ، كذاك وقد جاءت الدواب جملة لجميع الناس والحيوان في آية أخرى قال " وَمَا مِنْ دَابَّةِ في الأرْضِ إلاّ عَلَى اللِه رِزْقَها " ثم هذه الآية ملخصة مفرقة فجاءت الدواب ما خلا الناس والإبل .
" وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ " مجازه : ويقيمون الصلاة ومعناه : وأداموا الصلاة لمواقيتها وحدودها .
" تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ " أي لن تكسد وتهلك ويقال : نعوذ بالله من بوار الأيم ويقال : بار الطعام وبارت السوق .
" مُصَدِّقاًَ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ " أي لما كان قبله وما مضى .
" أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَن " وهو الحزن مثل البَخل والبُخل والنَّزل والنُّزل .

" لاَ يُقْضَي عَلَيْهِم فَيَمُوتُوا " منصوب لأن معناه : " ليموتوا " وليس مجازه مجاز الإخبار لأنهم أحياء لا يموتون فيقضى عليهم ، وقال الخليل لم ينصب فعل قط إلا على معنى " أن " وموضعها " وإن أضمروها فقيل له قد نصبوا ب " حتى " و " كي " و " لن " و " اللام المكسورة " فقال : العامل فيهن " أن " " أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذكَّرُ فِيهِ مْن تَذَكَّرَ " مجاز الألف هاهنا مجاز التقرير وليس باستفهام والواو التي بعدها مفتوحة لأنها ليست بواو " أو " ومجاز " ما " هاهنا مجاز المصدر : أو لم نعمركم عمراً يذتكر فيه ؛ " مَنْ تَذَكَّر " أي يتوب ويراجع .
" أنَّ اللّهَ يَمْسِكُ السَّمَواتِ والأرْضَ أَنْ تَزُولاَ " مجازه مجاز قوله " أنَّ السَّمَوَاتِ والأرْضَ كَانَتَا رتَقْاً فَفَتَقْنَاهُمَا " ثم جاء " ولَئِنْ زاَلتَاَ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحِدٍ مِنْ بَعْدِهِ " مجازه : لا يُمِسكهما أحد و " إن " في موضع آخر معناه معنى " ما " ؛ " وَإنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الِجْبَالُ " معناه : " ما كان مكرهم لتزول منه الجبال " .
" وَلاَ يَحيقُ الْمَكْرُ السِّيِّءُ إلَّا بِأَهْلِهِ " مجازه : لا ينزل ولا يجاوز ولا يحيط إلا بأهله .
" فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ " مجزه : إلَا دأب الأولين وفعلهم وصنيعهم وله موضع آخر كقولك : هل ينظرون إلا أن يلقوا مثل ما لقى الأولون من الموت وصنوف العذاب والتغيير .
" فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللِه " أي في خلقه الأولين والآخرين : " تَبْدِيلاً " .
" وَمَا كانَ اللهُ لِيعُجَزُه مِنْ شَيْءٍ " أي ليسبقه ولا يفوته ولا يخفي عليه . " وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُسَمىً " مجاز " يؤاخذ " يعاقب ويكافئ ومجاز دابة هاهنا إنسان و " من " من حروف الزوائد " على ظهرها " أي ظهر الأرض ولم يظهرها وأظهر كنايتها .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة يس
قوله : " يس " مجازه مجاز ابتداء أوائل السور .
" لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ " أي وجب .
" إِلى الأْذَقانِ " الذقن مجتمع اللحيين .
" فَهُمْ مُقْمَحُونَ " المقمح والمقنع واحد ، تفسيره أي يجذب الذقن حتى يصير في الصدر ثم يرفع رأسه قال بشر بن أبي خازم الأسدي :
ونحن على جوانبها قُعودٌ ... نَغضُّ الّطرفَ كالإبل القِماحِ
" سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تَنْذِرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ " لها ثلاثة مواضع ، لفظها لفظ الاستفهام وليس باستفهام قال زهير :
سواءٌ عليه أيَّ حينٍ أتيتَه ... أساعةَ نَحْسٍ تُتَّقَى أم بِأَسْعُدِ
فخرج لفظها على لفظ الاستفهام وإنما هو إخبار وكذلك قال حسان بن ثابت :
ما أُبالي أَنَبَّ بالحَزْنِ تَيْسٌ ... أُم لحَاني بظره غيبٍ لئيمُ
وكذلك قول زهير :
وما أدرى وسوف إخُال أدرى أقومٌ آلُ حِصْنٍ أَم نِساءُ
" وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ " أي جعلناه .
" فيِ إِمَام ٍمُبِينٍ " أي في كتاب مبين .
" فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ " أي قوينا وشددنا قال النمر بن تولب :
كأنّ جَمْرَةَ أَو عَزَّت لها شَبهاً ... بالجِذع يوم تلاقَينا بإِرْمامِ
أوعزتها : أو غلبتها ، يقال في المثل من عزَّ بزَّ : من قهر سلب وتفسير " بزَّ " انتزع ، قال علي بن أبي طالب :
فعفَفتُ عن أَثوابه ولوَ أنْني ... كنتُ المُقطَّر بَزّنى أَثوابِي
" قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكْمُ " أي حظكم من الخير والشر .
" قَال يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا المْرُسْلَينَ " بعض العرب يقول : يا قوم ، يكسرها ولا يطلق ياء الاضافة كما حذفوا التنوين من نداء المفرد قالوا : يا زيد أقبل وبعضهم ينشد بيت زهير :
تبيَّنْ خليلِ هل تَرى مِنْ ظَعائنٍ ... تَحَمَّلْنَ بِالَعْلياء من فوق جُرْثُمِ
" اتَّبِعُوا مَنْ لا َيْسَئُلكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ " " من " في موضع جميع .

" وَلاَ يُنْقِذُونِ " تكف هذه الياء - كما تكف ياء الاضافة - هاهنا وفي آية أخرى " رَبِّى أكْرَمَنِ وأَمَّا إذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ " قال الأعشى :
ومِن كاشحٍ ظاهر غمِرُه ... إذا ما انتسبتُ له أَنْكَرَنْ
والعرب تكف الياءات المكسورات والمفتوحات من الأرداف قال لبيد ابن ربيعة :
وقبيلٌ من لُكَيْزٍ شاهدٌ ... رَهْطُ مرجومٍ ورَهْط ابن المَعلّ
مرجوم العصري من بني عصرٍ من عبد القيس ؛ وابن المعلى جد الجارود الجذمي .
" إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ " مثل ومجازها : اسمعوني اسمعوا مني .
" أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ " عمل الفعل الذي قبلها فيها " أَلَمْ يَرَوْا " إذا كانت معلقة بما قبلها فهي مفتوحة .
" وإنْ كُلٌّ " إذا خففت إن رفعت بها وإن ثَقَّلتَها نصبت " لَمَّا جَميعٌ " تفسيرها وإن كلٌّ لجميع و " ما " مجازها مجاز " مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً " و " عَمَّا قَليلِ " .
" الأرْضُ الْمَيْتَةُ " مخففةٌ الميت والميت قال قوم : إذا كات قد مات فهو خفيف وإذا لم يكن مات فهو مثقل وقوم يجعلونه واحداً ، الأصل الثقيل وهذا تخفيفها ، مجازهن مجاز " هيّن " ، " ليّن " ثم يخففون فيقولون : هيْن ، ليْن ، كما قال ابن الرعلاء الغساني :
ليس منَ مات فأستراح بمَيْتٍ ... إنما الْمَيت مَيِّت الأَحْياء
فجعله خفيفاً جميعاً موضعٌ : قد مات وموضع : لم يمت ثم ثقل الخفيف .
" وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ لِيأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ " مجاز هذا مجاز قول العرب يذكرون الاثنين ثم يقتصرون على خبر أحدهما وقد أشركوا ذاك فيه وفي القرآن " والذَّيْنَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلاَ يُْنِفُقونَهَا في سَبِيلِ اللهِ " وقال الأزرق بن طرفة ابن العمرد الفراصي من بني فراص من باهلة :
رماني بأَمرٍ كنتُ منه ووالدي ... بَرِئاً ومن دَون الطَّوِىِّ رمَانِي
اقتصر على خبر واحد وقد أدخل الآخر معه وقال حسان بن ثابت :
إن شَرْخَ الشباب والشَّعَر الَأْسود ... ما لم يعاص كان جنوناً
ولم يقل : يعاصيا وكانا .
" نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ " نميزه منه فنجئ بالظلمة " فَإذَ هُمْ مُّظْلِمُونَ " أي يقال للرجل : سلخه الله من دينه .
" حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ القَدِيمِ " هو الإهان إهان العِذْق الذي في أعلاه العَثا كِيل وهي الشَّماريخ والعذق بفتح العين النخلة .
" لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَدْرِكَ القْمَرَ " مجازها : لا يكون أن تفوت .
" وكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ " مجاز هذا مجاز الموات الذي أجرى مجرى الناس في القرآن " رأَيَتْهُمُ ليِ سَاجِدِينَ " وفي آية أخرى " لَقَدَ عَلَمِتَ مَا هُؤُلاَءِ يَنْطِقُون " .
" في الفْلُكِ الْمَشْحُونِ " المملوء يقال : شحنَها عليه خيلاً ورجالاً أي ملأها ، والفلك القطب الذي تدور عليه السماء ، والفلك السفينة ، الواحد والجميع من السفن .
" لاَ صَرِيخَ لَهُمْ " لا مغيث لهم .
" وَلاَ هُمْ يُنْقَذُونَ إلاّ رَحْمةً مِّنَّا مجازها مجاز المصدر الذي فعله بغير لفظه قال رؤبة :
إنّ نِزاراً أصبحتْ نِزارا ... دعوةَ أبرارٍ دعوا أبرارا
وقال الأحوص :
إنّي لأمْنِحَكَ الصَّدود وإنني ... قَسَمَاً إليك مع الصدود لأميلُ
" وَنُفِخَ في الصَّورِ " جميع صورةٍ فخرجت مخرج بسرة وبسر ولم تحلم على ظلمة وظلم ولو كانت كذلك لقلت " صُوَرٌ " فخرجت الواو بالفتحة ومجازها كسورة المدينة والجميع سور قال جرير :
لما أَتَى خبر الزُّبيِر تواضَعَتْ ... سورُ المدينةِ والجبالُ الخُشَّعُ
ومنها سور المجد أي أعاليه وقال العجاج :
فرب ذي سُرداقٍ مَحْجورِ ... سِرتُ إليه في أعالي السُوْرِ
" مِنَ الأَجْدَاثِ " واحدها جدثٌ وهي لغة أهل العالية ، وأهل نجد يقولون " جَذَفٌ " .
" يَنْسِلونَ " يسرعون ، والذئب يعسل وينسل .

" يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِناَ " أي من منامنا ثم جاء " هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ المُرْسَلُونَ " استئناف .
" مُحْضَرُونَ " مشهدون .
" فيِ شُغُلٍ فِكُهونَ " الفكه الذي يتفكه تقول العرب للرجل إذ كان يتفكه بالطعام أوبالفاكهة أو بأعراض الناس ، إن فلاناً لفكهٌ بأعراض قال خنساء أو عمرة بنتها :
فَكِهٌ عَلَى حينِ العشاء إذا ... حضَر الشتاء وعَزَّت الجُزُرُ
ومن قرأها فاكهون جعله كثير الفواكه صاحب فاكهة قال الحطيئة :
ودعوتَني وزعمتَ أن ... كَ لاَبِنٌ بالصيف تامِرُ
أي ذو لبن وتمرٍ أي عنده لبن كثير وتمر كثير وكذلك عاسل ولاحم وشاحم .
" في ظِلالٍ " واحدها ظلةٍ وجميع الظل أظلال وهو الكن أي لا يضحون .
" عَلَى الأرائِكِ " واحدتها أريكة وهي الفرش في الحجال قال ذو الرمة وجعلها فراشاً :
خُدوداً جَفَتْ في السَّير حتى كأنما ... يباشِرن بالمْعزاء مَسَّ الأرائك
" مَا يَدَّعُونَ " أي ما يتمنون ، تقول العرب : أدع على ما شئت أي تمنى على ما شئت .
" سَلاَمٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ " " سلام " رفع على " لَهُم " عملت فيها . " وقولاً " خرجت مخرج المصدر الذي يخرج من غير لفظ فعله .
" وَامْتَازُوا " أي تميزوا .
" أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلّاً " مثقل وبعضهم لا يثقل ويضم الحرف الأول ويثقل اللام ومعناهن الخلق والجماعة .
" وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ " يقال : أعمى طمسٌ ومطموسٌ وهو أن لا يكون بين جفنى العين غر وهو الشق بين الجفنين والريح تطمس الأثر فلا يرى الرجل يطمس الكتاب .
" عَلَى مَكَانَتِهِمْ " المكان والمكانة واحد .
" رَكُوبُهُمْ " ما ركبوا والحلوبة ما حلبوا و " رُكوبهم " فعلهم إذا ضم الأول .
" وَهِيَ رَميمٌ " الرفات .
" مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ " والملك واحد .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الصافات
قوله " وَالصَّافَّاتِ " كل شيء بين السماء والأرض لم يضم قتريه فهو صاف .
" فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً " أي القارئات والتالي القارئ . " ذكراً " : كتاباً ؛ والتالي المتبع في موضع آخر .
" وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ " لم تعمل الباء فيها التي هي في " بِزِينَةٍ الْكَوَاكِب " فمجازها : وحفظناها قال كعب بن زهير :
يَسْعَى الوُشاةُ جَنَابَيْها وقِيلَهُمُ ... إنك يابن أبي سُلمَى لمقتولُ
قيلهم بالنصب : ويقولون .
" دُحُوراً " مصدر " دَحَرتُ " تقول العرب : ادحر عنك الشيطان : أبعد عنك الشيطان . " عَذَابٌ وَاصِبٌ " أي دائم قال أبو الأسود الدؤلي :
لا أشتري الحمدَ القليلَ بقاؤه ... يوماً بذَمِّ الدهر أجمعَ واصِبا
" ثَاقِبٌ " الثاقب البين المضيء ، يقال : أثقب نارك ، وحسب ثاقب أي كثير مضيء مشهور وقال أبو الأسود :
أَذاع بِه في الناس حتى كأنه ... بعَلْيَاءِ نارٌ أُوقدتْ بثُقُوبِ
" فَاسْتَفْتِهِمْ " أي فسلهم .
" مِنْ طِينٍ لازِبٍ " مجازها مجاز " لازم " قال نابغة بني ذبيان :
ولا يَحسبون الخيرَ لا شرَّ بعدَه ... ولا يحسبون الشرَّ ضَربةَ لازِبِ
وقال النجاشي :
بَنَى اللومُ بيتاً فاستقرتْ عِمادُه ... عليكم بني النَّجَّارِ ضَربَة لازبِ
" يَسْتَسْخرُونَ " ويسخرون سواء .
" أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَ آبَاؤُنَا الأوَّلُونَ " الواو متحركة لأن مجازها : وآباؤنا ، فأدخل فيها ألف الاستفهام وليست بواو التي تنتقل بها من شيء إلى شيء أو تجري مجرى " أم " .
" وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ " صاغرون أشد الصغر ، صاغر : داخر .
" هَذَا يَوْمُ الدِّينِ " الثواب والحساب ، تقول العرب : كما تدين تدان .
" هَذَا يَوْمُ الفَصْل الّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ " الفصل قطع القضاء ثم خرجت " احْشُرُوا الَّذِينَ " مخرج المختصر .
" فَاهْدُوهُمْ إلىَ صِرَاطِ الْجِحِيمَ " تقول العرب : هديت المرأة إلى زوجها أي دللتها ومنهم من يقول : أهديتها ، جعلها من الهدية إليه .
" مُسْتَسْلِمُونَ " المستسلم الذي يعطى بيديه .

" إذَا قيلَ لَهُمْ لاَ إلَهَ إلاّ اللّهُ " مجازها : إذا قيل لهم : قولوا لا إله إلا الله .
" إنَّكمُ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الأَلِيمِ ، إلاّ عِبَادَ اللّهِ المُخْلِصِين " تقول العرب : إنكم لذاهبون إلا زيداً .
" عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِين " مضموم الأول والثاني وبعض العرب يفتحون الحرف الثاني من أشباه هذا من باب المضاعف .
" بِكَأْسٍ مِّنْ مَّعِينٍ " الكأس الإناء بما فيه والمعين الماء الطاهر الجاري .
" لاَ فِيهَا غَوْلٌ " مجازها : ليس فيها غول والغول أن تغتال عقولهم قال الشاعر :
وما زالت الكأْسُ تغتالُنا ... وتذهب بالأول الأولِ
" وَلاَ هُمْ عَنْهَا يَنْزُفُونَ " تقول العرب : لا يقطع عنه وينزف سكراً قال الأبيرد الرياحي من بني محجل :
لَعَمري لئن أنزفُتُم أو صَحَوتُمُ ... لبئس النَّدامَى كنتُمُ آل أَبْجرا
أبجر من بني عجل .
" قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ " راضيات ، اقتصر فلان على كذا .
" عِيْنٌ " العيناء واسعة العين .
" بَيْضٍ مَّكْنُونٍ " أي مصون كل لؤلؤ أو أبيض أو متاع صنته فهو مكنون وكل شيء أضمرته في نفسك فقد أكننته قال أبو دهبل :
وهي زَهراء مثل لُؤلؤة الغوّ ... اص مُيزَت من جوهر مكنونِ
" أَئِنَّا لَمَدِينُونَ " أي مجزيون ، يقال : دنته أي جزيته بكذا وكذا " فِي سَوَاءِ الْجِحَيمِ " في وسط الجحيم ، قال أبو عبيدة : سمعت عيسى بن عمر يقول : كنت وأنا شاب أقعد بالليل فأكتب حتى ينقطع سوائي ، أي وسطي .
" إنْ كِدْتَ لَتُرْدِينَ " أرديته أهلكته وردى هو أي هلك .
" أَذَلِكَ خَيْرٌ نَزُلاً " النُزُل والنَزَل واحد وهو الفضل يقال : هذا طعام لا نزل ونزل أي ريع .
" ثُمَّ إنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ " تقول العرب : كل شيء خلطته بغيره فهو مشوب .
" أَلَفُوا آبَاءَهُم ضَالِّينَ " وجدوا .
" يُهْرَعُونَ " يستحثون من خلفهم ويعطف أوائلهم .
" فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ إلاَّ عِبَادَ اللّهِ المُخْلَصِينَ " نصبها للاستثنا ، من المنذرين .
" فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِين " أي أجال عليهم ضرباً للآلهة .
" فَأَقْبَلُوا إِلَيْه يَزِفُّونَ " تقول العرب للنعامة : تزف وهو أول عدوها وآخر مشيها وجاءني الرجل يزف زفيف النعامة أي من سرعته .
" فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ " أي أدرك ما أن يسعى على أهله أدرك وأعانه .
" فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلّهُ لِلْجَبِينِ " أي صرعه وللوجه جبينان والجبهة بينهما قال ساعدة بني جوءية الهذلي :
وطلَّ تَلِيلاً لِلجَبينِ
" وَفَدَيْنَاهُ بِذِبحٍ عَظيمٍ " الذبح المذبوح والذبح الفعل تقول العرب : قد كان بين بني فلان وبين بني فلان ذبح عظيم فتلى كثيرة .
" وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا في الآخِرِينَ " حكاية أي تركناهم يقال لهم في الآخرين .
" سَلاَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ " أي يقال لهم هذا .
" أَتَدْعُونَ بَعْلاً " أي رباً يقال : أنا بعل هذه الدابة أي ربها ، والبعل الزوج ويقال : لما استبعل واستغنى بماء السماء من النخل ولم يكن سقياً فهو بعل والبعل هو العذي أيضاً ما لم يسق .
" فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ " مجازها : لمهلكون .
" إلاّ عِبَادَ اللّهِ " استثناء .
" سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِين " أي سلام على الياسين وأهله وأهل دينه جمعهم بغير إضافة الياء على العدد فقال سلام على الياسين قال الشاعر :
قَدْنِي من نَصْر الخُبَيْبَيْنِ قَدِمي ... ليس أميري بالشِّحِيح المُلْحِدِ
فجعل عبد الله بن الزبير أبا خبيب ومن كان على رأيه عدداً ولم يضفهم بالياء فيقول الخبيبيون قال أبو عبيدة يعني بالخبيبين أبا خبيب ومصعباً أخاه وقال أبو عمرو بن العلاء : نادى منادٍ يوم الكلاب : هلك اليزيدون يعني يزيد بن عبد المدار ويزيد بن هوبر ويزيد بن مخرم : الحارثيون ؛ ويقال جاءتك الحارثون والأشعرون وكذلك يقال في الاثنين وأسمائهما شتى قال قيس بن زهير :
جزاني الزَّهدمان جزاء سَوْءٍ ... وكنتُ المَرْءَ يُجْزَى بالكرامَهْ

