كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي

الصلاة ولا يتميز انفراده عنه بنوع تعجيل فإنه لا يجوز انفراد المأموم والحالة هذه وإنما يملك الانفراد إذا استفاد به تعجيل لحوقه لحاجته.
قال في الفروع: ولم أجد خلافه فيعايى بها.
قلت: الذي يظهر أن هذه المسألة ليست داخلة في كلامهم لأنهم قالوا لعذر وهنا ليس هذا بعذر فلا يجوز الانفراد.
فائدة : العذر مثل تطويل إمامه أو مرض أو خوف نعاس أو شيء يفسد صلاته أو على مال أو أهل أو فوات رفقة ونحوه.
قال في الفروع وغيره من الأصحاب: العذر ما يبيح ترك الجماعة.
قوله : "وإن كان لغير عذر لم يجز في إحدى الروايتين".
وهو المذهب صححه في التصحيح قال في الهداية وبن تميم لم يجز في أصح الروايتين وجزم به في الوجيز وقدسه في الفروع والكافي والمجد في شرحه ونصره.
والرواية الثانية: يجوز وإليها ميل الشارح وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والنظم وبن منجا في شرحه.
فوائد .
منها : متى زال العذر وهو في الصلاة فله الدخول مع الإمام.
ومنها : لو كان فارقه في القيام أتى ببقية القراءة وإن كان قد قرأ الفاتحة فله أن يركع في الحال وإن ظن في صلاة السر أن الإمام قرأ لم يقرأ على الصحيح من المذهب واختاره المجد وغيره وقدمه في الفروع وغيره وعنه يقرأ لأنه لم يدرك معه الركوع.
ومنها : لو فارقه لعذر وقد صلى معه ركعة في الجمعة أتمها جمعة بركعة أخرى كمسبوق وإن فارقه في الركعة الأولى فقال في الفروع والمجد في شرحه فحكمه حكم المزحوم في الجمعة حتى تفوته الركعتان على ما يأتي في بابها وإن قلنا لا يصح الظهر قبل الجمعة أتم نفلا فقط قال ابن تميم وإن فارقه في الأولى فوجهان أحدهما يتمها جمعة والثاني يصليها ظهرا.
وهل يستأنف أو يبني على وجهين.
وعلى قول أبي بكر لا يصح الظهر قبل الجمعة فيهما فيتمها نفلا سواء فارقه في الأولى أو بعدها انتهى.
وقدم في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير أنه إذا فارقه في الأولى لعذر يتمها جمعة.
قوله : "وإن نوى الإمامة لاستخلاف الإمام له إذا سبقه الحدث صح في ظاهر المذهب".

اعلم أن الإمام إذا سبقه الحدث تبطل صلاته على الصحيح من المذهب كتعمده وعنه تبطل إذا سبقه الحدث من السبيلين ويبني إذا سبقه الحدث من غيرهما وعنه لا تبطل مطلقا فيبني إذا تطهر اختاره الآجري وذكر ابن الجوزي وغيره رواية أنه يخير بين البناء والاستئناف.
وأما المأموم: فتبطل صلاته على الصحيح من المذهب وعنه لا تبطل اختاره ابن تميم وتقدم ذلك.
فحيث قلنا بالصحة فله أن يستخلف على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وهو ظاهر المذهب كما قال المصنف وعنه لا يصح الاستخلاف وأطلقهما في الحاوي.
وحيث قلنا بالبطلان وصحة صلاة المأموم فحكمه في الاستخلاف حكم المسألة التي قبلها على الصحيح من المذهب قال في الفروع وعلى صحتها والأشهر وبطلانها نقله صالح وبن منصور وبن هانئ وقاله القاضي وغيره وذكره في الكافي والمذهب واختار المجد له أن يستخلف على الأصح قال في مختصر ابن تميم هذا الأشهر.
قلت: وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
وقيل: ليس له أن يستخلف هنا وإن جاز الاستخلاف في التي قبلها وهي ما إذا قلنا لا تبطل صلاته واختاره الآمدي وغيره.
وحيث قلنا يستخلف فاستخلف ثم توضأ وحضر ثم صار إماما فعنه يصح وعنه لا يصح وعنه يستأنف وأطلقهن في الفروع في باب صلاة الجماعة.
قلت: الصواب الصحة قياسا على ما إذا أحرم لغيبة إمام الحي ثم حضر على ما يأتي قريبا قال ابن تميم وإن تطهر يعني الإمام قريبا ثم عاد فائتم بهم جاز ولم يحك خلافا قال في الرعاية الكبرى صح في المذهب.
فوائد.
الأولى : المذهب المنصوص عن أحمد أن له أن يستخلف مسبوقا ويحتمله كلام المصنف هنا وقيل لا يصح استخلاف المسبوق اختاره المصنف.
فعلى المذهب: الأولى له أن يستخلف من يسلم بهم ثم يقوم فيأتي بما عليه فتكون هذه الصلاة بثلاثة أئمة.
قال المجد وبن تميم وغيرهما فإن لم يستخلف وسلموا منفردين أو انتظروه حتى سلم بهم جاز نص عليه كله.
وقال القاضي في موضع من المجرد يستحب انتظاره حتى يسلم بهم وقيل لا يجوز سلامهم قبله.

والمذهب المنصوص أيضا عن أحمد أن له أن يستخلف من لم يكن دخل معه أيضا سواء كان في الركعة الأولى أو غيرها.
قال في الفروع: وظاهر الانتصار وغيره يستخلف أميا في تشهد أخير وقيل لا يجوز أن يستخلف هنا.
إذا علمت ذلك فعلى المنصوص في المسألتين يبنى على ما مضى من صلاة الإمام مرتبا على الصحيح من المذهب فإن أدركه في الثانية واستخلفه فيها جلس عقيبها قدمه في الفروع والرعاية والفائق وبن تميم وعنه يخير بين ترتيب إمامه وبين أن يبني على ترتيب نفسه فيجلس عقيب ركعتين من صلاته وهي ثالثة للمأمومين ويتبعونه في ذلك وأطلقهما المجد في شرحه واختاره المجد في الثانية وهي استخلاف من لم يكن دخل معه.
قلت: فيعايى بها.
وأطلقهما المجد في شرحه في المسبوق الذي دخل معه وقال في الذي لم يدخل معه الأظهر فيه التخيير لأنه لم يلتزم المتابعة ابتداء.
الثانية : يبني الخليفة في المسألة الأولى على صلاة الإمام قبله من حيث بلغ.
وأما الخليفة في المسألة الثانية إذا قلنا يبني على ترتيب الأول فإنه يأخذ في القراءة من حيث بلغ الأول على الصحيح من المذهب نص عليه وقدمه المجد في شرحه وبن تميم وبن حمدان في رعايته.
وقال بعض الأصحاب لا بد من قراءة ما فاته من الفاتحة سرا وجزم به في الفروع وهي عجيب منه.
قال المجد في شرح الهداية: والصحيح عندي أنه يقرأ سرا ما فاته من فرض القراءة لئلا تفوته الركعة ثم يبني على قراءة الأول جهرا إن كانت صلاة جهر.
وقال عن المنصوص لا وجه له عندي إلا أن يقول معه بأن هذه الركعة لا يعتد له بها لأنه لم يأت فيها بفرض القراءة ولم يوجد ما يسقطه عنه لأنه لم يصر مأموما بحال أو يقول إن الفاتحة لا تتعين فيسقط فرض القراءة بما يقرأه انتهى.
وقال الشارح وينبغي أن تجب عليه قراءة الفاتحة ولا يبنى على قراءة الإمام لأن الإمام لم يتحمل القراءة هنا.
الثالثة : من استخلف فيما لا يعتد له به اعتد به للمأموم ذكره بعض الأصحاب وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وقدمه في الرعاية.
وقال ابن تميم: لو استخلف مسبوقا في الركوع لغت تلك الركعة وقاله جماعة كثيرة وقدمه في الرعاية أيضا.

وقال ابن حامد إن استخلفه في الركوع أو بعده قرأ لنفسه وانتظره المأموم ثم ركع ولحق المأموم.
الرابعة : لو أدى الإمام جزءا من صلاته بعد حدثه مثل أن يحدث راكعا فرفع رأسه وقال "سمع الله لمن حمده" أو حدث ساجدا فرفع وقال "الله أكبر" لم تبطل صلاته إن قلنا يبنى ظاهر كلامهم يبطل ولو لم يرد أداء ركن قاله في الفروع واشتبهت المسألة على بعضهم فزاد ونقص.
الخامسة : لو لم يستخلف الإمام وصلوا وحدانا صح واحتج الإمام أحمد بأن معاوية لما طعن صلى الناس وحدانا وإن استخلفوا لأنفسهم صح على الصحيح من المذهب ونص عليه وعنه لا يصح وإن استخلف كل طائفة رجلا أو استخلف بعضهم وصلى الباقون فرادى فلا بأس.
السادسة : حكم من حصل له مرض أو خوف أو حصر عن القراءة الواجبة أو قصر ونحوه قال في الفروع: وظاهره وجنون وإغماء وصرح به القاضي وغيره في الإغماء والموت والمتيمم إذا رأى الماء وقال في الترغيب وغيره أو بلا عذر حكم من سبقه الحدث في الاستخلاف على ما تقدم.
قوله : "وإن سبق اثنان ببعض الصلاة فائتم أحدهما بصاحبه في قضاء ما فاتهما فعلى وجهين".
وحكى بعضهم الخلاف روايتين منهم ابن تميم وأطلقهما في المستوعب والمذهب والكافي والمحرر والفروع والفائق وبن منجا في شرحه.
أحدهما يجوز ذلك وهو المذهب قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم لما حكوا الخلاف هنا بناء على الاستخلاف وتقدم جواز الاستخلاف على الصحيح من المذهب وجزم بالجواز هنا في الوجيز والإفادات والمنور وغيرهم وصححه في التصحيح والنظم وتصحيح المحرر وقدمه في الهداية والتلخيص والرعاية وبن تميم قال المجد في شرحه هذا ظاهر رواية مهنا.
والوجه الثاني : لا يجوز قال المجد في شرحه: هذا منصوص أحمد في رواية صالح وعنه لا يجوز هنا وإن جوزنا الاستخلاف اختاره المجد في شرحه وفرق بينها وبين مسألة الاستخلاف من وجهين.
فائدة : وكذا الحكم والخلاف والمذهب لو أم مقيم مثله إذا سلم مسافر ذكره في الفروع وغيره.
تنبيه : يستثنى من كلام المصنف وغيره ممن أطلق المسبوق في الجمعة فإنه لا يجوز ائتمام مسبوق بمسبوق فيها قطع به الجمهور لأنها إذا أقيمت بمسجد مرة لم تقم فيه ثانية وذكر

ابن البنا في شرح المجرد: أن الخلاف جار في الجمعة أيضا ويحتمله كلام المصنف وغيره.
قوله : "وإن كان لغير عذر لم يصح".
قال في الفروع: وبلا عذر السبق كاستخلاف الإمام بلا عذر قال في النكت: صرح في المغني بأن هذه المسألة تخرج على مسألة الاستخلاف قال وعلى هذا يكون كلامه في المقنع عقيب هذه المسألة وإن كان لغير عذر لم يصح في هذه المسألة ومسألة الاستخلاف لأن المسألتين في المغني واحدة ذكره المجد في شرحه وذكر بعضهم في الاستخلاف لغير عذر روايتين انتهى.
وقال الشارح: وإن كان لغير عذر لم يصح إذا انتقل عن إمامه إلى إمام آخر فائتم به أو صار المأموم إماما لغيره من غير عذر.
قوله : "وإن أحرم إماما لغيبة إمام الحي ثم حضر في أثناء الصلاة فأحرم بهم وبنى على صلاة خليفته فصار الإمام مأموما فهل يصح على وجهين".
وأطلقهما في المذهب والكافي والشرح وشرح المجد وشرح ابن منجا والفائق.
أحدهما : يصح وهو المذهب نص عليه في رواية أبي الحارث جزم به في الوجيز والإفادات والمنور وصححه في التصحيح واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الفائق قال ابن رزين في شرحه: وهو أظهر.
والثاني : لا يصح قال في الفصول: هو الأصح عند شيخنا أبي يعلى قال المجد: وهو مذهب أكثر العلماء وعنه يصح من الإمام الأعظم دون غيره وأطلقهن في المغني والشرح والفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين والنظم.
تنبيه : حكى المصنف الخلاف هنا أوجها وكذا حكاه في الشرح والكافي وشرح المجد وبن منجا والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وقدمه في الرعاية.
الكبرى وحكاه روايات في المغني والشرح في باب صلاة الجماعة ومجمع البحرين والحاوي الكبير وبن تميم وقدمه في الفروع وقال في ذلك روايات منصوصة وتقدم إذا سبقه الحدث فاستخلف ثم صار إماما.
فائدتان.
إحداهما : الخلاف في الجواز كالخلاف في الصحة.
الثانية: قال المجد في شرحه وبن تميم وصاحب مجمع البحرين: لا تختلف الروايات عن الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من مرضه بعد دخول أبي بكر في الصلاة أنه كان إماما لأبي بكر وأبو بكر كان إماما للناس وفي جواز ذلك ثلاث روايات فكانت الصلاة بإمامين

وصرح ابن رجب في شرح البخاري بذلك.
قال في مجمع البحرين: أصح الروايات أن ذلك خاص به عليه أفضل الصلاة والسلام واختاره أبو بكر وغيره.
وقال في الرعاية الكبرى: وقيل كان النبي صلى الله عليه وسلم إمام أبي بكر وأبو بكر إمام الناس وقيل كان أبو بكر إماما والنبي صلى الله عليه وسلم عن يسار أبي بكر لأن وراءهما صفا وفي جوازه وجهان انتهى ويأتي الخلاف إذا كان عن يسار الإمام وخلفه صف في الموقف.

باب صفة الصلاة
.
تنبيه : ظاهر قوله : "السنة أن يقوم إلى الصلاة إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة".
أنه يقوم عند كلمة الإقامة سواء رأى الإمام أو لم يره وسواء كان الإمام في المسجد أو قريبا منه أو لا وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره وهو رواية عن الإمام أحمد.
قال في الفروع: جزم به بعضهم وقدمه في الفائق.
والصحيح من المذهب أن المأموم لا يقوم حتى يرى الإمام إذا كان غائبا.
وتقدم غيرها إذا كان الإمام في المسجد سواء رآه أو لم يره وعليه جمهور الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره وصححه المجد وغيره.
وقال المصنف إن أقيمت وهو في المسجد أو قريبا منه قاموا عند ذكر الإقامة وإن كان في غيره ولم يعلموا قربه لم يقوموا حتى يروه.
وقيل: لا يقومون إذا كان الإمام في المسجد حتى يروه وذكره الآجري عن أحمد.
وقيام المأموم عند قوله: قد قامت الصلاة من المفردات.
قوله : "ثم يسوي الإمام الصفوف".
هكذا عبارة كثير من الأصحاب في كتبهم وقال في الإفادات والتسهيل ويسوي الإمام صفه.
إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب وعليه الأصحاب أن تسوية الصفوف سنة وظاهر كلام الشيخ تقي الدين وجوبه وقال مراد من حكاه إجماعا استحبابه لا نفي وجوبه.
وذكر في النكت الأحاديث الواردة في ذلك وقال هذا ظاهر في الوجوب وعلى هذا بطلان الصلاة به محل نظر انتهى.
وقال في الفروع: ويحتمل أن يمنع الصحة ويحتمل لا.
قلت: وهو الصواب.

فوائد.
الأولى : التسوية المسنونة في الصفوف هي محاذاة المناكب والأكعب دون أطراف الأصابع.
الثانية : يستحب تراص الصفوف وسد الخلل الذي فيها وتكميل الصف الأول فالأول فلو ترك الأول كره على الصحيح من المذهب وهو المشهور قال في النكت: هذا المشهور وهو أولى وعند ابن عقيل لا يكره لأنه اختار أنه لا يكره تطوع الإمام في موضع المكتوبة وقاسه على ترك الصف الأول للمأمومين وأطلق الوجهين في الكراهة في الفروع.
الثالثة : قال في النكت: يدخل في إطلاق كلامهم لو علم أنه إذا مشى إلى الصف الأول فاتته ركعة وإن صلى في الصف المؤخر لم تفته قال: لكن هي في صورة نادرة ولا يبعد القول بالمحافظة على الركعة الأخيرة وإن كان غيرها مشى إلى الصف الأول وقد يقال يحافظ على الركعة الأولى والأخيرة وهذا كما قلنا لا يسعى إذا أتى الصلاة للخبر المشهور.
قال: الإمام أحمد: فإن أدرك التكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع ما لم يكن عجل لفتح.
قال: وقد ظهر مما تقدم أنه يعجل لإدراك الركعة الأخيرة لكن هل يقيد المسألتان بتعذر الجماعة فيه تردد انتهى.
قال في الفروع وظاهر كلامهم: يحافظ على الصف الأول وإن فاتته ركعة قال: ويتوجه المحافظة على الركعة من نصه يسرع إلى التكبيرة الأولى قال: والمراد من إطلاقهم إذا لم تفته الجماعة مطلقا وإلا حافظ عليها فيسرع لها انتهى.
الرابعة: الصف الأول ويمين كل صف للرجال أفضل قال الأصحاب: وكلما قرب من الإمام فهو أفضل وكذا قرب الأفضل والصف منه.
وقال في الفروع: ويتوجه احتمال أن بعد يمينه ليس أفضل من قرب يساره قال: ولعله مرادهم.
الخامسة : قال بعض الأصحاب: الأفضل تأخير المفضول والصلاة مكانه قال ابن رزين في شرحه: يؤخر الصبيان نص عليه وجزم به في المغني والشرح قال في الفروع وظاهر كلامهم في الإيثار بمكانه وفيمن سبق إلى مكان ليس له ذلك وصرح به غير واحد منهم المجد في شرحه.
قلت: وهو الصواب ويأتي ذلك أيضا في باب الجماعة في الموقف.
السادسة : الصف الأول هو ما يقطعه المنبر على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب

قال في رواية أبي طالب والمروذي وغيرهما المنبر لا يقطع الصف وعنه الصف الأول هو الذي يلي المنبر ولم يقطعه حكى هذا الخلاف كثير من الأصحاب.
وقال ابن رجب في شرح البخاري: المنصوص عن أحمد: أن الصف الأول هو الذي يلي المقصورة وما تقطعه المقصورة فليس بأول نقله المروذي وأبو طالب وبن القاسم وغيرهم ثم قال: ورجح كثير من الأصحاب أنه الذي يلي الإمام بكل حال قال: ولم أقف على نص لأحمد به انتهى مع أنه اختاره.
السابعة: ليس بعد الإقامة وقبل التكبير دعاء مسنون نص عليه وعنه أنه كان يدعو بينهما ويرفع يديه.
قوله : "ثم يقول الله أكبر لا يجزئه غيرها".
يعني لا يجزئه غير هذا اللفظ ويكون مرتبا وهذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: يجزئه "الله الأكبر والله الأعظم" جزم به في الرعاية الكبرى وجزم في الحاوي الكبير بالإجزاء في "الله الأكبر" وقيل: يجزئه "الأكبر الله أو الكبير الله أو الله الكبير" ذكرهما في الرعاية وقال في التعليق "أكبر" كالكبير لأنه إنما يكون أبلغ إذا قيل أكبر من كذا وهذا لا يجوز على الله قال في الفروع: كذا قال.
تنبيه : من شرط الإتيان بقول "الله أكبر" أن يأتي به قائما إن كانت الصلاة فرضا وكان قادرا على القيام فلو أتى ببعضه راكعا أو أتى به كله راكعا أو كبر قاعدا أو أتمه قائما لم تنعقد فرضا وتنعقد نفلا على الصحيح من المذهب وقيل لا تنعقد أيضا وقيل لا تنعقد ممن كملها راكعا فقط وأطلقهن ابن تميم وبن حمدان.
فعلى الأول: يدرك الركعة إن كان الإمام في نفل ذكره القاضي واقتصر عليه في الفروع.
ويأتي حكم ما لو كبر للركوع أو لغيره أو سمع أو حمد قبل انتقاله أو كمله بعد انتهائه عند قوله: "ثم يرفع يديه ويركع مكبرا".
فائدة : لو زاد على التكبير كقوله "الله أكبر كبيرا أو الله أكبر وأعظم أو وأجل" ونحوه كره جزم به في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال المصنف في المغني والشرح وبن رزين وغيرهم: لم يستحب نص عليه وكذا قال ابن تميم وقال في الفروع: والزيادة على التكبير قيل: يجوز وقيل يكره.
قوله : "فإن لم يحسنها لزمه تعلمها".
بلا نزاع من حيث الجملة والصحيح من المذهب أنه يلزمه تعلمها في مكانه أو ما قرب منه فقط جزم به في الرعاية الكبرى وقيل يلزمه ولو كان باديا بعيدا فيقصد البلد لتعلمها فيه وأطلقهما في الفروع.

قوله : "فإن خشي فوات الوقت كبر بلغته".
وكذا إن عجز وهذا المذهب وعليه الجمهور وقطع به أكثرهم وعنه لا يكبر بلغته ذكرها القاضي في التعليق واختاره الشريف أبو جعفر نقله عنه القاضي أبو الحسين.
وكذا حكم التسبيح في الركوع والسجود وسؤال المغفرة والدعاء قاله في.
القاعدة العاشرة وذكره في المحرر قولا وذكره الآمدي وبن تميم وجها.
فعليه يحرم بلغته على الصحيح وقيل يجب تحريك لسانه وعلى المذهب لو كان يعرف لغات فقال في المنور: يقدم السرياني ثم الفارسي ثم التركي وهذا الصحيح عند من ذكر الخلاف في ذلك ويخير بين التركي والهندي قال في الرعايتين والحاوي الصغير: فإن عرف لسانا فارسيا وسريانيا فأوجه.
الثالث : يخير بينهما ويقدمان على التركي وقيل يتخير بين الثلاثة ويخير بين التركي والهندي قال في الرعاية الكبرى: قلت: إن لم يقدما عليه وأطلقهن ابن تميم وقال ذكر ذلك كله بعض أصحابنا.
قلت: وأكثر الأصحاب لم يذكروا ذلك بل أطلقوا فيجزيه التكبير بأي لغة أراد.
فائدتان.
إحداهما: لو كان أخرس أو مقطوع اللسان كبر بقلبه ولا يحرك لسانه قال الشيخ تقي الدين: ولو قيل ببطلان الصلاة بذلك كان أقوى وقيل يجب تحريك لسانه بقدر الواجب ذكره القاضي وجزم به في التلخيص والإفادات فإن عجز أشار بقلبه وكذا حكم القراءة والتسبيح ونحوه.
وقيل: لا يحرك لسانه إلا في التكبير فقط قال ابن تميم: وهو ظاهر كلام الشيخ يعني به المصنف.
الثانية : الحكم فيمن عجز عن التعلم بالعربية في كل ذكر مفروض كالتشهد الأخير والسلام ونحوه كالحكم فيمن عجز عن تكبيرة الإحرام بالعربية فإنه يأتي به بلغته.
وأما المستحب فلا يترجم عنه فإن فعل بطلت صلاته نص عليه وقيل إن لم يحسنه بالعربية أتى به بلغته.
تنبيه : قوله: "ويجهر الإمام بالتكبير كله ويسر غيره به".
يعني يستحب للإمام الجهر بالتكبير كله ويكره لغيره الجهر به من غير حاجة فإن كان ثم حاجة لم يكره بل يستحب بإذن الإمام وغير إذنه وبالتحميد.

قوله : "وبالقراءة بقدر ما يسمع نفسه".
يعني أنه يجب على المصلي أن يجهر بالقراءة في صلاة السر وفي التكبير وما في معناه بقدر ما يسمع نفسه وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم واختار الشيخ تقي الدين الاكتفاء بالإتيان بالحروف وإن لم يسمعها وذكره وجها في المذهب.
قلت" والنفس تميل إليه.
واعتبر بعض الأصحاب سماع من بقربه قال في الفروع: ويتوجه مثله في كل ما يتعلق بالنطق كطلاق وغيره.
قلت: وهو الصواب.
تنبيه : مراده بقوله: "بقدر ما يسمع نفسه" إن لم يكن ثم مانع كطرش أو أصوات يسمعها تمنعه من سماع نفسه فإن كان ثم مانع أتي به بحيث يحصل السماع مع عدم المعارض.
قوله : "ويرفع يديه مع ابتداء التكبير" هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه يرفعها قبل ابتداء التكبير ويخفضهما بعده وقيل يتخير بينهما قال في الفروع: وهو أظهر.
قوله : "ممدودة الأصابع مضموما بعضها إلى بعض".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه مفرقة.
فائدة : يستحب أن يستقبل ببطون أصابع يديه القبلة حال التكبير على.
الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقيل:قائمة حال الرفع والحط وذكره في الفروع قال الناظم: وللبيت لا للأذن واجه بأجود.
قوله : "إلى حذو منكبيه وإلى فروع أذنيه".
هذا إحدى الروايات يعني أنه يخير واختاره الخرقي وجزم به في العمدة والكافي والجامع الصغير والشرح وتجريد العناية والبلغة والنظم والإفادات وبن رزين وقال لا خلاف فيه وغيرهم قال في الفروع: وهو أشهر وقدمه في التلخيص.
وعنه: يرفعهما إلى حذو منكبيه فقط وهو المذهب قال الزركشي: هو المشهور وجزم به في الوجيز والتسهيل والمذهب الأحمد والمنور والمنتخب ونظم النهاية وغيرهم وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر وإدراك الغاية وبن تميم والفروع والرعايتين والحاويين ومسبوك الذهب واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وعنه: إلى فروع أذنيه اختارها الخلال وأطلقهن في المذهب.

وعنه: إلى صدره ونقل أبو الحارث يجاوز بهما أذنيه وقال أبو حفص يجعل يديه حذو منكبيه وإبهاميه عند شحمة أذنيه وقاله القاضي في التعليق وقال أومأ إليه أحمد.
وقال في الحاويين: والأولى أن يحاذي بمنكبيه كوعيه وبإبهاميه شحمتي أذنيه وبأطراف أصابعه فروع أذنيه.
فائدتان .
إحداهما : قال في الفروع: ولعل مرادهم أن تكونا في حال الرفع مكشوفتان فإنه أفضل هنا وفي الدعاء.
الثانية : قال ابن شهاب: رفع اليدين إشارة إلى رفع الحجاب بينه وبين ربه كما أن السبابة إشارة إلى الوحدانية.
قوله : "ثم يضع كف يده اليمنى على كوع اليسرى".
هذا المذهب نص عليه وعليه جمهور الأصحاب وقال في التلخيص والبلغة ثم يرسلهما ثم يضع اليمنى على اليسرى.
ونقل أبو طالب يضع بعض يده على الكف وبعضها على الذراع.
وجزم بمثله القاضي في الجامع وزاد والرسغ والساعد قال ويقبض بأصابعه على الرسغ وفعله الإمام أحمد.
فائدة : معنى ذلك ذل بين يدي عز نقله أحمد ابن يحيى الرقي عن الإمام أحمد.
قوله : "ويجعلهما تحت سرته".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه يجعلهما تحت صدره وعنه يخير اختاره صاحب الإرشاد والمحرر وعنه يرسلهما مطلقا إلى جانبيه وعنه يرسلهما في النفل دون الفرض.
زاد في الرعاية في الرواية الجنازة مع النفل ونقل عن الخلال أنه أرسل يديه في صلاة الجنازة.
قوله : "وينظر إلى موضع سجوده".
الصحيح من المذهب أن النظر إلى موضع سجوده مستحب في جميع حالات الصلاة وعليه أكثر الأصحاب.
وقال القاضي وتبعه طائفة من الأصحاب ينظر إلى موضع سجوده إلا حال إشارته في التشهد فإنه ينظر إلى سبابته.

فائدة .
الذي يظهر: أن مراد من أطلق في هذا الباب غير صلاة الخوف إذا كان العدو في القبلة فإنهم لا ينظرون إلى موضع سجودهم وإنما ينظرون إلى العدو وكذا إذا اشتد الخوف أو كان خائفا من سيل أو سبع أو فوت الوقوف بعرفة أو ضياع ماله وشبه ذلك مما يحصل له به ضرر إذا نظر إلى موضع سجوده فإنهم لا ينظرون في هذه الحالات إلى موضع سجودهم بل لا يستحب ولو قيل بتحريم ذلك لكان قويا بل لعله مرادهم.
وهذا في النظر هو الصواب الذي لا يعدل عنه فإن فعل ذلك واجب في بعض الصور والنظر إلى موضع سجوده مستحب فلا يترك الواجب لأمر مستحب وهو واضح.
قوله : "ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك".
هذا الاستفتاح هو المستحب عند الإمام أحمد وجمهور أصحابه وقطع به أكثرهم واختار الآجري الاستفتاح بخبر علي رضي الله عنه كله وهو وجهت وجهي إلى آخره واختار ابن هبيرة والشيخ تقي الدين جمعهما واختار الشيخ تقي الدين أيضا أنه يقول هذا تارة وهذا أخرى.
قلت: وهو الصواب جمعا بين الأدلة.
قوله : "ثم يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".
وكيفما تعوذ من الوارد فحسن لكن أكثر الأصحاب على أنه يستعيذ كما قال المصنف وعنه يقول مع ذلك "إن الله هو السميع العليم" اختاره أبو بكر في التنبيه والقاضي في المجرد وبن عقيل.
وعنه: يقول "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم" جزم به في.
البلغة والمحرر وقدمه في التلخيص والرعاية الصغرى والفائق.
وعنه يزيد معه "إن الله هو السميع العليم" جزم به في الهداية والمستوعب والخلاصة واختاره ابن أبي موسى.
قوله : "ثم يقول بسم الله الرحمن الرحيم وليست من الفاتحة".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه قال المصنف والشارح: هي المنصورة عند أصحابنا.
وعنه أنها من الفاتحة اختارها أبو عبد الله ابن بطة وأبو حفص العكبري وأطلقهما في المستوعب والكافي.
فعلى المذهب: هي قرآن وهي آية فاصلة بين كل سورتين سوى براءة وهذا المذهب

وعليه جمهور الأصحاب وفي كلا المصنف إشعار بذلك لقوله: "ثم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم".
وعنه ليست قرآنا مطلقا بل هي ذكر قال ابن رجب في تفسير الفاتحة: وفي ثبوت هذه الرواية عن أحمد نظر.
فائدة .
ليست البسملة آية من أول كل سورة سوى الفاتحة بلا نزاع قال الزركشي: وغيره ولا خلاف عنه نعلمه أنها ليست آية من أول كل سورة إلا في الفاتحة وجزم به في الفروع والرعاية وبن تميم وغيرهم.
تنبيه ظاهر قوله: "ولا يجهر بشيء من ذلك" أنه لا يجهر بالبسملة سواء قلنا هي من الفاتحة أو لا وهو صحيح وصرح به المجد في شرحه وقال الرواية لا تختلف في ترك الجهر وإن قلنا هي من الفاتحة وصرح به ابن حمدان وبن تميم وبن الجوزي وصاحب التلخيص والزركشي وغيرهم وقدموه وعليه الجمهور فيعايى بها.
وحكى ابن حامد وأبو الخطاب وجها في الجهر بها إن قلنا هي من الفاتحة وذكره ابن عقيل في إشاراته.
وعنه أنه يجهر بها وعنه: أنه يجهر بها في المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وعنه يجهر بها في النفل فقط وقاله القاضي أيضا.
واختار الشيخ تقي الدين أنه يجهر بها وبالتعوذ والفاتحة في الجنازة ونحوها أحيانا وقال هو المنصوص تعليما للسنة وقال يستحب ذلك للتأليف كما استحب الإمام أحمد ترك القنوت في الوتر تأليفا للمأموم.
فائدة .
يخير في غير الصلاة في الجهر بها نص عليه في رواية الجماعة قال القاضي: كالقراءة والتعوذ وعنه يجهر وعنه لا يجهر ويأتي إذا عطس فقال "الحمد لله رب العالمين" أو قال عند رفع رأسه من الركوع "ربنا ولك الحمد" ينوي بذلك العطسة والقراءة أو الذكر عند قوله: "فإذا قام قال "ربنا ولك الحمد".
تنبيه : قوله : "ثم يقرأ الفاتحة وفيها إحدى عشرة تشديدة".
يأتي هل تتعين الفاتحة أم لا؟.
قوله : "فإن ترك ترتيبها".
لزمه استئنافها الصحيح من المذهب أن ترتيب قراءة الفاتحة ركن تبطل الصلاة بتركه مطلقا وعليه جماعة الأصحاب وقطع به أكثرهم وقيل يتسامح إذا ترك ترتيبها سهوا.

قوله : "أو تشديدة منها".
يعني إذا ترك تشديدة منها "لزمه استئنافها" وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وقال القاضي في الجامع الكبير إن ترك التشديد لم تبطل صلاته وقال ابن تميم وغيره لا خلاف في صحتها مع تليينه أو إظهار المدغم.
قال في الكافي: وإن خفف الشدة صح لأنه كالنطق به مع العجلة وهو قول في الفروع غير قول ترك التشديد.
تنبيهان.
أحدهما : مفهوم قوله: "أو قطعها بذكر كثير أو سكوت طويل لزمه استئنافها" أنه إذا كان يسيرا لا يلزمه استئنافها وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور وقيل يلزمه أيضا اختاره القاضي في العمد.
الثاني : محل قوله: "أو قطعها بذكر كثير أو سكوت طويل" إذا كان عمدا فلو كان سهوا عفى عنه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره وجزم به في الكافي وغيره.
قال ابن تميم: لو سكت كثيرا نسيانا أو نوما أو انتقل إلى غيرها غلطا فطال بنى على ما قرأ منها وقيل لا يعفى عن شيء من ذلك.
قلت: وهو ظاهر كلام المصنف هنا وجزم به ابن منجا في شرحه فيما إذا كان عن غفلة أو ارتج عليه.
ومحل ذلك أيضا أن يكون غير مشروع فلو كان القطع أو السكوت مشروعا كالتأمين وسجود التلاوة والتسبيح للتنبيه ونحوه أو لاستماع قراءة الإمام لم يعتبر ذلك وإن طال.
ويأتي التنبيه على هذا الأخير عند قوله: "ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام".
ولا تبطل بنية قطعها مطلقا على الصحيح من المذهب وقيل تبطل إذا سكت واختاره القاضي.
قوله : "فإذا قال ولا الضالين قال آمين".
في محل قول المأموم آمين وجهان.
أحدهما : يقوله الإمام والمأموم معا قاله المصنف في المغني والكافي والمجد.
في شرحه والشارح وبن تميم والزركشي وهو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
والوجه الثاني: يقوله بعد الإمام وقدمه في الرعايتين والحاويين والحواشي وتجريد العناية.
قلت وهو الأظهر وأطلقهما في الفروع.
قوله : "يجهر بها الإمام والمأموم".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وهو من المفردات وعنه ترك الجهر.

فائدة : لو ترك الإمام التأمين أتى به المأموم جهرا ليذكره وكذا لو أسره الإمام جهر به المأموم.
قوله : "فإن لم يحسن الفاتحة وضاق الوقت عن تعلمها قرأ قدرها في عدد الحروف".
هذا أحد الوجوه قدمه في الهداية والخلاصة والهادي والتلخيص والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية وتجريد العناية وأنكر بعضهم هذا الوجه وعلى تقدير صحته ضعفه.
وقيل: يقرأ قدرها في عدد الحروف والآيات وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور والمنتخب قال الشارح وهو أظهر وصححه المجد في شرحه وتصحيح المحرر واختاره القاضي وبن عقيل وقدمه في الفروع والنظم.
وقيل: يقرأ قدرها في عدد الآيات من غيرها قدمه في مسبوك الذهب وأطلقه هو والأول في المذهب وأطلق هذا والذي قبله في المستوعب والكافي والمغني والمحرر وبن تميم والفائق وفي بعض نسخ المقنع قرأ قدرها في عدد الآيات من غيرها وفي عدد الحروف وجهان.
وقيل: يقرأ بعدد حروفها وآياتها جزم به في الإفادات واختاره بعض المتأخرين وقيل يجزئ آية.
تنبيه : ظاهر قوله: "قرأ قدرها إذا ضاق الوقت عن تعلمها" أنه يسقط تعلمها إذا خاف فوات الوقت وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور.
وقال الشيرازي لا يسقط تعلمها لخوف فوات الوقت ولا يصلى بغيرها إلا أن يطول زمن ذلك.
قوله : "فإن لم يحسن إلا آية كررها بقدرها".
على الخلاف المتقدم وهذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب سواء كانت الآية من الفاتحة أو من غيرها ويحتمله كلام المصنف وعنه يجزئ قراءتها من غير تكرار اختارها ابن أبي موسى وقيل يقرأ الآية ويأتي بقدر بقية الفاتحة من الذكر وقال ابن منجا في شرحه يحتمل قوله: "فإن لم يحسن إلا آية" أن تكون من الفاتحة ويحتمل أنه أراد من غيرها وما قلناه من الاحتمال الأول أعم وأولى.
فائدة : لو كان يحسن آية من الفاتحة وشيئا من غيرها فالصحيح من المذهب أنه يكرر الآية التي من الفاتحة بقدرها وقيل يقرأ الآية والشيء الذي من غيرها من غير تكرار إن كان قدر الفاتحة وإلا كرر بقدرها لكن قال في الرعاية: إن كان الذي يحسنه من آخر الفاتحة فليجعل قراءته أخيرا وأطلقهما المجد في شرحه وبن تميم.

تنبيه : ظاهر كلام المصنف وكلام غيره أنه لو كان يحسن بعض آية أنه لا يكررها وهو صحيح جزم به المصنف في المغني والشارح وبن تميم وغيرهم.
وقيل: هو كالآية قال في الرعاية: وقيل: إن عرف بعض آية لا يلزمه تكرار فظاهره أن المقدم خلاف ذلك.
قوله : "فإن لم يحسن شيئا من القرآن لم يجز أن يترجم عنه بلغة أخرى".
وهو المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وقيل: يجوز الترجمة عنه بغير العربية إذا لم يحسن شيئا من القرآن.
قوله : "ولزمه أن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله".
وكذا قال في الكافي والهادي. وافق المصنف هنا على زيادة "ولا حول ولا قوة إلا بالله" صاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمذهب الأحمد والتلخيص والخلاصة والنظم والوجيز والرعايتين والحاويين وبن تميم وزاد في المستوعب والبلغة العلي العظيم.
والذي قدمه في الفروع أنه لا يقول "ولا حول ولا قوة إلا بالله" في تجريد العناية وجزم به في المحرر والفائق والمنور وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
وعنه يكرر هذا بقدر الفاتحة أو يزيد على ذلك شيئا من الثناء والذكر بقدر الفاتحة وذكره في الحاوي الكبير عن بعض الأصحاب وقطع به الصرصرى في زوائد الكافي قال في المذهب لزمه أن يقول "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله" ويكرره أو يضيف إليه ذكرا آخر حتى يصير بقدر الفاتحة قال في مسبوك الذهب ويكرره بقدر الفاتحة وما قاله في المذهب هو قول ابن عقيل.
وقال القاضي يأتي بالذكر المذكور ويزيد كلمتين من أي ذكر شاء ليكون سبعا.
وقال الحلواني يحمد ويكبر وقال ابنه في تبصرته يسبح ونقله صالح وغيره.
ونقل ابن منصور يسبح ويكبر ونقل الميموني يسبح ويكبر ويهلل ونقل عبد الله يحمد ويكبر ويهلل.
قال في الفروع واحتج أحمد بخبر رفاعة.
فدل أنه لا يعتبر الكل رواية واحدة ولا شيء معين.

