كتاب : الفروع
المؤلف : محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي

وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَعَقْدٍ : نَصَّهُ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا ( ع ) خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً ، وَفِي كُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فِيهِ شُبْهَةٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَقِيلَ : لَمْ يَعْتَقِدْ فَسَادَهُ ، وَفِي كَوْنِهِ كَصَحِيحٍ أَوْ كَمِلْكِ يَمِينٍ وَجْهَانِ ، وَفِي الْفُنُونِ : لَمْ يُلْحِقْهُ أَبُو بَكْرٍ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ ( م 8 ) وَإِنْ أَنْكَرَ وَلَدًا بِيَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ مُطَلَّقَتِهِ أَوْ سُرِّيَّتِهِ فَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ ، وَعَنْهُ : ثِنْتَانِ بِوِلَادَتِهِ لَحِقَهُ .
وَقِيلَ : يُقْبَلُ قَوْلُهَا ، وَقِيلَ : قَوْلُ الزَّوْجَةِ ، ثُمَّ هَلْ لَهُ نَفْيُهُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 9 ) وَعَلَى الْأَوَّلِ فِي الْمُغْنِي [ عَنْ الْقَاضِي ] ، يُصَدَّقُ فِيهِ لِتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهِ ، وَلَا أَثَرَ لِشُبْهَةٍ مَعَ فِرَاشٍ ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا : تُبَعَّضُ الْأَحْكَامُ { لِقَوْلِهِ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ } [ وَعَلَيْهِ نُصُوصُ أَحْمَدَ ، لِأَنَّهُ احْتَجَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الزِّنَا يَحْرُمُ وَأَنَّ بِنْتَه مِنْ الزِّنَا تَحْرُمُ وَبِمَا ] يُرْوَى عَنْ عُمَرَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَنَّهُ أَلْحَقَ أَوْلَادَ الْعَاهِرِينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِآبَائِهِمْ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : أَمْرُهُ لِسَوْدَةِ بِالِاحْتِجَابِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَأَى قُوَّةَ شَبَهِهِ مِنْ الزَّانِي فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ ، أَوْ قَصَدَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ لِلزَّوْجِ حَجْبَ زَوْجَتِهِ عَنْ أَخِيهَا ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّهُ إنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدَهُ مِنْ زِنًا وَلَا فِرَاشَ لَحِقَهُ .
وَنَصُّ أَحْمَدَ فِيهَا : لَا يَلْحَقُهُ هُنَا ، وَفِي الِانْتِصَارِ : فِي نِكَاحِ الزَّانِيَةِ يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَذَكَرَ ابْنُ اللَّبَّانِ فِي الْإِيجَازِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَعُرْوَةَ وَالنَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقَ ، وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ ، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ابْنَ اللَّبَّانِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : يَلْحَقُهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ ، ذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ : يَلْحَقُهُ قَالَ لَمْ يُخَالِفْ { قَوْلَهُ

عَلَيْهِ السَّلَامُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ } لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ مَعَ الْفِرَاشِ ، لَكِنْ يَدُلُّ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي بَابِ ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ وَهُوَ أَشْبَعُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ كُلَّ مُسْتَلْحَقٍ بَعْدَ أَبِيهِ يُدْعَى لَهُ ادَّعَاهُ وَرَثَتُهُ فَقَضَى أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا يَوْمَ أَصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ ، وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا قَسَمَ قَبْلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ ، وَمَا أُدْرِكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقْسَمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ ، وَلَا يُلْحَقُ إذَا كَانَ أَبُوهُ الَّذِي يَدَّعِي لَهُ أَنْكَرَهُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا أَوْ مِنْ حُرَّةٍ عَاهِرٍ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يُلْحَقُ ، وَلَا يَرِثُهُ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَدَّعِي لَهُ هُوَ ادِّعَاءٌ فَهُوَ وَلَدُ زَنِيَّةٍ مِنْ حُرَّةٍ كَانَ أَوْ أَمَةٍ } ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ ، زَادَ : { وَهُوَ وَلَدُ زِنًا لِأَهْلِ أُمِّهِ مَنْ كَانُوا ، حُرَّةً أَوْ أَمَةً ، وَذَلِكَ فِيمَا اُسْتُلْحِقَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ، فَمَا اُقْتُسِمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَقَدْ مَضَى } .
عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ فِيهِ كَلَامٌ مَشْهُورٌ ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ : صَدُوقٌ .
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ : إذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ فَحَدِيثُهُ مُسْتَقِيمٌ ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : يُعْتَبَرُ بِهِ .
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ : لَمْ يَكُنْ الْحَدِيثُ مِنْ صَنْعَتِهِ فَكَثُرَ الْمَنَاكِيرُ فِي حَدِيثِهِ فَاسْتَحَقَّ تَرْكَ الِاحْتِجَاجِ بِهِ ، كَذَا قَالَ ، وَالصَّوَابُ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ قَبْلَهُ ، فَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : كَانَ قَوْمٌ

فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَهُمْ إمَاءٌ بَغَايَا تَلِدُ وَقَدْ زَنَتْ فَيَدَّعِي سَيِّدُهَا الْوَلَدَ ، وَيَدَّعِيهِ الزَّانِي ، حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَقَضَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْوَلَدِ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْفِرَاشِ ، وَنَفَاهُ عَنْ الزَّانِي ، وَقَوْلُهُ { قَضَى أَنَّ كُلَّ مُسْتَلْحَقٍ } إلَى قَوْلِهِ { وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا قُسِمَ قَبْلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ } ، لِأَنَّهُ صَارَ ابْنَهُ حِينَئِذٍ ، فَهُوَ تَجْدِيدُ حُكْمٍ بِنَسَبِهِ ، إذْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُ الْبُنُوَّةِ ثَابِتًا ، وَمَا أُدْرِكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقْسَمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْهُ ، لِأَنَّ الْحُكْمَ ثَبَتَ قَبْلَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ " فَيَسْتَحِقُّ مِنْهُ نَصِيبَهُ .
نَظِيرُ هَذَا مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ قَسْمِهِ ، فَثُبُوتُ النَّسَبِ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْإِسْلَامِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمِيرَاثِ ، قَوْلُهُ { وَلَا يُلْحَقُ إذَا كَانَ أَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ أَنْكَرَهُ } يُبَيِّنُ أَنَّ التَّنَازُعَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ، فَالصُّورَةُ الْأُولَى اسْتَلْحَقَهُ وَرَثَةُ أَبِيهِ الَّذِي كَانَ يُدْعَى لَهُ ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ اسْتَلْحَقُوهُ وَأَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ كَانَ يُنْكِرُهُ ، فَلَا يَلْحَقُهُ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الَّذِي لِلْوَرَثَةِ خَلَفَ عَنْهُ مُنْكِرٌ لَهُ هَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا ، وَأَمَّا إذَا كَانَ [ مِنْ أَمَةٍ ] لَمْ يَمْلِكْهَا أَوْ مِنْ حُرَّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ وَلَا يَرِثُ ، وَإِنْ ادَّعَاهُ الْوَاطِئُ وَهُوَ وَلَدُ زَنِيَّةٍ مِنْ حُرَّةٍ كَانَ أَوْ مِنْ أَمَةٍ لِأَهْلِ أُمِّهِ مَنْ كَانُوا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً ، وَأَمَّا مَا اُقْتُسِمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَقَدْ مَضَى ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد قَبْلَهُ مِنْ حَدِيثِ سَلْمِ بْنِ أَبِي الذَّيَّالِ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا : { لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ ، مَنْ سَاعَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتِهِ ، وَمَنْ ادَّعَى وَلَدًا مِنْ غَيْرِ رِشْدَةٍ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ } قَالَ أَحْمَدُ فِي سَلْمٍ : ثِقَةٌ مَا أَصْلَحَ حَدِيثَهُ فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ

أَنَّ صَاحِبَهُ وَمَنْ يُرْوَى عَنْهُ ثِقَةٌ ، لَا سِيَّمَا وَهُوَ يُرْوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَلَفْظُهُ { فَقَدْ أَلْحَقَتْهُ بِعَصَبَتِهِ } وَالْمُسَاعَاةُ الزِّنَا ، تُسَمَّى مُسَاعَاةً ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْعَى لِصَاحِبِهِ فِي حُصُولِ غَرَضِهِ ، فَأَبْطَلَ الْإِسْلَامُ ذَلِكَ وَعَفَا عَمَّا كَانَ مِنْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَلْحَقَ النَّسَبَ بِهِ .
وَفِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ : وَعَفَا عَمَّا كَانَ مِنْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّنْ أُلْحِقَ بِهَا .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي ( بَابِ الْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ ) : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ { : قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فُلَانًا ابْنِي ، عَاهَرْت بِأُمِّهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا دَعْوَةَ فِي الْإِسْلَامِ ، ذَهَبَ أَمْرُ الْجَاهِلِيَّةِ ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ } حَدِيثٌ صَحِيحٌ .
وَتَبَعِيَّةُ النَّسَبِ لِلْأَبِ ( ع ) مَا لَمْ يَنْتَفِ مِنْهُ ، كَابْنِ مُلَاعَنَةٍ ، فَوَلَدُ قُرَشِيٍّ مِنْ غَيْرِ قُرَشِيَّةٍ قُرَشِيٌّ لَا عَكْسُهُ وَتَبَعِيَّةُ حُرِّيَّةٍ وَرِقٍّ لِلْأُمِّ ( ع ) إلَّا مِنْ عُذْرٍ لِلْعَيْبِ أَوْ غُرُورٍ ، [ وَظَاهِرُهُ وَلَدٌ ] وَيَتْبَعُ خَيْرَهُمَا دِينًا .
وَقَالَهُ شَيْخُنَا .
وَيَتْبَعُ مَا أَكَلَ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا ، تَقَدَّمَ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ الْعَيْبُ وَالْغُرُورُ ، وَذَكَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ يُوجَدُ الْعَبْدُ مِنْ الْحُرَّةِ وَهُوَ وَلَدُ الْأَمَةِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِمَجِيئِهِ عَبْدًا ، كَذَا قَالَ .

( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَعَقْدٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَفِي كُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فِيهِ شُبْهَةٌ ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَقِيلَ : لَمْ يَعْتَقِدْ فَسَادَهُ ، وَفِي كَوْنِهِ كَصَحِيحٍ أَوْ كَمِلْكِ يَمِينٍ وَجْهَانِ ، وَفِي الْفُنُونِ : لَمْ يُلْحِقْهُ أَبُو بَكْرٍ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَهَلْ يَلْحَقُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ بِالصَّحِيحِ أَمْ بِمِلْكِ الْيَمِينِ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ أَنَّهُ كَالصَّحِيحِ ، فَيُعْطَى حُكْمَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْفِرَاشِ بِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَنْكَرَ وَلَدًا بِيَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ مُطَلَّقَتِهِ أَوْ سُرِّيَّتِهِ فَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ وَعَنْهُ ثِنْتَانِ بِوِلَادَتِهِ لَحِقَهُ ، وَقِيلَ : يُقْبَلُ قَوْلُهَا ، وَقِيلَ : قَوْلُ الزَّوْجَةِ ، ثُمَّ هَلْ لَهُ نَفْيُهُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَهُ نَفْيُهُ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ فِيمَا يَظْهَرُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ .
( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .

فَصْلٌ مَنْ أَقَرَّ بِطِفْلٍ أَوْ مَجْنُونٍ مَجْهُولٍ نَسَبُهُ أَنَّهُ وَلَدُهُ وَأَمْكَنَ لَحِقَهُ ، وَلَوْ أَنْكَرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ ، وَيَرِثُهُ أَقَارِبُهُ وَيَرِثُهُمَا ، وَقِيلَ : لَا يُلْحَقُ بِامْرَأَةٍ ، وَعَنْهُ : مُزَوِّجَةٍ وَعَنْهُ : لَا يُلْحَقُ بِمَنْ لَهَا نَسَبٌ مَعْرُوفٌ ، وَأَيُّهُمَا لَحِقَهُ لَمْ يَلْحَقْ الْآخَرَ ، وَلَا يُلْحَقُ بِعَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ رِقًّا وَدِينًا بِلَا بَيِّنَةٍ ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَلَدٌ عَلَى فِرَاشِهِ ، وَقِيلَ : وَكَذَا فِي حُرِّيَّتِهِ ، وَإِنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ قُدِّمَ ذُو الْبَيِّنَةِ ثُمَّ السَّابِقُ ، وَإِلَّا فَقَدْ تُسَاوَيَا مُطْلَقًا ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي الْإِرْشَادِ وَجْهٌ : لَا تُسْمَعُ دَعْوَى كَافِرٍ بِلَا بَيِّنَةٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : مَنْ لَهُ يَدٌ غَيْرُ يَدِ الْتِقَاطِهِ فَأَرَادَ غَيْرُهُ اسْتِلْحَاقَهُ وَلَهُ بَيِّنَةٌ وَكَذَلِكَ الثَّانِي فَفِي تَقَدُّمِهِ بِالْيَدِ احْتِمَالَانِ ، وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ مُقَدَّمَةٌ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَتُقَدَّمُ امْرَأَةٌ هُوَ فِي بَيْتِهَا عَلَى امْرَأَةٍ ادَّعَتْهُ ، وَيُحْتَمَلُ التَّسَاوِي .
فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي بَيِّنَةٍ أَوْ عَدَمِهَا أَرَى الْقَافَةَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَقَارِبِهِمَا إنْ مَاتَا ، كَأَخٍ وَأُخْتٍ وَعَمَّةٍ وَخَالَةٍ وَأَوْلَادِهِمْ ، وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِأَحَدِهِمَا مَعَ كِبَرِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، لِلتُّهْمَةِ ، قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ ، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِوَاحِدٍ .
وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : أَوْ تَوَقَّفَتْ فِيهِ وَنَفَتْهُ عَنْ الْآخَرِ لَحِقَ ، وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِامْرَأَتَيْنِ لَمْ يُلْحَقْ بَلْ بِرَجُلَيْنِ ، فَيَرِثُ كُلًّا مِنْهُمَا إرْثُ وَلَدٍ كَامِلٍ ، وَيَرِثَانِهِ إرْثَ أَبٍ وَاحِدٍ ، وَلِهَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ قُبِلَا جَمِيعًا لِيَحْصُلَ لَهُ ، وَإِنْ خَلَفَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ إرْثُ أَبٍ كَامِلٌ ، وَنَسَبُهُ ثَابِتٌ مِنْ الْمَيِّتِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَلِأُمَّيْ أَبَوَيْهِ مَعَ أُمِّ أُمٍّ نِصْفُ سُدُسٍ ، وَلَهَا نِصْفُهُ ، وَإِنْ نَفَتْهُ عَنْهُمَا أَوْ أَشْكَلَ أَوْ عُدِمَتْ أَوْ اخْتَلَفَ قَائِفَانِ ضَاعَ نَسَبُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى .
وَقِيلَ : يُلْحَقُ بِهِمَا ،

وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ يُخَيَّرُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَافَةً ، وَأَوْمَأَ أَنَّهُ يُتْرَكُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبَ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، ثُمَّ إنْ أَلْحَقَتْهُ بِغَيْرِهِ بَطَلَ انْتِسَابُهُ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ الْوَجْهَ الثَّانِيَ أَنْ يَمِيلَ بِطَبْعِهِ إلَيْهِ ، لِأَنَّ الْفَرْعَ يَمِيلُ إلَى أَصْلِهِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَهُ إحْسَانٌ ، لِأَنَّهُ يُغَطِّي كَتَغْطِيَةِ الطِّيبِ رِيحَ النَّجَاسَةِ ، فَلَوْ قَتَلَاهُ قَبْلَ أَنْ يُلْحَقَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا قَوَدَ وَلَوْ رَجَعَا لِعَدَمِ قَبُولِهِ ، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا انْتَفَى عَنْهُ وَهُوَ شَرِيكُ أَبٍ ، بِخِلَافِ الَّتِي بَعْدَهَا ، لِبَقَاءِ فِرَاشِهِ مَعَ إنْكَارِهِ ، وَكَذَا إنْ وُطِئَتْ امْرَأَةٌ بِشُبْهَةٍ أَوْ اشْتِرَاكٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ لِنَفْسِهِ لَحِقَهُ ، وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ مِثْلُهُ وَرِوَايَةٌ كَالْأَوَّلِ .
وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ فِيمَنْ غَصَبَ امْرَأَةَ رَجُلٍ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى زَوْجِهَا كَيْفَ يَكُونُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ؟ مِثْلُ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ لَهُ إذَا ادَّعَاهُ ، وَهَذَا لَا يَدَّعِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ، وَقِيلَ : إنْ عُدِمَتْ [ الْقَافَةُ ] فَهُوَ لِرَبِّ الْفِرَاشِ .
وَقَالَ مَنْ لَمْ يَرَ الْقَافَةَ : لَوْ عَمِلَ بِهَا لِعَمَلٍ فِي : لَيْسَ الْوَلَدُ مِنِّي بَلْ مِنْ زِنًا فِي نَسَبٍ وَحَدٍّ .
فَأَجَابَ فِي الِانْتِصَارِ : إذَا شَكَّ فِي الْوَلَدِ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى : يَرَى الْقَافَةَ ، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ لَحِقَ ، وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالزَّانِي لَمْ يُلْحَقْ بِهِ وَلَا بِزَانٍ وَلَا حَدٍّ ، وَإِنْ سَلَّمْنَا [ عَلَى ] مَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ فَالْقَافَةُ لَيْسَتْ عِلَّةً مُوجَبَةً ، بَلْ حُجَّةٌ مُرَجَّحَةٌ لِشُبْهَةِ الْفِرَاشِ .
فَإِنْ أَنْكَرَهُ الزَّوْجُ وَلَحِقَهُ بِقَافَةٍ أَوْ انْتِسَابٍ فَفِي نَفْيِهِ بِلِعَانٍ رِوَايَتَانِ ( م 10 ) وَمَنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ إلْحَاقِ قَافَةٍ فَلَا قَوَدَ ، فَلَوْ أَلْحَقَتْهُ بِغَيْرِهِ وَجْهَانِ ( م 11 )

وَالثَّلَاثَةُ فَأَكْثَرُ كَاثْنَيْنِ فِي الدَّعْوَى وَالِافْتِرَاشِ .
نَصَّ عَلَيْهِ فِي ثَلَاثَةٍ .
وَأَوْمَأَ فِي أَكْثَرَ ، وَلَمْ يُلْحِقْهُ ابْنُ حَامِدٍ بِهِمْ ، وَيَكُونُ كَدَعْوَى اثْنَيْنِ وَلَا قَافَةَ ، وَعَنْهُ يُلْحَقُ بِثَلَاثَةٍ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَذَكَرُوا أَنَّ فِيمَا زَادَ رِوَايَتَيْنِ .
وَتُعْتَبَرُ عَدَالَةُ الْقَائِفِ وَذُكُورِيَّتُهُ وَكَثْرَةُ إصَابَتِهِ ، وَقِيلَ : وَحُرِّيَّتُهُ ، وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ عَنْ أَصْحَابِنَا ، وَجَزَمَ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ ، وَيَكْفِي وَاحِدٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : اثْنَانِ .
فَيُعْتَبَرُ مِنْهُمَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي الِانْتِصَارِ قَالَ : كَالْمُقَوِّمِينَ ، وَلَا يَبْطُلُ قَوْلُهَا بِقَوْلِ أُخْرَى وَلَا بِإِلْحَاقِهَا غَيْرَهُ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ الْقَائِفُ عَلَى الصُّورَةِ ، لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ الشَّبَهُ فِي الشَّمَائِلِ وَالْحَرَكَاتِ ، كَقَوْلِ قَائِلِهِمْ : يَعْرِفُهُ مَنْ قَافَ أَوْ تَقَوَّفَا بِالْقَدَمَيْنِ وَالْيَدَيْنِ وَالْقَفَا وَطَرْفِ عَيْنَيْهِ إذَا تَشَوَّفَا وَإِنْ عَارَضَ قَوْلَ اثْنَيْنِ قَوْلُ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ أَوْ تَعَارَضَ اثْنَانِ سَقَطَ الْكُلُّ ، وَإِنْ اتَّفَقَ اثْنَانِ وَخَالَفَا ثَالِثًا أَخَذَ بِهِمَا ، نَصَّ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ ، بَيْطَارَانِ وَطَبِيبَانِ فِي عَيْبٍ ، وَلَوْ رَجَعَا ، فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا لَحِقَ بِالْآخَرِ وَنَفَقَةُ الْمَوْلُودِ عَلَى الْوَاطِئِينَ ، فَإِذَا أُلْحِقَ بِأَحَدِهِمَا رَجَعَ الْآخَرُ بِنَفَقَتِهِ وَيَعْمَلُ بِقَافَةٍ فِي ثُبُوتِ غَيْرِ بُنُوَّةٍ ، كَأُخُوَّةٍ وَعُمُومَةٍ ، عِنْدَ أَصْحَابِنَا ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ : لَا ؛ كَإِخْبَارِ رَاعٍ بِشَبَهٍ وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْفَصِيلِ لِأَنَّا وَقَفْنَا عَلَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ ، وَلِتَأَكُّدِ النَّسَبِ ، لِثُبُوتِهِ مَعَ السُّكُوتِ ، وَنَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ : أَرَى الْقُرْعَةَ وَالْحُكْمَ بِهَا يُرْوَى { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَقْرَعَ فِي خَمْسِ مَوَاضِعَ ، فَذَكَرَ مِنْهَا إقْرَاعَ عَلِيٍّ

فِي الْوَلَدِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ وَقَعُوا عَلَى الْأَمَةِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ } ، وَلَمْ يَرَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ ، لِاضْطِرَابِهِ ، وَلِأَنَّ الْقَافَةَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ فِي الْقَافَةِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرٌّ بِقَوْلِ الْمُدْلِجِيِّ وَقَدْ نَظَرَ إلَى أَقْدَامِ زَيْدٍ ، وَأُسَامَةَ : إنَّ هَذِهِ أَقْدَامٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَبِخَبَرِ عَائِشَةَ : { رَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ } .
قَالَ : وَبَلَغَنِي أَنَّ قُرَيْشًا وُلِدَ لَهُ ابْنٌ أَسْوَدُ ، فَغَمَّهُ ذَلِكَ ، فَسَأَلَ بَعْضَ الْقَافَةِ فَقَالُوا : الِابْنُ ابْنُك ، فَسَأَلَ الْقُرَشِيُّ أُمَّهُ عَنْ أَمْرِهِ ، فَقَالَتْ : لَسْت ابْنَ فُلَانٍ ، أَبُوك فُلَانُ الْأَسْوَدُ .
وَبَلَغَنِي أَنَّ السَّارِقَ يَسْرِقُ بِمَكَّةَ فَيَدْخُلُ إلَى الْبَيْتِ الَّذِي يَسْرِقُ مِنْهُ فَيَرَى قَدَمًا ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الْأَبْطُحِ فَيَقُومُ عَلَيْهِ فَيَمُرُّ بِهِ فَيَعْرِفُهُ .
وَفِي كِتَابِ الْهُدَى : الْقُرْعَةُ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ فِقْدَانٍ مُرَجَّحٍ سِوَاهَا مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ قَافَةٍ ، قَالَ : وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ تَعْيِينُ الْمُسْتَحَقِّ فِي هَذِهِ الْحَالِ بِالْقُرْعَةِ ، لِأَنَّهَا غَايَةُ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ تَرْجِيحِ الدَّعْوَى ، وَلَهَا دُخُولٌ فِي دَعْوَى الْأَمْلَاكِ الَّتِي لَا تَثْبُتُ بِقَرِينَةٍ وَلَا أَمَارَةٍ ، فَدُخُولُهَا فِي النَّسَبِ الَّذِي يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الشَّبَهِ الْخَفِيِّ الْمُسْتَنِدِ إلَى قَوْلِ الْقَائِفِ أَوْلَى .
وَمَنْ لَهُ عَبْدٌ ، لَهُ ابْنٌ ، وَلِلِابْنِ ابْنَانِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ : وَلَدِي ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ الْأَكْبَرُ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَادَّعَى أَنَّهُ الْمُقِرُّ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَ وَيُعْتَقُوا ، وَيَثْبُتُ نَسَبُهُمْ مِنْهُ بِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِهِ فَقَطْ ، لِأَنَّ شَرْطَهُ جَهَالَةُ النَّسَبِ ، فَيُصْرَفُ إقْرَارُهُ إلَى مَنْ يَصِحُّ ، وَإِنْ كَانَ نَسَبُهُ مَعْرُوفًا تَسَاوَوْا ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْمُقِرِّ بِهِ ، بَلْ حُرِّيَّتُهُ ، لِأَنَّهَا فِي ضِمْنِ إقْرَارِهِ ، فَيُقْرِعُ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ .

مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ أَنْكَرَهُ الزَّوْجُ وَلَحِقَهُ بِقَافَةٍ أَوْ انْتِسَابٍ فَفِي نَفْيِهِ بِلِعَانٍ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَمْلِكُ نَفْيَهُ بِاللِّعَانِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) يَمْلِكُ ذَلِكَ ، صَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ( مَسْأَلَةُ 11 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ إلْحَاقِ قَافَةٍ فَلَا قَوَدَ ، فَلَوْ أَلْحَقَتْهُ بِغَيْرِهِ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا قَوَدَ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِوُجُودِ شُبْهَةٍ مَا ، وَقَوْلُ الْقَافَةِ لَيْسَ مَقْطُوعًا بِهِ .
ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ قَالَ فِي حَوَاشِيهِ : هَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ ، انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُقَادُ بِهِ ، فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ

كِتَابُ الْعِدَّةِ يَلْزَمُ مَنْ فَارَقَتْ زَوْجًا بِمَوْتٍ وَكَذَا فِي الْحَيَاةِ وَهِيَ مِمَّنْ يُوطَأُ وَيُولَدُ لِمِثْلِهِ بَعْدَ وَطْءٍ أَوْ خَلْوَةٍ مُطَاوَعَةً عَالِمًا بِهَا وَلَوْ مَعَ مَانِعٍ ، كَإِحْرَامٍ وَجَبٍّ وَرَتْقٍ ، وَيَتَخَرَّجُ فِي عِدَّةٍ كَصَدَاقٍ ، وَاخْتَارَ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ : لَا عِدَّةَ بِخَلْوَةٍ .
وَفِي تَحَمُّلِهَا مَاءَ رَجُلٍ وَقُبْلَةٍ وَلَمْسٍ وَجْهَانِ ( م 1 و 2 ) وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ كَصَحِيحٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ : لَا عِدَّةَ فِيهِ إلَّا بِوَطْءٍ مُطْلَقًا ، كَبَاطِلٍ .

كِتَابُ الْعِدَّةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 و 2 ) قَوْلُهُ : وَفِي تَحَمُّلِهَا مَاءَ رَجُلٍ وَقُبْلَةٍ وَلَمْسٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1 ) إذَا تَحَمَّلَتْ مَاءَ رَجُلٍ فَهَلْ تَجِبُ الْعِدَّةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا تَجِبُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَجِبُ الْعِدَّةُ بِذَلِكَ ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ : إذَا اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّ زَوْجٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ بِشَهْوَةٍ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ .
انْتَهَى ، وَقَالَ فِيهَا هُنَا بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ : قُلْت : إنْ كَانَ مَاءُ زَوْجِهَا اعْتَدَّتْ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرَتُهَا فِي الصَّدَاقِ فِيمَا يُقَرِّرُهُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 ) لَوْ قَبَّلَهَا أَوْ لَمَسَهَا فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا تَجِبُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، فَإِنَّهُ قَالَ : فَإِنْ تَحَمَّلَتْ مَاءَ الرَّجُلِ ، وَقِيلَ : أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ لَمَسَهَا بِلَا خَلْوَةٍ ، فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَجِبُ الْعِدَّةُ بِذَلِكَ

وَالْمُعْتَدَّاتُ سِتٌّ : الْحَامِلُ ، فَتَعْتَدُّ مِنْ مَوْتٍ وَغَيْرِهِ بِمَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ ، وَعَنْهُ : غَيْرَ مُضْغَةٍ ، احْتِيَاطًا بِوَضْعِهِ كُلِّهِ ، لِبَقَاءِ تَبَعِيَّتِهِ لِلْأُمِّ فِي الْأَحْكَامِ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَغُسْلُهَا مِنْ نِفَاسِهَا إنْ اُعْتُبِرَ غُسْلُهَا مِنْ حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ ، وَعَنْهُ : أَوْ الْوَلَدُ الْأَوَّلُ ، وَذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى ، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِأَنَّ أَوَّلَ النِّفَاسِ مِنْ الْأَوَّلِ وَآخِرَهُ مِنْهُ بِأَنَّ أَحْكَامَ الْوِلَادَةِ تَتَعَلَّقُ بِأَحَدِ الْوَلَدَيْنِ ؛ لِأَنَّ انْقِطَاعَ الرَّجْعَةِ وَانْقِضَاءَ الْعِدَّةِ يَتَعَلَّقُ بِأَحَدِهِمَا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، كَذَلِكَ مُدَّةُ النِّفَاسِ ، كَذَا قَالَ .
وَتَبِعَهُ الْأَزَجِيُّ ، وَلَا تَنْقَضِي بِمَا لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، وَعَنْهُ : مِنْ غَيْرِ طِفْلٍ ، لِلُحُوقِهِ بِاسْتِلْحَاقِهِ .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ : إنْ أَتَتْ بِهِ بَائِنٌ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، كَمُلَاعَنَةٍ .
وَأَقَلُّ مُدَّةِ حَمْلٍ نِصْفُ سَنَةٍ ، وَغَالِبُهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ ، وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعُ سِنِينَ ، وَعَنْهُ : سَنَتَانِ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ ، وَأَقَلُّ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ الْوَلَدُ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ يَوْمًا .

( الثَّانِيَةُ ) الْمُتَوَفَّى زَوْجُهَا عَنْهَا بِلَا حَمْلٍ فَتَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرِ لَيَالٍ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ : وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ ، وَكَذَا نَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ .
الْيَوْمَ مُقَدَّمٌ قَبْلَ اللَّيْلَةِ ، لَا يُجْزِئُهَا إلَّا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةِ أَيَّامٍ ، وَالْأَمَةُ بِنِصْفِهَا ، وَمَنْ نِصْفُهَا حُرٌّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ .
وَإِنْ مَاتَ زَوْجُ رَجْعِيَّةٍ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ سَقَطَتْ وَابْتَدَأَتْ عِدَّةُ وَفَاةٍ مِنْ مَوْتِهِ ، وَعَنْهُ : أَطْوَلُهُمَا ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَ عِدَّةِ بَائِنٍ فَلَا عِدَّةَ ، وَعَنْهُ : تَعْتَدُّ لِوَفَاةٍ إنْ وَرِثَتْ ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ ، وَإِنْ مَاتَ فِي عِدَّةِ بَائِنٍ فَعَنْهُ : تَعْتَدُّ لِطَلَاقٍ ، كَاَلَّتِي لَا تَرِثُ ، وَعَنْهُ : لِوَفَاةٍ ، وَعَنْهُ : أَطْوَلُهُمَا ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ ( م 3 ) وَإِنْ ارْتَابَتْ مُتَوَفًّى عَنْهَا بِأَمَارَةِ حَمْلٍ ، كَحَرَكَةٍ أَوْ انْتِفَاخِ بَطْنٍ أَوْ رَفْعِ حَيْضٍ ، فَهِيَ فِي عِدَّةٍ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ ، وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا قَبْلَ زَوَالِهَا بَعْدَ شُهُورِ الْعِدَّةِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَإِنْ ظَهَرَتْ بَعْدَ الشُّهُورِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَقِيلَ : قَبْلَ الدُّخُولِ فَوَجْهَانِ ( م 4 ) لَكِنْ إنْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ تَبَيَّنَّا فَسَادَهُ .

مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ مَاتَ فِي عِدَّةِ بَائِنٍ فَعَنْهُ : تَعْتَدُّ لِطَلَاقٍ كَاَلَّتِي لَا تَرِثُ ، وَعَنْهُ : لِوَفَاةٍ ، وَعَنْهُ : أَطْوَلُهُمَا ، وَهُوَ الْمُذْهَبُ ، انْتَهَى .
مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ الْمُذْهَبِ هُوَ كَمَا قَالَ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ لَا غَيْرُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَعْتَدُّ لِلطَّلَاقِ لَا غَيْرُ .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ فِي الْمُرْتَابَةِ : وَإِنْ ظَهَرَتْ يَعْنِي الرِّيبَةَ بَعْدَ الشُّهُورِ قَبْلَ الْعَقْدِ ، وَقِيلَ : قَبْلَ الدُّخُولِ ، فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ ، لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَحِلِّ النِّكَاحِ وَسُقُوطِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى قَبْلَ الشَّكِّ ، فَلَا يَزُولُ ذَلِكَ بِالشَّكِّ الطَّارِئِ

فَصْلٌ ( الثَّالِثَةُ ) ذَاتُ الْأَقْرَاءِ الْمُفَارَقَةُ فِي الْحَيَاةِ وَلَوْ بِطَلْقَةٍ ثَالِثَةٍ ( ع ) فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ أَوْ بَعْضُهَا بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ، وَغَيْرُهَا بِقُرْأَيْنِ ، وَهِيَ الْحَيْضُ ، وَلَيْسَ الطُّهْرُ عِدَّةً وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ ، وَلَا تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ طَلَّقَهَا فِيهَا ، وَفِي امْتِنَاعِ الرَّجْعَةِ وَحِلِّهَا لِزَوْجٍ قَبْلَ غُسْلِهَا مِنْ الثَّالِثَةِ رِوَايَتَانِ ( م 5 ) وَظَاهِرُ ذَلِكَ وَلَوْ فَرَّطَتْ فِي الْغُسْلِ سِنِينَ ، حَتَّى قَالَ بِهِ شَرِيكٌ الْقَاضِي عِشْرِينَ سَنَةً ، وَذَكَرَهُ فِي الْهُدَى إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ ، وَعَنْهُ : يَمْضِي وَقْتُ صَلَاةٍ ، وَتَنْقَطِعُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ ، وَجَعَلَهَا ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى الْخِلَافِ ، وَعَنْهُ : الْأَقْرَاءُ : الْأَطْهَارُ ، فَتَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ الْمُطْلَقِ فِيهِ قُرْءًا ، ثُمَّ إذَا طَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الْأَمَةُ فِي الثَّانِيَةِ حَلَّتْ ، وَقِيلَ : بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، وَلَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ فِي الْأَصَحِّ .
وَمَتَى ادَّعَتْ فَرَاغَهَا بِوِلَادَةٍ أَوْ أَقْرَاءٍ وَأَمْكَنَ قَبْلُ ، إلَّا أَنْ تَدَّعِيَهُ بِالْحَيْضِ فِي شَهْرٍ ، فَيُقْبَلُ بِبَيِّنَةٍ ، كَخِلَافِ عَادَةٍ مُنْتَظِمَةٍ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَعَنْهُ : مُطْلَقًا ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ ، كَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا ، وَذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَغَيْرِهِمَا ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد : الْبَيِّنَةُ لَهَا بِانْقِضَائِهَا فِي شَهْرٍ أَنْ تَشْهَدَ أَنَّهَا رُئِيَتْ تُصَلِّي وَتَصُومُ ، فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا ، يُرِيدُ : طُلُوعٌ إلَى فَرْجٍ .
وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ سَبْقِ الطَّلَاقِ وَقْتَ الْحَيْضِ أَوْ الْوِلَادَةِ أَوْ الْأَشْهُرِ .
وَأَقَلُّ مَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهِ بِالْأَقْرَاءِ ، عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَإِنْ [ قِيلَ ] أَقَلُّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ [ يَوْمًا ] تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ ، وَلِأَمَةٍ خَمْسَةَ عَشْرَ وَلَحْظَةٌ ، وَإِنْ قِيلَ : أَقَلُّهُ خَمْسَةَ عَشْرَ ، فَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ ، وَلِأُمِّهِ سَبْعَةَ عَشْرَ وَلَحْظَةٌ .
وَإِنْ

قِيلَ : الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةَ عَشْرَ فَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَحْظَتَانِ ، وَلِأَمَةٍ أَرْبَعَةَ عَشْرَ وَلَحْظَتَانِ ، وَإِنْ قِيلَ أَقَلُّهُ خَمْسَةَ عَشْرَ فَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ وَلَحْظَتَانِ ، وَلِأَمَةٍ سِتَّةَ عَشَرَ وَلَحْظَتَانِ ، وَلَا تُحْسَبُ مُدَّةُ نِفَاسٍ لِمُطَلَّقَةٍ بَعْدَ الْوَضْعِ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ وَفِي امْتِنَاعِ الرَّجْعَةِ وَحِلِّهَا لِزَوْجٍ قَبْلَ غُسْلِهَا مِنْ الثَّالِثَةِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي فِي الرَّجْعَةِ ، وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَةِ فِي بَابِ الْعِدَدِ .
( إحْدَاهُمَا ) لَهُ رَجْعَتُهَا وَلَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ حَتَّى تَغْتَسِلَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هِيَ أَنَصُّهُمَا عَنْ أَحْمَدَ ، وَاخْتِيَارُ أَصْحَابِهِ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وَالشِّيرَازِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ : قَالَ أَصْحَابُنَا : لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ ارْتِجَاعُهَا ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : قَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَيَأْتِي لَفْظُهُ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ ( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا وَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ .
اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَهُوَ أَوْلَى ، قَالَ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ : وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي فِي أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِانْقِطَاعِ الدَّمِ قَبْلَ الْغُسْلِ .
وَقَالَ فِي التَّصْحِيحِ : لَهُ رَجْعَتُهَا مَا لَمْ يَمْضِ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ : لَا تَحِلُّ حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ ، انْتَهَى .

( الرَّابِعَةُ ) مُفَارَقَةٌ فِي الْحَيَاةِ لَمْ تَحِضْ لِإِيَاسٍ أَوْ صِغَرٍ ، فَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِهَا .
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ أَوَّلُ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ ، وَالْأَمَةُ بِشَهْرَيْنِ ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ؛ وَعَنْهُ بِثَلَاثَةٍ ، وَعَنْهُ : بِنِصْفِهَا ، وَعَنْهُ : بِشَهْرٍ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا بِحِسَابِهِ ، وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ كَحُرَّةٍ ، عَلَى الرِّوَايَاتِ وَعَنْهُ : عِدَّةُ مُخْتَلِعَةٍ حَيْضَةٌ و اخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي بَقِيَّةِ الْفُسُوخِ ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ .
وَإِنْ حَاضَتْ صَغِيرَةٌ فِي عِدَّتِهَا ابْتَدَأَتْ عِدَّةَ الْأَقْرَاءِ ، فَإِنْ قِيلَ : هِيَ الْأَطْهَارُ فَفِي عَدِّهَا مَا قَبْلَ الْحَيْضِ طُهْرًا وَجْهَانِ ( م 6 ) وَإِنْ أَيِسَتْ فِي عِدَّةِ الْأَقْرَاءِ ابْتَدَأَتْ عِدَّةَ آيِسَةٍ ، وَإِنْ عَتَقَتْ أَمَةٌ مُعْتَدَّةٌ أَتَمَّتْ عِدَّةَ أَمَةٍ ، إلَّا الرَّجْعِيَّةُ فَتُتِمُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا .

تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ فِي الرَّابِعَةِ وَعَنْهُ عِدَّةُ مُخْتَلِعَةٍ حَيْضَةٌ ، انْتَهَى .
الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْمَكَانَ لَيْسَ بِمَوْضِعِ ذِكْرِهَا ، لِأَنَّهُ عَقَدَهُ لِمَنْ لَمْ تَحِضْ ، وَإِنَّمَا مَوْضِعُ ذِكْرِهَا فِي الثَّالِثَةِ ، وَهِيَ ذَوَاتُ الْأَقْرَاءِ ، فَتُذْكَرُ الرِّوَايَةُ بَعْدَ قَوْلِهِ فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ أَوْ بَعْضُهَا بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَعَنْهُ عِدَّةُ مُخْتَلِعَةٍ ، إلَى آخِرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ .
وَإِنْ حَاضَتْ صَغِيرَةٌ فِي عِدَّتِهَا ابْتَدَأَتْ عِدَّةَ الْأَقْرَاءِ ، فَإِنْ قِيلَ : هِيَ الْأَطْهَارُ فَفِي عَدِّهَا مَا قَبْلَ الْحَيْضِ طُهْرًا وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يُحْتَسَبُ قُرْءًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ .
وَقَالَ فِي الْمُنَوِّرِ : وَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ ابْتَدَأَتْ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ : وَتَبْدَأُ حَائِضٌ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ ، انْتَهَى ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ هَؤُلَاءِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَسِبُ بِهِ قُرُوءًا ، لِأَنَّ عِنْدَهُمْ الْقُرْءَ الْحَيْضُ ، قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ : وَالطُّهْرُ الْمَاضِي غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِهِ فِي وَجْهٍ ، انْتَهَى ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُحْتَسَبُ بِهِ قُرُوءًا ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ لَفْظِهِ

الْخَامِسَةُ مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ تَعْلَمْ سَبَبَهُ ، فَتَقْعُدُ لِلْحَمْلِ غَالِبَ مُدَّتِهِ ، وَقِيلَ أَكْثَرُهَا ، ثُمَّ تَعْتَدُّ كَآيِسَةٍ ، كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ هُنَا ، لِظُهُورِ بَرَاءَتِهَا مِنْ الْحَمْلِ بِغَالِبِ مُدَّتِهِ ، وَفِي انْتِقَاضِ الْعِدَّةِ بِعَوْدِ الْحَيْضِ بَعْدَهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ وَجْهَانِ ( م 7 ) وَعِدَّةُ بَالِغَةٍ لَمْ تَرَ حَيْضًا وَلَا نِفَاسًا كَآيِسَةٍ ، وَعَنْهُ : كَمَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَكَذَا مُسْتَحَاضَةٌ نَاسِيَةٌ لِوَقْتِهَا ، وَمَنْ لَهَا عَادَةٌ أَوْ تَمْيِيزٌ عَمِلَتْ بِهِمَا ، وَإِنْ عَلِمَتْ لَهَا حَيْضَةً فِي كُلِّ مُدَّةٍ كَشَهْرٍ اعْتَدَّتْ بِتَكْرَارِهَا ثَلَاثًا نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ : الْمُسْتَحَاضَةُ النَّاسِيَةُ لِوَقْتِ حَيْضِهَا تَعْتَدُّ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَإِنْ عَلِمَتْ مَا رَفَعَهُ كَمَرَضٍ وَرَضَاعٍ قَعَدَتْ مُعْتَدَّةً حَتَّى تَعْتَدَّ بِحَيْضٍ أَوْ تَصِيرَ آيِسَةً فَتَعْتَدَّ مِثْلَهَا ، وَعَنْهُ : تَنْتَظِرُ زَوَالَهُ ، ثُمَّ إنْ حَاضَتْ اعْتَدَّتْ بِهِ ، وَإِلَّا بِسَنَةٍ ، ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ ، وَمِنْهُمْ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْكَافِي وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : تَعْتَدُّ سَنَةً ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : إنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ أَوْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا أَوْ صَغِيرَةً فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ فِي أَمَةٍ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لِعَارِضٍ : تَسْتَبْرِئُ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحَمْلِ ، وَشَهْرٍ لِلْحَيْضِ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا : إنْ عَلِمَتْ عَدَمَ عَوْدِهِ فَكَآيِسَةٍ ، وَإِلَّا سَنَةً .

( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : الْخَامِسُ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ الْخَامِسَةُ ، كَإِخْوَانِهِ .
فَإِنَّهُ قَالَ أَوَّلًا : وَالْمُعْتَدَّاتُ سِتٌّ ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةُ الثَّالِثَةُ الرَّابِعَةُ ، فَيُقَدَّرُ مَا يُصَحِّحُهُ فَيُقَالُ : الضَّرْبُ الْخَامِسُ مِنْ الْمُعْتَدَّاتِ .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ تَعْلَمْ سَبَبَهُ فَتَعْتَدُّ لِلْحَمْلِ غَالِبَ مُدَّتِهِ ، وَقِيلَ : أَكْثَرُهَا ثُمَّ تَعْتَدُّ كَآيِسَةٍ ، كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ هُنَا ، لِظُهُورِ بَرَاءَتِهَا مِنْ الْحَمْلِ بِغَالِبِ مُدَّتِهِ ، وَفِي انْتِقَاضِ الْعِدَّةِ بِعَوْدِ الْحَيْضِ بَعْدَهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا تُنْتَقَضُ عِدَّتُهَا بِعَوْدِ الْحَيْضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ إلَى الْحَيْضِ ، لِلْحُكْمِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَنْتَقِلُ فَتَعْتَدُّ بِالْحَيْضِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ .
( تَنْبِيهَانِ ) : ( الْأَوَّلُ ) لَيْسَ بَيْنَ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ مُنَافَاةٌ ، إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ ذَكَرَ قَوْلًا بِأَنَّهَا تَعْتَدُّ لِلْحَمْلِ أَكْثَرَ مُدَّتِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا الِاحْتِمَالُ لِصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ ، بَلْ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ ، وَغَيْرُهُمَا ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، فَكَانَ الْأَوْلَى التَّصْدِيرَ بِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ .
( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَإِنْ عَلِمَتْ مَا رَفَعَهُ كَمَرَضٍ وَرَضَاعٍ قَعَدَتْ مُعْتَدَّةً حَتَّى تَحِيضَ أَوْ تَصِيرَ آيِسَةً ، فَتَعْتَدُّ مِثْلُهَا ، وَعَنْهُ تَنْتَظِرُ زَوَالَهُ ، ثُمَّ إنْ حَاضَتْ اعْتَدَّتْ بِهِ وَإِلَّا بِسَنَةٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْكَافِي

، انْتَهَى .
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ : لَيْسَ هَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَلَا فِي الْكَافِي لَا ظَاهِرًا وَلَا نَصًّا ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ فِي الْكَافِي : وَلَمْ تَزَلْ فِي عِدَّةٍ حَتَّى يَعُودَ الْحَيْضُ فَتَعْتَدَّ بِهِ ، لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْقُرُوءِ ، وَالْعَارِضُ الَّذِي مَنَعَ الدَّمَ يَزُولُ ، فَانْتَظَرَ زَوَالَهُ ، إلَّا أَنْ تَصِيرَ آيِسَةً فَتَعْتَدَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا تَعْتَدُّ سَنَةً أَصْلًا .
انْتَهَى

( السَّادِسَةُ ) امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ تَتَرَبَّصُ مَا تَقَدَّمَ فِي مِيرَاثِهِ تَمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ ، وَفِي اعْتِبَارِ حُكْمٍ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ وَالْعِدَّةِ وَاعْتِبَارِ طَلَاقِ الْوَلِيِّ بَعْدَهَا ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ إنْ طَلَّقَ رِوَايَتَانِ ( م 8 و 9 ) .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَا يُعْتَبَرُ فَسْخُ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، كَضَرْبِ الْمُدَّةِ ، وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا إنَّ عَلَى الْأَصَحِّ لَا يُعْتَبَرُ الْحَاكِمُ ، فَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعِدَّةُ تَزَوَّجَتْ بِلَا حُكْمٍ ، وَإِذَا فَرَّقَ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ : أَوْ فَرَغَتْ الْمُدَّةُ نَفَذَ الْحُكْمُ ظَاهِرًا ، فَيَصِحُّ طَلَاقُ الْمَفْقُودِ ، لِبَقَاءِ نِكَاحِهِ ، وَعَنْهُ : وَبَاطِنًا ، فَلَا يَصِحُّ ، وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا الْإِرْثُ ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِي فَهِيَ لَهُ ، وَعَنْهُ : يُخَيَّرُ ، وَبَعْدَهُ لَهُ أَخْذُهَا زَوْجَةً بِعَقْدِهِ الْأَوَّلِ .
وَالْمَنْصُوصُ : وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ الثَّانِي ، وَيَطَأْ بَعْدَ عِدَّتِهِ ، وَلَهُ تَرْكُهَا مَعَهُ .
وَقَالَ الشَّيْخُ : بِعَقْدٍ [ ثَانٍ ] فَإِنْ تَرَكَهَا فَفِي أَخْذِهِ مَا مَهْرُهَا هُوَ أَوْ الثَّانِي وَفِي رُجُوعِ الثَّانِي عَلَيْهَا بِهِ رِوَايَتَانِ ( 10 و 11 ) .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : الْقِيَاسُ لَا يَأْخُذُهُ .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ : الْقِيَاسُ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ بِلَا خِيَارٍ ، إلَّا أَنْ تَقَعَ الْفُرْقَةُ بَاطِنًا فَلِلثَّانِي ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : لَا خِيَارَ لِلْأَوَّلِ مَعَ مَوْتِهَا ، وَأَنَّ الْأَمَةَ كَنِصْفِ حُرَّةٍ ، كَالْعِدَّةِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : هِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَتَرِثُهُ ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا ، وَهَلْ تَرِثُ الْأَوَّلَ ؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : تَرِثُهُ ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ مَتَى ظَهَرَ الْأَوَّلُ فَالْفُرْقَةُ وَنِكَاحُ الثَّانِي مَوْقُوفًا ، فَإِنْ أَخَذَهَا بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِي حِينَئِذٍ ، وَإِنْ أَمْضَى ثَبَتَ نِكَاحُ الثَّانِي ، وَجَعَلَ فِي الرَّوْضَةِ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ إلَيْهَا [ وَأَنَّهَا ] أَيُّهُمَا اخْتَارَتْهُ رَدَّتْ عَلَى الْآخَرِ مَا أَخَذَتْ مِنْهُ :

وَتَنْقَطِعُ النَّفَقَةُ بِتَفْرِيقِهِ أَوْ تَزْوِيجِهَا ، وَقِيلَ : وَبِالْعِدَّةِ وَإِنْ بَانَ مَوْتُهُ وَقْتَ الْفُرْقَةِ وَلَمْ يَجُزْ التَّزْوِيجُ فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ ( م 12 ) وَمَتَى قِيلَ : لَا تَتَزَوَّجُ فَتَزَوَّجَتْ وَأَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ ، فَإِنْ أَجْبَرَهُ عَلَيْهَا حَاكِمٌ احْتَمَلَ رُجُوعُهُ ، لِعَدَمِ وُجُوبِهَا ، وَاحْتَمَلَ لَا ، لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ مَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا ( م 13 ) .
وَمَنْ ظَهَرَ مَوْتُهُ بِاسْتِفَاضَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَكَمَفْقُودٍ ، وَتَضْمَنُ الْبَيِّنَةُ مَا تَلِفَ مِنْ مَالِهِ وَمَهْرِ الثَّانِي ، وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ : إنْ عُرِفَ خَبَرُهُ بِبَلَدٍ تَرَبَّصَتْ إلَى تِسْعِينَ سَنَةً ، وَمَنْ أَخْبَرَ بِطَلَاقِ غَائِبٍ وَأَنَّهُ وَكِيلُ آخَرَ فِي نِكَاحِهِ بِهَا وَضَمِنَ الْمَهْرَ فَنَكَحَتْهُ ثُمَّ جَاءَ الزَّوْجُ فَأَنْكَرَ فَهِيَ زَوْجَتُهُ وَلَهَا الْمَهْرُ ، وَقِيلَ : كَمَفْقُودٍ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : مَتَى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِسَبَبٍ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ ثُمَّ بَانَ انْتِفَاؤُهُ فَكَمَفْقُودٍ ، وَكَذَا إنْ كَتَمَهُ حَتَّى تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا ، فَإِنْ عَلِمَتْ تَحْرِيمَهُ فَزَانِيَةٌ ، وَكَأَنَّهَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِلَا إذْنِهِ ثُمَّ أَجَازَهُ ، وَإِنْ طَلَّقَ غَائِبٌ أَوْ مَاتَ اعْتَدَّتْ مُنْذُ الْفُرْقَةِ وَإِنْ لَمْ تَحِدَّ ، وَعَنْهُ : هَذَا إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَتْ بِوَضْعِ حَمْلٍ ، وَإِلَّا فَمِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ .

( مَسْأَلَةٌ 8 و 9 ) قَوْلُهُ فِي : امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ تَتَرَبَّصُ مَا تَقَدَّمَ فِي مِيرَاثِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ ، وَفِي اعْتِبَارِ حُكْمٍ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ [ وَالْعِدَّةِ ] وَاعْتِبَارُ طَلَاقِ الْوَلِيِّ بَعْدَهَا ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ إنْ طَلَّقَ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8 ) هَلْ يُفْتَقَرُ إلَى رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ لِيَحْكُمَ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يُفْتَقَرُ إلَى ذَلِكَ ، فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ حِينَ ضَرَبَهَا الْحَاكِمُ ، كَمُدَّةِ الْعُنَّةِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَا يُفْتَقَرُ إلَى ذَلِكَ ، بَلْ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْغَيْبَةِ ، فَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعِدَّةُ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : لَا يُفْتَقَرُ لِحَاكِمٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : وَعَلَى الْأُولَى هَلْ أَوَّلُ الْمُدَّةِ مُنْذُ ضَرَبَهَا الْحَاكِمُ أَوْ مُنْذُ انْقَطَعَ خَبَرُهُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، وَقِيلَ : هَلْ أَوَّلُ الْمُدَّةِ مُنْذُ غَابَ أَوْ مُنْذُ ضَرَبَهَا الْحَاكِمُ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، انْتَهَى .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9 ) هَلْ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ طَلَاقُ الْوَلِيِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ( إحْدَاهُمَا ) لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ : هُوَ الْقِيَاسُ .
وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ : وَهُوَ

أَقْيَسُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَا يُعْتَبَرُ فَسْخُ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، كَضَرْبِ الْمُدَّةِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : يُعْتَبَرُ طَلَاقُ وَلِيِّهِ بَعْدَ اعْتِدَادِهَا لِلْوَفَاةِ ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ طَلَاقِ الْوَلِيِّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ( قُلْت ) : وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ : فَيَلْزَمُهَا عِدَّتَانِ ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ ، انْتَهَى ( مَسْأَلَةٌ 10 و 11 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ تَرَكَهَا فَفِي أَخْذِهِ مَا مَهَرَهَا هُوَ أَوْ الثَّانِي وَفِي رُجُوعِ الثَّانِي عَلَيْهَا بِهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى ، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 10 ) إذَا تَرَكَهَا الْأَوَّلُ لِلثَّانِي فَهَلْ يَأْخُذُ مَا مَهَرَهَا هُوَ أَوْ مَا مَهَرَ الثَّانِي ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَأْخُذُ قَدْرَ صَدَاقِهَا الَّذِي أَعْطَاهَا هُوَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ : هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : يَأْخُذُ صَدَاقَهَا الَّذِي أَعْطَاهَا الثَّانِي .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 11 ) إذَا أَخَذَ الزَّوْجُ الثَّانِي الْمَهْرَ سَوَاءٌ كَانَ قَدَّ الْمَهْرَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ

الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ( إحْدَاهُمَا ) يَرْجِعُ عَلَيْهَا ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا ، قَالَ فِي الْمُغْنِي : وَهُوَ أَظْهَرُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَقَالَ شَيْخُنَا : هِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَتَرِثُهُ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا ، وَهَلْ تَرِثُ الْأَوَّلَ ؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : تَرِثُهُ ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ ، انْتَهَى .
يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَعَلَى كُلٍّ تَقْدِيرُ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ ، كَمَا قَالَهُ غَيْرُ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ ، وَقَوْلُهُ : قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : تَرِثُهُ ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ : صَوَابُهُ أَبُو حَفْصٍ : ( مَسْأَلَةٌ 12 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ بَانَ مَوْتُهُ وَقْتَ الْفُرْقَةِ وَلَمْ يَجُزْ التَّزْوِيجُ فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا ( قُلْت ) : وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِيهِ ، وَلَهَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَصِحُّ ، لِأَنَّهُ صَادَفَ مَحَلًّا .
( مَسْأَلَةٌ 13 ) قَوْلُهُ : وَمَتَى قِيلَ : لَا تَتَزَوَّجُ فَتَزَوَّجَتْ وَأَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ ، فَإِنْ أَجْبَرَهُ عَلَيْهَا حَاكِمٌ احْتَمَلَ رُجُوعُهُ ، لِعَدَمِ وُجُوبِهَا ، وَاحْتَمَلَ لَا ، لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ مَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ عَدَمُ الرُّجُوعِ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ .
( تَنْبِيهَانِ ) : ( الْأَوَّلُ ) قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ : لَعَلَّ مَحَلَّ الِاحْتِمَالَيْنِ إذَا أَجْبَرَهُ عَلَى الْإِنْفَاقِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلنِّكَاحِ بِالْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ ، فَإِذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِبُطْلَانِهِ تَوَجَّهَ الِاحْتِمَالَانِ ،

أَمَّا لَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ وَالْإِنْفَاقِ لَمْ يَتَوَجَّهْ احْتِمَالُ الرُّجُوعِ ، انْتَهَى .
وَهُوَ كَمَا قَالَ

وَعِدَّةُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمُطَلَّقَةٍ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ( ع ) ، وَكَذَا الزَّانِيَةُ ، وَعَنْهُ : لَا عِدَّةَ بَلْ تَسْتَبْرِئُ ، اخْتَارَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُ رَزِينٍ كَأَمَةٍ مُزَوَّجَةٍ و اخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي الْكُلِّ ، وَفِي كُلِّ فَسْخٍ وَطَلَاقِ ثَلَاثٍ ، وَأَنَّ لَنَا فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَجْهَيْنِ ، وَأَنَّهَا دُونَ الْمُخْتَلِعَةِ .
وَقَالَ أَيْضًا فِي الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ : تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ ( ع ) لِخَبَرِ فَاطِمَةَ " اعْتَدِّي " ، وَقَدْ جَاءَ تَسْمِيَةُ الِاسْتِبْرَاءِ عِدَّةً ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ نِزَاعٌ فَالْقَوْلُ بِالِاسْتِبْرَاءِ مُتَوَجِّهٌ ، وَنَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ تُعْتَقُ بِالْمَوْتِ .
قَالَ بَعْضُهُمْ : تَعْتَدُّ ثَلَاثَ حِيَضٍ ، وَلَا وَجْهَ لَهُ ، إنَّمَا تَعْتَدُّ ثَلَاثَ حِيَضٍ الْمُطَلَّقَةُ ، وَلَا تُوطَأُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ ، وَفِيمَا دُونَهُ وَجْهَانِ ( م 14 ) .
وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحٌ بِزِنًا ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ .
وَقَالَ : { حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ سَأَلَهُ لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ } : لَا يَصِحُّ .
وَإِنْ أَمْسَكَهَا يَسْتَبْرِئُهَا .
وَالْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّهَا كَانَتْ وُطِئَتْ .

الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَعِدَّةُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمُطَلَّقَةٍ ، وَكَذَا الزَّانِيَةُ ، وَعَنْهُ : لَا عِدَّةَ ، بَلْ تَسْتَبْرِئُ ، اخْتَارَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُ رَزِينٍ ، كَأَمَةٍ مُزَوَّجَةٍ ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا : إلَّا الْأَمَةُ غَيْرُ الْمُزَوَّجَةِ فَإِنَّهَا تَسْتَبْرِئُ بِحَيْضَةٍ ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ كِتَابِ الْمُصَنِّفِ لَفْظَةُ " غَيْرُ " قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ .
مَسْأَلَةٌ 14 ) قَوْلُهُ : وَلَا تُوطَأُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ ، وَفِيمَا دُونَهُ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي فِيمَا دُونَ الْوَطْءِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ وَنَحْوِهِمَا ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَحْرُمُ .

فَصْلٌ مَنْ وَطِئَ مُعْتَدَّةً بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ ، وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا مَقَامُهَا عِنْدَ الثَّانِي ، فِي الْأَصَحِّ ، وَلَهُ رَجْعَةُ الرَّجْعِيَّةِ فِي التَّتِمَّةِ ، فِي الْأَصَحِّ ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلثَّانِي ، وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا عَيْنًا أَوْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ قَافَةٌ وَأَمْكَنَ ، بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ، وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ بَيْنُونَةِ الْأَوَّلِ ، لَحِقَهُ ، وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِهِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلْآخَرِ ، وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا لَحِقَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةُ الْآخَرِ كَمَوْطُوءَةٍ لِاثْنَيْنِ ، وَقِيلَ [ فِيهَا ] ، بِزِنًا عِدَّةٌ ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ : إنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ نِكَاحِ الثَّانِي فَلَهُ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَفْقُودِ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ مِثْلَهُ وَزَادَ ؛ فَإِنْ ادَّعَيَاهُ فَالْقَافَةُ وَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا أَصَابَهَا وَيُؤَدَّبَانِ .
وَمَنْ وُطِئَتْ امْرَأَتُهُ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ طَلَّقَ اعْتَدَّتْ لَهُ ثُمَّ لِلشُّبْهَةِ ، وَقِيلَ : لِلشُّبْهَةِ ثُمَّ لَهُ ، وَفِي رَجْعَتِهِ قَبْلَ عِدَّتِهِ وَجْهَانِ ( م 15 ) وَتُقَدَّمُ عِدَّةُ مَنْ حَمَلَتْ مِنْهُ ، وَفِي وَطْءِ الزَّوْجِ إنْ حَمَلَتْ مِنْهُ وَجْهَانِ ( م 16 ) وَمَنْ وَطِئَ مُعْتَدَّةً بَائِنًا مِنْهُ بِزِنًا فَكَوَطْءِ غَيْرِهِ ، وَجَعَلَهُ فِي التَّرْغِيبِ كَشُبْهَةٍ تَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ لِوَطْئِهِ وَتَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ الْأُولَى ، وَمَنْ طَلَّقَ رَجْعِيَّةً وَالْأَصَحُّ أَوْ فَسَخَ نِكَاحَهَا أَتَمَّتْ عِدَّتَهَا ، وَإِنْ رَاجَعَ ثُمَّ طَلَّقَ ابْتَدَأَتْ عِدَّةً ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، كَفَسْخِهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ بِعِتْقٍ وَغَيْرِهِ ، وَعَنْهُ تُتِمُّ إنْ لَمْ يَطَأْ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ .
نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَأَنَّ لَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ ، وَإِنْ رَاجَعَ وَوَطِئَ ابْتَدَأَتْ ، وَكَذَا إنْ وَطِئَ فَقَطْ ، وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ أَتَمَّتْ عِدَّةَ الطَّلَاقِ بَعْدَ

وَضْعِهِ ، لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسَيْنِ ، وَإِنْ نَكَحَ بَائِنًا مِنْهُ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَ فِيهَا قَبْلَ وَطْءٍ أَتَمَّتْ ، وَعَنْهُ تَبْتَدِئُ ، وَلَوْ أَبَانَهَا حَامِلًا ثُمَّ نَكَحَهَا حَامِلًا ثُمَّ طَلَّقَهَا حَامِلًا فَرَغَتْ بِوَضْعِهِ ، عَلَيْهِمَا ، وَلَوْ أَتَتْ بِهِ قَبْلَ طَلَاقِهِ فَلَا عِدَّةَ ، عَلَى الْأُولَى .

مَسْأَلَةٌ 15 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ وَطِئَتْ امْرَأَتُهُ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ طَلَّقَ اعْتَدَّتْ لَهُ ثُمَّ لِلشُّبْهَةِ ، وَقِيلَ : لِلشُّبْهَةِ ثُمَّ لَهُ ، وَفِي رَجْعَتِهِ فِي عِدَّتِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَهُ رَجْعَتُهَا ، وَهُوَ قَوِيٌّ .
( مَسْأَلَةٌ 16 ) قَوْلُهُ : وَتُقَدَّمُ عِدَّةُ مَنْ حَمَلَتْ مِنْهُ ، وَفِي وَطْءِ الزَّوْجِ إنْ حَمَلَتْ مِنْهُ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَحْرُمُ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا عَلَيْهِ ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الرِّعَايَةِ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ إنْ جَازَ وَطْءُ الرَّجْعِيَّةِ ( تَنْبِيهَانِ ) ( الْأَوَّلُ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ رَاجَعَ ثُمَّ طَلَّقَ ابْتَدَأَتْ عِدَّةٌ ، وَعَنْهُ : تَتِمُّ إنْ لَمْ يَطَأْ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، انْتَهَى .
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ : لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي مُخْتَصَرِ الْخِرَقِيِّ ، وَلَا عَزَاهَا إلَيْهِ فِي الْمُغْنِي ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي فَصْلٍ مُفْرَدٍ ، وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ فِيهَا قَوْلًا ، انْتَهَى ( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَفِي الْمُغْنِي وَدُهْنِ رَأْسٍ ، قَالَ شَيْخُنَا الْبَعْلِيُّ فِي حَوَاشِيهِ : لَعَلَّهُ دُهْنٌ بَانَ ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي ، فَإِنْ قِيلَ أَرَادَ عَدَمَ الدَّهْنِ فِي الرَّأْسِ قُلْنَا صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّهَا تَدْهُنُ بِزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ وَسَمْنٍ ، وَلَمْ نَرَ مَا قَالَهُ فِيهِ ، انْتَهَى .

فَصْلٌ يَلْزَمُ الْإِحْدَادُ فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُد : الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا وَالْمُحَرَّمَةُ يَجْتَنِبْنَ الطِّيبَ وَالزِّينَةَ كُلُّ مُتَوَفًّى عَنْهَا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَقَطْ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا ، وَعَنْهُ وَبَائِنٌ ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ لَهَا الْإِحْدَادُ ( ع ) لَكِنْ لَا يُسَنُّ ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ ، مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ فَوْقَ ثَلَاثٍ عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ ، وَقِيلَ : الْمُخْتَلِعَةُ كَرَجْعِيَّةٍ .
وَفِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ : لَا يَلْزَمُ بَائِنًا قَبْلَ دُخُولٍ .
وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي أَنَّ الْمَنْصُوصَ يَلْزَمُ الْإِحْدَادُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ .
وَفِي الْهَدْيِ : الَّذِينَ أَلْزَمُوا بِهِ الذِّمِّيَّةَ لَا يُلْزِمُونَهَا بِهِ فِي عِدَّتِهَا مِنْ الذِّمِّيِّ ، فَصَارَ هَذَا كَعُقُودِهِمْ ، كَذَا قَالَ : وَهُوَ تَرْكُ طِيبٍ كَزَعْفَرَانٍ ، وَإِنْ كَانَ بِهَا سَقَمٌ ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ ، وَزِينَةٍ وَحُلِيٍّ وَلَوْ خَاتَمٍ وَتَحْسِينٍ بِكُحْلٍ أَسْوَدَ بِلَا حَاجَةٍ ، وَحِنَّاءٍ وَخِضَابٍ وَنَحْوِ تَحْمِيرِ وَجْهٍ ، وَحَفِّهِ ، وَفِيهِ قَوْلٌ سَهْوٌ ، وَلُبْسُ أَحْمَرَ وَأَصْفَرَ ، وَأَخْضَرَ وَأَزْرَقَ صَافِيَيْنِ ، وَدُهْنٍ مُطَيِّبٍ فَقَطْ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، كَدُهْنِ وَرْدٍ .
وَفِي الْمُغْنِي : وَدُهْنِ رَأْسٍ ، وَيَحْرُمُ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ ، كَالْمَصْبُوغِ بَعْدَ نَسْجِهِ ، وَقِيلَ : لَا { لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا ثَوْبَ عَصَبٍ } كَذَا قِيلَ ، وَلَا يَحْرُمُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : فِي الْأَصَحِّ مُلَوَّنٌ لِدَفْعِ وَسَخٍ ، كَأَسْوَدَ وَكُحْلِيٍّ وَأَبْيَضَ مُعَدٍّ لِلزِّينَةِ ، وَفِيهِ وَجْهٌ ، وَنِقَابٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، خِلَافًا لِلْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَمَعَ حَاجَةٍ تُسْدَلُ كَمُحَرَّمَةٍ ، وَلَا تُمْنَعُ مِنْ الصَّبِرِ إلَّا فِي الْوَجْهِ ، لِأَنَّهُ يُصَفِّرُهُ فَيُشْبِهُ الْخِضَابَ ، كَذَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي ، فَيُتَوَجَّهُ : وَالْيَدَيْنِ ، وَأَخْذُ ظُفْرٍ وَشَعْرٍ وَتَنْظِيفٌ وَغُسْلٌ ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ تَحُدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجِهَا ،

بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ، قَالَهُ شَيْخُنَا ، وَتَلْزَمُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ فِي مَسْكَنِهَا لَا غَيْرِهِ ، فَإِنْ انْتَقَلَتْ قَهْرًا أَوْ خَوْفًا أَوْ لِحَقٍّ .
وَفِي الْمُغْنِي : أَوْ طَلَبٍ بِهِ فَوْقَ أُجْرَتِهِ وَفِيهِ : أَوْ لَمْ تَجِدْ إلَّا مِنْ مَالِهَا ، فَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ : بِقُرْبِهِ ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ : حَيْثُ شَاءَتْ ( م 17 ) وَلَهُمْ نَقْلُهَا لِأَذَاهَا ، وَقِيلَ : يَنْتَقِلُونَ هُمْ .
وَفِي التَّرْغِيبِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ : إنْ قُلْنَا : لَا سُكْنَى لَهَا فَعَلَيْهَا الْأُجْرَةُ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تَحْوِيلُهَا مِنْهُ ، وَظَاهِرُ الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ ، وَلَهَا الْخُرُوجُ نَهَارًا لِحَوَائِجِهَا ، قَالَ الْحَلْوَانِيُّ : مَعَ وُجُودِ مَنْ يَقْضِيهَا ، وَقِيلَ : مُطْلَقًا .
وَفِي الْوَسِيلَةِ نَصَّ عَلَيْهِ ، نَقَلَ حَنْبَلٌ : تَذْهَبُ بِالنَّهَارِ ، وَفِيهِ لَيْلًا لِحَاجَةٍ وَجْهَانِ ( م 18 ) وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ : مُطْلَقًا ، وَنَقُلْ أَبُو دَاوُد : لَا تَخْرُجُ ، قُلْت : بِالنَّهَارِ ؟ قَالَ : بَلَى ، لَكِنْ لَا تَبِيتُ ، قُلْت : بَعْضَ اللَّيْلِ ؟ قَالَ : تَكُونُ أَكْثَرَهُ بِبَيْتِهَا ، فَإِنْ خَالَفَتْ أَوْ لَمْ تَحُدَّ تَمَّتْ الْعِدَّةُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ ، وَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ أَوْ مَعَهُ لِلنَّقْلَةِ إلَى بَلَدٍ فَمَاتَ قَبْلَ فِرَاقِ الْبَلَدِ اعْتَدَّتْ فِي مَنْزِلِهِ ، وَبَعْدَهُ تُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا ، وَقِيلَ : وَفِي الثَّانِي ، كَمَا لَوْ وَصَلَتْهُ ، وَكَذَا مِنْ دَارٍ إلَى دَارٍ ، وَتُخَيَّرُ لِغَيْرِ النَّقْلَةِ بَيْنَهُمَا بُعْدُ مَسَافَةِ قَصْرٍ .
وَيَلْزَمُهَا الرُّجُوعُ قَبْلَهَا ، وَمِثْلُهُ سَفَرُ حَجٍّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ يَلْزَمُهَا الْمُضِيُّ مَعَ الْبُعْدِ ، فَتَعْتَدُّ فِيهِ ، وَإِنْ أَحْرَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ فَقِيلَ : تُقَدِّمُ الْحَجَّ ، وَقِيلَ : أَسْبَقُهُمَا ، وَفِي الْمُحَرَّرِ : هَلْ تُقَدِّمُ مَعَ الْقُرْبِ الْعِدَّةَ أَوْ أَسْبَقَهُمَا ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ( م 19 ) وَإِنْ أَمْكَنَ لَزِمَهَا

الْعَوْدُ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ .
وَفِي الْمُحَرَّرِ : تُخَيَّرُ [ مَعَ الْبُعْدِ ] وَتُتِمُّ تَتِمَّةَ الْعِدَّةِ فِي مَنْزِلِهَا ( م 20 ) إنْ عَادَتْ بَعْدَ الْحَجِّ ، وَتَتَحَلَّلُ لِفَوْتِهِ بِعُمْرَةٍ .

مَسْأَلَةٌ 17 ) قَوْلُهُ : إذَا انْتَقَلَتْ قَهْرًا وَنَحْوُهُ فَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ و الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ : بِقُرْبِهِ ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ : حَيْثُ شَاءَتْ ، انْتَهَى .
( الْوَجْهُ الْأَوَّلُ ) جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ( مَسْأَلَةٌ 18 ) قَوْلُهُ : وَفِيهِ لَيْلًا لِحَاجَةٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَجُوزُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : وَلَهَا الْخُرُوجُ لِحَاجَةٍ نَهَارًا ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، وَقَدْ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَيْلًا إلَّا لِضَرُورَةٍ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى : وَلَهَا الْخُرُوجُ لَيْلًا لِحَاجَةٍ ، فِي الْأَشْهَرِ .
وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَلَهَا ذَلِكَ ، فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ .
( مَسْأَلَةٌ 19 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ فَقِيلَ : يُقَدَّمُ الْحَجُّ ، وَقِيلَ : أَسْبَقُهُمَا ، وَفِي الْمُحَرَّرِ : هَلْ يُقَدَّمُ مَعَ الْقُرْبِ الْعِدَّةُ أَمْ أَسْبَقُهُمَا ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ فِي بَابِ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ : وَإِنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ قَدَّمَتْ الْحَجَّ مَعَ الْبُعْدِ وَمَعَ الْقُرْبِ تُقَدِّمُ الْعِدَّةَ ، وَعَنْهُ : الْأَسْبَقُ لُزُومًا ، زَادَ فِي الْكُبْرَى : وَإِنْ خَافَتْ فِي عَوْدِهَا مَضَتْ .
فَتَابَعَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَا فِي الْقُرْبِ تَقْدِيمَ

الْعِدَّةِ .
وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْجَمْعُ قَدَّمَتْ الْحَجَّ مَعَ الْبُعْدِ .
وَقَالَ فِي الْكَافِي : إنْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فِي حَيَاةِ زَوْجِهَا فِي بَلَدِهَا ثُمَّ مَاتَ وَخَافَتْ فَوَاتَهُ مَضَتْ فِيهِ ، لِأَنَّهُ أَسْبَقُ ، فَإِذَا اسْتَوَيَا فِي خَوْفِ الْفَوَاتِ كَانَ أَحَقَّ بِالتَّقْدِيمِ .
( قُلْت ) : وَهَذَا الصَّوَابُ ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ : إنْ كَانَتْ قَرِيبَةً وَلَمْ يُمْكِنْ الرُّجُوعُ فَهَلْ تُقَدِّمُ الْعِدَّةَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ وَيَعْقُوبَ أَمْ الْحَجَّ إنْ كَانَتْ قَدْ أَحْرَمَتْ بِهِ قَبْلَ الْعِدَّةِ ؟ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي ، عَلَى رِوَايَتَيْنِ .
وَقَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ : وَقَدَّمَ فِي الْمُذْهَبِ أَنَّهَا تُقَدِّمُ الْعِدَّةَ ، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً مَضَتْ فِي سَفَرِهَا ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وُجُوبُ ذَلِكَ ، وَجَعَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ مُسْتَحَبًّا .
وَفَصَّلَ الْمَجْدُ مَا تَقَدَّمَ ، انْتَهَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ .
وَقَالَ فِي الْمُقْنِعِ : وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ أَوْ كَانَتْ حَجَّةً فَأَحْرَمَتْ بِهِ ثُمَّ مَاتَ فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ مَضَتْ فِي سَفَرِهَا ، وَإِنْ لَمْ تَخْشَ وَهِيَ فِي بَلَدِهَا أَوْ قَرِيبَةً يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ أَقَامَتْ لِتَقْضِيَ الْعِدَّةَ فِي مَنْزِلِهَا ، وَإِلَّا مَضَتْ فِي سَفَرِهَا ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحْرَمَتْ أَوْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ لَمْ تَخْشَ الْفَوَاتَ فِي أَنَّهَا تُقِيمُ إذَا كَانَتْ فِي بَلَدِهَا لَمْ تَخْرُجْ ، أَوْ خَرَجَتْ إلَيْهَا لَكِنَّهَا قَرِيبَةٌ يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ قَدْ تَبَاعَدَتْ أَوْ لَا يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ فَإِنَّهَا تَمْضِي .
( مَسْأَلَةٌ 20 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَمْكَنَ لَزِمَهَا الْعَوْدُ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَفِي الْمُحَرَّرِ تُخَيَّرُ مَعَ الْبُعْدِ وَتُتَمِّمُ تَتِمَّةَ الْعِدَّةِ فِي مَنْزِلِهَا ، انْتَهَى .
مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ هُوَ الْمَذْهَبُ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى

وَالْحَاوِيَيْنِ ، فِي بَابِ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ ، وَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى

وَتَعْتَدُّ الْمَبْتُوتَةُ مَكَانًا مَأْمُونًا حَيْثُ شَاءَتْ ، وَلَا تُفَارِقُ الْبَلَدَ ، وَلَا تَبِيتُ خَارِجَ مَنْزِلِهَا ، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، وَعَنْهُ : هِيَ كَمُتَوَفًّى عَنْهَا ، وَإِنْ شَاءَ إسْكَانَهَا فِي مَنْزِلِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يَصْلُحَ لَهَا تَحْصِينًا لِفِرَاشِهِ وَلَا مَحْذُورَ لَزِمَهَا ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهَا كَمُعْتَدَّةٍ لِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ لِعِتْقٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ : لَا يَلْزَمُهَا .
وَقَالَ شَيْخُنَا : إنْ شَاءَ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَلَهُ ذَلِكَ ، وَسَوَّى فِي الْعُمْدَةِ بَيْنَ مَنْ يُمْكِنُ زَوْجُهَا إمْسَاكَهَا وَالرَّجْعِيَّةُ فِي نَفَقَةٍ وَسُكْنَى ، وَإِنْ سَكَنَتْ عُلُوَّ دَارٍ وَسَكَنٍ بَقِيَّتِهَا وَبَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ ، أَوْ مَعَهَا مَحْرَمٌ ، جَازَ ، وَلَهُ الْخَلْوَةُ مَعَ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَمَحْرَمُ أَحَدِهِمَا ، وَقِيلَ : وَمَعَ أَجْنَبِيَّةٍ فَأَكْثَرَ .

، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : وَأَصْلُهُ النِّسْوَةُ الْمُنْفَرِدَاتُ هَلْ لَهُنًّ السَّفَرُ مَعَ أَمْنٍ بِلَا مَحْرَمٍ ؟ قَالَ شَيْخُنَا : وَيَحْرُمُ سَفَرُهُ بِأُخْتِ زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَعَهَا قَالَ فِي مَيِّتٍ عَنْ امْرَأَةٍ شَهِدَ قَوْمٌ بِطَلَاقِهِ ثَلَاثًا مَعَ عِلْمِهِمْ عَادَةً بِخَلْوَتِهِ بِهَا : لَا يُقْبَلُ ، لِأَنَّ إقْرَارَهُمْ يَقْدَحُ فِيهِمْ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : يَخْلُو إذَا لَمْ يَشْتَهِ وَلَا يَخْلُو أَجَانِبُ بِأَجْنَبِيَّةٍ .
وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ ، لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، { أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ دَخَلُوا عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَحْتَهُ يَوْمَئِذٍ فَرَآهُمْ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : لَمْ أَرَ إلَّا خَيْرًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ اللَّهَ قَدْ بَرَّأَهَا مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ لَا يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا عَلَى مُغَيَّبَةٍ إلَّا وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوْ اثْنَانِ } وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى جَمَاعَةٍ يَبْعُدُ التَّوَاطُؤُ مِنْهُمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ وَقَالَ الْقَاضِي : مَنْ عُرِفَ بِالْفِسْقِ مُنِعَ مِنْ الْخَلْوَةِ بِأَجْنَبِيَّةٍ ، كَذَا قَالَ ، وَالْأَشْهَرُ : يَحْرُمُ مُطْلَقًا ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ( ع ) قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَلَوْ لِإِزَالَةِ شُبْهَةٍ ارْتَدَّتْ بِهَا أَوْ لِتَدَاوٍ .
وَفِي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ : { لَا يَخْلُو رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ لَهُ بِمَحْرَمٍ إلَّا وَكَانَ الشَّيْطَانُ ثَالِثَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ } كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَقَالَ فِي الْمُغْنِي لِمَنْ احْتَجَّ بِأَنَّ الْعَبْدَ مُحَرَّمٌ لِمَوْلَاتِهِ بِدَلِيلِ نَظَرِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمَحْرَمِيَّةُ ، بِدَلِيلِ الْقَوَاعِدِ مِنْ النِّسَاءِ وَغَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ .
وَفِي الْمُغْنِي أَيْضًا : لَا يَجُوزُ إعَارَةُ أَمَةٍ جَمِيلَةٍ لِرَجُلٍ غَيْرِ مَحْرَمِهَا إنْ كَانَ يَخْلُو بِهَا أَوْ يَنْظُرُ إلَيْهَا ،

لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا ، وَكَذَا فِي الشَّرْحِ ، إلَّا أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى عِبَارَةِ الْمُقْنِعِ بِالْكَرَاهَةِ ، فَحَصَلَ مِنْ النَّظَرِ مَا تَرَى وَقَالَ : كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُغْنِي ، فَإِنْ كَانَتْ شَوْهَاءَ أَوْ كَبِيرَةً فَلَا بَأْسَ ، لِأَنَّهَا لَا يُشْتَهَى مِثْلُهَا ، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْخَلْوَةِ وَالنَّظْرَةِ كَمَا تَرَى ، وَهَذَا فِي الْخَلْوَةِ غَرِيبٌ .
وَفِي آدَابِ صَاحِبِ النَّظْمِ أَنَّهُ تُكْرَهُ الْخَلْوَةُ بِالْعَجُوزِ ، كَذَا قَالَ ، وَهُوَ غَرِيبٌ ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ .
وَإِطْلَاقُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي تَحْرِيمِ الْخَلْوَةِ الْمُرَادِ بِهِ مَنْ لِعَوْرَتِهِ حُكْمٌ ، فَأَمَّا مَنْ لَا عَوْرَةَ لَهُ كَدُونِ سَبْعٍ فَلَا تَحْرِيمَ ، وَقَدْ سَبَقَ ذَلِكَ فِي الْجَنَائِزِ فِي تَغْسِيلِ الْأَجْنَبِيِّ لِأَجْنَبِيَّةٍ وَعَكْسِهِ ، وَلَهُ إرْدَافُ مُحْرِمٍ .
وَيَتَوَجَّهُ فِي غَيْرِهَا مَعَ الْأَمْنِ وَعَدَمِ سُوءِ الظَّنِّ خِلَافٌ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ إرَادَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إرْدَافَ أَسْمَاءَ يَخْتَصُّ بِهِ .
وَالرَّجْعِيَّةُ كَمُتَوَفًّى عَنْهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : كَزَوْجَةٍ ، وَلَوْ غَابَ مَنْ لَزِمَتْهُ سُكْنَى أَوْ مَنَعَ اكْتَرَاهُ حَاكِمٌ مِنْ مَالِهِ ، أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ ، أَوْ فَرَضَ أُجْرَتَهُ ، وَإِنْ اكْتَرَتْهُ بِإِذْنِهِ أَوْ إذْنِ حَاكِمٍ أَوْ بِدُونِهَا لِلْعَجْزِ رَجَعَتْ ، وَمَعَ الْقُدْرَةِ الْخِلَافُ وَلَوْ سَكَّنَتْ مِلْكَهَا فَلَهَا أُجْرَتُهُ ، وَلَوْ سَكَّنَتْهُ أَوْ اكْتَرَتْ مَعَ حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ فَلَا .
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اكْتَرَتْهُ بِإِذْنِهِ أَوْ إذْنِ حَاكِمٍ أَوْ بِدُونِهِ لِلْعَجْزِ رَجَعَتْ ، وَمَعَ الْقُدْرَةِ الْخِلَافُ ، انْتَهَى .
الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي فِيمَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ ، وَالْمَذْهَبُ الرُّجُوعُ ، وَقَدْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَبِلَا إذْنِهِ تَرْجِعُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْهَا ، وَعَنْهُ : وَمَعَ الْقُدْرَةِ ، انْتَهَى .
فَهَذِهِ عِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .

بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ مَنْ مَلَكَ أَمَةً مُطْلَقًا ، حَائِلًا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : تَحِيضُ وَلَا يَتَأَخَّرُ ، حَرُمَ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا ، كَحَامِلٍ ، وَعَنْهُ بِالْوَطْءِ ، ذَكَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ ، وَاخْتَارَهُ فِي الْهَدْيِ ، وَاحْتَجَّ بِجَوَازِ الْخَلْوَةِ وَالنَّظَرِ وَأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ فِي جَوَازِ هَذَا نِزَاعٌ ، وَعَنْهُ : بِالْوَطْءِ فِي الْمَسْبِيَّةِ ، وَعَنْهُ : وَمَنْ لَا تَحِيضُ ، حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا ، وَعَنْهُ : لَا يَلْزَمُ مَالِكًا مِنْ طِفْلٍ أَوْ امْرَأَةٍ ، كَامْرَأَةٍ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَعَنْهُ : وَطِفْلٌ ، وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُ فِي مَسْبِيَّةٍ ، ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ : لَا يَلْزَمُ فِي إرْثٍ ، وَفِي صَغِيرَةٍ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا رِوَايَتَانِ ( م 1 ) وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي بِكْرٍ كَبِيرَةٍ وَآيِسَةٍ ، وَخَبَرٍ صَادِقٍ لَمْ يَطَأْ أَوْ اسْتَبْرَأَ ، وَإِنْ أَرَادَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَعْتَقَهَا أَوَّلًا أَوْ يُزَوِّجُهَا بَعْدَ عِتْقِهَا لَمْ يَصِحَّ ، وَعَنْهُ : يَصِحُّ ، وَلَا يَطَأُ ، وَعَنْهُ : يُزَوِّجُهَا إنْ كَانَ بَائِعُهَا اسْتَبْرَأَ وَلَمْ يَطَأْ ، صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي إنْ أَعْتَقَهَا وَإِلَّا فَلَا .

بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَفِي صَغِيرَةٍ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ، وَغَيْرِهِمْ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي : لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ صَغِيرَةٍ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، لِأَنَّ سَبَبَ الْإِبَاحَةِ مُتَحَقِّقٌ ، وَلَيْسَ عَلَى تَحْرِيمِهَا دَلِيلٌ ، فَإِنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ وَلَا مَعْنَى نَصٍّ ، انْتَهَى .
وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ ابْنِ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ : إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي تَرْجِيحُ الْوُجُوبِ ، وَهُوَ قَدْ صَحَّحَ عَدَمَهُ كَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ ، قَالَ الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ مَغْلِي : كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ : وَلَا يَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ ، تَبَعًا لِتَصْحِيحِ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ أَبِي مُوسَى ، انْتَهَى .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ : هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ ، وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالشِّيرَازِيِّ وَابْنِ الْبَنَّا وَغَيْرِهِمْ ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَرَادَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بَعْدَ عِتْقِهَا لَمْ يَصِحَّ ، وَعَنْهُ : يُزَوِّجُهَا إنْ كَانَ بَائِعُهَا اسْتَبْرَأَ وَلَمْ يَطَأْ ، صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي إنْ أَعْتَقَهَا ، وَإِلَّا فَلَا ، انْتَهَى مُلَخَّصًا .
فَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بَعْدَ عِتْقِهَا قَبْلَ

اسْتِبْرَائِهَا ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ اسْتَبْرَأَهَا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ ، وَعَنْهُ : لَهُ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى .
وَقَالَ فِي الْكُبْرَى : لَهَا نِكَاحُ غَيْرِهِ ، عَلَى الْأَقْيَسِ ، وَقَوَّاهُ النَّاظِمُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ .
إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَفِي تَقْدِيمِهِ الْأَوَّلِ مَعَ اخْتِيَارِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ نَظَرٌ ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا أَوْ يُطْلِقَ الْخِلَافَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِعَجْزِ مُكَاتَبَتِهِ أَوْ رَحِمِهَا الْمُحَرَّمِ أَوْ فَكَّ أَمَتَهُ مِنْ رَهْنٍ ، أَوْ أَخَذَ مِنْ عَبْدِهِ التَّاجِرِ أَمَةً ، أَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ .
لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاءٌ لِذَلِكَ ، وَيُسْتَحَبُّ فِي الْأَخِيرَةِ ، لِيَعْلَمَ هَلْ حَمَلَتْ فِي الْمِلْكِ أَوْ لَا ، وَأَوْجَبَهُ فِيهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِتَجْدِيدِ الْمِلْكِ ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ ، قَالَ : وَمَتَى وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَأُمُّ وَلَدٍ ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْوَلَدُ بَعْدَ أَنْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا ، لَا لِأَقَلَّ مِنْهَا ، وَلَا مَعَ دَعْوَى اسْتِبْرَاءٍ ، وَكَذَا فِي الْأَصَحِّ لَا يَلْزَمُهُ إنْ أَسْلَمَتْ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ أَوْ مُرْتَدَّةٌ ، أَوْ رَجَعَ إلَيْهِ رَحِمُ مُكَاتَبِهِ الْمُحَرَّمِ لِعَجْزِهِ ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ أَمَةً حَاضَتْ عِنْدَهُ لَزِمَهُ ، فِي الْأَصَحِّ .

وَإِنْ اشْتَرَى مُعْتَدَّةً أَوْ مُزَوَّجَةً فَمَاتَ الزَّوْجُ فَقِيلَ : يَسْتَبْرِئُ بَعْدَ الْعِدَّةِ ، وَقِيلَ : تَدْخُلُ فِيهَا ، وَكَذَا إنْ طَلَّقَ بَعْدَ الدُّخُولِ ( م 2 و 3 ) وَيَلْزَمُ قَبْلَهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْهُ فَلَهُ الْوَطْءُ فِيهَا .
وَفِي الِانْتِصَارِ : إنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَمُبَاحَةٌ ، فَلَوْ أَعْتَقَهَا قَضَتْ عِدَّةَ نِكَاحِ حَيْضَتَيْنِ ، وَيَلْزَمُهَا حَيْضَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ ، عَلَى الِاخْتِلَافِ لِلْعِتْقِ ، وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ ، وَتَعْتَدُّ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْمَوْتِ ، وَلَا اسْتِبْرَاءَ بِفَسْخٍ ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ ، وَإِلَّا لَزِمَ ، وَعَنْهُ : إنْ قَبَضَتْ مِنْهُ ، وَيُجْزِئُ الِاسْتِبْرَاءُ قَبْلَ الْقَبْضِ ، وَعَنْهُ : فِي مَوْرُوثِهِ ، وَقِيلَ : لَا ، وَوَكِيلُهُ كَهُوَ ، وَقِيلَ : لَا .

مَسْأَلَةٌ 2 و 3 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اشْتَرَى مُعْتَدَّةً أَوْ مُزَوَّجَةً فَمَاتَ الزَّوْجُ ، فَقِيلَ : تَسْتَبْرِئُ بَعْدَ الْعِدَّةِ ، وَقِيلَ : تَدْخُلُ فِيهَا ، وَكَذَا إنْ طَلَّقَ بَعْدَ الدُّخُولِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 ) لَوْ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَهَلْ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ أَمْ تَدْخُلُ فِي الْعِدَّةِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) تَكْتَفِي بِالْعِدَّةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَطَعَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ أَيْضًا ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 ) لَوْ اشْتَرَى مُعْتَدَّةً أَوْ مُزَوَّجَةً فَمَاتَ الزَّوْجُ فَهَلْ تَسْتَبْرِئُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَمْ تَكْتَفِي بِالْعِدَّةِ ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَالْحُكْمِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا ، فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ .

وَإِنْ أَرَادَ تَزْوِيجَ أَمَةٍ يَطَؤُهَا اسْتَبْرَأَ ، وَعَنْهُ : يَصِحُّ بِدُونِهِ ، وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ قَبْلَهُ ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ ، وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَهَا وَنَحْوَهُ فَرِوَايَتَانِ ( م 4 ) ، فَإِنْ لَزِمَهُ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ بِدُونِهِ رِوَايَتَانِ ( م 5 ) وَعَنْهُ : يَلْزَمُهُ ، وَلَوْ لَمْ يَطَأْهَا ، ذَكَرَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي مُقْنِعِهِ ، وَاخْتَارَهَا .
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : فَإِنْ كَانَتْ الْبَائِعَةُ امْرَأَةً ؟ قَالَ : لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا ، وَمَا يُؤْمَنُ أَنْ تَكُونَ قَدْ جَاءَتْ بِحَمْلٍ ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ [ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ ] وَفِي الِانْتِصَارِ إنْ اسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ لَمْ يَسْقُطْ الْأَوَّلُ ، فِي الْأَصَحِّ .

مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَرَادَ تَزْوِيجَ أَمَةٍ يَطَؤُهَا اسْتَبْرَأَ ، وَعَنْهُ : يَصِحُّ بِدُونِهِ ، وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ قَبْلَهُ ، وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَهَا وَنَحْوَهُ فَرِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَصَحَّحَهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي الْخُلَاصَةِ ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ ، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنَوَّرِهِ وَمُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ بَيْعِهَا ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ لَزِمَ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ بِدُونِهِ رِوَايَتَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : إحْدَاهُمَا ) يَصِحُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ .
( وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ) لَا يَصِحُّ .

وَإِنْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ سُرِّيَّتَهُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءُ نَفْسِهَا ، فَإِنْ أَرَادَ تَزَوُّجَهَا أَوْ اسْتِبْرَاءً بَعْدَ وَطْئِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَوْ بَاعَ فَأَعْتَقَهَا مُشْتَرٍ قَبْلَ وَطْئِهَا ، أَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً ، أَوْ فَرَغَتْ عِدَّتُهَا مِنْ زَوْجِهَا فَأَعْتَقَهَا وَأَرَادَ تَزْوِيجَهَا قَبْلَ وَطْئِهِ فَلَا ، وَإِنْ أَبَانَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَاتَ فَاعْتَدَّتْ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ يَطَأْ ، لِزَوَالِ فِرَاشِهِ بِتَزْوِيجِهَا ، كَأَمَةٍ لَمْ يَطَأْهَا ، نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسِنْدِي ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وُجُوبَهُ لِعَوْدِ فِرَاشِهِ .
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ : يُسَنُّ لِامْرَأَةٍ وَآيِسَةٍ وَغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ .

وَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ فَأَعْتَقَهَا مُشْتَرٍ قَبْلَ وَطْءٍ وَاسْتِبْرَاءٍ اسْتَبْرَأَتْ أَوْ تَمَّمَتْ مَا وَجَدَ عِنْدَ مُشْتَرٍ ، وَإِنْ مَاتَ زَوْجُهَا وَسَيِّدُهَا وَجُهِلَ أَسْبَقَهُمَا فَعَنْهُ : تَعْتَدُّ بِمَوْتِ آخِرِهِمَا لِلْوَفَاةِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ ، وَالْمَذْهَبُ : إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَوْقَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ أَوْ جَهِلَتْ الْمُدَّةَ لَزِمَهَا أَطْوَلُهُمَا ، وَلَا تَرِثُ الزَّوْجَ ، وَعَنْهُ : تَعْتَدُّ أُمُّ وَلَدٍ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا لِوَفَاةٍ كَحُرَّةٍ وَعَنْهُ : كَأَمَةٍ .

وَإِنْ ادَّعَتْ مَوْرُوثَةٌ تَحْرِيمَهَا عَلَى وَارِثٍ بِوَطْءِ مَوْرُوثِهِ فَفِي تَصْدِيقِهَا وَجْهَانِ ( م 6 ) .
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ ادَّعَتْ مَوْرُوثَةٌ تَحْرِيمَهَا عَلَى وَارِثٍ بِوَطْءِ مَوْرُوثِهِ فَفِي تَصْدِيقِهَا وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ .
( أَحَدُهُمَا ) تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ : وَهَذَا أَظْهَرُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا تُصَدَّقُ ، وَهُوَ قَوِيٌّ ، لِاحْتِمَالِ تُهْمَةٍ ( قُلْت ) : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَرَائِنِ ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى شَيْءٍ كَانَ ، وَإِلَّا فَلَا تُصَدَّقُ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَقُّ .

وَإِنْ وَطِئَ اثْنَانِ أَمَةً لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءَانِ ، فِي الْأَصَحِّ .

وَاسْتِبْرَاءُ الْحَامِلِ بِوَضْعِهِ وَمَنْ تَحِيضُ بِحَيْضَةٍ لَا بِبَقِيَّتِهَا ، وَلَوْ حَاضَتْ بَعْدَ شَهْرٍ فَبِحَيْضَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِمَا .
وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ : تَعْتَدُّ أُمُّ وَلَدِهِ بِعِتْقِهَا أَوْ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ ، وَهِيَ سَهْوٌ ، وَهِيَ فِي التَّرْغِيبِ فِي عِتْقِهَا فَإِنْ ارْتَفَعَ فَكَعِدَّةٍ ، وَالْآيِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ بِشَهْرٍ ، وَعَنْهُ : وَنِصْفُهُ ، وَعَنْهُ : بِشَهْرَيْنِ ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ بِثَلَاثَةٍ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ ، وَهِيَ أَظْهَرُ .

وَتُصَدَّقُ فِي حَيْضٍ ، فَلَوْ أَنْكَرَتْهُ .
فَقَالَ أَخْبَرَتْنِي بِهِ فَوَجْهَانِ ( م 7 )
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَتُصَدَّقُ ، فَلَوْ أَنْكَرَتْهُ فَقَالَ أَخْبَرَتْنِي بِهِ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يُصَدَّقُ هُوَ ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تُصَدَّقُ هِيَ ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ : وَهُوَ الْأَظْهَرُ ، إلَّا فِي وَطْئِهِ أُخْتَهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ تَصْدِيقُهَا مُطْلَقًا ، وَيَعْمَلُ بِالْقَرَائِنِ إنْ أَمْكَنَ أَيْضًا .

وَوَطْؤُهُ فِي مُدَّةِ اسْتِبْرَاءٍ لَا يَقْطَعُهُ .

وَلَوْ أَحْبَلَهَا فِي الْحَيْضِ اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ .
وَلَوْ أَحْبَلَهَا فِي الْحَيْضَةِ حَلَّتْ إذَنْ ، لِأَنَّ مَا مَضَى حَيْضَةٌ ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد : مَنْ وَطِئَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ يُعْجِبُنِي أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا حَيْضَةً ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ اسْتِبْرَاءُ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ لَهُ نَفْيَ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ ، ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَنْثُورِ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ ذَكَرَهُ لَهُ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ وَقَدْ بَعَثَنِي شَيْخُنَا لِأَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ .
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَلَوْ أَحْبَلَهَا فِي حَيْضٍ اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ ، انْتَهَى .
لَعَلَّهُ : وَلَوْ أَحْبَلَهَا لَا فِي حَيْضٍ ، قَالَهُ شَيْخُنَا ، وَقَالَ : وَمَا فِي النُّسَخِ يُنَاقِضُ قَوْلَهُ وَلَوْ أَحْبَلَهَا فِي الْحَيْضِ حَلَّتْ ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الرِّعَايَةِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ : يَعْنِي مَلَكَهَا حَائِضًا فَأَحْبَلَهَا فِي حَيْضِهَا ، فَأَجْرَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَقَالَ : الْمُرَادُ أَحْبَلَهَا فِي حَيْضٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ تَسْتَبْرِئَ بِهِ ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ : وَلَوْ أَحْبَلَهَا فِي الْحَيْضَةِ حَلَّتْ إذَنْ ، أَيْ فِي حَيْضَةِ الِاسْتِبْرَاءِ ، لِأَنَّ مَا مَضَى حَيْضَةٌ ، وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي فِي الرِّعَايَةِ ، وَكَلَامُ ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ أَوْلَى وَأَوْفَقُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَحَاصِلُهُ إنْ مَلَكَهَا حَائِضًا وَوَطِئَهَا فِيهَا اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ ، وَإِنْ مَلَكَهَا طَاهِرًا فَحَاضَتْ وَوَطِئَ فِيهَا حَلَّتْ ، وَلِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ بِالتَّعْرِيفِ ، يَعْنِي حَيْضَةَ الِاسْتِبْرَاءِ ، فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ

بَابُ الرَّضَاع .
مَنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ حَمْلٍ لَاحِقٍ بِالْوَاطِئِ طِفْلًا .
وَفِي الْمُبْهِجِ وَلَمْ يَتَقَيَّأْ ، صَارَا فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ وَالْخَلْوَةِ فَقَطْ أَبَوَيْهِ وَهُوَ وَلَدُهُمَا ، وَأَوْلَادُهُ وَإِنْ سَفَلُوا أَوْلَادُ وَلَدِهِمَا ، وَأَوْلَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ أَوْ غَيْرِهِ إخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ ، وَآبَاؤُهُمَا أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ ، وَإِخْوَتُهُمَا وَأَخَوَاتُهُمَا أَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُهُ وَأَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ ، وَلَا تُنْشَرُ الْحُرْمَةُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَةِ الْمُرْتَضِعِ أَوْ فَوْقَهُ مِنْ أَخٍ وَأُخْتٍ وَأَبٍ وَأُمٍّ وَعَمٍّ وَعَمَّةٍ وَخَالٍ وَخَالَةٍ ، فَتَحِلُّ الْمُرْضِعَةُ لِأَبِي الْمُرْتَضِعِ وَأَخِيهِ مِنْ نَسَبٍ ( ع ) وَأُمُّهُ وَأُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ لِأَبِيهِ وَأَخِيهِ مِنْ رَضَاعٍ ( ع ) كَمَا يَحِلُّ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ أُخْتُهُ مِنْ أُمِّهِ ( ع ) وَفِي الرَّوْضَةِ : لَوْ ارْتَضَعَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى مِنْ امْرَأَةٍ صَارَتْ أُمًّا لَهُمَا ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْآخَرِ وَلَا بِأَخَوَاتِهِ الْحَادِثَاتِ بَعْدَهُ ، وَلَا بَأْسَ بِتَزْوِيجِ أَخَوَاتِهِ الْحَادِثَاتِ قَبْلَهُ ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ الْآخَرِ .

وَإِنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنٍ وَلَدَ زِنًا أَوْ مَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ صَارَ وَلَدَهَا وَقِيلَ : وَوَلَدُ الزَّانِي ، وَقِيلَ : وَالْمُلَاعِنِ .

وَإِنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنٍ اثْنَيْنِ وَطِئَاهَا بِشُبْهَةٍ طِفْلًا فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ قَافَةٌ بِأَحَدِهِمَا فَهُوَ ابْنُهُ ، وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ فَهُوَ ابْنُهُمَا .
وَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ فَقِيلَ : إنَّهُ كَنَسَبٍ ، وَقِيلَ وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ هُوَ لِأَحَدِهِمَا مُبْهَمًا ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي فِيمَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ ( م 1 ) .

بَابُ الرَّضَاعِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنٍ اثْنَيْنِ وَطِئَاهَا بِشُبْهَةٍ طِفْلًا ، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ قَافَةٌ بِأَحَدِهِمَا فَهُوَ ابْنُهُ ، وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ فَهُوَ ابْنُهُمَا ، وَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ فَقِيلَ : كَنَسَبٍ ، وَقِيلَ وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ : هُوَ لِأَحَدِهِمَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي فِيمَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) هُوَ كَالنَّسَبِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ، فَعَلَى هَذَا يَضِيعُ نَسَبُهُ ، أَوْ يُتْرَكُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ ، أَوْ يَكُونَ ابْنَهُمَا ، كَمَا اخْتَارَهُ الْمَجْدُ .
( الْوَجْهُ الثَّانِي ) هُوَ لِأَحَدِهِمَا مُبْهَمًا ، اخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ : وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُمَا لِتَعَذُّرِ الْقَافَةِ أَوْ لِاشْتِبَاهِهِ عَلَيْهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَرُمَ عَلَيْهِمَا ، تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ أَحَدِهِمَا ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَقَارِبُهُ دُونَ أَقَارِبِ الْآخَرِ ، فَقَدْ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ بِغَيْرِهَا ، فَحَرُمَ الْجَمِيعُ ، كَمَا لَوْ عَلِمَ أُخْتَهُ بِعَيْنِهَا ثُمَّ اخْتَلَطَتْ بِأَجْنَبِيَّاتٍ ، انْتَهَى ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ مُنَجَّى وَغَيْرُهُمْ ، وَكَلَامُهُ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ مُحْتَمِلٌ لِلْقَوْلَيْنِ ، وَهُوَ إلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقْرَبُ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ فَهُوَ ابْنُهُمَا ، انْتَهَى .
قَدْ سَبَقَ صَاحِبَ التَّرْغِيبِ إلَى هَذَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ ، وَالسَّامِرِيُّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ، وَأَبُو الْمَعَالِي فِي الْخُلَاصَةِ ، وَغَيْرُهُمْ ، فَكَانَ الْأَوْلَى التَّصْدِيرُ بِمَنْ قَالَ ذَلِكَ أَوَّلًا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَهَا لَبَنٌ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَهُ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَزَادَ لَبَنُهَا فِي أَوَانِهِ فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا فَهُوَ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَزِدْ أَوْ زَادَ قَبْلَ أَوَانِهِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ ، وَإِنْ انْقَطَعَ مِنْ الْأَوَّلِ وَعَادَ بِحَمْلِهَا مِنْ الثَّانِي فَهُوَ لَهُمَا ، وَقِيلَ : لِلثَّانِي ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ حَتَّى وَلَدَتْ فَهُوَ لَهُمَا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ الثَّانِيَ ، كَمَا لَوْ زَادَ .

وَإِنْ ظَهَرَ لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ قَالَ جَمَاعَةٌ أَوْ وَطْءٍ تَقَدَّمَ لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، كَلَبَنِ بَهِيمَةٍ .
قَالَ جَمَاعَةٌ : لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنٍ حَقِيقَةً ، بَلْ رُطُوبَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ ، لِأَنَّ اللَّبَنَ مَا أَنْشَرَ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، فَفِي خُنْثَى مُشْكِلٍ وَجْهَانِ ( م 2 ) وَذَكَرَهُمَا الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ فِي لَبَنِ رَجُلٍ .
مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ ظَهَرَ لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ .
وَعَنْهُ : بَلَى ، فَفِي خُنْثَى مُشْكِلٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
اعْلَمْ أَنَّ الْمَجْدَ فِي مُحَرَّرِهِ ، وَصَاحِبَ الْحَاوِي ، وَالْمُصَنِّفُ ، وَغَيْرَهُمْ ، جَعَلُوا مَحَلَّ الْخِلَافِ عَلَى الْقَوْلِ بِنَشْرِ الْحُرْمَةِ بِلَبَنِ الْمَرْأَةِ الَّتِي بَانَتْ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مُطْلَقًا ، أَعْنِي مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا ، وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ اعْلَمْ ذَلِكَ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لَا يَنْشُرُ ، وَإِنْ قُلْنَا : يَنْشُرُ مِنْ الْمَرْأَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَنْشُرُ كَالْمَرْأَةِ .

فَصْلٌ وَالرَّضَاعُ الْمُحَرَّمُ فِي الْحَوْلَيْنِ فَقَطْ مُطْلَقًا وَقَالَ شَيْخُنَا : قَبْلَ الْفِطَامِ ، وَقَالَ : أَوْ كَبِيرٌ لِحَاجَةٍ ، نَحْوَ جَعْلِهِ مُحَرَّمًا خَمْسُ رَضَعَاتٍ ، وَعَنْهُ : ثَلَاثٌ ، وَعَنْهُ : وَاحِدَةٌ ، وَلَمْ يَكْتَفِ الْقَاضِي وَالتَّرْغِيبِ بِبَعْضِ الْخَامِسَةِ فِيهِمَا ، وَإِنْ امْتَصَّ ثُمَّ تَرَكَهُ مُطْلَقًا فَرَضْعَةٌ ، وَعَنْهُ : غَيْرُ قَهْرٍ أَوْ لِتَنَفُّسٍ أَوْ مَلَّهُ ، وَكَذَا إنْ انْتَقَلَ إلَى ثَدْيٍ آخَرَ أَوْ مُرْضِعَةٍ أُخْرَى ، وَقِيلَ : اثْنَتَانِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ فِي الْكُلِّ : إنْ عَادَ قَرِيبًا فَوَاحِدَةٌ ، وَالسَّعُوطُ وَالْوَجُورُ كَالرَّضَاعِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، فَيَحْرُمُ لَبَنُ شِيبَ بِغَيْرِهِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا .
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ : إنْ غَلَبَ اللَّبَنُ وَذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَقِيلَ : بَلْ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ ، وَجَبُنَ ، فِي الْأَصَحِّ .

وَيُحَرِّمُ لَبَنٌ حُلِبَ مِنْ مَيِّتَةٍ ، كَحَلْبِهِ مِنْ حَيَّةٍ ثُمَّ شُرِبَ بَعْدَ مَوْتِهَا ، لَا حُقْنَةً ، نَصَّ عَلَيْهِمَا ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ إنْشَارُ الْعَظْمِ وَإِنْبَاتُ اللَّحْمِ ، لَا حُصُولُهُ فِي الْجَوْفِ فَقَطْ ، بِخِلَافِ الْحُقْنَةِ بِخَمْرٍ ، وَخَالَفَ الْخَلَّالُ فِي الْأُولَى ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً ، وَابْنُ حَامِدٍ فِي الثَّانِيَةِ ، وَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَلَا أَثَرَ لِوَاصِلِي جَوْفًا لَا يُغَذِّي كَمَثَانَةٍ وَذَكَرٍ .

وَمَنْ أَبَانَ زَوْجَةً لَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَتَزَوَّجَتْ طِفْلًا وَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ أَوْ تَزَوَّجَتْ طِفْلًا أَوَّلًا ، ثُمَّ فَسَخَتْ نِكَاحَهُ بِسَبَبٍ ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا فَصَارَ لَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْهُ بِهِ صَارَ ابْنًا لَهُمَا وَحَرُمَتْ أَبَدًا .

وَلَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ رَضِيعًا حُرًّا لَمْ يَصِحَّ ، لِعَدَمِ خَوْفِ الْعَنَتِ ، فَلَوْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ لَمْ يَحْرُمْ ، وَفِيهِ وَجْهٌ .

وَإِنْ تَزَوَّجَ كَبِيرَةً ذَاتَ لَبَنٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، وَصَغِيرَةً فَأَكْثَرَ ، فَأَرْضَعَتْ صَغِيرَةً حَرُمَتْ أَبَدًا ، وَبَقِيَ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ ، كَإِرْضَاعِهَا بَعْدَ طَلَاقِهَا ، وَعَنْهُ : يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا ، فَإِنْ أَرْضَعَتْ الثَّانِيَةُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا عَلَى الْأُولَى ، كَإِرْضَاعِهِمَا مَعًا ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ ، لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهَا مَعَهَا ، ثُمَّ إنْ أَرْضَعَتْ الثَّالِثَةُ بَقِيَ نِكَاحُهَا فَقَطْ عَلَى الْأُولَى ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَنْفَسِخُ [ نِكَاحُ ] الْكُلِّ ، وَإِنْ أَرْضَعَتْ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ ، وَلَهُ تَزَوُّجُهُنَّ ، وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ حَرُمْنَ أَبَدًا .

وَمَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ رَجُلٍ فَأَرْضَعَتْ زَوْجَتَهُ بِلَبَنِهِ طِفْلَةً حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ وَفَسَخَتْ نِكَاحَهَا إنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ .

وَإِنْ تَزَوَّجَ طِفْلَةً فَأَرْضَعَهَا زَوْجَاتِهِ الثَّلَاثِ رَضْعَتَيْنِ رَضْعَتَيْنِ ، أَوْ خَمْسَ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ رَضْعَةً رَضْعَةً ، ثَبَتَتْ الْأُبُوَّةُ ، وَقِيلَ : لَا ، كَالْأُمُومَةِ ، وَلَوْ أَرْضَعَهَا خَمْسَ بَنَاتِ زَوْجَتِهِ رَضْعَةً رَضْعَةً فَلَا أُمُومَةَ ، وَهَلْ تَصِيرُ الْكَبِيرَةُ جَدَّةً ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 3 ) وَالصَّغِيرَةُ مَعَهَا مِمَّا تَقَدَّمَ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ وَأَرْضَعَهَا يَعْنِي زَوْجَتَهُ الطِّفْلَةَ خَمْسُ بَنَاتِ زَوْجَتِهِ رَضْعَةً رَضْعَةً فَلَا أُمُومَةَ ، وَهَلْ تَصِيرُ الْكَبِيرَةُ جَدَّةً ؛ فِيهِ وَجْهَانِ .
انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) تَصِيرُ جَدَّةً ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَا تَصِيرُ جَدَّةً ، قَالَ فِي الْمُغْنِي : وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ لَا تَحْرُمُ بِهَذَا ، لِأَنَّ كَوْنَهَا جَدَّةً يَنْبَنِي عَلَى كَوْنِ ابْنَتِهَا أُمًّا ، وَمَا صَارَتْ وَاحِدَةً مِنْ بَنَاتِهَا أُمًّا ، انْتَهَى .
قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ : وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ لَا تَحْرُمُ ، وَعَلَّلَهُ بِمَا عَلَّلَهُ فِي الْمُغْنِي

وَمَنْ لَهُ خَمْسُ بَنَاتٍ فَأَرْضَعْنَ طِفْلًا رَضْعَةً رَضْعَةً فَلَا أُمُومَةَ ، وَهَلْ يَصِيرُ جَدًّا وَأَوْلَادُهُ إخْوَةُ الْمُرْضِعَاتِ أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ ؛ لِوُجُودِ الرَّضَاعِ مِنْهُنَّ كَبِنْتٍ وَاحِدَةٍ ، أَمْ لَا ، لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْعُ الْأُمُومَةِ ، لِأَنَّ اللَّبَنَ لَيْسَ لَهُ وَالتَّحْرِيمُ هُنَا بَيْنَ الْمُرْضِعَةِ وَابْنِهَا ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، بِخِلَافِ الْأُولَى ، لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهَا بَيْنَ الْمُرْتَضِعِ وَصَاحِبِ اللَّبَنِ ( م 4 ) .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ لَهُ خَمْسُ بَنَاتٍ فَأَرْضَعْنَ طِفْلًا رَضْعَةً رَضْعَةً فَلَا أُمُومَةَ ، وَهَلْ يَصِيرُ جَدًّا وَأَوْلَادُهُ إخْوَةُ الْمُرْضِعَاتِ أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ لِوُجُودِ الرَّضَاعِ مِنْهُنَّ كَبِنْتٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا ، لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْعُ الْأُمُومَةِ ، لِأَنَّ اللَّبَنَ لَيْسَ لَهُ وَالتَّحْرِيمُ هُنَا بَيْنَ الْمُرْضِعَةِ وَابْنِهَا ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، بِخِلَافِ الْأُولَى ، لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهَا بَيْنَ الْمُرْتَضِعِ وَصَاحِبِ اللَّبَنِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ : وَجْهُ عَدَمِ الصَّيْرُورَةِ يَتَرَجَّحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، لِأَنَّ الْفَرْعِيَّةَ مُتَحَقِّقَةٌ ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَرْضَعَ خَمْسُ أُمَّهَاتٍ أَوْلَادَهُ طِفْلًا ، انْتَهَى .
وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، ( قُلْت ) : الصَّوَابُ أَنَّهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا ، وَأَنَّهُ يَصِيرُ جَدًّا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ أَرْضَعَتْ أُمُّ رَجُلٍ وَابْنَتُهُ وَأُخْتُهُ وَزَوْجَةُ ابْنِهِ طِفْلَةً رَضْعَةً رَضْعَةً لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الرَّجُلِ ، فِي الْأَصَحِّ ، لِمَا سَبَقَ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : " وَإِنْ أَرْضَعَتْ أُمُّ رَجُلٍ وَابْنَتُهُ وَأُخْتُهُ وَزَوْجَةُ ابْنِهِ طِفْلَةً رَضْعَةً رَضْعَةً " هُنَا نَقْصٌ ، وَلَعَلَّهُ : وَزَوْجَتُهُ ، كَمَا فِي الْكَافِي ، أَوْ زَوْجَةُ أَبِيهِ ، حَتَّى يَكْمُلْنَ خَمْسًا ، نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ نَصْرٍ .

وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَفْسَدَتْ نِكَاحَهَا بِرَضَاعٍ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ ، حَتَّى صَغِيرَةٍ دَبَّتْ فَرَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ ، وَبَعْدَ الدُّخُولِ يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْمُسَمَّى .
وَذَكَرَ الْقَاضِي نِصْفَهُ ، وَإِنْ أَفْسَدَهُ غَيْرُهَا لَزِمَهُ نِصْفُهُ قَبْلَهُ ، وَكُلُّهُ بَعْدَهُ ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُفْسِدِ قَبْلَهُ ، فَإِنْ تَعَدَّدَ وُزِّعَ عَلَى الرَّضَعَاتِ الْمُحَرَّمَةِ ، وَكَذَا بَعْدَهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَاخْتَارَ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ : لَا يَرْجِعُ ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى لِلرُّجُوعِ الْعَمْدُ وَالْعِلْمُ بِحُكْمِهِ ، وَقَاسَ فِي الْوَاضِحِ نَائِمَةً عَلَى مُكْرَهَةٍ ، وَلَهَا الْأَخْذُ مِنْ الْمُفْسِدِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : مَتَى خَرَجَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِإِفْسَادِهَا أَوْ لَا أَوْ بِيَمِينِهِ لَا تَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَتْهُ فَلَهُ مَهْرُهُ ، وَذَكَرَهُ رِوَايَةً ، كَالْمَفْقُودِ ، لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الْمَهْرَ بِسَبَبٍ هُوَ تَمْكِينُهَا مِنْ وَطْئِهَا ، وَضَمِنَتْهُ بِسَبَبٍ هُوَ إفْسَادُهَا ، وَاحْتَجَّ بِالْمُحْتَاجَةِ الَّتِي تَسَبَّبَتْ إلَى الْفُرْقَةِ .
قَالَ : وَالْمُلَاعَنَةُ لَمْ تُفْسِدْ النِّكَاحَ وَيُمْكِنُ تَوْبَتُهَا وَتَبْقَى مَعَهُ ، مَعَ أَنَّ جَوَازَ عَضْلِ الزَّانِيَةِ يَدُلُّ أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي مَهْرِهَا إذَا أَفْسَدَتْ نِكَاحَهُ : وَقَالَ فِي رُجُوعِهِ بِالْمَهْرِ عَلَى الْغَارِّ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَمَعِيبَةٍ وَمُدَلِّسَةٍ : وَإِذَا أَفْسَدَهُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ رِوَايَتَانِ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مُتَقَوِّمٌ ، وَصَحَّحَهُ ، وَأَنَّ أَكْثَرَ نُصُوصِهِ تَدُلُّ عَلَيْهِ .
وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ أَنَّ لِزَوْجِ الْمُسْلِمَةِ إذَا ارْتَدَّتْ الْمَهْرَ ، وَلِلْمُعَاهَدِ الَّذِي شَرَطَ رَدَّ الْمَرْأَةِ إذَا لَمْ تَرُدَّ الْمَهْرَ ، وَالْمَنْصُوصُ الْمُسَمَّى لَا مَهْرَ الْمِثْلِ .
قَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ : أَدَاءُ الْمَهْرِ وَأَخْذُهُ مِنْ الْكُفَّارِ وَتَعْوِيضُ الزَّوْجِ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَمِنْ صَدَاقٍ وَجَبَ رَدُّهُ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ مَنْسُوخٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ ، قَالَ شَيْخُنَا : هُوَ إحْدَى

الرِّوَايَتَيْنِ ، وَإِنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِالْكُفَّارِ فَلِزَوْجِهَا مَا أَنْفَقَ ، فَيَلْزَمُ الْمُهَاجِرَةَ الْمُوسِرَةَ وَإِلَّا لَزَمَنَا كَفِدَاءِ الْأَسِيرِ ، لَوْلَا الْعَهْدُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ لِلْمَصْلَحَةِ لَمَنَعَ الْمُسْلِمُ امْرَأَتَهُ مِنْ اللَّحَاقِ بِهِمْ وَلَمْ تَطْمَعْ بِهِ ، فَلَزِمَنَا الْمَهْرُ لَهُ مِنْ الْمَصَالِحِ وَقَدْ يُقَالُ : يَجُوزُ لِحَاجَةٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ ، لِأَنَّهُمْ نَالُوهَا بِالْعَهْدِ ، فَالزَّوْجُ كَالرَّدِّ ، وَلِهَذَا أَقَامَ عُثْمَانُ عَلَى رُقَيَّةَ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَسَمَ لَهُ لِتَمَكُّنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْغَزْوِ وَإِنَّمَا أَخَذَ مِنْهُمْ مَهْرَ الْمُعَاهَدِ وَأُعْطِيَهُ مَنْ ارْتَدَّتْ امْرَأَتُهُ ، وَهُوَ لَمْ يَحْبِسْ امْرَأَتَهُ ، لِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْمُمْتَنِعَةَ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ فِيمَا أَتْلَفُوهُ .
قَالَ : وَالْمُرْتَدَّةُ بِدُونِ هَذَا الْعَهْدِ وَالشَّرْطِ ؛ فَقَدْ ذَكَرُوا مَذَاهِبَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لَا مَهْرَ لَهُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا إنْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَمُحَارِبَةٌ ، كَإِبَاقِ عَبْدِهِ ، فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ أَقَامَتْ بِدَارِنَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ إنْ عَادَتْ ، وَإِنْ أَبَتْ حَتَّى قُتِلَتْ فَكَمَوْتِهَا ، وَقَالَ : وَالنَّسْخُ بِنَبْذِ الْعَهْدِ فِي بَرَاءَةٍ فِيهِ نَظَرٌ ، وَكَوْنُ الرَّدِّ اسْتِحْبَابًا ضَعِيفٌ .