وإنما هما زهدم وكردم العبسيان أخوان . وقيل لعلي بن أبي طالب : نسلك فينا سنة العمرين : يعنون أبا بكر وعمر فإن قيل : كيف بدئ بعمر قبل أبي بكر وأبو بكر أفضل منه وهو قبله ؟ فإن العرب تفعل هذا تقول : ربيعة ومضر وسليم يبدءون بالأخس وقيس وخندق ، ولم يترك قليلاً ولا كثيراً وزعم أن أهل المدينة يقولون : سلام على آل ياسين أي على أهل آل ياسين وقال أصحاب سعد بن أبي وقاص وابن عمر واهل الشام هم قومه ومن كان على دينه واحتجوا بالقرآن " أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ " فقال هم قومه ومن كان على دينه ،وقالت الشيعة آل محمد أهل بيته واحتجوا بأنك تصغر " آل " فتجعله " أَهَيل " .
" إذْ أَبَقَ إِلى الْفُلْكِ المَشْحُونِ " فزع إلى الفلك .
" فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ " تقول العرب : أدحض الله حجته أي أبطلها والدحض الماء والزلق قال ذو الإصبع :
لبئس المرءُ في شيء ... من الأمْرار والنقضِ
غُدُواً ورواحاً وَ ... هْو في مَزْلَقةٍ دَحْضِ
" وَهُوَ مُلِيمٌ " تقول العرب : ألام فلان في أمره وذلك إذا أتى أمراً يلام عليه قال لبيد بن ربيعة :
سَفَهاً عذلتِ ولُمتِ غير مُليم ... وهداكِ قبل اليوم غير حَكيم
" فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ " تقول العرب : نبذته بالعراء أي الأرض الفضاء قال الخزاعي :
رَفّعتُ رِجْلاً لا أَخافُ عِثارَها ... ونبذتُ بالبلد العَراء ثِيابي
البلد العراء الذي لا يواره شيء من شجر ولا من غيره .
" شَجَرَةً مِّنْ يَقْطِينٍ " كل شجرة لا تقوم على ساق فهي يقطين نحو الدبا والحنظل والبطيخ .
" إلَى مَائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِْيدُونَ " أو ها هنا ليس بشك وهي في موضع آخر " بل يزيدون " وفي القرآن " قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُون " ليس بشك وقد قالوهما جميعاً فهي في موضع الواو التي للموالاة وقال جرير :
أثَعلَبَة الفوارس أو رِياحا ... عَدَلت بهم طهَّيَة والخِشابا
والمعنى ثعلبة الفوارس ورياحاعدلت بهم طهية والخشابا وقال آخر :
إنّ بها أكتَلَ أَو رِزاما ... خُوَيْرِ بَيْنِ ينُقفان الهَامَا
ولو كان شكاً أو اسماً واحداً لما قال " خُوَير بَيْن ينقفان " إنما هو أكتل ورزام .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة ص
قوله " ص " مجازها مجاز ابتداء فواتح السور.
" فَنَادَوْا وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ " إنما هي " ولا " وبعض العرب تزيد فيها الهاء فتقول " لاه " فتزيد فيها هاء الوقف فإذا اتصلت صارت تاء والمناص مصدر ناص ينوص وهو المنجاة والفوت . قال عمرو بن شأي الأسدي :
تذكَّرتُ ليلَى لاتَ حينَ تذكِر
وقال أبو النجم :
آسادُ غِيلٍ حين لا مناصُ
أي لا تحرك .
" إنَّ هَذَا لَشَيْءُ عُجَابٌ " مجازه مجاز عجيب وقد تحول العرب " فَعيلاً " إلى " فُعال " قال عباس بن مرداس :
إنَّكِ عَيْنٌ حَذِلْتِ مُضَاعَهْ ... تَبْكِي على جارِ بنِي جُدَاعَهْ
أَيْنَ دُرَيْدٌ وهْو ذو بَرَاعَهُ ... حتى تَرَوْه كاشِفاً قِناعَهْ
تَعْدُو به سَلْهَبَةٌ سُرَاعَهُ
أي سريعة . والحذل في العين سقوط الهدب واحتراق الأشفار ، وقد قالوا للهدب أيضاً " أشفار " ، وقال المعقر بن حمار البارقي وكان أعمى :
فأَخلفها الذي ظنَّتْ وقاظتْ ... ومَأْقِي عَيْنِها حَذِلٌ نَطُوفُ
جداعه رهط الصمة وهو من بني غزية من بني جشم بن سعد بن بكر .
" فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ " تقول العرب للرجل الفاضل في الدين : قد ارتقى فلان في الأسباب ، والسبب الحبل أيضاً ، والسبب أيضاً ما تسببت به من رحم أو يد أو دين وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل سبب ونسب يوم القيامة منقطع إلا سببي ونسبي . والمسلم إذا تقرب إلى رجل ليس بينهما نسب قال : إن الإسلام أقوى سببٍ وأقرب نسبٍ .
" كَذّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ " فقوم من العرب يؤنثون القوم وقوم منهم يذكرون ، فإن احتج عليهم بهذه الاية قالوا : وقع المعنى على العشيرة واحتجوا بهذه الاية " كَلْا إنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ " المضمر فيه مذكر .

" أَصْحَابُ الأَيْكَةِ " كان أبو عمرو بن العلاء يقول : أصحاب الأيكة الحرجة من النبع والسدر وهو الملتف ، قال رجل من عبد القيس وهو مسند إلى عنترة :
أَفَمِنْ بُكاء حَمامةٍ في أَيْكَةٍ ... يَرَفضُّ دَمْعُكَ فوقَ ظهر المِحْمَلِ
يعني يحمل السيف وهي الحمالة والحمائل وجماع المحمل محامل ؛ وبعضهم يقول " لَيْكة " لا يقطعون الألف ولم يعرفوا معناها .
" مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ " من فتحها قال : ما لها من راجة ، ومن ضمها قال : فواق وجعلها من فواق ناقة ما بين الحلبتين ، وقوم قالوا : هما واحد بمنزلة حمام المكول وحمام المكول وقصاص الشعر وقصاص الشعر .
" عَجِّلْ لَنَا قِطّنَا " القط : الكتاب ، قال الأعشى :
ولا المَلِكُ النُّعمانُ يوم لقيتُه ... بإِمَّته يُعطِى القُطوطَ وَيأفِقُ
القطوط : الكتب بالجوائز ؛ ويأفق : يفضل ويعلو يقال : ناقة أفقة وفرس أفق إذا فضله على غيره .
" ذَا الأيْدِ " ذا القوة وبعض العرب تقول آد ، قال العجاج :
من أَنْ تبدَّلتُ بآدي آدا
" أَوَّابٌ " الأواب الرجاع وهو التواب مخرجها ، من آب إلى أهله أي رجع ، قال يزيد بن ضبة الثقفي : والبيت لعبيد بن الأبرص :
وكل ذي غيبة يؤوبُ ... وغائبُ الموت لا يؤوبُ
أي لا يرجع .
" إذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ " أشرف كل مجلس وبيت ومقدمه هو محرابه ، وقال الشاعر :
رَبَّةُ مِحرابٍ إِذا جئتها ... لم ألقها أو ارتقي سُلّما
" نَبَؤُا الَخْصَمِ " الخصم يقع لفظه على الواحد والجميع قال لبيد :
وخصم يعدَّون الذُحول كأنهم ... قُرومٌ غَيَارى كُلَّ أَزهَر مُصْعَبِ
" قَالُوا لاَ تَخَفْ خَصْمانِ " رجع إلى معنى الواحد منه .
" وَلاَ تُشْطِطْ " أي لا تسرف قال الحوص :
أَلا يا لِقْومٍ قد أَشطّتْ عَواذِليِ ... ويزعمْن أن أودى بحقيَ باطلي
ويقال : كلفتني شططاً ، منه أيضاً : وشطت الدار بعدت وقال الشاعر وهو عمر بن أبي ربيعة :
تَشطُّ غداً دارُ جيرانِنا ... وللدارُ بعدَ غدٍ أَبْعُد
" فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا " مجازه مجاز " كَفَّلَهَا زَكَريَّا " أي ضمها إليه وكفلت بالمال والنفس أي ضمنت .
" وَعَزَّنِي فيِ الْخِطَابِ " أي صار أعز مني فيه .
" وَلِيَ نَعْجَةُ وَاحِدَةٌ " مجازها مجاز امرأة قال الأعشى :
فرميتُ غفلةَ عَيْنِه عن شاتِه ... فأصبتُ حَبَّة قلبها وطِحالِها
يعني امرأة الرجل .
" بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ " مصدر " سألت " استعطيت .
" الْخُلَطَاءِ " الشركاء .
" وَظَنَّ دَاوُدُ " أي أيقن .
" أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأْرَضِ " ليس لها جواب استفهام فخرجت مخرج التوعد .
" كِتاَبٌ أَنَزلْنَاَهُ " ابتداء .
" إذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِياَدُ " من الخيل ، والصافن الذي يجمع بين يديه ويثني طرف سنبك احدى رجليه والسنبك مقدم الحافر وقال بعض العرب : بل الصافن الذي يجمع يديه والذي يرفع طرف سنبك رجله فهو مخيم .
" إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي " مجازه أحببته : حباً ثم أضاف الحب إلى الخير .
" حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ " المعنى للشمس وهي مضمرة .
" فَطَفِقَ مَسْحاً " ما زال يفعل ذاك و " كرب " مثلها مجازها يمسح مسحاً والمعنى يضرب ، يقال : مسح علاوته أي ضربها .
" هَبْ لِي مُلْكاً لاَ يَنْبِغِي لأَحدٍ مِنْ بَعْدِي " لا يكون لأحد من بعدي ، قال أبو عبيدة : قال الحجاج : إن كان لحسوداً ، قال ابن أحمر :
ما أُم غُفْرٍ عَلى دَعْجاء ذي عَلَقٍ ... ينفي القَرامِيدَ عنها الأعْصَمُ الوَقِلُ
في رأس خلقاء من عنقاء مشرفة ... لا يبتغي دونها سَهْل ولا جَبَلُ
لا يبتغي أي لا يكون فوقها سهل ولا جبل أحصن منها .
" بِأَمْرِهِ رُخَاءً " أي رخوة لينة وهي من الرخاوة .
" حَيْثُ أَصَابَ " حيث أراد يقال : أصاب الله بك خيراً أي أراد الله بك خيراً .
" الأصْفادِ " الأغلال واحدها صفد ، والصفد أيضاً الغطاء قال الأعشى :
وأَصفدني على الزَّمانة قائداً