قوله : "فإن لم يحسن إلا بعض ذلك كرره بقدره".
يعني بقدر الذكر وهو المذهب وقيل يكرره بقدر الفاتحة ذكره في الرعاية الكبرى.
وقال ابن تميم فإن لم يحسن إلا بعض ذلك كرره بقدره وفيه وجه يجزيه التحميد والتهليل والتكبير.
قوله : "فإن لم يحسن شيئا من الذكر وقف بقدر القراءة".
كالأخرس وهذا بلا نزاع في المذهب أعلمه لكن يلزم من لا يحسن الفاتحة والأخرس الصلاة خلف قارئ فإن لم يفعلا مع القدرة لم تصح صلاتهما في وجه وجزم به الناظم.
قلت: فيعايى بها.
والصحيح من المذهب خلاف ذلك على ما يأتي في الإمامة.
وقال في الفروع: ويتوجه على الأشهر يلزم غير حافظ أن يقرأ في المصحف.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أنه لا يجب عليه تحريك لسانه وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وأوجبه القاضي.
قال ابن رجب في القاعدة الثامنة: وهو بعيد جدا انتهى وهو كما قال: بل لو قيل ببطلان الصلاة بذلك إذا كبر لكان متجها فإن هذا كالعبد.
وتقدم نظير ذلك للشيخ تقي الدين في تكبيرة الإحرام وتقدم حكم الأخرس ومقطوع اللسان هناك.
قوله : "ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة تكون في الصبح من طوال المفصل وفي المغرب من قصاره".
بلا نزاع ويأتي حكم السورة في ذكر السنن.
وأول المفصل من سورة ق على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور قدمه في الفروع وغيره وصححه الزركشي وغيره.
وقال ابن عقيل في الفنون: أولهن "الحجرات" وقال ابن أبي الفتح في المطلع للعلماء في المفصل أربعة أقوال فذكر هذين القولين والثالث: من أول "الفتح" والرابع من أول "القتال" وصححه ولد صاحب التلخيص وذكرهن الزركشي وزاد في الآداب قولين وهما وقيل من هل أتى على الإنسان وقيل من والضحى.
قوله : "وفي الباقي من أوساطه".
وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب ونقل حرب في "العصر" نصف "الظهر" واختاره

الخرقي وجماعة من الأصحاب وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب وغيرهم وقال في الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم يقرأ في الظهر أكثر من العصر وذكر في الرعاية الكبرى ما اختاره الخرقي قولا غير هذا فيحتمل أن يكون ما قاله في الرعايتين والحاويين وغيرهم مراد القول الأول ويكون بيانا له.
تنبيه : مراد المصنف وغيره ممن أطلق إذا لم يكن عذر فإن كان ثم عذر.
لم تكره الصلاة بأقصر من ذلك وكذلك المريض والمسافر ونحوهما بل استحبه القاضي في الجامع.
فائدة: لو خالف ذلك بلا عذر كره بقصار المفصل في الفجر ولم يكره بطواله في المغرب على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل يكره مطلقا قال في الحواشي وهو ظاهر كلام غير واحد وصرح به في الواضح في المغرب وقيل لا يكره مطلقا قال الشارح لا بأس بذلك ويأتي في كلام المصنف في باب صلاة الجماعة استحباب تطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية.
تنبيه : مفهوم قوله: "ويجهر الإمام بالقراءة في الصبح والأوليين من المغرب والعشاء" أن المأموم لا يجهر بالقراءة وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وحكى قول بالجهر.
قلت: وهو ضعيف جدا لا يلتفت إليه ولا يعول عليه.
فوائد.
منها: المنفرد والقائم لقضاء ما فاته مع الإمام يخير بين الجهر والإخفات على الصحيح من المذهب ونقل الأثرم وغيره يخير وتركه أفضل قال الناظم: هذا أقوى وكذا قال الزركشي: هذا المذهب وقيل يجهر في غير الجمعة ذكره في الحاوي وغيره وعنه يسن الجهر وقيل: يكره وقاله القاضي في موضع.
قلت: الذي يظهر أن محل هذا الخلاف في قضاء ما فاته على القول بأن ما يدركه مع الإمام آخر صلاته وما يقضيه أولها فاما على القول بأن ما يقضيه آخرها فإنه يسر قولا واحدا على ما يأتي بيانه في الفوائد هناك.
ومنها : لا تجهر المرأة ولو لم يسمع صوتها أجنبي بل يحرم قال الإمام أحمد: لا ترفع صوتها قال القاضي: أطلق الإمام أحمد المنع قال في الحاوي وتسر.
بالقراءة في أصح الوجهين وقدمه في الرعايتين وغيره وقال في الكبرى في أواخر صلاة الجماعة وتجهر المرأة في الجهر مع المحارم والنساء انتهى.
وقيل تجهر إذا لم يسمع صوتها أجنبي وقدمه ابن تميم وأطلق التحريم وعدمه في الفروع والفائق.
وقال الشيخ تقي الدين: تجهر إن صلت بنساء ولا تجهر إن صلت وحدها.
ومنها : حكم الخنثى في ذلك حكم المرأة قاله في الرعاية الكبرى.

ومنها : يكره جهره نهارا في صلاة النفل في أصح الوجهين ويخير ليلا قدمه في الرعايتين والحاويين والحواشي زاد بعضهم نفل لا تسن له الجماعة واختاره ابن حمدان وقال في الفروع في صلاة التطوع ويكره الجهر نهارا في الأصح قال أحمد لا يرفع ليلا يراعي المصلحة.
ومنها : لو قضى صلاة سر لم يجهر فيها سواء قضاها ليلا أو نهارا لا أعلم فيه خلافا وإن قضى صلاة جهر في جماعة ليلا جهر فيها لا أعلم فيه خلافا وإن قضاها نهارا لم يجهر فيها على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي والمجد وصححه الناظم إذا صلاها جماعة.
وقيل: يجهر وأطلقهما في الفروع وقيل يخير قال المصنف والشارح وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وأطلقهن في الشرح وبن تميم والرعايتين والحاويين.
وفي المنفرد الذي يقضي الخلاف قاله في الفروع وغيره.
ومنها : لو نسي الجهر في الصلاة الجهرية فأسر ثم ذكر جهر وبنى على ما أسره على الصحيح من المذهب وعنه يبتدئ القراءة سواء كان قد فرغ منها أو لا وأما إذا نسي الإسرار في صلاة السر فجهر ثم ذكر فإنه يبني على قراءته قولا واحدا وفرق بينهما الشارح وغيره.
ومنها : قال ابن نصر الله في حواشي الفروع: الأظهر أن المراد هنا بالنهار من طلوع الشمس لا من طلوع الفجر وبالليل من غروب الشمس إلى طلوعها.
قوله : "وإن قرأ بقراءة تخرج عن مصحف عثمان لم تصح صلاته".
وتحرم لعدم تواتره وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في الهداية والخلاصة والرعايتين والحاويين وعنه يكره وتصح إذا صح سنده لصلاة الصحابة بعضهم خلف بعض واختارها ابن الجوزي والشيخ تقي الدين وقال هي أنص الروايتين وقال وقول أئمة السلف وغيرهم مصحف عثمان أحد الحروف السبعة وقدمه في الفائق وبن تميم.
قلت" وهو الصواب.
وأطلقهما في المذهب والمستوعب والمغني والشرح والنظم والفروع.
واختار المجد أنه لا يجزئ عن ركن القراءة ولا تبطل الصلاة به واختاره في الحاوي الكبير.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف صحة الصلاة بما في مصحف عثمان سواء كان من العشرة أو من غيرها وهو صحيح وهو المذهب المنصوص عنه وقطع به الأكثر وعنه لا يصح ما لم يتواتر حكاها في الرعاية.

فائدة : اختار الإمام أحمد قراءة نافع من رواية إسماعيل بن جعفر وعنه قراءة أهل المدينة سواء قال إنها ليس فيها مد ولا همز كأبي جعفر يزيد ابن القعقاع وشيبة ومسلم وقرأ نافع عليهم ثم قراءة عاصم نقله الجماعة لأنه قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي وقرأ أبو عبد الرحمن على عثمان وعلي وزيد وأبي بن كعب وبن مسعود.
وظاهر كلام أحمد أنه اختارها من رواية أبي بكر بن عياش عنه لأنه أضبط منه مع علم وعمل وزهد.
وعن أحمد أنه اختار قراءة أهل الحجاز قال وهذا يعم أهل المدينة ومكة.
وقال له الميموني أي القراءات تختار لي فأقرأ بها قال قراءة أبي عمرو بن العلاء لغة قريش والفصحاء من الصحابة انتهى وفي هذا كفاية.
قوله : "ثم يرفع يديه ويركع مكبرا".
فيكون رفع يديه مع ابتداء الركوع عند فراغه من القراءة على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وعنه يرفع مكبرا بعد سكتة يسيرة.
فائدة : قال المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين والحاوي الكبير وغيرهم ينبغي أن يكون تكبير الخفض والرفع والنهوض ابتداؤه مع ابتداء الانتقال وانتهاؤه مع انتهائه فإن كمله في جزء منه أجزأه لأنه لم يخرج به عن محله بلا نزاع وإن شرع فيه قبله أو كمله بعده فوقع بعضه خارجا عنه فهو كتركه لأنه لم يكمله في محله فأشبه من تمم قراءته راكعا أو أخذ في التشهد قبل قعوده وقالوا هذا قياس المذهب وجزم به في المذهب كما لا يأتي بتكبيرة ركوع أو سجود فيه ذكره القاضي وغيره وفاقا ويحتمل أن يعفى عن ذلك لأن التحرز منه يعسر والسهو به يكثر ففي الإبطال به أو السجود له مشقة قال ابن تميم فيه وجهان أظهرهما الصحة وتابعه ابن مفلح في الحواشي.
قلت: وهو الصواب.
وأطلقهما في الفروع ذكره في واجبات الصلاة.
وحكم التسبيح والتحميد حكم التكبير ذكره في الفروع وغيره وتقدم أول الباب لو أتى ببعض تكبيرة الإحرام راكعا.
قوله : "وقدر الإجزاء الانحناء بحيث يمكنه مس ركبتيه".
مراده إذا كان الراكع من أوسط الناس وقدره من غيره وهذا المذهب.
وجزم به الجمهور منهم صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والحاوي وإدراك الغاية والفائق والمحرر وغيرهم.

وصرح جماعة بأن يمس ركبتيه بكفيه منهم الآمدي وبن البنا وصاحب التلخيص قال في الوسيلة نص عليه.
قال في مجمع البحرين: واختلف كلام الأصحاب في قدر الإجزاء فظاهر كلام الشيخ يعني به المصنف في المقنع وأبي الخطاب وبن الزاغوني وبن الجوزي أنه بحيث يمكنه مس ركبتيه بيديه فيصدق برءوس أصابعه قال والصحيح ما صرح به الآمدي وبن البنا في العقود أنه قدر ما يمكنه من أخذ ركبتيه بكفيه في حق أوساط الناس أو قدره من غيرهم.
وقال في الرعاية: في أقل من ذلك احتمالان وقال المجد وضابط الإجزاء الذي لا يختلف أن يكون انحناؤه إلى الركوع المعتدل أقرب منه إلى القيام المعتدل.
قوله : "ويقول سبحان ربي العظيم".
الصحيح من المذهب: أن الأفضل قول: "سبحان ربي العظيم" فقط كما قال المصنف وقطع به الجمهور وعنه الأفضل قول: "سبحان ربي العظيم وبحمده" اختاره المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين قال في الفائق وغيره ولا يجزئ غير هذا اللفظ.
قوله : "ثلاثا وهو أدنى الكمال".
هذا بلا نزاع أعلمه في تسبيحي الركوع والسجود.
وأما أعلى الكمال: فتارة يكون في حق الإمام وتارة يكون في حق المنفرد فإن كان في حق الإمام فالصحيح من المذهب: أن الكمال في حقه يكون إلى عشر قال المجد وتابعه صاحب مجمع البحرين: الأصح ما بين الخمس إلى العشر قالا وهو ظاهر كلامه وقدمه في الفروع.
وقيل: ثلاث ما لم يوتر المأموم قال في التلخيص والبلغة: ولا يزيد الإمام على ثلاث.
وقيل: ما لم يشق وقاله القاضي وقيل لا يزيد على ثلاث إلا برضا المأموم أو بقدر ما يحصل الثلاث له.
وقيل: سبع قدمه في الحاويين وحواشي ابن مفلح.
قال صاحب الفائق وبن تميم هو ظاهر كلام الإمام أحمد وظاهر كلام ابن الزاغوني في الواضح أن الكمال في حقه قدر قراءته وقال الآجري الكمال خمس ليدرك المأموم ثلاثا وقيل ما لم يخف سهوا وقيل ما لم يطل عرفا وقيل أوسطه سبع وأكثره بقدر القيام.
وأما الكمال: في حق المنفرد فالصحيح أنه لا حد لغايته ما لم يخف سهوا اختاره القاضي وقدمه الزركشي وجزم به في المستوعب.

وقيل: بقدر قيامه ونسبه المجد إلى غير القاضي من الأصحاب وقدمه في الفائق وأطلقهما ابن تميم وقيل العرف وأطلقهن في الفروع.
وقيل: سبع وقدمه في الحاويين والحواشي.
وقيل: عشر وقيل أوسطه سبع وأكثره بقدر قراءة القيام كما تقدم في حق الإمام.
قوله : "ثم يرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده ويرفع يديه".
ويحتمل أن يكون مراده أن يرفع يديه مع رفع رأسه وهو إحدى الروايتين في حق الإمام والمنفرد وهو المذهب وهو ظاهر كلام جمهور الأصحاب قال المجد وهي أصح وصححه في مجمع البحرين: وقدمه في الرعايتين والحاويين والفائق وإليه ميل المصنف والشارح.
وعنه محل رفع يديه بعد اعتداله ويحتمله كلام المصنف أيضا وقدمه.
بن رزين في شرحه وأطلقهما في الفروع وبن تميم والحواشي.
وقال القاضي: يرفع يديه مع رفع رأسه إن كان مأموما رواية واحدة.
وكذا المنفرد إن قلنا لا يقول بعد الرفع شيئا وجزم به ابن منجا في شرحه فقال أما المأموم فيبتدئه عند رفع رأسه رواية واحدة وكذلك المنفرد إن لم يشرع له قول: "ربنا ولك الحمد" وقد قطع المصنف والشارح وغيرهما بأن رفع اليدين في حق المأموم يكون مع رفع رأسه.
قوله : "فإذا قام قال ربنا ولك الحمد".
الصحيح من المذهب: أن الإتيان بالواو أفضل: في قوله: "ربنا ولك الحمد" نص عليه وعليه الأصحاب وعنه الإتيان بلا واو أفضل: فالخلاف في الأفضلية على الصحيح من المذهب وعنه لا يتخير في تركها بل يأتي بها قال في الرعاية: ويجوز حذف الواو على الأصح.
فائدة : له قول "اللهم ربنا ولك الحمد" وبلا واو أفضل: نص عليه وعنه يقول: "ربنا ولك الحمد" ولا يتخير بينه وبين "اللهم ربنا ولك الحمد" بالواو وجاز على الأصح فحكى الخلاف في الفروع مع عدم الواو وحكاه في الرعاية مع الواو وهي أولى.
قوله : "ملء السماء وملء الأرض".
هكذا قاله الإمام أحمد وكثير من الأصحاب يعني "ملء السماء" على الإفراد منهم ابن عقيل في الفصول والتذكرة وبن تميم في الهداية والإيضاح والوجيز وتذكرة ابن عبدوس والإفادات والمغني والخرقي والكافي والعمدة والمذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة والشرح والمحرر والمنور والتسهيل والحاويين وغيرهم وقال في الفروع:

والمعروف في الأخبار "ملء السماوات بالجمع".
قلت: وجزم به في الرعايتين.
فائدتان.
إحداهما: لو رفع رأسه من الركوع فعطس فقال ربنا ولك الحمد ينوي بذلك عن العطسة وذكر الرفع لم يجزئه على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية حنبل وقدمه في الرعاية والفائق وبن تميم والشرح.
وقال المصنف: يجزئه وحمل كلام الإمام أحمد على الاستحباب.
فعلى المذهب: لا تبطل صلاته على الصحيح وعنه تبطل.
ومثل ذلك لو أراد الشروع في الفاتحة فعطس فقال: "الحمد لله" ينوي بذلك عن العطاس والقراءة قال في الفروع في باب صفة الحج والعمرة: وفي الإجزاء عن فرض القراءة وجهان وأطلقهما ابن تميم ذكره في باب ما يبطل الصلاة.
فظاهر كلامهما أنهما لا تبطل وإنما الخلاف في الإجزاء عن فرض القراءة.
الثانية : قال الإمام أحمد: إذا رفع رأسه من الركوع إن شاء أرسل يديه وإن شاء وضع يمينه على شماله.
وقال في الرعاية: فإذا قام أحدهما أو المأموم حطهما وقال ربنا ولك الحمد ووضع كل مصل يمينه على شماله تحت سرته وقيل بل فوقها تحت صدره أو أرسلهما نص عليه كما سبق وعنه إذا قام رفعهما ثم حطهما فقط انتهى.
وقال: في المذهب والإفادات والتلخيص وغيرهم إذا انتصب قائما أرسل يديه وقاله القاضي في التعليق في افتراشه في التشهد قال في الفروع وهو بعيد.
قوله : "فإن كان مأموما لم يزد على ربنا ولك الحمد".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال أبو الخطاب: هو قول أصحابنا وعنه يزيد "ملء السماء" إلى آخره اختاره أبو الخطاب وصاحب النصيحة والمجد في شرحه وصاحب الحاوي الكبير والشيخ تقي الدين.
وعنه يزيد على ذلك أيضا "سمع الله لمن حمده" قال في الفائق: اختاره أبو الخطاب أيضا قال الزركشي: كلام أبي الخطاب محتمل.
تنبيه : ظاهر قوله: "فإن كان مأموما لم يزد على ربنا ولك الحمد" أن المنفرد كالإمام وهو

صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه يسمع ويحمد فقط وعنه يسمع فقط قال الزركشي وفيها ضعف وعنه يحمد فقط.
فائدتان .
الأولى : يستحب أن يزيد على ما شئت من شيء بعد فيقول أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد: "وكلنا لك عبد اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد" وغير ذلك مما صح.
وهذه إحدى الروايتين وهي الصحيحة صححه المصنف والشارح واختاره في الفائق وأبو حفص.
والرواية الثانية: لا يجاوز من شيء بعد قدمه في الفائق والرعاية الكبرى وقال المجد في شرحه الصحيح أن الأولى ترك الزيادة لمن يكتفي في ركوعه وسجوده بأدنى الكمال وقولها إذا أطالهما وقال في الرعاية قلت يجوز للأثر وقال في مجمع البحرين لا بأس بذلك.
الثانية : محل قول: "ربنا ولك الحمد" في حق الإمام والمنفرد بعد القيام من الركوع لأنهما في حال قيامهما يقولان: "سمع الله لمن حمده" ومحله في حق المأموم حال رفعه.
قوله : "ثم يكبر ويخر ساجدا ولا يرفع يديه".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه يرفعهما وعنه يرفع في كل خفض ورفع.
فائدة .
حيث استحب رفع اليدين فقال الإمام أحمد هو من تمام الصلاة من رفع أتم صلاة ممن لم يرفع وعنه لا أدري.
قال القاضي إنما توقف على نحو ما قاله ابن سيرين إن الرفع من تمام صحتها ولم يتوقف عن التمام الذي هو تمام فضيلة وسنة قال الإمام أحمد: من تركه فقد ترك السنة وقال المروذي من ترك الرفع يكون تاركا للسنة قال لا يقول هكذا ولكن يقول راغب عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
قوله : "فيضع ركبتيه ثم يديه".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وهو المشهور عن أحمد وعنه يضع يديه ثم ركبتيه.
قوله : "ويكون على أطراف أصابعه".
الصحيح من المذهب: أن هذه الصفة هي المستحبة وتكون أصابعه مفرقة موجهة إلى القبلة وقيل يجعل بطونها على الأرض وقيل: يخير في ذلك.

وقال في التلخيص: وهل يجب أن يجعل باطن أطراف أصابع الرجلين إلى القبلة في السجود فظاهر إطلاق الأصحاب وجوب ذلك إلا أن يكون في رجليه نعل أو خف وقال في الرعاية: وقيل: يجب فتح أصابع رجليه إن أمكن.
فوائد.
الأولى: لو سجد على ظهر القدم جاز قاله ابن تميم وغيره.
الثانية : يستحب ضم أصابع يديه في السجود قال الإمام أحمد: ويوجههما نحو القبلة.
الثالثة : لو سقط إلى الأرض من قيام أو ركوع ولم يطمئن عاد قائما به وإن اطمأن عاد فانتصب قائما ثم سجد فإن اعتدل حتى سجد سقط.
وقال المجد في شرحه: إن سقط من قيامه ساجدا على جبهته أجزأه باستصحاب النية الأولى لأنه لم يخرج عن هيئة الصلاة.
قال أبو المعالي: إن سقط من قيام لما أرد الانحناء قام راكعا فلو أكمل قيامه ثم ركع لم يجزئه كركوعين.
قوله : "والسجود على هذه الأعضاء واجب أي ركن إلا الأنف على إحدى الروايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمغني والكافي والهادي والمستوعب والتلخيص والبلغة والمحرر والشرح والنظم وشرح المجد والزركشي.
إحداهما يجب السجود عليه وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال القاضي: اختاره أبو بكر وجماعة قال في الفروع: اختاره الأكثر وصححه ابن عقيل في الفصول وصاحب تصحيح المحرر واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الإفادات والمنتخب ونظم المفردات وهو منها وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاويين والفروع وبن تميم والفائق وبن رزين في شرحه.
والرواية الثانية: لا يجب اختاره القاضي وصححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في إدراك الغاية.
وروى الآمدي عن الإمام أحمد أنه لا يجب السجود على غير الجهة.
قال القاضي في الجامع: هو ظاهر كلام الإمام أحمد وجزم الناظم أن السجود على هذه الأعضاء ومباشرة المصلى بها واجب لا ركن وقال يجبره إذا تركه ساهيا أتى بسجود السهو.
قال في الفروع: ولعله أخذ من إطلاق بعضهم الوجوب عليه وليس بمتجه وهو كما قال إذ لم نر أحدا وافقه على ذلك صريحا.

فائدتان.
الأولى: يجزئ السجود على بعض العضو على الصحيح من المذهب.
وقيل: ولو كان بعضها فوق بعض كأن يضع يديه على فخذيه حالة السجود.
ونقل الشالنجي إذا وضع من يديه بقدر الجبهة أجزأه.
قال ابن تميم: ويجوز السجود ببعض الكف ولو على ظهره أو أطراف أصابعه وكذا على بعض أطراف أصابع قدميه وبعض الجبهة.
وذكر في التلخيص أنه يجب على باطن الكف.
وقال ابن حامد: لا يجزئه أن يسجد على أطراف أصابع يديه وعليه أن يستغرق اليدين بالسجود ويجزئ السجود على ظهر القدم انتهى.
الثانية : لو عجز عن السجود بالجبهة أو ما أمكنه سقط السجود بما يقدر عليه من غيرها على الصحيح من المذهب وقيل لا يسقط فيلزمه السجود بالأنف.
ولا يجزئ على الأنف مع القدرة على السجود بالجبهة قولا واحدا ولو قدر على السجود بالوجه تبعه بقية الأعضاء ولو عجز عن السجود به لم يلزمه بغيره خلافا لتعليق القاضي لأنه لا يمكنه وضعه بدون بعضها ويمكن رفعه بدون شيء منها.
قوله : "ولا يجب عليه مباشرة المصلى بشيء منها إلا الجبهة على إحدى الروايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والحاوي.
إحداهما : لا تجب المباشرة بها يعني أنها ليست بركن وهذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب منهم أبو بكر والقاضي.
قال في الفروع: هذا ظاهر المذهب وصححه الشارح والمجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين والتصحيح وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب وقدمه في الفروع والمحرر والمغني والرعايتين والفائق وإدراك الغاية قال القاضي في المجرد وبن رزين في شرحه: لو سجد على كور العمامة أو كمه أو ذيله صحت الصلاة رواية واحدة.
والرواية الثانية: تجب المباشرة بها صححه في النظم وقدمه في الحاويين وبن تميم وقال قطع به بعض أصحابنا وقال ابن أبي موسى إن سجد على قلنسوته لم يجزه قولا واحدا وإن سجد على كور العمامة لتوقى حر أو برد جاز قولا واحدا.
وقال صاحب الروضة: إن سجد على كور العمامة وكانت محنكة جاز وإلا فلا.

فعلى المذهب: في كراهة فعل ذلك روايتان وأطلقهما في المغني والشرح والفروع ومختصر ابن تميم والرعاية الكبرى وحكاهما وجهين.
قلت: الأولى الكراهة.
تنبيه : صرح المصنف أنه لا يجب عليه مباشرة المصلى بغير الجبهة وهو صحيح أما بالقدمين والركبتين فلا يجب المباشرة بها إجماعا قاله المجد في شرحه بل يكره كشف ركبتيه على الصحيح من المذهب وعنه لا يكره.
وأما باليدين فالصحيح عن المذهب: كما قال المصنف: وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم وعنه يجب قال القاضي في موضع من كلامه: اليد كالجبهة في اعتبار المباشرة.
ونقل صالح لا يسجد ويداه في ثوبه إلا من عذر وقال ابن عقيل لا يسجد على ذيله أو كمه قال ويحتمل أن يكون مثل كور العمامة.
وقال صاحب الروضة: إذا سجد ويده في كمه من غير عذر كره وفي الإجزاء روايتان فعلى المذهب يكره سترهما وعنه لا يكره.
تنبيه : محل الخلاف فيما تقدم إذا لم يكن عذر فإن كان ثم عذر من حر أو برد ونحوه أو سجد على ما ليس بحائل له فلا كراهة وصلاته صحيحة رواية واحدة قاله ابن تميم.
قال في الفروع: ولا يكره لعذر نقله صالح وغيره وقال في المستوعب ظاهر ما نقله أكثر أصحابنا لا فرق بين وجود العذر وعدمه.
قال في الفروع: كذا قال وليس بمراد.
وقد قال جماعة تكره الصلاة بمكان شديد الحر والبرد قال ابن شهاب: لترك الخشوع كمدافعة الأخبثين.
فائدة .
قوله : "ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه".
قال الأصحاب: وفخذيه عن ساقيه وذلك مقيد بما إذا لم يؤذ جاره فإن آذى جاره بشيء من ذلك لم يفعله وله أن يعتمد بمرفقيه على فخذيه إن طال على الصحيح من المذهب ولم يقيده جماعة بالطول بل أطلقوا.
وقيل: يعتمد في النفل دون الفرض وعنه يكره.
فوائد.
منها: يستحب أن يفرق بين رجليه حال قيامه ويراوح بينهما في النفل والفرض ويأتي ذلك عند قوله: "يكره التراوح يأتم من هذا وقال في المستوعب يكره أن يلصق كعبيه".

ومنها: لو سجد على مكان أعلى من موضع قدميه كنشز ونحوه جاز وإن لم تكن حاجة قدمه ابن تميم وقال قاله بعض أصحابنا.
قال ابن عقيل: يكون موضع سجوده أعلى من موضع قدميه وقيل تبطل بذلك.
وقال في التلخيص: استعلاء الأسفل واجب وقيل تبطل إن كثر.
قال أبو الخطاب: وغيره إن خرج عن صفة السجود لم يجزه.
وقال ابن تميم: الصحيح أن اليسير من ذلك لا بأس به دون الكثير قاله شيخنا أبو الفرج ابن أبي الفهم وقدمه في الرعايتين قال في الحاويين: لم يكره في أحد الوجهين وأطلقهن في الفروع.
ومنها: قال الأصحاب لو سجد على حشيش أو قطن أو ثلج أو برد ونحوه ولم يجد حجمه لم يصح لعدم المكان المستقر.
قوله : "ويضع يديه حذو منكبيه".
قال في النكت: وفيه نظر أو يكون مراده يجعل يديه حذو منكبيه أو أذنيه يعني على ما تقدم من الخلاف.
قوله : "ويقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا".
واعلم أن الخلاف هنا في أدنى الكمال وأعلاه وأوسطه كالخلاف في سبحان ربي العظيم في الركوع على ما مر.
قوله : "يفترش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى".
هذا المذهب في صفة الافتراش لا غير وعليه الجمهور وجمهورهم قطع به وقال ابن الزاغوني في الواضح يفعل ذلك أو يضجعهما تحت يسراه.
قوله : "ثم يقول رب اغفر لي ثلاثا ثم يسجد الثانية كالأولى".
اعلم أن الصحيح من المذهب أن الكمال هنا ثلاث لا غير قال المجد في شرحه: وصاحب مجمع البحرين هذا ظاهر المذهب وقدمه في الفروع والمجد في شرحه: وصاحب مجمع البحرين والرعايتين والحاوي الصغير وقال بن.
أبي موسى السنة أن لا يزيد على مرتين وهو ظاهر كلام الخرقي.
وقال المصنف والشارح وبن الزاغوني في الواضح وبن تميم وبن رزين في شرحه: أدنى الكمال ثلاث والكمال فيه مثل الكمال في تسبيح الركوع والسجود على ما مضى.
قال الزركشي: هذا المشهور وقدمه ابن تميم وقال في الحاوي الكبير والكمال هنا

سبعا وقيل لغير الإمام ولم يزد على ذلك وقال ابن عبدوس في تذكرته ويسن ما سهل وترا.
فائدة : لا تكره الزيادة على قوله: "رب اغفر لي" ولا على "سبحان ربي العظيم وسبحان ربي الأعلى" في الركوع والسجود مما ورد في الأخبار على الصحيح من المذهب وقيل يكره وعنه يستحب في النفل وقيل والفرض أيضا اختاره المصنف وصاحب الفائق.
وتقدم هل تستحب الزيادة على ما شئت من شيء بعد في الرفع من الركوع.
قوله : "ويقوم على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه إلا أن يشق عليه فيعتمد بالأرض".
الصحيح من المذهب: أنه إذا قام من السجدة الثانية لا يجلس جلسة الاستراحة بل يقوم على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه نص عليه إلا أن يشق عليه كما قدمه المصنف وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي: هو المختار من الروايتين عند ابن أبي موسى والقاضي وأبي الحسين.
قال ابن الزاغوني: هو المختار عند جماعة المشايخ.
وجزم به في الخرقي والعمدة والوجيز والمنور والمنتخب والمذهب الأحمد وقدمه في الفروع والمحرر والمستوعب والخلاصة والحاوي الكبير والفائق وإدراك الغاية ومجمع البحرين.
وعنه أنه يجلس جلسة الاستراحة اختاره أبو بكر عبد العزيز والخلال وقال إن أحمد رجع عن الأول وجزم به في الإفادات وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والتلخيص والبلغة وشرح المجد.
وقيل يجلس جلسة الاستراحة من كان ضعيفا واختاره القاضي والمصنف وغيرهما.
تنبيه : قوله: في جلسة الاستراحة "يجلس على قدميه وأليتيه".
في صفة جلسة الاستراحة روايات.
إحداها : ما قاله المصنف هنا وجزم به في الهداية والمستوعب والمحرر والفائق وغيرهم وقدمه المجد في شرحه ومجمع البحرين والزركشي قال في المذهب: هذا ظاهر المذهب.
والرواية الثانية: أن صفة جلسة الاستراحة كالجلسة بين السجدتين وهي الصحيحة من المذهب قدمه في الفروع والحاويين والشرح والرعايتين وهو احتمال القاضي.

والرواية الثالثة : يجلس على قدميه ولا يلصق أليتيه بالأرض اختاره الآجري والآمدي وقال لا يختلف الأصحاب في ذلك.
فعليه إذا قام لا يعتمد بالأرض على الصحيح بل ينهض على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه واختار الآجري أنه يعتمد بالأرض إذا قام.
فائدتان.
إحداهما: إذا جلس للاستراحة فيقوم بلا تكبير على الصحيح من المذهب.
ويكفيه تكبيره حين رفعه من السجود وقيل ينهض مكبرا وقاله أبو الخطاب وهو من المفردات ورده الشارح وغيره وحكاه المجد إجماعا.
الثانية : ليست جلسة الاستراحة من الركعة الأولى وهل هي فصل بين الركعتين أو من الثانية: على وجهين ذكرهما ابن البنا في شرحه وأطلقهما ابن تميم وبن حمدان في رعايته.
قلت الذي يظهر أنها فصل بينهما لآنه لم يشرع في الثانية وقد فرغ من الأولى.
قوله : "ثم يصلي الثانية كالأولى إلا في تكبيرة الإحرام".
بلا نزاع والاستفتاح بلا خلاف أيضا إذا أتى به في الآولى وكذا لو لم يأت به فيها على الصحيح من المذهب وسواء قلنا بوجوبه أو لا وعليه جماهير الآصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال الآمدي: متى قلنا بوجوب الاستفتاح فنسيه في الأولى أتى به في الثانية إن لم نقل بوجوبه فهل يأتي به في الثانية فيه خلاف في المذهب قال وظاهر المذهب لا يأتي به.
قوله : "وفي الاستعاذة روايتان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب الأحمد والمستوعب والهادي والكافي والخلاصة والشرح والتلخيص وشرح المجد وبن تميم والرعاية الصغرى والحاويين والفائق والزركشي ومجمع البحرين.
إحداهما لا يتعوذ وهو المذهب نص عليه في رواية الجماعة وصححه في التصحيح وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والإفادات والمنور والمنتخب وقدمه في الفروع والمحرر والرعاية الكبرى وإدراك الغاية وبن رزين في شرحه قال في النكت: هي الراجح مذهبا ودليلا.
والرواية الثانية : يتعوذ اختاره الناظم وبعد الرواية الأولى واختاره الشيخ الشيخ تقي الدين وجزم به في الوجيز.
قلت: وهو الأصح دليلا.
تنبيه : محل الخلاف إذا كان قد استعاذ في الأولى أما إذا لم يستعذ في الأولى فإنه يأتي بها

في الثانية: قاله الأصحاب قال ابن الجوزي وغيره رواية واحدة.
قلت: ويؤخذ ذلك من فحوى كلام المصنف من قوله: "ثم يصلي الثانية كالأولى" ثم استثنى الاستعاذة فدل أنه أتى بها في الأولى.
فائدة .
استثنى أبو الخطاب أيضا النية أي تجديدها وكذا صاحب المستوعب والخلاصة والفروع والرعاية والوجيز وإدراك الغاية وبن تميم وغيرهم وهو مراد من أطلق وهذا مما لا نزاع فيه لكن قال المجد في شرحه: وتبعه في الحاوي الكبير لو ترك أبو الخطاب استثناءها لكان أحسن لأنها من الشرائط دون الأركان ولا يشترط مفارقتها عندنا لجزء من الأولى بل يجوز أن تتقدمها اكتفاء بالدوام الحكمي وقد تساوت الركعتان فيه.
قال في مجمع البحرين قلت إن أراد أبو الخطاب باستثنائها أنه لا تسن ذكرا فليس كذلك فإن استصحابها ذكر مسنون في جميع الصلاة وإن أراد حكما فباطل لأن التكرار عبارة عن إعادة شيء فرغ منه وانقضى ولو حكم بانقضاء النية حكما لبطلت الصلاة فلا حاجة إلى الاستثناء إذن انتهى.
قلت: إنما أراد أبو الخطاب أنه لا يجدد لها نية كما جددها للركعة الأولى.
وهذا مما لا نزاع فيه لكن ترك استثنائها أولى لما قاله المجد وكذلك تركها خلق كثير من الأصحاب مع اتفاقهم على أنه لا يجدد نية للركعة الثانية.
قوله : "ثم يجلس مفترشا".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه إن تورك جاز والأفضل تركه حكاه ابن تميم وغيره.
قوله : "ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويقبض منها الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو المعمول به وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والعمدة والبلغة والمحرر والوجيز والفائق وإدراك الغاية والمنور والمنتخب والمذهب الأحمد وغيرهم وقدمه في الكافي والتلخيص والفروع والرعايتين والحاوي الكبير وغيرهم وعنه يقبض الخنصر والبنصر والوسطى ويعقد إبهامه كخمسين اختارها المجد وقدمه ابن تميم.
وعنه يبسطها كاليسرى وعنه يحلق الإبهام بالوسطى ويبسط ما سواهما وهو ظاهر كلام

الخرقي فإنه قال: يبسط كفه اليسرى على فخذه اليسرى ويده اليمنى على فخذه اليمنى ويحلق الإبهام مع الوسطى.
قوله : "ويشير بالسبابة في تشهده مرارا".
وكذا قال في الهداية: والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر وشرح المجد وإدراك الغاية وتجريد العناية والمنور ومجمع البحرين وغيرهم وقدمه في الفروع وقال في الرعاية الصغرى والحاويين: يشير بالمسبحة ثلاثا وجزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس.
قلت: يحتمل أنه مراد الأول.
وقال في التلخيص والبلغة والرعاية الكبرى مرتين أو ثلاثا وذكر جماعة يشير بها ولم يقولوا مرارا منهم الخرقي والمصنف في العمدة قال.
في الفروع: وظاهره مرة وهو ظاهر كلام أحمد والأخبار وقال ولعله أظهر.
تنبيه : الإشارة تكون عند ذكر الله تعالى فقط على الصحيح من المذهب وجزم به في الكافي والمغني والمذهب ومسبوك الذهب وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: عند ذكر الله وذكر رسوله قدمه في الشرح وبن تميم والفائق.
وذكر بعضهم أن هذا أصح الروايتين وعنه يشير بها في جميع تشهده.
وقيل: هل يشير بها عند ذكر الله وذكر رسوله فقط أو عند كل تشهد فيه روايتان.
فائدتان.
الأولى: لا يحرك إصبعه حالة الإشارة على الصحيح من المذهب وقيل يحركها ذكره القاضي.
الثانية : قوله: "ويشير بالسبابة" هذا المذهب وعليه الأصحاب قال في الفروع وظاهره لا بغيرها ولو عدمت ووجه احتمالا أنه يشير بغيرها إذا عدمت وما هو ببعيد.
وقال في الرعاية الكبرى: وعنه يشير بالإبهام طول الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويقبض الباقي.
قوله : "ويبسط اليسرى على الفخذ اليسرى".
هكذا قال أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره وقال في الكافي ويستحب أن يفعل ذلك أو يلقمها ركبته قال في النكت: وهو متوجه لصحة الرواية واختاره صاحب النظم.
تنبيه : ظاهر قوله: "هذا التشهد الأول" أنه لا يزيد عليه وهو صحيح وهو المذهب وعليه الجمهور ونص أحمد أنه إن زاد أساء ذكره القاضي في.
الجامع واختار ابن هبيرة زيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واختاره الآجري وزاد "وعلى آله".

فائدة .
لا تكره التسمية في أول التشهد على الصحيح من المذهب بل تركها أولى وقدمه في الفروع وبن تميم وكرهها القاضي وأطلقهما في الرعاية.
وذكر جماعة من الأصحاب أنه لا بأس بزيادة وحده لا شريك له وقيل قولها أولى وأطلقهما ابن تميم والأولى تخفيفه بلا نزاع.
قوله : "هذا التشهد الأول".
يعني تشهد ابن مسعود وهو أفضل التشهدات الواردة عن الإمام أحمد والأصحاب وذكر في الوسيلة رواية تشهد ابن مسعود وتشهد ابن عباس سواء وتشهد ابن عباس التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله إلى آخره ولفظ مسلم وأن محمدا رسول الله وتشهد عمر التحيات لله الزاكيات الطيبات الصلوات لله سلام عليك إلى آخره ويأتي الخلاف في قدر الواجب منه في الواجبات.
تنبيه : ظاهر قوله: وإن شاء قال: "كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وكما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم".
أن صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الأولى وهذه في الفضيلة سواء فيخير وهي رواية عن الإمام أحمد ذكرها في الرعاية الكبرى.
والصحيح من المذهب أن الصفة التي ذكرها المصنف أولا أولى وأفضل وعليه الجمهور ويحتمله كلام المصنف قال المجد في شرحه: هذا اختيار أكثر أصحابنا.
قال الزركشي: هذا هو المشهور من الروايتين والمختار لآكثر الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع وبن تميم.
والرعايتين والحاويين والتلخيص والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وعنه الأفضل كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وكما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم" وعنه يخير ذكرها في الفروع وعنه الأفضل "كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وكما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم" بإسقاط على كما ذكره المصنف ثانيا واختاره ابن عقيل.
وأنكر هاتين الصفتين الشيخ تقي الدين وقال لم أجد في شيء من الصحاح "كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم" بل المشهور في أكثر الأحاديث والطرق لفظ آل إبراهيم وفي بعضها لفظ إبراهيم وروى البيهقي الجمع بين لفظ إبراهيم وآل إبراهيم بإسناد ضعيف عن ابن مسعود مرفوعا ورواه ابن ماجه موقوفا انتهى.
قال جامع الاختيارات قلت: قد روى الجمع بينهما البخاري في صحيحه وأخذوا ذلك

من كلام شيخه في قواعده في القاعدة الثامنة عشرة وقال أخرجه أيضا النسائي وهو كما قال.
تنبيه : يأتي مقدار الواجب من التشهد الأول والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد والخلاف في ذلك في آخر الباب في الأركان والواجبات.
فوائد .
الأولى : الأفضل ترتيب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتشهد على ما ورد فيقدم التشهد على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير فإن قدم وأخر ففي الإجزاء وجهان وأطلقهما في المغني والشرح والتمام لأبي الحسين والزركشي وبن تميم.
قال في الرعاية: وإن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير قبله أو نكسه مع بقاء المعنى لم يجزئه وقيل بلى ذكره القاضي.
الثانية : لو أبدل آل بأهل في الصلاة فهل يجزئه فيه وجهان وأطلقهما المجد في شرحه وبن تميم وصاحب المطلع والرعاية والفروع ومجمع البحرين والفائق وبن عبيدان والزركشي وهو ظاهر ما في المغني والشرح.
أحدهما : يجوز ويجزيه اختاره القاضي وقال معناهما واحد وكذلك لو صغر فقال أهيل وقدمه ابن رزين في شرحه وهو ظاهر ما قدمه ابن مفلح في حواشيه.
والوجه الثاني : لا يجزيه اختاره ابن حامد وأبو حفص لأن الأهل القرابة والآل الأتباع في الدين.
الثالثة : "آله" أتباعه على دينه صلوات الله وسلامه عليه على الصحيح من المذهب اختاره القاضي وغيره من الأصحاب قاله المجد وقدمه في المغني والشرح وشرح المجد ومجمع البحرين وبن تميم وبن رزين في شرحه والرعاية الكبرى والمطلع وبن عبيدان وبن منجا في شرحيهما.
وقيل: "آله" أزواجه وعشيرته ممن آمن به قيده به ابن تميم.
وقيل: بنو هاشم المؤمنون وأطلقهن في الفروع.
وقيل: "آله" بنو هاشم وبنو المطلب ذكره في المطلع وقيل أهله.
وقال الشيخ تقي الدين: "آله" أهل بيته وقال هو نص أحمد واختيار الشريف أبي جعفر وغيرهم فمنهم بنو هاشم وفي بني المطلب رواية الزكاة قال في الفائق "آله" أهل بيته في المذهب اختاره أبو حفص وهل أزواجه من آله على روايتين انتهى.
قال الشيخ تقي الدين: والمختار دخول أزواجه في أهل بيته.

