كتاب:الفصول والغايات
المؤلف : أبو العلاء المعري

وكريت: نمت من الكرى. وشهر كريت أي تام. وشريت: لججت. والمؤيدات: الدواهي. والصدح: خرز تؤخذ به النساء أزواجهن. واليوم الراح: الكثير الريح. والرادى: الرامى. والرأد: أصل اللحى. والواقم: المذلل. والآدب: الداعي. والتسبغة. زرد يكون في مؤخر البيضة. والبغة فيما حكى أبو عمر: حوار ينتج في أوسط النتاج بين الربع والهبع. وذكر السعلاة هاهنا: موضوع على ما حكاه أبو زيدٍ في النوادر عن المفضل: أن الأعراب يزعمون أن عمرو بن يربوع بن حنظلة تزوج السعلاة وولدت له أولاداً فهم يعرفون بنى السعلاة ولهم يقول الراجز:
يا قبح الله بني السعلاة ... عمرو بن يربوعٍ شرار النات
ليسوا بأحرارٍ ولا أكيات يريد: الناس، وأكياس. ويقال إن أهل السعلاة قالوا لعمرو بن يربوعٍ: إنك ستجدها خير إمرأةٍ ما لم تر برقاً؛ فكان اذا لاح البرق سترها عنه، فغفل عنها ليلةً ولاح برق فنظرت اليه فقعدت على بكرٍ من أبل عمرٍو وقالت:
امسك بنيك عمرو إنى آبق ... برق على أرض السعالي آلق
وإنصرفت، فكان آخر العهد بها؛ ففي ذلك يقول عمرو بن يربوع وهو يتأسف على فراق حبيبٍ:
رأى برقاً فأوضع فوق بكرٍ ... فلا بك ما أسال " وما " أغاما
رجع: لعل الربيع يفئ، باللفئ، والله لطيف خبير. التثريب، يفسد القريب على القريب، فأعف رب عنى وعن المثربين. الغراب، لا يحمل أراب، إن شئت غراب الأوراك، وإن شئت غراب الأشراك، ولو أذن ربك لاحتمل الناعب أر كان قدسٍ وثبيرٍ. أبهجني مال مأموت، كأنني ما أموت، فأجعلنى رب عندك من الباقين. كأن موضع الغثيثة. لمة أثيثة، والله يعيذ الأزعر من الهلبين. يعفو الله عن طلاحٍ، وقفن بقلبٍ ملاحٍ، فما سقين غير تلاحٍ، إن الله بهن لرحيم. إن سرتك الغضارة، فعلبك بالحضارة، والله رازق الحاضر والبادين. ليس بعجيبٍ، فسل من ظهر نجيبٍ، إن المديد أخواه سيدان، وكأنه بعض العيدان، ما شئت من ضعفٍ وإنخناثٍ. غاية.
تفسير: اللفئ: جمع لفيئةٍ وهي لحمة المتن. وأراب: جبل. والغراب الأول: غراب البعير وهون رأس الورك. والمال المأموت: مثل المقدر والمحزور. والغثيثة: المدة التي تخرج من الجروح. والأزعر: الخفيف الشعر. والهلب: الكثير السعر. والمديد والطويل والبسيط: تجمعهن دائرة واحدة. والبسيط والطويل ليس في الشعر أشرف منهما وزناً، وعليهما جمهور شعر العرب. وإذا اعترضت الديوان من دواوين الفحول كان أكثر ما فيه طويلاً وبسيطاً. والمديد وزن ضعيف لا يوجد في أكثر دواوين الفحول. والطبقة الأولى ليس في ديوان أحدٍ منهم مديد؛ أعنى امرأ القيس وزهيراً والنابغة والأعشى في بعض الروايات. وقد جاءت لطرفة قصيدة من المديد وهي:
أشجاك الربع أم قدمه ... أم رماد دارس حممه
وربما جاءت منه الأبيات الفاردة كقول مهلهلٍ:
يالبكرٍ أنشروا لي كليباً ... يا لبكرٍ أين أين القرار
و " إن بالشعب " مختلف في قائلها ولم يجمعوا على أنها قديمة. وتوجد هذه الأوزان القصار في أشعار المسكيين والمدنيين كعمر بن أبي ربيعة ومن جرى مجراه كواضاحٍ اليمن والعرجى، ويشاكلهم في ذلك عدى بن زيدٍ لأنه كان من سكان المدر بالحيرة وله قصيدة في المديد من سادسه وهي: يا لبينى أو قدى النارا ويقال إن العرب كانت تسمى الطويل الركوب لكثرة ما كانوا يركبونه في أشعارهم. والأوزان التي تتقدم في الشعر كله خمسة: ثلاثة هي ضروب الطويل بأسرها، والضربان الأولآن من البسيط. فالطويل الأول:
ألا أنعم صباحا أيها الطلل البالي وما كان مثل ذلك.
والطويل الثاني: قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل و " لخولة أطلال " وما كان مثل ذلك.
والطويل الثالت: مثل قول أمرئ القيس:
لمن طلل أبصرته فشجاني ... كخط زبورٍ في عسيب يمان
والضرب الأول من البسيط: ودع هربرة إن الركب مرتحل وما كان مثل ذلك.
والثاني منه كقوله: بأن الخليط ولو طوعت ما بانا وما مثل ذلك.
ويلى هذه الخمسة في القوة ثلاثة أوزانٍ وهي الوافر الأول كقوله:
أحادرة دموعك دار مى ... وهائجة صبابتك الرسوم
والكامل الأول كقول النابغة:
أمن آل مية رائح أو مغتد
والكامل الثاني كقوله:
ألا سألت برامة الاطلالا ... ولقد سألت فما أحرن سؤالا

رجع: الله المعتمد، ليس لأوليته أمد، أحمده، والعود أحمد، ما دام في القلب ضمد، أستغفره مما أنا فيه، وأستوهبه الرحمة وأجتديه، ما جنت السيئة فالحسنة تديه. ما أنا من خمرٍ مزيجٍ، والغناء والتهزيج، ذكر الله أحسن ما نطق به الناطقون. إن جناحى لمهيض، طرت في الصعيد، فوقعت غير بعيدٍ، والله منهض المنهاضين. بعد من اللمز، راكب دلمزٍ، بين عنقٍ وجمزٍ، لا يتكلم غير رمزٍ، كأن الكواكب له ذات غمزٍ، يدأب لربه معين الدائبين. من قعد على رحلٍ فوق سبحلٍ، يخبط سراباً كالضحل، كأنه جديد السحل، ثم ولج في دحلٍ، فظفر بالجحل، ليس بأمير للنحل، فالله أعلم بخيبة الخائبين. كيف أغسل الذنوب وقد صار لونها كسواد اللابة والغداف، كلما غسل حجر هذه وريش ذاك إزدادا سواداً بإذن الله، ولو شاء لبعث مطراً تبيض تحته اللوب، وطير مثل النوب؛ ولكنه أجرى العادة بما تراه؛ قدره يحتث العينة لتجتث وأنا جاثم أو جاثٍ. غاية.
تفسير: الضمد: بقية الحقد. والدلمز: البعير الشديد المجتمع الخلق. والسبحل الضخم الطويل. والسحل: ثوب أبيض من قطنٍ والدحل: حفرة أعلاها واسع وأسفلها ضيق. والجحل هاهنا: ضرب من اليعاسيب وفي غير هذا الموضع السقاء الضخم؛ ويوصف الجعل بالجحل؛ قال عنترة:
كأن مؤشر العضدين جحلاً ... هدوجاً بين أقلبةٍ ملاح
ويقال لكل ضخمٍ: جحل.
رجع: إنى لوغد، وأظن أني سمغذ، وقد عرفت نفسى بعض العرفان وحقرتها وهي حديرة بإحتقارٍ. خلقتى كما شئت وأعطيننى مالاً أستحقه منك، ولعل في عبيدك من هو مثلى أو شر، في خزائنه بدر اللجين والعقيان، لا يطعم منها المسكين ولا يغاث الملهوف. والطف بي رب ولا تجعل خطاي في وعاثٍ. غاية.
تفسير: الوغد: الضعيف. والسمغد: المجنون، وقيل الأحمق.
رجع: أسب نفسى وتسبنى، وأريد الخير لا يجبنى، أحب الدنيا كأنها تحبنى، والحرص يوضعنى ويخبنى، والغريزة عن الرشد تذبنى، والخالق يغذونى ويربنى، كان في الشبيبة يشبنى، وتفضله ما بقيت لا يغبنى، أرتفع والقدر يكبنى، يألبنى دائماً ويلبنى، كم أستنسر وأنا من البغاث. غاية.
تفسير: لا يجبنى: من جب فلان أصحابه إذا سبقهم وبذهم؛ ومنه قول الراجز:
من رول اليوم لنا فقد غلب ... خبزاً بسمن فهو بين الناس جب
رول خبزه وثريده إذا رواه بالدهن؛ ومنه قول أم عبد الله إينة أبى سفيان: لأ نكحن ببه، جارية خدبه، تجب أهل الكعبه وببة هو عبد الله بن " الحارث " بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب.
ويشبنى: من شببت النار. يألبنى أي يطروني. ويلبنى: يقابلنى. وإشتقاقه من أن لبة الرجل تكون بحذاء لبة الآخر. وحكى أبو زيدٍ: داره تلب دار فلانٍ أي تقابلها. واالبغاث: صغار الطير ومالا يصيد منها، وقال بعضهم: البغاث ضرب من الطير أعظم من الرخمة.
رجع: ما خضبت في طاعتك سبيب فرسٍ ولا كنت ذا عضبٍ يسب الأعضاء فيك، قد كشفت السب في معصيتك فصرت كسبيبة الميت. واي أسباب الخير علقت به وجدته على ذا التياث. غاية.
تفسير: يسب الأعضاء: يقطعها. وسبيب الفرس هاهنا: ناصيته؛ ومنه قول عبيدٍ:
ينشق عن وجهه السبيب
والسب: الخمار. وسبية الميت: شقة مستطيلة.
رجع: صب أيها الرجل إلى ذكر الله تصب، وأصبب فيه دموعك ولو أنها كماء الصبيب، ولا يدركنك القدر وأنت من ذنبك في صبوبٍ؛ فلو كان القبر قلبياً ما أستقى منه بحبلٍ أنكاثٍ. غاية.
تفسير: صب: من قولهم فلان صب بكذ وكذا. والصبيب: ضرب من النبت طيب الرائحة وله ماء أحمر؛ وفي حديث عقبة بن عامرٍ أنه كان يختضب بالصبيب. وقال بعضهم: الصبيب: ماء ورق السمسم؛ وقال علقمة:
فأوردتها ماءً كأن حمامة ... من الأجن حناء معاً وصبيب
والحبل الأنكاث: الذي قد حل فتله.
رجع: أعجبتك يا نفس الدعة، يا مغرورة يا منخدعة، لو مستك المقدعة، لعلمت أنها مردعة، أخاف أن تخطفك المختطفة، وأنت على حالك نطفة، فهل أنت إلى التقووى منعطفة! كم أجتذبك وأستخيرك، وقد بعد منك خيرك، لقد قرب أخيرك، أتقديمك أو جب أم تأخيرك، مالك تهابين حجن السدر وتركبين الأسنة بلإ اكتراثٍ! . غاية.
تفسير: المقدعة: عصاً تكف بها الإبل وغيرها. والنطف: الفاسد القلب. وأستخبرك: أستعطفك؛ وأصله من أستخار الخشف أمه إذا خار لها لتسمع خواره فتخور؛ ومنه قول حميد بن ثورٍ:

رأت مستخيراً فأستجابت لصوته ... بمحنيةٍ يبدو لها ويغيب
وحجن السدر: شئ يظهر فيه كالشوك الصغار.
رجع: يا جواب الأرض هل مررتم بقطرٍ، لا يصوب فيه القطر، نعم! في الأرض بلاد لا تجودها الأمطار. فهل أحسستم بعطرةٍ، ليست بذات مقطرةٍ؟ أجل! إن كل روضةٍ كذاك! فهل سمعتم بمكان، ليس فيه للموت استمكان؟ هيهات هيهات! إن الموت نزل على الجبل والبراث. غاية.
تفسير: المقطرة: المجمرة مأخوذة من القطر وهو العود الذي يتبخر به. والبراث: الأراضي السهلة، واحدها برث.
رجع: بنفسك أسى الظن فإنها تسئ، والله المشية يغنى ويشئ، هل يحسب رشأ ربيب، في النشاء كلهن لبيب، والله ميز الوحش من الأنيس، إنما أنا بو بات، في بوباةٍ لم ترأمه الأمات، والله مرئم الرائمات.يا حارث، كم نزل أمر كارث، وأنت للوذعة مارث، فقام دونك أبواك والله وكل الوالد برعاية الأولاد. أولع رأل بهدجان، في يوم الشمس والدجان، فأولع نفسك بسبحان الله الكريم. إن ضارباً نبح، وقد لاح الشبح، فنبذله كسر أبح، فرضى وربه ليس براضٍ. عش بغير أخٍ، وغير الحق فلا تخ، فإن الله علم بضمائر المبطلين. وإذا دعتك الخائنة إلى الباطل، فلا تدع ذكر الله فإنه يدع السيئات. وبت أقب من مآكل السو تأمن القبيب وتبن لك من الرحمة قباب، وأكب على العبادة يكب عدوك وتكبه على المنخر وبعد كثيب الخلد، وتفز بالأجر الكباب فوزة سعيدٍ. يا نفس كأنى بك وقد بنت، عن غير ابنٍ لك ولا بنتٍ، فسئلت عما دنت، وصدقت في ذلك ومنت، طالما رنت وأرنت، فالآن خبت وخبنت، أما عملك فشنت، أردت الزين فما زنت، فرحمك الله إذ حنت، وليس بجميلٍ ما قنت، والله ينظر إذا غفلت العيون. أي خيرٍ لم يبدنى، والأجل يجذنى، يقطع سببى ويحذنى، كأن الأيام تهذنى، تأكلنى فتلذنى، والله العالم بعبده إذا جالت فيه الظنون. من أبل عن المحارم أبل من الآثام فطوبى للآبلين الذين هم بالصلاة أبلون، تبل جفونهم فتبل الوجنات وهم من إبلاء العبادة كأبلاء السفار. أبنى بالخير تبن فضيلتك وتكن بنتك مثل بنة الرياض، وابتنى منزلاً في الآخرة فإلى الله المآل، وترى علائقك من علائق المفسدين ترى خيراً في العاقبة. فمن كان ثر الدمعة من خشية الله ثرور اليد على المساكين قريب الثرى من السائل فإنه يثرى في المنقلب بالثراء. قد ثل عرشي وأكل الذئب ثلتى ودنا منى ثللى وبقيت ثلة من عمرى، كأنها الصلة في غمرى فأستعين بالله مالك الأعمار. كانت لي مهلة كثم، فما بقى لي ثم ولا رم، وغدوت الى الخير أثم، فأفتضح الرجل ثم. سقاى غير ثميمٍ، وثمامى تبتنى به الخرق لفراخها الأوكار. أمر الآخرة جد وأمر الدنيا جد، وسيصرم الإنسان ويجد، كما ذهب الأب والجد؛ فاقتنع بماء الجد، ولبن الجدود؛ فإن جديد الأرض سيصبح من أهله وهو خلاء. في يد من الجرير؟ في يد مالك الجر والنيق. ياحرة، أما تخافين الجرة، إنك لذات جرأةٍ على جراء المأسدة. أتغتر فين والقليب جرور! ذلك لعمرك محال. ومن أثت ذنوبه لم تنفعه كثرة أثاثٍ. غاية.
تفسير: بشئ يلجى؛ وينشد هذا البيت.
وأنى لا يشاء إلى قرني ... غداة الروع إلا أن يحينا
والبوباة: مثل الموماة أبدلت الباء من الميم وهي القفر من الأرض. والكارث: من كرث الأمر إذا أشتد؛ ومنه إشتقاق ما أكترث بكذا وكذا. والودعة: واحدة الودع. والمارث: الماضغ؛ ويقال مرث الشئ إذا دلكه؛ قال الشاعر:
والناب من جلفزيزٍ عوزم خلقٍ ... والحلم حلم صبىٍ يمرث الودعه

ويروى: " والسن من جلفزيز " والجلفزيز: الناقة المسنة وفيها بقية. والعوزم: الشديدة المسنة. والهدجان: تقارب الخطو وهو من مشى النعام ومشى الشيخ المسن. والكسر: العضو. والأبح: الكثير الدهن. فلا تخ: من قولهم وخاه إذا قصده. والأقب: الضامر البطن. والقبيب: صوت الناب من القحل والأسد، وهذا مثل يراد به وعيد الله تعالى. والكباب: الكثير. ورنت: من الرين وهو ما يركب القلب ويغطى عليه. وأرنت: من الأرن وهو النشاط. وخبنت: من خبن الثوب اذا قطع ثم خيط ليقصر. وقنت: من قان الشئ يقينه إذا صنعه؛ ومنه اشتقاق القين. ويجذني: من الجذ وهو قطع باستئصالٍ. ويحذنى: من الحذ وهو قطع سريع. وأبل الوحشى اذا إجتزأ بالكلأ عن الماء؛ وفي بعض الحديث: " تأبلوا عن النساء " . وأبلون: جمع أبلٍ وهو الحاذق بالشئ؛ وأصله أن يكون الرجل حاذقاً برعى الإبل ومعاناة أمورها. وأبلاء السفار: جمع بلوٍ وهو الذي قد بلاه السفر. ويجوز أن يكون من البلو وهو الأختبار. ويجوز أن يكون من بلى الجسم. أبنى أي أقيمى والزمى. والبنة: الرائحة. وترى. أقطعى. فإنه يثرى أي يفرح. وثل: هدم؛ وقيل إن عمر رئى في النوم فقيل له ما فعل الله بك فقال: " ثل عرشى أو كاد عرشى يثل لولا أن الله تداركنى برحمته " . ويقال ثل عرش القوم إذا تضعضع ملكهم وأمرههم؛ ومنه قول زهيرٍ:
تدار كتماً الأحلاف قد ثل عرشها ... وذبيان قد زلت بأقدامها النعل
والثلل: الهلاك. والثلة: البقية. والصلة: الماء القليل؛ وربما سمى اللبن المتغير الطعم صلاً وصلةً. ما بقى لي ثم ولا رم أي ما بقى لي شئ.
وإشتقاق الثم من الثمام لأنهم يسعينون به على تظليل خيامهم وتغطية أسقيتهم. والرم: الشئ يرم به السقاء ونحوه، وهذا لا يستعمل إلا في النفى خاصةً. وقد جاء في الحديث " كنا أهل ثمةٍ ورمةٍ " وهو شاذ. ويجوز أن يكون ليس من الأول لأن الرمة القطعة من الجبل. وأثم: أرجع. والثيم: المغطى بالثمام . والجد: البئر الجيدة الموضع من الكلأ.
والجدود: القليلة اللبن. وجديد الأرض: ظاهرها. والجر أصل الجبل والنيق: أعلى موضع في الجبل. والجرة: ضرب من مصائد الظباء.
والمأسدة: موضع الأسود. والجرور: البئر البعيدة القعر التي لا يستقى منها إلا على جمل. واثت: من أث النبت إذا كثرت أصوله.
رجع: كلما أفنى سنة عمر، إزداد سنة غمر، كنت وأنا طفل غر، أحسب أنني أبر، فإذا أنا بالشر مضر، أدرب به وأستمر، انى لوثواث في العمل ولست في الطمع بوثواثٍ. غاية.
تفسير: مضر: من أضر بالشئ إذا لزمه؛ ومنه قوله:
لأم الأرض ويل ما أجنت ... بحيت أضر بالحسن السبيل
الحسن: جبل معروف؛ وبعض أهل اللغة يقول الحسن والحسين جبلان؛ وعلى ذلك فسروا قول هدبة:
تركنا بالثنية من حسينٍ ... نساء الحى يلقطن الجمانا
والوثواث: الضعيف.
رجع: من أكل مال غيره أجح، ومن حمل مالا يستطيع ألح، ومن أرتع في غير وبيل أصح؛ كأنك بجديدك وقد أمح، وصار كالسراب المنطح. رب جليلٍ في المقدار، ودأنه حليلة في الدار، بل جلة في ملة جوارٍ، أصبح وقد جل أو حلا، ولقى من الدنيا وجلاً، وكان يدخر للجلى، فكأنما أصابه رامٍ من جلان ففزع إلى جلته فإذا هي صفر من الأعمال المحمودة، ومجلته سوداء كأنها القار، خلحه للمنايا جل فسلك جلالاً، يستوى الجبار فيه والكراث. غاية.
تفسير: أجح: من أجحت الكلبة والذئبة إذا عظم بطنها قبل الولاد؛ وأصله من جحه يجحه إذا سحبة. وألح البعير: مثل حرن، ويقال ألح إذا ألقى نفسه إلى الأرض فلم يقم من التعب. وأصح الرجل: إذا صحت ما شبته. وأمح ومح: إذا أخلق. والمنطح: المنبسط. والجليلة: الواحدة من الجليل وهو الثمام. والجلة: البعر. وجل: إذا خرج من البلد وهو مختار. وجلا: إذا خرج وهو كاره. والجلى: الأمر العظيم. وجلان: قبيلة من غنىٍ توصف بالرمى، وفي عنزة أيضاً جلان وكذلك في الرباب. والجلة: قوصرة التمر وهي هاهنا مثل. والمجلة: الصحيفة. والجل: شراع السفينة. والجلال: الطريق. والجبار هاهنا: النخل الذي قد فات اليد. والكراث: نبت واحدته كراثة وهو غير الكراث المعروف؛ والمعنى أن الناس يستوون في هذه الطريق.

رجع: لج فتلجلج، فأصبح خصمه قد فلج، وجمت الآثام عنده جموم الحسى ولا جمة تعينه على ذاك. وأجم أجله فخيله جم، لا عس له ولا أجم، ظمئآن لا ينقع بزرق الجمام، ود أنه طريد، قوته من البارض والجميم لاينثو خبره ناثٍ. غاية.
تفسير: الحسى: ماء في صلابةٍ من الأرض يستره الرمل عن الشمس كلما إستقى منه دأو جمت أخرى؛ ويقال لكل ماء قليلٍ حسى. والجمة: الجماعة. وأجم أجله: دناً. والخيل الجم: التي لا رماح معها. والعس: القدح العظيم. والأجم: القعب. والبارض: أول ما يطلع من النبت.والجيم الذي إذا ضربت عليه بيدك تجمم؛ ويقال هو الذي لم يفتح نوره. وينثو: يظهر ويذكر.
رجع: رب حىٍ أشرى، كأنهم ليوث الشرى، قروا الأضياف ذرى، وأسوق الخدال برئ، جاءتهم المنايا تترى، فمزجوا بالثرى، أصبح فيهم الزمن قد عاث. غاية.
تفسير: أشرى: جمع أشرٍ؛ قال الشاعر:
إذا اخضرت نعال بني عدي ... بغوا ووجدتهم أشرى لثاماً
تترى منونة وغير منونةٍ. فمن نون جعل الألف للإلحاق، ومن لم ينون جعلها للتأنيث؛ وهي بمعنى متواترةٍ. وعندهم ان التاء الأولى مبدلة من واوٍ وأن الأصل فيها وترى.
رجع: لله الجو وبإذنه قامت جو، ومن جوى من خيفته لم يجتو محلة الدفين ولم يبال أين نزل أبهضبٍ أم جواء. ووجه الفاجر كجواء القدر، وطلعة المحسن كأنها ضوء شهابٍ. فلتمج أذناك عذل العاذلات في دين الله ، فإن فعلت ذلك نجت نفسك، وإلا نجت القروح، وإذا جن الزهر فقد دنا التصويح. كنت جنيناً في حشى الوالدة وأصير جنيناً في في بطن الأرض؛ فطوبى لمن جعل خيفة جنانه من الله جنةً يستر بها من سوء العقاب. أجنان الليل أرفق بك أم ضوء النهار؟ احذرك يا إنسى من جن الشباب، وإياك وحداد الخمر فإنها تحد الكهام وشربها كالخيل كسرت حدائد الشكيم، وتوق تعدى الحدود لئلا تصبح الخيرات منك حدداً، ولا تحدن على ضعيفك فلن تحد عليك نعمة ولا دار.
وهنيا لأسيفٍ، نزل بالسيف، فبكى للذنوب، لا على بيضاء تنوب، دموعه في الجدف، أنفع من ضمائر الصدف، تضئ كأنها نجوم السدف، وليس بمعانٍ، من بكى في المعان، حزناً لفقد الأظعان. هل لك في مصباحٍ، من المغرب إلى الصباح، كلمة لا يبض منها الدم، وليس وراءها ندم، ولا يلخن منها الأدم، كأنها زهرة في الطيب أو جوهرة في القدر الثمين، تثنى بها على ربك وتترك مجالسة كل مغتاب فمه لمعايب القوم نفاث. غاية.
تفسير: الجو: الهواء. وجو الثانية: اليمامة وكان إسمها في القديم جواء فسميت اليمامة باسم إمراةٍ كانت فيها. وجوى: من الجوى وهو حلول الحزن. وإجتوى المحلة إذا كرهها وأبغضها. والجواء: المطمئن من الأرض. وجواء القدر: الموضع الذي تترك فيه القدر؛ ويقال لغشاء القدر جواء أيضاً.
ونجت القرحة إذا فسدت وخبثت؛ ومنه قول القطران:
فإن تك قرحة خبثت ونجت ... فإن الله يشفى من يشاء
وجن النبت إذا إكتهل ويقال إذا طال. وصوح النبت إذا أخذ في اليبس وتشقق لذلك. وجنان الليل: ظلمته. وحداد الخمر: الخمار؛ لأنه يحد الخمر أي يحبسها. وتحد الكهام: تجعله حديداً. وحدداً أي ممتنعةً. وحد الرجل يحد إذا غضب. وتحد: من أحدت المرأة إذا تركت الخضاب والزينة بعد زوجها. والأسف: الطويل الحزن الكثير البكاء. والجدف: القبر. والمعان: المنزل.
رجع: إن الله إذا أذن أروي الشعب، من القعب؛ فسبحان مروى الهائمين. والحليب، يطلب من ذوات الصليب، وربك رازق الممترين. هل تقدر على التحجيب، لأسد الحجيب، وإذا شاء الله وسمت أنوف الأعزاء. من الرتب، ركوب القتب، والله منعم الخافضين. ذهبت شعوب، وفي يدها لعوب، وكل للمنية أكيل إلا ملك الملوك ومذل المتكبرين. يذهب الخلب، ويبقى القلب، وكل محدثٍ من الذاهبين. يقع الشبب، في السبب، وكذلك غاية المطلقين. شكا الطلب، داءً في الخلب، وربك شافي المستفين. قد تقف الطراب، على رءوس الظراب، ترمق آثار المتحملين. ولوشاء الله جعل جناحاً كالحضر وأبا مهدية مثل قباثٍ. غاية.

تفسير: الشعب: القبيلة العظيمة. وذوات الصليب: التي فيها ودك. والتحجيب: سمة حول الحاجب. والحجيب: الأجمة. والرتب: غلظ العيش وشدته. والخافض: المقيم في دعةٍ وخيرٍ. وسعوب: الداهية. ولعوب: أسم إمرأةٍ. والخلب: الليف. والقلب: قلب النخلة. والشبب: الثور الوحشي. والطلب: الذي يطلب النساء. والخلب: غشاء القلب ويقال هو زيادة في الكبد. والظراب: الجبال الصغار. وجناح: بيت اتخذه أبو مهدية الأعرابي الذي يحكى عنه أبو عبيدة وغيره، وكان اتخذه على كساحةٍ بالبصرة فكان لا يعدم من جلس عنده رائحةً كريهةً فيقول أبو مهدية: ما هذه القتمة! " يعنى الرائحة الخبيثة " فقال له بعض أصحابه إنك على ثبج منها عظيمٍ " والثبج وسط الشئ " . وفي جناحٍ يقول أبو مهدية:
عهدى بجناحٍ إذا ما اهتزا ... وأذرت الريح التراب النزا
أن سوف تمضيه وما أرمأزا ... احسن بيتٍ أهراً وزا
كأنما لز بصخرٍ لزا
النز: السريع الحركة الخفيف. وما ارمأز أي لم يبرح. ولم تستعمل إلا في النفى. والأهر: متاع البيت. ويقال إن جناحاً لم يكن فيه إلا حصير خلق. والحضر: حصن الساطرون الملك؛ وفيه يقول أبو دوادٍ: وأرى الموت قد تدلى من الحضر على رب أهله الساطرون وقباث: من ملوك فارس الذي يقال له قباذ بالذال أيضاً.
رجع: عابدك لا يضيع، ولو نبذ في البضيع، فليتنى من خشيتك ظعان سيار، تقذفني إلى الوهاد الهضبات، آوى إلى بيت شعرٍ كبيت الشعر لا يمتنع عليه مكان، وما أنا والأخبية والبيوت! بل أكن في ظل الأيك والكهوف؛ إذا ذكر الناس كنت من الأنوق، وإذا ذكر الله فانا من الكعتان، لا يبقى في الأرض مقدار الجبهة إلا سجدت فيه سجداتٍ لله، ولا قبضة من التراب إلا بللتها بالطهور، أرتعى بقول الصحراء وأستقى من السعد، وساعدى الرشاء بغربٍ قيمته عند الفقهاء من الذهب خمس مائة مثقال، ولست في الآنية بغناثٍ . غاية.
تفسير: البضيع هاهنا: البحر. والكعتان: جمع الكعيت وهو البلبل جاء مصغراً ولا يعرف مكبره؛ وأستدلوا بقولهم الكعتان على أن مكبره كعت مثل صردٍ وصردانٍ وجعل وجعلانٍ. والسعد: جمع سعيدٍ وهو النهر الصغير. وغناث: من عنث في الإناء إذا جرع فيه جرعاً متتابعاً.
رجع: حر إلى تقوى الله تأمن الحيرة، ومت بحرة العطش ولا تردن خبيث الحياض، ولا تكن محلتك من سواد الفواحش كحرة النار.
وأبك على نفسك بكاء ساق حرٍ، وسواء عليك أتو سدت حرٍ كثيبٍ أم حرير العراق. إن الله حاز الشرف وإليه إنحاز. كم خدٍ ليس جسده بمتخددٍ حفر له خد في الغبراء، فأثبت على مراعاة الله ثبات الخسان من النجوم تلف حظك غير خسيس، وأكتم الخصاصة عن الناس فإن بيت القناعة ليس له خصاص، وكن من ذكر الله بين خلةٍ وحمض، وأسلك إلى خلال الخير كل خلٍ وخليفٍ، وألق خليل الحاجة لقاءك خليل المودة ولا تخن من خانك، فإن الموت وطئ المخنة فجمع بين الذكور والإناث. غاية.
تفسير: حر: إرجع. حرة النار: حرة قريب من المدينة. ساق حرٍ: دكر الحمام. والخد: الشق في الأرض مثل الأخدود. والخسان: النجوم التي لا تغرب مثل بنات نعشٍ ونحوها. والخل: الطريق ي الرمل. والخليف: الطريق بين جبلين. والخليل: الفقير. والمخنة: من قولهم وطئ الجيش مخنة بنى فلان أي وطئ حريمهم، وقيل المخنة وسط الدار.
رجع: غابت عتوراة، عن أوارة، فما سلم الغائبون. وبعدت إياد، عن أجيادٍ، فمأذا أفاد الشاحطون. والله إذا أذن حشر اللاب، إلى الكلاب، وساق حراءً من تهامة إلى أطرار الشام. يا دمعة في القلب قبس، فدرى بالله دبس، في كف الراعية عبس وعبس، إن المنية أخذت الدرة من الوالدة والدرة من الوليد، وهجمت الغاب على الضارية، والخدر على الجارية، وأتت وجار الحشرة ووجرة فغالت الوحوش الراتعات. ما دامت سيئاتك لم يعلم بها إلا الله فأنت على رجاء، فإذا علم بها الناس فذلك البوار؛ والواحد إلى الواحد ملأ، وكم تحت العفر من الأملاء. والمنية قرن أغلب فما أنت وغلاب! وليأتينك رزقك ولو جمع من أشتاتٍ. فلا تفرحن بالإرث ولو جاءك من التبر بجبال. وإن الله خلقني لأمرٍ حاولت سواه فألفيت المبهم بغير انفراجٍ. وقطام ابن العامين أيسر من قطام ابن الأعوام، وأعيا تأديب الهرم على الأدباء.

وقد صرفت نفسي في الشبيبة فألفيتها صاحبة جماحٍ؛ فالآن وقد أسمألت الظلال إن تركتها أسفت، وإن زجرتها فلا انزجار، كأن كلامي سفير الريح ما لها إليه التفات. وقد سئمت الحياة وأخاف أن أنقل فأقدم على ما حزن وساء، وأنا أغفلت الحزم: ملت عن الجدد ومشيت في الخبار. قد خلصت من الحبالة فكيف عدت، وعلى علمٍ وضعت القدم في النار. أحلف يا نفس ولك الحلف، لقد ضيعت آخرتك ودنياك، ما وفق رجل أمن الله وخشى الناس. أسعى للنفس فيما تكره كأنني لها غاش، أنا وهي شئ لا ينماز؛ نتراد الملامة كأنا اثنان، تلك محارة في حورٍ، إن جنت على أو جنيت كيف يقع القصاص. أفنيت الشبيبة سوى سوادٍ قد آن له أن يبدل ببياضٍ، قد خيط الوضح مفارق رجالٍ أنا قبلهم في الزمان، ولا منفعة بشعر الكذاب. ظلمت فجزيت أو أبتهل عليك داعٍ، إن بكر السماء يوماً عندك لراغٍ، لا يكفك القليل ولو أنصفت لقلت كفاف. عقتنى يا نفس فجزتك عقاق. قائل الخنا يأرك بفيه الحبر فلا يشوفه الأراك، وآكل ما حظر عليه لا ينقى فمه الحرض، لكن يبشم ولا يصقل ثغره البشام. ألا تخبر ين من خليلك! فليس بينك وبين أحدٍ خلال. هل لك في شرك المفاوضة بعد العنان، تقطعين الحنادس ما نبحك نابح ولا عواك عاوٍ، وذكر الله أعذب ما طرح إلى الأفواه. يا سعادة من شغف به لسانه، وأشتفته شفتاه. إن زندى في التقوى غير وارٍ، ما هو من المرخ ولا العفار، إنما قضب على إغتلاثٍ. غاية.
تفسير: عتوراة: قبيلة من غنىٍ. ويوم أوارة هو الذي قتل فيه عمرو بن هندٍ بنى دارة. وأجياد: الموضع الذي كانت فيه الوقعة بين جرهمٍ وخزاعة فغلبتها خزاعة على الحرم ولم تحضرها إياد لأنهم كانوا بنواحىي العراق. اللاب: جمع لابةٍ وهي الحرة. والكلاب: ماء معروف. أطرار كل شئ: نواحيه. درى دبس: مثل أصله أن تجئ السماء بمطرٍ كثيرٍ.
ودبس من أسماء السماء؛ ويضرب للرجل إذا أكثر كلامه. العبس: ضرب من النبت طيب الرائحة. والعبس: ما يلتصق بأذناب الإبل وأوبارها من البعر. والدرة من الوادة أي الولد النفيس. والدرة من الوليد أي الوالدة التي تدر عليك. وغلاب: أسم إمرأةٍ مشتق من الغلبة.
وأسمألت الظلال: قصرت ولحقت بأصلها. وسفير الريح: ما تسفره من الورق أي تكنسه. تلك محارة في حورٍ: مثل أي رجوع في نقصانٍ. عقاق: أسم للعقوق مثل فجار للفجور. ويأرك: يقيم. والحبر: الوسخ وما يركب الأسنان من صفرةٍ وسوادٍ. ويشوفه: يجلوه. والحرض: الأشنان. والبشام: شجر يستاك به. والخلال: المودة. وإشتفته أي أخذت بقيته وهي الشفافة. وقضب: قطع. وإغتلث الزند إذا قطعه من شجرةٍ لا يدرى أتورى ناراً أم لا.
رجع: عس جد، فاتاك بمسجدٍ، وأنت هارج الأحلام. كسيت الحداثة فأبليتها، وأعطيت الصحة فتمليتها، ما خلوت من الجرائم ولا خليتها، قتلنى دنياي فما قليتها، إكتلأتها فما إكتليتها، حلفت البرة وتأليتها، لتمسين الكاذبة وقد نأيتها، ثم يتخذ للجثة بيتها، قد كرهت المنية وأبيتها. وسمت الأرض ثم وليت، على أجسادٍ قد بليت، علت في الحياة وعليت، سلت أرواحها فسليت، وقلت الحاجة إليها فقليت، رب ثغرٍ ما أمله اللمؤملون يستر بشفين من حماوين شفتين كريشتى حمامٍ يأشر إلى أشره الحليم، يندى برضابٍ يختار على رضاب السحاب، ضحا للشمس فسفت عليه المور، ونزع مفلجه من العور، أين شفة، تهش إليها الرشفة، والفروع غير باقيةٍ بعد الأجناث. غاية.
تفسير: أصل العس طلب الشئ بالليل. والجد: الحظ وهو هاهنا مثل. ويقال بات فلان يهرج الأحلام إذا بات يراها. وأصل الهرج النكاح؛ قال الراجز:
وحوقلٍ سقناً به فناما ... لم يدر وهو يهرج الأحلاما
أيمناً سقنا به أم شاما
الحوقل: الشيخ الكبير. ويقال هو الذي قد عجز عن الجماع. وتمليتها: من الملى وهو برهة من الدهر. إكتلأتها: من الكلاءة وهي مراقبة الشئ. وإكتليتها: أصبت كليتها. وعلت: من الأرتفاع. وعليت: من الظفر. فسليت: من السلو. والشف: الستر الرقيق. والحماء: التي تضرب إلى السواد. ويأشر: إفراط النشاط. والأشر: تحزيز في أطراف الأسنان. ضحا للشمس: ظهر. والمور: دقيق التراب. والعمور: اللحم بين الأسنان واحدها عمر. والأجناث: جمع جنثٍ وهو الأصل.

رجع: الأشياء سواك بائدة، لا تخلد على الأرض خالدة، وهي من عظمتك مائدة، تحيد عن قدرك الحائدة، والأمور إليك عائدة، سبحتك الأصلية والزائدة. عن همزات الأوائل تخبر بعظمتك في أماكن عشرةٍ، تجمع كل همزةٍ في الأول منتشرةٍ: سبحتك في أمرٍ يقع، وأمرٍ يتوقع، وأدمٍ في جمع آدم وهو الطبى الغرير. وأنت خالق الأدمان. فهذه ثلاثة أماكن، وليت فيهن بساكنٍ، وأنت العالم بحقائق الأمور. وسبحتك في الأدم جمع أديمٍ، والآدر وهي مثل الدور، والأرن يراد به النشيط؛ وأنت خالق الأرن والتبليد. وشهدت بك الهمزة في إبل ترزق منها المسكين، وإبرٍ تنعش بها الفقير، وأذن أنت لما وعته سميع، وأممٍ عدلك بجزائها جدير. وسبحتك الهمزة المتوسطة في مواضع بعدد الليالي والأيام، وما أطلق من النساء في الإسلام، وأربعة هي التمام، أخبرت عنك في رأس وبئر وذئبٍ، أمانك ربنا من التعذيب. وفي السأم من الملال، والرءوف بعض الرجال والجئز وبك استغاث الغصان، والريم شاذٍ من الأقوال، والزؤد في معنى الرعب، وجون العطار، والبيس ومئر الرجال والكلاءة والهيئة والبريئة والمكلوءة والسوأى والسوءة وهيئة المراد وفي الشمال والمرأة والأبوس من البؤس والمسئر من الإسآر؛ فهذه مواضع لا يعلمها إلا من شئت. وسبحتك همزات الأطراف في الجزء والردء والخبء من الأختباء وفي النجؤ والخطاء والمبطئ من الأبطاء وفي النوء والنئ والشئ من الأشياء، والكلوء والبرئ والسوء وفي الكلإ؛ فهذه جمل تسبحك، وتفصيلها يمجدك، وأنت المطلع إلى كل خبيٍ، وإن قضيت عمل عبدك كتاباً في تسبيح الحروف فلا تزل رب الوتر عن الحراث. غاية.
تفسير: " الإمر من قوله تعالى: لقد جئت شيئاً إمراً " أي عجباً. والأدمان: جمع آدم مثل أحمر وحمران. والآدر مخففة من الأدورٍ جمع دارٍ. وكل واوٍ مضمومةٍ في وسطٍ أو أولٍ يجوز زهمزها مثل واو وجوهٍ والتشاور، فإذا كانت الضمة لإعرابٍ لم يجز الهمز كقولك هذه دلو وغزو. فإن كانت الضمة لا لتقاء الساكنين مثل قوله تعالى " ولا تنسوا الفضل بينكم " فإن البصريين لا يجيزون همز هذه الواو، وقد أجاز همزها أهل الكوفة. وإذا كانت الهمزة متحركة وقبلها ساكن يحتمل الحركةفإنه يجوز إلقاء حركة الهمزة على ما قبلها وحذفها من الكلمة، ولا ينظر فيها أكانت طرفاً أو متوسطةً؛ وعل هذا قالوا هو يسل في معنى يسأل؛ وقال حسان:
ورهنت اليدين عنهم جيمعاً ... كل كفٍ لها جز مقسوم
وقال كثير:
لا أنزر النائل الخليل اذا ما أعتل زجر الظوور لم ترم والرئم: الأست ذكرها الهنائي الدوسي في كتابه المعروف بالمجرد. والبئيس: من البؤس. وإذا كان ثانى فعيلٍ أو فعلٍ حرف من حروف الحلق الستة وهي: الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء فإن قبائل كثيرةً من العرب يكسرون الحرف الذي قبلها فيقولون شعير وبعير ونئيم الأسد. وإنما إحتيج إلى ذكر البئيس هاهنا بكسر الباء لتجئ الهمزة المكسورة وقبلها كسرة لأن الهمزة المكسورة وقبلها فتحة قد مضت في الجيز وهو الغصان. ومئر الرجال: جمع مئرةٍ وهي العداوة بالهمزة؛ قال الشاعر:
خليطان بينهما مثرة ... يبيتان في عطنٍ ضيق
وهيئة المراد: من قولهم هاء بالشئ يهوء هوءا وهيئةً إذا هم به وأراده.
والهوء: الهمة. والنجؤ: الشديد الإصابة بالعين. والغرض فيه هاهنا أن يكون على فعلٍ مثل رجلٍ، وفيه أربع لغاتٍ نجوء مثل فعولٍ ونجو وقد مر ونجئ على مثال فعيلٍ ونجئ على مثال فعل؛ وفي الحديث " ردوا نجأة السائل ولو باللقمة " يراد عينه. والنئ: ضد النضيج. والحراث: مجرى الوتر في فوق السهم.