وَمَنْ قَالَ : زَوْجَتِي أَوْ هَذِهِ بِنْتِي أَوْ أُخْتِي لِرَضَاعٍ حَرُمَتْ وَانْفَسَخَ حُكْمًا ، وَلَوْ ادَّعَى خَطَأً كَقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ ، فَإِنْ عُلِمَ كَذِبُهُ فَلَا ، وَلَا مَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ صَدَّقَتْهُ ، وَإِلَّا فَنِصْفُهُ ، وَلَهَا بَعْدَهُ كُلُّهُ ، وَقِيلَ إنْ صَدَّقَتْهُ سَقَطَ ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ الْمُسَمَّى ، فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ ، لَكِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ : لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ قَالَتْ ذَلِكَ وَأَكْذَبَهَا فَهِيَ زَوْجَتُهُ حُكْمًا ، وَلَا يَطْلُبُ مَهْرًا قَبَضَتْهُ مِنْهُ ، وَلَهَا بَعْدَهُ كُلُّهُ مَا لَمْ تُطَاوِعْهُ عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ ظَاهِرًا ، وَمَنْ ادَّعَاهَا لَمْ يُصَدَّقْ أُمَّهُ بَلْ أُمُّ الْمُنْكِرِ ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : لَوْ شَهِدَ بِهَا أَبُوهَا لَمْ يُقْبَلْ ، بَلْ أَبُوهُ ، يَعْنِي بِلَا دَعْوَى .

وَإِنْ ادَّعَتْ أُخُوَّةَ سَيِّدٍ بَعْدَ وَطْءٍ لَمْ يُقْبَلْ ، وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ ( م 5 ) .
مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ ادَّعَتْ أَمَةٌ أُخُوَّةَ سَيِّدٍ بَعْدَ وَطْءٍ لَمْ يُقْبَلْ ، وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ ، انْتَهَى ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ : أَظْهَرُهُمَا الْقَبُولُ فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَعَدَمِهِ فِي ثُبُوتِ الْعِتْقِ .
انْتَهَى ، ( قُلْت ) : الصَّوَابُ عَدَمُ قَبُولِهَا مُطْلَقًا ، وَهُوَ الْأَصْلُ ، وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِ نَوْعُ تُهْمَةٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .

وَكَرِهَ أَحْمَدُ الِارْتِضَاعَ بِلَبَنِ فَاجِرَةٍ وَمُشْرِكَةٍ ، وَكَذَا حَمْقَاءَ وَسَيِّئَةِ الْخُلُقِ .
وَفِي الْمُجَرَّدِ : وَبَهِيمَةٍ وَفِي التَّرْغِيبِ : وَعَمْيَاءَ

كِتَابُ النَّفَقَاتِ يَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ وَكِسْوَتُهَا وَسُكْنَاهَا بِمَا يَصْلُحُ لِمِثْلِهَا بِالْمَعْرُوفِ ، وَيَعْتَبِرُ ذَلِكَ الْحَاكِمُ عِنْدَ التَّنَازُعِ بِحَالِهِمَا ، فَيَفْرِضُ لِمُوسِرَةٍ مَعَ مُوسِرٍ كِفَايَتَهَا خُبْزًا خَاصًّا بِأُدُمِهِ الْمُعْتَادِ لِمِثْلِهَا ، وَلَوْ تَبَرَّمَتْ بِأُدُمٍ نَقَلَهَا إلَى أُدُمٍ غَيْرِهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَفْرِضُ لَحْمًا عَادَةً الْمُوسِرِينَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ ، وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا ، وَأَنَّهُ أَظْهَرُ ، وَقَدَّمَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ ، وَيُتَوَجَّهُ الْعَادَةُ ، لَكِنْ يُخَالِفُ فِي إدْمَانِهِ ، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُمْ .
وَمَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا مِنْ حَرِيرٍ وَخَزٍّ وَجَيِّدِ كَتَّانٍ وَقُطْنٍ ، وَأَقَلُّهُ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَوِقَايَةٌ ، وَهِيَ مَا تَضَعُهُ فَوْقَ الْمُقَنَّعَةِ ، وَتُسَمَّى الطَّرْحَةُ ، وَمُقَنَّعَةٌ وَمَدَاسٌ وَجُبَّةٌ لِلشِّتَاءِ ، وَلِلنَّوْمِ فِرَاشٌ وَلِحَافٌ وَمِخَدَّةٌ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : وَإِزَارٌ وَلِلْجُلُوسِ زُلِّي وَهُوَ بِسَاطٌ مِنْ صُوفٍ وَرَفِيعِ الْحُصْرِ ، وَفَقِيرَةٌ مَعَ فَقِيرٍ خُبْزُ خَشْكَارٍ بِأُدُمِهِ وَزَيْتِ مِصْبَاحٍ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ : لَا يَقْطَعُهَا اللَّحْمَ فَوْقَ أَرْبَعِينَ ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ كُلُّ شَهْرٍ مَرَّةً ، وَقِيلَ : الْعَادَةُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ : فِي كَمْ يَأْكُلُ الرَّجُلُ اللَّحْمَ ؟ قَالَ : فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ : عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ : إيَّاكُمْ وَاللَّحْمَ فَإِنَّ لَهُ ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْخَمْرِ ، قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ : يَعْنِي إذَا أَكْثَرَ مِنْهُ ، وَمِنْهُ : كَلْبٌ ضَارٍ ، وَمَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا وَيَنَامُ فِيهِ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ ، وَلِلْمُتَوَسِّطَةِ مَعَ الْمُتَوَسِّطِ وَالْمُوسِرَةِ مَعَ الْفَقِيرِ وَعَكْسُهَا مَا بَيْنَ ذَلِكَ عُرْفًا .
وَفِي الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ : لَا يَلْزَمُهُ خُفٌّ وَمِلْحَفَةٌ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي : الْوَاجِبُ لِيَوْمٍ رِطْلَا خُبْزٍ بِحَسْبِهِمَا بِأُدُمِهِ دَهْنًا بِحَسَبِ الْبَلَدِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ عَنْهُ :

لِمُوسِرَةٍ مَعَ فَقِيرٍ أَقَلُّ كِفَايَةً وَالْبَقِيَّةُ فِي ذِمَّتِهِ ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَاعُونِ الدَّارِ ، وَيُكْتَفَى بِخَزَفٍ وَخَشَبٍ ، وَالْعَدْلُ مَا يَلِيقُ بِهِمَا ، وَقَدَّرَ الشَّافِعِيُّ النَّفَقَةَ بِالْحَبِّ ، فَعَلَى الْفَقِيرِ مُدٌّ ، وَعَلَى الْمُوسِرِ مُدَّانِ ، لِأَنَّهُ أَكْثَرُ وَاجِبٍ فِي كَفَّارَةٍ وَهِيَ كَفَّارَةُ الْأَذَى ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ نِصْفُهُمَا ، وَإِنْ أَكَلَتْ مَعَهُ فَهَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَمَلًا بِالْعُرْفِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ بِالْوَاجِبِ ؟ لِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي التَّرْجِيحِ ، قَالُوا : فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيُّ لَهَا لَمْ تَسْقُطْ ، وَجْهًا وَاحِدًا .
وَيَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ نَظَافَتِهَا مِنْ دُهْنٍ وَسِدْرٍ وَمِشْطٍ وَثَمَنِ مَاءٍ وَأُجْرَةِ قِيمَةٍ وَنَحْوِهِ .
وَفِي الْوَاضِحِ وَجْهٌ ، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ تَنْظِيفٍ عَلَى مُكْتِرٍ ، كَرَشٍّ وَكَنْسٍ وَتَنْقِيَةِ الْآبَارِ ، وَمَا كَانَ مِنْ حِفْظِ الْبِنْيَةِ كَبِنَاءِ حَائِطٍ وَتَقْيِيرِ الْجِذْعِ عَلَى مُكْرٍ ، فَالزَّوْجُ كَمُكْرٍ ، وَالزَّوْجَةُ كَمُكْتَرٍ ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِيمَا يَحْفَظُ الْبِنْيَةَ دَائِمًا مِنْ الطَّعَامِ ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ ، لَا دَوَاءً وَأُجْرَةُ طَبِيبٍ وَحِنَّاءٌ وَنَحْوُهُ وَثَمَنُ طِيبٍ ، وَفِيهِ وَجْهٌ فِي الْوَاضِحِ ، فَإِنْ أَرَادَ مِنْهَا التَّزَيُّنَ بِهِ وَفِي الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ : أَوْ قَطْعِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ لَزِمَهُ ، وَيَلْزَمُهَا تَرْكُ حِنَّاءٍ وَزِينَةٍ نُهِيَ عَنْهَا ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ، مَنْ مِثْلُهَا يُخْدَمُ وَلَا خَادِمَ لَهَا وَلَوْ لِمَرَضٍ خِلَافًا لِلتَّرْغِيبِ : فِيهِ لَزِمَهُ وَاحِدٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : وَأَكْثَرُ بِقَدْرِ حَالِهَا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ ، وَتَجُوزُ كِتَابِيَّةٌ ، فِي الْأَصَحِّ ، إنْ جَازَ نَظَرُهَا ، وَتَعْيِينُهُ إلَيْهِ ، وَتَعْيِينُ خَادِمِهَا إلَيْهِمَا وَنَفَقَتُهُ كَفَقِيرَيْنِ ، مَعَ خُفٍّ وَمِلْحَفَةٍ ، وَالْأَشْهَرُ سِوَى النَّظَافَةِ ، فَإِنْ كَانَ الْخَادِمُ لَهَا فَرَضِيَتْهُ فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : وَهَذَا نَفَقَةُ الْمُؤَجَّرِ

وَالْمُعَارِ ، فِي وَجْهٍ ، كَذَا قَالَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ، وَلَمْ أَجِدْهُ صَرِيحًا ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فِي الْمُؤَجَّرِ ، فَإِنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى مَالِكِهِ ، وَأَمَّا فِي الْمُعَارِ ، فَمُحْتَمَلٌ ، وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ ، وَقَوْلُهُ " فِي وَجْهٍ " يَدُلُّ [ عَلَى ] أَنَّ الْأَشْهَرَ خِلَافُهُ ، وَلِهَذَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُعَارِ ، فِي بَابِهِ ، وَلَا تَمْلِكُ خِدْمَةَ نَفْسِهَا لِتَأْخُذَ نَفَقَتَهُ ، وَهَلْ يَلْزَمُهَا قَبُولُ خِدْمَتِهِ لَهَا لِيُسْقِطَهُ وَقَبُولُ كِتَابِيَّةٍ ؟ وَجْهَانِ ( م 1 و 2 ) وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَنْ يُوَضِّئُ مَرِيضَةً ، بِخِلَافِ رَقِيقَةٍ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي .

كِتَابُ النَّفَقَةِ تَنْبِيهَانِ : ( أَحَدُهُمَا ) قَوْلُهُ : وَلِلنَّوْمِ فِرَاشٌ وَلِحَافٌ وَمِخَدَّةٌ ، وَفِي التَّبْصِرَةِ : وَإِزَارٌ ، انْتَهَى .
لَيْسَ مَا فِي التَّبْصِرَةِ مَخْصُوصًا بِهِ ، بَلْ قَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَمُرَادُهُمْ بِالْإِزَارِ إزَارُ النَّوْمِ ، وَلِذَلِكَ ذَكَرُوهُ عَقِبَ مَا يَجِبُ لِلنَّوْمِ ، كَالْمُصَنِّفِ ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ : وَلَا يَجِبُ لَهَا إزَارٌ لِلْخُرُوجِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ وُجُوبَ الْإِزَارِ لِلنَّوْمِ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِالنَّوْمِ فِيهِ ، كَأَرْضِ الْحِجَازِ وَنَحْوِهَا ، هُوَ الْمَذْهَبُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَتَعْيِينُهُ إلَيْهِ وَتَعْيِينُ خَادِمِهَا إلَيْهِمَا ، انْتَهَى .
يَعْنِي أَنَّ تَعْيِينَ الْخَادِمِ إلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ مِلْكَهَا ، فَيَكُونُ تَعْيِينُهُ إلَيْهِمَا ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَهَا فَرَضِيَتْهُ فَنَفَقَتُهُ إلَيْهِ ، قَالَ ابْنُ مَغْلِي : ظَاهِرُهُ أَنَّ رِضَاهَا كَافٍ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ الزَّوْجُ وَأَخَذَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ مِنْ الْمُغْنِي ، وَلَكِنْ صَرَّحَ بَعْدُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِخَادِمِهَا فَلَهُ ذَلِكَ ، فَوَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ التَّخْلِيطُ مِنْ وَجْهَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) ذِكْرَهُ ذَلِكَ لَا عَلَى سَبِيلِ حِكَايَةِ خِلَافٍ .
( وَالثَّانِي ) سَهْوُهُ عَنْ اسْتِيفَاءِ النَّظَرِ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَخْلِيطَ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ لِأَجْلِ التَّصْرِيحِ بِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ لَهَا فَكَلَامُهُ الْأَوَّلُ فِي التَّعْيِينِ ، وَكَلَامُهُ الثَّانِي فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ ، لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ كَوْنَهُ مَلَكَهَا أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ عَلَيْهَا ، وَقَوْلُهُ : " فَرَضِيَتْهُ "

يَعْنِي مَعَ رِضَا الزَّوْجِ ، بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( مَسْأَلَةٌ 1 و 2 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يَلْزَمُهَا قَبُولُ خِدْمَتِهِ لَهَا لِيُسْقِطَهُ وَقَبُولُ كِتَابِيَّةٍ ؟ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1 ) هَلْ يَلْزَمُهَا قَبُولُ خِدْمَتِهِ لَهَا لِيُسْقِطَهُ عَنْهُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا يَلْزَمُهَا قَبُولُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يَلْزَمُهَا ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ : لَهُ ذَلِكَ فِيمَا يَقُولَاهُ مِثْلُهُ لَنْ يَكْفِيَهَا خَادِمٌ وَاحِدٌ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 ) هَلْ يَلْزَمُهَا قَبُولُ كِتَابِيَّةٍ أَمْ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُسْلِمَةً ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى : ( أَحَدُهُمَا ) يَلْزَمُهَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَلْزَمُهَا ، وَلَعَلَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ النَّظَرِ وَعَدَمِهِ ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَالصَّحِيحُ اللُّزُومُ ، لِأَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ النَّظَرِ ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ الْإِطْلَاقُ ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ : وَقِيلَ : إنْ جَازَ نَظَرُهَا إلَى مُسْلِمَةٍ وَخَلْوَتِهَا بِهَا لَزِمَهَا قَبُولُهَا ، عَلَى الْأَشْهَرِ .
وَإِلَّا فَلَا ، انْتَهَى .
وَالْمُصَنِّفُ قَدْ صَحَّحَ قَبْلَ ذَلِكَ جَوَازَ خِدْمَةِ الْكِتَابِيَّةِ ، وَكَلَامُهُ هُنَا فِي اللُّزُومِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

فَصْلٌ وَيَلْزَمُهُ دَفْعُ الْقُوتِ ، لَا بَدَلُهُ ، وَلَا حَبِّ كُلِّ يَوْمٍ فِي أَوَّلِهِ ، وَمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ جَازَ ، وَتَمْلِكُهُ بِقَبْضِهِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَتَتَصَرَّفُ فِيهِ مَا لَمْ يَضُرَّ بَدَنَهَا ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَمْلِكُ فَرْضَ غَيْرِ الْوَاجِبِ ، كَدَرَاهِمَ مَثَلًا ، إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا ، فَلَا يُجْبَرُ مَنْ امْتَنَعَ .
قَالَ فِي الْهَدْيِ : لَا أَصْلَ لَهُ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ ، وَلَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ ، لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ بِغَيْرِ الرِّضَا عَنْ غَيْرِ مُسْتَقَرٍّ ، وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ مَعَ عَدَمِ الشِّقَاقِ وَعَدَمِ الْحَاجَةِ ، فَأَمَّا مَعَ الشِّقَاقِ وَالْحَاجَةِ كَالْغَائِبِ مَثَلًا فَيُتَوَجَّهُ الْفَرْضُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ ، عَلَى مَا لَا يَخْفَى ، وَلَا يَقَعُ الْفَرْضُ بِدُونِ ذَلِكَ بِغَيْرِ الرِّضَا ، قَالَ الشَّافِعِيَّةُ : وَلَا يُعْتَاضُ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ وَجْهًا وَاحِدًا ، لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا ، وَلَا عَنْ الْمَاضِي بِخُبْزٍ وَدَقِيقٍ ، لِأَنَّهُ رِبًا ، وَبِغَيْرِهِمَا فَهَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا كَمُسْلَمٍ فِيهِ ؟ [ عَلَى ] وَجْهَيْنِ ، وَكَذَا مُرَادُ أَصْحَابِنَا إذَا اعْتَاضَتْ عَنْ الْمَاضِي فَلَا يَجُوزُ بِرِبَوِيٍّ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : لَا يَسْقُطُ فَرْضُهُ عَمَّنْ زَوْجَتُهُ صَغِيرَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ إلَّا بِتَسْلِيمِ وَلِيٍّ أَوْ بِإِذْنِهِ .
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا : لَا يَلْزَمُهُ تَمْلِيكٌ ، بَلْ يُنْفِقُ وَيَكْسُو بِحَسَبِ الْعَادَةِ ، فَإِنَّ الْإِنْفَاقَ بِالْمَعْرُوفِ لَيْسَ هُوَ التَّمْلِيكُ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ حَقَّهَا عَلَيْك أَنْ تُطْعِمَهَا إذَا طَعِمْت وَتَكْسُوهَا إذَا اكْتَسَيْت } كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَمْلُوكِ ، ثُمَّ الْمَمْلُوكُ لَا يَجِبُ لَهُ التَّمْلِيكُ إجْمَاعًا ، وَإِنْ قِيلَ : إنَّهُ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ .

وَتَلْزَمُهُ الْكِسْوَةُ أَوَّلَ كُلِّ عَامٍ ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ أَوَّلَ صَيْفٍ وَشِتَاءٍ .
وَفِي الْوَاضِحِ كُلَّ نِصْفِ سَنَةٍ ، وَتَمَلُّكُهَا فِي الْأَصَحِّ بِقَبْضِهَا ، فَإِنْ سُرِقَتْ أَوْ بُلِيَتْ فَلَا بَدَلَ ، وَعَكْسُهُ إنْ بَقِيَتْ صَحِيحَةً وَدَخَلَتْ سَنَةٌ أُخْرَى فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، وَفِي غِطَاءٍ وَوِطَاءٍ وَنَحْوِهِمَا الْوَجْهَانِ وَإِنْ بَانَتْ فِيهَا أَوْ تَسَلَّفَتْ نَفَقَتَهَا رَجَعَ بِالْبَقِيَّةِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : بِالنَّفَقَةِ ، وَقِيلَ : بِالْكِسْوَةِ ، وَقِيلَ : كَزَكَاةٍ مُعَجَّلَةٍ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ ، وَلَا يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ ، الْيَوْمِ إلَّا عَلَى نَاشِزٍ ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا ، وَجَزَمَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : لَا تَرْجِعُ بِمَا وَجَبَ كَيَوْمٍ وَكِسْوَةِ [ سَنَةٍ ] بَلْ بِمَا لَمْ يَجِبْ وَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهَا مِنْ مَالِ غَائِبٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بِظُهُورِهِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَإِنْ غَابَ وَلَمْ يُنْفِقْ لَزِمَهُ نَفَقَةُ الْمَاضِي .
وَعَنْهُ : إنْ كَانَ فَرَضَهَا حَاكِمٌ ، اخْتَارَهُ فِي الْإِرْشَادِ .
وَفِي الرِّعَايَةِ : أَوْ الزَّوْجُ بِرِضَاهَا .
وَفِي الِانْتِصَارِ : أَنَّ أَحْمَدَ أَسْقَطَهَا بِالْمَوْتِ وَعَلَّلَ فِي الْفُصُولِ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ بِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْكَافِي ، فَإِنَّهُ فَرْعٌ عَلَيْهَا : لَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ ، وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَآلُهَا إلَى الْوُجُوبِ .
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَفِي غِطَاءٍ وَوِطَاءٍ وَنَحْوِهِمَا الْوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي اللَّذَيْنِ فِي مِلْكِ الْكِسْوَةِ بِقَبْضِهَا ، وَقَدْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا تَمْلِكُهَا ، وَاخْتَارَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ أَنَّهَا إمْتَاعٌ ، كَمَسْكَنٍ وَمَاعُونٍ ، لِمُشَارَكَتِهِ لَهَا فِيهِ وَعَدَمِ اخْتِصَاصِهَا بِهِ عَنْهُ عُرْفًا وَعَادَةً ، أَشْبَهَ الْمَسْكَنَ وَالْمَاعُونَ ، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ ، انْتَهَى .
وَهُوَ كَمَا قَالَ .

وَلَوْ اسْتَدَانَتْ وَأَنْفَقَتْ رَجَعَتْ ، نَقَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ هَاشِمٍ ، وَذَكَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ ، وَيُتَوَجَّهُ الرِّوَايَتَانِ فِيمَنْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ وَاجِبًا .

وَمَنْ أَكَلَتْ مَعَهُ عَادَةً أَوْ كَسَاهَا بِلَا إذْنٍ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ سَقَطَتْ .
وَفِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُغْنِي : إنْ نَوَى أَنْ يَعْتَدَّ بِهَا وَمَتَى تُسَلِّمُ مَنْ يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا أَوْ بَذَلَتْ هِيَ أَوْ وَلِيٌّ فَلَهَا النَّفَقَةُ ، وَعَنْهُ : مَعَ عَدَمِ صِغَرِهِ ، وَعَنْهُ : يَلْزَمُهُ بِالْعَقْدِ مَعَ عَدَمِ مَنْعٍ لِمَنْ يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا لَوْ بَذَلَتْهُ ، وَقِيلَ : وَلِصَغِيرَةٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، فَعَلَيْهَا لَوْ تَسَاكَنَا بَعْدَ الْعَقْدِ مُدَّةً لَزِمَهُ .

وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ : دَفْعُ النَّفَقَةِ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالتَّمْكِينِ ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْوَطْءِ وَتَرَكَهُ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ ، وَلَوْ تَزَوَّجَ طِفْلٌ بِطِفْلَةٍ فَالصَّحِيحُ لَا نَفَقَةَ لِعَدَمِ الْمُوجِبِ ، وَمَنْ بَذَلَتْ التَّسْلِيمَ فَحَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَوْلِيَاؤُهَا فَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَهَا النَّفَقَةُ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : لَا ، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ قَالَ : وَفِيهِ نَظَرٌ ( م 3 ) وَإِنْ بَذَلَتْهُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا حَتَّى يُرَاسَلَهُ حَاكِمٌ وَيَمْضِي زَمَنٌ يُمْكِنُ قُدُومُهُ فِي مِثْلِهِ .

مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ بَذَلَتْ التَّسْلِيمَ فَحَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَوْلِيَاؤُهَا فَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَهَا النَّفَقَةُ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : لَا ، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ ، قَالَ : وَفِيهِ نَظَرٌ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : الصَّوَابُ عَدَمُ الْوُجُوبِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا ، حَيْثُ قَالُوا : وَإِنْ مَنَعَتْ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا أَوْ مَنَعَهَا أَهْلُهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : وَلَهَا النَّفَقَةُ مَا لَمْ تَمْنَعْهُ نَفْسَهَا ، لَا مَنَعَهَا أَهْلُهَا ، انْتَهَى .
فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ النَّفَقَةُ عَلَى مَانِعِهَا ، لِئَلَّا تَسْقُطَ نَفَقَتُهَا مِنْ غَيْرِ مَنْعٍ مِنْهَا ، وَلَمْ أَرَهُ ، وَهُوَ قَوِيٌّ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) لَهَا النَّفَقَةُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، ( قُلْت ) : وَهُوَ ضَعِيفٌ .
( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَطَاعَتْ فِي غَيْبَتِهِ فَعَلِمَ وَمَضَى زَمَنٌ يُقْدَمُ فِي مِثْلِهِ عَادَتْ ، وَكَذَا لَوْ سَافَرَ قَبْلَ الزِّفَافِ ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ : " وَكَذَا لَوْ سَافَرَ قَبْلَ الزِّفَافِ " هِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ ، وَهِيَ قَوْلُهُ : " وَإِنْ بَذَلَتْهُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا حَتَّى يُرَاسِلَهُ حَاكِمٌ وَيَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُ قُدُومُهُ فِي مِثْلِهِ " فَذِكْرُهُ هُنَا تَكْرَارٌ ، وَمَعَ اخْتِلَافِ الْحُكْمِ قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ .
قَالَ : وَيَسْأَلُ لِمَ اكْتَفَى هُنَا بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ مُرَاسَلَةَ حَاكِمٍ وَهُنَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ ، انْتَهَى .

وَمَنْ سَلَّمَ أَمَتَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا فَكَحُرَّةٍ وَلَوْ أَبَى زَوْجٌ ، وَإِنْ سَلَّمَهَا لَيْلًا لَزِمَهُ نَفَقَةُ النَّهَارِ وَالزَّوْجَ نَفَقَةُ اللَّيْلِ وَغِطَاءٌ وَنَحْوُهُ ، وَقِيلَ : نِصْفَيْنِ ، وَلَوْ سَلَّمَهَا نَهَارًا فَقَطْ لَمْ يَجُزْ .

وَلَا نَفَقَةَ لِنَاشِزٍ وَلَوْ بِنِكَاحٍ فِي عِدَّةٍ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : مَنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ الْوَطْءِ إلَّا مِنْ بَقِيَّةِ الِاسْتِمْتَاعِ فَسُقُوطُ النَّفَقَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ، وَيَشْطُرُ لِنَاشِزٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ، لَا بِقَدْرِ الْأَزْمِنَةِ ، وَيَشْطُرُ لِنَاشِزٍ بَعْضَ يَوْمٍ ، وَقِيلَ : تَسْقُطُ وَإِنْ أَطَاعَتْ فِي غَيْبَتِهِ فَعَلِمَ وَمَضَى زَمَنٌ يَقْدُمُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً ، وَكَذَا لَوْ سَافَرَ قَبْلَ الزِّفَافِ وَكَذَا إسْلَامُ مُرْتَدَّةٍ وَمُتَخَلِّفَةٍ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي غَيْبَتِهِ وَالْأَصَحُّ تَعُودُ بِإِسْلَامِهَا .

وَإِنْ صَامَتْ لِكَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ رَمَضَانَ وَوَقْتُهُ مُتَّسَعٌ أَوْ نَفْلًا ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ ، أَوْ حَجَّتْ لِنَذْرٍ ، أَوْ نَفْلًا بِلَا إذْنِهِ ، فَلَا نَفَقَةَ ، وَكَذَا حَبْسُهَا بِحَقٍّ أَوْ ظُلْمًا فِي الْأَصَحِّ ، وَهَلْ لَهُ الْبَيْتُوتَةُ مَعَهَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 4 ) وَفِي صَوْمٍ وَحَجٍّ لِنَذْرٍ مُعَيَّنٍ وَجْهَانِ ( م 5 ) وَقِيلَ : إنْ نَذَرَتْ بِإِذْنِهِ أَوْ قَبْلَ النِّكَاحِ فَلَهَا النَّفَقَةُ .
وَنَقَلَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ : تَصُومُ النَّذْرَ بِلَا إذْنِهِ .
وَفِي الْوَاضِحِ فِي حَجِّ نَفْلٍ إنْ لَمْ يَمْلِكْ مَنْعَهَا وَتَحْلِيلَهَا لَمْ تَسْقُطْ ، وَأَنَّ فِي صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ مَنْذُورٍ فِي الذِّمَّةِ وَجْهَيْنِ ، قَالَ فِي الْفُنُونِ : سَفَرُ التَّغْرِيبِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَسْقُطَ فِيهِ ، وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِفَرِيضَةٍ أَوْ مَكْتُوبَةٍ فِي وَقْتِهَا وَبِسُنَّتِهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : فِي سُقُوطِهَا فِي حَجِّ فَرْضٍ احْتِمَالٌ كَزَائِدَةٍ عَلَى الْحَضَرِ ، وَفِي بَقَائِهَا فِي نُزْهَةٍ [ أَوْ تِجَارَةٍ ] أَوْ زِيَارَةِ أَهْلِهَا احْتِمَالٌ .

مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ لَهُ الْبَيْتُوتَةُ مَعَهَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
يَعْنِي إذَا حُبِسَتْ بِحَقٍّ أَوْ ظُلْمًا .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ : ( أَحَدُهُمَا ) لَهُ الْبَيْتُوتَةُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَلَكِنْ عَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ النَّفَقَةُ لَهَا بِمِقْدَارِ ذَلِكَ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ إذَنْ .
( الْمَسْأَلَةُ 5 ) قَوْلُهُ : وَفِي صَوْمٍ وَحَجٍّ لِنَذْرٍ مُعَيَّنٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَهَا النَّفَقَةُ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْآدَمِيِّ فِي مُنْتَخَبِهِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : فَإِنْ صَامَتْ أَوْ حَجَّتْ لِغَيْرِ فَرْضٍ فَلَا نَفَقَةَ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا نَفَقَةَ لَهَا ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ ( قُلْت ) : وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ : وَأَظْهَرُهُمَا سُقُوطُهَا ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ كَانَ النَّذْرُ بِإِذْنِهِ فَلَهَا النَّفَقَةُ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَهُوَ ( الْوَجْهُ الثَّالِثُ ) الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بَذْلِ تَسْلِيمٍ حَلَفَ وَقُبِلَ قَوْلُهُ ، وَفِي نُشُوزٍ وَأَخْذِ نَفَقَةٍ حَلَفَتْ وَقُبِلَ قَوْلُهَا .
وَقَالَ الْآمِدِيُّ : إنْ اخْتَلَفَا فِي نُشُوزٍ فَإِنْ وَجَبَتْ بِالتَّمْكِينِ صُدِّقَ وَعَلَيْهَا إثْبَاتُهُ ، وَإِنْ وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ صُدِّقَتْ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْمَنْعِ ، وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ التَّمْكِينِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَوْلُهَا بَعْدَهُ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِي النَّفَقَةِ قَوْلَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الْعُرْفُ ، لِأَنَّهُ تَعَارَضَ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ ، وَالْغَالِبُ أَنَّهَا تَكُونُ رَاضِيَةً ، وَإِنَّمَا تُطَالِبُهُ عِنْدَ الشِّقَاقِ ، كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيْءٍ فَادَّعَتْ أَنَّ غَيْرَهُ عَلَّمَهَا ، وَأَوْلَى ، لِأَنَّ هُنَا تَعَارَضَ أَصْلَانِ ، قَالَ : وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ يَقْضُونَ بِالْيَدِ الْعُرْفِيَّةِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الْيَدِ الْحِسِّيَّةِ فِيمَا إذَا تَدَاعَى الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ ، أَوْ صَانِعَانِ فِي مَتَاعِ الْحَانُوتِ

فَصْلٌ وَإِنْ أَعْسَرَ بِالْقُوتِ أَوْ الْكِسْوَةِ أَوْ بِبَعْضِهِمَا فَلَهَا الْفَسْخُ عَلَى الْأَصَحِّ ( هـ ) وَصَاحِبَيْهِ ، وَالظَّاهِرِيَّةُ ، عَلَى التَّرَاخِي أَوْ الْفَوْرِ ، كَخِيَارِ الْعَيْبِ ، وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا وَجْهًا : يُؤَجَّلُ ثَلَاثًا ، وَهُوَ أَصَحُّ قَوْلَيْ ( ش ) ، وَلَهَا الْمُقَامُ ، وَلَا تُمَكِّنُهُ وَلَا يَحْسِبُهَا ، وَنَفَقَةُ الْفَقِيرِ فِي ذِمَّتِهِ مَا لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا ( و ش ) ثُمَّ إنْ أَحَبَّتْ الْفَسْخَ مَلَكَتْهُ ، عَلَى الْأَصَحِّ .
وَكَذَا لَوْ رَضِيَتْ عُسْرَتَهُ أَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِهَا .
وَفِي الرِّعَايَةِ لَا ، [ فِي الْأَصَحِّ ] قَالَ بَعْضُهُمْ : كَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ الْمُعَيَّنَةِ مَعَ تَجَدُّدِ حَقِّهِ بِالِانْتِفَاعِ ، كَتَجَدُّدِ حَقِّ الْمَرْأَةِ مِنْ النَّفَقَةِ ، أَمَّا إنْ أَسْقَطَتْ النَّفَقَةَ أَوْ الْمَهْرَ قَبْلَ النِّكَاحِ فَسَبَقَ فِي الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي النِّكَاحِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ لِعَدَمِ انْعِقَادِ سَبَبِهِ بِالْكُلِّيَّةِ ، قَالَ فِي الْهَدْيِ : هَذَا إنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ إجْمَاعٌ ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا خِلَافٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِسْقَاطَيْنِ ، وَسَوَّيْنَا بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ امْتَنَعَ الْقِيَاسُ ، وَقَالَ : وَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ أُصُولُ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدُهَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا غَرَّ الْمَرْأَةَ بِأَنَّهُ ذُو مَالٍ ، فَتَزَوَّجَتْ عَلَى ذَلِكَ ، فَظَهَرَ لَا شَيْءَ لَهُ ، أَوْ كَانَ ذَا مَالٍ وَتَرَكَ النَّفَقَةَ عَلَيْهَا ، وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى أَخْذِ كِفَايَتِهَا مِنْ مَالِهِ بِنَفْسِهَا أَوْ بِحَاكِمٍ ، أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ ، وَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ أَوْ كَانَ مُوسِرًا ثُمَّ افْتَقَرَ فَلَا فَسْخَ لَهَا ، وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ تُصِيبُهُمْ الْفَاقَةُ بَعْدَ الْيَسَارِ ، وَلَمْ يَرْفَعْهُمْ أَزْوَاجُهُمْ إلَى الْحُكَّامِ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ ، كَذَا قَالَ .
وَمَنْ قَدَرَ يَتَكَسَّبُ أُجْبِرَ ، وَفِي التَّرْغِيبِ : عَلَى الْأَصَحِّ ، وَفِيهِ : وَلِلصَّانِعِ الَّذِي لَا يَرْجُو عَمَلًا أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، فَإِذَا عَمِلَ دَفَعَ نَفَقَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَا

فَسْخَ مَا لَمْ يَدُمْ .
وَفِي الْمُغْنِي : لَا ، وَلَوْ تَعَذَّرَ الْكَسْبُ بَعْضَ زَمَنِهِ ، لِأَنَّهُ يَقْتَرِضُ ، وَلَوْ تَعَذَّرَ أَيْضًا أَيَّامًا ، يَسِيرَةً ، بِزَوَالِهِ قَرِيبًا .

وَإِنْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ مُوسِرَةٍ أَوْ مُتَوَسِّطَةٍ أَوْ أُدُمٍ فَلَا فَسْخَ ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِ ، كَنَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ وَخَادِمٍ .
وَفِي الِانْتِصَارِ فِي الْكُلِّ احْتِمَالٌ مَعَ ضَرَرِهَا وَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ ، وَأَسْقَطَ الْقَاضِي زِيَادَةَ يَسَارٍ وَتَوَسُّطٍ .

وَإِنْ أَعْسَرَ بِالسُّكْنَى فَوَجْهَانِ ( م 6 ) وَلَا فَسْخَ فِي الْمَنْصُوصِ لِوَلِيِّ أَمَةٍ رَاضِيَةٍ وَصَغِيرَةٍ ، وَمَجْنُونَةٍ ، فَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ شَيْءٌ .
مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَعْسَرَ بِالسُّكْنَى فَوَجْهَانِ ، يَعْنِي هَلْ لَهَا الْفَسْخُ بِذَلِكَ أَمْ لَا ؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَهَا الْفَسْخُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا فَسْخَ لَهَا ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي ، وَقَطَعَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ .

وَإِنْ مَنَعَ مُوسِرٌ بَعْضَ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ وَقَدَرَتْ عَلَى مَالِهِ أَخَذَتْ كِفَايَتَهَا وَكِفَايَةَ وَلَدِهَا عُرْفًا بِلَا إذْنِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : الْقِيَاسُ مَنْعُهَا تَرَكَاهُ لِلْخَبَرِ .
وَفِي وَلَدِهَا وَجْهٌ فِي التَّرْغِيبِ ، وَلَا تَقْتَرِضُ عَلَى الْأَبِ وَلَا تُنْفِقُ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ مَالِهِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا : تُضَحِّي عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَيْضًا ، وَمَتَى لَمْ تَقْدِرْ أَلْزَمَهُ حَاكِمٌ ، فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ أَوْ دَفَعَهَا مِنْهُ يَوْمًا بِيَوْمٍ ، فَإِنْ غَيَّبَهُ وَصَبَرَ ، أَوْ غَابَ مُوسِرٌ وَتَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ بِاسْتِدَانَةٍ وَغَيْرِهَا ، فَلَهَا فِرَاقُهُ ، وَمَنَعَ الْقَاضِي ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَقِيلَ : لَا ، فِي الثَّانِيَةِ ، لِاحْتِمَالِ عُذْرٍ .
وَفِي الْمُغْنِي : بَلْ فِيهَا أَوْلَى ، لِأَنَّ الْحَاضِرَ قَدْ يُنْفِقُ لِطُولِ الْحَبْسِ .
وَلِلْحَاكِمِ بَيْعُ عَقَارٍ وَعَرَضٍ لِغَائِبٍ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ ، وَلَا يَجُوزُ كُلُّ شَهْرٍ ، لِأَنَّهُ تَعْجِيلٌ ثُمَّ إنْ بَانَ مَيِّتًا قَبْلَ إنْفَاقِهِ حَسَبَ عَلَيْهَا مَا أَنْفَقَتْهُ بِنَفْسِهَا أَوْ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ ، قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ : إذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ صِحَّةُ النِّكَاحِ وَمَبْلَغُ الْمَهْرِ فَإِنْ عَلِمَ مَكَانَهُ كَتَبَ : إنْ سَلَّمْتَ إلَيْهَا حَقَّهَا وَإِلَّا بِعْتُ عَلَيْك بِقَدْرِهِ ، فَإِنْ أَبَى أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ بَاعَ بِقَدْرِ نِصْفِهِ ، لِجَوَازِ طَلَاقِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، فَإِمَّا إنْ لَمْ تُوجَدْ نَفَقَةٌ ثَبَتَ إعْسَارُهُ ، وَلِلْحَاكِمِ الْفَسْخُ بِطَلَبِهَا ، وَكَذَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ وَقَالَا فِي النَّفَقَةِ : وَمَا تَجِدُ مَنْ يُدِينُهَا عَلَيْهِ ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي الْغَائِبِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْحَاضِرِ الْمُوسِرِ الْمَانِعِ ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِي التَّصَرُّفِ فِي الدَّيْنِ أَنَّ الْمَذْهَبَ لَوْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فَبَذَلَهَا أَجْنَبِيٌّ لَمْ تُجْبَرْ ، وَرَفْعُ النِّكَاحِ هُنَا فَسْخٌ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ

فِي قَوْلِ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا : فَيُعْتَبَرُ الرَّفْعُ إلَى حَاكِمٍ ، فَإِذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ فُسِخَ بِطَلَبِهَا أَوْ فُسِخَتْ بِأَمْرِهِ ( و ش ) وَلَا يَنْفُذُ بِدُونِهِ ، وَقِيلَ : ظَاهِرًا .
وَفِي التَّرْغِيبِ : يَنْفُذُ مَعَ تَعَذُّرِهِ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ : مُطْلَقًا وَإِنْ قُلْنَا : هُوَ طَلَاقٌ أَمَرَهُ بِطَلَبِهَا بِطَلَاقٍ أَوْ نَفَقَةٍ ، فَإِنْ أَبَى طَلَّقَ عَلَيْهِ ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ ، فَإِنْ رَاجَعَ فَقِيلَ : لَا يَصِحُّ مَعَ عُسْرَتِهِ ، وَقِيلَ : بَلَى ، فَيُطَلِّقُ ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً ( م 7 ) وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ كَهَذَا وَالْقَوْلُ بِالْفَسْخِ ، وَقِيلَ : إنْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أُجِيبَ ، فَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ فَقِيلَ : ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ، وَقِيلَ .
إلَى آخِرِ الْيَوْمِ الْمُتَخَلِّفَةِ نَفَقَتُهُ .
وَفِي الْمُغْنِي : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ( م 8 ) .
وَهِيَ فَسْخٌ فَإِنْ أَجْبَرَهُ عَلَى الطَّلَاقِ فَطَلَّقَ فَرَاجَعَ وَلَمْ يُنْفِقْ فَلِلْحَاكِمِ ، الْفَسْخُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّ الْحَاكِمَ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ وَالْفَسْخَ ، وَمَذْهَبُ ( م ) يُؤَجَّلُ فِي عَدَمِ نَفَقَةِ نَحْوِ كُلِّ شَهْرٍ فَإِنْ انْقَضَى وَهِيَ حَائِضٌ فَحَتَّى تَطْهُرَ .
وَفِي الصَّدَاقِ عَامَيْنِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا عَلَيْهِ الْحَاكِمُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ، فَإِنْ أَيْسَرَ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ ارْتِجَاعُهَا ، وَمَنْ أَمْكَنَهُ أَخْذُ دَيْنِهِ فَمُوسِرٌ .

مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : فَإِنْ رَاجَعَ فَقِيلَ : لَا يَصِحُّ مَعَ عُسْرَتِهِ ، وَقِيلَ : بَلَى ، فَيُطَلِّقُ ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً ، انْتَهَى ( الْقَوْلُ الثَّانِي ) هُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ .
( وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ) لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ ، وَيُعَايَا بِهَا عَلَيْهِ .
( مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ : وَقِيلَ إنْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أُجِيبَ ، فَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ فَقِيلَ : ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ، وَقِيلَ : إلَى آخِرِ الْيَوْمِ الْمُخْتَلِفَةِ نَفَقَتُهُ .
وَفِي الْمُغْنِي : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ، انْتَهَى .
مَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَوِيٌّ ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ضَعِيفٌ .

فَصْلٌ يَلْزَمُهُ لِرَجْعِيَّةٍ نَفَقَةٌ وَكِسْوَةٌ وَسُكْنَى كَزَوْجَةٍ ، وَكَذَا لِكُلِّ بَائِنٍ حَامِلٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ : بِوَضْعِهِ .
وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ .
لَا يَلْزَمُهُ ، وَهِيَ سَهْوٌ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ ، وَفِي السُّكْنَى رِوَايَتَانِ ، وَعَنْهُ : وُجُوبُهُمَا لِحَائِلٍ ، وَعَنْهُ : لَهَا سُكْنَى ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : لَا تَسْقُطُ بِتَرَاضِيهِمَا كَعِدَّةٍ .
وَمَنْ نَفَاهُ وَلَاعَنَ فَإِنْ صَحَّ فَلَا نَفَقَةَ ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ لَزِمَهُ مَا مَضَى .
وَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ يَظُنُّهَا حَائِلًا فَبَانَتْ حَامِلًا رَجَعَتْ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَبِالْعَكْسِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا عَلَى الْأَصَحِّ .
وَفِي الْوَسِيلَةِ : إنْ نَفَى الْحَمْلَ فَفِي رُجُوعِهِ رِوَايَتَانِ ، وَإِنْ ادَّعَتْ حَمْلًا أَنْفَقَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ .
إنْ شَهِدَ بِهِ النِّسَاءُ ، فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يَبِنْ رَجَعَ ، وَعَنْهُ : لَا ، كَنِكَاحٍ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ لِتَفْرِيطِهِ ، كَنَفَقَتِهِ عَلَى أَجْنَبِيَّةٍ ، كَذَا قَالُوا ، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ الْخِلَافُ .
قَالَ الشَّيْخُ : وَإِنْ كَتَمَتْ بَرَاءَتهَا مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ قَوْلًا وَاحِدًا .
وَهَلْ نَفَقَةُ الْحَامِلِ لَهُ أَوْ لَهَا لِأَجْلِهِ ؟ فَعَنْهُ : لَهَا ، فَلَا تَجِبُ لِنَاشِزٍ وَحَامِلٍ مِنْ شُبْهَةٍ وَفَاسِدٍ وَمِلْكِ يَمِينٍ ، وَتَجِبُ مَعَ رِقِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ، وَعَلَى غَائِبٍ ، وَمُعْسِرٍ ، وَلَا يُنْفِقُ بَقِيَّةَ قَرَابَةِ حَمْلٍ .
وَعَنْهُ : لَهُ ، فَتَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ( م 9 ) ، وَأَوْجَبَهَا شَيْخُنَا لَهُ وَلَهَا لِأَجْلِهِ ، وَجَعَلَهَا كَمُرْضِعَةٍ لَهُ بِأُجْرَةٍ .
وَفِي الْوَاضِحِ فِي مَسْأَلَةِ الرِّقِّ رِوَايَتَانِ كَحَمْلٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ لَا حُرْمَةَ لَهُ ، وَإِنْ قُلْنَا هِيَ لَهَا فَلَا نَفَقَةَ ، وَالْفَسْخُ لِعَيْبٍ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ ، وَعِنْدَ الْقَاضِي كَصَحِيحٍ ، وَهُوَ أَظْهَرُ .
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ فِي حَامِلٍ مِنْ شُبْهَةٍ : وَهَلْ يَلْزَمُ

الزَّوْجَ نَفَقَةٌ ؟ يَلْزَمُهُ كَمُكْرَهَةٍ وَنَائِمَةٍ ، لَا إنْ ظَنَّتْهُ زَوْجَهَا .
مَسْأَلَةٌ 9 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ نَفَقَةُ حَمْلٍ لَهُ أَوْ لَهَا لِأَجْلِهِ ، فَعَنْهُ : لَهَا ، وَعَنْهُ : لَهُ ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، انْتَهَى .
وَهُمَا وَجْهَانِ فِي الْكَافِي ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ .
( إحْدَاهُمَا ) هِيَ لِلْحَمْلِ ، وَهِيَ الصَّحِيحُ ، وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ ، وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ : أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا لِلْحَمْلِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : هِيَ أَشْهَرُهُمَا ، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : هِيَ لَهَا مِنْ أَجْلِهِ ، صَحَّحَهَا فِي التَّصْحِيحِ ، وَاخْتَارَهَا ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ ، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .

وَلَا شَيْءَ لِمُتَوَفًّى عَنْهَا ، كَزَانِيَةٍ ، وَعَنْهُ : لَهَا سُكْنَى ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ ، فَهِيَ كَغَرِيمٍ .
وَفِي الْمُغْنِي : إنْ مَاتَ وَهِيَ فِي مَسْكَنِهِ قُدِّمَتْ بِهِ ، وَعَنْهُ : لِحَامِلٍ سُكْنَى وَنَفَقَةٌ وَكِسْوَةٌ ، وَنَقَلَ الْكَحَّالُ فِي أُمِّ وَلَدٍ : تُنْفِقُ مِنْ مَالِ حَمْلِهَا ، وَنَقَلَ جَعْفَرٌ ، مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ ( م 10 ) .

( مَسْأَلَةٌ 10 ) قَوْلُهُ : نَقَلَ الْكَحَّالُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ : تُنْفِقُ مِنْ مَالِ حَمْلِهَا ، وَنَقَلَ جَعْفَرٌ : مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ ، انْتَهَى .
ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِمُتَوَفًّى عَنْهَا ، لِقَوْلِهِ : " وَلَا شَيْءَ لِمُتَوَفًّى عَنْهَا " وَلَكِنْ إذَا قُلْنَا إنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَهَا نَفَقَةٌ ، فَهَلْ ذَلِكَ مِنْ مَالِ حَمْلِهَا أَوْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ ؟ ذَكَرَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : وَمَنْ أَحْبَلَ أَمَتَهُ وَمَاتَ فَهَلْ نَفَقَتُهَا مِنْ الْكُلِّ أَوْ مِنْ حَقِّ وَلَدِهَا ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ .
وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ : فِي نَفَقَةِ أُمِّ الْوَلَدِ الْحَامِلِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ .
( إحْدَاهَا ) لَا نَفَقَةَ لَهَا ، نَقَلَهَا حَرْبٌ وَابْنُ بُخْتَانَ .
( وَالثَّانِيَةُ ) يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ نَصِيبِ مَا فِي بَطْنِهَا ، نَقَلَهَا الْكَحَّالُ .
( وَالثَّالِثَةُ ) إنْ لَمْ تَكُنْ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَنَفَقَتُهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا كَانَتْ حَامِلًا ، وَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَهِيَ فِي عِدَادِ الْأَحْرَارِ ؛ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ نَصِيبِ وَلَدِهَا ، نَقَلَهَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : وَهِيَ مُشْكِلَةٌ جِدًّا ، وَبَيَّنَ مَعْنَاهَا ، وَاسْتَشْكَلَ الْمَجْدُ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ : الْحَمْلُ إنَّمَا يَرِثُ بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا ، وَيَتَوَقَّفُ نَصِيبُهُ ، فَكَيْفَ يُتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ تَحْقِيقِ الشَّرْطِ ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا النَّصَّ يَشْهَدُ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ بِالْإِرْثِ مِنْ حِينِ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ ، وَإِنَّمَا خُرُوجُهُ حَيًّا يَتَبَيَّنُ بِهِ وُجُودُ ذَلِكَ ، فَإِذَا حَكَمْنَا لَهُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ ، وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ، لَا سِيَّمَا وَالنَّفَقَةُ عَلَى أَنَّهُ يَعُودُ نَفْعُهَا إلَيْهِ ، كَمَا يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ الْمَفْقُودِ ، انْتَهَى .
فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .

تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوْا ، وَوَلَدُهُ وَإِنْ سَفَلُوا ، بِالْمَعْرُوفِ ، أَوْ بَعْضُهَا ، وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى مَعَ فَقْرِهِمْ ، إذَا فَضَلَ عَنْ نَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ وَرَفِيقَةٍ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ مِنْ كَسْبِهِ وَأُجْرَةِ مِلْكِهِ وَنَحْوِهِ ، وَعَنْهُ : وَوَرَثَتُهُمْ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ كَبَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ ، وَعَنْهُ : تَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ مُطْلَقًا نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ ، فَيُعْتَبَرُ أَنْ يَرِثَهُمْ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ فِي الْحَالِ ، فَلَا تَلْزَمُ بَعِيدًا مُوسِرًا يَحْجُبُهُ قَرِيبٌ مُعْسِرٌ ، وَعَنْهُ : بَلْ إنْ وَرِثَهُ وَحْدَهُ لَزِمَتْهُ مَعَ يَسَارِهِ ، وَمَعَ فَقْرِهِ تَلْزَمُ بَعِيدًا مُوسِرًا ، فَلَا تَلْزَمُ جَدًّا مُوسِرًا مَعَ أَبٍ فَقِيرٍ ، وَأَخًا مُوسِرًا مَعَ ابْنٍ فَقِيرٍ عَلَى الْأَوْلَى ، وَتَلْزَمُ عَلَى الثَّانِيَةِ ، وَإِنْ اعْتَبَرَ وَارِثٌ فِي غَيْرِ عَمُودَيْ نَسَبِهِ فَقَطْ لَزِمَتْ الْجَدَّ .
قَالَ الشَّيْخُ : وَهُوَ الظَّاهِرُ ، وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ أَوْجُهًا ثَلَاثَةً ، وَعَنْهُ : يُعْتَبَرُ تَوَارُثُهُمَا ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ .
بَابُ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَالرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ ( تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ : تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوْا ، وَوَلَدُهُ وَإِنْ سَفَلُوا ، وَعَنْهُ : وَوَرَثَتُهُمْ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ ، وَعَنْهُ : تَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ مُطْلَقًا .
تَابَعَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيهِ ، فَأَدْخَلَ ذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْ عَمُودِيِّ النَّسَبِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهُمْ ، وَقَدْ صَرَّحَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّهُ أَدْخَلَهُمْ فِي كَلَامِهِ الْأَوَّلِ ، وَأَخْرَجَهُمْ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ،

وَلَا نَفَقَةَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ ، نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ : تَجِبُ لِكُلِّ وَارِثٍ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا ، لِأَنَّهُ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ ، وَهُوَ عَامٌّ كَعُمُومِ الْمِيرَاثِ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ ، بَلْ أَوْلَى .
قَالَ : وَعَلَى هَذَا مَا وَرَدَ مِنْ حَمْلِ الْخَالِ لِلْعَقْلِ ، وَقَوْلُهُ { ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ } [ وَقَوْلُهُ { مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ } ] ، وَكَانَ مِسْطَحٌ ابْنُ خَالَةِ أَبِي بَكْرٍ .
فَيَدْخُلُونَ فِي قَوْلِهِ { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ } وَأَوْجَبَهَا جَمَاعَةٌ كَعَمُودَيْ نَسَبِهِ فَقَطْ ، وَمَنْ لَهُ وَارِثٌ لَزِمَتْهُمْ بِقَدْرِ إرْثِهِمْ ، إلَّا الْأَبُ يَخْتَصُّ بِنَفَقَةِ وَلَدِهِ ، وَفِي الْوَاضِحِ : مَا دَامَتْ أُمُّهُ أَحَقَّ بِهِ .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : وَمِثْلُهُ الْوَلَدُ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ : الْقِيَاسُ فِي أَبٍ وَابْنٍ أَنْ يَلْزَمَ الْأَبَ سُدُسٌ فَقَطْ ، لَكِنْ تَرَكَهُ أَصْحَابُنَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ ، فَأُمٌّ وَجَدٌّ أَوْ ابْنٌ وَبِنْتٌ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ، وَأُمٌّ وَبِنْتٌ أَرْبَاعًا ، وَيَتَخَرَّجُ : يَلْزَمُهُمَا ثُلُثَاهَا بِإِرْثِهِمَا فَرْضًا : وَجَدٌّ وَأَخٌ أَوْ أُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أَبٍ سَوَاءٌ ، وَلَا تَلْزَمُ أَبَا أُمٍّ مَعَ أُمٍّ وَابْنِ بِنْتٍ مَعَهَا ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مُوسِرًا لَزِمَهُ بِقَدْرِ إرْثِهِ ، هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَعَنْهُ : الْكُلُّ ، وَلَا يُعْتَبَرُ النَّقْصُ ، فَتَجِبُ لِصَحِيحٍ مُكَلَّفٍ لَا حِرْفَةَ لَهُ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، كَاتِّفَاقِ دِينِهِمَا ، وَفِيهِ وَجْهٌ ، وَذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ رِوَايَةٌ ، وَعَنْهُ : فِيهِمَا غَيْرُ عَمُودَيْ نَسَبِهِ .
وَفِي الْمُوجَزِ فِي الثَّانِيَةِ رِوَايَةٌ : غَيْرُ وَالِدٍ .

ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ " وَلَا نَفَقَةَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ ، وَعَنْهُ : تَجِبُ لِكُلِّ وَارِثٍ ، وَأَوْجَبَهَا جَمَاعَةٌ لِعَمُودَيْ نَسَبِهِ فَقَطْ " ، فَقَدَّمَ هُنَا أَنَّهَا لَا تَجِبُ لِعَمُودَيْ نَسَبِهِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ ، وَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا تَجِبُ لَهُمْ فَنَاقَضَ .
لَا يُقَالُ كَلَامُهُ ثَانِيًا مُخَصِّصٌ لِكَلَامِهِ الْأَوَّلِ ، لِأَنَّا نَقُولُ : ذِكْرُهُ لِلرِّوَايَتَيْنِ بَعْدَهُ يَرُدُّ ذَلِكَ ، وَسَبَبُ التَّنَاقُضِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّهُ تَابَعَ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ فِي كَلَامِهِ الْأَوَّلِ ، لَكِنَّ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ أَخْرَجَهُمْ ثَانِيًا بِقَوْلِهِ : وَلَا نَفَقَةَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْ غَيْرِ عَمُودِيِّ النَّسَبِ ، وَتَابَعَ فِي كَلَامِهِ الثَّانِي ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : وَلَا نَفَقَةَ لِذِي رَحِمٍ ، وَعَنْهُ : تَجِبُ لِعَمُودَيْ نَسَبِهِ ، لَكِنْ ابْنُ حَمْدَانَ لَمْ يُدْخِلْ فِي كَلَامِهِ أَوَّلَ الْبَابِ ذَوِي الْأَرْحَامَ ، وَالْمُصَنِّفُ أَدْخَلَهُمْ ، فَحَصَلَ مَا حَصَلَ ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُعْدِمَ الْكَسْبُ لِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ ؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْأَوِّلَةِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ يَلْزَمُهُ ، وَقَالُوا : وَلِأَنَّهُ كَالْغَنِيِّ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ قَرِيبِهِ ، وَتَسْقُطُ عَنْ أَبِيهِ نَفَقَتُهُ ، فَكَانَ كَالْغَنِيِّ فِي حِرْمَانِ الزَّكَاةِ ( م 1 ) .

مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ ، وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُعْدِمُ الْكَسْبَ لِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ ، عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْأُولَى ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ : يَلْزَمُهُ ، ذَكَرُوهُ فِي إجَارَةِ الْمُفْلِسِ وَاسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ ، وَقَالُوا : وَلِأَنَّهُ كَالْغَنِيِّ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ، نَفَقَةُ قَرِيبِهِ ، وَتَسْقُطُ عَنْ أَبِيهِ نَفَقَتُهُ ، فَكَانَ كَالْغَنِيِّ فِي حِرْمَانِ الزَّكَاةِ ، انْتَهَى .
الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَالَهُمَا فِي التَّرْغِيبِ فِي الْأُولَى ، وَهِيَ قَوْلُهُ : وَلَا يُعْتَبَرُ النَّقْصُ فَتَجِبُ لِصَحِيحٍ مُكَلَّفٍ لَا حِرْفَةَ لَهُ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ : وَخَرَّجَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ مِنْ اشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ الْحِرْفَةِ لِلْإِنْفَاقِ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَأَظْهَرُ مِنْهُ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ فِي إجْبَارِ الْمُفْلِسِ عَلَى الْكَسْبِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ ، انْتَهَى .
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ : وَأَمَّا وُجُوبُ النَّفَقَةِ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الْكَسْبِ ، فَصَرَّحَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ ، وَالْمُجَرَّدِ ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ ، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَالْأَكْثَرُونَ ، بِالْوُجُوبِ ، قَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ : لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَوْلَادِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَقَارِبِ ، وَخَرَّجَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ الْحِرْفَةِ لِوُجُوبِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ ، انْتَهَى .
فَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ جَمَاعَةٍ بِاللُّزُومِ هُوَ الصَّحِيحُ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ مَا اطَّلَعَ عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي الْقَوَاعِدِ ، وَإِنَّمَا رَأَى جَمَاعَةً ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي إجَارَةَ الْمُفْلِسِ وَاسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهٌ ) لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إفْصَاحٌ بِالرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَنَى عَلَيْهِمَا صَاحِبُ التَّرْغِيبِ الْمَسْأَلَةَ ، وَقَدْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ : فَإِنْ عَدِمَ

الْحِرْفَةَ فَرِوَايَتَانِ ، يَعْنِي فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهُ .

وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ، ثُمَّ الْعَصَبَةُ ، ثُمَّ التَّسَاوِي ، وَقِيلَ : يُقَدَّمُ وَارِثٌ ، ثُمَّ التَّسَاوِي ، فَأَبَوَانِ يُقَدَّمُ الْأَبُ ، وَقِيلَ : الْأُمُّ ، وَمَعَهُمَا ابْنٌ قِيلَ : يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا ، وَقِيلَ عَكْسُهُ ، وَقِيلَ : فِيهِمَا سَوَاءٌ ( م 2 ) نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : الِابْنُ أَحَقُّ بِالنَّفَقَةِ مِنْهَا وَهِيَ أَحَقُّ بِالْبِرِّ ، وَالْأَوْجُهُ فِي جَدٍّ وَابْنِ ابْنٍ ( م 3 ) وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا أَبٌ وَابْنٌ ، وَقِيلَ : سَوَاءٌ ، وَيُقَدَّمُ أَبُو أَبٍ عَلَى أَبِي أُمٍّ ، وَمَعَ أَبِي أَبِي أَبٍ يَسْتَوِيَانِ : وَقِيلَ : يُقَدَّمُ أَبُو أُمٍّ .
وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالُ عَكْسِهِ ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ : يُقَدَّمُ الْأَحْوَجُ فِي الْكُلِّ ، وَاعْتَبَرَ فِي التَّرْغِيبِ ، بِإِرْثٍ ، وَأَنَّ مَعَ الِاجْتِمَاعِ يُوَزَّعُ لَهُمْ بِقَدْرِ إرْثِهِمْ ، وَمَنْ تَرَكَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَاضِي ، أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إلَّا بِفَرْضِ حَاكِمٍ ، لِأَنَّهُ تَأَكَّدَ بِفَرْضِهِ ، كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ .
وَفِي الْمُحَرَّرِ : وَإِذْنُهُ فِي الِاسْتِدَانَةِ وَظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا : وَيَسْتَدِينُ عَلَيْهِ ، فَلَا يَرْجِعُ إنْ اسْتَغْنَى بِكَسْبٍ أَوْ نَفَقَةِ مُتَبَرِّعٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا : يَأْخُذُ بِلَا إذْنِهِ ، كَزَوْجَةٍ .
نَقَلَ ابْنَاهُ وَالْجَمَاعَةُ : يَأْخُذُ مِنْ مَالِ وَالِدِهِ بِلَا إذْنِهِ بِالْمَعْرُوفِ ، إذَا احْتَاجَ ، وَلَا يَتَصَدَّقُ ، وَقَالَ شَيْخُنَا : مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ حَاكِمٍ رَجَعَ عَلَيْهِ ، وَبِلَا إذْنٍ فِيهِ خِلَافٌ .

( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ : وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ، ثُمَّ الْعَصَبَةُ ، ثُمَّ التَّسَاوِي ، وَقِيلَ : يُقَدَّمُ وَارِثٌ ثُمَّ التَّسَاوِي ، فَأَبَوَانِ يُقَدَّمُ الْأَبُ ، وَقِيلَ : الْأُمُّ ، وَمَعَهُمَا ابْنٌ قِيلَ : يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا ، وَقِيلَ عَكْسُهُ ، وَقِيلَ فِيهِمَا سَوَاءٌ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ بَيْنَ الِابْنِ وَالْأَبِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَيْهِمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
قَالَ فِي الْوَجِيزِ : فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الْقُرْبِ فَالْعَصَبَةُ ، انْتَهَى .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : يُقَدَّمُ الْأَبَوَانِ عَلَيْهِ .
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ .
( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ فِي جَدٍّ وَابْنِ ابْنٍ ، انْتَهَى .
قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، فَكَذَلِكَ هَذِهِ ، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ هُنَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ .
تَنْبِيهَانِ ) : ( أَحَدُهُمَا ) قَوْلُهُ : وَمَنْ تَرَكَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَاضِي ، أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُ ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ : إلَّا بِفَرْضِ حَاكِمٍ ، وَفِي الْمُحَرَّرِ : وَإِذْنُهُ فِي اسْتِدَانَةٍ ، انْتَهَى .
ظَاهِرُهُ أَنَّ فِي الْمُحَرَّرِ يَلْزَمُهُ بِشَيْئَيْنِ ، بِفَرْضِ حَاكِمٍ وَإِذْنِهِ فِي الِاسْتِدَانَةِ ، وَاَلَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ وَإِنْ فَرَضَتْ ، وَتَلْزَمُهُ فِي الِاسْتِدَانَةِ بِإِذْنِ حَاكِمٍ ، وَقَوْلُهُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إلَّا أَنْ يَفْرِضَ حَاكِمٌ ، قَالَ فِي الشَّرْحِ : فَإِنْ فَرَضَهَا حَاكِمٌ فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ ، لِأَنَّهَا تَأَكَّدَتْ بِفَرْضِهِ .
وَفِي الرِّعَايَتَيْنِ : تَسْقُطُ إلَّا إنْ فَرَضَهَا حَاكِمٌ .

وَمَنْ لَزِمَهُ نَفَقَةُ رَجُلٍ لَزِمَهُ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ ، وَعَنْهُ : فِي عَمُودَيْ نَسَبِهِ ، وَعَنْهُ : لِامْرَأَةِ أَبِيهِ ، وَعَنْهُ : لَا ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْإِعْفَافِ ، وَلِمَنْ يَعِفُّ قَرِيبُهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ حُرَّةً تُعِفُّهُ ، وَبِسُرِّيَّةٍ ، وَيُقَدَّمُ تَعْيِينُ قَرِيبٍ ، وَالْمَهْرُ سَوَاءٌ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : التَّعْيِينُ لِلزَّوْجِ ، وَلَا يَمْلِكُ اسْتِرْجَاعَ أَمَةٍ أَعَفَّهُ بِهَا مَعَ غِنَاهُ ، فِي الْأَصَحِّ .
وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ تَائِقٌ بِلَا يَمِينٍ ، وَيُتَوَجَّهُ : بِيَمِينِهِ ، وَيُعْتَبَرُ عَجْزُهُ ، وَيَكْفِي إعْفَافُهُ بِوَاحِدَةٍ ، وَيُعِفُّهُ ثَانِيًا إنْ مَاتَ ، وَقِيلَ : لَا ، كَمُطَلَّقٍ لِعُذْرٍ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَيَلْزَمُهُ إعْفَافُ أُمِّهِ كَالْأَبِ .
قَالَ الْقَاضِي : وَلَوْ سَلَّمَ فَالْأَبُ آكَدُ ، وَلِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ لِأَنَّهُ بِالتَّزْوِيجِ وَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ ، وَيُتَوَجَّهُ : تَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ إنْ تَعَذَّرَ تَزْوِيجٌ بِدُونِهَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَجِيزِ : يَلْزَمُهُ إعْفَافُ كُلِّ إنْسَانٍ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْفَرَائِضِ هَلْ يَلْزَمُ الْعَتِيقَ نَفَقَةُ مَوْلَاهُ ؟ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَةُ ظِئْرٍ صَغِيرٍ حَوْلَيْنِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ، وَلَيْسَ لِأَبِيهِ مَنْعُ أُمِّهِ مِنْ رَضَاعِهِ ، وَقِيلَ : بَلَى إذَا كَانَتْ فِي حِبَالِهِ ، كَخِدْمَتِهِ ، نَصَّ عَلَيْهَا : وَلَهَا أَخْذُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ حَتَّى مَعَ رِضَا زَوْجٍ ثَانٍ ، وَلَوْ مَعَ مُتَبَرِّعَةٍ .
وَفِي الْوَاضِحِ ، وَفَوْقَهَا مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : هِيَ أَحَقُّ بِمَا يَطْلُبُ بِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ لَا بِأَكْثَرَ .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ : إنْ اسْتَأْجَرَهَا مَنْ هِيَ تَحْتَهُ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ لَمْ يَجُزْ ، لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ نَفْعَهَا ، كَاسْتِئْجَارِهَا لِلْخِدْمَةِ شَهْرًا ثُمَّ فِيهِ لِبِنَاءٍ ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا : لَا أُجْرَةَ مُطْلَقًا ، فَيُحَلِّفُهَا أَنَّهَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ مَا أَخَذَتْ مِنْهُ .
وَلَا يَلْزَمُهَا إلَّا لِخَوْفِ تَلَفِهِ ، وَلَهُ إجْبَارُ أُمِّ وَلَدِهِ مَجَّانًا ، وَلِزَوْجٍ ثَانٍ مَنْعُهَا مِنْ

رَضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ الْأَوَّلِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، إلَّا لِضَرُورَتِهِ ، نَقَلَ مُهَنَّا : أَوْ شَرَطَهَا ، وَلَا يُفْطَمُ قَبْلَ حَوْلَيْنِ إلَّا بِرِضَا أَبَوَيْهِ مَا لَمْ يَنْضُرْ .
وَفِي الرِّعَايَةِ هُنَا : يَحْرُمُ رَضَاعُهُ بَعْدَهُمَا وَلَوْ رَضِيَا .
وَقَالَ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ : طَاهِرٌ مُبَاحٌ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ يُبَاحُ مِنْ امْرَأَةٍ وَفِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ : الْقِيَاسُ تَحْرِيمُهُ تُرِكَ لِلضَّرُورَةِ ثُمَّ أُبِيحَ بَعْدَ زَوَالِهَا ، وَلَهُ نَظَائِرُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ إبَاحَتُهُ مُطْلَقًا وَفِي التَّرْغِيبِ : لَهُ فِطَامُ رَقِيقِهِ قَبْلَهُمَا مَا لَمْ يَنْضُرْ .
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ : وَبَعْدَهُمَا مَا لَمْ تَنْضُرْ الْأُمُّ .

وَيَلْزَمُهُ خِدْمَةُ قَرِيبٍ لِحَاجَةٍ ، كَزَوْجَةٍ ، وَمَذْهَبٌ ( هـ ) تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لِذِي رَحِمِهِ بِشَرْطِ قُدْرَةِ الْمُنْفِقِ وَحَاجَةِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ كَبِيرًا اُعْتُبِرَ مَعَ فَقْرِهِ عَمًى أَوْ زَمَانَةً ، وَهِيَ مُرَتَّبَةٌ عَلَى الْمِيرَاثِ ، إلَّا أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ خَاصَّةً ، وَيُعْتَبَرُ عِنْدَهُ اتِّحَادُ الدِّينِ فِي غَيْرِ عَمُودَيْ نَسَبِهِ لَا فِيهِ ، وَمَذْهَبٌ ( م ) تَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ الْأَدْنَيْنَ فَقَطْ ، وَتَجِبُ عَلَى الْأَبِ فَقَطْ نَفَقَةُ أَوْلَادِهِ الْأَدْنَيْنَ فَقَطْ ، فَالذَّكَرُ حَتَّى يَبْلُغَ ، وَالْأُنْثَى حَتَّى تَتَزَوَّجَ ، وَحَيْثُ وَجَبَتْ فَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الدِّينُ أَوْ لَا ، وَمَذْهَبٌ ( ش ) تَجِبُ لِعَمُودَيْ النَّسَبِ خَاصَّةً مَعَ اتِّحَادِ الدِّينِ ، وَاعْتُبِرَ عَجْزُ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ بِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ زَمَانَةٍ إنْ كَانَ مِنْ الْعَمُودِ الْأَسْفَلِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَعْلَى فَقَوْلَانِ ، وَإِذَا بَلَغَ الْوَلَدُ صَحِيحًا فَلَا نَفَقَةَ .

فَصْلٌ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ عُرْفًا وَلَوْ آبِقٌ وَأَمَةٌ نَاشِزٌ ، قَالَ جَمَاعَةٌ : وَاخْتَلَفَ كَلَامُ أَبِي يَعْلَى الصَّغِيرِ فِي مُكَاتَبٍ ، وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ ، وَكِسْوَتُهُ مُطْلَقًا ، وَتَزْوِيجُهُمْ بِطَلَبِهِمْ إلَّا أَمَةً يَسْتَمْتِعُ بِهَا ، فَإِنْ أَبَى أُجْبِرَ ، وَتُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَا يَطَأُ .
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : عَلَى الْأَصَحِّ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ : يَلْزَمُهُ تَزْوِيجُ الْمُكَاتَبَةِ بِطَلَبِهَا وَلَوْ وَطِئَهَا وَأُبِيحَ بِالشَّرْطِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّا ، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ اكْتِسَابِ الْمَهْرِ فَمَلَكَتْهُ كَأَنْوَاعِ التَّكَسُّبِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ ، وَهُوَ أَظْهَرُ ، لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ حَقِّ السَّيِّدِ وَإِلْغَاءِ الشَّرْطِ ، وَلَا يُكَلِّفُهُ مُشِقًّا ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَالْمُرَادُ مَشَقَّةٌ كَثِيرَةٌ ، وَلَا يَجُوزُ تَكْلِيفُ الْأَمَةِ بِالرَّعْيِ ، لِأَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةُ الطَّمَعِ ، لِبُعْدِهَا عَمَّنْ يَذُبُّ عَنْهَا .
قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ : كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَبَعْدَ الْأَلْفِ نُونٌ ثُمَّ يَاءٌ مُشَدَّدَةٌ مَكَانٌ بِقُرْبِ أُحُدٍ ، قَالَ : فَاطَّلَعَتْ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّئْبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا ، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ ، آسَفُ بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ أَغْضَبُ ، كَمَا يَأْسَفُونَ ، وَلَكِنِّي صَكَكْتهَا صَكَّةً ، فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ .
قُلْت : يَا رَسُولَ ، أَفَلَا أَعْتِقُهَا ؟ قَالَ : { ائْتِنِي بِهَا فَأَتَيْته بِهَا فَقَالَ : أَيْنَ اللَّهُ ؟ قَالَتْ : فِي السَّمَاءِ ، قَالَ : مَنْ أَنَا ؟ قَالَتْ : أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ : أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد .
وَإِنْ خَافَ مَفْسَدَةً لَمْ يَسْتَرْعِهَا .
وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَنْ نَقْلِ أَسْمَاءَ ، النَّوَى عَلَى رَأْسِهَا لِلزُّبَيْرِ نَحْوَ ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ مِنْ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ حُجَّةٌ فِي سَفَرِ

الْمَرْأَةِ السَّفَرَ الْقَصِيرَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ ، وَرَعْيُ جَارِيَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ فِي مَعْنَاهُ وَأَوْلَى ، فَيُتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ ، وَأَمَّا كَلَامُ شَيْخِنَا وَمَعْنَاهُ لِغَيْرِهِ فَيَجُوزُ مِثْلُ هَذَا قَوْلًا وَاحِدًا ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَفَرٍ شَرْعًا وَلَا عُرْفًا وَلَا يُتَأَهَّبُ لَهُ أُهْبَتَهُ ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يُكَلِّفُهُ مُشِقًّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلنَّهْيِ .
وَقَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ : وَحَكَاهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إجْمَاعًا .
قَالَ : فَإِنْ أَعَانَهُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ } .
وَقَالَ : وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ الشَّاقُّ عَلَى رَقِيقِهِ بِالْبَيْعِ ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ " فَلْيَبِعْهُ " لَكِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى طَرِيقِ الْوَعْظِ لَا الْإِجْبَارِ كَذَا [ قَالَ ] : وَيُرِيحُهُ وَقْتَ قَائِلَةٍ وَنَوْمٍ وَصَلَاةٍ ، وَيُدَاوِيهِ وُجُوبًا ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يُسْتَحَبُّ ، وَهُوَ أَظْهَرُ .
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِي كَفَنِ الزَّوْجَةِ : الْعَبْدُ لَا مَالَ لَهُ ، فَالسَّيِّدُ أَحَقُّ بِنَفَقَتِهِ وَمُؤْنَتِهِ ، وَلِهَذَا النَّفَقَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِالْمَرَضِ تَلْزَمُهُ مِنْ الدَّوَاءِ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ ، وَيُرْكِبُهُ فِي السَّفَرِ عُقْبَةً ، وَتَلْزَمُهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ بِطَلَبِهِ وَامْتِنَاعِهِ مِمَّا يَلْزَمُهُ فَقَطْ ، نَصَّ عَلَيْهِ كَفُرْقَةِ زَوْجَةٍ ، قَالَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا فِي أُمِّ وَلَدٍ ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ .
قَالَ شَيْخُنَا فِي مُسْلِمٍ بِجَيْشٍ بِبِلَادِ التَّتَارِ أَبَى بَيْعَ عَبْدِهِ [ وَعِتْقَهُ ] وَيَأْمُرُهُ بِتَرْكِ الْمَأْمُورِ وَفِعْلِ الْمَنْهِيِّ : فَهَرَبُهُ مِنْهُ إلَى بَلَدِ الْإِسْلَامِ وَاجِبٌ ، فَإِنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِهَذَا ، وَلَوْ كَانَ فِي طَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ .

الثَّانِي ) قَوْلُهُ وَرَعْيُ جَارِيَةِ الْحَكَمِ فِي مَعْنَاهُ .
صَوَابُهُ : جَارِيَةِ ابْنِ الْحَكَمِ ، أَوْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُهُ قَرِيبًا فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .

وَالْعَبْدُ إذَا هَاجَرَ مِنْ أَرْضِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ حُرٌّ ، وَقَالَ : وَلَوْ لَمْ تُلَائِمْ أَخْلَاقُ الْعَبْدِ أَخْلَاقَ سَيِّدِهِ لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِهِ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { فَمَا لَا يُلَائِمُكُمْ فَبِيعُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ } كَذَا قَالَ ، رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ { فَمَنْ لَا يُلَائِمُكُمْ فَبِيعُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ } [ وَرَوَوْا ] مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا { مَنْ لَاءَمَكُمْ مِنْ مَمْلُوكِيكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ ، وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ ، وَمَنْ لَا يُلَائِمُكُمْ فَبِيعُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ } وَهُمَا [ خَبَرَانِ ] صَحِيحَانِ ، وَكَذَا أَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ : يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ بِطَلَبِهِ ، وَيُسَنُّ إطْعَامُهُ مِنْ طَعَامِهِ ، فَإِنْ وَلِيَهُ فَمَعَهُ أَوْ مِنْهُ ، وَلَا يَأْكُلُ بِلَا إذْنِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .

وَيَسْتَرْضِعُ الْأَمَةَ لِغَيْرِ وَلَدِهَا بَعْدَ رِيِّهِ ، وَإِلَّا حَرُمَ ذَلِكَ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ إجَارَتُهَا بِلَا إذْنِ زَوْجٍ ، كَمَا سَبَقَ ، قَالَ الشَّيْخُ : لِاشْتِغَالِهَا عَنْهُ بِرَضَاعٍ وَحَضَانَةٍ وَهَذَا إنَّمَا يَجِيءُ إذَا أَجَّرَهَا فِي مُدَّةِ حَقِّ الزَّوْجِ ، فَلَوْ أَجَّرَهَا فِي غَيْرِهِ يُوَجَّهُ الْجَوَازُ ، وَإِطْلَاقُهُ مُقَيَّدٌ بِتَعْلِيلِهِ : وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمَ تَقْيِيدُهُ بِهِ ، فَأَمَّا إنْ ضَرَّ ذَلِكَ بِهَا لَمْ يَجُزْ .

وَتَجُوزُ الْمُخَارَجَةُ بِاتِّفَاقِهِمَا بِقَدْرِ كَسْبِهِ بَعْدَ نَفَقَتِهِ ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ .
وَفِي التَّرْغِيبِ : إنْ قَدَّرَ خَرَاجًا بِقَدْرِ كَسْبِهِ لَمْ يُعَارَضْ ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمُغْنِي : لِعَبْدٍ مَخَارِجُ هَدِيَّةِ طَعَامٍ وَإِعَارَةِ مَتَاعٍ وَعَمَلِ دَعْوَةٍ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ كَعَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ : لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ ، وَأَنَّ فَائِدَةَ الْمُخَارَجَةِ تَرْكُ الْعَمَلِ بَعْدَ الضَّرِيبَةِ .
وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ : لَهُ التَّصَرُّفُ فِيمَا زَادَ عَلَى خَرَاجِهِ ، وَلَوْ مَنَعَ مِنْهُ كَانَ كَسْبُهُ كُلُّهُ خَرَاجًا وَلَمْ يَكُنْ لِتَقْدِيرِهِ فَائِدَةٌ ، بَلْ مَا زَادَ تَمْلِيكٌ مِنْ سَيِّدِهِ لَهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَمَا أَرَادَ .

كَذَا قَالَ وَلِلسَّيِّدِ تَأْدِيبُهُ كَوَلَدٍ وَزَوْجَةٍ .
كَذَا قَالُوا .
وَالْأَوْلَى مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد عَنْ لَقِيطٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُ : { وَلَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَك ضَرْبَك أَمَتَك } .
وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ : { لَا يَجْلِدُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ لَعَلَّهُ يُجَامِعُهَا أَوْ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ الْيَوْمِ } وَلِابْنِ مَاجَهْ بَدَلَ الْعَبْدِ الْأَمَةُ .
وَنَقَلَ ، حَرْبٌ : لَا يَضْرِبُهُ إلَّا فِي ذَنْبٍ بَعْدَ عَفْوِهِ عَنْهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ، وَلَا يَضْرِبُهُ شَدِيدًا ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : لَا يَضْرِبُهُ إلَّا فِي ذَنْبٍ عَظِيمٍ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا } .

وَيُقَيِّدُهُ إذَا خَافَ عَلَيْهِ ، وَيَضْرِبُهُ غَيْرَ مُبَرِّحٍ ، فَإِنْ وَافَقَهُ وَإِلَّا بَاعَهُ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا تُعَذِّبُوا عِبَادَ اللَّهِ } .
قَالَ الْوَاحِدِيُّ : أَصْلُ الْعَذَابِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ الْعَذْبِ ، وَهُوَ الْمَنْعُ ، يُقَالُ : عَذَبْتُهُ عَذْبًا إذَا مَنَعْتُهُ ، وَعَذَبَ عُذُوبًا أَيْ امْتَنَعَ ، وَسُمِّيَ الْمَاءُ عَذْبًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَطَشَ ، وَسُمِّيَ الْعَذَابُ عَذَابًا ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْمُعَاقَبَ مِنْ مُعَاوَدَةِ مِثْلِ جُرْمِهِ ، وَيَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ مِثْلِ فِعْلِهِ ، وَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُوَافِقُ مَا سَبَقَ مِنْ اخْتِيَارِ شَيْخِنَا ، وَنَقَلَ غَيْرُهُ : لَا يُقَيَّدُ وَيُبَاعُ أَحَبُّ إلَيَّ ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد : يُؤَدَّبُ فِي فَرَائِضِهِ ، وَإِذَا حَمَّلَهُ مَا يُطِيقُ ، قِيلَ لَهُ : فَضَرَبَ مَمْلُوكَهُ عَلَى هَذَا فَاسْتَبَاعَتْ ، وَهُوَ يَكْسُوهَا مِمَّا يَلْبَسُ وَيُطْعِمُهَا مِمَّا يَأْكُلُ ، قَالَ : لَا تُبَاعُ ، قِيلَ : فَإِنْ أَكْثَرَتْ أَنْ تَسْتَبِيعَ ؟ قَالَ : لَا تُبَاعُ إلَّا أَنْ تَحْتَاجَ زَوْجًا فَتَقُولَ : زَوِّجْنِي ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ { أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَمْ تَعْفُو عَنْ الْخَادِمِ ؟ فَصَمَتَ ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ ، فَصَمَتَ ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ : أَعْفُو عَنْهُ سَبْعِينَ مَرَّةً } حَدِيثٌ جَيِّدٌ .

وَلَا يُشْتَمُ أَبَوَاهُ الْكَافِرَانِ .
لَا يُعَوِّدُ لِسَانَهُ الْخَنَا وَالرَّدَى ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَيِّئُ الْمَلَكَةِ ، وَهُوَ الَّذِي يُسِيءُ إلَى مَمْلُوكِهِ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ .
وَفِي الْفُنُونِ : الْوَلَدُ يَضْرِبُهُ وَيُعَزِّرُهُ ، وَأَنَّ مِثْلَهُ عَبْدٌ وَزَوْجَةٌ .

وَإِنْ بَعَثَهُ لِحَاجَةٍ فَوَجَدَ مَسْجِدًا يُصَلَّى فِيهِ قَضَى حَاجَتَهُ وَإِنْ صَلَّى فَلَا بَأْسَ ، نَقَلَهُ صَالِحٌ .
وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَسْجِدًا يُصَلَّى فِيهِ صَلَّى وَإِلَّا قَضَاهَا ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ : يُؤَدَّبُ الْوَلَدُ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا مُزَوَّجًا مُنْفَرِدًا فِي بَيْتٍ لِقَوْلِ عَائِشَةَ لَمَّا انْقَطَعَ عَقْدُهَا وَأَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِالنَّاسِ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ : فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ، وَجَعَلَ يَطْعَنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتَيْ يَطْعَنُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَعَكْسُهُ الطَّعْنُ فِي الْمَعَانِي وَلَمَّا رَوَى ابْنُ عُمَرَ { لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ } قَالَ ابْنُهُ بِلَالٌ : وَاَللَّهِ لَنَمْنَعَنَّ فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا وَضَرَبَ فِي صَدْرِهِ .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ السِّرِّ الْمَصُونِ : مُعَاشَرَةُ الْوَلَدِ بِاللُّطْفِ وَالتَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ ، وَإِذَا اُحْتِيجَ إلَى ضَرْبِهِ ضُرِبَ ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ وَيُجَنَّبُ سَيِّئَهَا ، فَإِذَا كَبُرَ فَالْحَذَرَ مِنْهُ ، وَلَا يُطْلِعُهُ عَلَى كُلِّ الْأَسْرَارِ ، وَمِنْ الْغَلَطِ تَرْكُ تَزْوِيجِهِ إذَا بَلَغَ ، فَإِنَّك تَدْرِي مَا هُوَ فِيهِ بِمَا كُنْت فِيهِ ، فَصُنْهُ عَنْ الزَّلَلِ عَاجِلًا ، خُصُوصًا الْبَنَاتَ ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُزَوِّجَ الْبِنْتَ بِشَيْخٍ أَوْ شَخْصٍ مَكْرُوهٍ .

وَأَمَّا الْمَمْلُوكُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَسْكُنَ إلَيْهِ بِحَالٍ ، بَلْ كُنْ مِنْهُ عَلَى حَذَرٍ ، وَلَا يَدْخُلُ الدَّارَ مِنْهُمْ مُرَاهِقٌ وَلَا خَادِمٌ ، فَإِنَّهُمْ رِجَالٌ مَعَ النِّسَاءِ وَنِسَاءٌ مَعَ الرِّجَالِ ، وَرُبَّمَا امْتَدَّتْ عَيْنُ امْرَأَةٍ إلَى غُلَامٍ مُحْتَقِرٍ ، لِأَنَّ الشَّهْوَةَ وَالْحَاجَةَ إلَى الْوَطْءِ تَهْجُمُ عَلَى النَّفْسِ ، وَلَا يُنْظَرُ فِي عِزٍّ وَلَا ذُلٍّ وَلَا سُقُوطِ جَاهٍ وَلَا تَحْرِيمٍ .

وَمَنْ غَابَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ زُوِّجَتْ ، فِي الْأَصَحِّ ، لِحَاجَةِ نَفَقَةٍ ، وَيُتَوَجَّهُ أَوْ وَطْءٍ ، عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ كَنَفَقَةٍ .
وَفِي الِانْتِصَارِ فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ أَمَةَ سَيِّدٍ غَائِبٍ مَنْ يَلِي مَالَهُ ، أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ بَكْرٍ ، وَفِيهِ فِي أُمِّ وَلَدٍ النَّفَقَةُ إنْ عَجَزَ عَنْهَا وَعَجَزَتْ لَزِمَهُ عِتْقُهَا ، وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عَنْ أُمِّ وَلَدٍ تَزَوَّجَتْ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهَا ، قَالَ : كَيْفَ تَتَزَوَّجُ بِلَا إذْنِهِ ؟ قُلْت : غَابَ سِنِينَ فَجَاءَ الْخَبَرُ بِمَوْتِهِ فَتَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ ثُمَّ جَاءَ السَّيِّدُ ، قَالَ : الْوَلَدُ لِلْأَخِيرِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ ، وَتُرَدُّ إلَى السَّيِّدِ ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد : الْمَفْقُودُ يَقْدَمُ وَقَدْ تَزَوَّجَتْ أُمُّ وَلَدِهِ ؟ قَالَ : تُرَدُّ إلَيْهِ .

وَتَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَمَتِهِ دُونَ زَوْجِهَا ، وَالْحُرَّةُ نَفَقَةُ وَلَدِهَا ، مِنْ عَبْدٍ ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ .
وَيَلْزَمُ الْمُكَاتَبَةَ نَفَقَةُ وَلَدِهَا ، وَكَسْبُهُ لَهَا ، وَيُنْفِقُ عَلَى مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ بِقَدْرِ رِقِّهِ ، وَبَقِيَّتُهَا عَلَيْهِ ، قِيلَ لِأَحْمَدَ : فَإِنْ أَطْعَمَ عِيَالَهُ حَرَامًا يَكُونُ ضَيْعَةً لَهُمْ ؟ قَالَ : شَدِيدًا .

وَيَلْزَمُهُ الْقِيَامُ بِمَصْلَحَةِ بَهِيمَتِهِ فَإِنْ عَجَزَ أُجْبِرَ ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ : عَلَى بَيْعٍ أَوْ كِرَاءٍ أَوْ ذَبْحِ مَأْكُولٍ ، فَإِنْ أَبَى فَعَلَ الْحَاكِمُ الْأَصْلَحَ أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ ، قَالَ فِي الْغُنْيَةِ : وَيُكْرَهُ إطْعَامُهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَإِكْرَاهُهُ عَلَى الْأَكْلِ ، عَلَى مَا اتَّخَذَهُ النَّاسُ عَادَةً لِأَجْلِ التَّسْمِينِ ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ : قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ : لَا يَحِلُّ أَنْ يُتْعِبَ دَابَّةً وَنَفْسَهُ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ ، وَيَحْرُمُ تَحْمِيلُهَا مُشِقًّا وَحَلْبُهَا مَا يَضُرُّ وَلَدَهَا ، وَجِيفَتُهَا لَهُ ، وَنَقْلُهَا عَلَيْهِ ، وَلَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَسَمَ أَوْ ضَرَبَ الْوَجْهَ ، وَنَهَى عَنْهُ .
فَتَحْرِيمُ ذَلِكَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ ، وَذَكَرُوهُ فِي ضَرْبِ الْوَجْهِ فِي الْحَدِّ .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي الْوَسْمِ يُكْرَهُ ، فَيُتَوَجَّهُ فِي ضَرْبِهِ مِثْلُهُ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ، وَهُوَ فِي الْآدَمِيِّ أَشَدُّ ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : لَا يَجُوزُ الْوَسْمُ إلَّا لِمُدَاوَاةٍ .
وَقَالَ أَيْضًا : يَحْرُمُ لِقَصْدِ الْمُثْلَةِ ، وَيَجُوزُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ .
نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ : يُوسَمُ وَلَا يَعْمَلُ فِي اللَّحْمِ .

وَكَرِهَ أَحْمَدُ خِصَاءَ غَنَمٍ وَغَيْرِهَا إلَّا خَوْفَ غَضَاضَةٍ ، وَقَالَ : لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُخْصِيَ شَيْئًا ، وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ ، كَالْآدَمِيِّ ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِيهِ ( ع ) وَفِي الْغُنْيَةِ : لَا يَجُوزُ خِصَاءُ شَيْءٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَعَبِيدٍ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ وَأَبِي طَالِبٍ ، وَكَذَلِكَ السِّمَةُ فِي الْوَجْهِ ، عَلَى مَا نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ لِلنَّهْيِ .
وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْعَلَامَةِ فَفِي غَيْرِ الْوَجْهِ .
وَنَزْوُ حِمَارٍ عَلَى فَرَسٍ يُتَوَجَّهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِصَاءِ ، لِعَدَمِ النَّسْلِ فِيهِمَا ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد : يُكْرَهُ .
وَفِي الرِّعَايَةِ يُبَاحُ خَصْيُ الْغَنَمِ ، وَقِيلَ : يُكْرَهُ ، كَغَيْرِهَا ، وَيُكْرَهُ تَعْلِيقُ جَرَسٍ أَوْ وَتَرٍ ، وَجَزُّ مَعْرِفَةٍ وَنَاصِيَةٍ ، وَفِي جَزِّ ذَنَبِهَا رِوَايَتَانِ ، أَظْهَرُهُمَا يُكْرَهُ لِلْخَبَرِ ، وَعَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ قَالَ : { مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ فَقَالَ اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْعُجْمَةِ ، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً ، وَكُلُوا لَحْمَهَا صَالِحَةً } إسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا : { لَوْ غُفِرَ لَكُمْ مَا تَأْتُونَ إلَى الْبَهَائِمِ لَغُفِرَ لَكُمْ كَثِيرًا } رَوَاهُ أَحْمَدُ .

وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي غَيْرِ مَا خُلِقَ لَهُ ، كَالْبَقَرِ لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ ، وَالْإِبِلِ وَالْحُمْرِ لِلْحَرْثِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي الْإِجَارَةِ ، لِأَنَّ مُقْتَضَى الْمِلْكِ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِيمَا يُمْكِنُ ، وَهَذَا مُمْكِنٌ كَاَلَّذِي خُلِقَ لَهُ ، وَجَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ النَّاسِ ، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَكْلُ الْخَيْلِ ، وَاسْتِعْمَالُ اللُّؤْلُؤِ فِي الْأَدْوِيَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا ذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَهَا قَالَتْ : إنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا إنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، أَيْ أَنَّهُ مُعْظَمُ النَّفْعِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَنْعُ غَيْرِهِ .
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الصَّيْدِ : اخْتَلَفُوا فِي رُكُوبِ الْبَقَرِ ، فَيَلْزَمُ الْمَانِعُ مَنْعَ تَحْمِيلِ الْبَقَرِ ، وَالْحَرْثِ بِالْإِبِلِ وَالْحُمُرِ ، وَإِلَّا فَلَمْ يَعْمَلْ بِالظَّاهِرِ وَلَا بِالْمَعْنَى ، وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ سَوَادَةَ بْنِ الرَّبِيعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ { إذَا رَجَعْت إلَى بَيْتِك فَمُرْهُمْ فَلْيُحْسِنُوا غَدًا رَبَاعَهُمْ ، وَمُرْهُمْ فَلْيُقَلِّمُوا أَظَافِرَهُمْ وَلَا يَعْبِطُوا بِهَا ضُرُوعَ مَوَاشِيهِمْ إذَا حَلَبُوا } قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ شَتَمَ دَابَّةً : قَالَ الصَّالِحُونَ : لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ، هَذِهِ عَادَتُهُ .
وَرَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ فِي سَفَرٍ ، فَلَعَنَتْ امْرَأَةٌ نَاقَةً فَقَالَ : { خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ } فَكَأَنِّي أَرَاهَا الْآنَ تَمْشِي فِي النَّاسِ مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ .
وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ { لَا تُصَاحِبُنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ } ، فَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ مُصَاحَبَتِهَا فَقَطْ ، وَلِهَذَا رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ أَنْ تُرَدَّ .
وَقَالَ : { لَا يَصْحَبُنِي شَيْءٌ مَلْعُونٌ } وَيُحْتَمَلُ مُطْلَقًا مِنْ الْعُقُوبَةِ الْمَالِيَّةُ ، لِيَنْتَهِيَ النَّاسُ

عَنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ ، وَيُتَوَجَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ احْتِمَالٌ : إنَّمَا نَهَى لِعِلْمِهِ بِاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ .
وَلِلْعُلَمَاءِ كَهَذِهِ الْأَقْوَالِ .
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ : إذَا لَعَنَ أَمَتَهُ أَوْ مِلْكًا مِنْ أَمْلَاكِهِ فَعَلَى مَقَالَةِ أَحْمَدَ يَجِبُ إخْرَاجُ ذَلِكَ عَنْ مِلْكِهِ ، فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ وَيُتَصَدَّقُ بِالشَّيْءِ ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَعَنَتْ بَعِيرَهَا ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا يَصْحَبُنَا مَلْعُونٌ ، خَلِّيهِ } قَالَ : وَقَدْ يَجِيءُ فِي الطَّلَاقِ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ ذَلِكَ وَلَعَنَهَا مِثْلَ مَا فِي الْفُرْقَةِ ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ : { لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } ، وَلِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ : { أَنَّ رَجُلًا نَازَعَتْهُ الرِّيحُ رِدَاءَهُ فَلَعَنَهَا ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَلْعَنْهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ ، وَأَنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتْ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ } .
{ وَسَبَّتْ عَائِشَةُ يَهُودَ وَلَعَنَتْهُمْ لَمَّا سَلَّمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ ، لَا تَكُونِي فَاحِشَةً } ، وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ { مَهْ يَا عَائِشَةُ ، إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ } .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا : { الْبَذَاءُ مِنْ الْجَفَاءِ .
وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ } ، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا : { لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ وَلَا لَعَّانٍ وَلَا فَاحِشٍ وَلَا بَذِيءٍ } رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُمَا .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا : { لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ } ، إسْنَادُهُ جَيِّدٌ ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ ، أَيْ خَدَعَهُ وَأَفْسَدَهُ ، وَلِأَحْمَدَ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ .
وَتُسْتَحَبُّ نَفَقَتُهُ عَلَى غَيْرِ حَيَوَانٍ ، [ ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ ] ، وَيُتَوَجَّهُ

وُجُوبُهُ لِئَلَّا يَضِيعَ مَالُهُ [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ] .

بَابُ الْحَضَانَةِ لَا حَضَانَةَ إلَّا لِرَجُلِ عَصَبَةٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَارِثَةٍ أَوْ مُدْلِيَةٍ بِوَارِثٍ أَوْ عَصَبَةٍ .
ثُمَّ هَلْ هِيَ لِحَاكِمٍ أَوْ لِبَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ ثُمَّ لِحَاكِمٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 1 ) فَعَلَى الثَّانِي يُقَدَّمُ أَبُو أُمٍّ وَأُمَّهَاتُهُ عَلَى الْخَالِ ، وَفِي تَقْدِيمِهِمْ عَلَى أَخٍ مِنْ أُمٍّ أَوْ عَكْسِهِ وَجْهَانِ ( م 2 ) .

بَابُ الْحَضَانَةِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : وَلَا حَضَانَةَ إلَّا لِرَجُلِ عَصَبَةٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَارِثَةٍ أَوْ مُدْلِيَةٍ بِوَارِثٍ أَوْ عَصَبَةٍ ، ثُمَّ هَلْ هِيَ لِحَاكِمٍ أَوْ لِبَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ ثُمَّ لِحَاكِمٍ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ لِلْقَاضِي ، وَبَعْدَهُ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْحَضَانَةِ ، وَيَنْتَقِلُ إلَى الْحَاكِمِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ ، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا مُسْتَحِقِّي الْحَضَانَةِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُمْ فِيهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) هُوَ لِبَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ دُونَ الْحَاكِمِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَ فِي الْمُغْنِي : وَهُوَ أَوْلَى ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ ، وَصَاحِبُ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ : هُوَ أَقْيَسُ ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ فِي مَوْضِعٍ ، وَصَحَّحَهُ فِي آخَرَ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ ، وَلَعَلَّهُ تَنَاقُضٌ مِنْهُمْ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ : فَعَلَى الثَّانِي يُقَدَّمُ أَبُو أُمٍّ وَأُمَّهَاتُهُ عَلَى الْخَالِ ، وَفِي تَقْدِيمِهِمْ عَلَى أَخٍ مِنْ أُمٍّ أَوْ عَكْسِهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ

وَأَحَقُّ النِّسَاءِ بِطِفْلٍ أَوْ مَعْتُوهٍ أُمُّهُ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ ، كَرَضَاعٍ قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ ، ثُمَّ جَدَّاتُهُ ، ثُمَّ أَخَوَاتُهُ ، ثُمَّ عَمَّاتُهُ وَخَالَاتُهُ ، ثُمَّ عَمَّاتُ أَبِيهِ وَخَالَاتُ أَبَوَيْهِ ، ثُمَّ بَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ ، ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ وَقِيلَ : الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ بَعْدَ بَنَاتِ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ .
وَتُقَدَّمُ أُمُّ أُمٍّ عَلَى أُمِّ أَبٍ ، وَأُخْتٌ لِأُمٍّ عَلَى أُخْتٍ لِأَبٍ ، وَخَالَةٌ عَلَى عَمَّةٍ ، وَخَالَةُ أُمٍّ عَلَى خَالَةِ أَبٍ ، وَخَالَةُ أَبٍ عَلَى عَمَّتِهِ ، وَمُدْلٍ مِنْ خَالَةٍ وَعَمَّةٍ بِأُمٍّ ( و ) .
وَعَنْهُ عَكْسُهُ فِي الْكُلِّ ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ ، لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَبِ ، وَكَذَا قَرَابَتُهُ ، لِقُوَّتِهِ بِهَا ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْأُمُّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا هُنَا فِي مَصْلَحَةِ الطِّفْلِ ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الشَّارِعُ خَالَةُ ابْنَةَ حَمْزَةَ عَلَى عَمَّتِهَا صَفِيَّةَ ، لِأَنَّ صَفِيَّةَ لَمْ تَطْلُبْ ، وَجَعْفَرٌ طَلَبَ نَائِبًا عَنْ خَالَتِهَا ، فَقَضَى الشَّارِعُ بِهَا لَهَا فِي غَيْبَتِهَا ، وَقَدَّمَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ الْخَالَةَ عَلَى الْعَمَّةِ ، وَالْأُخْتَ لِلْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : فَتَنَاقَضُوا ، وَكَذَا قَالَهُ ( ش ) فِي الْجَدِيدِ

وَأَحَقُّ الرِّجَالِ أَبٌ ، ثُمَّ جَدٌّ ، ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَةٍ ، وَتُقَدَّمُ النِّسَاءُ عَلَيْهِمْ ، إلَّا أَنَّ الْأَبَ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِ أُمَّهَاتِ الْأُمِّ وَالْجَدَّ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِ أُمَّهَاتِ الْأَبَوَيْنِ ، وَعَنْهُ تَقْدِيمُهُمَا عَلَى غَيْرِ أُمٍّ ، وَعَنْهُ : تُقَدَّمُ أُخْتٌ لِأُمٍّ وَخَالَةٌ عَلَى أَبٍ ، فَتُقَدَّمُ النِّسَاءُ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ ، وَقِيلَ : إنْ لَمْ يُدْلِينَ بِهِ ، وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ نِسَاءِ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ وَجِهَتِهِ ، وَقِيلَ : تُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ عَلَى امْرَأَةٍ مَعَ قُرْبِهِ ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَوَجْهَانِ ( م 3 ) .
مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : قِيلَ : تُقَدَّمُ الْعَصَبِيَّةُ عَلَى امْرَأَةٍ مَعَ قُرْبِهِ ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) تُقَدَّمُ هِيَ مَعَ التَّسَاوِي عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) يُقَدَّمُ هُوَ .

وَلَا حَضَانَةَ لِعَصَبَةِ غَيْرِ مَحْرَمٍ عَلَى أُنْثَى ، وَفِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ : إنْ بَلَغَتْ سَبْعًا .
وَفِي التَّرْغِيبِ : تُشْتَهَى ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهَدْيِ : مُطْلَقًا ، وَيُسَلِّمُهَا إلَى ثِقَةٍ يَخْتَارُهَا هُوَ ، أَوْ إلَى مَحْرَمِهِ ، لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَحَاكِمٍ ، وَكَذَا قَالَ فِيمَنْ تَزَوَّجَتْ وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ غَيْرُهَا ، وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ وَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِلْخَبَرِ ، لِعَدَمِ عُمُومِهِ ، فَإِنْ أَبَتْ الْأُمُّ لَمْ تُجْبَرْ ، وَأُمُّهَا أَحَقُّ ، وَقِيلَ : الْأَبُ .

وَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ نَفْعَهُ الَّذِي تَحْصُلُ الْكَفَالَةُ .
وَفِي الْفُنُونِ : لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِأُمِّ وَلَدٍ فَلَهَا حَضَانَةُ وَلَدِهَا مِنْ سَيِّدِهَا ، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا ، لِعَدَمِ الْمَانِعِ ، وَهُوَ الِاشْتِغَالُ بِزَوْجٍ وَسَيِّدٍ .
وَفِي الْمُغْنِي فِي مُعْتَقِ بَعْضُهُ : قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ : يَدْخُلُ فِي مُهَايَأَةٍ .
وَقَالَ فِي الْهَدْيِ : لَا دَلِيلَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ ، وَقَالَ ( م ) فِي حُرٍّ لَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَةٍ : هِيَ أَحَقُّ بِهِ ، إلَّا أَنْ تُبَاعَ فَتَنْتَقِلَ ، فَالْأَبُ أَحَقُّ .
قَالَ : وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، لِأَحَادِيثِ مَنْعِ التَّفْرِيقِ .
قَالَ : وَتُقَدَّمُ بِحَقِّ حَضَانَتِهَا وَقْتَ حَاجَةِ الْوَلَدِ عَلَى حَقِّ السَّيِّدِ كَمَا فِي الْبَيْعِ سَوَاءٌ .

وَقَالَ الْأَصْحَابُ : وَلَا حَضَانَةَ لِفَاسِقٍ ، وَخَالَفَ صَاحِبُ الْهَدْيِ ، لِأَنَّهُ [ قَالَ ] لَا يُعْرَفُ أَنَّ الشَّرْعَ فَرَّقَ لِذَلِكَ ، وَأَقَرَّ النَّاسَ ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ بَيَانًا وَاضِحًا عَامًّا ، وَلِاحْتِيَاطِ الْفَاسِقِ وَشَفَقَتِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ .

وَلَا لِامْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ .
قَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَكَذَا أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ ( و م ش ) وَلَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ : وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهَدْيِ لَا تَسْقُطُ إنْ رَضِيَ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ سُقُوطَهَا لِمُرَاعَاةِ حَقِّ الزَّوْجِ ، وَقِيلَ : تَسْقُطُ إلَّا بِجَدَّةٍ ( و م ) ، وَالْأَشْهَرُ : وَقَرِيبَةٍ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ : وَنَسِيبَةٍ ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ ذَاتِ رَحِمٍ مُحَرَّمٍ ( و هـ ) ، وَعَنْهُ : لَهَا حَضَانَةُ الْجَارِيَةِ .
وَلَا يُعْتَبَرُ الدُّخُولُ فِي الْأَصَحِّ ( م ) فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ عَادَتْ ( م ) فِي النِّكَاحِ ، وَوَافَقَ فِي غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي } تَوْقِيتٌ لِحَقِّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ بِالنِّكَاحِ ، وَعَنْهُ : فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ بَعْدَ الْعِدَّةِ ( و هـ ) وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَجْهًا ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّرْغِيبِ .

وَنَظِيرُهَا لَوْ وُقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ، فَمَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْبَنَاتِ فَلَا حَقَّ لَهُ ، قَالَهُ الْقَاضِي ، وَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهَا بِإِسْقَاطِهَا ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الِانْتِصَارِ وَيُتَوَجَّهُ كَإِسْقَاطِ أَبٍ الرُّجُوعَ فِي هِبَةٍ .
وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ : هَلْ الْحَضَانَةُ حَقٌّ لِلْحَاضِنِ أَوْ عَلَيْهِ ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ وَيَنْبَنِي عَلَيْهَا : هَلْ لِمَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ أَنْ يُسْقِطَهَا وَيَنْزِلَ عَنْهَا ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ خِدْمَةٌ لِوَلَدٍ أَيَّامَ حَضَانَتِهِ إلَّا بِأُجْرَةٍ إنْ قُلْنَا الْحَقُّ لَهُ ، وَإِلَّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ خِدْمَتُهُ مَجَّانًا ، وَلِلْفَقِيرِ الْأُجْرَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ؟ قَالَ : وَإِنْ وَهَبَتْ الْحَضَانَةَ لِلْأَبِ وَقُلْنَا الْحَقُّ لَهَا لَزِمَتْ الْهِبَةُ وَلَمْ تَرْجِعْ فِيهَا ، وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ عَلَيْهَا فَلَهَا الْعَوْدُ إلَى طَلَبِهَا ، كَذَا قَالَ ( م 4 ) ثُمَّ قَالَ : هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ أَصْحَابِ مَالِكٍ ، كَذَا قَالَ .

مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهَا بِإِسْقَاطِهَا ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الِانْتِصَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ هَلْ يُورِثُ أَمْ لَا ؟ وَيُتَوَجَّهُ كَإِسْقَاطِ الرُّجُوعِ فِي هِبَةٍ .
وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ : هَلْ الْحَضَانَةُ حَقٌّ لِلْحَاضِنِ أَوْ عَلَيْهِ ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا هَلْ لِمَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ أَنْ يُسْقِطَهَا ، وَيَنْزِلَ عَنْهَا ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ خِدْمَةُ الْوَلَدِ أَيَّامَ حَضَانَتِهِ إلَّا بِأُجْرَةٍ إنْ قُلْنَا الْحَقُّ لَهُ ، وَإِلَّا عَلَيْهِ خِدْمَتُهُ مَجَّانًا ، وَلِلْفَقِيرِ الْأُجْرَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ، قَالَ : وَإِنْ وَهَبَتْ الْحَضَانَةَ لِلْأَبِ وَقُلْنَا : الْحَقُّ لَهَا لَزِمَتْ الْهِبَةُ وَلَمْ تَرْجِعْ فِيهَا ، وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ عَلَيْهَا فَلَهَا الْعَوْدُ إلَى طَلَبِهَا ، كَذَا قَالَ ، انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ .
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ : كَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ حَقِّ الْأُمِّ مِنْ الْحَضَانَةِ بِإِسْقَاطِهَا ، وَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مَحَلَّ خِلَافٍ ، وَإِنَّمَا مَحَلُّ النَّظَرِ أَنَّهَا لَوْ أَرَادَتْ الْعَوْدَ فِيهَا هَلْ لَهَا ذَلِكَ ؟ يَحْتَمِلُ قَوْلَيْنِ ، أَظْهَرُهُمَا لَهَا ذَلِكَ ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَلَوْ يَتَّصِلُ تَبَرُّعُهَا بِهِ بِالْقَبْضِ ، فَلَهَا الْعَوْدُ ، كَمَا لَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الْقَسَمِ ، انْتَهَى .
قَالَ فِي الْمُغْنِي : وَإِنْ تَرَكَتْ الْأُمُّ الْحَضَانَةَ مَعَ اسْتِحْقَاقِهَا لَهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ : ( أَحَدُهُمَا ) تَنْتَقِلُ إلَى الْأَبِ ، وَلِأَنَّ أُمَّهَاتِهَا فَرْعٌ عَلَيْهَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ ، فَإِذَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا سَقَطَ فُرُوعُهَا .
( وَالثَّانِي ) تَنْتَقِلُ إلَى أُمِّهَا وَهُوَ أَصَحُّ ، وَلِأَنَّ الْأَبَ أَبْعَدُ ، فَلَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ ، وَكَوْنُ أُمِّهَا فَرْعَهَا لَا يَقْتَضِي سُقُوطَ حَقِّهَا بِإِسْقَاطِ بِنْتِهَا ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ ، انْتَهَى مُلَخَّصًا .

وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ سَفَرًا لِحَاجَةٍ فَقِيلَ : لِلْمُقِيمِ ، وَقِيلَ : لِلْأُمِّ ، وَقِيلَ : مَعَ قُرْبِهِ ( م 5 و 6 ) وَالسُّكْنَى مَعَ قُرْبِهِ لِلْأُمِّ ، وَقِيلَ : لِلْمُقِيمِ ، وَمَعَ بُعْدِهِ وَلَا خَوْفَ لِلْأَبِ ( و م ش ) وَعَنْهُ : لِلْأُمِّ ، وَقَيَّدَهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ بِإِقَامَتِهَا ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ لِلْمُقِيمِ إلَّا أَنْ تَنْتَقِلَ الْأُمُّ إلَى بَلَدٍ كَانَ فِيهِ أَصْلُ النِّكَاحِ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْهَدْيِ : إنْ أَرَادَ الْمُنْتَقِلُ مُضَارَّةَ الْآخَرِ وَانْتِزَاعَ الْوَلَدِ لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ ، وَإِلَّا عُمِلَ مَا فِيهِ مَصْلَحَةُ طِفْلٍ .
وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ ، فَلَا مُخَالَفَةَ ، لَا سِيَّمَا فِي صُورَةِ الْمُضَارَّةِ ، وَالْبَعِيدِ مَسَافَةَ قَصْرٍ ، وَنَصُّهُ : مَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْعَوْدُ فِي يَوْمِهِ ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ .

( مَسْأَلَةٌ 5 و 6 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ سَفَرًا لِحَاجَةٍ ، فَقِيلَ : لِلْمُقِيمِ ، وَقِيلَ : لِلْأُمِّ ، وَقِيلَ : مَعَ قُرْبِهِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5 ) إذَا كَانَ السَّفَرُ بَعِيدًا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ فَهَلْ الْمُقِيمُ أَحَقُّ أَمْ الْأُمُّ ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ .
( أَحَدُهُمَا ) الْمُقِيمُ أَحَقُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) الْأُمُّ أَحَقُّ مُطْلَقًا ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6 ) إذَا كَانَ السَّفَرُ قَرِيبًا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ فَهَلْ الْمُقِيمُ أَحَقُّ أَمْ الْأُمُّ ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ .
( أَحَدُهُمَا ) الْمُقِيمُ أَحَقُّ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) الْأُمُّ أَحَقُّ مُطْلَقًا ، أَعْنِي سَوَاءً كَانَتْ الْمُسَافِرَةَ أَوْ الْمُقِيمَةَ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ .
وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى ، وَلَنَا قَوْلٌ إنَّ : الْأُمَّ أَحَقُّ هُنَا ، وَإِنْ قُلْنَا الْمُقِيمُ أَحَقُّ فِي الْبَعِيدِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَقَدْ قُدِّمَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي أَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ مُطْلَقًا فِي الْبَعِيدِ ، وَقَطَعُوا فِي الْقَرِيبِ بِأَنَّهَا أَحَقُّ ، فَهُنَاكَ قَدَّمُوا مَعَ حِكَايَتِهِمْ الْخِلَافَ ، وَهُنَا قَطَعُوا .

وَإِنْ بَلَغَ غُلَامٌ سَبْعَ سِنِينَ عَاقِلًا فَعَنْهُ : أَبُوهُ أَحَقُّ ، وَعَنْهُ أُمُّهُ ، وَالْمَذْهَبُ يُخَيَّرُ ( م 7 ) ( و ش ) فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ أُقْرِعَ .
وَفِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالُ أَنَّ أُمَّهُ أَحَقُّ ، كَبُلُوغِهِ غَيْرَ رَشِيدٍ ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد : يُخَيَّرُ ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ .
وَمَذْهَبُ ( هـ ) أُمِّهِ أَحَقُّ حَتَّى يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيَلْبَسَ وَحْدَهُ فَيَكُونَ عِنْدَ أَبِيهِ ، وَمَتَى أَخَذَهُ الْأَبُ لَمْ يُمْنَعْ زِيَارَةَ أُمِّهِ وَلَا هِيَ تَمْرِيضَهُ ، وَإِنْ أَخَذَتْهُ أُمُّهُ كَانَ عِنْدَهَا لَيْلًا ، وَعِنْدَهُ نَهَارًا لِيُؤَدِّبَهُ وَيُعَلِّمَهُ مَا يُصْلِحُهُ ، فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ اخْتَارَ غَيْرَهُ أَخَذَهُ .
وَكَذَا إنْ اخْتَارَ أَبَدًا وَفِي التَّرْغِيبِ : إنْ أَسْرَفَ تَبَيَّنَ قِلَّةُ تَمْيِيزِهِ فَيُقْرَعُ أَوْ لِلْأُمِّ .
( مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ بَلَغَ غُلَامٌ سَبْعَ سِنِينَ عَاقِلًا ، فَعَنْهُ : أَبُوهُ أَحَقُّ ، وَعَنْهُ : أُمُّهُ وَالْمَذْهَبُ : يُخَيَّرُ ، انْتَهَى .
الْمَذْهَبُ بِلَا شَكٍّ التَّخْيِيرُ وَالْكَلَامُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّخْيِيرِ ، فَإِنَّهُ أَطْلَقَهُمَا ، وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّ الْأَبَ أَحَقُّ ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ النَّاظِمُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ : أَضْعَفُ الرِّوَايَاتِ الرِّوَايَةُ الَّتِي تَقُولُ : إنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ ، انْتَهَى .