وقال الشيخ تقي الدين: أيضا أفضل أهل بيته علي وفاطمة وحسن وحسين الذين أدار عليهم الكساء وخصهم بالدعاء.
قال في الاختيارات: وظاهر كلام الشيخ تقي الدين في موضع آخر أن حمزة أفضل من حسن وحسين واختاره بعضهم.
الرابعة : تجوز الصلاة على غير الأنبياء صلى الله عليهم وسلم منفردا على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية أبي داود وغيره قال الأصفهاني في شرح خطبة الخرقي: ولا تختص الصلاة بالأنبياء عندنا لقول علي لعمر "صلى الله عليك" وقدمه في الفروع وحكى ابن عقيل عن القاضي أنه لا بأس به مطلقا.
وقيل: لا يصلي على غيرهم إلا تبعا له جزم به المجد في شرحه ومجمع البحرين والنظم وقدمه ابن تميم والرعاية الكبرى والآداب الكبرى.
قال في الفروع: وكرهها جماعة.
وقال في الرعاية: وقيل يسن الصلاة على غيره مطلقا فيحتمل أن يكون موافقا للمذهب.
وقيل: يحرم اختاره أبو المعالي واختار الشيخ تقي الدين منع الشعار ومحل الخلاف في غيره صلوات الله وسلامه عليه أما هو فإنه قد صح عنه الصلاة على آل أبي أوفى وغيرهم ولقوله تعالى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}
الخامسة: تستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في غير الصلاة وتتأكد كثيرا عند ذكره.
قلت وفي يوم الجمعة وليلتها للأخبار في ذلك.
وهذا هو الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل تجب كلما ذكر اختاره ابن بطة ذكره عنه ولد صاحب الفروع في شرح المقنع وقال ذهب إليه المتقدمون من أصحابنا واختاره أيضا الحليمي من الشافعية ذكره ابن رجب وغيره عنه والطحاوي من الحنفية ذكره المجد في شرحه عنه وغيره وكذا البزدوي منهم ذكره ولد صاحب الفروع عنه وأظن أن اللخمي من المالكية اختاره وقال الطحاوي أيضا تجب في العمر مرة وحكى ذلك عن أبي حنيفة ومالك وأصحابه والثوري والأوزاعي.
وقال ابن عبد البر والقاضي عياض هو قول جمهور الأمة.
وقال في آداب الرعاية الكبرى: بعد أن قال تسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في غير الصلاة وهي فرض كفاية انتهى وتبعه في الآداب الكبرى.
قوله : "ويستحب أن يتعوذ فيقول أعوذ بالله من عذاب جهنم إلى آخره".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه التعوذ واجب حكاها القاضي وقال أبو عبد الله ابن بطة من ترك من الدعاء المشروع شيئا مما يقصد به الثناء على الله تعالى أعاد وعن

أحمد من ترك شيئا من الدعاء عمدا يعيد.
قوله : "وإن دعا بما ورد في الأخبار فلا بأس".
وهذا بلا نزاع قال الشيخ شمس الدين ابن مفلح في حواشيه: المراد بالأخبار أخبار النبي صلى الله عليه وسلم قال في المذهب لا يدعو بما ليس في القرآن والسنة ومثل قال في التلخيص: وليتخير من الأدعية الواردة في الحديث ما أحب ولا يدعو في الصلاة بغيرها انتهى زاد غيرهم وأخبار الصحابة أيضا قال الشارح وغيره المراد بالأخبار أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف.
تنبيه : مفهوم كلام المصنف أنه إن دعا بغير ما ورد في الأخبار أن به بأسا وهو قسمان.
أحدهما : أن يكون الدعاء من أمر الآخرة كالدعاء بالرزق الحلال والرحمة والعصمة من الفواحش ونحوه ولو لم يكن المدعو به يشبه ما ورد فهذا يجوز الدعاء به في الصلاة على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه الجمهور منهم القاضي والمصنف والمجد في شرحه والشارح وغيرهم وقدمه في الفروع وبن تميم والزركشي وجزم به في الفائق.
وعنه لا يجوز وتبطل الصلاة به في وجه في مختصر ابن تميم قال الشارح قاله جماعة من الأصحاب ويحتمله كلام أحمد وهو ظاهر كلام الخرقي وجزم به في المستوعب والتلخيص وقدم أنه لا يدعو بذلك في الرعايتين والحاويين.
القسم الثاني: الدعاء بغير ما ورد وليس من أمر الآخرة فالصحيح من المذهب أنه لا يجوز الدعاء بذلك في الصلاة وتبطل الصلاة به وعليه أكثر الأصحاب وعنه يجوز الدعاء بحوائج دنياه وعنه يجوز الدعاء بحوائج دنياه وملاذها كقوله اللهم ارزقني جارية حسناء وحلة خضراء ودابة هملاجة ونحو ذلك.
فائدتان.
الأولى: يجوز الدعاء في الصلاة لشخص معين على الصحيح من المذهب كما كان الإمام أحمد يدعو لجماعة في الصلاة منهم الإمام الشافعي رضي الله عنهم وعنه لا يجوز وأطلقهما في المغني والشرح والفائق وعنه يجوز في النفل دون الفرض واختاره أبو الحسين.
قلت: وهو أولى وعنه يكره قدمه في الرعاية.
الثانية : محل الخلاف فيما تقدم إذا لم يأت في الدعاء بكاف الخطاب فإن أتى بها بطلت قولا واحدا ذكره جماعة من الأصحاب قاله في الفروع وقال أيضا ظاهر كلامهم لا تبطل بقوله لعنه الله عند ذكر الشيطان على الأصح ولا تبطل صلاة من عوذ نفسه بقرآن لحمى ولا من لدغته عقرب فقال بسم الله ولا بالحوقلة في أمر الدنيا ويأتي ذلك بأتم من هذا عند قوله: "وله أن يفتح على الإمام إذا ارتج عليه".

قوله : "ثم يسلم عن يمينه".
الصحيح من المذهب: أن ابتداء السلام يكون حال التفاته قدمه في.
الفروع وبن تميم وبن رزين وهو ظاهر ما جزم به في المغني والشرح وشرح المجد ومجمع البحرين.
وذكر جماعة يستقبل القبلة السلام عليكم ويلتفت بالرحمة منهم صاحب التلخيص والبلغة والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والرعايتين والحاويين واختاره ابن عقيل وبن عبدوس في تذكرته.
ويأتي إذا سلم المأموم قبل سلام الإمام هل تبطل الصلاة عند قوله: في صلاة الجماعة "وإن ركع ورفع قبل ركوعه".
فوائد.
الأولى: يجهر به إذا سلم عن يمينه ويسر به إذا سلم عن يساره على الصحيح من المذهب ونص عليه وعليه جمهور الأصحاب.
قال في الرعاية الكبرى: وهو أولى واختاره الخلال وأبو بكر عبد العزيز وأبو حفص العكبري وقدمه في الفروع وشرح المجد ومجمع البحرين وبن تميم وبن رزين في شرحه.
وقيل يسر به عن يمينه ويجهر به عن يساره عكس الآول اختاره ابن حامد وقدمه في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير لئلا يسابقه المأموم في السلام وقال في الفروع وظاهر كلام جماعة يجهر فيهما ويكون الجهر في الآولى أكثر وقيل يسرهما.
تنبيه : محل الخلاف في ذلك إذا كان إماما أو منفردا فإن كان مأموما أسرهما بلا نزاع أعلمه.
وقيل: المنفرد كالمأموم جزم به في المذهب ومسبوك الذهب.
الثانية : يستحب أن يكون التفاته عن يساره أكثر من التفاته عن يمينه.
فعله عليه أفضل الصلاة والسلام وحده التفاته بحيث يرى خداه قاله في التلخيص.
والبلغة والمستوعب والرعاية وغيرهم للآخبار في ذلك.
الثالثة : حذف السلام سنة وروى عن الإمام أحمد أنه الجهر بالتسليمة الأولى وإخفاء الثانية.
قال في التلخيص: والسنة أن تكون التسليمة الثانية أخفى وهو حذف السلام في أظهر الروايتين وروى عنه أنه لا يطوله ويمده في الصلاة وعلى الناس وجزم به في المغني

والشرح وبن رزين في شرحه وغيرهم قال في الفروع ويتوجه إرادتهما وأطلق الروايتين في الفروع وبن تميم.
الرابعة: يستحب جزمه وعدم إعرابه.
قوله : "فإن لم يقل ورحمة الله لم يجزه".
يعني أن قوله: "ورحمة الله" في سلامه ركن وهو المذهب صححه في المذهب قال الناظم وهو الأقوى واختاره أبو الخطاب وبن عقيل وبن البنا في عقوده قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وجزم به في الوجيز وقدمه في الهداية ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والرعايتين والحاويين وهو ظاهر كلام الأكثر لذكرهم وهو من مفردات المذهب.
وقال القاضي: يجزيه يعني أن قولها سنة وهو رواية عن أحمد اختارها المجد في شرحه وقدمه في الفائق وأطلقهما في الفروع والمغني والكافي والتلخيص والبلغة والمحرر والشرح وبن تميم والزركشي وغيرهم.
وقيل: هي من الواجبات اختاره الآمدي وجزم به في المنور.
وأما قول "ورحمة الله" في الجنازة فنص أحمد أنه لا يجب وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وفيه وجه لا يجزئ بدون ذكر.
"الرحمة" وقال المجد في شرحه إذا لم نوجبه في الصلاة المكتوبة فهنا أولى وإن أوجبناه هناك احتمل في الجنازة وجهين.
فائدتان.
إحداهما: لو نكس السلام فقال عليكم السلام أو نكس السلام في التشهد فقال عليك السلام أيها النبي أو علينا السلام وعلى عباد الله لم يجزه على الصحيح من المذهب.
وقيل: يجزيه ذكره القاضي وهما وجهان ذكرهما القاضي في الجامع الكبير وأطلقهما ابن تميم.
الثانية : لو نكر السلام فقال سلام عليكم أو نكس السلام في التشهد فقال عليك السلام أيها النبي أو علينا السلام وعلى عباد الله لم يجزه على الصحيح من المذهب قال المجد في شرحه: هذا الصحيح عندنا وصححه في الفروع وغيره.
وقيل: يجزيه قدمه في الرعاية وشرح ابن رزين وأطلقهما في المغني والشرح والفائق وقيل تنكيره أولى قال في الرعاية: وفيه ضعف وقال ابن تميم: وغيره وفيه وجه ثالث يجزئ مع التنوين ولا يجزى مع عدمه ذكره الآمدي.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وغيره أنه لا يزيد بعد ذكر الرحمة وبركاته وهو الأولى قاله

الأصحاب وقال في المغني والشرح وبن تميم وغيرهم إن زاد "وبركاته" فحسن قال المصنف والشارح: والأول أحسن قال في الرعاية: فإن زاد وبركاته جاز.
قوله : "وينوي بسلامه الخروج من الصلاة فإن لم ينو جاز".
يعني أن ذلك مستحب وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب قال ابن رجب في شرح البخاري اختاره الأكثر قال الزركشي.
هو المنصوص المشهور إذ هو بعض الصلاة فشملته نيتها وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمغني والحاوي وبن تميم والفائق وغيرهم واختاره المجد وغيره.
وقال ابن حامد: تبطل صلاته يعني أنها ركن وهو رواية عن أحمد ولم يذكر ابن هبيرة عن أحمد غيره وصححه ابن الجوزي وأطلقهما في الهداية والتلخيص والبلغة والمستوعب والخلاصة.
وقيل: إن سها عنها سجد للسهو يعني أنها واجبة وجزم به في الإفادات وإدراك الغاية.
قال في المذهب: واجبة في أصح الوجهين وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير قال الآمدي: إن قلنا بوجوبها فتركها عمدا بطلت صلاته وإن كان سهوا صحت ويسجد السهو.
فوائد.
الأولى : لو نوى بسلامه الخروج من الصلاة وعلى الحفظة والإمام والمأموم جاز ولم يستحب على الصحيح من المذهب نص عليه واختاره الآمدي وقدمه في الفروع والزركشي والفائق قال في التلخيص: لم تبطل على الأظهر.
وقيل: تبطل للتشريك وقيل: يستحب وقيل: يستحب بالتسليمة الثانية.
الثانية : لو نوى بسلامه على الحفظة والإمام والمأموم ولم ينو الخروج فالصحيح من المذهب الجواز نص عليه قال في الفروع: والأشهر الجواز وقدمه في المحرر والمذهب والمستوعب والفائق والرعايتين والحاويين وشرح المجد.
وقيل: تبطل لتمحضه كلام آدمي اختاره ابن حامد وعنه ينوي المأموم بسلامه الرد على إمامه قال ابن رجب في شرح البخاري: ونص عليه أحمد في رواية جماعة قال وهل هو مسنون أو مستحب أو جائز فيه روايتان.
إحداهما : يسن وهو اختيار أبي حفص العكبري.
والثانية : الجواز وهو اختيار القاضي أبي يعلى وغيره.
وقال في رواية ابن هانئ: إذا نوى بتسليمه الرد على الإمام أجزأه قال وظاهر هذا أنه

واجب لأنه رد سلام فيكون فرض كفاية إلا أن يقال: إن المسلم في الصلاة لا يجب الرد عليه أو يقال: إنه يجوز تأخير الرد إلى بعد السلام انتهى.
قال في الفروع والرعاية: وقيل: تبطل بترك السلام على إمامه قال ابن تميم: وعنه لا يترك السلام على الإمام في الصلاة.
وقال أبو حفص العكبري: السنة أن ينوي بالأولى الخروج من الصلاة وبالثانية الرد على الإمام والحفظة ومن يصلي معه إن كان في جماعة.
وقيل: عكسه قاله في الفروع.
قال ابن تميم بعد قول أبي حفص: وفيه وجه ينوي كذلك إن قلنا الثانية سنة وإن قلنا: واجبة نوى بالأولى الحفظة وبالثانية الخروج.
وقال الآمدي: لا يختلف أصحابنا أنه ينوي بالأولى الخروج فقط وفي الثانية وجهان أحدهما كذلك والثاني يستحب أن يضيف إلى ذلك نية الحفظة ومن معه.
وقال صاحب الإيضاح: نية الخروج في الأولى إن قلنا الثانية سنة وفي الثانية إن قلنا هي واجبة وكذا قال في المبهج: وقال يستحب أن ينوي الخروج في الثانية وقال بعض أصحابنا بل في الأولة.
الثالثة : قال ابن تميم: لو رد سلامه الحاضرون ولم ينو الخروج فقال ابن حامد تبطل صلاته وجها واحدا وقال غيره فيه وجهان.
الرابعة : قال في الفروع: إن وجبت الثانية: اعتبرت نية الخروج فيها واقتصر عليه وتقدم ما يشهد لذلك.
وقال ابن رجب في شرح البخاري: والصحيح: أنه ينوي الخروج بالأولى سرا إن قلنا يخرج بها من الصلاة أو قلنا لا يخرج إلا بالثانية ومن الأصحاب من قال إن قلنا: الثانية سنة نوى بالأولى الخروج وإن قلنا الثانية فرض نوى الخروج بالثانية خاصة.
تنبيه : ظاهر قوله: "وإن كان في مغرب أو رباعية نهض مكبرا إذا فرغ من التشهد الأول" أنه لا يرفع يديه إذا نهض مكبرا وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه يرفعهما اختاره المجد والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق وبن عبدوس في تذكرته قال في الفروع: وهو أظهر.
قلت: وهو الصواب فإنه قد صح عنه عليه أفضل الصلاة والسلام أنه كان يرفع يديه إذا قام من التشهد الأول رواه البخاري وغيره وهو من المفردات.

قوله : "إلا أنه لا يجهر ولا يقرأ شيئا بعد الفاتحة".
لا يجهر في الثالثة والرابعة بلا نزاع ولا يستحب أن يقرأ فيهما بعد الفاتحة شيئا من القرآن على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وعنه يسن ذكرها القاضي في شرحه الصغير والقاضي أبي الحسين في فروعه.
فعلى المذهب: لا تكره القراءة بعد الفاتحة بل تباح على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره وصححه.
فائدة : النفل في الثالثة والرابعة كالفرض في ظاهر كلام الأصحاب قاله في الفروع وقال أيضا فيما إذا شفع المغرب برابعة في إعادتها يقرأ بالحمد وسورة كالتطوع نقله أبو داود وقطع به المجد في شرحه وغيره قال في مجمع البحرين: هذا أقوى الروايتين وعنه يكره ولعله أولى.
قوله : "ثم يجلس في التشهد الثاني متوركا يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى ويخرجهما عن يمينه ويجعل أليتيه على الأرض".
يتورك في التشهد الثاني واختلف الأصحاب في صفته فالصحيح من المذهب ما قاله المصنف هنا جزم به في الفروع والمحرر والمذهب وغيرهم واختاره أبو الخطاب وغيره وقدمه ابن تميم وصاحب الشرح والرعاية والحاوي وغيرهم وقال الخرقي: إذا جلس للتشهد الأخير تورك فنصب رجله اليمنى وجعل باطن رجله اليسرى تحت فخذه اليمنى وجعل أليتيه على الأرض واختاره القاضي والمجد في شرحه وصاحب الحاوي.
قال المصنف فأيهما فعل فحسن وقال في الرعاية الكبرى وقيل يخرج قدمه الأيسر من تحت ساقه الأيمن ويقعد على أليتيه أو يجعل فخذ رجله اليمنى على باطن قدم رجله اليسرى ويقعد على أليتيه وقيل أو يؤخر رجله اليسرى ويجلس متوركا على شقه الأيسر أو يجعل قدمه اليسرى تحت فخذه وساقه.
تنبيه : ظاهر قوله: "ثم يجلس في التشهد الثاني متوركا" أنه سواء كان من رباعية أو ثلاثية وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا يتورك في المغرب.
فائدة : لو سجد للسهو بعد السلام من ثلاثية أو رباعية تورك بلا خلاف أعلمه ونص عليه وإن كان من ثنائية فهل يتورك أو يفترش فيه وجهان وأطلقهما في الفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين.
أحدهما : يفترش وهو الصحيح قال المجد في شرحه: هو ظاهر كلام الإمام أحمد قال وهو أصح قال في مجمع البحرين: افترش في الأصح وقدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين.

والوجه الثاني: يتورك اختاره القاضي ويأتي ذلك أيضا في آخر باب.
سجود السهو ويأتي أيضا تورك المسبوق في باب صلاة الجماعة عند قوله: "وما أدرك مع الإمام فهو آخر صلاته".
قوله : "والمرأة كالرجل في ذلك إلا أنها تجمع نفسها في الركوع والسجود وكذا في بقية الصلاة بلا نزاع وتجلس متربعة أو تسدل رجليها فتجعلها في جانب يمينها".
فظاهر كلام المصنف وأكثر الأصحاب أنها مخيرة بين السدل والتربع وقدمه في الحاويين والرعايتين لكن قالا تجلس متربعة أو متوركة والمنصوص عن الإمام أحمد أن السدل أفضل وجزم به ابن تميم والمجد في شرحه ومجمع البحرين وحكاه رواية في الرعايتين والحاويين واختاره الخلال واقتصر عليه الزركشي وجزم في الوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم أنها تجلس متربعة.
وأما إسرارها بالقراءة فتقدم عند قوله: "ويجهر الإمام بالقراءة في الصبح".
قوله : "وهل يسن لها رفع اليدين على روايتين".
وأطلقهما في الشرح والحاويين والمذهب وهما فيه وجهان.
إحداهما : يسن لها رفع اليدين وهو المذهب قدمه في الفروع والفائق وبن تميم.
الثانية : لا يسن جزم به في الوجيز والإفادات والتسهيل واختاره القاضي وهو ظاهر الخرقي والهداية وإدراك الغاية لعدم استثنائه.
وعنه ترفعهما قليلا اختاره أبو بكر وإليه ميل المجد في شرحه فإنه قال هو أوسط الأقوال وعنه يجوز وعنه يكره قال في المستوعب: وهل يسن لها رفع اليدين توقف أحمد.
فائدة: الخنثى المشكل كالمرأة قاله ابن تميم وبن حمدان في رعايته.
تنبيه : قوله: "ويكره الالتفات في الصلاة".
مقيد بما إذا لم يكن ثم حاجة فإن كان ثم حاجة كما إذا اشتد الحرب ونحوه لم يكره ومقيد أيضا بما إذا كان يسيرا فأما إن كان كثيرا مثل إن استدار بجملته أو استدبرها فإن صلاته تبطل بلا نزاع.
قلت: ويستثنى من عموم ذلك مسألة وهي ما إذا استدار بجملته وكان داخل البيت الحرام فإنه إذا فعل ذلك لم تبطل صلاته بلا نزاع فيعايي بها.
وقد يستثنى أيضا ما إذا اختلف اجتهاده وهو في الصلاة فإنه يستدير إلى جهة ما أداه اجتهاده إليها لكن يمكن أن يقال هذه الجهة بقيت قبلته فيما إذا استدار عن القبلة.
تنبيه : ظاهر قوله: "ويكره الالتفات في الصلاة" أنه لو التفت بصدره مع وجهه أنها لا

تبطل وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب منهم ابن عقيل والمصنف وغيرهما وقدمه في الفروع وذكر جماعة أنها تبطل وجزم به ابن تميم.
قوله : "ورفع بصره إلى السماء".
يعني يكره وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وقيل: تبطل به وحده ذكره في الحاوي وغيره.
تنبيه : يستثنى من ذلك حالة التجشي فإنه يرفع رأسه إلى السماء نص عليه في رواية مهنا وغيره إذا تجشأ وهو في الصلاة ينبغي أن يرفع وجهه إلى فوق لئلا يؤذي من حوله بالرائحة ونقل أبو طالب إذا تجشأ وهو في الصلاة فليرفع رأسه إلى السماء حتى يذهب الريح وإذا لم يرفع آذى من حوله من ريحه.
قلت: فيعايى بها.
قوله : "والإقعاء في الجلوس".
يعني يكره وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه سنة اختاره الخلال وعنه جائز.
تنبيه : الصحيح من المذهب: أن صفة الإقعاء ما قاله المصنف وهو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه وجزم به في الفروع وغيره.
وقال في المستوعب: وغيره هو أن يقيم قدميه ويجلس على عقبيه أو يجلس على أليتيه ويقيم قدميه.
وقال في المحرر: وغيره هو أن يجلس على عقبيه أو بينهما ناصبا قدميه.
قوله : "ويكره أن يصلي وهو حاقن".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه يعيد مع مدافعة أحد الأخبثين وعنه يعيد إن أزعجه وذكر ابن أبي موسى أنه الأظهر من قوله: "وحكاها في الرعاية قولا".
قال في النكت: ولم أجد أحدا صرح بكراهة صلاة من طرأ عليه ذلك ولا من طرأ عليه التوقان إلى الأكل في أثناء الصلاة واستدل لذلك بمسائل فيها خلاف فخرج منها وجها بالكراهة.
فائدة : يكره أن يصلي مع ريح محتبسة على الصحيح من المذهب.
وقال في المطلع: هي في معنى مدافعة أحد الأخبثين فتجيء الروايات التي في المدافعة هنا.
وذكر أبو المعالي كلام ابن أبي موسى في المدافعة: أن الصلاة لا تصح قال: وكذا حكم

الجوع المفرط والعطش المفرط واحتج بالأخبار قال في الفروع: فتجيء الروايات قال: وهذا أظهر وكذا قال أبو المعالي: يكره ما يمنعه من إتمام الصلاة بخشوعها كحر وبرد وجزم به في الفروع في مكان وقال في الروضة بعد ذكر أعذار الجمعة والجماعة لأن من شرط صحة الصلاة أن يعي.
أفعالها ويعقلها وهذه الأشياء تمنع ذلك فإذا زالت فعلها على كمال خشوعها وفعلها على كمال خشوعها بعد فوت الجماعة أولى من فعلها مع الجماعة بدون كمال خشوعها.
قوله : "أو بحضرة طعام تتوق نفسه إليه".
هكذا قال كثير من الأصحاب قال الزركشي: المنع على سبيل الكراهة عند الأصحاب وقال في الفروع: ويكره ابتداؤها تائقا إلى طعام وهو أولى قال ابن نصر الله: وإن كان تائقا إلى شراب أو جماع ما الحكم لم أجده والظاهر الكراهة انتهى.
قلت: "بل هما أولى بالكراهة".
تنبيه : ظاهر كلام المصنف: وغيره أنه يبدأ بالخلاء والأكل وإن فاتته الجماعة وهو كذلك.
قوله: "والتروح".
يعني يكره وهو مقيد بما إذا لم تكن حاجة فإن كان ثم حاجة كغم شديد ونحوه جاز من غير كراهة نص عليه وجزم به في الفروع وغيره وهو من المفردات وقال في الرعاية ويكره تروحه وقيل: يسيرا لغم أو حزن ولعله يعني لا يكره.
تنبيه مراده هنا بالتروح أن يروح على نفسه بمروحة أو خرقة أو غير ذلك وأما مراوحته بين رجليه فمستحبة زاد بعضهم إذا طال قيامه ويكره كثرتها لأنه من فعل اليهود.
قوله : "وله رد المار بين يديه".
الصحيح من المذهب: أنه يستحب له رد المار بين يديه سواء كان آدميا أو غيره وعليه الأصحاب وتنقص صلاته إن لم يرده نص عليه وحمله.
القاضي وتابعه في الفائق وغيره على تركه قادرا وعنه يجب رده والمراد إذا لم يغلبه وعنه يرده في الفرض.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف: أن له رده سواء كان المار محتاجا إلى المرور أو لا وهو أحد الوجهين وجزم به ابن الجوزي في المذهب.
والصحيح من المذهب: أنه لا يرده قطع به جماعة منهم المجد في شرحه وبن حمدان في رعايته الكبرى والفائق وقدمه في الفروع.

فوائد .
منها : يحرم المرور بين المصلي وسترته ولو كان بعيدا عنها على الصحيح من المذهب قال في النكت: قطع به جماعة منهم ابن رزين في شرحه والكافي.
قال في تجريد العناية: ويحرم على الأصح وقدمه في الفروع وقال القاضي وبن عقيل في الفصول وصاحب الترغيب وغيرهم يكره وجزم به في المستوعب والرعاية الكبرى.
ومنها يحرم عليه أيضا المرور بين يدي المصلي قريبا من غير سترة على الصحيح من المذهب جزم به في الكافي وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقيل يكره قدمه في الرعاية الكبرى.
ومنها : القرب هنا ثلاثة أذرع على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال المجد في شرحه: هذا أقوى عندي وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وتجريد العناية والفائق وقيل العرف وقيل ماله المشي إليه لقتل الحية على ما يأتي قريبا اختاره المصنف وغيره.
وقال في الرعاية الصغرى والحاويين: وإن مر بقربه عن ثلاثة أذرع أو ماله المشي إليه.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب: أن مكة كغيرها في السترة والمرور وهو إحدى الروايتين قال في النكت: قدمه غير واحد وقدمه هو في حواشيه وقدمه في الرعاية الكبرى في موضع.
والرواية الثانية: جواز المرور بين يديه في مكة من غير سترة ولا كراهة وهو الصحيح من المذهب: نص عليه وجزم به المجد في شرحه والشارح وصاحب التلخيص والبلغة والإفادات والرعاية الصغرى والحاويين ومجمع البحرين والنظم وبن رزين واختاره المصنف وغيره وقدمه ابن تميم وصاحب الفائق وأطلقهما في الفروع.
قال في الرعاية الكبرى: ومن مر بقربه دون ثلاثة أذرع ولا سترة له أو مر دون سترته في غير المسجد الحرام ومكة وقيل والحرم وقال في موضع آخر وله رد المار أمامه دون سترته وقيل يرده في غير المسجد الحرام ومكة وقيل والحرم وقيل وفيهما انتهى.
وقال المصنف وتابعه الشارح وصاحب الفائق وغيرهم: الحرم كمكة قال في النكت: ولم أعلم أحدا من الأصحاب قال به
فائدة .
حيث قلنا له رد المار ورده فأبى فله دفعه فإن أصر فله قتاله على الصحيح من المذهب والروايتين وعنه ليس له قتاله.
ومتى خاف فساد صلاته لم يكرر دفعه ويضمنه إن كرره على الصحيح من المذهب

والروايتين فيهما وعنه له تكرار دفعه ولا يضمنه.
قوله : "وعد الآي والتسبيح".
له عد الآي بأصابعه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل يكره ذكره الناظم.
وله عد التسبيح من غير كراهة على الصحيح من المذهب قال أبو بكر: هو في معنى عد الآي قال ابن أبي موسى: لا يكره في أصح الوجهين قال في الرعاية الصغرى: له عد التسبيح في الأصح.
قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين: لا يكره عند أصحابنا واختاره بن عبدوس في تذكرته وجزم به في الهداية والخلاصة والكافي والمحرر والتلخيص والبلغة والإفادات والحاويين والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في المستوعب والنظم والرعاية الكبرى.
والرواية الأخرى يكره قال الناظم: هو الأجود وهو ظاهر كلامه في الوجيز لعدم ذكره في المباح وقدمه في الفائق وبن تميم وقالا نص عليه وصححه ابن نصر الله في حواشيه وهو ظاهر كلامه في المغني وأطلقهما في الفروع والمذهب.
قال الشارح: قد توقف أحمد في ذلك قال ابن عقيل لا يكره عد الآي وجها واحدا وفي كراهة عد التسبيح وجهان.
قوله : "وله قتل الحية والعقرب والقملة".
بلا خلاف أعلمه بشرطه وله قتل القملة من غير كراهة على الصحيح من المذهب وعنه يكره وعند القاضي التغافل عنها أولى وعنه يصرها في ثوبه وقال القاضي إن رمى بها جاز.
فائدة .
إذا قتل القملة في المسجد جاز دفنها من غير كراهة في أحد الوجهين كالبصاق اختاره القاضي وقيل يكره وقيل لا يجوز وأطلق الجواز وعدمه صاحب الفروع وبن تميم وبن حمدان في الكبرى.
قلت: ويحتمل أن لا يجوز دفنها إن قيل بنجاسة دمها ولهذا قال ابن عقيل.
في الفصول وغيره: أعماق المسجد كظاهره في وجوب صيانته عن النجاسة ولعله مراد القول بعدم الجواز.
قوله : "فإن طال الفعل في الصلاة أبطلها عمدا كان أو سهوا".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا يبطلها إلا إذا كان

عمدا اختاره المجد لقصة ذي اليدين فإنه عليه افضل الصلاة والسلام مشى وتكلم ودخل منزله وفي رواية ودخل الحجرة ومع ذلك بنى على صلاته وقيل لا تبطل بالعمل الكثير من الجاهل بالتحريم قال ابن تميم: ومع الجهل بتحريمه لا تبطل قاله بعض أصحابنا والأولى جعله كالناسي.
قوله : "إلا أن يفعله متفرقا".
يعني أنه لو فعل أفعالا متفرقة وكانت بحيث لو جمعت متوالية لكانت كثيرة لم تبطل الصلاة بذلك وهو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقيل تبطل وأطلقهما ابن تميم والفائق.
تنبيهان.
الأول: مراده بقوله: "فإن طال الفعل في الصلاة أبطلها" إذا لم تكن ضرورة فإن كان ثم ضرورة كحالة الخوف والهرب من عدو أو سيل أو سبع ونحو ذلك لم تبطل بالعمل الكثير قاله الأصحاب وعد في المذهب ومسبوك الذهب من الضرورة إذا كان به حكة لا يصبر عنه ويأتي ذلك في كلام المصنف في صلاة الخوف.
الثاني : يرجع في طول الفعل وقصره في الصلاة إلى العرف فما عد في العرف كثيرا فهو كثير وما عد في العرف يسيرا فهو يسير وهذا المذهب اختاره القاضي وغيره وجزم به في الوجيز والمذهب والنظم والمصنف في هذا الكتاب في باب سجود السهو وقدمه في الفروع والفائق.
وقال في الفروع: ويتوجه أن يكون العرف عند الفاعل.
وقيل: قدر الكثير ما خيل للناظر أنه ليس في صلاة.
وقال ابن عقيل: الثلاث في حد الكثير قال في الفائق: وهو ضعيف لنص أحمد فيمن رأى عقربا في الصلاة: أنه يخطو إليها ويأخذ النعل ويقتلها ويرد النعل إلى موضعها وهي أكثر من ثلاثة أفعال وأطلقهن ابن تميم.
وقيل: اليسير كفعل أبي برزة حين مشى إلى الدابة وقد انفلتت وما فوقه كثير.

فوائد.
الأولى: إشارة الأخرس كالعمل سواء فهمت أو لا ذكره ابن الزاغوني وذكر أبو الخطاب معناه وقال أبو الوفاء إشارته المفهومة كالكلام تبطل الصلاة إلا برد السلام.
الثانية : عمل القلب لا يبطل الصلاة وإن طال على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل: يبطل إن طال اختاره ابن حامد وبن الجوزي قاله الشيخ تقي الدين قال: وعلى الأول لا يثاب إلا على ما عمله بقلبه.
الثالثة : لا تبطل الصلاة بإطالة النظر في كتاب إذا قرأ بقلبه ولم ينطق بلسانه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره.
قال المصنف وغيره: هذا المذهب وقد روي عن الإمام أحمد أنه فعله وقيل تبطل قاله جماعة من الأصحاب منهم ابن حامد وأطلقهما ابن تميم.
الرابعة : قال في الفروع: لا أثر لعمل غيره في ظاهر كلامهم كصبي مص ثدي أمه ثلاثا فنزل لبنها.
قوله: "ويكره تكرار الفاتحة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل تبطل وهو رواية في الفائق وغيره وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
قوله : "والجمع بين سور في الفرض".
يعني يكره وهذا إحدى الروايات عن أحمد نقلها ابن منصور وجزم به في المذهب وقدمه في الهداية والتلخيص.
وعنه لا يكره وهو المذهب رواه الجماعة عن أحمد.
قال أبو حفص: العمل على ما رواه الجماعة لا بأس وصححه القاضي وغيره وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع والمحرر والنظم وغيرهم.
قال الناظم عن الأول: وهو بعيد كتكرار سورة في ركعتين وتفريق سورة في ركعتين نص عليهما مع أنه لا يستحب الزيادة على سورة في ركعة ذكره غير واحد واقتصر عليه في الفروع وأطلقهما في الهادي والشارح والفائق وعنه تكره المداومة.
قوله : "ولا يكره في النفل".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقيل: يكره وهو غريب بعيد.
قوله : "ولا يكره قراءة أواخر السور وأوساطها:
هذا المذهب نقله الجماعة وعليه الأصحاب وعنه يكره مطلقا وعنه تكره المداومة وعنه يكره أوساط السور دون أواخرها.

فوائد.
منها: لا يكره قراءة أوائل السور وقيل: أواخرها أولى.
ومنها : يكره قراءة كل القرآن في فرض لعدم نقله وللإطالة على الصحيح من المذهب وعنه لا يكره.
ومنها : قال في الفروع: وظاهر كلامهم لا يكره ملازمة سورة مع اعتقاد جواز غيرها قال: ويتوجه احتمال وتخريج يعني بالكراهة لعدم نقله.
قلت: وهو الصواب.
قوله : "وله أن يفتح على الإمام أذا ارتج عليه".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه يفتح عليه إن طال وإلا فلا وعنه يفتح عليه في النفل فقط وقال ابن عقيل إن كان في النفل جاز وإن كان في الفرض جاز في الفاتحة ولم يجز في غيرها قال في الفروع: وظاهر المسألة لا تبطل ولو فتح بعد أخذه في قراءة غيرها.
تنبيهان.
الأول: عموم قوله: "وله أن يفتح على الإمام" يشمل الفاتحة وغيرها وأنه لا يجب أما في غير الفاتحة فلا يجب بلا خلاف أعلمه وأما في الفاتحة فالصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجوب الفتح عليه وقيل لا يجب وهو ظاهر كلام المصنف هنا.
الثاني : الألف واللام في قوله: "وله أن يفتح على الإمام" للعهد أي إمامه فلا يفتح على غير إمامه نص عليه سواء كان مصليا أو قارئا لكن لو فتح عليه لم تبطل صلاته على الصحيح من المذهب ويكره وعنه تبطل وصححه في المذهب وقيل تبطل لتجرده للتفهيم اختاره القاضي وكذا إذا عطس فحمد الله على ما يأتي قريبا لا تبطل وهو من المفردات.
فائدة : لو ارتج على المصلي في الفاتحة وعجز عن إتمامها فهو كالعاجز عن القيام في أثناء الصلاة يأتي بما يقدر عليه ولا يعيد ذكره ابن عقيل في الفصول.
قال في الفروع: ويؤخذ منه ولو كان إماما والمذهب أنه يستخلف وعليه جماهير الأصحاب ويأتي ذلك في صلاة الجماعة في إمام الحي العاجز عن القيام.
تنبيهان.
الأول: قوله: "وإذا نابه شيء مثل سهو إمامه أو استئذان إنسان عليه سبح إن كان رجلا".
بلا نزاع ولا يضر ولو كثر ويكره له التصفيق وتبطل الصلاة به إن كثر.

