كتاب:الفصول والغايات
المؤلف : أبو العلاء المعري
فصل غاياته ألف
سبيل السفر، والهاجمة على نقيع الجفرو يشهر خلقها بأمر للواحر ملك الدهر، خالق السنة والشهر، غبقت غيبة بقدر، ثم رجعت عن هجر، فما كدت أجد من شفر، بدل مسكن بقبر، كأنهم سقوا ماء الأباء. غاية.تفسير: عن هجر: لآي بعر مدة. وذكر بعضهم أنه يقال: ما ألقاه إلا عن هجر: أي بعد سنة. من شفر: أي من أحد. الأباء: القصب، ويقال إن ماءه قاتل، قال الهذلي.
وأسعطك في الأنف ماء الأباء مما يثمل بالمخوض يثمل: أي يترك حتى يطول مكثه.
رجع: أحلف بسيف هبار، وفرس ضبار، يدأب في طاعة الجبار، وبركة غيث مدرار، ترك البسيطة حسنة الحبار، لقد خاب مضيع الليل والنهار، في استماع القينة وشرب العقار، أصلح قلبك بالأذكار، صلاح النخلة بالإبار، لو كشف ما تحت الأحجار، فنظرت إلى الصديق المختار، أكبرت ما نزل به كل الإكبار، نحن من الزمن في خبار، كم في نفسك من اعتبار، ألا تسمع قديمة الأخبار، أين ولد يعرب ونزار، ما بقى لهم من إصار، لا وخالق النار، ما يرد الموت بالإباء. غاية.
تفسير: الهبار: القاطع. والفرس الضبار: الذي إذا وثب وقعت يداه مجتمعتين. الحبار: الأثر والهيئة. الخبار: أرض سهلة فيها جحرة فأر ويرابيع؛ توصف بصعوبة المشي فيها. ومن كلامهم القديم: من سلك الخبار، لم يأمن العثار. والإصار: الطنب، ويقال الوتد.
رجع: ما آمل وقد فقدت أبوي، وأخذت الشبيبة من يدي، ومشيت إلى الأجل على قدمى، حتى كدت أطؤه بأخمصي ، ووقع كل الأيام على، ونظرت عين المنية إلى، آن اشتعال الوضح بمفرقي، وأنا لا أفارق الغى، وأصبح أخا السلامة الحى، وأعلم أن الملحد آخر منزلى، وأن جسدى مزايل للحوباء. غابة.
سرب الموماة والإجل ، ويد الماشية والرجل، وسوار الكاعب والحجل، يشهد باله أعظمته نار رآها الشماخ بالغميم، كأنها الشعرى العبور، وأخرى بالعقيق شبهت بحصار والفرود، وثالثة آنسها العبادي، وذكر أن طعامها الغار والهندي، وما نار أبى الحباحب غافلة عن ذكر الله ملث الظلام، والناران من الحزن والظمإ بالله تحبران، جرد مجرد عضباً، فأسال به دماً غضباً، وقدح من بيضاء كلائحة المضل ناراً لا يسبقها إلى العبادة المريخ، والصارم يشهد بقدرة الأول، كأنه مقدمة ما في الأطباء. غاية.
تفسير: السرب: القطيع من الطباء. وقد يستعمل في النساء والقطا وغير ذلك. والإجل: القطيع من البقر خاصة. والنار التي رآها الشماخ بالغميم هي التي قال فيها:
رأيت وقد أتى نجران دونى ... وأهلى دون منزلهم ثبير
لليلى بالغميم ضوء نارٍ ... تلوح كأنها الشعرى العبور
والنار التي بالعقيق هي التي قال فيها الشاعر، ويقال إنه المجنون
أرى نار ليلى بالعقيق كأنها ... حضار إذا ما أعرضت وفرودها
والعبادى هو عدي بن زيد بن أيوب، أحد بني امرئ القيس بن زيد مناة ابن تميم، وهو الذي يقول:
يالبينى أوقدى النارا ... إن من تهوين قد حارا
رب نار بت أرمقها ... تقضم الهندى والغارا
ملث الظلام أي اختلاط الظلام.ومنه قول ربيعة بن مقروم الضبى:
ومطيةٍ ملث الظلام بعثته ... يشكو الكلال إلى دامى الأظلل
والغضب: الشديد الحمرة من كل شئ. والبيضاء هاهنا: الدرع. والعرب تشبهها بلائحة المضل وهى آخر ما يبقى من السراب، يقال في المثل: أكذب من لائحة المضل. ومقدمة ما في الأطباء: السيء وهو أول ما يدفع به الضرع من اللبن وهو سم فيما قيل، ويتعمد الحالب إلقاءه في الأرض، وكذلك فسروا قول الشاعر
بحسبك في القوم أن يعلموا ... بأنك فيهم غنى مضر
وأنت مليخ كلحم الحوا ... ر فلا أنت حلو ولا أنت مر
كأنك ذاك الذي في الضرو ... ع قدام درتها المنتشر
المضر: الذي له ضرة من المال، وهي قطعة من الإبل عظيمة أو مال يقوم مقامها. والمليخ: الذي لا طعم له.
رجع: لله الغلب، وإليه المنقلب، لا يعجزه الطلب، بيده السالب والسلب، سل قمراً كالمحلب، وهلالا مثل المخلب، وليلا جمع من المخشلب، يخبرنك بالعجب، عن حق مرجب علم ما وراء النجب، الفاضل موجب، والفاجر منتخب، وإلى السكوت صار اللجب، ونجوم الشمال والجنوب في علم الله كمقاعد الضرباء. غاية.
تفسير: النجب: قشر الشجرة. موجب: يأكل الوجبة. وهي أكلة واحدة في اليوم والليله؛ قال الشاعر:
فاستغن بالوجبات عن ذهب ... لم يبق قبلك من مضى ذهبه
ومقاعد الضرباء متدانية، وهم الذين يضربون بالقداح رجع: هل مازن وهوازن القبيلتان في ملك الله إلا كمازن النملة، والهوازن من الطير النافرة، وكذلك كلاب بن ربيعة وكلب بن وبرة، إنما هما كلب مفرد وكلاب مستنبحة، وقضاعة بن مالك كالدابة الخارجة من حضارة، وقريش كذاك، وفر قد السماوة كفرقد السماء، والجرباء ذات النجوم بمنزلة الناقة الجرباء. غاية.
تفسير: المازن: بيض النمل. والهوازن: طير، واحدها هوزن والقضاعة: كلبة الماء. وخضارة: البحر. وقريش: يقال إنها ملكة دواب البحر. وتكبيرها القرش، وفرقد السماوة: ولد البقرة الوحشية.
رجع: العمل وإن قل يستكثر إذا اتصل ودام، لو نطقت كل يوم لفظة سوء لاسودت صحيفتك في رأس العام؛ ولو كسبت كل يوم حسنةً عددت بعد زمن من الأبرار، إن اليوم ائتلف من الساع والشهر اجتمع من الأيام، والسنة من الشهور، والعمر يستكمل بالسنين؛ الرجل مع الرجل عصبة، والشعرة مع الشعرة ذؤابة، والحجر جدار، والنخلة إلى النخلة حائش، والصيحانية إلى الصيحانية صاع، وإلى الخالق مفزع القوم الأرباء. غاية.
كم حىٍ بلغ الدرك، وحد ربة أو أشرك، وجمع لنفسه فما اترك، وارتحل إلى الرمس فأرك. من بالشح أمرك، وعلى الدنيا أمرك، أخالقك الذي صورك! كلاً وعظمته لقد أنذرك، هتكت ستر التوبة فسترك، وجاهرت بالمعصية فأخرك، واستنصرت به فنصرك، وهو أحفى بك من القرباء. غاية.
تفسير: الدرك: المنزلة. فأرك أى فأقام.
رجع: أيها الوعل الوقل، والطائر المستقل، والمكثر والمقل، والمسافر المنتقل، لا يعصمك معقل، عبء. الدنيا مثقل، يرتع الحي ويبتقل، ويعنق في حياته ويرقل، حتى إذا الأيام تصرمت، وحقب مدته تجرمت، وجاء الوقت، وقع من أهله المقت؛ فخذار إذا نازعت صاحبك من الإرباء. غاية.
الموت أعظم الحدث، والجدث لا يأنس بالجدث، أما العالم فمحدث، وربنا القديم المورث، الوابل بقدرته والدث، ليس بسواه متشبث، ولا لملك غيره لبث، رب جسد كالنبث، ما صنع التراب بالجثث، فعل بها فعل المجتث، لا يفرق بين السبط والكث، استوى المذكر والمؤنث، ألحقت المنون جديداً برث، فانأ عن القبيح والرفث، وسبح في النهار والملث ما أنشأك ربك لعبث، بل اجتباك بالكرم أحسن اجتباء. غاية.
تفسير: الدث: أضعف المطر. والنبث: ما يخرج من تراب القبر أو البئر.
رجع: أنت أيها الانسان أغر من الظبى المقمر، لست بالعامر ولا المعتمر، ولا في الصالحات بالمؤتمر، أحسبت الخير ليس بمثمر، بلى! إن للخير ثمرة لذت في المطعم، وتضوعت لمن تنسم، وحسنت في المنظر والمتوسم، وجاوزت الحد في العظم، وبقيت بقاء السلم، فما ظنك بثمرة هذى صفتها لا يمكن السارقة كفتها، ولا تذوى في الوقدة نضرتها، قد أمنت أجيج القيظ وصنابر الشتاء. غاية.
تفسير: أعز من الظبى القمر: مثل. ويقال إن الظبى يصاد في الليلة المقمرة. الكفت: الضم والجمع.
رجع: من دخر جميلا وجده عند الله، ما هبطت بطن تبالة لنحرم الأضياف ولا أريح الدثر عليك ليبيت تزيلك وهو عيمان، ولا جمعت لك العروج لينصرف المكل عنك رجلان، ولا عصبت السلم إلا لتشبع الضان، يكفيك من الإبل ذود أو ذودان، ناقة للحلب، وأخرى للمركب، وثالثة لحمل الأعباء. غاية.
ما قالت الجرادتان لو فد عاد؟ قالتا ما الله به عليم، فشغلتاهم عن استغفار الواحد الرحيم، طال الأمد فلم يعلم القيل، درس خبر الناسك والمريب، وربنا المحيي والمميت، لا يخفى عنه وادس حديث، إن الثناء عليه لأريج، كأنما هو المسك الذبيح، لا يبيح ما حماه المبيح، التاجر معه ربيح، هل تسمع فتصيخ، أم تعرض ولست برشيد، إن غير حبل الله جذيذ، مالك سواه من ظهير، الممسك بعروته عزيز، وهو العصمة إذا بلغ النسيس. للحية من الفرق كشيش وللجندب في البيداء كصيص، والجبل له قضيض، من رهبة منشئ السقيط، ذهب قر ومقيظ وأنا في ذلك لا أريع، وفي الغد أظمأ فلا أسيغ، بارداً يعذب في الرشيف، إنى بالعظة لحقيق، لو أرشدني إليها المليك، إني في الصحة عليل، جسدي بالآفات دميم، ما يضرني فيه كنين وكأن اللب مليه، يا طول حسدى للوحش الأعداء. غاية.
تفسير: الجرادتان: المغنيتان اللتان شغلتا قيل بن عترٍ وأصحابه من وفد عاد حتى هلك قومهم. وإياهما عنى ابن أحمر في قوله:
كشراب قيلٍ عن مطيته ... ولكل أمر واقعٍ قدر
مد النهار له وطال عليه الليل واستنعت به الخمر
وجرادتان تغنيانهم ... وتلألأ المرجان والشذر
أصل الوادس: من ودس النبت، إذا ظهر منه شئ يسير. النسيس: بقية النفس. الكشيش: صوت الحية. والكصيص: صوت الجندب.
السقيط: الجليد. لا أريع: لا أرجع. دميم: مطلى. مليه: امتله عقله إذا ذهب.
رجع: يصبح الوحشى أنقاً، يرتاد مغربا ومشرقا، لا يتقى من خطب متقى، يعتام الرياض الموسومة، قد حيته الوهود بالزهر، وشرب ماء الغدر، على أغاني الذباب، واخضرت جحافله من لس الغمير، وأرجت سنابكه من وطء النوار، وامترغ في النبات حتى كأنه سندس خرج له من الجنان، يميل من الأشر ميل الثمل، ويغرد إذا صاح تغريد الطرب النشوان، إن سحل فعن مجد الله ترجم السحيل، وإن شحج فشحيجه تكبير وتهليل، وإذا عشر فالنسك في ذلك التعشير حبيس، وإذا صفن فصفونه تقديس، وقع حوافره على الأودية والرزون، يشهد بأن الله أول حكيم، حتى إذا نضا ربيعاً بعد ربيع، وخلص من مصيف في إثر مصيف، واشتد القيظ ووقدت الشعريان، وتظاهر في ظهره عتيق الأعوام، وأمرته الرجل والقيعان، إمرار المسد البديع، أجمع الورود والماء منه لا أمم ولا قريب، وسبقه أشعب كأنه نمر إلى النمير، في جفيره زرق ظباتٍ كأنها جمرات النار، أفواقها كأفواه أفرخة النغران، تعود أن يضعها من الوحش بحيث أراد، أقسم فأبر القسم، ليروينها بعد الخضم، من دماء الهاديات؛ له صبية كالتوالب، وسلفع كأنها السعلاة، يقوتهم لحم القطا ولحموم القطوات، ويكثر عندهم الوشيق من متون الأخدريات، فبات ساهراً من الطمع وأطفاله من السغب ساهرين، تتقضى دجاه وينصرم عنه الصريم، وهو في دحيةٍ لا يجلوها النهار، سميره في الليل الخموش، تحتك القرناء جارته بحيث يسمع، كاحتكاك الجرباء في العقال، حتى إذا الليل ضربه ذنب السرحان، ورد الوحشى بأتنه وهو يظن أن لا أنيس، فلما شرع أو كاد، أهوى له بمشقصٍ كأنه ناب الغول فانتظم به رعاماه، فسقط صريعاً بعلم الله، وانصرفت حلائله أيامى لا تحفل بحرارة الأ يوم، ولقى البائس حتوم القضاء. غاية.
تفسير: الأنق: المعجب بالمرعى أو غيره. يعتام: يختار. الموسومة: التي أصابها الوسمى. لس الغمير: أن يأخذه بجحافله، وهو النبت في أصول النبت الأول. السحيل: دون الشحيج. عشر: إذا نهق عشرة أصوات في طلق واحد. الرزون: جمع رزن ورزينٍ: وهو ما غلظ من الأرض. ويقال الرزن حفرة في صخرة يجتمع فيها الماء. عتيق الأعوام: يعنى الشحم. الرجل: جمع رجلة، وهي ما اطمأن من الأرض. البديع: الجديد، والنمير: الذي ينجح في الشارب. الخضم: المسن. الهاديات: اللواتي يتقدمن الوحش. التوالب: الجحاش الوحشية. وسلفع: جريثة. القطوات: اللواتي في أعجاز البهائم الأخدريات: منسوبات إلى أخدر، وهو فيما حكى عن الأصمعى: حمار أهلى توحش فضرب في حمير الوحش. والد جية بيت الصائد، ويقال له الناموس أيضاً.
الخموش: من أسماء البق، جمع لا واحد له من لفظه القرناء: حية لها في رأسها لحم ناتئ. قال الراجز:
تحكى له القرناء في عرزالها ... تحكك الجرباء في عقالها
المشقص: نصل طويل. الرعامى: زيادة الكبد.
رجع: لله الحكمة والرشاد، المرفق أين اتجه غانم، والمحدود أين بقع لا يظفر بالنجاح. رب أشعث أبى أولاد اختلف إلى منابت الشجر، فرأى فيها قضيباً نبعاً، فلبث ينتظرها ستاً أو سبعاً، ثم انتحبها فسقاها ماء اللحاء ممظعا، واقتضب لها من الغصنة حولها أسهما أحكمن صنعا، وجثم في مورد القمر يأمل لبنيه شبعاً، فرمي فأخطأ، وانصعن فزعاً، يحمدن الله على النجاء. غاية.
تفسير: ممظعاً: مظعت القوس إذا سقيتها ماء لحائها، وهو أن تقطعها وهي رطبة وتترك في الظل حتى تجف برهة من الدهر؛ وذلك عنى أوس بن حجر بقوله:
فمظعها حولين ماء لحائها ... تعالى على ظهر العريش وتنزل
رجع: أنعم ربنا كل حين، وجاء فعله بالبرحين، خلق بالفلاة ذب الرياد، ينظر من جزع ويطأ على محارٍ، ويتجلل بالقبطية، ويتسرول برود خالٍ، كأن خده برقع فتاة يعتصم بقناتين نبت معهما اللهذمان، لم تقوما بثقاف ولا سفعتا بنارٍ تستعر عليهما الوديقة فتصلبان وذلك بقضاء عالم الأسرار، ظل الأسفع نهاره طرباً، ثم أقبل متأوباً لأرطاةٍ قد اتخذ في أصلها كناساً، كأنه بيت العطار أرجاً، حتى إذا التفع غيهباً، جعل الله الشمال سبباً، فأثارت بقدرته سحباً، يتبوج برقها تلهبا، تحسبه من الهند قضباً فلما طرد الإصباح شهباً، ورأيت عموده منتصباً، آنس من سنبس متكسباً، يوسد معه أكلباً، قلدهن من الشعف عذبا، كأن عيونهن العضرس غضباً، لا يعرف سواهن نشباً، قد اتخذ منهن أما وأباً، فأمعن الوحشى هرباً، فلما كن منه كثباً، أنف فكر مغضباً، ينفذ من الكشوح سلهباً، فأبد الضاريات عطباً، وصرعن في مجاله عصباً، وعاد روقه مختضباً، وانطلق بنفسه معجباً، يحمد الله ناسباً مالقى من الجربياء. غاية.
تفسير: البرحين: الدواهي. جمع لا واحد له. ذب الرياد: الثور الوحشى، وأصله أن يكون وصفاً. قال طهمان بن عمرٍ والكلابى:
وكم دون سلمي من مهامه بيضها ... صحيح بمدحى أمه وفليق
ومن ناشطٍ ذب الرياد كأنه ... إذا راح من برد الكناس فنيق
وأصل الذب: الكثير الحركة. والرياد: الذهاب والمجئ، مصدر راد يرود. المحار: الصدف. القبطية: ثياب بيض. وبرود خالٍ: برود فيها سواد وبياض. الوديقة: شدة الحر ودنو الشمس من الأرض، من قولهم: ودق إذا دنا. العذب: القلائد. والعضرس: أصول البردى. ونوار العضرس تشبه به عيون الكلاب. فأبد الضاريات عطياً: أي فرق العطب فيهن؛ قال أبو ذؤيبٍ:
فأبدهن حتوفهن فهارب ... بذمائه أو ساقط متجعجع
رجع: لا تقنطن أيها الإنسان، فإن بلغتك عند الله الكريم، والرزق يطلبك وأنت تبصر الأحلام. لو أن للرزق لساناً هتف بمن رقد، أو يداً لجذب المضطجع باليد، أو قدماً لوطئ على الجسد، لا يزال الرزق مرنقاً على الهامة ترنيق الطير الظماء على الماء المطمع، فإذا صفر من الروح الجثمان، صارت تلك الطير يناديد، فأعجب بظلم في الدو، رتع بجوٍ بعد جو، وأيده حصى وربل، وكأنما نيط بعنقه حبل، تحسبه أدمن السجود مستغفراً من المنا كير، فرأسه بلا شكير، صم وهو عن ذكر الله سميع، إذا عار فكأنما يقول: جل من لوشاء جعلنى أقصر ظمأً من الأعفاء. غاية.
تفسير: المطمع: الذي قد أطمعها في النزول عليه. واليناديد: المتفرقة.
الدو: قفر في بلاد بني سعد من تميم، ويقال أيضا لكل قفر دو. أيده: قواه. حصى: لأنه يلتقط الحصى. والربل: ما يتفطر به الشجر من الورق في أواخر الصيف عن غير مطر. عار: صاح. والصدر العرار وهو صوت الذكر خاصةً وصوت الأنثى ذمار. الأعفاء: جمع عفو، وهو ولد الحمار. والحمار يوصف بقصر الظمأ، ويقال للشيخ المسن: ما بقى من عمره الا ظمء حمار.
رجع: وإنى عن الورد لغنى، ما أغفله عن غراء متألقة، إلى بلاده بالقدرة منطلقة، كأن رعودهاً تصرخ هلم إلى العشرق والذبح والتنوم تنبت له الهبيد، وللخيل اليعضيد، والسعدان للإبل، والحلب لذوات النزيب وتوسع الأربد من ألآء. غاية.
الحمد الله الذي جعلنى أرد بغير ترويع، وأطعم إذا شئت من المريع ورب مطرودٍ حلى عن الورود، سمع قسيباً، فطمع طمعاً قشيبا، فلما وضع في البارد قدما، وهو أن يدنى إليه فماً، راعته الروائع فصرفه عن سويدٍ خيفة سويداء القلب أن تختصب بقانئ النجيع، ومنعه أزرق يصدع الأكباد، من أزرق يزيل غلةً الفؤاد، فانقلب يتسكع في رمال الدهناء. غاية.
تفسير: المريع: المخصب. القسيب: خرير الماء. سويد: من أسماء الماء: تسكع في الأمر: إذا ركبه على غير علم به. الدهناء: من بلاد بنى تميم.
رجع: لو قدمت في الحقيبة بالصحة والخلود، وأصبت الوالدة قد سبق بها الحمام، لوجب ألا أبتهج بذلك القدوم. أبعد الله خيراً لا ينتفع به الأوداء. غاية.
يا قلب لعل أسودك زنجى من ولد حام، وحبتك حبة بر، وأذنيك أذنا قلب خداش، الذي يقال فيه: ليس لقلب خداشٍ أذنان، أموجودتان هما كأذنى الزبابة لا تسمعان الأصوات، أم فقيدتان كأذنى الرعلة فهي تعذر على أنها صماء، أتكون حماطتك أفانيةً في بعض الزمان. وعمرى لقد سكنها من الغش الثعبان. ألا تبنش لأول من فعل معك الجميل، ألا تجزع لتقوض الأقربين! يا شمال ألم يحزنك شلل اليمين، أقمت وتحمل الناس، وإن لحاقى بالظاعن لوشيك، لا يضر البنانة ذهاب الفتخة، وذهاب الظفر بها مضر. عند الله أحتسب ما رزئت من أهل، ولقيت من همٍ كاد الغربيب له يشبب، وتعبٍ رسخ ألمه في الأعضاء. غاية.
تفسير: خداش: من كلب. الزبابة: فارة تخلق صماء: ويقال في المثل: ألص من زبابةٍ، وأسرق من زبابةٍ. قال الحارث ابن حلزة:
ولقد رأيت معاشراً ... قد جمعوا مالاً وولداً
وهم زباب حائر ... لا تسمع الآذان رعداً
الرعلة: النعامة. الحماطة: حبة القلب. والأفانية: نبت. يقال لها إذا يبست الحماطة، وهي موصوفة بأن الثعبان يألفها. ومن ذلك قول حميد بن ثور:
فلما أتته أنشبت في خشاشه ... زماماً كثعبان الحماطة أزنما
رجع: القدر أعسر، والحمام يسر، ليس في سهامه وغد ولا سفيح لو ترك القطا لنام، والأقمر لما هام، والعرفج لما اضطرم أشد اضطرام، وفي خوف الله الشرف والنور، وإنما يعاتب الأديم ذو البشرة، فاصدق الكذوب وفيها البقية، قبل أن يحلم الأديم ويهى السقاء فلا يمكنك فيه التكتيب، والعجل قبل الفوت، فما يسر الغريق حمله على الرمث، ولا من سيت بسببٍ، إنحاءً بالشفرة على ذلك السبب، حتى يوجد كهدب الأشفار، وهل نفع كعباً وقد فاظ قدوم صحبه على البثير الفياض، أدرك نفسك ولو بأحد المغروين، وتمسك من الدوحة ولو بأضعف الأغصان، وتزود بما كان ولو بالصغيرة من الجراد، فإن النفس تبهش في بعض الأحيان إلى مثل العنجدة من الزاد، لا تغرنك قوة الجسد وسواد الشعر، واقتبال الأمل، فإنما أنت بشفى، تلتقط سلاءً وسفى، تمسى أو تصبح منصرفاً من دار الرحلة إلى دار المقام، فالغياث من اليفن أسرف شاباً وركب المعصية مكتهلا، وأصر عليها أشمط وغشيها مسناً، فلما كربت مسحاة الحافر له تصل، وشفن إلى ماله الورثة ونسج كفنه الناسجون وهمت الأرض أن تلتهمه، ذكر والخالق ذكره، فاجتهد في أعمال الصلاح فكان كالخرقاء المضيعة، عثرت على الغزل بأخرةٍ، فلم تدع بنجدٍ قردةً، وكالورهاء الراعية حبست الماشية بالغداة والظهيرة، فلما حان وجوب الجونة ضربت الضأن على امتلاء الأقراب، وأستعذ بالله من الأحبل، بعد شجر يفرع رءوس الإبل، ومن الخبر، بعد النخل المؤبر، فمن شر ما منى به العبد محارة في حور، ولا يعجبنك البدن، فهزل، من غير أزل، خير من فخامة، تشهد عليها بالوخامة، كم من بدن بطين، كالفدن المطين، يبيت الليل كموكر السحابل ويظل النهار كالجون الأنق، لاذكر عنده ولا فكر، شغله عن ذكر الله صبوح أو غبوق، كأن قلبه جلمود بصرٍ أو زبرة حديد، فأترك للخالق هواك، وامتهن نفسك له امتهان العسفاء. غاية.
تفسير: الوغد والسفيح: سهمان لاحظ لهما. والوغد من الرجال الضعيف. الرمث: خشب يضم بعضه إلى بعض وير كب عليه في البحر.
سيت: خنق. البثير من الماء: الكثير؛ يقال بثر وبثير. المغروان: سهمان قد جعل عليهما الغراء، وهو مثل. تبهش إلى الشئ إذا تبين فيه إرادة له. العنجدة: الزبيبة، ويقال حبة الزبيبة. الشفى: البقية. والسلاء: الشوك. الشفى: شوك البهمى. اليفن: الشيخ الفاني. كربت: قربت. مسحاة الحافر: المجرفة. شفن: إذا أحد النظر. ويقال الشفن: نظر الغضبان، ويقال أيضا شفن: نظر باعتراض؛ ومنه سمى المشفن. تلتهمه: تبلعه. الخرفاء: المضيعة التي لا تحسن العمل. وعثرت على الغزل بأخرة، فلم تدع بتجدٍ قردة: مثل تقوله العرب. يراد أنها اطلعت على المنفعة بالغزل في آخر أمرها فجمعت الصوف من كل مكان، وهو القرد، والواحدة قردة. والورهاء: الحمقاء. الأقراب: الخواصر. الأحبل: اللوبياء. والسخبر: ضرب من النبت يطول ثم ينثنى فيضرب به المثل للرجل إذا غدر وحال عن عهده، فيقال: ركب أصول السخبر. محارة في حور: مثل يراد أنه رجوع في نقصان. البدن: عظم البدن. والهزل: الهزال. والأزل: الضيق والحبس. الفدن: القصر. موكر السحابل: الموكر المملوء. والسحابل: الأسقية العظام. بصر: حجارة بيض؛ فإذا فتحت الباء قيل بصرة، وبه سميت البصرة. العسفاء: الأجراء واحدهم عسيف.
رجع: الجسد بعد فراق الروح كما قص من يدك، وقصر من فودك، إذا ألقى فسيط في النار لم تباله، وإذا غرق فليل في اللج فكذاك؛ هكذا يقول المعقول، والله نظر في العالم دقيق، لا يمتنع أن يكون جسد الصالح إذا قبر في نعيم، وجسد الكافر في عذاب أليم، لا يعلم به الزائرون وعابد الله ليس بغبين. ليت أنفاسى أعطين تمثلاً، فتمثل كل نفس رجلا قائما يدعو الله تبتلاً، يمنع جفنه لذيذ الإغفاء. غاية.
أستغفر من لا يعزب عليه الغفران، لو كانت الذنوب سوداً صارت بشرتى كحلك الغراب، وأصبح دمي كالحبر المستنعت للكتاب، وأعديت ما جاورني من وقتٍ ومكان، حتى يكون مقعدى في الشمس الصافية مظلماً وأنا في رأد الضحاء. غاية.
إذا أذن ربنا اخضر الدرين، وتبجست بالماء الإرين، ووفى لقرينه القرين، وراحت الساجسية ومأواها العرين، ولحقت بالقلائد البرين، تصير برة الغادة عقداً، وبرة الناقة في عنقها قداً، وذاك من القدرة ليس ببديع، ما فعل ابنا قيلة وبنو بقيلة، والرائحة والعازبة، وكسرى والمرازبة، جر الزمن عليهم ذيلاً، وأجرت الخطوب في ديارهم سيلا، وعاد النهار فيها ليلا، وركبوا للمنايا خيلا، وشربوها جشراً وقيلا، وكانوا لا يرهبون من الدول ميلا، أولد مدركة هذيلا، وآمنت الحبشة نفيلا، وقرب على كميلا، وورث عامر طفيلا وهجا ابن دارة زميلا، تلك أنباء لا تنفع، والنشب لمالكه لا يشفع، يا مقبس ويا مقتبس. إن أمرنا لملتبس، خلق دنيانا ضبس، يضحك ظاهرها والباطن معبس، والتلف عنا لا يحتبس، يغتصبنا ويختبس، والحازم الذي لا يأبس، يمجد الله ويقدس، وبغير طاعته لا ينبس، لعل الأجل يدركه من أهل الصفاء.
الدرين: اليبيس. الإرين: جمع إرةٍ وهي النار بعينها. ويقال للموضع الذي تكون فيه النار: إرة وجمعها على وجهين: إن شئت أن تجعله مثل الزيدين بواو في الرفع وياء في النصب والخفض، وإن شئت أن تجعل نونه مثل نون مسكين، فتجرى عليها الإعراب. وقد يفعل ذلك بنون مسلمين، وهو في إرين وبابه من المنقوص أكثر. الساجسية. ضرب من الغنم. بنو بقيلة من عباد الحيرة، وهم من غسان. الجشر: شرب السحر. والقيل: شرب نصف النهار. الضبس: السيء. يختبس: يقتسر ويغتنم. ويقال للغنيمة: الخباسة. ويسمى الأسد الخبوس: يأبس: يظلم، والأبس: الظلم.
رجع: ما أنس رجل وحيد، بين أناس حيد، عن مودة الحريد، رجع إلى عشيرة، بالرشد عليه مشيرة أكثر من أنسى بدعائك، وأنت ربنا الفذ، وذكرك بأفواهنا لذ، والرجاء من سواك منذ، والعمر ماضٍ أحذ، والمريش منا أقذ، وجارى قدرك لا يبذ. ما أعظم نعمك على المخلوقين، رب نخيل، جعلتها في ملك بخيل، الفقير. عنده حقير، والمسكين، ليس بمكين، لو قدر لمنع الصعو، من نقر المعو، والهاتف ذا الشعف، من الوقوف بالسعف، وصان الجريد، صيانة الخود الخريد، وأظهر الكرب في النسيب، من حب الكرب والعسيب، يطعم ولا يطعم، وينعم وهو غير منعم، إن كرمك لعظيم، والثناء عليك نثير ونظيم. رب هجمه، وهبتها من نفس وجمه، مخلبه، دون محلبه، وأبنه تمنع من لبنه، لا يجود برى الحسل، من الرسل، ولا من السمار، بما يدنس جانب الخمار، ودفر الشاب ليس بمقصر، عن طلاب الغانية والمعصر، يحسب في الشنب، ماء العنب، فهو كل وقت، جدير بالمقت. إنك بنقله بصير، وأعوذ بك رب من وفارة الجسم. فالضئبل عند الربل، وخص هزيل، بالأجر الجزيل، وليت الأوابد بهئت بى كما تبهأ الفور، بالخرق اليعفور وأنا بين جبل، وغدير سبل، أظهر، فأتطهر، وأرجع إلى غاد، بعد من كل مغادٍ، أرتعي من النبات، ومرتعى بين ثباتٍ لا يأتمرن، كيف يختمرن، وما اكتحلن قط من جلا، ولا رهبن عندى منجلا، أجزى بالورق، عن البرق، والشحير، عن كل نحير، وأنا بينهن في عفاء. غاية.
تفسير: حيد: جمع أحيد. وهو الذي يحيد عن الشئ. والحريد: المنفرد. والفذ: الواحد. الأحذ: السريع هاهنا. ويقال للحمار إذا كان قصير الذنب: أحذ، وللقطاة حذاء. المريش من السهام: الذي عليه الريش. والأقذ: الذي لا ريش عليه. لا يبذ: لا يسبق. الصعو: ضرب من الطير. والمعو: البسر إذا جرى فيه الإرطاب فعمه. الخود: الناعمة. والخريد: الناعمة. الهجمة من الإبل: من الستين، وقيل من السبعين إلى المائة: والوجمة: البخيلة. الابن: العيوب، وأصلها العقد في الغصون. الحسل: ولد الضب، ويقال إنه لا يشرب أبداً. السمار: اللبن المذيق بالماء. الدفر هاهنا: الدفع، يكون أيضا في معنى النتن. الغانية: يقال إنها الغانية بجمالها عن الزينة والحلى، أو بمالها ومال أبيها عن الرجال. وأموالهم. والمعصر: التي قد بلغت عصر شبابها، ويقال إنها التي قد حاضت، ويقال معصرة بالهاء، وحذفها أفصح. ووفارة الجسم: صخامته. والضئبل: الداهيه. والربل: الكثير اللحم. والأوابد: الوحوش، سميت بذلك لطول أعمارها. وبهئت بي: أي أنست. والفور: الظباء. واليعفور هاهنا: ولد الظبية. وإنما سمى يعفورا لكثرة لصوقه بالعفر وهو التراب، وأكثر ما يستعمل اليعفور للذكر من الظباء. والخرق: الذي يخرق فلا يبرح من موضعه. الجلا: ضرب من الكحل. والشحير: ضرب من النبت.
رجع: صاحب العيدان، مالك بالموت يدان، أعض الجمار، أسهل عليك أم عض الجمار، أجبار حريص، أشرف عندك أم جبار خريص، سئلت عرق تمر، فعرقت لفدوح الأمر، تصدق في حياتك فما للميت من صديق، وتارك الصلاة من صلاة السعير، وجدير من صام، بالاعتصام، والنسك، أوثق التمسك، والانفراد، أستر الأبراد، والزكاه، تذهب عن المال الشكاه، فاذا ز كيت أموالك فاخفها كل الإخفاء. غاية.
تفسير: العيدان: النخل. الجبار الحريص: الملك الحريص على جمع المال. والجبار الخريص: النخل الذي يخرص. عرق تمر: جمع عرقة وهي الزبيل.
رجع: غفرانك ربنا القديم، خلقت الخير، إلى جنب الضير، رب صعق، في غمامٍ منبعق يطرد الجدب، بخصب أدب، وغريق، في غمرٍ ينقع سالك الطريق، وما أقدرك على إنقاذ الجميع. يا نفس لا تهللى دون التهليل ولا تكبرى عن التكبير، كيف يتكبر، من في الغد يقبر، عجبت لفم ذكر الله كيف يدرد، وثنايا مر بها ذكره كيف تحبر، ولسانٍ نطق بتسبيحه أنى يتلجلج، ونهكةٍ اجتازت بها أسماؤه كيف لا تأرج، وقلبٍ أضمر عظمته لم لا يتصدع، وربنا بذلك حقيق، والعجب لقيلٍ مكرم يحتل في جنابٍ كالحرم، خرج من الدنيا بوسق، من فسق، وفجور، كالبحر المسجور، وكرم ربنا أعظم من ظلم الظالمين، وآخر محتقر، في النادى ليس بموقر، ارتحل بذخر، ليس فيه من سخر، ومال، من حسن الأعمال؛ وأجر، يطفئ حرارة الهجر، والله الموفق للرشاد، رب لا تجعلنى راب عروج، جعلها الوسمى كالبروج، يعاذ من شكية العود، ويذود السائل عن كل ذود خلقه نابٍ، أن يحمل على الناب، وأن يسمح لابن سبيل بفحل، يضع عليه أقتاد الرحل، وللوبر، لديه أعظم الخبر، ورزقك ربنا عليه مدرار، ولا أكن رب مثمر غنم، يصبح بينها كالصم، أسمن، واجتاب السمن، لا يهب إمراً، ولا يسقى غمراً، دون عبوره الشعرى العبور، وحمل العرماء، عنده كحمل السماء، وأنت رب مقسم الأرزاق. يا معفر الصور، ألا تخاف حورا بعد كور، أخبرك عن صواديك! إنها ليست تفديك، فاسمع بالمعد، لسعيد وسعد، واتق الله بالغدو والآصال، كفتينى رب شقاء الدينا فاكفن شقاء الآخرة، وأنت محمود معنا. في العصر رجال كلهم من البوس، ظاهر العبوس، يشرب الثجير، في الهجير، ويصطلى الغزالة من قيامٍ وقعود؛ كاصطلاء حرباء العود، ويندفن في الثبره، من شفيف السبره، ويلجأ في الصنبر، إلى قرموص كالقبر، وربما فزع إلى وقود خضل، يحرق السمل، وكأنه للعين قد سمل، فدمعه من الدواخن جار، وكأنه من طلته في إجار، ساكن الضريح، في رأيه كالمستريح، ليس في منزله من خفاء. غاية.
تفسير: الصعق: الذي تصيبه الصاعقة، ومنه سمى الصعق أبو يزيد ابن الصعق. انبعق الغمام: إذا جاء بمطر كثير، وكذلك انبعقت المزادة. الأدب: العجب. ينقع أي يروي ويقطع العطش. تحبر. الحبر: وسخ يركب الأسنان. والقيل: ملك دون الملك الأعظم، وقد يقال لكل ملك قيل.
الوسق: الحمل. المسجور: المملوء، وهو في غير هذا الفارغ. العرج: الخمسمائة من الإبل إلى الألف. ويقال عرج أيضا ويجمع في القليل أعراج، وفي الكثير عروج. والذود: من الثلاثة إلى العشرة. أسمن: إن شئت كان من كثرة السمن وإن شئت كان من سمن غنمه. واجتاب السمن أي لبسه كما تقول اجتاب الثوب. الإمر: الجدى. والعناق إمرة. العرماء: التي فيها بياض وسواد.
المعفر: الملقح، والصور: جماعة من النخل صغار، لا واحد له من لفظه. الحور بعد الكور: النقصان بعد الزيادة، والأصل من حار إذا رجع، وكار العمامة إذا أدارها على رأسه، صوادى النخل: الطوال، المعد: الذي قد أرطب كله، وكل غضٍ رطبٍ من ثمر أو نبات فهو معد. لسعيدٍ وسعدٍ: مثل يضرب يراد به كل الناس، وأصل ذلك فيما ذكر المفضل الضبى: أن ضبة بن أدٍ كان له ولدان، يقال لأحدهما سعد، وللآخر سعيد، فسافرا، فرجع سعد ولم يرجع سعيد، فكان ضبة إذا رأى سواداً مقبلا قال: أسعد أم سعيد؟ ويقال إن ضبة بن أدٍ ساير الحارث بن كعبٍ في أرض الحرم فتحادثا، فقال الحارث بن كعب: صحبت رجلا في هذا المكان فقتلته وأخذت منه هذا السيف، ووصف صفة سعيد بن ضبة. فقال له أبوه ضبة: أرنى السيف، فلما أخذه عدا على الحارث فقتله، وقال: الحديث ذو شجونٍ، ويقال إنه أول من نطق بهذه الكلمة، فعوتب في قتله رجلا بالحرم، فقال: سبق السيف العذل. وهو أول من قال ذلك فيما روى المفضل. وذكر قوم أن أول من قاله الحارث بن ظالم. وذكر الأصمعي في الأمثال أن معنى قولهم أسعد أم سعيد: يسأل به عن الشئ أي الأمرين هو؟ أخير أم شر.
الثجير: العكر. الثبرة: الأرض السهلة. الشفيف: البرد. والسبرة: الغداة الباردة. والصنبر: شدة البرد. والقرموص: حفرة يحتفرها الرجل ويدخل فيها من البرد؛ قال الشاعر:
جاء الشتاء ولما أتخذ ربضا ... يا ويح كفى من حفر القراميص
الربض هاهنا: المرأة. خضل: ندٍ . السمل: الثوب الخلق، وسمل العين إذا فقأها بحديدةٍ أو نحوها. الإجار: السطح. والمعنى أنه وإن كان مستظلا فكأنه بارز للسماء. الخفاء: شئ يغطى به الوطب أو غيره من المتاع نحو الكساء، وجمعه أخفية.
رجع: عز من بيده نواصى العباد. فاجعلنى رب ممن يتعظ، قبل أن يعظ، ويفر، فيستغفر، ويقول، ما هو بين الأخيار منقول، ورحم الله أمرأ ركع وسجد، وجاد بما وجد، واستنجد، في النوب فأنجد. التقي ملجم، يفتقر كلامه إلى أن يترجم، لا يفز عنى اللجم، تارة أمكث وتارة أتهجم، قد نطق الزمان الأعجم، فافهم إن كان لك فهم، ما بقى ظن يرجم، إن هواء تنسم، بالقدرة أحيا النسم، وطلع صبح يبتسم، فطلب عبيد الله القسم، هذا أعرق وهذا وسم، غائر أخب ومنجد أرسم، وكلنا يشرب السم، ولو شاء الله لحسم، ريب منون قد عسم. لا يترك ما تجسم، فشفى نفوساً تعجز عن الشفاء. غاية.
تفسير: يفر: من وفارة العقل. اللجم: دوبية: يتشاءم بها. وسم: أي أتى الموسم. عسم: طمع.
