الكتاب : الْمُوَطَّأ رواية يَحيى بن يَحيى اللَّيثيِّ
الأَنْدَلُسِيِّ
تأليف : الإمام مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الأَصْبَحِي
1882- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ وَالأَُدْمِ ، إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ : اثْنَانِ بِوَاحِدٍ ، فَلاَ يُبَاعُ مُدُّ حِنْطَةٍ بِمُدَّيْ حِنْطَةٍ ، وَلاَ مُدُّ تَمْرٍ بِمُدَّيْ تَمْرٍ ، وَلاَ مُدُّ زَبِيبٍ بِمُدَّيْ زَبِيبٍ ، وَلاَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْحُبُوبِ وَالأَُدْمِ كُلِّهَا ، إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ ، وَإِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ ، إِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ ، وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ لاَ يَحِلُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْفَضْلُ ، وَلاَ يَحِلُّ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ.
1883- قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا اخْتَلَفَ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ ، فَبَانَ اخْتِلاَفُهُ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ ، وَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ زَبِيبٍ ، وَصَاعٌ مِنْ حِنْطَةٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ سَمْنٍ ، فَإِذَا كَانَ الصِّنْفَانِ مِنْ هَذَا مُخْتَلِفَيْنِ ، فَلاَ بَأْسَ بِاثْنَيْنِ مِنْهُ بِوَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الأََجَلُ فَلاَ يَحِلُّ.
1884- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ تَحِلُّ صُبْرَةُ الْحِنْطَةِ ، بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ ، وَلاَ بَأْسَ بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ ، بِصُبْرَةِ التَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى الْحِنْطَةُ بِالتَّمْرِ جِزَافًا.
1885- قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ مِنَ الطَّعَامِ وَالأَُدْمِ فَبَانَ اخْتِلاَفُهُ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ جِزَافًا يَدًا بِيَدٍ ، فَإِنْ دَخَلَهُ الأََجَلُ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا اشْتِرَاءُ ذَلِكَ جِزَافًا كَاشْتِرَاءِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ جِزَافًا , قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَنَّكَ تَشْتَرِي الْحِنْطَةَ بِالْوَرِقِ جِزَافًا ، وَالتَّمْرَ بِالذَّهَبِ جِزَافًا فَهَذَا حَلاَلٌ لاَ بَأْسَ بِهِ.
1886- قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ صَبَّرَ صُبْرَةَ طَعَامٍ ، وَقَدْ عَلِمَ كَيْلَهَا ، ثُمَّ بَاعَهَا جِزَافًا وَكَتَمَ عَلَى الْمُشْتَرِيَ كَيْلَهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، فَإِنْ أَحَبَّ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ الطَّعَامَ عَلَى الْبَائِعِ رَدَّهُ بِمَا كَتَمَهُ كَيْلَهُ وَغَرَّهُ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا عَلِمَ الْبَائِعُ كَيْلَهُ ، وَعَدَدَهُ مِنَ الطَّعَامِ ، وَغَيْرِهِ ، ثُمَّ بَاعَهُ جِزَافًا ، وَلَمْ يَعْلَمِ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ رَدَّهُ ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ.
1887- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ خَيْرَ فِي الْخُبْزِ قُرْصٍ بِقُرْصَيْنِ ، وَلاَ عَظِيمٍ بِصَغِيرٍ ، إِذَا كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ أَكْبَرَ مِنْ بَعْضٍ ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ يُتَحَرَّى أَنْ يَكُونَ مِثْلاً بِمِثْلٍ فَلاَ بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ.
1888- قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَصْلُحُ مُدُّ زُبْدٍ وَمُدُّ لَبَنٍ ، بِمُدَّيْ زُبْدٍ ، وَهُوَ مِثْلُ الَّذِي وَصَفْنَا مِنَ التَّمْرِ الَّذِي يُبَاعُ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ وَصَاعًا مِنْ حَشَفٍ بِثَلاَثَةِ أَصْوُعٍ مِنْ عَجْوَةٍ ، حِينَ قَالَ لِصَاحِبِهِ : إِنَّ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ بِثَلاَثَةِ أَصْوُعٍ مِنَ الْعَجْوَةِ ، لاَ يَصْلُحُ فَفَعَلَ ذَلِكَ لِيُجِيزَ بَيْعَهُ ، وَإِنَّمَا جَعَلَ صَاحِبُ اللَّبَنِ اللَّبَنَ مَعَ زُبْدِهِ لِيَأْخُذَ فَضْلَ زُبْدِهِ عَلَى زُبْدِ صَاحِبِهِ حِينَ أَدْخَلَ مَعَهُ اللَّبَنَ.
1889- قَالَ مَالِكٌ : وَالدَّقِيقُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ لاَ بَأْسَ بِهِ ، وَذَلِكَ لأَنَّهُ أَخْلَصَ الدَّقِيقَ فَبَاعَهُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، وَلَوْ جَعَلَ نِصْفَ الْمُدِّ مِنْ دَقِيقٍ ، وَنِصْفَهُ مِنْ حِنْطَةٍ فَبَاعَ ذَلِكَ بِمُدٍّ مِنْ حِنْطَةٍ ، كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ الَّذِي وَصَفْنَا لاَ يَصْلُحُ ، لأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ فَضْلَ حِنْطَتِهِ الْجَيِّدَةِ حَتَّى جَعَلَ مَعَهَا الدَّقِيقَ فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ.
23- بَابُ جَامِعِ بَيْعِ الطَّعَامِ.
1890- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ : إِنِّي رَجُلٌ أَبْتَاعُ الطَّعَامَ يَكُونُ مِنَ الصُّكُوكِ بِالْجَارِ ، فَرُبَّمَا ابْتَعْتُ مِنْهُ بِدِينَارٍ وَنِصْفِ دِرْهَمٍ فَأُعْطَى بِالنِّصْفِ طَعَامًا ، فَقَالَ سَعِيدٌ : لاَ وَلَكِنْ أَعْطِ أَنْتَ دِرْهَمًا ، وَخُذْ بَقِيَّتَهُ طَعَامًا.
1891- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ يَقُولُ : لاَ تَبِيعُوا الْحَبَّ فِي سُنْبُلِهِ حَتَّى يَبْيَضَّ.
1892- قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَلَمَّا حَلَّ الأََجَلُ ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِصَاحِبِهِ : لَيْسَ عِنْدِي طَعَامٌ ، فَبِعْنِي الطَّعَامَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ إِلَى أَجَلٍ ، فَيَقُولُ صَاحِبُ الطَّعَامِ : هَذَا لاَ يَصْلُحُ لأَنَّهُ قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى ، فَيَقُولُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِغَرِيمِهِ : فَبِعْنِي طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ حَتَّى أَقْضِيَكَهُ ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْطِيهِ طَعَامًا ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَيْهِ فَيَصِيرُ الذَّهَبُ الَّذِي أَعْطَاهُ ثَمَنَ الطَّعَامِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ ، وَيَصِيرُ الطَّعَامُ الَّذِي أَعْطَاهُ مُحَلِّلاً فِيمَا بَيْنَهُمَا ، وَيَكُونُ ذَلِكَ إِذَا فَعَلاَهُ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.
1893- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ ابْتَاعَهُ مِنْهُ ، وَلِغَرِيمِهِ عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ مِثْلُ ذَلِكَ الطَّعَامِ ، فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِغَرِيمِهِ : أُحِيلُكَ عَلَى غَرِيمٍ لِي ، عَلَيْهِ مِثْلُ الطَّعَامِ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ بِطَعَامِكَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ , قَالَ مَالِكٌ : إِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ إِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ ابْتَاعَهُ ، فَأَرَادَ أَنْ يُحِيلَ غَرِيمَهُ بِطَعَامٍ ابْتَاعَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، وَذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ سَلَفًا حَالًّا ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُحِيلَ بِهِ غَرِيمَهُ ، لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبَيْعٍ ، وَلاَ يَحِلُّ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ ، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ أَنْزَلُوهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ، وَلَمْ يُنْزِلُوهُ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ ، وَذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ يُسَلِّفُ الدَّرَاهِمَ النُّقَّصَ ، فَيُقْضَى دَرَاهِمَ وَازِنَةً فِيهَا فَضْلٌ ، فَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ ، وَيَجُوزُ وَلَوِ اشْتَرَى مِنْهُ دَرَاهِمَ نُقَّصًا بِوَازِنَةٍ ، لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ ، وَلَوِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ حِينَ أَسْلَفَهُ وَازِنَةً ، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ نُقَّصًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ.
1894- قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ ، وَأَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ ، وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ ذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ الْمُزَابَنَةِ بَيْعٌ عَلَى وَجْهِ الْ مُكَايَسَةِ ، وَالتِّجَارَةِ ، وَأَنَّ بَيْعَ الْعَرَايَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ لاَ مُكَايَسَةَ فِيهِ.
1895- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ طَعَامًا بِرُبُعٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ كِسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ . عَلَى أَنْ يُعْطَى بِذَلِكَ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ طَعَامًا بِكِسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ يُعْطَى دِرْهَمًا وَيَأْخُذُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً مِنَ السِّلَعِ ، أَنَّهُ أَعْطَى الْكِسْرَ الَّذِي عَلَيْهِ ، فِضَّةً ، وَأَخَذَ بِبَقِيَّةِ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ.
1896- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ عِنْدَ الرَّجُلِ دِرْهَمًا ، ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهُ بِرُبُعٍ أَوْ بِثُلُثٍ أَوْ بِكِسْرٍ مَعْلُومٍ سِلْعَةً مَعْلُومَةً ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ سِعْرٌ مَعْلُومٌ ، وَقَالَ الرَّجُلُ : آخُذُ مِنْكَ بِسِعْرِ كُلِّ يَوْمٍ ، فَهَذَا لاَ يَحِلُّ لأَنَّهُ غَرَرٌ يَقِلُّ مَرَّةً ، وَيَكْثُرُ مَرَّةً ، وَلَمْ يَفْتَرِقَا عَلَى بَيْعٍ مَعْلُومٍ.
1897- قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ بَاعَ طَعَامًا جِزَافًا وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا ، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا ، إِلاَّ مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ ، وَذَلِكَ الثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ، صَارَ ذَلِكَ إِلَى الْمُزَابَنَةِ ، وَإِلَى مَا يُكْرَهُ ، فَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ إِلاَّ الثُّلُثَ ، فَمَا دُونَهُ ، وَهَذَا الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.
24- بَابُ الْحُكْرَةِ وَالتَّرَبُّصِ.
1898- حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ حُكْرَةَ فِي سُوقِنَا ، لاَ يَعْمِدُ رِجَالٌ بِأَيْدِيهِمْ فُضُولٌ مِنْ أَذْهَابٍ إِلَى رِزْقٍ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا ، فَيَحْتَكِرُونَهُ عَلَيْنَا ، وَلَكِنْ أَيُّمَا جَالِبٍ جَلَبَ عَلَى عَمُودِ كَبِدِهِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ، فَذَلِكَ ضَيْفُ عُمَرَ فَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ ، وَلْيُمْسِكْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ.
1899- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَهُوَ يَبِيعُ زَبِيبًا لَهُ بِالسُّوقِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : إِمَّا أَنْ تَزِيدَ فِي السِّعْرِ ، وَإِمَّا أَنْ تُرْفَعَ مِنْ سُوقِنَا.
1900- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْ حُكْرَةِ وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْحُكْرَةِ.
25- بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَالسَّلَفِ فِيهِ.
1901- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَاعَ جَمَلاً لَهُ يُدْعَى عُصَيْفِيرًا بِعِشْرِينَ بَعِيرًا إِلَى أَجَلٍ.
1902- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ.
1903- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ : بَيْعِ الْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
1904- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ ، وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ بَأْسَ بِالْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ ، الْجَمَلُ بِالْجَمَلِ يَدًا بِيَدٍ ، وَالدَّرَاهِمُ إِلَى أَجَلٍ . قَالَ : وَلاَ خَيْرَ فِي الْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ ، وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ . الدَّرَاهِمُ نَقْدًا ، وَالْجَمَلُ إِلَى أَجَلٍ ، وَإِنْ أَخَّرْتَ الْجَمَلَ وَالدَّرَاهِمَ ، لاَ خَيْرَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا.
1905- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الْبَعِيرَ النَّجِيبَ بِالْبَعِيرَيْنِ ، أَوْ بِالأََبْعِرَةِ مِنَ الْحَمُولَةِ مِنْ مَاشِيَةِ الإِبِلِ ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ نَعَمٍ وَاحِدَةٍ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، إِذَا اخْتَلَفَتْ فَبَانَ اخْتِلاَفُهَا ، وَإِنْ أَشْبَهَ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَاخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا ، أَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ ، فَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ.
1906- قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنْ يُؤْخَذَ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا تَفَاضُلٌ فِي نَجَابَةٍ وَلاَ رِحْلَةٍ فَإِذَا كَانَ هَذَا عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ ، فَلاَ يُشْتَرَى مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْهَا ، قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ.
1907- قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ سَلَّفَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَوَصَفَهُ ، وَحَلاَّهُ ، وَنَقَدَ ثَمَنَهُ ، فَذَلِكَ جَائِزٌ ، وَهُوَ لاَزِمٌ لِلْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ عَلَى مَا وَصَفَا وَحَلَّيَا ، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ الْجَائِزِ بَيْنَهُمْ ، وَالَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
26- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ.
1908- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ ، وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ ، ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا.
1909- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ : لاَ رِبًا فِي الْحَيَوَانِ ، وَإِنَّمَا نُهِيَ مِنَ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلاَثَةٍ : عَنِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلاَقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ ، وَالْمَضَامِينُ بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ إِنَاثِ الإِبِلِ ، وَالْمَلاَقِيحُ بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ.
1910- قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ إِذَا كَانَ غَائِبًا عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَآهُ وَرَضِيَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ ثَمَنَهُ لاَ قَرِيبًا وَلاَ بَعِيدًا.
1911- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ ، لأَنَّ الْبَائِعَ يَنْتَفِعُ بِالثَّمَنِ ، وَلاَ يُدْرَى هَلْ تُوجَدُ تِلْكَ السِّلْعَةُ عَلَى مَا رَآهَا الْمُبْتَاعُ أَمْ لاَ ؟ فَلِذَلِكَ كُرِهَ ذَلِكَ ، وَلاَ بَأْسَ بِهِ ، إِذَا كَانَ مَضْمُونًا مَوْصُوفًا.
27- بَابُ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.
1912- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.
1913- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ : مِنْ مَيْسِرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ.
1914- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : نُهِيَ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ : فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : أَرَأَيْتَ رَجُلاً اشْتَرَى شَارِفًا بِعَشَرَةِ شِيَاهٍ ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : إِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِيَنْحَرَهَا ، فَلاَ خَيْرَ فِي ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ : وَكُلُّ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ النَّاسِ يَنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ : وَكَانَ ذَلِكَ يُكْتَبُ فِي عُهُودِ الْعُمَّالِ فِي زَمَانِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَهِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ.
28- بَابُ بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ.
1915- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي لَحْمِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْوُحُوشِ ، أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، وَزْنًا بِوَزْنٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ ، إِذَا تَحَرَّى أَنْ يَكُونَ مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ.
1916- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ بِلَحْمِ الْحِيتَانِ ، بِلَحْمِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْوُحُوشِ كُلِّهَا ، اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الأََجَلُ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ.
1917- قَالَ مَالِكٌ : وَأَرَى لُحُومَ الطَّيْرِ كُلَّهَا مُخَالِفَةً لِلُحُومِ الأََنْعَامِ ، وَالْحِيتَانِ ، فَلاَ أَرَى بَأْسًا بِأَنْ يُشْتَرَى بَعْضُ ذَلِكَ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلاً يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَجَلٍ.
29- بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَمَنِ الْكَلْبِ.
1918- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأََنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ.
يَعْنِي بِمَهْرِ الْبَغِيِّ : مَا تُعْطَاهُ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا ، وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ رَشْوَتُهُ ، وَمَا يُعْطَى عَلَى أَنْ يَتَكَهَّنَ.
1919- قَالَ مَالِكٌ : أَكْرَهُ ثَمَنَ الْكَلْبِ الضَّارِي وَغَيْرِ الضَّارِي ، لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ.
30- بَابُ السَّلَفِ وَبَيْعِ الْعُرُوضِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ.
1920- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ.
1921- قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ آخُذُ سِلْعَتَكَ بِكَذَا وَكَذَا ، عَلَى أَنْ تُسْلِفَنِي كَذَا وَكَذَا ، فَإِنْ عَقَدَا بَيْعَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ ، فَإِنْ تَرَكَ الَّذِي اشْتَرَطَ السَّلَفَ ، مَا اشْتَرَطَ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ جَائِزًا.
1922- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُشْتَرَى الثَّوْبُ مِنَ الْكَتَّانِ أَوِ الشَّطَوِيِّ أَوِ الْقَصَبِيِّ بِالأََثْوَابِ مِنَ الإِتْرِيبِيِّ ، أَوِ الْقَسِّيِّ أَوِ الزِّيقَةِ ، أَوِ الثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ أَوِ الْمَرْوِيِّ بِالْمَلاَحِفِ الْيَمَانِيَّةِ ، وَالشَّقَائِقِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ بِالْاثْنَيْنِ أَوِ الثَّلاَثَةِ يَدًا بِيَدٍ ، أَوْ إِلَى أَجَلٍ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ نَسِيئَةٌ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ , قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَصْلُحُ حَتَّى يَخْتَلِفَ فَيَبِينَ اخْتِلاَفُهُ ، فَإِذَا أَشْبَهَ بَعْضُ ذَلِكَ بَعْضًا ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُ ، فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَيْنِ مِنَ الْهَرَوِيِّ ، بِالثَّوْبِ مِنَ الْمَرْوِيِّ أَوِ الْقُوهِيِّ إِلَى أَجَلٍ ، أَوْ يَأْخُذَ الثَّوْبَيْنِ مِنَ الْفُرْقُبِيِّ بِالثَّوْبِ مِنَ الشَّطَوِيِّ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الأََجْنَاسُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلاَ يُشْتَرَى مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ.
1923- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ ، مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ.
31- بَابُ السُّلْفَةِ فِي الْعُرُوضِ.
1924- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَرَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ رَجُلٍ سَلَّفَ فِي سَبَائِبَ فَأَرَادَ بَيْعَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : تِلْكَ الْوَرِقُ بِالْوَرِقِ وَكَرِهَ ذَلِكَ.
1925- قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ فِيمَا نُرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ ، بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ ، وَلَوْ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ.
1926- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، فِيمَنْ سَلَّفَ فِي رَقِيقٍ ، أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ عُرُوضٍ ، فَإِذَا كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَوْصُوفًا ، فَسَلَّفَ فِيهِ إِلَى أَجَلٍ ، فَحَلَّ الأََجَلُ ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لاَ يَبِيعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مِنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ ، بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي سَلَّفَهُ فِيهِ ، قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مَا سَلَّفَهُ فِيهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا فَعَلَهُ فَهُوَ الرِّبَا ، صَارَ الْمُشْتَرِي إِنْ أَعْطَى الَّذِي بَاعَهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ ، فَانْتَفَعَ بِهَا ، فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِ السِّلْعَةُ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي بَاعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا سَلَّفَهُ فِيهَا ، فَصَارَ أَنْ رَدَّ إِلَيْهِ مَا سَلَّفَهُ وَزَادَهُ مِنْ عِنْدِهِ.
1927- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ سَلَّفَ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فِي حَيَوَانٍ أَوْ عُرُوضٍ ، إِذَا كَانَ مَوْصُوفًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، ثُمَّ حَلَّ الأََجَلُ ، فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنَ الْبَائِعِ ، قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الأََجَلُ أَوْ بَعْدَ مَا يَحِلُّ بِعَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ يُعَجِّلُهُ ، وَلاَ يُؤَخِّرُهُ ، بَالِغًا مَا بَلَغَ ذَلِكَ الْعَرْضُ ، إِلاَّ الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي ابْتَاعَهَا مِنْهُ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ ، أَوْ عَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ ، يَقْبِضُ ذَلِكَ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ ، لأَنَّهُ إِذَا أَخَّرَ ذَلِكَ قَبُحَ ، وَدَخَلَهُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَالْكَالِئُ بِالْكَالِئِ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ.