الثاني : ظاهر قوله: "وإن كانت امرأة صفحت ببطن كفها على ظهر الأخرى" أن ذلك مستحب في حقها وهو صحيح لكن محله أن لا يكثر فإن كثر بطلت الصلاة فلو سبحت كالرجل كره نص عليه وقيل: لا يكره قال ابن تميم: قاله بعض أصحابنا قال في الفروع: وظاهر ذلك لا تبطل بتصفيقها على جهة اللعب قال: ولعله غير مراد وتبطل به لمنافاته الصلاة.
فوائد.
منها: قال في الفروع: وفي كراهة التنبيه بنحنحة روايتان وأطلقهما هو والمصنف في المغني والشارح.
قلت: الصواب الكراهة ثم وجدت ابن نصر الله في حواشي الفروع قال: أظهرهما يكره.
والثانية : لا يكره وقدمه ابن رزين قال: وهو أظهر.
ومنها: لا يكره تنبيهه بقراءة وتكبير وتهليل وتسبيح وقدمه في الفروع وبن تميم وقال: وعنه تبطل بذلك إلا في تنبيه الإمام والمار بين يديه قال في الفروع: إلا أنها لا تبطل بتنبيه مار بين يديه.
ومنها: لو عطس فقال: "الحمد لله" أو لسعه شيء فقال: "بسم الله" أو سمع أو رأى ما يغمه فقال: "إنا لله وإنا إليه راجعون" أو رأى ما يعجبه فقال: "سبحان الله" ونحوه كره ذلك على الصحيح من المذهب وقيل: ترك الحمد للعاطس أولى نقل أبو داود يحمد في نفسه ولا يحرك لسانه ونقل صالح لا يعجبني رفع صوته بها انتهى.
ولا تبطل صلاته على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية الجماعة فيمن عطس فحمد الله ونقل ها هنا فيمن قيل له في الصلاة "ولد لك غلام" فقال: "الحمد لله" أو "احترق دكانك" فقال: "لا إله إلا الله" أو ذهب كيسك فقال: "لا حول ولا قوة إلا بالله" فقد مضت صلاته وقدمه في المغني والشرح والفروع وبن تميم وصححه وعنه تبطل.
وكذا لو خاطب بشيء من القرآن مثل أن يستأذن عليه فيقول: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ} أو يقول لمن اسمه يحيى {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} ونحو ذلك خلافا ومذهبا وصحح الصحة ابن تميم وغيره.
وقال القاضي: إن قصد بما تقدم من ذلك كله الذكر فقط لم تبطل وإن قصد خطاب آدمي بطلت وإن قصدهما فوجهان.
وقال القاضي في التعليق وغيره: ويتأتى الخلاف أيضا في تحذير ضرير من وقوعه في بئر ونحوه وتقدم إذا نبه غير الإمام.
قوله : "وإن بدره البصاق بصق في ثوبه".
يعني إذا كان في المسجد وبدره البصاق فلا يبصق إلا في ثوبه وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم واختار المجد جوازه في المسجد ودفنه فيه.

قوله : "وإن كان في غير المسجد جاز أن يبصق عن يساره أو تحت قدمه".
وكذا قال في الهداية والمذهب والخلاصة والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق وغيرهم بل أكثر الأصحاب.
فظاهره سواء كان قدمه اليمنى أو اليسرى وهو الصحيح وقدمه في الفروع وقال جماعة من الأصحاب: يبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى وجزم به في المستوعب والرعاية الكبرى والحاوي الكبير.
تنبيهان.
الأول : قوله: "وإن كان في غير المسجد جاز أن يبصق عن يساره أو تحت قدمه" قال في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير وغيرهما: لكن إن كان يصلي ففي ثوبه أولى وهو ظاهر ما قدمه في الفروع.
وقال المجد في شرحه: إن كان خارج المسجد جاز الأمران وفي البقعة أولى لأن نظافة البدن والثياب من المستقذرات الطاهرات مستحب ولم يعارضه حرمة البقعة.
وقال في الوجيز: ويبصق في الصلاة والمسجد في ثوبه وفي غيرهما عن يساره.
فظاهره أنه لا يبصق عن يساره إذا كان يصلي خارج المسجد ولعله أراد أنه كالأولى كما قال في الرعاية والحاوي: وإلا فلا أعلم له متابعا.
الثاني : مفهوم قوله: "جاز أن يبصق عن يساره أو تحت قدمه" أنه لا يبصق عن يمينه ولا أمامه وهو صحيح فإن المذهب لا يختلف أن ذلك مكروه.
قوله : "ويستحب أن يصلي إلى سترة مثل آخرة الرحل".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وأطلق في الواضح الوجوب.
قوله : "مثل آخره الرحل".
قال الإمام أحمد والأصحاب: يكون طولها ذراعا وعرضها لا حد له قال.
بن تميم وغيره وعنه مثل عظم الذراع وقال في الرعايتين: وقيل: علو شبر زاد في الرعاية الكبرى وقيل ثلاثة أصابع قال في الحاوي الصغير: وهو علو شبر.
فائدتان.
الأولى: تكفي السترة سواء كانت من جدار قريب أو سارية أو جماد غيره أو حربة أو شجرة نص عليه أو عصا أو إنسان أو حيوان بهيم طاهر غير وجهيهما ويكره إلى وجه آدمي نص عليه وفي الرعاية أو حيوان غيره قال في الفروع: والأول المذهب أو لبنة

ونحوها أو مخدة أو شيء شاخص غير ذلك في الفضاء كبعير أو رحله فإن تعذر ذلك فعصا ملقاة عرضا نص عليه أو سوط أو سهم أو مصلاه الذي تحته أو خيط أو ما اعتقده سترة فإن تعذر غرز العصي وضعها.
الثانية : عرض السترة أعجب إلى الإمام أحمد قال في الرعاية وغيرها: يستحب ذلك ويستحب أيضا أن ينحرف عنها يسيرا ويستحب أيضا القرب من سترته بأن يكون بينه وبينها ثلاثة أذرع من قدميه نص عليهما.
قوله : "فإن لم يجد خط خطا".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه يكره الخط.
فعلى المذهب: يكون مثل الهلال نص عليه وعليه الأصحاب وقال غير واحد من الأصحاب: يكفي طولا.
فائدتان.
الأولى: السترة المغصوبة والنجسة في ذلك كغيرهما قدمه في الرعاية الكبرى وقيل لا تفيد شيئا وجزم ابن رزين في شرحه في المغصوبة.
قلت: الصواب أن النجسة ليست كالمغصوبة.
وأطلقهما في المغصوبة في الرعاية الصغرى والمغني والشرح والحاويين والفروع وقال: فالصلاة إليها كالقبر قال صاحب النظم: وعلى قياسه سترة الذهب.
قال في الفروع: ويتوجه معها لو وضع المار سترة ومر أو تستر بدابة جاز.
قال الشارح: أصل الوجهين إذا صلى في ثوب مغصوب على ما تقدم قال في الكافي: الوجهان هنا بناء على الصلاة في الثوب المغصوب.
قلت: فعلى هذا لا يكون ذلك سترة.
الثانية : سترة الإمام سترة لمن خلفه وسترة المأموم لا تكفي أحدهما بل لا يستحب له سترة وليست سترة له وذكر الأصحاب أن معنى ذلك إذا مر ما يبطلها قال في الفروع: فظاهره أن هذا فيما يبطلها خاصة وأن كلامهم في نهي الآدمي عن المرور على ظاهره.
وقال صاحب النظم: لم أجد أحدا تعرض لجواز مرور الإنسان بين يدي المأمومين فيحتمل جوازه اعتبارا بسترة الإمام لهم حكما ويحتمل اختصاص ذلك بعدم الإبطال لما فيه من المشقة على الجميع.
قال في الفروع: ومراده عدم التصريح به وقال احتجاجهم بقضية ابن عباس والبهيمة التي أرادت أن تمر بين يديه عليه أفضل الصلاة والسلام فدارءها حتى التصقت بالجدار فمرت من

ورائه مختلف على وجهين والأول أظهر قال ابن نصر لله في حواشي الفروع: صوابه الثاني أظهر لأنه محل وفاق الشافعية أعني عموم سترة الإمام سترة لما يبطلها ولغيره كمرور الآدمي ومنع.
المصلي المار انتهى وقال ابن تميم: من وجد فرجة في الصف قام فيها إذا كانت بحذائه فإن مشى إليها عرضا كره وعنه لا.
قوله : "وإن لم تكن سترة فمر بين يديه الكلب الأسود البهيم بطلت صلاته".
لا أعلم فيه خلافا من حيث الجملة وهو من المفردات وتقدم قريبا جملة من أحكام المرور عند قوله: "وله رد المار".
فائدتان.
الأولى: الأسود البهيم هو الذي لا لون فيه سوى السواد على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقال في الفروع في باب الصيد هو ما لا بياض فيه نص عليه وقيل: لا لون فيه غير السواد انتهى.
وعنه إن كان بين عينيه بياض لم يخرج بذلك عن كونه بهيما وتبطل الصلاة بمروره اختاره المجد في شرحه وصححه ابن تميم.
قال في المغني والشرح: لو كان بين عينيه نكتتان يخالفان لونه لم يخرج بهما عن اسم البهيم وأحكامه وأطلقهما في الفائق ويأتي ذلك في باب الصيد أيضا.
الثانية : البهيم في اللغة هو الذي لا يخالط لونه لون آخر ولا يختص ذلك بالسواد قاله الجوهري وغيره.
قوله : "وفي المرأة والحمار روايتان".
وأطلقهما في الهداية وخصال ابن البنا والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والتلخيص والبلغة والمحرر والشرح والنظم والحاويين والرعايتين والفائق والفروع ونهاية ابن رزين.
إحداهما : لا تبطل وهي المذهب نقلها الجماعة عن الإمام أحمد وجزم به في الخرقي والمبهج والوجيز والإفادات والمنور والمنتخب قال في المغني.
هي المشهورة قال في الكافي: هذا المشهور قال الزركشي: هي أشهرهما واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه

في التصحيح ونظم نهاية ابن رزين قال في الفصول: لا تبطل في أصح الروايتين وقدمه في المغني والكافي وإدراك الغاية.
والرواية الثانية: تبطل اختارها المجد ورجحه الشارح وقدمه في المستوعب وبن تميم وحواشي ابن مفلح وجزم به ناظم المفردات وهو منها واختاره الشيخ تقي الدين وقال هو مذهب أحمد.
تنبيه : مراده بالحمار الحمار الأهلي وهو الصحيح وعليه أكثر الأصحاب وفي حمار الوحش وجه: أنه كالحمار الأهلي ذكره أبو البقاء في شرح الهداية وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقال في النكت: اسم الحمار إذا أطلق إنما ينصرف إلى المعهود المألوف في الاستعمال وهو الأهلي هذا هو الظاهر ومن صرح به من الأصحاب فالظاهر أنه صرح بمراد غيره فليست المسألة على قولين كما يوهم كلامه في الرعاية انتهى.
قلت: وليس الأمر كما قال: فقد ذكر أبو البقاء في شرحه وجها بذلك كما تقدم وذكره العلامة ابن رجب في قاعدة تخصيص العموم بالعرف قال: وللمسألة نظائر كثيرة مثل ما لو حلف لا يأكل لحم بقر فهل يحنث بأكل لحم بقر الوحش على وجهين ذكرهما في الترغيب وكذا لو حلف لا يركب حمارا فركب حمارا وحشيا هل يحنث أم لا على وجهين وكذا وجوب الزكاة في بقر الوحش وما أشبهه انتهى فالوجه له وجه حسن.
فوائد.
الأولى: قال في النكت: ظاهر كلام الأصحاب أن الصغيرة التي لا يصدق عليها أنها امرأة لا تبطل الصلاة بمرورها وهو ظاهر الأخبار قال: وقد يقال تشبه خلوة الصغيرة بالماء هل يلحق بخلوة المرأة على وجهين انتهى.
قلت: المذهب أنه لا تأثير لخلوتها على ما مر.
وقال في الفروع: كلامهم في الصغيرة يحتمل وجهين.
الثانية : حكم مرور الشيطان بين يدي المصلي حكم مرور المرأة والحمار قاله أكثر الأصحاب وحكى ابن حامد فيه وجهين.
الثالثة : ظاهر كلام المصنف وغيره من الأصحاب أن الصلاة لا تبطل بمرور غير من تقدم ذكره وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وحكى القاضي في شرح المذهب رواية أن السنور الأسود في قطع الصلاة كالكلب الأسود.
الرابعة : حيث قلنا تبطل الصلاة بالمرور فلا تبطل بالوقوف قدامه ولا الجلوس على الصحيح من المذهب قال في الفروع والفائق: وليس وقوفه كمروره على الأصح كما لا يكره إلى بعير وظهر ورحل ونحوه ذكره المجد واختاره الشيخ تقي الدين وصححه المجد في شرحه.

وعنه تبطل وهما وجهان عند الأكثر وأطلقهما في المغني والكافي والشرح والتلخيص والبلغة وبن تميم والرعايتين والحاويين والزركشي.
الخامسة : لا فرق في المرور بين النفل والفرض والجنازة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وعنه لا يضر المرور إذا كان في النفل ذكرها في التمام ومن بعده وعنه لا يضر إذا كان في نفل أو جنازة.
السادسة : يجب رد الكافر المعصوم دمه عن بئر إذا كان يصلي على أصح الوجهين كرد مسلم عن ذلك فيقطع الصلاة ثم يستأنفها على الصحيح من المذهب وقيل: يتمها وقيل: لا يجب رد الكافر اختاره ابن أبي موسى وتقدم ما قاله في التعليق من حكاية الخلاف في عدم بطلان صلاة من حذر ضريرا قبيل قوله: "وإن بدره البصاق" وكذا يجوز له قطع الصلاة إذا هرب منه غريمه نقل حبيش يخرج في طلبه وكذا إنقاذ غريق ونحوه على الصحيح من.
المذهب وقيل نفلا فلو أبى قطعها صحت ذكره الأصحاب في الدار المغصوبة.
السابعة : لو دعاه النبي صلى الله عليه وسلم وجب عليه إجابته في الفرض والنفل بلا نزاع لكن هل تبطل الأظهر البطلان قاله ابن نصر الله ولا يجيب والديه في الفرض قولا واحدا ولا في النفل إن لزم بالشروع وإن لم يلزم بالشروع كما هو المذهب أجابهما.
ونقل المروذي أجب أمك ولا تجب أباك وهل ذلك وجوبا أو استحبابا لم يذكره الأصحاب قال ابن نصر الله في حواشي الفروع: الأظهر الوجوب.
قلت: الصواب عدم الوجوب.
أو ينظر إلى قرينة الحال وهو ظاهر كلام الأصحاب في الجهاد حيث قالوا لا طاعة لهما في ترك فريضة وكذا حكم الصوم لو دعواه أو أحدهما إلى الفطر.
قوله : "ويجوز له النظر في المصحف".
يعني القراءة فيه وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه يجوز له ذلك في النفل وعنه يجوز لغير حافظ فقط وعنه فعل ذلك يبطل الفرض وقيل: والنفل وتقدم إذا نظر في كتاب وأطال بعد قوله: "إلا أن يفعله متفرقا".
قوله : "وإذا مرت به آية رحمة أن يسألها أو آية عذاب أن يستعيذ منها".
هذا المذهب يعني يجوز له ذلك [وعليه الأصحاب ونص عليه وعنه يستحب قال في الفروع: وظاهره لكل مصل وقيل السؤال والاستعاذة هنا إعادة قراءتها] اختاره أبو بكر الدينوري وبن الجوزي.
قال في الرعاية الكبرى والحاوي وفيه ضعف قال ابن تميم: وليس بشيء وتابعوا في ذلك المجد في شرحه فإنه قال: هذا وهم من قائله.

وعنه يكره في الفرض وذكر ابن عقيل في جوازه في الفرض روايتين وعنه يفعله وحده.
وقيل يكره فيما يجهر فيه من الفرض دون غيره.
ونقل الفضل لا بأس أن يقوله مأموم ويخفض صوته وقال أحمد إذا قرأ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} في صلاة وغيرها قال "سبحانك فبلى" في فرض ونفل.
وقال ابن عقيل: لا يقوله فيها وقال أيضا: لا يجيب المؤذن في نفل قال: وكذا إن قرأ في نفل {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } فقال "بلى" لا يفعل.
وقيل لأحمد: إذا قرأ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} هل يقول "سبحان ربي الأعلى" قال: إن شاء قال في نفسه ولا يجهر به.
فوائد.
إحداها: لو قرأ آية فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان في نفل فقط صلى عليه نص عليه وهذا المذهب جزم به ابن تميم وقدمه في الفروع وقال وأطلقه بعضهم.
قال ابن القيم في كتابه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : المنصوص أنه يصلي عليه في النفل فقط.
وقال في الرعاية الكبرى والحاوي: وإن قرأ آية فيها ذكره صلوات الله وسلامه عليه جاز له الصلاة عليه ولم يقيداه بنافلة قال ابن القيم: هو قول أصحابنا.
الثانية : له رد السلام من إشارة من غير كراهة على الصحيح من المذهب وعنه يكره في الفرض وعنه يجب ولا يرده في نفسه بل يستحب الرد بعد فراغه منها.
الثالثة : له أن يسلم على المصلي من غير كراهة على الصحيح من المذهب وعنه يكره.
قلت: وهو الصواب.
وقاسه ابن عقيل على المشغول بمعاش أو حساب قال في الفروع: كذا قال وقال: ويتوجه أنه إن تأذى به كره وإلا لم يكره وعنه يكره في الفرض وقيل لا يكره إن عرف المصلي كيفية الرد به وإلا كره.
قوله : "أركان الصلاة اثنا عشر القيام".
محل ذلك إذا كانت الصلاة فرضا وكان قادرا عليه وتقدم الحكم لو كان عريانا أو لم يجد إلا ما يستر عورته أو منكبيه فلو كان نفلا لم يجب القيام مطلقا وقيل يجب في الوتر.
قال في الرعاية قلت: إن وجب وإلا فلا وأطلقهما ابن تميم.
تنبيه : عد الأصحاب القيام من الأركان وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع في عد القيام من الأركان نظر لأنه يشترط تقدمه على التكبير فهو أولى من النية بكونه شرطا انتهى.

قلت: الذي يظهر قول الأصحاب لأن الشروط هي التي يؤتى بها قبل الدخول في الصلاة وتستصحب إلى آخرها والركن يفرغ منه وينتقل إلى غيره والقيام كذلك.
فوائد .
إحداها : قال أبو المعالي وغيره: حد القيام ما لم يصر راكعا قال القاضي في الخلاف وأبو الخطاب في الانتصار: حده الانتصاب قدر التحريمة فقد أدرك المسبوق فرض القيام ولا يضره ميل رأسه.
الثانية : لو قام على رجل واحدة فظاهر كلام أكثر الأصحاب الإجزاء قاله في الفروع وهو ظاهر كلام المصنف ونقل خطاب ابن بشر عن أحمد لا أدري وقال ابن الجوزي لا يجزئه قال في النكت: قطع به ابن الجوزي.
وغيره وتقدم لو أتى بتكبيرة الإحرام أو ببعضها راكعا عند قوله: "ثم يقول الله أكبر لا يجزئه غيرها".
الثالثة : قوله: "وتكبيرة الإحرام" بلا نزاع وليست بشرط بل هي من الصلاة نص عليه ولهذا يعتبر لها شروطها.
قوله : "وقراءة الفاتحة".
الصحيح من المذهب: أن قراءة الفاتحة ركن في كل ركعة وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه ركن في الأوليين وعنه ليست ركنا مطلقا ويجزئه آية من غيرها قال في الفروع: وظاهره ولو قصرت ولو كانت كلمة وأن الفاتحة سنة.
وأطلق في المستوعب الروايتين في تعيين الفاتحة.
واختار الشيخ تقي الدين أنها لا تجب في الجنازة بل تستحب.
وذكر الحلواني رواية لا يكفي إلا سبع آيات من غيرها.
وعنه ما تيسر وعنه لا تجب قراءة في الأوليين والفجر وعنه إن نسيها فيهما قرأها في الثالثة والرابعة مرتين وسجد للسهو زاد عبد الله في هذه الرواية وإن ترك القراءة في ثلاث ثم ذكر في الرابعة فسدت صلاته واستأنفها.
وذكر ابن عقيل إن نسيها في ركعة أتى بها فيما بعدها مرتين ويعتد بها ويسجد للسهو قال في الفنون: وقد أشار إليه أحمد.
فائدتان.
إحداهما: تجب الفاتحة على الإمام والمنفرد وكذا على المأموم لكن الإمام يتحملها عنه هذا المعنى في كلام القاضي وغيره واقتصر عليه في الفروع.
وقيل: تجب القراءة على المأموم في الظهر والعصر حيث تجب فيهما على الإمام والمنفرد ذكره في الرعاية.

الثانية : قوله: "والطمأنينة في هذه الأفعال".
بلا نزاع وحدها حصول السكون وإن قل على الصحيح من المذهب جزم به في النظم وقدمه في الفروع وبن تميم والرعاية والفائق ومجمع البحرين.
قال في الرعاية: فإن نقص عنه فاحتمالان.
وقيل: هي بقدر الذكر الواجب قال المجد في شرحه وتبعه في الحاوي الكبير: وهو الأقوى وجزم به في المذهب والحاوي الصغير.
وفائدة الوجهين: إذا نسي التسبيح في ركوعه أو سجوده أو التحميد في اعتداله أو سؤال المغفرة في جلوسه أو عجز عنه لعجمه أو خرس أو تعمد تركه وقلنا هو سنة واطمأن قدرا لا يتسع له فصلاته صحيحة على الوجه الأول ولا تصح على الثاني.
وقيل: هي بقدر ظنه أن مأمومه أتى بما يلزمه.
قوله : "والتشهد الأخير والجلوس له".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه أنهما واجبان قال في الرعاية: وهو غريب بعيد وقال أيضا وقيل: التشهد الأخير واجب والجلوس له ركن وهو غريب بعيد.
وقال أبو الحسين: لا يختلف قوله أن الجلوس فرض واختلف قوله في الذكر فيه وعنه أنهما سنة وعنه التشهد الأخير فقط سنة.
فائدتان.
إحداهما: حيث قلنا بالوجوب فيجزئ بعد التشهد الأول قوله: "اللهم صل على محمد" فقط على الصحيح من المذهب اختاره المصنف والمجد والقاضي وغيرهم قال في الفروع: وتجزئ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : في الأصح.
قال ابن تميم: هذا أصح الوجهين قال الزركشي: واختاره القاضي وجزم به في الوجيز.
وقيل: الواجب الجميع إلى قوله: "إنك حميد مجيد" الأخيرتان اختاره ابن حامد قال أبو الخطاب في الهداية وصاحب المستوعب ومجمع البحرين: والمجزئ التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلى "حميد مجيد" على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلامه في المذهب والتخليص.
قال في الكافي وقال بعض أصحابنا: وتجب الصلاة على هذه الصفة يعني حديث كعب بن عجرة ويأتي قريبا مقدار الواجب من التشهد الأول.

الثانية : قال ابن عقيل في الفنون: كان يلزم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول في التشهد "وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد" والشهادتان في الأذان وقال ابن حمدان في الرعاية يحتمل لزوم ذلك وجهين.
قوله : "والتسليمة الأولى".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه أنها واجبة ذكرها في الرعاية الكبرى.
قوله : "والترتيب".
اعلم أن جمهور الأصحاب عد الترتيب من الأركان.
وقال المجد في شرحه وتابعه في مجمع البحرين والحاوي الكبير: الترتيب صفة معتبرة للأركان لا تقوم إلا به ولا يلزم من ذلك أن يكون ركنا زائد كما أن الفاتحة ركن وترتيبها معتبر ولا يعد ركنا آخر والتشهد كذلك وكذا.
السجود ركن ويعتبر أن يكون على الأعضاء السبعة ولا يجعل ذلك ركنا إلى نظائر ذلك انتهى.
قال الزركشي: بعضهم يعد الترتيب ركنا وبعضهم يقول هو مقوم للأركان لا تقوم إلا به انتهى.
قال في مجمع البحرين: لكن يلزم أن لا تعد الطمأنينة ركنا لأنها أيضا صفة الركن وهيئته فيه انتهى.
قلت: لعل الخلاف لفظي إذ لا يظهر له فائدة.
قوله : "وواجباتها تسعة التكبيرة غير تكبيرة الإحرام والتسميع والتحميد في الرفع من الركوع والتسبيح في الركوع والسجود مرة مرة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه أن ذلك ركن وعنه سنة وعنه التكبير ركن إلا في حق المأموم فواجب ذكره الزركشي وغيره.
قوله : "وسؤال المغفرة بين السجدتين مرة".
يعني أنه واجب وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه ركن وعنه سنة وإن قلنا التسميع والتحميد ونحوهما واجب ذكره في الفروع ونبه عليه ابن نصر الله في حواشي الفروع وقال جماعة: يجزئ "اللهم اغفر لي".
قوله : "والتشهد الأول والجلوس له".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه ركن وعنه سنة.

فائدة : الصحيح من المذهب: أن الواجب المجزئ من التشهد الأول "التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" جزم به في الوجيز وقدمه ابن تميم قال الزركشي: اختاره القاضي والشيخان.
وزاد بعض الأصحاب والصلوات وزاد ابن تميم وحواشي صاحب الفروع وبركاته وزاد بعضهم والطيبات وذكر المصنف والشارح السلام معرفا وهو قول في الرعاية وذكر ابن منجا في الأول وأطلقهما في المغني.
وقال في الرعاية الكبرى: إن أسقط "أشهد" الثانية ففي الإجزاء وجهان والمنصوص الإجزاء.
وقال القاضي أبو الحسين في التمام: إذا خالف الترتيب في ألفاظ التشهد فهل يجزيه على وجهين وقيل الواجب جميع ما ذكره المصنف في التشهد الأول وهو تشهد ابن مسعود وهو الذي في التلخيص وغيره.
قال ابن حامد: رأيت جماعة من أصحابنا يقولون لو ترك واوا أو حرفا أعاد الصلاة قال الزركشي: هذا قول جماعة منهم ابن حامد وغيره.
قال في الفروع بعد حكاية تشهد ابن مسعود وقيل لا يجزئ غيره وقيل متى أخل بلفظة ساقطة في غيره أجزأ انتهى.
وفيه وجه لا يجزئ من التشهد ما لم يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذكره ابن تميم.
وتقدم قريبا قدر الواجب من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير وما تقدم من الواجب من مفردات المذهب.
قوله : "والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في موضعها".
يعني أنها واجبة في التشهد الأخير وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد جزم به في العمدة والهادي والوجيز واختارها الخرقي والمجد في شرحه وبن عبدوس في تذكرته وصححها في النظم والحاوي الكبير.
قال في المغني" هذا ظاهر المذهب وقدمه في الفائق.
وعنه أنها ركن وهي المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في المذهب: ومسبوك الذهب ركن في أصح الروايتين قال في البلغة: هي ركن في أصح الروايات.
قال في إدراك الغاية: ركن في الأصح قال في مجمع البحرين: هذه أظهر الروايات قال في الفروع: ركن على الأشهر عنه اختاره الأكثر وجزم به في الهداية والمذهب الأحمد

والخلاصة والمنور وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين واختاره ابن الزاغوني والآمدي وغيرهما.
وعنه أنها سنة اختارها أبو بكر عبد العزيز كخارج الصلاة ونقل أبو زرعة رجوعه عن هذه الرواية وأطلقهن في المستوعب والتلخيص.
وتقدم هل تجب الصلاة عليه صلوات الله وسلامه عليه أو تستحب خارج الصلاة عند قوله: "وإن شاء قال كما صليت على إبراهيم".
قوله : "والتسليمة الثانية في رواية".
وكذا قال في الهادي والمذهب الأحمد وهذه إحدى الروايات مطلقا جزم بها في الإفادات والتسهيل قال القاضي: وهي أصح.
وقال في الجامع الصغير: وهما واجبان لا يخرج من الصلاة بغيرهما وصححها ناظم المفردات وهو منها وقدمها في الفائق.
والرواية الثانية: أنها ركن مطلقا كالأولى جزم به في المنور والهداية في عد الأركان وقدمه في التلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين والنظم والزركشي وإدراك الغاية قال في المذهب: ركن في أصح الروايتين وصححها في الحواشي واختاره أبو بكر والقاضي والأكثرون كذا قاله الزركشي مع أن ما قاله في الجامع الصغير يحتمله وهي من المفردات.
وعنه أنها سنة جزم به في العمدة والوجيز واختارها المصنف والشارح وبن عبدوس وقدمه ابن رزين في شرحه.
قلت: وهو قول أكثر أهل العلم: وحكاه ابن المنذر إجماعا فقال أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة وتبعه ابن رزين في شرحه.
قلت: هذا مبالغة منه وليس بإجماع.
قال العلامة ابن القيم: وهذه عادته إذا رأى قول أكثر أهل العلم حكاه إجماعا.
وعنه هي سنة في النفل دون الفرض وجزم في المحرر والزركشي أنها لا تجب في النفل وقدم أبو الخطاب في رؤوس مسائله أنها واجبة في المكتوبة.
وقال القاضي: التسليمة الثانية سنة في الجنازة والنافلة رواية واحدة وأطلقهن في الفروع وأطلق الروايتين هل هي سنة أم لا في الهداية والمستوعب والخلاصة.
قال في المحرر وفي وجوبها في الفرض روايتان.
قال في مسبوك الذهب وفي التسليمة الثانية روايتان.

فوائد.
الأولى: السلام من نفس الصلاة قاله الأصحاب وهو ظاهر كلام الإمام أحمد قال في الفروع: وظاهره التسليمة الثانية.
وقال القاضي في التعليق: فيها روايتان إحداهما هي منها والثانية لا لأنها لا تصادف جزءا منها قال في الفروع: كذا قال.
الثانية : الصحيح من المذهب: أن الخشوع في الصلاة سنة قاله المصنف وغيره وقدمه في الفروع وغيره ومعناه في التعليق وغيره.
وقال الشيخ تقي الدين: إذا غلب الوسواس على أكثر الصلاة لا يبطلها ويسقط الفرض.
وقال أبو المعالي: وغيره هو واجب قال في الفروع: ومراده والله أعلم.
في بعضها وقال ابن حامد وبن الجوزي تبطل صلاة من غلب الوسواس على أكثر صلاته وتقدم نظير ذلك قبيل قوله : "ويكره تكرار الفاتحة".
الثالثة : ألحق في الرعايتين والحاويين: الجهل بالسهو في ترك الأركان والواجبات والسنن وفي الكافي ما يدل عليه فإنه قال في الفصل الثالث من باب شرائط الصلاة فيما إذا علم بالنجاسة ثم أنسبها فيه روايتان كما لو جهلها لأن ما يعذر فيه بالجهل يعذر فيه بالنسيان كواجبات الصلاة.
الرابعة : يستثنى من قوله: "من ترك منها شيئا بطلت صلاته" تكبيرة الركوع لمن أدرك الإمام راكعا فإن تكبيرة الإحرام تجزئه ولا يضره ترك تكبيرة الركوع كما جزم به المصنف في صلاة الجماعة وهو المنصوص عن الإمام أحمد في مواضع وسيأتي هناك.
قلت: فيعايى بها.
ولو قيل: إنها غير واجبة والحالة هذه لكان سديدا كوجوب الفاتحة على المأموم وسقوطها عنه بتحمل الإمام لها عنه أو يقال هنا سقطت من غير تحمل ولعله مرادهم والله أعلم.
قوله : "وسنن الأقوال اثنا عشر الاستفتاح والتعوذ".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه أنهما واجبان اختاره ابن بطة وعنه التعوذ وحده واجب وعنه يجب التعوذ في كل ركعة.
قوله : "وقراءة بسم الله الرحمن الرحيم".
تقدم الخلاف فيها هل هي من الفاتحة أم لا مستوفى في أول الباب.
قوله : "وقول آمين".

يعني أن قولها سنة وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه واجب قال في.
رواية إسحاق بن إبراهيم: آمين. أمر من النبي صلى الله عليه وسلم وهو آكد من الفعل ويجوز فيها القصر والمد وهو أولى ويحرم تشديد الميم.
قوله : "وقراءة السورة".
الصحيح من المذهب: أن قراءة السورة بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين سنة وعليه الأصحاب وعنه يجب قراءة شيء بعدها وهي من المفردات قال في الفروع: وظاهره ولو بعض آية لظاهر الخبر فعلى المذهب يكره الاقتصار على الفاتحة.
فائدة .
يبتدئ السورة التي يقرؤها بعد الفاتحة بالبسملة نص عليه زاد بعض الأصحاب سرا قال الشارح الخلاف: في الجهر هنا كالخلاف في أول الفاتحة.
قوله : "والجهر والإخفات".
هذا المذهب المعمول عليه وعليه جماهير الأصحاب وقيل هما واجبان وقيل الإخفات وحده واجب.
ونقل أبو داود إذا خافت فيما يجهر فيه حتى فرغ من الفاتحة ثم ذكر يبتدئ الفاتحة فيجهر ويسجد للسهو.
وتقدم ذلك عند قوله: ويجهر الإمام بالقراءة وتقدم هناك من يشرع له الجهر والإخفات مستوفى.
تنبيه : في عد المصنف الجهر والإخفات من سنن الأقوال نظر فإنهما فيما يظهر من سنن الأفعال لأنهما هيئة للقول لا أنهما قول مع أنه عدهما أيضا من سنن الأقوال في الكافي.
تنبيه : وقوله: "ملء السماء بعد التحميد".
يعني في حق من شرع له قول ذلك على ما تقدم وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه واجب إلى آخره.
قوله : "والتعوذ في التشهد الأخير".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه واجب ذكرها القاضي وقال ابن بطة: من ترك من الدعاء المشروع شيئا مما يقصد به الثناء على الله تعالى أعاد وعنه من ترك شيئا من الدعاء عمدا أعاد.
وتقدم ذلك عند قوله: "ويستحب أن يتعوذ".

قوله : "والقنوت في الوتر".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع أكثرهم به وقال ابن شهاب سنة في ظاهر المذهب.
فائدة .
قوله : "فهذه سنن لا تبطل الصلاة بتركها ولا يجب السجود لها".
لا يختلف المذهب في ذلك لأنه بدل عنها قاله المجد وغيره.
قوله : "وهل يشرع على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والحاوي والكافي والتلخيص والبلغة والمحرر وشرح المجد والخلاصة وشرح ابن منجا والفروع والفائق والمذهب الأحمد والحاويين في سجود السهو.
إحداهما : يشرع له السجود وهو المذهب وصححه في التصحيح وجزم به في المنور والمنتخب وقدمه ابن تميم والرعايتين وإليه ميله في مجمع البحرين.
والرواية الثانية : لا يشرع قال في الإفادات: لا يسجد لسهوه وهو ظاهر ما قدمه في النظم وإدراك الغاية وتجريد العناية فإنهم قالوا سن في رواية وقدمه ابن رزين في شرحه والحاوي الكبير في آخر صفة الصلاة قال الزركشي: الأولى تركه.
قوله : "وما سوى هذا من سنن الأفعال لا تبطل الصلاة بتركه بلا نزاع ولا يشرع السجود له".
وهذه طريقة المصنف وجزم بها في المغني والكافي.
قال الشارح والناظم: ترك السجود هنا أولى وقدمه في الفائق وقاله القاضي في شرح المذهب وهو الصحيح من المذهب.
والذي عليه أكثر الأصحاب أن الروايتين في سنن الأفعال أيضا وأنهما في سنن الأقوال والأفعال مخرجتان من كلام الإمام أحمد وصرح بذلك أبو الخطاب في الهداية وغيره.
قال المجد في شرحه: وقد نص الإمام أحمد في رواية ابن منصور أنه قال: إن سجد فلا بأس وإن لم يسجد فليس عليه شيء وقال في رواية صالح "يسجد لذلك وما يضره إن سجد".
فائدتان.
إحداهما: حيث قلنا لا يسجد في سنن الأفعال والأقوال لو خالف وفعل فلا بأس نص عليه قاله في الفروع وجزم به في شرح المجد ومجمع البحرين وقال ابن تميم وابن

حمدان تبطل صلاته نص عليه.
قلت: قد ذكر الأصحاب أنه لا يسجد لتلاوة غير أمامه فإن فعل فذكروا في بطلان صلاته وجهين.
وقالوا: إذا قلنا سجدة ص سجد شكر لا يسجد لها في الصلاة فإن خالف وفعل فالمذهب تبطل وقيل لا تبطل فليس يبعد أن يخرج هنا مثل ذلك.
الثانية : عد المصنف في الكافي سنن الأفعال اثنين وعشرين سنة وذكر في الهداية أن الهيئات خمسة وعشرون وذكرها في المستوعب خمسة وأربعين هيئة وقال في الرعاية الكبرى: هي خمسة وأربعون في الأشهر وقالوا سميت هيئة لأنها صفة في غيرها.
قال في الرعاية: فكل صورة أو صفة لفعل أو قول فهي هيئة.
قال في الخلاصة: والهيئات هي صور الأفعال وحالاتها فمرادهم بذلك سنن الأفعال.
[وقد عدها في المستوعب والمذهب وغيرهما وهي تشمل سنن الأفعال وغيرها وقد تكون ركنا كالطمأنينة ذكره في الرعاية وعد فيها أن من الهيئات الجهر والإخفات وعدهما المصنف في سنن الأقوال كما تقدم]

باب سجود السهو
قوله : "ولا يشرع في العمد".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وبنى الحلواني سجوده لترك سنة على كفارة قتل العمد قال في الرعاية وقيل: يسجد لعمد مع صحة صلاته.
تنبيهات.
أحدها: يستثنى من قوله: "ويشرع للسهو في زيادة ونقص وشك للنافلة والفرض" سوى صلاة الجنازة وسجود التلاوة فلا يسجد للسهو فيهما قاله الأصحاب زاد ابن تميم وبن حمدان وغيرهما وسجود الشكر وكذا لا يسجد إذا سها في سجدتي السهو نص عليه وكذا إذا سها بعدهما وقيل: سلامه في السجود بعد السلام لأنه في الجائز.
فاما سهوه في سجود السهو قبل السلام فلا يسجد له أيضا في أقوى الوجهين قاله في مجمع البحرين والنكت قال في المغني والشرح: ولو سها بعد سجود السهو لم يسجد لذلك وقطعا به.
والوجه الثاني: يسجد له وأطلقهما المجد في شرحه وبن تميم والفروع والرعايتين.
وكذا لا يسجد لحديث النفس ولا للنظر إلى شيء على الصحيح من المذهب وعنه أنه يسجد وقال لخصت ذلك في الكتاب.

الثاني : ظاهر قوله: "فاما الزيادة فمتى زاد فعلا من جنس الصلاة قياما أو قعودا أو ركوعا أو سجودا عمدا بطلت صلاته وإن كان سهوا سجد له".
أنه لو جلس سهوا في محل جلسة الاستراحة بمقدارها أنه يسجد للسهو وهو أحد الوجهين والصحيح منهما صححه في النظم وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره القاضي وقدمه في الرعايتين وبن رزين في شرحه وجزم به في المغني والشارح في موضع وفي آخر ظاهره إطلاق الخلاف وصححه المجد في شرحه وقال هو ظاهر كلام أبي الخطاب.
والوجه الثاني: لا يلزمه السجود وهو احتمال في المغني قال في الحاويين: وهو أصح عندي قال الزركشي: إن كان جلوسه يسيرا فلا سجود عليه قال في التلخيص: هذا قياس المذهب ولا وجه لما ذكره القاضي إلا إذا قلنا تجبر الهيئات بالسجود انتهى وأطلقهما في الفروع وبن تميم.
الثالث : ظاهر كلام المصنف: وغيره أنه يسجد للسهو في صلاة الخوف وغيرها في شدة الخوف وغيرها وقال في الفائق ولا سجود لسهو في الخوف قاله بعضهم واقتصر عليه.
قلت: فيعايى بها.
لكن لم أر أحدا من الأصحاب ذكر ذلك في شدة الخوف وهو موافق لقواعد المذهب.
ويأتي أحكام سجود السهو في صلاة الخوف إذا لم يشتد في الوجه الثاني وتقدم سجود السهو للنفل إذا صلى على الراحلة في استقبال القبلة.
[ الرابع : قال ابن أبي موسى ومن تبعه: من كثر منه السهو حتى صار كالوسواس فإنه يلهو عنه لأنه يخرج به إلى نوع مكابرة فيفضي إلى الزيادة في الصلاة مع تيقن إتمامها ونحوه فوجب اطراحه وكذا في الوضوء والغسل وإزالة النجاسة نحوه].
قوله : "وإن سبح به اثنان لزمه الرجوع".
يعني إذا كانا ثقتين هذا المذهب وعليه الأصحاب سواء قلنا يعمل بغلبة ظنه أو لا وعنه يستحب الرجوع فيعمل بيقينه أو بالتحري وذكر في مجمع البحرين في الفاسق احتمالا يرجع إلى قوله إن قلنا يصح أذانه قال في الفروع: وفيه نظر وقيل إن قلنا يبنى على غلبة ظنه رجع وإلا فلا اختاره ابن عقيل ذكره في القاعدة التي قبل الأخيرة.
تنبيهات.
الأول: ظاهر كلام المصنف وغيره من الأصحاب: أنه يرجع إلى ثقتين ولو ظن خطأهما وهو صحيح جزم به المصنف وبن تميم والفائق وقال: نص عليه قال في الفروع: وهو ظاهر كلامهم قال: ويتوجه تخريج واحتمال من الحكم مع الريبة يعني أنه لا يلزمه الرجوع إذا ظن خطأهما.

