الكتاب : خاص الخاص
المؤلف : أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي

الباب الأول فيما يقارب الإعجاز من إيجاز البلغاء وسحرة الكتاب وغيرهم
أبو عبد الله : كاتب المهدي ' خير الكلام ما قل ودل ولم يمل ' . وكان يقول عقول الرجال تحت أسنة أقلامهم . ومن بارع كلامه : حسن البشر علم من أعلام النجح . يحيى بن خالد البرمكي : ' ما رأيت باكيا أحسن ضحكا من القلم ' . وكان يقول : الصديق إما أن ينفع وإما أن يشفع . ومن غرر كلامه : المواعيد شباك الكرام يصيدون بها محامد الأحرار . إسماعيل بن صبيح : لم أقرأ ولم أسمع في الجمع بين الشكر والشكاية في فصل قصير أحسن وأظرف وأبلغ وأوجز مما كتب إلى يحيى بن خالد في شكر : ما تقدم من إحسانك شاغل عن استبطاء ما تأخر منه . وما زلت أتطلب هذا المعنى في الشعر حتى وجدته لأبي الطيب المتنبي في قوله : وإن ' فارقتني ' أمطاره . . . أكثر غدرانها ما نضب

أنس بن أبي شيخ لم أقرأ ولم أسمع في الوصاية والعناية أبلغ وأوجز مما كتب إلى عبد الله بن مالك الخزاعي في معنى صديق له ' كتابي كتاب واثق بمن كتب إليه معنى بمن كتب له ولن يضيع حامله بين الثقة والعناية - والسلام ' . ومثله لمحمد بن يزداد : إلى عبد الله بن طاهر موصل كتابي إليك أنا وأنا أنت فانظر كيف تكون له . عمرو بن مسعده : كتب إلى المأمون كتابي يا أمير المؤمنين ومن قبلي من الأجناد والقواد في الطاعة والانقياد على أحسن ما يكون عليه طاعة جند تأخرت أرزاقهم واختلت أحوالهم . فلما قرأه المأمون قال لأحمد بن يوسف : لله در عمرو ما أبلغه ، ألا ترى يا أحمد إلى ادماجه المسألة في الإخبار ، وإعفائه سلطانه عن الإكثار . أحمد بن يوسف : كتب إلى صديق له يدعوه : ' يوم الإلتقاء قصير فأعن عليه بالبكور ' . كتب إلى المأمون مع هدية : قد أهديت إلى أمير المؤمنين قليلاً من كثيره عندي . ومن كلامه : بالأقلام تساس الأقاليم . وقال : لما أمرني المأمون بالكتابة إلى الآفاق في الإستكثار من القناديل في شهر رمضان لم أدر كيف أكتب ، فآتاني آت في المنام وقال لي أكتب : فإن فيها أنسا للسابلة ، وضياء للمتهجدين ، وتنزيهاً لبيوت الله من وحشة الظلم ومكامن الريب . الحسن بن سهل ' عجبت لمن يرجو من فوقه كيف يحرم من دونه ' . وقيل له : لا خير في السرف ، فقال : لا سرف في الخير - فرد اللفظ واستوفى المعنى . وكان يقول : لا يصلح للصدر إلا واسع الصدر . ومن كلامه : الأطراف منازل الأشراف ، يتناولون ما يريدون بالقدرة ، ويقصدهم من يريدهم للحاجة . محمد بن عبد الملك : كان يقول : إن أمير المؤمنين صنعني صنيعة تفرد ، نقلني من ذل التجارة إلى عز الوزارة . وكتب إلى عبد الله بن طاهر : قطعت كتبي عنك قطع إجلال لا

قطع إخلال . وكتب كتاباً له ، قال في فصل منه : ولو لم يكن في فضل الشكر إلا أنه لا يرى إلا بين نعمتين حاضرة ومنتظرة . ثم قال لابن الأعرابي : كيف تراهما يا أبا عبد الله ؟ قال : أحسن من قرطي در وياقوت بينهما وجه حسن . معقل بن عيسى كتب إلى أخيه أبي دلف في معنى أبي تمام . يا أخي إنه لسان الزمان ، فإن لم تغلب عليه بفضلك غلبك عليه فضل غيرك ؛ فقال أبو دلف : ما أحسن ما نبهني أخي على المكروه في بابه وفضل علي أبي تمام بكلامه . أبو إسحاق النظام : وصف الزجاج فأخرجه في كلمتين بأوجز لفظ وأوضح معنى حيث قال : يسرع إليه الكسر ويبطيء عنه الجبر . وكتب إلى بعض الرؤساء يستميحه : إن الدهر قد كلح وطمح وجمح وجرح وأفسد ما أصلح ، فإن لم تعن عليه فضح . أبو عثمان الجاحظ وصف الفروج فقال : يخرج كاسياً كاسبا . وذكر الحيوانات فقال : سبحان من جعل بعضها عليك عادياً وبعضها لك غادياً . ووصف الكتاب فقال : وعاء ملىء علماً وظرف حشي ظرفاً ، إن شئت كان أعيا من باقل ، وإن شئت كان أبلغ من سحبان وائل ، ومن لك ببستان يحمل في كم وروضة تقلب في حجر ، ينطق عن الموتى ، ويترجم عن كلام الأحياء . العباس بن الحسن بن عبد الله العلوي : من كان كله لك كان كله عليك . وهذا كلام متنازع فيه لفرط حسنه وجودته . محمد بن سبالة : كتب إلى صديق له يستقرضه ، فأجاب بالإعتذار ووصف الإضافة ، فكتب إليه : إن كنت كاذباً فجعلك الله صادقاً ، وإن كنت ملوما فجعلك معذورا . سعيد بن حميد الكاتب : كتب إلى ابن مكرم يدعوه إلى مجلس

أنسه : طلعت النجوم تنتظر بدرها ، فرأيك في الطلوع قبل غروبها . أبو عبد الله ثوابة : ذكر صاعد بن محمد فقال : ذاك وزير لا يفضل ظله عن شخصه . وكتب إلى صديق الليل : ما زادك بعدك عني إلا قرباً من قلبي . وكتب يستدعي صديقاً له : نحن بين قدور تفور وكؤوس تدور ولا يتم إلا بك السرور ، فانعم بالحضور . علي بن محمد الفياض : كتب إلى ابن أبي البغل وقد ولى على الأهواز وصرف ابن أبي البغل به ، وهو أحسن وأبلغ وأظرف وأكرم ما كتب صارف إلى معروفه : قد قلدت العمل بناحيتك فهناك الله بتجدد ولايتك وأنفذت خليفتي بخلافتك ، فلا تخله من هدايتك إلى أن يمن الله بتيسير زيارتك . فأجابه ابن أبي البغل بما لا يدري أيهما أبلغ وأحسن : ما انتقلت عني نعمة صارت إليك ولا غربت عني مرتبة طلعت عليك وإني لأجد صرفي بك ولاية ثانية وصلة من الوزير وافية لما أرجوه بمكانك من العافية وحسن العاقبة . أبو العباس ابن الفرات : كتب إلى العباس بن الحسن : إن رأيت أن تكرمني بآمرك ونهيك ، فأما سلامتك فهي أجل من أن تخفى على أحد . محمد بن مهران : كتبت إلى الموسوم بالأمانة البعيد عنها في حاجة أقل من قدره وقيمته ، فردني عنها بأقبح من خلته . عبد الله بن المعتز : قد رخصت الضرورة في الإلحاح ، وأرجو أن تحسن الظن كما أحسنت الإنتظار . وله : فلان لو أمهلته حالة لأمهلك لكن أعجلته فأعجلك ، فأعنه بشيء يكون مادة لصبره عليك ، فأقم رغبته إليك مقام الحرمة بك . وله : حالي مرقعة فإن تحركت بها تمزقت . وله : ربما أدت الشكوى إلى الفرج وكان الصمت من أوكد

أسباب العطبة . وله : قلبي نجى ذكرك ولساني خادم شكرك ، وإذا صحت المودة كان باطنها أحسن من ظاهرها . ومن غرر آدابه وحكمه : أهل الدنيا كصور في صحيفة ، إذا طوي بعضها نشر بعضها . ومنها : بشر مال البخيل بحادث أو وارث ومنها : البشر دال على السخاء كما أن النور دال على الثمر . ومنها : ما أدري أيما أمر موت الغني أم حياة الفقير ؟ ومنها : إذا صحت النية وتأكدت الثقة سقطت مؤنة التحفظ . ومنها : الزهد في الدنيا الراحة العظمى . أبو الفضل بن العميد : من أسر داءه وكتم ظمأه بعد عليه أن يبل من علله ويبل من غلله . وله : خير القول ما أغناك جده ، وألهاك هزله . وله : العاقل من افتتح في كل أمر خاتمته وعلم من بدء كل شيء عاقبته . وله : المرء أشبه شيء بزمانه وصف كل زمان منتسخة من سجايا سلطانه . ابنه أبو الفتح : ذو الكفايتين - كتب في صباه إلى أبي سعد الواذاري : قد انتظمت يا سيدي في رفقة كسمط الثريا فإن لم تحفظ علينا النظام بإهداء المدام كنا كبنات نعش والسلام . أبو سعد الواذاري : كتب إلى أبي الفضل بن العميد : أنا أيد الله الأستاذ الرئيس ، سلمان بيته وأبو هريرة مجلسه وأنس خدمته وبلال دعوته وحسان مدحته . الصاحب أبو القاسم بن العباد : لما رجع من العراق سأله ابن العميد عن بغداد ، فقال : هي في البلاد كالأستاذ في العباد . وذكره بعض الفقهاء وعداً كان وعده إياه ، فقال : وعد الكريم ألزم من دين الغريم . ووصف كذوباً فقال : الفاختة عنده أبو ذر وقال في وصف الحر : وجدت حراً يشبه قلب الصب ويذيب دماغ الضب . وكتب في الاستزارة : نخن في مجلس قد أبت راحه أن تصفو إلا أن تتناولها يمناك ، واقسم غناؤه

لا طاب أو تعيه أذناك ، وأما خدود النارنج فقد احمرت خجلاً لإبطائك ، وعيون النرجس قد حدقت تأميلاً للقائك ، فبحياتي عليك ألا تعجلت ولا تمهلت . أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبي : كتب إلى الصاحب : وصل كتاب مولانا ، فكان رحمة الله عند أيوب ، وقميص يوسف في عين يعقوب . وكتب في انحيازه إلى يزدجرد : من خشن مقره حسن مفره . أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي : لم أسمع في إهداء الدواة والمرفع أحسن وأظرف مما كتب إلى وزير الوقت قد حدمت مجلس سيدنا الوزير بدواة تداوي مرض عفاته ، وتدوي قلوب عداته على مرفع يؤذن برفعته وارتفاع النوائب عن ساحته . وله من كتاب إلى الصاحب : كتبت كتابي وبودي أن بياض عيني طرسه ، وسوادها نفسه ، شوقاً لآلأء غرته ، وظمأ إلى الإرتشاف من مسرته . وله : رب حاضر لم تحضر نيته وغائب لم تغب مشاركته . أبو الفتح علي بن محمد البستي : الرشوة رشاء الحاجة ، والبشر نور الإيجاب ، والمعاشرة ترك المعاسرة ، وعادات السادات سادات العادات . وله : من لم يكن نسيباً فلا ترج منه نصيباً . وله : أجهل الناس من كان على السلطان مدلاً وللإخوان مذلاً . وله : ' الغيث لا يخلو من الغيث ' أبو الحسن محمد بن الحسن الأهوازي : أبعد الهمم أقربها من الكرم ، من فعل ما شاء لقي ما ساء ، من حسن حاله استحسن محاله . أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبي : تعز عن الدنيا تعز . وله : للهم في وخز النفوس أثر السوس في خز السوس ، بالقناعة تحفظ على الوجه قناعة ، الشباب باكورة الحيات ، لسان التقصير قصير ، تناسي المعروف قلادة في جيد الجود .

أبو الفتح المحسن بن إبراهيم : كتب في وصف يوم بارد : هذا يوم يخمد جمره ويجمد خمره ، ويخف فيه الثقيل إذا هجر ، ويثقل الخفيف إذا هجم . أبو بكر الخوارزمي : لم أقرأ في كتاب فصلا أحسن أو أظرف من قوله : قد أراحني الشيخ ببره ، بل أتعبني بشكره ، وخفف ظهري من ثقل المحن ، لا بل أثقله بأعباء المنن ، وأحياني بتحقيق الرجاء ، بل أماتني بفرط الحياء فإني له رقيق بل عتيق . وأسير بل طليق . ومن غرر كلامه : الكريم من أكرم الأحرار ، والكبير من صغر الدينار ، ووصف شريفا في أصله وضيعاً بنفسه فقال : قد حكى من الأسد بخره ومن الدينار قصره ، ومن اللجين خبثه ، ومن الماء زبده ، ومن الطاؤس رجله ، ومن الورد شوكه ، ومن النار دخانها ، ومن الخمر خمارها . وقال في التفضيل والتخصيص : فلان بيت القصيد ، وأول العدد ، وواسطة القلادة ، ودرة التاج ، ومن الخاتم الفص . أبو الفضل البديع الهمذاني : كتب إلى بعض الرؤساء ، فأحسن وأظرف : أراني أذكر الشيخ كلما طلعت الشمس أو هبت الريح أو نجم النجم أو لمع البرق ، أو عرض الغيث أو ذكر الليث ، أو ضحك الروض ، إن للشمس محياه ، وللريح رياه ، وللنجم علاه ، وللبرق سناه ، ولليث حماه ، الروض سجاياه ، ففي كل صالحة ذكراه ، وفي كل حال أراه ، فمتى أنساه ، وأشدة شوقاه ، عسى الله أن يجمعني وإياه . وكتب إلى مستميح عاوده مراراً : مثل الإنسان في الإحسان كمثل الأشجار في الثمار ، فيجب إذا أتى بالحسنة أن يرفه إلى السنة . وله في جواب رقعة إلى من كتب إليه يعاتبه على ترك عطاياه : الجود بالذهب ليس كالجود بالأدب ، وهذا الخلق النفيس ليس يساعده الكيس ، وهذا الطبع الكريم ليس يأخذه الغريم ، والأدب لا يمكن ثرده في قصعة ، ولا صرفه في ثمن سلعة ولقد جهدت بالطباخ أن يطبخ من زائية معقل بن ضرار الشماخ لونا فلم يفعل ، وبالقصاب أن يسمع أدب الكتاب فلم

يقبل . واحتيج في البيت إلى شيء من الزيت ، فأنشدت من شعر الكميت مائتي بيت ، فلم يغن كما لا يغنى لو وليت ولو وقعت أرجوزة العجاج في توابل السكباج لما عدمتها عندي ولكن ليست تقع فما أصنع . وكتب إلى صديق له : قد حضرت يا مولاي دارك وقبلت جدارك وما بي حب للحيطان ولكن شغف بالقطان ، ولا عشق للجدران ولكن شوق للسكان . أبو محمد المهلبي الوزير : من تعرض للمصاعب ثبت للمصائب وله : من حنث في أيمانه وأخل بأمانته ' فإنما ينكث على نفسه ' ' الفتح : 10 ' وله : لو لم يكن في تهجين رأى المفرد وتبيين عجز تدبير الأوحد إلا أن الاستلقاح وهو أصل كل شيء ، لا يكون إلا بين اثنين وأكثر الطيبات أقسام تؤلف وأصناف تجمع لكفى بذلك . ناهياً عن الاستبداد وآمراً بالاستمداد . أبو فراس الحمداني : كتب إلى سيف الدولة : كتابي من المنزل وقد وردته ورود السالم الغانم مثقل الظهر ، والظهر وفراً وشكرا . قابوس بن وشمكير : الوسائل أقدام ذوي الحاجات ، والشفاعات مفاتيح الطلبات . وله : من أقعدته نكاية الأيام أقامته إغاثة الكرام . وله : غاية كل متحرك سكون ، ونهاية كل متكون أن لا يكون . وله : الدهر إذا أعار فأحسبه قد أغار ، وإذا وهب فأحسبه قد نهب . وله : حشو هذا الدهر أحزان وهموم ، وصفوه من غير كدر معدوم . أبو القاسم الاسكافي : الزمان صروف تجول ، وأحوال تحول . وله : أستعيذ بالله من نزغات الشيطان ونزوات الشبان . أحمد بن أبي حذيفة البستي : كتب إلى وكيله برشتان ، يشير إليه : أكثر من غرس شجر الفرصاد ، فإن ورقها ذهب ، وشعبها حطب ، وثمرها رطب .

الرضي أبو الحسن الموسوي النقيب : من هوان الدنيا على الله أن أخرج نفائسها من خسائسها ، وأطايبها من أخابثها : فالذهب والفضة من حجارة ، والمسك من فارة ، والعنبر من روث دابة ، والعسل من ذبابة ، والسكر من قصب ، والخز من كلبة ، والديباج من دودة ، والعالم من نطفة قذرة ' فتبارك الله رب العالمين ' ' غافر : 64 ' . أبو الفرج الببغاء : رسوم الكرم ديون ، والمكاتبة ترجمة النية ، وذم بخيلا فقال : هو صوف الكلب ، ومخ النمل ، ولبن الطير ، وكسب الفحل ؛ وزاد فيه من قال : ودهن الريباس . ودعا على القرامطة فقال : سلطة الله عليهم طوفان نوح ، وريح عاد ، وحجارة لوط ، وصاعقة ثمود . أبو يحيى الحمادي : كتب إليه أبو جعفر السقراطي يعتذر عن الإخلال بخدمته ، فأجابه على ظهر رقعته : أنت يا سيدي في أوسع العذر عند ثقتي بك ، وفي أضيقه عند شوقي إليك . أبو علي محمد بن عيسى الدامغاني : كتب عن الرضى نوح بن منصور إلى أبي علي بن سيمجور وكان إذ ذاك منه : وإنما تحتاج الدولة إلى عمادها إذا قصدها من يزعزع من أوتادها ، فالله الله في هذه الدولة ، فقد جاءتك مستغيثة بك ، مستعينة إياك ، لاجئة إليك ، معتمدة عليك - فما قرأه أحد إلا بكى . أبو الحسن محمد بن محمد المزني : كتب إلى بعض أصحابه ، وقد استأذنه لبناء داره : يا أخي تأنق فيها ، فهي عشك وفيها عيشك . أبو أحمد منصور بن محمد القاضي الهروي الأزدي : كتبت ويدي واحية ، وعيني ماحية ، فسل في الأرق ، وأنا لا أحمل الورق ، ولا أقل القلم ، فأصف الألم . وكتب : لي أيد الله الشيخ ومد ، وفي الهواء ومد ، لقاؤه فرج ، ولكن ' ليس على الأعمى حرج ' ' النور : 61 ' لا سيما والمجلس وطيء ، والمركب بطيء ، ووهج الصيف يثير الرهج ، ويذيب المهج .

الشيخ العميد أبو منصور ابن مشكان : لكل حال من تصاريف الزمان رسم لا يوجز إمضاؤه ، وحق لا يؤخر قضاؤه . وله : لا منشور كالسيف المشهور والجد المنصور . وله : من نصب للغواية شركا اختنق بحبله ' ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ' ' فاطر : 43 ' وله : الآجال تجري على أحكام المقادير ، وتمتنع على التقدم والتأخير . وله : من جعله الله تعالى بأمر من أمور دينه كفيلاً ، فقد أعطاه من كرامته خطاً جزيلاً ، وفضله على كثير من عباده تفضيلا . الأمير أبو الفضل عبيد الله بن أحمد الميكالي : أخرت ذكره كما يؤخر تقديم الحلواء على الموائد . وكذاك قد ساد النبي محمد . . . كل الأنام وكان آخر مرسل ولذكره أمكنة في هذا الكتاب من محاسن كلامه ، وما محاسن شيء كله حسن : النعمة عروس مهرها الشكر ، وثوب صوانها النشر . الشكل في الكتاب كالحلى على الكعاب . وقال في المرأة : إذا أحصنت فرجها فقد أحسنت فارجها . وكتب : أنت إذا مزحت أزحت كربا ، وإذا جددت جددت أنسا ، وإذا أوجزت أعجزت ، وإذا أطنبت أطربت . وله : كلامك شهدة النحل ، وثمرة الغراب ، وبيضة العقر ، وزبدة الأحقاب . وله : هو الذي ذلل صعب الكلام وراضه ، وأنشأ حدائقه ورياضه ، وملأ غدرانه وحياضه ، وأصاب شواكله وأغراضه ، وعالج أسقامه وأمراضه . وله : كلام بمثله يستمال قلب العاقل ، ويستنزل العصم من المعاقل . وقوله : قد كمن ودك في قلبي كموت الحريق في العود ، والرحيق في العنقود . وله : أنت لي أخ أثير ، والمرء بأخيه كثير . وله : كنت كمن ذهب يبغي قبساً ، فرجع نبياً مقدسا . وله : أنا أصغي إلى أخبارك إصغاء السماع إلى البشرى ، وأعتضد بسلامتك اعتضاد اليمنى باليسرى . وله : للشوق إليك في قلبي دبيب الخمر ولهيب الجمر .

الباب الثاني أمثال العرب والعجم والخاصة والعامة
' جاءت في معانيها ألفاظ من القرآن ، فهي أحسن وأبلغ وأشرف وأولى بالاقتباس والتمثل بها ' . في فساد الأمر إذا عبره غير واحد - العرب : لا يجتمع ليثان في غابة ، ولا عيران في عانة . الخاصة كثرة الأيدي في الصلاح فساد . العامة : من كثرة الملاحين غرقت السفينة . وأحسن وأجل من هذا كله قوله عز وجل : ' لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ' ' الأنبياء : 22 ' . في استحقاق الشاكر المزيد - العرب : الشكر مفتاح الزيادة . الخاصة : من شكر قليلاً استحق جزيلاً . وفي القرآن : ' لئن شكرتم لأزيدنكم ' ' إبراهيم : 7 ' . الصبر العرب والعجم : الصبر أحجى بذوي الحجى . الخاصة والعامة : الصبر مفتاح الفرج . وفي القرآن : ' وبشر الصابرين ' ' البقرة : 551 ' . في العفو - العرب : إذا ملكت فاسجح . العجم : عفو الملك أبقى للملك . وفي القرىن : ' فمن عفا وأصلح فأجره على الله ' ' الشورى : 40 ' . الأمر بالمشاورة العرب : المشاورة قبل المساورة . العجم : خاطر من استغنى برأيه . الخاصة : المستشير على طرف النجاح . العامة : إذا شاورت عاقلاً صار عقله لك . وفي القرآن : ' وشاورهم في الأمر ' ' آل عمران : 951 ' . المداراة - العرب : إذا عز أخوك فهن - أي

إذا عاسرك فياسره . الخاصة : لاين إذا عزك من تخاشنه . أبو سليمان الخطابي : ما دمت حيا فدار الناس كل . . . هم فإنما أنت في دار المدارة وفي القرآن : ' إدفع بالتي هي أحسن ' ' المؤمنون : 96 وفصلت : 34 ' . تفضيل أهل الفضل بعضهم على بعض - العرب : مرعى ولا كالسعدان ، وماء ولا كصداء ، وفتى ولا كمالك ، وفارس ولا كعمرو . العامة : الدنيا هي البصرة ولا مثلك يا بغداد ، وللبحتري : وكل له فضله والحجو . . . الليل يوم التفاخر دون الغرر وقال آخر : وكائن في المعاشر من أناس . . . أخوهم فوقهم وهم كرام وفي القرآن : ' أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض ' ' الإسراء : 21 ' وقال عز وجل : ' وفوق كل ذي علم عليم ' ' يوسف : 76 ' . التوسط في جميع الأمور - الخبر : خير الأمور أوساطها . العرب : لا تكن حلوا فتبلع ولا مرا فتلفظ . لا تكن رطباً فتعصر ولا يابسا فتكسر . وخير خلائق الأقوام خلق . . . توسط لا احتشام ولا اعتياما وقال آخر : عليك بأوساط الأمور فإنها . . . نجاة ولا تركب ذلولا ولا صعبا وفي القرآن : ' ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ' ' الإسراء : 29 ' وقال تعالى : ' ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ' ' الإسراء : 110 '

الاقتصار على اليسير عند تعذر الكثير - العرب : الجحش إذ قد فاتك الأعيار . العجم : الأسد يفترس الأرنب إذا أعياه العير . امرؤ القيس : إذا لم يكن إبل فمعزى البديع الهمذاني : وجود شول خير من عدم ماجد ، وقليل في الجيب خير من كثير في الغيب . أبو علي البصير : وقد قيل البلاد إذا اقشعرت . . . وصوح نبتها رعى الهشيم وفي القرآن : ' فإن لم يصبها وابل فطل ' ' البقرة : 265 ' أبو العلاء الأسدي : يا أيها الصاحب الأجل . . . إن لم يصبها وابل فطل سعى كل واحد لنفسه واهتمامه بشأنه - العرب : كل جان يديه إلى فيه . أبو قيس بن الأسلت : كل امرىء في شأنه ساع العامة : كل يجر النار إلى قرصه . وفي القرآن : ' فلأنفسهم يمهدون ' ' الروم : 44 ' . حمد الإنسان عاقبة سعيه - العرب : عند الصباح يحمد القوم السرى العجم : من سعى رعى ، ومن نام لزم الأحلام . الزهاد : عند الممات يحمد القوم التقي وفي القرآن : ' كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ' الحاقة : 24 ' . الوصول إلى المراد بالبذل والإنفاق - العرب : من ينكح الحسناء يعط مهرها العامة : اللذات بالمؤنات . وفي القرآن : ' لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ' ' آل عمران : 92 ' . الفرار عند الخوف - العرب : الفرار أكيس . العجم : الفرار في وقته ظفر . ابن عائشة القرشي : الفرار مما لا يطاق من سنن المرسلين . وفي القرآن حكاية عن موسى عليه السلام : ' ففررت منكم لما خفتكم ' ' الشعراء : 21 ' . تشابه الأحوال والأوصاف - العرب : ما أشبه الليلة بالبارحة . وفي أمثالهم : أشبه به من الليلة بالليلة ، ومن التمرة بالتمرة ، ومن الغراب والذباب بالذباب . أبو تمام :

فلا تحسبا هندا لها الغدر وحدها . . . سجية نفس كل غانية هند الهزيمي : كل رئيس به ملال . . . وكل رأس به صداع وفي القرآن : ' تشابهت قلوبهم ' ' البقرة : 118 ' وقال حكاية عن قوم موسى : ' إن البقر تشبه علينا ' ' البقرة : 70 ' . قياس الكبير بالصغير والعالم بالجاهل - العرب : مذكية تقاس بالجذاع أبو قيس بن الأسلت : ليس قطا مثل قطى ولا ال . . . مرعى في الأقوام كالراعي أبو إسحاق الصابي : كمن قاس الغزالة بالذبالة ، والحصان بالأتان ، والهجين بالهجان ، والحصا بالمرجان . مؤلف الكتاب : من يقيس الصفر بالصفر ، والشراب بالسراب ، والدر بالحصا ، والسيف بالعصا . وفي القرآن : ' وما يستوي الأعمى والبصير ' ' فاطر : 19 ' ' و ' ' قل لا يستوي الخبيث والطيب ' ' المائدة : 100 ' . جناية المرء على نفسه وذوقه وبال أمره - العرب : يداك أوكتا وفوك نفخ . ومن أمثالهم : دونك ما جنيته فأحس وذق . وفي القرآن : ' ذلك بما قدمت يدك ' ' الحج : 10 ' . هلاك الإنسان عند وفور ماله وحسن حاله - العامة : لم يرد الله بالنملة صلاحاً إذا أنبت لها جناحا . أبو العتاهية : وإذا استوت للنمل أجنحة . . . حتى يطير فقد دنا عطبه الأمير أبو الفضل الميكالي : وقد يهلك الإنسان حسن رياشه . . . كما يذبح الطاووس من أجل ريشه وفي القرآن : ' حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذنهم بغتة ' ' الأنعام : 44 ' . التحذير من التعرض للبلاء - العرب : لا تكن كالعنز تبحث عن المدية . ومن أمثالهم :

لا تكن أدنى العيرين إلى السهم . ومنها : إحذر عينك والحجر . ومنها : حدأ حداً وراءك بندقة . الخاصة : لا تكن كالساعي إلى إهراق دمه . العامة : تنح عن طريق القافية . وفي القرآن : ' يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم ' ' النساء : 71 ' . إمتداد أيدي الظلم إلى من لا يستظهر بالقوة والأنصار - العرب : قد ذل من لا ناصر له . النابغة : تعدو الذئاب على من لا كلاب له زهير : ومن لا يذذ عن حوضه بسلاحه . . . يهدم ، ومن لا يظلم الناس يظلم القطامي : تراهم يغمزون من استركوا . . . ويجتنبون من صدق المصاعا غيره : من كان ذا عضد يدفع ظلامته . . . إن الذليل الذي ليست له عضد الخاصة : من لم يستظهر بالإخوان عضه ناب الزمان . العامة : من لم يكن ذئباً أكلته الذئاب . وفي القرآن حكاية عن قوم لوط : ' لو أن لي بكم قوة أو أوي إلى ركن شديد ' ' هود : 80 ' والعرب ربما تسقط جواب ' لو ' ثقة بفهم المخاطب وفي ضمن الآية : لكنت أكف أذاكم عني . الإساءة إلى من لا يقبل الإحسان ، ومجازاة من لا يصلح على الخير بالشر - العرب : من لا يصلحه الطالي أصلحه الكاوي . ومن أمثالهم : أعط أخاك تمرة فإن أبى فجمرة . العجم : إمنع أخاك من أكل الخبيث ، فإن أبى فأعطه ملعقة . من لم يرض بحكم موسى رضى بحكم فرعون :

وفي الشر نجاة . . . حين لا ينجيك إحسان إذا لم يصلح الخير . . . بأمر يصلحه الشر وفي القرآن : ' ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا ' ' الزخرف : 63 ' . فمن يحسن مرة ويسيء أخرى ويصيب تارة ويخطىء أخرى - العرب : فلان يشج مرة ويأسو أخرى ومن أمثالهم : شخب في الإناء وشخب في الأرض ، وأصله : يحلب مرة فيصيب فيحلب في إنائه ، ويخطىء تارة فيسكب على الأرض . العجم : سهم لك وسهم عليك . العامة : فم يسبح ويد تذبح ، وأصله في القراء والفقهاء المرائين يسبحون بأفواههم ويمدون أيديهم إلى أموال اليتامى وغيرهم ، فكأنهم يذبحونهم . أبو نواس : خير هذا بشر ذا . . . فإذا الرب قد عفا وفي القرآن : ' خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ' ' التوبة : 102 ' . في الإنذار قبل الإيقاع - العرب : أعذر من أنذر . أبو إسحاق الصابىء : زمجرة الليث قبل الإفتراس ، ونضنضة الصل قبل الإنتهاس ، وإنباض النابل للتنذير ، وإيماض السائف للتحذير . وفي القرآن : ' وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ' ' الإسراء : 15 ' . في الرجل تكون الإساءة غالبة عليه ثم تكون منه الفلتة والغلطة من الإحسان - العرب : مع الخواطىء سهم صائب . ومن أمثالهم : رب رمية من غير رام . الخاصة : ربما غلط المخطىء بصواب . ومن أمثالهم : ربما صدق الكذوب . العامة : بعض الشوك يجود بالمن . ابن أبي عيينة : وليس يحمد من إحسانه زلل الخليل بن أحمد : لا تعجبن بخير زل عن يده . . . فالكوكب النحس يسقي الأرض أحيانا

وفي القرآن : ' وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار ' ' البقرة : 74 ' . في الخلتين المحمودتين تجتمعان والأمر يحمد من كلا طرفيه - العرب : اللقوح الربعية مال وطعام . الخاصة : كالغازي ، إن عاش فسعيد وإن مات فشهيد . العامة إن استوى فسكين وإن اعوج فمنجل . وفي القرآن : ' للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ' ' يونس : 26 ' وقال عز من قائل : ' فامساك بمعروف أو تسريح بإحسان ' ' البقرة : 229 ' . في الخلتين المكروهتين تجتمعان والأمر يكره من وجهين - العرب : أحشفا وسوء كيلة ، أغيرة وجبنا ، أغدة كغد البعير وموت في بيت سلولية ، ومن أمثالهم : عرض عليه خصلتي الضبع وهي أنها قالت لمن افترسته : إختر إما أن أقتلك وإما أن آكلك . ومن أمثالهم : كالأرقم إن يترك يلقم ، وإن يقتل ينقم ، وكالأشقر إن تقدم نحر وإن تأخر عقر . ومنها : ما هو إلا شرق أو غرق . أحمد بن المعذل لأخيه : أنت كالأصبع الزائدة ، إن تركت شانت ، وإن قطعت آلمت : أقول وستر الدجى مسبل . . . كما قال حين شكا الضفدع كلامي إن قلته ضائري . . . وفي الصمت حتفي فما أصنع ؟ وفي القرآن : ' إما العذاب وإما الساعة ' ' مريم : 75 ' وقوله : ' أغرقوا فأدخلوا نارا ' ' نوح : 25 ' . نقل الأشياء من الأماكن التي تعز فيها إلى المواضع التي تكثر بها - الخبر : رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه . العرب : كمستبضع التمر إلى هجر والدر إلى عدن الخاصة فلان يسوق إلى البحر نهراً ويهدي إلى القمر نوراً وإلى الشمس ضوءا . العامة : فلان ينقل النار إلى جهنم أبو إسحاق الصابىء : يهدي كوزة الأجاج إلى بحر فرات ثجاج ، مؤلف الكتاب : كناقل العود إلى الهنود ، والمسك إلى الترك ، والعنبر إلى البحر الأخضر .

وفي القرآن : ' هذه بضاعتنا ردت إلينا ' ' يوسف : 65 ' . فيمن يعلم صاحبه ما هو أعلم به ، ويتحاذق ويتداهى على من هو أحذق وأدهى منه - العرب : أتعلمني بضب أنا حرشته وتخبرني بأمر أنا وليته . ومن أمثالهم : كمعلمة أمها البضاع : ومخبر يخبرني عني . . . كأنه أعلم بي مني العامة : لا تعلم اليتيم البكاء ، لا تعلم الزطي التلصص ، ولا الشرطي التفحص . ومن أمثالهم : فلان يقرأ : ' تبت ' ' المسد : 1 ' على أبي لهب ويهاجي جريرا والفرزدق ويتطبب على عيسى ابن مريم ويلبس السواد على الشرط . وفي القرآن : ' أتعلمون الله بدينكم ' ' الحجرات : 16 ' . المجازاة والمكافأة - العرب : اسق رقاش إنها سقاية . أي أحسن إليها فإنها محسنة . ومن أمثالهم : أضىء لي أقدح لك ، أي كن لي أكن لك . ومن أمثالهم : هذه بتلك فهل جزيتك ؛ ومنها قول لبيد : ' إنما يجزي الفتى ليس الجمل ' ومن أمثال الخاصة في هذا المعنى : المكافأة واجبة في الطبيعة . ولهم : الأيادي قروض . . . كما تدين تدان العامة : خذ بيدي اليوم آخذ برجلك غدا ، أي انفعني في يسير أنفعك في كثير . وفي القرآن ' هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ' ' الرحمن : 60 ' . وقال عز من قائل : ' وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ' ' النحل : 126 ' . الكفران وسوء المجازاة - العرب : سمن كلبك يأكلك . ومن أمثالهم : جازاه مجازاة سنمار - وهو رومي بنى لبعض الملوك بناء في نهاية الحسن ، فآمر به فألقى من أعلاه حتى تلف . ومنها : كمجير أم عامر - وهي الضبع أجارها رجل ، فلما آمنت وثبت عليه فافترسته . العامة : إن ألقمته عسلاً عض أصبعي . ومن أمثالهم : أنا أجره إلى المحراب وهو يجرني إلى الخراب .

