كتاب : الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي

المجلد الأول
مقدمة...
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين وعليه نتوكل
الحمد لله المتصف بصفات الكمال المنعوت بنعوت الجلال والجمال المنفرد بالإنعام والإفضال والعطاء والنوال المحسن المجمل على ممر الأيام والليالي أحمده حمدا لا تغير له ولا زوال وأشكره شكرا لا تحول له ولا انفصال.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثل ولا مثال شهادة أدخرها ليوم لا بيع فيه ولا خلال.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى أصح الأقوال وأسد الأفعال المحكم للأحكام والمميز بين الحرام والحلال صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب وخير آل صلاة دائمة بالغدو والآصال.
أما بعد فإن كتاب المقنع في الفقه تأليف شيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي قدس الله روحه ونور ضريحه من أعظم الكتب نفعا وأكثرها جمعا وأوضحها إشارة وأسلسها عبارة وأوسطها حجما وأغزرها علما وأحسنها تفصيلا وتفريعا وأجمعها تقسيما وتنويعا وأكملها ترتيبا وألطفها تبويبا قد حوى غالب أمهات مسائل المذهب فمن حصلها فقد ظفر بالكنز والمطلب فهو كما قال مصنفه فيه جامعا لأكثر الأحكام ولقد صدق وبر ونصح فهو الحبر الإمام فإن من نظر فيه بعين التحقيق والإنصاف وجد ما قال حقا وافيا بالمراد من غير خلاف إلا أنه رحمه الله تعالى أطلق في بعض مسائله الخلاف من غير ترجيح فاشتبه على الناظر فيه الضعيف من الصحيح فأحببت إن يسر الله تعالى أن أبين الصحيح من المذهب: والمشهور والمعمول عليه والمنصور وما اعتمده أكثر الأصحاب وذهبوا إليه ولم يعرجوا على غيره ولم يعولوا عليه.
فصل
اعلم رحمك الله تعالى أن المصنف رحمه الله تعالى يكرر في كتابه أشياء كثيرة عبارته فيها مختلفة الأنواع فيحتاج إلى تبيينها وأن يكشف عنها القناع.
فإنه تارة يطلق الروايتين أو الروايات أو الوجهين أو الوجه أو الأوجه أو الاحتمالين أو الاحتمالات بقوله: "فهل الحكم كذا على روايتين أو على وجهين

أو فيه روايتان أو وجهان أو احتمل كذا واحتمل كذا ونحو ذلك فهذا وشبهه الخلاف فيه مطلق.
والذي يظهر أن إطلاق المصنف وغالب الأصحاب ليس هو لقوة الخلاف من الجانبين وإنما مرادهم حكاية الخلاف من حيث الجملة بخلاف من صرح باصطلاح ذلك كصاحب الفروع ومجمع البحرين: وغيرهما.
وتارة يطلق الخلاف بقوله: "مثلا جاز أو لم يجز أو صح أو لم يصح في إحدى الروايتين أو الروايات أو الوجهين أو الوجوه أو بقوله: "ذلك على إحدى الروايتين أو الوجهين والخلاف في هذا أيضا مطلق لكن فيه إشارة ما إلى ترجيح الأول.
وقد قيل إن المصنف قال إذا قلت: ذلك فهو الصحيح وهو ظاهر مصطلح الحارثي في شرحه وفيه نظر فإن في كتابه مسائل كثيرة يطلق فيها الخلاف بهذه العبارة وليست المذهب ولا عزاها أحد إلى اختياره كما يمر بك ذلك إن شاء الله تعالى ففي صحته عنه بعد وربما تكون الرواية أو الوجه المسكوت عنه مقيدا بقيد فاذكره وهو في كلامه كثير.
وتارة يذكر حكم المسألة مفصلا فيها ثم يطلق روايتين فيها ويقول: في الجملة بصيغة التمريض كما ذكره في آخر الغصب أو يحكى بعد ذكر الحكم إطلاق الروايتين عن الأصحاب كما ذكره في باب الموصى له ويكون في ذلك أيضا تفصيل فنبينه إن شاء الله تعالى.
وتارة يطلق الخلاف بقوله: "بعد ذكر حكم المسألة يحتمل وجهين والغالب أن ذلك وجهان للأصحاب إلا أنه لم يطلع على الخلاف فوافق كلامهم أو تابع عبارة غيره.
وتارة يقول: فعنه كذا وعنه كذا كما قاله في باب النذر والمعروف من المصطلح أن الخلاف فيه مطلق.
وتارة يقول: فقال فلان كذا وقال فلان كذا كما ذكره في باب الإقرار بالمجمل وغيره وهذا من جملة الخلاف المطلق فيما يظهر.
وتارة يقول: بعد حكم المسألة ذكره فلان وقال فلان كذا أو عند فلان كذا وعند فلان كذا كما ذكره في باب جامع الأيمان وكتاب الإقرار وغيرهما وهذا في قوة الخلاف المطلق ولو قيل إن فيه ميلا إلى قوة القول الأول لكان له وجه.
وتارة يقول: بعد ذكر الحكم حكم المسألة في قول فلان أو فقال فلان كذا وقال غيره كذا كما ذكره في باب الأضحية والشفعة والنذر وهذا أيضا في قوة الخلاف المطلق.
وتارة يقول: بعد ذكر حكم المسألة عند فلان ويحتمل كذا أو فقال فلان كذا ويحتمل كذا كما ذكره في أواخر باب جامع الأيمان وأواخر باب شروط من تقبل شهادته فظاهر هذه العبارة أنه ما اطلع على غير ذلك القول وذكر هو الاحتمال وقد يكون تابع عبارة غيره وقد يكون في المسألة خلاف فننبه عليه.

وتارة يقول: فقال فلان كذا ويقتصر عليه من غير ذكر خلاف فقد لا يكون فيها خلاف كما ذكره عن القاضي في باب الفدية في الضرب الثالث في الدماء الواجبة فهو في حكم المجزوم به وقد يكون فيها خلاف كما ذكره عن القاضي في باب الهبة.
وتارة يقول: بعد ذكر حكم المسألة في رواية كما ذكره في واجبات الصلاة وباب محظورات الإحرام أو يقول: في وجه كما ذكره في أركان النكاح ففي هذا يكون اختياره في الغالب خلاف ذلك وفيه إشعار بترجيح المسكوت عنه مع احتمال الإطلاق.
وقد قال في الرعاية الكبرى: في كتاب النفقات وإن كان الخادم لها فنفقته على الزوج وكذا نفقة المؤجر والمعار في وجه قال في الفروع وقوله: "في وجه يدل على أن الأشهر خلافه.
وتارة يحكي الخلاف وجهين وهما روايتان وقد يكون الأصحاب اختلفوا في حكاية الخلاف فمنهم من حكى وجهين ومنهم من حكى روايتين ومنهم من ذكر الطريقتين فأذكر ذلك إن شاء الله تعالى.
وتارة يذكر حكم المسألة ثم يقول: وعنه كذا أو وقيل: أو وقال فلان أو ويتخرج أو ويحتمل كذا والأول هو المقدم عند المصنف وغيره وقل أن يوجد ذلك التخريج أو الاحتمال إلا وهو قول لبعض الأصحاب بل غالب الاحتمالات للقاضي أبي يعلى في المجرد وغيره وبعضها لأبي الخطاب ولغيره وقد تكون للمصنف وسنبين ذلك إن شاء الله تعالى
فالتخريج في معنى الاحتمال والاحتمال في معنى الوجه إلا أن الوجه مجزوم بالفتيا به قاله في المطلع يعني من حيث الجملة وهذا على إطلاقه فيه نظر على ما يأتي في أواخر كتاب القضاء وفي القاعدة آخر الكتاب.
والاحتمال تبيين أن ذلك صالح لكونه وجها.
ف التخريج نقل حكم مسألة إلى ما يشبهها والتسوية بينهما فيه.
والاحتمال يكون إما لدليل مرجوح بالنسبة إلى ما خالفه أو لدليل مساو له ولا يكون التخريج أو الاحتمال إلا إذا فهم المعنى.
والقول يشمل الوجه والاحتمال والتخريج وقد يشمل الرواية, وهو كثير في كلام المتقدمين كأبي بكر وابن أبي موسى وغيرهما والمصطلح الآن على خلافه, وربما يكون ذلك القول الذي ذكره المصنف أو الاحتمال أو التخريج رواية عن الإمام أحمد.
وربما كان ذلك هو المذهب كما ستراه إن شاء الله تعالى مبينا.

وتارة يذكر حكم المسألة ثم يقول: وقيل: عنه كذا كما ذكره في باب الموصى له وعيوب النكاح أو وحكى عنه كذا كما ذكره في باب نواقض الوضوء وغيره أو وحكى عن فلان كذا كما ذكره في باب القسمة بصيغة التمريض في ذلك وقد يكون بعضهم أثبته لصحته عنده فتبينه.
وتارة يحكى الخلاف في المسألة ثم يقول: قال فلان كذا بغير واو ولا يكون ذلك في الغالب إلا موافقا لما قبله لكن ذكره لفائدة: إما لكونه أعم أو أخص من الحكم المتقدم أو يكون مقيدا أو مطلقا والحكم بخلافه ونحوه وربما ذكر ذلك لمفهوم ما قبله كما ذكره في العاقلة عن أبي بكر وهي عبارة عقدة.
وتارة يقول: بعد ذكر المسألة في ظاهر المذهب أو وظاهر المذهب كذا أو في الصحيح من المذهب: أو في الصحيح عنه أو في المشهور عنه ولا يقول: ذلك إلا وثم خلاف والغالب أن ذلك كما قال وقد يكون ظاهر المذهب والصحيح من المذهب: عنده دون غيره كما ذكره في باب سجود السهو وغيره.
و"ظاهر المذهب"هو المشهور في المذهب.
وتارة يقول: "في أصح الروايتين أو الوجهين أو على أظهر الروايتين أو الوجهين"ولا تكاد تجد ذلك إلا المذهب وقد يكون المذهب خلافه ويكون الأصح والأظهر عند المصنف ومن تابعه.
وتارة يطلق الخلاف ثم يقول: "أولاهما كذا"كما ذكره في تفريق الصفقة والعدد وهذا يكون اختياره وقد يكون المذهب كما في العدد.
وتارة يقول: بعد حكايته الخلاف "والأول أصح أو وهي أصح"كما ذكره في الكفاءة وغيرها ويكون في الغالب كما قال وقد يكون ذلك اختياره.
وتارة يقول: "والأول أقيس وأصح"كما قاله في المساقاة أو والأول أحسن كما ذكره في آخر باب ميراث الغرقى والهدمى وهذا يكون اختياره
وتارة يصرح باختياره فيقول: "وعندي كذا أو هذا الصحيح عندي أو والأقوى عندي كذا أو والأولى: كذا أو وهو أولى"وهذا في الغالب يكون رواية أو وجها وقد يكون اختاره بعض الأصحاب وربما كان المذهب.

وتارة يقدم شيئا ثم يقول: "والصحيح كذا"كما ذكره في كتاب العتق وغيره ويكون كما قال وربما كان ذلك اختياره.
وتارة يقول: "قال أصحابنا: أو وقال أصحابنا: أو وقال بعض أصحابنا كذا ونحوه"وقد عرف من اصطلاحه أن اختياره مخالف لذلك.
وتارة يقول: اختاره شيوخنا أو عامة شيوخنا كما ذكره في كتاب الظهار وفي آخر باب طريق الحكم وصفته.
وتارة يقول: نص عليه وهو اختيار الأصحاب كما ذكره في باب طريق الحكم وصفته والمذهب يكون كذلك.
وتارة يذكر الحكم ثم يقول: هذا المذهب ثم يحكي خلافا كما ذكره في باب صريح الطلاق وكنايته أو يذكر قولا ثم يقول: والمذهب كذا كما ذكره في باب الاستثناء في الطلاق أو يقول: "والمذهب الأول"كما ذكره في كتاب النفقات ويكون المذهب كما قال.
وتارة يذكر حكم المسألة ثم يقول: أومأ إليه أحمد وعند فلان كذا كما ذكره في باب الربا أو يقدم حكما ثم يقول: وأومأ في موضع بكذا كما ذكره في كتاب الغصب وهذا يؤخذ من مدلول كلامه.
وتارة يقول: "ويفعل كذا في ظاهر كلامه"كما ذكره في باب ستر العورة والغصب وشروط القصاص والزكاة والقضاء.
و"الظاهر"من الكلام هو اللفظ المحتمل معنيين فأكثر هو في أحدهما: أرجح أو ما تبادر منه عند إطلاقه معنى مع تجويز غيره.
ويأتي هذا والذي قبله وغيرهما أول القاعدة آخر الكتابن.
وتارة يقول: "نص عليه"أو والمنصوص كذا أو قال أحمد كذا ونحوه وقد يكون في ذلك خلاف فأذكره وربما ذكره المصنف.
والنص والمنصوص هو الصريح في معناه.
وتارة يقطع بحكم مسألة وقد يزيد فيها فيقول: بلا خلاف في المذهب كما ذكره في كتاب القضاء وغيره أو يقول: وجها واحدا أو رواية واحدة وهو كثير في كلامه ويكون في الغالب فيها خلاف كما ستراه وربما كان المسكوت عنه هو المذهب بل ربما جزم في كتبه بشيء والمذهب خلافه كما ذكره في كتاب الطهارة في مسألة اشتباه الطاهر بالطهور.
وتارة يذكر المسألة ثم يقول: فالقياس كذا ثم يحكى غيره كما ذكره في كتاب الديات أو يذكر الحكم ثم يقول: والقياس كذا كما ذكره في باب تعارض البينتين أو يذكر حكم المسألة ثم يقول: في قياس المذهب ويقتصر عليه كما ذكره في كتاب الصداق واللعان أو يذكر الحكم ثم يقول: وقياس المذهب كذا كما ذكره في باب الهبة وفي الغالب يكون ذلك.

اختياره وربما كان المذهب كما ستراه.
وتارة يحكي بعض الأقوال ثم يقول: ولا عمل عليه كما ذكره في كتاب الفرائض وأحكام أمهات الأولاد وشروط القصاص وربما قواه بعض الأصحاب واختاره فيكون قوله: "ولا عمل عليه عنده وعند من تابعه.
وتارة يقول: هو أو غيره بعد حكايته الخلاف هذا قول قديم رجع عنه كما ذكره في الغصب والهبة وغيرهما وقد يكون اختاره بعض الأصحاب.
واعلم أنه إذا روى عن الإمام أحمد رواية وروى عنه أنه رجع عنها فهل تسقط تلك الرواية ولا تذكر لرجوعه عنها أو تذكر وتثبت في التصانيف نظرا إلى أن الروايتين عن اجتهادين في وقتين فلم ينقض أحدهما: بالآخر ولو علم التاريخ بخلاف نسخ الشارع فيه اختلاف بين الأصحاب ذكره المجد في شرحه وغيره في باب التيمم عند قوله: "وإن وجده فيها بطلت وعنه لا تبطل ويأتي هناك أيضا.
قلت: عمل الأصحاب على ذكرها وإن كان الثاني مذهبه فعلى هذا يجوز التخريج والتفريع والقياس عليه كالقول الثاني.
قال في الرعاية فإن علم التاريخ فالثاني [...] مذهبه قيل الأول إن جهل رجوعه عنه وقيل: أو علم وقلنا مذهبه ما قاله تارة [...]
وقال في الفروع فإن تعذر الجمع وعلم التاريخ فقيل الثاني مذهبه وقيل: والأول وقيل: ولو رجع عنه.
وقال في أصوله وإن علم أسبقهما فالثاني مذهبه وهو ناسخ اختاره في التمهيد والروضة والعدة وذكر كلام الخلال وصاحبه كقولهما هذا قول قديم أو أول والعمل على كذا كنصين قال الإمام أحمد إذا رأيت ما هو أقوى أخذت به وتركت القول الأول وجزم به الآمدي وغيره وقال بعض أصحابنا والأول مذهبه أيضا لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد وفيه نظر ويلزمه ولو صرح بالرجوع وبعض أصحابنا خالف وذكره بعضهم مقتضى كلامهم انتهى.
وتارة يحكي الخلاف ثم يقول: والعمل على الأول كما ذكره في باب كتاب القاضي إلى القاضي ويكون الحكم كما قال.
وتارة يحكي بعض الروايات أو الأقوال ثم يقول: وهو بعيد كما ذكره في باب حد الزنى والقذف وغيرهما وقد يكون اختاره بعض الأصحاب فأذكره.
وتارة يذكر حكم مسألة ثم يخرج منها إلى نظيرتها مما لا نقل فيها عنده كما ذكره في أواخر باب الحجر في قوله: "وكذلك يخرج في الناظر في الوقف وفي باب الوكالة بقوله: "وكذلك يخرج في الأجير والمرتهن فيكون إما تابع غيره أو قاله من عنده.
وقد يكون في المسألة نقل خاص لم يطلع عليه فأذكره إن ظفرت أو يذكر حكم مسألة,

ثم يخرج فيها قولا من نظيرتها وهو كثير في كلامه والحكم كالتي قبلها.
وتارة يذكر حكمين مختلفين منصوص عليهما في مسألتين متشابهتين ثم يخرج من إحداهما: حكمها إلى الأخرى كما ذكره في باب ستر العورة وغيره.
وللأصحاب في جواز النقل والتخريج في مثل هذا وأشباهه خلاف ويأتي في الباب المذكور في أول كتاب الوصايا والقذف وغيرهما ويأتي ذلك في القاعدة آخر الكتاب محررا إن شاء الله تعالى. وتارة يذكر حكم مسألة ولها مفهوم فربما ذكرت المفهوم وما فيه من المسائل والخلاف إن كان وظفرت به.
وربما أطلق العبارة وهي مقيدة بقيد قد قيدها به المحققون من الأصحاب أو بعضهم فأنبه عليه وأذكر من قاله من الأصحاب إن تيسر تارة يكون كلامه عاما والمراد الخصوص أو عكسه وقصد ضرب المثال فنبينه وسيمر بك ذلك إن شاء الله تعالى.
وللمصنف في كتابه عبارات مختلفة في حكاية الخلاف غير ذلك ليس في ذكرها كبير فائدة: فيما نحن بصدده فلذلك تركنا ذكرها.
وأحشى على كل مسألة إن كان فيها خلاف واطلعت عليه وأبين ما يتعلق بمفهومها ومنطوقها وأبين الصحيح من المذهب: من ذلك كله فإنه المقصود والمطلوب من هذا التصنيف وغيره داخل تبعا.
وهذا هو الذي حداني إلى جمع هذا الكتاب لمسيس الحاجة إليه وهو في الحقيقة تصحيح لكل ما في معناه من المختصرات فإن أكثرها بل والمطولات لا تخلو من إطلاق الخلاف.
وقد أذكر مسائل لا خلاف فيها توطئة لما بعدها لتعلقها بها أو لمعنى آخر أبينه وأذكر القائل بكل قول واختياره ومن صحح وضعف وقدم وأطلق إن تيسر ذلك.
وأذكر إن كان في المسألة طرق للأصحاب ومن القائل بكل طريق.
وقد يكون للخلاف فوائد مبينة عليه فأذكرها إن تيسر وإن كان فيها خلاف ذكرته وبينت الراجح منه.
وقد يكون التفريع على بعض الروايات أو الوجوه دون بعض فأذكره وربما ذكره المصنف أو بعضه فأكمله.
وربما ذكرت المسألة في مكانين أو أكثر أو أحلت أحدهما: على الآخر ليسهل الكشف. على

من أرادها.
وليس غرضي في هذا الكتاب الاختصار والإيجاز وإنما غرضي الإيضاح وفهم المعنى.
وقد يتعلق بمسألة الكتاب بعض فروع فأنبه على ذلك بقولي فائدة: أو فائدتان أو فوائد فيكون كالتتمة له وإن كان فيه خلاف ذكرته وبينت المذهب منه.
وإن كان المذهب أو الرواية أو القول من مفردات المذهب نبهت على ذلك بقولي وهو من المفردات أو من مفردات المذهب إن تيسر.
وربما تكون المسألة غريبة أو كالغريبة فأنبه عليها بقولي فيعايى بها.
وقد يكون في بعض نسخ الكتاب زيادة أو نقص زادها من أذن له المصنف في إصلاحه أو نقصها أو تكون النسخ المقروءة على المصنف مختلفة كما في باب ذكر الوصية بالأنصباء والأجزاء وصلاة الجماعة فأنبه على ذلك وأذكر الاختلاف.
وربما يكون اختلاف النسخ مبنيا على اختلاف بين الأصحاب فأبينه إن شاء الله تعالى وأذكر بعض حدود ذكرها المصنف أو غيره وأبين من ذكرها ومن صحح أو زيف إن تيسر.
واعلم أنه إذا كان الخلاف في المسألة قويا من الجانبين ذكرت كل من يقول: بكل قول ومن قدم وأطلق وأشبع الكلام في ذلك مهما استطعت إن شاء الله تعالى.
وإن كان المذهب ظاهرا أو مشهورا والقول الذي يقابله ضعيفا أو قويا ولكن المذهب خلافه أكتفي بذكر المذهب وذكر ما يقابله من الخلاف من غير استقصاء في ذكر من قدم وأخر فإن ذكره تطويل بلا فائدة:.
فظن بهذا التصنيف خيرا فربما عثرت فيه بمسائل وفوائد وغرائب ونكت كثيرة لم تظفر بمجموعها في غيره فإني نقلت: فيه من كتب كثيرة من كتب الأصحاب من المختصرات والمطولات من المتون والشروح.
فمما نقلت منه من المتون
الخرقي والتنبيه: وبعض الشافي لأبي بكر عبد العزيز.
وتهذيب الأجوبة لابن حامد.
والإرشاد لابن أبي موسى والجامع الصغير والأحكام السلطانية والروايتين والوجهين ومعظم التعليقة وهي الخلاف الكبير.
والخصال وقطعة من المجرد ومن الجامع الكبير للقاضي أبي يعلى.

ومن عيون المسائل من المضاربة إلى آخره لابن شهاب العكبري.
والهداية ورءوس المسائل والعبادات الخمس وأجزاء من الانتصار لأبي الخطاب.
والفصول والتذكرة وبعض المفردات لابن عقيل.
ورءوس المسائل للشريف أبي جعفر.
وفروع القاضي أبي الحسين.
ومن مجموعه من الهبة إلى آخره بخطه.
والعقود والخصال لابن البنا.
والإيضاح والإشارة وغالب المبهج لأبي الفرج الشيرازي.
وإلإفصاح لابن هبيرة.
والغنية للشيخ عبد القادر.
والروايتين والوجهين للحلواني.
والمذهب ومسبوك الذهب في تصحيح المذهب لابن الجوزي.
والمذهب الأحمد في مذهب أحمد والطريق الأقرب لولده يوسف.
والمستوعب للسامري.
والخلاصة لأبي المعالي ابن منجا.
والكافي والهادي ورأيت في نسخة معتمدة أن اسم الهادي عمدة العازم في تلخيص المسائل الخارجة عن مختصر أبي القاسم والعمدة مع المقنع للمصنف والبلغة.
ومن التلخيص إلى الوصايا للشيخ فخر الدين ابن تيمية.
والمحرر للمجد.
والمنظومة لابن عبد القوي.
والرعاية الكبرى: والصغرى وزبدتها والإفادات بأحكام العبادات وآداب المفتي لابن حمدان.
ومختصر ابن تميم إلى أثناء الزكاة.
والوجيز للشيخ الحسين بن السري البغدادي ونظمه للشيخ جلال الدين نصر الله البغدادي والنهاية لابن رزين:.
ومن الحاوي الكبير إلى الشركة والحاوي الصغير وجزء من مختصر المجرد من البيوع للشيخ أبي نصر عبد الرحمن مدرس المستنصرية.
والفروق للزريراني.

والمنور في راجح المحرر.
والمنتخب للشيخ تقي الدين أحمد بن محمد الآدمي البغدادي.
والتذكرة والتسهيل لابن عبدوس المتأخر على ما قيل.
والفروع والآداب الكبرى والوسطى للعلامة شمس الدين بن مفلح.
ومن الفايق إلى النكاح للشيخ شرف الدين بن قاضي الجبل.
وإدراك الغاية في اختصار الهداية للشيخ صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق.
واختيارات الشيخ تقي الدين جمع القاضي علاء الدين بن اللحام البعلى ولم يستوعبها.
وجملة من مجاميعه وفتاويه ومجاميع غيره وفتاويه.
والهدى للعلامة ابن القيم وغالب كتبه.
ومختصر ضخم لابن أبي المجد.
والقواعد الفقهية للعلامة الشيخ زين الدين بن رجب.
والقواعد الأصولية وتجريد العناية في تحرير أحكام النهاية للقاضي علاء الدين بن اللحام ونظم مفردات المذهب للقاضي عز الدين المقدسي والتسهيل للبعلي.
ومما نقلت: منه من الشروح
الشرح الكبير لشيخ الإسلام شمس الدين بن أبي عمر علي المقنع وهو المراد بقولي الشرح والشارح.
وشرح أبي البركات ابن منجا عليه.
وقطعة من مجمع البحرين: لابن عبد القوي إلى أثناء الزكاة عليه.
وقطعة لابن عبيدان: إلى ستر العورة عليه.
وقطعة من الحارثي من العارية إلى الوصايا عليه.
وشرح مناسكه للقاضي موفق الدين المقدسي مجلد كبير.
والمغني للمصنف علي الخرقي وشرح القاضي عليه.
وشرح ابن البنا عليه.
وشرح ابن رزين: عليه.
وشرح الأصفهاني عليه.
وشرح الزركشي عليه.
وقطعة من شرح الطوفي إلى النكاح عليه.
وقطعة من شرح العمدة للشيخ تقي الدين.

ومختصر المغني لابن عبيدان: بخطه.
ومن مختصر المغني لابن حمدان إلى آخر كتاب الجمعة بخطه وسماه التقريب وهو كتاب عظيم.
وشرح بهاء الدين عليها.
وشرح صفي الدين على المحرر.
وقطعة للشيخ تقي الدين عليه.
وتعليقة لابن خطيب السلامية عليه.
وقطعة للمجد إلى صفة الحج على الهداية.
وقطعة من شرح أبي البقاء عليها.
وقطعة من شرح الوجيز للزركشي من أول العتق إلى أثناء الصداق.
وقطعة من شرح الوجيز للشيخ حسن بن عبد الناصر المقدسي من كتاب الإيمان إلى آخر الكتاب وهو الجزء السابع وقطعة من شرح أبي حكيم عليها.
والنكت على المحرر والحواشي على المقنع للشيخ شمس الدين بن مفلح.
وحواشي شيخنا على المحرر والفروع.
وحواشي قاضي القضاة محب الدين أحمد بن نصر الله البغدادي على الفروع.
وتصحيح الخلاف المطلق الذي في المقنع للشيخ شمس الدين النابلسي.
وتصحيح شيخنا قاضي القضاة عز الدين الكتاني على المحرر وغير ذلك من التعاليق والمجاميع والحواشي.
وقطعة من شرح البخاري لابن رجب وغير ذلك مما وقفت عليه.
واعلم أن من أعظم هذه الكتب نفعا وأكثرها علما وتحريرا وتحقيقا وتصحيحا للمذهب كتاب الفروع فإنه قصد بتصنيفه تصحيح المذهب وتحريره وجمعه وذكر فيه أنه يقدم غالبا المذهب وإن اختلف الترجيح أطلق الخلاف إلا أنه رحمه الله تعالى لم يبيضه كله ولم يقرأ عليه وكذلك الوجيز فإنه بناه على الراجح من الروايات المنصوصة عنه وذكر أنه عرضة على الشيخ العلامة أبي بكر عبد الله بن الزريراني فهذبه له إلا أن فيه مسائل كثيرة ليست المذهب وفيه مسائل كثيرة تابع فيها المصنف على اختياره وتابع في بعض المسائل صاحب المحرر والرعاية وليست المذهب وسيمر بك ذلك إن شاء الله.
وكذلك التذكرة لابن عبدوس فإنه بناها على الصحيح من الدليل وكذلك ابن عبد القوي في مجمع البحرين: فإنه قال فيه أبتدئ بالأصح في المذهب نقلا أو الأقوى دليلا وإلا قلت:.

مثلا روايتان أو وجهان وكذا قال في نظمه:
ومهما تأتي الابتدا براجح
... فإني به عند الحكاية أبتدي
وكذلك ناظم المفردات فإنه بناها على الصحيح الأشهر وفيها مسائل ليست كذلك وكذلك الخلاصة لابن منجا فإنه قال فيها أبين الصحيح من الرواية والوجه وقد هذب فيها كلام أبي الخطاب في الهداية وكذلك الإفادات بأحكام العبادات لابن حمدان فإنه قال فيها أذكر هنا غالبا صحيح المذهب ومشهوره وصريحه ومشكوره والمعمول عندنا عليه والمرجوع غالبا إليه.
تنبيه: اعلم وفقك الله تعالى وإيانا أن طريقتي في هذا الكتاب النقل عن الإمام أحمد والأصحاب أعزو إلى كل كتاب ما نقلت: منه وأضيف إلى كل عالم ما أروي عنه فإن كان المذهب ظاهرا أو مشهورا أو قد اختاره جمهور
الأصحاب وجعلوه منصورا فهذا لا إشكال فيه وإن كان بعض الأصحاب يدعي أن المذهب خلافه.
وإن كان الترجيح مختلفا بين الأصحاب في مسائل متجاذبة المأخذ فالاعتماد في معرفة المذهب من ذلك على ما قاله المصنف والمجد والشارح وصاحب الفروع والقواعد الفقهية والوجيز والرعايتين والنظم والخلاصة والشيخ تقي الدين وابن عبدوس في تذكرته فإنهم هذبوا كلام المتقدمين ومهدوا قواعد المذهب بيقين.
فإن اختلفوا فالمذهب ما قدمه صاحب الفروع فيه في معظم مسائله.
فإن أطلق الخلاف أو كان من غير المعظم الذي قدمه فالمذهب ما اتفق عليه الشيخان أعني المصنف والمجد أو وافق أحدهما: الآخر في أحد اختياريه وهذا ليس على إطلاقه وإنما هو في الغالب فإن اختلفا فالمذهب مع من وافقه صاحب القواعد الفقهية أو الشيخ تقي الدين وإلا فالمصنف لا سيما إن كان في الكافي ثم المجد.
وقد قال العلامة ابن رجب في طبقاته في ترجمة ابن المنى وأهل زماننا ومن قبلهم إنما يرجعون في الفقه من جهة الشيوخ والكتب إلى الشيخين الموفق والمجد انتهى.
فإن لم يكن لهما ولا لأحدهما: في ذلك تصحيح فصاحب القواعد الفقهية ثم صاحب الوجيز ثم صاحب الرعايتين فإن اختلفا فالكبرى ثم الناظم ثم صاحب الخلاصة ثم تذكرة ابن عبدوس ثم من بعدهم أذكر من قدم أو صحح أو اختار إذا ظفرت به وهذا قليل جدا.
وهذا الذي قلنا من حيث الجملة وفي الغالب وإلا فهذا لا يطرد ألبتة بل قد يكون المذهب ما قاله أحدهم في مسألة ويكون المذهب ما قاله الآخر في أخرى وكذا غيرهم باعتبار النصوص والأدلة والموافق له من الأصحاب.
هذا ما يظهر لي من كلامهم ويظهر ذلك لمن تتبع كلامهم وعرفه وسننبه على بعض ذلك في أماكنه.

وقد قيل إن المذهب فيما إذا اختلف الترجيح ما قاله الشيخان ثم المصنف ثم المجد ثم الوجيز ثم الرعايتين.
وقال بعضهم إذا اختلفا في المحرر والمقنع فالمذهب ما قاله في الكافي.
وقد سئل الشيخ تقي الدين عن معرفة المذهب في مسائل الخلاف فيها مطلق في الكافي والمحرر والمقنع والرعاية والخلاصة والهداية وغيرها فقال طالب العلم يمكنه معرفة ذلك من كتب أخر مثل كتاب التعليق للقاضي والانتصار لأبي الخطاب وعمد الأدلة لابن عقيل وتعليق القاضي يعقوب وابن الزاغوني وغير ذلك من الكتب الكبار التي يذكر فيها مسائل الخلاف ويذكر فيها الراجح وقد اختصرت هذه الكتب في كتب مختصرة مثل رؤوس المسائل للقاضي أبي يعلى والشريف أبي جعفر ولأبي الخطاب وللقاضي أبي الحسين وقد نقل عن أبي البركات جدنا أنه كان يقول: لمن يسأله عن ظاهر المذهب إنه ما رجحه أبو الخطاب في رؤوس مسائله قال ومما يعرف منه ذلك المغني لأبي محمد وشرح الهداية لجدنا ومن كان خبيرا بأصول أحمد ونصوصه عرف الراجح من مذهبه في عامة المسائل انتهى كلام الشيخ تقي الدين وهو موافق لما قلناه أولا ويأتي بعض ذلك في أواخر كتاب القضاء.
واعلم رحمك الله أن الترجيح إذا اختلف بين الأصحاب إنما يكون ذلك لقوة الدليل من الجانبين وكل واحد ممن قال بتلك المقالة إمام يقتدى به فيجوز تقليده والعمل بقوله: "ويكون ذلك في الغالب مذهبا لإمامه لأن الخلاف إن كان للإمام أحمد فواضح وإن كان بين الأصحاب فهو مقيس على قواعده وأصوله ونصوصه وقد تقدم أن الوجه مجزوم بجواز الفتيا به والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسميته بالإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف
وأنا أسأل الله أن يجعله خالصا لوجهه الكريم وأن يدخلنا به جنات النعيم وأن ينفع به مطالعه وكاتبه والناظر فيه إنه سميع قريب.
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

كتاب الطهارة
باب المياه
فائدة: الطهارة لها معنيان معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح فمعناها في اللغة النظافة والنزاهة عن الأقذار قال أبو البقاء ويكون ذلك في الأخلاق أيضا ومعناها في اصطلاح الفقهاء قيل رفع ما يمنع الصلاة من حدث أو نجاسة بالماء أو رفع حكمه بالتراب قاله المصنف وتابعه الشارح وغيره وليس بجامع لإخراجه الحجر وما في معناه في الاستجمار ودلك النعل وذيل المرأة على قول فإن تقييده بالماء والتراب يخرج ذلك وإخراجه أيضا نجاسة تصح الصلاة معها فإن زوالها طهارة ولا يمنع الصلاة وإخراجه أيضا الأغسال المستحبة والتجديد والغسلة الثانية: والثالثة: وهي طهارة ولا تمنع الصلاة.
وقوله: "بالماء أو رفع حكمه بالتراب فيه تعميم فيحتاج إلى تقييدهما بكونهما طهورين قال ذلك الزركشي.
وأجيب عن الأغسال المستحبة ونحوها بأن الطهارة في الأصل إنما هي لرفع شيء إذ هي مصدر طهر وذلك يقتضي رفع شيء وإطلاق الطهارة على الوضوء المجدد والأغسال المستحبة مجاز لمشابهته للوضوء الرافع والغسل الرافع في الصورة.
ويمكن أن يقال في دلك النعل وذيل المرأة بأن المذهب عدم الطهارة بذلك كما يأتي بيان ذلك وعلى القول بالطهارة إنما يحصل ذلك في الغالب بالتراب وأن الماء والتراب عند الإطلاق إنما يتناول الطهور منهما عند الفقهاء فلا حاجة إلى تقييدهما به.
وقال ابن أبي الفتح في المطلع الطهارة في الشرع ارتفاع مانع الصلاة وما أشبهه من حدث أو نجاسة بالماء وارتفاع حكمه بالتراب فأدخل بقوله: "وما أشبهه تجديد الوضوء والأغسال المستحبة والغسلة الثانية: والثالثة: ولكن يرد عليه غير ذلك وفيه إبهام ما.
وقال شارح المحرر معنى الطهارة في الشرع موافق للمعنى اللغوي فلذلك نقول الطهارة خلو المحل عما هو مستقذر شرعا وهو مطرد في جميع الطهارات منعكس في غيرها ثم المستقذر شرعا إما عيني ويسمى نجاسة أو حكمي ويسمى حدثا فالتطهير إخلاء المحل من الأقذار الشرعية.
وبهذا يتبين أن حد الفقهاء للطهارة برفع ما يمنع الصلاة من حدث أو نجاسة بالماء أو إزالة حكمه بالتراب وهو أجود ما قيل عندهم غير جيد لأن ما يمنع الصلاة ليس إلا بالنسبة

إلى الإنسان لا إلى بقية الأعيان ثم الحد متعد والمحدود لازم فهو غير مطابق والحد يجب أن يكون مطابقا لكن لو فسر به التطهير جاز فإنه بمعناه مع طول العبارة انتهى.
وقال المجد في شرح الهداية الطهارة في الشرع بمعنيين أحدهما: ضد الوصف بالنجاسة وهو خلو المحل عما يمنع من اصطحابه في الصلاة بالجملة ويشترك في ذلك البدن وغيره والثاني طهارة الحدث وهي استعمال مخصوص بماء أو تراب يختص بالبدن مشترط لصحة الصلاة في الجملة وجزم به في مجمع البحرين: والحاوي الكبير وقال وهذه الطهارة يتصور قيامها مع الطهارة الأولى: وضدها كبدن المتوضئ إذا أصابته نجاسة أو خلا عنها وقدمه ابن عبيدان:.
وقال في الوجيز الطهارة استعمال الطهور في محل التطهير على الوجه المشروع قال الزركشي ولا يخفى أن فيه زيادة مع أنه حد للتطهير لا للطهارة فهو غير مطابق للمحدود انتهى.
وقوله: "ولا يخفى أن فيه زيادة صحيح إذ لو قال استعمال الطهور على الوجه المشروع لصح وخلا عن الزيادة قال من شرع في شرحه وهو صاحب التصحيح وفي حد المصنف خلل وذلك أن الطهور والتطهير اللذين هما من أجزاء الرسم مشتقان من الطهارة المرسومة ولا يعرف الحد إلا بعد معرفة مفرداته الواقعة فيه فيلزم الدور انتهى.
وقال ابن رزين: في شرحه الطهارة شرعا ما يرفع مانع الصلاة وهو غير جامع لما تقدم.
وقدم ابن منجا في شرحه أنها في الشرع عبارة عن استعمال الماء الطهور أو بدله في أشياء مخصوصة على وجه مخصوص.
قلت: وهو جامع إلا أن فيه إبهاما وهو حد للتطهير لا للطهارة.
وقيل: الطهارة ضد النجاسة والحدث وقيل: الطهارة عدم النجاسة والحدث شرعا وقيل: الطهارة صفة قائمة بعين طاهرة شرعا.
وحدها في الرعاية بحد وقدمه وأدخل فيه جميع ما يتطهر به وما يتطهر له لكنه مطول جدا.
قوله: ""وهي على ثلاثة أقسام".
اعلم أن للأصحاب في تقسيم الماء أربع طرق.
أحدها وهي طريقة الجمهور أن الماء ينقسم إلى ثلاثة أقسام طهور وطاهر ونجس.
الطريق الثاني أنه ينقسم إلى قسمين طاهر ونجس والطاهر قسمان طاهر طهور وطاهر غير طهور وهي طريقة الخرقي وصاحب التلخيص والبلغة فيهما وهي قريبة من الأولى.

الطريق الثالث أنه ينقسم إلى قسمين طاهر طهور ونجس وهي طريقة الشيخ تقي الدين فإن عنده أن كل ماء طاهر تحصل الطهارة به وسواء كان مطلقا أو مقيدا كماء الورد ونحوه نقله في الفروع عنه في باب الحيض.
الطريق الرابع أنه أربعة أقسام طهور وطاهر ونجس ومشكوك فيه لاشتباهه بغيره وهي طريقة ابن رزين: في شرحه.
تنبيه: يشمل قوله: ": "وهو الباقي على أصل خلقته مسائل كثيرة يأتي بيان حكم أكثرها عند قوله: "فهذا كله طاهر مطهر يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس غير مكروه الاستعمال".
قوله: ""وما تغير بمكثه أو بطاهر لا يمكن صونه عنه".
أي: صون الماء عن الساقط قطع المصنف بعدم الكراهة في ذلك وهو المذهب صرح به جماعة من الأصحاب وهو ظاهر كلام أكثرهم وقدمه في الفروع وقال في المحرر: لا بأس بما تغير بمقره أو بما يشق صونه عنه وقيل: يكره فيهما جزم به في الرعاية الكبرى:.
تنبيه: مفهوم قوله: ": "لا يمكن صونه عنه"أنه لو أمكن صونه عنه أو وضع قصدا أنه يؤثر فيه وليس على إطلاقه على ما يأتي في الفصل الثاني فيما إذا تغير أحد أوصافه أو تغير تغيرا يسيرا.
قوله: "أو لا يخالطه كالعود والكافور والدهن".
صرح المصنف بالطهورية في ذلك وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به أكثرهم منهم المصنف في المغني والكافي وصاحب الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة والخلاصة والشرح والوجيز وابن منجا وابن رزين: وابن عبيدان: في شروحهم وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين: اختار أكثر أصحابنا طهوريته قال الزركشي هو اختيار جمهور الأصحاب قال في الفروع فطهور في الأصح قال في الرعايتين طهور في الأشهر وقيل: يسلبه الطهورية إذا غيره اختاره أبو الخطاب في الانتصار والمجد وصاحب الحاوي الكبير وأطلقهما في المحرر والفائق والنظم وابن تميم.
وقول ابن رزين:: "لا خلاف في طهوريته"غير مسلم.
وقال المجد في شرحه وتبعه في الحاوي الكبير إنما يكون طهورا إذا غير ريحه فقط على تعليلهم فأما إذا غير الطعم واللون فلا ثم قالا والصحيح أنه كسائر الطاهرات إذا غيرت يسيرا فإن قلنا تؤثر ثم أثرت هنا وإلا فلا.
فائدة: مراده بالعود العود القماري منسوب إلى قمار موضع ببلاد الهند وهو بفتح

القاف ومراده بالكافور قطع الكافور بدليل قوله: "أو لا يخالطه فإنه لو كان غير قطع لخالط وهو واضح.
تنبيه: صرح المصنف أن العود والكافور والدهن إذا غير الماء غير مكروه الاستعمال وهو أحد الوجهين جزم به ابن منجا في شرحه وهو ظاهر ما جزم به الشارح وابن عبيدان: ومجمع البحرين: وقيل: مكروه جزم به في الرعاية الكبرى:.
قلت: وهو الصواب للخلاف في طهوريته.
قوله: "أو ما أصله الماء كالملح البحري".
صرح بطهوريته مطلقا وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وجمهورهم جزم به منهم صاحب المذهب والمستوعب والمغني والكافي والشرح والمحرر والرعايتين والنظم وابن تميم وابن رزين: وابن منجا في شرحه وابن عبدوس في تذكرته والوجيز والحاويين والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع وقيل: يسلبه إذا وضع قصدا وخرجه في الرعايتين على التراب إذا وضع قصدا وصرح أيضا أنه غير مكروه الاستعمال وهو المذهب جزم به ابن منجا في شرحه وهو ظاهر ما جزم به في الشرح وابن عبيدان: ومجمع البحرين: وقيل: يكره جزم به في الرعايتين.
تنبيه: مفهوم قوله: "أو ما أصله الماء كالملح البحري أنه إذا تغير بالملح المعدني أنه يسلبه الطهورية وهو الصحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل: حكمه حكم الملح البحري اختاره الشيخ تقي الدين.
فائدة: حكم التراب إذا تغير به الماء حكم الملح البحري على المذهب لكن إن ثخن الماء بوضع التراب فيه بحيث إنه لا يجري على الأعضاء لم تجز الطهارة به ويأتي ذلك في الفصل الثاني قريبا بأتم من هذا مفصلا.
قوله: "أو سخن بالشمس".
صرح بعدم الكراهة مطلقا وهو المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب وقطع به أكثرهم منهم القاضي في الجامع الصغير وصاحب الهداية والفصول والمذهب والمستوعب والكافي والمغني والشرح والتلخيص والبلغة والمحرر والخلاصة والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وتجريد العناية وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين: وابن تميم والفائق وغيرهم.
وقيل: يكره مطلقا قال الآجري في النصيحة يكره المشمس يقال يورث البرص وقاله التميمي قاله في الفائق.
وقيل: يكره إن قصد تشميسه قاله التميمي أيضا حكاه عنه في الحاوي.