1928- قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ سَلَّفَ فِي سِلْعَةٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَتِلْكَ السِّلْعَةُ مِمَّا لاَ يُؤْكَلُ ، وَلاَ يُشْرَبُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ ، بِنَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنِ الَّذِي ابْتَاعَهَا مِنْهُ ، إِلاَّ بِعَرْضٍ يَقْبِضُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ , قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ لَمْ تَحِلَّ فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ لَهَا ، بَيِّنٍ خِلاَفُهُ يَقْبِضُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ.
1929- قَالَ مَالِكٌ : فِيمَنْ سَلَّفَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فِي أَرْبَعَةِ أَثْوَابٍ مَوْصُوفَةٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَلَمَّا حَلَّ الأََجَلُ ، تَقَاضَى صَاحِبَهَا فَلَمْ يَجِدْهَا عِنْدَهُ ، وَوَجَدَ عِنْدَهُ ثِيَابًا دُونَهَا مِنْ صِنْفِهَا ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الأََثْوَابُ : أُعْطِيكَ بِهَا ثَمَانِيَةَ أَثْوَابٍ مِنْ ثِيَابِي هَذِهِ ، إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، إِذَا أَخَذَ تِلْكَ الأََثْوَابَ الَّتِي يُعْطِيهِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الأََجَلُ ، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ مَحِلِّ الأََجَلِ ، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ أَيْضًا ، إِلاَّ أَنْ يَبِيعَهُ ثِيَابًا لَيْسَتْ مِنْ صِنْفِ الثِّيَابِ الَّتِي سَلَّفَهُ فِيهَا.
32- بَابُ بَيْعِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِمَّا يُوزَنُ.
1930- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا كَانَ مِمَّا يُوزَنُ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ : مِنَ النُّحَاسِ وَالشَّبَهِ وَالرَّصَاصِ وَالآنُكِ ، وَالْحَدِيدِ ، وَالْقَضْبِ وَالتِّينِ ، وَالْكُرْسُفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، مِمَّا يُوزَنُ ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ رِطْلُ حَدِيدٍ بِرِطْلَيْ حَدِيدٍ وَرِطْلُ صُفْرٍ بِرِطْلَيْ صُفْرٍ.
1931- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ خَيْرَ فِيهِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ مِنْ ذَلِكَ ، فَبَانَ اخْتِلاَفُهُمَا ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِنْ كَانَ الصِّنْفُ مِنْهُ يُشْبِهُ الصِّنْفَ الآخَرَ ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الاِسْمِ مِثْلُ الرَّصَاصِ وَالآنُكِ وَالشَّبَهِ وَالصُّفْرِ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ.
1932- قَالَ مَالِكٌ : وَمَا اشْتَرَيْتَ مِنْ هَذِهِ الأََصْنَافِ كُلِّهَا ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ تَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ ، إِذَا قَبَضْتَ ثَمَنَهُ ، إِذَا كُنْتَ اشْتَرَيْتَهُ كَيْلاً أَوْ وَزْنًا ، فَإِنِ اشْتَرَيْتَهُ جِزَافًا فَبِعْهُ مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ ، بِنَقْدٍ أَوْ إِلَى أَجَلٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْكَ إِذَا اشْتَرَيْتَهُ جِزَافًا ، وَلاَ يَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْكَ إِذَا اشْتَرَيْتَهُ وَزْنًا حَتَّى تَزِنَهُ وَتَسْتَوْفِيَهُ ، وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي هَذِهِ الأََشْيَاءِ كُلِّهَا ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَنَا.
1933- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا لاَ يُؤْكَلُ وَلاَ يُشْرَبُ مِثْلُ : الْعُصْفُرِ وَالنَّوَى ، وَالْخَبَطِ وَالْكَتَمِ وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ ، أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِنِ اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ فَبَانَ اخْتِلاَفُهُمَا ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَمَا اشْتُرِيَ مِنْ هَذِهِ الأََصْنَافِ كُلِّهَا ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى إِذَا قَبَضَ ثَمَنَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ.
1934- قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ مِنَ الأََصْنَافِ كُلِّهَا ، وَإِنْ كَانَتِ الْحَصْبَاءَ وَالْقَصَّةَ ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِثْلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ فَهُوَ رِبًا ، وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ وَزِيَادَةُ شَيْءٍ مِنَ الأََشْيَاءِ إِلَى أَجَلٍ فَهُوَ رِبًا.
33- بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.
1935- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.
1936- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَجُلٍ : ابْتَعْ لِي هَذَا الْبَعِيرَ بِنَقْدٍ ، حَتَّى أَبْتَاعَهُ مِنْكَ إِلَى أَجَلٍ ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَكَرِهَهُ وَنَهَى عَنْهُ.
1937- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ : اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا ، أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ.
1938- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ ابْتَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا ، أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ ، قَدْ وَجَبَتْ لِلْمُشْتَرِي بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ ، إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي ذَلِكَ لأَنَّهُ إِنْ أَخَّرَ الْعَشَرَةَ كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ ، وَإِنْ نَقَدَ الْعَشَرَةَ كَانَ إِنَّمَا اشْتَرَى بِهَا الْخَمْسَةَ عَشَرَ الَّتِي إِلَى أَجَلٍ.
1939- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً بِدِينَارٍ نَقْدًا ، أَوْ بِشَاةٍ مَوْصُوفَةٍ إِلَى أَجَلٍ ، قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ ، إِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ ، لاَ يَنْبَغِي لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ ، وَهَذَا مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.
1940- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ : أَشْتَرِي مِنْكَ هَذِهِ الْعَجْوَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا أَوِ الصَّيْحَانِيَّ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ ، أَوِ الْحِنْطَةَ الْمَحْمُولَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا ، أَوِ الشَّامِيَّةَ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ بِدِينَارٍ ، قَدْ وَجَبَتْ لِي إِحْدَاهُمَا ، إِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لاَ يَحِلُّ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ لَهُ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ صَيْحَانِيًّا فَهُوَ يَدَعُهَا ، وَيَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنَ الْعَجْوَةِ ، أَوْ تَجِبُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنَ الْحِنْطَةِ الْمَحْمُولَةِ ، فَيَدَعُهَا وَيَأْخُذُ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ مِنَ الشَّامِيَّةِ ، فَهَذَا أَيْضًا مَكْرُوهٌ لاَ يَحِلُّ ، وَهُوَ أَيْضًا يُشْبِهُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ ، وَهُوَ أَيْضًا مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يُبَاعَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنَ الطَّعَامِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ.
34- بَابُ بَيْعِ الْغَرَرِ.
1941- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.
1942- قَالَ مَالِكٌ : وَمِنَ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ أَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ قَدْ ضَلَّتْ دَابَّتُهُ ، أَوْ أَبَقَ غُلاَمُهُ ، وَثَمَنُ الشَّيْءِ مِنْ ذَلِكَ خَمْسُونَ دِينَارًا ، فَيَقُولُ رَجُلٌ : أَنَا آخُذُهُ مِنْكَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا ، فَإِنْ وَجَدَهُ الْمُبْتَاعُ ذَهَبَ مِنَ الْبَائِعِ ثَلاَثُونَ دِينَارًا ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ ذَهَبَ الْبَائِعُ مِنَ الْمُبْتَاعِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا.
قَالَ مَالِكٌ : وَفِي ذَلِكَ عَيْبٌ آخَرُ إِنَّ تِلْكَ الضَّالَّةَ ، إِنْ وُجِدَتْ ، لَمْ يُدْرَ أَزَادَتْ أَمْ نَقَصَتْ ، أَمْ مَا حَدَثَ بِهَا مِنَ الْعُيُوبِ فَهَذَا أَعْظَمُ الْمُخَاطَرَةِ.
1943- قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ وَالْغَرَرِ اشْتِرَاءَ مَا فِي بُطُونِ الإِنَاثِ مِنَ النِّسَاءِ وَالدَّوَابِّ ، لأَنَّهُ لاَ يُدْرَى أَيَخْرُجُ أَمْ لاَ يَخْرُجُ ؟ فَإِنْ خَرَجَ لَمْ يُدْرَ أَيَكُونُ حَسَنًا أَمْ قَبِيحًا ؟ أَمْ تَامًّا أَمْ نَاقِصًا ؟ أَمْ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى ؟ وَذَلِكَ كُلُّهُ يَتَفَاضَلُ ، إِنْ كَانَ عَلَى كَذَا فَقِيمَتُهُ كَذَا ، وَإِنْ كَانَ عَلَى كَذَا فَقِيمَتُهُ كَذَا.
1944- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي بَيْعُ الإِنَاثِ ، وَاسْتِثْنَاءُ مَا فِي بُطُونِهَا ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : ثَمَنُ شَاتِي الْغَزِيرَةِ ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ فَهِيَ لَكَ بِدِينَارَيْنِ ، وَلِي مَا فِي بَطْنِهَا ، فَهَذَا مَكْرُوهٌ لأَنَّهُ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ.
1945- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَحِلُّ بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ ، وَلاَ الْجُلْجُلاَنِ بِدُهْنِ الْجُلْجُلاَنِ ، وَلاَ الزُّبْدِ بِالسَّمْنِ ، لأَنَّ الْمُزَابَنَةَ تَدْخُلُهُ ، وَلأَنَّ الَّذِي يَشْتَرِي الْحَبَّ وَمَا أَشْبَهَهُ بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ ، لاَ يَدْرِي أَيَخْرُجُ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ ؟ فَهَذَا غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ.
قَالَ مَالِكٌ : وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا اشْتِرَاءُ حَبِّ الْبَانِ بِالسَّلِيخَةِ فَذَلِكَ غَرَرٌ ، لأَنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ حَبِّ الْبَانِ هُوَ السَّلِيخَةُ ، وَلاَ بَأْسَ بِحَبِّ الْبَانِ بِالْبَانِ الْمُطَيَّبِ لأَنَّ الْبَانَ الْمُطَيَّبَ قَدْ طُيِّبَ وَنُشَّ وَتَحَوَّلَ عَنْ حَالِ السَّلِيخَةِ
1946- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ لاَ نُقْصَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ ، إِنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ غَيْرُ جَائِزٍ وَهُوَ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنَّهُ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِرِبْحٍ ، إِنْ كَانَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ ، وَإِنْ بَاعَ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِنُقْصَانٍ فَلاَ شَيْءَ لَهُ ، وَذَهَبَ عَنَاؤُهُ بَاطِلاً ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ وَلِلْمُبْتَاعِ فِي هَذَا أُجْرَةٌ بِمِقْدَارِ مَا عَالَجَ مِنْ ذَلِكَ ، وَمَا كَانَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ مِنْ نُقْصَانٍ أَوْ رِبْحٍ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا فَاتَتِ السِّلْعَةُ وَبِيعَتْ ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ فُسِخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا.
1947- قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا أَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً يَبُتُّ بَيْعَهَا ، ثُمَّ يَنْدَمُ الْمُشْتَرِي ، فَيَقُولُ لِلْبَائِعِ : ضَعْ عَنِّي فَيَأْبَى الْبَائِعُ ، وَيَقُولُ : بِعْ فَلاَ نُقْصَانَ عَلَيْكَ ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَضَعَهُ لَهُ ، وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ عَقَدَا بَيْعَهُمَا ، وَذَلِكَ الَّذِي عَلَيْهِ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
35- بَابُ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.
1948- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَالْمُلاَمَسَةُ : أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ ، وَلاَ يَنْشُرُهُ ، وَلاَ يَتَبَيَّنُ مَا فِيهِ ، أَوْ يَبْتَاعَهُ لَيْلاً ، وَلاَ يَعْلَمُ مَا فِيهِ ، وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ ، وَيَنْبِذَ الآخَرُ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ عَلَى غَيْرِ تَأَمُّلٍ مِنْهُمَا ، وَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَذَا بِهَذَا ، فَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.
1949- قَالَ مَالِكٌ : فِي السَّاجِ الْمُدْرَجِ فِي جِرَابِهِ ، أَوِ الثَّوْبِ الْقُبْطِيِّ الْمُدْرَجِ فِي طَيِّهِ ، إِنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا ، حَتَّى يُنْشَرَا ، وَيُنْظَرَ إِلَى مَا فِي أَجْوَافِهِمَا ، وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَهُمَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ ، وَهُوَ مِنَ الْمُلاَمَسَةِ.
1950- قَالَ مَالِكٌ : وَبَيْعُ الأََعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ ، مُخَالِفٌ لِبَيْعِ السَّاجِ فِي جِرَابِهِ ، وَالثَّوْبِ فِي طَيِّهِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ الأََمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ ، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ ، وَمَا مَضَى مِنْ عَمَلِ الْمَاضِينَ فِيهِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مِنْ بُيُوعِ النَّاسِ الْجَائِزَةِ ، وَالتِّجَارَةِ بَيْنَهُمِ الَّتِي لاَ يَرَوْنَ بِهَا بَأْسًا ، لأَنَّ بَيْعَ الأََعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ عَلَى غَيْرِ نَشْرٍ ، لاَ يُرَادُ بِهِ الْغَرَرُ ، وَلَيْسَ يُشْبِهُ الْمُلاَمَسَةَ.
36- بَابُ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ حَدَّثَنِي يَحْيَى.
1951- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْبَزِّ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ ، ثُمَّ يَقْدَمُ بِهِ بَلَدًا آخَرَ ، فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً إِنَّهُ لاَ يَحْسِبُ فِيهِ أَجْرَ السَّمَاسِرَةِ ، وَلاَ أَجْرَ الطَّيِّ ، وَلاَ الشَّدِّ ، وَلاَ النَّفَقَةَ ، وَلاَ كِرَاءَ بَيْتٍ ، فَأَمَّا كِرَاءُ الْبَزِّ فِي حُمْلاَنِهِ ، فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ ، وَلاَ يُحْسَبُ فِيهِ رِبْحٌ ، إِلاَّ أَنْ يُعْلِمَ الْبَائِعُ مَنْ يُسَاوِمُهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ ، فَإِنْ رَبَّحُوهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ.
1952- قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا الْقِصَارَةُ ، وَالْخِيَاطَةُ ، وَالصِّبَاغُ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَزِّ يُحْسَبُ فِيهِ الرِّبْحُ كَمَا يُحْسَبُ فِي الْبَزِّ ، فَإِنْ بَاعَ الْبَزَّ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا مِمَّا سَمَّيْتُ إِنَّهُ لاَ يُحْسَبُ لَهُ فِيهِ رِبْحٌ ، فَإِنْ فَاتَ الْبَزُّ ، فَإِنَّ الْكِرَاءَ يُحْسَبُ ، وَلاَ يُحْسَبُ عَلَيْهِ رِبْحٌ ، فَإِنْ لَمْ يَفُتِ الْبَزُّ فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ بَيْنَهُمَا ، إِلاَّ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَجُوزُ بَيْنَهُمَا.
1953- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْمَتَاعَ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْوَرِقِ ، وَالصَّرْفُ يَوْمَ اشْتَرَاهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ ، فَيَقْدَمُ بِهِ بَلَدًا فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً ، أَوْ يَبِيعُهُ حَيْثُ اشْتَرَاهُ مُرَابَحَةً عَلَى صَرْفِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي بَاعَهُ فِيهِ ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ ابْتَاعَهُ بِدَرَاهِمَ ، وَبَاعَهُ بِدَنَانِيرَ ، أَوِ ابْتَاعَهُ بِدَنَانِيرَ ، وَبَاعَهُ بِدَرَاهِمَ ، وَكَانَ الْمَتَاعُ لَمْ يَفُتْ ، فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ ، فَإِنْ فَاتَ الْمَتَاعُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ بِهِ الْبَائِعُ ، وَيُحْسَبُ لِلْبَائِعِ الرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ عَلَى مَا رَبَّحَهُ الْمُبْتَاعُ.
1954- قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً قَامَتْ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ ، لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ ، ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِتِسْعِينَ دِينَارًا ، وَقَدْ فَاتَتِ السِّلْعَةُ خُيِّرَ الْبَائِعُ ، فَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ قِيمَةُ سِلْعَتِهِ يَوْمَ قُبِضَتْ مِنْهُ ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ بِهِ الْبَيْعُ أَوَّلَ يَوْمٍ ، فَلاَ يَكُونُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ مِائَةُ دِينَارٍ وَعَشْرَةُ دَنَانِيرَ ، وَإِنْ أَحَبَّ ضُرِبَ لَهُ الرِّبْحُ عَلَى التِّسْعِينَ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ مِنَ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِنَ الْقِيمَةِ فَيُخَيَّرُ فِي الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ وَفِي رَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ وَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِينَارًا.
1955- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً مُرَابَحَةً ، فَقَالَ : قَامَتْ عَلَيَّ بِمِائَةِ دِينَارٍ . ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا قَامَتْ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا . خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ ، فَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الْبَائِعَ قِيمَةَ السِّلْعَةِ يَوْمَ قَبَضَهَا ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الثَّمَنَ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ عَلَى حِسَابِ مَا رَبَّحَهُ . بَالِغًا مَا بَلَغَ . إِلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ السِّلْعَةَ ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنَقِّصَ رَبَّ السِّلْعَةِ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ ، لأَنَّهُ قَدْ كَانَ رَضِيَ بِذَلِكَ ، وَإِنَّمَا جَاءَ رَبُّ السِّلْعَةِ يَطْلُبُ الْفَضْلَ فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ فِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَى الْبَائِعِ . بِأَنْ يَضَعَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ.
37- بَابُ الْبَيْعِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ.
1956- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْقَوْمِ يَشْتَرُونَ السِّلْعَةَ الْبَزَّ ، أَوِ الرَّقِيقَ ، فَيَسْمَعُ بِهِ الرَّجُلُ فَيَقُولُ لِرَجُلٍ مِنْهُمُ الْبَزُّ الَّذِي اشْتَرَيْتَ مِنْ فُلاَنٍ ، قَدْ بَلَغَتْنِي صِفَتُهُ وَأَمْرُهُ ، فَهَلْ لَكَ أَنْ أُرْبِحَكَ فِي نَصِيبِكَ كَذَا وَكَذَا ، فَيَقُولُ : نَعَمْ فَيُرْبِحُهُ ، وَيَكُونُ شَرِيكًا لِلْقَوْمِ مَكَانَهُ ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ رَآهُ قَبِيحًا وَاسْتَغْلاَهُ , قَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُ ، وَلاَ خِيَارَ لَهُ فِيهِ ، إِذَا كَانَ ابْتَاعَهُ عَلَى بَرْنَامَجٍ وَصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ.
1957- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَقْدَمُ لَهُ أَصْنَافٌ مِنَ الْبَزِّ ، وَيَحْضُرُهُ السُّوَّامُ ، وَيَقْرَأُ عَلَيْهِمْ بَرْنَامَجَهُ ، وَيَقُولُ : فِي كُلِّ عِدْلٍ كَذَا وَكَذَا مِلْحَفَةً بَصْرِيَّةً ، وَكَذَا وَكَذَا رَيْطَةً سَابِرِيَّةً ذَرْعُهَا كَذَا وَكَذَا ، وَيُسَمِّي لَهُمْ أَصْنَافًا مِنَ الْبَزِّ بِأَجْنَاسِهِ ، وَيَقُولُ : اشْتَرُوا مِنِّي عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ، فَيَشْتَرُونَ الأََعْدَالَ عَلَى مَا وَصَفَ لَهُمْ ثُمَّ يَفْتَحُونَهَا فَيَسْتَغْلُونَهَا وَيَنْدَمُونَ , قَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُمْ إِذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْبَرْنَامَجِ الَّذِي بَاعَهُمْ عَلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا الأََمْرُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ النَّاسُ عِنْدَنَا يُجِيزُونَهُ بَيْنَهُمْ ، إِذَا كَانَ الْمَتَاعُ مُوَافِقًا لِلْبَرْنَامَجِ وَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لَهُ.