رجع: وفق اللهم لما يرضيك، أقتنع، فأمتنع، تكتفى الخرنق، بالماء الرنق، وتستغنى الأرنب، عن الزرنب. ما يصنع الخزز بالجزز، والله الهادي إلى غوامض الأمور. إياي ومحافل الرياء. ليس عارق من بارقٍ، ولا الرماح، من آل الطماح، نأت قيس عيلان، من غيلان، ونمير، من بني قمير، والله مؤلف المختلفين. كيف أتشبه، بمن غيره لى الشبه، لا يلتبس النعيق، بالوعيق، ليس يزيد، من بني تزيد، بعد عبيد، من قوم لبيد، وسبق مريد، فمتى يلحق به دريد، والله رافع الرتبات. من المأمن غائلة الحذر، وفي حندس الجرم يضئ مصباح المعتذر، لا تأمن الحرج، ولا تيأس من قرب الفرج، كم وجد كنز في جنز، واستخرج نشب، من غيلٍ وأشب، وبرز أرقم بالحتف المطل، من بيتٍ باردٍ مظل، فاستكف من شرف عن الأكفاء. غاية.
تفسير: الخرنق: ولد الأرنب. والرنق: الكدر. والزرنب: ضرب من الطيب. والجزز: الصوف. عارق: شاعر من طييء ويقال إن اسمه قيس بن جروة. وإنما سمى عارقاً بقوله: " لأنتحين للعظم ذو أنا عارقه " وبارق: قبيلة من الأسد. ومنهم معقب بن حمار البارقي الشاعر. والرماح: ابن ميادة وأبوه أبرد، وهو من مرة غطفان. والطماح: من بني أسد. غيلان: قبيلة من بني تميم. وهو غيلان بن مالك بن عمرو بن تميم. وقمير: من خزاعة. النعيق: صوت الراعي وما أشبهه. وقد يقال نعق الغراب بالعين غير معجمة، والغين أكثر. والوعيق: الصوت الذي يسمع من بطن الدابة وقد حكاه بعضهم بالغين معجمةً. تزيد: من مهرة، تنسب اليها البرود ويقال إنهم اخوة مهرة؛ قال أبو ذؤيبٍ:
يرفلن في حدٍ الطباةٍ كأنما ... كسيت برود بني تزيد الأذرع
ويزيد: بطن من الخزرج بن حارثة. عبيد: ابن الأبرص، أسدى. ولبيد: ابن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب. مريد: أحد وفد عادٍ، وإياه عنى القائل:
رعى هنيدة يهديه ويقدمه ... هادى مريد بن سعدٍ أينما ذهبا
ودريد: ابن الصمة من جشم بن بكر بن هوازن. الجنز: بيت صغير من طين.
رجع: أأسألك رب أم أمسك، فأنت العالم بضمائر الصدور، أما الدنيا فحظوظ ضاع فيها تعب الحريص، والخير عند ربنا لا يضيع. ليس قضاء الحاجه، باللجاجه، ولا الغلب، بكثرة الجلب، إن مد لجاً نبح، حتى أصبح، ليجيبه كلب، فأجابه أحص لايرده الألب، والله مخلف الظنون نزلت رحمة من الرقيع، إلى أهل البقيع، فأضاءت السدف، في الجدف، وذلك من نور الله يسير. فارحمنى رب إذا أدرجت، ثم أخرجت، من الوطن، ألى أضيق عطن، وخفت الأليل، واستراح المعلل من التعليل، فالحرب الحرب! لقد أكرمت ووقيت، ثم أسلمت فألقيت، في زوراء بعيدة المزار، موردٍ من يعرب ونزار.
وسكنى التربة، أغرب الغربة، انقضبت الآراب، من أهل التراب، وغدر بهم أهل الوفاء. غاية.
تفسير: الاحص: الذئب، ويقال إنه أخبث ما يكون إذا كان أحص، والألب: الطرد، الرقيع: السماء. ويقال لكل سقف رقيع، ولذلك جاء الحديث بالتذكير لقوله عليه السلام: من فوق سبعة أرقعةٍ، ولو كان مؤنثا لوجب أن يكون من فوق سبع أرقعٍ لأن فعيلا إذا كان للمؤنث جمع على أفعل. والبقيع ها هنا: المقبرة التي بالمدينة. والبقيع: كل فضاء واسع مثل البقعة الأليل: أنين المريض.
رجع: كفرت البرية وربها حليم، صوم الآبد أفضل من صوم المفطر على حرام، فاذا صمت من المآثم فعند ذلك صم عن الطعام، واحجح كلوم جرائمك فإذا برئت فاحجج عند ذلك مشاهد الصالحين، واعلم أن صلاة المنافق صلاء النار وطهارة الخلد أبلغ من طهارة الجسد بالماء. غاية.
تفسير: صوم الآبد: ذرق الظليم، واحجج كلوم جرائمك، الحج: ضرب من مداواة الجراح، ويقال هو أن يقطع عظم من الجرح، وقال قوم: الحج أن يختلط الدم بالدماغ فيجمع الدم بقطنة؛ قال الشاعر:
وصب عليها المسك حتى كأنها ... أسى على أم الدماغ حجيج
أسى: فعيل بمعنى مفعول.
رجع: أريت العبر،وأوقدت العنبر، وكان الليل بفنائك يشبه من المصابيح الصباح، وكل نورليس من عند الله فهو سريع الانطفاء. غاية.
استغنى الله عن كل العابدين، وشغل الآدميون ببناء بيت شعر وبيت شعر، وجدار من مدرٍ، فبيوتهم في الآجلة كبيوت العناكب واهية الرواق والكفاء. غاية.
يستقيم العالم إذا أذن إله المخلوقين، وبعلمه أرخيت السجوف، دون المنجوف، وثبت القتر، في الكتر، وضن المرء بما ملك، فهلك وأهلك، ونم الرجل على أخيه، ينشق عدوه ويلخيه، والله مجير المتهضمين، بانت قدرته في الثمر والقمر، وكل ما علم بأمر، لا يتوارى ملكه بالخمر، مالك الفرقة والرفاء. غاية.
تفسير: المنجوف: من قولك نجفت الشئ، إذا استخرجته. ولذلك قيل للقبر منجوف لأن ترابه يستخرج. والقتر: نصل صغير. ويقال أيضاً لبعض السهام قتر. والكتر: السنام. ويلخيه: يسعطه، الأمر: جمع أمرة وهي العلامة مثل الأمارة، ويقال للحجارة التي توضع ليهتدى بها في طريق أو يعرف بها قبر: أمر. الخمر: كل ما واراك من شئ.
رجع: يا نفس تحذرين، ولا تعتذرين، وإذا أعرض الطمع فما تذرين، إنك لأهل، للجهل: والحلم، ليس لك بخلم، أنت شر من جسدك، وجسدك شر منك، لو قدرت لانتفيت عنك أبلغ انتفاء. غاية.
تفسير: أعرض الشئ: اذا بدا والخلم: الصديق رجع: أسننت وكأنى مقتبل، أبهج وأتربل، كأننى لا أحتبل، هل يخطئنى السبل، ولأم الكافر الهبل. غدت المنية بنبل، كالوبل، وسهام، ألطف من الأوهام، تخفى المسألة عمن استتر أشد الإخفاء. غاية.
شهد بك البرق والرعد، والنبات الثعد، وانثرى الجعد، وخضعت قحطان لك ومعد، وجرى بقدرك النحس والسعد، وصدق منك الوعد، لا تظلم أحداً ولا تعد، كنت من قبل وتكون من بعد، لا تفتقر في عزك إلى الحلفاء. غاية.
أستغفرك إلى أن يصح أن العود، أروى بلغامه الذود، وأستعينك حتى يمسى مارد، فارطاً للوارد، ولك الحمد حتى يصبح الكدر، وفي عنقه الدر، نظمته أمه في البيد، وجمعته من مروٍ وهبيد، والملك بيدك أو يساق جدى الفراقد، في هدى العاقد، نذراً، يجعله للضعفة وذراً، ولك الحجة على كل مخلوق حتى يقف الظربان على الظرب، موقف الكئيب الحرب، يبكى من بين البائسة أم حبين، وذلك ما لا يكون إلا أن تريد، وأنت مفزع بريتك حتى تحمل يثرب، على يد الأرب. والعقول عاجزة عن معرفة حقيقتك إلى أن توصل تهامه، ببعض الهامه، كل بجد، في نجد، وكورٍ، في الغور، يخضع لك على رغم السفهاء. غاية.
تفسير: مارد: الحصن الذي جرى به المثل. مرد مارد وعز الأبلق والكدر: الحمار الوحشي إذا كان غليظا. العاقد: الذي يعقد على نفسه نذراً أو غيره. والوذر: قطع اللحم، الواحدة وذرة. ويقال في الجمع أيضا وذر. الظرب: الجبيل المفترش. والأرب: صاحب الحاجة. البجد: الجماعة من الناس. والكور: الجماعة من الإبل.
رجع: أعننى رب وأعنى واعن بي، حتى تغنيني عن أمي وأبي، فقد ذهبا وأنا إلى رحمتك فقير. ومن الغني عنك! ينبغي أن يدعى ذلك من يقدر أن ينفع ويضر، ولا يقدر على المنفعة والضرر سواك. زحل زنجي بين يديك، والمشترى عبد لك مطيع، والمريخ يتصرف بين أوامرك ونواهيك، والشمس والزهرة أمتان تنصفانك، وعطارد والقمر مستخدمان لا يصلان إلى الاعتفاء. غاية.
يقدر ربنا أن يجعل الإنسان ينظر بقدمه، ويسمع الأصوات بيده، وتكون بنانه مجاري دمعه، ويجد الطعم بأذنه، ويشم الروائح بمنكبه، ويمشي إلى الغرض على هامته، وأن يقرن بين النير وسنير، حتى يريا كفرس رهان، وينزل الوعل الزعل من النيق، ومجاوره السوذنيق، حتى يشد فيه الغرض، وتكرب عليه الأرض، وذلك من القدرة يسير. سبحانك ملك الملوك وعظيم العظماء. غاية.
سبح لك تأسيس يمال ويفخم، والردف بخمس جهاتٍ تفهم، والروى بحروف المعجم، والوصل بأربعة مذاهب يترنم، والخروج بثلاثةٍ تعلم. إن رس التأسيس، كرس الأنيس، دائم العبادة ودائم التقديس، ودأب في التعظيم، الإشباع في كل نظيم، وشهدبك التوجيه، شهادة الوجيه، والحذو بآلائك منبئة؛ وكذاك المجرى، أين تصرف كلام وجرى، والنفاذ تحذر نوافذ القضاء. غاية.
تفسير: التأسيس: الألف التي بينها وبين حرف الروى حرف واحد، وهو الدخيل، كالألف في قوله: أتعرف رسماً كاطراد المذاهب الألف في مذاهب تأسيس والهاء دخيل. ويجوز إمالة الألف وتفخيمها. فأما التأسيس في مثل ناصب فلا تجوز إمالته لأجل الحرف المستعلى بعده وهو الصاد. والردف: واو ساكنة، أو ياء ساكنة، أو ألف تكون قبل حرف الروى. وإنما صار بجهات خمس، لأن الواو يكون ما قبلها مفتوحاً، ومضموما، نحو الواو في جونٍ، وجون، والياء يكون ما قبلها مفتوحاً، أو مكسورا، نحو الياء في لينٍ ولين. والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحاً. وإذا كان ردف القافية ألفا لم يجز أن يشركها غيرها من الحروف مثل قوله: " أقلى اللوم عاذل والعتابا " وإذا كان ردف القافية واواً مفتوحاً ما قبلها ثم جاءت واو مضموم ما قبلها فهو عيب يسمى سناداً. وإذا كان ردف القافية ياءً مفتوحاً ما قبلها ثم جاءت ياء مكسور ما قبلها فهو سناد أيضا، وبأي الحالين بدئ في القصيدة ثم خولف فهو سناد. وإذا جاءت الواو المفتوح ما قبلها مع الياء المفتوح ما قبلها فليس بسنادٍ ولا عيبٍ، وكذلك الواو المضموم ما قبلها مع الياء المكسور ما قبلها.
والروى: يكون من أي حروف المعجم جعل.
والوصل: هو الحرف الذي بعد حرف الروى، وهو أحد أربعة أحرف. الواو، والياء، والألف، والهاء، فالواو في مثل قول زهير:
إذا أنت لم تعرض عن الجهل والخنى ... أصبت حليما أو أصابك جاهل
والألف في مثل قول سحيم: عميرة ودع عن تجهزت غازيا والياء في مثل قول النابغة: كلينى لهمٍ يا أميمة ناصب والهاء مثل قول زهير: صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله والهاء تكون ساكنة مرة ومتحركة أخرى. فالساكنة قد مضى ذكرها، والمتحركة في مثل قول أمية:
يوشك من فر من منبته ... في بعض غراته يوافقها
والوصل إنما يكون في الشعر المطلق دون المقيد. والإطلاق حركة الروى. والخروج واو، أو ياء، أو ألف، يكن بعد هاء الوصل المتحركة؛ فالواو كقوله:
وماء لا أنيس به ... مطحلبةٍ جوانبه
وردت وليله داج ... وقد غارت كواكبه
والياء كقوله:
نحن ضربناكم على تأويله ... كما ضربنا كم على تنزيله
والألف كقوله: عرف الديار توهما فاعتادها رس التأسيس: هو الفتحة التي قبل ألفه. ورس الأنيس: هو البئر، والمعدن. وكل بئر: رس الإشباع: ذكره الأخفش ولم يذكره الخليل، وهو حركة ما قبل حرف الروى في الشعر المطلق المؤسس، مثل كسرة الصاد في قوله: كلينى لهمٍ يا أميمة ناصب والتوجيه: حركة ما قبل حرف الروى في الشعر المقيد، مثل قوله: وقاتم الأعماق خاوى المخترق وإذا اختلفت هذه الحركة فهو عيب ينسب إلى السناد عند الخليل، وليس بعيبٍ عند الأخفش.
والحذو: الحركة التي تكون قبل الردف وهي ضمة، أو فتحة، أو كسرة، مثل قوله:
تراه كالثغام يعل مسكاً ... يسوء الفاليات إذا فلينى
فتحة اللام في فلينى هي الحذو. وكذلك الضمة في قوله:
إن تشرب اليوم بحوض مكسور ... فرب حوض لك ملآن السور
مدورٍ تدوير عش العصفور فالضمة التي قبل الواو حذو. وكذلك الكسرة التي قبل الياء في قوله: عاذل قد أو لعت بالترقيش فإذا كان الحذو ضمة، وقعت بعده واو لا غير. وإذا كان كسرة وقعت بعده ياء لا غير. وإذا كان فتحة وقعت بعده الألف، والياء، والواو. كقولك: هان، إذا كان في قافية، وكذلك هون، وهين.
والمجرى: حركة حرف الروي. وإنما يكون ذلك في الشعر المطلق. ويكون ضمة، أو فتحة، أو كسرة.
والنفاذ: حركة هاء الوصل. وتكون فتحة، أو ضمة، أو كسرة، فالفتحة كقوله: رحلت سمية غدوةً أجمالها والضمة كقوله:
وبلدٍ عاميةٍ أعماؤه ... كأن لون أرضه سماؤه
والكسرة كقوله تجرد المجنون من كسائه.
رجع: أستغفرك ما حي السيئات من قول ليس بإسناد، استكثر من السناد، كم أوطئ في الذنوب، وأضمن الحوب بالحوب، وإذا تقويت، لفعل الحسنة أقويت، ومتى انكفأت، إلى الخير أكفأت. فاسترنى رب فعيوبى أقبح من السناد والإكفاء. إن لهماً، سكن في شماريخ رضوى شهماً، يرى الأنيس عن عفرٍ، ويلد غفراً بعد غفر، وهو من خلق الله بديع يتوقل في كل يفاع، ويعلق بروقه رءوس الأفاع، رعى النشم، وما أحتشم، وجمع في سنةٍ بعد سنة، بين التيقظ والسنه، نيا ونيا، على قراه وكشحه مبيناً، وناش العتم في العتمات، ووطئ القان بقيونٍ مؤبدات، ولو أخطأه قتل مات، أتيح له رام، جعل بضيعه في البرام، فيا ويح قوس من السدر، أنزلته من الشعف إلى القدر، إستماه القانص فرماه، ورداه بما حمله وارتداه، وكأنه من طول الدهر، حامل شجرةٍ على الظهر، وعمد راميه وما هاب، إلى الإهاب. فاتخذ منه نعلين، شراهما بدرهمين، ناسك دلف بهما في طاعة الله، لجدير والله كريم أن يبعثه رب العالمين فيرتع، ولا يروع، في روضةٍ منوية، غير مصوحةٍ ولا ملوية، ويكرع في أعدادٍ مروية، ما طلع نجم بعشاء. غاية.
تفسير: السناد هاهنا: المخالفة. والإيطاء: تكرير القافية في الشعر. ويروى عن أبي عمرو الشيباني أنه نزل به أعرابي فقدم اليه طعاماً فيه لونان متساويان فقال: يا أباعمرو قد أوطأت في طعامك. والتضمين: أن يكون المعنى يحتاج إلى البيتين من الشعر. والإقواء في الشعر: اختلاف إعراب الروى وهو هاهنا مثل، والمعنى أنى لا أستمر على صوابٍ.والإ كفاء: اختلاف حرف الروى في نفسه مثل أن يكون مرةً طاءً ومرة دالاً. وأكثر ما يقع ذلك في الحروف المتقاربة مثل الصاد والسين، والطاء والدال؛ قال الراجز: جارية من ضبة بن أد كأن تحت درعها المنعط شطا أمر فوقه بشط وإنما يوجد ذلك في أشعار النساء والضعفة من الشعراء. اللهم: الوعل المسن.
الشهم: الجرئ الفؤاد. عن عفرٍ: عن دهرٍ. الغفر: ولد الأروية وهي أنثاة الوعل. يتوقل: يترقأ.النشم: ضرب من الشجر ينبت في الجبال تعمل منه القسى. الني: الشحم. والني: ضد المطبوخ. والعتم: زيتون ينبت في الجبال. القان: ضرب من شجر الجبال أيضاً. والقيون: جمع قين وهو جانب عظم الوظيف. مؤبدات: شداد. البضيع: اللحم. استماه: طلبه في الهاجرة. ورداه: ألقاه من علوٍ إلى سفلٍ. منوية: مسمنة. صوح النبت: إذا تشقق لليبس. وألوى: إذا ولى. العد: الماء القديم.
رجع: إن ناقةً وجملاً، غبرا في الزمن هملاً، حتى إذا صار الجمل عودا، والناقة ناباً لا تتبع ذوداً، سلط عليهما رب مدية، لا ينشط لأخذ الفدية، فنحرا بعلم الله، والقدر، صير لحومهما تقدر، وصنع من جلودهما خفان، مسح عليهما للصلاة، لحقيقان والله قدير أن يعيدهما الخالق بكرين، يهملان بين حمضٍ وعين، لا يمنع منهما حوض، ولا يحظر عليهما روض، يدومان كذلك ما اكتسى هيق بعفاء. غاية.
لطف منشئ العقول. ان نسراً، أدرك محارباً وجسرا، كان يسيح، في الجو الفسيح، فبصر بأوصال، في بعض الآصال، وقد كظه جوع، ومنع منه الهجوع، فانكفت، وما التفت، إلى رذىٍ ملقى، بين نهرٍ ونقى، فحال الإنسان بمثله، بين النسر وبين أمله، وكسا ريشه سهاما، فظهاراً منه ولؤاما، لخليق وربنا حميد إذا رمى بتلك الأسهم في سبيل الجبار أن يحشر في طيرٍ لا يصدن، وبأذيةٍ لا يقصدن، وما أريد به وجه الله لم يذهب في الزبد الجفاء. غاية.
تفسير: محارب: ابن خصفة بن قيس بن عيلان. وجسر: قبيلة من محارب. انكفت هاهنا: انقض. الظهار: الذي يعلو من ظواهر الريش. واللؤام: أن يكون ظهر الريشة إلى بطن الأخرى، وهو أجود ريش السهام. الزبد الجفاء: هو الذي يرمى به السيل لا يحتسب به.
رجع: إن ربنا لطيف. إن كان التمر في البير، فالنبات في الصبير، رب ذبيح، للضيف النبيح، طرق الحي بأجلٍ معجل، لم تكن الراعية منه على وجل، لعل الأسحم، لا يترحم، لروحٍ فارقت عريناً سقط عليه في التبع، فشبع منه وأشبع، والأخطب، لا يستغفر لمالك الرطب، وأنا على خلاف ذلك الرأي. كل نغبةٍ شربتها فاشتفيت، أو تطهرت بها فصليت، أوأزلت دنساً فأنقيت، فرحم الله المحتفر قليبها، وكل ثمرةٍ أصبتها، فلا تبعد يد من غرس قضيبها، ومن كان ذريعة خيرٍ وصل إلى فجوزي أحسن الجزاء.
انقضت الهمزة.
فصل غاياته باء
قال أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي: أجل! غاقٍ غاق، أصبح الغراب يرتاد، أين همت بواكر السحاب. غاية.
الطيور ناطقات بالسبح، ورجال ما تقر بالبعث، بلى! جل القادر عن ارتيابٍ. غاية.
إن جرى ظبى فسنح، وهفا طائر فبرح، كمد آلف لفراق الأحباب. غاية.
سبح الله ومجده، وعظم الخالق وحمده،، طائر لا يحفل بزينب والرباب. غاية.
هذه منازل القطين وتلك مساكن الأنس المقيم، اختلف عليهم الجديدان، فارواحهم عند الله، وجسومهم في التراب. غاية.
الله الكامل، والنقص لجميعنا شامل، فماذا يؤمل الآمل، أليس قصره الذهاب. غاية.
الله تعظم الأضداد، حتى الأذبة والقذان: طرف الصارم، وإنسان الأسود، ومغرد الرياض. وكذلك الأعيار: شاخص المنصل، وظاهر القدم، ووحشي الفلاة. والعيون: عين الذهب، وعين المطر، وعين الشراب. غاية.
تفسير: الأذبة: جمع ذبابٍ: ذباب السيف: طرفه. وذباب العين: إنسانها. ومغرد الرياض: الذباب المعروف. ولا يقال في ذلك ذبابة. والقذان البراغيث واحدها قذذ. وعير السيف: العمود الناتئ في وسطه. وعير القدم: ظاهرها. وعين المطر: مطر أيام لا يقلع. وعين الشراب: عين الماء، والشراب من المشاربة يقال قد تشارب القوم: إذا كانوا يردون عيناً واحدةً.
رجع: ودونه مواقع الفكر، لا ينصف المظلوم سواه، وإليه يرغب الراغب، وبه تمسك النفوس، فتعالى الله عدة الحندس إذا قسم نقطاً، والنقطة أقل ما يكون. وسبحان الله زهاء الأشياء، والشئ جزء لا يتجزأ، تقسم على ذلك مياه البحر، ورمال الأرض، وثقال الهضاب. غاية.
جل الخالق! عيون الربرب تحملها أعناق الظباء، ينسدل فوقها أساود كأساود رمان، ومن أمر الواحد ذلك الخضاب. غاية.
يابغاة الآثام، وولاة أمور الأنام، مرتع الجور وخيم، وغبه ليس بحميد، والتواضع أحسن رداء، والكبر ذريعة المقت، والمفاخرة شر كلام. كلنا عبيد الله، فما بال الرجل يقول: عبدي فلان، والعبودية في عنقه ألزم له من طوق الحمامة، ومؤتي الملك ملكه قاصر الصعلوك على عدمه؛ وكاسي الجميل حلة الجمال، هو سالبها القبيح؛ فاحمد أيها البهج خاصك ولا تغمط سواك، فبيد الله العطية والحرمان. يتيه الإنسي والسرفة أصنع من الآدمي، تتخذ لنفسها بيتاً من حطام الشجر ورفات النبات، يعجب له الراءون، ويعجز عنه العاملون، والجارسة تبنى من الشمع أحسن مسكنٍ وتودعه طيب الأرى، وزمازمها تسبيح لملهم من أراد، فما فضيلة الصنع، إذا اتخذ قميصاً للحرب كبارد الحبب، أو برد الحباب. غاية.
خافوا الله وتجنبوا المسكرات، حمراء مثل النار، وصفراء كالدينار، وبيضاء تشبه الآل، وكميتاً وصهباء، وكل ما أدرك من الألوان. لو كانت أقسام اللب كرهاق الحصى، والسكرة من الجرع بمثل ذاك، لقلت إن النغبة الواحدة حرام، ولو هجر أب لجناية ولدٍ لحرم العنب لجريرة المدام، وهل لها من ذنب، إنما الذنب لعاصر الجون، ومستخرجها وردية اللون، وحابسها في الدن، ومنتظرها برهة من الدهر، وشاربها ورد العطشان وتفوق الرضيع، فاجتنبوا ما يذهب العقول، فبها عرف الصواب. غاية.
تفسير: رهاق الحصى: مثل زهائه. يقال رهاق ورهاق، وهو مقدار الشئ.
رجع. عز القائل بغير لسان، المكون بدائع وما استعان. ليتني كنت حجراً، لا أمسى حذرا، ولا أصبح وجراً، كم في الأرض وكم في السماء من نجم لاح للركب، وآخر طلع غب الغمام، كلاهما شهيد القدرة ودليل الوحدانية. كم في الوادي من سمرةٍ وفي السمرة من موقع نظرةٍ، كأنها تحث على التقوى، أو تأمر وتنهى، وتقول في النجوى، مضى نسيبك فأسيت، وبعد الأيام نسيت، وأثوب الصحة كسيت، فلم نذكر أثواب السقام، أظننت الإقامة فكذب الظن، ألا تأهب للرحلة فالمكر على جناب. غاية.
قد ضل وخاب من يعاند الفرد المعبود، خالق ما جمد وماج، من ريحٍ وجبل وماء، عارف ما يهجس في قلب الفازر كما يعرف شعاع النهار، سيان عنده الخفي والظاهر، والبعيد والمكثب، أقر البسيطة ورفع الأنوار، لو شاء لرد اليفن الشباب. غاية.
أعوذ بك من ليت وعسى، ونفسٍ تنقسم أنفساً، سأتجرع الموت حسى، إن حشرتنى مبلساً، فإن عملى في تباب. غاية.
لا أكن رب كرجلٍ الحضار في ملكه مثل حضار، والنضار، من يده في أنياب ضار، وخضرة عيشه في المذيق والخضار لا ينتفع غداً بالجباب. غاية.
أنت الغافر الوافر لمن غفل، وحفل، والبر، بأهل كل بحرٍ وبر، والحان على الشحيح الآن، ملأ الخافة، فهو شديد المخافة، كيسه وقلبه مرعوبان، هذا من مال، وذلك من خشية فوات الآمال، يأتيه رسول المنية وهو بالجباب. غاية.
تفسير: الآن: الذي يئن إذا سئل. الخافة: خريطة من أدمٍ. مرعوبان: مملوءان، وأيضاً فزعان. والجباب: تلقيح النخل.
رجع: يا راعي الضائنة ارتع في الينمة كيف شئت، واصطف لنفسك ما أحببت من الرخال، إن لك وقتاً يلهيك عن الشاء الرباب. غاية تفسير: الرخال: جمع رخلٍ وهي الأنثى من أولاد الضأن، وهذا جمع شاذ وهو أحد جموع ستة جاءت على فعال ذكرها يعقوب وغيره، وهي: رخال، وتؤام، جمع توأمٍ. ورباب جمع ربى وهي الشاة الحديثة النتاج، وظؤار، جمع ظئرٍ. وفرار جمع فريرٍ وهو ولد البقرة الوحشية، ويقال لولد الضائنة فرير أيضاً. وعراق جمع عرق وهو العظم الذي عليه لحم. وحكى اللحياني نذل ونذال، وناقة بسط، وأينق بساط، وهي التي معها ولدها. وفي كتاب العين: ظهار جمع ظهرٍ: للقوس.
رجع: سيحتم سنى يوم، لا يقظة بعده ولا نوم، يختلجنى فلا يرانى القوم، ولو اصطليت بناظر الشمس ووردت حوض الرباب. غاية.
رب اجعل عملي أحسن من الزون، وصلاتي أطول من ظل القناة، وأملي أقصر من سالفة الذباب. كل جبارٍ عاتٍ، وماٍض من الناس وآتٍ، ينظر إلى جبار السموات، نظر المربوب إلى الراب. غاية.
تفسير: الزون: صنم كان بنجدٍ يعبد في الجاهلية وضربوا به المثل فقالوا: هو أحسن من الزون.
رجع: أيها الكهل المجتمع، إن إلهك لمطلع، وأنت المائل الضلع، والاناء من سوء العمل كلع، فاياك والنظر في أعقاب الشواب. غاية.
تفسير: الكهل المجتمع: الذي قد اتصل شعر لحيته فلم يكن فيه مزيد، وهو حد الكهل عند الأصمعي، وقال غيره: لا يقال له كهل حتى يبدو فيه الشيب، وعن قطرب أنه يقال للرجل شاب من سبع عشرة سنةً إلى أربعٍ وثلاثين، ثم هو كهل إلى إحدى وخمسين، ثم هو شيخ. وقال المفسرون في قوله تعالى: " ويكلم الناس في المهد وكهلاً " : ابن ثلاثين سنةً وقيل ابن ثمان وعشرين. والكلع: تراكم الوسخ. يقال إناء كلع ومكلع. ومنه قول حميد بن ثور:
فجاءت بمعيوف الشريعة مكلعٍ ... أرشت عليه بالأكف السواعد
السواعد: مجاري اللبن في الضرع وإليه، وهو يصف قعباً.
رجع: إن معايبي لكثير، فجاز مولاي بالإحسان رجلاً أعلمني بعيبٍ في، إما غيرته، وإما سترته، أو عرفت مكانه فأضمرته، لقد من على ذاكره منه الأضبط على الرباب. غاية.
تفسير: الأضبط: ابن قريعٍ السعدي هو الذي استنقذ تيم الرباب من أرض نجران وكانت مستذلة في تلك الناحية فاستنقذهم الأضبط. وقد ذكر ذلك جرير في قوله:
خيلي التي وردت نجران معلمةً ... بالدارعين وبالحيل الكراديس
تدعوك تيم وتيم في قرى سبأٍ ... قد عض أعناقها قد الجواميس
والرباب خمس قبائل: تيم، وعدى، وعوف، وثور أطحل الذين ينسب إليهم سفيان الثورى، وأشيب بنوعبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، وإنما سموا الرباب لأنهم حالفوا ضبة بن ادٍ عمهم وعمسوا أيديهم في ربٍ عند الحلف.
رجع: أصدق فأغضب، ويعجبني الكذب حين أكذب، إن عذبت فبحقٍ أعذب، لو أنصفت لما غضبت من شتم السواب. غاية.
ثبت أمر الله ثبات الهضبة تحت الغضبة، وانقضب سواه مثل القضبة، بل انجاب، كانجياب الضباب. إن ربنا لمنصف، وبأمره جرت المعصف، تخبر عن كرمه وتصف، قد يحرم طاعته الملك تضب لثته على الحو اللعس، وينالها حرشة الضباب. غاية.
تفسير: الغضبة: صخرة عظيمة تكون في أعلى الجبل. والقضبة: الرطبة. تضب لثته: أي تسيل. وهذا كلام يقال عند الحرص؛ ومنه قول عنترة:
أبينا أبينا أن تضب لثاتكم ... على نسوة مثل الظباء عواطيا
رجع: بي طب، فأين أستطب، أنا تحت حب الدنيا محب، أثقلني فأنا مكب، والشعيب مفتقرة إلى الطباب. غاية.
تفسير: ألطب: الداء. والمحب من قولهم: أحب البعير إذا برك فلم يقم. ويقال للناقة خلأت وهو مثل الحران في الخيل. والشعيب: المزادة. والطباب: جمع طبةٍ وهي رقعة تجعل في أسفل المزادة.
رجع: في النية، شاهد لك بالوحدانية، والوشل، بقدرتك يتمشل، وفي اللجة، بك أعظم الحجة، إذا سجا النوفل وأوان العباب. غاية.
تفسير: الوشل: الماء القليل وتمشل: إذا سال قليلاً قليلاً. والنوفل: البحر.
رجع: رحمتك مكون المعجزات، لا أطرق أهل مبيت، ليس عندهم من بيتٍ، أخذهم بالمكر، من الوكر، فأطوقهم بالدم، وأخرجهم إلى العدم، ولا أحسد رب مشيد، بالشيد. لناب الموت قبيب يشغل من عقل أن يسأل عن أهل القباب. غاية.
تفسير: الشيد: الجص. والقبيب: مثل الصريف رجع: أمطر مولاي رزقك علي وقد فعلت، حسبى ما قات، وبلغ الميقات، إن أقمت، فالكفاية وإن نقمت، وإن سافرت فالراحلة والزاد، ولا أزاد، ما أصنع بنعمٍ كبابٍ. غاية.
يسر عبدك لما تحب، واكفه أن يطعن بالوسب، على النسب، وأن يعير، ثم لا يغير، ويجبه غير أريب، بالتثريب. الناس بنو رجلٍ وامرأة ما أدنى المؤتشب من اللباب. غاية.
ألطف بك منشئ المعصرات، خالق ماشٍ، يعتمد على حماش، يحمل قناتين من وراء، ويغار غيرة الأمراء، لم يرض من العفاء، باللفاء بل خطر في موشى، وسبح بالغداة والعشى، قطن في القطان، وكأن عينيه سقطان، تشبه بهما الخمر والجمر، توج بحماضٍ ما مطر، وخطم بسنان قد أطر، حان، وله جناحان، فما أنهضاه، وقضى فيه القدر ما قضاه، والحكم لله على كل الحيوان، فأصبح ريشه تلعب به الرياح في دار منه يباب، غاية.
إئذن في التوبة لعبدك المسيء، طوبى لأكدر، من بنات أخدر، لا يتوقع كائنةً بعد الموت، وهنيا لكدراء ترد مران، في سربٍ حران، تقدس ربها في آلاف مئين في العدد بل الافٍ بالألف، والقاف، والطاء، من قطا كاظمة والأجباب. غاية.
لله العلم المحيط، نجع التأنيب، في المنيب، وهبت ريح ذات صرٍ، بملامة المصر، ياقلب هلم وهات، أأعتبك أم هيهات، جل الأمر عن العتاب. غاية.
غفران إلهنا مأمول، ولكنك أيتها الحشاشة فرطت فأو بقت، حتى خلفت وسبقت، ثم قيدت بعد ذلك وربقت، فانظري هل لك من متاب. غاية.
ما أوهب ربنا لجزيل، فأعدى المطية، لبعد الطية، والوقاء، من طول الشقاء، ولا تكونى مثل درية الطاعن يغلو بك غيرك غلوة وليدٍ بكتاب. غاية.
تفسير: الطية: المسافة التي يطويها المسافر. والدرية: حلقة يتعلم عليها الطعان. والكتاب: سهم يتعلم به. ويقال فيه كثاب أيضا.
رجع: لو شاء ربنا سخر لنا حوش البر فنقلتنا نقل النعم الذلل وركبنا النعائم بأزمة وأقتاب. غاية.
الله مملك الملوك، وأنا معترف مقر، أن شهد الدنيا مقر، وأن غنيها مفتقر، أعوزني فيها مسكن، آرز إليه واستكن، وتبوأت الناسجة بين المثاب. غاية.
تفسير: المقر: الصبر، ويقال إنه شئ يشبهه. وآرز إليه: أي آوي إليه.
رجع: لا يعجزك ممتنع في العقول، متى أجتمع وسلفي الذاهبون فأخبرهم بما لقيت بعدهم، ويخبرونني بمثل ذاك، لقد بعدوا بعد الإكثاب. غاية.
عززت باعث الأرواح، أما اللحاق بالقوم فقريب، ولست من لقائهم على يقين، فالقلب لذلك آسف حزين، أفتراني أوجر على ذلك وأثاب!. غاية.
لا تجعلني رب أتقى صغائر الذنوب وأفعل كبائر السيئات، أفرق من الغراب وأقدم على الأسد ذي الشبام، رحمتك على امرئ ليس مثل الشراة تحرجوا عن مال الذمى وقتلوا ابن خبابٍ. غاية.
تفسير: أصل الشام دفيف يجعل في فم الجدى يمنع به من الرضاع، ومنه قول عدي بن زيدٍ:
ليس للمرء عصرة من وقاع الد ... هر تغنى عنه شمام عناق
ويقولون في المثل: يفرق من صوت الغراب ويقدم على الأسد المشيم.
رجع: لا امتراء في أن الله حكيم، كيف أصبحتم أهل المنازل الدارسة، إن ما أصابكم للخطب الجليل، لا رزق ربكم تنتظرون، ولا الصلاة لوجهه تقيمون، يهتف بكم الضائح فلا يجاب. غاية.
لايمتنع من الله عزيز، والشقى من حضر عرصات القيامة كرجل من أبناء الأقيال، ذهب ملكه فتقرب إلى الناس بما كان فجفى، وما اصطفى، والسعيد من ورد كالخيبري يستشفع بما في الكتاب. غاية.
أمة من عبدة الله عير غير بزل. يحملن طعاماً ذا نزل، على مطايا جزل وقزل، في سنة خصب أو محل، طرح فيه السحل، على سقاءٍ جحل، فقيل سيد ربحل، لا تحتجب أسرارهن عن علم الخالق بحجابٍ. غاية.
تفسير: ذا نزلٍ: ذا بركة وريع. والجزل: جمع جزلاء وهي التي قد خرجت من ظهرها فقارة، والنملة توصف بذلك للطمأنينة التي في ظهرها؛ قال الشاعر:
فإنك لو لا قيت سعد بن مالكٍ ... لعديت عن سعدٍ وظهرك أجزل
والقزل: جمع قزلاء وهي العرجاء. السحل: الثوب الأبيض. والجحل: الضخم، يقال سقاء جحل وزق جحل. وربما حركت الحاء؛ قال الشاعر:
ومقير جحلٍ جررت لفتيةٍ ... بعد الهدو له قوائم أربع
والربحل: الضخم.
رجع: شيعة إلهنا لا تذل، والسعيد، الماسح على الصعيد، في ركبٍ كالأسنة، كهم ملوح السنة، يرجو مرضاة مولاه، قد أهلوا بالدعاء على مثل الأهلة، ليست بذات رغاء، كل مقلاتٍ، تنظر من مثل القلات، وخوصاء ليست بلخون، تفحص أفاحيص الجون، تخد نجائبهم بأنجابٍ. غاية.
تفسير: السنة: صفحة الوجه، والمقلات: التي لا ولد لها، وهو أشد لها.
رجع: إسق اللهم غفرانك قبوراً طال عهدها بالعهاد، يصير التراب المحفور، مثل الكافور، ويسكن الأجساد الزكية، الأرض المسكية، ويكسو كل جدثٍ طاهر، من باطنه لا الظاهر، بعد أن يشوفه كلى الشوف، ما شاء من الخزامى والعوف، يحسنان في المنظر ويطيبان في السوف، وتهز قضب الريحان المشموم، ريح رحمة ليست بسموم، في لحدٍ كد قرى، يركض فيه الفارس فلا يرى، لا يضيق بالعنق والوكرى، تلذ اليقظة به والكرى والطف مولاي بضعيفك إذا اقترى، ونزل إلى بطن الأرض عن القرى، ضيفك ولكل ضيفٍ قرى؛ ما أجدرك بالرأفة وما أحري، تلبس طمرى اللبسة، وتوحش الدار المونسة، وأصبح وحالى منعكسة، كأنى جرف نفى بعد إيجاب. غاية.
تفسير: يشوفه: يجلوه. والعوف: ضرب من النبت طيب الرائحة. دقرى: روضة معروفة بعينها، وقال قوم: كل روضةٍ دقرى؛ ومنه قول النمر ابن تولبٍ.
وكأنها دقرى تخيل نبتها ... فعلا وغم الضال نبت بحارها
الوكرى: عدو سريع. واقترى: إذا اتبع من كان قبله.
رجع: أطعم سائلك أطيب طعاميك، واكس العارى أجد ثوبيك، وامسح دمع الباكية بأرفق كفيك، ولا ترم في الطاعة بمنجاب. غاية.
تفسير: المنحاب السهم الضعيف. ويقال هو الذي لا ريش عليه.
رجع: لو أدرك خلود بالطلب، أو سبق موت بألب الأ لب، لفات، ونجا من الوفاة، أصحاب همم، من سالفة الأمم، يحيون الغسق، على كل أمونٍ هر جاب. غاية.
تفسير: ألب الالب: طرد الطرد. الهر جاب: الضامر، والسريعة، ويقال هي الطويلة على وجه الأرض.
رجع: أمشيت، أيها المكثر وأو شيت، وبالمعصية ما حاشيت، لم تعش ولكن تعاشيت، لا هبت المالك ولا تخشيت، أما علمت أن العاجلة سحاب منجاب. غاية.
تفسير: المشاء والوشاء: كثرة المال.
رجع: أعظم ربك فهو عظيم، واحقر نفسك وأنت الحقير، وما فعلت فهو حتر قليل، لا يعجبنك جم رمادٍ، وبيت مرتفع العماد، ونار دائمة الاتقاد تسطع بجبل أو وادٍ، ولا تفخرن بعقر الإبل وعبط المعزى اللجاب. غاية.
تفسير: الحتر: الشئ اليسير. وعبط المعزى: ذبحها لغير علة. واللجاب: القليلة اللبن.
رجع: مولانا أتغيرنا فتغيرت لنا، أم نزلت السخطة منك علينا، بل نحن الجرمة المسيئون؛ ما زلنا عبيد سوءٍ، ولا زلت أكرم المالكين، نكزت القلب من خوفك، فما سقى بياض بسويدٍ وامتريت بالعجل والرويد، فكان درها أبكأ من در الثرملة الخروس، وأنت على إساحة الماء قدير. وكنت أملك جزءاً في بيت حرورٍ، يمتاح ماؤه من جرور، فغار الماء بإذنك وأصبح القوم يتفكنون، والضرف غضب لمعصيتك فألقى بثمه، والمحمول على الجوازع ملاحيه ووينه، وكأن بعض الشجر عصاك فحمل، فلما قارب الكمال أو كمل، أرسلت سحاباً ذا عمدٍ حمر، ينفض على الثمر حصىً من جمدٍ، كاللؤلؤ عندك بعددٍ، ولو شئت لجعلته دراً من غيرددٍ، لقد بات بحيبة شرٍ من حاب. غاية.
