كتاب : الشريعة للآجري

المؤلف : الآجري

- وحدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا محرز بن عون قال : حدثنا عبد الله بن نافع المديني ، عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا أول من تنشق الأرض عنه ، ثم أبو بكر وعمر ، ثم أهل البقيع يبعثون معي ، ثم أهل مكة ثم أحشر بين أهل الحرمين »

1292 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا الفضل بن الصباح البزار ، وعلي بن مسلم قالا : حدثنا ابن أبي فديك قال : حدثني غير واحد زاد علي بن مسلم في حديثه منهم علي بن عبد الرحمن بن عثمان ، وعمرو بن أبي عمرو ، عن عبد العزيز بن عبد المطلب ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن حنطب قال : كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع أبو بكر وعمر قال : فلما نظر إليهما قال : « هذان السمع والبصر »

1293 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا بقية بن الوليد ، عن ثور بن يزيد ، عن عبد الله بن بشر الكندي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لقد هممت أن أبعث رجالا من أصحابي إلى ملوك الأرض ؛ يدعونهم إلى الإسلام ، كما بعث عيسى ابن مريم الحواريين » فقالوا : يا رسول الله ، ألا تبعث أبا بكر وعمر فهما أبلغ ؟ قال : « إنه لا غنى بي عنهما ، إنما منزلتهما من الدين بمنزلة السمع والبصر من الجسد »

1294 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق البهلول القاضي قال : حدثني أبي رحمه الله قال : حدثني أبي رضي الله عنه عن ابن الفرات بن السائب ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يرسل رجلا في حاجة مهمة ، وأبو بكر ، وعمر عن يمينه وعن يساره ، فقال علي رضي الله عنه وعنهما : ألا تبعث هذين ؟ قال : « وكيف أبعث هذين وهما من هذا الدين بمنزلة السمع والبصر من الرأس »

1295 - وحدثنا أيضا أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول قال : حدثني أبي قال : حدثنا سمرة بن حجر قال : حدثني حمزة بن أبي حمزة النصيبي ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لقد هممت أن أبعثهم إلى الأمم كما بعث عيسى ابن مريم الحواريين » فقالوا : يا رسول الله ، ألا تبعث أبا بكر وعمر ؟ فإنهما أفضل فقال : « إنهما لا غنى عنهما ، إنهما من هذا الدين بمنزلة السمع والبصر ، وبمنزلة العين من الرأس »

باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن أبا بكر وعمر
رضي الله عنهما وزيراه وأميناه من أهل الأرض

1296 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي قال : حدثنا تليد بن سليمان ، عن أبي الجحاف ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من نبي إلا وله وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض ، فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل عليهما السلام ، وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر »

1297 - وحدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي قال : حدثنا محمد بن موسى القرشي قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الله الجرمي قال : حدثنا عبد الله بن مالك قال : حدثنا عطاء بن عجلان ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل ، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر رضي الله عنهما »

1298 - وحدثنا أبو الطيب الحسين بن صالح الهروي قال : حدثنا علي بن داود القنطري قال : حدثنا عبد الله بن صالح يعني كاتب الليث قال : حدثنا المعلى بن هلال ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن لكل نبي أمينين ووزيرين ، فأميناي ووزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل ، وأميناي ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر رضي الله عنهما »

باب فضل إيمان أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

1299 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول : سمعت أبا هريرة يقول : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ، ثم أقبل على الناس بوجهه فقال : « بينما رجل يسوق بقرة ، إذ أعيا فركبها فضربها ، فقالت : إنا لم نخلق لهذا ، إنما خلقنا لحراثة الأرض » فقال الناس : سبحان الله سبحان الله بقرة تتكلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فإني أومن به أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم » قال : « وبينما رجل في غنم له ، إذ جاء الذئب على شاة منها ، فأدركها صاحبها ، فاستنقذها منه ، فقال الذئب : فمن لها يوم السبع (1) يوم لا راعي لها غيري ؟ » فقال الناس : سبحان الله ذئب يتكلم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « فإني أومن به أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم » قال سفيان : وحدثنا مسعر ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

__________

(1) السبع : كل ما له ناب يعدو به

1300 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا عبد الجبار بن العلاء العطار قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، ومسعر ، عن سعد يعني ابن إبراهيم عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : بينا رجل يسوق بقرة ، إذ ركبها فضربها ، فقالت : إنا لم نخلق لهذا ، إنما خلقنا للحرث . فقالوا : سبحان الله بقرة تتكلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فإني أومن بهذا وأبو بكر وعمر ، ما هما ثم » قال : وبينما رجل في غنم ، إذ عدا عليه الذئب ، فأخذ منها شاة ، فطلبها فاستنقذها ، فقال : هاه ، أخذتها مني ، فمن لها يوم السبع (1) يوم لا راعي لها غيري ؟ فقالوا : سبحان الله ذئب يتكلم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم » قال ابن صاعد : ولا أعلمه رواه عن مسعر إلا ابن عيينة

__________

(1) السبع : كل ما له ناب يعدو به

1301 - حدثنا ابن مخلد أبو عبد الله العطار قال : حدثنا ابن الجنيد يعني محمدا قال : حدثنا معمر بن بشر قال : حدثنا ابن المبارك قال : حدثنا عمر بن أبي حسين ، عن ابن أبي مليكة ، أنه سمع ابن عباس قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كنت أكثر أن أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر ، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر » رضي الله عنهما

باب ما روي أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وزنا
بالأمة فرجحا بإيمانهما

1302 - حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي المهلب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رأيتني أدخلت الجنة ، فجزت من أحد أبواب الثمانية ، فأتيت بكفة ميزان ، فوضعت فيها وجيء بأمتي فوضعت في الكفة الأخرى ، فرجحت بأمتي ، وجيء بأبي بكر فوضع في كفة ، ثم جيء بأمتي فوضعت في الكفة الأخرى ، فرجح بأمتي ، ثم رفع أبو بكر ، ثم جيء بعمر فوضع في كفة الميزان ، ثم جيء بأمتي فوضعت في الكفة الأخرى ، فرجح بها ، ورفع الميزان ، إلى السماء وأنا أنظر »

1303 - وأنبأنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكشي قال : حدثنا علي بن عبد الله المديني قال : حدثنا عمر بن سعد أبو داود الحفري قال : حدثنا بدر بن عثمان ، عن عبيد الله بن مروان قال : حدثني أبو عائشة وكان رجل صدق عن ابن عمر قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة (1) فقال : « رأيت قبل الغداة كأني أعطيت المقاليد والموازين ، فأما المقاليد فهذه المفاتيح ، وأما الموازين فهذه التي يزنون بها » قال : « فوضعت في إحدى الكفتين ، ووضعت أمتي في الكفة الأخرى ، فوزنت ، فرجحتهم ، ثم جيء بأبي بكر فوزنهم ، ثم جيء بعمر فوزنهم » وذكر الحديث

__________

(1) الغداة : ما بين الفجر وطلوع الشمس

باب ذكر فضل درجات أبي بكر وعمر في الجنة

1304 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا مندل ، عن الأعمش ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أهل الدرجات العلى يراهم من تحتهم كما يرى الكوكب الطالع من الأفق من أفاق السماء ، وأبو بكر منهم وعمر منهم وأنعما »

1305 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : أنبأنا خالد بن عبد الله الطحان ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أهل الدرجات العلى ليراهم من أسفل منهم كما ترون الكوكب الطالع في أفق السماء ، وإن أبا بكر وعمر من أولئك وأنعما »

1306 - وأنبأنا ابن مخلد أبو عبد الله العطار قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن الأعمش ، وابن أبي ليلى ، وكثير النواء ، وعبد الله بن صهبان ، كلهم عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون النجم الطالع في أفق من آفاق السماء ، ألا وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما »

1307 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي قال : حدثنا ابن فضيل ، عن عاصم ، عن سالم بن أبي حفصة ، والأعمش ، وكثير النواء ، وابن أبي ليلى ، وعبد الله بن صهبان ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن أهل الدرجات العلى ، ليراهم من تحتهم كما يرى النجم الزاهر في السماء ، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما »

1308 - وأنبأنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا يحيى بن معين قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، عن مجالد قال : أشهد على أبي الوداك أنه شهد على أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن أهل الجنة ليرون أهل عليين كما ترون الكوكب الدري (1) في أفق السماء ، وإن أبا بكر وعمر لمنهم وأنعما » فقال إسماعيل يعني ابن أبي خالد وهو مع مجالد على الطنفسة ، وأنا أشهد على عطية أنه شهد على أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك حدثنا أبو عبد الله بن مخلد قال : حدثنا محمد بن علي بن معدان قال : سمعت داود بن عمرو قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : سمعت سفيان بن عيينة يقول : وأنعما : قال : وأهلا « قال محمد بن الحسين رحمه الله : وكذا روي عن يزيد بن هارون ، أنه سئل عن تفسير وأنعما ، فقال : وأهلا وحدثناه ابن مخلد قال : حدثنا الدقيقي محمد بن عبد الملك قال : سمعت يزيد بن هارون ، وسئل عن تفسير وأنعما ، فقال : وأهلا

__________

(1) الدري : الكوكب المتلألئ الضوء

باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بأبي بكر وعمر
رضي الله عنهما

1309 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا بندار محمد بن بشار قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال المطرز : وحدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا أبو عامر جميعا عن سفيان الثوري ، عن عبد الملك يعني ابن عمير عن مولى لربعي ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اقتدوا باللذين من بعدي » وأشار إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

1310 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا سريج بن يونس ويعقوب بن إبراهيم الدورقي قالا : حدثنا سفيان يعني ابن عيينة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر »

1311 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان ، عن زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة بن اليمان : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر »

1312 - وحدثنا أبو أحمد أيضا قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا عبد الله بن إبراهيم ، عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت البناني ، عن أبي قتادة ، أنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له ، وتخلف عنه الناس في مسيرهم ، وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن تطيعوا أبا بكر وعمر ترشدوا » بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

كتاب فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب
رضي الله عنه بأن يعز الله عز وجل به الإسلام

1313 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن النفر أبي عمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اللهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب » فأصبح عمر رضي الله عنه فأسلم

1314 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا أبو عامر العقدي قال : حدثني خارجة بن عبد الله الأنصاري ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك ، بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام » فكان أحبهما إلى الله عز وجل عمر بن الخطاب رضي الله عنه

باب ابتداء إسلام عمر رضي الله عنه كيف كان

1315 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني قال أسامة بن زيد بن أسلم المدني قال : حدثني أبي ، عن جدي قال : قال لنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أتحبون أن أعلمكم أول إسلامي ؟ قلنا : نعم ، قال : كنت من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال : فبينا أنا في يوم شديد الحر في الهاجرة (1) ، في بعض طرق مكة ، إذ رآني رجل من قريش ، فقال : أين تذهب يا ابن الخطاب ؟ قال : فقلت : أريد هذا الرجل ، فقال لي : عجبا لله يا ابن الخطاب قد دخل عليك هذا الأمر في منزلك وأنت تقول هكذا ؟ قال : فقلت له : وما ذاك ؟ قال : أختك ، فرجعت مغضبا ، حتى قرعت عليها الباب قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أسلم بعض من أسلم ممن لا شيء له ضم الرجل والرجلين والرجال ممن ينفق عليه قال : وقد كان ضم رجلين من أصحابه إلى زوج أختي قال : فلما قرعت الباب ، قيل : من هذا ؟ قلت لهم : أنا عمر . قال : وقد كانوا جلوسا يقرءون كتابا في أيديهم ، فلما سمعوا صوتي قاموا ، حتى اختفوا في مكان قال : وتركوا الكتاب على حاله قال : فلما فتحت لي أختي الباب قال : قلت : أي عدوة نفسها : أصبوت (2) ؟ قال : وأرفع شيئا في يدي ، فأضرب به على رأسها ، فسال الدم قال : فبكت ، وقالت لي : يا ابن الخطاب ، ما كنت صانعا فاصنعه ، فإني قد أسلمت ، قال : فدخلت ، فجلست على السرير ، فإذا بصحيفة وسط البيت قال : فقلت لها : ما هذه الصحيفة هاهنا ؟ فقالت لي : يا ابن الخطاب دعها عنك ، فإنك لا تغتسل من الجنابة ، ولا تطهر ، وهذا لا يمسه إلا المطهرون قال : فما زلت بها ، حتى أعطتنيها قال : فنظرت فيها ، فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم فذعرت ، وألقيت الصحيفة من يدي قال : ثم رجعت إلى نفسي فقرأت في الصحيفة : ( سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم (3) ) قال : فكلما مررت باسم من أسماء الله تعالى ذعرت (4) ، وألقيت الصحيفة من يدي قال : ثم رجعت إلى نفسي فأقرأ فيها حتى أبلغ : ( آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه (5) ) قال : فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فخرج القوم مبادرين وكبروا استبشارا بذلك ، وقالوا : أبشر يا ابن الخطاب ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم الاثنين ، فقال : « اللهم أعز دينك بأحب هذين الرجلين إليك إما عمر وإما أبي جهل بن هشام » وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فقلت لهم : دلوني على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أين هو ؟ فلما عرفوا الصدق دلوني عليه في المنزل الذي هو فيه قال : فجئت حتى قرعت الباب قال فقيل : من هذا ؟ فقلت أنا عمر بن الخطاب قال : وقد كانوا علموا شدتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعلموا بإسلامي ، فما اجترأ أحد منهم أن يفتح لي الباب ، حتى قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : « افتحوا له فإن يرد الله به خيرا يهده » قال : ففتح لي الباب قال : فأدخلني رجلان بعضدي ، حتى دنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أرسلاه » فأرسلاني قال : فجلست بين يديه قال : فأخذ بمجامع قميصي ، ثم قال لي : « أسلم يا ابن الخطاب ، اللهم اهده » قال : فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله قال : فكبر المسلمون تكبيرة سمعت في طرق مكة قال : وقد كانوا مستخفين قبل ذلك وكان الرجل إذا أسلم تعلق به أولئك الناس فيضربونه قال : فجئت إلى خالي فقرعت (6) عليه الباب ، وهو في منزله قال : فقال : من هذا ؟ قال : فقلت : عمر فخرج إلى قال : فقلت له : أعلمت أني قد أسلمت ؟ قال : أو فعلت ؟ فقلت : نعم ، قد كان ذلك فقال لي : لا تفعل ، ودخل البيت وأجاف الباب دوني ؛ قال : فذهبت إلى رجل من كبراء قريش ، فناديته ، فخرج إلى قال : فقلت له : أما علمت أني قد أسلمت ؟ قال : فقال : وفعلت ؟ فقلت : نعم قال : فقلت في نفسي ما هذا بشيء ، أرى المسلمين يضربون وأنا لا أضرب ، ولا يقال لي شيء قال فقال لي رجل أتحب أن يعلم إسلامك ؟ قال : قلت : نعم فقال لي : إذا جلس الناس في الحجر ، فأت فلانا ، فقل له فيما بينك وبينه : أشعرت أني قد أسلمت ، فإنه قل ما يكتم السر قال : فجئت إليه وقد اجتمع الناس في الحجر ، فقلت له : فيما بيني وبينه أشعرت أني قد أسلمت ؟ قال : فقال لي : وفعلت ؟ فقلت له : نعم قال : فنادى بأعلى صوته : إن عمر بن الخطاب قد صبأ قال : فبادر إلى أولئك الناس ، فما زالوا يضربونني وأضربهم قال : فقال خالي ما هذا ؟ قالوا إن عمر قد صبأ ، فقام على الحجر فنادى بصوته وأشار بكمه : ألا إني قد أجرت ابن أختي فلا يمسه أحد قال : فنكصوا (7) عني قال : وكنت لا أشاء أرى أحدا من المسلمين يضرب إلا رأيته قال : فقلت : ما هذا بشيء ، أرى الناس يضربون ولا أضرب ، ولا يصيبني شيء قال : فلما جلس الناس في الحجر جئت إلى خالي فقلت له أتسمع ؟ قال : أسمع فقلت له : جوارك عليك رد قال : لا تفعل ، قال : فقلت له : جوارك عليك رد ، قال : فما شئت ، قال : فما زلت أضرب وأضرب ، حتى أظهر الله عز وجل الإسلام

__________

(1) الهَجير والهاجِرة : اشتدادُ الحَرِّ نصفَ النهار

(2) صبأ الرجل وصبا : ترك دين قومه ودان بآخر

(3) سورة : الحديد آية رقم : 1

(4) الذعر : الفزع والخوف الشديد

(5) سورة : الحديد آية رقم : 7

(6) القرع : الدق والطرق

(7) نكص : رجع إلى خلف

باب ذكر إعزاز الإسلام وأهله بإسلام عمر بن الخطاب رضي الله
عنه

1316 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان الكوفي قال : حدثنا أبو يحيى الحماني قال : حدثنا النضر بن عبد الرحمن ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : « لما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ قال المشركون : الآن انتصف القوم منا »

1317 - وأنبأنا أبو محمد أيضا قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : أنبأنا خالد يعني ابن عبد الله الواسطي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم قال : قال عبد الله بن مسعود : « ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه »

1318 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : ثنا عبيد الله بن عمر ، قال ثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن إسماعيل بن أبي خالد قال : حدثني قيس يعني ابن أبي حازم قال : قال عبد الله بن مسعود : « ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه »

1319 - حدثنا أبو القاسم البغوي قال : حدثنا عبيد الله بن عمر قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن إسماعيل بن أبي خالد قال : حدثني قيس يعني ابن أبي حازم قال : قال عبد الله بن مسعود : « ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر رضي الله عنه »

1320 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : حدثنا المسعودي ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مسعود قال : كان إسلام عمر رضي الله عنه عزا ، وكانت هجرته نصرا ، وكانت خلافته رحمة ، والله ما استطعنا أن نصلي ظاهرين حتى أسلم عمر ، وإني لأحسب أن الشيطان يفرق من حس عمر وإني لأحسب أن بين عيني عمر رضي الله عنه ملكا يسدده ، فإذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر

1321 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد الأعرابي قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق قال : حدثنا صفوان بن المغلس قال : حدثنا إسحاق بن بشر قال : حدثنا خلف بن خليفة ، عن أبي هاشم الرماني ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : « أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثون رجلا وامرأة ، ثم إن عمر رضي الله عنه أسلم ؛ فصاروا أربعين ؛ فنزل جبريل عليه السلام فقال : ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين (1) ) »

__________

(1) سورة : الأنفال آية رقم : 64

1322 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا عبد الله بن عمر يعني ابن أبان الكوفي قال : حدثنا عبد الله بن خراش ، عن العوام بن حوشب ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : « لما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد لقد استبشر أهل السماء اليوم بإسلام عمر رضي الله عنه »

باب ما روي أن الله عز وجل جعل الحق على قلب
عمر ولسانه ، وأن السكينة تنطق على لسانه

1323 - حدثنا الفريابي قال : ثنا محمد بن أبي السري العسقالاني قال : حدثنا بشر بن بكر قال : حدثنا أبو بكر بن أبي مريم ، عن حبيب بن عبيد ، عن غضيف بن الحارث ، عن بلال رحمه الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « جعل الحق على قلب عمر ولسانه »

1324 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عبد السلام بن عبد الحميد الحراني قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله عز وجل جعل الحق على لسان عمر وقلبه »

1325 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا وهب بن بقية قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر الشعبي قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : « ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر رضي الله عنه »

1326 - وأخبرنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا أبو شهاب يعني الحناط عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، أن عليا رضي الله عنه قال : « ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر رضي الله عنه »

1327 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا محمود بن غيلان المروزي قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن عاصم ، عن زر ، عن علي رضي الله عنه قال : « ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر رضي الله عنه » قال محمد بن الحسين رحمه الله : ويدخل في هذا الباب من فضائل عمر رضي الله عنه حديث سارية ، فإن هذا موضعه

1328 - أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري قال حدثنا : يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني يحيى بن أيوب ، عن محمد بن عجلان ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث جيشا وأمر عليهم رجلا يدعى سارية قال : فبينما عمر بن الخطاب يخطب الناس يوما فجعل يصيح وهو على المنبر : يا ساري الجبل يا ساري الجبل . مرتين ، فقدم رسول الجيش فسأله ؛ فقال : يا أمير المؤمنين لقينا عدونا ، فهزمونا ، فإذا بصائح يصيح : يا ساري الجبل يا ساري الجبل ، فأسندنا ظهورنا بالجبل ؛ فهزمهم الله عز وجل فقيل لعمر : إنك كنت تصيح بذلك قال ابن عجلان : وحدثني إياس بن معاوية بمثل ذلك قال أبو بكر النيسابوري قال : وحدثنا محمد بن يحيى قال : حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع قال : حدثنا عبد الله بن وهب بإسناده مثله

1329 - وحدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال : حدثنا أحمد بن صالح المصري قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، عن يحيى بن أيوب ، عن محمد بن عجلان ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : وجه جيشا وأمر عليهم رجلا يدعى سارية قال : فبينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب ، جعل ينادي : يا ساري الجبل يا ساري الجبل ثلاثا قال : ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر ؛ فقال : يا أمير المؤمنين قد هزمنا ، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا صوتا ينادي : يا ساري الجبل ، يا ساري الجبل ، يا ساري الجبل قال : فأسندنا ظهورنا إلى الجبل ، فهزمهم الله عز وجل قال : فقيل لعمر : إنك كنت تصيح بذلك قال محمد بن الحسين : هذا يدل على أن ملكا ينطق على لسان عمر رضي الله عنه ، كما قال علي رضي الله عنه : إن السكينة تنطق على لسان عمر رضي الله عنهم أجمعين ، إخوانا على سرر متقابلين

باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : « قد كان يكون في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي فعمر بن الخطاب رضي الله عنه » قال محمد بن الحسين رحمه الله : هذا موافق للباب الذي قبله ، ومعناه عند العلماء والله أعلم أن الله عز وجل يلقي في قلبه الحق ، وينطق به لسانه ، يلقيه الملك على لسانه وقلبه من الله عز وجل خصوصا خص الله الكريم به عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما قال علي رضي الله عنه : ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر هذه الأحاديث تصدق بعضها بعضا

1330 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن محمد بن عجلان ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن عائشة رحمها الله قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قد كان يكون في الأمم محدثون ؛ فإن يكن في أمتي أحد فعمر بن الخطاب »

1331 - وحدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : ثنا مندل يعني ابن علي عن محمد بن عجلان ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن عائشة رحمها الله قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قد يكون في أمتي محدثون فإن يكن منهم أحد فعمر بن الخطاب رضي الله عنه »

باب ما روي أن غضب عمر بن الخطاب عز ورضاه عدل

1332 - حدثنا أبو محمد بن صاعد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال : حدثنا إبراهيم بن رستم قال : حدثنا يعقوب بن عبد الله القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن أنس بن مالك : « أن جبريل ، عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أقرئ عمر السلام ، وأخبره أن غضبه عز ، ورضاه عدل »

1333 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال : حدثنا نصر بن علي قال : حدثنا جرير ، عن يعقوب يعني القمي عن جعفر القمي ، عن سعيد بن جبير قال : قال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم : اقرأ على عمر السلام ، وأخبره أن غضبه عز ، ورضاه عدل

باب ذكر موافقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لربه عز
وجل مما نزل به القرآن

1334 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا محمود بن خداش قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « وافقت ربي عز وجل في ثلاث : قلت : يا رسول الله ، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى قال : فنزلت : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى (1) ) قال : وقلت : يا رسول الله ، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر ، فلو أمرتهن أن يحتجبن قال : فنزلت آية الحجاب قال : واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤه في الغيرة ؛ فقلت لهن ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن . . . (2) ) الآية ؛ قال : فنزلت كذلك »

__________

(1) سورة : البقرة آية رقم : 125

(2) سورة : التحريم آية رقم : 5

1335 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن سويد بن منجوف السدوسي قال : حدثنا أبو داود الطيالسي قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أنس بن مالك قال : قال عمر رضي الله عنه : وافقت ربي عز وجل في أربع قلت : يا رسول الله ، لو صلينا إلى المقام ؛ فأنزل الله عز وجل : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى (1) ) وقلت : يا رسول الله ، لو اتخذت على نسائك حجابا ، فإنه يدخل عليهن البر والفاجر ، فأنزل الله عز وجل : ( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب (2) ) وقلت لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم : لتنتهين أو ليبدلنه الله عز وجل خيرا منكن ، فأنزل الله عز وجل : ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن (3) ) الآية ، وأنزل الله عز وجل : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (4) ) حتى بلغ الآية ، فقلت أنا : فتبارك الله أحسن الخالقين يعني فنزلت ( فتبارك الله أحسن الخالقين (5) )

__________

(1) سورة : البقرة آية رقم : 125

(2) سورة : الأحزاب آية رقم : 53

(3) سورة : التحريم آية رقم : 5

(4) سورة : المؤمنون آية رقم : 12

(5) سورة : المؤمنون آية رقم : 14

1336 - وحدثنا ابن صاعد قال : حدثنا عقبة بن مكرم العمي قال : حدثنا سعيد بن عامر ، عن جويرية بن أسماء ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : وافقت ربي عز وجل في ثلاث : في الحجاب ، وفي أسارى بدر ، وفي مقام إبراهيم عليه السلام

باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه »

1337 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال : حدثنا عبد الله بن يزيد قال : حدثنا حيوة بن شريح ، عن بكر بن عمرو ، عن مشرح بن هاعان قال : سمعت عقبة بن عامر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب »

1338 - وحدثنا أبو العباس عبد الله بن الصقر السكري قال : حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، عن حيوة بن شريح ، عن بكر بن عمرو ، عن مشرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه »

1339 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن يحيى بن فياض الزماني قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال : حدثنا حيوة ، عن بكر بن عمرو ، عن مشرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب »

باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالعلم والدين الذي أعطي
عمر بن الخطاب

1340 - حدثنا الفريابي قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « بينا أنا نائم ، أتيت بقدح من لبن ؛ فشربت منه ، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب » قالوا : فما أولته يا رسول الله ؟ قال « العلم »

1341 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا بقية بن الوليد قال : حدثنا الزبيدي ، عن الزهري ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن ابن عمر : عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال : « بينا أنا نائم ، أتيت بقدح من لبن فشربت منه ، حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر » قالوا : فما أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال : « العلم »

1342 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا أبي ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب قال : حدثني أبو أمامة بن سهل بن حنيف ، أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص ، فمنها ما يبلغ الثدي ، ومنها ما يبلغ دون ذلك ، ومر علي عمر وعليه قميص يجره » فقالوا له : يا رسول الله فما أولت ذلك ؟ قال : « الدين »

باب ذكر بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب
رضي الله عنه بما أعد الله عز وجل له في الجنة

1343 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا أبو بكر بن عياش قال : حدثنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أدخلت الجنة فرفع لي فيها قصر ، فقلت : لمن هذا ؟ فقالوا : لرجل من قريش ، فظننت أني أنا هو ، فقلت : من هو ؟ قالوا : عمر بن الخطاب » قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فما منعني أن أدخله إلا غيرتك يا أبا حفص » قال : أعليك أغار يا رسول الله ؟ وهل رفعني الله تعالى إلا بك وهداني ؟ وهل من (1) الله عز وجل علي إلا بك ؟ قال : وبكى « قال أبو بكر بن عياش : قلت لحميد في النوم أو في اليقظة ؟ قال : لا ، بل في اليقظة

__________

(1) المن : الإحسان والإنعام

1344 - وحدثنا أيضا قاسم المطرز ؛ قال : حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر قال المطرز : وحدثنا أبو سعيد الأشج قال : حدثنا أبو خالد الأحمر قال المطرز : وحدثنا ابن عبد الأعلى قال : حدثنا معتمر ، كلهم ، عن حميد ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « دخلت الجنة ، فإذا بقصر من ذهب . . » . فذكروا مثله إلى قوله : « أو عليك أغار يا رسول الله »

1345 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا كامل بن طلحة الجحدري قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن ابن المسيب ، : أن أبا هريرة قال : بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال : « بينا أنا نائم رأيتني في الجنة ، فإذا أنا بامرأة شوهاء يعني حسناء إلى جانب قصر ، فقلت : لمن هذا القصر قالوا : لعمر ، فذكرت غيرته فوليت مدبرا » قال أبو هريرة : فبكى عمر رضي الله عنه ، وقال : بأبي أنت وأمي أو عليك أغار

1346 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا بقية بن الوليد قال : حدثنا ؛ قال : حدثنا الزبيدي ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : بينا نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « بينا أنا نائم رأيتني في الجنة ، فإذا امرأة شوهاء يعني حسناء إلى جانب قصر ؛ فقلت : لمن هذا ؟ فقالوا : لعمر بن الخطاب ؛ فذكرت غيرتك فوليت مدبرا »

1347 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا محمد بن بشر قال : حدثني مسعر بن كدام ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص ، عن معاذ بن جبل قال : إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمن أهل الجنة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ما رأى في يقظته وفي نومه حقا ؛ وإنه قال : « بينا أنا نائم رأيتني دخلت الجنة فرأيت فيها دارا ؛ فقلت : لمن هذه الدار فقيل : لعمر بن الخطاب »

1348 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن رزق الله قال : حدثنا زيد بن الحباب قال : حدثني الحسين بن واقد قال : حدثني عبد الله بن بريدة الأسلمي قال : سمعت أبي يقول : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ؛ فقال : « إني دخلت الجنة البارحة (1) فرأيت فيها قصرا مربعا من ذهب ، فقلت : لمن هذا القصر ؟ فقيل : لرجل من العرب ؛ فقلت : فأنا من العرب ؛ فلمن هو ؟ فقيل : لرجل من المسلمين من أمة محمد قلت : فأنا محمد فلمن هذا القصر ؟ فقيل : لعمر بن الخطاب » ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فلولا غيرتك لدخلت القصر » فقال له عمر : يا رسول الله ما كنت لأغار عليك

__________

(1) البارحة : أقرب ليلة مضت

1349 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا موسى بن داود قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون قال : حدثنا محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رأيت كأني أدخلت الجنة البارحة (1) قال : ورأيت فيها قصرا أبيض بفنائه جارية قال : فقلت : لمن هذا القصر ؟ فقيل : لعمر بن الخطاب ؛ فأردت أن أدخله ، فأنظر إليه فذكرت غيرتك يا عمر » قال : فقال له عمر : بأبي وأمي يا رسول الله وعليك أغارك ؟ وحدثناه أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا صالح بن مالك الخوارزمي قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الماجشون قال : حدثني محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : . . . وذكر الحديث مثله