أريد حياته ويريد قتلي . . . عذيرك من خليلك من مراد غيره : أعلمه الرماية كل يوم . . . فلما استد ساعده رماني وقال أيضاً : وقد علمته نظم القوافي . . . فلما قال قافية هجاني دعبل : وكان كالكلب ضراه مكلبه . . . لصيده فعدا يصطاد كلابه أبو تمام : وكافر النعماء كالكافر البحتري : أرى الكفر للنعماء ضرباً من الكفر وفي القرآن : ' قتل الإنسان ما أكفره ' ' عبس : 17 ' وأيضاً في القرآن : ' إن الإنسان لكفور ' ' الحج : 66 ' . فيمن يعيب غيره بعيب هو فيه - العرب : رمتني بدائها وانسلت . ومن أمثالهم : عير بجير بجرة ، نسى بجير خبره . العامة : لو نظر الإنسان في جيبه ، لاشتغل عن عيب غيره بعيبه . وفي القرآن : ' وضرب لنا مثلا ونسي خلقه ' ' يس : 78 ' . فيمن يعطي الشي فيطلب زيادة - العرب : أعطى العبد كراعا فطلب ذراعا . العامة : لا تعطي الصبي واحدة فيطلب ثانية . وفي القرآن : ' ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك ' ' الأعراف : 143 ' . إنتفاع الإنسان بضرر غيره ، العرب : نعم كلب في بؤس أهله . العامة : قطعت القافلة وكانت خيرة المتنبي : مصائب قوم عند قوم فوائد وفي القرآن : ' وإن تصبكم سيئة تفرحوا بها ' ' آل عمران : 120 ' . وقوع الإنسان فيما يريد أن يوقع غيره فيه - العرب والعجم : من حفر

بئرا لأخيه وقع فيها . العجم : من سل سيف البغي قتل به . ولهم : من أوقد نار الفتنة احترق بها . وفي القرآن : ' ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ' ' فاطر : 43 ' . في البريء يؤخذ بذنب غيره - العرب : كالثور يضرب لما عافت البقر النابغة : كذى العر يكوي غيره وهو راتع البحتري : أتى الذنب عاصيها فليم مطيعها أبو الطيب المتنبي : وجرم جره سفهاء قوم . . . وحل بغير جانيه العذاب العامة : أذنب زيد وعوقب عمرو . وفي القرآن حكاية عن موسى عليه السلام : ' أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ' ' الأعراف : 155 ' . فيمن يتنعم ويلهو والسوء له منتظر - العرب : العير يضرط والمكواة في النار ، أي أنه يمرح وهو بعرض الكي ، ومن أمثالهم قول امرىء القيس : اليوم خمر وغداً أمر ، اليوم عيش وغدا جيش ، العامة : فلان نائم ورجلاه في الماء . قال الشاعر : جد بك الأمر أبا عمرو . . . وأنت عكاف على الخمر تشربها صرفا وممزوجة . . . سال بك السبل ولا تدري وفي القرآن : ' قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار ' ' إبراهيم : 30 ' فيمن لا يحصل من عمله على شيء - العرب : فلان كالقابض على الماء وعلى الريح : إن ابن آوى لشديد المقتنص . . . وهو إذا ما صيد ريح في قفص لمؤلف الكتاب : أما ترى الدهر وأيامه . . . في العمر مثل النار في الشيح

يمر كالريح وما في يدي . . . من مرها شيء سوى الريح وفي القرآن : ' والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ' ' النور : 39 ' . وقال تعالى : ' مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ' ' إبراهيم : 18 ' . فوت الأمر - العرب : سبق السيف العذل . الخاصة : قضى القضاء وجفت الأقلام . العامة : فات ما ذبح والفائت لا يرد . وفي القرآن : ' قضي الأمر الذي فيه تستفتين ' ' يوسف : 41 ' . التفريط في الحاجة وهي ممكنة وطلبها بعد الفوت - العرب : الصيف ضيعت اللبن . وفي القرآن : ' آلئن وقد عصيت قبل ' ' يونس : 91 ' . ترك السؤال عما لعل في الجواب عنه ما يكره : كل البقل من حيث تؤتى به . . . ولا تسألن عن المبقلة فإنك إن رمت عنها السؤا . . . ل وجدت الكراهة في المسألة وفي القرآن : ' يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ' ' المائدة : 101 ' . معاودة العقوبة عند معاودة الذنب : إن عادت العقرب عدنا لها . . . وكانت النعل لها حاضرة وفي القرآن : ' وإن عدتم عدنا ' ' الإسراء : 8 ' ' و ' ' وإن تعودوا نعد ' ' الأنفال : 19 ' . ذم الإنسان ما لا يحسنه - علي بن أبي طالب رضي الله عنه : من جهل شيئا عاداه ، والناس أعداء ما جهلوا . الخاصة : من قصر عن شيء عابه . وفي القرآن : ' بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ' ' يونس : 39 ' . وقال عز وجل : ' وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا أفك قديم ' ' الأحقاف ' . إئتمان كل أحد بذنب نفسه دون ذنب غيره - الخبر : لا تجن يمينك على شمالك . العرب والعجم : كل شاة برجلها تناط . وفي القرآن : ' كل نفس بما كسبت رهينة ' ' المدثر : 38 ' وقال عز وجل : ' ولا تزر وازرة وزر أخرى ' ' الأنعام : 164 والإسراء : 15 وفاطر : 18 والزمر : 7 ' . عود المسيء لعادته - العرب :

عادت لعترها لميس ، أي لخلق كانت تركته ؛ والعتر : الأصل ولميس إسم امرأة . ومن أمثالهم : عاد فلان إلى حافرته ، أي إلى عادته الأولى ؛ والحافرة : أول الأحر . ومنها لكل عادة ضراوة . الخاصة : من تعود شيئا في الخلاء فضحه في الملاء . وفي القرآن : ' ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ' ' الأنعام : 28 ' . وقال ابن بسام : رددت إلى الحياة فكنت فيها . . . كقول الله ' لو ردوا لعادوا ' في ذي المخبر الذي لا منظر له - الخبر : رب ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره العرب : رب عسل في ظرف سوء . أبو الفتح البستي : لا تحقر المرء إن رأيت به . . . دمامة أو رثاثة الحلل فالنحل لا شيء في ضؤلته . . . يشتار منه الفتى جنى العسل مؤلف الكتاب : رب دميم غير ذميم ، ووضي غير رضي . وفي القرآن : ' ولا أقول لذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيراً ' ' آل عمران : 31 ' . هو التنقل من قوم إلى قوم . . . كأنه ما تريك العين في النوم وفي القرآن ' وتلك الأيام نداولها بين الناس ' ' هود : 31 ' . تنقل اليام بالدول - العرب : يوم لنا ويوم علينا . الخاصة : لكل قوم يوم . أبو العتاهية : في ذي الوجهين والإمعة - الخبر : إن ذا الوجهين لا يكون وجيها عند الله . العرب : هو إبنة الجبل ، ومعناها : الصدى يجيب المتكلم بني الجبال ؛ أي هو مع كل متكلم كما أن الصدى يجيب كل ذي صوت بمثل كلامه . الخاصة : فلان يهب مع كل ريح ويسعى مع كل قوم ويدرج في كل

وكر ويطلع كل ثنية . العامة : فلان يأكل مع الذئب ويزمر مع الراعي . عمران بن حطان : إن يمان إذا لاقيت ذا يمن . . . ومن معد إذا لاقيت عدناني وفي القرآن : ' وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم ' ' البقرة : 14 ' . ظهور الحق على الباطل وسقوط الشيء عند ظهور ما هو أفضل منه - النابغة : فإنك شمس والملوك كواكب . . . إذا طلعت لم يبد منهن كوكب وقال غيره : إذا ما حامت العقبان ظهرا . . . تسترت الجوارح بالغياض ومن أمثال الخاصة قول الآخر : إذا جاء موسى وألقى العصا . . . فقد بطل السحر والساحر العامة : إذا جاء نهر الله بطل نهر عيسى . وفي القرآن : ' ما جئتم به السحر إن الله سيبطله ' ' يونس : 81 ' وقال تعالى : ' وقل جاء الحق وزهق الباطل ' ' الإسراء 81 ' وقال تعالى : ' فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون ' ' الأعراف : 118 ' . الموافقة والإتفاق - العرب في الشيئين يتفقان : التقى الثريان . ومن أمثالهم : لقوة صادفت قبيسا ، والقبيس الفحل يلقح لأول قرعة . ومن أمثالهم : وافق شن طبقه ، وافقه فاعتنقه . ومنها : وجدت الناقة ظلفها . لمن يجد ما يوافقه - الخاصة : وقد يوافق بعض المنية القدرا العامة توافق العاشق والمعشوق ، وتطابق القفل والمفتاح . وافق الإسم مسماه ، واللفظ معناه . وفي القرآن : ' جئت على قدر يا موسى ' ' طه : 40 ' .

في ظهور الحق واشتهاره وعلن السر بعد انكتامه - العرب : أبدى الصريح عن الرغوة . صرح الحق عن محضه تبين الصبح لذي عينين . ومن أمثالهم : قد أفرخ القوم بيضتهم ، أي أظهروا مكنون أمرهم . وأصله خروج الفرخ من البيضة . قابوس بن وشمكير : طار خبره في الآفاق . وكتب بسواد الليل على بياض النهار . وفي القرآن : ' الئن حصحص الحق ' ' يوسف : 51 ' . فيمن لا يمكنه الكلام والحق معه - العرب : رب سامع بجرمي لم يسمع بعذري ، قال الشاعر : قالت الضفدع قولاً . . . فهمته الحكماء في فمي ماء وهل ين . . . طق من في فيه ماء وفي القرآن حكاية عن موسى : ' يضيق صدري ولا ينطلق لساني ' ' الشعراء : 13 ' . تكرر المكاره ودوامها - العرب : سير السواني سفر لا ينقطع . ومن أمثالهم في هذا قول جرير : إذا قطعنا علما بدا علم قال الشاعر : كلما قلت قد دنا فك قيدي . . . قدموني وأوثقوا المسمارا أبو إسحاق الصابي : أخرج من نكبة وأدخل في . . . أخرى وأخرى بهن تتصل كأنها سنة مؤكدة . . . لا بد من أن تقيمها الدول وفي القرآن : ' كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ' ' السجدة : 20 ' وقال عز من

قائل : ' كلما نضجت جلودهم بدلنهم جلودا غيرها ' ' النساء : 56 ' . الخروج من شيء إلى شيء - العرب : فر من القتل وفي الموت وقع أبو تمام : فاقرة نجتك من فاجرة العامة : فر من القطر وقعد تحت الميزاب . ومن أمثالهم : خرج من البئر إلى الحبس ؛ ومنه : إلى القبر . وفي القرآن : ' اغرقوا فادخلوا نارا ' ' نوح : 25 ' . الاستدلال بظاهر الرجل على باطنه - العرب : إن الجواد عينه فراره أي إذا رأيته استغنيت عن النظر إلى أسنانه . ومن أمثالهم تخبر عن مجهولة مرآته ، أي تدل رؤيته على ما وراءه من الخير والشر . العامة : كل ما تضمره فوجهك يظهره . قال ابن الرومي : له محيا جميل يستدل به . . . على جميل وللبطنان ضمران وقل من ضم خيرا في طويته . . . إلا وفي وجهه للخير عنوان وفي القرآن : ' سيماهم في وجوههم ' ' الفتح : 29 ' قال تعالى : ' تعرف في وجوههم نضرة النعيم ' ' المطففين : 34 ' وقال تعالى : ' تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا ' ' الحج : 72 ' . الاضطرار وما يتعاطاه المضطر - العرب : كل الحذاء يحتدي الحافي الوقع ومن أمثالهم : يركب الصعب من لا ذلول له . ومنها : احتاج إلى الصوف من جز كلبه . ومنها : الخلة تدعو إلى السلة . الخاصة : لا اختيار مع الاضطرار . ولهم : الضرورة تبيح المحظورة . ابن بسام : ولو لا الضرورة لم آته . . . وعند الضرورة آتي الكنيفا :

ولئن أعظمت من لي . . . س يرى إعظام قدري فلقد رخص للمض . . . طر في ميت وخمر وفي القرآن : ' فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ' ' البقرة : 173 ' . اختصاص كل مكان ووقت وحال بما يليق به من الكلام - العرب : لكل مقام مقال ، الخاصة : خير الكلام ما وافق الحال . العامة : خير الغناء ما شاكل الزمان . وفي القرآن : ' لكل نبإ مستقر ' ' الأنعام : 67 ' . وقوع الأخبار من غير استخبار - العرب : ويأتيك بالأخبار من لم تزود الجماز - بيت : وأخبارك تأتينا . . . على الأعلام منصوبة أبو تمام : ما كان في المخدع من أمركم . . . فإنه في المسجد الجامع وفي القرآن : ' قد نبأنا الله من أخباركم ' ' التوبة : 94 ' . في الاستخبار - العرب : ما وراءك يا عصام . وفي القرآن : ' فيما أنت من ذكراها ' ' النازعات : 43 ' وفيه : ' هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ' ' الأنعام : 148 ' . حسن جواب المخبر الخبير - العرب : على الخبير سقطت . ومن أمثالهم : كفى قوما بصاحبهم خبيرا . العجم : لا تستخبر غير الخبر . وفي القرآن : ' ولا ينبئك مثل خبير ' ' فاطر : 14 ' . ميل الخسيس إلى من يشبهه في الخسة - العرب : العاهة جمعتهما . ابن الرومي : عند الخنازير تنفق العذرة ابن أبي البغل : إن السخيف يؤثر السخيفا وفي القرآن :

' الخبيثات للخبيثين ' النور : 26 ' . في النجاة من المكروه بالبذل - العرب : خل يدك من الجوز يخرج من البستوقة . ولهم : اطرح وافرح . مكتوب على باب بعض السجون : قرب الفرج من وزن خرج . وفي القرآن : ' وألقت ما فيها وتخلت ' ' الانشقاق : 4 ' . فيمن لا يعد في طبقة من الطبقات - العرب : كابن لبون لا ظهر فيركب ولا لبن فيحلب . كالنعامة لا طير ولا جمل . كالخنثى لا ذكر ولا أنثى . لا في العير ولا في النفير . ابن الرومي : تذبذب فنك بين الفنون . . . فلا للطبيخ ولا للشواء ابن ثوابة : أصبحت لا رجلا يغدو لحاجته . . . ولا قعيدة بيت تحسن العملا العامة : لا عند ربي ولا عندي أستاذي . وفي القرآن : ' مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ' ' النساء : 143 ' . في الذليل المهين الممتهن - العرب : أذل لأقدام الرجال من النعل ومن أمثالهم : لقد ذل من بالت عليه الثعالب . ومنها : فلان أذل من وتد بقاع ومن فقع بقرقر . ومنها : قد ذل من ليس له ناصر . الخاصة : فلان حمار الحوائج وكلب الجماعة ومنديل الأيدي وموطىء الأقدام . ولهم : فلان زيد المضروب والعود المركوب . أذل من كلبة ممطورة في المقصورة . العامة : فلان يزمجر في صف النعال ، لو ضاعت صفحة لما وجدت إلا على قفاه . وفي القرآن : ' وضربت عليهم الذلة والمسكنة ' ' البقرة : 61 ' . فيمن يتساوى حضوره وغيبته - العرب : سواء هو والعدم . شعر : عندي جعلت لك الفدا . . . سهل وسهل ليس يجدي إن لم تكن لي ثانيا . . . فكأنني في البيت وحدي

آخر : فستة رهط به خمسة . . . وخمسة رهط به أربعة وفي القرآن : ' سواء محياهم ومماتهم ' ' الجاثية : 21 ' . خيبة المسافر وغيره - العرب : رجع بخفي حنين . الخاصة : رجع بسخنة عين وثقل دين . ولهم : ما غنم من سفره إلا قصر الصلاة . ولهم : أطال الغيبة ثم جاء بالخيبة . العامة : رجع بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها . وفي القرآن : ' ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا ' ' الأحزاب : 25 ' . رجوع المسافر بالنجح - رجع بحمر النعم وبيض النعم . خرج أعرى من الحية ورجع أكسى من الكعبة . وفي القرآن : ' فانقلبوا بنعمة من الله وفضل ' ' آل عمران : 174 ' . تبعيد المدى في ذكر الشيء المستبطأ والمأيوس منه - العرب : حتى يؤوب القارظ العنزي وحتى يشيب الغرب ويبيض القار . وحتى يرجع السهم على فوقه . الخاصة : لا يكون ذلك حتى تطلع الشمس من مغربها . وحتى تخرج دابة الأرض وينزل عيسى . العامة : أنت لا تفلح حتى يصبح الدارج فيلاً ، ويصير الفيل ديكا ، ويعود الديك قنبرة . وفي القرآن : ' حتى يلج الجمل في سم الخياط ' ' الأعراف : 40 ' . في التأبيد - العرب : لا أفعل ذلك ما حنت النيب ، وما اختلف الملوان والجديدان . الخاصة : ما أخضر عود وعاد عيد ، ما أورق الشجر وطلع القمر ، ما بقي إنسان ونطق لسان . وفي القرآن : ' خلدين فيها ما دامت السموات والأرض ' ' هود : 107 و 108 ' . في ضعف أوائل الأشياء - العرب : أول الشجرة النواة . وإنما القرم من الأفيل وسحق النخل من الفسيل ؛ القرم : الفحل ، والأفيل : الفصيل ، وسحق النخل : طوالها ، والفسيل : صغارها ، تكون في الأول صغاراً ضعافاً ، ثم تكبر وتقوى . ومثله قولهم : العصا من العصية . وقولهم : وأول الغيث رش ثم ينسكب وقولهم :

المرء مثل هلال حين تبصره . . . يبدو ضعيفا ضئيلا ثم يتسق وقول أبي الطيب المتنبي : فآول قرح الخيل المهار وفي القرآن : ' الله الذي خلقكم من ضعف ، ثم جعل من بعد ضعف قوة ' ' الروم : 54 ' . ذم الغني : إن الغني طويل الذيل مياس أي أنه يبطر فيتكبر ويتجبر . ومثله : الغنى يورث البطر . وقال مؤلف الكتاب : أكثر الأغنياء أغبياء . وفي القرآن : ' إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ' ' العلق : 6 و 7 ' . في الظلم - العرب : الظلم مرتعه وخيم وفي الخبر عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : الظلم ظلمات يوم القيامة . العجم : الظلم أجمع لخصال الذم . التوراة : من يظلم يخرب بيته . وفي القرآن : ' فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ' ' النمل : 5 ب 2 ' . ذم الاستقصاء وبلوغ الغاية - العرب : ما استقصى كريم قط . العامة : الاستقصاء فرقة . وفي القرآن : ' عرف بعضه وأعرض عن بعض ' ' التحريم : 3 ' . فيمن يعظ الناس ولا يتعظ - العرب : لا تعظ وتعظعظ ؛ أي لا تعظ الناس وعظ نفسك . ومثله : يا طبيب طب لنفسك . العامة : فلان لا يغسل إسته ويأمر بالاستنجاء . قال الشاعر : وغير تقي يأمر الناس بالتقى . . . طبيب يداوي الناس وهو مريض وفي القرآن : ' أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ' ' البقرة : 44 ' . حاجة الإنسان إلى الطعام - العرب : على كل حال يأكل المرء زاده . . . على البؤس والضراء والحدثان الخاصة والعامة الطعام قوام الأبدان . الصاحب : لولا الخبز لما عبد الله . شعر : لم يشتر الناس ولا باعوا . . . خيرا من الخبز إذا جاعوا

وفي القرآن : ' وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام ' ' الأنبياء : 8 ' . قرب اليوم من الغد - العرب : فإن يك صدر هذا اليوم ولى . . . فإن غدا لناظره قريب العجم - لا تستبعد غداً وما بعده . قال الشاعر : خليلي لا تستبعدا ما انتظرتما . . . فإن قريبا كل ما هو آت وفي القرآن : ' إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ' ' هود : 81 ' . كراهة أولاد الأعداء - العرب : لا تقتن من كلب سوء جروا . العجم : هل تلد الحية إلا الحية . العامة : ما فرحنا بإبليس فكيف بأولاده . بيت : جنى الضغائن آباء لهم سلفوا . . . فلن تبيد وللآباء أبناء وفي القرآن : ' ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ' ' نوح : 27 ' . محبة الإنسان مشاركة غيره في المحنة والنائبة - العجم : من أحرق كدسه تمنى أن يحرق كدس غيره . العامة : المنكوب يتسلى بنكبة أخيه . ومثله : المريب يطلب الشريك . وفي القرآن : ' ودوا لو تكفرون كما كفروا ' ' النساء : 89 ' . ضياع الرجل وغيره لتخلفه وقلة الحاجة إليه - العامة : لو كان في اليوم خير لما سلم عن الصائد ، ولو كان في البقل خير لما سلم من الكلب . وفي القرآن : ' ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ' ' الأنفال : 23 ' . في اختيار الجار - العرب : الجار ثم الدار ، والرفيق ثم الطريق ، العامة : لا دار لمن لا جار له . وفي القرآن : ' إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ' ' التحريم : 11 ' . انطواء المكروه على المحبوب - بيت : كم مرة حفت بك المكاره . . . خار لك الله وأنت كاره العامة : ربما اقترن المكروه بالمحبوب . وفي القرآن : ' وعسى أن

تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ' ' النساء : 19 ' . إنطواء الفساد على الصلاح - العرب : القتل آنفى للقتل . والحديد بالحديد يفلح . العجم : رد الحجر من حيث دار . وفي القرآن : ' ولكم في القصاص حياة ' ' البقرة : 179 ' . فيمن يطلب الصفو بلا كدر والنجح بلا تعب - العرب : فلان يريد الأمر عفوا صفوا . العجم : فلان يطلب الثمر بلا شوك ، والخمر بلا خمار ، والنار بلا دخان . ولهم : فلان يحب العنب والرطب ويكره الزنبور والشوك . وأنشد شعر : يحب المديح أبو خالد . . . ويزهد في صلة المادح كعذراء تهوى لذيذ النكاح . . . وتفزع من صولة الناكح وفي القرآن : ' وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ' ' الأنفال : 7 ' . فيمن نجا وأفلت من يد الهلاك - العرب : أفلت وانحص الذنب . الخاصة : أفلت من حمرة الدم إلى خضرة العيش . العامة : أفلت بشعره ونجا برأسه . وفي القرآن : ' وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ' ' آل عمران : 103 ' . ذكر الموت لكل حي أجل ، ولكل جنب مصرع . ابن المعتز : سهم مرسل إليك وعمرك بقدر سفره نحوك . وقوله : كأن من غاب لم يشهد ، وكأن من مات لم يولد . وله : إذا كثر الناعي إليك قام الناعي بك . وفي القرآن : ' كل من عليها فان ' ' الرحمن : 26 ' . وفيه : ' كل نفس ذائقة الموت ' ' الأنبياء : 35 ' .

الباب الثالث
فيما كان أمرني به بعض الملوك من تصيير ما لا يشتمل عليه كتاب حمزة الأصفهاني في الأمثال على ' أفعل من كذا ' كتابا برأسه ، فعملت في ذلك عجالة الوقت ثم أتممته الآن في قسمين اثنين : أحدهما في جملة منسوبة إلى أصحابها نثراً ونظما ، والآخر فيما اخترعته وأبدعته منها في رسائل وفنون متفننة مقصورة عليها ، بعون الله وحسن توفيقه .
القسم الأول من الباب الثالث في جملة ' أفعل من كذا ' منسوبة إلى أصحابها نظما ونثرا
أبو نوح الكاتب : كانت أيام المتوكل أحسن من الخصب بعد الجدب ، والسلم بعد الحرب ، والأمن بعد الرعب ، والظفر بعد اليأس . أبو عثمان الجاحظ : سمعت إبراهيم بن السندي بن شاهك يقول : قلت في أيام ولايتي الكوفة لرجل قد تناهى وكان لا يجف لبده ، ولا يستريح قلبه ، ولا تسكن حركته في إغاثة الملهوفين ، وإدخال المرافق على المحتاجين : ما الذي هون عليك كل هذا النصب ، وأعانك على كل هذا التعب ؟ فقال : سمعت تغريد الأطيار

بالأسحار على الأشجار وتجاوب الأوتار والمزمار ، فلم اسمع أطيب من ثناء حسن على محسن . فقلت له : أحسنت والله ، فقد حشيت كرما . علي بن عبيدة : وصف صديقا له فقال له : أحلى من رخص السعر ، وأمن الطرق ، وبلوغ الأمل ، وقضاء الوطر على الخطر . سهل بن هارون : كانت زورة فلان أخف من حسوة طائر ولمعة بارق ، وخلسة سارق . محمد بن مكرم : وصلت الخلعة التي هي أحسن من برد الشباب على الكعاب ، وأرفع من قميص يوسف عند يعقوب ، لولا أنها أخلق من الأرمني ومن برد النبي . أبو عبد الله ابن الجماز : شممت من دار فلان رائحة قدر أطيب من رائحة العروس الحسناء في أنف العاشق الشبق . ابن عائشة القرشي : أتينا بخوان أحسن من أنموذج الجنة ، ومن زمن البرامكة على العفاة ، ومن قطر السماء على جري الماء ومن ماء الكروم على أيدي الكرام . العباس بن الحسن بن عبيد الله العلوي : ما الصوم في الأسفار ، وحلول الدين على الإعسار ، والحمام على الإصرار ، واجتماع العار والشنار ، بأثقل من لقاء فلان . سعدى الخثعمية - في حديث لها : كنت في أيام شبابي أحسن من السماء ، ومن الصلاء في الشتاء ، وأعذب من الماء ، وألطف من الهواء . أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي : قال له سعيد بن سلم وهو في بستان فقال : أنت أيها الأمير أحسن منه لأنه يؤتى أكله كل عام وأنت تؤتى أكلك كل يوم . علي بن يحيى المنجم : قال لأبي عبد الله بن حمدون : مالي أراك ذا رأي أغرب من السنة بالكوفة ، والكمال بالبصرة ، نعم ومن الوفاء بالترك ، والجود بالروم ، والهم بالزنج . المهلبي الوزير : وقع في رقعة أبي علي الحامي إليه : قرأت هذه الرقعة التي هي أدق من السحر ، وارق من دموع الهجر ، وأطيب من الغنى بعد الفقر ، وأدل على فضلك من الصبح على الشمس ، فمرحبا بها وبكاتبها ، وماذا عليه لو يكون مكانها . وكتب إلى أبي عثمان الخالدي : وصلت القصيدة

وأعجبتني براعة حسنها ، مع قصر رويها ، فإن الوزن القصير على الهاجس أضيق من المجال الضنك على الفارس . أبو الريان الوزير : أسر إلى أبي علي الهائم حديثا ، فقال له : ليكن أخفى عندك من الراء في لثغة الألثغ ومن سفاد الغراب ، فقال : نعم ومن ليلة القدر وعلم الغيب . الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد : وصل كتابك ، فكانت فاتحته أحسن من كتاب الفتح ، وواسطته أنفس من واسطة العقد ، وخاتمته أشرف من خاتمة الملك . وله : ألفاظ آنس من غمزات الألحاظ ، وعطفات الأصداغ ، ومعان أذكى من نسيم الأسحار ، وأنفاس الأنوار . وأما قصيدة ابن الربيع فأحسن من الربيع . وله : دلائل الفتح أوضح من الشمس ، ودولة الناكثين أذهب من أمس . هبة الله بن المنجم : قال لأبي الحسن الغويري : أنت أخس من الخس بالعربية ، ومن الهندبا بالفارسية ، وأبغى من الإبرة والمحبرة ، وأثقل من شعرة القلم ، وذبابة القدح ، وعظم اللقمة ، وقذى العين ، وحصاة الخف ، ولطخة الثوب ، وعثرة الفرس ، وقبلة العجوز الشوهاء الفوهاء البخراء . أبو بكر الخوارزمي : قال له أبو علي مسكويه : كيف أنت بخراسان ؟ قال : أضيع من الطاووس في الناووس ، وأرخص من الثمر بكرمان ، والغزو في حزيران ، والورد في شهر رمضان . وأبو الخطاب الصابي : من كتاب إلى أبي السرايا الحمداني ، عن حبشي بن معز الدولة في وصف فرس وغلام وسيف : بعثت إلى سيدي فرسا أحسن من البراق ، وأخف من البرق ، وايسر من الدعاء المستجاب ، وأسرى من الخيال ، وأسرع توغلا في الجبال من الأوعال ، وغلاما أزيد من الهلال ، وأكيس من النحلة ، وأظرف من الغزال ، وسيفا أحسن من التلاق وأقطع من الفراق . أبو القاسم ' بن جلبات ' الشاعر : قال لعائد له سأله عن حاله في مرضه : أنا

أذوب من الثلج في الماء وأذهب من شمس العصر على القصر . أبو الفرج الببغاء : من رسالة : لم أر أحسن من وجه المحسن ، وأقبح من وجه البخيل ، وأقضى للحاجات من الدرهم ، وأثقل من أجرة المنزل ، وأجفى من الدهر ، وأطيب من الأنس ، وآنس من الكتب ، وأشد من حرب البحر ، فقال : ليس في الدنيا أشد من حرب البحر . عبد الصمد بن بابك : لم اسمع بخراسان أطيب من جلجلة الجليد في الخزف الجديد على العطش الشديد . ومن الشعر اللائق بهذا القسم قول ابن المعتز في فرس : أسرع من لحظته إذا عدا . . . أطوع من عنانه إذا جذب وقوله في الوصف بالنتن : تشاغلت عنا أبا الطيب . . . بغير شهي ولا طيب بأنتن من هدهد ميت . . . أصيب فكفن في جورب وقوله في طفيلي بغيض : وأنت أخو السلام وكيف أنتم . . . ولست أخا الملمات الشداد وأطفل حين تجفى من ذباب . . . وألزم حين تدعى من قراد وله في ثقيل : وزائر زارني ثقيل . . . ينصر همي على سروري أوجع للقلب من غريم . . . ظل ملحا على فقير ومن جراح بجسم ملقى . . . بمخص مخضا على بعير

بغير زاد ولا شراب . . . ولا حميم ولا عشير وقول أبي عثمان الناجم في وصف غناء فائق : شدو ألذ من ابتدا . . . ء العين في إغفائها أحلى وأشهى من منى . . . نفس ونيل رجائها وقول أبي عبد الله بن الحجاج فيمن حمله على فرس : فديت من صيرني راكبا . . . ولم أزل أرجل من حيه فديته إن فدائي له . . . في قلب من يحسدني كيه وقال السري الموصلي في تمام : ثنتني عنك واستشعرت هجرا . . . خلال فيك لست لها براضي وإنك كلما استودعت سرا . . . أنم من النسيم على الرياض وقرأ أبو بكر الخوارزمي في مثله عليك رقيب شديد اللحاظ . . . متى لم يحط علمه يحدس أنم من المسك بالعاشقين . . . وألحظ عينا من النرجس وقول أبي الفتح البتسي في مؤلف هذا الكتاب : أخ لي زكي الفرع والأصل والطبع . . . يحل محل العين مني والسمع تمسكت منه إذا بلوت إخاءه . . . على حالتي رفع النوائب والوضع بأوعظ من عقل وآنس من هوى . . . وأوفق من طبع وأنفع من شرع

ولمؤلف الكتاب في الاستزارة : عندي إنسان ولكنه . . . أكثر لي من ألف إنسان لقاءه أشهى من البارد ال . . . عذب إلى غصان عطشان فاقترنا عندي أفديكما . . . فأنتما راحي وريحان وله في وصف الهزل والمداعبة : أرسلت في وصف صديق لنا . . . ما حقه الكتبة بالعسجد في الحسن طاووس ولكنه . . . أسجد في الخلوة من هدهد ولأبي سعيد بن دوست : الصبر في أول مراته . . . مر كطعم الصبر والصاب وغبه أعذب للمرء من . . . رسائل الصاحب والصابي وله في منزلة بين العتاب والهجاء : صديق لنا مذ ذقت طعم إخائه . . . شهدت لقد أربى على الصاب شهده فأضعف من نسج العناكب عهده . . . وأضيع من نار الحباحب وده ومن فصول الأمير أبي الفضل الميكالي المنخرطة في هذا القسم : ' فصل ' : ما الحيران هدي من الضلال ، والظمآن سقي من الزلال ، والمهجور ظفر بالوصال ، والسقيم هبت عليه ريح الإبلال ، والخائف أحس لخوفه بالزوال ، والصائم بشر بهلال شوال ، والعاشق فقد وجوه العزال ، بأسر مني بكتابك نزهة الطرف ونهزة الأنس ، ومنية

القلب ومنة النفس . وله : وصل كتابك ، فكان مطلعه أشرف من طالع السعد ، ومجمعه أمتع من جمع الشمل ، ومقطعه أحسن من قطع الروض . وله : كتابك ألذ من حاسة الطرف الفاتر ، وأحلى من خلسة الحب الزائر . وله : كتابك أبهى في العين من العقد النظيم ، وأشهى للنفس من مسك الفأر المنيم . وله : كلامك أحسن من عقد النحر ، وعقد السحر ، لو استنزلت به العصم لأجابت . وله : كلامك أعذب من فرات المطر ، وأعبق من فتات المسك والعنبر . وله : قلائد أحسن من شنوف الكعاب ، وأبقى أثرا من الوحي في الصم الصلاب . وله : وصل كتابك فكان : ألذ من السلوى وأطيب نفحة . . . من المسك مفتوقا وأيسر محملا وله : كلام أرق من الشكوى وألذ من السلوى ، وأعذب من تذكر عهد الغائب لحزوى . وله : كلام أرق من سجع الحمام ودمع الغمام ، وأبهى من واسطة النظام ، وأطيب في الأحوال كلها من سلاف المدام . وله : مضى ذلك الدهر أسرع من خطفة الخالس وخطرة الحادس ، ومن خلسة الثائر وحسوة الطائر . وله : كلامك ألذ من الماء القراح ، ومن نيل المنى بعد الاقتراح . وله : أنا أسرع إلى رضاك من السيل في انحداره ، والنجم في انكداره ، والغيث في انهماره ، والطرف في مضماره . وله : أنا أعطف عليك من القلب على الضمير ، وأميل إليك من السمع إلى البشير . وله : شوقي إليك أشد من غرب المواسي ، وصبري عنك أعز من الصديق المواسي . ولأبي نصر العتبي : كلامك أطيب من أنفاس الأغراس ، وأحسن من الغني عن وجوه الناس .