تفسير: نكزت القلب: إذا غار ماؤها. وبياض هاهنا: الأرض البيضاء. وسويد: الماء. والبكئ: القليلة الدر. والثرملة: اسم الأنثى من الثعالب. والخروس: التي تلد بكرها. يتفكنون في هذا الموضع: يتندمون، وفي موضع آخر: يتعجبون. والضرف: التين، ويقال إنه ذكره. والبثم: التين قبل أن ينضج. والجوازع: الخشب التي تعرض عليها الدوالي واحدتها جازعة. والملاحي: العنب الأبيض. والوين: العنب الأسود، ويقال إنه الزبيب؛ وأنشد الأصمعي لرجلٍ من أهل السراة يصف شجرة الكرم:
ومن عجائب خلق الله غاطية ... يخرج منها ملاحي وغربيب
من غيرددٍ: من غير لعبٍ. والحيبة من قولهم: بات بحيبة شرٍ، أي بحالة شرٍ، ولا تستعمل إلا في الشر. وحاب: أثم.
رجع: ألهم اللهم غذيك ما أنت له راضٍ مختار. أما الدراهم فشرود دواهم، إذا أنفقت الدرهم ملكته، وإذا صنته أهلكته. والدينار، جمع من دينٍ ونار، والله رفع قدر الحجرين، ولو شاء لجعل أفضل منهما الصرفان. وبئس الحلة حلة كأنها غرقئ تريكةٍ أو برد هلال، حمل في ثمنها ندهة من المال، غزلت في دهر، ونسجت شهراً بعد شهر، ثم لبسها المترف، فكانت أسرع تمزقاً من غشاء ثمرة المصيف، وكفا كها من الشعر شعار، أو نظيره مما تنفضه القرار، فإن أسرفت فثوب من البرس، أو آخر من الشريع، لا تسحب ذيلها في الأرض كأن رأسك قد لحق بالسحاب. غاية.
تفسير: الصرفان: الرصاص. وغرقئ التريكة: قشر رقيق دون قشرة البيضة الأعلى. الندهة: الكثرة من المال، ذكر ذلك يعقوب في الألفاظ. وذكر في إصلاح المنطق أن الندهة: العشرون من الإبل، والمائة والمائتان من الغنم، والألفان من الصامت والشعار هو الذي يلي الجسد من الثياب. والقرار: ضرب من الضأن صغار الأجرام. والبرس. القطن. والشريع الكتان.
رجع: سلم الله عليكم أهل ديار لا يشعرون بتبلج الصبح، ولا ترجل النهار، أشتاق إليكم وإلى من أشتاق! لا الأرواح متكلمة، ولا الأجساد ملتئمة، ولا المنازل برحاب. غاية.
أعتصم بقدرة الله من غيثٍ سجم، فما أنجم، ولجمٍ عطس، وسهم شتاتٍ قرطس، وخطبٍ وطئ فوطس، وربنا يثنى الفادحات، وأعوذ بعزته من برق ارتعج، في ليلٍ أدعج وهدر الرعد وعج، وجرى سيل فتمعج، فأيقظ النائم وأزعج، وأثر في الأرض ولعج، وبكى في ضحكٍ وضحك في انتحاب. غاية.
تفسير: اللجم: دويبة توصف بالعطاس تتشاءم العرب بها. ووطس: كسر. ارتعج البرق، إذا اشتد اضطرابه.وتمعج السيل إذا سال ها هنا وها هنا. أصل اللعج: التأثير في الجلد وفي القلب؛ ومنه قيل لا عج الحب؛ ومنه قول عبد مناف بن ربعٍ الهذلى:
إذا تجاوب نوح فامتا معه ... ضرباً أليماً بسبتٍ يلعج الجلدا
رجع: ما أضيق على دنياي، من المسوفة إياي، عصتني جروة أشد العصيان، وأنت المفزع إذا بطل كل احتيال. أخطأت خطأ لا أقول معه دراك، والمتخلف مظنة من فوت الصحاب. غاية.
تفسير: جروة: النفس. ومظنة كل شئ: ما يظن به أنه يكون منه.
رجع: يا نفس العبر، هل من جائبة خبر، عن المليك الأكبر! لا تبقين على الغير، أما أصلك فقد ذهب، وأما الفرع فلا فرع لك إنما أنت كشباً، عشى ماء مطحلبا، لا عمدة لك ولا بقا، تخرجين من اللافظة خروج الضرب من إهاب الميتة، قد خبث طعمه ورائحته، وأي ذنب للدنيا إليك، إنما الذنوب كلها لك، رميت بسهام مشويةٍ لا صائب فيها ولا حاب. غاية.
تفسير: العبر: الثكل. والشبا: الطحلب. المشوية: السهام التي لا تصيب. والحابي: السهم الذي يسقط على الأرض ثم يرتفع بعد ذلك فيصيب الغرض.
رجع: سبق مدير الأفلاك، وأقيمت لعظمته الصلوات، ألا تخضعين يا خباث. بلى! وكل متكبر هجهاجٍ خشع لمالكه، وأصاخ لأوامره ذات الإمضاء في جنح الغسق وضياء الوضاح. ظفر بالفائدة من فاد، صادقاً في العبادة غير ملاذ، إنك لقليلة الحفدة والأنصار، إن لك أن تصحبى كل الإصحاب. غاية.
تفسير: فاد: مات. الملاذ: الكذاب.
رجع: يا طالبة النفأ في الأجراز عوذى بربك فهو خير معاذ، لا يمتنع منه بالنجوات. ألم يأتك خبر طامرٍ في الأخبار، أسيد لا يتلقط قرد القمام، يحتسي الدم وهو له حلال، والله أذن له بدلك الغذاء، يوقظ النائم ويروع اليقظان، ويظهر في المرتبع ويغيب في شيبان، وذلك بقدرة الوحيد الديان، يشهد أن من عاند ربه قد خاب. غاية.
تفسير: النفأ: قطع النبات. والجرز. التي لا نبت فيها، وقيل هي التي لم تمطر. طامر بن طامر: البرغوث. ويقال ذلك للرجل الذي لا يعرف. أسيد: تصغير أسود، والأصل فيه أسيود، ولكنهم قلبوا الواو ياء كما قلبوها في ميتٍ وجيدٍ وغير ذلك. وقرد القمام: قطع الصوف في الكناسة؛ وهذا نقيض قول الفرزدق:
سيبلغهن وحي القول عني ... ويدخل رأسه تحت القرام
أسيد ذو خريطةٍ ضئيل ... من المتلقطى قرد القمام
وشيبان: كانون الأول. وملحان: كانون الثاني، وهما الأشهبان.
رجع: أحسبه يعبد ربه وقت المصطبح والأغتباق، ولعل للمحتقرات، عبادةً ليست للمتكبرات؛ يمر بمواقع التقبيل من الفتاة، وأميرها الغيور شاهد فلا يغار، وذلك بالهام الذي رفعٍ كيوان. فسبحان واهب الحواس، كم بات بين الكاعب وبين الشعار يرتع من جسدها حيث شاء، لا تظن به الفاحشة ولا يستراب، يحسب من فتات المسك لولا الحركات، إذا مر بالحلى وقد خصر أضعفه برد السوار، ويحفظ عليه القوة وهج العنبر والإناب. غاية.
وبإلهنا أقرت المصنوعات. سغب طامر فكثر أذاه، واضطرب كغيره في طلب الأرزاق، لا يهاب الرجل وهو مثله ألوف مرارٍ، ودمه إذا نيل جبار، وهو طاهر لا يدنس الأثواب، يصلي فيه الناسك فلا يفسد عليه الصلاة، وبذلك حكم رافع السموات، وإنه على الشجاعة ليحب البقاء ويهرب إذا التمسه البنان. فإذا أدرك حاجته من الرزق تختر وأمكن القناص، وإفراط الشبع آفة على كل حيوان. وربما ظن الطان أنه قتله، فاذا أرسله تحرك بنسيس الحياة، عز ربنا خلقه من ترابٍ مهجور، فولج بين ترائب وسخاب. غاية.
تفسير: تختر: إذا استرخى من الشبع. مهجور: من الهجر.
رجع: برئ الصادق المتصدق، من كل عمل يوبق، جامع ملك لا يفترق، كاد الأسك يحترق، في جمرٍ من الذهب خابٍ. غاية.
ما ألطف قدرة الله تجد الأصلم وقرينه مجتمعين ولأمرٍ ما يجتمعان، أحدهما ضؤول وبؤول، والآخر عفا عني الله وعنك، إني وإياك لأخوا أذرابٍ. غاية.
تفسير: إكراء الظل: نقصه وقصوره. وكرى الزادٍ: فناؤه. التلو: التابع، ويستعمل في الفلو كثيراً. وأثفه: اتباعه. والاوق: الثقل. وجم قضمه: إذا كرهه ولم يأكله. النس: السوق. غريبة الابل: التي ترد الحوض وليست لأهله فيد فعونها عنه: الدندن: اليبيس إذا مضي له عامان أو ثلاثة. الجود: الجوع. والجؤاد: العطش. والأذراب: العيوب رجع: ربنا الموفق لجميع السداد، يا ظالمة ألا تنصفين، لو كان لي وقير فيه الحبشة الرعيان، أعبط كل يومٍ ما اخترت من الفرار فجاء خرص في الليل الدامس لا يأمل العدة، ويكنى أبا جعدة، وراءه عيال لا عهد لهم بالقوت منذ أيام، فاختلس فريراً أعجف، لساءنى ذاك، وغدوت بالملامة على ولاة الزراب. غاية.
تفسير: الوقير: قطيع الغنم. وقال أبو عبيدة لا يكون وقيراً حتى يكون فيه الراعي وحمار يحمل رحله أو كراز، وهو كبش يحمل عليه رحله. وقال غيره: الوقير شاء الأمصار؛ قال الشماخ:
فأورد هن تقريباً وشداً ... موارد لم يدمنها الوقير
وقال أبو عمر والشيباني: الوقيرة بالهاء: قطيع الظباء؛ وأنشد:
كأن سليمى ظبية في وقيرةٍ ... أو الشمس لاحت من خصاص غمام
وواحدة الخصاص خصاصة وهي الفرجة.
رجع: من كان حلمه رزيناً، وجد ما عمر كئيباً حزيناً. يا ابن آدم إذا أصبحت آمناً في سربك، عزيزاً في رهطك ومعشرك، وغبطك صديقك أو ابن عمك، ورأيت النماء في مالك وولدك، نماءً يوجب عظيم بهجتك، فأنب عند ذلك إلى ربك، واصفق بيدك، على يدك، وابك على نفسك بدموعٍ أسراب. غاية.
إن شاء الملك قرب النازح وطواه، حتى يطوف الرجل في الليلة الدانية بياض الشفق من حمرة الفجر طوفه بالكعبة حول قافٍ، ثم يؤوب إلى فراشه، والليلة ما همت بالإسحار، ويسلم بمكة فيسمعه أخوه بالشام، ويأخذ الجمرة من تهامة فيوقد بها ناره في يبرين وقاصية الرمال، ويجاز بأكيلته في قصور فرغان فيعتصر بماء المضنونة أو جرابٍ. غاية.
تفسير: يجاز: يغص والأكيلة: اللقمة. فرغان بالتحريك: المعروفة بفرغانة؛ ومنه قول الفرزذق:
ومنا الذي سل الجياد وشاملها ... عشية باب القصر من فرغان
ويعتصر: يستغيث وينتصر. وهو من العصرة: أي الملجإ. وقال عدي ابن زيد:
لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصارى
والمضنونة: من أسماء زمزم. وجراب: اسم موضعٍ فيه ماء؛ ومنه قول كثير:
سقى الله أمواهاً عرفت مكانها ... جراباً وملكوماً وبذر والغمرا
ثعلب ينشده بالباء، وهي الرواية الكثيرة، والمبرد ينشده جراداً بالدال.
رجع: أعني مولاي على الهبوط والارتقاء، لا أنازع شريبى في الماء، ولا أفتخر بتشييد المشارب، ولا أغترس ذوات الشربات، ظهرى تحت الأوق وعنقي في الإشراب. غاية.
تفسير: المشربة: الغرفة. والشربات: جمع شربةٍ وهو حويض يجعل تحت النخلة ويصب فيه الماء. الأوق: الثقل. الإشراب. مصدر أشربت البعير إذا جعلت في عنقه حبلا. وأنشد لبعض اللصوص وذكر إبلاً خربها:
وأشربتها الأقران حتى وقفتها ... بقرحٍ وقد ألقين كل جنين
وقرح: وادي القرى.
رجع: لو نقلت مياه اللجج على منكبي في قدافٍ، وأفرغته على مناكب الجبال، وجررت كثبان الأرض وصرائمها في جرٍ أو مشآةٍ، فألقيتها في الخضر الدائمات حفداً لله كنت أحد العجزة المقصرين، ولو أذن لي وأيدت فابتنيت مراهص من الثرى الأسفل إلى الثريا وحضار، ومن الوتد المتخذ من عودٍ، إلى ساحة وتد السعود، لم أؤد ما يوجبه جلال الله، فكيف وأنا أقصر الصلاة، وأدانى بين الركعات! ويحي أيها الرجل مما صربت الصراب! غاية.
تفسير القداف: الجرة. والجر الزبيل. وقد يقال للجرة جر أيضاً. والمشآة: زبيل من أدمٍ. والجر الذي تعرفه العامة من الفخار، فهو فارسى معرب، وقد تكلموا به قديماً. الخضر الدائمات: اللجج الواقفة. والحفد السرعة في الخدمة. والمراهص: المراتب. وصربت الصراب: جمعت الجماع.
رجع: لو كانت المفاتشة مع غير عالم المستودعات، لتمنيت أن تلقى إلى صحيفة العمل فأضرب على ما ضمنته رجاة الإضراب. غاية.
إتق الله فإنه جعلك عبد واحدٍ، فلا تكن عبد جميع، تنصب وتجهد، ولا يرضى منهم أحد. فاز بالخريص، غير الحريص. ما لم تنله بجدك لم تنله بطعانٍ وضراب. غاية.
لقد علمت والله عليم أن خالق العذراوين: ربة السجوف، والطالعة عند هبوب الهوف، لا يمتنع عليه أن يجعل العتيل يبصق، على قصار النخل فيبسق، وأن يكون الريق راحاً، والشفاه بإذنه عقيقا، والثغر حببا أو جماناً، ولو آثر كانت ثنية الفم، ثنية العلم، والشفة الساترة للثة، شفاً يستر مؤنثةً، والسن المعينة للدافع سغباً، سنا يقدم صواراً، أو ينبع ربرباً، وأرحاء المآ كل أرحاء كراكر تقع عليها في الصبح رزاح، وربنا المفرق بين الأشكال، شتان العرض كعتيرة دارين مادرن قط بمقال، وآخر كعتيرة الظفر أتت عليها أيام، فأطرب للخير مع الطراب. غاية.
تفسير: العذراء: يقال إنها السنبلة، وقيل إنها نجم في السنبلة. والعتيل مثل الأجير. والسن: الثور الوحشي إذا أسن. وكراكر الإبل يقال لها الأرحاء. والعتيرة: فأرة المسك لأنها تعتر أي تذبح. وعتيرة الظفر: التي تذبح بالظفر فلا يحل أكلها.
رجع: كل شعرةٍ في الجسد لها شعار تنفرد به من التسبيح؛ فليتني دعوت الله مع كل داع، وبكيت على ذنبي مراسلاً لكل باك: للفاقدة حميمها من الإنس ولحماء العلاطين مطراب. غاية.
تفسير: الشعار: ما يقوله الانسان ليعرف به نفسه في الحرب، وهو من إشعار البدنة؛ وأصل ذلك من شعر بالشئ. إذا علم به. والعلاطان: طوقا الحمامة.
رجع: أيها الجامح لا يغنيك الجماح، ألمالك أضبط لك من عائشة لما وقع في النزوع، جل عن التشبيه والقياس؛ في لجامك أظراب كالظراب. غاية.
تفسير: عائشة بن عثمٍ من بني تميم، ذكره ابن حبيب في كتاب أفعل، وزعم أن العرب تضرب به المثل، فتقول: أضبط من عائشة بن عثمٍ؛ وذلك أنه أورد إبله بئراً فازدحمت عليها فوقعت فيها بكرة فأدركها فأخذ بذنبها ورفعها. والنزوع: البئر التي ينزع منها بالرشاء. الأظراب: العقد في حديدة اللحام. وأنشد ابن الأعرابي:
ومقطع حلق الرحالة سابح ... بادٍ نواجذه على الأظراب
رجع: ثق بالله المكين، واعلم أن كل ملكٍ ركين، يحسب عنده من المساكين. لا يروعنك طائر باض، ومشى في إباض، فأمسى قلبك له ذا انقباض؛ التفت بمنقاش، فهو لريشه قاش. سيان الآهلة والمغتربة، والمعدمة والمتربة، كل نفس بالموت حربة، أدموعك تلك السربة، وإنما هي الأغربة؛ لا اللبيبة ولا الأربة، تقف على غوارب الرذيات، وهي لغربان الطلح مؤذيات، وتردى في المنازل رديان الخيل العراب. غاية.
تفسير: الإباض: ضرب من العقل. أصل القشو القشر. والمعنى أنه ينتف ريشه. الرذية: المعيية التي قد أنضاها السير. والطلح: المعييات. والغربان: جمع غرابٍ، وهو أعلى الورك؛ قال الراجز:
يا عجبا للعجب العجاب ... خمسة غربانٍ على غراب
الرديان: عدو فيه ترجيم للأرض بالحوافر.
رجع: أفلح غرب، غروب عينيه تنسرب، إذا ذكرت الفاحشة قال اغرب، يشهد له مشرق ومغرب، أن شأوه في الطاعة مغرب، لا يحفل بشحيج الغراب. غاية.
تفسير: الغرب: مثل الغريب. قال طهمان بن عمرو الكلابي:
وما كان غض الطرف منا سجيةً ... ولكننا في مذحجٍ غربان
شأو مغرب أي بعيد.
رجع: علم ربنا ما علم، أنى ألفت الكلم، آمل رضاه المسلم، وأتقى سخطه المؤلم، فهب لى ما أبلغ به رضاك من الكلم والمعاني الغراب. غاية.
ماتصنع أيها الإنسان، بالسنان، إنك لمغتر بالغرار. كفت المنية ثائراً ما أراد. ليت قناتك بسيف عمان، وحسامك ما ولج حديده النار، وريش سهامك في أجنحة نسور الإيار؛ ليستيقظ جفنك في تقوى الله ويهجع نصلك في القراب. غاية.
مالك عن الصلاة وانياً، قم إن كنت ممانياً، فشم البارق يمانيا، سار لتهامة مدانيا، يجتذب عارضاً سانيا، سبح لربه عانيا، وهطل بإذنه سبعاً أو ثمانيا، واقترب وهو لماع الأقراب. غاية.
تفسير: المماني من الماناة وهي الانتظار والمماطلة. والساني: الساقي.لماع الأقراب: أي تلمع البروق في جوانبه.
رجع: فاز من رضي فعله مولاه؛ رب مستعصي القوس على سواه، يعسل رمحه في يداه، خضب سيفه وظباه، شهد المحذورة ليظفر بعداه، فعاد بسنان في اللبة ومشقصٍ في الأوراب. غاية.
تفسير: يداه على لغة بلحرث بن كعب. قال هوبر الحارثي:
ألا هل أتى التيم بن عبد مناةٍ ... على الشنء فيما بيننا ابن تميم
بمصرعنا النعمان يوم تألبت ... علينا جموع من شظى وصميم
تزود منا بين أذناه ضربةً ... دعته إلى هابى التراب عقيم
أهل العلم يروون في هذا البيت مناة بغير مدٍ على الزحاف، إلا أبا عبيد فإنه يرويها بالمد، وزعموا أنهم رأوها بخطه ممدودةً.
المحذورة: من أسماء الحرب. والأوراب: الفروج التي بين الضلوع.
رجع: سبحان خالق العكر متين: عكرمة بن أبي جهل، والنادبة لفقد الأهل، وعز منشئ السراوات: سراء في الروع، وأخرى تحمل على كاثبة المروع، وثالثةٍ تضج في الربوع، فاسرب في الطاعة فانما الدنيا كالسراب. غاية.
تفسير: العكرمة: الحمامة. سراء في الروع: سرور القلب. والسراء الثانية القناة الجوفاء. والكاثبة: موضع يد الفارس بالرمح من الفرس، وتستعمل في الانسان أيضاً. والسراء الثالثة أنثى الأسر وهو داء يصيب البعير في صدره فيتجافى مبركه؛ يقال أصابه سرر، فالبعير أسر والناقة سراء. السارب قال أبو عبيدة: هو الذي يسير بالنهار خاصةً.
رجع: من نور إلهنا خلقت الأنوار، ألا تبين اللمح، بأعلى السفح، أوقد لقيل، والريح بليل بليلٍ، كسنان السمراء، للمصطفاة تشبها سمراء، كأنها قناة تسعدها على ذلك فتيات، سبح شرارها والجمرات، ودواخنها ذات السورات، بل راكبة شناخيب كأنها أعقاب اليعاقيب، لا حت للعارف، كأعراف العتارف، نارها من الشحط كعين العترفان، مجدت ربك بغير الوراب. غاية.
تفسير: البليل: الريح الباردة، والاشتقاق يدل على أنها التي معها مطر. السورة ها هنا: الارتفاع والوثوب. الوراب: المداجاة.
رجع: سبق المذهب وأحضر الوجيه بقضاء الله عليك إلى يوم الدين، وإحصاب فرس العبسي جروة، ومقلة العامري حذفة، وعنق الحمالة وإمجاج بذوة، وثعلبية القسامة، وجبب الخنثى تحت عمرٍو، وإلهاب الشماء بأخى صخرٍ، وركض السلمى حلوى في النفر، دلائل أن الله قدير، وكذلك هراوة الأعزاب. غاية.
تفسير: المذهب: فرس كان لغنيٍ. والوجيه: فرس معروف. والإحصاب: ضرب من العدو، ويقال إنه أخذ من إثارة الحصباء لشدة العدو. وجروة: فرس شدادٍ أبي عنترة. وحذفة: فرس كانت لرجل من بني كلابٍ، ويقال إنه عامر بن مالك بن جعفرٍ، وهو أبو براءٍ. والحمالة أيضاً: فرس معروفة. والإمجاج: أول العدو. وبذوة: فرس لبني ضبة. والثعلبية: التقريب الأدنى، والتقريب الأعلى هو الإرخاء. والقسامة: فرس معروفة. والخنثى: فرس عمرو بن عمرو بن عدس بن زيد ابن عبد الله من دارمٍ. والإلهاب: مأخوذ من إلهاب النار وهو عدو شديد. والشماء: فرس معاوية بن عمرو بن الشريد. وجلوى: فرس خفاف بن ندبة السلمى. وهراوة الأعزاب: فرس قديمة في الجاهلية ونسبت إلى الأعزاب، يقال إنها كانت مربوطةً في بيتٍ، فكل من أراد الصيد من الأعزاب ركبها.
رجع: أستغفرك فائت الملاة، لا أكره قبراً بفلاةٍ، كأن ركبها قلات تلعب بهم مقلاة، لا تنبت بها ألالاة، وبها تميل الطلاة، تضبح لدى الهامة ويغرد الحنزاب. غاية.
تفسير: الملاة جمع مالٍ، وهو المجتهد في السير والعدو. القلات: جمع قلةٍ وهي القفس وقد مضى ذكرها. والمقلاة: المرأة التي لا يعيش لها ولد. والألالاة: واحدة الألالى وهو شجر تزعم العرب أن الجن تسكن تحته. والطلاة: واحدة الطلى مثل الطلية وهي صفحة العنق. والحنزاب هاهنا: ذكر القطا، وفي غير هذا الموضع: الديك والجزر البري.
رجع: وهو عانٍ لك وسمياه، ثابت بين الجدر، ونابت عند الفدر، جار للنشم والشوع، فرأفتك مجيب المضطرين. ليتني خلقت غفراً، لا أملك من الدنيا وفراً؛ أو هقلا، لا أحمل على نفسي ثقلاً، تارة مخوداً وتارة مرقلاً، أستثقل ما حملت الدهيم وأنا لمثله زابٍ. غاية.
تفسير: الفدر: جمع فدور وهو المسن من الأوعال، والجزر البري ينبت عندها في الجبال. النشم: ضرب من الشجر تعمل منه القسى. والشوع: البان. الغفر: ولد الأورية. والهقل: ذكر النعام، والأنثى هقلة؛ ويقال المراد بالهقل الفتي وقيل الصغير الرأس. والدهيم: ناقة عمرو بن الزبان قتل بنوه وحملت رءوسهم عليها، فضربت بها العرب المثل فقالوا: " أثقل من حمل الدهيم " . والزابي: الحامل، يقال زبيت الحمل إذا حملته.
رجع: أحسن اللهم إلى مسيء، إن الداهية العباقية، نفس ليست بباقيةٍ، لا تزال جاذبةً، تصنع رباذية، ولا تنفك من حسدٍ هواهية، أو علجٍ حزابٍ. غاية.
تفسير: العباقية: من أوصاف الداهية وهي التي تعبق بالإنسان أي تلازمه. الجاذية مثل الجاثية. والرباذية: الشر. والهواهية: الجبان. وحزابٍ: مثل حزابيةٍ فاذا أدخلت عليه الألف واللام أثبت الياء مثل رباعٍ ورباعيةٍ وهو الغليظ، وأكثر ما يستعمل في حمير الوحش؛ يقال: حمار حزابٍ وخزابية؛ وقل ما يستعمل في الإناث؛ قال النابغة يصف حماراً وحشياً:
أقب كعقد الأندرى معقربٍ ... حزابية قد كدحته المساحل
ورباع: للذكر خاصةً، ورباعية: للأنثى خاصةً. وعقد الأندرى: بناؤه. والأندرى: منسوب إلى الأندرين لأنهم كانوا أصحاب بناء وقناطر.
رجع: الملك لك غالب الغالبين، لو شئت لجعلتني راعي فرق أرقب ثرته والعزوز، وأميز الشطور والثلوث؛ أو صاحب هجمةٍ أتلكد بها أنوف الكلأ همتي في المنغرة والمخزاب. غاية.
تفسير: الثرة: الواسعة أحاليل الضرع وهي مجاري اللبن. والعزوز: الضيقتها. والشطور: التي قد عطب أحد شطريها. والشطر: الضرع؛ ومنه قولهم: حلبت الدهر أشطره. والثلوث من الإبل: التي قد عطب ثلاثة أخلافٍ من أخلافها. ويقال تلكد الرياض إذا تتبعها. وأنف الكلأ: أوله. والمنغرة: التي يخرج في لبنها حمرة نحو الدم، يقال: منغرة وممغرة بالنون والميم. والمخزاب: التي أصاب ضرعها الخزب، وهو داء تضيق منه أحاليل الضرع ويرم.
رجع: ليس إلا تمجيد الله! شغل عن قيد الأوابد امرؤ القيس، وعن مية زياد، وشده لبيد عن كساب. غاية.
تفسير: قيد الأوابد: فرس امرئ القيس. وزياد: النابغة. وكساب: الكلبة التي ذكرها لبيد في قوله:
قتقربت منها كساب فضرجت ... بدمٍ وغودر في المكر سحامها.
رجع: أنتسب فأجد أقرب آبائي كآدم، وأقرب أمهاتي كحواء، وكل العظة في انتساب. غاية.
موت كمدٍ، خير من سؤال مجمد، والله أكرم الأكرمين، ورضاع لوعٍ، ولا انتصار بهلوعٍ، والله ناصر المستضعفين. ولقاء فهر، أسهل من لقاء مكفهر، والحكمة لباعث الأولين. وحجر أبانٍ، أمنع لك من حجرة الجبان، والله العزيز. والندم، بعد إراقة الدم، كردك أمس، أو عقدك حبال الشمس، والله القادر على كل بعيد. وسعف النخيل، خير من إسعاف البخيل، والله مخول الجائدين. ورعى الرخال، أكرم من الحاجة إلى عمٍ أو خال، والله رازق المتكلين. ورأي المرة، أنفع من رأي الإمرة، والله موفق المصيبين. واليرمعة، اقل أذيةً من الإمعة، وربنا كافى الغافلين. والبخت، كأنه نهار أو فخت، لا بد له من انقضابٍ. غاية.
تفسير: اللوع: سواد حلمة الضرع. والهلوع: الجبان وقد فسر قوله تعالى: " إن الإنسان خلق هلوعاً " على الجبن وعلى البخل. وأصل الهلع: شدة الفزع، فإذا قيل للبخيل هلوع، فإنما يراد أنه يفزع من إعطاء المال. وحجر أبانٍ: ما حوله مشبه بحجر الإنسان. والحجرة: الناحية. والامرة هاهنا: الذي يطيع كل أحدٍ، يقال للرجل هو إمر وإمرة. واليرمعة: الحجر. والإمعة: الذي يقول لكل رجلٍ أنا معك. والانقضاب: الانقطاع.
رجع: من تسبيح الله رغاء عقيرة قدارٍ، وحنين القصواء، ناقة محمدٍ عليه السلام، وصريف الزباء بأبي دوادٍ، وأطيط المرانة وعجلى ناقتي حميدٍ وتميمٍ، وزفير صيدح وأطلال: مطيتي غيلان، وتسجار بروع والعفاس في حوم عبيدٍ، وبغام الجؤذر عند عصمة، والبغيلة في ملك جميل، والبشير في ذودٍ أو نصاب. غاية.
تفسير: الزباء: ناقة أبي دواد الايادي. والمرانة: ناقة تميم بن أبي ابن مقبلٍ العجلاني. وعجلى: ناقة حميد بن ثور الهلالي. والتسجار: الحنين. وبروع والعفاس: ناقتان كانتا لعبيدٍ الراعي النميري ذكرهما في قوله:
إذا استأخرت منها عجاساء جلة ... بمحنيةٍ أشلى العفاس وبروعا
والجؤذر: ناقة عصمة بن مالكٍ راوية ذي الرمة. والبغيلة: ناقة جميلٍ. والبشير: ناقة معروفة.
رجع: إياك أن تعبق، بأم زنبق؛ فإن حبابها حباب الرملة، وقدحها قدح الخيبة، وزبدها زبد الهلكة، وخرسها المطلي بالقار، خرس الحكمة والوقار، فكن غير ثملٍ وغير سابٍ. غاية.
تفسير: أم زنبق: من أسماء الخمر. ويقال إنه أول ما يسيل منها. والحباب: ضرب من الحيات. الزبد: العطاء. وقدح الخيبة: أحد الثلاثة من القداح التي لا تفوز وهي السفيح، والمنيح، والوغد. والخرس: الدن. والسابي: الذي يشتري الخمر، وأصله الهمز.
رجع: عجبت وفي القدرة عجب، فوحد الله فيمن وحد، لدابةٍ لا رجل لها ولا يد، إذا غفل عن الجسد من كان له يتعهد، نشأت من الإهاب، فإذا ظفر بها البائس جعلها بين ظفريه، فأسمع أذنه لها صوتاً، أف لها عقيرة، وأف له طالب ثارٍ، إن الله لصفوح وهاب. غاية.
لو تركها البائس لنشأ لها أخوات، فكثرن كثرة النبات، فأو قعن البشرة في التهابٍ. غاية.
سبحان خالق النسمة، الباكية والمبتسمة. ما تقول غبراء مترنمة، هي بالتسبيح مهينمة، تستتر في الأوقات الشبمة، وتبرز أو ان الغتمة، القسمة بها موسمة، تنفذها بمولمة، أحد من غروب السلمة، توقظ المؤمن إلى الحسنات الجمة، والكافر لغير مكرمة، أمجوسية هي أم مسلمة؛ أما القراءة فزمزمة، ليست عن الدم بملجمة، بل من الأمم المتقدمة، لا ترى اجتناب النشمة، وتقنع بفصيد السنمة، قينة غير معلمة تجيبها ألف رنمة، لا يفهم عنهن الفهمة، لو جاءت كل واحدةٍ بكلمة، أوفين على نظام النظمة، تقع على الخادر بالأجمة، بين القصرة والجمجمة، إنها لمتهجمة، كأنها في القصب تراسل القصاب. غاية.
تفسير: الهينمة: الكلام الخفي. والغتمة: شدة الحر وسكون الريح. والقسمة: الوجه، عن الفراء. وقال الأصمعي: القسمة: مجاري الدمع. وقال أبو عبيدة. القسمة: أعالي الوجه. والسلمة: شجرة لها شوك. ليست عن الدم بملجمةٍ: معناه أنها من الجاهلية لأن فيهم من كان يستحل الدم وشربه. والنشمة الجيفة المتغيرة الرائحة. بقصيد السنمة: أي إنها تفصدها وتشرب من دمها. والقصب: الأجمة. والقصاب: الزمرة.
رجع: المغفرة إن شاء الله لا مرئ بيده المسمد وفعال المسحاة، يحتز مضاجع الهلكة باحتسابٍ. غاية.
تفسير: المسمد: الزبيل. ويقال زنبيل بكسر الزاي. وفعال المسحاة: هراوتها، حكى ذلك ابن الأعرابي وأنشد:
فباتت وهي جانحة يداها ... جنوح الهبرقي على الفعال
الهبرقي: الحداد.
رجع: ظهر الأمل، أقوى من ظهر الجمل؛ هزل رجل بازله، وهزل الأمل هازله، وعند الله مفاتح الأمور. طاقتك، خير من ناقتك، ومعونة الله وراءك، سعت النملة، على الرملة، فكان أثرها أبين من آثار العواذل، في اللب المتخاذل؛ فاتق الله ولا تخالط الأوشاب. غاية.
تفسير: يقال هزل وأهزل، وهزل أفصح. والأوشاب: الأخلاط من الناس.
رجع: لا كنت كغويٍ ضعيفٍ في الباطل قوى، قد أدبر إدبار اللوي، واكتهل في المعصية وشاب. غاية.
أملك من شداد بن عادٍ ساعة تفتقر الأملاك، رجل اشترى كراً وقصد منابت الشجر محتطبا، فرجع بالعضد متكسباً، فأحل في المكسب وأطاب. غاية.
نصب كافر وأنصب أورد إبله فأقصب، كان غير مصيب، ماله في الخيرات من نصيب، فلتبعد عبدة الأنصاب. غاية.
تفسير: أقصب: إذا أورد إبله الماء فقطعت الشرب من قبل أن تروى. والبعير قاصب، وصاحبه مقصب.
رجع: أمر لا يضرك الجهل به ولا يسألك عنه مولاك، قولك: أخوك والزيدان، أين منهما حرف الإعراب. غاية.
تفسير: رأى سيبويه أن الألف في قولك الزيدان هي حرف الإعراب. وقال أبو عمر الجرمي: الألف حرف الإعراب وانقلابها هو الإعراب. وقال الأخفش سعيد: الألف دليل على الأعراب. وكذلك الاختلاف في واو أخوك، وياء الزيدين.
رجع: لا يسخط عليك الله والملكان، إذا لم تدر لم ضمت تاء المتكلم وفتحت تاء الخطاب. غاية.
تفسير: يزعمون أن تاء المتكلم خصت بالضم لأن أكثر ما يخبر الانسان عن نفسه فأعطيت التاء أقوى الحركات. وقيل: الضم من الشفة لأنه من الواو، وأول ما يخبر الرجل عن نفسه، فحمل الأول على الأول. ولما حصلت الضمة في تاء المتكلم لم يكن بد من الفرق، فآثروا المخاطب المذكر بفتح التاء لأن المؤنث أولى بالكسر.
رجع: لم أر كالدنيا عجوزاً قد أشتهر خبرها بقتل الأوزواج، وهي على ما اشتهر كثيرة الخطاب. غاية.
أيها الشاكي البث، والسائل غروب الجفن، إن سلم دينك فأهون بالمصاب. غاية.
من يسمع يخل، ومن يطل أمله يبخل، ومن يكثر ماله يتنحل غفرانك ذا إحساب وحسابٍ: غاية.
تفسير: الإحساب: من قولهم: أعطاه حتى يقول حسبي.
رجع: أنت المتوحد بالعظمة والانسان يحتل، وأمله لا يعتل، يكثر النوس، وتصير قناة الظهر كأنها قوس، وتقع به سهام الدهر، فيثقل السمع ويتحات الفم، ويأخذ الأمد بالخطو القصير، وما بالأمل ظبظاب. غاية.
تفسير: النوس: الاضطراب، ومنه اشتقاق ذي نواسٍ الحميري وأبي نواسٍ الشاعر. وظبظاب: كلمة لا تستعمل إلا في النفي؛ يقال: ما به ظبظاب: أي ما به داء. وعن ابن الأعرابي أن الظبظاب: بثر بيض تخرج في وجوه الأحداث رجع: خبرك عند ربك، إذا استعجمت الأخبار. أداك نصب إلى وصب، وربك مصح الأجسام، وهجم بك الثمل، على طول الأمل، وربنا قاضى الحاج؛ والجملة أن الأمل صحيح، والجسد كثير الأوصاب. غاية.
تفسير: الثمل: السكر. والوصب: المرض الدائم.
رجع: أبصر آدم القمر، وطلعت عليه الشمس، ففني وبنوه، وبقيا على ممر الأحقاب. غاية.
تفسير: الأحقاب: واحدها حقب، واختلف فيه، فقيل ثمانون سنة، وقيل ثلاثون سنة وغير ذلك، وإذا دخلته الهاء كسرت الحاء فقيل حقبة.
رجع: ثبتت أمانة ربنا في الأعناق، فالمرء بها مطالب، وإن السيوف جذت الرقاب. غاية.
أذكر ربك والسيف خضيب والرمح دامٍ، واخشى عقوبته وارج عقباه، وأنت بجريعة الذقن والأسنة نطاق لك، وامتر تفضله إذا الجبهة مريت بالأعقاب. غاية.
تفسير: جريعة الذقن: آخر النفس. والجبهة: الخيل. ومريت: استخرج ما عندها من الجرى.
رجع: مجد الإله وأنت ولهان، وفي ترائبك منسر نسرٍ أو خرطوم عقاب غاية.
تفسير: يقال منسر ومنسر: وهو منقار الصائد من الطير. ويقال للقطعة من الخيل ما بين الثلاثين إلى الأربعين منسر أيضاً ومنسر. وخرطوم العقاب: يريد منقارها؛ قال جران العود:
عقاب عقنباة كأن وظيفها ... وخرطومها الأعلى بنارٍ ملوح
رجع: العقبان تمجد الله: راية الخميس، والمنقضة على مقتنصٍ رئيسٍ، والمعترضة في طى ضريس، وأخرى في الاذن تدعى المعقاب. غاية.
تفسير: رئيس: في معنى مرءوس أي تضرب رأسه، والمعترضة في طى ضريس: حجر يخرج من طي البئر، يقال لها العقاب. والضريس: البئر المطوية بالحجارة. ويقال لخيط القرط: العقاب والمعقاب.
رجع: أغنني رب برحمتك عن الاعمال، كما استغنى البدر عن الكواكب، والبحر عن الثغاب. غاية.
تفسير: الثغاب: جمع ثغبٍ وثغبٍ وهو الغدير، وقال قوم: لا يقال له ثغب إلا وهو غلظٍ من الأرض.
رجع: الحياء من الله كرم، ومن الناس ضعف وخور، لا يستر وجه الرجل عن الله لثام، ولا وجه المرأة نقاب. غاية.
إن الشمس لقديمة المولد، والله العالم، أمن الكبر مجت اللعاب. غاية.
ليتنى سبحت الله مع الرعد القاصف، والبرق اللاصف، والهبوب العاصف، والحمام الهاتف، على الغصنة الرطاب. غاية.
ألا أدلك على أخلاق إذا فعلتها أطعت الله وأحبك الناس، وبر بنا اهتدى كل دليل؟ أسكت ما استطعت إلا عن ذكر الله، فاذا نطقت فلا تصدق الكاذب، ولا تكذب الصادقين. واعلم أن الفقراء بطعامك أحق من الاغنياء، ولا تلم على شئ كان بقضاء الله، ولا تهزأن بأحدٍ، ولا ترمع الهازلين، ولا تؤازر الظالم، ولا تجالس المغتاب. غاية.
أتعقلين يا أم العزهل أم لا تعقلين؟ أما الله فتسبحين، وأما الوكر فتصلحين، أطوقك أحب إليك أم طوق الكعاب. غاية.
إستعن بذكر الله أيها اللسان، وشفتاك في بطنى طائرين، وأنت تنتظر أن يمتلخك ثالث، فذكر الله من السعادة، وأنا تحت ساعدي ليث الغاب. غاية.
أومئ بمسبحتك إلى السماء تستعين الله، وإبهامك تصد عنك الطير السغاب. غاية.
لا يثنك الوهل من المخلوقين عن ذكر الله، فازجر نفسك عن السيئة، والخيل تزجر بهلٍ وهاب. غاية.
في الحق من الذهب ثلاث خلالٍ: حسنة، وثقله، وبقاؤه على الأبد بغير تغيير؛ إلا أن الذهب كثير الراغب، والحق قليل الراغبين، والدنيا زائلة ولو جادتك الذهاب ذهباً يقتسم بالأذهاب. غاية.
تفسير: الذهاب: الأمطار. والأذهاب: جمع ذهبٍ وهو مكيال معروف.
رجع: سل كندة عن آكل المرار، وفزارة عن آل بدر، واستخبر في حمير عن ذي نواسٍ، وقل يا دارم أين زرارة، ويا حنظلة ما فعل آل شهابٍ. غاية.
في وطابك الخامط والسامط، والهدبد والضريب، وأنت قادر على القوهة والصريف، وغيرك عيمان إلى الشهاب. غاية.
تفسير: الخامط: الذي قد تغيرت رائحته من اللبن. والسامط: الذي قد تغير طعمه. والهدبد: اللبن الغليظ. والضريب: لبن يحلب بعضه على يعضٍ يوماً بعد يومٍ. والقوهة: اللبن الحلو الذي لم يتغير. والصريف: الذي ينصرف به عن الضرع وهو حار. والشهاب: لبن يكثر مزجه أكثر من السمار.
رجع:جهراً، فقد جعلته لى ذخراً، إذا شقت الصيحة عنى قبرا وقمت عارياً من الخرق، أنسل مع الناس من الحداب. غاية.