__________

(1) البارحة : أقرب ليلة مضت

باب ما روي أن الشيطان يفرق من عمر بن الخطاب رضي
الله عنه هيبة له

1350 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا داود بن عمرو قال : حدثنا مكرم بن حكيم ، عن أبي محمد ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في دار فدخل عليه نسوة من قريش تسألنه ، وتستخبرنه رافعات أصواتهن فوق صوته ؛ فأقبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستأذن ؛ فلما سمعن صوت عمر بادرن الحجاب ، فأذن لعمر ، فدخل فاستضحك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر : أضحك الله سنك يا نبي الله ، مم ضحكت ؟ فقال : « ألا إن نسوة من قريش دخلن علي يسألنني ويستخبرنني رافعات أصواتهن فوق صوتي ؛ فلما سمعن صوتك بادرن الحجب أو الحجاب » فقال عمر : يا عدوات أنفسهن تهبنني وتجترئن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت امرأة منهن : إنك أفظ وأغلظ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : « مه عن عمر فوالله ما سلك عمر واديا قط فسلكه الشيطان » قال محمد بن الحسين رحمه الله : وقد ذكرنا عن ابن مسعود في هذا الكتاب قوله : كان إسلام عمر عزا ، وكانت هجرته نصرا ، وكانت خلافته رحمة ، والله ما استطعنا أن نصلي ظاهرين حتى أسلم عمر ؛ وإني لأحسب أن الشيطان يفرق من حس عمر رضي الله عنه . . . « وذكر الحديث

باب ما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قفل
الإسلام ؛ وأن الفتن تكون بعده

1351 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا هارون بن عبد الله البزاز قال : حدثنا سيار بن حاتم قال : حدثنا جعفر بن سليمان قال : حدثنا المعلى بن زياد ، عن الحسن قال : بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه آخذا بيد أبي ذر رحمه الله إذ غمزها (1) ، فقال له أبو ذر : مه يا قفل الإسلام أوجعتني فقال : ما هذا يا أبا ذر ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، تذكر يوم كذا وكذا ؟ يذكره إذ أقبلت فأشرفت (2) على الوادي (3) ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لن تصيبكم فتنة ما كان هذا بين أظهركم » فأنت قفل الإسلام يا عمر «

__________

(1) الغمز : الإشارة والجس والضغط باليد أو العين

(2) أشرف : أطل وأقبل واقترب وعلا ونظر وتطلع

(3) الوادي : كل منفرج بين الجبال والتلال ، يكون مسلكا للسيل ومنفذا

1352 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، وجامع بن أبي راشد ، عن أبي وائل ، عن حذيفة بن اليمان قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : من يحدثنا عن الفتنة ؟ فقلت : أنا سمعته يقول : « فتنة الرجل في أهله ، وماله ؛ تكفرها الصلاة والصدقة ، والصوم » فقال عمر : ليس عن تلك أسألك ؛ عن التي تموج كموج البحر ؟ فقلت : « إن من دون ذلك بابا مغلقا ، قتل رجل أو موته » قال : أفيكسر ذلك الباب أو يفتح ؟ قلت : لا بل يكسر ؛ فقال عمر : ذلك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة « وزاد الأعمش : فهبنا حذيفة أن نسأله : أكان يعلم عمر رضي الله عنه أنه هو الباب ؟ فأمرنا مسروقا فسأله ؛ فقال : نعم كما يعلم أن دون غد الليلة ، وذلك أني حدثته حديثا ليس بالأغاليط حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا ابن أبي المقرئ قال : حدثنا سفيان ، عن جامع بن أبي راشد ، عن أبي وائل ، عن حذيفة قال : قال عمر رضي الله عنه : من يحدثنا عن الفتنة ؛ فقال حذيفة : أنا وذكر الحديث مثله سواء

1353 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا حبيب بن أبي حبيب قال : حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كان جبريل يذاكرني أمر عمر ؛ فقلت : يا جبريل ، اذكر لي فضائل عمر وما له عند الله عز وجل ؟ فقال لي : لو جلست معك مثل ما جلس نوح في قومه ما بلغت فضائل عمر ، وليبكين الإسلام بعد موتك يا محمد على موت عمر بن الخطاب رضي الله عنه »

باب ما روي أن عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة

1354 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي ، والحسن بن علي الجصاص قالا : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة » قال محمد بن الحسين رحمه الله : فإن قال قائل : إيش يحتمل قوله سراج أهل الجنة ؟ قيل له والله أعلم : لما كان قد أسلم جماعة من المسلمين بمكة قبل عمر ، فكان يؤذيهم المشركون أذى شديدا ، ويستخفي كثير منهم بإسلامهم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجتمع إليه الجماعة منهم فيقرئهم القرآن سرا خوفا عليهم ؛ فلما أسلم عمر رضي الله عنه فرج الله عز وجل عن المسلمين ، وخرجوا وأظهروا إسلامهم ، فأعز الله الكريم المسلمين بإسلام عمر ، وأضاء نور الإسلام ، وقويت قلوب المسلمين ، وعلموا أن الله عز وجل قد منع منهم ، وفرج عنهم ، وأن الله عز وجل سيبدلهم من بعد خوفهم أمنا ؛ ألم تسمع إلى ما قال ابن عباس : « لما أسلم عمر بن الخطاب قال المشركون : انتصف القوم منا » وقال ابن مسعود : « ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر بن الخطاب » وروى ابن عباس : « لما أسلم عمر رضي الله عنه نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، لقد استبشر أهل السماء اليوم بإسلام عمر » قلت : فصار عمر رضي الله عنه سراج أهل الجنة بهذه المعاني وما أشبهها من فضائله الشريفة ؛ استضاء بإسلامه نور القلوب وعزوا وقال ابن مسعود : « ما استطعنا أن نصلي ظاهرين حتى أسلم عمر » ، فهذا جوابنا في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : « عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة »

باب ذكر جوامع فضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد اختصرت من ذكر فضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ما حضرني ذكره بمكة ، وفضائلهما بحمد الله كثيرة ، وفيما ذكرته مقنع لمن علمه ؛ فزاده الله الكريم محبة لهما رضي الله عنهما

1355 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا الوليد بن الفضل ، عن إسماعيل بن عبيد العجلي ، عن حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة بن قيس ، عن عمار بن ياسر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا عمار ، أتاني جبريل عليه السلام آنفا ، فقلت : يا جبريل ، حدثني بفضائل عمر في السماء ، فقال لي : لو لبثت ما لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ما نفدت فضائل عمر ، وإن عمر حسنة من حسنات أبي بكر »

1356 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا حبيب بن أبي حبيب قال : حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كان جبريل عليه السلام يذاكرني أمر عمر ، فقلت : يا جبريل ، اذكر لي فضائل عمر ، وما له عند الله عز وجل ، فقال لي : لو جلست معك مثل ما جلس نوح في قومه ما بلغت فضائل عمر ، وليبكين الإسلام بعد موتك يا محمد على موت عمر بن الخطاب رضي الله عنه »

باب ذكر مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه

1357 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا سلمة بن شبيب قال : حدثنا أبو داود الطيالسي قال : حدثنا جعفر بن سليمان قال : حدثنا ثابت ، عن أبي رافع قال : كان أبو لؤلؤة غلاما للمغيرة بن شعبة ، وكان يصنع الأرحاء ، وكان يصيب منها إصابة كبيرة ، وكان المغيرة يستغل منه كل يوم أربعة دراهم ، فأتى عمر رضي الله عنه ، فقال : يا أمير المؤمنين إن المغيرة قد أثقل غلتي ؛ فكلمه أن يخفف عني ، فقال : اتق الله ، وأحسن إلى مواليك ، وافعل وافعل ، قال : ومن نيته أن يلقى المغيرة ، فيأمره بالتخفيف عنه ؛ قال : فغضب وقال : وسع الناس كلهم عدلك غيري ، فصنع خنجرا ، وشحذه قال : وأحسبه قال : وجعل له رأسين ؛ ثم أتى به الهرمزان من الفرس ، فقال : كيف ترى هذا ؟ قال : أرى هذا أنه لا يضرب به أحد إلا قتله ، قال : فتحين عمر رضي الله عنه ، فأتاه من ورائه وهو في إقامة الصف ؛ فوجأه (1) ثلاث وجآت ، طعنه في كتفه ، وطعنه في خاصرته (2) ، وطعنه في بعض جسده ، قال : فسقط ، واحتمل إلى منزله ، وقال عبد الرحمن بن عوف رحمه الله : الصلاة الصلاة ؛ فتقدم عبد الرحمن فصلى بهم ، وقرأ بأقصر سورتين في القرآن ، وانطلق الناس نحو عمر يسألون عنه ، ويدعون له ، ويقولون : لا بأس عليك ؛ فقال عمر : « إن يكن علي في القتل بأس ؛ فقد قتلت » ؛ فدعا بشراب لينظر ما قدر جراحته ، فشرب فخرج مع الدم ، فلم يتبين ؛ فجعلوا يثنون عليه ؛ فقال عمر : « والذي نفسي بيده ، لوددت أني انفلت (3) منها كفافا (4) ، وسلم لي عملي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال : وسلم لي ما قبلها قال : وابن عباس عند رأسه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لا والله لا تنفلت منها كفافا ، لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصحبته بخير ما صحبه فيه صاحب ، كنت تنفذ أمره ، وكنت في عونه حتى قبض صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض ، ثم وليها أبو بكر رضي الله عنه ، فكنت تنفذ أمره ، وكنت في عونه حتى قبض وهو عنك راض ، ثم وليتها بخير ما وليها وال قال : وذكر محاسنه ، فكأن عمر استراح إلى كلام ابن عباس وهو في كرب الموت ، فقال : كرر علي كلامك فأعاد عليه الكلام ، فقال عمر : » والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت من هول المطلع « وجاء صهيب ، فقال : وأخاه وأخاه ، رفع صهيب صوته فقال عمر : » مهلا يا صهيب مهلا يا صهيب ، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن المعول عليه يعذب » . قال : وجعل الأمر إلى ستة : إلى عثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وعبد الرحمن ، وأمر صهيبا أن يصلي بالناس

__________

(1) وجأ : ضرب وطعن

(2) الخاصرة : ما بين رأس الوَرِك وأسفل الأضلاع وهما خاصرتان

(3) الانفلات : المباغتة والانسلاخ والتخلص من الشيء فجأة من غير تمكث

(4) الكفاف : ما أغنى عن سؤال الناس وحفظ ماء الوجه وسد الحاجة من الرزق

1358 - أنبأنا أبو محمد بن صاعد قال : حدثنا إسحاق بن شاهين أبو بشر الواسطي قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون ، قال ابن صاعد : وحدثنا يوسف بن موسى القطان قال : حدثنا جرير ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون قال ابن صاعد : وحدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، وخلاد بن أسلم قالا : حدثنا علي بن عاصم ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون - واللفظ لخالد بن عبد الله - قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « بعث حذيفة على ما سقت دجلة ، وبعث عثمان بن حنيف على ما سقى الفرات ، فوضعا الخراج ، فلما قدما عليه قال : لعلكما حملتما الأرض ما لا تطيق ، فقال حذيفة : لو شئت لا ضعفت أرضي ، وقال عثمان بن حنيف : لقد حملتها ما تطيق ، وما فيها كبير فضل فقال : لئن عشت لأرامل أهل العراق لأدعهن لا يحتجن إلى أحد بعدي قال : فما لبث إلا أربعة حتى أصيب قال : وكان عمر رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة ؛ قال للناس : استووا فلما استووا طعنه رجل فقال : باسم الله أكلني الكلب ، أو قتلني الكلب قال : فطار (1) العلج بسكين ذي طرفين لا يدنوا منه إنسان إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلا ، فمات منهم تسعة ، وألقى عليه رجل من المسلمين برنسا (2) ، ثم جثم عليه ، فلما عرف أنه مأخوذ ، طعن نفسه ، فقتل نفسه ؛ قال : وقدم الناس عبد الرحمن فصلى بهم صلاة خفيفة قال : فقال عمر لابن عباس : انظر من قتلني قال : فجال جولة ثم رجع فقال : غلام المغيرة بن شعبة ، فقال : الصنيع ؟ قال : نعم ، قال : قاتله الله لقد كنت أمرت به خيرا ، الحمد لله الذي لم يجعل منيتي في يد رجل من المسلمين ، وقال لابن عباس : لقد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة ، قال : فقال : ألا نقتلهم ؛ قال : أبعد ما صلوا صلاتكم وحجوا حجكم ، ثم حمل حتى أدخلوه منزله ، فكأن لم يصب المسلمين مصيبة قبل يومئذ قال : فجعل الناس يدخلون عليه ، إذ دخل عليه شاب فقال : أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله عز وجل فإن لك من القدم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان لك ، ثم وليت فعدلت ، ثم رزقك الله عز وجل الشهادة قال : يا ابن أخي ، وددت أني وذاك لا لي ولا علي ، ثم أدبر الشاب ، فإذا هو يجر إزاره (3) ، فقال : ردوه ، فرد ، فقال له : يا ابن أخي ، ارفع إزارك فإنه أنقى لثوبك ، أتقى لربك . قال عمرو بن ميمون : فوالله ما منعه ما كان فيه أن نصحه ، ثم أتي بشراب نبيذ فشرب منه فخرج من جرحه فعرف أنه لم به ، فقال : يا عبد الله بن عمر ، انظر ما علي من الدين فنظر فإذا بضع وثمانون ألفا فقال : سل في آل عمر فإن وفى وإلا فسل في بني عدي ، فإن وفت وإلا فسل في قريش ، ولا تعدهم إلى غيرهم ، ثم قال : يا عبد الله ، ائت أم المؤمنين عائشة فقل : إن عمر يقرأ عليك السلام ، ولا تقل أمير المؤمنين ، فإني لست اليوم للمؤمنين بأمير ، وقل : يستأذن في أن يدفن مع صاحبيه فإن أذنت فادفنوني معهما ، وإن أبت فردوني إلى مقابر المسلمين ، فأتاها عبد الله وهي تبكي فقال : إن عمر يستأذن في أن يدفن مع صاحبيه فقالت : لقد كنت أدخر ذلك المكان لنفسي لأوثرنه (4) اليوم على نفسي ، ثم رجع ، فلما أقبل قال عمر : أقعدوني ثم قال : ما وراءك ؟ قال : قد أذنت لك ، قال : الله أكبر ، ما شيء أهم إلي من ذلك المضجع ، فإذا أنا قبضت فاحملوني ثم قولوا : يستأذن عمر فإن أذنت فادفنوني وإلا فردوني إلى مقابر المسلمين ثم قال : إن الناس يقولون : استخلف وإن الأمر إلى هؤلاء الستة الذين توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض : علي ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن مالك ، وليشهدهم عبد الله بن عمر وليس له من الأمر شيء ، فإن أصابت الخلافة سعدا ، وإلا فليستعن به من ولي ، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة ، ثم قال : أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله عز وجل ، وأوصيه بالمهاجرين الأولين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ، أن يعرف لهم حقهم ، ويحفظ لهم حرمتهم ، وأوصيه بالأنصار خيرا أن يقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم ، وأوصيه بأهل الأمصار خيرا فإنهم ردء الإسلام ، وغيظ العدو وجباة المال لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضى منهم ، وأوصيه بالأعراب خيرا ؛ فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام ، أن يؤخذ من حواشي أموالهم فيرد على فقرائهم ، وأوصيه بذمة الله عز وجل وذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم ، وأن يقاتل من ورائهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم »

__________

(1) طار : أسرع وخف

(2) البرنس : كل ثوب رأسُه منه مُلْتَزق به

(3) الإزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن

(4) آثر : أعطى وأفرد وخص وفضل وقدم وميز

1359 - وحدثنا أبو حفص عمر بن سهل بن مخلد البزار من كتابه قال : حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة بن سلم بن خالد بن جابر بن سمرة قال : حدثني سليمان بن عبد العزيز بن أبي ثابت ، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف قال : حدثني أبي ، عن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، عن المسور بن مخرمة ، عن أمه وكانت أمه عاتكة بنت عوف قالت : خرج عمر بن الخطاب يوما يطوف في السوق فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة وكان نصرانيا فقال : يا أمير المؤمنين ، أعدني على المغيرة بن شعبة فإن علي خراجا (1) كثيرا قال : فكم خراجك ؟ قال : درهمان في كل يوم قال : وأي شيء صناعتك ؟ قال : نجارا نقاشا حدادا قال : ما أرى خراجك بكثير على ما تصنع من الأعمال ، ثم لقد بلغني أنك تقول لو أردت أن أعمل رحى تطحن بالريح فعلت قال : نعم قال : فاعمل لي رحى قال : لأن سلمت لأعملن لك رحى يتحدث بها من بالمشرق والمغرب قال : ثم انصرف عمر إلى منزله فلما كان من الغد جاءه كعب الأحبار فقال له : يا أمير المؤمنين ، اعهد ، فإنك ميت في ثلاثة أيام قال : وما يدريك ؟ قال : أجده في كتاب الله عز وجل التوراة قال عمر : آلله إنك تجد عمر بن الخطاب في التوراة ؟ قال : اللهم لا ، ولكن أجد صفتك وحليتك ، وأنه قد فني أجلك قال وعمر لا يحس وجعا ، ولا ألما قال : فلما كان الغد جاءه كعب فقال : يا أمير المؤمنين ، ذهب يوم وبقي يومان قال : ثم جاءه الغد فقال : يا أمير المؤمنين ، ذهب يومان وبقي يوم وليلة ، وهي لك إلى صبيحتها قال ، فلما كان في الصبح خرج عمر بن الخطاب إلى الصلاة ، وكان يوكل بالصفوف رجالا فإذا استووا دخل هو فكبر قال : ودخل أبو لؤلؤة في الناس في يده خنجر له رأسان ، نصابه في وسطه ، فضرب عمر ست ضربات ، إحداهن تحت سرته ، هي التي قتلته ، وقتل معه كليب بن وائل بن البكير الليثي ، كان حليفهم ، فلما وجد عمر حر السلاح سقط ، وقال : أفي الناس عبد الرحمن بن عوف ؟ قالوا : نعم هو ذا قال : فتقدم بالناس فصلى قال : فصلى عبد الرحمن وعمر طريح ؟ قال : ثم احتمل فأدخل إلى داره ، ودخل عبد الرحمن بن عوف ، فقال : إني أريد أن أعهد إليك قال : يا أمير المؤمنين إن أشرت علي قال : وما تريد ؟ قال : أنشدك بالله أتشير علي بذلك ؟ قال : اللهم لا قال : إذن والله لا أدخل فيه أبدا قال : فهبني صمتا حتى أعهد إلى النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، أدع لي عليا وعثمان والزبير وسعدا ؛ قال : وانتظروا أخاكم طلحة ثلاثا فإن جاء ، وإلا فاقضوا أمركم ، أنشدك الله يا علي ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني هاشم على رقاب الناس ، أنشدك الله يا عثمان ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني أبي معيط على رقاب الناس ، أ نشدك الله يا سعد ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل أقاربك على رقاب الناس ، قوموا فتشاوروا ، ثم اقضوا أمركم ، وليصل بالناس صهيب ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فقال : قم على بابهم فلا تدع أحدا يدخل إليهم ، وأوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم أن يقسم عليهم فيئهم (2) ، ولا يستأثر عليهم ، وأوصى الخليفة من بعدي بالأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم أن يحسن إلى محسنهم ، وأن يعفو عن مسيئهم ، وأوصى الخليفة من بعدي بالعرب فإنهم مادة الإسلام ، أن تؤخذ صدقاتهم من حقها ، وتوضع في فقرائهم ، وأوصي الخليفة من بعدي بذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوفي لهم بعهدهم ، اللهم هل بلغت تركت الخليفة بعدي على أنقى من الراحة ، يا عبد الله بن عمر ، اخرج إلى الناس فانظر من قتلني قال : يا أمير المؤمنين ، قتلك أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فقال : الحمد لله الذي لم يجعل قتلي بيد رجل سجد لله سجدة واحدة يا عبد الله بن عمر ، اذهب إلى عائشة رضي الله عنها فسلها أن تأذن لي أن أدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، يا عبد الله ، إن اختلف الناس فكن مع الأكثر ، وإن كانوا ثلاثة وثلاثة ، فكن في الحزب الذي فيه عبد الرحمن بن عوف يا عبد الله بن عمر ، ائذن للناس فجعل يدخل عليه المهاجرين والأنصار يسلمون عليه ويقول لهم : أعن ملاء منكم كان هذا ؟ فيقولون : معاذ الله . قال : ودخل في الناس كعب الأحبار ، فلما نظر إليه عمر أنشأ يقول : وأوعدني كعب ثلاثا أعدها ولا شك أن القول ما قاله كعب وما بي حذار الموت إني لميت ولكن حذار الذنب يتبعه الذنب فقيل له : يا أمير المؤمنين ، لو دعوت طبيبا ؛ قال : فدعي بطبيب من بني الحارث بن كعب ، فسقاه نبيذا فخرج النبيذ يعني مع الدم قال : فاسقوه لبنا ، فخرج اللبن أبيض فقيل له : يا أمير المؤمنين ، اعهد ، قال : قد فرغت ثم توفي ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين قال : فخرجوا به بكرة يوم الأربعاء ، فدفن في بيت عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه وتقدم صهيب فصلى عليه وذكر الحديث بطوله

__________

(1) الخراج : ما فرض من ضريبة تؤدى من العبد المتكسب إلى سيده

(2) الفيء : ما يؤخذ من العدو من مال ومتاع بغير حرب

ذكر نوح الجن على عمر رضي الله عنه

1360 - حدثنا أبو العباس سهل بن أبي سهل الواسطي قال : حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثنا أيوب ، عن عبد الله بن أبي مليكة قال : ناحت (1) الجن على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فوصف ذلك فقال : عليك سلام الله من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم (2) الممزق قضيت أمورا ثم غادرت بعدها نوائح في أكمامها لم تفتق فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق أبعد قتيل بالمدينة أظلمت له الأرض تهتز الغضاة بأسوق

__________

(1) ناحت : بكت بجزع وعويل

(2) الأديم : الجلد المدبوغ

1361 - حدثنا سهل قال : حدثنا يحيى بن حبيب قال : حدثنا حماد بن زيد قال : قال : حدثنا عاصم ابن بهدلة مثله وزاد فيه : وما كنت أخشى أن تكون وفاته بكفي سبنتى أزرق العين مطرق

1362 - وحدثنا حامد بن شعيب البلخي قال : حدثنا منصور بن أبي مزاحم قال : حدثنا شريك ، عن عبد الملك بن عمير : أن الجن ناحت (1) على عمر بن الخطاب رضي الله عنه : جزى الله خيرا من إمام وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق قضيت أمورا ثم غادرت بعدها نوائح في أكمامها لم تفتق فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق فما كنت أخشى أن تكون وفاته بكفي سبنتى أزرق العين مطرق

__________

(1) ناحت : بكت بجزع وعويل

1363 - حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد الحنائي قال : حدثنا محمد بن عبيد بن حساب قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة قال : ناحت الجن على عمر رضي الله عنه : عليك سلام الله من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم (1) الممزق قضيت أمورا ثم غادرت بعدها نوائح في أكمامها لم تفتق فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق فيا لقتيل بالمدينة أظلمت له الأرض تهتز الغضاة بأسوق وزاد عاصم بن بهدلة : وما كنت أخشى أن تكون وفاته بكفي سبنتي أزرق العين مطرق

__________

(1) الأديم : الجلد المدبوغ

1364 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام قال : حدثنا شبابة بن سوار ، عن محمد بن الفضل ، عن زيد العمي قال : لما مات عمر رضي الله عنه سمعوا نوح (1) الجن عليه وهم يقولون : جزى الله خيرا من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق قضيت أمورا ثم غادرت بعدها نوائح في أكمامها لم تفتق لقتل قتيل بالمدينة أظلمت له الأرض تهتز الغضاة بأسوق وما كنت أخشى أن تكون وفاته بكفي سبنتي أزرق العين مطرق ولقاك ربي في الجنان تحية ومن كسوة الفردوس لا تتمزق آخر ما حضرني من فضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

__________

(1) النوح : البكاء بجزع وعويل

كتاب ذكر فضائل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه
وعن جميع الصحابة قال محمد بن الحسين رحمه الله : أول فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد الإيمان بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل أكرمه بأن زوجه بابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واحدة بعد واحدة ولم يجمع بين ابنتي نبي منذ خلق الله آدم عليه السلام إلى يوم القيامة إلا عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فضيلة أكرمه الله عز وجل بها مع الكرامات الكثيرة ، والمناقب الجميلة ، والفضائل الحسنة ، وبشارة النبي صلى الله عليه وسلم له بالشهادة ، وأنه يقتل مظلوما ، وأمره بالصبر ، فصبر رضي الله عنه حتى قتل وحقن دماء المسلمين
باب ذكر تزويج عثمان رضي الله عنه بابنتي رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فضيلة خص بها

1365 - حدثنا أحمد بن سهل الأشناني قال : حدثنا عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن الكوفي قال : قال لي حسين بن علي الجعفي : يا أبا عبد الرحمن ، لم سمي عثمان ذا النورين ؟ قلت : لا والله ما أدري قال : « لم يجمع بين ابنتي نبي إلا عثمان رضي الله عنه »

1366 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا محمد بن حرب الواسطي قال : حدثنا عمير بن عمران الحنفي ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل أوحى إلى أن أزوج كريمتي من عثمان بن عفان »

1367 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : حدثنا عبد الكريم بن روح بن عنبسة بن سعيد قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أم عياش ، عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما زوجت عثمان أم كلثوم إلا بوحي من السماء »

1368 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثني مولى لعثمان ، عن أسامة بن زيد قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحفة (1) فيها لحم إلى عثمان رضي الله عنه ، فدخلت عليه فإذا هو جالس مع رقية رضي الله عنها ، ما رأيت زوجا أحسن منهما ، فجعلت مرة أنظر إلى عثمان ، ومرة أنظر إلى رقية ، فلما رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « دخلت عليهما ؟ » قلت : نعم قال : « هل رأيت زوجا أحسن منهما ؟ » قلت : لا يا رسول الله ، لقد جعلت مرة أنظر إلى رقية ، ومرة أنظر إلى عثمان «

__________

(1) الصحفة : إِناءٌ كالقَصْعَة المبْسُوطة ونحوها، وجمعُها صِحَاف

1369 - حدثنا أبو العباس عبد الله بن الصقر السكري ، وأبو أحمد هارون بن يوسف بن زياد قالا : حدثنا أبو مروان العثماني قال : حدثني أبي عثمان بن خالد ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عثمان بن عفان رضي الله عنه عند باب المسجد ، فقال : « يا عثمان ، هذا جبريل عليه السلام يخبرني أن الله عز وجل قد زوجك أم كلثوم بمثل صداق رقية ، وعلى مثل مصاحبتها »

1370 - وحدثنا أبو العباس عبد الله بن الصقر السكري قال : حدثنا أبو مروان العثماني قال : حدثنا أبي ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قبر ابنته الثانية ، التي كانت عند عثمان رضي الله عنه وقال : « ألا أبو أيم ، إلا أخو أيم ، يزوجها عثمان ، فلو كن عشرا لزوجتهن عثمان ، وما زوجته إلا بوحي من السماء »

باب ذكر مواساة عثمان رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه
وسلم بماله وتجهيزه لجيش العسرة

1371 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا محمد بن أبي السري العسقلاني قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن عبد الله بن شوذب ، عن عبد الله بن القاسم ، عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة ، عن عبد الرحمن بن سمرة قال : جاء عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، وفي كمه ألف دينار ، فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ثم ولى قال عبد الرحمن : فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده في حجره ويقول : « ما ضر عثمان ما فعل بعدها أبدا » حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، وذكر الحديث نحوا منه وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أبو عمير الرملي قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، وذكر الحديث مثله

1372 - وحدثنا قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا الوليد بن شجاع قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن خليد بن دعلج ، عن قتادة : « أن عثمان رضي الله عنه جهز في جيش العسرة تسعمائة وثلاثين بعيرا وسبعين فرسا »

1373 - وحدثنا الفريابي قال : حدثني محمد بن عزيز الأيلي قال : حدثنا سلامة بن روح ، عن عقيل بن خالد قال : قال ابن شهاب الزهري : حمل عثمان بن عفان رضي الله عنه في غزوة تبوك على تسعمائة بعير وأربعين بعيرا ، ثم جاء بستين فرسا فأتم بها الألف

1374 - وأنبأنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا داود بن رشيد قال : حدثنا سويد بن عبد العزيز قال : حدثنا حصين ، عن عمرو بن جاوان ، عن الأحنف بن قيس قال : نشد عثمان بن عفان : عليا وطلحة والزبير وسعدا رضي الله عنهم : هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم جيش العسرة : « من جهزها غفر الله له » فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاما (1) ولا عقالا (2) ، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من يشتري بئر رؤمة فيجعلها سقاية للمسلمين غفر الله له » فابتعتها ثم ذكرتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك ؟ » قالوا : اللهم نعم قال : فنشدتكم بالله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من اشترى بيتا فزاده في المسجد غفر الله له » فابتعته ، ثم ذكرت ذلك له فقال : « زده في المسجد وأجره لك » ففعلت ذلك ؟ قالوا : اللهم نعم

__________

(1) الخطام : كل ما وُضِعَ على أنف البعير ليُقتادَ به

(2) العقال : الحبل الذي تُربط به الإبل ونحوها

باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بفتن كائنة وأن عثمان
رضي الله عنه وأصحابه منها برءاء

1375 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال : حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث الصنعاني : أن خطباء قامت بالشام فيهم رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام آخرهم رجل يقال له مرة بن كعب ، فقال : لولا شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت : فذكر فتنة فقربها ، فمر رجل فقال : « هذا يومئذ على الهدى » فقمت إليه فأقبلت عليه بوجهه فقال : هو هذا ؟ قال : نعم فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه

1376 - وحدثنا أيضا قاسم المطرز قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، وإسحاق بن إبراهيم قالا : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل قال إسحاق : قال حماد : هو أبو الأشعث الصنعاني قال : شهدت خطباء في أول الفتنة في الشام قال : فقام رجل في آخرهم ، يقال له : مرة بن كعب فقال : لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوما فتنة ، فمر رجل مقنع فقال : « هذا وأصحابه على الحق » فأتبعته فإذا هو عثمان رضي الله عنه وأنبأناه أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل ، قد سماه قال حماد : هو أبو الأشعث الصنعاني قال : شهدت خطباء أول الفتنة ، وذكر الحديث مثله

1377 - وحدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا عباس بن عبد العظيم العنبري قال : حدثنا أسود بن عامر قال : حدثنا سنان بن هارون ، عن كليب بن وائل ، عن ابن عمر قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة ، فمر رجل فقال : « يقتل فيها هذا المقنع مظلوما » قال : فنظرت إليه ؛ فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه

باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه
أنه يقتل مظلوما

1378 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا منصور بن أبي مزاحم قال : حدثنا أبو سعيد المؤدب ، عن خصيف ، عن مجاهد ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : « دخل عثمان رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا دونهما ، فناجاه طويلا فما فجأني إلا وعثمان رضي الله عنه جاث على ركبتيه ، يقول : ظلما وعدوانا يا رسول الله ؟ قالت : فظننت أنه أخبره بقتله »

1379 - حدثنا قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا بشر بن دحية الزيادي قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، أن أبا عثمان يعني النهدي ، حدث عن أبي موسى الأشعري : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وقال لي : « احفظ الباب » فجاء رجل يستأذن قال : « ائذن له وبشره بالجنة » فإذا أبو بكر ، ثم جاء رجل آخر يستأذن فقال : « ائذن له ، وبشره بالجنة » فإذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم جاء آخر يستأذن فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم هنيهة (1) ثم قال « ائذن له وبشره بالجنة بعد بلوى شديدة ستصيبه » قال فأذنت له فإذا عثمان رضي الله عنه قال حماد : وسمعت علي بن الحكم ، وعاصما الأحول أنهما سمعا أبا عثمان يحدث عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

__________

(1) الهنيهة : القليل من الزمان .