وَإِنْ بَلَغَتْ أُنْثَى سَبْعًا فَعَنْهُ : الْأُمُّ أَحَقُّ ( و هـ ) قَالَ فِي الْهَدْيِ : وَهِيَ الْأَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَصَحُّ دَلِيلًا ، وَقِيلَ : تُخَيَّرُ ، وَذَكَرَهُ فِي الْهَدْيِ رِوَايَةً وَقَالَ : نَصَّ عَلَيْهَا ( و ش ) وَالْمَذْهَبُ الْأَبُ ( م 8 ) تَبَرَّعَتْ بِحَضَانَتِهِ أَمْ لَا .
وَعَنْهُ : بَعْدَ تِسْعٍ ، فَإِنْ بَلَغَتْ فَعِنْدَهُ حَتَّى يَتَسَلَّمَهَا زَوْجٌ ( و هـ ) وَعَنْهُ : عِنْدَهَا ، وَقِيلَ : إنْ كَانَتْ أَيِّمًا أَوْ الزَّوْجُ مُحْرِمًا ، وَقِيلَ : إنْ حُكِمَ بِرُشْدِهَا فَحَيْثُ أَحَبَّتْ ، كَغُلَامٍ .
وَقَالَهُ فِي الْوَاضِحِ ، وَخَرَّجَهُ عَلَى عَدَمِ إجْبَارِهَا ، وَالْمُرَادُ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَأْمُونَةً ، زَادَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ : ثَيِّبًا ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ : لِأَبِيهَا مَنْعُهَا مِنْ الِانْفِرَادِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَأَوْلِيَاؤُهَا .
مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ بَلَغَتْ أُنْثَى سَبْعًا ، فَعَنْهُ : الْأُمُّ أَحَقُّ ، قَالَ فِي الْهَدْيِ : وَهِيَ أَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَصَحُّ دَلِيلًا ، وَقِيلَ : تُخَيَّرُ ، ذَكَرَهُ فِي الْهَدْيِ رِوَايَةً .
وَقَالَ : نَصَّ عَلَيْهَا ، وَالْمَذْهَبُ : الْأَبُ ، انْتَهَى .
الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بِلَا رَيْبٍ ، وَالْكَلَامُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ غَيْرُهُ ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيُّهُمَا أَصَحُّ ؟ الرِّوَايَةُ الْأُولَى أَوْ الْقَوْلُ الثَّانِي ؟ وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا الرِّوَايَةُ الْأُولَى ، وَقَدْ اخْتَارَهَا ابْنُ الْقَيِّمِ وَغَيْرُهُ ، فَهَذِهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ

وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَنْفَرِدَ عَنْ أَبَوَيْهِ ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ { الْأُمُّ أَحَقُّ بِهِمَا حَتَّى يُثْغِرَا } ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ ( م ) حَتَّى يَبْلُغَا ، وَلَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا [ الْآخَرَ ] مِنْ زِيَارَتِهَا .
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ : لَا تَجِيءُ بَيْتَ مُطَلِّقِهَا إلَّا مَعَ أُنُوثِيَّةِ الْوَلَدِ ، وَلَا خَلْوَةَ لِأُمٍّ مَعَ خَوْفِهِ أَنْ تُفْسِدَ قَلْبَهَا ، قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ ، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ مِثْلُهَا .
.

وَالْأُمُّ أَحَقُّ بِتَمْرِيضِهَا فِي بَيْتِهَا ، وَلَهَا زِيَارَةُ أُمِّهَا إنْ مَرِضَتْ ، وَغَيْرُ أَبَوَيْهِ كَهُمَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا وَلَا يُقِرُّ بِيَدِ مَنْ لَا يَصُونُهُ وَيُصْلِحُهُ .

وَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ أُقْرِعَ قَبْلَ السَّبْعِ ، وَخُيِّرَ بَعْدَهَا مُطْلَقًا ، وَحَضَانَةُ رَقِيقٍ لِسَيِّدِهِ ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا تَهَايَأَ فِيهِ سَيِّدُهُ وَقَرِيبُهُ .

كِتَابُ الْجِنَايَاتِ وَهِيَ : عَمْدٌ يَخْتَصُّ الْقَوَدُ بِهِ ، وَشِبْهُ عَمْدٍ ، وَخَطَأٌ .
فَالْعَمْدُ أَنْ يَقْصِدَ مَنْ يَعْلَمُهُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا بِمَا يَقْتُلُهُ غَالِبًا ، مِثْلَ أَنْ يَضْرِبَهُ بِحَجَرٍ كَبِيرٍ أَوْ سَنْدَانَ أَوْ لَتٍّ وَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ السِّلَاحِ أَوْ كُوذَيْنِ وَهُوَ مَا يَدُقُّ بِهِ الدَّقَّاقُ الثِّيَابَ أَوْ خَشَبَةٌ كَبِيرَةٌ ، وَكُلُّ شَيْءٍ فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ لَا كَهُوَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا بَيْتُ الشَّعْرِ ، وَنَقَلَ ابْنُ مُشَيْشٍ : يَجِبُ الْقَوَدُ إذَا ضَرَبَهُ بِمِثْلِ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ وَكُوذَيْنِ الْقَصَّارِ وَالصَّخْرَةِ وَبِمَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ احْتَجُّوا بِهِ فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا : نَاقِضُ الْعَهْدِ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ لَا بِالْحَجَرِ ، إجْمَاعًا .
أَوْ يُكَرَّرُ ضَرْبُهُ بِصَغِيرٍ ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ ، أَوْ مَرَّةً بِهِ فِي مَقْتَلٍ ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ فِي الْوَاضِحِ ، وَفِي الْأُولَى فِي الِانْتِصَارِ : هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ .

نَقَلَ حَرْبٌ : شِبْهُ الْعَمْدِ أَنْ يَضْرِبَهُ بِخَشَبَةٍ دُونَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى يَقْتُلَهُ ، أَوْ مَرَّةً بِهِ فِي مَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَنَحْوِهِ ، وَمِثْلُهُ لَكَمَهُ ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ .

وَإِنْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ قَتْلَهُ لَمْ يُصَدَّقْ ، أَوْ يُلْقِيهِ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي نَارٍ أَوْ مَاءٍ يُغْرِقُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَقِيلَ : يَضْمَنُ الدِّيَةَ بِإِلْقَائِهِ فِي نَارٍ ، وَقِيلَ : لَا كَمَاءٍ فِي الْأَصَحِّ ( م 1 ) أَوْ يُكَتِّفُهُ بِحَضْرَةِ سَبْعٍ بِفَضَاءٍ ، أَوْ بِمَضِيقٍ بِحَضْرَةِ حَيَّةٍ ، خِلَافًا لِلْقَاضِي فِيهِمَا ، أَوْ يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَبْعٍ بِمَضِيقٍ ، كَزُبْيَةٍ ، فَيَفْعَلُ بِهِ مَا يَقْتُلُ مِثْلَهُ أَوْ يَنْهَشُهُ سَبُعٌ أَوْ حَيَّةً يَقْتُلُ مِثْلَهُ غَالِبًا وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ( م 2 ) أَوْ بِخَنْقِهِ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ ، أَوْ يَسُدُّ فَمَه وَأَنْفَهُ ، نَقَلَ أَبُو دَاوُد : إذَا غَمَّهُ حَتَّى يَقْتُلَهُ قُتِلَ بِهِ ، أَوْ يَعْصِرُ خُصْيَتَيْهِ ، أَوْ يَحْبِسُهُ وَيَمْنَعُهُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَيَتَعَذَّرُ طَلَبُهُ فَيَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ لِمُدَّةٍ يَمُوتُ فِيهَا غَالِبًا ، فَلَوْ تَرَكَهُمَا قَادِرٌ فَلَا دِيَةَ ، كَتَرْكِهِ شَدَّ فَصْدِهِ ، أَوْ يَجْرَحُهُ بِحَدِيدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَمُوتُ مِنْهُ ، وَالْأَصَحُّ : وَلَوْ لَمْ يُدَاوِ مَجْرُوحٌ قَادِرٌ جُرْحَهُ .
نَقَلَ جَعْفَرٌ الشَّهَادَةَ عَلَى الْقَتْلِ أَنْ يَرَوْهُ وَجَأَهُ وَأَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ ، أَوْ يَطُولُ بِهِ الْمَرَضُ وَلَا عِلَّةَ بِهِ غَيْرُهُ .
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ : أَوْ جُرْحُهُ وَتَعْقُبُهُ سِرَايَةٌ بِمَرَضٍ وَدَامَ جُرْحُهُ حَتَّى مَاتَ ، فَلَا يُعَلَّقُ بِفِعْلِ اللَّهِ [ تَعَالَى ] شَيْءٌ .

كِتَابُ الْجِنَايَاتِ ( مَسْأَلَةٌ 1 ) قَوْلُهُ : أَوْ يُلْقِيهِ فِي نَارٍ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَقِيلَ : يَضْمَنُ الدِّيَةَ بِإِلْقَائِهِ فِي نَارٍ ، وَقِيلَ : لَا ، كَمَاءٍ ، فِي الْأَصَحِّ ، انْتَهَى .
أَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَضْمَنُ الدِّيَةَ ، قَالَ فِي الْكَافِي : وَإِنْ كَانَ لَا يُقْتَلُ غَالِبًا أَوْ التَّخَلُّصُ مِنْهُ مُمْكِنٌ فَلَا قَوَدَ فِيهِ ، لِأَنَّهُ عَمَدَ الْخَطَأَ ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ فِيهِ الدِّيَةَ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ .
( مَسْأَلَةٌ 2 ) قَوْلُهُ أَوْ يَنْهَشُهُ سَبُعٌ أَوْ حَيَّةٌ يُقْتَلُ مِثْلُهُ غَالِبًا ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ .
( أَحَدُهُمَا ) هُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَيْسَ بِعَمْدٍ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ .

أَوْ يَغْرِزُهُ بِإِبْرَةٍ وَنَحْوِهَا فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ فَيَبْقَى ضَمِنًا حَتَّى يَمُوتَ ، وَفِيهِ وَجْهٌ ، فَإِنْ مَاتَ فِي الْحَالِ فَوَجْهَانِ ( م 3 ) أَوْ يَقْطَعُ أَوْ يَبُطُّ سِلْعَةَ أَجْنَبِيٍّ خَطِرَةً بِلَا إذْنِهِ فَيَمُوتُ ، لَا وَلِيَّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ لِمَصْلَحَةٍ ، وَقِيلَ : لَا وَلِيَّ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ يَسْحَرُهُ بِمَا يَقْتُلُهُ غَالِبًا ، أَوْ يَسْقِيهِ سُمًّا لَا يَعْلَمُ بِهِ ، أَوْ يَخْلِطُهُ بِطَعَامٍ وَيُطْعِمُهُ ، أَوْ بِطَعَامِ أَكَلَهُ فَيَأْكُلُهُ جَهْلًا فَيَلْزَمُهُ الْقَوَدُ ، وَأَطْلَقَ ابْنُ رَزِينٍ فِيمَا إذَا أَلْقَمَهُ سُمًّا أَوْ خَلَطَهُ بِهِ قَوْلَيْنِ .
{ وَقَدْ سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودِيَّةَ لَمَّا مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ الَّذِي أَكَلَ مَعَهُ مِنْ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ فَقَتَلُوهَا قَوَدًا وَلَمْ يَقْتُلْهَا أَوَّلًا } ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ آكِلُهُ وَهُوَ بَالِغٌ [ عَاقِلٌ ] ، أَوْ خَلَطَهُ بِطَعَامِ نَفْسِهِ فَأَكَلَهُ أَحَدٌ بِلَا إذْنِهِ ، فَهَدَرٌ ، فَإِنْ قَالَ الْقَاتِلُ بِالسُّمِّ أَوْ السِّحْرِ : لَمْ أَعْلَمْهُ قَاتِلًا ، أَوْ ادَّعَى جَهْلَ الْمَرَضِ ، لَمْ يُقْتَلْ ، وَقِيلَ : بَلَى ، وَقِيلَ : وَيَجْهَلُهُ مِثْلُهُ .

مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : أَوْ يَغْرِزُهُ بِإِبْرَةٍ وَنَحْوِهَا فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ ، فَيَبْقَى ضَمِنًا حَتَّى يَمُوتَ ، وَفِيهِ وَجْهٌ .
فَإِنْ مَاتَ فِي الْحَالِ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ ( أَحَدُهُمَا ) يَكُونُ عَمْدًا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، فَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، إلَّا أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةُ مَغْلُوطَةً ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ : وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ حَامِدٍ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَكُونُ عَمْدًا ، بَلْ شِبْهَ عَمْدٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ ، وَقَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ

وَمَنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ فَقُتِلَ ثُمَّ رَجَعَتْ أَوْ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ مَثَلًا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَتْ : عَمَدْنَا قَتْلَهُ .
وَفِي الْكَافِي : وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ .
وَفِي الْمُغْنِي : وَلَمْ يَجُزْ جَهْلُهُمَا بِهِ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ : وَكَذَّبَتْهُمَا قَرِينَةٌ ، أَوْ قَالَ حَاكِمٌ أَوْ وَلِيٌّ : عَلِمْت كَذِبَهُمَا وَعَمَدْت قَتْلَهُ ، لَزِمَ الْقَوَدُ ، وَنَصَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُنَاظَرَاتِهِ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَمْ تُلْجِئْهُ الْبَيِّنَةُ ، وَإِنْ كَانَ فَلَيْسَ الشَّرْعُ بِوَعِيدِهِ مُلْجِئًا ، لِأَنَّ وَعِيدَ الرَّسُولِ إكْرَاهٌ لَا وَعِيدَ الْبَارِئِ .
وَقِيلَ : فِي قَتْلِ حَاكِمٍ وَجْهَانِ ، كَمُزَكٍّ فَإِنَّ الْمُزَكِّيَ لَا يُقْتَلُ عِنْدَ الْقَاضِي لِأَنَّهُ غَيْرُ مُلْجِئٍ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ : لَمْ يَقْصِدُوا قَتْلَهُ ، بَلْ قَبُولُ شَهَادَتِهِمْ ، وَيُقْتَلُ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ ( م 4 ) وَلَا تَقْتُلُ بَيِّنَةٌ مَعَ مُبَاشَرَةِ وَلِيٍّ .
وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ : هُمَا كَمُمْسِكٍ مَعَ مُبَاشِرٍ .
وَفِي التَّبْصِرَةِ : إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ أُقَيِّدُ الْكُلَّ ، وَيَخْتَصُّ مُبَاشِرًا عَالِمًا ، ثُمَّ وَلِيًّا ، ثُمَّ الْبَيِّنَةَ وَالْحَاكِمَ ، وَقِيلَ : ثُمَّ حَاكِمًا ، لِأَنَّ سَبَبَهُ أَخَصُّ مِنْ الْبَيِّنَةِ .

مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَقِيلَ فِي قَتْلِ حَاكِمٍ وَجْهَانِ ، كَمُزَكٍّ فَإِنَّ الْمُزَكِّيَ لَا يُقْتَلُ ، عِنْدَ الْقَاضِي ، وَيُقْتَلُ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ ، انْتَهَى .
مَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ، فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ ، وَنَصَرَاهُ ، وَكَذَلِكَ ابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .
( وَالْقَوْلُ الثَّانِي ) وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي لَا يُقْتَلُ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَقَالَا : وَلَوْ رَجَعَ الْمُزَكُّونَ وَقَالُوا عَمَدْنَا الْكَذِبَ لِيُقْتَلَ أَوْ لِيُقْطَعَ فَفِي لُزُومِ الْقَوَدِ وَجْهَانِ ، زَادَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : وَكَذَا لَوْ قَالَ الْحَاكِمُ أَوْ الْوَلِيُّ عَلِمْت كَذِبَهُمَا وَعَمَدْت قَتْلَهُ .

وَإِنْ لَزِمَتْ دِيَةٌ بِبَيِّنَةٍ وَحَاكِمًا فَقِيلَ : أَثْلَاثًا ، وَقِيلَ : نِصْفَيْنِ ( م 5 ) وَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ : عَمَدْنَا ، وَبَعْضُهُمْ : أَخْطَأْنَا : فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَعَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ ، وَالْمُخْطِئُ مِنْ الْمُخَفَّفَةِ .
( مَسْأَلَةٌ 5 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ لَزِمَتْ دِيَةٌ بِبَيِّنَةٍ وَحَاكِمًا فَقِيلَ : أَثْلَاثًا ، وَقِيلَ : نِصْفَيْنِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) تَلْزَمُهُمْ أَثْلَاثًا ، عَلَى الْحَاكِمِ الثُّلُثُ ، وَعَلَى كُلِّ شَاهِدٍ الثُّلُثُ ، قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ ، فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَدَدِهِمْ ، عَلَى الصَّحِيحِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هُنَا .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَلْزَمُهُمْ نِصْفَيْنِ ، عَلَى الْحَاكِمِ النِّصْفُ ، وَعَلَى الشَّاهِدَيْنِ النِّصْفُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَطَعَ بِذَلِكَ فِي بَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ : تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ شَرِيكِي فَوَجْهَانِ فِي الْقَوَدِ ( م 6 ) وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ : عَمَدْنَا ، وَالْآخَرُ : أَخْطَأْنَا ، لَزِمَ الْمُقِرَّ بِالْعَمْدِ الْقَوَدُ ، وَالْآخَرَ نِصْفُ الدِّيَةِ ، وَإِنْ رَجَعَ وَلِيٌّ وَبَيِّنَةٌ ضَمِنَهُ وَلِيٌّ .
وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ : وَبَيِّنَةٌ كَمُشْتَرَكٍ ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّ الدَّالَّ يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَ وَإِلَّا الدِّيَةُ وَأَنَّ الْآمِرَ لَا يَرِثُ .
( مَسْأَلَةٌ 6 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ شَرِيكِي فَوَجْهَانِ فِي الْقَوَدِ ، انْتَهَى .
أَحَدُهُمَا : لَا قَوَدَ : قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَالَ : عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ حَالَّةً انْتَهَى .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) عَلَيْهِمَا الْقَوَدُ ، ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِاعْتِرَافِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْعَمْدِيَّةِ ، وَدَعْوَاهُ أَنَّ صَاحِبَهُ أَخْطَأَ لَا أَثَرَ لَهُ ، لِتَكْذِيبِهِ لَهُ .

فَصْلٌ الْمَذْهَبُ يُقْتَلُ جَمَاعَةٌ بِوَاحِدٍ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : لَا ، فَتَلْزَمُهُمْ دِيَةٌ ، وَعَلَى الْأُولَى دِيَةٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَهُوَ أَشْهَرُ ، كَخَطَإٍ .
وَنَقَلَ ابْنُ مَاهَانَ دِيَاتٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَالْفَضْلُ : إنْ قَتَلَهُ ثَلَاثَةٌ فَلَهُ قَتْلُ أَحَدِهِمْ وَالْعَفْوُ عَنْ آخَرَ وَأَخْذُ الدِّيَةِ كَامِلَةً مِنْ أَحَدِهِمْ .
وَفِي الْفُنُونِ : أَنَا أَخْتَارُ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ : أَنَّ شَرِكَةَ الْأَجَانِبِ تَمْنَعُ الْقَوَدَ ، لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لَنَا بِظَنٍّ فَضْلًا عَنْ عِلْمٍ بِجِرَاحَةِ أَيِّهِمَا مَاتَ أَوْ بِهِمَا ، وَإِنْ جَرَحَ وَاحِدٌ جُرْحًا وَآخَرُ مِائَةً فَسَوَاءٌ ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ كَفَّهُ وَآخَرُ [ مِنْ ] مَرْفِقِهِ ، وَقِيلَ : الْقَاتِلُ الثَّانِي فَيُقَادُ الْأَوَّلُ ، وَلَوْ انْدَمَلَا أُقَيِّدُ الْأَوَّلَ ، وَكَذَا مِنْ الثَّانِي الْمَقْطُوعِ يَدُهُ مِنْ كُوعٍ ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ ، أَوْ ثُلُثُ دِيَةٍ ؟ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ .

وَلَوْ قَتَلُوهُ بِأَفْعَالٍ لَا يَصْلُحُ وَاحِدٌ لِقَتْلِهِ ، نَحْوُ إنْ ضَرَبَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ سَوْطًا فِي حَالَةٍ أَوْ مُتَوَالِيًا ، فَلَا قَوَدَ ، وَفِيهِ عَنْ تَوَاطُؤٍ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ ( م 7 ) .
مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ قَتَلُوهُ بِأَفْعَالٍ لَا يَصْلُحُ وَاحِدٌ لِقَتْلِهِ ، نَحْوُ إنْ ضَرَبَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ سَوْطًا فِي حَالَّةٍ ، أَوْ مُتَوَالِيًا ، فَلَا قَوَدَ ، وَفِيهِ عَنْ تَوَاطُؤٍ وَجْهَانِ ، فِي التَّرْغِيبِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) عَلَيْهِمْ الْقَوَدُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا قَوَدَ عَلَيْهِمْ ، كَغَيْرِ التَّوَاطُؤِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى .

وَإِنْ فَعَلَ أَحَدُهُمَا فِعْلًا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ ، كَقَطْعِ حَشْوَتِهِ أَوْ مَرِيئِهِ أَوْ وَدَجَيْهِ ثُمَّ ذَبَحَهُ آخَرُ قُتِلَ الْأَوَّلُ وَعُزِّرَ الثَّانِي ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي التَّبْصِرَةِ ، كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى مَيِّتٍ ، فَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ ، وَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ التَّصَرُّفَ فِيهِ كَمَيِّتٍ لَوْ كَانَ عَبْدًا ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ ، كَذَا جَعَلُوا الضَّابِطَ : يَعِيشُ مِثْلُهُ أَوْ لَا يَعِيشُ ، وَكَذَا عَلَّلَ الْخِرَقِيُّ الْمَسْأَلَتَيْنِ ، مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي لَا يَعِيشُ : خَرَقَ بَطْنَهُ وَأَخْرَجَ حَشْوَتَهُ فَقَطَعَهَا فَأَبَانَهَا مِنْهُ ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُبِنْهَا لَمْ يَكُنْ حُكْمُهُ كَذَلِكَ ، مَعَ أَنَّهُ بِقَطْعِهَا لَا يَعِيشُ فَاعْتَبَرَ الْخِرَقِيُّ كَوْنَهُ لَا يَعِيشُ فِي مَوْضِعٍ خَاصٍّ ، فَتَعْمِيمُ الْأَصْحَابِ لَا سِيَّمَا وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِكَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ .
وَهَذَا مَعْنَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ فِي كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، وَأَنَّهُ ، احْتَجَّ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الذَّكَاةِ ، فَدَلَّ عَلَى تَسَاوِيهِمَا عِنْدَهُ وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ ، وَلِهَذَا احْتَجَّ بِوَصِيَّةِ عُمَرَ ، [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ] وَوُجُوبِ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الذَّكَاةِ ، كَمَا احْتَجَّ هُنَا ، وَلَا فَرْقَ .
وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ فِي الذَّكَاةِ كَالْقَوْلِ هُنَا فِي أَنَّهُ يَعِيشُ أَوْ لَا .
وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ أَيْضًا ، فَهَؤُلَاءِ أَيْضًا سَوَّوْا بَيْنَهُمَا ، وَكَلَامُ الْأَكْثَرِ عَلَى التَّفْرِقَةِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي : إنْ فَعَلَ مَا يَمُوتُ بِهِ يَقِينًا وَبَقِيَتْ مَعَهُ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ ، كَمَا لَوْ خَرَقَ حَشْوَتَهُ وَلَمْ يُبِنْهَا ، فَالْقَاتِلُ الثَّانِي ، لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَيَاةِ ، لِصِحَّةِ وَصِيَّةِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ] وَكَمَا لَوْ جَازَ بَقَاؤُهُ ، وَكَمَرِيضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ .
قَالَ : وَإِنْ أَخْرَجَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْ حُكْمِ الْحَيَاةِ بِأَنْ أَبَانَ ، حَشْوَتَهُ أَوْ ذَبَحَهُ ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ آخَرُ

فَالْقَاتِلُ هُوَ الْأَوَّلُ ، وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ رِوَايَةٍ مِنْ مَسْأَلَةِ الذَّكَاةِ أَنَّهُمَا قَاتِلَانِ ، وَلِهَذَا اعْتَبَرُوا إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى ، وَلَوْ كَانَ فِعْلُ الثَّانِي كَلَا فِعْلٍ لَمْ يُؤَثِّرْ غَرَقُ حَيَوَانٍ فِي مَاءٍ يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ ، عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَلَمَا صَحَّ الْقَوْلُ بِأَنَّ نَفْسَهُ زَهَقَتْ بِهِمَا كَالْمُقَارِنِ ، وَلَا يَقَعُ كَوْنُ الْأَصْلِ الْخَطَرَ بَلْ الْأَصْلُ بَقَاءُ عِصْمَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى مَا كَانَ .
فَإِنْ قِيلَ : زَالَ الْأَصْلُ بِالسَّبَبِ ، قِيلَ وَفِي مَسْأَلَةِ الذَّكَاةِ .
وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْفِعْلَ الطَّارِئَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي التَّحْرِيمِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَتَأْثِيرٌ فِي الْحِلِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُنْخَنِقَةِ وَأَخَوَاتِهَا عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ ، وَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِهِمْ دَلِيلًا هُنَا إلَّا مُجَرَّدَ دَعْوَى أَنَّهُ كَمَيِّتٍ ، وَلَا فَرْقًا مُؤَثِّرًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذَّكَاةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَيَلْزَمُ الْأَوَّلَ مُوجِبُ جِرَاحَةٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هَذَا أَنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ كَصَحِيحٍ فِي الْجِنَايَةِ مِنْهُ وَعَلَيْهِ وَإِرْثُهُ وَاعْتِبَارُ كَلَامِهِ إلَّا مَا سَبَقَ مِنْ تَبَرُّعَاتِهِ ، وَسَوَاءٌ عَايَنَ مِلْكَ الْمَوْتِ أَوْ لَا ، وَقَدْ ذَكَرُوا هَلْ تُمْنَعُ قَبُولُ تَوْبَتِهِ بِمُعَايَنَةِ الْمِلْكِ أَوْ لَا يَمْتَنِعُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا أَوْ يَمْتَنِعُ بِالْغَرْغَرَةِ ؟ لَنَا أَقْوَالٌ ( م 8 ) إلَّا أَنْ يَخْتَلَّ عَقْلُهُ فَلَا اعْتِبَارَ لِكَلَامِهِ كَصَحِيحٍ ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ [ قَبْلَ كِتَابِ الْعَاقِلَةِ بِنَحْوِ كُرَّاسَةٍ : مَسْأَلَةٌ فِي مَنْ قَتَلَ عَلِيلًا ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا قَدْ ذَهَبَ الرُّوحُ مِنْ نِصْفِ جَسَدِهِ ، قَالَ : يَضْمَنُهُ ] .

مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ اسْتِطْرَادًا : وَقَدْ ذَكَرُوا ، هَلْ يُمْنَعُ قَبُولُ تَوْبَتِهِ بِمُعَايَنَةِ الْمِلْكِ أَمْ لَا يُمْنَعُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا ؛ أَوْ يَمْتَنِعُ بِالْغَرْغَرَةِ ؟ لَنَا أَقْوَالٌ ، انْتَهَى .
( قُلْت ) : قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا ، وَصَحَّحْنَاهَا هُنَاكَ ، فَلْتُرَاجَعْ

، [ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ ] : اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ كَرَبَتْ نَفْسُهُ مِنْ الزَّهُوقِ فَمَاتَ لَهُ مَيِّتٌ أَنَّهُ يَرِثُهُ ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى النُّطْقِ فَأَسْلَمَ فَإِنَّهُ مُسْلِمٌ يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِهِ ، وَأَنَّهُ إنْ شَخَصَ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتِ إلَّا نَفَسٌ وَاحِدٌ فَمَاتَ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّهَا ، فَمَنْ قَتَلَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ أُقَيِّدُ بِهِ ، انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَايَنَ أَوْ لَا ، وَأَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ مَجْنِيًّا عَلَيْهِ أَوْ لَا .

وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ قُبَيْلَ كِتَابِ الْعَاقِلَةِ : مَنْ جُرِحَ جُرْحًا يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ فَتَدَاوَى بِسُمٍّ فَمَاتَ فَالْقَوَدُ عَلَى الْقَاتِلِ ، لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِ الْجَارِحِ وَمِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ ، فَكِلَاهُمَا قَاتِلٌ .
وَقَالَ قَبْلَ هَذَا : مَنْ قَتَلَ مَيِّتًا لَا شَيْءَ فِيهِ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ قَاتِلًا ، وَمَنْ كَسَرَهُ أَوْ جَرَحَهُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ } وَهَذَا جُرْحٌ وَجَارِحٌ .
وَقَالَ { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا } وَهَذَا الْفِعْلُ بِالْمَيِّتِ سَيِّئَةٌ وَاعْتِدَاءٌ ، فَالْقِصَاصُ وَاجِبٌ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ إجْمَاعٌ ، وَأَكْثَرُ خُصُومِنَا يَرَوْنَ الْقَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ مَيِّتٍ كَفَنَهُ ، وَالْحَدَّ عَلَى مَنْ زَنَى بِمَيِّتَةٍ أَوْ قَذَفَ مَيِّتًا ، انْتَهَى كَلَامُهُ .

وَإِنْ رَمَاهُ مِنْ شَاهِقٍ فَتَلَقَّاهُ آخَرُ بِسَيْفٍ فَقَدَّهُ فَالْقَاتِلُ الثَّانِي ، وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي لُجَّةٍ فَتَلَقَّاهُ حُوتٌ فَابْتَلَعَهُ لَزِمَ مُلْقِيَهُ الْقَوَدُ ، وَقِيلَ : إنْ الْتَقَمَهُ بَعْدَ حُصُولِهِ فِيهِ قَبْلَ غَرَقِهِ ، وَقِيلَ : شِبْهُ عَمْدٍ ، وَمَعَ قِلَّةٍ فَإِنْ عَلِمَ بِالْحُوتِ فَالْقَوَدُ وَإِلَّا دِيَةٌ ، وَإِنْ كَتَّفَهُ فِي أَرْضٍ ذَاتِ سِبَاعٍ أَوْ حَيَّاتٍ فَقَتَلَتْهُ فَالْقَوَدُ ، وَقِيلَ : الدِّيَةُ ، كَغَيْرِ مَسْبَعَةٍ ، وَعَنْهُ : كَمُمْسِكِهِ لِمَنْ يَقْتُلُهُ .
وَفِي الْمُغْنِي : وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ .
وَفِي الْمُنْتَخَبِ : لَا مِزَاحًا مُتَلَاعِبًا ، فَيُقْتَلُ قَاتِلُهُ وَيُحْبَسُ مُمْسِكُهُ حَتَّى يَمُوتَ ، وَعَنْهُ : يُقْتَلَانِ ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ ، وَمِثْلُهُ أَمْسَكَهُ لِيَقْطَعَ طَرَفَهُ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ .
وَكَذَا إنْ فَتَحَ فَمَهُ وَسَقَاهُ آخَرُ سُمًّا ، أَوْ اتَّبَعَ رَجُلًا لِيَقْتُلَهُ فَلَقِيَهُ آخَرُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ لِيَقْتُلَهُ ، وَفِيهَا وَجْهٌ : لَا قَوَدَ ، وَمَنْ أَكْرَهَ مُكَلَّفًا عَلَى قَتْلِ مُعَيَّنٍ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ ، فَالْقَوَدُ ، وَفِي الْمُوجَزِ ، إذَا قُلْنَا : تُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ ، وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِمُكْرَهٍ ، وَيُتَوَجَّهُ عَكْسُهُ .

وَفِي الِانْتِصَارِ : لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْقَتْلِ بِأَخْذِ الْمَالِ فَالْقَوَدُ ، وَلَوْ أُكْرِهَ بِقَتْلِ النَّفْسِ فَلَا ، وَإِنْ أُكْرِهَ أَوْ أَمَرَ عَبْدَ غَيْرِهِ لِيَقْتُلَ عَبْدَهُ فَلَا قَوَدَ ، وَمَنْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ كَبِيرًا يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ أَمَرَ بِهِ سُلْطَانٌ ظُلْمًا مِنْ جَهْلٍ ظَلَمَهُ فِيهِ ، لَزِمَ الْأَمْرُ ، نَقَلَ مُهَنَّا : إذَا أَمَرَ رَجُلٌ صَبِيًّا أَنْ يَضْرِبَ رَجُلًا فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ فَعَلَى الَّذِي أَمَرَهُ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِدَفْعِ سِكِّينٍ إلَيْهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ ، نَقَلَهُ الْفَضْلُ .
وَفِي شَرْحِ أَبِي الْبَرَكَاتِ بْنِ الْمُنَجَّى : إنْ أَمَرَ مُمَيِّزًا فَلَا قَوَدَ .
وَفِي الِانْتِصَارِ : إنْ أَمَرَ صَبِيًّا وَجَبَ عَلَى آمِرِهِ وَشَرِيكِهِ ، فِي رِوَايَةٍ ، وَإِنْ سَلِمَ ، لَا يَلْزَمُهُمَا فَلِعَجْزِهِ غَالِبًا ، وَإِنْ قَبِلَ مَأْمُورٌ مُكَلَّفٌ عَالِمًا تَحْرِيمَ الْقَتْلِ لَزِمَ الْمَأْمُورَ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَيُؤَدَّبُ الْآمِرُ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ يُحْبَسُ كَمُمْسِكِهِ .
وَفِي الْمُبْهِجِ رِوَايَةٌ يُقْتَلُ ، وَعَنْهُ : بِأَمْرِهِ عَبْدَهُ ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : مَنْ أَمَرَ عَبْدَهُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ قُتِلَ الْمَوْلَى وَحُبِسَ الْعَبْدُ حَتَّى يَمُوتَ ، لِأَنَّهُ سَوْطُ الْمَوْلَى وَسَيْفُهُ ، كَذَا قَالَ عَلِيٌّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ ، وَأَنَّهُ لَوْ جَنَى بِإِذْنِهِ لَزِمَ مَوْلَاهُ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ ، وَحَمَلَهَا أَبُو بَكْرٍ عَلَى جَهَالَةِ الْعَبْدِ ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : إنْ أَمَرَ عَبْدًا بِقَتْلِ سَيِّدِهِ فَقَتَلَ أَثِمَ ، وَإِنَّ فِي ضَمَانِهِ قِيمَتَهُ رِوَايَتَيْنِ ، وَيُحْتَمَلُ إنْ خَافَ السُّلْطَانُ قَتْلًا .

وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ اُقْتُلْنِي أَوْ اجْرَحْنِي فَفَعَلَ فَهَدَرٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : تَلْزَمُ الدِّيَةُ ، وَعَنْهُ : لِلنَّفْسِ ، وَيُحْتَمَلُ الْقَوَدُ ، وَلَوْ قَالَهُ عَبْدٌ ضَمِنَ لِسَيِّدِهِ بِمَالٍ فَقَطْ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَخِلَافٌ ، كَإِذْنِهِ ( م 9 و 10 ) وَفِي الِانْتِصَارِ : لَا إثْمَ وَلَا كَفَّارَةَ ، وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ وَحْدَهُ أَنْ اُقْتُلْ نَفْسَك وَإِلَّا قَتَلْتُك إكْرَاهٌ ، كَاحْتِمَالٍ فِي اُقْتُلْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا .
مَسْأَلَةٌ 9 و 10 ) قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَخِلَافٌ ، كَإِذْنِهِ ، انْتَهَى .
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : الْمَقِيسُ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ .
( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 9 ) لَوْ قَالَ : اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَهَلْ ذَلِكَ إكْرَاهٌ أَمْ لَا ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ ، فَقَالَ : فِيهِ خِلَافٌ ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ : وَإِنْ قَالَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَإِكْرَاهٌ وَلَا قَوَدَ إذَنْ ، وَعَنْهُ : وَلَا دِيَةَ ، زَادَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ : وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْتَلَ أَوْ يَغْرَمَ الدِّيَةَ إنْ قُلْنَا : هِيَ لِلْوَرَثَةِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ ، فِي الصِّيَامِ : لَا إثْمَ هُنَا وَلَا كَفَّارَةَ ، كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 10 ) إذَا أَذِنَ لَهُ فِي قَتْلِهِ فَقَتَلَهُ فَفِيهَا خِلَافٌ ( قُلْت ) : قَالَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ : لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ : اُقْتُلْنِي أَوْ اجْرَحْنِي فَفَعَلَ فَهُدِرَ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : تَلْزَمُ الدِّيَةُ ، وَعَنْهُ : لِلنَّفْسِ ، وَيُحْتَمَلُ الْقَوَدُ ، انْتَهَى .
فَهَذِهِ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا ، إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ فِي تِلْكَ .
اُقْتُلْنِي ، بِصِيغَةِ الْأَمْرِ ، وَفِي هَذِهِ بِصِيغَةِ الْإِذْنِ ، فَيُحْتَمَلُ فِيهِ الْأَمْرُ ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ، كَقَوْلِهِ : أَذِنْت أَنْ تَقْتُلَنِي ، فَصِيغَةُ الْأَمْرِ أَقْوَى مِنْ الْإِذْنِ فِي الْفِعْلِ .

وَإِنْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ لَا يَلْزَمُ الْقَوَدُ أَحَدُهُمَا مُفْرَدًا ، فَعَنْهُ : يُقْتَلُ شَرِيكُهُ ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ ، كَمَا لَوْ أَكْرَهَ أَبًا عَلَى قَتْلِ ابْنِهِ ، وَعَنْهُ : لَا ، وَالْمَذْهَبُ : يَقْتُلُ غَيْرُ شَرِيكٍ نَفْسَهُ وَمُخْطِئٌ وَصَبِيٌّ وَنَحْوُهُمْ ( م 11 ) وَمَتَى سَقَطَ الْقَوَدُ فَنِصْفُ الدِّيَةِ ، وَقِيلَ : كَمَا لَهَا فِي شَرِيكٍ سَبُعٌ ، وَقِيلَ : فِي وَلِيٍّ مُقْتَصٍّ ، وَدِيَةُ شَرِيكٍ مُخْطِئٍ فِي مَالِهِ ، لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، قَالَهُ الْقَاضِي .
( مَسْأَلَةٌ 11 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ لَا يَلْزَمُ الْقَوَدُ أَحَدَهُمَا : مُفْرَدًا ، فَعَنْهُ : يُقْتَلُ شَرِيكُهُ ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَعَنْهُ : لَا ، وَالْمَذْهَبُ : يَقْتُلُ غَيْرُ شَرِيكٍ نَفْسَهُ وَمُخْطِئٌ وَصَبِيٌّ وَنَحْوُهُمْ ، انْتَهَى .
الْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بِلَا رَيْبٍ ، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِيهِمَا عَلَى غَيْرِ الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَقْوَى وَأَصَحُّ مِنْ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَهَذِهِ إحْدَى عَشَرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ .

فَصْلٌ وَشَبَهُ الْعَمْدِ أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةً لَا تَقْتُلُ غَالِبًا وَلَمْ يَجْرَحْهُ بِهَا .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ : وَلَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ ، كَمَنْ ضَرَبَهُ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ بِصَغِيرٍ ، أَوْ لَكَزَهُ أَوْ لَكَمَهُ ، أَوْ سَحَرَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا ، أَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ ، أَوْ صَاحَ بِصَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ .
وَفِي الْوَاضِحِ أَوْ امْرَأَةٍ ، وَقِيلَ : أَوْ مُكَلَّفًا عَلَى سَطْحٍ فَسَقَطَ أَوْ اغْتَفَلَ عَاقِلًا بِصَيْحَةٍ فَسَقَطَ أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ فَالدِّيَةُ ، نَقَلَ الْفَضْلُ فِي رَجُلٍ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَصَاحَ بِهِ رَجُلٌ فَرَمَى بِهَا فَعَقَرَتْ رَجُلًا هَلْ عَلَى مَنْ صَاحَ بِهِ شَيْءٌ ؟ قَالَ : هَذَا أَخْشَى عَلَيْهِ ، قَدْ صَاحَ بِهِ .
وَمَنْ أَمْسَكَ الْحَيَّةَ كَمُدَّعِي الْمَشْيَخَةِ فَقَتَلَتْهُ فَقَاتِلٌ نَفْسَهُ ، وَإِنْ قِيلَ : إنَّهُ ظَنَّ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ فَشِبْهُ عَمْدٍ ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَكَلَ حَتَّى بِشَمٍّ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَ نَفْسِهِ ، وَإِمْسَاكُ الْحَيَّاتِ جِنَايَةٌ فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا .

وَالْخَطَأُ كَرَمْيِ صَيْدٍ أَوْ غَرَضٍ أَوْ شَخْصٍ فَيُصِيبُ آدَمِيًّا لَمْ يَقْصِدْهُ ، أَوْ يَنْقَلِبُ عَلَيْهِ نَائِمٌ وَنَحْوُهُ ، أَوْ يَجْنِي عَلَيْهِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ، كَصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ ، أَوْ يَظُنُّهُ مُبَاحَ الدَّمِ فَيَبِينُ مَعْصُومًا ، فَالدِّيَةُ .
وَمَنْ قَالَ كُنْت يَوْمَ قَتْلِهِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا ، وَأَمْكَنَ ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ، وَإِنْ قَتَلَ فِي صَفِّ كُفَّارٍ أَوْ دَارِ حَرْبٍ مَنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَبَانَ مُسْلِمًا أَوْ وَجَبَ رَمْيُ كُفَّارٍ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ فَقَصَدَهُمْ دُونَهُ فَقَتَلَهُ فَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ ، وَعَنْهُ : بَلَى .
وَعَنْهُ : فِي الْأَخِيرَةِ .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَكْسُهَا ، لِأَنَّهُ فَعَلَ الْوَاجِبَ هُنَا ، قَالَ : وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّ ، يُصَلِّي وَيُكَفِّرُ ، كَذَا هُنَا ، وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ نَصَبَ سِكِّينًا وَنَحْوَهُ تَعَدِّيًا ، وَلَمْ يَقْصِدْ جِنَايَةً فَخَطَأٌ ، وَلَوْ قَتَلَ مَنْ أَسْلَمَ خَوْفَ الْقَتْلِ فَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ [ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ] .

بَابُ شُرُوطِ الْقَوَدِ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَقْتُولِ مَعْصُومًا ، فَكُلُّ مَنْ قَتَلَ مُرْتَدًّا أَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا وَلَوْ قَبْلَ ثُبُوتِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ ، وَالْمُرَادُ قَبْلَ التَّوْبَةِ ، وَقَالَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ ، فَهَدَرٌ ، وَإِنْ بَعْدَ التَّوْبَةِ إنْ قُبِلَتْ ظَاهِرًا فَكَإِسْلَامٍ طَارِئٍ ، فَدَلَّ أَنَّ طَرَفَ مُحْصَنٍ كَمُرْتَدٍّ ، لَا سِيَّمَا وَقَوْلُهُمْ عُضْوٌ مِنْ نَفْسٍ وَجَبَ قَتْلُهَا فَهَدَرٌ ، وَيُعَزَّرُ لِلِافْتِيَاتِ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ ، كَمَنْ قَتَلَ حَرْبِيًّا .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ : لَهُ تَعْزِيرُهُ ، وَيُحْتَمَلُ قَتْلُ ذِمِّيٍّ ، وَأَشَارَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَيْهِ ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ ، لِأَنَّ الْحَدَّ لَنَا وَالْإِمَامُ نَائِبٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ : إنْ أَسْرَعَ وَلِيِّ قَتِيلٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَقَتَلَ قَاطِعَ طَرِيقٍ قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْإِمَامِ فَلَا قَوَدَ ، لِأَنَّهُ انْهَدَرَ دَمُهُ ، وَظَاهِرُهُ : وَلَا دِيَةَ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَسَيَأْتِي ، وَكَذَا مَنْ قَطَعَ يَدَ مُرْتَدٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَا ثُمَّ مَاتَا وَجَعَلَهُ فِي التَّرْغِيبِ كَمَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ ، وَمَنْ رَمَاهُمَا فَأَسْلَمَا قَبْلَ وُقُوعِهِ بِهِمَا فَهَدَرٌ ، كَرِدَّةِ مُسْلِمٍ ، وَقِيلَ : تَجِبُ دِيَةٌ كَتَلَفِهِ بِبِئْرٍ حُفِرَتْ مُرْتَدًّا : وَقِيلَ : كَمُرْتَدٍّ ، لِتَفْرِيطِهِ ، إذْ قَتْلُهُ لَيْسَ إلَيْهِ .
وَقِيلَ : يُقْتَلُ بِهِ .

وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ فَلَا قَوَدَ ، فِي الْأَصَحِّ ، أَصْلُهُمَا هَلْ يَفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ أَمْ فِي النَّفْسِ فَقَطْ ، وَهَلْ يَسْتَوْفِيهِ إمَامٌ أَمْ قَرِيبُهُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، أَصْلُهُمَا هَلْ مَالُهُ فَيْءٌ أَمْ لِوَرَثَتِهِ ؟ وَهَلْ يَضْمَنُ دِيَةَ الطَّرَفِ أَمْ الْأَقَلَّ مِنْهَا وَمِنْ دِيَةِ النَّفْسِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ( م 1 - 3 ) وَقِيلَ هَدَرٌ .
وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَاتَ فَالْقَوَدُ فِي النَّفْسِ أَوْ الدِّيَةُ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : يُتَوَجَّهُ سُقُوطُ الْقَوَدِ بِرِدَّةٍ ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ إنْ سَرَى الْقَطْعُ فِي الرِّدَّةِ فَلَا قَوَدَ ، فَيَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ ، وَقِيلَ : كُلُّهَا ، وَمَنْ عَلَيْهِ الْقَوَدُ مَعْصُومٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ لِدَمِهِ وَتُشْتَرَطُ الْمُكَافَأَةُ حَالَةَ الْجِنَايَةِ بِأَنْ لَا يَفْضُلَهُ قَاتِلُهُ بِإِسْلَامٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ إيلَادٍ خَاصَّةً .

بَابُ شُرُوطِ الْقَوَدِ ( مَسْأَلَةٌ 1 - 3 ) قَوْلُهُ : وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ فَلَا قَوَدَ ، فِي الْأَصَحِّ ، أَصْلُهُمَا هَلْ يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ أَمْ فِي النَّفْسِ فَقَطْ ؟ وَهَلْ يَسْتَوْفِيهِ إمَامٌ أَوْ قَرِيبُهُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، أَصْلُهُمَا هَلْ مَالُهُ فَيْءٌ أَمْ لِوَرَثَتِهِ ؟ وَهَلْ يَضْمَنُ دِيَةَ الطَّرَفِ أَوْ الْأَقَلَّ مِنْهَا وَمِنْ دِيَةِ النَّفْسِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1 ) لَوْ قَطَعَ طَرَفَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ طَرَفُهُ ثُمَّ مَاتَ ، فَلَا قَوَدَ فِي الطَّرَفِ ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَالْوَجْهَانِ أَصْلُهُمَا هَلْ يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ أَوْ فِي النَّفْسِ فَقَطْ ؛ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ ، كَمَا يُفْعَلُ بِهِ فِي النَّفْسِ ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ فِي شَيْءٍ ، لِأَنَّهُ صَحَّحَ فِيهَا حُكْمًا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 ) إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي ، فَهَلْ يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ أَوْ قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، قَالَ الْمُصَنِّفُ : أَصْلُهُمَا هَلْ مَالُهُ فَيْءٌ أَوْ لِوَرَثَتِهِ ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ ، فَيَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا لَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 3 ) إذَا قُلْنَا بَعْدَ الْقَوَدِ ، فَهَلْ يَضْمَنُ دِيَةَ الطَّرَفِ أَمْ الْأَقَلَّ مِنْهَا وَمِنْ دِيَةِ النَّفْسِ ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ ، وَمِثَالُهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ يَمُوتُ مُرْتَدًّا ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ .
( أَحَدُهُمَا ) يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ،

وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) تَلْزَمُهُ دِيَةُ الطَّرَفِ ، لِأَنَّ الرِّدَّةَ قَطَعَتْ حُكْمَ السِّرَايَةِ ، فَأَشْبَهَ انْقِطَاعَ حُكْمِهَا بِانْدِمَالِهَا أَوْ بِقَتْلِ الْآخَرِ لَهُ .
( تَنْبِيهٌ ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي أَوَّلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا بَعْدَ قَوْلِهِ " فَارْتَدَّ " وَالنَّقْصُ : ثُمَّ مَاتَ .
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَوْ ارْتَدَّ .
وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ ، وَأَنَّ الْخَبَرَ فِي الْحَرْبِيِّ كَمَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ : حُكْمُ الْمَالِ غَيْرُ حُكْمِ النَّفْسِ ، بِدَلِيلِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَالِ زَانٍ مُحْصَنٍ وَقَاتِلٍ فِي مُحَارَبَةٍ ، وَلَا يُقْتَلُ قَاتِلُهُمَا ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَالَهُمَا بَاقٍ عَلَى الْعِصْمَةِ كَمَالِ غَيْرِهِمَا ، وَعِصْمَةُ دَمِهِمَا زَالَتْ .
وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ ، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ عَكْسُهُ ، وَلَا مُكَاتَبٌ بِعَبْدِهِ ، فَإِنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَوْ قَتَلَ رَقِيقٌ مُسْلِمٌ رَقِيقًا مُسْلِمًا لِذِمِّيٍّ فَوَجْهَانِ ( م 4 ) .
( مَسْأَلَةٌ 4 ) قَوْلُهُ : وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ وَلَا مُكَاتَبٌ بِعَبْدِهِ ، فَإِنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مُحَرِّمٍ أَوْ قَتَلَ رَقِيقٌ مُسْلِمٌ رَقِيقًا مُسْلِمًا لِذِمِّيٍّ فَوَجْهَانِ ، انْتَهَى ، فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) لَا يُقْتَلُ الْمُكَاتَبُ بِعَبْدِهِ إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا ، فَإِنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهَلْ يُقْتَلُ بِهِ أَمْ لَا ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
أَحَدُهُمَا ) يُقْتَلُ بِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ صَرِيحًا ، وَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا قَوَدَ .

وَيُقْتَلُ عَبْدٌ بِعَبْدٍ مُكَاتَبٍ أَوْ لَا ؟ وَعَنْهُ مَا لَمْ تَرِدْ قِيمَةُ قَاتِلِهِ ، وَإِنْ كَانَا لِسَيِّدٍ فَلَا قَوَدَ ، فِي إحْدَى الْوَجْهَيْنِ ، قَالَهُ فِي الْمَذْهَبِ .
وَذَكَرٌ بِأُنْثَى ، وَعَنْهُ : مَعَ أَخْذِهِ نِصْفَ دِيَتِهِ .
وَخَرَّجَ فِي الْوَاضِحِ مِنْهَا فِي عَبْدٍ بِعَبْدٍ وَفِي تَفَاضُلِ مَالٍ فِي قَوَدِ طَرَفٍ .
وَكِتَابِيٌّ بِمَجُوسِيٍّ ، نَصَّ عَلَيْهِ وَمُرْتَدٌّ بِذِمِّيٍّ ، وَهُوَ بِهِ وَبِمُسْتَأْمَنٍ وَإِنْ انْتَقَضَ عَهْدَهُ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ قُتِلَ لَهُ وَعَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ وَقِيمَةُ عَبْدٍ .
( تَنْبِيهَانِ ) : ( أَحَدُهُمَا ) قَوْلُهُ : يُقْتَلُ مُرْتَدٌّ بِذِمِّيٍّ وَهُوَ بِهِ وَبِمُسْتَأْمَنٍ ، انْتَهَى ، فَقَوْلُهُ : وَهُوَ بِهِ يَعْنِي يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِالْمُرْتَدِّ ، هَذَا ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ ، وَهُوَ سَهْوٌ ، لِأَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا : لَا يُقْتَلُ أَحَدٌ بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّ ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يُقْتَلُ بِقَتْلِهِ ، حَتَّى الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْبَابِ ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ يَعُودُ إلَى الْمَجُوسِيِّ ، يَعْنِي يُقْتَلُ الْمَجُوسِيُّ بِالذِّمِّيِّ ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ مُوهِمًا ، لَكِنْ يَزُولُ الْإِشْكَالُ .

وَلَا يُقْتَلُ مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ ، وَالْأَصَحُّ إلَّا بِمِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ حُرِّيَّةً .

وَإِنْ قَتَلَ أَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ مُطْلَقًا قُتِلَ بِهِ ، فِي الْمَنْصُوصِ ، كَجُنُونِهِ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَعَدَمُ قَتْلِ مَنْ أَسْلَمَ ظَاهِرُ نَقْلِ بَكْرٍ ، كَإِسْلَامِ حَرْبِيٍّ قَاتِلٍ ، وَكَذَا إنْ جَرَحَ مُرْتَدٌّ ذِمِّيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ ، وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ بَعْدَ الْجُرْحِ أَوْ بَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ مَانِعَةً مِنْ الْقَوَدِ ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ ، وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا ، كَمَا بَعْدَ الزَّهُوقِ ( ع ) .
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ صِحَّتَهَا ، وَأَنَّ الْإِثْمَ وَاللَّائِمَةَ يَزُولُ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ وَجِهَةِ الْمَالِكِ ، وَلَا يَبْقَى إلَّا حَقُّ الضَّمَانِ لِلْمَالِكِ .
وَفَهِمَ مِنْهُ شَيْخُنَا سُقُوطَ الْقَوَدِ وَقَالَ : هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ ، وَإِنْ فَرَّقَا بَيْنَ الْخَطَإِ ابْتِدَاءً وَالْخَطَأَ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ ، وَقَدْ يَكُونُ مُرَادُ ابْنِ عَقِيلٍ بِبَقَاءِ الضَّمَانِ الْقَوَدَ .
وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ شَيْخِنَا مَا يَأْتِي : لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ إصَابَةِ الصَّيْدِ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ وَإِبَاحَةِ الصَّيْدِ ، وَأَبْلَغُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ قَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ فِي التَّبْصِرَةِ : تُسْقِطُ التَّوْبَةُ حَقَّ آدَمِيٍّ لَا يُوجِبُ مَالًا وَإِلَّا سَقَطَ إلَى مَالٍ .

وَإِنْ جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا أَوْ حُرٌّ عَبْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ أَوْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ ، وَيَلْزَمُهُ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ : دِيَةُ ذِمِّيٍّ لِوَارِثٍ مُسْلِمٍ وَقِيمَةُ عَبْدٍ ، وَيَأْخُذُ سَيِّدُهُ قِيمَتَهُ ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ ، وَقْتَ جِنَايَتِهِ ، وَكَذَا دِيَتُهُ ، نَقَلَهُ حَرْبٌ ، إلَّا أَنْ تُجَاوِزَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَالزِّيَادَةُ لِلْوَرَثَةِ .
وَإِنْ وَجَبَ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ قَوَدٌ فَطَلَبُهُ لِلْوَرَثَةِ ، عَلَى هَذِهِ ، وَعَلَى الْأُخْرَى لِلسَّيِّدِ .

وَمَنْ جَرَحَ عَبْدَ نَفْسِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ ، وَفِي ضَمَانِهِ الْخِلَافُ .
وَلَوْ رَمَاهُمَا فَوَقَعَ السَّهْمُ بِهِمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ الْعِتْقِ ثُمَّ مَاتَا فَدِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ لِلْوَرَثَةِ ، وَلَا شَيْءَ لِلسَّيِّدِ وَلَا قَوَدَ ، وَأَوْجَبَهُ أَبُو بَكْرٍ ، كَقَتْلِهِ مَنْ عَلِمَهُ أَوْ ظَنَّهُ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا ، فَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَعَتَقَ ، أَوْ قَاتِلُ أَبِيهِ فَلَمْ يَكُنْ ، فِي الْأَصَحِّ ، وَكَذَا مُرْتَدًّا وَقِيلَ : الدِّيَةُ .
وَفِي الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا رَمَى مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا هَلْ يَلْزَمُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ أَوْ دِيَةُ كَافِرٍ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ، اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ أَوْ الرَّمْيَةِ ، ثُمَّ بَنَى مَسْأَلَةَ الْعَبْدِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي ضَمَانِهِ بِدِيَةٍ أَوْ قِيمَةٍ ، ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِمَا مَنْ رَمَى مُرْتَدًّا أَوْ حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُقُوعِهِ ، هَلْ يَلْزَمُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ أَوْ هَدَرٌ ؟ .
الثَّانِي ) قَوْلُهُ : وَمَنْ جَرَحَ عَبْدَ نَفْسِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ ، وَفِي ضَمَانِهِ الْخِلَافُ ، انْتَهَى .
وَأَطْلَقَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي سَبَقَ قَبْلَ هَذَا فِيمَا إذَا جَرَحَ حُرٌّ عَبْدًا ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ ، وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ قَوْلَانِ ، قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ لُزُومَ الدِّيَةِ ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ لُزُومَ الْقِيمَةِ ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ : " وَفِي ضَمَانِهِ الْخِلَافُ " يَعْنِي فِي ضَمَانِ الدِّيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ الْخِلَافُ ، لَكِنْ إنْ جَعَلْنَا الْقِيمَةَ لِلسَّيِّدِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ فَيَكُونُ الْخِلَافُ فِي ضَمَانِ الدِّيَةِ أَوْ السُّقُوطِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ قَتَلَ مَنْ لَا يَعْرِفُ أَوْ مَلْفُوفًا وَادَّعَى كُفْرَهُ أَوْ رِقَّهُ أَوْ مَوْتَهُ فَالْقَوَدُ أَوْ دِيَتُهُ ، فِي الْأَصَحِّ ، إنْ أَنْكَرَ وَلِيُّهُمْ ، وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْتِهِ وَجْهَيْنِ ، وَسَأَلَ الْقَاضِي : أَفَلَا يُعْتَبَرُ بِالدَّمِ وَعَدَمِهِ ؟ قَالَ : لَا ، لَمْ يَعْتَبِرْهُ الْفُقَهَاءُ .
وَيُتَوَجَّهُ : يُعْتَبَرُ .

وَإِنْ ادَّعَى زِنَا مُحْصَنٍ بِشَاهِدَيْنِ ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ : أَرْبَعَةٌ ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ ، قُبِلَ ، وَإِلَّا فَفِيهِ بَاطِنًا وَجْهَانِ ( م 7 ) وَقِيلَ : وَظَاهِرًا .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ بَعْدَ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ : وَقَدْ رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْزِلُ الرَّجُلِ حَرِيمُهُ ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْك حَرِيمَك فَاقْتُلْهُ } فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ ، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ : إنْ اعْتَرَفَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ] وَكَلَامُهُمْ وَكَلَامُ أَحْمَدَ السَّابِقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُحْصَنًا أَوْ لَا ، وَكَذَا مَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ] ، وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ، كَشَيْخِنَا وَغَيْرِهِ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَدٍّ ، وَإِنَّمَا هُوَ عُقُوبَةٌ عَلَى فِعْلِهِ ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْحَدِّ ، الْأَوَّلُ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ : لَهُ قَتْلُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ مُحْصَنًا ، وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ ، فِي اعْتِبَارِ إحْصَانِهِ ، وَسَأَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ : وَجَدَهُ يَفْجُرُ بِهَا ، لَهُ قَتْلُهُ ؟ قَالَ : قَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ] .

مَسْأَلَةٌ 7 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ ادَّعَى زِنَا مُحْصَنٍ بِشَاهِدَيْنِ نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ أَرْبَعَةً ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالِ وَغَيْرُهُ ، قُبِلَ ، وَإِلَّا فَفِيهِ بَاطِنًا ، وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
( أَحَدُهُمَا ) يُقْبَلُ فِي الْبَاطِنِ ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يُقْبَلُ فِي الْبَاطِنِ ( قُلْت ) : وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ثُبُوتُ الْإِحْصَانِ بِشَاهِدَيْنِ ، كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ .

وَإِنْ قَتَلَهُ فِي دَارِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ دَخَلَ لِقَتْلِهِ وَأَخْذِ مَالِهٍ فَالْقَوَدُ ، وَيُتَوَجَّهُ عَدَمُهُ فِي مَعْرُوفٍ بِالْفَسَادِ .

وَإِنْ تَجَارَحَ اثْنَانِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ دَفْعَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَالْقَوَدُ ، وَفِي الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي : الدِّيَةُ ، وَنَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ وَحَنْبَلٌ فِي قَوْمٍ اجْتَمَعُوا بِدَارِ فَجَرَحَ وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَجُهِلَ الْحَالُ أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَجْرُوحِينَ دِيَةَ الْقَتْلَى يَسْقُطُ مِنْهَا أَرْشُ الْجِرَاحِ .
قَالَ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا الشَّيْبَانِيُّ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ : أَشْهَدُ عَلَى عَلِيٍّ أَنَّهُ قَضَى بِهِ .
وَهَلْ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِهِ جُرْحٌ مِنْ دِيَةِ الْقَتْلَى شَيْءٌ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ ( م 8 ) .
مَسْأَلَةٌ 8 ) قَوْلُهُ : وَإِنْ تَجَارَحَ اثْنَانِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ دَفْعَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَالْقَوَدُ ، وَفِي الْمَذْهَبِ وَالْكَافِي : الدِّيَةُ ، وَنَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ وَحَنْبَلٌ فِي قَوْمٍ اجْتَمَعُوا بِدَارٍ فَجَرَحَ وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَجُهِلَ الْحَالُ أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَجْرُوحِينَ دِيَةَ الْقَتْلَى يَسْقُطُ مِنْهُ أَرْشُ الْجُرْحِ ، وَهَلْ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِهِ جُرْحٌ مِنْ دِيَةِ الْقَتْلَى شَيْءٌ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ انْتَهَى ، نَقَلَهُ عَنْهُ وَلَدُ الشِّيرَازِيِّ فِي الْمُنْتَخَبِ .
( أَحَدُهُمَا ) يُشَارِكُونَهُمْ ، اخْتَرْتُهُ فِي التَّصْحِيحِ الْكَبِيرِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا دِيَةَ عَلَيْهِمْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ .

وَلَا يُقْتَلُ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ وَإِنْ عَلَا بِالْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَوْ اخْتَلَفَا دِينًا وَحُرِّيَّةً ، وَقِيلَ : وَلَوْ وَلَدَهُ مِنْ زِنًا لَا مِنْ رَضَاعٍ .
قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا فِي بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ : وَلَا يَلْزَمُ الزَّاهِدَ الْعَابِدَ ، فَإِنَّ مَعَهُ مِنْ الدِّينِ وَالشَّفَقَةِ مَا يَرْدَعُهُ وَيَمْنَعُهُ عَنْ الْقَتْلِ لِأَنَّ رَادِعَهُ حُكْمِيٌّ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَرَادِعَ الْأَبِ طَبْعِيٌّ وَهُوَ أَقْوَى ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إزَالَتُهُ ، وَعَنْهُ : تُقْتَلُ أُمٌّ ، وَعَنْهُ : وَأَبٌ كَالْوَلَدِ بِهِمْ ، عَلَى الْأَصَحِّ ، وَعَنْهُ : يُقْتَلُ أَبُو أُمٍّ بِوَلَدِ بِنْتِهِ وَعَكْسِهِ .
وَفِي الرَّوْضَةِ : لَا تُقْتَلُ أُمٌّ [ بِوَلَدٍ ] وَالْأَصَحُّ : وَجَدَّةٌ .

وَفِي الِانْتِصَارِ : لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ قَتْلُ أَبِيهِ بِرِدَّةٍ وَكُفْرٍ بِدَارِ حَرْبٍ ، وَلَا رَجْمُهُ بِزِنًا وَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِرَجْمٍ ، وَعَنْهُ : لَا قَوَدَ بِقَتْلٍ فِي دَارِ حَرْبٍ ، فَتَجِبُ دِيَةٌ إلَّا لِغَيْرِ مُهَاجِرٍ ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ قَوَدًا ؟ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا الْقَاتِلُ لَا هَذَا : أَنَّهُ لَا قَوَدَ وَالدِّيَةُ عَلَى الْمُقِرِّ لِقَوْلِ عَلِيٍّ " أَحْيَا نَفْسًا " ، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ ، وَحَمَلَهُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ صَدَّقَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا قَاتِلَ لَهُ سِوَى الْأَوَّلِ ، وَلَزِمَتْهُ الدِّيَةُ لِصِحَّةِ بَذْلِهَا مِنْهُ ، وَذَكَرَ فِي الْقَسَامَةِ : لَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِقَتْلٍ فَأَقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ فَذَكَرَ رِوَايَةَ حَنْبَلٍ ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الْأَوَّلِ قُتِلَ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَمُصَادَفَتِهِ الدَّعْوَى .
وَفِي الْمُغْنِي فِي الْقَسَامَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ الثَّانِيَ شَيْءٌ ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلِيُّ بَطَلَتْ دَعْوَاهُ الْأُولَى ، ثُمَّ هَلْ لَهُ طَلَبُهُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَنْصُوصَ وَهُوَ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ ، وَأَنَّهُ أَصَحُّ ، لِقَوْلِ عُمَرَ : " أَحْيَا نَفْسًا " .
تَنْبِيهٌ ) قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ " لِقَوْلِ عُمَرَ : أَحْيَا نَفْسًا " انْتَهَى .
صَوَابُهُ لِقَوْلِهِ لِعُمَرَ ، بِزِيَادَةِ لَامٍ فِي أَوَّلِهِ ، يَعْنِي لِقَوْلِ عَلِيٍّ لِعُمَرَ : أَحْيَا نَفْسًا .
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَرْبَعَةِ سُطُورٍ أَوْ أَكْثَرَ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ ذَلِكَ لِعُمَرَ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي الطُّرُقِ الْحِكْمِيَّةِ لِابْنِ الْقَيِّمِ وَغَيْرِهِ .
فَهَذِهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ .

وَذَكَرَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ رِوَايَةَ حَنْبَلٍ ثُمَّ رِوَايَةَ مُهَنَّا : ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَخَاهُ فَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَقَالَ : إنَّمَا قَتَلَهُ فُلَانٌ ، فَقَالَ فُلَانٌ : صَدَقَ ، أَنَا قَتَلْتُهُ ، فَإِنَّ هَذَا الْمُقِرَّ بِالْقَتْلِ يُؤْخَذُ بِهِ ، قُلْت أَلَيْسَ قَدْ ادَّعَى عَلَى الْأَوَّلِ ؟ قَالَ : إنَّمَا هَذَا بِالظَّنِّ ، فَأَعَدْت عَلَيْهِ فَقَالَ : يُؤْخَذُ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ .
وَمَتَى وَرِثَ الْقَاتِلُ أَوْ وَلَدُهُ بَعْضَ دَمِهِ فَلَا قَوَدَ ، فَلَوْ قَتَلَ امْرَأَتَهُ فَوَرِثَهَا أَوْ وَلَدُهُمَا ، أَوْ قَتَلَ أَخَاهَا فَوَرِثَتْهُ ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثَهَا هُوَ أَوْ وَلَدُهُ ، سَقَطَ ، وَعَنْهُ : لَا يَسْقُطُ بِإِرْثِ الْوَلَدِ ، اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ ، وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ أَبِيهِ وَالْآخَرُ أُمَّهُ وَهِيَ فِي زَوْجِيَّةِ الْأَبِ فَلَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِ أَبِيهِ ، لِإِرْثِهِ ثَمَنَ أُمِّهِ ، وَعَلَيْهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ دِيَتِهِ لِأَخِيهِ ، وَلَهُ قَتْلُهُ ، وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا فَالْقَوَدُ عَلَيْهِمَا [ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ] .

بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مَنْ أُخِذَ بِغَيْرِهِ فِي النَّفْسِ أُخِذَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا ، وَمَنْ لَا فَلَا ، وَعَنْهُ : لَا قَوَدَ بَيْنَ عَبِيدٍ ، [ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَمُهَنَّا ] وَعَنْهُ : دُونَ النَّفْسِ ، وَعَنْهُ : فِي النَّفْسِ وَالطَّرَفِ حَتَّى تَسْتَوِيَ الْقِيمَةُ ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ .
قَالَ حَرْبٌ فِي الطَّرْفِ : كَأَنَّهُ مَالٌ إذَا اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ .
وَيُشْتَرَطُ الْعَمْدُ ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى : أَوْ شَبَهُهُ ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي رِوَايَةً ، وَالْمُسَاوَاةُ فِي الْمَوْضِعِ وَالِاسْمِ وَالصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ : فَيُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عَيْنٍ وَأَنْفٍ وَأُذُنٍ مَثْقُوبَةٍ أَوْ لَا ، وَسِنٍّ رَبَطَهَا بِذَهَبٍ أَوْ لَا ، وَشَفَةٍ وَجَفْنٍ وَيَدٍ وَرِجْلٍ قَوِيَ بَطْشُهَا أَوْ ضَعُفَ ، وَأُصْبُعٍ وَكَفٍّ وَمَرْفِقٍ وَخُصْيَةٍ ، وَذَكَرٍ بِمِثْلِهِ ، وَمَخْتُونٍ كَأَقْلَفَ وَفِيهِ فِي أَلْيَةٍ وَشَفْرٍ وَجْهَانِ ( م 1 و 2 ) وَلَا تُؤْخَذُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ ، وَيَسَارٌ بِيَمِينٍ وَمَا عَلَا مِنْ أُنْمُلَةٍ وَشَفَةٍ وَجَفْنٍ بِمَا سَفَلَ .
وَخِنْصَرٍ بِبِنْصِرٍ ، أَوْ سِنٍّ بِسِنٍّ مُخَالِفَةٍ فِي الْمَوْضِعِ ، وَأَصْلِيٍّ بِزَائِدٍ وَعَكْسِهِ ، بَلْ زَائِدٍ بِمِثْلِهِ مَوْضِعًا وَخِلْقَةً وَلَوْ تَفَاوَتَا قَدْرًا ، وَلَا كَامِلَةُ الْأَصَابِعِ أَوْ الْأَظْفَارُ بِنَاقِصَةٍ ، رَضِيَ الْجَانِي أَوْ لَا ، بَلْ مَعَ أَظْفَارٍ مَعِيبَةٍ ، وَقِيلَ : وَلَا بِزَائِدَةٍ أُصْبُعًا ، فَإِنْ ذَهَبَتْ فَلَهُ ، وَقِيلَ : وَلَا زَائِدَةٌ بِمِثْلِهَا ، وَلَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِقَائِمَةٍ ، وَلِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ ، وَلَا صَحِيحٌ بِأَشَلَّ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ وَأُصْبُعٍ وَذَكَرٍ وَلَوْ شُلَّ أَوْ بِبَعْضِهِ شَلَلٌ كَأُنْمُلَةِ يَدٍ .

بَابُ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ ( مَسْأَلَةٌ 1 و 2 ) قَوْلُهُ : وَفِيهِ فِي أَلْيَةٍ وَشَفْرٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ : ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ) هَلْ يَجْرِي الْقِصَاصُ فِي الْأَلْيَةِ أَمْ لَا ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَجْرِي الْقِصَاصُ فِيهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي وَالْوَجِيزِ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَجْرِي فِيهَا ( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ) هَلْ يَجْرِي الْقِصَاصُ فِي الشَّفْرِ أَمْ لَا ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ فِيهِ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ .
( أَحَدُهُمَا ) يَجْرِي الْقِصَاصُ فِيهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ .
( وَالْوَجْهُ الثَّانِي ) لَا يَجْرِي فِيهِ الْقِصَاصُ .
( قُلْت ) : وَهُوَ الصَّوَابُ .
قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : فَلَا قِصَاصَ فِيهِ ، فِي الْأَظْهَرِ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ .

، وَفِيهِ مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ ، وَأُذُنٍ سَمِيعَةٍ بِصَمَّاءَ ، وَأَنْفٍ شَامٍّ بِضِدِّهِ ، وَتَامٍّ مِنْهُمَا بِمَخْرُومٍ ( م 3 ) وَفِي التَّرْغِيبِ : وَلِسَانٍ صَحِيحٍ بِأَخْرَسَ وَجْهَانِ ، وَلَا ذَكَرُ فَحْلٍ بِذَكَرِ خَصِيٍّ وَعِنِّينٍ ، وَعَنْهُ : بَلَى ، وَعَنْهُ : بِذَكَرِ عِنِّينٍ .
وَلَوْ قَطَعَ صَحِيحٌ مِنْ مَقْطُوعِ الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا أُنْمُلَتَهُ الْوُسْطَى فَلَهُ أَخْذُ دِيَةِ أُنْمُلَتِهِ وَالصَّبْرُ حَتَّى تَذْهَبَ الْعُلْيَا بِقَوَدٍ أَوْ غَيْرِهِ ، فَيَقْتَصُّ ، وَلَا أَرْشَ لَهُ الْآنَ لِلْحَيْلُولَةِ بِخِلَافِ غَصْبِ مَالٍ لِسَدِّ مَالٍ مَسَدَّ مَالٍ ، وَيُؤْخَذُ الْمَعِيبُ مِمَّا تَقَدَّمَ بِمِثْلِهِ وَبِصَحِيحٍ بِلَا أَرْشٍ ، وَقِيلَ : بَلْ مَعَهُ ، وَقِيلَ لِنَقْصِ الْقَدْرِ ، كَأُصْبُعٍ ، لَا الصِّفَةُ كَشَلَلٍ ، وَقِيلَ : الشَّلَلُ مَوْتٌ ، وَذَكَرَ فِي الْفُنُونِ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْبُلْهِ الْمُدَّعِينَ لِلْفِقْهِ قَالَ : وَهُوَ بَعِيدٌ ، وَإِلَّا لَأَنْتَنَ وَاسْتَحَالَ كَالْحَيَوَانِ .
وَفِي الْوَاضِحِ : إنْ ثَبَتَ فَلَا قَوَدَ فِي مَيِّتٍ .

( مَسْأَلَةٌ 3 ) قَوْلُهُ : وَفِيهِ مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ - يَعْنِي صَحِيحَيْنِ بِأَشَلَّيْنِ - وَأُذُنٍ سَمِيعَةٍ بِصَمَّاءَ ، وَأَنْفٍ شَامٍّ بِضِدِّهِ ، وَتَامٍّ بِمَخْرُومٍ وَجْهَانِ ، انْتَهَى .
ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ صَحِيحٌ بِأَشَلَّ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ ذَكَرٍ ، فَأَمَّا أَخْذُ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ الصَّحِيحَيْنِ بِالْأَشَلَّيْنِ فَأُطْلِقَ فِيهِ الْخِلَافُ ، وَكَذَا أُطْلِقَ الْخِلَافُ فِي أَخْذِ الْأُذُنِ السَّمِيعَةِ بِالصَّمَّاءِ ، وَالْأَنْفِ الشَّامِّ بِضِدِّهِ ، وَهُوَ الْأَنْفُ الْأَخْنَمُ ، وَأَخْذِ التَّامِّ مِنْهُمَا بِالْمَخْرُومِ ، فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ أُطْلِقَ فِيهَا الْخِلَافُ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ : فَأَمَّا الْأَنْفُ الْأَشَمُّ بِالْأَخْنَمِ أَوْ الصَّحِيحُ بِالْمَخْرُومِ أَوْ بِالْمُسْتَخْسِفِ فَلَا يُعْرَفُ فِيهِ رِوَايَةٌ ، فَيُحْتَمَلُ الْقِصَاصُ وَعَدَمُهُ ، انْتَهَى .
وَتَابَعَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَقَالَ : لَا يُعْرَفُ فِيهِ رِوَايَةٌ ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا : يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : الْقِصَاصُ ، وَعَدَمُهُ ، فَنَسَبَهُ إلَى الْأَصْحَابِ ، وَأَطْلَقَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ الْخِلَافَ فِي أَخْذِ الصَّحِيحَةِ بِالصَّمَّاءِ ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنْهُ ، وَعَنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ .
فِي أَخْذِ الصَّحِيحِ بِالْمُسْتَخِفِّ .
( أَحَدُهُمَا ) يُؤْخَذُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُقْنِعِ ، وَجَزَمَ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي : يَأْخُذُ الْأُذُنَ الصَّحِيحَةَ وَالْأَنْفَ الشَّامَّ بِالْأُذُنِ الصَّمَّاءِ وَالْأَنْفِ الْأَخْنَمِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَيْضًا أَخْذَ الْأُذُنِ الصَّحِيحَةِ بِالْأُذُنِ الشَّلَّاءِ ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ : وَقَالَ الْقَاضِي : يُؤْخَذُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا فِي الْمَخْرُومِ خَاصَّةً ، وَقَطَعَ فِي الْمُقْنِعِ بَعْدَ الْأَخْذِ

فِي الصَّحِيحَةِ بِالشَّلَّاءِ مِنْ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ .

وَإِنْ ادَّعَى الْجَانِي نَقْصَ الْعُضْوِ قُبِلَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : إنْ اتَّفَقَا عَلَى تَقَدُّمِ صِحَّتِهِ ، وَقِيلَ : قَوْلُ الْجَانِي ، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ عَكْسَهُ فِي أَعْضَاءٍ بَاطِنَةٍ ، لِتَعَذُّرِ الْبَيِّنَةِ .
وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ اسْتِيفَاءٍ لَا لِوُجُوبِهِ أَمْنُ الْحَيْفِ ، فَيُقَادُ فِي جِنَايَةٍ مِنْ مَفْصِلٍ أَوْ لَهَا حَدٌّ يَنْتَهِي إلَيْهِ ، كَمَارِنِ الْأَنْفِ ، وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ ، وَفِي جُرْحٍ يَنْتَهِي إلَى عَظْمٍ خَاصَّةً ، كَمُوضِحَةٍ ، لَا فِيمَا دُونَ مُوضِحَةٍ ، وَبَعْضِ كُوعٍ ، لِبُعْدِ الضَّبْطِ ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ : وَشَعْرٍ ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد : الْمُوضِحَةُ يُقْتَصُّ مِنْهَا ؟ قَالَ : الْمُوضِحَةُ كَيْفَ يُحِيطُ بِهَا وَجُرْحُ قَدَمٍ وَسَاقٍ وَفَخْذٍ وَعَضُدٍ وَسَاعِدٍ ، وَيَتَعَيَّنُ جَانِبُهَا .

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : لَيْسَ فِي عَظْمٍ قِصَاصٌ ، لِأَنَّ { الرَّجُلَ لَمَّا ضَرَبَ بِالسَّيْفِ عَلَى سَاعِدِ هَذَا فَقَطَعَهُ فَأَمَرَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدِّيَةِ } ، لَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْقِصَاصَ ، قَالَ : وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ مِنْ غَيْرِ مَفْصِلٍ وَلَا فِي عَظْمٍ ، لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا قَدْرُهُ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : لَا يُقْتَصُّ مِنْ جَائِفَةٍ وَلَا مَأْمُومَةٍ ، لِأَنَّهُ يَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ ، وَلَا مِنْ كَسْرِ فَخْذٍ وَسَاقٍ وَيَدٍ ، لِأَنَّ فِيهِ مُخًّا .

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وَالشَّالَنْجِيُّ : الْقَوَدُ فِي اللَّطْمَةِ وَنَحْوِهَا ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ : الشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ قَالُوا : مَا أَصَابَ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا وَكَانَ دُونَ النَّفْسِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ ، قَالَ : وَكَذَلِكَ أَرَى .

وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ : لَا قِصَاصَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا فِي أَدَبٍ يُؤَدِّبُهَا ، فَإِذَا اعْتَدَى أَوْ جَرَحَ أَوْ كَسَرَ يُقْتَصُّ لَهَا مِنْهُ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : إذَا قَتَلَهُ بِعَصًا أَوْ خَنَقَهُ أَوْ شَدَخَ رَأْسَهُ بِحَجَرٍ ، يُقْتَلُ بِمِثْلِ الَّذِي قَتَلَ بِهِ ، لِأَنَّ الْجُرُوحَ قِصَاصٌ .
وَنَقَلَ أَيْضًا : كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْجِرَاحِ وَالْكَسْرِ يُقَدَّرُ عَلَى الْقِصَاصِ يُقْتَصُّ مِنْهُ ، لِلْأَخْبَارِ ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ، وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُمْ وَجَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ .
وَقَالَتْ عَائِشَةُ { : لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ ، فَأَشَارَ أَنْ لَا تَلُدُّونِي قُلْنَا : كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ : أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي ؟ قُلْنَا : كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ ، فَقَالَ : لَا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إلَّا لَدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إلَّا الْعَبَّاسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ : اللَّدُودُ مَا يَسْقِي الْإِنْسَانَ فِي أَحَدِ شِقَّيْ الْفَمِ ، أَخْذًا مِنْ لَدِيدِ الْوَادِي ، وَهُمَا جَانِبَاهُ ، وَالْوَجُورُ بِالْفَتْحِ فِي وَسَطِ الْفَمِ ، وَالسَّعُوطُ : مَا أُدْخِلَ مِنْ أَنْفِهِ ، وَاللَّدُودُ بِالْفَتْحِ : هُوَ الدَّوَاءُ الَّذِي يُلَدُّ بِهِ .
قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : فِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ الْمُفْهِمَةَ كَصَرِيحِ الْعِبَارَةِ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَعْزِيرِ الْمُتَعَدِّي بِنَحْوِ فِعْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32