تفسير: أنسل: أمشى مشياً سريعاً، وهو من مشى الذئب. وقد يستعمل في مشى الناس؛ قال الراجز:
أعاشنى بعدك وادٍ مبقل ... آكل من حوذانه وأنسل
والحداب: جمع حدبٍ وهو الغلظ من الأرض، ويقال الطريق في الغلظ. ويقال الأكمة؛ وعلى ذلك ينشد قول جميلٍ:
منحت بلادها النظرات حتى ... تضمن ردها حدب وقور
رجع: كذبت النحاة أنها تعلم لم رفع الفاعل ونصب المفعول، إنما القوم مرجمون، والعلم لعالم الغيوب خالق الأدب والأداب. غاية.
أنت وارث العلوم، وإليك ضويت الأمور، لو عاش الدؤلي حتى يسمع كلام الفارسى في الحجة، ما فهمه فيما أحسب إلا فهم الأمة هدير السنداب. غاية.
تفسير: ضويت: جمعت، والسنداب: الجمل الغليظ الشديد.
رجع: أنت رب الملك والصعلوك، ليس غيرك إله وحدك، وحدك بلا شريك. إخبأ كلماتي الطيبات في خزائن رحمتك لأستنجد بها وأنا مسلم؛ لا أومئ ولا أتكلم، والجسد كالعود القطيل قد حمل على أسرة الهالكين، فأودع الارض وكفت، وقدم العهد عليه فرفت، ونسيت فلا يمر اسمي بأفواه الذاكرين، لا يبلغني مدح المادح ولا مقال الجداب. غاية.
تفسير: العود القطيل: المقطوع. وكفت: ضم. فرقت: ينفت باليد من البلى. الجداب: جمع جادب وهو العائب.
رجع: أوصيكم إن نفعت الوصاة، إذا أشفيت على مورد جرهم وعادٍ ألا يلج على آسٍ ولا يكثر حولي العواد، ولا تبكين عندي باكية، ولا يحس ناد بي في النداب. غاية.
ما أقدرك على جمع المتفرقين! يا معشر أهلنا الصالحين، بئس القوم نحن، لم نوفكم الواجب من الوفاء، شربنا بعدكم البارد، وأكلنا الطيب، ولبسنا ناعم اللباس، وأظلتنا الجدر وأفنية البيوت، لو كنا اهل حفاظ عفنا بعدكم النطف العذاب. غاية.
سبحانك مؤبد الآباد، هل للمنية نسب الى الرقاد، لا أتخيل إذا انتبهت أحداً من الأموات، وإذا هجعت لقيني قريب عهد بالمنية، ومن قد فقد منذ أزمان، أسألهم فيجيبون؛ وأحاورهم فيتكلمون؛ كأنهم بحبل الحياة متعلقون. لو صدق الرقاد لسكنت إلى ما يخبر عن سكان القبور، ولكن الهجعة كثيرة الكذاب. غاية.
الديار خالية، والأجساد في الحفر بالية، والأرواح عند ربنا متعالية. لا يعلم أنعيم هي فيه أم عذاب. غاية.
أيها الغمر لا تأمن جارك وإن صلح، ولا تلحف إذا المسئول بلح، ولا تلج في الرد إذا سائلك ألح، الصدق يزيل القلح، ويرأب العلم والفلح، اذا كان عملك محصى، وكان مختاراً منتصى، القادر يجعله شخصاً، يقربك وأنت مقصى، ويأخذ بيدك في غمرات القيامة والعرى تفصى، فبت إذا أمكنك منتصاً، لتصبح مقرباً مختصاً، يغفر لك بكرمه عدد الحصى، كم تعتب وتوصى، نفسك ينبغي أن تعصى، إن شئت من المعصية وإن شئت من العصا فكن مع المنصبة في جذابٍ. غاية.
تفسير: بلح. من قولهم بلح الدابة بالحمل إذا وقف . القلح: صفرة الأسنان. ويرأب: يشعب. والعلم: شق الشفة العيليا. والفلح: شق الشفة السفلى. المنتصى: المختار. تفصى: مثل تفصل منتص: منتصب.
رجع: ويحي إذا الوقت نفد، ونزل حمامي فأفد، وقوى نهوضي ورفد، وكأنه قد غل وصفد، وتقبض البنان وقفد، ثم قربت بإعجال، فغسلت بسجالٍ بعد سجالٍ، وجاء الكفن لأدفن على حرجٍ، قد أثقله الحرج، وسار القوم تحته بإهذاب. غاية.
تفسير: أفد: عجل. القفد: انقلاب في البنان إلى ظاهر، وفي الرجل أن تطأ على ظاهرها. والحرج: النعش. والأهذاب: سير سريع.
رجع: رب المكث والعجلة، لا بد للحاكم من أملةٍ، من سمع أقوال النملة، وقع في تيهاء مضللةٍ؛ كأنى بي في الدار المخملة، وقد فزع إلى العمل العملة، فكنت ذليلاً عاذ بقرملة، ووشلاً ورده النعم فاستغاث بسلمة، ومجرباً ليس عنده من ثملة، يا عبء هل لك من حملةٍ، تحملك على طليحٍ مثقلةٍ، ما أمور العالم بمهملة، سيبين لك نقص الكملة، كلهم كأن خضيب الأسلة، معمل الفرس واليعملة، في البيداء المجهلة، موقد النار المشتعلة، للطارق والنزلة، يلعب بهم في الأزفلة، لعب الوليد بالقلة، أبناء فاطمة أخت سلمة، سيان هي والأمة، ما نصرها ربيع بكلمة، ولا آنسها أنس في مظلمة، ولا اعتمرها عمارة بمكرمةٍ، ولا حافظ عليها قيس في اللمة، أين فوارسها المصممة، إنها للباري لمسلمة؛ إنما تلبس هنالك طريدةً كسوتها طريداً، عاد خلقها بإذن الخالق جديداً، وتشرب نغبةً سقيتها مجوداً، صارت ببركة الله حوضاً موروداً، وتطعم عسوماً، قريتها فقيراً محسوماً، فافعل الخير بجذلٍ وكن دون المحارم أخا إعذابٍ. غاية.
تفسير: الأملة: الأعوان. النملة: النمامون. المخملة: المسترة. القرملة: واحدة القرمل وهو نبت ضعيف. وهو مثل يضرب؛ تقول العرب: " ذليل عاذ بقرملةٍ " ، أي ذليل عاذ بذليلٍ السملة: الماء القليل. والثملة: بقية الهناء. وقيل هي الخرقة التي يهنأ بها. الكملة: بنو زيادٍ العبسيون. الأسلة طرف السنان. اليعملة: اسم للناقة عند سيبويه، وعند غيره صفة من الإعمال في السير أي الاستعمال فيه. والأزقلة: الجماعة من الناس والقلة: القفس الذي يلعب به الصبيان. وفاطمة: ابنة الخرشب، وهي أم الكملة، وأخوها سلمة الشاعر. اعتمرها: زارها. واللمة: الجماعة. الطريدة: الخرقة. المجود: العطشان. والعسوم: الكسر اليابسة. والمحسوم: الذي قد حسم من الخير أي قطع منه. الإعذاب من قولهم: أعذب عن الشئ إذا امتنع منه؛ ومنه قول عليٍ عليه السلام. أعذبوا عن النساء.
رجع: ما ألقيت علمك إلى سواك. ليت شمري أين ألفظ القرينة؟ أعلى فراشٍ وطيٍ، أم في بلدٍ نطيٍ، أبين القوم الصالحين، أم بين ضوابح وسراحين، حولي الريمة والصريمة، يغرس عندى الفسيل، أم أدفن في مسيل، اتعرش على غواطى الغربيب، أم أطرح للضبع والذيب؟ والله بمآل الأمر عليم. ولا آمن أن يحفر قبري محتفر، فيهجم على جدولى الرمام، وقد امتزجت بالعفر فيدخلها إلى الأطيمة فيصطنع منها مصطحاً أو ما شاء، ولا أكره أن يتخذ منها إناء يتوضأ منه لذكر الله، ويمكن أن تجاوني في أطباق الرغام بنت طبقٍ ذات زمالٍ تسقي من جاورها بالسم المذاب. غاية.
تفسير: النطى: البعيد. الجدول: الأوصال. الأطيمة: الموضع الذي توقد فيه النار. وكانهم يعنون حفرة تحتفر في الأرض فيوقد فيها. المصطح: كوز له أذن واحدة. بنت طبقٍ: الحية. والزمال: مشي في شقٍ.
رجع: لطفك منقل الأجساد، إني بالشام لمقيم، ولعل صروف الأيام تنزل بي الغور والحجاز؛ وفي القدرة أن يصبح ثهلان في الوادي الحرام وينتقل ثبير إلى حيرة النعمان. ولعلي أدفن بشابة أو بإرابٍ. غاية.
من عند الله قسمت الجدود. الغني كل الغنى رجل في شعفة جبل يحسب فقيراً وعنده فقير، وقد شحط عن العالم فهو مستريح، والنفس كثيرة الآراب. غاية.
له تحت المسكن براح يطلب منه رزق ربه كل عام، ويودع الأرض ودائع تأكل بعضها الطير الهاتفة وعوير، فلا يذعر أحدهما ولا يراب. غاية.
تفسير: البراح: المتسع من الأرض. الهاتفة: الحمامة. وعوير: الغراب.
رجع: ويرسل الله السارية والغادية من الأمطار، فيأمر الأرض بأداء ما آستودعته فتبرزه بإذن الله وقد راع، فيغذيه الواحد بلطفه قلداً بعد قلد، يغنيه عن السانية برشاء وغرب، وتروي جربة بأمر الله جربة الصعلوك، فلا يطلع في عوجاء الجراب. غاية.
تفسير: راع: زاد. القلد: الحظ من الماء. جربة الأولى: السماء، وهي معرفة لا تدخلها الألف واللام؛ وقد أضافها الأعشى في قوله:
وخوت جربة النجوم فما تشرب أروية بمرى الجنوب
والجربة الثانية: القراح من الأرض وهو الأرض التي تصلح للزرع ولا شجر فيها. والجراب: جانب البئر من أعلاها إلى أسفلها.
رجع: حتى إذا أسفى القصب، وصار في الأكمة رزق يطلب، وذلك بتدبير الله، عمد بمهذه فأخذ أعلاه وترك غدارته لأراوى اتراب. غاية.
تفسير: أسفى: صارفيه شوك السنبل. المهذ: المنجل. والغدارة: البقية.
رجع: إذا مرض فزع إلى دعاء الله، وإذا أظلم رفع عقيرته في عقر الدار يترنم بأماديح ملك الملوك، لا يعرف الريبة ولا ربا المراب. غاية.
يذكر الله في كل صباحٍ ومساء إذا هبت الجنوب وعصفت السمال. يحترث لنفسه بيده، وحارث الأرض عند ربه أوجه من الحارث الحراب. غاية.
لافضة له فالقلب فضض، ولا ذهب يخافه أن يذهب، ولا فزر يحترس ويفترس، أبلٍ بالعبادة ليس له إبل؛ إن صاحب الذود غير آمنٍ من الخراب. غاية.
تفسير: الفضض: المفترق. والفزر: القطيع من الغنم. ويحترس: يسرق هاهنا. الأبل: الرفيق بالعبادة وغيرها؛ وأنشد ابن الأعرابي:
لو أن شيخاً رغيب العين ذا أبلٍ ... يرتاده لمعدٍ كلها لهقا
فصل غاياته تاء
والكرم والحلم، ولنا الشح والفاقة، والعجلة والضعف. إن أعطيت من الشموس والأقمار، كما تعطيه ملوك العالم من ضريب الحجرين، تهب ألف شمسٍ، إذا وهب الملك ألف دينار، صغر ذلك عليك. أمنت الفوت فأمهلت، إنما يعجل من يخاف الفوات. غاية.ألا تسمع مثلاً يضرب لحفظ الباري وحده مجارى النور ومدارج الهواب، وما يوجد ويتخيل: استقر ذلك في علم الله كاستقرار كلمةٍ ثلاثيةٍ بنيت على حالٍ لا زيادة فيها ولا نقصان وكوزنٍ قصير زاد أربعة أحرفٍ على عشرين، وقبلته الغريزة على ذلك، لا سبيل عندها عليه لحركةٍ ولا سكونٍ. فسبحان ساتر العالم بالعقول ومحلى السماء بالشهب، والغمائم بعقيق البرق، وكاسي ذوات الأجنحة غرائب الريش، ملبس البسيطة حلل النبات. غاية.
تفسير: الكلمة الثلاثية مثل نعم؛ لأنها مبنية لا تتغير. وهي أشد لزوماً للحال الواحدة من غيرها؛ لأن جملاً وبابه يتصرف بوجوه الإعراب، ونعم أقل تيراً من الفعل الماضي، وإن كان لازماً طريقةً واحدةً من الفتح؛ لأنك إذا وقفت عليه سكن آخره فتغير عن حاله في الوصل، ونعم في الوصل والوقف على حالٍ واحدةٍ. ويجرى مجرى نعم قولهم بذخ مكسورة الباء في معنى بخٍ؛ ومنه قول الفرزدق:
لنا مقرم يعلو الفحول بصوته ... بذخ، كل فحلٍ دونه متواضع
والوزن القصير: هو الوزن الذي يعرف بالمقتضب، وهو في العدة لأربعة وعشرون حرفاً، لا نريد ولا ينقص بزحافٍ ولا خرم، وليس في الأوزان وزن يلزم طريقة واحدة فلا ينقص منه شئ غيره، وبيته الذي وضعه الخليل:
أعرضت فلاح لنا ... عارضان كالبرد
يحسب في عدده ياء الوصل التي في البردى ولا تحسب الالف التي تتبع اللام للتعريف، وتدخله المراقبة فيبقى على حاله، والمراقبة أن يكون الحرفان لا يجوز ثباتهما جميعاً، ولا سقوطهما جميعاً، ولكن يثبت هذا تارةً وهذا تارة. والبيت الذي فيه المراقبة المغيرة لحال البيت الأول من غير نقص في العدد قوله:
لعمرى لقد كذب الزاعمون مازعموا
يقولون ما قتلوا وهم يدفنونهم
رجع: عجب المخلوقون ولا عجب من أمر الله، لثلاثة أيام شرفها أهل الشرع، الأحد: من الوحدة، والجمعة: من الجمع والسبت: من السبات. غاية.
الأيام كلها لله يفضل بعضها على بعضٍ، وربما ساءتك عروبة وسرك الخميس. وإذا نزل بك نازل في يومٍ فلا تمقته لذاك، فالاقدار نافذة في كل الأوقات. غاية.
ما أعظم نعم الله! لقد أمهل فأطال. أفنيت الحداثة في ليل الباطل، وارجحن الشباب وما أصبحت، وارتقيت سن الكهل وأنا في ظلامٍ فطوالع الشيب نجوم الهداية؛ فإلام الضلال! والخائب من قبض وليس من أهل الإخبات. غاية.
يا سوار الكاعب كم رأت ذهبك من عينٍ! متى عهدك بمعدنك، لقد تداولتك الأمم جيلاً بعد جيل، تضرب تارة دنانير؛ ومرة حلية سيفٍ، وربما اتخذت منك الآنية؛ لقد بقيت وفني مدخروك. يا ضاحك لتبكين، ويا منزل لتوحشن، ويا شمل إنك لرهين بشتاتٍ. غاية.
لا اعلم كيف أعبر عن صفات الله وكلام الناس عاة واصطلاح، وإن فعلت ذلك خشيت التشبيه، وأشركت الضعفة العاجزين مع القوي القادر في بعض المقال إذا قلت فعل الأول وفعل النعمان، وهيهات! ما أبعد بين الفعلين! لولا اجتهاد الناطق لفضلت السكوت؛ كيف يوصف بشئ خالق الصفات. غاية.
أتدري ما يقول المزهر أيها الطرب الجذلان! إنه يسبح الله عز وأنار بطرائق ثمانٍ، بين ثقائل إلى خفافٍ، وهو في ذلك يقول: ستذوى الروضة، وترم القينة، ويموت الشرب، وتصبح الديار آياتٍ. غاية.
تفسير: المزهر: العود ويقال إنه شئ من الملاهي غيره. والطرائق الثماني: الثقيل الأول، وإيقاعه ثلاث نقراتٍ متساويات الأقدار على مثال مفعولن: مف نقرة. عو نقرة. لن نقرة، وهي نقرات ثقال وأنت تثبته بالوتد المفروق أوضح مما تثبته بالسبب المضطرب؛ وذلك أن الوتد المفروق ثلاثة أحرف أوسطها ساكن، والسبب حرفان، فأنت إذا وقفت على الوتد المفروق سكنت سكوناً أطول من السكون الذي على السبب؛ مثل قولك صخر، بحر، دهر، فعلى هذا يجرى الثقيل الأول.
وخفيف الثقيل الأول. وحقيقته ثلاث نقراتٍ متوالياتٍ، وهي أخف من التي ذكرنا وأسرع توالياً؛ كقولك: مفعولن بلا فصل.
والثقيل الثاني. وقد اختلفوا في إيقاعه، فإسحاق يوقعه ثلاث نقرات: نقرتان متساويتان ممسكتان، وواحدة ثقيلة على وزن مفعولان. ومنهم من يوقعه أربع نقراتٍ متساويات الأقدار، لا خفاف محثوثاتٍ، ولا ثقال ممسكاتٍ، على مثال مفعو مفعو. ومنهم من يوقعه أربع نقراتٍ: ثلاث متساويات، والرابعة أثقل منهن، على مثالٍ مفعولاتن.
وخفيف الثقيل الثاني. وحقيقته أسرع حثا منه، وهو نقرتان خفيفتان والثالثة ثقيلة، وهو خفيف الذي اختاره إسحاق، ويسمى الماخوري، وهو عكس الرمل، ووزنه مفعولان.
والرمل. وهو نقرة ثقيلة واثنتان محثوثتان؛ لان مفعو ومثله في الكلام مل وصلي صد عني.
وخفيف الرمل. وخفيف الرمل جاء على غير جنسه؛ وذلك ان خفيف كل نوعٍ جاء على غير جنسه؛ وذلك أن خفيف كل نوع مثل ثقيله إلا أنه أخف حث الايقاع. فأما الرمل فلم يجيء خفيفه على عدد وهو على نقرتينٍ بينهما فصل، ووزنه على مثال فعلن فعلن.
والهزج. وهو على نقرةٍ، نقرةٍ: واحدة ثقيلة، وأخرى خفيفة على وزنٍ قال لي.
وخفيف الهزج. وخفيف الهزج مثله إلا أنه أسرع حثا منه.
رجع: لو أنصفت يا ابن حواء. ولمن تنصف! لأعز الناس عليك أعنى نفسك - إذاً لا نزجر قلبك وقصر أملك وشغلك الحق عن الأباطيل وعددت في ترنم النوادب ترجيع القينات. غاية.
وناشئ كالرمح القويم، والقمر منه بمكان السنان، ملك سرب نساء ما هم بطلاقهن، ولكن طلقته دنياه بإذن ملك الملوك طلاق بتاتٍ. غاية.
هل تشعر الألف، ولتشعرن إن شاء الله أنها تمجد الله متوسطةً ومنتهى ورويا ليس بمجرى، وصلاً لا تحرك أبداً، وخروجاً بعد الهاء، وردفاً، وتأسيسا في البناء، ومنقلبةً عن الوار والياء، وزائدةً للمعنى ولغير المعنى، وتأسف، انها لا تستأنف، فتقدس بجميع الحركات. غاية.
تفسير: الألف تنقسم قسمين: إما أن تكون متوسطةً، وإما منتهى؛ فالتوسطة مثل ألف قائم وقام وما جرى هذا المجرى. والمنتهى مثل ألف قضى وحبلى، فهذه قسمة صحيحة. والألف لا يجوز أن يبتدأ بها لأن المبتدأ به لا يكون إلا متحركاً، والألف لا تكون إلا ساكنةً. وتنقسم الألف قسمة أخرى وهي أن الألف لا تخلو من أحدٍ وجهين، إما أن تكون زائدةً أو منقلبةً. فالزائدة مثل ألف حبلى وحبر كى. والمنقلبة تنقسم قسمين: إما أن تكون متوسطة وإما أن تكون طرفاً. فالمتوسطة مثل ألف قام وباع انقلبت من الوارو والياء لتحركهما وانفتاح ما قبلهما، والأصل قوم وبيع. والطرف مثل ألف قضى وغزا، والأصل قضي وغزو مثل ضرب. ولكن الياء والواو إذا وقعتا طرفين وقبلهما فتحة قلبتا ألفاً. والألف الزائدة تنقسم قسمين: إما أن تكون للمعنى كألف التأنيث وألف التثنية وألف ضاربٍ وما كان مثله لأنها زيدت لتفرق بين الفعل الماضي واسم الفاعل؛ إذ كان الفعل الماضي يقع كثيراً على فعل نحو حنث وفرق؛ وإما أن تكون زائدةً لغير معنى كألف خاتمٍ فيمن فتح التاء. وتقع الألف رويا في الشعر المقيد، وإذا كانت القصيدة كذلك سماها الناس في هذا العصر مقصورة كقول أبى النجم:
دعوت والأهواء يدعوها الهوى ... والعيس بالقوم يجاذ بن البرى
ريا وقد شطت برياك النوى وإذا كانت الألف روياً لم يجز إطلاق ذلك الشعر أبداً، لأنه لوأطلق تحركت، وليس كذلك غيرها من الحروف؛ لأن الشعر إذا كان يحتمل التقييد والإطلاق في أصل الوزن جاز فيه ذلك من أي الحروف كان رويه، إلا الألف، ما لم يكن ثم مانع من تخفيف مشددٍ أو نحوه كقول الراجز: أضربهم باليابس ضرب غلامٍ عابس من الحياة يائس إن شئت قيدت وإن شئت أطلقت. وكذلك قول أبي النجم:
الحمد لله الوهوب المجزل ... أعطى فلم يبخل ولم يبخل
وتخفيف المشدد الذي يمنع من الإطلاق كقوله:
أو دى الشرور بالهم ... أن غلب ابن قلهم
تخفيف الميم في الهم يمنع من جواز الإطلاق؛ لأنه يغير المعنى. والوصل الحرف الذي يكون بعد الروى لاصقاً به، وقد مر ذكره. والخروج بعد الهاء مثل قوله: عرف الديار توهماً فاعتادها وقد مر ذكره وذكر ما بعده. وتأسف أنها لا تستأنف: أي لا يبتدأ بها.
رجع: الحمد الله الذي أنعم فأغفلت الشكر، وأحسن فأسأت، وأمهل زماناً فما أنجمت، حمداً يوفي على كل عددٍ جال في ضميرٍ، ونطق به ناطق وأشار إليه مشير، وما سوى ذلك من العددٍ الذي علمه مرسل السنة وكاشف السنوات. غاية.
الله العالم! لو كنت حازماً لما عرضت سوامي للغارة، وميتي للضبع، ونقدى للسرحان؛ لكن جهلت فجعلت فرضى عرضةً للضباب، وألقيت الوبي، فأعتمدت على كفٍ غير شثنة البنان، وألقيت الحذاء فباشرت السلاء بأخمصي وتقلدت بصل الرمال، وعلقت الشبوات مكان الشنوف، وذلك مثل من ظلم نفسه، فالله أستوهب ما أقترفه من السيئات. غاية.
تفسير: الفرض: ضرب من التمر، ويقال إن الضب مولع بحب التمر، وقالوا في المثل: الضب يخدع بالتمر؛ وأنشد:
ولكنكم دربتم فجريتم ... على عادةٍ والضب يخدع بالتمر
والوبيل هاهنا: العصا، وفي غير هذا الموضع الحزمة من الحطب. وشثنة البنان: خشنة البنان. والسلاء: الشوك. والشبوات: جمع شبوة وهي العقرب الصغيرة، وأكثر النحو يين لا يصرفها، وبعضهم يصرفها، ويدخل عليها الألف واللام.
رجع: لله المن والطول، شاهداً ما غاب ولن يغيب، وقديماً ليس لا بتدائه وجود، تقاصر لأوليته طوال الأعمار، وكالأخيلة إذا حدثتك عنها النظرة كذبتها الثانية، عنده أعمار النسرين: واقعهما الذي ما طار وطائرهما الذي لم يقع؛ ولا أذكر ذوات الأجنحة والقوادم؛ وتفرد بالملك الله. ما بيت يأتلق فيه الياقوت وللزرياب حواليه شعاع، يسكنه ظالم جبار يسفك الدم ويسفح دموع الباكيات، ويشرب كاسات الرحيق، فاذا انتشى درج نملي صوارمه بمدارج الأرواح، وله حشم كسمر تهامة، بأعز عند الله من الجعدبة ولا ساكنه بأشرف لديه من ناسجة الغبار، سيان عند الخالق ليث الغاب والليث صائد الخرشات؛ فيا ويح جائرٍ إذا حكم عاتٍ. غاية.
تفسير: الزرياب. ماء الذهب، ويقال صبغ يقع فيه ماء الذهب؛ ومنه قول ابن قيس الرقيات:
كأنها دمية مصورة ... ميع عليها الزرياب والورق
والجعدبة: بيت العنكبوت. وناسجة الغبار: العنكبوت. والخرشات: الذبان.
رجع: الله قديم القدماء، رأى ما يحدث في هرم الدهر والزمان في شرخ شبيبته، أيام نعام الكوكب وضائع في الأدحى، ونسورها فراخ في الوكر، وأسدها شبل في الغابة، وناقتها في المثبر حائل، إن كان ذلك فقد علمه، وإن امتنع فالله مؤقت الميقات. غاية.
إلق مقادير الله ولا تلق، وخلق لفظك ولا تختلق، واصدق في حديثك وصدق بالنشب لا يقول الملق، وأضى بالمعروف وأتلق، وأطلق يمناك فغداً تنطلق، يطأ حافر جوادك آثار المرتحلين إلى الحفرات. غاية.
تفسير: تلق: تكذب. خلق: لين.
كن لله محاذرا، ولمن بخل عليك عاذرا، وللفسقة نافياً جاذراً، وفي طاعة ربك ناذراً، واستأنس بذكره في الدجرات. غاية.
تفسير: الجاذر: القاطع، ذكره أو زيد. والدجرات: جمع دجرةٍ وهي: الليلة المظلمة.
رجع: إفتد من أسرك بخسرك، وأفق سهام شكرك، وأفق من سكرك، واجعل خوف الله نصب فكرك، والموت غير خالٍ من ذكرك، إسود عملك فما حزنت، وحزنتك بيض الشعرات. غاية.
تفسير: بخسرك: أي أنفق ما لك في طلب الأجر وافتد به. وأفق سهام شكرك: أي اجعل الوتر في فوقها، وأفقت السهم أيضا إذا جعلت له فوقا.
رجع: أسمر بالتذ كرة وسامر، واخمر نفسك ولا تخامر، وأتمر بالصلة وآمر، وفي رضا خالقك غامر، ينجك من الغمرات. غاية.
تفسير: أسمر: من السمر وهو الحديث بالليل. وسامر أيضاً منه. واخمر نفسك: أي استرها. ولا تخامر: ولا تخالط، وأريد به هاهنا مخالطة السيئات. وأتمر: أي شاور نفسك. وآمر: من تآمر الرجلان، إذا أمر كل واحدٍ منهما صاحبه بالشئ. غامر: أي خالط الغمرات.
رجع: رب لا كن بين عبادك كحرف الضمير، ناب عن الأطول وهو قصير، ولأوجد بينهم كأحد حروف اللين لست على خلقٍ بثقيلٍ، ولتصبح يدى بما أملك منبسطةً كانبساط الضرب الأول من الطويل، وكف الباطل عنى مقبوضة كقبض عروض هذا الوزن الذكير، وفمي بتسبيحك يحسب ماضي فعلٍ فتح فتحاً غير مستحيل، ودموعي من خوفك منحدرات. غاية.
تفسير: حرف الضمير: وهو الهاء وغيرها ينوب عن أطول الأسماء؛ لأنك لو أضمرت تأبط شراً أو نحوه قلت كلمته، فنابت الهاء عنه. حروف اللين: الياء، والواو، والألف. ولا يكمل اللين في الواو والياء حتى تكونا ساكنتين وما قبل الواو مضموماً وما قبل الياء مكسوراً. والضرب الأول من الطويل: هو مفاعيلن ويسمى منشوراً وهو في وزن ذأزماني. من قوله: ورسم عفت آياته منذ أزمان وهذا الوزن تكون عروضه مقبوضةً أبداً، إلا في التصريع. والعروض: هي آخر جزء في النصف الأول من البيت وهي مفاعلن في هذا الوزن بزنه قوله صحيفتي من قوله:
أبا منذرٍ كانت غروراً صحيفتى ... فلم أعطكم في الطوع مالي ولا عرضي
والفعل الماضي لا يزال مفتوحاً أبداً.
رجع: رب لا تجعلني كالمشغول، بتقيين الغول، أحسن غير حسن في العقول ، فرب كلامٍ منقولٍ أكره من جوان العشرات. غاية.
تفسير: جوان: جمع جانٍ وهو ضرب من الحيات يألف العشرة، يقال جان العشرة وثعبان الحماطةٍ.
رجع: أطلب أيها الرجل من أمورك آفقها، ولتهجر نفسك موافقها، ليكون الرشد مرافقها، وجب الأرض ومخافقها، فا سأل دجالتها وصوافقها، عن أهل الوبر والمدرات. غاية.
تفسير: الآفق: أعلى الأمور، ومن الناس والخيل أفضلهم. جب الأرض: أي اقطعها. والمخافق: جمع مخفق، وأصله المكان الذي تخنق فيه الريج، والدجالة: الرفقة العظيمة؛ ومنه سمى الدجال لكثرة من يجتمع إليه. والصوافق: جمع صافقةٍ وهي الجماعة التي تسير من بلد إلى بلد.
رجع: أين صاحبة جذيمة ومنزلها، وسفت أرضها ونزلها، لا غزالها سلم ولا مغزلها، أين موتح العطية ومجزلها، أكلتهم الأيام أكل الثمرات. غاية.
تفسير: صاحبة جذيمة: الزباء. ومنزلها: عمرو بن عديٍ وهوابن أخت جذيمة. والسفت: القليل البركة، والنزل: الكثير النزل وهو البركة، من قولك: طعام له نزل. والغزال: ولد الظبية. والمغزل: الظبية. والموتح: من قولهم أوتح العطية إذا أقلها.
رجع: راعني مولاى في بطون الأهضام ورءوس الرعان، فقد بت في ظهور الركاب، وأصبحت لوني كابٍ، وذكرتك بجبالٍ وأمراتٍ، تقل فيهن الأمرات. غاية.
تفسير: المرت: الأرض التي لا شيءٍ بها. والأمرات: حجارة بيض تجعل في القفار ليهتدي بها.
رجع: جلة إبلك وعشارها، حمتك نارك وحمتها نارها، بعد من دارك عارها، وهابت سمتها ذعارها، أروت ضيفك غزارها، وملأت جفانك وذارها، لن تبكيك بكارها، إذا السنة كثر قطارها، وذبح في الروضة فارها، وأعتم بالرهوة بهارها، سالم إبلك شرارها، ما الخيل وما مغارها، إن حضور أجلٍ إحضارها؛ فإياك وهتك الخفرات. غاية.
تفسير: النار الأولى: العز والشدة. والنار الثانية: السمة توسم بها الإبل. وكلتاهما مأخوذة من النار المعروفة. وذارها: جمع وذرةٍ وهي القطعة من اللحم. وذبح الفار: للمسك وهو هاهنا استعارة للروض. اعتم النبت: إذا طال وكثر. والرهوة: المكان المطمئن من الأرض والمرتفع وهو من الأضداد.
رجع: أيها الباخل ضميره، الكثير في الدنيا تفكيره، دعاك البارق وبشيره، لما لمع منيره، تسأل أين مطر صبيره، راقتك روضته وغديره، أنا قبيل مثلك وغريره، إن الهلكة مصيره، فحق له سكب العبرات. غاية.
تفسير: الصير: سحاب يقال إنه يكون فيه بياض وسواد، وقيل هو السحاب الأبيض، وقيل هو الذي بعضه فوق بعض مثل الدرج. والقبيل: الكفيل ومثله الغرير.
رجع: إن عجباً صروف الزمان والقدر بمرصادٍ، هجم طمل، على همل، فما وجد برةً، ولا برة، والله ما نح المثرين، وظفر بسور، في إناء مكسور، قد وقعت فيه الرقم، وشرب منه الأريقم، فمج فيه ما يقم، وكان المارد مبلطاً، يملك لطلطاً، ولا يريح مملطاً، فلن يرى عكيساً ولا عثلطاً، فجرع منه جرعاً؛ فلما باشرت معى، أحس بحشاه متصدعاً، فانصرف متفجعاً، وأصبح لذلك متخشعاً، والله مهلك الظالمين. واحتضره العواد ودعوا له نطاسى الحي؛ فقال: ما يشكيك؟ قال: نغب من لبنٍ، أتت بالحبن، جرعات، ما جرعات!، الأحشاء لها متقطعات، فطلعت المنيرة عليه دنفاً، وأظهر الناس والرجل بشفى، ودخل الغبراء سدفاً، وأعضاؤه منتثرات. غاية.
تفسير: الطمل: اللص هاهنا، وقد يسمى الذئب طملاً، وكذلك الفقير.
والهمل: البيت الخلق من بيوت الأعراب. والبرة ( خفيفة): الخلخال وما يجري مجراه من حلق الحلى. والسور هاهنا: بقية لبنٍ. والرقم: الداهية. ما يقم: ما يذل ويهلك. والمبلط الذي قد لصق بالأرض من الفقر. واللطلط: الناقة الهرمة. والمملط: الشاة التي ألقت ولدها. والعكيس: لبن يصب عليه إهالة أو مرق. والعثلط: اللبن الشديد الخثورة. والنغب: الجرع، يقال منه: نغبت مثل جرعت. والحبن: انتفاخ البطن. والدنف: الذي قد ثقل في مرضه. والشفى: بقية النفس وغيرها. والسدف: الظلام.
رجع: ليس في حبرٍ، من برٍ؛ ولا منى، تزيل ممتنى؛ ولا عرقة، تغفر الذنوب المقترفة، إنما الله المان عليك؛ فشيد عملك ما استطعت،المرجبة أحب إليك أم تلك الإبرات. غاية.
تفسير: حبر: موضع. والممتنى: مثل المقدور. المرجبة: النخلة التي يبنى تحتها الرجبة وسيبويه يجيز الرجبة وهي: بنية نحو الدكان تبنى تحت النخلة الكريمة إذا مالت. الإبرات: واحدها إبرة، وهي ودى المقل.
رجع: مولاي زهدني في طيب الخبرة ورغبنى في طيب الخبر، وأرضني بعيش الخبير يمشى في الخبار ويشرب من الخبرات. غاية.
تفسير: الخبرة: الأدم؛ يقال اختبر القوم حبرةً إذا ذبحوا شاةً واقتسموا لحمها. وقال بعضهم: يقال للثريد واللحم خبرة. والخبير هاهنا: الأكار. والخبار: أرض فيها شقوق. والخبرات: جمع خبرةٍ وهو قاع ينبت السدر.
رجع: كم من كلمٍ قبيحٍ، ورفثٍ مكان تسبيح، قد ذبره الكاتب عليك ذبراتٍ. غاية.
تفسير: ذبره: كتبه، وكذلك زبرة؛ وقال بعضهم: زبره إذا كتبه وذبره إذا قرأه.
رجع: أنظر بين يديك، وأجعل الشر تحت قدميك، وإذا دعا السائل فقل لبيك، وإذا ألجأ عدوك الدهر إليك، فانس حقودك الغبرات. غاية.
تفسير: الغبرات: القديمات؛ ومنه غبر الجرح إذا انتقض لفساد فيه قديمٍ.
رجع: أتسمع ولا تسمع، الظليم أصم فكيف نعت بالسمعمع، أهزئ به وله بالذ كرى نبرات. غاية.
ربنا القديم المثمر، أين أبو الحى الأمر، انكسف بدر ذبيان فلم ينر، وهلك هلالها فلم يسفر، ووقع غرابها فلم يطر، واهتصر أسد فما يهتصر، وعاد المكاسر وقد كسر، لا نمير سلم ولا النمر، وعامر لا يعمر ولا يعتمر، صاد يربوعاً مقتدر، واحترش ضبة محتفر، لا ينبح كلاب ولا يهر، ولا جمرة عبسٍ تستعر، وكم خبت للعرب من جمراتٍ. غاية.
تفسير: الأمر الكثير. بدر ذبيان: هو بدر بن عمروٍ وهو أبو حذيفة بن بدر. وهلال: رجل من فزارة وهو من أجداد عمرو بن جابر الذي يقال له ولبدر بن عمرٍو: العمران، وهما روقا فزارة؛ قال قراد بن حنشٍ الصاردى:
إذا اجتمع العمران عمرو بن جابر ... وبدر بن عمرو وخلت ذبيان تبعا
وألقوا مقاليد الأمور إليهما ... جميعاً قماءً صاغرين وطوعا
وغراب: أبو حيٍ من فزارة. وأسد: ابن خزيمة. والكاسر: أبوحىٍ من العرب. ونمير: معروف. والنمر: ابن قاسطٍ. وعامر: ابن صعصعة.
ويربوع: ابن حنظلة. وضبة: ابن أدٍ. وكلاب: ابن ربيعة معروف. وعبس: ابن بغيض بن ريث بن غطفان، وهو وذبيان بن بغيض أخوان.
رجع: ذوى ربيع وزهير، وما ترك شفى قمير، واغتر بالدنيا غرير، ونفر من الموت نفير، فما ونى عنه السير، حتى لحق بأرضٍ فيها اعتفر عفير، كل الأبؤس في الغوير، ولج القوم السترات. غاية.
تفسير: ربيع: ابن زيادٍ. وزهير: ابن جذيمة. قمير: قبيلة من خزاعة. والشفى: بقية القمر. غرير: قبيلة من بلحرث بن كعب وإليهم تنسب الجمال الغريرية؛ قال ذو الرمة:
نجائب من نتاج بني غرير ... من العيدى قد ضمرت كلالا
ضمر البعير: إذا أمسك جرته في فيه ولم يجتر من الإعياء. ونفير: رجل من بني أسدٍ، وهو الذي عنى الأعشى في قوله:
إن العلاف وحياً من بنى أسدٍ ... منهم نفير ومنهم سائر سلف
قالوا الصلاح فقلنا لن نصالحكم ... أهل النبوك وعيرٍ فوقها الخصف
العلاف: قبيلة. الخصف: جلال التمر. عفير: هو أبو كندة. والأرض هاهنا: هي الأرض كلها لا موضع منها مخصوص. واعتفر: صرع في العفر والأبؤس: جمع بؤس. والغوير: تصغير غار.
رجع: ما فعل كعب أبو مرة وضمرة بن ضمرة، وصرد فتى جمرة، وعتيبة والد حزرة، لا وبرة يرى ولا وبرة، من بقى علته الكبرة، بكى عمرو عمرة، وكم في الأرض من عمور وعمرات. غاية.
تفسير: ضمرة بن ضمرة: النهشلي، وقيل إنه الذي قال له النعمان بن المنذر: تسمع بالمعيدي لا أن تراه؛ فذهبت مثلاً. فقال له ضمرة: أبيت اللعن إنما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، إن تكلم تكلم بلسانٍ، وإن قاتل قاتل بجنان. والمعيدي: تصغير معديٍ. وصرد بن جمرة: من بني يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم. وعتيبة: ابن الحارث ابن شهابٍ وولده حزرة. ووبرة: معروف. ووبرة: امرأة ولدت في بني عبس. وبكى عرو وعمرة: مثل ، أي بكى الرجل المرأة.
رجع: وجه الله بغير زوال، ومضى المطعمون إذا حب القتار، والسعاة بالأقتار، ولا بسو القتير في قتر الهيجاء، والمدمرون في ضنك القترات. غاية.
تفسير: السعاة بالأقتار: يحتمل أن يكون الأقتار جمع قتر وهو الناحية، ويحتمل أن يكون جمع قتر وهو سهم صغير، ويقال: بل نصل قصير. والسعاة: يعنى بهم مثل الشنفرى، وتأبط شراً ومن يجري مجراهما من الموصوفين بالعدو على أرجلهم. والقتير: مسامير الدرع. والقتر: الغبار.
والمدمر: الصائد الذي يدخن في ناموسه لئلا تشم الوحش الواردة رائحته فتنفر؛ قال أوس بن حجر:
فصادفن فيه من صباحٍ مدمراً ... لناموسه من الصفيح سقائف
صباح: قبيلة. والقترات: جمع قترةٍ وهي ناموس الصائد.
رجع: الناس إذا طلبوا سباع، وإذا جاء الموت فرباع، وكلهم إلا من شاء ربك أجهل من الضباع الغثرات. غاية.
تفسير: رباع: جمع ربعٍ وهو ولد الناقة في أول الربيع. ضبع غثراء وغثرة: أي حمقاء، ويقال هي التي يضرب لونها إلى الغبرة.
رجع: لا ليث بعثر، ولا مثير العثير، ولا من على الملك عثر، يبقى منه أثر ولا عيثر. فاستغفر ربك مقيل العثرات. غاية.
تفسير: عثر: موضع يوصف بكثرة الأسدٍ. ولا مثير العثير هاهنا: الفارس وعثر: اطلع. والعيثر: الشخص رجع: شب غاضيتك بغضى، يراها الركب منفضاً، كأنها سيف منتضى، راكب على ناقةٍ، حبيب طلع على فاقةٍ. أما وريحٍ خفاقةٍ، وسماء عقاقةٍ، ما لها بالمطر من إفاقةٍ تطرد كل عسرٍ وإضافةٍ، إنى لأزجي إلى الخير نفساً كالعود الرازم، وأمارس أخلاقاً كالذود والدبرات. غاية.
تفسير: الغاضية: النار الشديدة الوقود؛ وزعم يعقوب أنها من الأضداد، يقال ظلمة غاضية إذا كانت شديدة، وكذلك نار غاضبة. والمنفض: الذي قد قل زاده، وهو من نفض المزاد. والريح الخفاقة: الشديدة الهبوب. والسماء العقاقة: من عقائق البرق، والعقيقة: البرقة المستطيلة. والعق: الشق، ومنه أخذ ذلك لا نشقاق السحاب عنه، ولذلك قيل للسيف عقيقة تشبيهاً بعقيقة البرق لاستطالته. والرازم: المعيي.