1380 - وحدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم حسبته قال : في حائط (1) ، فجاء رجل فسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « اذهب فائذن له وبشره بالجنة ؛ على بلوى شديدة » فانطلقت فإذا عثمان رضي الله عنه ، فقلت : ادخل وأبشر بالجنة على بلوى شديدة فجعل يقول : اللهم صبرا ، حتى جلس

__________

(1) الحائط : البستان أو الحديقة وحوله جدار

1381 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، عن عبد الأعلى بن أبي المساور قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن حاطب ، عن عبد الرحمن بن محيريز ، عن زيد بن أرقم قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « انطلق حتى تأتي السوق فتلقى عثمان فيها يبيع ويبتاع فقل له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول : أبشر بالجنة بعد بلاء شديد » فانطلقت حتى أتيت السوق فألقى عثمان رضي الله عنه يبيع ويبتاع كما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول : « أبشر بالجنة بعد بلاء شديد » قال : وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : بمكان كذا وكذا فأخذ بيدي فجئنا جميعا حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له عثمان : يا رسول الله ، إن زيدا أتاني فقال لي : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول : « أبشر بالجنة بعد بلاء شديد » فأي بلاء يصيبني يا رسول الله ؟ فوالذي بعثك بالحق ما تغنيت ، ولا تمنيت ، ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعتك فقال : « هو ذاك هو ذاك » مرتين

1382 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عبيد بن حميد قال : حدثنا عبد الحميد الحماني قال : حدثنا عبد الأعلى ، عن الشعبي ، عن زيد بن أرقم قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان رضي الله عنه فبشرته بالجنة على بلوى تصيبه ، فأخذ عثمان بيدي ، فانطلق بي حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ما هذه البلوى التي تصيبني ؟ ما تغنيت ، ولا تمنيت ، ولا مسست فرجي بيميني منذ أسلمت ، أو بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل مقمصك فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه »

باب بذل عثمان دمه دون دماء المسلمين
وترك النصرة لنفسه وهو يقدر رضي الله عنه

1383 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال حدثنا عبد الله بن خراش قال : ثنا العوام بن حوشب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، : أنه دخل على عثمان رضي الله عنه يعرض نصرته ويذكر بيعته ، فقال : « أنتم في حل من بيعتي وفي حرج من نصرتي ، وإني لأرجو أن ألقى الله عز وجل سالما مظلوما »

1384 - أنبأنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا داود بن رشيد قال : حدثنا عبد الله بن كثير ، عن الأوزاعي قال : حدثني محمد بن عبد الملك قال : لما حصر عثمان رضي الله عنه ؛ دخل عليه المغيرة بن شعبة ، فقال : إنه قد نزل بك ما ترى ، وأنا أعرض عليك خصالا (1) ثلاثا : إن شئت خرقنا لك بابا من الدار سوى الباب الذي هم عليه ، فنقعدك على رواحلك ؛ فتلحق بمكة ، فإنهم لن يستحلوك وأنت بها ، أو تلحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية ، وإن شئت خرجت بمن معك فقاتلتهم ، فإن معك عدة وقوة ، وإنك على حق وهم على باطل ، فقال عثمان رضي الله عنه : أما قولك : أن نخرق لك من الدار بابا ، فأقعد على رواحلي (2) فألحق بمكة فإنهم لن يستحلوني وأنا بها ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « يلحد رجل من قريش بمكة عليه نصف عذاب العالم » فلن أكون إياه وأما قولك أن ألحق بالشام فهم أهل الشام وفيهم معاوية ، قلت : أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، وأما قولك : إن معي عدة وقوة فأخرج فأقاتلهم ؛ فإني على الحق وهم على الباطل ، فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بإهراقه ملء محجم (3) من دم بغير حق

__________

(1) الخصال : جمع خصلة وهي خلق في الإنسان يكون فضيلة أو رزيلة

(2) الرواحل : جمع راحلة وهي ما صلح للأسفار والأحمال من الإبل

(3) المحجم : المشرط الذي يستخدمه الحجام لتشريط موضع الحجامة من الجلد

1385 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال : حدثنا إسماعيل يعني ابن أبي خالد قال : حدثنا قيس يعني ابن أبي حازم ، عن أبي سهلة مولى عثمان بن عفان ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ادعوا لي بعض أصحابي » قالت : قلت أدعو لك أبا بكر ؟ فسكت ، قلت : أدعو لك عمر ؟ فسكت ، قلت : أدعو لك ابن عمك عليا ؟ فسكت ، قلت : أدعو لك عثمان ؟ قال : « ادعيه » فجاء عثمان فقال لي : « هكذا أي تنحي قالت : فرأيته يقول لعثمان ولونه يتغير أو وجهه يتغير قالت : فلما كان يوم الدار قيل له : ألا تقاتل ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم » عهد إلى عهدا ، وإني صابر نفسي « وحدثني أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محفوظ بن أبي توبة قال : حدثنا محمد بن بشر العبدي قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن أبي سهلة ، مولى عثمان رضي الله عنه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه

1386 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا يعقوب الدورقي قال : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : لو لم يكن في عثمان رضي الله عنه إلا هاتان الخصلتان كفتاه ؛ « بذله دمه دون دماء المسلمين ، وجمعه المصحف »

1387 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وعمرو بن محمد الناقد قالا : حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال : حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن أيوب السختياني ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنه : أن عثمان رضي الله عنه أصبح يحدث الناس فقال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « يا عثمان ، أفطر عندنا الليلة » فأصبح صائما ، ثم قتل من يومه ، رحمة الله عليه

باب ذكر إنكار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل
عثمان رضي الله عنه وتعظيم ذلك عندهم وعرضهم أنفسهم لنصرته ومنعه إياهم

1388 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي قال : حدثنا شريك ، عن عبد الله بن عيسى ، عن جده عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : رأيت عليا رضي الله عنه عند أحجار الزيت : رافعا أصبعيه أو قال مادا أصبعيه يقول : « اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان »

1389 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن خالد البرذعي في المسجد الحرام قال : حدثنا محمد بن سليمان بن بنت مطر الوراق قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أنبأنا العوام بن حوشب قال : حدثني حبيب بن أبي ثابت ، عن محمد بن علي قال : لما كان يوم الدار أرسل عثمان رضي الله عنه إلى علي يدعوه ، فأراد إتيانه ، فتعلقوا به ومنعوه ، فألقى عمامة سوداء كانت على رأسه ، ونادى ثلاثا : « اللهم إني لا أرضى قتله ولا آمر به »

1390 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث قال : حدثنا داود بن المحبر قال : حدثنا مبارك بن فضالة ، عن الحسن قال : كان الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما « يرد الناس عن عثمان رضي الله عنه يوم الدار بسيفين يضرب بيديه جميعا »

1391 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال : حدثنا مروان بن معاوية قال : حدثنا الحارث بن ربيع ، عن مولى ، لحذيفة قال : لما بلغ حذيفة بن اليمان قتل عثمان رضي الله عنه جعل يتردد في الدار قائما وذاهبا كهيئة الناخر وهو يقول : « اللهم إني أخاف أن يكون أمير المؤمنين مضى وهو علي ساخط »

1392 - وأنبأنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال : حدثنا الفضل بن موسى السيناني ، عن فطر ، عن زيد بن علي ، : أن زيد بن ثابت رحمه الله « بكى على عثمان رضي الله عنه يوم الدار »

1393 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث قال : حدثنا داود بن المحبر قال حدثني أبي محبر بن قحذم ، عن مجالد بن سعيد ، عن الشعبي قال : لما قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه رثاه كعب بن مالك الأنصاري رحمه الله فقال : عجبت لقوم أسلموا بعد عزهم إمامهم للمنكرات وللغدر فلو أنهم سيموا من الضيم خطة لجاد لهم عثمان بالأيد والنصر فما كان في دين الإله بخائن ولا كان في الأقسام بالضيق الصدر ولا كان نكاثا بعهد محمد ولا تاركا للحق في النهي والأمر فإن أبكه أعذر لفقدي عدله ومالي عنه من عزاء ولا صبر وهل لامرئ يبكي لعظم مصيبة أصيب بها بعد ابن عفان من عذر فلم أر يوما كان أعظم فتنة وأهتك منه للمحارم والستر غداة أصيب المسلمون بخيرهم ومولاهم في إله العسر واليسر

1394 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم قال : سمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يقول : « لو انقض أحد فيما فعلتم بابن عفان لكان محقوقا أن ينقض »

1395 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال : حدثنا إسماعيل قال : حدثنا قيس قال : سمعت سعيد بن زيد يقول للقوم : « لو أن أحدا ، انقض لما صنعتم بعثمان رضي الله عنه لكان محقوقا أن ينقض »

1396 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محفوظ بن أبي توبة قال : ثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن من ، سمع ابن سيرين يقول : بعث عثمان رضي الله عنه سليط بن سليط وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ، فقال : اذهبا إلى ابن سلام فتنكرا له ، وقولا له : إنه قد كان من أمر الناس ما قد ترى فما تأمرنا ؟ قال : فأتيا ابن سلام فقالا له نحوا من مقالته ، فقال لأحدهما : أنت فلان ابن فلان ، وقال للآخر : أنت فلان ابن فلان ، بعثكما إلي أمير المؤمنين ، فاقرئاه السلام ، وأخبراه بأنه مقتول فليكف ، فإنه أقوى لحجته يوم القيامة عند الله عز وجل فأتياه فأخبراه فقال عثمان : « عزمت عليكم أن لا يقاتل معي منكم أحد »

1397 - وحدثني عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محفوظ بن أبي توبة قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن قتادة قال : قال ابن سلام : « والله لئن كان قتل عثمان هدى ليحتلبن لبنا ، ولئن كان قتله ضلالة ليحتلبن دما »

1398 - حدثنا أبو محمد بن صاعد قال : حدثنا علي بن سعيد بن مسروق الكندي قال : حدثنا أبو المحياة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ابن أخي عبد الله بن سلام قال : لما أريد عثمان جاء عبد الله بن سلام فقال له عثمان : ما جاء بك ؟ قال : جئت في نصرتك قال : اخرج إلى الناس فخرج عبد الله إلى الناس فقال : « أيها الناس ، إنه كان لي اسم في الجاهلية فلانا ، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله ، ونزلت في آيات من كتاب الله عز وجل : نزلت في ( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين (1) ) ونزلت في ( قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب (2) ) إن لله سيفا مغمودا عنكم ، وإن الملائكة جاورتكم في بلدكم هذا ، الذي نزل فيه نبيكم صلى الله عليه وسلم ، فالله ، الله في هذا الرجل أن تقتلوه ، فوالله لئن قتلتموه ؛ لتطردن جيرانكم من الملائكة ، وليسلن سيف الله المغمود عنكم فلا يغمد (3) إلى يوم القيامة »

__________

(1) سورة : الأحقاف آية رقم : 10

(2) سورة : الرعد آية رقم : 43

(3) أغمد السيف : أدخل السيف في غلافه وجرابه

1399 - وحدثني عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محفوظ بن أبي توبة قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن حميد بن هلال قال : قال لهم عبد الله بن سلام : « إن الملائكة لم تزل محيطة بمدينتكم منذ قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اليوم ، فوالله لئن قتلتموه ليذهبن ، ثم لا يعودون أبدا ، فوالله لا يقتله منكم رجل إلا لقي الله أجذم لا يد له ، وإن سيف الله عز وجل لم يزل مغمودا عنكم ، وإنكم والله لئن قتلتموه ليسلنه الله عز وجل ثم لا يغمد عنكم إما قال : أبدا ؛ وإما قال : إلى يوم القيامة وما قتل نبي قط إلا قتل به سبعون ألفا ، ولا خليفة إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا قبل أن يجتمعوا ، وذكر أنه قتل على دم يحيى بن زكرياء سبعون ألفا »

1400 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : دخلت على عثمان رضي الله عنه يوم الدار فقلت : يا أمير المؤمنين ، طاب أو ضرب فقال : يا أبا هريرة ، « أيسرك أن يقتل الناس جميعا وإياي معهم ؟ » قال : قلت : لا قال : « فإنك والله إن قتلت رجلا واحدا فكأنما قتلت الناس جميعا » قال : فرجعت ولم أقاتل قال الأعمش : وكان أبو صالح إذا ذكر ما صنع بعثمان بكى . قال الأعمش : كأني أسمعه يقول : هاه ، هاه

1401 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا أبو معاوية ، ووكيع قالا : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، قال : « كان إذا ذكر قتل عثمان بكى ، فكأني أسمعه يقول : هاه ، هاه »

1402 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن ليث بن أبي سليم ، عن زياد بن أبي مليح ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : « لو اجتمعوا على قتل عثمان رضي الله عنه لرجموا بالحجارة كما رجم قوم لوط »

1403 - حدثنا عمر بن أيوب أيضا قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا يحيى بن يمان قال : حدثنا شريك ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن كعب يعني كعب الأحبار قال : « لا تقتلوا عثمان ، والله لئن قتلتموه ليستحلن القتل ما بين دروب الروم إلى صنعاء ، وليكونن فتن وضغائن »

باب ذكر عذر عثمان رضي الله عنه عند أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم

1404 - حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي الأشناني قال : حدثنا أحمد بن عبد الحميد بن خالد قال : حدثنا أبو أسامة ، عن مسعر قال : حدثني أبو عون الثقفي ، عن محمد بن حاطب قال : ذكروا عثمان رضي الله عنه عند الحسن بن علي رضي الله عنه ، فقال الحسن : هذا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يأتيكم الآن فاسألوه عنه ، فجاء علي رضي الله عنه « فسألوه عن عثمان رضي الله عنه ، فتلا هذه الآية في المائدة ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح (1) كلما مر بحرف من الآية قال : كان عثمان من الذين آمنوا ، كان عثمان من الذين اتقوا ، ثم قرأ إلى قوله عز وجل والله يحب المحسنين »

__________

(1) سورة : المائدة آية رقم : 93

1405 - وحدثني أبو جعفر أحمد بن خالد البرذعي في المسجد الحرام قال : حدثنا محمد بن سليمان بن بنت مطر الوراق قال : حدثنا أبو قطن ، عن شعبة ، عن أبي عون ، عن محمد بن حاطب قال : سئل علي رضي الله عنه عن عثمان رضي الله عنه ؟ فقال : « كان من الذين آمنوا ، ثم اتقوا ، ثم آمنوا ، ثم اتقوا »

1406 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يونس بن حبيب قال : حدثنا أبو داود يعني الطيالسي قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن يوسف بن سعد قال : قدم محمد بن علي رضي الله عنه البصرة قال : فحدثني ، قال : شهدت عليا رضي الله عنه وهو على سرير ، وعنده عمار بن ياسر وزيد بن صوحان ، وصعصعة ، فذكر عثمان رضي الله عنه قال : وعلي رضي الله عنه ينكت في الأرض بعود معه فقرأ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون (1) قال : نزلت في عثمان ، فقلت لمحمد بن علي : أروي هذا عنك ؟ قال : نعم

__________

(1) سورة : الأنبياء آية رقم : 101

1407 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا هلال بن العلاء الرقي قال : حدثنا أبي قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : لما حصر عثمان رضي الله عنه في داره ، اجتمع الناس حول داره فأشرف عليهم عثمان ، فقال : أنشد الله رجلا سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا انتفض حراء فقال : « اثبت حراء ، فما عليك إلا نبي ، أو صديق أو شهيد » فقال أناس ممن سمع ذلك : قد سمعناه قال : أنشدكم بالله هل تعلمون أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : « من ينفق نفقة متقبلة في جيش العسرة ؟ » والناس يومئذ مجهدون معسرون ، فجهزت الجيش من مالي ؟ قالوا : اللهم نعم ، ثم قال : أنشدكم بالله أتعلمون أن رومة كان لا يشرب منها أحد إلا بثمن فاشتريتها بمالي للفقير والغني وابن السبيل والناس عامة ؟ قالوا : اللهم نعم في أشياء عددها عليهم

1408 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن حصين ، عن عمرو بن جاوان السعدي ، عن الأحنف بن قيس ، : أن عثمان رضي الله عنه نشد قوما فقال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من يبتاع مربد (1) بني فلان غفر الله له » فابتعته بعشرين أو بخمسة وعشرين ألفا ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : قد ابتعته قال : « اجعله في مسجدنا وأجره لك » قالوا : اللهم نعم قال : فقال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من يبتاع بئر رومة غفر الله له » فابتعتها بكذا وكذا ثم أتيته فقلت : قد ابتعتها قال : « اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك » قالوا : اللهم نعم قال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر في وجوه القوم فقال : « من يجهز هؤلاء غفر الله له » يعني : جيش العسرة ؛ فجهزتهم حتى لم يفقدوا عقالا (2) ولا خطاما (3) قالوا : اللهم نعم قال : فقال : اللهم اشهد اللهم اشهد اللهم اشهد

__________

(1) المربد : مأوى الأبل والغنم ومحبسها

(2) العقال : الحبل الذي تُربط به الإبل ونحوها

(3) الخطام : كل ما وُضِعَ على أنف البعير ليُقتادَ به

1409 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة قال : حدثني أبي قال : أخبرني الزهري قال : أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر قال : قال عبد الله بن عمر : جاءني رجل في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فكلمني بكلام طويل ، يريد في كلامه بأن أعيب على عثمان ، وهو امرؤ في لسانه ثقل لا يكاد يقضي كلامه في سريع ، فلما قضى كلامه ، قلت : « قد كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي أفضل أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، وإنا والله ما نعلم عثمان قتل نفسا بغير حق ، ولا جاء من الكبائر شيئا ، ولكن إنما هو هذا المال ، فإن أعطاكموه رضيتم ، وإن أعطى أولي قرابته سخطتم ، إنما تريدون أن تكونوا كفارس والروم لا يتركون لهم أميرا إلا قتلوه » قال : ففاضت عيناه بأربع من الدمع ثم قال : اللهم لا نريد ذلك

1410 - أنبأنا إبراهيم بن الهيثم قال : حدثنا داود بن رشيد قال : حدثنا صالح بن عمر ، عن كليب بن وائل ، عن ابن أبي مليكة قال : جاء رجل فسأل ابن عمر فقال : أشهد عثمان بدرا ؟ قال : لا قال : أشهد بيعة الرضوان ؟ قال : لا قال : فهل تولى يوم التقى الجمعان ؟ قال : نعم قال : فلما قام الرجل قيل له : إن هذا ينطلق فيزعم أنك وقعت في عثمان فقال : ردوه فدعوه له ، فقال : علمت ما سألتني عنه ؟ قال : نعم ، سألتك هل شهد عثمان بدرا ؟ فقلت : لا وسألتك هل شهد بيعة الرضوان ؟ قلت : لا ، وسألتك هل تولى يوم التقى الجمعان ؟ قلت : نعم قال ابن عمر : أما بدر ، فإنه كان في حاجة الله ، وحاجة رسوله ، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه ، ولم يضرب لأحد غيره ، وأما بيعة الرضوان ؛ فإنه كان في حاجة الله ، وحاجة رسوله ، فبايع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، فيد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خير من يد عثمان لنفسه ، وأما يوم التقى الجمعان ؛ فإن الله عز وجل قال : إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم (1) اذهب فاجهد على جهدك

__________

(1) سورة : آل عمران آية رقم : 155

1411 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : أنبأنا عبد الكريم بن روح بن عنبسة بن سعيد قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أم عياش قالت : « خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه على رقية أيام بدر ، وكانت مريضة ، فأقام عليها على أن ضمن له رسول الله صلى الله عليه وسلم له سهمه في بدر ، وأجره في بدر »

1412 - وبهذا الإسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عثمان زمن بيعة الرضوان إلى مكة في بعض حاجته ، فلما حضرت البيعة ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيساره على يمينه ، وقال : « هذه لعثمان »

1413 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن سالم بن عبد الله قال : قال ابن عمر : « لقد عابوا على عثمان رضي الله عنه أشياء لو فعل بها عمر ما عابوها عليه »

باب سبب قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه
إيش السبب الذي قتل به رضي الله عنه . قال محمد بن الحسين رحمه الله : فإن قال قائل : قد ذكرت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر فتنة تكون من بعده ، ثم قال في عثمان : « فاتبعوا هذا وأصحابه فإنهم يومئذ على هدى » فأخبرنا عن أصحابه من هم ؟ قيل له : أصحابه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المشهود لهم بالجنة ، المذكور نعتهم في التوراة والإنجيل ، الذي من أحبهم سعد ، ومن أبغضهم شقي فإن قال : فاذكرهم ، قيل له : علي بن أبي طالب ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وسعيد رضي الله عنهم وسائر الصحابة في وقتهم رضي الله عنهم ، كلهم كانوا على هدى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وكلهم أنكر قتله ، وكلهم استعظم ما جرى على عثمان رضي الله عنه ، وشهدوا على قتلته أنهم في النار ، فإن قال قائل : فمن الذي قتله ؟ قيل له : طوائف أشقاهم الله عز وجل بقتله حسدا منهم له وبغيا ، وأرادوا الفتنة وأن يوقعوا الضغائن بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، لما سبق عليهم من الشقوة في الدنيا وما لهم في الآخرة أعظم ، فإن قال : فمن أين اجتمعوا على قتله ؟ قيل له : أول ذلك وبدء شأنه أن بعض اليهود يقال له : ابن السوداء ويعرف بعبد الله بن سبأ لعنة الله عليه زعم أنه أسلم ، فأقام بالمدينة ، فحمله الحسد للنبي صلى الله عليه وسلم ولصحابته ، وللإسلام ، فانغمس في المسلمين ، كما انعمس ملك اليهود بولس بن شاوذ في النصارى حتى أضلهم ، وفرقهم فرقا ، وصاروا أحزابا ، فلما تمكن فيهم البلاء والكفر تركهم ، وقصته تطول ، ثم عاد إلى التهود بعد ذلك ، فهكذا عبد الله بن سبأ ، أظهر الإسلام ، وأظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وصار له أصحاب في الأمصار ، ثم أظهر الطعن على الأمراء ، ثم أظهر الطعن على عثمان رضي الله عنه ، ثم طعن على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ثم أظهر أنه يتولى عليا رضي الله عنه ، وقد أعاذ الله الكريم علي بن أبي طالب وولده وذريته رضي الله عنهم من مذهب ابن سبأ وأصحابه السبأية ، فلما تمكنت الفتنة والضلال في ابن سبأ وأصحابه ، صار إلى الكوفة ، فصار له بها أصحاب ، ثم ورد إلى البصرة فصار له بها أصحاب ، ثم ورد إلى مصر ، فصار له بها أصحاب ، كلهم أهل ضلالة ، ثم تواعدوا الوقت ، وتكاتبوا ليجتمعوا في موضع ، ثم يصيروا كلهم إلى المدينة ، ليفتنوا المدينة وأهلها ففعلوا ، ثم ساروا إلى المدينة ، فقتلوا عثمان رضي الله عنه ، ومع ذلك فأهل المدينة لا يعلمون حتى وردوا عليهم ، فإن قال : فلم لم يقاتل عنه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قيل له : إن عثمان رضي الله عنه وصحابته لم يعلموا حتى فاجأهم الأمر ، ولم يكن بالمدينة جيش قد أعد لحرب ، فلما فجأهم ذلك اجتهدوا رضي الله عنهم في نصرته والذب عنه ، فما أطاقوا ذلك وقد عرضوا أنفسهم على نصرته ولو تلفت أنفسهم ، فأبى عليهم وقال : أنتم في حل من بيعتي ، وفي حرج من نصرتي ، وإني لأرجو أن ألقى الله عز وجل سالما مظلوما ، وقد خاطب علي بن أبي طالب وطلحة والزبير رضي الله عنهم وكثير من الصحابة لهؤلاء القوم بمخاطبة شديدة ، وغلظوا لهم في القول ، فلما أحسوا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنكروا عليهم ؛ أظهرت كل فرقة منهم أنهم يتولون الصحابة ، فلزمت فرقة منهم باب علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وزعمت أنها تتولاه ، وقد برأه الله عز وجل منهم ، فمنعوه الخروج ولزمت فرقة منهم باب طلحة ، وزعموا أنهم يتولونه ، وقد برأه الله عز وجل منهم ، ولزمت فرقة منهم باب الزبير وزعموا أنهم يتولونه ، وقد برأه الله عز وجل منهم ، وإنما أرادوا أن يشغلوا الصحابة عن الانتصار لعثمان رضي الله عنه ، ولبسوا على أهل المدينة أمرهم للمقدور الذي قدره عز وجل أن عثمان يقتل مظلوما ، فورد على الصحابة أمر لا طاقة لهم به ، ومع ذلك فقد عرضوا أنفسهم على عثمان رضي الله عنه ليأذن لهم بنصرته مع قلة عددهم ، فأبى عليهم ، ولو أذن لهم ؛ لقاتلوا

1414 - حدثنا العباس بن أحمد الختلي المعروف بابن أبي شحمة قال : حدثنا دهثم بن الفضل أبو سعيد الرملي قال : ثنا المؤمل بن إسماعيل قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، وهشام ، عن محمد بن سيرين قال : « لقد كان في الدار جماعة من المهاجرين والأنصار وأبناؤهم ، منهم : عبد الله بن عمر ، والحسن والحسين وعبد الله بن الزبير ، ومحمد بن طلحة ، الرجل منهم خير من كذا وكذا يقولون : يا أمير المؤمنين ، خل بيننا وبين هؤلاء القوم ، فقال : أعزم على كل رجل منكم وإن لي عليه حقا أن لا يهريق في دما ، وأحرج على كل رجل منكم لما كفاني اليوم نفسه » فإن قال قائل : فقد علموا أنه مظلوم ، وقد أشرف على القتل ، فكان ينبغي لهم أن يقاتلوا عنه ، وإن كان قد منعهم ، قيل له : ما أحسنت القول ؛ لأنك تكلمت بغير تمييز ، فإن قال : ولم ؟ قيل : لأن القوم كانوا أصحاب طاعة وفقهم الله تعالى للصواب من القول والعمل ، فقد فعلوا ما يجب عليهم من الإنكار بقلوبهم وألسنتهم ، وعرضوا أنفسهم لنصرته على حسب طاقتهم ، فلما منعهم عثمان رضي الله عنه من نصرته ، علموا أن الواجب عليهم السمع والطاعة له ، وأنهم إن خالفوه لم يسعهم ذلك ، وكان الحق عندهم فيما رآه عثمان رضي الله عنه وعنهم ، فإن قال قائل : فلم منعهم عثمان من نصرته وهو مظلوم ، وقد علم أن قتالهم عنه نهى عن منكر ، وإقامة حق يقيمونه ؟ قيل له : وهذا أيضا غفلة منك ، فإن قال : وكيف ؟ قيل له : منعه إياهم عن نصرته يحتمل وجوها ، كلها محمودة : أحدها ، علمه بأنه مقتول مظلوم لا شك فيه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه أنك تقتل مظلوما ، فاصبر فقال : أصبر ، فلما أحاطوا به علم أنه مقتول ، وأن الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم له حق كما قال لابد من أن يكون ، ثم علم أنه قد وعده من نفسه الصبر ، فصبر كما وعد ، وكان عنده أن من طلب الانتصار لنفسه والذب عنها فليس هذا بصابر ، إذ وعد من نفسه الصبر فهذا وجه ، ووجه آخر : وهو أنه قد علم أن في الصحابة رضي الله عنهم قلة عدد ، وأن الذين يريدون قتله كثير عددهم ، فلو أذن لهم بالحرب لم يأمن أن يتلف من صحابة نبيه بسببه ، فوقاهم بنفسه إشفاقا منه عليهم ؛ لأنه راع والراعي واجب عليه أن يحوط رعيته بكل ما أمكنه ، ومع ذلك فقد علم أنه مقتول فصانهم بنفسه ، وهذا وجه ، ووجه آخر : وهو أنه لما علم أنها فتنة ، وأن الفتنة إذا سل فيها السيف لم يؤمن أن يقتل فيها من لا يستحق ؛ فلم يختر لأصحابه أن يسلوا في الفتنة السيف ، وهذا أيضا إشفاق منه عليهم ، فتنة تعم ، وتذهب فيها الأموال ، وتهتك فيها الحريم ، فصانهم عن جميع هذا ، ووجه آخر ، يحتمل أن يصبر عن الانتصار لتكون الصحابة رضي الله عنهم شهودا على من ظلمه ، وخالف أمره ، وسفك دمه بغير حق ، لأن المؤمنين شهداء الله عز وجل في أرضه ، ومع ذلك فلم يحب أن يهراق بسببه دم مسلم ، ولا يخلف النبي صلى الله عليه وسلم في أمته بإهراقه دم مسلم ، وكذا قال رضي الله عنه ، فكان عثمان رضي الله عنه بهذا الفعل موفقا معذورا رشيدا ، وكان الصحابة رضي الله عنهم في عذر ، وشقي قاتله

باب ذكر قصة ابن سبأ الملعون وقصة الجيش الذين ساروا إلى
عثمان رضي الله عنه فقتلوه

1415 - حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن سيف السجستاني قال : حدثنا السري بن يحيى بن السري التميمي أبو عبيدة قال حدثنا شعيب بن إبراهيم قال : حدثنا سيف بن عمر ، عن عطية ، عن يزيد القفسي قال : كان ابن سبأ يهوديا من أهل صنعاء ، أمه سوداء ، فأسلم زمان عثمان رضي الله عنه ، ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم ، فبدأ بالحجاز ، ثم البصرة ، ثم الكوفة ، ثم الشام ، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام ، فأخرجوه ، حتى أتى مصر ، فاغتمر فيهم ، فقال لهم فيما كان يقول : العجب ممن يزعم أن عيسى عليه السلام يرجع ، ويكذب بأن محمدا صلى الله عليه وسلم يرجع ، وقد قال الله عز وجل إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد (1) فمحمد أحق بالرجوع من عيسى قال : فقبل ذلك عنه ، ثم وضع لهم الرجعة فتكلموا فيها ، ثم قال بعد ذلك : إنه كان لكل نبي وصي ، وكان علي رضي الله عنه وصي محمد ، وقال لهم : محمد خاتم الأنبياء وعلي خاتم الأوصياء ، وقال بعد ذلك : من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووثب على وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال لهم بعد ذلك : أن عثمان قد جمع أن أخذها بغير حقها ، وهذا وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانهضوا في هذا الأمر فحركوه وابدءوا بالطعن على أمرائكم ، وأظهروا الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، تستميلوا الناس ، وادعوا إلى هذا الأمر ، فبث دعاة ، وكاتب من كان استفسد في الأمصار وكاتبوه ، ودعوا في السير إلى ما عليه رأيهم ، وأظهروا الأمر بالمعروف ، وجعلوا يكتبون إلى الأمصار (2) بكتب يضعونها في عيوب ولاتهم ، ويكاتبهم إخوانهم بمثل ذلك ، ويكتب أهل كل مصر إلى أهل مصر آخر بما يصنعون ، فيقرأه أولئك في أمصارهم ، وهؤلاء في أمصارهم ، حتى ينالوا بذلك المدينة ، وأوسعوا الأرض إذاعة وهم يريدون غير ما يظهرون ، ويسترون غير ما يرون ، فيقول أهل كل مصر : إنا لفي عافية مما ابتلي به هؤلاء أهل المدينة فإنهم جاءهم ذلك ، عن جميع أهل الأمصار ، فقالوا : إنا لفي عافية مما الناس فيه قال : واجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان رضي الله عنه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، أيأتيك عن الناس الذي أتانا ؟ قال : « لا والله ما جاءني إلا السلامة » قالوا : فإنا قد أتانا وأخبروه بالذي انتهى إليهم قال : « فأنتم شركائي ، وشهود أمير المؤمنين فأشيروا علي » ، قالوا : نشير عليك أن تبعث رجالا ممن تثق بهم إلى الأمصار حتى يرجعوا إليك بأخبارهم ، فدعا محمد بن مسلمة فأرسله إلى الكوفة ، وأرسل أسامة بن زيد إلى البصرة ، وأرسل عمار بن ياسر إلى مصر ، وأرسل عبد الله بن عمر إلى الشام ، وفرق رجالا سواهم فرجعوا جميعا قبل عمار ، فقالوا جميعا : أيها الناس ، والله ما أنكرنا شيئا ولا أنكره أعلام المسلمين ولا عوامهم ، وقالوا جميعا : الأمر أمر المسلمين