وقال ابن رجب في الطبقات قرأت بخط الشيخ تقي الدين أن أبا محمد رزق الله التميمي وافق جده أبا الحسن التميمي على كراهة المسخن بالشمس.
فائدة: حيث قلنا بالكراهة فمحله إذا كان في آنية واستعمله في جسده ولو في طعام يأكله أما لو سخن بالشمس ماء العيون ونحوها لم يكره قولا واحدا قال في الرعاية اتفاقا وحيث قلنا يكره لم تزل الكراهة إذا برد على الصحيح جزم به في الرعاية الكبرى: وقيل: تزول وهما احتمالان مطلقان في الفروع.
تنبيه: ظاهر قوله: "أو بطاهر" عدم الكراهة ولو اشتد حره وهو ظاهر النص والمذهب: الكراهة إذا اشتد حره وعليه الأصحاب وفسر في الرعاية النص من عنده بذلك.
قلت: وهو مراد النص قطعا ومراد المصنف وغيره ممن أطلق وقال في الرعاية ويحتمل أن لا يجزيه مع شدة حره
تنبيه: قوله: "فهذا كله طاهر مطهر يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس" قد تقدم خلاف في بعض المسائل هل هو طاهر مطهر أو طاهر فقط؟
فائدة: الأحداث جمع حدث والحدث: ما أوجب وضوءا أو غسلا قاله في المطلع وقال في الرعاية والحدث والأحداث ما اقتضى وضوءا أو غسلا أو استنجاء أو استجمارا أو مسحا أو تيمما قصدا كوطء وبول ونجو ونحوها غالبا أو اتفاقا كحيض ونفاس واستحاضة ونحوها واحتلام نائم ومجنون ومغمى عليه وخروج ريح منهم غالبا فالحدث ليس نجاسة لأنه معنى وليس عينا فلا تفسد الصلاة بحمل محدث.
والمحدث من لزمه لصلاة ونحوها وضوء أو غسل أو هما أو استنجاء أو استجمار أو مسح أو تيمم أو استحب له ذلك قاله في الرعاية وهو غير مانع لدخول التجديد والأغسال المستحبة فكل محدث ليس نجسا ولا طاهرا شرعا.
والطاهر ضد النجس والمحدث وقيل: بل عدمهما شرعا.
وأما الأنجاس: فجمع نجس وحده في الاصطلاح كل عين حرم تناولها مع إمكانه لا لحرمتها ولا لاستقذارها ولضرر بها في بدن أو عقل قاله في المطلع وقال في الرعاية: النجس كل نجاسة وما تولد منها وكل طاهر طرأ عليه ما ينجسه قصدا أو اتفاقا مع بلل أحدهما: أو هما أو تغير صفته المباحة بضدها كانقلاب العصير بنفسه خمرا أو موت ما ينجس بموته فينجس بنجاسته فهو نجس ومتنجس فكل نجاسة نجس وليس كل نجس نجاسة والمتنجس نجس بالتنجس والمنجس نجس بالتنجيس.
وأما النجاسة فقسمان: عينية وحكمية فالعينية: لا تطهر بغسلها بحال وهي كل عين جامدة يابسة أو رطبة أو مائعة يمنع منها الشرع بلا ضرورة لا لأذى فيها طبعا ولا لحق الله أو غيره شرعا قدمه في الرعاية وقال وقيل: كل عين حرم تناولها مطلقا مع إمكانه

لا لحرمتها: أو استقذارها وضررها في بدن أو عقل.
والحكمية: تزول بغسل محلها وهي كل صفة طهارية ممنوعة شرعا بالضرورة لا لأذى فيها طبعا ولا لحق الله أو غيره شرعا تحصل باتصال نجاسة أو نجس بطهور أو طاهر قصدا مع بلل أحدهما: أو هما وهو التنجيس أو التنجيس اتفاقا من نائم أو مجنون أو مغمى عليه أو طفل أو طفلة أو بهيمة أو لتغير صفة الطاهر بنفسه كانقلاب العصير خمرا قاله في الرعاية.
ويأتي هل نجاسة الماء المتنجس عينية أو حكمية؟ في فصل التنجيس.
وقيل: النجاسة لغة ما يستقذره الطبع السليم وشرعا عين تفسد الصلاة بحمل جنسها فيها وإذا اتصل بها بلل تعدى حكمها إليه.
وقيل: النجاسة صفة قائمة بعين نجسة.
تنبيه: يشمل قوله: "فهذا كله طاهر مطهر يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس غير مكروه الاستعمال مسائل كثيرة غير ما تقدم ذكره وعدم ذكر ما في كراهته خلاف في كلام المصنف.
فمما دخل في عموم كلام المصنف ماء زمزم وهو تارة يستعمل في إزالة النجاسة وتارة في رفع الحدث وتارة في غيرهما فإن استعمل في إزالة النجاسة كره عند الأصحاب والصحيح من المذهب: أنه لا يحرم استعماله جزم به في المغني والشرح والرعايتين وابن تميم وابن رزين: والحاويين وابن عبيدان: والمنور وتجريد العناية وناظم المفردات وغيرهم وهو من المفردات وقيل: يحرم وأطلقهما في الفروع.
قلت: وهو عجيب منه.
وقال الناظم ويكره غسل النجاسة من ماء زمزم في الأولى: وقال في التلخيص وماء زمزم كغيره وعنه يكره الغسل منها فظاهره أن إزالة النجاسة كالطهارة به فيحتمل أن يكون فيه قول بعدم الكراهة ويحتمله القول المسكوت عنه في النظم.
وقال ابن أبي المجد في مصنفه ولا يكره ماء زمزم على الأصح وإن استعمل في رفع حدث فهل يباح أو يكره الغسل وحده فيه ثلاث روايات وهل يستحب أو يحرم أو يحرم حيث ينجس فيه ثلاثة أوجه والصحيح من المذهب: عدم الكراهة نص عليه وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في التلخيص والرعايتين والحاويين وابن تميم وابن عبيدان: وتجريد العناية وغيرهم وقدمه في المغني والشرح وقال هذا أولى وكذا قال ابن عبيدان: قال في مجمع البحرين: هذا أقوى الروايتين وصححه في نظمه وابن رزين: وإليه ميل المجد في المنتقى وعنه يكره وجزم به ناظم المفردات وقدمه المجد في شرحه [وقال: نص عليه] وابن رزين: وهي من مفردات المذهب وأطلقهما في الفروع والفصول والمذهب والمستوعب وعنه يكره الغسل وحده اختاره الشيخ تقي الدين واستحب ابن الزاغوني في

منسكه الوضوء منه [وقيل: يحرم مطلقا] وحرم ابن الزاغوني أيضا رفع الحدث به حيث تنجس بناء على أن علة النهي تعظيمه وقد زال بنجاسته وقد قيل إن سبب النهي اختيار الواقف وشرطه فعلى هذا اختلف الأصحاب فيما لو سبل ماء للشرب هل يجوز الوضوء منه مع الكراهة أم يحرم على وجهين ذكرهما ابن الزاغوني في فتاويه وغيرها وتبعه في الفروع في باب الوقف وأما الشرب منه فمستحب ويأتي في صفة الحج.
تنبيه: ظاهر كلام الأصحاب: جواز استعماله في غير ذلك من غير كراهة وقال في الرعاية الكبرى:: وأما رش الطريق وجبل التراب الطاهر ونحوه فقيل يحتمل وجهين.
ومنها: ماء الحمام والصحيح من المذهب:: إباحة استعماله نص عليه وجزم به في الرعاية الكبرى: واختاره ابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الفروع وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وعنه يكره وظاهر نقل الأثرم لا تجزئ الطهارة به فإنه قال أحب إلي أن يجدد ماء غيره ونقل عنه يغتسل من الأنبوبة ويأتي في فصل النجس هل ماء الحمام كالجاري أو إذا فاض من الحوض؟.
ومنها: ماء آبار ثمود فظاهر كلام المصنف والأصحاب: إباحته قاله في الفروع في باب الأطعمة ثم قال: ولا وجه لظاهر كلام الأصحاب على إباحته مع هذا الخبر ونص أحمد وذكر النص عن أحمد والأحاديث في ذلك.
ومنها: المسخن بالمغصوب وفي كراهة استعماله روايتان وأطلقهما في الفروع وهما وجهان مطلقان في الحاويين إحداهما:: يكره وهو المذهب صححه الناظم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنتخب [والوجيز] وقدمه في الرعايتين والرواية الثانية:: لا يكره.
وأما الوضوء بالماء المغصوب: فالصحيح من المذهب:: أن الطهارة لا تصح به وهو من مفردات المذهب وعنه تصح وتكره واختاره ابن عبدوس في تذكرته وهذه المسألة ليست مما نحن فيه لأن الطهارة به صحيحة من حيث الجملة وإنما عرض له مانع وهو الغصب.
ومنها: كراهة الطهارة من بئر في المقبرة قاله [ابن عقيل في الفصول] والسامري وابن تميم وابن حمدان في رعايته وصاحب الفروع ذكره في باب الأطعمة ونص أحمد على كراهته وهذا وارد على عموم كلام المصنف.
قوله: "وإن سخن بنجاسة فهل يكره استعماله على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم والفروع والزركشي وغيرهم.

واعلم أن للأصحاب في هذه المسألة طرقا.
إحداها وهي أصحها: أن فيها روايتين مطلقا كما جزم به المصنف هنا وقطع بها في الهداية والمستوعب والتلخيص والبلغة والمحرر والخلاصة وغيرهم وقدمها في الفروع والنظم والرعاية الصغرى وغيرهم وصححها في الرعاية الكبرى:.
والصحيح من المذهب: والروايتين الكراهة جزم به في المجرد والوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في رؤوس المسائل لأبي الخطاب والرعاية الصغرى وصححه في التصحيح والرعاية الكبرى: قال المجد في شرحه وهو الأظهر قال في الخلاصة ويكره المسخن بالنجاسات على الأصح قال في مجمع البحرين: وإن سخن بنجاسة كره في أظهر الروايتين قال الزركشي اختارها الأكثر قال ناظم المفردات هذا الأشهر وهو منها والرواية الثانية: لا يكره قال في الفائق ولو سخن بنجاسة لا تصل لم يكره في أصح الروايتين قال في تجريد العناية وفي كراهة مسخن بنجاسة رواية وقدمه في إدراك الغاية.
وقال أبو الخطاب في رؤوس المسائل: اختاره ابن حامد.
الطريقة الثانية: إن ظن وصول النجاسة كره وإن ظن عدم وصولها لم يكره وإن تردد فالروايتان وهي الطريقة الثانية: في الفروع.
الطريقة الثالثة: إن احتمل وصولها إليه كره قولا واحدا وجزم به في المذهب الأحمد وإن لم يحتمل فروايتان ومحل هذا في الماء اليسير فأما الكثير فلا يكره مطلقا وهي طريقة أبي البقاء في شرحه وشارح المحرر.
الطريقة الرابعة:: إن احتمل واحتمل من غير ترجيح: فالروايتان وحمل ابن منجا كلام المصنف عليه وهو بعيد وإن كان الماء كثيرا لم يكره وإن كان حصينا لم يكره وقيل: إن كان يسيرا ويعلم عدم وصول النجاسة لم يكره وفيه وجه يكره وهي طريقة ابن منجا في شرحه.
الطريقة الخامسة:: إن لم يعلم وصولها إليه والحائل غير حصين: لم يكره وقيل: يكره وإن كان حصينا لم يكره وقيل: يكره وهي طريقة ابن رزين: في شرحه.
الطريقة السادسة:: المسخن بها قسمان أحدهما: إن غلب على الظن عدم وصولها إليه فوجهان الكراهة اختيار القاضي وهو أشبه بكلام أحمد وعدمها اختيار الشريف أبي جعفر وابن عقيل والثاني ما عدا ذلك فروايتان الكراهة ظاهر المذهب وعدمها اختيار ابن حامد وهي طريقة الشارح وابن عبيدان:.
الطريقة السابعة:: المسخن بها أيضا قسمان أحدهما: أن لا يتحقق وصول شيء من أجزائها إلى الماء والحائل غير حصين فيكره والثاني: إذا كان حصينا فوجهان الكراهة اختيار القاضي وعدمها: اختيار الشريف وابن عقيل وهي طريقة المصنف في المغني وصاحب الحاوي الكبير.

الطريقة الثامنة:: إن لم يتحقق وصولها فروايتان الكراهة وعدمها وإن تحقق وصولها فنجس وهي طريقته في الحاوي الصغير.
الطريقة التاسعة:: إن احتمل وصولها إليه ولم يتحقق كره في رواية مقدمة وفي الأخرى لا يكره وإن كانت النجاسة لا تصل إليه غالبا فوجهان الكراهة وعدمها وهي طريق المصنف في الكافي.
الطريقة العاشرة:: إن كانت لا تصل إليه غالبا ففي الكراهة روايتان وهي طريقة المصنف في الهادي قال في القواعد الفقهية إذا غلب على الظن وصول الدخان ففي كراهته وجهان أشهرهما لا يكره.
الطريقة الحادية عشر إن احتمل وصولها إليه ظاهرا كره وإن كان بعيدا فوجهان وإن لم يحتمل لم يكره على أصح الروايتين وعنه لا يكره بحال وهي طريقة ابن تميم في مختصره.
الطريقة الثانية: عشر: الكراهة مطلقا في رواية مقدمة وعدمها مطلقا في أخرى وقيل: إن كان حائله حصينا لم يكره وإلا كره إن قل وهي طريقته في الرعاية الصغرى.
الطريقة الثالثة: عشر: إن كانت لا تصل إليه لم يكره في أصح الروايتين وقيل: مع وثاقه الحائل وهي طريقته في الفائق.
الطريقة الرابعة: عشر: يكره مطلقا على الأصح إن برد وقيل: وإن قل الماء وحائله غير حصين كره وقيل: غالبا وإلا فلا يكره وإن علم وصولها إليه نجس على المذهب وهي طريقته في الرعاية الكبرى: وفيها زيادة على الرعاية الصغرى.
فهذه أربعة عشر طريقة ولا تخلو من تكرار وبعض تداخل.
فوائد
إحداهن محل الخلاف في المسخن بالنجاسة إذا لم يحتج إليه فإن احتيج إليه زالت الكراهة وكذا المشمس إذا قيل بالكراهة قاله الشيخ تقي الدين.
وقال أيضا: للكراهة مأخذان أحدهما:: احتمال وصول النجاسة والثاني: سبب الكراهة: كونه سخن بإيقاد النجاسة واستعمال النجاسة مكروه عندهم والحاصل بالمكروه مكروه.
الثانية:: ذكر القاضي: أن إيقاد النجس لا يجوز: كدهن الميتة وهو رواية عن أحمد ذكرها ابن تميم والفروع وظاهر كلام أحمد أنه يكره كراهة تنزيه وإليه ميل ابن عبيدان: وقدمه ابن تميم قال في الرعاية في باب إزالة النجاسة ويجوز في الأقيس وأطلقهما في الفروع فعلى الثانية: يعتبر أن لا ينجس وقيل: مائعا ويأتي في الآنية هل يجوز بيع النجاسة ويأتي ذلك أيضا في كلام المصنف في كتاب البيع.
الثالثة:: إذا وصل دخان النجاسة إلى شيء فهل هو كوصول نجس أو طاهر؟ مبني على الاستحالة على ما يأتي في باب إزالة النجاسة ذكره الأصحاب والمذهب لا يطهر.

قوله: "فإن غير أحد أوصافه لونه أو طعمه أو ريحه".
فهل يسلب طهوريته على روايتين وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة والخلاصة وابن تميم وتجريد العناية إحداهما: يسلبه الطهورية فيصير طاهرا غير مطهر وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم الخرقي والقاضي وأصحابه قال القاضي هي المنصورة عند أصحابنا في كتب الخلاف قال في مجمع البحرين: هو غير طهور عند أصحابنا قال في الفروع وغيره اختاره الأكثر وجزم به في الوجيز والمنور والمذهب الأحمد وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم وصححه في التصحيح وغيره.
والرواية الثانية: لا يسلبه الطهورية بل هو باق على طهوريته قال في الكافي نقلها الأكثر قال الزركشي هي الأشهر نقلا واختاره الآجري والمصنف والمجد والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق وقدمها وعنه أنه طهور مع عدم طهور غيره اختارها ابن أبي موسى وعنه رواية رابعة طهورية ماء الباقلاء قال عبد الله ابن أبي بكر المعروف بكيتلة في كتابه المهم في شرح الخرقي سمعت شيخي محمد ابن تميم الحراني قال وقد ذكر صاحب المنير في شرح الجامع الصغير رواية في طهورية ماء الباقلاء المغلي ذكره ابن خطيب السلامية في تعليقه على المحرر قال في الرعاية الكبرى: وقيل: ما أضيف إلى ما خالطه وغلبت أجزاؤه على أجزاء الماء كلبن وخل وماء باقلاء مغلي لم يجز التوضؤ به على أصح الروايتين قال وأظن الجواز سهوا.
تنبيه: فعلى المذهب لو تغير صفتان أو ثلاثة مع بقاء الرقة والجريان والاسم فهو طاهر بطريق أولى وعلى رواية أنه طهور هناك فالصحيح هنا أنه طاهر غير مطهر قال في الرعاية الكبرى: فوجهان أظهرهما المنع وقدمه في الفروع وهو ظاهر ما جزم به ابن رزين: في نهايته وتجريد العناية وعند أبي الخطاب تغير الصفتين كتغير الصفة في الحكم وتغير الصفات الثلاث يسلبه الطهورية عنده رواية واحدة وعند القاضي تغير الصفتين والثلاث كتغير الصفة الواحدة في الحكم مع بقاء الرقة والجريان والاسم وأن الخلاف جار في ذلك واختاره ابن خطيب السلامية في تعليقه وقال قال بعض مشايخنا هي أقعد بكلام أحمد من قول أبي الخطاب وصححه الناظم قال الشيخ تقي الدين يجوز الطهارة بالمتغير بالطاهرات وأطلق وجهين في الرعاية الصغرى والحاويين وابن تميم وذكر في المبهج وغيره أن تغير جميع الصفات بمقره لا يضره.
فائدة: تغير كثير من الصفة كتغير صفة كاملة وأما تغير يسير من الصفة فالصحيح من المذهب:: أنه يعفى عنه مطلقا اختاره المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين: وقدمه في الفروع وقيل: هو كتغير صفة كاملة اختاره أبو الخطاب وابن المنى وهو ظاهر ما قدمه في المحرر وصححه شيخنا في تصحيح المحرر ونقل عن القاضي أنه قال في شرح الخرقي:

اتفق الأصحاب على السلب باليسير في الطعم واللون وقاله ابن حامد في الريح أيضا انتهى وقيل: الخلاف روايتان وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والنظم وابن تميم والفائق والزركشي وقيل: يعفى عن يسير الرائحة دون غيرها واختاره الخرقي قال في الرعاية الكبرى:: وهو أظهر وجزم به في الإفادات.
تنبيهان
الأول: ظاهر كلامه أنه لو كان المغير للماء ترابا أوضع قصدا أنه كغيره وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره وهو أحد الوجهين قال في الحاوي الصغير وظاهر كلام أبي الخطاب أنه يسلبه الطهورية والوجه الثاني: إن وضع ذلك قصدا لا يضر ولا يسلبه الطهورية ما لم يصر طينا وهو المذهب جزم به في المغني والشرح والفصول والمستوعب والكافي وابن رزين: والتسهيل والحاوي الكبير وغيرهم وقدمه في الفروع والحاوي الصغير وغيرهما قال الزركشي وبه قطع العامة قياسا على ما إذا تغير بالملح المائي على ما تقدم قريبا وأطلقهما في الرعايتين وابن تميم والتلخيص والبلغة وقال في الرعاية الكبرى: من عنده إن صفا الماء من التراب فطهور وإلا فطاهر.
قلت: أما إذا صفا الماء من التراب فينبغي أن لا يكون في طهوريته نزاع في المذهب.
الثاني محل الخلاف في أصل المسألة إذا وضع ما يشق صونه عنه قصدا أو كان المخالط مما لا يشق صونه عنه أما ما يشق صون الماء عنه إذا وضع من غير قصد فقد تقدم حكمه أول الباب.
قوله: "أو استعمل في رفع حدث".
فهل يسلب طهوريته على روايتين وأطلقهما في المستوعب والكافي والشرح ونهاية ابن رزين:.
إحداهما:: يسلبه الطهورية فيصير طاهرا وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب جزم به الخرقي وفي الهداية والمحرر والجامع الصغير والخصال للقاضي والمبهج وخصال ابن البناء وتذكرة ابن عقيل والعمدة والهادي والمذهب الأحمد والخلاصة والوجيز والمنور والتسهيل وغيرهم وقدمه في الفروع والمحرر والتلخيص والرعايتين وابن تميم والحاويين والفائق وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه الأزجي وابن منجا في شرحه والناظم وابن الجوزي في المذهب وابن عقيل في الفصول وغيرهم قال في الكافي أشهرهما زوال الطهورية قال في مجمع البحرين: هذا أظهر الروايات قال في البلغة يكون طاهرا غير مطهر على الأصح قال في المغني ظاهر المذهب قال الزركشي هذا المشهور من المذهب: وعليه عامة الأصحاب قال ابن خطيب السلامية في تعليقه هذه الرواية عليها جادة المذهب ونصرها غير واحد من أصحابنا ثم قال قلت: ولم أجد عن أحمد نصا ظاهرا بهذه الرواية انتهى.

تنبيهات
الأول يستثنى من هذه الرواية لو غسل رأسه بدل مسحه وقلنا يجزئ فإنه يكون طهورا على الصحيح من المذهب: ذكره في القواعد الفقهية في القاعدة الثالثة: قال لأن الغسل مكروه فلا يكون واجبا فيعايى بها.
والرواية الثانية: أنه طهور قال في مجمع البحرين: سمعت شيخنا يعني صاحب الشرح يميل إلى طهورية الماء المستعمل ورجحها ابن عقيل في مفرداته وصححها ابن رزين: واختارها أبو البقاء والشيخ تقي الدين وابن عبدوس في تذكرته وصاحب الفائق.
قلت: وهو أقوى في النظر.
وعنه أنه نجس نص عليه في ثوب المتطهر قال في الرعاية الكبرى: وفيه بعد فعليها قطع جماعة بالعفو في بدنه وثوبه منهم المجد وابن حمدان ولا يستحب غسله على الصحيح من الروايتين صححه الأزجي والشيخ تقي الدين وابن عبيدان: وغيرهم.
قلت: فيعايى بها.
وعنه يستحب وأطلقهما في الفروع وقال ابن تميم قال شيخنا أبو الفرج ظاهر كلام الخرقي أنه طهور في إزالة الخبث فقط قال الزركشي وليس بشيء وهو كما قال وقيل: يجوز التوضؤ به في تجديد الوضوء دون ابتدائه اختاره أبو الخطاب في انتصاره في جملة حديث مسح رأسه ببلل لحيته أنه كان في تجديد الوضوء وقال ابن تميم وحكى شيخنا رواية بنجاسة المستعمل في غسل الميت وإن قلنا بطهارته في غيره
الثاني اختلف الأصحاب في إثبات رواية نجاسة الماء فأثبتها أبو الخطاب في خلافه وابن عقيل وأبو البقاء في شرحه وصاحب المحرر وعامة المتأخرين وليست في المغني ونفاها القاضي أبو يعلى والشيخ تقي الدين عن كلام أحمد وتأولاها ورد عليهم ابن عقيل وغيره.
الثالث مراد المصنف وغيره ممن أطلق الخلاف ما إذا كان الماء الرافع للحدث دون القلتين فأما إن كان قلتين فصاعدا فهو طهور صرح به في الهداية والمذهب والمستوعب والمحرر والوجيز والفروع والرعايتين وغيرهم وظاهر كلام ابن تميم وغيره الإطلاق كالمصنف وإنما أرادوا في الغالب ويأتي في عشرة النساء هل المستعمل في غسل جنابة الذمية أو حيضها أو نفاسها طاهر أو طهور ويأتي في باب الوضوء هل يجب نية لغسل الذمية من الحيض
قوله: "أو طهارة مشروعة".
فهل يسلب طهوريته؟ على روايتين يعني إذا استعمل في طهارة مشروعة وقلنا: إن المستعمل في رفع الحدث تسلب طهوريته وأطلقهما في الهداية وتذكرة ابن عقيل وخصال

ابن البنا والمبهج والمذهب والمستوعب والمغني والهادي والشرح والتلخيص والبلغة والخلاصة والمذهب الأحمد وابن منجا في شرحه والزركشي والفائق والفروع وغيرهم.
إحداهما: لا يسلبه الطهورية وهو المذهب وعليه الجمهور وصححه في التصحيح والنظم والحاوي الكبير وابن عبيدان: وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته قال الشارح: أظهرهما طهوريته قال في مجمع البحرين: طهور في أصح الروايتين قال الزركشي اختارها أبو البركات وهو ظاهر ما جزم به في الإرشاد والعمدة والوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم وجزم به في الإفادات وقدمه في الكافي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وابن رزين: وابن تميم وغيرهم.
والرواية الثانية:: يسلبه الطهورية وهي ظاهر كلام الخرقي وجزم به في التسهيل والمجرد واختاره ابن عبدوس المتقدم وقدمه في إدراك الغاية والحاوي الكبير وابن تميم.
تنبيه: ظاهر كلامه: أنه لو استعمل في طهارة غير مشروعة أنه طهور بلا نزاع وهو كذلك ومثله الغسلة الرابعة: في الوضوء أو الغسل صرح به في الرعاية: وغيره قال في الرعاية وكذا ما انفصل من غسلة زائدة على العدد المعتبر في إزالة النجاسة بعد طهارة محلها وفي الأصح: كل غسلة في وجوبها خلاف كالثامنة: في غسل الولوغ والرابعة: في غسل نجاسة غيره إن قلنا: تجزى الثلاث وعلى مرة واحدة منقية إن قلنا تجزئ انتهى.
قوله: "أو غمس فيه يده قائم من نوم الليل قبل غسلها ثلاثا فهل يسلب طهوريته على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والمذهب الأحمد والتلخيص والبلغة والخلاصة وابن منجا في شرحه وابن تميم والحاوي الكبير وابن عبيدان: وغيرهم.
إحداهما: يسلبه الطهورية وهو المذهب قال أبو المعالي في شرح الهداية عليه أكثر الأصحاب قال في مجمع البحرين: هذا المنصوص قال في الرعاية الكبرى: الأولى: أن ما غمس فيه كفه طاهر وقدمه في الفروع وناظم المفردات والناظم وإدراك الغاية وهو من المفردات.
والرواية الثانية:: لا يسلبه الطهورية جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والرعايتين والفائق والحاوي الصغير واختاره المصنف والشارح وابن رزين: والناظم والشيخ تقي الدين وصححه في التصحيح وعنه أنه نجس اختارها الخلال وهي من مفردات المذهب أيضا.
فعلى المذهب: لو كان الماء في إناء لا يقدر على الصب منه بل على الاغتراف وليس

عنده ما يغترف به ويداه نجستان فإنه يأخذ الماء بفيه ويصب على يديه قاله الإمام أحمد وإن لم يمكنه تيمم وتركه.
قلت: فيعايى بها.
تنبيهات
الأول محل الخلاف إذا كان الماء الذي غمس يده فيه دون القلتين أما إن كان قلتين فأكثر فلا يؤثر فيه الغمس شيئا بل هو باق على طهوريته قاله الأصحاب وهو واضح الثاني يحتمل أن يكون مراده أن الخلاف هنا مبني على الخلاف في وجوب غسلها إذا قام من نوم الليل على ما يأتي في آخر باب السواك فإنه أطلق الخلاف هنا وهناك فإن قلنا بوجوب الغسل أثر في الماء منعا وإن قلنا بالاستحباب فلا وقطع بهذا في الفصول والكافي وابن منجا في شرحه.
قال الشارح:: والذي يقتضيه القياس أنا إن قلنا غسلهما واجب فهو كالمستعمل في رفع الحدث وإن قلنا باستحبابه فهو كالمستعمل في طهارة مسنونة.
وقال في المغني: فأما المستعمل في تعبد من غير حدث كغسل اليدين من نوم الليل فإن قلنا ليس ذلك بواجب لم يؤثر استعماله في الماء وإن قلنا بوجوبه فقال القاضي هو طاهر غير مطهر وذكر أبو الخطاب فيه روايتين إحداهما: أنه كالمستعمل في رفع الحدث والثانية:: أنه يشبه المتبرد به.
وقال في موضع آخر فإن غمس يده في الإناء قبل غسلها فعلى قول من لم يوجب غسلها لا يؤثر غمسها شيئا ومن أوجبه قال إن كان كثيرا لم يؤثر وإن كان يسيرا فقال أحمد أعجب إلي أن يهريقه فيحتمل وجوب إراقته ويحتمل أن لا تزول طهوريته ومال إليه.
وقال ابن الزاغوني إن قلنا غسلهما سنة فهل يؤثر الغمس يخرج على روايتين.
وقال ابن تميم وإن غمس قائم من نوم الليل يده في ماء قليل قبل غسلها ثلاثا وقلنا بوجوب غسلها زالت طهوريته فأناط الحكم على القول بوجوب غسلها.
وقال ابن رزين:: في شرحه إذا غمس يده في الإناء قبل غسلها لم يؤثر شيئا وكذا إن قلنا بوجوبه والماء كثير وإن كان يسيرا كره الوضوء لأن النهي يفيد منعا وإلا فطهوريته باقية وقيل: النهي تعبد فلا يؤثر فيه شيئا وقيل: يسلب طهوريته به في إحدى الروايتين والأظهر ما قلنا انتهى.
وقيل: الخلاف مبني على الخلاف في وجوب غسلها وهو ظاهر ما جزم به في الفروع وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير ويحتمله كلام المصنف.
وقال في الرعاية الكبرى: وقيل: إن وجب غسلهما فطاهر بانفصاله لا بغمسه في الأقيس ولا يحصل غسل يده في المذهب فإن سن غسلهما فطهور انتهى.

وقال في الحاوي الكبير فأما المنفصل عن غسل اليد من نوم الليل فهو كالمستعمل في رفع الحدث إن قلنا هو واجب وإن قلنا هو سنة خرج على الروايتين فيما استعمل في طهر مستحب فأناط الحكم بالماء المنفصل من غسلهما.
الثالث: ظاهر قوله: "أو غمس يده" أنه لو حصل في يده من غير غمس أنه لا يؤثر وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو إحدى الروايتين عن أحمد قال في الرعاية الكبرى: الأولى: أنه طهور والرواية الثانية: أنه كغمس يده وهو الصحيح اختاره القاضي وجزم به في الفصول والإفادات والرعاية الصغرى وقدمه في الكبرى والحاوي الصغير وأطلقهما في الفروع وابن تميم ومجمع البحرين: والحاوي الكبير وابن عبيدان:.
الرابع: مفهوم قوله: "يده" أنه لو غمس عضوا غير يده: أنه لا يؤثر فيه وهو صحيح صرح به ابن تميم وابن عبيدان: وابن حمدان وصاحب الفائق وغيرهم وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب [قال في الرعاية الكبرى: وغسلهما تعبد فلا يؤثر فيه غمس غير كفيه شيئا].
الخامس: ظاهر قوله: "يده" أنه لا يؤثر إلا غمس جميعها وهو المذهب وهو ظاهر كلامه في المحرر والوجيز وغيرهما وصححه في مجمع البحرين: وقدمه في الفروع والرعايتين وابن تميم والحاوي الصغير وقيل: غمس بعضها كغمسها كلها اختاره ابن حامد وابن رزين: في شرحه وقدمه وجزم به في الكافي والإفادات وصححه الناظم وأطلقهما في الشرح والفصول والحاوي الكبير والفائق.
السادس: ظاهر قوله: "من نوم الليل" أنه سواء كان قليلا أو كثيرا قبل نصف الليل أو بعده وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب لكن بشرط أن يكون ناقضا للوضوء وقال ابن عقيل: هو ما زاد على نصف الليل قال في الرعاية: وغيرها وقيل: بل من نوم أكثر من نصف الليل وقدمه في الحاوي الصغير.
السابع: مفهوم قوله: "من نوم الليل" أنه لا يؤثر غمسها إذا كان قائما من نوم النهار وهو المذهب وعليه الأصحاب وجزم به في المغني والشرح وابن عبيدان:: وصاحب المستوعب والمحرر وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين وابن تميم والفائق وغيرهم وعنه حكم نوم النهار حكم نوم الليل.
الثامن: ظاهر كلامه: ولو كان الغامس صغيرا أو مجنونا أو كافرا أنهم كغيرهم في الغمس وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وصححه الناظم وقدمه ابن رزين:.
والوجه الثاني:: أنه لا تأثير لغمسهم وهو الصحيح وإليه مال المصنف في المغني واختاره المجد في شرح الهداية وصححه ابن تميم قال في مجمع البحرين: لا يؤثر غمسهم في أصح الوجهين وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وأطلقهما في الفروع والمغني والشرح وابن عبيدان: والحاوي الكبير.

التاسع: ظاهر كلام المصنف أيضا: ولو كانت يده في جراب أو مكتوفة وهو المذهب قطع به المصنف والشارح وابن رزين: في شرحه وهو ظاهر ما جزم به في الفروع وابن تميم قال في الرعاية الكبرى: فهو كغيره وقيل: على رواية الوجوب وقدمه في الرعاية الصغرى وقال ابن عقيل لا يؤثر غمسها وأطلقهما في الحاويين والفائق.
العاشر: ظاهر قوله: "قبل غسلها ثلاثا" أنه يؤثر غمسها بعد غسلها مرة أو مرتين وهو صحيح وهو المذهب وهو ظاهر ما قطع به صاحب الفروع وابن تميم وابن عبيدان: والرعاية الصغرى وغيرهم لاقتصارهم عليه وقدمه في الرعاية الكبرى: وقال: وقيل يكفي غسلهما مرة واحدة فلا يؤثر الغمس بعد ذلك.
الحادي عشر: ظاهر كلامه أيضا: أنه سواء كان قبل نية غسلها أو بعده وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم قال في الحاوي الكبير: وابن عبيدان:: قاله أصحابنا وقال القاضي: ويحتمل أن لا يؤثر إلا بعد النية وقال المجد في شرح الهداية: وعندي أن المؤثر الغمس بعد نية الوضوء فقط.
فوائد
الأولى: على القول بأنه [طاهر] غير مطهر إذا لم يجد غيره: استعمله وتيمم على الصحيح قدمه في الفروع قال في الرعاية الكبرى:: وإن استعمله لاحتمال طهوريته وتيمم لاحتمال نجاسته في وجه فينوي رفع الحدث وقيل: والنجاسة انتهى: واختار ابن عقيل تجب إراقته فيحرم استعماله صححه الأزجي وأطلقهما ابن تميم
الثانية: يجوز استعماله في شرب وغيره على الصحيح من المذهب: وقيل: يكره وقيل: يحرم وهو الذي اختاره ابن عقيل وصححه الأزجي.
الثالثة: لا يؤثر غمسها في مائع غير الماء على الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور.
قلت: فيعايى بها.
وقيل: يؤثر وبقية فروع هذه المسألة تأتي في آخر باب السواك عند قوله: "وغسل اليدين".
الرابعة: قال في الرعاية الكبرى: وما قل وغسل به ذكره وأنثييه من المذي دونه وانفصل غير متغير فهو طهور وعنه طاهر وقيل: المستعمل في غسلهما كالمستعمل في غسل اليدين من نوم الليل انتهى.
وجزم بهذا القول في الرعاية الصغرى وابن تميم ويأتي عدد الغسلات في ذلك في باب إزالة النجاسة.
الخامسة: لو نوى جنب بانغماسه كله أو بعضه في ماء قليل راكد رفع حدثه لم يرتفع على الصحيح من المذهب: وجزم به في المغني والشرح وقدمه في الفروع وغيره قال الزركشي: هذا المعروف وقيل: يرتفع واختاره الشيخ تقي الدين فعلى المذهب: يصير الماء مستعملا.

على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: لا وقيل: إن كان المنفصل عن العضو لو غسل ذلك العضو بمائع ثم صب فيه أثر أثر هنا فعلى المنصوص يصير مستعملا بأول جزء انفصل على الصحيح من المذهب: جزم به في المغني والكافي والشرح قال في الرعاية الكبرى: وهو أظهر وأشهر قال في الصغرى وهو أظهر قال الزركشي وهو أشهر وقدمه ابن عبيدان: وقيل: يصير مستعملا بأول جزء لاقاه قدمه في الرعايتين والحاويين والتلخيص وقال على المنصوص وحكى الأول احتمالا وأطلقهما في الفروع وابن تميم وقال في الرعاية الكبرى: ويحتمل أن يرتفع حدثه إذا انفصل الماء عما غمسه كله وهو أولى انتهى والاحتمال للشيرازي.
السادسة: وكذا الحكم لو نوى بعد غمسه على الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور قال في الحاوي قال أصحابنا: يرتفع الحدث عن أول جزء يرتفع منه فيحصل غسل ما سواه بماء مستعمل فلا يجزيه وقيل: يرتفع هنا عقيب نيته اختاره المجد قاله في الحاوي الكبير.
السابعة: لا أثر للغمس بلا نية لطهارة بدنه على الصحيح من المذهب: وعنه يكره قال الزركشي: وظاهر ما في المغني عن بعض الأصحاب أنه قال بالمنع فيما إذا نوى الاغتراف فقط وفيه نظر انتهى.
الثامنة: لو كان الماء كثيرا كره أن يغتسل فيه على الصحيح من المذهب: قال أحمد لا يعجبني وعنه لا ينبغي فلو خالف وفعل ارتفع حدثه قبل انفصاله عنه على الصحيح من المذهب: قدمه في الرعايتين وقيل: يرتفع بعد انفصاله قدمه في الفائق والحاوي الصغير قال في الرعاية الكبرى:: وهو أقيس وأطلقهما في الفروع وابن تميم.
التاسعة: لو اغترف الجنب أو الحائض أو النفساء بيده من ماء قليل بعد نية غسله: صار مستعملا على الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور وقدمه في الفروع وقال نقله واختاره الأكثر قال الزركشي هذا أنص الروايتين وأصحهما عند عامة الأصحاب قال ابن عبيدان: قاله أصحابنا ونص عليه في مواضع وعنه لا يصير مستعملا وهو ظاهر كلام الخرقي قاله الزركشي واختاره جماعة منهم المجد قال في الفروع وهو أظهر لصرف النية بقصد استعماله خارجه.
قلت: وهو الصواب وأطلقهما ابن تميم.
العاشرة: هل رجل وفم ونحوه كيد في هذا الحكم أم يؤثر هنا فيه وجهان وأطلقهما في الفروع قال ابن تميم ولو وضع رجله في الماء لا لغسلها وقد نوى أثر على الأصح قال في الرعاية الكبرى: وإن نواه ثم وضع رجله يه لا لغسلها بنية تخصها فطاهر في الأصح وإن غمس فيه فمه احتمل وجهين.
الحادية عشرة: لو اغترف متوضئ بيده بعد غسل وجهه ونوى رفع الحدث عنها: أزال الطهورية كالجنب وإن لم ينو غسلها فيه فالصحيح من المذهب:: أنه طهور لمشقة تكرره.