رجع: لاتبك جنازة الزق المريض، ودع الكهل المرقب يفك غله سواك. فياويح أخي هرمٍ، سمى بنت كرم أم كرم. وإذا اغتبطت قاذ كر ما يطرق به الموت من السكرات. غاية.
تفسير: العرب تذكر في شعرها الزق وتشبهه بالمريض وبالميت الذي يناح عليه، وكان غرضهم في ذلك العكس يريدون بالنياحة: الغناء. ويصفون الزق بالكهل المرقب: يريدون بذلك أنه جلد تيس قد أسن وسلخ من رقبته؛ قال الشاعر:
اذا الكهل المرقب جيف آلو ... إلى سيٍ له في القرو ثان
كأن الذارع المغلول منها ... سليب من رجال الديبلان
القرو: شئ يجعل فيه زق الخمر. والذارع: زق الخمر. والديبلان: جيل معروف.
رجع: سرك بقاء أهلك؛ لو سلمت الحواس، لحمد البقاء الناس؛ ولكن الموت أجمل بدلفٍ مفندين، ونهابل من الكبر مهتراتٍ. غاية.
تفسير: دلف: جمع دلوف وهو الذي قد تقارب خطوه من الكبر ومفندين: قد دهبت عقولهم فتكلموا بالفند وهو مالا ينبغي. والنهابل: جمع نهبلةٍ وهي العجوز. والمهترة: التي قد ذهب عقلها من الكبر، والاسم الهتر.
رجع: كأنى قتلت للمنايا أهلاً، فهي تنقب عنى حزناً وسهلاً، تطلب عندي الترات. غاية.
لقد خفت النقمة، من رب العظمة، لم ولمه، عصيت أمي الكلمة، هو العبد زنمة، لا تبت فوق أكمة، ولا تحدث سرك ابن أمة، أرتع سعد في الينمة، وشرب سعيد الحمة، سفك الحارث دمه، ما الدلاص الدرمة، بالمنحية ولا المسلمة. شر الرعاء الحطمة، وأفضل النيران الزهمة، يطرقها ابن مظلمةٍ؛ كل نعامةٍ تحب العذمة، ولكل أسدٍ أجمة، لقد طمح مرقمة، وأنا طامح فمه، والعرب تنطق على لسان الرمة، وما نغمت قط بنغمة، والدنيا دار حسرات. غاية.
تفسير: عصيت أمي الكلمة: مثل تقوله العرب، وأصله رجل كلمته أمه بكلمةٍ فعصاها فيها. وهو العبد زنمة. مثل أيضا يقال للرجل قد قد قد العبيد. ولا تبل فوق أكمةٍ: مثل مضروب. ومن قال تبت أراد به لئلا يسقط.
ولا تحدث سرك ابن أمةٍ: مثل يضرب أيضاً. وسعد وسعيد: ابنا ضبة وقد مضى ذكرهما. والدرمة: الدرع التي قدمت فذهبت خشونتها، والخشنة: هي القضاء. والعذم: نبت تأكله النعام. لقد طمح مرقمة: مثل يضرب لمن هلك؛ وأصله أن رجلا من بني فزارة كان معه رجلان، واسم الفزاري حذف، فاصطادوا حماراً فقعدوا يشتوونه، فجعل الرجلان يطعمان الفزاري من جردان الحمار، فيقول أكل شوائكما جوفان، ثم فطن لما يفعلان فقال لا بد من أن تأكلا كما أكلت؛ فامتنعا فجرد الفزاري سيفه فضرب أحد الرجلين فقتله وكان يقال له مرقمة، فقال صاحبه: طمح مرقمة. فقال الفزاري: وأنت إن لم تلقمه( بفتح الميم) وهذه لغة لبعض العرب إذا وقفوا على الهاء التي تلحقها الألف للتأنيث، مثل: تلقمها وتفعلها ينقلون حركة الهاء إلى الحرف الذي قبلها ويحذفون الألف، وعلى هذا ينشد هذا البيت:
أراني قد لقيت بدار قومي ... مظالم كنت في جرمٍ أخافه
وبهذا الحديث عيرت بنو فزارة بأكل فعول الحمر. والرمة: وادٍ (مخفف الميم)، والعرب تزعم أنها تقول: كل بني يحسيني، إلا الجريب فإنه يرويني. يحسني: يسقني قليلاً قليلاً. والجريب: اسم موضع، وربما قالوا الجريب، وهو من بعض الشعاب التي تفرغ إلى هذا الوادي.
رجع: إرض عنا مولانا وأرضنا، عرض غيرنا أجدب من عرضنا، لأفقر منا يهدى غمام أرضنا، أنضنا من المكاره ولا تنضنا، وأمض عنا كل ممضنا، فالأنفس إليك مبتدرات. غاية.
العرض: الوادي. أنضنا: أي أخرجنا، من نضا السيف إذا أخرجه.
رجع: عز رب العابد والمتعبد، لو ذقت الكشية بالكبد، لم ترسل ضبا في وبدٍ؛ الظليم يهتبد، وكل ذي ريشٍ يسبد، أنا من الحق عبد، فمتى أرشد وأرشد، والحية متر بد، والأيام يجعل المعارف نكراتٍ. غاية.
تفسير: الكشية: شحمة تستطيل في بطن الضب. والوبد: من قولهم عام وبد أي شديد العيش. ويهتبد: يلتقط الهبيد وهو حب الحنظل. والتسبيد: ابتداء نبات الريش. يقال سبد ريش الفرخ إذا بدأ ينبت. والعبد: الآنف من الشئ. والمتربد: الذي قد تغير لونه للشر.
رجع : مجدي ربك ودعي أبيك، ولدك من دمى عقبيك وحملته بين جنبيك؛ درس قبر بالشبيك، لا يرجع صاحبه إليك، فاتركي بكاءه في البكرات. غاية.
تفسير: أبيك: مثل أبويك. والولد: يقع على الواحد والجمع والشبيك: موضع.
رجع: أخذ ربنا بفضله، وفرح الوارث لجهله، نعيم كلبٍ في بؤسى أهله، حبذا التراث لولا فرط ذله؛ من لك بأخيك كله، نسخ يومك بمثله، وكفاك السرح بظله، من بيتك فلا تعله، احتك فصيل بجذله، وقنع راعٍ بإدله، فاستغن عن حرام النشب بحله، ولتكن بنات صدرك بالذكرى مشتكراتٍ. غاية.
تفسير: نعيم كلب في بؤسى أهله: مثل، وهو أنه إذا هلكت ما شية الرجل نعم كلبه. وذل التراث: أي لموت القرابة وهو مثل أيضا. والجذل: عود يجعل في مراح الإبل تحتك به الجربي. والأدل: اللبن الحامض. ومشتكرات: ممتلئات من اشتكرت الضرة(وهي أصل الضرع) باللبن إذا امتلأت.
رجع: عز خالق الآهل والجنب، أولع بدويا بطنبٍ، ورب هجمةٍ برطبٍ، وأدار الفلك على قطبٍ، ما أشبه أراكاً بأراكٍ لو ان بريراً في القضب، ووادياً بوادٍ لو سمعت قسيب الماء في الكثب، قمر ناتقٍ كقمر مؤتمرٍ خلا السحب؛ شهب عبدة نسرٍ كهذه الشهب، بهجت الولدة بالسخب، فابتهج بتعبدك في الليالي المعتكرات. غاية.
تفسير: الرطب: كل نبت رطبٍ. والبرير: ثمر الأراك. قسيب الماء: صوته. ناتق: اسم رمضان في الجاهلية. ومؤتمر: اسم المحرم في العريبة الأولى. واسم صفر: ناجر، وشهر ربيع الأول: خوان، والثاني: وبصان، وجمادى الأولى: حنين. والآخرة: ربى، وقال قوم رنى (بالنون) ورجبٍ: الأصم، ومنصل الأل، وشعبان: عاذل، ورمضان: ناتق وشوالٍ: وعل، وذي القعدة: برك، وذي الحجة: رنة وأنشد:
يا آل زيدٍ إحذروا هذي السنة ... من رنةٍ حتى توافيها رنه
السخب: جمع سخابٍ وهو قلادة من قرنفل. والمعتكرات: المظلمات؛ وأصله من عكر إذا عطف، والمعنى أن الليل عطف بعضه على بعض.
رجع: طال الخالق وعلا، وقعت من البازل في سلى، ما أدركت في الهيجاء حملاً، وحمى فأما الحمل فخلا؛ لقد عرف حميق جملاً، أوردها سعد مشتملاً، آبك لم تورد إبلاً، صادف الحابل محتبلاً، وجاهر من لم يلف مختتلاً، فأصاب قاتل مقتلاً، والله رب الملإ والملا، وسرح فلو بفلا، وذكرت الوحشية طلاً، ونبحك الحاسد قبلاً، لقد وجد يسار خلى، وأبو سلعامة رخلاً، وريطة جفالاً مغفلا، واشتاق الحادي رملاً، فأنشأ به مرتجلاً، إن سمعت أن الرقيع أمطر جندلاً، وأنبت البقيع مندلا، فقل أما في المعقول فلا، وأما في القدرة فبلى، العادات بإذن الله متغيرات. غاية.
تفسير: تقول العرب: وقعوا في سلى جملٍ، إذا وقعوا في أمرٍ منكرٍ لا يهتدى له؛ لأن الجمل لا سلى له، إنما السلى للناقة. وحمل: هو ابن بدر وهو مثل، يقال: لبث قليلا يلحق الهيجا حمل. والوحمى: المشتهية على الحمل وهو مثل، تقول العرب: وحمى فأما حبل فلا حبل. وحميق: رجل يضرب به المثل، يقال: عرف حميق جمله، وبعضهم يجعل الفعل للجمل، فيقول: عرف حميقا جمله. وزعم الأصمعي أن هذا المثل يضرب للرجل إذا عرف صاحبه فاجترأ عليه. وسعد: ابن زيد مناة بن تميم؛ ويقال: إن المثل لمالكٍ أخى سعدٍ هذا؛ وذلك أن مالكا كان ترعيةً وكان يكفي أخاه سعداً أمر الإبل، فأعرس مالك بامرأته واعتمد على أخيه سعد في سقى الأبل أيام عرسه، فنظر إليه وهو قاعد مع امرأته وقد أوردها مشتملا أي قد اشتمل بثوبه، فقال:
أوردها سعد وسعد مشتمل ... ما هكذا تورد يا سعد الإبل
آبك: كلمة تقال عند الزجر؛ وأنشد أبو زيد:
فآبك هلا والليالي بغرةٍ ... تزور وفي الواشين عنك غفول
الملأ: الجماعة من الناس. والملا: الواسع من الأرض. ونبحك الحاسد قبلاً: أي على غفلة قبل أن تستعد له؛ وأصله في الشعر يقال: قال رجزه قبلاً: أي بديهاً. ويسار: اسم عبد وهو الذي يقال له يسار الكواعب، وكان لرجل من قضاعة، فيقال إنه راود ابنته عن نفسها فنهته فلم ينته، فقالت: أنظرني حتى أعد لك مجمرةً. فلما جاءها للموعد قالت: دعني لاجمرك. لما تمكنت منه خصته بموسى كان معها؛ فضرب بها المثل. ويقولون: عبد وخلى في يده، يريد أنه راعٍ وقد وجد خلاً يرتع فيه فهو لا يبالي ما أفسد، مثل قولهم خرقاء وجدت صوفاً. وأبو سلعامة: من كنى الذئب، وأنشد:
حتى ترى الشيخ أبا سلعامه ... يخلف بالله وبالقسامه
لافتنى اليوم ولا كرامه وريطة: امرأة توصف بالحمق. والجفال: الصوف وهو من المثل: خرقاء وجدت صوفاً. والرمل عند العرب: مثل الرجز، حكى ذلك أبو عمرو الشيباني. والمندل: العود رجع: عندي دواء الهدبدٍ، عبادة من باد الخلق ولم يبد؛ كل ربعٍ متأبد، من البكر ومن الأبد؛ فللضبع همهمة، ذهب الخير مع عمرو بن حممة، كذبت ذات القتمة، أتدري ما تقول السلمة؟ قالت بغير جمجمةٍ: أشوك عاصبي من غير أمهٍ، طمثت المرة والسمرة، هذه دماً، وتلك دودماً إيه أم غيلان! أضمرت حبلاً، وأظهرت سميتك حبلاً،وعندر بنا علم المضمرات. غاية.
الهدبد ها هنا: العشا في العين؛ والعرب تقول: عندي دواء الهدبد، كشية ضبٍ بكبد، وفي غير هذا الموضع: هو اللبن الخاثر. والمتأبد: الموحش من أهله. الأبد: الأتان التي في بطنها ولد، ويقال هي التي قد مضت عليها سنة، ويقولون: أتان أبد، كل عامٍ تلد. وهذا الحرف أحد ما جاء على فعلٍ وهو قليل، مثل إبلٍ وإطلٍ وامرأةٍ بلزٍ، وهي الضحمة السنة، وبأسنانه حبرة وهي صفرة الأسنان. لم يذكر سيبويه منها إلا حرفين: وهما إبل وحبرة. وعمرو بن حممة: الدوسي، وكان أحد المعمرين، يضرب به المثل فيقال: ذهب الخير مع عمرو بن حممة والقتمة: الرائحة المنتنة. والأمه: النسيان والغفلة. طمثت: حاضت. والدودم: شئ أحمر يخرج من جوف السمرة، تقول العرب: هو حيض السمرة. ويقال لدم الأخوين: الدودم. وأم غيلان هاهنا: امرأة. والسمرة تكنى أم غيلان. والحبل: واحدته حبلة وهو ثمر السمر.
رجع: إلى ربنا تشكى العجر، سطى مجر، ترطب هجر، بإذن من أحيا الشجر، رب ناجرٍ والنجر، وملحان صاحب الحجر. على لسان كل خاطبٍ تمرة، وفي فؤاد كل حزينٍ جمرة، وليلة السواء لابد مقمرة، ولكل عروس خمرة، وصفقة لم يشهدها حاطب مخسرة، وفي هامة الشاب نعرة، لا تقدع بالنخرة، والعمر حسن في أذن عمرة، وعلبة حلبتها شولة موفرة، غير أن غبها ما يكره، فاسأل الغابر لمن الكرة؟ للذي أرسل السحب ممطراتٍ. غاية.
تفسير: يقال لما يتعقد في الجسد من غدة أو نحوها عجرة، فإن كانت في البطن فهى بجرة، فإن كانت في الرأس فهى كعبرة. وأصل ذلك أن تكون بالمرأة عجرة ترغب في سترها من زوجها وضرتها، ثم استعير ذلك في الهم والحزن، سطى: توسطى. والمجرة: في السماء معروفة وهذا مثل قديم. ناجر: الوقت الذي ينسب إليه شهرا ناجرٍ، والنجر: شدة الحر، وأن لا يروى الإنسان من الماء. كانون الثاني سمي بذلك لبياضه من السقيط؛ وإذا اشتد البرد احتجر كل إنسان لإبله أي يجعل عليها حجرةً من الشجر فيقرب بعض الحجر من بعض. على لسان كل خاطبٍ تمرة: مثل معناه أن الخاطب يبذل ما لا يقدر عليه فلسانه حلو بالكلام. وليلة السواء: ليلة أربع عشرة من الشهر، وقيل ليلة ثلات عشرة. والخمرة: رائحة الطيب. وحاطب: هو ابن أبي بلتعة، وكان مطاعاً في أهله وكانوا لا يفعلون شيئا إلا عن مشاورته؛ فغبن بعض أهله مرةً في بيع، فقيل: صفقة لم يشهدها حاطب مخسرة، فجرت مثلا. وفي هامة الشاب نعرة: مثل يضرب أي في رأسه حدة وسورة؛ وأصل ذلك من النعرة وهو ذباب أخضر يدخل في مناخر ذوات الحافر؛ قال ابن مقيل يصف الفرس
ترى النعرات الخضر تحت لبانه ... أحاد ومثنى أصعقتها صواهله
والنخرة لذوات الحافر مثل المنخر للإنسان. والعمر: القرط. وشولة: أمة كانت توصف بالنصيحة؛قالوا في المثل: هو مثل شولة الناصحة؛ ويقال إن نصحها ربما عاد عليها بالضرر.
رجع: يا حمامة الأيك، أين السلكة والسليك، بل أسألك عن سمييك، بنت قرظة وأبي الواقف على أبي مليكٍ، أخبري إن كنت من المخبرات. غاية.
تفسير: الأيك: جمع أيكة وهي شجر ملتف وربما خص به السدر؛ وروى عن ابن عباسٍ أن الأيك شجر المقل. والسليك: ابن عميرٍ وأمه السلكة، وهو من سعادة العرب ويقال له سليك المقانب؛ وأنشد لعبد يخاطب قوماً:
لزوار ليلى منكم آل برثنٍ ... على الهول أمضى من سليك المقانب
تزورنها ولا أزور نساءكم ... ألهفى لأولاد الإماء الحواطب
وسمياً الحمامة: هما الفاختة بنت قرظة التي كانت امرأة معاوية بن أبي سفيان. والفاختة تعد من الحمام؛ والحمام عندهم ما كان ذا طوقٍ. وأبو الواقف على أبي مليكٍ: هو ابن الحمامة الشاعر، وقف على الحطيئة العبسى فقال له: ما عندك يا راعي الغنم؟ الخبر.
رجع: يا مفرخة، إن الأعمال منتسخة، ومن الضعة سكنى الضعة، سبحي ربك مع المتهجدين. وقع المحظار، على ذوات الظار، فأخذ ما أخذ غير حميدٍ، وبعلم الله شرب الفصيد. لو كان الإنسان حبلاً، لتركته الحوادت نبلاً، فاكتبنا رب من المحسنين. وصاحب الكاذب قمر، ولا يدري المكذوب كيف يأتمر، فاجعلنى رب من الصادقين. والغفر،أنفع من الوفر، فعفرانك راحم المذنبين. وليس للهرم، من مكرم، ذهب ذهاب درمٍ، فارزقني كبر المطيعين. والقؤول الهذرة، ذرة جرت ذرةً، من جراب شعثاء حذرةٍ، فاكفنى رب قول المتخرصين. وكحل تطعم الكلب، سنام الذعلب، وتجلب بغير الينجلب، إلى الغوي المترب، ذات الحسن المعرب؛ فالطف مالكنا بالمتسترين. والجدب يحشر إلى الأمطار، أرباب الإصار، ويوكل أهل الصرم الحشرات. غاية.
تفسير: الضعة: شجر يشبه الثمام ويقال هو الثمام بعينه. والمحظار: ضرب من الذباب والظار: من قولك: ظأرت الناقة إذا عطفتها على غير ولدها. والنبل: الحجارة الصغار؛ ومنه الحديث في الاستنجاء: إتقوا الملاعن وأعدوا النبل. وقمر: من قمر العينين لا يبصر. درم: رجل يضرب به المثل، ويقال إنه من دب بن مرة بن ذهل بن شيبان، وكان قتل فلم يدرك بثأره؛ وإياه عنى الأعشى بقوله:
ولم يود من كنت نسعى له ... كما قيل في الحرب أودى درم
ذرة جرت ذرة: أي يدخل في أمر أكبر منه. والشعثاء: الفقيرة. وكحل: السنة المجدبة. والكلب: الكلب إذا أصابه الكلب. والذعلبة: الناقة السريعة. والينجلب: خرزة تؤخذ بها النساء رجالهن، واشتقاقها من أنها تجلب الرجل إلى امرأته؛ ومن كلامهم: أخذته بالينجلب فلم يرم ولم يغب ولم يزل عند الطنب والإصار: الطنب، ويقال: الوتد. والصرم: الأبيات المتجمعة من أبيات البادية وليست بالكثيرة.
رجع: يا ماعلة يا ماعلة، ما أنت في التقوى فاعلة، أطرى فإنك ناعلة، ما أنت لمرشدك جاعلة، ستضح لك شاعلة، ترفعها بالسدف قاعلة، تكفرها عن الناس الكفرات. غاية.
تفسير: الماعلة: من المعل وهو سير سريع. وأطرى: أي اركبى طرة الجبل وهي ناحيته. والقاعلة: جبيل دون الجبل الأطول وجمعها قواعل؛ ومن ذلك قول امرئ القيس:
كأن دثاراً حلقت بلمونه ... عقاب ملاع لا عقاب القواعل
عقاب ملاع: هي العقاب السريعة الاختطاف. تكفرها: تسترها. والكفرات: من أسماء الجبال.
رجع: أين شد أنتحيه، لاح البارق فالمحيه، قدسي ربك وسبحيه، وذمي نفسك ومدحيه، وهبى مالك تربحيه، واذكرى غائبك واستحيه، وراعي صاحبك وانصحيه، تحسبي من الخيرات. غاية.
باتت العروس تجلى كروضة حزنٍ لا تخلى، بين حلل وحلى، كأجواز عناظب هزلى، فأصبحت تقبر لتبلى، من لقب سالماً بالحبلى، وسمى الجبل أجلى، تهافت أولئك هطلى، وربنا الكريم الأعلى، فاستغن عن السرق بالنمرات. غاية.
تفسير: العنظب: ذكر الجراد. والحلى يوصف فيقال كأنه هزلى الجراد. وسالم الحبلى: من أجداد عبد الله بن أبي الأنصاري؛ سمى الحبلى لعظم بطنه. وأجلى؛ جبل ومن أمثالهم: أرها أجلى أنى شاءت، يضرب ذلك للرجل المقتدر على الشئ. وتهافت: سقط. وهطلى: بعضها في إثر بعض. والسرق: الحرير الأبيض. والنمرات: جمع نمرةً وهي ثياب فيها سواد وبياض.
رجع: كم أذمر نفسي حاضاً لها على فعل الخير وهي غير مصغية إلى طول الذمرات. غاية.
صل في الضراء والخمر، وفي البراح الأكشف وباشر الأرض بمسجدك وإن شئت فعلى الخمرات. غاية.
تفسير: الضراء: ما واراك من شجرٍ. والخمر: ما واراك من شجرٍ وغيره.
والبراح: الأرض الواسعة المنكشفة. والخمرات: جمع خمرةٍ وهي السجادة.
رجع: لا أحمد نساءً عصين الأزواج وقعدن على ظهور الركائب حواج البيت ومعتمرات. غاية.
العوان لا تعلم الخمرة؛ فاتقين الله في نفوسكن، وإذا غدوتن للحاجة فغير عطراتٍ. غاية.
تفسير: الخمرة: لبس الخمار. والعوان: المرأة التي قد ولدت أولاداً.
رجع: إنسجن في النسج، وخذن عيدان العوسج، واشتغللن بالمغزل، عن الغزل، ولا تلقين بالأشر أشراتٍ. غاية.
تفسير: الأشر: تحزيز في أطراف الأسنان يكون في الشباب؛ ومنه الحديث: لعنت الآشرة والمؤتشرة.
رجع: سمعت داعي الله أذن ما يثقلها النطف، وسبق إلى الله بأقدامٍ لا تأنس بالخدام، وبهش إلى الرحمة بأيدٍ غير متسوراتٍ. غاية.
الفضة تفض خاتم الديانة، والدر يدر المعصية، والنضار يترك الأوجه غير نضراتٍ. غاية.
اقبلي النصيحة ودعي القبيل والفطسة، وعليك بالهينمة في ذكر الله وذري الهنمة والهمرات. غاية.
تفسير: القبيل والفسطة: خرزتان يؤخذ بهما. والهنمة: خرزة من خرز النساء يؤخذ بها أيضاً ويقلن في كلام لهن: أخذته بالهنمة، بالليل عبد وبالنهار أمة. والهمرات أيضاً: خرزة يؤخذ بها أيضاً.
رجع: حبذا أفواه تفوقت ذكر الله وتمزرت دعاءه، ولم تكن للنملة متمزراتٍ. غاية.
تفسير: التفوق: الشرب من كل شئ قليلاً قليلاً. والتمزر: مثله. والنملة: النميمة.
رجع: رب الخزامى والخزم، ومسخر الخزوم للقزم، أنت إله المعجزات، وأنا خدن العجزات، وليس الحازر من الحزرات. غاية.
تفسير: الخزم: ضرب من الشجر تفتل من لحائه الحبال. الخزوم: جمع خزومةٍ وهي البقرة بلغة هذيل. والأقزام: الصغار الأجسام من الناس وغيرهم. والحازر: اللبن الحامض. والحزرات: أفضل المال واحدتها حزرة، وبذلك سمي الرجل؛ وفي حديث عمر: إياكم وحزرات أنفس الناس.
رجع: عدوك إذ انت جذع، وقبيح بالكهل القذع، واللوم يحرق ويلذع، وسر الثلاثة يذع، أبذع ومن والله البذع، والإنسان مخذع تتركه الأيام هبراتٍ. غاية.
تفسير: عدوك إذا أنت جذع: مثل يضرب لمن تجاوز مقداره. وذع السر يذع مثل ذاع يذيع. أبذع: أفزع. والمخدع: المقطع، أي تقطعه الأيام. والهبرات: جمع هبرةٍ وهي القطعة من اللحم رجع: داو عنقك من الفرسة بذكر الله، فيه تشفى الكبد من السواد والظهر من الخزرات. غاية.
تفسير: الفرسة: داء يصيب الإنسان في عنقه. والسواد: داء يصيب في الكبد. والخزرات: جمع خزرةٍ وهو داء يصيب في الظهر؛ قال الشاعر:
داو بها ظهرك من أوجاعه ... من خزراتٍ فيه وانقطاعه
رجع: النجاة والفرة، ولا تقعي في الأفرة، قبل النفاس كنت مصفرة، والله محسن كل جميلٍ وربما ليم غير مليمٍ. أزمعت نوار السير، فهجى بنو أم النسير، والله مسير الظاعنين. والعاجلة، كلبيد الراجلة، يلقى لتقيها لقاء ويطعم فاجرها مر المقرات. غاية.
تفسير: الافرة: الأخلاط. قبل النفاس كنت مصفرة: مثل ذكره الأصمعى. نوار: امرأة الفرزدق وكان أتهم بتخبيبها قوماً يقال لهم بنو ام النسير فقال:
أطاعت بنى أم النسير فأصبحت ... على شارفٍ ورقاء وعرٍ سبيلها
وإن الذي يسعى ليفسد زوجتى ... كساعٍ إلى أسد الشرى يستبيلها
واللبيد: جوالق صغير أو خرج. والراجلة: الكبش الذي يحمل عليه الراعي خرجه مثل: الكراز. واللقاء: الفالوذج. والمقرات: جمع مقرةٍ: شجرة الصبر؛ وكل مرٍ مقر وممقر.
رجع: الخيف، من رأى السخيف، فاجر على مطرتك في تقوى الله، والخيل بفوارسها متمطرات. غاية.
تفسير: الخيف: جمع خيفةٍ. والمطرة: العادة. والمتمطرات: جمع متمطرةٍ وهي المجتهدة في العدو.
رجع: أيتها الغناء الشجرة، لا أعيرك مر الثمرة، ولا أسخر وبئس المرء السخرة، وفي وجه المال تعرف الأمرة، وربنا شافي الأسقام. والجادب أحق بما قال من الجديب. لو شاء ربنا قالت راء عامرٍ في قيل زيادٍ، لهاء أميمة كالعناد: لم حملت الإقحام؟ فقالت: كما حذفت في عام، أنا زائدة والزائد، يجب أن يكون البائد، وأنت خيم، فكيف حذفك الترخيم. والله بقدرته يعلم النطق الحروف وهي لخسيته مستشعرات. غاية.
تفسير: الشجرة الغناء: الكثيرة الأغصان والورق. والأمرة: كثرة المال ونماؤه؛ وهو مثل يضرب. والجادب: العائب. والجديب: المعيب؛ معدول عن معيوبٍ. وراء عامر في قيل زيادٍ: هي في قوله:
فصالحونا جميعاً إن بدا لكم ... ولا تقولوا لنا أمثالها عام
وأول القصيدة:
قالت بنو عامر خالوا بني أسدٍ ... يا بؤس للجهل ضراراً لأقوام
وهاء أميمة في قوله: كليني لهمٍ يا أميمة ناصب إذا فتحت الهاء في أميمة فهي مقحمة كأنه أراد يا أميم فرخم ثم جاء بهاء لا يحتسب بها، واختار لها الفتحة لأنها أخف الحركات.
رجع: لا أرينك تفتخر، فيقال بعد الأخر، والله مذل المتكبرين. لو أذن قالت ميم قم إذا لقيتها الألف واللام لألف قام، لم لا تحركين؟ فقالت: أصابك ألم! إذا كانت الحركة كسراً فالسكون أسلم، والله يميت الحركات. غاية.
ما آخذ وما أدع، يصيب الأنف جدع، والعين قدع، وتتلف المال الخدع، وينزل إلى السهل الصدع، ولا يوجد في الكنانة مصدع، ويأمر عليك عبد مجدع، فذلك شر يقدع؛ إذا بقيت الأديان على السكنات. غاية.
تفسير: القدع: سوء البصر. والصدع: الوعل بين الوعلين لا بالعظيم ولا الشخت. والمصدع: السهم والمجدع: يكون مجدوع الأنف والأذنين، ويكون من الجدع: وهو سوء الغذاء، ويكون من أنه يدعى عليه فيقال له: جدعاً جدعاً. ويقدع: يكف. والسكنات: من قولهم: بقوا على سكنا تهم: أي على حالهم؛ قال دريد بن الصمة:
بضرب يزيل الهام عن سكناتهوطعن كإبزاغ المخاض الضوارب الايزاغ: من قولهم أوزغت الناقة إذا أخرجت بولها دفعاً دفعاً؛ ويقال إنها تفعل ذلك إذا لقحت.
رجع: الذارع، شر من الدارع، كم حمل على الغلول، سأب مغلول، جاء بعشىٍ، كالحبشى، فذبح، فدمه جارٍ حتى يصبح، والنفوس بذلك متفكنات. غاية.
تفسير: الذارع: زق الخمر، وكذلك السأب. والمسأب: زق العسل وقد يقال له أيضا سأب. والمتفكنات: المعجبات المتفكهات.
رجع: لو شاء الخالق أراك الحرب في شخص يظهر عرضاً كالجوهر، تقول فتجهر: يا عقاب حومي حومي، بينهم احلقي وقومي؛ إن قيل للجائلة سومي، أشبعت قعيدك ولم تصومي، فسبحي ربك في الوكنات. غاية.
تفسير: بينهم احلقي وقومي: مثل يضرب للقوم إذا وقع بينهم شر شديد. والجائلة هاهنا: الفرس. وسومي: من قولهم سام إذا ذهب على وجهه في الأرض. والقعيد: الفرخ. والوكنات: جمع وكنةٍ وهو الموضع الذي يقع عليه الطائر؛ وهو الوكن أيضاً وجمعه وكون.
رجع: رب أبلغنى هواي، وارزقنى منزلاً لا يلجه سواي، من دخله أمن، فهو كعند، وأنا كمن، ولا تجعلني رب في الصالحين كواو الخزم، والثابتة في الجزم، وأثبت أسمي في ديوان الأبرار مع الأسماء المتمكنات. غاية.
تفسير: عند: لا يدخل عليها من الحروف شئ غير من، وقول العامة: ذهبنا إلى عنده، خطأ. وزعم النحويون أن عند غير محدودة لأنها تقع على الجهات الست وإلى للغاية فامتنعت عند من دخول إلى عليها؛ لأن في إلى بعض التخصيص. واو الخزم: هي التي تزاد في أول بيت الشعر ويكون الوزن مستغنيا عنها، واكثر ما يزيدون الواو، والفاء، وألف الاستفهام للحاجة إلبهن. وزعم الأخفش أنهم يزيدون الحرفين نحو بل وما جرى مجراها. والناس ينشدون أبياتاً كثيرة مخزومة في قفا نبك كقوله:
وكأن سراته لدى البيت قائماً
وكأن دماء الهاديات بنحره
وكذلك كل بيت بعد هذا البيت في أوله كأن وهذا شئ قد ذكره المتقدمون من أهل العلم وترك في أشعار المحدثين فلم يستعمل. وإنما تزاد الواو وغيرها للخزم على معنى الضرورة لتصل كلاماً بكلام. والواو الثابتة: في قولك للواحد لم يغزو وإنما تثبت ضرورة في الشعر كقوله:
هجوت زبان ثم جئت معتذراً ... من هجو زبان لم تهجو ولم تدع
فالمتقدمون من البصريين يجعلون الفعل في هذا مما بلغ به الأصل في الضرورة؛ لأن أصل يهجو ان يكون مضموم الواو لأنه في وزن يقتل، فيقدر الشاعر أن الواو مضمومة في حال الرفع فيسكنها في حال الجزم ويثبتها. وكان أبو علىٍ الفارسى يرى في مثل هذه الواو التي في قوله لم تهجو أنها غير الواو التي في قولك هو يهجو وأنها زيدت للضرورة، كما زيدت الياء في قول الشاعر:
وسواعيد يختلين اختلاءً ... كالمغالي يطرن كل مطير
وكذلك الياء عنده في قراءة ابن كثير في قوله تعالى " إنه من يتقى ويصبر " ليست الياء التي في قولك: هو يتقي ويصبر؛ وإنما هي ياء مجتلبة لتمكين الحركة؛ وكذلك يرى الياء في قول الشاعر:
ألم يأتيك والأنباء تنمى ... بما لاقت لبون بني زياد
والمذهب القديم أنه بلغ بها الأصل فقال في الرفع يأتيك وأسكن الياء في الجزم. والأسماء المتمكنات: هي التي لا يلحقها علة.
رجع: رب الرقدة والسهرة، كنت في بيتٍ قليل الأهرة، فانقض طائر في بردى حبرةٍ، فولج فوهة محبرةٍ، أحد نفرٍ مطاريب، ترجمتهم عهر قليب، ظنها ماءً مورداً، فأراد أن يشفي صدى، ووجد ماءً ثمدا، جوناً لا ينقع أحداً، فلما استقر في قعر زجاجةٍ، وبعد من قضاء الحاجة، رام الإصعاد في جدارٍ ملق، لا نشب فيه لمتعلق، فقلت فيها يهلكن ويدرك نفسه ما يدرك، أو يخرج من الحرج، فيقتل عمداً، وعقله ليس بمؤدى، وغفلت عنه مائة نفس، فخلص ولم يقفس، ما ألطف مفرج الكربات! غاية.
تفسير: الأهرة: متاع البيت؛ قال الراجز:
أحسن بيتٍ أهراً وبزاً ... كأنما لز بصخرٍ لزاً
والملق: الملس. ولم يقفس: لم يمت. وقفس هو إذا مات.
رجع: ليت شعري والله عليم، هل صبغ برده بمدادٍ، فخلص في حدادٍ، كالراهب في السواد، أم سلم نقى الأبراد، يخبر صحبه عن وادٍ، لا ينقع ماؤه صدى الوراد، وجرفه عزيز الإصعاد، ولعله دعا رازقه في الشدة، وفزع إلى العدة، فأنقذه من تلك الوهدة، والله كاشف الأزمات. غاية.
كان كثملٍ في مشربةٍ، أذن لمطربةٍ، فذكر حبائب غير مقتربةٍ، فلما ارفأن الشرب ونام، نهض وله ترنام، فقذف نفسه في سكٍ عضوضٍ، واقعها بطيء النهوض، والله باعث النقمات. غاية.
تفسير: المشربة: الغرفة. وارفأن: إذا سكن بعد الحركة. والترنام: مصدر ترنم يترنم ترناماً. والسك: البئر الضبقة والعضوض كذلك.
رجع: سبحان خالق الزنبور، زمزم فخلته جاس طنبورٍ، يترك العنب حبةً، ووليد الجفنة سعقبة، والمشبهات بثدى الخرائد، خاليةً من الفوائد، كأنها قيض ترائك الحفان يظهر في أمجٍ من العصور، ويشبه بخصره حسان الخصور، وله بذكر الله نغمات. غاية.
تفسير: الحبة: عجم العنب. والسعقبة: العنقود إذا أكل عنبه، وقيل إنه هو عنقود صغير يخرج في أصل العنقود الكبير. والحفان: أولاد النعام. والأمج: شدة الحر.
رجع: أسامة بن زيد، وأسامة مهتصر الصيد، لحقا بالسير الرويد، معشرى قدارٍ ومريد. وكذلك سامة بن لؤي، لقي سامةً دون الحي، وسميته في صوغٍ وليٍ؛ شهد كل ظل وفيٍ، أن الدنيا ليست بشيٍ، والله قاسم الأرزاق ونافض الوسامة على القسمات. غاية.
تفسير: أسامة: من أسماء الأسد. قدار: ابن سالف عاقر الناقة. ومريد: أحد وفد عادٍ. والسامة: الحية، وكان أسامة بن لؤى مات لسيعاً. وسميته: يريد بها السامة وهي عروق الذهب؛ ومنه قول قيس بن الخطيم:
لو أنك تلقى حنظلاً فوق بيضنا ... تدحرج عن ذي سامه المتقاربٍ
والوسامة: الحسن.
رجع: أينما تسيروا يصحبكم الله كما صحب من كان قبلكم، وله من العلم عين عليكم، وإن تصبحوا وراء شق الثعلب فالقدر معكم، لا فرار من قضاء الله؛ فاصبروا على ما حكم إنه واعي الكلمات. غاية.
تفسير: شق الثعلب: موضع بنوا حى عمان يضرب به المثل في البعد.
رجع: عجبت لهزجةٍ، كالمومسة المتأزجة، تسبح الله من عهد جديس تقدح ولا توري النار، ولا تعرف المرخ ولا العفار، ولها بذكر الله، رنين. تشرك بني آدم في عذب الثمار، وتقف على ما خبث وطاب، ترم إذا الليل غسق، وترن إذا النهار أشرق، ولها سيمان أحدهما يرهب ويتقى، والآخر يبصر به من يرى، ويعجبها الطرم إذا جمد أو جرى، وهي وصواحبها للروض متديرات. غاية.
تفسير: المومسة: البغي. والمتأزجة: المفرطة الأشر. ترم: تشكت. السميان: ذباب السيف وذباب العين. والطرم: العسل.
رجع: لذام بذكر الله لذام، وقذام بتسبيحك قذام وأعرضي عن سعدٍ وجذامٍ، فبئس القول تقوله حذام، أنت سمجة فما بال الذام، أنحيت على يدك بشفرةٍ هذام، وستخونك قوى الأوذام، فاعذمي بنانك مع العذام، هلت في ولائحك يا غدام، وهجمت مع اخوان الهجمات. غاية.
تفسير: لذام: من قولهم لذم بالشئ إذا لزمه. وقذام: من قولهم قذمت البئر بالماء إذا قذفت به. والهذام: القاطعة. والأوذام: سيور الدلو. فاعذمى: فعضى. هلت: سفيت بغير كيلٍ. والولائح: الغرائر. وغذام: من قولهم غذم له من العطاء إذا أعطاه بكثرةٍ.
رجع: ألوى القوم وأتقوا، وثقلت الحقائب فألقوا، ورقوا في العانك وترقوا، من أين سقوا أو استقوا، لا حت لهم النار بقوٍ، فلم يعرجوا بالرضمات. غاية.
تفسير: ألوى: إذا بلغ إلى لوى الرمل. وأنقى: إذا بلغ إلى النقا. والعانك: الرمل الذي يصعب المشى فيه. قو: موضع. الرضمات: جمع رضمةٍ وهي حجارة كبار على مقدار الإبل الباركة.
رجع: بعد حقفك من أميلى، وعلم البارئ خميلي، ومالت محوة فلا تميلي، كثر الوضر بصميلي، فعليك إهالتك ودعي جميلي، فقد ثقل على الظهر حميلي، فما بال أدمعي غير المنسجمات. غاية.
تفسير: الحقف: دعص من الرمل فيه انحناء. والأميل: رمل يستطيل ميلين أو ثلاثة. وخميل الإنسان: ما يكتمه. ومحوة: قيل هي الشمال وقيل الدبور. والوضر: الوسخ من اللبن والزبد وما أشبههما. والصميل:سقاء اللبن. والإهالة: الودك. والجميل: الشحم المذاب.
رجع: رب بحرٍ طامٍ، من الزخرف والحطام، كان لمارية وقطام، غاض مع انهدام الآطام، والدنيا تنقاد بغير خطام، للشدخ دون الفطام، إذا أمرها ناصر المهتضمات. غاية.
تفسير: مارية: الجفنية التي يضرب بقرطيها المثل. وقطام: امرأة من نساء الملوك من كندة. والآطام: الحصون. والشدخ: الطفل قبل أن يشتد لحمه.
رجع: يا رب أين أبيه، أكل الدنيا وبية، الضائنة ابية، والمدعوة ملبية، لا يخلد سعد الأخبية، جهلت وعلم ربيه، أن سعد بلع، وكل سعدٍ غاب وطلع، والبدر الأسلع، ستزول كلها مع القلع، ويبقى الملك خالق النيرات. غاية.
تفسير: الأباء: داء يصيب المعز في رء وسها إذا شمت بول الأورى، يقال: عنز أبواء وأبية وتيس آبي وأبٍ، وربما أصاب ذلك الضأن؛ قال الشاعر:
فقلت لكنازٍ تبين فإنه ... أبي لا أظن الضأن منه نواجيا
فمالك من أروى تعاديت بالعمى ... ولا قيت كلاباً مطلاً وراميا
الأسلع: الأبرص، والبدر يوصف بالبرص. والقلع: الغمائم العظام.
رجع: بشر أخطار الباخل بغارةٍ تقضب العقل، تنحر النقيعة وتثكل الشارف وتوتم الفصيل، والله باعث القوم المغيرين. وكذبت النادبة ما للميت من صديقٍ، وأساءت الأيم أجابت الخطاب قبل أن يقضي لفقيدها عام، وأحسنت المشبل على الأصيبية كالسلفان ونفسي أعدل إذا قبل عذر المعتذرات. غاية.