الثاني : مفهوم كلام المصنف أنه لا يلزمه الرجوع إذا سبح به واحد وهو صحيح وهو المذهب وأطلق الإمام أحمد أنه لا يرجع لقوله.
وقيل: يرجع إلى ثقة في زيادة فقط واختار أبو محمد الجوزي يجوز رجوعه إلى واحد يظن صدقه وجزم به في الفائق.
قال في الفروع: ولعل المراد ما ذكره الشيخ يعني به المصنف إن ظن صدقه عمل بظنه لا بتسبيحه.
الثالث : محل قبول الثقتين والواحد إذا قلنا يقبل إذا لم يتيقن صواب نفسه.
فإن تيقن صواب نفسه لم يرجع إلى قولهم ولو كثروا هذا جادة المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وقال أبو الخطاب: يرجع إلى قولهم ولو تيقن صواب نفسه قال المصنف: وليس بصحيح قال في الفائق: وهو ضعيف وذكره الحلواني رواية كحكمه بشاهدين وتركه يقين نفسه.
قال في الفروع: وهذا سهو وهو خلاف ما جزم به الأصحاب إلا أن يكون المراد ما قاله القاضي بترك الإمام اليقين ومراده الأصل قال: كالحاكم يرجع إلى الشهود ويترك الأصل واليقين وهو براءة الذمم وكذا شهادتهما برؤية الهلال يرجع إليهما ويترك اليقين والأصل وهو بقاء الشهر.
الرابع : قد يقال شمل كلام المصنف المصلى وحده وأنه كالإمام في تنبيهه وهو صحيح وهو المذهب فحيث قلنا يرجع الإمام إلى المنبه يرجع المنفرد إذا نبه.
قال القاضي: هو الأشبه بكلام الإمام أحمد وقدمه في الفروع.
وقيل: لا يرجع المنفرد وإن رجع الإمام لآن من في الصلاة أشد تحفظا وأطلقهما ابن تميم.
الخامس : قال في الفروع: ظاهر كلامهم: أن المرأة كالرجل في هذا وإلا لم يكن في تنبيهها فائدة ولما كره تنبيها بالتسبيح ونحوه وقد ذكره في مجمع البحرين احتمالا له وقواه ونصره وقال في الفروع: ويتوجه في المميز خلافه وكلامهم ظاهر فيه.
السادس : لو اختلف عليه من ينبهه سقط قولهم ولم يرجع إلى أحد منهم على الصحيح من المذهب ونقله المروذي عن الإمام أحمد واختاره ابن حامد وقدمه في الفروع والفائق.
وقيل: يعمل بقول موافقه قال: في الوسيلة هو أشبه بالمذهب وهو اختيار أبي جعفر.
وقيل: يعمل بقول مخالفه اختاره ابن حامد قاله ابن تميم.
[ السابع : يلزم المأمومين تنبيه الإمام إذا سها قاله المصنف وغيره فلو تركوه فالقياس فساد صلاتهم].

قوله : "فإن لم يرجع بطلت صلاته وصلاة من اتبعه عالما".
على الصحيح من المذهب أن صلاة من اتبعه عالما تبطل وعليه الأصحاب وعنه لا تبطل وعنه تجب متابعته في الركعة لاحتمال ترك ركن قبل ذلك فلا يترك بتعين المتابعة بالشك وعنه يخير في متابعته وعنه يستحب متابعته.
وقيل: لا تبطل إلا إذا قلنا يبنى على اليقين فأما إن قلنا يبني على غلبة ظنه لم تبطل ذكره في الرعاية.
قوله : "وإن فارقه أو كان جاهلا لم تبطل".
يعني صلاته وكذا إن نسي وهذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه تبطل وأطلق في الفائق فيما إذا جهلوا وجوب المفارقة الروايتين.
فوائد.
الأولى: تجب المفارقة على المأموم على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وعنه يجب انتظاره نقلها المروذي واختارها ابن حامد وعنه يستحب انتظاره وعنه يخير في انتظاره كما تقدم التخيير في متابعته.
الثانية : تنعقد صلاة المسبوق معه فيها على الصحيح من المذهب وهو ظاهر ما جزم به في الفروع.
قال في الرعاية الكبرى: وإن أدرك المأموم ركعة من رباعية وقام الإمام إلى خامسة سهوا فتبعه يظنها رابعة انعقدت صلاته في الأصح انتهى.
وقيل: لا تنعقد فعلى المذهب لا يعتد بهذه الركعة على الصحيح من المذهب نص عليه جزم به في المحرر وغيره وقدمه في الرعاية وغيره.
وقال القاضي والمصنف: يعتد بها وتوقف الإمام أحمد في رواية أبي الحارث.
وقال في الحاوي الكبير: وغيره ويحتمل أن يعتد بها المسبوق إن صح اقتداء المفترض بالمتنفل واختاره القاضي أيضا وقدمه ابن تميم.
الثالثة : ظاهر كلام الأصحاب: أن الإمام لا يرجع إلى فعل المأموم من قيام وقعود وغير ذلك للأمر بالتنبيه وصرح به بعضهم قال في مجمع البحرين: قاله شيخنا وتابعه على ذلك قال في الفروع: ويتوجه تخريج واحتمال وفيه نظر.
قلت: فعل ذلك بعضهم مما يستأنس به ويقوى ظنه.

ونقل أبو طالب إذا صلى بقوم تحرى ونظر إلى من خلفه فإن قاموا تحرى وقام وإن سبحوا به تحرى وفعل ما يفعلون.
قال القاضي في الخلاف: ويجب حمل هذا على أن للإمام رأيا فإن لم يكن له رأى بنى على اليقين.
الرابعة: لو نوى صلاة ركعتين نفلا وقام إلى ثالثة فالأفضل له أن يتمها أربعا ولا يسجد للسهو لإباحة ذلك وله أن يرجع ويسجد للسهو هذا إذا كان نهارا وإن كان ليلا فرجوعه أفضل فيرجع ويسجد للسهو نص عليه فلو لم يرجع ففي بطلانها وجهان وأطلقهما ابن تميم والفائق.
والمنصوص عن الإمام أحمد أن حكم قيامه إلى ثالثة ليلا كقيامه إلى ثالثة في صلاة الفجر وجزم به في المغني والشرح وقدمه ابن مفلح في حواشيه وهو المذهب ويأتي ما يتعلق بذلك عند قوله: "وإن تطوع في النهار بأربع فلا بأس" في الباب الذي بعده.
قوله : "والعمل المستكثر في العادة من غير جنس الصلاة يبطلها عمده وسهوه".
اعلم أن الصلاة تبطل بالعمل الكثير عمدا بلا نزاع أعلمه وتبطل به أيضا سهوا على الصحيح من المذهب كما جزم به المصنف هنا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وحكاه الشارح وغيره إجماعا وحكى بعض الأصحاب في سهوه روايتين واختار المجد في شرحه لا تبطل بالعمل الكثير سهوا لقصة ذي اليدين فإنه مشى وتكلم ودخل منزله وبنى على صلاته على ما تقدم.
تنبيه : مراده ببطلان الصلاة بالعمل المستكثر إذا لم تكن حاجة إلى ذلك على ما تقدم في الباب قبله عند قوله : "فإن طال الفعل في الصلاة أبطلها" وتقدم هناك حد الكثير واليسير والخلاف فيه فليعاود وتقدم حكم عمل الجاهل في الصلاة هناك أيضا.
قوله : "ولا تبطل باليسير ولا يشرع له سجود".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم منهم صاحب الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقيل: يشرع له السجود قال في الرعاية وقيل: يحتمل وجهين.
فائدة : "لا بأس بالعمل اليسير لحاجة ويكره لغيرها".
قوله : "وإن أكل أو شرب عمدا بطلت صلاته قل أو كثر".
إذا أكل عمدا: فتارة يكون في نفل وتارة يكون في فرض فإن كان.
في فرض بطلت

الصلاة بقليله وكثيره على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به وحكاه ابن المنذر إجماعا وحكى في الرعاية قولا بأنها لا تبطل بشرب يسير.
وإن كان في نفل فتارة يكون كثيرا وتارة يكون يسيرا فإن كان كثيرا بطلت الصلاة وإن كان يسيرا فظاهر كلام المصنف أنها تبطل أيضا وهو إحدى الروايات قال في المغني والشارح: هذا الصحيح من المذهب قال في الكافي بعد أن قدمه هذا أولى قال ابن رزين: وقدمه ابن تميم والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية قال في الحواشي: قدمه جماعة.
والرواية الثانية : لا تبطل قدمه في الفروع ومجمع البحرين ونصره فهو إذن المذهب وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والهادي والتلخيص وشرح المجد والمحرر والخلاصة والفائق.
والرواية الثالثة: تبطل بالأكل فقط قال ابن هبيرة: هي المشهورة عنه قال في الفروع: هي الأشهر عنه.
قوله : "وإن كان سهوا لم تبطل إذا كان يسيرا".
وهذا المذهب فرضا كان أو نفلا وعليه أكثر الأصحاب وعنه تبطل قدمه في الكافي وقيل: تبطل بالأكل فقط.
تنبيه : مفهوم كلام المصنف أن الأكل والشرب سهوا يبطل الصلاة إذا كان كثيرا وهو صحيح فرضا كان أو نفلا وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا تبطل وهو ظاهر المستوعب والتلخيص وأطلقهما ابن تميم وقيل يبطل الفرض فقط.
فوائد.
منها: الجهل بذلك كالسهو على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقال" ولم يذكر جماعة الجهل في الأكل والشرب منهم المصنف والشارح وصاحب الفائق.
ومنها : لو كان في فمه سكر أو نحوه مذاب وبلعه فالصحيح من المذهب أنه كالأكل قدمه في الفروع والرعاية وجزم به في المغني والشرح.
وقيل: لا تبطل وهما وجهان في التلخيص وبن تميم وأطلقهما وذكر في المذهب في النفل روايتين قال: وكذا لو فتح فاه فنزل فيه ماء المطر فابتلعه وذكر في الرعاية إن بلع ماء وقع عليه من ماء مطر لم تبطل.
ومنها : لو بلع ما بين أسنانه مما يجري فيه الريق من غير مضغ لم تبطل صلاته نص عليه وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وجزم به المصنف والشارح وغيرهما وقدمه في الفروع وبن تميم والرعاية وغيرهم.
وقيل: تبطل وقال في الروضة ما يمكن إزالته من ذلك يفسد ابتلاعه.

قوله : "وإن أتى بقول مشروع في غير موضعه كالقراءة في السجود والقعود والتشهد في القيام وقراءة السورة في الأخيرتين لم تبطل الصلاة به".
هذا المذهب سواء كان عمدا أو سهوا وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه.
وقيل: تبطل بقراءته راكعا وساجدا عمدا اختاره ابن حامد وأبو الفرج.
وقيل: تبطل به عمدا مطلقا ذكر هذا الوجه في المذهب ومسبوك الذهب.
فعلى القول بالبطلان بالعمدية يجب السجود لسهوه.
تنبيه : مراد المصنف بذلك غير السلام على ما يأتي بعد ذلك من التفصيل في كلام المصنف فيما إذا سلم عمدا أو سهوا.
قوله : "ولا يجب السجود لسهوه".
يعني إذا قلنا لا يبطل بالعمدية على ما تقدم.
قوله : "وهل يشرع على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم والشرح والحاويين والكافي.
إحداهما : يشرع وهو المذهب قال في الفروع والرعاية: ويستحب لسهوه على الأصح قال ناظم المفردات: يشرع في الأصح.
قال المجد في شرحه: هذه أقوى وجزم به في الوجيز والمنور وقدمه أبو الحسين في فروعه والخلاصة وبن تميم والرعاية الصغرى ونصره أبو الخطاب وبن الجوزي في التحقيق وهو من مفردات المذهب.
الرواية الثانية: لا يشرع قال الزركشي: الأولى تركه.
قوله : "وإن سلم قبل إتمام صلاته عمدا أبطلها".
بلا نزاع فإن كان سهوا ثم ذكر قريبا أتمها وسجد بلا خلاف أعلمه ولو خرج من المسجد نص عليه في رواية ابن منصور وهذا إن لم يكن شرع في صلاة أخرى أو تكلم على ما يأتي ذلك مفصلا.
وشرط المصنف في المغني والكافي والشارح وبن تميم وغيرهم أيضا عدم الحدث فإن أحدث بطلت ولو كان الفصل يسيرا قال الزركشي: والذي ينبغي أن يكون حكم الحدث هنا حكم الحدث في الصلاة هل يبنى معه أو يستأنف أو يفرق بين حدث البول والغائط وغيرهما على الخلاف.

تنبيه : كلامه كالصريح أنها لا تبطل وهو صحيح إن كان سلامه ظنا أن صلاته قد انقضت أما لو كان السلام من العشاء يظنها التراويح أو من الظهر يظنها الجمعة أو الفجر فإنها تبطل ولا تناقض عليه لاشتراط دوام النية ذكرا أو حكما وقد زالت باعتقاد صلاة أخرى قاله الزركشي وغيره.
قلت: يتوجه عدم البطلان.
قوله : "فإن طال الفصل بطلت".
هذا المذهب جزم به في المغني والشرح وبن تميم والزركشي وغيرهم.
فائدة : لو لم يطل الفصل ولكن شرع في صلاة أخرى فالصحيح من المذهب أنه يعود إلى الأولى بعد قطع ما شرع فيها وهو ظاهر كلام المصنف هنا والخرقي وغيرهما قال الزركشي: هذا المشهور وقدمه في المغني والمجد في شرحه والشرح وبن تميم والزركشي وغيرهم.
وقال في المبهج: يجعل ما يشرع فيه من الصلاة الثانية تماما للصلاة الأولى فيبنى إحداهما على الأخرى ويصير وجود السلام كعدمه لآنه سهو معذور فيه وسواء كان ما شرع فيه فرضا أو نفلا ورده المصنف والشارح وغيرهما.
وعنه تبطل الأولى إن كان ما شرع فيه نفلا وإلا فلا.
وعنه تبطل الأولى مطلقا نقله أبو الحارث ومهنا وهو الذي في الكافي ويأتي ذلك فيما إذا ترك ركنا ولم يذكره إلا بعد سلامه.
قوله : "أو تكلم لغير مصلحة الصلاة بطلت".
يعني إذا ظن أن صلاته قد تمت وتكلم عمدا لغير مصلحة الصلاة كقوله يا غلام اسقني ماء ونحوه فالصحيح من المذهب بطلان الصلاة نص عليه وعليه الأصحاب وعنه لا تبطل والحالة هذه وأطلقهما جماعة.
قوله : "وإن تكلم لمصلحتها ففيه ثلاث روايات إحداهن لا تبطل".
نص عليها في رواية جماعة من أصحابه واختارها المصنف والشارح لقصة ذي اليدين وهي ظاهر كلام الخرقي وجزم به في الإفادات وقدمه ابن تميم وبن مفلح في حواشيه.
وأجاب القاضي وغيره عن القصة بأنها كانت حالة إباحة الكلام وضعفه المجد وغيره لأن الكلام حرم قبل الهجرة عند ابن حبان وغيره أو بعدها بيسير عند الخطابي وغيره.
فعلى هذه الرواية لو أمكنه إصلاح الصلاة بإشارة ونحوها فتكلم فقال في المذهب وغيره تبطل.

والرواية الثانية: تبطل.
وهي المذهب وعليه أكثر الأصحاب قاله المجد وغيره منهم أبو بكر الخلال وأبو بكر عبد العزيز والقاضي وأبو الحسين.
قال المجد: هي أظهر الروايات وصححه الناظم وجزم به في الإيضاح وقدمه في الفروع والمحرر والفائق.
" والثالثة : تبطل صلاة المأموم دون الإمام اختارها الخرقي".
فعلى هذه: المنفرد كالمأموم قاله في الرعاية وهو ظاهر كلامه في المحرر وغيره.
وعنه رواية رابعة: لا تبطل إذا تكلم لمصلحتها سهوا اختاره المجد في شرحه وفي المحرر وصاحب مجمع البحرين والفائق ونصره ابن الجوزي.
قوله : "وإن تكلم في صلب الصلاة بطلت".
إن كان عالما عمدا بطلت الصلاة وإن كان ساهيا بغير السلام فقدم المصنف أن صلاته تبطل أيضا وهو المذهب قدمه في الفروع والمحرر والحاويين والقاضي أبو الحسين والفائق وغيرهم.
قال الزركشي: إذا تكلم سهوا فروايات أشهرها وهو اختيار ابن أبي موسى والقاضي وغيرهما البطلان ونصره ابن الجوزي في التحقيق.
وعنه لا تبطل إذا كان ساهيا اختاره ابن الجوزي وصاحب مجمع البحرين والنظم والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق وقدمه ابن تميم.
[ويحتمل كلامه في الفروع إطلاق الخلاف وإليه ذهب ابن نصر الله في.
حواشيه] وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة والكافي وشرح المجد والشرح وشرح ابن منجا والتلخيص والرعايتين.
وتقدم قريبا رواية ثالثة لا تبطل إذا تكلم سهوا لمصلحتها ومن اختارها.
وإن كان جاهلا بتحريم الكلام أو الإبطال به فهل هو كالناسي أم لا تبطل صلاته فإن بطلت صلاة الناسي فيه روايتان.
فالمصنف جعل الجاهل كالناسي وقدم أنه ككلام العامد.
إحداهما : أنه كالناسي: فيه من الخلاف وغيره ما في الناسي وهو الصحيح من المذهب قدمه ابن مفلح في حواشي المقنع قال في الكافي والرعايتين: وفي كلام الناسي والجاهل روايتان قال في المغني: والأولى أن يخرج فيه رواية الناسي انتهى.
والرواية الثانية : أن كلام الجاهل لا يبطل وإن أبطل كلام الناسي وجزم ابن شهاب بعدم البطلان في الجاهل.

قال في مجمع البحرين: ولا يبطلها كلام الجاهل في أقوى الوجهين وإن قلنا يبطلها كلام الناسي اختاره القاضي والمجد وأطلق الخلاف المجد في شرحه وبن تميم وصاحب الفروع وحكى المجد وبن تميم الخلاف وجهين وحكاهما في الفروع روايتان.
وقال القاضي في الجامع: لا أعرف عن أحمد نصا في ذلك.
فوائد.
إحداها: قسم المصنف رحمه الله المتكلم إلى قسمين.
أحدهما : من يظن تمام صلاته فيسلم ثم يتكلم إما لمصلحتها أو لغيرها.
الثاني : من يتكلم في صلب الصلاة.
فحكى في الأول إذا تكلم لمصلحتها ثلاث روايات وحكى في الثاني روايتين.
وهذه إحدى الطريقتين للأصحاب واختيار المصنف والشارح وجزم به في الإفادات وقدمه في النظم.
والطريقة الثانية: الخلاف جار في الجميع لأن الحاجة إلى الكلام هنا قد تكون أشد كإمام نسي القراءة ونحوها فإنه يحتاج أن يأتي بركعة فلا بد له من إعلام المأمومين.
وهذه الطريقة هي الصحيحة في المذهب جزم بها في المحرر والفائق وقدمها في الفروع والرعاية واختارها القاضي والمجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين وبن تميم.
الثانية : اختار المصنف وبن شهاب العكبري في عيون المسائل بطلان صلاة المكره على الكلام وهو إحدى الروايتين قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين: وإذا قلنا تبطل بكلام الناسي فكذا كلام المكره وأولى لأن عذره أندر وقال القاضي لا تبطل بخلاف الناسي قال في الفروع: والناسى كالمتعمد وكذا جاهل ومكره في رواية وعنه لا.
فظاهره أن المقدم عنده البطلان وقال في الرعاية الكبرى: وإن قلنا لا يعذر الناسي ففي المكره ونحوه وقيل مطلقا وجهان.
وقال في التلخيص: ولا تبطل بكلام الناسي ولا بكلام الجاهل بتحريم الكلام إذا كان قريب العهد بالإسلام في إحدى الروايتين وعليها يخرج سبق اللسان وكلام المكره انتهى.
قال في القواعد الأصولية: ألحق بعض أصحابنا المكره بالناسي وقال القاضي بل أولى بالعفو من الناسى وكذا قال ابن تميم.
ونصر ابن الجوزي في التحقيق ما قاله القاضي واختاره ابن رزين في شرحه.
الثالثة : لو وجب عليه الكلام كما لو خاف على ضرير ونحوه فتكلم محذرا له بطلت الصلاة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفائق وحواشي ابن مفلح هو قول أصحابنا وقدمه في الفروع وغيره.

وقيل: لا تبطل قال المصنف: هو ظاهر كلام الإمام أحمد لأنه علل صحة صلاة من أجاب النبي صلى الله عليه وسلم بوجوب الكلام وفرق بينهما بأن الكلام هنا لم يجب عينا.
وقال القاضي: وغيره لزوم الإجابة للنبي صلى الله عليه وسلم لا يمنع الفساد لأنه لو رأى من يقتل رجلا منعه فإذا فعل فسدت.
قال في الرعاية الكبرى: وإن وجب الكلام لتحذير معصوم ضرير أو صغير لا تكفيه الإشارة عن وقوعه في بئر ونحوها فوجهان أصحهما العفو والبناء وقدمه في الفائق وأطلقهما ابن تميم ومجمع البحرين.
الرابعة : لو نام فيها فتكلم أو سبق على لسانه حال قراءته أو غلبه سعال أو عطاس أو تثاؤب ونحوه فبان حرفان لم تبطل الصلاة به على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر وقيل: حكمه حكم الناسي وإن لم يغلبه ذلك بطلت على الصحيح من المذهب وقال الشيخ تقي الدين: هو كالنفخ وأولى.
الخامسة : حيث قلنا لا تبطل بالكلام فمحله في الكلام اليسير وأما الكلام الكثير فتبطل به مطلقا عند الجمهور وقطع به جماعة قال القاضي في المجرد: هو رواية واحدة.
وعنه لا فرق بين قليل الكلام وكثيره اختاره القاضي أيضا وغيره.
قال في الجامع الكبير: لا فرق بين الكلام القليل والكثير في حق الناسي في ظاهر كلام الإمام أحمد.
وقال في المجرد: إن طال من الناسي أفسد رواية واحدة وهما وجهان في ابن تميم وغيره وأطلقهما هو والزركشي.
تنبيه : مفهوم قوله: "وإن قهقه فبان حرفان فهو كالكلام" أنه إذا لم يبن حرفان أنه لا يضر وأن صلاته صحيحة وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو أحد الوجهين أو الروايتين جزم به في الهداية وشرحها للمجد والحاوي الكبير والقاضي في المجرد والمستوعب وقدمه في الرعاية الكبرى وبن تميم وغيرهما.
وعنه أنه كالكلام ولو لم يبن حرفان اختاره الشيخ تقي الدين وقال إنه الأظهر وجزم به في الكافي والمغني وقال لا نعلم فيه خلافا وقدمه في الشرح وحكاه ابن هبيرة إجماعا وأطلقهما في الفروع والفائق.
قوله : "أو نفخ فبان حرفان فهو كالكلام".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب واختار الشيخ تقي الدين أن النفخ ليس كالكلام ولو بان حرفان فأكثر فلا تبطل الصلاة به وهو رواية عن الإمام أحمد.
تنبيه : مفهوم كلامه أنه إذا لم يبن حرفان أن صلاته صحيحة وهو المذهب وعليه أكثر

الأصحاب ونصروه وقدمه في الفروع.
وعنه أنه كالحرفين وأطلقهما ابن تميم وصاحب الفائق.
قوله : "أو انتحب فبان حرفان".
فهو كالكلام إلا ما كان من خشية الله تعالى فالصحيح من المذهب أن صلاته لا تبطل وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والمجد في شرحه ومجمع البحرين والحاوي الكبير وإدراك الغاية والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير وقيل إن غلبه لم تبطل وإلا بطلت.
قال المصنف: وهو الأشبه بأصول أحمد وأطلقهما في الفائق وبن تميم.
فائدة : لو استدعى البكاء كره كالضحك وإلا فلا.
وأما إذا لحن في الصلاة فيأتي عنه كلام المصنف في باب صلاة الجماعة وتكره إمامة اللحان.
قوله : "وقال أصحابنا النحنحة مثل ذلك".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به كثير منهم وقدمه في الفروع وغيره وقد روي عن أبي عبد الله أنه كان يتنحنح في صلاته ولا يراها مبطلة للصلاة وهي رواية عن الإمام أحمد واختارها المصنف وأطلقهما في المحرر وبن تميم والفائق.
تنبيه : محل الخلاف إذا لم تكن حاجة فإن كان ثم حاجة فليست كالكلام رواية واحدة عند جمهور الأصحاب وقيل هي كالكلام أيضا وتقدم.
قوله : "فمتى ترك ركنا فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى بطلت التي تركه منها".
وهذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب وهو من المفردات.
وفيه وجه لا تبطل الركعة بشروعه في قراءة ركعة أخرى فمتى ذكر قبل سجود الثانية رجع فسجد للأولى وإن ذكر بعد أن سجد كان السجود عن الأولى ثم يقوم إلى الثانية ذكره ابن تميم وغيره.
وقال في المبهج: من ترك ركنا ناسيا فذكره حين شرع في ركن آخر بطلت الركعة قال في الفروع: حكى ذلك رواية.
وقد تقدم في أركان الصلاة رواية بانه إذا نسي الفاتحة في الأولى والثانية قرأها في الثالثة والرابعة مرتين وزاد عبد الله في هذه الرواية وإن ترك القراءة في الثلاث ثم ذكر في الرابعة

فسدت صلاته واستأنفها وذكر بن عقيل إن نسيها في ركعة فأتى بها فيما بعدها مرتين يعتد بها ويسجد للسهو قال في فنونه: وقد أشار إليه أحمد.
فعلى المذهب: لو رجع إلى الركعة التي قد بطلت عالما عمدا بطلت صلاته قاله في الفروع وغيره.
تنبيهان.
أحدهما: مراده بقوله: "فمتى ترك ركنا فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى" غير النية إن قلنا هي ركن وغير تكبيرة الإحرام وهو واضح.
الثاني : مفهوم قوله: "فمتى ترك ركنا فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى بطلت التي تركه منها" أنه لا يبطل ما قبل تلك الركعة المتروك منها الركن ولا تبطل قبل الشروع في القراءة وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وحكاه المجد في شرحه إجماعا وقيل لا يبطل أيضا ما قبلها اختاره ابن الزاغوني قال ابن تميم وبن حمدان: وهو بعيد.
قوله : "وإن ذكر قبل ذلك".
يعني قبل شروعه في القراءة عاد فأتى به وبما بعده.
مثل إن قام ولم يشرع في القراءة نص عليه لأن القيام غير مقصود في نفسه لأنه يلزم منه قدر القراءة الواجبة وهي المقصودة ولو كان قام من السجدة وكان قد جلس للفصل لم يجلس له إذا أراد أن يأتي بالسجدة الثانية على الصحيح من المذهب والوجهين.
والوجه الثاني: يجلس للفصل بينهما أيضا قال في الحاوي الصغير: عندي يجلس ليأتي بالسجدة الثانية عن جلوس وهو احتمال في الحاوي الكبير وأما إذا قام ولم يكن جلس للفصل جلس له على الصحيح من المذهب وقال ابن عقيل في الفنون يحتمل جلوسه وسجوده بلا جلسة.
قلت: فيعايى بها.
ولو سجد سجدة ثم جلس للاستراحة وقام قبل السجدة الثانية لم تجزئه جلسة الاستراحة عن جلسة الفصل على الصحيح من المذهب وقال في الحاوي الصغير وعندي يجزئه وعلله.
قوله : "فإن لم يعد بطلت صلاته".
يعني إذا ذكره قبل شروعه في القراءة ولم يعد عمدا بطلت صلاته بلا خلاف أعلمه وإن لم يعد سهوا بطلت الركعة فقط على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره وجزم به

في المحرر وغيره وهو ظاهر ما جزم به في المغني والشرح.
وقيل: إن لم يعد لم يعتد بما يفعله بعد المتروك جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
قال المجد في شرحه: يعني من تمام الركعة فقط.
وقال ابن عقيل في الفصول: فإن ترك ركوعا أو سجدة فلم يذكر حتى قام إلى الثانية جعلها أولته وإن لم ينتصب قائما عاد فتمم الركعة كما لو ترك القراءة يأتي بها إلا أن يذكر بعد الانحطاط من قيام تلك الركعة فإنها تلغو ويجعل الثانية أولته قال في الفروع: كذا قال.
قوله : "وإن علم بعد السلام فهو كترك ركعة كاملة".
الصحيح من المذهب أنه إذا لم يعلم بترك الركن إلا بعد سلامه أن صلاته صحيحه وأنه كترك ركعة وجزم به في الإفادات والوجيز والمنور وقدمه في الفروع والمحرر وبن تميم والرعاية والفائق.
وقيل: يأتي بالركن وبما بعده قال ابن تميم وبن حمدان: وهو أحسن إن شاء الله تعالى.
ونص أحمد في رواية الجماعة أنها لا تبطل إلا بطول الفصل ونقل الأثرم.
وغيره عن أحمد تبطل صلاته وجزم به في المستوعب والتبصرة والتلخيص والبلغة واختاره أبو الخطاب.
فعلى القول بالصحة: إذا أتى بذلك سجد للسهو قبل السلام على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية حرب لأن السجود لترك الركن والسلام تبع وقيل يسجد بعد السلام لأنه سلم عن نقص.
تنبيه : قوله: "فهو كترك ركعة كاملة" يعني يأتي بها وهو مقيد بقرب الفصل عرفا ولو انحرف عن القبلة أو خرج من المسجد نص عليه.
وقيل: بدوامه في المسجد قدمه في الرعاية فلو كان الفصل قريبا ولكن شرع في صلاة أخرى عاد فأتم الأولة على الصحيح من المذهب بعد قطع ما شرع فيها وعليه جمهور الأصحاب وعنه يستأنفها لتضمن عمله قطع نيتها وعنه يستأنفها إن كان ما شرع فيه نفلا.
وقال أبو الفرج الشيرازي في المبهج: يتم الأولة من صلاته الثانية وتقدم لفظه في الباب عند قوله: "وإن طال الفصل بطلت".
وقال ابن عقيل في الفصول: إن كانتا صلاتي جمع أتمها ثم سجد عقبها للسهو عن الأولى لأنهما كصلاة واحدة ولم يخرج من المسجد وما لم يخرج منه يسجد عندنا للسهو انتهى.
فائدة : لو ترك ركنا من آخر ركعة سهوا ثم ذكره في الحال فإن كان سلاما أتى به فقط وإن كان تشهدا أتى به وسجد ثم سلم وإن كان غيرهما أتى بركعة كاملة نص عليه قال ابن

تميم وابن حمدان: ويحتمل أن يأتي بالركن وبما بعده وهو أحسن إن شاء الله تعالى على ما تقدم.
قوله : "وإن نسي أربع سجدات من أربع ركعات وذكر في التشهد سجد سجدة فصحت له ركعة ويأتي بثلاث".
هذا المذهب نص عليه في رواية الجماعة وعليه أكثر الأصحاب وعنه.
تبطل صلاته وأطلقهما الخرقي وعنه يبني على تكبيرة الإحرام ذكرها الآمدي ونقلها الميموني وعنه يصح له ركعتان ذكرها ابن تميم وصاحب الفائق وغيرهما وجها وهو تخريج في النظم وغيره.
قال المصنف: ويحتمل أن يكون هو الصحيح وأن يكون قولا لأحمد لأنه رضي الله عنه نقله عن الشافعي وقال هو أشبه من قول أصحاب الرأي.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أنه لو ذكر بعد سلامه أنه ليس كمن ذكر وهو في التشهد وأن صلاته تبطل وهو المذهب نص عليه اختاره ابن عقيل والمصنف وغيرهما.
قال الزركشي: قلت: قياس المذهب قول ابن عقيل لأن من أصلنا أن من ترك ركنا من ركعة فلم يدر حتى سلم أنه كمن ترك ركعة وهنا الفرض أنه لم يذكر إلا بعد السلام وإذا كان كمن ترك ركعة والحاصل له من الصلاة ركعة فتبطل الصلاة رأسا وجزم به في الشرح والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والتلخيص وقال ابتدأ الصلاة رواية واحدة وقدمه في الرعاية الكبرى والفائق وبن تميم.
وقيل: حكمها حكم ما لو ذكر وهو في التشهد قال المجد في شرحه: إنما يستقيم قول ابن عقيل على قول أبي الخطاب فيمن ترك ركنا فلم يذكره حتى سلم أن صلاته تبطل فأما على منصوص أحمد في البناء إذا ذكر قبل طول الفصل فإنه يصنع كما يصنع إذا ذكر في التشهد انتهى وأطلقهما في الفروع.
فوائد.
الأولى: لو ذكر أنه نسي أربع سجدات من أربع ركعات بعد أن قام إلى خامسة وشرع في القراءة وكان ذلك سهوا أو جهلا لم تبطل صلاته وكانت هذه الخامسة أولاه ولغا ما قبلها ولا يعيد الافتتاح فيها جزم به في الفروع وغيره.
الثانية : تشهده قبل سجدتي الأخيرة زيادة فعلية وقبل السجدة الثانية زيادة قولية.
الثالثة : لو ترك سجدتين أو ثلاثا من ركعتين جهلهما صلى ركعتين وإن ترك ثلاثا أو أربعا من ثلاث صلى ثلاثا وإن ترك من الأولة سجدة ومن الثانية سجدتين ومن الرابعة سجدة وذكر في التشهد سجد سجدة وصلى ركعتين وإن ترك خمس سجدات من ثلاث ركعات أو من أربع أتى بسجدتين فصحت له ركعة كاملة.

قوله : "وإن نسي التشهد الأول ونهض لزمه الرجوع ما لم ينتصب قائما فإن استتم قائما لم يرجع وإن رجع جاز".
اعلم أنه إذا ترك التشهد الأول ناسيا وقام إلى ثالثة لم يخل من ثلاثة أحوال.
أحدها أن يذكر قبل أن يعتدل قائما فهنا يلزمه الرجوع للتشهد كما جزم به المصنف هنا ولا أعلم فيه خلافا ويلزم المأموم متابعته ولو بعد قيامهم وشروعهم في القراءة.
الحال الثانية ذكره بعد أن استتم قائما وقبل شروعه في القراءة فجزم المصنف أنه لا يرجع وإن رجع جاز فظاهره أن الرجوع مكروه وهو إحدى الروايات وهو الصحيح من المذهب قال في الفروع: والأشهر يكره الرجوع وصححه في النظم قال الشارح: الأولى أن لا يرجع وإن رجع جاز قال في الحاوي الكبير: والأولى له أن لا يرجع وهو أصح قال في المحرر والمغني: أولى وجزم به في التلخيص وناظم المفردات وهو منها وقدمه في مجمع البحرين وعنه يخير بين الرجوع وعدمه وعنه يمضي في صلاته ولا يرجع وجوبا اختاره المصنف وصاحب الفائق وعنه يجب الرجوع وأطلقهما في الفروع.
فائدة: لو كان إماما فلم يذكره المأموم حتى قام فاختار المضي أو شرع في القراءة لزم المأموم متابعته على الصحيح من المذهب وعنه يتشهد المأموم وجوبا قال ابن عقيل في التذكرة: يتشهد المأموم ولا يتبعه في القيام فإن تبعه ولم يتشهد بطلت صلاته.
الحال الثالثة ذكره بعد أن شرع في القراءة فهنا لا يرجع قولا واحدا كما قطع به المصنف بقوله وإن شرع في القراءة لم يجز له الرجوع.
قوله : "وعليه السجود لذلك كله".
أما في الحال الثاني والثالث فيسجد للسهو فيهما بلا خلاف أعلمه وأما في الحال الأول وهو ما إذا لم ينتصب قائما ورجع فقطع المصنف هنا بأنه يسجد له أيضا وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقيل لا يجب السجود لذلك وعنه إن كثر نهوضه سجد له وإلا فلا وهو وجه لبعض الأصحاب وقدمه ابن تميم.
وقال في التلخيص: يسجد إن كان انتهى إلى حد الراكعين وإلا فلا وقال في الرعاية وقيل: بل يخير بينهما.
فائدة : لو نسي التشهد دون الجلوس له فحكمه في الرجوع إليه حكم ما لو نسيه مع الجلوس لأنه المقصود.
فائدة : حكم التسبيح في الركوع والسجود وقول رب اغفر لي بين السجدتين وكل واجب إذا تركه سهوا ثم ذكره حكم التشهد الأول فيرجع إلى تسبيح الركوع قبل اعتداله على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وغيره وجزم به المجد في شرحه في صفة الصلاة

فقال: ومن نسى تسبيح الركوع ثم ذكر قبل أن ينتصب قائما رجع واختاره القاضي وقيل: لا يرجع ويبطل لعمده وجزم به في المغني في باب صفة الصلاة والشرح وقدمه في الحاوي الكبير.
وإن ذكره بعد اعتداله لزمه المضي ولم يجز الرجوع على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والكافي والشرح والمنور وبن رزين في شرحه وقدمه في الفائق والحاوي الكبير.
وقيل: يجوز الرجوع كما في التشهد الأخير اختاره القاضي واقتصر عليه في المحرر وقدمه المجد في شرحه فقال وإذا انتصب فالأولى أن لا يرجع فإن رجع جاز ذكره القاضي كالتشهد الأول.
وقيل: لا يجوز أن يرجع انتهى وأطلقهما في الفروع.
فعلى القول: بجواز الرجوع فيهما لو رجع فأدركه مسبوق وهو راكع فقد أدرك الركعة بذلك على الصحيح من المذهب جزم به المجد في شرحه والحاوي الكبير وقدمه في الفروع وقيل لا يدركها بذلك لآنه نفل كرجوعه إلى الركوع سهوا.
قوله : "وأما الشك فمتى شك في عدد الركعات بني على اليقين".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب منهم أبو بكر والقاضي وأبو الخطاب والشريف أبو جعفر والمجد وصاحب مجمع البحرين فيه.
قال في الفروع: اختاره الأكثر وجزم به في المنور وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاويين وبن تميم وفروع القاضي أبي الحسين والمستوعب وإدراك الغاية.
وعنه يبني على غالب ظنه قدمه في الفائق واختاره الشيخ تقي الدين وقال على هذا عامة أمور الشرع وأن مثله يقال في طواف وسعي ورمي جمار وغير ذلك.
قال الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب: هذا اختيار الخرقي.
قوله : "وظاهر المذهب أن المنفرد يبني على اليقين والإمام على غالب ظنه".
وكذا قال في الكافي: والمذهب الأحمد والحاويين يعنون ظاهر المذهب عندهم قال في القواعد الفقهية: هذه المشهورة في المذهب واختاره المصنف والشارح وقال هي المشهورة عن أحمد واختيار الخرقي.
قال في الفروع: واختلف في اختيار الخرقي قال في تجريد العناية: ويأخذ منفرد بيقينه وإمام بظنه على الأشهر فيها واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه الناظم وجزم به في العمدة والوجيز والإفادات وقدمه في الخلاصة.
وقطع في التلخيص والبلغة بأن المنفرد يبنى على اليقين وأطلق في الإمام والمنفرد

الروايتين وقال في المذهب: يبنى المنفرد على اليقين رواية واحدة وكذا الإمام في أصح الروايتين وكذا في مسبوك الذهب.
فعلى القول: بأن الإمام يبنى على غالب ظنه قال الأصحاب: لآن له من ينبههه قال في الفروع: ومرادهم ما لم يكن المأموم واحدا فإن كان المأموم واحدا اخذ الإمام باليقين لأنه لا يرجع إليه وبدليل المأموم الواحد لا يرجع إلى فعل إمامه ويبنى على اليقين للمعنى المذكور فيعايى بها انتهى وبدليل المأموم الواحد لا يرجع.
قلت: قد صرح بذلك ابن تميم فقال إن كان المأموم واحدا لا يقلد إمامه ويبنى على اليقين.
وكذا لا يرجع الإمام إلى تسبيح المأموم الواحد لكن متى كان من سبح على يقين من خطأ إمامه لم يتابعه ولا يسلم قبله انتهى.
قال المجد في شرحه: لو كان المأموم واحدا فشك المأموم فلم أجد فيها نصا عن أصحابنا وقياس المذهب لا يقلد إمامه ويبنى على اليقين كالمنفرد لكن لا يفارقه قبل السلام فإذا سلم أتى بالركعة المشكوك فيها وسجد للسهو.
فائدتان.
الأولى: يأخذ المأموم بفعل إمامه وفي فعل نفسه يبني على اليقين على الصحيح من المذهب وقيل: يأخذ بغلبة ظنه.
الثانية : حيث قلنا يبنى على اليقين أو التحري ففعل ثم يتقن أنه مصيب فيما فعله فلا سجود عليه على الصحيح من المذهب قدمه ابن تميم قال المجد في شرحه: لم يسجد إلا أن يزول شكه بعد أن فعل معه ما يجوز أن يكون زائدا فإنه يسجد مثاله لو كان في سجود ركعة من الرباعية وشك هل هي أولاه أو ثانيته فبنى على اليقين وصلى أخرى ركعتين ثم زال شكه لم يسجد لأنه لم يفعل إلا ما هو مأمور به على كل تقدير.
قال في مجمع البحرين قلت: بل قد زاد التشهد الأول في غير موضعه وتركه في موضعه على تقدير أن يعلم أنها ثانية انتهى.
قال المجد: ولو صلى مع الشك ثلاثا أو شرع في ثالثة ثم تحقق أنها رابعة سجد لأنه فعل ما عليه مترددا في كونه زيادة وذلك نقص من حيث المعنى ولو شك وهو ساجد هل هو في السجدة الأولى أو الثانية ثم زال شكه لما رفع رأسه من سجوده فلا سهو عليه ولو لم يزل شكه حتى سجد ثانيا لزمه سجود السهو لأنه أدى فرضه شاكا في كونه زائدا قال: هذا هو الصحيح من مذهبنا وفيهما وجه لا يسجد في القسمين جميعا وهو ظاهر ما ذكره القاضي في المجرد فقال وإذا سها فتذكر في صلاته لم يسجد انتهى كلام المجد وتابعه في مجمع البحرين وفيه وجه آخر يسجد قاله في التلخيص وقدمه في القواعد الأصولية.