__________

(1) سورة : القصص آية رقم : 85

(2) المصر : البلد أو القرية

1416 - وحدثنا أبو بكر بن سيف قال : حدثنا السري قال : حدثنا شعيب بن إبراهيم قال : حدثنا سيف بن عمر ، عن أبي حارثة ، وأبي عثمان الغساني قالا : لما قدم ابن السوداء مصر أعجبهم ، واستحلاهم واستحلوه ، فعرض لهم بالكفر فأبعدوه ، وعرض لهم بالشقاق فأطمعوه فيه ، فبدأ فطعن على عمرو بن العاص ، فقال : ما باله أكثركم عطاء ورزقا ألا ننصب رجلا من قريش يسوي بيننا ، فاستحلوا ذلك منه ، وقالوا : كيف نطيق ذلك مع عمرو وهو رجل العرب ؟ قال : تستعفون منه ثم نعمل عملنا ، ونظهر الائتمار بالمعروف والطعن ، فلا يرده علينا أحد ، فاستعفوا منه ، وسألوا عبد الله بن سعد فأشركه مع عمرو ، فجعله على الخراج ، وولى عمرا على الحرب ، ولم يعزله ، ثم دخلوا بينهما حتى كتب كل واحد منهما إلى عثمان رضي الله عنه بالذي يبلغه عن صاحبه ، فركب أولئك فاستعفوا من عمرو ، وسألوا عبد الله فأعفاهم ، فلما قدم عمرو بن العاص على عثمان رضي الله عنه قال : ما شأنك يا أبا عبد الله ؟ قال : والله يا أمير المؤمنين ما كنت منذ وليتهم أجمع أمرا ولا رأيا مني منذ كرهوني ، وما أدري من أين أتيت ؟ فقال عثمان : ولكني أدري ، لقد دنا أمر هو الذي كنت أحذر ، ولقد جاءني نفر من ركب فرددت عنهم وكرهتهم ، ألا وإنه لابد لما هو كائن أن يكون ، ووالله لأسيرن فيهم بالصبر ، ولنتابعنهم ما لم يعص الله عز وجل قال محمد بن الحسين رحمه الله : فهذه من بعض قصص عبد الله بن سبأ وأصحابه لعنه الله ، أغروا بين المسلمين منذ وقت الصحابة إلى وقتنا هذا ، وجميع المسلمين ينكرون على ابن سبأ مذهبه ، وقد كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفاه إلى ساباط ، فأقام فيهم فأهلكهم ، وادعى على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما قد برأه الله عز وجل منه وصانه ، وأعلى قدره في الدنيا والآخرة عما ينحله إليه السبأية ، ولقد أحرقهم بالنار ، وقال : لما سمعت القول قولا منكرا أججت نارا ، ودعوت قنبرا فحرقهم بالكوفة بموضع يقال له : صحراء أحد عشر

ذكر مسير الجيش الذين أشقاهم الله عز وجل بقتل عثمان رضي
الله عنه وأعاذ الله الكريم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتله

1417 - حدثنا أبو بكر بن سيف السجستاني قال : حدثنا السري بن يحيى قال : حدثنا شعيب بن إبراهيم قال : حدثنا سيف بن عمر ، عن أبي حارثة ، وعن أبي عثمان ، ومحمد ، وطلحة بن الأعلم قالوا : وكتب عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى الناس بالذي كان ، وبكل ما صبر عليه من الناس إلى ذلك اليوم كتابا : « بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى المؤمنين والمسلمين ؛ سلام عليكم ، أما بعد » فإني أذكركم الله عز وجل الذي أنعم عليكم ، وعلمكم الإسلام ، وهداكم من الضلالة ، وأنقذكم من الكفر ، أراكم من البينات ، ونصركم على الأعداء ، ووسع عليكم في الرزق ، وأسبغ عليكم نعمته ، فإن الله عز وجل قال : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار (1) « قال محمد بن الحسين رحمه الله : ثم أمرهم بالطاعة ، ونهاهم عن الفرقة ، وقرأ عليهم به كل آية أمر الله عز وجل فيها بالطاعة ، ونهاهم عن الفرقة ، وكتب كتابا آخر : أما بعد : » فإن الله عز وجل رضي لكم السمع والطاعة ، وكره لكم المعصية والفرقة والاختلاف ، وقد أنبأكم فعل الذين من قبلكم ، وتقدم إليكم فيه لتكون له الحجة عليكم إن عصيتموه ، فاقبلوا نصيحة الله عز وجل ، واحذروا عذابه ، فإنكم لن تجدوا أمة هلكت إلا من بعد أن تختلف ، فلا يكون لها إمام يجمعها ، ومتى ما تفعلوا ذلكم لم تقم الصلاة جميعا ، وسلط عليكم عدوكم ، ويستحل بعضكم حرم بعض ، ومتى ما تفعلوا ذلك تفرقوا دينكم ، وتكونوا شيعا ، وقد قال الله عز وجل إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون (2) وإني أوصيكم بما أوصاكم الله عز وجل به ، وأحذركم عذابه ، فإن القرآن نزل يعتبر به ، وينتهى إليه ، أو لا ترون إلى شعيب عليه السلام قال : لقومه ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود (3) ، وكتب بكتاب آخر : أما بعد : فإن أقواما ممن كان يقول في هذا الحديث أظهروا للناس إنما يدعون إلى كتاب الله عز وجل والحق ، ولا يريدون شرا ولا منازعة فيها ، فلما عرض عليهم الحق إذا الناس في ذلك شتى ، منهم آخذ الحق ونازع عنه من يعطاه ، ومنهم تارك للحق رغبة في الأمر يريدون أن يبتزوه بغير الحق ، وقد طال عليهم عمري ، وراث عليهم أملهم في الأمور ، واستعجلوا القدر وذكر الحديث قالوا : حتى إذا دخل شوال من سنة ثنتي عشرة صربوا كالحاج ، فنزلوا قرب المدينة في شوال ، سنة خمس وثلاثين خرج أهل مصر في أربعة رفاق على أربعة أمراء المقل يقول : ستمائة ، والمكثر يقول : ألف ، وخرج أهل الكوفة في أربعة رفاق ، وخرج أهل البصرة في أربعة رفاق ، قالوا : فأما أهل مصر فإنهم كانوا يشتهون عليا رضي الله عنه ، وأما أهل البصرة فكانوا يشتهون طلحة ، وأما أهل الكوفة فإنهم كانوا يشتهون الزبير قال محمد بن الحسين رحمه الله : وقد برأ الله عز وجل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وطلحة ، والزبير رضي الله عنهم ، من هذه الفرق ، وإنما أظهروا ليموهوا على الناس وليوقعوا الفتنة بين الصحابة ، وقد أعاذ الله الكريم الصحابة من ذلك ، ثم عدنا إلى الحديث قالوا : فخرجوا وهم على الخروج جميعا في الناس شتى ، لا تشك كل فرقة إلا أن الفلج معها ، وإن أمرها سيتم دون الأخرى ، فخرجوا حتى إذا كانوا من المدينة على ثلاث ، تقدم أناس من أهل البصرة فنزلوا ذا خشب ، وأناس من أهل الكوفة فنزلوا الأعوص ، وجاءهم ناس من أهل مصر ، ونزل عامتهم بذي المروة ، ومشى فيما بين أهل مصر وأهل البصرة زياد بن النضر وعبد الله بن الأصم وقالوا : لا تعجلوا ولا تعجلونا حتى ندخل لكم المدينة ونرتاد ، فإنه قد بلغنا أنهم قد عسكروا لنا ، فوالله إن كان أهل المدينة قد خافونا : استحلوا قتالنا ولم يعلموا علمنا لهم علينا إذا علموا علمنا أشد ، إن أمرنا هذا لباطل ، وإن لم يستحلوا قتالنا ووجدنا الذي بلغنا باطلا لنرجعن إليكم الخبر قالوا : اذهبوا فدخل الرجلان فأتوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب وطلحة والزبير رضي الله عنهم ، وقالوا : إنما نؤم هذا البيت ونستعفي هذا الوالي من بعض عمالنا ، ما جئنا إلا لذلك ، واستأذنوهم للناس بالدخول ، فكلهم أبى ونهى ، فرجعا إليهم ، فاجتمع من أهل مصر نفر فأتوا عليا رضي الله عنه ، ومن أهل البصرة نفر فأتوا طلحة رضي الله عنه ، ومن أهل الكوفة نفر فأتوا الزبير رضي الله عنه ، وقال كل فريق منهم : إن بايعنا صاحبنا وإلا كدناهم ، وفرقنا جماعتهم ، ثم كررنا حتى نبغتهم ، فأتى المصريون عليا رضي الله عنه في عسكر عند أحجار الزيت ، عليه حلة معتم بشقيقة حمراء يمانية متقلدا بالسيف ليس عليه قميص ، وقد سرح الحسن رضي الله عنه إلى عثمان رضي الله عنه ، فيمن اجتمع إليه ، فالحسن جالس عند عثمان رضي الله عنه ، وعلي رضي الله عنه عند أحجار الزيت ، فسلم عليه المصريون وعرضوا له ، فصاح بهم وطردهم ، وقال : لقد علم الصالحون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فارجعوا ، لا صحبكم الله قالوا : نعم ؛ فانصرفوا من عنده على ذلك ، وأتى البصريون طلحة وهو في جماعة أخرى إلى جنب علي ، وقد أرسل بنيه إلى عثمان ، فسلم البصريون عليه وعرضوا به ، فصاح بهم : وطردهم وقال : لقد علم المؤمنون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وأتى الكوفيون الزبير وهو في جماعة أخرى ، وقد سرح عبد الله يعني ابنه إلى عثمان ، فسلموا عليه وعرضوا له ، فصاح بهم وطردهم وقال : لقد علم المسلمون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، فخرج القوم ، وأوروهم أنهم يرجعون ، فانفشوا عن ذي خشب والأعوص حتى انتهوا إلى عساكرهم ، وهي على ثلاث مراحل كي يتفرق أهل المدينة ، فافترق أهل المدينة لخروجهم ، فلما بلغ القوم عساكرهم كروا بهم فلم يفجأ أهل المدينة إلا والتكبير في نواحي المدينة ، فنزلوا في عساكرهم وأحاطوا بعثمان رضي الله عنه ، فما فارقوا حتى قتلوه قال محمد بن الحسين رحمه الله : والقصص تطول كيف قتلوه ظلما ، وقد جهد الصحابة وأبناء الصحابة رضي الله عنهم أن لا يكون ما جرى عليه ، ولقد قال هؤلاء النفر الأشقياء الذين ساروا إلى عثمان رضي الله عنه فقتلوه لما نظروا إلى اجتهاد الصحابة وأبنائهم في أن لا يقتل عثمان قالوا لهم : لولا أن تكونوا حجة علينا في الأمة لقتلناكم بعده

__________

(1) سورة : إبراهيم آية رقم : 34

(2) سورة : الأنعام آية رقم : 159

(3) سورة : هود آية رقم : 89

1418 - أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا شجاع بن مخلد قال : حدثنا هشيم بن بشير قال : حدثنا منصور ، عن ابن سيرين قال : قالت نائلة بنت الفرافصة الكلبية حين دخلوا على عثمان رضي الله عنه فقتلوه قال : فقالت نائلة بنت الفرافصة : « إن تقتلوه أو تدعوه فقد كان يحيي الليل بركعة يجمع فيها القرآن » قال محمد بن الحسين رحمه الله : لما قتل عثمان رضي الله عنه بكى عليه كثير من الصحابة ، ورثاه كعب بن مالك الأنصاري ، وقد تقدم ذكرنا له ، ولزم قوم بيوتهم فما خرجوا إلا إلى قبورهم ، وبكت الجن ، وناحت عليه

1419 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : ثنا محمد بن إسحاق الصيني قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عثمان بن مرة قال : حدثتني أمي قالت : لما قتل عثمان رضي الله عنه بكت الجن على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ، وكانت تنشدنا ما قالوا على عثمان رضي الله عنه : ليلة المسجد إذ يرمون بالصم الصلاب ثم قاموا بكرة يرمون صقرا كالشهاب زينهم في الحي والمجلس فكاك الرقاب

1420 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عبد الله بن سعيد قال : حدثنا أبو تميلة قال : وذكر محمد بن إسحاق قال : وسمع صوت الجن : تبكيك نساء الجن يبكين شجيات وتخمش وجوها كالدنانير نقيات ويلبسن ثياب السود بعد القصبيات

باب ما روي في قتلة عثمان رضي الله عنه

1421 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن ابن عون ، عن الوليد أبي بشر ، عن جندب ، عن حذيفة قال : « قد ساروا إليه والله ليقتلنه قال : قلت : فأين هو ؟ قال : في الجنة قال : قلت : فأين قتلته ؟ قال : في النار والله »

1422 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن ليث بن أبي سليم ، عن زياد بن أبي مليح ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : « لو اجتمعوا على قتل عثمان رضي الله عنه لرجموا بالحجارة كما رجم قوم لوط »

1423 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال حدثنا ابن المبارك ، عن ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب قال : بلغني أن « عامة الركب ، الذين ساروا إلى عثمان رضي الله عنه جنوا » قال ابن المبارك : « وكان الجنون لهم قليلا »

1424 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا عنبسة بن سعيد قال : حدثنا ابن المبارك ، عن ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب قال : « إن » عامة الركب الذين خرجوا إلى عثمان رضي الله عنه جنوا « قال ابن المبارك : » الجنون لهم أيسر «

1425 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثنا يزيد بن حازم ، عن سليمان بن يسار : « أن جهجاه الغفاري ، أخذ عصى عثمان رضي الله عنه التي كان يتخصر بها فكسرها على ركبته ، فوقعت في ركبته الأكلة »

1426 - وحدثنا علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا عبد الله بن إدريس قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، : « أن رجلا يقال له : جهجاه ، تناول عصا من يد عثمان رضي الله عنه ، فكسرها على ركبته ، فرمي ذلك المكان بأكلة »

1427 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا بشر بن خالد قال : حدثنا أبو يحيى الحماني ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع قال : تجهز أناس من بني عبس إلى عثمان رضي الله عنه ، فنهاهم حذيفة ، وقال : « ما سعى قوم إلى ذي سلطانهم في الأرض ليذلوه إلا أذلهم الله عز وجل قبل أن يموتوا »

1428 - أنبأنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني قال : حدثنا بكر بن خراش قال : حدثنا حبان بن علي ، عن مجالد بن سعيد ، عن صخر العجلي قال : قال الحسن بن علي رضي الله عنهما : « ما كنت لأقاتل بعد رؤيا رأيتها : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم متعلقا بالعرش ، ورأيت أبا بكر واضعا يده على منكب النبي صلى الله عليه وسلم ، ورأيت عمر واضعا يده على منكب أبي بكر ، ورأيت عثمان واضعا يده على منكب عمر ، ورأيت دونهم دما ، فقلت : ما هذا ؟ فقيل : هذا الله عز وجل يطلب بدم عثمان رضي الله عنه »

1429 - وأنبأنا ابن مخلد قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن يونس السراج قال : حدثنا أبو أيوب الدمشقي قال : حدثنا عبد العزيز بن الوليد بن سليمان بن أبي السائب قال : سمعت أبي يذكر ، أن الحسن بن علي رضي الله عنهما سمع أعمى يذكر عثمان وما ولد ، فقال الحسن لعثمان رحمه الله : « يقولون لقد قتل عثمان رضي الله عنه وما على الأرض أفضل منه ، وما على الأرض من المسلمين أعظم حرمة منه فقيل له : قد كان فيهم أبوك فقال : ذروني من أبي رضي الله عنه ، لقد قتل عثمان رضي الله عنه يوم قتل وما من رجل أعظم على المسلمين حرمة منه ، ولو لم يكن إلا ما رأيت في منامي لكفاني ، فإني رأيت السماء انشقت ، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر عن يمينه ، وعمر عن يساره ، والسماء تمطر دما ، قلت : ما هذا ؟ قالوا : هذا دم عثمان قتل مظلوما »

1430 - وأنبأنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام قال : أنبأنا المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، مولى أبي أسيد قال : سمع عثمان رضي الله عنه : أن وفدا من أهل مصر قد أقبلوا ، فخرج فتلقاهم فذكر الحديث بطوله قال في آخره : ثم دخل عليه رجل من بني سدوس ، يقال : الموت الأسود ، فخنقه وخنقه ثم خرج ، فقال : ما رأيت ألين من حلقه ، لقد خنقته حتى نظرت إلى نفسه يتردد في جسده كأنها نفس جان ، ثم دخل عليه رجل وفي يده السيف ، فقال : بيني وبينك كتاب الله عز وجل ، فضربه ضربة فاتقاها بيده فقطعها ، لا أدري أبانها أم لم يقطعها ولم يبنها ، ثم دخل عليه التجيبي فأشعره مشقصا (1) فانتضح الدم على هذه الآية فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم (2) فإنها لفي المصحف ما حكت ، وذكر الحديث

__________

(1) المشقص : نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض

(2) سورة : البقرة آية رقم : 137

باب فيمن يشنأ عثمان رضي الله عنه أو يبغضه

1431 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال : حدثنا عثمان بن زفر التيمي قال : حدثنا محمد بن زياد ، عن محمد بن عجلان ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله : عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه أتي بجنازة الرجل ليصلي عليه فلم يصل عليه ، فقالوا : يا رسول الله ، ما رأيناك تركت الصلاة على أحد إلا على هذا ؟ فقال : « إنه كان يبغض عثمان أبغضه الله » وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن سفيان ، ومحمد بن شعيب الأيليان قالا : حدثنا عثمان بن زفر التيمي وذكر الحديث مثله

1432 - وحدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا عبد الله بن أبي زياد قال : حدثنا معاوية بن هشام قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن حيان بن غالب قال : جاء رجل إلى سعيد بن زيد فقال : إني أبغضت عثمان بغضا لم أبغضه أحدا ، فقال : بئس ما صنعت ، أتبغض رجلا من أهل الجنة 0000 وذكر قصة حراء « قال محمد بن الحسين رحمه الله : كفى به شقوة لمن سب عثمان أو أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : » من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين « وقوله صلى الله عليه وسلم في أصحابه : » لا تتخذوهم غرضا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد أذى الله ، ومن أذى الله فيوشك أن يأخذه « ولقوله صلى الله عليه وسلم : » لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه « قال محمد بن الحسين رحمه الله : قلت : والذي يسب عثمان رضي الله عنه لا يضر عثمان ، وإنما يضر نفسه عثمان رضي الله عنه قد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يقتل شهيدا مظلوما وبشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة رضي الله عنه في غير حديث ، رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ورواه عنه سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه ، ورواه عبد الرحمن بن عوف ، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم : أن عثمان رضي الله عنه من أهل الجنة ، على رغم أنف كل منافق ذليل مهين في الدنيا والآخرة

باب ذكر إكرام النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله
عنه وفضله عنده

1433 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن النضر أبي عمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ألا أستحيي ممن تستحي منه الملائكة ، إن الملائكة لتستحي من عثمان بن عفان »

1434 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا عبد الله بن مطيع قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن محمد بن أبي حرملة ، عن عطاء ، وسليمان ابني يسار ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن : أن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا كاشفا عن ساقيه ، فاستأذن أبو بكر رضي الله عنه فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث ، ثم استأذن عمر رضي الله عنه فأذن له وهو كذلك ، ثم استأذن عثمان رضي الله عنه ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه فتحدث ، فلما خرج قالت عائشة رحمها الله تعالى : يا رسول الله ، دخل أبو بكر فلم تباله ، ثم دخل عمر فلم تباله ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك ؟ فقال : « ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة » ولهذا الحديث طرق جماعة

1435 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أبو معمر القطيعي قال : حدثنا هشيم بن بشير ، عن كوثر بن حكيم ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وأصدقهم حياء عثمان بن عفان » قال محمد بن الحسين رحمه الله : وقد روي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأقواهم في دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان بن عفان ، وأقضاهم علي بن أبي طالب » رضي الله عنهم وذكر الحديث

1436 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا أبو مروان العثماني قال : حدثني أبي عثمان بن خالد ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لكل نبي رفيق ، ورفيقي فيها عثمان بن عفان »

1437 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عبد الله ، مولى بني هاشم قال : حدثنا الوضاح بن حسان قال : حدثنا طلحة بن زيد ، عن عبيدة بن حسان ، عن عطاء ، عن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعثمان : « أنت ولي في الدنيا والآخرة »

1438 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا هدبة بن خالد قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن الجريري ، عن عبد الله بن شقيق ، عن عبد الله بن حوالة قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تهجمون على رجل يبايع معتجرا ببرد حبرة (1) من أهل الجنة » فهجمنا على عثمان وهو معتجر ببرد حبرة يبايع الناس يعني البيع والشراء

__________

(1) الحبرة : ثوب يماني من قطن أو كتان مخطط

1439 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال : حدثنا شبابة بن سوار قال : حدثنا حريز بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن ميسرة قال : سمعت أبا أمامة الباهلي يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل أحد الحيين ربيعة أو مضر » قال : فكان المشيخة يرون أن ذلك الرجل عثمان بن عفان رضي الله عنه «

1440 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا محمد بن يزيد أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا ابن يمان قال : حدثنا الحسن أبو جعفر ، عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يشفع عثمان يوم القيامة لمثل ربيعة ومضر »

1441 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محفوظ بن أبي توبة قال : حدثنا محمد بن القاسم الأسدي قال : سمعت الأوزاعي ، عن حسان بن عطية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « غفر الله لك يا عثمان ، ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت ، وما أخفيت وما أبديت ، وما هو كائن إلى يوم القيامة »

1442 - وحدثنا أبو عبد الله جعفر بن إدريس القزويني بمكة ، المؤذن إمام المسجد الحرام قال : حدثني أبي إدريس بن محمد القزويني قال : حدثنا إسماعيل بن توبة قال : حدثنا كثير بن هشام ، عن جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس قال : « قحط (1) المطر على عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فاجتمع الناس إلى أبي بكر رضي الله عنه ، فقالوا : السماء لم تمطر ، والأرض لم تنبت ، والناس في شدة شديدة ، فقال أبو بكر الصديق : انصرفوا واصبروا فإنكم لا تمسون حتى يفرج الله عز وجل عنكم ، فما لبثنا إلا قليلا أن جاء أجراء عثمان بن عفان رضي الله عنه من الشام ، فجاءته مائة راحلة برا (2) ، أو قال : طعاما ، فاجتمع الناس إلى باب عثمان رضي الله عنه ، فقرعوا (3) عليه الباب ، فخرج إليهم عثمان رضي الله عنه في ملأ من الناس ، فقال : ما تشاءون ؟ قالوا : الزمان قد قحط ، السماء لا تمطر ، والأرض لا تنبت ، والناس في شدة شديدة ، وقد بلغنا أن عندك طعاما فبعناه حتى توسع على فقراء المسلمين قال عثمان : حبا وكرامة ، ادخلوا فاشتروا ، فدخل التجار فإذا الطعام موضوع في دار عثمان رضي الله عنه ، فقال : يا معاشر التجار ، تربحوني على شرائي من الشام ؟ قالوا : للعشرة اثنا عشر ، فقال عثمان رضي الله عنه : قد زادوني ، قالوا : للعشرة أربعة عشر ، فقال عثمان : قد زادوني ، قالوا : للعشرة خمسة عشر قال عثمان : قد زادوني قال التجار : يا أبا عمرو ؛ ما بقى في المدينة تجار غيرنا ، فمن ذا الذي زادك ؟ فقال : زادني الله عز وجل بكل درهم عشرة ، أعندكم زيادة ؟ فقالوا : اللهم لا قال : فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين فقال ابن عباس رضي الله عنه : فرأيت من ليلتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في المنام وهو على برذون (4) أبلق (5) ، وعليه حلة من نور ، في رجليه نعلان من نور ، وبيده قضيب من نور ، وهو مستعجل ، فقلت : يا رسول الله ، لقد اشتد شوقي إليك وإلى كلامك ، فأين تبادر ؟ قال : » يا ابن عباس ، إن عثمان بن عفان تصدق بصدقة وإن الله عز وجل قد قبلها منه ، وزوجه بها عروسا في الجنة ، وقد دعينا إلى عرسه «

__________

(1) القحط : الجدب والجفاف واحتباس المطر وعدم نزوله

(2) البر : القمح

(3) القرع : الطرق والضرب

(4) البرذون : يطلق على غير العربي من الخيل والبغال وهو عظيم الخلقة غليظ الأعضاء قوي الأرجل عظيم الحوافر

(5) الأبلق : الذي به سواد وبياض

كتاب فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال محمد بن الحسين رحمه الله : الحمد لله المتفضل علينا بالنعم الدائمة ، ظاهرة وباطنة ، حمد من يعلم أن مولاه الكريم يحب الحمد ، فله الحمد على كل حال ، وصلى الله على محمد النبي ، وعلى آله الطيبين وسلم ، أما بعد : فاعلموا رحمنا الله وإياكم أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، شرفه الله الكريم بأعلى الشرف ، سوابقه بالخير عظيمة ، ومناقبه كثيرة ، وفضله عظيم ، وخطره جليل ، وقدره نبيل ، أخو الرسول صلى الله عليه وسلم ، وابن عمه ، وزوج فاطمة ، وأبو الحسن والحسين ، وفارس المسلمين ، ومفرج الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقاتل الأقران ، الإمام العادل ، الزاهد في الدنيا ، الراغب في الآخرة ، المتبع للحق ، المتأخر عن الباطل ، المتعلق بكل خلق شريف ، الله عز وجل ورسوله له محبان ، وهو لله والرسول محب ، الذي لا يحبه إلا مؤمن تقي ، ولا يبغضه إلا منافق شقي ، معدن العقل والعلم ، والحلم والأدب رضي الله عنه
باب ذكر جامع مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه

1443 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الكندي قال : حدثنا محمد بن سعيد بن زائدة قال : حدثنا أبو الجارود ، عن أبي الطفيل قال : سمعت عليا رضي الله عنه يقول : « أنشدكم بالله أيها النفر جميعا أفيكم أخ لرسول الله صلى الله عليه وسلم غيري ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد له عم مثل عمي حمزة أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم خير الشهداء ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم الله أفيكم أحد له مثل أخي جعفر المزين بالجناحين بالجوهر يطير بهما في الجنة حيث شاء ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد له مثل زوجتي فاطمة رضي الله عنها ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم من له مثل سبطي الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد صلى القبلتين جميعا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد كان يأخذ الخمس غيري وغير زوجتي فاطمة ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد كان يأخذ سهمين ؛ سهما في الخاصة وسهما في العامة غيري ؟ قالوا : اللهم لا قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد أمر الله عز وجل بمودته من السماء غيري في قوله عز وجل فآت ذا القربى حقه (1) ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد قتل مشركي قريش عند كل شديدة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري ؟ قالوا : اللهم لا قال : فأنشدكم بالله أفيكم أحد كان أعظم غناء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث جئت أضطجع في مضجعه أقيه بنفسي وأبذل له مهجة دمي غيري ؟ قالوا : اللهم لا قال فأنشدكم بالله أفيكم أحد أخاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له غير مرة : » أنت مني بمنزلة هارون من موسى « غيري ؟ قالوا : اللهم لا قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد ولي غمض عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري ؟ قالوا : اللهم لا »

__________

(1) سورة : الروم آية رقم : 38

1444 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود أيضا قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي قال : حدثنا يحيى بن حماد قال : أنبأنا أبو عوانة قال : حدثنا أبو بلج قال : حدثنا عمرو بن ميمون قال : إني لجالس إلى ابن عباس رضي الله عنهما إذ أتاه تسعة رهط (1) ، فقالوا : يا أبا عباس ، إما أن تقوم معنا وإما أن تخلينا هؤلاء ، فقال ابن عباس : بل أقوم معكم ، وهو يومئذ صحيح البصر قال : فانتبذوا (2) فتحدثوا ، فلا أدري ما قالوا قال : فجاء ينفض ثوبه ويقول : أف وتف وقعوا في رجل له عشر ، وقعوا في رجل قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لأبعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا ، يحب الله ورسوله » فاستشرف لها من استشرف ، فقال : « أين علي ؟ » فقالوا : هو في الرحل يطحن قال : « وما كان أحدكم ليطحن ؟ » قال : فجاء وهو أرمد ، لا يكاد يبصر قال : فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثا فأعطاها إياه ، فجاء بصفية بنت حيي قال : ثم بعث أبا بكر رضي الله عنه بسورة التوبة ، ثم بعث عليا رضي الله عنه خلفه فأخذها منه ، فقال أبو بكر : لعل الله ورسوله قال : لا ، ولكن لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه قال : وقال لبني عمه : « أيكم يواليني في الدنيا والآخرة » فأبوا فقال علي : أنا أواليك في الدنيا والآخرة فقال له : « أنت وليي في الدنيا والآخرة » قال : وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم فقال : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (3) قال : وشرى (4) علي بنفسه لبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نام في مكانه قال : وكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء أبو بكر رضي الله عنه ، وعلي رضي الله عنه نائم ، وأبو بكر يحسب أنه نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا نبي الله ، فقال له علي رضي الله عنه : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه قال : فانطلق أبو بكر رضي الله عنه فدخل معه الغار ، وجعل علي رضي الله عنه يرمي بالحجارة كما كان يرمي نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يتضور قد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ، ثم كشف عن رأسه ، فقالوا : كان صاحبك نرميه فلا يتضور ، وأنت تتضور قد استنكرنا ذلك قال : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس في غزوة تبوك ، فقال له علي رضي الله عنه : أخرج معك ، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم : « أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست نبيا ، إنه لا ينبغي لي أن أذهب إلا وأنت خليفتي » قال : وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنت ولي كل مؤمن بعدي » قال : وسد الأبواب من المسجد غير باب علي ، ويدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره قال : وقال : « من كنت مولاه فإن عليا مولاه » قال : وأخبرنا الله عز وجل في القرآن أنه قد رضي عنهم يعني أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم ، فهل حدثنا أنه سخط عليهم ؟ وقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه حين قال له في حاطب بن أبي بلتعة : ائذن لي فأضرب عنقه قال : وكنت فاعلا : « وما يدريك لعل الله عز وجل اطلع إلى أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم »

__________

(1) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة

(2) انتبذت : تنحيت وابتعدت

(3) سورة : الأحزاب آية رقم : 33

(4) شرى : باع

1445 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود أيضا قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي قال : حدثنا الكرماني بن عمرو ، أخو معاوية بن عمرو قال : حدثنا إسرائيل بن يونس قال : حدثنا حكيم بن جبير ، عن علي بن شداد ، عن ابن عباس قال : « لقد كانت لعلي رضي الله عنه ثماني عشرة منقبة ، لو لم يكن له إلا واحدة منها نجا بها ، ولقد كانت له ثلاث عشرة ما كانت لأحد قبله »

1446 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : أنبأنا عيسى بن راشد ، عن علي بن بذيمة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : « ما نزلت آية يا أيها الذين آمنوا (1) إلا علي رضي الله عنه رأسها وشريفها وأميرها ، ولقد عاتب الله عز وجل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في غير آي من القرآن وما ذكر عليا رضي الله عنه إلا بخير »

__________

(1) سورة : البقرة آية رقم : 104

باب ذكر محبة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم
لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأن عليا محب لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم

1447 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، عن أبيه ، عن الحسن ، عن خارجة بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : « لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله » فدعا عليا رضي الله عنه فأعطاه «

1448 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله » فقال : « أين علي ؟ » فقالوا : يطحن ، وما كان أحد منهم يرضى أن يطحن ، فأتي به فدفع إليه الراية ، فجاء بصفية «

1449 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : « لأدفعن الراية إلى يد رجل يحب الله ورسوله ، يفتح الله عليه » فقال عمر رضي الله عنه : فما أحببت الإمارة إلا يومئذ ، فتطاولت لها قال : فقال لعلي رضي الله عنه : « قم » فدفع اللواء إليه ، ثم قال : « اذهب ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك » فمشى هنيهة (1) ، ثم قام ولم يلتفت للعزمة ، فقال علي رضي الله عنه : علام أقاتل الناس ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، فإذا قالوها ؛ فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله عز وجل »

__________

(1) الهنيهة : القليل من الزمان .