وبعضهم يقول صفدني .
" أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ " سبيلها سبيلان فأحدهما بغير جزاء والآخر بغير ثواب وبغير منة ولا قلةٍ .
" بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ " قال بشر بن أبي خازم :
تَعَنَّاكَ نُصْبٌ من أُمَيْمَةَ مُنصِبٌ
أي بلاء وشر وقال النابغة :
كلِينِي لِهَمّ يا أُمَيْمَةَ ناصب ... وليل أقاسيه بَطِيءٍ الكواكبِ
تقول العرب : أنصبني أي عذبني وبرح بي وبعضهم يقول : نصبني والنصب إذا فتحت وحركت حروفها كانت من الأعياء ، والنصب إذا فتح أولها وأسكن ثانيها واحدة أنصاب الحرم وكل شيء نصبته وجعلته علماً يقال : لا نصبنك نصب العود .
" اركُضْ بِرِجْلِكَ " وهو مختصر والركض هو الدفع بالرجل وهي حركة الرجل ، يقال : ركضني الدابة ويقال : لم تركض ثوبك برجلك .
" هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ " وضوءٌ غسول وهو ما اغتسلت به من الماء " وَشَرَابٌ " أي وتشرب منه والموضع الذي يغتسل فيه يسمى مغتسلاً .
" وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً " وهو ملء الكف من الشجر أو الحشيش والشماريخ وما أشبه ذلك قال عوف بن الخرع :
وأَسفلَ مني نَهْدةً قد ربَطتها ... وألقيتُ ضِغثاً من خليً متطيَّبِ
" إنَا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ " تنوين خالصةٍ عمل في " ذكرى " .
" الأَخْيَارِ " والخيار واحد مثل الشرار والأشرار .
" أَتْرَابٌ " أسنان واحدها ترب .
" مِنْ شَكْلِهِ " من ضربه ما أنت من شكلى ما أنت من ضربى والشكل من المرأة ما علقت مما تحسن به وتشكل تغنج قال رؤبة :
لمّا اكتستْ من ضَرب كل شَكْلٍ ... صُفْراً وخُضْراً كاخضرار البَقْلِ
" هَذَا فَوْجٌ " والفوج فرقة .
" لاَ مَرْحَباً بِهِمْ " تقول العرب للرجل : لا مرحباً بك أي لا رحبت عليك أي لا اتسعت قال أبو الأسود:
إذا جئتَ بَوّاباً له قال مَرْحباً ... ألا مَرْحبٌ وادِيكَ غيرَ مُضَيِّقِ
" فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً " أي مضعفاً إليه مثله .
" اتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً " من فتح الأول جعلها استفهاماً وجعل " أم " جواباً لها قال طرفة :
أَشَجَاكَ الرَّبْعُ أَم قِدَمُهُ ... أم رَمَادَ دراسٌ حُمَمُهْ
ومن لم يستفهم ففتحها على القطع فإنها خبر ومجاز " أم " مجاز بل وفي القرآن " أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ " مجازها بل أنا خير من هذا لأن فرعون لم يشك فيسأل أصحابه ، إنما أوجب لنفسه ، ومن كسر " سِخرِياً " جعله من الهزء ويسخر به ومن ضم أولها جعله من السخرة يتسخرونهم ويستذلونهم .
" إلاّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ " الذين أخلصهم الله والمخلصين الذين أخلصوا .
" قَالَ فَالْحَقَّ وَالْحقَّ " أقول : نصبها على " قال حقاً " ، و " يقول الحق " .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الزمر
" يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ " يدخل ، مجازها : يولج .
" في ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ " في أصلاب الرجال ثم في الرحم ثم في البطن وقال بعضهم في الحولاء وفي الرحم وفي البطن .
" ثُمَّ إذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ " كل مالك وكل شيء أعطيته فقد خولته قال أبو النجم :
أَعْطى فلم يَبْخَلْ وَلم يُبْخَّلِ ... كُوْمَ الذُّرى من خَوَلِ المُخَوِّل
يريد الله تبارك وتعالى : وسمعت أبا عمرو يقول في بيت زهير :
هنالك إن يُستخولوا المال يُخْوِلوا ... وإن يُسْئَلوا يُعطوا وإن يَيسْرُوا يُغْلوا
قال يونس : إنما سمعنا :
هنالك إن يُسْتَخبلوا المال يُخْبلُوا
وهي معناها .
" وَعْدَ اللّهِ لاَ يُخْلِفُ اللّه الْمِيعَادَ " نصبٌ مجازه مجاز المصدر الذي ينصبه فعلٌ من غير لفظه والوعد والميعاد والوعيد واحد ، قال ابو عبيدة إذا قلت : وعدت الرجل ، فالوجه الخير ويكون الشر قال الله " النّارُ وَعَدَهَا الله الذِينَ كَفَرُوا " وإذا قلت : أوعدت فالوجه الشر ولا يكون الخير .
" فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرْضِ " واحدها ينبوع وهو ما جاش من الأرض .
" ثُمّ يَهِيجُ فَتَراُه مُصْفَرّاً " إذا ذوى الرطب كله فقد هاج ويقال : هاجت الأرض وهو إذا ذوى ما فيها من الخضر .

" ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً " بعد صفرته أي رفاتاً والحطام والرفات والدرين واحد في كلام العرب وهو ما يبس فتحات من النبات .
" مُتَشَابهاً " يصدق بعضه بعضاً ويشبه بعضه بعضاً .
" ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيه شُرَكاَء مُتَشَاكِسُونَ " مجازها من الرجل الشكس .
" سالماً " خالصاً وسلماً لرجل أي صلحاً .
" وَالذِي جَاءَ بِالصَّدْقِ " في موضع الجميع وصدق به قال الأشهب ابن رميلة :
وإن الذي حانتْ بِفَلجٍ دِمَاؤهم ... هم القوم كل القوم يا أُمَّ خالدِ
" قُلْ أَفَرَاَيتُم مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللّهُ بِضُرّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ " ما ها هنا في موضع الجميع مجازها مجاز الذي مثل بيت الأشهب هذا وقوله " هل هن كاشفات ضره " يعني ما تعبدون من حجر ووثن ، وأنت لأنهن موات كما قال " إِنْ يَدْعُونَ مِن دُونِه إلاّ إِنَاثاً " إلا مواتاً .
" اللهُ يَتَوَفى الانْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتي لَمْ تَمُتْ في مَنَامِهَا فُيُمْسِكَ التي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ ويَرْسِلَ الأُخْرَى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى " فجعل النائم متوفى أيضاً إلا أنه يرده إلى الدنيا .
" اشْمَأَزَّتْ قُلُوب " تقول العرب : اسمأزَّ قلبي عن فلان أي نفر .
" وَحَاقَ بِهِمْ " مثل أحاط بهم ولزمهم .
" فيِ جَنْبِ اللّه " وفي ذات الله واحد .
" وَيُنَجِّي اللّه الذِينَ اتّقَوْا بِمَفَازَاتِهِمْ " بنجاتهم من الفوز .
" لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأرْضِ " أي المفاتيح واحدها مقليد وواحد الأقاليد إقليد ، وقال الأعشى :
فَتىً لَوْ يُجَارِي الشَّمسَ أَلْقتْ قِنَاعَهَا أو القمر السارِي لأَلْقى المقَالِدَا
" وَلَقَدْ أُوِحيَ إِلَيْكَ وإِلَى الذِينَ مِنْ قَبلِكَ لَئنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَّنَ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخْاسِرِينَ " مجازها ولقد أوحي إليك لئن اشركت ليحبطن عملك وإلى الذين من قبلك مجازها مجاز الأمرين اللذين يخبر عن أحدهما ويكف عن الآخر وهو داخل في معناه .
" زُمَراً " جماعات في تفرقة وبعضهم على أثر بعض واحدتها زمرة قال الأخطل :
شوقاً إليهم ووجداً يوم أَتبعُهْم ... طَرْفِي ومنهم بجني كوكبٍ زُمَرُ
" وَسِيقَ الذين اتّقَوْا رَبَّهُمْ إِلى الَجْنَّةِ زُمَرَاً حَتَّى إذَا جَاؤُهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُها وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلاَمٌ عَلَيْكُم طِبْتُمْ فادْخُلُوهَا خَالِدِينَ " مكفوفٌ عن خبره والعرب تفعل مثل هذا ، قال عبد مناف بن ربع في آخر قصيدة :
حتى إذا أَسلكُوُهمْ في قُتَائِدِةٍ ... شَلاًّ كما تَطْرد الْجَمَّالةُ الشُّرَدا
وقال الأخطل أيضاً في آخر قصيدة :
خلا إن حياً من قريش تفضلوا ... على الناس أو أن الأكارم نَهْشَلا
" حاَفِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ " أطافوا به بحفافيه .
" يُسَبِّحُون بِحَمْدِ رَبِّهِمْ " والعرب قد تخلى الباء منها في القرآن " سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الأعْلى " .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة المؤمن
" حم " مجازها مجاز أوائل السور وقال بعض العرب : بل هو اسم ، واحتج بقول شريح بن ابي أوفى العبسي :
يُذَكَّرني حاميمَ والرمحُ شاجرٌ ... فهّلا تلا حاميمَ قبل التقدمّ
وقال الكميت بن زيد الأسدي:
وجدنا لكم في آل حاميمَ آيةً ... تأوَّلَها منا تَقِيٌّ ومُعِربُ
قال يونس : ومن قال هذا القول فهو منكسرٌ عليه لأن السورة حم ساكنة الحروف فخرجت مخرج التهجي وهذه أسماء سور خرجن متحركات وإذا سميت سورة بشيء من هذه الأحرف المجزومة دخله الإعراب .
" غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التِّوْبِ " مجازها أن يكون مصدراً وجماعاً .
" ذِي الطَوْلِ " ذي التفضل تقول العرب للرجل : إنه لذو طول على قومه أي ذو فضل عليهم .
" أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ " مجازها مجاز قوله : " كُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَيْناكُمْ ثُمَّ يُميتُكم ثُمَّ يُحْيِكمُ ثُمَّ إِليَهْ تَرْجَعُونَ " فها هنا موتتان وحياتان .
" فيِ تباب " في هلكة .
" لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ " خازن وخزنة مثل ظالم وظلمة وفاعل وفعله .