قلت: فيعايى بها على هذا الوجه وأطلقهما في الفروع.
قوله : "ومن شك في ترك ركن فهو كتركه".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل هو كترك ركعة قياسا فيتحرى ويعمل بغلبة الظن وقاله أبو الفرج في قول وفعل.
فائدة : قال ابن تميم: وغيره لو جهل عين الركن المتروك بنى على الأحوط فإن شك في القراءة والركوع جعله قراءة وإن شك في الركوع والسجود جعله ركوعا وإن ترك آيتين متواليتين من الفاتحة جعلهما من ركعة وإن لم يعلم تواليهما جعلهما من ركعتين.
وفيه وجه آخر أنه يتحرى ويعمل بغلبة الظن في ترك الركن كالركعة.
وقال أبو الفرج: التحري سائغ في الأقوال والأفعال كما تقدم انتهى.
قوله : "وإن شك في ترك واجب فهل يلزمه السجود على وجهين".
وأطلقهما في الفروع والتلخيص والبلغة والرعاية الصغرى والحاويين والكافي والقواعد الفقهية.
إحداهما : لا يلزمه وهو المذهب.
وعليه أكثر الأصحاب قال في المذهب: هو قول أكثر الأصحاب قال في مجمع البحرين: لم يسجد في أصح الوجهين واختاره ابن حامد والمصنف والمجد وجزم به في الوجيز وقدمه في المستوعب والرعاية الكبرى وشرح ابن رزين.
والوجه الثاني: يلزمه صححه في التصحيح والنظم والشرح واختاره القاضي وبن عبدوس في تذكرته وقدمه في المحرر والفائق وجزم به في الإفادات والمنور.
فائدة : لو شك هل دخل معه في الركعة الأولى أو الثانية جعله في الثانية ولو أدرك الإمام راكعا ثم شك بعد تكبيره هل رفع الإمام رأسه قبل إدراكه راكعا أم لا لم يعتد بتلك الركعة على الصحيح من المذهب وقيل يعتد بها ذكره في التلخيص.
قوله : "وإن شك في زيادة لم يسجد".
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وعنه يسجد.
اختاره القاضي كشكه في الزيادة وقت فعلها وأطلقهما ابن تميم.
فوائد.
إحداها: لو سجد لشك ثم تبين أنه لم يكن عليه سجود وهي مسألة الكسائي مع أبي يوسف قال في مجمع البحرين والنكت: ففي وجوب السجود عليه وجهان وأطلقهما في

الفروع وبن تميم والمجد في شرحه والرعايتين والحاويين أحدهما يسجد جزم به في التلخيص والثاني لا يسجد.
وهو ظاهر ما اختاره في مجمع البحرين.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل: يسجد للسهو في النقص لا في الزيادة وهو أظهر انتهى.
الثانية لا أثر لشك من سلم على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل بلى مع قصر الزمن.
الثالثة : إذا علم أنه سها في صلاته ولم يعلم هل هو مما يسجد له أم لا لم يسجد على الصحيح من المذهب وقيل يسجد.
الرابعة : لو شك في محل سجوده سجد قبل السلام قاله ابن تميم وبن حمدان.
الخامسة: لو شك هل سجد لسهوه أم لا سجد مرة وقيل مرتين قبل السلام وقيل يفعل ما تركه ولا يسجد له وقيل إن شك هل سجد له.
سجد له سجدتين وسجد لسهوه سجدتين بعد فعل ما تركه كل ذلك في الرعاية الكبرى وغيره.
قوله: "وليس على المأموم سجود سهو".
زاد في الرعاية الكبرى ولو أتى بما تركه بعد سلام إمامه وخالفه المجد وغيره في ذلك على ما تقدم إذا شك في عدد الركعات.
قوله : "إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه".
يعني ولو لم يتم المأموم التشهد سجد معه ثم يتمه على الصحيح من المذهب وقيل يتمه ثم يعيد السجود ثانيا وأطلقهما ابن تميم.
قوله : "فإلم يسجد الإمام فهل يسجد المأموم على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والكافي والتلخيص والخلاصة وبن تميم والمغني.
إحداهما : يسجد وهو المذهب قال في الفروع: سجد هو على الأصح قال في الفائق: الأصح فعله اختاره ابن عقيل والمصنف والقاضي في التعليق والروايتين قال في الحاويين: سجد المأموم في أصح الروايتين قال في الرعايتين: يسجد المأموم على الأصح ونصرها الشريف وأبو الخطاب وجزم به في الإفادات والمنور وقدمه أبو الحسين في فروعه وهو من المفردات.
والرواية الثانية : لا يلزمه السجود وهو مقتضى كلام الخرقي واختاره أبو بكر والمجد في شرحه قال في مجمع البحرين: لم يسجد في أظهر الروايتين قال في الوجيز: ولا سجود على مأموم إلا تبعا لإمامه وقدمه في المحرر والنظم.

فوائد.
منها: قال المجد ومن تابعه: محل الروايتين فيما إذا تركه الإمام سهوا قال في مجمع البحرين قلت: وزاد ابن الجوزي قيدا آخر وهو ما إذا لم يسه المأموم.
فإن سهوا معا ولم يسجد الإمام سجد المأموم رواية واحدة لئلا تخلو الصلاة عن جابر في حقه مع نقصها منه حسا بخلاف ما قبله.
وأما المسبوق: فإن سجوده لا يخل بمتابعة إمامه فلذا قلنا يسجد بلا خلاف كما تقدم انتهى.
قال المجد ومن تابعه: وأما إن تركه الإمام عمدا وهو مما يشرع قبل السلام بطلت صلاته في ظاهر المذهب وهل تبطل صلاة من خلفه على روايتين يأتي أصلهما انتهى.
قال الزركشي: نعم إن تركه عمدا لاعتقاده عدم وجوبه فهو كتركه سهوا عند أبي محمد ثم قال: والظاهر أنه يخرج على ترك الإمام ما يعتقد المأموم وجوبه.
ومنها : حيث قلنا يسجد المأموم إذا لم يسجد إمامه فمحله بعد سلام إمامه وألا ييأس من سجوده ظاهرا لأنه ربما ذكر فسجد وقد يكون ممن يرى السجود بعد السلام فلا يعلم أنه تارك إلا بذلك.
قال في مجمع البحرين قلت: ويحتمل أن يقول سبح به فإن لم يفهم المراد أشار له إلى السجود على ما مضى من التفصيل ولم أقف على من صرح به غير أنه يدخل في عموم كلام الأصحاب انتهى.
ومنها : المسبوق يسجد تبعا لإمامه إن سها الإمام فيما أدركه معه وكذا إن سها فيما لم يدركه معه على الصحيح من المذهب وعنه يسجد معه إن سجد قبل السلام وإلا قضى بعد سلام إمامه ثم سجد وعنه يقضي ثم يسجد سواء سجد إمامه قبل السلام أو بعده وعنه يخير في متابعته وعنه يسجد معه ثم يعيده وهو من المفردات وأطلقهما في التلخيص وقال: أصلهما هل يسجد المأموم لسهو إمامه أو لمتابعته فيه روايتان فإذا قلنا يسجد المسبوق مع إمامه فلم يسجد إمامه سجد هو رواية واحدة وحكاه غير واحد إجماعا لأنه لم يوجد جابر من إمامه قال في النكت: وفي معناه إذا انفرد المأموم بعذر فإنه يسجد.
وإن لم يسجد إمامه قطع به غير واحد منهم صاحب الرعاية ويأتي في صلاة الخوف في الوجه الثاني أحكام السهو إذا فارقته إحدى الطائفتين.
ومنها : لو قام المسبوق بعد سلام إمامه جهلا بما عليه من سجود بعد السلام أو قبله وقد نسيه ولم يشرع في القراءة رجع فسجد معه وبنى نص عليه وقيل لا يرجع وقيل إن لم يتم قيامه رجع وإلا فلا بل يسجد هو قبل سلام إمامه قال في الحاويين: وعندي إن لم يستتم قائما رجع وإلا فلا وإن شرع في القراءة لم يرجع قولا واحدا.

ومنها : لو أدرك المسبوق الإمام في إحدى سجدتي السهو وسجد معه فإذا سلم أتى بالسجدة الثانية ثم قضى صلاته نص عليه وقيل لا يأتي بالسجدة الأخرى بل يقضي صلاته بعد سلام إمامه ثم يسجد.
ومنها : لو أدركه بعد أن سجد للسهو وقبل السلام لم يسجد ذكره في المذهب واقتصر عليه في الفروع.
ومنها : لو سها فسلم معه أو سها معه أو فيما انفرد به سجد.
قوله : "وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة واجب".
وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه يشترط السجود لصحة الصلاة قال ابن هبيرة: وهو المشهور عن أحمد وعنه مسنون قال ابن تميم: وتأولها بعض الأصحاب.
قلت: هو المصنف في المغني.
تنبيه : يستثنى من عموم كلام المصنف هنا سجود السهو نفسه فإن الصلاة تصح مع سهوه على الصحيح من المذهب على ما يأتي دون عمده الذي قبل السلام وكذا الذي بعده على قول يأتي ولا يجب لسهوه سجود آخر على ما تقدم أول الباب.
ويستثنى أيضا إذا لحن لحنا يحيل المعنى سهوا أو جهلا وقلنا لا تبطل.
صلاته كما هو اختيار أكثر الأصحاب فإن المجد قطع في شرحه أنه لا يسجد لسهوه قال في النكت: وفيه نظر لأن عمده مبطل فوجب السجود لسهوه وهذا ظاهر ما قطع به في الفروع.
قوله : "ومحله قبل السلام إلا في السلام قبل إتمام صلاته وفيما إذا بنى الإمام على غالب ظنه".
وهذا المذهب في ذلك كله وهو المشهور والمعروف عند الأصحاب قال الزركشي وبن حمدان وغيرهما: هو المذهب قال ابن تميم: اختارها مشايخ الأصحاب وقدمه في الفروع وغيره وجزم به في الوجيز وغيره وهو من المفردات.
وأما إذا قلنا يبني الإمام على اليقين فإنه يسجد قبل السلام ويكون السجود بعده في صورة واحدة.
تنبيه : أطلق أكثر الأصحاب قولهم السلام قبل إتمام صلاته وهو معنى قول بعضهم السلام عن نقص وقدمه في الفروع وغيره وقال القاضي والمجد ومن تابعهما والأفضل قبله إلا إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر وإلا سجد قبل السلام نص عليه في رواية حرب وجزم به في الوجيز والحاويين قال الزركشي: وهو موجب الدليل.
وعنه أن الجميع يسجد له قبل السلام اختاره أبو محمد الجوزي وابنه أبو الفرج قال القاضي في الخلاف: وغيره وهو القياس قال الناظم: وهو أولى وقدمه ابن تميم والرعايتين،

والفائق وعنه أن الجميع بعد السلام.
وعنه ما كان من زيادة فهو بعد السلام وما كان من نقص كان قبله فيسجد من أخذ باليقين قبل السلام ومن أخذ بظنه بعده اختارها الشيخ تقي الدين.
وعنه ما كان من نقص فهو بعد السلام وما كان من زيادة كان قبله عكس التي قبلها.
فائدة : محل الخلاف في سجود السهو هل هو قبل السلام أو بعده أو قبله إلا في صورتين أو ما كان من زيادة أو نقص على سبيل الاستحباب والأفضلية فيجوز السجود بعد السلام إذا كان محله قبل السلام وعكسه وهذا هو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وذكره القاضي وأبو الخطاب وغيره وجزم به المجد وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
قال القاضي: لا خلاف في جواز الأمرين وإنما الكلام في الأولى والأفضل وذكره بعض المالكية والشافعية إجماعا.
وقيل: محله وجوبا اختاره الشيخ تقي الدين وقال عليه يدل كلام الإمام أحمد وهو ظاهر كلام صاحب المستوعب والتلخيص والمصنف وغيرهم.
قال الزركشي: وظاهر كلام أبي محمد وأكثر الأصحاب أنه على سبيل الوجوب وقدمه في الرعاية وأطلقهما في الفائق وبن تميم.
قوله : "وإن نسيه قبل السلام قضاه ما لم يطل الفصل أو يخرج من المسجد".
اشترط المصنف لقضاء السجود شرطين أحدهما أن يكون في المسجد والثاني أن لا يطول الفصل وهو المذهب نص عليه قال في الفروع: ولعله أشهر قال الزركشي وبن منجا في شرحه: هذا المذهب قال في تجريد العناية: على الأظهر وجزم به في الإفادات والمنور وقدمه في الهداية والخلاصة والمغني والشرح ونصراه والتلخيص والمحرر وبن تميم والرعاية الصغرى والحاويين ومجمع البحرين وإدراك الغاية.
قال في الرعاية الكبرى: فإن نسيه قبله سجد بعده إن قرب الزمن وقيل أو طال وهو في المسجد وعنه يشترط أيضا أن لا يتكلم ذكرها الشريف في مسائله وقيل يسجد إن تكلم لمصلحة الصلاة وإلا فلا وعنه يسجد مع قصر.
الفصل ولو خرج من المسجد اختارها المجد في شرحه وقال نص عليه في رواية ابن منصور وهو ظاهر كلامه في الوجيز فإنه قال: وإن نسيه وسلم سجد إن قرب زمنه قال الشارح: اختارها القاضي.
قال ابن تميم: ولو خرج من المسجد ولم يطل سجد في أصح الوجهين وقدمه الزركشي وهو ظاهر ما قدمه في الكافي فإنه قال فإن نسي السجود فذكره قبل طول الفصل سجد.
وعنه لا يسجد سواء قصر الفصل أو طال خرج من المسجد أو لا.

وعنه يسجد وإن بعد اختارها الشيخ تقي الدين وجزم به ابن رزين في نهايته وقيل يسجد مع طول الفصل ما دام في المسجد وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما ابن تميم وأطلق الخلاف في الفروع.
فوائد .
الأولى : مثل ذلك خلافا ومذهبا لو نسي سجود السهو المشروع بعد السلام في القضاء وغيره قال في الفروع: وإن نسي سجودا وأطلق.
الثانية : حيث قلنا يسجد فلو أحدث بعد صلاته فقيل لا يسجد إذا توضأ وهو الصحيح اختاره المصنف وقيل يسجد إذا توضأ وأطلقهما في الفروع وبن تميم والرعاية والحواشي.
قلت: ظاهر كلام كثير من الأصحاب أن حكمه حكم من لم يحدث لإطلاقهم وتقدم إذا سلم عن نقص سهوا وخرج من المسجد أو شرع في صلاة أخرى أو طال الفصل هل تبطل صلاته أم لا في كلام المصنف وغيره أول الباب.
الثالثة : حيث قلنا يسجد فلم يذكر إلا وهو في صلاة أخرى سجد إذا سلم أطلقه بعض الأصحاب قاله في الفروع وقدمه هو وصاحب الرعاية والحواشي.
وبن رزين في شرحه وقيل يسجد مع قصر الفصل فيخففها مع قصر الفصل ليسجد وجزم به المجد في شرحه قال في المغني والشرح: يسجد بعد فراغه في ظاهر كلام الخرقي ما دام في المسجد وعلى قول غيره إن طال الفصل لم يسجد وإلا سجد انتهى.
وقال في الرعاية وقيل: يسجد إن قصر الزمن بينهما أو كانتا صلاتي جمع وإلا فلا وأطلقهما ابن تميم.
الرابعة : طول الفصل وقصره مرجعه إلى العرف على الصحيح من المذهب وقيل طول الفصل قدر ركعة طويلة قاله القاضي في الجامع وقيل بل قدر الصلاة التي هو فيها ثانيا.
قوله : "ويكفيه لجميع السهو سجدتان إلا أن يختلف محلهما ففيه وجهان".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والتلخيص.
أحدهما : يكفيه سجدتان وهو المذهب نص عليه وصححه في التصحيح والرعاية الصغرى قال في مجمع البحرين: هذا أقوى الوجهين واختاره المصنف والشارح وإليه ميل المجد في شرحه قال ابن رزين في شرحه: وهو أظهر وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.
والوجه الثاني: لكل سهو سجدتان صححه في الفائق وجزم به في الإفادات والمنور وقدمه في المحرر واختاره أبو بكر.

قال القاضي: وغيره لا يجوز إفراد سهو بسجود بل يتداخل.
فعلى المذهب: في أصل المسألة وهو القول بأنه يجزيه سجدتان يغلب ما قبل السلام على الصحيح من المذهب قال في مجمع البحرين: هذا أقوى.
الوجهين وجزم به في الكافي والمغني والشرح وقدمه في الرعايتين والفائق والحاوي الصغير وشرح ابن منجا وغيرهم.
وقيل: يغلب أسبقهما وقوعا وأطلقهما المجد في شرحه ومحرره والحاوي الكبير.
وقيل ما محله بعد السلام قاله في الفروع وحكاه بعده وأطلقهن في الفروع وتجريد العناية والحاوي الكبير.
فائدتان.
إحداهما : معنى اختلاف محلهما هو أن يكون أحدهما قبل السلام والآخر بعده لاختلاف سببهما وأحكامهما على الصحيح من المذهب جزم به المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين فيه وقدمه ابن تميم والرعايتين واختاره المصنف والشارح وقال بعض الأصحاب معناه أن يكون أحدهما عن نقص والآخر عن زيادة منهم صاحب التلخيص فيه وقدمه ابن رزين في شرحه.
الثانية : قال المصنف والشارح: وغيرهما لو أحرم منفردا فصلى ركعة ثم نوى متابعة الإمام وقلنا بجواز ذلك فهي فيما إذا انفرد به وسها إمامه فيما تابعه فيه فإن صلاته تنتهي قبل صلاة الإمام.
فعلى قولنا هما من جنس واحد إن كان محلهما واحد وعلى قول من فسر الجنسين بالزيادة والنقص يحتمل كونهما من جنسين.
قالوا: وهكذا لو صلى من الرباعية ركعة ودخل مع مسافر فنوى متابعته فلما سلم قام إمامه ليتم ما عليه فقد حصل مأموما في وسط صلاته منفردا في طرفيها.
وإذا سها في الوسط والطرفين جميعا فعلى قولنا إن كان محل سجودهما.
واحد فهي جنس واحد وإن اختلف محل السجود فهي جنسان وقال بعض أصحابنا هي جنسان انتهى.
وقال في التلخيص: عن المثال الأول خرج عن السهو من جنسين لتغاير الفرادى والمتابعة.
وقيل: لا يوجب ذلك جعلهما جنسين.
وقال في الفروع: ويكفيه سجود في الأصح لسهوين أحدهما جماعة والآخر منفردا وأطلقهما في الرعاية في هذه الصورة.

قوله : "ومتى سجد بعد السلام جلس فتشهد ثم سلم".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل لا يتشهد واختاره الشيخ تقي الدين: قال في الرعاية: لا يتشهد ولو نسيه وفعله بعده وإليه ميل المصنف والشارح.
فعلى المذهب: يتشهد التشهد الأخير قاله في المستوعب والحاوي الكبير والفروع وغيرهم وقال في الرعاية الكبرى ويتشهد فيما بعده وقيل ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما يصلى عليه في الصلاة.
وعلى المذهب أيضا يجلس مفترشا إذا كانت الصلاة ركعتين على الصحيح صححه في مجمع البحرين والمجد في شرحه وقال هو ظاهر كلام أحمد وقدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين ذكروه في صفة الصلاة.
وقيل:يتورك اختاره القاضي وأطلقهما في الفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين وتقدم ذلك في صفة الصلاة عند قوله: "ثم يجلس في التشهد الثاني متوركا".
وأما إن كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية فإنه يتورك بلا نزاع أعلمه.
فائدة : سجود السهو وما يقوله فيه وبعد الرفع منه كسجود الصلاة فلو خالف.
أعاده بنيته جزم به في الفروع وقدمه في الرعاية وقال وقيل إن سجد بعد السلام كبر مرة واحدة وسجد سجدتين ثم رفع.
قوله : "ومن ترك السجود الواجب قبل السلام عمدا بطلت الصلاة".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم قال في الفروع: بطلت على الأصح قال المجد في شرحه ومجمع البحرين: هذا أصح وهو ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر وغيره وعنه لا تبطل وهو وجه حكاه المجد وغيره.
قوله : "وإن ترك المشروع بعد السلام لم تبطل".
وهو المذهب وعليه الأصحاب قال في الفصول: ويأثم بترك ما بعد السلام وإنما لم تبطل لأنه منفرد عنها واجب لها كالأذان.
وعنه تبطل وهو وجه ذكره المجد وغيره.
فائدة : قال في الفروع: وفي بطلان صلاة المأموم الروايتان قال المجد في شرحه: إذا بطلت صلاة الإمام ففي بطلان صلاة المأموم روايتان وقال في الرعاية الكبرى ومن تعمد ترك السجود الواجب قبل السلام بطلت صلاته وعنه لا تبطل كالذي بعده في الأصح فيه وقيل تبطل صلاة المنفرد والإمام دون المأموم وقيل إن بطلت صلاة الإمام بتركه ففي صلاة المأموم روايتان وقيل وجهان انتهى وتقدم أول الباب الذي لا يسجد له.

باب صلاة التطوع
.
تنبيه : يحتمل قوله: "وهي أفضل تطوع البدن" أن يكون مراده أنها أفضل من جميع التطوعات فيدخل في ذلك التطوع بالجهاد وغيره وهو أحد الوجوه وقدمه في الرعاية الكبرى وحواشي ابن مفلح وهو ظاهر تعليل ابن منجا في شرحه.
ويحتمل أن يكون مراده أنها أفضل التطوعات سوى الجهاد لقوله في كتاب الجهاد وأفضل ما يتطوع به الجهاد ويكون عموم كلامه هنا مخصوصا أو يقال لم يدخل الجهاد في كلامه لأنه في الغالب لا يحصل بالبدن فقط.
ويحتمل أن يكون مراده أنها أفضل التطوعات المقصورة على البدن كالصوم والوضوء والحج ونحوه بخلاف المتعدي نفعه كعيادة المريض وقضاء حاجة المسلم والإصلاح بين الناس والجهاد وصلة الرحم وطلب العلم ونحوه وهو وجه اختاره كثير من الأصحاب على ما يأتي.
قال في مجمع البحرين: وقول الشيخ- يعني به المصنف تطوع البدن أي غير المتعدى نفعه المقصور على فاعله فأما المتعدي نفعه فهو آكد من نفل الصلاة قال المجد في شرحه: عن كلامه في الهداية وهو كلام المصنف وهذه المسألة محمولة عندي على نفل البدن غير المتعدي انتهى.
واعلم أن تحرير المذهب في ذلك أن أفضل التطوعات مطلقا الجهاد على الصحيح من المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب متقدمهم ومتأخرهم قال في الفروع: الجهاد أفضل تطوعات البدن أطلقه الإمام أحمد والأصحاب والصحيح من المذهب أيضا أنه أفضل من الرباط وقيل الرباط أفضل وحكى رواية.
وقال الشيخ تقي الدين: العمل بالقوس والرمح أفضل في الثغر وفي غيره نظيرها.
فعلى المذهب: النفقة في الجهاد أفضل من النفقة في غيرها على الصحيح من المذهب ونقل جماعة عن الإمام أحمد الصدقة على قريبه المحتاج أفضل مع عدم حاجته إليه ذكره الخلال وغيره ونقل ابن هانئ أن أحمد قال: لرجل أراد الثغر "أقم على أختك أحب إلي أرأيت إن حدث؟ بها حدث من يليها؟" ونقل حرب أنه قال: لرجل له مال كثير أقم على ولدك وتعاهدهم أحب إلي ولم يرخص له يعني في غزو غير محتاج إليه.
قال ابن الجوزي في كتاب صفوة الصفوة: الصدقة أفضل من الحج ومن الجهاد.
ويأتي في آخر باب ذكر أهل الزكاة عند قوله: "والصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة أهل" "هل الصدقة أفضل من العتق أم لا أم هي أفضل زمن المجاعة أو على الأقارب؟ وهل هي أفضل من الحج أم لا؟".
وقال الشيخ تقي الدين: استيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلا ونهارا أفضل من الجهاد الذي

لم تذهب فيه نفسه وماله وهي في غير العشر تعدل الجهاد قال في الفروع: ولعل هذا مرادهم انتهى.
وعنه العلم تعلمه وتعليمه أفضل من الجهاد وغيره.
ونقل مهنا طلب العلم أفضل الأعمال لمن صحت نيته قيل بأي شيء تصح النية قال: ينوي يتواضع فيه وينفي عنه الجهل واختاره في مجمع البحرين واختار بعده الجهاد ثم بعد الجهاد إصلاح ذات البين ثم صلة الرحم والتكسب على العيال من ذلك نص عليه الأصحاب انتهى.
وقال في نظمه: الصلاة أفضل بعد العلم والجهاد والنكاح المؤكد.
واختار الحافظ عبد الغني أن الرحلة إلى سماع الحديث أفضل من الغزو ومن سائر النوافل.
وذكر الشيخ تقي الدين: أن تعلم العلم وتعليمه يدخل بعضه في الجهاد وأنه.
نوع من الجهاد من جهة أنه من فروض الكفايات قال: والمتأخرون من أصحابنا أطلقوا القول أن أفضل ما يتطوع به الجهاد وذلك لمن أراد أن ينشئه تطوعا باعتبار أنه ليس بفرض عين عليه باعتبار أن الفرض قد سقط عنه فإذا باشره وقد سقط عنه الفرض فهل يقع فرضا أو نفلا على وجهين كالوجهين في صلاة الجنازة إذا أعادها بعد أن صلاها غيره.
وانبنى على الوجهين جواز فعلها بعد العصر والفجر مرة ثانية والصحيح أن ذلك يقع فرضا وأنه يجوز فعلها بعد العصر والفجر وإن كان ابتداء الدخول فيه تطوعا كما في التطوع الذي يلزم بالشروع فإنه كان نفلا ثم يصير إتمامه واجبا انتهى.
وقال في آداب عيون المسائل: العلم أفضل الأعمال وأقرب العلماء إلى الله وأولاهم به أكثرهم له خشية انتهى.
واعلم أن الصلاة بعد الجهاد والعلم أفضل التطوعات على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور قال في الفروع: ذكره أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع والحاوي الصغير والرعاية الصغرى وغيرهم.
وقيل: الصوم أفضل من الصلاة قال الإمام أحمد: لا يدخله رياء قال: بعضهم وهذا يدل على فضيلته على غيره قال ابن شهاب: أفضل ما يتعبد به المتعبد الصوم وقيل ما تعدى نفعه أفضل اختاره المجد وصاحب الحاوي الكبير ومجمع البحرين وقال اختاره المجد وغيره من الأصحاب وقال صرح به الشيخ يعني به المصنف في كتبه وحمل المجد كلامه في الهداية على هذا وكذا صاحب مجمع البحرين حمل كلام المصنف على هذا كما تقدم.
ونقل المروذي: إذا صلى وقرأ واعتزل فلنفسه وإذا أقرأ فله ولغيره يقرئ أعجب إلي وأطلقهن ابن تميم.

ونقل حنبل: اتباع الجنازة أفضل من الصلاة.
وفي كلام القاضي التكسب للإحسان أفضل من التعلم لتعديه.
قال في الفروع: وظاهر كلام ابن الجوزي وغيره: أن الطواف أفضل من الصلاة في المسجد الحرام واختاره الشيخ تقي الدين وذكره عن جمهور العلماء للخبر.
ونقل حنبل أن الإمام أحمد قال: نرى لمن قدم مكة أن يطوف لأنه صلاة والطواف أفضل من الصلاة والصلاة بعد ذلك وعن ابن عباس الطواف لأهل العراق والصلاة لأهل مكة وكذا عطاء هذا كلام أحمد.
وذكر في رواية أبي داود عن عطاء والحسن ومجاهد الصلاة لأهل مكة أفضل والطواف للغرباء أفضل قال في الفروع: فدل ما سبق أن الطواف أفضل من الوقوف بعرفة لا سيما وهو عبادة بمفرده يعتبر له ما يعتبر للصلاة انتهى.
قلت: وفي هذا نظر.
وقيل: الحج أفضل لأنه جهاد وذكر في الفروع الأحاديث في ذلك وقال فظهر أن نفل الحج أفضل من صدقة التطوع ومن العتق ومن الأضحية وعلى هذا إن مات في الحج فكما لو مات في الجهاد يكون شهيدا وذكر الوارد في ذلك وقال على هذا فالموت في طلب العلم أولى بالشهادة على ما سبق.
ونقل أبو طالب: ليس يشبه الحج شيء للتعب الذي فيه ولتلك المشاعر وفيه مشهد ليس في الإسلام مثله عشية عرفة وفيه إهلال المال والبدن وإن مات بعرفة فقد طهر من ذنوبه.
ونقل مهنا: الفكر أفضل من الصلاة والصوم قال في الفروع: فقد يتوجه أن عمل القلب أفضل من عمل الجوارح ويكون مراد الأصحاب عمل الجوارح ولهذا ذكر في الفنون رواية مهنا فقال يعني الفكر في آلاء الله ودلائل صنعه والوعد والوعيد لأنه الأصل الذي ينتج أفعال الخير وما أثمر الشيء فهو خير من ثمرته وهذا ظاهر المنهاج لابن الجوزي فإنه قال: فيه من انفتح له طريق عمل بقلبه بدوام ذكر أو فكر فذلك الذي لا يعدل به النية.
قال في الفروع: وظاهره أن العالم بالله وبصفاته أفضل من العالم بالأحكام الشرعية لأن العلم يشرف بشرف معلومه وبثمراته.
وقال ابن عقيل: في خطبة كفايته إنما تشرف العلوم بحسب مؤدياتها ولا أعظم من الباري فيكون العلم المؤدي إلى معرفته وما يجب له وما يجوز أجل العلوم.
واختار الشيخ تقي الدين: أن كل أحد بحسبه وأن الذكر بالقلب أفضل من القراءة بلا قلب وهو معنى كلام ابن الجوزي فإنه قال: أصوب الأمور أن ينظر إلى ما يطهر القلب ويصفيه للذكر والأنس فيلازمه.

وقال الشيخ تقي الدين في الرد على الرافضي- بعد أن ذكر تفضيل أحمد للجهاد والشافعي للصلاة وأبي حنيفة ومالك للذكر والتحقيق: أنه لا بد لكل واحد من الآخرين وقد يكون كل واحد أفضل في حال انتهى.
قال في الفروع: والأشهر عن الإمام أحمد الاعتناء بالحديث والفقه والتحريض على ذلك وعجب ممن احتج بالفضيل وقال لعل الفضيل قد اكتفى وقال لا يثبط عن طلب العلم إلا جاهل وقال: ليس قوم خير من أهل الحديث وعاب على محدث لا يتفقه وقال يعجبني أن يكون الرجل فهما في الفقه.
قال الشيخ تقي الدين: قال أحمد: معرفة الحديث والفقه فيه أعجب إلي من حفظه.
وقال ابن الجوزي في خطبة المذهب: بضاعة الفقه أربح البضائع والفقهاء يفهمون مراد الشارع ويفهمون الحكمة في كل واقع وفتاويهم تميز العاصي من الطائع.
وقال في كتاب العلم: له الفقه عمدة العلوم.
وقال في صيد الخاطر: الفقه عليه مدار العلوم فإن اتسع الزمان للتزيد من العلم فليكن في التفقه فإنه الأنفع وفيه المهم من كل علم هو المهم.
قوله : "وآكدها صلاة الكسوف والاستسقاء".
يعني آكد صلاة التطوع وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وقيل الوتر آكد منهما وأطلقهما ابن تميم ونقل حنبل ليس بعد المكتوبة أفضل من قيام الليل.
فائدة : صلاة الكسوف آكد من صلاة الاستسقاء قاله ابن منجا في شرحه وقال صرح في النهاية يعني جده أبا المعالي بأن التراويح أفضل من صلاة الكسوف.
تنبيه : ظاهر قوله : "ثم الوتر ثم السنن الراتبة".
أنهما أفضل من صلاة التراويح وهو كالصريح على ما يأتي من كلامه وهو وجه لبعض الأصحاب قدمه ابن رزين في شرحه واختاره المصنف وهو ظاهر كلامه في النظم والوجيز والتسهيل وغيرهم.
والصحيح من المذهب: أن التراويح أفضل من الوتر وأنها في الفضيلة مثل ما تسن له الجماعة من الكسوف والاستسقاء وغيرهما وأفضل منهما فإنها مما تسن لها الجماعة قاله في الفروع وغيره وجزم به المجد في شرحه وغيره وقدمه في الرعايتين والحاويين والفائق وأطلقهما ابن تميم.
وظاهر كلامه أيضا أن الوتر أفضل من سنة الفجر وغيرها من الرواتب وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وعنه

سنة الفجر آكد منها اختارها القاضي لاختصاصها بعدد مخصوص وهما وجهان مطلقان في ابن تميم والفائق ويأتي هل سنة الفجر آكد من سنة المغرب أم هي آكد.
قوله : "وليس بواجب".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وعنه أنه واجب.
اختاره أبو بكر واختار الشيخ تقي الدين وجوبه على من يتهجد بالليل.
قوله : "ووقته ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه آخره إلى صلاة الفجر وجزم به في الكافي.
فائدة : أفضل وقت الوتر آخر الليل لمن وثق بنفسه على الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح والمجد في شرحه وغيرهم وقدمه في الفروع وبن تميم وغيرهما وقيل وقته المختار كصلاة العشاء اختاره القاضي وقدمه في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير وقيل: الكل سواء.
قوله : "وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل: أكثره ثلاث عشرة ركعة ذكره في التبصرة وقيل: الوتر ركعة وما قبله ليس منه نقل ابن تميم أن أحمد قال: أنا أذهب إلى أن الوتر ركعة ولكن يكون قبلها صلاة قال: في الحاوي الكبير وغيره وهو ظاهر كلام الخرقي.
تنبيه : محل القول وهو أن الوتر ركعة إذا كانت مفصولة فأما إذا اتصلت بغيرها كما لو أوتر بخمس أو سبع أو تسع فالجميع وتر قاله الزركشي كما ثبت في الأحاديث ونص عليه أحمد.
قال شيخنا الشيخ تقي الدين البعلي تغمده الله برحمته: والذي يظهر أن على هذا القول لا يصلي خمسا ولا سبعا ولا تسعا بل لا بد من الواحدة مفصولة كما هو ظاهر كلام الخرقي وما قاله الزركشي لم يذكر من قاله من أشياخ المذهب وإنما قال: الأحاديث الصحيحة انتهى.
قلت: قد صرح بأن أحمد نص عليه.
فائدة : الصحيح من المذهب: أنه لا يكره أن يوتر بركعة وعنه يكره حتى في حق المسافر ومن فاته الوتر وتسمى البتيراء وأطلقهما المجد في شرحه وبن تميم والفائق والزركشي وعنه يكره بلا عذر وقال أبو بكر لا بأس بالوتر بركعة لعذر من مرض أو سفر ونحوه.

وتقدم حكم الوتر على الراحلة في أول استقبال القبلة وتقدم هل يجوز فعله قاعدا في أول أركان الصلاة.
قوله : "وأكثره إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين".
هذا المذهب وعليه الجمهور وقيل كالتسع وجزم به أبو البقاء في شرحه.
وقال في الرعاية الكبرى: وإن سرد عشرا وجلس للتشهد ثم أوتر بالأخيرة وتحى وسلم صح نص عليه وقيل له سرد إحدى عشرة فأقل بتشهد واحد وسلام.
قال الزركشي: وله سرد الإحدى عشرة وحكى ابن عقيل وجهان بأن ذلك أفضل وليس بشيء انتهى وقال القاضي في المجرد إن صلى إحدى عشرة ركعة أو ما شاء منهن بسلام واحد أجزأه.
قوله : "وإن أوتر بتسع سرد ثمانيا وجلس ولم يسلم ثم صلى التاسعة وتشهد وسلم".
وهذا المذهب وعليه الجمهور وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والفروع وبن تميم وغيرهم وهو من المفردات.
وقيل: كإحدى عشرة فيسلم من كل ركعتين.
قوله : "وكذلك السبع".
هذا أحد الوجوه اختاره المصنف هنا وجزم به في الكافي وقدمه في الشرح.
والصحيح من المذهب: أنه يسرد السبع كالخمس نص عليه وعليه الجمهور وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين وغيرهم وهو من المفردات وقيل: كإحدى عشرة.
قوله : "وإن أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرهن".
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز والمنور وغيرهم وقدمه في الفروع وبن تميم والرعايتين والحاويين وغيرهم وهو من المفردات وقيل: كتسع وقيل كإحدى عشرة.
وقال ابن عقيل في الفصول: إن أوتر بأكثر من ثلاث فهل يسلم من كل ركعتين كسائر الصلوات قال: وهذا أصح أو يجلس عقيب الشفع ويتشهد ثم يجلس عقيب الوتر ويسلم فيه وجهان انتهى.
وهذه الصفات من مفردات المذهب.