38- بَابُ بَيْعِ الْخِيَارِ.
1958- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلاَّ بَيْعَ الْخِيَارِ.
1959- قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ ، وَلاَ أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِيهِ.
1960- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أَيُّمَا بَيِّعَيْنِ تَبَايَعَا ، فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ أَوْ يَتَرَادَّانِ.
1961- قَالَ مَالِكٌ : فِيمَنْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً ، فَقَالَ الْبَائِعُ : عِنْدَ مُوَاجَبَةِ الْبَيْعِ : أَبِيعُكَ عَلَى أَنْ أَسْتَشِيرَ فُلاَنًا ، فَإِنْ رَضِيَ فَقَدْ جَازَ الْبَيْعُ ، وَإِنْ كَرِهَ فَلاَ بَيْعَ بَيْنَنَا ، فَيَتَبَايَعَانِ عَلَى ذَلِكَ . ثُمَّ يَنْدَمُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَسْتَشِيرَ الْبَائِعُ فُلاَنًا : إِنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ لاَزِمٌ لَهُمَا ، عَلَى مَا وَصَفَا ، وَلاَ خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ ، وَهُوَ لاَزِمٌ لَهُ . إِنْ أَحَبَّ الَّذِي اشْتَرَطَ لَهُ الْبَائِعُ أَنْ يُجِيزَهُ.
1962- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِنَ الرَّجُلِ ، فَيَخْتَلِفَانِ فِي الثَّمَنِ ، فَيَقُولُ الْبَائِعُ بِعْتُكَهَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ، وَيَقُولُ الْمُبْتَاعُ ابْتَعْتُهَا مِنْكَ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ . إِنَّهُ يُقَالُ لِلْبَائِعِ : إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِهَا لِلْمُشْتَرِي بِمَا قَالَ ، وَإِنْ شِئْتَ فَاحْلِفْ بِاللَّهِ مَا بِعْتَ سِلْعَتَكَ إِلاَّ بِمَا قُلْتَ ، فَإِنْ حَلَفَ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي : إِمَّا أَنْ تَأْخُذَ السِّلْعَةَ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ ، وَإِمَّا أَنْ تَحْلِفَ بِاللَّهِ مَا اشْتَرَيْتَهَا إِلاَّ بِمَا قُلْتَ ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنْهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ.
39- بَابُ مَا جَاءَ فِي الرِّبَا فِي الدَّيْنِ.
1963- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى السَّفَّاحِ أَنَّهُ قَالَ : بِعْتُ بَزًّا لِي مِنْ أَهْلِ دَارِ نَخْلَةَ إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى الْكُوفَةِ فَعَرَضُوا عَلَيَّ أَنْ أَضَعَ عَنْهُمْ بَعْضَ الثَّمَنِ ، وَيَنْقُدُونِي فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ : لاَ آمُرُكَ أَنْ تَأْكُلَ هَذَا وَلاَ تُوكِلَهُ.
1964- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ بْنِ خَلْدَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ عَلَى الرَّجُلِ إِلَى أَجَلٍ ، فَيَضَعُ عَنْهُ صَاحِبُ الْحَقِّ ، وَيُعَجِّلُهُ الآخَرُ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَنَهَى عَنْهُ.
1965- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ الرِّبَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الْحَقُّ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِذَا حَلَّ الأََجَلُ ، قَالَ : أَتَقْضِي أَمْ تُرْبِي ؟ فَإِنْ قَضَى أَخَذَ ، وَإِلاَّ زَادَهُ فِي حَقِّهِ ، وَأَخَّرَ عَنْهُ فِي الأََجَلِ.
1966- قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ الْمَكْرُوهُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا ، أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الدَّيْنُ إِلَى أَجَلٍ ، فَيَضَعُ عَنْهُ الطَّالِبُ ، وَيُعَجِّلُهُ الْمَطْلُوبُ ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يُؤَخِّرُ دَيْنَهُ بَعْدَ مَحِلِّهِ عَنْ غَرِيمِهِ ، وَيَزِيدُهُ الْغَرِيمُ فِي حَقِّهِ ، قَالَ : فَهَذَا الرِّبَا بِعَيْنِهِ لاَ شَكَّ فِيهِ.
1967- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ مِائَةُ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِذَا حَلَّتْ ، قَالَ لَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ : بِعْنِي سِلْعَةً يَكُونُ ثَمَنُهَا مِائَةَ دِينَارٍ نَقْدًا ، بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ إِلَى أَجَلٍ ، هَذَا بَيْعٌ لاَ يَصْلُحُ ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْطِيهِ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ بِعَيْنِهِ ، وَيُؤَخِّرُ عَنْهُ الْمِائَةَ الأَُولَى إِلَى الأََجَلِ الَّذِي ذَكَرَ لَهُ آخِرَ مَرَّةٍ ، وَيَزْدَادُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ دِينَارًا فِي تَأْخِيرِهِ عَنْهُ ، فَهَذَا مَكْرُوهٌ ، وَلاَ يَصْلُحُ ، وَهُوَ أَيْضًا يُشْبِهُ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي بَيْعِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ، إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا حَلَّتْ دُيُونُهُمْ ، قَالُوا لِلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ : إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ ، وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ ، فَإِنْ قَضَى أَخَذُوا ، وَإِلاَّ زَادُوهُمْ فِي حُقُوقِهِمْ وَزَادُوهُمْ فِي الأََجَلِ.
40- بَابُ جَامِعِ الدَّيْنِ وَالْحِوَلِ.
1968- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ.
1969- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَسْأَلُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ : إِنِّي رَجُلٌ أَبِيعُ بِالدَّيْنِ ، فَقَالَ سَعِيدٌ : لاَ تَبِعْ إِلاَّ مَا آوَيْتَ إِلَى رَحْلِكَ.
1970- قَالَ مَالِكٌ : فِي الَّذِي يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِنَ الرَّجُلِ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ تِلْكَ السِّلْعَةَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِمَّا لِسُوقٍ يَرْجُو نَفَاقَهَا فِيهِ وَإِمَّا لِحَاجَةٍ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الَّذِي اشْتَرَطَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُخْلِفُهُ الْبَائِعُ عَنْ ذَلِكَ الأََجَلِ فَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي رَدَّ تِلْكَ السِّلْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّ الْبَيْعَ لاَزِمٌ لَهُ وَإِنَّ الْبَائِعَ لَوْ جَاءَ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ قَبْلَ مَحِلِّ الأََجَلِ لَمْ يُكْرَهِ الْمُشْتَرِي عَلَى أَخْذِهَا.
1971- قَالَ مَالِكٌ : فِي الَّذِي يَشْتَرِي الطَّعَامَ فَيَكْتَالُهُ ، ثُمَّ يَأْتِيهِ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ ، فَيُخْبِرُ الَّذِي يَأْتِيهِ أَنَّهُ قَدِ اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ وَاسْتَوْفَاهُ ، فَيُرِيدُ الْمُبْتَاعُ أَنْ يُصَدِّقَهُ ، وَيَأْخُذَهُ بِكَيْلِهِ ، إِنَّ مَا بِيعَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ بِنَقْدٍ فَلاَ بَأْسَ بِهِ ، وَمَا بِيعَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ حَتَّى يَكْتَالَهُ الْمُشْتَرِي الآخَرُ لِنَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا كُرِهَ الَّذِي إِلَى أَجَلٍ لأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إِلَى الرِّبَا ، وَتَخَوُّفٌ أَنْ يُدَارَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِغَيْرِ كَيْلٍ ، وَلاَ وَزْنٍ ، فَإِنْ كَانَ إِلَى أَجَلٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.
1972- قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَى دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ ، وَلاَ حَاضِرٍ إِلاَّ بِإِقْرَارٍ مِنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ ، وَلاَ عَلَى مَيِّتٍ ، وَإِنْ عَلِمَ الَّذِي تَرَكَ الْمَيِّتُ ، وَذَلِكَ أَنَّ اشْتِرَاءَ ذَلِكَ غَرَرٌ ، لاَ يُدْرَى أَيَتِمُّ أَمْ لاَ يَتِمُّ ؟.
قَالَ : وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ ، أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَى دَيْنًا عَلَى غَائِبٍ ، أَوْ مَيِّتٍ أَنَّهُ لاَ يُدْرَى مَا يَلْحَقُ الْمَيِّتَ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ بِهِ ، فَإِنْ لَحِقَ الْمَيِّتَ دَيْنٌ ذَهَبَ الثَّمَنُ الَّذِي أَعْطَى الْمُبْتَاعُ بَاطِلاً.
قَالَ مَالِكٌ : وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا عَيْبٌ آخَرُ ، أَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئًا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ ذَهَبَ ثَمَنُهُ بَاطِلاً فَهَذَا غَرَرٌ لاَ يَصْلُحُ.
1973- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ أَنْ لاَ يَبِيعَ الرَّجُلُ إِلاَّ مَا عِنْدَهُ ، وَأَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ فِي شَيْءٍ لَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلُهُ ، أَنَّ صَاحِبَ الْعِينَةِ ، إِنَّمَا يَحْمِلُ ذَهَبَهُ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَبْتَاعَ بِهَا ، فَيَقُولُ هَذِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، فَمَا تُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ لَكَ بِهَا ؟ فَكَأَنَّهُ يَبِيعُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ نَقْدًا ، بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ ، فَلِهَذَا كُرِهَ هَذَا ، وَإِنَّمَا تِلْكَ الدُّخْلَةُ وَالدُّلْسَةُ.
41- بَابُ مَا جَاءَ فِي الشِّرْكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَةِ.
1974- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْبَزَّ الْمُصَنَّفَ ، وَيَسْتَثْنِي ثِيَابًا بِرُقُومِهَا ، إِنَّهُ إِنِ اشْتَرَطَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ الرَّقْمَ ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُ حِينَ اسْتَثْنَى ، فَإِنِّي أَرَاهُ شَرِيكًا فِي عَدَدِ الْبَزِّ الَّذِي اشْتُرِيَ مِنْهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ يَكُونُ رَقْمُهُمَا سَوَاءً وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي الثَّمَنِ.
1975- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَةِ مِنْهُ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ ، قَبَضَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِالنَّقْدِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ ، وَلاَ وَضِيعَةٌ ، وَلاَ تَأْخِيرٌ لِلثَّمَنِ ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ رِبْحٌ أَوْ وَضِيعَةٌ أَوْ تَأْخِيرٌ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، صَارَ بَيْعًا يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ ، وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ ، وَلَيْسَ بِشِرْكٍ وَلاَ تَوْلِيَةٍ وَلاَ إِقَالَةٍ.
1976- قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بَزًّا أَوْ رَقِيقًا ، فَبَتَّ بِهِ ، ثُمَّ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُشَرِّكَهُ فَفَعَلَ ، وَنَقَدَا الثَّمَنَ صَاحِبَ السِّلْعَةِ جَمِيعًا ، ثُمَّ أَدْرَكَ السِّلْعَةَ شَيْءٌ يَنْتَزِعُهَا مِنْ أَيْدِيهِمَا ، فَإِنَّ الْمُشَرَّكَ يَأْخُذُ مِنِ الَّذِي أَشْرَكَهُ الثَّمَنَ ، وَيَطْلُبُ الَّذِي أَشْرَكَ بَيِّعَهُ الَّذِي بَاعَهُ السِّلْعَةَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشَرِّكُ عَلَى الَّذِي أَشْرَكَ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ ، وَعِنْدَ مُبَايَعَةِ الْبَائِعِ الأََوَّلِ ، وَقَبْلَ أَنْ يَتَفَاوَتَ ذَلِكَ أَنَّ عُهْدَتَكَ عَلَى الَّذِي ابْتَعْتُ مِنْهُ ، وَإِنْ تَفَاوَتَ ذَلِكَ ، وَفَاتَ الْبَائِعَ الأََوَّلَ فَشَرْطُ الآخَرِ بَاطِلٌ وَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ.
1977- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ : اشْتَرِ هَذِهِ السِّلْعَةَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، وَانْقُدْ عَنِّي وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ : إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ . حِينَ قَالَ : انْقُدْ عَنِّي وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ سَلَفٌ يُسْلِفُهُ إِيَّاهُ ، عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا لَهُ ، وَلَوْ أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ هَلَكَتْ ، أَوْ فَاتَتْ ، أَخَذَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي نَقَدَ الثَّمَنَ . مِنْ شَرِيكِهِ مَا نَقَدَ عَنْهُ فَهَذَا مِنَ السَّلَفِ الَّذِي يَجُرُّ مَنْفَعَةً.
1978- قَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ سِلْعَةً ، فَوَجَبَتْ لَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَجُلٌ : أَشْرِكْنِي بِنِصْفِ هَذِهِ السِّلْعَةِ ، وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ جَمِيعًا ، كَانَ ذَلِكَ حَلاَلاً لاَ بَأْسَ بِهِ ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا بَيْعٌ جَدِيدٌ . بَاعَهُ نِصْفَ السِّلْعَةِ ، عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الآخَرَ.
42- بَابُ مَا جَاءَ فِي إِفْلاَسِ الْغَرِيمِ.
1979- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا ، فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ مِنْهُ ، وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا ، فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ، وَإِنْ مَاتَ الَّذِي ابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.
1980- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ ، فَأَدْرَكَ الرَّجُلُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ.
1981- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الْمُبْتَاعُ ، فَإِنَّ الْبَائِعَ إِذَا وَجَدَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ بَاعَ بَعْضَهُ ، وَفَرَّقَهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ ، لاَ يَمْنَعُهُ مَا فَرَّقَ الْمُبْتَاعُ مِنْهُ ، أَنْ يَأْخُذَ مَا وَجَدَ بِعَيْنِهِ ، فَإِنِ اقْتَضَى مِنْ ثَمَنِ الْمُبْتَاعِ شَيْئًا فَأَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَقْبِضَ مَا وَجَدَ مِنْ مَتَاعِهِ ، وَيَكُونَ فِيمَا لَمْ يَجِدْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فَذَلِكَ لَهُ.
1982- قَالَ مَالِكٌ : وَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنَ السِّلَعِ غَزْلاً أَوْ مَتَاعًا أَوْ بُقْعَةً مِنَ الأََرْضِ ثُمَّ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَى عَمَلاً بَنَى الْبُقْعَةَ دَارًا ، أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ ثَوْبًا ، ثُمَّ أَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَ ذَلِكَ ، فَقَالَ : رَبُّ الْبُقْعَةِ أَنَا آخُذُ الْبُقْعَةَ وَمَا فِيهَا مِنَ الْبُنْيَانِ ، إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ، وَلَكِنْ تُقَوَّمُ الْبُقْعَةُ وَمَا فِيهَا ، مِمَّا أَصْلَحَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُ الْبُقْعَةِ ؟ وَكَمْ ثَمَنُ الْبُنْيَانِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ ؟ ثُمَّ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ ، بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ حِصَّةِ الْبُنْيَانِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ ، فَتَكُونُ قِيمَةُ الْبُقْعَةِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَقِيمَةُ الْبُنْيَانِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ الثُّلُثُ ، وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ الثُّلُثَانِ.
1983- قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْغَزْلُ وَغَيْرُهُ مِمَّا أَشْبَهَهُ ، إِذَا دَخَلَهُ هَذَا ، وَلَحِقَ الْمُشْتَرِيَ دَيْنٌ لاَ وَفَاءَ لَهُ عِنْدَهُ ، وَهَذَا الْعَمَلُ فِيهِ.
1984- قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا مَا بِيعَ مِنَ السِّلَعِ الَّتِي لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا الْمُبْتَاعُ شَيْئًا ، إِلاَّ أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ نَفَقَتْ ، وَارْتَفَعَ ثَمَنُهَا ، فَصَاحِبُهَا يَرْغَبُ فِيهَا ، وَالْغُرَمَاءُ يُرِيدُونَ إِمْسَاكَهَا ، فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ : يُعْطُوا رَبَّ السِّلْعَةِ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ ، وَلاَ يُنَقِّصُوهُ شَيْئًا ، وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِ سِلْعَتَهُ ، وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَدْ نَقَصَ ثَمَنُهَا ، فَالَّذِي بَاعَهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ سِلْعَتَهُ ، وَلاَ تِبَاعَةَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ ، فَذَلِكَ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ غَرِيمًا مِنَ الْغُرَمَاءِ يُحَاصُّ بِحَقِّهِ ، وَلاَ يَأْخُذُ سِلْعَتَهُ فَذَلِكَ لَهُ.
1985- وقَالَ مَالِكٌ : فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ دَابَّةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ ، ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي ، فَإِنَّ الْجَارِيَةَ أَوِ الدَّابَّةَ وَوَلَدَهَا لِلْبَائِعِ ، إِلاَّ أَنْ يَرْغَبَ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَيُعْطُونَهُ حَقَّهُ كَامِلاً ، وَيُمْسِكُونَ ذَلِكَ.
43- بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ السَّلَفِ.
1986- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَكْرًا فَجَاءَتْهُ إِبِلٌ مِنَ الصَّدَقَةِ ، قَالَ أَبُو رَافِعٍ فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَنْ أَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ ، فَقُلْتُ : لَمْ أَجِدْ فِي الإِبِلِ إِلاَّ جَمَلاً خِيَارًا رَبَاعِيًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَعْطِهِ إِيَّاهُ فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً.
1987- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ : اسْتَسْلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ ، ثُمَّ قَضَاهُ دَرَاهِمَ خَيْرًا مِنْهَا ، فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذِهِ خَيْرٌ مِنْ دَرَاهِمِي الَّتِي أَسْلَفْتُكَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَدْ عَلِمْتُ وَلَكِنْ نَفْسِي بِذَلِكَ طَيِّبَةٌ.
1988- قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُقْبِضَ مَنْ أُسْلِفَ شَيْئًا مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ أَوِ الطَّعَامِ أَوِ الْحَيَوَانِ مِمَّنْ أَسْلَفَهُ ذَلِكَ ، أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفَهُ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ مِنْهُمَا أَوْ عَادَةٍ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ أَوْ وَأْيٍ أَوْ عَادَةٍ ، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ ، وَلاَ خَيْرَ فِيهِ ، قَالَ : وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى جَمَلاً رَبَاعِيًا خِيَارًا مَكَانَ بَكْرٍ اسْتَسْلَفَهُ ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ اسْتَسْلَفَ دَرَاهِمَ فَقَضَى خَيْرًا مِنْهَا ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى طِيبِ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْتَسْلِفِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ وَلاَ وَأْيٍ وَلاَ عَادَةٍ كَانَ ذَلِكَ حَلاَلاً لاَ بَأْسَ بِهِ.
44- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ السَّلَفِ.
1989- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي رَجُلٍ أَسْلَفَ رَجُلاً طَعَامًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَقَالَ : فَأَيْنَ الْحَمْلُ يَعْنِي حُمْلاَنَهُ.
1990- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ : إِنِّي أَسْلَفْتُ رَجُلاً سَلَفًا ، وَاشْتَرَطْتُ عَلَيْهِ أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفْتُهُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : فَذَلِكَ الرِّبَا ، قَالَ : فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : السَّلَفُ عَلَى ثَلاَثَةِ وُجُوهٍ : سَلَفٌ تُسْلِفُهُ تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ ، فَلَكَ وَجْهُ اللَّهِ ، وَسَلَفٌ تُسْلِفُهُ تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ صَاحِبِكَ ، فَلَكَ وَجْهُ صَاحِبِكَ ، وَسَلَفٌ تُسْلِفُهُ لِتَأْخُذَ خَبِيثًا بِطَيِّبٍ ، فَذَلِكَ الرِّبَا ، قَالَ : فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قَالَ : أَرَى أَنْ تَشُقَّ الصَّحِيفَةَ ، فَإِنْ أَعْطَاكَ مِثْلَ الَّذِي أَسْلَفْتَهُ قَبِلْتَهُ ، وَإِنْ أَعْطَاكَ دُونَ الَّذِي أَسْلَفْتَهُ فَأَخَذْتَهُ أُجِرْتَ ، وَإِنْ أَعْطَاكَ أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفْتَهُ طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ ، فَذَلِكَ شُكْرٌ شَكَرَهُ لَكَ وَلَكَ أَجْرُ مَا أَنْظَرْتَهُ.
