كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

أَوْ زَوْجًا لَهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ ( وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ ) أَيْ الْمُكَاتَبِينَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ ( شَيْءٌ ) مِنْ الْمَالِ الَّذِي كُوتِبُوا بِهِ ( بِمَوْتِ وَاحِدٍ ) مِنْهُمْ أَوْ عَجْزِهِ .
فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ عَبِيدَهُ فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْقَضَاءُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ضَامِنٌ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ وَلَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ ، وَلَهُ أَخْذُ الْمَلِيءِ مِنْهُمْ بِالْجَمِيعِ وَلَا يُوضَعُ عَنْهُمْ شَيْءٌ بِمَوْتِ أَحَدِهِمْ ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَحَدِهِمْ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ رَجَعَ مَنْ أَدَّى عَلَى بَقِيَّتِهِمْ بِحِصَّتِهِمْ مِنْ الْكِتَابَةِ بَعْدَ أَنْ تُقَسَّمَ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ قُوَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْأَدَاءِ يَوْمَ الْمُكَاتَبَةِ لَا عَلَى قِيمَةِ رَقَبَتِهِ غ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَفْظُ يَرْجِعُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ حَتَّى يَعُمَّ كُلَّ رَاجِعٍ مِنْ مُكَاتَبٍ أَوْ وَارِثٍ أَوْ سَيِّدٍ ، وَيُنَاسِبَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَهُوَ لَفْظُ يُؤْخَذُ ، وَعَلَى الدَّافِعِ مُتَعَلِّقٌ بِ يَعْتِقُ ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُكَاتَبُ الَّذِي دَفَعَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ ، سَوَاءٌ بَاشَرَ الدَّفْعَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَنُصُوصُهُ وَاضِحَةٌ .
وَأَمَّا الزَّوْجُ فَفِي آخَرِ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَرِثُهُ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا مَنْ يُؤَدِّي عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا الزَّوْجَةُ ، فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إنْ عَتَقَتْ بِأَدَائِهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي مَالِهِ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا مَنْ يَرِثُهُ مِنْ وَارِثٍ أَوْ سَيِّدٍ .
مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَرْجِعُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ إذَا أَدَّى عَنْهُ مَا يُعْتَقُ بِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ .

وَلِلسَّيِّدِ عِتْقُ قَوِيٍّ مِنْهُمْ ، إنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ وَقَوُوا ، فَإِنْ رُدَّ ، ثُمَّ عَجَزُوا : صَحَّ عِتْقُهُ
( وَ ) جَازَ ( لِلسَّيِّدِ عِتْقُ ) شَخْصٍ ( قَوِيٍّ ) عَلَى الْأَدَاءِ ( مِنْهُمْ ) أَيْ الْمُكَاتَبِينَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بِمَالٍ وَاحِدٍ ( إنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ ) بِعِتْقِهِ ( وَقَوُوا ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ الْوَاوِ الْأُولَى ، أَيْ كَانَتْ لَهُمْ قُوَّةٌ عَلَى الْأَدَاءِ بِدُونِهِ ، فَإِنْ أَبَوْا أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ قُوَّةٌ عَلَيْهِ بِدُونِهِ فَلَيْسَ لَهُ عِتْقُهُ .
الْجَلَّابُ لَا بَأْسَ أَنْ يَعْتِقَ السَّيِّدُ كَبِيرًا مِنْهُمْ لَا أَدَاءَ فِيهِ أَوْ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ السَّعْيَ فِي الْكِتَابَةِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتِقَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ إلَّا بِإِذْنِهِمْ .
ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ مَنْ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الْكَسْبِ فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِإِجَازَةِ الْبَاقِي وَقُوَّتِهِمْ عَلَى الْكَسْبِ .
( فَإِنْ رُدَّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا عَتَقَ قَوِيٌّ مِنْهُمْ ( ثُمَّ عَجَزُوا ) أَيْ الْمُكَاتَبُونَ عَنْ أَدَاءِ جَمِيعِ الْمُكَاتَبِ بِهِ وَصَارُوا أَرِقَّاءَ ( صَحَّ عِتْقُهُ ) أَيْ الْقَوِيِّ الَّذِي رَدُّوهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا رُدَّ لِحَقِّهِمْ ، وَقَدْ سَقَطَ فِيهَا مَنْ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ لَهُ قَوِيَّيْنِ عَلَى السَّعْيِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِتْقُ أَحَدِهِمَا ، وَيُرَدُّ ذَلِكَ إنْ فَعَلَ ، فَإِنْ عَجَزَا لَزِمَ السَّيِّدَ عِتْقُ مَنْ كَانَ أَعْتَقَ .

، وَالْخِيَارُ فِيهَا
( وَ ) جَازَ ( الْخِيَارُ فِي ) عَقْدِ ( هَا ) أَيْ الْكِتَابَةِ لِلسَّيِّدِ أَوْ لِلْعَبْدِ أَوْ لَهُمَا .
اللَّخْمِيُّ الْكِتَابَةُ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ بِالْخِيَارِ أَوْ الْعَبْدَ جَائِزَةٌ ، سَوَاءٌ كَانَ أَمَدُ الْخِيَارِ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَخَافُ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ زَادَهُ فِي الثَّمَنِ لِمَكَانِ الضَّمَانِ .

وَمُكَاتَبَةُ شَرِيكَيْنِ بِمَالٍ وَاحِدٍ لَا أَحَدِهِمَا ، أَوْ بِمَالَيْنِ ، وَبِمُتَّحِدٍ بِعَقْدَيْنِ ، فَيُفْسَخُ ، وَرِضَا أَحَدِهِمَا بِتَقْدِيمِ الْآخَرِ ، وَرَجَعَ لِعَجْزٍ بِحِصَّتِهِ : كَإِنْ قَاطَعَهُ بِإِذْنِهِ مِنْ عِشْرِينَ عَلَى عَشَرَةٍ ، فَإِنْ عَجَزَ : خُيِّرَ الْمُقَاطِعُ بَيْنَ رَدِّ مَا فَضَلَ بِهِ شَرِيكَهُ ، وَبَيْنَ إسْلَامِ حِصَّتِهِ رِقًّا ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآذِنِ وَإِنْ قَبَضَ الْأَكْثَرَ ، فَإِنْ مَاتَ : أَخَذَ الْآذِنُ مَالَهُ ، بِلَا نَقْصٍ ، إنْ تَرَكَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ

( وَ ) جَازَ ( مُكَاتَبَةُ شَرِيكَيْنِ ) رِقًّا لَهُمَا اسْتَوَى مِلْكُهُمَا مِنْهُ أَوْ اخْتَلَفَ ( بِمَالٍ وَاحِدٍ ) قَدْرًا ، أَوْ أَجَلًا وَاقْتِضَاءً عَلَى الشَّرِكَةِ ، فَلَوْ شَرَطَا أَنَّ لِكُلٍّ أَنْ يَقْتَضِيَ دُونَ شَرِيكِهِ فَسَدَ الشَّرْطُ ، وَكَانَ مَا اقْتَضَاهُ أَحَدُهُمَا بَيْنَهُمَا ، وَلَا تُفْسَخُ الْكِتَابَةُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا قَبْضُ نَصِيبِهِ دُونَ الْآخَرِ وَلَوْ شَرَطَهُ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَوْ شَرَطَهُ أَنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَرْضَى مُشْتَرِطُ التَّبْدِئَةِ بِتَرْكِ مَا شَرَطَهُ .
وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَقْبِضَ دُونَ صَاحِبِهِ فَسَدَ الشَّرْطُ ( لَا ) تَجُوزُ مُكَاتَبَةُ ( أَحَدِهِمَا ) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ دُونَ الْآخَرِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ كَاتَبَ الشَّرِيكَانِ مَعًا عَلَى مَالٍ وَاحِدٍ جَازَ بِخِلَافِ أَحَدِهِمَا ، وَبِخِلَافِ مَالَيْنِ .
وَفِيهَا إنْ كَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا وَلَوْ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لَمْ يَجُزْ ( أَوْ ) كَاتَبَاهُ بِ ( مَالَيْنِ ) مُخْتَلِفَيْنِ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ صِفَةً أَوْ أَجَلًا ( أَوْ ) كَاتَبَاهُ بِمَالٍ ( مُتَّحِدٍ ) قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً وَأَجَلًا ( بِعَقْدَيْنِ فَيُفْسَخُ ) عَقْدُ الْكِتَابَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ لِتَأْدِيَتِهِ لِعِتْقِ بَعْضٍ مِنْ الرَّقَبَةِ دُونَ تَقْوِيمِ بَاقِيهَا وَلِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ يَأْخُذُ مِنْهُ أَحَدُهُمَا خَرَاجًا وَالْآخَرُ نُجُومًا .
فِيهَا إنْ كَاتَبَ أَحَدُهُمَا حَظَّهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ كَاتَبَهُ الْآخَرُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لَمْ يَجُزْ إذَا لَمْ يُكَاتِبَاهُ جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً .
ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ عَقَدَا مُفْتَرِقَيْنِ بِمَالٍ وَاحِدٍ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَفْسَخُهَا .
وَفِيهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِلذَّرِيعَةِ إلَى عِتْقِ النَّصِيبِ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ ، وَيُفْسَخُ ذَلِكَ إنْ فَعَلَ

وَيُرَدُّ مَا أَخَذَ فَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ مَعَ رَقَبَةِ الْعَبْدِ ، سَوَاءٌ قَبَضَ الْكِتَابَةَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا .
( وَ ) إنْ كَاتَبَاهُ مَعًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَمَالٍ وَاحِدٍ وَأَجَلٍ وَاحِدٍ وَاقْتِضَاءٍ وَاحِدٍ جَازَ ( رِضَا أَحَدِهِمَا ) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ ( بِتَقْدِيمِ ) شَرِيكِهِ ( الْآخَرِ ) عَلَى نَفْسِهِ ( فِي قَبْضِ نَجْمٍ ) يَخْتَصُّ بِهِ الْآخَرُ لِيَأْخُذَ الْمُتَأَخِّرُ فِي الْقَبْضِ النَّجْمَ الَّذِي بَعْدَهُ يَخْتَصُّ بِهِ كَمَا اخْتَصَّ شَرِيكُهُ بِالْأَوَّلِ ، إذْ هُوَ كَالتَّسْلِيفِ ، فَإِنْ وَفَّى الْمُكَاتَبُ بِجَمِيعِ النُّجُومِ خَرَجَ حُرًّا ( وَ ) إنْ لَمْ يُوَفِّ ( رَجَعَ ) مَنْ رَضِيَ بِتَقْدِيمِ شَرِيكِهِ عَلَى شَرِيكِهِ ( لِعَجْزٍ ) مِنْ الْمُكَاتَبِ عَنْ أَدَاءِ النَّجْمِ الثَّانِي فَيَرْجِعُ ( بِحِصَّتِهِ ) مِمَّا قَبَضَهُ شَرِيكُهُ الْمُقَدَّمُ مِنْ الْمُكَاتَبِ ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَ فِيهَا ، وَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ فَقَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ بَدَأَنِي بِهِ وَخُذْ أَنْتَ النَّجْمَ الْمُسْتَقْبَلَ فَفَعَلَ ثُمَّ عَجَزَ الْعَبْدُ عَنْ النَّجْمِ الثَّانِي فَلْيَرُدَّ الْمُقْتَضِي نِصْفَ مَا قَبَضَهُ إلَى شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مِنْهُ لَهُ ، وَيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا .
تت هَذَا إذَا رَضِيَ بِتَقْدِيمِهِ فِي نَجْمٍ فَقَطْ ، وَأَمَّا إنْ رَضِيَ بِتَقْدِيمِهِ فِي جَمِيعِ حَقِّهِ فَتَارَةً يَكُونُ بَعْدَ مَحَلِّهِ وَتَارَةً قَبْلَهُ ، وَالْمَسَائِلُ ثَلَاثَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَلْنَذْكُرْهَا قَالَ فِي التَّهْذِيبِ إنْ حَلَّ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بَدِّئْنِي بِهِ وَخُذْ أَنْتَ النَّجْمَ الْمُسْتَقْبَلَ فَفَعَلَ ثُمَّ عَجَزَ الْعَبْدُ عَنْ النَّجْمِ الثَّانِي فَلْيَرُدَّ الْمُقْتَضِي نِصْفَ مَا قَبَضَ لِشَرِيكِهِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ ، وَيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُقْتَضِي بِخِلَافِ الْقِطَاعَةِ ، وَهُوَ كَدَيْنٍ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ مُنَجَّمًا فَبَدَأَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِنَجْمٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ هُوَ النَّجْمَ الثَّانِيَ فَفُلِّسَ الْغَرِيمُ فِي النَّجْمِ

الثَّانِي فَيَرْجِعُ صَاحِبُهُ ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مِنْهُ .
وَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْمُكَاتَبِ جَمِيعَ حَقِّهِ بَعْدَ مَحَلِّهِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَأَخَّرَهُ صَاحِبُهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَا رُجُوعَ لِلَّذِي أَخَّرَهُ عَلَى الْمُقْتَضِي ، وَيَعُودُ بَيْنَهُمَا ، وَهَذَا كَغَرِيمٍ لَهُمَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ مِنْهُ بَعْدَ مَحَلِّهِ وَأَخَّرَهُ الْآخَرُ ثُمَّ فُلِّسَ الْغَرِيمُ فَلَا يَرْجِعُ الَّذِي أَخَّرَهُ عَلَى الْمُقْتَضِي بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْلِفْ الْمُقْتَضِيَ شَيْئًا فَيَتْبَعُهُ بِهِ ، وَلَكِنَّهُ أَخَّرَ غَرِيمَهُ .
وَإِنْ تَعَجَّلَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ حَقِّهِ مِنْ النُّجُومِ قَبْلَ مَحَلِّهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَهَذَا يُشْبِهُ الْقِطَاعَةَ ، وَقِيلَ : لَيْسَ كَالْقِطَاعَةِ ، وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ عَجَزَ سَلَفًا مِنْ الْمُكَاتَبِ فَلِلْمُتَعَجِّلِ أَخْذُ الْقِطَاعَةِ الَّتِي أَذِنَ فِيهَا الشَّرِيكُ لِصَاحِبِهِ كَالْبَيْعِ ، لِأَنَّهُ بَاعَ حَظَّهُ عَلَى مَا تَعَجَّلَ مِنْهُ ، وَرَأَى أَنَّ مَا قَبَضَ أَفْضَلُ لَهُ مِنْ حَظِّهِ فِي الْعَبْدِ إنْ عَجَزَ ، قَالَ رَبِيعَةُ فَقُطَاعَتُهُ لِشَرِيكِهِ ، بِخِلَافِ عِتْقِهِ لِنَصِيبِهِ فِي الْعَبْدِ ، وَلَكِنَّهُ كَشِرَاءِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ ا هـ .
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ ، وَرَضِيَ أَحَدُهُمَا إلَخْ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفُ مَصْدَرٍ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ ( قَاطَعَهُ ) أَيْ نَجَّزَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عِتْقَ حِصَّتِهِ مِنْ مُكَاتَبِهِمَا بِمَالٍ مُعَجَّلٍ مِنْ الْمُكَاتَبِ ( بِإِذْنِهِ ) أَيْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَقَاطَعَهُ مِنْ عِشْرِينَ ) مُؤَجَّلَةٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَهِيَ حِصَّةُ مُقَاطَعِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ ( عَلَى عَشَرَةٍ ) حَالَّةٍ ( فَإِنْ ) أَدَّى الْمُكَاتَبُ الشَّرِيكَ مَالَهُ أَوْ قَاطَعَهُ مِنْ الْعِشْرِينَ الَّتِي لَهُ مِنْهَا عَلَى عَشَرَةٍ أَيْضًا مَثَلًا خَرَجَ حُرًّا وَإِنْ ( عَجَزَ ) الْمُكَاتَبُ قَبْلَ قَبْضِ شَرِيكِهِ مِثْلَ مَا قَبَضَ الْمُقَاطِعُ ( خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً

الشَّرِيكُ ( الْمُقَاطِعُ بَيْنَ رَدِّ مَا ) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي ( فَضَلَ ) الْمُقَاطِعُ ( بِهِ شَرِيكَهُ ) لِيُسَاوِيَهُ وَيَصِيرَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ ( وَ ) بَيْنَ ( إسْلَامِ حِصَّتِهِ ) أَيْ الْمُقَاطِعِ مِنْ الْعَبْدِ ( رِقًّا ) لِشَرِيكِهِ .
( وَ ) إنْ لَمْ يَعْجَزْ الْمُكَاتَبُ ، وَأَدَّى الْآذِنُ الْعِشْرِينَ الَّتِي لَهُ ، أَوْ أَكْثَرَهَا وَأَسْقَطَ عَنْهُ بَاقِيَهَا أَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْهُ وَعَادَ لِلرِّقِّ فَ ( لَا رُجُوعَ لَهُ ) أَيْ الْمُقَاطِعِ ( عَلَى الْآذِنِ ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الذَّالِ ( وَإِنْ قَبَضَ ) الْآذِنُ مِنْ الْمُكَاتَبِ ( الْأَكْثَرَ ) مِمَّا قَبَضَهُ الْمُقَاطِعُ مِنْهُ وَاوُهُ لِلْحَالِ وَإِسْقَاطُهَا أَوْلَى .
فِيهَا إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَاهُ مَعًا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُقَاطِعَهُ عَنْ حِصَّتِهِ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَقَاطَعَهُ مِنْ عِشْرِينَ مُؤَجَّلَةٍ هِيَ حِصَّتُهُ عَلَى عَشَرَةٍ مُعَجَّلَةٍ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مِنْهُ ، هَذَا مِثْلُ مَا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ خُيِّرَ الْمُقَاطِعُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ إلَى شَرِيكِهِ نِصْفَ مَا أَخَذَ مِنْ الْعَبْدِ ، وَيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا أَوْ يُسَلِّمَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَبْدِ إلَى شَرِيكِهِ رِقًّا .
مُحَمَّدٌ لَوْ اقْتَضَى الْآذِنُ تِسْعَةَ عَشَرَ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُقَاطِعِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْآذِنُ قَدْ فَضَلَهُ بِتِسْعَةٍ .
( فَإِنْ مَاتَ ) الْمُكَاتَبُ عَنْ مَالٍ ( أَخَذَ الْآذِنُ ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الذَّالِ ( مَا ) أَيْ الْعِشْرِينَ الَّتِي ( لَهُ ) فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ إنْ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهَا شَيْئًا أَوْ الْبَاقِي مِنْهَا إنْ كَانَ قَبَضَ بَعْضَهَا ( بِلَا نَقْصٍ إنْ ) كَانَ قَدْ ( تَرَكَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبُ الْمَالَ ثُمَّ يَكُونُ الزَّائِدُ مِنْهُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ لَهُمَا فِي الْعَبْدِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْمُكَاتَبُ ( مَالًا فَلَا شَيْءَ لَهُ ) أَيْ الْآذِنِ عَلَى الْمُقَاطِعِ .
فِيهَا لَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ مَالٍ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ

مِنْهُ جَمِيعَ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ بِغَيْرِ حَطِيطَةٍ حَلَّتْ أَوْ لَمْ تَحِلَّ ، ثُمَّ يَكُونُ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ بَيْنَ الَّذِي قَاطَعَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِمَا فِي الْمُكَاتَبِ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : طفي وَالْبَنَّانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِهِ : كَانَ قَاطَعَهُ فِي الْجَوَازِ دُونَ الرُّجُوعِ ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ هُنَا لَيْسَ كَالرُّجُوعِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ ، وَلِذَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهِ فِي قَوْلِهِ ، فَإِنْ عَجَزَ خُيِّرَ إلَخْ ، وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ قَرَّرَ الْمُوَضِّحُ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّذِي هُوَ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ .
الثَّانِي : طفي قَوْلُهُ : وَإِنْ قَبَضَ الْأَكْثَرَ ، أَيْ قَبَضَ جُلَّ حَقِّهِ ، وَهِيَ مُبَالَغَةٌ ، وَمَا قَبْلَهَا قَبَضَ الْكَثِيرَ فَوْقَ مَا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ وَدُونَ الْجُلِّ ، فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ ، وَلَوْ قَبَضَ تِسْعَةَ عَشَرَ وَقَرَّرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ الْوَاوُ لِلْحَالِ .
الْبُنَانِيُّ جَعْلُهَا لِلْحَالِ هُوَ الصَّوَابُ وَحَذْفُهَا أَصْوَبُ .
وَأَمَّا قَوْلُ طفي إنَّهَا لِلْمُبَالَغَةِ وَمَا قَبْلَهَا قَبَضَ الْكَثِيرَ فَوْقَ مَا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ وَدُونَ الْجُلِّ فَبَعِيدٌ .

وَعِتْقُ أَحَدِهِمَا وَضْعٌ لِمَا لَهُ ، إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ : كَإِنْ فَعَلْتَ : فَنِصْفُك حُرٌّ ، فَكَاتَبَهُ ، ثُمَّ فَعَلَ : وُضِعَ النِّصْفُ ، وَرُقَّ كُلُّهُ إنْ عَجَزَ

( وَ ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ مُكَاتَبِهِمَا فَ ( عِتْقُ أَحَدِهِمَا ) نَصِيبَهُ مِنْهُ لَيْسَ عِتْقًا حَقِيقِيًّا مُوجِبًا لِتَقْوِيمِهِ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ ( وَضْعٌ ) أَيْ إسْقَاطٌ ( لِمَا ) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي ( لَهُ ) أَيْ الْمُعْتَقِ مِنْ الْكِتَابَةِ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ نِصْفُهَا سَقَطَ عَنْ الْمُكَاتَبِ نِصْفُ كُلِّ نَجْمٍ فَيُؤَدِّي النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ لِشَرِيكِهِ ، وَيَصِيرُ حُرًّا ، وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتَقِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا إنْ قَصَدَ ) الْمُعْتِقُ بِإِعْتَاقِهِ ( الْعِتْقَ ) لَا مُجَرَّدَ الْوَضْعِ فَيُقَوَّمُ الْمُكَاتَبُ عَلَيْهِ ، وَيَدْفَعُ لِشَرِيكِهِ حِصَّتَهُ مِنْ قِيمَتِهِ ، وَيَكْمُلُ عِتْقُهُ .
اللَّخْمِيُّ عِتْقُ السَّيِّدِ بَعْضَ مُكَاتَبِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ وَصِيَّةٌ بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَبَتْلٌ فِي حَيَاتِهِ ، فَإِنْ كَانَ وَصِيَّةً بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَنْ قَالَ : إنْ مِتُّ فَنِصْفُهُ حُرٌّ عَتَقَ نِصْفُهُ مِنْ ثُلُثِهِ ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي رُقَّ ، وَكَانَ نِصْفُهُ عَتِيقًا .
وَاخْتُلِفَ إذَا أَعْتَقَ نِصْفَهُ فِي صِحَّتِهِ ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ذَلِكَ وَضْعُ مَالٍ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي كَانَ جَمِيعُهُ رَقِيقًا ، وَإِنْ كَانَ شَرِكَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فِي صِحَّتِهِ ، فَإِنَّ عِتْقَهُ وَضْعُ مَالٍ أَيْضًا ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ نَصِيبِ الشَّرِيكِ كَانَ جَمِيعُهُ رِقًّا بَيْنَهُمَا .
وَشَبَّهَ فِي أَنَّ الْإِعْتَاقَ وَضْعٌ لِلْمَالِ فَقَالَ ( كَ ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ ( إنْ فَعَلْت ) أَنْتَ أَوْ أَنَا كَذَا ( فَنِصْفُك حُرٌّ فَكَاتَبَهُ ) أَيْ السَّيِّدُ رَقِيقَهُ ( ثُمَّ فَعَلَ ) الْعَبْدُ أَوْ السَّيِّدُ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ ( وُضِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( النِّصْفُ ) مِمَّا كَاتَبَهُ بِهِ ، فَإِنْ أَدَّى نِصْفَهُ الْبَاقِيَ عَتَقَ ( وَرُقَّ ) بِضَمٍّ أَوْ فَتْحٍ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْمُكَاتَبُ ( كُلُّهُ إنْ عَجَزَ ) عَنْ أَدَاءِ الْبَاقِي .
مُحَمَّدٌ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ : نِصْفُك حُرٌّ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا

فَكَاتَبَهُ ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا فَإِنَّهُ يُوضَعُ عَنْهُ نِصْفُ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ يَوْمَ حِنْثِهِ ، فَإِنْ عَجَزَ رُقَّ كُلُّهُ

وَلِلْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنٍ : بَيْعٌ وَاشْتِرَاءٌ ، وَمُشَارَكَةٌ ، وَمُقَارَضَةٌ ، وَمُكَاتَبَةٌ ؛ وَاسْتِخْلَافُ عَاقِدٍ لِأَمَتِهِ ، وَإِسْلَامُهَا ، أَوْ فِدَاؤُهَا ، إنْ جَنَتْ بِالنَّظَرِ ، وَسَفَرٌ لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ ، وَإِقْرَارٌ فِي رَقَبَتِهِ ، وَإِسْقَاطُ شُفْعَتِهِ ، لَا عِتْقٌ ؛ وَإِنْ قَرِيبًا ، وَهِبَةٌ ، وَصَدَقَةٌ ، وَتَزْوِيجٌ ، وَإِقْرَارٌ بِجِنَايَةِ خَطَإٍ ، وَسَفَرٌ بَعُدَ ، إلَّا بِإِذْنٍ

( وَلِلْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنٍ ) مِنْ سَيِّدِهِ ( بَيْعٌ وَاشْتِرَاءٌ ) بِلَا إذْنٍ ( وَمُشَارَكَةٌ ) بِلَا إذْنٍ ( وَمُقَارَضَةٌ ) بِلَا إذْنٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ تَصَرُّفُ الْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ إلَّا فِي إخْرَاجِ مَالٍ لَا عَنْ عِوَضِ مَالِيٍّ فَلَا .
ابْنُ رُشْدٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَمُقَاسَمَتُهُ شُرَكَاءَهُ وَإِقْرَارُهُ بِدَيْنٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ .
( وَ ) لَهُ ( مُكَاتَبَةٌ ) لِرَقِيقِهِ بِمَالٍ زَائِدٍ عَنْ قِيمَتِهِ .
فِيهَا مُكَاتَبَةُ الْمُكَاتَبِ عَبْدَهُ عَلَى ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ جَائِزَةٌ ، وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ ( وَ ) لَهُ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ بِمَهْرٍ زَائِدٍ عَلَى قِيمَتِهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ ( تَوْكِيلُ ) حُرٍّ بَالِغٍ ( عَاقِدٍ لِأَمَتِهِ ) تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاشِرُ لِرِقِّيَّتِهِ ، وَشَرْطِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ الْحُرِّيَّةَ .
وَمَفْهُومُ أَمَتِهِ أَنَّ لَهُ تَزْوِيجَ عَبْدِهِ بِلَا اسْتِخْلَافٍ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، رَوَى مُحَمَّدٌ لِلْمُكَاتَبِ تَزْوِيجُ عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَرَجَاءِ الْفَضْلِ .
( وَ ) لَهُ ( إسْلَامُهَا ) أَيْ الْأَمَةِ فِي جِنَايَتِهَا ( وَفِدَاؤُهَا إنْ جَنَتْ ) أَمَةُ الْمُكَاتَبِ وَتَنَازَعَ إسْلَامُهَا وَفِدَاؤُهَا ( بِالنَّظَرِ ) أَيْ السَّدَادِ وَالْمَصْلَحَةِ فِي مَالِهِ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ جَوَازُهُ لَهُ .
فِيهَا إنْ جَنَى عَبْدُ الْمُكَاتَبِ فَلَهُ إسْلَامُهُ أَوْ فِدَاؤُهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ ( وَ ) لَهُ ( سَفَرٌ لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ ) اللَّخْمِيُّ مَنَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَفَرَ الْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ ، وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَرُبَ .
اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ شَأْنُهُ السَّفَرَ فَلَا يُمْنَعُ إلَّا فِي سَفَرٍ يَحِلُّ النَّجْمُ عَلَيْهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ مِنْهُ .
( وَ ) لَهُ ( إقْرَارٌ ) بِحَقٍّ ( فِي رَقَبَتِهِ ) كَقَتْلٍ عَمْدٍ ، وَلِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْقِصَاصُ مِنْهُ ، فَإِنْ لَمْ يَقْتَصَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مَالِهِ ، وَلَا فِي رَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ .
" غ " كَذَا فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ النُّسَخِ ، وَهُوَ عَكْسُ الْمَقْصُودِ ، فَالصَّوَابُ فِي

ذِمَّتِهِ .
الْخَرَشِيُّ لَهُ الْإِقْرَارُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ ، بِخِلَافِ الْقِنِّ .
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ مِنْ قَتْلٍ وَقَطْعٍ وَحَدٍّ فَيُقْبَلُ مِنْهُمَا .
الْبُنَانِيُّ الْحَاصِلُ أَنَّ الْإِقْرَارَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ إقْرَارٌ بِمَالٍ فِي الذِّمَّةِ كَمَدِينٍ يَقْبَلُ مِنْ الْمُكَاتَبِ دُونَ الْقِنِّ ، وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا .
وَإِقْرَارٌ بِمَالٍ فِي الرَّقَبَةِ كَجِنَايَةِ خَطَأٍ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا .
وَإِقْرَارٌ فِي الرَّقَبَةِ بِمُوجِبِ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ يُقْبَلُ مِنْهُمَا .
الْخَرَشِيُّ نَصَّ عَلَى هَذِهِ الْجُزْئِيَّاتِ تَبَعًا لَهَا وَلِغَيْرِهَا وَلِأَنَّهَا أَنْفَعُ لِلْمُفْتِي وَلَا سِيَّمَا الْمُقَلَّدُ ، وَإِنْ كَانَ يَكْفِي عَنْهَا ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ بِغَيْرِ تَبَرُّعٍ ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَصَرُّفُ الْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ إلَّا فِي التَّبَرُّعِ وَأَحْسَنُ مِنْهُ ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ بِمَا لَيْسَ مَظِنَّةً لِعَجْزِهِ .
( وَ ) لَهُ ( إسْقَاطُ شُفْعَتِهِ ) الشَّارِحُ إذَا كَانَ نَظَرًا ( لَا ) يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ ( عِتْقٌ ) لِرَقِيقِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا لَهُ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( قَرِيبًا ) لَهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ يَرُدُّ عِتْقَهُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَرِيبُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَهَبَ ، وَلَا أَنْ يَتَصَدَّقَ ، وَلَا أَنْ يُعْتِقَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ( وَ ) لَيْسَ لَهُ ( هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ ) مِنْ مَالِهِ وَإِنْ وَقَعَ رَدَّهُ السَّيِّدُ ( وَ ) لَيْسَ لَهُ ( تَزْوِيجٌ ) لِنَفْسِهِ ، ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ نَظَرًا لِأَنَّهُ يَعِيبُهُ إنْ عَجَزَ ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَهُ ، إجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ ، فَإِنْ رَدَّهُ تَرَكَ لَهَا رُبُعَ دِينَارٍ ، وَمَفْهُومُ تَزَوَّجَ أَنَّ لَهُ التَّسَرِّيَ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ؛ إذْ لَا يَعِيبُهُ كَالتَّزَوُّجِ فِيهَا لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ ، وَإِنْ رَآهُ نَظَرًا .
الْبَاجِيَّ إنْ أَجَازَهُ سَيِّدٌ جَازَ ، وَإِلَّا فُسِخَ .
( وَ ) لَيْسَ لَهُ ( إقْرَارٌ بِجِنَايَةٍ خَطَأٍ ) فِيهَا ، وَإِنْ أَقَرَّ مُكَاتَبٌ بِقَتْلٍ خَطَأٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عَجَزَ أَوْ

عَتَقَ ، وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لَزِمَ ذِمَّتَهُ عَتَقَ أَوْ رُقَّ ، وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا أَقَرَّ بِهِ الْعَبْدُ مِمَّا يَلْزَمُهُ فِي جَسَدِهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ ، وَمَا آلَ إلَى غُرْمٍ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى فِعْلِهِ ، كَإِقْرَارِهِ بِغَصْبِ أَمَةٍ أَوْ حُرَّةٍ نَفْسَهَا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِهِ مَا وَصَفْنَا ، أَوْ بِجُرْحٍ أَوْ قَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ بِاخْتِلَاسِ مَالٍ أَوْ اسْتِهْلَاكِهِ أَوْ سَرِقَةٍ لَا قَطْعَ فِيهَا وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَلَا يُصَدَّقُ ، وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ إنْ عَتَقَ ، فَالْمُكَاتَبُ كَالْقِنِّ لَا يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِمَّا يَئُولُ لِغُرْمِ سَيِّدِهِ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ ، وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَالْإِقْرَارِ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ تَبِعَ الْمُدَوَّنَةَ وَآلَ الْغُرْمُ عَلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إسْلَامُهُ أَوْ فِدَاؤُهُ ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ الْمُتَعَلِّقِ بِذِمَّتِهِ قَالَهُ طفي .
( وَ ) لَيْسَ لَهُ ( سَفَرٌ بَعُدَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ ( إلَّا بِإِذْنٍ ) مِنْ سَيِّدِهِ قَالَهُ أَبُو الْقَاسِمِ

وَلَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ ، إنْ اتَّفَقَا ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ فَيُرَقُّ ، وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ ، أَوْ غَابَ عِنْدَ الْمَحَلِّ وَلَا مَالَ لَهُ ، وَفَسَخَ الْحَاكِمُ ، وَتَلَوَّمَ لِمَنْ يَرْجُوهُ : كَالْقِطَاعَةِ ، وَلَوْ شَرَطَ خِلَافَهُ

( وَلَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( تَعْجِيزُ نَفْسِهِ ) عَنْ أَدَاءِ مَا كُوتِبَ بِهِ وَرَدُّهَا إلَى الرِّقِّيَّةِ ( إنْ اتَّفَقَا ) أَيْ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ عَلَيْهِ ( وَ ) إنْ ( لَمْ يَظْهَرْ لَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( مَالٌ ) بَقِيَ بِكِتَابَتِهِ ، وَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ بِالشَّرْطَيْنِ ( فَيُرَقُّ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَوْ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمِصْبَاحِ وَشَدِّ الْقَافِ .
أَيْ تَزُولُ كِتَابَتُهُ وَيَصِيرُ رَقِيقًا خَالِصًا لِسَيِّدِهِ إنْ اسْتَمَرَّ غَيْرَ ظَاهِرِ الْمَالِ ، بَلْ ( وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ ) بَعْدَ تَعْجِيزِهِ وَالْحُكْمِ بِرِقِّيَّتِهِ ( مَالٌ ) كَأَنْ أَخْفَاهُ أَوْ أَفَادَهُ بَعْدَهُ .
وَمَفْهُومُ اتَّفَقَا أَنَّهُمَا إنْ اخْتَلَفَا فِيهِ بِأَنْ طَلَبَهُ أَحَدُهُمَا وَأَبَاهُ الْآخَرُ فَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ ، هَذَا ظَاهِرٌ كَالْمُدَوَّنَةِ وَالتَّوْضِيحِ ، وَكَذَا إنْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِهَا وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْحُرِّيَّةِ .
ابْنُ رُشْدٍ الْكِتَابَةُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ ، وَلَا لِلْعَبْدِ خِيَارٌ فِي حَلِّهَا ، فَأَمَّا التَّعْجِيزُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ ، فَإِنْ تَرَاضَى عَلَيْهِ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ فَيَجُوزُ ؛ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ ارْتَفَعَ بِالْعُذْرِ وَهُوَ عَدَمُ الْمَالِ ، وَظُهُورُ الْعَجْزِ ، وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّفْعِ إلَى السُّلْطَانِ ، فَإِنْ دَعَا إلَيْهِ الْعَبْدُ وَأَبَاهُ السَّيِّدُ فَلَهُ أَنْ يُعْجِزَ نَفْسَهُ دُونَ السُّلْطَانِ وَلَا يَفْتَقِرُ فِيهِ إلَى حُكْمٍ ، وَإِنْ دَعَا إلَيْهِ السَّيِّدُ وَأَبَاهُ الْعَبْدُ فَلَا يُعْجِزُهُ إلَّا السُّلْطَانُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالِاجْتِهَادِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ رَضِيَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ذَلِكَ لَهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مَالٌ ظَاهِرٌ ، فَإِنْ أَظْهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْوَالًا كَتَمَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَمَّا رَضِيَ بِهِ ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ .
وَشَبَّهَ فِي الْإِرْفَاقِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ

النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ ( عَجَزَ ) الْمُكَاتَبُ ( عَنْ شَيْءٍ ) مِمَّا كُوتِبَ بِهِ عِنْدَ حُلُولِهِ فَيُرَقُّ ( أَوْ غَابَ ) الْمُكَاتَبُ عَنْ بَلَدِ سَيِّدِهِ ( عِنْدَ الْمَحِلِّ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ، أَيْ حُلُولِ الْأَجَلِ ( وَلَا مَالَ لَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ فَيُرَقُّ ( وَفَسَخَ الْحَاكِمُ ) كِتَابَتَهُ بِسَبَبِ عَجْزِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ ( وَتَلَوَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثْقَلًا ، أَيْ أَخَّرَ الْحَاكِمُ الْحُكْمَ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ ( لِمَنْ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ الْعَاجِزِ أَوْ الْغَائِبِ الَّذِي ( يَرْجُو ) الْحَاكِمُ يُسْرَهُ وَقُدُومَ ( هـ ) وَلَا يَتَلَوَّمُ لِمَنْ لَمْ يَرْجُهُ .
وَشَبَّهَ فِي التَّلَوُّمِ فَقَالَ ( كَالْقِطَاعَةِ ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا ، أَيْ الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ حَالٍّ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ الْعَبْدُ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ الْحَاكِمُ إنْ رَجَاهُ ( وَلَوْ شَرَطَ ) السَّيِّدُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ أَوْ الْقِطَاعَةِ ( خِلَافَهُ ) أَيْ عَدَمَ التَّلَوُّمِ وَأَنَّهُ يُرَقُّ بِمُجَرَّدِ عَجْزِهِ .
ابْنُ شَاسٍ لِتَعَذُّرِ النُّجُومِ أَسْبَابٌ : الْأَوَّلُ : الْعَجْزُ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ النُّجُومِ أَوْ عَنْ أَدَاءِ نَجْمٍ مِنْهَا رُقَّ ، وَفُسِخَتْ الْكِتَابَةُ بَعْدَ أَنْ يَتَلَوَّمَ لَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ الْأَجَلِ ، وَيَجْتَهِدَ الْإِمَامُ فِي أَمَدِ التَّلَوُّمِ فِيمَنْ يُرْجَى لَهُ لَا فِيمَنْ لَا يُرْجَى لَهُ .
السَّبَبُ الثَّانِي : غَيْبَتُهُ وَقْتَ الْمَحِلِّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ عِنْدَ السُّلْطَانِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ رُقَّ وَيَتَلَوَّمُ الْإِمَامُ لِمَنْ يَرْجُوهُ وَلَوْ غَابَ وَقْتَ الْمَحِلِّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَسَخَ الْحَاكِمُ وَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ ، وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ ، وَلَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ إلَّا بِالْحُكْمِ فِيهَا وَالْقِطَاعَةُ كَذَلِكَ فِي التَّلَوُّمِ .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّك إنْ عَجَزْت عَنْ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِك فَأَنْتَ رَقِيقٌ فَلَا يَكُونُ عَاجِزًا إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ .

وَقَبَضَ ؛ إنْ غَابَ سَيِّدُهُ ، وَإِنْ قَبْلَ مَحَلِّهَا ، وَفُسِخَتْ ، إنْ مَاتَ ، وَإِنْ عَنْ مَالٍ ، إلَّا لِوَلَدٍ ، أَوْ غَيْرِهِ : دَخَلَ مَعَهُ بِشَرْطٍ ؛ أَوْ غَيْرِهِ ، فَتُؤَدَّى حَالَّةً وَرِثَهُ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ فَقَطْ ، مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً ؛ وَقَوِيَ وَلَدُهُ عَلَى السَّعْيِ : سَعَوْا ، وَتُرِكَ مَتْرُوكُهُ لِلْوَلَدِ ، إنْ أَمِنَ : كَأُمِّ وَلَدِهِ

( وَقَبَضَ ) الْحَاكِمُ الْكِتَابَةَ ( إنْ غَابَ سَيِّدُهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ وَلَا وَكِيلَ لَهُ وَيُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ إنْ أَتَى بِالْكِتَابَةِ بَعْدَ حُلُولِهَا ، بَلْ ( وَإِنْ عَجَّلَهَا قَبْلَ مَحِلِّهَا ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ حُلُولِهَا فِيهَا إنْ أَرَادَ الْمُكَاتَبُ تَعْجِيلَ مَا عَلَيْهِ ، وَسَيِّدُهُ غَائِبٌ وَلَا وَكِيلَ لَهُ عَلَى قَبْضِ الْكِتَابَةِ فَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ ، وَيَخْرُجْ حُرًّا ( وَفُسِخَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْكِتَابَةُ ( إنْ مَاتَ ) الْمُكَاتَبُ عَنْ غَيْرِ مَالٍ ، بَلْ ( وَإِنْ ) مَاتَ ( عَنْ مَالٍ ) كَثِيرٍ يُوَفِّي بِالْكِتَابَةِ لِمَوْتِهِ قَبْلَ حُصُولِ حُرِّيَّتِهِ فَيَأْخُذُهُ السَّيِّدُ بِالرِّقِّ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِ ) كَوْنِ ( وَلَدٍ ) لِلْمُكَاتَبِ ( أَوْ غَيْرِهِ ) أَيْ الْوَلَدِ ( دَخَلَ ) الْوَلَدُ أَوْ غَيْرُهُ ( مَعَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ فِي الْكِتَابَةِ ( بِشَرْطٍ ) لِدُخُولِهِ مَعَهُ فِي الْوَلَدِ الَّذِي وُلِدَ أَوْ حَمَلَتْ بِهِ أَمَةُ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ كِتَابَتِهِ ، وَفِي غَيْرِهِ ظَاهِرٌ .
( أَوْ ) دَخَلَ مَعَهُ فِيهَا بِ ( غَيْرِهِ ) أَيْ الشَّرْطِ فِي الْوَلَدِ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أَمَةُ الْمُكَاتَبِ بَعْدَهَا ، وَفِي غَيْرِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُكَاتَبُ وَهُوَ مِنْ أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ أَوْ حَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ ( فَ ) لَا تُفْسَخُ الْكِتَابَةُ بِمَوْتِ الْمُكَاتَبِ وَ ( تُؤَدَّى ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالدَّالِ ، أَيْ تُدْفَعُ الْكِتَابَةُ لِلسَّيِّدِ حَالَ كَوْنِهَا ( حَالَّةً ) مِنْ الْمَالِ الَّذِي مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْهُ ( لِحُلُولِهَا ) بِمَوْتِهِ وَيُعْتَقُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ فِيهَا .
وَ ) إنْ فَضَلَ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ عَنْهَا ( وَرِثَهُ ) أَيْ الْفَاضِلَ مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبِ عَنْهَا ( مَنْ ) أَيْ لِلشَّخْصِ الَّذِي دَخَلَ ( مَعَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ فِي الْكِتَابَةِ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِيهَا فَلَا يَرِثُهُ حُرًّا كَانَ أَوْ رِقًّا أَوْ فِي كِتَابَةٍ أُخْرَى وَلَدًا أَوْ غَيْرَهُ حَالَ كَوْنِ مَنْ مَعَهُ فِيهَا ( مِمَّنْ يُعْتَقُ ) عَلَى الْمُكَاتَبِ عَلَى فَرْضِ مِلْكِهِ ، وَهُوَ حُرٌّ

وَهُوَ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ وَلَوْ خَلَفَ وَفَاءً .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا قَوْلُهَا إنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ دَفْعِ كِتَابَتِهِ أَوْ أَمَرَ بِدَفْعِهَا فَلَمْ تَصِلْ لِسَيِّدِهِ حَتَّى مَاتَ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ وَإِنْ تَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ لَا وَلَدَ مَعَهَا ، وَتَرَكَ مَا فِيهِ وَفَاءٌ بِكِتَابَتِهِ فَهِيَ وَالْمَالُ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَقُومَ بِهَا وَلَدٌ دَخَلَ مَعَهُ بِالشَّرْطِ أَوْ غَيْرِهِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَيُؤَدِّيهَا حَالَّةً .
ابْنُ عَرَفَةَ اقْتِصَارُهُ عَلَى ذِكْرِ الْوَلَدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ بِخِلَافِهِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مِثْلُهُ فَفِيهَا وَكَذَا إنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَجْنَبِيًّا وَتَرَكَ مَالًا فِيهِ وَفَاءٌ ، فَإِنَّ السَّيِّدَ يَتَعَجَّلُهَا مِنْ مَالِهِ وَيُعْتَقُ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَجْنَبِيٌّ أَوْ وَلَدٌ .
الْجَلَّابُ : إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا قَدْ دَخَلُوا فِي الْكِتَابَةِ بِالْوِلَادَةِ أَوْ الشَّرْطِ ، فَإِنْ تَرَكَ مَالًا أَدَّى عَنْهُ بَاقِيَ الْكِتَابَةِ ، وَكَانَ مَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِيرَاثًا بَيْنَ وَلَدِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَمِيرَاثُهُ لِوَلَدِهِ دُونَ سَيِّدِهِ ، وَلَا يَرِثُهُ وَالِدَاهُ الْعَبِيدُ ، وَلَا الْأَحْرَارُ ، وَلَا الْمُكَاتَبُونَ كِتَابَةً مُفْرَدَةً عَنْ كِتَابَتِهِ ، وَإِنَّمَا يَرِثُهُ وَلَدُهُ الَّذِي مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ فَتُؤْخَذُ كِتَابَتُهُ حَالَّةً ، وَلَيْسَ لِوَلَدِهِ تَأْخِيرُهَا إلَى نُجُومِهَا ، وَفِيهَا إنَّمَا يَرِثُ الْمُكَاتَبَ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ ، وَالْأَبَوَانِ وَالْأَجْدَادُ وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لَا غَيْرُهُمْ مِنْ عَمٍّ أَوْ ابْنِ عَمٍّ .
مُحَمَّدٌ وَآخِرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " تُعْتَقُ زَوْجَتُهُ فِيمَا تَرَكَ وَلَا تَرِثُهُ .
ابْنُ زَرْقُونٍ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ : لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمْ إلَّا فِيمَنْ يُعْتَقُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ

.
( وَإِنْ ) مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَ ( لَمْ يَتْرُكْ ) الْمُكَاتَبُ ( وَفَاءً ) بِالْكِتَابَةِ بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أَصْلًا أَوْ تَرَكَ مَا لَا وَفَاءَ فِيهِ بِهَا ( وَقَوِيَ ) بِكَسْرِ الْوَاوِ ، أَيْ قَدَرَ ( وَلَدُهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ الَّذِي مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ ( عَلَى السَّعْيِ ) أَيْ الِاكْتِسَابِ ( سَعَوْا ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَيْنِ أَيْ أَوْلَادُ الْمُكَاتَبِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ ، أَيْ اكْتَسَبُوا ( وَتُرِكَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( مَتْرُوكُهُ ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي تَرَكَهُ الْمُكَاتَبُ وَلَمْ يَفِ بِالْكِتَابَةِ ( لِلْوَلَدِ ) لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي مَعَهُ فِيهَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى السَّعْيِ ( إنْ أُمِنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ كَانَ وَلَدُهُ مَأْمُونًا عَلَى الْمَالِ لَا يُخْشَى مِنْهُ إتْلَافُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْوَ وَلَدُهُ عَلَى السَّعْيِ أَوْ لَمْ يُؤْمَنْ فَلَا يُتْرَكُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبِ الَّذِي مَاتَ عَنْهُ .
الْجَلَّابُ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ كَانَ لَهُمْ أَخْذُ الْمَالِ وَالْقِيَامُ بِالْكِتَابَةِ عَلَى نُجُومِهَا .
ابْنُ شَاسٍ إنْ لَمْ يَتْرُكْ وَقَوِيَ وَلَدُهُ عَلَى السَّعْيِ سَعَوْا وَأَدَّوْا بَاقِيَ الْكِتَابَةِ ، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا اتَّجَرَ لَهُمْ فِيهِ وَأَدَّى عَلَى نُجُومِهِ إلَى بُلُوغِهِمْ ، فَإِنْ قَدَرُوا عَلَى السَّعْيِ ، وَإِلَّا رُقُّوا .
وَفِيهَا لَيْسَ لِمَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ وَلَدٍ أَخْذُ الْمَالِ إذَا كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَفِ بِبَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ فَلِوَلَدِهِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَخْذُهُ إنْ كَانَتْ لَهُمْ أَمَانَةٌ وَقُوَّةٌ عَلَى السِّعَايَةِ ، وَيُؤَدُّونَ نُجُومًا .
وَشَبَّهَ فِي تَرْكِ مَالِ الْمُكَاتَبِ بِشَرْطَيْهِ فَقَالَ ( كَأُمِّ وَلَدٍ ) لِلْمُكَاتَبِ وَمَعَهَا وَلَدُهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا الدَّاخِلِ فِي كِتَابَتِهِ وَلَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ الشَّرْطَانِ فَيُتْرَكُ لَهَا مَتْرُوكُ الْمُكَاتَبِ الَّذِي لَا وَفَاءَ بِهِ إنْ قَوِيَتْ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَأُمِنَتْ ، وَإِلَّا فَلَا يُتْرَكُ لَهَا فِيهَا .
وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ

وَتَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ وَوَلَدًا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ، وَلَمْ يَدَعْ مَالًا سَعَتْ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ سَعَتْ عَلَيْهِمْ إنْ لَمْ يَقْوَوْا وَقَوِيَتْ هِيَ وَكَانَتْ مَأْمُونَةً عَلَيْهِ ، وَإِنْ تَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا وَلَدَ مَعَهَا ، وَتَرَكَ مَا فِيهِ وَفَاءٌ بِكِتَابَتِهِ فَهِيَ ، وَالْمَالُ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ وَلَا تَسْعَى أُمُّ الْوَلَدِ لِلْمُكَاتَبِ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ وَلَدًا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا كَاتَبَ عَلَيْهِ أَوْ حَدَثَ فِي الْكِتَابَةِ ، فَهَا هُنَا لَا تُرَدُّ أُمُّ وَلَدِهِ لِلرِّقِّ إلَّا أَنْ يَعْجِزَ الْوَلَدُ ، وَلَا تَقْوَى عَلَى السَّعْيِ عَلَيْهِمْ ، أَوْ يَمُوتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْأَدَاءِ ا هـ شب أَوْ الْوَلَدُ هُنَا بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَيْ لِرِقِّيَّةِ حَمْلِهَا ، وَهِيَ الْأَمَةُ الَّتِي أَوْلَدَهَا مَالِكُهَا .

وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا ، أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا : كَمُعَيَّنٍ ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ ، إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ

( وَإِنْ ) كَاتَبَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ بِعَبْدٍ أَوْ عَرَضٍ مَوْصُوفٍ ، وَدَفَعَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ الْعَبْدَ أَوْ الْعَرَضَ الْمَوْصُوفَ ، وَعَتَقَ ثُمَّ ( وُجِدَ ) السَّيِّدُ ( الْعِوَضَ ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْوَاوِ الصَّادِقَ بِالْعَرَضِ وَالْعَبْدِ حَالَ كَوْنِهِ ( مَعِيبًا ) فَلَهُ رَدُّهُ وَالرُّجُوعُ عَلَى الْعَبْدِ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَيَتْبَعُ ذِمَّتَهُ بِهِ وَلَا يُنْقَضُ عِتْقُ الْعَبْدِ .
ابْنُ شَاسٍ إذَا قَبَضَ الْعَبْدَ الْمَوْصُوفَ الَّذِي كَاتَبَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا بِمِثْلِهِ ، وَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ ، وَلَوْ كَاتَبَهُ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ ، وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ ، وَفِيهَا ، وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ فَعَتَقَ بِأَدَائِهِ ثُمَّ أَلْقَاهُ السَّيِّدُ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَيُتْبِعُهُ بِمِثْلِهِ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ .
( أَوْ ) كَاتَبَهُ بِشَيْءٍ مَوْصُوفٍ وَدَفَعَهُ لَهُ وَعَتَقَ ثُمَّ ( اُسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَقَافٍ الْعِوَضُ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْعَبْدِ حَالَ كَوْنِهِ ( مَوْصُوفًا ) حَالَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ عَلَيْهِ فَلِلسَّيِّدِ الرُّجُوعُ بِمِثْلِهِ عَلَى الْعَبْدِ مُعَجَّلًا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ يَتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يُنْقَضُ عِتْقُهُ ، فَفِيهَا كِتَابُ الِاسْتِحْقَاقِ وَمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى عَرَضٍ مَوْصُوفٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَقَبَضَهُ وَعَتَقَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مَا دَفَعَ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ .
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ( فَمِثْلُهُ ) أَيْ الْعِوَضِ الْمَعِيبِ عَقِبَ الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَفِي قِيمَتِهِ عَقِبَ الثَّانِيَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ ؛ إذْ الْمَعْرُوفُ ضَمَانُهُ بِمِثْلِهِ لَا بِقِيمَتِهِ وَلِمُخَالَفَتِهِ لِنَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ نَقْضِ الْعِتْقِ وَمُطْلَقِ الرُّجُوعِ بِالْعِوَضِ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى أَوْ بِالْقِيمَةِ عَلَى الثَّانِيَةِ

فَقَالَ ( كَ ) وُجُودِ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ ( مُعَيَّنٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا لِلْعِتْقِ عَلَيْهِ مُتَلَبِّسٍ ( بِشُبْهَةٍ ) فِي مِلْكٍ لِلْعَبْدِ قَاطَعَ بِهِ سَيِّدَهُ وَقَامَ سَيِّدُهُ بِحَقِّهِ فِي عَيْبِهِ بِرَدِّهِ عَلَيْهِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ فَلَا يُنْقَضُ عِتْقُهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ مُعَجَّلَةً إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ، بَلْ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ) فَيُتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ .
" ق " وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا .
فَمِثْلُهُ ، وَاسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا فَقِيمَتُهُ كَمُعَيَّنٍ إنْ بِشُبْهَةٍ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُتُّبِعَ بِهِ دَيْنًا ا هـ مَا وَجَدْته مَعْزُوًّا لِنُسْخَةٍ مِنْ نُسَخِ خَلِيلٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي مُكَاتَبٍ قَاطَعَ سَيِّدَهُ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ بِعَبْدِهِ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَعُرِفَ مَسْرُوقًا فَلْيَرْجِعْ السَّيِّدُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَادَ مُكَاتَبًا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ .
وَقَالَ أَشْهَبُ تَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ وَيَتْبَعُ ذِمَّتَهُ ، وَفِيهَا لَهُمَا عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ إنْ قَاطَعَهُ عَلَى وَدِيعَةٍ أُودِعَتْ عِنْدَهُ فَاعْتُرِفَتْ رُدَّ عِتْقُهُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ غَرَّ سَيِّدَهُ بِمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ رُدَّ عِتْقُهُ ، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ مَضَى عِتْقُهُ وَاتُّبِعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ دَيْنًا ، وَإِنْ كَانَ مَدِينًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَاطِعَ سَيِّدَهُ وَيَبْقَى لَا شَيْءَ لَهُ ا هـ مَا فِي " ق " " غ " وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا كَمُعَيَّنٍ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ هَذِهِ مِنْ مُشْكِلَاتِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ ، وَمَا زِلْت أَتَمَنَّى أَنْ أَقِفَ عَلَى شَرْحِ مِثْلِ هَذِهِ الْمُشْكِلَاتِ مِنْ كَلَامِ شَيْخِ شُيُوخِنَا الْعَلَّامَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْزُوقٍ وَالشَّيْخِ الْبِسَاطِيِّ وَالشَّيْخِ حُلُولُو ، وَلَمْ أَجِدْ إلَى ذَلِكَ سَبِيلًا ، لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوحَاتِ لَمْ تَصِلْ

لِهَذِهِ الْبِلَادِ إلَّا لِيَدِ مَنْ هُوَ بِهَا ضَنِينٌ ، وَقَدْ كَتَبَ لِي بَعْضُ الثِّقَاتِ كَلَامَ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْزُوقٍ عَلَيْهَا بِالنَّظَرِ إلَى تَمْشِيَةِ لَفْظِهَا دُونَ نُقُولِهَا ، وَنَصُّهُ كَذَا وَجَدْت هَذَا الْكَلَامَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ وَإِنْ وُجِدَ مَعْطُوفًا عَلَى إنْ فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَتْ إنْ مَاتَ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا تُفْسَخُ إنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا أَوْ اُسْتُحِقَّ وَقَدْ كَاتَبَ عَلَيْهِ مَوْصُوفًا أَوْ اُسْتُحِقَّ وَقَدْ كَاتَبَ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا ، وَهَذَا مَعْنَى كَمُعَيَّنٍ وَفَسْخُهَا لِذَلِكَ ثَابِتٌ .
وَإِنْ مَلَكَ الْمُكَاتَبُ هَذَا الْعِوَضَ بِشُبْهَةٍ وَأَحْرَى إذَا كَانَ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ بِأَنْ سَرَقَهُ أَوْ غَصَبَهُ وَلِهَذَا غَيَّا بِقَوْلِهِ : وَإِنْ بِشُبْهَةٍ ، وَالضَّمِيرُ لِلْمُكَاتَبِ لِئَلَّا يُقَالَ : إنْ كَانَ فِي يَدِهِ بِشُبْهَةٍ فَهُوَ مَعْذُورٌ فَلَا تُفْسَخُ كِتَابَتُهُ وَيَعُودُ مُكَاتَبًا ، وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ مَعْنَاهُ عَلَى هَذَا إنْ فَسَخَهَا الْعَيْبُ الْعِوَضُ ، أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ مَوْصُوفًا أَوْ مُعَيَّنًا إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ .
وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَيَبْقَى مُكَاتَبًا وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ الْعِوَضِ إنْ كَانَ مَوْصُوفًا ، وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا ، فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ شَرْطٌ فِي فَسْخِهَا ، ثُمَّ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الشَّرْحِ مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ ، فَإِنَّ النُّصُوصَ مُتَضَافِرَةٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُفْسَخُ لِعَيْبِ الْعِوَضِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ ، وَيَعُودُ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا ، إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ .
وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَمْضِي عِتْقُهُ ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَ ، فَهِيَ لَا تُفْسَخُ عَلَى حَالٍ ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُفْسَخُ الْعِتْقُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ بِدَفْعِ الْعِوَضِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَى قَوْلٍ ، فَالْحُكْمُ عَكْسُ مَا ذَكَرَ ، فَلَوْ قَالَ : لَا إنْ وَجَدَ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى ، وَلَعَلَّهُ كَذَلِكَ كَانَ ، وَجُعِلَتْ الْوَاوُ مَكَانَ لَا ، ثُمَّ لَوْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ كَذَلِكَ لَمَا كَانَ لِقَوْلِهِ وَإِنْ

بِشُبْهَةٍ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَائِدَةٌ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَدَمُ فَسْخِهَا كَانَ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ أَوْ لَا كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا ، وَإِصْلَاحُ عِبَارَتِهِ مَعَ اخْتِصَارِهَا إنْ قَصَدَ ذِكْرَ مَا لَا تُفْسَخُ مَعَهُ عَلَى عَادَتِهِ فِي مِثْلِهِ أَنْ يَقُولَ : لَا بِعَيْبِ عِوَضٍ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ .
فَإِنْ قِيلَ : مَا ذَكَرْته مِنْ مُخَالَفَةِ هَذَا الْحُكْمِ لِلنُّصُوصِ هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْفِقْهِ ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بَعْدَ تَعَيُّبِ الْعِوَضِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ تَبَيَّنَ عَجْزُهُ فَتُفْسَخُ كِتَابَتُهُ ، وَرُبَّمَا يُسَاعِدُهُ مَا فِيهَا ، قَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إذَا أَدَّى كِتَابَتَهُ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ مَا دَفَعَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ فَلَهُمْ أَخْذُهُ مِنْ السَّيِّدِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَرْجِعُ رِقًّا فَظَاهِرُ هَذَا فَسْخُهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ وَتَبَيُّنِ أَنَّ مَا دَفَعَهُ مِنْ مَالِ الْغُرَمَاءِ ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ غَرَّهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ رُدَّ عِتْقُهُ ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى مَالَ الْغُرَمَاءِ ، وَتُؤَوَّلُ النُّصُوصُ الَّتِي لَا تَقْتَضِي فَسْخَهَا مَعَ عَيْبِ الْعِوَضِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِلْمُكَاتَبِ مَالٌ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَتُفْسَخُ لِعَجْزِهِ فَيُوَافِقُهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ .
قُلْنَا : لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا ذَكَرَ ظَاهِرُ الْفِقْهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَا مَالَ لَهُ عَجْزُهُ ، بَلْ قَدْ يَكُونُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ قَادِرًا عَلَى السَّعْيِ ، فَلَا تُفْسَخُ وَمَا ذَكَرْت مِنْ مُسَاوَاةِ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ هُوَ كَذَلِكَ ، وَلَكِنْ فَسَّرَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ رِقًّا بِرُجُوعِهِ مُكَاتَبًا ، وَتَأْوِيلُ النُّصُوصِ بِمَنْ لَهُ مَالٌ مَرْدُودٌ بِنَصِّ ابْنِ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ عَلَى عَوْدِ مَنْ لَا مَالَ لَهُ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ عِوَضِهِ مُكَاتَبًا وَمَنْ لَهُ مَالٌ فَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ ، وَيَتْبَعُ بِمَا ذَكَرَ ، وَرَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلَ مَا شَرَحْنَاهُ .
وَإِنْ وُجِدَ

الْعِوَضُ مَعِيبًا فَمِثْلُهُ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا فَقِيمَتُهُ كَمُعَيَّنٍ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُتُّبِعَ دَيْنًا ، وَهَذَا أَقْرَبُ لِلِاسْتِقَامَةِ وَمُوَافَقَةِ النَّقْلِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمُسْتَحَقِّ إذَا كَانَ مَوْصُوفًا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ ، وَيَجِبُ أَنْ يُقَيِّدَ قَوْلَهُ فِي الْمَعِيبِ فَمِثْلُهُ الْمَوْصُوفُ .
وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَالرُّجُوعُ بِقِيمَتِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إنْ أَدَّى الْعِوَضَ الْمُكَاتَبَ بِهِ وَعَتَقَ فَأُلْفِيَ مَعِيبًا فَيَمْضِي عِتْقُهُ ، وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ الْعِوَضِ ، وَلَا فَرْقَ فِي الْعِوَضِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ الْمُقَوَّمَاتِ ؛ إذْ عِوَضُ الْكِتَابَةِ لَمَّا كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَشْبَهَ الْمُسْلَمَ فِيهِ ، وَالْمُسْلَمُ فِيهِ إذَا ظَهَرَ عَيْبُهُ رَجَعَ الْمُسْلِمُ بِمِثْلِهِ لِعَدَمِ تَعْيِينِهِ ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْعِوَضَ الَّذِي كُوتِبَ بِهِ مَوْصُوفًا وَعَتَقَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعِوَضُ فَيَمْضِي عِتْقُهُ وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ بِقِيمَتِهِ ، وَكَذَا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَاسْتُحِقَّ بَعْدَ أَدَائِهِ وَعَتَقَهُ فَيَمْضِي عِتْقُهُ ، وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ بِقِيمَتِهِ ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمُعَيَّنٍ أَيْ كَمَا يَرْجِعُ فِي الْمُعَيَّنِ بِالْقِيمَةِ يَرْجِعُ فِي الْمَوْصُوفِ بِهَا فَقَاسَ الْمَوْصُوفَ عَلَى الْمُعَيَّنِ ، وَفِيهِ بَحْثٌ ، وَقَوْلُهُ : وَإِنْ بِشُبْهَةٍ هُوَ شَرْطٌ فِي مُضِيِّ الْعِتْقِ وَالرُّجُوعِ بِالْقِيمَةِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَوْصُوفِ وَالْمُعَيَّنِ ، وَلَا يَرْجِعُ إلَى الْمَعِيبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى مِلْكِ الْمُكَاتَبِ ، وَمَفْهُومُ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّ هَذَا الْعِوَضَ الْمُسْتَحَقَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُبْهَةٌ لِلْمُكَاتَبِ ، فَإِنَّ عِتْقَهُ لَا يَمْضِي وَيَعُودُ مُكَاتَبًا وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَرِوَايَةُ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ عَنْهُ فِي الْقِطَاعَةِ ، وَقَالَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقِطَاعَةِ

وَالْكِتَابَةِ .
وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ إلَخْ ، أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي تَعَيَّنَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالْمِثْلِ فِي الْمَعِيبِ وَبِالْقِيمَةِ فِي الْمُسْتَحَقِّ وَمَلَكَ الْعِوَضَ الْمُسْتَحَقَّ بِشُبْهَةٍ فَيَتْبَعُ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ ، وَلَا يَعُودُ مُكَاتَبًا لِتَمَامِ عِتْقِهِ ، وَعُذْرِهِ بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ .
وَأَمَّا مَنْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي الْعِوَضِ فَلَا يَمْضِي عِتْقُهُ وَيَعُودُ مُكَاتَبًا ، هَذَا آخِرُ مَا نَقَلَ الثِّقَةُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ نَقَلْته مَعَ طُولِهِ لِيَكُونَ عُرْضَةً لِلنَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ فِيهِ ، مَعَ أَنِّي أَسْقَطْت شَيْئًا يَسِيرًا وَقَدْ كَانَتْ انْقَدَحَتْ لِي تَمْشِيَتُهُ لِلنُّسْخَةِ الْأُولَى قَبْلَ وُقُوفِي عَلَى كَلَامِهِ ، لَكِنْ عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ وَفُسِخَتْ الْكِتَابَةُ إنْ مَاتَ وَفُسِخَتْ الْعَتَاقَةُ إنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا كَأَنَّهُ مِنْ نَوْعِ الِاسْتِخْدَامِ وَذِهْنُ السَّامِعِ اللَّبِيبِ يُمَيِّزُهُ ، فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ مُخَالَفَتُهُ الْمَذْهَبَ ، لَكِنْ عَرَضَ لِي قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ إذَا قَاطَعَ سَيِّدَهُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ وَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَلَا يَرُدُّهُ فِي الْكِتَابَةِ ، فَلَوْلَا أَنَّ الْمَوْصُوفَ مُسَاوٍ لِلْمُعَيَّنِ لَتَمَّتْ التَّمْشِيَةُ .
وَأَمَّا النُّسْخَةُ الثَّانِيَةُ فَكَأَنَّهُ اسْتَنَدَ فِيهَا لِظَاهِرِ تَعْلِيلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الرُّجُوعَ بِالْمِثْلِ فِي الْمَعِيبِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَالْأَعْوَاضِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ إذَا اطَّلَعَ فِيهَا عَلَى عَيْبٍ يَقْضِي بِمِثْلِهَا ، وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ إذَا قَاطَعَ عَلَى مَوْصُوفٍ فَاسْتُحِقَّ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ وَهَذَا كَمَا تَرَى ، وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَاجَةٌ إلَى مَزِيدِ تَحْرِيرٍ .
الْحَطّ قَوْلُ " غ " يَتَمَشَّى عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى وَفُسِخَتْ الْعَتَاقَةُ وَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمَذْهَبِ لَوْلَا مَا عَارَضَهُ مِنْ نَصِّ ابْنِ رُشْدٍ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَبْدِ الْمَوْصُوفِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّهُ

يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا يُفْسَخُ الْعِتْقُ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا فَمِثْلُهُ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا فَقِيمَتُهُ كَمُعَيَّنٍ إنْ بِشُبْهَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُتُّبِعَ بِهِ دَيْنًا .
ابْنُ مَرْزُوقٍ وَهَذَا أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ وَمُوَافِقٌ لِلنَّقْلِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَوْصُوفِ الْمُسْتَحَقِّ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ .
ا هـ .
وَقَبِلَهُ " غ " وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِنَصِّ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى الرُّجُوعِ بِقِيمَتِهِ الَّذِي نَقَلَهُ " غ " وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ النُّسْخَةَ أَقْرَبُ إلَى الِاسْتِقَامَةِ وَمُوَافَقَةِ النَّقْلِ ، فَلْنَشْرَحْهَا وَنُبَيِّنْ مُوَافَقَتَهَا لَهُ .
فَقَوْلُهُ : وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا فَمِثْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَبَضَ السَّيِّدُ مِنْ الْمُكَاتَبِ الْعِوَضَ ، أَيْ الْكِتَابَةَ أَوْ بَعْضَهَا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَالرُّجُوعُ بِمِثْلِهِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ ، وَالْعِوَضُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ إنْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ يُعَوَّضُ بِمِثْلِهِ ، أَيْ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ وَلَوْ كَانَ عَدِيمًا ، فَفِيهَا مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ فَعَتَقَ بِأَدَائِهِ ثُمَّ أَلْفَاهُ السَّيِّدُ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَاتِّبَاعُهُ بِمِثْلِهِ إنْ قَدَرَ ، وَإِلَّا كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ .
أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إنْ كَاتَبَهُ بِعَبْدٍ مَضْمُونٍ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا لَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ كَالنِّكَاحِ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَالْخُلْعِ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ ، وَقَوْلُهُ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا فَقِيمَتُهُ كَمُعَيَّنٍ ، يَعْنِي بِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ مَا قَبَضَهُ السَّيِّدُ مِنْ كِتَابَةِ عَبْدِهِ أَوْ قَطَاعَتِهِ ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ ، وَنَقَلَهُ فِي ضَيْحٍ ، وَكَانَ مَوْصُوفًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ كَرُجُوعِهِ بِهَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا ، وَهَذَا لَا إشْكَالَ فِيهِ .

وَأَمَّا الْمَوْصُوفُ فَتَبِعَ فِيهِ ابْنَ رُشْدٍ ، وَنَصُّهُ : وَلَا اخْتِلَافَ إذَا قَاطَعَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِعَبْدٍ مَوْصُوفٍ وَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ ، وَلَا يَرُدُّهُ فِي الْكِتَابَةِ ، وَقَوْلُهُ : إنْ بِشُبْهَةٍ شَرْطٌ فِي مُضِيِّ الْعِتْقِ وَالرُّجُوعِ بِالْقِيمَةِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَوْصُوفِ وَالْمُعَيَّنِ ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ فَإِنَّ عِتْقَهُ لَا يَمْضِي وَيَعُودُ مُكَاتَبًا ، فَفِي الْبَيَانِ أَثَرُ مَا سَبَقَ عَنْهُ .
وَأَمَّا إذَا قَاطَعَ سَيِّدَهُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مِلْكِهِ غَرَّبَهُ مَوْلَاهُ كَالْحُلِيِّ يَسْتَوْدِعُهُ وَالثِّيَابِ يَسْتَوْدِعُهَا فَلَا اخْتِلَاف أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ، وَيَرْجِعُ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ قِيمَةَ مَا قَاطَعَ بِهِ .
وَقَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُتُّبِعَ بِهِ دَيْنًا يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي دَفَعَ الْمَعِيبَ أَوْ الْمُسْتَحَقَّ الَّذِي فِيهِ شُبْهَةٌ مَالٌ فَإِنَّهُ يُتْبَعُ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ ، وَلَا تَعُودُ مُكَاتَبَتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ إنْ غَرَّ سَيِّدَهُ بِمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ رُدَّ عِتْقُهُ ، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ مَضَى عِتْقُهُ وَاتُّبِعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ دَيْنًا .
ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ وَيَرْجِعُ مُكَاتَبًا .
وَفِي الْبَيَانِ تَحَصَّلَ فِي الْمُكَاتَبِ يُقَاطِعُ سَيِّدَهُ عَنْ كِتَابَتِهِ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ، أَحَدُهَا : أَنَّهُ يُرْجَعُ فِي الْكِتَابَةِ حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَى سَيِّدِهِ قِيمَةَ ذَلِكَ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْدِمًا وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا ، وَيُتْبَعُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ مُعْدِمًا فِي ذِمَّتِهِ .
ثُمَّ قَالَ الْحَطّ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ عَنْ

كِتَابَتِهِ أَوْ عَنْ قَطَاعَتِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا ، وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا سَوَاءٌ كَانَ مَوْصُوفًا أَوْ مُعَيَّنًا .
صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ يَرْجِعُ فِي الْمَوْصُوفِ بِمِثْلِهِ ، وَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ أَمْ لَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَالرَّجْرَاجِيُّ ، خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إذَا كَاتَبَ بِمَا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْكِتَابَةِ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا ، وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ ، إذْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ إلَى الْكِتَابَةِ .
وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِلْكِتَابَةِ بِلَا خِلَافٍ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالرَّجْرَاجِيِّ .
وَأَمَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْكِتَابَةِ ، ثُمَّ قَالَ : وَإِنْ كَانَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ اتِّبَاعُهُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ ، وَلَا يَعُودُ إلَى كِتَابَتِهِ ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ : يَعُودُ إلَيْهَا ، وَجَعَلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا دَفَعَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ مِمَّا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهٌ ) إنْ قِيلَ : لِمَ قَالُوا : إذَا اُسْتُحِقَّ مَا قَاطَعَ بِهِ الْمُكَاتَبُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ ، وَلَمْ يَقُولُوا : يَرْجِعُ بِالْكِتَابَةِ الَّتِي قَاطَعَ عَلَيْهَا كَمَا قَالُوا : مَنْ أَخَذَ عَنْ دَيْنِهِ عَرَضًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِدَيْنِهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ ؛ لِأَنَّهَا تَارَةً تَتِمُّ ، وَتَارَةً تَسْقُطُ فَأَشْبَهَتْ مَا لَا عِوَضَ لَهُ مَعْلُومٌ مِنْ نِكَاحٍ وَخُلْعٍ بِعَرَضٍ يَسْتَحِقُّ ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ ا هـ كَلَامُ الْحَطّ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : طفي

قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ إلَخْ ، اُنْظُرْ هَذَا الْحَصْرَ مَعَ أَنَّهَا تَكُونُ بِالْمُعَيَّنِ كَعَبْدِ فُلَانٍ وَالْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ كَمَا تَقَدَّمَ ، فَلَوْ قَالَ لِوُقُوعِهَا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ إلَخْ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَمُعَيَّنٍ ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي فَرْضِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورُ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ كَاتَبَهُ بِعَبْدٍ مَضْمُونٍ ، وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ كَالنِّكَاحِ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ ا هـ الْبُنَانِيُّ عَقْدُ الْكِتَابَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا فِي ضَيْح وَغَيْرِهِ .
وَأَمَّا الْعِتْقُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَقِطَاعَةٌ لَا كِتَابَةٌ .
الثَّانِي : طفي قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَوْصُوفِ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَيْهِ جَرَى هُنَا وَالشَّارِحُ وتت خِلَافُ الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الْمَوْصُوفَ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ كَمَا فِي السَّلَمِ وَغَيْرِهِ ، وَتَقَدَّمَ التَّفْصِيلُ فِي الْمَعِيبِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَحَقِّ ؛ وَلِذَا جَزَمَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالطِّخِّيخِيُّ وَجَدُّ عج بِالرُّجُوعِ فِي الْمَوْصُوفِ بِالْمِثْلِ مُقَوَّمًا كَانَ أَوْ مِثْلِيًّا خِلَافًا لِلْحَطِّ فِي اعْتِمَادِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ قَائِلًا : وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ .
عج وَفِيهِ نَظَرٌ الْبُنَانِيُّ كَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي ذَلِكَ ، مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَنَصُّهَا فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ : مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى عَرَضٍ مَوْصُوفٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَقَبَضَهُ وَعَتَقَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مَا دَفَعَ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ ا هـ .
وَالرَّدُّ بِهَذَا عَلَى ابْنِ رُشْدٍ وَمَنْ مَعَهُ أَقْوَى .
الثَّالِثُ : طفي قَوْلُهُ إنْ بِشُبْهَةٍ شَرْطٌ فِي الْمُعَيَّنِ عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةِ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ ، وَتَبِعَ فِيهِ ابْنَ رُشْدٍ ، وَنَصُّهُ إذَا قَاطَعَ سَيِّدَهُ عَلَى شَيْءٍ

بِعَيْنِهِ ، وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ غَرَّبَهُ مَوْلَاهُ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ، وَيَرْجِعُ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ قِيمَةَ مَا قَاطَعَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَعَلَى هَذَا قَرَّرَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِابْنِ مَرْزُوقٍ وَالْحَطّ فِي جَعْلِهِ شَرْطًا فِي الْمَوْصُوفِ وَالْمُعَيَّنِ وَزَعَمَ " ح " أَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ ، وَلَمْ نَرَ هَذَا النَّقْلَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ يُوَافِقُهُ ، بَلْ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافُهُ كَمَا عَلِمْت .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ : وَإِنْ قَاطَعَهُ عَلَى وَدِيعَةٍ أُودِعَتْ عِنْدَهُ فَاعْتُرِفَتْ رُدَّ عِتْقُهُ فَفَرْضُهَا فِي الْمُعَيَّنِ ، وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ فِي تَوْضِيحِهِ ، وَنَقَلَ قَيْدَهُ فِي الْمُعَيَّنِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَهُوَ مُرَادُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي إدْخَالِهِ الْكَافَ .
الْبُنَانِيُّ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يُوَافِقُ مَا لِابْنِ مَرْزُوقٍ وَنَصُّهَا وَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَرَادَ غُرَمَاؤُهُ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ السَّيِّدِ مَا قَبَضَ مِنْهُ ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ مَا دَفَعَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَلَهُمْ أَخْذُهُ ، وَيَرْجِعُ رَقِيقًا .
ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ يُرِيدُ مُكَاتَبًا .

وَمَضَتْ كِتَابَةُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ ؛ وَبِيعَتْ : كَأَنْ أَسْلَمَ ، وَبِيعَ مَعَهُ مَنْ فِي عَقْدِهِ
( وَ ) إنْ اشْتَرَى كَافِرٌ رَقِيقًا مُسْلِمًا أَوْ أَسْلَمَ رَقِيقُهُ فَكَاتَبَهُ ( مَضَتْ كِتَابَةُ ) مَالِكٍ ( كَافِرٍ لِ ) مَمْلُوكٍ لَهُ ( مُسْلِمٍ وَبِيعَتْ ) الْكِتَابَةُ بِمَعْنَى الْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ لِمُسْلِمٍ ، فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْمَالَ الَّذِي كُوتِبَ بِهِ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِعَصَبَةِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا يَعُودُ لِلْكَافِرِ إنْ أَسْلَمَ ، وَإِنْ عَجَزَ لِلْمُسْلِمِ الَّذِي اشْتَرَى كِتَابَتَهُ .
وَشَبَّهَ فِي الْمُضِيِّ وَالْبَيْعِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ ( أَسْلَمَ ) مُكَاتَبُ الْكَافِرِ فَتَمْضِي كِتَابَتُهُ اتِّفَاقًا ، وَتُبَاعُ لِمُسْلِمٍ ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ كِتَابَتِهِ فَفِيهَا تُبَاعُ كِتَابَتُهُ لِمُسْلِمٍ ( وَ ) إذَا كَانَ مَعَ الْمُكَاتَبِ الْمُسْلِمِ رَقِيقٌ دَخَلَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ بِشَرْطٍ أَوْ بِدُونِهِ ، وَبِيعَتْ كِتَابَةُ الْمُسْلِمِ ( بِيعَ مَعَهُ ) أَيْ بِيعَ كِتَابَتُهُ كِتَابَةَ ( مَنْ ) أَيْ رَقِيقٍ دَخَلَ مَعَهُ ( فِي عَقْدِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ الْكِتَابَةَ .

وَكَفَّرَ بِالصَّوْمِ
( وَ ) إنْ وَجَبَ عَلَى الْمُكَاتَبِ كَفَّارَةٌ لِحِنْثٍ فِي يَمِينٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوِهَا أَوْ عَنْ ظِهَارٍ ، أَوْ عَنْ فِطْرٍ فِي رَمَضَانَ عَمْدًا أَوْ قَتْلِ خَطَأٍ أَوْ قَتْلِ صَيْدٍ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ فِي الْحَرَمِ أَوْ عَنْ تَرَفُّهٍ أَوْ إزَالَةِ أَذًى ، وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ عَنْ نَحْوِ تَمَتُّعٍ ( كَفَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( بِالصَّوْمِ ) فَلَا يَعْتِقُ ، وَلَا يَكْسُو وَلَا يُطْعِمُ وَلَا يُزَكِّي لِمَنْعِهِ مِنْ إخْرَاجِ مَالِهِ بِلَا عِوَضٍ مَالِيٍّ .
ابْنُ شَاسٍ لَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصِّيَامِ ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُهُ فِي الْمَذْهَبِ إلَّا أَنَّهُ مُقْتَضَى قَوْلِهَا أَنَّهُ كَالْعَبْدِ .