وقيل: حكمه حكم الجنب على ما تقدم والصحيح: الفرق بينهما.
الثانية عشرة: يصير الماء بانتقاله إلى عضو آخر مستعملا على الصحيح من المذهب: وعنه لا فهي كلها كعضو واحد وعنه لا يصير مستعملا في الجنب وعنه يكفيهما مسح اللمعة بلا غسل للخبر ذكره ابن عقيل وغيره.
قوله: "وإن أزيلت به النجاسة فانفصل متغيرا أو قبل زوالها فهو نجس".
إذا انفصل الماء عن محل النجاسة متغيرا فلا خلاف في نجاسته مطلقا وإن انفصل قبل زوالها غير متغير وكان دون القلتين انبنى على تنجيس القليل بمجرد ملاقاة النجاسة على ما يأتي في أول الفصل الثالث وقيل: بطهارته على محل نجس مع عدم تغيره لأنه وارد واختاره في الحاوي الكبير ذكره في باب إزالة النجاسة لأنه لو كان نجسا لما طهر المحل لأن تنجيسه قبل الانفصال ممتنع وعقيب الانفصال ممتنع لأنه لم يتجدد له ملاقاة النجاسة.
قوله: "وإن انفصل غير متغير بعد زوالها فهو طاهر".
إن كان المحل أرضا هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال في مجمع البحرين: ولا خلاف بين الأصحاب في طهارة هذا في الأرض وجزم به في المحرر والنظم والوجيز وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين وابن تميم وغيرهم وذكر القاضي وأبو الخطاب وأبو الحسين وجها أن المنفصل عن الأرض كالمنفصل عن غيرها في الطهارة والنجاسة وحكاه ابن البنا في خصاله رواية.
قلت: وهو بعيد جدا.
وعنه طهارة منفصلة عن أرض أعيان النجاسة فيه مشاهدة
قوله: "وإن كان غير الأرض فهو طاهر".
في أصح الوجهين وكذا قال ابن تميموصاحب المغني والهداية وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب وقدمه في الفروع والمستوعب والشرح والرعايتين والحاويين وغيرهم قال في الكافي أظهرهما طهارته وصححه في مجمع البحرين: والنظم وابن عبيدان:.
والوجه الثاني:: أنه نجس اختاره ابن حامد وأطلقهما في الخلاصة.
تنبيه: محل الخلاف وهو مراد المصنف وغيره ممن أطلق إذا كان المزال به دون القلتين أما إذا كان قلتين فأكثر فإنه طهور بلا خلاف قاله في الرعاية وهو واضح.
تنبيه: كثير من الأصحاب يحكي الخلاف وجهين وحكاهما ابن عقيل ومن تابعه روايتين وقدمه في المستوعب.
فائدة: فعلى القول بنجاسته: يكون المحل المنفصل عنه طاهرا صرح به الآمدي ومعناه

كلام القاضي وقيل: المحل نجس كالمنفصل عنه جزم به في الإنتصار وهو ظاهر كلام الحلواني قال ابن تميم: وما انفصل عن محل النجاسة متغيرا بها فهو والمحل نجسان وإن استوفى العدد وقال الآمدي: يحكم بطهارة المحل انتهى وقال ابن عبيدان: لما نصر أن الماء المنفصل بعد طهارة المحل طاهر ولنا: أن المنفصل بعض المتصل فيجب أن يعطى حكمه في الطهارة والنجاسة كما لو أراق ماء من إناء ولا يلزم الغسالة المتغيرة بعد طهارة المحل لأنا لا نسلم قصور ذلك بل نقول: ما دامت الغسالة متغيرة فالمحل لم يطهر.
وقال في الفروع: وفي طهارة المحل مع نجاسة المنفصل وجهان.
قوله: "وهل يكون طهورا؟ على وجهين".
بناء على الروايتين فيما إذا رفع به حدث على ما تقدم وأطلقهما في الكافي والمحرر والمستوعب والمغني وابن تميم والحاويين.
أحدهما: لا يكون طهورا وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره وصححه في التصحيح وغيره وقدمه في الفروع والرعايتين وغيرهم قال في مجمع البحرين: هذا الصحيح.
والوجه الثاني:: أنه طهور قال المجد وهو الصحيح قال الشيخ تقي الدين هذا أقوى.
فائدة: ظاهر كلام المصنف أن الماء في محل التطهير لا يؤثر تغيره والحالة هذه وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزموا به وقيل: فيه قول يؤثر واختاره الشيخ تقي الدين وقال التفريق بينهما بوصف غير مؤثر لغة وشرعا ونقل عنه في الاختيارات أنه قال اختاره بعض أصحابنا.
قوله: "وإن خلت بالطهارة منه امرأة فهو طهور".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم قال المجد: لا خلاف في ذلك وعنه أنه طاهر حكاها غير واحد قال ابن البنا في خصاله وابن عبدوس في تذكرته: هو طاهر غير مطهر قال الزركشي: ولقد أبعد السامري حيث اقتضى كلامه الجزم بطهارته مع حكايته الخلاف في ذلك في طهارة الرجل به.
قلت: ليس كما قال الزركشي وإنما قال أولا: هو طاهر ثم قال: وهل يرفع حدث الرجل؟ على روايتين فحكم بأنه طاهر أولا ثم هل يكون طهورا مع كونه طاهرا؟ حكى الروايتين وهذا يشبه كلام المصنف المتقدم في قوله: "فهو طاهر في أصح الوجهين وهل يكون طهورا؟ على وجهين؟ وهو كثير في كلام الأصحاب ولا تناقض فيه لكونهم ذكروا أنه طاهر ومع ذلك هل يكون طهورا حكوا الخلاف فهو متصف بصفة الطاهرية بلا نزاع وهل يضم إليه شيء آخر وهو الطهورية؟ فيه الخلاف.
قوله: "ولا يجوز للرجل الطهارة به في ظاهر المذهب".

وكذا قال الشارح: وابن منجا في شرحه وغيرهما وهو المذهب المعروف وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم الخرقي وصاحب المذهب الأحمد والمحرر والوجيز وابن تميم وابن أبي موسى وناظم المفردات والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في الفصول والفروع والفائق وغيرهم قال الزركشي: هي أشهرهما عن الإمام أحمد وعند الخرقي وجمهور الأصحاب: لا يرفع حدث الرجل قال في المغني وابن عبيدان: هي المشهورة قال ابن رزين: لم يجز لغيرها أن يتوضأ به هي أضعف الروايتين وعنه يرفع الحدث مطلقا كاستعمالهما معا في أصح الوجهين فيه قاله في الفروع اختارها ابن عقيل وأبو الخطاب والطوفي في شرح الخرقي وصاحب الفائق وإليه ميل المجد في المنتقى وابن رزين: في شرحه قال في الشرح ومجمع البحرين:: وهو أقيس وأطلقهما في المستوعب والخلاصة والرعاية الصغرى والحاويين فعليها لا يكره استعماله على الصحيح وعنه يكره ومعناه اختيار الآجري وقدمه ابن تميم.
فائدة: منع الرجل من استعمال فضل طهور المرأة تعبدي لا يعقل معناه نص عليه ولذلك يباح لامرأة سواها ولها التطهر به في طهارة الحدث والخبث وغيرهما لأن النهي مخصوص بالرجل وهو غير معقول فيجب قصره على مورده
قوله: "وإن خلت بالطهارة".
اعلم أن في معنى الخلوة روايتين إحداهما: وهي المذهب أنها عدم المشاهدة عند استعمالها من حيث الجملة قال الزركشي هي المختارة قال في الفروع وتزول الخلوة بالمشاهدة على الأصح وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفائق
والرواية الثانية: معنى الخلوة انفرادها بالاستعمال سواء شوهدت أم لا اختارها ابن عقيل وقدمه ابن تميم ومجمع البحرين: قال في الحاوي الكبير وهي أصح عندي وأطلقها في الفصول والحاوي الكبير والمذهب.
وتزول الخلوة بمشاركته لها في الاستعمال بلا نزاع قاله في الفروع فعلى المذهب يزول حكم الخلوة بمشاهدة مميز وبكافر وامرأة فهي كخلوة النكاح على الصحيح من المذهب: اختاره الشريف أبو جعفر والشيرازي وجزم به في المستوعب وقدمه في الكافي ونظمه والشرح والنظم وألحق السامري المجنون بالصبي المميز ونحوه قال في الرعاية الكبرى: وهو خطأ على ما يأتي.
وقيل: لا تزول الخلوة إلا بمشاهدة مكلف مسلم اختاره القاضي في المجرد وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وأطلقهما في المغني والحاوي الكبير وابن تميم

وابن عبيدان: والزركشي والفائق والفروع.
وقيل: لا تزول الخلوة إلا بمشاهدة رجل مسلم حر قدمه في الرعاية الكبرى فقال: ولم يرها ذكر مسلم مكلف حر وقيل: أو عبد وقيل: أو مميز وقيل: أو مجنون وهو خطأ وقيل: إن شاهد طهارتها منه أنثى أو كافر فوجهان انتهى.
تنبيهات
الأول قوله: "بالطهارة يشمل طهارة" الحدث والخبث أما الحدث: فواضح وأما خلوتها به لإزالة نجاسة فالصحيح من المذهب: أنه ليس كالحدث فلا تؤثر خلوتها فيه قال ابن حامد: فيه وجهان أظهرهما: جواز الوضوء به واقتصر عليه في الشرح وقدمه في الفروع وقطع به ابن عبدوس المتقدم وقيل: حكمه حكم الحدث اختاره القاضي قال المجد: وهو الصحيح قال في مجمع البحرين: ولا يختص المنع بطهارة الحدث في الأصح وقدمه في الحاوي الكبير وقال إنه ألأصح وأطلقهما في المغني والنظم والرعايتين وابن تميم وابن عبيدان: والفائق والحاوي الصغير وأطلقهما في الشرح في الاستنجاء واقتصر على كلام ابن حامد في غيره
الثاني: شمل قوله "بالطهارة" الطهارة الواجبة والمستحبة وهو ظاهر المحرر والوجيز والحاوي الكبير وغيرهم وجزم به في الفصول وقدمه ابن رزين وقيل: لا تأثير لخلوتها في طهارة مستحبة كالتجديد ونحوه وهو الصحيح قدمه في الفروع وأطلقهما في المغني والشرح وابن تميم والرعايتين والحاوي الصغير وابن عبيدان: والزركشي والفائق وغيرهم.
الثالث: ظاهر قوله "بالطهارة" الطهارة الكاملة فلا تؤثر خلوتها في بعض الطهارة وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو المذهب وقدمه في الفروع وقيل: خلوتها في بعض الطهارة كخلوتها في جميعها اختاره ابن رزين: في شرحه وقدمه في الفصول ويحتمله كلام المصنف هنا وأطلقهما في المغني والشرح والرعاية الكبرى: وابن تميم وابن عبيدان:.
الرابع: مفهوم قوله "بالطهارة" أنها لو خلت به للشرب أنه لا يؤثر وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب: ولا يكره على الصحيح من المذهب: اختاره المجد وغيره وقدمه في الرعاية الكبرى: وشرح ابن عبيدان: وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وعنه يكره وأطلقهما الزركشي وعنه حكمه حكم الخالية به للطهارة.
الخامس: مراده بقوله "بالطهارة" الطهارة الشرعية فلا تؤثر خلوتها به في التنظيف قاله ابن تميم ولا غسلها ثوب الرجل ونحوه قاله في الرعاية الكبرى: قال ولم يكره.
السادس: مفهوم قوله: "منه يعني من الماء: أنها إذا خلت بالتراب للتيمم: أنها لا تؤثر وهو صحيح وهو ظاهر كلام غيره وفيه احتمال: أن حكمه حكم الماء وأطلقهما في الرعاية الكبرى.

السابع: مفهوم قوله "امرأة" أن الرجل إذا خلا به لا تؤثر خلوته منعا وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونقله الجماعة عن أحمد وحكاه القاضي وغيره إجماعا وذكر ابن الزاغوني عن الأصحاب وجها بمنع النساء من ذلك قال في الرعاية وهو بعيد وأطلقهما ناظم المفردات وقال في الفائق ولا يمنع خلوة الرجل بالماء الرجل وقيل: بلى ذكره ابن الزاغوني.
قلت: في صحة هذا الوجه الذي ذكره في الفائق عنه نظر وعلى تقدير صحة نقله: فهو ضعيف جدا لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه ولا على الذي قبله وهو مخالف للإجماع.
الثامن: ظاهر قوله "امرأة" أن خلوة المميزة: لا تأثير لها وهو صحيح وهو ظاهر كلامه في المحرر والوجيز وابن تميم وغيرهم وهو المذهب وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى: فإنه قال مكلفة وقدمه في الفروع وقيل: خلوة المميزة كالمكلفة وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير فإنهما قالا: أو رفعت به مسلمة حدثا.
التاسع: شمل قوله "امرأة" المسلمة والكافرة وهو ظاهر كلامه في الفروع والمحرر والوجيز والحاوي الكبير وغيرهم فإنهم قالوا امرأة وهو أحد الوجهين وقدمه ابن رزين في شرحه وقيل: لا تأثير لخلوة غير المسلمة وهو ظاهر الرعايتين والحاوي الصغير فإنهما قالا مسلمة
قلت: وهو بعيد.
وأطلقهما في المغني والشرح والزركشي وأطلقهما ابن تميم في خلوة الذمية للحيض وذكر في الفصول ومن بعده احتمالا بالفرق بين الحيض والنفاس وبين الغسل فتؤثر خلوة الذمية للحيض والنفاس دون الغسل لأن الغسل لم يفد إباحة شيء.
العاشر: مفهوم قوله "امرأة" أنه لا تأثير لخلوة الخنثى المشكل به وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم منهم ابن عقيل في الفصول والمجد في شرح الهداية وابن تميم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وابن عبيدان: والزركشي وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقيل الخنثى في الخلوة كالمرأة اختاره ابن عقيل.
الحادي عشر: مفهوم قوله: "ولا يجوز للرجل الطهارة به" أنه يجوز للصبي الطهارة به وهو صحيح وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وهو المذهب قدمه في الفروع وقيل: حكمه حكم الرجل قال في الرعاية الكبرى هل يلحق الصبي بالمرأة أو بالرجل؟ يحتمل وجهين.
الثاني عشر: مفهوم قوله "ولا يجوز للرجل الطهارة به" أنه يجوز الطهارة به للخنثى المشكل وهو مفهوم كلام كثير من الأصحاب واختاره ابن عقيل وجزم به الزركشي والصحيح من المذهب: أن الخنثى المشكل كالرجل جزم به في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والمنور وقدمه في الفروع وقال في الرعاية الكبرى: هل يلحق الخنثى المشكل

بالرجل يحتمل وجهين.
الثالث عشر: عموم قوله "الطهارة" يشمل الحدث والخبث أما الحدث: فواضح وأما الخبث: فالصحيح من المذهب: أنه ليس كالحدث فيجوز للرجل غسل النجاسة به وهو المذهب اختاره ابن أبي موسى والمصنف قال ابن عبيدان: وهو الصحيح وقدمه في الفروع والمحرر والرعاية الكبرى والشرح وابن رزين في شرحه وابن خطيب السلامية في تعليقته وقيل: يمنع منه كطهارة الحدث اختاره القاضي والمجد [وابن عبد القوي في مجمع البحرين] وحكاه الشيرازي عن الأصحاب غير ابن أبي موسى قال ابن رزين: هذا القول أصح وقدمه في الحاوي الكبير قال في الرعاية الكبرى: وهو بعيد أطلقهما في المستوعب وابن تميم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وابن عبيدان.
الرابع عشر: مفهوم قوله "ولا يجوز للرجل الطهارة به" أنه يجوز لامرأة أخرى الطهارة به وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الفصول والزركشي وصححه في الفروع وابن رزين وابن عبيدان وقدمه ابن منجا في شرحه وهو ظاهر كلامه في المحرر والوجيز وقيل: هي كالرجل في ذلك وقدمه في الفائق فقال طهور ولا يستعمل في الحدث وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير وابن تميم والمستوعب وناظم المفردات.
الخامس عشر: فعلى المذهب هنا وفي كل مسألة قلنا يجوز الطهارة به محله: على القول بأنه طهور أو طاهر أما إن قلنا إنه طاهر فلا يجوز الطهارة به وصرح به في الحاوي الصغير: وغيره وهذا الذي ينبغي أن يقطع به وقال في الرعاية الصغرى وإن توضأ به الرجل فروايتان وقيل: مع طهوريته فظاهره أن المقدم سواء قلنا إنه طهور أو طاهر وقال في الرعاية الكبرى: ولها التطهير به يعني الخالية به ثم قال قلت: إن بقي طهورا وإلا فلا وفي جواز تطهر امرأة أخرى به إذن وجهان وفي جواز تطهير الرجل به إذن: روايتان وقيل: بل مطلقا وقيل: إن قلنا: هو طهور جاز وإلا فلا انتهى.
فحكى خلافا في الجواز مع القول بأنه طاهر.
والذي يظهر أن هذا ضعيف جدا.
السادس عشر: مفهوم كلامه: أنه يجوز للمرأة الخالية به الطهارة به وهو الصحيح من المذهب قطع به كثير من الأصحاب وقال في الرعاية الكبرى: ولها التطهر به ثم قال قلت: إن بقي طهورا كما تقدم وقال في الحاوي الصغير: ولها التطهر به في ظاهر المذهب فدل أن في باطنه قولا: لا يجوز لها ذلك.
قلت: هو قول ساقط فإنه يفضي إلى أن المرأة لا تصح لها طهارة البتة في بعض الصور وهو مخالف لإجماع المسلمين.
السابع عشر: كلام المصنف مقيد بما إذا كان الماء الخالية به دون القلتين وهو الواقع في الغالب: أما إن كان قلتين فأكثر فالصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب: أن الخلوة.

لا تؤثر فيه منعا وقطع به كثير منهم وقال ابن عقيل: الكثير كالقليل في ذلك قال المجد في شرحه وتبعه في الحاوي الكبير: هذا بعيد جدا قال في الرعاية وهو بعيد وأطلقهما ناظم المفردات.
فوائد
منها لو خلط طهور بمستعمل فإن كان لو خالف في الصفة غيره أثر منعا على الصحيح من المذهب: وعليه جمهور الأصحاب قال في الحاوي الكبير وغيره قاله أصحابنا وقدمه في الفروع وغيره وقال المجد عندي أن الحكم لأكثرهما مقدارا اعتبارا بغلبة أجزائه وجزم به في الإفادات وعند ابن عقيل أن غيره لو كان خلا أثر منعا قال المجد ولقد تحكم ابن عقيل بقوله: "إن كان الواقع بحيث لو كان خلا غير منع إذ الخل ليس بأولى من غيره وأطلقهن ابن تميم ونص أحمد فيمن انتضح من وضوئه في إنائه لا بأس.
ومنها لو بلغ بعد خلطه قلتين أو كانا مستعملين فهو طاهر: على الصحيح من المذهب وقيل: طهور واختار ابن عبدوس في تذكرته طهورية المستعمل إذا انضم وصار قلتين وأطلق في الشرح فيما إذا كانا مستعملين: احتمالين وابن عبيدان وجهين.
ومنها: لو كان معه ما يكفيه لطهارته فخلطه بمائع لم يغيره وتطهر منه وبقي قدر المائع أو دونه صحت طهارته على الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور وقيل: لا تصح اختاره القاضي في الجامع وقال: هو قياس المذهب وقال ابن تميم وجماعة من الأصحاب: إن استعمل الجميع جاز وإلا فوجهان وإن كان الطهور لا يكفيه لطهارته وكمله بمائع لم يغيره: جاز استعماله وصحت طهارته على الصحيح من المذهب قدمه في الكافي وشرح ابن رزين قال في المغني: هذا أولى وصححه في الحاوي الكبير وابن عبيدان واختاره القاضي في المجرد وعنه لا تصح الطهارة اختاره القاضي أيضا في الجامع وحمل ابن عقيل كلام القاضي في المسألتين على أن المائع لم يستهلك قال ابن عبيدان: حكى في المغني الخلاف روايتين ولم أر لأكثر الأصحاب إلا وجهين وأطلقهما ابن تميم والرعايتين والفروع ولكن فرض في الرعايتين والفروع الخلاف في المسألتين في زوال طهورية الماء وعدمه ورد شيخنا في حواشيه على الفروع برد حسن.
ومنها: متى تغير الماء بطاهر ثم زال تغيره: عادت طهوريته.
تنبيه: قوله "القسم الثالث ما نجس وهو ما تغير بمخالطة النجاسة" مراده إذا كان في غير محل التطهير على ما تقدم التنبيه عليه.
قوله : "فإن لم يتغير وهو يسير فهل ينجس؟ على روايتين".

وأطلقهما في المذهب الأحمد إحداهما: ينجس وهو المذهب: وعليه جماهير الأصحاب جزم به في الإرشاد والتذكرة لابن عقيل والخصال لابن البنا والإيضاح والعمدة والوجيز والإفادات والمنور والتسهيل والمنتخب وغيرهم وهو مفهوم كلام الخرقي وقدمه في الفروع والهداية والمستوعب والتلخيص والبلغة والمحرر والرعايتين والحاويين وإدراك الغاية والفائق وغيرهم وصححه في التصحيح قال في الكافي: أظهرهما نجاسته قال في المغني: هذا المشهور في المذهب قال الشارح: وصاحب مجمع البحرين وابن عبيدان: هي ظاهر المذهب قال ابن منجا: الحكم بالنجاسة أصح قال في المذهب: ينجس في أصح الروايتين قال ابن تميم: نجس في أظهر الروايتين قال ابن رزين في شرحه: ينجس مطلقا في الأظهر قال في الخلاصة: فينجس على الأصح قال في تجريد العناية: هذا الأظهر عنه قال الزركشي: هي المشهورة والمختارة للأصحاب وهو ظاهر ما قطع به المصنف قبل ذلك في قوله: "فانفصل متغيرا أو قبل زوالها فهو نجس".
تنبيهان
أحدهما: عموم هذه الرواية يقتضي سواء أدركها الطرف أو لا وهو الصحيح وهو المذهب ونص عليه وعليه الجمهور وقطع به أكثرهم وحكى أبو الوقت الدينوري عن أحمد: طهارة ما لا يدركه الطرف واختاره في عيون المسائل وعمومها أيضا يقتضي سواء مضى زمن تسري فيه أم لا وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل: إن مضى زمن تسرى فيه النجاسة نجس وإلا فلا.
والرواية الثانية: لا ينجس اختارها ابن عقيل في المفردات وغيرها وابن المنى والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق قال في الحاويين: وهو أصح عندي قال في مجمع البحرين: ونصر هذه الرواية كثير من أصحابنا قال الزركشي: وأظن اختارها ابن الجوزي قال الشيخ تقي الدين: اختارها أبو المظفر ابن الجوزي وأبو نصر وقيل: بالفرق بين يسير الرائحة وغيرها.
فيعفى عن يسير الرائحة ذكره ابن البنا وشذذه الزركشي.
قلت: نصره ابن رجب في شرح البخاري وأظن أنه اختيار الشيخ تقي الدين وابن القيم وما هو ببعيد.
الثاني: هذا الخلاف في الماء الراكد أما الجاري فعن أحمد أنه كالراكد إن بلغ جميعه قلتين: دفع النجاسة إن لم تغيره وإلا فلا وهي المذهب وهي ظاهر كلام المصنف هنا وغيره قال في الرعاية الكبرى: هي [أشهر قال ابن مفلح في أصوله في مسألة المفهوم هل هو عام أم لا؟ المشهور عن أحمد وأصحابه أن الجاري كالراكد في التنجس] وقدمه في الفروع والفائق قال ابن تميم: اختاره شيخنا قال الزركشي: اختارها السامري وغيره وعنه: لا ينجس قليله إلا بالتغير فإن قلنا ينجس قليل الراكد جزم به في العمدة والإفادات وقدمه في الرعايتين قال في الكبرى: هو أقيس وأولى قال في الحاوي الصغير: ولا ينجس قليل جار قبل تغيره في أصح

الروايتين وقال في الحاوي الكبير: وهو أصح عندي واختارها المصنف والشارح والمجد والناظم قال في الفروع اختارها جماعة واختارها الشيخ تقي الدين وقال: هي أنص الروايتين وعنه تعتبر كل جرية بنفسها اختارها القاضي وأصحابه وقال: هي المذهب قال الزركشي: هي اختيار الأكثرين قال في الكافي وجعل أصحابنا المتأخرون كل جرية كالماء المنفرد واختارها في المستوعب قال في الفروع وهي أشهر قال في الحاوي الكبير هذا ظاهر المذهب قال الأصحاب فيفضي إلى تنجيس نهر كبير بنجاسة قليلة لا كثيرة لقلة ما يحاذي القليلة إذ لو فرضنا كلبا في جانب نهر كبير وشعرة منه في جانبه الآخر لكان ما يحاذيها لا يبلغ قلتين لقلت:ه والمحاذي للكلب يبلغ قلالا كثيرة فيعايى بها [ولكن رد المصنف والشارح وغيرهما ذلك وسووا بين القليل والكثير كما يأتي في النجاسة الممتدة].
فائدة: للرواية الأولى والثانية فوائد ذكرها ابن رجب في أول قواعده.
منها: إذا وقعت فيه نجاسة فعلى الأولى: يعتبر مجموعه فإن كان كثيرا لم ينجس بدون تغير وإلا نجس وعلى الثانية: تعتبر كل جرية بانفرادها فإن بلغت قلتين لم ينجس بدون تغير وإلا نجس وعلى الثالثة: تعتبر كل جرية بانفرادها فإن بلغت قلتين لم ينجس بدون تغير وإلا نجست.
ومنها: لو غمس الإناء النجس في ماء جار ومرت عليه سبع؟ جريات فهل هو غسلة واحدة أو سبع على وجهين حكاهما أبو حسن ابن الغازي تلميذ الآمدي وذكر أن ظاهر كلام الأصحاب أنه غسلة واحدة وفي شرح المذهب للقاضي أن كلام أحمد يدل عليه وكذلك لو كان ثوبا ونحوه وعصره عقيب كل جرية.
ومنها: لو انغمس المحدث حدثا أصغر في ماء جار للوضوء ومرت عليه أربع جريات متوالية فهل يرتفع بذلك حدثه أم لا؟ على وجهين أشهرهما عند الأصحاب أنه يرتفع وقال أبو الخطاب في الانتصار ظاهر كلام أحمد أنه لا يرتفع لأنه لم يفرق بين الراكد والجاري قال ابن رجب قلت: بل نص أحمد على التسوية بينهما في رواية محمد ابن الحكم وأنه إذا انغمس في دجلة فإنه لا يرتفع حدثه حتى يخرج مرتبا.
ومنها: لو حلف لا يقف في هذا الماء وكان جاريا: لم يحنث عند أبي الخطاب وغيره وقال ابن رجب وقياس المنصوص أنه يحنث لا سيما والعرف يشهد له والأيمان مرجعها إلى العرف وقاله القاضي في الجامع الكبير.
فوائد
إحداها: الجرية ما أحاط بالنجاسة فوقها وتحتها ويمنة ويسرة على الصحيح من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب وقطعوا به وزاد المصنف ما انتشرت إليه عادة أمامها ووراءها وتابعه الشارح فجزم به هو وابن رزين: وقال ابن عقيل في الفنون الجرية ما فيه النجاسة وقدر

مساحتها: فوقها وتحتها ويمنتها ويسرتها نقله الزركشي.
الثانية: لو امتدت النجاسة فما في كل جرية نجاسة منفردة على الصحيح من المذهب: اختاره المصنف والشارح وجزما به وابن رزين: في شرحه وقيل: الكل نجاسة واحدة وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى: وابن تميم.
الثالثة: متى تنجست جريات الماء بدون التغير ثم ركدت في موضع فالجميع نجس إلا أن يضم إليه كثير طاهر لاحق أو سابق قال الإمام أحمد: ماء الحمام عندي بمنزلة الجاري وقال في موضع آخر وقيل: إنه بمنزلة الماء الجاري قال المصنف إنما جعله بمنزلة الماء الجاري إذا كان يفيض من الحوض وقاله الشيخ تقي الدين قال ابن تميم وقال بعض أصحابنا الجاري من المطر على الأسطحة والطرق إن كان قليلا وفيه نجاسة: فهو نجس.
قوله: "وإن كان كثيرا فهو طاهر إلا أن تكون النجاسة بولا أو عذرة مائعة ففيه روايتان".
وأطلقهما في الإرشاد والمغني والشرح والتلخيص والبلغة وابن تميم وابن رزين: في شرحه والفائق والفروع والمذهب الأحمد.
إحداهما: لا ينجس وعليه جماهير المتأخرين وهو المذهب عندهم وهو ظاهر الإيضاح والعمدة والوجيز والخلاصة وإدراك الغاية وتذكرة ابن عبدوس والمنور والتسهيل والمنتخب وغيرهم لعدم ذكرهم لهما وقدمه في المستوعب والمحرر والرعايتين والحاويين قال الشيخ تقي الدين: وتبعه في الفروع اختاره أكثر المتأخرين قال ناظم المفردات هذا قول الجمهور قاله في المستوعب والتفريع عليه قال في المذهب: لم ينجس في أصح الروايتين قال ابن منجا في شرحه: عدم النجاسة أصح واختاره أبو الخطاب وابن عقيل والمصنف والمجد والناظم وغيرهم.
قلت: وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
والأخرى: ينجس إلا أن يكون مما لا يمكن نزحه لكثرته فلا ينجس وهذا المذهب عند أكثر المتقدمين قال في الكافي: أكثر الروايات أن البول والغائط ينجس الماء الكثير قال في المغني: أشهرهما أنه ينجس وقال ابن عبيدان: أشهرهما أنه ينجس اختارها الشريف وابن البنا والقاضي وقال اختارها الخرقي وشيوخ أصحابنا قال في تجريد العناية: هذه الرواية أظهر عنه قال الزركشي: هي أشهر الروايتين عند أحمد اختارها الأكثرون قال ناظم المفردات: هي الأشهر قال الشيخ تقي الدين: اختارها أكثر المتقدمين قال الزركشي: والمتوسطين أيضا كالقاضي والشريف وابن البنا وابن عبدوس وغيرهم وقدمه في الفصول وهو من مفردات المذهب ولم يستثن في التلخيص إلا بول الآدمي فقط وروى صالح عن أحمد مثله.
تنبيه: مراده بقوله: "إلا أن تكون النجاسة بولا" بول الآدمي بلا ريب بقرينة ذكر العذرة.

فإنها خاصة بالآدمي وهو المذهب وقطع به الجمهور مصرحين به منهم صاحب المذهب والمغني والشرح والمحرر والبلغة وابن منجا في شرحه وابن عبيدان والرعاية الصغرى والفروع وغيرهم وقدمه في الفائق والرعاية الكبرى وابن تميم وغيرهم وذكر القاضي: أن كل بول نجس حكمه حكم بول الآدمي نقله عنه ابن تميم وغيره وحكاه في الرعاية قولا وقال في الفائق: قال ابن أبي موسى: أو كل نجاسة يعني كالبول والغائط فأدخل غيرهما وظاهره مشكل.
تنبيه: قطع المصنف هنا بأن تكون العذرة مائعة وهو أحد الوجهين قطع الشارح وابن منجا في شرحه لابن عبيدان وابن تميم والخرقي والكافي والفصول والرعاية الصغرى والمذهب والتلخيص والبلغة والنظم وناظم المفردات والمذهب الأحمد وقدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني:: يشترط أن تكون مائعة أو رطبة وهو المذهب جزم به في الإرشاد والمستوعب والمحرر والحاويين والفائق وتجريد العناية والزركشي وقدمه في الفروع فائدة: وكذا الحكم لو كانت يابسة وذابت على الصحيح من المذهب: نص عليه وعنه الحكم كذلك ولو لم تذب.
قوله: "إلا أن تكون مما لا يمكن نزحه".
اختلف الأصحاب في مقدار الذي لا يمكن نزحه والصحيح من المذهب: أنه مقدر بالمصانع التي بطريق مكة صرح به الخرقي وصاحب المستوعب والفروع وابن رزين: وغيرهم قال المصنف في المغني ولم أجد عن إمامنا ولا عن أحد من أصحابنا تحديد ما لا يمكن نزحه بأكثر من تشبيهه بمصانع مكة وقال في المبهج ما لا يمكن نزحه في الزمن اليسير قال: والمحققون من أصحابنا يقدرونه ببئر بضاعة وقدره سائر الأصحاب بالمصانع الكبار كالتي بطريق مكة وجزم في الرعاية الصغرى والحاويين: بأنه الذي لا يمكن نزحه عرفا وقدمه في الرعاية الكبرى وقال كمصانع طريق مكة.
فوائد
إحداها لو تغير بعض الكثير بنجاسة فباقيه طهور إن كان كثيرا على الصحيح من المذهب: جزم به في المستوعب وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والمغني والشرح ونصراه وصححه في الحاوي الكبير وابن عبيدان: وابن نصر الله في حواشيه وقال ابن عقيل الجميع نجس وقدمه ابن رزين: في شرحه وأطلقهما في الفروع وابن تميم وقيل: الباقي طهور وإن قل ذكره في الرعاية.
قلت: اختاره القاضي ذكره في المستوعب.
ولو كان التغير بطاهر فما لم يتغير طهور وجها واحدا والمتغير طاهر فإن زال فطهور.

الثانية: يجوز ويصح استعمال الماء الطهور في كل شيء ويجوز استعمال الطاهر من الماء والمائع في كل شيء لكن لا يصح استعماله في رفع الأحداث وإزالة الأنجاس ولا في طهارة مندوبة قال في الرعاية على المذهب قال ابن تميم ينتفع به في غير التطهير وقال القاضي غسل النجاسة بالمائع والماء المستعمل مباح وإن لم يطهر به قال في الفروع فيما إذا غمس يده وقلنا إنه طاهر غير مطهر يجوز استعماله في شرب وغيره.
وقيل: يكره وقيل: يحرم صححه الأزجي للأمر بإراقته كما تقدم انتهى.
والنجس: لا يجوز استعماله بحال إلا لضرورة دفع لقمة غص بها وليس عنده طهور ولا طاهر أو لعطش معصوم آدمي أو بهيمة سواء كانت تؤكل أولا ولكن لا تحلب قريبا أو لطفء حريق متلف ويجوز بل التراب به وجعله طينا يطين به ما لا يصلى عليه قاله في الرعاية وغيرها وقال في الفروع وحرم الحلواني استعماله إلا لضرورة وذكر جماعة: أن سقيه للبهائم كالطعام النجس وقال الأزجي في نهايته: لا يجوز قربانه بحال بل يراق وقاله القاضي في التعليق في المتغير وأنه في حكم عين نجسة بخلاف قليل نجس لم يتغير.
الثالثة: قال في الفروع وظاهر كلامهم أن نجاسة الماء عينية.
قلت: وفيه بعد وهو كالصريح في كلام أبي بكر في التنبيه: وقد تقدم أن النجاسة لا يمكن تطهيرها وهذا يمكن تطهيره.
فظاهر كلامهم إذن: أنها حكمية وهو الصواب قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة ليست نجاسته عينية لأنه يطهر غيره فنفسه أولى وأنه كالثوب النجس وذكر بعض الأصحاب في كتب الخلاف أن نجاسته مجاورة سريعة الإزالة لا عينية ولهذا يجوز بيعه وذكر الأزجي أن نجاسة الماء المتغير بالنجاسة نجاسة مجاورة ذكره عنه في الفروع في باب إزالة النجاسة.
قوله: "وإذا انضم إلى الماء النجس ماء طاهر كثير طهره إن لم يبق فيه تغير".
وهذا بلا نزاع إذا كان المتنجس بغير البول والعذرة إلا ما قاله أبو بكر على ما يأتي قريبا فأما إن كان المتنجس بأحدهما إذا لم يتغير وقلنا: أنهما ليسا كسائر النجاسات فالصحيح من المذهب: أنه لا يطهر إلا بإضافة ما لا يمكن نزحه قطع به في المستوعب والشرح والفائق وابن عبيدان وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين وغيرهم وقيل: يطهر إذا بلغ المجموع ما لا يمكن نزحه وأطلقهما ابن تميم وقيل: يطهر بإضافة قلتين طهوريتين وهو ظاهر كلام المصنف هنا قال ابن تميم: وهو ظاهر كلام القاضي في موضع [قال شيخنا في حواشي الفروع: الذي يظهر أن هذا القول] وقال أبو بكر في التنبيه: إذا انماعت النجاسة في الماء فهو نجس

لا يطهر ولا يطهر قال في المستوعب: وهو محمول على أنه لا يطهر بنفسه إذا كان دون القلتين.
فائدة: الإفاضة صب الماء على حسب الإمكان عرفا على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو ظاهر المغني والشرح وابن تميم وغيرهم وجزم به في الكافي وابن عبيدان وغيرهما وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى: وغيرهما واعتبر الأزجي وصاحب المستوعب الاتصال في صبه.
قوله: "وإن كان الماء النجس كثيرا فزال تغيره بنفسه أو بنزح بقي بعده كثير طهر".
إذا كان الماء المتنجس كثيرا فتارة يكون متنجسا ببول الآدمي أو عذرته وتارة يكون بغيرهما فإن كان بأحدهما: فقد تقدم ما يطهره إذا كان غير متغيرا وإن كان متغيرا بأحدهما فتارة يكون مما لا يمكن نزحه وتارة يكون مما يمكن نزحه فإن كان مما يمكن نزحه فتطهيره بإضافة ما لا يمكن نزحه إليه أو بنزح يبقى بعده ما لا يمكن نزحه جزم به ابن عبيدان وغيره فإن أضيف إليه ما يمكن نزحه لم يطهره على الصحيح من المذهب وقيل: يطهره وأطلقهما في الرعاية الكبرى فإن زال تغيره بمكثه طهر على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية الكبرى وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وقيل: لا يطهر وأطلقهما ابن عبيدان وإن كان مما يمكن نزحه فتطهيره بإضافة ما لا يمكن نزحه عرفا كمصانع مكة على الصحيح من المذهب وقيل: كبئر بضاعة وإن زال تغيره بطهور يمكن نزحه: فلم يمكن نزحه لم يطهر على الصحيح من المذهب وقيل: يطهر
وإن كان متنجسا بنجاسة غير البول والعذرة فالصحيح من المذهب: أنه يطهر بزوال تغيره بنفسه وقطع به جمهور الأصحاب منهم صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمحرر والوجيز والنظم والفائق وغيرهم قال في الفروع والرعايتين والحاويين ويطهر الكثير النجس بزوال تغيره بنفسه على الأصح وقال ابن تميم: أظهرهما يطهر وقال ابن عبيدان: الأولى يطهر وقدمه في الشرح وغيره وقال ابن عقيل: هل المكث يكون طريقا إلى التطهير؟ على وجهين وصحح أنه يكون طريقا إليه وعنه لا يطهر بمكثه بحال قال ابن عقيل يحتمل أن لا يطهر إذا زال تغيره بنفسه بناء على أن النجاسة لا تطهر بالاستحالة وأطلقهما في التلخيص والبلغة
تنبيهان
أحدهما: قوله: "طهر يعني: صار طهورا وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقال في الرعاية الكبرى: ما طهر من الماء بالمكاثرة أو بمكثه: طهور ويحتمل أنه طاهر لزوال النجاسة به.
الثاني مفهوم قوله: "أو بنزح يبقى بعده كثير" أنه لو بقي بعده قليل: أنه لا يطهر وهو

المذهب وقيل: يطهر قال في مجمع البحرين: قلت: تطهير الماء بالنزح لا يزيد على تحويله لأن التنقيص والتقليل ينافي ما اعتبره الشرع في دفع النجاسة من الكثرة وفيه تنبيه: على أنه إذا حرك فزال تغيره: طهر لو كان به قائل لكنه يدل على أنه إذا زال التغير بماء يسير أو غيره من تراب ونحوه: طهر بطريق الأولى لاتصافه بأصل التطهير انتهى.
فائدتان
إحداهما: الماء المنزوح طهور ما لم تكن عين النجاسة فيه على الصحيح من المذهب وقيل: طاهر لزوال النجاسة به.
الثانية: قال في الفروع وفي غسل جوانب بئر نزحت وأرضها روايتان وأطلقهما في المستوعب وشرح ابن عبيدان وابن تميم والفائق والمذهب إحداهما: لا يجب غسل ذلك وهو الصحيح قال المجد في شرحه: هذا الصحيح دفعا للحرج والمشقة وصححه في مجمع البحرين والثانية: يجب غسل ذلك وقال في الرعايتين والحاويين: ويجب غسل البئر النجسة الضيقة وجوانبها وحيطانها وعنه والواسعة أيضا انتهى قال القاضي في الجامع الكبير: الروايتان في البئر الواسعة والضيقة: يجب غسلها رواية واحدة.
قوله: "وإن كوثر بماء يسير أو بغير الماء فإن زال التغير لم يطهر".
اعلم أن الماء المتنجس تارة يكون كثيرا وتارة يكون يسيرا.
فإن كان كثيرا وكوثر بماء يسير أو بغير الماء: لم يطهر على الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في التلخيص والبلغة والإفادات والوجيز والمنور والمنتخب والمذهب الأحمد وغيرهم وقدمه في الكافي والفروع والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفائق وتجريد العناية وإدراك الغاية وغيرهم ونصره المجد في شرحه وابن عبيدان وغيرها قال ابن تميم: لم يطهر في أظهر الوجهين.
ويتخرج أن يطهر وهو وجه لبعض الأصحاب حكاه في المغني والشرح وابن تميم وجزم به في المستوعب وغيره واختاره في مجمع البحرين: وعلله في المستوعب بأنه لو زال بطول المكث طهر فأولى أن يطهر [إذا كان يطهر] بمخالطته لما دون القلتين قال في النكت: فخالف في هذه الصورة أكثر الأصحاب وأطلق الوجهين في المغني والشرح وقيل: يطهر بالمكاثرة بالماء اليسير دون غيره وهو الصواب وأطلق في الإيضاح روايتين في التراب.
وإن كان الماء المتنجس دون القلتين: وأضيف إليه ماء طهور دون القلتين وبلغ المجموع قلتين فأكثر الأصحاب ممن خرج في الصورة التي قبلها جزم هنا بعدم التطهير ويحتمله كلام المصنف هنا وحكى بعضهم وجها هنا وبعضهم تخريجا: أنه يطهر إلحاقا وجعلا للكثير بالانضمام كالكثير من غير انضمام وهو الصواب وهو ظاهر تخريج المحرر.
فعلى هذا خرج بعضهم طهارة قلة نجسة إذا أضيفت إلى قلة نجسة وزال التغير ولم يكمل