رجع: حبذا العرمض، أو ان الرمض، وبالله استغاث الرمضون. رضيت بالخضض، على مضض، وبقضاء الله رضى الساخطون لا يغرنك إغريض، في إحريض، فإنه يزول والله باقٍ. يا حمل، إلى متى الأمل، إن العسلق، كامن بالسلق، والله رب الضائنة والسيد. من سهر في الليالي السود، فأحر به أن يسود، والله مالك السائد والمسودين. يا ويح الإنس حملوا القنا للبشر، من الأشرٍ، كأن المران، من الضيمران، والله مالك أيدي الطاعنين. إن الفناة، لم تحمل القناة، لأمرٍ يسفع، بل لأمرٍ يدفع، وإذا حضر القدر لم يغن القنا عن المشرعين. ما يصنع الأضبط، بالسبط، وربك قاسم الأرزاق، إن الوحشية أكلت القسور في رأدٍ النهار وأكلها القسور بالأصيل والله بما كان منها عالم خبير. ليس المسور بمسورٍ، فأتق الله ولا تهتضم الذليل، ولا تغد على الشر الكامن بإنتجاثٍ. غاية.
تفسير: العرمض: الطحلب. والرمض: أن يشتد الحر في الرمضاء وهي الحصا الصغار، ولا يقال له رمضاء حتى تشتد عليه الشمس؛ وفي حديث ابن مسعودٍ " صلاه إذا رمضت الفصال من الضحى " والرمضون: الذين قد وقعوا في الرمضاء. والخضض: خرز أبيض. والإغريض: الطلع. والإحريض: العصفر. والعسلق: الذئب. والسلق: مطمئن من الأرض بين ربوين؛ قال أو دوادٍ:
ترى فاه إذا أقب ... ل مثل السلق الجدب
والسيد: الذئب في لغة أكثر العرب. وهذيل تسمى الأسد السيد. والمران: أصول الرماح؛ وربما قيل هو الرماح؛ وإنما سمى المران للينه. والضيمران: ضرب من الريحان. والفناة: البقرة الوحشية، والعرب تصف الثور الوحشي فتقول رامح، تجعل قرنه كالرمح؛ قال ذو الرمة:
وكائن ذعرنا من مهاةٍ ورامحٍ ... بلاد الورى ليست له ببلاد
ويسفع: يجتذب من سفع بناصيته إذا جذبها. والأضبط هاهنا: الأسد والسبط: ضرب من الشجر. والقسور الأول: ضرب من النبت؛ ومنه قول جبيهاء الأشجعى:
فلو أنها طافت بنبتٍ مشرشرٍ ... نفى الدق عنه جدبه فهو كالح
لجاءت كأن القسور الجون بحبها ... عساليجه والثامر المتناوح
يصف شاةً. والمشرشر: الذي قد رعى. ودقة: صغاره. ويقال الورق. والعساليج: جمع علوجٍ وهو الغصن الناعم. وبحبها: فتقها. والثامر المتناوح: المثمر المتقابل. ورأد النهار: ارتفاعه. والقسور الثاني: الأسد وهو القسورة أيضاً. والمسور: الوثاب على القرن. والإنتحاث: الإستخراج يقال إنتجثت التراب اذا إستخرجته.
رجع: لله سبح القر والعبقر، فسبحان الله مع المسبحين. ما وصل الشادن إلى البرير، إلا بعد ضريرٍ، والله يسر المعيشة لأهل الخصب الرافغين. وقف المسعور، بر كاياً عورٍ، فما إنتفع بنمير ولا شروبٍ وربك يزيل السغب عن الساغبين. دخل شرف الضمار، في الإضمار، فشغل عن ذكر الله الذاكرين. لا أكن رب كيبيس المحتطب حمل على العير، إلى السعير، وأنت مجرى القدر على رغم الكارهين. إن العاقر، أبصرت الباقر، فتمنت أن تكون ذات مشاء، والخيرة لك لا للمختارين. أيها الداعي بإنتقار، امن عدمٍ ذلك أم احتقارٍ، رب محقورٍ بلغ الشقور، والناس في عدل الله سواء. خص الفقير بالتوقير، والله العالم لم ذاك. أنظر الآخر، فلن تري إلا اللداخر للأول القديم. لا بد من المسير، فهل من تيسيرٍ! العجب لدارٍ معنيةٍ، مفتنةٍ في بلائها مفنيةٍ، تسقى كل غلثٍ في قتاله بالأغلاث. غاية.
تفسير: العبقر: البرد. والضرير: المشقة. ورجل رافغ إذا كان في سعةٍ من العيش. والمسعور: الذي قد أخذه السعار وهو شبه الجنون ويكون ذلك من الجوع. والر كايا العور: التي لا ماء فيها.
وشرف الضمار: موضع. والمشاء: كثرة الأولاد. والشقور: ما يخفيه الرجل في نفسه من الحاجة. والتوفير هاهنا: تأثير الشدائد في الإنسان؛ يقال في الحجر وقرأى هزمة؛ قال الشاعر:
رأوا وقرة الساق منى فحاولوا ... جبورى لما أن رأونى أخيمها
وقال ساعدة بن جوية الهذلى وذكر النحل:
أتيح لها شثن البنان مكزم ... أخو حزنٍ قد وقرته كلومها
أخيمها أي أخيم عنها أي أجبن أن يصيبها شيء. والداخر: الذليل.
ويقال فلان غلث في القتال إذا كان شدشد القتال. والأغلاث: سم يجمع من أخلاطٍ؛ قال الشاعر:
تركوا الصوى من رامتين فمنعجٍ ... لما علوا أجرالها أدماثا

وأستحلسوا ذا الطرتين وغادروا ... حمل بن مرة يشرب الأغلاثا
الأجرال: الحجارة. وذو الطرتين: الليل.
رجع: عبدك لا يرجى عصفه، فليكن مثل المعتق نصفه، إنه لا يحترث، فأجعله كالجنين يورث ولا يرث. الإباء، من سأن الألباء، في بعض المواطن دون بعضٍ. وليس مغالبة الله من شيمة لبيبٍ. علم ربك أني لا أعيب، إلا المعيب. لو نودى على في عكاظٍ أو دى المجاز ما جئت بالمد ولا النصيف، والله رافع الأقدار. آه من شملٍ شت، وحبلٍ منبتٍ، لا يصله الواصلون وذلك بعلم الله القدير. كم أغدر وأنكت، آمل أنني أمكث، والمنية آخذة بالناصية أخذ الآسر بناصية الأسير.
لو عبدت الله حق عبادته ثم دعوت الهضب لدج؛ أو أمرته أن يرسب لهج، فصار متالع بإذن الله كالوادي الإهجيج. الأجم طاح، عند النطاج، فلا أعرضن للذي لا أطيق. وفي قدرة الله أن ينبت قرناً للخزز يلحق بالنجوم السيارات، وأن تروى الحوم الوارد وماء غربك وضوخ. ولو شاء ربك جعل سعنك مثل الثرثار وكون من لغام البكر ماءً يرده العرج فلا يغيض منه إلا غيض البعوضة من الهدار. إقتعد فأبعد، وقد يباعد الرجل وهو قاعد، والمسافة الشاقة تطوى بالخطو القصير كما يطوى العمر بالأنفاس. الموت ربذ، فأين أنتبذ! ليس منه وزر ولا حامٍ، ولو شاء الله لجعل عباده مخلدين. أحج وأحر، أن تعود لجة البحر، كساحة الراحة لا ماء بها ولا حال إذا قضى ذلك خالق البحار. أيها المبارز، أما لك عن القبيح جارز! من وفق للمعصية معارز، المرء لا شك تارز، والغزر لا ريب غوارز، فأين ويبك تكارز! كل العود الضمارز، وكلنا إلى الله يارز، أبرح في الخمر والبراح. فر الناخس من القريس، فإذا هو فريس، طالب الأدفى الدفء فلقيه ذو نافضٍ من الآساد، والله جعل رزق الضيغم في الحيوان. ما أنا بحشىٍ، يا بني وأبشيٍ، فلتغد بكم الغاديات. إن الراعي أسف لفراقكم وإنى لست بآسفٍ لذلك ولا حزينٍ. إغرقوا في الآل وتحرقوا، وغربوا في النية وشرقوا، لا أبالي ولو زممتم زمم الهاوية هذه القلاص. من رعى الجميم والبارض، وساق بكره والفارض، وقد دنت من الأرض المغارض، وسره الوميض العارض، فإنه للأجل قارض، وسيغير الموت عليه غارة مجتاح سدكٍ بالغارات. المنزل واسط، والأمير فاسط، والأمل. أد باسط، وإلى الله يرجع الهارب المرتاع. العود مفتقر إلى المرتبع، كأفتقار الربع، لا بد من ريٍ وشبعٍ، حتى يلحق الحي بمن مات. الذئب والغ، وحوله الفرير والصالغ، وأمر الله قدر بالغ لا تعدوه الأسد ولا الذئاب. لا تنبذ الحليف بالخليف فإن الوفاء من ربك بمكانٍ. عن الحمامة حلاها بالطوق، آمر من تحتٍ وفوق، ولو شاء جعل الريم ذا بريمٍ؛ فارض بقسمك فإنك بعين الله يغير ما شاء من الأنام. رب راكٍ، نزل بالأراك، قال للدنيا تراك تراك وانصرف، أين رب السوام!. إن الآجال كأنها الرجال، بنت الظلل، على القلل، ونظرت من يمر بالسبيل فما خفى عنها راكب ولا صاحب حذاء. أقرت أرمام، فحبال أهلها رمام، فاسل بذكر الله عن رميم أي حين، سرت السراحين، إنها طرقت والعيون بإثمد الغمض مكتحلات. يا نفس هذا الرده، وقد كثر النده، وهواى، غلب قواى، ألا تنزجرين يا خباث. غاية.
تفسير: العصف: الكسب. ويحترث: يكتسب. وعكاظ وذو المجاز: سوقان كانتا في الجاهلية. والمد والنصيف: مكيالان. ودج إذا مشى مشياً رويداً؛ ويقال الدج تقارب خطوٍ في سرعةٍ؛ ومنه إشتقاق الدجاج. وهج إذا غار. ووادٍ إهجيج إذا كان بعيد القعر. والطاحى: البعيد؛ وربما إستعمل في معنى طائحٍ كأنه مقلوب. ويقال في الغرب وضوخ إذا كان فيه مقدار النصف. والسعن: إناء من ادمٍ صغير. والثرثار: نهر معروف. والدار: البحر. إقتعد: أي أتخذ قعوداً. والربذ: السريع. والحال: الحمأة. والجارز: القاطع. والمعارز: المعادى المنقبض. والتارز: الميت. ويبك " بفتح الباء " مثل ويلك. وتكارز: من كارز إلى الملجأ إذا فر إليه. والضمارز: الشديد. ويأرز: يجتمع. وأبرح أي جاء بالعجب. والخمر: ما واراك من شئ. والبراح: الرض المنكشفة. والناخس هو الوعل الذي قد إنعطف قرناه حتى أصابا عجزه أو ظهره. والقريس: البرد. والأدفى: الوعل الذي قد انعطف قرناه على ظهره. والنافض: الحمى بالرعدة. والحشى: الذي قد أصيب حشاه بسهمٍ أو غيره. وبنو وأبشيٍ: حي من العرب؛ وفيهم قال الراعي:

بنى وأبشىٍ قد هويناجواركم ... وما جمعتنا نية قبلها معا
والنية: النوى. والزمم: القصد. والفارض: المسنة التي قد ولدت أولاداً كثيرةً. ويقال للإبل إذا سمنت قد تدلت مغارضها. يراد أن بطونها انداحت وانحدرت. والمغارض: جمع مغرضٍ وهو الموضع الذي يقع عليه الغرض وهو حزام الرحل؛ قال أو داودٍ يصف الإبل:
وتدلت بها المغارض فوق ال ... أرض ما إن يقلهن العظام
وقارض: قاطع. والسدك: الملازم. والصالغ في ذوات الظلف مثل القارح في ذوات الحافر. والبريم: خيط يبرم من لونين سوادٍ وبياضٍ. والراكي: الذي يحفر ركياً. وأرمام: موضع. ورميم: إسم إمرأةٍ. والرده: جمع ردهةٍ وهي نقرة في ضخرةٍ يجتمع إليها ماء السماء.
والنده: الزجر.
رجع: جاء ومعه الحظر، فجعل يشنظر، والله يقلب أخلاق الشنظير سر يامنسر، فالقياس لا ينكسر، إن المنايا عنك منقبات. وقع الحافر، والنقع النافر، وزيب اليعافر، يشهدن أن الكافر عائد إلى ربٍ ظافرٍ، إن شاء فإنه غافر؛ أما الحضر، فطعامه وضر، ولو نادم الأقدار، لا ترم الجار بالأحجار، ولا تشهد عليه بفجارٍ، فإن الله بر كريم. جاء الوجم، بملء الهجم، وقد غار النجم، وترك المسان والعجم، والله أنزل درة القطر، بغير فطرٍ. يا راغب رع، والخشية فادرع، نحن على الدنيا نقترع، نتسايف ونصطرع، والقدر لنا مضرع؛ رب شاربٍ جرع، ما جاز مريه المرى حتى خرع، والمصعد والمفرع، إليه الأجل مشرع، يبطئ نحوه أو يسرع، فأقتد ولا تقد، فغنك الأديم فخذ القد، وأحكى العقدة وأحكم العقد، إن الله إذا عقد ليس بولاثٍ، غاية.
تفسير: الحظر: يحتمل وجهين: أحدهما ان يكون من قولهم جاء بالحظر الرطب أي بالمال الكثير، ويكون المعنى أنه لما جاء بالثراء جعل يمتن ويسئ خلقه. والشنظرة: سوء الخلق، يقال رجل شنظيرة وشنظير؛ وأنشد ابن الأعرابي:
قالت سليمى من أحس بعلى ... شنظيرة زوجيه أهلي
غشمشم يحسب رأسي رجلي ... ليس له عهد بأنثى قبلي
والوجه الآخر في الحظر أن يكون من قولهم جاء بالحظر الرطب أي بالنميمة والكذب؛ وعلى هذا يفسر قوله تعالى: " حمالة الحطب " ؛ وقال الشاعر: في الوجه الأول:
أعانت بنو الحريش فيها بأربعٍ ... وجاءت بنو العجلان بالحظر الرطب
أي بالمال الكثير؛ وقال آخر في الوجه الثاني:
من البيض لم تصطد على جبل ريبةٍ ... ولم تمش بين الحي بالحظر الرطب
والمنسر: قطعة من الخيل ما بين الثلاثين إلى الأربعين، وفيه لغتان: منسر ومنسر؛ ويقال في هذا الموضع بكسر السين لأجل سر. ونقب عن الشئ إذا كشف عنه؛ ومنه قول المخيبل العبدي
ولئن بنيت لي المشقر في ... عنقاء تقصر دونها العصم
لتنقبن عنى المنية إن الله ليس كحكمه حكم
والنزيب: صوت الظبى الذكر خاصةً. واليعافر: جمع يعفور، وهو ذكر الظباء وقيل هو الخشف. وهذا جمع حذفت فيه الزيادة؛ كما قالوا قنادل في جمع قنديلٍ، والقياس يعافير وقناديل. والحضر: الطفيلى. والوضر: الوسخ ويقال لما يتعلق بوطب اللبن من زبدٍ وغبره وضر. وقال الأخطل:
وأذكر غدانة عداناً مزنمةً ... من الحبلق في أذنابها الوضر
غدانة: ابن يربوع بن حنظلة أخو كليب بن يربوعٍ. وعدان: جمع عتودٍ وهو الذي قد نزا من أولاد المعز، ويجوز عتدان بإظهار لتاء وعدان بالإدغام والحلبق: ضرب من المعز صغار. والمزنمة: التي لها زنمتان متدليتان. والوجم: البخيل. والهجم: قدح يحتلب فيه؛ وأنشد أبو عمرٍو الشيباني في وصف ناقةٍ:
فتملأ الهجم رسلاً وهي وأدعة ... حتى تكاد نواحي الهجم تنثلم
والمسان: كبار الإبل. والعجم: صغارها. والفطر: الحلب بأصبعين. ومضرع: مذل؛ ومنه المثل: " الحمى أضرعتنى لك " ، والمري : الماء الذي يستمرأ.و المرئ ولامرى الإنسان. وخرع: ضعف؛ ومنه إشتقاق الخروع لضعفه. والمفرع من الأضداد يكون المصعد ويكون المنحدر، وهو هاهنا المنحدر؛ ومنه قول الشماخ:
فإن كرهت هجائي فأجتنب سخطى ... لا يدركنك إفراعي وتصعيدي
وتقدى: إذا تقدم. والقد: أديم السخلة. وأحكي العقدة أي أحكمها؛ ومنه قول عدي بن زيدٍ:
كبش إنى بكم مرتهن ... غير ما أخدع نفسي وأمارى

أجل أن الله قد فضلكم ... فوق من أحكأ صلباً بإزار
أي فوق من شد صلبه بالإزار شداً محكماً أي فوق الناس كلهم.
والولاث: من ولث العقد إذا لم يحكمه.
رجع: لمن أهضام، توقد بالأهضام، وأوضام، تجعل على الرضام، والدهماء الداجية، طافحة حيناً ثم ساجية، وهي للغرث هاجية، عندها الناجى والناجية، والضغيرة المحاجية، والغاضية، في الأرض الفاضية، تحضوها في الليل الحاضية، وضيف سار، والموثق في الإسار، والكمت الوارد، منها ما قرب ومنها ما راد، عن ذلك لقومٍ بائدين، ويبقى الله خالق العالمين. أي جدلٍ تركه الدهر بلا إنتقاثٍ. غاية.
تفسير: الأهضام الأولى: ضرب من البخور. ويقال إنها قطع العود؛ ومنه قول النمر يصف روضةً.
كأن ريح خزاماها وحنوتها ... بالليل ريح يلنجوجٍ وأهضام
والأهضام الثانية: جمع هضمٍ وهو المطمئن من الأرض. والأضام: جمع وضمٍ وهو الذي يجعل عليه اللحم. والرضام: جمع رضمةٍ وهي حجارة مجتمعة؛ ويقال الرضام حجارة كأنها الإبل الباركة. والدهماء هاهنا: القدر. وساجية: ساكنة. والغرث: الجوع. وهاجثة من قولهم هجأ غرثه إذا قطعة. والناجى والناجية: البعير والناقة؛ ويجوز وجه آخر وهو أشبه وذلك أن يكون من قولهم نجا الجلد إذا كشطه؛ قال الشاعر:
فقلت أنجوا عنها نجا الجلد إنه ... سيكفيكما منها سنام وغارب
والصغيرة. الجارية الطفلة. والمحاجية: التي تحاجى صاحبتها؛ وهو مأخوذ من الحجى أي العقل، وهو أن يقول أحد الولدان للآخر: مادجه، يحملن دجه، إلى الغيهبان والمنثجه؟ دجة الولى: الأصابع. والثانية: اللقم. والغيهبان: البطن. والمنثجة: الدبر، ويقولون: أحاجيك، ماذو ثلاث آذانٍ، يسبق الخيل بالرديان؟ يعنون السهم. والمعنى أن هذه القدر يجتمع إليها أصناف الناس من كبير وصغير. والغاضية: النار الشديدة الوقود. والفاضية: الأرض الواسعة. تحضوها: تحركها لتشتعل.وأصل الحاضية الهمز وخفف هاهنا ليساكل الغاضية. وراد: ذهب وجاء. والجدل: العضو والإنتقاث من قولهم إنتقث المخ إذا استخرجه.
رجع: لو داينت الناسك بشئ لواه، كلنا يترك ما كسبه وأحتواه؛ أحلف ما ضر الطاوي طواه، قصدت صميم أملٍ فأصبت شواه، أما حبل كنت أتشبث به فقد رثت قواه، لا تبك على صاحبك إذا شحطت نواه، فإنما أنت نفسك إذا كظ المرضع غواه، يهوى المرء في المهالك ولا يبلغ هواه، أحسب عماية حمل أملي أرواه، أو بعته سرباً في المساوة فأقتواه، إن طريق السالم لتضح صواه. كل مشمخرٍ، سوف ينهدم ويخر، فيا ويح المشيدين. الكلأ وضيمة، والمأكل خضيمة، ينعج الرجل وجيرانه إلى ما أكل قرام. أما أنا فسبد، وأما الدهر فلبد، طال وتقادم الأبد، فهلك السيد والمستعبد، وملك الله بغير زوالٍ. ألعن فقير، العنقفير، وإنما تلك جنود ربه العزيز. أوقد الضرم، رجل خضرم، إنصرم نحوه المصرم، ورمى إليه المخرم، ثم إخترمه المخترم، فنقض ما كان يبرم، إنى بالحياة لبرم، هل شباب الدهر هرم، لقد أكثر من الهثهاث. غاية.
تفسير: الطاوي: الجائع. والغوى: أن يبشم الفصيل من اللبن وقيل هو أن لا يروى من اللبن فيشرب حتى يموت. فاقتواه: من قولهم اقتووا المبيع إذا إشتروه بينهم فأخذ كل واحدٍ منهم جزءا. والصوى: منار توضع ليهتدى بها. والوضيمة: كلا ليس بكثيرٍ. والخضيمة: من الخضم وهو الأكل بجميع الفم. وينعج: من نعج الرجل وهو أن يشتكى بطنه من لحم الظأن وهو مأخوذ من النعجة. والسبد: الطائر المعروف ولبد: يحتمل وجهين: إن شئت كان مشبهاً بنسر لقمان لطول عمره، وإن شئت كان نكرةً مصروفاً أي هو دائم ثابت. والعنقفير: الداهية.
ولضرم: اللهب، من قولك نار ضرمة. والخضرم: الكثير العطاء.
والمخرم: الطريق في الجبل. والهثهاث: خلط الشئ وبالشئ، وكذلك الهثهثة.
رجع: قد فررت من قدر الله فإذا هو أخو الحياة هل أطأ على غير الأرض، أو أبرز من تحت السماء، أدلجت فأصبح أمام المدلجين، وهجرت وهو مع المهجرين، قال وعرس مع القالة والمعرسين. اللام هزيل، والعطاء ليس بجزيل، وأولع الولد بالرغاث. غاية.
تفسير: اللام: الشخص. والرغاث: الرضاع.

فصل غاياته جيم
قال أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي: نحن نكفر النعم، والله يكفر الشيئات؛ فويح الكافر وسبحان المكفر.

نغفر في مرض المعصية والله صاحب الغفر الأعظم، وإن حيوان الأرض في قدرته أهون من المتخيلة في خيط باطلٍ. لو شاء جعل نطق عباده ثناءً عليه، وكذلك هو ولكنهم لم يعقلوه. وإن غناء القينة تسبيح عند الأبرار. لو كانت صخرة صماء " طولها " مسيرة ألف عام لذكاء في وسطها أصغر جسمٍ متحركٍ نمت تلك الصخرة إلى الله بحركات ذلك الجسم نميمة الزجاجة الصافية بالخمر القانية إلى عين الشارب وهي في يده، على أنه في النظر كزرقاء أو أحد منها عيناً، بل تلك الصخرة إلى الله أنم في النظر من صافي الزجاج. غاية.
تفسير: نغفر: من غفر المريض إذا انتكس وهو من الأضداد، يكون الغفر النكس ويكون البرء. والمتخيلة: الهباء. وخيط باطلٍ: حبل الشمس. والزرقاء: هي التي ذكرها النابغة فقال:
وأحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت ... إلى حمامٍ سراعٍ وارد الثمد
الأبيات. وزعم الرواة أنها نظرت إلى سرب قطاً وهو عابر بين نيقين فقالت:
ليت الحمام ليه ... إلى حمامتيه
ونصفه قديه ... صار الحمام ميه
وإن ذلك القطا حط بأسره على شبكة صائدٍ فاصطاده كله فوجده ستا وستين، فضربت العرب بها المثل؛ ويقال إنها رأت جيش تبعٍ لما سار إليهم وهو على مسيرة ثلاثٍ. وأسمها عنز فيما قيل، وقيل أسمها اليمامة ويها سميت جو اليمامة؛ وقد ذكرها الأعشى فقال:
ما نظرت ذات أشفارٍ كنظرتها ... حقا كما نطق الذيبى إذ سجعا
قالت أرى رجلاً في كفه كتف ... أو يخصف النعل لهفا أيةً صنعا
فكذبوها بما قالت فصبحهم ... ذوآل حسان يزجى السم و السلعا
الذيبى: سطيحٍ منسوب إلى ذيبٍ وهم حي من الأسد. وحسان هو تبع ويعنى بذي آله الجيش. وكانت الزرقاء فيما قيل من طسمٍ. وكانت جديس مجاورةً لطسمٍ بنواحي جوٍ، فوقع بينهما في شأن عروسٍ؛ فمضت جديس مستعديةً إلى تبعٍ فجهز إلى طسمٍ الجيش فاستأصلهم؛ وفي ذلك يقول الراجز:
يا ليلةً ما ليلة العروس ... يا طسم ما لاقيت من جديس
إحدى لياليك فهيسى هيسى ... لا نطمعى الليلة في التعريس
هيسى هيسى: حث للإبل رجع: أقسم بخالق الخيل، والعيس الواجفة بالرحيل، تطلب مواطن حليلٍ، والريح الهابة بليلٍ، بين الشرط ومطالع سهيلٍ، إن الكافر لطويل الويل، وإن العمر لمكفوف الذيل. شعر النابغة وهذيلٍ، وغناء الطائر على الغيل، شهادة بالعظمة لمقيم الميل فانعش سائلك بالنيل، وليكن لفظك بغير هيلٍ، وإياك ومدارج السيل، وعليك التوبة من قبيلٍ، تنج وما إخالك بناجٍ. غاية.
تفسير: الرحيل: موضع بين مكة والكوفة؛ قال أبو النجم:
قد عقرت بالقوم أخت الخزرج ... في منزلٍ بين الرحيل والشحى
قد عقرت أي نظروا إليها فلم يسيروا، فكأن مطاياهم عقرت. وحليل بن حبشية من خزاعة وإليه كانت سدانة الكعبة، وكانت إبنته حبى امرأة قصى ابن كلاب بن مرة وإبنها منه عبد الدار بن قصىٍ. ويقال إن ولد حليل كانوا محمقين، وإن قصياً أمر حى أن تأخذ المفاتيح من إخواتها وتدفعها إلى إبنها عبد الدار لما رأى من ضعفهم. والغيل: الماء الذي يجرى على وجه الأرض. والهيل: أصله في الطعام وهو ضد الكيل.
رجع: أيها الجامع بأبسٍ، أضح وأمس، وأيقن بالرمس، نبأً غير لبسٍ. ما أشبه غداً بالأمسٍ،فأعجب لشعاع الشمس كم مضى من حرسٍ، وخفت من جرس، وفاظت من نفسٍ، فأقم الخمس، وتزود لطريقٍ ملسٍ، وذر الدنيا للأخس، وأعبد ربك في النهار والليل الداج. غاية.
تفسير: الأبس: الظلم والقهر. والحرس: البرهة من الدهر. والجرس: الصوت. والملس: مفعل من له إذا أكله.
رجع: إذا أصبح النصح ثقيلاً، والمساجد قالاً وقيلاً، وصارت الإمارة غلاباً، والتجارة خلاباً؛ فالبيت المحفور، ومجاورة الفور، خير لك من مشيدات القصور، والفقير أربح صفقةً من ذي التاج. غاية.
تفسير: الخلاب: الخداع. والفور: الظباء.
رجع: يا موت كل ضبٍ تحترش، والأرض تتوسد وتفترش، يا رجل جرادٍ تهتمس، هذا مصلح وهذا مؤرش، ولعل عاثراً ينتعش، فاتق خالقك تعش، ونبل الفاسق فلا ترش، وخل رماح الغيبة تقترش؛ فالجائفة أقتى الشجاج. غاية.

تفسير: الأحتراش: أن يأتى الرجل إلى بيت الضب فيضرب بابه بيده فيخرج الضب ذنبه فيقبض عليه؛ والمثل السائر " أخدع من ضبٍ حرشته " ؛ وقال الشاعر:
ومحترشٍ ضب العداوة منهم ... بحلو الخلى حرش الضباب الخوادع
وأهتمش الجراد: إذا دخل بعضه في بعضٍ. والمؤرش: الملقى بين الناس.
والأنتعاش: أصله النهوض من العثرة. وتقارشت الرماح تقترش إذا قرع بعضها بعضاً؛ ومنه قول أبي زبيدٍ:
إما تقارش بك الرماح فلا ... أبكيك إلا للدلو والمرس
والجائفة: التي تصل إلى جوف الدماغ.
رجع: الهضب الهضب، يوصف به الفرس والضب، للدارب، وللسماء رب، لا تدرك صفته ولا يرب، دان له شرق الفلك والغرب، والكواكب له سرب، كأن الأفق مرتع وشرب، والجرباء ناقة لا تزجر بعاج. غاية.
تفسير: الهضب يوصف به الفرس إذا كان كثير العرق، أخذ من هضبت السماء إذا جاءت بالدفعة من المطر، وقيل إنه الذي لا يعرق؛ وإشتقاقه حينئذٍ من الهضبة وهي القطعة من الجبل، ويقال ضب هضب يريدون مسناً جلداً. والسرب: المال الراعي. وعاج: من زجر الناقة.
رجع: عزة ربنا لا تذل، وكثرته ليست تقل، يا قلب أما تبل، ما أنت ونواد الإبل، وبنات صبيبة وبنات مسبل! نبت ذاوٍ ونبت متربل، والأيام تدبر وتقبل، وما أحتبل كالتقوى محتبل، وللتراب شختنا والربل، تعالى من أبان العذب من الأجاج. غاية.
تفسير: بنات صبيبة وبنات مسبلٍ: ضربان من الضباب. والربل: الكثير اللحم. والأجاج: الشديد الملوحة.
رجع: خف الله سالماً خوف ردٍ، علم في البد، ما يكون في الأبد، ما وفت الحياة لأحدٍ، غدر بقاء بالوالد والولد، ما وأتقاك سيف بربدٍ، ولا جرى ماء تحت زبدٍ، إلا بقدرة العلى الصمد، فالبس ثوب دليلٍ مستعبدٍ، وأتبع اليد باليد، وأنزل بالروضة المراج. غاية.
تفسير: الردى: الهالك. والبد مخفف من البدء؛ كما قرأ بعضهم " يخرج الخب " . والربد. طرائق السيف وهي السفاسق. والمئراج: الطيبة الرائحة مأخوذ من الأرج.
رجع: الجواد يبأ، والفرير يلبأ، ولكل قومٍ نبأ، بينا قصر يربأ، وطيب يعبأ، وراح تسبأ، قدم وبأ، والمنايا تجبأ، ولا ينفع مليكاً حبأ، وناب المخلف إذا سقط لا يصبأ، وكل رفيعٍ يضبأ، وليس بغير التقوى معاج. غاية.
تفسير: يبأ يخب. والوبء: الخبب. يربأ: يشرف من ربأت الموضع إذا علوته. وتسبأ مهوز: تسترى، ولا يستعمل إلا في الخمر. وتجبأ: من قولهم جبأت الضبع على القوم إذا لم يعلم بها حتى تخرج. والحبأ: جليس الملك. والمخلف: الذي قد جاز البزول بسنةٍ. ويصبأ: يطلع. ويضبأ: يلصق بالأرض.
رجع: رب إن كلا العمر فأحسن الجأب، وإن قربت الأجل فيكن غفرانك آخر ما أتزوده من دار الغرور. ونعم حقيبة الظاعن عن الدنيا عفو الله، وكيف بذلك للخطائين. شده ذو أبلٍ، بالنظر إلى سبلٍ، هل في الحبى، من ودقٍ خبىٍ، ولا يوجذ، على الطاعة منجذ؛ ورب أبيٍ، ينقاد كانقياد الصبى، وأقدار الله غالبة كل شىٍ، لا تستر المقلة بحجاج. غاية.
تفسير: كلا العمر إذا طال. والجأب: العمل. وحقيبة الرحل ما يكون من ورائه. وشده: شغل. والإبل: حسن الرعية للإبل. والسبل هاهنا: المطر. والحبى: سحاب يعترض في السماء، شبه بالصبى إذا حبا وناء بصدره. والودق: القطر الكبار. ويوجذ: يكره. والمنجذ:الذي قد نبت ناجذه وجرب الأمور. والنأجذ: الذي يسمى ضرس الخلم، ويقال هو الذي يلي الناب.
رجع: الله القديم الأعظم، وبحكمه جرى القلم، ألا يخلد عالم ولا علم. رب إرمي ظنت إرم، أنه الأبد لا يهرم، أتيح له بعد ذلك ضرم، فجعل يرفت ويتخرم، ولقد بقى ومضت الأمم؛ فأغفر اللهم العظيمة واللمة، إذا سقيت الحمة، ودعيت الرمة، وزايل الفود القمة، وفارقت الإمة، فلا لمة حينئذٍ ولا لمة، فأكفنى لفحة عذابٍ وهاجٍ. غاية.
تفسير: الإرمى مثل الإرم وهو العلم من الحجارة. واللمة: المرة الواحدة من اللمم وهو ما دون الكبائر. والحمة: الحمام؛ ومنه قول الشنفرى:
أمشى على الأرض التي لا تضرن ... لا درك غنماً أو أصادف حمتى
والفود: جانب الرأس. والقمة: وسطه. والإمة: النعمة. واللمة: أتراب الإنسان وأمثاله يكون للواحد والجماعة والمذكر والمؤنث؛ ومنه الحديث( ليتزوج كل رجل منكم لمته) أي من كان على سنه ومن جنسه.
واللمة: الشعر إذا بلغ المنكب، وقيل إلى شحمة الأذن.

رجع: أدعوك وعملي سيئ ليحسن، وقلبي مظلم لكي ينير، وقد عدلت عن المحجة إلى بنيات الطريق، وأنت العدل ومن عدلك أخاف، يا من سبح له زرقة الأفق وزرقة الماء وحمرة الفجر وحمرة شفق الغروب. وإن كان الدمع يطفئ غضبك فهب لي عينين كأنهما غمامتا شتىٍ تبلان الصباح والمساء، واجعلني في الدنيا منك وجلاً لأفوز في الاخرة بالأمان، وأرزقنى في خوفك بر والدي وقد فاد، بره إهداء الدعوة له بالغدو والآصال؛ فأهد اللهم له تحية أبقى من عروة الحدب وأذكى من ورد الربيع، وأحسن من بوارق الغمام، تسفر لها ظلمة الحدث ويخضر أغبر السفاة ويأرج ثرى الأرض، تحية رجلٍ للقياليس براجٍ. غاية.
تفسير: بنيات الطريق: الطرق الخفية يضل فيها. والشتئ: مطر الشتاء. وفاد: مات. والسفاة: ترابٍ القبر وجمعه سفى، وكل ترابٍ سفى؛ قال أبو ذؤيبٍ:
فلا تلمس الأفعي يداك تريدها ... ودعها إذا ما غيبتها سفاتها
رجع: أتجنب أخلاق الدعرم، ولا أطرب لغناء العكرم! وأتوقع جوار الغضرم، والمذنب لنفسه غير مكرمٍ، والموت جامع بين الطفل والهرم. ولك يا غراب حبالة عند الوكرولو كان في أعلى نيقٍ، ولا يغبطن حسل العرارة على طول العمر فصيل الكريم؛ فإن طول المدة كوحاء المدية وآخر الحياة يوم خوان. ولعل العبور بهللها أعجب من العروس الأعرابية بالطرف. وكفاك بلغة نصيباك من خبى الجفر ونبى الثفال؛ فنل ما شئت من الطعام وكانك إذا سغبت لم تذق من لماجٍ. غاية.
تفسير: الدعرم: السئ الخلق. والعكرم: جمع عكرمةٍ وهي الحمامة. والغضرم: ضرب من التراب يشبه الجص. والحسل: ولد الضب وهو موصوف بطول العمر. والعرارة: واحدة العرار، وربما كانت عند جحر الضب فعلاها ولعب فوقها. والهبور: العنكبوت. والهلل: بيتها. والطرف: قبة من أدمٍ. وخبى الجفر: الماء. ونبى التفال: الدقيق. واللماج: لا يستعمل إلا في النفى وهو القليل من الطعام يقال ما ذاق من لماجٍ، وما وجدنا بالنعجة لما جاً أي قليلاً من لبنٍ؛ قال الراجز:
أعطى خليلى نعجةً هملاجا ... رجاجةً إن له رجاجا
لا تسبق الشيخ اذا أفاجا ... لا يجذ الراعي بها لماجا
الرجاجة: الضعيفة المهزولة. وافاج: أسرع.
رجع: أيها المسكين الغاد، ما أنت وحمامة طوقها من الحمم وبردها من الرماد، كأن كاتباً خط في عنقها بمدادٍ، تقدٍ خالقها في الوضح والسواد، قد رضيت من الأوطان بغصنٍ في غينة وادٍ، مشيفةً على صغيرين عجزا عن المراد، أجدبت عليها الأرض وبعد المائرون فهي تنقل الحبة إلى حبيبي الفؤاد! فامض لحاجتك ولا ترمها بابنة طمار فلعلها تنسك بأغاني من غير أثامٍ، ولها في الصبح نبرات كنبرات الرهبان أما هتافها: سبحانك الله سبحان، خافت الخالتى وما شعرت بحمام وهي تحضن حصاتين في وكر جمعته من شتى الأغصان؛ يميل بها في الريح، ويعينها على التسبيح، فلا إله إلا الله ما لمع لامع وشجاشاجٍ . غاية.
تفسير: الغينة: شجرة كثيرة الأغصان والورق. ومشيفة: مشرفة. إبنة طمار: الداهية.
رجع: أرتفع وأفتخر، وعن قليل أهلك وأخر، فأبعد الله الأخر،لمن أجمع ولمن أدخر والجرائم كنبات الإذخر، إذا نبت بالأرض أخذ بعضه بأعناق بعضٍ. فمن سره البض في دار الآخرة فليرض بإنخضاد الفن وإنحتات الورق وكبو الزند، ولا يرسل حسله على جرين غيره وإن كان في السعة كحرةً النار، وليكفف غرابة عن اختلاس ما طاب من الثمرات، وليمنع نمره من بهم أخيه؛ فلعله يعرف وضح المنهاج. غاية.
تفسير: الإذخر: لا ينبت إلا متصلاً بعضه ببعض، ومنه قول أبى كبير:
وأخو الأباءة إذ رأى إخوانه ... تلى شفاعاً حوله كالاذخر
تلى: جمع تليل وهو المصروع. والعتر ينبت فارداً مفترقاً؛ ومن ذلك قول البريق الهذلى:
وما كنت اخشى أن أكون خلافه ... مقيماً بأبياتٍ كما نبت العتر
وأصل البض أن يكون اللون أبيض والجلد ناعماً؛ وقال أو زيدٍ البضة: الرقيقة الجلد وإن كانت سوداء. والبض هاهنا: العيش الناعم. وانحضد الفن وهو الغصن إذا إنكسر ولم يبن من الشجرة. وأنحتات الورق: تساقطه. والحسل: ولد الضب، والضب موصوف بحب التمر؛ وهذا مثل.