فائدة : ذكر القاضي في الخلاف أن هذه الصفات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي على صفات الجواز وإن كان الأفضل غيره وقد نص أحمد على جواز هذا فمحل نصوص أحمد على الجواز.
قلت: وهو ظاهر كلامه في المذهب فإنه قال: ويجوز أن يصلي الوتر بتسليمة واحدة ويحتمله كلامه في الوجيز فإنه قال: وله سرد خمس أو سبع.
وقال ابن عبدوس في تذكرته: ويجوز بخمس وسبع وتسع بسلام والصحيح من المذهب: أن فعل هذه الصفات مستحب وأنها أفضل من صلاته مثنى قدمه المجد في شرحه وبن تميم ومجمع البحرين وقالوا نص عليه وهو ظاهر ما قدمه في الفروع فإنه حكى وجها أن الوتر بخمس أو سبع كإحدى عشرة.
قلت: وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب لاقتصارهم على هذه الصفات وتقدم كلام ابن عقيل في الفصول.
قوله : "وأدنى الكمال ثلاث ركعات بتسليمتين".
أي بسلامين وهذا بلا خلاف أعلمه وظاهر كلام المصنف أنه يجوز بتسليم واحد وهو المذهب قال الإمام احمد: وإن أوتر بثلاث لم يسلم فيهن لم يضيق عليه عندي قال في الفروع: وبتسليمة يجوز وجزم به المجد في شرحه وقال نص عليه وقال ابن تميم وصاحب الفائق وبواحدة لا بأس قال في الرعايتين والحاويين وغيرهم: بسلامين أو سردا بسلام وظاهر ما قدمه في الفروع إذا قلنا بسلام واحد أنها تكون سردا.
قال القاضي في شرحه الصغير: إذا صلى الثلاث بسلام واحد ولم يكن جلس عقيب الثانية: جاز وإن كان جلس فوجهان أصحهما لا يكون وترا انتهى.
وقيل: يفعل الثلاث كالمغرب قال في المستوعب: وإن صلى ثلاثا بسلام واحد جاز ويجلس عقيب الثانية كصلاة المغرب وخير الشيخ تقي الدين بين الفصل والوصل.
تنبيه : ظاهر قوله: "ويقنت فيها أنه يقنت" في جميع السنة وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه لا يقنت إلا في نصف رمضان الأخير نقله الجماعة وهو وجه في مختصر ابن تميم وغيره واختاره الأثرم ونقل صالح أختار القنوت في النصف الأخير من رمضان وإن قنت في السنة كلها فلا بأس.
قال في الحاوي والرعاية: رجع الإمام أحمد عن ترك القنوت في غير النصف الأخير من رمضان قال القاضي: عندي أن أحمد رجع عن القول بأن لا يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير لأنه صرح في رواية خطاب فقال كنت أذهب إليه ثم رأيت السنة كلها.
وخير الشيخ تقي الدين في دعاء القنوت بين فعله وتركه وأنه إن صلى بهم قيام رمضان

فإن قنت جميع الشهر أو نصفه الأخير أو لم يقنت بحال فقد أحسن.
قوله : "بعد الركوع"
يعني على سبيل الاستحباب فلو كبر ورفع يديه ثم قنت قبل الركوع جاز ولم يسن على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يسن ذلك وقيل: لا يجوز ذلك قدمه في الرعايتين.
تنبيه قولي فلو كبر ورفع يديه ثم قنت قبل الركوع جاز ولم يسن على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يسن ذلك هكذا قاله المجد في شرحه وصاحب الفروع وبن تميم وقال نص عليه وقال كثير من الأصحاب وإن قنت قبل الركوع جاز.
قوله : "فيقول اللهم إنا نستعينك إلى - قوله- أنت كما أثنيت على نفسك".
اعلم أن الصحيح من المذهب أنه يدعو في القنوت بذلك كله قال الإمام أحمد يدعو بدعاء عمر "اللهم إنا نستعينك الخ" وبدعاء الحسن "اللهم اهدنا فيمن هديت الخ" وقال في التلخيص: ويقول بعد قوله: "إن عذابك الجد بالكفار ملحق" "ونخلع ونترك من يفجرك" وقال في النصيحة: ويدعو معه بما في القرآن ونقل أبو الحارث بما شاء اختاره بعض الأصحاب قال أبو بكر في التنبيه ليس في الدعاء شيء مؤقت ومهما دعا به جاز.
واقتصر بعض الأصحاب على دعاء "اللهم اهدنا فيمن هديت" قال في الفروع: ولعل المراد يستحب هذا وإن لم يتعين وقال في الفصول اختاره أحمد ونقل المروذي يستحب بالسورتين.
فوائد.
الأولى: يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الدعاء نص عليه وهو المذهب وقال في التبصرة يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وزاد { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} الآية قال في الفروع: فيتوجه عليه قولها قبيل الأذان وفي نهاية أبي المعالي يكره قال في الفصول: لا يوصل الأذان بذكر قبله خلاف ما عليه أكثر العوام اليوم وليس موطن قرآن ولم يحفظ عن السلف فهو محدث انتهى.
وقال ابن تميم: محل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أول الدعاء ووسطه وآخره.
الثانية: يفرد المنفرد الضمير على الصحيح من المذهب وعند الشيخ تقي الدين لا يفرده بل يجمعه لأنه يدعو لنفسه وللمسلمين.
الثالثة : يؤمن المأموم ولا يقنت على الصحيح من المذهب نص عليه وعنه يقنت قدمه في المستوعب وعنه يقنت في الثناء جزم به في الخلاصة وعنه يخير بين القنوت وعدمه وعنه

إن لم يسمع الإمام دعا وجزم به في الكافي وبن تميم والشرح والرعايتين والحاوي الكبير.
وحيث قلنا يقنت فإنه لا يجهر على الصحيح من المذهب وقيل يجهر بها الإمام قال في النكت: ثم الخلاف في أصل المسألة قيل في الأفضلية وقيل بل في الكراهة.
الرابعة : يجهر المنفرد بالقنوت كالإمام على الصحيح من المذهب وظاهر كلام جماعة من الأصحاب لا يجهر إلا الإمام فقط وقال القاضي في الخلاف قال في الفروع: وهو أظهر.
الخامسة : يرفع يديه في القنوت إلى صدره ويبسطهما وتكون بطونهما نحو السماء نص عليه.
قوله : "وهل يمسح وجهه بيديه على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص وبن تميم والنظم والمذهب الأحمد.
إحداهما : يمسح وهو المذهب فعله الإمام أحمد قال المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين: هذا أقوى الروايتين قال في الكافي: هذا أولى وجزم به في الوجيز والإفادات والمنور والمنتخب وصححه المصنف والشارح وصاحب التصحيح وغيرهم: واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الفروع والكافي والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق وإدراك الغاية وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يمسح قال القاضي: نقلها الجماعة واختارها الآجري فعليها روى عنه لا بأس وعنه يكره المسح صححها في الوسيلة وأطلقهما في الفروع وقال الشيخ عبد القادر في الغنية يمسح بهما وجهه في إحدى الروايتين والأخرى يضعهما على صدره قال في الفروع كذا قال.
فوائد.
الأولى: يمسح وجهه بيديه خارج الصلاة إذا دعا عند الإمام أحمد ذكره الآجري وغيره ونقل ابن هانئ عن أحمد رفع يديه ولم يمسح وذكر أبو حفص أنه رخص فيه.
الثانية : إذا أراد أن يسجد بعد فراغه من القنوت رفع يديه على الصحيح من المذهب ونص عليه لأنه مقصود في القيام فهو كالقراءة ذكره القاضي وغيره قال في النكت: قطع به القاضي وغيره وكان الإمام أحمد رحمه الله يفعله وقطع به في التلخيص وقدمه في الفروع والرعاية وبن تميم والفائق وغيرهم.
قلت: فيعايى بها.
وقيل: لا يرفع يديه قال في الفروع: وهو أظهر وقال في التلخيص: في صفة الصلاة في الركن السابع وهل يرفعهما لرفع الركوع أو ليمسح بهما وجهه.
على روايتين وكذا الحكم إذا

سجد للتلاوة وهو في الصلاة على ما يأتي قريبا في كلام المصنف.
الثالثة : يستحب أن يقول إذا سلم سبحان الملك القدوس ثلاثا ويرفع صوته في الثالثة زاد ابن تميم وغيره رب الملائكة والروح.
قوله : "ولا يقنت في غير الوتر".
الصحيح من المذهب: أنه يكره القنوت في الفجر كغيرها وعليه الجمهور وقال في الوجيز: لا يجوز القنوت في الفجر.
قلت: النص الوارد عن الإمام أحمد لا يقنت في الفجر محتمل الكراهة والتحريم وقال الإمام أحمد: أيضا لا يعجبني وفي هذا اللفظ للأصحاب وجهان على ما يأتي محررا آخر الكتاب في القاعدة.
وقال أيضا "لا أعنف من يقنت" وعنه الرخصة في الفجر ولم يذهب إليه قاله في الرعاية الكبرى والحاوي وبن تميم وقيل: هو بدعة قال ابن تميم: القنوت في غير الوتر من غير حاجة بدعة.
فائدة : لو ائتم بمن يقنت في الفجر تابعه فأمن أو دعا جزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاويين وجزم في الفصول بالمتابعة وقال الشريف أبو جعفر في رؤوس المسائل تابعه في الدعاء قال ابن تميم: أمن على دعائه وقال في الرعاية الكبرى تبعه فأمن ودعا وقيل: أو قنت وقال في الفروع ففي سكوت مؤتم ومتابعته كالوتر روايتان وفي فتاوى ابن الزاغوني يستحب عند أحمد متابعته في الدعاء الذي رواه الحسن بن علي فإن زاد كره متابعته وإن فارقه إلى تمام الصلاة كان أولى وإن صبر وتابعه جاز وعنه لا يتابعه قال القاضي أبو الحسين: وهي الصحيحة عندي.
قوله : "إلا أن ينزل بالمسلمين نازلة فللإمام خاصة القنوت".
هذا المذهب قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وعنه ويقنت نائبه أيضا جزم به في المذهب والمحرر والمنور وقدمه في الحاوي الكبير واختاره في مجمع البحرين وقال الزركشي: ويختص القنوت بالإمام الأعظم وبأمير الجيش لا بكل إمام على المشهور وعنه يقنت نائبه بإذنه اختاره القاضي وأبو الحسين وعنه يقنت إمام جماعة وعنه وكل مصل اختاره الشيخ تقي الدين قال في المحرر: وهل يشرع لسائر الناس على روايتين.
قوله : "في صلاة الفجر".
هذا إحدى الروايات اختارها المصنف والشارح وبن منجا في شرحه وجزم به في التسهيل وقدمه في الحاوي الكبير ومال إليه في مجمع البحرين.

وعنه يقنت في الفجر والمغرب والعشاء في صلاة الجهر وفي بعض نسخ المقنع وللإمام خاصة القنوت في صلاة الجهر قال في الحاوي الكبير وبن تميم وقال صاحب المغني: يقنت في الجهريات فقط ولعله أخذه من المقنع وجزم به في المنتخب والمنور وعنه يقنت في الفجر والمغرب فقط اختاره أبو الخطاب قال في المغني: ولا يصح هذا ولا الذي قبله.
وقال في المذهب: يقنت في صلاة الصبح في النوازل رواية واحدة وهل يقنت مع الصبح في المغرب على روايتين انتهى.
وعنه يقنت في جميع الصلوات المكتوبات خلا الجمعة وهو الصحيح من المذهب: نص عليه اختاره المجد في شرحه وبن عبدوس في تذكرته والشيخ تقي الدين وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وقيل يقنت في الجمعة أيضا اختاره القاضي لكن المنصوص خلافه.
تنبيه : قد يقال ظاهر كلام المصنف وغيره أنه يقنت لرفع الوباء لأنه شبيه بالنازلة وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وقال ويتوجه أنه لا يقنت لرفعه في الأظهر.
لأنه لم يثبت القنوت في طاعون عمواس ولا في غيره ولأنه شهادة للأخيار فلا يسأل رفعه انتهى.
فائدة : قال الإمام أحمد: يرفع صوته بالقنوت قال في الفروع: ومراده والله أعلم في صلاة جهرية وظاهره وظاهر كلامهم مطلقا.
قوله : "ثم السنن الراتبة وهي عشر ركعات".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وذكر القاضي في موضع أن السنن الراتبة ثمان قال في المستوعب: فلم يذكر قبل الظهر شيئا وقال في التلخيص الرواتب إحدى عشرة ركعة فعد ركعة الوتر وذكره كثير من الأصحاب.
قلت: وهو مراد من لم يذكره لكن له أحكام كثيره فأفرده.
قوله : "ركعتان قبل الظهر".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعند الشيخ تقي الدين أربع قبلها وهو قول في الرعاية وقيل: بسلام أو سلامين وحكى لا سنة قبلها وحكى ست قبلها قال ابن تميم: وجعل القاضي قبل الظهر ستا وتقدم كلامه في المستوعب ويأتي في باب الجمعة سنة الجمعة قبلها وبعدها.
قوله : "وركعتان قبل الفجر وهما آكدها".
هذا المذهب وعليه الأصحاب قال ابن عقيل: وجها واحدا وحكى أن سنة المغرب آكد وحكاه في الرعاية وغيرها قولا.

فوائد .
يستحب تخفيف سنة الفجر وقراءته بعد الفاتحة في الأولى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية بعدها {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وفي الأولى بعدها {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ } الآية وفي الثانية ) {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} ( الآية ويجوز فعلها راكبا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وقال القاضي في الجامع الكبير: توقف أحمد في موضع في سنة الفجر راكبا فنقل أبو الحارث ما سمعت فيه شيئا ما أجترئ عليه وسأله صالح عن ذلك فقال: قد أوتر النبي صلى الله عليه وسلم على بعيره وركعتا الفجر ما سمعت فيهما بشيء ولا أجترئ عليه وعلله القاضي بأن القياس منع فعل السنن راكبا تبعا للفرائض خولف في الوتر للخبر فبقي غيره على الأصل قال في الفروع: كذا قال.
فقد منع يعني القاضي غير الوتر من السنن وقد ورد في مسلم غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة وللبخاري إلا الفرائض انتهى.
ويستحب الاضطجاع بعدها على الصحيح من المذهب نص عليه ويكون على الجانب الأيمن وعنه لا يستحب وأطلقهما في الفائق ونقل صالح وبن منصور وأبو طالب ومهنا كراهة الكلام بعدهما وقال الميموني كنا نتناظر في المسائل أنا وأبو عبد الله قبل صلاة الفجر ونقل صالح أنه أجاز في قضاء الحاجة لا الكلام الكثير.
وقال في الفروع: ويتوجه احتمال بعدم الكراهة.
قوله وقال أبو الخطاب: وأربع قبل العصر.
واختاره الآجري وقال: اختاره أحمد قال في الفائق وغيره: بسلام أو سلامين وقال في المذهب والخلاصة والمستوعب بسلامين.
وذكر ابن رجب في الطبقات أن أبا الخطاب انفرد بهذا القول وأطلق في المحرر فيها وجهين.
فائدة : فعل الرواتب في البيت أفضل على الصحيح من المذهب وعنه الفجر والمغرب فقط جزم به في العمدة وقدمه في الفائق وقال في المغني الفجر والمغرب والعشاء وعنه التسوية وعنه لا تسقط سنة المغرب بصلاتها في المسجد. ذكره البرمكي نقله عنه في الفائق وفي آداب عيون المسائل صلاة النوافل في البيوت أفضل منها في المساجد إلا الرواتب.
قال عبد الله لأبيه: إن محمد بن عبد الرحمن قال في سنة المغرب: لا تجزيه إلا في بيته لأنه عليه أفضل الصلاة والسلام قال: "هي من صلاة البيوت" قال: ما أحسن ما قال.
قوله : "ومن فاته شيء من هذه السنن سن له قضاؤها".

هذا المذهب والمشهور عند الأصحاب قال في الفروع والرعاية وبن تميم والفائق ومجمع البحرين: سن على الأصح ونصره المجد في شرحه واختاره الشيخ تقي الدين وجزم به في الوجيز والهداية والخلاصة وغيرهم وقدمه في المستوعب وغيره وعنه لا يستحب قضاؤها وعنه يقضى سنة الفجر إلى الضحى وقيل لا يقضي إلا سنة الفجر إلى وقت الضحى وركعتي الظهر وقال في الرعاية وقيل يأثم تاركهن مرارا ويرد قوله: قال أحمد: من ترك الوتر فهو رجل سوء.
وأما قضاء الوتر: فالصحيح من المذهب: أنه يقضى وعليه جماهير الأصحاب منهم المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين والفروع وغيرهم وهو داخل في كلام المصنف لأنه من السنن.
فعلى هذا: يقضى مع شفعه على الصحيح صححه المجد في شرحه وهو ظاهر كلام من يقول: إن الوتر المجموع وعنه يقضيه منفردا وحده قدمه ابن تميم وأطلقهما في الفروع [ومجمع البحرين] وعنه لا يقضى اختاره الشيخ تقي الدين وعنه لا يقضى بعد صلاة الفجر وقال أبو بكر: يقضى ما لم تطلع الشمس.
وتقدم حكم قضاء رواتب الفرائض الفائتة في آخر شروط الصلاة عند قوله: "ومن فاتته صلوات لزمه قضاؤها" مع أنها داخلة في كلام المصنف هنا.
فوائد.
إحداها: يكره ترك السنن الرواتب ومتى داوم على تركها سقطت عدالته قاله ابن تميم قال القاضي: ويأثم وذكر ابن عقيل في الفصول أن الإدمان على ترك السنن الرواتب غير جائز وقال في الفروع: ولا إثم بترك سنة على ما يأتي في العدالة وقال: عن كلام القاضي مراده إذا كان سببا لترك فرض.
ويأتي مزيد بيان على ذلك في باب شروط من تقبل شهادته.
الثانية : تجزئ السنة عن تحية المسجد ولا عكس.
الثالثة : يستحب الفصل بين الفرض وسنته بقيام أو كلام.
الرابعة : للزوجة والأجير والولد والعبد فعل السنن الرواتب مع الفرض ولا يجوز منعهم.
الخامسة: لو صلى سنة الفجر بعد الفرض وقبل خروج وقتها أو سنة الظهر التي قبلها بعدها وقبل خروج وقتها كانت قضاء على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وقيل أداء [أو صلى] بعد خروج الوقت قضاء بلا نزاع فعلى كلا الوجهين قال ابن تميم قضى بعدها وبدأ بها.
قال شيخنا الشيخ تقي الدين ابن قندس البعلي: ولم أجد من صرح بهذا غيره.
وقد قال في المنتقى: باب ما جاء في قضاء سنتي الظهر عن عائشة رضي الله عنها قالت:

"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الأربع قبل الظهر صلاهن بعد الركعتين بعد الظهر" رواه ابن ماجه فهذا مخالف لما قاله ابن تميم.
قلت: الحكم كما قاله ابن تميم وقد صرح به المجد في شرحه ومجمع البحرين وقالا بدأ بها عندنا ونصراه على دليل المخالف وقاساه على المكتوبة والظاهر أنه قول جميع الأصحاب لقولهما عندنا.
السادسة : يستحب أن يصلي غير الرواتب أربعا قبل الظهر وأربعا بعدها وأربعا قبل العصر وأربعا بعد المغرب وقال المصنف ستا وقيل أو أكثر وأربعا بعد العشاء وأما الركعتان بعد الوتر جالسا فقيل هما سنة قدمه ابن تميم وصاحب الفائق وهو من المفردات وعدهما الآمدي من السنن الرواتب قال في الرعاية: وهو غريب قال المجد في شرحه: عدهما بعض الأصحاب من السنن الرواتب والصحيح من المذهب أنهما ليستا بسنة ولا يكره فعلهما نص عليه اختاره المصنف وقدمه في الفروع والرعاية وحواشي ابن مفلح وقال قدمه غير واحد وهو ظاهر كلامه وإليه ميل المجد في شرحه وقال في الهدى: هما سنة الوتر.
وتقدم الكلام على الركعتين بعد أذان المغرب في باب الأذان.
قوله : "ثم التراويح".
يعني أنها سنة وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم وقيل بوجوبها حكاه ابن عقيل عن أبي بكر.
تنبيه : ظاهر قوله: "ثم التراويح" أن الوتر والسنن الرواتب أفضل منها وهو وجه اختاره المصنف وجماعة وقدمه ابن رزين في شرحه والصحيح من المذهب أن التراويح أفضل منها وعليه الجمهور وتقدم ذلك أول الباب أيضا.
قوله : "وهي عشرون ركعة".
هكذا قال أكثر الأصحاب وقال في الرعاية: عشرون وقيل: أو أزيد قال في الفروع والفائق: ولا بأس بالزيادة نص عليه وقال: روى في هذا ألوان ولم يقض فيها بشيء.
وقال الشيخ تقي الدين: كل ذلك أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة حسن كما نص عليه أحمد لعدم التوقيت فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره.
فوائد
منها: لا بد من النية في أول كل تسليمة على الصحيح من المذهب: وقيل: يكفيها نية واحدة وهو احتمال في الرعاية.
ومنها : أول وقتها بعد صلاة العشاء وسنتها على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وعليه العمل وعنه بل قبل السنة وبعد الفرض نقلها حرب وجزم به في العمدة ويحتمله كلامه

في الوجيز فإنه قال: وتسن التراويح في جماعة بعد العشاء انتهى.
وأفتى بعض المتأخرين من الأصحاب بجوازها قبل العشاء وقال الشيخ تقي الدين من صلاها قبل العشاء فقد سلك سبيل المبتدعة المخالفين للسنة.
ومنها : فعلها أول الليل أفضل أطلقه في الفروع فقال فعلها أول الليل أحب إلى أحمد وقال ابن تميم: إلا بمكة فلا بأس بتأخيرها وقال في الرعاية ولا يكره تأخيرها بمكة وليس ذلك منافيا لما في الفروع.
ومنها : فعلها في المسجد أفضل جزم به في المستوعب وغيره.
قلت: وعليه العمل في كل عصر ومصر.
وعنه في البيت أفضل ذكر هاتين الروايتين الشيخ تقي الدين وأطلقهما في الفروع.
قلت: وصرح الأصحاب أن صلاتها جماعة أفضل ونص عليه في رواية يوسف بن موسى.
ومنها : يستريح بعد كل أربع ركعات بجلسة يسيرة فعله السلف ولا بأس بتركه ولا يدعو إذا استراح على الصحيح من المذهب وقيل ينحرف إلى المصلين ويدعو وكره ابن عقيل الدعاء.
قوله : "فإن كان له تهجد جعل الوتر بعده فإن أحب متابعة الإمام فأوتر معه قام إذا سلم الإمام فشفعها بأخرى".
هذا المذهب المشهور في ذلك كله وعليه جمهور الأصحاب.
وعنه يعجبني أن يوتر معه اختاره الآجري.
وذكر أبو جعفر العكبري في شرح المبسوط: أن الوتر مع الإمام في قيام رمضان أفضل لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام من قام مع الإمام حتى ينصرف ذكره عنه ابن رجب.
وقال القاضي: إن لم يوتر معه لم يدخل في وتره لئلا يزيد على ما اقتضته تحريمة الإمام وحمل نص أحمد على رواية إعادة المغرب وشفعها.
وقال في الرعاية: وإن سلم معه جاز بل هو أفضل.
فوائد.
إحداها : لا يكره الدعاء بعد التراويح على الصحيح من المذهب وقيل يكره اختاره ابن عقيل.
الثانية : إذا أوتر ثم أراد الصلاة بعده فالصحيح من المذهب أنه لا ينقض وتره ويصلي وعليه جمهور الأصحاب منهم المصنف والمجد وصاحب مجمع البحرين قال في المذهب: فإن كان قد أوتر قبل التهجد لم ينقضه في أصح الوجهين وقدمه في الفروع ومختصر ابن تميم.

فعلى هذا: لا يوتر إذا فرغ وقال في الفروع ويتوجه احتمال يوتر.
وعنه ينقضه استحبابا بركعة يصليها فتصير شفعا ثم يصلي مثنى مثنى ثم يوتر قدمه في الحاوي الكبير.
وعنه ينقضه وجوبا على الصفة المتقدمة وعنه يخير بين نقضه وتركه وأطلقهن في الفائق وقال في الرعايتين والحاوي الصغير: وله أن يصلي بعد الوتر مثنى مثنى زاد في الكبرى وقيل يكره قالوا وإن نقضه بركعة صلى ما شاء وأوتر وعنه يكره نقضه وعنه يجب انتهى وقال في الكبير إن قرب زمنه شفعه بأخرى وإن بعد فلا بل يصلي مثنى ولا يوتر بعده.
الثالثة : قوله: "ويكره التطوع بين التراويح".
بلا نزاع أعلمه ونص عليه والصحيح من المذهب أنه لا يكره الطواف بين التراويح مطلقا نص عليه وقيل لا يكره إذا طاف مع إمامه وإلا كره جزم به ابن تميم.
قوله : "وفي التعقيب روايتان".
وأطلقهما في الفروع والشرح وبن تميم والفائق.
إحداهما : لا يكره وهو المذهب نقله الجماعة عن أحمد وصححهما في المغني والشرح وبن منجا في شرحه وصاحب التصحيح في كتابيه وقدمه في الكافي وشرح ابن رزين وجزم به في الوجيز والمنتخب قال المصنف وغيره: الكراهة قول قديم نقله محمد بن الحكم.
قلت: ليس هذا بقادح.
والرواية الثانية: يكره نقلها محمد بن الحكم قال الناظم: يكره في الأظهر قال في مجمع البحرين: يكره التعقيب في أصح الروايتين وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والمحرر وشرح الهداية للمجد والمنور والإفادات وإدراك الغاية والحاوي الكبير وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله : "وهو أن يتطوع بعد التراويح والوتر في جماعة".
هذا المذهب نص عليه سواء طال ما بينهما أو قصر قدمه في الفروع وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم. وقال أبو بكر والمجد في محرره: إذا أخر الصلاة إلى نصف الليل لم يكره رواية واحدة وإنما الخلاف إذا رجعوا قبل الإمام.
قال المجد في شرحه: لو تنفلوا جماعة بعد رقدة أو من آخر الليل لم يكره نص عليه واختاره القاضي وجزم به ابن تميم والرعاية الصغرى والحاويين والفائق وبن منجا في شرحه وقدمه في الرعاية الكبرى.

وقيل: إذا أخره بعد أكل ونحوه لم يكره وجزم به ابن تميم أيضا واستحسنه ابن أبي موسى لمن نقض وتره.
وقال ابن تميم: فإن خرج ثم عاد فوجهان.
قوله : "في جماعة".
هذا الصحيح وقطع به الأكثر ولم يقل في الترغيب وغيره في جماعة بل أطلقوا واختاره في النهاية.
فوائد.
إحداها: يستحب أن يسلم من كل ركعتين فإن زاد فقال في الفروع وظاهر كلامهم أنها كغيرها وقد قال الإمام أحمد: فيمن قام من التراويح إلى ثالثة يرجع وإن قرأ لأن عليه تسليمة ولا بد ويأتي ذلك أيضا قريبا.
الثانية : يستحب أن يبتدئها بسورة القلم بعد الفاتحة لأنها أول ما نزل نص عليه فإذا سجد قرأ من البقرة هذا المذهب ونقل إبراهيم بن محمد بن الحارث أنه يقرأ بها في عشاء الآخرة قال الشيخ تقي الدين: وهو أحسن.
الثالثة : يستحب أن لا يزيد الإمام على ختمة إلا أن يؤثر المأموم ولا ينقص عنها نص عليه وهذا الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع وغيره وجزم به المجد وبن تميم وغيرهما.
قال في الرعاية: يكره النقص عن ختمة نص عليه وقيل يعتبر حال المأمومين قدمه في الشرح وشرح ابن رزين واختاره المصنف وقال التقدير بحال المأمومين أولى.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية: لا يزيد على ختمة لئلا يشق فيسأموا فيتركوا بسببه فيعظم إثمه.
ويدعو لختمه قبل الركوع آخر ركعة من التراويح ويرفع يديه ويطيل نص عليه في رواية الفضل بن زياد قال في الفائق: ويسن ختمه آخر ركعة من التراويح قبل الركوع وموعظته بعد الختم وقراءة دعاء القرآن مع رفع الأيدي نص عليه انتهى وقيل للإمام أحمد يختم في الوتر ويدعو فسهل فيه.
قوله : "وصلاة الليل أفضل من صلاة النهار بلا نزاع أعلمه".
"وأفضلها وسط الليل والنصف الأخير أفضل من الأول".

هكذا قال كثير من الأصحاب وقطعوا به يعني أن أفضل الأثلاث الثلث الوسط وأفضل النصفين النصف الأخير جزم به في الهداية وشرحها للمجد والتلخيص والبلغة ومجمع البحرين وشرح ابن منجا والخلاصة والحاوي الكبير وبن تميم والفائق وتجريد العناية وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
وقال في الكافي: والنصف الأخير أفضل واقتصر عليه وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والشرح.
وجزم في النظم وإدراك الغاية أن أفضله الثلث بعد النصف كصلاة داود عليه الصلاة والسلام نص عليه في رواية أحمد بن الحسن نقله القاضي أبو الحسين.
وقال في الإفادات: وسطه أفضل ثم آخره.
وقال في الحاوي الصغير: والأفضل عندي أن ينام نصفه الأول أو ثلثه الأول: أو سدسه الأخير ويقوم بينهما وقال في الرعايتين آخره خير من أوله ثم وسطه.
وقيل: خيره أن ينام نصفه الأول وقيل بل ثلثه الأول ثم سدسه الأخير ويقوم ما بينهما انتهى.
وقال في الفروع: أفضله نصفه الأخير وأفضله ثلثه الأول نص عليه وقيل آخره وقيل ثلث الليل الوسط انتهى.
فإن أراد بقوله ثلثه الأول الثلث الأول من الليل فلا أعلم به قائلا وإن أراد الثلث الأول من النصف الأخير وهو ظاهر كلامه فلا أعلم به قائلا فلعله أراد ثلث الليل من أول النصف الثاني وفيه بعد ثم بعد ذلك رأيت القاضي أبا الحسين ذكر في فروعه أن المروذي نقل عن الإمام أحمد أفضل القيام قيام داود وكان ينام نصف الليل ثم يقوم سدسه أو ربعه فقوله ثم يقوم سدسه موافق لظاهر ما في الفروع.
فائدة : الصحيح من المذهب: أن النصف الأخير أفضل من الثلث الوسط ومن غيره قدمه في الفروع والرعايتين وقيل: ثلثه الأوسط أفضل وقيل: الأفضل الثلث بعد النصف جزم به في النظم وإدراك الغاية وقدمه القاضي أبو الحسين في فروعه وقيل أفضله النصف بعد الثلث الأول حكاه في الرعايتين كما تقدم.
قوله : "وإن تطوع في النهار بأربع فلا بأس".
اعلم أن الأفضل في صلاة التطوع في الليل والنهار أن يكون مثنى كما قال المصنف: هنا وإن زاد على ذلك صح ولو جاوز ثمانيا ليلا أو أربعا نهارا وهذا المذهب قال المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين وغيرهما: هذا ظاهر المذهب وهو أصح وقدمه في الفروع وقال وظاهره علم العدد أو نسيه واختاره القاضي وأبو الخطاب والمجد وغيرهم قال الزركشي: وهو المشهور.

وقيل: لا يصح إلا مثنى فيهما ذكره في المنتخب.
وقيل: لا يصح إلا مثنى في الليل فقط وهو ظاهر كلام المصنف هنا واختاره هو وبن شهاب والشارح وقدمه في الرعاية الكبرى قال الإمام أحمد: فيمن قام في التراويح إلى ثالثة: يرجع وإن قرأ لأن عليه تسليم ولا بد.
فعلى القول بصحة التطوع بزيادة على مثنى ليلا لو فعله كره على الصحيح من المذهب جزم به في المحرر والفائق والزركشي وقدمه في الفروع وعنه لا يكره جزم به في التبصرة.
وعلى القول بصحة التطوع في النهار بأربع لو فعل لم يكره كما هو ظاهر كلام المصنف هنا وهو الصحيح من المذهب وعنه يكره وأطلقهما في المذهب ولو زاد عليها كره جزم به ابن تميم وقال في المذهب فإن زاد على أربع نهارا بتسليمة واحدة كره رواية واحدة وفي الصحة روايتان.
فائدتان.
إحداهما: لو زاد على ركعتين وقلنا يصح ولم يجلس إلا في آخرهن فقد ترك الأولى ويجوز بدليل الوتر وكالمكتوبة على رواية قال في الفروع: وظاهر كلام جماعة لا يجوز وقال في الفصول: إن تطوع بست ركعات بسلام واحد ففي بطلانه وجهان أحدهما يبطل لأنه لا نظير له في الفرض.
الثانية : لو أحرم بعدد فهل يجوز الزيادة عليه قال في الفروع: ظاهر كلامه فيمن قام إلى ثالثة في التراويح-: لا يجوز وفيه في الانتصار خلاف ذكره في لحوق زيادة بالعقد وتقدم في أول سجود السهو "لو نوى ركعتين نفلا وقام إلى ثالثة ليلا أو نهارا".
قوله : "وصلاة القاعد على النصف من صلاة القائم".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به وقال صاحب الإرشاد.
في آخر باب جامع الصلاة والسهو وصاحب المستوعب هي على النصف من صلاة القائم إلا المتربع انتهيا.
قلت: قد روى الإمام أحمد في مسنده حديثا بهذه الزيادة.
قوله : "ويكون في حال القيام متربعا".
يعني يستحب ذلك وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه يفترش وذكر في الوسيلة

رواية أن كثر ركوعه وسجوده لم يتربع وإلا تربع.
فعلى المذهب: يثني رجليه في سجوده بلا نزاع وكذا في ركوعه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال الزركشي: اختاره الأكثرون وقطع به في الخرقي والمستوعب والمحرر والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في الرعاية والزركشي والشرح وعنه لا يثنيهما في ركوعه.
قال المصنف: هذا أقيس وأصح في النظر إلا أن أحمد ذهب إلى فعل أنس وأخذ به قال في حواشي ابن مفلح: هذا أقيس وقدمه في مجمع البحرين وأطلقهما في الفروع والفائق وبن تميم وقال في الرعاية الصغرى: ومتربعا أفضل وقيل حال قيامه ويثني رجله إن ركع أو سجد.
تنبيه : محل الخلاف في كون صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم إذا كان غير معذور فأما أن كان معذورا لمرض أو نحوه فإنها كصلاة القائم في الأجر قال في الفروع: ويتوجه فيه فرضا ونفلا.
فائدة : يجوز له القيام إذا ابتدأ الصلاة جالسا وعكسه.
تنبيه : ظاهر كلام المصنف أن صلاة المضطجع لا تصح وهو الصحيح من.
المذهب قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين والزركشي: ظاهر قول أصحابنا المنع وقدمه في الفروع والرعاية.
قال الشيخ تقي الدين: جوزه طائفة قليلة ونقل ابن هانئ يصح فيكون على النصف من صلاة القاعد واختاره بعض الأصحاب.
قال الشيخ تقي الدين: وهو قول شاذ لا يعرف له أصل في السلف.
قال المجد وهو مذهب حسن وجزم به في نظم نهاية ابن رزين وأطلقهما ابن تميم والفائق.
وقال الشيخ تقي الدين: لا يجوز التطوع مضطجعا لغير عذر وجزم به في الرعايتين والإفادات وجعل محل الخلاف في الرعاية الكبرى في غير المعذور وغالب من ذكر المسألة أطلق.
فعلى القول بالصحة: هل يومئ أو يسجد على وجهين وأطلقهما في الرعاية الكبرى والفائق والفروع وبن تميم والحواشي والنكت.
فائدتان.
إحداهما: التطوع سرا أفضل على الصحيح من المذهب قال في الفروع: ويسر بنيته وعنه هو والمسجد سواء انتهى.

ولا بأس بالجماعة فيه قال في الفروع: ويجوز جماعة أطلقه بعضهم.
قلت: منهم الشيخ في المغني والكافي والشارح وشرح ابن رزين والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل: ما لم يتخذ عادة وسنة قطع به المجد في شرحه ومجمع البحرين.
وقيل: يستحب اختاره الآمدي وقيل يكره قال الإمام أحمد: ما سمعته وتقدم هل يكره الجهر نهارا وهل يخير ليلا في صفة الصلاة عند قوله: "ويجهر الإمام بالقراءة".
الثانية : اعلم أن الصلاة قائما أفضل منها قاعدا والصحيح من المذهب أن كثرة الركوع والسجود أفضل من طول القيام.
قال في القاعدة السابعة عشرة: المشهور أن الكثرة أفضل وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والمحرر وبن تميم والفروع ومجمع البحرين ونصره وقال هذا أقوى الروايتين وجزم به في الفائق والإفادات.
وقال الشيخ عبد القادر في الغنية وبن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب وصاحب الحاويين: كثرة الركوع والسجود أفضل من طول القيام في النهار وطول القيام في الليل أفضل قال في مجمع البحرين: اختاره جماعة من أصحابنا.
وعنه طول القيام أفضل مطلقا وقدمه في الرعايتين ونهاية ابن رزين ونظمها وعنه التساوي اختاره المجد والشيخ تقي الدين وقال التحقيق أن ذكر القيام وهو القراءة أفضل من ذكر الركوع والسجود وهو الذكر والدعاء وأما نفس الركوع والسجود فأفضل من نفس القيام فاعتدلا ولهذا كانت صلاته عليه أفضل الصلاة والسلام معتدلة فكان إذا أطال القيام أطال الركوع والسجود بحسب ذلك حتى يتقاربا.
قوله: "وأدنى صلاة الضحى ركعتان وأكثرها ثمان".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وعنه أكثرها اثنا عشر وجزم به في الغنية ونظم نهاية ابن رزين.
قوله : "ووقتها إذا علت الشمس".
يعني إذا خرج وقت الكراهة وهكذا قال أكثر الأصحاب: وهو المذهب وقال في الهداية والكافي والتلخيص: إذا علت الشمس واشتد حرها ونص عليه الإمام أحمد وقال: في المستوعب والحاوي الكبير: حين تبيض الشمس. وقال في الرعاية الكبرى: من علو الشمس وقيل: وبياضها وقيل وشدة حرها وقيل بل زوال وقت النهي انتهى.
وقال المجد عن كلامه في الهداية والنص: وهو محمول عندي على وقت الفضيلة قال في مجمع البحرين: وهو محمول عند الأصحاب على وقت الفضيلة.

فائدة : آخر وقتها إلى الزوال على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم قال في الفروع: والمراد والله أعلم قبيل الزوال انتهى.
قلت: هو كالصريح في كلامهم فإن قولهم إلى الزوال لا يدخل الزوال في ذلك لكن ينتهي إليه وله نظائر وقال الشيخ عبد القادر له فعلها بعد الزوال وإن أخرها حتى صلى الظهر قضاها ندبا.
فائدتان.
إحداهما: الصحيح من المذهب: أنه لا يستحب المداومة على فعلها بل تفعل غبا نص عليه في رواية المروذي وعليه جمهور الأصحاب قال في الهداية: لا يستحب المداومة عليها عند أصحابنا قال في مجمع البحرين: أكثر الأصحاب قالوا: لا تستحب المداومة عليها ونص عليه وقدمه في الفروع وغيره واختار الآجري وبن عقيل استحباب المداومة عليها ونقله موسى بن هارون عن أحمد.
قال في الهداية: وعندي تستحب المداومة عليها قال في المذهب ومسبوك الذهب ومجمع البحرين: ويستحب المداومة عليها في أصح الوجهين.
قال المجد في شرحه وصاحب الحاوي الكبير: وهو الصحيح عندي.
قال ابن تميم: واستحباب المداومة عليها أولى.
قال في الإفادات: ولا تكره مداومتها.
فتلخص أن الآجري وبن عقيل وأبا الخطاب وبن الجوزي والمجد وابن حمدان وابن تميم وصاحب مجمع البحرين والحاوي الكبير اختاروا استحباب المداومة عليها وأطلق الوجهين في التلخيص واختار الشيخ تقي الدين المداومة عليها لمن لم يقم من الليل وله قاعدة في ذلك وهي ما ليس براتب لا يداوم عليه كالراتب.
الثانية : أفضل وقتها: إذا اشتد الحر للحديث الصحيح الوارد في ذلك.
قوله : "وهل يصح التطوع بركعة على روايتين".
وأطلقهما في المذهب والبلغة وبن تميم والنظم ومسبوك الذهب والمستوعب والحاوي الصغير والزركشي.