" قَلِيلاً مَا يَتَذَكَّرُونَ " مجازها يتذكرون قليلاً .
" ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً " مجازها أطفالاً والعرب قد تضع لفظ الواحد على معنى الجميع قال عباس بن مرداس :
قلنا أَسْلِمُوا إنا أخوكم ... فقد برئِتْ من الإحَنِ الصدورُ
وقال الغنوي :
إِن تَقْتلوا اليوم فقد شُرِينا ... في حَلْقكم عَظْم وقد شَجِينا
" وَعَلَيْهَا وَعَلى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ " مجازها وفي الفلك تحملون وفي آية أخرى : " لأُصلِّبَنَّكُمْ في جُذُوعِ النَّخْلِ " أي على جذوع النخل .
" سُنَّةَ اللّهِ التَّيِ قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ " نصبها على مصدر ما جاء من فعل على غير لفظها .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة حم السجدة
قوله : " وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا " واحدها قوت وهي الأرزاق وما احتيج إليه .
" فِي أَرْبَعَةٍ أَيَّامٍ سَوَاءً للِسَّائِلِيَن " مجاز نصبها مجاز المصدر .
" قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ " هذا مجاز الموات والحيوان الذي يشبه تقدير فعله بفعل الآدميين .
" وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيِحَ وَحِفْظاً " مجاز نصبها كنصب المصادر .
" فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً " الشديدة الصوت العاصف ، وقال ابن ميادة :
أَشاقك المنَزل والمَحْضَرُ ... أَوْدَتْ به رَيدانه صَرْصَرُ
" نَحِسَأتٍ " ذوات نحوس أي مشايم .
" العَذّابِ الْهُونِ " أي الهوان .
" يُوزَعُونَ " يدفعون مجازها يفعلون من وزعت .
" كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم " الحميم القريب .
" وَمنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالْنَّهَارُ والشّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمِر وَاسْجُدُوا للِه الّذِي خَلَقْهنْ " أي خلق الليل والنهار والشمس والقمر فلما انتهى الكلام إلى الشمس والقمر وهم يعبدان نهى عن عبادتهما وأمر بعبادة الذي خلقهما وخلق الليل والنهار فصار هاهنا جميعاً وجميع الحيوان ذكراً كان أو مؤنثاً أو ذكراً مع مؤنث يخرج إلى التأنيث .
" اعْمَلُوا مَاشِئْتُمْ " لم يأمرهم بعمل الكفر إنما هو توعدٌ .
" مِنْ أَكْمَامِهَا " أي أوعيتها واحدها كُمَّة وهو ما كانت فيه وكمٌ وكُمَّة واحد وجمعها أمام وأكِمَّة .
" مِنْ مَّحِيصٍ " يقال : حاص عنه حاد عنه .
" يَئُوسٌ " فعول من يئست .
" قنوطٌ " فعول من قنط ومجازهما واحد .
" أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِيِه " أي تباعد عني .
" مِرْيَةً " ومُرية أي امتراء .
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة عسق
" حم عسق " مجازها مجاز ابتداء أوائل السور .
" يَتَفَطَّرْنَ " يتشققن ويقال للزجاجة إذا انصدعت : قد انفرطت وكذلك الحجر .
" يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ " يخلقكم .
" وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ " نصبها على مجاز نصب المصادر .
" وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ " لم يجئ مجازها على صفة التأنيث فيقول إن الساعة قريبة والعرب إذا وصفوها بعينها كذاك يصنعون وإذ أرادوا ظرفاً لها أو أرادوا بها الظرف جعلوها بغير الهاء وجعلوا لفظها لفظاً واحداً في الواحد والاثنين والجميع من الذكر والأنثى تقول هما قريب وهي قريب .
" شَرَعُوا لُهْمِ مِنْ الدِّينِ " ابتدعوا .
" ذَلِكَ الذِي يَبْشُرُ اللهُ عِبَادَهُ " معناها يبشر قال خفاف :
وقد غدوتُ إلى الحانوت أبْشُره
أي أبشره .
" وَيَسْتِشجَيبُ الذَّيِنَ آمَنُوا " أي يجيب الذين آمنوا .
" وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوارِ في الْبَحْرِ كَالْأعْلاَمِ " أي الجبال .
" إِنْ يَشَأْ يُسْكن الرِّيحَ فَيَظْلْلنَ " المعنى للجواري .
" رَوَاكِد " سواكن .
" أَوْ يُوبِقْهُنَّض " يهلكهن .
" وَالّذِينَ اسْتجَابُوِا لِرَبِّهِمْ " أجابوا .
" إِنَّض ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأموُرِ " ما عزمت عليه قال الخثعمي :
عزَمتُ على إِقامة ذي صباحٍ ... لشيءٍ ما يُسوِّد من يَسُودُ
" مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ " لا يفتح عينه إنما ينظر ببعضها .
" يَهَبُ لِمَنْ يَشآءُ إنَاثاً " أي أنثى " وَيهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ " أي ذكراً .

" أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإنَاثاً " أنثى وأنثى وذكراً وذكراً أو ذكراً أو أنثى .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الزخرف
" فَأَنْشَرَنا بِه بَلْدَةً مَّيْتاً " أي أحيينا ونشرت الأرض أي حييت قال الأعشى :
حتى يقول الناس مما رأوا ... يا عجباً للميِّشت الناشر
" وَهُوَ الّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ الْفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُا عَلَى ظُهُوِرِه " التذكير ل " ما " .
" وَمَا كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ " ضابطين ، يقال : فلان مقرن لفلان أي ضابط له مطيق ، قال الكميت :
ركبتم صْعبتي أَشَرّاً وحَيْناً ... ولستم للصِّعاب بمُقْرنِينا
" مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً " أي نصيباً .
" أَوْ مَنْ يُنْشَؤُ فِي الْحِلْيَةِ " يعني الحلى وهذه الجواري .
" عَلَى أُمَّةٍ " على ملة واستقامة .
" وَإْذ قَال إِبْرَاهِيمُ " معناها وقال إبراهيم .
" إنّنِي بَرَاءٌ " مجازها بلغة علوية يجعلون الواحد والاثنين والثلاثة من الذكر والأنثى على لفظ واحد وأهل نجد يقولون : أنا بريء وهي بريئة ونحن براء للجميع .
" وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ " معناها هلا .
" سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ " واحدها سقفٌ مجازها مجاز رهنٍ ورهنٍ قال قعنب بن أم صاحب :
بانت سُعاد وأَمسَى دونها عَدَنُ ... وغَلِقتْ عندها من قبلك الرُّهُنُ
ومن قال سقفاً فهو جمع السقفة .
" وَمَعَارِجَ " المعارج الدرج قال جندل بن المثنى :
يا رَبِّ رَبَّ البيت ذِي المَعارِجِ
" وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لهُ شَيْطاناً " تظلم عينه عنه كأن عليها غشاوة ، يقول : من يمل عنه عاشياً إلى غيره ، وهو أن يركبه على غير تبين قال الحطيئة :
متى تِأتِهِ تعشو إلى ضَوءِ نارِه ... تجدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ مُوقِدِ
" فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ " محازها فإن نذهبن بك .
" أَلَيْسَ ليِ ملْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرِون أَمْ أَنَا خَيْرُ مِّنْ هَذَا الّذِي هُوْ مَهِينٌ " مجازها بل أنا خير من هذا .
" فَلَمَّا آسَفُوناَ " أغضبونا ويقال : قد أسفت غضبت .
" إذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ " من كسر الصاد فمجازها يضجون ومن ضمها فمجازها يعدلون .
" وَلأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ " البعض ها هنا الكل قال لبيد بن ربيعة :
ترّاكُ أمكنةٍ إذا لم ارضها ... أو يعتلقْ بعضَ النفوسِ حِمامُها
الموت لا يعتلق بعض النفوس دون بعض .
" تُحْبَرُونَ " تسرون محبور مسرور قال العجاج :
فالحمد لله الذي أعطى الْحَبَرْ
" وَأَكْوابٍ " الأكواب الأبارق التي لا خراطيم لها .
" أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً " أم أحكموا .
" قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ " " إن " في موضع " ما " في قول بعضهم : ما كان للرحمن ولد الفاء مجازها مجاز الواو : ما كان للرحمن ولد وأنا أول العابدين ، قال الفرزدق :
أولئك قوم إن هجوني هجوتهم ... وأعبد إن أهجو عبيدا بدارِمِ
وقال آخرون : محازها : إن كان في قولكم للرحمن ولد فأنا أول العابدين أي الكافرين بذلك والجاحدين لما قلتم وهي من " عبد يعبد عبداً " .
" وَقِيلَهُ يَا رَبِّ " نصبه في قول أبي عمرو على " نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنْجَواهُمْ " وقيله ونسمع قيله وقال غيره : هي في موضع الفعل : ويقول .
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الدخان
" فِيهَا يُفْرَقُ " يفصل ويقسط .
" إنَّا كُنَّا مُرْسِلينَ رَحَمْةً مِنْ رَبِّكَ " نصب على مجاز نصب المصادر . قال أبو عبيدة : سمعت ابن عون يقول : قد مضى الدخان وزعم غيره أن الدخان هو الجدب والسنون التي دعا النبي صلى الله عليه فيها على مضر ، اللهم اشدد وطأتك على مضر ، وقال بعضهم وطدتك .
" يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى " يقال : إنها يوم بدر .
" وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً " ساكناً : يقال : أره على نفسك أي ارفق بها ولا تخرق . يقال : عيشٌ راه ، قال بشر بن أبي خازم :