رجع: ما أشبه لديداً بلديدٍ، لو أن الطلح نبت بالكديد، الليلة كأختها فكيف بهلالٍ حديدٍ! فاقتد بلبيد، وبع التمحيد بالنشيد. من أولع النعامة بالتخويد، وفرق بين الأرى والهبيد، ليس الحشر عليه ببعيدٍ؛ لو شاء جعل نحل العراق سمراً، وسمر تهامة جباراً مثمراً، وأطلع من حوافر القمر قمرا، ومن نجم الأرض نجوماً زهراً، وأعاد الأسنة على نبات الخط زهراً، فكفى القين شرراً، وأن يباشر لهيباً مستعراً، فاملأ فاك لذكره عنبراً، ولا توذ بلسانك بشراً، فتكون كأبنة الجبل أثراً، فلو مضمض المغتاب بالإناب ما نفث إلا كالصيق. وأطيب القالم نكهةً من خمص من نبيلة الكلام وإن نقد ناجذه وحبر فوه فإن فمه كالجارسة طيب المجاج. غاية.
تفسير: اللديد: جانب الوادي. والكديد: ما غلظ من الأرض وهو موضوع على المثل: " أشبه شرج شرجاً لو ان أسيمراً " ، شرج: وادٍ معروف. وأسيمر: تصغير أسمرٍ. وأسمر: جمع سمرٍ. وبع هاهنا: بمعنى اشتر. والقمر: حمير الوحش. وإبنة الجبل هاهنا: الحية. والإناب: المسك. والصيق: الرائحة الكريهة؛ ويقال للغبار إذا وقع على الغبار صيق؛ قال الفرزدق:
تنابلة سود الوجوه كأنهم ... حمير بني غيلان إذ ثار صيقها
ونقد الضرس اذا تأكل. وحبر فوه: إتسخ والجارسة: النحلة.
رجع: إحفظ جارك، وإن كان من العضاه فأتق شوكه، وليكن تحريقه بيد سواك، ولا تمنعك خشونة المس من الثناء على البرم بالطيب فقول الحق زكاة اللسان. ورب سلمةٍ لا تبرم وهي شاكة ذات سلاحٍ. ومن لك بجارٍ كالقتادة لا يغشاك بشرٍ حتى تغشاه! انما النائبة جار كشبوة يبدوك بالأذاة. وفقد محاور مثل الرقله يسعفك ولا يشعفك ويجنيك ولا يجنى عليك. وأي أمٍ ترتبك ولا تريب! ومن قال بلى، ومن سكت فطالما كفى. وأحسن الفضل ما شهد به الملأ لغير شاهدٍ؛ إذ كان الغائب كثير العائب، والحاضر يلقى بالوجه الناضر. والدعوى رأس بالٍ قلما ربح تاجره وإن صدق. وأحب لابن آدم أن تكون مناقبه كمناقب الطرف الرائع والسيف الحسام تذكر وهما صامتان. يا شمسا ذات ضرمٍ، أسألك عن عادٍ وإرم، هل لك نصيب في الهرم، جل خالقك ذو الكرم؛ كم جيدٍ قد أدم، لا من در يقلد ولا من برمٍ، رب الكفر والقفر، والنجوم السفر، والقرار والنفر، أسألك جميل الغفر، سكنت عن أقرٍ، وأودعت في مثل الجفر، فهواناً للوفر، بعداً لك يا أم دفرٍ، أغلقي دونك ما أردت من رتاجٍ. غاية.
تفسير: البرم: ثمر العضاه وهو طيب الرائحة، وربما نطمت منه قلائد. وشبوة: العقرب. والرقلة: النخلة. والقرار: الاستقرار بمنى. والنفر: منها، وأعم من هذا أن يكون لمنى وغيرها. والأفر: أصله النشاط والحركة. والرتاج: الباب.
رجع: من وهب قبل أن يستوهب علم السريرة، ورجى لغفر الجريرة. وإنما ينفعك ما في صفتك، وقلما نسب إلى العشر شوك السيال، وبكى غراب على وكر أخيه. إذا سلمت الحياد، لبني زياد، لم يبالوا غارة السيد على بني أسيدٍ. ولا ترج العدة، من أبي جعدة، والتقية التقية والأهتبال، قبل الاحتبال، فالأشر في العشر، والقهر طوال الدهر، أحمد من الإصرار على الذنوب. وعليك بالصمت فإنه ليس بالرعد، تقبض يدك على ترى جعدٍ، وقد تمطرك السحابة الخرساء. فاخطم لفظك وزم، الناس لأبٍ وأمٍ، ورب أم تلى بذمٍ؛ واياك واحتلاب الدر من اللثيم. فلعن الله لبناً، جر أبناً، ورسلاً وحلب من أم الحسل. واقتنع ما اسطعت فالبرير قوت الظبى الغرير. واجتنب الخديعة فالتصريد أيسر من التقريد. ويقتدر بارئك على أن يجعل حرباء النثرة، جرباءً في الثبرة، وقتير اللمة، قتيراً في اللأمة، ويخلق الأهلة المنيرة من الهلال الماج. غاية.
تفسير: العشر: لا شوك له. والسيال: ضرب من العضاه له شوك صغار بيض يشبه بها الثغر. والاهتبال: الاغتنام والأفتراص.
والأشر: من أشره بالمئشار وهو المنشار. والعشر: الأصابع. والأم: القصد. والأبن: العيوب، وأصلها العقد في الغصون. والتصريد: من قولهم: صرد عليه شربه إذا قطعه. والتقريد: أن يدنو الرجل إلى بعيره وهو يريد أن يخطمه فيوهمه أنه يأخذ عنه القردان فيلقى الرسن في رأسه؛ وعلى هذا فسروا قول الحطيئة:
لعمرك ما قراد بنى كليبٍ ... إذا ريم القراد بمستطاع

الحرباء: مسمار الدرع. والحرباء أيضاً: أسفل الظهر. والحرباء بالراء والزاي: الغلظ من الأرض. والجمع في ذلك كله: حرابئ. والثبرة: أرض سهلة. وقتير اللامة: مسامير الدرع أيضاً. والهلال: بقية الماء في الحوض. والماج: الماء الملح.
رجع: إن زهد في الناس فإنى فيهم لأزهد، وإن القوم لزهاد. لو كنت عبداً لغير الخالق لم يجزئ عتقي في الكفارة، ولو كنت ضائنة لم أجزئ في الأضحية؛ إنني لمريض، غرض وهو غريض؛ طال الليل، فلى الويل، أحسب خلوق الشفق كافور الفجر، ومن لى بالفجرين: صاحب الأيدع، وصاحب الودع! أيها الهلال الناحل، هل أنضتك المراحل، ليس لبحرك ساحل، ولا بلدك ماحل. قعدت والناس قيام، وسهرت والركب نيام، كل من شام البارق يضمه الشيام، يا ثول جاءك الإيام، لا أسأل أين بنيت الخيام، إن الذود لحيام، إن شاء الله شفى الهيام، ولو كنت من الماشية لكنت أحد الرجاج. غاية.
تفسير: غرض: مل. وغريض: طرئ. الفجران هاهنا: يحتمل وجهين: أحدهما أن يكونا الشفق والفجر؛ لأن فجر كل شئ أوله. وفجر الأيدع: الشفق، ويقال الأيدع الزعفران، ويقال دم الأخوين.
وفجر الودع: فجر الصبح؛ لأن الكواكب تشبه بالودع. والوجه الآخر أن يكون الفجران ذنب السرحان والفجر المستطير. والمعنى في الوجه الأول أن الشفق يكون قريباً من النهار ويكون العهد لم يبعد به.
والشيام: التراب. والثول: النحل. والإيام: الدخان ويقال إن المشتار يأخذ خشبةً فيجعل فيها ناراً ويدخلها إلى بيت النحل ليطردها؛ ومنه قول أبى ذؤيبٍ:
فلما جلاها بالإيام تميزت ... ثباتٍ عليها ذلها واكتئابها
والحيام: العطاش. والهيام " بالضم والكسر " : داء يصيب الإبل مثل الحمى فلا تروى من الماء؛ بقال ناقة هيماء والجمع هيم؛ ومنه قوله تعالى: " فشاربون شرب الهيم " . ودواء الهيماء فيما قيل أن يقطع حبل ذراعهاً.
رجع: رب لا تجعل صومي كصوم الفرس ، وصلاتي كصلاة الحرباء. الشبيبة، أضعت الحبيبة، فكيف ورأسك خليس. وفي الصيف، أهنت الضيف، فكيف بك والشتاء منيخ. اهل البيت بالوليد فرحون، وهم بالشيخ متبرمون، كلام هذا يستظرف، وكلام ذاك خرف، والشعر في الحداثة كأنه إبر في الحدة وهو جون، فإذا جاء الكبر صار كالإبر في اللون، ولآن المس لذاك. وفي قدرة الخالق أن يجعل الراحة ذات ذوائب والهامة كفاثور اللجين وأن يجرى الفضة من الفجاج. غاية.
تفسير: صوم الفرس: إمساك عن الطعام والسير لا تعبد فيه ولا أجر، وكذلك صلاة الحرباء وهي إستقباله الشمس. والفاثور: طست من لجين، ويقال خران من لجينٍ.
رجع: إن غويت فلى كالعالم غاية، لا ترفع لى أبداً راية، إذا حان الوقت زالت الآية، قد بنيت الثاية، وعليت لأمر الطاية، فما نفعت الرعاية؛ أين تفر الجداية، إذا فارقت الداية الداية، أمامها الهداية، ووراءها الحداية، وقعت في اللجة فلسانى لجلاج. غاية.
تفسير: الآية هاهنا: الشخص. والثاية مراح الإبل. والطاية: السطح. والجداية: ولد الظبى يقال للذكر والأنثى. والداية: الفقارة من فقار الظهر.
رجع: قد أخذت منى الأيام وتركت، والنفس مطية ما أركت، سوف تسكن وإن تحزكت، طلق دنياك فقد فركت، كم طلبت قبلك فما أدركت. سبحت زي الشماخ وجيمه قبل أن يجعلهما روبين بما شاء الله من السنين، وكذلك قوافي رؤبة وقوافي العجاج. غاية.
تفسير: أركت: أقامت بالإراك. وزاي الشماخ:
عفاً من سليمى بطن قوٍ فعالز ... فذات الغضا فالمشرفات النواشز
وجيمه:
ألا ناديا أظعان ليلى تعرج ... بهيجن سقماً ليته لم يهيج
رجع: قد غاب القمر، وما فنى السمر، وكل شئ غير الله فان.
إن الأطير، جاء من شطيرٍ، والله يقرب البعيد. باذا الخطير، ليس لك من مطيرٍ، والله بقدرته يطير ذوات الأخفاف. راعية البرير، لا ترفل في الحرير، والله كساالوحش والآناس. وأم الفرير، لا تأنس بالجرير، وربك مذل الصعاب. من للقادر، بلحم القادر، ولكن دونه السعاف. إفتقر الغابر، إلى أم جابرٍ، وإستغنى الذاهب، عن المواهب، وربنا يغنى من شاء. ليس الفجر، بمانعٍ من النجر، إلا بإذن أكرم الأكرمين. إسماع الكرائن، على قلب الإنسان رائن، فأنصت إلى ذكر الله ودع اللاهين. فرح من جنى المغفور، فكيف من صاد اليعفور.أتعجزين عن فعل الراعي بكل ثم أكل! إن هذا لهو العجز المبين.

كم أكلت من حلوٍ ومرٍ، وشربت من محض وسجاجٍ. غاية.
تفسير: الطير. الخبر الذي يعجب منه. والشطير: المكان البعيد. والخطير ها هنا: الزمام. والآناس: جمع أنسٍ. والجرير: حبل يضفر من أدمٍ يجعل في عنق الناقة. والقادر: الطابخ. والفادر: المسن من الوعولٍ. والغابر: الباقي. وأم جابرٍ: السنبلة. والفجر: كثرة المال والعطاء. والنجر: ألا يروى الإنسان من الماء؛ ومنه اشتق شهرا ناجرٍ: حزيران وتموز. والكرائن: جمع كرينةٍ وهي المغنية. والكران: العود. ورائن: مغطٍ. والمغفور: ضرب من الصمغ، وفي الحديث: " ماريح مغافير أأكلت مغافير " ؟ واليعفور: ذكر الظباء. وبكل الطعام إذا خلط بعضه ييعضٍ. والسجاج: الممذوق.
رجع: كم طيبٍ، ليس المسك فيه بقطيبٍ، وذكر الله أريج. وقد يكون الشجير، أولى بك من السجير، والله ولى الأولياء. إن الليل إذ أنسرأ، غادر الظبى وترك الفرأ، حث الليل أجمعه، ولم يأخذ الوحشى معه، فادم الدلج، حتى ترى الصباح أبلج؛ فعلى الأفلاج، تصاد الأعلاج، والله رازق الصائدين.وإذا الوارد، ظفر بالنمير البارد، لم يأس لقومٍ يقتسمون الماء بالحصاة. أنا لنفسى شاكٍ، إن غصنها لشاك، وأعوذ بالله من الابتشاك، كم نزل بالحشاك، من ذي ريثٍ وإبشاكٍ، أصبحت المنازل منهم ذات اعتذارٍ. والتفريق، غاية الفريق؛ وربك جامع المفترقين. لا تأمن الحبط، من السبط، فالمنية في كل نباتٍ. كاد الأريب، يسلم من التثريب، لو أن رجلاً من ذلك خالٍ؛ لا والمطلع من الأرض العجاج. غاية: تفسير: قطيب: مخلوط. الشجير: الغريب. والسجير: الصديق. وأنسرأ: أنكشف. الدلج: سير الليل. والأفلاج: جمع فلجٍ وهو النهر. والأعلاج: جمع علجٍ وهو ها هنا: الحمار الغليظ. والابتشاك: الكذب.
والحشاك: موضع. والإيشاك: السرعة. والحيط: انتفاخ يصيب الضأن من أكل العشب؛ ومن ذلك قيل للحارث بن عمرو بن تميمٍ الحبط، لأنه أصابته شدة في سفرٍ فأكل من بقول الأرض فأصابه الحبط؛ وقيل لولده الحبطات بكسر الباء. والسبط: ضرب من النبت.
رجع: جاءك من الله الحباء، وأنت بالخباء، إن عطيته أخت الهناء. نابى نابٍ، واليد ليست ذات اكنابٍ، فأنا للناس أخو جنابٍ، ما اتصل وتد بأطنابٍ؛ والله ربك في الخلاط والزيال. أتيت أيها الرجل أتيت، فأجمع المنتشر والشتيت، ولن تقضى أمراً إلا بالقضاء. إذا الجثيث، غمر بالنبت الكثيث، ضاع المنسبت والسياب إلا أن يحفظه رب الحافظين. الحوج، على ذات عوجٍ، وهي على سواي سهلة كالأنفاس، ولو شاء الخالق جعلتي مثل الناس. جلست في اليوم الراحٍ، بالمنكشف البراح، أقترح على الماء القراح، إن القلب لغابر الجراح؛ فأصلحنى رب مصلح الفاسدين. لا تسبيخ، على الرحل الربيخ، للرقاد مواطن ليست منها الرحال؛ فإن سرقت العين غراراً فوق الكور فإن ربها في إغترارٍ والله خالق السهد والرقاد. الصعود، لا تقطع بالقعود، فشمر أيها الضعيف عن ساقٍ. ليس اللذيذ، بالجذيذ، إن اللذائذ كثيرة والله معطٍ من شاء. كم من قرةٍ، لا تعرفها المقرة، خلقت في الشقرة، وهي لها محتقرة، والله ساتر العيوب. ما بعالزٍ، من جالزٍ، وكل آهل يصبح وهو قفار. ما أشغلنى بالنسيس، عن شرب الكسيس، فالهمنى رب الشغل بك في كل أوانٍ. إن كان القمر، يحلب ملء الغمر، جاز إعتصار الخمر، من فضيض الجمرٍ؛ والعقول ضالة في ملك الله أشد ضلالٍ. أظعن عن الدنيا وما اترك فيها عرساً تأيم، ولا ولداً ييتم، وذلك الأمر الأحزم، إنما يترك الإنسان ولده للشقاء: إما ضعيفاً يظلم، وإما قوياً أهتضم؛ وكلا الرجلين لا يسلم؛ إن الظالم إذا هجت عيناه علم أنه ركب هجاج. غاية.
تفسير: أكنبت اليد إذا غلظت واستمرت على العمل؛ قال الراجز:
قد أكنبت يداك بعد لين ... وبعد دهن البانٍ والمضنونٍ
وهمتا بالصبر والمرون
المضنون: ما ضن به من الطيب. والجثيث: نخل صغار نحو الودى. والمنسبت: الرطب الذي قد عمه الارطاب. والسياب: البلح. والحوج: جماع الحاجة؛ وأنشد:
لعمرى لقد خلفتنى عن صاحبتي ... وعن حوجٍ قضاؤها من شفائياً
والتسبيخ: النوم. والربيخ: الضخم. والجذيذ: سويق غليظ خشن.

والقرة ها هنا: العيب. والمقرة: شجرة الصر. والشقرة: شقائق النعمان؛ والمعنى أن العيب يكون فيمن ظاهره حسن وهو لا يحفل به إذا إستتر عن الناس. وعالز: موضع. والجالز: الذي يشد عقد السوط وهو جلزه. والنسيس: بقية النفس. والكسيس: ضرب من الشراب. وهجت عيناه إذا غارت. وركب هجاجٍ إذا خبط أمره على غير علمٍ.
رجع: حمل العدم، على سفك الدم، فأعوذ بالله من الإعدام. إن الأسقام، ألزمت بالمقام؛ كيف لا أقيم، وأنا سقيم! إن الدنف لا نهضة له بارتحالٍ والركب على طريقٍ جرجر منه العود وأرزمت الشارف كل الإرزام. ما تدري الطائف أهلك في أول الدهر لقيم، أم قتل بها رقيم.
أكل من لم يرج، نخل يثرب وعنب وجٍ، وذلك بقدر الله لا سعى الساعين. ابن الراعية يحسن التهبيد، قبل التسبيد، فما لي أسننت وأنا من الغاوين! لا أختار أن يضرب لي البلق، في السلق، ولكن ألزم قنة جبلٍ، ليس فيه من إنسٍ ولا خبلٍ، أعبد الله حتى أرد حياض المنون. طفت الآفاق، فإذا الدنيا نفاق، ومللت من مداراة العالم بما يضمر غيره الفؤاد؛ فأخترت الوحدة على جليس الصدق. ليتني مع الظليم الهجهاج. غاية.
تفسير: الدنف: الذي قد طال مرضه. وجرجر العود إذا صاح من الضجر وذلك عند الحمل الثقيل؛ ومن أمثالهم " قد جرجر العود فزيد وقراً " ؛ وقال أمرؤ القيس:
على ظهر عاديٍ يحار به القطا ... إذا سافه الديافى جرجرا
الديافى: منسوب إلى ديافٍ وهو موضع بأعلى الشام. وأرزمت الشارف إذا حنت؛ والعرب تصف الطرق البعيدة فتقول طريق ترزم منه الشارف ويجرجر العود؛ قال لبيد:
ترزم الشارف من عرفانه ... كلما لاح بجوزٍ وإعتدل
لقيم: من أصحاب عادٍ. ورقيم: من الأنصار قتل بالطائف. ووج هي الطائف. وابن الراعية: ابن الأمة. والتهبيد: ان يأخذ الرجل حب الحنظل فيعالجه حتى تقل مرارته؛ قال الشاعر:
فظل يعمت في قوطٍ ومكرزةٍ ... يقطع الدهر تأقيطاً وتهبيداً
المكرزة: الموضع الذي يجعل فيه الكريز وهو الأقط. ويعمت أي يغزل الصوف وهو العميت. والقوط: القطيع من الغنم. والتسبيد: الحلق. والتلبيد: أن يجعل في رأسه صمغاً عند الإحرام. والبلق: الفسطاط وهو الخيمة العظيمة. والسلق: يكون المتسع من الأرض وهو ها هنا كذلك، ويكون المطمئن بن ربوين. والخبل: الجن. والهجهاج: النفور وقيل الكثير الصياح.
رجع: إنهض فادع. ربك الذي وهب، كل شئ سواه يذهب. أعطى الإنسان وغيره وخول، كل طائرٍ لقينى أخيل، أطاول الزمن وهو أطول، إن ناراً كانت توقد بخزازى، لبث شررها يتنازى، وما زالت تضعف وتخازى، حتى صار مكانها للذر مجازاً. لا ينجى النفس اعتصامها، يسلمها في الغد عصامها، ولو كان عند الجوزاء مصامها، طال في دنياها إختصامها، فكيف بها إذا أنبت نظامها، وبليت في الريم عظامها، لا سلفها نفع ولا ظامها؛ تسومنى الخسف وأسومها، ولا تبقى للعين رسومها، الأرواح تفارقها جسومها، والأرزاق عجب مقسومها، وللديار يغيبها طسومها. عن كثر العميم، في بلاد الغميم؛ فإن بنى ساعدة، لم يسمعوا العام الراعدة؛ السماء واعدة، والأرض قريبة ومتباعدة، لتقعن الإذؤب في اللباج. غاية.
تفسير: الأخيل: طائر يتشاءم به، ويقال إنه الشقراق، ويقال غيره؛ وقال سيبويه: الأخيل طائر أخضر في أجنحته خيلان؛ قال الفرزدق:
إذا قطناً بلغتنيه ابن مدركٍ ... فلا قيت من طير اليعاقيب أخيلا
اليعاقيب ها هنا: التي تجئ في الأعقاب. وخزازى: جبل، ويقال خزاز.
وتخازى: من الخزى وهو الإستحياء والضعف. والعصام: كل شئ يعتصم به. والمصام: المقام. والريم: القبر، والظام: السلف. وهذا تجنيس مكنى؛ ومثله قول الشماخ:
وما أروى وإن كرمت علينا ... بأدنى من موقفةٍ حروز
والموقفة هي الأروى. والطسوم: الدروس. والعميم: النبت الكثير.
والغميم: موضع. واللباج: جمع لببةٍ: وهي مصيدة للذئب يكون فيها نحو الكلاب.
رجع: كان بالمروت، يوم لدمه قروت، وبإذن الله سالت الدماء. والعظالى، فيه الرؤساء توالى. وكم بالغبيط، من عال و وبيطٍ، والله خفض الأذلين. نصر قوم وخذل آخرون، فما بقى الغالب ولا المغلوب، ولا تخلد على الدهر واللوب. أين أخو الأباءة، وأصحاب الهباءة! أقفرت من الأرض الباءة، وكذلك الذين ظفروا بالنباج. غاية.

تفسير: المروت: موضع من بلاد بنى قشير بن حنظلة كان لهم فيه وقعة ظفروا فيها ببنى عامرٍ. والقروت: مصدر قرت الدم إذا جف.
وللعظالى: يوم من أيام بنى يربوعٍ كان لهم على بكر بن وائلٍ؛ وفيه يقول العوام الشيباني:
فإن يك في يوم الوقيظ ملامة ... فيوم العظالى كان أخزى وألوما
وقيل سمى العظالى لأن بنى بكرٍ خرجوا غير مجتمعين على رئيس، فكأنهم تشابكوا في الرياسة؛ أخذ من تعاظل الجراد. وقيل سمى يوم العظالى لأنهم أردف بعضهم بعضاً على الخيل. ويوم الوقيظ يقال بالظاء وبالطاء، وكان لبني يربوع على بني بكرٍ أيضاً. والغبيط: موضع؛ وكل وادٍ منخفضٍ يقال له غبيط. والوبيط: من قولهم وبطه الله إذا حطه. والأباءة: الأجمة.
وأخوها: رجل قتل فيها؛ وكأنهم يستعملون الأخ في معنى الصاحب، فيقولون أخو السيف أي صاحبه، وأخو الحيرة. والهباءة: ما قتل عليه بنو بدرٍ. والباءة: الساحة والمنزلة. والنباج: موضع كانت به وقعة والرئيس فيها قيس بن عاصمٍ المنقرى.
رجع: يا رب العب، إن عبادك لفى تعبٍ، إلام الأسنة على الرماح والأعنة في أعناق الخيل، ورحائلها فوق الأثباج! غاية.
تفسير: العب: تخفيف العبء وهو نور الشمس، ويقال هو لعابها. والأثباج: جمع ثبجٍ وهو وسط الشئ ومعظمه.
رجع: يا وظر ما تنتظر، دعا داعٍ فأسمعه، أجمع أمرك واجمعه، إن استطعت ظالماً فاردعه، وأكرم صاحبك ولا تخدعه، والزم دينك ولا تدعه، وإن خالفك مارنك فاجدعه، لا تضر الجار إذا لم تنفعه، وإذا أوليت معروفاً فأشفعه، وأخفض صوتك أو إرفعه، لا يسلم هامس ولا نباج. غاية.
تفسير: الوظر: الذي قد امتلأ جسمه سمناً. والهامس: الذي يخفض صوته. والنباح: الشديد الصوت.
رجع: أسر رجل فما خسر، ودعا فلبى، وأكرم وحبى، وليس كل الناس يحمد الإسار. النقى، من الكلأ والسقى، إن مالاً ما رعى ولا سقي، لن ينجح ولن ينقى، وأمر الأرزاق أحد الأزوال. عزم ظاعن على الشخوص، فاتخذ سمهةً من خوصٍ، فيها أبيض حر، هذب له البر؛ وعمروس، أرضعته الخروس؛ ورعديد، يكتفى به العديد، فسار الإنسان لما أبصر، فلما فنى يومه وأقصر؛ نزل على عين سحراء فأصاب من الطعام، والله آثر الإنس بطيب الأكيل. فإجتمع إليه سود جزل، يؤذين ذوى الأسلحة وهن عزل، فأصبن ما قسم لهن والحتامة هي النزل، ورمى بالأنقاء. أعظماً ذوات إنقاء؛ فأبتدرهن بقع، كأنما عليهن لفع من البرد أو السباج. غاية.
تفسير: الأزوال: العجائب. والشخوص: المسير. والسمهة: نحو السفرة تتخذ من الخوص. وأبيض حر: يراد به الخبز. وعمروس: جدى أو خروف؛ وأكثر ما يستعمل في الجدى؛ ويقال إن عبد الملك ابن مروان قال لعدى بن حاتمٍ: ما تعدون أفضل الطعام عندكم؟ قال: العنق، قال: أما نحن فلا تعدل بالعماريس. والخروس: التي تلد بكرها فيكون لبنها قليلاً فتعمل لها الخرسة وهي طعام تطعمه النفساء ليدر لبنها؛ يقال خرستها؛ قال الشاعر:
إذا النفساء لم تخرس ببكرها ... غلاماً ولم يسكت بحتر وليدها
والرعديد هاهنا: الفالوذ، وفي غير هذا الموضع الجبان. وأقصر: صار في قصر النهار وهو آخره. والعين السجراء: التي يضرب ماؤها إلى الحمرة لقرب عهده وبالسيل. والأكيل: المأكول. والسود الجزل: النمل، يقال للنملة جزلاء لأجل الحز الذي في ظهرها؛ ويقال بعير أجزول إذا خرجت من فقار ظهره فقارة. والحتامة: ما سقط عن المائدة. والنزل: الطعام الذي يصلح للنازل إذا نزل بك. والأنقاء: جمع نقاً وهو الكثيب من الرمل. والإنقاء: إذا كسرت الهمزة فهو مصدر أنقى العظم إذا صار فيه نقى وهو المخ، وإذا فتحت الهمزة فهو جمع نقىٍ. واللفع: جمع لفاع وهو ما يتلفع به. والبرد: جمع بردةٍ. والسباج: جمع سبيجةٍ وهو ثوب فيه سواد وبياض.
رجع: يا راعية كوني في سرب المتقين، وإعلمى أن ربك هو الحق اليقين. أيها العاند حملك على منافاة الكرم حب الشهوات، كيف لى بمخبرٍ يعتام نفائس ما أقدر عليه، يعلمني بعد الموت كيف أكون! .من أحتلط بالعالم وصبر عليهم وكف نفسه عما يستحسن سواه، فهو البر السعيد؛ وللنفس إلى المعصية إمجاج. غاية.
تفسير: السرب: المال الراعي. والعاند: المائل. ويعتام: يختار. والإمجاج: مصدر أمج الفرس إذا أبدأ في العدو.

رجع: منكراتي كعارف الجيادو كعوب المران، فليت شعري هل أنا مع الخطأ مصيب، سهمي في المعصية معلى الأسهم، وفرسى في حلبتها لاحق أو الوجيه، وناقتى في مراحلها وجناء الجمحي، ونجمى في ليلها الفرقد، وأنا في مضالها رافع بن عميرة وحنيف الحناتم، فهل لي في الخير نصيب! رب عجلٍ، حدث عن خجلٍ.ألا أنتظر غراب الليل ينهض وبازى الصبح يقع وشرقه تطلع من وراء الخباء لكل ثمر إدراك، وليس بكل واد أراك. اصبر إن الصريف سيروب. إن الله وله علو المكان جعل الشرغريزة في الحيوان، فأبعدهم من الشرور أقلهم حظافى المعقول؛ ألا ترى الحجر الموضوع مر به العاثر فأدمى الإبهام، لا ذنب للحجر لكن للواضع والعاثرين. يا خدعة لمن تخدعين! لو كنت إمرأة طلقتك أبين طلاقٍ، أو أمة سرحتك سراح الكريم، او ضائنة عبطتك لاول الطارقين؛ قد أخلقت الجسد فما تريدين! إظعنى عنه لا يحمدك في الحامدين، وإنزلي بالجدب أو الخصيب. مازلت آمل الخير وأرقبه حتى نضوت كملاً ثلاثين، كأني ذبحت بكل عامٍ حملاً أبرق، بياضه الأيام وسواده لياليه. وهيهأت! كأننى قتلت بالسنة حية عرماء؛ إن الزمن كثير الشرور. فلما تقضت الثلاثون وأنا كواضع مرجله على نار الحباحب، علمت ان الخير مني غير قريبٍ. الرجل كل الرجل من آتى الزكاة ورحم المسكين وتبرع بما لا يجب عليه وكره الحنث وكفر عن اليمين. لولا خشية المتقلب لكنت أحد الفائزين. يأتيني الرزق ما سعت فيه القدم ولا عرق الجبين وأصيب من الطيب غير حسيب. إد إلى التقوى كما يئد البعير، وبد الكافر فإنه عند الله دحير، وأتئد في أمرك فإن التؤدة من رب العالمين. وإذا كانت اللحى الشيب لا تكف عن قبيحٍ، فكن ئداً ما حييت. وأعلم أن الجدث جد ليس موضعه من الكلأ بحميدٍ، وحاسب نفسك على ما أصبت فإنك بالمحاسبة جدير. والخد المتصعر سيوضع من الأرض في أخدودٍ؛ فذد الخطايا عنك كما تذاد الزرق المترنمات فإن ذيادها يسير؛ وأرد على آمرك بغير الجميل، وزد عملك عن الخير إن وجدت المزيد، وإياك وسدا لاضياء فيه، وشد الحسنة وثاق الطائر، ولا تامنن أن تبين، وصد أفعال الخير؛ فإن صادتها ليسوا بكثير، ومت وإناؤك من الصدقة ضديد، وطد بناءك على أسٍ؛ حسنك معدود، وسيئك ليس بعدبدٍ، أغد على ذكر الله وأمس إليه، فنعم الصاحب والضجيع، وفد ناهيك عن المنكر مع المفدين، وقد نفسك إلى الواجب ولو بجرير، وكد معاديك بأن تجتنب أفعال الكائدين، ودل السائل إذا لم تعط لتكون نعم الدليل، ودم على ماقربك من الأبرار الطيبين، ودن من فعل خيراً معك فإنك مدين، وفي خالقك ود إن كنت من الوادين، وضع الأيدي عند من ذم وشكر فإن الله رزق الشاكر والكنود، واعلم أن الحياة أخبرت عن الموت كما دل على الكلمة بالحروف هاجٍ. غاية.
تفسير: وجناء الجمحي: ناقة أبى دهبلٍ وكان يفرط في صفتها. ورافع ابن عميرة: يوصف بالهداية وهو من طبئ؛ قال الراجز:
لله عينا رافع كيف اهتدى ... فوز من قراقر إلى سوى
خمساً إذا ما ساره الجبس بكىوحنيف الحناتم: من سعد بن زيد مناة، والعرب تزعم أنه دخل وباروهى ديار إرم فيما يزعمون، وتذكر العرب أن الجن غلبت عليها وأن حنيفاً دخلها فضربت الجن وجهه فعمى وأنه كان بعد عماه من أهدى العرب. وشرقه: الشمس. والصريف: اللبن الذي ينصرف به من الضرع حاراً. ويروب: يصير فيه الزبد. والعرماء: التي فيها سواد وبياض.
وحسيب أي محسوب. وأد البعير يئد إذا حن أشد الحنين. وبد الكافر أي تجاف به؛ وأصله من بد رجله إذا مدها وأبعدها. والثد مثل الثط ذكره أبو نصر في خلق الإنسان. والجد: البئر الجيدة الموضع من الكلأ. والزرق المترنمات: الذباب. وأرد: من قولهم أرد وجهه إذا تغير من الغيظ. والضديد: معدول عن المضدود وهو المملوء. وطد: ثبت. وحسنك معدود أي أنه قليل.

رجع: قد رأيت ورئى بك، ومن عاش سمع وراء، فأرنارك لطارقك، ولا تورها لإحراق الجار، والله جار من لا جار له من المستضعفين. وبرفى قلبك خير من برةٍ في يدك؛ فأتق الله وكن من الأبرار الطاهرين. وأحسب أن من تر جسمه ضاوئ في الدين، وعند الله العلم بكل دفين. ولتكن سماؤك ثرة وثرى أرضك قريباً؛ فنم الشئ الثراء لمن كسا العارى وأطعم السغبان. ولو اصابنى جار الضبع ما غسلنى من الذنوب. وإن غفرت الجريرة لم أبل أين دفنت: أفى جرجبلٍ، أم سر وادٍ، أم جرتنى جيل إلى أجرٍ سغابٍ، وإن أجررت الرسن وأخذت بذلك في دارٍ الجزاء فلن ينفعنى جودة كفنٍ وطيب حنوطٍ. وما أيسر المغفرة على العظيم الغفار! كن حرا وأنزل حيث شئت ولو بحرة النار؛ فإن رعاية الله شاملة للأحرار. خرت تحت المآثم، وتنفست من خرت الإبرة، فمن لي بدليل خريتٍ ينقذنى من المتاله فإنني في ضلال! لله در كعبٍ، من له بدرٍ في قعبٍ، وإن حليب إبله لثعب، تساوى عنده البعير والجعب، وكلنا إلى ذلك المنزل نؤوب. ذرت البركة في طعامٍ أكل منه الضعيف، ونزعت البركة من طعامٍ خص به الغنى دون الفقير، والله مطعم المطعمين. وزر حرام يوقع المحقة في قميص أنتسج من حلٍ، وقطرة الدم تقع في المزادة فلا يحل منها الطهور. ولا تكن أسرار صدرك مثل أسرار الكف ينظر إليها المتأملون. إذا كره عود الإبل الحنظلة فما بال الإنسان! وقد تعدم الشربة فتشترى بالثمن الرغيب.
أجمح وأصر، وقد هبت الهيف والصر، وأنا مظهر ومقصر، فلا أدفع ولا أنتصر؛ وقد ركبت ذا الطرتين فكان الصعب الذلول، فاستغن عن فضة الناس بالقضة، وأرع إذا سغبت القضة، ولا ترغب إلى لئيم؛ فإن العر أولع بالأعر، بعد ما كان ولا نقبة فيه لهناء. وغر الوليد بمخافة الناس وتخويف الله، فإن نشأ وهو غر فانه يهلك، إلى أن يحتنك وربنا ساتر الأغرار. قد إستقر الأمر على حالٍ وددت أنى معها من القرار، فسبحان منقذ الهالكين. إن تقواه درع مثل الكر الممطور لا يفتقر إلى كرةٍ ولا عكر سليطٍ، ولا تحجب عن الطلال، ما تعب فيها القين ولا أحكمها القتير. مرة أقف، ومرة أنتقف، ولا أعرف من ثقف، وبالله ظفر الطالمين. طلبت الحير، فلقينى الحجر الأير، ولا تبقى الغير أحداً يحمد ولا يعير. وقد فررت من القدر فما أغنى الفرار، إنما أنا فرير في ربقٍ قد أعدت له المدية ينتظر به أمر الملك فتجرى الشفرة على الأوداج. غاية.
تفسير: أرنارك أي حركها لتشتعل، يقال أري ناره يؤريها. والبرة: مثل السوار والدملج وما أشبهما. وتر جسمه إذا إمتلأ سمناً. والضاوي: المهزول، ويخفف أيضاً. وجاز الضبع: مطر شديد كأنه يجر الضبع أي يخرجها من وجارها. وجر الجبل: أصله. وسر الوادي: أكرم موضع فيه. وجيل: من أسماء الضبع لا يصرف إلا في ضرورة الشعر. وخار: إذا صاح مثل صياح البقر. والخريت: الدليل الذي كأنه يدخل من خرت الإبرة من حذقه. والمتاله: جمع متلهٍ وهي الأرض المضلة. وكعب هو ابن مامة. والدر: اللبن. والثعب: من ثعب السيل وإنثعب إذا سال. والجعب هو البعر. أسرار الكف: الخطوط التي فيه.والهيف والهوف: ريح حارة تأتى من قبل اليمن. والصر: الريح الباردة.ومظهر: من الظهر. ومقصر: من القصر وهو آخر النهار. وذو الطرتين: الليل. والقضة: الحصى. والقضة: ضرب من الحمض. والعر: الجرب. والأعر الذي قد جب سنامه. والنقبة: إبتداء الجرب. وغر الوليد: من غر الطائر فرخه إذا زقه. والقرار: ضرب من الضأن والكر: الغدير. والكرة: بعر يحرق ويذر على الدروع لئلا تصدأ؛ قال النابغة:
طلين بكديون وأشعرن كرةً ... فهن إضاء صافيات الغلائلا

لكديون. عكر الزيت. والسليط: الزيت. وأنتقف: من أنتقاف الحنظل وأصل ذلك للظلم. ومن ثقف: من ظفر. الحير: المال الكثير. والحجر الأير: الصلب.رجع: لعبت الأيام بالكرين، فأتت بالفتكرين، كم بت وظللت، فقد سئمت الحياة وبللت، لو أكرمت وأجللت، وفي مواطن النجوم أحللت، ثم قتلى القدر لطللت؛ كم أبللت من المرض فما بللت، هل نفعت أغشى قيسٍ حمراء كدم الوداج. غاية.تفسير: الكرون: جمع كرةٍ وقد يقال في الرفع كرين وهو أردأ اللغتين. والفتكرون: الدواهي جمع لا ينطق بواحده. وبللت: ظفرت رجع: كم أسلم وأفلت، والدنيا أم مقلتٍ، تعوق الإنسان وتألت، وتغره ثم تبلت، وتأخذ منه ما يكلت، والحمام شاهر مصلت، لا يغلت حسابه فيمن غلت. إن هاتفاتٍ مجعن، أبكين العيون وأوجعن، وفجعن لما تفجعن، ثم طرن فلا رجعن. قد رمى بي الدهر وقذف، كالحصاة بهما خذف، فكنت كالطائر جذف، ما جاز القذف، لكنه توذف، هجرت فما أغنى التهجير، وأدلجت فما أغنى الإدلاج. غاية.تفسير: المقلت: التي لا يعيش لها ولد. وتألت: من ألت الأمر إذا حبسه؛ ويحتمل أن يكون من النقص من قوله تعالى: ل " ا يألتكم من أعمالكم شيئاً " وتبلت أي تقطع. وكلت يكلت إذا جمع. يقال في الحساب: غلت يغلت مثل غلط في غيره يغلط. وجذف الطائر وجدف - ويجعل ها هنا جذف لأجل قذف: إذا طار وأحد جناحيه مقصوص فأسرع رد الجناج. والقذف: الأرض البعيدة. والتوذف: مشى فيه تقارب خطو.رجع: طول المليع جعل شختاً الضليع، والله أنهض بطى المساوف كل جليدٍ ما حمل النعامة، في العامة إلا أمر هو عندها غير حميد؛ وإلى الله منقلب الأشقى والمتنعمين. السمع سريع، إلى صوت الخريع، والصمم خير من ذاك للموفقين. إن اللطع يترك الفم كله نطع، فسبح ربك قبل أن يفسد عليك الدرد بعض حروف المتكلمين. حملك الهلع، بالخفة على أن تلع، فهلا صيرك من الصادقين. لبس القدعة، وإتباع الصدعة، أمر ليس ببدعةٍ، هو أعفى من خوض الغمرات مع الخائضين. أفلحت البطيئة، عن الخطيئة، والمفضية، عن المعصية، وما أقل المفلحين. نعم الشئ الأخيخ، عنده الزخيخ، للشيب وشيبان منيخ. إن الموت إذا فجع، كر فرجع؛ فأصبر إن ثوب العمر قد أنهج أو عزم على الإنهاج. غاية.تفسير: المليع: الأرض البعيدة. والمساوف: جمع مسافةٍ. والعامة نحو الطوف يركب عليه في الماء. والخريع هاهنا: الفاجرة؛ وكأن المراد به ها هنا الغناء. والخريع في غير هذا: الناعمة اللينة. واللطع: تحات الأسنان. والنطع: لحم أعلى الفم. والهلع: شدة الفزع وتلع: تكذب والقدعة: ثوب مثل الصدرة. والصدغة: القطعة من الغنم. والمفصية: المقلمة. والأخيخ: حساء يبرق بزيتٍ أمي يصب على وجهه زيت قليل. والزخيخ: ومبيض النار، وربما سميت النار زخيخاً وشيبان: كانون. وأنهج: أخلق.رجع: الكريم، يهب الجلة الجريم، فأغفر رب كبائر الأجرام؛ الأرزام، عند الشد والحزام، وماذا يجدى ذلك على المرزمين. إذا كان النسيم، يشعف ذوات الرسم، فهلا طار بقلوب المرسمين. هل لك في صفى، تغرف من الحمض الصيفي اللبن في أديمٍ غرفى! إنها عمرك صفوف، تنفض على الأرض الفوف، خفيفة إذا حان الخفوف، كأنها ربداء زفوف. وأعوذ بالله من حدبارٍ، حدٍ للأدبار، ترقل، فلا تنتقل، وتلك نفسى بين النفوس. إستعن على القفار، بعبر أسفار، كالآبد بأخفارٍ، أصبح في الواعدة ذا احتفارٍ؛ إننى أعالج النفس فأنا معها كالحارث بن كلدة وابنى علاجٍ. غاية.تفسير: الجلة: المسان من الإبل. والجريم: العظام الأجرام والأرزام: شبه الحنين؛ والمعنى ان الإنسان يشتكى اذا وقع في الشدة ولم يكن أخذلها لها أهبة. والمرسن الذي يحمل ناقته على الرسم وهو ضرب من السير. والصفى: الغزيرة من النوق. والأديم الغرفئ: الذي قد دبغ وبالغرف. والمعنى ضرع الناقة؛ وإنما ذكر الأديم الغرفى على شبه المثل أي لبنها طيب. والصفوف: التي تحلب في قعبين. والفوف: شبيه بالقطن يكون في العشر، شبه لبنها به. والخفوف: الرحيل. والربداء: النعامة. والزفوف: من الزفيف وهو إسراع في تقارب خطو. والحدبار: الناقة الضامر التي قد ظهر فقار ظهرها. وعبر أسفارٍ أي قوية عليها تعبر عليها المفاوز؛ قال الطرماح:قد تعسفت بهلواعةٍ عبر أسفارٍ كتوم البغامفأما قولهم عبر الفوارس فإنما يراد أنه يحزنهم أما بقتل بعضهم وأما مات فحزنوا عليه. والعبر: الثكل والآبد: الوحشى. وقال الأصمعي

إنما قيل للوحوش أو أبد لطول أعمارها لأنها قلما تموت حتف أنوفها. وأحفار: موضع. والواعدة: الأرض التي تعد كثرة النبات. والثور الوحشىيوصف بإحتفار الأرض كأنه يطلب عروق النبت يأكلها؛ قال عبيد: أو شبب يحفر الرخامى تحفزه شمال هبوبنما قيل للوحوش أو أبد لطول أعمارها لأنها قلما تموت حتف أنوفها. وأحفار: موضع. والواعدة: الأرض التي تعد كثرة النبات. والثور الوحشىيوصف بإحتفار الأرض كأنه يطلب عروق النبت يأكلها؛ قال عبيد: أو شبب يحفر الرخامى تحفزه شمال هبوب الرخامى: ضرب من النبت. وآبنا علاجٍ: رجلان من ثقيفٍ كان الحارث ابن كلدة يذم مودتهما ويشكو قطيعتهما للقرابة.
رجع: أصبحت في بيت مدرٍ لا أملكه، كبيت قريض أستدركه، إشتمل عليه النسيان فهو مهلكه. أعتمد على ذي وجهين، ما عرف قط بالمين، لو كان رجلاً لكان ناصح الجيب، قلما خشى من العيب، سبح ربه مذ خلق، لا عقل له ولا ألق، لكن يلصف ويأنلق، إذا انطلق به فهو منطلق، والله رب الما كث والذاهبين. ومتى بعث في المآرب قضاها، والله بلطفه أمضاها. ثم يحبس ولا ذنب له، ليس حبسه ظلما ممن فعله، بل ذلك قضاء الله في المخلوقين. سجن فهو طول الدهر مستريح، لا تلج عليه الشمس ولا الريح؛ لا يأكل ولا يشرب، وبذلك يوصف الرب، تعالى أن يدركه الواصفون. له منزل ما دخله الهم، ولا سكنه الخال ولا العم، إذا غاب الحافظ عنه فله الختم، وليس ذلك من القضاء الحتم، والله ألهم في الدنيا المتصرفين. خص بالعمر الطويل، فلبث أكثر من أبي عقيلٍ، وتناسخه جيل بعد جيلٍ، فظهر في الأكاليل، والاسورة والخلاخيل، والكأس الدائرة بشراب الكرم والنخيل. ما شاب ولا هرم، ولا درم للكبر ولا درم. ملكه قوم فدفنوه، فتطاولت في الأرض سنوه؛ ثم ظهر ما نسى إسمه، ولا تغير جسمه؛ والله بقدرته يومن الأجساد من التغيير. به صفرة من غير الضرب، عرف بها في الشرق والغرب، إذا قطع مفازة لم تجده نضواً، وإن قطع عضوا عضوا لم نسمه قتيلاً، بل ينقص ثمنه قليلاً. تلقاه معلماً بالتوحيد، وليس بالعالم ولا البليد، ولكن الله أنطق بعظته كل جمادٍ. أشارك فيه من شيت، وأبت بيعه فأقيت؛ ولا شفعة تحب فيه للراشد ولا السفيه وإن أمكن قسمه المقتسمين؛ جل من سخره لقضاء الحاج. غاية.
تفسير: ناصح الجيب: كناية عن الصدر، لأن الجيب يكون عليه وقريباً منه؛ ويقال في ضده: جيب فلانٍ غير ناصحٍ؛ قال الشاعر:
وقد رابنى ألا يزال يريبنى ... دنوك ممن جيبه غير ناصح
وألق: جن. والمألوق: المجنون. ويلصف: يلمع. وأبو عقيل: لبيد. وما درم: من الدرمان وهو تقارب الخطو. ودرم: من الدرم، وهو سقوط الأسنان؛ ومن ذلك قيل كعب أدرم إذا كان لاحد له؛ والمعنى أن نقشه لم يزل وخشونته لم تملاس.
رجع: إن الله أوضح للمغضب سبيل الراضين. فإذا شكا عمير نشوز عرسه، فليأمره نتيج غرسه، أن يجهز لها عمراً تحت الظلام، ويضمخه طيباً للإنتسام، فإنه إذا أزارها، بإشرها وسفر خمارها، ولم يزل يطفئ نارها، حتى يقيم المعذرة له من غير خلاجٍ. غاية.
تفسير: عمير: رجل. ونتيج غرسه: أخوه. والعمر: القرط. والخلاج: الشك؛ وأصل الخلاج المجاذبة. وقيل للشك خلاج لأنه يجتذبه أمران.
رجع: الله علم بعارٍ خرصٍ، ضيق رزقه وإن حرص، وآخر تغدو عليه منعمة بيضاء، قطعت إليه الفضاء؛ وأفته في العرية عاريةً، لم تسر وليست الحرة ساريةً، والله عالم بمكان السارين. لها نفحات ليست بالطيب، ولكنها آثر من المسك القطيب، لها أب غير ممراضٍ، مشرب بالحمرة والبياض؛ وأم عزت وكرمت، وحلت للعالم فما حرمت، وحاضنة من السود، حرم ناصبها أن يسود، إذا أودعت سراً كتمته؛ وغلا في ضميرها فنمته، وباتت من دارك على الجمر، إنها علم ربها لفى أمر، ما خلقت لها الحجال، ولا ربها إلا الرجال، ولا إسترت در الظؤار، لكن أمتريت لها الضأن الدوار، لم تدر بالعيش الخرفاج. غايةء.
تفسير: الخرص: جائع يجد البرد. منعمة بيضاء: هرية. والعرية العشية الباردة. لها أب غير ممراضٍ وهو اللحم؛ والمعى أنه اعتبط لها من الغنم الصحيح. وأم عزت وكرمت: الحنطة والظؤار: التي تعطف على الولد من النوق وغيرها؛ وكل مرضعة ترضع غير ولدها فهي ظئر والعيش الخرفاج: الناعم الواسع.