إحداهما : يصح وهو المذهب صححهما في التصحيح وبن منجا في شرحه قال في الخلاصة: يصح أن يتطوع بركعة على الأصح قال في التلخيص: ويصح التطوع بركعة في أصح الروايتين ونصره في مجمع البحرين والمجد في شرحه وقدمه في الفروع والمحرر والهداية والرعايتين والحاوي الكبير والفائق وغيرهم وجزم به في الإفادات ونهاية ابن رزين ونظمها وصححه أبو الخطاب في رؤوس المسائل.
الرواية الثانية : لا يصح جزم به في الوجيز وهي ظاهر كلام الخرقي ونصرها المصنف في المغني والشرح وقال فيه ابن تميم والشارح أقل الصلاة ركعتان على ظاهر المذهب.
فائدة: قال المجد في شرحه وبن تميم والزركشي وبن حمدان في رعايته.
وصاحب الحاوي ومجمع البحرين وغيرهم: حكم التنفل بالثلاث والخمس حكم التنفل بركعة فيه الروايتان ولا نعلم لهم مخالفا قال في الفروع: ويصح التطوع بفرد ركعة.
قوله : "وسجود التلاوة صلاة".
فيشترط له ما يشترط للنافلة وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وعند الشيخ تقي الدين سجود التلاوة وسجود الشكر خارج الصلاة لا يفتقر إلى وضوء وبالوضوء أفضل وقد حكى النووي الإجماع على اشتراط الطهارة لسجود التلاوة والشكر.
قوله : "وهو سنة".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وعنه واجب مطلقا اختاره الشيخ تقي الدين.
فعليها يتيمم محدث قاله في الفروع وقال في الرعاية لا يتيمم لخوف فوته وقيل بلى وبعضهم خرجها على التيمم للجنازة واستحسنه ابن تميم وقال المجد لا يسجد وهو محدث ولا يقضيها إذا توضأ انتهى.
وعنه واجب في الصلاة فعلى المذهب في استحبابها للطائف روايتان وأطلقهما في الفروع والفائق والرعاية وبن تميم والمذهب.
قلت: الأظهر من الوجهين أنه يسجد وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
قال ابن نصر الله: هما مبنيان على قطع الموالاة به وعدمه.
وعلى كل قول يشترط لسجوده قصر الفصل على الصحيح من المذهب فيسجد متوضئ ويتيمم من يباح له التيمم مع قصر الفصل قال في الفنون: سهوه عنه كسجود سهو يسجد مع قصر الفصل وعنه ويتطهر أيضا محدث ويسجد وهو قول في الرعاية.
قوله : "وهو سنة للقارئ وللمستمع دون السامع".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المحرر والوجيز.والكافي

وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين وغيرهم وصححه في الحاويين وغيره وهو من المفردات.
وقيل: يسجد السامع أيضا وأطلقهما في الفائق وبن تميم.
قوله : "ويعتبر أن يكون القارئ يصلح إماما له فلا يسجد قدام إمامه ولا عن يساره".
على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع والرعايتين والفائق وقيل يسجد وهو ظاهر ما جزم به الناظم فإنه قال: وليس بشرط موقف متعين وقطع به في مجمع البحرين كسجوده لتلاوة أمي وزمن لأن القراءة والقيام ليسا من فروضه لا أعلم فيهما خلافا.
ولا يسجد رجل لتلاوة امرأة وخنثى وفي سجوده لتلاوة صبي وجهان وأطلقهما في الفائق.
قلت: الصحيح من المذهب: سجوده لتلاوة الصبي لأنه كالنافلة والمذهب صحة إمامة الصبي في النافلة على ما يأتي قال في الفروع والمحرر وغيرهما: ويسن للقارئ ولمستمعه الجائز اقتداؤه به وقيل يصح إن صحت إمامته وأطلقهن في الرعاية وجزم في المذهب أنه لا يسجد لتلاوة صبي.
فائدة : قال في مجمع البحرين: لم أر من الأصحاب من تعرض للرفع قبل القارئ فيحتمل المنع كالصلاة ويحتمل الجواز لأنه سجدة واحدة فلا يفضي إلى كبير مخالفة وتخليط وقالوا: لا يسجد قبله لعموم الأدلة ولأنه لا يدرى هل يسجد أم لا بخلاف رفعه قبله انتهى.
قلت: الثاني هو الصواب.
قوله : "فإن لم يسجد القارئ لم يسجد".
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وهو من المفردات وقيل يسجد غير مصل وقدمه في الوسيلة.
فوائد.
الأولى: لا يسجد في صلاة لقراءة غير إمامه على الصحيح من المذهب نص عليه كقراءة مأموم وعنه يسجد وعنه يسجد في النفل دون الفرض وهو قول في الرعاية والفائق وغيرهما وخص القاضي في موضع من كلامه الخلاف بالنفل قاله في مجمع البحرين والمجد وقطع به في المذهب وقيل يسجد إذا فرغ اختاره القاضي.
فعلى القول بعدم السجود لو خالف وفعل ففي بطلان الصلاة به وجهان حكاهما القاضي في التخريج وأطلقهما في الفروع والرعاية وبن تميم وقدم في الفائق البطلان.

الثانية : لا يقوم ركوع ولا سجود عن سجدة التلاوة في الصلاة على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع والمغني والشرح وغيرهم وعنه بلى وقيل: يجزئ الركوع مطلقا أعني سواء كان في الصلاة أو لا قاله في الفروع وغيره وحكى عن القاضي.
وقال في الرعاية: وعنه يجزئ ركوع الصلاة وحده انتهى.
قلت: اختارها أبو الحسين.
وقال في الفائق: لا يقوم الركوع مقامه وتقوم سجدة الصلاة عنه نص عليه وجزم به في مجمع البحرين وقدمه ابن تميم.
الثالثة : لو سجد ثم قرأ ففي إعادته وجهان وأطلقهما في الفروع وقال: وكذا يتوجه في تحية المسجد إن تكرر دخوله وأطلقهما في الفائق والتلخيص.
وقال ابن تميم: وإن قرأ سجدة فسجد ثم قرأها في الحال مرة أخرى لا لأجل السجود فهل يعيد السجود على وجهين وقال القاضي في تخريجه إن سجد في غير الصلاة ثم صلى فقرأها فيها أعاد السجود وإن سجد في.
صلاة ثم قرأها في غير صلاة لم يسجد وقال إذا قرأ سجدة في ركعة فسجد ثم قرأها في الثانية: فقيل: يعيد السجود وقيل لا.
وإن كرر سجدة وهو راكب في صلاة لم يكرر السجود وإن كان في غير صلاة لم يكرر السجود كذا وجد في النسخ وقال في الرعاية وكلما قرأ آية سجد سجدة.
قلت: إن كررها في ركعة سجد مرة.
وقيل: إن كانت السجدة آخر سورة فله السجود وتركه وقيل: إن قرأ سجدة في مجلس مرتين أو في ركعتين أو سجد قبلها فهل يسجد للثانية أو للأولة فيه وجهان وقيل إن قرأها فسجد ثم قرأها وقيل في الحال فوجهان.
الرابعة : لو سمع سجدتين معا فهل يسجد سجدتين أم يكتفي بواحدة قال ابن رجب في القاعدة الثامنة عشرة: المنصوص في رواية البزراطي أنه يسجد سجدتين قال: ويتخرج أن يكتفي بواحدة وقد خرج الأصحاب في الاكتفاء بسجدة الصلاة عن سجدة التلاوة وجها فهنا أولى انتهى.
قوله : "وهو أربع عشرة سجدة في الحج منها اثنتان".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه في الحج واحدة فقط وهي الأولى نقله الآمدي وعنه هي الثانية فتكون السجدات ثلاث عشرة وعنه سجدة {ص} منه فتكون خمس عشرة اختارها أبو بكر وبن عقيل.
فعلى المذهب: سجدة {ص} سجدة شكر فيسجد بها خارج الصلاة على كل رواية ولا يسجد بها في الصلاة فإن فعل عالما بطلت الصلاة على الصحيح من المذهب قدمه في

الفروع والرعايتين وجزم به في المنور وقيل: لا تبطل قال في الفروع: وهو أظهر لأن سببها من الصلاة وأطلقهما ابن تميم والمذهب والفائق والحاويين ومجمع البحرين والمجد في شرحه وقال: على القول بأنها لا تبطل لا فائدة في اختلاف الروايتين من حيث المعنى إلا هل هذه السجدة مؤكدة كتأكيد سجود التلاوة أم هي دونه في التأكيد كسجود الشكر لأن سجود التلاوة آكد من سجود الشكر.
فائدة: السجدة في {حم} عند قوله: {يَسْأَمُونَ} على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب قاله المجد في شرحه ومجمع البحرين والزركشي وقدمه في الفروع وغيره وقيل عند قوله: "يعبدون" اختاره ابن أبي موسى وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما المجد في شرحه وبن تميم ومجمع البحرين وعنه يخير.
تنبيه : ظاهر قوله: "ويكبر إذا سجد" أنه لا يكبر للإحرام وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال المجد: هو قول القاضي وغيره من أصحابنا وقيل يشترط تكبيرة الإحرام اختاره أبو الخطاب وجزم به في الإفادات وصححه في الرعايتين وأطلقهما في الفائق.
قوله : "ويكبر إذا سجد".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الفروع وغيره قال في الرعايتين: ويكبر غير المصلي في الأصح للإحرام والسجود والرفع منه فظاهر كلامه أن في تكبيرة السجود خلافا.
قوله : "وإذا رفع".
يعني يكبر إذا رفع وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقيل يجزئه تكبيرة للسجود وهو ظاهر كلام الخرقي واختاره بعض الأصحاب.
قوله : "ويجلس".
هكذا صرح به جماعة كثيرة من الأصحاب قال في الفروع: فلعل المراد الندب ولهذا لم يذكروا جلوسه في الصلاة كذلك.
قوله : "ويسلم".
الصحيح من المذهب: أن السلام ركن نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وعنه ليس بركن وهما وجهان في الفائق وغيره وأطلقهما في الحاويين والفائق.
فعلى المذهب يجزئه تسليمة واحدة وتكون عن يمينه وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وعنه تجب الثنتان.

قوله : "ولا يتشهد".
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وقيل بلى وهو تخريج لأبي الخطاب واختاره وهو من المفردات وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والتلخيص قال في الفروع: ونصه لا يسن.
فائدتان.
إحداها: الأفضل أن يكون سجوده عن قيام جزم به المجد في شرحه ومجمع البحرين وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره واختاره الشيخ تقي الدين وقال: قاله طائفة من أصحاب الإمام أحمد وقيل: للإمام أحمد يقوم ثم يسجد فقال: يسجد وهو قاعد وقال ابن تميم: الأفضل أن يسجد عن قيام وإن سجد عن جلوس فحسن.
الثانية : يقول في سجوده ما يقوله في سجود الصلاة وإن زاد على ذلك مما ورد في سجود التلاوة فحسن.
قوله : "وإن سجد في الصلاة رفع يديه نص عليه".
يعني في رواية أبي طالب وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز والمنور وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والرعايتين والنظم وبن تميم ومجمع البحرين والفائق والحاويين.
وقال القاضي في الجامع الكبير: لا يرفعهما وهو رواية عن أحمد قال في النكت: ذكر غير واحد أنه قياس المذهب.
قلت: منهم المصنف والشارح.
قال ابن نصر الله في حواشيه: هذا الأصح وأطلقهما في الفروع والكافي والمجد في شرحه والمذهب والتلخيص وتقدم هل يرفع يديه بعد فراغه من القنوت إذا أراد أن يسجد في أحكام الوتر.
فائدتان.
إحداهما : الصحيح من المذهب: أنه إذا سجد في غير الصلاة يرفع يديه سواء قلنا يرفع يديه في الصلاة أو لا نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في التلخيص وقدمه في الفروع والرعايتين وبن تميم وهو من المفردات.
وقيل: لا يرفعهما ويحتمل كلام المصنف هنا وصاحب الوجيز وأطلقهما في الفائق.
الثانية : إذا قام المصلي من سجود التلاوة فإن شاء قرأ ثم ركع وإن شاء ركع من غير قراءة نص عليه.

قوله : "ولا يستحب للإمام السجود في صلاة لا يجهر فيها".
بل يكره وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع والرعاية وغيرهما وقيل: لا يكره اختاره المصنف.
قوله: "فإن فعل فالمأموم مخير بين اتباعه وتركه".
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وأكثرهم جزم به وهو من المفردات وقيل يلزمه متابعته اختاره القاضي والمصنف.
تنبيه : مفهوم كلامه: أن المأموم يلزمه متابعة إمامه في السجود في صلاة الجهر وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال في الفروع والرعاية: يلزمه في الأصح وجزم به المجد في شرحه ومجمع البحرين. وقيل: لا يلزمه جزم به في الحاوي الكبير.
فعلى المذهب: لو ترك متابعته عمدا بطلت صلاته جزم به المجد في شرحه ومجمع البحرين وغيرهما.
وعلى الثاني: لا تبطل بل يكره.
فائدة : الراكب يومئ بالسجود قولا واحدا وأما الماشي فالصحيح من المذهب أنه يسجد بالأرض وقيل يومئ أيضا وأطلقهما في الحاوي وقيل يومئ إن كان مسافرا وإلا سجد.
قوله : "ويستحب سجود الشكر".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وقال ابن تميم يستحب لأمير الناس لا غير قال في الفروع: وهو غريب بعيد.
قوله : "عند تجدد النعم واندفاع النقم".
يعني العامتين للناس هكذا قال كثير من الأصحاب وأطلقوا.
وقال القاضي وجماعة: يستحب عند تجدد نعمة أو دفع نقمة ظاهرة لأن العقلاء يهنون بالسلامة من العارض ولا يفعلونه في كل ساعة وإن كان الله يصرف عنهم البلاء والآفات ويمتعهم بالسمع والبصر والعقل والدين ويفرقون في التهنئة بين النعمة الظاهرة والباطنة كذلك السجود للشكر انتهى.
فائدة : الصحيح من المذهب: أن يسجد لأمر يخصه نص عليه وجزم به في الرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وقيل لا يسجد قدمه في الرعاية الكبرى فقال: يسن سجود الشكر لتجدد نعمة ودفع نقمة عامتين للناس وقيل: أو خاصتين وأطلقهما في الفروع والفائق وبن تميم.

قوله : "ولا يسجد له في الصلاة".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم واستحبه ابن الزاغوني فيها واختاره بعض الأصحاب وهو احتمال في انتصار أبي الخطاب كسجود التلاوة وفرق القاضي وغيره بينهما بأن سبب سجود التلاوة عارض من أفعال الصلاة.
فعلى المذهب: لو سجد جاهلا أو ناسيا لم تبطل الصلاة وإن كان عامدا بطلت على الصحيح من المذهب: وعند ابن عقيل فيه روايتان من حمد لنعمة أو استرجع لمصيبة.
فائدة : لو رأى مبتلى في دينه سجد شكرا بحضوره وغيره وإن كان مبتلى في بدنه سجد وكتمه وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم قال القاضي وغيره: يسأل الله العافية قال في الفروع: وظاهر كلام جماعة لا يسجد ولعله ظاهر الخبر.
فعلى المذهب قال في الفروع: والمراد إن قلنا يسجد لأمر يخصه.
قلت فهو كالصريح في كلام ابن تميم فإنه قال: وهل يسجد لأمر يخصه فيه وجهان لكن إن سجد لرؤية مبتلى في بدنه لم يشعره.
فاستدرك من السجود لأمر مخصوص ذلك.
قوله : "في أوقات النهي هي خمسة".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وظاهر كلام الخرقي أن عند قيامها ليس بوقت نهى لقصره.
قال في الفروع: وفيه وجه أنه ليس بوقت نهي قال الزركشي: ظاهر كلام الخرقي أن أوقات النهي ثلاثة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب وهذا الوقت يشتمل على وقتين وعنه لا نهي بعد العصر مطلقا ويأتي ذلك مفصلا قريبا أتم من هذا.
قوله : "بعد طلوع الفجر".
يعني الفجر الثاني وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه من صلاة الفجر اختاره أبو محمد رزق الله التميمي.
قوله : "وبعد العصر".
يعني صلاة العصر وهذا المذهب وعليه الأصحاب ويأتي قريبا إذا جمع وعنه لا نهي بعد العصر مطلقا كما تقدم وعنه لا نهي بعد العصر ما لم تصفر الشمس.
فائدة : الاعتبار بالفراغ من صلاة العصر لا بالشروع فلو أحرم بها ثم قلبها نفلا لعذر صح أن يتطوع بعدها قاله ابن تميم وبن حمدان وصاحب الفائق وغيرهم والاعتبار أيضا بصلاته فلو صلى منع من التطوع وإن لم يصل غيره ومتى لم يصل فله التطوع وإن صلى غيره قاله الأصحاب.

قوله : "وعند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح".
هكذا قال أكثر الأصحاب وقال في المستوعب: حتى تبيض وحكاه في الرعاية قولا.
قوله : "وعند قيامها حتى تزول".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وظاهر كلام الخرقي أنه ليس بوقت نهي لقصره كما تقدم اختاره بعض الأصحاب واختاره الشيخ تقي الدين في يوم الجمعة خاصة قال الإمام أحمد في الجمعة: إذن لا يعجبني قال في الفروع: وظاهره الجواز ولو لم يحضر الجامع وقال القاضي ليستظهر بترك الصلاة ساعة بقدر ما يعلم زوالها كسائر الأيام.
فائدتان.
إحداهما: لو جمع بين الظهر والعصر في وقت الأولى منع من التطوع المطلق.
بعد الفراغ منهما قاله ابن تميم وبن حمدان وصاحب الفروع والفائق والزركشي وغيرهم.
وأما سنة الظهر الثانية: فالصحيح من المذهب: أنها تفعل بعد العصر إذا جمع سواء جمع في وقت الأولى أو الثانية قدمه في الفروع وقيل يفعلها إذا جمع في وقت الظهر وقيل بالمنع مطلقا وقال ابن عقيل في الفصول يصلي سنة الأولى إذا فرغ من الثانية إذا لم تكن الثانية: عصرا وهذا في العشاءين خاصة وتقدم سنة الأولى منهما على الثانية كما قدم فرض الأولى على الثانية قال في الفروع: كذا قال.
الثانية : الصحيح من المذهب: أن المنع في وقت النهي متعلق بجميع البلدان وعليه الأصحاب وعنه لا نهي بمكة وهي قول في الحاوي وغيره وتأوله القاضي على فعل ما له سبب كركعتي الطواف قال المجد في شرحه: هو خلاف الظاهر ووجه في الفروع توجيها إن قلنا الحرم كمكة في المرور بين يدي المصلي أن هنا مثله وكلام القاضي في الخلاف أنه لا يصلى فيه اتفاقا.
قوله : "وإذا تضيفت للغروب حتى تغرب".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وتقدم رواية أنه لا نهي بعد العصر مطلقا.
تنبيه : ظاهر قوله: "وإذا تضيفت للغروب" أن ابتداء وقت النهي يحصل قبل شروعها في الغروب فيكون أوله إذا اصفرت وهو إحدى الروايتين اختاره المصنف قال المجد في شرحه: هذا أولى وأحوط وقدمه في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير والشرح وحواشي ابن مفلح.
والرواية الثانية: أوله إذا شرعت في الغروب وعليه أكثر الأصحاب قال المجد في

شرحه وتبعه في مجمع البحرين: قاله أصحابنا قال الزركشي: عليه عامة الأصحاب وجزم به في المحرر والفائق وغيرهما وقدمه في مجمع البحرين قال ابن تميم: واختلف قوله: في الخامس فعنه أوله إذا شرعت في الغروب وعنه أوله إذا اصفرت وقال في الفروع في تعداد أوقات النهي وعند غروبها حتى تتم.
قوله : "ويجوز قضاء الفرائض فيها".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم وحكى في التبصرة في قضاء الفرائض في وقت النهي روايتين.
فوائد.
إحداها: يجوز صلاة النذر في هذه الأوقات على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم وصححه في مجمع البحرين وبن تميم ونصره المجد في شرحه وغيره.
قال في القواعد الفقهية: الأشهر الجواز قال الزركشي: هذا أشهر الروايتين وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى والمغني والشرح وغيرهم وعنه لا يفعلها ذكرها أبو الحسين وأطلقهما في الفائق.
الثانية : لو نذر صلاة في أوقات النهي فالصحيح من المذهب أن حكمها حكم صلاة النذر المطلق في وقت النهي على ما تقدم قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين: قال أصحابنا: ينعقد النذر ويأتي به فيها وجزم به في الوجيز وبن تميم وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره وقال المجد في شرحه والمصنف في المغني والشارح ويتخرج أن لا ينعقد موجبا لها وتبعهم في مجمع البحرين والفروع وقال ابن عقيل في الفصول يفعلها في غير وقت النهي ويكفر كنذره صوم يوم العيد وقال القاضي في الخلاف وغيره أو نذر صلاة مطلقة أو في وقت وفات فقياس المذهب يجوز فعلها في وقت النهي لأن أحمد أجاز صوم النذر في أيام التشريق على إحدى الروايتين مع تأكد الصوم.
الثالثة : لو نذر الصلاة في مكان غصب ففي مفردات أبي يعلى ينعقد فقيل له يصلي في غيرها فقال فلم يف بنذره.
وقال في الفروع: ويتوجه أنه كصوم يوم العيد.
قوله : "ويجوز صلاة الجنازة وركعتا الطواف وإعادة الجماعة إذا أقيمت وهو في المسجد بعد الفجر والعصر".
الصحيح من المذهب: جواز صلاة الجنازة بعد الفجر والعصر وعليه الأصحاب وحكاه

ابن المنذر والمجد وغيرهما إجماعا وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وابن تميم والفائق وغيرهم قال المصنف والشارح: بغير خلاف وقيده ابن تميم وحكى في الرعاية وغيرها قولا بصلاة الفرض منهما وعنه المنع من الصلاة عليها نقله ابن هانئ وعنه المنع بعد الفجر فقط.
والصحيح من المذهب: جواز فعل ركعتي الطواف بعد الفجر والعصر وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه المنع.
والصحيح من المذهب: جواز إعادة الجماعة فيهما مطلقا جزم به في المذهب والشرح والوجيز والمغني والمنتخب وقدمه في الفروع واختاره ابن عقيل واختار القاضي وغيره لا يجوز إعادة الجماعة إلا مع إمام الحي وجزم به في الهداية ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر ومجمع البحرين والتلخيص والحاوي الصغير قال ابن تميم: وتعاد الجماعة مع إمام الحي إذا أقيمت وهو في المسجد أو دخل وهم يصلون سواء صلى جماعة أو فرادى لكن لا يستحب له الدخول انتهى وعنه المنع فيها مطلقا ويأتي ذلك مستوفى في صلاة الجماعة عند قوله: "فإن صلى ثم أقيمت الصلاة وهو في المسجد استحب له إعادتها".
قوله : "وهل يجوز في الثلاثة الباقية على روايتين".
يعني هل يجوز فعل صلاة الجنازة وركعتي الطواف وإعادة الجماعة في الأوقات الثلاثة الباقية وأطلقهما ابن منجا في شرحه وبن تميم والزركشي والمجد في شرحه والخلاصة الصحيح من المذهب جواز فعل ركعتي الطواف وإعادة.
الجماعة في هذه الأوقات الثلاثة أيضا جزم به في التلخيص والوجيز والهداية والمذهب والمحرر ومسبوك الذهب وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وغيرهم واختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق قال ابن تميم: وقطع به بعض أصحابنا واختار ابن عقيل جواز إعادة الجماعة فيها.
والرواية الثانية : لا يجوز قال في مجمع البحرين: لا يجوز في أقوى الروايتين وصححه في النظم والتصحيح والقاضي وأبو الخطاب والشرح والصحيح من المذهب لا تجوز صلاة الجنازة في هذه الأوقات الثلاثة قال في مجمع البحرين: لا تجوز صلاة الجنازة في الأشهر وصححه في النظم والتصحيح وقدمه في الفروع والمغني والشرح ونصراه وقدمه في المحرر ذكره في الصلاة على الجنازة.
والرواية الثانية: تجوز جزم به في الوجيز واختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق وأطلقهما في الهداية وشرحها للمجد والخلاصة والمذهب ومسبوك الذهب ذكراه في الجنائز.
وقال ابن أبي موسى: يصلي عليها في جميع الأوقات إلا حال الغروب وذكر في الرعاية قولا بالجواز في جميع الأوقات إلا حال الغروب والزوال.

تنبيه : محل الخلاف في الصلاة على الجنازة إذا لم يخف عليها أما إذا خيف عليها فإنه يصلي عليها في هذه الأوقات قولا واحدا.
فائدة : الصحيح من المذهب: تحريم الصلاة على القبر والغائب في أوقات النهي كلها وعليه جماهير الأصحاب وجزم به المصنف والرعاية الصغرى والحاويين وصححه في الرعاية الكبرى وقدمه في الفروع.
وقيل: إن كانت فرضا لم يحرم وإن كانت نفلا حرمت وأطلقهما ابن تميم وصحح ابن الجوزي في المذهب جواز الصلاة على القبر في الوقتين الطويلين وحكى قولا لا تجوز الصلاة على القبر في الأوقات الخمس.
وقال في الفصول: لا تجوز بعد العصر لأن العلة في جوازها على الجنازة خوف الانفجار وقد أمن في القبر قال: وصلى قوم من أصحابنا بعد العصر بفتوى بعض المشايخ ولعله قاس على الجنازة قال: وحكى عنه أنه علل بأنها صلاة مفروضة وهذا يلزم عليه فعلها في الأوقات الثلاث انتهى.
قوله : "ولا يجوز التطوع بغيرها في شيء من الأوقات الخمسة إلا ما له سبب".
التطوع بغير ما تقدم ذكره في الأوقات الخمسة نوعان نوع له سبب ونوع لا سبب له.
فأما الذي لا سبب له وهو التطوع المطلق فجزم المصنف هنا أنه لا يجوز فعله في شيء منها وهو المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل يجوز.
فعلى المذهب لو شرع في التطوع المطلق فدخل وقت النهي وهو فيها حرم على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع وقيل لا يحرم وهو ظاهر كلام الخرقي فإنه قال: ولا يبتدئ في هذه الأوقات صلاة يتطوع بها وكذا قال في المنور والمنتخب: وقطع به الزركشي لكن قال: يخففها واقتصر عليه ابن تميم وهو الصواب.
وعلى المذهب: لو ابتدأ التطوع المطلق فيها لم ينعقد على الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز والمجد في شرحه والرعاية الصغرى والحاويين والزركشي والقواعد الفقهية في التاسعة ومجمع البحرين قال ابن تميم وصاحب الفائق: لم تنعقد على الأصح قال في التلخيص: لم تنعقد على الصحيح من المذهب وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وعنه تنعقد.
فعلى القول: بعدم الانعقاد لا تنعقد من الجاهل على الصحيح من المذهب. وهو ظاهر كلام ابن تميم وقدمه في الفائق ومجمع البحرين وعنه تنعقد منه قدمه في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير وحواشي ابن مفلح وأطلقهما في الفروع والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والزركشي.
النوع الثاني: ما له سبب كتحية المسجد وسجود التلاوة وصلاة الكسوف وقضاء السنن

الرواتب فأطلق المصنف فيها الروايتين وأطلقهما في الخلاصة والتلخيص والبلغة والفروع والنظم وإدراك الغاية والزركشي وبن تميم والهادي والكافي.
إحداهما : لا يجوز وهي المذهب وعليها أكثر الأصحاب قاله ابن الزاغوني وغيره قال في الواضح في تحية المسجد والسنن الراتبة: إنه اختيار عامة المشايخ قال الشريف أبو جعفر: هو قول أكثرهم قال في الفروع وتجريد العناية: وهو الأشهر قال الشارح: هو المشهور في المذهب قال ابن هبيرة: هو المشهور عند أحمد في الكسوف قال ابن منجا في شرحه: هذا الصحيح ونصره أبو الخطاب وغيره وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاويين وفروع القاضي أبي الحسين واختاره الخرقي والقاضي والمجد وغيرهم.
والرواية الثانية: يجوز فعلها فيها اختارها أبو الخطاب في الهداية وبن عقيل وبن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب والسامري في المستوعب وصاحب الفائق ومجمع البحرين والشيخ تقي الدين قال في مجمع البحرين: وهو ظاهر قول الشيخ في الكافي وقدمه في المحرر.
وعنه رواية ثالثة يجوز قضاء ورده ووتره قبل صلاة الفجر قال المصنف في المغني والشارح: وهو المنصوص عن أحمد في قضاء وتره واختاره ابن أبي موسى وصححه في الحاوي الكبير قال الزركشي: وهو حسن وجزم في المنتخب بجواز قضاء السنن في الأوقات الخمسة واختار المصنف في العمدة جواز قضاء السنن الراتبة في الوقتين الطويلين وهما بعد الفجر والعصر واختار المصنف أيضا.
في المغني والشارح جواز قضاء سنة الفجر بعد صلاة الفجر وجواز قضاء السنن الراتبة بعد العصر واختاره في التصحيح الكبير وقال صححه القاضي واختار ابن عبدوس في تذكرته جواز ماله سبب في الوقتين الطويلين.
وعنه رواية رابعة يجوز قضاء وتره والسنن الراتبة مطلقا إن خاف إهماله.
فعلى القول بالمنع في الكسوف فإنه يذكر ويدعو حتى ينجلي ويأتي ذلك في بابه.
تنبيه : محل الخلاف في غير تحية المسجد حال خطبة الجمعة فإنه يجوز فعلها من غير كراهة على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وجزم به في الفروع وقال ليس عنها جواب صحيح.
وأجاب القاضي وغيره بأن المنع هناك لم يختص الصلاة ولهذا يمنع من القراءة والكلام فهو أخف والنهي هنا اختص الصلاة فهو آكد قال في الفروع: وهذا على العلتين أظهر ثم قال القاضي: مع أن القياس المنع تركناه لخبر سليك.

فائدة : مما له سبب الصلاة بعد الوضوء وألحق الشيخ تقي الدين صلاة الاستخارة بما يفوت وقال في الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة ومجمع البحرين هنا وغيرهم وسجود الشكر وصلاة الاستسقاء فعدوهما فيما له سبب وصححوا جواز الفعل كما تقدم عنهم.
قلت: ذكر الاستسقاء فيما له سبب ضعيف بعيد قال في الفروع: ولا يجوز صلاة الاستسقاء وقت نهي.
قال صاحب المغني والمحرر ومجمع البحرين: هناك وغيرهم بلا خلاف.
قال ابن رزين في شرحه: إجماعا وأطلق جماعة الروايتين ويأتي أيضا في باب الاستسقاء بأتم من هذا.
ولا تصلى ركعتا الإحرام على الصحيح وقال في الفروع ويتوجه فيه بخلاف صلاة الاستسقاء ويأتي في باب الإحرام

باب صلاة الجماعة
.
قوله : "وهي واجبة للصلوات الخمس على الرجال لا بشرط".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه وهو من مفردات المذهب وقيل لا تجب إذا اشتد الخوف.
وقيل: لا تنعقد أيضا في اشتداد الخوف اختاره ابن حامد والمصنف على ما يأتي هناك وعنه الجماعة سنة.
وقيل: فرض كفاية ذكره الشيخ تقي الدين وغيره ومقاتلة تاركها كالأذان على ما تقدم وذكره ابن هبيرة وفاقا للأئمة الأربعة.
وعنه أن الجماعة شرط لصحة الصلاة ذكرها القاضي وبن الزاغوني في الواضح والإقناع وهي من المفردات واختارها ابن أبي موسى وبن عقيل والشيخ تقي الدين فلو صلى وحده من غير عذر لم تصح.
قال في الفتاوى المصرية: هو قول طائفة من أصحاب الإمام أحمد ذكره القاضي في شرح المذهب عنهم انتهى.
قال ابن عقيل: بناء على أصلنا في الصلاة في ثوب غصب والنهي يختص بالصلاة وقال في الحاوي الكبير: وفي هذا القول بعد وعنه حكم الفائتة والمنذورة حكم الحاضرة وأطلق في الحاوي وغيره فيهما وجهين قال في الفروع: وظاهر كلام جماعة أن حكم الفائتة فقط حكم الحاضرة.

تنبيهات.
الأول: ظاهر قوله: "على الرجال" دخول العبيد في ذلك وهو إحدى الروايتين نقلها ابن هانئ وهو ظاهر كلامه في المستوعب والشرح والتلخيص والمحرر وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى والحاوي الكبير.
وقال في الصغرى: تلزم على الأصح كل مسلم مكلف ذكر قادر والصحيح من المذهب أنها لا تجب عليهم قدمه في الفروع وجزم به المجد في شرحه إذا لم تجب عليه الجمعة وأطلق ابن الجوزي في المذهب وبن تميم وصاحب الفائق وغيرهم فيهم روايتين.
الثاني : مفهوم كلام المصنف: أنها لا تجب على الخناثى وهو صحيح جزم به في الفائق وابن تميم وغيرهما قال في الرعاية الكبرى: والمذهب وجوبها على كل مكلف غير خنثى وأنثى وقيل تجب عليهم.
قال في المستوعب: تجب على غير النساء.
الثالث : مفهوم كلامه أيضا أنها لا تجب على النساء أيضا وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب إلا أن أبا يعلى الصغير مال إلى وجوبها عليهن إذا اجتمعن وهو غريب.
الرابع : مفهوم قوله: "الرجال" أنها لا تجب على المميز وهو صحيح وهو المذهب قدمه في الفروع قال في الرعايتين: تجب على كل ذكر مكلف وكذا في الحاوي الكبير قال في الصغير: تلزم الرجال وقيل هو كالرجل إذا قلنا تجب عليه قاله الناظم وجزم به ابن الجوزي في المذهب.
فائدة : فعلى المذهب في أصل المسألة لو صلى منفردا صحت صلاته لكن إن كان لعذر لم ينقص أجره وإن كان لغير عذر فإنه يأثم وفي صلاته فضل خلافا لأبي الخطاب وغيره في المسألة الأولى ولنقله عن الأصحاب في الثانية قاله.
في الفروع واختار الشيخ تقي الدين كأبي الخطاب فيمن عادته الانفراد مع عدم العذر وإلا تم أجره.
قلت: وهو الصواب اللهم إلا أن يتوب حال وجود العذر فإن أجره يكمل.
وقال الشيخ تقي الدين في الصارم المسلول: خبر التفضيل في المعذور الذي تباح له الصلاة وحده قال في الفروع: ويتوجه احتمال تساويهما في أصل الأجر وهو الجزاء والفضل بالمضاعفة.
فائدة : يستحب للنساء صلاة الجماعة على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور قال الزركشي: هذا أشهر الروايتين وصححه في الفائق وجزم به في المنور وقدمه في الفروع والمحرر وبن تميم والرعايتين والحاويين ذكروه في أواخر الباب والتلخيص والبلغة والخلاصة والهداية والمستوعب.
وقال ابن عقيل: يستحب لهن إذا اجتمعن أن يصلين فرائضهن جماعة في أصح الروايتين.

والرواية الثانية: يكره في الفريضة ويجوز في النافلة انتهى وعنه لا يستحب لهن الصلاة جماعة وعنه يكره هذا الحكم إذا كن منفردات سواء كان إمامهن منهن أو لا.
فاما صلاتهن مع الرجال جماعة فالمشهور في المذهب أنه يكره للشابة قاله في الفروع وقال: والمراد والله أعلم للمستحسنة واختاره القاضي وبن تميم وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب وقدمه في الرعاية الكبرى وبن تميم قال في الهداية والخلاصة والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم: وللعجوز والبرزة حضور جمع الرجال قال في المحرر: ولا يكره أن تحضر العجائز جمع الرجال.
وعنه يباح مطلقا وهو ظاهر ما جزم به في المنور قال ابن تميم: وظاهر كلام الشيخ يعني به المصنف لا يكره وهو أصح وقدمه في الفروع وعنه.
يباح في الفرض واختار ابن هبيرة يستحب لهن وقيل: يحرم في الجمعة قال في الفروع: ويتوجه في غيرها مثلها.
تنبيه : حيث قلنا يستحب لها أو يباح الصلاة جماعة فصلاتها في بيتها أفضل بكل حال بلا نزاع كما قال المصنف بعد ذلك "وبيتها خير لها" ويأتي في كلام المصنف "إذا استأذنت المرأة إلى المسجد".
قوله : "وله فعلها في بيته في أصح الروايتين".
وكذا قال في التلخيص والبلغة ومجمع البحرين: قال في الشرح والنظم: هذا الصحيح من المذهب وصححه في الحاوي وغيره وقدمه في الفروع والكافي والرعاية الكبرى وبن تميم وغيرهم قال المجد في شرحه: هي اختيار أصحابنا وهي عندي بعيدة جدا إن حملت على ظاهرها.
والرواية الثانية: ليس له فعلها في بينه قدمه في الحاوي.
فائدتان.
إحداهما : تنعقد الجماعة باثنين فإن أم الرجل عبده أو زوجته كانا جماعة كذلك وإن أم صبيا في النفل جاز وإن أمه في الفرض فقال أحمد لا يكون مسقطا له لأنه ليس من أهله وعنه يصح كما لو أم رجلا متنفلا قاله في الكافي.
الثانية : الصحيح من المذهب: أن فعلها في المسجد سنة وصححه في الحاوي وغيره وقدمه في الفروع والرعاية وبن تميم وغيرهم وعنه فرض كفاية جزم به في المنور وقدمه في المحرر.
قال في الفروع: قدمه في المحرر لاستبعاده أنها سنة ولم أجد أحدا صرح به غيره قال في النكت: ولم أجد أحدا من الأصحاب قال: بفرض الكفاية قبل الشيخ مجد الدين قال: وكلامه في شرح الهداية يدل على أنه هو لم يجد أحدا منهم قال به.

وعنه واجبة على القريب منه جزم به في الإفادات وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الكبير وقال في الرعاية الكبرى وقيل لا يصح في غير مسجد مع القدرة عليه وقلت وهو بعيد انتهى.
وقيل: شرط للصحة قال في الحاوي الكبير: وفيه بعد قال في الرعاية الكبرى: وقلت: وهو بعيد.
قال الشيخ تقي الدين: ولو لم يمكنه إلا بمشيه في ملك غيره وإن كان بطريقه منكر كغناء لم يدع المسجد وينكره نقله يعقوب.
تنبيه : قوله : "ويستحب لأهل الثغر الاجتماع في مسجد واحد".
بلا نزاع أعلمه وقيده الناظم بما إذا لم يحصل ضرر.
قوله : "والأفضل لغيرهم الصلاة في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في الشرح وبن منجا في شرحه والمجد في شرح الهداية والتلخيص والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة ومجمع البحرين والمنور والمنتخب وتجريد العناية والإفادات والمحرر والرعايتين والحاويين وبن تميم وغيرهم وهو ظاهر ما جزم به في الفروع قال المصنف والشارح وبن تميم وبن حمدان وغيرهم: وكذا لو كانت الجماعة تقام فيه إلا أن في قصد غيره كسر قلب إمامه أو جماعة زاد ابن حمدان وقيل أو كثرت جماعة المسجد بحضوره وقال في الوجيز والعتيق أفضل ثم الأبعد ثم ما تممت جماعته به فقطع أن العتيق والأبعد أفضل من ذلك.
قوله : "ثم ما كان أكثر جماعة ثم في المسجد العتيق".
هذا أحد الوجوه جزم به في الكافي وبن منجا في شرحه والمذهب الأحمد والمنتخب والخلاصة قال الشارح: وهو أولى قال ابن تميم: وهو الأصح قال في الرعاية الصغرى: وهو أظهر وقدمه في النظم.
والصحيح من المذهب: أن المسجد العتيق أفضل من الأكثر جماعة جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة والمحرر والمنور ومجمع البحرين والإفادات والحاويين وغيرهم وقدمه في الفروع وبن تميم والرعايتين وتجريد العناية وقيل إن استويا في القرب والبعد فالأكثر جمعا أولى قال في الرعاية الكبرى: وهو أظهر وقيل الأبعد والأقرب أفضل من الأكثر جمعا حكاه في الفروع وقدم في المحرر أن الأبعد أفضل من الأكثر جمعا وجزم به في المنور.

قوله : "وهل الأولى قصد الأبعد أو الأقرب على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والمغني والشرح وبن منجا والحاويين.
إحداهما : الأبعد أولى وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور وقدمه في الفروع والمحرر والنظم وبن تميم وحواشي ابن مفلح وتجريد العناية والرعايتين زاد في الكبرى فالأبعد أفضل وإن قل جمعه ولم يكن أعتق.
والرواية الثانية: الأقرب أولى كما لو تعلقت الجماعة بحضوره قدمه في الخلاصة والفائق وعنه رواية ثالثة الأقرب أولى إن استويا في القدم وكثرة الجمع وإلا فالأبعد أولى وقيل يرجح أحدهما هنا بالقدم لا بكثرة الجمع ذكرها في الرعاية وقال أيضا وقيل إن استويا في العتق فالأكثر جمعا أفضل وإن استويا في كثرة الجمع فالعتيق أفضل وقال أيضا إذا كان القريب العتيق فالأكثر جمعا أفضل. وإن استويا في كثرة الجمع فالعتيق أفضل من الأبعد والأعتق أولى إن استويا في الكثرة والعتق وإن كان أحدهما أعتق والآخر أكثر جمعا رجح الأبعد وعنه بل الأقرب انتهى وفي كلامه بعض تكرار.
قال المجد في شرحه: محل الروايتين في مسجدين جديدين أو عتيقين سواء اختلفا في كثرة الجمع وقلته أو استويا.
فائدة : انتظار كثرة الجمع أفضل من فضيلة أول الوقت مع قلة الجمع في أحد الوجهين قال أبن حامد: الانتظار أفضل وقد أومأ إليه أحمد.
والوجه الثاني: أن أول الوقت أفضل مع قلة الجمع من انتظار كثرة الجمع قال القاضي: يحتمل أن يصلي ولا ينتظر ليدرك فضيلة أول الوقت.
قلت: وهو الصواب.
وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى وبن تميم والحاوي الكبير والفائق.
وأما تقديم انتظار الجماعة ولو قلت على أول الوقت إذا صلى منفردا فهو المذهب ذكره الأصحاب في كتب الخلاف والمصنف في المغني وأبو المعالي في النهاية وغيرهم قال في الفروع: ويتوجه تخريج واحتمال من المتيمم أول الوقت مع ظن الماء آخر الوقت على ما تقدم.
قوله : "ولا يؤم في مسجد قبل إمامة الراتب إلا بإذنه".
يعني يحرم ذلك صرح به في الفروع وأبو الخطاب والسامري وغيرهم قال الإمام أحمد: ليس لهم ذلك وقدمه في الفروع وغيره قال القاضي: منع غير إمام الحي أن يؤذن ويقيم ويؤم بالمسجد ذكره في الفروع آخر الأذان وقال القاضي في الخلاف: قد كره أحمد ذلك.

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28