تفسير: الأخطار: جمع خطرٍ، وهو مائتان أو ثلاثمائة من الإبل. والنقيعة: ناقة تنحر من المغنم، وهي أيضا في غير هذا طعام القادم. والمشبل: المرأة التي لا تتزوج بعد زوجها ولها أولاد. والسلفان: جمع سلفٍ وسلفةٍ، وهي فراخ الحجل والقطا؛ ويقال لأولاد الإنسان الصغار سلفان تشبيهاً بذلك؛ وأنشد الشيباني:
أعالج سلفاناً صغاراً تخالهم ... إذا ما غدوا بحر الحواصل حمرا
رجع: إذا غمس القوم أيديهم في الدم، فاغمس يدك في ماء الغدير؛ فرت المضيمة، من الهضيمة، والله قادع الظالمين. فإن كان لك ضيم، فلا يبت فيه مضيم، وبعون الله التوفيق. وكن خضماً خضماً، ولا تكن اللحم علاوضماً؛ والله معز الأذلين. وإياك والبرم، عند الجفان والبرم، فإن ذلك يكف الآكلين. واضحك في وجه ضيفك وإن كان غير حبيبٍ، فرب خلقٍ شيف، تحت خلقٍ حشيفٍ، فابتسم لطارقك مع النجوم المبتسمات. غاية.
تفسير: الضيم: الناحية والجانب. والخضم: الكثير العطاء. والخضم: الكثير الأكل والكثير الإطعام. والوضم: الخشبة التي يقطع عليها اللحم. والبرم: الضجر ها هنا. وشيف: جلى. والحشيف: الثوب الخلق.
رجع: لأبك أولا أبك، جمع تبر لسبكٍ، إن عمري كقفا نبك، لا يخلو البيت من الزحاف، ولا اليوم من اقترافٍ، إما ظاهرٍ، وإما خافٍ؛ فالواجب أن أظل كنا قف الحنظل او الباكى عند السمرات. غاية.
رب لك دان العمردان: جد الرائع بالروى، ومروع الشوى، وسبحتك مسامير دروعٍ، هن دروء مجدٍ مشروعٍ، مسى مير الروع، رب كل قريعٍ ومقروع، نعم المونس ذكرك في الظلمات. غاية.
تفسير: العمردان: أحدهما جد ابن أحمر الشاعر الباهلي، هو عمرو ابن أحمر بن العمرد. والعمرد الآخر: الذئب، يقال ذئب عمرد، ويقال: هو الطويل، ويقال هو الذي قد أعيا خبثاً. والشوي: الشاء من الغنم.
درء الشيء: حده. مسى: استل وفي مسى ضمير يعود على المجد المشروع. والمير: الزيادة، مأخوذ من الميرة. والروع: الخلد والمعنى أن المجد وسع الهمة وامتراها. والقريع: السيد. والمقروع: المسود.
رجع: ألتفت إلى ذنوبي فأجدها متتابعة كحركات الفاصلة الكبرى، وأستقبل جرائم تترى، طوالاً كقصائد الكميت الأسدى، مختلفة النظم كقصيدتي عبيدٍ وعدي؛ وأجدني ركيكاً في الدين، ركاكة أشعار المولدين، سبقتهم الفصاحة وسبقوا أهل الصنعةٍ. وأعمالي في الخير قصار كثلاثة أوزانٍ، رفضها المتجزلون في قديم الأزمان، ولا بد للوتد من حذٍ، والسبب من جذٍ؛ ورب فرحٍ، طوي طي المنسرح، فارحمني رب إذا صرت في الحافرة، كالمتقارب وجيداً في الدائرة، وهجرني العالم هجر النون العجمات. غاية.
تفسير: الفاصلة الكبرى: أن تجتمع في الشعر أربعة أحرف متحركة وبعدها حرف ساكن، وذلك أكثر ما يجتمع في الشعر من المتحركات، وبعضهم يسمي الفاصلة الكبرى الفاضلة لزيادتها في الحركات. والفاصلة الصغرى: ثلاثة أحرفٍ متحركات بعدهن ساكن. الكميت: معروف بتطويل القصائد. وقصيدة عبيدٍ:
أقفر من أهله ملحوب
ووزنها مختلف وليست موافقة لمذهب الخليل في العروض. وقصيدة عدي ابن زيدٍ العبادي: قد حان أن تصحو لو تقصر وقد أتى لما عهدت عصر والثلاثة الأوزان: المضارع، والمقتضب، والمجتث، وقل ما توجد في أشعار المتقدمين.
فأما المضارع فالبيت الذي وضعه له الخليل:
وإن تدن منه شبراً ... يقربك منه باعاً
وهو مفقود في شعر العرب، وهو عروض قول أبي العتاهية:
أيا عتب ما يضر ... ك أن تطلقي صفادى
وأما المقتضب فالبيت الذي وضعه الخليل فيه:
أعرضت فلاح لنا ... عارضان من برد
وهو مفقود في شعر العرب، وزعم الأخفش أنه سمع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة؛ وذلك أن جارية قالت:
هل علي ويحكما ... إن لهوت من حرج
وأما المجتث فبيته:
البطن منها خميص ... والوجه مثل الهلال
وهذا الوزن زعم الأخفش أنه قد سمعه في شعر العرب، وأنشد:
جن هببن بليلٍ ... يندبن سيدهنه
والوتد جنسان: وتد مجموع، ووتد مفروق. فالمجموع: حرفان متحركان بعدهما ساكن، مثل قفا وعصا وربما سمي هذا الوتد مقروناً. والوتد المفروق: حرفان متحركان بينهما ساكن، مثل قال وباع. والحذ: القطع السريع، وفي العروض وزن يسمى الأحذ وذلك في الكامل. وإذا حذف وتد من آخر البيت في الكامل فهو أحذ وذلك في ثلاثة أبيات: فالأول أحذ الضرب، وعروضه ليست بحذاء، وضربه مضمر. والاضمار: سكون الثاني من متفاعلن، وبيته:
ولرب غانيةٍ صرمت حبالها ... ومشيت متئداً على رسلي
والبيت الثاني أحذ العروض والضرب، وبيته:
لمن الديار عفا معالمها ... هطل أجش وبارح ترب
والبيت الثالث أحذ العروض، وضربه أحذ مضمر، وبيته:
ولأنت أشجع من أسامة إذ ... دعيت نزال ولج في الذعر
فهذه الأبيات الثلاثة هي ثالث الكامل ورابعه وخامسه؛ أخذت من قولهم حمار أحذ: إذا كان قصير الذنب، وقطاة حذاء: إذا كانت كذلك. ويجوز أن يكون سمي بذلك من الخفة؛ والأحذ: الخفيف، وكذلك الحذاء. وفي حديث عتبة بن غزوان عن الدنيا قد أدبرت حذاء فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء. والمعنى أن الأوتاد من الشعر وغيره يدركها الفناء.
والسبب في حكم العروض جنسان:سبب مضطرب، وسبب منتشر.
فالمضطرب: حرف متحرك بعده ساكن، مثل قد كن ويسمى الخفيف.
والمتشر: حرفان متحركان مثل مع لك ويسمى الثقيل. والمعنى أن كل سبب من الشعر وغيره يدركه الجذ وهو القطع من الأصل، وليس المعنى أن ذلك موجود اليوم في الشعر ولكنه لابد له من أن ينسى ويترك.
والطي: سقوط الحرف الرابع من الجزء السباعي، مثل سقوط الفاء من مستفعلن والواو من مفعولات.
والطي على ضربين: طي مفارق. وطي ملازم: فالطي المفارق: هو الذي يزول عن جزئه، فيكون الجزء سالماً أو مزاحفاً بزحافٍ غيره، مثل قول الأعشى:
تسمع للحلى وسواساً إذا انصرفت ... كما استعان بريحٍ عشرق زجل
والطي الملازم: هو أن يكون لازماً للجزء أبداً لا يفارقه؛ وذلك مثل الضرب الأول من المنسرح لا يزال أبداً مطوياً، مثل قوله:
يوشك من فر من منيته ... في بعض غراته يوافقها
والمتقارب بيته الأصلي:
فأما تميم تميم بن مرٍ ... فألفاهم القوم روبى نياما
وليس في دائرته جنس مستعمل غيره، وقد ينقلب إلى وزنٍ آخر لم تستعمله العرب، مثل قوله:
أنت يا قوتة عندنا في الرضى ... غير مقليةٍ عندنا في الغضب
وليس في الدوائر الخمس دائرة استعمل منها جنس واحد غير هذه وهي الخامسة وتسمى دائرة المتفق. والنون ها هنا: السمكة. والعجمات: جمع عجمةٍ وهو معظم الرمل.
رجع: قيدتني تقييد وقاتم الأعماق. فأطلقني إطلاق عفت الديار، ولا تحشرني مقعداً كبيت الربيع، ولا أصلم كثالث السريع، ولا مخبولاً كما قدم سبباه، فانكسر لذلك شباه، ولا مكفوفاً كأجزاء الرمل والمديد، وأعوذ بك أن أحشر أثرم كالجزء الأول من الطويل، أو أشتر كالهزج القصير، وأحشرني رب كاملاً كبيت العبسي، ماله من سىٍ، أنهض من الحفرة إلى رحمتك يوم تبعث رمم القوم النخرات. غاية.
تفسير: " وقائم الأعماق " : مقيدة تقييداً لا يجوز فيه الإطلاق، و " عفت الديار " : مطلقة إطلاقاً لا يجوز فيه التقييد. وبيت الربيع بن زيادٍ:
أفبعد مقتل مالك بن زهيرٍ ... ترجو النساء عواقب الأطهار
تسميه العرب المقعد، ولم يذكر هذا الفن من الشعر الخليل، وذكره الأخفش فيما أغفله الخليل. ويجب أن يكون إسمه على مذهب الخليل والأخفش: القطع؛ وروى عن أبي عبيدة أن مثل هذا يسمى الإقواء.
والأصلم: الذي قد سقط منه وتد مفروق؛ مثل قول أبي قيسٍ بن الأسلت:
قالت ولم تقصد لقيل الخنا ... مهلاً فقد أبلغت أسماعي
أصل هذا الضرب في الدائرة أن يكون " مفعولات " فسقطت منه " لات " فبقى " مفعو " فحول إلى " فعلن " . وسماه الخليل أصلم شبهه بالذي قد اصطلمت أذنه. والخبل يدرك ما تقدم سبباه: من الأسماء السباعية إذا كان السببان مضطربين، وذلك في جزءين: " مستفعلن " الذي وتده مجموع، " مفعولات " فإذا سقطت سين " مستفعلن " وفاؤه حول إلى " فعلتن " وسمى مخبولا وهو مثل قول النابغة:
فحسبوه فألفوه كما حسبت ... تسعاً وتسعين لم تنقص ولم تزد
وإذا سقطت فاء " مفعولات " وواوها حولت إلى " فعلات " وهو مثل قول لبيد في المنسرح:
فلا تؤول إذا يؤول ولا ... تدنو إليه إذا هو اقتربا
والكف: سقوط نون " فاعلاتن " و " مفاعلين " حتى يبقى " فاعلات " و " مفاعيل " بغير نون.
فالكف في مفاعلين مثل قول حاتمٍ:
إذا رحلا لم يجدا بيت ليلةٍ ... ولم يلبسا إلا بجاداً وخيعلا
ومثله قول إمرئ القيس:
ألا رب يومٍ لك منهن صالحٍ ... ولا سيما يوم بدارة جلجل
وبعض الناس يرويه:
ألا رب يومٍ صالحٍ لك منهم
طلباً لإقامة الوزن. وليس في شعر إمرئ القيس من جنس هذا الزحاف غير هذا البيت، وقد إختلفت فيه الرواة كما تقدم؛ واختلفوا في بيتٍ آخر من شعره وهو قوله:
ألا إنما ذا الدهر يوم وليلة ... وليس على شئ قويمٍ بمستمر
فهذه رواية أكثر الناس، وبعضهم ينشده:
ألا إنما الدهر لبالٍ واعصر
فيكون مزاحفاً بمثل زحاف البيت الأول. وكف فاعلاتن مثل قول طرفة:
الهبيت لا فؤاد له ... والثبيت ثبته فهمه
والثرم: سقوط الفاء في الطويل من " فعولن " إذا إنضاف إليها سقوط النون كقول الشاعر:
هاجك ربع دارس الرسم باللوى ... لأسماء عفى آية المور والقطر
فإذا سقطت منه الفاء وحدها فهوأثلم، وإن سقطت النون وحدها فهو مقبوض، وإذا سقطتا جميعاً فهو أثرم. والشتر: سقوط الميم والياء من " مفاعلين " في الهزج حتى يحول إلى فاعلن، مثل قوله:
في الذين قد ماتوا ... وفيما خلفوا عبره
وبيت العبسى الكامل هو قوله:
وإذا صحوت فما أقصر عن ندى ... وكما علمت شمائلي وتكرمي
وهو الضرب الأول من الكامل، وليس في الشعر ما يجتمع فيه إثنان وثلاثون متحركا إلا هذا الضرب.
رجع: رب وألبسنى من عفوك جلالاً، مرفلاً يوم القيامة مذالاً، أختال بين عبادك فيه، كسابغ الكامل وأخيه، مخلداً في العيش الرفيغ، تاماً ألحق بتسبيغٍ، كرابع الرمل، مراحاً ليس بالمستعمل، ولا تنهك رب عملي فيصبح كخامس الرجز، قل حتى ذل وعجز. أشكرك بغير تشعيثٍ، فعل اليشكرى بالوزن الحثيث، وإن عنترة هينم، فقال: " هل غادر الشعراء من مترنمٍ " ، وإنى سائلك هل أبقت السيئات عندك موضعاً للحسنات. غاية.
تفسير: في الكامل ضرب يقال له المرفل وهو السادس، مثل قول الحطيئة:
ولقد سبقتهم إلى ... فلم نزعت وأنت آخر
وتر فيله أنه زيد على الجزء الرابع منه وهو ضربه حرفان من الجزء الذي يليه فصار " متفاعلاتن " . وبعده الضرب السابع وهو المذال زيد عليه حرف ساكن فصار " متفاعلان " ، مثل قوله:
جدث يكون مقامه ... أبداً بمختلف الرياح
والرفيغ من العيش: مثل رافغٍ وهو الواسع. والتام: الذي لم ينقص منه شئ. والتسبيغ: زيادة حرف في رابع الرمل فيحول الجزء من فاعلاتن إلى " فاعلاتان " مثل قوله:
يا خليلى أربعا وإس ... تخبرا ربعاً بعسفان
ويقال إن هذا الوزن لم تستعمله العرب وإن هذا البيت من وضع الخليل، وليس كغيره من الأوزان القصار التي استعملها المحدثون لأنه مفقود في سعرهم.
والمنهوك: خامس الرجز؛ سمى بذلك لأنه سقطت منه أربعة أجزاء وبقى على جزءين مثل قوله:
يا ليتنى ... فيها جذع
وإنما يجئ في شذوذٍ من الشعر ولم تسمع فيه أرجوزة طويلة من المتقدمين؛ لأنه لا يبلغ القائل غرضه من أجل قصره. وزعم بعض الناس أنه لا يحسب شعراً، وأحتجوا بأن النبى صلى الله عليه قال:
أنا النب ... ئ لا كذب
أنا ابن عب ... د المطلب
وقال قوم: الرجز كله ليس بشعرٍ.
والتشعيث: سقوط حرف من الضرب الأول من الخفيف وذلك أنه " فاعلاتن " فيحول إلى " مفعولن " مثل قول الحارث ابن حلزة البشكري:
بعد عهدٍ لها ببرقة شما ... ء فأدني ديارها الخلصاء
واختلفوا في الحرف الساقط فيروى عن الخليل انه... العيال ويقال أيضاً لفراخ النعام حشكل.
رجع: فبات بالعراء عرصاً، في طلب مأوى محترصاً، وعاد بالريحان خرضاً، فلما رأى بياض الفجر رفع له رب نعمةٍ، با كره بعظيم النقمة، معه أكلب لأمثاله تلتمس وتطلب، ذوات ربقٍ من القد ومن الأبق، فلما رآهن إجتهد في الهرب وأتبعنه مجتهداتٍ. غاية.
تفسير: العرص: مثل النشيط. ومحترص: مثل الحريص. يقال حرص وأحترص مثل جهدوإجتهد. والريحان ها هنا: السحر. والخرص: الجائع يجد البرد. الربق: جمع ربقةٍ وهي ما يشد في العنق. الأبق: القنب.
رجع: فراغ وأبعد، وغور وأنجد، فأراد الله سلامته فأراه غاراً ذا دحالٍ فولج بعضهن، وجاء صاحب الضراء فلم يكن للضاري مولج في الدحل المدخول، فبهش ربه بيده فصادف أم العثمان، فسقته قرى حماتٍ. غاية.
تفسير: الدحال: جمع دحلٍ، وقيل هو الثقب في ناحية البئر وقيل: الدحل حفرة في الأرض يضيق أعلاها ويتسع أسفلها. وبهش بيده إلى كذا وكذا: إذا مدها ليتناوله؛ قال الشاعر:
أرأيت إن بهشت إليك يدى ... بمهندٍ يهتز في العظم
هل ينفعنك إن هممت به ... حياك من نهدٍ ومن جرم
وأم العثمان: الحية، ويقال لولدها العثمان. وقرى حماتٍ: يقال قرت الحية السم إذا جمعته في رأسها. والحمة: فوعة السم أي حدته.
رجع: فلما إنصرف موسد الملقدات، قال ثعالة: ما تأمرين يا فجار، والله المتكفل بجزاء المجير؟ قالت: أعلمت أم علمت؟ أظنك سالماً لا سلمت؛ أخيرك إحدى خلتين: إن شئت أن تكون ضيفاً تنصرف ولا عهد بيني وبينك، وإن شئت أن أصانعك على أن تحمل إلى كل شهرٍ عصفوراً، وتعيش سالماً موفوراً، ولن يكون سعيك عندي مكفوراً، أغيثك عند شدتك والله المغيث. فاختار العهد فحالفها على ذلك، والله رب المتعاهدات. غاية.
فلما رأى محل الدين كأنه فسيط الأظفور، إهتبل غرة نغرٍ فحمله إلى الغار. فقالت ربته " أنجز حر ما وعد " و " نعم الخلة الوفاء " .
فلما أدبر قالت: " لم أر كالليلة قفا وافٍ " كرمت جارنا بالسيرات غاية.
تفسير: كرمت: على معنى التعجب؛ أي ما أكرمك! والسيرات: مثل السبروت، وهو العفر من الأرض الذي لا شئ فيه.
رجع: وفعل ذلك أهلةً. فلما كان في بعض التطواف وجد فلذةً من الزمرذ، قال: ما يصنع بهذه كسوب جوال! لا تخفن بها ذات الكشيش؛ فإنطلق بها وبإتاوته مع الهلال. فلما نظرت إليها في يده ندرت منها العينان فقالت: الأجل موقوت، أذاب عينى زير جد لا ياقوت، ما بعثك على ذلك أبا الأدراص؟ قال: ما علمت أن الجوهر لك ضار، " وأتتك بحائن رجلاه " ، والدليل على ذلك أنى منك غير فارٍ، دونك فأمتثلى ما شئت من الأمثال. قالت: إنك لصادق، والصدق نجاة، لتكن لي عندك وظيفتان ما وكنت المفرخات. غاية.
وإنطلق فأتخذ عرساً تسعده، ينجدها على العبادة وتنجده، تمجد ربها ويمجده. فلما كثر منها ولده، خرج في رأد الضحاء طالباً للرزق، فأنقضت عليه لقوة لقيته بأحد المنكرات. غاية.
أو سلط عليه آل زارعٍ ومعها الكلاب، فشفى بلحمه القرم وأحتكم في إهابه القرظ والغاف، ثم قرن بغيره فأتقي به المكثر شفيف الشتوات. غاية.
تفسير: آل زارعٍ " وذارع بالذال " : الكلاب. والغاف: ضرب من الشجر يدبع. به. والشفيف: شدة البرد، وهو أيضاً شدة الحر.
رجع: خالقى لا أختار شبه الظالمين، فإن الشيئين يتشابهان، فينقلهما التشابه إلى الأنفاق، كإن المكسورة المشددة أشبهت الأفعال فجاء بعدها إسمان؛ آخرهما كالفاعل وأولهما كالمفعول، وكذلك ما قاربها من الأدوات. لا تجعلنى رب معتلا كواو يقوم، ولا مبدلاً كواو موقنٍ تبدل من الياء، ولا أحب أن أكون زائداً مع الأستغناء، كواو " جدول " و " عجوز " فأما واو عمرو فأعوذ بك رب الأشياء، وإنما هي صورة لا جرس لها ولا غناء، مشبهها لا يحسب من النسمات. غاية.
تفسير: " إن " يشبهونها بالفعل الذي يتقدم مفعوله على فاعله؛ مثل: ضرب زيداً عمرو. وما قاربها من الأدوات: مثل ليت ولعل وما أشبههما. وواو جدولٍ وعجوزٍ زائدتان؛ لأنهما من الجدل والعجز رجع: ربنا إله ما ألاه، كفران إلاه، أن يتابع فضله ونعماه، فأل نفسك تقو على تقواه، وأل الشر بألك تريد ما نافاه، وأعبد إلك ودع ما سواه، وإرفع ألك إليه فيمن دعاه، فلن ينفع الكافر أليله من الله، وأخمد الغضب من أدمعك بقطراتٍ. غاية.
تفسير: ما ألاه: ما قصر به. والإلى: النعمة واحدة الآلاء. وأل نفسك أي سسها. وأل الشر بألك: أي أطعنه بحربتك. وإن كسرت بالك فمعناه: أدفع الشر بإلهك. وأعبد إلك أي ربك.وإرفع ألك إليه فيمن دعاه أي إرفع صوتك إليه بالدعاء. فلن ينفع الكافر اليله أي أنينه.
رجع: أجد عمك وجد فيه، وأجد على طالب رفدك ومعتفيه، وأجد ثوباً للآخرة تكتسبه، فالمرء رهن أيامٍ نحساتٍ. غاية.
بالله أستنصر على رجلٍ يأبي المعروف ولا يأبه لفعل جميلٍ ، وأملح أبٍ خير للأب من الولد العاق؛ فليكن ذكر الله أبا أرعاه، وأباً أرجو مسعاه فطوبى لمن أب إلى رحمته كالإبل أبت لسقابها المختلجات. غاية.
تفسير: ولا يأبه أي لا يفطن، يقال ما أبهت لكذا وكذا " بالكسر والفتح " أي ما فطنت. وأملح: التيس الذي يعلو سواده بياض، وقيل هو الأبيض، وقيل هو الذي فيه سواد وبياض. والأبى: الذي قد أصابه الأباء وهو داء يصيب الماشية إذا شربت ماء قد بالت فيه الأورى. والأب: المرعى، وقيل: هو للراعية مثل الفاكهة لبني آدم. وأب الرجل إلى الشئ إذا نازع إليه.
رجع: أبن بديار المتقين، وابن دارك في الآجلة وأبن فعلك من فعل المجرم، وأبن نفسك وأنت حي؛ فكلنا يلحق بالأمم المتقدمات. غاية.
من هلك وهو شاب، ما شمط ولا شاب، فإنه لو هرم، لمل وبرم، والكبر، بئس المسبر، ملأ الأنف، وأخلى الأذن من الشنف، وجعل بيض الثنايا سوداً، وأما كنها وهوداً، ويلم القبر مسكناً لا ترفع له الجدرات. غاية.
الناس كبنانك إن كان غير متساوٍ، فإنه ليس بمتباعد الشاو؛ كلنا ذو عيبٍ، رجل يظهر ما لديه، ورجل يستر ربه عليه. من كان ذا عقلٍ سيط، فهو كالجزء الثالث من البسيط، أي نقصٍ غيره، مجه السمع وأنكره، إن طوى، فكأنه عقد ولوى؛ وإن خبن، عيب بذلك وأبن؛ وإن خبل، فأسير حبل؛ ومن كان فيه خير وشر، والشر عنده أكثر، فهو في الدول، كالجزء الأول؛ أما خبنه فخفى، وأما غيره فبين جلى، والله ساتر العيوب. ومن إعتدل أمراه من بطءٍ وأزجٍ، كان كالجزء الثالث من الهزج، يدركه نقصان، وأي الخلق عن ذلك يصان! أحدهما خافٍ، والآخر ذو إنكشاف؛ ومن وفقه خالق التوفيق كان كالجزء من الرجز، لا يعلم إذا عجز، أي نقصٍ دخله، هان على حس السامع فأحتمله، ووجدت الجزء الأخرم كمسئ في غير دار، غير أنه أسند إلى جدار، فهو لذلك مبين الخرمات. غاية.
تفسير: سيط: خلط. والجزء الثالث من البسيط: أي حذف سقط منه بأن فيه لصاحب الذوق، وليس كذلك غيره من الأجزاء؛ كقول الأعشى:
علقتها عرضاً وعلقت رجلاً ... غيرى وعلق أخرى غيرها الرجل
فقوله و " علقت " هو الجزء الثالث وقد أصابه الخبن. والخبن: سقوط الثاني يكون أصله " مستفعلن " فيحول إلى " مفاعلن " ؛ ولو أصابه الطئ كان أشنع وهو كالمفقود في شعر العرب. والطئ: سقوط الرابع. فإن أصابه الخبل فهو أشنع وذلك كالمفقود في شعر العرب أيضاً، على أن الخليل قد أجازه في الأجزاء السياعية كلها من هذا الجنس. والخبل: اجتماع الطى والخبن. والأزج: النشاط. والجزء الثالث من الهزج: إن أدركه النقص بالكف " وهو سقوط النون من مفاعلين " لم يعلم به في الحس، وكذلك الجزءان اللذان قبله، مثل قول ابن الزبعرى:
فهذان يذودان ... وذا من كثبٍ يرمى
وإن أدركه القبض " وهو سقوط الياء من مفاعيلن " بأن ذلك في الذوق؛ كقوله:
حللنا بأوراتٍ ... وأصبحوا بنعمانا
والجزء من الرجز: يدركه الطئ تارة، والخبن مرة، والخبل أخرى، وكل ذلك يسهل فيه؛ وهذا بيت قد إجتمع في الأصناف الثلاثة ولا بأس به في الذوق وهو قول قعنب بن أم صاحبٍ:
باكرنى بسحرةٍ عواذلى ... ولو مهن خبل من الخبل
والخرام: هو سقوط حرف متحرك من أول كل شعرٍ أصل بناء أوله على حرفين متحركين والثالث ساكن؛ وذلك في خمسة أجناس: الطويل لأن أوله فعولن، والوافر لأن أوله مفاعلتن، والهزج لأن أوله مفاعلين، والمضارع لأن أوله مفاعيل، والمتقارب لأن أوله فعولن؛ فكأنه مثل الذي يفعل قبيحاً في غير دارٍ؛ لأنه كالخارج من بيت الشعر إذ كان أول حرفٍ منه ليس بمتوسطٍ فيه، فهو كالذي يفعل شيئاً ينكر عليه وهو مستند إلى جدارٍ غير متوارٍ به.
رجع: الله مسدد القائلين. جمع من مضى حروف الزوائد فجعلها " اليوم تنساه " وتلك طيرة للمتعلمين. وقال بعضهم " هويت السمان " وتلك دعوى يحتمل أن يبطل قائلها في دعواه. فجمعتها في لفظين لا يكذب قائلهما فيما قال، أحدهما: " التناهي سمو " والآخر: " تهاونى أسلم " وربنا مزيل الشبهات. غاية.
بل ياجفن، وأبل يا جسم، وأبلى يا نفس، يبل من المرض الدين، ليس يبل عند الله أبل، فاطو صديقك على بلته، ولا تثقن بلا بس حبلاتٍ. غاية.
تفسير: بل: من وبل يبل. وأبلى يا نفس: أي أمتنعى من المحارم؛ وأصله أبل الوحشى إذا إحتزأ بالكلاء عن الماء. ويبل: يظفر. والأبل: الخبيث. فاطو صديقك على بلته: وهذا مثل يضرب، أصله في السقاء وهو أن يطوى وهو مبتل، وإذا فعل به ذلك فهو أبقى له؛ ومنه قول الشاعر:
ولقد طربتكم على بللانكم ... وعلمت ما فيكم من الأذراب
" الأذراب " : العيوب. والحبلات: جمع حبلةٍ؛ قال ابن الأعرابي: هي صياغة على مقدار ثمر الطلح؛ وأنشد للنمر بن تولبٍ:
وكل خليلٍ عليه الرعا ... ث والحبلات خؤون ملق
رجع: جاءت النفس بإدٍ، إنها تطرب وتئد إلى محارم الله؛ ولها أقول: أودي صالحة، وأودى عن المآثم ناكصةً، وآدى للرحلة، وأيدي إلى العافية؛ فخير الناس من إذا أصبح مودياً من الهلكة، وجد مودياً من النعمة، مؤدياً من القوة على أشق السفرات. غاية.
تفسير: بإذٍ: أي بمنكرٍ وعجبٍ ونئذ: من أد يئد وهو شدة الحنين. أودى: إهلكى. وأودى: إرجعي من آد يؤود إذا رجع؛ ومنه قول الهدلى:
أقمت به نهار الصيف حتى ... رأيت ظلال آخره تؤود
وأدى للرحلة: من قولهم: رجل مؤدٍ أي كامل الأداة، والماضي منه آدى ؤدى. وأيدى: من قولك أيديت إلى الرجل يداً. والعافية: المعتفون. ومودياً من الهلكة: ما ضيه أودى. ومودياً من النعمة: ما ضيه أيدى ومؤدياً من القوة وهي كمال الأداة: ما ضيه آدى. والسفرات: جمع سفرة.
رجع: رب إرةٍ، أوقعت في الإرة، فآخ في الله الإخوان، ولا تقل لبعيرك إخ في دار الهوان، ولتغنك أخيختك عن طعام الناس؛ فالدنيا فانية والنفس لا تأمن من التبعات. غاية.
تفسير: الإرة الأولى: شحم يطبخ في كرش. والإرة الثانية: حفرة توقد فيها نار، ويقال للنار بعينها إرة. والأخيخة حساء رقيق يبرق بزيتٍ، يقال برقت الطعام بالزيت والسمن: إذا صببت عليه منه شيئاً يسيراً.
رجع: من عبد وداً، لم يجد عند الله ودا، والدسر، لمعظم نسرٍ، وصاحب سواعٍ، ليس بواعٍ، ما أغاثهم يغوث، بل عوق خبرهم يعوق، وأذلت العزى وهي ذليلة من جعلها من الطاغوت، ولا تت القوم اللات. غاية.
كأنى بالمنية وقد وفدت إلى، تحوم فوق الهامة ثم تقع على، إن الموت لقريب ولو لحقت بكوىٍ، لو كان له شخص لمسسته بيدي، ألقى وحدي وجعي، لا يموت أحد معي، أستغفرك من الموبقات. غاية.
يا هند الفانية، ربما كنت غانيةً، وربك واحد حكيم، صرت إلى الدرد، بعد ثغرٍ كنقى البرد، وذلك بتقدير إله العالمين. لو وضع في ساقك الخدم. لخرجن من القدم، ولقد تغنين ذات عقدٍ وعقدٍ: أما العقد فعلى تراقيك، وأما العقد فمن ورائك يكاد يلقيك، غيرك مغير الأنام، لا يتغير القديم إنما ذلك من شأن المحدثات. غاية.
خلدى بالخطايا مملوء، وأنابها أبوء، أحملها فلا أنوء، وعملي مكتوب مكلوء، مقترى بالحفظ ثم مقروء، وثوب الحياة عنى مسروء، وغير القدر هو المدروء، لا يبعد مني السوء، أهم بالخير وأهو. والأقدار دونه معترضات. غاية.
تفسير: أبوء: أرجع. أنوء ها هنا: من ناء إذا نهض، وقد يجئ ناءبمعنى سقط وهو من الأضداد. مقترًى: أي متنبع. ومقروء: من القراءة.
ومسروء: منزوع. المدروء: المدفوع. وهاء يهوء بالشئ: إذا هم به رجع: أيها الدنيا البالية، ما أحسن ما حلتك الحالية، اين أممك الخالية، إن نوبك لمتوالية؛ والنفس عنك غير ساليةٍ، تتبع أولاك التالية، والله أستنجد على تلك الصعدات. غاية.
بت حبلك من حبال الظلمة وإنفض بتك من غبار ذيل الفاجرة، وتب إلى ربك من الفاحشة، وتبالك إن أطعت الخائنة ذات العلات. غاية.
أجب المذكر، واجبأ عما تنكر، وكن جبأ عن القبيح، ولا تكره أن تجبى في حوضك لسواك، وليجب قلبك من مخافة الله، وتجب الشمس شاهدةً لك بالأستغفار، وإستكف الكظة بالوجبات. غاية.
تفسير: إجبأ: من جبأ يببأ إذا خنس. والجبأ: الجبان. حبي الماء في حوضه: إذا جمعه. والكظة: الامتلاء من الطعام، والمصدر الكظة.
رجع: ثب عن المظالم يثب إليك الرشد، ولا تثب نفسك فتمقت، واجعل ثبة نضحك لظماء الثبة، وبث الخير يزل بث صدرك. والثناء على الرجل أحسن الملبوسات. غاية.
تفسير: ثب هاهنا: بمعنى أقعد وهي لغة حمير. ويثب بالكسر: من الوثوب وبالضم: من ثاب يثوب إذا رجع. ولا تثب نفسك: أي لا تثن عليها. والتثبية: الثناء على الحي وعلى الميت. والثبة: وسط الحوض ذكر ذلك الخليل في كتاب الأبنية. والنضيح: الحوض الصغير. والثبة الثانية: الفرقة من الناس.
رجع. الله ناسخ الأزمان، كانت في الجاهلية سمر بح، ينفى عن الرجل بها الشح، ييسر بها المحض القح، والمطر وابل يسح، تهلك بها الروح الرح، فدحها من أمر الله ما يدح، وأزال الإسلام تلك المطرات. غاية.
تفسير: السمر البح: القداح، كانت توصف بذلك لأصواتها؛ ومنه قول خفافٍ:
إذا الحسناء لم ترحض يديها ... ولم يقصر لها بصر بستر
قروا أضيافهم ربحاً ببحٍ ... يعيش بفضلهن الحي سمر
ترحض: تغسل. والربح: الشحم وقيل الفصال، وبعضهم يقول الربح " بضم الراء " : الغنم. والروح: الإبل التي فيها روح وهو تباعد ما بين الرجلين. والرح: الإبل التي فيها رحج وهو أنبساط في الخف، وتوصف به الناقة والبقرة الوحشية والنعامة، وهو عيب في ذوات الحافر؛ ومنه قول أبي دوادٍ:
يطأ الأرض بوأب صلبٍ ... غير ممطر ولا جد أرح
الوأب: الحافر المقعب المقتدر. والدح: مثل الدع وهو الدفع والمطرات: جمع مطرةٍ وهي العادة.
رجع: إن ربنا لو إختار، لأتخذت القائنة حباً من الحبة، وسباً من الربة، فأحب خليلك ولا تحب، وأسهم لخالقك وأشحب، فالوجوه إذا رضى مسفرات. غاية.
تفسير: الحب: القرط. والحبة: بذور العشب. والسب: الخمار. والربة: ضورب من النبت. وأسهم: من السهوم وهو تغير الوجه ويبسه. وأشحب: من الشحوب وهو تغير اللون؛ وربما سمى الهزال شحوباً.
رجع: لصب، في خصبٍ، خير من فسيحٍ ضاحٍ، في جدبٍ فضاحٍ، والله كاشف الجدوب. فخذ من الكريم فدرة المهزل، ولا من اللثيم بدرة المجزل، والله أكرم الأكرمين. واهرب إلى الفضاء الإمليس، من شر الجليس، والله ثاني المنفردين. وأرض من الطوى، بالورد القطوى، والله مروى الظامئين. لو سلط البرام، على الآرام، والعلس، على ذوات الطلس، لاستراحت الرذية، من الأذية، ومناصية السلم، من الحلم، وكل ما كان فالله به أعلم العالمين. وجمع في البالة، أجمل من نصب الحبالة، وربك مفطن الأفين. رب دارٍ، انصرف هاوي الجدار، والناصف، أنفع لك من الواصف؛ فأشرك الوصيف، في النصيف، فإنه يقيك بذلة المتبذلين. ولو كمل علم الطلى، لفرح بالولى، والسمى لا تعرف مكان الوسمى، لكن الله يغيث عباده بالمعصرات. غاية.
تفسير: اللصب: شق في الجبل ضيق. والضاحي: الظاهر. والإمليس: الأملس. والطوى: البئر. والورد القطوى: مثل ورد القطاةز والبرام: القراد. والآرام: الأعلام. والعلس: جمع علسةٍ وهي دويبة صغيرة سوداء، والعلس أيضاً ضرب من الحبوب يؤكل، والعلس أيضاً حب يخرج في الجسد. وذوات الطلس: الذئاب. الرذية: البعير الذي قد تركها راكبها لعجزها عن حمله. ومنا صية السلم: مجاذبته، وهو الشجر المعروف.
والحلم: القراد إذا عظم واحده حلمة. والبالة: الجراب الضخم، والمعنى أن الطلب من الناس أجمل من الأحتيال عليهم. والأفين: الذي لا رأى له.
رب دارٍ: أي رب خاتلٍ، من دراه يدريه إذا أختله؛ ومنه قول الأخطل:
فإن كنت قد أقصد تنئ إذ رميتنى ... بسهميك فالرامي يصيد ولا يدري
أي لا يختل. والناصف: الخادم. والنصيف: مكيال لهم صغير؛ ومنه قول الراجز:
لم يفذها مد ولا نصيف
والطلى: الحمل. والطلا: كل ولدٍ. والسمى: جمع سماء وهو المطر. والمعصرات: السحب سميت بذلك لأنها تنجى من الجدب ماخوذة من العصر وهو الملجأ.
رجع: ما لبن الظئر عليك بخطيرٍ. ولكن المهدى، أحق بلبن الثدي، والنمى، أفضل من الأمى، في بعض الأوقات، ليس في كل ميقاتٍ. والقلم يميط الألم، وربما إستنزل الأعصم وهو أصم، وإستخرج الأرقم، وهو أخو النقم، بكلامٍ، في اليقظة كأنه في الأحلام. وأفٍ لكلمٍ، كالأديم الحلم، إن يترك يرح، وهو حسرة إذا طرح، وما وصلت الخلبة، إلى العلبة، إلا وصاحبها قد عزم على اتباع اللمعات. غاية.
تفسير: المهدي: الصبئ منسوب إلى المهد. والنمى: درهم كان يضرب من رصاصٍ يتعامل به في الحيرة. والخلبة: حبل من ليفٍ، ويسمى الليف الخلب والخلب؛ قال المثقب العبدي:
غباره في إثره ساطع ... مثل رشاء الخلب الأجرد
والعلبة: قدح من خشبٍ. واللمعات: جمع لمعةٍ وهي القطعة من الكلأ.
رجع: لا يجزئك طهور، بماء شجرٍ مجهورٍ، ولو تيممت بالمسك، لم تكن قاضياً حق النسك، من يخبرنى عن فورٍ، طلين بالكافور، ومجدلٍ، رفع في مخالب الأجدل، وقصرٍ منيفٍ، حمل في خنيفٍ، والله على ذلك قدير. إن وقاك الهنبر، شفيف الصنبر، فنعم الأديم، وإن بقى ماء الحاجر، إلى ناجرٍ، أغناك عن الحميم، عس الأدرع في الدرع، فوقع بفريرٍ أبقع، فبات راعٍ، في وعاعٍ وغدت الرعاة، كالنعاة، عقيل أحمالٍ، إلى زب المال؛ وربك رازق المهتبشات. غاية.
تفسير: مجهور: مستخرج، من قولهم: جهرت البئر إذا استخرجت ما فيها. والوفور: الظباء والمجدل: القصر. والخنيف: ضرب من ثياب الكتان. والهنبر: الأديم الردئ، ويقال إنه أديم الضبع. والصنبر: شدة البرد. والحاجر: موضع يستدير فيجتمع فيه الماء كأنه يحجره عن الذهاب.
والحميم هاهنا: المطر في الصيف. والأدرع: الذئب لأن رأسه أشد سواداً من سائر جسده ويقال لليلة درعاء إذا لم يطلع القمر في أولها، وجمعها على القياس درع مثل حمراء وحمرٍ، وعلى غير القياس درع. والفرير: ولد الضائنة أو الماعزة. والوعواع : كثرة الأصوات وإختلاطها. وعقيل أحمالٍ: أي كريم خرافٍ. والمتهبشات: المكتسبات.
رجع: ليس الحيات، وإن اختبأن بحيياتٍ، إنما هن الخرص، وطلبن الفرص؛ وأعوذ بالله من أفاعٍ، بتن في اللفاع، لن لمسا وأكلن همساً، وليس الفنيق، من صحب السوذنيق، ولا النوق، طائرة مع الأنوق. كل الدنيا مكاره إلا ما شاء الله. أموم، أحب إليك أم سموم، أكفن وقبر، أم حدث وصبر، أعسال ذو أنابيب، أم عسال يعرف بالذيب، أعفى الفحل، من حمل الرحل، وجيبت الماحلة، على الراحلة، ليس الخصر المخطف، بموضع النطف، ولا الوشاح لفمٍ شاحٍ، وطال ما حمى العذل، من الجذل؛ فأنظر على أي رحلٍ تركب؛ فنفسك مرتحلة مع المرتحلات. غاية.
تفسير: الخرص: البرد مع الجوع. اللفاع: ما تيلفع به. والهمس: صوت الأضراس في الأكل إذا كان خفياً وكذلك في المشى وغيره. والسوذنيق: الشاهين. والأنوق: الرخم جمع لا واحد له، وقد قيل إن الأنوق ذكر الرخم. والموم: البرسام وجيبت: قطعت والماحلة: الأرض ذات المحل. والمخطف: الدقيق. والنطف. القرطة. وفم شاحٍ: أي قد فتح نفسه.
رجع: إستغنى الأمين، عن بذل اليمين، وجاءك إتهام ، بسوء الأوهام، والقناعة، نعم الصناعة، والراغب، أبداً ساغب، ما نحن، وما هذا اللحن! نحل، نزل على ضحلٍ، ليس بليسٍ، ذوات الجث والقليس، والله خالق الشجاعة في قلب الشجاع. إن سرناً فدبي رملٍ، وإن طرناً فأجنحة نملٍ، ما شعر الزميل، بالذميل، فني العمر، ولم يدر الغمر، ميل ثم ميل، وانقضى الأميل، فمن لك بالمفارز المتصلات. غاية.