ببول أو نجاسة.
قلت: وهو الصواب وفرق بعض الأصحاب بينها ونص أحمد لا يطهر.
وخرج في الكافي: طهارة قلة نجسة إذا أضيفت إلى مثلها قال لما ذكرنا وإنما ذكر الخلاف في القليل المطهر إذا أضيف إلى كثير نجس قال في النكت وكلامه في الكافي فيه نظر.
تنبيهان
أحدهما: يخرج المصنف وغيره من مسألة زوال التغيير بنفسه قاله الشارح وابن عبيدان وابن منجا في شرحه والمصنف في الكافي وغيرهم.
الثاني: قوله: "أو بغير الماء مراده غير المسكر وماله رائحة تعطى رائحة النجاسة كالزعفران ونحوه قاله الأصحاب.
فوائد
إحداها: لو اجتمع من نجس وطاهر وطهور قلت:ان بلا تغيير فكله نجس على الصحيح من المذهب وقيل: طاهر وقيل: طهور وهو الصواب.
الثانية: إذا لاقت النجاسة مائعا غير الماء تنجس قليلا كان أو كثيرا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ونقله الجماعة وعنه حكمه حكم الماء اختاره الشيخ تقي الدين وعنه حكمه حكم الماء بشرط كون الماء أصلا له كالخل التمري ونحوه لأن الغالب فيه الماء وأطلقهن ابن تميم والبول هنا كغيره وقال في الرعايتين: قلت: بل أشد.
الثالثة: لو وقع في الماء المستعمل في رفع الحدث [وقلنا: إنه طاهر] أو طاهر غيره من الماء نجاسة لم ينجس إذا كان كثيرا على الصحيح من المذهب قدمه [في المغني وشرح ابن رزين ]وابن عبيدان [وصححه ابن منجا في نهايته وغيره] ويحتمل أن ينجس وقدمه في الرعاية الكبرى وقال عن الأول: فيه نظر وهو كما قال وأطلقهما في الشرح الكبير وابن تميم.
قوله: "وهما خمسمائة رطل بالعراقي".
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به الخرقي والهداية والإيضاح والمذهب والتلخيص والبلغة والخلاصة والوجيز والمنور والمنتخب والمذهب الأحمد وإدراك الغاية وغيرهم وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاويين والنظم ومجمع البحرين: وقال إنه أولى وابن رزين وقال: إنه أصح والمستوعب وقال: إنه أظهر واختاره ابن عبدوس في تذكرته قال الزركشي: هذا المشهور والمختار للأصحاب وعنه أربعمائة: قدمه ابن تميم وصاحب الفائق وأطلقهما في الكافي وقال في الرعاية الكبرى وحكى عنه ما يدل على أن القلتين ستمائة رطل انتهى.
قلت: ويؤخذ من رواية نقلها ابن تميم وبن حمدان وغيرهما أن القلتين أربعمائة رطل

وستة وستون رطلا وثلثا رطل فإنهم قالوا: القلة تسع قربتين وعنه ونصف وعنه وثلث والقربة تسع مائة رطل عند القائلين بها فعلى الرواية الثالثة: يكون القلتان ما قلنا ولم أجد من صرح به وإنما يذكرون الروايات فيما تسع القلة وما قلناه لازم ذلك.
فائدتان
إحداهما: مساحة القلتين إذا قلنا إنهما خمسمائة رطل ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا قاله في الرعاية وغيره.
الثانية: الصحيح من المذهب: أن الرطل العراقي مائة درهم وثمان وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم فهو سبع الرطل الدمشقي ونصف سبعه وعلى هذا جمهور الأصحاب وقيل: هو مائة وثمانية وعشرون وثلاثة أسباع درهم: نقله الزركشي عن صاحب التلخيص فيه ولم أجد في النسخة التي عندي إلا كالمذهب المتقدم وقيل: هو مائة وثمانية وعشرون درهما وهو في المغني القديم وقيل: مائة وثلاثون درهما وقال في الرعاية في صفة الغسل: والرطل العراقي الآن: مائة وثلاثون درهما وهو أحد وتسعون مثقالا وكان قبل ذلك تسعون مثقالا زنتها مائة وثمانية وعشرون وأربعة أسباع فزيد فيها مثقال ليزول الكسر وقال غيره ذلك فعلى المذهب: تكون القلتان بالدمشقي مائة رطل وسبعة أرطال وسبع رطل.
قوله: "وهل ذلك تقريب أو تحديد؟ على وجهين".
وأطلقهما في المذهب والتلخيص والبلغة والنظم وابن منجا في شرحه والحاويين.
أحدهما: أنه تقريب وهو المذهب جزم به في العمدة والوجيز والمنور والتسهيل وغيرهم وقدمه في الفروع وابن تميم والرعاية الصغرى وغيرهم وصححه في المغني والشرح ومجمع البحرين والفائق وابن عبيدان وشرح ابن رزين وغيرهم قال في الكافي أظهرهما أنه تقريب واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره.
والوجه الثاني:: أنه تحديد اختاره أبو الحسن الآمدي قال ابن عبيدان: وهو اختيار القاضي قال الشارح: وهو ظاهر قول القاضي وقدم في الرعاية الكبرى إذا قلنا هما خمسمائة: يكون تقريبا وأطلق الوجهين إذا قلنا: هما أربعمائة واختار: أن الأربعمائة تحديد والخمسمائة تقريب وقدم في المحرر: أن الخمسمائة تقريب
تنبيهان
أحدهما: في محل الخلاف في التقريب والتحديد للأصحاب طرق.
أصحها: أنه جار سواء قلنا هما خمسمائة أو أربعمائة كما هو ظاهر كلام المصنف هنا والكافي وابن تميم والفروع والفائق والحاويين والشرح والنظم وغيرهم.
الطريقة الثانية: أن محل الخلاف إذا قلنا هما خمسمائة وهي طريقته في المحرر

والرعاية الصغرى وهو ظاهر كلامه في المغني فإنه قال: اختلف أصحابنا: هل هما خمسمائة رطل تقريبا أو تحديدا؟ قال ابن منجا في شرحه وهو الأشبه.
الطريقة الثالثة: في الخمسمائة روايتان وفي الأربعمائة وجهان وهي المقدمة في الرعاية الكبرى ثم قال: وقيل: الوجهان إذا قلنا هما خمسمائة وهو أظهر انتهى.
الثاني: حكى المصنف الخلاف هنا وجهين وكذا في المذهب والكافي والمغني والشرح وابن تميم وابن منجا وابن رزين في شرحيهما وحكى الخلاف روايتين في التلخيص والبلغة والمجد والفروع والرعاية الصغرى والفائق والحاويين وابن عبدوس في تذكرته وقال في الرعاية الكبرى: الروايتان في الخمسمائة والوجهان في الأربعمائة وقدم في مجمع البحرين وابن عبيدان: أن الخلاف وجهان.
وفائدة الخلاف في أصل المسألة: أن من اعتبر التحديد لم يعف عن النقص اليسير والقائلون بالتقريب يعفون عن ذلك.
فوائد
إحداها: لو شك في بلوغ الماء قدرا يدفع النجاسة ففيه وجهان وأطلقهما في المغني والشرح وابن عبيدان والفروع والرعايتين والحاويين أحدهما: أنه نجس وهو الصحيح قاله المجد في شرح الهداية قال في القواعد الفقهية: هذا المرجح عند صاحب المغني والمحرر والثاني: أنه طاهر قال في القواعد [الفقهية] وهو أظهر
الثانية: لو أخبره عدل بنجاسة الماء قبل قوله إن عين السبب على الصحيح من المذهب وإلا فلا وقيل: يقبل مطلقا ومشهور الحال: كالعدل على الصحيح قاله المصنف والشارح وصححه في الرعاية وقيل: لا يقبل قوله وأطلقهما في الفروع ويشترط بلوغه وهو ظاهر المغني والشرح فإنهما قيداه بالبلوغ وقيل: يقبل قول المميز وأطلقهما في الفروع ولا يلزم السؤال عن السبب قدمه في الفائق وقيل: يلزم وأطلقهما في الفروع.
الثالثة: لو أصابه ماء ميزاب ولا أمارة: كره سؤاله عنه على الصحيح من المذهب: ونقله صالح فلا يلزم الجواب وقيل: بلى كما لو سأل عن القبلة وقيل: الأولى السؤال والجواب وقيل: بلزومهما وأوجب الأزجي إجابته إن علم نجاسته وإلا فلا.
قلت: وهو الصواب وقال أبو المعالي إن كان نجسا لزمه الجواب وإلا فلا نقله ابن عبيدان
قوله: "وإن اشتبه الطاهر بالنجس لم يتحر فيهما على الصحيح من المذهب".
وكذا قال في الهداية والمذهب وهو كما قالوا وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في البلغة والوجيز والمذهب الأحمد والإفادات والمنتخب والتسهيل وغيرهم وقدمه في المذهب والمستوعب والكافي والمغني والشرح والتلخيص والمحرر والرعايتين

والنظم ومجمع البحرين والحاويين وابن رزين وابن عبيدان وابن تميم وغيرهم قال الزركشي وهو المختار للأكثرين وهو من مفردات المذهب وعنه يتحرى إذا كثر عدد الطاهر اختارها أبو بكر وبن شاقلا وأبو علي النجاد قال ابن رجب في القواعد وصححه ابن عقيل.
تنبيهان
أحدهما: إذا قلنا يتحرى إذا كثر عدد الطاهر فهل يكفي مطلق الزيادة ولو بواحد أو لا بد من الكثرة عرفا أو لا بد أن تكون تسعة طاهرة وواحد نجس أو لا بد أن تكون عشرة طاهرة وواحد نجس؟ فيه أربعة أقوال قدم في الفروع: أنه يكفي مطلق الزيادة وهو الصحيح وقدم في الرعايتين والحاوي الكبير: العرف واختاره القاضي في التعليق فقال: يجب أن يعتبر بما كثر عادة وعرفا واختاره النجاد وقال الزركشي المشهور عند القائل بالتحري إذا كان النجس عشر الطاهر: يتحرى وجزم به في المذهب والتلخيص وغيرهم وقال القاضي في جامعه: ظاهر كلام أصحابنا اعتبار ذلك بعشرة طاهرة وواحد نجس وأطلقهن ابن تميم وأطلق الأوجه الثلاثة الأول: الزركشي والفائق.
الثاني: قوله: "لم يتحر فيهما على الصحيح من المذهب" يشعر أن له أن يتحرى في غير الصحيح من المذهب: سواء كثر عدد النجس أو الطاهر أو تساويا ولا قائل به من الأصحاب لكن في مجمع البحرين أجراه على ظاهره وقال أطلق المصنف وفاقا لداود وأبي ثور والمزني وسحنون من أصحاب مالك.
قلت: والذي يظهر: أن المصنف لم يرد هذا وأنه لم ينفرد بهذا القول والدليل عليه قوله: "في الصحيح من المذهب" فدل أن في المذهب خلافا موجودا قبله غير ذلك وإنما الخلاف فيما إذا كثر عدد الطاهر على ما تقدم أما إذا تساويا أو كان عدد النجس أكثر: فلا خلاف في عدم التحري إلا توجيه لصاحب الفائق مع التساوي ردا إلى الأصل فيحتاج كلام المصنف إلى جواب لتصحيحه.
فأجاب ابن منجا في شرحه بأن قال: هذا من باب إطلاق اللفظ المتواطئ إذا أريد به بعض محاله وهو مجاز سائغ.
قلت: ويمكن أن يجاب عنه بأن الإشكال إنما هو في مفهوم كلامه والمفهوم لا عموم له عند المصنف وابن عقيل والشيخ تقي الدين وغيرهم من الأصوليين وأنه يكفي فيه صورة واحدة كما هو مذكور في أصول الفقه وهذا مثله وإن كان من كلام غير الشارع.
ثم ظهر لي جواب آخر أولى من الجوابين وهو الصواب وهو أن الإشكال إنما هو على القول المسكوت عنه ولو صرح به المصنف لقيده وله في كتابه مسائل كذلك نبهت على ذلك في أول الخطبة.

فوائد
إحداها: ظاهر كلام الأصحاب القائلين بالتحري: أنه لا يتيمم وهو صحيح واختار في الرعاية الكبرى: أنه يتيمم معه فقد يعايى بها.
الثانية: حيث أجزنا له التحري فتحرى فلم يظن شيئا قال في الرعاية الكبرى: أراقهما أو خلطهما بشرطه المذكور انتهى.
قلت: فلو قيل بالتيمم من غير إراقة ولا خلط لكان أوجه بل هو الصواب لأن وجود الماء المشتبه هنا كعدمه.
تنبيه: محل الخلاف: إذا لم يكن عنده طهور بيقين أما إذا كان عنده طهور بيقين فإنه لا يتحرى قولا واحدا.
ومحل الخلاف أيضا: إذا لم يمكن تطهير أحدهما بالآخر: فإن أمكن تطهير أحدهما بالآخر: امتنع من التيمم قاله الأصحاب لأنهم إنما أجازوا التيمم هنا بشرط عدم القدرة على استعمال الطهور وهنا هو قادر على استعماله
مثاله: أن يكون الماء النجس دون القلتين بيسير والطهور قلت:ان فأكثر بيسير أو يكون كل واحد قلتين فأكثر ويشتبه.
ومحل الخلاف أيضا: إذا كان النجس غير بول فإن كان بولا لم يتحر وجها واحدا قاله في الكافي وابن رزين وغيرهما.
الثالثة: لو تيمم وصلى ثم علم النجس: لم تلزمه الإعادة على الصحيح من المذهب وقيل: تلزمه ولو توضأ من أحدهما من غير تحر فبان أنه طهور: لم يصح وضوءه على الصحيح من المذهب وقيل: يصح وأطلقهما في الحاوي الكبير والفائق.
الرابعة: لو احتاج إلى الشرب لم يجز من غير تحر على الصحيح من المذهب وعنه يجوز وأطلقهما في الفروع ومتى شرب ثم وجد ماء طاهر: فهل يجب غسل فمه؟ على وجهين جزم في الفائق بعدم الوجوب وصححه في مجمع البحرين وقدمه في الحاوي الكبير وقدم في الرعايتين والحاوي الصغير: وجوب الغسل وأطلقهما ابن تميم والفروع.
الخامسة: الماء المحرم عليه استعماله كالماء النجس على ما تقدم على الصحيح من المذهب: وقيل: يتحرى هنا ويحتمل أن يتوضأ من كل إناء وضوءا ويصلي بهما ما شاء ذكره في الرعاية.
قوله: "وهل يشترط إراقتهما أو خلطهما؟ على روايتين".
وأطلقهما في المستوعب والكافي والتلخيص والبلغة والمحرر وابن منجا في شرحه والمذهب الأحمد والزركشي والفائق وابن عبيدان والفروع.

إحداهما: لا يشترط الإعدام وهي المذهب قال في المذهب: هذا أقوى الروايتين قال الناظم: هذا أولى وصححه في التصحيح وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في التذكرة والتسهيل وجزم به في الوجيز [والعمدة] والإفادات والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في إدراك الغاية وابن تميم واختاره أبو بكر وابن عقيل والمصنف والشارح.
والرواية الثانية: يشترط اختاره الخرقي قال المجد وتبعه في مجمع البحرين: هذا هو الصحيح وقدمه في الهداية والخلاصة وابن رزين والرعايتين والحاويين وغيرهم وقال في الرعاية الكبرى: ويحتمل أن يبعد عنهما بحيث لا يمكن الطلب وقال في الرعاية الصغرى: أراقهما وعنه: أو خلطهما وقال في الكبرى: خلطهما أو أراقهما وعنه تتعين الإراقة وقطع الزركشي: أن حكم الخلط حكم الإراقة وهو كذلك
فوائد
إحداها: لو علم أحد النجس فأراد غيره أن يستعمله: لزمه إعلامه قدمه في الرعاية الكبرى في باب النجاسة وفرضه في إرادة التطهر به وقيل: لا يلزمه وقيل: يلزمه إن قيل إن إزالتها شرط في صحة الصلاة وهو احتمال لصاحب الرعاية وأطلقهن في الفروع.
الثانية: لو توضأ بماء ثم علم نجاسته أعاد على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ونقله الجماعة خلافا للرعاية إن لم نقل إزالة النجاسة شرط قال في الفروع: كذا قال.
الثالثة: لو اشتبه عليه طاهر بنجس غير الماء كالمائعات ونحوها فقال في الرعايتين والحاويين: حرم التحري بلا ضرورة وقاله في الكافي كما تقدم.
تنبيهات
أحدها: ظاهر قوله: "وإن اشتبه طاهر بطهور توضأ من كل واحد منهما" أنه يتوضأ وضوأين كاملين من هذا وضوءا كاملا منفردا ومن الآخر كذلك وهو أحد الوجهين وصرح بذلك وجزم به في المغني والكافي والهادي والوجيز وابن رزين والحاوي الكبير وابن عبدوس في تذكرته والمنتخب والمنور والإفادات وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والنظم وهو ظاهر كلامه [في الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والشرح والمذهب الأحمد وإدراك الغاية والمحرر] والخلاصة وابن منجا في شرحه والفائق وابن عبيدان وغيرهم قال في مجمع البحرين: هذا قول أكثر الأصحاب ذكره آخر الباب.
والوجه الثاني:: أنه يتوضأ وضوءا واحدا من هذا غرفة ومن هذا غرفة وهو المذهب قال ابن تميم: هذا أصح الوجهين قال في تجريد العناية: يتوضأ وضوءا واحدا في الأظهر قال في القواعد الأصولية في[...] القاعدة السادسة: عشر مذهبنا يتوضأ منها وضوءا واحدا وقدمه في

الفروع ومجمع البحرين وأطلقهما في القواعد الأصولية في موضع آخر.
وتظهر فائدة الخلاف: إذا كان عنده طهور بيقين فمن يقول: "يتوضأ وضوأين" لا يصحح الوضوء منهما ومن يقول: "وضوءا واحدا: من هذا غرفة ومن هذا غرفة" يصحح الوضوء كذلك مع الطهور المتيقن.
الثاني ظاهر قوله: "توضأ" أنه لا يتحرى وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وذكر في الرعاية قولا بالتحري إذا اشتبه الطهور بمائع طاهر غير الماء.
فائدة: لو ترك فرضه وتوضأ من واحد فقط ثم بان أنه مصيب فعليه الإعادة على الصحيح من المذهب وقال القاضي أبو الحسين: لا إعادة عليه.
الثالث: قال ابن عبيدان: قال ابن عقيل: ويتخرج في هذا الماء أن يتوضأ بأيهما شاء على الرواية التي تقول إنه طهور ويتخرج على الرواية التي تقول بنجاسته: أنه لا يتحرى انتهى.
قلت: هذا متعين وهو مراد الأصحاب.
ومتى حكمنا بنجاسته أو بطهوريته فما اشتبه طاهر بطهور وإنما اشتبه طهور بنجس أو بطهور مثله ولبست المسألة فلا حاجة إلى التخريج ومراد ابن عقيل: إذا كان الطاهر مستعملا في رفع الحدث والمسألة أعم من ذلك.
قوله: "وصلى صلاة واحدة".
وهذا المذهب سواء قلنا: يتوضأ وضوأين أو وضوءا واحدا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال ابن عقيل: يصلي صلاتين إذا قلنا: يتوضأ وضوأين قال في الحاوي الكبير وابن عبيدان وغيرهما وليس بشيء قال في مجمع البحرين: وهو مفض إلى ترك الجزم بالنية من غير حاجة.
فائدة: لو احتاج إلى شرب تحرى وشرب الماء الطاهر عنده وتوضأ بالطهور ثم تيمم معه احتياطا إن لم يجد طهورا غير مشتبه.
قوله: "وإن اشتبهت الثياب الطاهرة بالنجسة صلى في كل ثوب صلاة بعدد النجس وزاد صلاة".
يعني: إذا علم عدد الثياب النجسة وهذا المذهب مطلقا نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المغني والشرح ومجمع البحرين وابن منجا وابن عبيدان في شروحهم والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والعمدة والحاوي الكبير والتسهيل وغيرهم وقدمه في الفروع وابن تميم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وتجريد العناية وغيرهم وهو من المفردات.
وقيل: يتحرى مع كثرة الثياب النجسة للمشقة اختاره ابن عقيل قال في الكافي وإن كثر عدد النجس فقال ابن عقيل يصلي في أحدهما: بالتحري انتهى وقيل: يتحرى سواء قلت

الثياب أو كثرت قاله ابن عقيل في فنونه ومناظراته واختاره الشيخ تقي الدين وقيل: يصلي في واحد بلا تحر وفي قلت: هذا متعين وهو مراد الأصحاب وفي الإعادة وجهان قال في الفروع ويتوجه أن هذا فيما إذا بان طاهرا وقال في الرعاية الكبرى: وقيل: يكرر فعل الصلاة الحاضرة كل مرة في ثوب منها بعدد النجس ويزيد صلاة وفرض المسألة في الكافي: فيما إذا أمكنه الصلاة في عدد النجس.
فوائد
إحداها: لو كثر عدد الثياب النجسة ولم يعلم عددها فالصحيح من المذهب: أنه يصلي حتى يتيقن أنه صلى في ثوب طاهر ونقل في المغني وغيره: أن ابن عقيل قال: يتحرى في أصح الوجهين.
تنبيه: محل الخلاف: إذا لم يكن عنده ثوب طاهر بيقين فإن كان عنده ذلك لم تصح الصلاة في الثياب المشتبهة قاله الأصحاب: وكذا الأمكنة.
الثانية: قال الأصحاب: لا تصح إمامة من اشتبهت عليه الثياب الطاهرة بالنجسة.
الثالثة: لو اشتبهت أخته بأجنبية لم يتحر للنكاح على الصحيح من المذهب وقيل: يتحرى في عشرة وله النكاح من قبيلة كبيرة وبلدة وفي لزوم التحري وجهان وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد الأصولية قال في الفائق: لو اشتبهت أخته بنساء بلد لم يمنع من نكاحهن ويمنع في عشر وفي مائة وجهان وقال في الرعايتين والحاويين وقيل: يتحرى في مائة وهو بعيد انتهى وقال في القاعدة السادسة: بعد المائة إذا اشتبهت أخته بنساء أهل مصر جاز له الإقدام على النكاح ولا يحتاج إلى التحري على أصح الوجهين وكذا لو اشتبهت ميتة بلحم أهل مصر أو قرية وقال في القاعدة التاسعة: بعد المائة لو اشتبهت أخته بعدد محصور من الأجنبيات منع من[...] بكل واحدة منهن حتى يعلم أخته من غيرها انتهى وقدم في المستوعب أنه لا يجوز حتى يتحرى.
ولو اشتبهت ميتة بمذكاة وجب الكف عنهما ولم يتحر من غير ضرورة والحرام باطنا الميتة في أحد الوجهين اختاره الشيخ تقي الدين والوجه الثاني: هما اختاره المصنف قال في الفروع ويتوجه من جواز التحري في اشتباه أخته بأجنبيات مثله في الميتة بالمذكاة قال أحمد أما شاتان لا يجوز التحري فأما إذا كثرن فهذا غير هذا ونقل الأثرم أنه قيل له فثلاثة قال لا أدري.
الرابعة: لا مدخل للتحري في العتق والصلاة قاله ابن تميم وغيره.

باب الآنية
:
تنبيه: يستثنى من قوله: "كل إناء طاهر يباح اتخاذه واستعماله" عظم الآدمي فإنه لا

يباح استعماله ويستثنى المغصوب لكن ليس بوارد على المصنف ولا على غيره لأن استعماله مباح من حيث الجملة ولكن عرض له ما أخرجه عن أصله وهو الغصب.
قوله: "يباح اتخاذه واستعماله".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب إلا أن أبا الفرج المقدسي كره الوضوء من إناء نحاس ورصاص وصفر والنص عدمه قال الزركشي ولا عبرة بما قاله وأبا الوقت الدينوري كره الوضوء من إناء ثمين كبلور وياقوت ذكره عنه ابن الصيرفي وقال في الرعاية الكبرى: يحتمل الحديد وجهين.
قوله: "إلا آنية الذهب والفضة والمضبب بهما فإنه يحرم اتخاذهما".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم منهم الخرقي وصاحب الهداية والخصال والمستوعب والمغني والوجيز والمنور وابن عبدوس في تذكرته وابن رزين وابن منجا في شرحهما وغيرهم.
قال المصنف لا يختلف المذهب فيما علمنا في تحريم اتخاذ آنية الذهب والفضة وقدمه في الفروع والمحرر والنظم والرعايتين والفائق ومجمع البحرين: والشرح وابن عبيدان وغيرهم وعنه يجوز اتخاذهما وذكرها بعض الأصحاب وجها في المذهب وأطلقهما في الحاويين وحكى ابن عقيل في الفصول عن أبي الحسن التميمي أنه قال إذا اتخذ مسعطا أو قنديلا أو نعلين أو مجمرة أو مدخنة ذهبا أو فضة كره ولم يحرم ويحرم سرير وكرسي ويكره عمل خفين من فضة ولا يحرم كالنعلين ومنع من الشربة والملعقة قال في الفروع كذا حكاه وهو غريب.
قلت: هذا بعيد جدا والنفس تأبى صحة هذا.
قوله: "واستعمالها".
يعني يحرم استعمالها وهذا المذهب نص عليه وعليه الأصحاب وأكثرهم قطع به وقيل: لا يحرم استعمالها بل يكره
قلت: وهو ضعيف جدا.
قال القاضي في الجامع الكبير ظاهر كلام الخرقي أن النهي عن استعمال ذلك نهي تنزيه لا تحريم وجزم في الوجيز بصحة الطهارة منهما مع قوله بالكراهة
قوله: "فإن توضأ منهما فهل تصح طهارته؟ على وجهين".
وهما روايتان وأطلقهما في الهداية وخصال ابن البنا والمذهب والكافي والتلخيص والبلغة والخلاصة والمحرر والنظم والمذهب الأحمد وابن تميم وابن عبيدان وغيرهم
أحدهما: تصح الطهارة منها وهو المذهب قطع به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور

والمنتخب والإفادات وغيرهم وصححه في المغني والشرح وابن عبيدان وتجريد العناية وابن منجا في شرحه والحارثي ذكره في الغصب وغيرهم وقدمه في الفروع والرعاية والحاويين وابن رزين في شرحه ولكن صاحب الوجيز جزم بالصحة مع القول بالكراهة كما تقدم.
والوجه الثاني: لا تصح الطهارة منها جزم به ناظم المفردات وهو منها واختاره أبو بكر والقاضي أبو الحسين والشيخ تقي الدين قاله الزركشي قال في مجمع البحرين: لا تصح الطهارة منها في أصح الوجهين وصححه ابن عقيل في تذكرته.
فائدة: الوضوء فيها كالوضوء منها ولو جعلها مصبا لفضل طهارته فهو كالوضوء منها على الصحيح من المذهب: والروايتين قاله في الفروع وغيره وعنه لا تصح الطهارة هنا.
فائدتان
إحداهما: حكم المموه والمطلى المطعم والمكفف ونحوه بأحدهما: كالمصمت على الصحيح من المذهب: وقيل: لا وقيل: إن بقي لون الذهب أو الفضة وقيل: واجتمع منه شيء إذا حك حرم وإلا فلا قال أحمد لا تعجبني الحلق وعنه هي من الآنية وعنه أكرهها وعند القاضي وغيره هي كالضبة.
الثانية: حكم الطهارة من الإناء المغصوب حكم الوضوء من آنية الذهب والفضة خلافا ومذهبا وعدم الصحة منه من مفردات المذهب قال ناظم المفردات وغيره وكذا لو اشترى إناء بثمن محرم.
قوله: "إلا أن تكون الضبة يسيرة من الفضة".
استثنى للإباحة مسألة واحدة لكن بشروط منها أن تكون ضبة وأن تكون يسيرة وأن تكون لحاجة ولم يستثنها المصنف لكن في كلامه أومأ إليها وأن تكون من الفضة ولا خلاف في جواز ذلك بل هو إجماع بهذه الشروط ولا يكره على الصحيح من المذهب: وقيل: يكره.
وأما ما يباح من الفضة والذهب فيأتي بيانه في باب زكاة الأثمان.
فائدة: في الضبة أربع مسائل كلها داخلة في كلام المصنف في المستثنى والمستثنى منه.
يسيرة بالشروط المتقدمة فتباح وكثيرة لغير حاجة فلا تباح مطلقا على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وجزم به واختار الشيخ تقي الدين الإباحة إذا كانت أقل مما هي فيه.
وكثيرة لحاجة فلا تباح على الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور وهو ظاهر المحرر والوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم قال الزركشي هذا المذهب وجزم به في الهداية

والمذهب والمستوعب والكافي والمغني والهادي والمصنف هنا وفروع أبي الحسين وخصال ابن البنا وابن رزين وابن منجا في شرحهما والخلاصة والنظم وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاويين والفائق ومجمع البحرين: وابن عبيدان والشيخ تقي الدين في شرح العمدة وغيرهم وقيل: لا يحرم اختاره ابن عقيل وهو مقتضى اختيار الشيخ تقي الدين بطريق الأولى: وأطلقهما في الفروع وابن تميم.
ويسيرة لحاجة فلا تباح على الصحيح من المذهب: نص عليه وقطع به في الهداية وفروع أبي الحسين وخصال ابن البنا والخلاصة وغيرهم وقدمه ابن رزين: وابن عبيدان ومجمع البحرين: والحاوي الكبير والشيخ تقي الدين في شرح العمدة وغيرهم وهو ظاهر كلامه في المذهب وإدراك الغاية والوجيز والتلخيص والبلغة والمنور والمنتخب وغيرهم قال في التلخيص والبلغة وإن كان التضبيب بالفضة وكان يسيرا على قدر حاجة الكسر فمباح قال الناظم وهو الأقوى قال في تجريد العناية لا تباح اليسيرة لزينة في الأظهر وقيل: لا يحرم اختاره جماعة من الأصحاب قاله الزركشي منهم القاضي وابن عقيل والشيخ تقي الدين قال في الفائق وتباح اليسيرة لغيرها في المنصوص وقدمه في المستوعب والرعايتين والحاوي الصغير وابن منجا في شرحه وهو ظاهر كلام المصنف في المستثنى وأطلقهما في الفروع والمحرر والمغني والكافي والشرح وابن تميم فقال في اليسير لغير حاجة أو لحاجة أوجه التحريم والكراهة والإباحة وقيل: فرق بين الحلقة ونحوها وغير ذلك فيحرم في الحلقة ونحوها دون غيرها واختاره القاضي أيضا في بعض كتبه وتقدم النص في الحلقة.
تنبيه: فعلى القول بعدم التحريم يباح على الصحيح من المذهب: اختاره القاضي وابن عقيل وجزم به صاحب المستوعب والشيرازي والمصنف في الكافي والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى: وقيل: يكره جزم به القاضي في تعليقه.
فائدة: حد الكثير ما عد كثيرا عرفا على الصحيح من المذهب: وقيل: ما استوعب أحد جوانب الإناء وقيل: ما لاح على بعد.
تنبيه: شمل قوله: "المضبب بهما" الضبة من الذهب فلا تباح مطلقا وهو الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقدمه في الفروع والكافي والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم وقيل: يباح يسير الذهب قال أبو بكر يباح يسير الذهب وقد ذكره المصنف في باب زكاة الأثمان وقيل: يباح لحاجة واختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الرعاية وأطلق ابن تميم في الضبة اليسيرة من الذهب الوجهين قال الشيخ تقي الدين وقد غلط طائفة من الأصحاب حيث حكت قولا بإباحة يسير الذهب تبعا في الآنية عن أبي بكر وأبو بكر إنما قال ذلك في باب اللباس والتحلي وهما أوسع وقال الشيخ تقي الدين أيضا يباح الاكتحال بميل الذهب والفضة لأنها حاجة ويباحان لها وقاله أبو المعالي ابن منجا أيضا.

قوله: "فلا بأس بها إذا لم يباشرها بالاستعمال".
المباشرة تارة تكون لحاجة وتارة تكون لغير حاجة فإن كانت لحاجة أبيحت بلا خلاف وإن كانت لغير حاجة فظاهر كلام المصنف هنا التحريم وهو ظاهر كلام الإمام أحمد قال في الوجيز والرعاية الصغرى والحاويين والخلاصة وغيرهم ولا تباشر بالاستعمال قال في مجمع البحرين: فحرام في أصح الوجهين واختاره ابن عقيل والمصنف انتهى ولعله أراد في المقنع قال الزركشي اختاره ابن عبدوس يعني المتقدم وقيل: يكره وحمل ابن منجا كلام المصنف عليه.
قلت: وهو بعيد وهو المذهب جزم به في المغني والشرح والكافي والهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والخصال لابن البنا وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في الرعاية الكبرى: وقيل: يباح وأطلقهن في الفروع وابن تميم وابن عبيدان.
فائدة: الحاجة هنا أن يتعلق بها غرض غير الزينة وإن كان غيره يقوم مقامه على الصحيح من المذهب: جزم به في المغني والشرح والزركشي وغيرهم وقدمه ابن عبيدان: والكافي والهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والخصال لابن البنا وتذكرة ابن عبدوس وقدمه في الرعاية الكبرى: وقيل: يباح وأطلقهن في الفروع وقال في ظاهر كلام بعضهم قال الشيخ تقي الدين مرادهم أن يحتاج إلى تلك الصورة لا إلى كونها من ذهب وفضة فإن هذه ضرورة وهي تبيح المفرد انتهى وقيل: متى قدر على التضبيب بغيرها لم يجز أن يضبب بها وهو احتمال لصاحب النهاية وقيل: الحاجة عجزه عن إناء آخر واضطراره إليه.
قوله: "وثياب الكفار وأوانيهم طاهرة مباحة الاستعمال ما لم تعلم نجاستها".
هذا المذهب مطلقا وعليه الجمهور قال في مجمع البحرين: هذا أظهر الروايتين وصححه في نظمه قال في تجريد العناية هذا الأظهر قال ناظم المفردات عليه الأكثرون وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في الفروع والمحرر والشرح والنظم والهداية والخلاصة والحاويين والفائق وقدمه في الرعايتين في الآنية وعنه كراهة استعمالها وأطلقهما في الكافي وابن عبيدان وقدم ناظم الآداب فيها إباحة الثياب وقطع بكراهة استعمال الأواني التي قد استعملوها وعنه المنع من استعمالها مطلقا وعنه ما ولى عوراتهم كالسراويل ونحوه لا يصلى فيه اختاره القاضي وقدمه ناظم المفردات في الكتابي ففي غيره أولى جزم به في الإفادات فيه وأطلقهما في الكافي وعنه أن من لا تحل ذبيحتهم كالمجوس وعبدة الأوثان ونحوهم لا يستعمل ما استعملوه من آنيتهم إلا بعد غسله ولا يؤكل من طعامهم إلا الفاكهة ونحوها اختاره القاضي أيضا وجزم به في المذهب والمستوعب وقدمه في الكافي وصححه المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين: وابن عبيدان وأطلقهما ابن تميم بعنه وعنه.

وأما ثيابهم فكثياب أهل الكتاب صرح به المصنف والشارح وابن عبيدان وغيرهم وقدمه المصنف هنا وأدخل الثياب في الرواية في المحرر والفروع وغيرهما والظاهر أنهما روايتان ومنع ابن أبي موسى من استعمال ثيابهم قبل غسلها وكذا ما سفل من ثياب أهل الكتاب قال القاضي وكذا من يأكل لحم الخنزير من أهل الكتاب في موضع يمكنهم أكله أو يأكل الميتة أو يذبح بالسن والظفر فقال أوانيهم نجسة لا يستعمل ما استعملوه إلا بعد غسله قال الشارح: وهو ظاهر كلام أحمد قال الخرقي في شرحه وبن أبي موسى لا يجوز استعمال قدور النصارى حتى تغسل وزاد الخرقي ولا أواني طبخهم دون أوعية الماء ونحوها انتهى وقيل: لا يستعمل قدر كتابي قبل غسلها.
فوائد
إحداها حكم أواني مدمني الخمر وملاقى النجاسات غالبا وثيابهم كمن لا تحل ذبائحهم وحكم ما صبغه الكفار حكم ثيابهم وأوانيهم.
الثانية: بدن الكافر طاهر عند جماعة كثيابه واقتصر عليه في الفروع وقيل: وكذا طعامه وماؤه قال ابن تميم قال أبو الحسين في تمامه والآمدي أبدان الكفار وثيابهم ومياههم في الحكم واحد وهو نص أحمد وزاد أبو الحسين وطعامهم.
الثالثة: تصح الصلاة في ثياب المرضعة والحائض والصبي مع الكراهة قدمه في مجمع البحرين: وعنه لا يكره وهي تخريج في مجمع البحرين: ومال إليه وأطلقهما ابن تميم وألحق ابن أبي موسى ثوب الصبي بثوب المجوسي في منع الصلاة فيه قبل غسله وحكى في القواعد في ثياب الصبيان ثلاثة أوجه الكراهة وعدمها والمنع.
قوله: "ولا يطهر جلد الميتة يعني النجسة بالدباغ".
هذا المذهب نص عليه أحمد في رواية الجماعة وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من مفردات المذهب وعنه يطهر منها جلد ما كان طاهرا في حال الحياة نقلها عن أحمد جماعة واختارها جماعة من الأصحاب منهم ابن حمدان في الرعايتين وابن رزين في شرحه وصاحب مجمع البحرين: والفائق وإليها ميل المجد في المنتقى وصححه في شرحه واختارها الشيخ تقي الدين وعنه يطهر جلد ما كان مأكولا في حال الحياة واختارها أيضا جماعة منهم ابن رزين: أيضا في شرحه ورجحه الشيخ تقي الدين في الفتاوى المصرية قال القاضي في الخلاف رجع الإمام أحمد عن الرواية الأولى: في رواية أحمد ابن الحسن وعبد الله الصافاني ورده ابن عبيدان: وغيره وقالوا إنما هو رواية أخرى قال الزركشي وعنه الدباغ مطهر فعليها هل يصيره الدباغ كالحياة وهو اختيار أبي محمد وصاحب التلخيص فيطهر جلد كل ما حكم بطهارته في الحياة أو كالذكاة وهو اختيار أبي البركات فلا يطهر إلا ما تطهره الذكاة؟ فيه وجهان انتهى.

تنبيه: إذا قلنا يطهر جلد الميتة بالدباغ فهل ذلك مخصوص بما كان مأكولا في حال الحياة أو يشمل جميع ما كان طاهرا في حال الحياة فيه للأصحاب وجهان وحكاهما في الفروع روايتين وأطلقهما ابن عبيدان: والزركشي وصاحب الفائق وغيرهم.
أحدهما: يشمل جميع ما كان طاهرا في حال الحياة وهو الصحيح اختاره المصنف وصاحب التلخيص والشرح وبن حمدان في رعايته والشيخ تقي الدين.
والوجه الثاني:: لا يطهر إلا المأكول اختاره المجد وابن رزين وابن عبد القوي في مجمع البحرين: والشيخ تقي الدين في الفتاوى المصرية وغيرهم].
قوله: "وهل يجوز استعماله في اليابسات؟ على روايتين".
أطلقهما في الفصول والمستوعب والمغني والشرح والتلخيص وابن تميم وابن عبيدان وابن منجا في شرحهما والحاويين والرعاية الكبرى: في هذا الباب والزركشي
إحداهما: يجوز وهو المذهب قال في مجمع البحرين: أصحهما الجواز وصححه في نظمه قال في الفروع ويجوز استعماله في يابس على الأصح وقدمه في الفائق.
والرواية الثانية: لا يجوز استعماله قال الشيخ تقي الدين هذا أظهر وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين في باب من النجاسات وابن رزين في شرحه.
تنبيهان
أحدهما: قوله: "بعد الدبغ" هي من زوائد الشارح وعليها شرح ابن عبيدان: وابن منجا ومجمع البحرين: وجزم به ابن عقيل في الفصول وابن تميم والرعاية الصغرى والحاويين والشرح قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة ويباح استعماله في اليابسات مع القول بنجاسته في إحدى الروايتين وفي الأخرى لا يباح وهو أظهر للنهي عن ذلك فأما قبل الدبغ فلا ينتفع به قولا واحدا انتهى وقدم هذا الوجه الزركشي.
والوجه الثاني: أن الحكم قبل الدبغ وبعده سواء وهو ظاهر كلامه في المغني والنظم ومجمع البحرين: لكن تعليله يدل على الأول قال في الفائق ويباح الانتفاع بها في اليابسات اختاره الشيخ تقي الدين انتهى وقدمه في الرعاية الكبرى: قال أبو الخطاب يجوز الانتفاع بجلود الكلاب في اليابسات اختاره الشيخ تقي الدين انتهى وقدمه في الرعاية الكبرى: وقال أبو الخطاب يجوز الانتفاع بجلود الكلاب في اليابس وسد البثرى بها ونحوه انتهى وأطلقهما في الفروع بقيل وقيل.
الثاني مفهوم كلامه: أنه لا يجوز استعماله في غير اليابسات كالمائعات ونحوها وهو

كذلك فقد قال كثير من الأصحاب لا ينتفع بها فيه رواية واحدة قال ابن عقيل ولو لم ينجس الماء بأن كان يسع قلتين فأكثر قال لأنها نجسة العين أشبهت جلد الخنزير وقال الشيخ تقي الدين في فتاويه يجوز الانتفاع بها في ذلك إن لم ينجس العين.
فائدة: فعلى القول بجواز استعماله يباح دبغه وعلى المنع هل يباح دبغه أم لا فيه وجهان وأطلقهما ابن تميم والرعاية الكبرى: والزركشي قال في الفروع فإن جاز أبيح الدبغ وإلا احتمل التحريم واحتمل الإباحة كغسل نجاسة بمائع وماء مستعمل وإن لم يطهر كذا قال القاضي وكلام غيره خلافه وهو أظهر انتهى.
تنبيه: قوله: "ولا يطهر جلد غير المأكول بالذكاة": يعني إذا ذبح ذلك وهو صحيح بل لا يجوز ذبحه لأجل ذلك خلافا لأبي حنيفة ولا لغيره وقال الشيخ تقي الدين ولو كان في النزع.
وظاهر كلام المصنف ولو كان جلد آدمي وقلنا ينجس بموته وهو صحيح قاله القاضي وغيره واقتصره عليه في الفروع اختاره ابن حامد قاله في مجمع البحرين: والفائق وقال الشارح: وحكى ذلك عن ابن حامد [وقال في مكان آخر: ويحرم استعمال جلد الآدمي إجماعا قال في التعليق وغيره ولا يطهر بدبغه وأطلق بعضهم وجهين انتهى] قال ابن تميم وفي اعتبار كونه مأكولا وغير آدمي وجهان وقال في الرعاية الكبرى: وفي جلد الآدمي وجهان: أنه نجس بموته.
فوائد
ما يطهر بدبغه انتفع به ولا يجوز أكله على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه [وقيل: يجوز وقال في مكان آخر: ويحرم استعمال جلد الآدمي إجماعا قال في التعليق وغيره ولا يطهر بدبغه وأطلق بعضهم وجهين انتهى] [وفيه رواية اختاره ابن حامد قاله في مجمع البحرين: والفائق وقال الشارح: وحكى عن ابن حامد] ويجوز بيعه على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وعنه لا يجوز وهو قول في الرعاية كما لو لم يطهر بدبغه وكما لو باعه قبل الدبغ نقله الجماعة وأطلق الروايتين في الحاوي الكبير في البيوع وأطلق أبو الخطاب جواز بيعه مع نجاسته كثوب نجس قال في الفروع فيتوجه منه بيع نجاسة يجوز الانتفاع بها ولا فرق ولا إجماع كما قيل قال ابن القاسم المالكي لا بأس ببيع الزبل قال اللخمي هذا من قوله: "يدل على بيع العذرة وقال ابن الماجشون لا بأس ببيع العذرة لأنه من منافع الناس.