القسم الثاني من الباب الثالث فيما اخترعته وأبدعته على ' أفعل من كذا ' في رسائل وفنون متفننة مقصورة عليها
فصل في مدح بعض الملوك
مولانا أدام الله ظله أحسن من القمرين ، وأعدل من العمرين ، ونفعه أنفع من الغيث ، وأزيد من الهلال ، وأيامه أطيب من زمن الورد في شوال ، على الشباب وكثرة المال وغيب العذال ، وأخباره أذكى من الند المعنبر ، ومن النسيم المعطر بريا الزهر ، فجعل الله ملكه أوسع من صدره ، ودولته أجل من قدره ، ونعمه أكثر من فضائله وأدوم من ذكر محاسنه .
فصل في كلام بعض الرؤساء
' كلام سيدنا أحسن من الدر الأزهر ، والياقوت الأحمر ، وأذكى من المسك الأصهب ، والعنبر الأشهب ، فلا فض الله فمه ، وأجرى بتدبير الأقاليم قلمه .
فصل في مثله
' سيدنا أروى من الأصمعي ، وأشعر من البحتري . شعر : وأبلغ من عبد الحميد وجعفر . . . ويحيى وإسماعيل أعني ابن عباد فلا زال محروسا ولا زال ذكره . . . وأخباره أذكى من الند في النادي
فصل في الإستزارة مع وصف الطعام والشراب والسماع
' أنا إليك يا سيدي أشوق من العطشان الغصان إلى الماء ، والعليل المدنف من الشفاء ، وعندي سكباجة أطيب من مساعدة القضاء ،

وقلية أشهى من الظفر بالأعداء ، وفالوذج أحلى من الوقيعة في الثقلاء ، وشراب أحسن من عهدك ، وأصفى من ودك ، وسماع آلف من مقارمة الأقمار ومغازلة الغزلان وأمتع من حركات الريح من الريحان ، فيما عليك لو ساعدتني وأسعدتني وحيتني وأحييتني . وفي مثلها في الربيع : يومنا سماؤه فاختية ، وأرضه طاؤسية . وعندنا فراخ وفراريج مشوية ، وشراب أصفى من عين الديك ، وساق أحسن من التدرج ، ومغن كالعندليب ، فما رأيك في المساعدة على السرور بأشباه هذه الطيور . وفي مثلها في الصيف : يومنا أحر من قلوب العشاق عند الفراق ، فما ترى في بيت أبرد من أمرد لا يشتهى ، ومن قلب محب إذا سلا ، وراح أطيب من ريح الولد من برد الكبد ، ونديم أحلى من العافية ، وحسن العاقبة ، ومطرب أطرب غناء من البشرى بالنعمى ، من إقبال الدنيا والشماتة بالعدى . ومثلها في الشتاء : يومنا أبرد من تسبيح العجوز ، وآذان المخنث ، وتشيخ الصبي ، ورقص الأعرج ، وأنا بالإنفراد عنك أوحش من عيني تضاجعه عجوز ، ومن حمار أعمى على معلف خال ، فأحب أن أنأس بقربك في طارمة أدفأ من خز مبطن بخز بينهما قز ، لنأكل ما حضر في العاجل ، ونلبس الفرو من داخل . وفي الإستزارة : يوم الالتقاء بالأصدقاء أقصر من ليل السكارى ، وإلهام الحبارى ، ومن أظفور العصفور ، وأنملة النملة ، وعنفقة البقة ، كما أن يوم فراقهم أطول من ظل الرمح ، ونفس العاشق ، وصوم النصارى ، بل من ليل الأعمى ، فهو أطول وأدهى ، فما عليك لو أنعمت بالبكور والزيادة في وظيفة السرور . وفي مثلها : يا أجفى من الدهر ، ويا أقسى من الصخر ، أنا أشوق

إليك من المحب إلى الحبيب ، ومن المريض إلى الطبيب ، وقد حان أن تجشم إلى قدمك ، وتخلع علي كرمك .
فصل إهداء الشراب
إهداء الشراب من رسوم الأحباب ، لأنه كيمياء الأنس ، ومفتاح مسرة النفس . ولقد خدمت مجلس سيدي بشراب أحسن من ذكره ، وألطف من روحه ، وأصفى من وده ، وأرق من لفظه ، وأذكى من عرفه ، وأعذب من خلقه ، وأطيب من قربه ، فليشرب على وجه عشيقه ، في دار صديقه .
فصل في حسن الإلف
' ذكر مولاي : إني وفلان بن فلان متنافران ، وما أدري لم قال ذلك ، ونحن أءلف من الجسم والروح ، والناي والعود ، ومن المسك والعنبر ، ومن أبي بكر وعمر .
فصل في شدة المحبة
' أنا لمولاي أشد حبا من الشيخ الموسر الكبير لإبنه الواحد الصغير ، ومن الأعور لعينه الباصرة ، والأجذم ليده الناصرة ، وفرحتي بوجهه الصبيح ، كفرحة الصبيان بالتسريح .
فصل في ذكر غلام التحى
' كان فلان أحسن من السلامة المطرزة بالعافية ، المبطنة بالسعادة ، فصار أقبح من زوال النعمة ، وحلول النقمة ، ولزوم المحنة ، وكان ألطف من هواء نيسان ، فصار أثقل من رضوى وثهلان . وكان فراش الجنة ، فاستحال أثقل من الغناء البارد ، على الشراب الكدر مع

النديم المعربد ، في الحجرة الضيقة . وكان أعز من عزيز ملك المنصورة ، فصار أذل من كلب ممطور في المقصورة .
فصل في الثقل
' أشكو إلى الله حاجتي في مجالسة فلان ، وهو أثقل من نقل الصخر وجفاء الدهر ، ومن صوم السفر والأربعاء في صفر ، ومن حديث معاد وعقوق الأولاد ؛ بل أثقل من نعي الولد العزيز في يوم العيد ، وشرب الهليلج على وجه غريم غير كريم .
فصل في ذم خادم
' لو علم فلان أن فلانا أغدر من الزمان ، وأنم من المسك بين الإخوان ، وأسرق من العقعق ، وأفر من الزئبق ، وأقل نفعا من السباخ الحاسرة من الماء والتراب ، لما شفع إلي في رده ، بل أشار إلي بطرده .
فصل في سوء القرى
' أنزلنا فلان على طعام أبشع من قبلة العجوز الشوهاء الفوهاء ، وشراب أكدر من أيام البلاء والآواء ، وسماع أشق على الآذان من نعي الأحباء .

الباب الرابع لطائف الظرفاء سوى ما مر منها في أول الكتاب
فصل في لطائفهم فعلا
أنوشروان : كان لا يباضع في بيت فيه نرجس ، ويقول : إني لأستحي تلك العيون الناظرة المحدقة . عثمان بن عفان : كان يقول : ما مسست فرجي بيميني منذ بايعت بها النبي ( صلى الله عليه وسلم ) . أبو العباس السفاح : كان يوما مشرفا على صحن داره ومعه امرأته أم سلمة يتحادثان ، فعبثت بخاتمها ، فسقط من يدها إلى الدار ، فألقى السفاح أيضا خاتمه . فقالت : يا أمير المؤمنين ما دعاك إلى هذا ؟ قال : خشيت أن يستوحش خاتمك ، فآنسته بخاتمي غيرة عليه من انفراده ، فبكت أم سلمة فرحا . الخليل بن أحمد : قال اليزيدي : دخلت يوما إلى الخليل ، فوجدته قاعداً على طنفسة ، فكرهت التضييق عليه ، فقال لي : يا أبا محمد إلي فإن سم الخياط لا يضيق على متصادقين ، والدنيا لا تسع متعاديين . وقال ابن المبارك : كنت أماشي الخليل ، فانقطع شسع نعلي ، فخلعتها ، فطفقت أمشي ، فخلع الخليل أيضا نعليه ، فقلت : بأبي أنت يا أبا عبد الرحمن لم خلعتها ؟ فقال : لأساعدك على الحفاء . وقال مؤلف الكتاب : حدثني الأمير صاحب الجيش أبو المظفر بن نصر بن ناصر الدين ، قال : كنت يوما مع السلطان

أضرب بالصولجان في القواد ووجوه العسكر ، فبينا هو في حومة نشاطه إذ سقطت قلنسوته من رأسه ، فرميت أيضا بقلنسوتي إلى أن جيء بقلنسوته ، فاستحسن مني هذه الخدمة وهذا الأدب ، فلما نزل أمر لي بعشرة آلاف درهم ودست ثياب - من خاص ثيابه ، وفرس بمركب ذهب . المعلى بن أيوب : عاد صديقا له فرأى علة وجلة فأسر إلى وكيله ، وقال : ائتني بخمسمائة دينار مخبوءة في قرطاس فأتى بها ، فقال المعلى للعليل : هذا دواء مجرب ، فاستعمله وانصرف . فلما كان بعد أسبوع عاوده وقد ابتدأ يبل من العلة ، فقال له : كيف وجدت الدواء ؟ قال : بأبي أنت وأمي وجدته نافعا لبدني وحالي ، فقال : هل بك حاجة إلى زيادة ؟ قال : نعم يا سيدي فأمر له بمثلها . وأهدى إلى المعتز في يوم نيروز مرآة خسروانية في نهاية الحسن ، وقال : أهديتها ليذكرني بها إذا رأى حسن وجهه فيها . علي بن عبيدة : سأله صديق له كتاب عناية ، فكتبه ولم يقطعه ، فقال له الصديق في ذلك ، فقال : ما قطعت شيئا قط . فتى محمد بن داؤد الأصبهاني : جاءه يوما متقنعا متلثما ، فسأله عن السبب في ذلك ، فقال : خرجت من الحمام ونظرت المرآة فاستحسنت وجهي ، فكرهت أن يسبقك إلى رؤيتي أحد ، فجئتك كما ترى .
فصل في لطائف الملوك والسادة
عبد الملك بن مروان : مات له ابن فجزع عليه جزعا شديدا ، ثم قال : الحمد لله الذي يقتل أولادنا ونحبه . قتيبة بن مسلم : لما أشرف على سمرقند استحسنها جدا ، فقال لأصحابه : شبهوها فقالوا : الأمير أحسن تشبيهاً ، فقال : كأنها السماء في الخضرة ، وكأن قصورها النجوم اللامعة وكأن أنهارها المجرة . هارون الرشيد : كان ليلة بالحيرة ، فلما كاد أن يتنفس الصبح قال

لجعفر بن يحيى : قم بنا نتنفس هواء الحيرة ، قبل أن تكدره أنفساس العامة . عبد الملك بن صالح الهاشمي : ما جمشت الدنيا بأظرف من النبيذ . المأمون : من ظريف كلامه قوله : إذ طالت اللحية تكوسج العقل ، وقوله : النبيذ كلب والعقل ثعلب . وكان يقول : خير الغناء ما شاكل الزمان . وكان يقول عند فراغه من الطعام : الحمد لله الذي جعل أرزاقنا أكثر من أقواتنا . المتوكل : كان مولعا بالورد يقول : أنا ملك السلاطين ، والورد ملك الرياحين ، فكل منا أولى بصاحبه . الفتح بن خاقان : حكى ابن حمدون ، قال قال لي الفتح يوما : يا أبا عبد الله دخلت قصري ، فاستقبلتني جاريتي رشأ ، فبلتها ، فوجدت في فمها هواء لو رقد فيه المخمور لصحا . وأخذ أبو الفرج الوأواء الدمشقي هذا المعنى ، فقال : سقى الله ليلا طاب إذ زار طيفه . . . فأفنيته حتى الصباح عناقا بطيب نسيم منه يستجلب الكرى . . . ولو رقد المخمور فيه أفاقا تعبدني حتى تملك مهجتي . . . وفارقني حتى أمنت فراقا إسماعيل بن أحمد : عرض عليه غلام ، فقال : هذا يصلح للفراش والحراش . المقتدر : من اللذات أربع : حلق اللحى الطويلة العريضة ، وصفع الأقفية اللحمية ، وشتم الأرواح الثقيلة البغيضة ، والنظر إلى الوجوه الصبيحة المليحة . الناصر العلوي الأطروش : كان إذا كاتمه إنسان فلم يسمعه ، يقول : يا هذا زد في صوتك فإن بأذني بعض ما بروحك . سليمان بن وهب :

نظر يوما في المرآة فرأى شيبا كثيرا ، فقال : عيب لأعدمناه . وكان يقول : إني لأغار على أصدقائي كما أغار على حرمي . وفي هذا المعنى يقول أبو الفتح كشاجم : أخي لا تروعني بميل إلى أخ . . . سواي فيسلو بعض نفسك عن نفسي وكن عالما أني أغار على أخي . . . وخلي كما أني أغار على عرسي أخوه الحسن بن وهب : سئل يوما عن مبيته ، فقال : شربت على عقد الثريا ونطاق الجوزاء ، فلما تنبه الصبح نمت فلم أستيقظ إلا بلبسي قميص الشمس . ووصف الحر يوما فقال : علي قميص قصب مكعب ، ودرعة ديبقى كالغرقى ، وكأني البقلة في الماء الحار . عبد الملك بن نوح : كان يقول : لا يحسن بالملوك لبس الملونات والمصبغات ، فإنها من لباس الغلمان والنسوان ، وليس لهم غير الحفي النيسابوري والزباري السمرقندي والملحم المروزي والعتابي الفارسي لباس . ناصر الدولة أبو محمد الحمداني : سخط على كاتب له فأمره بلزوم منزله ، وأجرى عليه مشاهرته ، فقيل له في ذلك ، فقال : إن الملوك يؤدبون بالهجران ولا يعاقبون بالحرمان . أخوه سيف الدولة : كان يخاطب بسيدنا ، فخاطبه ابن ورقاء بسيدي ، فقال : إن سمحت بأن أكون سيدك ، فلا تبخل بأن أكون سيد غيرك . أبو منصور بن عبد الرزاق : ركب يوما بنيسابور إلى الصيد ، فرأى في محلة البساسيات كرامية يصلون صلاة الفجر جمعة وقد كادت الشمس تطلع ، فقال : ما رأيت صلاة الضحى بالجماعة غير هذه . أبو الحسن بن سيمجور : لا تخلو ثلاث من ثلاث جسم من علل وقلب من شغل ، وكتخذائية من خلل . وكان يقول : من أكل الحلواء بالحب ، كان كمن عانق المعشوق في صدره .

أبو الحسن طاهر بن الفضل : الكسلان منجم ، والبخيل طبيب ، والمؤاجر ساحر . أبو العباس مأمون بن خوارزمشاه : سمعته يقول في تقسيم النظر ما لم أسمع مثله ظرفا وكهانة وبلاغة : فهمتي كتاب أنظر فيه ، وحبيب أنظر غليه ، وكريم أنظر له . الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد : أطال رجل اللبث في مجلسه ولم يقتد في القيام بغيره ، فقال له الفتى : من أين ؟ فقال : من قم ، قال : إذا فقم . وقال له القاضي علي بن عبد العزيز : قد طولت ، قال : بل تطولت . وحدثني أبو عبد الله الحامدي : قال : سمعته يقول : أربعة لم أر أحسن منهم من الشعراء الظرفاء أسكتوني وأخجلوني بجوابات في نهاية الحسن والظرف لم أسمع أمثالها . فمنهم أبو الحسن البديهي : غذ كان عندي في نفر من جلسائي بأصبهان ، فقدمت إلينا أطباق الفواكه وفيها من المشمش الأصفهاني ما يفوق الرطب حسنا وطيبا ، فأكب عليه البديهي وأمعن فيه ، فقلت له : إن المشمش يلطخ المعدة ، فقال : لا يعجبني الميزبان إذا تطبب ، فألبسني قناع الخجل وقطعني . ومنهم أبو الحسن الغويري : فإنه قال لي يوما - وقد انصرفت من الدار السلطانية في غير طريقي وأنا ضجر من شيء عرض لي ونكر فكري : من أين أقبلت مولانا ؟ فقلت : من لعنة الله ، فقال : رد الله غربتك يا مولانا فأحسن على إساءته الأدب . والثالث أبو الحسن المنجم : فإنه دخل علي يوما وعندي فتى من مشاهير الصباح الملاح ، فنظر إليه أبو الحسن نظرة ذي علق ، فكاد يأكله بعينيه ، فقلت له : سكباج ، فقال : كشكية فتعجبت من سرعة فطنته للتصحيف وإجابته بما يشاكله . والرابع أبو الحسن المافرخي : في أيام حداثته وسلطان ملاحته ، فإني داعبته يوما بقولي : رأيتك تحتي ، فقال على لسان دالته بضربه وتكامل حسنه : مع ثلاثة مثلي - يني في رفع الجنازة ، فأخجلني وحيرني وما أنسى لا أنسى ، هذه الجوابات ، وما أرى التام الخامس ، ' والدهر حبلى ليس يدري ما تلد ' .

الملك أبو القاسم محمود بن ناصر الدين : كان يقول : حسن صورة الإنسان عناية الله عز ذكره ، فمن أحسن صورته ألقى عليه محبته ، وأحبته القلوب وارتاحت له النفوس . وقعد يوما لعرض العسكر فقرىء عليه ذكر فتى من أبناء الموالي : حين بقل وجهه - وكان مذكورا بالجمال ، فقال : اكتبوا حين بطل وجهه . ولما فتح سجستان قيل له : هذه تسمى المدينة العذراء ، فقال : أما نحن فقد تركناها عفلاء . وقيل له مولانا بطيء الحبس ، فقال : لأبي غير سريع القتل . وكان يقول : نحن نوجب الصلات كالصلاة . وشكره الأمير نصر أخوه على عدله وبذله ، فقال : يا أخي ما ننويه أكثر مما نأتيه .
فصل في لطائف سائر الظرفاء من سائر الطبقات
' جحظة البرمكي : استزاره ' ابن ' المعتز ، فكتب إليه جحظة : كنت على أن أجيب داعي مولانا ، فقطعني عن خدمته انقطاع شريان الغمام . وركب إلى بعض البخلاء ، فقال له غلمانه : إنه محموم ، فقال : كلوا بحضرته حتى يعرق . أبو الحسن بن فارس : رأى بعض أصحابنا يفرط في الجزع على ثوب سرق منه ، فقال : هون عليك نفسك ؟ فليس بقميص يوسف عليه السلام ، ولا بردة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، ولا كساء أهل البيت ، ولا ديباجة الوجه ، ولا رداء الشباب . أبو . . . . . . . : قال ابن المعتز قلت له : كم لقيت من البلدان ، قال : لا تسئل فإن شيطاني كان من الفيوج . قال : ووصف سر من رأى ، فقال : نسميه ' يغذو الأرواح ' ووصف بلدة فقال : أهلها يعيشون في ظل الكفاية . ' ابن قريعة ' ذكر الصاحب في كتاب الروزنامجة إلى ابن العميد ، فقال : شيخ يخف على الروح ظريف الجملة والتفصيل ، وله نوادر طيبة وملح عجيبة ، فمنها : إن كهلا تطايب بحضرة الأستاذ أبي محمد سأله عن حد القفا - يريد تخجيله ، فقال : ما اشتمل عليه جربانك ، ومازحك فيه إخوانك وأدبك عليه سلطانك ، وباسطك فيه غلمانك ، هذه حدود أربعة . القاضي

ابن عبد العزيز : دخل على من أطال الجلوس عنده ثم قال : لعل القاضي يقول : أبرمت فقم ، فقال : لا بل أنعمت فدم . أبو عبد الله بن لويه : الفارسي - كان يتقلد قضاء بلخ ، وكان صديق أبي يحيى الحمادي ، فكتب إليه يستهديه ما يجلب من بلخ ، فكتب إليه : قد حملت إلى الشيخ عدل صابون ، ليغسل طعمه في - والسلام . القاضي أبو الحسن المؤمل بن الخليل بن أحمد : سئل عن بست ، فقال : صفتها تثنيتها - يعني بستان . وسمعته يقول : أف لرئيس لا يجتمع الإخوان على خوانه ، ولا تقع الأجفان على جفانه . أبو نصر : الموت أربعة : الفراق ، ثم الشماتة ، ثم العزل ، ثم الخروج من الدنيا . وكان يقول : أتذكر أربع آيات من كتاب الله في أربع أحوال ؟ إذا رأيت وجهاً حسنا تذكرت قوله تعالى : ' فتبارك الله أحسن الخالقين ' ' المؤمنون : 14 ' وإذا قرأت أو سمعت كلاما حسنا تذكرت قوله تعالى : ' أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون ' ' الطور : 15 ' وإذا أكلت مع قبيح ثقيل تذكرت قوله تعالى : وطعاما ذا غصة ' ' المزمل : 13 ' ، وإذا رأيت الفيل تذكرت قوله تعالى : ' هذا خلق الله ' ' لقمان : 11 ' . علي بن حمزة : كان أبوه موسرا مضيقا عليه ، وعلي كان يستدين على موته فلما مات قال : ورثت من أحياني موته . أبو القاسم الزعفراني : قال لأبي عبد الله الحامدي وقد فصد لمرض عرض له : فصدت ، فصدت العلة . أبو الحسن المنجم : من طرف ظرفه أنه كان يقول : أنا والله أجن على جدري الوجه المليح ، ويسير الحول في العين الساحرة ، ونخوة الخلق الطيب . أبو بشر الفضل بن محمد الجرجاني : الضيافة ثلاث ، والزيارة جلسة ، والعيادة خلسة ، والدعوة يوم الحجامة ، وثاني الفصد وثالث الحجامة الدواء . ابن عبدك البصري : كان من أظرف الفقهاء ، فرئي يوما يستطعم في

قرية ، فقيل له : أتستطعم وأنت أنت ؟ فقال : لي أسوة في موسى والخضر حين ' أتيا أهل قرية استطعما أهلها ' ' الكهف : 77 ' .
فصل في لطائف الظرفاء في الطعام وما يتصل به
أبو هريرة : كان يقول : ما شممت رائحة أطيب من رائحة الخبز الحار ، وما رأيت فارسا أحسن من زبد على تمر . أبو الدرداء : من كرامة الخبز أن لا ينتظر به الأدم . الحسن البصري : بلغه أن فرقد السبخي يعيب الفالوذج ، فقال لباب البر ولعاب النحل بخالص السمن ، ما عابها مسلم . عمر بن عبد العزيز : أفرش طعامك اسم الله وألحفه حمد الله . يحيى بن خالد : عليك من الطعام بما حدث ، ومن الشراب بما قدم . إبراهيم بن العباس : الخبز ليومه ، والطبيخ لساعته ، والنبيذ لسنته . أحمد بن الطيب : اللذات اللحمانية : أكل اللحم وركوب اللحم وإدخال اللحم في اللحم . أبو بكر محمد بن المظفر : كل طعام أعيد عيه التسخين فهو لا شيء ، وكل شراب لا يستكمل عليه أربعة أشهر فهو لا شيء ، وكل غناء خرج من تحت شعر فهو لا شيء . الحسن بن سهل : كان يقول : من طعام الملوك المخ والمح والحمل الذي رضع شهرين ورعى شهرين ، والدجاج الفتي الكسكري المسمن بلباب البر ، وفراخ الحمام البيتي لا البرجي ؛ ومن الحلواء اللوزينج بالطبرزد ، وماء الورد المبخر بالند ؛ ومن الفواكه قصب السكر والرطب الازاد والتين الوزيري والعنب الرازقي والتفاح الشامي ، ومن الرياحين الورد ، ومن المسك الأذفر والبنفسج المعنبر والنرجس المورد والشاهسفرم المكوفر . أبو محمد بن أبي الثياب : وقد حضر دعوة لأبي القاسم الدينيوري فقال : أتانا بأرغفة كالبدور المنقبة بالنجوم ، وملح كالكافور السخين ، وخل كذوب

العقيق ، وبقل أهش من خضرة الشراب على المرد الملاح ، وحمل له من الفضة جسم ومن الذهب قشر ، وقلية أشهى من رضاب المعشوق ، وطباهجة من شرط الملوك كأعراف الديوك ، وأرزة ملبونة في الطبرزد مدفونة ، وفالوذجة مزعفرة مسمونة : له في الحشا برد الوصال وطيبه . . . وإن كان تلقاه بلون حريق كأن بياض اللوز في جنباته . . . كواكب لاحت في سماء عقيق ثم جاءنا بشراب كالعيشة الراضية أرق من دمع اليتيم على باب القاضي ، وسماع أغاني مطربات الغواني . أبو القاسم الصوفي : نديم فناخسرو ، وكان سالار المطبخ في دار خسرو يأمره يسئل الصوفي عما يقترحه من أطايب الأطعمة ، فسأله يوما عن ذلك ، فقال : الشهيد ابن الشهيد والشيخ الطبري في الرداء العسكري وقبور الشهداء ، فلم يفطن لمراده فاستفسره ما قال ، فقال عنيت الحمل والأرز باللبن والقطائف . فرفع الخبر إلى فناخسرو ، فاستظرفه وتحفظ الألقاب . أبو منصور سعيد بن أحمد اليزيدي : مصروف الصاحب - سأله أبو نصر بن أبي زيد عما يحبه ويتشهاه من الأطعمة ، فقال : قشور الدجاج الفتية المشوية ، والسكباجة النمامة بين لحم البقر ولحم الحمل السمين ثم ينفى عنها لحم البقر ويوضع عليها السكر ويطيب بالعنبر ، والهريسة بلحوم الحملان والفراريج السمان ، وما على جنوب الحملان الرضع من اللحم المجزع الملبقة بالأرز المدقوق ، واللبن الحليب والعسل والطبرزد والقطائف المعمولة باللوز المدقوق والطبرزد المسحوق المبخرة بالند المشربة بالجلاب وماء الورد . فقال : يا أبا منصور قد تحلب فمي من هذا الوصف ، أشهد أنك من

أبناء النعم والمروآت . ابن العميد : كان يقول : أطيب ما يكون الحمل إذا حلت الشمس الحمل . أبو العباس المبرد : قال : اجتزت يوما بسذاب الوراق وهو قاعد على باب داره ، فقام إلي ولاطفني وعرض علي القرى ، فقلت : ما عندك ؟ قال : عندي أنت وعليه أنا - يعني أن عنده السكباج المبرد وعليه السذاب المقطع ، فاستظرفت هذه النادرة ونزلت عنده . الجاحظ : قال : كنت يوما على مائدة محمد بن عبد الملك ، فقدمت فالوذجة فأومأ بأن يجعل ما رق منها على الجام مما يليني تولعا بي ، فتناولت وظهر بياض الجام بين يدي ، قال : يا أبا عثمان قد تقشعت سماؤك قبل سماء غيرك ، فقلت : أصلحك الله لأن غيمها كان رقيقا . ابن حمدون النديم : كان يقول : من أكل مع الملوك والأمراء والسادة فليكن أظفاره مقلومة ، وطرف كمه نظيفا ، ولقمته صغيرة ، وليأكل مما بين يديه ، ولا يدسم الملح والخل . البديع الهمذاني : من أكل على موائد الرؤساء ، فلا تسافرن يده على الخوان ، ولا يرعين أرض الجيران ، ولا يأخذن وجوه الرغفان ، ولا يفقأن أعين الألوان . أبو سوادة الرازي : إياك والسبق إلى بيضة المقلة ، والإستئثار بكلية الحمل وخاصرة الجدي ومخ العظم وعين الرأس ، ولا تكونن أول آكل وآخر تارك ، ولا تتجشأن على المائدة ، ولا تبزقن في الطست ، ولا تتخلل بعد غسل اليد . أبو عبد الله الجماز : لا يقوى على الصوم إلا من طاب تأدمه وطال تلقمه ودام تنعمه . أبو جعفر الموسوي الطوسي : كتب إلى صديق له : عندي يا سيدي سفيذناجة ، كأنما طبخت بنار شوقي إليك ، وقلية أحمض من فراقي إياك ، وخبيص أحلى من مودتي لك .

أبو الحسين الهروي الهمذاني : قال يوما لندمائه : تعالوا بنا نتكرم اليوم ، قالوا : وأي يوم لا يتكرم سيدنا فيه ؟ فقال : إنما أردت التكرم من الكرم لا من الكرم . قالوا : وكيف ؟ قال : عندي الاستمتاع بمرافق الكرم دون غيره ، وهو أن نستوقد بقضبان الكرم ، ونأكل سكباجة وقلية حصرمية وحلواء دفسية ونشرب القبي ونتنقل بالزبيب ففعلوا وطاب يومهم .
فصل
فيما ينسب إلى أبي الطيب الحراني ، أحد كتاب العراق وظرفائها وندماء الوزراء بها من مخاطبات الشراب لفنون الأطعمة بزيادات أبي نصر سهل بن المرزبان - للخبز واللحم : الأبوان الشقيقان لا فرق الله بينهما ، للكرينية والقنبيطية : الشيخ السيد ولي النعمة من عبده وخادمه ، للاسفيذناج السعدي : الشيخ الفاضل المعتمد ، للطاهرية الشيخ ، للهريسة : الشيخ الثقة ، للفتية : الشيخ الرئيس ، للترفية بلا لحم الكبير له الشيخ الخائن ، للرمانية : شيخي وسيدي ، للعدسية : شيخي وخليلي ، للسماوية : شيخي وكبيري ، للحصرمية : الأخ الجليل مولاي من ربيت نعمته ، للسكباج : الأخ المظلوم - لأنه جعل حلالا ، للزبرباجية : الأخ الظريف ، للتنورية بلا لحم : أخي وسيدي ، لتنورية مع لحم البقر والغنم الدهقان : سيدي ومولاي ، جواذبة الرغيف : الشيخ الوفي ، الحريرة : الشيخ الشريف ، لجواذبة الأرز : الشيخ البهي ، للرشتة باللحم : سيدي ، للأخصة باللحم : القائد سيدي ومولاي ، وبلا لحم : القائد الفاخر ، الأرز باللبن والسكر : الشيخ النظيف اللين الظريف ، وبلا لبن : الشيخ النقي ، للقانق والبطون الباذان : سيدي ومولاي ، القلية المغمومة : سيدي وعمدتي ، القلية المدقوقة : سيدي ومعتمدي ، للنرجسية بالحبوب : سيدي وقرة عيني ، للقلية : أخ الكريم ، للعجة باللحم : أخي وسيدي ، وبلا لحم : أخي وعمدتي ، للقلية الحامضة : أخي للحمل المشوي

الحار : الأستاذ الرئيس ، للبارد منه : الأستاذ مولاي ، وإذا كان مطبوخاً الأستاذ الوافي ، للجنب المشوي الحار : خليفة الأستاذ الرئيس ، البارد منه : الأستاذ سيدي وعميدي ، الدجاجة الملهوجة : ولدي وعزتي ، ومع الصباغ : ولدي وقرة عيني ، الكباب على النار : أثيري وسيدي ، وللمقلي بالدسم : رئيسي ، السنبوسحة الحارة : جليسي ، للبرناورد : رفيقي السمك الكيا لأنه من بلاد الدد الحلاوات كلها الشريف لأن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان يحبها ، البوارد مع المصوص وشيء من اللحم ، جماعة الموالي ، الكوامخ والرواصل : جماعة التفاريق ، البوراني المدهن : الأخ مولاي ، ثريد الباقلاء : الشيخ النبيل ، الكبولا : صديقي ، الجبن والخبز : النذلين الرديين ، القديدة : الأخ النبيل ، ظهر الظبي مشويا : الأخ النفس ، الرؤس : الشيخ المغيث ، الأكارع : الأخ السديد ، المصوص : سيدي ومفرج كربتي .
فصل في لطائف الظرفاء في الشراب وما يتصل به
' حنين بن إسحاق المترجم : اتفق له هذه اللفظة الوجيزة الشريفة البديعة التي لم أسمع للبلغاء مثلها ، في الجمع بين التجنيس والطباق والترصيع مع حسن المعنى وجودته وصحته ، وهي : قليل الراح صديق الروح ، وكثره عدو الجسم . هبة الله بن المنجم : اتفق له هذه اللفظة البديعة البليغة الظريفة أيضا في تفريق التجنيس ومفارقة الإعجاز ، مع السهولة والعذوبة وحسن الصنعة وطلبت مثلها ، فعز وأعوز ، وهي قوله : الشراب على غير الدسم سم وعلى غير النغم غم . أبو الحسن المنجم : من كلامه الذي يقطر منه ماء البلاغة والظرف ، قوله : إذا راق الربيع ، ورق النسيم ، وامتدت سماء الند على ارض الورد ، وحضرت الراح والأوجه الملاح ، وتجاوبت الأطيار والأوتار ، حفت أيدي الطرب على الجيوب وهتكت أستار القلوب . أبو نواس : دخل كرما في وقت الحصرم ، فلما رآه رفع يديه وقال : اللهم سود وجهه واقطع حلقه واسقني من دمه .

ابن عائشة القرشي : قيل له : إن فلانا قد تاب من النبيذ ، فقال : قد طلق الدنيا ثلاثا . مطيع بن أياس : إن في النبيذ لمعنى في الجنة لن الله تعالى ذكر عن أهلها إنهم يقولون : ' الحمد الله الذي أذهب عنا الحزن ' ' فاطر : 43 ' ، والنبيذ يذهب عنا الحزن . بشار بن برد : قيل له : أي متاع الدنيا خير عندك ؟ قال : طعام بر وشراب مر وابنة عشرين بكر وقيل : قيل ذلك لوالبة بن الحباب فقال : رغيف أزهر ، وطبيخ أصفر ، ونبيذ أحمر ، وغلام أحور ، وكيس أعجر . أبو محمد السرجي : كان من ظرفاء الفقهاء والمحدثين ببغداد ، فركب يوما في سفينة مع نصراني ، فلما بسط سفرته سأل السرجي مساعدته ، ففعل ، ولما فرغا أحضر شرابه ، فحكى : لونه عين الديك ، وريحه فارة المسك - وأراد السرجي أن يجد رخصة ، فقال : ما هذه ؟ وتوهم النصراني لمراده ، فقال : خمر اشتراها غلامي من يهودي ، فقال : نحن أصحاب الحديث ، نكذب سفيان بن عيينة ويزيد بن هارون أفنصدق نصرانيا عن غلام يهودي والله ما أشربها إلا لضعف الاسناد ، ومد يده إلى الكاس وشربها . أبو عمر القاضي : سأل حامد بن العباس في أيام وزارته علي بن عيسى - وهو على الدواوين - عن دواء الخمار ، فتلجلج وقال : لست من رجال هذه المسألة ، فأقبل علي أبي عمر وقال : أيها القاضي أفتنا في دواء الخمار ، فتنحنح وأصلح من صوته وقال : قال الله عز وجل وقوله الحق : ' وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ' ' الحشر : 7 ' ، وقد قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : استعينوا في الصناعات بأربابها . ومن أرباب هذه الصناعة في الجاهلية الأعشى وهو يقول : وكأس شربت على لذة . . . وأخرى تداويت منها بها وفي الإسلام أبو نواس :

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء . . . وداوني بالتي كانت هي الداء وفي عصرنا من يقول : ما دواء الخمار غير العقار . . . لصريع يدعى صريع الخمار فقال علي بن عيسى : أنظر إلى قاضي القضاة ، قد استشهد بالقرآن والخبر وتفصى عن تبري الثقلاء . أبو الفتح كشاجم : كان يقول : لولا أن المخمور يعرف قصته لقدر وصيته . أبو الفتح المحسن بن إبراهيم : ذكر الشمس والصبوح : فلما ذر قرنها وارتفع الحجاب عن حاجبها ولمعت في أجنحة الطير وذهبت أطراف الجدران افتضضنا عذرة الصباح لمباكرة الأقداح ، فلم تترجل الشمس حتى ركبنا غوارب الأفراح . أبو عمرو العرقوبي السجزي : سمعته يقول : أمهات العالم أربع : الماء والنار والأرض والهواء ، وقد اختصت الخمر منها بثلاث ، فأخذت لون النار وهو أحسن الألوان ، وعذوبة الماء وهو أطيب المذاقات ، ولطافة الهواء وهو أرق الأشياء . أبو الحسن بن فارس : قدم إلى صديق له نبيذ التمر ، فقال : ما شرابك هذا ؟ فقال أما ترى ظلمة الحلال ، ثم نظمه بقوله : رأى نبيذا فقال مهلا . . . تشرب خمرا ولا تبالي فقلت هذا نبيذ تمر . . . أما ترى ظلمة الحلال أبو نعيم الفضل بن دكين : قيل له : ما تقول في النبيذ المروق المصفى المصفق المعسل المعتق ؟ فجعل يتمطق ويقول : أخاف أن لا استقل بشكر الله على النعمة فيه .
فصل في السماع وفي المغنين
علي بن عيسى : قال : أمهات لذات الدنيا أربع : لذة الطعام ، ولذة

الشراب ، ولذة النكاح ، ولذة السماع ، واللذات الثلاث لا يتوصل إلى كل منها إلا بحركة وتعب ومشقة ، ولها مضار إذا استكثر منها ، ولذة السماع قلت أم كثرت صافية من التعب ، خالصة من الضرر . وقد نظم الشاعر هذا المعنى فقال : وجدت رئيسة اللذا . . . ت أربعة إذا تحسب فمنها لذة المنك . . . ح والمطعم والمشرب ويبقى بعدها أخرى . . . من الصوت الذي يطرب وهذه قد تفيد النف . . . س إبهاجا ولا تنصب مؤلف الكتاب : من خصائص السماع أنه إحدى يحجزه شيء ، وأن الجمع بينه وبين كل لذة عمل ممكن ، فإن الغنم والإبل والحمير والوحش والطير والصبيان الرضع تستطيبه ، وتصغي إلى الفائق منه . وقال بعض الفقراء المتكلمين : وقد اختلف الناس في السماع ، فأباحه قوم وحظره آخرون ، وأنا أخالف الفريقين ، فأقول بوجوبه لكثرة منافعه وحاجة النفوس إليه وحسن أثر استمتاعها به . ووصف أحمد بن يوسف غناء إبراهيم بن المهدي ، فقال : القلوب منه على خطر فكيف الجيوب . ووصف الحسن بن وهب مغنيا ، فقال : كأنه خلق من كل قلب ، فهو يغني كلا بما يشتهيه . ووصف بعضهم آخر فقال : لغنائه في القلب موقع القطر في الجذب . ووصف آخر آخر فقال : إذا غنى ودت أعضاء السامعين أن تكون آذانا . وقال آخر : غناؤه كالغنى بعد الفقر وهو عذر السكر . وفي كتابنا المبهج : خير المطربين من نغم نغمته تطرب وضروب ضربته لا تضطرب وفيه أيضاً : خير القيان من كان الحسن في خلقها والطيب في حلقها والمنح في خلقها . وقال ابن عياش : خير الغناء ما أشبه الزمر وخير الزمر ما أشبه الغناء . وفي هذا المعنى يقول عبيد الله بن عبد الله بن طاهر :