رجع: نور ممتد في الهواء، إلا تكن ليلة بدرٍ قليلة سواء، إستر بالنعف، من الشعف، وكيف يستر من المقادير! ولو شاء الله لوقفه تحت الوابل فلم تصبه القطرة ولا القطرتان. أزعمت ان السعف، لا ينبت إلا في الشعف! إن الله إذا حكم نبت في الجذوع. قد يأتيك الرعاف بالقعاف، فأتق الله ولا تكن من القانطين. العرف لا ينفخ منٍ القرف،إلا أن تطعم ما فيه الفقير. ومن أسدى عارفة فقد ملك ثمينة من الدر، فإذا من أنحى عليها بالفهر. فما أجهل رجلاً ملك جوهراً فحمل عليه حجراً. إن الحطيم، هابه قيس بن الخطيم، والله جلل في قلب اللبيب. إن الشيخ اللطيم، طالما فدى وهو فطيم، والدهر يلعب بنا حالاً بعد حالٍ. اذا ترك الظبى الجميم، إكراماً للحميم، فقد بلغ النهاية في البر؛ وربك الضامن لجزاء الأخيار. زاد ما بالأميم، أنه في ذلك سميم، وكم في الزمن من مأسوٍ وجريح؛ فخف ربك ولا تحد عن المنهاج. غاية.
تفسير: ليلة السواء: ليلة ثلاث عشرة. والنعف: ما إرتفع عن المسيل. والشعف: القطر؛ ومن أمثالهم ما تنفع الشعفة في الوادي الرغب ذكره أبو مسحل وذكر أن الشعفة المطرة؛ وأنشد غيره في أن الشعف القط:
فلا غرو إلا نزوهم من نبالنا ... كما أصعنفرت معزى الحجاز من الشعف
أصعنفرت: التوت. الشعف: أعالي كل شئ من الجبال ورءوس الناس وغيرها. والرعاف: أول مطرٍ يجئ في السنة، مأخوذ من رعف الخيل إذا تقدمها. والقعاف: السيل الجارف. والعرف: الريح الطيبة . والقرف: وعاء من أدم يتخذ فيه الخلع وهو لحم يطبخ في كرشٍ ويتزود في الأسفار. والفهر: الحجر. واللطيم: الذي يلطم وجهه. والأميم: مثل المأموم. والسميم: المسموم.
رجع: إن الرفيع ليس بشفيع، وتلك صفة خالق الأولين، لا مثل له ولا نديد. إن كان الريع، ليس بمريعٍ، فاهبط الأجزاع، في خمار الأوزاع، فأن الله أمر بالريع الأرضين. ما يصنع رضيع ببضيعٍ! فأصرف عنى رب رغبة الرامين. إذا كفتك الرعة، عن صيد المرعة، فأحر بك أن تحسب من السالمين. إن الإمعة، لا يحضر معه الشمعة، إنما رأى شيئاً فأتبعه، عن القمع يدمى القمعة، فاسع إن كنت أخا سعةٍ، قد يشكو الأفرع الفرعة؛ وقف في غير ريعٍ، بعد ثمانٍ أو سبعٍ، في شماله قوس نبعٍ، فأقزع الوحوش بالطبع؛ ورمى ضبعاً في الضبع؛ فركبت لذلك الردع، أنفع ما فعل أم ليس بنفعٍ! ألا تفرق بين الحسنات والسماج غاية.
تفسير: الرفيع: الخالق جل وعلا. وشفيع: بمعنى مشفوع وهو الذي له ثان. ونديد: مثل ندٍ، وكذلك نديدة؛ قال لبيد:
لئلا يكون السندرى نديدتى ... وأشتم أعماماً عموماً عما عماً
العموم: جمع عمٍ وهو الجماعة من الناس. والعماعم: الجماعات أيضاً إلا أنها لا واحد لها من لفظها وأراد لبيد بهذا اللفظ المبالغة؛ أي كل واحدٍ منهم يقوم مقام جماعةٍ، كما قالوا سد جحفل، وإنما الجحفل الجيش العظيم.
والريع: ما إرتفع من الأرض. والمريع: المخصب. والأجزاع: جمع جزع وهو منعطف الوادي والأوزاع: جماعات الناس لا واحد لها من لفظها وهي الفرق؛ ومنه قول المسيب بن علسٍ:
أحللت بيتك بالجميع وبعضهم ... متوحد ليحل بالأوزاع
ومنه قولهم: وزعت الشئ فرقته وقسمته. والمعنى كقولهم " إذا نبا بك منزل فتحول " . وخمار الناس غمارهم وهو جماعتهم، والخاء أفصح، والبضيع: اللحم. والرعة: التوزع. والمرعة: طائر وجمعها مرع؛ ويقال إنه السلوى ولا واحد للسلوى من لفظه. والإمعة: الذي يقول لكل أحدٍ أنا معك. والشمعة ها هنا: مثل للرأي الجيد؛ أي ليس معه شئ يستضئ به. والقمع: جمع قمعةٍ وهي ضرب من الذباب. والقمعة: أصل السنام. و الأفرع: الكثير الشعر. والفرعة: القملة. والضبع: العضد. ويقال ركب ردعه إذا جرح فسقط على الدم، وهو أصح ما قيل فيه. وقيل الردع: مقدم الفم، وقيل لحم الصدر.
رجع: يا مسيم الضان أراغٍ آثر عندك أمٍ ثاغٍ! أيها المتدير ميز بين منزليك. ما صارٍ، ببعيد من إصارٍ، وإن الزعيم بالشقاء والنعيم، حكم ألا يخلد سواه حكيم. ومن بخل بطعامٍ، فقد بخل بقليل الإنعام، ومن عدم القوت، فهو الممقوت، وإذا غنيت، حسدت وعنيت. وإذا انضاف الحذل، إلى المذل، فأعان الله على الليل الطويل. بأنهم إن ما تلتهم لقليل. بينا ملك ينير، عرض له التغيير، فخمد خمدة لهب أجاجٍ.

تفسير: الراغي: البعير. والثاغي: الكبش. ويقال للناقة راغية، وللشاة ثاغية. والصارى: الذي يجمع ويقيم في الحضر. والإصار: الوتد؛ والمعنى أن الحضرى لا يأمن أن يضطر إلى البدو. والزعيم: الكفيل. والحذل: خشوزنة في العين وانسلاق. والمذل: كثرة الحركة والقلق. وتلتهم: تبتلع.
رجع: دار نفسك وإن بلغت سن الهرم كما يدارى الوليد. من عمد للمصلحة في الدنيا والدين - وإن ظن الجاهل أنه ليس بحزيم فذلك هو الموفق اللبيب. فرحم الله امرأ وعظه سواه. ألا يعظك الشقى أيها السعيد! ضرب لك أمد طال عليك؛ وإنما صغرت واستعظمت الصغير وقريب عند الله ذلك البعيد. وقعت في الحبالة فليس إلا التسليم! وكيف حال قنيصٍ أخذ معه أمثال كثيرة، فنظر إلى الأمثال تعتبط وقد علم أنه سيعيد المدية له معيد! جاءك الإبعاد والعدة، فإن كنت مصدقاً بالأمر ين فعليك بعدة التصديق، وإن كنت مكذباً فقد أضلك التكذيب.
أصدقت أحدهما وكذت الآخر فأنت لعمرك غير مصيبٍ إن كان الوعد صادقاً فلا كذب في الوعيد. أحسن ميتةٍ الرجل أن تظهر به العلة ويستحضر له الطبيب فيمارس له الأدوية وعند الله دواء السقيم، ثم يقع منه اليأس فيحضره نفر منهم العدو والصديق، ثم يلفظ نفسه فيكون كالجذع القطيل، فيتخذ له الماء الطاهر حميماً شق على الحميم، ويقرب كفئة وهو الخلق أو الجديد ثم ينهض به الناهضون فيصير طعمةً للصعيد. سهر المعمود، حتى وضح العمود، ثم هجع، فإذا طائر قد سجع، فانتبه مذعوراً، كأنه لقى محذوراً، قد ثمل من التسهيد. إن القمر، مد المطمر من السماء فوصل أهل السمر. ومن يعص الله فليس برشيدٍ. لا إخالك بأخى ليلٍ كحل أسود عينيه بأسوده كانه الإثمد على مروده، يعتسفه بوخده بين سهبه النازح وفدفده. والدنيا غير وافيةٍ، ليست الحياة فيها بصافية؛ إن الكدر لكأس العيش مزاج. غاية.
تفسير: الحزيم: مثل الحازم. والقطيل: المقطوع. المعمود: الذي يحتاج من السقم إلى أن يعمد أي يسند. والمطمر: الخيط الذي يقدر عليه البناء وهو الإمام، واسمه بالفارسية التر. والسهب: الواسع من الأرض مع سهولةٍ. والفدفد: الغليظ من الأرض.
رجع: الطريق لاحب، فأين الصاحب! ومن صحبه الله فهو المحفوظ. إن العقد في الذئب وفي النقد، وكل بقدر الله كان. وليس بمنقادٍ، من وجد أباه على إعتقادٍ، وربك ملهم الممعقدين. ما يصنع سادٍ، بالوساد، والله أذن للخافضين. لا تستغنى مقحاد، عن صوت حادٍ، والسعيد من كانت له النفس ناهية عن معاصي الله. ومن ألحد ندم بعد الملحد، وجل العالم بما يكون. إن السواد كان سبب العواد، ولا يخفى عن ربك ما قال المتساودون. رضيت الخريد، بإنتظام الفريد، لما عاينت ريدها، تحمل جريدها، والمعايش قسم كالخلق بين المخلوقين. جاء التصريد، وماء في الوريد، وبإذن الله ورد الواردون. ما ابعدني من هزج الغناء، فأما اليعوضة لدى فمهزاج. غاية.
تفسير: الطريق اللاحب: الواضح. العقد: التواء في طرف الذنب كالعقد. وسادٍ: من السدو وهو ضرب من السير، ويقال هو أن يكون السائر كأنه يحمل رأسه. والمقحاد: لعظيمة السنام، مأخوذ من القحد وهو أصل السنام. والسواد: السرار. والعواد: مصدر عاودت الشئ عواداً؛ والمعنى أن الإنسان إذا رفق به عاد إلى ما ينفر منه. والخريد والخريدة: الحيية. والرائد: المثل؛ والمعنى أن إنتظامها الفريد لسيدتها أهون من الأحتطاب. والتصريد: قطع الشرب. والوريد معروف؛ والمعنى أن الإنسان يظن أنه قد وصل إلى الأمر ثم يحال بينه وبينه.
رجع: كم من صبىٍ، أغذى بعذاء لهبىٍ، ما رضع ثدي أمٍ، ولا خشى من ذوات السم، ليس بوليدٍ ولا طفلٍ، ولا هو في المطعم بأخى كفلٍ؛ يختضب فيترك الجارية سلتاء، ويبرد صيفه والشتاء، ربته النار المستمرة، فليس عليه شعرة، وفي قدرة ربك أن ينبت له سود الشعرات. يهابه الفتى والكهل، وهو لأن يهاب أهل يستنصر به أرباب العقول، وليس بصاحب معقولٍ، طالما شقيت به سوق الأعراج. غاية.
تفسير: صبى السيف: عيره، ويقال حده. والكفل: التصيب.
رجع: إن من يفتقر إلى لفقير، فأغن اللهم كل مسكين. وبئس البيت المسكون، بيت تحت الغبراء يكون، لا أس له ولا عمود إنما هو من هباء. ليس بالطرف ولا الخباء؛ والأعمال الصالحة خير ما راح إليه من السوام؛ فكن أيها الرجل من الصالحين. وإذا رأيت الملأ يبرمون أمراً فقل لعب الولدان خراج. غاية.

تفسير: خراج: لعبة يلعب بها الصبيان.
رجع: أنا كسير الجناح فمتى نهضت أنهضت، ولو صلحت للبذلة لكنت السعيد. ولكن حال الجرير، دون البرير؛ إنما أنا حي كالميت أو ميت كالحي، وما إعتزلت، إلا بعد ما جددت وهزلت، فوجدتني لا أنفذ في جدٍ ولا هزلٍ، ولا أخصب في التسريح ولا الأزل، فعلى بالصبر لا بد للمبهمة من أنفراجٍ. غاية.
تفسير: الجرير: الحبل. والبرير: ثمر الأراك. والأزل: الحبس.
رجع: من رفت شفتاه التسبيح رف قلبه لذكر الله، ومن خم صدره من الغش لم يكن من خمان الناس، فدع الخنى ترك الحوت سماوة كلبٍ، ودع الشر دع الباخل من زاحمه على قوته في العام الجديب، وأدع إلى المتقين دعوى ابن الرشدة إلى أبيه، وادع الله بحبك دعوة مخلص ملهوفٍ، وانتظر القضاء فإن المطر يقضي الوطر، والقمار يكشف الخمار، والخمور تخرج العمور، ولا يأمن صاحب العلبط وساربه أن يحبط، فيضحى سائق عنزٍ جرباء صردةٍ، من جربياء لا تحد في الجربة نابتةً، ولا تدر جربة لها بمقدار لبن الظبية. فرب معسكرٍ، في الأيام ليس بمفكرٍ؛ بيننا هو قليل التفكير، جاءه الزمن بالنكير، فذهبت بماله غارة في الصبح، أو بعض السنوات الجلح، فأصبح يدعو الجبرة، لا يملك وبرةً، يعتمد على عنزةٍ نبعيةٍ، لا عنزة الربعية؛ ولقد يوجد أخا رواحل جعلها الربيع كالأبراج. غاية.
تفسير: رفت شفتاه: من قولهم رف العود اذا مصه. ومن خم أي كنس. وخمان الناس: رذالتهم، وكذلك خمان المتاع؛ ومنه قول الشاعر:
عدت تحت أقطاع من الليل طلتى ... نجمان بيتي فهي لا شك ناشز
والأقطاع: جمع قطع وهي الساعة من الليل وطلة الرجل: إمرأته. والعمور هناهنا: القرطة. والعلبط: القطيع من الغنم والخائر من اللبن. وصردة: تجد البرد؛ ويقال في المثل " أصرد من غز جربةٍ " . والجربياء: الشمال. والجربة: القراح من الأرض. وجربة معرفة لا تدخلها الألف واللام: السماء. والمعكر الذي له العكرة من الإبل وهي من الستين إلى المائة، وقد إختلف في مقدارها فقيل هي نحو المائتين وقيل غير ذلك، إلا أنه لا يقال عكرة إلا لإبل كثيرةٍ. والجلح: جمع جلحاء وهي التي لا نبات فيها.
والجبرة: جمع جابر وهو الذي يجبر الفقير بالعطاء. والعنزة نحو الحربة تكون بزجٍ وبغير زج. وعنزة: القبيلة التي منها القارظ العنزى وهو عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزارٍ.
رجع: على أي شئ هجم بك مغداك؟ على مال ينيم! خابت يداك لقد كمه في ذلك أسوادك، ألا يقنعك حظك وبداك، قتلك غيك فما وداك، ما أقل جداءك وجداك، أردى جارك أحب إليك أم رداك؟ إن الأيام تنقض سداك، ياجدث لا أحفل نداك، أعداء الميت حول عداك. أين أهل الودك والرودك، تسدك بهم النوائب أي سدكٍ، أما شخص الحياة فأنهدك، وبقى ذكر رفدك. يا نفس العيار، قيل الغيار، والمشاورة، قبل المساورة، أسيت على إنفلات الأعيار، فما فعل أهل الديار! القليل يكفيك، لا الدم بك سفيك، ولا طالب الحق أفيك، وربك عن وجه الأرض ينفيك، فالرغام بمعطسك وفيك. لا تطلقن لسانك ويدك، يطير فراشك إن أرسلت صردك.
تقبيل المومسى يورث البشع، وأكل السحت يكسب الدرد، واليد المفسدة عن قليل شلاء؛ فابل نفسك قبل أن ينزل بك البلاء؛ ما أكثر الهالك بأسف دراج. غاية.
تفسير: البدا: النصيب، ويقال هي أبداء الجزور للأنصاء التي تقسم عليها واحدها بدء مثل خبء وبداً مثل قفاً. والجداء بالمد: الغناء.
والجدى بالقصر: العطاء. وأسوداك: اسود العين والقلب. والسدى: مستعار من سدى الثوب، والعدا: الحجارة التي تجعل حول القبر. والرودك: الشباب الناعم. وأنهدك: أنهده. والعيار: من عيار الميزان. أي وأزنى أعمالك. والغيار: التغير. والأعيار: جمع عيرٍ؛ والمعنى لا تأس على ما فاتك. والأفيك: المأفرك وهو المصروف. والصرد ها هنا: أحد الصردين وهما عرقان يكتنفان اللسان. ويطير فراشك: يحتمل وجهين، أحدهما أن يكون من الفراش الذي يقع في النار أي أنك تطيش وتجهل إن أرسلت لسانك. والآخر أن يكون الفراش العظام الرفاق التي بين عظام الرأس الكبرى؛ ومنه قول النابغة:
ويتبعها منهم فراش الحواجب

والمعنى أن الرجل إذا أرسل لسانه جاز أن يضرب رأسه بالسيف؛ ومن ذلك قول العرب " مقتل الرجل بين فكيه " والمومس: العاجرة. والبثع: من قولهم شفة بتعة وهو أن يظهر ذمها ويرم لحمها ودراج: ابن زرعة الكلانى، كان حبسه الحجاج فمات في الحبس أو قتل، وهو القائل:
إذا أم سرياح غدت في ظعائنٍ ... جوالس نجداً فاضت العين تدمع
فأبلغ بني عمرٍ وإذا ما لقيتهم ... بآية كراتى إذا الخيل تقدع
فما القيد أبكانى ولا السجن شفنى ... ولا أننى من رهبة الموت أجزع
ولكن أقواماً ورائى أخافهم ... إذا مت أن يعطوا الذي كنت أمنع
رجع: من كذب ففي حبل الباطل جذب، وما أحسن ثياب الصادقين، وربك يجزي الصادق والكذوب. إن ذا القسيب، ليس بلسيبٍ، والتجارب تلقح العقول، والله مجرب المجربين. ما صرير الجنادب بدعاء الآدب، والله أعلم بتسبيح الحشرات. ومن أسنت فقد أعنت وأعنت؛ فنعوذ بالله من غلبة السنين. أركبان البروج أروح أم ركبان السروج، ولكل وقت يعلمه الله هو فيه مستريح. إن المعنج طمع في ركوب السفنج؛ فاذا هو راجل بالسبروت، أما السيل فحمر؛ وأما الشر فشمر لا تحلى يلى تمر، إن طرفك لطمر؛ يحضر وأنت غر؛ لا تستمسك أو أن تخر، فالفزع إلى الله قبل أوبة الآئبين. وليس بمنقوسٍ، من سكن في القوس، ولن يسلم أحد من العائبين. والطلف، تمام التلف، وكل عند الدهر جبار؛ شهدت المعاينة والأخبار يا فاسق إنك لسدم، وأمامك ورد ردم، ليس عليه سواك مقدم، أنت على الثراء معدم، والسقم، بعض النقم، وبالله شفى السقيم. إن الفدن، لا يشعر بكسوة الردن، اكس الأبحر ولا تكس الحجر، والله كاسى العارين ومعرى المكتسين. الغنى محتلط، وهو الغد مبلط، لا يغرنك نعم كالحراج. غاية.
تفسير: القسيب: صوت الماء. واللسيب هاهنا: بمعنى ملسوب وهو الملعوق؛ والمعنى أن الماء لا يلعق. ويقال في المثل: " أحمق من لاعق الماء " . والآدب: الذي يدعو إلى الطعام. وأسنت: من الجدب. وأعنت: لأنه يضيق على ما شيته ومن يعوله. وركبان البروج هاهنا: الذين يحرسون حصونهم. والمعنج: الأحمق الذي يعترض في كل شئ. والسفنج: من صفات الظليم؛ ويقال معناه الواسع الخطو؛ المعنى أن الأحمق يطمع فيما لا يطمع في مثله. والسبروت: الارض التي لا شئ فيها. والسيل الحمر: الشديد؛ والمعني أنه يقشر وجه الأرض. من حمره إذا قشره. والشمر: الشديد، يوصف به الشر خاصةً. والطمر: السريع الوثب والمنقوس: من نقسته إذا عبته. والقوس: موضع الراهب. واللطلف: من قولهم ذهب دمه طلفاً لم يدرك بثأره. والسدم: اللهج بالشئ. ومردم: دائم. والفدن: القصر، ويقال القنطرة. والردن: الخز. والأبحر: الذي سرته ناتئة، وكل عقدة في الجوف بجرة. ومحتلط: مجتهد؛ والأحتلاط: الأجتهاد. والمبلط: الذي قد لصق بالأرض من الفقر؛ وهو مأخوذ من البلاط، كما أن المدقع مأخوذ من اللصوق بالدفعاء وهي التراب. والنعم: الإبل خاصة؛ والأنعام: الإبل والغنم وغيرها. والحراج: جمع حرجةٍ وهي شجر ملتف.
رجع: لا بقوى لغير التقوى، فأحسن اليقين، وكن من المتقين. ولا تعرج، على خوطٍ مريجٍ، فأعمد لنفائس الأمور. وأنا من نبذ الجديد، بالكديد، وتعلق يطلب الخلق، والله الرث والجديد. والسالك، في طريق الهلوك هالك، لا تنبع الضالين. وقد يشبيك، من ليس بأبيك، والله كافى الكافين. يقطعك أبوك، والبعيد يحبوك، وربك أجل الحابين. وإذا في صباك، فلا جنوبك تحمد ولا صباك، وإذا أكتهلت، عللت وأنهلت، فالصدر الصدر، إن عدوك لقريب. وإذا أسن الرجل فقد دنا الرحيل. إن الحى خاوف وليس الأطيط بالغطيط. ويسمع انقيق، في الماء الرقيق، واللجة، لها رجة، وإلى الخالق نتوجه. ضعفت الناب، عن الجناب، وبئس الرب رب لا يعذر إن غفل قاتٍ، في بعض الأوقات. وشر المقالة مقالة السداج. غاية.
تفسير: الخوط: الغصن. والمريج: الشديد الاضطراب. والكديد: ما غلظ من الأرض. ويشبيك: يكفيك. والأطيط: كل صوتٍ دقيق ٍمثل صوت النسع الجديد ونحوه. والغطيط: صوت المختنق؛ ويقال غط الفحل غطيطاً إذا لم يفصح بالهدير، والغطيط من هدير البكارة.

والنقيق: صوت الضفدع؛ والمعنى أن الحال الحسنة لا تخفى وإن كان غيرها أحسن منها. والجناب: أن تكون جنيبة. والقاتى: الخادم؛ من قتوت إذا خدمت. والسداج: الكذاب.
رجع: أنا لا أضبر، فهلا أصبر! لست أخا صبرٍ، ولا حليف ضبرٍ، أمشى فأكمأ، ولا أريم بل أرمأ، وبعين الله الظاعن والمقيم الحد كليل، والأيد قليل، وبالله إعتصم الضعفاء. كم قرىٍ، دون السرى، عن الفقير مجفو، والله عفو. الرأس أميم، والعظم رميم، وربك باعث الرمام. جاءك بالداء الكنين النواء في السوم، لا تشعر بنواء القوم، لعنت القلت، إذا اعترض دونها السيف الصلت، ليس الأقلح نائياً عن الأقله، فأما الجلح فاخو الأجله؛ فأي آثر لديك أقلح وقله، أم الأجلح مع جلهٍ، تعرف السائمة بالحداج. غاية.
تفسير: أضبر: من الضبر وهو الوثب؛ يقال ضبر الفرس إذا وقعت يداه مجتمعتين. وأكمأ أي تشتد أذاتي بالحفا. وأرمأ: أقيم: والقرى: مسيل الوادي. والسرى: النهر. والنواء الأولى: جمع ناو وهو السمين. ونواء القوم: مصدر تاوأت؛ والمعنى ان السمان يساوم عليها لتذبح وهي لا تشعر بإعتقاد القوم فيها ومعاداتهم إياها. والقلت: نقرة يجتمع فيها ماء السماء وهي مؤنثة؛ قال الشاعر:
لحى الله أعلى تلعةٍ حفشت به ... وقلتا أقرت ماء قيس بن عاصم
والقلت في لعة أهل الحجاز: البئر. والأقلح: الوسخ الأسنان. والأقلة: الوسخ الجلد. والجله في الرأس أشد من الجلح. والحداج: ضرب من المواسم.
رجع: ما السحر، بموضعٍ للنحر، والله يعذر المضطرين. ومن غرى بالعيس، فجده تعيس؛ ومن عاش، فلا يأمن الأرتعاش؛ وتترك الشهوات، للإخوة والأخوات؛ والسنيح، لا يخبرك بفوز المنيح، وعند الله غوامض الخبار. تسير في الوعوث، والرزق إليك مبعوث، إن الله تكفل برزق المتوكلين. واديك جليخ، والفحل مليخ، ولكلٍ من الحوادث نصيب. خاب السير النصيص، إلى الدسكرة والأصيص، إن الأمر جد؛ فكن أيها الغافل من المجدين. وقد يصيف، السهم الرصيف؛ ويظفر بالونية، ممارس العنية؛ والوقت متناهٍ، فهل من ناهٍ، ولربك حكم يمنع من الجرى الهراج. غاية.
تفسير: السنيح يختلف فيه، فقوم يجعلونه للسعد ومنهم النابغة ويحعلون البارح للنحس، وقوم بضدهم. جليخ: بمعنى مجلوخٍ من قولهم: جلخ السيل الوادي إذا جعل فيه جرفة. والمليخ: الذي قد عجز عن الضراب، ويقال هو الذي لم يلقح. والدسكرة: موضع الشرب. والأصيص: دن مقطوع. ويصيف: يميل. والرصيف وهو الذي عليه الرصاف وهو عقبة تشد على مدخل السنخ وهو ما يدخل في السهم من النصل، ويقال هو العقبة التي تشد على الفوق. والعنية:دواء لجرب الإبل يتخذ من بولها وأخلاطٍ غيره؛ ويقال في المثل " عنية فلانٍ تشفى من الجرب " إذا وصف بحودة الرأي. ويقال فرس هراج إذا كان شديد الجرى.
رجع: الأحباء يفوتهم الحباء، فما بال السوق المتباعدين!. إن الرجل إرتبأ، فعلم النبأ، ولم يوقظ الراقدين، فضل الصاحب وضل الرفيق. وليس الأباء، أهلا للإباء، فألق فيه السقط متى شئت يسمعك ضباضب في النار. وإن كان القريب، غير مريبٍ، فالسعيد، من غنى عن البعيد. والمرء يضرب ويجوب، ليصرب في منجوب، تأخذه خرقاء ذات موقٍ، تجعله لغرنوق، لا تنبعث به النوق، كأنه بيض الأنوق، تألف صوته العنوق، ولغير ذلك جمع الجامعون. يانفس أصبت، أننى إياك قصبت؛ وغير المصيب، لا بد قصيب. ما خطيت، لو أنى في دمك وطيت. ومن في اللجة، يغبط السائر على المحجة، والمسافر يغبط المقيم، والغنيمة مع الظاعنين. كم رقدٍ ونقدٍ، بين صارة ورقدٍ، في حلٍ أو عقدٍ، صار كله للفقد. صاحبك منتبذ، وأنت إلى الباطل ربذ؛ وأغنت الجنابذ، عن المنابذ؛ ورضى الصغير، بالوغير؛ فبعدت رائحة قتار، تظهر تارة بعد تارٍ، ثم لا ينال خيرها الفقير إن الجزز، لا يؤخذ عن الخزز، فاتخذ لك حريزاً، قبل أن يسوق الوقت أربزاً؛ وهيهات! الفعل خطأ، والقول خطل، خاب السعى وضل العمل. ما أنا والبلد المضاف إلى النعمان بعد صحبة قريطٍ والهراج. غاية.
تفسير: الأحباء جلساء الملك واحدهم حبأ. والضباضب: صوت الشئ الذي يحترق في النار مثل القصب وغيره. ليصرب: ليجمع. والمنجوب: إناء واسع، وقد يكون سقاءً دبغ بالنجب، وهو لحاء الشجر. والموق ها هنا: الحمق. والغرنوق: الشاب. والعنوق: جمع عناقٍ.

وقصبت الرجل إذا عبته. وما خطيت: من الخطاء وأصله الهمز. والرقد: مصدر رقد الجدى والثعلب ونحوهما إذا وثب. والنقد: من نقد الدراهم، ويحتمل أن يكون من نقدته الحية إذا لدغته. وصارة ورقد: موضعان. والربذ: السريع. والجنابذ: جمع جنبذةٍ وهو المكان المرتفع. والمنابذ: جمع مبنذةٍ وهي الوسادة. والوغير: لبن تحمى له حجارة رقاق وهي الرضف ثم تلقى فيه حتى يسخن. والجزز: ما جز من الصوف. والأريز: البرد. والخطل هاهنا: السقط في الكلام، والخطل أيضاً كثرة الكلام، ويقال رمح خطل إذا كان مضطرباً.
رجع: لا عتيبة بقى ولا قتيبة. كم فتى من هذيل، يضرب بالذيل كان العذيق والجذيل، غودر برملٍ، أو رميلٍ، ما خلفه النضر بن شميلٍ، خير من خلف أبي مليلٍ، والفرخ أبي العديل، عيلاً عيلاً، قد ورث كعب جعيلاً، وترك عتر قيلاً، وسار في توبة رثاء ليلى، ثم أضحوا بالترب هيلاً، لم يصيدوا جميلاً. طويت المنازل عن العراق كأنني في الطاعة وأظن ذاك بعض المعصية، وأحسبني لو وفقت لا تقلبت عائداً على أدراج. غاية.
تفسير: عتيبة: ابن الحارث بن شهابٍ. وقتيبة: ابن مسلم أحد أمراء المسلمين بالعراق. والنظر بن شميل: كان من أهل العلم وله كتاب في غريب الحديث وكتب كثيرة. وأبو مليل: حماد بن الربيع أحد فرسان بني يربوع بن حنظلة. والفرخ أبو العديل: الشاعر وهو صاحب الدالية المنصفة.
ألا يا أسلمى ذات الدماليج والعقد
وعيلاً عيلاً أي فقراً فقراً أي كل الناس يفتقرون إلى الله. وكعب بن جعيلٍ: أحد شعراء بني تغلب؛ وله يقول الأخطل:
سميت كعباً بشر العظام ... وكان أبوك يسمى الجعل
وأنت مكانك من وائل ... مكان القراد من أست الجمل
وقيل بن عترٍ: أحد وفد عادٍ والجميل: ضرب من الطير؛أي إنهم لم يصنعوا شيئاً. على أدراج: المعنى بياء الإضافة أدراجي، وحذفت الياء للقافية.
ويقال: رجع على أدراجه إذا رجع على الطريق الذي جاء منه.
رجع: يا سمهر ويا ردين، أين غبث وبدين! على للمنايا دين والمرء يأكل بيدين، ولا خلود للفرقدين، ليتنى خفيت عن كل عينٍ، وكنت كمكبر اللجين، لا أرضى أن أوجد كهمزة وصل في الإدراج. غاية.
تفسير: ردينة: إمرأة كان لها غلمان يثقفون الرماح فنسبت الرماح إليها. وسمهر: زوجها فيما قيل. وغيث وبدين: رجلان من طيئٍ درجا. كمسكبر اللجين: أي مفقود. وهمزة الوصل إذا لم تدرج فهي ثابتة.
رجع: يا ابن آدم إنك لغدر، وبذلك مضى القدر، إن التيمة، حبست لليتيم واليتيمة، فلما قضى منها الأرب، وجرت مجرى الظئر دعى لها قدار فشصب، ثم قصب، وليمت القادرة على ترك الإنضاج. غاية.
تفسير: التيمة: شاة ترتبط تعلف وتحتلب. ومنه الحديث " على التيعة شاة والتيمة لصاحبها " أي لا تؤخذ الصدقة منها، ويقال: أنام الرجل إذا ذبح التيمة؛ قال الحطيئة:
وما تتام جارةآل لأى ... ولكن يضمنون لها قراها
والتيعة: الأربعون من الغنم. والقدار: الجزار. وشصب: سلخ. والقادرة: التي تطبخ في القدر.
رجع: إن حوض المنية رحيب طامٍ، يرده كل الحيوان فلا يغيضونه كهدبة الوليد، وعليه إصطلح الأجدل والقطاة، والذئب المقتر وغزال فرتاجٍ. غاية.
تفسير: هدبة الوليد: شعرة من جفنه. وفرتاج: موضع تنسب إليه الظباء.
رجع: ايها المسيم، إن حظك لقسيم، إما الشخت هو وإما الجسيم، هل زاد رسمك الرسيم. عنك من اللوام، تغتبط بلقاح السوام، إنك لا تعلم لمن النتاج. غاية.
تفسير: رسمك أي من الرزق. وعنك: في معى علك.
رجع: رحلى فوق الراحلة، والبلاد قاحلة، إن البادن لناحلة، ما كحلت الكاحلة مروداً أنفع من الرقاد في عين المجتمع أو الهداج. غاية.
تفسير: القاحلة: اليابسة. والمجتمع: الشاب الذي قد كمل شبابه والهداج: الذي قد تقارب خطوه من الكبر، والأسم الهدجان والهداج.
رجع: من احكم سوطك جلزاً! عزاك غيرك فهل تعزى، لا أجد لنفسي مزاً، أصبحت سوقة مغتزاً، أطلب من المنايا حرزاً، هل أجد عنها معتزاً، لا تكن بخيلا كزاً، إن لك خصماً ملزا، هل سمعت للزمن رزاً! لست لقبيح قزاً، ما غادرك مستغزاً، إتخذت الحامل منزا، وأعدت للوليد يزاً، إن وجدت في الغصن مهزاً، وللشفرة بيدك محزاً، فأغتنمى شرفاً وعزاً، ما يومنك من الخداج. غاية.

تفسير: الجلز: عقد السوط. والمز: الفضل. والمغتز: المختص. ومعتز: من العز. والكز: المتقبض. وملز: مفعل من اللز. والرز: الصوت. والقز: الرجل الذي يتقزز الأشياء. والمنز: المهد السريع الحركة.
رجع: لا تكن الظالم ولا معينة، يزو عنك الشر قطينه، ولا يحرمك الخالق دينه؛ يقطع القرين قرينه ويركب المرء سفينه، ويهجر الأسد عرينه، يصلح بذلك شؤونه، حتى إذا بلغ حينه، وسمع خليله أنينه، وألبس العرق جبينه، ندم على ما بسط إليه يمينه. طبع النائم على الحلم، والإنسان على الظلم: يظلم الملك خبيره تجبراً، والغنى فقيره بغياً وتشرراً، والنظير نظيره خديعةً ومكراً، والعبد أميره خيانةً وغدراً. فتجهز للظعن أيها المقيم، إن أمامك بواكر الأحداج. غاية.
تفسير: الخبير: الأكار. والأحداج: جمع حدج وهو مركب من مراكب النساء لا رأس له.
رجع: من خان الرفيق، في الأفيق، خان الوالد، في الطريف والتالد. والخائن عند الله مقيت. كم داعٍ، وهو أخو رداعٍ، أغفل دعاء الله صحيحاً، وبذل بعد ما كان شحيحاً؛ فلما يئس من نفع الآسين، فزع إلى مذكر الناسين، فوجده الحليم الرءوف. ما أحسن سقيم، هو على المعصية مقيم؛ إن عذر المعافى أقوم وكل ليس له إعتذار. سوف يرفع على العلم، ما كتب بالقلم؛ فأجتهد أن تكون حسن المرفوع. ايها المسرف، أنت على العذاب مشرف، سوف تعترف، بما تعلم وتعرف، وتقر بما تقترف، في العنق غرفة واليد تغترف، صرف الأمور إنك منصرف، تحرف القول لتحترف، وليهرف نابتك تهرف، هل الميت متشرف، ينظر إلى الروضة ترف، هيهأت! لا يشعر بما أصف. أنت تعذم لتغذم، وشفرتك تهذم، لتكون النحر تقذم، والجفان ترذم، فإن السبب منجذم. عجبت حتى ما تعجب، وناديت فلم تجب، فزع ساكن العريس، من الفريس، كيف لا تذوب الضخرة من الحر والماء يجمد من القريس، وذلك بقدر عالم المغيبات. أيها الجائب، على نجائب، تتخلل بلاداً، يطلب طريفاً ويدع تلاداً، إن رأيك لأفين، إنما الحى في دفع مضرةٍ وبلاء. ألبس لأصد عنى ضر العارين، وأطعم لأرد حال الساغبين، وأشرب خشيةً من الظمإ واللوب. فادع الله بالليل والنهار. إن البحر يطم وموجه يلتطم، أنه الفحل القطم، يكب الفلك ويحطم، والله يزمه ويخطم، جاء المفتقم بالرقم، وربك يولد ويعقم، ويعز من يشاء ويقم؛ فاذ كره على السفن وفي سروج الخيل وأكوار الإبل، وعلى بنات صعدة وبنات شحاجٍ. غاية.
تفسير: الأفيق: الأدم ما دام في الدباغ. والرداع: داء يصيب الرجل في مفاصله. والغرفة: أن يلقى في عنق الدابة حبلاً ويعقده. وليهرف: من هرف النبت إذا طال. وتهرف: يكثر كلامك. وترف: من ورفت الروضة إذا أهتزت من نضارتها، وترف: مثله أيضاً. وتعذم: تعض. وتغذم: تأخذ الشئ بكثرة من مأكول وغيره. وتهذم: تقطع. والنحر: جمع نحيرةٍ. وتقذم أي يخرج دمها بكثرةٍ. وترذم: تسيل. والقريس: البرد. والأفين: الضعيف الرأي كأنه لا لب له؛ مأخوذ من أفنت الناقة إذا إستقصى حلبها. واللوب: طوفان حول الماء. ويقم: يذلك. وبنات صعدة: الحمر. وبنات شحاج: البغال.