1450 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : أنبأنا علي بن هاشم ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن أبي فروة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه وأصحابه ، فجاء منكسفا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « مالي أراكم تنهزمون أما إني سأبعث إليهم رجلا يحب الله عز وجل ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله عليه » فتشرف لها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فنظر في القوم فلم ير فيهم عليا ، فقال : « أين علي ؟ » فقالوا : يا رسول الله هو أرمد ، ثم قال : « ادعوا لي عليا فجيء به يقاد ، فتفل في عينيه ، ودعا له بالشفاء ، وأعطاه الراية ، فما لحق به آخر أصحابه حتى فتح على أولهم

1451 - وحدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا إسماعيل بن موسى قال : أنبأنا شريك ، عن أبي ربيعة الإيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل أمرني بحب أربعة » قيل : يا رسول الله ، من هم ؟ سمهم لنا ؟ قال : « علي منهم » يقول ذلك ثلاثا « وأمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم »

1452 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : ثنا شريك ، عن أبي ربيعة الإيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أمرني ربي عز وجل بحب أربعة ، وأخبرني أنه يحبهم ، وإنك يا علي منهم ، إنك يا علي منهم » ثلاثا

1453 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير قال : حدثنا شريك ، عن أبي ربيعة الإيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن ربي تبارك وتعالى أمرني أن أحب أربعة من أصحابي ، وأخبرني أنه يحبهم » قيل : يا رسول الله ، من هم ؟ قال : « علي منهم ، وأبو ذر الغفاري ، والفارسي ، والمقداد بن الأسود »

1454 - حدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا عثمان بن عبد الله العثماني قال : حدثنا الزنجي مسلم بن خالد قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، : أن جبريل عليه الصلاة والسلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، إن الله عز وجل يأمرك أن تحب عليا ، وتحب من يحب عليا ، فإن الله عز وجل يحب عليا ، ويحب من يحب عليا قالوا : يا رسول الله ومن يبغض عليا ؟ قال : « من يحمل الناس على عداوته »

1455 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر العدني قال : حدثنا محمد بن جعفر بن محمد قال : أخبرنيه ابن أبي الرجال ، عن أبيه ، عن جده ، عن أنس بن مالك قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته ، فأهدي له طير فقال : « اللهم ائتني برجل تحبه يأكل معي من هذا الطير » فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فقرع (1) الباب ، فجئت فقلت : من هذا ؟ قال : أنا علي ، فقلت : إنما دخل النبي صلى الله عليه وسلم الساعة ، ثم عدت لموقفي ، فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة فقال : « اللهم ائتني برجل تحبه يأكل معي من هذا الطير » فقرع الباب ، فجئت فقلت : من هذا ؟ قال : أنا علي ، فقلت : قليلا ، ثم عدت لموقفي ، فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة ، فقرع الباب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « افتح يا أنس » ففتحت فإذا علي رضي الله عنه ، فأكل هو وهو منه قال محمد بن جعفر : وسمعت من قوم ثقات : أنه قال : « اللهم وأحبه »

__________

(1) القرع : الدق والطرق

1456 - حدثنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا حفص بن عمر ، عن موسى بن سعد ، عن الحسن ، عن أنس قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم بطير جبلي ، فقال : « اللهم ائتني برجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله » فإذا علي رضي الله عنه يقرع (1) الباب ، فقال أنس : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول قال : فكنت أحب أن يكون رجلا من الأنصار ، ثم أتى الثانية ، فقال أنس : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول ، ثم أتى الثالثة فقال : « يا أنس ، أدخله فقد عنيته » فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « اللهم إلي ، اللهم إلي »

__________

(1) قرع الباب : طرقه

1457 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثنا إسماعيل بن أبان الوراق قال : أخبرني عبد الله بن مسلم الملائي ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك قال : أهدت أم أيمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طيرا مشويا ، فقال : « اللهم أدخل علي من تحبه وأحبه ، يأكل معي » فجاء علي رضي الله عنه فاستأذن وأنا على الباب يومئذ ، فقلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على شغل ، وأنا أحب أن يكون رجلا من الأنصار ، ثم جاء الثانية فاستأذن ، إنه على حاجة فرجع ، ثم جاء الثالثة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته ، فقال : « ائذن له » فدخل وهو موضوع بين يديه ، فأكل منه ، وقال : « اللهم وإلي ، واللهم وإلي » ثلاث مرات

1458 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : أنبأنا علي بن هاشم ، عن عبد الملك بن حميد ، عن جميع بن عمير ، عن عائشة رضي الله عنها قال : دخلت عليها مع أمي وأنا غلام ، فذكرتا عليا رضي الله عنه ، فقالت عائشة رضي الله عنها : « ما رأيت رجلا قط أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، ولا امرأة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته »

1459 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا أبو السري قال : حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن جميع التيمي قال : دخلت مع أمي على عائشة رضي الله عنها ، وأنا غلام ، فذكرت لها عليا رضي الله عنه ، فقالت : « ما رأيت رجلا قط أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، ولا امرأة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته »

باب ذكر منزلة علي رضي الله عنه من رسول الله صلى
الله عليه وسلم كمنزلة هارون من موسى

1460 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن ناجية قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : أنبأنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن الأجلح بن عبد الله بن أبي الهذيل الكندي ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عبد الرحمن بن البيلماني قال : سمعت سعد بن أبي وقاص يقول : أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول واستخلف عليا رضي الله عنه على المدينة في غزوة تبوك ، فخرج علي رضي الله عنه يشيعه قال : فخرج علي ، فلما رأى جزعه (1) قال : « أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، غير أنه ليس بعدي نبي »

__________

(1) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن

1461 - وحدثني عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محفوظ بن أبي توبة قال : حدثنا عبد الرزاق قال : حدثنا معمر ، عن قتادة ، وعلي بن زيد بن جدعان قالا : حدثنا سعيد بن المسيب قال : حدثنا ابن لسعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : فدخلت على أبيه فقلت : حديث حدثته عنك حدثنيه حين استخلف النبي صلى الله عليه وسلم عليا على المدينة قال : فغضب سعد وقال : من حدثك به ؟ فكرهت أن أخبره أن ابنه حدثنيه فيغضب عليه ، ثم قال لي : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج في غزوة تبوك استخلف عليا رضي الله عنه على المدينة ، فقال علي : يا رسول الله ، ما كنت أحب أن تخرج وجها إلا وأنا معك ، فقال : « أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي »

1462 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا سلمة بن شبيب قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، وعلي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي »

1463 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب الرواجني قال : أنا عمرو بن القاسم ، عن كثير النواء ، عن الأشهل ، عن سعد ، رحمه الله : أنه أتى معاوية رحمه الله ، فقال له معاوية : ما منعك أن تخرج معنا ؟ فقال سعد : أقاتل رجلا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه ما قال : فقال : ما قال ؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي » قال : من سمع هذا معك ؟ قال : أم سلمة قال لو سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاتلته

1464 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يونس بن حبيب قال : حدثنا أبو داود يعني الطيالسي قال : حدثنا شعبة ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد رحمه الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي »

1465 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود أيضا قال : حدثني نصر بن علي قال : أنبأنا عبد الله بن داود ، عن علي بن صالح ، عن موسى الجهني ، عن فاطمة بنت علي رضي الله عنهم ، عن أسماء بنت عميس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي »

1466 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عطية بن سعد ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، غير أنه لا نبي بعدي »

1467 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : ثنا الحسن بن علي الحلواني قال : حدثنا عمران بن أبان قال : حدثنا مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث قال : حدثني أبي ، عن جدي مالك بن الحويرث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : « أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي »

1468 - وحدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا الحسين بن محمد السعدي الذارع شيخ قدم علينا من البصرة مع أبي الربيع الزهراني قال : حدثنا عبد المؤمن بن عباد العبدي قال : حدثني يزيد بن معن ، عن عبد الله بن شرحبيل ، عن زيد بن أبي أوفى قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده فقال : « أين فلان بن فلان ؟ » فجعل ينظر في وجوه أصحابه يتفقدهم ، ويبعث إليهم حتى توافروا عنده ، فذكر حديث المؤاخاة بين أصحابه ، فقال علي رضي الله عنه : لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإن كان هذا من سخط منك علي فلك العتبى والكرامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي ، فأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، غير أنه لا نبي بعدي » وذكر الحديث إلى آخره

باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم « من كنت مولاه فعلي مولاه ، ومن كنت وليه فعلي وليه »

1469 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا نصر بن علي قال : أخبرنا أبو أحمد الزبيري قال : أنبأنا ابن أبي غنية ، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن بريدة الأسلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه »

1470 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن سنان القطان قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا عبد الملك بن حميد بن أبي غنية قال : حدثنا الحكم بن عتيبة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : حدثني بريدة قال : بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن مع علي رضي الله عنه فرأيت منه جفوة (1) ، فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم شكوته إليه قال : فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه فقال : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » قال : قلت : بلى قال : « فمن كنت مولاه فعلي مولاه »

__________

(1) الجفوة والجَفَاء : البُعْد عَن الشيء ، وقطع الصلة والبر

1471 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا المسيب بن واضح قال : حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ، عن مرزوق ، عن أبي بسطام مولى أسامة قال : كان بين أسامة وبين علي رضي الله عنه منازعة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا علي ، والله إني لأحبه » يعني أسامة فكأن عليا رضي الله عنه وجد (1) في نفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا أسامة ، من كنت مولاه فعلي مولاه »

__________

(1) الوجد : الغضب ، والحزن والمساءة وأيضا : وَجَدْتُ بِفُلانَة وَجْداً، إذا أحْبَبْتها حُبّا شَديدا.

1472 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال : حدثنا عمران بن أبان قال : أنبأنا مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث قال : حدثني أبي ، عن جدي مالك بن الحويرث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه »

1473 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا شريك ، عن حنش بن الحارث ، عن رياح بن الحارث قال : بينا علي رضي الله عنه جالس في الرحبة ؛ إذ جاء رجل عليه أثر السفر فقال : السلام عليك يا مولاي ، قال : من هذا ؟ قالوا : أبو أيوب الأنصاري ، فقال علي رضي الله عنه : أفرجوا له ، فقال أبو أيوب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه »

1474 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب الرواجني قال : حدثنا عمرو بن ثابت ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من كنت مولاه ، فعلي مولاه »

1475 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا المطلب بن زياد قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل قال : كنت عند جابر بن عبد الله فقال : كنا بالجحفة ، بغدير خم إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خباء (1) أو فسطاط ، فقال بيده ثلاث مرات : « هلم ، هلم ، هلم » وثم ناس من خزاعة ، ومزينة ، وجهينة ، وأسلم ، وغفار ، فأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » قالوا : بلى قال : « من كنت مولاه فعلي مولاه »

__________

(1) الخباء : الخيمة

1476 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر يعني غندرا قال : حدثنا شعبة ، عن ميمون أبي عبد الله قال : كنت عند زيد بن أرقم فجاء رجل من أقصى الفسطاط فسأله عن علي رضي الله عنه فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » قالوا : بلى قال : « فمن كنت مولاه فعلي مولاه »

1477 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود أيضا قال : حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي قال : حدثنا عبد الله بن الأجلح ، عن أبيه ، عن طلحة بن مصرف ، عن عميرة بن كعب قال : سمعت عليا رضي الله عنه ينشد الناس : من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ؟ فقام ثمانية عشر فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه »

باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمن والى علي
بن أبي طالب رضي الله عنه ، وتولاه ، ودعائه به على من عاداه

1478 - أنبأنا أبو محمد بن عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا محمد بن موسى الحرشي قال : حدثنا عثام بن علي قال : حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطية ، عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه »

1479 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا الحسن بن مدرك الشيباني ، وأحمد بن محمد بن المعلى الأدمي قالا : حدثنا يحيى بن حماد قال : حدثنا أبو عوانة ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عامر بن واثلة أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع نزل غدير خم ، فأمر بدوحات فقممن ، وقال : « كأني قد دعيت فأجبت » ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : « الله مولاي ، وأنا مولى كل مؤمن ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه » فقيل لزيد : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : سمع أذناي ، وأبصر عيناي ، وما بقي في الدوحات رجل واحد إلا قد سمعه بأذنيه ورآه بعينيه

1480 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود أيضا قال : حدثنا عمي محمد بن الأشعث قال : حدثنا حجاج قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حتى إذا كنا بغدير خم نودي فينا : الصلاة جامعة ، فكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة ، فأخذ بيد علي رضي الله عنه ثم قال : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » قالوا : بلى ، قال : « ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ » قالوا : بلى ، قال : « فإن هذا مولى من كنت مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه » فلقيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد ذلك فقال : هنيئا لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن

1481 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود أيضا قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثنا علي بن ثابت الدهان قال : أنبأنا منصور بن أبي الأسود ، عن مسلم الأعور ، عن أنس بن مالك ، : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم وهو يقول : « أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم » ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »

1482 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثنا عقبة بن خالد أبو عمرو الأسدي قال : حدثنا علي بن قاسم الكندي ، عن المعلى بن عرفان ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد علي رضي الله عنه ، وهو يقول : « هذا وليي ، وأنا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، فقد واليت من والاه ، وعاديت من عاداه »

1483 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم شاذان قال : حدثنا يحيى بن حماد قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه : « من كنت وليه فعلي وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه »

1484 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عمي محمد بن الأشعث قال : حدثنا أبو غسان قال : حدثنا أسباط بن نصر ، عن السدي ، عن صبيح ، مولى أم سلمة ، عن زيد بن أرقم : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي وفاطمة ولحسن وحسين رضي الله عنهم : « أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم »

1485 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا تليد بن سليمان قال : حدثنا أبو الجحاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم : « أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم »

باب ذكر عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي رضي
الله عنه أنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق والمؤذي لعلي رضي الله عنه المؤذي لرسول الله صلى الله عليه وسلم

1486 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا وكيع بن الجراح ، ويحيى بن عيسى قالا : حدثنا الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش ، عن علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه قال : عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم : « أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق »

1487 - وحدثنا ابن أبي داود قال : ثنا هشام بن يونس اللؤلؤي قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش قال : سمعت عليا رضي الله عنه على المنبر يقول : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ؛ أنه لعهد النبي الأمي إلي صلى الله عليه وسلم : « أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق »

1488 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال : سمعت محمد بن فضيل ، حدثنا أبو نصر عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري ، عن مساور الحميري ، عن أمه ، عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي رضي الله عنه : « ما يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق »

1489 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا مالك بن إسماعيل قال : حدثنا إسرائيل ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال : « إنما كنا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه »

1490 - وحدثنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن محمد بن علي ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر قال : « ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببغضهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه »

1491 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبد الله الجدلي قال : دخلت على أم سلمة رضي الله عنها فقالت لي : « أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم ؟ فقلت : معاذ الله ، أو سبحان الله ، أو كلمة نحوها ، فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : » من سب عليا فقد سبني «

1492 - وحدثنا أبو جعفر محمد بن علي الكوفي قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : حدثنا عمرو بن ثابت ، عن يزيد بن أبي زياد بن أخي زيد بن أرقم قال : حججت فدخلت على أم سلمة فقالت : ممن أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة قالت : من الذين يسب فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : قلت : لا والله ما سمعت أحدا يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : أليس يقال : فعل الله بعلي وبمن يحب عليا ؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه

1493 - حدثنا أبو محمد هارون بن يوسف قال : ثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا الحسين بن علي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن الفضل بن معقل ، عن عبد الله بن نيار الأسلمي ، عن عمرو بن شاس الأسلمي وكان من أصحاب غزوة الحديبية قال : خرجت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى اليمن ، فجفاني (1) في سفري ذلك حتى وجدت (2) عليه في نفسي ، فلما قدمنا المدينة شكوته في المسجد حتى بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، قال فدخلت المسجد يوما والنبي صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه ، فأبدني بعينيه يقول : حدد النظر إلي حتى إذا جلست قال : « يا عمرو ، أما والله لقد آذيتني » قال : قلت : أعوذ بالله أن أوذيك يا رسول الله قال : « من آذى عليا فقد آذاني »

__________

(1) الجَفَاء : البُعْد عَن الشيء يقال جَفَاه إذا بَعُدَ عَنْه

(2) الوجد : الغضب ، والحزن والمساءة وأيضا : وَجَدْتُ بِفُلانَة وَجْداً، إذا أحْبَبْتها حُبّا شَديدا.

1494 - حدثني أبو عبد الله جعفر بن إدريس القزويني في المسجد الحرام قال : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي البصري قال : حدثنا يعقوب بن جعفر بن سليمان الهاشمي قال : حدثني أبي جعفر بن سليمان عن أبيه سليمان بن علي ، عن أبيه علي بن عبد الله قال : كنت مع أبي عبد الله بن عباس بعد ما كف بصره وهو بمكة ، فمر على قوم من أهل الشام في صفة زمزم ؛ يسبون علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقال لسعيد بن جبير وهو يقوده : ردني إليهم ، فقال : أيكم الساب الله ؟ قالوا : سبحان الله ؛ ما فينا أحد يسب الله قال : فأيكم الساب رسول الله ؟ قالوا : والله ما فينا أحد يسب رسول الله قال : فأيكم الساب عليا ؟ قالوا : أما هذا فقد كان ، فقال ابن عباس : فإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من سب عليا فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله ، ومن سب الله عز وجل أكبه الله عز وجل على منخريه في نار جهنم » ثم ولى عنهم فقال لي : يا بني ما رأيتهم صنعوا ؟ فقلت : يا أبت نظروا إليك بأعين محمرة نظر التيوس إلى شفار الجازر ، قال : زدني يا بني ، قلت : خزر العيون منكسي أذقانهم ، نظر الذليل إلى العزيز القاهر ، قال : زدني يا بني ، قلت : ليس عندي زيادة يا أبت غير الذي قلت قال : لكن عندي زيادة : أحياؤهم خزي على أمواتهم ، الباقون فضيحة للغابر

1495 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا هشام بن يونس اللؤلؤي قال : حدثنا الحسين بن سليمان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : « يا علي ، من زعم أنه يحبني ويبغضك فقد كذب »

1496 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا الحسن بن مدرك الشيباني قال : حدثني يحيى بن حماد قال : حدثنا أبو عوانة ، عن عطاء بن السائب قال : لقيت ابن ابن لعبادة بن الصامت ، فقال : إذا رأيت رجلا يبغض عليا رضي الله عنه فاعلم أن أصله يهودي ، ثم قال : حدثني أبي ، عن جدي عبادة بن الصامت قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديقة آل فلان ، فقال : « الآن يطلع عليكم رجل من هاهنا من أهل الجنة » فطلع أبو بكر رضي الله عنه ، ثم قال : « الآن يطلع عليكم رجل من هاهنا من أهل الجنة » فطلع عمر رضي الله عنه فجلس ، ثم قال : « الآن يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، اللهم اجعله عليا ، اللهم اجعله عليا ، اللهم اجعله عليا » فطلع علي رضي الله عنه فجلس

1497 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر يعني غندرا قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت سعيد بن وهب قال : نشد علي رضي الله عنه الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من كنت مولاه فعلي مولاه »

1498 - وبإسناده عن أبي إسحاق قال : سمعت عمرا ذا مر وزاد فيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اللهم وال من والاه ، وانصر من نصره ، وأحب من أحبه ، أو قال ابغض من أبغضه »

1499 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا المسيب بن واضح السلمي قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن قنان بن عبد الله النهمي قال : حدثنا مصعب بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : كنت أنا ورجلان في المسجد فتناولا عليا رضي الله عنه ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان ، أعرف في وجهه الغضب ، فقلت : أعوذ بالله ، من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « ما لي ولكم من آذى عليا فقد آذاني من آذى عليا فقد آذاني ، من آذى عليا فقد آذاني »

1500 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب الرواجني قال : حدثنا أبو يزيد العكلي ، عن هشام بن سعد ، عن أبي عبد الله المكي ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ثلاث من كن فيه فليس مني ولا أنا منه ، بغض علي بن أبي طالب ، ونصب (1) لأهل بيتي ، ومن قال الإيمان كلام »

__________

(1) النصب : التعب والمشقة

1501 - أنبأنا أبو العباس أحمد بن موسى بن زنجويه القطان قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال : حدثنا عبد الكريم بن هلال ، عن أسلم المكي قال : أخبرني أبو الطفيل قال : أخذ علي بن أبي طالب رضي عنه بيدي في هذا المكان فقال لي : يا أبا الطفيل ، لو أني ضربت أنف المؤمن بخشبة ما أبغضني أبدا ، إن الله عز وجل أخذ ميثاق المؤمنين بحبي ، وأخذ ميثاق المنافقين ببغضي ، فلا يبغضني مؤمن أبدا ، ولا يحبني منافق أبدا

1502 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا محمد بن خلف قال : حدثنا محمد بن كثير قال : حدثنا الحارث بن حصيرة ، عن أبي داود ، عن عمران بن حصين قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه إلى جنبه ، إذ تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض (1) قال : فارتعد علي رضي الله عنه فأمسكه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : « ما لك يا علي ؟ » قال : يا رسول الله قرأت هذه الآية فخشيت أن أبتلى بها ، فلم أملك نفسي ، فأصابني ما رأيت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « والذي نفسي بيده لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق » قال ابن مخلد : قال لنا أبو بكر يعني محمد بن خلف : جاءني جعفر الطيالسي يسألني عن هذا الحديث ؟ قال محمد بن الحسين رحمه الله : يعني من صفة المؤمنين العقلاء الذين قد أريد بهم خير صحة المودة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ولأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دل على ذلك القرآن والسنة

__________

(1) سورة : النمل آية رقم : 62

1503 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن وهب العلاف قال : حدثنا إسماعيل بن أبان قال : حدثنا حبان بن علي العنزي ، عن إسماعيل بن سلمان الأزرق ، عن أبي عمر مولى بشر بن غالب الأسدي ، عن محمد بن الحنفية رضي الله عنه ، في هذه الآية إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا (1) « لا تلقى مؤمنا إلا وفي قلبه ود لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه »

__________

(1) سورة : مريم آية رقم : 96

1504 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عيسى بن عبد الله الطيالسي قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا مندل ، عن إسماعيل بن سلمان قال : حدثنا أبو عمرو مولى بشر بن غالب ، عن محمد بن الحنفية رضي الله عنه في قوله عز وجل : سيجعل لهم الرحمن ودا (1) قال : « لا تلقى مؤمنا إلا وفي قلبه ود لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولأهل بيته رضي الله عنهم أجمعين »

__________

(1) سورة : مريم آية رقم : 96

باب ذكر ما أعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه
من العلم والحكمة وتوفيق الصواب في القضاء ، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم له بالسداد والتوفيق

1505 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا شجاع بن شجاع أبو منصور قال : حدثنا عبد الحميد بن بحر البصري قال : حدثنا شريك قال : حدثنا سلمة بن كهيل ، عن أبي عبد الرحمن ، عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا مدينة الفقه ، وعلي بابها »

1506 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا بحر بن الفضل العنزي قال : حدثنا محمد عمر بن الرومي قال : أنبأنا شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن الصنابحي ، عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا دار الحكمة ، وعلي بابها ، فمن أرادها آتاها من بابها » قال : وكان علي رضي الله عنه يقول : إن بين أضلاعي لعلما كثيرا

1507 - حدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا عثمان بن عبد الله العثماني قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا مدينة الحكمة ، وعلي بابها »

1508 - حدثنا سهل بن أبي سهل الواسطي قال : وحدثنا القاسم بن عيسى بن إبراهيم الطائي قال : حدثنا مؤمل ، عن سفيان ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي جحيفة ، عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال : لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن قال : قلت : يا رسول الله ، إنك ترسلني إلى قوم ويسألوني ولا علم لي قال : فوضع يده على صدري ثم قال : « إن الله عز وجل سيهدي قلبك ، ويثبت لسانك ؛ فإذا قعد بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر ، كما سمعت من الأول ؛ فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء » قال علي رضي الله عنه : فما زلت قاضيا أو ما شككت في قضاء بعد

1509 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي أبو عبد الرحمن قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن مسلم الأعور ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال علي رضي الله عنه : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن لأقضي بينهم ، فقلت : يا رسول الله إني ليس أحسن القضاء ، فوضع يده على صدري ثم قال : « اللهم علمه القضاء » ثم قال : « علمهم الشرائع والسنن وانههم عن الدبا والحنتم (1) والنقير (2) والمزفت (3) »

__________

(1) الحنتم : إناء أو جرة كبيرة تصنع من طين وشعر وتدهن بلون أخضر وتشتد فيها الخمر وتكون أكثر سكرا

(2) النقير : أصل النخلة ينقر وسطه ثم ينبذ فيه التمر ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا مسكرا

(3) المزفت : الوعاء المطلي بالقار وهو الزفت

1510 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني قال : حدثنا شريك ، عن سماك ، عن حنش ، عن علي رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضيا ، فقلت : يا رسول الله إني شاب وتبعثني إلى أقوام ذوي أسنان قال فدعا لي بدعوات ، ثم قال : « إذا أتاك الخصمان فسمعت أحدهما فلا تقضين بينهما حتى تسمع من الآخر ، فإنه أثبت لك » فما اختلف علي بعد ذلك القضاء

1511 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : أنبأنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، عن علي رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله إلى اليمن فقلت : إنك تبعثني إلى قوم هم أسن مني ، فكيف أقضي بينهم ؟ قال : « فإن الله عز وجل سيثبت لسانك ويهدي قلبك »

1512 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا محمد بن إشكاب قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : أنبأنا سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الكنود وهو عمرو بن حبشي ، عن علي رضي الله عنه قال : بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقلت : يا رسول الله ، إنك تبعثني إلى قوم شيوخ ذوي أسنان ، وإني أخاف أن لا أصيب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل سيثبت لسانك ويهدي قلبك »

1513 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي قال : حدثني أبي رحمه الله قال : حدثني أبي رضي الله عنه ، عن سلام بن سليم التميمي ، عن زيد العمي ، عن أبي الصديق الناجي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأقواهم في دين الله عمر ، وأقضاهم علي ، وأصدقهم حياء عثمان » وذكر الحديث

1514 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد الزهري قال : حدثني عمي يعني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا سلام أبو عبد الله التميمي قال أبو محمد : وهو ابن سلم الطويل المدايني ، عن زيد العمي ، عن أبي الصديق الناجي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أرحم هذه الأمة لها أبو بكر ، وأقواهم في دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأقضاهم علي ، وأقرؤهم لكتاب الله تعالى أبي بن كعب ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله وحرامه ، وأبو هريرة وعاء من العلم ، وسلمان علم لا يدرك » وذكر صدق أبي ذر «

1515 - وحدثنا ابن صاعد أبو محمد أيضا قال : حدثنا الحسين بن أبي زيد الدباغ قال : حدثنا علي بن زيد الصدائي قال : حدثنا أبو سعد البقال قال : أنبأنا ابن صاعد في حديث قبله ، وهو سعيد بن المرزبان ، عن أبي محجن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أرأف الناس بهذه الأمة أبو بكر الصديق ، وأقواها بأمر الله عز وجل عمر ، وأشدها حياء عثمان ، وأعلمها بقضاء علي بن أبي طالب ، وأعلمها بحساب الفرائض زيد بن ثابت » وذكر الحديث

باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله
عنه بالعافية من البلاء مع المغفرة

1516 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا سليمان بن محمد المباركي قال : حدثنا أبو شهاب يعني الحناط عن نصير القرادي ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن علي رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا أعلمك كلمات تقولهن تغفر لك ذنوبك ولو كانت مثل زبد البحر ، أو مثل عدد الذر مع أنه مغفور لك ؛ لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين »

1517 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا أحمد بن سفيان ، وأبو بكر بن زنجويه ، والفضل بن يعقوب ، ومحمد بن مسعود العجمي ، قالوا : حدثنا محمد بن يوسف الفريابي ، عن سفيان الثوري ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن علي رضي الله عنه قال : مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني ، فقلت : اللهم إن كان أجلي حضر فأرحني ، وإن كان البلاء والشدة فصبرني ، وإن كان متأخرا فخفف عني ، فقال : « أعد ، كيف قلت ؟ » قال : قلت : كذا وكذا قال : فوضع يده أو رجله على بطني ثم قال : « اللهم اشفه » فما سقمت بعد

1518 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا بندار محمد بن بشار قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال : حدثنا سفيان قال المطرز : وحدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي قال : حدثني سفيان قال : حدثني أبو إسحاق ، عن ناجية بن كعب ، عن علي رضي الله عنه قال : لما مات أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : إن عمك مات قال : فاذهب فواره ، ولا تحدث شيئا حتى تأتيني ، فذهبت فواريته ، ثم أتيته ، فقلت : قد واريته فأمرني فاغتسلت ، زاد وكيع قال : فدعا لي بدعوات ما أحب أن لي بهن ما على الأرض من شيء