يا صاح هلا زرتنا في مجلس . . . حضر السرور به ونعم الحاضر زمر المغني فيه من إحسانه . . . والكأس دائرة وغنى الزامر وسمعت أبا بكر الخوارزمي : غير مرة يقول : أنا أحفظ في هجاء المغنين ما يقارب ألف بيت وليس فيه أبلغ وأوجز وأطرب من قول أبي الفتح كشاجم : ومغن بارد النغ . . . مة مختل اليدين ما راه أحد في . . . دار قوم مرتين

الباب الخامس من تكلم كل من صناعته وحرفته وحاله سوى ما عمله الجاحظ من ذلك
فصل المعلمين
قال ابن مجاهد : جرى ذكر علي بن عيسى الوزير وحرفه عن الوزارة بحامد بن العباس عند بعض المعلمين ، فقال : قد رفعوا مصحفا ووضعوا طنبورا ، وقيل له : إن علي بن عيسى قد ولي الديوان بعد الوزارة ، فقال : قد نرى أنه رد من طه إلى بسم الله . وقيل لبعضهم : ارتفع ابن أبي البغل ، فقال : قل هو الله ' أحد ' شريف وليست من رجال يس . وقيل بعضهم : ماالسرور ؟ قال : كثرة عدد الصبيان وكثافة حروف الرغفان . ووصف ابن مجاهد المقرىء قوما متقاربين ، فقال : هم كرغفان المعلم وإبل الصدقة . وذكر إنسانا ثقيلا فقال : هو اثقل من يوم السبت على الصبيان . وكتب إلى صديق له : ' كهيعص ' ' مريم : 1 ' إني إليك جد صاد ، ' والصفت ' ' الصافات : 1 ' إن شوقي إليك فوق الصافات والحواميم ، إني من فراقك في لعذاب الأليم . وهجا قوما بالبخل على الطعام ، فقال : قد حفظوا القرآن واستظهروا . . . ما فيه إلا سورة المائدة

وقال في وصف جبة : دب فيه البلى فدقت ورقت . . . وهي تقرأ ' إذا السماء انشقت ' وقال في بعض الرؤساء : قرأت آية السرور من تلك السورة .
فصل في تشبيه أربعة نفر البدر بما أعربوا به عن صناعتهم وأحوالهم
' حدثنا أبو محمد المعلى بن أحمد الكردي : وكان بديعا لم ير مثله في الأفراد فكيف في الأكراد : وصار بفضل أدبه ومروءته وكرمه على حداثة سنه وغضاضة عوده من وجوه نيسابور ، فاحتضر واخترم في عنفوان شبابه . قال : اجتمع في محله ناكل - وهي محلة الأكراد ، فيما بين الشامات ورستاق بشت - صابغ وكردي ومعلم ومتفقه يدعي العشق ، وديلمي صاحب تشبيب ، فأصحروا عشية يتماشون ويتحادثون وطلع البدر لتمه ، فاستحسنوه وقالوا : لا بد لنا من تشبيهه فليشبهه كل واحد منا بما يحضره فبدأ الصابغ وقال : كأنه سبيكة خرجت من البوتقة . وقال الكردي : كأنه جبن خرج من القالب . وقال المتفقه العاشق : كأنه وجه المعشوق طلع على العاشق ، وقال المعلم : كأنه رغيف حواري خبز في دار غنى ، واسع الرحل ، وقال الديلمي : كأنه ترس ذهب يحمل بين يدي ملك .
فصل في الأدباء والنحويين
وصف بعضهم مستذلا ممتهنا ، فقال : هو زيد المضروب والعود المركوب . وقال أبو الحسن الكسائي : إعجام الخط يمنع من استعجامه وشكله يمنع من إشكاله . وسمع أبو عثمان المازني : من بطن رجل قرقرة ، فقل : هي ضرطة مضمرة . وذكر أبو عبد الله المرزباني : في كتابه ' كتاب معجم الشعراء ' أبا الحسن سعيد بن مسعدة المعروف بالأخفش النحوي البصري الأوسط ، قال : أخذ النحو عن سيبويه : وكان أسن من سيبويه ، ثم

أدب ولد المعذل بن غيلان فكتب يوما إلى ابن المعذل وقد احتاج إلى أن يركب دابة في حاجة : أردت الركوب إلى حاجة . . . فمر لي بفاعلة من دبيب فأجابه ابن المعذل بقوله : تريد بنا يا أخا عامر . . . ركوبا على فاعل من غريب وقال محمد بن أبي محمد اليزيدي في الهجاء : يا أفخر الناس بآبائهم . . . أتيتنا بالعجب العاجب قلت وأدغمت أبا خاملا . . . أنا ابن أخت الحسن الحاجب وقال أبو الحسن اللحام : لما صرف عن بريد الحاجب الترمذي بأبي محمد المطران الشاشي : قد صرفنا وكل من . . . قبلنا فهو قد صرف وصرفنا بشاعر . . . نعته ليس ينصرف وقال أيضا في الشكوى : أنا من وجوه النحو فيكم أفعل . . . ومن اللغات إذا تعد المهمل حال تنشفت الليالي ماءها . . . وتجمل لم يبق فيه تحمل وقال أبو سعيد الرستمي : يعاتب الصاحب : أفي الحق أن يعطى ثلاثون شاعراً . . . ويحرم ما دون الرضا شاعر مثلي كما ألحقت واو بعمرو زيادة . . . وضويق بسم الله في ألف الوصل

وقال يزيد بن حرب الضبي : في حفص بن أبي بردة يهجوه وقد لحن مرقشا في شعر له : لقد كان في عينيك يا حفص شاغل . . . وأنف كثيل العود عما تتبع تتبع لحنا في كلام مرقش . . . وخلقك مبني على اللحن أجمع فعيناك إقواء وأنفك مكفأ . . . ووجهك إيطاء وأنت المرقع قال الخليل : الإقواء أن يكون بعض القوافي مرفوعا ، وبعضها منصوبا ، وبعضها مخفوضا ؛ والإكفاء أن يكون بعض القوافي على حرف ، وبعضها على حرف آخر ؛ والإيطاء ، إعادة القافية من غير اختلاف المعنى . وأنشد أبو نصر العتبي : لنفسه : فديت من وجهه بالحسن مخطوط . . . وخده بمداد الحسن منقوط تراه قد جمع الضدين في قرن . . . فالخصر مختصر والردف مبسوط وأنشدني أبو الفتح البستي : لنفسه : أفدي الغزال الذي في النحو كلمني . . . مناظرا فاجتنيت الشهد من شفته ثم افترقنا على رأي رضيت به . . . فالرفع من صفتي والنصب من صفته وأنشدني أيضا لنفسه : عزلت ولم أذنب ولم أك خائنا . . . وهذا لإنصاف الوزير خلاف حذفت وغيري مثبت في مكانه . . . كأني نون الجمع حين يضاف غيره : أدرجت في أثناء نسيانكم . . . حتى كأني ألف الوصل

وكتب الأستاذ أبو العلاء بن حسول : إلى صديق له : يا من له في الحسن تبريز . . . وقيت لي أين الشواريز صنفان ذا تعجمه بقلة . . . وينقط الآخر شونيز وذكرت متنزهات الدنيا في مجلس ابن دريد ، فقال : قد ذكرتم نزه العيون فأين أنتم من نزه القلوب ؟ قيل : وما هي ؟ قال : كتب الجاحظ وأشعار المحدثين . وكان المبرد ، يقول : رداءة الخط زمانة الأدب . وقال ابن المعتز : وندمان سقيت الراح صرفا . . . وأفق الليل مرتفع السجوف صفت وصفت زجاجتها عليها . . . كمعنى دق في ذهن لطيف
فصل الوراقين
قيل لوراق : ما السرور ؟ قال : جلود وأوراق وحبر براق وقلم مشاق . وسئل وراق عن حاله فقال : عيشي أضيق من محبرة ، وجسمي أدق من مسطرة ، وجاهي أرق من الزجاج ، ووجهي أشد سوادا من الزاج ، وحظي أخفى من شق القلم ، ويدي أضعف من القضب ، وطعامي أمر من العفص ، وسوء الحال ألزق بي من الصمغ . وهجا بعضهم رجلا فقال : ما فيه من عيب سوى أنه . . . أبغى من الإبرة والمحبرة
فصل القراء والمحدثين
عشق بعض القراء غلاما ، فكان إذا سأله قبلة أو ضمة ، قال له : ' أفيضوا علينا من الماء ' ' الأعراف : 50 ' ، وكان إذا خرج ولم يعلم بخروجه فيصل جناحه

ويأنس بصحبته قال له : ' لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ' ' الأعراف : 188 ' وإذا اقتضاه وعدا قال ' متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ' ' يس : 48 ' ، وإذا اشتكى خلقه ، قال : ' يا أيها اللذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ' ' الصف : 2 ' وإذا خرج إلى نزهة أو غيرها واقتفى أثره قال : ' ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ' ' التوبة : 120 ' وإذا بلغ عنه ما لم يقله فتنكر له قال : ' يا أيها اللذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ' ' الحجرات : 6 ' . وحدث ابن سماك بحديث فقيل له : ما اسناده ؟ فقال : هو من ' والمرسلات عرفا ' ' المرسلات : 1 ' . وعشق محدث غلاما ، فقال فيه : يا سيدي عندك لي مظلمه . . . فاستفت فيها ابن أبي خيثمه فإنه يرويه عن جده . . . وجده يرويه عن عكرمه عن ابن عباس عن المصطفى . . . نبينا المبعوث بالمرحمه أن صدود الخل عن خله . . . فوق ثلاث ربنا حرمه وأنت مذ شهر لنا هاجر . . . أسرفت في الهجران فينا لمه وقال فيه أيضا : يا حسن المقلتين والجيد . . . ومخلفي سابق المواعيد حدثنا الأزرق المحدث عن . . . عمر بن شمر عن ابن مسعود لا يخلف الوعد غير كافره . . . وكافر في الجحيم مصفود وقال بعضهم في ذم الزمان : هذا الزمان الذي كنا نحذره . . . فيما يحدث كعب وابن مسعود

إن دام هذا ولم يحدث له غير . . . لم يبك ميت ولم يفرح بمولود وقال ابن محدث لأبيه : يا أبت أخبرني فلان عن فلان أنه يبغضني ، فقال : يا بني فأنت بغيض باسناد .
فصل الفقهاء والمتكلمين
قال بعضهم : من كلام له : إذا جاء النص بطل القياس وعشق بعضهم غلاما وقبله فآذاه ، فلما أضجره قال له الغلام : ويحك ما تريد مني ، قال : ما لا يجب علي فيه حد ، ولا عليك غسل . وفي هذا المعنى يقول أحدهم : فديتك قد فضحت الورد خدا . . . وقد أتعبت خوط البان قدا فماذا كان لو داويت مني . . . عليلا هده الهجران هدا يلم بقبلة وقليل وصل . . . يصد به عن المحظور صدا فليس بملزم إياك غسلا . . . وليس بملزم إياي حدا وقال أبو سعيد بن دوست أيضاً : مولاي إن غبت فلا تستمع . . . في مقال الغائب العائب وقل على مذهب أصحابنا . . . لا ينفذ الحكم على الغائب وقال بعضهم : أقول والقلب مني في تلهبه . . . يا بدر يا غائبا في أفق مغربه نذرت لله صوما إن رجعت وما . . . كفارة النذر إلا في الوفاء به

وقال الأمير أبو الفضل الميكالي : أقول لشادن في الحسن فرد . . . يصيد بلحظه قلب الكمي ملكت الحسن أجمع في نصاب . . . فأد زكاة منظرك البهي فقال : أبو حنيفة لي إمام . . . وعندي لا زكاة على الصبي وحدثني أبو علي السوري : قال : جمعتني وعلي بن حمزة الطبيب الفقيه دعوة ، فلما نظمتنا المائدة رفع صاحب الدعوة إلى غلامه كوز شراب له ليدفعها إلى علي بن حمزة ، فدفعها إلى غيره ، فقال : يا بني تعديت المنصوص عليه . وقال القاضي التنوخي : من قصيدة : وكأن السماء خيمة وشى . . . وكأن الجوزاء فيها شراع وكأن النجوم بين دجاها . . . سنن لاح بينهن ابتداع وكتب الشيخ أبو المحاسن سعد بن محمد بن منصور : رئيس جرجان إلى بعض الكبراء كتاب ، فكتب : خاطبته بخطاب دللت فيه على غلوي في دين وده ، وضربي سكة الإخلاص باسمه ، وتلاوتي سورة معاليه التي يكل لطولها لسان راويها ، وإيماني بالشريعة التي بعث - والحمد لله - نبيا فيها ، فدعا لها دعوة ، استجابت لها الدهماء ، وحجت لفضله الآمال والأنضاء ، وخلد ذكره في صحف المكارم تخليدا ، واعتقد الخلود من سؤدده علما لا تقليدا ، وقضى حكام المجد بأنه الذي تلقى رايات العلى باليمين ، وتوخى نظم شاردها بعرق الجبين . ولأبي سعيد بن دوست : في إيثار السنة والجماعة : يا طالب الدين اجتنب سب الهوى . . . كي لا يغول الدين منك غوائل

الرفض هلك واعتزالك بدعة . . . والشرك كفر والتفلسف باطل وأنشدني أبو الفتح الأصفهاني : لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد النظام في الجاحظ : حبي لعمرو جوهر ثابت . . . وحبه لي عرض زائل به جهاتي الست مشغولة . . . وهو إلى غيري بها مائل وأنشدني يونس القاضي الجرجاني : للصاحب : ولما تناءت بالأحبة دارهم . . . وصرنا جميعا من عيان إلى وهم تمكن مني الشوق غير مسامح . . . كمعتزلي قد تمكن من خصم وأنشدني أيضاً له : كنت دهرا أقول بالاستطاعه . . . وأرى الجبر ضلة وشناعه فعدمت استطاعتي في هوى ظب . . . ي فسمعا للمجبرين وطاعه
فصل القصاص والمذكرين والمتصوفين
وصف بعضهم فرسا ، فقال : كأنه إذا علا دعاء ، وإذا هبط قضاء . وقال بعضهم : إذا رأيتم رياض الجنة فارتعوا فيها - يعني مجالس الذكر . وقال آخر : الدعاء مفتاح الرحمة ، والصدق صداق الجنة . ومدح ابن سمعون القاص : المهلبي الوزير ، فقال : إبراهيمي الجود ، وإسماعيلي الصدق ، شعيبي التوفيق ، محمدي الخلق . ومن أشعارهم التي تكرر : إعمل بعلمي وإن قصرت في عملي . . . ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري

وكان ابن السماك : يقول : مثل المذكر كالنخلة لا يزال منها رزق ورفق . وكان يقول : التصوف ترك التكلف ، ونور الحقيقة أحسن من نور الحديقة . وقال البستي : تنازع الناس في الصوفي واختلفوا . . . فيه وظنوه مشتقا من الصوف ولست أمنح هذا الإسم غير فتى . . . صافي فصوفي حتى لقب الصوفي وقال بعضهم في غلام منهم : وشادن يدعى التصوف قد . . . أورثت الذهن حيرة صفته أصفي له مهجتي تصوفه . . . ورقعت توبتي مرقعته ونقش بعضهم على خاتمة : ' أكلها دائم ' ' الرعد : 35 ' . وقال أخر : العيش فيما بين الخشبتين : يعني الخوان والخلال وسئل بعضهم عنه ، فقال : كانوا متوكلين فصاروا متآكلين .
فصل الكتاب والبلغاء
قال بعضهم في فضل الكتابة : إن الله تعالى أضافها إلى نفسه وأقسم بالقلم كما أقسم بالشمس والقمر . وقال آخر : فلان أثقل من شعرة القلم . وقال أبو الفرج بن هندو : جرى قلم القضاء بما يكون . . . فسيان التحرك والسكون جنون منك أن تسعى لرزق . . . ويرزق في غشاوته الجنين وقال أبو الفتح البكتمري :

قمر كأن قوامه . . . من قد غصن مسترق وكأنما قلم الزم . . . رد فوق عارضه مشق وقال عيسى بن فروخانشاه : القلم الرديء كالولد العاق وقال الصاحب : كالأخ المشاق . وتطير الأعسر الوراق : من الوراقة وضجر فقال : ' ما ' خلق الله أشقى من الوراق ، ولا أشأم من الوراقة ؛ فالألف آفة ، والباء بخس ، والتاء تعس ، والثاء ثلم ، والجيم جحد ، والحاء حرقة ، والخاء خوف ، والدال داء ، والذال ذل ، والراء ريب ، والزاي زجر ، والسين سم ، والشين شين ، والصاد صد ، والضاد ضر ، والطاء طر ، والظاء ظلام ، والعين عيب ، والغبن غم ، والكاف كفر ، والفاء فقر ، والقاف قبر ، واللام لوم ، والميم مرق ، والنون نوح ، والواو ويل ، والهاء هوان ، والياء يأس ؛ قيل له : فلام الألف ؟ قال : هو والله جلم يقطع الرزق ويجلب الحرق . وناقضه أبو الحسين أحمد بن سعد الكاتب بقوله : الألف أمن ، والباء بهجة ، والتاء توبة ، والثاء ثروة ، والجيم جمال ، والحاء حلاوة ، والخاء خير ، والدال دواء ، والذال ذكر ، والراء راحة ، والزاي زيادة ، والسين سرور ، والشين شفاء ، والصاد صلاح ، والضاد ضياء ، والطاء طيب ، والظاء ظل ، والعين عز ، والغين غنى ، والفاء فرح ، والقاف قدرة ، والكاف كفاية ، واللام لذة ، والميم ملك ، والنون نعمة ، والواو وقاية ، والهاء هداية ، والياء يسر . وصودر بعض الحمال وقدم كاتبه ليصادر : فقال المصادر : إن القرآن ناطق بأنه لا تحل مصادرة الكتاب ، فقال : وكيف وأين ؟ فقال : حيث يقول : ' ولا يضار كاتب ولا شهيد ' ' البقرة : 282 ' فضحك منه وأعفاه . وسخط حمولة اليزدجري : على كاتبه فحبسه ، فكتب إليه : ونحن الكاتبون وقد أسأنا . . . فهبنا للكرام الكاتبينا فرضي عنه وأطلقه .

فصل الشعراء
قال تميم لسلامة بن جندل إمدحنا بشعرك ، قال : افعلوا حتى أقول ، فإن اللهى تفتق اللهى . وسمع الفرزدق رجلا ينشد قصيدة لجرير في هجاء الفرزدق ، فقال له : يا أجرأ من خاصي الأسد لست تعرفني حين تنشد هجائي ؟ قال : يا أبا فراس أنا راوية ، قال : أما علمت أن الراوية أحد الشاعرين ؟ ونظر مروان بن أبي حفصة : إلى ابنه أبي الجنوب وهو يصلي صلاة خفيفة ، فقال له : يا بني صلاتك رجز . ولما بلغ أحمد بن هشام قول إسحاق الموصلي : وصافية تعشى العيون رقيقة . . . سليلة عام في الدنان وعام أدرنا بها الكأس الروية بيننا . . . من الليل حتى انجاب كل ظلام فما ذر قرن الشمس حتى كأننا . . . من العي نحكي أحمد بن هشام قال : يا أبا محمد لما هجوتني ؟ قال : لأنك قعدت على طريق القافية . ومدح أبو بكر الخوارزمي رجلا شريفا من قوم أشراف هو أشرفهم ، فقال : هو بيت القصيدة وواسطة القلادة . وقال الخليع الشامي : أعطاء الشعراء من فروض الأمراء . وقال آخر : إعطاء الشعراء من بر الوالدين . وقيل : رب بيت شعر خير من بيت شعر . قال المؤلف : من جلب در الكلام ، حلب در الكرام . وقال خلف الأحمر : الشعر ديوان العرب ، والشعراء ألسنة الزمان ، والمدح مهزة الكرام . وقال الحطيئة : ويل للشعر من رواة السوء . وقال دعبل : سأقضي ببيت يحمد الناس أمره . . . ويكثر من أهل الرواية حامله يموت ردي الشعر من قبل أهله . . . وجيده يبقى ، وإن مات قائله

وقال الرضي الموسوي من قصيدة أجاب بها شاعراً : وصلت جواهر الألفاظ منها . . . بأعراض المفاصل والمعاني كأن أبا عبادة شق فاها . . . وقبل ثغرها الحسن بن هاني
فصل الأطباء
أبو أيوب الطبيب : من دعائه : اللهم اسقنا شربة من حبك تسهل ذنوبنا . ووصف أبو الحسن الضمري المهلبي الوزير ، فقال : دموي المزاج ، صفراوي الذكاء ، سوداوي الرأي ، ولو لا ما في لفظة البلغم من الكراهة لقلت بلغمي الأناة . ووصف طبيب طبيباً فقال : ينظر إلى العليل نظر بقراط ، ويجس جس جالينوس ، ويصف وصف أغلوقن ، ويعالج علاج أهرن . وقال بختيشوع : للمأمون : يا أمير المؤمنين لا تجالس الثقلاء ، فإنا نجد في كتبنا أن مجالستهم حمى الروح ، فقال : ' وأنا على ذلكم من الشاهدين ' ' الأنبياء : 56 ' . وجرى ذكر الكبائر في مجلس يوحنا بن ماسويه ، فقالوا : من الكبائر : أعمى على كوة ، وبائع خزف يرتبط سنوراً ، ومخنث يؤذن ، وشرطي يصلي الضحى ؛ فقال ابن ماسويه : وطبيب يعرض قارورة نفسه . وسئل بختيشوع عن حرب شهدها ، فقال ؛ لقيناهم في مثل صحن المارستان ، فما كان إلا بقدر ما يختلف الإنسان مجلسين حتى تركناهم في أضيق من محقنة ، فلو طرح مبضع لما سقط إلا على أكحل رجل . وسئل بختيشوع عن أشعر الشعراء ، فقال الذي يقول : أحمد ، قالي لي ولم يدر ما بي . . . أتحب الغداة عتبة حقا ؟ فتنفست ثم قلت : نعم ح . . . با جرى في العروق عرقا فعرقا لو تجسين يا عتيبة روحي . . . لوجدت الفؤاد قرحا تفقا

وإنما صار أشعر الناس عنده لذكره العروق والجس والقرح . ومن أمثال الأطباء النفيسة في صناعتهم وأحوالهم قولهم : كل كثير عدو الطبيعة ليس على الطبيب الإسفيذباج صانع الطبيب قبل أن تمرض الكرم عن أهل اللؤم كالماء في المحموم سم المبرسم في الشهد والشمس تقبح في العيون الرمد بلغني أن الأمير خلف بن أحمد ، كان معجبا بقول أبي الفتح البستي : لا يغرنك أنني لين الم . . . س فعزمي إذا انتضيت حسام أنا كالورد فيه راحة قوم . . . ثم فيه لآخرين زكام وأنشدني أبو الفتح البستي : لنفسه : وإني لأختص بعض الرجال . . . وإن كان فدما ثقيلا عباما فإن الجبن على أنه . . . ثقيل وخيم يشهى الطعاما وأنشدني أيضا من أبيات : إن الجهول تضرني أخلاقه . . . ضرر السعال بمن به استسقاء ومن أبيات أخر : وقد يكتسي المرء خز الثيا . . . ب ومن تحتها حالة مضنيه كمن يكتسي خده حمرة . . . وعلتها ورم في الريه
فصل المنجمين
سمع المعروف بغلام زحل رجلا يقرأ : ' إن الله يأمر بالعدل والإحسان ' ' النحل : 90 '

فقال : لو رضي النحسان . وقال ابن طباطبا : وكان يضرب بسهم وافر في التنجيم : يا سيدا قد حكى تثبته . . . كيوان والبأس منه بهراما والشمس والبدر وجهه وحكا . . . المشتري قائما وصواما فما يساميه في العلا أحد . . . وهو يسامي النجوم إن ساما لا زلت لي موئلا أرد به . . . عني صروف الزمان إن ضاما ألقاه في كل حاجة عرضت . . . سمحا مريع الجناب منعاما قال أبو الفتح البستي : إذا غدا ملك باللهو مشتغلا . . . فاحكم على ملكه بالويل والحرب أما ترى الشمس في الميزان هابطة . . . لما غدا برج نجم اللهو والطرب وله : وقد غض من أملي أني أرى عملي . . . أقوى من المشتري في أول الحمل وأنني زاحل عما أحاوله . . . كأنني استدر الحظ من زحل وله : سل الله الغني تسل جوادا . . . أمنت على خزائنه النفادا وإن حاباك سلطان بقرب . . . فلا تغفل ترقبك البعادا فقد تدنى الملوك لدى رضاها . . . وتبعد حين تحتقد احتقادا

كما المريخ في التثليث يعطى . . . وفي التربيع يسلب ما أفادا
فصل الجند وأصحاب السلاح
كان أبو الهجاء عبد الله بن حمدان : لما أسره القرمطي يقولك قد تعرفني الهموم ، فصرت كالرمح الذابل ، والسهم الناصل . وكان يوسف بن أبي الساج : يقول : مثل الإخوان كالسلاح ، فمنهم من هو كالرمح تطعن به من بعيد ثم يعود إليك ، ومنهم من هو كالسهم ترمي به من بعيد ولا يعود ، ومنهم من هو كالمجن تتقي به من النوائب ، ومنهم من هو كالسيف الذي لا ينبغي أن يفارقك في السفر والحضر ليلا ونهارا . وقال خسرو بن فيروز بن ركن الدولة : والصبح مستظهر بالليل تحسبه . . . قد بارز الليل ترس من الذهب وفي كتاب ' يتيمة الدهر ' لأحمد بن كيغلغ : ولولا أن برذون ال . . . هوى يعتلف الرطبه ركبناه إلى الصيد . . . وأرسلنا له كلبه وصدنا ثعلب الهجرا . . . ن تلك الحية الضبه وصيرنا لزيت الوص . . . ل من جلد استهادبه غيره : تكلم الهجر فقال الهوى . . . ما هذه الضوضاء في عسكري ؟ واقل للآمر في جيشه . . . ما لك لا تنهى عن المنكر فجيء بالهجر يجرونه . . . فلم يزل يصفع حتى خري

فصل في أمثال تختص بهم
العز تحت ظل السيوف . الحرب سجال وعثراتها لا تقال . حصون العز بالخيل والسيف . السلاح ثم الكفاح . والمحاجزة قبل المناجزة . الهرب في وقته ظفر . الهارب لا يعرج على صاحب .
فصل التجارة والدهاقين
حدثني أبو القاسم الطهماني الفقيه ، قال : لما رجع أبو الفضل المحمي من الحج اتخذ دعوة ، دعا إليها أعيان نيسابور ووجوهها ، وفيهم أبو زكريا الحربي وأبو الحسين بن لسياه الفارسي - راس التجار وأديبها وفقيهها ، فأفضت بهم الأحاديث إلى أن أفاض ابن لسياه في مدح التجارة ، وفضل التجار وأطنب في مدحهم ، ثم قال : من جلالتهم أن لهم أمثالا مستعملة بين السادة والكبراء ، كقولهم : الصرف لا يحتمل الظرف ، ورأس المال أحد الربحين ، الأرباح توفيقات ، التدبير نصف التجارة ، الغلط يرجع النسيئة ، نسيان النقد صابون القلب ، كل شيء وثمنه ، من اشترى الدون بالدون رجع إلى بيته وهو مغبون ، التجارة أمارة ، اشتر لنفسك وللسوق ، المغبون لا محمود ولا مأجور ، أطيب مال الرجال من كسبهم والكسب في كتاب الله التجارة . وقال له أبو زكريا : أين أنت عن أمثال الدهاقين ؟ قال : مثل ماذا ؟ قال : خذ إليك قال : ابتغوا الرزق في خبايا الأرض ، غرسوا وأكلنا ونغرس ويأكلون ، مطرة في نيسان خير من ألف سنان ، إذا كانت السنة مخصبة ظهر خصبها في النيروز ، السعر تحت المنجل ، فلاح المعيشة في الفلاحة ، نقصان الغلة زيادة الغلة ، زيادة السعر في نقصان الغلة ، فما نقص مما يكال في الجواليق

زاد فيما يوزن بالموازين ، تقول الشجرة لجارتها : ابعدي عني ظلك أحمل حملي وحملك ، من جمع بين الزرع جمع طرفي النفع ، وأنشد : خضرة الصيف من بياض الشتاء . . . وابتسام الثرى بكاء السماء
فصل الشطرنجيين
تمالح شطرنجيان فقدمت غضارة فيها قطع لحم ، فتناول أحدهما إحداها ، فوجدها مشتملة على عظم ، فتركها ومد يده إلى الأخرى ، فقبض الأخر على يده وقال : العب بيمينك . ونظر بعضهم إلى خسيس قصير ، فقال : هو بيدق الشطرنج في القامة والقيمة . وقيل لبعضهم : أتلاعب فلانا الشطرنج ؟ قال : نعم وأطرح له رخا من عقل . ومن أمثالهم في الصغير يتكبر : تفرزن البيدق . ومن أمثالهم : زاد في الشطرنج بغلة . ومن أشعارهم : يجول في الأرض وأقطارها . . . كما يجول الرخ في الرقعة ومنها : مشوا إلى الراج مشي الرخ وانصرفوا . . . والراح تمشي بهم مشي الفرازين
فصل لذوي صناعات شتى
قال جحظة البرمكي أضافنا فلان القطان ، فقدم إلينا جدياً سمينا ، فلما كشف عن جنبه قال : كأنما أخرج من دكان نداف . ونظر نداف إلى غيم متقطع في السماء فقال : كأنه قطن يندف في ديباج أزرق . وسأل المعتصم جعفر الخياط عن حرب شهدها أيام الخرمية فقال : لقيناهم في

مقدار سوق - الخلقان فصيرونا في مثل قوارة ، فرحنا عليهم من وجين كأنا مقراض واصطفت الصفوف كأنها دروز ، وتشابكت الرماح كأنها خيوط ، فلو طرحت إبرة لم تقع إلى على درز رجل . وقال خياط لابنه : يا بني لا تكن كالإبرة تكسو الناس وأنت عريان وقال محمود البزاز للصاحب : لا زال سيدنا في سلامة مبطنة بالنعمة ، مطرزة بالسعادة ، مظاهرة بالغبطة ، فقال : يا أبا أحمد أحسنت ، قد أخذتها من صناعتك .

الباب السادس في التوقيعات المختارة عن الملوك والسادة
فصل في توقيعات الملوك المتقدمين
الإسكندر : لما توجه تلقاء دارا رفع إليه أن دارا في ثمانين ألفا ، فوقع : القصاب لا يهوله كثرة الغنم . ورفع إليه صاحب جيشه يذكر ما يشير به بعض سقاط العسكر من اغتيال العدو ، فوقع : لا تستحقرن الرأي الجليل يأتيك به الرجل الحقير ، فإن الدرة الكريمة لا يستهان بها لهوان الغائص . ووقع إلى بعض قواده : حبب إلى عدوك الفرار ، بأن لا تتبعه إذا انهزم . يعبور : ملك الصين : كتب إليه صاحب جيشه في ركض الترك على أطراف مملكته ، فوقع في كتابه : الاحتمال حتى تمكن القدرة . بطلميوس الصغر : ملك الروم : وقع حين كتب إليه عامله على الشام في انحياز بعض الملوك الكبار إلى مستقرة : لا تطمع في كل ما تسمع . نرسي بن بهرام : أحد الأكاسرة : رفع إليه أهل اصطخر يشكون احتباس القطر واشتداد القحط ، فوقع : إذا بخلت السماء بقطرها جادت يد الملوك بدرها ، وقد أمرنا لكم بما يجبر كسركم ويغني فقركم . ورفع إليه

الموبذان أن فلانا يحب ابنك فاقتله ، فوقع : إن قتلنا من يحبنا وقتلنا من يبغضنا يوشك أن لا يبقى على ظهرها أحد . سابور بن سابور : كتب إليه عامل جور باتيان البرد على الورد وتعذر إقامة وظيفة ماء الورد للحضرة كالعادة كل سنة ، فوقع : في سلامة النفس والدين عوض عن كل فائت ، فلو لم يخلق الورد لكان ماذا . بهرام جور : رفع إليه أن الرعية يقولون ليس للملك شغل غير الشرب واللهو والإكباب على العزف والقصف ، فوقع : هي سنن الملوك أسلافنا عند سكون الدهماء وخصب الرعايا . أنوشروان : رفع إليه أن النهر الذي حفره بالمدائن قد أضر بكثير من الضياع ضياع الناس ، فوقع : الضرر اليسير الخاص محتمل مع النفع الكثير العام . ورفع إليه أن وكيل النفقات يبدأ كل يوم بأجر نفسه ، فوقع : متى رأيتم نهرا يسقي أرضا قيل أن يشرب . ورفع ليه أن بيت ماله قد شارف الخلاء ، فوقع : الملك العادل لا يخلو بيت ماله . ورفع إليه أن الرعية تعيب الملك باصطناعه فلانا وليس له نسب ولا شرف ، فوقع : إن اصطناعنا إياه نسبه وشرفه . ورفع إليه لم عزلتم فلانا عن الإنهاء مع قديم خدمته وحرمته ؟ فوقع : لأنه لطخ سمعنا بقذر السعاية فعافته أنفسنا . ورفع إليه أن بزرجمهر يسأله الصفح ، فوقع : إذا أحصد الزرع فلم يحصد فسد . ورفع إليه أن في بطانة الملك جماعة قد فسدت نياتهم وهم غير مأمونين على الملك ، فوقع : نحن نملك الأجساد لا النيات ، ونحكم بالعدل لا بالرضى ، ونفحص عن الأعمال لا عن الأسرار . ورفع إليه ما بال الهموم لا تؤثر فيكم ، فوقع : لعلمنا بسرعة انتقالها عنا وانتقالنا عنها . أبرويز : رفع غليه أن غلاما له دعي إلى الباب فتثاقل عن الحضور ، فوقع : إن ثقل عليه المصير إلينا بكله فإنا نقنع منه ببعضه ، ونخفف عليه

المؤونة فليحمل رأسه إلى الباب دون جسده . ورفع إليه أن شاهينا له صاد بازيا ، فوقع : ليقلع رأسه ، وكذلك يفعل بكل صغير يربى على كبير . ووقع إلى ابنه شيرويه : ستجني ثمرة ما جنيت والسلام عليك تسليم سنة لا تسليم رضى .
فصل في غرر التوقيعات الإسلامية للملوك
كتب خالد بن الوليد : إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه من دومة الجندل يستأمره في أمر العدو ، فوقع إليه : أدن من الموت ، توهب لك الحياة . وكتب سعد بن أبي وقاص : إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الكوفة يستأذنه في بناء دار الإمارة ، فوقع إليه : إبن ما يستر من الشمس ويكن من المطر . وكتب إليه نفر من أهل مصر يشكون مروان بن الحكم ، فوقع في كتابهم : ' فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون ' ' الشعراء : 216 ' . وكتب الحسين إلى علي - رضي الله عنهما - في شيء من أمر عثمان ابن عفان رضي الله عنه ، فوقع إليه : رأي الشيخ خير من مشهد الغلام . وكتب إليه الحضين بن المنذر بصفين : يا أمير المؤمنين قد أسرع السيف في ربيعة ، وخاصة في أسرى منهم ، فوقع إليه : بقية السيف أنهى عددا . ووقع معاوية : نحن الزمان من رفعناه ارتفع ومن وضعناه اتضع . وكتب إليه الحسن بن علي - رضي الله عنهما - كتابا أغلظ له فيه القول ، فوقع إليه : ليت طول حلمنا عنك لا يدعو جهل غيرنا إليك . وكتب زياد إلى سعيد بن العاص يخطب إليه ، فوقع في كتابه : ' كلا إن الإنسان ليطغى أن راه استغنى ' ' العلق : 6 و 7 ' . وكتب عبد الله بن جعفر إلى يزيد يستوهبه جماعة من أهل المدينة ، فوقع إليه : من عرفت فهو آمن . وكتب إليه يسأله أن يقضي عنه ذمام نفر من بطانته وخاصته ، فوقع : احكم لهم بآمالهم إلى انقضاء آجالهم .

وكتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان في كتابه يشكوا إليه أهل العراق ، فوقع : ارفق بهم فإنه لا يكون مع الرفق ما تكره ومع الخرق ما تحب . ووقع أيضا إلى الحجاج ، وقد شكا إليه نفرا من بني هاشم وحرضه على قتلهم : جنبني دماء بني عبد المطلب ، فإن فيها شفاء من الكلب . ووقع إليه في أهل السواد : ابق لهم لحوما يعقدوا بها شحوما ووقع في كتاب متنصح : إن كنت صادقا أثبناك ، وإن كنت كاذبا عاقبناك ، وإن شئت أقلناك . وكتب عامل حمص إلى عمر بن عبد العزيز يخبر أنها احتاجت إلى حصن ، فوقع : حصنها بالعدل ، والسلام . وكتب مسلمة بن عبد الملك إلى أخيه سليمان من الصائفة بما كان منه من حسن الأثر في بلاد الروم ، فوقع في كتابه : ذلك بالله لا بالمسلمة . ورفع متظلم قصة إلى هشام بن عبد الملك ، فوقع فيها : أتاك الغوث إن صدقت ، وجاءك النكال إن كذبت . وكتب نصر بن سيار : والي خراسان إلى مروان بن محمد آخر ملوك بني مروان بظهور أبي مسلم ، فوقع في كتابه : احسم ذلك التزلزل من جهتك . وكتب إليه يزيد بن هبيرة أن قحطبة قد غرق وأنه واقع أصحابه فهزم ، فوقع : هذا والله الإدبار وإلا فمن سمع بميت هزم حيا . ولما أيس مروان من أمره كتب إلى عبد الله بن علي يوصيه بالحرم ، فوقع في كتابه : الحق لنا في دمك وعلينا في حرمك . أبو العباس السفاح : وقع إلى أبي سلمة الخلال ، وقد كتب إليه يستأذنه في تولية قوم من الحاشية والشيعة : يا أبا سلمة ما أقبح بنا أن تكون لنا الدنيا وأولياؤنا خالون من حسن آثارنا . ووقع إلى ساع : تقربت إلينا بما باعدك عن الله ، ولا ثواب لمن خالف الله . وقع إلى أخيه في بعض الجناة : إذا كان الحلم مفسدة كان العفو معجزة . المنصور : شكا إليه رجل من بعض عماله ، فوقع في قصته إلى

العامل : اكفني أمره وإلا كفيته أمرك . ووقع إلى عامل : قد كثر شاكوك فأما اعتدلت وإلا اعتزلت . وكتب سوار بن عبد الله القاضي إليه أن عندنا رجلا شديد الترفض يدعى السيد الحميري ، فوقع في كتابه : إنا بعثناك قاضيا لا ساعيا . ووقع في كتاب بليغ استماحه : إن البلاعة والغنى إذا اجتمعا في رجل أطغياه ، وقد رزقت إحداهما فاكتف بها واقتصر عليها . ورقع إليه في بناء مسجد ، فوقع : عن من أشراط الساعة أن تكثر المساجد ، فزد في خطاك يزد في أجرك . المهدي : كتب إليه سلم بن قتيبة يسأله أن يشرفه بالإذن له في تقبيل يده ، فوقع إليه : يا ابن قتيبة إنا نصونك عنها ونصونها عن غيرك . الرشيد : وقع إلى علي بن عيسى بن ماهان وقد كتب إليه بقتل العمركي : ' بعد للقوم الظالمين ' ' هود : 44 ' . ووقع إلى صاحب النصرانية بالروم أنا بالأثر وعلى الله الظفر وكتب إليه ينقفوز ملك الروم يتهدده ، فوقع في كتابه : الجواب ما تراه لا ما تقرأه . وكتب إليه صاحب السند بظهور العصبية ، فوقع : من أظهر العصبية فعاجله بالمنية . المأمون : وقع إلى الرستمي وقد تظلم منه غريم له : ليس من المروءة أن تكون أوانيك من الذهب والفضة وجارك طاو وغريمك عاو . ووقع في قصة متظلم من حميد : يا أبا حامد لا تتكل على حسن رأيي فيك ، فإنك وأحد رعيتي عندي في الحق سواء . ووقع في قصة متظلم من علي بن هشام : يا أبا الحسين : الشريف من يظلم من فوقه ويظلمه من دونه فانظر أي الرجلين أنت ووقع في رقعة إبراهيم بن المهدي ، وقد سأله تجديد الأمان : القدرة تذهب الحفيظة والندم توبة وبينهما عفو الله . ووقع إلى الواقدي ، وقد كتب يذكر دينا عليه ويستمنح : فيك خصلتان : سخاء وحياء ؛ أما السخاء فهو الذي أطلق يدك فيما ملكت ، وأما الحياء فهو الذي حملك على أن ذكرت بعض دينك دون كله ، وقد

أمرت لك بضعف ما كتبت ، فزد في بسط يدك ، فإن خزائن الله مفتوحة ويده بالخير مبسوطة . ووقع إلى عامل شكاه أهل عمله : إن آثرت العدل حصلت على السلام ، السلامة فانصف رعيتك من هذه الظلامة . ووقع إلى نصر بن سيار : يا أبا رافع ' إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ' ' آل عمران : 55 ' . ورفع إليه أهل السواد قصة في إتيان الجراد على غلاتهم ، فوقع فيها : نحن أولى بضيافة الجراد من أهل السواد ، فليحط عنهم نصف الخراج . وكتب إليه عبد الله بن طاهر يشكو إليه بعده عن حضرته ويسأله الإذن له في الإلمام بها ، فوقع في كتابه : قربك يا أبا العباس إلي حبيب وأنت من قلبي حيث كنت قريب ، وإنما بعدت دارك نظرا بك ورغبة إليك مع قول الشاعر : رأيت دنو الدار ليس بنافع . . . إذا كان ما بين القلوب بعيد طاهر بن الحسين : وقع في رقعة منصح : ' سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين ' ' النمل : 27 ' . وفي رقعة مستبطىء إياه في الجواب : ترك الجواب جواب . ورفع إليه مستمنح وكذب في عدد عياله ، وكان طاهر يعرفهم فوقع : لا جواب لكذاب . ثم عاود وصدق في عددهم ، فوقع : ' الئن جئت بالحق ' ' البقرة : 71 ' وأمر له بصلة . عبد الله بن طاهر : أدب بعض قواده فمات ، فرفع إليه أن الناس يقولون إنه قتله ، فوقع : إنما أدبنا فوافق الأدب الأجل . وأهدى نصر بن شبث إليه هدايا كثيرة ، فردها ، فزاد فيها وبعثها ليلا مع رقعة في معناها ، فردها ، ووقع في الرقعة : لو قبلت الهدية ليلا لقبلتها نهارا ' فما آتاني الله خير مما اتكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ' ' النمل : 36 . ووقع إلى عمال له شكاهم الرعية : قد قدمت إليكم الأعذار واحتججت إليكم الأنذار ، وليت العتاب بالغا ما أردت ، ولقد هممت بأن أجعل معاقدتي لكم معاقبة ، فانتبهوا من سنتكم ، وانظروا لأنفسكم واحسنوا بالاكرة ، فإن الله تعالى جعل أيديهم لنا طعاما ، وألسنتهم سلاما ، وظلمهم حراما ' وما عند

الله خير وأبقى أفلا تعقلون ' ' القصص : 60 ' . وكتب إليه بعض قواده يسأله حظ خراجه والزيادة في أرزاقه ، فوقع في كتابه : أفي النوم أبصرت ذا كله . . . فخيرا رأيت وخيرا يكون عبد الله بن المعتز : كتب إليه قهرمانه ينسب وكيله إلى الخيانة والسرقة ويستأمره في الاستدلال به ، فوقع في رقعته : أغن من وليته عن السرقة ، فليس يكفيك من لم تكفه . وكتب إليه بعض مواليه يذكر جده في خدمته وتوقعه زيادة نظر له ، فوقع : من نصح الخدمة نصحته المجازاة . محمد بن عبد الله بن طاهر : وقع إلى الكتاب وقد ضاقت بهم الكواغذ في أيام فتنة المستعين والمعتز : دققوا الأقلام وأوجزوا الكلام فإن القراطيس لا ترام ، والسلام . قابوس بن وشمكير : وقع إلى أبي عبد الله الباهلي : قبيح بمن تسمو همته إلى قصد من تغلو عنده قيمته أن تكون على غيره عرجته أو إلى سوى بيته زيارته وحجته .
فصل في أجناس توقيعات الوزراء والسادة الكبراء
أبو عبد الله : الكاتب المهدي : كتب إليه رجل يعتذر ولا يحسن ، فوقع في كتابه : ما رأيت عذار أشبه باستئناف ذنب من هذا . جعفر بن يحي : من توقيعاته : الخراج عمود الملك ، وما استغزر بمثل العدل وما استنزر بمثل الجور . ووقع في رقعة معتذر من ذنب : قد تقدمت طاعتك وسبقت نصيحتك ، فإن بدرت منك هفوة فلن تغلب سيئة حسنتين . يحي بن خالد : وقع في أمر رجل استحق القتل : ' ولكم في القصاص حياة ' ' البقرة : 179 ' وفي قصة من التمس الإطلاق وهو محبوس : ' لكل أجل كتاب ' ' الرعد : 38 ' وفي جواب رقعة لابنه الفضل : ما أهون التدبير بالوصف . وفي رقعة

متظلم ليعرض التوقيع على من شكاه : أنصف من وليت أمره وإلا أنصفه من يلي أمرك . وإلى رجل استبطاه واستزاره : اجنح إليك بغالب الفضل واعتذر إليك بصادق النية . وإلى رجل عاوده لالتماس الصلة بعد أن أخذها مرة : دع الضرع يدر لغيرك كما در لك . ورفع إليه قوم من حشمه يستزيدونه في أرزاقهم ، فأمر أنس ابن أبي شيخ بالتوقيع في قصتهم فوقع بين يديه : قليل دائم خير من كثير منقطع فأعجب به يحيى ، فقال : قد فاحت منك رائحة الوزارة . الفيض بن أبي صالح : وقع في رقعة معتذر تائب : التوبة للذنب كالدواء للمريض ، فإن نصحت توبته أتم الله شفاءه ، وإن تكن الأخرى أدام الله داءه . الفضل بن سهل : من أحاسن توقيعاته : الأمور بتمامها ، والأعمال بخواتمها ، والصنائع باستدامتها . الحسن بن سهل : من أحاسن توقيعاته كتب إليه رجل يتوسل بسالف إحسانه ، فوقع ' مرحبا بمن توسل إلينا بنا ' وأمر له بصلة . محمد بن يزداد : من توقيعاته البارعة : أبواب الملوك معادن الحاجات ومواطن الطلبات وليس لاستنجاحها واستنجازها كالصبر والملازمة ، والمغاداة والمراوحة . ومنها ' ما استحالت لي فيك نية ، ولا تغيرت عقيدة ، فكيف أخلف وعدك ، وأحلل عقدك ، وأنقض عهدك ، وأنسى رفدك ' . عبد الله بن محمد بن يزداد : وقع إلى بعض أصحابه : يا أبا العباس ليس عليك بأس ما لم يكن منك بأس . ووقع إلى عامل اعتذر بكفايته وزاد : ' يا هذا أسرفت وما أنصفت ، وأوجفت حتى أعجفت ، وأذللت حتى أمللت ، فاستصغر ما فعلت تبلغ ما أملت ' . عبيد الله بن سليمان بن وهب : رفع إليه عامل من عماله أن في بيت

النار كانونا من آثار الأكاسرة وفيها أكثر من ألفي رطل فضة وفي فضته توفير لبيت المال ، فوقع : حرصك على تقفية آثار الأوائل يدل على لؤم أصلك ، فبعدا وسحقا لك . ووقع في كتاب متنجز إياه وعدا : ' الشرط أملك والوعد كأخذ باليد ، والوفاء من سجايا الكرام ' . وفي كتاب مثله ' ليس كل من أنسيناه أهملناه ولا ما أخرناه تركناه ، مع اقتطاع الشغل إيانا وانتسامه زماننا ' . ووقع في شأن عامل : ' أنا قادر على إخراج النغرة من رأسه ، والوغرة من صدره ، والنخوة من نفسه ' . ووقع إلى ابن طولون ' إتق الله في الإرصاد فإن الله بالمرصاد ' . علي بن عيسى : كتب إليه بعض العمال في ذكر أموال متخيرة وتفاصح في كتابه ' دعني من تشديقك وتقعيرك وتفاصح على نظيرك ، فخير الكلام ما قل ودل ولم يمل ' . وكتب إليه ابن الفرات يستشهده على زور ، فوقع في رقعته : لا تلمني على نكوصي عن الشهادة لك بالزور ، فإن لا بقاء لاتفاق على نفاق ، ولا وفاء لذي مين واختلاق ، وأحرى بمن تعدى الحق في موافقتك إذا رضي أن يتخطى إلى الباطل في مخالفتك إذا سخط ، وبمن كذب لك أن يكذب عليك . ابن العميد : استنشد ابنه أبا الفتح وهو في الكتاب قصائد ، فلم يشتغل بها فعتب عليه وطرده من بين يديه ، فبعد أيام كتب إلى أبيه يستعتبه ويتمثل : فحتى متى روح الرضى لا ينالني . . . وحتى متى أيام سخطك لا تمضي فوقع تحت هذا البيت : ' إلى أن تنشد فلا تخطىء وتنشىء فلا تبطىء ' . الصاحب بن عباد : كتب إليه بعض خطاب الأعمال رقعة وفيها : ' إن رأى سيدنا أن يأمر بإشغالي ببعض أشغاله ' . فوقع ' من كتب إشغالي لا يصلح لأشغالي ' . ورفع إليه الضرابون في دار الضرب قصة مترجمة بالضرابين ، فوقع تحتها : ' في حديد بارد ' . ورفع إليه أن رجلا غريب

الوجه يدخل داره ويسترق السمع ، فوقع : دارنا خان ويدخلها من وفى ومن خان . وكتب بعضهم إليه رقعة فيها : إن رأى سيدنا أن ينعم بما سألته إياه فعل . فزاد فيه ألفا ورد الرقعة إلى صاحبها وبشر بالتوقيع ، فلم يره ، وعرضها على أبي العباس الضبي ، فأراه الألف التي كتبها قدام ' فعل ' أي ' افعل ' . ورفع إليه رجل مجرم يسأله الإنصاف ، فوقع : مثلك منصف ولا ينصف . ورفع إليه في رجل عصى له أمرا فوقع : العصا لمن عصى . ورفع إليه علوي قصة بعد قصص أبرم فيها ، فوقع : ' لا تحوجني إلى أن أقول ' ينوح إنه ليس من أهلك ' ' هود : 46 ' والسلام ' . ووقع في قصة ساع : جمعت قصتك شكاية وسعاية ، أما الشكاية فأنت محمول فيها على الحكم البحت ، وأما السعاية فمردودة على إدراج المقت . وفي قصة متنصل من ذنب : من ثقلت عليه النعمة خف وزنه ، ومن استمرت به الغرة طال حزنه . وفي رقعة وكيل عزله : عزلك أحسن حاليك وحبسك أوطأ رحيلك . وفي رقعة قائد بازاء حرب : ازحف فإن أجلك لا يسبقك ورزقك لا يتأخر عنك . وفي رقعة من أنكر عليه يأسا وطعما : إن قنعت من الطمع باليأس ، وإلا جعلت عبرة للناس . وإلى عامل : عزلك أحسن حاليك ونفيك أبلغ وثاقيك . ووقع في شأن مجرم : احلق نبات خديه وانقش بالسمط حدي ليعبر الناظر إليه . ووقع في شأن عامل خوار : عجل له خوار . وفي قصة متظلم : إن كبحت عنانك عن الحيف ، وإلا سللنا عليك السيف . ورفع إليه شاعر رقعة فيها مديحة ردية . فوقع له فيها بمائة درهم فعاد يلحف ، فوقع : تلك المديحة تكفيها مائة منيحة . وكتب إليه بعض الفضلاء يعتذر من التقصير في خدمته لخوف التثقيل ، فوقع : متى يثقل الجفن على العين . ووقع في رقعة في ملتمس جواز : يبذل له جواز فإنه علا أو فاز . ورفع إليه طريف الجرجاني المتكلم يتظلم من ديلمي كان ينزل في داره ،

فوقع في رقعته : دارك تصان عن النوازل ، فكيف عن النازل ، فليزعج عنها ما كان وكائنا ما كان . ووقع في رقعة لشقيق البلخي المذكر ' من نظر لدينه نظرنا لدنياه ، فإن قلت بالعدل والتوحيد مهدنا لك التمهيد ، وإن أقمت على الجبر فما لكسرك من جبر ' . وكتب إليه أبو حفص الوراق : لولا أن ' الذكرى تنفع المؤمنين ' ' الذاريات : 55 ' وهز السيف يعني الملتمس لما ذكرت ذاكراً ولا هززت ماضياً ، ولكن ذا الحاجة لضرورته يستعجل النجح ، ويكد الجواد السمح ، وحال عبد مولانا في الحنطة مختلفة ، وجرذان داره عنها منصرفة ، فإن رأى مولانا أن يخلط عبده بمن أخصب رحله عنده فعل إن شاء الله تعالى ؛ فوقع في ظهر رقعته : أحسنت يا أبا حفص قولا ، وستحسن فعلا ، فبشر جرذان دارك بالخصب ، وأمنها من الجدب ، والحنطة تأتيك في الأسبوع ، ولست عن غيرها من النفقة بممنوع .

الباب السابع عجائب الشعر والشعراء
امرؤ القيس : من عجيب شأنه أنه قال في الجاهلية ما جاء فيه شرائط أهل الجنة وأوصافها ، وإن كان لم يعرفها ولم يؤمن بها حيث قال : ألا عم صباحا أيها الطلل البالي . . . وهل يعمن من كان في العصر الخالي وهل يعمن إلا سعيد مخلد . . . قليل الهموم ما يبيت بأوجال فذكر السعادة التي هي جامعة خير الدارين ، ثم الخلود الذي هو أحسن أحوال أهل الجنة ، ثم ذكر قلة الهموم التي هي أجل الرغائب ، ثم أشار إلى الأمن وهو أنفس المواهب ، ولا مزيد على هذه الأربع . ويقال إن أمير شعر الشعراء قوله : الله أنجح ما طلبت به . . . والبر خير حقيبة الرحل فإن فيه الاستنجاح بالله عز ذكره ومدح البر والحث عليه بأحسن

لفظ وأوجزه ، ولو قال ذلك في الإسلام أبو العتاهية أو محمود الوراق لما زادا . زهير بن أبي سلمى : يقال إنه أجمع الشعراء للكثير من المعاني في القليل من الألفاظ ، وأبياته التي في آخر قصيدته التي أولها : ' أمن أم أوفى دمنة لم تكلم ' تشبه كلام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وهي غرة حكم العرب ونهاية في الحسن والجودة تجري مجرى الأمثال الرائعة الرائقة ، وهي : ومن يك ذا فضل ، فيبخل بفضله . . . على قومه ، يستغن عنه ويذمم ومن يغترب ، يحسب عدوا صديقه . . . ومن لا يكرم نفسه لا يكرم ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه . . . يهدم ، ومن لا يظلم الناس يظلم ومهما تكن عند امرىء من خليقة . . . ولو خالها تخفى على الناس تعلم ومن لا يصانع في أمور كثيرة . . . يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم ومما وقع الإجماع على أنه أمدح بيت قالته العرب قوله تراه إذا ما جئته ، متهللا . . . كأنك تعطيه الذي أنت سائله النابغة الذبياني : يقال إنه أحسن شعراء الجاهلية ديباجة وأكثرهم رونق كلام ، وكأن شعره كلام الكتاب ليس فيه تكلف ولا تعسف ، وأجود شعره النعمانيات ؛ ومن عجائبه فيها أنه شبه النعمان مرة بالليل ومرة بالشمس ، فسحر وبهر حيث قال : فإنك كالليل الذي هو مدركي . . . وإن خلت أن المنتأى عنك واسع

وقال : فإنك شمس والملوك كواكب . . . إذا طلعت لم يبد منهن كوكب وأحسن ما قيل في الإنزعاج لوعيد الملوك ، قوله : نبئت أن أبا قابوس أوعدني . . . ولا قرار على زأر من الأسد وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يوما لجلسائه : من الذي يقول : فلست بمستبق أخا لا تلمه . . . على شعث أي الرجال المهذب قالوا : النابغة ، قال : هو أشعر شعرائكم . أوس بن حجر : قال أبو عمرو بن العلاء : ليس للعرب مطلع قصيدة في المرثية أحسن من قول أوس : أيتها النفس أجملي جزعا . . . إن الذي تحذرين قد وقعا وبيت القصيدة العجيب قوله : الألمعي الذي يظن بك ال . . . ظن كأن قد رأى وقد سمعا طرفة بن العبد : كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يتمثل بقوله ولا يقيم بوزنه : ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا . . . ويأتيك بالأخبار من لم تزود وكان ابن عباس يقول إنه كلام نبي يجمع الحكمة والمثل . ويقال إن أمير شعره قوله :

قد يبعث الأمر الكبير صغيره . . . حتى تظل له الدماء تصبب علقمة بن عبدة : قال أبو القاسم الآمدي : أحسن شعر الشعراء المتقدمين ما يشبه في السهولة والعذوبة شعر المحدثين ، قول علقمة : فإن تسألوني بالنساء فإنني . . . خبير بأدواء النساء طبيب إذا شاب رأس المرء أو قل ماله . . . فليس له في ودهن نصيب يردن ثراء المال حيث علمنه . . . وشرخ الشباب عندهن عجيب وأجود شعراء المحدثين مما يشبه في الجزالة والفصاحة شعر المتقدمين قول البحتري : وتماسكت حين زعزعني الده . . . ر التماسا منه لتعسي ونكسي الحارث بن حلزة : قال الصولي : لم يوصف تأهب القوم للزم وتهيؤهم للارتحال بأحسن من قوله : أجمعوا أمرهم عشاء فلما . . . أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء من مناد ومن مجيب ومن تص . . . هال خيل خلال ذا ورغاء الشنفرى الأزدي : من عجيب شعره قوله في وصف المرأة وليس له في شعراء المتقدمين نظير : فدقت وجلت واسبطرت واظلمت . . . فلو جن إنسان من الحسن جنت وما أقل التجنيس في شعر الجاهلية ، ومن ذلك القليل قوله :

ورحنا كأن البيت حجر فوقنا . . . بريحانة ريحت عشاء فظلت أبو الطمحان القيني : حدثني أبو بكر الخوارزمي ، قال : ربما أريد البكاء في بعض مواضعه فيمتنع علي كما هو إلا أن أنشد لأبي الطمحان فيما بيني وبين نفسي حتى تنحل عقد الدمع : ألا عللاني قبل صدح النوائح . . . وقبل ارتقاء النفس فوق الجوانح وقبل غد يا لهف نفسي على غد . . . إذا راح أصحابي ولست برائح إذا راح أصحابي تفيض دموعهم . . . وغودرت في لحد على صفائحي يقولون هل أصلحتم لأخيكم . . . وما اللحد في الأرض الفضاء بصالح الأعشى : واسمه ميمون بن قيس : قال ابن عائشة القرشي : ما كانت العرب تعرف التداوي من الخمار حتى قال الأعشى : وكأس شربت على لذة . . . وأخرى تداويت منها بها لكي يعلم الناس أني فتى . . . أتيت المروءة من بابها فاحتذى الناس على تمثله ، قال الشاعر : تداويت عن ليلى بليلى من الهوى . . . كما يتداوى شارب الخمر بالخمر وقال أبو نواس : دع عنك لومي فإن اللوم إغراء . . . وداوني بالتي كانت هي الداء وكان الأصمعي يقول : أهجى بيت للعرب قول الأعشى في علقمة :

تبيتون في المشتى ملاء بطونكم . . . وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا ويروي أن علقمة لما سمع هذا البيت ، بكى وقال : اللهم أجزه وأخزه إن كان كاذبا . وقال أبو علي الحاتمي : من عجائب الاتفاقات وغرائبها وبدائعها أن الأعشى من صدور شعراء الجاهلية ، ومسلم بن الوليد من صدور المحدثين ، وأبا الطيب من صدور العصريين ، وقد شلشل الأعشى وسلسل مسلم وقلقل أبو الطيب . أما الأعشى فإنه يقول : وقد غذوت إلى الحانوت يتبعني . . . شاو مشل شلول شلشل شول وأما مسلم بن الوليد . فإنه يقول : سلت وسلت ثم سل سليلها . . . فأتى سليل سليلها مسلولا وأما المتنبي ، فإنه يقول : فقلقلت بالهم الذي قلقل الحشا . . . قلاقل عيس كلهن قلاقل وقد بلبل بعض العصريين ، فقال : وإذا البلابل أفصحت بلغاتها . . . فأحس البلابل باحتساء بلابل لبيد بن ربيعة : يروى عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : أصدق كلمة قالها شاعر قول لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل . . . وكل نعيم لا محالة زائل وسمع الفرزدق رجلا ينشد قصيدة لبيد التي أولها : ' عفت الديار محلها فمقامها

' فلما بلغ قوله فيها : وجلا السيول عن الطلول كأنها . . . زبر تجد متونها أقلامها سجد الفرزدق ، فقيل له : يا أبا فراس ما هذه السجدة ؟ فقال : إنكم تعرفون سجدة القرآن وأنا أعرف سجدة الشعر . وقيل لبشار بن برد : أخبرنا عن أجود بيت للعرب فقال : إن تفضيل بيت واحد على سائر شعر العرب لشديد ، ولكن أحسن لبيد كل الإحسان في قوله : وأكذب النفس إذا حدثتها . . . إن صدق النفس يزرى بالأمل وقال الجاحظ : من العجائب أن الأعشى كان في الجاهلية يعتقد مذهب المعتزلة ، فيقول : استأثر الله بالوفاء وبال . . . حمد وولى الملامة الرجلا ولبيد يذهب مذهب أهل السنة والجماعة ، فيقول : ' وبإذن الله ريثي وعجل ' النمر بن تولت وحميد بن ثور والنابغة الجعدي : إنهم اجتمعوا في الجاهلية على معنى قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ' كفى بالسلامة داء ' فتناهبوه بحسن ألفاظهم وكأنما رموا عن قوس واحد ، فقال النمر بن تولب : يود الفتى طول السلامة جاهدا . . . فكيف ترى طول السلامة يفعل وقال حميد بن ثور : أرى بصري قد رابني بعد صحة . . . وحسبك داء أن تصح وتسلما وقال الجعدي : ودعوت ربي بالسلامة جاهدا . . . ليصحني فإذا السلامة داء

وأخذ ابن الرومي هذا المعنى بعينه وكساه معرضاً من عنده ، ولم يحم حول ألفاظهم حيث قال : في هدنة الدهر كاف من وقائعه . . . والعمر أقدح مبرة من الوصب حسان بن ثابت : قال الجاحظ : لما شتم المشركون النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال عليه السلام لحسان : أهجهم وروح القدس معك ، وأت أبا بكر فيعلمك مساوىء القوم ، والله إن هجاءك لأشد عليهم من وقع السهام في غلس الظلام فأخرج حسان لسانه ، فضرب به طرف أنفه ، فقال : يا رسول الله ما يسرني به مقول من معد ، والله إني لو وضعته على شعر لحلقه ، أو على صخر لفلقه . قال : فلا ينبغي أن يقول حسان إلا حقا ، وكيف يقول باطلاً والنبي ( صلى الله عليه وسلم ) يأمره وجبريل يسدده والصديق يعلمه والله يوفقه . وقال غيره : من عجائب أمر حسان ، إنه كان رضي الله عنه يقول الشعر في الجاهلية فيجيد جدا ، ويغبر في نواصي الفحول ويدعي أن له شيطانا يقول الشعر على لسانه كعادة الشعراء في ذلك ويقول مثل قوله في بني جفنة ملوك غسان : أولاد جفنة حول قبر أبيهم . . . قبر ابن مارية الكريم المفضل بيض الوجوه كريمة أحسابهم . . . شم الأنوف من الطراز الأول فلما أدرك الإسلام وتبدل الشيطان الملك ، تراجع شعره وكاد يرك قوله ليعلم أن الشيطان أصلح للشاعر وأليق به وأذهب في طريقه من الملك . وقد كان بعض الكهان أنذره بلدغة تصيبه ، وكان يتحرز منها بجهده ، ولا ينام إلا على ظهر راحلة ، فبينما هو ذات ليلة على ناقته وهي ترعى ، إذ التوت حية على مشفرها ، فاضطربت ورمت بها صعدا إليه فلدغته ، فقال :

لعمرك ما يدري الفتى كيف يتقي . . . إذا هو لم يجعل له الله واقيا الحطيئة : واسمه جرول بن مالك ، كان راوية زهير ، فنجم مقبول الكلام شرود القافية ، خبيث اللسان ، حتى إنه هجا أباه وأمه وامرأته ونفسه ، فمن قوله في أبيه وخاله وعمه : لحاك الله ثم لحاك حقا . . . أبا ، ولحاك من عم وخال فنعم الشيخ أنت لدى المخازي . . . وبئس الشيخ أنت لدى المعالي ومن قوله في أمه : تنحي واقعدي عنا بعيدا . . . أراح الله منك العالمينا أغربالا إذا استودعت سرا . . . وكانونا على المتحدثينا ومن قوله في نفسه : أبت شفتاي اليوم إلا تكلما . . . بسوء فما أدري لمن أنا قائله أرى لي وجها شوه الله خلقه . . . فقبح من وجه وقبح حامله وصب الله به على الزبرقان بن بدر سوط عذاب حتى أحرقه بهجائه وأمضه وأرمضه بقصيدته التي يقول فيها : لقد مريتكم لو أن درتكم . . . يوما يجيء بها مسحي وإبساسي أزمعت يأسا مريحا من نوالكم . . . ولن ترى طاردا للحر كالياس من يفعل الخير لا يعدم جوازيه . . . لا يذهب العرف بين الله والناس

دع المكارم لا ترحل لبغيتها . . . واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي أبو ذويب الهذلي : قال خلف الأحمر : بنو هذيل من أشعر قبائل الرب ، وأشعرهم أبو ذويب وأمير شعره وغرة كلامه قصيدته التي أولها : آمن المنون وريبه تتوجع . . . والدهر ليس بمعتب من يجزع وبيت القصيدة قوله : والنفس راغبة إذا رغبتها . . . وإذا ترد إلى قليل تقنع وأحسن باقيها بعده قوله : وتجلدي للشامتين أريهم . . . أني لريب الدهر لا أتضعضع وإذا المنية انشبت أظفارها . . . ألفيت كل تميمة لا تنفع عبدة بن الطبيب : أمير شعره قوله وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعجب من جودته وحسن تقسيمه : والمرء ساع لأمر ليس يدركه . . . والعيش شح وإشفاق وتأميل ثم قوله : فما كان قيس هلكه هلك واحد . . . ولكنه بنيان قوم تهدما الفرزدق : كان يونس بن حبيب يقول : من عجائب الفرزدق وجرير أني ما شهدت مشهداً قط ذكرا فيه واجتمع أهل المجلس على تفضيل أحدهما ، وإذا وقع الشك في فضل أحدهما على الآخر لم يقع في أنهما أشعر الإسلاميين المتقدمين . قال وليس لأحد مثل قوله :

وأنا وسعد كالفصيل وأمه . . . إذا وطئته لم يضره اعتمادها ولا مثل قوله في جرير : ضربت عليك العنكبوت بنسجها . . . وقضى عليك به الكتاب المنزل ولا مثل قوله : وكنت فيهم كممطور ببلدته . . . يسر أن يجمع الأوطان والمطرا ولا مثل قوله : يمضي أخوك ولا تلقى له خلفا . . . والمال بعد ذهاب المال يكتسب جرير : سمعت أبا بكر الخوارزمي يقول : أظرف شعر جرير قوله في الفرزدق لما هدد مربعا راوية جرير بالقتل وذلك : زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا . . . أبشر بطول سلامة يا مربع وأصدق شعره قوله : إني لأرجو منك خيرا عاجلا . . . والنفس مولعة بحب العاجل الأخطل : قرأت في فصل للصاحب : هذا الأخطل دعي عما ، فامتلأ غما ، وطفق يقول : المهديات لمن هوين مسبة . . . والمحسنات لمن قلين مقالا وإذا دعونك عمهن فإنه . . . نسب يزيدك عندهن خبالا وها نحن قد صرنا جدودا وأخلقنا من الشباب برودا ، وأمير شعر الأخطل قصيدته التي يقول فيها لبني مروان :

شمس العداوة حتى يستقاد لهم . . . وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا إن العداوة تلقاها وإن قدمت . . . كالعر يكمن حينا ثم ينتشر وأقسم المجد حقا لا يحالفهم . . . حتى يحالف بطن الراحة الشعر ولا يلين لسلطان تهضمنا . . . حتى يلين لضرس الماضغ الحجر عدي بن الرقاع : لم أسمع للمتقدمين شعرا في الغزل أملح وأطرف وأغنج من قوله في تشبيه المرأة بالظبي الوسنان الذي هو بين النائم واليقظان : وكأنها بين النساء أعارها . . . عينيه أحور من جآذر جاسم وسنان أقصده النعاس فرنقت . . . في عينيه سنة وليس بنائم ذو الرمة : قال ابن عياش : نزلت بي مصيبة أمضتني وأشجعتني ، فتذكرت قول ذي الرمة : خليلي عوجا من صدور الرواحل . . . على دارمي وابكيا في المنازل لعل انحدار الدمع يعقب راحة . . . من الغم أو يشفي نجي البلابل فخلوت وبكيت ، فسلوت وقلت : رحم الله ذا الرمة ، فما كان أعرفه بدواء الحزن . الراعي : واسمه عبيد بن حصين : كنت أظن أن ابن المعتز أبو عذرة قوله : أهل الدنيا : كصور في صحيفة متى طوي بعضها نشر بعضها ، حتى قرأت للراعي : إن الزمان الذي ترجو هواديه . . . يأتي على الحجر القاسي فينفلق

ما الدهر والناس إلا مثل واردة . . . إذا مضى عنق منها أتى عنق كثير عزة : سئل عن أغزل شعره ، فأشار إلى قوله : وأدنيتي حتى إذا ما فتني . . . بقول يحل العصم سهل الأباطح تجافيت عني حين لا لي حيلة . . . وخلفت ما خلفت بين الجوانح وسئل عن أحكم شعره ، فقال : قولي : فقلت لها : يا عز كل مصيبة . . . إذا ذللت يوما لها النفس ذلت جميل بن معمر : قال أبو عمرو بن العلاء : هو أغزل نظرائه ، وأغزل شعره قوله : خليلي فيما عشتما هل رأيتما . . . قتيلا بكى من حب قاتله قبلي أبو دهبل الجمحي : قال القاضي أبو الحسن بن عبد العزيز ، هو كثير المحاسن وليس له أحسن من قوله : وكيف أنساك لا نعماك واحدة . . . عندي ولا بالذي أوليت من قدم أما ترى كيف نفى عنه جميع وجوه النسيان بأوجز لفظ وأحسنه وأعذبه وأجمله . بشار بن برد : أستاذ المحدثين وبدرهم وصدرهم وأعجوبة الدنيا لأنه أعمى أكمه ، وله مثل قوله جميع تشبيهين في بيت واحد : كأن مثار النقع فوق رؤسهم . . . وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه ومثل قوله في وصف متاعه :

عجل الركوب إذا اعترته نافض . . . وإذا أفاق فليس بالركاب وتراه بعد ثلاث عشرة قائما . . . مثل المؤذن شك يوم سحاب وقال هارون بن علي المنجم : أشعر بيت في الغزل من شعر المحدثين شعر بشار بن برد : أنا والله اشتهي سحر عيني . . . ك وأخشى مصارع العشاق وقد ظرف وملح أبو نواس في حكاية بشار وبيت له في جارية تسمى رحمة الله : أحببت من شعر بشار لحكمته . . . بيتا لهجت به من شعر بشار يا رحمة الله حلي في منازلنا . . . وجاورينا فدتك النفس من جار ومن أعجب ما يحكى عن بشار ، ما ذكر ابن المعتز في طبقات الشعراء المحدثين : أن المهدي دخل حجرة بعض جواريه على حين غفلة منها ، فرآها تغتسل ، فلما رأته سترت متاعها بكفيها ، وكان أعظم أن يشتملا عليه ، فانثنت حتى توارى في عكن بطنها ، فخرج وهو يقول : نظرت عيني لحيني . . . منظرا وافق شيني ثم قال : انظروا من بالباب من الشعراء ؟ فقيل بشار ، فقال : هاتوا به ، فلما وصل إليه قال : أجز هذا البيت ولم يعرفه القصة : أبصرت عيني لحيني . . . منظرا وافق شيني فقال على النفس : سترته إذ رأتني . . . تحت بطن الراحتين