فوائد
الأولى: يباح لبس جلد الثعالب في غير صلاة فيه نص عليه وقدمه في الفائق وعنه يباح لبسه وتصح الصلاة فيه واختاره أبو بكر وقدمه في الرعاية وعنه تكره الصلاة فيه وعنه يحرم لبسه اختاره الخلال ذكره في التلخيص وأطلقهن وأطلق الخلاف ابن تميم قال في الرعاية وقيل: يباح لبسه قولا واحدا وفي كراهة الصلاة فيه وجهان انتهى وقال المصنف والشارح وابن عبيدان وغيرهم الخلاف في هذا مبني على الخلاف في حلها وقال في الفروع وفي لبس جلد الثعلب روايتان ويأتي حكم حلها في باب الأطعمة ويأتي آخر ستر العورة وهل يكره لبسه وافتراشه جلدا مختلفا في نجاسته؟.
الثانية: لا يباح افتراش جلود السباع مع الحكم بنجاستها على الصحيح من المذهب: اختاره القاضي والمصنف والشارح وابن عبيدان وغيرهم وعنه يباح اختاره أبو الخطاب وبالغ حتى قال يجوز الانتفاع بجلود الكلاب في اليابس وسد البثوق ونحوه ولم يشترط دباغا وأطلقهما في الفروع والفائق والرعاية الكبرى: وحكاهما وجهين.
والثالثة: في الخرز بشعر الخنزير روايات الجواز وعدمه صححه في مجمع البحرين: وقدمه ابن رزين: في شرحه وأطلقهما ابن تميم والمذهب ومسبوك الذهب والكراهة وقدمه في الرعايتين وصححه في الحاويين وجزم به في المنور وأطلقهن في الفروع وأطلق الكراهة والجواز في المغني والشرح.
ويجب غسل ما خرز به رطبا على الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع وابن تميم وابن عبيدان قال في الرعاية هذا الأقيس وعنه لا يجب لإفساد المغسول.
والرابعة: نص أحمد على جوز المنخل من شعر نجس واقتصر عليه ابن تميم وجزم به في الفائق والرعاية الكبرى ثم قال: وقلت يكره.
فوائد
منها جعل مصران وترا دباغ وكذلك الكرش ذكره أبو المعالي قال في الفروع ويتوجه لا ومنها يشترط فيما يدبغ به أن يكون منشفا للرطوبة منقيا للخبث بحيث لو نقع الجلد بعده في الماء لم يفسد وزاد ابن عقيل وأن يكون قاطعا للرائحة والسهوكة ولا يظهر منه رائحة ولا طعم ولا لون خبيث إذا انتفع به بعد دبغه في المائعات ومنها يشترط غسل المدبوغ على الصحيح اختاره المصنف والمجد في شرحه وقدمه ابن رزين في شرحه قال في مجمع البحرين: يشترط غسله في أظهر الوجهين وصححه في الحواشي والرعايتين قال ابن عبيدان: اشتراط الغسل أظهر وقيل: لا يشترط: وأطلقهما في الكافي والشرح والتلخيص والفروع والحاوي الكبير وابن تميم والفائق ومنها: لا يحصل الدبغ بنجس: على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقال في الرعاية الكبرى: يحصل به ويغسل بعده.

قلت: فيعايى بها.
ومنها: لو شمس أو ترب من غير دبغ لم يطهر قدمه في التلخيص والرعاية الكبرى: وحواشي المحرر وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الكبير في التشميس وقيل: يطهر وأطلقهما ابن تميم فيهما وأطلقهما في التشميس في الفائق والفروع وقال ويتوجهان في تتريبه أو ريح فكأنه ما اطلع على الخلاف في التتريب.
ومنها: لا يفتقر الدبغ إلى فعل فلو وقع جلد في مدبغة فاندبغ طهر.
قوله: "ولبن الميتة وأنفحتها نجس في ظاهر المذهب".
وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه أنه طاهر مباح اختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق وجزم به في نهاية ابن رزين: وصححه في نظمها وأطلقهما في الرعايتين.
فائدة: حكم جلدة الأنفحة حكم الأنفحة على الصحيح من المذهب: وقدمه في الفروع وغيره وجزم جماعة بنجاسة الجلدة وذكره القاضي في الخلاف اتفاقا وقال في الفائق والنزاع في الأنفحة دون جلدتها وقيل: فيهما.
قوله: "وعظمها وقرنها وظفرها نجس".
وكذا عصبها وحافرها يعني التي تنجس بموتها وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه طاهر ذكرها في الفروع وغيره قال في الفائق وخرج أبو الخطاب الطهارة واختاره شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين قال وهو المختار انتهى قال بعض الأصحاب فعلى هذا يجوز بيعه قال في الفروع فقيل لأنه لا حياة فيه وقيل: وهو الأصح لانتفاء سبب التنجيس وهو الرطوبة انتهى وفي أصل المسألة وجه أن ما سقط عادة مثل قرون الوعول طاهر وغيره نجس
قوله: "وصوفها وشعرها وريشها طاهر".
وكذلك الوبر يعني الطاهر في حال الحياة وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم نقل الميموني صوف الميتة ما أعلم أحدا كرهه وعنه أن ذلك كله نجس اختاره الآجري قال لأنه ميتة وقيل: ينجس شعر الهر وما دونها في الخلقة بالموت لزوال علة الطواف ذكره ابن عقيل.
فائدة: في الصوف والشعر والريش المنفصل من الحيوان الحي الذي لا يؤكل غير الكلب والخنزير والآدمي ثلاث روايات النجاسة والطهارة والنجاسة من النجس والطهارة من الطاهر وهي المذهب قال المصنف في المغني والشارح وابن تميم ومجمع البحرين: وكل حيوان فحكم شعره حكم بقية أجزائه ما كان طاهرا فشعره طاهر حيا وميتا وما كان نجسا فشعره كذلك لا فرق بين حالة الحياة وحالة الموت قال ابن عبيدان: والضابط أن كل صوف أو شعر

أو وبر أو ريش فإنه تابع لأصله في الطهارة والنجاسة وما كان أصله مختلفا فيه خرج على الخلاف انتهى وقال في الحاويين والرعاية الصغرى وشعرها وصوفها ووبرها وريشها طاهر وعنه نجس وكذلك كل حيوان طاهر لا يؤكل وقال في الرعاية الكبرى: بعد أن حكى الخلاف في الصوف ونحوه ومنفصله في الحياة طاهر وقيل: لا وهو بعيد انتهى وقال في الفروع بعد أن حكى الخلاف في الشعر ونحوه وقدم أنه طاهر وكذلك من حيوان حي لا يؤكل وعنه من طاهر طاهر انتهى.
فظاهر كلامه أن تلك الأجزاء من الحيوان الحي الذي لا يؤكل طاهره على المقدم سواء كانت من طاهر أو نجس وليس كذلك وظاهر كلامه إدخال شعر الكلب والخنزير وأن المقدم أنه طاهر الأمر كذلك بل هو قدم في باب إزالة النجاسة أن شعرهما نجس وقطع به جمهور الأصحاب والظاهر أنه أراد غيرهما وأطلق الروايات الثلاث ابن تميم في آخر باب اللباس.
وأما شعر الآدمي المنفصل فالصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب طهارته قطع به كثير منهم وعنه نجاسته غير شعر النبي صلى الله عليه وسلم وعنه نجاسته من كافر وهو قول في الرعاية واختاره بعض الأصحاب والصحيح من المذهب: طهارة ظفره وعليه الأصحاب وفيه احتمال بنجاسته ذكره ابن رجب في القاعدة الثانية: وغيره قال ابن عبيدان: واختاره القاضي وهما وجهان مطلقا في باب إزالة النجاسة من الرعاية والحاويين ويأتي في ذلك الباب حكم الآدمي وأبعاضه.
فائدتان
إحداهما: إذا صلب قشر بيضة الميتة من الطير المأكول فباطنها طاهر بلا نزاع ونص عليه وإن لم يصلب فهو نجس على الصحيح من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب جزم به أبو الحسين في فروعه وغيره وقدمه في الكافي والحاوي الكبير والفايق وشرح ابن رزين وقيل: طاهر واختاره ابن عقيل وأطلقهما في الفروع والرعايتين وابن تميم والمذهب والحاوي الصغير.
والثانية: لو سلقت البيضة في نجاسة لم تحرم نص عليه وعليه الأصحاب.

باب الاستنجاء
:
قوله: "ولا يدخل بشيء فيه ذكر الله تعالى".
الصحيح من المذهب: كراهة دخوله الخلاء بشيء فيه ذكر الله تعالى إذا لم تكن حاجة جزم به في الوجيز ومجمع البحرين: والحاوي الكبير وقدمه المجد في شرحه وابن تميم وابن عبيدان والنظم والفروع والرعايتين وغيرهم وعنه لا يكره قال ابن رجب في كتاب الخواتم والرواية الثانية: لا يكره وهي اختيار علي ابن أبي موسى والسامري وصاحب

المغني انتهى قال في الرعاية وقيل: يجوز استصحاب ما فيه ذكر الله تعالى مطلقا وهو بعيد انتهى وقال في المستوعب تركه أولى قال في النكت ولعله أقرب انتهى وقطع ابن عبدوس في تذكرته بالتحريم وما هو ببعيد قال في الفروع وجزم بعضهم بتحريمه كمصحف وفي نسخ: لمصحف.
قلت: أما دخول الخلاء بمصحف من غير حاجة فلا شك في تحريمه قطعا ولا يتوقف في هذا عاقل.
تنبيه: حيث دخل الخلاء بخاتم فيه ذكر الله تعالى جعل فصه في باطن كفه وإن كان في يساره أداره إلى يمينه لأجل الاستنجاء.
فائدة: لا بأس بحمل الدراهم ونحوها فيه نص عليهما وجزم به في الفروع وغيره قال في الفروع ويتوجه في حمل الحرز مثل حمل الدراهم قال الناظم بل أولى بالرخصة من حملها.
قلت: وظاهر كلام المصنف هنا وكثير من الأصحاب أن حمل الدراهم في الخلاء كغيرها في الكراهة وعدمها ثم رأيت ابن رجب ذكر في كتاب الخواتم أن أحمد نص على كراهة ذلك في رواية إسحاق ابن هانئ فقال في الدرهم إذا كان فيه اسم الله أو مكتوبا عليه قل هو الله أحد يكره أن يدخل اسم الله الخلاء انتهى.
قوله: "ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض".
إذا لم تكن حاجة يحتمل الكراهة وهو رواية عن أحمد وهي الصحيحة من المذهب: وجزم به في الفصول والمغني وشرح العمدة للشيخ تقي الدين والمنور والمنتخب ويحتمل التحريم وهي رواية ثانية عن أحمد وأطلقهما في الفروع
تنبيه: ظاهر قوله: "ولا يتكلم الإطلاق فشمل رد السلام وحمد العاطس وإجابة المؤذن والقراءة وغير ذلك قال الإمام أحمد لا ينبغي أن يتكلم وكرهه الأصحاب قاله في الفروع.
وأما رد السلام فيكره بلا خلاف في المذهب نص عليه الإمام حكاه في الرعاية من عدم الكراهة قال في الفروع وهو سهو.
وأما حمد العاطس وإجابة المؤذن فيحمد ويجيب بقلبه ويكره بلفظه على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وعنه لا يكره قال الشيخ تقي الدين يجيب المؤذن في الخلاء ويأتي ذلك أيضا في باب الأذان.
وأما القراءة فجزم صاحب النظم بتحريمها فيه وعلى سطحه قال في الفروع وهو متجه على حاجته.
قلت: الصواب تحريمه في نفس الخلاء وظاهر كلام المجد وغيره يكره.

وقال في الغنية: لا يتكلم ولا يذكر الله ولا يزيد على التسمية والتعوذ وقال ابن عبيدان: ومنع صاحب المستوعب من الجميع فقال ولا يتكلم برد سلام ولا غيره وكذلك قال صاحب النهاية قال ابن عبيدان: وظاهر كلام أصحابنا تحريم الجميع لحديث أبي سعيد فإنه يقتضي المنع مطلقا انتهى قال في النكت دليل الأصحاب يقتضي التحريم وعن أحمد ما يدل عليه انتهى وقول ابن عبيدان: إن ظاهر كلام الأصحاب تحريم الجميع فيه نظر إذ قد صرح أكثر الأصحاب بالكراهة فقط في ذلك وتقدم نقل صاحب الفروع وليس في كلامه في المستوعب وغيره تصريح في ذلك بل كلاهما محتمل كلام غيرهما.
قوله: "ولا يلبث فوق حاجته".
يحتمل الكراهة وهو رواية عن أحمد وجزم به في الفصول والكافي وابن تميم وابن عبيدان وحواشي ابن مفلح والمنور والمنتخب واختاره القاضي وغيره ويحتمل التحريم وهو رواية ثانية اختارها المجد وغيره وأطلقهما في الفروع.
تنبيه: هذه المسألة هي مسألة سترها عن الملائكة والجن ذكره أبو المعالي ومعناه في الرعاية ويوافقه كلام المجد في ذكر الملائكة قاله في الفروع.
فائدة: لبثه فوق حاجته مضر عند الأطباء ويقال إنه يدمي الكبد ويأخذ منه الباسور قال في الفروع والنكت وهو أيضا كشف لعورته في خلوة بلا حاجة وفي تحريمه وكراهته روايتان وأطلقهما في الفروع والنكت وابن تميم.
قلت: ظاهر كلام ابن عبيدان: وابن تميم وغيرهما أن اللبث فوق الحاجة أخف من كشف العورة ابتداء من غير حاجة فإنهما جزما هنا بالكراهة.
وصحح ابن عبيدان: التحريم في كشفها ابتداء من غير حاجة وأطلق الخلاف فيه ابن تميم ويأتي ذلك في أول باب ستر العورة.
تنبيه: حيث قلنا لم يحرم فيما تقدم فيكره وقال ابن تميم جاز وعنه يكره قال في الفروع كذاك قال.
فائدة: يستحب تغطية رأسه حال التخلي ذكره جماعة من الأصحاب نقله عنهم في الفروع في باب عشرة النساء
قلت: منهم ابن حمدان في رعايتيه وابن تميم وابن عبيدان والمصنف والشارح وغيرهم.
تنبيه: قوله: "ولا يبول في شق ولا سرب".

يعني يكره بلا نزاع أعلمه.
وقوله: "ولا طريق يحتمل الكراهة وجزم به في الفصول ومسبوك الذهب والكافي والشرح وهو الصحيح ويحتمل التحريم جزم به في المغني وابن تميم وابن عبدوس في تذكرته والمنور والمنتخب.
تنبيه: مراده بالطريق هنا الطريق المسلوك قاله الأصحاب.
وقوله: "ولا ظل نافع يحتمل الكراهة وهو الصحيح جزم به في مسبوك الذهب والكافي والشرح ويحتمل التحريم وجزم به في المغني وابن تميم وابن عبدوس في تذكرته والمنور والمنتخب.
وقوله: "ولا تحت شجرة مثمرة".
وكذا مورد الماء فيحتمل الكراهة وهو الصحيح جزم به في مسبوك الذهب والكافي والشرح وابن عبدوس في تذكرته والمنور والمنتخب ويحتمل التحريم وجزم به في المغني وابن تميم وابن رزين وقال في مجمع البحرين: إن كانت الثمرة له كره وإن كانت لغيره حرم انتهى.
وهما وجهان في المسائل الأربع وأطلقهما في الفروع وعبارة كثيرة من الأصحاب كعبارة المصنف وظاهر كلام المصنف فيها الكراهة بدليل قوله: "بعد ذلك ولا يجوز أن يستقبل القبلة وبقوله: "قيل ولا يبول في شق ولا سرب فإنه يكره بلا نزاع كما تقدم.
تنبيهان
أحدهما: قوله: "مثمرة يعني عليها ثمرة قاله كثير من الأصحاب وقال في مجمع البحرين: والذي يقتضيه أصل المذهب من أن النجاسة لا يطهرها ريح ولا شمس أنه إذا غلب على الظن مجيء الثمرة قبل مطر أو سقي يطهرانه كما لو كان عليها ثمرة لا سيما فيما تجمع ثمرته من تحته كالزيتون انتهى.
قلت: وفيه نظر إلا إذا كانت رطبة بحيث يتحلل منها شيء.
الثاني مفهوم قوله: "مثمرة أن له أن يبول تحت غير المثمرة وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع في تذكرة ابن عقيل والمستوعب والنهاية أنه لا يبول تحت مثمرة ولا غير مثمرة.
فوائد يكره بوله في ماء راكد مطلقا على الصحيح من المذهب: نص عليه وأطلق الآدمي البغدادي في منتخبه تحريمه فيه وجزم به في منوره وقال في الفروع وفي النهاية يكره تغوطه في الماء الراكد انتهى وجزم به في الفصول أيضا فقال يكره البول في الماء الدائم وكذا التغوط فيه.

ويكره بوله في ماء قليل جار ولا يكره في الكثير على الصحيح من المذهب: واختار في الحاوي الكبير الكراهة انتهى
ويحرم التغوط في الماء الجاري على الصحيح جزم به في المغني والشرح وعنه يكره جزم به المجد في شرحه وابن تميم وصاحب الحاوي الكبير ومجمع البحرين: وتقدم كلامه في الفصول والنهاية وأطلقهما في الفروع وقال في الرعاية الكبرى: ولا يبول في ماء واقف ولا يتغوط في ماء جار.
قلت: إن نجسا بهما انتهى.
ويكره في إناء بلا حاجة على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: لا يكره وقدمه ابن تميم وابن عبيدان ويكره في مستحم غير مبلط ولا يكره في المبلط على الصحيح من المذهب: وعنه يكره.
ولا يكره البول في المقبرة على الصحيح من المذهب: جزم به المجد في شرحه وابن عبيدان ومجمع البحرين: وعنه يكره وأطلقهما في الفروع وابن تميم وبن حمدان.
وذكر جماعة منهم ابن عقيل في الفصول وبن الجوزي وابن تميم وبن حمدان وغيرهم كراهة البول في نار قال ابن عقيل والمصنف والشارح يقال يورث السقم زاد في الفصول ويؤذي برائحته زاد في الرعاية ورماد قال القاضي في الجامع الكبير وابن عقيل في الفصول والسامري وبن حمدان وغيرهم وقزع وهو الموضع المتجرد عن النبت مع بقايا منه.
ولا يكره البول قائما بلا حاجة على الصحيح من المذهب: نص عليه إن أمن تلوثا وناظرا وعنه يكره قال المجد في شرحه وتبعه في الحاوي الكبير وغيره وهو الأقوى عندي ويحرم تغوطه على ما نهي عن الاستجمار به كروث وعظم ونحوهما وعلى ما يتصل بحيوان كذنبه ويده ورجله وقال في الرعاية ولا يتغوط على ماله حرمة كمطعوم وعلف بهيمة وغيرهما وقال في النهاية يكره تغوطه على الطعام كعلف دابة قال في الفروع وهو سهو.
ويكره البول والتغوط على القبور قاله في النهاية لأبي المعالي.
قلت: لو قيل بالتحريم لكان أولى.
قوله: "ولا يستقبل الشمس ولا القمر".
الصحيح من المذهب: كراهة ذلك جزم به في الإيضاح والمذهب ومسبوك الذهب والنظم ومجمع البحرين: والحاوي الكبير والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في الفروع وابن تميم والفائق وغيرهم وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب ممن لم يصرح بالكراهة.
وقيل: لا يكره واختاره في الفائق وعند أبي الفرج الشيرازي: حكم استقبال الشمس

والقمر واستدبارهما حكم استقبال القبلة واستدبارها على ما يأتي قريبا قال في الفروع وهو سهو وقال أيضا وقيل: لا يكره التوجه إليهما كبيت المقدس في ظاهر نقل إبراهيم ابن الحارث وهو ظاهر ما في خلاف القاضي وحمل النهي حين كان قبلة ولا يسمى بعد النسخ قبلة.
قلت: ظاهر كلام أكثر الأصحاب عدم الكراهة وذكر ابن عقيل في النسخ بقاء حرمته وظاهر نقل حنبل فيه يكره.
فائدة: يكره أن يستقبل الريح دون حائل يمنع.
قوله: "ولا يجوز أن يستقبل القبلة في الفضاء وفي استدبارها فيه واستقبالها في البنيان روايتان".
اعلم أن في هذه المسألة روايات إحداهن جواز الاستقبال والاستدبار في البنيان دون الفضاء وهي المذهب وعليه أكثر الأصحاب قال الشيخ تقي الدين هذا المنصور عند الأصحاب قال في الفروع اختاره الأكثر وجزم به في الإيضاح وتذكرة ابن عقيل والطريق الأقرب والعمدة والمنور والتسهيل وغيرهم وقدمه في المحرر والخلاصة والحاويين والفائق والنظم ومجمع البحرين: وقال هذا تفصيل المذهب واختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه ابن عبيدان: وغيره.
والثانية: يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء والبنيان جزم به في الوجيز والمنتخب وقدمه في الرعايتين واختاره أبو بكر عبد العزيز والشيخ تقي الدين وصاحب الهدي والفائق وغيرهم.
والثالثة: يجوزان فيهما.
والرابعة: يجوز الاستدبار في الفضاء والبنيان ولا يجوز الاستقبال فيهما.
والخامسة: يجوز الاستدبار في البنيان فقط وحكاها ابن البنا في كامله وجها وهو ظاهر ما جزم به المصنف هنا وأطلقهن في الفروع.
وقال في المبهج يجوز استقبال القبلة إذا كان الريح في غير جهتها وقال الشريف أبو جعفر في رؤوس المسائل يكره استقبال القبلة في الصحارى ولا يمنع في البنيان وقال في الهداية والمذهب الأحمد لا يجوز لمن أراد قضاء الحاجة استقبال القبلة واستدبارها في الفضاء وإن كان بين البنيان جاز في إحدى الروايتين والأخرى لا يجوز في الموضعين وقال في المذهب يحرم استقبال القبلة إذا كان في الفضاء رواية واحدة وفي الاستدبار روايتان فإن كان في البنيان ففي جواز الاستقبال والاستدبار روايتان وقال في التلخيص والبلغة لا يستقبل القبلة وفي الاستدبار روايتان ويجوز ذلك في البنيان في أصح الروايتين.

فائدتان
إحداهما: يكفي انحرافه عن الجهة على الصحيح من المذهب: ونقله أبو داود ومعناه في الخلاف قال في الفروع وظاهر كلام صاحب المحرر وحفيده لا يكفي ويكفي الاستتار بدابة وجدار وجبل ونحوه على الصحيح من المذهب: وقيل: لا يكفي قال في الفروع وظاهر كلامهم لا يعتبر قربة منها كما لو كان في بيت قال ويتوجه وجه كسترة صلاة ومال إليه.
الثانية: يكره استقبالها في فضاء باستنجاء واستجمار على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وقيل: لا يكره ذكره في الرعاية.
قلت: ويتوجه التحريم.
قوله: "فإذا فرغ مسح بيده اليسرى من أصل ذكره إلى رأسه ثم ينتره ثلاثا".
نص على ذلك كله وظاهره يستحب ذلك كله ثلاثا وقاله الأصحاب قاله في الفروع وقال الشيخ تقي الدين يكره السلت والنتر قال ابن أبي الفتح في مطلعه قول المصنف ثلاثا عائد إلى مسحه ونتره أي يمسحه ثلاثا وينتره ثلاثا صرح به أبو الخطاب في الهداية انتهى وهو في بعض نسخها وليس ذلك في بعضها.
وقوله: "من أصل ذكره" هو الدرزاي من حلقة الدبر.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب أنه لا يتنحنح ولا يمشي بعد فراغه وقبل الاستنجاء وهو صحيح قال الشيخ تقي الدين كل ذلك بدعة ولا يجب باتفاق الأئمة وذكر في شرح العمدة قولا يكره نحنحة ومشى ولو احتاج إليه لأنه وسوسة.
وقال جماعة من الأصحاب منهم صاحب الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم يتنحنح زاد في الرعايتين والحاوي ويمشي خطوات وعن أحمد نحو ذلك وقال المصنف يستحب أن يمكث بعد بوله قليلا.
فائدة: يكره بصقه على بوله للوسواس قال المصنف والشارح وغيرهما يقال يورث الوسواس.
قوله: "ولا يمس فرجه بيمينه ولا يستجمر بها".
وكذا قال جماعة فيحتمل الكراهة وهو الصحيح من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في المستوعب والنظم والوجيز والحاوي الكبير وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم ويحتمل التحريم وجزم به في التلخيص وهما وجهان وأطلقهما ابن تميم.

قوله: "فإن فعل أجزأه".
إن قلنا بالكراهة أجزأه الاستنجاء والاستجمار وإن قلنا بالتحريم أجزأه أيضا على الصحيح من المذهب: وقيل: لا يجزئ قال في مجمع البحرين: قلت: قياس قولهم في الوضوء في الفضة أنه لا يجزئه هنا انتهى وقيل: يجزئ الاستنجاء دون الاستجمار وجزم ابن تميم بصحة الاستنجاء وأطلق الوجهين في الاستجمار.
فائدة: قيل كراهة مس الفرج مطلقا أي في جميع الحالات وهو ظاهر نقل صالح قال في روايته أكره أن يمس فرجه بيمينه وذكره المجد قال في الفروع وهو ظاهر كلام الشيخ يعني به المصنف وقيل: الكراهة مخصوصة بحالة التخلي وحمل ابن منجا في شرحه كلام المصنف عليه وترجم الخلال رواية صالح كذلك ويأتي في أواخر كتاب النكاح هل يكره النظر إلى عورة نفسه أم لا؟.
تنبيه: محل الخلاف أعني الكراهة والتحريم في مس الفرج والاستجمار بها إذا لم تكن ضرورة فإن كان ثم ضرورة جاز من غير كراهة.
فائدة: إذا استجمر من الغائط أخذ الحجر بشماله فمسح به وإن استجمر من البول فإن كان الحجر كبيرا أخذ ذكره بشماله فمسح به وقال المجد يتوخى الاستجمار بجدار أو موضع ناتئ من الأرض أو حجر ضخم لا يحتاج إلى إمساكه فإن اضطر إلى الحجارة الصغار جعل الحجر بين عقبيه أو بين أصابعه وتناول ذكره بشماله فمسحه بها فإن لم يمكنه أمسك الحجر بيمينه ومسح بشماله على الصحيح من المذهب: صححه المجد في شرحه وابن عبيدان وصاحب الحاوي الكبير والزركشي ومجمع البحرين: وقدمه في الرعاية الكبرى: وقيل: يمسك ذكره بيمينه ويمسح بشماله وأطلقهما ابن تميم وعلى كلا الوجهين يكون المسح بشماله قال ابن عبيدان: فإن كان أقطع اليسرى أو بها مرض ففي صفة استجماره وجهان أحدهما: يمسك ذكره بيمينه ويمسح بشماله والثاني وهو الصحيح قاله صاحب المحرر يمسك الحجر بيمينه وذكره بشماله ويمسحه به انتهى.
قلت: وفي هذا نظر ظاهر بل هو والله أعلم غلط في النقل أو سبقة قلم فإن أقطع اليسرى لا يمكنه المسح بشماله ولا مسك بها ولا يمكن حمله على أقطع رجله اليسرى فإن الحكم في قطع كل منهما واحد وقد تقدم الحكم في ذلك والحكم الذي ذكره هنا هو نفس الحكم الذي ذكره في المسألة التي قبله فهنا سقط والنسخة بخط المصنف والحكم في أقطع اليسرى ومريضها جواز الاستجمار باليمين من غير نزاع صرح به الأصحاب كما تقدم قريبا.
تنبيه: قوله: "ثم يتحول عن موضعه.
مراده إذا خاف التلوث وأما إذا لم يخف التلوث فإنه لا يتحول قاله الأصحاب.

قوله: "ثم يستجمر ثم يستنجي بالماء".
الصحيح من المذهب: أن جمعهما مطلقا أفضل وعليه الأصحاب وظاهر كلام ابن أبي موسى أن الجمع في محل الغائط فقط أفضل والسنة أن يبدأ بالحجر فإن بدأ بالماء فقال أحمد يكره ويجوز أن يستنجي في أحدهما: ويستجمر في الآخر نص عليه.
فائدة: الصحيح من المذهب: أن الماء أفضل من الأحجار عند الانفراد وعليه جمهور الأصحاب وعند الحجر أفضل منه اختاره ابن حامد والخلال وأبو حفص العكبري وعنه يكره الاقتصار على الماء ذكرها في الرعاية واختارها ابن حامد أيضا.
قوله: "ويجزئه أحدهما: إلا أن لم يعدو الخارج موضع العادة فلا يجزئ إلا الماء".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم صاحب الهداية والمذهب والمستوعب والمغني والكافي والشرح والمغني والتلخيص والبلغة والخلاصة والوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في الفروع وابن تميم وابن عبيدان ومجمع البحرين: والفائق وغيرهم وقيل: إذا تعدى الخارج موضع العادة وجب الماء على الرجل دون المرأة.
فائدة: الصحيح من المذهب: أنه لا يستجمر في غير المخرج نص عليه وقدمه في الفروع والرعاية قال ابن عقيل والشيرازي لا يستجمر في غير المخرج قال في الفصول وحد المخرج نفس الثقب انتهى واغتفر المصنف والمجد وصاحب التلخيص والسامري وجمهور الأصحاب ما تجاوزه تجاوزا جرت العادة به.
وقيل: يستجمر في الصفحتين والحشفة حكاه الشيرازي واختار الشيخ تقي الدين أنه يستجمر في الصفحتين والحشفة وغير ذلك للعموم قاله في الفروع وحد الشيخ تقي الدين في شرح العمدة ما يتجاوز موضع العادة بأن ينتشر الغائط إلى نصف باطن الألية فأكثر والبول إلى نصف الحشفة فأكثر فإذن يتعين الماء قال الزركشي وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في الهداية وقال ابن عقيل إن خرجت أجزاء الحقنة فهي نجسة ولا يجزئ فيها الاستجمار وتابعه جماعة منهم ابن تميم وبن حمدان وابن عبيدان والزركشي وغيرهم.
قلت: فيعايى بها.
تنبيه: شمل كلام المصنف الذكر والأنثى الثيب والبكر أما البكر فهي كالرجل لأن عذرتها تمنع انتشار البول في الفرج وأما الثيب فإن خرج بولها بحدة ولم ينتشر فكذلك وإن تعدى إلى مخرج الحيض فقال الأصحاب يجب غسله كالمنتشر عن المخرج ويحتمل أن

يجزئ فيه الحجر قال المجد في شرح الهداية وهو الصحيح فإنه معتاد كثيرا والعمومات تعضد ذلك واختاره في مجمع البحرين: والحاوي الكبير وقال هو وغيره هذا إن قلنا يجب تطهير باطن فرجها على ما اختاره القاضي والمنصوص عن أحمد أنه لا يجب فتكون كالبكر قولا واحدا وأطلقهما ابن تميم.
فائدة: لا يجب الماء لغير المتعدي على الصحيح من المذهب: نص عليه وجزم به ابن تميم وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى: والزركشي قال في القواعد الفقهية هذا أشهر الوجهين وهو قول القاضي وهو ظاهر كلام الخرقي ويحتمل كلام المصنف هنا.
وقيل: يجب الماء للمتعدي ولغيره جزم به في الوجيز والرعاية الصغرى وقالا غسلا وقطع به أبو يعلى الصغير وهو ظاهر كلام المصنف هنا والمجد في المحرر وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وحكى ابن الزاغوني في وجيزه الخلاف روايتين وقال في الفروع ويتوجه الوجوب للمتعدي ولغيره مع الاتصال دون غيره.
فائدة: لو تنجس المخرجان أو أحدهما: بغير الخارج ولو باستجمار بنجس وجب الماء عند الأصحاب وفي المغني احتمال بإجزاء الحجر قال الزركشي وهو وهم وتقدم كلام ابن عقيل في الحقنة وقال في الرعايتين وفي إجزاء الاستجمار عن الغسل الواجب فيهما وجهان.
فوائد
منها يبدأ الرجل والبكر بالقبل على الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع وقيل: يتخيران وقيل: البكر كالثيب وقدمه جماعة وأما الثيب فالصحيح من المذهب: أنها مخيرة قدمه في الفروع وابن تميم وغيرهما وجزم به في المغني والشرح والمذهب واختاره ابن عقيل وغيره وقيل: يبدأ بالدبر وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وقطع به الشيرازي وابن عبدوس المتقدم قال المجد في شرحه وابن عبيدان ومجمع البحرين: والحاوي الكبير والزركشي الأولى: بداءة الرجل في الاستنجاء بالقبل وأما المرأة ففيها وجهان أحدهما: التخيير والثاني البداءة بالدبر وأطلقوا الخلاف وصرحوا بالتسوية بين البكر والثيب وقال ابن تميم يبدأ الرجل بقبله والمرأة بأيهما شاءت وفيه وجه تبدأ المرأة بالدبر وقال في الرعايتين والحاوي الصغير ويبدأ الرجل بقبله والمرأة بدبرها وقيل: يتخيران بينهما زاد في الكبرى وقيل: البكر تتخير والثيب تبدأ بالدبر.
ومنها لو انسد المخرج وانفتح غيره لم يجز فيه الاستجمار على الصحيح من المذهب: اختاره ابن حامد والمصنف والشارح وابن عبيدان وصححه في المذهب وقدمه في النظم وابن رزين ونصره وفيه وجه آخر يجزئ الاستجمار فيه اختاره القاضي والشيرازي وقدمه في الرعايتين والحاوي الكبير وأطلقهما في الفروع وابن تميم والزركشي وصاحب مجمع البحرين: وقيل: لا يجزئ مع بقاء المخرج المعتاد قال ابن تميم ظاهر كلام الأصحاب إجزاء

الوجهين مع بقاء المخرج أيضا.
تنبيه: هذا الحكم سواء كان المخرج فوق المعدة أو أسفل منها على الصحيح من المذهب: وصرح به الشيرازي وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الكبير والزركشي وغيرهم وقال ابن عقيل الحكم منوط بما إذا انفتح المخرج تحت المعدة وتبعه المجد وجماعة منهم صاحب مجمع البحرين: قال في المذهب إذا انسد المخرج وانفتح أسفل المعدة فخرج منه البول والغائط لم يجز فيه الاستجمار في أصح الوجهين.
ومنها إذا خرج من أحد فرجي الخنثى نجاسة لم يجزه الاستجمار قاله في النهاية وجزم به ابن عبيدان: وقدمه في الفروع ذكره في باب نواقض الوضوء وقيل: يجزئ الاستجمار سواء كان مشكلا أو غيره إذا خرج من ذكره وفرجه قال في الفروع ويتوجه وجه يعني بالإجزاء.
ومنها لا يجب غسل ما أمكن من داخل فرج ثيب في نجاسة وجنابة على الصحيح من المذهب: نص عليه اختاره المجد وحفيده وغيرهما وقدمه ابن تميم وابن عبيدان ومجمع البحرين: والفائق وقيل: يجب اختاره القاضي وأطلقهما في الفروع والرعاية الكبرى: ويأتي ذلك أيضا في آخر الغسل فعلى الأول لا تدخل يدها وإصبعها بل تغسل ما ظهر نقل أبو جعفر إذا اغتسلت فلا تدخل يدها في فرجها قال القاضي في الخلاف أراد أحمد ما غمض في الفرج لأن المشقة تلحق به قال ابن عقيل وغيره هو في حكم الباطن وقال أبو المعالي وصاحب الرعاية وغيرهما هو في حكم الظاهر وذكره في المطلع عن أصحابنا واختلف كلام القاضي قال في الفروع وعلى ذلك يخرج إذا خرج ما احتشته ببلل هل ينقض أم لا قال في الرعاية لا ينقض لأنه في حكم الظاهر وقال أبو المعالي إن ابتل ولم يخرج من مكانه فإن كان بين الشفرين نقض وإن كان داخلا لم ينقض قال في الفروع ويخرج على ذلك أيضا فساد الصوم بدخول إصبعها أو حيض إليه والوجهان المتقدمان في حشفة الأقلف في وجوب غسلها وذكر بعضهم أن حكم طرف الغلفة كرأس الذكر وقيل: حشفة الأقلف المفتوق أظهر قاله في الرعاية.
ومنها الدبر في حكم الباطن لإفساد الصوم بنحو الحقنة ولا يجب غسل نجاسته.
ومنها الصحيح من المذهب: أن أثر الاستجمار نجس يعفى عن يسيره وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المستوعب وغيره وقدمه في الفروع وغيره قال ابن عبيدان: هذا اختيار أكثر الأصحاب وعنه طاهر اختاره جماعة منهم ابن حامد وابن رزين ويأتي ذلك في باب إزالة النجاسة عند قوله: "ولا يعفى عن يسير شيء من النجاسات إلا الدم وما تولد منه من القيح والصديد وأثر الاستنجاء".
ومنها يستحب لمن استنجى أن ينضح فرجه وسراويله على الصحيح من المذهب: وعنه لا يستحب كمن استجمر.

قوله: "ويجوز الاستجمار بكل طاهر ينقى كالحجر والخشب والخرق".
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يختص الاستجمار بالأحجار واختارها أبو بكر وهو من المفردات.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف جواز الاستجمار بالمغصوب ونحوه وهو قول في الرعاية ورواية مخرجة واختار الشيخ تقي الدين في قواعده على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب اشتراط إباحة المستجمر به وهو من المفردات.
تنبيه: حد الإنقاء بالأحجار بقاء أثر لا يزيله إلا الماء جزم به في التلخيص والرعاية والزركشي وقدمه في الفروع وقال المصنف والشارح وابن عبيدان وغيرهم هو أزالة عين النجاسة وبلتها بحيث يخرج الحجر نقيا ليس عليه أثر إلا شيئا يسيرا فلو بقي ما يزول بالخرق لا بالحجر أزيل على ظاهر الأول لا الثاني والإنقاء بالماء خشونة المحل كما كان قال الشارح: وغيره هو ذهاب لزوجة النجاسة وآثارها وهو معنى الأول.
فائدة: لو أتى بالعدد المعتبر اكتفى في زوالها بغلبة الظن ذكره ابن الجوزي في المذهب وجزم به جماعة من الأصحاب وقدمه في القواعد الأصولية وقال في النهاية لا بد من العلم في ذلك.
قوله: "إلا الروث والعظام".
وهذا المذهب وعليه الأصحاب واختار الشيخ تقي الدين الإجزاء بهما قال في الفروع وظاهر كلام الشيخ تقي الدين وبما نهى عنه قال لأنه لم ينه عنه لكونه لا ينقي بل لإفساده فإذا قيل يزول بطعامنا مع التحريم فهذا أولى
قوله: "والطعام".
دخل في عمومه طعام الآدمي وطعام البهيمة أما طعام الآدمي فصرح بالمنع منه الأصحاب وأما طعام البهيمة فصرح جماعة أنه كطعام الآدمي منهم أبو الفرج وبن حمدان في رعايته والزركشي وغيرهم واختار الشيخ تقي الدين في قواعده الإجزاء بالمطعوم ونحوه ذكره الزركشي.
قوله: "وما له حرمة".
كما فيه ذكر الله تعالى قال جماعة كثيرة من الأصحاب وكتب حديث وفقه.
قلت: وهذا لا شك فيه ولا نعلم ما يخالفه.
قال في الرعاية وكتب مباحة وقال في النهاية وذهب وفضة قال في الفروع ولعله مراد

غيره لتحريم استعماله وقال في النهاية أيضا وحجارة الحرم قال في الفروع وهو سهو انتهى ولعله أراد حرم المسجد وإلا فالإجماع خلافه.
قوله: "وما يتصل بحيوان".
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطعوا به وجوز الأزجي الاستجمار بذلك.
فوائد
إحداها لو استجمر بما لا يجوز الاستجمار به لم يجزه على الصحيح من المذهب: وتقدم الخلاف في المغصوب ونحوه وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين في غير المباح والروث والعظام والطعام فعلى هذا المذهب إن استنجى بعده بالماء أجزأ بلا نزاع وإن استجمر بعده بمباح فقال في الفروع فقيل لا يجزئ وقيل: يجزئ إن أزال شيئا وأطلق الإجزاء وعدمه ابن تميم ومجمع البحرين: وابن عبيدان واختار في الرعاية الكبرى الثالث.
قلت: الصواب عدم الإجزاء مطلقا وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى: وإطلاق الوجهين حكاه طريقة.
وقال الزركشي إذا استنجى بمائع غير الماء تعين الاستنجاء بالماء الطهور وإن استجمر بغير الطاهر فقطع المجد والمصنف في الكافي بتعين الاستنجاء بالماء وفي المغني احتمال بإجزاء الحجر وهو وهم.
وإن استجمر بغير المنقى جاز الاستجمار بعده بمنق وإن استجمر بمحرم أو محترم فهل يجزئ الحجر أو يتعين الماء على وجهين وتقدم إذا تنجس المخرجان أو أحدهما: بغير الخارج.
الثانية: يحرم الاستجمار بجلد السمك وجلد الحيوان المذكى مطلقا على الصحيح من المذهب: صححه في الفروع وغيره وقطع به ابن أبي موسى وغيره وقيل: يحرم بالمدبوغ منها وقيل: لا يحرم مطلقا.
ويحرم الاستجمار بحشيش رطب على الصحيح من المذهب: وقال القاضي في شرح المذهب يجوز وأطلق في الرعاية في الحشيش الوجهين.
الثالثة: قوله: "لا يجزئ أقل من ثلاث مسحات" بلا نزاع وكيفما حصل الإنقاء في الاستجمار أجزأ وقال القاضي وغيره المستحب أن يمر الحجر الأول من مقدم صفحته اليمنى إلى مؤخرها ثم يديره على اليسرى حتى يرجع به إلى الموضع الذي بدأ منه ثم يمر الثاني من مقدم صفحته اليسرى كذلك ثم يمر الثالث على المسربة والصفحتين فيستوعب المحل في كل مرة وجزم به في المذهب وغيره.
الرابعة: لو أفرد كل جهة بحجر لم يجزه على الصحيح من المذهب اختاره الشريف أبو جعفر وابن عقيل وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والحاوي الكبير وقدمه في

المغني والشرح وابن عبيدان وقيل: يجزئ قال المصنف ويحتمل أن يجزئه لكل جهة مسحة لظاهر الخبر وذكره ابن الزاغوني رواية عن أحمد وقال في الرعاية ويسن أن يعم المحل بكل مسحة بحجر مرة وعنه بل كل جانب منه بحجر مرة والوسط بحجر مرة وقيل: يكفي كل جهة مسحها ثلاثا بحجر والوسط مسحة ثلاثا بحجر انتهى.
قوله: "إما بحجر ذي شعب".
الصحيح من المذهب: أنه يجزئ في الاستجمار الحجر الواحد إذا كان له ثلاث شعب فصاعدا وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه لا يجزئ إلا بثلاثة أحجار اختاره أبو بكر والشيرازي.
قوله: "ويجب الاستنجاء من كل خارج إلا الريح".
شمل كلامه الملوث وغيره والطاهر والنجس أما النجس الملوث فلا نزاع في وجوب الاستنجاء منه وأما النجس غير الملوث والطاهر فالصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وجوب الاستنجاء منه وهو ظاهر كلام الخرقي والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة قال الزركشي وابن عبيدان وغيرهما بل هو ظاهر قول أكثر أصحابنا وقدمه في المغني والشرح والفروع والرعايتين والحاويين والزركشي وغيرهم.
قلت: وهو ضعيف.
وقيل: لا يجب الاستنجاء للخارج الطاهر وهو ظاهر المحرر والمنور والمنتخب فإنهم قالوا وهو واجب لكل نجاسة من السبيل وكذا قيده المجد في شرح الهداية قال ابن عبدوس في تذكرته ويجزئ أحدهما: لسبيل نجس بخارجه قال في التسهيل وموجبه خارج من سبيل سوى طاهر وقيل: لا يجب للخارج الطاهر ولا للنجس غير الملوث قال المصنف وتبعه الشارح والقياس لا يجب الاستنجاء من ناشف لا ينجس المحل وكذلك إذا كان الخارج طاهرا كالمني إذا حكمنا بطهارته لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة النجاسة ولا نجاسة هنا قال في الفروع وهو أظهر قال في الرعاية الكبرى: وهو أصح قياسا.
قلت: وهو الصواب.
وكيف يستنجى أو يستجمر من طاهر أم كيف يحصل الإنقاء بالأحجار في الخارج غير الملوث وهل هذا إلا شبيه بالعبث وهذا من أشكل ما يكون فعلى المذهب يعايى بها وأطلق الوجوب وعدمه ابن تميم والفائق
قوله: "إلا الريح" يعني لا يجب الاستنجاء له وهذا المذهب نص عليه الأصحاب وقيل: يجب الاستنجاء له قاله في الفائق وأوجبه حنابلة الشام.
ذكره ابن الصرفي قال في الفروع وقيل: الاستنجاء من نوم وريح وإن أصحابنا بالشام قالت الفرج ترمص كما ترمص.