1991- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ : مَنْ أَسْلَفَ سَلَفًا فَلاَ يَشْتَرِطْ إِلاَّ قَضَاءَهُ.
1992- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ : مَنْ أَسْلَفَ سَلَفًا فَلاَ يَشْتَرِطْ أَفْضَلَ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَتْ قَبْضَةً مِنْ عَلَفٍ فَهُوَ رِبًا.
1993- قَالَ مَالِكٌ الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ مَنِ اسْتَسْلَفَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِصِفَةٍ وَتَحْلِيَةٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ إِلاَّ مَا كَانَ مِنَ الْوَلاَئِدِ فَإِنَّهُ يُخَافُ فِي ذَلِكَ الذَّرِيعَةُ إِلَى إِحْلاَلِ مَا لاَ يَحِلُّ فَلاَ يَصْلُحُ وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَسْلِفَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ فَيُصِيبُهَا مَا بَدَا لَهُ ثُمَّ يَرُدُّهَا إِلَى صَاحِبِهَا بِعَيْنِهَا فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ وَلاَ يَحِلُّ وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَلاَ يُرَخِّصُونَ فِيهِ لأَحَدٍ.
45- بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُبَايَعَةِ.
1994- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ.
1995- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ ، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَلاَ تَنَاجَشُوا ، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ ، وَلاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ، بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا ، إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا ، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ.
1996- قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى أَنْ يَسُومَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ ، إِذَا رَكَنَ الْبَائِعُ إِلَى السَّائِمِ وَجَعَلَ يَشْتَرِطُ وَزْنَ الذَّهَبِ ، وَيَتَبَرَّأُ مِنَ الْعُيُوبِ ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَرَادَ مُبَايَعَةَ السَّائِمِ فَهَذَا الَّذِي نَهَى عَنْهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
1997- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ بِالسَّوْمِ بِالسِّلْعَةِ تُوقَفُ لِلْبَيْعِ ، فَيَسُومُ بِهَا غَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ : وَلَوْ تَرَكَ النَّاسُ السَّوْمَ عِنْدَ أَوَّلِ مَنْ يَسُومُ بِهَا أُخِذَتْ بِشِبْهِ الْبَاطِلِ مِنَ الثَّمَنِ ، وَدَخَلَ عَلَى الْبَاعَةِ فِي سِلَعِهِمُ الْمَكْرُوهُ ، وَلَمْ يَزَلِ الأََمْرُ عِنْدَنَا عَلَى هَذَا.
1998- قَالَ مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنِ النَّجْشِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَالنَّجْشُ أَنْ تُعْطِيَهُ بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا ، وَلَيْسَ فِي نَفْسِكَ اشْتِرَاؤُهَا فَيَقْتَدِي بِكَ غَيْرُكَ.
46- بَابُ جَامِعِ الْبُيُوعِ.
1999- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ : لاَ خِلاَبَةَ ، قَالَ : فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا بَايَعَ يَقُولُ لاَ خِلاَبَةَ.
2000- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، يَقُولُ : إِذَا جِئْتَ أَرْضًا يُوفُونَ الْمِكْيَالَ ، وَالْمِيزَانَ فَأَطِلِ الْمُقَامَ بِهَا ، وَإِذَا جِئْتَ أَرْضًا يُنَقِّصُونَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ، فَأَقْلِلِ الْمُقَامَ بِهَا.
2001- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ ، يَقُولُ : أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِنْ بَاعَ ، سَمْحًا إِنِ ابْتَاعَ ، سَمْحًا إِنْ قَضَى ، سَمْحًا إِنِ اقْتَضَى.
2002- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الإِبِلَ أَوِ الْغَنَمَ ، أَوِ الْبَزَّ أَوِ الرَّقِيقَ أَوْ شَيْئًا مِنَ الْعُرُوضِ جِزَافًا ، إِنَّهُ لاَ يَكُونُ الْجِزَافُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يُعَدُّ عَدًّا.
2003- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يُعْطِي الرَّجُلَ السِّلْعَةَ يَبِيعُهَا لَهُ ، وَقَدْ قَوَّمَهَا صَاحِبُهَا قِيمَةً ، فَقَالَ : إِنْ بِعْتَهَا بِهَذَا الثَّمَنِ الَّذِي أَمَرْتُكَ بِهِ فَلَكَ دِينَارٌ ، أَوْ شَيْءٌ يُسَمِّيهِ لَهُ يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ تَبِعْهَا فَلَيْسَ لَكَ شَيْءٌ ، إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، إِذَا سَمَّى ثَمَنًا يَبِيعُهَا بِهِ ، وَسَمَّى أَجْرًا مَعْلُومًا إِذَا بَاعَ أَخَذَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ فَلاَ شَيْءَ لَهُ.
2004- قَالَ مَالِكٌ : وَمِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ إِنْ قَدَرْتَ عَلَى غُلاَمِي الآبِقِ أَوْ جِئْتَ بِجَمَلِي الشَّارِدِ فَلَكَ كَذَا وَكَذَا ، فَهَذَا مِنْ بَابِ الْجُعْلِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الإِجَارَةِ ، وَلَوْ كَانَ مِنْ بَابِ الإِجَارَةِ لَمْ يَصْلُحْ.
2005- قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا الرَّجُلُ يُعْطَى السِّلْعَةَ ، فَيُقَالُ لَهُ : بِعْهَا وَلَكَ كَذَا وَكَذَا فِي كُلِّ دِينَارٍ لِشَيْءٍ يُسَمِّيهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، لأَنَّهُ كُلَّمَا نَقَصَ دِينَارٌ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ نَقَصَ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي سَمَّى لَهُ ، فَهَذَا غَرَرٌ لاَ يَدْرِي كَمْ جَعَلَ لَهُ.
2006- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ ، ثُمَّ يُكْرِيهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا تَكَارَاهَا بِهِ ، فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
بسم الله الرحمن الرحيم
18- كِتَابُ الْقِرَاضِ.
1- بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاضِ.
2007- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي جَيْشٍ إِلَى الْعِرَاقِ فَلَمَّا قَفَلاَ مَرَّا عَلَى أَبِي مُوسَى الأََشْعَرِيِّ ، وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ ، فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ ، ثُمَّ قَالَ : لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا عَلَى أَمْرٍ أَنْفَعُكُمَا بِهِ لَفَعَلْتُ ، ثُمَّ قَالَ : بَلَى هَاهُنَا مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ ، أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأُسْلِفُكُمَاهُ فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِ الْعِرَاقِ ، ثُمَّ تَبِيعَانِهِ بِالْمَدِينَةِ ، فَتُؤَدِّيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ لَكُمَا ، فَقَالاَ : وَدِدْنَا ذَلِكَ ، فَفَعَلَ ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْمَالَ ، فَلَمَّا قَدِمَا بَاعَا فَأُرْبِحَا ، فَلَمَّا دَفَعَا ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ قَالَ : أَكُلُّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ ، مِثْلَ مَا أَسْلَفَكُمَا ؟ قَالاَ : لاَ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : ابْنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَسْلَفَكُمَا ، أَدِّيَا الْمَالَ وَرِبْحَهُ ، فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَسَكَتَ ، وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ : مَا يَنْبَغِي لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هَذَا لَوْ نَقَصَ هَذَا الْمَالُ أَوْ هَلَكَ لَضَمِنَّاهُ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : أَدِّيَاهُ ، فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ ، وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَرَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ جَعَلْتَهُ قِرَاضًا ؟ فَقَالَ عُمَرُ : قَدْ جَعَلْتُهُ قِرَاضًا ، فَأَخَذَ عُمَرُ رَأْسَ الْمَالِ وَنِصْفَ رِبْحِهِ ، وَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نِصْفَ رِبْحِ الْمَالِ.
2008- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ : أَعْطَاهُ مَالاً قِرَاضًا يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا.
2- بَابُ مَا يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ.
2009- قَالَ مَالِكٌ : وَجْهُ الْقِرَاضِ الْمَعْرُوفِ الْجَائِزِ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ الْمَالَ مِنْ صَاحِبِهِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَنَفَقَةُ الْعَامِلِ فِي الْمَالِ ، فِي سَفَرِهِ مِنْ طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ ، وَمَا يُصْلِحُهُ بِالْمَعْرُوفِ ، بِقَدْرِ الْمَالِ إِذَا شَخَصَ فِي الْمَالِ ، إِذَا كَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ ، فَلاَ نَفَقَةَ لَهُ مِنَ الْمَالِ ، وَلاَ كِسْوَةَ.
2010- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُعِينَ الْمُتَقَارِضَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ، إِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا.
2011- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ رَبُّ الْمَالِ مِمَّنْ قَارَضَهُ بَعْضَ مَا يَشْتَرِي مِنَ السِّلَعِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ.
2012- قَالَ مَالِكٌ : فِيمَنْ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ ، وَإِلَى غُلاَمٍ لَهُ مَالاً قِرَاضًا يَعْمَلاَنِ فِيهِ جَمِيعًا ، إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ ، لأَنَّ الرِّبْحَ مَالٌ لِغُلاَمِهِ ، لاَ يَكُونُ الرِّبْحُ لِلسَّيِّدِ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ مِنْهُ ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنْ كَسْبِهِ.
3- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ.
2013- قَالَ مَالِكٌ : إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُقِرَّهُ عِنْدَهُ قِرَاضًا ، إِنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ حَتَّى يَقْبِضَ مَالَهُ ، ثُمَّ يُقَارِضُهُ بَعْدُ أَوْ يُمْسِكُ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَعْسَرَ بِمَالِهِ ، فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِيهِ.
2014- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَهَلَكَ بَعْضُهُ ، قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ ، ثُمَّ عَمِلَ فِيهِ فَرَبِحَ ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ الْمَالِ بَقِيَّةَ الْمَالِ بَعْدَ الَّذِي هَلَكَ مِنْهُ ، قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ , قَالَ مَالِكٌ : لاَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، وَيُجْبَرُ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ رِبْحِهِ ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بَعْدَ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى شَرْطِهِمَا ، مِنَ الْقِرَاضِ.
2015- قالَ مَالِكٌ : لاَ يَصْلُحُ الْقِرَاضُ إِلاَّ فِي الْعَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ ، وَلاَ يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعُرُوضِ ، وَالسِّلَعِ ، وَمِنَ الْبُيُوعِ مَا يَجُوزُ إِذَا تَفَاوَتَ أَمْرُهُ ، وَتَفَاحَشَ رَدُّهُ ، فَأَمَّا الرِّبَا فَإِنَّهُ لاَ يَكُونُ فِيهِ إِلاَّ الرَّدُّ أَبَدًا ، وَلاَ يَجُوزُ مِنْهُ قَلِيلٌ ، وَلاَ كَثِيرٌ ، وَلاَ يَجُوزُ فِيهِ مَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ ، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ ، لاَ تَظْلِمُونَ ، وَلاَ تُظْلَمُونَ}.
4- بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الشَّرْطِ فِي الْقِرَاضِ.
2016- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ تَشْتَرِيَ بِمَالِي إِلاَّ سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا أَوْ يَنْهَاهُ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِاسْمِهَا , قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ قَارَضَ أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ حَيَوَانًا أَوْ سِلْعَةً بِاسْمِهَا ، فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، وَمَنِ اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ قَارَضَ أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ إِلاَّ سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ الَّتِي أَمَرَهُ أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ غَيْرَهَا كَثِيرَةً مَوْجُودَةً لاَ تُخْلِفُ فِي شِتَاءٍ وَلاَ صَيْفٍ فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
2017- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا دُونَ صَاحِبِهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، وَإِنْ كَانَ دِرْهَمًا وَاحِدًا ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ نِصْفَ الرِّبْحِ لَهُ ، وَنِصْفَهُ لِصَاحِبِهِ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ ، فَإِذَا سَمَّى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا ، فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ سَمَّى مِنْ ذَلِكَ حَلاَلٌ وَهُوَ قِرَاضُ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ : وَلَكِنْ إِنِ اشْتَرَطَ أَنَّ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ دِرْهَمًا وَاحِدًا فَمَا فَوْقَهُ خَالِصًا لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ ، وَمَا بَقِيَ مِنَ الرِّبْحِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ قِرَاضُ الْمُسْلِمِينَ.
5- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ الشَّرْطِ فِي الْقِرَاضِ.
2018- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا . دُونَ الْعَامِلِ ، وَلاَ يَنْبَغِي لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا . دُونَ صَاحِبِهِ ، وَلاَ يَكُونُ مَعَ الْقِرَاضِ بَيْعٌ ، وَلاَ كِرَاءٌ ، وَلاَ عَمَلٌ ، وَلاَ سَلَفٌ ، وَلاَ مِرْفَقٌ يَشْتَرِطُهُ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ صَاحِبِهِ . إِلاَّ أَنْ يُعِينَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ . عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ . إِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا ، وَلاَ يَنْبَغِي لِلْمُتَقَارِضَيْنِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ زِيَادَةً ، مِنْ ذَهَبٍ وَلاَ فِضَّةٍ وَلاَ طَعَامٍ ، وَلاَ شَيْءٍ مِنَ الأََشْيَاءِ . يَزْدَادُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ . قَالَ : فَإِنْ دَخَلَ الْقِرَاضَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، صَارَ إِجَارَةً ، وَلاَ تَصْلُحُ الإِجَارَةُ إِلاَّ بِشَيْءٍ ثَابِتٍ مَعْلُومٍ ، وَلاَ يَنْبَغِي لِلَّذِي أَخَذَ الْمَالَ أَنْ يَشْتَرِطَ ، مَعَ أَخْذِهِ الْمَالَ ، أَنْ يُكَافِئَ ، وَلاَ يُوَلِّيَ مِنْ سِلْعَتِهِ أَحَدًا ، وَلاَ يَتَوَلَّى مِنْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ ، فَإِذَا وَفَرَ الْمَالُ ، وَحَصَلَ عَزْلُ رَأْسِ الْمَالِ ، ثُمَّ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِ رِبْحٌ ، أَوْ دَخَلَتْهُ وَضِيعَةٌ . لَمْ يَلْحَقِ الْعَامِلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ . لاَ مِمَّا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ ، وَلاَ مِنَ الْوَضِيعَةِ ، وَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي مَالِهِ ، وَالْقِرَاضُ جَائِزٌ عَلَى مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ ، وَالْعَامِلُ مِنْ نِصْفِ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبُعِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ.
2019- قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَجُوزُ لِلَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ قِرَاضًا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ سِنِينَ لاَ يُنْزَعُ مِنْهُ . قَالَ : وَلاَ يَصْلُحُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّكَ لاَ تَرُدُّهُ إِلَيَّ سِنِينَ ، لأَجَلٍ يُسَمِّيَانِهِ . لأَنَّ الْقِرَاضَ لاَ يَكُونُ إِلَى أَجَلٍ ، وَلَكِنْ يَدْفَعُ رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ إِلَى الَّذِي يَعْمَلُ لَهُ فِيهِ ، فَإِنْ بَدَا لأَحَدِهِمَا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ ، وَالْمَالُ نَاضٌّ لَمْ يَشْتَرِ بِهِ شَيْئًا ، تَرَكَهُ ، وَأَخَذَ صَاحِبُ الْمَالِ مَالَهُ ، وَإِنْ بَدَا لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَقْبِضَهُ ، بَعْدَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ سِلْعَةً ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ ، حَتَّى يُبَاعَ الْمَتَاعُ ، وَيَصِيرَ عَيْنًا ، فَإِنْ بَدَا لِلْعَامِلِ أَنْ يَرُدَّهُ ، وَهُوَ عَرْضٌ ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ . حَتَّى يَبِيعَهُ ، فَيَرُدَّهُ عَيْنًا كَمَا أَخَذَهُ.
2020- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَصْلُحُ لِمَنْ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ خَاصَّةً ، لأَنَّ رَبَّ الْمَالِ ، إِذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ ، فَقَدِ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ ، فَضْلاً مِنَ الرِّبْحِ ثَابِتًا ، فِيمَا سَقَطَ عَنْهُ مِنْ حِصَّةِ الزَّكَاةِ . الَّتِي تُصِيبُهُ مِنْ حِصَّتِهِ ، وَلاَ يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى مَنْ قَارَضَهُ ، أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ إِلاَّ مِنْ فُلاَنٍ . لِرَجُلٍ يُسَمِّيهِ ، فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ . لأَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ أَجِيرًا بِأَجْرٍ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ.
2021- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَيَشْتَرِطُ عَلَى الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ الْمَالَ الضَّمَانَ ، قَالَ : لاَ يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي مَالِهِ غَيْرَ مَا وُضِعَ الْقِرَاضُ عَلَيْهِ ، وَمَا مَضَى مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ ، فَإِنْ نَمَا الْمَالُ عَلَى شَرْطِ الضَّمَانِ . كَانَ قَدِ ازْدَادَ فِي حَقِّهِ مِنَ الرِّبْحِ مِنْ أَجْلِ مَوْضِعِ الضَّمَانِ ، وَإِنَّمَا يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى مَا لَوْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَلَى غَيْرِ ضَمَانٍ ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ لَمْ أَرَ عَلَى الَّذِي أَخَذَهُ ضَمَانًا ، لأَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ فِي الْقِرَاضِ بَاطِلٌ.
2022- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَبْتَاعَ بِهِ إِلاَّ نَخْلاً أَوْ دَوَابَّ . لأَجْلِ أَنَّهُ يَطْلُبُ ثَمَرَ النَّخْلِ أَوْ نَسْلَ الدَّوَابِّ ، وَيَحْبِسُ رِقَابَهَا. قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَجُوزُ هَذَا ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْقِرَاضِ . إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ . ثُمَّ يَبِيعَهُ كَمَا يُبَاعُ غَيْرُهُ مِنَ السِّلَعِ.
2023- قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُقَارِضُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ غُلاَمًا يُعِينُهُ بِهِ . عَلَى أَنْ يَقُومَ مَعَهُ الْغُلاَمُ فِي الْمَالِ . إِذَا لَمْ يَعْدُ أَنْ يُعِينَهُ فِي الْمَالِ . لاَ يُعِينُهُ فِي غَيْرِهِ.
6- بَابُ الْقِرَاضِ فِي الْعُرُوضِ.