رجع: الملك لله راعى الغافلين الجبار القديم، سند أهل الخيف شرواك نفقد وتقواك نستجير. أعطنا الأمان المستبين أمان الكريم. أفضلت فزدنا؛ لا يخفى عنك خفى لدى الغارين. ينبغى لمن يرث، أن يحترث، وإلا في التراث، وخزائن الله لا تنفد وفيها الأرزاق. قد أخذت في كل الأنحاء، فرأيت مرض الأصحاء، أرواح من سؤال الأشحاء. أيها المستجير من لك بالنصحاء! لعل الخرس أفضل من الفصحاء؛ جرست النحل من السحاء، فأنت بملء الأنحاء، إن رب المرجل ليفتقر إلى الأفحاء، من لك في العشى بالضحاء! من أوقعك في البرحاء! أدجنت السماء فهل من إصحاء، لا خير في اللجاج واللحاء، الأمر وجى فعليك بالوحاء، ليس منابت النبع في البطحاء؛ وانقطاع الجرر، يدل على إنتقاض المرر، ومن فكر في النجاة من عدوه، في أوقات ضعفه وهدوه، أمن من فتكته، عند شدته وحركته؛ كذات القلادة من الطير أرادت أن توكر بأرضٍ فيها بازٍ حرق، ما الطائر منه فرق، ثم ذكرت نبات ريشه فأنكرت واتخذت الهرب جنة فنجت هي وفرخاها، واقتنص أختها أو أخاها. وإن أهل البيت الصالحين يعلمون في جدارهم مكان أم العثمان فيعرضون عنها رجاة أن تصد عنهم شر العضلان. يخضع الظبى الأخضع، وينتصر الليث المهتصر، وللغبطة رجال؛ فأما أنا فلا غبطة ولا إبتهاج. غاية.
تفسير: الخيف: جمع خيفةٍ. شرواك: مثلك. والغارون: الذين لا يهتمون بأمورهم. ويحترث: يكتسب. والأنحاء: الوجوه والطرق. وجرست: أكلت؛ وتسمى النحل الجوارس. والسحاء: الصعتر البرئ، ويقال إن عسله من أجود العسل؛ وقال قوم: السحاء نبت ليس بالصعتر، وقالوا اسم الصعتر الندغ؛ ومن ذلك أن هشام بن عبد الملك كتب إلى عامله بالطائف أن أبعث إلى من عسل الندغ والسحاء. والأنحاء: جمع نحىٍ وهو ظرف للعسل وغيره والأفحاء: الأبزار؛ والمعنى أن صاحب الشئ الجليل يفتقر إلى الشئ الحقير. والضحاء: ارتفاع الضحى؛ ويقال الضحي ثم الضحاء؛ ولذلك سمى عذاء الإبل ضحاءها لأنه يكون في ذلك الوقت. والبرحاء: ما اشتد من لهم والحزن والحب؛ ومنه قولهم برح بي. واللحاء بالفتح يحكى عن قطربٍ في معنى اللجاج. واللحاء بالكسر: مصدر لاحيت لا اختلاف فيه. والوحا يمد ويقصر: السرعة. والنبع: ينبت في رءوس الجبال، فإذا نبت في السفوح والحضيض فهو السوحط، فاذا نبت في السهول فهو الشريان؛ ومن كل أصنافه تتخذ القسى العربية. والبطحاء: بطن الوادي، وقال قوم لا يقال له بطحاء حتى يكون به رمل. والجرررة: جمع جرةٍ وهي ما يجتره البعير؛ ومنه قول الباهلي:
وتفزع النيب منه حين تبصره ... حتى تقطع في أعناقها الجرر
والمرر: جمع مرة وهي القوة؛ والمعنى أن العادة اذا تركت فإنما ذلك لأمر حدث يشغل عنها. وحرق أي حرق الجناح وهو الذي قد تساقط ريشه، وأم العمان: الحية. والعضلان: جمع عضل وهي الفأرة. والأخضع: الذي في عنقه إطمئنان وهو من صفات الظباء. وأصل الاهتصار العطف للغصن وغيره؛ ومنه قيل: اهتصر الليث الفريسة يراد أنه ثناها.
رجع: من بات أرقاً، لينال سرقاً، أوشك أن يبيت فرقاً. إن تعش ترأبا مذقة يأكل الوتر، أما ربك فلا ضعف ولا نتر، وسع على من أقتر؛ وبإذنه تزف نعامة، كأنها في الآل العامة، ترعى العشرق، في ضياء المشرق، وحين المغرب بالشمس شرق، مسكنها القاع القرق، من أجلها الكرى مطرق، قد تكثر الورق، ويعود الطالب وهو مورق. يا جدث بعد. وتى، هل تسمع ندائي وصوتي! يا أرض، لا قرض عندك ولا فرض؛ أودعت المال فرددته سالماً. والخليل فأكلته راغماً، ليتك أكلت المال ورددت الخليل! إنما أنا كرجل بلى بالصدى، لا يجد ورداً ولا مورداً، فهو ظمآن أبداً؛ إن ورد غروفاً، وجده مضفوفاً، وإن صادف نزوعاً أعوزته الآلة والمعين. فبينا هو كذلك هجم على رجل ينزع بغربٍ، فشكا إليه فرط الكرب؛ فقال: ريك إن شاء الله قريب، فأعنى على انتزاع المروية. فلما كان الغرب بحيث يريان، غدرت الوذم وخان العناج. غاية.

تفسير: أبو مذقة: من كنى الذئب. والنتر: الوهن في الأمر. والعامة: ضرب من السفن. والعشرق: نبت تحبه النعام. والفرق: الأملس ويقال الصلب. والكرى: الكروان وهو ذكر الحبارى. والكري عند النحوين في قولهم: " أطرق كرى " ترخيم كروان في قول من قال يا حار؛ لأنهم قلبوا الواو ألفاً لكونها طرفاً وانفتاح ما قبلها؛ وأهل اللغة يقولون الكرى طائر وينشدون قول الفرزدق:
على حين أن جربت وأبيض مسحلى ... وأطرق اطراق الكرى من أحاربه
ويجوز أن يكون هذا الطائر يقال له الكروان والكرى جميعاً وإذا صح قول النحويين في هذا فهو شاذ على مذاهبهم، لأن الترخيم إنما يلحق الأسماء الأعلام مثل خالدٍ ومالكٍ، والكروان أسم شائع في الجنس مثل الرجل والفرس. والطالب المورق: يكون المنتعش ويكون المخفق؛ وهو ها هنا المخفق. والغروف: البئر التي يغترف منها باليد. والمضفوف: الذي قد كثر وارده. والنزوع: البئر التي ينتزع منها الماء أي يمتح. والوذم: عرى الدلو، وقدتسمى السيور التي تصل العرى بالعراقي وذما، وكلء مستطيل من سبر أو لحم يسمى وذمة؛ وإنما يقال للعرى وذم لأنها تكون سيوراً مستطيلة قبل أن تجعل عرى؛ وفي حديث علي عليه السلام " لا نفضنكم نفض الجزار الوذم " يريد ما أستطال من اللحم وقد روى هذا الحديث رواية أخرى، رواء أصحاب الحديث لأنفضنكم نفض الجزار التراب الوذمة وقال أهل اللغة: هذا غلط من الناقل وإنما هو الوذام التربة. والعناج: يقال إنه الحبل الذي يشد على العراقى وهي خشب الدلو، ويقال إنه حبل يشد من تحت الدلو إلى العراقى ليقويها.
رجع: أعوذ بالله من بنت الفلحاء والقلحاء، والجون الذابح. في بياضٍ، وليس للسان ذنب إنما الذنب لمحرك اللسان، كفارس طعن برمحٍ فقتل غير مستحق للقتل، فالجاني الفارس، والرمح غنى عن الإعتذار. وإذا سعت القدم إلى قبيحٍ فالجريمة لناقلها، مثل رجلٍ ركب فرساً فأخاف سبيلاً فاستوجب العقوبة الرجل دون الجواد. وإذا خانت اليد فالباسط لها الخب الخرون، كالمغترف من إناء جاره بإناء ما علم إناؤه بما كان. وإذا نظرت العين فتلك المصباح إستعان بها السارق على اجتلاء بزٍ وجهازٍ، وطالما كسرت اللهاذم وسلمت الزجاج. غاية.
تفسير: بنت الفلحاء: الكلمة. والفلحاء الشفة السفلى إذا كانت مشقوقة. وكان عنترة العبسي يلقب الفلحاء لأن شفته السفلى كانت مشقوقةً؛ والعرب تلقب الرجل بإسم العضو كثيراً. والقلحاء: السن التي قد ركبها القلح وهو الصفرة. والجون ها هنا: اللسان. ويقال للأحمر جون وهو من الأضداد، يسمى كل لون جوناً، يقال للشمس جونة وللخمر جونة. والبياض هاهنا: الريق. واللهاذم: الأسنة، وكل ماضٍ لهذم وأكثر ما يستعمل في الأسنة.
رجع: أستعين الله القدير، فإن المرء السيد ربما اذلته النكبات حتى يحسبه اللبيب أحد ضعاف العامة، كالوزن الكامل إذا أضر أو وقص وخزل ظن أنه من الرجز، فثبتني اللهم على الطريق السوى فإن الحلم لخيف حتى يتوهم بعض الجهال كالوزن الوافر إذا عصب ظنه العاقل من الأهزاج. غاية.
تفسير: أتسعين الله وأستعين بالله حميعاً. والكامل: زن يجتمع فيه ثلاثون حركة ولا تجتمع في غيره من الأوزان، وعدده إذا سلم من الزحاف والعلل إثنان وأربعون حرفاً، وبيته اسالم:
واذا صحوت فما اقصر عن ندى ... وكما غلمت شمائلي وتكرمي
ويجوز الإضمار في أجزائه كلها وهو أن تسكن تاء متفاعلن فيحول إلى مستفعلن؛ وذلك مثل قول عنترة:
إنى إمرؤ من خير عبسٍ منصباً ... شطرى وأحمى سائرى بالمنصل
فهذا البيت في قصيدةٍ من الكامل وهو يشبه أول الرجز اذا سلم من الزحاف مثل قوله:
دار لسلمى إذ سليمى جارة ... قفر ترى آياتها مثل الزبر
والخزل يروى عن الزجاج بالخاء، وقال غيره هو الجزل بالجيم، وهو سقوط فاء مستفعلن في الكامل فيحول إلى مفتعلن؛ وقد وضع الخليل لذلك بيتاً مصنوعاً لأنه جاء بالجزل في سنة مواضع وهذا ما لايعرف؛ والبيت الذي وضعه:
منزلة صم صداها وعفت ... خالية إن سئلت لم تجب
فهذا مثل الرجز إذا لحقه الطئ. وإنما يعرف الجزل في شعر العرب لجزء مفردٍ في البيت، كما قال تأبط شراً في قصيدته التي أولها:
يا نار شبت فأرتفعت لضوئها ... بالجزع من أفياد أو من موعل

حيث التقت فهم وبكر كلها ... والدم يجرى بينهم كالجدول
والجزل في كلامهم من قولك جزلت البعير اذا أحخرجت فقارةً من ظهره. والوقص في الكامل: أن تستقط سين مستفعلن فيحول إلى مفاعلن؛ وقد وضع الخليل لذلك بيتاً مصنوعاً وهو قوله:
يذب عن حريمة بنبله ... وسفه ورمحه ويحتمى
فهذا موقوص في ستة مواضع وإنما بحئ العرب بذلك في جزء واحدٍ من البيت، فإن زاد ففي جزءين؛ ومن ذلك قول قيس بن الخطيم:
لأصرفن لسوى حذيفة مد حتى ... لفتى الكثيب وفارس الأجراف
وغلط ابن دريدٍ في مثل هذا لأنه سماه خرماً، ومثله بقول عنترة:
لقد نزلت فلا تظنى غيره
والخرم عندهم: حذف حرف متحركٍ من أول كل شعر أصل بناء أوله وتد مجموع، والوتد المجموع: حزفان متحر كان بعدهما ساكن، وأول بناء الكامل على ثلاثة أحرفٍ متحركةٍ بعدها ساكن، فاذا وقص الكامل أشبه الرجز إذا خبن؛ وخبنه أن تحذف سين مستفعلن فيه فيصير مفاعلن. والرجز أخفض طبقة من الشعر؛ حتى يروى عن الفرزدق أنه قال: إنى لأرى طرقة الرجز، ولكنى أرفع نفسى عنه، وقال اللعين المنقرئ للعجاج:
أبا لأراجيز يا ابن اللؤم توعدنى ... وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور
خلت هاهنا ملغاة، ويجوز إلغاؤها في الكلام والشعر اذا توسطت؛ فاما إذا تقدمت فلا. والوافر له ثلاثة أضربٍ: الأول منها:
لنا غنم نسوقها غزار ... كأن قرون جلتها العصى
والثاني:
لقد علمت ربيعة أن حبلك واهن خلق
والثالث:
عجبت لمعشرٍ عدلوا ... بمعتمرٍ أبا عمرو
ويروى " غذلوا " واذا روى ذلك قيل بمعثمرٍ من الأعتمار. والبيت الأول إذا عصب في أربعة أجزائه جاز أن يكون من الهزج لأن أصل الهزج أن يكون على ستة أجزاء كلها مفاعلين إلا أن العرب لم تستعمل ذلك. والعصب في الوافر هو سكون لام مفاعلتن حتى تنقل إلى مفاعيلن؛ ومثل ذلك قول عمرو بن كلثومٍ:
تصد الكأس عنا أم عمرو ... وكان الكاس مجراها اليمينا
فهذا البيت يخرج من الهزج التام إدا حذف سبب من عروضه وسبب من ضربه. والبيت الثاني من الوافر يجوز فيه العصب في ثلاثة مواضع ويمتنع ضربه من ذلك. والبيت الثالث منه ضربه معصوب ويجور دخول النصب فيه بعد ذلك دخولاً غير ملازمٍ؛ فإذا لحقه ذلك أشبه المستعمل من الهزج إذا سلم من الزحاف.
رجع: قام ناعٍ، بالفلس ومناعٍ، وكل شئ غير الله أباطيل. وإن كان الأسود لم يسع، إلا للدغٍ أو لسعٍ؛ فإن القضيب ما نبت، إلا ليضرب فيثبت. وإذا أستكفيت الله كفاك. وينبغي للمسبوق، ألا يؤثر بصبوحٍ ولا غبوقٍ، على أنه سبق بقدر الله؛ فليستحي المتأخر أن يفتحر وكم شجاعٍ، منعه السغب من الأضطجاع، وبيض غيدٍ، حرمت العيش الرغيد، وسوداء لسودٍ، تعيش عيش المحسود. فليزل الهم، غنى ابن العم، وفي غناه العزة والجمال؛ والله المجمل المعز. عن كنت غنيا حمل عنك إصره، وكفاك أن تبره؛ وإن كان فقيراً، فبررته ثقل عليك، وإن هجرته حسدك بما في يديك؛ وربما ناب الغائب فكنت له الوفاء، كغصنين أحدهما مورقٍ والآخر عارٍ، جاءت الراعية فعبثت بالمورق والعارى سليم. والمنية كالنار الموقدة، وقابض النفوس كالمحتطب، والناس كشجر فيه الغض واليابس، وباليبيس لهج موقد النار، وطالما غذاها بالرطيب. مهن من ليست له مهن، وخان القطاة المذهن، وأعجب ضيفك التلهن، ولم يوضح الخبر تكهن، فبم غلقت الرهن! إذا عز أخوك فهن. أورد وأصدر وأغدر من حقك ولا تغدر، وإن لقيت خيراً فأجدر، وإذا أردت الإحسان فأبتدر، فالموت طائر ينحدر، والزمان بحر كدر، أسد مخدر، وفحل يهدر، وعلى الخلود لا يقدر. الرزق بيد الله من أراد حرم، ومن أراد أكرم، ولو سال القرئ، للبيب العبقرى، بتبر، ما رئى أخا كبرٍ؛ والخسيس، يشرب من الكسيس، بالدرهم، فيطرح ثقيل الهم. وداء المسرة العقل، ودواء الحزن الجهل، والأبدان المغتبطة وثاج. غاية.

تفسير: الفلس ومناع: معبودان كأنا لطيئ؛ ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لوفدهم: أنا خير لكم من الفلس ومناعٍ. والإصر ها هنا: الثقل، وفي غيره العهد. ومهن: خدم. والمهن: جمع مهون وهو الخادم: والمدهن: نقرة في صخرةٍ يجتمع إليها ماء السماء. والتلهن: من لهنت الضيف إذا أطعمته. شيئاً قبل استواء الطعام. وأغدر أي إترك بقية وهي الغدارة. والقرى: مجرى الماء من الغلط إلى الوادي. والعبقرى هاهنا: الرجل السيد؛ ومنه الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن عمر: " فلم أر عبقرياً يفرى فريه " أي يعمل عمله؛ يقال: جاء يفرى الفرى إذا عمل عملاً محكماً من عدوٍ أو غيره. والكسيس: ضرب من الخمر؛ قال الشاعر:
إن تمنعونا بطن وجٍ فإننا ... لناالعين تجرى من كسيس ومن خمر
والوثاج: جمع وثيج وهو الكثير اللحم.
رجع: بعداً لحفن نطف على ذي نطفٍ، في الأذن أو في الفواد. فأنسق لفظك وسق، وإن فسق جارك فلا فسق، وأرقب غريستك أن تبسق؛ إن الله يأخذ بأيدي الأبرار. أنسك، وفي مشيك فسك، فعل جائعٍ وحد فترك، لا مضطرٍ أكل فأبرك؛ وأعان الله رجلاً كالعود الهرم لا حلب عنده ولا طلب. لا يزال الرجل نحيرٍ ما انتفع به أهله ومتى عدموا المنفعة ملوه. ما أحسنت ولا اجملت، اكلت فما أثملت، وشربت فما أسملت، كم أفنيت أشهراً وأهللت، وأقدمت على المعصية فما هللت، ورفعت الصوت فأهللت، وأنهلت وعللت، وكأنني ما فعلت.
شغلت الهيم، عن النهيم، والسعيد من شغل بذكر الله. وبصرت الشم، بالوميض المشيم، فخاب الشائم، وشفى النائم. وللمخلوق بالقدر تصريف. ليكن قبرى من صفاته أسمان، سمى بهما نبيان، يونس فيمن قال بكسر النون، واليسع بعد سقوط الألف واللام. وإذا مت لم أحفل أكان خبرىٍ أسم الصديق يوسف إذا فتحت السين أم سواه. جاء المنصف، بمخصفٍ، إلى جانى الأصف، فكلمه بالصفصف، ولعله أفضل من المتنصف. والجيران ثلاثة: أولهم كالماء العذب طهرك، ووردته فأصدرك، إما غمرك وإما غمرك. والثاني كماء البحر قضى الفرض، ولم يروك ولم يرو الأرض. والثالث كالخلب، كأنه جلب؛ فالهرب الهرب من سوء الجوار. وقد يكون المنظر حسناً، وتجد في الطعم أسناً، كم شرقٍ، عن ماء أزرق، والحياة كثيرة الصاب، وقليل فيها الضرب والضجاج. غاية.
تفسير: النطف القرطة، وفساد في القلب؛ يقال بعير نطف إذا هجمت الغدة على قلبه. فسك أي أمش هوناً؛ يقال ساك يسوك إذا مشى مشياً ضعيفاً.
ولا طلب أي لا يطلب عليه. وأثملت: تركت بقية من الطعام وهي الثمالة والثميلة. وأسلمت: تركت سملاً وهو الماء القليل. واهللت الشهر إذا دخل على هلاله؛ وأصله أن يرى الرجل الهلال. وهللت إذا نكلت؛ يقال: حمل فما هلل؛ قال كعب:
لا يقع الطعن إلا في نحورهم ... وما لهم عن حياض الموت تهليل
وكل رافعٍ صوته مهل؛ قال ابن أحمر:
يهل بالفرقد ركبانها ... كما يهل الراكب المعتمر
والهيم: جمع هيماء. والهيام: داء يصيب الإبل، ودواءه أن تقطع حبال أذرعها. والنهيم: زجر الإبل. والشيم: جمع أشيم وشيماء وهو الذي به شامة. والمنصف: الخادم. والمخصف يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون الذي يخرز به؛ والآخر أن يكون السيف وهو شاذ؛ قال الشاعر:
مزادة الراكب فيها إذا ... لم ينبض المخصف لم تفتح
يعنى بالمزادة ها هنا كرش بعيرٍ قد سقى ماء كثيراً لتفتظ كرشه بالمفازة؛ والمعنى أنه إذا أراد شرب ما في الكرش عقر البعير بالسيف؛ وهذا نحو من قول الآخر:
وخرقاء يستاف الدليل ترابها ... وليس بها إلا اليماني مخلف
اليماني: السيف. والمخلف: المستقى. والأصف واللصف جميعاً: الكبر. والمنتصف: المخدوم؛ قال الشاعر:
فإن الإله تنصفته ... بألا أعق وألا أحوبا
والخلب: الحماة. والجلب: السحاب الذي لا ماء فيه. والضجاج: ضرب من الصمع، والعرب تصف العسل والضجاج اذا إجتمعا؛ قال حميد بن ثورٍ:
ألا إنما هند جنية ... وطعم الضجاج وطعم العسل

رجع: إن ركائب طلبت المير، في بني نميرٍ؛ فلاقين، المطلب في بني القين، والبر المدوس، في بني سدوس. عد العين، عن نصر بن قعينٍ. ذهب المصيف، وفصيلك الحبل الحصيف. إن كان على جرابٍ، من راب، فلعل بجرادٍ، حياً من مرادٍ. قل بلاء اللهبة، إذا اشفت اللهاب من الموهبة، ما لقى بنو ذهلٍ، ولو سقوا من المهل، طالت الليلة، على بني قيلة، والصبح يعد حسن ابنلاجٍ. غاية.
تفسير: بنو القين: من قضاعةً. وبنو سدوس " بفتح السين " : في شيبان؛ " وبضمها " في طبيء؛ هذا قول ابن الكلبي. وكان غيره يقول السدوس " بالضم " الطيلسان، وسدوس " بالفتح " القبيلتان. وقول سيبويه إن السدوس في الطيلسان مضموم، وقول يحكى عن الأصمعي أن السدوس " بالفتح " الطيلسان وسدوس في القبيلة " بالضم " . ونصر بن قعينٍ: من أسد بن خزيمة بن مدركة. والحبل الحصيف: الشديد الفتل؛ والمعنى أن الوقت ذهب والمعيشة صعبة تحتاج إلى مراسٍ وأصل ذلك أن بعض النوق لا تدر حتى تعصب فخذاها؛ يقال ناقة عصوب إذا كانت كذلك؛ قال الحطيئة:
تدرون أن شد العصاب عليكم ... ونأبى إذا شد العصاب فلا ندر
وقال الآخر:
بتنا عذوباً بلا ماء ولا لبنٍ ... حتى جعلنا حبال الرحل فصلاناً
يريد أنهم عصبوا أينقهم بحبالٍ رحالهم فدرت كما تدر على الفصلان. والعذوب: الممتنعون من الطعام والشراب، واحدهم عاذب. وجراب وجراد. موضعان. وإختلف المبرد وثعلب في هذا البيت:
سقى الله أمواهاً عرفت مكانها ... جراباً وملكوماً وبذر والغمرا
فكان المبرد ينشده بالدال؛ وكان ثعلب ينشده بالباء؛ والبصريون المتقدمون ينشدونه بالباء. وجراد أكثر تردداً في الشعرٍ من جرابٍ. وراب: من الريبة. والمعنى إن رابك الرجل فإنك نجد ما تريده عند غيره. ومراد: ابن يحابر من مذحجٍ، ويقال أسم مرادٍ عمرو؛ وإنما سمى مراداً لأن النسابين يزعمون أنه أول من تمرد من قومه باليمن. البلاء: مصدر بالبيت في معنى المبالاة. واللهبة: قوم من الغرب. والموهبة: غدير في صخرةٍ؛ قال الشاعر:
ولفوك أشهى لو بذلت لنا ... من ماء موهبةٍ على خمرٍ
واللهاب: العطش؛ وأنشد أبو عبيدة:
فصبحت بين الملا وثبره ... جباً نرى جمامه مخضره
فبردت منه لهاب الحره وإشتقاق واللهاب من لهب النار. وذهل بن شيبان: معروفون، وإشتقاق ذهلٍ من قولهم: مضى ذهل من الليل أي قطعة؛ حكى ذلك أبو عمرو الشيباني، وأنشد:
مضى من الليل ذهل وهي واخدة ... كانها طائر بالدومذعور
والمهل هو عكر الزيت، ويقال بل هو ما أذيب من جواهر الأرض مثل الذهب والفضة والرصاص ونحوها. ويسمى الصديد: مهلاً؛ والمعنى أن الإنسان يهتم بأمور نفسه وأقاربه ولا يحفل بما لقي البعداء. وبنو قيلة: الأوس والخزرج؛ والمعنى أن الأنصار قصدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوقع بهم يزيد لعنه الله وقعة الحرة وإنهم مع ذلك يرجون الخير في العاقبة، كما أن عقبى الليل صباح.

فصل غاياته حاء
قال أبو العلاء أحمد بن سليمان التنوخي: رب العزة إن شئت ألحقت سماوة كلبٍ بالسماء، وبدراً المنسوب إلى يخلد بالبدر الذي هو الزبرقان، وفرقد الصوار بالفرقد المتعلق به عيون الأدلاء، وجمعت العالم في مثل السنف، وطوائف الأرض في أصغر من حلقة الدرع، ولا يعجز قدرتك المستصعبات، تجعل متى أردت حبلة السمرة حبلةً في أحشاء الحيوان، وإعليط المرخ علاطاً في خد البعير، وغاضية الليل غاضية من النار، وجونة النهار تنومة يخدمها والد الحفان، وأي معجزٍ لست عليه بقدير!. تصير جنى الكحص سكا للمفاضة، وتأمر لائحة المضل فيكون قميصاَ للكمى، ونصال البهمى فتصبح بين مشقصٍ ومعبلةٍ في كنائن البهم. فاذا قضيت نطق الليل مسبحاً لعظمتك، والنهار خاضعاً لملكك، ولك الفهم عن كل حرسٍ حتى وقع الحافر وقسيب الماء وقرع الحجل أخاه. ما يقول الخلخال في رجل الكاعب وكل قوله تمجيد لك! إنه يحلف إن الحالية ستعطل والخدلة سترم، والناعمة ستباشر التراب: فأتق الله في المغدى والمراح. غاية.

تفسير: بدر بن يخلد بن النضرين كنانة، يقال هو حفر ركية ندرٍ، فسميت باسمه؛ وهذا كثير في الأماكن يسمى الموضع بأسم الرجل؛ من ذلك نجران اليمن سميت بنحران بن زيدان بن سبأ بن يشجب. وخيوان " موضع باليمن " سمى باسم ملك من من ملوكهم. والزبرقان: البدر. وإنما سمى الزبرقان للمعانه؛ يقال: أراه زباريق المنية أي لمعانها. واختلفوا في تسمية الزبرقان بن بد، واسمه الحصين، فقيل إنما سمى باسم القمر.وروت الوراة أنه قال للحطيئة لما أراد أن يجاوره: اذهب إلى منزلنا فاسأل عن بيت القمر بن القمر وكان ذاهباً بإبلٍ من إبل الصدقة يؤدبها إلى عمر. وقيل سمى الزبرقان لأنه كان يصبغ عمامته بالزعفران. وإختلفوا في قول المخبل.:
فهم أهلات حول قيس بن عاصمٍ ... يحجون سب الزبرقان المعصفرا
فقال قوم: أراد بالسب العمامة؛ وقال قرم: أراد بالسب: الدبر. وكان الزبرقان فيما قيل يرمى بالداء العضال، وهم أربعة لا يعرف غيرهم ممن يرمى بذلك. لم يسلم منهم غير الزبرقان، وهم: أبو جهلٍ بن هشامٍ، والطفيل بن مالكٍ أبو عامر بن الطفيل، وقالبوس بن المنذر اللخمى، وكان يلقب جيب العروس، والزبرقان بن بدرٍ السعدي. والفرقد: ولد البقرة الوحشية. والصوار: قطيع البقر. والسنف وعاء ثمرة المرخ، ويقال بل الستف الورقة من المرخ. والحبلة ثمرة من ثمر العضاه، ويقال هو ثمر السمر. وقيل هو ثمر الطلح. وقال ابن الأعرابي: الحبلة صياغة على مقدار ثمر الطلح. فهذا يدل على أن ثمرة الطلح تسمى حبلةً عنده، وأنشد للنمر بن تولبٍ.
وكل خليلٍ عليه الرعاث ... والحبلات خؤون ملق
والحبلة: ما في بطن الحامل وهي التي جاء النهى عن بيعها. والإعليط: وعاء ثمرة المرخ أيضاً، وتشبه به أذن الفرس؛ قال أوس بن حجرٍ:
وأذن لها حشرة مشرة ... كإعليط مرخٍ إذا ما صفر
والحشرة: الدقيقة الصغيرة. والمشرة: من قولهم تمشر النبت إذا ظهر، وكأنه من الإتباع لأنهم لا يقولون أذن مشرة. والعلاط: سمة في خد البعير. والغاضية: الظلمة الشديدة. ويقال للنار الشديدة الوقود غاضبة وهو عندهم من الأضداد. وجونة النهار: الشمس. وقال قوم لاتسمى جونةً إلا عند الغروب. والتنوم: نبت يسود كله وهو نبت تأكله النعام.
والحفان: أولاد النعام لا واحد لها من لفظها إنما يقال رأل للواحد؛ وقال قوم: واحدها حفانة. والكحصى: ضرب من النبت يشبه بحناه مسامير الدروع؛ قال الشاعر:
كأن جنى الكحص اليبيس قتيرها ... إذا نثلت سالت ولما تقرصع
نقرصع: تنضم. والسك: عمل المسامير، يقال درع مكسوكة اذا قوربت مساميرها؛ ويسمى المسمار سكياً. والمفاضة: الواسعة. ولائحة المضل: آخرما يبقى من السراب؛ وهذا من مستعار كلامهم الذي وضع في غير موضعه؛ لأن المضل: الذي قد أضل ناقةً أو غيرها. ولا ئحته: التي تلوح له فيظنها ضالته. وإنما قيل ذلك للسراب لأن المضل يتوهم كل شئ يلوح ضاله؛ فظنونه لا تصح. ونصال البهمى: شوكها. والمشقص: ضرب من النصال مستطيل. والمعبلة: ضرب منها عيض. والكنائن: جمع كنانة وهي الجعبة. والبهم: جمع بهمة وهو الشجاع الذي لا يدري كيف يؤتى له؛ ويقال أمرهم بهمة إذا كان لا يعرف مسلكه.
رجع: غفرانك اللهم. عرفت الدنيا لو نفعت المعرفة، وعلمت أنها أخون من الورقاء، وشر العلم علم لا ينتفع به. ومن عقد نكاح المومس على غرةٍ لم تنجه الملامة عليه، ومن خطب الفاجرة على علمٍ فهو بما فعل ملوم. ولا تمزق السلمة ثوب الراعي اللبيب، ولا تقتل عقيلة الملح ذا عقلٍ. دع ماضر وصعب إلى ما نفع وهان، وخل ما غمر إلى ماغمر، وإترك المضلة إلى المرشدة؛ فإن طرقات الخير كثير. وإستوهب الذي يقتل بورق الحواءة ورق الحواء كما يقتل بنصال السهام. والصلاصل والصردان مقدسة له في المعارف والشجر والمزاد وتحت األسن وفوق الأثباج، وينبت السلمة من السلمة، ويهلك مردة الإشراك، بالمردة من الأرك، والرب يستجار لا يخرج مما يقضيه الجمد ولا الحيوان، ولا يفعل إلا مارضى وشاء؛ وغير متعلقٍ به الزيغ والخطأ ولا شئ من الدنبات. هل بعصمى الاجتهاد وقد سبق حكمه أنى من أهل الخسار، أم يضرنى التقصير وقد نفذ علمه أنى في درجة الأبرار! وأي الأمرين كان فأساله الإنعام على بتحبيب عبادته إلى في المساء والصباح. غاية.

تفسير: الورقاء. هاهنا: الذئبة؛ ويقال إنها إذا رأت بصاحبها دماً عدت عليه فأكلته؛ ويقال إن ذلك معروف من أخلاق الذباب؛ قال رؤبة:
فلا تكونى يا أبنة الأشم ... ورقاء دمى ذئبها المدمى
وقال الفرزدق:
وكنت كذئب السوء لما رأى دماً ... بصاحبه يوماً أحال على الدم
والمومس: البغي. وعقيلة الملح: الدرة. والحواءة: شجرة صغيرة يشبه بورقها نصال السهام. والحواء: نحو مائة بيتٍ من بيوت الأعراب تجتمع. والدرق الثاني: الشباب من القوم؛ قال الشاعر:
اذا ورق الفتيان صاروا كأنهم ... دراهم منها مستجاد وزائف
والصلاصل ها هنا: جمع الصلصلة وهو بياض في معرفة الفرس، وهو في غير هذا الموضع الفاختة. والسلصلة أيضاً: بقية الماء في المزادة وغيرها. والصردان: جمع صرد وهو بياض في ظهر الفرس يقال إنه من أثر السرج. والصردان: في غير هذا: جمع صردٍ وهو طائر يتشاءم به؛ قال الراجز:
آذن بالبين صريد الضاله ... فظل منه القلب في بلباله
ينزو كنزو الظبى في الحباله والصرد أيضاً: عرق تحت اللسان، وهما صردان يكتنفانه. والسلمة: الشجرة المعروفة. والسلمة: الضخرة. والمردة: الواحدة من ثمر الأراك.
رجع: شهدت بك الحمائم ذات الطوق العسجد، والعلاط الأسود وسعدانة البعير الجلعد، وكذلك الأغربة: ذؤابة الجارية، وابن داية وصاحب الحجبة. وهل يجحدك مدرك أو محسوس! وبك تقر النسور: نسر جربة، والواقف على النبيلة، والساكن في الحوافر الوأبة. ما الجوزاء الميتة حبطاً، والآكلة حبطاً، والمحسوبة شرطاً في نفس مكثر سخىٍ، جيد بعد الوسمي بوليٍ، فأنف من نحرٍ الفصيل، عند الأصيل، ونحر القزم، راعي الهزم، وأهان الفزر، مخافة الوزر، بأهون من جوزاء النجوم في ملك الجبار القديم. يا نفس أكثري التسبيح، تخصي بثوابٍ ربيحٍ. من أطلع في كحلٍ شهباً، وأخرج من المعدن ذهباً، ومن الكلأ لهباً، وأطفأ جمرة الشمس مغرباً، وأنطق بحمده عجماً وعرباً، أصبح للثناء مستوجياً، عظمته الغزالة إشراقاً والغزال نزيباً، والنوافر بزعمهم خوف الأسد، والرائعات غب المطر. كم فقير جاد، يحترش لصغار أولادٍ، عدته عن الروحة إليهم العواد، ولقي الحمام بالمرصاد؛ كأني بك وقد دعيت فارسٍ الأعواد، وانقطع منك رجاء العواد، وجدت بك جداد، وقال وارثك هل من عيادٍ، لا أو يأذن باعث العباد. أيها اللامس يد البغي بئس الملتمس شوك القتاد، فاجعل يمناك إن استطعت لا تملك شيئاً مثل العبد، وفمك من الطعام كالطائر مع الوكر يؤوب إليه عند الظلام. ولتكن عينك مثل عين الماء تأمن مضرتها انت والناس، ولسانك مثل الأفعوان شره مغيب ما دام غائباً في السفاة. وأشهد شرقه ومستميحها النور على تقواك الله طفلين وفتيين وكهلين وموليين فانهما نعم الشاهدان، ولتكن الكواكب عليك من الشهود. واكتب ذكر الله على جباه الساعات فصحفهن أبقى الصحف؛ ولا تقل يمضين فينقضين واستأنف عمل المتقين، فقلما أنجح هرم، وقبلك قيل: هلك درم، فلا يطيرن بازي النهار ولم تعقد بفوادمه وخوافيه حسناتٍ يبعثن معك، ولا يورثن عنك، فبئس المال مال اقتسمه الوارثون. واغتم غراب الجنح إذا ألبس البسيطة أثيث الجناح. غاية.
تفسير: ذات الطوق المسجد: المرأة وهي تسمى الحمامة. والعلاط هو طوق الحمامة المعروفة. وكر كرة البعير تسمى السعدانة والحمامة؛ ويقال للحمامة من الطير سعدانة أيضاً؛ وأنشد ابن الأعرابي:
إذا سعدانة الجبلين ناحت ... عزاهلها سمعت لها رنيناً
العزاهل: الفراخ، ويقال ناحت عليه وناحته، كما يقال بكت عليه وبكته ويقال لذؤابة الجارية غراب. وابن داية: الغراب من الطير؛ وأعلى الورك من البعير والفرس يقال له غراب؛ قال الراجز:
يا عجباً للعجب العجاب ... خمسة غربان على غراب
وقال ذو الرمة:
وقر بن بالزرق الجمائل بعدما ... تقوب عن غربان أوراكها الخطر
يعني بالخطر ما تلبد من خطر البعير بذنبه فيجتمع على الظهر. وتقوب: تقشر. والزرق: موضع. والجمائل: جمع جمالةٍ، وجمالة: جمع جملٍ، ولا يقال جمال ولا جمائل ولا جمالة إلا للذكور خاصةً. والحجبة: رأس الورك المشرف على الفخذ؛ ومنه قول امرئ القيس:
له حجبات مشرفات على الفال

والفال: عرق في الفخذ. ويقال هو اللحم الذي في خرب الفخذ وهو ثقب في عظمٍ في موصلها بالورك. ونسر جربة هو أحد النسرين: الواقع والطائر. وجربة من أسماء السماء غير مصروفٍ؛ قال الأعشى:
وخوت جربة النجوم فما تش ... رب أروية بمرى الجنوب
والنبيلة: الجيفة. والنسور تسقط عليها. والنسر: مثل النواة يكون في بطن الحافر. والوأبة من الحوافر هي المقتدرة المقعبة؛ قال أبو دواد يصف الفرس:
يخد الارض خداًب ... صمل سلطٍ وأبٍ
شديد النسر والحاف ... ر مثل الغمر القعب
والجوزاء: النعجة التي في جوزها وهو وسطها بياض والحبط: أن ترعى الماشية عشب الربيع فتنتفخ عنه بطونها حتى يقتلها؛ ويقال إنه يحدث بالضأن عن أكل الذرق وهو الحندقوق، وفي الحديث: " وإن مما ينبت الربيع لما يقتل حبطاً أو يلم " . والحارث الحبط أبو حيٍ من بني تميمٍ كان في سفرٍ ففني زاده فأكل العشب فحبط عنه. وألاده الحبطات بكسر الباء، كذلك تقول الجلة من أهل العلم. والخبط: ما خبط من ورق الشجر لتعلفه الماشية من الإبل وغيرها. والشرط: رديء المال، ويستعمل في الناس أيضاً؛ قال الكميت:
وجدت الناس إلا ابني نزارٍ ... ولم أذممهم شرطاً ودوناً
ونحر القزم راعي الهزم، فالقزم صغار الشاء ورديئها، ويستعمل في المعز والناس؛ قال جرير:
تساق من المعزى مهور نسائهم ... وفي قزم المعزى لهن مهور
والهزم: المهازيل من الغنم؛ وقد يكون الهزم في معنى ما يبس من العشب وتهزم أي تكسر. والفزر: القطيع من الغنم، وبه لقب سعد بن زيد مناة بن تميم الفزر، ويقال إنه كان له قطيع من غنمٍ أو معزٍ فجاء به مكة فأنهبه الناس في الموسم فقالت العرب في المثل: لا أفعل ذلك حتى تجتمع معزى الفزر.
وكحل: اسم لسماء الدنيا. والنوافز: نجوم في السماء يسمين الظباء تزعم العرب أنهن خفن أسد النجوم فنفرن منه.. والنفر: نحو القفز، وتسمى القوائم نوافز، لأن النفز يكون بها؛ قال الشماخ:
قذوفاً إذا ما خالط الظبي سهما ... وإن ريع منها أسلمته النوافز
فسروه القوائم. وأصل النفز في الظباء لا يكادون يخرجونه في الاستعمال عنها. والراتعات غب المطر: الظباء لمعروفة. والحادي: طالب الجدي. ويحترش: يكتسب؛ وأصله من احتراش الضب.
ويقال: جدت بالرجل جداد معدول مثل عقتهم عقاقٍ من جد الأمر: قال الشاعر:
جدت جداد بلاعبٍ وتبدلت ... في الحي لبسة قالبٍ حيران
وهذا بيت معنى، كانت العرب تزعم أن الإنسان إذا حار قلب ثوبه ولبسه مقلوباً فذهبت حيرته. وعياد: مصدر عاد يعود عياداً، مثل قام يقوم قياماً. درم: رجل يضرب به المثل، فيقال: " أودى درم " وهو فيما يزعمون من بني دب بن مرة بن ذهل بن شيبان قتل فلم يؤخذ بثأره: قال الأغشى:
ولم يود من كنت تسعى له ... كما قيل في الحرب أودى درم
رجع: ماريا قطرٍ، ورائحة حبيبٍ عطرٍ، بأطيب من ثناء مستطرٍ، يثني به بر على مبرٍ. وذكر الله مراتع القلوب يستعذبه الأواب، ويسكن إليه الصالحون. فاغسل الحوب، بأن تتوب، ولا تعرك ذنبك بجنبك؛ فتصر على سخط ربك. وإلى السوق، تحمل الوسوق، فما كان جيداً نفق، وما كان ردياً زهد فيه. وإنما أنت درهم إن اتقى وضح، وإن فسق زاف. فإذا اندفق سقاء الصبح وصقلت البيضاء أديم النهار فاستخف عن العيون؛ فغنها مفسدة لما تقع عليه؛ وإذا الليل طلى قار الأرض بالقار المغض فابرز لحدق النجوم؛ واسأل الأسد، كم فنى تحته من أسدٍ، والنعائم كم طلعن على ظلمٍ؛ يخبرنك بالبرحين. والمحبون رجلان: محب للطاعة، ومحب تحت المعصية؛ فطوبى لأحد المحبين، ويا ويح الآخر لما خلا خلاء البعير. ومن مزج رضابه بذكر الله لم ييأس من رضاب الحور، وإن لساناً مجده لجدير بالسلامة من العي في ساعة طلبٍ المعاذير. وإنما نحن في أحلام نائمٍ، لا أحلام ذوي العزائم، وقد يرى الراقد، نفسه مع الفراقد، فإذا استيقظ رآها بالجدد. كل غضاةٍ وأضاةٍ، ومغمدةٍ ومنتضاةٍ، تشهد وتقر، وتقسم فتبر، أن الخالق حكيم، وأن الوارث هو القديم.