تفسير: اللحن ها هنا: الإيماء. والضحل: الماء القليل. والليس: جمع أليس وليساء وهم الشجعان. والجث: غثاء العسل وشمعه. والقليس: العسل. والزميل: معادل الراكب. والأميل: رمل يستطيل أميالاً وربما كان مسيرة أيامٍ، وينبت العلقى؛ قال الشاعر يخاطب جمله:
فمت كمداً أو كل على غير شهوةٍ ... أفانين علقى مرةً بأميل
رجع: يا نفس دعى الأخطار، في الخطار، والإبل، للنافس والمسبل، وأقبلى على تقوالك. إنسدح، من شرب القدح، فكونى أول داحٍ، بالقداح، كرهت العلجة، ضياء البلجة؛ لأنهم قالوا لها أحطي يا دفار، أو أشطبى في الأسفار، وأبت الدلجة، الخدلجة؛ لأنها تنصب وانيةً، وتقصب زانية؛ وثوب الشيب، ليس بقشيبٍ، والله الخلف من الشباب. وقد خلعنا منه الكسوة، وكان لنا بالناس الإسوة، والانسان، عند الحسان، من راق، وكان ذا وراق، سبحانك هادي الضالين. ما انا وخلوباً، ترد مطلوباً، كفتها الفار، من الأظفار، جاءتك ريح قطرٍ، من ثومٍ شطرٍ، إن ريح أعضائي في القبر تشغلني عن روائح ذفراتٍ. غاية.
تفسير: الأخطار: جمع خطرٍ وهو ثلاثمائة أو مائتان من الإبل. والخطار: مثل الرهان. والنافس: القدح الخامس وله خمسة أنصباء في رأي من جعل الجزور ثمانية وعشرين جزءا. والمسبل: القدح السادس وله ستة أنصباء.
والمعلى: السابع وله سبعة أنصباء. وإنسدح: أنسطح. والعلجة: الأمة. ودفار: منتنة الرائحة. وأشطبى ها هنا: أبعدي، وفي غير هذا الموضع: شقى الجريد. والدلجة: المسير من أول الليل. والخدلجة: الغليظة الساقين. وتقصب: تعاب. والقشيب: الجديد. والوراق: جمع ورقٍ. مطلوب: ماء بعينه. والفأر: فأر المسك. والأظفار: من الطيب. والقطر: العود. والشطر: البعداء. والذفرات: الطيبات.
رجع: رب لا تجعلنى في الناطقين، كأنني حجل قين، صمته في ساق الخدلة أحسن من نغماته؛ وأنت رازق التقوى المتقين. والأطير، في العالم يطير، سبحانك مسير الأخبار. والنفاق، يلبسك ثوب الإشفاق، والله العالم بسرائر المداجين. والافتقاد، يذهب الأحقاد. لمن أعظم وأجل، وكلنا معه بالموت سجل، إن من تبلى أعظمه لغير جديرٍ بالتعظيم ألمت كحل بالمحل، والله خالق العام الخصيب. فاغسل ذنوبك من التوبة بسجالٍ، قبل الإعجال. والأشر، يهلك البشر، لا كتبنا الله مع الأشرين. وأزجر ثفالك بالنهيم، في الليل البهيم، تصبح، وقد حسبت فيمن ربح، وإياك وموارد أسناتٍ. غاية.
تفسير: قين صيغ. والخدلة: الممثلئة الساق. والأطير: هو الخبر الذي يجئ من بعدٍ، وربما سمى العجب اطيراً. وكخل: السنة الشديدة. والسجال: جمع سجلٍ ها هنا وهي الدلو العظيمة، وقال أبو عبيدة: لا يقال لها سجل حتى تكون ملأى ماءً. والسجال: مصدر ساجلته مساجلةً وسجالاً إذا إستقى سجلاً واستقيت سجلاً. والأشر: البطر. والثقال: البعير البطئ. والنهيم: ضرب من زجر الإبل.
رجع: المخلوق كما خلق طبع الهادل، على الخشية من الأجادل، فالحمائم وأن سكن الأقفاص، وعلمن أن لا مفاصن يحسن النقر، ويخشين مخالب الصقر، والرقل، غير كأسٍ بالعقلٍ، وربنا كاسى اللابسين. لا تلب، على القلب إلا وهن ذوات ماء، فان الراكز، على الناكز، غر القوم، وأفنى اليوم. والغلل، يذهب الغلل، فارو من حيث شئت ولا تبل، أمن وادٍ أتاك الرزق أم من جبلٍ، فإن ألطاف الله طارقتك من كل أوبٍ. والصعل، غير مفتقرٍ إلى النعل، والقبل، ضائعة في عين الأقبل وإياك والجنب، إلى زينب، ولا يغرينك النقاب، بما تحت الحقاب، فإن النفس موكلة بالضلال. ولا تكن مثل مهدى الماضر، إلى تماضر، وهي تهديه، إلى من يعاديه، خاب سير خميسٍ، جهز لهوى لميس، يا دعد، العقد، في قلب الحاسد حقد، والطوق، في عنقه أوق؛ وأنت وحاسدك تصليان من الدهر بسطواتٍ. غاية.
تفسير: الهادل: الحمام. يحسن النقر: للحب. والرقل: النخل واحدها رقلة. والعقل: ضرب من الوشى؛ قال علقمة بن عبدة الفحل يصف الظعون:
عقلاً ورقماً تظل الطير تتبعه ... كأنه من دم الأجواف مدموم
والراكز رمحه ليشرب. والناكز: البئر التي لاماء فيها. والعلل: الماء في أصول الشجر. والغلل: جمع غلةٍ وهي العطش. من كل أوبٍ: أي من كل وجهٍ. والقبل: ضرب من الحول وهو إقبال إحدى العينين على الأخرى، ويوصف به الذئب. والجنب: الشوق. والماضر: اللبن الحامض. والأوق: الثقل.
رجع: صل، على الظالم بالمنصل وأخضب السفاسق، من دم الفاسق، إن رضوى، لا يخاف أبداً من ضوىً، حتى يأذن رب الجبال. والقرو، لا يمتلئ من عصارة المرو، إلا أن يجعله الله ذا ماء. رويدك قد ملأت الفرى، من رسل المرى، فإلام تحتلب، أما تقرب إلى الخير ولا تلب! إن العرية، نغصت الناشط بالكرية، والدينا دار شقاء. أيها القريب والقاص، لا بد من إنتقاصٍ، ليت شعري ما أنا لاقٍ، قيل الأنطلاق، أنائم أنت أم أرق، تغصب غيرك وتسترق، والخارب، لا يحارب، إنما يختلس، ثم يلس، فلا تكن مثل الكلا ينبت، ولا يثبت، وراقب ربك بالخلسات. غاية.
تفسير: السفاسق: مما يوصف به السيف وهي طرائق فيه وقد تسمى الطرائق في ظهر الجمل إذا أكل الربيع سفاسق، وكذلك في القوس والسنان؛ قال سوادة بن عدىٍ:
جالت الخيل جولةً فحشته ... لهذماً ذا سفاسقٍ مطروراً
وقال آخر يصف قوساً:
مفطوحة السئتين توبع بريها ... صفراء ذات أسرةٍ وسفاسق
وقال حميد بن ثورٍ يصف الإبل لما رعت الربيع:
وقد عاد منهاذ والسفاسق واضحاً ... هجاناً كلون الثور والجون أصحما
الصحمة:سواد إلى صفرةٍ. والضوى: صغر الجسم. ويقال إن الرجل إذا تزوج إبنة عمه أصاب ولده صوى؛ قال الراجز:
أنذر من كان بعيد الهم ... في الناس تزويج بنات العم
ليس بناجٍ من ضوى وسقم والقرو: إناء يعتصر فيه الخمر. والمرو: الحجارة الرقاق. والفرى: المزادة العظيمة. والمرئ: التي تمرى أي يمسح ضرعها لتدر. ولا تلب: من ولب إلى الشئ إذا دنا إليه. والعرية: الريح الباردة. والناشط: الثور الوحشي لأنه ينشط من بلدٍ إلى بلدٍ أي يخرج. والكرية: واحدة الكرى وهو نبت ترعاه بقر الوحش؛ قال العجاج:
أو مقول توج حميرى ... حين غدا يقتاده الكرى
يلس: من الولس وهو المضيء السريع.
رجع: إن زعمت أنك بر فبر، وأبر، وإياك أن تأبر، وإذا عاقبت فلا تبر، وأطعم من برتك، ولتكن نفسك في برتك، فالبر إن كان فقيراً، لم يكن حقيراً، وإن كان غنياً غرق الخطية، في بحر العطية، ونظر إليه الأعداء بالعيون الغطشات. غاية.
تفسير: وأبر أي زد. وتأبر: تلدغ بلسانك، من قولهم أبرته العقرب إذا لدغته. فلا تبر: من البوار وهو الهلاك. في برتك: أي في مثل برة الناقة وهي خلقة من فضةٍ أو صفرٍ أو حديدٍ، وإذا كان من خشبٍ فهو عران وخشاش، وإذا كان خيطاً من شعرٍ أو نحوه فهو خزامة. والغطشات: المظلمات.
رجع: أين أكون، بعد البيت المسكون، احل بالصعيد، لا أشعر بمجمعٍ ولا عيدٍ، وذلك منزل المنفرد الغريب، والله مونس المستوحشين. بئس المرء أنا فإن لقيت أمراً بيساً، فلا يبدين وجهي تعبيساً، وقع الفند، على أي هندٍ، كم من راقصةٍ، بين فيد وواقصة، يجتثها بالسوط رجل، هو إلى المنية عجل، والله العالم بمنقلب الآئبين. كم منقطع منه الرجاء، ترجع إليه وتجاء، والله محقق رجاء الراجين. أنا المتأخر، المدخر، تأخرت عن الإنعام، وأدخرت طعاماً للعام، والله رازق المتكلين. لقى أوس، رجلاً من دوسٍ، فأعترضه بقوسٍ، فانصرف من الخائبين. وطمع أويس، في الوليد ذي الحيس، لقيه يسير بغنمٍ مياسير، فوجد ما أراد، وربك موفق الواجدين. نجت العير، وتخلف بعير، والله راعي المتخلفين. إذا غدر السجير، فبمن تستجير! وبكاؤك على نفسك أولى من بكائك على العرصات. غاية.
تفسير: يقال أمر بيس وبئيس إذا كان شديداً. الفند: القطعة من الجبل. وفيد وواقصة: موضعان في طريق مكة من العراق. والأوس الذئب. وأويس أيضاً. والحيس: تمر وأقط ولبن، وهو من أطيب طعام العرب ويخص به الأطفال المكرمون. قال الأصمعي: قال لي الرشيد: فطمت على الحيس ربما جعل فيه زبد. وأيسرت الغنم: فهي مياسير: إذا نتج أكثرها، ويسرت أيضاً. والسجير: الصديق.
رجع: ما أفلت من ضارٍ، الوحشى بإحضارٍ، إنما ذلك بقضاء منقذ السالمين. صاحب الطليل، في الظل الظليل، كأنه أو ساسان. أكلة في اليوم، راحة من اللوم. ومن للأحص، بالشحص، والعارية، بالأطمار الموارية! شغل قلب الصعلوك، عن قلب الهلوك، والقدر يضع المسد، في أعناق ليوث المسد، فأرزفنا رب خير ما رزقته الحائفين. أيها العود البارك شر عقالٍ، ما كان بذوات الصقال، وأبأس هجارٍ، ما كان بدمٍ جارٍ، فأحمد خالقك، أنت في الربل، وعقالك من حبلٍ، فلا ترين في الشاكين. هل بالعدان، من سعدانٍ، إن شاء ربك فهو كثير، ما بن اليعضيد، من لي نضيدٍ؛ فإنه ينهدم، بالسير المردم، وربك باعث السائرين. فاز المحقور، بالشقور، ورضى الصغير، بالوغير. الكافر تأبق، وأحمد أمره من سبق، فأورد قلاصه خضر القلصات. غاية.
تفسير: الطيل: الحصير. والأحص ها هنا: الذئب الذي قد أنحص وبره. والشحص: ردئ المال. والقلب: السوار. والهلوك: الفاجرة. والمسد: موضع معروف بكثرة الأسد قريب من مكة؛ قال أبو ذؤيبٍ:
ألفيت أغلب من أسد المسد حدي ... د الناب أخذته عفر فتطريح
والعدان: ساحل البحر وهو أيضاً موضع بعينه. والربل: نبت ينبت في آخر الصيف بالندى. والمردم: الدائم من كل شيء. والشقور: الحوائج التي تعرض في النفس، ويقال دققت له شقورى أي حدثته ما في نفسي. والوغير: لبن يحمى بالرضف؛ وإنما سمى المستوغر السعدي بقوله:
ينش الماء في الربلات منها ... نشيش الرضف في اللبن الوعير
وتأبق: تفعل من الإباق. والقلصات: جمع قلصةٍ وهي جمة البئر؛ يقال قلص الماء إذا إرتفع وهو من الأضداد؛ قال الراجز:
يا ريها اليوم على قلاص ... قد جم حتى هم بانقياص
رجع: رب قلاصٍ، خشيت من لا صٍ، أطالت الأزر، ولم تعد في الجزر، فأستر مولاي نساء الصالحين. كرهت الظبية، وقوه الغبية، وبها نبت الحلب، ودر من صرتها الحلب، لواهنٍ، سدك بالمداهن، تعالى من خار لعباده وهم للخيرة كارهون. أهل الأرب، من العرب، والقروم، من آل الروم، كأنهم خرس، عند الفرس. فسبحان من جعل لكل أمة لسناً هي بلغة المتكلمين. أعوذ بك رب من جدٍ أحتلب الصأب، من ذات العصاب، وإجتنى المقر، من النخلة الموقر، ومن عند الخالق سعد المجدود ين. كم أنقض وأتق، وقد رزقت مالا أستحق، فجل رازق المحرومين. لولا البر الفأرة ثم حلف مولٍ أن مسكنى لا بر فيه لخشيت أن يحسب من الصادقين. ومن نظر عن شحطٍ لم تزل الجفون منه غمصات غاية.
تفسير: القلاص ها هنا: النساء. والقلوص يكنى بها عن المرأة؛ قال الشاعر:
ألا أبلغ أبا حفص رسولاً ... فدًى لك من أخي ثقةٍ إزارى
قلائصنا هداك الله إنا ... شغلنا عنكم زمن الحصار
يعقلهن جعد شيظمى ... قفا سلعٍ بمنطلق التجار
واللاصى: العائب؛ يقال لصاه إذا رماه بشرٍ. والغبية والدفعة من المطر؛ قال ذو الرمة:
إذا استهلت عليها غبية أرجت ... مرابض العين حتى يأرج الخشب
والحلب: بنت تحبه الظباء؛ ولذلك قيل تيس الحلب. والضرة: أصل الضرع. لواهنٍ: يريد الخشف. والمداهن: جمع مدهنٍ وهي نقرة يجتمع فيها ماء السماء. والأرب: العقل. واللسن: اللغة. أنقض: مثل صوت الدجاجة عند البيض. وأنق: مثل صوت الضفادع والعقارب؛ قال الشاعر:
كأن نقيض الحب في حاويائه ... فحيح الأفاعي أو نقيق العقارب
والغمصات: مثل الرمصات رجع: مالك يدان، بإجتناء العيدان، فعليك أيها العتيل، بالكتيل، والله يعينك على ما تريغ. فأغسل عرضك وأنق، وعش بعد ذلك بصفوٍ أو رنقٍ، وأضطجع إن شئت أو أسلنق. يا من نام، على السنام، إن النجم لا يهاد، من طول السهاد، إن عرتك نافض فإن السماك، لا يشعر بحماك. خف من خشف بغم، كما تخاف من هزبرٍ ضغم، فكل الأنفس مواطن الشرور. في الأرض وقع، وفي السماء نقع، أما الريش، فمن قريشٍ والله رائش المنهاضين. كم سدرٍ وضال، بين السدر والضال، وربك هادي المتحيرين. واللباب، أهل الألباب، ولكل حيوان حس ولكن الله فضل الناطقين. إذا عبرت بالعبرى، فقل إني منك برى، فإنه لا يحفل، ولا ينتفل. هل لك في غمرٍ، من رسل القمر، وتلك دعوى المبطلين. كم بلى تحت الكف الخضيب من الأكف المختضبات. غاية.
تفسير: العيدان: النخل الطوال واحدتها عيدانة. والمتيل: مثل الأجير بلغة جديلة طيءٍ. والكتيل: جمع كتيلةٍ وهي النخلة التي تنال باليد. وأسلنقى: إذا نام على ظهره. لا يهاد: لا يحرك. والريش: الإصلاح. والسدر: الذي قد أظلم بصره. والعبرى: ما كان من السدر على الأنهار. والضال: ما نبت منه في البرية؛ قال ذو الرمةٍ:
قطعت إذا تجوفت العواطى ... ضروب السدر عبرياً وضالاً
ولا ينتفل. لا ينتفى.
رجع: هبت الخريق، بالحريق؛ فألقته، في ديار ما توقته؛ وأمور الله تبغت الغافلين. إن كان الريش، من الحريش، فلعل العود، من السعود، وكل بأمر الله يكون. والنقى، حدث من رعىٍ وسقىٍ، والله يذر البركة للمحسنين. والطبع، شفى ذوات الربع، وربنا مروى اللائبين. فاح المسك المسحوق، من تحت السحوق، والله مودع الخير في الغنى والفقير. كم ذي نعمةٍ أزيح، وله إرزيح، والله وارث الوارثين. إن ثوب الأرن، لرث درن، والله يرفع المتواضعين. والآفق، ليس بمنافقٍ، فلاتك من المنافقين. إذا كان السهم أصلاً، وجب أن يكون الفرع نصلاً، عز منشئ الفروع والأصول. جزع نزيع، من ظلمة هزيعٍ، والله حافظ المغتربين. والأسود، لا تفزع من الليالي السود. الوحاف، لهن مثل الصحاف، يتحدن، فلا يحدن، ويوالين الصيد فلا يبالين، مار من يفعلن ذلك إلى أن هر من، يقترين الركب ولا يقرين، وربما بتن، وقد عنتن، فسبحن، ليلهن حتى أصبحن. كم طلعت الزبرة، على ذي زبرةٍ، والذراع المرزم، على اغلب رزمٍ، ونثرة النجوم، على الليث الهجوم، وقدر الله يفترس المفترسات. غاية.
تفسير: الخريق: الريح التي تتخرق في هبوبها. والحريش: قبيلة من عامرٍ. والسعود: جمع سعدٍ وهي قبائل كثيرة في العرب. وهذه أمثال موضوعة على منهاج أمثال العرب. والنقى: المخ. والطبع: النهر الصغير وقيل هو المملوء ماءً. واللائبون: الحائمون حول المورد؛ يقال لاب يلوب والسحوق الثياب الخلقة. وأزيح: من زاح الشئ إذا زال وذهب. والإرزيح: الصوت، ذكره أو عمرو الشيباني. والآفق: الذي قد بلغ النهاية في الفضل، يقال ذلك في الإنسان والفرس. والنزيع: الغريب. والهزيع: القطعة من الليل. والوحاف: جمع وحفةٍ، وقيل جمع وحفاء وهي أرض سوداء، وقيل بل حمراء؛ والمعنى أنه يأكل فريسته على الأرض فكأنها صحفة لطعامه.
يتحدن: من الوحدة. يقترين: يتتبعن. والزبرة من الأسد: الشعر الذي بين كتفيه؛ يقال أسد أزبر إذا كان كثير ذلك الشعر. والرزم: الأسد الذي يبرك على قرنه. والنثرة: باطن الأنف، ويقال هي الأنف وما حوله.
مضى فصل التاء والله الحمد
فصل غاياته ثاء
قال أبو العلاء أحمد بن سليمان التنوخي:خوف الله معاقل الأمن، والحكم له في العاقبة والمبتدإ، لا يرد عليه عجب، وكيف يعجب من شئ خالق العجائب ومبتدع الآزال! أيقن فما أستفهم، وهل يستفهم عالم أسرار الفهمين! ولا تعرض له الأماني؛ إنما تخطر لمن تضعف قدرته دون المراد. فليت جسدي خيفته مثل الشن وأدمعى لذلك شبيهة القطر. وطوبى للمترنمين بالتسبيح ترنم هزج النهار، حتى إذا النجم طلع ترنم بالذكر مع البعوض إعظاماً ما لوارث الوراث. غاية.
تفسير: الآزالٍ: جمع أزلٍ وهو الدهر. وهزج النهار: الذباب. والبعوض: البق.
رجع: أعدل بالحاكم على خلقه بالمنية! يحيدون من خطبٍ إلى سواه، والحمام ساقة جيوش الخطوب. ما ألطف صانع الظبية تنظر. يجنحى ليلٍ، وترفع هدال الشجر بقضبي ظلامٍ، وتلبس حلة الوبر وتطأ على مثل المحار، أعلقتها أمس الحبالة فخلصت بالجربض، وصادفتها في اليوم ضراء المكلب فكاد إهابها ينقد عن قلبٍ مروع، وسلمت بعد الشد المحيص، وفي الغد ينتظمها بعض سهام المرتميمن فلم يغنها الفرق من الأحداث. غاية.
تفسير: هدال الشجر: ما تهدل من الأغصان. والمحار: الصدف. والجريض: الغصص. والمحيص: العدو الشديد؛ يقال محص الظبى.
رجع: نعم الله كثيرة العدد لا يحصبها العباد، تجدد كنبات الأرض وقطر السماء؛ هذه في كل حينٍ، وذانك في كل عامٍ. هل تشعر أيها الساهر ما تنطق ذوات الشعرات، كأنهن قيان يشربن الدم بكاسات من الشعر كما يشرب غيرهن الرحيق، وليس ذلك عليهن بحرام، ويذكرن الله بغرائب ألحان، ماعرفهن معبد ولا الجرادتان، ولا استعن على تحسين الأصوات بمثالث ولا مثانٍ، ولا طارحهن الشدو عالم بالغناء، يشهدن أن الذي خلقهن خالق الغريض متى أمر نهض أهل الأجداث. غاية.
علم ربنا مالا نعلم، له الحمد ولنا الذم. ما أشبه معين الظالم به، ولله القدرة. فهل أثم قين فتق خشيبة مشرفي كأنما درجت عليه بنات الجثل والدعاع، وبه مثل الهبوة من الصقال، يخصر من المنية بإذن الله كما يخضر من السم الأفعوان، فلما تم وكساه الأديم ورداه بمثل ذؤابة الوليد، وذلك بعلم الله، قدم سبد أسبادٍ بمالٍ ما أكتسبه فاشتراه وفرع مناكب جبلٍ يرقب وراد الماء والله بمكانه عليم، فمرت رفقة من التجر في أعقابهم طالب رزقٍ يقوم الليل ويصوم النهار، فوثب الداعر فضرب عتق جارمة عيالٍ فما تطعم عيونهم من حثاثٍ. غاية.
تفسير: القين ها هنا: الصيقل. والخشيب: من الأضداد يكون الذي قد عمل عملاً غير محكمٍ ويكون الذي قد فرغ من عمله؛ وكأن الخشيبة هاهنا هي الحديدة. والحثل والدعاع: ضربان من النمل. والهبوة: الغبار الدقيق وهو مما توصف به السيوف؛ قال الشاعر أنشده الباهلي:
دلفت له بأبيض مشرفىٍ ... كأن على مواقعه غبارا
مواقعه: مواضع الميقعة منه وهي المطرقة. وقال ذو الرمة وليس في ديوانه:
وزرقٍ كستهن الأسنة هبوةً ... أرق من الماء الزلال كليلها
الأسنة ها هنا: جمع سنانٍ وهو المسن. وسبد أسبادٍ: كما يقال داهية دواهٍ والداعر: المفسد، مأخوذ من العود الدعر وهو الكثير الدخان. وجارمة عيالٍ: أي كاسبهم. والحثاث: القليل من النوم.
رجع: لله العلم والعظمة. إن كانت السماء جرباء، فالطلام طلاء، وإن كانت القور إبلاً، فالحندس قار، وإن كانت المجرة جدولاً، فالشهب نياق حيام، وكل ذلك بفضل الله ناطق مقر. وإذا كانت مكة حرم الله، فحضيض أبي قبيسٍ أشرف من قباب كنيه النعمان، ورمل بطحائها أولى بالمفرق من المسك، وطوق حمامتها أنفس من طوق الزباء، وسواد الركن أحسن من بياض الدرة العذراء، تثنى على الله بلاد ما ضرب بها الليل رواقاً، ولا نسج السحاب ستراً، ولا أوقدت الشعري ناراً، ولا نصب عموده فيها الفجر، فالخشوع لمنشيء المطر يسقي الشقائق ذوب العقيق، والعبهر ماء السام، واللجين وقضبه زبر جدى العصير، والبنفسج منحل الياقوت، ويسكن ريا الطيب ضروباً من النبت كالحنوة والعرار والجثجاث. غاية.
تفسير: نياق: جمع ناقةٍ. وحيام: عطاش يحمن حول الماء. والعبهر: النرجس. والعصير ها هنا: ماء السحاب. والعرار: البهار الأصفر ويقال إنه البيبسون.
رجع: اللهم أجعل ذكرك عذباً على عذبة لسانى، ومخلداً طول حياتي في خلدى، ونفساً عند الكربة لنفسى، ومنبطاً للحكمة في قليب قلبى، وأسالك عصمةً من الذنوبن فإن لم أكن أهلاً للعصمة فلتكن جرائمي معك لا مع عبادك فإنك الحليم الكريم، وإنا معشر الإنس فينا سوء ظفرٍ وقلة إحتمالٍ. وأجعل رب طاعتك سيفى على العدو وسناني، وزادي في السفر وراحلتى، وأنسى في الوحدة ولذتي، وأعوذ بك منشيء الخلق من أذنٍ كأذن طوى الزجاج الذي ماؤه حبر ورشاؤه يراع، له أربع آذان يجذب بها فيتبع، وهو مع ذلك لا يسمع، ومن فمٍ كالوجار ما طرح فيه لهمه، ومن يدٍ كيد الصبى، تبهش إلى كل شىٍ، وليكن ليلى فيك ليل أنقد ونهارى لك نهار الطير الغراث. غايةً.
تفسير: عذبة اللسان: طرفة. والخلد: النفس. وتبهش: تمتد إلى كل شئ. وأنقد: هو القنفذ، ويقال ابن أنقد، وبات بليلة انقد: إذا لم ينم.
رجع: ما أحسنت فأطلب الجزاءن لكن أسأت فمرادي الغفران. ومن لي بالوقفة بين المنزلتين: لا أكرم ولا أهان. وإشتمل علم ربك على ما خفى وعلن، وإستغنى عن كل عبادةٍ ونسكٍ، وأفتقر إلى ذلك خلقه الصعفاء، وأقر به السكون والحركات، وأطلع بقدرته على هواجس الأخلاد، وبلغته الأمسرار من غير آثٍ. غاية.
إتق الله ولا تاو للضب من حفر الكلدة فإن الله به عليم، وأحفظ الكلم فإن شوك العاضه أخشن مسا من شوك العضاه، ولا تقتد بخارط القتاد، ويعجبك قول القوم: أحسن وأصاب؛ وأمر نفسك فإذا أطاعتك فازجر الأقوام، وإن عصتك الغريزة فعليك الصمات إن كان كلامك لا ينتفع به سواك. فإن ظننت المنفعة لغيرك فلا بأس بعظتك وأنت مصر على الأثام. وإذا حاضرت بالنفاق فمجالسة السمر خير لك من سمار الحداث. غاية.
تفسير: الكلدة: الأرض الغليظة. والعاضه المغتاب؛ وكل قائلٍ شراً من نميمةٍ وغيرها فهو عاضه. والسمار: جمع سامرٍ وهو يقع على الواحد والجمع. والحداث: جمع لم ينطق بواحده.
رجع: يقدر الله على المستحيلات: رد الفائت، وجمع الجسمين في مكانٍ، ومالا تحتمله الألباب إذ كان لا نيسب إلى عجزٍ ولا انتقاص.
فإذا مررت بعود بالٍ فأعلم أن الله يستطيع أن يكسوه أخضر كخضرة الحسام، حتى يورق ورقاً كعدد الرمال، ويقف على كل ورقةٍ ورقاء تعبد بألحانٍ معبدياتٍ، يغرض الغريض والأسماع إليها غرضات. وإذا شاء الله جعل شجر الطلح ركائب لركبان الأطلاح، وخزائمها خزامى الدماث. غاية.
غشيت رحمة الله كل الحيوان، وتكفل بالرزق لكل المتغذيات، وعلم ما كان وما يكون بغير إكتسابٍ، وأرسل المحن أجوراً للمتعبدين. فاغش المكاره في الله ولا تخش الأقوام؛ فقد غشيها في غيره الزويران: علقمة يوم المضيق، وحضير يوم بعاث. غاية.
تفسير: الزوير: بعير أو نحوه كانوا يعقرونه في الجاهلية في حومة الحرب ويقولن: لا ننهزم حتى ينهزم هذا. وربما جاءوا بصنمٍ فرضعوه وقاتلوا حوله، وهذا هو الأصل؛ قال الشاعر.
جاءوا بزويهم وجئنا بالأصم ... شيخٍ لنا معاودٍ ضرب البهم
والزوران ها هنا: صنمان، ويسمى سيد القوم زوراً من هذا وزويراً. فأما علقمة بن الحارث من كندة فإنه قال لهم يوم المضيق: أنا زوير كم وقاتل حتى قتل. وحضيرٍ هو أبو أشيد بن حضيرٍ صاحب رسول الله صلى الله عليه وعو صاحب واقمٍ: أطمٍ بالمدينة؛ وله يقول خفاف.
لو أن المنايا حدن عن ذي مهابةٍ ... لهبن حضيراً حين أغلق واقماً
وكان ثبت في يوم بعاثٍ وركز حربته في عير قدمه وقال: أنا زوير كم، فقتل.
رجع: الدنيا زائلة زوال الظلال؛ فأطعم سائلك لحم الجزور، وطعامك هبيد النعام، وأكرم ضيفك والقوم يتكفون بالغثاث. غاية.
تفسير: يتكنفون بالغثاث: تقول العرب: تركنا بنى فلانٍ يتكفون بالغثاث أي قد ماتت أموالهم حولهم. والغثاث: الهزلى.
رجع: الله أكبر تعبداً حتى يسقط فرض العبادة عن العبيد، ويلحق فرقد السماوة بفرقد السماء فيكون مجاوره، ويهبط النسر الطائر على قتيل الأرض فيأخذ لفرخيه خائس البضيع، وتخالط نعائم الجو، نعام الدو، فتتخذ الأداحي وتودعها بيوت الرئال وترتع في الشرى والتنوم، ولله الملك إقراراً بالعظمة حتى ينزل حمل الخضراء فيشرك الرخل في خلف الشاة ويكرب على ثورها القراح، أو يساق في الهدى فيقلد النعل ويشعر بالمدية للمساكين، وتدعى الجوزاء أما للفرير، ويمحش السرطان فيلقى في الألدة ويقع الأسد وذراعاه وجبهته وسائر كواكبه فيتكون ليثاً في الغاب يطلب لشبليه لحوم الرجال، وتصير السنبلة على خامةٍ مستحصدةٍ، ويطرح في الميزان الحجرين أصحاب الحاجات والمتبايعون، وأستغفر الله حتى يجمع عقرب الشهب: شولتها وقلبها وزباناها وجميع تجومها سك ضيق في جدار قرمٍ منفضين يدركها الوليد بالغريفة وهي تدب فيلحقها بالهالكين. ولن يكون ذلك إلا بمشيئة رب العالمين.
وأضرع إلى الله في هبة التوفيق حتى ينزع في قوس برقع رامي الهاديات فيسمع لها ترنم وتلق عليها الجلائز وتصان من الأنداء وتجرى في فورضها الأوتار، وحتى يباع جدى الفرقد على يد حنة العتيل بالدرهم والدرهمين ويأخذ أديمه الرجل فيجعله شكوة يحتملها في القيظ. وأسأل الله الصفح عن الجرائم حتى يقوم المتساجلان على الطوى النزوع وقد جعلا الدلو الزحلى في طرف رشاء وعليه العراقي المنسوب إليها بعض الوسمى في الجاهلية فينزعا بها ماء يفرغانه في الحوض ليرد الفزر، وتحتاج إلى المسمع فيسمعاها، وإلى العناج فيشداه عليها، وتصير بعد ذلك شنة يتقاذف بها ولدان الصرم. وما زآل الملك لله ولن يزال؛ حتى ترغب السمكة المعروفة بالرشاء في سكنى اللجة فيصيدها ركبان الأرماث. غاية.
تفسير: خائس البضيع: منتن اللحم. والدو: موضع معروف لبني سعدٍ؛ يقال كل أرضٍ واسعةٍ فهي دو. والأداحي: مواضع البيض. وبيوت الرئال: البيض. والشرى والتنوم: نبتان يألفهما النعام. ويكرب: يحرث.
والقراح: الأرض الواسعة. ويمحش: يشوى حتى يحترق. والخامة: الطاقة من الزرع. والحجران: الذهب والفضة. والسبك: بيت العقرب؛ ويقال للبئر إذا كانت ضيقة سك. والغريفة: النعل. وبرقع: أسم من أسماء سماء الدنيا وهو أسم سرياني، أو عبراني، ويقال إن إسمه برقيعا؛ وقد جاء به بشر بن أبي خازمٍ فقال:
يدمى وجه حنته إذا ما ... تقول تلفتن إلى العيال
والشكوة: سقاء صغير يكون مع الراعي؛ ويقال إن الشكوة تكون من جلد الفطيم. العرقوتان العليا والسفلى: هما الفرغان الفرغ المقدم والفرغ المؤخر؛ كذا تقول أصحاب الأنواء. والعراقي هي خشب الدلو. والفروغ: ما بينها. وكانوا ينسبون بعض الوسمى إلى العراقي؛ ويجب أن يكون أول الوسمي؛ ومنه قول عدي بن زيدٍ:
في خريفٍ سقاه نوء من الدل ... و تدلى ولم تخنه العراقي
والإسماع للدلو: أن يشد جانبها أو أسفلها ليقل أخذها للماء؛ قال الراجز:
سألت عمراً بعد بكرٍ خفا ... والدلو قد نسمع كي تخفا
قال بعضهم أراد بالخف: الجمل المسن؛ كما يقال للناقة: ناب. ويروى عن الأصمعي أنه قال: المعنى أنه سأله بكراً من الإبل فلم يعطه فسأله خفاً يمشي به. والعناج: الحبل الذي يشد على عراقي الدلو. والكرب: حبل يشد في عراقي الدلو تحت العناج لئلا ينفلت، وقيل: هو العناج يثني، وقيل بل هو حبل يثني تحت الدلو إلى العناج. وكل أديمٍ خلق فهو شن وشنة. والصرم: الأبيات المجتمعة وليست بكثير. والأرماث: جمع رمثٍ وهو خشب يركب عليه في البحر.
رجع: لا آيس من رحمة الله ولو نظمت ذنوباً مثل الجبال سوداً كأنهن بنات جميرٍ، ووضعتهن في عنقي الضعيفة كما ينظم صغار اللؤلؤ فيما طال من العقود، ولو سفكت دمٍ الأبرار حتى أستن فيه كاستنان الحوت في معظم البحر، وثوباى من النجيع كالشقيقتين والتربة منه مثل الصربة، لرجوت المغفرة إن أدر كني وقت للتوبة قصير، ما لم يحل الغصص، دون القصص، والجريض، دون التعريض. ولو بنيت بيتاً من الجرائم أسود كبيت الشعر يلحق بأعنان السماء، ويستقل عموده كاستقلال عمود الوضح، وتمتد أطنابه في السهل والجبل كإمتداد حبال الشمس، لهدمه عفو الله حتى لا يوجد له ظل من غير لباثٍ. غاية.
تفسير: بنات جميرٍ: واحدها ابن جميرٍ وهو الليل المظلم؛ قال الشاعر:
ولا غرو إلا في عجوزٍ طرقتها ... على فاقةٍ في ظلمة ابن جمير
أستن فيه أي أمضى فيه على شقٍ من النشاط. والصربة: صمغ أحمر ويقال إنه صمغ الطلح؛ يقال في المثل: نركوهم على مثل مقرف الصربة، إذا أخذوا جميع أموالهم لأنها إذا اخذت لم يبق لها أثر. ويقال للأعجمي إذا وصف بالحمرة: كأن أنفه صربة؛ قال ذو الرمة:
تلك إمرؤ القيس مصفراُ عنافقها ... كأن آنفها فوق اللحى صرب
وعمود الوضح: عمود الصبح.
رجع: لتكن أفعالك لوجه الله ما أستطعت، وعزيز ذلك على سكان الأرض، ولكن توجد من وراء اجتهادٍ. وإذا نفثتك الشدائد إلى المفازة ومعك خيط من الأبق، وممسك ماء وفقرت لك البيداء فم جفرٍ فأصبت منه بغيتك، فأصنع حوضاً ولو قيد فترٍ فألق فيه من نزيع ذلك الجفر، فما أصابه من وحش أو إنسٍ أو ذي جناحٍ فلك من الله الثواب، وإن كنت على أوفاضٍ فأسقه الأرض لينتفع به ولو بنات الغمق ولا ترضى جزاء على الحسنة بثلاثٍ. غاية.
تفسير: الأبق القنب: والأوفاض: مثل الأوفاز وهي العجلة. وبنات الغمق: الدود.
رجع: المعفر من الشراب، معفر غداً في التراب، فأرحمني رب غداةً التعفير. لو كان الشيب، بحدثٍ وريبٍ، لكان أولى الشعر به حفن العين؛ لأنه أقرب إلى رؤية المصائب من العذار وفلائل الرأس، والله جاعل الشبان من الشيب. وبالضغيل، أول ما يطعمه ليث الغيل، والله مغدى المغتذين. من كان أخا القرم، فلا ينزلن عند البرم، فإن الأبرام، لا تشفي القرام، والله رازق البخلاء والأكرمين. ربما كان الخير، مع الأخير، وعاد الأول، وليس عنده معول، والله مفرق الفضيلة على المتفضلين. حتى للرضيع، أن يضيع، إذا أخرج من المهد، فقذف به في الوهد، وإلهنابر بالمجفوين. ليس الريط، لبني قريطٍ، ولا اللاب، منازلٍ ينس كلابٍ، فأطلب في مظانها الحاجات وربك المطلع إلى فاقة المحتاجين. لا تار، لمفسدٍ تاوٍ، فإن الذيب، جدير بالتعذيب، وقضاء ربك يدرك المفسدين. ما أبالى إذا مت ما قال القائل إنني هنالك المتنبذ عن الراث. غاية.
تفسير: الضغيل: صوت المص. والقرم: شهوة اللحم. والبرم: الذي لا يدخل في الميسر. والخير: الكرم. والمنتبذ: المتنحي. والرائي: الذي يرثيه.
رجع: مالك ولحسيلٍ، يرتع بالمسيل، وربك أظهر له النبات. يرئ ذورعين، من سهد العين، والله مولى الرقدة والسهار. يا أبقع، تخاف أن تقع، وليدر كنك قدر الله ولو كنت أخا حذارٍ. من لأض النعيب، بالترعيب، إذا أصاب النبيلة، وقع في الربيلة، والله قاسم الأزراق كما شاء. مالقى العسيف، من المسيف، راح اللاغب، وبات الساغب، لو شاء الله لانقذ من القوى الضعيف. دع الشارف، تلس الوارف، فإن حكم الله عليها ذو إطلاعٍ. أليفك، أحب إليك أم حليفك؟. ألإلف، أوجب حرمةً من الحلف، والوفاء من الله بمكانٍ. الظاهر أن ساكن الصعيد، ليس بسعيدٍ، والله العالم بمغيبات الأمور. أضطر خارف العميم، إلى محارف الأميم، فثق بالله راكب الأغرار. ليس الأغنام، كذوات السنام، وربك خص بالفضيلة من إختار. سوف يبط، عن رتبته المغتبط، فلا تحسدن أرباب الأموال. كم في الستار، من ودٍ وحتارٍ، وبرية الله تقدسه بالأودية والأنباث. غاية.
تفسير: الحسيل: بقر الوحش، ويقال أولادها. والترغيب: قطع السنام. النبيلة: الجيفة. والربيلة: النعمة؛ مأخوذ من قولهم: جسد ربل إذا كان كثير اللحم. والعسيف: الأجير: والمسيف: الذي قد هلك ماله تلس: تلف النبيت بمشفرها. والوارف: من قولهم: ورف النبت إذا إهتر من نضارته. والخارف: الذي يجنى الرطب. والعميم: النخل الطويل واحده عميمة. والمحارف: جمع محرفٍ وهو المسبر الذي تقاس به الشجاج والجروح؛ قال الشاعر:
ألا من لمولى لا يزال كأنه ... أميم يداؤى رأسه بالمحارف
والأميم: المأموم وهو الذي قد بلغت الشجة أم دماغه وهي الجلدة الرقيقة التي تكون على الدماغ: ويبط: ينقص وينخفض. والستار: موضع. والحتار: كفاف الشقة التي في أسفل البيت. والأنبات: جمع نبثٍ وهو التراب المجتمع مما يخرج من بئرٍ أو نحوها.