2024- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُقَارِضَ أَحَدًا إِلاَّ فِي الْعَيْنِ لأَنَّهُ لاَ تَنْبَغِي الْمُقَارَضَةُ فِي الْعُرُوضِ ، لأَنَّ الْمُقَارَضَةَ فِي الْعُرُوضِ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ ، إِمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ صَاحِبُ الْعَرْضِ ، خُذْ هَذَا الْعَرْضَ فَبِعْهُ ، فَمَا خَرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ فَاشْتَرِ بِهِ ، وَبِعْ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ ، فَقَدِ اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْمَالِ فَضْلاً لِنَفْسِهِ مِنْ بَيْعِ سِلْعَتِهِ ، وَمَا يَكْفِيهِ مِنْ مَئُونَتِهَا أَوْ يَقُولَ : اشْتَرِ بِهَذِهِ السِّلْعَةِ وَبِعْ ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَابْتَعْ لِي مِثْلَ عَرْضِي الَّذِي دَفَعْتُ إِلَيْكَ ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ
وَلَعَلَّ صَاحِبَ الْعَرْضِ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى الْعَامِلِ فِي زَمَنٍ هُوَ فِيهِ نَافِقٌ . كَثِيرُ الثَّمَنِ . ثُمَّ يَرُدَّهُ الْعَامِلُ حِينَ يَرُدُّهُ وَقَدْ رَخُصَ ، فَيَشْتَرِيَهُ بِثُلُثِ ثَمَنِهِ ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ، فَيَكُونُ الْعَامِلُ قَدْ رَبِحَ نِصْفَ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِ الْعَرْضِ ، فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ ، أَوْ يَأْخُذَ الْعَرْضَ فِي زَمَانٍ ثَمَنُهُ فِيهِ قَلِيلٌ ، فَيَعْمَلُ فِيهِ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ فِي يَدَيْهِ . ثُمَّ يَغْلُو ذَلِكَ الْعَرْضُ وَيَرْتَفِعُ ثَمَنُهُ حِينَ يَرُدُّهُ ، فَيَشْتَرِيهِ بِكُلِّ مَا فِي يَدَيْهِ ، فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ وَعِلاَجُهُ بَاطِلاً ، فَهَذَا غَرَرٌ لاَ يَصْلُحُ ، فَإِنْ جُهِلَ ذَلِكَ . حَتَّى يَمْضِيَ نُظِرَ إِلَى قَدْرِ أَجْرِ الَّذِي دُفِعَ إِلَيْهِ الْقِرَاضُ ، فِي بَيْعِهِ إِيَّاهُ ، وَعِلاَجِهِ فَيُعْطَاهُ . ثُمَّ يَكُونُ الْمَالُ قِرَاضًا مِنْ يَوْمَ نَضَّ الْمَالُ ، وَاجْتَمَعَ عَيْنًا ، وَيُرَدُّ إِلَى قِرَاضٍ مِثْلِهِ.
7- بَابُ الْكِرَاءِ فِي الْقِرَاضِ.
2025- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَاشْتَرَى بِهِ مَتَاعًا ، فَحَمَلَهُ إِلَى بَلَدِ التِّجَارَةِ ، فَبَارَ عَلَيْهِ ، وَخَافَ النُّقْصَانَ إِنْ بَاعَهُ ، فَتَكَارَى عَلَيْهِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ ، فَبَاعَ بِنُقْصَانٍ ، فَاغْتَرَقَ الْكِرَاءُ أَصْلَ الْمَالِ كُلَّهُ. قَالَ مَالِكٌ : إِنْ كَانَ فِيمَا بَاعَ وَفَاءٌ لِلْكِرَاءِ ، فَسَبِيلُهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ بَقِيَ مِنَ الْكِرَاءِ شَيْءٌ ، بَعْدَ أَصْلِ الْمَالِ كَانَ عَلَى الْعَامِلِ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْهُ شَيْءٌ يُتْبَعُ بِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِالتِّجَارَةِ فِي مَالِهِ ، فَلَيْسَ لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَتْبَعَهُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَالِ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يُتْبَعُ بِهِ رَبُّ الْمَالِ ، لَكَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ . مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الَّذِي قَارَضَهُ فِيهِ ، فَلَيْسَ لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ.
8- بَابُ التَّعَدِّي فِي الْقِرَاضِ.
2026- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَعَمِلَ فِيهِ فَرَبِحَ ، ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ رِبْحِ الْمَالِ أَوْ مِنْ جُمْلَتِهِ جَارِيَةً ، فَوَطِئَهَا ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ . ثُمَّ نَقَصَ الْمَالُ , قَالَ مَالِكٌ : إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ، أُخِذَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ مِنْ مَالِهِ ، فَيُجْبَرُ بِهِ الْمَالُ ، فَإِنْ كَانَ فَضْلٌ بَعْدَ وَفَاءِ الْمَالِ ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْقِرَاضِ الأََوَّلِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَفَاءٌ ، بِيعَتِ الْجَارِيَةُ حَتَّى يُجْبَرَ الْمَالُ مِنْ ثَمَنِهَا.
2027- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَتَعَدَّى ، فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً ، وَزَادَ فِي ثَمَنِهَا مِنْ عِنْدِهِ. قَالَ مَالِكٌ : صَاحِبُ الْمَالِ بِالْخِيَارِ . إِنْ بِيعَتِ السِّلْعَةُ بِرِبْحٍ أَوْ وَضِيعَةٍ ، أَوْ لَمْ تُبَعْ . إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ السِّلْعَةَ ، أَخَذَهَا وَقَضَاهُ مَا أَسْلَفَهُ فِيهَا ، وَإِنْ أَبَى كَانَ الْمُقَارَضُ شَرِيكًا لَهُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ فِي النَّمَاءِ وَالنُّقْصَانِ . بِحِسَابِ مَا زَادَ الْعَامِلُ فِيهَا مِنْ عِنْدِهِ.
2028- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا . ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ آخَرَ ، فَعَمِلَ فِيهِ قِرَاضًا بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ : إِنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ . إِنْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ ، وَإِنْ رَبِحَ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ شَرْطُهُ مِنَ الرِّبْحِ . ثُمَّ يَكُونُ لِلَّذِي عَمِلَ شَرْطُهُ ، بِمَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ.
2029- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ تَعَدَّى فَتَسَلَّفَ مِمَّا بِيَدَيْهِ مِنَ الْقِرَاضِ مَالاً ، فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ. قَالَ مَالِكٌ : إِنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ عَلَى شَرْطِهِمَا فِي الْقِرَاضِ ، وَإِنْ نَقَصَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلنُّقْصَانِ.
2030- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَاسْتَسْلَفَ مِنْهُ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ الْمَالُ مَالاً وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ إِنَّ صَاحِبَ الْمَالِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ شَرِكَهُ فِي السِّلْعَةِ عَلَى قِرَاضِهَا وَإِنْ شَاءَ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأَخَذَ مِنْهُ رَأْسَ الْمَالِ كُلَّهُ وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِكُلِّ مَنْ تَعَدَّى.
9- بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ النَّفَقَةِ فِي الْقِرَاضِ.
2031- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا إِنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا يَحْمِلُ النَّفَقَةَ ، فَإِذَا شَخَصَ فِيهِ الْعَامِلُ ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ ، وَيَكْتَسِيَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ قَدْرِ الْمَالِ ، وَيَسْتَأْجِرَ مِنَ الْمَالِ إِذَا كَانَ كَثِيرًا لاَ يَقْوَى عَلَيْهِ بَعْضَ مَنْ يَكْفِيهِ بَعْضَ مَئُونَتِهِ ، وَمِنَ الأََعْمَالِ أَعْمَالٌ لاَ يَعْمَلُهَا الَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ ، وَلَيْسَ مِثْلُهُ يَعْمَلُهَا . مِنْ ذَلِكَ تَقَاضِي الدَّيْنِ ، وَنَقْلُ الْمَتَاعِ ، وَشَدُّهُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنَ الْمَالِ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَسْتَنْفِقَ مِنَ الْمَالِ ، وَلاَ يَكْتَسِيَ مِنْهُ . مَا كَانَ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ إِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ النَّفَقَةُ إِذَا شَخَصَ فِي الْمَالِ ، وَكَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ النَّفَقَةَ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يَتَّجِرُ فِي الْمَالِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ بِهِ مُقِيمٌ ، فَلاَ نَفَقَةَ لَهُ مِنَ الْمَالِ وَلاَ كِسْوَةَ.
2032- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَخَرَجَ بِهِ وَبِمَالِ نَفْسِهِ . قَالَ : يَجْعَلُ النَّفَقَةَ مِنَ الْقِرَاضِ ، وَمِنْ مَالِهِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِ الْمَالِ.
10- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ النَّفَقَةِ فِي الْقِرَاضِ.
2033- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ مَعَهُ مَالٌ قِرَاضٌ فَهُوَ يَسْتَنْفِقُ مِنْهُ ، وَيَكْتَسِي إِنَّهُ لاَ يَهَبُ مِنْهُ شَيْئًا ، وَلاَ يُعْطِي مِنْهُ سَائِلاً ، وَلاَ غَيْرَهُ ، وَلاَ يُكَافِئُ فِيهِ أَحَدًا ، فَأَمَّا إِنِ اجْتَمَعَ هُوَ وَقَوْمٌ فَجَاؤُوا بِطَعَامٍ ، وَجَاءَ هُوَ بِطَعَامٍ ، فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاسِعًا ، إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ ، فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ ، أَوْ مَا يُشْبِهُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ ذَلِكَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ ، فَإِنْ حَلَّلَهُ ذَلِكَ ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُحَلِّلَهُ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ . إِنْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا لَهُ مُكَافَأَةٌ.
11- بَابُ الدَّيْنِ فِي الْقِرَاضِ.
2034- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً . ثُمَّ بَاعَ السِّلْعَةَ بِدَيْنٍ ، فَرَبِحَ فِي الْمَالِ . ثُمَّ هَلَكَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ . قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَالَ . قَالَ : إِنْ أَرَادَ وَرَثَتُهُ أَنْ يَقْبِضُوا ذَلِكَ الْمَالَ ، وَهُمْ عَلَى شَرْطِ أَبِيهِمْ مِنَ الرِّبْحِ ، فَذَلِكَ لَهُمْ . إِذَا كَانُوا أُمَنَاءَ عَلَى ذَلِكَ ، فَإِنْ كَرِهُوا أَنْ يَقْتَضُوهُ ، وَخَلَّوْا بَيْنَ صَاحِبِ الْمَالِ وَبَيْنَهُ ، لَمْ يُكَلَّفُوا أَنْ يَقْتَضُوهُ ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِمْ ، وَلاَ شَيْءَ لَهُمْ . إِذَا أَسْلَمُوهُ إِلَى رَبِّ الْمَالِ ، فَإِنِ اقْتَضَوْهُ ، فَلَهُمْ فِيهِ مِنَ الشَّرْطِ وَالنَّفَقَةِ ، مِثْلُ مَا كَانَ لأَبِيهِمْ فِي ذَلِكَ هُمْ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ عَلَى ذَلِكَ ، فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِأَمِينٍ ثِقَةٍ ، فَيَقْتَضِي ذَلِكَ الْمَالَ ، فَإِذَا اقْتَضَى جَمِيعَ الْمَالِ ، وَجَمِيعَ الرِّبْحِ . كَانُوا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ.
2035- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا عَلَى أَنَّهُ يَعْمَلُ فِيهِ ، فَمَا بَاعَ بِهِ مِنْ دَيْنٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ ، إِنَّ ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُ إِنْ بَاعَ بِدَيْنٍ فَقَدْ ضَمِنَهُ.
12- بَابُ الْبِضَاعَةِ فِي الْقِرَاضِ.
2036- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَاسْتَسْلَفَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ سَلَفًا ، أَوِ اسْتَسْلَفَ مِنْهُ صَاحِبُ الْمَالِ سَلَفًا ، أَوْ أَبْضَعَ مَعَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِضَاعَةً يَبِيعُهَا لَهُ ، أَوْ بِدَنَانِيرَ يَشْتَرِي لَهُ بِهَا سِلْعَةً. قَالَ مَالِكٌ : إِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ إِنَّمَا أَبْضَعَ مَعَهُ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَالُهُ عِنْدَهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَعَلَهُ ، لِإِخَاءٍ بَيْنَهُمَا ، أَوْ لِيَسَارَةِ مَئُونَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَلَوْ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْزِعْ مَالَهُ مِنْهُ ، أَوْ كَانَ الْعَامِلُ إِنَّمَا اسْتَسْلَفَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ ، أَوْ حَمَلَ لَهُ بِضَاعَتَهُ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالُهُ فَعَلَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَلَوْ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْدُدْ عَلَيْهِ مَالَهُ ، فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا جَمِيعًا ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ، وَلَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْقِرَاضِ ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ ، وَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ شَرْطٌ ، أوْ خِيفَ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ الْعَامِلُ لِصَاحِبِ الْمَالِ ، لِيُقِرَّ مَالَهُ فِي يَدَيْهِ ، أَوْ إِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْمَالِ ، لأَنْ يُمْسِكَ الْعَامِلُ مَالَهُ ، وَلاَ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ ، وَهُوَ مِمَّا يَنْهَى عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ.
13- بَابُ السَّلَفِ فِي الْقِرَاضِ.
2037- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ أَسْلَفَ رَجُلاً مَالاً ، ثُمَّ سَأَلَهُ الَّذِي تَسَلَّفَ الْمَالَ أَنْ يُقِرَّهُ عِنْدَهُ قِرَاضًا. قَالَ مَالِكٌ : لاَ أُحِبُّ ذَلِكَ حَتَّى يَقْبِضَ مَالَهُ مِنْهُ ، ثُمَّ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِ قِرَاضًا إِنْ شَاءَ أَوْ يُمْسِكَهُ.
2038- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَهُ عَلَيْهِ سَلَفًا . قَالَ : لاَ أُحِبُّ ذَلِكَ . حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ مَالَهُ ، ثُمَّ يُسَلِّفَهُ إِيَّاهُ إِنْ شَاءَ ، أَوْ يُمْسِكَهُ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَقَصَ فِيهِ ، فَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ . عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِيهِ مَا نَقَصَ مِنْهُ ، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَلاَ يَجُوزُ وَلاَ يَصْلُحُ.
14- بَابُ الْمُحَاسَبَةِ فِي الْقِرَاضِ.
2039- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَعَمِلَ فِيهِ فَرَبِحَ ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ ، وَصَاحِبُ الْمَالِ غَائِبٌ . قَالَ : لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ بِحَضْرَةِ صَاحِبِ الْمَالِ ، وَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ ضَامِنٌ ، حَتَّى يُحْسَبَ مَعَ الْمَالِ إِذَا اقْتَسَمَاهُ.
2040- قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَجُوزُ لِلْمُتَقَارِضَيْنِ أَنْ يَتَحَاسَبَا ، وَيَتَفَاصَلاَ وَالْمَالُ غَائِبٌ عَنْهُمَا ، حَتَّى يَحْضُرَ الْمَالُ فَيَسْتَوْفِي صَاحِبُ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا.
2041- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ أَخَذَ مَالاً قِرَاضًا ، فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً ، وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ ، فَطَلَبَهُ غُرَمَاؤُهُ ، فَأَدْرَكُوهُ بِبَلَدٍ غَائِبٍ عَنْ صَاحِبِ الْمَالِ ، وَفِي يَدَيْهِ عَرْضٌ مُرَبَّحٌ بَيِّنٌ فَضْلُهُ ، فَأَرَادُوا أَنْ يُبَاعَ لَهُمُ الْعَرْضُ فَيَأْخُذُوا حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ ، قَالَ : لاَ يُؤْخَذُ مِنْ رِبْحِ الْقِرَاضِ شَيْءٌ حَتَّى يَحْضُرَ صَاحِبُ الْمَالِ فَيَأْخُذَ مَالَهُ ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا.
2042- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَتَجَرَ فِيهِ فَرَبِحَ . ثُمَّ عَزَلَ رَأْسَ الْمَالِ ، وَقَسَمَ الرِّبْحَ ، فَأَخَذَ حِصَّتَهُ ، وَطَرَحَ حِصَّةَ صَاحِبِ الْمَالِ فِي الْمَالِ . بِحَضْرَةِ شُهَدَاءَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ . قَالَ : لاَ تَجُوزُ قِسْمَةُ الرِّبْحِ إِلاَّ بِحَضْرَةِ صَاحِبِ الْمَالِ ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَ شَيْئًا رَدَّهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ صَاحِبُ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا.
2043- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَعَمِلَ فِيهِ ، فَجَاءَهُ فَقَالَ لَهُ : هَذِهِ حِصَّتُكَ مِنَ الرِّبْحِ ، وَقَدْ أَخَذْتُ لِنَفْسِي مِثْلَهُ ، وَرَأْسُ مَالِكَ وَافِرٌ عِنْدِي. قَالَ مَالِكٌ : لاَ أُحِبُّ ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَالُ كُلُّهُ ، فَيُحَاسِبَهُ حَتَّى يَحْصُلَ رَأْسُ الْمَالِ ، وَيَعْلَمَ أَنَّهُ وَافِرٌ ، وَيَصِلَ إِلَيْهِ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ يَرُدُّ إِلَيْهِ الْمَالَ إِنْ شَاءَ ، أَوْ يَحْبِسُهُ ، وَإِنَّمَا يَجِبُ حُضُورُ الْمَالِ ، مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ قَدْ نَقَصَ فِيهِ ، فَهُوَ يُحِبُّ أَنْ لاَ يُنْزَعَ مِنْهُ وَأَنْ يُقِرَّهُ فِي يَدِهِ.
15- بَابُ جَامِعِ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاضِ.
2044- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْمَالِ : بِعْهَا ، وَقَالَ الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ : لاَ أَرَى وَجْهَ بَيْعٍ ، فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ ، قَالَ : لاَ يُنْظَرُ إِلَى قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَيُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَالْبَصَرِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ ، فَإِنْ رَأَوْا وَجْهَ بَيْعٍ بِيعَتْ عَلَيْهِمَا ، وَإِنْ رَأَوْا وَجْهَ انْتِظَارٍ انْتُظِرَ بِهَا.
2045- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَعَمِلَ فِيهِ ، ثُمَّ سَأَلَهُ صَاحِبُ الْمَالِ عَنْ مَالِهِ ، فَقَالَ : هُوَ عِنْدِي وَافِرٌ ، فَلَمَّا آخَذَهُ بِهِ ، قَالَ : قَدْ هَلَكَ عِنْدِي مِنْهُ كَذَا وَكَذَا لِمَالٍ يُسَمِّيهِ ، وَإِنَّمَا قُلْتُ لَكَ ذَلِكَ لِكَيْ تَتْرُكَهُ عِنْدِي ، قَالَ : لاَ يَنْتَفِعُ بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ إِقْرَارِهِ أَنَّهُ عِنْدَهُ ، وَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ فِي هَلاَكِ ذَلِكَ الْمَالِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ قَوْلُهُ ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَمْرٍ مَعْرُوفٍ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ ، وَلَمْ يَنْفَعْهُ إِنْكَارُهُ.
قَالَ وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ قَالَ : رَبِحْتُ فِي الْمَالِ كَذَا وَكَذَا ، فَسَأَلَهُ رَبُّ الْمَالِ : أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَرِبْحَهُ ، فَقَالَ : مَا رَبِحْتُ فِيهِ شَيْئًا ؟ وَمَا قُلْتُ ذَلِكَ إِلاَّ لأَنْ تُقِرَّهُ فِي يَدِي ، فَذَلِكَ لاَ يَنْفَعُهُ ، وَيُؤْخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ قَوْلُهُ وَصِدْقُهُ ، فَلاَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.
2046- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَرَبِحَ فِيهِ رِبْحًا ، فَقَالَ الْعَامِلُ : قَارَضْتُكَ عَلَى أَنَّ لِي الثُّلُثَيْنِ ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ : قَارَضْتُكَ عَلَى أَنَّ لَكَ الثُّلُثَ. قَالَ مَالِكٌ : الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ ، وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ، الْيَمِينُ . إِذَا كَانَ مَا قَالَ يُشْبِهُ قِرَاضَ مِثْلِهِ ، وَكَانَ ذَلِكَ نَحْوًا مِمَّا يَتَقَارَضُ عَلَيْهِ النَّاسُ ، وَإِنْ جَاءَ بِأَمْرٍ يُسْتَنْكَرُ ، لَيْسَ عَلَى مِثْلِهِ يَتَقَارَضُ النَّاسُ ، لَمْ يُصَدَّقْ وَرُدَّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ.