والإبرة والصبرة، والأرض الخبرة، والناقة الوبرة، والعروق الغبرة والظلال المنعفرة، يجرين المطرة، بأن يعظمن باسط الأمل، ومحصي العمل، وحافظ الهمل. والطل والظل، والسكون والقل، والقواء الفل، والحنش والصل، وكل حرامٍ وبلٍ، والساكت والمهل، والجامعة والهل، مقدسات للإل. تعالى الماجد، وفرع الله الناجد، فقير ساجد، وخطاء واجد، شتان متهجد وهاجد. والتوبة والدوام، على قليل العبادة يمحوان كبائر الذنوب كما يمحو القطر، آيات السطر، وتدرس الشمال، طرائق الرمال. والشئ كما قطر حتى يأذن خالقه بالتغيير. فإن قيل إن الديمة مطرت مداماً، وإن الأرض انبتت أهداماً، وإن البرة صيغت من الكعبرة، وإن حصناً غار وتهامة أتت حجراً، فقد كذب القائلون. إنما ينزل من السماء، غريض الماء، وتعنو الأرض، بالنبات الغض، وتجود السمرة، بمر الثمرة، ولا تنتقل تهامة أبداً، ولا يوجد حضن إلا منجداً. فاستخر الله؛ وإذا ولى صديقك فول عنه؛ فإنما ينزل بالوادي ذي الشجر والروض العميم. ويقدح بزند العفار، ما دام وارى النار؛ فإذا خبت ناره، بطل اختياره، وإذا السقاء لم يمسك الماء فهو زيادة في مشقة المسافر. يارب القدم، ومثبت القدم: ومنشئ عنس وقدم، أعوذ بك من السدم؛ صمم حصاةٍ بدمٍ، أعذر من مرارة الندم. أنت العالم، وإنما المرء حالم، وخائفك إن شئت سالم، وإليك يرجع الظالم. كأنى بالملحد، قد الحد، وحصل من الأتراب، على التراب، ومن الظبى الأعفر، على العفر، وعاد في لحدٍ، بعد جحدٍ. أي منزليك أرحب: أقصرك المشيد، ام خط في الصعيد؟ من لك بأن تكون في البراح. غاية.
تفسير: الريا: الرائحة. والقطر: العود. والمستطر. المكتوب. والمبر: الذي قد زاد وأفضل. والأواب: الذي يسبح نهاره كله إلى الليل؛ مأخوذ من سير النهار وهو التأويب. والقار: جمع قارةٍ وهي الأكمة. والمغض: يراد به المغضي أي العيون على أن تغضي، وحذفت الياء للسجع، كما قال قائل العرب: غيث ثعد معد، كأفخاذ نساء بني سعدٍ، تأكل منه الناب وهي تعد. أراد بالغيث: النبات. والبرحين: الدواهي والعجائب. والمحب: من أحب البعير إذا برك فلم يقم؛ وقد روي عن أبي عبيدة في قوله تعالى: إنى أحببت حب الخير أراد بأحببت: لصقت بالأرض لحب الخير؛ وقال الراجز:
حلت عليه بالقطيع ضرباً ... ضرب بعير السوء إذا أحبا
القطيع: السوط والخلاء للناقة خاصةً في قول أكثر الناس، وقد حكي عن أبي زيدٍ أنه يقال : خلأ للجمل. والبعير يكون للذكر والأنثى جميعاً؛ وأنشد الزيادي عن الأصمعي:
لا تشربى لبن البعير وعندنا ... ماء الزجاجة واكف المعصار
والخلاء: مثل الحران؛ وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما خلأت القصواء ولا عادتها الخلاْ، ولكن حبسها حابس الفيل قال عليه السلام ذلك لما هبط من الثنيةى في غزاة الحديبية. والحديبية بالتخفيف؛ كذلك يقول أهل العلم بالعربية. والإبرة هي الودية من المقل، وسيبويه يقول: الإبرة على مثال العنبة. والخبرة أرض مطمئنة تنبت السدر. ويقال:عرق غبر إذا كان قد أصابه جرح فلم يبرأ واندمل على فسادٍ؛ قال النابغة:
تداركونى إذ ساءت ظنونهم ... حتى شفوا كل داء عرقه غبر
والظلال المنعفرة التي قد قصرت ولصقت بالأرض. والمطرة ها هنا: العادة. والطل: من قولهم ما بالناقة طل ولا طل أي طرق، وقيل لبن؛ وهو مشتق من طل الغيث؛ لأنه أضعف المطر. والقل: الرعدة.والقواء: الأرض المقوية التي لا شئ فيها. والفل: التي لم يصبها مطر. والبل: المباح. والجامعة: المرأة التي تلبس جميع ثيابها كنحو ما تفعله المرأة إذا أرادت الخروج من بيتها في وليمة أو نحوها. والهل: المرأة في ثوبٍ واحدٍ. والإل: الله تبارك وتعالى. والناجد: المرتفع ويكون أيضاً في معنى المعين؛ لأنه يقال: نجدت الرجل وأنجدته إذا أعنته. وفطر: خلق. والديمة: سحابة تدوم. والأهدام: جمع هدمٍ وهو الكساء الخلق، والثوب الخلق. والبرة: الخلخال ونحوه من الحلي. والكعبرة: واحدة الكعابر وهو شيء يخرج في العضاه؛ وكل عقدةٍ صغيرةٍ مثل الجوزة ونحوها فهي كعبرة؛ وكعابر الرأس: عقده؛ قال الراجز:
وأنا كالضرغامة الغضنفر ... لو أتغدى رجلاً لم أسئر
منه سوى كعبرةٍ أو كعبر

وحضن: جبل بنجدٍ؛ ويقال في المثل: " أنجد من رأى حضنا " ً. وحجر: قصبة اليمامة. وعنس وقدم: قبيلتان من اليمن، عنس من مذحج وقدم من همدان. والسدم: هو اللهج بالشئ، وقولهم: نادم سادمٍ أي كأنه لهج بالندامة. وصم حصاةٍ بدمٍ: يزاد أنهم اقتتلوا فأريق الدم فإذا وقعت في الأرض حصاة لم يسمع لها صوت. والملحد: المائل عن الحق، ومنه اشتق لحد القبر؛ لأنه يميل عن وسطه. والمشيد: يحتمل أن يكون العالي، ويكون المطلي بالشيد - وهو الجص والاشتقاق واحد؛ لأنه جرت العادة في الأبنية المطلولة أن تطلى بالشيد والبراح: الأرض المنكشفة الواسعة.
رجع: وصيح بالأرض اقبلى رهنك، وبالنزيل فاغدرى، وحيز المال ونسى العهد، وانتوى عن الانسان أنيسه ذو الود القديم. لا تعجبك زهرة الربيع فترى مختالاً الزاهرية؛ فإن القيظ من وراء الرياض. كانت الأرض ولا وادي بها والوادي ولا سمرة فيه، وأحدثت السمرة حبلة في كل عامٍ، ولو شاء المنشئ لجعل الحبلة سمرةً، والسمرة وادياً، والوادي شاهقاً، والشاهق خضارةً، وخضارة ودفةً. فيحي فياح. غاية.
تفسير: الزاهرية: ضرب من المشي فيه اختيال. والحبلة: ثمرة السمرة. وخضارة: البحر. والودفة: موضع مطمئن حواليه صخور وآكام ويكون مخصاباً؛ وربما سميت الروضة ودفة. وقد اختلف في هذا الحرف فقيل هو بالذال وبالدال غير معجمة؛ ذكره الزجاج في كتابه المعروف بجامع النطق وقال: جمع الودفة وداف؛ وأنشد:
تقول لي ما ئلة العطاف ... مالك قد مت من العجاف
ذلك سوق اليفن في الوداف اليفن: جمع يفنٍ، وهو الشيخ الكبير. وفيحي فياح: كلمة تقال عند الخصب وقد أتسع في ذلك فاستعمل في الغارة؛ قال الشاعر:
دفعنا الخيل جائلةً عليهم ... وقلنا بالضحى فيحي فياح
معدول مثل قطام.
رجع: كيف أعتذر، وفي كل حين أعذر، والله العالم المقتدر، أضرع له واستغفر، لعل الجاه يفر، ومن الخطايا أستكثر، لو خاف الحفن لسهر، ولكن الفؤاد أشر، وبناته تشتجر، يا نفس خمر، أعييتني في القليل والأمر، يعاش بالقوت الزمر، والكشح المضطمر، عيش الواجد المثمر، ما أولى النمير بالنمر، كفاك خير من شمرٍ، وأغنتك قدم عن طمرٍ، ليس الأرج كالصمر، ولا الآمر مثل المؤتمر، بعد قمر من قمرٍ، واستغنى الله عن كل مقدرٍ؛ فأرب الفقير إليه كارب الملك، وفاقة الغنى كفاقة المتصعلك، ونفوسنا بالحياة شحاح. غاية.
تفسير: أعذر: من قولهم: أعذر الرجل إذا أتى بذنبٍ إن عوقب عليه كان لمعاقبه عذر في عقوبته. والخمر: الذي يتوارى في الخمر، وهو ما سترك من شجرٍ أو غيره؛ ومنه قول الشاعر:
أحار بن عمرو كأني خمر ... ويعدو على المرء ما يأتمر
والأمر: الكثير. والزمر: القليل؛ من قولهم: شعر زمر ونبت زمر إذا كان قليلاً. والنمير: الماء الناجع. والنمر: من قولهم: سماء نمرة إذا كان فيها قطع من السحاب؛ يقال في المثل: " أرنيها نمرة أركها مطرة " والمعنى أن السحاب جدير أن يمطر ماءً عذباً، أي للخير معادن يطلب فيها. وشر شمر أي شديد. والصمر الذي فيه صمر وهي رائحة كريهة؛ وفي حديث علىٍ عليه السلام أنه لما بلغه قدوم جعفر بن أبي طالبٍ رضى الله عنه من الحبشة وجه إليه رسولاً ودفع إليه دهناً وأمره أن يدفعه إلى أسماء ابنة عميسٍ وكانت امرأة جعفرٍ، وقال: تدهن به بني أخي من صمر البحر، يعني كراهية رائحته. والقمر الذي يحار في الثلج أو في القمر فلا يهتدي.

رجع: كم من عضبٍ أفل، ما كهم ولا كل، أثره كآثار النمل، تدرج على نقي الرمل، سبح فلم يمل، فعسى قلبك ولعل، أن يسعد فلا يزل. من صرخ واستهل، ورأى هلالاً فأهل، والجبل حيث حل، للخالق خضع وذل. أف لك يا نفس ما أسرع فراقك لهذا الشخص، أنظر إليك بعين النقص، وفيك الخيلاء والكبر، وإليك يكر العتب أبرح الجبار وسارت الشهب أذنة لأوامره ونواهيه، والقدر يجعل ذات العرش يمانية الدار. ياظبي القاع، من ألزمك وقاع؟! ويا حنزاب الجبال ما أحلك بالسهول؟! ويا وحشي تبالة ما أهبطك الحجاز! ويا مغفرة ما أنت وخزامى الهجول. والعجب هجر الأعفر سربه ولزومه خيط الرئال. ولو ترك غرير العكرمة لم يبرح من الوكر. ومن للفرقد بأن يبيت مع الصوار! وود ميدى في الحبالة أنه أجدع في الكناس. وربما وقعت الصيحانية من زاد الراكب في البلد القفر فاجتناها الغراب من بين المرو، ولم ينبت نحل قط بذلك البداح. غاية.
تفسير: أبرح: أتى بالأمر العجب. أذنة: مستمعة. والثريا يقال لها: ذات العرش؛ قال الشاعر:
كأن ذات العرش لما بدت ... خريدة بيضاء في مجسد
ووقاع معدول: ضرب من الكي؛ قال الشاعر:
وكنت إذا منيت بخصم سوءٍ ... دلفت له فأكويه وقاع
والحنزاب: جزر البر. وتبالة: موضع مخصاب باليمن. والمغفرة: الاورية التي لها غفر وهو ولدها. والهجول: جمع هجلٍ وهو مطمئن من الأرض سهل. والأوروية لا تحل إلا في الجبال؛ ويقال في المثل " ما يجمع الأروى والنعام " ؛ لأنهما لا يجتمعان لأن النعام لا يكون إلا بالسهول. والغرير: الفرخ؛ مأخوذ من غررته إذا زققته. والعكرمة: الحمامة. والميدى: الذي قد وقعت يده في الحبالة. والبداح: الأرض الواسعة.
رجع: خالق الجوهر والعرض، كفيت المرض، وشفيت الجرض، وملكت النافذ والحرض، وبلغت الغرض، وثبت ملكك فما انقرض، لا أرض ولا أرض، ولا علة ولا هرض، بعداً لجاهل اعترض، وسيم الحق فأعرض. والإمهال، سبب الإجهال، وطالما حلئت النهال، شباب ثم اكتهال، وتنزه بعده إقهال، أذعر لذلك وأهال، لاونية نفعت ولا ابتهال. ربك بغير فخرٍ، ابتدع ذا الشخر والنخر، وصلاد الصخر، وبنات مخرٍ، والصبير إلى جنب الطخر. ذكت الضرمة، وهبت المرزمة، بصفات رب العالمين؛ فأعرض عن قيل سفيهٍ لاحٍ. غاية.
تفسير: الحرض: الغصص. والحرض هاهنا: الشيخ الذي لا قوة فيه، ويقال للعاجز: حرض، وكذلك يقال للذي لا يأخذ حظا في الميسر؛ قال الراجز:
يا رب بيضاء لها زوج حرض ... خلالةٍ بين عريقٍ وحمض
الأرض: الرعدة، أي لا اضطراب فيه، والأرض: فساد؛ يقال : أرضت القرحة إذا فسدت. والهرض: أصله شئ يخرج على أبدان الأطفال أي لا يلحق ملك الله تعالى شئ من العلل وإن قل. والإجهال: من أجهلهم إذا صادفهم جهالاً. وحلأت الوارد إذا صددته عن الورد. والنهال: العطاش وهو من الأضداد يقال للذي قد شرب أول شربه ناهل. وقيل إنما سمى العطشان ناهلاً على سبيل الفأل، كما قيل للديغ سليم. والإقهال: كثرة الوسخ ودخول الإنسان في القبائح. والابتهال: الاجتهاد. والشخر: صوت يخرج من الفم. والنخر: صوت يخرج من الأنف؛ ومنه قيل المنخر.
وبنات مخرٍ: ضرب من السحاب يكن في قبل الصيف دقيقات العرض شديدات الوقع، يقال: بنات نخرٍ وبنات بخرٍ بالميم والياء. وقال بعض أهل اللغة يقال لهن: بنات بحرٍ. ويستعمل بنات مخرٍ بغير ألفٍ ولامٍ معرفة؛ قال الشاعر:
كأن بنات مخرٍ رائحاتٍ ... جنوب وعيشها الغض الرطيب
جنوب: اسم امرأةٍ. وأدخل عليه طرفة الألف واللام؛ فقال:
كبنات المخر يمأذن إذا ... أنبت الصيف عساليج الخضر
ويروى: الخضر. ويمأدن: من قولك غصن مأد أي ناعم. والعساليج: جمع عسلوجٍ وهو الغصن الريان الناعم. ويقال بل العسلوج العرق المتغيب في الأرض. والصبير: سحاب بعضه فوق بعضٍ. ويقال: هو السحاب الأبيض، وقال قوم: لا يقال له صبير حتى يكون فيه بياض وواد. وقيل إنما قيل له صبير: كأنه شبه بالأسير أي حبس ليمطر. والطخر: سحاب رقيق؛ ومنه اشتقاق الطخر ور وهو السحاب الرقيق أيضا. والمرزمة: الريح التي لها إرزام: أي حنين.

رجع: رب اجعل ذكراك أنسي، وطاعتك مزاج نفسى، ولرضاك حركتي وحسي، في الدفء والقرس، والمسير والمعرس؛ ذات الحلى المكرس، والحجل الأخرس، في لحدٍ قد اندرس، يابن آدم علقت من الدنيا بأصعف مرسٍ، وطوقت الناقة بقيد الفرس، ، فهل لحشا شتك من حرسٍ؟! مولاي قد سئمت هذه الدار وأنا فيها بخيرٍ، فانقلني باختيارك إلى حيث تشاء. وتخير العبد على مولاه شقاق، ولا سيما إذا كان غير أوابٍ. فطوبى للأضز عن الغيبة، الأجلع بذكر الله، الأصم عن قيل الجهال، الأكمه عن معايب سواه، الأشل دون ما ليس له، المقيد عن سعي القدم في الفساد؛ والخالق عنك غنى، فامهد لضجعتك يا صاح. غاية.
تفسير: القرس: البرد. والمكرس: الذي بعضه على بعضٍ. وقيد الفرس هاهنا: سمة توسم بها الإبل؛ قال الراجز:
كوم على أعنا قها قيد الفرس ... تنجو إذا الليل تدحى والتبس
والأضز: الذي تتقارب أسنانه بعضها من بعضٍ. ويقال: هو الذي لا يستطيع المبالغة في فتح فيه لتقارب أسنانه العليا من أسنانه السفلى. والأجلع: الذي لا تلتقي شفتاه يكون فيهما قصر عن أن تلتقيا، ويقال: إن الأخفش سعيد بن مسعدةٍ كان أجلع.
رجع. رب الجون واللجون، والبدر المسجون، حتى يعود كالعرجون بقدر على إدالة المهتضم، وترك المعظم كاللحم على الوضم، زويت عنى الدنيا فأسفت، وأشفقت لذلك وخفت، وأحببت لها وشنفت، ولو أنصفت لعفت ما أستوبله فما نثفت. موت أسامة أحسن به من افتراس البر، وإذا رضيت اللقوة بصيد الحرشف بطل حظها في الحياة، وغذا مضى دهرك على منهاجٍ فلتضح كأوله بقاياه. ولا تكن مثل الأربد أقام عمره ما ورد ثم كرع في آجن صراةٍ؛ وكالأرقم أقام برهةً يسكن التراب ثم انتقل إلى ماء ذي طينٍ، وكل عند نفسه كريم. والضرفة بالشام كالرقلة بالعراق. وكم رجلٍ قام وقعد، وصوب في البلاد وصعد، وحرص فلم يسعد، فأصبح اليوم الأبعد، هفا مع الطواح. غاية.
تفسير: الجون: يحتمل أن يكون الليالي، ويحتمل أن يكون القطا، وكلاهما جمع جونٍ، يقال للنهار جون ولليل جون، والكلمة من الأضداد؛ قال الراجز:
جون دجوجي وخرق معسف ... يرمى بهن الليل وهو مسدف
وقال آخر:
غير يا بنت الحليس لونى ... كر الليالي واختلاف الجون
وسفر كان قليل الأون يعني بالجون: النهار. والأون: الرفق، يقال: أن على نفسك. واللجون: البطيئة من النوق؛ قال النابغة:
فما وخدت بمثلك ذات رحلٍ ... حطوط في الزمام ولا لجون
والحطوط: السريعة من النوق التي تعتمد في زمامها، وقال قوم: اللجان مثل الحران. والبدر المسجون أي هو في هالته لا يبرح منها.
والعرجون: أصل الكباسة، ويقال له مادام رطباً الإهان، فإذا يبس فهو العرجون. وتشبه الإبل المهازيل بعراجين النخل؛ قال زهير:
إذا الشول راحت بالعشي كأنها ... عراجين نخلٍ أو رعيل نعام
والوضم: الذي يوضع عليه اللحم، وهو بلغة طيئ الوفض، ويقال لمن ليس فيه دفع فهو مطموع فيه: إنه لحم على وضمٍ؛ وفي حديث عمر " إن النساء لحم على وضمٍ إلا ماذب عنه " . وشنفت: أبغضت. واستوبلت الطعام: وجدته وبيلاً. ونئفت من الطعام والشراب إذا أصبت منه. والبر هاهنا: الفأرة الصغيرة، وقال أبو مسحلٍ: البر: الجرد بلغة أهل اليمن. واللقوة: العقاب. والحرشف: الجراد. والأربد: الظليم؛ سمي بذلك للونه. والآجن: الماء المتغير. والصراة: الماء المجتمع الذي قد طال مكثه فتغير؛ قال الراجز:
تشرب ما في جانب المقراة ... ما بقي في الحوض من الصراة
بقي: لغة ربعية، يسكنون أوسط الفعل إذا كان مكسوراً أو مضموماً، فيقولون: علم الرجل وكرم في معنى علم وكرم؛ وربما استعملهاغيرهم من العرب؛ قال امرؤ القيس:
نزلت على عمرو بن درماء شاتياً ... فيا كرم ما جاراً وياكرم ما محل
وقال القطامي:
أبونا فارس الفرسان علقت ... بكفيه الأعنة والغوار

أراد: علقت. والضرفة: شجرة التين. والرقلة: النخلة الطويلة. وفي كلام لأبي حثمة الأنصاري وقد سئل عن النخل والكرم أيهما أفضل فقال: " ليس الصقر في رءوس النخل، المطعمات في المحل، الراسخات في الوحل، كزبيب إن أكلته ضرست، وإن تركته غرثت " . والصقر: دبس التمر، وكأنه غنى الرطب ها هنا؛ لأن الدبس يكون منه، ويقال. إن بعض الناس إذا أكل الزبيب ضرس. وهفا: طار في الرياح. والطواح: من طاح إذا ذهب.
رجع: رب الغبس وغبيسٍ، ومكة وأبي قبيسٍ، والمشدود برحال الميس، عيسٍ تخلق من العيس، وفقتي لدعائك والقمر في الكف الخضيب، في إحدى عشرة منزلة من الطلي؛ فقد زعم قوم أن الدعوة هناك تستجاب. ما ألطفك صانعاً في كل أوانٍ، شيء كالحبة ظفر به الآدميون، فلما حلت الشمس الحمل وطابت الظلال انقاضت واحدته عن أصغر من عين الدباة فغدى بنبات الأرض وانتقل من حالٍ لحالٍ، حتى إذا الربيع اكتهل وحضرت المياه، مزقت له كسوة الفرصاد، والقدرة والقدر لله، فربى بأمره ورتع، ونمى فترعرع؛ فلما بلغ أناه نفث من الأفواه نحواً من غزل آلفة الغبار، وعلم ذاك واليه فقضب له من أغصان الشجر ما إليه لجأ وفاء؛ فاتخذ فيه بيوتاً لا روافد لها ولا آساس، تصطنع منها ملابس تجمل بها الأقيال، وذلك بلطف القارن بين الجثث والأرواح. غاية.
تفسير: الغبس: الظلمة. وغبيس: من أسماء الليل، معرفة. ويقال: لا أفعل ذلك ما غبا غبيس. معناه: ما أظلم الليل؛ قال الراجز:
وفي بني أم الزبير كيس ... على الطعام ما غبا غبيس
وقال قوم: يجوز أن يكون قولهم: ما غبا عبيس يراد به الذئب؛ لأن الذئب يوصف بالغبس؛ وقال الراجز، وهي تروى لأعشى مازن، وتروى لرجلٍ من بني الحرماز يقال له عبد الله بن الأعور يعرف بالأعشى يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم وكانت نشزت عليه امرأته:
يا واحد الناس وديان العرب ... إليك أشكو ذربة من الذرب
كالذئبة الغبساء في ظل السرب فيكون غبيس اسماً للذئب. وغبا أي ارتفع له غبو وهو الغبار، من قولهم:
أطلس يخفى شخصه غباره
ويجوز أن يكون المعنى ما اغبر الذئب في نفسه؛ لأن لونه إلى الغبرة. وذربة من الذرب أي داهية من الدواهي. والعيس: ماء الفحل. يقول من يتأله من المنجمين: إن الله تعالى يقبل الدعاء والقمر في الكف الخضيب وهي كف الثريا في إحدى عشرة درجةً من الحمل وهو الطلي والحبة: بذور العشب. وحضرت المياه: نزلت العرب عليها. وكسوة الفرصاد: ورق التوت. والروافد: خشب السقوف؛ وأنشد الأحمر:
روافده أكرم الرافدات ... بخٍ لك بخٍ لبحرٍ خضم
رجع: ليتنى على جورٍ، مدمن عنق زورٍ، في ليلٍ مخضر، ونهار مغبرٍ، أطلب منزلة البر، عند ملك المستقر. خالق النفع والضر، وعالم كل مسرٍ؛ أيها المنتبذ كن في النيق أو الجر، لورقيت إلى السماء بكرٍ، ما وجدت لك من مفرٍ، فيا ويح المغتر. نفسي أفر، وعنها أكفر، وإلهى أستغفر. والنفوس تحجأ، وبها يجأ جأ، وحتفها لا يرجأ، والقدر يجأ، لا يحلد سلمى ولا أجاء، رب طعامٍ لا يهجأ، وعين تنجأ، وإلى الله المتجأ، يمهل أمره ويفجأ، وهو على إنشائك قدير، وبجزاء الخير جدير. والظالم أعثر قدماً من المظلوم وانا أحد الظالمين. هل ينجينى منك أبد طال، وجسد لحق بالرفات، أو مال كثر، أو عز مكانٍ!أدركت مالم يكن فكيف ما كان المدمن على اللهو، خدن الغفلة والسهو، المنتقل من بهو، ملئ من الكبر والزهو، يسبح في عيشٍ رهوٍ، يسأل عن الشراب والطهو، أخسر صفقةً من شيخ مهوٍ؛فدلنى رب على الرباح. غاية.
تفسير: الجور: الجمل الشديد. وعنق زورأى شديد، قال القطامى:
يا ناق سيرى عنقاً زوراً ... وقلبي منسمك المغبرا
وبادرى الليل إذا ما أخضرا والنيق: أعلى موضع في الجبل. والجر: أصل الجبل؛ قال قيس ابن الخطيم:
سل المرء عبد الله ذا الجهل هل رأى ... كتائبنا بالجر كيف مصاعها
والكر: الحبل الشديد الفتل. وتحجأ: تبخل، يقال حجيء بكذا وكذا فهو حجيء؛ قال الشاعر:
أطف لأنفه الموسى قصير ... وكان بانفه حجاً ضنيناً

أطف: أي أدنى. ويجأجأ: من قولك جأجأت بالإبل إذا دعوتها للشرب؛ والمعنى أن النفوس يدعوها داعي الموت. ويرجأ: يؤخر. ويجأ: من وجأه بالجنجر والسكين. ويهجأ: من قولهم: هجأه الطعام وأهجأ إذا قطع غرثه. وتنجأ: من قولهم نجأه بعينه إذا أصابه بها.
والرهو: الساكن. والطهو: الطبخ. ومهو: قبيلة من عبد القيس، وشيخها: الذي اشترى الفسو من إيادٍ ببردى حبرةٍ فقالت العرب: أخسر صفقةً من شيخ مهوٍ واسمه بيذرة. والرباح: ضد الخسار.
رجع: أقصر وأطال مطيل، وجميع ما نطق أباطيل، إلا ما أثنى به على رب العالمين إن نفع وإلا فهو جميل. ركن الواثق به وثيق، وعمل الدائب له لا يضيع؛ قرت عين هي له كعين السليم، لا تنام في طاعته ولا تنيم. أشهد أن اللاهج بذكره سعيد. ما كاسب أسهمٍ يجترح لعيالٍ أقفر سنةً وأورق شهراً كريتاً وأقام لا يطعم ثلاثاً،أبهج باقتناص اليعفور منه بارسال دعوةٍ في يعفور الليل ترفع إلى ربٍ كريمٍ؛ إن حرمها فبحقٍ، وإن رحمها فهو جدير. وأعوذ بكرم الله من الهتر، وأمرٍ يفتقر إلى ستر، وعملٍ كنات العتر، لا يعلو الرازحة بكترٍ، طلبنى الزمن بوترٍ، ورما بي بالقتر، وما ترك لي مسير فترٍ، عير ملقى جسدٍ تحت الصفاح. غاية.
تفسير: يجترح: يكتسب. أقفر أي أكل طعامه قفاراً أي بلا أدمٍ. وأورق الصائد إذا لم يصد شيئاً. وشهر كريت: أي تام. اليعفور: الظبى. واليعفور: ساعة من آخر الليل. والهتر: ذهاب العقل من الكبر. والعتر:ضرب من النبت ينبت متفرقاً. والكتر: السنام. والقتر: ضرب من السهام. والصفاح: الحجارة العراض.
رجع: أخطأت رب وخطيت، وعلى القطارية وطيت، وفي حبل الباطل مطيت، وكاسات السفه عوطيت. كيف أعتذر، ولبي ينذر أن الحازم حذر، وقد أمنت وأنا مسيء. ما خشف ذو خرقٍ، وقع في حبالة أبقٍ، فنشق أشد النشق، أعيا بخلاصه منى بالخلاص؛ فأعني رب قلاصٍ، تخذ بملبدى نواصٍ، يأملون تكفير معاصٍ، تنضح غروب عيونهم مع الغروب، وتذوب أجرامهم مخافة الإجرام، أو لئك ضيوف الكرامة ووفد البر يجب أن يحرسهم السيد حراسة العسيف، وتؤثرهم القطاة بما حملته من العد. ليتني في القوم فمحا ذنبي ماحٍ. غاية.
تفسير: يقال: أخطأت إذ فعلته وأنت عامد، وخطئت: إذا فعلته عن غير عمدٍ. والقطارية. الحية. ومطيت: مددت. ويقال: خرق الظبي إذا فزع ولصق بالأرض. والأبق: القنب. ويقال: نشق الظبي إذا وقع في الحبالة.والغرب: مسيل الدمع من العين، ويسمى الدمع نفسه غرباً، ويقال: الغرب عرق في العين لا ينقطع دمعه. والسيد: الذئب، وفي لغة بعض الناس السبع. والعسيف: الأجير. والعد: الماء القديم الذي لا يخاف انقطاعه.
رجع: يا نفس أحسني ما استطعت، وصلي إذا قطعت، ولا تبخلى على القليب، أن يشرب من ماء القليبٍ. إن علمت أنه ردئ الدخلة لك ففعل الخير حاجز وراء الغافلين. ما انت وظعائن، تشوق العائن، كأنها مها رماح،تمنع بالرماح، تسكن الكسور، وتلبس السور، لا أبكى أثرهم، ولا أندب ديارهم، إن كان لى دمع فليجر على الذنوب، حاملةً الخطايا والحوب، لا تسهر مخافة الله وتسهر لرنجىٍ، أكثر من الذهاب والمجى؛ ألف من أسرته لا يشلون الأنملة وظفرها به لئيم، فإذا سئلت عن ذلك قالت: فرى الأدم، وشرب الدم، لو عفوت يا نفس لعفى عنك. أسجحى بعض الإسجاح. غاية.
تفسير: القليب: الذئب. والعائن: الذي ينظر إليها بعينه. ورماح: موضع يقال بالحاء والخاء؛ وكذلك أنشدوا قول الشاعر:
وقد قامت عليه مهى رماحٍ ... حواسر ما تنام وما تنيم
شبه النساء بمهى رماحٍ وهو موضع يضرب بمهاه المثل. والكسور: جمع كسرٍ وهو جانب البيت. والسور: جمع سوارٍ. أسجحى: أسهلى.
رجع: عز العالم القدير، وكذب الزاعمون عنه ما هو بغيره حقيق، كم نشأ بغدير خمٍ يفن كبير، وإن كانت حرة ليلى تسقط الريش، فينبغي لبعيرها الدبر الا يفرق من القذاف، وعند الله أمن الخائفين. وإن كان التعشير كفعل المسحل ينفع من حمى خيبر؛ فالزئير يبرئ الداء العقام، وعند ربنا مفاتيح الأمور. والغنى أصناف ثلاثة: فالغني الأكبر هو الموت، والغنى الأوسط القناعة، وثالثهما غنى المال؛ فاستغن عن المحظور بالمباح. غاية.

تفسير: يقول بعض الناس: أنه من ولد بغدير خمٍ وأقام فيه لم يسافر عنه جاءته المنية قبل أن يبلغ الحلم. ويقال: إن حرة ليلى ربما مضى بها الطائر الغريب فسقط ريشه من سوء هوائها وشدة حرها؛ والمعنى أنها كانت كذلك فينبغي لبعيرها الدبر الذي به الدبر ألا يفرق من القذاف. والقذاف يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون الأرض التي لا ماء فيها ويقال هي البعيدة. والآخر أن يكون القذاف من قذفه بالحجر إذا رماه به. وكانت اليهود إذا استضعفت عقل الوارد عليهم خيبر قالوا له: اعل فوق تلك الرابية فانهق مثل نهيق الحمار عشر مراتٍ، فإنك إن فعلت ذلك أمنت من حمى خيبر، ففي ذلك يقول بعض الشعراء، أنشده ابن الأعرابي:
يقول اعل وانهق لا تضرك خيبر ... وذلك من دين اليهود ولوع
لعمرى لئن عشرت من خشية الردى ... نهاق الحمار إننى لجزوع
يقال عشر الحمار والغراب إذا صاح كل واحدٍ منهما عشرة أصوات في طلقٍ. والداء العقام والعقام: الذي لا يبرأ.
رجع: حبذا صلاة كافاقة النوق الغزار في نهار الصيف، وطوبى لمن رزق كأفوقتها في الظلام. فويحي كل الويح! أحب الدنيا وآلتها ليست في وقد يئست من بلوغها واليأس مريح. فإلام التشوف إلى الضلال! ولو كنت مؤدياً لها لثقل علي أمرها. من أعجبه وقود العفج يابساً فليصبر على دخانه وهو رطيب. ولا أرتاب أن سبحان الله تعلن بها أوقى لك من الصمت، والساكت أفضل من قائل الزور، وقول الحق أمثل من السكوت، واستقامة العالم لا تكون، ولذة الدنيا منقطعة، وخبر الميت غير جلي، إلا أنه قد لقي ما حذر؛ فاسع لنفسك الخاطئة في الصلاح. غاية.
تفسير: ذكر أبو عمرو الشيباني أن الناقة الغزيرة تفيق في نهار الصيف حمس مراتٍ؛ يقال: أفاقت الناقة إفاقةً إذا اجتمع اللبن في ضرعها، ويقال لذ لك اللبن الفيقة، قال الأعشى:
حتى إذا فيقة في ضرعها اجتمعت ... جاءت لترضع شق النفس لو رضعا
والأفوقة: جمع فواقٍ وفواقٍ، وهما ما بين الحلبتين وما بين الرضعتين. والمؤدى: الكامل الأداة؛ يقال رجل مؤدٍ في سلاحه إذا لبسه أجمع؛ وفي الأمثال رجل مستعير أخف من رجلٍ مؤدٍ يريد أن المستعير أخف إلى داعى الحرب ممن له أداة الحرب لأن المستعير يأخذ ما قرب منه.
رجع: رب الغسق واللمع، والواقفة بجمعٍ، تسفح ذوارف الدمع، ذكرك أحب إلى السمع، من قيل عجزةٍ، بين شعراء ورجزة، وهبت لهم الغرائز فجعلوا الصفات، لكل مالٍ صفتاتٍ، أو لمومسٍ هلوكٍ، بئس ذخيرة الصعلوك. فسر في الطاعة غير مكذبٍ، سيرة جوادٍ مهذبٍ، ولا تمزج ماءك بالعذب، واتق صولة المعذب، ولا تجمل بالكذب.
خسر ذو الرمة ما أفاد من صفة حمار وحشىٍ، ورامحٍ في أكرعه موشىٍ، لو نطق لخبر أن ميا، لم تفده من الخير شياً. ويا بؤس الفرزدق وجريرٍ! وأحسن أمية كل الاحسان؛ هو أحمد من المنتسبين إلى حجرٍ، والمرقش الأكبر، والعبسى ذي العجر، وطرفة وابن الوضاح. غاية.
تفسير: اللمع: من لمع الصبح. وجمع: جمع منى. والمال هاهنا: الرجل الكثير المال. والصفتات: الشديد الجافى. والمومس: الفاجرة. والهلوك: التي تتهالك على الرجال. وأهذب الفرس إذا أسرع في العدو. والعذب: الطحلب. والرامح: الثور الوحشى؛ قيل له ذلك لأجل قرنيه؛ قال ذو الرمة:
وكائن ذعرنا من مهاةٍ ورامحٍ ... بلاد الورى ليست له ببلاد
وأمية بن أبي الصلت الثقفي كان مغرى في الجاهلية بتمجيد الله وصفة الجنة والنار وهو القائل:
سبحانه ثم سبحاناً يعود له ... وقبلنا سبح الجودى والجمد
والمنتسبان إلى حجر وحجر: امرو القيس، وأوس بن حجرٍ. والعبسى: عنترة. والعجر: العيوب؛ وأصل العجرة عقدة تكون في الجسد. وابن الوضاح: عبيد بن الأبرص.