وَاشْتِرَاطُ وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ ، وَاسْتِثْنَاءُ حَمْلِهَا ، أَوْ مَا يُولَدُ لَهَا ، مَا يُولَدُ لِمُكَاتَبٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ ، أَوْ قَلِيلٍ : كَخِدْمَةٍ ، إنْ وَفَّى لَغْوٌ

( وَاشْتِرَاطُ وَطْءِ ) الْأَمَةِ ( الْمُكَاتَبَةِ ) عِنْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ مِنْ سَيِّدِهَا لَغْوٌ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا ، وَكَذَا الْمُعْتَقَةُ لِأَجَلٍ ، وَكَذَا شَرْطُهُ إنْ شَرِبَ الْمُكَاتَبُ خَمْرًا عَادَ رَقِيقًا ا هـ شب ( وَاسْتِثْنَاءُ ) أَيْ اشْتِرَاطُ عَدَمِ دُخُولِ ( حَمْلِهَا ) أَيْ الْأَمَةِ فِي عَقْدِ كِتَابَتِهَا لَغْوٌ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ اشْتَرَطَ أَنْ يُصِيبَ مُكَاتَبَتَهُ أَوْ اسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَإِنَّ الْكِتَابَةَ مَاضِيَةٌ ، وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ ( أَوْ ) اشْتِرَاطُ ( مَا يُولَدُ لَهَا ) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ مِنْ غَيْرِهِ يَكُونُ رِقًّا لَهُ لَغْوٌ ( أَوْ ) اشْتِرَاطُ ( مَا يُولَدُ لِمُكَاتَبِهِ مِنْ أَمَتِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( بَعْدَ ) عَقْدِ ( الْكِتَابَةِ ) يَكُونُ رِقًّا لَهُ لَغْوٌ ( أَوْ ) اشْتِرَاطُ ( قَلِيلٍ كَخِدْمَةٍ ) مِنْ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ ( إنْ وَفَّى ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُثَقَّلًا ، أَيْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا كُوتِبَ بِهِ لِسَيِّدِهِ ( لَغْوٌ ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ .
وَمَفْهُومُ قَلِيلٍ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ خِدْمَةً كَثِيرَةً بَعْد التَّوْفِيَةِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ .
ابْنُ شَاسٍ تَسْرِي الْكِتَابَةُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ إلَى وَلَدِهَا الَّذِي تَلِدُهُ بَعْدَهَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا ، وَكَذَا وَلَدُ الْمُكَاتَبِ الَّذِي حَدَثَ لِأَمَتِهِ بَعْدَ كِتَابَتِهِ .
عَبْدُ الْحَقِّ إنْ شَرَطَ أَنَّ مَا تَلِدُهُ فِي كِتَابَتِهَا فَهُوَ عَبْدُهُ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ ، وَالْعِتْقُ نَافِذٌ إلَى أَجَلِهِ .
فِيهَا كُلُّ خِدْمَةٍ اشْتَرَطَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَبَاطِلٌ ، وَإِنْ اشْتَرَطَهَا فِي الْكِتَابَةِ فَأَدَّى الْعَبْدُ قَبْلَ تَمَامِهَا سَقَطَتْ .
عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ إنَّمَا هَذَا فِي الْخِدْمَةِ الْيَسِيرَةِ لِأَنَّهَا تَبَعٌ ، وَحَمَلَهَا غَيْرُهُ عَلَى ظَاهِرِهَا قَلِيلَةً كَانَتْ أَوْ كَثِيرَةً ، وَعَلَى مَا لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ ، فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ قَلِيلٍ لَطَابَقَ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
طفي فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَلِيلِ خِدْمَةٍ

وَفِي بَعْضِهَا قَلِيلٍ لِخِدْمَةٍ بِاللَّامِ ، وَكِلَاهُمَا وَاضِحٌ ، وَفِي بَعْضِهَا قَلِيلٍ كَخِدْمَةٍ بِالْكَافِ ، وَلَا مَحَلَّ لَهَا هُنَا ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْخِدْمَةِ فَقَطْ .
( فَرْعٌ ) لَوْ شَرَطَ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَنَّهُ إنْ شَرِبَ خَمْرًا عَادَ رَقِيقًا فَشَرِبَهَا فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ لِلرِّقِّيَّةِ ، قَالَهُ فِي النُّكَتِ ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ .

وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ ، أَوْ عَنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ ، وَإِنْ عَلَى سَيِّدِهِ : رُقَّ : كَالْقِنِّ ، وَأُدِّبَ : إنْ وَطِئَ بِلَا مَهْرٍ ، وَعَلَيْهِ : نَقْصُ الْمُكْرَهَةِ ، وَإِنْ حَمَلَتْ : خُيِّرَتْ فِي الْبَقَاءِ ، وَأُمُومَةِ الْوَلَدِ ، إلَّا لِضُعَفَاءَ مَعَهَا ، أَوْ أَقْوِيَاءَ : لَمْ يَرْضَوْا وَحُطَّ حِصَّتُهَا ، إنْ اخْتَارَتْ الْأُمُومَةَ ، وَإِنْ قُتِلَ : فَالْقِيمَةُ لِلسَّيِّدِ ، وَهَلْ قِنًّا ؛ أَوْ مُكَاتَبًا ، تَأْوِيلَانِ

( وَإِنْ عَجَزَ ) الْمُكَاتَبُ ( عَنْ شَيْءٍ ) مِمَّا كُوتِبَ عَلَيْهِ ( رُقَّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ صَارَ رَقِيقًا خَالِصًا مِنْ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ( أَوْ ) عَجَزَ الْمُكَاتَبُ ( عَنْ ) دَفْعِ ( أَرْشَ جِنَايَةٍ ) مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَيُرَقُّ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ فِيهِ أَوْ فِدَائِهِ بِهِ إنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ عَلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ جِنَايَتُهُ ( عَلَى سَيِّدِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( رُقَّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ صَارَ رَقِيقًا خَالِصًا مِنْ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ ( كَالْقِنِّ ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ النُّونِ ، أَيْ خَالِصِ الرِّقِّيَّةِ الَّذِي لَمْ يُكَاتَبْ فِي خُلُوصِ رِقِّيَّتِهِ مِنْ شَائِبَةِ حُرِّيَّتِهِ .
ابْنُ شَاسٍ إنْ جَنَى الْمُكَاتَبُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَلَى سَيِّدِهِ لَزِمَهُ الْأَرْشُ ، فَإِنْ أَدَّاهُ بَقِيَ عَلَى كِتَابَتِهِ ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ رُقَّ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُخَاطَبُ بِأَدَاءِ أَرْشِ جِنَايَتِهِ ، فَإِنْ أَدَّاهُ بَقِيَ مُكَاتَبًا كَانَ الْأَرْشُ لِسَيِّدِهِ ، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ ، فَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ رُقَّ لَهُ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ خُيِّرَ فِي إسْلَامِهِ فَيُرَقُّ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ وَفِدَائِهِ فَيُرَقُّ لَهُ ، وَفِي جِنَايَتِهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ إنْ أَدَّى جَمِيعَ الْأَرْشِ حَالًّا ، وَلَوْ جَاوَزَ قِيمَتَهُ فَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ ، وَإِلَّا عَجَزَ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ رِقًّا وَفِدَائِهِ بِالْأَرْشِ ، وَعَجْزُهُ عَنْ الْأَرْشِ قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِهِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ ، أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
( وَأُدِّبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا السَّيِّدُ ( إنْ وَطِئَ ) مُكَاتَبَتَهُ إلَّا أَنْ يَجْهَلَ حُرْمَةَ وَطْئِهَا وَلَمْ يُحَدَّ لِلشُّبْهَةِ الَّتِي لَهُ فِيهَا ( بِلَا مَهْرٍ ) عَلَيْهِ لَهَا فِي وَطْئِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهَا إنْ طَاوَعَتْهُ ، وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ السَّيِّدِ ( نَقْصُ )

مُكَاتَبَتِهِ ( الْمُكْرَهَةِ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ مِنْهُ عَلَى وَطْئِهَا .
ابْنُ يُونُسَ إنْ كَانَتْ بِكْرًا .
فِيهَا مَنْ كَاتَبَ أَمَةً فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا ، فَإِنْ وَطِئَهَا دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ ، وَعَنْهَا أَكْرَهَهَا أَوْ طَاوَعَتْهُ ، وَيُعَاقَبُ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ وَلَا صَدَاقَ لَهَا ، وَلَا مَا نَقَصَهَا إنْ طَاوَعَتْهُ ، وَإِنْ أَكْرَهَهَا فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا ، وَهِيَ فِي كِتَابَتِهَا إلَّا أَنْ تَحْمِلَ فَتُخَيَّرُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ ، أَوْ تَمْضِيَ عَلَى كِتَابَتِهَا ، فَرَوَى سَحْنُونٌ نَفَقَتَهَا عَلَى سَيِّدِهَا مَا دَامَتْ حَامِلًا وَلِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ لَا نَفَقَةَ لَهَا ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَحْسَنُ .
( وَإِنْ حَمَلَتْ ) الْمُكَاتَبَةُ مِنْ وَطْءِ سَيِّدِهَا ( خُيِّرَتْ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلَةً الْمُكَاتَبَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ( فِي الْبَقَاءِ ) عَلَى كِتَابَتِهَا ، وَتَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً وَمُكَاتَبَةً ، فَإِنْ أَدَّتْ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهَا عَتَقَتْ ، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ أَدَائِهَا عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، وَنَفَقَتُهَا فِي زَمَنِ حَمْلِهَا عَلَى سَيِّدِهَا عَلَى الْأَرْجَحِ ( وَ ) فِي انْتِقَالِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ إلَى ( أُمُومَةِ الْوَلَدِ ) لِسَيِّدِهَا فَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَيَسِيرُ خِدْمَتِهَا إلَى مَوْتِهِ فَتُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِضُعَفَاءَ ) عَنْ الْأَدَاءِ ( مَعَهَا ) أَيْ الْأَمَةِ فِي الْكِتَابَةِ ( أَوْ أَقْوِيَاءَ ) عَلَى الْأَدَاءِ ( لَمْ يَرْضَوْا ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالضَّادِ بِانْتِقَالِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ لِأُمُومَةِ الْوَلَدِ فَلَا تُخَيَّرُ ، وَيَلْزَمُهَا الْبَقَاءُ عَلَى الْكِتَابَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ كَانَ مَعَهَا فِي الْكِتَابَةِ غَيْرُهَا فَهِيَ عَلَى كِتَابَتِهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى هِيَ وَهُمْ بِإِسْلَامِهَا لِلسَّيِّدِ وَيَحُطُّ عَنْهُمْ حِصَّتَهَا مِنْ الْكِتَابَةِ فَتَصِيرُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ .
سَحْنُونٌ هَذَا إنْ كَانَ مَنْ مَعَهَا فِي الْكِتَابَةِ مِمَّنْ

يَجُوزُ رِضَاهُ وَلَا يُخْشَى عَجْزُهُمْ بِإِسْلَامِهَا .
( وَ ) إنْ كَانَ مَعَهَا أَقْوِيَاءُ رَضَوْا بِانْتِقَالِهَا لِأُمُومَةِ الْوَلَدِ وَانْتَقَلَتْ لَهَا ( حُطَّ ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَيْنِ مُثَقَّلًا ، أَيْ أَسْقَطَ عَنْهُمْ ( حِصَّتَهَا ) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي تَخُصُّهَا مِنْ الْمُكَاتَبِ بِهِ بِقِسْمَتِهِ عَلَى قَدْرِ قُوَاهُمْ عَلَى السَّعْيِ ( وَإِنْ قُتِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَدَائِهِ خَطَأً مُطْلَقًا أَوْ عَمْدًا مِنْ حُرٍّ مُسْلِمٍ ( فَالْقِيمَةُ ) الَّتِي يَغْرَمُهَا قَاتِلُهُ ( لِلسَّيِّدِ ) لِلْمُكَاتَبِ لَا لِوَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْكِتَابَةِ وَلَوْ دِرْهَمًا .
( وَهَلْ ) يُقَوَّمُ حَالَ كَوْنِهِ ( قِنًّا ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ النُّونِ ، أَيْ رِقًّا خَالِصًا مِنْ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ لِبُطْلَانِ كِتَابَتِهِ بِمَوْتِهِ قَبْلَ أَدَائِهِ ( أَوْ ) يُقَوَّمُ حَالَ كَوْنِهِ ( مُكَاتَبًا ) وَهُوَ مَذْهَبُهَا عِنْدَ أَبِي عِمْرَانَ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) وَرِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ أَنَّ مُكَاتَبًا أَدَّى كُلَّ كِتَابَتِهِ إلَّا دِرْهَمًا ، وَآخَرَ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا وَقَتَلَهُمَا رَجُلٌ ، وَقُوَّتُهُمَا عَلَى الْأَدَاءِ سَوَاءٌ ، وَقِيمَةُ رِقَابِهِمَا سَوَاءٌ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا أَدَّى مِنْ الْكِتَابَةِ وَقِيمَتُهُمَا عَلَى قَاتِلِهِمَا سَوَاءٌ .
اللَّخْمِيُّ إنْ قُتِلَ الْمُكَاتَبُ قُوِّمَ عَبْدًا لَا كِتَابَةَ فِيهِ ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْعِتْقِ سَقَطَ حُكْمُهُ بِالْقَتْلِ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَذَكَرَ قَوْلَهُ الْمُتَقَدِّمَ ، وَزَادَ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مُكَاتَبًا أَكْثَرَ فَلَهُ قِيمَتُهُ مُكَاتَبًا ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى بَيْعِ كِتَابَتِهِ ، وَسَمِعَ أَشْهَبُ : عَلَى قَاتِلِ الْمُكَاتَبِ قِيمَتُهُ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ .
ابْنُ رُشْدٍ أَرَادَ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ

عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ بَقِيَّةَ كَذَا ، وَكَذَا عَلَى مَا يُعْرَفُ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى تَكَسُّبِ الْمَالِ دُونَ اعْتِبَارِ مَالِهِ لِبَقَائِهِ لِسَيِّدِهِ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ : إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُنْظَرُ إلَى مَا أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ وَلَا إلَى مَا بَقِيَ مِنْهَا ، فَيُقَالُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ : كَمْ قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ وَقُوَّتُهُ عَلَى أَدَاءِ كِتَابَتِهِ كَذَا وَكَذَا ، وَيُسْكَتُ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَعَنْ مَالِهِ أَيْضًا ، وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ بِمَالِهِ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ .
قُلْت : فَفِي كَوْنِ الْوَاجِبِ فِيهِ قِيمَتَهُ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا مُعْتَبَرًا فِيهِ قُوَّتُهُ عَلَى الْأَدَاءِ وَقَدْرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ .
ثَالِثُهَا : هَذَا مَعَ لَغْوِ اعْتِبَارِ مَا عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَرَابِعُهَا الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا .

وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ : صَحَّ ؛ وَعَتَقَ إنْ عَجَزَ
( وَإِنْ اشْتَرَى ) الْمُكَاتَبُ ( مَنْ ) أَيْ رَقِيقًا ( يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ ) كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ ( صَحَّ ) شِرَاؤُهُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ عَنْهُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ مَا دَامَ مُكَاتَبًا وَأَوْلَى بَعْدَ أَدَائِهِ وَعِتْقِهِ ( وَعَتَقَ ) الرَّقِيقُ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ ( إنْ عَجَزَ ) الْمُكَاتَبُ وَرُقَّ لِسَيِّدِهِ .
ابْنُ شَاسٍ إنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ صَحَّ ، فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ إلَى السَّيِّدِ وَعَتَقَ عَلَيْهِ لِانْفِسَاخِ كِتَابَتِهِ وَعَوْدِهِ ، وَمَالُهُ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ فَقَدْ مَلَكَ سَيِّدُهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ مِلْكِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا مُقْتَضَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ فِي إحْرَازِ الْمُكَاتَبِ مَالَهُ إنْ كَانَ شِرَاؤُهُ إيَّاهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَالْأَظْهَرُ إنْ كَانَ بِإِذْنِهِ عِتْقُهُ عَلَى سَيِّدِهِ ، وَيَغْرَمُ ثَمَنَهُ لِمُكَاتَبِهِ ، وَلَا أَعْرِفُ نَصَّ الْمَسْأَلَةِ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ بِوَجْهٍ ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهَا الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ بِلَفْظِ ابْنِ شَاسٍ .
الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ عَزْوِ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ لِلْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ .

وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْأَدَاءِ ، لَا الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالْأَجَلِ

( وَ ) إنْ ادَّعَى الرَّقِيقُ أَنَّ سَيِّدَهُ كَاتَبَهُ وَأَنْكَرَهَا سَيِّدُهُ فَ ( الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي ) نَفْيِ ( الْكِتَابَةِ ) إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهَا ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْكِتَابَةِ ( وَ ) ادَّعَى الرَّقِيقُ الْأَدَاءَ ، وَأَنْكَرَهُ السَّيِّدُ فَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي نَفْيِ ( الْأَدَاءِ ) إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ إنْ اخْتَلَفَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ فِي أَصْلِ الْكِتَابَةِ أَوْ الْأَدَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ .
قُلْت بِلَا يَمِينٍ فِي الْأُولَى لِعُرُوضِ تَكْرِيرِهَا ، وَيَحْلِفُ فِي الثَّانِيَةِ .
شب إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي عَقْدِهَا تَصْدِيقَهُ فِي نَفْيِهِ بِلَا يَمِينٍ ، وَإِلَّا فَيُوَفِّي لَهُ بِهِ ، وَإِنْ تَنَازَعَا فِي قَدْرٍ لِمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ أَوْ فِي قَدْرِ أَجَلِهِ أَوْ فِي جِنْسِهِ ( فَ ) لَا يَكُونُ الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي ( الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالْجِنْسِ ) ابْنُ عَرَفَةَ إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهَا فَفِي كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْعَبْدِ أَوْ السَّيِّدِ قَوْلَانِ ، وَنَقَلَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَوْتٌ أَوْ لَا لِأَنَّهَا مُتَنَازَعٌ فِي ثُبُوتِهَا .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْكِتَابَةِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ : الْكِتَابَةُ فَوْتٌ يَتَحَالَفَانِ وَعَلَيْهِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ عَيْنًا ، فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا ، وَنَكَلَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ لِلْحَالِفِ ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ ، وَقَدْرُهُمَا سَوَاءٌ اشْتَرَى بِمَا قَالَهُ الْعَبْدُ مَا قَالَهُ السَّيِّدُ ، فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا ، وَالْآخَرُ عُرُوضًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْعَيْنِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ قَدْرًا لَا يُشْبِهُ .
وَفِيهَا إنْ اتَّفَقَا فِي الْقَدْرِ وَاخْتَلَفَا فِي كَثْرَةِ النُّجُومِ صُدِّقَ الْعَبْدُ مَا لَمْ يَأْتِ فِي كَثْرَتِهَا بِمَا لَمْ يُشْبِهْ ، وَإِنْ اتَّفَقَا فِي التَّأْجِيلِ ، وَاخْتَلَفَا فِي حُلُولِهِ صُدِّقَ الْعَبْدُ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْقِطَاعَةِ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً فَقَالَ أَصْبَغُ : صُدِّقَ السَّيِّدُ ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ

الْقِطَاعَةُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الْكِتَابَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَا يُسَاوِي الْكِتَابَةَ ، أَوْ أَكْثَرَ صُدِّقَ الْعَبْدُ فِي فَسْخِهَا عَلَى قَدْرِهَا لِمِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ أَوْ دُونِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ إنْ كَانَ عَجَّلَ عِتْقَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهُ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَرَجَعَا لِكِتَابَةِ الْمِثْلِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ مَا تَقَاطَعَا عَلَيْهِ مِنْ عُرُوضٍ أَوْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ تَحَالَفَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَجَّلَ عِتْقَهُ ، فَإِنْ عَجَّلَهُ صُدِّقَ الْعَبْدُ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : اخْتِلَافُ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ فِي الْأَجَلِ تَارَةً يَكُونُ فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ ، وَتَارَةً فِي قَدْرِهِ ، وَتَارَةً فِي حُلُولِهِ .
أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُكَاتَبِ إنَّهَا مُنَجَّمَةٌ مَا لَمْ يَأْتِ مِنْ كَثْرَةِ النُّجُومِ مَا لَا يُشْبِهُ .
وَأَمَّا الثَّانِي فَفِيهَا إنْ قَالَ الْمُكَاتَبُ نَجَّمْت بِعَشَرَةِ أَنْجُمٍ ، وَقَالَ السَّيِّدُ : بِخَمْسَةٍ صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ بِيَمِينِهِ .
وَأَمَّا الثَّالِثُ فَفِيهَا إنْ قَالَ السَّيِّدُ : قَدْ حَلَّ نَجْمٌ ، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ : لَمْ يَحِلَّ صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ أَفَادَهُ طفي ، وَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ عَرَفَةَ .
الثَّانِي : طفي وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ كَقَوْلِ أَحَدِهِمَا بِثِيَابٍ وَالْآخَرِ بِخِلَافِهَا فَأَجْرَى اللَّخْمِيُّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْكِتَابَةُ فَوْتٌ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ ، وَيُرَدُّ لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ مِنْ الْعَيْنِ ، فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ لِلْحَالِفِ ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا وَالْآخَرُ عَرَضًا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْعَيْنِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يُشْبِهُ .
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ : يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ ، وَزَادَ عَنْهُ إنْ قَالَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ وَقَدْرُهُمَا سَوَاءٌ فَلَا تَحَالُفَ وَيَشْتَرِي مَا قَالَهُ السَّيِّدُ بِمَا قَالَهُ الْعَبْدُ .
الثَّالِثُ : طفي سَوَّى الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْمَسَائِلِ

الثَّلَاثِ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمُكَاتَبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهَا ، وَعَزْوِهِمَا قَبُولَ قَوْلِ الْمُكَاتَبِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَبُولَ قَوْلِ السَّيِّدِ لِأَشْهَبَ فِي الثَّلَاثِ ، وَقَدْ نَازَعَ فِي تَوْضِيحِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْجِنْسِ قَائِلًا : لَمْ أَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمَ وَكَلَامَ الْمَازِرِيِّ الْبُنَانِيُّ لَا دَرَكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي مُخْتَصَرِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَوَّى بَيْنَ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالْأَجَلِ فِي عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ السَّيِّدِ ، فَقَوْلُ طفي سَوَّى الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمُكَاتَبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ فِيهِ نَظَرٌ ؛ إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَصْرِيحٌ بِقَبُولِ قَوْلِ الْمُكَاتَبِ فِي الثَّلَاثِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ أَعَانَهُ جَمَاعَةٌ ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا الصَّدَقَةَ : رَجَعُوا بِالْفَضْلَةِ ، وَعَلَى السَّيِّدِ بِمَا قَبَضَهُ ، إنْ عَجَزَ ، وَإِلَّا فَلَا ؛

( وَإِنْ أَعَانَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبَ عَلَى أَدَاءِ الْكِتَابَةِ ( جَمَاعَةٌ ) أَوْ وَاحِدٌ بِمَالٍ فَأَدَّاهَا ، وَبَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ ( فَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا ) أَيْ الْمُعِينُونَ ( الصَّدَقَةَ ) بِالْمَالِ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِأَنْ قَصَدُوا فَكَّهُ مِنْ الرِّقِّ أَوْ لَمْ يَقْصِدُوا شَيْئًا ( رَجَعُوا ) أَيْ الْمُعِينُونَ إنْ شَاءُوا ( بِالْفَضْلَةِ ) وَتَحَاصُّوا فِيهَا ( وَ ) رَجَعُوا عَلَى ( السَّيِّدِ بِمَا قَبَضَهُ ) مِنْ أَمْوَالِهِمْ ( إنْ عَجَزَ ) الْمُكَاتَبُ بَعْدَ دَفْعِ أَمْوَالِهِمْ لِلسَّيِّدِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ قَصَدُوا الصَّدَقَةَ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِمَا أَعَانُوهُ بِهِ ( فَلَا ) رُجُوعَ لَهُمْ بِالْفَضْلَةِ ، وَلَا بِمَا قَبَضَهُ السَّيِّدُ إنْ عَجَزَ .
فِيهَا ، وَالْمُكَاتَبُ إنْ أَعَانَهُ قَوْمٌ فِي كِتَابَتِهِ بِمَالٍ فَأَدَّاهَا مِنْهُ ، وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ ، فَإِنْ أَعَانُوهُ بِمَعْنَى الْفِكَاكِ لِرَقَبَتِهِ لَا صَدَقَةً عَلَيْهِ فَلْيَرُدَّ إلَيْهِمْ الْفَضْلَةَ بِالْحِصَصِ أَوْ يُحَلِّلُوهُ مِنْهَا ، وَإِنْ عَجَزَ فَكُلُّ مَا قَبَضَ السَّيِّدُ مِنْهُ قَبْلَ عَجْزِهِ حَلَّ لَهُ كَانَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ أَوْ صَدَقَةً عَلَيْهِ ، وَأَمَّا لَوْ أُعِينَ فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ فَلَمْ يَفِ ذَلِكَ بِكِتَابَتِهِ فَلِكُلِّ مَنْ أَعَانَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَعْطَى إلَّا أَنْ يُحَلَّلَ الْمُكَاتَبُ مِنْهُ فَيَكُونَ لَهُ ، وَلَوْ أَعَانُوهُ بِصَدَقَةٍ لَا عَلَى الْفِكَاكِ فَذَلِكَ لِسَيِّدِهِ إنْ عَجَزَ ا هـ .
الْوَانُّوغِيُّ ظَاهِرُهَا يَسِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَثِيرَةً وَقُيِّدَتْ بِالْكَثِيرَةِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَالْقَذْفِ ، وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْقِرَاضِ .
ا هـ .
يَعْنِي فَضْلَ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَنِيمَةِ لِلْحَاجَةِ ، وَفَضْلَةَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَكِسْوَتِهَا بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَفَضْلَةَ مُؤْنَةِ عَامِلِ الْقِرَاضِ ، وَفَضْلَةَ الْحَدِّ الَّذِي قَذَفَ فِي أَثْنَائِهِ .
الْجُزُولِيُّ كُلُّ مَنْ دُفِعَ إلَيْهِ مَالٌ لِأَمْرٍ مَا كَعِلْمٍ وَصَلَاحٍ وَفَقْرٍ ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ ذَلِكَ الْأَمْرُ ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ

قَبُولِهِ ، وَإِنْ قَبِلَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ فَقَدْ أَكَلَ حَرَامًا .

وَإِنْ أَوْصَى بِمُكَاتَبَتِهِ : فَكِتَابَةُ الْمِثْلِ ، إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ
( وَإِنْ أَوْصَى ) السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ ( بِكِتَابَةٍ فَ ) يُكَاتَبُ ( كِتَابَةَ الْمِثْلِ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ لِلْمُكَاتَبِ فِي الْقُوَّةِ عَلَى الْأَدَاءِ ( إنْ حَمَلَهَا ) أَيْ رَقَبَةَ الْمُكَاتَبِ ( الثُّلُثُ ) لِمَالِ السَّيِّدِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ مُكَاتَبَتِهِ وَتَنْجِيزِ عِتْقِ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْهُ .
فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ رَقَبَتَهُ جَازَ وَكُوتِبَ مُكَاتَبَةَ مِثْلِهِ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ وَأَدَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ مُكَاتَبَتِهِ وَعِتْقِ مَحْمِلِ الثُّلُثِ بَتْلًا .

وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِنَجْمٍ ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ : جَازَتْ ، وَإِلَّا فَعَلَى الْوَارِثِ الْإِجَازَةُ ، أَوْ عِتْقُ مَحْمِلِ الثُّلُثِ
( وَإِنْ أَوْصَى ) السَّيِّدُ ( لَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( بِنَجْمٍ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ ، أَيْ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ مُؤَجَّلٍ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ ( فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ ) لِمَالِ السَّيِّدِ ( قِيمَتَهُ ) أَيْ النَّجْمِ الْمُوصَى بِهِ ( جَازَتْ ) أَيْ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ وَعَتَقَتْ مِنْهُ بِقَدْرِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ قِيمَةَ النَّجْمِ ( فَعَلَى الْوَارِثِ ) لِلْمُوصِي ( الْإِجَازَةُ ) بِالزَّايِ أَيْ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ ( أَوْ عِتْقُ مَحْمِلِ ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ ، أَيْ مَحْمُولِ الثُّلُثِ ) مِنْ الْمُكَاتَبِ بَتْلًا ، وَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا يَعْتِقُ مِنْهُ لَا مِنْ النَّجْمِ الْمُوصَى بِهِ خَاصَّةً لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ حَالَتْ عَنْ وَجْهِهَا لَمَّا لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ ، فَإِنْ أَدَّى الْبَاقِيَ تَمَّ عِتْقُهُ ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ رُقَّ بَاقِيهِ .
فِيهَا مَنْ وَهَبَ لِمُكَاتَبِهِ نَجْمًا بِعَيْنِهِ مِنْ أَوَّلِ كِتَابَتِهِ أَوْ وَسَطِهَا أَوْ آخِرِهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ قُوِّمَ ذَلِكَ النَّجْمُ وَسَائِرُ النُّجُومِ بِالنَّقْدِ بِقَدْرِ آجَالِهَا فَبِقَدْرِ حِصَّةِ النَّجْمِ مِنْهَا يُعْتَقُ الْآنَ مِنْ رَقَبَتِهِ ، وَيُوضَعُ عَنْهُ النَّجْمُ بِعَيْنِهِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي إجَازَةِ الْوَصِيَّةِ أَوْ بَتْلِ مَحْمِلِ الثُّلُثِ مِنْ الْمُكَاتَبِ ، وَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ قَدْ حَالَتْ عَنْ وَجْهِهَا لَمَّا لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ .

وَإِنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمُكَاتَبِهِ ، أَوْ بِمَا عَلَيْهِ ، أَوْ بِعِتْقِهِ : جَازَتْ ، إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَةَ كِتَابَتِهِ ، أَوْ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ
( وَإِنْ أَوْصَى ) السَّيِّدُ ( لِرَجُلٍ ) مَثَلًا ( بِمُكَاتَبِهِ ) بِأَنْ قَالَ : أَعْطُوا زَيْدًا فُلَانًا الْمُكَاتَبَ ( أَوْ أَوْصَى ) السَّيِّدُ ( لَهُ ) أَيْ الرَّجُلِ ( بِمَا عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ، وَهُوَ الْمَالُ الْمُكَاتَبُ بِهِ ( أَوْ أَوْصَى ) السَّيِّدُ ( بِعِتْقِهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( جَازَتْ ) أَيْ مَضَتْ وَصِيَّتُهُ ( إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ ) لِمَالِ الْمُوصِي يَوْمَ تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ ( قِيمَةَ كِتَابَتِهِ ) أَيْ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ عَلَى آجَالِهِ ( أَوْ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ ) أَيْ الْعَبْدِ ( عَلَى أَنَّهُ ) أَيْ الْعَبْدَ ( مُكَاتَبٌ ) بِاعْتِبَارِ خَرَاجِهِ وَأَدَائِهِ فَيُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ فِي الْأُولَيَيْنِ النُّجُومَ لِلْمُوصَى لَهُ ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ ، وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لَهُ ، وَفِي الْأَخِيرَةِ تُحَطُّ النُّجُومُ عَنْهُ وَيُعْتَقُ ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ رُقَّ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ الرَّقَبَةِ بِقَدْرِ مَحْمِلِ الثُّلُثِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَأَعْتَقَ مِنْهَا بِقَدْرِهِ فِي الْأَخِيرَةِ .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ أَوْصَى بِالنُّجُومِ جَازَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ تَعْجِيزُهُ وَلَوْ أَوْصَى بِكِتَابَتِهِ لِرَجُلٍ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ دَخَلَ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ أَوْ قِيمَةِ كِتَابَتِهِ .

وَأَنْتَ حُرٌّ ، عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا أَوْ وَعَلَيْك أَلْفٌ : لَزِمَ الْعِتْقُ وَالْمَالُ وَخَيَّرَ الْعَبْدَ فِي الِالْتِزَامِ وَالرَّدِّ ، فِي : أَنْتَ حُرٌّ ، عَلَى أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تُؤَدِّيَ ، أَوْ إنْ أَعْطَيْت ، أَوْ نَحْوِهِ .

( وَ ) إنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ ( أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا ) وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ ( أَوْ ) قَالَ لَهُ : أَنْتَ حُرٌّ ( وَعَلَيْك أَلْفٌ لَزِمَ الْعِتْقُ ) السَّيِّدَ ( وَ ) لَزِمَ ( الْمَالُ ) الْعَبْدَ مُعَجَّلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مُوسِرًا ، وَإِلَّا كَانَ الْمَالُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَهِيَ قِطَاعَةٌ لَازِمَةٌ لَهُمَا .
فِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ : أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ بَتْلًا وَعَلَيْك مِائَةُ دِينَارٍ إلَى أَجَلِ كَذَا ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا : هُوَ حُرٌّ السَّاعَةَ بِالْمِائَةِ أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ حُرٌّ وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ .
عِيَاضٌ قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك مِائَةٌ وَالْعَبْدُ غَيْرُ رَاضٍ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا إلْزَامُ السَّيِّدِ الْعِتْقَ مُعَجَّلًا وَإِلْزَامُ الْعَبْدِ الْمَالَ مُعَجَّلًا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَدَيْنًا إنْ كَانَ مُعْسِرًا .
الثَّانِي مَشْهُورُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلْزَامُ السَّيِّدِ الْعِتْقَ وَلَا مَالَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ ، ثُمَّ قَالَ عِيَاضٌ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ، قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بِإِلْزَامِهِمَا الْعِتْقَ وَالْمَالَ كَمَا فِي الْأُولَى ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ .
( وَخُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلًا ( الْعَبْدُ فِي الِالْتِزَامِ ) لِلْمَالِ وَلَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَائِهِ ( وَالرَّدِّ ) لِقَوْلِ سَيِّدِهِ لَهُ ( أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ ) إلَيَّ أَلْفًا مَثَلًا ( أَوْ ) أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ ( تُؤَدِّيَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُثَقَّلًا إلَيَّ مِائَةً ( أَوْ ) أَنْتَ حُرٌّ ( إنْ أَعْطَيْتَ ) ني أَلْفًا ( أَوْ ) قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ ( نَحْوَهُ ) أَيْ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ كَمَتَى جِئْت بِكَذَا .
فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ

عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إلَيَّ مِائَةَ دِينَارٍ فَلَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَائِهَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَلِلْعَبْدِ أَنْ لَا يَقْبَلَ وَيَبْقَى رِقًّا ذَكَرَ السَّيِّدُ أَجَلًا لِلْمَالِ أَمْ لَا .
عِيَاضٌ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَوْ أَعْطَيْتنِي أَوْ جِئْتنِي أَوْ إذَا أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ إلَّا بِرِضَاهُ وَدَفْعِهِ مَا الْتَزَمَهُ ، وَلَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ وَيَبْقَى رِقًّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ إلَّا بِرِضَاهُ ، وَدَفْعِهِ مَا الْتَزَمَ .
الْحَطّ إنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَى أَنَّ عَلَيْك كَذَا أَوْ عَلَيْك كَذَا الَّذِي يَلْزَمُ بِهِ الْعِتْقُ وَالْمَالُ ، وَبَيْنَ أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تُؤَدِّيَ أَوْ إنْ أَعْطَيْت وَنَحْوَهَا الَّتِي لَا يَلْزَمُ الْعِتْقُ إلَّا بِرِضَا الْعَبْدِ وَدَفْعِهِ مَا الْتَزَمَهُ .
قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي الصِّيَغِ الْأُولَى أَلْزَمَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِيهِ خِيَارًا ، وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ عَبْدَهُ عَلَى الْعِتْقِ بِمَالٍ وَعَلَى التَّزْوِيجِ ، وَفِي الصِّيَغِ الثَّانِيَةِ جَعَلَ الدَّفْعَ إلَيْهِ فَجَعَلَ لِلْعَبْدِ فِي ذَلِكَ أَخْيَارًا وَنَظَرًا لِصَرْفِهِ الْعَمَلَ إلَيْهِ أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَمِنْهَاجِ التَّحْصِيلِ لِلرَّجْرَاجِيِّ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

بَابٌ ) إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ وَلَا يَمِينَ إنْ أَنْكَرَ : كَأَنْ اسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ وَنَفَاهُ ، وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ ، وَلَوْ أَتَتْ لِأَكْثَرِهِ ، إنْ ثَبَتَ إلْقَاءُ عَلَقَةٍ فَفَوْقُ ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ : كَادِّعَائِهَا سِقْطًا رَأَيْنَ أَثَرَهُ : عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، وَوَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ

( بَابٌ ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ الْحُرَّةُ حَمْلُهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا عَلَيْهِ جَبْرًا فَتَخْرُجُ الْمُسْتَحَقَّةُ حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ ، وَتَدْخُلُ الْمُسْتَحَقَّةُ حَامِلًا مِنْ مَالِكِهَا عَلَى أَخْذِ قِيمَتِهَا بَدَلَهَا ، وَتَخْرُجُ أَمَةُ الْعَبْدِ يَعْتِقُ سَيِّدُهُ حَمْلَهَا مِنْهُ عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَبْرٍ ، وَفِي كَوْنِ الْمُعْتَقِ وَلَدُهَا عَلَى وَاطِئِهَا بِمِلْكِهِ لَهَا بَعْدَ وَضْعِهِ كَعِتْقِ وَاطِئِهَا بِكِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ قَبْلَ وَضْعِهَا أُمَّ وَلَدٍ .
ثَالِثُهَا فِي الْمُكَاتَبِ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَالْأَوَّلَانِ لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
( إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ ) لِأَمَتِهِ هَذَا شَرْطٌ ، وَجَوَابُهُ قَوْلُهُ الْآتِي : عَتَقَتْ الْأَمَةُ إلَخْ ( وَ ) إنْ ادَّعَتْ الْأَمَةُ ، الْحَامِلُ أَوْ الَّتِي وَلَدَتْ وَلَدًا وَنَسَبَتْهُ لِسَيِّدِهَا عَلَى سَيِّدِهَا أَنَّهُ وَطِئَهَا وَأَنْكَرَهُ فَ ( لَا يَمِينَ ) عَلَيْهِ لِرَدِّ دَعْوَاهَا ( إنْ أَنْكَرَ ) السَّيِّدُ وَطْأَهَا لِأَنَّهَا مِنْ دَعْوَى الْعِتْقِ الَّتِي لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا .
ابْنُ الْحَاجِبِ تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ بِثُبُوتِ إقْرَارِ السَّيِّدِ بِالْوَطْءِ وَثُبُوتِ الْإِتْيَانِ بِوَلَدٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ عَلَقَةٍ فَمَا فَوْقَهَا مِمَّا يَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ : إنَّهُ حَمْلٌ ، وَلَوْ ادَّعَتْ سِقْطًا مِنْ ذَلِكَ ، وَرَأَى النِّسَاءُ أَثَرَهُ اُعْتُبِرَ اللَّخْمِيُّ إنْ ادَّعَتْ وَطْأَهَا ، وَأَكْذَبَهَا صُدِّقَ .
مُحَمَّدٌ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ رَائِعَةً .
وَشَبَّهَ فِي نَفْيِ الْيَمِينِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرٌ مَقْرُونٌ بِكَافٍ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ ( اسْتَبْرَأَ ) السَّيِّدُ أَمَتَهُ مِنْ وَطْئِهِ ( بِحَيْضَةٍ ) وَوَلَدَتْ بَعْدَهُ ( وَنَفَاهُ ) أَيْ السَّيِّدُ وَلَدَهَا عَنْ نَفْسِهِ مُعْتَمِدًا فِي نَفْيِهِ عَلَى اسْتِبْرَائِهَا وَعَدَمِ وَطْئِهَا بَعْدَهُ ( وَوَلَدَتْ ) الْأَمَةُ (

لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ) بَعْدَ اسْتِبْرَائِهِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَا يَمِينَ عَلَيْهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَوْ اسْتَبْرَأَهَا وَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِأَنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ ( لَحِقَ ) وَلَدُهَا بِهِ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إنْ وَلَدَتْهُ لِمُدَّةِ الْحَمْلِ الْمُعْتَادَةِ كَتِسْعَةِ أَشْهُرٍ ، بَلْ ( وَلَوْ ) وَلَدَتْهُ ( لِأَكْثَرِهِ ) أَيْ أَطْوَلِ مُدَّتِهِ ، أَيْ الْحَمْلِ وَهِيَ خَمْسُ سِنِينَ .
فِيهَا مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ ، وَادَّعَى أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ بَعْدَهُ وَنَفَى مَا وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ صُدِّقَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ وَلَدُهَا لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ .
ابْنُ عَرَفَةَ أَرَادَ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ ، وَقَالَتْ : وَلَدْتُهُ مِنْ وَطْئِهِ صُدِّقَتْ وَلَحِقَ الْوَلَدُ بِهِ وَلَوْ لِأَقْصَى مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً بِحَيْضَةٍ ، وَمَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَقَالَ لَهَا لَمْ تَلِدِيهِ وَلَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً ، وَقَالَتْ بَلْ وَلَدْته صُدِّقَتْ وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِهِ وَ ( إنْ ثَبَتَ إلْقَاؤُهَا ) أَيْ وِلَادَةِ الْأَمَةِ الَّتِي أَقَرَّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا ، وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَوْ اسْتَبْرَأَهَا وَثَبَتَ إلْقَاؤُهَا ( عَلَقَةً ) أَيْ دَمًا مُجْتَمِعًا لَا يَذُوبُ بِصَبِّ الْمَاءِ الْحَارِّ عَلَيْهِ ( فَفَوْقُ ) بِالضَّمِّ عِنْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ مَعْنَاهُ ، أَيْ أَوْ إلْقَاءُ أَعْظَمِ مِنْ الْعَلَقَةِ كَمُضْغَةٍ وَمُصَوَّرٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا إنْ كَانَ ثُبُوتُهُ بِعَدْلَيْنِ بِأَنْ كَانَا مَعَهَا فِي مَحَلٍّ لَا يُمْكِنُ خُرُوجُهَا مِنْهُ كَسَفِينَةٍ وَخِزَانَةِ بَيْتٍ فَأَصَابَهَا الطَّلْقُ وَاسْتَهَلَّ الْوَلَدُ صَارِخًا ، وَسَمِعَا صُرَاخَهُ وَطَلْقَهَا ، بَلْ ( وَلَوْ ) ثَبَتَ إلْقَاؤُهُ ( بِامْرَأَتَيْنِ ) .
الْخَرَشِيُّ إنْ أَقَرَّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا كَفَى إتْيَانُهَا

بِوَلَدٍ قَائِلَةً هُوَ مِنْك وَلَوْ مَيِّتًا أَوْ عَلَقَةً ، وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ وِلَادَتُهَا إيَّاهُ ، وَإِنْ عُدِمَ الْوَلَدُ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ وِلَادَتِهَا ، وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ وِلَادَتِهَا أَوْ أَثَرِهَا ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ إنْ عُدِمَ الْوَلَدُ ، وَإِلَّا فَلَا تَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا .
الْعَدَوِيُّ حَاصِلُهُ إنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ أَوْ أَنْكَرَهُ ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ ، فَإِنْ وُجِدَ الْوَلَدُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ وِلَادَتِهِ ، وَإِنْ عُدِمَ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ .
الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وضيح أَنَّ وُجُودَ الْوَلَدِ مَعَهَا كَافٍ مَعَ إقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ، سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ أَوْ أُثْبِتَ عَلَيْهِ بَعْدَ إنْكَارِهِ ، فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي قَذْفِهَا مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَقَالَ لَمْ تَلِدِيهِ وَلَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً ، وَقَالَتْ وَلَدْته مِنْك صُدِّقَتْ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ .
وَفِي ضَيْح اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ ، أَيْ مَعَ إقْرَارِ سَيِّدِهَا بِوَطْئِهَا ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهَا ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ امْرَأَتَيْنِ عَلَى وِلَادَتِهَا إيَّاهُ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ : يُقْبَلُ قَوْلُهَا إنْ صَدَّقَهَا جِيرَانُهَا وَمَنْ حَضَرَهَا .
وَشَبَّهَ فِي الِاعْتِبَارِ وَبِنَاءِ الْجَوَابِ الْآتِي فَقَالَ ( كَادِّعَائِهَا ) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي أَقَرَّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَنَّهَا أَسْقَطَتْ مِنْ حَمْلِهَا مِنْ وَطْئِهِ ( سِقْطًا ) عَلَقَةً أَوْ أَعْظَمَ مِنْهَا وَ ( رَأَيْنَ ) أَيْ النِّسَاءُ ( أَثَرَهُ ) أَيْ الْإِسْقَاطِ بِقُبُلِهَا مِنْ تَشَقُّقِهِ وَسَيَلَانِ دَمِهِ فَتُصَدَّقُ وَتَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ .
فِيهَا إنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَنْكَرَ سَيِّدُهَا كَوْنَهَا وَلَدَتْهُ فَقَالَ : لَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى الْجِيرَانِ السِّقْطُ وَالْوِلَادَةُ ، وَأَنَّهَا لِوُجُوهٍ يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِيهَا ، وَهُوَ الشَّأْنُ ،

وَجَوَابُ إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ إلَخْ ( عَتَقَتْ الْأَمَةُ ) إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا ( مِنْ رَأْسِ ) أَيْ جَمِيعِ ( الْمَالِ ) لِلسَّيِّدِ ، وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ سِوَاهَا .
ابْنُ رُشْدٍ إذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ فَقَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا وَرَهْنُهَا ، أَوْ الْمُعَاوَضَةُ عَلَى رَقَبَتِهَا أَوْ خِدْمَتِهَا وَإِسْلَامِهَا فِي جِنَايَتِهَا وَعِتْقِهَا فِي الْوَاجِبِ ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِالْوَطْءِ فَمَا دُونَهُ حَيَاتَهُ ، وَهِيَ حُرَّةٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ .
عِيَاضٌ لِأُمِّ الْوَلَدِ حُكْمُ الْحَرَائِرِ فِي سِتَّةِ أَوْجُهٍ وَهِيَ لَا خِلَافَ أَنَّهُنَّ لَا يُبَعْنَ فِي دَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ ، وَلَا يُرْهَنَّ ، وَلَا يُوهَبْنَ ، وَلَا يُؤَاجَرْنَ ، وَلَا يُسْلَمْنَ فِي جِنَايَةٍ ، وَلَا يُسْتَسْعَيْنَ .
وَحُكْمُ الْعَبِيدِ فِي أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : انْتِزَاعُ مَالِهِنَّ مَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ ، وَإِجْبَارُهُنَّ عَلَى النِّكَاحِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ ، وَاسْتِخْدَامُهُنَّ فِيمَا خَفَّ مِمَّا لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ ، وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهِنَّ .
( وَ ) إنْ مَاتَ سَيِّدُ أُمِّ الْوَلَدِ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ( وَلَدُهَا ) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ الَّذِي وَلَدَتْهُ ( مِنْ غَيْرِهِ ) أَيْ السَّيِّدِ بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْهُ .
ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ أَنَّهُ حُرٌّ ، وَأَمَّا وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ فِي الْعِتْقِ بَعْدَ وَفَاةِ السَّيِّدِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، وَيُخَالِفُهَا فِي الِاسْتِخْدَامِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْوَطْءِ فَلَهُ اسْتِخْدَامُهُ وَمُؤَاجَرَتُهُ ، وَلَا يَطَؤُهَا إنْ كَانَتْ بِنْتًا لِأَنَّهَا كَالرَّبِيبَةِ .