2047- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ أَعْطَى رَجُلاً مِائَةَ دِينَارٍ قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً . ثُمَّ ذَهَبَ لِيَدْفَعَ إِلَى رَبِّ السِّلْعَةِ الْمِائَةَ دِينَارٍ ، فَوَجَدَهَا قَدْ سُرِقَتْ ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ : بِعِ السِّلْعَةَ ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ كَانَ لِي ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا نُقْصَانٌ كَانَ عَلَيْكَ . لأَنَّكَ أَنْتَ ضَيَّعْتَ ، وَقَالَ الْمُقَارَضُ : بَلْ عَلَيْكَ وَفَاءُ حَقِّ هَذَا ، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُهَا بِمَالِكَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي. قَالَ مَالِكٌ : يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْمُشْتَرِيَ أَدَاءُ ثَمَنِهَا إِلَى الْبَائِعِ ، وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْمَالِ الْقِرَاضِ : إِنْ شِئْتَ فَأَدِّ الْمِائَةَ الدِّينَارِ إِلَى الْمُقَارَضِ ، وَالسِّلْعَةُ بَيْنَكُمَا ، وَتَكُونُ قِرَاضًا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْمِائَةُ الأَُولَى ، وَإِنْ شِئْتَ فَابْرَأْ مِنَ السِّلْعَةِ ، فَإِنْ دَفَعَ الْمِائَةَ دِينَارٍ إِلَى الْعَامِلِ كَانَتْ قِرَاضًا عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاضِ الأََوَّلِ ، وَإِنْ أَبَى كَانَتِ السِّلْعَةُ لِلْعَامِلِ وَكَانَ عَلَيْهِ ثَمَنُهَا.
2048- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْمُتَقَارِضَيْنِ إِذَا تَفَاصَلاَ فَبَقِيَ بِيَدِ الْعَامِلِ مِنَ الْمَتَاعِ الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ خَلَقُ الْقِرْبَةِ أَوْ خَلَقُ الثَّوْبِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ : كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانَ تَافِهًا ، لاَ خَطْبَ لَهُ ، فَهُوَ لِلْعَامِلِ ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا أَفْتَى بِرَدِّ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا يُرَدُّ ، مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي لَهُ ثَمَنٌ ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَهُ اسْمٌ مِثْلُ الدَّابَّةِ أَوِ الْجَمَلِ أَوِ الشَّاذَكُونَةِ ، أَوْ أَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ ثَمَنٌ ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ هَذَا . إِلاَّ أَنْ يَتَحَلَّلَ صَاحِبَهُ مِنْ ذَلِكَ.
بسم الله الرحمن الرحيم
19- كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ.
1- بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُسَاقَاةِ.
2049- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لِيَهُودِ خَيْبَرَ يَوْمَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ : أُقِرُّكُمْ فِيهَا ، مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ، قَالَ : فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ، ثُمَّ يَقُولُ : إِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِيَ ، فَكَانُوا يَأْخُذُونَهُ.
2050- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ يَهُودِ خَيْبَرَ ، قَالَ : فَجَمَعُوا لَهُ حَلْيًا مِنْ حَلْيِ نِسَائِهِمْ ، فَقَالُوا لَهُ : هَذَا لَكَ ، وَخَفِّفْ عَنَّا ، وَتَجَاوَزْ فِي الْقَسْمِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ : يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ ، وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَمِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيَّ ، وَمَا ذَاكَ بِحَامِلِي عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ ، فَأَمَّا مَا عَرَضْتُمْ مِنَ الرَّشْوَةِ ، فَإِنَّهَا سُحْتٌ ، وَإِنَّا لاَ نَأْكُلُهَا ، فَقَالُوا : بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأََرْضُ.
2051- قَالَ مَالِكٌ : إِذَا سَاقَى الرَّجُلُ النَّخْلَ ، وَفِيهَا الْبَيَاضُ ، فَمَا ازْدَرَعَ الرَّجُلُ الدَّاخِلُ فِي الْبَيَاضِ فَهُوَ لَهُ ، قَالَ : وَإِنِ اشْتَرَطَ صَاحِبُ الأََرْضِ أَنَّهُ يَزْرَعُ فِي الْبَيَاضِ لِنَفْسِهِ ، فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، لأَنَّ الرَّجُلَ الدَّاخِلَ فِي الْمَالِ ، يَسْقِي لِرَبِّ الأََرْضِ ، فَذَلِكَ زِيَادَةٌ ازْدَادَهَا عَلَيْهِ.
2052- قَالَ : وَإِنِ اشْتَرَطَ الزَّرْعَ بَيْنَهُمَا ، فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، إِذَا كَانَتِ الْمَئُونَةُ كُلُّهَا عَلَى الدَّاخِلِ فِي الْمَالِ : الْبَذْرُ وَالسَّقْيُ وَالْعِلاَجُ كُلُّهُ ، فَإِنِ اشْتَرَطَ الدَّاخِلُ فِي الْمَالِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ ، أَنَّ الْبَذْرَ عَلَيْكَ ، كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ ، لأَنَّهُ قَدِ اشْتَرَطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ زِيَادَةً ازْدَادَهَا عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى أَنَّ عَلَى الدَّاخِلِ فِي الْمَالِ : الْمَئُونَةَ كُلَّهَا ، وَالنَّفَقَةَ ، وَلاَ يَكُونُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْهَا شَيْءٌ ، فَهَذَا وَجْهُ الْمُسَاقَاةِ الْمَعْرُوفُ.
2053- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْعَيْنِ تَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيَنْقَطِعُ مَاؤُهَا ، فَيُرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَعْمَلَ فِي الْعَيْنِ ، وَيَقُولُ الآخَرُ : لاَ أَجِدُ مَا أَعْمَلُ بِهِ ، إِنَّهُ يُقَالُ لِلَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْعَيْنِ اعْمَلْ وَأَنْفِقْ ، وَيَكُونُ لَكَ الْمَاءُ كُلُّهُ ، تَسْقِي بِهِ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُكَ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقْتَ ، فَإِذَا جَاءَ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقْتَ ، أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنَ الْمَاءِ ، وَإِنَّمَا أُعْطِيَ الأََوَّلُ الْمَاءَ كُلَّهُ ، لأَنَّهُ أَنْفَقَ ، وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا بِعَمَلِهِ ، لَمْ يَعْلَقِ الآخَرَ مِنَ النَّفَقَةِ شَيْءٌ.
2054- قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا كَانَتِ النَّفَقَةُ كُلُّهَا ، وَالْمَئُونَةُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّاخِلِ فِي الْمَالِ شَيْءٌ ، إِلاَّ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِيَدِهِ ، إِنَّمَا هُوَ أَجِيرٌ بِبَعْضِ الثَّمَرِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، لأَنَّهُ لاَ يَدْرِي كَمْ إِجَارَتُهُ ؟ إِذَا لَمْ يُسَمِّ لَهُ شَيْئًا يَعْرِفُهُ ، وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ لاَ يَدْرِي أَيَقِلُّ ذَلِكَ أَمْ يَكْثُرُ ؟.
2055- قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ مُقَارِضٍ أَوْ مُسَاقٍ فَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنَ الْمَالِ وَلاَ مِنَ النَّخْلِ شَيْئًا دُونَ صَاحِبِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ أَجِيرًا بِذَلِكَ ، يَقُولُ : أُسَاقِيكَ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ لِي فِي كَذَا وَكَذَا نَخْلَةً تَسْقِيهَا ، وَتَأْبُرُهَا ، وَ أُقَارِضُكَ فِي كَذَا وَكَذَا مِنَ الْمَالِ ، عَلَى أَنْ تَعْمَلَ لِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لَيْسَتْ مِمَّا أُقَارِضُكَ عَلَيْهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَنْبَغِي ، وَلاَ يَصْلُحُ ، وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
2056- قَالَ مَالِكٌ : وَالسُّنَّةُ فِي الْمُسَاقَاةِ الَّتِي يَجُوزُ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَشْتَرِطَهَا عَلَى الْمُسَاقَى : شَدُّ الْحِظَارِ ، وَخَمُّ الْعَيْنِ وَسَرْوُ الشَّرَبِ ، وَإِبَّارُ النَّخْلِ ، وَقَطْعُ الْجَرِيدِ ، وَجَذُّ الثَّمَرِ هَذَا وَأَشْبَاهُهُ . عَلَى أَنَّ لِلْمُسَاقَى شَطْرَ الثَّمَرِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ، أَوْ أَكْثَرَ إِذَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ
غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَ الأََصْلِ لاَ يَشْتَرِطُ ابْتِدَاءَ عَمَلٍ جَدِيدٍ ، يُحْدِثُهُ الْعَامِلُ فِيهَا . مِنْ بِئْرٍ يَحْتَفِرُهَا ، أَوْ عَيْنٍ يَرْفَعُ رَأْسَهَا ، أَوْ غِرَاسٍ يَغْرِسُهُ فِيهَا ، يَأْتِي بِأَصْلِ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ ، أَوْ ضَفِيرَةٍ يَبْنِيهَا ، تَعْظُمُ فِيهَا نَفَقَتُهُ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَقُولَ رَبُّ الْحَائِطِ لِرَجُلٍ مِنَ النَّاسِ : ابْنِ لِي هَاهُنَا بَيْتًا ، أَوِ احْفِرْ لِي بِئْرًا ، أَوْ أَجْرِ لِي عَيْنًا ، أَوِ اعْمَلْ لِي عَمَلاً بِنِصْفِ ثَمَرِ حَائِطِي هَذَا قَبْلَ أَنْ يَطِيبَ ثَمَرُ الْحَائِطِ ، وَيَحِلَّ بَيْعُهُ ، فَهَذَا بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهُ ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا.
2057- قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا إِذَا طَابَ الثَّمَرُ ، وَبَدَا صَلاَحُهُ ، وَحَلَّ بَيْعُهُ ، ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ : اعْمَلْ لِي بَعْضَ هَذِهِ الأََعْمَالِ ، لِعَمَلٍ يُسَمِّيهِ لَهُ بِنِصْفِ ثَمَرِ حَائِطِي هَذَا ، فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ . إِنَّمَا اسْتَأْجَرَهُ بِشَيْءٍ مَعْرُوفٍ مَعْلُومٍ . قَدْ رَآهُ وَرَضِيَهُ ، فَأَمَّا الْمُسَاقَاةُ ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَائِطِ ثَمَرٌ ، أَوْ قَلَّ ثَمَرُهُ أَوْ فَسَدَ ، فَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ ذَلِكَ ، وَأَنَّ الأََجِيرَ لاَ يُسْتَأْجَرُ إِلاَّ بِشَيْءٍ مُسَمًّى . لاَ تَجُوزُ الإِجَارَةُ إِلاَّ بِذَلِكَ ، وَإِنَّمَا الإِجَارَةُ بَيْعٌ مِنَ الْبُيُوعِ . إِنَّمَا يَشْتَرِي مِنْهُ عَمَلَهُ ، وَلاَ يَصْلُحُ ذَلِكَ إِذَا دَخَلَهُ الْ غَرَرُ ، لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.
2058- قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ فِي الْمُسَاقَاةِ عِنْدَنَا ، أَنَّهَا تَكُونُ فِي أَصْلِ كُلِّ نَخْلٍ ، أَوْ كَرْمٍ أَوْ زَيْتُونٍ أَوْ رُمَّانٍ أَوْ فِرْسِكٍ ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَُصُولِ . جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ . عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ نِصْفَ الثَّمَرِ مِنْ ذَلِكَ ، أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ.
2059- قَالَ مَالِكٌ : وَالْمُسَاقَاةُ أَيْضًا تَجُوزُ فِي الزَّرْعِ إِذَا خَرَجَ وَاسْتَقَلَّ ، فَعَجَزَ صَاحِبُهُ عَنْ سَقْيِهِ وَعَمَلِهِ وَعِلاَجِهِ ، فَالْمُسَاقَاةُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا جَائِزَةٌ.
2060- قَالَ مَالِكٌ : لاَ تَصْلُحُ الْمُسَاقَاةُ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَُصُولِ مِمَّا تَحِلُّ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ ، إِذَا كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ قَدْ طَابَ وَبَدَا صَلاَحُهُ وَحَلَّ بَيْعُهُ ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَاقَى مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ ، وَإِنَّمَا مُسَاقَاةُ مَا حَلَّ بَيْعُهُ مِنَ الثِّمَارِ إِجَارَةٌ . لأَنَّهُ إِنَّمَا سَاقَى صَاحِبَ الأََصْلِ ثَمَرًا قَدْ بَدَا صَلاَحُهُ ، عَلَى أَنْ يَكْفِيَهُ إِيَّاهُ وَيَجُذَّهُ لَهُ . بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ يُعْطِيهِ إِيَّاهَا ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْمُسَاقَاةِ ، إِنَّمَا الْمُسَاقَاةُ مَا بَيْنَ أَنْ يَجُذَّ النَّخْلَ إِلَى أَنْ يَطِيبَ الثَّمَرُ وَيَحِلَّ بَيْعُهُ.
2061- قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ سَاقَى ثَمَرًا فِي أَصْلٍ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهُ ، وَيَحِلَّ بَيْعُهُ ، فَتِلْكَ الْمُسَاقَاةُ بِعَيْنِهَا جَائِزَةٌ.
2062- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ تُسَاقَى الأََرْضُ الْ بَيْضَاءُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَحِلُّ لِصَاحِبِهَا كِرَاؤُهَا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأََثْمَانِ الْمَعْلُومَةِ.
2063- قَالَ : فَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي يُعْطِي أَرْضَهُ الْبَيْضَاءَ بِالثُّلُثِ أَوِ الرُّبُعِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا ، فَذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُهُ الْغَرَرُ لأَنَّ الزَّرْعَ يَقِلُّ مَرَّةً وَيَكْثُرُ مَرَّةً ، وَرُبَّمَا هَلَكَ رَأْسًا ، فَيَكُونُ صَاحِبُ الأََرْضِ قَدْ تَرَكَ كِرَاءً مَعْلُومًا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ أَرْضَهُ بِهِ ، وَأَخَذَ أَمْرًا غَرَرًا لاَ يَدْرِي أَيَتِمُّ أَمْ لاَ ؟ فَهَذَا مَكْرُوهٌ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِسَفَرٍ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ . ثُمَّ قَالَ الَّذِي اسْتَأْجَرَ الأََجِيرَ : هَلْ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ عُشْرَ مَا أَرْبَحُ فِي سَفَرِي هَذَا إِجَارَةً لَكَ ؟ فَهَذَا لاَ يَحِلُّ وَلاَ يَنْبَغِي. قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ وَلاَ أَرْضَهُ وَلاَ سَفِينَتَهُ إِلاَّ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ لاَ يَزُولُ إِلَى غَيْرِهِ.
2064- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُسَاقَاةِ فِي النَّخْلِ وَالأََرْضِ الْبَيْضَاءِ أَنَّ صَاحِبَ النَّخْلِ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ ، وَصَاحِبُ الأََرْضِ يُكْرِيهَا وَهِيَ أَرْضٌ بَيْضَاءُ لاَ شَيْءَ فِيهَا.
2065- قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ عِنْدَنَا فِي النَّخْلِ أَيْضًا إِنَّهَا تُسَاقِي السِّنِينَ الثَّلاَثَ وَالأََرْبَعَ وَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرَ قَالَ : وَذَلِكَ الَّذِي سَمِعْتُ.
2066- وَكُلُّ شَيْءٍ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الأَُصُولِ بِمَنْزِلَةِ النَّخْلِ . يَجُوزُ فِيهِ لِمَنْ سَاقَى مِنَ السِّنِينَ مِثْلُ مَا يَجُوزُ فِي النَّخْلِ.
2067- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْمُسَاقِي إِنَّهُ : لاَ يَأْخُذُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي سَاقَاهُ شَيْئًا مِنْ ذَهَبٍ وَلاَ وَرِقٍ يَزْدَادُهُ ، وَلاَ طَعَامٍ ، وَلاَ شَيْئًا مِنَ الأََشْيَاءِ . لاَ يَصْلُحُ ذَلِكَ ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ الْمُسَاقَى مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ شَيْئًا يَزِيدُهُ إِيَّاهُ ، مِنْ ذَهَبٍ وَلاَ وَرِقٍ وَلاَ طَعَامٍ وَلاَ شَيْءٍ مِنَ الأََشْيَاءِ ، وَالزِّيَادَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا لاَ تَصْلُحُ.
2068- قَالَ مَالِكٌ : وَالْمُقَارِضُ أَيْضًا بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لاَ يَصْلُحُ . إِذَا دَخَلَتِ الزِّيَادَةُ فِي الْمُسَاقَاةِ أَوِ الْمُقَارَضَةِ صَارَتْ إِجَارَةً ، وَمَا دَخَلَتْهُ الإِجَارَةُ فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ الإِجَارَةُ بِأَمْرٍ غَرَرٍ . لاَ يَدْرِي أَيَكُونُ أَمْ لاَ يَكُونُ ، أَوْ يَقِلُّ أَوْ يَكْثُرُ.
2069- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يُسَاقِي الرَّجُلَ الأََرْضَ فِيهَا النَّخْلُ وَالْكَرْمُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَُصُولِ فَيَكُونُ فِيهَا الأََرْضُ الْبَيْضَاءُ. قَالَ مَالِكٌ : إِذَا كَانَ الْبَيَاضُ تَبَعًا لِلأََصْلِ ، وَكَانَ الأََصْلُ أَعْظَمَ ذَلِكَ ، أَوْ أَكْثَرَهُ ، فَلاَ بَأْسَ بِمُسَاقَاتِهِ ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّخْلُ الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ، وَيَكُونَ الْبَيَاضُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبَيَاضَ حِينَئِذٍ تَبَعٌ لِلأََصْلِ ، وَإِذَا كَانَتِ الأََرْضُ الْبَيْضَاءُ فِيهَا نَخْلٌ أَوْ كَرْمٌ أَوْ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مِنَ الأَُصُولِ فَكَانَ الأََصْلُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ ، وَالْبَيَاضُ الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ . جَازَ فِي ذَلِكَ ، الْكِرَاءُ وَحَرُمَتْ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ ، وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ أَنْ يُسَاقُوا الأََصْلَ ، وَفِيهِ الْبَيَاضُ وَتُكْرَى الأََرْضُ وَفِيهَا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ مِنَ الأََصْلِ
أَوْ يُبَاعَ الْمُصْحَفُ أَوِ السَّيْفُ وَفِيهِمَا الْحِلْيَةُ مِنَ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ ، أَوِ الْقِلاَدَةُ أَوِ الْخَاتَمُ وَفِيهِمَا الْفُصُوصُ وَالذَّهَبُ بِالدَّنَانِيرِ ، وَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الْبُيُوعُ جَائِزَةً يَتَبَايَعُهَا النَّاسُ وَيَبْتَاعُونَهَا ، وَلَمْ يَأْتِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مَوْصُوفٌ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ ، إِذَا هُوَ بَلَغَهُ كَانَ حَرَامًا ، أَوْ قَصُرَ عَنْهُ كَانَ حَلاَلاً ، وَالأََمْرُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا الَّذِي عَمِلَ بِهِ النَّاسُ وَأَجَازُوهُ بَيْنَهُمْ ، أَنَّهُ إِذَا كَانَ الشَّيْءُ مِنْ ذَلِكَ الْوَرِقِ أَوِ الذَّهَبِ تَبَعًا لِمَا هُوَ فِيهِ جَازَ بَيْعُهُ ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّصْلُ أَوِ الْمُصْحَفُ أَوِ الْفُصُوصُ قِيمَتُهُ الثُّلُثَانِ ، أَوْ أَكْثَرُ ، وَالْحِلْيَةُ قِيمَتُهَا الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ.
2- بَابُ الشَّرْطِ فِي الرَّقِيقِ فِي الْمُسَاقَاةِ.