1519 - وحدثنا قاسم المطرز أيضا قال : حدثنا أحمد بن سنان قال : حدثنا أبو أحمد يعني الزبيري قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن ناجية ، عن علي رضي الله عنه مثله ، وزاد : ثم « دعا لي بدعوات هن أحب إلي من حمر النعم »

باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه
بقتل الخوارج وأن الله عز وجل أكرمه بقتالهم

1520 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا محمد بن سليمان لوين قال : حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي قال : حدثنا عوف ، وهشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة السلماني قال : شهدت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه النهر ، فلما قتلت الخوارج قال علي رضي الله عنه : إن فيهم رجلا مخدج (1) اليد أو مؤدن اليد أو مثدن (2) اليد قال : فنظروا فلم يقدروا عليه فقال ذلك ثلاث مرات ، ثم قال : انظروا وقلبوا القتلى قال : فاستخرجوا رجلا آدم مثدن يده اليمنى ، كأنها ثدي المرأة ، فلما رآه علي رضي الله عنه استقبل القبلة ، ورفع يديه ، فحمد الله وأثنى عليه ، وشكر الله الذي ولاه قتلهم ، والذي أكرمه بقتالهم ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : لولا أن تبطروا لحدثتكم بما سبق على لسان النبي صلى الله عليه وسلم من الكرامة لمن قتل هؤلاء القوم قال عبيدة : فقلت : يا أمير المؤمنين ، أشيء بلغك عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أو شيء سمعته منه ؟ قال : بل سمعته ورب الكعبة

__________

(1) المخدج : القصير اليد ، والمراد رجل من الخوارج وصفه لهم النبي صلى الله عليه وسلم

(2) المثدون : صَغير اليَد مُجْتَمِعُها، والمَثْدون : النَّقِص الخَلْق

1521 - وحدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أبو عبد الرحمن الجعفي قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن أشعث ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة السلماني قال : شهدت مع علي رضي الله عنه النهر ، فلما قتل أهل النهر قال : إن فيهم رجلا مؤدن اليد ، أو مثدن (1) اليد ، أو مخدج (2) اليد ، فالتمسوه ، فلم يجدوه ، ثم قال : التمسوه فالتمسوه فلم يجدوه ، ثم قال لهم : فالتمسوه فالتمسوه فوجدوه في وهدة والقتلى عليه قال : وكانت يده إذا مدت امتدت مثل يده الأخرى ، وإذا أرخيت دخلت وليس فيها عظم ، فقال علي رضي الله عنه : لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله عز وجل هذه العصابة التي قتلتهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم قال : فقال له عبيدة : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ورب الكعبة ، مرتين

__________

(1) المثدون : صَغير اليَد مُجْتَمِعُها، والمَثْدون : النَّقِص الخَلْق

(2) المخدج : القصير اليد ، والمراد رجل من الخوارج وصفه لهم النبي صلى الله عليه وسلم

1522 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا محمد بن سليمان لوين قال : حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن عبد الله بن شريك العامري ، عن جندب قال : لما كان يوم قتل علي رضي الله عنه الخوارج ؛ نظرت إلى وجوههم وإلى شمائلهم فشككت في قتالهم ، فتنحيت عن العسكر غير بعيد ، فنزلت عن دابتي وركزت رمحي ، ووضعت درعي تحتي ، وعلقت ترسي (1) مستترا به من الشمس ، وأنا معتزل عن العسكر ناحية ، إذ طلع أمير المؤمنين علي رضي الله عنه على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت في نفسي : مالي وله ، أنا أفر منه وهو يجيء إلي ، فقال لي : يا جندب ، ما لك في هذا المكان تنحيت عن العسكر ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، أصابني وعك (2) فشق علي الغبار فلم أستطع الوقوف قال : فقال لي : أما بلغك ما للعبد في غبار العسكر من الأجر ، ثم ثنى رجله فنزل ، فأخذت برأس دابته ، وقعد فقعدت ، فأخذت الترس بيدي ، فسترته من الشمس قال : فوالله إني لقاعد إذ جاء فارس يركض فقال : يا أمير المؤمنين ، إن القوم قد قطعوا الجسر ذاهبين قال : فالتفت إلي فقال : إن مصارعهم دون النهر قال : وإن الرجل الذي أخبره عنده واقف ؛ إذ جاء رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين ، قد والله عبروا فما بقي منهم أحد قال : ويحك إن مصارعهم دون النهر قال : فجاء فارس آخر يركض فقال : يا أمير المؤمنين والذي بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بالحق لقد رجعوا ، ثم جاء الناس فقالوا : قد رجعوا ، حتى إنهم ليتساقطون في الماء زحاما على العبور ، ثم إن رجلا جاء فقال : يا أمير المؤمنين إن القوم قد صفوا الصفوف ورموا فينا وقد جرحوا فلانا ، فقال علي رضي الله عنه : هذا حين طاب القتال قال : فوثب فقعد على بغلته ، فقمت إلى سلاحي فلبسته ، ثم شددته علي ، ثم قعدت على فرسي ، وأخذت رمحي ، ثم خرجت ، فلا والله يا عبد الله بن شريك ما صليت العصر قال : الظهر حتى قتلت بيدي سبعين

__________

(1) الترس : الدرع الذي يحمي المقاتل ويتقي به ضربات العدو

(2) وعك : أصابه ألم من شدة المرض والحمى والتعب

1523 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا صفوان بن صالح قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا ابن لهيعة قال : حدثنا بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن ابن سعيد ، عن عبيد الله بن أبي رافع مولى أم سلمة : أن الحرورية ، لما خرجوا وهم مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا : لا حكم إلا لله فقال علي رضي الله عنه : أجل ، كلمة حق أريد بها باطل ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف أناسا إني لأعرف صفتهم ، يقولون الحق لا يجاوز هذا منهم ، وأشار إلى حلقه ، أبغض خلق الله إلى الله عز وجل ، فيهم أسود إحدى يديه طبي شاة ، أو حلمة ثدي ، فلما قاتلهم علي رضي الله عنه قال : انظروا فنظروا فلم يجدوا شيئا ، فقال : ارجعوا ، فوالله ما كذبت ، ولا كذبت مرتين أو ثلاثا ، ثم وجدوه في خربة فأتوا به عليا حتى وضعوه بين يديه قال عبيد الله بن أبي رافع : أنا حضرت ذلك منهم وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن صالح قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن بكير بن الأشج ، عن بسر بن سعيد ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الحرورية لما خرجت وهم مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وذكر مثل الحديث سواء

1524 - أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا محمد بن بكار ، قال : حدثنا إسماعيل بن زكريا ، عن يزيد بن أبي زياد قال : سألت : سعيد بن جبير عن أصحاب النهر ؟ فقال : ثنا مسروق قال : سألتني عائشة رضي الله عنها عنهم ، فقالت : هل أبصرت أنت الرجل الذي يذكرون ذا الثدية ؟ قال : قلت : لم أره ، ولكن قد شهد عندي من قد رآه قالت : فإذا قدمت الأرض فاكتب إلي بشهادة نفر قد رأوه أمناء قال : فجئت والناس أشياع قال : فكلمت من كل سبع عشرة ممن قد رآه قال : فقلت : كل هؤلاء عدل رضى ، فقالت : قاتل الله فلانا فإنه كتب إلي أنه أصابه بمصر

1525 - قال إسماعيل : قال يزيد : وحدثني من ، سمع عائشة رضي الله عنها تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إنهم شرار أمتي ، يقتلهم خيار أمتي » ثم قالت : ما كان بيني وبينه إلا ما كان بين المرأة وأحمائها

باب ذكر جوامع فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه
الشريفة الكريمة عند الله عز وجل وعند رسوله صلى الله عليه وسلم وعند المؤمنين

1526 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا محمد بن سليمان لوين قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي جعفر ، عن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده قوم ، فدخل عليه علي رضي الله عنه فقاموا ، فخرجوا وجلس علي رضي الله عنه ، فلما خرجوا تلاوموا ، فقالوا : ما أخرجنا فرجعوا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « ما أنا أخرجتكم وأدخلته ، ولا أدخلته وأخرجتكم ، بل الله عز وجل أخرجكم وأدخله »

1527 - وأنبأنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا محمد بن سليمان لوين قال : حدثنا أبو المليح يكنى بأبي عبد الله عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا فقال : « يطلع عليكم من تحت هذا الصور رجل من أهل الجنة » فدخل أبو بكر رضي الله عنه ، فهنئوه بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : « يدخل عليكم رجل من تحت هذا الصور من أهل الجنة » فدخل عمر رضي الله عنه ، ، فهنئوه ، بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : « يدخل عليكم من تحت هذا الصور رجل من أهل الجنة » ثم قال : « اللهم إن شئت جعلته عليا » فدخل علي رضي الله عنه

1528 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثني جدي قال : حدثنا موسى بن أعين ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى امرأة من الأنصار ، فجلسنا في نخل لها ، فقال : « يطلع عليكم رجل من أهل الجنة » قال : وجعل ينظر بين النخل ويقول : « اللهم إن شئت جعلته عليا » فطلع علي رضي الله عنه

1529 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاهين قال حدثنا أبو مسلم الأودي قال : حدثنا محمد بن ربيعة الكلابي قال : حدثنا سعيد بن عبيد الطائي ، عن علي بن ربيعة ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن ربك تبارك وتعالى ليتبدى إليك وأنت في الجنة حيث تشاء في قصورك ، وأزواجك وخدمك ، فلا تعدل رؤيته عندك شيئا مما أنت فيه »

1530 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : أنبأنا حرمي بن عمارة بن أبي حفص ، عن الفضل بن عميرة الطفاوي قال : حدثني ميمون الكردي قال : حدثنا أبو عثمان النهدي قال : قال علي رضي الله عنه : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بيدي ونحن نمشي في سكك المدينة ؛ إذ مررنا بحديقة ، فقلت : يا رسول الله ، ما أحسنها ، فقال : « إن لك في الجنة أحسن منها » ثم مررنا بأخرى فقلت : يا رسول الله ، ما أحسنها فقال : « إن لك في الجنة أحسن منها » حتى مررنا بتسع حدائق ، كلها أقول يا رسول الله ما أحسنها ، فيقول : « إن لك في الجنة أحسن منها »

1531 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي ، عن الحسن بن صالح ، عن أبي ربيعة ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تشتاق الجنة إلى علي ، وعمار ، وسلمان »

1532 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا أبو السري قال : حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن جميع التيمي قال : دخلت مع أمي إلى عائشة رضي الله عنها ، وأنا غلام فذكرت لها عليا رضي الله عنه ، فقالت : « ما رأيت رجلا قط كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، ولا امرأة كانت أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته »

1533 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : حدثنا علي بن هشام ، عن عبد الملك بن حميد ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن جميع بن عمير ، عن عائشة رضي الله عنها قال : دخلت إليها مع أمي وأنا غلام فذكرنا عليا رضي الله عنه ، فقالت عائشة رضي الله عنها : ما رأيت رجلا قط أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، ولا امرأة كانت أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته

1534 - حدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عمي محمد بن الأشعث قال : حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي ، عن معروف ، عن أبي جعفر ، عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا أدلكم على من إذا استرشدتموه لم تضلوا ولم تهلكوا ؟ » قالوا : بلى يا رسول الله قال : « هو هذا » وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه جالس ، ثم قال : « وازروه ، وناصحوه ، وصدقوه » ثم قال : « إن جبريل عليه السلام أمرني بما قلت لكم »

1535 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا عبد الله بن داهر بن يحيى الرازي قال : حدثني عمرو بن جميع العبدي ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها : « أي بنية ، اقنعي بابن عمك ، فوالذي بعثني بالنبوة حقا لقد زوجتك سيدا في الدنيا ، وسيدا في الآخرة »

1536 - أنبأنا عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا القاسم بن أبي بزة قال : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثني يحيى بن سابق المديني ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا علي ، أنت معي في الجنة ، يا علي أنت معي في الجنة ، يا علي أنت معي في الجنة » قالها ثلاثا

1537 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا سليمان بن عمر الرقي قال : حدثنا محمد بن مصعب ، عن عمرو بن أبي المقدام ويقال : عمرو بن ثابت ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير قال : ذكروا عليا رضي الله عنه عند ابن عباس ، فقال : « لقد ذكرتم رجلا إن كان ليسمع وطئ جبريل عليه السلام على ظهر بيته »

1538 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا محمد بن عباد المكي ، قال : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، عن صدقة بن الربيع ، عن عمارة بن غزية ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه قال : كنا عند بيت النبي صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار ، فخرج علينا يعني النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « ألا أخبركم بخياركم ؟ » قلنا : بلى قال : « خياركم الموفون المطيبون ، إن الله عز وجل يحب الخفي التقي » قال : ومر علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقال : « الحق مع ذا ، الحق مع ذا »

1539 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثنا حسين بن حسن الأشقر قال : حدثنا سالم ، عن علي بن الحكم العبدي ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة بن قيس ، والأسود بن يزيد قالا : أتينا أبا أيوب الأنصاري فقلنا له : إن الله عز وجل أكرمك بمحمد صلى الله عليه وسلم إذ أوحى إلى راحلته (1) فبركت على بابك ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفك ، فضيلة فضلك الله عز وجل بها ، ثم خرجت تقاتل مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : مرحبا بكما وأهلا ، إني أقسم لكما بالله لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت الذي أنتما فيه ، وما في البيت غير رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه جالس عن يمينه ، وأنا قائم بين يديه ، إذ حرك الباب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا أنس ، انظر من بالباب » فخرج فنظر ورجع فقال : هذا عمار بن ياسر قال أبو أيوب : فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « يا أنس ، افتح لعمار الطيب المطيب » ففتح أنس الباب ، فدخل عمار فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام ورحب به ، وقال : « يا عمار إنه سيكون في أمتي بعدي هنات (2) واختلاف حتى يختلف السيف بينهم حتى يقتل بعضهم بعضا ، ويتبرأ بعضهم من بعض ، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الذي عن يميني يعني عليا رضي الله عنه وإن سلك كلهم واديا وسلك علي واديا فاسلك وادي علي ، وخل الناس طرا ، يا عمار ، إن عليا لا يردك عن هدى ، يا عمار ، إن طاعة علي طاعتي ، وطاعتي من طاعة الله عز وجل »

__________

(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى

(2) الهنات : الشرور والفساد ، والشدائد والأمور العظام

1540 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي زهير قال : حدثنا علي بن قادم ، عن جعفر الأحمر ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن علي رضي الله عنه قال : مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم فطرح علي ثوبه ، ثم قام يصلي ، فلما فرغ قال : « قم يا علي ، ما سألت الله تعالى لنفسي شيئا ؛ إلا سألت لك مثله ، وما سألته شيئا إلا أعطاني ؛ إلا أنه قال لا نبوة بعدي »

1541 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : حدثنا علي بن هاشم ، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع ، عن عبد الرحمن بن عبد الله الجرمي ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : « يا علي ، إن الله عز وجل أمرني أن أدنيك ولا أقصيك ، وأن أعلمك ولا أجفوك ، حق علي أن أطيع الله عز وجل فيك ، وحق عليك أن تعي عني »

1542 - وحدثنا ابن أبي داود أيضا قال : حدثنا سليمان بن داود المهري قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : حدثنا أبو صخر ، عن أبي معاوية البجلي ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي الصهباء ، عن عمرة الهمدانية قالت : قالت لي أم سلمة : أنت عمرة ؟ قالت : قلت : نعم يا أمتاه ، ألا تخبريني عن هذا الرجل الذي أصيب بين ظهرانينا ، فمحب وغير محب ؟ فقالت أم سلمة : أنزل الله عز وجل إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (1) وما في البيت إلا جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهما وأنا فقلت : يا رسول الله أنا من أهل البيت ؟ قال : « أنت من صالحي نسائي » قالت أم سلمة : يا عمرة ، فلو قال : « نعم » كان أحب إلي مما تطلع عليه الشمس وتغرب

__________

(1) سورة : الأحزاب آية رقم : 33

1543 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا هارون بن إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن سالم قال : سمعت ابن إدريس يعني عبد الله يقول : « ما خالف عليا رضي الله عنه أحد إلا كان علي رضي الله عنه أحق منه ، وما قام علي رضي الله عنه إلا في أوان قيامه »

1544 - وحدثنا أيضا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا هارون بن إسحاق قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس عن عطاء بن مسلم قال : سمعت سفيان يعني الثوري يقول : « ما حاج عليا رضي الله عنه أحد إلا حجه علي رضي الله عنه »

1545 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا جعفر بن محمد بن الهذيل قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال : حدثنا يحيى بن يعلى ، عن عمار بن رزيق ، عن أبي إسحاق ، عن زياد بن مطرف ، عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أحب أن يحيى حياتي ، ويموت ميتتي ، ويدخل الجنة التي وعدني ربي عز وجل ، فإن الله تبارك وتعالى غرس قصباتها بيده ، فليتول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فإنه لن يخرجكم من هدى ، ولن يدخلكم في ضلالة »

1546 - حدثنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا فطر بن خليفة ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجر نسائه ، فانقطع شسع نعله ، فأخذها علي رضي الله عنه وتخلف يصلحها ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر وقمنا معه ، فقال : « إن منكم لمن يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله » قال : فاستشرفها القوم وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا ولكنه صاحب النعل » قال : فانطلقنا إليه نبشره ، فلم يرفع بها رأسا ، كأنه شيء قد كان سمعه «

1547 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا الحسن بن المثنى قال : حدثنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنه : أن الوليد بن عقبة قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : أنا أبسط ، منك لسانا ، وأحد منك سنانا ، وأجلى للكتيبة منك ، فقال : اسكت ، فإنك فاسق فأنزل الله عز وجل أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ، لا يستوون (1)

__________

(1) سورة : السجدة آية رقم : 18

باب ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله
عنه وما أعد الله الكريم لقاتله من الشقاء في الدنيا والآخرة قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : قد قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو على حراء وقد تحرك الجبل ، فقال : « اثبت حراء ، فإنما عليك نبي ، وصديق وشهيد » وعليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير وسائر من في الحديث المذكور المشهور ، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم شهداء ، فقتل عمر رضي الله عنه شهيدا ، وقتل عثمان رضي الله عنه شهيدا ، وقتل علي رضي الله عنه شهيدا ، لعن الله قاتل علي بن أبي طالب ، وأخزاه في الدنيا والآخرة وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : « إنك مستخلف ، وإنك مقتول » ولا بد لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكون ، لا بد من أن يكون ، وذلك درجات لهم رضي الله عنهم عند ربهم عز وجل يزيدهم فضلا إلى فضلهم ، كرامة منه لهم رضي الله عنهم

1548 - حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا يحيى بن يوسف الزمي قال : حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن محمد بن خثيم ، عن محمد بن كعب القرظي قال : حدثني أبو يزيد بن خثيم ، عن عمار بن ياسر قال : كنت أنا وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه رفيقين في غزوة العشيرة ، فنزلنا منزلا فرأينا رجالا من بني مذلج يعملون في نخل لهم ، فقلت له : لو انطلقنا إلى هؤلاء فنظرنا إليهم كيف يعملون فأتيناهم ، فنظرنا إليهم ساعة ثم غشينا النعاس فعمدنا إلى صور من النخل فنمنا تحته في دقعاء (1) من التراب ، فما أيقظنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى عليا رضي الله عنه فغمزه (2) برجله ، وقد تتربنا في ذلك التراب فقال : « قم ، ألا أخبرك بأشقى الناس ؟ أحيمر ثمود عاقر (3) الناقة ، والذي يضربك على هذا » وأشار إلى قرنه « وتبتل هذه منها » وأخذ بلحيته

__________

(1) الدقعاء : التراب الدقيق على وجه الأرض

(2) الغمز : الإشارة والجس والضغط باليد أو العين

(3) العاقر : الذابح أو القاتل

1549 - حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : حدثنا علي بن هاشم ، عن ناصح ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : « إنك مؤمر مستخلف ، وإنك مقتول ، وإن هذه مخضوبة (1) من هذا » لحيته من رأسه

__________

(1) المخضوبة : المصبوغة الملونة

1550 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال : حدثنا عبد الله بن صالح يعني كاتب الليث بن سعد قال : أخبرني الليث بن سعد قال : حدثني خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، : أن أبا سنان الدؤلي ، هكذا قال : قال عاد عليا رضي الله عنه في شكوى اشتكاها ، فقيل : لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذا قال : ولكني والله ما تخوفت على نفسي منه ، لأني سمعت الصادق المصدوق يقول : « إنك ستضرب ضربة هاهنا » وأشار إلى صدغيه (1) « تسايل دما حتى يخضب لحيتك ، فيكون صاحبها أشقاها ، كما كان عاقر (2) الناقة أشقى ثمود » وأنبأنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا الحسن بن علي قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أنبأنا عبد الله بن جعفر ، عن زيد بن أسلم قال : حدثني يزيد بن أمية أبو سنان الديلي ، عن علي رضي الله عنه مثله عن النبي صلى الله عليه وسلم

__________

(1) الصدغ : ما بين العَين إلى شَحْمة الأذُن

(2) العاقر : الذابح أو القاتل

1551 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا زيد بن أخزم قال : حدثنا عبد الله بن داود قال : سمعت الأعمش ، عن سلمة بن كهيل ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن عبد الله بن سبع قال : سمعت عليا رضي الله عنه على المنبر يقول : ما ننتظر الأشقى ، عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لتخضبن هذه من دم هذا » قالوا : أخبرنا بقاتلك حتى نبير (1) عترته (2) قال : أنشد الله رجلا قتل بي غير قاتلي وذكر الحديث

__________

(1) نُبِير : نُهْلِك

(2) عترة الرجل : نسله ورهطه وعشيرته

1552 - وأنبأنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا أبو جناب قال : حدثنا أبو عون الثقفي قال : كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي ، وكان الحسن بن علي يقرأ عليه قال أبو عبد الرحمن : فاستعمل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه رجلا من بني تميم يقال له : حبيب بن قرة على السواد ، وأمره أن يدخل الكوفة من كان بالسواد من المسلمين ، فقلت للحسن بن علي رضي الله عنهما : إن ابن عم لي بالسواد أحب أن يقر بمكانه ، فقال : تغدو على كتابك قد ختم فغدوت عليه من الغد ، فإذا الناس يقولون : قتل أمير المؤمنين ، قتل أمير المؤمنين ، فقلت للغلام أتقربني إلى القصر ؟ فدخلت القصر وإذا الحسن بن علي قاعد في المسجد في الحجرة ، وإذا صوائح ، فقال : ادن يا أبا عبد الرحمن ، فجلست إلى جنبه فقال لي : خرجت البارحة وأمير المؤمنين يصلي في هذا المسجد فقال لي : يا بني إني بت الليلة أوقظ أهلي ؛ لأنها ليلة الجمعة ، صبيحة بدر لتسع عشرة من رمضان ، فملكتني عيناي ، فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد قال : والأود العوج ، اللدد الخصومات فقال لي : « ادع عليهم » فقلت : اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم ، وأبدلهم بي شرا قال : وجاء ابن التياح فآذنه (1) بالصلاة فخرج ، وخرجت خلفه ، فاعتوره الرجلان ، فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطاق ، وأما الآخر فأثبتها في رأسه ، قال ابن صاعد : قال أبو هشام : قال أبو أسامة : إني لأغار عليه كما يغار الرجل على المرأة الحسناء يعني على هذا الحديث لا تحدث به ما دمت حيا «

__________

(1) الأذَانِ والإذن : هو الإعْلام بالشيء أو الإخبار به وباقترابه

باب ذكر ما فعل بقاتل علي بن أبي طالب كرم الله
وجهه

1553 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا أحمد بن منصور قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأناه ابن جريج ، عن عبد الكريم أبي أمية ، عن قثم مولى الفضل قال : لما ضرب ابن ملجم عليه لعنة الله عليا رضي الله عنه قال : للحسن والحسين ومحمد رضي الله عنهم : « عزمت عليكم لما حبستم الرجل فإن مت فاقتلوه ، ولا تمثلوا (1) به قال : فلما مات قام إليه حسين ومحمد فقطعاه وحرقاه »

__________

(1) التمثيل : جدع الأطراف أو قطعها أو تشويه الجسد والتنكيل به

1554 - حدثنا أبو بكر محمد بن هارون بن المجدر قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا أبو طلق علي بن حنظلة بن نعيم ، عن أبيه قال : لما ضرب ابن ملجم لعنة الله عليه عليا رضي الله عنه قال علي : « احبسوه فإنما هو جرح ، فإن برأت امتثلت أو عفوت ، وإن هلكت قتلتموه فعجل عليه عبد الله بن جعفر ، وكانت زينب بنت علي تحته ، فقطع يديه ، وفقأ عينيه ، وقطع رجليه وجدعه ، وقال : هات لسانك ، فقال له : إذ صنعت ما صنعت فإنما نستقرض في جسدك ، أما لساني ويحك ، فدعه أذكر الله عز وجل به ، وإني لا أخرجه لك أبدا ، فشق لحيته واستخرج لسانه من بين لحيتيه فقطعه ، ثم حما مسمارا ليفقأ عينيه ، فقال : إنك لتكحل بملمول مضر ، فجاءت زينب تبكي وتقول : يا خبيث ، والله ما ضرت أمير المؤمنين ؟ فقال علي : ما تبكين يا زينب والله ما خانني سيفي ، وما ضعفت يدي » قال محمد بن الحسين رحمه الله : ومن فضائل علي رضي الله عنه : تزويجه بفاطمة رضي الله عنها ، خصه الله الكريم بتزويجه بها ، سنذكره في باب فضائل فاطمة رضي الله عنها ، حالا بعد حال ، إن شاء الله تعالى

1555 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال : أنبأنا العباس بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين زوجه فاطمة رضي الله عنها ؛ دعا بماء فمجه (1) ، ثم رشه في جيبه وبين كتفيه ، ثم دعا فاطمة فصنع بها مثل ذلك ، ثم عوذه ب قل هو الله أحد والمعوذتين ، ثم قال : « يا فاطمة » فجاءت تمشي على استحياء ففعل بها مثل ما فعل به ، وقال : « إني لم آل أن زوجتك خير أهل بيتي »

__________

(1) مَجَّه : لَفِظَه وألْقَى به

كتاب فضائل فاطمة رضي الله عنها
قال محمد بن الحسين رحمه الله : اعلموا رحمنا الله وإياكم أن فاطمة رضي الله عنها كريمة على الله عز وجل ، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعند جميع المؤمنين ، شرفها عظيم ، وفضلها جزيل ، النبي صلى الله عليه وسلم أبوها ، وعلي رضي الله عنه بعلها ، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ولداها ، وخديجة الكبرى أمها ، قد جمع الله الكريم لها الشرف من كل جهة ، مهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وثمرة فؤاده ، وقرة عينه رضي الله عنها ، وعن بعلها ، وعن ذريتها الطيبة المباركة قال النبي صلى الله عليه وسلم : « فاطمة سيدة نساء عالمها » وقال صلى الله عليه وسلم : « حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وآسية امرأة فرعون » . قال محمد بن الحسين رحمه الله : وسنذكر من فضلها ما تأدى إلينا مما حضرنا ذكره بمكة
باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم إن فاطمة رضي
الله عنها سيدة نساء عالمها

1556 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا عمر بن عبد الرحمن ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فاطمة سيدة نساء عالمها ؛ إلا ما جعل الله عز وجل لمريم بنت عمران »

1557 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا محمد بن علي قال : حدثنا عبد الرزاق بن همام قال : أنبأنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم »

1558 - وحدثناه أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر بن راشد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ، وآسية امرأة فرعون »

1559 - حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي الأشناني ، حدثنا محمد بن عبيد المحاربي ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا ابن هلال أبو يعفور ، عن جابر ، عن أبي الطفيل ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها : « أما ترضين أنك سيدة نساء أمتي ، كما سادت مريم نساء قومها »

1560 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يحيى بن حاتم العسكري قال : حدثنا بشر بن مهران قال : حدثنا محمد بن دينار ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسبك منهن أربع سيدات نساء العالمين ، فاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران »

1561 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا عبد الله بن داهر الرازي قال : حدثني عمرو بن جميع العبدي ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين وكان له من رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة وجاه ، فقال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقال : « يا عمران بن الحصين إن لك عندنا منزلة وجاها فهل لك في عيادة (1) فاطمة ؟ فقلت : نعم يا رسول الله بأبي أنت وأمي وأي شرف أشرف من هذا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمت معه حتى وقف بباب فاطمة رضي الله عنها فقال : » السلام عليك يا بنية أدخل ؟ « فقالت : ادخل يا رسول الله بأبي أنت وأمي قال : » أنا ومن معي ؟ « قالت : ومن معك يا رسول الله ؟ قال : » معي عمران بن الحصين الخزاعي « قالت : والذي بعثك بالحق يا أبة ما علي إلا عباءة لي فقال : » يا بنية اضبعي بها هكذا أو هكذا « وأشار بيده قالت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، هذا جسدي قد واريته فكيف لي برأسي ؟ فألقى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ملاءة له خلقة فقال : أي بنية شدي بهذه على رأسك » ثم أذنت له فدخل ودخلت معه ، فقال : « كيف أصبحت يا بنية ؟ » فقالت : أصبحت والله وجعة يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، وزادني وجعا على ما بي من وجع أني لست أقدر على طعام آكله فقد أهلكني الجوع فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بكيت معهم ، ثم قال : « أبشري يا بنية وقري عينا ولا تجزعي فوالذي بعثني بالنبوة حقا إن ذقت طعاما منذ ثلاث ، وإني لأكرم على الله عز وجل منك ، ولو شئت أن أظل يطعمني ربي ويسقيني لفعلت ، ولكني آثرت الآخرة على الدنيا ، أي بنية لا تجزعي فوالذي بعثني بالنبوة حقا إنك لسيدة نساء العالمين » فوضعت يدها على رأسها ثم قالت : يا ليتها ماتت ، فأين آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد قال : « آسية سيدة نساء عالمها ومريم سيدة نساء عالمها وخديجة سيدة نساء عالمها ، وأنت سيدة نساء عالمك ، إنكن في بيوت من قصب ، لا أذى فيه ولا نصب (2) » فقالت : يا رسول الله ما بيوت من قصب (3) ؟ قال : « در مجوف من قصب ، لا أذى فيه ولا صخب (4) » قال : ثم ضرب بيده على منكبها فقال : « أي بنية اقنعي بابن عمك ، فوالذي بعثني بالنبوة حقا لقد زوجتك سيدا في الدنيا وسيدا في الآخرة »

__________

(1) العيادة : زيارة الغير

(2) النصب : التعب والمشقة

(3) القصب : لؤلؤ مجوَّف واسع كالقصر المُنيف

(4) الصخب : الضَّجَّة، واضطرابُ الأصواتِ وارتفاعها للخِصَام

1562 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثني الفضل بن موسى مولى بني هاشم قال : أنبأنا محمد بن خالد بن عثمة ، عن موسى بن يعقوب قال : حدثني هاشم بن هاشم ، : أن عبد الله بن وهب ، أخبره ، عن أم سلمة قالت : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها بعد الفتح فناجاها فبكت ، ثم حدثها ، فضحكت قالت أم سلمة : فلم أسألها عن شيء حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما توفي سألتها عن بكائها وضحكها ؟ فقالت : أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه يموت فبكيت ، وحدثني أني سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم ابنة عمران فضحكت