وَلَا يَرُدُّهُ دَيْنٌ سَبَقَ : كَاشْتِرَاءِ زَوْجَتِهِ حَامِلًا ، لَا بِوَلَدٍ سَبَقَ ؛ أَوْ وَلَدٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ ، إلَّا أَمَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ وَلَدَهُ

( وَلَا يَرُدُّهُ ) أَيْ عِتْقَ أُمِّ الْوَلَدِ ( دَيْنٌ ) عَلَى سَيِّدِهَا ( سَبَقَ ) الدَّيْنُ وِلَادَتَهَا مِنْ سَيِّدِهَا .
الْجَلَّابُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ فَوَطِئَ أَمَتَهُ فَحَمَلَتْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ .
وَشَبَّهَ بِشَرْطَيْ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ وَثُبُوتِ إلْقَاءِ الْعَلَقَةِ فِي تَرَتُّبِ أُمُومَةِ الْوَلَدِ عَلَيْهِمَا فَقَالَ ( كَاشْتِرَاءِ زَوْجَتِهِ ) أَيْ الْحُرِّ حَالَ كَوْنِهَا ( حَامِلًا ) مِنْهُ فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِوِلَادَتِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ .
ابْنُ رُشْدٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِيمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا ، وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ قَالَ مَرَّةً تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ فِي بَطْنِهَا ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ( لَا ) تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ ( بِوَلَدٍ ) مِنْ زَوْجِهَا ( سَبَقَ ) الْوَلَدُ شِرَاءَ زَوْجِهَا إيَّاهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِمَا وَلَدَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ إلَّا أَنْ يَبْتَاعَهَا حَامِلًا فَتَكُونَ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ ، وَلَوْ كَانَتْ لِأَبِيهِ فَابْتَاعَهَا حَامِلًا فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لِعِتْقِهِ عَلَى جَدِّهِ ، وَقَالَ : لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ شِرَاؤُهَا مِنْ وَالِدِهِ لِعِتْقِ جَنِينِهَا عَلَى جَدِّهِ ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ جَنِينِهَا .
ابْنُ رُشْدٍ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً وَاشْتَرَاهَا حَامِلًا مِنْهُ فَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
وَقَالَ أَيْضًا : لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لِمَسِّهِ الرِّقَّ فِي بَطْنِهَا .
وَقَالَهُ أَشْهَبُ ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ وَالِدِهِ فَمَاتَ الْأَبُ فَوَرِثَهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا أَوْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ

وَلَدٍ ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهِيَ بِهِ أُمُّ وَلَدٍ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَمْ أَطَأْهَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِي فَيُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ ، وَكَذَا لَوْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ وَقَالَ : مَا وَطِئَهَا إلَّا مُنْذُ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ .
مُحَمَّدٌ مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ عِتْقِ سَيِّدِهَا مَا فِي بَطْنِهَا جَازَ شِرَاؤُهُ ، وَتَكُونُ بِمَا تَضَعُ أُمَّ وَلَدٍ ؛ إذْ لَا يَتِمُّ عِتْقُهُ إلَّا بِوَضْعِهِ ؛ وَلِأَنَّهَا تُبَاعُ فِي فَلَسِهِ وَيَبِيعُهَا وَرَثَتُهُ قَبْلَ وَضْعِهِ إنْ شَاءُوا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا .
( أَوْ وَلَدٍ ) حَمَلَتْ بِهِ ( مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ ) بِأَنْ غَلِطَ فِيهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا حَامِلًا فَلَا تَكُونُ بِوِلَادَتِهِ أُمَّ وَلَدٍ .
" غ " لَعَلَّهُ يَعْنِي كَوَطْءِ الْغَلَطِ وَالْإِكْرَاهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُفَسَّرَ بِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ نَكَحَ أَمَةً أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةِ نِكَاحٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ لِتَقَدُّمِهَا فِي قَوْلِهِ لَا بِوَلَدٍ سَبَقَ ، مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَهُ يَأْبَاهُ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ الصَّوَابُ ، وَعَلَيْهِ كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ أَوْ حَمْلٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ ، وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ نُصُوصِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ تَصِيرُ الْأَمَةُ بِحَمْلِهَا بِهِ أُمَّ وَلَدٍ ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ .
( إلَّا ) إذَا وَطِئَ السَّيِّدُ ( أَمَةَ مُكَاتَبِهِ ) فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِوَضْعِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِمُكَاتَبِهِ يَوْمَ حَمْلِهَا ، وَلَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ ( أَوْ ) وَطِئَ الْأَبُ أَمَةَ ( وَلَدِهِ ) فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَتَصِيرُ بِوَضْعِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِوَلَدِهِ يَوْمَ وَطِئَهَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهَا وَلَا حَدَّ

عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ .
فِيهَا مَنْ وَطِئَ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ فَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ لَحِقَ بِهِ ، وَكَانَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا يُحَدُّ ؛ إذْ لَا يَجْتَمِعُ حَدٌّ وَلُحُوقُ نَسَبٍ ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا ، وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِلْوَلَدِ ، وَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ وَقُوِّمَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْوَطْءِ ، وَكَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ .

وَلَا يَدْفَعُهُ عَزْلٌ ، أَوْ وَطْءٌ بِدُبُرٍ ، أَوْ فَخِذَيْنِ ، إنْ أَنْزَلَ
( وَ ) إنْ وَطِئَ أَمَتَهُ وَعَزَلَ عَنْهَا وَحَمَلَتْ فَ ( لَا يَدْفَعُهُ ) أَيْ الْحَمْلَ عَنْ سَيِّدِهَا ( عَزْلٌ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ ، أَيْ نَزْعُ ذَكَرِهِ مِنْ قُبُلِهَا حَالَ إنْزَالِهِ لِأَنَّ الْمَاءَ يَسْبِقُهُ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ مِنْ اللَّخْمِيِّ وَسَمَاعِ مُوسَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وَطِئَ أَمَتَهُ فَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ أَصْلًا فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَدُهَا ، وَإِنْ أَنْزَلَ وَعَزَلَ الْمَاءَ عَنْهَا ، وَأَنْزَلَهُ خَارِجَهَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَبَقَهُ شَيْءٌ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ الْوَلَدُ .
( أَوْ وَطْءٍ ) لِلْأَمَةِ ( بِدُبُرٍ ) فَلَا يَنْدَفِعُ الْوَلَدُ بِهِ عَنْ سَيِّدِهَا لِاحْتِمَالِ سَيَلَانِ الْمَنِيِّ لِقُبُلِهَا ( أَوْ ) وَطْءٍ بَيْنَ ( فَخِذَيْنِ ) مِنْ الْأَمَةِ لَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْوَلَدُ ( إنْ أَنْزَلَ ) السَّيِّدُ حَالَ وَطْئِهَا بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ سَيَلَانِهِ إلَى قُبُلِهَا .
اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ وَطِئْتهَا وَلَمْ أُنْزِلْ قُبِلَ قَوْلُهُ ، وَإِنْ قَالَ : أَنْزَلْتُ أُلْحِقَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَزْلُ الْبَيِّنُ ، فَقَدْ يَكُونُ الْإِنْزَالُ بِحَرَكَةٍ فِي الْفَرْجِ خَارِجًا ، وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ أَوْ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ فَفِيهِمَا قَوْلَانِ ، قِيلَ : يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَصِلُ إلَى الْفَرْجِ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : إنْ وَطِئَ فِي مَوْضِعٍ إنْ نَزَلَ مِنْهُ وَصَلَ لِلْفَرْجِ لَحِقَ الْوَلَدُ بِهِ ، وَقِيلَ : لَا يَلْحَقُ ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ إذَا بَاشَرَهُ الْهَوَاءُ فَسَدَ ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ ، وَإِنْ كَانَ الْإِنْزَالُ بَيْنَ شَفْرَيْ الْفَرْجِ لَحِقَ قَوْلًا وَاحِدًا .

وَجَازَ إجَارَتُهَا بِرِضَاهَا
( وَجَازَ ) لِسَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ ( بِرِضَاهَا إجَارَتَهَا ) لِلْعَمَلِ ، وَمَفْهُومُ بِرِضَاهَا أَنَّهَا لَا تَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَإِنْ أَجَّرَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا فَإِنَّهَا تَفْسَخُ مَا لَمْ تُتِمَّ الْعَمَلَ ، فَإِنْ أَتَمَّتْهُ مَضَتْ ، وَلَا يَرْجِعُ مُسْتَأْجِرُهَا عَلَى سَيِّدِهَا بِشَيْءٍ ، أَفَادَهُ الْجَلَّابُ .
اللَّخْمِيُّ لَوْ أَجَّرَهَا السَّيِّدُ وَفَاتَتْ فَلَا تُرَدُّ ، وَالْأُجْرَةُ لِلسَّيِّدِ .

وَعِتْقٌ عَلَى مَالِ
( وَ ) جَازَ لِسَيِّدِ أُمِّ وَلَدِهِ ( عِتْقٌ ) لَهَا ( عَلَى مَالٍ ) مُعَجَّلٍ مِنْهَا وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا أَوْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهَا بِرِضَاهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فِيهَا لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُكَاتِبَ أُمَّ وَلَدِهِ ، وَيَجُوزُ لَهُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ يَتَعَجَّلُهُ مِنْهَا ، وَإِنْ كَاتَبَهَا فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِالْأَدَاءِ فَتُعْتَقَ ، وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا أَدَّتْ إذَا كَانَ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهَا مَا لَمْ يَمْرَضْ ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا : وَلَهُ أَنْ يَتَعَجَّلَ عِتْقَ أُمِّ وَلَدِهِ عَلَى دَيْنٍ يَبْقَى عَلَيْهَا بِرِضَاهَا ، وَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ بِغَيْرِ رِضَاهَا .

وَلَهُ قَلِيلُ خِدْمَةٍ وَكَثِيرُهَا فِي وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ
( وَلَهُ ) أَيْ سَيِّدِ أُمِّ وَلَدِهِ ( قَلِيلُ خِدْمَةٍ ) مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ دُونَ خِدْمَةِ الْقِنِّ ، وَفَوْقَ خِدْمَةِ الزَّوْجَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَيْسَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا خِدْمَةٌ وَلَا اسْتِسْعَاءٌ وَلَا غَلَّةٌ إنَّمَا لَهُ فِيهَا الْمُتْعَةُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْنِتَ أُمَّ وَلَدِهِ فِي الْخِدْمَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ دَنِيَّةً ، وَتُبْتَذَلُ الدَّنِيَّةُ فِي الْحَوَائِجِ الْخَفِيفَةِ بِمَا لَا تُبْتَذَلُ فِيهِ الرَّفِيعَةُ .
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ : لَهُ اسْتِخْدَامُهَا فِيمَا يَقْرُبُ ، وَلَا يَشُقُّ ( وَ ) لَهُ ( كَثِيرُهَا ) أَيْ الْخِدْمَةِ ( فِي وَلَدِهَا ) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ الَّذِي وَلَدَتْهُ ( مِنْ غَيْرِهِ ) أَيْ السَّيِّدِ بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْ سَيِّدِهَا .
فِيهَا ، وَلَهُ خِدْمَةُ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَيُعْتَقُونَ بِعِتْقِهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ .
عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ اسْتِخْدَامَ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَحُكْمُهُمْ حُكْمُهَا ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ

وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِمَا ، وَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ
( وَ ) لَهُ ( أَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا ) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ ، وَفِي نُسْخَةٍ عَلَيْهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ الرَّاجِعِ لِأُمِّ الْوَلَدِ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا .
( وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ ) قَبْلَ قَبْضِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّ وَلَدٍ ( فَ ) الْأَرْشُ ( لِوَارِثِهِ ) أَيْ السَّيِّدِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ الْأَرْشَ فَفِي كَوْنِهِ لِوَرَثَتِهِ أَوْلَهَا أَوَّلُ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَثَانِيهِمَا رَوَاهُمَا عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ : الْأَوَّلُ الْقِيَاسُ ، وَلَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا مَا رَجَعَ إلَيْهِ وَاتَّبَعْنَاهُ وَإِنْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا قَبْلَ أَخْذِهِ أَرْشَهَا فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : هُوَ لَهَا ، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَقَالَ أَشْهَبُ : هُوَ لِلسَّيِّدِ .

وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَانْتِزَاعُ مَالِهَا ، مَا لَمْ يَمْرَضْ
( وَ ) لَهُ ( الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا ) أَيْ أُمِّ وَلَدِهِ ( وَ ) لَهُ ( انْتِزَاعُ مَالِهَا ) أَيْ أُمِّ وَلَدِهِ ( مَا لَمْ يَمْرَضْ ) السَّيِّدُ مَرَضًا مَخُوفًا ، فَإِنْ مَرِضَ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ انْتِزَاعٌ لِوَارِثِهِ .
الْجَلَّابُ وَإِذَا عَتَقَتْ أُمُّ الْوَلَدِ بَعْدَ وَفَاةِ سَيِّدِهَا تَبِعَهَا مَالُهَا ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُوصِيَ الرَّجُلُ لِأُمِّ وَلَدِهِ ، وَلَهُ أَنْ يَنْتَزِعَ مَالَ أُمِّ وَلَدِهِ فِي حَيَاتِهِ مَا لَمْ يَمْرَضْ مَرَضًا مَخُوفًا .

وَكُرِهَ لَهُ تَزْوِيجُهَا ، وَإِنْ بِرِضَاهَا ؛
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لَهُ ) أَيْ السَّيِّدِ ( تَزْوِيجُهَا ) أَيْ أُمِّ وَلَدِهِ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ بِغَيْرِ رِضَاهَا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( بِرِضَاهَا ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ لِمُنَافَاتِهِ الْغَيْرَةَ .
الْجَلَّابُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُجْبِرَ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى النِّكَاحِ ، وَقَدْ كُرِهَ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِرِضَاهَا ، وَعَلَى هَذَا فَالْوَاوُ لِلْحَالِ .
شب الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا ، فَلَوْ قَالَ : وَكُرِهَ تَزْوِيجُهَا بِرِضَاهَا لَطَابَقَ الْمُعْتَمَدَ مَعَ الِاخْتِصَارِ كَذَا فِي الشَّرْحِ ، وَفِي الْحَاشِيَةِ قَوْلُهُ : وَإِنْ بِرِضَاهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ جَبْرَهَا ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، وَحَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ الْمَذْهَبِ ، وَكَلَامِ الْجَلَّابِ لِلَّخْمِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ .

وَمُصِيبَتُهَا إنْ بِيعَتْ مِنْ بَائِعِهَا ، وَرُدَّ عِتْقُهَا

( وَ ) إنْ بِيعَتْ أُمُّ الْوَلَدِ ثُمَّ مَاتَتْ أَوْ جَنَتْ أَوْ عَمِيَتْ مَثَلًا فَ ( مُصِيبَتُهَا ) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ ( إنْ بِيعَتْ ) أَيْ ضَمَانُهَا ( مِنْ بَائِعِهَا ) فَإِنْ كَانَ قَبَضَ ثَمَنَهَا فَيَرُدُّهُ لِمُشْتَرِيهَا ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ سَقَطَ عَنْ مُشْتَرِيهَا ( وَ ) إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَهَا ( رُدَّ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ مُثَقَّلًا ، أَيْ نَقَضَ ( عِتْقُهَا ) وَتُرَدُّ لِبَائِعِهَا وَيَرُدُّ ثَمَنَهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا ، وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا فَهُوَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ ، وَتَعُودُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ ، فَإِنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ أَوْلَدَهَا لَحِقَهُ الْوَلَدُ ، وَلَا قِيمَةَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ زَوَّجَهَا لِغَيْرِهِ رُدَّتْ مَعَ وَلَدِهَا عَلَى الْأَصَحِّ ، وَنَفَقَتُهَا لَغْوٌ عَلَى الْأَظْهَرِ كَخِدْمَتِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ مَنْعُ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ ، وَحَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ إجْمَاعًا ، وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ ثُبُوتَهُ ، وَكَذَا بَيْعُهَا حَامِلًا مِنْ سَيِّدِهَا ، حَكَى الْبَرَاذِعِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَنْعِهِ وَقَدَحَ فِيهِ بَعْضُ التُّونُسِيِّينَ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ بَيْعَ الْحَامِلِ ، وَاسْتِثْنَاءَ جَنِينِهَا .
ثُمَّ قَالَ : وَفِيهَا إنْ بِيعَتْ نُقِضَ بَيْعُهَا ، فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُبْتَاعُ نُقِضَ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ ، وَعَادَتْ أُمَّ وَلَدٍ ، فَإِنْ مَاتَتْ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْبَائِعِ ، وَيَرُدُّ ثَمَنَهَا .
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لِلْمُبْتَاعِ مَوْضِعًا فَعَلَى الْبَائِعِ طَلَبُهُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ ثَمَنَهُ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ أَوْ بَقِيَتْ مَاتَ الْبَائِعُ أَوْ بَقِيَ ، وَيَتْبَعُ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا .
اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يَعْلَمْ حَيْثُ هُوَ تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ ، وَإِنْ أَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي عَالِمًا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ غَرِمَ مَعَ رَدِّهَا قِيمَةَ وَلَدِهَا ، وَاخْتُلِفَ إنْ غَرَّهُ وَكَتَمَهُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ ، فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ : يَغْرَمُ قِيمَةَ الْوَلَدِ ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا نُقِضَ بَيْعُهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى بَائِعِهَا

مِمَّا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا مُشْتَرِيهَا ، وَلَا لَهُ مِنْ قِيمَةِ خِدْمَتِهَا شَيْءٌ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ : يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ أَرَادَ وَيَرْجِعُ هُوَ بِالْخِدْمَةِ ، وَإِذَا نُقِضَ بَيْعُهَا اُسْتُحْفِظَ مِنْهُ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَعُودَ لِبَيْعِهَا ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ سَفَرِهِ بِهَا ، وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا ، وَتَعَذَّرَ التَّحَفُّظُ أُعْتِقَتْ عَلَيْهِ .

وَفُدِيَتْ ، إنْ جَنَتْ بِأَقَلِّ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَالْأَرْشِ
( وَ ) إنْ جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عَلَى عُضْوٍ جِنَايَةً لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا أَوْ عَلَى مَالٍ ( فُدِيَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ، أَيْ وَجَبَ عَلَى سَيِّدِهَا فِدَاؤُهَا ( إنْ جَنَتْ ) وَتُفْدَى ( بِ ) الـ ( أَقَلِّ ) مِنْ ( الْقِيمَةِ ) لَهَا وَحْدَهَا مُعْتَبَرَةً ( يَوْمَ الْحُكْمِ ) بِوُجُوبِ فِدَائِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ ( وَ ) مِنْ ( الْأَرْشِ ) لِجِنَايَتِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ : فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي جِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يَلْزَمَ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهَا أَوْ قِيمَتُهَا أَمَةً يَوْمَ الْحُكْمِ .
أَشْهَبُ خَالَفَنِي ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمُغِيرَةُ فَقَالَا : عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ فَرَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَتَمَادَى الْمُغِيرَةُ ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْحُكْمِ بِغَيْرِ مَالِهَا وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ ، وَفِيهَا تُقَوَّمُ بِغَيْرِ مَالِهَا أَمَةً .
وَقِيلَ بِمَالِهَا وَلَا يُقَوَّمُ وَلَدُهَا مَعَهَا وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ جِنَايَتِهَا .

وَإِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ : وَلَدَتْ مِنِّي ، وَلَا وَلَدَ لَهَا : صُدِّقَ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ
( وَإِنْ قَالَ ) السَّيِّدُ ( فِي مَرَضِهِ ) الَّذِي مِنْهُ ( وَلَدَتْ ) أَمَتِي فُلَانَةُ ( مِنِّي وَلَا وَلَدَ لَهَا ) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِوِلَادَتِهَا مِنْهُ مَوْجُودٌ ( صُدِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا السَّيِّدُ فِي قَوْلِهِ : وَلَدَتْ مِنِّي وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ تُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إذَا مَاتَ ( إنْ وَرِثَهُ ) أَيْ السَّيِّدَ ( وَلَدٌ ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى ، وَأَوْلَى إنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ ، فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ فَلَا يُصَدَّقُ .
فِيهَا مَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ هَذِهِ وَلَدَتْ مِنِّي فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ فَلَا يُصَدَّقُ ، وَإِنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ صُدِّقَ .
سَحْنُونٌ وَقَالَ أَيْضًا : لَا يُصَدَّقُ ، وَإِنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ .

وَإِنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ بِإِيلَادٍ أَوْ بِعِتْقٍ فِي صِحَّتِهِ : لَمْ تُعْتَقْ مِنْ ثُلُثٍ ؛ وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ
وَإِنْ أَقَرَّ ) سَيِّدٌ ( مَرِيضٌ ) مَرَضًا مَخُوفًا ، وَصِلَةُ أَقَرَّ ( بِإِيلَادٍ ) مِنْهُ لِأَمَتِهِ فِي صِحَّتِهِ ( أَوْ ) أَقَرَّ مَرِيضٌ بِ ( عِتْقٍ ) لَهَا ( فِي ) حَالِ ( صِحَّتِهِ ) أَيْ الْمَرِيضِ السَّابِقَةِ عَلَى مَرَضِهِ ، وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي أَقَرَّ فِيهِ ( لَمْ ) الْأَوْلَى فَلَا ( تُعْتَقْ ) الْأَمَةُ الَّتِي أَقَرَّ بِإِيلَادِهَا أَوْ إعْتَاقِهَا ( مِنْ ثُلُثٍ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْوَصِيَّةَ بِإِعْتَاقِهَا ( وَلَا ) مِنْ ( رَأْسِ مَالٍ ) لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الثُّلُثِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَرِيضُ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي صِحَّتِهِ فَلَمْ يَقُمْ الْمُقِرُّ لَهُ حَتَّى مَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَّا الْعِتْقَ وَالْكَفَالَةَ ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَبَتَ فِي الصِّحَّةِ .
ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ فِي مَرَضِهِ : كُنْت أَعْتَقْتُ عَبْدِي هَذَا فَقِيلَ : لَا يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، وَلَا مِنْ ثُلُثِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ : أَمْضُوا عِتْقَهُ فَيُعْتَقُ فِي الثُّلُثِ .
الثَّانِي إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، وَإِلَّا فَلَا يُعْتَقُ ، وَهَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ ، وَلَا وَلَدَ مَعَهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ .
وَالثَّالِثُ : إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، وَإِلَّا عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ .
ابْنُ عَرَفَةَ : يَرُدُّ تَخْرِيجَهُ ، وَقَوْلُهُ لَا فَرْقَ بِأَنَّ الْعِتْقَ شَأْنُهُ الْمُفَارَقَةُ عِنْدَ انْبِتَاتِهِ لِظُهُورِهِ بِخِلَافِ الْإِيلَادِ .

وَإِنْ وَطِئَ شَرِيكٌ فَحَمَلَتْ : غَرِمَ نَصِيبَ الْآخَرِ ، فَإِنْ أَعْسَرَ ، خُيِّرَ فِي اتِّبَاعِهِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْوَطْءِ ، أَوْ بَيْعِهَا لِذَلِكَ ، وَتَبِعَهُ بِمَا بَقِيَ ، وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ

وَإِنْ وَطِئَ شَرِيكٌ ) أَمَةً مُشْتَرَكَةً ( فَحَمَلَتْ ) الْأَمَةُ مِنْ وَطْئِهِ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَ ( غَرِمَ ) الْوَاطِئُ ( نَصِيبَ ) شَرِيكِهِ ( الْآخَرِ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمْلِهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا لِأَنَّهُ أَفَاتَهَا عَلَيْهِ ( فَإِنْ أَعْسَرَ ) الْوَاطِئُ ( خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا شَرِيكُهُ ( فِي ) تَقْوِيمِهَا عَلَى الْوَاطِئِ وَ ( اتِّبَاعِهِ ) أَيْ الْوَاطِئِ ( بِ ) نَصِيبِهِ مِنْ ( الْقِيمَةِ ) مُعْتَبَرَةً ( يَوْمَ الْوَطْءِ ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ( أَوْ بَيْعِ ) نَصِيبِ غَيْرِ الْوَاطِئِ مِنْ ( هَا ) أَيْ الْأَمَةِ ( لِذَلِكَ ) أَيْ نَصِيبِ غَيْرِ الْوَاطِئِ مِنْ قِيمَتِهَا ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ يَزِيدُ عَلَى نَصِيبِهِ مِنْ قِيمَتِهَا فَلَا يُبَاعُ مِنْهَا إلَّا مَا يَفِي ثَمَنُهُ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَتِهَا ، وَيَبْقَى بَاقِيهِ بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ لِلْوَاطِئِ .
( وَ ) إنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُ نَصِيبِ غَيْرِ الْوَاطِئِ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَتِهَا ( اتَّبَعَهُ ) أَيْ غَيْرُ الْوَاطِئِ الْوَاطِئَ ( بِمَا بَقِيَ ) لَهُ مِنْ نَصِيبِهِ مَنْ قِيمَتِهَا ( وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ ) وَلَا يُبَاعُ لِأَنَّهُ حُرٌّ ، سَوَاءٌ تَمَاسَكَ بِنَصِيبِهِ أَوْ اتَّبَعَهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِيعَ لَهُ قَالَهُ طفي ، لَا حَقَّ بِالْوَاطِئِ لِلشُّبْهَةِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ يُخَيَّرُ غَيْرُ الْوَاطِئِ بَيْنَ تَقْوِيمِهَا عَلَى الْوَاطِئِ وَإِبْقَائِهَا لِلشَّرِكَةِ .
وَقِيلَ : يُجْبَرَانِ عَلَى تَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ لِتَتِمَّ لَهُ الشُّبْهَةُ .
ابْنُ شَاسٍ إنْ وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأَمَةَ فَحَمَلَتْ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا غَرِمَ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْحَمْلِ ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَاتُّبِعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا إنْ شَاءَ شَرِيكُهُ أَوْ بِيعَ ذَلِكَ النِّصْفُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْقِيمَةِ وَيَتْبَعُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : طفي فَإِنْ أَعْسَرَ خُيِّرَ فِي اتِّبَاعِهِ إلَخْ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ ، وَفِيهِ نَقْصٌ ؛ إذْ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ ، وَهُوَ قَوْلُ

الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ فِي الْمُعْسِرِ تَخْيِيرُ شَرِيكِهِ فِي إبْقَائِهَا لِلشَّرِكَةِ وَتَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ ، فَإِنْ اخْتَارَ تَقْوِيمَهَا خُيِّرَ فِي اتِّبَاعِ الْوَاطِئِ بِمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ قِيمَتِهَا ، وَفِي بَيْعِ حِصَّتِهِ فِيمَا لَهُ مِنْ قِيمَتِهَا ، فَإِنْ نَقَصَ اُتُّبِعَ الْوَاطِئُ بِالْبَاقِي .
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَانَ الْوَاطِئُ مُعْسِرًا فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ وَيُتْبَعُ بِالْقِيمَةِ دَيْنًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى تَخْيِيرِ شَرِيكِهِ فِي تَمَاسُكِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْأَمَةِ مَعَ اتِّبَاعِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ .
وَفِي تَقْوِيمِ نِصْفِهَا وَنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَيُبَاعُ لَهُ نِصْفُهَا فَقَطْ فِيمَا لَزِمَهُ ، وَلِذَا قَالَ " ح " تَرَكَ الْمُصَنِّفُ التَّصْرِيحَ بِالتَّخْيِيرِ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ الَّذِي هُوَ اخْتِيَارُ التَّقْوِيمِ ، وَأَمَّا الشِّقُّ الْآخَرُ الَّذِي هُوَ إبْقَاؤُهَا لِلشَّرِكَةِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا لِمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ كَابْنِ الْحَاجِبِ اغْتَنَيَا عَنْ التَّمَاسُكِ لِفَهْمِهِ مِنْ بَيْعِ نِصْفِهَا ؛ إذْ الْبَيْعُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ مِلْكٌ فَلَهُ التَّمَاسُكُ بِهِ لَا أَنَّهُ بِحُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ كَمَا فِي الْيَسَارِ ، وَيُبَاعُ نِصْفُهَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا فَقَطْ لَا فِي نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ ، وَلَا تُبَاعُ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ .
وَإِذَا تَمَاسَكَ بِالنِّصْفِ أَوْ بِيعَ لَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ : يُعْتَقُ عَلَى الْوَاطِئِ النِّصْفُ الَّذِي بَقِيَ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهُ فِيهِ ، وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا أَنَّ نَصِيبَ الْوَاطِئِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ ، وَيُوقَفُ لَعَلَّهُ يَمْلِكُ بَاقِيَهَا فَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا .
ابْنُ الْمَوَّازِ وَهَذَا أَصْوَبُ .
الثَّانِي عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَعِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَقْتَضِي أَنَّ لَلشَّرِيكِ إبْقَاءَهَا لِلشَّرِكَةِ .
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهَذَا

هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَوَّلًا : هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ ، وَيُتْبَعُ بِالْقِيمَةِ دَيْنًا كَالْمُوسِرِ .
وَقِيلَ : الشَّرِيكُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنِصْفِهِ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهُ ، وَقَدْ اعْتَمَدَ ابْنُ مَرْزُوقٍ هَذَا الْقَوْلَ وَتَبِعَهُ عج وَقَرَّرَ بِهِ " ز " وَاعْتَمَدَهُ طفي ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَا فِي ضَيْح ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ وَطِئَاهَا بِطُهْرٍ ، فَالْقَافَةُ ، وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا ، أَوْ عَبْدًا ، فَإِنْ أَشْرَكَتْهُمَا .
فَمُسْلِمٌ ، وَوَالَى ، إذَا بَلَغَ أَحَدُهُمَا كَأَنْ لَمْ تُوجَدْ ، وَوَرِثَاهُ ، إنْ مَاتَ أَوَّلًا

( وَإِنْ وَطِئَاهَا ) أَيْ الشَّرِيكَانِ أَمَتَهُمَا حُرَّيْنِ كَانَا أَوْ رِقَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ ( بِطُهْرٍ ) وَاحِدٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِمَا وَادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا ( فَالْقَافَةُ ) بِقَافٍ ثُمَّ فَاءٍ جَمْعُ قَائِفٍ وَهُوَ الذَّاتُ الَّتِي خَصَّهَا اللَّهُ تَعَالَى بِمَعْرِفَةِ النَّسَبِ بِالشَّبَهِ تَنْظُرُهُ وَالشَّرِيكَيْنِ لِتُلْحِقَهُ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِهِمَا إنْ كَانَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ ، بَلْ ( وَلَوْ كَانَ ) أَحَدُهُمَا ( عَبْدًا ) وَالْآخَرُ حُرًّا ( أَوْ ذِمِّيًّا ) وَالْآخَرُ مُسْلِمًا ، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِأَحَدِهِمَا لَحِقَ بِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا .
( فَإِنْ أَشْرَكَتْهُمَا ) أَيْ الْقَافَةُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْوَلَدِ بِأَنْ قَالَ الْقَائِفُ : هُوَ ابْنُ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ مَعًا ( فَ ) الْوَلَدُ ( مُسْلِمٌ ) أَيْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ ( وَوَالَى ) أَيْ تَبِعَ الْوَلَدُ ( إذَا بَلَغَ ) الْحُلُمَ ( أَحَدَهُمَا ) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَصْبَغُ : حَدُّ الْمُوَالَاةِ إثْغَارُهُ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ ، وَإِنْ وَالَى الذِّمِّيَّ وَاخْتَلَفَ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ قَبْلَ مُوَالَاتِهِ أَحَدُهُمَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعِيسَى وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ : يُنْفِقَانِ عَلَيْهِ مَعًا ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وُقِفَ لَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ نِصْفُ نَفَقَتِهِ إلَى بُلُوغِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَانَتْ أَمَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ حُرَّيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا عَبْدٌ أَوْ ذِمِّيٌّ وَالْآخَرُ حُرٌّ مُسْلِمٌ فَوَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ نُسِبَ إلَيْهِ .
الصِّقِلِّيُّ أَرَادَ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي .
عِيَاضٌ الْقَافَةُ جَمْعُ قَائِفٍ وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُ الشَّبَهَ ، وَهُوَ عِلْمٌ صَحِيحٌ لِمَا فِي الصَّحِيحِ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ جَبْهَتِهِ فَقَالَ : أَلَمْ تَرَى أَنَّ

مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ نَظَرَ إلَى أَقْدَامِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ وَهُمَا تَحْتَ قَطِيفَةٍ فَقَالَ : إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ } .
وَشَبَّهَ فِي مُوَالَاتِهِ أَحَدَهُمَا إذَا بَلَغَ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ صِلَتُهُ ( لَمْ تُوجَدْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ قَافَةٌ فَيُوَالِي أَحَدَهُمَا بَعْدَ بُلُوغِهِ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ إنْ لَمْ تُوجَدْ الْقَافَةُ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ فِي طَلَبِهَا تُرِكَ الْوَلَدُ إلَى بُلُوغِهِ فَيُوَالِي مَنْ شَاءَ كَمَا لَوْ قَالَ الْقَافَةُ : اشْتَرَكَا فِيهِ أَوْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَقَالَهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ : يَبْقَى مَوْقُوفًا حَتَّى تُوجَدَ الْقَافَةُ سَحْنُونٌ إنْ قَالَتْ الْقَافَةُ : لَيْسَ مِنْهُمَا دُعِيَ لَهُ آخَرُونَ كَذَا أَبَدًا ؛ لِأَنَّ الْقَافَةَ إنَّمَا دُعِيَتْ لِتُلْحِقَ لَا لِتَنْفِيَ ، وَفِيهَا إنْ أَشْرَكُوهُمَا فِيهِ وَالَى إذَا كَبِرَ أَيَّهُمَا شَاءَ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ .
( وَوَرِثَاهُ ) أَيْ الشَّرِيكَانِ الْوَلَدَ ( إنْ مَاتَ ) الْوَلَدُ ( أَوَّلًا ) بِشَدِّ الْوَاوِ وَمُنَوَّنًا أَيْ قَبْلَ مُوَالَاةِ أَحَدِهِمَا مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ ، وَإِنْ مَاتَا أَوَّلًا فَلَا يَرِثُهُمَا .
وَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ يُوقَفُ لَهُ مِيرَاثُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَبْلُغَ وَيُوَالِيَ مَنْ يَشَاءُ مِنْهُمَا فَيَأْخُذَ مِيرَاثُهُ مِنْهُ ، وَيُنْسَبَ إلَيْهِ ، وَيَرُدَّ مَا وَقَفَ لَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْآخَرِ إلَى وَرَثَتِهِ .
وَمَفْهُومُ بِطُهْرٍ أَنَّهُمَا إنْ وَطِئَاهَا بِطُهْرَيْنِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَهُوَ لِلثَّانِي إنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِشَرِيكِهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ يَوْمَ الْحَمْلِ كَيْف شَاءَ شَرِيكُهُ ، وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ وَلَا قِيمَةَ وَلَدٍ ، وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا اُتُّبِعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا وَنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَبِيعَ عَلَيْهِ نِصْفُهَا فِي ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ كَفَافًا لِنِصْفِ

قِيمَتِهَا اتَّبَعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ ، وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ اتَّبَعَهُ بِمَا نَقَصَ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ ، وَهُوَ حُرٌّ لَاحِقُ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .

وَحَرُمَتْ عَلَى مُرْتَدٍّ أُمُّ وَلَدِهِ حَتَّى يُسْلِمَ ، وَوُقِفَتْ ، كَمُدَبَّرِهِ ، إنْ فَرَّ لِدَارِ الْحَرْبِ
( وَحَرُمَتْ ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ ( عَلَى ) رَجُلٍ ( مُرْتَدٍّ ) عَنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لَهُ ( أُمُّ وَلَدِهِ ) مَا دَامَ عَلَى رِدَّتِهِ ( حَتَّى يُسْلِمَ ) فَتَزُولَ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ ، وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَرَقِيقِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ ، وَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا عَتَقَتْ أُمُّ وَلَدِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ تُعْتَقُ أُمُّ وَلَدِهِ بِمُجَرَّدِ رِدَّتِهِ كَمَا تَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بِهَا .
ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ أَقْيَسُ ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِمْ فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا حَرُمَ وَطْؤُهَا نُجِّزَ عِتْقُهَا كَنَصْرَانِيٍّ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ ، وَالْفَرْقُ عَلَى مَذْهَبِهَا أَنَّ سَبَبَ إبَاحَةِ أُمِّ الْوَلَدِ الْمِلْكُ وَهُوَ بَاقٍ وَالزَّوْجَةُ الْعِصْمَةُ ، وَقَدْ زَالَتْ بِكُفْرِهِ وَإِنْ ارْتَدَّتْ أُمُّ الْوَلَدِ حَرُمَتْ عَلَى سَيِّدِهَا ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ حَلَّتْ لَهُ ، وَإِذَا قُتِلَ لِلرِّدَّةِ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ .
( وَوُقِفَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أُمُّ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ ، وَشَبَّهَ فِي الْوَقْفِ فَقَالَ ( كَمُدَبَّرِهِ ) أَيْ الْمُرْتَدِّ ( إنْ فَرَّ ) بِالْفَتْحِ مُثَقَّلًا أَيْ هَرَبَ الْمُرْتَدُّ ( لِدَارِ ) الْكُفَّارِ أَهْلِ ( الْحَرْبِ ) لِلْمُسْلِمِينَ إلَى أَنْ يَأْتِيَ مُسْلِمًا فَيَعُودَانِ إلَيْهِ كَمَا كَانَا ، أَوْ يَمُوتَ فَتُعْتَقَ أُمُّ وَلَدِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، وَمُدَبَّرُهُ مِنْ ثُلُثِهِ ، وَهَذَا إذَا كَانَ يُعْلَمُ مَوْتُهُ وَحَيَاتُهُ فَيُعْمَلُ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَوْ زَادَ عَلَى مُدَّةِ التَّعْمِيرِ ، فَإِنْ جُهِلَ حَالُهُ فَيُوقَفَانِ إلَى نِهَايَةِ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يُنْفِقُ عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ مِنْهُ ، وَإِلَّا فَقِيلَ : يُنَجَّزُ عِتْقُهَا .
وَقِيلَ تَسْعَى عَلَى نَفْسِهَا إلَى مُدَّةِ التَّعْمِيرِ .

وَلَا تَجُوزُ كِتَابَتُهَا وَعَتَقَتْ : إنْ أَدَّتْ .
( وَلَا تَجُوزُ كِتَابَتُهَا ) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ وَيَجُوزُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَجَّلٍ فِي ذِمَّتِهَا ، فَإِنْ كَاتَبَهَا فُسِخَتْ ( وَعَتَقَتْ إنْ أَدَّتْ ) الْمُكَاتَبَةُ لِسَيِّدِهَا مَا كَاتَبَهَا بِهِ وَمَضَتْ الْكِتَابَةُ فَلَا تُفْسَخُ ، وَلَا تَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهَا بِمَا أَدَّتْ إذَا كَانَ صَحِيحًا كَمَا تَقَدَّمَ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

فَصْلٌ ) الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ ، وَإِنْ بِبَيْعٍ مِنْ نَفْسِهِ ، أَوْ عِتْقِ غَيْرٍ عَنْهُ ؛ بِلَا إذْنٍ ؛ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى عَتَقَ ، إلَّا كَافِرًا أَعْتَقَ مُسْلِمًا ، وَرَقِيقًا إنْ كَانَ يُنْتَزَعُ مَالُهُ

بَابٌ ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَلَاءِ ( الْوَلَاءُ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودًا مِنْ الْوِلَايَةِ بِمَعْنَى الْقُرْبِ ، وَأَصْلُهُ مِنْ الْوَلِيِّ ، وَإِمَّا مِنْ الْوِلَايَةِ وَالتَّقْدِيمِ فَبِكَسْرِ الْوَاوِ وَقِيلَ بِهِمَا فِيهِمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ } ، رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ ، ثُمَّ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ .
الْأَبِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ تَعْرِيفٌ لِحَقِيقَتِهِ شَرْعًا ، فَلَا يُمْكِنُ حَدُّهُ بِمَا هُوَ أَتَمُّ مِنْهُ الرَّصَّاعُ فَلِذَا لَمْ يَحُدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُ ، وَرُوِيَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحْمَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا أَيْ تَعَلُّقٌ وَاتِّصَالٌ وَارْتِبَاطٌ ( لِمُعْتِقٍ ) بِكَسْرِ التَّاءِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ } ، أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَشَمِلَ مَنْ أَعْتَقَ غَيْرُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَالْوَلَاءُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْوَلَاءُ بِالْجَرِّ .
وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ مُنَجَّزًا أَوْ لِأَجَلٍ أَوْ تَدْبِيرًا أَوْ كِتَابَةً أَوْ إيلَادًا أَوْ بَيْعًا مِنْ نَفْسِ الرَّقِيقِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ بِقَرَابَةٍ أَوْ سِرَايَةٍ أَوْ تَمْثِيلٍ ، بَلْ ( وَإِنْ كَانَ ) الْإِعْتَاقُ ( بِبَيْعٍ ) لِلْعَبْدِ ( مِنْ نَفْسِهِ ) وَلَوْ فَاسِدًا كَمَا تَقَدَّمَ ، فَالْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ ، وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَخْذِهِ الْمَالَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى نَزْعِهِ مِنْهُ وَإِبْقَائِهِ رِقًّا .
الْبُنَانِيُّ : لَوْ قَالَ وَإِنْ بِعِوَضٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ أَخْذَهُ عِوَضًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِاعْتِقَاقِهِ عَنْ نَفْسِ سَيِّدِهِ ، فَإِنْ كَانَ لِإِعْتَاقِهِ عَنْ دَافِعِ الْمَالِ فَالْوَلَاءُ لَهُ ( أَوْ عِتْقِ غَيْرٍ عَنْهُ ) أَيْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ فَوَلَاءُ الْعَتِيقِ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْوَلَاءُ لِمَنْ

ثَبَتَ الْعِتْقُ عَنْهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مَانِعٌ .
أَبُو عُمَرَ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ ، وَقَالَهُ اللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَسَوَاءٌ فِي قَوْلِهِمْ أَمَرَهُ بِهِ أَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ .
تت وَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ مِنْ التَّقْدِيرَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي يُعْطَى فِيهَا الْمَعْدُومُ حُكْمَ الْمَوْجُودِ فَيُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَنْهُ بِالتَّوْكِيلِ .
( أَوْ ) أَعْتَقَ رَقِيقَ رَقِيقِهِ وَ ( لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ ) أَيْ الْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ بِإِعْتَاقِهِ وَهُوَ رَقِيقُ رَقِيقِهِ ( حَتَّى عَتَقَ ) الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ فَقَدْ مَضَى إعْتَاقُهُ وَالْوَلَاءُ عَلَى عَتِيقِهِ لِسَيِّدِهِ الْأَعْلَى إنْ كَانَ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَأَمْضَى عِتْقَهُ وَإِنْ رَدَّهُ رُقَّ فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ لَا لِسَيِّدِهِ ، وَقَرَّرَ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ ، وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْتَثْنِ السَّيِّدُ مَالَهُ قَالَ تت .
طفي وَالْحَامِلُ لَهُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ وَالْبُرُودَةِ ؛ لِأَنَّهُ بِنَفْسِ اسْتِثْنَائِهِ مَالَهُ يَبْطُلُ عِتْقُ الْأَسْفَلِ ، فَإِمْضَاؤُهُ الْأَعْلَى اسْتِئْنَافُ عِتْقٍ مِنْهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ .
قَوْلُهُ فِي كَبِيرِهِ تَقْرِيرُ كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ لِلسَّيِّدِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ ، يَعْنِي قَوْلَهُ أَوْ عِتْقِ الْغَيْرِ عَنْهُ ؛ ؛ لِأَنَّ هَذَا فِيهِ نَوْعٌ مِنْ عِتْقِ الْغَيْرِ عَلَى مَا زَعَمَهُ .
وَتَقْرِيرُ الشَّارِحَيْنِ تَبَعًا لِمَا فِي التَّوْضِيحِ هُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهَا فِي عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ السَّيِّدُ حَتَّى عَتَقَا مَضَى ، وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ قَدْ اسْتَثْنَى

مَالَ عَبْدِهِ حِينَ أَعْتَقَهُ فَيُرَدُّ فِعْلُ الْعَبْدِ ، وَيَكُونُ مَنْ أَعْتَقَهُ رِقًّا لِلسَّيِّدِ ، وَمَا أَعْتَقَاهُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ جَازَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ إلَى أَنْ يَعْتِقَ الْمُكَاتَبُ فَيَرْجِعَ إلَيْهِ الْوَلَاءُ ؛ إذْ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُ مَالِهِ ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ الْوَلَاءُ وَلَوْ أَعْتَقَ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ : الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ فَقَالَ ( إلَّا ) شَخْصًا ( كَافِرًا أَعْتَقَ ) رِقًّا لَهُ ( مُسْلِمًا ) اشْتَرَاهُ أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ فَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَرْجِعُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا إنْ أَعْتَقَ كَافِرٌ مُسْلِمًا فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَلَا يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ إنْ أَسْلَمَ ، وَلَا يَجُرُّهُ لِمُسْلِمٍ غَيْرِهِ .
اللَّخْمِيُّ : الْقِيَاسُ رُجُوعُهُ إلَيْهِ إنْ أَسْلَمَ وَجَرُّهُ لِوَلَدِهِ الْمُسْلِمِ ، ثُمَّ قَالَ : وَالْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ عِتْقِ الْكَافِرِ رِقَّهُ الْمُسْلِمَ ( وَإِلَّا رَقِيقًا ) قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةٍ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ لَا فَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ ( إنْ كَانَ ) سَيِّدُهُ الْحُرُّ ( يُنْتَزَعُ مَالُهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ فَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى ، وَلَا يَرْجِعُ لِلرَّقِيقِ إذَا عَتَقَ .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَنْتَزِعُ مَالَهُ كَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا مَرِضَ سَيِّدُهُمَا ، وَالْمُعْتِقُ لِأَجَلٍ إذَا قَرُبَ أَجَلُ عِتْقِهِ فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِمْ مَا دَامَتْ رِقِّيَّتُهُمْ ، فَإِنْ عَتَقُوا رَجَعَ الْوَلَاءُ لَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْعَبْدُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ جَازَ ، وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ ، فَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ رَجَعَ الْوَلَاءُ إلَيْهِ ؛ إذْ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُ مَالِهِ ، وَلَا يَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ إنْ عَتَقَ ، وَعِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ عَبْدَهَا كَعِتْقِ الْعَبْدِ وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا شَرْطٌ فِي كَوْنِ الرَّقِيقِ

الْمُعْتِقِ لَا وَلَاءَ لَهُ أَبَدًا ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ ، وَهَذَا إذَا أَعْتَقَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ أَجَازَهُ .
وَأَمَّا مَنْ لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ مَا دَامَ رَقِيقًا ، فَإِنْ عَتَقَ عَادَ الْوَلَاءُ لَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .

وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ الْوَلَاءُ لَهُمْ : كَسَائِبَةٍ وَكُرِهَ
( وَ ) وَإِنْ قَالَ : أَنْتَ حُرٌّ ( عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَالْوَلَاءُ لَهُمْ ) أَيْ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنْ مَاتَ عَنْ مَالٍ وَلَا وَارِثَ لَهُ مِنْ النَّسَبِ فَهُوَ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، فِي الْمُقَدِّمَاتِ : إنْ قَالَ الْعَبْدُ : أَنْتَ حُرٌّ عَنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَوَلَاؤُك لِي فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ جَائِزٌ ، وَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَشَبَّهَ فِي صِحَّةِ الْعِتْقِ وَكَوْنِ الْوَلَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ فَقَالَ : ( كَ ) عِتْقِهِ بِلَفْظِ ( سَائِبَةٍ ) بِإِهْمَالِ السِّينِ بِأَنْ قَالَ لَهُ : أَنْتَ سَائِبَةٌ مُرِيدًا بِهِ إعْتَاقَهُ فَيُعْتَقُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ أَعْتَقَ سَائِبَةَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ .
وَمَعْنَى السَّائِبَةِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ ( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عِتْقُ السَّائِبَةِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْأَنْعَامِ ، وَقَدْ أَبْطَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ } ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي عِتْقِ السَّائِبَةِ فَكَرِهَهُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَقَعَ فَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ ابْتِدَاءً ، وَمَنَعَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ ، قَالَ : إنْ وَقَعَ فَالْوَلَاءُ لَهُ لَا لِلْمُسْلِمِينَ .

، وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ : عَادَ الْوَلَاءُ بِإِسْلَامِ السَّيِّدِ ، وَجَرَّ وَلَدَ الْمُعْتَقِ ، كَأَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ ، إلَّا لِرِقٍّ ، أَوْ عِتْقٍ لِآخَرَ ، وَمُعْتَقُهُمَا

وَإِنْ ) أَعْتَقَ كَافِرٌ رَقِيقَهُ الْكَافِرَ ثُمَّ ( أَسْلَمَ الْعَبْدُ ) الَّذِي أَعْتَقَهُ الْكَافِرُ انْتَقَلَ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ عَصَبَةِ الْعِتْقِ مَا دَامَ الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ كَافِرًا ، فَإِنْ أَسْلَمَ ( عَادَ الْوَلَاءُ ) لِلْمُعْتِقِ ( بِإِسْلَامِ السَّيِّدِ ) الْمُعْتِقِ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ أَعْتَقَ نَصْرَانِيٌّ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ وَمَاتَ عَنْ مَالٍ فَمِيرَاثُهُ لِعَصَبَةِ سَيِّدِهِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ وَلَاءَهُ كَانَ لِسَيِّدِهِ حِينَ كَانَ نَصْرَانِيًّا ، فَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ رَجَعَ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ .
سَحْنُونٌ مَعْنَى رُجُوعِ الْوَلَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ إنَّمَا هُوَ الْمِيرَاثُ ، وَالْوَلَاءُ قَائِمٌ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ .
الصِّقِلِّيُّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ ، فَكَمَا لَا تَزُولُ الْأُبُوَّةُ عَنْ الْأَبِ إنْ أَسْلَمَ وَلَدُهُ فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ .
( وَجَرَّ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالرَّاءِ مُثَقَّلًا الْعِتْقُ أَوْ الْوَلَاءُ ( وَلَدَ ) الْعَبْدِ ( الْمُعْتَقِ ) بِفَتْحِ التَّاءِ أَيْ سَحَبَ وَلَاءَهُ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ ، وَإِنْ سَفَلَ الْوَلَدُ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ ذَكَرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ أُنْثَى ، وَالذَّكَرُ مِنْهُمْ يَجُرُّ وَلَاؤُهُ وَلَاءَ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ ، وَالْأُنْثَى مِنْهُمْ لَا تَجُرُّ وَلَاءَ أَوْلَادِهَا وَهَكَذَا أَبَدًا .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَبُ الْمُعْتَقُ يَجُرُّ وَلَاءَ وَلَدِهِ لِمُعْتِقِهِ وَإِنْ سَفَلَ فِي الْمُوَطَّإِ اشْتَرَى الزُّبَيْرُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَلِلْعَبْدِ بَنُونَ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ فَقَالَ : الزُّبَيْرُ هُمْ مَوَالِي ، وَقَالَ مَوْلَى أُمِّهِمْ مَوَالِينَا فَاخْتَصَمُوا إلَى عُثْمَانَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فَقَضَى بِهِمْ لِلزُّبَيْرِ .
الْبَاجِيَّ رَوَى مُحَمَّدٌ الْأَبُ يَجُرُّ وَلَاءَ وَلَدِهِ لِمُعْتِقِهِ ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَاعَةٍ .
مُحَمَّدٌ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمٍ وَلَا رِضًا .
الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لِلْمُعْتِقِ الْوَلَاءَ عَلَى مُعْتَقِهِ وَوَلَدِهِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا ،

وَيُوقَفُ عِنْدَ الْأُنْثَى مِنْهُمْ فَلَا يَجُرُّ وَلَاؤُهَا وَلَاءَ أَوْلَادِهَا ، وَالذَّكَرُ مِنْهُمْ يَجُرُّ وَلَاؤُهُ وَلَاءَ أَوْلَادِهِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا ، وَهَكَذَا يُقَالُ فِيهِمْ وَفِيمَنْ بَعْدَهُمْ .
وَشَبَّهَ فِي الْجَرِّ فَقَالَ : ( كَأَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ ) بِفَتْحِ التَّاءِ فَيَجُرُّ الْوَلَاءَ عَلَيْهِمْ لِمُعْتَقِهِمْ ( إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ) أَيْ أَوْلَادِهَا ( نَسَبٌ مِنْ ) أَبٍ أَوْ جَدٍّ ( حُرٍّ ) بِأَنْ كَانُوا مِنْ أَبٍ رَقِيقٍ هُوَ وَأُصُولُهُ أَوْ مِنْ زِنًا أَوْ اغْتِصَابٍ أَوْ مُلَاعَنًا فِيهِمْ ، أَوْ مِنْ أَبٍ حَرْبِيٍّ مَاتَ بِأَرْضِهِ ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ لِحِرَابٍ أَوْ جَدٌّ فَالْمِيرَاثُ لَهُ ، فَإِنْ مَاتَ فَلِغَاصِبِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ .
وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَاسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ : وَجَرَّ وَلَدَ الْمُعْتَقِ وَأَوْلَادَ الْمُعْتَقَةِ الَّذِينَ لَا نَسَبَ لَهُمْ مِنْ حُرٍّ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِرِقٍّ ) جَرَى عَلَى الْوَلَدِ لِغَيْرِ مُعْتَقِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لِمُعْتَقِ أَبِيهِ وَلَا لِمُعْتَقِ أُمِّهِ ، وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ وَعَصَبَتِهِ مِنْ النَّسَبِ ثُمَّ مِنْ الْوَلَاءِ .
ابْنُ شَاسٍ يَسْتَرْسِلُ الْوَلَاءُ عَلَى أَوْلَادِ الْمُعْتَقِ لِمُعْتِقِهِ الَّذِينَ لَمْ يَمَسَّهُمْ رِقٌّ ، فَأَمَّا مَنْ مَسَّهُ الرِّقُّ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ إلَّا لِمُعْتِقِهِ أَوْ لِمُعْتِقِ مُعْتِقِهِ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ أَوْلَى ، فَإِذَا زَوَّجَ شَخْصٌ عَبْدَهُ أَمَةَ آخَرَ ثُمَّ أَعْتَقَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْآخَرُ فَمَا تَلِدُهُ لِأَقَلَّ مِنْ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ أُمِّهِ لَا لِمُعْتِقِ أَبِيهِ ؛ لِأَنَّهُ مَسَّهُ الرِّقُّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ لِسَيِّدِهَا ، وَمَا تَلِدُهُ لِأَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَأَعْلَى وَلَاؤُهُ لِمُعْتَقِ أَبِيهِ لَا لِمُعْتَقِ أُمِّهِ لِأَنَّ لَهُ نَسَبًا مِنْ حُرٍّ إلَّا أَنْ تَكُونَ ظَاهِرَ الْحَمْلِ يَوْمَ إعْتَاقِهَا فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتَقِهَا ؛ لِأَنَّهُ رِقٌّ لَهُ فِي بَطْنِهَا ، وَمَنْ بَاعَ وَلَدَ أَمَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَى

وَلَدِهَا لِرِقِّهِ لِغَيْرِهِ .
( أَوْ ) إلَّا ( لِعِتْقٍ ) لِوَلَدِ الْمُعْتَقِ أَوْ الْمُعْتَقَةِ بِفَتْحِ التَّاءِ فِيهِمَا مَنْسُوبٍ ( لِ ) سَيِّدٍ ( آخَرَ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ، أَيْ غَيْرِ مُعْتِقِ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمُعْتَقِهِ وَعَصَبَتِهِ نَسَبًا ثُمَّ وَلَاءً لَا لِمُعْتِقِ أَبِيهِ وَلَا لِمُعْتِقِ أُمِّهِ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ أَقْوَى كَمَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ ( وَ ) جَرَّ الْوَلَاءَ ( مُعْتَقُهُمَا ) بِفَتْحِ التَّاءِ ، أَيْ الْمُعْتَقِ وَالْمُعْتَقَةِ بِفَتْحِهَا فِيهِمَا ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَإِنَّ وَلَاءَ الْمُعْتِقِ بِكَسْرِ التَّاءِ الْأَعْلَى عَلَى عَتِيقِهِ عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً يَجُرُّ لَهُ الْوَلَاءَ عَلَى عَتِيقِ عَتِيقِهِ عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا جَرَّ الْمُعْتِقُ وَلَاءَ مَا أَعْتَقَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِمَنْ أَعْتَقَهُ كَذَلِكَ ، وَشَرْطُ الْجَرِّ عَدَمُ مُبَاشَرَةِ الْمَجْرُورِ وَلَاءَهُ بِعِتْقٍ ، فَإِنْ كَانَتْ اخْتَصَّ بِهِ مُعْتِقُهُ .
الْخَرَشِيُّ قَيَّدَ الْجَرَّ بِالْإِعْتَاقِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ حُرَّ الْأَصْلِ ، وَإِلَّا فَلَا يَجُرُّ وَلَاؤُهُ وَلَاءَ مُعْتِقِهِ حَالَ حُرِّيَّتِهِ السَّابِقَةِ عَلَى رِقِّيَّتِهِ ، فَإِذَا أَعْتَقَ ذِمِّيٌّ رَقِيقَهُ ثُمَّ نَقَضَ عَهْدَ ذِمَّتِهِ وَهَرَبَ لِأَرْضِ الْحَرْبِ فَأُسِرَ وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ أُعْتِقَ فَلَا يَجُرُّ وَلَاؤُهُ لِمُعْتَقِهِ وَلَاءَ مَنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ نَقْضِهِ وَفِرَارِهِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ .

وَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ ، أَوْ اسْتَلْحَقَ : رَجَعَ الْوَلَاءُ لِمُعْتَقِهِ مِنْ مُعْتِقِ الْجَدِّ وَالْأُمِّ
وَإِنْ ) تَزَوَّجَتْ الْمُعْتَقَةُ بِفَتْحِ التَّاءِ بِعَبْدِ ابْنِ عَبْدٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْهُ أَوْ بِحُرٍّ عَتِيقٍ ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ وِلَاءَتِهَا فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمُعْتِقِهَا فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَا نَسَبَ لَهُ مِنْ حُرٍّ وَلَمْ يُرَقَّ لِغَيْرِهِ فَإِنْ أُعْتِقَ الْجَدُّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى رَجَعَ وَلَاءُ الْوَلَدِ لِمُعْتِقِهِ مِنْ مُعْتِقِ أُمِّهِ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ وَإِنْ ( أُعْتِقَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ التَّاءِ ( الْأَبُ ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بَعْدَ عِتْقِ الْجَدِّ ( أَوْ اسْتَلْحَقَ ) الْأَبُ الْوَلَدَ الَّذِي لَاعَنَ فِيهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ( رَجَعَ الْوَلَاءُ ) عَلَى وَلَدِ الْأَمَةِ الْمُعْتَقَةِ ( لِمُعْتِقِهِ ) أَيْ الْأَبِ ( مِنْ مُعْتِقِ الْجَدِّ ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ( وَ ) مِنْ مُعْتِقِ ( الْأُمِّ ) فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ تَزَوَّجَ الْحُرَّةَ عَبْدٌ فَوَلَاءُ وَلَدِهَا مِنْهُ لِمَوَالِيهَا مَا دَامَ الْأَبُ عَبْدًا فَإِنْ أُعْتِقَ جَرَّ وَلَاءَهُمْ لِمُعْتِقِهِ كَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ يَنْتَسِبُ إلَى مَوَالِي أُمِّهِ هُمْ يَرِثُونَهُ ، فَإِنْ اعْتَرَفَ لَحِقَ بِهِ ، وَجَرَّ وَلَاءَهُ لِمُعْتِقِهِ وَلَوْ كَانَ لِوَلَدِ الْحُرَّةِ مِنْ الْعَبْدِ جَدٌّ أَوْ جَدُّ جَدٍّ وَأُعْتِقَ قَبْلَ الْأَبِ جَرَّ وَلَاءَهُمْ لِمُعْتِقِهِ .

وَالْقَوْلُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ ، لَا لِمُعْتَقِهَا ، إلَّا أَنْ تَضَعَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عِتْقِهَا

( وَ ) إنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ أَمَةً لِغَيْرِ سَيِّدِهِ وَأُعْتِقَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَقَالَ مُعْتِقُ الْأَبِ إنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ إعْتَاقِهَا فَوَلَاؤُهُ لِي لِأَنَّ لَهُ نَسَبًا لِحُرٍّ وَلَمْ يُرَقَّ .
وَقَالَ مُعْتِقُ الْأُمِّ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ إعْتَاقِهَا فَوَلَاؤُهُ لِي لِأَنَّهُ كَانَ رَقِيقِي وَأَعْتَقَتْهُ مَعَ أُمِّهِ فَ ( الْقَوْلُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ لَا لِمُعْتِقِهَا ) أَيْ الْأُمِّ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) حَالَ ( أَنْ تَضَعَ ) أَيْ تَلِدَ الْأُمُّ الْوَلَدَ الْمُتَنَازَعَ فِي وَلَائِهِ ( لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ) إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ ( مِنْ يَوْمِ عِتْقِهَا ) فَالْقَوْلُ لِمُعْتَقِهَا لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا بِهِ يَوْمَ عِتْقِهَا كَمَا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَهُ .
فِيهَا إنْ عَتَقَتْ أَمَةٌ تَحْتَ حُرٍّ ، وَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا قَالَتْ عَتَقْتَ وَأَنَا حَامِلٌ بِهِ ، وَقَالَ زَوْجُهَا : حَمَلْتِ بِهِ بَعْدَ عِتْقِك فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَايَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ .
أَشْهَبُ لَوْ أَقَرَّ بِقَوْلِهَا فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةُ الْحَمْلِ يَوْمَ عِتْقِهَا أَوْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ اخْتَلَفَ مُعْتِقُ الْأَبِ ، وَمُعْتِقُ الْأُمِّ فِي الْحَمْلِ ، وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُعْتِقِ الْأَبِ إلَّا أَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عِتْقِهَا .
اللَّخْمِيُّ رَوَى مُحَمَّدٌ لَا يُوقَفُ زَوْجُهَا ، وَفِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ : يُوقَفُ عَنْهَا ، وَكَذَا الَّتِي لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا ، وَمَاتَ الْوَلَدُ يُوقَفُ زَوْجُهَا عَنْهَا لِلْمِيرَاثِ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُوقَفُ ، وَالْوَقْفُ فِيهِمَا أَحْسَنُ ، وَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا يُقْطَعُ أَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ عِتْقِهَا لِأَنَّ الْوَضْعَ لِهَذِهِ الْمُدَّةِ نَادِرٌ ، وَإِنَّمَا تُرَاعَى السِّتَّةُ إذَا تَقَدَّمَتْهَا حَيْضَةٌ ، وَأَيْضًا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَصَابَهَا أَوَّلَ النَّهَارِ وَعَتَقَتْ فِي آخِرِهِ فَلَا يَدُلُّ مُرُورُهَا عَلَى أَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ عِتْقِهَا .

وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْوَلَاءِ ، أَوْ اثْنَانِ بِأَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ : لَمْ يَثْبُتْ ، لَكِنَّهُ يَحْلِفُ ، وَيَأْخُذُ الْمَالَ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ
( وَإِنْ ) ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّهُ مَوْلًى أَوْ قَرِيبٌ لِمَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ مَعْرُوفٌ وَ ( شَهِدَ ) شَاهِدٌ ( وَاحِدٌ بِالْوَلَاءِ ) أَوْ النَّسَبِ لِمُدَّعِيهِ ( أَوْ ) شَهِدَ شَاهِدَانِ ( اثْنَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ ) مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ ( أَنَّهُ ) أَيْ الْمُدَّعِيَ ( مَوْلَاهُ ) أَيْ الْمَيِّتُ لِأَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ أَوْ انْجَرَّ لَهُ وَلَاؤُهُ بِوِلَادَةٍ أَوْ إعْتَاقٍ ( أَوْ ) أَنَّهُ ( ابْنُ عَمِّهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ مَثَلًا ( لَمْ ) الْأَوْلَى فَلَا ( يَثْبُتْ ) وَلَاؤُهُ وَلَا نَسَبُهُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ بَتًّا ، وَلَا بِشَهَادَةِ الِاثْنَيْنِ سَمَاعًا ( لَكِنَّهُ ) أَيْ الْمُدَّعِيَ الْوَلَاءَ أَوْ النَّسَبَ ( يَحْلِفُ ) يَمِينًا أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ مَثَلًا ( وَيَأْخُذُ الْمَالَ ) الَّذِي تَرَكَهُ الْمَيِّتُ ( بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ ) أَيْ التَّأْخِيرِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ عَسَى أَنْ يَأْتِيَ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِنْهُ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ آخِرَ بَابِ الْعِتْقِ مُسْتَوْفًى .

وَقُدِّمَ عَاصِبُ النَّسَبِ ، ثُمَّ الْمُعْتِقُ ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ : كَالصَّلَاةِ ، ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ ، وَلَا تَرِثُهُ أُنْثَى ، إنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ بِعِتْقٍ ، أَوْ جَرَّهُ وَلَاءٌ بِوِلَادَةٍ ، أَوْ عِتْقٍ

( وَ ) إنْ مَاتَ مَنْ لَهُ عَاصِبُ نَسَبٍ وَعَاصِبُ وَلَاءٍ ( قُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي إرْثِهِ ( عَاصِبُ النَّسَبِ ) عَلَى عَاصِبِ الْوَلَاءِ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاصِبُ نَسَبٍ وَتَعَدَّدَ عَاصِبُ الْوَلَاءِ قُدِّمَ ( الْمُعْتِقُ ) لِلْمَيِّتِ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُعْتِقُ حَيًّا قُدِّمَ ( عَصَبَتُهُ ) أَيْ الْمُعْتِقِ مِنْ النَّسَبِ مُرَتَّبِينَ كَ ( تَرْتِيبِهِمْ ) فِي إمَامَةِ ( الصَّلَاةِ ) عَلَى الْمَيِّتِ فَيُقَدَّمُ ابْنٌ فَابْنُهُ فَأَبٌ فَأَخٌ فَابْنُهُ ، فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ ، فَجَدُّ أَبٍ فَعَمُّ أَبٍ فَابْنُهُ ، وَهَكَذَا يُقَدَّمُ الْأَصْلُ عَلَى فَرْعِهِ وَالْفَرْعُ عَلَى أَصْلِ أَصْلِهِ .
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ عَاصِبُ نَسَبٍ قُدِّمَ ( مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ ) بِكَسْرِ التَّاءِ فِيهِمَا ثُمَّ عَصَبَتُهُ نَسَبًا كَالصَّلَاةِ ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِ مُعْتِقِهِ ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ نَسَبًا ( وَلَا تَرِثُهُ ) أَيْ الْوَلَاءَ أَيْ بِهِ ( أُنْثَى ) مُطْلَقًا إجْمَاعًا ، فَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتِ مُعْتِقِهِ وَرِثَهُ الِابْنُ وَحْدَهُ ( إنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ ) أَيْ الْأُنْثَى الْعَتِيقَ ( بِعِتْقٍ ) مِنْهَا لَهُ ( أَوْ جَرَّهُ ) أَيْ الْوَلَاءَ ( وَلِيُّهَا ) أَيْ الْأُنْثَى ( بِوِلَادَةٍ ) مِمَّنْ أَعْتَقَتْهُ مِنْ الذُّكُورِ عَلَى مَا سَبَقَ ( أَوْ عِتْقٍ ) مِمَّنْ أَعْتَقَتْهُ .
فِيهَا لَا يَرِثُ أَحَدٌ مِنْ النِّسَاءِ وَلَاءَ مَا أَعْتَقَ أَبٌ لَهُنَّ أَوْ أُمٌّ أَوْ أَخٌ أَوْ ابْنٌ وَالْعَصَبَةُ أَحَقُّ بِالْوَلَاءِ مِنْهُنَّ ، وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ جَرَّهُ مَا أَعْتَقْنَ مِنْ وَلَدِ الذُّكُورِ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا ، وَلَا شَيْءَ لَهُنَّ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى الْجَلَّابُ لَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ شَيْئًا إلَّا وَلَاءَ مَنْ بَاشَرْنَ عِتْقَهُ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ دَبَّرْنَ أَوْ مَا جَرَّ إلَيْهِنَّ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ بِنَسَبٍ أَوْ بِوَلَاءٍ مِثْلَ مُعْتِقِ مُعْتَقَهُنَّ أَوْ وَلَدِ مَنْ أَعْتَقْنَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَا وَلَاءَ لِأُنْثَى أَصْلًا إلَّا عَلَى مَنْ بَاشَرَتْ عِتْقَهُ أَوْ عَلَى

مَنْ جَرَّهُ وَلَاؤُهَا بِوِلَادَةٍ أَوْ عِتْقٍ .

وَلَوْ اشْتَرَى ابْنٌ وَبِنْتٌ : أَبَاهُمَا ، ثُمَّ اشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا فَمَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْأَبِ ، وَرِثَهُ الِابْنُ وَإِنْ مَاتَ الِابْنُ أَوَّلًا ، فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ لِعِتْقِهَا نِصْفَ الْمُعْتِقِ ، وَالرُّبُعُ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةٌ نِصْفَ أَبِيهِ ، وَإِنْ مَاتَ الِابْنُ ، ثُمَّ الْأَبُ ، فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ بِالرَّحِمِ ، وَالرُّبُعُ بِالْوَلَاءِ ، وَالثُّمُنُ بِجَرِّهِ .

( وَإِنْ اشْتَرَى ابْنٌ وَبِنْتٌ ) حُرَّانِ ( أَبَاهُمَا ) الرَّقِيقَ عَلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِمَا بِنَفْسِ مِلْكِهِمَا إيَّاهُ ( ثُمَّ اشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا ) وَأَعْتَقَهُ ( فَمَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ ) مَوْتِ ( الْأَبِ وَرِثَهُ ) أَيْ الْعَبْدَ ( الِابْنُ ) وَحْدَهُ لِأَنَّهُ عَاصِبُ مُعْتِقِهِ مِنْ النَّسَبِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى عَاصِبِهِ بِالْوَلَاءِ .
ابْنُ خَرُوفٍ تُعْرَفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَسْأَلَةِ الْقُضَاةِ لِغَلَطِ أَرْبَعِمِائَةِ قَاضٍ فِيهَا بِتَوْرِيثِ الْبِنْتِ بِالْوَلَاءِ وَمِيرَاثُ النَّسَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى عُصُوبَةِ الْوَلَاءِ .
ابْنُ يُونُسَ غَلِطَ فِيهَا أَرْبَعُمِائَةِ قَاضٍ فَضْلًا عَمَّنْ سِوَاهُمْ .
الْعُقْبَانِيُّ غَلِطَ فِيهَا أَرْبَعُمِائَةِ قَاضٍ بِتَشْرِيكِ الْبِنْتِ وَالِابْنِ فِي الْمِيرَاثِ ، وَبَيَانُ كَوْنِهَا لَا تُشَارِكُهُ فِيهِ أَنَّ الِابْنَ انْجَرَّ إلَيْهِ الْوَلَاءُ بِالنَّسَبِ وَالْعِتْقِ وَالْبِنْتُ لَا وَلَاءَ لَهَا إلَّا بِالْعِتْقِ ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الَّذِي يَنْجَرُّ إلَيْهِ الْوَلَاءَ بِالنَّسَبِ يَحْجُبُ الَّذِي يَنْجَرُّ الْوَلَاءُ إلَيْهِ بِالْعِتْقِ .
( وَإِنْ ) كَانَ ( مَاتَ الِابْنُ ) الَّذِي اشْتَرَى هُوَ وَأُخْتُهُ أَبَاهُمَا ( أَوَّلًا ) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا أَيْ قَبْلَ مَوْتِ الْعَبْدِ وَبَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا أُخْتُهُ فَلَهَا نِصْفُ مَالِهِ بِفَرْضِ النَّسَبِ وَنِصْفُهُ بِعُصُوبَةِ الْوَلَاءِ لِعِتْقِهَا نِصْفَ أَبِيهِ فَجَرَّ لَهَا نِصْفَ وَلَائِهِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ ( فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ ) مِنْ مَالِ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَبُوهَا ( لِعِتْقِهَا ) أَيْ الْبِنْتِ ( نِصْفَ ) الْأَبِ ( الْمُعْتِقِ ) لِلْعَبْدِ فَانْجَرَّ لَهَا نِصْفُ وَلَائِهِ ( وَلَهَا ) أَيْ الْبِنْتِ أَيْضًا مِنْ مَالِ الْعَبْدِ ( الرُّبُعُ لِأَنَّهَا ) أَيْ الْبِنْتَ انْجَرَّ لَهَا رُبُعُ وَلَاءِ الْعَبْدِ مِنْ أَخِيهَا الَّذِي لَهَا نِصْفُ وَلَائِهِ لِأَنَّهَا ( أَعْتَقَتْ نِصْفَ أَبِيهِ ) أَيْ الِابْنِ الَّذِي هُوَ أَخُوهَا فَصَارَ لَهَا نِصْفُ وَلَائِهِ ، وَقَدْ كَانَ لَهُ نِصْفُ وَلَاءِ الْعَبْدِ لِعِتْقِهِ نِصْفَ مُعْتِقِهِ فَجَرَّ لَهَا

نِصْفُ وَلَائِهَا عَلَى الِابْنِ نِصْفَ وَلَاءِ الِابْنِ عَلَى الْعَبْدِ ، وَهُوَ الرُّبُعُ .
( وَإِنْ مَاتَ الِابْنُ ) أَوَّلًا وَرِثَهُ الْأَبُ ( ثُمَّ مَاتَ ) الْأَبُ عَنْ بِنْتِهِ الَّتِي أَعْتَقَتْ نِصْفَهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهَا ( فَلِلْبِنْتِ ) مِنْ مَالِ أَبِيهَا ( النِّصْفُ بِ ) فَرْضِ ( الرَّحِمِ ) أَيْ النَّسَبِ ( وَ ) لَهَا ( الرُّبُعُ ) أَيْضًا ( بِ ) عُصُوبَةِ ( الْوَلَاءِ ) لِإِعْتَاقِهَا نِصْفَهُ فَجَرَّ لَهَا نِصْفَ النِّصْفِ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهَا ، وَنِصْفُ النِّصْفِ هُوَ الرُّبُعُ ( وَ ) لَهَا ( بِجَرِّهِ ) أَيْ الْوَلَاءِ ( الثُّمُنُ ) أَيْضًا وَهُوَ نِصْفُ الرُّبُعِ الْبَاقِي ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ أَخِيهَا بِإِعْتَاقِهِ نِصْفَ أَبِيهِ ، وَلَهَا نِصْفُ وَلَاءِ أَخِيهَا لِإِعْتَاقِهَا نِصْفَ أَبِيهِ فَانْجَرَّ لَهَا بِهِ نِصْفُ الرُّبُعِ وَهُوَ الثُّمُنُ ، فَصَارَ لَهَا سَبْعَةُ أَثْمَانِ مَالِ أَبِيهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

بَابٌ ) صَحَّ إيصَاءُ : حُرٍّ ، مُمَيِّزٍ ، مَالِكٍ وَإِنْ سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا ، وَهَلْ إنْ لَمْ يَتَنَاقَصْ قَوْلُهُ ، أَوْ أَوْصَى بِقُرْبَةٍ ؟ تَأْوِيلَانِ