2070- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : إِنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي عُمَّالِ الرَّقِيقِ فِي الْمُسَاقَاةِ . يَشْتَرِطُهُمُ الْمُسَاقَى عَلَى صَاحِبِ الأََصْلِ : إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ . لأَنَّهُمْ عُمَّالُ الْمَالِ ، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ . لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِمْ لِلدَّاخِلِ إِلاَّ أَنَّهُ تَخِفُّ عَنْهُ بِهِمُ الْمَئُونَةُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي الْمَالِ اشْتَدَّتْ مَئُونَتُهُ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسَاقَاةِ فِي الْعَيْنِ وَالنَّضْحِ ، وَلَنْ تَجِدَ أَحَدًا يُسَاقَى فِي أَرْضَيْنِ سَوَاءٍ فِي الأََصْلِ وَالْمَنْفَعَةِ . إِحْدَاهُمَا بِعَيْنٍ وَاثِنَةٍ غَزِيرَةٍ ، وَالأَُخْرَى بِنَضْحٍ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ ، لِخِفَّةِ مُؤْنَةِ الْعَيْنِ ، وَشِدَّةِ مُؤْنَةِ النَّضْحِ ، قَالَ : وَعَلَى ذَلِكَ ، الأََمْرُ عِنْدَنَا.
قَالَ : وَالْوَاثِنَةُ الثَّابِتُ مَاؤُهَا الَّتِي لاَ تَغُورُ وَلاَ تَنْقَطِعُ.
2071- قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ لِلْمُسَاقَى أَنْ يَعْمَلَ بِعُمَّالِ الْمَالِ فِي غَيْرِهِ ، وَلاَ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي سَاقَاهُ.
2072- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَجُوزُ لِلَّذِي سَاقَى أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ رَقِيقًا يَعْمَلُ بِهِمْ فِي الْحَائِطِ . لَيْسُوا فِيهِ حِينَ سَاقَاهُ إِيَّاهُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الَّذِي دَخَلَ فِي مَالِهِ بِمُسَاقَاةٍ ، أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَقِيقِ الْمَالِ أَحَدًا يُخْرِجُهُ مِنَ الْمَالِ ، وَإِنَّمَا مُسَاقَاةُ الْمَالِ عَلَى حَالِهِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ قَالَ : فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ رَقِيقِ الْمَالِ أَحَدًا ، فَلْيُخْرِجْهُ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ ، أَوْ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ أَحَدًا ، فَلْيَفْعَلْ ذَلِكَ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ . ثُمَّ لِيُسَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ.
قَالَ : وَمَنْ مَاتَ مِنَ الرَّقِيقِ أَوْ غَابَ أَوْ مَرِضَ ، فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْلِفَهُ.
بسم الله الرحمن الرحيم
20- كِتَابُ كِرَاءِ الأََرْضِ.
1- بَابُ مَا جَاءَ فِي كِرَاءِ الأََرْضِ.
2073- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ.
قَالَ حَنْظَلَةُ : فَسَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، فَقَالَ : أَمَّا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ.
2074- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ كِرَاءِ الأََرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِهِ.
2075- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ ، فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِهَا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَقُلْتُ لَهُ : أَرَأَيْتَ الْحَدِيثَ الَّذِي يُذْكَرُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ؟ فَقَالَ : أَكْثَرَ رَافِعٌ وَلَوْ كَانَ لِي مَزْرَعَةٌ أَكْرَيْتُهَا.
2076- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَكَارَى أرْضًا ، فَلَمْ تَزَلْ فِي يَدَيْهِ بِكِرَاءٍ حَتَّى مَاتَ ، قَالَ ابْنُهُ : فَمَا كُنْتُ أُرَاهَا إِلاَّ لَنَا مِنْ طُولِ مَا مَكَثَتْ فِي يَدَيْهِ ، حَتَّى ذَكَرَهَا لَنَا عِنْدَ مَوْتِهِ ، فَأَمَرَنَا بِقَضَاءِ شَيْءٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ كِرَائِهَا ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ.
2077- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ كَانَ يُكْرِي أَرْضَهُ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ.
2078- وَسُئِلَ مَالِكٌ : عَنْ رَجُلٍ أَكْرَى مَزْرَعَتَهُ بِمِائَةِ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنَ الْحِنْطَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَكَرِهَ ذَلِكَ.
بسم الله الرحمن الرحيم
21- كِتَابُ الشُّفْعَةِ.
1- بَابُ مَا تَقَعُ فِيهِ الشُّفْعَةُ.
2079- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ عنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالشُّفْعَةِ ، فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ بَيْنَهُمْ فَلاَ شُفْعَةَ فِيهِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى ذَلِكَ السُّنَّةُ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا عِنْدَنَا.
2080- قَالَ مَالِكٌ : إِنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنِ الشُّفْعَةِ هَلْ فِيهَا مِنْ سُنَّةٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمِ الشُّفْعَةُ فِي الدُّورِ وَالأََرَضِينَ ، وَلاَ تَكُونُ إِلاَّ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ.
2081- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
2082- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصًا مَعَ قَوْمٍ فِي أَرْضٍ بِحَيَوَانٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعُرُوضِ ، فَجَاءَ الشَّرِيكُ يَأْخُذُ بِشُفْعَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَوَجَدَ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ قَدْ هَلَكَا ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ قَدْرَ قِيمَتِهِمَا ، فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوِ الْوَلِيدَةِ مِائَةُ دِينَارٍ ، وَيَقُولُ صَاحِبُ الشُّفْعَةِ الشَّرِيكُ بَلْ قِيمَتُهُمَا خَمْسُونَ دِينَارًا. قَالَ مَالِكٌ : يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي أَنَّ قِيمَةَ مَا اشْتَرَى بِهِ مِائَةُ دِينَارٍ ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُ الشُّفْعَةِ ، أَخَذَ أَوْ يَتْرُكَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ الشَّفِيعُ بِبَيِّنَةٍ ، أَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ أَوِ الْوَلِيدَةِ دُونَ مَا قَالَ الْمُشْتَرِي.
2083- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ وَهَبَ شِقْصًا فِي دَارٍ ، أَوْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ، فَأَثَابَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِهَا نَقْدًا أَوْ عَرْضًا ، فَإِنَّ الشُّرَكَاءَ يَأْخُذُونَهَا بِالشُّفْعَةِ إِنْ شَاؤُوا ، وَيَدْفَعُونَ إِلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ قِيمَةَ مَثُوبَتِهِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ.
2084- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ وَهَبَ هِبَةً فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ، فَلَمْ يُثَبْ مِنْهَا ، وَلَمْ يَطْلُبْهَا ، فَأَرَادَ شَرِيكُهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَتِهَا ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ . مَا لَمْ يُثَبْ عَلَيْهَا ، فَإِنْ أُثِيبَ ، فَهُوَ لِلشَّفِيعِ بِقِيمَةِ الثَّوَابِ.
2085- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصًا فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ، بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ. قَالَ مَالِكٌ : إِنْ كَانَ مَلِيًّا ، فَلَهُ الشُّفْعَةُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ إِلَى ذَلِكَ الأََجَلِ ، وَإِنْ كَانَ مَخُوفًا أَنْ لاَ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ إِلَى ذَلِكَ الأََجَلِ ، فَإِذَا جَاءَهُمْ بِحَمِيلٍ مَلِيٍّ ثِقَةٍ مِثْلِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الشِّقْصَ فِي الأََرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ ، فَذَلِكَ لَهُ.
2086- قَالَ مَالِكٌ : لاَ تَقْطَعُ شُفْعَةَ الْغَائِبِ غَيْبَتُهُ ، وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ عِنْدَنَا حَدٌّ تُقْطَعُ إِلَيْهِ الشُّفْعَةُ.
2087- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يُوَرِّثُ الأََرْضَ نَفَرًا مِنْ وَلَدِهِ ، ثُمَّ يُولَدُ لأَحَدِ النَّفَرِ ثُمَّ يَهْلِكُ الأََبُ ، فَيَبِيعُ أَحَدُ وَلَدِ الْمَيِّتِ حَقَّهُ فِي تِلْكَ الأََرْضِ ، فَإِنَّ أَخَا الْبَائِعِ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ مِنْ عُمُومَتِهِ شُرَكَاءِ أَبِيهِ. قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا الأََمْرُ عِنْدَنَا.
2088- قَالَ مَالِكٌ : الشُّفْعَةُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ ، يَأْخُذُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ ، إِنْ كَانَ قَلِيلاً فَقَلِيلاً ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَبِقَدْرِهِ ، وَذَلِكَ إِنْ تَشَاحُّوا فِيهَا.
2089- قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ مِنْ شُرَكَائِهِ حَقَّهُ ، فَيَقُولُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ : أَنَا آخُذُ مِنَ الشُّفْعَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِي ، وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي : إِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْخُذَ الشُّفْعَةَ كُلَّهَا أَسْلَمْتُهَا إِلَيْكَ ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَدَعَ فَدَعْ ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا خَيَّرَهُ فِي هَذَا ، وَأَسْلَمَهُ إِلَيْهِ ، فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ إِلاَّ أَنْ يَأْخُذَ الشُّفْعَةَ كُلَّهَا ، أَوْ يُسْلِمَهَا إِلَيْهِ ، فَإِنْ أَخَذَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ، وَإِلاَّ فَلاَ شَيْءَ لَهُ فِيهَا .
2090- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الأََرْضَ فَيَعْمُرُهَا بِالأََصْلِ يَضَعُهُ فِيهَا ، أَوِ الْبِئْرِ يَحْفِرُهَا ، ثُمَّ يَأْتِي رَجُلٌ فَيُدْرِكُ فِيهَا حَقًّا ، فَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ ، إِنَّهُ لاَ شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا ، إِلاَّ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ مَا عَمَرَ ، فَإِنْ أَعْطَاهُ قِيمَةَ مَا عَمَرَ كَانَ أَحَقَّ بِالشُّفْعَةِ ، وَإِلاَّ فَلاَ حَقَّ لَهُ فِيهَا.
2091- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَ الشُّفْعَةِ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ ، اسْتَقَالَ الْمُشْتَرِيَ ، فَأَقَالَهُ . قَالَ : لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ ، وَالشَّفِيعُ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي كَانَ بَاعَهَا بِهِ.
2092- قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى شِقْصًا فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ ، وَحَيَوَانًا وَعُرُوضًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَطَلَبَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فِي الدَّارِ أَوِ الأََرْضِ ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي : خُذْ مَا اشْتَرَيْتُ جَمِيعًا ، فَإِنِّي إِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ جَمِيعًا. قَالَ مَالِكٌ : بَلْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فِي الدَّارِ أَوِ الأََرْضِ . بِحِصَّتِهَا مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ يُقَامُ كُلُّ شَيْءٍ اشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ . عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ . ثُمَّ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ بِالَّذِي يُصِيبُهَا مِنَ الْقِيمَةِ مِنْ رَأْسِ الثَّمَنِ ، وَلاَ يَأْخُذُ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ شَيْئًا . إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ.
2093- قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ بَاعَ شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ، فَسَلَّمَ بَعْضُ مَنْ لَهُ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِلْبَائِعِ ، وَأَبَى بَعْضُهُمْ إِلاَّ أَنْ يَأْخُذَ بِشُفْعَتِهِ : إِنَّ مَنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ كُلِّهَا ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَيَتْرُكَ مَا بَقِيَ.
2094- قَالَ مَالِكٌ : فِي نَفَرٍ شُرَكَاءَ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ ، فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ ، وَشُرَكَاؤُهُ غُيَّبٌ كُلُّهُمْ إِلاَّ رَجُلاً ، فَعُرِضَ عَلَى الْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَتْرُكَ ، فَقَالَ : أَنَا آخُذُ بِحِصَّتِي وَأَتْرُكُ حِصَصَ شُرَكَائِي حَتَّى يَقْدَمُوا ، فَإِنْ أَخَذُوا فَذَلِكَ ، وَإِنْ تَرَكُوا أَخَذْتُ جَمِيعَ الشُّفْعَةِ. قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ لَهُ إِلاَّ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ يَتْرُكَ ، فَإِنْ جَاءَ شُرَكَاؤُهُ ، أَخَذُوا مِنْهُ أَوْ تَرَكُوا إِنْ شَاؤُوا ، فَإِذَا عُرِضَ هَذَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ ، فَلاَ أَرَى لَهُ شُفْعَةً.
2- بَابُ مَا لاَ تَقَعُ فِيهِ الشُّفْعَةُ.
2095- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ : إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فِي الأََرْضِ ، فَلاَ شُفْعَةَ فِيهَا ، وَلاَ شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ وَلاَ فِي فَحْلِ النَّخْلِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى هَذَا الأََمْرُ عِنْدَنَا.
2096- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ شُفْعَةَ فِي طَرِيقٍ صَلُحَ الْقَسْمُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَصْلُحْ.
2097- قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لاَ شُفْعَةَ فِي عَرْصَةِ دَارٍ صَلُحَ الْقَسْمُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَصْلُحْ.
2098- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ، عَلَى أَنَّهُ فِيهَا بِالْخِيَارِ ، فَأَرَادَ شُرَكَاءُ الْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذُوا مَا بَاعَ شَرِيكُهُمْ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْمُشْتَرِي ، إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ لَهُمْ . حَتَّى يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي ، وَيَثْبُتَ لَهُ الْبَيْعُ ، فَإِذَا وَجَبَ لَهُ الْبَيْعُ فَلَهُمُ الشُّفْعَةُ.
2099- وقَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي أَرْضًا فَتَمْكُثُ فِي يَدَيْهِ حِينًا . ثُمَّ يَأْتِي رَجُلٌ فَيُدْرِكُ فِيهَا حَقًّا بِمِيرَاثٍ : إِنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ إِنْ ثَبَتَ حَقُّهُ ، وَإِنَّ مَا أَغَلَّتِ الأََرْضُ مِنْ غَلَّةٍ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي الأََوَّلِ . إِلَى يَوْمِ يَثْبُتُ حَقُّ الآخَرِ . لأَنَّهُ قَدْ كَانَ ضَمِنَهَا لَوْ هَلَكَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ غِرَاسٍ ، أَوْ ذَهَبَ بِهِ سَيْلٌ.
قَالَ : فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ ، أَوْ هَلَكَ الشُّهُودُ ، أَوْ مَاتَ الْبَائِعُ أَوِ الْمُشْتَرِي ، أَوْ هُمَا حَيَّانِ ، فَنُسِيَ أَصْلُ الْبَيْعِ وَالاِشْتِرَاءِ لِطُولِ الزَّمَانِ ، فَإِنَّ الشُّفْعَةَ تَنْقَطِعُ ، وَيَأْخُذُ حَقَّهُ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فِي حَدَاثَةِ الْعَهْدِ وَقُرْبِهِ ، وَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْبَائِعَ غَيَّبَ الثَّمَنَ وَأَخْفَاهُ لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ حَقَّ صَاحِبِ الشُّفْعَةِ ، قُوِّمَتِ الأََرْضُ عَلَى قَدْرِ مَا يُرَى أَنَّهُ ثَمَنُهَا ، فَيَصِيرُ ثَمَنُهَا إِلَى ذَلِكَ . ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى مَا زَادَ فِي الأََرْضِ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ أَوْ عِمَارَةٍ ، فَيَكُونُ عَلَى مَا يَكُونُ عَلَيْهِ مَنِ ابْتَاعَ الأََرْضَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ بَنَى فِيهَا وَغَرَسَ . ثُمَّ أَخَذَهَا صَاحِبُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ.
2100- قَالَ مَالِكٌ : وَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ فِي مَالِ الْمَيِّتِ كَمَا هِيَ فِي مَالِ الْحَيِّ ، فَإِنْ خَشِيَ أَهْلُ الْمَيِّتِ أَنْ يَنْكَسِرَ مَالُ الْمَيِّتِ ، قَسَمُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيهِ شُفْعَةٌ.
2101- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ شُفْعَةَ عِنْدَنَا فِي عَبْدٍ وَلاَ وَلِيدَةٍ ، وَلاَ بَعِيرٍ وَلاَ بَقَرَةٍ وَلاَ شَاةٍ ، وَلاَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ ، وَلاَ فِي ثَوْبٍ وَلاَ فِي بِئْرٍ لَيْسَ لَهَا بَيَاضٌ . إِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِيمَا يَصْلُحُ أَنَّهُ يَنْقَسِمُ وَتَقَعُ فِيهِ الْحُدُودُ مِنَ الأََرْضِ ، فَأَمَّا مَا لاَ يَصْلُحُ فِيهِ الْقَسْمُ فَلاَ شُفْعَةَ فِيهِ.
2102- قَالَ مَالِكٌ : وَمَنِ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا شُفْعَةٌ لِنَاسٍ حُضُورٍ ، فَلْيَرْفَعْهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ ، فَإِمَّا أَنْ يَسْتَحِقُّوا ، وَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ السُّلْطَانُ ، فَإِنْ تَرَكَهُمْ فَلَمْ يَرْفَعْ أَمْرَهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ ، وَقَدْ عَلِمُوا بِاشْتِرَائِهِ ، فَتَرَكُوا ذَلِكَ حَتَّى طَالَ زَمَانُهُ ثُمَّ جَاؤُوا يَطْلُبُونَ شُفْعَتَهُمْ ، فَلاَ أَرَى ذَلِكَ لَهُمْ.
بسم الله الرحمن الرحيم
22- كِتَابُ الأََقْضِيَةِ.
1- بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الْقَضَاءِ بِالْحَقِّ.
2103- حَدَّثَنَا يحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ ، فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْهُ شَيْئًا ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ.
2104- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ : اخْتَصَمَ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ وَيَهُودِيٌّ ، فَرَأَى عُمَرُ أَنَّ الْحَقَّ لِلْيَهُودِيِّ ، فَقَضَى لَهُ ، فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ : وَاللَّهِ لَقَدْ قَضَيْتَ بِالْحَقِّ ، فَضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالدِّرَّةِ ، ثُمَّ قَالَ : وَمَا يُدْرِيكَ ؟ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ : إِنَّا نَجِدُ أَنَّهُ لَيْسَ قَاضٍ يَقْضِي بِالْحَقِّ ، إِلاَّ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ ، وَعَنْ شِمَالِهِ مَلَكٌ ، يُسَدِّدَانِهِ وَيُوَفِّقَانِهِ لِلْحَقِّ مَا دَامَ مَعَ الْحَقِّ ، فَإِذَا تَرَكَ الْحَقَّ عَرَجَا وَتَرَكَاهُ.
2- بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّهَادَاتِ.
2105- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ الأََنْصَارِيِّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ . الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا ، أَوْ يُخْبِرُ بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا.
2106- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّهُ قَالَ : قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ، فَقَالَ : لَقَدْ جِئْتُكَ لأَمْرٍ ، مَا لَهُ رَأْسٌ ، وَلاَ ذَنَبٌ ، فَقَالَ عُمَرُ : مَا هُوَ ؟ قَالَ : شَهَادَاتُ الزُّورِ ظَهَرَتْ بِأَرْضِنَا ، فَقَالَ عُمَرُ : أَوَ قَدْ كَانَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ لاَ يُؤْسَرُ رَجُلٌ فِي الإِسْلاَمِ بِغَيْرِ الْعُدُولِ.
2107- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ خَصْمٍ وَلاَ ظَنِينٍ.
3- بَابُ الْقَضَاءِ فِي شَهَادَةِ الْمَحْدُودِ.
2108- قَالَ يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِ ، أَنَّهُمْ سُئِلُوا : عَنْ رَجُلٍ جُلِدَ الْحَدَّ أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ ، إِذَا ظَهَرَتْ مِنْهُ التَّوْبَةُ.
2109- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : مِثْلَ مَا قَالَ : سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ.
2110- قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ، فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ، وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ، وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ، إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ، وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور].
قَالَ مَالِكٌ : فَالأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ الَّذِي يُجْلَدُ الْحَدَّ ثُمَّ تَابَ ، وَأَصْلَحَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ ، وَهُوَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
4- بَابُ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.
2111- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.
2112- وعَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ - وَهُوَ عَامِلٌ عَلَى الْكُوفَةِ ، أَنِ : اقْضِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.
2113- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سُئِلاَ : هَلْ يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ، فَقَالاَ : نَعَمْ.
2114- قَالَ مَالِكٌ : مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ . يَحْلِفُ صَاحِبُ الْحَقِّ مَعَ شَاهِدِهِ ، وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ ، فَإِنْ نَكَلَ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ ، أُحْلِفَ الْمَطْلُوبُ ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ الْحَقُّ ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِصَاحِبِهِ.