فبدت منه فضول . . . لن توارى باليدين فانثنت حتى توارى . . . بين طي العكنتين قال : فتعجب المهدي من قوله وحكايته ما لم يره ، وقال له : قد نجاك عماك ، وأمر له بصلة . ومن بدائع بشار قوله : يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة . . . والآذن تعشق قبل العين أحيانا حماد عجرد : قال الرياشي : قال بشار : أهجي بيت هجى به أحد قول العبدي - يعني حمادا : نسبت إلى برد وأنت لغيره . . . فهبك لبرد نكت أمك من برد وكان يقول : قد تهيأ لابن الفاعلة في هجائي بهذا البيت ما لم يتهيأ لجرير والفرزدق ، وقد تهاجيا أربعين سنة . وقال محمد بن داود بن الجراح : من عجيب الشعر قول حماد في أخذ العذرة ولم يسبق إليه : قد فتحنا الحصن بعد امتناع . . . بمبيح فاتح للقلاع ظفرت كفي بتفريق شمل . . . جاءنا تفريقه باجتماع وإذا شعبي وشعب حبيبي . . . إنما يلتام بعد انصداع أبو العتاهية : قيل له : أي شعر أحكم عندك وأعجب إليك ؟ قال : قولي : علمت يا مجاشع بن مسعدة . . . أن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة وقال إسحاق الموصلي : أنشدني ابن مخلد لأبي العتاهية :

ما إن يطيب لذي الرعاية لل . . . أيام لا لعب ولا لهو إذ كان يطرف في مسرته . . . فيموت من أجزاءه جزؤ فقلت : ما أحسنهما ؟ فقال : أهكذا تقول ، والله إنهما روحانيان يطيران ما بين السماء والأرض . وكان الجاحظ يقول في قول أبي العتاهية : إن الشباب حجة التصابي . . . روائح الجنة في الشباب معنى كمعنى الطرب ، الذي تعرفه القلوب ، وتعجز عن وصفه الألسن . وقال : دخلت يوما على أبي إسحاق النظام وفي يده قدح دواء ، يريد أن يشربه وهو يتكرهه ويعبس له وجهه ، فقال لي : يا أبا عثمان صدق والله صديقك - عين أبي العتاهية - في قوله : أصبحت في دار بليات . . . أدفع آفات بآفات ويقال إن أمدح شعر لخليفة قوله للمهدي : أتته الخلافة منقادة . . . إليه تجرر أذيالها ولم تك تصلح إلا له . . . ولم يك يصلح إلا لها ولو رامها أحد غيره . . . لزلزلت الأرض زلزالها ولو لم تطعه بنات القلو . . . ب لما قبل الله أعمالها ومن جوامع كلمه وبدائع غرره قوله : يا رب أنت خلقتني . . . وخلقت لي وخلقت مني سبحانك اللهم عا . . . لم كل غيب مستكن

ما لي لشكرك طاقة . . . يا سيدي إن لم تعني أبو نواس : كان المأمون يقول : لو نطقت الدنيا لما وصفت نفسها بأحسن من قوله : إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت . . . له عن عدو في ثياب صديق وقال عمر بن شبة : قال سفيان بن عيينة لرجل من أهل البصرة : قد أحسن والله أبو نواسكم في قوله : يا قمرا أبصرت في مأتم . . . يندب شجوا بين اتراب يبكي فيلقي الدر من نرجس . . . ويلطم الورد بعناب وإذا أعجب به سفيان مع زهده وورعه فما الظن بغيره وقال هارون بن علي بن يحيى المنجم : أجمع أهل العلم بالشعر على أن أجود بيت للمحدثين في المدح قول أبي نواس : وكلت بالدهر عينا غير غافلة . . . بجود كفك يأسو كل ما جرحا وقال غيره بل قوله : أنت على ما بك من قدرة . . . فلست مثل الفضل بالواجد وليس على الله بمستنكر . . . أن يجمع العالم في واحد ومما يجمع الظرف والإعجاب والإطراب قوله : أربعة مذهبة . . . لكل هم وحزن تحيى بها عين ورو . . . ح وفؤاد وبدن الماء والبستان والقهوة والوجه الحسن

منصور النمري : لما انشد الرشيد قصيدته التي هي غرة كلامه وأولها : ما تنقضي حسرة مني ولا جزع . . . إذا ذكرت شبابا ليس يرتجع ما كنت أوفي شباب كنه غرته . . . حتى انقضى فإذا الدنيا له تبع بكى الرشيد حتى اخضل لحيته ، ثم قال : يا نمري ما خير دناي لا يخطر فيها ببرد الشباب . وقال المبرد : أجود ما قيل في الفراق قول النمري : إن المنية والفراق لواحد . . . أو توءامان تراضعا بلبان أشجع بن عمرو السلمى : أحسن وأبدع وأعجب ما قال في الملك المهيب والنصرة بالرعب قوله في الرشيد : وعلى عدوك بابن عم محمد . . . رصدان : ضوء الصبح والإظلام فإذا تنبه رعته وإذا هذا . . . سلت عليه سيوفك الأحلام كلثوم بن عمرو العتابي : أحسن ما قيل في التوقي من الترقي إلى معالي الأمور طلبا للسلامة ، قوله : يسرك أني نلت ما نار جعفر . . . من الملك أو ما نال يحيى بن خالد وأن أمير المؤمنين أغصني . . . مغصهما بالمرهفات البوارد فإن عليات الأمور مشوبة . . . بمستودعات في بطون الأساود عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي : من عجيب الشعر وطريفه ومليحه قوله في معنى الصوفية ، جوده وحسنه وأحسن الإفصاح عنه وأبرزه في أبهى معرض وأرسله مثلاً سائراً وإن كان لم يعرف الصوفية ومذهبهم :

وما زرتكم عمدا ولكن ذا الهوى . . . إلى حيث يهوى القلب تهوى به الرجل أبو الشيص الأعرابي : من عيون أمثاله السائرة : لا تنكري صدي ولا إعراضي . . . ليس المقل عن الزمان براضي ومن أحسن ما قيل في موت ملك وقيام ابنه ، قوله في وفاة الرشيد وقيام الأمين : جرت جوار بالسعد وبالنحس . . . فنحن في وحشة وفي أنس العين تبكي والسن ضاحكة . . . فنحن في مأتم وفي عرس يضحكنا القائم الأمين ويب . . . كينا وفاة الرشيد بالأمس بدر ببغداد بات في رغد . . . وبات بدر بطوس في رمس ومن عجيب شعره الذي لم يسبق إليه قوله : كريم يغض الطرف فضل حيائه . . . ويدنو وأطراف الرماح دواني وكالسيف إن لاينته لان متنه . . . وحداه إن خاشنته خشنان أبو يعقوب الخريمي : من عجيب شعره الذي لم يسبق إليه قوله : يلام أبو الفضل في جوده . . . وهل يملك البحر أن لا يفيضا وقوله : إذا ما مات بعضك فابك بعضا . . . فبعض الشي من بعض قريب

وقوله : وأعددته ذخرا لكل ملمة . . . وسهم الرزايا بالذخائر مولع والبة بن الحباب : من أمثاله السائرة العجيبة : إن كان يجزى بالخير فاعله . . . شرا ويجزى القبيح بالحسن فويل تالي القرآن في ظلم الليل وطوبى لعابد الوثن مسلم بن الوليد : من فرائد قلائده الأنيقة وأبيات قصائده العجيبة قوله في ذم الدنيا : دلت على عيبها الدنيا وصدقها . . . ما استرجع الدهر مما كان أعطاني وقوله في المرثية : أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه . . . فطيب تراب القبر دل على القبر وقوله في الهجاء ، وقيل إنه أهجى بيت للمحدثين : قبحت مناظرهم ، فحين بلوتهم . . . حسنت مناظرهم لقبح المخبر ويقال بل قوله : أما الهجاء فدق عرضك دونه . . . والمدح عنك كما علمت جليل فاذهب ؟ فأنت طليق عرضك إنه . . . عرض عززت به وأنت ذليل محمد بن أبي أمية : وصف لأبي العتاهية خبره ، فاستنشد شعره ، فأنشد قوله :

رب وعد منك لا أنساه لي . . . أوجب الشكر وإن لم تفعلي أقطع الدهر بظن حسن . . . وأجلي كربة لا تنجلي كلما أملت يوما صالحا . . . عرض المكروه دون الأمل وأرى الأيام لا تدني الذي . . . أرتجي منك وتدني أجلي فجعل أبو العتاهية يستعيده ويبكي ويقبل رأسه ويقول : بودي أنه لي ببعض شعري . المؤمل بن إميل المحاربي : له هذا البيت السائر النادر ولا غاية لظرفه وهو عرضة لرسائل الصاحب والصابي لحسنه وجودته : ذا مرضنا أتيناكم نعودكم . . . وتذنبون ، فنأتيكم ونعتذر وينشد معه : لا تحسبوني غنيا عن مودتكم . . . إني إليكم وإن أيسرت مفتقر خالد بن زيد الكاتب : ما زال الناس يفضلون قوله في طول الليل : رقدت فلم ترث للساهر . . . وليل المحب بلا آخر لحسنه وظرفه وقلة لفظه وكثرة معانيه على كل ما قيل فيه حتى جاء سيدوك الواسطي فأربى عليه بعجيب قوله ونادره : عهدي بنا ورداء الوصل يجمعنا . . . والليل أطوله كاللمح بالبصر فالآن ليلي مذ غابوا فديتهم . . . ليل الضرير ، فصبحي غير منتظر فتحفظوه ونسوا قول خالد على أنه أوجز لفظاً منه وليس هو في كمال المعنى دونه .

أبو عيينة محمد بن أبي عيينة : المهلبي له قوله : جسمي معي غير أن الروح عندكم . . . فالروح في غربة والجسم في وطن فليعجب الناس مني أن لي بدنا . . . لا روح فيه ولي روح بلا بدن وقوله : أرى عهدها كالورد ليس بدائم . . . ولا خير فيمن لا يدوم له عهد وعهدي لها كالآس حسنا ونضرة . . . له بهجة تبقى إذا فني الورد إبراهيم بن المهدي : من أعاجيب شعره للمأمون : ما إن عصيتك والغواة تمدني . . . أسبابها إلا بنية طائع فعفوت عما لم يكن عن مثله . . . عفو ولم يشفع إليك بشافع فرحمت أطفالا كأفراخ القطا . . . وحنين والهة كقوس النازع وإنما شبهها بالقوس لانحنائها وحنينها ، ومن عجائب تشبيهاته قوله : كأنه شلو كبش والهواء له . . . تنور شاوية والجذع سفود ومن أعاجيب أحاسنه قوله في النهي عن وصف الحبيب ، ويروي للحكم بن قنبر : ولست بواصف أبدا حبيبا . . . أعرضه لأهواء الرجال وما بلي أشوق قلب غيري . . . إليه ودونه ستر الحجال كأني أشتهي الشركاء فيه . . . وآمن فيه إحداث الليالي

محمد بن أبي زرعة : الدمشقي من عجيب كلامه قوله ولم أسمع في معناه أحسن منه : لا يؤنسنك إن تراني ضاحكا . . . كم ضحكة فيها عبوس كامن ولم أسمع في الاعتذر من الهز أبرع من قوله : لا ملوم مستقصر أنت في ال . . . بر ولكن مستعطف مستزاد قد يهز الحسام وهو حسام . . . ويحث الجواد وهو جواد العابس بن الأحنف : من عجيب شأنه أنه أشعر الناس في الغزل وليس له في المدح والهجاء ولا غيرهما مما قالت الشعراء فيه بيت واحد ، وفيه يقول بشار : ما زال غلام بني حنيفة يدخل نفسه فينا ويخرجها حتى قال : نزف البكاء دموع عينك فاستعر . . . عينا لغيرك دمعها مدرار من ذا يعيرك عينه تبكي بها . . . أرأيت عينا للبكاء تعار وقال : نزوركم لا نكافئكم بجفوتكم . . . إن المحب إذا لم يستزر زارا يقرب الشوق دارا وهي نازحة . . . من عالج الشوق لم يستبعد الدارا عبد الصمد بن المعذل : غرة شعره قوله : تكلفني إذلال نفسي لعزها . . . وهان عليها أن أهان لتكرما

تقول سل المعروف يحيى بن أكثم . . . فقلت سليه رب يحيى بن أكثما وكان عبد الصمد شاعر البصرة وظريفها ، فبلغه أن أبا تمام قد شارفها ، وخاف كساد سوقه بوروده إياها ، فكتب إليه : أنت بين اثنتين تبرز لل . . . ناس وكلتاهما بوجه مذال لست تنفك طالبا لوصال . . . من حبيب أو طالبا لنوال أي ماء لحر وجهك يبقى . . . بين ذل الهوى وذل السؤال فثنى عنانه عن البصرة وآلى أن لا يدخلها أبدا . عي بن جبلة : العكوك مدح حميد الطوسي بقوله : دجلة تسقي وأبو غانم . . . يطعم من تسقي من الناس الناس جسم وإمام الهدى . . . رأس وأنت العين في الرأس فقل له : ما عسيت أن تقول فينا بعد قولك في أبي دلف : إنما الدنيا أبو دلف . . . بين باديه ومحتضره فإذا ولى أبو دلف . . . ولت الدنيا على أثره فقال : أصلح الله الأمير ، قد قلت فيك ما لا يقصر عن غيره ، قال : هاته ؟ فأنشد ما ارتجله في الوقت : إنما الدنيا حميد . . . وأياديه الجسام فإذا ولى حميد . . . فعلى الدنيا السلام

فتبسم حميد وأحسن جائزته . إسماعيل بن الحمدوني : من عجيب شأنه ، أن له في طيلسان خلعه عليه أحمد بن حرب أربعين مقطوعة لا تخلو واحدة منها من معنى نادر أو مثل سائر كقوله : يا ابن حرب كسوتني طيلسانا . . . مل من صحبة الزمان وصدا طال ترداده إلى الرفو حتى . . . لو بعثناه وحده لتهدى وله : طيلسان لو كان لفظا إذا ما . . . شك خلق في أنه بهتان كم رفوناه إذ تمزق حتى . . . بقي الرفو وانقضى الطيلسان محمد بن وهيب الحميري : كان ابن عائشة القرشي يقول : لأنا بوجدان الكلام أسر مني بوجدان ضالة النعم ، فإذا قيل له : مثل ماذا ؟ قال : مثل قول ابن وهيب الحميري : وإني لأرجو الله حتى كأنني . . . أرى بجميل الظن ما الله صانع ولم يصف أحد الدنيا كوصفه إياها في قوله : وقد دبت الدنيا إلي صروفها . . . وخاطبني إعجامها وهو معرب ولكنني منها خلقت لغيرها . . . وما كنت منه فهو شيء محبب دعبل بن علي الخزاعي : أحسن شعره قصيدته التي أولها : أين الشباب وأية سلكا . . . لا تطلبنه ضل بل هلكا وبيت القصيدة قوله وبه سار ذكره :

لا تعجبي ؟ يا سلم من رجل . . . ضحك المشيب برأسه فبكى ومن غرر شعره قوله في الشعر : سأقضي ببيت يحمد الناس أمره . . . ويكثر من أهل الرواية حامله يموت رديء الشعر من قبل أهله . . . وجيده يبقى وإن مات قائله أبو تمام حبيب بن أوس الطائي : أحسن ما قيل في تحسين الحجاب قوله : يا أيها الملك النائي برؤيته . . . وجوده لمراعي جوده كثب ليس الحجاب بمقص عنك لي أملا . . . إن السماء ترجى حين تحتجب وأحسن ما قيل في استتمام العرف قوله : إن ابتداء العرف مجد باسق . . . والمجد كل المجد في إتمامه هذا الهلال يورق أبصار الورى . . . حسنا وليس لحسنه كتمامه وأحسن ما قيل في الحث على الاغتراب قوله : وطول مقام المرء في الحي مخلق . . . لديباجتيه ، فاغترب تتجدد فإني رأيت الشمس زيدت محبة . . . إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد وأحسن ما قيل في كرم العهد قوله :

وإن أولى البرايا أن تواسيه . . . عند السرور لمن واساك في الحزن إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا . . . من كان يألفهم في المنزل الخشن وأحسن ما قيل في ذم الشيب على كثرته ، قوله : غدا الشيب مختطا بفودي خطة . . . طريق الردى فيها إلى النفس مهيع هو الزور يجفى والمعاشر يجتوى . . . وذو الإلف يقلى والجديد يرقع له منظر في العين أبيض ناصع . . . ولكنه في القلب أسود أسفع ونحن نرجيه على الكره والرضا . . . وأنف الفتى من وجهه وهو أجدع وسئل عن أمدح بيت له ، فقال : قولي : لو أن إجماعنا في فضل سؤدده . . . في الدين لم يختلف في الأمة اثنان قيل : ثم ماذا ؟ قال قولي : فلو صورت نفسك لم تزدها . . . على ما فيك من كرم الطباع ويقال بل قوله : تعود بسط الكف حتى لو أنه . . . ثناها لقبض لم تجبه أنامله ولو لم يكن في كفه غير روحه . . . لجاد بها ، فليتق الله سائله وقال أبو القاسم الآمدي : هو أشعر الناس في المراثي ، وليس له فيها أجود وأحسن من قوله : ألا إن في كف المنية مهجة . . . تظل لها عين العلى وهي تدمع

هي النفس إن تبك المكارم فقدها . . . فمن بين أحشاء المكارم تنزع أبو عبادة البحتري : قال القاضي أبوب الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني : غرر البحتري ووسائط قلائده كثيرة ، وعندي أن أفصح أبياته وأبلغها وأحسنها قوله فيمن يرضى بعد السخط وفي نفسه بقية من العتب : تبلج عن بعض الرضا وانطوى على . . . بقية عتب شارفت أن تصرما وقال الصاحب : أمدح شعر البحتري قوله : دنوت توضعا ، وعلوت مجدا . . . فشأناك انحدار وارتفاع كذاك الشمس تبعد أن تسامى . . . ويدنو الضوء منها والشعاع ومن أظرف شعره وأرقه وألطفه ، قوله ، وكان أبو بكر الخوارزمي يقول : لا تنشدونيهما ، فأرقص طرباً وما أقبح الرقص بالمشايخ : يذكرنيك والذكرى عناء . . . مشابه فيك طيبة الشكول نسيم الروض في ريح شمال . . . وصوب المزن في راح شمول وقال أبو القاسم الآمدي : قد أكثر الشعراء في ذكر الطلول والدمن والرسوم ، وأحسن وأعجب وأظرف ما قالوا فيه قول الطائي أبي تمام والبحتري فإنهما جاءا بالسحر الحلال والماء الزلال ، حيث قال أبو تمام : أيها البرق بت بأعلى البراق . . . واغد فيها بوابل غيداق دمن طالما التقت أدمع المز . . . ن عليها وأدمع العشاق وقال البحتري :

أصبا الأصائل إن برقة منشد . . . نشكو اختلافك بالهبوب السرمد لا تتعبى عرصاتها إن الهوى . . . ملقى على تلك الرسو الهمد دمن مواثل كالنجوم فإن عفت . . . فبأي نجم في الصبابة نهتدي فأربيا على من تقدمهما وأعجزا في من تأخر عنهما . وكان أبو القاسم الإسكافي : أبلغ أهل خراسان ، يقول : تعلمت الكناية من شعر البحتري ، فكأنه كناية معقودة بالقول في قوله : ما ضيع الله في بدو ولا حضر . . . رعية ، أنت بالإحسان راعيها وأمة كان قبح الجور يسخطها . . . دهرا ، فأصبح حسن العدل يرضيها ومما يطرب بلا سماع ويسكر بلا شراب قوله : بات نديما لي حتى الصباح . . . أغيد مجدول مكان الوشاح كأنما يضحك عن لؤلؤ . . . منظم أو برد أو أقاح تحسبه نشوان إما رنا . . . للفتر في أجفانه وهو صاح بت أفديه ولا أرعوي . . . لنهي ناه عنه أو لحي لاح أمزج كأسي بجنا ريقه . . . وإنما أمزج راحا براح يساقط الورد علينا وقد . . . تبلج الصبح نسيم الرياح ومن عجيب شعره ، قوله في استهداء ممطر : إن السحاب أخاك جاد بمثل ما . . . جادت يداك لو أنه لم يضرر أشكو نداه إلى نداك فاشكني . . . من صوب عارضه المطير بممطر

علي بن الجهم وهو في المحدثين كالنابغة في المتقدمين وذلك أن النابغة شبه النعمان مرة بالليل ومرة بالشمس ، وشبه علي نفسه بالسيف المغمد حيث قال في حال الحبس : قالت حبست فقلت ليس بضائري . . . حبسي وأي مهند لا يغمد أو ما رأيت الليث يألفه غيله . . . كبرا وأوباش السباع تردد وشبهها بالسيف المسلول في حال السلب حيث قال : لم ينصبوا بالشاذياخ عشية إلا . . . ثنين مغمورا ولا مجهولا نصبوا بحمد الله ملء عيونهم . . . كرما وملء قلوبهم تبجيلا ما ضره إن بز عنه غطاؤه . . . فالسيف أهيب ما يرى مسلولا ومن عجيب شعره في الجودة والبراعة قوله من قصيدة : هي النفس ما حملتها تتحمل . . . وللدهر أيام تجور وتعدل وعاقبة الصبر الجميل جميلة . . . وأفضل أخلاق الرجال التفضل ولا عار إن زالت عن الحر نعمة . . . ولكن عارا أن يزول التجمل أحمد بن يوسف : وزير المأمون أحسن ما قيل في الإهداء إلى السادة قوله للمأمون : على العبد حق فهو لا بد فاعله . . . وإن عظم المولى وجلت فواضله ألم ترنا نهدي إلى الله ماله . . . وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله محمد بن عبد الملك : ' الزيات ' وزير المعتصم من عجيب قوله في الشيب :

وعائب عابني لشيبي . . . لم يعد لما ألم وقته قلت له قول ذي صواب . . . يا عائب الشيب لا بلغته وفي جاري أصيب بها : يقول لي الخلان لو زرت قبرها . . . فقلت وهل غير الفؤاد لها قبر على حين لم أصغر فأجهل قدرها . . . ولم أبلغ السن الذي معها الصبر إبراهيم بن العباس الصولي : يقال إنه أشعر الناس في شكاية الإخوان وذكر تغيرهم ، فمن غررها قوله : وكنت أذم إليك الزمان . . . فأصبحت فيك أذم الزمانا وكنت أعدك للنائبات . . . فها أنا أطلب منك الأمانا وقوله : من رأى في المنان مثل أخ لي . . . كان عوني على الزمان وخلي رفعته حال فحاول حطي . . . وأبى أن يعز إلا بذلي وقوله وهو أظرف ما قيل في الملوك : يا أخا لم أر في الناس خلا . . . مثله أسرع هجرا ووصلا كنت لي في صدر يومي صديقا . . . فعلى عهدك أمسيت أم لا الحسن بن وهب : أحسن ما قيل في الاعتذار من الإخلال بخدمة الرؤساء لتتابع الأمطار قوله :

يوجب العذر في تراخي اللقاء . . . ما توالى من هذه الأنواء فسلام الإله أهديه مني . . . كل يوم لسيد الوزراء لست أدري ماذا أذم وأشكو . . . من سماء تعوقني عن سماء غير أني أدعو على تلك بالص . . . حو وأدعو لهذه بالبقاء أبو علي البصير : له ملح وطرف في هدم المطر داره وأحسنها قوله : من بكى هذه الماء عليه . . . نعمة أو بكى بها مرورا فلقد أصبحت علينا عذابا . . . ولقينا منها أذى وشرورا أيها الغيث كنت بؤسا وفقرا . . . لي وللناس حنطة وشعيرا ومن أحسن أمثاله السائرة قوله : لعمر أبيك ما نسب المعلي . . . إلى كرم وفي الدنيا كريم ولكن البلاد إذا اقشعرت . . . وصوح نبتها رعي الهشيم ولم أسمع في الهجاء أحسن وأملح من قوله : لي صديق في خلقة الشيطان . . . وعقول النساء والصبيان من تظنونه فقالوا جميعا . . . ليس هذا إلا أبو هفان العطوي : من غرر شعره قوله : يقولون قبل الدار جار موافق . . . وقبل طريق المرء أنس رفيق فقلت وندمان الفتى قبل كأسه . . . فما حث كأس المرء مثل صديق

وقوله في الصبوح : إن شرب المدام سير إلى الله . . . و خير المسير صدر النهار وقوله في شكاية الإخوان لي خمسون صديقا . . . بين قاض وأمير لبسوا الدنيا ولم أخ . . . لع بهم ثوب الفقير العلوي الحماني : من أحاسن شعره قوله : هبني بقيت على الأيام والأبد . . . ونلت ما شئت من مال ومن ولد من لي برؤية من قد كنت آلفه . . . إن الشباب مضى هيهات لم يعد وقوله : لا والذي عاذ باحرامه . . . ركب يلبون باحرام أعد سبعين ولو جملت . . . نعمائها عادت إلى عام وقوله : قالوا تمن ما هويت واجتهد . . . فقلت قول المشتكي المقتصد لقاء من غاب وفقد من شهد عوف بن محلم الشيباني : أمير شعره قوله من قصيدة في عبد الله بن طاهر . يا ابن الذي دان له المشرقان . . . وألبس العدل به المغربان

إن الثمانين وبلغتها . . . قد أحوجت سمعي إلى ترجمان قوله : ' وبلغتها ' حشو أحسن من معنى البيت ، ولقبه الصاحب ' بحشو اللوزينج ' ، وله نظائر جمعتها في بعض كتبي . ديك الجن : واسمه عبد السلام بن رغبان : من وسائط قلائده قوله من قصيدة وهي غرة شعره : أبا عثمان معتبة وصبرا . . . وشافي النصح يعدل بالأشافي إذا شجر المودة لم تجده . . . سماء البر أسرع في الجفاف وقوله في غلام دخل الماء : رق حتى حسبته ورق الور . . . د نديا يرف بين الرياح ورد الماء ثم راح وقد أص . . . دره الماء في غلالة راح ابن الرومي : وهو علي بن العباس بن جريج من غرر شعره وخدع دهره قوله : لما تؤذن الدنيا به من صروفها . . . يكون بكاء الطفل ساعة يولد وإلا فما يبكيه منها وإنها . . . لأفسح مما كان فيه وأرغد إذا أبصر الدنيا استهل كأنه . . . بما سوف يلقى من أذاها يهدد وقوله في القاسم بن عبيد الله : إن لله غير مرعاك مرعى . . . نرتعيه وغير مائك ماء إن لله بالبرية لطفا . . . سبق الأمهات والآباء

وقوله في النهي عن ترك العتاب : يا أخي أين ربع ذاك الإخاء . . . أين ما كان بيننا من صفاء أنت عيني وليس من حق عيني . . . طبق أجفانها على الأقذاء وقوله في استحالة الصديق عدواً : عدوك من صديقك مستفاد . . . فلا تستكثرن من الصحاب فإن الداء أكثر ما تراه . . . يكون من الطعام أو الشراب وقوله فيمن يقتني السلاح ولا يستعمله ولا يدفع به عن ماله : رأيتكم تبدون للحرب عدة . . . ولا يمنع الأسلاب منكم مقاتل وأنتم كمثل النخل يسرع شوكه . . . ولا يمنع الخراف ما هو حامل وقوله في الاستزادة : أيها المنصف إلا رجلا . . . واحدا أصبحت ممن ظلمه كيف ترضى الفقر عرسا لامرىء . . . وهو لا يرضى لك الدنيا أمه ولم أسمع في الهجاء بالجبن أبلغ وأملح وأطرف من قوله في سليمان بن عبد الله بن طاهر : قرن سليمان قد أضر به . . . شوق إلى وجهه سيدنفه لا يعرف القرن وجهه ويرى . . . قفاه من فرسخ فيعرفه ولا في الاستمتاع بالشباب كقوله :

قصرك الشيب فاقض ما أنت قاضي . . . من هوى البيض والعيون المراض إن شرخ الشباب قرض الليالي . . . فتصرف فيه قبيل التقاضي ولا في الشرب على النرجس أعجب من قوله : أدرك ثقاتك إنهم وقعوا . . . في نرجس معه ابنة العنب فهم بحال لو بصرت بهم . . . سبحت من عجب ومن عجب ريحانهم ذهب على درر . . . وشرابهم درر على ذهب عبد الله بن المعتز : من عجائب أوصافه وتشبيهاته قوله من قصيدة في وصف الخمر : وقد يباكرني الساقي فاشربها . . . راحا تريح من الأحزان والكرب وأمطر الكأس ماء من أبارقه . . . فأنبت الدر في أرض من الذهب وسبح القوم لما أن رأوا عجبا . . . نورا من الماء في نار من العنب وقوله : وخمارة من بنات المجوس . . . ترى الزق في بيتها شائلا وزنا لها ذهبا جامدا . . . فكالت لنا ذهبا سائلا وقوله في الغزل :

ظبي يتيه بحسن صورته . . . عبث الفتور بلحظ مقلته وكأن عقرب صدغه احترقت . . . لما دنت من نار وجنته وقوله في الهلال : أهلا بفطر قد أنار هلاله . . . فالآن فاغد على الشراب وبكر وانظر إليه كزورق من فضة . . . قد أثقلته حمولة من عنبر وقوله في الربيع : اسقني الراح في شباب النهار . . . وانف همي بالخندريس العقار ما ترى نعمة السماء على الأر . . . ض وشكر الرياض للأمطار وغناء الطيور كل صباح . . . وانفتاق الأشجار بالأنوار وكأن الربيع يجلو عروسا . . . وكأنا من قطره في نثار وقوله في الريح اللينة : والريح تجذب أطراف الرداء كما . . . أفضى الشقيق إلى تنبيه وسنان وقوله في الديك : صفق إما ارتياحة لسنى الف . . . جر ، وأما على الدجى أسفا وقوله في العمارة : ألا من لنفس وأحزانها . . . ودار تداعت بحيطانها أظل نهاري في شمسها . . . شقيا لقيا ببنيانها

أسود وجهي بتبييضها . . . وأخرب كيسي بعمرانها ومن عجيب أمره أنه كان يستكثر في أوصافه من التشبيه بالعنين كقوله في وصف الشمس التي تكاد تخرج من الغيم : تظل الشمس ترمقنا بطرف . . . مريض مدنف من خلف ستر تحاول فتق غيم وهو يأبى . . . كعنين يروم نكاح بكر وكقوله في الوحشة : أطال الدهر في بغداد همى . . . وقد يشقى المسافر أو يفوز ظللت بها على رغمى مقيما . . . كعنين تضاجعه عجوز وقوله في العذر الكاذب من مزدوجة : وجاءنا بعذرة كذابه . . . لم يفح القلب لها أبوابه كعذرة العنين بعد السابع . . . إلى عروس ذات حر ضائع حتى اتهم أنه كان عنينا ولم يكنه لمكان ابنه عبد الواحد . عبيد الله بن عبد الله بن طاهر : من عجيب شعره وطريفه قوله : سقتني في ليل شبيه بشعرها . . . شبيهة خديها بغير رقيب فما زلت في ليلين شعر ومن دجى . . . وسمشين من راح وأوجه حبيب وقوله : ألم تر أن الدهر يهدم ما بنى . . . ويأخذ ما أعطى ويفسد ما أسدى

فمن سره أن لا يرى ما يسوءه . . . فلا يتخذ شيئا يخاف له فقدا وقوله في قوة الوسيلة : إني أمت إلى الذي ودي له . . . بجميع ما عقد الحقوق وأكدا إني لشاكر أمسه ووليه . . . في يومه ومؤمل منه غدا أبو الحسن بن طباطبا العلوى من لطائف شعره وقوله : نفسي الفداء لغائب عن ناظري . . . ومحله في القلب دون حجابه لو لا تمتع مقلتي بلقاءه . . . لوهبتها لمبشري بايابه وقوله : وفي خمسة مني حلت منك خمسة . . . فريقك منها في فمي طيب الرشف ووجهك في عيني ولمسك في يدي . . . ونطقك في سمعي وعرفك في أنفي وقوله : ليت شعري ما عاق عني حبيبا . . . قد توقعت في الظلام طروقه بات قلبي المشوق يخلط فيه . . . ظن غيري بظن أم شفيقة وقوله : كن بما أتيته مقتنعا . . . تستدم عيش القنوع المكتفي إن في نيل المنى وشك الردى . . . وقياس القصد عند السرف كسراج دهنه قوت له . . . فإذا أغرقته فيه طفىي

منصور الفقيه المصري : من غرره وملحه الآخذة بمجامع القلوب ، قوله : منذ ثلاث لم نرك . . . فقل لنا ما أخرك أعلة فنعذرك . . . أم دهر سوء غيرك وقوله : قد قلت لما أن شكت . . . تركي زيارتها خلوب إن التباعد لا يض . . . ر إذا تقاربت القلوب وقوله : شاهد ما في مضمري . . . من صدق ود مضمرك فما أريد وصفه . . . قلبك عني يخبرك وقوله : إذا تخلفت عن صديق . . . ولم يعاتبك في التخلف فلا تعد بعدها إليه . . . فإنما وده تكلف وقوله : كل مذكور من النا . . . س إذا ما فقدوه صار في حكم حديث . . . حفظوه فنسوه أبو الفتح كشاجم : من عجائب أحاسنه قوله :

بأبي وأمي زائر متقنع . . . لم يخف ضوء الشمس تحت قناعه لم أستتم عناقه لقدومه . . . حتى ابتدأت عناقه لوداعه وقوله : وفكرت في شيب الفتى وشبابه . . . فأيقنت أن الحق للشيب واجب يصاحبني شرخ الشباب فينقضي . . . وشيبي إلى حين الممات مصاحب وقوله في العتاب : إلى الله أشكوا أخا جافيا . . . يضيع وأحفظ منه الصنيعة إذا ما الوشاة سعوا نحوه . . . أصاخ إليهم بإذن سميعه كثرت عليه فأمللته . . . وكل كثير عدو الطبيعه ولكن نفسي إذا أكرهت . . . على الهجر ليست له مستطيعة وقوله في خادم يسمى كافورا : أكافور قبحت من خادم . . . ولاقتك مسرعة جائحة حكيت سميك في برده . . . وأخطاك اللون والرائحة وقوله في المدح : يا كامل الآداب منفرد العلا . . . والمكرمات ويا كثير الحاسد شخص الأنام إلى كمالك فاستعذ . . . من شر أعينهم بعيب واحد وقوله في كاتب :

وإذا نمقت بنانك خطا . . . معربا عن بلاغة وسداد عجب الناس من بياض معان . . . تجتني من سواد ذاك المداد وقوله في الهجاء : شيخ لنا من مشايخ الكوفة . . . نسبته للعليل موصوفة لو بدل الله قمله غنما . . . ما طمع الجار منه في صوفه علي بن محمد بن نصر بن بسام : من عجائب شعره قوله في موت الفضل أحد ابني عبيد الله بن سليمان : قل لأبي القاسم المرجي . . . قابلك الدهر بالعجائب مات لك ابن وكان زينا . . . وعاش ذو النقص والمعائب حياة هذا كموت هذا . . . فلست تخلو من المصائب وقوله في أبيه : بلوت أبا جعفر مدة . . . فألفيت منه بخيلا سخيفا ولو لا الضرورة لم آته . . . وعند الضرورة آتي الكنيفا وقوله في وزير : سنصبر إذ وليت فكم صبرنا . . . لمثلك من أمير أو وزير ولما لم ننل منهم سرورا . . . رأينا عزلهم كل السرور وقوله في وزير خلع عليه :

خلعوا عليه وزينو . . . ه ومر في عز ورفعه فكذاك يفعل بالجما . . . ل لنحرها في كل جمعه وقوله في إنكار وزيرين اثنين : فقدتكم يا بني الجاحدة . . . ففي كل يوم لكم آبدة متى كان يعرف فيما مضى . . . وزيران في دولة واحدة أبوب الحسن جحظة البرمكي : من غرر شعره وبديع ملحه قوله : قلت لما رأيته في قصور . . . مشرفات ونعمة لا تعاب رب ما أبين التباين فيه . . . منزل عامر وقلب خراب وقوله : وإذا هجاني باخل . . . لم استجز ما عشت قطعه وتركته مثل القبو . . . ر أزوره في كل جمعه وقوله : هات اسقنيها قهوة بابلية . . . تحاكي شعاع الشمس بل هي أفضل فقد نطق الدراج بعد سكوته . . . ووافى كتاب الورد أني مقبل وقوله :