بَابٌ ) ( فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ ) ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَا الْفُرَّاضِ عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ بَعْدَهُ .
قَوْلُهُ لَا الْفُرَّاضِ ، أَيْ فَإِنَّهَا عِنْدَهُمْ قَاصِرَةٌ عَلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ .
قَوْلُهُ فِي ثُلُثِ إلَخْ أَخْرَجَ مَا يُوجِبُ حَقًّا فِي رَأْسِ مَالِهِ مِمَّا عَقَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ .
وَقَوْلُهُ : يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ أَخْرَجَ تَبَرُّعَ الزَّوْجَةِ بِثُلُثِ مَالِهَا ؛ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى مَوْتِهَا .
قَوْلُهُ أَوْ نِيَابَةً عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَقًّا ، أَوْ تَنْوِيعِيَّةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ الْوَصِيَّةُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ نَوْعَانِ ، أَحَدُهُمَا عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ يَلْزَمُهُ بِمَوْتِهِ ، وَالثَّانِي عَقْدٌ يُوجِبُ نِيَابَةً عَنْ عَاقِدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَوْرَدَ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْوَصِيَّةَ بِدَيْنٍ لِوُجُوبِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لَا تُوجِبُهُ الْوَصِيَّةُ ، بَلْ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ ، فَالْعَقْدُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ إقْرَارٌ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِهِ لَا وَصِيَّةً مُتَوَقِّفٌ لُزُومُهَا عَلَى مَوْتِهِ .
الْحَطّ لَا خَفَاءَ فِي صِدْقِهِ عَلَى التَّدْبِيرِ .
أَحْمَدُ بَابَا لَا خَفَاءَ فِي عَدَمِ صِدْقِهِ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ بِقَوْلِهِ : يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ لِلُزُومِهِ بِإِنْشَائِهِ وَنَحْوِهِ لِلرَّمَاصِيِّ وَالرَّصَّاعِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قِيلَ : التَّدْبِيرُ لَا يَلْزَمُ بِإِنْشَائِهِ ، وَإِلَّا فَلَا يُبْطِلُهُ الدَّيْنُ ، وَإِنَّمَا الْمَمْنُوعُ مِنْهُ الرُّجُوعُ ، فَالصَّوَابُ مَا لِلْحَطِّ قُلْت : بَلْ الصَّوَابُ مَا لِلْجَمَاعَةِ ، وَإِبْطَالُهُ الدَّيْنَ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ لُزُومِهِ ، إنَّمَا هُوَ لِفَقْدِ الثُّلُثِ الَّذِي يَلْزَمُ فِيهِ وَيَدُلُّ عَلَى لُزُومِهِ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُهُ فِي الْحَيَاةِ إلَّا مَا يُبْطِلُ الْعِتْقَ النَّاجِزَ ، وَهُوَ الدَّيْنُ السَّابِقُ ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : لَا يَلْزَمُ ، وَإِنَّمَا الْمَمْنُوعُ الرُّجُوعُ عَنْهُ تَنَاقُضٌ لَا يَخْفَى .
( صَحَّ إيصَاءُ حُرٍّ ) فَلَا يَصِحُّ

إيصَاءُ رِقٍّ ، وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ ، وَهَذَا بَيَانٌ لِحُكْمِهِ بَعْدَ نُزُولِهِ ، وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ .
اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ حُكْمُهُ الْوُجُوبُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَنَحْوُهُ ، وَالنَّدْبُ ، وَإِنْ كَانَ بِقُرْبَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ ، وَالْحُرْمَةُ إنْ كَانَ بِنَحْوِ النِّيَاحَةِ وَالْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ بِمَكْرُوهٍ أَوْ فِي قَلِيلِ مَالٍ ، وَالْإِبَاحَةُ إنْ كَانَ بِمُبَاحٍ عَبْدُ الْحَقِّ هُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ وَاجِبٌ وَمُسْتَحَبٌّ ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ حَقٌّ وَجَبَ ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ ، وَنَحْوُهُ لِلْمَازِرِيِّ وَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ .
وَفِي ضَيْح : إنَّمَا يَجِبُ فِيمَا لَهُ بَالٌ ، وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ .
وَأَمَّا يَسِيرُهَا فَلَا يَجِبُ الْإِيصَاءُ بِهِ لِلْمَشَقَّةِ ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ { مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ ، وَفِي رِوَايَةٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ } فَخَصَّهُ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ بِالْمَوْعُوكِ .
ابْنُ رُشْدٍ الصَّوَابُ عُمُومُهُ الصَّحِيحَ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَفْجَؤُهُ الْمَوْتُ ، وَإِنْفَاذُ مَا عَدَا الْمُحَرَّمَ لَازِمٌ .
وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إنْفَاذُهُ يَجْرِي عَلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ مُرَادُهُ بِهِ إنْفَاذُهُ مِنْ الْمُوصِي قَبْلَ مَوْتِهِ .
( مُمَيِّزٍ ) بِكَسْرِ الْيَاءِ مُثَقَّلًا فَلَا يَصِحُّ إيصَاءُ غَيْرِ مُمَيِّزٍ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ .
ابْنُ شَاسٍ تَصِحُّ مِنْ كُلِّ حُرٍّ مُمَيِّزٍ ، وَلَا تَصِحُّ مِنْ الْعَبْدِ وَلَا مِنْ الْمَجْنُونِ ( مَالِكٍ ) لِلْمُوصَى بِهِ فَلَا يَصِحُّ بِمَالِ الْغَيْرِ فُضُولِيًّا أَوْ مُسْتَفْرِقَ الذِّمَّةِ بِالتَّبَعَاتِ .
إنْ كَانَ رَشِيدًا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا ) ابْنُ عَرَفَةَ تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْحُرِّ الْمَالِكِ التَّامِّ مِلْكُهُ .
فِيهَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالسَّفِيهِ وَالْمُصَابِ حَالَ إفَاقَتِهِ لَا حَالَ خَبَلِهِ ، وَتَجُوزُ وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ ، وَأَقَلَّ مِنْهَا مِمَّا يُقَارِبُهَا إذَا أَصَابَ وَجْهَ

الْوَصِيَّةِ ، وَذَلِكَ أَنْ لَا تَكُونَ فِي اخْتِلَاطٍ .
الْبَاجِيَّ فِي الْمَدَنِيَّةِ عِيسَى رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ تَجُوزُ وَصِيَّةُ الْيَافِعِ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً .
مُحَمَّدٌ أَجَازَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَصِيَّةَ مَنْ يَعْقِلُ مَا أَوْصَى بِهِ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ وَشَبَهُهُ .
أَصْبَغُ تَجُوزُ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ إذَا عَقَلَ مَا يَفْعَلُ .
اللَّخْمِيُّ عَنْهُ تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ إذَا عَقَلَ الصَّلَاةَ .
وَلِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ إذَا أَثْغَرَ وَأُدِّبَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالصِّبْيَانُ يَخْتَلِفُ إدْرَاكُهُمْ وَتَمْيِيزُهُمْ ، فَمَنْ عُلِمَ تَمْيِيزُهُ جَازَتْ وَصِيَّتُهُ فِيمَا هِيَ قُرْبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ صِلَةُ رَحِمٍ ، وَإِنْ جَعَلَهَا لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهَا فِي مَنْهِيٍّ عَنْهُ رُدَّتْ .
( وَهَلْ ) تَصِحُّ وَصِيَّةُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ ( إنْ لَمْ تَتَنَاقَضْ ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِقُرْبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى كَإِيصَائِهِ بِمَالٍ لِغَنِيٍّ أَجْنَبِيٍّ ، وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ ( أَوْ ) تَصِحُّ إنْ ( أَوْصَى ) الصَّغِيرُ ( بِقُرْبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى ) وَمِنْهَا صِلَةُ الرَّحِمِ بِأَنْ أَوْصَى بِمَالٍ لِمِسْكِينٍ قَرِيبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرٍ قُرْبَةً ، وَإِنْ لَمْ تَتَنَاقَضْ ، وَهَذَا تَأْوِيلُ اللَّخْمِيِّ ، فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) لِقَوْلِهَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِمَّا يُقَارِبُهَا إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ اخْتِلَاطٌ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : الْبُنَانِيُّ الْأَوْلَى إنْ لَمْ يَخْلِطْ بَدَلَ إنْ لَمْ تَتَنَاقَضْ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ أَخَصُّ مِنْ التَّخْلِيطِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَخَصِّ نَفْيُ الْأَعَمِّ وَالتَّخْلِيطُ أَنْ لَا يَكُونَ لِكَلَامِهِ مَحْصُولٌ ، وَأَيْضًا إذَا قَالَ : أَعْطُوا فُلَانًا ثُمَّ قَالَ : لَا تُعْطُوهُ فَهُوَ تَنَاقُضٌ ، فَهُوَ غَيْرُ مَطْرُوحٍ .
الثَّانِي : ابْنُ مَرْزُوقٍ قَوْلُهُ : أَوْ بِقُرْبَةٍ ، هَذَا وَإِنْ ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ

قَصَدَ بِهِ تَفْسِيرَ كَلَامِهَا ، وَإِنَّمَا هُوَ رَأْيٌ لَهُ ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْقُرْبَةِ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ بِدَلِيلِ مُقَابِلَتِهَا بِهَا ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ .
الثَّالِثُ : مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ قَوْلُهَا إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْأُمَّهَاتِ .
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ : مَا مَعْنَى أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ ، قَالَ : إذَا لَمْ يَكُنْ فِي وَصِيَّتِهِ اخْتِلَاطٌ ، نَقَلَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَكَافِرًا ، إلَّا بِكَخَمْرٍ لِمُسْلِمٍ ، لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ ، كَمَنْ سَيَكُونُ ، إنْ اسْتَهَلَّ ، وَوُزِّعَ لِعَدَدِهِ

وَيَصِحُّ إيصَاءُ الْحُرِّ الْمُمَيِّزِ الْمَالِكِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا ، بَلْ ( وَ ) لَوْ كَانَ ( كَافِرًا ) فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) إيصَاءَهُ ( بِكَخَمْرٍ ) وَخِنْزِيرٍ ( لِمُسْلِمٍ ) فَلَا يَصِحُّ لَهُ تَمَلُّكُهُمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ : وَالْكَافِرُ تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ إلَّا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لِمُسْلِمٍ وَاضِحٌ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مِنْ مَالِكٍ تَامٍّ مِلْكُهُ ، وَيَصِحُّ إيصَاءُ حُرٍّ مُمَيِّزٍ مَالِكٍ ( لِمَنْ ) أَيْ آدَمِيٍّ ( يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى بِهِ شَرْعًا ، فَلَا تَصِحُّ لِكَافِرٍ بِمُصْحَفٍ وَرَقِيقٍ مُسْلِمٍ ، وَلَا لِمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ ، وَلَا لِبَهِيمَةٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا لِآدَمِيٍّ ، وَلَا فَرْقَ فِيمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ بَيْنَ كَوْنِهِ عَامًّا كَالْمَسَاكِينِ أَوْ خَاصًّا كَزَيْدٍ وَلَا بَيْنَ مَنْ يَمْلِكُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَسْجِدٍ وَرِبَاطٍ وَقَنْطَرَةٍ وَخَيْلِ جِهَادٍ وَنَعَمٍ مُحْبَسٍ لِنَسْلِهِ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا عَاقِلًا أَوْ مَجْنُونًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا مَوْجُودًا أَوْ غَيْرَ مَوْجُودٍ ( كَمَنْ سَيَكُونُ ) مِنْ حَمْلٍ ثَابِتٍ أَوْ سَيُوجَدُ بَعْضُهُمْ ، هَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ فَيُوقَفُ إلَى وَضْعِهِ فَيَسْتَحِقُّهُ ( إنْ اسْتَهَلَّ ) أَيْ صَرَخَ عَقِبَ وِلَادَتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ بَطَلَتْ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَوْصَى لِحَمْلِ امْرَأَةٍ فَأَسْقَطَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا .
ا هـ .
وَمِثْلُ اسْتِهْلَالِهِ رَضَاعُهُ كَثِيرًا وَنَحْوُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ ، فَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَيَاةً غَيْرَ قَارَّةٍ فَلَا يَسْتَحِقُّهَا وَتُرَدُّ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي .
( وَ ) إنْ أَوْصَى لِحَمْلِ امْرَأَةٍ فَوَضَعَتْ أَوْلَادًا صَارِخِينَ ( وُزِّعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ قُسِّمَ الْمُوصَى بِهِ ( لِعَدَدِهِ ) أَيْ عَلَى عَدَدِ الْمَوْلُودِ مِنْ الْحَمْلِ الْمُوصَى لَهُ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ ذَكَرًا وَبَعْضُهُ أُنْثَى .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِوَلَدِ فُلَانٍ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ جَازَ ،

وَيُنْتَظَرُ أَيُولَدُ لَهُ أَمْ لَا ، وَيُسَاوَى فِيهِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى .
الْخَرَشِيُّ إذَا وَضَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الْمَوْضُوعِ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْعَطَايَا ، وَهَذَا عِنْدَ إطْلَاقِهِ ، فَإِنْ كَانَ نُصَّ عَلَى التَّفْضِيلِ فَإِنَّهُ يُصَارُ لَهُ .
الْعَدَوِيُّ مِثْلُهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْمُوصَى بِهِ مِنْ جِهَةِ مَنْ وَرِثَهُ الْحَمْلُ فَيُقَسَّمُ عَلَى حَسَبِ مِيرَاثِهِ .

بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ
وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ ( بِلَفْظٍ ) يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَادَّتِهِ ( أَوْ ) بِ ( إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ ) الْإِيصَاءَ .
ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنَى الْوَصِيَّةِ فَيَدْخُلُ اللَّفْظُ وَالْكُتُبُ وَالْإِشَارَةُ ، رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ } .
ابْنُ شَاسٍ كُلُّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ قَصْدُ الْوَصِيَّةِ بِوَضْعٍ أَوْ قَرِينَةٍ يَحْصُلُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ كُلُّ لَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ يُفْهَمُ مِنْهَا قَصْدُ الْوَصِيَّةِ .
قُلْت خَرَجَ عَنْهُمَا الْكُتُبُ .
الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ لَوْ قَرَءُوهَا وَقَالُوا : نَشْهَدُ بِمَا فِيهَا إنَّهَا وَصِيَّتُك ، فَقَالَ : نَعَمْ ، أَوْ قَالَ بِرَأْسِهِ : نَعَمْ ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ .

وَقَبُولُ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ بَعْدَ الْمَوْتِ ؛ فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ
( وَقَبُولُ ) الْمُوصَى لَهُ ( الْمُعَيَّنِ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ مُثَقَّلًا ( شَرْطٌ ) فِي وُجُوبِ تَنْفِيذِهَا لَهُ وَالْمُعْتَبَرُ قَبُولُهُ ( بَعْدَ الْمَوْتِ ) لِلْمُوصِي وَاحْتَرَزَ بِالْمُعَيَّنِ عَنْ غَيْرِهِ كَالْمَسَاكِينِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُمْ ، وَيَبْعُدُ الْمَوْتُ عَنْ قَبُولِهِ قَبْلَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ ، وَلِلْمُوصِي الرُّجُوعُ عَنْ إيصَائِهِ بَعْدَهُ ، وَلَا يُشْتَرَطُ فَوْرِيَّةُ الْقَبُولِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ .
ابْنُ شَاسٍ إنْ أَوْصَى لِمَنْ لَا يَتَعَيَّنُ فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ قَبُولُ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ ( فَالْمِلْكُ ) عَلَى الْمُوصَى بِهِ ( لَهُ ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ ( بِ ) مُجَرَّدِ حُصُولِ ( الْمَوْتِ ) لِلْمُوصِي ، وَقَبُولُهُ بَعْدَهُ كَاشِفٌ لَهُ فَالْغَلَّةُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ لِلْمُوصَى لَهُ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ ، وَعَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِالْأَصَحِّ .
ابْنُ شَاسٍ إذَا مَاتَ الْمُوصَى كَانَ الْمُوصَى بِهِ مَوْقُوفًا ، فَإِنْ قَبِلَهُ الْمُوصَى لَهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَيْنَ الْمُوصَى بِهَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِمَوْتِ الْمُوصِي ، وَإِنْ رَدَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ عَلَى مِلْكِ الْمُوصِي .

وَقُوِّمَ بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ بَعْدَهُ

( وَقُوِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمُوصَى بِهِ ( بِغَلَّةٍ ) كَأُجْرَةِ عَمَلِ رَقِيقٍ أَوْ بَهِيمٍ وَلَبَنِهِ وَصُوفِهِ وَنَسْلِهِ وَثَمَرِ شَجَرٍ وَكِرَاءِ عَقَارٍ ( حَصَلَتْ ) الْغَلَّةُ ( بَعْدَهُ ) أَيْ مَوْتِ الْمُوصِي عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ .
سَحْنُونٌ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ .
وَلِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِلَا غَلَّةٍ وَأَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمَوْتِ الْمُوصِي فَالْغَلَّةُ بَعْدَهُ ، وَقَبْلَ يَوْمِ النُّفُوذِ كُلُّهَا لِلْمُوصَى لَهُ ، وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ هَذَا الْخِلَافَ قَالَ : يَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمِلْكِ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ الْوَاجِبَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ النُّفُوذِ وَكَإِيصَائِهِ لَهُ بِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ فَأَوْلَدَهَا ثُمَّ عَلِمَ فَقَبِلَهَا فَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِهَذَا الْوَلَدِ أَمْ لَا ، وَكَذَا حُكْمُ مَا اسْتَفَادَتْهُ الْأَمَةُ أَوْ الْعَبْدُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ مَالٍ ، وَحُكْمُ الْوَلَدِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَحُكْمُ ثَمَرِ النَّخْلِ وَالْبَسَاتِينِ الْحَادِثِ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَكَذَا أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا ، فَفِي الْجَوَاهِرِ اُخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ التَّقْوِيمِ فَقِيلَ الْأُصُولُ بِلَا غَلَّاتٍ ، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ اتَّبَعَهَا ، وَلَا تُقَوَّمُ الْغَلَّاتُ ، وَقِيلَ : تُقَوَّمُ الْأُصُولُ بِغَلَّاتِهَا .
التُّونُسِيُّ وَهَذَا أَشْبَهَ فِي النَّظَرِ ، وَذَلِكَ أَنَّ نَمَاءَ الرَّقِيقِ وَالْبَهِيمِ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى هَيْئَتِهِ يَوْمَ تَقْوِيمِهِ ، وَكَذَا وَلَدُ الْأَمَةِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ اخْتِلَافٌ أَنَّهُ يُقَوَّمُ مَعَهَا كَنَمَاءِ أَعْضَائِهَا ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تُقَوَّمَ الْغَلَّةُ مَعَ الرَّقَبَةِ ؛ لِأَنَّهَا كَنَمَاءِ الْمُوصَى بِهِ ، وَفِيهَا مَا أَثْمَرَ بَعْدَ الْمَوْتِ يُقَوَّمُ مَعَ الْأُصُولِ فِي الثُّلُثِ ، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ بِثَمَرِهِ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لِلْمُوصَى لَهُ ، وَإِنْ حَمَلَ نِصْفَهُ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ النَّخْلِ وَنِصْفُ الثَّمَرَةِ .

رِقٌّ لِإِذْنٍ فِي قَبُولِهِ كَإِيصَائِهِ بِعِتْقِهِ
( وَلَمْ يَحْتَجْ رِقٌّ ) أَيْ رَقِيقٌ مُوصًى لِي بِمَالٍ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهِ ( لِإِذْنٍ ) مِنْ سَيِّدِهِ ( فِي قَبُولِهِ ) لِلْمَالِ الْمُوصَى بِهِ لَهُ فَلَهُ قَبُولُهُ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ ، وَلِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ غَرَضَ الْمُوصِي التَّوْسِعَةُ عَلَى الرَّقِيقِ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِلْإِذْنِ فَقَالَ ( كَإِيصَاءٍ بِعِتْقِهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ فَلَا يَحْتَاجُ تَنْفِيذُهُ لِقَبُولِهِ فَيُعْتَقُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ ، سَوَاءٌ كَانَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ الرَّقِيقُ .
مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَلَمْ يَقْبَلْ فَلَا قَوْلَ لَهُ ، وَهُوَ حُرٌّ .
وَفِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَلَمْ يَقْبَلْ فَلَا قَوْلَ لَهُ ، وَيَعْتِقُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَ مِنْهُ .

وَخُيِّرَتْ جَارِيَةُ الْوَطْءِ ، وَلَهَا الِانْتِقَالُ

( وَخُيِّرَتْ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلَةً فِي قَبُولِ عِتْقِهَا وَرَدِّهِ ( جَارِيَةُ الْوَطْءِ ) أَيْ الرَّائِعَةُ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ تُقْتَنَى لَهُ الَّتِي أَوْصَى سَيِّدُهَا بِعِتْقِهَا فَتُخَيَّرُ بَيْنَ رِضَاهَا بِإِعْتَاقِهَا وَرِضَاهَا بِعَدَمِهِ وَبَقَائِهَا رَقِيقَةً ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ ضَيَاعُهَا بِهِ ؛ إذْ لَا تَجِدُ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَلَا تَسْتَطِيعُ الِاكْتِسَابَ لِرِقَّتِهَا .
( وَ ) إنْ اخْتَارَتْ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ فَ ( لَهَا الِانْتِقَالُ ) عَنْهُ وَاخْتِيَارُ الْأَمْرِ الْآخَرِ مَا لَمْ يَنْفُذْ فِيهَا مَا اخْتَارَتْهُ أَوَّلًا ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ .
" غ " لَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَوْصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ ، وَعَلَى الصَّوَابِ نَقَلَهُ عَنْهَا ابْنُ الْحَاجِبِ .
طفي فَرَضَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُوصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ .
اللَّخْمِيُّ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَأَمَّا إنْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا ، وَسَوَّى أَصْبَغُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فِي الْخِيَارِ فَحَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَتَرَكَ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي ، وَتَبِعَ تت الشَّارِحَ ، لَكِنَّ الشَّارِحَ صَرَّحَ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ، قَالَ : لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا فِيمَنْ أَوْصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ ، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّ كَلَامَهُ فِي ضَيْح يُفِيدُ أَنَّ حُكْمَهُمَا مُخْتَلِفٌ ؛ لِأَنَّهُ حَكَى مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا تُخَيَّرُ ، وَعَنْ غَيْرِهَا أَنَّهَا لَا تُخَيَّرُ ، وَإِلَّا كَانَتْ رَائِعَةً وَتُبَاعُ لِلْعِتْقِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ يَشْتَرِيهَا بِنَقْصِ ثُلُثِ ثَمَنِهَا .
قَالَ : وَقَالَ أَصْبَغُ : لَهَا الْخِيَارُ فِي هَذِهِ ، وَفِيمَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهَا فَظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَ أَصْبَغَ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ا هـ تت فِي كَبِيرِهِ .
الْبِسَاطِيُّ أَصْبَغُ : لَهَا الْخِيَارُ كَمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا .
تت إذَا كَانَ لَهَا الْخِيَارُ إذَا أَوْصَى

بِعِتْقِهَا كَانَ لَهَا الْخِيَارُ إذَا أَوْصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ بِالْأَحْرَى ، وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِ مَسْأَلَةِ أَصْبَغَ عَنْ ذِكْرِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَأَفَادَ حُكْمَهُمَا ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ " غ " مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ مُقَيَّدٌ بِإِيصَائِهِ بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ ، وَعَلَى الصَّوَابِ نَقَلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ .
طفي هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ ؛ إذْ مَذْهَبُ أَصْبَغَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ، فَكَيْفَ يَنْدَفِعُ بِهِ كَلَامِ " غ " الَّذِي هُوَ الصَّوَابُ .

وَصَحَّ لِعَبْدٍ وَارِثُهُ ، إنْ اتَّحَدَ ، أَوْ بِتَافِهٍ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ

( وَ ) صَحَّ الْإِيصَاءُ ( لِعَبْدِ وَارِثِهِ ) أَيْ الْمُوصِي وَلَوْ بِكَثِيرٍ ( إنْ اتَّحَدَ ) وَارِثُهُ أَيْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ ؛ إذْ الْوَصِيَّةُ لَهُ جَائِزَةٌ فَكَذَا لِعَبْدِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهَا مِنْ عَبْدِهِ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ لِلْوَصِيَّةِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ ( أَوْ ) لَمْ يَتَّحِدْ وَارِثُهُ وَأَوْصَى لِعَبْدِ بَعْضِهِمْ ( بِتَافِهٍ ) لَا تَلْتَفِتُ النُّفُوسُ إلَيْهِ ( أُرِيدَ ) بِفَتْحِ الدَّالِ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِنَائِبِ الْفَاعِلِ ( بِهِ ) أَيْ التَّافِهِ ( الْعَبْدُ ) وَمَفْهُومُ بِتَافِهٍ أَنَّهُ إنْ أَوْصَى لَهُ بِمَا لَهُ بَالٌ لَا تَصِحُّ ، وَمَفْهُومُ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ أَنَّهُ إنْ أَوْصَى لَهُ بِتَافِهٍ أُرِيدَ بِهِ وَارِثُهُ لَا تَصِحُّ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : تت تَنْكِيتٌ فِي قَوْلِهِ لِعَبْدِ وَارِثِهِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ مَنْ لَا شَائِبَةَ فِيهِ خَرَجَ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ ، وَإِنْ أَرَادَ وَلَوْ بِشَائِبَةٍ دَخَلَا ، وَالْمَنْقُولُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يَجُوزُ الْإِيصَاءُ لَهُ بِالْكَثِيرِ ، وَيَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ .
طفي اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِالْإِجْمَالِ فَوَقَعَ فِيهِ ؛ إذْ الْمَنْقُولُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِيصَاءُ لِلْمُكَاتَبِ إلَّا إذَا كَانَ مَلِيًّا قَادِرًا عَلَى الْأَدَاءِ .
ابْنُ عَرَفَةَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ تَجُوزُ لِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ بِالتَّافِهِ لَا بِالْكَثِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَلِيًّا قَادِرًا عَلَى الْأَدَاءِ ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ إلَّا بِهَا ، وَهُوَ أَفْضَلُ لِسَيِّدِهِ فَلَا تَجُوزُ ، وَإِنْ كَانَ عَجْزُهُ أَفْضَلَ لَهُ جَازَتْ اللَّخْمِيُّ جَوَازُهَا مُطْلَقًا أَحْسَنُ ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا خُرُوجُ الْمُكَاتَبِ مِنْ الرِّقِّ ، وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فَلَا تَجُوزُ لَهُ بِالْكَثِيرِ وَإِنْ مَرِضَ سَيِّدُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ .
الثَّانِي : جَعَلَ الشَّارِحُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِعَبْدِ وَارِثِهِ الْمُتَعَدِّدِ شَرْطَيْنِ : أَنْ يَكُونَ تَافِهًا ، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ الْعَبْدُ ، فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ جَعَلَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ أَوْ بِتَافِهٍ قَسِيمًا لِقَوْلِهِ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ ، وَلَمْ أَرَ

لَهُ سَنَدًا فِي ذَلِكَ وَلَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ .
طفي اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ صَحِيحٌ ؛ إذْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْعَبْدُ لَا أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الْعَبْدَ ؛ وَلِذَا حَادَ تت عَنْ جَعْلِهِ شَرْطًا .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ : لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِ وَارِثِهِ إلَّا بِالتَّافِهِ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مَا يُرِيدُ بِهِ نَاحِيَةَ الْعَبْدِ لَا نَفْعَ سَيِّدِهِ كَعَبْدِ خِدْمَةٍ وَنَحْوِهِ ا هـ .
وَإِنْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ : هُوَ تَقْيِيدٌ حَسَنٌ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ تَافِهًا أُرِيدَ بِهِ السَّيِّدُ فَلَا يَجُوزُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مِمَّا يُرَادُ بِهِ نَاحِيَةُ الْعَبْدِ وَاعْتَمَدَ " ج " كَلَامَ ابْنِ مَرْزُوقٍ فَجَعَلَهُ قَيْدًا ثَانِيًا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلِمَسْجِدٍ ، وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ
( وَ ) صَحَّ الْإِيصَاءُ ( لِمَسْجِدٍ ) نَكَّرَهُ لِيَعُمَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ .
الشَّارِحُ لَمَّا كَانَ هَذَا كَالْمُنَاقِضِ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ وَكَانَ الْمَسْجِدُ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيهِ قَالَ ( وَصُرِفَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لِمُوصًى بِهِ فِي مَصَالِحِهِ ) أَيْ الْمَسْجِدِ كَوُقُودِهِ وَعِمَارَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ النَّاسِ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ ، وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى مَسْجِدٍ لِيَشْمَلَ كَلَامُهُ الرِّبَاطَ وَالسُّورَ وَالْقَنْطَرَةَ لَكَانَ أَحْسَنَ .
ابْنُ رُشْدٍ الْوَاجِبُ تَقْدِيمُ بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ وَرَمِّهِ عَلَى أَجْرِ أَئِمَّتِهِ وَقَوَمَتِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمَسْجِدِ وَالْقَنْطَرَةِ وَشَبَهِهِمَا لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الصَّرْفِ فِي مَصَالِحِهِمَا .
عب لَعَلَّ قَوْلَهُ وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ إذَا اقْتَضَى الْعُرْفُ ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَضَى أَنَّ الْقَصْدَ الصَّرْفُ لِمُجَاوِرِيهِ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ صُرِفَ لَهُمْ لَا لِمَرَمَّتِهِ وَحُصُرِهِ وَنَحْوِهِمَا .
الْعَدَوِيُّ إذَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الصَّرْفُ فِي مَصَالِحِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ : قَوْلُهُ : صُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ مَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِالصَّرْفِ لِمُجَاوِرِيهِ كَالْأَزْهَرِ وَإِلَّا صُرِفَ لَهُمْ .

وَلِمَيِّتٍ عَلِمَ بِمَوْتِهِ ، فَفِي دَيْنِهِ أَوْ وَارِثِهِ
( وَ ) صَحَّ الْإِيصَاءُ ( لِمَيِّتٍ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَصُرِفَ الْمُوصَى بِهِ ( فِي دَيْنِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ الْمُوصَى لَهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ ( أَوْ وَارِثِهِ ) إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ لَهُ وَيَكُونُ الْمُوصَى بِهِ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ : مَنْ أَوْصَى لِمَيِّتٍ عَالِمًا مَوْتَهُ فَهِيَ لِوَرَثَتِهِ وَلِدَيْنٍ عَلَيْهِ .
الشَّيْخُ هَذَا إنْ جَهِلَ شَأْنَ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لِزَكَاةٍ فَرَّطَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ فِيهَا وَلَا لِدَيْنٍ عَلَيْهِ وَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا فِي وَجْهِ الزَّكَاةِ كَمَنْ أَوْصَى بِزَكَاةٍ لِمَنْ ظَنَّهُمْ فُقَرَاءَ ، وَهُمْ أَغْنِيَاءُ .
وَعَنْ مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ ، وَلَيْسَ فِيهَا لِوَارِثٍ وَلَا غَرِيمٍ شَيْءٌ .
ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِمَيِّتٍ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ فَتُصْرَفُ فِي دَيْنِهِ أَوْ كَفَّارَتِهِ وَإِلَّا فَلِوَرَثَتِهِ ، وَقَبِلَهُ ابْنُ هَارُونَ وَفِيهَا وَصِيَّتُهُ لِمَيِّتٍ ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَوْتَهُ بَاطِلَةٌ ، وَإِنْ عَلِمَ مَوْتَهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ نَفَذَتْ لِوَرَثَةٍ لَهُ ، وَقُضِيَ بِهَا دَيْنُهُ .

وَلِذِمِّيٍّ
( وَ ) صَحَّ إيصَاءُ ( الذِّمِّيِّ ) بِمَا يَمْلِكُهُ شَرْعًا كَثَوْبٍ وَعَيْنٍ وَعَقَارٍ وَعَرَضٍ وَبَهِيمَةٍ وَرَقِيقٍ بَالِغٍ عَلَى دِينِهِ لَا بِمَا لَا يَمْلِكُهُ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَمُصْحَفٍ وَرَقِيقٍ مُسْلِمٍ أَوْ صَغِيرٍ أَوْ بَالِغٍ عَلَى غَيْرِ دِينِهِ .
رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ جَائِزَةٌ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا .
أَصْبَغُ تَجُوزُ لِذِمِّيٍّ وَلَا تَجُوزُ لِحَرْبِيٍّ ؛ لِأَنَّهَا تَقْوِيَةٌ لَهُ ، وَتَرْجِعُ مِيرَاثًا لَا صَدَقَةً .
عَبْدُ الْوَهَّابِ تَجُوزُ لِلْمُشْرِكِينَ ، وَلَوْ أَهْلَ حَرْبٍ ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ مَنْ نَذَرَ صَدَقَةً عَلَى كَافِرٍ لَزِمَهُ .
وَفِي الْمَجْمُوعَةِ مَنْ أَوْصَى لِبَعْضِ أَهْلِ الْحَرْبِ ، وَقَالَ : إذَا أُجِيزَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ لِلسَّبِيلِ فَلَا يَجُوزُ فِي سَبِيلٍ ، وَلَا فِي غَيْرِهِ ، وَيُورَثُ ، وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ إطْلَاقَ قَوْلِ أَشْهَبَ بِجَوَازِهَا لِلذِّمِّيِّ بِكَوْنِهِ ذَا سَبَبٍ كَجِوَارٍ أَوْ يَدٍ سَبَقَتْ أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .

وَقَاتِلٍ عَلِمَ الْمُوصِي بِالسَّبَبِ ، وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ
( وَ ) صَحَّ إيصَاءٌ ( لِ ) شَخْصٍ ( قَاتِلٍ ) الْمُوصِيَ إذَا ( عَلِمَ ) الْمُوصِي ( بِ ) أَنَّ ( السَّبَبَ ) لِمَوْتِهِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ الَّذِي ضَرَبَهُ أَوْ جَرَحَهُ مَثَلًا وَأَوْصَى لَهُ .
وَفِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ بِالسَّبَبِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ بِذِي أَوْ عَلَى حَذْفِ مَعْطُوفٍ ، أَيْ وَصَاحِبِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ عِلْمَهُ بِنَفْسِ السَّبَبِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إذَا أَوْصَى لَهُ بَعْدَ ضَرْبِهِ ، وَعَلِمَ بِهِ فَإِنْ كَانَ خَطَأً جَازَتْ وَصِيَّتُهُ فِي مَالِهِ وَدِيَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا جَازَتْ فِي مَالِهِ دُونَ دِيَتِهِ لِأَنَّهَا مَالٌ لَمْ يَعْلَمْهُ اللَّخْمِيُّ مُحَمَّدٌ فِي الْخَطَأِ هِيَ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ .
قَالَ : وَإِنْ أَوْصَى بَعْدَ الْجِنَايَةِ ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَاتِلُهُ ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : لَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَاتِلُهُ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ لَهُ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ هِيَ نَافِذَةٌ لَهُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوصِي بِالسَّبَبِ وَقَالَ أَعْطُوا فُلَانًا كَذَا ، وَكَانَ فُلَانٌ قَاتِلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْهُ ( فَتَأْوِيلَانِ ) فِي صِحَّةِ وَصِيَّتِهِ لَهُ وَبُطْلَانِهَا .
فِي التَّوْضِيحِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَمَفْهُومُ الْمُدَوَّنَةِ الْبُطْلَانُ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ : تَصِحُّ لِأَنَّهَا بَعْدَ الضَّرْبِ فَلَا يُتَّهَمُ عَلَى الِاسْتِعْجَالِ ، وَحَمَلَ اللَّخْمِيُّ ، وَغَيْرُهُ قَوْلَهُ عَلَى الْخِلَافِ ، وَحَمَلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وغ وَغَيْرُهُ عَلَى الْوِفَاقِ وَهَذَا أَمْرٌ أَدَّاهُ بِالتَّأْوِيلَيْنِ ، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ : لَا أَدْرِي مَعْنَى التَّأْوِيلَيْنِ هُنَا .

وَبَطَلَتْ بِرِدَّتِهِ
( وَبَطَلَتْ ) الْوَصِيَّةُ ( بِرِدَّةٍ ) ظَاهِرُهُ مِنْ الْمُوصِي أَوْ الْمُوصَى لَهُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَنَكَّرَهُ الْمُصَنِّفُ لِيَعُمَّهُمَا كَمَا فِي الْخِصَالِ الْمَحْمُودَةِ وَالْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا بُطْلَانُهَا وَلَوْ رَجَعَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ ، وَقَالَ أَصْبَغُ : إنْ رَجَعَ لَهُ وَهِيَ مَكْتُوبَةٌ جَازَتْ وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ ، وَقَيَّدَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمَوْتِهِ عَلَى رِدَّتِهِ ، وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهَا إذَا قُتِلَ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ بَطَلَتْ وَصَايَاهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ وَبَعْدَهَا .

وَإِيصَاءٍ بِمَعْصِيَةٍ ،
( وَ ) بَطَلَتْ بِ ( إيصَاءٍ بِمَعْصِيَةٍ ) كَمَالٍ لِمَنْ يَشْتَرِي خَمْرًا يَشْرَبُهَا أَوْ لِمَنْ يَقْتُلُ مَعْصُومًا أَوْ لِمَنْ يَنُوحُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمُوصَى بِهِ كُلُّ مَا يُمْلَكُ مِنْ حَيْثُ الْوَصِيَّةُ بِهِ ، فَتَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ بِالْخَمْرِ وَبِالْمَالِ فِيمَا لَا يَحِلُّ صَرْفُهُ فِيهِ ، وَسَمِعَ عِيسَى جَوَابَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَمَّنْ أَوْصَى بِنِيَاحَةِ مَيِّتٍ أَوْ لَهْوِ عُرْسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَا يَنْفُذُ ذَلِكَ مِثْلَ الْكِبَرِ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ النِّيَاحَةَ عَلَى الْمَيِّتِ مُحَرَّمَةٌ ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ : مَنْ أَوْصَى بِمَالٍ لِمَنْ يَصُومُ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ .
ابْنُ عَتَّابٍ وَكَذَلِكَ لِمَنْ يُصَلِّي عَنْهُ بِخِلَافِ مَنْ عَهِدَتْ عَهْدًا لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهَا فَهُوَ نَافِذٌ كَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ ، وَهُوَ رَأْيِ شُيُوخِنَا .
قَالَ وَكَذَلِكَ رَأَى إنْفَاذَ الْوَصِيَّةِ بِضَرْبِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِهَا .
ابْنُ مَرْزُوقٍ الْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ بِإِيصَائِهِ بِبِنَاءِ قُبَّةٍ عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ بِإِقَامَةِ لَيْلَةِ الْمَوْلِدِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالنَّظَرِ لِلْمُحَرَّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَنَاكِرِ ، وَكَأَنْ يُوصِيَ بِكَتْبِ جَوَابِ سُؤَالِ الْقَبْرِ وَجَعْلِهِ فِي كَفَنِهِ أَوْ قَبْرِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ فِي صَوَانِيِ نُحَاسٍ وَيُجْعَلَ فِي جِدَارِ الْقَبْرِ لِتَنَالَهُ بَرَكَتُهُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ .

وَلِوَارِثٍ : كَغَيْرِهِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ

( وَ ) بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ ( لِوَارِثٍ ) لِخَبَرِ { إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ } ، وَفِي الْمُوَطَّإِ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ تُجِيزَهَا وَرَثَتُهُ ، وَإِنْ أَجَازَ لَهُ بَعْضُهُمْ جَازَ لَهُ حَقُّ مَنْ أَجَازَ وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثَ صُوَرٍ : إيصَاؤُهُ لِجَمِيعِ وَرَثَتِهِ بِمَا يُخَالِفُ حُقُوقَهُمْ ، وَإِيصَاؤُهُ لِبَعْضِهِمْ فَقَطْ ، وَإِيصَاؤُهُ لِجَمِيعِهِمْ بِمَا يُوَافِقُ حُقُوقَهُمْ ، وَالْبُطْلَانُ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ : مَعْنَى بُطْلَانِهِ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ ( كَ ) وَصِيَّةٍ ( لِغَيْرِهِ ) أَيْ الْوَارِثِ ( بِزَائِدِ الثُّلُثِ ) وَتُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ ( يَوْمَ التَّنْفِيذِ ) لِلْوَصِيَّةِ لَا يَوْمَ الْمَوْتِ .
ابْنُ عَرَفَةَ نُصُوصُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاضِحَةٌ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ ثُلُثُ مَالِهِ يَوْمَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ لَا يَوْمَ مَوْتِهِ ، فَيَقُولُ ابْنُ الْحَاجِبِ : وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ ثُلُثَ الْمَالِ الْمَوْجُودِ يَوْمَ مَوْتِهِ وَلَوْ كَانَ الْإِيصَاءُ فِي الصِّحَّةِ خِلَافَهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ تَصِحُّ لِلْوَارِثِ ، وَتُوقَفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ كَزَائِدِ الثُّلُثِ لِغَيْرِهِ ، وَفِي كَوْنِهَا بِالْإِجَازَةِ تَنْفِيذًا أَوْ ابْتِدَاءً عَطِيَّةً مِنْهُمْ قَوْلَانِ .
تت قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ وَبِزَائِدٍ الثُّلُثِ صَحِيحَتَانِ مُتَوَافِقَتَانِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ .
طفي الصَّوَابُ مَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ ، كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ ، فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مُفَرَّعٌ عَلَى صِحَّتِهَا ، وَاَلَّذِي غَرَّ الْمُصَنِّفَ فِي مُخَالَفَتِهِمَا وَتَعْبِيرِهِ بِالْبُطْلَانِ الَّذِي لَمْ يُسْبَقْ بِهِ قَوْلُهُ فِي تَوْضِيحِهِ : وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا ابْتِدَاءً عَطِيَّةٌ لَا يَحْسُنُ

أَنْ يُقَالَ تَصِحُّ لِلْوَارِثِ ا هـ .
وَتَبِعَهُ تت وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِأَنَّهَا ابْتِدَاءً عَطِيَّةٌ لَيْسَتْ عِنْدَهُ عَطِيَّةٌ حَقِيقَةً ؛ إذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا سَمَّوْهَا إجَازَةً لِفِعْلِ الْمُوصِي .
وَقَدْ عَبَّرَ عِيَاضٌ بِأَنَّهَا كَالْعَطِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ بَاطِلَةً مَا عَبَّرُوا بِالْإِجَازَةِ ، إذْ الْبَاطِلُ لَا يَجُوزُ ، وَإِنَّمَا الْقَائِلُ بِالْبُطْلَانِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَجَعَلُوهُ مُقَابِلًا لِلْمَذْهَبِ .
ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُجِيزَ مَا زَادَهُ الْمُوصِي عَلَى الثُّلُثِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ ا هـ .
وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ ، قُلْت قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ } وَقَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُوَطَّئِهِ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ صَرِيحَانِ فِي بُطْلَانِهَا .
وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا لِدَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ هُنَا عَلَى صِحَّتِهَا ، وَكَفَى بِهِمَا أُسْوَةً لِلْمُصَنِّفِ ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى فَسَادِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا ، وَفِي التَّوْضِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ أُجِيزَ ، فَعَطِيَّةٌ ؛
( وَإِنْ أُجِيزَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الزَّايِ مَا أَوْصَى بِهِ لِوَارِثِهِ ، أَوْ زَائِدُ الثُّلُثِ لِغَيْرِهِ ( فَعَطِيَّةٌ ) مِنْ الْمُجِيزِ الرَّشِيدِ تَفْتَقِرُ لِلْجَوْزِ عَنْهُ قَبْلَ حُصُولِ مَانِعِهَا لَهُ .
أَبُو الْحَسَنِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ الْعَطَّارِ إنْ أَجَازَ الْوَارِثُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ كَانَ ذَلِكَ تَنْفِيذًا لِفِعْلِ الْمَيِّتِ لَا ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْ الْوَارِثِ ، وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْبَاجِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ فِعْلُ الْمَيِّتِ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يُجَازَ ، وَعَلَى الثَّانِي عَكْسُهُ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ : تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ طفي فِيهِ نَظَرٌ ؛ إذْ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ تُوقَفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْإِجَازَةِ هَلْ هِيَ عَطِيَّةٌ أَوْ تَنْفِيذٌ ، فَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْوَصِيَّةُ مَوْقُوفَةٌ وَلَا تَمْضِي إلَّا بِإِجَازَةٍ وَلَا سِيَّمَا ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ } ا هـ .
وَفِيهِ نَظَرٌ ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقُلْ : بِجَوَازِهَا عَلَى الثَّانِي ، وَلَوْ رَدَّهَا الْوَارِثُ فَهُوَ قَائِلٌ بِوَقْفِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَوْ قَالَ : إنْ لَمْ يُجِيزُوا ، فَلِلْمَسَاكِينِ ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ
وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ وَلِغَيْرِهِ بِزَائِدٍ الثُّلُثِ إنْ أَطْلَقَ ، بَلْ ( وَلَوْ قَالَ ) الْمُوصِي ( إنْ لَمْ يُجِيزُوا ) أَيْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ لِوَارِثِهِ ( فَ ) الْمُوصَى بِهِ لِلْوَارِثِ ( لِلْمَسَاكِينِ ) مَثَلًا فَلَا تَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ ( بِخِلَافِ الْعَكْسِ ) أَيْ قَوْلُهُ : الثُّلُثُ لِلْمَسَاكِينِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ لِابْنِي مَثَلًا فَهُوَ لَهُ ، فَهِيَ وَصِيَّةٌ صَحِيحَةٌ ، فَإِنْ أَجَازُوهَا لِابْنِهِ فَهِيَ لَهُ ، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْمَسَاكِينِ فِيهَا إنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِوَارِثِهِ ، وَقَالَ : إنْ لَمْ يُجِزْ بَاقِي الْوَرَثَةِ فَهُوَ فِي السَّبِيلِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ الضَّرَرِ ، وَلَوْ قَالَ : دَارِي فِي السَّبِيلِ إلَّا أَنْ يُنْفِذَهَا الْوَرَثَةُ لِابْنِي فَذَلِكَ نَافِذٌ عَلَى مَا أَوْصَى .
الْعَدَوِيُّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَعَكْسِهِ أَنَّهُ بَدَأَ فِي عَكْسِهِ بِمَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِهِ فَدَلَّ عَلَى قَصْدِهِ الْقُرْبَةَ لَا الْإِضْرَارَ ، وَفِي الْأَصْلِ بِمَا لَا يَصِحُّ فَدَلَّ عَلَى قَصْدِهِ الْإِضْرَارَ .

وَبِرُجُوعٍ فِيهَا وَإِنْ بِمَرَضٍ

( وَ ) بَطَلَتْ ( بِرُجُوعٍ ) مِنْ الْمُوصِي ( فِيهَا ) أَيْ الْوَصِيَّةِ ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ فِي صِحَّتِهِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) رَجَعَ فِيهَا ( بِمَرَضٍ ) مَاتَ مِنْهُ ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ شَرَطَ عَدَمَ رُجُوعِهِ ، فِيهَا ، وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ .
ابْنُ نَاجِي وَبِهِ الْعَمَلُ ، وَحَكَى طُلْبَةُ بْنُ عَلْوَانَ اخْتِلَافَ فَتْوَى مُتَأَخِّرِي التُّونُسِيِّينَ إذَا كَانَ شَرَطَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فِيهَا ، وَقَالَ : مَهْمَا رَجَعَ عَنْهَا كَانَ رُجُوعُهُمَا تَأْكِيدًا لَهَا ، وَلَا نَصَّ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَلَا لِمُتَقَدِّمِي أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَأَوَّلُ مَنْ نَصَّ عَلَيْهَا أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ ، وَتَبِعَهُ الْمَازِرِيُّ وَتِلْمِيذُهُ ابْنُ بَشْكَالَ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُوَثِّقُ أَفَادَهُ تت .
حُلُولُو بِالرُّجُوعِ حَكَمْت لَمَّا نَزَلَتْ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الْإِجْمَاعِ السَّابِقِ ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ ؛ إذْ لَمْ يُفَصِّلُوا ، وَصَرَّحَ شَيْخُنَا ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ بِهِ الْعَمَلَ ، وَصَرَّحَ غَيْرُهُ بِمَشْهُورِيَّتِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ : يَجُوزُ رُجُوعُ الْمُوصِي عَنْ وَصِيَّتِهِ إجْمَاعًا فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ ، فَلَوْ الْتَزَمَ عَدَمَهُ فَفِي لُزُومِهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ فُقَهَاءِ تُونُسَ .
أَبُو عَلِيٍّ بْنُ عَلْوَانَ فِي لُزُومِهَا بِالْتِزَامِهِ عَدَمَ الرُّجُوعِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ بِعِتْقٍ وَلَمْ يَعْزُهَا وَفِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ ، مِنْهَا إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً يَنْوِي بِهَا لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَلَهُ رَجْعَتُهَا ، وَقَوْلُهُ وَلَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك وَنِيَّتُهُ بَاطِلٌ .
قُلْت فَعَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ الْتِزَامُ عَدَمِ الرُّجُوعِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْمُدَبَّرِ لِلتُّونُسِيِّ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ اللُّزُومُ .
الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ الْقُورِيُّ فِي جَوَابِهِ أَنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى وَمَضَى بِهِ الْقَضَاءُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ الرُّجُوعِ .
قَالَ : وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الْعَبْدُوسِيُّ ، وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ .

وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَرَفَةَ الْحُوفِيَّةِ لَوْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ لَزِمَهُ عَلَى الْأَصَحِّ .
وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ طفي وَبِرُجُوعٍ فِيهَا أَيْ الْوَصِيَّةِ الْمُعَلَّقَةِ عَلَى مَوْتِهِ .
وَأَمَّا مَا بَتَلَهُ فِي مَرَضِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْوَصِيَّةِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ : لَا رُجُوعَ لِلْمَرِيضِ فِيمَا بَتَلَهُ ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ .
وَفِي النَّوَادِرِ مَا بَتَلَهُ الْمَرِيضُ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُسْتَدَلَّ بِمَا يُعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْوَصِيَّةَ .

بِقَوْلٍ ، أَوْ بَيْعٍ ، وَعِتْقٍ ، وَكِتَابَةٍ ، وَإِيلَادٍ ، وَحَصْدِ زَرْعٍ ، وَنَسْجِ غَزْلٍ ، وَصَوْغِ فِضَّةٍ ؛ وَحَشْوِ قُطْنٍ ، وَذَبْحِ شَاةٍ ، وَتَفْصِيلِ شُقَّةٍ

وَيَكُونُ الرُّجُوعُ ( بِقَوْلٍ ) كَأَبْطَلْتُهَا أَوْ رَجَعْتُ عَنْهَا أَوْ لَا تَعْمَلُوا بِهَا ( وَ ) بِفِعْلٍ كَ ( بَيْعٍ ) لِمُوصًى بِهِ مُعَيَّنٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ .
الْبَاجِيَّ لَا خِلَافَ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ اُنْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ .
ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِيمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَبْدِهِ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ ( وَ ) كَ ( عِتْقٍ ) لِلرَّقِيقِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ ( وَ ) كَ ( كِتَابَةٍ ) أَيْ عِتْقٍ لِلرَّقِيقِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ عَلَى مَالٍ مُنَجَّمٍ لِأَنَّهَا إمَّا بَيْعٌ ، وَإِمَّا عِتْقٌ ، وَكِلَاهُمَا يُبْطِلُهَا ، وَإِنْ عَجَزَ عَادَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْمُوصِي عَلَى أَنَّ رُجُوعَ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْهُ يُصَحِّحُهَا فَهَذَا أَوْلَى .
ابْنُ شَاسٍ : الْكِتَابَةُ رُجُوعٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَجِدْهُ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ ، وَأُصُولُ الْمَذْهَبِ تُوَافِقُهُ لِأَنَّهَا إمَّا بَيْعٌ أَوْ عِتْقٌ ، وَكِلَاهُمَا رُجُوعٌ وَهِيَ فَوْتٌ لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَعْجِزْ ، فَإِنْ عَجَزَ فَلَيْسَتْ بِرُجُوعٍ .
وَفِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ أَنْ تَعُودَ الْوَصِيَّةُ فِيهِ كَمَا تَعُودُ فِي شِرَاءِ الْمُوصَى بِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهَا هُنَا أَوْلَى لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ .
وَفِي الشَّامِلِ وَلَا تَعُودُ لِعَجْزٍ عَلَى الْمَنْصُوصِ وَانْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَ ) كَ ( إيلَادٍ ) لِأَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ مُوصًى بِهَا فَوَطْؤُهَا لَيْسَ بِرُجُوعٍ .
ابْنُ كِنَانَةَ مَنْ أَوْصَى بِجَارِيَتِهِ لِرَجُلٍ فَلَهُ وَطْؤُهَا وَلَا تُنْتَقَضُ وَصِيَّتُهُ إلَّا أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ ( وَ ) كَ ( حَصْدِ زَرْعٍ ) مُعَيَّنٍ مُوصًى بِهِ .
تت تَعَقَّبَ هَذَا جَمِيعُ الشُّرَّاحِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلرِّوَايَةِ ، فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أَوْصَى بِزَرْعٍ فَحَصَدَهُ أَوْ بِتَمْرٍ فَجَذَّهُ

أَوْ بِصُوفٍ فَجَزَّهُ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ إلَّا أَنْ يَدْرُسَ الْقَمْحَ وَيَكْتَالَهُ وَيُدْخِلَهُ بَيْتَهُ فَهَذَا رُجُوعٌ .
الْبَاجِيَّ بِالدِّرَاسِ وَالتَّصْفِيَةِ انْتَقَلَ اسْمُهُ عَنْ الزَّرْعِ إلَى اسْمِ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ فَكَانَ رُجُوعًا ، وَقَوْلُهُ : اكْتَالَهُ تَأْكِيدٌ لِقَصْدِهِ ، وَكَذَلِكَ أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ حَدَّ الِاكْتِيَالِ .
( وَ ) كَ ( نَسْجِ غَزْلٍ ) مُعَيَّنٍ أَوْصَى بِهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أَوْصَى بِغَزْلٍ فَحَاكَهُ ثَوْبًا أَوْ بِرِدَاءٍ فَقَطَعَهُ قَمِيصًا فَهُوَ رُجُوعٌ وَقَالَهُ أَشْهَبُ ( وَ ) كَ ( صَوْغِ فِضَّةٍ ) مُعَيَّنَةٍ أَوْصَى بِهَا .
أَشْهَبُ إذَا أَوْصَى بِفِضَّةٍ ثُمَّ صَاغَهَا خَاتَمًا فَهُوَ رُجُوعٌ لِزَوَالِ الِاسْمِ الَّذِي إذَا أَوْصَى بِهِ ( وَ ) كَ ( حَشْوِ قُطْنٍ ) أَطْلَقَ كَابْنِ الْحَاجِبِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ : يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِحَشْوِهِ فِي الثِّيَابِ ، وَأَمَّا فِي مِخَدَّةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا .
أَشْهَبُ إذَا أَوْصَى بِقُطْنٍ ثُمَّ حَشَا بِهِ أَوْ غَزَلَهُ فَهُوَ رُجُوعٌ .
وَفِي الشَّامِلِ : حَشْوُ قُطْنٍ فِي ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ ( وَذَبْحِ شَاةٍ ) وَنَحْوَهَا مُعَيَّنَةٍ أَوْصَى بِهَا فَهُوَ رُجُوعٌ قَالَهُ أَشْهَبُ ( وَتَفْصِيلِ شُقَّةٍ ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْقَافِ قَمِيصًا أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ غَيْرِهِمَا ، فَهُوَ رُجُوعٌ لِعَدَمِ صِدْقِ اسْمِ الشُّقَّةِ عَلَى الْمُفَصَّلِ ، وَمِثْلُ الشُّقَّةِ مَا يُشْبِهُهَا كَبَفْتَةٍ وَطَاقَةٍ وَالْأَجَّةِ وَقُطْنِيَّةٍ وَشَاهِيَةٍ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا أَوْصَى بِرِدَاءٍ فَقَطَعَهُ قَمِيصًا فَهُوَ رُجُوعٌ وَقَالَهُ أَشْهَبُ .

وَإِيصَاءٍ بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ انْتَفَيَا ، قَالَ : إنْ مِتُّ فِيهِمَا ، وَإِنْ بِكِتَابٍ ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ ، أَوْ أَخْرَجَهُ ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَهُمَا ، وَلَوْ أَطْلَقَهَا ، لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ ، أَوْ قَالَ مَتَى حَدَثَ الْمَوْتُ أَوْ بَنَى الْعَرْصَةَ ، وَاشْتَرَكَا .
كَإِيصَائِهِ بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ ، ثُمَّ لِعَمْرٍو

( وَ ) بَطَلَتْ ( بِ ) صِحَّتِهِ مِنْ مَرَضٍ مُعَيَّنٍ وَقُدُومِهِ مِنْ سَفَرٍ مُعَيَّنٍ فِي ( إيصَائِهِ ) بِمَالٍ مُقَيَّدًا ( بِ ) مَوْتِهِ مِنْ ( مَرَضٍ ) مُعَيَّنٍ ( أَوْ سَفَرٍ ) مُعَيَّنٍ ( انْتَفَيَا ) أَيْ الْمَوْتُ مِنْ الْمَرَضِ ، وَالْمَوْتُ مِنْ السَّفَرِ الْمُعَيَّنَيْنِ إذَا قَالَ الْمُوصِي ( إنْ مِتّ فِيهِمَا ) أَيْ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ الْمُعَيَّنَيْنِ فَيَبْطُلُ إيصَاؤُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِكِتَابٍ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( بِكِتَابٍ لَمْ يُخْرِجْهُ ) أَيْ الْمُوصِي الْكِتَابَ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بَعْدَ صِحَّتِهِ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي أَوْصَى فِيهِ وَقُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ الَّذِي أَوْصَى فِيهِ ( أَوْ أَخْرَجَهُ ) أَيْ الْمُوصِي الْكِتَابَ مِنْ يَدِهِ ( ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ ) أَيْ الْمُوصِي الْكِتَابَ ( بَعْدَهُمَا ) أَيْ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ .
ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ لَفْظًا بِغَيْرِ كِتَابَةٍ أَوْ بِكِتَابٍ أَقَرَّهُ عِنْدَهُ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ فِي سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ ، أَوْ قَالَ : لِفُلَانٍ كَذَا فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَلَهُ أَنْ يُغَيِّرَهَا وَيَبِيعَ الْعَبْدَ ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُغَيِّرَهَا جَازَتْ مِنْ ثُلُثِهِ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ ، أَوْ فِي سَفَرِهِ .
الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ ، وَلَمْ يُغَيِّرْهَا حَتَّى مَاتَ فَذَلِكَ بَاطِلٌ ، وَلَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَتَبَ بِذَلِكَ كِتَابًا ، وَوَضَعَهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَلَمْ يُغَيِّرْهُ بَعْدَ قُدُومِهِ أَوْ بُرْئِهِ وَأَقَرَّهُ عَلَى حَالِهِ ، وَلَمْ يَقْبِضْهُ مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ صَحِيحَةٌ تَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِهِ .
سَحْنُونٌ أَرَادَ فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ بَعْدَ بُرْئِهِ أَوْ قُدُومِهِ وَبَقِيَ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ فَهِيَ بَاطِلَةٌ ، وَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ عِنْدَ سَفَرِهِ وَبَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ

وَقَبَضَهَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ وَأَقَرَّهَا بِيَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَشَهِدَتْ عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ أَنَّهَا هِيَ الْوَصِيَّةُ فَهِيَ بَاطِلَةٌ فَلَا تَنْفُذُ ، وَإِنَّمَا تَنْفُذُ إذَا جَعَلَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى مَاتَ وَمَتَى لَمْ يُخْرِجْ كِتَابَ الْوَصِيَّةِ مِنْ عِنْدَهُ أَوْ اسْتَرَدَّهُ ، وَبَقِيَ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ إنْ كَانَ قَيَّدَهَا بِمَوْتِهِ مِنْ مَرَضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي سَفَرٍ مُعَيَّنٍ ، بَلْ ( وَلَوْ أَطْلَقَهَا ) أَيْ الْوَصِيَّةَ عَنْ تَقْيِيدِهَا بِمَوْتِهِ بِمَرَضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي سَفَرٍ مُعَيَّنٍ .
تت اخْتَلَفَ الشَّارِحَانِ فِي فَهْمِهِ فَقَالَ الشَّارِحُ أَيْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمَرَضٍ وَلَا سَفَرٍ بِأَنْ قَالَ : أَعْطُوا فُلَانًا كَذَا أَوْ لَهُ مِنْ عَبِيدِي كَذَا ، وَكَتَبَهُ فِي كِتَابٍ وَأَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ بَطَلَتْ .
قَالَ فِي الْبَيَانِ اتِّفَاقًا ، وَأَمَّا إنْ كَتَبَهُ وَلَمْ يُشْهِدْ وَمَاتَ وَشَهِدَ أَنَّهُ خَطُّهُ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُشْهِدَهُمْ عَلَيْهِ فَقَدْ يَكْتُبُ ، وَلَا يَعْزِمُ .
وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ عَقِبَ كَلَامِ الشَّارِحِ هَذَا تَبْعُدُ إرَادَتُهُ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قَيَّدَ وَأَطْلَقَ فِي تَقْيِيدِهِ ، فَقَالَ إنْ مِتّ فِي سَفَرِي أَوْ مَرَضِي فَلِفُلَانٍ كَذَا ثُمَّ زَالَ مَرَضُهُ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَاسْتَرْجَعَ الْكِتَابَ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ .
طفي تَقْرِيرُ الشَّارِحِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي ضَيْح وَبِهِ قَرَّرَ " ح " وَ " ج " فِي ضَيْح ، حَكَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ الِاتِّفَاقَ عَلَى بُطْلَانِهَا أَوْ ذَكَرَهُ عِيَاضٌ وَأَنَّ ابْنَ شَبْلُونٍ وَغَيْرَهُ تَأَوَّلُوا الْكِتَابَ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ ظَاهِرَ تَأْوِيلِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَضُرُّ اسْتِرْجَاعُ الْمُقَيَّدَةِ لَا الْمُبْهَمَةِ ، وَأَنَّ أَبَا عِمْرَانَ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ ا هـ وَاقْتَصَرَ فِي الْبَيَانِ عَلَى حِكَايَةِ الْبُطْلَانِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِنَفْيِ الْخِلَافِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَشَى عَلَيْهِ ، وَلَكِنْ فِي قَوْلِهِ : وَلَوْ أَطْلَقَهَا بَعْضُ قَلَقٍ ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ كَلَامَهُ أَوَّلًا فِي الْمُقَيَّدَةِ ثُمَّ بَالَغَ بِالْإِطْلَاقِ ،

وَلَوْ شَبَّهَ الْمُطْلَقَةَ بِالْمُقَيَّدَةِ فَقَالَ كَأَنْ أَطْلَقَهَا لَكَانَ أَبَيْنَ وَأَحْسَنَ قَالَهُ الْحَطّ .
( لَا ) تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ ( إنْ ) كَتَبَهَا بِكِتَابٍ وَأَخْرَجَهُ إلَى غَيْرِهِ ( لَمْ يَسْتَرِدَّهُ ) أَيْ الْمُوصِي الْكِتَابَ حَتَّى مَاتَ ، وَهُوَ عِنْدَ غَيْرِهِ سَوَاءٌ قَيَّدَهَا بِمَوْتِهِ مِنْ مَرَضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي سَفَرٍ مُعَيَّنٍ وَمَاتَ مِنْهُ أَوْ فِيهِ ، أَوْ لَمْ يَمُتْ أَوْ أَطْلَقَهَا تَقَدَّمَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إلَّا أَنْ يَكُونَ كَتَبَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ بَعْدَ قُدُومِهِ أَوْ بُرْئِهِ ، وَأَقَرَّهُ عَلَى حَالِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَاتَ فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ صَحِيحَةٌ تَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِهِ وَقَوْلُهَا ، وَإِنَّمَا تَنْفُذُ إذَا جَعَلَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى مَاتَ .
( أَوْ قَالَ ) الْمُوصِي ( مَتَى حَدَثَ الْمَوْتُ ) لِي أَوْ مَتَى مِتّ أَوْ إذَا مِتّ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَرَضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ سَفَرٍ مُعَيَّنٍ ، وَلَمْ يَكْتُبْهَا أَوْ كَتَبَهَا وَأَخْرَجَهُ ، وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ تَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِهِ فِيهِمَا .
عج هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ : وَلَوْ أَطْلَقَهَا فَلَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَكْرَارٍ ( أَوْ ) أَوْصَى بِعَرْصَةٍ ، أَيْ أَرْضٍ خَالِيَةٌ لِمُعَيَّنٍ ثُمَّ ( بَنَى ) الْمُوصِي ( الْعَرْصَةَ ) دَارًا مَثَلًا فَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِبِنَائِهَا ( وَاشْتَرَكَا ) أَيْ الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ بِقِيمَتَيْ الْعَرْصَةِ وَالْبِنَاءِ قَائِمًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ تَبْطُلُ بِهِ سَمِعَ أَصْبَغُ مَنْ أَوْصَى بِمِزْوَدِ حَرِيرَةٍ ثُمَّ لَتَّهَا بِسَمْنٍ وَعَسَلٍ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ وَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا بِقَدْرِ لَتِّهَا كَالثَّوْبِ يَصْبَغُهُ ، وَالْبُقْعَةِ يَبْنِيهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مَنْ أَوْصَى بِدَارٍ فَهَدَمَهَا أَوْ بِعَرْصَةٍ فَبَنَاهَا فَالْوَصِيَّةُ ثَابِتَةٌ وَالْوَرَثَةُ شُرَكَاءُ مَعَ الْمُوصَى لَهُ خِلَافَ قَوْلِهِ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ ، فَفِي الْبُقْعَةِ يَبْنِيهَا وَالدَّارِ يَهْدِمُهَا فِي بُطْلَانِ

الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ ثَالِثُهَا بِالْبِنَاءِ لَا بِالْهَدْمِ ، وَعَلَى عَدَمِ بُطْلَانِهَا بِبِنَاءِ الْعَرْصَةِ فِي كَوْنِهَا بِبِنَائِهَا نَافِذَةً لِلْمُوصَى لَهُ أَوْ يُشَارِكُ الْوَرَثَةَ بِالْعَرْصَةِ وَعَلَى عَدَمِ بُطْلَانِ الدَّارِ بِهَدْمِهَا فِي كَوْنِ نَقْضِهَا لِلْمُوصَى لَهُ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَغَيْرِهَا .
وَشَبَّهَ فِي الِاشْتِرَاكِ فَقَالَ ( كَإِيصَائِهِ ) أَيْ الْحُرِّ الْمُمَيِّزِ الْمَالِكِ ( بِشَيْءٍ ) مُعَيَّنٍ كَدَارٍ أَوْ فَرَسٍ ( لِزَيْدٍ ثُمَّ ) أَوْصَى بِهِ ( لِعَمْرٍو ) فَلَا يَبْطُلُ إيصَاؤُهُ بِهِ لِزَيْدٍ ، وَيَشْتَرِكَانِ بِالنِّصْفِ فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِرَجُلٍ دَارٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ عَبْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا ، وَفِيهَا أَيْضًا إنْ قَالَ الْعَبْدُ الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِزَيْدٍ هُوَ وَصِيَّةٌ لِعَمْرٍو فَذَلِكَ رُجُوعٌ .
زَادَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الثَّانِي فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ .
وَفِيهَا إنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ أَوْصَى بِعِتْقِهِ فَالْأَخِيرَةُ تَنْقُضُ الْأُولَى ؛ إذْ لَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْعِتْقِ زَادَ الشَّيْخُ وَقَالَهُ فِي الْوَصَايَا .
الثَّالِثُ وَقَالَ فِي الثَّانِي إنْ أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ بَعْدَ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ فَالْعِتْقُ أَوْلَى .
الصِّقِلِّيُّ لِابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ مَنْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ أَوْ قَالَ : بِيعُوهُ مِنْ فُلَانٍ وَسَمَّى ثَمَنًا ، أَوْ لَمْ يُسَمِّ فَهُوَ رُجُوعٌ وَالْوَصِيَّةُ لِلْآخَرِ وَيُبَاعُ مِمَّنْ سَمَّى وَيَحُطُّ ثُلُثَ ثَمَنِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَلَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ يَعُودُ مِيرَاثًا .

وَلَا بِرَهْنٍ ، وَتَزْوِيجِ رَقِيقٍ ، وَتَعْلِيمِهِ ، وَوَطْءٍ
( وَلَا ) تَبْطُلُ ( بِرَهْنٍ ) لِلْمُوصَى بِهِ الْمُعَيَّنِ فِي دَيْنٍ عَلَى الْمُوصِي وَعَلَى الْوَارِثِ تَخْلِيصُهُ وَدَفْعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ .
ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ أَوْصَى بِعَبْدٍ ثُمَّ رَهَنَهُ وَآجَرَهُ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لِأَنَّهُ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ وَلَا يُغَيِّرُ الذَّاتَ ( وَلَا ) تَبْطُلُ بِ ( تَزْوِيجِ رَقِيقٍ ) مُعَيَّنٍ مُوصًى بِهِ ( وَ ) لَا بِ ( تَعْلِيمِهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمُوصَى بِهِ بِعَيْنِهِ صَنْعَةً ( وَ ) لَا تَبْطُلُ بِ ( وَطْءٍ ) لِلْأَمَةِ الْمُوصَى بِهَا مُعَيَّنَةً .
ابْنُ شَاسٍ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ ، وَالْوَطْءُ مَعَ الْعَزْلِ لَيْسَ بِرُجُوعٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَجِدْ مَسْأَلَةَ التَّزْوِيجِ فِي الْمَذْهَبِ ، وَأُصُولُهُ تَقْتَضِيهِ ، وَهُوَ نَصُّ الْغَزَالِيِّ وَشَرْطُهُ فِي الْوَطْءِ الْعَزْلَ خِلَافُ النَّصِّ .

وَلَا إنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَبَاعَهُ ، كَثِيَابِهِ وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهَا ، أَوْ بِثَوْبٍ فَبَاعَهُ ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ ، بِخِلَافِ مِثْلِهِ

وَلَا ) تَبْطُلُ ( إنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ ) أَيْ الْمُوصِي ( فَبَاعَهُ ) أَيْ الْمُوصِي الْمَالَ الْمُوصَى بِثُلُثِهِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا يَمْلِكُهُ يَوْمَ مَوْتِهِ بَقِيَ بِحَالِهِ أَوْ لَا ، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ فَقَالَ ( كَ ) إيصَائِهِ بِ ( ثِيَابِهِ ) أَيْ الْمُوصِي مَثَلًا فَبَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا ( وَاسْتَخْلَفَ ) الْمُوصِي ثِيَابًا ( غَيْرَهَا ) ابْنُ رُشْدٍ مَنْ عَمَّمَ فِي وَصِيَّتِهِ فَقَالَ : ثِيَابِي أَوْ رَقِيقِي أَوْ غَنَمِي لِفُلَانٍ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فَاسْتَبْدَلَهَا وَأَعَادَ غَيْرَهَا فَتَفْسُدُ وَصِيَّتُهُ فِيمَا مَلَكَهُ يَوْمَ مَوْتِهِ ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ الَّذِي كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ أَوْصَى وَمِنْ الْمُفِيدِ لَوْ أَوْصَى بِدَنَانِيرَ فَتَغَيَّرَتْ السِّكَّةُ فَلِلْمُوصَى لَهُ سِكَّةُ النَّاسِ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي .
الْجَلَّابُ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ الثِّيَابَ الْأُوَلَ بِأَعْيَانِهَا فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ مِمَّا اسْتَخْلَفَهُ .
( أَوْ ) أَوْصَى ( بِثَوْبٍ ) مَثَلًا مُعَيَّنٍ ( فَبَاعَهُ ) أَيْ الْمُوصِي الثَّوْبَ الْمُوصَى بِهِ ( وَاشْتَرَاهُ ) أَيْ الْمُوصِي الثَّوْبَ الَّذِي بَاعَهُ فَتَعُودُ وَصِيَّتُهُ بِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ الْمُوصَى بِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَفِي رُجُوعِ الْوَصِيَّةِ قَوْلَانِ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ مَنْ نَقَلَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ ، وَإِنَّمَا نَقَلَ الْبَاجِيَّ وَالصَّقَلِّيُّ الْأَوَّلَ ( بِخِلَافِ ) بَيْعِ الْمُوصَى بِهِ الْمُعَيَّنِ وَشِرَاءِ ( مِثْلِهِ ) فَيُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ .
الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسِلَاحِهِ فَيَذْهَبُ سَيْفُهُ وَدِرْعُهُ ثُمَّ يَشْتَرِي سَيْفًا آخَرَ وَدِرْعًا آخَرَ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ ، وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ فَأَخْلَفَ غَيْرَهُ فَبِخِلَافِ ذَلِكَ .
ابْنُ يُونُسَ ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ ، وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ ، وَأَجْمَلَ فَمَا وَقَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الِاسْمُ مِنْ تَرِكَتِهِ يَوْمَ مَوْتِهِ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ .

وَلَا إنْ جَصَّصَ الدَّارَ ، أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ ، أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ ، فَلِلْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَتِهِ ، وَفِي نُقْضِ الْعَرْصَةِ : قَوْلَانِ
( وَلَا ) تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ ( إنْ جَصَّصَ ) الْمُوصَى بِهَا بِعَيْنِهَا أَيْ بَيَّضَهَا بِالْجِصِّ ( أَوْ صَبَغَ ) الْمُوصِي ( الثَّوْبَ ) الْمُوصَى بِهِ الْعَيْنَ ( أَوْ لَتَّ ) الْمُوصِي ( السَّوِيقَ ) أَيْ دَقِيقَ الْحَبِّ الْمَقْلُوِّ عَلَى الصَّاجِ بِسَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ وَعَسَلٍ ( فَهُوَ ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ دَارًا كَانَ أَوْ ثَوْبًا أَوْ سَوِيقًا ( لِلْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَتِهِ ) ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ جَصَّصَ الدَّارَ أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَتِهِ ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ ، قَالَ : لِأَنَّهُ لَمْ يُغَيِّرْ الِاسْمَ عَنْ حَالِهِ ، وَهَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا بِقُدُرَاتِهَا وَصَبْغِ الثَّوْبِ وَبِنَاءِ الْعَرْصَةِ وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ ، وَلَوْ أَوْصَى بِدَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَنَحْوِهَا ثُمَّ هَدَمَهَا فَهَدْمُهَا لَا يُبْطِلُ وَصِيَّتَهُ بِهَا .
( وَفِي ) اسْتِحْقَاقِ الْمُوصَى لَهُ ( نُقْضِ ) بِضَمِّ النُّونِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ ، أَيْ الْحَجَرِ وَالْآجُرِّ وَالْخَشَبِ وَنَحْوَهَا الْمَنْقُوضِ مِنْ ( الْعَرْصَةِ ) وَعَدَمِهِ ( قَوْلَانِ ) الْبَاجِيَّ ابْنُ يُونُسَ أَشْهَبُ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَرْصَةٍ فَبَنَاهَا فَأَرَى ذَلِكَ رُجُوعًا ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ فَهَدَمَهَا فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ فِي النُّقْضِ الَّذِي نَقَضَ ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا هَدَمَ الدَّارَ فَالْعَرْصَةُ وَالنَّقْضُ لِلْمُوصَى لَهُ .

وَإِنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى ، فَالْوَصِيَّتَانِ كَنَوْعَيْنِ ، وَدَرَاهِمَ ، وَسَبَائِكَ ، وَذَهَبٍ ، وَفِضَّةٍ ، وَإِلَّا فَأَكْثَرُهُمَا ، وَإِنْ تَقَدَّمَ

أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى ( وَإِنْ أَوْصَى ) الْحُرُّ الْمُمَيِّزُ الْمَالِكُ لِشَخْصٍ ( بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ ) إيصَائِهِ لَهُ بِوَصِيَّةٍ ( أُخْرَى ) أَيْ مُغَايِرَةٍ لِلْوَصِيَّةِ الْأُولَى فِي الْجِنْسِ كَإِيصَائِهِ لَهُ بِحَيَوَانٍ ثُمَّ إيصَائِهِ لَهُ بِعَقَارٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ عَيْنٍ ( فَالْوَصِيَّتَانِ ) مَعًا لِلْمُوصَى لَهُ ، وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْوَصِيَّتَيْنِ مَعًا فَقَالَ ( كَ ) إيصَائِهِ لَهُ بِوَصِيَّتَيْنِ مِنْ ( نَوْعَيْنِ ) كَرَقِيقٍ وَإِبِلٍ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْكَافَ لِلتَّمْثِيلِ ، وَيُعْلَمُ حُكْمُ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ جِنْسًا بِالْأُولَى ، أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّوْعِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ فَيَشْمَلُ الْجِنْسَ ( وَ ) كَإِيصَائِهِ لَهُ بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى مِنْ صِنْفَيْنِ كَ ( دَرَاهِمَ وَسَبَائِكَ ) مِنْ فِضَّةٍ ( وَ ) كَإِيصَائِهِ لَهُ بِ ( ذَهَبٍ ) فِي وَقْتٍ ( وَ ) بِ ( فِضَّةٍ ) فِي وَقْتٍ آخَرَ ، وَهَاتَانِ مُخَالِفَتَانِ جِنْسًا شَرْعًا وَنَوْعًا لُغَةً ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ الْوَصِيَّتَانِ جِنْسًا وَلَا نَوْعًا وَلَا صِنْفًا ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتَا فِي الْقَدْرِ ( فَأَكْثَرُهُمَا ) لِلْمُوصَى لَهُ إنْ تَأَخَّرَ الْأَكْثَرُ .
بَلْ ( وَإِنْ تَقَدَّمَ ) الْأَكْثَرُ فِي الْإِيصَاءِ فَلَا يَفْسَخُهُ الْأَقَلُّ الْمُتَأَخِّرُ عَنْهُ .
ابْنُ شَاسٍ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى ، فَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَهُ آخِرًا بِصِنْفٍ آخَرَ فَلَهُ الْوَصِيَّتَانِ جَمِيعًا ، وَهَلْ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ مُتَمَاثِلَانِ ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَوْ غَيْرُ مُتَمَاثِلَيْنِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ وَابْنُ رُشْدٍ وَهُمَا قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ، وَكَذَا الدَّرَاهِمُ وَالسَّبَائِكُ ، فِيهَا مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ مِنْ صِنْفٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ بِعَدَدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ غَنَمٍ مَثَلًا ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ بِأَكْثَرَ مِنْ تِلْكَ التَّسْمِيَةِ أَوْ أَقَلَّ فَلَهُ أَكْثَرُ الْوَصِيَّتَيْنِ كَانَتْ الْأُولَى أَوْ الْأَخِيرَةَ .
ابْنُ رُشْدٍ سَوَاءٌ كَانَتَا

فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ أَوْ كِتَابَيْنِ .

وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِهِ ، عَتَقَ ، إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ ، وَأَخَذَ بَاقِيَهُ ، وَإِلَّا ، قُوِّمَ فِي مَالِهِ

( وَإِنْ أَوْصَى ) الْحُرُّ الْمُمَيِّزُ الْمَالِكُ ( لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ ) مَالِ ( هـ ) أَيْ الْمُوصِي ( عَتَقَ ) الْعَبْدُ الْمُوصَى لَهُ كُلُّهُ ( إنْ حَمَلَهُ ) أَيْ الثُّلُثُ الْمُوصَى بِهِ الْعَبْدَ بِأَنْ تَرَكَ السَّيِّدُ مِائَتَيْنِ ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةٌ ( وَ ) إنْ زَادَ الثُّلُثُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ عَتَقَ جَمِيعُهُ وَ ( أَخَذَ ) الْعَبْدُ ( بَاقِيَهُ ) أَيْ الثُّلُثِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً وَتَرَكَ الْمُوصِي ثَلَاثَمِائَةٍ فَالثُّلُثُ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَيَعْتِقُ الْعَبْدُ ، وَيَأْخُذُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ ، وَلَهُ مَالٌ ( قُوِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا لِعَبْدِ الْمُوصَى لَهُ ( فِي مَالِهِ ) أَيْ الْعَبْدِ بِأَنْ تَرَكَ السَّيِّدُ مِائَةً وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةٌ وَلَهُ مِائَةٌ فَتَرِكَةُ السَّيِّدِ مِائَتَانِ ثُلُثُهَا سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ لَا يَحْمِلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِزِيَادَتِهَا عَلَيْهِ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ وَهِيَ ثُلُثُ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَتُؤْخَذُ مِنْ مِائَةِ الْعَبْدِ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ وَيَعْتِقُ جَمِيعُهُ .
فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ ، وَقِيمَتُهُ الثُّلُثُ عَتَقَ جَمِيعُهُ ، وَمَا فَضَلَ مِنْ الثُّلُثِ كَانَ لِلْعَبْدِ ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ اسْتَتَمَّ مِنْهُ عِتْقُهُ ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ إنْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ سُدُسِهِ جَعَلَ ذَلِكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ الثُّلُثَ أَوْ السُّدُسَ خَرَجَ حُرًّا الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَ الْعَبْدِ ، وَأَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَبِيَدِ الْعَبْدِ أَلْفُ دِينَارٍ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا ثُلُثُهُ ، وَيُوقَفُ الْمَالُ بِيَدِهِ ابْنُ عَرَفَةَ ثَالِثُهَا لِلصَّقَلِّيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ لَا يَعْتِقُ إلَّا ثُلُثُهُ فَقَطْ لِأَنَّ مَا مَلَكَهُ مِنْ ثُلُثِ نَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ رَدَّهُ فَهُوَ كَمَنْ وَرِثَ بَعْضَ مَنْ

يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ .
قُلْت فَفِي عِتْقِهِ فِيمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ قَصَّرَ عَنْ قِيمَتِهِ اسْتَتَمَّ بِمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِهِ ثَلَاثَةً ، هَذَا وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا يَسْتَتِمُّ بِهِ ، وَثَالِثُهَا لِلْمُغِيرَةِ لَا يَعْتِقُ غَيْرُ ثُلُثِهِ مُطْلَقًا .
طفي فِي رَسْمٍ أَخَذَ يَشْرَبُ خَمْرًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أَوْصَى لِجَارِيَةٍ بِثُلُثِهِ عَتَقَتْ فِي ثُلُثِهِ وَقُوِّمَتْ فِيهِ لِأَنَّهُ حِينَ عَتَقَ عَلَيْهَا مِنْ نَفْسِهَا شِقْصٌ أَكْمَلَ عَلَيْهَا مَا بَقِيَ مِنْ عِتْقِ نَفْسِهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي رَأْسٍ فَكَانَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ فَاَلَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ شِقْصُهُ مِنْ نَفْسِهِ أَحْرَى أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ نَفْسِهِ فِيمَا يَمْلِكُ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ فِيمَا أَوْصَى لَهَا بِهِ مَالًا يَتِمُّ بِهِ عِتْقُهَا ، وَكَانَ لَهَا مَالٌ قَبْلَ ذَلِكَ عَتَقَتْ فِيهِ وَأُخِذَ مِنْهَا .
ابْنُ رُشْدٍ إذَا أَوْصَى لَهَا بِثُلُثِهِ فَقِيلَ لَا يَعْتِقُ مِنْهَا إلَّا الثُّلُثُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ رَأْيِهِ ، وَقِيلَ يَعْتِقُ مِنْهَا الثُّلُثُ وَيُقَوَّمُ بَقِيَّتُهَا عَلَى نَفْسِهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ رَقَّ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهَا فِي مَالِهَا إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ مِنْ غَيْرِ الثُّلُثِ ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهَا بِثُلُثِ مَالِهِ فَقَدْ قَصَدَ إلَى حُرِّيَّتِهَا فِيهِ ، وَكَأَنَّهُ أَوْصَى أَنْ تُعْتَقَ وَأَنْ تُعْطَى بَقِيَّتَهُ إنْ فَضَلَ عَنْ رَقَبَتِهَا ، وَاخْتَارَ سَحْنُونٌ فَقَالَ : إنَّهُ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ .
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهَا بِثُلُثِ مَالِهِ فَقَدْ قَصَدَ إلَى حُرِّيَّةِ ثُلُثِهَا ، وَأَنْ تُعْطَى بَقِيَّةَ ثُلُثِ مَالِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَقَ ثُلُثُهَا ، وَأَنْ تُعْطَى بَقِيَّةَ ثُلُثِ مَالِهِ ، وَلَا تُعْتَقُ فِيهِ ، وَلَا فِي مَالِهَا إنْ كَانَ لَهَا سَوَاءٌ ؛

لِأَنَّهُ هُوَ الْعِتْقُ لِثُلُثِهَا إذَا أَوْصَى لَهَا بِهِ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لَهَا مِلْكُهُ ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ إيصَائِهِ بِعِتْقِ ثُلُثِهَا وَإِعْطَائِهَا بَقِيَّةَ ثُلُثِ مَالِهِ .
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَا ذَكَرَهُ فِيهَا مِنْ أَنَّهُ إذَا عَتَقَ عَلَيْهَا بَعْضَهَا وَجَبَ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهَا بَقِيَّتُهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ وَفِي سَائِرِ مَالِهَا إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا فِي عَبْدٍ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ فِي مَالِهِ ا هـ فَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّقْوِيمَ فِي مَالِهِ لَيْسَ مَعْنَاهُ ضَمَّهُ لِمَالِ الْمُوصِي وَصَيْرُورَتَهُ مِنْ جُمْلَتِهِ حَتَّى يُعْتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْعَبْدِ بَقِيَّةُ نَفْسِهِ فِي مَالِهِ ، فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ فَضَلَ فَالثُّلُثُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ بِالْوَصِيَّةِ فَيُقَوَّمُ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ وَيَأْخُذُ بَاقِيَهُ ، وَإِنْ قَصُرَ الثُّلُثُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْوَرَثَةِ مِنْ مَالِهِ مَا بَقِيَ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ ، كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ ، وَهَذَا يُنَادِي بِأَنَّ مَالَهُ يَكُونُ لَهُ وَلَا وَجْهَ لِانْتِزَاعِهِ مِنْهُ بَعْدَ التَّقْوِيمِ ، فَلَا تَسَلُّطَ لِلْوَارِثِ عَلَيْهِ ، بَلْ هُوَ مِلْكٌ لِلْعَبْدِ يُقِرُّ بِيَدِهِ ، وَفِي رَسْمٍ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِثْلُ مَا فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ ، وَنَصُّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا إذَا أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ عَتَقَ جَمِيعُهُ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ إنْ حَمَلَهُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ : إنْ لَمْ يَحْمِلْهُ وَلِلْعَبْدِ مَالٌ عَتَقَ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَالِهِ بِقَدْرِ مَا فِي يَدِهِ إنْ كَانَ فِيهَا مَا يَسْتَتِمُّ بِهِ عِتْقَهُ عَتَقَ كُلُّهُ ، وَإِلَّا فَبِقَدْرِ ذَلِكَ فَهُوَ فِي نَفْسِهِ مَعَ الْوَرَثَةِ كَالشُّرَكَاءِ فِي الْعَبْدِ يُعْتِقُ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ إنْ كَانَ لَهُ ، وَإِلَّا فَبِقَدْرِ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ

الْعَبْدُ فِي نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ فَقَدْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ رَقَبَتِهِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَالِهِ ، فَلَمَّا مَلَكَ الْعَبْدُ ثُلُثَ رَقَبَتِهِ عَتَقَ وَاسْتَتَمَّ عِتْقَ بَقِيَّتِهِ عَلَيْهِ ا هـ وَنَقَلَ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ : وَإِنَّمَا أَطَلْنَا بِذِكْرِ النُّقُولِ الْمُتَدَاخِلَةِ إيضَاحًا لِلْمَسْأَلَةِ ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهَا مِنْ شُرَّاحِهِ ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقِ .

وَدَخَلَ الْفَقِيرُ فِي الْمِسْكِينِ ، كَعَكْسِهِ
( وَ ) إنْ أَوْصَى لِمِسْكِينٍ ( دَخَلَ الْفَقِيرُ فِي ) مَعْنَى ( الْمِسْكِينِ ) وَشَبَّهَ فِي الدُّخُولِ فَقَالَ ( كَعَكْسِهِ ) أَيْ دُخُولِ الْمِسْكِينِ فِي الْفَقِيرِ الْمُوصَى لَهُ .
ابْنُ شَاسٍ يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ فِي لَفْظِ الْمَسَاكِينِ وَالْعَكْسُ .
وَابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى عَدَمِ تَرَادُفِهِمَا ، وَهُوَ صَوَابٌ إنْ كَانَ الْمُوصِي عَامِّيًّا ، وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ .
وَفِي ضَيْح يَنْبَغِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ تَبَايُنِهِمَا أَنْ لَا يَدْخُلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ .

وَفِي الْأَقَارِبِ ، وَالْأَرْحَامِ ، وَالْأَهْلِ أَقَارِبُهُ لِأُمِّهِ ، إنْ لَمْ يَكُنْ أَقَارِبُ لِأَبٍ وَالْوَارِثُ ، كَغَيْرِهِ ، بِخِلَافِ أَقَارِبِهِ هُوَ ، وَأُوثِرَ الْمُحْتَاجُ الْأَبْعَدُ ، إلَّا لِبَيَانٍ ، فَيُقَدَّمُ الْأَخُ ، وَابْنُهُ ، عَلَى الْجَدِّ ، وَلَا يُخَصُّ

( وَ ) إنْ أَوْصَى لِأَقَارِبَ أَوْ ذِي رَحِمٍ أَوْ أَهْلِ غَيْرِهِ دَخَلَ ( فِي الْأَقَارِبِ وَالْأَرْحَامِ وَالْأَهْلِ أَقَارِبُهُ لِأُمِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ ) أَيْ يُوجَدُ ( أَقَارِبُ لِأَبٍ ) فَإِذَا كَانُوا فَلَا يَدْخُلُ أَقَارِبُ الْأُمِّ .
ابْنُ رُشْدٍ مَنْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَ أَوْصَى قَرَابَةٌ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ فَهِيَ لِلْقَرَابَةِ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ اتِّفَاقًا .
ابْنُ زَرْقُونٍ وَإِنْ كَانَ لَهُ قَرَابَةٌ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَدْخُلُ قَرَابَةُ الْأُمِّ بِحَالٍ ، وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَرَوَى الْإِخْوَانُ دُخُولَهُمْ بِكُلِّ حَالٍ ، وَقَالَ عِيسَى لَا يَدْخُلُونَ إلَّا أَنْ لَا يَبْقَى مِنْ قَرَابَةِ الْأَبِ أَحَدٌ وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ طفي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُنَا ، وَفِي الْحَبْسِ سَوَاءٌ ، فَفَرَّقَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ ، وَدَرَجَ هُنَاكَ عَلَى غَيْرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَفَرَّقَ " ز " بَيْنَهُمَا فِيهِ نَظَرٌ ؛ إذْ مَنْ قَالَ : وَدُخُولُ قَرَابَةِ الْأُمِّ هُنَاكَ مَعَ قَرَابَةِ الْأَبِ قَالَهُ هُنَا ، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ هُنَا لَمْ يَقُلْ بِهِ هُنَاكَ كَمَا يَظْهَرُ بِتَصَفُّحِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْحَبْسِ وَالْوَصِيَّةِ وَكَلَامِ التَّوْضِيحِ فِي الْبَابَيْنِ .
الْبُنَانِيُّ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَبْسِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ مَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي الْحَبْسِ مِنْ قَوْلِهِ : وَأَقَارِبُهُ أَقَارِبُ جِهَتَيْهِ مُطْلَقًا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَالْوَارِثُ ) لِغَيْرِ الْمُوصِي الْمُضَافِ إلَيْهِ الْأَقَارِبَ وَالْأَرْحَامَ وَالْأَهْلَ الْمُوصَى لَهُمْ ( كَغَيْرِهِ ) أَيْ الْوَارِثِ فِي الدُّخُولِ ( بِخِلَافِ ) إيصَائِهِ لِ ( أَقَارِبِهِ هُوَ ) أَيْ الْمُوصِي أَوْ لِذِي رَحِمِهِ أَوْ أَهْلِهِ فَلَا يَدْخُلُ وَارِثُهُ فِيهِمْ ؛ لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبَ فُلَانٍ دَخَلَ وَارِثُهُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ ، بِخِلَافِ أَقَارِبِهِ لِلْقَرِينَةِ

الشَّرْعِيَّةِ ، وَيُؤَثِّرُ فِي الْجَمِيعِ ذُو الْحَاجَةِ ، وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ قُلْت ظَاهِرُ لَفْظِهِمَا إطْلَاقُ عَدَمِ دُخُولِ وَرَثَةِ الْمُوصِي فِي قَرَابَتِهِ خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ ، أَنَّ مَنْ يَرِثُهُ كَمَنْ لَا يَرِثُهُ فَيَجِبُ حَمْلُ لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى الْوَارِثِ بِالْفِعْلِ ، وَلَفْظُ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى الْوَارِثِ بِالسَّبَبِ دُونَ الْفِعْلِ كَابْنِ عَمٍّ وَأَخٍ لِأُمٍّ مَعَ ابْنٍ أَوْ بِنْتٍ وَلَمْ أَعْرِفْ لَفْظَهُمَا إلَّا لِوَجِيزِ الْغَزَالِيِّ ، وَزَادَ وَقِيلَ يُوَزَّعُ فَيُبْطِلُ حَظَّ الْوَارِثِ وَيَصِحُّ الْبَاقِي .
قُلْت وَفِي حَمْلِ نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْغَزَالِيُّ احْتِمَالٌ وَالْأَظْهَرُ إنْ عَلِمَ الْمُوصِي أَنَّهَا لَا تَجُوزُ لِوَارِثٍ وُزِّعَتْ وَإِلَّا فَلَا .
( وَ ) إنْ أَوْصَى لِلْأَقَارِبِ أَوْ الْأَرْحَامِ أَوْ الْأَهْلِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ( أُوثِرَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ خُصَّ ( الْمُحْتَاجُ الْأَبْعَدُ ) فِي الْقَرَابَةِ مِنْ غَيْرِهِ لِشِدَّةِ فَقْرِهِ أَوْ كَثْرَةِ عِيَالِهِ أَوْ دِيَتِهِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى غَيْرِهِ لَا بِالْجَمِيعِ ، فَالْمُحْتَاجُ الْأَقْرَبُ عَلَى إيثَارِهِ بِالْأَوْلَى فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِبَيَانٍ ) مِنْ الْمُوصِي خِلَافِ ذَلِكَ كَأَعْطُوا الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ أَوْ أَعْطُوا فُلَانًا ثُمَّ فُلَانًا فَيُفَضَّلُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحْوَجَ لَا بِالْجَمِيعِ ، وَإِذَا قَالَ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ ( فَيُقَدَّمُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ مُثَقَّلًا ( الْأَخُ ) الشَّقِيقُ أَوْ الْأَبُ ( وَابْنُهُ ) أَيْ الْأَخِ كَذَلِكَ ( عَلَى الْجَدِّ ) .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَتَرَكَ أَبَاهُ وَجَدَّهُ وَأَخَاهُ وَعَمَّهُ وَقُسِّمَ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ وَيُفَضَّلُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ، فَأَرَى الْأَخَ أَقْرَبَ ثُمَّ الْجَدَّ ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةَ إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ فَالشَّقِيقُ أَقْرَبُ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبِ ، فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ مُوسِرًا وَالْأَبْعَدُ مُحْتَاجًا فُضِّلَ الْأَقْرَبُ

بِشَيْءٍ ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا عَلَى وَجْهِ مَا أَوْصَى بِهِ ، وَلَا يَكْثُرُ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ عَلَى هَذِهِ الْوَصِيَّةِ إنَّمَا هُوَ حَبْسٌ فَالْأَخُ أَوْلَى وَحْدَهُ لَا يَدْخُلُ مَعَهُ غَيْرُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ : يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ مَعْنَاهُ إنْ لَمْ يَكُونُوا وَرَثَةً فَالْأَبُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ ، وَكَذَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُقَسَّمُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِمْ ، وَيُفَضَّلُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ .
مُحَمَّدٌ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَا لَمْ يَكُونُوا وَرَثَةً وَوَلَدُ الْأَخِ وَإِنْ سَفَلَ أَقْرَبُ مِنْ الْجَدِّ ، وَهَذَا عَلَى تَرْتِيبِ الْقُرْبِ فِي الْوَلَاءِ وَسَكَتَ عَنْ الْأَخِ لِلْأُمِّ ، وَفِي دُخُولِهِ خِلَافٌ ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَبْسِ لَا يَدْخُلُ مَعَ الْأَخِ غَيْرُهُ ، مَعْنَاهُ إنْ كَانَتْ وَصِيَّةً بِسُكْنَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَلَوْ كَانَتْ بِغَلَّةِ حَبْسٍ تُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ دَخَلَ الْأَبْعَدُ مَعَ الْأَقْرَبِ بِالِاجْتِهَادِ .
( وَلَا يُخَصُّ ) الْمُقَدَّمُ بِالْجَمِيعِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُحْتَاجًا أَبْعَدَ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ أَوْ أَقْرَبَ عِنْدَ الْبَيَانِ ، فَهُوَ رَاجِعٌ لَهُمَا ، وَإِنَّمَا يُعْطَى قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَا يُعْطَى لِغَيْرِهِ أَشْهَبُ لَا يُفَضَّلُ الْأَقْرَبُ وَأَسْعَدُهُمْ بِهِ أَحْوَجُهُمْ .
فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَبْدَأُ بِالْفُقَرَاءِ وَيُعْطِي بَعْدَهُمْ الْأَغْنِيَاءَ بِالِاجْتِهَادِ

وَالزَّوْجَةُ فِي جِيرَانِهِ لَا عَبْدٌ مَعَ سَيِّدِهِ ، وَفِي وَلَدٍ صَغِيرٍ وَبِكْرٍ : قَوْلَانِ

( وَ ) إنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تَدْخُلُ ( الزَّوْجَةُ ) لِجَارِ الْمُوصِي ( فِي ) إيصَائِهِ ( لِجِيرَانِهِ ) لَا زَوْجَةُ الْمُوصِي لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ .
عَبْدُ الْمَلِكِ مَنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ أُعْطِيَ مِنْهَا الْجَارُ الَّذِي اسْمُ الْمَنْزِلِ لَهُ ، وَلَا يُعْطَى أَتْبَاعُهُ وَلَا الصِّبْيَانُ وَلَا ابْنَتُهُ الْبِكْرُ وَلَا خَدَمُهُ وَلَا وَصَيْفُهُ ، وَتُعْطَى زَوْجَتُهُ وَوَلَدُهُ الْكَبِيرُ الْبَائِنُ عَنْهُ بِنَفَقَتِهِ ، وَالْجَارُ الْمَمْلُوكُ إنْ كَانَ سَكَنَ بَيْتًا عَلَى حِدَتِهِ أُعْطِيَ كَانَ سَيِّدُهُ جَارًا أَوْ لَا وَلِسَحْنُونٍ يُعْطَى وَلَدُهُ الْأَصَاغِرُ وَأَبْكَارُ بَنَاتِهِ ( لَا ) يُعْطَى مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْجَارِ ( عَبْدٌ ) لِلْجَارِ سَاكِنٌ ( مَعَهُ ) أَيْ الْجَارِ فِي بَيْتِهِ .
( وَفِي ) إعْطَاءِ ( وَلَدٍ صَغِيرٍ ) لِلْجَارِ ( وَ ) إعْطَاءِ بِنْتٍ كَبِيرَةٍ ( بِكْرٍ ) لِلْجَارِ وَعَدَمِ إعْطَائِهِمَا ( قَوْلَانِ ) ابْنُ عَرَفَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ فَهُمْ مِنْ الْمَجْهُولِينَ ، فَمَنْ وُجِدَ يَوْمَ الْقَسْمِ جَارًا دَخَلَ فِي ذَلِكَ ، وَكَذَا لَوْ انْتَقَلَ بَعْضُهُمْ أَوْ كُلُّهُمْ وَحَدَثَ غَيْرُهُمْ أَوْ بَلَغَ صَغِيرًا وَبَلَغَتْ الْبِكْرُ فَذَلِكَ لِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ ، وَكَذَا إنْ كَانَ قَلِيلَ الْجِيرَانِ فَكَثُرُوا ، وَإِنْ كَانَتْ غَلَّةً تُقَسَّمُ فَهِيَ لِمَنْ حَضَرَ قَسْمَهَا فِي كُلِّ غَلَّةٍ .
الْبِسَاطِيُّ حَقِيقَةُ الْجَارِ هُوَ الْمُلَاصِقُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ ، وَالْمُقَابِلُ وَبَيْنَهُمَا شَارِعٌ خَفِيفٌ ، فَلَوْ كَانَ سُوقًا أَوْ نَهْرًا فَلَيْسَ بِجَارٍ .
وَقَيَّدَ فِي التَّوْضِيحِ السُّوقَ بِالْمُتَّسِعِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَالشَّامِلُ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَبْدُ الْمَلِكِ حَدُّ الْجِوَارِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَمَا لَاصَقَ الْمَنْزِلَ مِنْ وَرَائِهِ وَجَنَبَاتِهِ ، وَمَا تَبَاعَدَ بَيْنَ الْعُدْوَتَيْنِ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُمَا السُّوقُ الْمُتَّسِعُ فَلَيْسَ بِجِوَارٍ ، فَإِنَّمَا الْجِوَارُ فِيمَا دَنَا مِنْ أَحَدِ الْعُدْوَتَيْنِ ، وَقَدْ تَكُونُ دَارٌ عُظْمَى ذَاتُ مَسَاكِنَ كَدَارِ مُعَاوِيَةَ وَكَثِيرِ بْنِ

الصَّلْتِ ، فَإِنْ أَوْصَى بَعْضُ أَهْلِهَا لِجِيرَانِهِ اقْتَصَرَ لَهُ عَلَى أَهْلِهَا ، وَإِنْ سَكَنَهَا رَبُّهَا وَهُوَ الْمُوصِي ، فَإِنْ شَغَلَ أَكْثَرَهَا وَسَكَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ فِيهَا فَالْوَصِيَّةُ لِمَنْ كَانَ خَارِجَهَا لَا لِمَنْ فِيهَا ، وَإِنْ سَكَنَ أَقَلَّهَا فَالْوَصِيَّةُ لِمَنْ فِي الدَّارِ فَقَطْ ، وَلَوْ شَغَلَهَا كُلَّهَا بِالْكِرَاءِ فَالْوَصِيَّةُ لِلْخَارِجِينَ مِنْهَا مِنْ جِيرَانِهَا .
وَقَالَ مِثْلَهُ سَحْنُونٌ .
عَبْدُ الْمَلِكِ وَجَارُ الْبَادِيَةِ أَوْسَعُ مِنْ هَذَا ، وَأَشَدُّ بَرَاحًا إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ أَقْرَبُ مِنْهُ لِلْمُوصَى ، وَرُبَّ جَارٍ عَلَى أَمْيَالٍ إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ جِيرَانٌ ، إذَا جَمَعَهُمْ الْمَاءُ فِي الْمَوْرِدِ ، وَالْمَسْرَحُ فِي الْمَاشِيَةِ وَبِقَدْرِ مَا يُجْتَهَدُ فِيهِ وَلِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ الْجِوَارُ فِي الْقُرَى أَنَّ كُلَّ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لَيْسَ لَهَا اتِّصَالٌ فِي الْبِنَاءِ ، وَالْكَثْرَةُ مِنْ الْأَهْلِ وَالْحَارَاتِ فَهُمْ جِيرَانٌ ، وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةَ الْبِنَاءِ كَقَلْشَانَةَ فَهِيَ كَالْمَدِينَةِ فِي الْجِوَارِ ا هـ .

وَالْحَمْلُ فِي الْجَارِيَةِ إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ ؛
( وَ ) إنْ أَوْصَى بِجَارِيَةٍ حَامِلٍ ( دَخَلَ الْحَمْلُ فِي ) الْإِيصَاءِ بِ ( الْجَارِيَةِ ) إنْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فِي كُلِّ حَالٍ ( إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ ) أَيْ الْمُوصِي الْحَمْلَ فِي حَالِ إيصَائِهِ بِهَا فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ كَمَنْ وَضَعَتْهُ فِي حَيَاتِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ يَدْخُلُ الْحَمْلُ فِي الْجَارِيَةِ .
وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ أَمَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ ، وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا فَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَقَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهَا يُعْتَقُ بِعِتْقِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ هُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الشَّيْخِ .
طفي قَوْلُهُ وَالْحَمْلُ فِي الْجَارِيَةِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَشْمَلُ الْمُوصَى بِهَا لِشَخْصٍ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهَا ، وَقَوْلُهُ : إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ خَاصٌّ بِالْمُوصَى بِهَا لِشَخْصٍ ؛ إذْ الْمُوصَى بِعِتْقِهَا لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ حَمْلِهَا ؛ وَلِذَا قَرَّرَهُ تت عَلَى الْمُوصَى بِهَا لِشَخْصٍ لِيَتَأَتَّى الِاسْتِثْنَاءُ .

وَالْأَسْفَلُونَ فِي الْمَوَالِي
( وَ ) إنْ أَوْصَى لِلْمَوَالِي دَخَلَ ( الْأَسْفَلُونَ ) أَيْ الْعُتَقَاءُ ( فِي ) إيصَائِهِ لِ ( مَوَالِي ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ ، هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ .
وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لِلْأَسْفَلَيْنِ فَقَطْ .
فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِمَوَالِي فُلَانٍ ، وَلَهُ مَوَالٍ أَنْعَمُوا عَلَيْهِ وَمَوَالٍ أَنْعَمَ هُوَ عَلَيْهِمْ كَانَ لِمَوَالِيهِ الْأَسْفَلِينَ دُونَ الْأَعْلَيِينَ ، وَلِذَا قَالَ " ج " لَوْ قَالَ : اخْتَصَّ الْأَسْفَلُونَ فِي الْمَوَالِي لَجَرَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قَصْرِهَا عَلَى مَوَالِي الْمُوصَى وَأَوْلَادِهِمْ وَعُمُومِهَا فِيهِمْ وَفِي مَوَالِي أَبِيهِ وَوَلَدِهِ وَإِخْوَتِهِ وَأَعْمَامِهِ رِوَايَتَا الْعُتْبِيَّةِ

وَالْحَمْلُ فِي الْوَلَدِ
( وَ ) إنْ أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ ، وَهِيَ حَامِلٌ يَوْمَ إيصَائِهِ دَخَلَ ( الْحَمْلُ فِي ) إيصَائِهِ بِ ( الْوَلَدِ ) سَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ وَهْبٍ مَنْ قَالَ أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِمَا وَلَدَتْ جَارِيَتِي هَذِهِ أَبَدًا ، فَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ أَوْصَى حَامِلًا فَهُوَ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا يَوْمَ أَوْصَى فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا حَدَثَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ .
ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ وِلَادَتِهَا ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ حَتَّى وَلَدَتْ أَوْلَادًا فَلَهُ كُلُّ مَا وَلَدَتْهُ فِي حَيَاتِهِ كَانَتْ حَامِلًا يَوْمَ أَوْصَى أَوْ لَمْ تَكُنْ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ وَصِيَّتِهِ فِيهِمْ ، فَإِنْ مَاتَ وَهِيَ حَامِلٌ ، وَحَمَلَهَا الثُّلُثُ وَقَفَتْ حَتَّى تَضَعَ فَيَأْخُذَ الْمُوصَى لَهُ بِالْجَنِينِ الْوَلَدَ ثُمَّ يَتَقَاوَمُونَ الْأُمَّ وَالْجَنِينَ ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الْوَرَثَةُ لِلْمُوصَى لَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ لَهُمْ الْجَنِينَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا .
وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يُوقِفُوهَا حَتَّى تَضَعَ ، وَإِنْ كَرِهُوا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَسَقَطَتْ الْوَصِيَّةُ لِضَعْفِهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَ الْوَرَثَةُ الْأَمَةَ وَحَمَلَهَا الثُّلُثُ فَقِيلَ يُعْتَقُ جَنِينُهَا وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَقِيلَ : لَا يَتِمُّ عِتْقُهَا حَتَّى تَضَعَ ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ مَضَى عِتْقُهَا .

وَالْمُسْلِمُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ فِي عَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ
( وَ ) إنْ أَوْصَى لِعَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَهُ عَبِيدٌ مُسْلِمُونَ وَغَيْرُهُمْ دَخَلَ الْعَبْدُ ( الْمُسْلِمُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ فِي ) إيصَائِهِ لِ ( عَبِيدِهِ ) أَيْ الْمُوصِي ( الْمُسْلِمِينَ ) وَمَفْهُومُ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ عَبِيدِهِ بَعْدَهُ لَا يَدْخُلُ ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا عَلِمَ مِنْ أَصْلِهِمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْوَصِيَّةِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ فِيمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ قَالَهُ تت .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا : إنْ قَالَ : إنْ مِتُّ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي مُسْلِمٍ حُرٌّ ، وَلَهُ عَبِيدٌ مُسْلِمُونَ وَنَصَارَى ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا يُعْتَقُ مِنْهُمْ إلَّا مَنْ كَانَ مُسْلِمًا يَوْمَ إيصَائِهِ ، لِأَنِّي لَا أَرَاهُ غَيْرَهُمْ الصِّقِلِّيُّ .
بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَعَلَّهُ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ عِتْقَ الْمُسْلِمِينَ بِأَعْيَانِهِمْ وَإِلَّا فَالْأَشْبَهُ دُخُولُ مَنْ أَسْلَمَ فِي وَصِيَّتِهِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُوصِي فِيمَا يَكُونُ لَهُ يَوْمَ مَوْتِهِ لَا بِأَعْيَانِ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ : إذَا مِتُّ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ ، وَعِنْدَهُ عَبِيدٌ فَبَاعَهُمْ وَاشْتَرَى آخَرِينَ فَمَاتَ عَنْهُمْ نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ فِيهِمْ .
وَاخْتُلِفَ لَوْ اشْتَرَى بَعْدَ إيصَائِهِ عَبِيدًا مُسْلِمِينَ ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : يَدْخُلُونَ فِي وَصِيَّتِهِ ، وَقَالَ أَصْبَغُ : لَا يَدْخُلُونَ .
مُحَمَّدٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي عَبِيدِهِ يَوْمَهُ مُسْلِمُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ أَوْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمًا يَدْخُلُ فِيهَا .
قُلْت : يَرِدُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِأَنْ صَدَقَ الِاسْمُ عَلَى مُسَمَّاهُ .
أَمَّا فِي سِيَاقِ التَّقْسِيمِ أَوْ الْإِطْلَاقِ فَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ فِي تَعْيِينِ الْمُسَمَّى لِقَرِينَةِ التَّقْسِيمِ الْمَلْزُومِ لِاعْتِبَارِ الْخَاصَّةِ الَّتِي تَقَرَّرَ بِهَا التَّقْسِيمُ ، وَالثَّانِي ظَاهِرٌ فِي الْإِطْلَاقِ الْمُسَمَّى لِأَصَالَتِهِ السَّالِمَةِ عَنْ مُوجِبِ التَّعْيِينِ .

لَا الْمَوَالِي فِي تَمِيمٍ ، أَوْ بَنِيهِمْ
( لَا ) يَدْخُلُ ( الْمَوَالِي ) الْأَسْفَلُونَ ( فِي إيصَائِهِ ) لِ ( تَمِيمٍ ) مَثَلًا عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَقَالَ أَشْهَبُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَدْخُلُونَ لِحَدِيثِ { مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ } .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يَدْخُلُ الْمَوَالِي فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَرَابَةِ اتِّفَاقًا ، وَفِي دُخُولِهِمْ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَبِيلَةِ .
ثَالِثُهَا إنْ قَالَ لِتَمِيمٍ وَلِبَنِي تَمِيمٍ : لَا يَدْخُلُونَ .
لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَتِهِ وَتَفْرِقَةِ أَشْهَبَ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ ؛ إذْ مِنْ الْقَبَائِلِ مَنْ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ كَجُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ وَرَبِيعَةَ وَقَيْسٍ .
ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَوْصَى لِمَسَاكِين تَمِيمٍ مَثَلًا دَخَلَ فِيهِمْ مَوَالِيهِمْ .

وَلَا الْكَافِرُ فِي ابْنِ السَّبِيلِ ، وَلَمْ يَلْزَمْ تَعْمِيمٌ ، كَغُزَاةٍ ، وَاجْتَهَدَ ، كَزَيْدٍ مَعَهُمْ

( وَ ) إنْ أَوْصَى مُسْلِمٌ لِابْنِ السَّبِيلِ فَ ( لَا يَدْخُلُ الْكَافِرُ ) الْغَرِيبُ ( فِي ) إيصَاءِ الْمُسْلِمِ لِ ( ابْنِ السَّبِيلِ ) أَيْ الْغَرِيبِ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ إلَّا الْمُسْلِمِينَ ، فَلَوْ كَانَ الْمُوصِي كَافِرًا فَلَا يَدْخُلُ الْمُسْلِمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا الْكَافِرِينَ ( وَ ) إنْ أَوْصَى لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ كَغُزَاةٍ ( لَمْ ) الْأَوْلَى فَلَا ( يَلْزَمْ ) مُتَوَلِّي التَّفْرِقَةِ ( تَعْمِيمٌ كَغُزَاةٍ ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالزَّايِ جَمْعُ غَازٍ ، أَيْ مُجَاهِدٍ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَقْصِدْ لِتَعَذُّرِهِ فَيُعْطِي الْحَاضِرَ مِنْهُمْ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِمَجْهُولِينَ لَا يُعْرَفُ عَدَدُهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ كَبَنِي تَمِيمٍ أَوْ الْمَسَاكِينِ ، فَإِنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ مِنْهُمْ وَتُقَسَّمُ بِالِاجْتِهَادِ لِعِلْمِنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَعْمِيمَهُمْ ( وَاجْتَهَدَ ) مُتَوَلِّي قَسْمِ الْوَصِيَّةِ لِلْمَجْهُولِينَ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ فِيمَا يُعْطِيهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَاضِرِينَ مِنْهُمْ فَلَا يَلْزَمُهُ تَسْوِيَتُهُمْ فِي قَدْرِ مَا يُعْطِيهِمْ .
الْحَطّ إنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُمْ مَجْهُولِينَ غَيْرَ مَحْصُورِينَ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْغُزَاةِ وَبَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي زُهْرَةَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ ، وَلَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ ، بَلْ يُقَسِّمُ عَلَى الْحَاضِرِ مِنْهُمْ بِالِاجْتِهَادِ ، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ وَمَنْ وُلِدَ أَوْ قُدِّمَ قَبْلَهُ اسْتَحَقَّ .
وَمَفْهُومُ كَغُزَاةٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُمْ مُعَيَّنِينَ ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ .
الْحَطّ إنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُمْ مُعَيَّنِينَ كَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَأَوْلَادِ فُلَانٍ ، وَسَمَّاهُمْ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ ، وَمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَحِصَّتُهُ لِوَارِثِهِ وَمَنْ وُلِدَ فَلَا يَدْخُلُ ، ثُمَّ قَالَ : وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُمْ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ ، وَلَمْ يُسَمِّهِمْ الْمُوصِي كَقَوْلِهِ لِأَوْلَادِ فُلَانٍ أَوْ لِإِخْوَتِي وَأَوْلَادِهِمْ أَوْ أَخْوَالِي وَأَوْلَادِهِمْ

فَقِيلَ : هُمْ كَالْمُعَيَّنِينَ فِي لُزُومِ التَّعْمِيمِ وَالتَّسْوِيَةِ ، وَانْتِقَالِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ لِوَارِثِهِ وَعَدَمِ دُخُولِ مَنْ وُلِدَ وَقِيلَ كَالْمَجْهُولِينَ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُقَسَّمُ عَلَى مَنْ حَضَرَ وَلَا شَيْءَ .
لِوَرَثَةِ مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ ، وَيَدْخُلُ مَنْ وُلِدَ قَبْلَهُ وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ ، فَفَهِمَ سَحْنُونٌ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ : لَيْسَا بِقَوْلَيْنِ ، بَلْ مَذْهَبُهُ أَنَّهُ لِمَنْ حَضَرَ وَأَنَّهُ يُقَسَّمُ بِالسَّوِيَّةِ ، قَالَ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَ الظَّاهِرُ أَنَّ فُقَرَاءَ الرِّبَاطِ وَالْمَدْرَسَةِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَشَبَّهَ فِي الِاجْتِهَادِ فَقَالَ ( كَ ) إيصَائِهِ لِمَجْهُولِينَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ كَالْفُقَرَاءِ وَ ( زَيْدٍ مَعَهُمْ ) أَيْ الْمَجْهُولِينَ غَيْرِ الْمَحْصُورَيْنِ فَيَجْتَهِدُ فِيمَا يُعْطِي لِزَيْدٍ مِنْ الْمُوصَى بِهِ .
فِيهَا مَنْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَلِلْمَسَاكِينِ أَوْ فِي السَّبِيلِ ، أَوْ الْفُقَرَاءِ ، أَوْ الْيَتَامَى يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالِاجْتِهَادِ بِحَسَبِ فَقْرِهِ ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ قَسْمِهِ فَلَا شَيْءَ لِوَارِثِهِ وَالثُّلُثُ كُلُّهُ لِلْمَسَاكِينِ

وَلَا شَيْءَ لِوَارِثِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ
( وَلَا شَيْءَ ) مِنْ الْمُوصَى بِهِ ( لِوَارِثِهِ ) أَيْ زَيْدٍ إنْ مَاتَ ( قَبْلَ الْقَسْمِ ) وَصَارَ الْمُوصَى بِهِ كُلُّهُ لِلْغُزَاةِ مَثَلًا وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ زَيْدٌ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا .

وَضُرِبَ لِمَجْهُولٍ فَأَكْثَرَ بِالثُّلُثِ ، وَهَلْ يُقْسَمُ عَلَى الْحِصَصِ قَوْلَانِ

( وَ ) إنْ أَوْصَى بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِمُعَيَّنٍ وَبِعَدَدٍ مِنْهَا لِشِرَاءِ خُبْزٍ وَتَفْرِقَتِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ كُلَّ يَوْمٍ وَبِعَدَدٍ مِنْهُمَا أَيْضًا لِتَسْبِيلِ مَاءٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَمْ يُسَمِّ جُمْلَةَ مَا لِلْخَبَرِ وَلَا جُمْلَةَ مَا لِلْمَاءِ ( ضُرِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ، أَيْ حُوسِبَ فِي تَنْفِيذِ الْوَصَايَا ( لِمَجْهُولٍ ) جُمْلَتُهُ وَاحِدٌ فَأَكْثَرَ ) مِنْ وَاحِدٍ وَصِلَةُ ضَرَبَ ( بِ ) جَمِيعِ ( الثُّلُثِ ) لِمَالِ الْمُوصِي ، وَزِيدَ عَلَيْهِ الْمَعْلُومُ ، وَقُسِّمَ الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا ، فَمَا نَابَ الْمُعَيَّنَ مِنْ الثُّلُثِ أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ بِهِ ، وَمَا نَابَ الْمَجْهُولَ وُقِفَ عِنْدَ أَمِينٍ وَصُرِفَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ الْقَدْرُ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوصِي فِي الْخُبْزِ وَالْمَاءِ حَتَّى يَفْرُغَ .
وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَجْهُولُ فَ ( هَلْ يُقْسَمُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ مَا نَابَ الْمَجْهُولَ الْمُتَعَدِّدَ مِنْ قِسْمَةِ الثُّلُثِ عَلَيْهِ ، وَعَلَى الْمَعْلُومِ ( عَلَى الْحِصَّةِ ) الَّتِي لِكُلِّ مَجْهُولٍ مِنْ مَجْمُوعِ الْمَجْهُولِينَ أَوْ الْمَجْهُولَاتِ أَوْ عَلَى عَدَدِ الْجِهَاتِ الْمَجْهُولَةِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُهَا ، فِي الْجَوَابِ ( قَوْلَانِ ) الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَاجِشُونِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ يُخْرَجُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى غَيْرِ أَمَدٍ مِنْ وَقِيدِ مَسْجِدٍ وَسِقَاءِ مَاءٍ أَوْ خُبْزٍ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا أَبَدًا وَأَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِوَصَايَا فَإِنَّهُ يُحَاصِصُ لِهَذَا الْمَجْهُولِ بِالثُّلُثِ ، وَتُوقَفُ لَهُ حِصَّتُهُ وَأَكْثَرُهُمْ لَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا .
وَفِي الزَّاهِيِّ أَشْهَبُ يُحَاصِصُ لَهُ بِالْمَالِ أَجْمَعَ لِاحْتِمَالِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ ، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ وَ الصِّقِلِّيُّ وَنَحْوُهُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ .
قِيلَ : مَحْمَلُهُ أَنَّ الْمُوصِيَ أَرَادَ جَمِيعَ الْمَالِ فَيُقَالُ لِوَرَثَتِهِ أُجِيزُوا وَصِيَّتَهُ ، فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهَا رَجَعَ لِلثُّلُثِ ، وَقِيلَ مَحْمَلُهَا الثُّلُثُ يُقَالُ لَهُمْ شَيْءٌ ، وَهَذَا أَبْيَنُ .
وَاخْتُلِفَ إنْ

اجْتَمَعَ فِيهَا مَجْهُولَانِ كَعِمَارَةِ مَسْجِدٍ وَإِطْعَامِ مَسَاكِينِ فَقِيلَ هِيَ كَمَجْهُولٍ وَاحِدٍ .
وَقِيلَ لِكُلِّ وَصِيَّةٍ مِنْهَا ثُلُثٌ وَعَزَا الشَّيْخُ الْأَوَّلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ، وَكَذَا الْبَاجِيَّ ، وَحَكَى الصِّقِلِّيُّ الْقَوْلَيْنِ .
وَاخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الْقَسْمِ ، فَعَلَى أَنَّهَا وَصِيَّةٌ وَاحِدَةٌ بِثُلُثٍ وَاحِدٍ يُفَضُّ الثُّلُثُ عَلَى قِيمَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ ، وَعَلَى أَنَّهَا وَصَايَا ، وَلَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ يَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ .
قُلْت عَزَا الصِّقِلِّيُّ التَّخْرِيجَ الْأَوَّلَ لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ ، قَالَ وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لِقَوْلِهِ يُقْسَمُ الثُّلُثُ عَلَى عَدَدِ الْمَجْهُولَاتِ .
اللَّخْمِيُّ وَإِنْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِمَعْلُومِ عَدَدٍ فَذَكَرَ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فِيمَا يُحَاصِصُ بِهِ الْمَجْهُولَ ، إنْ كَانَ وَاحِدٌ فَهَلْ يُحَاصِصُ بِالثُّلُثِ أَوْ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَمَنْ جَعَلَهَا وَصَايَا ضَرَبَ لِكُلِّ مَجْهُولٍ بِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ بِالثُّلُثِ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ لِجَمِيعِهَا ثُلُثًا وَاحِدًا أَحْسَنُ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : وَفِيهَا مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَبِرُبُعِ مَالِهِ وَبِأَشْيَاءَ بِأَعْيَانِهَا لِقَوْمٍ نُظِرَ إلَى قِيمَةِ الْمُعَيَّنَاتِ ، وَإِلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ ، وَقُسِمَ عَلَيْهَا ثُلُثُ الْمَالِ ، فَمَا صَارَ لِأَصْحَابِ الْمُعَيَّنَاتِ أَخَذُوهُ وَمَا صَارَ لِلْآخَرِينَ شَارَكُوا بِهِ الْوَرَثَةَ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57