فإن أَهْلِكَ عُمَيْرُ فربَّ زَحْفٍ ... يُشْبَّه نَقْعُه رَهْواً ضبابا
" أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّع " ملوك اليمن كان كل واحد منهم يسمى تبعاً لأنه يتبع صاحبه وكذلك الظل لأنه يتبع الشمس وموضع تبع في الجاهلية موضع الخليفة في الإسلام وهم ملوك العرب الأعاظم .
" يَوْمَ لاَ يُغْنِى مَوْلىً عَنْ مَوْلىً شَيْئاً " ابن عم عن ابن عم .
" ذُقْ إنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ " في الدنيا .
" وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ " جعلناهم أزواجاً كما تزوج النعل بالنعل جعلناهم اثنين اثنين جميعاً بجميع .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الجاثية
" مِنْ وَرَائهِمْ جَهَنَّمُ " أي من بين أيديهم .
" لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللّه " لا يخافون .
" عَلَى شَرِيعَةٍ " على طريقة وسنة .
" هَذَا بَصَائرُ لِلنَّاسِ " مجازها : هذا القرآن بصائر للناس .
" أَمْ حَسبَ الّذينَ اجْتَرَحُوا السَّيئاتِ " اكتسبوا " أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالّذِينَ آمَنُوا وَعَمُلوا الصَّالحاتِ " تم الكلام ثم استأنف فقال " سَوَاءٌ مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهْمْ " أي سواء حياة الكافر ومماته هو كافر حياته ومماته والمؤمن مؤمن حياته ومماته .
" يَوْمَ الْقِيَامَةَ لا رَيْبَ فِيهِ " عاد إلى اليوم أي لا شك فيه في اليوم .
" وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيةً " على الركب ، قال الكميت :
هُم تركوا سَرَاتَكُمُ جُثيِاًّ ... ومَنْ بَعد السراة مُغْرَبَلينا
" إنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتمٌ تَعْمَلُونَ " أي نثبت .
" وَقَيِل الْيَوْمَ نَنَسَاكُمْ " أي نترككم نخرجكم من رحمتنا " كما نَسِيتُمْ " كما تركتم .
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الأحقاف
" أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أَرُوِني مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ " ما " هاهنا في موضع جميع.
" أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ " أي بقية وقال راعي الإبل :
وذاتِ أَثارةٍ أَكلتْ عليه ... نباتاً في أكمِتّه قَفَارا
أي بقية من شحمٍ أكلت عليه . ومن قال أثرة فهو مصدر أثره يأثره يذكره .
" قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسِل " ما كنت أولهم معناها بدأ من الرسل قال الأحوص :
فخرتْ فانْتمتْ فقلتُ انظريني ... ليس جهل أَتيتِه ببديعِ
" أَوْزِعْنِي " أَلهمنْي ، أصلها من وزعت أنا دفعته وأوزعني أي ألهمني .
" إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ " أحقاف الرمال قال العجاج :
باتَ إِلى أَرطاة حِقّذفٍ أَحْقَفا
وإنما حقفه اعوجاجه .
" أَجِئْتَنَا لِتأْفِكَنَا عَنْ آلِهِتنَا " لتصرفنا عن آلهتنا .
" عَاِرضٌ مُمْطِرُنَا " يريد ممطر لنا وعارض نكرة وممطرنا معرفة وإنما يجوز هذا الفعل ولا يجوز في الأسماء في قول العرب ، لا يجوز هذا رجل غلامنا والعارض السحاب الذي يرى في قطر من أقطار السماء من العشي ثم يصبح وقد حبا حتى استوى .
" أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِ الْمَوْتَى " مجازها قادر العرب تؤكد الكلام بالباء وهي مستغنى عنها .
" لَمْ يَلْبَثُوا إلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ " رفع للاستئناف .
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة محمد صلوات الله عليه
" وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ " حالهم .
" فَإِذَا لَقِيُتمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فضَرْبَ الرِّقَابِ " كقول العرب : يا نفسي صبراً قال حرى بن ضمرة بن ضمرة النهشلي :
يا نفس صبراً على ما كان من مضَضٍ ... إذ لم أجد لفضول القول أقرانا
ولغة بني تميم يا نفس ويا عين ، في موضع يا نفس اصبري .
" فَإِمَّا مَنَّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً " نصبهما لأنهما في موضع فعلهما مجازها فإما أن تمنوا وإما تفادوا مثل سقياً ورعياً إنما هو سقيت ورعيت مثل قولك : مهلاً للأنثى والذكر والاثنين والجميع وهي في موضع أمهل وقد فعلوا هذا في غير مصدر أمروا به .
" عَرَّفَهَا لَهُمْ " بينها لهم وعرفهم منازلهم .
" بِأَنَّ اللَّه مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا " ولي الذين آمنوا .

" مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ " الآسن المتغير الريح يقال : قد أَسَن ماء رَكِيّتك .
" وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ " من هاهنا في موضع جميع .
" فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا " أعلامها وإنما سمي الشرط فيما نرى لأنهم أعلموا أنفسهم وأشراط المال صغار الغنم وشراره قال جرير :
تَساقُ مِن المْعِزَى مُهورُ نسائِهم ... وفي شَرَط المْعِزَى لهنَّ مُهُورُ
" سَوَّلَ لَهُمْ " زين لهم .
" فيِ لَحْنِ القَوْلِ " في فحوى القول ، يقال : فلان ألحن بحجته من فلان .
" حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرينَ " حتى نميز .
" فَلاَ تَهِنُوا " وهن يهن .
" وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكَمْ " لن ينقصكم لن يظلمكم وترتني حقي ظلمتني .
" فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلوا " يقال : أحفاني بالمسألة وألحف على وألح ، قال أبو الأسود : لن تمنع السائل الحفي بمثل المنع الخامس .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الفتح
قوله جل ثناؤه " عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ " تدور عليهم قال حميد :
ودائراتِ الدهر أن تَدورا
" وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ " تعزروه : تعظموه .
" وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً " هلكى .
" وَالْهَدْىَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ " محبوساً واحداً في قول أبي عمرو بن العلاء هدية مثل جدية السرج والرحل وهما البدادان ، وعامة العرب يقولون : هدية وهدايا .
" فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَّعرَّةٌ " جناية كجناية العر وهو الجرب .
" لَوْ تَزَيَّلُوا " لو انمازوا .
" الَحِمَّيَة " يقال : حميت أنفي حِميةً ومحمية وحميت المريض حمية وحميت القوم العدو والحمى منعتهم حمايةً قال الفرزدق :
كأن رُبَيْعاً من حماية منقرٍ ... أتان دعاها للوِداق حمارُها
وأحميت الحمى جعلته حماءً لا يدخل وأحميت الحديدة وأحميت النار الرجل أغضبته على إحماءً .
" ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوَارِة وَمَثَلُهُمْ في الإنْجِيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ " والعرب قد تبدأ بالشيء ثم تجيء ما يكون قبله بعده قال لبيد :
فوضعتُ رَحِلي والقرِابَ ونُمْرُقى ... ومكانهن الكُورُ والنِّسْعانِ
" أَخْرَجَ شَطْأَهُ " أخرج فراخه يقال : قد أشطأ الزرع فهو مشطئ إذا فرخ .
" فَآزَرَهُ " ساواه ، صار مثل الأم . " فَاسْتَغْلَظَ " غلظ .
" فَاسْتَوَى عَلَى سَوقِهِ " الساق حاملة الشجرة .
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الحجرات
" يَا أَيُّهَا الذَّيِن آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَرَسُوِلهِ " تقول العرب : فلان يقدِّم بين يدي الإمام وبين يدي أبيه يعجل بالأمر والنهى دونه .
" أَولِئَك الَّذِينَ امْتَحَنَ اللّهُ قلوبَهُمْ لِلتَّقْوَى " من المحنة امتحنه اصطفاه .
" إنَّ الَّذِينَ يُنَادُوَنكَ مِنْ وَرَاءِ الُحْجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلون " واحدتها حجرة قال :
أَمَا كان عبَّاد كفّياً لِدارهم ... بلى ولأبياتٍ بها الحجراتُ
يقول بلى ولبنى هاشم والذين نادوه صلى الله عليه وسلم من بني تميم وفي قراءة عبد الله بن مسعود : " وأكثرهم بنو تميم لا يعقلون " .
" حَتَّى تَفِيَء إلَى أَمْرِ اللهِ " ترجع .
" لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّنْ قَوْمٍ " جزم لأنه نهىٌ .
" وَلاَ تَلْمِزوا أَنْفُسَكُمْ " أي لا تعيبوا أنفسكم ، و " يَلمِزُكَ فيِ الصَّدَقَاتِ " يعيبك " بِالأَلْقَابِ " والأنباز واحد .
" وَلاَ تَجَسَّسُوا " وتجسسوا سواء والتجسس التبحث يقال رجل جاسوس وقال رؤبة :
لاَ تمكن الخَنَّاعَة الناموسا ... وتَحصِب اللعَّابَة الجاسوسا
حصْبَ الغُواتِ العَوْمَجَ المنسوسا
الجاسوس والناموس واحد العومج : الحية والمنسوس المسيل وإنما سميت عومجاً لأنها تعمج أي تجيء على غير قصد ويقال : : تعمج السيل قال العجاج :
تدافُعَ السِّيل إذا تعمّجا
" وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ " يقال : من أي شعب أنت ؟ فيقول من مضر بن ربيعة ، والقبائل دون ذلك قال ابن أحمر :