لي صديق يحب قولي وشدوي . . . وله عند ذاك وجه صفيق كلما قلت قال أحسنت زدني . . . وبأحسنت لا يباع الدقيق وقوله : وعصابة عزموا الصبوح بسحرة . . . بعثوا إلى مع الصباح خصوصا صرح لنا لونا نجود طبخه . . . قلت اطبخوا لي جبة وقميصا المعرج النسفي : أمير شعره قوله في الربيع : ذهب حيثما ذهبنا ودر . . . حيث درنا وفضة في الفضاء أبو بكر الصنوبري : من أحاسن محاسنه قوله في الربيع : إن كان في الصيف ريحان وفاكهة . . . فالأرض مستوقد والجو تنور ما الدهر إلا الريع المستنير إذا . . . جاء الربيع أتاك النور والنور فالأرض ياقوتة والجو لؤلؤة . . . والنبت فيروزج والماء بلور من شم طيب رياحين الربيع يقل . . . لا المسك مسك ولا الكافور كافور ولم أسمع في الختان أبدع وأحسن من قوله : أرى طهرا سيثمر بعد عرسا . . . كما قد يثمر الطرب المدامه وما قلم بمغن عنك إلا . . . إذا ما ألقيت عنه القلامه ولا في استهداء المسك أحسن من قوله :

الطيب بهدى وتستهدى طرائفه . . . وأشرف الناس يهدى أشرف الطيب والمسك أشبه شيء بالثباب فهب . . . شبه الشبب لبعض العصبة الشيب القاضي أبو القاسم علي بن محمد التنوخي : من لطائف أحاسنه قوله : رضاك شباب لا يليه مشيب . . . وسخطك داء ليس منه طبيب كأنك من كل النفوس مركب . . . فأنت إلى كل النفوس حبيب وقوله : سير وقلبي في هواك أسير . . . وحادي ركابي لوعة وزفير ولي أدمع غزر تفيض كأنها . . . ندى فاض في العافين منك غزير ابنه أبو علي المحسن بن علي : من أفراد ملحه قوله : خرجنا لنستسقى بيمن دعائه . . . وقد كاد هدب الغيم أن يبلغ الأرضا فلما ابتدا يدعو تقشعت السما . . . فما تم إلا والغمام قد انقضا أبو الحسن بن لنكك البصري : يا زمانا ألبس الأح . . . رار ذلا ومهانه

لست عندي بزمان . . . إنما أنت زمانه أجنون ما نراه . . . منك يبدو أم مجانه وقوله : عدنا في زماننا . . . عن حديث المكارم من كفى الناس شره . . . فهو في جود حاتم وقوله : عجبت للدهر في تصرفه . . . وكل أحوال دهرنا عجب يعاند الدهر كل ذي أدب . . . كأنما ناداك أمه الأدب وقوله : تعستم جميعا من وجوه لبلدة . . . تكنفهم جهل ولؤم فأفرطا أراكم تعيبون اللثام وإنني . . . أراكم طرق اللوم أهدى من القطا وقوله في أبي رياش اليمامي : يطير إلى الطعام أبو رياش . . . مبادرة ولو واره قبر أصابعه من الحلواء صفر . . . ولكن الأخادع منه حمر وقوله فيه وقد ولي عملا : قل للوضيع أبي رياش لا تبل . . . ته كل تيهك بالولاية والعمل ما ازددت حين وليت إلا خسة . . . كالكلب أنجس ما يكون إذا اغتسل

وقوله في قلة شربه وسرعة سكره : فديتك لو علمت ببعض مابي . . . لما جرعتني إلا بمسعط فحسبك أن كرما في جواري . . . أمر ببابه فأكاد أسقط محمد بن عمر المقري الكاتب : غرة شعره في خط العذار : لي حبيب يزهى بحسن عجيب . . . وبقد مثل القضيب الرطيب أحرقت بالسواد فضة خديه . . . فقد أحرقت سواد القلوب نصر بن أحمد الخبز أرزي : من ملح غرره قوله خليلي هل أبصرتما أو سمعتما . . . بأكرم من مولى تمشى إلى عبد أتى زائرا من غير وعد وقال لي . . . أصونك عن تعليق قلبك بالوعد وقوله : قد قلت إذ خان عهدي من كلفت به . . . ولم يكن عنه لي صبر ولا جلد إن كان شاركني في حبه وقح . . . فالنهر يشرب منه الكلب والأسد وقوله : ورد الخدود وزمان النهود وأغ . . . صان القدود تصيد السادة الصيدا شرطي إذا ما رأيت الخصر مختصرا . . . والردف مرتدفا والقد مقدودا

شرط لو أن هلال الرأي بصره . . . لم يستطع لشروط الفقه توكيدا الخباز البلدي : من غرر أمثاله السائرة قوله : إذا استثقلت أو أبغضت خلقا . . . وسرك بعده حتى التناد فشرده بقرض دريهمات . . . فإن القرض داعية البعاد وقوله : ألا إن إخواني الذين عهدتهم . . . أفاعي رمال لا تقصر في لسعي ظننت بهم خيرا فلما بلوتهم . . . نزلت بواد منهم غير ذي زرع أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان سيف الدولة - من غرر ما ألقاه بحر شعره ، على لسان فضله قوله في قوس قزح وهو أحسن ما قيل فيه : وساق صبيح للصبوح دعوته . . . فقام وفي أجفانه سنة الغمض يطوف بكأسات العقار كأنجم . . . فمن بين منقض علينا ومنقض وقد نشرت أيدي الجنوب مطارفا . . . على الجود كنا والحواشي على الأرض يطرزها قوس السحاب بأصفر . . . على أحمر في أخضر إثر مبيض كأذيال خود أقبلت في غلائل . . . مصبغة والبعض أقصر من بعض أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان - من غرر أحاسنه قوله :

لم اؤاخذك بالجفاء لأني . . . واثق منك بالوفاء الصحيح فجميل العدو غير جميل . . . وقبيح الصديق غير قبيح وقوله : أساء فزادته الإساءة حظوة . . . حبيب على ما كان منه حبيب يعد علي الواشيات ذنوبه . . . ومن أين للوجه المليح ذنوب ؟ وقوله : وكنى الرسول عن الجواب تظرفا . . . ولئن كنى ، فلقد علمنا ما عنى قل يا رسول ، ولا تحاش فإنه . . . لا بد منه أساء بي أم أحسنا وقوله في الأمير : إرث لصب فيك قد زدته . . . على بلايا أسره أسرا فهو أسير الجسم في بلدة . . . وهو أسير الروح في أخرى وقوله : عدتني عن زيارته عواد . . . أقل مخوفها سمر الرماح ولو أني أطعت رسيس شوقي . . . ركبت إليه أعناق الرياح وقوله لسيف الدولة : بالكره مني واختيارك . . . أن لا أكون حليف دارك يا تاركي إني لشك . . . رك ما حييت لغير تارك

ومن نكت حكمه قوله : المرء نصب مصائب لا تنقضي . . . حتى يوارى جسمه في رمسه فمؤجل يلقى الردى في أهله . . . ومعجل يلقى الردى في نفسه وقوله : إذا كان غير الله للمرء عدة . . . أتته الرزايا من وجوه الفوائد أبو العشائر الحمداني : لم أسمع أملح وأظرف من قوله في الغزل : للعبد مسألة عليك جوابها . . . إن كنت تذكره فهذا وقته ما بال ريقك ليس ملحا طعمه . . . ويزيدني عطشا إذا ما ذقته أبو المطاع ذو القرنين بن ناصر الدولة : وقوله : غير مستنكر وغير بديع . . . أن يذيع الذي تجن ضلوعي لي دموع كأنها من حديثي . . . وحديث كأنه من دموعي وقوله : أفدى الذي زرته بالسيف مشتملا . . . ولحظ عينيه أمضى من مضاربه فما خلعت نجادي في العناق له . . . حتى لبست نجادا من ذوائبه وكان أسعدنا في نيل بغيته . . . من كان في الحب أشقانا بصاحبه وقوله :

بتنا أعف مبيت باته بشر . . . ولا مراقب إلا الطرف والكرم فلا مشى من وشى عند العدو بنا . . . ولا سعى بالذي يسعى بنا قدم أبو محمد الفياض : كاتب سيف الدولة : من طرفه وملحه قوله في غلام له أثير عنده استوحش عنه لميله إلى غلام آخر اسمه إقبال : أنكرت إقبالي على إقبال . . . وخشيت أن يتساويا في الحال هيهات لا تجزع فكل طريفة . . . ربح يهون وأنت رأس المال وقوله : قم فاسقني بين خفق الناي والعود . . . ولا تبع طيب موجود بمفقود نحن الشهود وخفق العود خاطبنا . . . نزوج ابن سحاب بنت عنقود أبو الطيب المتنبي : من وسائط قلائده وعجائب فرائده وأبيات قصائده قوله لسيف الدولة : كل يوم لك ارتحال جديد . . . ومسير للمجد فيه مقام وإذا كانت النفوس كبارا . . . تعبت في مرادها الأجسام وقوله :

رأيتك في الذين أرى ملوكا . . . كأنك مستقيم في محال فإن تفق الأنام وأنت منهم . . . فإن المسك بعض دم الغزال وقوه في مرض عرض له : يجشمك الزمان هوى وحبا . . . وقد يؤذى من المقة الحبيب وكيف تعلك الدنيا بشيء . . . وأنت بعلة الدنيا طبيب وجسمك فوق همة كل داء . . . فقرب أقلها منها عجيب وله : نهبت من الأعمار ما لو حويته . . . لهنئت الدنيا بأنك خالد وقوله في غيره : قد شرف الله أرضا أنت ساكنها . . . وشرف الناس إذ سواك إنسانا وقوله : ذكر الأنام لنا فكان قصيدة . . . كنت البديع الفرد من أبياتها وقوله : فإن يك سيار بن مكرم انقضى . . . فإنك ماء الورد إن ذهب الورد وكان أبو بكر الخوارزمي ، يقول : أمير شعراء العصر أبو الطيب وأمير شعره قصيدته التي أولها :

من الجآذر في زي الأعاريب . . . حمر الحلى والمطايا والجلابيب وأمير هذه القصيدة ، قوله : أزورهم وسواد الليل يشفع لي . . . وأنثني وبياض الصبح يغري بي وقد جمع فيه أربعة من الطباق وهي الزيارة والانثناء والسواد والبياض والليل والصبح والشفاعة والإغراء ولا يعرف لأحد مثله على أن ابن جني حكى عن ابن حنزابة وزير الكافور أنه ألم فيه بقول ابن المعتز : لا تلق إلا بليل من تواصله . . . فالشمس نمامة والليل قواد ومن غرر أمثال أبي الطيب الذي لا مثال له ، قوله : ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى . . . عدوا له ما من صداقته بد وقوله : ومن ركب الثور بعد الجوا . . . د الدولة أنكر أظلافه والغبب وقوله : لولا المشقة ساد الناس كلهم . . . الجود يفقر والإقدام قتال وقوله :

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى . . . حتى يراق على جوانبه الدم والظلم في خلق النفوس فإن تجد . . . ذا عفة فلعلة لا يظلم وقوله : وكل امرىء يولي الجميل محبب . . . وكل مكان ينبت العز طيب ويقال إن أغزل بيت للعصريين قوله : قد كنت أشفق من دمعي على بصري . . . فالآن كل عزيز بعدكم هانا قال مؤلف الكتاب : ليس فيما أحفظ من الشعر الكثير أحسن وأوعظ وأنفع وأدعى إلى تسليتي وتطييب نفسي من أقوال ثلاثة من الشعراء ، أحدهم قول أبي الطيب : هون على بصر ما شق منظره . . . فإنما يقظات العين كالحلم ولا تشك إلى خلق فتشمته . . . شكوى الجريح إلى الغربان والرخم والآخر قول محمد بن يسير : لا أحسب الشر جارا لا يفارقني . . . ولا أحز على ما فاتني الودجا ولا

نزلت من المكروه منزلة . . . إلا تيقنت أن ألقى لها فرجا والثالث ما أنشدنيه أبو الفتح البستي لنفسه : إذا ازدرى ساقط كريما . . . فلا يطولن ضيق صدره فأكثر الناس منذ كانوا . . . ' ما قدروا الله حق قدره ' ' من سورة الحج : 74 ' أبو العباس النامي : من غرر أحاسنه قوله لسيف الدولة : خلقت كما أردتك المعالي . . . وأنت لمن رجاك كما يريد وقوله في الغزل : سألت بالفراق صبا وما . . . ينبئها بالفراق مثل خيبر هو بين الحشا صدوع وفي الأعين ماء وجمرة في الصدور أبو الحسين الناشىء الأصغر : أحسن ما سمعت في النهي عن عتاب الملوك قوله : إذا أنا عاتبت الملوك فإنما . . . أخط بأقلامي على الماء أحرفا وهبه أرعوي بعد العتاب ألم يكن . . . تودده طبعا فصار تكلفا أبو القاسم الزاهي : أحسن شعره في النسيب قوله : سفرن بدورا وانتقبن أهلة . . . ومسن غصونا والتفتن جآذرا وأطلعن في الأجياد بالدر أنجما . . . جعلن لحبات القلوب ضرائرا

أبو الفرج الببغاء : لم أسمع في الوداع أحسن من قوله : يا سادتي هذه نفسي تودعكم . . . إذ كان لا الصبر يسليها ولا الجزع قد كنت أطمع في روح الحياة لكم . . . فالآن مذ بنتم لم يبق لي طمع لا عذب الله نفسي بالبقاء فلا . . . أظنني بعدكم بالعيش أنتفع ومن غرر أحاسنه قوله في الغزل : أو ليس من إحدى العجائب أنني . . . فارقته وحييت بعد فراقه يا من يحاكي البدر عند تمامه . . . إرحم فتى يحكيه عند محاقه ولم أسمع في رمد المحبوب أحسن وأظرف من قوله : بنفسي ما يشكوه من راح طرفه . . . ونرجسه مما دها حسنه الورد أراقت دمي ظلما محاسن وجهه . . . فأضحى وفي عينيه آثاره تبدو غدت عينيه كالخد حتى كأنما . . . سقى عينه من ماء توريده الخد لئن أصبحت رمداء مقلة مالكي . . . لقد طالما استشفت بها مقل رمد ومن أحاسن شعره في سيف الدولة قوله من قصيدة : وكأنما نقشت حوافر خيله . . . للناظرين أهلة في الجلمد وكأن طرف الشمس مطروف وقد . . . جعل الغبار له مكان الإثمد أبو الفرج الوأواء : من عجائبه أنه خمس ما ربع أبو نواس من التشبيهات في بيت واحد ، فقال :

وأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت . . . وردا وعضت على العناب بالبرد ومن أحاسن غرره ، قوله : متى أرضي رياض الحسن منه . . . وعيني قد تضمنها غدير وقوله لسيف الدولة : من قاس جدواك بالغمم فما . . . أنصف في الحكم بين شيئين أنت إذا جدت ضاحك أبدا . . . وهو إذا جاد دامع العين أبو عمارة الصوري : لم أسمع في الثقيل أبلغ وأظرف من قوله : ثقيل براه الله أثقل من برا . . . ففي كل قلب بغضة منه كامنه مشى فدعا من ثقله الحوت ربه . . . وقال : الهي زدت في الأرض ثامنة تميم بن المعز : صاحب مصر لم أسمع أحسن من قوله في الغزل : ما بان عذري فيه حتى عذرا . . . ومشى الدجى في نوره فتحيرا همت بقبلته عقارب صدغه . . . فاستل ناظره عليها خنجرا السري الموصلي الرفاء : من وسائط قلائده في بحر شعره ، قوله في الغزل : بنفسي من أجود له بنفسي . . . ويبخل بالتحية والسلام ويلقاني

بعزة مستطيل . . . وألقاه بذلة مستهام وحتفي كامن في مقلتيه . . . كمون الموت في حد الحسام وقوله : بنفسي من رد التحية ضاحكا . . . فجدد بعد اليأس في الوصل مطمعي إذا ما بدى أبدى الغرام سرائري . . . وأظهر للعذال ما بين أضلعي وحالت دموع العين بيني وبينه . . . كأن موع العين تعشقه معي وقوله في وصف يوم متلون جاء بالبرد : يوم خلعت به عذارى . . . فعريت من حلل الوقار وضحكت فيه إلى الصبا . . . والشيب يضحك في عذارى متلون يبدي لنا . . . طرفا بأطراف النهار فهواؤه سكب الردا . . . ء وغيمه جافي الإزار يبكي فيجمد دمعه . . . والبرق يكحله بنار وقوله : قم فانتصف من صروف الدهر والنوب . . . واجمع بكأسك شمل اللهو والطرب أما ترى الصبح قد قامت عساكره . . . في الشرق تنشر أعلاما من الذهب

والجو يختال في حجب ممسكة . . . كأنما البرق فيها قلب ذي رعب جريت في حلبة الأهواء مجتهدا . . . فكيف أقصر والأيام في طلبي توج بكأسك قبل الحادثات يدي . . . فالكأس تاج يد المثري من الأدب وقد أكثر الشعراء في ذم البخيل بالطعام ، ولم أسمع في ذم البخيل بالشراب غير قوله وهو غاية في بابه : الكأس تهدي إلى شرابها فرحا . . . فما لهذا الفتى صفرا من الفرح يصفر إن صب ساقيه لنا قدحا . . . كأنما دمه ينصب في القدح ولم أسمع في وصف مزين حاذق أحسن من قوله : هل الحذق إلا لعبد الكريم . . . حوى فضله حادثا من قديم له راحة سيرها راحة . . . تمر على الرأس مر النسيم حمول الحسام ولكنه . . . يروح ويغدو بكفي حليم ومن بدائعه في الخمر والورد قوله : هات التي هي يوم الحشر أوزار . . . كالنار في الحسن عقبى شربها النار أما ترى الورد قد باح الربيع به . . . لمن بعد ما كان حولا وهو إضمار

أبو بكر محمد بن هاشم الخالدي الأكبر : من غرر أحاسنه قوله في الخمريات : ما عذرنا في حبسنا الأكوابا . . . سقط الندى وصفا الهواء وطابا وكأنما الصبح المنير وقد بدا . . . بازا أطار من الظلام غرابا فأدم لذاذة عيشها بمدامة . . . زادت على هرم الزمان شبابا سفرت فغار حبابها من لحظنا . . . فعلا محاسنها فصار نقابا وقوله في السحاب : سحاب يجر في الأرض ذيلي . . . مطرف زره على الأرض زرا برقه لمحة ولكن له رع . . . د بطيء يكسو المسامع وقرا كخلي منافق للذي يهواه . . . يبكي جهرا ويضحك سرا وقوله أيضاً فيه : مسرة كيلها بلا حشف . . . ولذة صفوها بلا كدر قد ضربت خيمة الغمام لنا . . . ورش خيش النسيم والمطر وقوله في البدر تحت العيم الرقيق وهو مما لم يسبق إليه : والبدر منتقب بغيم أبيض . . . هو فيه بين تحفر وتبرج كتنفس الحسناء في المرآة إذ . . . كملت محاسنها ولم تتزوج

ولم أسمع في القلم أحسن وأعجب من قوله : له قلم كقضاء الإله . . . فبالسعد طورا وبالنحس ماض وما فارق الأسد في حالتيه . . . يبيسا وذا ورقات غضاض ففي يد ليث العلا في الندى . . . وفي وجه ليث الشرى في الغياض أخوه أبو ' عثمان ' سعيد بن هاشم الخالدي : من بدائع سحره ، قوله : يا شبيه البدر حسنا . . . وضياء وجمالا وشبيه الغصن لينا . . . وقواما واعتدالا أنت مثل الورد لونا . . . ونسيما وملالا زارنا حتى إذا ما . . . سرنا بالقرب زالا وله : ومدامة حمراء في قارورة . . . زرقاء تحملها يد بيضاء فالراح شمس والحباب كواكب . . . والكف قطب والإناء سماء وله : أما ترى الغيم يا من قلبه قاسي . . . كأنه أنا مقياسا بمقياس قطر كدمعي وبرق مثل نار هوي . . . في القلب مني وريح مثل أنفاسي وقوله في شعر متفاوت : شعر عبد السلام فيه رديء . . . ومحال وساقط وبديع

فهو مثل الزمان فيه مصيف . . . وخريف وشتوة وربيع ولم أسمع في وصف غلام . . . جامع للمحاسن والمناقب أحسن وأعجب من قوله في مملوكه : ما هو عبد لكنه ولد . . . خولنيه المهيمن الصمد وشد أزري بحسن خدمته . . . فهو يدي والذراع والعضد صغير سن كبير معرفة . . . تمازج الضعف فيه والجلد معتق الطرف كحله كحل . . . معزل الجيد حليه جيد ثقفه كيسه فلا عوج . . . في بعض أخلاقه ولا أود ما غاضني ساعة فلا صخب . . . يمر في منزلي ولا صدد مسامري إن دجى الظلام ولى . . . منه حديث كأنه الشهد خازن ما في يدي وحافظه . . . وليس شيء لدي مفتقد ومنفق مشفق إذا أنا أس . . . رفت وبذرت فهو مقتصد يصون كتبي فكلها حسن . . . يطوي ثيابي فكلها جدد وحاجبي فالخفيف محتبس . . . عندي به والثقيل مطرد وحافظ الدار إن ركبت فما . . . على غلام سواه أعتمد وأبصر الناس بالطبيخ فكال . . . مسك القلايا والعنبر الثرد وصيرفي القريض وزان دي . . . نار المعاني الجياد منتقد

ويعرف الشعر مثل معرفتي . . . وهو على أن يزيد مجتهد وواجد بي من المحبة وال . . . رأفة أضعاف ما به أجد إذا تبسمت فهو مبتهج . . . وإن تنمرت فهو مرتعد ذا بعض أوصافه وقد بقيت . . . له صفات لم يحوها العدد أبو محمد المهلبي الوزير : من لطائف شعره قوله : أراني الله وجهك كل يوم . . . صباحا للتيمن والسرور وأمتع ناظري بصحيفتيه . . . لأقرأ الحسن من تلك السطور ومما لا غاية لظرفه قوله : رب يوم قطعت فيه خماري . . . بغلام كأنه مخمور وقوله في مملوك مطرب : يا هلالا يبدو فيزداد شوقي . . . وهزارا يشدو فيشتد عشقي زعم الناس أن رقك ملكي . . . كذب الناس أنت مالك رقي وله : ألا يا منى نفسي وإن كنت حتفها . . . ومعناي في سري ومغزاي في جهري

تصارمت الأجفان منذ صرمتني . . . فما تلتقي إلا على عبرة تجري ومن أحاسن قوله في الزهد : يا من يسر بلذة الدنيا . . . ويظنها خلقت لما يهوى لا تكذبن فإنما خلقت . . . لينال زاهدها بها الأخرى أبو الفضل بن العميد : من أظرف شعره قوله في غلام قام على رأسه يظلله من الشمس : قامت تظللني من الشمس . . . نفس أعز علي من نفسي قامت تظللني ومن عجب . . . شمس تظللني من الشمس وقوله في مداد أهداه له صديق : يا سيدي وعمادي . . . أمددتني بمداد كمسكنيك جميعا . . . من ناظري وفؤادي أو كالليالي اللواتي . . . رميننا بالبعاد وقوله في الأقارب : آخ الرجال من الأبا . . . عد ، والأقارب لا تقارب إن الأقارب كالعقا . . . رب ، بل أضر من العقارب

ابنه أبو الفتح : من عيون شعره قوله لما استوزر في عنفوان شبابه : دعوت الغني وصنوف المنى . . . فلما أجبن دعوت القدح وقلت لأيام شرخ الشباب . . . إلي فهذا أوان الفرح إذا بلغ المرء آماله . . . فليس له بعدها مقترح وقوله في قصيدة عضدية : على الملك قوام وللدين حافظ . . . وللمال وهاب وللجار مانع ومنها في ذكر الأعداء : وكان لهم لبس المعصفر عادة . . . فخاطت لهم منه السيوف القواطع بطرتم فطرتم والعصا زجر من عصي . . . وتقويم عبد الهون بالهون رادع وقوله : أين لي من يفي بشكر الليالي . . . إذا أضافت خيالها وخيالي وقوله : لم يكن لي على الزمان اقتراح . . . غيرها منية فجاد بها لي

وقوله : إذا أنا بلغت الذي كنت أشتهي . . . وأضعافه ألفا فكلني إلى الخمر وقل لنديمي : قم إلى الدهر فاقترح . . . عليه الذي تهوى ودعني مع الدهر أبو العلاء السروي : من ظرف ملحه ، قوله : مررنا على الروض الذي قد تبسمت . . . ذراه وأرواح الأباريق تسفك فلم نر شيئا كان أحسن منظرا . . . من الروض يجري دمعه وهو يضحك وقوله : أما ترى قضب الأِشجار قد لبست . . . ' أنوارها تتثنى بين جلاس منظومة كسموط الدر لابسة . . . حسنا يبيح دم العنقود للحاسي ' وغردت خطباء الطير ساجعة . . . على منابر من ورد ومن آس الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد : من أمثاله السائرة قوله : وقائلة لم عرتك الهموم . . . وأمرك ممتثل في الأمم فقلت : دعيني على غصتي . . . فإن الهموم بقدر الهمم ومن غرر درره في الغزل : لا ترجو إصلاح قلبي بلوم . . . حلف الجفن لا أستقل بنوم

وهواه لئن تأخر عني . . . طور يومي إني سيحضر يوم وقوله : قل لأبي القاسم إن جئته . . . هنيت ما أعطيت هنيته كل جمال فائق رائق . . . أنت رغم البدر أوتيته وقوله : قال لي إن رقيبي . . . سيء الخلق فداره قلت : دعني وجهك الجن . . . ة حفت بالمكاره وقوله : عزمت على الفصد يا سيدي . . . لفصل دم كظني مؤلم فلما تأخرت عن مجلسي . . . أرقت بغير افتصاد دمي وقوله : وعهدي بالعقارب حين تشتو . . . تخفف سمها وتموت ضرا فما بال الشتاء أتى وهذى . . . عقارب صدغه تزداد شرا وقوله : رق الزجاج ورقت الخمر . . . فتشابها فتشاكل الأمر فكأنما خمر ولا قدح . . . وكأنما قدح ولا خمر

وقوله في الثلج : أقبل الثلج في غلائل نور . . . وتهادى بلؤلؤ منثور فكأن السماء صاهرت الأر . . . ض فصار النثار من كافور وقوله في الوحل : إني ركبت وكف الوحل كاتبة . . . على ثيابي سطورا ليس تنكتم فالأرض محبرة والحبر من لثق . . . والطرس ثوبي ويمني الأشهب القلم وقوله في ابن العميد : قدم الرئيس مقدما في سبقه . . . وكأنما الدنيا سعت في طرقه فبحارها من جوده وجبالها . . . من حلمه ورياضها من خلقه وكأنما الأفلاك طوع يمينه . . . كالعبد منقادا لمالك رقه قد قاسمته نجومها فنحوسها . . . لعدوه وسعودها في أفقه أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي : من وسائط قلائده قوله في الغزل : تورد دمعي إذ جرى ومدامتي . . . فمن مثل ما في الكأس عيني تسكب

فو الله ما أدري أبالخمر أسبلت . . . جفوني أم من دمعتي كنت أشرب وقوله : قبلت منه فما مجاجته . . . تجمع معنى المدام والشهد كأن مجرى سواكه برد . . . وريقه ذوب ذلك البرد وقوله في المدح : قل للوزير أبي محمد الذي . . . قد أعجزت كل الورى أوصافه لك في المحافل منطق يشفي الجوى . . . ويسوغ في أذن الأديب سلافه فكأن لفظك لؤلؤ متنخل . . . وكأنما آذاننا أصدافه وقوله : له يد برعت جودا بنائلها . . . ومنطق دره في الطرس ينتثر فحاتم كامن في بطن راحتها . . . وفي أناملها سحبان مستتر وقوله : لما وضعت صحيفتي . . . في بطن كف رسولها قبلتها لتمسها . . . يمناك عند وصولها

وتود عيني أنها اق . . . ترنت ببعض فصولها حتى ترى من وجهك ال . . . ميمون غاية سؤلها وقوله في تهنئة وزير معاد إلى عمله : قد كنت طلقت الوزارة بعد ما . . . زلت بها قدم وساء صنيعها فغدت بغيرك تستحل ضرورة . . . كيما يحل إلى ذراك رجوعها فالآن قد أبت وآلت حلفة . . . أن لا يبيت سواك وهو ضجيعها وقوله في التهنئة بالفطر : يا ماجدا يده بالجود مفطرة . . . وفوه عن كل هجر صائم أبدا اسعد بصومك إذ قضيت واجبه . . . نسكا ووفيته من شهره العددا واسحب من العيد أذيالا له جددا . . . واستقبل العيش في إفطاره رغدا وقوله في التهنئة بالأضحى : مرجيك وصابيكا . . . بذا الأضحى يهنيكا وقد أوجز إذ قال . . . مقالا وهو يكفيكا أراني الله أعداء . . . ك في حال أضاحيكا منصور بن كيغلغ : لم سمع له أبلغ وأظرف من قوله في الجمع بين الإلف والكأس : خنت الذي أهوى من الناس . . . ونمت عن جودي وعن باسي

يوم أرى الدجن ولا أرتوي . . . من ريق إلفي ومن كأسي جعفر بن ورقاء : كانت بينه وبين أبي إسحاق الصابي مودة وتزاور فانقطع عنه أبو إسحاق لعوائق الزمان وذكر أنه يعول على صفاء الطوية في المودة ، فكتب إليه جعفر : يا ذا الذي جعل القطيعة دأبه . . . إن القطيعة موضع للريب إن كان ودك في الطوية كامنا . . . فاطلب صديقا عالماً بالغيب أبو الفرج سلامة بن بحر القاضي : بحلب من لطائف غرره قوله : من سره العيد فما سرني . . . بل زاد في همي وأشجاني لأنه ذكرني ما مضى . . . من عهد إخواني وخلاني وقوله : من سره العيد الجدي . . . د فقد عدمت به السرورا كان السرور يطيب لي . . . لو كان أحبابي حضورا أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف : من غرر ملحه وطرفه قوله في السكر العضدي المبني بشيراز : شربنا ذهبا يجري . . . بشاطىء فضة تجري ما زلنا على السكر . . . نداوي السكر بالسكر درينا كيف أصبحنا . . . وأمسينا وما ندري

وأبصرنا سمائين . . . من النهر إلى النهر وفاض الماء منصبا . . . من البحر إلى البحر كجدوى عضد الدول . . . ة في نائله الغمري أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبي - من ملحه التي يقطر منها ماء الطرب قوله : ألا يا ليت شعري ما مرادك . . . فجسمي قد أضر به بعادك وأي ثلاثة لك قد سباني . . . جمالك ، أم كمالك ، أم ودادك ؟ وأي ثلاثة أوفى سوادا . . . أخالك ، أم عذارك ، أم فؤادك ؟ وقوله في بنفسج الخد : ومهفهف قال الإله لخده . . . كن مجمعا للطيبات فكانه زعم البنفسج أنه كعذاره . . . حسدا فسلوا من قفاه لسانه لم يظلموا في الحكم إذ مثلوا به . . . فلشد ما رفع البنفسج شأنه وقوله في الفراق : لا تركنن إلى الفرا . . . ق فإنه مر المذاق والشمس عند غروبها . . . تصفر من فرق الفراق وكذاك عند طلوعها . . . تحمر من فرح التلاق

ابن سكرة الهاشمي - من عجيب ملحه ، قوله في غلام بيده غصن نور : غصن بان أتى وفي اليد منه . . . غصن فيه لؤلؤ منظوم فتحيرت بين غصنين في ذا . . . قمر طالع وفي ذا نجوم وقوله في الغزل : في وجه إنسانة كلفت بها . . . أربعة ما اجتمعن في أحد الخد ورد والصدغ غالية . . . والريق خمر والثغر من برد وقوله في مهدي دواة : أخ مزجت بروحي روحه وجرى . . . مني كمجرى دمي في الجسم أفديه أهدى إلي دواة لو كتبت بها . . . دهرا أياديه لم تنفد أياديه وقوله في النزلة : أيها النزلة كفي . . . وانزلي غير لهاتي واتركي حلقي بحقي . . . فهو دهليز حياتي أبو عبد الله بن الحجاج : من عجائب شعره ، قوله في الجمع بين السباخ والسراب :

دعوت نداك من ظمأ إليه . . . وعناني بقيعتك السراب سراب لاح يلمع في سباخ . . . فلا ماء هناك ولا تراب ومن ملح خمرياته ، قوله من قصيدة : يا سادتي قد جاءنا رجب . . . فتفضلوا واستقبلوا رجبا بمدامة لو لا أبوتها . . . ما كنت قط أشرف العنبا حمراء مثل النار موقدة . . . لم تلق لا نارا ولا حطبا من قال إن المسك يشبهها . . . ريحا فلا والله ما كذبا ومن طرف نوادره ، قوله في رجل دعاه وأخر طعامه إلى المساء ، فقال في ذلك : يا صاحب البيت الذي . . . قد مات ضيفاه جميعا حصلتنا حتى نمو . . . ت بدائنا عطشا وجوعا كالبدر لا نرجو إلى . . . وقت المساء له طلوعا وقوله فيه أيضاً : يا ذاهبا في داره جائيا . . . بغير معنى وبلا فائدة قد جن أضيافك من جوعهم . . . فاقرأ عليهم سورة المائدة وقوله في الصبوح : يا صاحبي استيقظا من رقدة . . . تزري على عقل اللبيب الأكيس

هذي المجرة والنجوم كأنها . . . نهر تدفق في حديقة نرجس وأرى الصبا قد غلست بنسيمها . . . فعلام شربي الراح غير مغلس قوما اسقياني قهوة رومية . . . مذ عهد قيصر دنها لم يمسس صرفا تضيف إذا تسلط حكمها . . . موت العقول إلى حياة الأنفس أبو نصر بن نباتة السعدي : من غرر أحاسنه قوله من قصيدة : فلا تحقرن عدوا رماك . . . وإن كان في ساعديه قصر فإن السيوف تحز الرقاب . . . وتعجز عما تنال الأبر وقوله في وصف فرس اغر محجل : قد جاءنا الطرف الذي أهديته . . . هاديه يعقد أرضه بسمائه وكأنما لطم الصباح جبينه . . . فاعتاظ منه ، فخاض في أحشائه وقوله من قصيدة مرثية : نعلل بالدواء إذا مرضنا . . . وهل يشفي من الموت الدواء ونختار الطبيب وهل طبيب . . . يؤخر ما يقدمه القضاء وما أنفاسنا إلا حساب . . . ولا حركاتنا إلا فناء وقوله : وكنت إذا ما حاجة حال دونها . . . نار وليل ليس يعتذران

حملت على حكم القضاء ملامها . . . ولم ألزم الإخوان ذنب زمان وقوله من قصيدة : ونبت بنا أرض العرا . . . ق فما محناها بمحنه غير الرحيل كفى البلا . . . د برحلة الفضلاء هجنه أبو الحسن محمد بن عبد الله السلامي : سمعت أبا القاسم عبد الصمد بن بابك يقول : كان السلامي أشعر شعراء بغداد بعد ابن نباتة وأمير شعره وغرة كلامه ، قوله في تشبيب قصيدة له في الصاحب إسماعيل بن عباد : ونحن ألاك نطلب من بعيد . . . لعزتنا وندرك من قريب تبسطنا على الآثام لما . . . رأينا العفو من ثمر الذنوب قال : وكان الصاحب إذ أنشد هذا البيت الأخير ، يقول : هذا والله معنى . قد كان يدور في خاطر الناس ، فيحومون حوله ويرفرفون عليه ولا يتوصلون إليه على قرب مأخذه ، حتى جاء السلامي ، فأفصح عنه وأحسن ما شاء ولم يدر ما رمى به ، قلت : ومن بدائع غرره ، قوله في غلام بيده مرآة : رأيته والمرآة في يده . . . كأنها شمسة على ملك فقلت للصورة التي احتجبت . . . من غير زهد بنا ولا نسك يا أشبه الناس بالحبيب ألا . . . تخبرنا عنك غير مؤتفك قال