العين وأوجبت غسله ذكره أبو الوقت الدينوري ذكره عنه ابن الصرفي.
قلت: لم نطلع على كلام أحد من الأصحاب بعينه ممن سكن الشام وبلادها قال ذلك.
وقوله: "في الفروع وقيل: الاستنجاء صوابه وقيد بالاستنجاء.
تنبيه: عدم وجوب الاستنجاء منها لمنع الشارع منه قاله في الانتصار وقال في المبهج لأنها عرض بإجماع الأصوليين قال في الفروع كذا قال وأما حكمها فالصحيح أنها طاهرة وقال في النهاية هي نجسة فتنجس ماء يسيرا قال في الفروع والمراد على المذهب أو إن تغير بها وقال في الانتصار هي طاهرة لا تنقض بنفسها بل بما يتبعها من النجاسة فتنجس ماء يسيرا ويعفى عن خلع السراويل للمشقة قال في الفروع كذا قال قال في مجمع البحرين: وفي المذهب وجه بعيد لا عمل عليه بتنجيسها.
قوله: "فإن توضأ قبله فهل يصح وضوءه على روايتين".
وأطلقهما في الهداية والفصول والإيضاح والمذهب والمستوعب والكافي والهادي والتلخيص والبلغة وابن منجا في شرحه وابن تميم وتجريد العناية وغيرهم إحداهما: لا يصح وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب قال المجد في شرح الهداية هذا اختيار أصحابنا قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة هذا أشهر قال الزركشي هذا اختيار الخرقي والجمهور قال في الحاوي الصغير لا يصح في أصح الروايتين وصححه الصرصري في نظم زوائد الكافي وهو ظاهر ما جزم به الخرقي وجزم به في الإفادات والتسهيل وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الكبير ومسبوك الذهب والخلاصة وابن رزين في شرحه وغيرهم.
والرواية الثانية: يصح جزم به في الوجيز ونهاية ابن رزين: والمنور والمنتخب وصححه في النظم والتصحيح قال في مجمع البحرين: هذا أقوى الروايتين واختارها المصنف والشارح والمجد وابن عبدوس في تذكرته والقاضي وابن عقيل وقدمها في المحرر.
فائدة: لو كانت النجاسة على غير السبيلين أو على السبيلين غير خارجة منهما صح الوضوء قبل زوالها على الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وقيل: لا يصح قاله القاضي في بعض كلامه قال ابن رزين: ليس بشيء.
قوله: "وإن تيمم قبله خرج على الروايتين".
وهو الصحيح من المذهب: يعني تخريج التيمم قبل الاستنجاء على روايتي تقديم الوضوء على الاستنجاء اختاره ابن حامد قال في مسبوك الذهب ولا فرق بين التيمم والوضوء في أصح الوجهين وقدمه في الفروع والمحرر والبلغة والزركشي وتجريد

العناية وقيل: لا يصح وجها واحدا اختاره القاضي وابن عبدوس في تذكرته والمجد وجزم به في الإيضاح والوجيز والإفادات والمنور والمنتخب وقدمه ابن رزين: في شرحه وأطلقهما في الهداية والتلخيص والمستوعب والهادي والنظم وابن تميم والحاويين ومجمع البحرين: وابن عبيدان وطريقة المصنف في الكافي والمجد في شرحه وغيرهما.
أما إذا قلنا بصحة الوضوء ففي التيمم روايتان وإن قلنا بالبطلان فهنا أولى وقال في الرعاية الكبرى: وفي صحة تيممه قبل الاستنجاء والاستجمار وجهان وقيل: روايتان أظهرهما بطلانه وقيل: يجزئ الوضوء قبله لا التيمم وقيل: لا يجزئ التيمم قبله وجها واحدا انتهى وقال في الصغرى بعد أن قدم عدم الصحة في الوضوء وفي صحة تيممه وجهان وقال في الكافي وشرح المجد والشرح والنظم فعلى القول بصحة الوضوء قبل الاستنجاء هل يصح التيمم على وجهين انتهى.
فعلى القول بعدم الصحة في التيمم لو كانت النجاسة في غير السبيلين صح تقديم التيمم على غسلها على الصحيح من المذهب: اختاره ابن عقيل في الفصول قال المصنف في المغني وتبعه ابن منجا في شرحه والأشبه الجواز وصححه في الرعاية الكبرى: وقيل: لا يصح اختاره القاضي ونقل المصنف في المغني والشارح عن ابن عقيل أنه قال إن حكم النجاسة على غير الفرج حكمها على الفرج وقدمه في الشرح وابن منجا في شرحه والزركشي قال في المذهب لم يصح التيمم على قول أصحابنا واقتصر عليه والذي رأيته في الفصول القطع بعدم في هذه المسألة مع حكايته للخلاف وأطلقه في مسألة صحة التيمم قبل الاستنجاء وأطلقهما في الفروع والحاوي الكبير وابن تميم والكافي والحواشي ومجمع البحرين: وابن عبيدان والزركشي.
فائدة: إذا قلنا يصح الوضوء قبل الاستنجاء فإنه يستفيد في الحال مس المصحف ولبس الخفين عند عجزه عما يستنجي به وغير ذلك وتستمر الصحة إلى ما بعد الاستنجاء ما لم يمس فرجه بأن يستجمر بحجر أو خرقة أو يستنجي بالماء وعلى يده خرقة فإن مس فرجه خرج على الروايتين في نقض الوضوء به على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

باب السواك
وسنة الوضوء :
قوله: "السواك مسنون في جميع الأوقات إلا للصائم بعد الزوال.
صرح باستحباب السواك في جميع الأوقات إلا للصائم بعد الزوال أما غير الصائم فلا نزاع في استحباب السواك له في جميع الأوقات في الجملة.

وأما الصائم قبل الزوال فإن كان بسواك غير رطب استحب له قال ابن نصر الله في حواشي الفروع يتوجه هذا في غير المواصل أما المواصل فتتوجه كراهته له مطلقا انتهى الذي يظهر أنه مرادهم وتعليلهم يدل عليه.
قلت: فيه نظر إذا الوصال إما مكروه أو محرم فلا يرفع الاستحباب.
وإن كان رطبا فيباح على إحدى الروايتين أو الروايات واختارها المجد وابن عبيدان وبن أبي المجد وغيرهم قال في النهاية الصحيح أنه لا يكره هو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته وعنه يكره قطع به الحلواني وغيره وجزم به في المنور واختاره القاضي وغيره وقدمه في الرعايتين والنظم وابن رزين في شرحه والمستوعب ذكره في كتاب الصيام وصححه في الحاوي الصغير وأطلقهما في الهداية والمذهب والخلاصة والمغني والشرح في الصيام وابن تميم والتلخيص والحاوي الكبير والفائق والزركشي وابن عبيدان وعنه لا يجوز نقلها سليم الرازي قاله ابن أبي المجد في مصنفه.
وقال في رواية الأثرم لا يعجبني السواك الرطب وقيل: يباح في صوم النفل.
قلت: وظاهر كلام المصنف هنا بل هو كالصريح استحبابه وهو ظاهر كلام جماعة ولم أر من صرح به.
قوله: "إلا للصائم بعد الزوال فلا يستحب".
وكذا قال في المذهب يحتمل أن يكون مراده الكراهة وهو إحدى الروايات عن أحمد وهو المذهب قال في التلخيص والحاوي الصغير يكره في أصح الروايتين قال ابن منجا في شرحه هذا أصح قال في مجمع البحرين: يكره في أظهر الروايتين ونصره المجد في شرحه وابن عبيدان وغيرهما واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره وجزم به في البلغة والمنور وقدمه في الهداية والخلاصة والرعايتين والفروع والنظم والفائق ويحتمل إباحة وهي رواية عن أحمد وقدمه ابن تميم.
وقوله: "في مجمع البحرين: لا قائل به غير مسلم إذ الخلاف في إباحته مشهور لكن عذره أنه لم يطلع عليه.
وأطلق الكراهة وعدمها في الفصول والمستوعب والكافي والمغني والشرح والمحرر وابن رزين في شرحه والزركشي وقيل: يباح في النفل وعنه يستحب اختارها الشيخ تقي الدين قال في الفروع والزركشي وهي أظهر واختارها في الفائق وإليها ميله في مجمع البحرين: وقدمها في نهاية ابن رزين: ونظمها وعنه يستحب بغير عود رطب قال في الحاوي وإذا أبحنا للصائم السواك فهل يكره بعود رطب على روايتين ونقل حنبل لا ينبغي أن يستاك بالعشي.
فائدة: من سقطت أسنانه استاك على لثته ولسانه ذكره في الرعاية الكبرى: والإفادات وقال في أوله يسن كل وقت على أسنانه ولثته ولسانه.

قوله: "ويتأكد استحبابه في ثلاثة مواضع عند الصلاة والانتباه من النوم وتغير رائحة الفم".
وكذا قال في المذهب الأحمد والعمدة وزاد في المحرر والمنور والمنتخب وعند الوضوء وزاد على ذلك في الفروع والفائق والرعاية الصغرى والحاويين والنظم وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وعند القراءة وزاد في التسهيل على ذلك وعند دخول المنزل واختاره المجد في شرح الهداية وزاد في الرعاية الكبرى: على ذلك وعند الغسل وقيل: وعند دخول المسجد وجزم به الزركشي وقال ابن تميم ويتأكد عند الصلاة ودخول المنزل والقيام من النوم وأكل ما يغير رائحة الفم قال الزركشي يتأكد استحبابه عند الصلاة والقيام من نوم الليل ودخول المنزل والمسجد وقراءة القرآن وإطالة السكوت وخلو المعدة من الطعام واصفرار الأسنان وتغير رائحة الفم وقال في الخلاصة ويستحب عند قيامه من نومه وعند تغير رائحة فمه وهو معنى ما في الهداية.
تنبيه: ظاهر قوله: "ويستاك بعود لين" التساوي بين جميع ما يستاك به وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال في الفروع ويتوجه احتمال أن الأراك أولى انتهى.
قلت: ويتوجه أن أراك البر.
وذكر الأزجي أنه لا يعدل عن الأراك والزيتون والعرجون إلا لتعذره قال في الرعاية الكبرى: من أراك وزيتون أو عرجون وقيل: أو قتاد واقتصر كثير من الأصحاب على هذه الثلاثة.
قوله: "ولا يجرحه ولا يضره".
كالريحان والرمان والعود الزكي الرائحة والطرفاء والآس والقصب ونحوه والصحيح من المذهب: كراهة التسوك بذلك وعليه الجمهور كالتخلل به وقيل: يحرم بالقصب دون غيره ذكره في الرعاية والفائق.
قوله: "فإن استاك بإصبعه أو بخرقة فهل يصيب السنة على وجهين".
وأطلقهما في المستوعب والمحرر والحاويين وابن عبيدان وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب في الإصبع.
أحدهما: لا يصيب السنة بذلك وهو المذهب قطع به أبو بكر في الشافي واختاره القاضي قال في الخلاصة والبلغة لم يصب السنة في أصح الوجهين وقدمه في الهداية والكافي والتلخيص وابن تميم والرعايتين والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني: يصيب السنة اختاره ابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح وتصحيح المحرر والنظم قال في تجريد العناية السواك سنة بأراك لا خرقة وإصبع في وجه

وجزم به في المنور والمنتخب.
وقيل: يصيب بقدر إزالته اختاره المصنف والشارح وصاحب الفائق.
وقيل: يصيب السنة عند عدم السواك وما هو ببعيد.
وقيل: لا يصيب بالإصبع مع وجود الخرقة ولا يصيب بالخرقة مع وجود السواك.
وقيل: يصيب السنة بالإصبع في موضع المضمضة في الوضوء خاصة اختاره المجد في شرحه وصححه في مجمع البحرين: والنظم قال في مجمع البحرين: أصح الوجهين إصابة السنة بالخرقة وعند الوضوء بالإصبع فزادنا وجها وهو إصابة السنة بالخرقة مطلقا دون الإصبع في غير وضوء إلا أن تكون الواو زائدة وظاهر الوجيز إصابة السنة بالإصبع فقط فإنه قال بإصبع أو عود لين وقال ابن البنا في العقود ولا يجزئ بالإصبع وقيل: الخرقة والمسواك سواء في الفضل ثم الإصبع.
قوله: "ويستاك عرضا".
يعني بالنسبة إلى الأسنان وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم وقدمه في الفروع وابن تميم والرعايتين والحاويين وابن عبيدان وتجريد العناية وغيرهم وقيل: طولا وجزم به في الإيضاح والمبهج قال ابن عبيدان: فيحمل أنه أريد بذلك بالنسبة إلى الفم فيكون موافقا لقول الجماعة لكن الأكثر على المغايرة وقال في الفائق طولا وقال الشيخ والشيرازي عرضا ومراده بالشيخ المصنف وفي هذا النقل نظر بين.
قوله: "ويدهن غبا".
يعني يوما ويوما وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقيده في الرعاية فقال ما لم يجف الأول واختار الشيخ تقي الدين فعل الأصلح بالبلد كالغسل بماء حار ببلد رطب.
فائدة: قال في الفروع ويفعله لحاجة للخبر وقال احتجوا على أن الادهان يكون غبا بأنه عليه أفضل الصلاة والسلام نهى عن الترجل إلا غبا ونهى أن يمتشط أحدهم كل يوم فدل أنه يكره غير غب.
تنبيه: في صفة قوله: "يكتحل وترا" ثلاثة أوجه.
أحدها وهو الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور يكون في كل عين ثلاثة قاله في الرعايتين والفروع والفائق وغيرهم وقال ابن عبيدان: وصفته أن يجعل في كل عين وترا كواحد وثلاث وخمس انتهى.
والثاني في اليمنى ثلاثة وفي اليسرى اثنان وروى عن أحمد وقال السامري روى يقسم الخامس في العينين.

فوائد جمة
يستحب اتخاذ الشعر على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب ووجه في الفروع احتمالا بأنه لا يستحب إن شق إكرامه ويسن أن يغسله ويسرحه ويفرقه ويكون إلى أذنيه وينتهي إلى منكبيه وجعله ذؤابة.
ويعفى لحيته وقال ابن الجوزي في المذهب ما لم يستهجن طولها ويحرم حلقها ذكره الشيخ تقي الدين ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة ونصه لا بأس بأخذ ذلك وأخذ ما تحت حلقه وقال في المستوعب وتركه أولى وقيل: يكره وأطلقهما ابن عبيدان: وأخذ أحمد من حاجبيه وعارضيه.
ويحف شاربه أو يقص طرفه وحفه أولى نص عليه وقيل: لا قال في المستوعب ويسن حفه وهو طرف الشعر المستدير على الشفة واختار ابن أبي موسى وغيره إحفاءه من أصله انتهى.
ويقلم أظفاره مخالفا على الصحيح من المذهب: فعليه يبدأ بخنصر اليمنى ثم الوسطى ثم الإبهام ثم البنصر ثم السباحة ثم إبهام اليسرى ثم الوسطى ثم الخنصر ثم السباحة ثم البنصر اختاره ابن بطة وغيره وقدمه ابن تميم وغيره وجزم به في المستوعب والخلاصة والتلخيص وغيرهم.
وقيل: يبدأ فيهما بالوسطى ثم الخنصر ثم الإبهام ثم البنصر ثم السباحة وقال الآمدي يبدأ بإبهام اليمنى ثم الوسطى ثم الخنصر ثم السباحة ثم البنصر ثم كذلك اليسرى.
وقيل: يبدأ بسبابة يمناه بلا مخالفة إلى خنصرها ثم بخنصر اليسرى ويختم بإبهام اليمنى ويبدأ بخنصر رجله اليمنى ويختم بخنصر اليسرى.
ويستحب غسلها بعد قصها تكميلا للنظافة قال في مجمع البحرين: وابن عبيدان وقيل: إن حك الجسد بها قبل الغسل يضره.
ويكون ذلك يوم الجمعة قبل الزوال.
قلت: قبل الصلاة وهو مراده والله أعلم.
وهذا الصحيح قدمه في الفروع والرعايتين وغيرهم وجزم به في التلخيص وغيره وقيل: يوم الخميس وقيل: يخير وجزم به ابن تميم والحاويين وقدمه ابن عبيدان: قال في المستوعب والرعايتين والحاويين إذا قلنا يفعل يوم الخميس فيكون بعد العصر.
ويسن أن لا يحيف عليها في القص نص عليه.
وينتف إبطه ويحلق عانته وله قصه وإزالته بما شاء والتنوير في العانة وغيرها فعله أحمد وقال في الغنية يجوز حلقه لأنه يستحب إزالته كالنورة وكره الآمدي كثرة التنوير.

ويدفن ذلك كله نص عليه ويفعله كل أسبوع ولا يتركه فوق أربعين يوما نص عليه فإن فعل كره صرح به في المستوعب والنظم وغيرهما وقيل: للإمام أحمد حلق العانة وتقليم الأظفار كم يترك قال أربعين فأما الشارب ففي كل جمعة وقيل: عشرين وقيل: للمقيم قال في الرعاية وقيل: للمسافر أربعين وللمقيم عشرين وقيل: فيهما عكسه قال وهو أظهر وأشهر وليس كذلك.
ويكره نتف الشيب ووجه في الفروع احتمالا بالتحريم للنهي عنه.
ويختضب ويستحب بحناء وكتم قال القاضي في المجرد والمصنف في المغني والفخر في التلخيص وغيرهم ولا بأس بورس وزعفران وقال المجد وغيره خضابه بغير سواد من صفرة أو حمرة سنة نص عليه ويكره بسواد نص عليه وقال في المستوعب والغنية والتلخيص يكره بسواد في غير حرب ولا يحرم فظاهر كلام أبي المعالي يحرم قاله في الفروع وقال وهو متجه.
وينظر في المرآة ويقول: ما ورد.
ويتطيب ويستحب للرجل بما ظهر ريحه وخفي لونه وعكسه للمرأة.
ولا يكره حلق الرأس على الصحيح من المذهب: وعنه يكره لغير حج أو عمرة أو حاجة وقدمه في الرعايتين والحاويين وجزم به ابن رزين: في نهايته وأطلقهما في المحرر والشرح وابن عبيدان وغيرهم.
ويكره حلق رأس المرأة من غير عذر على الصحيح من المذهب: وقيل: يحرم وقال في الرعاية الكبرى: يكره الحلق والقص لهن بلا عذر وقيل: يحرمان وقيل: يحرم حلقه إلا لضرورة ويأتي حكم حلق القفا عند الكلام على القزع
قوله: "ويجب الختان".
هذا المذهب مطلقا وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في الفروع والمحرر والمستوعب والرعايتين والحاويين ومجمع البحرين: والفائق وغيرهم قال في النظم هذا أولى ونصره المجد في شرح الهداية وغيره وعنه يجب على الرجال دون النساء قال ابن منجا في شرحه ويحتمله كلام المصنف هنا واختاره المصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وقدمه ابن عبيدان: وعنه لا يجب مطلقا اختاره ابن أبي موسى قال ابن تميم قال ابن أبي موسى هو سنة للذكور.
قوله: "ما لم يخفه على نفسه".
هذا المذهب قال أحمد إن خاف على نفسه لا بأس أن لا يختتن وقاله الأصحاب قال

في الفروع كذا قال أحمد وغيره مع أن الأصحاب اعتبروه بفرض طهارة وصلاة وصوم من طريق الأولى: وقال في الفصول يجب إذا لم يخف عليه التلف فإن خيف فنقل حنبل يختن فظاهره يجب لأنه قل من يتلف منه قال أبو بكر والعمل على ما نقله الجماعة وأنه متى خشي عليه لم يختن ومنعه صاحب المحرر.
فوائد
منها محل وجوبه عند البلوغ قال الشيخ تقي الدين يجب الختان إذا وجبت الطهارة والصلاة وقال في المنور والمنتخب ويجب ختان بالغ آمن.
ومنها يجوز له أن يختن نفسه إن قوى عليه وأحسنه نص عليه ذكره في الفروع في باب استيفاء القود.
ومنها أن الختان زمن الصغر أفضل على الصحيح من المذهب: زاد جماعة كثيرة من الأصحاب إلى التمييز وقال الشيخ تقي الدين هذا المشهور وقال في الرعايتين والحاويين يسن ما بين سبع إلى عشر قال في التلخيص ويستحب أن يختن قبل مجاوزة عشر سنين إذا بلغ سنا يؤمن فيه ضرره قال في المستوعب في العقيقة والأفضل أن يختن يوم حادي عشرين فإن فات ترك حتى يشتد ويقوى وعن أحمد لم أسمع فيه شيئا وقال التأخير أفضل واختاره المجد في شرحه.
ومنها يكره الختان يوم السابع على الصحيح من المذهب: وعنه لا يكره قال الخلال العمل عليه وأطلقهما في مجمع البحرين: وشرح ابن عبيدان: والفائق وكذا الحكم من ولادته إلى يوم السابع قاله في الفروع قال ولم يذكر كراهية الأكثر.
ومنها يؤخذ في ختان الرجل جلدة الحشفة ذكره جماعة من الأصحاب وقدمه في الفروع وجزم به في الرعاية الكبرى: وغيره ونقل الميموني أو أكثرها وجزم به المجد وغيره قال في مجمع البحرين: وشرح ابن عبيدان: والفائق وغيرهم فإن اقتصر على أكثرها جاز ويؤخذ في ختان الأنثى جلدة فوق محل الإيلاج تشبه عرف الديك ويستحب أن لا تؤخذ كلها للخبر نص عليه.
ومنها أن الخنثى المشكل في الختان كالرجل فيختن ذكره وإن لزم الأنثى ختن فرجه أيضا قاله في الرعاية ومجمع البحرين.
فوائد
منها لا تقطع الإصبع الزائدة نقله عبد الله عن أحمد ويكره ثقب أذن الصبي إلا الجارية على الصحيح من المذهب: ونص عليه وجزم به في الرعاية الكبرى: وغيرها وقيل: يحرم في حقها اختاره ابن الجوزي.

قلت: وهو بعيد في حق الجارية.
وقال ابن عقيل هو كالوشم وقيل: يحرم على الذكر وقال في الفصول يفسق به في الذكر وفي النساء يحتمل المنع ولم يذكر غيره.
ويحرم نمص ووشر ووشم على الصحيح من المذهب: وقيل: لا يحرم.
ويحرم وصل شعر بشعر على الصحيح من المذهب: وقيل: يجوز مع الكراهة جزم به في المستوعب والتلخيص والحاويين والرعاية الصغرى وغيرهم وقدمه في الرعايتين قيل يجوز بإذن الزوج.
وفي تحريم نظر شعر أجنبية زاد في التلخيص ولو كان بائنا وجهان وأطلقهما في الرعاية الكبرى: والفروع وابن تميم والتلخيص وظاهر كلام أبي الخطاب في الانتصار الجواز ذكره عنه ابن رجب وقيل: لا يحرم مطلقا.
ويحرم وصله بشعر بهيمة وقيل: يكره وهو ظاهر كلامه في المستوعب والتلخيص والبلغة والحاويين وغيرهم وظاهر ما قدمه في الرعاية وأطلقهما في الفروع.
فعلى القول بتحريم وصل الشعر في صحة الصلاة معه وجهان الأول الصحة وجزم به في الفصول فيما إذا وصلته بشعر ذمية ولو قلنا ينجس الآدمي بالموت وقيل: تصح ولو كان نجسا حكاه في الرعاية وتبعه في الفروع.
قلت: وفيه نظر ظاهر.
ولا بأس بالقرامل وتركها أفضل وعنه هي كالوصل بالشعر إن أشبهه كصوف وقيل: يكره.
ولا بأس بما يحتاج إليه لشد الشعر وأباح ابن الجوزي النمص وحده وحمل النهي على التدليس أو أنه شعار الفاجرات وفي الغنية وجه يجوز النمص بطلب الزوج ولها حلقه وحفه نص عليهما وتحسينه بتحمير ونحوه وكره ابن عقيل حفه كالرجل فإن أحمد كرهه له والنتف بمنقاش لها ويكره التحذيف وهو إرسال الشعر الذي بين العذار والنزعة.
قلت: ويتوجه التحريم للتشبه بالنساء ولا يكره للمرأة.
ويكره النقش والتطريف ذكره الأصحاب قال أحمد لتغمس يدها غمسا قال في الرعاية في باب ما يحرم استعماله أو يكره قلت: ويكره التكتيب ونحوه ووجه في الفروع وجها بإباحة تحمير ونقش وتطريف بإذن زوج فقط انتهى وعمل الناس على ذلك من غير نكير.
ويكره كسب الماشطة قال في الفروع ذكره جماعة من الأصحاب وذكره بعضهم عن

أحمد قال والمنقول عنه أن ماشطة قالت إني أصل رأس المرأة بقرامل وأمشطها أفأحج منه قال لا وكره كسبها وقال ابن عقيل يحرم التدليس والتشبه بالمردان وكذا عنده يحرم تحمير الوجه ونحوه وقال في الفنون يكره كسبها.
فائدة: كره الإمام أحمد الحجامة يوم السبت والأربعاء نقله حرب وأبو طالب وعنه الوقف في الجمعة وذكر جماعة من الأصحاب منهم صاحب المستوعب والرعاية يكره يوم الجمعة قال في الفروع والمراد بلا حاجة قال حنبل كان أبو عبد الله يحتجم أي وقت هاج به الدم وأي ساعة كانت ذكره الخلال والفصد في معنى الحجامة والحجامة أنفع منه في بلد حار وما في معنى ذلك والفصد بالعكس قال في الفروع ويتوجه احتمال تكره يوم الثلاثاء لخبر أبي بكرة وفيه ضعف قال ولعله اختيار أبي داود لاقتصاره على روايته قال ويتوجه تركها فيه أولى ويحتمل مثله في يوم الأحد
قوله: "ويكره القزع بلا نزاع".
وهو أخذ بعض الرأس وترك بعضه على الصحيح من المذهب: وقاله الإمام أحمد وعليه جمهور الأصحاب وقيل: بل هو حلق وسط الرأس وقيل: بل هو حلق بقع منه.
فائدة: يكره حلق القفا مطلقا على الصحيح من المذهب: زاد فيه جماعة منهم المصنف والشارح لمن لم يحلق رأسه ولم يحتج إليه لحجامة أو غيرها نص عليه وقال أيضا هو من فعل المجوس ومن تشبه بقوم فهو منهم.
قوله: "ويتيامن في سواكه.
أما البداءة بالجانب الأيمن من الفم فمستحب بلا نزاع أعلمه وهو مراد المصنف وأما أخذ السواك باليد فقال المجد في شرحه السنة إرصاد اليمنى للوضوء والسواك والأكل ونحو ذلك وقدمه في تجريد العناية وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب قال ابن رجب في شرح البخاري وهو ظاهر كلام ابن بطة من المتقدمين وصرح به طائفة من المتأخرين ومال إليه والصحيح من المذهب: أنه يستاك بيساره نقله حرب وجزم به في الفائق وقدمه في الفروع وابن عبيدان وصححه وقال نص عليه وقال الشيخ تقي الدين ما علمت إماما خالف فيه كانتثاره ورد ابن رجب في شرح البخاري الرواية المنسوبة إلى حرب وقال هي تصحيف من الاستنثار بالاستنان.
قوله: "وسنن الوضوء عشر السواك بلا نزاع والتسمية".
وهذا إحدى الروايات قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب قال الخلال الذي استقرت عليه الروايات عنه أنه لا بأس إذا ترك التسمية قال ابن رزين: في شرحه هذا المذهب الذي استقر عليه قول أحمد واختارها الخرقي وبن أبي موسى والمصنف والشارح

وابن عبدوس في تذكرته وابن رزين وغيرهم وقدمها في الرعايتين والنظم وجزم به في المنتخب وعنه أنها واجبة وهي المذهب قال صاحب الهداية والفصول والمذهب والنهاية والخلاصة ومجمع البحرين: والمجد في شرحه التسمية واجبة في أصح الروايتين في طهارة الحدث كلها الوضوء والغسل والتيمم اختارها الخلال وأبو بكر عبد العزيز وأبو إسحاق ابن شاقلا والقاضي والشريف أبو جعفر والقاضي أبو الحسين وابن البنا وأبو الخطاب قال الشيخ تقي الدين اختارها القاضي وأصحابه وكثير من أصحابنا بل أكثرهم وجزم به في التذكرة لابن عقيل والعقود لابن البنا ومسبوك الذهب والمنور وناظم المفردات وغيرهم وقدمه في الفروع والمحرر والتلخيص والبلغة والفائق وغيرهم وهو من مفردات المذهب وأطلقهما في المستوعب والكافي وشرح ابن عبيدان.
فعلى المذهب هل هي فرض لا تسقط سهوا اختاره أبو الخطاب والمجد وابن عبدوس المتقدم وصاحب مجمع البحرين: وابن عبيدان وجزم به في المنور وقدمه في المحرر أو واجبة تسقط سهوا اختاره القاضي في التعليق وابن عقيل والمصنف والشارح وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والإفادات وغيرهم وقدمه في التلخيص وابن تميم والحاويين وابن رزين وغيرهم وهو المذهب فيه روايتان وأطلقهما في الفروع والزركشي.
فعلى الثانية: لو ذكرها في أثناء الوضوء فالصحيح من المذهب: أنه يبتدئ الوضوء قدمه في الفروع وقيل: يسمى ويبني اختاره القاضي والمصنف والشارح وابن عبيدان وقطعوا به وإن تركها عمدا حتى غسل عضوا لم يعتد بغسله على الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وقال أبو الفرج المقدسي إن ترك التسمية عمدا حتى غسل بعض أعضائه فإنه يسمي ويبني لأنه قد ذكر اسم الله على وضوئه وقاله ابن عبدوس المتقدم.
فائدة: صفة التسمية أن يقول: بسم الله فلو قال بسم الرحمن أو بسم القدوس أو نحوه فوجهان ذكرهما صاحب التجريد وتبعه ابن تميم وبن حمدان في رعايته الكبرى قال الزركشي لم يجزه على الأشهر وجزم به القاضي وابن عقيل في التذكرة وابن البنا في العقود وبن الجوزي في المذهب.
قلت: الأولى: الإجزاء وتكفي الإشارة من الأخرس ونحوه.
قوله: "وغسل الكفين ثلاثا لا أن يكون قائما من نوم الليل".
غسل اليدين عند ابتداء الوضوء لا يخلو إما أن يكون عن نوم أو عن غير نوم فإن كان عن غير نوم فالصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب ونص عليه أحمد استحباب غسلهما مطلقا وقيل: لا يغسلهما إذا تيقن طهارتهما بل يكره ذكره في الرعاية وقال القاضي إن شك فيهما سن غسلهما وإن تحقق طهارتهما خير.

وإن كان عن نوم فلا يخلو إما أن يكون عن نوم الليل أو عن نوم النهار فإن كان عن نوم النهار فالصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم استحباب غسلهما وعنه يجب غسلهما واختاره بعض الأصحاب وهو من المفردات وحكاها في الفروع هنا قولا.
وإن كان عن نوم الليل فأطلق المصنف في وجوب غسلهما روايتين وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والكافي والتلخيص والبلغة والفائق وابن تميم وابن رزين وابن عبيدان والزركشي في شروحهم.
إحداهما: يجب غسلهما وهو المذهب جزم به في مسبوك الذهب والإفادات ونظم المفردات وغيرهم قال في الفروع والخلاصة ويجب على الأصح واختاره أبو بكر وأكثر الأصحاب قاله ابن عبيدان: قال الزركشي اختاره أبو بكر والقاضي وعامة أصحابه بل وأكثر الأصحاب واختاره أيضا ابن حامد وأحمد ابن جعفر المنادي وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية: لا يجب غسلهما بل يستحب وجزم به الخرقي والعمدة والوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاويين وغيرهم واختاره المصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته وصححه المجد في شرحه ومجمع البحرين: والنظم وصححه في التصحيح قال الشيخ تقي الدين اختاره الخرقي وجماعة انتهى فعلى المذهب قال ابن تميم قال صاحب النكت وحيث وجب الغسل فإنه شرط للصلاة.
قلت: وقاله ابن عبدوس المتقدم وغيره واقتصر عليه الزركشي.
وقدم في الرعاية سقوط غسلهما بالنسيان مطلقا لأنها طهارة مفردة على ما يأتي وهو الصحيح.
فوائد
إحداها يتعلق الوجوب بالنوم الناقض للوضوء على الصحيح من المذهب: وعليه جمهور الأصحاب وقيل: يتعلق بالنوم الزائد على النصف اختاره ابن عقيل كما تقدم.
الثانية: غسلهما تعبد لا يعقل معناه على الصحيح من المذهب: كغسل الميت فعلى هذا تعتبر النية والتسمية في أصح الأوجه والوجه الثاني: لا يعتبران والوجه الثالث يعتبران إن وجب غسلهما وإلا فلا والوجه الرابع تعتبر النية دون التسمية ذكره الزركشي.
وعلى الصحيح لا تجزئ نية الوضوء عن نية غسلهما على المذهب المشهور وأنها طهارة مفردة لا من الوضوء وقيل: تجزئ وقيل: غسلهما معلل بوهم النجاسة كجعل العلة في النوم استطلاق الوكاء بالحدث وهو مشكوك فيه وقيل: غسلهما معلل بمبيت يده ملابسة للشيطان.

الثالثة: إنما يغسلان لمعنى فيهما على الصحيح من المذهب: قدمه في الفروع فلو استعمل الماء ولم يدخل يده في الإناء لم يصح وضوءه وفسد الماء وذكر القاضي وجها إنما يغسلان لأجل إدخالهما الإناء ذكره أبو الحسين رواية فيصح وضوءه ولم يفسد الماء إذا استعمله من غير إدخال.
قوله: "والبداءة بالمضمضة والاستنشاق".
الصحيح من المذهب: أن البداءة بهما قبل الوجه سنة وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم وقيل: يجب وهو احتمال في الرعاية وبعده يأتي في باب الوضوء هل يتمضمض ويستنشق بيمينه.
فائدتان
إحداهما: يجب الترتيب والموالاة بين المضمضة والاستنشاق وبين سائر الأعضاء على الصحيح من المذهب: وهو إحدى الروايات وقدمه في الفروع وابن تميم وهو ظاهر كلام الخرقي قال في مجمع البحرين: وابن عبيدان تبعا للمجد والأقيس وجوب ترتيبهما كسائر أجزاء الوجه وعنه لا يجبان بينهم اختاره المجد وقال في مجمع البحرين: لا يجب ذلك في أصح الروايتين نص عليه تصريحا وفي رواية كثير من أصحابه.
فعلى هذا لو تركهما حتى صلى أتى بهما وأعاد الصلاة دون الوضوء نص عليه أحمد ومبناه على أن وجوبهما بالسنة والترتيب إنما وجب بدلالة القرآن معتضدا بالسنة ولم يوجد ذلك فيهما وأطلقهما في المغني والشرح وابن عبيدان والزركشي وعنه تجب الموالاة وحدها.
الثانية: يستحب تقديم المضمضة على الاستنشاق على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب قال في مجمع البحرين: والواو في قوله: والاستنشاق للترتيب كثم ووجه في الفروع وجوبه على قولنا لم يدل القرآن عليه.
قوله: "والمبالغة فيهما أصح".
الصحيح من المذهب أن المبالغة في المضمضة والاستنشاق سنة إلا ما استثنى وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم قال الزركشي وعليه عامة المتأخرين وهو المشهور وجزم به في المحرر والوجيز والهداية وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم وظاهر كلام الخرقي استحباب المبالغة في الاستنشاق وحده واختاره ابن الزاغوني وعنه تجب المبالغة وقيل: تجب المبالغة في الاستنشاق وحده اختارها ابن شاقلا ويحكى رواية ذكره الزركشي واختاره أبو حفص العكبري أيضا قاله الشارح قال ابن تميم قال بعض أصحابنا تجب المبالغة فيهما في الطهارة الكبرى وعنه تجب المبالغة فيهما في الوضوء ذكرها ابن عقيل في فنونه.