مِن شعَبْ هَمْدَانَ أَو سَعْد العشيرة أو ... خولان أَو مَذحِجٍ هاجوا له طَرَباً
وقال الكميت بن زيد الأسدي :
جمعتَ نِزاراً وهْي شتّى شعوبها ... كما جمْعت كفٌّ إليها الأباخسا
" لِتَعَارَفُوا " من الآية الأولى ثم ابتدأت " إنَّ أَكْرَمَكمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكمْ " ولو عملت لقلت أن أكرمكم عند الله .
" لاَ يَأْلِتْكِم مِنْ أَعْمالِكْم شَيْئاً " أي لا ينقصكم لا يحبس وهو من ألت يألت وقوم يقولون : لات يليت وقال رؤبة :
وليلةٍ ذات نَدى سَرَيتُ ... ولم يلتني عن سارها لَيْتُ
وبعضهم يقول : ألاتني حقي وألاتني عن وجهي وعن حاجتي أي صرفني عنها قال الحطيئة :
أبلغ سَراة بني كَعْبٍ مُغَلْغلةً ... جَهْدَ الرسالة لا أَلتاً ولا كَذِبا
" ثمَّ لَمْ يَرتَابُوا " لم يشكوا .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة ق
قوله عزت قدرته : " ق " مجازها مجاز أوائل السور .
" ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ " ردٌ بعيدٌ .
" فَهُمْ فيِ أَمْرٍ مَرِيجٍ " مختلط ، يقال : قد مرج أمر الناس اختلط وأهمل قال أبو ذؤيب :
فخَرَّ كأنه حُوطٌ مَرِيجُ
أي سهم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف بك إذا بقيتَ في حُثالة من الناس مَرِجتْ عهودُهم وأماناتهم " أي اختلطت .
" مَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ " أي فتوق واحدها فرج وفتق .
" مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ " أي حسن .
" تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ " نصبها كنصب المصادر .
" وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ " طوال ويقال : جبل باسق وحسبٌ باسق قال ابن نوفل لابن هبيرة :
يا بنَ الذين بفضلهم ... بَسَقتْ على قَيْسٍ فزارهْ
" طَلْعٌ نَضِيدٌ " منضود .
" كَذِلِك الْخُروجُ " يوم القيامة قال العجاج :
أليس يوم سُمّى الخروجا ... أَعظمَ يوم رَجّةً رَجُوجا
" وَأَصْحَابُ الرَّسِّ " المعدن وكل ركية لم تطو قال الجعدي :
سَبَقتُ إِلى فَرَطٍ ناهلٍ ... تنابلةً يحفِرون الرِّساسا
" أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ " وريداه في حلقه والحبل حبل العاتق قال الشاعر :
كأنْ وَريديه رِشاءُ خُلْبِ
فأضافه إلى الوريد كما أضاف الحبل إلى العاتق .
" وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلمْتُقَّيِن " قربت .
" فَنَقَّبُوا فيِ الْبِلاَدِ " طافوا وتباعدوا قال امرؤ القيس :
لقد نَقَّبْتُ في الآفاق حتى ... رَضيتُ من الغنيمة بالإياب
" مِنْ مَحِيصٍ " من معدل .
" أَلْقَى السَّمْعَ " استمع يقول الرجل للرجل : ألق إلى سمعك أي استمع مني .
" ذَلِكَ يَوْمُ الْخُروجِ " يوم القيامة .
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الذاريات
" وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً " هي الريح وناس يقولون : المذريات للريح ، ذر وأذرت لغتان .
" فَالْحَامِلاَتِ وِقْراً " السحاب .
" فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً " السفن .
" فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً " الملائكة .
" وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ " الطرائق ومنها سمي حباك الحائط الإطار وحباك الحمام طرائق على جناحيه ، وطرائق الماء حبكه وقال زهير :
مُكَللٌ بأصول النَّجم تَنْسِجه ... ر يحٌ خَرِيقٌ لضاحِي مائه حُبُكُ
" يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِك " يدفع عنه ويحرمه كما تؤفك الأرض .
" قُتِلَ الْخرَّاصُونَ " المتكهنون .
" يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ " يوم الحساب ، متى يوم الدين .
" ذُوقَوا فِتْنَتَكُمْ " تم الكلام ثم جاء هذا بعد ائتناف .
" إِنَّ الْمتَّقِينَ في جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذينَ " انتصب لأن الكلام قد تم خبره فإن شئت رفعته وإن شئت أخرجته إلى النصب .
" كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ " أي يهجعون قليلاً من الليل .
" وَفِي السَّماءِ رِزْقُكْم وَما تُوعَدُونَ " فيه مضمر مجازه : عند من في السماء رزقكم وعنده ما توعدون ، وفي آية أخرى " أَيّتُهَا العِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقونَ " ، " وَسَلِ الْقَرْيَةَ " فهذا كله فيه إضمار والعرب تفعل ذلك قال نابغة بني ذبيان :
كأنك من جِمال بني أُقَيْشٍ ... يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيِهْ بِشَنِّ

أراد كأنك جملٌ من جمال بني أقيش ، وقال الأسدي :
كذبتم وبيتِ اللهِ لا تَنْكحونها ... بني شاب قَرْناها تَصُرُّ وَتَحْلُبُ
فيه ضمير " التي " شاب قرناها . وقوله " وسل القرية " سل من في القربة .
" إِنَّه لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ " مجازها : كما أنكم تنطقون .
" هْلْ أَتَاكَ حِدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلوا عَلَيْهِ " ضيف مثل خصم يقع على الواحد والجميع .
" قَالوا سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ " قال تجيء للحكاية وفي موضع فعل يعمل فجاءت المنصوبة وقد عمل فيها " قالوا " وجاء المرفوع كأنه حكاية .
" فَرَاغَ إِلى أَهْلِهِ " عدل إلى أهله .
" فأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً " أضمر خيفة أي خوفاً .
" فِي صَرّةٍ " شدة صوت ، يقال : أقبل فلان يصطر أي يصوت صوتأً شديداً .
" قَالَتْ عَجُوزٌ عَقيمٌ " مختصر أي أنا عجوز عقيم .
" مُسَوَّمَةً " معلمة ويقال : إنه كان عليها مثل الخواتيم .
" فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ " وبجانبه سواء إنما هي ناحيته . " وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ " أو ها هنا في موضع الواو التي للمولاة لأنهم قد قالوهما جميعاً له قال جرير :
أَثعلبَة الفوارس أو رياحا ... عدَلَتْ بهم طُهَيّةَ والخِشابا
الخشاب بنو رزام بن مالك وربيعة وكعب بن مالك بن حنظلة .
" أَتَوَاصَوْا به " أتواطئوا عليه وأخذه بعضهم عن بعض وإذا كانت شيمة غالبة على قوم قيل كأنما تواصوا بكذا وكذا .
" فَتَولَّ عَنْهُمْ " أي أعرض عنهم واتركهم قال حصين بن ضمضم
أمّا بنو عَبْس فإنَّ هَجِينهم ... ولّي فوارسُه وأَفِلت أَعْورا
والأعور الذي عور فلم يقض حاجته ولم يصب ما طلب قال العجاج :
وعوّر الرحمنُ مَن ولّى العَوَرْ
وليس هو من عور العين ويقال للمستجيز الذي يطلب الماء فإذا لم يسقه قيل : قد عورت شربه قال الفرزدق :
متى ما تردْ يوماً سَفارِ تجدْ به ... أَدْيهِمَ يرمى المستَجيزَ المعوّرا
" فَإِنَّ للِذّينَ ظَلمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابهمْ " أي نصيباً قال علقمة بن عبدة :
وفي كل يوم قد خبطْتَ بنائلٍ ... فحُقَّ لشأشٍ مِنَ نداك ذَنُوبُ
فقال الملك وأذنبه ، أي نصيب . وإنما أصلها من الدلو والذنوب والسجل واحد وهو ملء الدلو وأقل قابلاً ، قال الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب :
مَن يساجِلْني يساجلْ ماجداً ... يملأ الدلوَ إلى عَقْد الَكرَبْ
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الطور
" والطورِ " هو الجبل في كلام العرب .
" وَكِتَابٍ مَسْطورٍ " أي مكتوب وقال رؤبة :
إني واياتٍ سُطِرن سطرا
" فِي رَقٍّ " أي في ورق .
" وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ " الكثير الغاشية .
" وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ " بعضه في بعض من الماء قال النمر بن تولب :
إذا شاء طالعَ مسجُورةً ... ترى حولها النَّبَع والسَّاسَما
سَقَتْها رَواعدُ من صَيِّفٍ ... وإنْ من خَريفٍ فلن يَعْدَما
" يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْراً " أي تكفأ قال الأعشى :
كأن مشيتَها من بيْت جارتها ... مَورُ السحابة لا رَيثٌ ولا عَجَلُ
وهو أن ترهيأ في مشيتها أي تكفأ كما ترهيأ النخلة العيدانة .
" الّذينَ هُمْ في خَوْض يَلْعَبُونَ " الخوض الفتنة والاختلاط .
" يَوْمَ يُدَعُّونَ إلَى نَارِ جَهَنَّمَ " أي يدفعون ، قال : دععت في قفاه أي دفعت وفي آية أخرى " يَدُعُّ الْيَتِيمَ " وقال بعضهم : يدع اليتيم مخففة . " دَعَّا هَذِهِ النَّارُ " مختصر مخرجه : فيقال : هذه النار .
" أَفَسِحْرٌ هَذَا " ليس باستفهام بل هو توعد .
" إِنَّ الْمُتَّقِينَ في جَنَّاتٍ وَنَعِيم فَكِهِينَ " لأن نصبت مجازها مجاز الاستغناء فإذا استغنيت أن تخبر ثم جاء خبر بعد فإن شئت رفعت وإن شئت نصبت ومعناها : متفكهين ، قال صخر بن عمر وأخو خنساء :
فَكِهٌ على حين العِشاء إذا ... ما الضَّيْفُ أَقبَلْ مُسْرعاً يَسِرى
ومن قرأها " فاكهين " فمجازها مجاز ، " لابن " و " تامر " أي عنده لبن كثير وتمر كثير .

" وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عينٍ " مجازها : جعلنا ذكران أهل الجنة أزواجاً بحور عين من النساء ، يقال : للرجل : زوّج هذا الفعل الفرد أي اجعلهما زوجاً .
" وَمَا أَلتَنْاَهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ " أي ما نقصناهم ولا حسبنا منه شيئاً وفيه ثلاث لغات " ألت يألت " تقديرها : أفل يأفِل وألاتَ يُليتَ ، تقديرها : أقال يُفيل ولات يليت قال رؤبة :
وليلةٍ ذات ندى سَريتُ ... ولم يَلْتني عن سُراها لَيْتُ
" مِنْ عَمَلِهمْ مِنْ شَيْءِ " مجازها : ما ألتناهم شيئاً والعرب تفعل هذا تزيد " من " قال أبو ذؤيب :
جزيتكِ ضِعفَ الحب لما استثبتِه ... وما إن جَزاكِ الضعفَ مِن أحد قبليِ
معناها أحد قبلي لأن " من " لا تنفع ولا تضر .
" يَتنَازَعُونَ فيِهَا كَأْساً " يتعاطون أي يتداولون قال الأخطل :
نازعته طَيِّبَ الراِح الشَّمُول وقد ... صاح الدَّجاجُ وحانت وقعة الساري
" كَأَنْهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكُنونٌ " مصون .
" عَذَابَ السَّمُوم " عذاب النار .
" فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ أَمْ يَقُولُونَ " مجازها : بل يقولون ، وليست بجواب استفهام قال الأخطل :
كذبتك عينُك أم رأيتَ بواسطٍ ... غَلَسَ الظَّلام من الرّباب خيالا
لم يستفهم إنما أوجب أنه أرى بواسط غلس الظلام من الرباب خيالا .
" أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَذَا " بل تأمرهم أحلامهم بهذا ثم رجع فقال : " أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغونَ " .
" أَمْ همْ الْمُصَيِطرُونَ " أم هم الأرباب ويقال : تصيطرتَ علىَّ اتخذَتني خَوَلاً .
" أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ " هي السلم وهو السلم ومجاز " فيه " به وعليه وفي القرآن : " وَلأُصَلِّبَنَّكمِ في جُذوعِ النَّخْلِ " إنما هو على جذوع النخل والسلم السبب والمرقاة قال الشيباني :
همُ صَلبوا العَبْدِي في جِذع نخلةٍ ... فلا عَطَسَتْ شيبانُ إلاّ بأَجْدعا
وقال ابن مقبل :
لا تحرِزُ المرءَ أَحجاءُ البلاد ولا ... يُبنَى له في السموات السَّلاليمُ
ويقول الرجل : اتخذتني سلماً لحاجتك أي سبباً .
" أَمْ عِنْدُهُم الَغْيبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ " فهم يخبرون بما شاءوا ويثبتون ما شاءوا .
" وَإِنْ يَرَوْا كِسَفاً منَ السَّمَاء سَاقِطاً " أي قطعاً وواحد الكسف كسفة مثل سدرة وسدر .
" سَحَابٌ مَرْكُومٌ " بعضه على بعض ركام .
" وَإِدْبَارَ النُّجُومِ " من كسر الألفَ جعله مصدراً ومن فتحها جعلها جميع دبر .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة النجم
قوله : " وَالنَّجْم إذَا هَوَى " قسمٌ والنجم النجوم ذهب إلى لفظ الواحد وهو في معنى الجميع قال راعي الإبل :
وباتتْ تَعُدُّ النجم في مُسْتحِيرةٍ ... سَريعٍ بأيدي الآكلين جُمُودها
مستحيرةٍ في إهالة جعغلها صافية لأنها من شحم وارٍ ولو كان هِرطاً لا خير فيه لجاء كَدِراً قليلاً .
" وَمَا غَوَى " يغوزى من الغي والغاوي فأما من قال غَوِىَ يغوىَ تقديرها " شِقَي يَشقَى " فهو من اللبن يبشم عنه يقال : غوِىَ الفصيل يغوى إذا بَشِم .
" وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى " أي ما ينطق بالهوى .
" قَابَ قَوسَيْنِ " قدر قوسين وقاد ، وقيدٌ وقدى قوسين مثلها .
" أَو أَدْنى " أو أقرب .
" شَدِيدُ القُوَى " جماع القوة .
" ذُو مِرَّةً فاسْتَوَى " ذو شدة وإحكام ، يقال : حبل ممر أي مشدود .
" مَا زَاغَ الْبَصَرُ " ما عدل ولا جار .
" مِنْ آيَاتِ رَبَّهِ الْكُبْرَى " من أعلام ربه الكبرى وعجائبه .
" الّلاتَ وَالْعُزَّى وَمَناَةَ الثّالِثَةَ " أصنام من حجارة كانت في جوف الكعبة يعبدونها .
" أَلَكُمُ الذّكَرُ وَلَهُ الأنْثَى " مجازه : مكفوف عن خبره .
" قِسْمَةُ ضِيزَى " ناقصة ضزته حقه ، وضزته حقه تضيزه وتضوزه تنقصه وتمنعه . أبو عبيدة قال : ربما همزها قوم فقال أضأزته وأنا أضأزه وهي من ضيزى .

" الّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَأرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشِ إلّا الّلمَمَ " لم يؤذن لهم في اللمم وليس هو من الفواحش ولا من كبائر الإثم وقد يستثنى الشيء من الشيء وليس منه على ضمير قد كف عنه فمجازه : إلاّ أن يُلِمَّ مُلِمٌّ بشيء ليس من الفواحش والكبائر قال الشاعر :
ولدةٍ ليس بها أنيس ... إلاّ اليَعافيرُ وإلا العِيسُ
اليعافير : الظباء والعيس من الإبل وليس من الناس فكأنه قال : ليس بها أنيس غير أن ظباء وإبلاً وقال بعضهم : اليعفور من الظباء الأحمر والأعيس الأبيض من الظباء .
" وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنّةٌ في بُطونِ أُمَّهَاتِكُمْ " وهو جمع جنين ، تقديره سرير وأسرة .
" وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدى " معنى أكدى " : قطع ، اشتقت من كدية الركية وكدية الرحل وهو أن يحفر حتى ييئس من الماء فيقول : بلغنا كديتها .
" وَأَنّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى " عمله .
" مِنْ نُطْفَةٍ إذَا تُمْنَى " إذا تخلق وتقدر ، ويقال : ما تدري ما يمنى لك الماني ما يقدر لك القادر .
" وَأَنَّ عَلَيْهِ النّشْأَةَ الأخْرَى " يحيى الموتى : " وَأَنّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى " أغنى أقواماً وجعل لهم قنية أصل مالٍ .
" وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى " المؤتفكة المخسوف بها .
" أَزِفَتِ الآزِفَة " أي دنت القيامة .
" وَأَنْتم سَامِدُونَ " لاهون ، يقال : دع عنك سمودك .
بسم الله الرحمن الرحيم

سورة القمر
" سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ .
" مُهْطِعِينَ إِلى الدّاعِ " مسرعين .
" وَازْدُجِرَ " افتعل من زجر .
" فَالْتَقى المْاَءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِر " مجازه : الماء الذي خرج من الأرض وما سال من السماء .
" أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ " الدسر المسامير والخزر واحدها دسار ، يقال هات لي دساراً .
" مُدَّكِرٍ " مذتكر فلما أدغم التاء في الذال تحولت الذال دالاً .
" صَرْصَراً " شديدة ذات صوت .
" مُسْتَمِرٍ " شديد قد استمر .
" أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعرٍ " أسافل نخلٍ منقلع من أصله ، يقال : هي النخل وهو النخل فمجازها ها هنا : لغة من ذكر وفي آية أخرى " أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ " في لغة من أنث .
" ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ " جميع سعيرة .
" أَأُلْقِىَ الذِّكرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا " أجاءه الذكر كما تقول : ألقيت عليه مسئلة وألقيت عليه حسابا .
" الأشِرُ " ذو التجبر والكبرياء وربما كان النشاط .
" كَهَشِيمِ الْمُحْتَظَرِ " صاحب الحظيرة والمحتظر هو الحظار ، والهشيم ما يبس من الشجر أجمع .
" أَرّسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً " حجارة والحاصب أيضاً يكون من الجليد قال الفرزدق :
مستقبلين شمال الشام تضربنا ... بحاصبِ كَندِيفٍ القُطنِ منثورِ
على عمائمنا يُلقى وأَرْحِلنا ... على زَواحِف تزجِى مخَّهاريرِ
" فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهْمُ " لا يرى شق العين والريح تطمس الأعلام .
" فَعلُوهُ فِي الزُّبُرِ " جماعة زبور ويقال : زبرت الكتاب وذبرته .
" مُسْتَطَرٌ " أي مفتعل مكتوب ، مجازها مجاز مسطور .
" فيِ جَنَّاتٍ ونَهَرٍ " مجازها : أنهار .
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الرحمن
" الشّمْسُ وَالقَمَرُ بِحُسْبَانٍ " جميع حساب مثل شهبان وشهاب .
" وَالْنَّجْمُ وَالشّجَرُ يَسْجُدَانِ " الشجر ما كان على ساق والنجم ما نجم من الأرض ولم يكن على ساق ومجازها على الأشجار وثنى فعلهما على لفظهما .
" أَلاّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ " أن لا تظلموا وتنقصوا .
" وَلاَ تُخْسِرُوا " أي لا تظلموا وتنقصوا ، بالقسط والعدل .
" وَضَعَها لِلْأَنَامِ " للخلق .
" وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ " واحدها كم .
" وَالَحْبُ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ " تخرج له عصيفة وهي أذنته أعلاه وهو الهبوذ وأذنه الثمام زيادته وكثرته وورقه الذي يعتصف فيؤكل قال علقمة ابن عبدة :
تَسقى مَذانبَ قد مالت عَصِيفتُها ... حَدُورُها من أَنِىِّ الماء مَطمومُ
طمها ملأها لم يبق فيها شيء وطم إناءه ملأه . والريحان الحب منه الذي يؤكل ، يقال : سبحانك وريحانك أي رزقك قال النمر بن تولب :
سماء الإلِه ورَيْحَانُهُ ... وجنّته وسماءٌ دِرَرْ

أقسام الكتاب
1 2 3