رجع: الأطباء، للأصاغر ذوات أطباء، والله أدرها للأطفال. ليس السيب، للبحر بنسيبٍ، وربك خالق المتشابهات. من نزل بالعنتوت، أفتقر إلى البتوت، ولله الشبم والحرور. صبح الليت، بقومٍ ليثٍ، فنقضوا ماليث، وذلك بقضاء الله. أكتف بالجاج من الدر، وبالسجاج عن نوال القوم الغر؛ فإن الدنيا إلى فناء والله واهب النوال. ما ضاع بالفيح، الغيث السفيح، أعشبت بإذن الله! برق باخ، ولم يمطر بالسباخ، ولو شاء الله لجعل أخلق الأرض بنباتٍ. يقطع الكديد، بالشربة من المديد، والله معين الخيل والركاب. كم باللؤذ، من غطاطٍ وهوذٍ، ولربها تقدس في كل الأوطان. ليس التعشير، بنعىٍ ولا تبشير، إنما هو لغة طيرٍ، تسأل الله المير، وهو رازق كل حيوانٍ. أماً الحزيز، فآمن من الهزيز، حتى يأذن خالق الحزان. خابت عيس، ليس فيها برعيس، وربك باعث الدر من العزاز. أعاشٍ أنت أم متعاشٍ، لا يخلد على الأرض ماشٍ، إنما الخلود لإلهنا الجبار. رب شاصٍ، تحت النشاص، لمح الوميض، قبل التغميض، فجاءته المنية قبل أن ينفض الغمام والله آمر المنون. سق بالسوط، راحلتك إلى النوط، فالله أباح لها عشب الربيع. بئس اليوم يوم فيه الحظيظ. من شرب ماء الفظيظ، والله كاشف اليوم العماس. أي شرٍ مجموعٍ، للعكرشة الزموع، يأتيها بقدر خالق الخزان. لاغٍ أو شر من لاغٍ من أولع بالبلاغ، فإياك والنميمة فإن إلهك عالم بالأسرار. ليس في الغريف، من تتريفٍ، فأعد الخير لوقت الزلزال. الرسل متى ذيق، علم أمحض هو أم مذيق، فكن خالص النية لعالم الطويات. قد تكون الأشراك، في الإسجل وألأ راك، فاستشعر خيفة الله في كل مكانٍ. إن الديل، سمع الهديل، ثم إرتحل مع الأموات. وليس غير الهك من باقٍ. إن سفيف القوم، لا يجزع من شفيف اللوم، فلم نفسك قبل أن يلومك الناس واعلم أن خالقك بالمرصاد. ليس الجد الظنون، مستقراً للنون، إنما هو في اللجج هاوٍ، فلا تلبسن ثوبى غاوٍ، وأسأل ربك سعة الأرزاق. عقد العمر واهٍ، فعلى بالأنتباه، قبل أن ينزل قضاء الله وأنا في النوام. أحسنى يمناى، لا بدلك من ناىٍ، لا يؤخذ مجرمى سواي، وأمراس العيش رماث. غاية.
تفسير: أطباه يطبيه وطباه يطبيه ويطبوه إذا دعاه إليه إعجاباً به من غير قول. والسيب هو مجرى السيل؛ ويجوز أن يسمى السيل بعينه سيباً. والعنتوت: أعلى موضعٍ في الجبل. والبتوت: جمع بتٍ وهو الكساء من وبرٍ أو صوفٍ. الليث: واد كانت به وقعة في سالف الدهر. والليث: جمع أليث وهو الشجاع مشبه بالليث. وليث الشئ: من قولهم لاث العمامة على رأسه إذا أدارها مراراً. والجاج: ضرب من الخرز أبيض ربما جعل في آذان الإماء. والسجاج: اللبن الذي قد أكبر ماؤه. والفيح: جمع أفيح وهي الأرض الواسعة. برق باخ: اذا سكن؛ من باخت النار إذا سكن لهيبها. والسباخ: جمع سبخةٍ، ويقال سبخة، وهي أرض ملحة لا تنبت.
والكديد: الأرض الصلبة. واللؤذ: منعطف في الوادي والجبل. والغطاط: " القطا " ويقال ضرب منه. والهوذ: كذلك. والتعشير: أن ينعب الغراب عشر مراتٍ في طلقٍ، وكذلك الحمار الوحشي، وكانت يهود خيبر إذا قدم عليهم غر فأرادوا أن يهزءوا به قالوا له: أعل فوق تلك الرابية وانهق كنهاق الحمار عشر مراتٍ فإنك تدفع بذلك حمى خيبر؛ فقال في ذلك بعض الشعراء، أنشده ابن الأعرابي:
يقول أعل وأنهق لا تضرك خيبر ... وذلك من دين اليود ولوع
لعمرى لن عشرت من حشية الردى ... نهاق الحمار إنني لجزوع
والحزيز: أرض غليظة مستطيلة. والهزيز: من هز الغصن. والحزان: جمع حزيزٍ. والبرعيس: الناقة الغزيرة. شصا فهو شاصٍ: إذا رفع رجله بعد أن يقع، ومن أمثالهم: إذا أرجحن شاصياً فارفع يداً وهو يؤدي معنى قولهم: " ملكت فأسجح " أي إنك إذا طعنت الرجل أو الصيد فوقع إلى الأرض ورفع رجله فحسبك. والنشاص: السحاب المرتفع، ويقال إنه الأبيض خاصةً؛ والمعنى أن السحاب الذي يأمله الآمل ربما هلك تحته. والنوط: قطعة من الأرض تنبت الطلح. والفظيظ: الكرش تشق ويشرب ماؤها؛ وأسم ذلك الماء الفظ، وجمعه فظوظ؛ ومنه قول الشاعر:
وكان لهم إذ يعصرون فظوظها ... بدجلة أو فيض الأبلة مورد
ويقال: يوم عماس وليلة عماس: إذا كان لا يهتدي لمداراته من شدة شره. والعكرشة: الأنثى من الأرانب، والزموع: التي تمشي على وماعها وهو جمع زمعةٍ وهي هنية تكون معلقة " وراء " الظلف والحافر؛ ولذلك قال دريد: أقود وطفاء الزمع وقال الشماخ:
فما تنفك عند عويرضاتٍ ... تحث برأس عكرشةٍ زموع
ولاغٍ: من اللغو. والغريف: الشجر الملتف. والتتريف: التنعيم من الترف. والديل: ابو القبيلة المعروفة، والبصريون يختارون أو الأسود الدؤلي بضم الدال وفتح الهمزة ويروون ذلك عن يونس بن حبيب، والكوفيون يقولون الديلي " بكسر الدال " ويروون ذلك عن الكسائي.
وأسم القبيلة المنسوب إليها أبو الأسود الدئل " بضم الدال وكسرة الهمزة " والدول " بواوٍ ساكنةٍ " في حنيفة، والديل " بياء " في عبد القيس؛ وكل ذلك يجوز أن يقال في الدئل؛ لأنك إذا سكنت الهمزة على لغة من يقول كبد في كبدٍ جاز لك أن تجعلها واواً محضةً فنقول الدول. وإذا سكنتها ولم تقبلها إلى الواو جاز لك أن تكسر الدال لتوهم الكسرة التي كانت بعدها في الهمزة، فتجعل الهمزة إذا خففت ياءً؛ فنقول على هذا: أبو الأسود الدولى بالهمز، والدولي بغير همزٍ، والدؤلى على مثال فعلىٍ، والدولى على مثال قوليٍ، والدئلى على مثال فعلىٍ، والديلى على مثال قيلى.
والسفيف: مثل السفيه. والشفيف: لذع الحرو والبر. والحد: البئر الجيدة الموضع من الكلإ، وجمعها أجداد والظنون: التي لا يعلم أبها ماء أم لا. والرماث: الحبال المخلقة، يقال: حبل أرماث ورماث وكذلك الجمع؛ قال كثير:
حبال سلامة أضحت رثاثاً ... فسقياً لها جدداً أو رماثا
رجع: إن سرتك السلامة من الناس، فكن للخالق غير ناسٍ. لله العذب والسجس، والأبهران والمعجس، والمسلم والمتمجس، وهو الطاهر وأنا النجس. ويحك أما توجس راعداً يرتجس، بعد أن سينبجس، إنك لمتفجس، ما علق عليك المنجس؛ كل ما يخطر ويهجس، علم به ربك قبل أن يجس، وبه المستغاث. غاية.
تفسير: السجس: دون الملح. والأبهران والمعجس: من نجوم القوس. الأرتجاس: صوت الرعد. والمتفجس المتكبر. والمنجس: من التنجيس وهو أن يعلق على الصبى والجارية إذا خافوا عليهما العين شيئاً من عظام اميتة ورءوس الأرانب وغير ذلك. يجس: من وجس في نفسه إذا خطر فيها.
رجع: أيها الظليم هل لك في ماء أو عماء. أما العماء فترعى عشرقه، وأما الماء فلا تريد متدفقه. سبحان خالقك! لا ترد، وأنت غير مبردٍ، والله منشئ المتضادات. لا تقدم المحلب، إلى ذات المخلب، فإنها تبدل رغبتك سدماً، وتملأ العس دماً، فاسترزق ربك فإنه رب الأقتدار. أصبح وأبيت، وأنا الضعيف الهبيت، ولو شاء خالقي لجعلني القوى المزير. قطرت الغيوث، في حيث خطرت الليوث، فتوقت مسلكها الجبناء، والله ينصر الشجيع ويوقى الجبان. يا ناقة عاجٍ عاجٍ، أما ترين البارق أخا إرتعاجٍ، عليك بالأستغفار، تدركي حاجتك قبل الإسفار، فإن الله كريم. شبع السرحان من الطليح، بعد التجليح، والله رزقه لحم الطلاح. أدرك الصريخ، ولو بريش المريخ، فإن الله ينجد المنجودين. قطع البعيد، ببنات العيد، فلتستغفر الله وتسأله الغفر للأبرار؛ فإنها قضت مآرب الصلحاء. إذا هلكت العوذ، فالأولاد بم تعوذ؟ بالله خالق الولد والوالدين. فاتت الطير الخضر، ذوات الحضر، وسلط الأجدل، على ما صفر وهدل، والله مكن بعض بريته من بعضٍ ليكون ذلك آية لأهل الأفكار. رب ذي نفسٍ محفوزٍ، يسلم من الهلكة فيفوز، ومن عند الله سلامة السالمين. أما في دينك فكس، وأما بائعك فلا تكس، والله يستدرك لكل غبينٍ. رب راشٍ، أعان على الاحتراش، فإذا أذن ربك وافى الرزق المضطحعين. خوص، تنظر إلى شخوصٍ، بأعين مدنقاتٍ، في أدمعها مغروقاتٍ، أعملها الركبان لغاية الآملين. المصفية ترض، والقريض لا ينقرض حتى يغرض الغرض، وتقوم رمم تنتفض، نسرع إلى الله وتوفض، وقد أحصى كلم المتكلمين. إذا كان الجراب يهبط، فقلما تنبط، وربك أسقى الماء المحتفرين. كم متلظٍ، في طلب حظٍ، فاد، وما إستفاد؛ ناله غيره بالونية، والله كافي المكتفين، رب ساعٍ، في أثر وساعٍ، لحق، وهو عندنا لا يستحق، والدنيا دنية لا قدر لها عند أكرم الأكرمين. هذا راغٍ، يدلح بفراغٍ، سخر لغير شاكرٍ وعند الله جزاء الشاكرين. رب نطفٍ، على شيزى بني الهطف، يأكل ويختطف، يعطف إلى الخير فلا ينعطف، وكيف ولم يأذن خالقه بالاتعطاف. هل من شاكٍ، وقعة الحشاك، أو مظهر لهفٍ، وراء ذات كهفٍ! فنى الواتر و الموتور وعند الله علم الذاهبين. ليس الريم، لبني قريمٍ، إنما هو لرب العالمين. هل أنت طاوٍ، منزلاً بقصرٍ خاوٍ، لا تمار ولا تباه، وقس الأمور بالأشباه فالله المشاكل بين المشتبهين. رب ارحم صداي، إذا لزم قبري عداي، وحثا على من العفر حاثٍ. غاية.
تفسير: العماء: السحاب. والعشرق: نبت تألفه النعام وتحبه. والسدم: ظهور الحزن والندامة في الوجه. والعس: القدح الكبير. والهبيت: مأخوذ من قولهم: هبته إذا نقصه؛ ومنه الحديث عن عمر لما مات عثمان بن مظعونٍ رحمه الله على فراشه: هبته ذلك عندي، الآن يكون مات شهيداً، فلما مات رسول الله صلى الله عليه على فراشه وأبو بكرٍ على فراشه، علمت أن الأخيار موتهم على فرشهم. ويقال: مهبوت وهبت، مثل مقتول وقتيلٍ، ويوصف به الجبان والعيى والأبله؛ وأنشد لرجلٍ من آل أبي معيطٍ:
أتيت أخى يعلى أرجى نواله ... فلم أر من يعلى سواكاً ولا زنداً
فما عبت منى؟ لا هبيتاً رأيتنى ... هبلت ولا كز اليدين ولا جعداً
والمزيد: العاقل. وإرتعج البارق: إذا كثر لمعانه. والتجليح: من جلح إذا لج في طلب الشئ، وأصله من جلح المال رءوس الشجر إذا أكله. والمريخ: سهم يغالى به وله أربع قذذٍ؛ ومنه قول الشماخ:
أرقت له والصبح أحمر ساطع ... كما سطع المريخ سمره الغالي
سمره: " بالسين غير معجمةٍ " أرسله، ومنه: إبل مسمرة أي مهملة المنجودون: المكروبون. والعوذ: جمع عائذٍ وهي الحديثة النتاج. والراش هاهنا: العود الضعيف يقال رمح راش وناقة راشة الظهر إذا كانت ضعيفته. والخوص: جمع خوصاء وهي الغائرة العين. والمدنقات: من دنقت عينه إذا غارت. والمصفية: الدجاجة إنقطع بيضها. وترض في " جمامع النطق للزجاج " : ورضت الدجاجة البيض إذا رخمته، ويجوز ان يكون أراد " برخمته " قطعته، من ترخيم النحو وهو قطع الأسم. وتوفض: تسرع. والجراب: جانب البئر من أعلاها إلى أسفلها. فاد: مات. والوساع: ضد القطوف. والراغي: البعير يرغو من الضجر. ويدلح: يمشي مشى المثقل. والفراغ: حوض من أدمٍ؛ ومنه قول خداش ابن زهيرٍ يصف الفرس:
ما إن يرود وما يزال فراغه ... طحلاً ونمنعه من الإعيال
والإعيال: الفقر. والنطف: الفاسد النية، مأخوذ من نطف البعير إذا هجمت الغدة على قلبه. وبنو الهطف: قوم من العرب تنسب إليهم الشيزى من الجفان؛ قال أبو خراش:
مالدبية منذ اليوم لم أره ... بين البيوت فلم يلمم ولم يطف
لة كان حياً لغاداهم بمترعةٍ ... بين الأباطح من شيزى بني الهطف
وقعة الحشاك: كانت بين تغلب وبين قيس عيلان. وذات كهفٍ: كانت بين بني يربوع بن حنظلة والمنذر، وكان الظفر لبني يربوعٍ.
والريم: الزيادة والفضل. وبنو قريم: من هذيلٍ وليسوا بأهل شرفٍ.
والعدى هاهنا: حجارة توضع حول القبر؛ ومنه قول الشاعر:
وحال السفا بينى وبينك والعدى ... ورهن السفا غمر النقيبة ماجد
السفا: التراب.
رجع: ليس الكوكبٍ الدريٍ، كوكب درىٍ، ولا العفراء، من الفراء. أيها المسوء: عذ بالله من السوء، فإنه على دفع النازلة قدير. خلقت العلب، للحلب، فإن جاءتك بخمر، فإن ذلك لأمرٍ. وجيب، الزمن عن الأعاجيب، كما جيب النوض، عن الروض، والله بما في ضمير الأرض بصير. يخبت أو نخبت، ، إن عبدت الجبت، سواء عليك أوطئت الأرض بأخمصك أم بسبتٍ، للأرض في بني آدم نصيب والله حكم لها بذلك وإليه المصير. في الكثكث، كم ينتفض أمري وينتكث. والقدر معجل ممكث، والله بالخائن خبير. أدلج وأدلج، وإذا سئلت فانا ملجلج، والله للمنصف ظهير. من مدح فأقتدح، ونسب ليتكسب، فأنفض يدك من مودته وبخشية ربك فليكن التدبير. من للأرخ، بورق المرخ، إذا طاف الحدب، فأجدب، والله بالإفضال جدير. أرتع خفيف الحاذ، بين سلمٍ وحاذٍ. سقاه العصرين بقدرةربه العصير. يا موبل أفقر، قبل أن تفتقر، إنه مع الشقر مقر، يقر في نفسك ويقر، إن الله لك محتقر، هلك بارق ومعقر، والبارق بإذن الله مستطير. يا مقتر، ألا تستتر، إن أمامك مفاوز، تركبها فلا تجاوز، لقد أعوزتك المعاوز، والقليل عند الله كثير. إفتقر آسى الجروح، إلى آسٍ مطروحٍ، بين خوالد جنوحٍ كالروائم لأورق مذبوحٍ، أثقيل حلىٍ، أنفع أم خفيف الحلى، ما تصنع هناك الحالية بفقرٍ كالجمر المباث. غاية.
تفسير: الكوكب الدري: من ترك الهمز فيه إحتمل وجهين: أحدهما أن يكون منسوباً إلى الدر لضيائه وحسنه، والآخر أن تكون الهمزة مخففةً في درئ. والدرئ مأخوذ من الدرء وهو الدفع؛ أرادوا أنه يرجم به الشيطان؛ وفعيل بناء قليل، إنما جاء فيه حرفان: الدرئ فيمن همز، والمريق وهو العصفر فارسي معرب. ومن قال درئ فكسر وهمز فهو أقيس؛ لأن فعيلاً بناء قد كثر. ومن كسر ولم يهمز فهو على تخفيف الهمز. والوكب: الكثير الوسخ. والدرئ: معدول عن مدروءٍ وهو المدفوع. والعفراء: أنثى الأعفر من الظباء وهو الذي تعلو بياضه حمرة. والعفر: ظباء السهل وهي الأم الظباء؛ كذلك يحكى عن الأصمعي. والفراء: جمع فرإٍ وهو حمار الوحش " بهمز ولا يهمز " وهذان المثلان يرويان بلا همز: " كل الصيد في جنب الفرا " و " انكحنا الفرا فسنرى " . وقال الهذلي في الهمز:
إذا إجتمعوا على فأشقذونى ... فصرت كأنني فرأ متار
متار: من قولهم أتاره ببصره إذا رماه به. والمسوء: من السوء.
وجيب: شق. والنوض: مسيل الماء إلى الوادي. والجبت: كل ما عبد من دون الله تعالى. والكثكث: التراب. أقتدح: إغترف؛ ومنه قيل للمغرفة مقدحة. والأرخ: الثور الوحشي. والحدب: ما غلظ من الأرض، وقيل الإكام. ويقال فلان خفيف الحاذ: إذا كان قليل العيال والنشب، وهو مأخوذ من الحاذ وهو باطن الفخذ، وإذا كان الرجل قليل لحم الفخذين كان أخف له. والحاذ: ضرب من الشجر. والعصران: الغداة والعشى. والعصير: السحاب. والموبل: كثير الإبل. أفقر: أي أعن المسافر براحلةٍ يركب فقارها. والشقر: شقائق النعمان. والمقر: الصبر.
يقر: من القرار. ويقر: من الوقر في الحجر وهو الهزمة فيها؛ يقال وقر ذلك في صدره أي أثر فيه. وبارق: قبيلة من الأسد منها معقر بن حمارٍ البارقي. والمعاوز: جمع معوز وهو الثوب الخلق. وآسى الجروح: الطبيب. والآس: الرماد والخوالد: من صفة الأثافي. يراد به إما من خلد إلى الأرض أي لصق بها وإما من الخلود. وجنوح: مائلة. والروائم: جمع رائمٍ وهي التي ترأم ولدها، وهو هنا الفصيل. ويوصف الرماد بالورقة.
والحلى: يبيس النصى وهو ضرب من النبت. والفقر: جمع فقرةٍ وهو ما يفصل به العقد، ويروى بيت النابغة:
بالدر والياقوت زين نحرها ... ومفقرٍ من لؤلؤٍ وزبرجد
والمباث: المفرق.
رجع: ما حرس ربك فلا محترس له، وما حفظ أمن الضياع فهوحفيظ. السماء متى أمر مطيعة له، والأرض تقبل أوامره، والنجوم تابعة إرادته، يكلا عبادة بعينٍ كبرت عن القذى وغنيت عن الإثمد، وشرفت أن تهجع أبداً. حمداً لك إلى! لا أعلم وقت إسكانك لي في دار البلاء وقد عشت فيها ما شئت، وأعيش ما تشاء، وأنا شاكٍ إليك أثقال الزمن، فإذا قضيت عنها الرحلة فأعني على تلك الغصص والغمرات فإنى منها فرق وبي من الحياة ملل، على أنى أزفل في ثياب نعمك جدداً، أشكرك وأنا مقر بالعجز عما يجب لك. خلقتني ضعيفاً فعبدتك عبادةً الضعفاء، ولم ألف من المأثم عبداً، أنا برحمتك مكلوء، وخيرك على مسبل يرد بالغداة والعشى، والكلم برأفتك مأسو، وهل غيرك مبريء للسقيم! سبحانك مولًى وعضداً، ما فاتك فائت، ولا أحاط بك علم ولا ظن. خشعت لك الجن والإنس، وحكمت على خلفك بالفناء. لا يخلد سواك شئ؛ فكن رب لي معتمداً. ليت جفنى من خوفك مثل جناحي السبد إذا المطر بل سبداً. تغدو الطير إلى رزقك تثيره من الأرض كجوارٍ ينسجن بصياصيهن بجداً. لو كان السائل يغترف ماء وجهه من بحر لغادره السؤال ثمداً، بل لو أن اليم في وجنته جارٍ لعاد في الساعة جدداً، هذا سائل المخلوقين، فأما الله فلا يلقى سائله نكداً. ما أكرمك ربنا خلقت كاعباً يسمى قلبها شرقاً وقرطها مرتعداً، وأخرى تحتطب لأهل الصرم تركت العضاه طمربها قدداً، وسواء غداً المنسورة بالعبس وذات السور والرعاث. غاية.
تفسير: المحترس: السارق؛ ومنه " لا قطع في حريسة الجبل " أي الشاة التي تسرق منه. والعبد: الأنف. والجدد: الأرض المستوية الصلبة. والعبس: ما تعلق بأوبار الإبل وأذنابها من أبوالها وأبعارها؛ ومنه قول جرير:
ترى العبس الحولى جوناً بكوعها ... لهامسك من غير عاجٍ ولا ذبل
وهو من الغنم: الوذح، ومن الطير: الوطح. والسور: جمع سوار.
رجع: حب السلاء، أو قعك في الشلاء؛ فاتق الله ولا تك من الجشعين. فرح الملأ بالكلإ، وحق لهم أن يبتهجوا برزق الله الكريم. جاء اللبأ، وذهب الوبأ، فسبحان الله العظيم. يا خصب ثب، لتراق الكثب على الكثب، وعلى الله رزق العالمين. الأرابة، بين الحزماء قرابة، والوسب، بين أهل الدناءة نسب، الله البرئ من كل ذامٍ. أيها المكبوت، حان من نارك خبوت، أتق الله فإن الدنيا لزوالٍ. استر الخبث، بالنبث، ولاتك من المجاهرين. الخبيث. عن سوءته يحفر ويستبيث، والله الغافر ذنوب المنيبين. أهلك العرج، أسود ترج، والله رب الأسد والموسدات. لا ينبت سرح، في أعلى صرحٍ؛ فإن نبت فإنه غريب، وإن ثمره لا يطيب، والله منشئ الثمار. أبخت فأنخت، حر سخت، جاء بك وأنت شخت، لو شاء الله لأظلك الفخت، وأم شملة ذات إنتشار. سقط فارس أسد، على فارسٍ أساد، دارع لبدٍ، على دارعٍ زردٍ، والله مسلط جنوده على من شاء. من أعلق حبله في خنذيذٍ، فإن مرسه جذيذ، وكل سببٍ من غير الله سريع الإسلام. ما في النافز، من عرقٍ رافزٍ، والله يأمر الأرواح فتفارق الأجساد. جاءت البسوس، بالماء المسوس، والله رازق الممترين. إحتبش، ذو نواسٍ للحبش، كل من عبس وبش، فإنه تارك ما أهتبش، وصائر إلى الله ملك الجبارين. أما البطن فخمص، وأما الجرح فما حمص، والله آسى المكلومين. إذا أذن ظهر الإحريض، في مكانٍ ما ريض، ليس للنبت بأريضٍ، لم يزل يقدر على المعجزات. الخير بقط، كأنه في الأرض نقط، والشر سطور، ليست الخيرات له بشطورٍ؛ فأكفنا رب شر المتمردين. أي حظٍ، للجارسة في المظ، وربك قاسم الجدود. إن اللمع تبنى القمع، نعم عن للنعم رزقاً في البارق يلمع فيتبع؛ والبارئ باعث البروق للشائمين. لا أقول ناء الفرغ، فكثر المرغ؛ لكن بعث الله الغيث رحمةً لعبيده المسيئين. كفكف جفونك لئلا تكف. إن الجاهل من يقف راحلةً وعتداً، يندب نؤياً أو وتداً، والحازم المقبل على عبادة ربه مع العابدين. هل من راقٍ، لذي إيراقٍ، بات شاكياً، من الخيفة باكياً، يسأل ربه غفران الكبائر والله القابل توبة التائبين. سطنا الجمال، ليسطن بالأحمال، رفقة ذات مال، والله يؤمن الخائفين: عقل فتوقل، وقل فاستقل، وربك رازق المقلين. باتت الرواسم، كأنها تكشف عن المباسم، بنقل الأخفاف والمناسم، فأصبحت الراسم على الرواسم واقفةً والدار خلاء. ليس الحي، بينى دحىٍ، فلتكن سراك الله على قدمك وعلى الدلاث. غاية.
تفسير: السلاء: ما يسلى من الشحم والسمن ونحوهما. والسلاء: الشوك، ويقال هو شوك النخل. والجشع: المقرط الحرص. ثب: ارجع.
والكثب: جمع كثبةٍ وهو القليل من اللبن؛ وفي حديث ماعزٍ المرجوم: يعمد احدهم إلى المرأة المغيبة فيخدعها بالكثبة أو الشئ. لا أوتى بأحدٍ منهم فعل ذلك إلا ألحقت به نكالاً الأرابة: المصدر من الأريب وهو العاقل. والوسب هاهنا: الوسخ. وفي غير هذا: طول النبت والصوف. المكبوت: المردود بغيظه. والخبوت: مثل الخمود. ويستبيث: يستخرج. والعرج هو المال الكثير من ثلاث المائة إلى الألف إبلاً. وترج: موضع كثير الأسد. والمعنى ان الملوك وأهل القوة يغلبون الناس على أموالهم. والسرح: ضرب من الشجر يقال إنه زيتون البر. والصرح: ما طول من البناء. أباخوا أي باًخ عنهم الحر فنزلوا، مثل قولهم: أظلموا أي صاروا في الظلمة. كأنهم صاروا في الوقت الذي باخت فيه الهاجرة. والحر السخت: الشديد. والشخت: الدقيق. وأم شملة: الشمس.
الفارس الأول: الأسد؛ من فرس الفريسة. والفارس الثاني: من الفروسة على الخيل. وإذا خففت الهمزة من أساد فقلت: أسد كان أحسن في صناعة النظم والنثر على رأي من يرى التجنيس. والخنذيذ: قطعة تشرف من الجبل. والمعنى أن الإنسان يطلب ما يقدر على مثله وأسلمه الحبل: إذا إنقطع، وكذلك أسلم المركب أهله إذا إنكسر بهم. والنافز: من نفز الظبى وهو نحو من قفز وتسمى قوائم الظبى النوافز. وعرق رافز: أي ضارب؛ حكاه أبو عمرو الشيباني في النوادر. والمعنى أن الإنسان الكثير الحركة يصير إلى السكون إذا مات. والبسوس: الناقة التي تدر على الإبساس وهو صوت للراعي عند الحلب. والماء المسوس: الذي يمس العطش فيقطعه. والمعنى أن الإنسان إذا طلب شيئاً في معدنه كان خليقاً أن يجده. وأحتبش: جمع وتكسب. وذو نواسٍ هو صاحب الأخدود وهو الذي غرق نفسه لما ارهقته الحبشة في البحر. واهتبش: جمع واكتسب. ويقال حمص الجرح إذا كان وارماً فذهب ورمه. والمعنى أن الذي يصاب من المأكل يذهب وأن المأثم يبقى. والإحريض العصفر. وما ريض أي ما سهل للزراعة. ومكان أريض إذا كان خليفاً للنبت. وبقط: مفترق؛ أنشد الأصمعي لأرقم بن نويرة.
رأيت تميماً قد أضاعوا أمورهم ... فهو بقط في الأرض فرث طوائف
وشطور: جمع شطرٍ وهو النصف. والجارسة: النحلة. والمظ: رمان يكون بالسراة لايثمر ثمراً ينتفع به. واللمع: جمع لمعةٍ وهي القطعة من الكلإ. والقمع: جمع قمعةٍ وهو السنام، ويقال هو أصل السنام.والفرغ: فرغ الدلو. والمرغ: العشب والروض؛ وكأنه مأخوذ من المرغ الذي هو اللعاب؛ كأن المطر شبه به. والعتد: الفرس المعد للجري. لذي إبراقٍ: من آرقه الأمر وأرقه إذا أسهره. سطنا الجمال: من ساطه يسوطه إذا ضربه بالسوط. ومعنى عقل فتوقل: أن صاحب العقل يطلب لنفسه الملجأ. وتوفل: طلع في الجبل. وقل فأستقل: يحتمل معنيين: أحدهما وهو الأجود أن ما خف وزنه إرتفع في الهواء. وهذا مثل للرجل الساقط ينال حظا في الدنيا ورفعه. والمعنى الاخر أن يكون قل في نفسه فاستقل الناس أي استحقرهم؛ فيكون هذا نحواً من قول الآخر:
وأجرأ من رأيت بظهر غيبٍ ... على عيب الرجال ذوو العيوب
والرواسم: جمع راسمةٍوهي التي تسير الرسم وهو ضرب من السير والراسم: الجمل. والرواسم الثانية: جمع روسمٍ وهو أثر الدار؛ يقال روسم ورواسيم ورواسم. والدلات: الناقة الجرية على السير. وبنود حى: من الأنصار. والمعنى أن الرجل الذي يسرى إلى أحبته كأن ناقته تكشف بمناسمها عن المباسم لأنها تؤدي إليهم وأنه في ذلك طالما خاب ولم يقض مراده فوقف على أناسٍ غير من طلب.
رجع: إن البوه، يحبه أبوه، وربك حسن الولد في عين الوالدين. عليك بالنجا، وناقتك ذات وجى، والله معين المكلين. أما بالله فلذ، وأما من المعصية فاملذ، وأنت بعين الله وإن كنت مع الظاعنين. أي ثم أي، أين لأي ولوى! وربك مغنى الغابرين. إحتوى الجن، على مثل الفنن، وقدر الله عاصف بالقنن، كما تعصف الشمال بالعنن، وإليه أعمار الشارخ والشيب. الدلجة، من الغروب إلى البلجة، فإن كانت لله فلتقر أعين المداجين. مطيتك عمد، فعلام تعتمد؟ على الله رب المخطئ والعامدين. ليس الوبر، بموارى في قبرٍ، غنى عن أكف الملحدين وخالقك يلطف بالدافن والدفين. هذا قلو، كأن لسانه حلو، يزعم بشحيجه أن الله مبصر سميع. لا يحملنك تعاطٍ، على إبعاطٍ، وأستح من الله فإنه يرى المختالين. أنبت بقدرته الذبح للنعام، وأوسع الظباء من مردٍ وكباث. غاية.
تفسير: البوه: ضرب من اليوم، يقال هو ما عظم منه. الوحي: شدةً الحفا. وملذ: إذا مضى مضياً سريعاً. والمعنى أهرب من معصية الله. ولأي ولؤي: قبيلتان ويعقوب يختار همز لؤىٍ يجعله تصغير لأيٍ. والجن: القبر. والقنن: جمع قنةٍ وهي القطعة المستديرة في أعلى الجبل.
والعنن: جمع عنةٍ وهي خيمة تتخذ من الشجر وتظلل بالثمام. والعمد: أن ينفضخ سنام البعير من الثقل؛ ومنه أن نادبة عمر قالت " وأعمراه شفى العمد، وأقام الأود " . فقال " على " : إنها ما قالته ولكن قولته.
والوبر: دويبة معروفة توصف بالتوفل؛ يقال أو قل من وبرٍ. والقلو: الحمار الوحشى، أخذ من القلو وهو الطرد. والحلو: حف صغير؛ وبيت الشماخ ينشد على وجهين:
قويرح أعوامٍ كأن لسانه ... إذا صاح حلو زل عن ظهر منسج
ويروى " حنو " وهو من عيدان القتب. الإبعاط: الإبعاد في الأمور. ومنه قول رؤبة: فقلت أقوال امرئ لم يبعط أعرض عن الناس ولا تسخط والذبح: نبات تأكله النعام. والمرد والكباث جميعاً: ثمر الأراك مالم ينضج، فإذا نضج فهو البرير.
رجع: كيف تخاف الغارة يا رب الإبل وربك لها كالى، عن علمه للأرض والسماء مالى، كأن حليبها اللجين وما تلقيه في التراب الآلى؛ تطيرت لها بساق الحمام ودفعت فصيلها برجل الغراب وأتقيت القدر بعيون الأفاعي والقدر بك جالى. ما دامت لك في الغانية مآرب، فكأن ريقها راح الشارب، ونشرها مسك جلبته الجوالب. فإذا قضيت الوطر فإنك ذاهب، لا تعلم كيف العواقب، أتظن والظن كاذب، ان الله يغفل فلا يحاسب، بغير ذلك شهدت الكواكب. يا نفس لا يلفتنك عن التقوى لأفت، إن الزمن لك عافت، تكفتك غداً الكوافت، والتراب لأعظمك رافت، بذلك قضى عليك أحكم الحاكمين. إذا كان الواجد ليس بمناجدٍ، فأثر القطا الهاجد، وكن المرء الهاجد، والله أمجد الماجدين. يمصح في الأرض ويسوخ، من أيقن أن عمله منسوخ، والله المحيط بعمل العاملين. أنا إلى الخير مهابذ، ولأمر الآخرة نابذ، ويجذبني للموت جابذ، فأستغفر الله من أفعال المتهكمين، حق لحالف اليمين، ألا ينكث ويمين. غفرانك اللهم! كم حنثت وحملت على الإحناث. غاية.
تفسير: ساق الحمام: ذكره، ويقال إن العرب تتطير به. ورجل الغراب: ضرب من صر الناقة يقال قد صر ناقته رجل الغراب. وعيون الأفاعي يشبه بها قتير الدرع. وجالي: من قولك جلا الرجل بصاحبه الأرض إذا ضربها به. اللأفت: العاطف. والعافت: الكاسر. ونكفتك: تضمك، وتسمى المقبرة الكفات. والرافت: الحاطم. مصح في الأرض إذا ذهب فيها. وساخ في الأرض إذا رسخ فيها. والمهابذ: المبادر. والمتهكم: الذي يركب أمراً من قول أو فعل بغير علمٍ.
رجع: الكامر بعمله يبوء، وشر ما حمله الإنسان الحوب. ولكل شئ غير الله حدوث، علام تقف وعلام تعوج؟ بمنازل مشت فيها الروح، كأنها من السند شروخ. مالك وللهنود، قلبك بهواها محنوذ، فأنت إلى الصوار تصور، أخفى لبك ذلك البروز، إن الحبلات والسلوس، غادرتك مثل المسلوس، وهي منك إبل حوِ، فأتت النحوص الحوص، أفي عينك فلفل مرضوض، والسم هذه السموط، والدنيا بين العالم حظوظ، ولربك سبحت النسوع، آه من ماء لا يسوغ، ونفسٍ لا تسمح به الأنوف، وأنا ملقى أفوق، ذلك مسلك مسلوك، تعبس عنده الهلوك، لا تدرك ربنا الذموم، وبأمره تصرف المنون، سعد من بغير ذكره لا يفوه، والهناء لعبدته يكون، ولنجىٍ بالطاعة ينتجون، فاسقنا رب من وابل رحمتك والدثاث. غاية.
تفسير: يبوء: من باء بكذا وكذا إذا رجع به. والروح هاهنا: النعام، وهي توصف بالروح وهو تباعد ما بين الرجلين. وشروخ: شباب.
ومحنوذ: مشوى. والصوار: القطيع من البقر. وتصور: تميل. والحبلات: جمع حبلةٍ وهي صياغة على مقدار ثمر الطلح. والسلوس: جمع سلسٍ وهو ضرب من الحلى؛ ومنه قول طفيل:
كان الرعاث والسلوس تصلصلت ... على خششاوئ جابة القرن مغزل
الخششاوان: عظمان خلف الأذنين. جابة القرن: حديدته بغير همزٍ، والجأبة مهموزةً: الغليظة. والمسلوس: الذاهب العقل. والحوش: الوحشية، وبعض العرب تقول إنها إبل الجن. والنحوص: القليلة الولد من حمر الوحش. والحوص: جمع أحوص وهو الضيق العين، وأريد به هاهنا: الصقور، من قولهم: حص عين صقرك أي خطها. والهلوك: الضحاكة. والدثاث: جمع دثٍ وهو مطر ضعيف.
رجع: أنأنس بليلٍ دلامس، ليس يرد يدلامسٍ، وذكر الله نهار للمظلمين. هات أو لا تهات، القدر كأسدٍ نهاتٍ، يأكلنى مع المأكولين. انتعش، بالتقوى تعش، وربك ناعش العاثرين. أسكران أم أنت صاحٍ، لا تستتر بنصاحٍ، قتوار بثوب التقوى فإنه لباس المنجحين. وقع الرمث، على الدمث، فلم يسر والله مسير السفين. إذا كان الناسك، ليس عن الدنيا بمتماسكٍ، فما يقول الراغبون، ولو شاء الله جعل زهداً رغبة الراغبين. ذات شمراخ، بدت من خيلٍ مراخٍ، وعلى الله أجر السابقين. حال الغصص، دون القصص، وجاء الغرق، بالشرق، وربك عصرة المعتصرين. إذا رضيت الخلفة، بالحفلة، فلترض الحائل، بلمع المخايل، وعلى الله رزق الجاذب والصفوف. غداً الأجله، وعقله ممتله، والله موفق كل لبيبٍ. فاهدنا رب إلى طاعتك ولا تجعلنا أهل إنتكاثٍ. غاية.
تفسير: الليل الدلامس: مثل الدامس. هات أو لا تهات: مثل عاط أو لا تعاط: والأصل آت، فأبدلت الهاء من الهمزة. وبهت الأسد إذاً أخرج صوته من صدره. والنصاح: الخيط. والشمراخ: الغرة المستطيلة في دقةٍ. والمراخي: من الإرخاء وهو ضرب من العدو. والخلفة: الناقة التي في بطنها ولدها وجمعها خلفات وربما قالوا خلف؛ قال الراجز:
مالك ترغين ولا يرغو الخلف ... أتنكرين والمطئ معترف
والحائل: التي لا حمل بها. والمخايل: جمع مخيلةٍ وهي السحابة التي يخال فيها المطر. والجاذب: التي قد إرتفع لبنها. والصفوف: التي تملأ قدحين في الحلب. والأجله: المفرط الضلع وهو مثل الأجلح، وقال بعضهم: الأجله أقل شعراً من الأجلح.
رجع: كرهت البشرة، دبيب الحشرة، ولتصيرن كهشيم العشرة، منعك من الإران، فقد الأقران، وأنف أسد العرين نافرٍ من العران، وعنق اللبؤة، منكر خيط اللؤلؤة، وأسوق الرخال، لا تحفل يخلخال، ما يصنع الناعب، بسوار الكاعب، إن وضعه في عنقه جال، ولا يثبت في مكان الأحجال. فاجعلنى رب كراعٍ فطنٍ، ليس في مكانٍ بموطنٍ، رأى الخال، فربق السخال، ولم يسرح الثلة، في أرض مصلةٍ، بل أرسلها في أرضٍ إمتياثٍ. غاية.
تفسير: الحشرة: يقال للصرصور وما يجرى مجراه ولليربوع والفارة وما يجري مجراهما. والعشرة: شجرة ضعيفة الهشيم. والإران: النشاط. والعران: عود يجعل في أنف البختى. والخال: السحاب الذي يخال فيه المطر. فريق السخال: جعلها في ربقٍ وهو حبل تربق به البهم أي تشد.
والمعنى أن الفطن يحترز من الأمر قبل وقوعه. والثلة: القطعة من الغنم. والمصلة: الأرض الكثيرة الأصلال وهي الحيات. والأمتياث: السعة وكثرة الخير.
رجع: العقل نبئ، والخاطر خبئ، والنظر ربئ، ونور الله لهذه الثلاثة معين. غبت وغبيت، ليس من بيتٍ، عند بني النبيت، فعليك بتقوى الله فإنها جالبة للنعم، طاردة للسيئات. أنني كريت، فذهب شهر كريت، فإذا أنا قد شريت، وبخالق الأيد أستنجد على المؤيدات. وكل مبهمٍ حريجٍ، فله برحمة الله تفريج، وليس بغير طاعته تعريج. لا يغرنك الصدح، وطائر مصدح، إنما كشف ما فدح، الله الممتدح. فالحمد لله كفى شرة راحٍ، تحمل بالراح، في يومٍ راحٍ، لابد من ردى رادٍ، يصبح قريب المراد، بين الناجذ والراد. لو لبست درعا، أريد للمنايا دفعاً، لأزارتني رءوس الأراقم، وأنا في مثل برودها من الحديد الواقم، ونظرت الى عيون الحمام الآدب، من مثل عيون الجنادي، وبيد الله الآجال. سواء عليك المغفر والتسبغة، وإهاب من بغةٍ، أغفلته الدبغه، فأرفت بين أنامل اللامسين. لا أصدق أن الدلى أخرجت من الجفر الحلى؛ ولا أن زارع البر، احتصد أكمةً تشتمل على الدر، ولكن إذا شاء الله فعل ذاك. ليس على القمر وسم، أنه رأته طسم، لقد بقى اسم، ودرس الأسم. كنيت وأنا وليد بالعلاء فكأن علاءً مات، وبقيت العلامات. لا أختار لرجل صدقٍ ما ولد له أن يدعى أبا فلان. ورب شجرة شاكةٍ ثمرها غير عذبٍ، وليس ظلها برحبٍ، أسمها السمرة وكنيتها أم غيلان. ولو شاء الله قالت السعلاة للإنسى: هذا برق سار، قال: لا؛ ولكنه وميض نارٍ. قالت: الفؤاد أشيم من السواد! لو لم يكن برقاً، ما أرتعج حشاى خفقاً، والله محرك الحواس. البعيث، يشتم الأعراض ويعيث، والمنية إليه ذات إنبعاثٍ. غاية.
تفسير: البيت: ما يبات عليه من القوتٍ. وبنو النبيت: من الأنصار.