فائدتان
إحداهما: المبالغة في المضمضة إدارة الماء في الفم على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وقال في الرعاية إدارة الماء في الفم كله أو أكثره فزاد أكثره ولا يجعله وجوبا.
والمبالغة في الاستنشاق جذب الماء بالنفس إلى أقصى الأنف على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وقال في الرعاية أو أكثره كما قال في المضمضة ولا يجعله سعوطا قال المصنف ومن تابعه لا تجب الإدارة في جميع الفم ولا الاتصال إلى جميع باطن الأنف.
والثانية: لا يكفي وضع الماء في فمه من غير إدارته قاله في المبهج واقتصر عليه ابن تميم وصاحب الفائق وجزم به في الرعاية وشرح ابن عبيدان: وغيرهما وقدمه الزركشي وقيل: يكفي قال في المطلع المضمضة في الشرع وضع الماء في فيه وإن لم يحركه قال الزركشي وليس بشيء وأطلقهما في الفروع.
قوله: "إلا أن يكون صائما".
يعني فلا تكون المبالغة سنة بل تكره على الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقال أبو الفرج تحرم قال الزركشي وينبغي أن يقيد قوله: "بصوم الفرض
قوله وتخليل اللحية.
إن كانت خفيفة وجب غسلها وإن كانت كثيفة وهو مراد المصنف فالصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم استحباب تخليلها وقيل: لا يستحب كالتيمم قاله في الرعاية وهو بعيد للأثر وهو كما قال وقيل: يجب التخليل ذكره ابن عبدوس المتقدم.
فائدتان
إحداهما: شعر غير اللحية كالحاجبين والشارب والعنفقة ولحية المرأة وغير ذلك مثل اللحية في الحكم على الصحيح من المذهب: وعليه الجمهور وجزم به في الرعاية في لحية المرأة وقيل: يجب غسل باطن ذلك كله مطلقا
والثانية: صفة تخليل اللحية أن يأخذ كفا من ماء فيضعه من تحتها أو من جانبيها بأصابعه نص عليه مشبكة فيها قاله جماعة من الأصحاب وقدمه في الرعاية وابن تميم

والزركشي زاد في الشرح وغيره ويعركها وقيل: يخللها من ماء الوجه ولا يفرد لذلك ماء قاله القاضي وأطلقهما في الفائق ويكون ذلك عند غسلهما وإن شاء إذا مسح رأسه نص عليه.
قوله: "وتخليل الأصابع".
يستحب تخليل أصابع الرجلين بلا نزاع والصحيح من المذهب: استحباب تخليل أصابع اليدين أيضا وعليه الأصحاب وعنه لا يستحب وأطلقهما في الحاويين.
فائدتان
إحداهما: قال جماعة من الأصحاب منهم القاضي والمصنف والشارح وصاحب التلخيص وغيرهم يخلل رجليه بخنصره ويبدأ من الرجل اليمنى بخنصرها واليسرى بالعكس زاد القاضي وصاحب التلخيص يخلل بخنصر يده اليسرى زاد في التلخيص وابن تميم والزركشي من أسفل الرجل قال الأزجي في نهايته يخلل بخنصر يده اليمنى.
والثانية: يستحب المبالغة في غسل سائر الأعضاء ودلك المواضع التي ينبو عنها الماء وعركها.
قوله: "والتيامن".
الصحيح من المذهب: استحباب التيامن وعليه الأصحاب وحكى الفخر الرازي رواية عن أحمد بوجوبه وشذذه الزركشي وقيل: يكره تركه قال ابن عبدوس المتقدم هنا في حكم اليد الواحدة حتى إنه يجوز غسل إحداهما: بماء الأخرى.
قوله: "وأخذ ماء جديد للأذنين".
إن قلنا هما من الرأس وهو المذهب فالصحيح استحباب أخذ ماء جديد لهما اختاره الخرقي وبن أبي موسى والقاضي في الجامع الصغير والشيرازي وابن البنا واختاره أيضا المصنف والشارح وابن عبدوس في تذكرته قال في الخلاصة يستحب على الأصح وجزم به في التذكرة لابن عقيل والمذهب ومسبوك الذهب والمذهب الأحمد والكافي والتلخيص والبلغة في موضع والوجيز والمنتخب والإفادات وابن منجا في شرحه وعنه لا يستحب بل يمسحان بماء الرأس اختاره القاضي في تعليقه وأبو الخطاب في خلافه الصغير والمجد في شرح الهداية والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق وابن عبيدان: وأطلقهما في الهداية والمستوعب والتخليص والبلغة في السنن والمحرر والرعايتين والحاويين والفروع ومجمع البحرين: قال ابن رجب في الطبقات ذكر الشيخ تقي الدين في شرح العمدة أن أبا الفتح ابن جلية قاضي حران كان يختار مسح الأذنين بماء جديد بعد مسحهما بماء

الرأس قال ابن رجب وهو غريب جدا.
والذي رأيناه في شرح العمدة أنه قال ذكر القاضي عبد الوهاب وبن حامد أنهما يمسحان بماء جديد بعد أن يمسحا بماء الرأس قال وليس بشيء فزاد ابن حامد والظاهر أن القاضي عبد الوهاب هو ابن جلبة قاضي حران.
فائدة: يستحب مسحهما بعد مسح الرأس على الصحيح من المذهب: وقاله القاضي وغيره وقدمه في الفروع وقال ويتوجه تخريج واحتمال وذكر الأزجي يمسحهما معا ولم يصرح الأصحاب بخلاف ذلك.
قلت: صرح الزركشي باستحباب مسح الأذن اليمنى قبل اليسرى.
تنبيهات
الأول هذه الأحكام إذا قلنا هما من الرأس فأما إذا قلنا هما عضوان مستقلان وهو رواية عن أحمد ذكرها ابن عقيل فيجب لهما ماء جديد في وجه قاله في الفروع وهو من المفردات قال في الفروع ويتوجه منه يجب الترتيب
الثاني تقدم أن الأذنين من الرأس على الصحيح من المذهب: وتقدم رواية أنهما عضوان مستقلان وذكر ابن عبيدان: في باب الوضوء أن ابن عبد البر قال روى عن أحمد أنه قال ما أقبل منهما من الوجه يغسل معه وما أدبر من الرأس كمذهب الشعبي والحسن ابن صالح ومال إليه إسحاق ابن راهويه.
الثالث قوله: "والغسلة الثانية: والثالثة: بلا نزاع قال القاضي في الخلاف حتى لطهارة المستحاضة.
فوائد
إحداها: يعمل في عدد الغسلات بالأقل على الصحيح من المذهب: وقال في النهاية يعمل بالأكثر.
الثانية: تكره الزيادة على الصحيح من المذهب: وقيل: تحرم قال ابن رجب في شرح البخاري واستحب بعض أصحابنا للوجه غسلة رابعة تصب من أعلاه وعن أحمد أنه يزاد في الرجلين دون غيرهما ويجوز الاقتصار على الغسلة الواحدة والثنتان أفضل والثلاثة أفضل منهما قاله المجد وغيره وقال القاضي وغيره الأولى: فريضة والثانية: فضيلة والثالثة: سنة وقدمه ابن عبيدان: قال في المستوعب وإذا قيل لك أي موضع تقدم فيه الفضيلة على السنة فقل هنا.
الثالثة: لو غسل بعض أعضاء الوضوء أكثر من بعض لم يكره على الصحيح من المذهب: وعنه يكره.

الرابعة: ظاهر كلام المصنف أنه لا يسن مسح العنق وهو الصحيح من المذهب: وهو ظاهر كلامه في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره وجزم به في المنور وغيره قال في مجمع البحرين: لا يستحب مسح العنق في أقوى الروايتين قال الزركشي هو الصحيح من الروايتين قال في الفائق لا يسن في أصح الروايتين وعنه يستحب اختاره في الغنية وبن الجوزي في أسباب الهداية وأبو البقاء وبن الصيرفي وابن رزين في شرحه قال في الخلاصة ومسح العنق مستحب على الأصح وجزم به ابن عقيل في تذكرته وابن البنا في العقود وبن حمدان في الإفادات والناظم وقدمه في الهداية ومسبوك الذهب وأطلقهما في المذهب والمستوعب والمغني والتلخيص والبلغة والشرح والمحرر والنظم والرعايتين والحاويين وابن تميم وابن عبيدان.
وظاهر كلام المصنف أيضا أنه لا يسن الكلام على الوضوء وهو الصحيح من المذهب: بل يكره قاله جماعة من الأصحاب قال في الفروع والمراد بغير ذكر الله كما صرح به جماعة منهم صاحب الرعاية والمراد بالكراهة ترك الأولى: وذكر جماعة كثيرة من الأصحاب منهم صاحب المستوعب والرعاية والإفادات يقول: عند كل عضو ما ورد والأول أصح لضعفه جدا قال ابن القيم أما الأذكار التي يقولها العامة على الوضوء عند كل عضو فلا أصل لها عنه عليه أفضل الصلاة والسلام ولا عن أحد من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وفيه حديث كذب عليه عليه الصلاة والسلام انتهى.
قال أبو الفرج يكره السلام على المتوضئ وفي الرعاية ورد السلام أيضا قال في الفروع وظاهر كلام الأكثر لا يكره السلام ولا الرد وإن كان الرد على طهر أكمل.
الخامسة: قال في الفروع وظاهر ما نقله بعضهم يستقبل القبلة قال ولا تصريح بخلافه وهو متجه لكل طاعة إلا لدليل انتهى.

باب فرض الوضوء وصفته
:
قوله: "ترتيبه على ما ذكر الله تعالى".
الصحيح من المذهب: أن الترتيب فرض وعليه جماهير الأصحاب وقطع به أكثرهم متقدمهم ومتأخرهم وعن أحمد رواية بعدم وجوب الترتيب بين المضمضة والاستنشاق وبين بقية أعضاء الوضوء كما تقدم قريبا فأخذ منها أبو الخطاب في الانتصار وابن عقيل في الفصول رواية بعدم وجوب الترتيب رأسا وتبعهما بعض المتأخرين منهم صاحب التلخيص والمحرر والفروع فيه وغيرهم قال الزركشي وأبى ذلك عامة الأصحاب متقدمهم ومتأخرهم منهم أبو محمد يعني به المصنف والمجد في شرحه قال المصنف في المغني لم أر عنه فيه اختلافا قال في الحاوي الكبير لا أعلم فيه خلافا في المذهب إلا أبا الخطاب حكى رواية

أحمد أنه غير واجب انتهى واختار أبو الخطاب في الانتصار عدم وجوب الترتيب في نفل الوضوء ومعناه للقاضي في الخلاف.
فائدة: اعلم أن الواجب عند الإمام أحمد والأصحاب الترتيب لا عدم التنكيس فلو وضأه أربعة في حالة واحدة لم يجزئه ولو انغمس في ماء جار ينوي رفع الحدث فمرت عليه أربع جريات أجزأه إن مسح رأسه أو قيل بإجزاء الغسل عن المسح على ما يأتي ولو لم يمر عليه إلا جرية واحدة لم يجزه وهذا الصحيح من المذهب: قال المصنف ومن تبعه ونص أحمد في رجل أراد الوضوء فانغمس في الماء ثم خرج فعليه مسح رأسه وغسل قدميه قال وهذا يدل على أن الماء إذا كان جاريا فمرت عليه جرية واحدة أنه يجزيه مسح رأسه وغسل رجليه انتهى وإن كان انغماسه في ماء كثير راكد فإن أخرج وجهه ثم يديه ثم مسح برأسه ثم خرج من الماء مراعيا للترتيب أجزأه على الصحيح من المذهب: نص عليه وجزم به ابن عقيل وقدمه في المغني والشرح ومجمع البحرين: والفروع وابن تميم والزركشي وابن رزين وابن عبيدان وغيرهم وتقدمت الرواية التي ذكرها المصنف وقيل: إن مكث فيه قدرا يتسع للترتيب وقلنا يجزيه غسل الرأس عن مسحه أو مسحه ثم مكث برجليه قدرا يسع غسلهما أجزأه قال المجد في شرحه وهو الأقوى عندي وقال في الانتصار لم يفرق أحمد بين الجاري والراكد وإن تحركه في الراكد يصير كالجاري فلا بد من الترتيب.
قوله: "والموالاة على إحدى الروايتين".
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والكافي والتلخيص والبلغة وابن تميم.
إحداها هي فرض وهو المذهب نص عليه في رواية الجماعة وعليه الأصحاب قاله الزركشي وغيره وهو ظاهر كلام الخرقي لقوله: "في مسح الخفين فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء وهو من مفردات المذهب.
والثانية: ليست بفرض بل هي سنة وقيل: إنها ظاهر كلام الخرقي لأنه لم يذكرها في فروض الوضوء قال المصنف في المغني ولم يذكر الخرقي الموالاة.
تنبيه: الروايتان في كلام المصنف يعودان إلى الموالاة فقط لما تقدم عنه في المغني أنه لم ير عنه فيه اختلافا وقال ابن منجا في شرحه الخلاف راجع إلى الترتيب والموالاة ويحتمله كلام المصنف.
قلت: صرح به في الهادي فقال وفي المضمضة والاستنشاق والترتيب والموالاة روايتان وقال في الكافي وحكى عنه أن الترتيب ليس بواجب.
فائدة: لا يسقط الترتيب والموالاة بالنسيان على الصحيح من المذهب: وعليه جمهور الأصحاب وجزم به ناظم المفردات وغيره وهو منها وقدمه ابن عبيدان: وغيره وقيل: يسقطان وقيل: يسقط الترتيب وحده قال ابن تميم قال بعض أصحابنا تسقط الموالاة

بالعذر والجهل كذلك في الحكم قاله في القواعد الأصولية قال الشيخ تقي الدين تسقط الموالاة بالعذر وقال هو أشبه بأصول الشريعة وقواعد أحمد وقوى ذلك وطرده في الترتيب وقال لو قيل بسقوطه للعذر كما لو غسل وجهه فقط لمرض ونحوه ثم زال قبل انتقاض وضوئه بغسله لتوجه انتهى.
قوله: "وهو أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله".
مراده في الزمان المعتدل وقدره في غيره وهذا المذهب وعليه جمهور الأصحاب قال الزركشي هذا المشهور عند الأصحاب ونصره في مجمع البحرين: وغيره قال ابن رزين: وابن عبيدان هذا الأصح وجزم به في التلخيص والبلغة وابن منجا في شرحه والفائق والمذهب الأحمد وغيرهم وقدمه في المغني والشرح والفروع والرعاية الكبرى: والحاوي الكبير وابن عبيدان ومجمع البحرين: وغيرهم وقيل: هو أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الكل وأطلقهما في المذهب وقيل: هو أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف أي عضو كان حكاه ابن عقيل وعنه يعتبر طول المكث عرفا قال الخلال هو الأشبه بقوله: "والعمل عليه قال في الوجيز والمنور والمنتخب وتذكرة ابن عبدوس ويوالى عرفا قال ابن رزين: وهذا أقيس.
قلت: يحتمل أن هذه الرواية مراد من حدها بحد ويكونون مفسرين للعرف بذلك ثم رأيت الزركشي قال معناه قال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير في زمن معتدل أو طال عرفا قال في القاعدة الثالثة: بعد المائة وهل الاعتبار بالعرف أو بجفاف الأعضاء على روايتين.
فوائد
منها لا يضر اشتغاله في العضو الآخر بسنة كتخليل أو إسباغ أو إزالة شك ويضر إسراف وإزالة وسخ ونحوه جزم به في الفروع والحاوي الكبير وأطلقا ولعلهما أرادا ما جزم به الزركشي إذا كان إزالة الوسخ لغير الطهارة وجزم في الكافي والرعايتين والحاوي الصغير وهو ظاهر ما جزم به في المغني والشرح وابن عبيدان أنه لا يضر إزالة الوسخ وأطلقوا ولعلهم أرادوا إذا أزالها لأجل الطهارة ولا تضر الإطالة لوسوسة صححه في الرعاية الكبرى: وقدمه ابن عبيدان: والمصنف في المغني والشارح وابن رزين في شرحه وقيل: تضر جزم به في الحاوي الكبير ومجمع البحرين: وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وأطلقهما في الفروع وابن تميم والزركشي وتضر إزالة النجاسة إذا طالت قدمه في الرعاية الكبرى: وقيل: لا تضر وأطلقهما في الفروع وابن تميم والزركشي وتضر الإطالة في تحصيل الماء قدمه الزركشي والرعاية وهو ظاهر كلام ابن رزين: في شرحه وعنه لا تضر وأطلقهما في الفروع وابن تميم.

ومنها لا يشترط للغسل موالاة على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وحكى بعض الأصحاب الاشتراط كالوضوء ويأتي ذلك في الغسل.
ومنها إذا قلنا الموالاة سنة وفاتت أو فرق الغسل فلا بد لإتمام الوضوء والغسل من نية مستأنفة قاله ابن عقيل والمجد وصاحب الفروع وغيرهم بناء على أن شرط النية الحكمية قرب الفعل منها كحالة الابتداء قال في الفروع فدل على الخلاف كما يأتي في نية الحج في دخول مكة ونية الصلاة ويأتي ذلك في الغسل.
قوله: "والنية شرط لطهارة الحدث كلها.
وهذا المذهب المجزوم به عند جماهير الأصحاب وقيل: النية فرض قال ابن تميم والفائق وقال الخرقي والنية من فروضها وأولوا كلامه وقيل: ركن ذكرهما في الرعاية قلت: لا يظهر التنافي بين القول بفرضيتها وركنيتها فلعله حكى عبارات الأصحاب.
وذكر ابن الزاغوني وجها في المذهب أن النية لا تشترط في طهارة الحدث قال في القواعد الأصولية وهو شاذ وقال في الفروع ذكر بعض أصحابنا عن أصحابنا والمالكية والشافعية أنه ليس من شرط العبادة النية
وقال أبو يعلى الصغير ويتوجه على المذهب صحة الوضوء والغسل من غير نية قال وقد بنى القاضي هذه المسألة على أن التجديد هل يرفع الحدث أم لا ويأتي في آخر أحكام النية هل يحتاج غسل الذمية إلى النية أم لا؟
فائدة: لا يستحب التلفظ بالنية على أحد الوجهين وهو المنصوص عن أحمد قاله الشيخ تقي الدين وقال هو الصواب.
الوجه الثاني: يستحب التلفظ بها سرا وهو المذهب قدمه في الفروع وجزم به ابن عبيدان: والتلخيص وابن تميم وابن رزين قال الزركشي هو الأولى: عند كثير من المتأخرين
تنبيه: مفهوم قوله: "والنية شرط لطهارة الحدث أنها لا تشترط لطهارة الخبث وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: شرط كطهارة الحدث وحكى ابن منجا في النهاية أن الأصحاب قالوه في كتب الخلاف وقيل: إن كانت النجاسة على البدن فهي شرط وإلا فلا وقال أبو الخطاب في الانتصار في طهارة البدن بصوب غمام أو فعل مجنون أو طفل احتمالان.
قوله: "وهو أن يقصد رفع الحدث أو الطهارة لما لا يباح إلا بها.
هذا المذهب قاله الأصحاب وقال في المستوعب وشرح ابن عبيدان: وغيرهما النية هي قصد المنوي وقيل: العزم على المنوي وقيل: إن نوى مع الحدث النجاسة لم يجزئه

اختاره الشريف أبو جعفر قال في الفروع ويحتمل إن نوى مع الحدث التنظف أو التبرد لم يجزئه. فائدة: ينوي من حدثه دائم الاستباحة على الصحيح من المذهب: قال ابن تميم ويرتفع حدثه ولعله سهو وقيل: أو ينوي رفع الحدث [قال المجد هي كالصحيح في النية قال في الرعاية وقيل: نيتها كنية الصحيح وينوي رفعه انتهى وقيل: أو ينوي رفع الحدث] وقيل: هما قال في الرعايتين والحاويين وجمعهما أولى [فعلى المذهب لا يحتاج إلى تعيين نية الفرض قطع به ابن منجا وبن حمدان قال المجد في شرحه هذا ظاهر قول الأصحاب انتهى ويرتفع حدثه أيضا على الصحيح من المذهب: قدمه ابن تميم وبن حمدان وهو ظاهر ما قطع به في شرحه فإنه قال هذه الطهارة ترفع الحدث أوجبها وقال أبو جعفر طهارة المستحاضة لا ترفع الحدث والنفس تميل إليه وهو ظاهر كلامه في المغني والشرح].
فائدة: لم يذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا من شروط الوضوء إلا النية وللوضوء شروط أخرى.
منها: ما ذكره المصنف في آخر باب الاستنجاء وهو إزالة ما على الفرجين من أذى بالماء أو بالأحجار على الصحيح من المذهب: كما تقدم.
ومنها: إزالة ما على غير السبيلين من نجاسة على قول تقدم هناك.
ومنها دخول الوقت على من حدثه دائم كالمستحاضة ومن به سلس البول والغائط ونحوهم على ما يأتي في آخر باب الحيض.
ومنها: التمييز فلا وضوء لمن لا تمييز له كمن له دون سبع وقيل: ست أو من لا يفهم الخطاب ولا يرد الجواب على ما يأتي في كتاب الصلاة.
ومنها: إزالة ما يمنع وصول الماء إلى العضو.
ومنها: العقل فلا وضوء لمن لا عقل له كالمجنون ونحوه.
ومنها: الطهارة من الحيض والنفاس جزم به ابن عبيدان: قال في الرعاية ولا يصح وضوء الحائض على ما يأتي أول الحيض مستوفى.
قلت: ومنها الطهارة من البول والغائط أعني انقطاعهما والفراغ من خروجهما.
ومنها طهورية الماء خلافا لأبي الخطاب في الانتصار في تجويزه الطهارة بالماء المستعمل في نفل الوضوء كما تقدم عنه ذلك في كتاب الطهارة.
ومنها إباحة الماء على الصحيح من المذهب: على ما تقدم في كتاب الطهارة وهو من المفردات.
ومنها الإسلام قاله ابن عبيدان: وغيره.
فهذه اثنا عشر شرطا للوضوء في بعضها خلاف.

قوله: "فإن نوى ما تسن له الطهارة أو التجديد فهل يرتفع حدثه على روايتين".
إذا نوى ما تسن له الطهارة كالجلوس في المسجد ونحوه فهل يرتفع حدثه أطلق المصنف فيه الخلاف وأطلقهما في الكافي والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاويين والفروع والفائق وابن تميم وابن منجا في شرحه وابن عبيدان.
إحداهما: يرتفع وهو المذهب اختاره أبو حفص العكبري وابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح والمصنف في المغني والشارح قال المجد وتابعه في مجمع البحرين: هذا أقوى وجزم به في الوجيز والمنور وقدمه ابن رزين: في شرحه.
والثانية: لا يرتفع اختاره ابن حامد والقاضي والشيرازي وأبو الخطاب قال ابن عقيل وصاحب المستوعب هذا أصح الوجهين وصححه الناظم وقدمه في المحرر.
فائدة: ما تسن له الطهارة الغضب والأذان ورفع الشك والنوم وقراءة القرآن والذكر وجلوسه بالمسجد ونحوه وقيل: ودخوله قدمه في الرعاية وقيل: وحديث وتدريس علم وقدمه في الرعاية أيضا وقيل: وكتابته وقال في النهاية وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال في المغني وغيره وأكل قال الأصحاب ومن كل كلام محرم كالغيبة ونحوها وقيل: لا وكل ما مسته النار والقهقهة وأطلقها ابن تميم وبن حمدان وابن عبيدان والزركشي والفروع وكذا في مجمع البحرين: في القهقهة.
وأما إذا نوى التجديد وهو ناس حدثه ففيه ثلاث طرق.
أحدها أن حكمه حكم ما إذا نوى ما تسن له الطهارة وهي الصحيحة جزم به المصنف هنا وفي المغني وصاحب الهداية والفصول والمستوعب والخلاصة والشارح وابن عبيدان وصاحب مجمع البحرين: وابن منجا في شرحه وغيرهم ففيه الخلاف المتقدم وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي وابن منجا وابن عبيدان في شرحيهما وابن تميم والحاويين وغيرهم.
إحداهما: يرتفع حدثه وهو المذهب اختاره أبو حفص العكبري وابن عبدوس في تذكرته وصححه في التصحيح وصححه في المغني والشرح فيما إذا نوى ما تسن له الطهارة وجعلا هذه المسألة مثلها وجزم به في الوجيز والمنور وقدمه في الرعاية الصغرى وابن رزين في شرحه وغيرهم.
والثاني لا يرتفع اختاره القاضي وأبو الخطاب وغيرهما وجزم به في الإفادات وقدمه

في الرعاية الكبرى: وقال على الأقيس والأشهر وقال في الصغرى هذا أصح وكذا قال ابن منجا في النهاية وصححه في النظم.
ومحل الخلاف على القول باستحباب التجديد على ما يأتي.
الطريقة الثانية: لا يرتفع هنا وإن ارتفع فيما تسن له الطهارة وقد تقدم أن ابن حمدان أطلق الخلاف فيما تسن له الطهارة وصحح في هذه المسألة وقال إن الأشهر لا يرتفع.
الطريقة الثالثة: إن لم يرتفع ففي حصول التجديد احتمالان قاله ابن حمدان في الرعاية الكبرى: وأطلقهما في الفروع
تنبيه: قال ابن عبيدان: وكلام المصنف يوهم أن الروايتين فيما إذا نوى ما تسن له الطهارة وليس الأمر كذلك وإنما الروايتان في التجديد وأما ما تسن له الطهارة ففيه وجهان مخرجان على الروايتين في التجديد صرح بذلك المصنف في المغني وكذلك غيره من الأصحاب انتهى وقال في مجمع البحرين: في الكل روايتان وقيل: وجهان.
قلت: وممن ذكر الروايتين فيما إذا نوى ما تسن له الطهارة صاحب المذهب والكافي والمحرر والحاويين والفائق والشرح والفروع وغيرهم وممن ذكر الوجهين القاضي في الجامع وصاحب المستوعب والمغني والتلخيص والبلغة والرعايتين وابن تميم وابن عبيدان وغيرهم.
فائدتان
إحداهما: لو نوى رفع الحدث وإزالة النجاسة أو التبرد أو تعليم غيره ارتفع حدثه على الصحيح من المذهب: وقال الشريف أبو جعفر إذا نوى النجاسة مع الحدث لم يجزه وتقدم ذلك.
الثانية: الصحيح من المذهب: أنه يسن تجديد الوضوء لكل صلاة وعنه لا يسن كما لو لم يصل بينهما قاله في الفروع ويتوجه احتمال كما لو لم يفعل ما يستحب له الوضوء وكتيمم وكغسل خلافا للشيخ تقي الدين في شرح العمدة في الغسل وحكى عنه يكره الوضوء وقيل: لا يداوم عليه.
قوله: "وإذا نوى غسلا مسنونا فهل يجزئ عن الواجب على وجهين".
وقيل: روايتان وأطلقهما في المذهب والفروع والحاويين والرعاية الصغرى وابن منجا في شرحه وغيرهم.
واعلم أن الحكم هنا كالحكم فيما إذا نوى ما تسن له الطهارة خلافا ومذهبا عند أكثر الأصحاب وظاهر كلامه في المستوعب مخالف لذلك وعند المجد في شرحه لا يرتفع بالغسل المسنون ويرتفع بالوضوء المسنون وتبعه في مجمع البحرين: واختاره أبو حفص وسوى بينهما في المحرر كالأكثر.

فوائد
منها: إذا قلنا لا يحصل الواجب فالصحيح من المذهب: حصول المسنون وقيل: لا يحصل أيضا.
ومنها وكذا الخلاف والحكم والمذهب لو تطهر عن واجب هل يجزئ عن المسنون على ما تقدم وهذا هو الصحيح وقيل: يجزيه هنا وإن منعنا هناك لأنه أعلى ولو نواهما حصلا على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: يحتمل وجهين.
ومنها لو نوى طهارة مطلقة أو وضوءا مطلقا عليه لم يصح على الصحيح وجزم به في الكافي وقدمه في الرعايتين والتلخيص ورجحه في الفصول وقال ابن عقيل أيضا إن قال هذا الغسل لطهارتي انصرف إلى إزالة ما عليه من الحدث وإن أطلق وقعت الطهارة نافلة ونافلة الطهارة كتجديد الوضوء وفيه روايتان وكذا يخرج وجهان في رفع الحدث وقال أبو المعالي في النهاية ولا خلاف أن الجنب إذا نوى الغسل وحده لم يجزه لأنه تارة يكون عبادة وتارة غير عبادة فلا يرتفع حكم الجنابة انتهى.
وقيل: يصح جزم به في الوجيز وصححه في المغني ومجمع البحرين: وأطلقهما في الفروع والشرح والحاويين وابن عبيدان وابن تميم.
ومنها لو نوى الجنب الغسل وحده أو لمروره في المسجد لم يرتفع على الصحيح من المذهب: فيهما وتقدم كلام أبي المعالي وقيل: يرتفع وقيل: يرتفع في الثانية: وحدها وقال ابن تميم إن نوى الجنب بغسله القراءة ارتفع حدثه الأكبر وفي الأصغر وجهان وإن نوى اللبث في المسجد ارتفع الأصغر وفي الأكبر وجهان وقيل: يرتفع الأكبر في الثانية: ذكره القاضي واختاره المجد.
ومنها لو نوى بطهارته صلاة معينة لا غيرها ارتفع مطلقا على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وذكر أبو المعالي وجهين كمتيمم نوى إقامة فرضين في وقتين.
قوله: "وإن اجتمعت أحداث توجب الوضوء أو الغسل فنوى بطهارته أحدهما: فهل يرتفع سائرهما على وجهين
وأطلقهما في المذهب والتلخيص والشرح وابن منجا وابن عبيدان في شرحيهما والحاويين.
أحدهما: يرتفع سائرها وهو المذهب قال في القواعد الفقهية هذا المشهور وقال ابن عبيدان: هذا الصحيح قال في الفائق هذا أصح الوجهين وصححه في التصحيح واختاره القاضي وجزم به في الوجيز والمنتخب وقدمه في الفروع والمحرر وابن تميم والرعايتين في أحداث الوضوء.

والثاني لا يرتفع إلا ما نواه اختاره أبو بكر وجزم به في الإفادات وصححه في النظم وقدمه في الرعايتين في موجبات الغسل ورجحه المجد في غسل الجنابة والحيض وقيل: لا تجزئ نية الحيض عن الجنابة ولا نية الجنابة عن الحيض وتجزئ في غيرهما نية أحدهما: عن الآخر وقيل: تجزئ نية الحيض عن الجنابة ولا تجزئ نية الجنابة عن الحيض وما سوى ذلك يتداخل وقيل: إن نسيت المرأة حالها أجزأها نية أحدهما: عن الآخر.
تنبيهات
الأول ظاهر قوله: "فينوى بطهارته أحدها لو نوى مع ذلك أن لا يرتفع غير ما نواه أنه لا يرتفع وهو الصحيح وظاهر كلام الأصحاب وقدمه في الفروع وقيل: فيه الوجهان اللذان فيما إذا نوى بطهارته أحدهما فقط.
الثاني ظاهر قوله: "وإن اجتمعت أحداث" أنه سواء كان اجتماعها معا أو متفرقة إذا كانت متنوعة وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب منهم المصنف والشارح وابن تميم وابن عبيدان وابن منجا وصاحب الفائق والحاويين وغيرهم وهو الصواب وقيل: يشترط أن يوجدا معا قال في الرعايتين وإن نوى رفع بعض أحداثه التي نقضت وضوءه معا زاد في الكبرى إن أمكن اجتماعها ارتفعت كلها وقيل: بل ما نواه وحده وقيل: وغيره إن سبق أحدهما: ونواه وقيل: إن تكررت من جنس أو أكثر فأطلق النية ارتفع الكل وإن عين في الجنس أولها أو آخرها أو أحد الأنواع فوجهان انتهى.
الثالث تظهر فائدة: قول أبي بكر أنه لو نوى بعد ذلك رفع الحدث عن باقي الأسباب ارتفع حدثه على الوجهين قاله ابن منجا في شرحه وغيره.
وأيضا من فوائده لو اغتسلت الحائض إذا كانت جنبا للحيض حل وطؤها دون غيره لبقاء الجنابة قال ابن تميم ولا يمنع الحيض صحة الغسل للجنابة في أصح الوجهين وهو المنصوص قال في الحاوي الصغير وهو الأقوى عندي وقدمه في الرعايتين وحكاهما روايتين وقالا لا تمنع الجنابة غسل الحيض مثل إن أجنبت في أثناء غسلها منه انتهى ويأتي ذلك بأتم من هذا في الغسل بعد قوله: "والخامس الحيض".
الرابع قوله: "ويجب تقديم النية على أول واجبات الطهارة هذا صحيح وأول واجباتها المضمضة والتسمية على ما تقدم من الخلاف ذكره الشارح وغيره ويجوز تقديمها بزمن يسير بلا نزاع ولا يجوز بزمن طويل على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وقيل: يجوز مع ذكرها وبقاء حكمها بشرط أن لا يقطعها قال ابن تميم وجوز الآمدي تقديم نية الصلاة بالزمن الطويل ما لم يفسخها وكذا يخرج هنا وجزم به في الجامع الكبير وقال القاضي في شرحه الصغير إذا قدم النية واستصحب ذكرها حتى يشرع في الطهارة جاز وإن نسيها أعاد وقال أبو الحسين يجوز تقديم النية ما لم يعرض ما يقطعها من اشتغال بعمل ونحوه انتهى.

فائدة: لا يبطلها عمل يسير في أصح الوجهين.
قوله: "وإن استصحب حكمها أجزأه".
وهو المذهب وعليه الأصحاب وقال في الرعاية ولا يبطل النية نسيانها في الأشهر ولا غفلة عنها مطلقا وقيل: بل بعد شروعه فيه
فوائد
منها: لو أبطل الوضوء بعد فراغه منه لم يبطل على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: يبطل وأطلقهما ابن تميم.
ومنها: لو شك في الطهارة بعد فراغه منها لم يؤثر على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: يبطل وقيل: إن شك عقيب فراغه استأنف وإن طال الفصل فلا.
ومنها: لو أبطل النية في أثناء طهارته بطل ما مضى منها على الصحيح من المذهب: اختاره ابن عقيل والمجد في شرحه وقدمه في الرعايتين والحاويين وقيل: لا يبطل ما مضى منها جزم به المصنف في المغني لكن إن غسل الباقي بنية أخرى قبل طول الفصل صحت طهارته وإن طالت انبنى على وجوب الموالاة قال في التلخيص وهما الأقيس وأطلقهما الشارح وابن عبيدان وقال ابن تميم وإن أبطل النية في أثناء طهارته بطل ما مضى منها في أحد الوجوه والثاني لا يبطل والثالث إن قلنا باعتبار الموالاة بطل وإلا فلا انتهى.
قلت: ظاهر القول الثاني مشكل جدا إذ هو مفض إلى صحته ولو قلنا باشتراط الموالاة وفاتت فما أظن أحدا يقول: ذلك ولا بد في القول الثالث من إضمار وتقديره والثالث إن قلنا باعتبار الموالاة فأخل بها بطل وإلا فلا.
ومنها لو فرق النية على أعضاء الوضوء صح جزم به في التلخيص وغيره وقدمه ابن تميم وقال وحكى شيخنا أبو الفرج رحمه الله في ماء الوضوء هل يصير مستعملا إذا انفصل عن العضو أو يكون موقوفا إن أكمل طهارته صار مستعملا وإن لم يكملها فلا يضره وفيه وجهان أحدهما: يصير مستعملا بمجرد انفصاله والثاني هو موقوف قال فعلى هذا لا يصح تفريق النية على أعضائه انتهى.
ومنها غسل الذمية من الحيض لا يحتاج إلى نية قدمه في القواعد الأصولية وابن تميم وقال واعتبر الدينوري في تكفير الكافر بالعتق والإطعام النية وكذلك يخرج ها هنا انتهى قال في القواعد ويحسن بناؤه على أنهم مكلفون بالفروع أم لا؟.
تنبيه: قوله: "ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثا بلا نزاع ويكون ذلك بيمينه على الصحيح من

المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل: بيساره ذكره القاضي في الجامع الكبير وذكره نص أحمد في رواية حرب الاستنشاق بالشمال.
قوله: "من غرفة وإن شاء من ثلاث وإن شاء من ست".
هذه الصفات كلها جائزة والأفضل جمعها بماء واحد على الصحيح من المذهب: نص عليه يتمضمض ثم يستنشق من الغرفة قدمه في الرعاية والفائق وابن تميم ومجمع البحرين: وابن عبيدان وغيرهم وعنه بغرفتين لكل عضو غرفة حكاها الآمدي وعنه بثلاث لهما معا وعنه بست ذكرها ابن الزاغوني قال ابن تميم بعد ذلك وهل يكمل المضمضة أو يفصل بينهما فيه وجهان قال في مجمع البحرين: والأصح أنه يتمضمض ثم يستنشق من الغرفة ثم ثانيا كذلك منها أو من غرفة ثالثة وكذلك يفعل ثالثا وصححه المجد في شرح الهداية.
قوله: "وهما واجبان في الطهارتين".
يعني المضمضة والاستنشاق وهذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب ونصروه وهو من مفردات المذهب وعنه أن الاستنشاق وحده واجب وعنه أنهما واجبان في الكبرى دون الصغرى وعنه أنهما واجبان في الصغرى دون الكبرى عكس التي قبلها نقلها الميموني وعنه يجب الاستنشاق في الوضوء وحده ذكرها صاحب الهداية والمحرر وغيرهما وعنه عكسها ذكرها ابن الجوزي وعنه هما سنة مطلقا.
فائدة: هل يسميان فرضا أم لا وهل يسقطان سهوا أم لا على روايتين وأطلقهما في الفروع فيهما وأطلقهما في الفائق وابن تميم في تسميتهما فرضا وأطلقهما في الحاويين في سقوطهما سهوا.
وقال المصنف وتبعه الشارح هذا الخلاف مبني على اختلاف الروايتين في الواجب هل يسمى فرضا أم لا والصحيح أنه يسمى فرضا فيسميان فرضا انتهى.
وقال ابن عقيل في الفصول هما واجبان لا فرضان وقال الزركشي حيث قيل بالوجوب فتركهما أو أحدهما: ولو سهوا لم يصح وضوءه قاله الجمهور.
قال في الرعاية الكبرى: ولا يسقطان سهوا على الأشهر وقدمه في الصغرى.
وقال ابن الزاغوني إن قيل إن وجوبهما بالسنة صح مع السهو وحكى عن أحمد في ذلك روايتان إحداهما: وجوبهما بالكتاب والثانية: بالسنة.
تنبيه: اختلف الأصحاب هل لهذا الخلاف فائدة: أم لا؟ فقال جماعة من الأصحاب لا فائدة: له ومتى قلنا بوجوبهما لم يصح الوضوء بتركهما عمدا ولا سهوا وقالت طائفة إن قلنا الموجب لهما الكتاب لم يصح الوضوء بتركهما عمدا ولا سهوا وإن قلنا الموجب لهما

السنة صح وضوءه مع السهو وهذا اختيار ابن الزاغوني كما تقدم عنه.
فائدة: يستحب الانتثار على الصحيح من المذهب: والروايتين وعليه الأصحاب ويكون بيساره وعنه يجب.
تنبيه: دخل في قوله: "ثم يغسل وجهه ثلاثا من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن" العذار.
وهو الشعر النابت على العظم الناتئ المسامت لصماخ الأذن إلى الصدغ ودخل أيضا العارض وهو ما تحت العذار إلى الذقن ودخل أيضا المفصلان الفاصلان بين اللحية والأذنين وهما يليان العذار من تحتهما وقيل: وهما شعر اللحيين ولا تدخل النزعتان في الوجه بل هما من الرأس على الصحيح من المذهب: قال ابن عبيدان: والصحيح عند أصحابنا أنهما من الرأس قال في الفروع من الرأس في الأصح وقدمه الزركشي وابن رزين في شرحه قال في الرعاية الكبرى: أظهر الوجهين أنهما من الرأس وصححه الشارح وغيره وقيل: هما من الوجه اختاره القاضي وابن عقيل والشيرازي وقطع به القاضي في الجامع وأطلقهما ابن تميم والرعاية الصغرى والحاويين.
فائدة: النزعتان ما انحسر عنه الشعر في فودى الرأس وهما جانبا مقدمه وجزم به في الفروع والمغني والشرح وغيرهم وقيل: هما بياض مقدم الرأس من جانبي ناصيته قدمه في الرعاية الكبرى: وهو قريب من الأول.
ولا يدخل الصدغ والتحذيف أيضا في الوجه بل هما من الرأس على الصحيح من المذهب: اختاره المصنف في الكافي والمجد وقال هو ظاهر كلام أحمد قال في الرعاية الكبرى: الأظهر أنهما من الرأس قال في مجمع البحرين: هذا أصح الوجهين وقدمه ابن رزين: في الصدغ وصححه الشارح.
وقيل: هما من الوجه اختاره ابن حامد قاله القاضي وغيره وأطلقهما في الفروع والتلخيص والبلغة والرعاية الصغرى والحاويين والهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة وابن عبيدان وحكى أبو الحسين في الصدغ روايتين.
وقيل: التحذيف من الوجه دون الصدغ اختاره ابن حامد قاله جماعة واختاره المصنف في المغني وأطلقهما ابن تميم والزركشي وأطلقهما ابن رزين: في التحذيف وهو ظاهر كلام الشارح وقال ابن عقيل الصدغ من الوجه.
فائدة: الصدغ هو الشعر الذي بعد انتهاء العذار يحاذي رأس الأذن وينزل عن رأسها قليلا جزم به في المغني والشرح وابن رزين وقيل: هو ما يحاذي رأس الأذن فقط وهو ظاهر ما جزم به في الحاوي الكبير ومجمع البحرين: وابن عبيدان ولعلهم تابعوا المجد في شرحه وأطلقهما في الفروع في باب محظورات الإحرام.

واما التحذيف فهو الشعر الخارج إلى طرفي الجبين في جانبي الوجه ومنتهى العارض قاله الزركشي وقال في المغني وغيره والشعر الداخل في الوجه ما... انتهاء العذار والنزعة وفي الفروع هو الشعر الخارج إلى طرف الجبين في جانبي الوجه بين النزعة ومنتهى العذار وكذا قال غيره ولعل ما في الزركشي ومنتهى العارض سبقة قلم وإنما هو منتهى العذار كما قال غيره والحس يصدقه].
تنبيه: ظاهر كلام المصنف وجوب غسل داخل العينين وهو رواية عن أحمد بشرط أمن الضرر واختاره في النهاية وهو من المفردات والصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم أنه لا يجب غسل داخلهما مطلقا ولو للجنابة وعنه يجب للطهارة الكبرى وهو من المفردات فعلى المذهب لا يستحب غسل داخلهما ولو أمن الضرر على الصحيح من المذهب: بل يكره قال المصنف في المغني وابن عبيدان الصحيح أنه غير مسنون وصححه في مجمع البحرين: وجزم به في الكافي وقدمه في الشرح والمحرر وابن تميم وحواشي المقنع والفائق والزركشي وقال اختاره القاضي في تعليقه والشيخان وقطع في الهداية والفصول وتذكرة ابن عقيل وعقود ابن البنا والمذهب ومسبوك الذهب والتلخيص والبلغة والنظم وغيرهم بالاستحباب إذا أمن الضرر وقدمه في الرعايتين والحاويين وأطلقهما في الفروع وقيل: يستحب في الجنابة دون الوضوء.
فائدة: لو كان فيهما نجاسة لم يجب غسلها على الصحيح من المذهب.
قلت: فيعايى بها وعنه يجب.
وأما ما في الوجه من الشعر فقد تقدم الكلام عليه في آخر باب السواك في سنن الوضوء.
تنبيه: قوله: "من منابت شعر الرأس يعني المعتاد في الغالب فلا عبرة بالأفرع بالفاء الذي ينبت شعره في بعض جبهته ولا بأجلح الذي انحسر شعره عن مقدم رأسه قاله الأصحاب.
قوله: "مع ما استرسل من اللحية".
هذا الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز والمحرر وغيرهما وصححه في الفروع وغيره قال الزركشي هي المذهب عند الأصحاب بلا ريب قال ابن عبيدان: هي ظاهر مذهب أحمد وعليه أصحابه وعنه لا يجب قال ابن رجب في القواعد الصحيح لا يجب غسل ما استرسل من اللحية وهو مقتضى ما نصه المصنف في المغني من عدم وجوب غسل الشعر المسترسل في غسل الجنابة وأطلقهما في الحاويين والرعايتين.