رجع: لو أمنت التبعة لجاز أن أمسك عن الطعام والشراب حتى أخلص من ضنك الحياة؛ ولكن أرهب غوائل السبيل. إن فعلى غير جميلٍ، والغاب مظنة من الأسد، والعشرة مكمن الجان، ولعل الأرقم راقد في الهشيم. وهل لك يا خائنة على الله مقال! أنت الكاسية في الشبم والصخدان، والطاعمة في الوضح والسواد، والنائمة بغير مروع في ليل التمام. يا ذئب عن حملان: أحدهما في السماء لم ينله قبلك ذئب، والآخر حمل وقير، دونه عنزة الفقير، كلا! أحسبت أن النقد، ليس بمفتقدٍ، والكاذب أبو جعدة. إن له راعياً حمال وفضاتٍ، براء نبعاتٍ، ولاغ الحظوات، في مهج أسدٍ وسراحٍ. غاية.
تفسير: مظنة من الأسد أي يظن أن فيه الأسد. والجان: الحية؛ يقال: جان العشرة وثعبان الحماطة. والشبم: البرد. والصخدان: شدة الحر. والوقير: قطيع الغنم، ولا يقال له وقير حتى يكون فيه كلب وكراز وهو الكبش الذي يحمل عليه الراعي خرجه في قول أبي عبيدة. وقال غيره الوقير: شاء الأمصار، وقال أبو النجم يصف الصائد:
تنبحه الحيات في كسورها ... نبح كلاب الحي عن وقيرها
والوقيرة بالهاء: قطيع من الظباء عن أبي عمرو الشيباني. والعنزة: نحو الحربة: والوفضات: جمع وفضةٍ وهي كنانة النبل. والنبعات: جمع نبعةٍ وهي شجرة القسي والحظوات: جمع حظوةٍ وهي سهم صغير، ويقال في جمعه حظاء أيضا؛ ويقال في المثل " إحدى حظيات لقمان " يعنون لقمان بن عادٍ؛ ويقال ذلك عند الكلام المؤذي يبلغ الرجل؛ وقال أوس بن حجرٍ يصف القوس:
تخيرها من غيلها وهي حظوة ... بوادٍ به نبع طوال وحثيل
يعني أنه أبصر عود هذه القوس وهو صغير مثل السهم فلم يزل يتعهده ويختلف إليه حتى صلح أن يتخذ منه قوس. والمهجة هي خالص النفس ويقال دم القلب. والمعنى أن الرجل يظلم ويظن أن الناس لا يسألون عن ذلك في الآخرة. والسراح: جمع سرحانٍ وهو الذئب. وأبو جعدة: من كنى الذئب؛ وإنما سمى بذلك فيما يزعمون على سبيل العكس لأنه يوصف بالفقر، وجعدة ها هنا: يراد بها الشاة الجعدة الصوف. ويجوز فيه وجه آخر وهو أن يكون قيل له أبو جعدة وهو لها عدو ليس فعله فعل الآباء. ويحتمل أن يكون قبل ذلك لكثرة غارته على الشاء، كما كنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالكٍ أبا حمزة ببقلةٍ كان يجتنيها؛ وقال عبيد بن الأبرص:
هي الخمر تكنى الطلاء ... كما الذئب يكنى أبا جعدة
هكذا ينشدون البيت ناقصاً؛ والمعنى أن الخمر تسمى بالطلاء وليست به.
رجع: أي الدرهمين أهم لك: أدرهم وقع في طوىٍ، أم درهم وقع في يد غوىٍ؟ أما درهم النزوع فسقط وما وقط، وأما درهم الجاهل فضاع وأضاع. وددت أن لي من الذهب مائة بهارٍ لا أنتفع بها ولا أراش، كلما جنيت سيئةً نقص منها شئ وأنا مع ذلك جشب المطعم حسن اللباس وهي تنتهب فتذهب حتى يقع فناؤها مع النسيس فأكون الأسعد بذاك. وليت كل شعرةٍ في جسدي مقول فصيحٍ يمجد الواحد بأصناف اللغاتٍ، تصيح سودها نعيب الأغربة، وبيضها صرير البزاة، تستغفر لمن اقترف فأسرف وأجرم فلا جرم إن الله ألبسه ثوب الصغار. وأعوذ بك رب من لسانٍ كلسان الوقود؛ أما ظاهره فحسن، وأما عادته فالإحراق. وليكن ريقي كماء الشربة يسقي طيب الجناة، وكلمي كالطئر الدواجن تنفع أهلهاولا تضر الأقوام؛ ولأمس نابي الناب عن كل مأكلٍ حرامٍ، ولا يكن كناب الابل يعجبها مناصاة السلم وجذب الطلاح. غاية.
تفسير: النزوع: البئر التي ينزع منها بالرشاء. ووقط: من قولهم ضربه فوقطه إذا وقع مغشياً عليه. والبهار يقال إنه ثلثمائة رطل، وقيل هو وزن معروف، وقال قوم: البهار خمسة أوسقٍٍ؛ قال الهذلي:
سماكيا كأن بحافتيه ... ركاب الشام يحملن البهارا
وفي الحديث عن عمرو بن العاص لما بلغه قتل طلحة أن ابن الصعبة مات وترك مائة بهارٍ من ذهبٍ. والصعبة: أم طلحة. وأراش من قولهم راش الفقير يريشه إذا جعل له مالاً؛ كأنهم شبهوا كسونة وأثاثه بريشٍ الطائر؛ قال الشاعر:
فرشنى بخيرٍ طالما قد بريتنى ... وخير الموالي من يريش ولا يبرى
وجشب المطعم أي خشنه. والنسبس: آخر النفس وبقيتها: قال أبو زبيدٍ:
إذا ضمت يداه إليه قرناً ... فقد أودى إذا بلغ النسيس
جرم عند البصريين في معنى حق، وكذلك فسروا بيتاً ينسب إلى قيس ابن زهيرٍ:

ولقد طعنت أبا عيينة طعنةً ... جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
وبعض الناس يقول إن لا جرم تؤدى معنى لابد. وأصل جرم قطع، فيكون المعنى لا قطع الأمر، ويكون في جرم ضمير. وكأن لا في هذه الكلمة على قول البصريين متعلقة بكلامٍ آخر. والشربة: حويض يعمل حول النخلة. والدواجن: المقيمة في البيوت من دجن إذا أقام. ومناصاة السلم: مجاذبته. والسلم والطلح من العضاه وهو شجر كثير الشوك.
رجع: باذن الله تصول الضبعان: السنة على الحي الحلال، والمسنة على قتلى الرجال. فالعرفاء ذات الرزمة، تشهد له بالعظمة، والحصاء المتهجمة تحلف أن الأمر لخالق النسمة. وبقدرته أقبل المد، طارئاً من بعد الأمد، يحمل ذوات الربد، بين الغثاء والزبد، كل حاملة سمٍ مؤبدٍ، أنحلها تقادم الأبد، فهي مثل المبرد، وأخشن مساً في اليد، أصبحت بعد الرمل والجدد، إما في الماء وإما في الثرمد، والريح تمجد الصمد، فيستدير الماء كالزرد، ما أسرع ما يحل ويعقد؛ ولو شاء الخالق لجعله دروعاً، لا تجد الواردة به شروعاً، ثم حسر الماء بإرادته وليس في ضمير الأرض حسرات؛ فأصبح باذنه كل جرفٍ هارٍ، قد انتسج بالبهار، فهو في الأبصار كالدنانير القصار، ينطق بفواضل إله العالمين، ويثنى بأرجه على منشئه أريج الثناء؛ واهتاجت الطير لذلك مهللة، فهي كالثملة من الماء القراح. غاية.
تفسير: يقال للسنة الشديدة: الضبع، وعلى هذا فسروا قول خفافٍ
أبا خراشة أما أنت ذا نفرٍ ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع
وفي الحديث أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أكلتنا الضبع وتقطعت عنا الخنف وأحرق بطوننا التمر. الخنف: جمع خنيفٍ وهو ثوب غليظ من كتانٍ. والحي الحلال: المقيمون، قال الشاعر:
أحي يبعثون العير تجراً ... أحب إليك أم حي حلال
والعرفاء: من صفات الضبع، يقال ضبع عرفاء؛ قال الكميت:
لنا راعياً سوء مضيعان منهما ... أبو جعدة العادى وعرفاء جيأل
وجيأل: من أسماء الضبع تستعمل معرفة؛ كذلك ذكره سيبويه، وقد يجوز أن يكون في هذا البيت نكرة ومعرفةً. وإذا تكر صرف. وأصل الرزمة للإبل في حنينها وقد استعمل في الريح والرعد، وقال الجعدى وتروى لغيره:
إن قومي در درهمٍ ... قد شفوني من بني سلمه
تركوا عمران منجدلاً ... للضباع حوله رزمه
والحصاء: السنة المجدبة؛ سميت بذلك لقلة نبتها؛ يقال انحص شعره إذا ذهب؛ قال جرير:
يأوى إليهم فلا من ولا جحد ... من ساقه السنة الحصاء والذيب
والربد: من قولهم: حية ربداء إذا كانت إلى السواد والغبرة. مؤبد: قديم. والجدد: الأرض الصلبة المستوية. والثرمد: الحمأة. وحسر الماء: ذهب مثل انحسر. وجرف الوادي والنهر: ما أخذ ترابه السيل فاجترفه. وهارٍ: أي يتهور بمن قام عليه. وأريج الثناء: طيبه. والماء القراح: الذي لا يخالطه شئ.
رجع: ليس المنجاة، بركوب النجاة؛ قد تكون الربق، من غير الأبق. ورب فارٍ من إبرة ذات الفقار، أتيح له ناب الصل. وشرمن نصل السهم سنان الخطى. ورب حظوةٍ، جلبت الحظوة، وأخرى حلب راميها المرار، سبق علم الله بذلك؛ والقدر بأمره متاح. غاية.
تفسير: النجاة: الناقة السريعة. والربق: الحبال. ولاأبق القنب وهو مثل المثل. وذات الفقار: العقرب. والحظوة: سهم صغير. والحظوة: مثل الحظ. والمرار: نبت إذا أكلته الإبل امرت البانها، وهذا مثل. والمعنى ان الإنسان يفعل الفعل فيحظى به مرةً ويشقى به مرة.
رجع: سبحان الله، والتسبيح له قليل. إن تصوير ابن آدم لعجب بديع. ما أقدرك على تبديل ما نحن فيه إن أردت التبديل؛ لا أكتمك ما أنت به عليم. إن أسفى على الدنيا لطويل، نفذ عمري وغيري المصيب، رأسي أسحم ولداتي شيب، ولا يرد قدرك لون غربيب، ويدعو الموت فأجيب، وأنا خاطئ لست بمنيبٍ؛ فعفوك اللهم وأنت كريم، إذا خلفت ورجع الصديق. أي صديقٍ لي وأي نسيبٍ! إنى في الوطن لغريب، ألا ينفعني التجريب! كم في التراب من تريبٍ. من يغبط أم قيس على القتيل، صماء لا تسمع القيل، خرساء نطقها صوت قصير كأنها قطعة من الضريب، أو مشتملة بالرسل الحليب، صلعاء الرأس ولا أعيب، أبالها أنعم أم بال الأديب، أتحسد الناعب على النعيب! ضحوت لك رب لا أستتر بنصاحٍ. غاية.

تفسير: التريب: جمع تريبةٍ. وأم قيسٍ: كنية للرخمة. ضحوت: ظهرت؛ وأصله من الظهور للشمس. وفي إصلاح المنطق: ضحيت وضحيت أجمعت على ذلك النسخ والرواية؛ وقيل إنه سهو، وإنما الصواب ضحيت وضحوت لأنه مأخوذ من الضحوة، وقيل بل هى لغة؛ لأنهم قد قالوا صخرة ضحيانة للشمس فيجوز أن يكون ضحوت وضحيت لغتين مثل طغوت وطغيت. والنصاح: الخيط.
رجع: المرئي مكثب وما غاب عن العين بعيد، فأوذموا العطلة في شكر الله، وأنزلوا في أرض الإهالة من العبادات، فالعابدة في مثل الحولاء. ولتكن شفتاك له مثل الساقيين: السبط والجعد، يدأبان في العمل ولا يفهم أحدهما عن الآخر ما يقول، وثنايا المثنى على الله أعظم قدراً من ئناياً الجبال، وعذبة لسآن مطرية أشرف من عذبةٍ اللواء.
فطوبى للمنفرد بنعمان السحاب يرازم بين مردٍ وكباثٍ. رب أملٍ أقبل بجناح العقاب وأدبر بجناح البعسوب، ولى بقرب الرازم وبدأ بقرب العشراء، أخال إخالة الروية ومضى مضى الجهام؛ والله العالم بأعجاز الأمور؛ بان أمره فوضح؛ لا رغوة بعد الافصاح. غاية.
تفسير: أوذموا: من قولهم: أو ذمت الدلو إذا جعلت لها وذماً وهي سيورها. العطلة من العمل والاستقاء. ويقال: نزلوا في أرض إهالةٍ أي في مكانٍ مخصب؛ وذلك أن الإهالة هي الشحم المذاب، يراد أن الماشية تسمن في تلك الأرض فيتخذ من شحومها الإهالة؛ يقال استأ هل الرجل إذا اتخذ الاهالة؛ وهذا يدل على أن الهمزة أصلية ولو أنها مثل همزة إقالة لوجب أن يقال استهال الرجل؛ قال الشاعر:
لاتذلي يا مي واستاهلي ... إن الذي أنفقت من ماليه
والحولاء: جلدة تخرج على الولد فيها ألوان مختلفة؛ والعرب تقول: نزلنا في أرضٍ كأنها الحولاء؛ يعنون الخصب، يشبهون اختلاف النبت باختلاف ألوانها، والغالب عليها الخضرة، وفيها لغتان: الحولاء والحولاء بالكسر والضم؛ قال الطرماح ووصف أرضاً قفراً وأن ناقته ألقت جنيينها من شدة السير:
يظل غرابها شنجاً نساه ... شجٍ بخصومة الذئب الشنون
على جولاء يطفو السخد فيها ... فراها الشيذمان عن الجنين
الشنون هو المهزول، وقيل من شن الغارة. السخد: ماء غليظ يخرج على وجه الولد. والشيذمان: الذئب؛ ويقال هو الطائر الذي يسمى الأخيل، وتروى الشيذمان بفتح الدال وكسر النون، يعنون بالشيذمين: الذئب والغراب. والساقيان السبط والجعد، جاءا في رجزٍ قديمٍ وهو:
وساقيان سبط وجعد ... وفارطان فارس ويعدو
أراد بالسبط: عبداً رومياً، وبالجمد: عبداً حبشياً. وقوله فارس ويعدو أي وراجل يعدو فأقام الصفة مقام الموصوف. وثنايا الجبال: الطرق فيها واحدتها ثنية، وقيل هي المطلع في الجبل أو في الأكمة. وعذبة اللسان: طرفه. ونعمان السحاب هونعمان الأراك، يراد بذلك أن الضباب يكون في رأسه وبذلك توصف الجبال؛ قال امرؤ القيس:
نيافاً تزل الطير عن قذفاته ... يظل الضباب حوله قد تعصرا
نيافاً أي طويلاً من قولهم أناف. ويرازم: إذا أكل من طعامين من هذا مرةً ومن هذا مرةً. والمرد والكباث من سمر الكباث. واليعسوب ها هنا: ذكر النحل، وقد يقال لغيره من الجعلان الطائرة يعسوب. ويقال ناقة رازم وبعير رازم إذا لم يقدرا على النهوض من الضعف. والروية: السحابة الكثيرة الماء. والجهام: الذي قد أراق ماءه. وأفصح اللبن إذا ذهبت رغوته.
رجع: الله أكبر ما طما بحر، ووضح نحر، وانتفخ من روعٍ سحر، إذا جرست النحل البر فأعد المسائب للضرب، وإذا حمل الضرو فأجد الحمت للسليط، وإذا أخصب المال فاستجد للطرم الأنحاء، وإذا أوفر العيدان فأحكم المربد والجرين، وإذا رأيت مجج الكحب من وين وملاحىٍ فإياك ودوارع الخمر! لكن أصب طيباً وادخر غير مسكرٍ عنجداً. فلو أطلقت الخندريس وكانت تقدح في حجاك لوجب هجرها عليك. ودع الأقدار وما تريد فإنها لا تصرف على اختيار المخلوقين. واعلم أن رزيتك لا تهجم على أحدٍ إلا عليك. غزال، غشيه المشتى بالهزال، فلما أخصب، وفقد النصب، حان، فلقى السرحان، مزق إهابه بأظفارٍ، أمثال الشفار؛ فما بكى له العلهب ولا العنبان، وذلك بقدرٍ وحاه واحٍ. غاية.

تفسير: جرست: أكلت فسمع لها صوت وهو الجرس. والمسائب: زقاق العسل واحدها مسأب. والضرو: البطم، وذكر أبو عمرو الشيباني أن الزيتون يسمى ضرواً. والسليط: كل دهنٍ يعتصر مثل الزيت والشيرج وغيرهما. وقد سموا دهن السنام سليطاً. والطرم هاهنا: السمن وفي غير هذا الموضع الطرم والطرم العسل. والأنحاء: جمع نحىٍ وهو زق السمن. والعيدان: النخل الطوال واحدها عيدانة. وأوقر النخل إذا حمل؛ يقال: نخل موقر ومواقر. والمربد والجرين: موضعان يترك فيهما التمر ليجف. والمجج: نضج الكرم؛ وفي بعض الحديث لا يباع العنب حتى يبدو مججه . والكحب: الحصرم. والوين: العنب الأسود. والملاحى: العنب الأبيض. والدوارع: زقاق الخمر، واحدها ذارع؛ قال الشاعر:
كأن الذارع المشكول منها ... سليب من رجال الديبلان
والمنجد: الزبيب. والعلهب والعنبان: المسن من الظباء. ووحاه واحٍ: قضاه قاضٍ.
رجع: قد حرت يا مولاى فسرت، وما ربحت وعظمتك بل خسرت. أنت العالم بدخلة العبيد.ما أنتظر وقد آن المشيب! عثر جواد فما بال شئيتٍ. إن الطيب لا ينتبس بالخبيث. كيف أنتصر وأنا حجيج ليس لك يا ظالمة من نصيحٍ. يعشو للنار من عرف الزخيخ. ما عملك بعملٍ سديدٍ، ولا عيشك بعيشٍ لذيذٍ. كون الأثفية ذهباً لا يزيد في طيب القدير، ما أشبه ذليلاً بعزيزٍ، فتوارى بخلقٍ دريسٍ. آذنتك أفعى بكشيشٍ، ألا تتقين شر الحربيش. فاطلبيث الكمأة في منابت القصيص.
لا أسمع لنسعك من قضيضٍ.كم مر عليك من بطيطٍ. فاحمدي ربك ما شربت من فظيظٍ، إنما أنت كأبي سريعٍ. فالثناء على ربك ثناء البليغ. يكفيك من الثروة بلغة المسيف. ما أجدرك بوردٍ ترميقٍ! ما ينقذك من سجن المليك. ويل لي، وهو الويل الطويل، لا أعتدل أبداً ولا أستقيم. مغبون في الدنيا غبين. من ذر الأرج في أزهار الربيع، وكسا الخضرة السلم والألا، وجعل الهابي في قوادم الظليم؟ ذلك الذي وشح جربة من الثريا بوشاحٍ. غاية.
تفسير: دخلة الرجل: باطن أمره. والشئيت: الكثير العثار. وحجيج: محجوج. والزخيخ: وميض النار، وربما سميت النار بعينها زخيخاً. والحربيش: الحية الخشنة اللمس؛ قال رؤبة:
أصبحت من حرصٍ على التأريش ... غضبى كرأس الحية الحربيش
التأريش مثل التحريش. والقصيص: نبت ينبت عند الكمأة. والقضيض: صوت النسع الجديد. والبطيط: العجب؛ قال الكميت:
ألما تعجبى وترى بطيطاً ... من اللائين في الأمم الخوالي
والفظيظ: ماء الكرش. وأبو سريعٍ: نار العرفج، وهو سريع اللهب سريع الانطفاء؛ قال الراجز:
لا تعدلن بأبي سريع ... إذا غدت نكباء بالصقيع
والمسيف: الذي قد هلك ماله. وورد ترميق أي قليل قدر ما يمسك الرمق.والغبين هاهنا: القليل الرأى. والهابي: الغبار؛ والغبرة من ألوان النعام.
رجع: أنت ربنا كافى الغافلين، بك أقرت شنعاء شنرة، عليها حلة مدنرة، كسآها الصنع جوشناً ودرعاً، وشربت الذيفان جرعا، ولا مرتع لها إلا العفر فهي تستن في الرياغ كاستنان الدوع، وتترك في الصفا مثل الصدوع، وهي بك شاهدة في كل مكانٍ، هربت من الآلبة إلى الوالبة، وقد انتعلت الظلال وتغشاها الوسن، فما راعها إلا صوت المخلب، فرفعت مثل شواية الصبي في ناحيته بريرتان وأنت بذلك عالم، عالم كل خفيةٍ إلى واحد بائسةٍ تغتزل العميت، فأعجلته عن دعاء الصحب وطلب السيادير. ويحه البائس! لقد عثر منها بعثار وحمل إلى ذات الحفش فما تماسك في أيدي الرحضة؛ فكانت الكرامة له دفنه مع الرواح. غاية.
تفسير: شنعاء شنرة: الحية. والشنرة من قولهم: رجل شنير أي سيء الخلق؛ وهو مأخوذ من الشنار وهو أسوأ العيب. والذيفان: بكسر الذال وفتحها السم. وقوم إذا كسروا الذال همزوا. والرياغ: التراب الدقيق. والدوع: ضرب من السمك. وتستن: تأخذ في عرضٍ. والحيات توصف بأنها تترك في الصفا صدوعاً. والآلبة: الطاردة؛ من ألبه إذا طرده؛ وأنشد أبو عمرو الشيباني:
ألم تعلما أن الأحاديث في غدٍ ... وبعد غدٍ يألبن ألب الطرائد
والوالبة: من قولهم: ولب الزرع إذا صارت له فراخ؛ وبه سمى الرجل والبة. انتعلت الظلال: نصف النهار. والشواية: القرص الصغير من الطعام، وبه يشبه رأس الحية، وأنشد الأصمعي عن أبي مهدية:

قد كاد يقتلنى أصم مرقش ... من حب كلثم والخطوب كثير
خلقت لهازمه عزين ورأسه ... كالقرص فلطح من دقيق شعير
وعيناً الحية تشبه بالبريرتين وهما من ثمر الأراك. والعميتة:: ما تجعله المرأة على يدها من الصوف لتغزله؛ يقال عمت تعمت وعمتت تعمت؛ قال الشاعر في صفة راع:
فظل يعمت في قوطٍ ومكرزةٍ ... يقطع الدهر تأقيطاً وتهبيداً
القوط: قطيع الغنم. والمكرزة: تحتمل وجهين: أحدهما ان تكون موضع الكرز وهو خرج الراعي، والآخر أن تكون من الكريز وهو الأقط. والتأقيط: اتخاذ الأقط. والتهبيد: اتخاذ الهبيد وهو حب الحنظل. وكانوا يمارسونه حتى تقل مرارته. والسيادير: جمع سيدارة وهي العصابة. والعثار: السم. والحفش: البيت الصغير. والرحضة: المغسلون: يقال رحض يده يرحضها ويرحضها إذا غسلها؛ وبيت خفافٍ ينشد على الوجهين:
إذا الحسناء لم ترحض يديها ... ولم يقصر لها بصر بستر
قروا أصيافهم ربحاً ببحٍ ... يعيش بفضلهن الحى سمر
الربح: الفصال؛ ويقال هو الشحم، وقيل الربح في معنى الربح وهو أشبه الأقوال، والرواية بفتح الراء. وحكى أبو عبيدٍ الربح بالضم أولاد الغنم. والبح: القداح.
رجع: مولاى أعبدك أظلم أم تلك الظالمة؟ أما أنا فمقر بالفعل السيء، وأما تلك فلا أشعر ما تقول. يانفس ما عدي لى أحد كما عديت؛ أكلأت في المعصية وهي الكلأ الوبيل. كيف لي بأن أكون طائراً يعمد إلى شجرةٍ مع الظلام فيعلق براثنه في بعض الأغصان وينادى على نفسه بالخطأ حتى يمل السامعون! فبينا هو كذلك أذن له غلام ما جرسه بعد الزمان، فنهض إليه بعد هجعةٍ وعند البائس أنه في أمانٍ؛ فقبض عليه الكف فأنساه الرعب الهتاف، وانصرف به سدران جذلاً، فاستودعه في أحد سجون الطير؛ فلما أصبح باكره مع الغدو، أبغض عدوٍ، فعقد برجله بريماً كالإمام فهو في تعذيبٍ، من الخيط الجذيب. فجاء الهجير، وما بقي من رمقه غير الثجير، وفاز بالنساء، حتى المساء، فمر يفن، قد أعد الكفن، له أطفال، يطرح لهم الفال، فاشتراه بدرهمٍ من الوليد، والله منقذ المكروبين. فأرسله رغبة ً في الأجر والله الحميد، فالتمس لنفسه قوتاً مع العشي فوجد غير كاف والله به عليم. وبات نصباً، فلما أسحر علق عذبة وأرسل رأسه منتكساً فسبح بذلك الصياح. غاية.
تفسير: عدي: من العداوة. أذن له أي سمع صوته. وجرسه: مثل جربه؛ والمعنى: ما أحكمه الزمان ولا مرت عليه نوبه. وسدران: مثل سادرٍ، وهو الذي لا يهتم بشئ. والبريم: خيط فيه سواد وبياض. والإمام: خيط البناء. والجذيب: المجذوب. والثجير: عكر الزيت ونحوه. والنساء: التأخير في الأجل. يطرح لهم الفال أي يرجى لهم الخير ويتفاءل لهم. والعذبة الغصن.
رجع: أعظم بعزتك! ذهب الأبد وأنت لا تحول. لا اعلم كنهك ولا أهوء أشوب في تقديسك وأروب، وأوقن أنى في الغد أموت؛ فلتسقني من رحمتك غيوث. تسكن حركتي فلا أموج، كم خفت قبلى نبوح. نار كل فريق تبوخ. ليت أبى وتد يسوخ، أدفن في الثرى فلا أعود، بمن غير الخالق ألوذ! المرء يقدر ولغيره الأمور، يحسب أنه يملك ويحوز، كذب! لله النفوس. فليمسح يدك من الدنيا مشوش، ستنبت إن سلمت القلوص. أقتضب لغيرى وأروض. ما ضرت عابداً لله تحوط. هل لي إلى الشبيبة رجوع، هيهات وعن المنية أروغ. القلب دنس والجسد مشوف. ويحى إذا طلبت الحقوق! لا ملك يسلم ولا صعلوك. عندي للموت رسول قال وصدق فيما يقول: إنك أيها الفاخر لمرحوم، أسرفت على نفسك ورب صلاح. غاية.
تفسير: الكنه: المقدار وقيل الغاية. وأهوء: أهم. وأشوب وأروب: من المثل هو يشوب ويروب أي يخلط؛ وأصل ذلك أن يجئ باللبن الرائب ويشوبه بماء. والنبوح: أصوات الحي من إنسٍ وغيرهم. تبوخ: تخمد. ويسوخ: يرسخ في الأرض. والمشوش: ما مسحت به يدك من شئ خشنٍ؛ يقال: مش يده بالمنديل يمشها مشاً؛ قال امرؤ القيس:
نمش بأعراف الجياد أكفنا ... إذا نحن قمنا عن شواءٍ مضهب
أقتضب: من اقتضبت البعير إذا ركبته عن غير رياضةٍ. وتحوط: السنة المجدبة. مشوف: مجلو. وصلاح: من أسماء مكة مبنى على الكسر.

رجع: عجبت ولا عجب من أمر الله لما حكاه الحاكون. زعموا أن فلذة من الجنثى جوعت، لها ربداء هجنعة تشهد بصانعٍ حكيم، فنبذت لديها والإرادة أن تلتهمها، ولمشية الله النفاذ . فلما فعلت ذلك أمهلت جزءا من الزمان ثم أنحى عليها بالمدية والله على بعث الميت مقيت فأبرزت الفلذة من ضميرها، وبعضها فقيد، وألقيت على الهالكين، فجنا عليها جنوء المشبلة على الرضيع، يربها بنارٍ تسعر، وكأنها تجاد وتمطر، أما نارها فعنمية، وأما لونها فمن الربيع؛ فأراك الجدول، بشرارٍ طار أخول أخول. لو شاء ربك، فدع قول السفيه، أسمعك قسيب المنايا فيه؛ ربي في الجحيم، وكأنه خلد في النعيم، تلون الغول، في ناظر الجبان المغول؛ كأن عليه سندساً أو سدوساً، أو وشياً ملبوساً. ولو أراد الخالق جعل من المقرة سيفاً هذه صفته بغير تمكثٍ ولا افتكار. ولا يعجزه أن يأمر حلق القفعاء فتصير حلق المفاضة، وعيون الجراد فتكون قتيراً، ويكون من درع الخريدة درعاً تلبس فتقي رءوس الأسل وحد الصفاح. غاية.
تفسير: الجنثي: الحديد الفولاذ. والفلذة: القطعة. الربداء: النعامة والهجنعة: الطويلة، ويقال القرعاء. وتلتهمها: تبتلعها. ومقيت: مقتدر. والهالكي: الحداد. وجنأ يجنأ إذا حنى ظهره؛ وفي الحديث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم يهودياً ويهودية فجعل يتجنأ عليها: وقال كثير:
أغاضر لو شهدت غداة بنتم ... جنوء العائدات على وسادى
ويقال: طار الشرار أخول أخول أي مفترقاً؛ قال الشاعر أنشده أبو زيدٍ:
يساقط عنه روقه ضارياتها ... سقاط شرار القين أخوال أخولا
والقسيب: صوت الماء. والمغول: مفعول من غلته. والسدوس: طيلسان أخضر. والمقرة: الصبرة. والقفعاء: نبت على هيئة الحلق يشبه بها حلق الدرع. والمفاضة: الواسعة من الدروع. والقتير: مساميرها وهي تشبه بعيون الجراد.
رجع: أما الإله فمرجب، وأما القدر فعجب. أوعل، منتعل، أمسد، في عنق الأسد، أنجم، وقع في هجمٍ؟ نعم إذا أمر مالك الأمور. غربيب جاء مع الغروب، كأن الحندس عليه مجوب، ذكر الله بفمه مهتوت، وحبل الالاف منه مبتوت، في جوانحه طرب مبثوث، والجناح بمآربه محثوث، لا بعير بأمره محدوج. وبغير الخالق لا يعوج؛ حسب جاهل أنه ينوح، ولعله بالتمجيد صدوح؛ خلد وشابت الشروخ، وحسدته بسواده الشيب والله على إحلاك الأبيض مشيف. عليه خفاالملك، وثوب الراهب المتصعلك، كذلك صوره مصور المتحركات. مرتعه سهل ونجود، وعليه رزق الله يجود، والرذايا خيفته تلوذ، ولربنا الحول والعوذ، كأنه مقيد مهجور، يعدل في الشهادة ولا يجوز؛ سبحان مكون المصنوعات. إتفق على ذمه الهوز، ولعله بالطاعة يفوز. طوبى للبرمن النفوس، وإن عاش حليفاً للبوس! سبح جده كما سبح أنوش، وفنى كما فنيت الطموش، ينزل على دبر القلوص، وغيره بالنعمة مخصوص، والحكم لمطلع السماك. يعجبه القتيل المرفوض فجناحه للمتنبلات مخفوض، ليس بعنقه فيما أعلم مأثم مخطوط، ولغيره الشنوف والسموط. الشهادة بالقدرة دأبه، والنعيب أبداً خطابه؛ عز المترجم لأصوات الناطقين. فاعلم أيها المسكين أن الأيام شهود لك وعليك؛ فإن تمالأت على تزكيتك فأنت السعيد، وإن توافقت على تكفيرك فأنت حامل العبء الثقيل، وإن جرح بعضها شهادة بعض، فإن الله كريم. أيها اليوم الحاضر إن أمس ذهب وأنت أقرب الأيام إليه، وقد حمل عنى كتاباً يشتمل على الغفلة والتفريط، فدراكه دراك؛ إن فاتك فأنا أحد الهالكين، وإن عجزت ان تلحقه فإن الغد أعجز منك. وكيف تدركه وغداتك لا ترى ضحاك، وأصيلك لا يتفق مع الهجير، والله على الممتنعات مقيت. فناد في أثره عله بإذن الله يسمع دعاء الداعين. فإن أجابك فقل: إن البائس فلاناً يسألك أن تلقى الصحيفة من يدك؛ ولو نطق لحلف لا أستطيع، أنا أمين عالم الدفين، ولو فعلت لرهبت من المعصية كما تخاف، ولكن أنا وأنت عند الله كفرسي رهانٍ: فإذا شهدت عليه بالمعصية فاشهد له بالطاعة وأنه قد أذن للواح. غاية.
تفسير: مرجب: معظم مهيب؛ ومنه اشتقاق رجبٍ. والهجم: قدح من خشبٍ؛ وأنشد أبو عمرو الشيباني في صفة ناقةٍ:

فتملأ الهجم رسلاً وهي وادعةحتى تكاد نواحي الهجم تنثلم غربيب: أسود، والمعنى به الغراب. وجوب: من قولهم جبت عليه القميص إذا ألبسته إياه؛ وأصل الجوب القطع. والمعنى: كأن الحندس قطع له منه قميص؛ ومنه اجتاب القميص إذا لبسه. ومهتوت: مثل مهموسٍ، يقال هت الحرف يهته هتاً؛ ويقال للبكر من الإبل أول ما يهدر قدهت هديره. والهتيت: دون الكتيت، والهت في غير هذا: الوطء الشديد والعصر، وهو راجع إلى الأول كأن الحرف يعصر. وخلد إذا أبطأ عنه الشيب، وهو أحد الأقوال في تفسير قوله تعالى " ولدان مخلدون " أي لا يشيبون. والشروخ: جمع شرخٍ، والشرخ: جمع شارخٍ مثل تاجرٍ وتجرٍ وقد يكون الشرخ مصدراً فيقال: هو في شرخ شبابه أي عنفوانه؛ ومنه قول حسان بن ثابتٍ:
إن شرخ الشباب والشعر الأس ... ود ما لم يعاص كان جنونا
ومن الوجه الأول الحديث المرفوع إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سريةً فأمرهم أن يقتلوا شيوخ المشركين ويستبقوا شرخهم وهذا الحديث منسوخ في قول أبي عبيدٍ. ومشيف: مقتدر؛ ويقال أشاف الرجل على الشئ إذا أشرف عليه. والرذايا: جمع رذيةٍ وهي البعير الذي قد أبلاه السفر حتى عجز عن السير. والحول: جمع حائلٍ وهي التي لم تحمل، على غير قياسٍ، والقياس حول. والعود: جمع عائذٍ، على غير قياسٍ أيضاً، والقياس عوذ؛ قال النابغة:
أثيث نبته جعد ثراه ... به عوذ المطافل والمتالي
وقال قوم: العائذ كأنها من المقلوب لأن ولدها يعوذ بها لأنه حديث النتاج محتاج إلى الرضاع فجعل الفعل لها وإنما هي معوذ بها؛ فإذا صح ذلك فهو مثل قولهم: ليل نائم أي ينام فيه. والمهجور: الذي عليه الهجار وهو ضرب من العقل؛ قال أبو زبيدٍ:
فكعكعوهن في ضيقٍ وفي دهشٍ ... ينزون ما بين مأبوضٍ ومهجور
يعدل في الشهادة: أي يشهد بأن الله حق مقتدر. والهوز: في معنى الخلق؛ يقال ما أدري أي الهوز هو، أي أي الخلق. وأنوش: ابن شيث بن آدم. والطموش: جمع طمشٍ وهو الخلق؛ يقال طمش وطبش بالميم والباء؛ قال الراجز:
قد علم القدوس مولى العرش ... أن بنى الزبير خير الطمش
ويروى: الطبش: والمتنبلات: من قولهم تنبلت الدابة إذا ماتت، يقال ذلك في البعير والإنسان؛ وأنشد المفضل الضبي:
فقلت له يا باجعادة إن تمت ... تمت سييء الأعمال لا تتقبل
وقلت له إن تلفظ النفس كارهاً ... أذرك ولا أدفنك حيث تنبل
ويابا جعادةً: يريد يا أبا. فدراكه دراك أي أدركه. واللواحي: اللوائم، وحذفت الياء للقافية.
رجع: أنا ابن العفر المستودع في الأرض، وأبو العثرات المرفوعة إلى رب العرش، وأخو الجنايات الموجبة نقبض العفو، اظلم من بنت الجبل أم العثمان، أخت الصل الصؤول. أظلم على التجربة وألوم الأغمار. لو قدرت لألقيت الساعة جنيت فيها من اليوم إلى بطن الهاوية، ولمحوت أختها من الليل محو الشبيبة عن ذؤابة المسن، ولعقدت في بنان الوقت الذي أذكر فيه خالقي رتيمة أحفظه بها من النسيان، وقل ما سعد حريص. أما الخير فلا يخيب، وأما الشر فالله على جزائه قدير. ليس للكافر أبداً من نجاحٍ. غاية.
تفسير: بنت الجبل: الحية: والعثمان: ولد الحية. والصل: الخبيث من الحيات. والرتيمة: خيط يشده الإنسان في إصبعه ليذكر به الشئ؛ قال الشاعر:
إذا لم تكن في حاجة المرء عانياً ... نسيت ولم ينفعك عقد الرتائم

رجع: يا من كتب اسمه على الهدب والهدال، وبانت صفته في هديل الحمام، شهد لك نجم الأرض ونجم السماء، وأقربك عوف الغابة وعوف السحاب، ودلت على قدمك البروق: بارق الغمد، وبارق المبسم، وبارق الغمام؛ والثغور: ثغر الكاعب، وثغر المحارب، وثغر العصاه؛ والأغرة: من الناقة، والمخذم، والرقاد. لو علمت أن قص جسدي بالجلام واهب لي عندك زلفة لا فتننت في تجزئة هذه الأوصال. مرني بأوامرك أمض ولا أهاب، أحمدك إليك وإلى الناس، وأذم نفسي عندك وعند سواك. لم أذق من رزقك لماجاً إلا تفضلاً بغير استحقاق، وعلى من رحمتك لباسان أنا بغيرهما أحق: ثوب صحة وثوب استتارٍ. أرقد وغيري من الألم لا ينام. كم قطعٍ جاوزت ما قطع لى من غرارٍ، وطعامٍ أصبت ما تعبت فيه كفاي ولا سعت له القدمان في اكتساب، وماء شربته على ظمأٍ مات يحسرته كعب إيادٍ. إن عفوت فمصائب الدنيا جلل، وإن عاقبت فذلك البوار. أنت منصف الضائنة من كلبٍ حبيل براح. غاية.
تفسير. الهدب: كل ورقٍ لا عير له مثل ورق الطرفاء والأثل. والعير: هو الخط الذي في وسط الورقة. والهدال: ما تهدل من أغصان الشجر. وعوف الغابة: الأسد؛ لأنه يسمى عوفاً. وعوف السحاب: نبت يقال له العوف طيب الرائحة؛ قال النابغة:
فينبت حوذاناً وعوفاً منوراً ... سأتبعه من خير ما قال قائل
والثغر: ضرب من الشجر له شوك أبيض. وغرار الناقة: قلة لبنها وأن يجئ منه شيء؛ يقال ناقة مغار؛ ومنه قيل للقليل من النوم غرار. وغرار السيف: حده، وقيل هو ما بين حده وعيره. والجلام: جمع جلمٍ. اللماج: القليل من الطعام، ولا يستعمل إلا في النفي. والقطع: الساعة من الليل. والجلل: من الأضداد وهو هاهنا: الهين. وحبيل براحٍ: من أسماء الأسد، ويقال للرجل الشجاع تشبيهاً بذلك؛ وعندهم أن حبيلاً هاهنا في معنى محبولٍ. وبراح: يراد بها الأرض المنكشفة الواسعة. والمعنى: أن الأسد يثبت في الأرض البراح فلا يفر فكأنه محبول أي مربوط بحبلٍ.
رجع: رب لا تجعلني كشبوة فبئس الأمم الشبوات، يبدأن لشرهن بالأمهات، وكم عق ولد من أمٍ وجرع رجل من سمٍ وكسب من ثمٍ ورمٍ، وليس معصية الله في بردٍ أقبح منها في برد المشيب، وإنها في برد التكهل قبيحة شنعاء. وترجى فيأة الغرين: الصبي والشاب؛ فأما الهرم فأمر أسري عليه بليلٍ. متى عهد العود بتودية الصرار، لا تسأل شارف عن الخلال، نسى التألب أخلاق الأعفاء. متى عز لبد أبوه، لو قدر دالف رجع إلى حال الدارجين. من للنهبلة بوجع الحس، أعياك حسل فكيف بالقرعام. إذا قدمت الشجرة فجذ لها عاسٍ. أوبق نفسه من غفل حتى شاب. لو عقل أهل الأظماء لشغلهم عن العد، وبكور الورد، واجتناء الغرد، مراقبة أمرجدٍ، ليس لخالقك من ندٍ. أمن غصن من الخضر، إن كان في نعيمٍ غضرٍ، وشبابٍ نضرٍ، فما فعل أرباب الحضر؟ عصفت بهم عواصف الرياح. غاية.
تفسير: شبوة: العقرب. والثم: ما يجمع قليلاً قليلاً والرم: مايرم به الشئ أي يصلح. والصرار: ما تصر به الناقة ليقطع لبنها عن الفصيل.
والتودية: عويد يجعل على الخلف؛ ومن أحاديث العرب التي يحكونها في حماقة الضبع أنها رأت تودية في غدير فجعلت تشرب وتقول: يا حبذا طعم اللبن. والمعنى: أن العود قد بعد عهده بكونه سقياً يرضع من الخلف فيمنع من الرضاع بالتودية؛ ومن ذلك قولهم في المثل للمسن: " متى عهدك بأسفل فيك " أي متى كنت طفلاً لك دردر. وأمر أسري عليه بليلٍ: مثل يقال لكل أمرٍ فرغ منه. والخلال: عود يجعل في لسان الفصيل لئلا يرضع؛ وإياه عنى أمرؤ القيس بقوله: كما خل ظهر اللسان المجر يقال فصيل مخلل إذا جعل له خلال؛ قال أبو النجم:
تزين لحيي لاهجٍ مخلل ... عن ذي قراميص لها محجل

يعني بذي قراميص: ضرعها أي إذا بركت صارله في الأرض قرموص وهو ما يحتفره الطائر في الأرض ليبيض فيه. والمحجل: الذي فيه أثر بياضٍ من الصر. والتألب: المسن من حمير الوحش، وعندهم أن التاء زائدة وأنه مأخوذ من الألب وهو الطردلأنه يطرد الآتن ويجرى من ذلك على عادةٍ. وقد يقال إن التألب: الغليظ؛ وليس ببعيدٍ من الوجه الأول، فأما التولب فالجحش. والأعفاء: جمع عفوٍ وهو الجحش. وليد نسر لقمان. وغره: زقه. يقال دلف الشيخ إذا قارب خطوه من الكبر. ودرج الصبى. إذا مشى. والنهبلة: العجوز المسنة. والحس: وجع يأخذ النفساء. والحسل: ولد الضب. والقرعام: الضب المسن. والجذل: أصل الشجرة. والأظماء: جمع ظمء وهو ما بين الوردين. والعد: الماء القديم الذي له أصل. والغرد: ضرب من الكمأة صغار سود؛ يقال غرد وغرد ومغرود. والخضر: مصدر خضرت الغصن إذا قطعته أخضر. وغضر: في معنى غضرٍ؛ مأخوذ من الغضارة وهو حسن العيش ونعمته. والحضر هو الحصن المعروف الذي ذكره عدي بن زيدٍ.
رجع: مثل طاعة الله مثل الثروة، من وجدها فعل فيها ما أراد. ما يمنعك أن تخير القسى وأنت في بلاد الضال! إخبط لإبلك فالسلم كثير بواديك. من نصب الحبالة على مران أنشق من الكدر والجون. والعنجد بغيروجٍ يبتغى فلا ينال، وما يعوزك بطيبة عذق ابن طابٍ، فاجعلنى رب كسائحٍ في الكبد يقتات مالا يشعر به الأنيس، ويرد منهلاً لا يكثر عليه الواردون، ويرف على ما شاكل مئبر الصناع، ويلتجئ في القر إلى مثل برة البعير، وإذا قام قائم الظهيرة سبغ عليه في الفاردة من الثمام؛ ريشه أكثر جسده، لو وزن لحمه لرجح به المثقال، يشبعه ملء الخاتم ويرويه ما يحمله من القطر. إعليط المرخ لا يلغط مع الخشاش، فإذا نطق فصفيره ضعيف كأنما يصدر عن سمٍ أو فرط إعياء، وإذا مات كان حشفاً غير مرواحٍ. غاي.
تفسير: الضال: السدر البري غير مهموز في قول جماعة أهل العلم: وحكى بعض الناس أضيلت الأرض وأضالت إذا أنبتت الضال؛ فدل ذلك على أنه من ذوات الياء وأنه غير مهموزٍ. وروى عن اليزيدي الذي كان في زمان الزجاج أن الضال يهمز؛ ولا يلتفت إلى هذه الرواية. وقد يجوز أن يكون أصله الهمز ويكون اشتقاقه من الضؤولة وتركت العرب همزة تركاً لا زماً، كما ترك أكثرهم همزنبىٍ وبرية وخابيةٍ وذريةٍ. واخبط: من خبط الراعي الورق إذا ضربه ليسقط للابل أو للغنم، وكثر ذلك حتى قالوا هذا خابط ورقاً من فلانٍ أي يجتديه ويطلب معروفه؛ ومنه قول زهيرٍ:
وليس مانع ذي قربى ولا رحم ... يوماً ولا معدم من خابطٍ ورقا
ومران: ماء قريب من مكة. والعرب نصف القطا والحمام بورد مران؛ قال النابغة:
كأنها من قطا الأجباب هيجها ... برد الشرائع من مروان والشرب
والقطا توصف تارةً بالكدر وتارة بالجون. وأنشق الصائد إذا وقع الصيد في حبالته.ووج: من أسماء الطائف وهي كثيرة العنب. والمنجد: الزبيب. وعذق ابن طابٍ: ضرب من النخل معروف. والعدق بالفتح: النخلة وبالكسر: الكباسة. والكبد هاهنا: الهواء، وفي غير هذا الموضع: الضيق. والمئبر: الإبرة الكبيرة. ويقال للمغتاب: إنه لذو مئبرٍ؛ ومنه قول النابغة:
وذلك من قول أتاك أقوله ... ومن دس أعداء إليك المآبرا
وبرة البعير: الحلقة التي تجعل في أنفه من حديدٍ أو صفرٍ أو ذهبٍ أو فضةٍ؛ وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام حج مائة بدنةٍ فيها بعير في أنفه برة من فضةٍ كان لأبي جهلٍ. وقال قوم من أهل اللغة: يقال لكل حلقةٍ من الحديد ونحوه برة إلا حلقة الدرع. والمعنى: يلتجئ إلى ثقبٍ مثل برة البعير. وسبغ أي طال وفضل. والإعليط: وعاء ثمر المرخ. ويلغط: يصيح، يقال: لغطت الطير وألغطت إذا كثرت أصواتها. والخشاش: مالا يصيد من الطير. والحشف: اليابس.