باب ذكر إكرام النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله
عنها وعظم قدرها عنده

1563 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : أنبأنا عثمان بن عمر البصري قال : حدثنا إسرائيل بن يونس ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن ميسرة بن حبيب النهدي ، عن المنهال بن عمرو ، عن عائشة بنت طلحة ، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا من فاطمة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت إذا دخلت عليه رحب بها ، وقام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه ، وكان إذا دخل عليها رحبت به ، وقامت إليه فأخذت بيده فقبلته ، وأجلسته في مجلسها ، فدخلت عليه في مرضه الذي توفي فيه ، فرحب بها ، وقبلها وأسر إليها ، فبكت ، ثم أسر إليها فضحكت ، فسألتها ؟ فقالت : أسر إلي أخبرني أنه ميت فبكيت ، ثم أسر إلي أني أول أهله لحوقا به ، فضحكت

1564 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : حدثنا خالد بن عبد الله الطحان ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن عائشة رضي الله عنها : أنها قالت لفاطمة رضي الله عنها : أرأيت حين أكببت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيت ثم ضحكت ؟ قالت : أخبرني أنه ميت من وجعه هذا ، فبكيت ، ثم أكببت عليه ، فأخبرني أني أسرع أهله لحوقا به ، وأني سيدة نساء أهل الجنة ، إلا مريم بنت عمران ، فضحكت

باب غضب النبي صلى الله عليه وسلم لغضب فاطمة رضي الله
عنها

1565 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنما فاطمة بضعة مني ، فمن أغضبها أغضبني »

1566 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا ابن المقرئ قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن علي : أن عليا رضي الله عنه أراد أن ينكح ابنة أبي جهل ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال : « إن عليا أراد أن ينكح العوذي ، ولم يكن ذلك له ؛ أن يجمع بين ابنة عدو الله ، وبين ابنة حبيب الله ، إنما فاطمة بضعة مني ، فمن أغضبها فقد أغضبني »

1567 - وحدثنا ابن عبد الحميد أيضا قال : حدثنا محمد بن رزق الله قال : حدثنا الحكم بن نافع أبو اليمان الحمصي قال : حدثنا شعيب بن أبي حمزة قال : حدثني الزهري قال : أخبرني علي بن الحسين رضي الله عنهما : أن المسور بن مخرمة ، أخبره : أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خطب ابنة أبي جهل ، وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما سمعت بذلك فاطمة رضي الله عنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : « ما شأنك يا فاطمة ؟ » فقالت : إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك ، وهذا علي بن أبي طالب ناكح ابنة أبي جهل قال المسور بن مخرمة : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته حين تشهد ، ثم قال : « أما بعد ، فإنما فاطمة ابنة محمد بضعة مني ، وإنها والله لا تجتمع ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنة عدو الله أبدا » قال : فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه ، فترك علي رضي الله عنه الخطبة «

باب ذكر تزويج فاطمة رضي الله عنها بعلي بن أبي طالب
رضي الله عنه وعظيم ما شرفهما الله عز وجل به في التزويج من الكرامات التي خصهما الله عز وجل بها

1568 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال حدثنا محمد بن حميد الرازي قال : حدثنا هارون بن المغيرة قال : حدثني عمرو بن أبي قيس ، عن شعيب بن خالد البجلي ، عن عثمان بن حنظلة بن سبرة بن المسيب بن نجية ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبد الله بن عباس قال : كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها تذكر ، فلا يذكرها أحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أعرض عنه ، فقال سعد بن معاذ الأنصاري لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : إني والله ما أرى النبي صلى الله عليه وسلم يريد بها غيرك ، فقال علي رضي الله عنه : أترى ذلك ؟ وما أنا بواحد من الرجلين ، ما أنا بذي دنيا يلتمس ما عندي ، لقد علم صلى الله عليه وسلم أن ما لي حمراء ولا بيضاء ، فقال له سعد : لتفرجنها عني ، أعزم عليك لتفعلن قال : فقال له علي رضي الله عنه : فأقول ماذا ؟ قال : تقول له : جئتك خاطبا إلى الله وإلى رسوله فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن لي في ذلك فرحا فانطلق علي رضي الله عنه ، حتى يعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كأن لك حاجة ؟ » فقال : أجل فقال : « هات » فقال له : جئتك خاطبا إلى الله وإلى رسوله ، فاطمة ابنة محمد ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم « مرحبا مرحبا » ولم يزده على ذلك ، ثم تفرقا ، فلقي علي رضي الله عنه سعد بن معاذ ، فقال له سعد : ما صنعت ؟ قال : قد فعلت الذي كلفتني ، فما زادني على أن رحب بي ، فقال له سعد : بالرفعة والبركة ، قد أنكحك والذي بعثه بالحق ، إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخلف ولا يكذب ، أعزم عليك لتلقينه غدا ، ولتقولن له : يا رسول الله متى تبني لي ؟ فقال له : هذه أشد من الأولى ، أولا أقول حاجتي ، فقال له : لا فانطلق حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا رسول الله متى تبني لي ؟ فقال له : « الليلة إن شاء الله » ثم انصرف ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا ، فقال له : « إني قد زوجت فاطمة ابنتي من ابن عمي ، وأنا أحب أن يكون من أخلاق أمتي الطعام عند النكاح ، اذهب يا بلال إلى الغنم ، فخذ شاة وخمسة أمداد فاجعل لي قصعة (1) لعلي أجمع عليها المهاجرين والأنصار » قال : ففعل ذلك ، وأتاه بها حين فرغ ، فوضعها بين يديه قال : فطعن في أعلاها ثم تفل فيها وبرك ، ثم قال : « ادع الناس إلى المسجد ، ولا تفارق رفقة إلى غيرها » فجعلوا يردون عليها رفقة رفقة ، كلما نهضت رفقة ، وردت أخرى ، حتى تتابعوا ، ثم كفت فتفل عليه وبرك ، ثم قال : « يا بلال احملها إلى أمهاتك ، وقل لهن : كلن وأطعمن من غشيكن » ففعل ذلك بلال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على النساء فقال لهن : « إني قد زوجت ابنتي من ابن عمي ، وقد علمتن منزلتها مني وإني دافعها إليه الآن ، فدونكن ابنتكن » فقمن إلى الفتاة ، فعلقن عليها من حليهن ، وطيبنها ، وجعلن في بيتها فراشا حشوه ليفا ، ووسادة وكساء خيبريا ومخضبا ، واتخذن أم أيمن بوابة ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل هو وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، حتى جلسا مجلسهما ، وفاطمة رضي الله عنها مع النساء ، وبينهن وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاب ، فهتف : « يا فاطمة » رضي الله عنها وهي في بعض بيوته ، فأقبلت ، فلما رأت زوجها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حصرت وبكت ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ادني مني » فدنت منه ، وأخذ بيدها ويد علي ، فلما أراد أن يجعل كفها في كفه ، حصرت ودمعت عيناها ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه إلى علي وأشفق أن يكون بكاها من أجل أنه ليس له شيء ، فقال لها : « ما ألوتك ونفسي لقد زوجتك خير أهلي ، وأيم الله ، لقد زوجتك سيدا في الدنيا ، وإنه في الآخرة من الصالحين » قال : فلان منها ، وأمكنته من كفها ، فقال لهما : « اذهبا إلى بيتكما ، جمع الله بينكما ، وأصلح بالكما لا تهيجا سببا حتى آتيكما » فأقبلا حتى جلسا مجلسهما ، وعندهما أمهات المؤمنين والنساء ، وبينهن وبين علي حجاب ، وفاطمة مع النساء ، ثم أقبل النبي صلى الله عليه وسلم حتى دق الباب ، فقالت له أم أيمن : من هذا ؟ فقال : « أنا رسول الله » وفتحت له الباب ، وهي تقول : بأبي أنت وأمي ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أثم أخي يا أم أيمن ؟ » فقالت له : ومن أخوك ؟ فقال : « علي بن أبي طالب » رضي الله عنه فقالت : يا رسول الله ، هو أخوك وتزوجه ابنتك ؟ فقال : « نعم » فقالت له : إنما يعرف الحل والحرام بك فدخل وخرجن النساء مسرعات ، وبقيت أسماء بنت عميس ، فلما بصرت برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا بهشت لتخرج ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « على رسلك من أنت ؟ » فقالت : أنا أسماء ابنة عميس بأبي وأمي ، إن الفتاة ليلة يبنى بها لا غنى بها عن امرأة ، إن حدث لها حاجة أفضت بها إليها ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما أخرجك إلا ذلك ؟ » فقالت : إي والذي بعثك بالحق ، ما أكذب والروح الأمين عليه السلام يأتيك ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فأسأل إلهي أن يحرسك من فوقك ، ومن تحتك ، ومن بين يديك ، ومن خلفك ، وعن يمينك ، وعن شمالك من الشيطان الرجيم ، ناوليني المخضب (2) ، واملئيه ماء » قال : فنهضت أسماء ابنة عميس فملأت المخضب ماء ، ثم أتته به ، فملأ فاه ثم مجه فيه ، ثم قال : « اللهم إنهما مني ، وأنا منهما ، اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني ، فطهرهما » ثم دعا فاطمة ، فقامت إليه وعليها النقبة وإزارها ، فضرب كفا من بين ثدييها وأخرى بين عاتقيها ، وبأخرى على هامتها ، ثم نضح جلدها وجلده ، ثم التزمهما ، ثم قال : « اللهم إنهما مني وأنا منهما ، اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني ، فطهرهما » ثم أمره ببقيته أن تشرب وتمضمض وتستنشق وتتوضأ ، ثم دعا بمخضب آخر ، فصنع به كما صنع بصاحبه مثل ذلك ، ودعا له كما دعا لها ، ثم أغلق عليهما بابهما وانطلق ، فزعم عبد الله بن عباس عن أسماء بنت عميس : أنه لم يزل يدعو لهما خاصة حتى وارته حجرته ، حتى ما يشرك معهما في دعائه أحدا

__________

(1) القصعة : وعاء يؤكل ويُثْرَدُ فيه وكان يتخذ من الخشب غالبا

(2) المخضب : الإناء الذي يُغْسَل فيه صغيرا كان أو كبيرا

1569 - وحدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن نهار بن عمار بن يحيى ، عن يعلى التيمي قال : حدثنا عبد الملك بن خيار ابن عم ، يحيى بن معين قال : حدثنا محمد بن دينار الغرقي ، بساحل دمشق قال : حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن ، عن أنس قال : بينا أنا قاعد ، عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ غشيه الوحي ، فلما سرى عنه قال لي : « يا أنس ، تدري ما جاءني به جبريل عليه السلام من صاحب العرش عز وجل ؟ » قلت : بأبي وأمي ما جاءك به جبريل عليه السلام من صاحب العرش عز وجل ؟ قال : « إن الله عز وجل أمرني أن أزوج فاطمة من علي ، انطلق وادع لي أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليا ، وطلحة ، والزبير ، وبعدتهم من الأنصار » قال : فدعوتهم ، فلما أخذوا مقاعدهم قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الحمد لله المحمود بنعمه ، المعبود بقدرته ، المطاع بسلطانه ، المرغوب إليه فيما عنده ، المرهوب من عذابه ، النافذ أمره في أرضه وسمائه ، الذي خلق الخلق بقدرته ، وميزهم بأحكامه ، وأعزهم بدينه ، وأكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم إن الله عز وجل جعل المصاهرة نسبا لاحقا ، وأمرا مفترضا ، وشج به الأرحام ، وألزمها الأنام ، فقال تبارك اسمه ، وتعالى ذكره : وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا (1) فأمر الله عز وجل يجري إلى قضائه ، وقضاؤه يجري إلى قدره ، فلكل قدر أجل ، ولكل أجل كتاب ، يمح الله ما يشاء ويثبت ، وعنده أم الكتاب ، ثم إن الله عز وجل أمرني أن أزوج فاطمة من علي ، وأشهدكم أني قد زوجته على أربعمائة مثقال فضة ، إن رضي بذلك علي » وكان علي رضي الله عنه غائبا قد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بطبق فيه بسر (2) فوضع بين أيدينا ، ثم قال : « انتهبوا » فبينا نحن ننتهب إذ أقبل علي رضي الله عنه ، فتبسم إليه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : « يا علي ، إن الله عز وجل أمرني أن أزوجك فاطمة ، وقد زوجتكها على أربعمائة مثقال فضة إن رضيت » فقال علي : قد رضيت يا رسول الله ثم إن عليا مال ، فخر ساجدا شكرا لله عز وجل ، الذي حببني إلى خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بارك الله عليكما ، وبارك فيكما ، وأسعد جدكما ، وأخرج منكما الكثير الطيب » قال أنس : فوالله لقد أخرج منهما الكثير الطيب «

__________

(1) سورة : الفرقان آية رقم : 54

(2) البسر : تمر النخل قبل أن يُرْطِبَ

1570 - وحدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد أيضا قال : حدثنا أبو عمرو أحمد بن عمرو بن خالد بن عمر السلفي ويعرف خالد : بأبي الأخيل الحمصي قال : حدثني أبي قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : أصاب فاطمة رضي الله عنها صبيحة العرس رعدة ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : « زوجتك سيدا في الدنيا ، وإنه في الآخرة لمن الصالحين ، يا فاطمة ؛ لما أردت أن أملك لعلي أمر الله تعالى شجر الجنان ، فحملت الحلل والحلي ، وأمرها فنثرته على الملائكة ، فمن أخذ منه يومئذ شيئا أكثر مما أخذ صاحبه وأحسن افتخر به على صاحبه إلى يوم القيامة » قالت أم سلمة : فلقد كانت فاطمة رضي الله عنها تفتخر على النساء ؛ لأن أول من خطب عليها جبريل عليه السلام «

1571 - وحدثنا ابن مخلد أيضا قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أنس بن القربيطي قال : حدثنا معبد بن عمرو ، بصرى قال : حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي قال : أخبرني جعفر بن محمد ، عن آبائه رضي الله عنهم ، ذكر قصة تزويج فاطمة رضي الله عنها بطوله إلى ليلة زفافها ، وقصة أسماء بنت عميس ، فقالت له أسماء : يا رسول الله خطبها إليك ذوو الأسنان (1) والأموال من قريش ، فلم تزوجهم ، وزوجتها هذا الغلام ؟ فقال : « يا أسماء ، ستزوجين بهذا الغلام ، وتلدين له غلاما » قال : فلما كان من الليل بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سلمان الفارسي ، فقال : « يا سلمان ، ائتني ببغلتي الشهباء » فأتاه ببغلته الشهباء ، فحمل عليها فاطمة رضي الله عنها ، فكان سلمان يقود بها ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسوق بها ، فبينا هو كذلك ؛ إذ سمع حسا خلف ظهره ، فالتفت فإذا هو جبريل وميكائيل وإسرافيل وجمع من الملائكة كثير ، فقال : « يا جبريل ، ما أنزلكم ؟ » قالوا : نزلنا نزف فاطمة إلى زوجها ، فكبر جبريل ، ثم كبر ميكائيل ، ثم كبر إسرافيل ، ثم كبرت الملائكة ، ثم كبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم كبر سلمان ، فصار التكبير خلف العرائس سنة من تلك الليلة ، فجاء بها فأدخلها علي رضي الله عنه فأجلسها إلى جنبه على الحصير القطري ، ثم قال « يا علي ، هذه بنتي ، فمن أكرمها فقد أكرمني ، ومن أهانها فقد أهانني » ثم قال : اللهم بارك عليهما واجعل منهما ذرية طيبة ، إنك سميع الدعاء « ثم وثب 0000 وذكر الحديث قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد والله بارك فيهما ، وبارك في ولديهما ، وفي ذريتهما الطيبة المباركة رضي الله عنهم أجمعين ، الذي لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يشنأهم إلا منافق

__________

(1) الأسنان : الأعمار وهو كناية عن الخبرة والحكمة التي يكتسبها مع تقدم السن

1572 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا محمد بن أبي عمر العدني قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن أبي يزيد المديني ، وعكرمة ، أو أحدهما ، عن أسماء ابنة عميس قالت : لما أهديت فاطمة إلى علي رضي الله عنهما لم يوجد في بيته إلا رمل مبسوط ، ووسادة حشوها ليفا ، وكوزا وجرة ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه فقال : « لا تقرب أهلك حتى آتيك » فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « أثم أخي » فقالت أم أيمن : أهو أخوك وزوجته ابنتك ؟ قال : « إن ذلك يكون يا أم أيمن » قالت : ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء فيه ماء فقال فيه ما شاء الله أن يقول ، ثم نضح (1) به وجه علي رضي الله عنه وصدره ، ثم دعا فاطمة رضي الله عنها فقامت إليه تعثر في مرطها (2) من الحياء قالت : فنضح عليها من ذلك الماء ، وقال ما شاء الله أن يقول قالت : ثم رأى النبي صلى الله عليه وسلم سوادا من وراء الباب ، أو من وراء الستر ، فقال : « من هذا ؟ » فقالت : أسماء ، فقال : « أسماء ابنة عميس ؟ » قالت : نعم يا رسول الله قال : « أمع ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم جئت كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ » قالت نعم ، إنه لابد للفتاة من امرأة تكون معها قالت : فدعا لي بدعاء ، إنه لأوثق عملي عندي قالت : ثم خرج فولى ، فلم يزل يدعو لهما حتى توارى في حجرته صلى الله عليه وسلم «

__________

(1) النضح : الرش بالماء

(2) المرط : كساء من صوف أو خز أو كتان

باب ذكر بيان فضل فاطمة رضي الله عنها في الآخرة على
سائر الخلائق

1573 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا علي بن المثنى قال : حدثنا عبيد بن إسحاق العطار قال : حدثنا مهاجر بن كثير الأسدي ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أبي أيوب الأنصاري ، : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا كان يوم القيامة وجمع الله الأولين والأخرين في صعيد واحد ، نادى مناد من بطنان العرش : يا معشر الخلائق ، إن الجليل جل جلاله يقول : نكسوا رءوسكم ، وغضوا أبصاركم ، فإن هذه فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تريد أن تمر على الصراط » قال محمد بن الحسين رحمه الله : فضائل فاطمة رضي الله عنها كثيرة جليلة ، وقد ذكرت منها ما حضرني ذكره بمكة ، يتلوه فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى

كتاب فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما
قال محمد بن الحسين رحمه الله : الحمد لله المحمود على كل حال والمصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله أجمعين قال محمد بن الحسين : اعلموا رحمنا الله وإياكم : أن الحسن والحسين رضي الله عنهما خطرهما عظيم ، وقدرهما جليل ، وفضلهما كبير ، أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم خلقا وخلقا الحسن والحسين رضي الله عنهما ، هما ذريته الطيبة الطاهرة المباركة ، وبضعتان منه ، أمهما فاطمة الزهراء ، مهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبضعة منه ، وأبوهما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أخو رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم ، وابن عمه ، وختنه على ابنته ، وناصره ومفرج الكرب عنه ، ومن كان الله ورسوله له محبين ، فقد جمع الله الكريم للحسن والحسين رضي الله عنهما الشرف العظيم ، والحظ الجزيل من كل جهة ، ريحانتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسيدا شباب أهل الجنة وسنذكر ما حضرني ذكره بمكة من الفضائل ؛ ما تقر بها عين كل مؤمن محب لهما ، ويسخن الله العظيم بها عين كل ناصبي خبيث ، باغض لهما أبغض الله من أبغضهما

باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة »

1574 - حدثنا موسى بن هارون أبو عمران قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدثنا شريك ، عن الإفريقي وهو عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن مسلم بن يسار الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة » وحدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا يحيى الحماني قال : حدثنا شريك ، عن جابر ، عن ابن أسباط ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

1575 - حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي الأشناني قال : حدثنا محمد بن علي الشقيقي قال : أنبأنا أبي قال ، : حدثنا أبو حمزة ، عن جابر بن عبد الرحمن بن سابط ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسين بن علي »

1576 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا محمد بن عبيد الهمذاني قال : حدثنا سيف بن محمد ، عن سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة »

1577 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال : حدثنا المعلى بن عبد الرحمن قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ابناي هذان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما »

1578 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال : حدثنا الكرماني بن عمرو قال : حدثنا محمد بن أبان قال : حدثنا أبو جناب ، عن الشعبي ، عن زيد بن يثيع ، عن علي رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس عنده أحد غيري ، فأقبل أبو بكر وعمر يمشيان ، فقال : « يا علي هذان سيدا كهول أهل الجنة أجمعين ، ما خلا النبيين والمرسلين ، لا تخبرهما بشيء من هذا ، يا علي ، وحسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة » قال : قال علي : فوالله ما حدثت بهذا الحديث حتى ماتا

1579 - وحدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا عمر بن عبد الرحمن ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة »

1580 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا محمد بن أبي عمر العدني قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم قال : ذكر أبي عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أن حسنا وحسينا سيدا شباب أهل الجنة ، إلا ابني الخالة عيسى ابن مريم ، ويحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام »

1581 - حدثنا أبو علي الحسن بن محمد بن سعيد الأنصاري قال : حدثنا علي بن المنذر الطريقي قال ابن فضيل : قال : حدثنا يزيد ابن أبي زياد ، عن ابن أبي نعم ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأمهما سيدة نساء أهل الجنة ؛ إلا ما كان من مريم »

1582 - حدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا محمد بن بكار قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن الحكم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ؛ إلا ابني الخالة عيسى ، ويحيى بن زكريا عليهما السلام »

باب شبه الحسن والحسين رضي الله عنهما برسول الله صلى الله
عليه وسلم

1583 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال : حدثنا إبراهيم بن الحسن الرافعي ، عن أبيه ، عن زينب ابنة أبي رافع ، عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم بابنيها الحسن ، والحسين رضي الله عنهما في مرضه الذي توفي فيه ، فقالت : يا رسول الله ، هذان ابناك لم تورثهما شيئا ، فقال : « أما الحسن فإن له هيبتي وسؤددي ، وأما الحسين فله جرأتي وجودي »

1584 - أنبأنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي قال : حدثنا شريح بن مسلمة التنوخي قال : حدثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، : أنه سمع هبيرة بن يريم ، أنه سمع عليا رضي الله عنه يقول : « من سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين عنقه إلى وجهه وشعره فلينظر إلى الحسن بن علي ، ومن سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين عنقه إلى كعبه خلقا ؛ فلينظر إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما »

1585 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا حكام بن سلم الرازي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي جحيفة قال : « رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الحسن بن علي يشبهه »

1586 - وأنبأنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي ، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين قال : حدثني عبد الله بن أبي مليكة ، عن عقبة بن الحارث قال : خرجت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه من صلاة العصر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بليال ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يمشي إلى جنبه ، فمر بحسن بن علي رضي الله عنه وهو يلعب مع الغلمان ، فاحتمله أبو بكر الصديق رضي الله عنه على رقبته ، وجعل يقول : بأبي شبه النبي ليس شبيها بعلي وعلي رضي الله عنه يضحك

1587 - وحدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا الحسن بن عفان الكوفي قال : حدثنا أبو داود الحفري ، عن سفيان الثوري ، عن عمر بن سعيد ، عن ابن أبي مليكة ، عن عقبة بن الحارث قال : إني لمع أبي بكر الصديق رضي الله عنه حتى مر الحسن رضي الله عنه فوضعه على عنقه ، ثم قال : بأبي شبه النبي لا شبه علي وعلي معه فجعل يضحك

باب ذكر محبة النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي
الله عنهما

1588 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال : حدثنا محمد بن خالد بن عثمة قال : حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي قال : حدثني عبد الله بن أبي بكر ، عن مسلم بن أبي سهل ، عن حسن بن أسامة ، عن أبيه قال : طرقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة لبعض حاجته ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مشتملا على شيء ، فقلت : يا رسول الله ، ما هذا الذي أنت مشتمل عليه ؟ فكشف ، فإذا حسن وحسين رضي الله عنهما فقال : « هذان ابناي ، وابنا فاطمة ، اللهم إنك تعلم أني أحبهما ، فأحبهما »

1589 - حدثنا أبو بكر محمد بن الليث الجوهري قال : حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي قال : حدثنا شريك ، عن أشعث بن سوار ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل حسنا وهو يقول : « اللهم إني أحبه فأحبه »

1590 - وحدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا شبابة يعني ابن سوار عن شعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حمل الحسن بن علي رضي الله عنهما على عاتقه (1) وقال : « اللهم إني أحبه فأحبه »

__________

(1) العاتق : ما بين المنكب والعنق

باب حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على محبة الحسن
والحسين وأبيهما وأمهما رضي الله عنهم أجمعين

1591 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال : حدثني علي بن جعفر بن محمد قال : حدثني أخي ، موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي رضي الله عنهم : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد الحسن والحسين رضي الله عنهما ، فقال : « من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة »

1592 - أنبأنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال : حدثنا حماد بن شعيب ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله بن مسعود قال : كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يحبوان حتى يأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ، فيركبان على ظهره ، فإذا جاء بعض أصحابه ليميطهما عنه أشار إليه أن دعهما ، فإذا قضى الصلاة ضمهما إلى نحره ثم قال : « بأبي وأمي من كان يحبني فليحب هذين »

1593 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا محمد بن عباد المكي قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ، عن إسحاق بن أبي حبيبة مولى رباح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن أبي هريرة ، هكذا قال ابن عباد في هذا الحديث : أن مروان أتى أبا هريرة في مرضه الذي مات فيه ، فقال مروان لأبي هريرة : ما وجدت عليك في شيء منذ اصطحبنا إلا حبك حسنا وحسينا قال : فتحفز أبو هريرة وجلس ، فقال : أشهد لخرجنا معتمرين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا ببعض الطريق سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت حسن وحسين رضي الله عنهما يبكيان وهما مع أمهما ، فأسرع السير حتى أتاهما ، فسمعته يقول لها : « ما شأن ابني ؟ » فقالت : العطش ، فأخلف يده إلى شنته فلم يجد فيها ماء ، فنادى : « هل من أحد منكم معه ماء ؟ » فلم يبق منا أحد إلا أخلف يده إلى كلابه يبتغي الماء في شنته ، فلم يجد أحد منا قطرة ، فقيل : يا رسول الله ليس مع أحد منا قطرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ناوليني أحدهما » فناولته إياه من تحت الخدر ، فأخذه فضمه إلى صدره وهو يضع ما يسكت ، فأدلع له لسانه ، فجعل يمصه حتى هدأ وسكت ، فما سمع له بكاء ، والآخر يبكي كما هو ما سكت ، فناولها إياه ، وقال لها : « ناوليني الآخر » فناولته إياه ، ففعل به كذلك ، فسكتا فما سمع لهما صوت ، ثم قال : « سيروا » فتصدعنا يمينا وشمالا عن الظعائن حتى لقيناه على الطريق قال أبو هريرة : فإني لا أحب هذين وقد رأيت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

1594 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال : حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبى هريرة قال : كان الحسين رضي الله عنه عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان يحبه حبا شديدا ، فقال : أذهب إلى أمي ، فقلت : أذهب معه ؟ قال : « لا » فجاءت برقة من السماء ، فمشى في ضوئها حتى بلغ

باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي الله
عنهما « هما ريحانتاي من الدنيا »

1595 - حدثنا أبو القاسم إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا داود بن رشيد قال : حدثنا منصور أبو النصر قال : حدثنا مهدي ، عن محمد بن أبي يعقوب عن ابن أبي نعم قال : كنت جالسا عند ابن عمر إذ جاءه رجل من أهل العراق فسأله عن دم البعوض ؟ فقال : انظروا إلى هذا ، يسألني عن دم البعوض ، وهم قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « هما ريحانتاي من الدنيا »

1596 - وحدثنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال : حدثنا شبابة يعني ابن سوار قال : حدثنا مهدي ، عن محمد بن أبي يعقوب ، عن ابن أبي نعم قال : سمعت ابن عمر ، وأتاه رجل فسأله عن دم البعوض فقال : ممن أنت ؟ فقال : من أهل العراق ، فقال : هلموا انظروا إلى هذا ، يسألني عن دم البعوض ، وقد قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « هما ريحانتاي من الدنيا »

1597 - حدثنا أبو بكر محمد بن الليث الجوهري قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا أبو معاوية ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، عن أبي بكرة قال : رأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما يثبان على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فيمسكهما بيده حتى إذا استقر على الأرض تركهما ، فلما صلى أجلسهما في حجره ثم مسح رؤسهما ثم قال : « إن ابني هذين ريحانتاي من الدنيا » ثم أقبل على الناس فقال : « إن ابني هذا سيد ، وأرجو أن يصلح الله عز وجل به بين فئتين عظيمتين في آخر الزمان » قال محمد بن الحسين : يعني به الحسن رضي الله عنه

1598 - وحدثنا أبو حفص عمر بن الحسن قاضي حلب قال : حدثنا أبو خيثمة مصعب بن سعيد المصيصي قال : حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن عمرو ، عن الحسن ، عن أبي بكرة قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ، فكان إذا سجد جاء الحسن فركب ظهره ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه أخذه فوضعه على الأرض وضعا رفيقا ، فإذا سجد ركب ، ظهره فلما صلى أخذه فوضعه في حجره ، فجعل يقبله فقال له رجل : أتفعل بهذا الصبي هكذا ؟ فقال : « إنه ريحانتي ، وعسى الله عز وجل أن يصلح به بين فئتين من المسلمين »

باب ذكر حمل النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي
الله عنهما على ظهره في الصلاة وغير الصلاة

1599 - حدثني أبو جعفر محمد بن خالد البرذعي في المسجد الحرام قال : حدثنا محمد بن سليمان بن بنت مطر الوراق قال : حدثنا عبيد الله بن موسى عن علي بن أبي صالح عن عاصم عن زر عن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، فإذا سجد وثب الحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره ، فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما ، فلما صلى وضعهما في حجره ثم قال : « من أحبني فليحب هذين »

1600 - أنبأنا أبو الحسن علي بن إسحاق زاطيا قال : حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي قال : حدثنا حماد بن شعيب ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله بن مسعود قال : كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يحبوان حتى يأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ، فيركبان على ظهره ، فإذا جاء بعض أصحابه ليميطهما عنه أشار إليه أن دعهما ، فإذا قضى الصلاة ضمهما إلى نحره ، وقال : « بأبي وأمي من كان يحبني فليحبهما »

1601 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أبو بكر شاذان ، وأبو بكر بندار قالا : حدثنا أبو عامر العقدي قال : حدثنا زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم حاملا الحسن بن علي رضي الله عنهما على عاتقه (1) ، فقال رجل : نعم المركب ركبت يا غلام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « ونعم الراكب هو »

__________

(1) العاتق : ما بين المنكب والعنق

1602 - حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي الجصاص قال : حدثنا محمد بن عبد الحكم القطري ، بالرملة قال : حدثنا يزيد بن موهب قال : حدثنا أبو شهاب مسروح ، عن سفيان الثوري ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو على أربع والحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره ، وهو يحبو بهما في البيت وهو يقول : « نعم الجمل جملكما ، ونعم العدلان أنتما »