أنا البدر زرت بدركم . . . وبيننا قطعة من الفلك وقوله من تشبيب قصيدة : ما ضن عنك بموجود ولا بخلا . . . أعز ما عنده النفس التي بذلا يحكي المطايا حنينا والهجير حمى . . . والمزن دمعا وأطلال الديار بلى ومن أخرى في عبد العزيز بن يوسف : أظن اليوم يمطر بالمدام . . . وأن الأفق محمر الغمام وما عودت حمل الكأس إلا . . . على شكر الكروم أو الكرام وعهد سماء جودك بالعطايا . . . كعهد دم الأعادي بالحسام ومن عضدية : والنقع ثوب بالنسور مطير . . . والأرض فرش بالجياد مخيل تهفو العقاب على العقاب ويلتقي . . . بين الفوارس أجدل ومجدل أبو الحسن الأحنف العكبري : من طرف ملحه قوله :

العنكبوت بنت بيتا على وهن . . . تأوي إليه وما لي مثله وطن والخنفساء لها من جنسها سكن . . . وليس لي مثلها إلف ولا سكن وقوله : رأيت في النوم دنيانا مزخرفة . . . مثل العروس تراءت في المقاصير فقلت : جودي ، فقالت لي على عجل . . . إذا تخلصت من أيدي الخنازير عبدان الأصفهاني المعروف بالجوزي - أحسن وأظرف ما سمعت في الاعتذار من الخضاب قوله : في مشيبي شماتة لعداتي . . . وهو ناع منغص لحياتي ويعيب الخضاب قوم وفيه . . . لي أنس إلى حضور وفاتي لا ومن يعلم السرائر مني . . . ما به رمت خلة الغانيات إنما رمت أن يغيب عني . . . ما ترينيه كل يوم مراتي فهو ناع إلى نفسي ومن ذا . . . سره أن يرى وجوه النعاة ومن طريف قوله :

قابل هديت أبا العلاء نصيحتي . . . بقبولها وبواجب الشكر لا تهجون أسن منك فربما . . . تهجو أباك وأنت لا تدري أبو سعيد محمد بن محمد الرستمي : من وسائط قلائده وأبيات قصائده قوله : بنفسي حبيب زار بعد ازوراره . . . وعاودني بالأنس بعد نفاره إذا ما استعار الجلنار بخده . . . أعار الحشا من خده جل ناره وقوله من أخرى : يسيل على العافين عفو نواله . . . فيلقى ابتذال الوجه للبذل سائله ولم يجتمع كفاه والمال سائل . . . كأني ولبني ماله وأنامله وقوله :

أفي الحق أن يعطى ثلاثون شاعرا . . . ويحرم ما دون الرضى شاعر مثلي كما ألحقت واو بعمرو زيادة . . . وضويق بسم الله في ألف الوصل وقوله في وصف شعره : قواف إذا ما رواها المشو . . . ق هزت لها الغانيات القدودا كسون عبيدا لباس العبيد . . . وأضحى لبيد لديها بليدا أبو القاسم بن أبي العلاء الأصفهاني - من درر نتائجه وغرر أحاسنه قوله من صاحبيه : فإن قيل لي صبرا فلا صبر للذي . . . غدا بيد الأيام تقتله صبرا وإن قيل لي عذارا فو الله ما أرى . . . لمن ملك الدنيا إذا لم يجد عذرا وقوله في الإستبشار بالبشرى : ورد البشير بما أقر الأعينا . . . وشفى النفوس فنلن غايات المنى

وتقاسم الناس المسرة بينهم . . . قسما فكان أجلهم حظا أنا وأحسن من ذلك ما رثى به الصاحب : يا كافي الملك ما أتيت حقك من . . . قول وإن طال تقريظ وتابين مت الصفات فما يرثيك من أحد . . . إلا وتزيينه إياك تهجين ما مت وحدك بل قد مات من ولدت . . . حواء طرا ، بل الدنيا ، بل الدين هذي نواعي العلا مذ مت نادبة . . . من بعد ما ندبتك الخرد العين تبكي عليك العطايا والصلات كما . . . تبكي عليك الرعايا والسلاطين قام السعاة وكان الخوف أقعدهم . . . واستيقظوا بعد ما نام الملاعين لا ينكر الناس منهم إن هم انتشروا . . . مضى سليمان وانحل الشياطين

أبو محمد عبد الله بن محمد الأصفهاني : لم أسمع في الغبار الساقط على الإنسان في الموكب وغيره أحسن وأطرف من قوله : إن هذا الغبار ألبس عطفي . . . عسليا وديني التوحيد وكسا عارضي ثوب مشيب . . . وردا الشباب غض جديد ولا أحسن من قوله في التسجيع من تشبيب قصيدة : كل غيداء لا تخون ولا تخ . . . فر عهدا من نسوة خفرات ذات ثدي نات وطبع موات . . . ورضاب شاة وردف عات ولا ألطف من قوله في الاستعطاف والاعتذار : لنار الهم في قلبي لهيب . . . فعفوك أيها الملك المهيب وأحسن إنني أحسنت ظني . . . وأرجو أن ظني لا يخيب أبو الحسن البديهي الشهرزوري : أمير شعره قوله من مقطوعة : مر من كنت أصطفيه وللده . . . ر صروف تشوب حلوا بمر أتمنى على الزمان محالا . . . أن ترى مقلتاي طلعة حر ثم قوله من قصيدة : يا شهرزور سقيت الغيث من بلد . . . نود وجدا به أنا نقابله طال الفراق فلا واف يراسلنا . . . على البعاد ولا آت نسائله

أبو القاسم عمر بن إبراهيم الزعفراني : من عجائب شعره وعقد سحره قوله : لي لسان كأنه لي معادي . . . ليس ينبىء عن كنه ما في فؤادي حكم الله لي عليه ولو أن . . . صف قلبي عرفت قدر ودادي وقوله في تهنئة الصاحب بالدار الجديدة : سرك الله بالبناء الجديد . . . نلت حال الشكور لا المستزيد هذه الدار جنة الخلد في الدن . . . يا فصلها وأختها بالخلود ما تشككت أن رضوان قد خا . . . ن و ' لم يك ' مثلها في الصعيد قد تولى الإقبال خدمته في . . . ها على رسمه كبعض العبيد قال للجص كن رصاصا وللآ . . . جر لما علاه كن من حديد فتناهي البنيان وارتفع الإ . . . وان حتى أناف بالتشييد وتبدت من فوقه شرفات . . . كسناء أشرفن في يوم عيد أبو الحسن علي بن هارون المنجم : أنشد له الصاحب في كتاب : بيني وبين الدهر فيك عتاب . . . سيطول إن لم يمحه الإعتاب يا غائبا بمزاره وكتابه . . . هل يرتجى من غيبتيك إياب لولا التعلل بالرجاء تقطعت . . . نفس عليك شعارها الأوصاب لا تأس من روح الإله فربما . . . يصل القطوع ويقدم الغياب

وأنشد له أبو إسحاق الصابي : في ابن الحواري وقد رثنت رجله من عثرة : كيف نال العثار من لم يزل من . . . ه مقيلا في كل خطب جسيم أو ترقى الأذى إلى قدم لم . . . تخط إلا إلى مقام كريم أبو الحسن بن المنجم الأصغر : من طريف شعره قوله : يقولون لم لا تستجد غزالة . . . تفيد بها بعد الصدود وصالا فقلت لهم أخشى الغزالة إن رأت . . . ضنى شيخها أن تستجد غزالا هبة الله بن المنجم : لم أسمع له أطرف وأملح من قوله : شكا إليك ما وجد . . . من خانه فيك الجلد حيران لو شئت اهتدى . . . ظمآن لو شئت ورد يا أيها الظبي الذي . . . ألحاظه تزري الأسد أما لأسراك فدى . . . أما لقتلاك قود الراح في إبريقها . . . أحسن روح في جسد فهاتها نصلح بها . . . من الزمان ما فسد ومن طرفه قوله في أبي علي الحسن وأبي العباس الضبي لما استوزرا معا بعد الصاحب ، فكان يدعى أبو علي الأستاذ الجليل وأبو العباس الأستاذ الرئيس :

والله والله لا أفلحتم أبدا . . . بعد الوزير ابن عباد ابن عباس إن جاء منكم جليل ، فاجلبوا أجلى . . . أو جاء منكم رئيس فاقطعوا رأسي أبو حفص الشهرزوري : من ملحه التي كتبها عنه الصاحب بيده في سفينته : دعوت على ثغره بالقلح . . . وفي شعر طرته بالجلح لعل غرامي به أن يقل . . . فقد برحت بي تلك الملح أبو الطيب الطاهري : من أحاسن قوله : خليلي لو أن هم النفو . . . س دام عليها مليا قتل وقد كان شيء يسمى السرور . . . قديما سعنا به ما فعل وقوله في غلام له ناوله باقة نرجس : لما أطلنا عنه تغميضا . . . أهدى لنا النرجس تعريضا فدلنا ذاك على أنه . . . قد اقتضانا الصفر والبيضا محمد بن موسى الحدادي البلخي : قوله : ما بال فرقة شملنا لا تجمع . . . وإلى متى يصل الزمان ويقطع

كم خلفت تلك الركاب وراءها . . . من منزل فيه لنا مستمتع والورد يلطم خده وجدا بنا . . . وعيون نرجسه علينا تدمع أبو أحمد النامي البوشنجي : كان الصاحب يحفظ أبياته ويعجب بها ويتعجب من حسنها وجودتها : أقول ونوار المشيب بعارضي . . . قد افتر لي عن ناب أسود سالخ أشيبا وحاجات الفؤاد كأنما . . . يجيش بها في الصدر مرجل طابخ وما كان حزني للشباب وإن هوى . . . به الشيب عن طود من الأنس شامخ ولكن لقول الناس شيخ وليس لي . . . على نائبات الدهر صبر المشايخ أبو النصر الهزيمي الأبيوردي : لما رأيت الزمان نكسا . . . وفيه للرفعة اتضاع كل رئيس به ملال . . . وكل رأس به صداع لزمت بيتي وصنت عرضا . . . به عن الذلة امتناع أشرب مما اقتنيت راحا . . . لها على راحتي شعاع

لي من قواريرها ندامى . . . ومن قراقيرها سماع وأجتني من عقول قوم . . . قد أقفرت منهم البقاع بشر وكعب أمام عيني . . . هذا يغوث وذا سواع أبو محمد المطران الشاشي : غوان أعارتها المهى حسن مشيها . . . كما قد أعارتها العيون الجآذر فمن حسن ذاك المشي جاءت فقبلت . . . مواطىء من أقدامهن الضفائر وقوله في الشراب المطبوخ : وراح عذبتها النار حتى . . . وقت شرابها نار العذاب يزيل الهم قبل الشرب لون . . . لها كشعاع ياقوت مذاب وله في استهداء الند :

يا أكرم الأكرمين سيره . . . فيهم وأذكاهم سريره ومن بهماته العوالي . . . أضحت عيون العلا قريره لترمني راحتاك شهبا . . . مضلعات ومستديره بلاد مجموعها ثلاث . . . الهند والترك والجزيره ولا يكن حبسها طويلا . . . عني واعدادها قصيره وقوله من قصيدة نيروزية : قد أتاك النيروز وهو بعيد . . . مر من قبله قريبا رسيل سل سبيلا فيه إلى راحة النف . . . س براح كأنها سلسبيل واشتمالا على السرور وهل يج . . . مع شمل السرور إلا الشمول أبو الحسن اللحام الحراني : لم أسمع في تضمين الهجاء الغزل أبدع من قوله : يا سائلي عن جعفر علمي به . . . رطب العجان وكفه كالجلمد كالأقحوان غداة غب سمائه . . . جفت أعاليه وأسفله ندي والبيت الثاني للنابغة الذبياني . ومن عجيب كناياته قوله لأبي مازن قيس بن طلحة : أبو مازن لازم منزله . . . وأصبح في الناس لا ذكر له رماه الزمان بأحداثه . . . ومن حيث أخرجه أدخله

وقوله لما صرف عن بريد الترمذ بابن مطران : قد صرفنا وكل من . . . قبلنا فهو قد صرف وصرفنا بشاعر . . . وصفه ليس ينصرف ومن أحاسنه قوله في إفلاسه : كنت من فرط ذكاء واشتعال . . . كتلظي النار في الجزل اليبيس فتبلدت ولا غرو إذا . . . خف كيس المرء مع خفة كيس أبو جعفر محمد بن عباس بن الحسن الوزير : قوله : لئن أصبحت منبوذا . . . بأكناف خراسان سأسترفد صبري إن . . . ه من خير أعواني وأنجو بنجاتي إن . . . قضاء الله نجاني إلى أرض التي أرضى . . . وترضيني وترضاني إلى أرض جناها من . . . جنى جنة رضوان هواء كهوى النف . . . س تصافاه صفيان رخاء كرخاء شر . . . د الشدة عن عان وماء مثل قلب الص . . . ب قد ريع بهجران رقيق آل كالآل . . . وفيه أمن إيمان

وترب هو والمس . . . ك لدى التشبيه تربان فإن سلمني الله . . . وبالصنع تولاني فأوطاني أوطاني . . . وأعطاني أعطاني وأخلى ذرعي الدهر . . . وخلاني وخلاني فإني لا أجد العو . . . د ما دام الجديدان إلى الغربة حتى تغ . . . رب الشمس بشروان فإن عدت لها يوما . . . فسجاني سجاني وللموت الوحي الأح . . . مر ألقاني ألقاني أبو القاسم عبد الله بن عبد الرحمن الدينوري : أنشدني ابنه أبو منصور قال : أنشدني أبي لنفسه في مرضه الذي توفي فيه وهو آخر شعر قاله : مضى الإخوان فانقرضوا . . . وها أنا للردى غرض مرضت فقيل لي لا تج . . . زعن فإنه عرض وأول منزل للمر . . . ء نحو مماته المرض أبو علي الزوزني الكاتب : من أشهر شعره قوله : الحمد لله وشكرا له . . . على المعافاة من الابنه فليس فيما المرء يبلى به . . . أعظم منها في الورى محنه

وقوله : أبعد ستين من عمري أؤمل أن . . . أنال ما لم أنله في ثلاثينا من أخطأته الأخاطي في شبيبته . . . ورامها لم ينلها بعد سبعينا أبو جعفر محمد بن عيسى الرامي : من غرر شعره قوله : لي في المقابر درة . . . أضحى الفؤاد لها صدف لما غدت هدف البلى . . . أصبحت للبلوى هدف وقال في وصف السيف من مقصورة : مهند كأنما صيقله . . . أشربه بالهند ماء الهندبا يختطف الأرواح في الروع كما . . . يختطف الأبصار حين ينتضى أبو طالب عبد السلام بن الحسين المأموني : من ' أحاسن ' شعره قوله من قصيدة في تضمين كل قصة يوسف عليه السلام : وعصبة بات فيها الغيظ متقدا . . . إذا شدت لي فوق أعناق العدى رتبا فكنت يوسف والأسباط هم وأب الأ . . . سباط أنت ، ودعواهم دما كذبا

وقوله من أخرى : لمحمد بن محمد كف بها . . . يحيى الرجاء ويقتل الإعسار وخلائق كالخمر در فعاله . . . حبب لهن وما لهن خمار حقنت يداه دم المكارم كذ غدا . . . دم كل ما حوتاه وهو جبار يا من إذا أطرى القبائل شاعر . . . صلت على آبائه الأشعار ارحم بمنكبك السماء فما يرى . . . لسواك في خطط النجوم جوار القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني : من بدائع طرفه قوله : أفدي الذي قال وفي كفه . . . مثل الذي أشرب من فيه الورد قد أينع في وجنيتي . . . قلت : فمي باللثم يجنيه وقوله لم أسمع في التعريض بالالتجاء أحسن منه : قد برح الحب بمشتاقك . . . فأوله أحسن أخلاقك لا تجفه وارع له حقه . . . فإنه آخر عشاقك وقوله في فصد الحبيب : يا ليت عيني تحملت ألمك . . . وليت نفسي تقسمت سقمك وليت كف الطبيب إذ فصدت . . . عرقك أجرت من ناظري دمك أعرته صبغ وجنتيك كما . . . تعيره إن لثمت من لثمك

طرفك أمضى من حد مبضعه . . . فالحظ به العرق واغتنم ألمك وقوله من قصيدة ، أولها : من أين للعارض الساري تلهبه . . . وكيف طبق وجه الأرض صيبه هل استعان جفوني فهي تنجده . . . أم استعار فؤادي فهو يلهبه ومنها : بجانب الكرخ من بغداد لي قمر . . . لولا التجمل ما أنفك أندبه وصاحب ما صحبت الصبر من بعدت . . . دياره ، وأراني لست أصحبه في كل يوم لعيني ما يؤرقها . . . من ذكره ولقلبي ما يعذبه وما البعاد دهاني بل خلائقه . . . ولا الفراق شجاني بل تجنبه ومن غرر مدحه قوله من قصيدة صاحبية : ولا ذنب للأفكار أنت تركتها . . . إذا احتشدت لم تحتفل باحتشادها سبقت بأفراد المعاني وأل . . . فت خواطرك الألفاظ بعد شرادها

فإن نحن حاولنا اختراع بديعة . . . حصلنا على مسروقها ومعادها ومن سائر معانيه السائرة قوله : يقولون لي فيك انقباض وإنما . . . رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما إذا قيل هذا مورد قلت قد أرى . . . ولكن نفس الحر تحتمل الظما ولم أقض حق العلم إن كنت كلما . . . بدا طمع صيرته لي سلما ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي . . . لأخدم من لاقيت لكن لأخدما أأشقى به غرسا وأجنيه ذلة . . . إذا فاتباع الجهل قد كان أسلما وله : وقالوا اضطرب في الأرض فالرزق واسع . . . فقلت : ولكن مطلب الرزق ضيق إذا لم يكن في الأرض حر يعينني . . . ولم يك لي كسب فمن أين أرزق أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الجوهري الجرجاني : قوله من قصيدة : قولا لعاذلتي جمحت فلم أزد . . . إلا لجاجا في الهوى وجماحا

جنح الظلام فبادري بمدامة . . . بسطت إليك من العقيق جناحا صهباء لو مرت بها قمرية . . . أذكت عليها ريشها مصباحا رعت الزمان ربيعه وخريفه . . . فأتتك تهدي الورد والتفاحا وقوله من أخرى : يا ليلة غمضت عيني كوكبها . . . ترفقي بجفون غمضها رمد بكيت بعد دموعي في الهوى جلدي . . . وهل سمعت بباك دمعه جلد تذوب نار اشتياقي في الهوى بردا . . . وهل سمعت بنار ذوبها برد وقوله من صاحبية : وأقسم لو رويت سيفك من دمي . . . لأورق بالود الصريح وأثمرا وقوله من أخرى : ما إن لثمت بساط دارك خادما . . . إلا ليلثم في ذراك ركابي وقوله في الغزل : ومغلف بالمسك في خديه . . . سطرا يسوق العاشقين إليه فما جاءه أحد ليسرق نظرة . . . إلا تصدق بالفؤاد عليه أبو الفياض الطبري : أحسن ما سمعت له قوله : يد تراها أبدا . . . فوق يد وتحت فم

ما خلقت بنانها . . . إلا لسيف أو قلم أبو علي بن أبي القاسم القاشاني : يا ليلة جمعتني والمدام ومن . . . أهواه في روضة تحكي الجنان لنا لأشكرنك ما غنت مطوقة . . . على الغصون فقد طوقتني مننا ولم أسمع في أكل العنب غير قوله : نهاني عذولي بل لحاني إذ رأى . . . ولوعي بالأعناب أكثر قضمها فقلت له الصهباء كانت عشيقتي . . . وقد ألزمتني رقة الحال صرمها فعللت بالأعناب نفسي كمنعظ . . . نات عرسه عنه فواقع أمها أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي : من وسائط قلائده قوله : وشمس ما بدت إلا أرتنا . . . بأن الشمس مطلعها فضول تزيد على السنين سنا وحسنا . . . كما رقت على العتق الشمول ومنها : بحمدك لا بحمد الناس أضحى . . . وكيلي ليس يكفيه وكيل وكانوا كلما كالوا ، وزنا . . . فصرنا كلما وزنوا نكيل وزدت من العيال وذاك إني . . . كتبت على لقائك من أعول وعشت وناقص رزقي فأضحى . . . مفاعيلن مفاعيلن فعول

وله من أخرى : لعمرك لولا آل بويه في الورى . . . لكان نهاري مثل ليل المتيم هم جعلوني رب عبد وقينة . . . ودار ودينار وثوب ودرهم وهم خالفوني وأوطأوا في صلاتهم . . . فصنت عن الإيطاء شعري فيهم وقوله في أخرى صاحبية : أقبل أشعاري إذا اسمك حشوها . . . وأشتم ملبوسي لأنك باذله وأخطر في حافات دار ملأتها . . . طرائف باقي العيش منها وحاصله وقوله : بنيت الدار علية . . . كمثل بنائك الشرفا فلا زالت رؤوس عدا . . . ك في حيطانها شرفا وقوله من تشبيب قصيدة : مضت الشبيبة والحبيبة فالتقى . . . دمعان في الأجفان يزدحمان ما أنصفتني الحادثات رمينني . . . بمودعين وليس لي قلبان وقوله من أخرى : قلت للعين حين شامت جمالا . . . من بروق كواذب الإيماض لا يغرنك هذه الأوجه الغ . . . ر فيا رب حية في رياض

وقوله من أخرى : خليلي عهدي بالليالي صوافيا . . . فما بالها أبدلن جيما بصادها ولا تحسبا عيشي علي فإنني . . . أؤرخ يوم الموت يوم افتقادها ولست أحب الضوء إلا لوجهها . . . ولا البدر إلا طالعا من بلادها ولو أنني أنصفتها ورعيتها . . . لسار فؤادي في طريق فؤادها خليلي هل أبصرتما مثل أدمعي . . . نفدت وحق الله قبل نفادها ومن ملحه قوله : يبكي من الموت أبو طيب . . . دمع لعمري غير مرحوم ويشتكي ما يشتهي غيره . . . شكاية الخير من الشوم وقوله : عليك باظهار التجلد للعدى . . . ولا تظهرن منك الذبول فتحقرا ألست ترى الريحان يشتم ناضرا . . . ويطرح في الميضا إذا ما تغيرا البديع أبو الفضل أحمد بن الحسين الهمداني : من عجائب شعره قوله : فكاد يحكيك صوب الغيث منسكبا . . . لو كان طلق المحيا يمطر الذهبا

والدهر لو لم يخن والشمس لو نطقت . . . والليث لو لم يصل والبحر لو عذبا وقوله من أخرى : يا دهر إنك لا محالة مزعجي . . . عن خطتي ولكل دهر شان فاعمد براحلتي هراة فإنها . . . عدن وأن رئيسها عدنان وقوله من قصيدة سلطانية : تعالى الله ما شاء . . . وزاد الله إيماني أأفريدون في التاج . . . أم الإسكندر الثاني أم الرجعة قد عادت . . . إلينا بسليمان أظلت شمس محمود . . . على أنجم سامان وأمسى آل بهرام . . . عبيدا لابن خاقان إذا ما ركب الفيل . . . لحرب أو لميدان رأت عيناك سلطانا . . . على منكب شيطان أمن واسطة الهند . . . إلى ساحة جرجان ومن قاصية السند . . . إلى أقصى خراسان على مقتبل العمر . . . وفي مفتتح الشأن لك السرج إذا شخت . . . على كاهل كيوان

يمين الدولة العقبى . . . لبغداد وغمدان وما يقعد بالمغر . . . ب عن طاعتك اثنان إذا شئت ففي يمن . . . وفي أمن وإيمان أبو الحسين أحمد بن فارس : من ملحه قوله : سقى همدان الغيث لست بقائل . . . سوى ذا ، وفي الأحشاء نار تضرم وما لي لا أصفي الدعاء لبلدة . . . أفدت بها نسيان ما كنت أعلم نسيت الذي أحسنته غير أنني . . . مدين وما في جوف بيتي درهم وقوله : إذا كنت في حاجة مرسلا . . . وأنت بها كلف مغرم فأرسل حكيما ولا توصه . . . وذاك الحكيم هو الدرهم وقوله وهو في غاية الحسن : اسمع مقالة ناصح . . . جمع النصيحة والمقه إياك واحذر أن تكو . . . ن من الثقات على ثقة براكويه الزنجاني : من ملح غرره قوله : مضى العمر الذي لا يستعاد . . . ولما يقض من ليلي مراد بليت وذكرها عندي جديد . . . وشاب الرأس واسود الفؤاد

وله : وأهيف نالت الأيام منه . . . غداة أظل عارضه الحداد تعرض لي ومرض مقلتيه . . . فما وريت له عندي زناد فقلت ارجع وراءك وابغ نورا . . . أجبت الآن إذ ظهر الفساد فغيرك من يصيد بمقلتيه . . . وغنجهما وغيري من يصاد أبو القاسم عبد الصمد بن بابك : من ملح أشعاره قوله من صاحبيه : كسوت الحمد ذا عرض مصون . . . يمتع في حمى مال مباح مزوح اللفظ مخدوع العطايا . . . جموح العزم مجنون السماح إذا اشتجرت على الملك العوالي . . . هززت أصم موشى الجناح يريق على الظبا ريق المنايا . . . ويكحل بالردى مقل الرماح أزرتك يا ابن عباد ثناء . . . كأن نسيمه شرق براح ولفظا ناهب الحلى الغواني . . . وأهدى السحر للحدق الملاح وقوله من أخرى : ذو عزة كجبين الشمس لو برقت . . . في صفحة الليل للحرباء لانتصبا وقوله :

وكم كسر جبرت فكان طوقا . . . على نحر الدعاء المستجاب وقوله : يا قلب لا تنز فالغنى عرض . . . والله من كل فائت خلف أموت صبرا ولا أرى ملكا . . . يرقص في جنك أنفه الصلف وقوله في الاعتذار من ترك التوديع : إن لم أدعك فلي عذرة . . . فأثن إليها أذنا واعية قرت بك العين فنزهتها . . . عن نظرة ليست لها ثانية أبو إبراهيم اسماعيل بن أحمد الشاشي : من عجيب شعره قوله : أخلاي أمثال الكواكب كثرة . . . وما كل نجم لاح في الجو ثاقب بلى كلهم مثل الزمان تلونا . . . إذا سر منهم جانب ساء جانب وكنت أرى أن التجارب عدة . . . فخانت ثقات الناس حتى التجارب وقوله : بلوت الليالي فلم يتزن . . . بأدنى الإساءة إحسانها

فلا تحمدنها على وصلها . . . ففي نفس الوصل هجرانها أبو الفتح علي بن محمد البستي الكاتب : من وسائط قلائده قوله : لما أتاني كتاب منك مبتسم . . . عن كل بر وفضل غير محدود حلت معانيه في أثناء أسطره . . . آثارك البيض في أحوالي السود وقوله : إذا ملك لم يكن ذاهبه . . . فدعه فدولته ذاهبه وقوله في مؤلف الكتاب : أخ لي زكي النفس والأصل والفرع . . . يحل محل العين مني والسمع تمسكت منه إذ بلوت إخاءه . . . على حالتي رفع النوائب والواضع بأوعظ من عقل وآس من هوى . . . وأوفق من طبع وأنفع من شرع وقوله :

إذا تحدثت في قوم لتؤنسهم . . . بما تحدث عن ماض وعن آت فلا تعيدن حديثا إن طبعهم . . . مؤكل بمعاداة المعادات وقوله : أراني الله وجهك كل يوم . . . لأسعد بالأمان وبالأماني فوجهك حين ألحظه بعيني . . . يريني البشر في وجه الزمان وقوله : لا يستخفن الفتى بعدوه . . . أبدا وإن كان العدو ضئيلا إن القذى يؤذي العيون أقله . . . ولربما جرح البعوض الفيلا وقوله : قلت له لما قضى نحبه . . . لا ردك الرحمن من هالك أما وقد فارقتنا فانتقل . . . من ملك الموت إلى مالك أبو سليمان الخطابي : من غرر شعره قوله : تغنم سكون الحادثات فإنها . . . وإن سكنت عما قليل تحرك وبادر بأيام السلامة إنها . . . رهون وهل للرهن عندك مترك وقوله :

وقائل إذ رأى من حجبتي عجبا . . . كم ذا التواري وأنت الدهر محجوب فقلت : جلت نجوم العمر منذ بدا . . . نجم المشيب ودين الله مطلوب ولذت من وجل بالإستتار عن ال . . . أبصار إن غريم الموت مرعوب أبو نصر سهل بن المرزبان : من لمع شعره قوله : قلت لما قيل لم تهجرنا . . . إن أتى برد وإن ثلج وقع أنا كالحية أشتو كامنا . . . ثم أنساب إذا الصيف رجع وقوله : تجنب شرار الناس وأصحب خيارهم . . . لتحذوهم في خير أفعالهم حذوا فان لأخلاق الرجال وفعلهم . . . إلى غيرهم عدوى توافيهم عدوا أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبي : بنفسي من غدا ضيفا عزيزا . . . علي وإن لقيت به عذابا

ينال هواه من كبدي كبابا . . . ويشرب من دمي أبدا شرابا وله : أيا ضرة الشمس المنيرة بالضحى . . . ومن عجزت عن كنهها صفة الورى عذرتك الإسلام إذ لم أحظ منك بنظرة . . . فأنت لعمري الروح والروح لا ترى وقوله في المشيب : لما سئلت عن المشيب أجبتهم . . . قول امرء في وده لم يمذق طحن الزمان بريبه وصروفه . . . عمري فثار طحينه في مفرقي وقوله في العتاب : لا تحسبن بشاشتي لك عن رضى . . . فوحق فضلك إنني أتملق ولئن نطقت بشكر برك مفصحا . . . فلسان حالي بالشكاية أنطق أبو عبد الله المغلسي : كأن الشموع وقد أطلعت . . . من النار في كل راس سنانا أنامل أعدائك الخائفين . . . تضرع تطلب منك الأمانا أبو الحسين عمر بن أبي عمر النوقاني : من أبيات قصائده قوله :

خدمت لك لملوك أروض نفسي . . . لآمن تحت خدمتك العثارا وقوله : هنيئا لإخواننا في هراة . . . لقاء الكرام وماء الكروم ففي مقلتي منذ فارقتهم . . . غمام يجود بماء الغيوم وقوله : لعمرك إن العمر ما لا يسرني . . . لموت وبعض الموت خير من العمر وإن غني لا يأمن الفقر ربه . . . لفقر ، وخوف الفقر شر من الفقر الرضي أبو الحسن الموسوي النقيب : من وسائط قلائده ، قوله لأبي إسحاق الصابي : لقد تمازج قلبانا كأنهما . . . تراضعا بدم الأحشاء لا اللبن أنت الكرى مؤنسا طرفي وبعضهم . . . مثل القذى مانعا عيني من الوسن وقوله : اشتر العز بما بي . . . ع فما العز بغال

بالقصار الصفر إن شئ . . . ت أو السمر الطوال ليس بالمغنون عقلا . . . مشتري العز بمال إنما يدخر الما . . . ل لحاجات الرجال والفتى من جعل الأم . . . وال أثمان المعالي وقوله في مرض وزير : يا دهر ماذا الطروق بالألم . . . حام لنا عن بقية الكرم إن كنت لا بد آخذا عوضا . . . فخذ حياتي ودع حيا الأمم لا در در السقام كيف رمى . . . طبيب آمالنا من السقم أخوه المرتضى أبو القاسم : من عيون شعره قوله : يا خليل من ذؤابة قيس . . . في التصابي رياضة الأخلاق غنياني بذكرهم تطرباني . . . واسقياني دمعي بكأس دهاق وخذا النوم عن جفوني فإني . . . قد خلعت الكرى على العشاق وقوله : أمسي يشوقني إلى أهل الغضا . . . شوق يقلبني عن جمر الغضا ولقد عراني الشيب في عصر الصبا . . . حتى لبست به شبابا أبيضا

وقوله من قصيدة : أين الذين على خد الثرى وطئوا . . . وحكموا في لذيذ العيش فاحتكموا لم يبق منهم على ضن القلوب بهم . . . إلا رسوم قبور حشوها رمم فلا يغرنك في الموتى وجودهم . . . فإن ذاك وجود كله عدم أبو الحسين المعري القنوع : من عجائب شعره قوله : رب هم قطعته في دجى اللي . . . ل بهجر الكرى ووصل الشراب والثريا قد غربت تطلب البد . . . ر بسير المروع المرتاب كزليخا وقد بدت كفها تط . . . لب أذيال يوسف بالباب وقوله في رئيس قاعد على شط بركة : من حول بركتك البهية سادة ال . . . أدباء والشعراء والظرفاء لو أنصفوك وهو لديك لا شبهت . . . أشخاصهم أمثالها في الماء أبو الحسين الغويري المعري : قوله : لم تبق لي حتى ارتديت بصارم . . . وعقدت مربط عاتقي بنجاد

فلأرضينك من بلاغة منطقي . . . ولأعجبنك من مضاء فؤادي ولأخدمنك قائلا أو فاعلا . . . بالضرب بين يديك والإنشاد وإذا شككت فلا تشك بأنني . . . في الدهر ثالث عنتر وزياد أبو الفهم عبد السلام النصيبيني : قوله : قبلته أشتفي بقبلته . . . فزادني ذاك اللما ألما رسائل لي عن مبتدا سقمي . . . مسقم عينيه مسقمي بهما أبو الفتح بن أبي حصين : وأخ مسه نزولي بقرح . . . مثل ما مسني من الجوع قرح بت ضيفا له كما حكم الده . . . ر وفي حكمه على الحر قبح فبداني يقول وهو من السك . . . رة بالهم طافح ليس يصحو لم تغربت قلت قال رسول الل . . . ه والقول منه نصح ونجح سافروا تغنموا فقال وقد قا . . . ل عليه السلام صوموا تصحوا عبد المحسن الصوري : قوله في جارية سوداء : ومسكية النشر مسكية ال . . . غدائر مسكية المنظر

تنثني وقامتها للقضي . . . ب وتنظر واللحظ للجؤذر وتحسبها في خلال الحدي . . . ث تنشر عقدا من الجوهر أبو الغوث الحمصي : هذا العراقي له منظر . . . يعرب عن هيئة تأنيث مخنث الطبع وليست له . . . خفة أرواح المخانيث أبو الحسين المستهام الحلبي : ذو منظر دل على مخبر . . . دلالة اللفظ على المعنى ما زال يبني كعبة للعلى . . . ويجعل الجود لها ركنا حتى أتى الناس فطافوا به . . . واستلموا راحته اليمنى تطربه الأشعار في مدحه . . . ولم يضع قائلها لحنا فليس يدري طربا عندما . . . أسمعه أنشد أم غنى أبو الغنائم الريان : أبو الربيع ربيع . . . لكل جسم وروح إذا رأى الداء دوا . . . ه باللسان الفصيح كأنه في البرايا . . . خليفة للمسيح أبو معشر الكاتب :

إذا ما لاح أحمر مستطيلا . . . حسبت الليل زنجيا جريحا وقوله : ورد البشير مع الصباح بأنه . . . لي زائر فاستعبرت أجفاني يا عين قد صار البكا لك عادة . . . تبكين في فرحي وفي أحزاني وقوله في ذم قوال : ومغن غنى لي عن معن . . . جاءني لحنه بأقبح لحن كان في كفه القضيب من الغي . . . ظ بإيماء أثقل الناس عني أبو الوفاء الدمياطي : قوله : يا ملك الوقت والزمان . . . ومن علا في عظيم شان صنفان ما استجمعا لخلق . . . وجهك والفقر في مكان الأشرف بن فخر الملك : قدم من بغداد علي ابن خالويه ظانا به الجميل ، فخاب ظنه ، وأخفق سعيه ، فكتب إلى أخيه الأغر بن فخر الملك وهو ببغداد في نعمة وحال : إن الذي قسم الوراثة بيننا . . . جعل الحلاوة والمرارة فينا لكن أراك وردت ماء صافيا . . . ووردت من جور الحوادث طينا أو ليس يجمعني ونفسك دوحة . . . طابت لنا دنيا وطابت دينا إن كنت أنت أخي فقل لي يا أخي . . . لم بت جذلانا وبت حزينا

أقسام الكتاب
1 2