رجع: إن الدينا تحلف بربها الكريم الذي من حلف به كاذباً أثم وحاب، أنها زائلة أسرع زوالٍ. فيا حالية لا تحسبى حجلك خلخال السابق، ولا طوقك طوق العكرمة، ولا حناءك حذاء الجون الطيار. إنك ولدت عاطلةً سلتاء، وأشرك إن عمرت درد، ونعمة جسمك تخدد، وريا فيك منتقلة إلى ما تعلمين. تصيرين بعد الغانية ذات العجز الرداح، إلى حال الفانية ذات العجز العجوز؛ يبرم بك ولدك فبئس ما جازاك! لقد حملت فوضعت، وغذوت وأرضعت، وسهرت لأجله والناس نيام، وآثرته على نفسك في أشياء كثيرةٍ، فما حفظك ولا رعاك، ليس الميت لحيٍ بوصيلٍ. أسمل ثوب فنبذ، وهرم عود فترك بالمراح. غاية.
تفسير: خلخال السابق: التحجيل. والعكرمة: الحمامة. والجون الطيار: الغراب. والسلتاء: التي لا خضاب عليها. والرداح: الثقيلة العجيزة. والعجز ها هنا: ضد الاقتدار. وصيل: في معنى واصلٍ. وأسمل: أخلق.
رجع: قد وعظتني الأهلة: طالع مع الثريا والنثرة يقسم أن الله الكريم أنشأه بغير معين، شبه في ابتداء نوره بنونٍ خطها بالفضة بعض الكاتبين. وقد شبه به البعير الحدبار، والسنان المنعطف لطول الطعان، وفسيط ذات الفوف، وحاشى الله. ثم ارتفع واستدار، فلما بلغ مداه، والمنشئ له به عليم، حار فنقص حتى خفي وغاب، وهو على حاله منذ خلقه الديان. وإنما يقرب فيدرك، ويبعد فلا تراه الأبصار، وهو الذي طلع هلالاً على هلال بن عامرٍ، وبدراً على بدر فزارة، وكم يطلع بعدنا على من يعرف ببدرٍ وهلالٍ. ومن الأهلة ثانٍ يؤذى النسم، ويقرى السم، ويبر القسم، إن الله وهب القسم، ويخلع قميصاً في كل عامٍ لا برس هو ولاوبر، ولا الحرير المغير، ولا اللبد ولا الشعر، ولا ثوب الغول المنتسج من ورق العضاه كما ادعى الفهمي أحد آل سفيان، والله مكون جميع اللباس. وهلال ثالث يحمل الطعام في الجرة فيؤنى به الأرض البثنة والمثير يكرب وملتمسات الرزق من خلف وأمامٍ، فيبعث ربك إذا استقر الحب في التراب غيماً يقلده في الأيام. فإذا أعصف وبلغ المراد وأذله الضعفة بالدياس، ألقى إلى الهلال المذكور فكان ثمال الإنس، وربما غلبهم عليه السرياح. غاية.
تفسير: البعير الحدبار: الضامر الذي قد ظهر فقار ظهره من هزاله؛ قال قيس بن الخطيم:
وراحت حدابير حدب الظهور ... مجتلماً لحم أصلابها
ويقال: هللت المطايا إذا صارت تشبه الأهلة في احديدابها؛ قال ذو الزمة:
فقام إلى مثل الهلالين لاحه ... وإياهما عرض الفيافي وطولها
والفسيط: قلامة الظفر. والفوف: بياض يكون في ظفر الغلام. والهلال: ذكر الحيات؛ قال الراجز يصف درعاً:
ونثرةٍ تهزأ بالنصال ... كأنها من خلع الهلال
واللبد: الصوف: والفهمي: هو تأبط شراً ثابت بن جابر بن سفيان، وهو من فهم بن عمرو بن قيس عيلان، وكان يدعي أنه لقي الغول ويصف ذلك في الشعر؛ ومما يروى له:
ونار تنورتها موهناً ... فبت لها مدبراً مقبلا
فأصبحت والغول لي جارة ... فيا جارتا لك ما أغولا
فطالبتها بضعها فانثنت ... بوجهٍ تلون فاستغولا
عطاءة قفرٍ لها حلتان ... من ورق الطلح لم تغزلا
والهلال الثالث: قطعة من رحى؛ قال الراجز:
ويطحن الكتيبة الجمهورا ... طحن الهلال للبر والشعيرا
والجرة: شبيه بالمكيال في أسفله ثقب يبذر به الأكار الحب في الحرث. والأرض البثنة: السهلة؛ ومنه اشتقاق بثينة. والمثير: يحتمل أن يكون الأكار، ويحتمل ان يكون الثور، لأنه يقال: أثارت البقر الأرض وأثار الحارث الأرض. وبعض العرب يسمي البقرة. المنيرة ويكرب مثل يحرث؛ ومنه قولهم في المثل: الكراب على البقر ويقلداه أي يعطيه حظا وهو القلد؛ وفي حديث عمر الذي يرويه أو وجزة السعدي فقلدتنا السماء في كل خمسة عشر يوماً قلداً. وأعصف: صارت له عصيفة وهي الورق، ويقال له العصف. والسرياح: الجراد.

رجع: بلغ أمل بعملٍ، وأهل التقصير، بلا عونٍ ولا نصيرٍ. يأكل أطايب الأعفاء، من سمح بالرسل في أيام السفاء، ويلج الغمار، باذل السمار، وتثنى الضيفان، على الجائد بملء الجفان. لا يثنى عليك فصيل، بالأصيل. ومن اخضرت شربته بالواد، اكمات مربده بالتمر الجلاد. ومن ركب العامة في طلب الصيد كانت بطون عياله قبوراً للحيتان. ومن تتبع بقوسه موارد الوحش كثر في منزله الوشيق. والليل مطية الفجرة والصالحين: من أنضاه في الطاعة ربح، ومن حسره في المعصية فهو من أهل الخسار. ونعم الشيء النهار لمن جاهد وصام عن لحوم الناس؛ وصوم النية أفضل الصيام؛ لأن الجوارح تتبع القلب، وربما صامت اليد وأفطر اللسان. والشيء إلى شكله ينتظر، فيكون إذا اسود كشح السارية بالعرق فهامتها تبيض باللغام؛ وينذرك بشمط المفرق شمط العذار؛ لأن نبت الفودين قبل نبت العارضين، وحمرة الشقر تؤذنك بصفرة النبات. وكم أمرت بشيء وسواه ائتمرت، فبعفوك اللهم أنتصر من عجزٍ وفشلٍ إلى حزم المقال. أما الفم فمسكي المنطق، وأما نية الخلد فقطران. كم يرعني الدهر فلا أرع، وأنا إلى الباطل متسرع. لو كان القبر منزلاً أكرم به وأصان لوجب أن أذعر له وأرتاع، فكيف وأنا هنالك بادي الوحشة طويل الغربة هامد العظام!. ليت أعظمى تحولت عيدان أراك يتفلفل بها المتعبدون لله بالعشى والأبكار. وليت أدمى جعل منه ذوات طراقٍ يمسح عليها المسافرون في سبيل الله أوقات الصلوات، أو صنع منه شعيب يحمل فيها الماء حتى تعد في الشنان الباليات. وليت شعرى عشب عبثت به ركاب الناسكين، على أصل بذلك إلى الفلاح. غاية.
تفسير: الأعفاء: جمع عفوٍ وهو الجحش. والسفاء: قلة اللبن؛ يقال: ناقة سفي وهي ضد الصفي. والمعنى: أن من سقى فرسه اللبن في أيام قلته طرد عليه الوحش فصادها. والغمار: جمع غمرةٍ وهي الشدة. والسمار: اللبن المذيق. والمعنى: أن من سقى فرسه سماراً وثق بجريه فولج غمار الحرب. اخضرت شربته أي صار عليها طحلب من كثرة الماء وإدمان السقي. واكمات المربد أي صار فيه تمر يوصف بالكمتة؛ والعرب تصف التمرة بالكميت. والجلاد: جمع جلدةٍ وهي التمرة الشديدة التي لا تتوسف أي تتقشر؛ وفي حديث علىٍ عليه السلام أنه أكرى نفسه من يهودي على أنه ينزع له مائة دلوٍ بمائة تمرةٍ جلدةٍ؛ وقال الأسود بن يعفر:
وكنت إذا ما قرب الزاد مولعاً ... بكل كميتٍ جلدةٍ لم توسف
يعني تمرةً. والعامة: ضرب من السفن. والوشق: اللحم المقدد طولاً، والقطعة وشيقة. والشئ إلى شكله أي مع شكله وهو ما يشا كله وإن لم يكن مثله في الحقيقة، كأن تقول: إن الصوم يشاكل الصلاة أي هما عبادة وإن لم يكونا مثلين؛ وكذلك اسوداد كشح المطية بالعرق يشاكل ابيضاض رأسها باللغام؛ لأن هاتين الحالتين تكونان عند الجهد والمشقة. والشقر: شقائق النعمان. والمعنى: أنه إذا فتح نوره فقد ألوى بعض النبت واصفر. وأتمرت أي حدثت نفسى؛ ومنه قول النمر:
إعلمي أن كل مؤتمر ... مخطئ في الرأي أحيانا
وقوله تعالى " يأتمرون بك ليقتلوك " فسر على وجهين: أحدهما أنهم يحدثون أنفسهم بقتلك. والآخر أنهم يأمر بعضهم بعضاً، فيكون ياتمرون في معنى يتآمرون، كما أن يختصمون في معنى يخاصمون ويتفلفل: يستاك. والشعيب: القربة من أديمين.
رجع: بلغة من المأكل، وحاجب من السترات، ومذهب للظمأ من الأمواه، خير من مالٍ غمر، ونهىٍ وأمرٍ، وعسلٍ وخمرٍ. والدنيا فاحشة العيوب، وعيوبي أفحش إذ كنت لها من المحبين؛ وينبغي للعاقل ألا يرغب في المعيب. يا نفس لو أطعتني هنيدة من الأحقاب كنت عليك لما سلف غضبان. هذا أنا وأنت أعز الأنفس علي، فكيف بخالقك الذي أنت عنده في منزلة هوانٍ: لو أنحيت على شبحك بالمقاريض ماقا بلتك بما تستحقين. فاذهبي ذميمة غير كريمةً. إن لقيت شرا فما أجدرك به، وإن لقيت خيراً فإن الله صفوح لا يعجز ولا يشبهه العاجزون. ما أجدره أن يجعل عقاب الزبر عقاباً تنقض على خزان الأنيعم والسماسم بأورال، والمنقضة ممسكاً للحب في حجة الجارية ذات الرعاث، ورعاث العفراء يوماًيبذل فيه نفائس الأثمان، ونعام القامة خواضب أكلت اليساريع، ويساريع الرمل بنان غوانٍ، وترائك الكماة قيضاً في الأداح. غاية.

تفسير: العقاب: حجر يخرج من طى البئر. والزبر: طي البئر بالحجارة؛ ويقال: فلان لا زبر له أي ليس له قوة عقلٍ؛ وفي بعض الحديث في الصدقة أنها للفقير الذي لا زبر له أي الذي ليس له مال يقويه؛ وقال ابن أحمر:
ولهت عليه كل معصفةٍ ... هوجاء ليس للبها زبر
والخزان: جمع خزٍز وهو ذكر الأرانب. والسماسم: جمع سمسم وهو الثعلب؛ وربما سمى الذئب سمسماً. والأنيعم وأورال: موضعان؛ قال امرؤ القيس:
تصيد خزان الأنيعم بالضحى ... وقد جحرت منها ثعالب أورال
والمنقضة: العقاب. والحب: القرط. والعقاب: خيطه: يقال عقبت القرط فهو معقوب؛ قال الراجز:
كأن خوف قرطها المعقوب ... على دباةٍ أو على يعسوب
الخوق: حلقة القرط. وشبه القرط بالجرادة وباليعسوب: والحجة شحمة الأذن؛ وعلى ذلك يفسر قول لبيدٍ:
يرضن صعاب الدر في كل حجةٍوإن لم تكن آذانهن عواطلا والرعاث الأولى: القرطة. ورعاث العفراء: الزنمات اللواتي يتحدرن للمعزى. والعفراء: العنز التي لونها لون العفر. والتوم: اللؤلؤ؛ قال ذو الزمة يصف نبتاً:
وحف كأن الندى والشمس مانعة ... إذا توقد في حافاته التوم
والقامة: البكرة. ونعامها: خشبها: قال الراجز:
ألا فتى يعيرنى عمامة ... أحرق كفى رشاء القامه
والخواصب من النعام:اللواتي يأكلن الربيع فيصمن على سيقانهن. وقال أبو مالكٍ الأنصاري: ظليم خاضب إذا احمرت قوادمه من أكل اليساريع؛ وهي دود أحمر يكون في الرمل. ويقال: إن اليساريع قضبان حمر تنبت في جوف السمرة. والتريكة: بيض الحديد، شبهت ببيضة النعامة؛ لأن بيضة النعامة إذا انقاضت قيل لها تريكة؛ قال أوس ابن حجرٍ:
كأن نعام السي باض عليهم ... وقد جعجعوا بين الإناحة والحبس
السي: موضع. وجعجعوا، إذا لم يكونوا على طمأنينةٍ؛ ومنه اشتق الجعجاع وهي الأرض الغليظة؛ لأن الباركة لا تطمئن عليها. ويجوز أن يكون قوله وقد جعجعوا أي حصلوا بأرضٍ جعجاع؛ وهذا مثل قول النابغة:
فصبحهم بها صهباء صرفاً ... كأن رءوسهم بيض النعام
أي سقاهم كأساً شبهها بكأس الخمر، وكلاهما وصف رءوسهم إذا كانت عليها البيض. والقيض: قشر البيض إذا تكسر عن الفراخ. والأذاحى: الأكثر فيها التشديد ويجوز تخفيفها، وحذفت الياء للقافية. وإنما يحسن الحذف على لغة من خفف. والأدحي من قولهم: دحاه يدحوه إذا دفعه فانبسط، وقيل: إن الظليم يدحوه برجله. وفي السماء نجوم يقال لها الأدحى وهي للنعائم التي في منازل القمر، شبهت بأدحى الظليم. ولا يجوز في في الأدحى وهو واحد الأداحي إلا التشديد.

رجع: أيتها النفس المجهشة مهلاً، قرب مماتك فلا تقولى كلا، بليت وحسرتك لا تبلى، مبتدعك مقتدر على أن يجعل زحل كراباً يتبع خائرةً عجلى، والمريخ ماهناً يطعم الإرة حطباً جزلاً. والمشتري سائماً يقول ما أرخص وأغلى، والشمس في قلادة كعابٍ تجلى، والزهرة زهرة تعلو بقلاً، وعطارداً كاتب تاجرٍ ينظر ما قال وأملى، والقمر بياضاً يستبطن يداً أو رجلاً، والشرطين رونى حمل يرتعى خلىً، والبطين محتوياً على كبدٍ وكلى، والثريا منيرةً في بعض الحنادس منزلاً، وحادى النجم راعياً يتبع قلاصاً عجلاً، والهقعة دائرةً في طرفٍ عاطلاً أو محجلاً، والهنعة تركب عنقاً مدللاً، والذراع يطبخ فيسمى منتشلاً، والطرف عينى أسدٍ تزران إذا رأى سفراً مليلاً، والنثرة والجةً في أنفٍ يقدم وجهاً مسهلاً، والزبرة تعلو كتداً لليثٍ يسكن دغلاً، والجبهة خيلاً كراماً أوجبهة ضرغام لا يحذر محتلباً، يقتنص في غابه ظليماً أو وعلاً، والصرفة خرزة تغدو بها المرأة طالبة أملاً، والعواء ضروة تتبع فرقاً مهملاً، والسماك الأعزل راجلاً يشتكى عزلاً، والرامح فارساً يخضب قناته قتلاً، والغفر نمطاً تودعه الظعنية حلللاً، والزباني على شوشب سلاحاً لا يرهب فلا، والإكليل للفرضخ مجللاً، والشولة معها نصلاً، والقلب بين جوانح يوجد مشتملاً، أو بين سعفٍ نفي عنه المشذب هملاً، والنعائم على قليبٍ يوجد مظلاً، والبلدة في نحر ظل مقبلاً، وسعداً الذا بح مقتر ايذ بح حملاً، وسعد بلع طاعماً يلتهم أكلاً، وثالثهما سعد بن ضبيعة قائلاً مرتجلاً، وسعد الأخبية سعد بن زيدٍ نازلاً مرتحلاً، والفرغين يكتفيان غرباً سحبلاً، والرشاء مرساً في يد مهيفٍ ينضح بالماء غلللاً من حول ولقاح. غاية.
تفسير: المجهشة: من قولهم: أجهشت النفس إذا تهيأت للبكاء؛ يقال: جهشت وأجهشت؛ وفي الحديث فجهشنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند فقد الماء. والكراب الذي يحرث. والخائرة: البقرة؛ لأنها تخور، والماهن: الخادم. والإرة: حفرة توقد فيها النار؛ وربما سميت النار إرة. و السائم: من سام البضاعة عند الشراء. والشمس. ضرب من الحلى. والمعنى: أن الله تعالى لوشاء جعل هذه الشمس الطالعة شمساً في القلادة؛ يقال: جيد شامس إذا كانت فيه شمس الحلى؛ وقال قوم: شمس الحلى تذكر؛ والصواب تأنيثها، لأنها مشبهة بهذه الشمس؛ وأنشد يعقوب في كتاب المعاني - وبعض الناس ينسبه إلى ذي الرمة وليس في ديوانه - :
رمتني مي بالهوى رمي ممضغٍ ... من الصيد لوطٍ لم تخنه الأوالس
وعينان بحلاوان لم يجر فيهما ... ضمان وجيد قلد الشذر شامس
أي فيه شمس الحلي. وممضغ من الصيد أي يرزقه الله تعالى لحم الصيد فيمضغه، كما يقال: فلان مطعم من الصيد. ولوطٍ أي ذي لوطٍ، نعته بالمصدر كأنه يلصق بالأرض ليخفي نفسه من الوحش؛ ومنه: مالاط بصفرى من شئ. والأوالس: من قولهم في عقله ألس أي خفه. ورفع عينين على معنى ورمتنى عينان. والضمان ها هنا: المرض، وأكثر ما يستعمل في الزمانة؛ وأنشد لبعض العور من العرب، وهو ينسب إلى يزيد بن الطثرية:
بكيت بعينٍ لم يصبها ضمانة ... وأخرى رماها صائب الحدثان
عذرتك يا عيني الصحيحة في البكى ... فما لك ياعوراء والهملان
وهذا البيت الثاني يروى لطهمان بن عمرو الكلابي. والمنجمون يزعمون أن الشرط قرن الحمل. والمعنى: أن الله تعالى يقدر أن يجعل ثريا الكواكب مثل الثريا من القناديل. وحادي النجم: الدبران. والنجم الثريا؛ قال الشاعر:
وأية ليلةٍ لا كنت فيها ... كحادي النجم يحرق ما يلاقى
والعرب تتشاءم بحادي النجم وقلب العقرب؛ قال الأسود بن يعفر:
ولدت بحادي النجم يحرق ما رأى ... وبالقلب قلب العقرب المتوقد
والهقعة: من دوائر الفرس يتشاءم بها، ويقال: إنها بياض في الجانب الأيمن مما يقع عليه أحد جانبي السرج، وكانت العرب تتيمن بها حتى قال القائل:
إذا عرق المهقوع بالمرء أنعظت ... حليلته وانحل عنها إزارها

واشتقاق الهنعة من قولهم: في عنقه هنع أي اطمتنان. وتزران: تبرقان. والذراع يذكر في لغة عكلٍ، حكى تذكيره أبو زيدٍ والفراء. ومليلاً: أي في الليل؛ يقال: أليلوا، فتظهر الياء، كما يقال: أعيلت المرأة، والقياس ألالوا. والنثرة: باطن الأنف؛ ومنه قيل استنثر الرجل أي ادخل الماء إلى باطن أنفه، ويقال: طعنه فأنثره إذا ألقاه على النثرة؛ قال الراجز:
إن عليها فارساً كعشره ... إذا رأى فارس قومٍ أنثره
وإنما شبهت نثرة الأسد في النجوم بنثرة الأنف كما جعلوا له ذراعاً وجبهة. والمسهل: ضد الجهم. وزبرة الأسد: الشعر الذي يعلو كتفيه.
والكتد: مجتمع الكتفين؛ وبها سميت زبرة النجوم. ويقال للخيل جبهة ويقال لضربٍ من الخرز التي تزعم نساء الأعراب أنهن يصرفن بهن الزوج الصرفة. ولهن خرز كثير، فمنهن الصدحة، والزلقة والكحلة والوجيهة، والهمرة، والهنمة. ويقولون في سجع لهن: أخذته بالهنمة، بالليل عبد وبالنهار أمه . والعواء من الكواكب. تمد، وتقصر، والقصرأكثر؛ وأنشد في المد:
وقد برد الليل التمام عليهم ... وقد صارت العواء للشمس منزلا
وقال قوم من أصحاب الأنواء: العواء كلاب تتبع الأسد، وقال غيرهم: العواء دبره. والضروة: الكلبة. وكانت كلبة حومل التي يضرب بها المثل فيقال: أجوع من كلبة حومل يقال لها العواء. ويقال إن حومل صاحبتها طبخت قدراً، وإن الجوع حمل الكلبة على أن تدخل رأسها في القدر وهي تغلي. والغفر: نمط يجعل كالعكم فتجعل فيه المرأة متاعها. ويقال: إن الغفر من النجوم سمى بذلك؛ والله أعلم. والزباني: قرن العقرب الأرضية، وكذلك هو للعقرب من النجوم. وشوشب: من أسماء العقرب الأرضية. والفرضخ: من أسماء العقرب. وقلب النخلة يقال في جمعه قلبة؛ ويقال في المثل: ليس الخوافي كالقلبة، ولا الخناز كالثعبة الخوافي: مثل واهن وهي جريد النخل. والخناز: الوزغ. والثعبة: دويبة إلي الخضرة ما هي، جاحظة العينين، ربما قتلت. والنعائم: خشب يوضع على البئر. والبلدة من النحر: وسطه. وسعد الذابح: من منازل القمر.وإنما قيل الذابح: لأن قدامه كوكباً تزعم العرب أنه ذبحه. والذبح: المذبوح أو ما أعد ليذبح؛ قال جرير:
ولسنا بذبح الجيش يوم أوارةٍ ... ولم يستبحنا عامر وقبائله
وسعد بن ضبيعة هو سعد بن مالك بن ضبيعة، وهذا يجوز في كلاء العرب ويكثر؛ ومنه قوله صلى الله عليه وسلم :
أنا النب ... ي لا كذب
أنا ابن عب ... د المطلب
وسعد بن زيدٍ هو سعد بن زيد مناة بن تميمٍ. والفرغان من النجوم: شبها بفرغى الدلو وهو مابين العراقى، وربما قالت العرب: العرقوتان وهم يريدون الفرغين؛ قال عدي بن زيدٍ:
في نباتٍ سقاه نوء من الدل ... و تدلى ولم تخنه العراقي
والغرب: الدلو العظيمة. والسحبل: العظيم البطن من الدلاء والوطاب والناس. والمهيف: الذي قد هافت إبله أي عطشت. والحول: جمع حائلٍ.
رجع: مراً بلى، أما الله فأزلى، لا أعلم ما يقول المعتزلى، والناس مطالبون على حسب العقول. إن العلهب، ما أصطلى اللهب، فكيف يغتزل ثوباً من فوف النجاد، أو ينتسج بروقيه قطعة من بجادٍ. وإن جاز للعصفور، اقتناص اليعفور، فإن رأى العقاب لا يفيل، في اقتناصها الفيل، ونحن الخرق الضعاف لا نستتر من الله بوجاج. غاية.
تفسير: مرابلى: مثل يضرب للشيء الماضي بسرعةٍ. وبلى: قبيلة من قضاعة. والعلهب: التيس المسن من الظباء. والفوف: شئ يكون في العشر يشبه القطن. والنجاد: جمع نجد وهو ماعلا من الأرض. والبجاد: كساء مخطط. واليعفور: ذكر الظباء. وقال الرأى إذا ضعف. والوجاح بكسر الواو وفتحها: الستر.

رجع: الخيانة جنسان: خيانة الضمير فتلك لا يشعر بها غير الله، والخيانة الظاهرة تنقسم على أقسامٍ: خانت العين بنظر واطلاع، والأذن في إصغاء واستماع، واللسان في قولٍ واختراع، والفم بمأكل مضاع، واليد في اكتساب مال المسياع، والقدم إذا نقلها للإثم ساع. وكل عضوٍ أعانك على الخيانة فقدخان، وخيانة الفرج أقبح الخيانات. والناس أربعة نفر: مسعود نحس فهو المرحوم، ومنحوس سعد فهو المحسود، ومولود بالسعادة إلى أن يموت فذلك المكرم المرموق، وثابت على الشقوة فذلك المطرح المرفوض. والأطعمة أربعة: مذهب السغب وذلك طعام الصحيح ومقيم الجسد وذلك قوت المريض، وقاضي الواجب وهو ما دعا إليه الآدبون، ورابع لا يراد للسغب ولكن للتشريف وذلك طعام الملوك. فاطعمنى اللهم من حلٍ فإن بقاء المأكل قصير. والعلم أربعة أصناف: علم للمكسب فذلك مهنة وابتذال، وعلم للمفاخرة فذلك علم السفهاء، وعلم للآخرة وذلك علم الصالحين، ورابع يبعث عليه شرف النفس وذلك علم النبلاء. والله خلق السماء كالروضة والنجوم كأنها نور أقاح. غاية.
تفسير: المسياع: المضيع لماله؛ يقال: ساع المال: إذا هلك؛ قال الشاعر:
ويل أم أجياد شاةً شاة معتنزٍ ... عن العيال قليل الوفر مسياع
أجياد: اسم الشاة معرفةً . والمعتنز: المتنحى.

فصل غاياته خاء
قال أبو العلاء احمد بن عبد الله بن سليمان:

إن الله هو الملك، لا يهلك ولكن يهلك، والفلك بعض ما يملك، والطرق إلى طاعته تنسلك، فخاب من يشرك، ما آخذ وما أترك!. السعيد على العبادة مبترك. فاعتصم برب الشمس والقمر، ومنشئ الشجر والثمر، ومالك القلة والأمر؛ من أفعال الغمر والغمر، ومن شر كل بشر، وهول المحشر. إن الله خلق مشل عون، يرتع بملاحس العين، حيث لا رامٍ ولا انيس، يتخير البارض والجميم؛ وذلك بفضل الله القدير. ويرازم بقلاً وعشباً، يسبح بالشحيج والسحيل، ويقدس بالخبب والتقريب، رباعياً ارتفع عن ضعف الجذاع، وليس بمسن أنفد من العمر حقباً، ما يقع سنبكه على صفاةٍ إلا ذكرها بالله فذكرته، ولا يهوى بجحافله إلى نباتٍ، إلا واسم الله عليه، ولا يمر بغدير أسحر كعين الزبحى أو أزرق كعين الرومى، إلا وعظمة الله في أرجائه بين؛ فأقام على ذلك جمادى ورجباً. وصقلته البهمى الحبشية فتركته كالنصل مهذباً، يلتفت عن اليمين والشمال، ولا شبح يراه إلا الحقب المطردات فيرن مطرباً، حادى سبع أو ثمانٍ، ليس بمشيم ولا يمانٍ؛ لاح له رأس الجوزاء وذلك في ذنابى الربيع، ونبت الحاجر كعذار الأشيب؛ فلما انقضى زمان الجزء ذكر مشرباً، فانصلت كالسيف الهندي، مرة يعفو على الأتن وأخرى يعفون عليه، والأخاشب ترتمي به والقيعان، يغار دونها كالشجاع قد شذب حولى الجحاش. ولم يحش بإذن الخالق مشذباً، تقدح حوافرها النار، كأن كل حجرٍ تطؤه من المرخ؛ تنشأ بين أرجلها نيران الحباحب كأنها تطلع من الأرض شهباً، وفي الليل تطأ الأفاحيص فتترك ودائعها في القرار كالودع أو ما كسر من القوارير، ويكلف الكدر نسباً، هن صوادق كالمثنى على الله ما يخشى كذباً، كم رمحت المرحات من جندبٍ يرمح لاقى منها عطباً، ما هجر فقدعته. ولكن هجر صخباً، فلما أشرفن على عين أسراب كانها عين غرابٍ تنسج لها الجنوب حبباً، نكصن فلما كظهن الحيام أرسأن قوائمهن في الماء يخضن صافياً عليه الشبا، وكادت المسامع تختضر من الجرع فيه ثم وارين في الصدور نغباً، أخمدن وارى العطش وصار العير متحبباً، وعلى الشمائل طاوٍ كالميت منطوٍ من الصفيح في بيتٍ يدعو الله أن يرزق صبيته خذوفاً ما ترضع تولباً، رمى فأصاب حائلاً شفت من العيال سغباً، وانصرف واليهن فلقين في ضياء الفجر من فراط الحمام عصباً، وعلى الصعد شعث كالنصال أرصدوا بكل ريعٍ مخلباً، فتلفت سوق النحص بعد ما نجون من بارى نبعةٍ لا يملك سواها نشبا، قرن بها ممراً من المربوعات وتخير من الفروع قضباً، انتحاها والله يراه وكساها ريشاً وعقباً، ووصل بها معابل مرهفات الظبى كالجمر صادف بليلٍ صباً، ونجا العير بنفسه لا يذكر مصطحبا، وبا كره مع الشعاع فارس يحتث سلهباً، تحسب حوافره من الخضرة كسين طحلباً، كانما اجرت الصنعة عليه ذهباً، فطرده شأواً مغرباً، فركب في جوانحه من الخطية ثعلباً، فخر الوحشى ملحباً؛ وكذلك مصير الدنيا الخائنة لا تنقذك أخوة؛ ففي تقوى الله آخ. غاية.
تفسير: مبترك: من أبترك على الشيء إذا أنحى عليه؛ يقال: ابترك الصيقل على السيف: إذا أنحى عليه. والأبتراك في العدو: ان ينحى الفرس على أحد شقيه. والأمر: الكثرة؛ يقال في المثل. " في وجه مالك تعرف أمرته " أي كثرته ونماؤه؛ وقال لبيد:
إن يغبطوا يهطوا وإن أمروا ... يوماً يصيروا للبوس والنكد
والمشل: الشديد الطرد. والعون: يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون جمع عوانٍ من الأتن، والآخر أن يكون جمع عانة من الحمير، مثل ساحةٍ وسوحٍ. والعين: البقر الوحشية. يقال: تركته بملاحس البقرأي في المكان القفر؛ لأنها لا تلحس أولادها إلا وهي آمنة. والبارض: أول ما يخرج من النبات، وأكثر ما يخص به البهمي؛ فإذا طال قليلاً فهو الجميم، ويقال الجميم الذي قد صار جماماً قبل أن يتفتح نواره؛ قال ذو الرمة:
رعى بارض البهمي جميماً وبسرةً ... وصمعاء حتى آنفته خلالها
البسرة: يريد بها الغضة. والصمعاء: التي قد اكتنزت قبل أن ينفتح عنها وعاؤها. وآنفته: دخلت في أنفه؛ أي رعاها في أحوالها كلها حتى يبست وصار لها شوك. يرازم: يأكل هذا مرةً وهذا مرةً قال الراعي:
كلى الحمض بعد المقحمين ورازمى ... إلى قابلٍ ثم اصبرى بعد قابل

المقحم: الذي يسدس ويبزل في سنةٍ. ويقال: إن سبب ذلك أن يكون أبواه كبيرين. والشحيج والسحيل: ضربان من النهيق. والحقب: جمع حقبةٍ وهي برهه من الدهر. وأسجر: يضرب إلى الحمرة: يقال عين سجراء، يراد عين الرجل وعين الماء، وربما وصفت الناقة فقيل سجراء؛ وقال الشاعر يصف عين ماء:
وسجراء حمراء المدامع بسرةٍ ... ترقرق من غير البكاء دموعها
دعتني إليها هامة مطمئنة ... وقار عفاريها على ما يروعها
العفارى. جمع عفريةٍ وهو شعر وسط الرأس. وبسرة أي قريبة العهد بالسحاب؛ وكل غض بسر. والبهمى توصف بالرى وأنها تضرب إلى السواد فيقال حبشية؛ قال أمرؤ القيس يصف الحمير:
ويأكلن بهمي غضةً حبشيةً ... ويشربن برد الماء في السبرات
والحقب: جمع أحقب وحقباء، وهو الحمار الذي في موضع حقيبته بياض. وذنابى كل شئ: آخره. ورأس الجوزاء: الهقعة. وقيل لابن عباسٍ: إن رجلاً طلق امرأته عدد النجوم: فقال: يكفيه منها رأس الجوزاء، يعني الهقعة، وهي ثلاثة كواكب. والحاجر: آخر المواضع يبساً؛ وذلك أنه مكان يستدير وينخفض وسطه فيجتمع فيه الماء فيبقى نبته إلى آخر الربيع؛ قال الشاعر:
وقد غاض عنها الجزء إلا بقيةً ... كقد الشراك بين نهىٍ وحاجر
والجزء: أن يجتزئ الوحشى بالكلأ عن الماء؛ يقال: جزأت الوحش وجزئت. ويعفو أي يزيد عليها. والأخشب: الغلظ من الأرض، ويقال للجبل أخشب؛ وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تزول أو يزول أخشباها " . وشذب: فرق؛ ومنه تشذيب النخلة وهو تفريق سعفها. والأفاحيص: جمع أفحوص وهو موضع بيض القطاة؛ قال بشر بن أبي خازمٍ:
رأتنى كأفحوص القطاة ذؤابتى ... وما مسها من منعمٍ يستثيبها
والكدر: القطا. ونسبهن: أنهن يقلن قطا قطا في الصياح؛ قال النابغة:
تدعو القطا وبه تدعى إذا نسبت ... يا صدقها حين تلقاها فتنتسب
ولذلك قيل في المثل: " أصدق من قطاة " ٍ. والجندب يوصف بأنه يرمج الرمضاء برجليه؛ قال ذو الرمة:
وهاجرةٍ من دون مية لم تقل ... قلوصي بها والجندب الجون يرمح
وأهجر إذا أتى بالهجر وهو مالا ينبغي من القول؛ قال الشماخ:
كما جدة الأعراق قال ابن ضرةٍ ... عليها كلاماً جار فيه وأهجرا
فقدعته أي كفته؛ ومنه قولهم: " دون هذا يقدع شاربه " أي يكفه.
وهجر: من الهاجرة. وعين أسرابٍ أي تردها أسراب الوحش، يقال: سرب ظباء وبقرٍ وقطاً ونساءٍ. والماء الصافي يشبه بعين الغراب؛ قال القينى:
إذا شاء راعيها استقى من وقيعةٍ ... كعين الغراب صفوها لم يكدر
والحيام: العطش؛ وأصله أن يحوم حول الماء أي يدور. والشبا: الطحلب بلغة أهل اليمن. وتختصر: تقطع، وهذا شيء توصف به الحمر إذا وردت، يقال: كاد جرعها يقصف آذانها. ونغب: جمع نغبةٍ وهي الجرعة. ووارى العطش من ورت النار إذا وقدت. وتحبب البعير إذا امتللأ ماءً؛ ويقال: التحبب أول الري؛ قال الشاعر:
رأى برد ماءٍ ذيد عنه وذادةً ... إذا هم صاحوا قبل أن يتحببا
وعلى الشمائل: جمع شمالٍ وهو الجانب الأيسر، وكذلك يوصف الصائد في مقعده للحمر. وطاوٍ: من طوى إذا لم يأكل، وهو الصائد. والخذوف: الأتان السريعة، وقيل هي السمينة؛ وقال من ذكر أنها السمينة: إن اشتقاقها من أنها لو حذفت بحصاة ثبتت فيها لسمنها. والتولب: ولد الحمار الوحشي، أي لم ترضع فهو أسمن لها: والفراط: الذين يتقدمون قبل الوراد؛ قال القطامى:
فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا ... كما تعجل فراط لوراد
وقد استعمل ذلك في الذئاب والحمام. والصعد هاهنا: الطرق؛ ومنه الحديث: " إياكم والقعود بالصعدان " . والمخالب واحدها مخلب: المناجل: والنحص: جمع نحوصٍ وهي الأتان التي لا تحمل. والمربوع: وتر قد أمرعلى أربع قوى. وانتحاها ونحاها أي قطعها؛ قال الشماخ:
فما زال ينحو كل رطبٍ ويابسٍ ... وينغل حتى نالها وهو بارز

والمعابل: جمع معبلةٍ وهو نصل عريض طويل. والسلهب: السريع ويقال: الطويل من الخيل وغيرها. والصنعة: السمن. والشأو: الطلق. والمغرب: البعيد. والثعلب: ما يدخل في الجبة من الرمح. والملحب: الذي قد لصق بالتراب، وأصل ذلك أن الطريق الواضح يقال له لا حب كأنه ألقى بالطريق، ويقال لحبته السيوف مثل قطعته.
رجع: هل يعجز أمر الله أسد يأوي الحلفاء وينظر من المحلفين هيأهما له رب العالمين، ويطأ على اظفارٍ كفسط أظفار عادٍ، إذ كانت طامة الرجل منهم موفية على طلع النخلة السحوق. والقدرة جعلت للنخل جذباً، قدس هزبر كأنما كسر ساعداه فما استوى الجبر لا يزال من رزق الله بمثل صرفٍ مختضباً، يقوى وهو قوي فيذعر سرباً أو يروع ربرباً، مرازبته السباع يطفن منه بملكٍ يصبح في العرينة محتجباً، فإذا ضرم أصحر وقد دنا أجل أكيلٍ فمن شاء الله جعله مترباً، وإذا مضت به رفاق السفر أخذ راحلةً واقتنص مكتسباً، يطعم أشبله فإذا شدن رشحهن للصيد فاذا فرسن لم يرع ولداً مقترباً، تعالى ربك القديم جعل البهائم ترحم الولد ولا ترحم أباً، أما المطية إذا افترسها فلا يحتمل كوراً وقتباً، ولو كان الفريس أبا ساسان وعليه البدنة والتاج ما غنم له سلباً، كأنما به قل من خيبر أو القطيف تخاله وما غضب مغضباً، رصد على الشريعة ألا روى فأصاب المغفرة شاء لها القرب قرباً، فملا شعرت به الفدر أمعنت في الشعاف هرباً، أكل ندمان أناسٍ أهل شجاعةٍ وباس فسقوا له المشاقص ذعافاً مقشباً، وأعدوا ماضى اليمانية وطوال الرماح ولبسوا دروعا ويلباً، فلما دلفوا إليه وكانوا منه بمنظر البصير دلف مجلباً، كأنما نضوا من الغمود بروق العام الخصيب واستنجد من الزتير رعداً لجباً، فراعه رامٍ بالسهم وتوالت السهام عليه نوباً، ثم هجم فشجروه بالرماح فعاد في أيدي المنايا منتهبا، ولو أنظره الزمان لنقض مرته حتى يدرك من الضعف شجباً، إن الولدة في المنون تدرك الأشياخ. غاية.
تفسير: الحلفاء: النبات المعروف واحدها حلفة وحلفة؛ وقال قوم: يقال في الواحدة حلفاء؛ والأول أصح. والمحلفان: حضار والوزن؛ قيل لهما المحلفان لأن الناس يحلفون أن كل واحدٍ منهما سهيل؛ وكل ما أحوجك إلى الحلف فهو محلف؛ قال الكلحبة العرنى من بني عرين ابن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة:
تسائلني بنو جشم بن بكرٍ ... أغراء العرادة أم بهيم
كميت غير محلفةٍ ولكن ... كلون الصرف عل به الأديم
الصرف: صبغ أحمر. والفسط: جمع فسيطٍ وهو قلامة الظفر. والسحوق: النخلة الطويلة؛ ويقال إنه لا يقال لها ذلك حتى تكون منجردةً مع طولها، ويقال إنه مأخوذ من السحق وهو البعد. والجذب: الجمار. والهزبر: الغليظ من الأسد وهي توصف بأن سواعدها كسرت ثم جبرت فما استوى جبرها؛ قال ابن قيس الرقيات في صفة الأسد:
يقوت شبلين عند مرضعةٍ ... قد ناهزا للفطام أو فطما
ما مر يوم إلا وعهندهما ... لحم رجالٍ أو يولغان دما
كأنما كسرت سواعده ... فما استوى جبرها ولا التأما
وقال أبو زبيدٍ:
خبعثنة في ساعديه تزاين ... تقول وعى من بعدما قد تكسرا
وعى: إذا انجبر عن غير استواء. يقوى أي يفنى زاده. والسرب: من الظباء. والربرب: من البقر؛ وقد يكون السرب لهما جميعاً. والمرازبة: جمع مرزبانٍ وهو بالفارسية من قرب من الملك. وكان المرازبة لفارس مثل البطارقة للروم. والعرب تصف الأسد بأنه ملك والأسد مرازبته؛ قال الشاعر:
كأن أسود الغيل تعزف حوله ... مرازبة تغشى أميراً مؤمراً
ويقال عرين وعرينة. وضرم: اشتد جوعه. والضرم: الجوع. وشدن: قوين: ومنه الشادن. ورشحهن أي علمهن الصيد؛ وأصل الترشيح أن تعلم الوحشية ولدها المشى. والقل: الرعدة. وخيبر والقطيف تنسب الحمى إليهما. والقطيف: من عمل اليمامة. والشريعة: الموضع الذي تشرع الشاربة من الماء. والأروى: إناث الوعول الواحدة أروية. والمغفرة التي معها غفرها أي ولدها. والقرب: طلب الماء. والفدر: جمع فدورٍ وفادرٍ وهو الوعل المسن؛ قال الراعي:
وكانما انتطحت على أثباجها ... فدر بشابة قد يممن وعولا

أقسام الكتاب
1 2 3