1603 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الشاهد قال : حدثنا محمد بن عيسى بن حيان المدائني قال : حدثنا شعيب بن حرب قال : حدثنا كامل أبو العلاء قال : حدثنا أبو صالح ، عن أبي هريرة قال : « كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا سجد وثب الحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره ، فإذا رفع رأسه أخذهما فوضعهما على الأرض ، فإذا عاد عادا حتى يقضي صلاته »

1604 - وأنبأنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال حدثنا علي بن الحسن بن شقيق قال : أنبأنا الحسين بن واقد قال حدثنا ابن بريدة ، عن أبيه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ أقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما ، عليهما قميصان أحمران ، يمشيان ويعثران ، إذ نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر فرفعهما إليه وقال : « » صدق الله : إنما أموالكم وأولادكم فتنة (1) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران ، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما «

__________

(1) سورة : التغابن آية رقم : 15

1605 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا الحسن بن عفان الكوفي قال : حدثنا زيد بن الحباب قال : حدثنا حسين بن واقد ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما ، عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان ، فلما رآهما نزل فأخذهما ، ثم صعد فوضعهما في حجره ، ثم قال : « صدق الله : إنما أموالكم وأولادكم فتنة (1) رأيت هذين يعثران فلم أصبر حتى أخذتهما »

__________

(1) سورة : التغابن آية رقم : 15

باب ذكر ملاعبة النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي
الله عنهما

1606 - حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي الجصاص قال : حدثنا أبو عتبة الحمصي قال : حدثنا بقية يعني ابن الوليد عن إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن عبيد الله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بيته وهو مستلق على قفاه ، وأحد ابني ابنته على ساقه ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « لن ترق عين بقة » ويرفع ساقه حتى قرب من صدره ففتح فاه فقبله ، ثم قال : « اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه »

1607 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا ابن أبي بزة ، مؤذن المسجد الحرام قال : حدثنا جعفر بن عون قال : حدثنا معاوية بن أبي مزرد ، عن أبيه ، عن أبى هريرة قال : بصر عيني ، وسمع أذني ، رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد حسن أو حسين وهو يقول : « ترق عين بقة » ثم يأخذ بيد الغلام فيصعده حتى إذا بلغ فاه قال : « اجنح » فيقبله ، ثم يقول : « اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه »

1608 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : أن الأقرع بن حابس ، أبصر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل الحسن بن علي رضي الله عنه ، فقال : إن لي لعشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من لا يرحم لا يرحم »

1609 - وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات قال : أنبأنا أبو صالح قال : حدثني الليث بن سعد قال : حدثني هشام بن سعد ، عن نعيم المجمر قال : سمعت أبا هريرة يقول : أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يوما بيدي فانطلقنا إلى سوق بني قينقاع ، فلما رجع دخل المسجد فجلس فيه ، فجاء حسن يسعى حتى سقط في حجره ، وجعل أصابعه في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففتح رسول الله صلى الله عليه وسلم فمه ، فأدخل فاه في فيه ، فقبله وقال : « اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه » فقال أبو هريرة : فما رأيته قط ؛ إلا فاضت عيناي

1610 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا عثمان بن عمر قال : أنبأنا ابن عون ، عن عمير بن إسحاق قال : كنت مع الحسن بن علي رضي الله عنهما فلقيه أبو هريرة فقال : هلم أقبل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ، فقال : ها ، فقبل سرته

باب ذكر إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاح المسلمين
بالحسن بن علي رضي الله عنهما

1611 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا علي بن الجعد قال : أخبرني مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن أبي بكرة : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن ابني هذا سيد ، عسى الله عز وجل أن يصلح به بين فئتين من المسلمين » يعني الحسن رضي الله عنه

1612 - وأنبأنا إبراهيم بن موسى الجوزي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن علي بن زيد ، عن الحسن ، عن أبي بكرة قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ جاء الحسن بن علي رضي الله عنهما حتى صعد المنبر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن ابني هذا سيد وإن الله عز وجل يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين » قال حماد : قال هشام : قال الحسن : فرآهم أمثال الجبال في الحديد ، فقال : اضرب بين هؤلاء وبين هؤلاء في ملك من ملك الدنيا لا حاجة لي فيه

1613 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن صدقة بن المثنى ، عن رباح بن الحارث قال : اجتمع الناس إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما بعد وفاة علي رضي الله عنه ، فخطبهم فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ، ثم قال : « إن كل ما هو آت قريب ، وإن أمر الله عز وجل لواقع ، ما له من دافع ، ولو كره الناس ، وإني ما أحب أن ألي من أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم ما يزن مثقال حبة من خردل ، يهراق فيه محجمة من دم ، قد عرفت ما ينفعني مما يضرني ، فالحقوا بطيبتكم »

1614 - حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أسد الفارسي قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري قال : أنبأنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، أن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : « لو نظرتم ما بين جابرس إلى جابلق ما وجدتم رجلا جده نبي غيري وأخي ، أرى أن تجتمعوا على معاوية ، وإن أدري لعله فتنة لكم ، ومتاع إلى حين » قال معمر : معنى جابرس وجابلق : المشرق والمغرب قال محمد بن الحسين رحمه الله : انظروا رحمكم الله وميزوا فعل الحسن الكريم ابن الكريم ، أخي الكريم ابن فاطمة الزهراء ، مهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قد حوى جميع الشرف ، لما نظر إلى أنه لا يتم ملك من ملك الدنيا إلا بتلف الأنفس ، وذهاب الدين ، وفتن متواترة ، وأمور يتخوف عواقبها على المسلمين ، صان دينه وعرضه ، وصان أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يحب بلوغ ما له فيه حظ من أمور الدنيا ، وقد كان لذلك أهلا ، فترك ذلك بعد المقدرة منه على ذلك ، تنزيها منه لدينه ، ولصلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولشرفه ، وكيف لا يكون ذلك ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن ابني هذا سيد ، وإن الله عز وجل يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين » فكان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، رضي الله عن الحسن والحسين ، وعن أبيهما ، وعن أمهما ، ونفعنا بحبهم

باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الحسين رضي الله
عنه وقوله : « اشتد غضب الله على قاتله »

1615 - حدثنا سهل بن أبي سهل الواسطي قال : حدثنا عمر بن صالح بن زياد قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن هاشم بن هاشم ، عن عبيد الله بن عبد الله بن زمعة ، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يترك أحدا يدخل عليه ؛ إلا حسنا وحسينا رضي الله عنهما قالت : فنام يوما في بيتي ، وجلست على الباب أمنع من يدخل ، فجاء حسين يسعى فخليت عنه ، فذهب حتى سقط على بطنه ، ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي فالتزمه ، فقلت : يا رسول الله ، ما لك تبكي وقد نمت وأنت مسرور ؟ فقال : « إن جبريل عليه السلام أتاني بهذه التربة » قالت : وبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم كفه ، فإذا فيها تربة حمراء « فأخبرني أن ابني هذا يقتل في هذه التربة » قالت : فقلت : وما هذه الأرض ؟ قال « هذه كربلاء » فقلت : « أرض كرب وبلاء »

1616 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن موسى بن عبيدة ، عن داود قال : قالت أم سلمة رضي الله عنها : دخل الحسين رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففزع ، فقالت أم سلمة : ما لك يا رسول الله ؟ قال : « إن جبريل عليه السلام أخبرني أن ابني هذا يقتل ، وأنه اشتد غضب الله عز وجل على من قتله »

باب ما يقول إذا سمع أصوات الديكة

1618 - حدثنا أبو بكر بن داود السجستاني قال : حدثنا عبد الله بن سعيد الأشج قال : حدثنا أبو خالد الأحمر قال : حدثني رزين قال : حدثتني سلمى قالت : دخلت على أم سلمة رضي الله عنها وهي تبكي ، فقلت : ما يبكيك ؟ قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في النوم وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت : ما لك يا رسول الله ؟ فقال : « شهدت قتل الحسين آنفا »

1619 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال : حدثنا سفيان بن حمزة ، عن كثير بن زيد ، عن المطلب بن عبد الله قال : لما أحيط بالحسين رضي الله عنه قال : ما اسم هذه الأرض ؟ فقيل : كربلاء فقال : « صدق النبي صلى الله عليه وسلم ، هي أرض كرب وبلاء »

1620 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثنا محمد بن عبيد قال : حدثنا شرحبيل بن مدرك الجعفي ، عن عبد الله بن نجي الحضرمي ، عن أبيه ، وكان صاحب مطهرة علي رضي الله عنه قال : خرجنا مع علي رضي الله عنه إلى صفين ، فلما حاذى نينوى قال : صبرا أبا عبد الله ، صبرا أبا عبد الله بشط الفرات قال : قلت : وماذا ؟ قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه تفيضان قال : فقلت له : هل أغضبك أحد يا رسول الله ؟ مالي أرى عينيك تفيضان (1) ؟ قال : « أخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي تقتل ابني الحسين » ثم قال لي : « هل لك أن أريك من تربته ؟ » قال : قلت نعم قال : فمد يده فقبض قبضة ، فلما رأيتها لم أملك عيني أن فاضتا

__________

(1) تفيض : تنهمر وتتكاثر وتسيل

1621 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا يحيى بن جعفر بن عبد الله بن الزبرقان قال : حدثنا شبابة بن سوار قال : حدثنا يحيى بن إسماعيل بن سالم الأسدي قال : سمعت الشعبي ، يحدث عن ابن عمر : أنه كان بمال له ، فبلغه أن الحسين بن علي رضي الله عنهما قد توجه إلى العراق ، فلحقه على مسيرة ليال ، فقال له : أين تريد ؟ قال : العراق قال : وإذا معه طوامير كتب ، فقال : هذه بيعتهم ، فقال : لا تأتهم ، فأبى (1) ، فقال : إني محدثك حديثا : إن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والآخرة ، فاختار الآخرة ، ولم يرد الدنيا ، وإنكم بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يليها أحد منكم أبدا ، وما صرفها الله عز وجل عنكم ؛ إلا للذي هو خير لكم قال : فأبى أن يرجع ، فاعتنقه ابن عمر وبكى ، وقال : أستودعك الله من قتيل

__________

(1) أبى : رفض وامتنع

1622 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد العطشي ، وأبو عبد الله بن مخلد العطار قالا : حدثنا علي بن حرب الطائي الموصلي قال : حدثنا ابن فضيل ، عن يزيد بن أبى زياد ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به فتية من بني هاشم ، فتغير لونه ، فقلنا : يا رسول الله لا نزال نرى في وجهك الذي نكره ، فقال : « أهل بيتي هؤلاء اختار الله عز وجل لهم الآخرة على الدنيا ، وسيلقون بعدي تطريدا وتشريدا وبلاء وشدة »

باب ذكر نوح الجن على الحسين رضي الله عنه

1623 - حدثنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي قال : حدثنا هاشم بن خالد الأزرق قال : حدثنا خالد بن يزيد قال : حدثنا أبو جناب ، عن يحيى الهمداني قال : « خرجت في ليلة مقمرة من منزلي لقضاء حاجة في الجبانة ، فإذا بنساء عليهن ثياب بيض ، وبأيديهن عمائم وهن يبكين وينحن قال : فحفظت من قولهن : يا عين جودي ولا تجمدي ، على الهالك السيدي ، بالشام أمسى صريعا ، فقد رذي الغداة بأمر بدا ، قال : ثم ذهبن فما رأيتهن ، قال : فأتيت منزلي فأيقظت أهلي ، ثم دعوت بلوح فكتبت هذه الأبيات فيه لئلا أنساها ، فلما أصبحت حدثت بها قال : والله ما أقمت إلا تسعة أيام حتى جاء نعي الحسين رضي الله عنه »

1624 - وأنبأنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا أبو حفص الأبار ، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الأودي ، عن أبي جناب الكلبي قال : « لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما ، ناحت عليه الجن ، فحفظ من قولهم : مسح النبي جبينه فله بريق في الخدود أبواه من عليا قريش ، جده خير الجدود »

1625 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب الرواجيني ، أنبأنا أبو زياد الفقيمي ، عن أبي جناب الكلبي قال : كان الجصاصون يبرزون إلى الجبانة حين قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فيسمعون نوح (1) الجن وهم يقولون : مسح الرسول جبينه ، فله بريق في الخدود أبواه من عليا قريش ، جده خير الجدود رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله : ولقد بلغني في حديث لا يحضرني إسناده : أن قوما كانوا في سفر ، فنزلوا منزلا ، فبينما هم يتغدون خرجت عليهم كف مكتوب فيها : أترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب ؟

__________

(1) النوح : البكاء بجزع وعويل

باب في الحسن والحسين رضي الله عنهما من أحبهما فللرسول صلى
الله عليه وسلم يحب ومن أبغضهما فللرسول صلى الله عليه وسلم يبغض

1626 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا محمد بن عبيد الهمداني قال : حدثنا سيف بن محمد ، عن سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسن وحسين من أبغضهما فقد أبغضني »

1627 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا سلمة بن شبيب قال : حدثنا يزيد بن أبي حكيم العدني ، عن سفيان الثوري ، عن سالم قال : سمعت أبا حازم ، يقول : سمعت أبا هريرة ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أحبهما فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني » يعني الحسن والحسين رضي الله عنهما

1628 - حدثني أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن يحيى الأزدي قال : حدثنا حجاج بن نصير قال : حدثنا قرة بن خالد ، عن أبي رجاء قال : لا تسبوا أهل هذا البيت ، بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن جارا لي من بلهجيم حين قتل الحسين رضي الله عنه قال : انظروا إلى هذا الفاعل قال : فرماه الله عز وجل بكوكبين من السماء فطمسا بصره

1629 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا الخليل بن بحر أبو معاذ قال : حدثنا حجاج بن نصير قال : حدثنا قرة ، عن أبي رجاء العطاري قال : « لا تسبوا أهل هذا البيت ، بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن جارا لي من بلهجيم حين قتل الحسين رضي الله عنه قال : ألم تروا إلى الكذا ابن الكذا يعني الحسين فرماه الله عز وجل بكوكبين من السماء فطمسا بصره »

1630 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن أبي عوف البزوري قال : حدثنا أبو معمر القطيعي قال حدثنا جرير ، عن الأعمش قال : بلغني أن رجلا ، أحدث على قبر الحسين بن علي رضي الله عنهما ، فسلط الله تبارك وتعالى على أهل ذلك البيت الجنون ، والجذام (1) ، والبرص (2) ، وكل داء وبلاء قال أبو معمر : وأهل ذلك كانوا . قال محمد بن الحسين رحمه الله : على من قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما لعنة الله ، ولعنة اللاعنين ، وعلى من أعان على قتله ، وعلى من سب علي بن أبي طالب ، وسب الحسن والحسين ، أو آذى فاطمة في ولدها ، أو آذى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعليه لعنة الله وغضبه ، لا أقام الله الكريم له وزنا ، ولا نالته شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم

__________

(1) الجُذَام : هو الدَّاء المعروف يصيب الجلد والأعصاب وقد تتساقط منه الأطراف

(2) البرص : بياض يصيب الجِلْد

فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها
قال محمد بن الحسين رحمه الله : المحمود الله على كل حال ، والمصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله الطيبين وسلم . قال محمد بن الحسين : اعلموا رحمنا الله وإياكم أن خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها فضلها عظيم ، وخطرها جزيل ، أكرمها الله تعالى العظيم بأن زوجها رسوله صلى الله عليه وسلم ، رزقت منه الأولاد الكرام ، وأولدها فاطمة الزهراء ، مهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعظم قدر خديجة ، ويكثر ذكرها ، ويغضب لها ، ويثني عليها ، كرامة منه لها ، بعث النبي صلى الله عليه وسلم وهي زوجته ، وهي أول من أسلم من النساء ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبرها بما يشاهد من الوحي ، فتثبته وتعلمه : إنك نبي ، وإنك عند الله كريم ، ويتعبد لربه عز وجل في جبل حراء ، فتزوده وتعينه على عبادة ربه عز وجل ، وتحوطه بكل ما يحب فبشرها النبي صلى الله عليه وسلم بما أعد الله لها في الجنة من الكرامة ، أمره الله عز وجل أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب ، وهو الدر المجوف ، وقال صلى الله عليه وسلم : « خديجة بنت خويلد سيدة نساء عالمها » وقال صلى الله عليه وسلم : « حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وآسية امرأة فرعون » فرضي الله عنها ، وعن ذريتها المباركة ، وسأذكر من الأخبار ما دل على ما قلت إن شاء الله

1631 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا محمد بن سهل بن عسكر ، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه ، والحسن بن أبي الربيع ، وأحمد بن منصور ، واللفظ لابن عسكر قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن الزهري قال : حدثني عروة بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنهما قالت : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء (1) ، فكان يأتي حراء ، فيتحنث فيه ، وهو التعبد الليالي ذوات العدد ، ويتزود (2) لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها ، حتى فجأه الحق ، وهو في غار حراء ، وجاءه الملك فيه فقال : اقرأ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فقلت إني لست بقارئ فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال : اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ فغطني الثالثة ، حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم (3) » فرجع ترجف بوادره حتى دخل على خديجة رضي الله عنها ، فقال : « زملوني زملوني » ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال : « يا خديجة ، مالي » وأخبرها الخبر ، فقال : « قد خشيت علي ؟ » قالت : كلا ، أبشر ، فوالله لا يخزيك الله عز وجل أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق

__________

(1) الخلاء : الانفراد والعزلة والخلوة

(2) تزود : اتخذ زادا وهو طعام يتخذه المسافر

(3) سورة : العلق آية رقم : 1

1632 - حدثنا أبو علي الحسين بن زكريا السكري قال : حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثنا إسماعيل بن أبي حكيم ، مولى الزبير : أنه حدث عن خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تثبته به ، فيما أكرمه الله عز وجل به من نبوته : يا ابن عم ، هل تستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك ؟ قال : « نعم » قالت : فإذا جاءك فأخبرني ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها يوما إذ جاءه جبريل عليه السلام ، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « يا خديجة ، هذا جبريل عليه السلام قد جاءني » قالت : أتراه الآن ؟ قال : « نعم » فقالت : فاجلس إلى شقي الأيسر ، فجلس ، فقالت : هل تراه الآن ؟ قال « نعم » قالت : فاجلس إلى شقي الأيمن ، فتحول فجلس ، فقالت : هل تراه الآن ؟ قال : « نعم » قالت : فتحول فاجلس في حجري ، فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس ، فقالت هل تراه الآن ؟ قال : « نعم » فتحسرت فألقت خمارها ، فقالت : هل تراه الآن ؟ قال : « لا » قالت : ما هذا بشيطان ، إن هذا الملك يا ابن العم ، فاثبت وأبشر ، ثم آمنت به ، وشهدت أن الذي جاء به الحق « قال محمد بن الحسين رحمه الله : هذا فعل موفقة كريمة منتجبة ، أكرمها الله تعالى عز وجل ، ودخرها لنبيه صلى الله عليه وسلم أول أزواجه من أمهات المؤمنين ، شرفها الله بالولد منه ، وجعل منها الذرية الطيبة المباركة ، رضي الله عنها

باب ذكر تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بخديجة رضي الله
عنها وولدها منه

1633 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يعقوب بن سفيان قال : ثنا حجاج بن أبي منيع ، عن جده ، عن الزهري قال : أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، تزوجها في الجاهلية ، وأنكحه إياها أبوها ، فولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم ، به كان يكنى ، والطاهر ، وزينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة فأما زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها أبا العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف في الجاهلية ، فولدت لأبي العاص جارية (1) ، اسمها أمامة ، فتزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد فاطمة رضي الله عنها ، فقتل علي رضي الله عنه وعنده أمامة ، فخلف على أمامة بعد علي المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فتوفيت عنده رضي الله عنها وأما رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فولدت له عبد الله بن عثمان ، كان عثمان رضي الله عنه يكنى به أول مرة ، حتى كني بعد ذلك بعمرو ، ابن له ، وبكل قد كان يكنى ، ثم توفيت رقية زمن بدر ، فتخلف عثمان على دفنها رضي الله عنها ، فذلك منعه أن يشهد بدرا ، وقد كان عثمان هاجر إلى الحبشة ، وهاجر معه برقية وأما أم كلثوم ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها أيضا عثمان رضي الله عنه ، بعد أختها رقية ، ثم توفيت رضي الله عنها ولم تلد شيئا ، وأما فاطمة رضي الله عنها فتزوجها علي رضي الله عنه ، فولدت له حسن بن علي الأكبر ، وحسين بن علي رضي الله عنهم ، وزينب ، وأم كلثوم رضي الله عنهن ، فهذا ما ولدت فاطمة من علي رضي الله عنهما فأما زينب ابنة فاطمة فتزوجها عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما ، وماتت عنده ، وولدت عنده علي بن عبد الله بن جعفر ، وأخا له يقال له : عون وأما أم كلثوم رضي الله عنها فتزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فولدت له زيد بن عمر ، وبالله التوفيق

__________

(1) الجارية : الأمة المملوكة أو الشابة من النساء

باب ذكر غضب النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة رضي الله
عنها وحسن ثنائه عليها

1634 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد قال : حدثنا أبي ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة ، فيحسن عليها الثناء ، فذكرها يوما من الأيام ، فأدركتني الغيرة فقلت : هل كانت إلا عجوزا ، فقد أبدلك الله عز وجل خيرا منها ، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ، ثم قال : « لا والله ما أخلف الله لي خيرا منها ، وقد آمنت بي إذ كفر بي الناس ، وصدقتني وكذبني الناس ، وواستني من مالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله عز وجل الأولاد منها ، إذ حرمني أولاد النساء » قالت عائشة رضي الله عنها : فقلت : بيني وبين نفسي لا أذكرها بسيئة أبدا «

1635 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا عبد الله بن عون الخراز قال : حدثنا عبدة بن سليمان قال : حدثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ، لكثرة ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها ، ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب (1)

__________

(1) القصب : لُؤْلُؤٌ مُجَوَّف واسع كالقَصْر المنيف

باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن خديجة رضي الله
عنها سيدة نساء عالمها

1636 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا عبد الرزاق بن همام قال أنبأنا معمر عن قتادة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسبك من نساء العالمين بمريم ابنة عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم »

1637 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا عبد الله بن داهر الرازي قال : حدثني عمرو بن جميع العبدي ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن ، عن عمران بن الحصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خديجة بنت خويلد سيدة نساء عالمها »

1638 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يحيى بن حاتم العسكري قال : حدثنا بشر بن مهران قال : حدثنا محمد بن دينار ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسبك منهن أربع سيدات نساء العالمين : فاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران »

باب بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة رضي الله عنها
بما أعد الله عز وجل لها في الجنة

1639 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا سريج بن يونس قال : حدثنا إسماعيل بن مجالد ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله ، : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : سئل عن خديجة أنها ماتت قبل أن تنزل الفرائض والأحكام ؟ فقال : « أبصرتها على نهر من أنهار الجنة ، في بيت من قصب (1) ، لا لغو فيه ولا نصب (2) »

__________

(1) القصب : لُؤْلُؤٌ مُجَوَّف واسع كالقَصْر المُنِيف

(2) النصب : التعب والمشقة

1640 - وحدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف ، قال : حدثنا ابن أبي عمر ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي خالد ، عن ابن أبي أوفى قال : قال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم : « بشر خديجة ببيت في الجنة ، لا صخب (1) فيه ولا نصب (2) »

__________

(1) الصخب : الضَّجَّة، واضطرابُ الأصواتِ وارتفاعها للخِصَام

(2) النصب : التعب والمشقة والكد

1641 - وحدثنا أبو القاسم البغوي قال : حدثنا عبد الله بن عون الخراز قال : حدثنا عبدة بن سليمان قال : حدثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رحمها الله قالت : لقد أمره ربه عز وجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم : « يبشر خديجة ببيت في الجنة لا صخب (1) فيه ولا نصب (2) »

__________

(1) الصخب : الضَّجَّة، واضطرابُ الأصواتِ وارتفاعها للخِصَام

(2) النصب : التعب والمشقة

1642 - وحدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا عبد الله بن داهر الرازي قال : حدثني عمرو بن جميع العبدي ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن ، عن عمران بن الحصين قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على فاطمة رضي الله عنها يعودها (1) ، فقال : « أي بنية ، لا تجزعي ، فوالذي بعثني بالنبوة حقا إنك لسيدة نساء العالمين » فوضعت يدها على رأسها ، وقالت : يا ليتها ماتت ، فأين آسية امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ؟ قال : « آسية سيدة نساء عالمها ، ومريم سيدة نساء عالمها وخديجة سيدة نساء عالمها ، وأنت سيدة نساء عالمك ، إنكن في بيوت من قصب (2) ، لا أذى فيه ولا نصب (3) » قالت : يا رسول الله بأبي وأمي ، وما بيوت من قصب ؟ قال : « در مجوف من قصب ، لا أذى فيه ولا صخب (4) » قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد ذكرت من فضائل خديجة رضي الله عنها ما حضرني ذكره بمكة ، والله ولي التوفيق

__________

(1) العيادة : زيارة الغير

(2) القصب : لؤلؤ مجوَّف واسع كالقصر المُنيف

(3) النصب : التعب والمشقة

(4) الصخب : الضَّجَّة، واضطرابُ الأصواتِ وارتفاعها للخِصَام

كتاب جامع فضائل أهل البيت رضي الله عنهم
قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد ذكرت من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم ما حضرني ذكره بمكة ، زادها الله شرفا ، وفضلهم كثير عظيم ، وأنا أذكر فضل أهل البيت جملة ، الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه في غير موضع ، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يباهل بهم ، فقال جل ذكره : فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل (1) وهم : علي ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم ، وممن قال الله عز وجل : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (2) وهم الذين غشاهم النبي صلى الله عليه وسلم بمرط له مرحل ، وقيل : بكساء خيبري ، وقال لهم : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » وهم : علي ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم ، وممن قال النبي صلى الله عليه وسلم : « كل سبب ونسب وصهر منقطع يوم القيامة ، إلا سببي ونسبي وصهري » فهم علي ، وفاطمة ، والحسن والحسين ، وجعفر الطيار ، وجميع أولاد علي ، وجميع أولاد فاطمة ، وجميع أولاد الحسن والحسين ، وأولاد أولادهم ، وذريتهم الطيبة المباركة ، وأولاد خديجة أبدا ، رضوان الله عليهم أجمعين

__________

(1) سورة : آل عمران آية رقم : 61

(2) سورة : الأحزاب آية رقم : 33

1643 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا يحيى بن حاتم العسكري قال : حدثنا بشر بن مهران قال حدثنا محمد بن دينار ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله قال : قدم وفد نجران على النبي صلى الله عليه وسلم العاقب ، والطيب ، فدعاهما إلى الإسلام ، فقالا : أسلمنا يا محمد قبلك قال : « كذبتما إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الإسلام ؟ » قالا : هات أنبئنا قال : « حب الصليب ، وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير ، فلا مال ولا حياة » قال : ودعاهما إلى الملاعنة ، فواعداه على أن يغادياه الغداة (1) ، فغدا (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيد علي ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم ، ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجئا ، وأقرا له بالخراج ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر عليهم الوادي نارا » قال جابر : فيهم نزلت هذه الآية : فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم (3) قال الشعبي : أبناءنا وأبناءكم : الحسن والحسين ، ونساءنا ونساءكم : فاطمة ، وأنفسنا وأنفسكم : علي بن أبي طالب رضي الله عنهم

__________

(1) الغداة : ما بين الفجر وطلوع الشمس

(2) الغُدُو : السير أول النهار

(3) سورة : آل عمران آية رقم : 61

1644 - وأنبأنا إبراهيم بن موسى الجوزي قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : أنبأنا أبو حمزة الثمالي ، عن شهر بن حوشب قال : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المسيح ، ومعه العاقب ، وقيس أخوه ومعه ابنه الحارث بن المسيح وهو غلام ، ومعه أربعون جبارا فقال : يا محمد كيف تقول في المسيح ، فوالله إنا لننكر ما تقول ؟

فأوحي إليه إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من
تراب (1) إلى آخر الآية قال : فنخر نخرة إجلالا له ، ما تقول ؟ بل هو الله ، فأنزل الله عز وجل فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم (2) الآية ، قال : فلما سمع ذكر الأبناء غضب ، فأخذ بيد ابنه هات لهذا كفوا قال : فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا ثم دعا الحسن والحسين ، وعليا وفاطمة رضي الله عنهم ، فأقام الحسن عن يمينه ، والحسين عن يساره ، وعليا وفاطمة إلى صدره ، وقال : « هؤلاء أبناؤنا ونساؤنا وأنفسنا ، فائتنا لهم بأكفاء » قال : فوثب يعني أخاه العاقب ، فقال : إني أذكرك الله أن تلاعن هذا الرجل ، فوالله لئن كان كاذبا ما لك في ملاعنته خير ، ولئن كان صادقا لا يحول الحول (3) ومنكم نافخ صرفة أو صرف - شك عبيد الله - قال : فصالحوه كل الصلح ورجع «

__________

(1) سورة : آل عمران آية رقم : 59

(2) سورة : آل عمران آية رقم : 61

(3) الحول : العام أو السنة

1645 - وأنبأنا إبراهيم بن موسى قال : حدثنا يوسف القطان قال : حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني قال حدثنا شريك ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، في قول الله عز وجل : فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم (1) قال : « الحسن والحسين ، ونساءنا ونساءكم قال : فاطمة ، وأنفسنا وأنفسكم قال : علي بن أبي طالب رضي الله عنهم »

__________

(1) سورة : آل عمران آية رقم : 61

باب ذكر قول الله عز وجل إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (1) قال محمد بن الحسين رحمه الله : هم الأربعة الذين حووا جميع الشرف ، وهم : علي بن أبي طالب ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم

__________

(1) سورة : الأحزاب آية رقم : 33

1646 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا محمد بن بشر قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة قال : حدثنا مصعب بن شيبة ، عن صفية بنت شيبة قالت : قالت عائشة رحمها الله : خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة (1) ، وعليه مرط (2) مرحل من شعر أسود ، فجاء الحسن رضي الله عنه فأدخله معه ، ثم جاء الحسين رضي الله عنه فأدخله معه ، ثم جاءت فاطمة رضي الله عنها فأدخلها ، ثم جاء علي رضي الله عنه فأدخله ، ثم قال : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (3) »

__________

(1) الغداة : ما بين الفجر وطلوع الشمس

(2) المرط : كساء من صوف أو خز أو كتان

(3) سورة : الأحزاب آية رقم : 33

1647 - وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا الوليد بن شجاع قال : حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال : حدثنا أبي ، عن مصعب بن شيبة ، عن صفية بنت شيبة الحجبي ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة (1) ، وعليه مرط مرحل من شعر أسود ، فجلس فجاءته فاطمة رضي الله عنها ، فأدخلها فيه ، ثم جاء علي فأدخله فيه ، ثم جاء حسن رضي الله عنه فأدخله فيه ، ثم جاء حسين رضي الله عنه فأدخله فيه ثم قال : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (2) »

__________

(1) الغداة : ما بين الفجر وطلوع الشمس

(2) سورة : الأحزاب آية رقم : 33

أقسام الكتاب

1 2 3 4 5 6