فائدة: يجب غسل اللحية ما في حد الوجه وما خرج عنه عرضا على الصحيح من المذهب: وعليه جماهير الأصحاب وعنه لا يجب غسل اللحية بحال نقل بكر عن أبيه أنه سأل أحمد أيما أعجب إليك غسل اللحية أو التخليل فقال غسلها ليس من السنة وإن لم يخلل أجزأه فأخذ من ذلك الخلال أنها لا تغسل مطلقا فقال الذي ثبت عن أبي عبد الله أنه لا يغسلها وليست من الوجه ورد ذلك القاضي وغيره من الأصحاب وقالوا معنى قوله: "ليس من السنة أي غسل باطنها ورد أبو المعالي على القاضي.
تنبيهان
أحدهما: قوله: "ويستحب تخليله" تقدم ذلك وصفته في باب السواك مستوفى.
الثاني مفهوم قوله: "وإن كان يسترها أجزأه غسل ظاهره" أنه لا يجب غسل باطن اللحية الكثيفة وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل: يجب وقيل: في وجوب غسل باطن اللحية روايتان وقيل: يجب غسل ما تحت شعر غير لحية الرجل ذكره ابن تميم فعلى المذهب يكره غسل باطنها على الصحيح قال في الرعاية ويكره غسل باطنها في الأشهر وقيل لا يكره.
قوله: "ويدخل المرفقين في الغسل".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم وعنه لا يجب إدخالهما في الغسل فعلى المذهب من لا مرفق له يغسل إلى قدر المرفق في غالب الناس قاله الزركشي وغيره.
فوائد
لو كان له يد زائدة أو إصبع أصلها في محل الفرض وجب غسلها وإن كانت نابتة في غير محل الفرض كالعضد والمنكب وتميزت لم يجب غسلها سواء كانت قصيرة أو طويلة على الصحيح من المذهب: اختاره ابن حامد وابن عقيل قال المصنف والشارح وصاحب مجمع البحرين: وابن عبيدان وغيرهم هذا أصح وقدمه ابن رزين: في شرحه واختاره المجد في شرحه وقال القاضي والشيرازي يجب غسل ما حاذى محل الفرض منها ويأتي في الرعاية غسل منها ما حاذى محل الفرض في الأصح وأطلقهما ابن تميم.
وأما إذا لم تتميز إحداهما: من الأخرى فإنه يجب غسلهما بلا نزاع بين الأصحاب وقطعوا به قال في الفروع في باب ديات الأعضاء ومنافعها ومن له يدان على كوعيه أو يدان وذراعان على مرفقيه وتساوتا فهما يد انتهى
ولو كان له يدان لا مرفق لهما غسل إلى قدر المرفق في غالب عادات الناس وتقدم كما قلنا في الرجوع إلى حد الوجه المعتاد في حق الأقرع والأصلع.
فإن انقلعت جلدة من العضد حتى تدلت من الذراع وجب غسلها كالإصبع الزائدة وإن

تقلعت من الذراع حتى تدلت من العضد لم يجب غسلها وإن طالت وإن تقلعت من أحد المحلين والتحم رأسها بالآخر غسل ما حاذى محل الفرض من ظاهرها والمتجافى منه من باطنها وما تحته لأنها كالنابتة في المحلين قطع بذلك المصنف والشارح وابن عبيدان ومجمع البحرين: وغيرهم وقال في الرعاية الكبرى: ولو تدلت جلدة من محل الفرض أو اليد غسلت في الأصح فيهما وقيل: إن تدلت من محل الفرض غسلت وإلا فلا وقيل: عكسه وإن التحم رأسها في محل الفرض غسل ما فيه منها وقيل: كيد زائدة انتهى.
وإذا انكشطت جلدة من اليد وقامت وجب غسلها وإن كانت غير حساسة بل يبست وزالت رطوبة الحياة منها.
فائدة: لو كان تحت أظفاره يسير وسخ يمنع وصول الماء إلى ما تحته لم تصح طهارته قاله ابن عقيل وقدمه في القواعد الأصولية والتلخيص وابن رزين في شرحه وقيل: تصح وهو الصحيح صححه في الرعاية الكبرى: وصاحب حواشي المقنع وجزم به في الإفادات وقدمه في الرعاية الصغرى وإليه ميل المصنف واختاره الشيخ تقي الدين قال في مجمع البحرين: اختاره شيخ الإسلام يعني به المصنف ونصره وأطلقهما في الحاويين وقيل: يصح ممن يشق تحرزه منه كأرباب الصنائع والأعمال الشاقة من الزراعة وغيرها واختاره في التلخيص وأطلقهن في الفروع وألحق الشيخ تقي الدين كل يسير منع حيث كان من البدن كدم وعجين ونحوهما واختاره.
قوله: "ثم يمسح رأسه".
الصحيح من المذهب: أنه يشترط في الرأس المسح أو ما يقوم مقامه وعليه جماهير الأصحاب وقيل: يجزئ بل الرأس من غير مسح.
فائدتان
إحداهما: لو غسله عوضا عن مسحه أجزأ على الصحيح من المذهب: إن أمر يده صححه في الفروع وقدمه ابن تميم ومجمع البحرين: قال الزركشي هذا المعروف المشهور واختاره ابن حامد والمصنف والمجد وغيرهم وقيل: لا يجزئ اختاره ابن شاقلا قال في المذهب والرعايتين والحاويين ولا يجزئ غسله في أصح الوجهين زاد في الكبرى والقواعد الفقهية بل يكره وأطلقهما في المغني والشرح وابن عبيدان وعنه يجزئ وإن لم يمر يده أطلق الروايتين فيما إذا لم يمر يد المجد في شرحه وابن تميم.
الثانية: لو أصاب الماء رأسه أجزأ إن أمر يده على الصحيح من المذهب: نص عليه وقدمه في الفروع واختاره المجد وقدمه ابن عبيدان: وصححه وعنه لا يجزئ حتى يمر يده ويقصد وقوع الماء عليه قال في الرعاية ولا يجزئ وقوع المطر بلا قصد وقيل: يجزئ إن أمر يده ينوي به مسح الوضوء وقطع بعدم الإجزاء في التلخيص وابن عقيل وزعم أنه تحقيق

المذهب فإن لم يمرها ولم يقصد فكعكسه على ما تقدم.
تنبيه: قوله: "فيبدأ بيديه" هذا الأولى والكامل والصحيح من المذهب: أنه يجزئ المسح ببعض يده وعنه يجزئ إذا مسح بأكثر يده قال في الفروع لا يجزئ مسحه بإصبع واحدة في الأصح فيه وقيل: على الأصح وقيل: إن وجب مسحه كله وإلا أجزأه انتهى والصحيح من المذهب: أن المسح بحائل يجزئ مطلقا فيدخل في ذلك المسح بخشبة وخرقة مبلولتين ونحوهما وقيل: لا يجزئ وقال في الرعاية ولا يجزئ مسحه بغير يد كخشبة وخرقة مبلولتين ونحوهما وقيل: يجزئ وأطلق الوجهين في المغني والشرح في المسح بالخرقة المبلولة والخشبة.
ولو وضع يده مبلولة على رأسه ولم يمرها عليه أو وضع عليه خرقة مبلولة أو بلها وهي عليه لم يجزئه في الأصح وقطع به المجد وغيره ويحتمل أن يصح قاله المصنف.
قوله: "من مقدم رأسه ثم يمرهما إلى قفاه ثم يردهما إلى مقدمه".
هذا المذهب مطلقا وعليه الأصحاب وعنه لا يردهما من انتشر شعره ويردهما من لا شعر له أو كان مضفورا وعنه تبدأ المرأة بمؤخره وتختم به وقيل: ما لم تكشفه وعنه لا تردهما إليه وعنه تمسح المرأة كل ناحية لمصب الشعر وهو قول في الرعاية.
تنبيه: ظاهر كلامه أن ذلك يكون بماء واحد وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب وعنه يردهما إلى مقدمه بماء جديد.
فائدة: كيفما مسحه أجزأ والمستحب عند الأصحاب كما قال المصنف قال في الرعاية الكبرى: والأولى: أن يفرق بين مسبحتيه ويضعهما على مقدم رأسه ويجعل إبهاميه في صدغيه ثم يمر بيديه إلى مؤخر رأسه ثم يعيدهما إلى حيث بدأ ويدخل مسبحتيه في صماخي أذنيه ويجعل إبهاميه لظاهرهما.
وقيل: بل يغمس يديه في الماء ثم يرسلهما حتى يقطر الماء ثم يترك طرف سبابته اليمنى على طرف سبابته اليسرى انتهى.
قال الزركشي وصفة المسح أن يضع أحد طرفي سبابتيه على طرف الأخرى ويضعهما على مقدم رأسه ويضع الإبهامين على الصدغين ثم يمرهما إلى قفاه ثم يردهما إلى مقدمه نص عليه وهو المشهور والمختار.
قوله: "ويجب مسح جميعه".
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب متقدمهم ومتأخرهم وعفى في المبهج والمترجم عن يسيره للمشقة.
قلت: وهو الصواب.

قال الزركشي وظاهر كلام الأكثرين بخلافه وعنه يجزئ مسح أكثره اختاره في مجمع البحرين: وقال القاضي في التعليق وأبو الخطاب في خلافه الصغير أكثره الثلثان فصاعدا واليسير الثلث فما دونه وأطلق الأكثر الأكثر فشمل أكثر من النصف ولو بيسير وعنه يجزئ مسح قدر الناصية وأطلق الأولى: وهذا قول ابن عقيل في التذكرة والقاضي في الجامع فعليها لا تتعين الناصية للمسح على الصحيح بل لو مسح قدرها من وسطه أو من أي جانب منه أجزأ ذكره القاضي وابن عقيل عن أحمد وقدمه في المغني والشرح والرعايتين والحاويين وابن عبيدان وابن رزين وغيرهم قال الزركشي قال القاضي وعامة من بعدهم لا تتعين الناصية على المعروف قال في مجمع البحرين: والحاوي وبن حمدان هذا أصح الوجهين وقال ابن عقيل يحتمل أن تتعين الناصية للمسح واختاره القاضي في موضع من كلامه وأطلقهما في الفروع وابن تميم.
تنبيه: الناصية مقدم الرأس قاله القاضي وقدمه في الفروع وجزم به في الرعاية وقيل: هي قصاص الشعر قدمه ابن تميم وقال ذكره شيخنا وعنه يجزئ مسح بعض الرأس من غير تحديد قال الزركشي وصرح ابن أبي موسى بعدم تحديد الرواية فقال وعنه يجب مسح البعض من غير تحديد وذكر في الانتصار احتمالا يجزئ مسح بعضه في التجديد دون غيره وقال القاضي في التعليق يجزئ مسح بعضه للعذر واختار الشيخ تقي الدين أنه يمسح معه العمامة لعذر كالنزلة ونحوها وتكون كالجبيرة فلا توقيت وعنه يجزئ مسح بعضه للمرأة دون غيرها قال الخلال والمصنف هذه الرواية هي الظاهرة عن أحمد قال الخلال العمل في مذهب أبي عبد الله رحمه الله أنها إن مسحت مقدم رأسها أجزأها.
فائدتان
إحداهما: إذا قلنا يجزئ مسح بعض الرأس لم يكف مسح الأذنين عنه على المشهور من المذهب: قال في الفروع ولا يكفي أذنيه في الأشهر قال الزركشي واتفق الجمهور أنه لا يجزئ مسح الأذنين عن ذلك البعض وللقاضي في شرحه الصغير وجه بالإجزاء قال في الرعاية وهو بعيد قال ابن تميم وقطع غيره بعدم الإجزاء وقال الشيخ تقي الدين يجوز الاقتصار على البياض الذي فوق الأذنين دون الشعر إذا قلنا يجزئ مسح بعض الرأس.
والثانية: لو مسح رأسه كله دفعة واحدة وقلنا الفرض منه قدر الناصية فهل الكل فرض أو قدر الناصية فيه وجهان والصحيح منهما أن الواجب قدر الناصية.
قلت: ولها نظائر في الزكاة والهدي فيما إذا وجبت عليه شاة في خمس من الإبل أو دم في الهدي فأخرج بعيرا
قوله: "ويجب مسح جميعه مع الأذنين".
إذا قلنا يجب مسح جميعه وأنهما من الرأس مسحهما وجوبا على الصحيح من

المذهب نص عليه قال الزركشي اختاره الأكثرون وقدمه في الشرح وغيره وقال هو والناظم وغيرهما الأولى: مسحهما وجزم بالوجوب في التلخيص وغيره وهو من مفردات المذهب وعنه لا يجب مسحهما قال الزركشي هي الأشهر نقلا قال الشارح: هذا ظاهر المذهب قال في الفائق هذا أصح الروايتين قال في مجمع البحرين: هذا أظهر الروايتين واختارها الخلال والمصنف وجزم به في العمدة وأطلقهما في الرعايتين والحاويين والفروع وابن عبيدان وابن تميم وحكى في الرعاية الصغرى والحاويين الخلاف وجهين وقدمه في الرعاية الكبرى: وحكاه روايتين في الفروع ومجمع البحرين: والفائق وابن تميم والزركشي وهو الصواب.
فائدة: البياض الذي فوق الأذنين دون الشعر من الرأس على الصحيح من المذهب: اختاره القاضي وابن عقيل وجماعة وجزم به في الفروع في باب الوضوء وقدمه في باب محظورات الإحرام.
قلت: وذكر جماعة أنه ليس من الرأس إجماعا وتقدم بعض فروع هذه المسألة في أواخر باب السواك عند قوله: "وأخذ ماء جديد للأذنين".
فائدة: الواجب مسح ظاهر الشعر فلو مسح البشرة لم يجزه كما لو غسل باطن اللحية ولو حلق البعض فنزل عليه شعر ما لم يحلق أجزأه المسح عليه قاله الزركشي وغيره قال في الرعاية فإن فقد شعره مسح بشرته وإن فقد بعضه مسحهما وإن انعطف بعضه على ما علا منه أجزأ مسح شعره فقط انتهى.
قلت: ويحتمل عدم الإجزاء.
قوله: "ولا يستحب تكراره.
هذا المذهب وعليه الجمهور قال الشارح: هذا الصحيح من المذهب: قال في مجمع البحرين: والفائق هذا أصح الروايتين وصححه في النظم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور وغيره وقدمه في الفروع والكافي والمستوعب والخلاصة وابن رزين في شرحه وغيرهم وعنه يستحب بماء جديد اختاره أبو الخطاب وبن الجوزي في مسبوك الذهب وأطلقهما في الهداية والتلخيص والبلغة والمحرر والرعايتين والحاويين.
قوله: "ويدخلهما في الغسل".
يعني الكعبين وهذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب وعنه لا يجب إدخالهما فيه.
قوله: "وإن كان أقطع غسل ما بقي من محل الفرض فإن لم يبق شيء سقط".
شمل كلامه ثلاث مسائل.

الأولى: أن يبقى من محل الفرض شيء فيجب غسله بلا نزاع.
الثانية: أن يكون القطع من فوق محل الفرض فلا يجب الغسل بلا نزاع لكن يستحب أن يمسح محل القطع بالماء لئلا يخلو العضو عن طهارة.
الثالثة: أن يكون القطع من مفصل المرفقين أو الكعبين فيجب غسل طرف الساق والعضد على الصحيح من المذهب: وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي ونص عليه في رواية عبد الله وصالح وجزم به في الإفادات والمستوعب وصححه المجد في شرحه وابن عبيدان ومجمع البحرين: قال في القواعد أشهر الوجهين عند الأصحاب الوجوب وقدمه ابن تميم.
وظاهر ما قطع به في الهداية أنه يسقط فإنه قال فإن كان القطع من المرفقين سقط غسل اليدين واختاره القاضي في كتاب الحج من خلافه وحمل كلام الإمام على الاستحباب ويحتمله كلام المصنف هنا وصححه في الرعايتين والحاويين لكن يستحب أن يمس رأس العضو بالماء كما قلنا فيمن قطع منه من فوق المرفق وأطلقهما في التلخيص
فائدة: وكذا حكم التيمم إذا قطعت اليد من الكف على الصحيح من المذهب: نص عليه واختاره ابن عقيل وغيره وقدمه في مجمع البحرين: وابن تميم وقال القاضي يسقط التيمم وقدمه ابن عبيدان: واختاره الآمدي ويأتي ذلك في التيمم عند قوله: "فيمسح وجهه بباطن أصابعه".
فائدة: لو وجد الأقطع من يوضيه بأجره المثل وقدر عليه من غير إضرار لزمه ذلك على الصحيح من المذهب: نص عليه ابن عقيل وغيره وقدمه وعليه الجمهور وقيل: لا يلزمه لتكرر الضرر دواما وقال في المذهب يلزمه بأجرة مثله وزيادة لا تجحف في أحد الوجهين وإن وجد من ييممه ولم يجد من يوضيه لزمه ذلك فإن لم يجد صلى على حسب حاله وفي الإعادة وجهان كعادم الماء والتراب قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع وأطلقهما هو وصاحب التلخيص والرعايتين قال في مجمع البحرين: صلى ولم يعد في أقوى الوجهين قال ابن تميم وابن رزين وغيرهما صلى على حسب حاله ولم يذكروا إعادة فالمذهب أنه لا يعيد من عدم الماء والتراب كما يأتي فكذا هنا قال في الفروع ويتوجه في استنجاء مثله.
قلت: صرح به في مجمع البحرين: فقال إذا عجز الأقطع عن أفعال الطهارة ووجد من ينجيه ويوضيه بأجرة المثل وذكر بقية الأحكام انتهى فإن تبرع أحد بتطهيره لزمه ذلك قال في الفروع ويتوجه لا يلزمه ويتيمم.
قوله: "ثم يرفع نظره إلى السماء ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".
قال في الفائق قلت: وكذا يقوله بعد الغسل انتهى قال في المستوعب يستحب أن يقرأ بعده سورة القدر ثلاثا وأما ما يقوله على كل عضو ورد السلام وغيره فتقدم في باب السواك.

قوله: "وتباح معونته ولا تستحب".
هذا المذهب قال في الرعاية الكبرى: وتباح إعانته على الأصح قال في تجريد العناية وتباح معونته على الأظهر وجزم به في الهداية والمستوعب والكافي والخلاصة والإفادات والرعاية الصغرى والوجيز والحاويين والمنور والمنتخب وابن رزين وغيرهم وقدمه في الفروع والشرح والمحرر وابن تميم ومجمع البحرين: وعنه يكره قدمه في الرعايتين والحاويين وأطلقهما في الهداية والمستوعب والكافي والتلخيص والبلغة ونهاية أبي المعالي والخلاصة والفائق وغيرهم.
قوله: "ويباح تنشيف أعضائه ولا يستحب".
وهو المذهب قاله في الرعاية الكبرى: وعنه يباح تنشيفها وهي أصح قال في تجريد العناية ويباح مسحه على الأظهر وصححه المصنف والشارح وابن عبيدان وصاحب مجمع البحرين: وغيرهم وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب وابن رزين وغيرهم وقدمه في الفروع والشرح والمحرر وابن تميم ومجمع البحرين: وعنه يكره قدمه في الرعايتين والحاويين وأطلقهما في الهداية والمستوعب والكافي والتلخيص والبلغة ونهايته أبي يعلى والخلاصة والفائق وغيرهم.
فوائد
منها: السنة أن يقف المعين عن يسار المتوضئ على الصحيح من المذهب: وجزم به في مجمع البحرين: وقدمه في الفروع وشرح ابن عبيدان: وقيل: يقف عن يمينه اختاره الآمدي قال في الفائق ويقف المعين عن يمينه في أصح الروايتين وقدمه ابن تميم وبن حمدان في رعايته الكبرى.
ومنها: يضع من يصب على نفسه إناءه عن يساره إن كان ضيق الرأس وإن كان واسعا يغترف منه باليد وضعه عن يمينه قاله في مجمع البحرين: وابن عبيدان وغيرهما.
ومنها: لو وضأه غيره بإذنه ونواه المتوضئ فقط صح على الصحيح من المذهب: وقيل: يشترط أيضا نية من يوضيه إن كان مسلما وعنه لا يصح مطلقا من غير عذر وهو من المفردات.
ومنها: لو يممه مسلم بإذنه صح ومع القدرة عليه أيضا وقال في الرعاية في التيمم إن عجز عنه صح وإلا فلا.
تنبيه: ظاهر كلامه في الفروع وغيره أنه سواء كان من يوضيه مسلما أو كتابيا وقيل: بل مسلم قدمه في الرعايتين.

ومنها: لو أكره من يصب عليه الماء أو يوضيه على وضوئه لم يصح قدمه في الرعاية وقيل: يصح في صب الماء فقط وقال في الفروع بعد أن ذكر حكم من يوضئه وإن أكرهه عليه لم يصح في الأصح.
ففهم صاحب القواعد الأصولية أن المكره بفتح الراء هو المتوضئ فقال بعد أن حكى ذلك كذا ذكر بعض المتأخرين قال ومحل النزاع مشكل على ما ذكره فإنه إذا أكره على الوضوء ونوى وتوضأ لنفسه صح بلا تردد قال الشيخ أبو محمد وغيره إذا أكره على العبادة وفعلها لداعي الشرع لا لداعي الإكراه صحت وإن توضأ ولم ينو لم يصح إلا على وجه شاذ أنه لا يعتبر لطهارة الحدث نية وقد يقال لا يصح ولا ينوى لأن الفعل ينسب إلى الغير فبقيت النية مجردة عن فعل فلا تصح وقد ذكروا أن الصحيح من الروايتين في الأيمان أن المكره بالتهديد إذا فعل المحلوف على تركه لا يحنث لأن الفعل ينسب إلى الغير انتهى.
والذي يظهر أن مراد صاحب الفروع بالإكراه إكراه من يصب الماء أو يوضئه بدليل السياق والسباق وموافقة صاحب الرعاية وغيره فتقدير كلامه وإن أكره المتوضئ لمن يوضئه فعلى هذا يزول الإشكال الذي أورده.
ومنها يكره نفض الماء على الصحيح من المذهب: اختاره ابن عقيل في مجمع البحرين: هذا قول أكثر أصحابنا قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة كرهه القاضي وأصحابه قال ابن عبيدان: قاله بعض الأصحاب قال في الرعايتين والحواشي هذا الأشهر وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والحاويين وغيرهم وقدمه في الفروع وقيل: لا يكره اختاره المصنف والمجد وغيرهما قال في الفروع وهو أظهر قال ابن عبيدان: والأقوى أنه لا يكره وكذا قال في مجمع البحرين: وأطلقهما ابن تميم.
ومنها: يستحب الزيادة على الفرض كإطالة الغرة والتحجيل على الصحيح من المذهب: وجزم به في المغني والشرح وابن رزين وغيرهم وقدمه في الفروع والرعاية وابن تميم وغيرهم.
وعنه لا يستحب قال الإمام أحمد لا يغسل ما فوق المرفق قال في الفائق ولا يستحب الزيادة على محل الفرض في نص الروايتين اختاره شيخنا.
ومنها: يباح الوضوء والغسل في المسجد إن لم يؤذ به أحدا على الصحيح من المذهب: وحكاه ابن المنذر إجماعا وعنه يكره وأطلقهما في الرعاية وعنه لا يكره التجديد وإن قلنا بنجاسته حرم كاستنجاء أو ريح ويكره إراقة ماء الوضوء والغسل في المسجد ويكره أيضا إراقته في مكان يداس فيه كالطريق ونحوها اختاره في الإيجاز وقدمه في الرعاية وابن تميم ولم يذكر القاضي في الجامع خلافه وعنه لا يكره وأطلقهما في الفروع وابن عبيدان ومذهب

ابن الجوزي وفصول ابن عقيل.
فعلى المذهب الكراهة تنزيها للماء جزم به في الرعاية وقال ابن تميم وغيره وهل ذلك تنزيها للماء أو للطريق على وجهين وأطلقهما ابن عقيل في الفصول قال الشيخ تقي الدين ولا يغسل في المسجد ميت قال ويجوز عمل مكان فيه للوضوء للمصلين بلا محذور ويأتي في الاعتكاف هل يحرم البول في المسجد في إناء أم لا.

باب مسح الخفين
:
فوائد
منها: المسح عليهما وعلى شبههما يرفع الحدث على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: لا يرفعه.
ومنها المسح أفضل من الغسل على الصحيح من المذهب: نص عليه وهو من المفردات قال القاضي لم يرد المداومة على المسح وعنه الغسل أفضل وقيل: إنه آخر أقواله وقدمه في الرعايتين وعنه هما سواء في الفضيلة وأطلقهن في الحاويين والفائق وقيل: إن لم يداوم المسح فهو أفضل اختاره القاضي قال الشيخ تقي الدين وفصل الخطاب أن الأفضل في حق كل واحد ما هو الموافق لحال قدمه فالأفضل لمن قدماه مكشوفتان غسلهما ولا يتحرى لبس الخف ليمسح عليه كما كان عليه أفضل الصلاة والسلام يغسل قدميه إذا كانتا مكشوفتين ويمسح قدميه إذا كان لابسا للخف انتهى.
ومنها: لا يستحب له أن يلبس ليمسح كالسفر ليرخص.
ومنها: المسح رخصة على الصحيح من المذهب: وعنه عزيمة قال في الفروع والظاهر أن من فوائدها المسح في سفر المعصية وتعيين المسح على لابسه قال في القواعد الأصولية وفيما قاله نظر.
ومنها: لبس الخف مع مدافعة أحد الأخبثين مكروه على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: لا يكره.
ومنها: يجوز المسح للمستحاضة ونحوها كغيرها على الصحيح من المذهب: نص عليه وقيل: لا يجوز وقيل: يتوقت المسح بوقت كل صلاة وصححه في الرعايتين والحاويين واختاره القاضي في الجامع ومتى انقطع الدم استأنفت الوضوء وجها واحدا.
ومنها: لو غسل صحيحا وتيمم لجرح فهل يمسح على الخف قال غير واحد هو كالمستحاضة قاله في الفروع.

ومنها: يجوز المسح للزمن وفي رجل واحدة إذا لم يبق من فرض الأخرى شيء قاله في الفروع وغيره.
تنبيه: قوله: "لا يجوز المسح على الخفين والجرموقين وهو خف قصير والجوربين".
بلا نزاع إن كانا منعلين أو مجلدين وكذا إن كانا من خرق على الصحيح من المذهب: والروايتين وعليه أكثر الأصحاب وعنه لا يجوز المسح جزم به في التلخيص وحيث قلنا بالصحة فيشترط أن يكون ضيقا على ما يأتي وجواز المسح على الجورب من المفردات وجزم به ناظمها وقال في الفروع يجوز المسح على جورب ضيق خلافا لمالك.
قوله: "وفي المسح على القلانس وخمر النساء المدارات تحت حلوقهن روايتان".
وأطلق الخلاف في جواز المسح على القلانس وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والتلخيص والبلغة والخلاصة والشرح وابن تميم وابن عبيدان والرعايتين والحاويين والفائق.
إحداهما: الإباحة وهو المذهب اختاره أبو المعالي في النهاية وقدمه في الفروع وابن رزين في شرحه.
والرواية الثانية: يباح صححه في التصحيح قال في مجمع البحرين: يجوز المسح عليها في أظهر الروايتين قال في نظمه هذا المنصور واختاره الخلال وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز والإفادات وناظم المفردات وهو منها وقال صاحب التبصرة يباح إذا كانت محبوسة تحت حلقه بشيء قال في الفائق ولا يشترط للقلانس تحنيك واشترطه الشيرازي.
فائدة: القلانس جمع قلنسوة بفتح القاف واللام وسكون النون وضم المهملة وفتح الواو وقد تبدل مثناة من تحت وقد تبدل ألفا وتفتح السين فيقال قلنساة وقد تحذف النون من هذه بعدها هاء تأنيث مبطنات تتخذ للنوم والدينات قلانس كبار أيضا كانت القضاة تلبسها قديما قال في مجمع البحرين: هي على هيئة ما تتخذه الصوفية الآن [وقال الحافظ ابن حجر القلنسوة غشاء مبطن تستر به الرأس قاله القزاز في شرح الفصيح وقال ابن هشام هي التي يقولها العامة الشاشة وفي المحكم هي من ملابس الرءوس معروفة وقال أبو هلال العسكري هي التي تغطى بها العمائم وتستر من الشمس والمطر كأنها عنده رأس البرنس انتهى].
وجواز المسح على دينات القضاة من المفردات.
واما خمر النساء المدارة تحت حلوقهن فأطلق المصنف في جواز المسح عليها الخلاف وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي والهادي

والتلخيص والبلغة والشرح والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق وابن تميم وابن عبيدان.
إحداهما: يجوز المسح عليها وهو المذهب صححه في التصحيح والمجد في شرح الهداية ومجمع البحرين: والحاوي الكبير قال الناظم هذا المنصور وجزم به في الوجيز والإفادات ونظم المفردات وهو منها وقدمه في الفروع وابن رزين.
والرواية الثانية: لا يجوز المسح عليها وهو ظاهر ما قدمه في تجريد العناية وهو ظاهر العمدة.
قوله: "ومن شرطه أن يلبس الجميع بعد كمال الطهارة إلا الجبيرة على إحدى الروايتين".
إن كان الممسوح عليه غير جبيرة فالصحيح من المذهب: أنه يشترط لجواز المسح عليه كمال الطهارة قبل لبسه وعليه الأصحاب وعنه لا يشترط كمالها اختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق وقال وعنه لا يشترط الطهارة لمسح العمامة ذكره ابن هبيرة فعلى كلا الروايتين الأولتين يشترط تقدم الطهارة على الصحيح من المذهب: وهو المقطوع به عند الأصحاب وحكى أبو الفرج رواية بعدم اشتراط تقدم الطهارة رأسا فإن لبس محدثا ثم توضأ وغسل رجليه في الخف جاز له المسح قال الزركشي وهو غريب بعيد.
قلت: اختاره الشيخ تقي الدين وقال أيضا ويتوجه أن العمامة لا يشترط لها ابتداء اللبس على طهارة ويكفيه فيهما الطهارة المتقدمة لأن العادة أن من توضأ مسح رأسه ورفع العمامة ثم أعادها ولا يبقى مكشوف الرأس إلى آخر الوضوء انتهى وما قاله رواية عن أحمد حكاها غير واحد.
تنبيه: من فوائد الروايتين لو غسل رجلا ثم أدخلها الخف خلع ثم لبس بعد غسل الأخرى ولو لبس الأولى: طاهرة ثم لبس الثانية: طاهرة خلع الأولى: فقط وظاهر كلام أبي بكر ويخلع الثانية: وهذا مفرع على المذهب وعلى الثانية: لا خلع.
ولو لبس الخف محدثا وغسلهما فيه خلع على الأولى: ثم لبسه قبل الحدث وإن لم يلبس حتى أحدث لم يجز له المسح وعلى الثانية: لا يخلعه ويمسح قال في الفروع وجزم الأكثر بالرواية الأولى: في هذه المسألة وهي الطهارة لابتداء اللبس بخلاف المسألة قبلها وهي كمال الطهارة فذكروا فيها الرواية الثانية.
قلت: وقد تقدمت الرواية التي نقلها أبو الفرج وأنه يجوز له المسح عليها في هذه المسألة.
ولو نوى جنب رفع حدثه وغسل رجليه وأدخلهما في الخف ثم تمم طهارته أو فعله محدث ولم نعتبر الترتيب لم يمسح على الأولى: ويمسح على الثانية.
وكذا الحكم لو لبس عمامة قبل طهر كامل فلو مسح رأسه ثم لبسها ثم غسل رجليه:

خلع على الأولى: ثم لبس وعلى الثانية: يجوز المسح ولو لبسها محدثا ثم توضا ومسح رأسه ورفعها رفعا فاحشا فكذلك.
قال الشيخ تقي الدين كما لو لبس الخف محدثا فلما غسل رجليه رفعها إلى الساق ثم أعادها وإن لم يرفعها رفعا فاحشا احتمل أنه كما لو غسل رجليه في الخف لأن الرفع اليسير لا يخرجه عن حكم اللبس ولهذا لا تبطل الطهارة به ويحتمل أنه كابتداء اللبس لأنه إنما عفى عنه هناك للمشقة انتهى.
وتقدم أن الشيخ تقي الدين اختار أن العمامة لا يشترط لها ابتداء اللبس على طهارة ويكفي فيها الطهارة المستدامة وقال أيضا يتوجه أن لا يخلعها بعد وضوئه ثم يلبسها بخلاف الخف وهذا مراد ابن هبيرة في الإفصاح في العمامة هل يشترط أن يكون لبسها على طهارة عنه روايتان.
أما ما لا يعرف عن أحمد وأصحابه فبعيد إرادته جدا فلا ينبغي حمل الكلام المحتمل عليه قاله في الفروع.
فائدة: لو أحدث قبل وصول القدم محلها لم يمسح على الصحيح من المذهب: ولهذا لو غسلها في هذا المكان ثم أدخلها محلها مسح وعنه يمسح قدمه في الرعاية الصغرى.
وأما إذا كان الممسوح عليه جبيرة فالصحيح من المذهب: اشتراط تقدم الطهارة لجواز المسح عليها قال في المذهب ومسبوك الذهب يشترط الطهارة لها في أصح الروايتين قال في الخلاصة يشترط على الأصح وقطع به الخرقي وصاحب الإيضاح والإفادات واختاره القاضي في كتاب الروايتين والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في خلافيهما وابن عبدوس وابن البنا وقدمه في الهداية والرعاية الكبرى: والفروع.
والرواية الثانية: لا يشترط لها الطهارة قال في مجمع البحرين: هذا أقوى الروايتين وقواه أيضا في نظمه واختاره الخلال وصاحبه أبو بكر وابن عقيل في التذكرة وصاحب التلخيص والبلغة فيهما وابن عبدوس في تذكرته وإليه ميل المصنف والشارح والمجد وجزم به في الوجيز وابن رزين في شرحه وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين وابن تميم
قلت: وهو الصواب.
وأطلقهما في المستوعب والمحرر والفائق وابن عبيدان والزركشي.
فعلى المذهب إن شد على غير طهارة نزع فإن خاف تيمم فقط على الصحيح من المذهب: وقال القاضي يمسح فقط وفي الإعادة روايتان تخريجا وقيل: يمسح ويتيمم.
وحيث قلنا يتيمم لو عمت الجبيرة محل فرض التيمم ضرورة كفى مسحهما بالماء ولا يعيد ما صلى بلا تيمم في أصح الوجهين قاله في الرعايتين.

وبقية فروع هذه المسألة يأتي في آخر الباب عند قوله: "ويمسح على جميع الجبيرة إذا لم تتجاوز قدر الحاجة".
تنبيه: الخلاف في كلام المصنف يحتمل أن يعود إلى ما عدا الجبيرة ويحتمل أن يعود إلى الجبيرة فقط قال ابن منجا في شرحه يبعد أن يعود إلى الجبيرة وإن قرب منها لوجهين أحدهما: أن الخلاف فيها ليس مختصا بالكمال الثاني أن الخلاف فيما عداها أشهر من الخلاف فيها قال في مجمع البحرين: الخلاف هنا في غير الجبيرة وقال ابن عبيدان: قيل يحتمل أن يعود إلى ما عدا الجبيرة من الممسوح لأن الخلاف في الجبيرة ليس مختصا بالكمال وإنما هو في تقدم أصل الطهارة من حيث الجملة ويحتمل أن يعود الخلاف إلى الجبيرة لقربها ولأن الخلاف فيها أشهر وهذا هو الذي أشار إليه صاحب المحرر في شرح الهداية وكلام الشيخ وكلام أبي الخطاب سواء في المعنى قال صاحب المحرر ولا بد من بيان موضع الروايتين فإنه في الجبيرة بخلاف غيرها وكذا ذكره في شرح المقنع انتهى كلام ابن عبيدان.
فائدة: لو لبس خفا على طهارة مسح فيها على عمامة أو عكسه فهل يجوز المسح على الملبوس الثاني فيه وجهان وأطلقهما في الفروع وابن تميم والرعايتين والحاويين والزركشي قال ابن عبيدان: قال أصحابنا: ظاهر كلام الإمام أحمد لا يجوز المسح قال في الفصول والمغني والشرح قال بعض أصحابنا ظاهر كلام أحمد لا يجوز المسح قال القاضي يحتمل جواز المسح قال الزركشي أصحهما عند أبي البركات الجواز جزما على قاعدته من أن المسح يرفع الحدث انتهى.
قلت: المذهب الرفع كما تقدم أول الباب ويأتي آخره.
وكذا الحكم لو شد جبيرة على طهارة مسح فيها عمامة وخفا أو أحدهما: وقلنا يشترط لها الطهارة قاله في الفروع وابن تميم وأطلق الخلاف في هذه المسألة صاحب المغني والشرح وابن عبيدان وضعف في الرعاية الكبرى: جواز المسح في هذه المسألة.
وقيل: يجوز المسح هنا وإن منعناه في الأولى: لأن مسحهما عزيمة وجزم بالجواز في الرعاية الصغرى والحاويين والهداية واختاره المجد أيضا.
ولو شد جبيرة على طهارة مسح فيها جبيرة جاز المسح عليها جزم به في المغني والشرح وابن عبيدان والفروع.
ولو لبس خفا أو عمامة على طهارة مسح فيها على الجبيرة جاز المسح عليه على الصحيح من المذهب مطلقا جزم به في المغني والشرح وابن عبيدان والحاويين والرعاية الصغرى وصححه في الرعاية الكبرى وقدمه في الفروع وابن تميم وقال ابن حامد إن كانت الجبيرة في رجله وقد مسح عليها ثم لبس الخف لم يمسح عليه.
فائدة: لا يمسح على خف لبسه على طهارة تيمم على الصحيح من المذهب: نص عليه في رواية عبد الله وجزم به في المغني والشرح وقدمه ابن عبيدان وقال: هو أولى وقال في

رواية من قال لا ينقض طهارته إلا وجود الماء له أن يمسح وتقدم في اول الباب إذا تيمم لجرح ونحوه.
قوله: "ويمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن".
وهذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل: يمسح كالجبيرة واختاره الشيخ تقي الدين قاله في الفروع وقال في الاختيارات ولا تتوقت مدة المسح في حق المسافر الذي يشق اشتغاله بالخلع واللبس كالبريد المجهز في مصلحة المسلمين.
تنبيه: مراده بقوله: "والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن" غير العاصي بسفره فأما العاصي بسفره فحكمه حكم المقيم على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وقال في الفروع ويحتمل أن يمسح عاص بسفره كغيره ذكره ابن شهاب وقيل: لا يمسح مطلقا عقوبة له.
فائدة: لو أقام وهو عاص بإقامته كمن أمره سيده بسفر فأبى وأقام فله مسح مقيم على الصحيح من المذهب: وذكر أبو المعالي هل هو كعاص بسفره في منع الترخص فيه وجهان.
قلت: فعلى المنع يعايى بها.
تنبيه: قوله: "إلا الجبيرة فإنه يمسح عليها إلى حلها.
بلا نزاع ولا تقييد بوقت الصلاة على الصحيح من المذهب: وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه أن مسح الجبيرة كالتيمم يتقيد بوقت الصلاة فلا يجوز قبله وتبطل بخروجه ذكره ابن تميم وغيره وذكره ابن حامد وأبو الخطاب وجها.
فائدة: قال في الرعايتين يمسح المقيم غير الجبيرة وقيل: اللصوق يوما وليلة وقال في الحاويين ويمسح المقيم غير اللصوق والجبيرة يوما وليلة.
قلت: وهذا هو الصواب وأن اللصوق حيث تضرر بقلعه يمسح عليه إلى حلة كالجبيرة وينبغي أن لا يكون فيها خلاف.
قوله: "وابتداء المدة من الحدث بعد اللبس".
هذا المذهب بلا ريب والمشهور من الروايتين وعليه الأصحاب قال في الفروع أي من وقت جواز مسحه بعد حدثه فلو مضى من الحدث يوم وليلة أو ثلاثة إن كان مسافرا ولم يمسح انقضت المدة وما لم يحدث لا يحتسب من المدة فلو بقي بعد لبسه يوما على طهارة اللبس ثم أحدث استباح بعد الحدث المدة وانقضاء المدة وقت جواز مسحه بعد حدثه انتهى وعنه ابتداء المدة من المسح بعد الحدث وهي من المفردات وانتهاءها وقت المسح وأطلقهما ابن تميم.
فائدة: يتصور أن يصلي المقيم بالمسح سبع صلوات مثل أن يؤخر صلاة الظهر إلى وقت العصر لعذر يبيح الجمع من مرض ونحوه ويمسح من وقت صلاة العصر ثم يمسح إلى مثلها

من الغد ويصلي العصر قبل فراغ المدة فتتم له سبع صلوات ويتصور أن يصلي المسافر بالمسح سبع عشرة صلاة كما قلنا في المقيم.
قوله: "وإن مسح مسافرا ثم أقام أتم مسح مقيم".
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم قال في المبهج أتم مسح مسافر إن كان مسح مسافرا فوق يوم وليلة وشذذه الزركشي قال ابن رجب في الطبقات وهو غريب ونقله في الإيضاح رواية ولم أرها فيه.
والصحيح من الروايتين وعليه جماهير الأصحاب قال الشيخ تقي الدين هي اختيار أكثر أصحابنا قال في الفروع اختاره الأكثر.
قلت: منهم ابن أبي موسى والقاضي وأكثر أصحابه كأبي الخطاب في خلافه الصغير وغيره واختاره المصنف والشارح وقطع به الخرقي وصاحب الإيضاح والكافي والعمدة والإفادات والوجيز والمنور والمنتخب وتجريد العناية وغيرهم وقدمه في الهداية والتلخيص والبلغة وابن تميم والفروع والخلاصة والرعايتين والحاويين وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وعنه يتم مسح مسافر اختاره الخلال وأبو بكر عبد العزيز وأبو الخطاب في الانتصار وصاحب الفائق فقال هو النص المتأخر وهو المختار انتهى.
قال الخلال نقله عنه أحد عشر نفسا قال الزركشي ولقد غالى الخلال حيث جعل المسألة رواية واحدة فقال نقل عنه أحد عشر نفسا أنه يمسح مسح مسافر ورجع عن قوله: "يتم مسح مقيم وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمحرر ومجمع البحرين وابن عبيدان.
فائدة: قال الزركشي وظاهر كلام الخرقي أنه لا فرق بين أن يكون صلى في الحضر أو لا وقال أبو بكر ويتوجه أن يقال إن صلى بطهارة المسح في الحضر غلب جانبه رواية واحدة.
قوله: "أو شك في ابتدائه أتم مسح مقيم".
وهو المذهب وعنه يتم مسح مسافر.
واعلم أن الحكم هنا كالحكم في التي قبلها خلافا ومذهبا وسواء كان الشك حضرا أو سفرا قاله في الرعاية
قلت: ومسح مسافر مع الشك في أوله غريب بعيد.
فائدة: لو شك في بقاء المدة لم يجز المسح فلو خالف وفعل فبان بقاؤها صح وضوءه على الصحيح من المذهب: وقيل: لا يصح كما يعيد ما صلى به مع شكه بعد يوم وليلة.

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28