2115- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الأََمْوَالِ خَاصَّةً ، وَلاَ يَقَعُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحُدُودِ ، وَلاَ فِي نِكَاحٍ وَلاَ فِي طَلاَقٍ ، وَلاَ فِي عَتَاقَةٍ وَلاَ فِي سَرِقَةٍ ، وَلاَ فِي فِرْيَةٍ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ الْعَتَاقَةَ مِنَ الأََمْوَالِ ، فَقَدْ أَخْطَأَ . لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ ، لَحَلَفَ الْعَبْدُ مَعَ شَاهِدِهِ ، إِذَا جَاءَ بِشَاهِدٍ أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ ، وَأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا جَاءَ بِشَاهِدٍ عَلَى مَالٍ مِنَ الأََمْوَالِ ادَّعَاهُ ، حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَاسْتَحَقَّ حَقَّهُ كَمَا يَحْلِفُ الْحُرُّ.
2116- قَالَ مَالِكٌ : فَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا جَاءَ بِشَاهِدٍ عَلَى عَتَاقَتِهِ اسْتُحْلِفَ سَيِّدُهُ مَا أَعْتَقَهُ وَبَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ.
2117- قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَيْضًا فِي الطَّلاَقِ . إِذَا جَاءَتِ الْمَرْأَةُ بِشَاهِدٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ، أُحْلِفَ زَوْجُهَا مَا طَلَّقَهَا ، فَإِذَا حَلَفَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ.
2118- قَالَ مَالِكٌ : فَسُنَّةُ الطَّلاَقِ وَالْعَتَاقَةِ فِي الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَاحِدَةٌ ، إِنَّمَا يَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى زَوْجِ الْمَرْأَةِ ، وَعَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ ، وَإِنَّمَا الْعَتَاقَةُ حَدٌّ مِنَ الْحُدُودِ . لاَ تَجُوزُ فِيهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ . لأَنَّهُ إِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ ثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ ، وَوَقَعَتْ لَهُ الْحُدُودُ ، وَوَقَعَتْ عَلَيْهِ ، وَإِنْ زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ رُجِمَ ، وَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدَ قُتِلَ بِهِ ، وَثَبَتَ لَهُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يُوَارِثُهُ ، فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ فَقَالَ : لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ عَبْدَهُ ، وَجَاءَ رَجُلٌ يَطْلُبُ سَيِّدَ الْعَبْدِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ ، فَشَهِدَ لَهُ ، عَلَى حَقِّهِ ذَلِكَ ، رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُثْبِتُ الْحَقَّ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ . حَتَّى تُرَدَّ بِهِ عَتَاقَتُهُ . إِذَا لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ مَالٌ غَيْرُ الْعَبْدِ . يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي الْعَتَاقَةِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى مَا قَالَ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَعْتِقُ عَبْدَهُ . ثُمَّ يَأْتِي طَالِبُ الْحَقِّ عَلَى سَيِّدِهِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ ، فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ . ثُمَّ يَسْتَحِقُّ حَقَّهُ ، وَتُرَدُّ بِذَلِكَ عَتَاقَةُ الْعَبْدِ ، أَوْ يَأْتِي الرَّجُلُ قَدْ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِ الْعَبْدِ مُخَالَطَةٌ وَمُلاَبَسَةٌ ، فَيَزْعُمُ أَنَّ لَهُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ مَالاً ، فَيُقَالُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ : احْلِفْ مَا عَلَيْكَ مَا ادَّعَى ، فَإِنْ نَكَلَ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ ، حُلِّفَ صَاحِبُ الْحَقِّ ، وَثَبَتَ حَقُّهُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ يَرُدُّ عَتَاقَةَ الْعَبْدِ . إِذَا ثَبَتَ الْمَالُ عَلَى سَيِّدِهِ.
2119- قَالَ : وَكَذَلِكَ أَيْضًا الرَّجُلُ يَنْكِحُ الأََمَةَ ، فَتَكُونُ امْرَأَتَهُ ، فَيَأْتِي سَيِّدُ الأََمَةِ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا فَيَقُولُ : ابْتَعْتَ مِنِّي جَارِيَتِي فُلاَنَةَ ، أَنْتَ وَفُلاَنٌ بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا ، فَيُنْكِرُ ذَلِكَ زَوْجُ الأََمَةِ ، فَيَأْتِي سَيِّدُ الأََمَةِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ، فَيَشْهَدُونَ عَلَى مَا قَالَ ، فَيَثْبُتُ بَيْعُهُ ، وَيَحِقُّ حَقُّهُ ، وَتَحْرُمُ الأََمَةُ عَلَى زَوْجِهَا ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِرَاقًا بَيْنَهُمَا ، وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ لاَ تَجُوزُ فِي الطَّلاَقِ.
2120- قَالَ مَالِكٌ : وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الرَّجُلُ يَفْتَرِي عَلَى الرَّجُلِ الْحُرِّ ، فَيَقَعُ عَلَيْهِ الْحَدُّ ، فَيَأْتِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَيَشْهَدُونَ أَنَّ الَّذِي افْتُرِيَ عَلَيْهِ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ ، فَيَضَعُ ذَلِكَ الْحَدَّ عَنِ الْمُفْتَرِي بَعْدَ أَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ ، وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ لاَ تَجُوزُ فِي الْفِرْيَةِ.
2121- قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْقَضَاءُ ، وَمَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ ، أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى اسْتِهْلاَلِ الصَّبِيِّ ، فَيَجِبُ بِذَلِكَ مِيرَاثُهُ حَتَّى يَرِثَ ، وَيَكُونُ مَالُهُ لِمَنْ يَرِثُهُ . إِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ ، وَلَيْسَ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ شَهِدَتَا ، رَجُلٌ وَلاَ يَمِينٌ ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الأََمْوَالِ الْعِظَامِ . مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالرِّبَاعِ وَالْحَوَائِطِ وَالرَّقِيقِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأََمْوَالِ ، وَلَوْ شَهِدَتِ امْرَأَتَانِ عَلَى دِرْهَمٍ وَاحِدٍ ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ . لَمْ تَقْطَعْ شَهَادَتُهُمَا شَيْئًا ، وَلَمْ تَجُزْ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا شَاهِدٌ أَوْ يَمِينٌ.
2122- قَالَ مَالِكٌ : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ لاَ تَكُونُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ ، وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، وَقَوْلُهُ الْحَقُّ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ : فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} يَقُولُ : فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَلاَ شَيْءَ لَهُ ، وَلاَ يُحَلَّفُ مَعَ شَاهِدِهِ.
قَالَ مَالِكٌ : فَمِنَ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ ، أَنْ يُقَالَ لَهُ : أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالاً : أَلَيْسَ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا ذَلِكَ الْحَقُّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ ، وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ حُلِّفَ صَاحِبُ الْحَقِّ إِنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ ، وَثَبَتَ حَقُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ ، فَهَذَا مَا لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ ، وَلاَ بِبَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ ، فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَخَذَ هَذَا ؟ أَوْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَجَدَهُ ؟ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَذَا فَلْيُقْرِرْ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَنَّهُ لَيَكْفِي مِنْ ذَلِكَ مَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ ، وَلَكِنِ الْمَرْءُ قَدْ يُحِبُّ أَنْ يَعْرِفَ وَجْهَ الصَّوَابِ وَمَوْقِعَ الْحُجَّةِ ، فَفِي هَذَا بَيَانُ مَا أَشْكَلَ مِنْ ذَلِكَ . إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
5- بَابُ الْقَضَاءِ فِيمَنْ هَلَكَ وَلَهُ دَيْنٌ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَهُ ، فِيهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ.
2123- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَهْلِكُ وَلَهُ دَيْنٌ ، عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ ، لَهُمْ فِيهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ ، فَيَأْبَى وَرَثَتُهُ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى حُقُوقِهِمْ مَعَ شَاهِدِهِمْ . قَالَ : فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يَحْلِفُونَ وَيَأْخُذُونَ حُقُوقَهُمْ ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ الأََيْمَانَ عُرِضَتْ عَلَيْهِمْ قَبْلُ ، فَتَرَكُوهَا . إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا لَمْ نَعْلَمْ لِصَاحِبِنَا فَضْلاً ، وَيُعْلَمُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا تَرَكُوا الأََيْمَانَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَحْلِفُوا وَيَأْخُذُوا مَا بَقِيَ بَعْدَ دَيْنِهِ.
6- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الدَّعْوَى.
2124- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُؤَذِّنِ ، أَنَّهُ كَانَ يَحْضُرُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ ، فَإِذَا جَاءَهُ الرَّجُلُ يَدَّعِي عَلَى الرَّجُلِ حَقًّا : نَظَرَ ، فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَوْ مُلاَبَسَةٌ أَحْلَفَ الَّذِي ادُّعِيَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُحَلِّفْهُ.
2125- قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى ذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا ، أَنَّهُ مَنِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِدَعْوَى ، نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَوْ مُلاَبَسَةٌ أُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ ذَلِكَ الْحَقُّ عَنْهُ ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ ، وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي ، فَحَلَفَ طَالِبُ الْحَقِّ ، أَخَذَ حَقَّهُ.
7- بَابُ الْقَضَاءِ فِي شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ.
2126- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَقْضِي بِشَهَادَةِ الصِّبْيَانِ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْجِرَاحِ.
2127- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ تَجُوزُ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْجِرَاحِ ، وَلاَ تَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِمْ ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْجِرَاحِ وَحْدَهَا ، لاَ تَجُوزُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ . إِذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا ، أَوْ يُخَبَّبُوا أَوْ يُعَلَّمُوا ، فَإِنِ افْتَرَقُوا فَلاَ شَهَادَةَ لَهُمْ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونُوا قَدْ أَشْهَدُوا الْعُدُولَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ . قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا.
8- بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحِنْثِ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
2128- قَالَ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأََنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي آثِمًا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.
2129- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ السَّلَمِيِّ ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأََنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ، وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ ، قَالُوا : وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ، وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ، وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ قَالَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
9- بَابُ جَامِعِ مَا جَاءَ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمِنْبَرِ.
2130- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا غَطَفَانَ بْنَ طَرِيفٍ الْمُرِّيَّ ، يَقُولُ : اخْتَصَمَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الأََنْصَارِيُّ وَابْنُ مُطِيعٍ فِي دَارٍ كَانَتْ بَيْنَهُمَا . إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ ، فَقَضَى مَرْوَانُ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالْيَمِينِ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي ، قَالَ فَقَالَ : مَرْوَانُ : لاَ وَاللَّهِ إِلاَّ عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ ، قَالَ : فَجَعَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَحْلِفُ أَنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ ، وَيَأْبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، قَالَ : فَجَعَلَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ يَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ.
2131- قَالَ مَالِكٌ : لاَ أَرَى أَنْ يُحَلَّفَ أَحَدٌ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ وَذَلِكَ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ.
10- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنْ غَلَقِ الرَّهْنِ.
2132- قَالَ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ.
2133- قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ فِيمَا نُرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنْ يَرْهَنَ الرَّجُلُ الرَّهْنَ عِنْدَ الرَّجُلِ بِالشَّيْءِ ، وَفِي الرَّهْنِ فَضْلٌ عَمَّا رُهِنَ بِهِ ، فَيَقُولُ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ : إِنْ جِئْتُكَ بِحَقِّكَ ، إِلَى أَجَلٍ يُسَمِّيهِ لَهُ ، وَإِلاَّ فَالرَّهْنُ لَكَ بِمَا رُهِنَ فِيهِ قَالَ : فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ وَلاَ يَحِلُّ ، وَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ ، وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ بِالَّذِي رَهَنَ بِهِ بَعْدَ الأََجَلِ ، فَهُوَ لَهُ ، وَأُرَى هَذَا الشَّرْطَ مُنْفَسِخًا.
11- بَابُ الْقَضَاءِ فِي رَهْنِ الثَّمَرِ وَالْحَيَوَانِ.
2134- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ ، فِيمَنْ رَهَنَ حَائِطًا لَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَيَكُونُ ثَمَرُ ذَلِكَ الْحَائِطِ قَبْلَ ذَلِكَ الأََجَلِ : إِنَّ الثَّمَرَ لَيْسَ بِرَهْنٍ مَعَ الأََصْلِ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَ ذَلِكَ ، الْمُرْتَهِنُ فِي رَهْنِهِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا ارْتَهَنَ جَارِيَةً وَهِيَ حَامِلٌ ، أَوْ حَمَلَتْ بَعْدَ ارْتِهَانِهِ إِيَّاهَا : إِنَّ وَلَدَهَا مَعَهَا.
2135- قَالَ مَالِكٌ : وَفُرِقَ بَيْنَ الثَّمَرِ وَبَيْنَ وَلَدِ الْجَارِيَةِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ.
2136- قَالَ : وَالأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ مَنْ بَاعَ وَلِيدَةً ، أَوْ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ ، وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ ، أَنَّ ذَلِكَ الْجَنِينَ لِلْمُشْتَرِي ، اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ ، فَلَيْسَتِ النَّخْلُ مِثْلَ الْحَيَوَانِ ، وَلَيْسَ الثَّمَرُ مِثْلَ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنَّ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ أَنْ يَرْهَنَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخْلِ ، وَلاَ يَرْهَنُ النَّخْلَ ، وَلَيْسَ يَرْهَنُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ جَنِينًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ مِنَ الرَّقِيقِ ، وَلاَ مِنَ الدَّوَابِّ.
12- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الرَّهْنِ مِنَ الْحَيَوَانِ.
2137- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا فِي الرَّهْنِ ، أَنَّ مَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ يُعْرَفُ هَلاَكُهُ مِنْ أَرْضٍ ، أَوْ دَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ ، فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ، وَعُلِمَ هَلاَكُهُ فَهُوَ مِنَ الرَّاهِنِ ، وَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَنْقُصُ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ شَيْئًا ، وَمَا كَانَ مِنْ رَهْنٍ يَهْلِكُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ، فَلاَ يُعْلَمُ هَلاَكُهُ إِلاَّ بِقَوْلِهِ ، فَهُوَ مِنَ الْمُرْتَهِنِ ، وَهُوَ لِقِيمَتِهِ ضَامِنٌ . يُقَالُ لَهُ : صِفْهُ ، فَإِذَا وَصَفَهُ ، أُحْلِفَ عَلَى صِفَتِهِ ، وَتَسْمِيَةِ مَالِهِ فِيهِ ، ثُمَّ يُقَوِّمُهُ أَهْلُ الْبَصَرِ بِذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَمَّا سَمَّى فِيهِ الْمُرْتَهِنُ ، أَخَذَهُ الرَّاهِنُ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا سَمَّى ، أُحْلِفَ الرَّاهِنُ عَلَى مَا سَمَّى الْمُرْتَهِنُ ، وَبَطَلَ عَنْهُ الْفَضْلُ الَّذِي سَمَّى الْمُرْتَهِنُ ، فَوْقَ قِيمَةِ الرَّهْنِ ، وَإِنْ أَبَى الرَّاهِنُ أَنْ يَحْلِفَ ، أُعْطِيَ الْمُرْتَهِنُ مَا فَضَلَ بَعْدَ قِيمَةِ الرَّهْنِ ، فَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ : لاَ عِلْمَ لِي بِقِيمَةِ الرَّهْنِ . حُلِّفَ الرَّاهِنُ عَلَى صِفَةِ الرَّهْنِ ، وَكَانَ ذَلِكَ لَهُ ، إِذَا جَاءَ بِالأََمْرِ الَّذِي لاَ يُسْتَنْكَرُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ إِذَا قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ ، وَلَمْ يَضَعْهُ عَلَى يَدَيْ غَيْرِهِ.
13- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الرَّهْنِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ.
2138- قَالَ يَحْيَى ، سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : وَفِي الرَّجُلَيْنِ يَكُونُ لَهُمَا رَهْنٌ بَيْنَهُمَا ، فَيَقُومُ أَحَدُهُمَا بِبَيْعِ رَهْنِهِ ، وَقَدْ كَانَ الآخَرُ أَنْظَرَهُ بحَقِّهِ سَنَةً . قَالَ : إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُقْسَمَ الرَّهْنُ ، وَلاَ يَنْقُصَ حَقُّ الَّذِي أَنْظَرَهُ بِحَقِّهِ ، بِيعَ لَهُ نِصْفُ الرَّهْنِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا ، فَأُوفِيَ حَقَّهُ ، وَإِنْ خِيفَ أَنْ يَنْقُصَ حَقُّهُ . بِيعَ الرَّهْنُ كُلُّهُ ، فَأُعْطِيَ الَّذِي قَامَ بِبَيْعِ رَهْنِهِ ، حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُ الَّذِي أَنْظَرَهُ بِحَقِّهِ ، أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَ الثَّمَنِ إِلَى الرَّاهِنِ ، وَإِلاَّ حُلِّفَ الْمُرْتَهِنُ ، أَنَّهُ مَا أَنْظَرَهُ إِلاَّ لِيُوقِفَ لِي رَهْنِي عَلَى هَيْئَتِهِ . ثُمَّ أُعْطِيَ حَقَّهُ عَاجِلاً.
2139- قَالَ : وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ ، فِي الْعَبْدِ يَرْهَنُهُ سَيِّدُهُ ، وَلِلْعَبْدِ مَالٌ : إِنَّ مَالَ الْعَبْدِ لَيْسَ بِرَهْنٍ . إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُرْتَهِنُ.
14- بَابُ الْقَضَاءِ فِي جَامِعِ الرُّهُونِ.
2140- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ ، فِيمَنِ ارْتَهَنَ مَتَاعًا فَهَلَكَ الْمَتَاعُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ، وَأَقَرَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ بِتَسْمِيَةِ الْحَقِّ ، وَاجْتَمَعَا عَلَى التَّسْمِيَةِ ، وَتَدَاعَيَا فِي الرَّهْنِ ، فَقَالَ الرَّاهِنُ : قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ : قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، وَالْحَقُّ الَّذِي لِلرَّجُلِ فِيهِ عِشْرُونَ دِينَارًا. قَالَ مَالِكٌ : يُقَالُ لِلَّذِي بِيَدِهِ الرَّهْنُ : صِفْهُ ، فَإِذَا وَصَفَهُ ، أُحْلِفَ عَلَيْهِ . ثُمَّ أَقَامَ تِلْكَ الصِّفَةَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهَا ، فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِمَّا رُهِنَ بِهِ . قِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ : ارْدُدْ إِلَى الرَّاهِنِ بَقِيَّةَ حَقِّهِ ، وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِمَّا رُهِنَ بِهِ ، أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ بَقِيَّةَ حَقِّهِ مِنَ الرَّاهِنِ ، وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ بِقَدْرِ حَقِّهِ ، فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ.
2141- قَالَ يَحْيَى : وسَمِعْتُ مَالِكًا : يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي الرَّهْنِ . يَرْهَنُهُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ، فَيَقُولُ الرَّاهِنُ : أَرْهَنْتُكَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ، وَيَقُولُ الْمُرْتَهِنُ : ارْتَهَنْتُهُ مِنْكَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا ، وَالرَّهْنُ ظَاهِرٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ . قَالَ : يُحَلَّفُ الْمُرْتَهِنُ حَتَّى يُحِيطَ بِقِيمَةِ الرَّهْنِ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ . لاَ زِيَادَةَ فِيهِ وَلاَ نُقْصَانَ عَمَّا حُلِّفَ أَنَّ لَهُ فِيهِ ، أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ بِحَقِّهِ ، وَكَانَ أَوْلَى بِالتَّبْدِئَةِ بِالْيَمِينِ . لِقَبْضِهِ الرَّهْنَ وَحِيَازَتِهِ إِيَّاهُ ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الرَّهْنِ أَنْ يُعْطِيَهُ حَقَّهُ الَّذِي حُلِّفَ عَلَيْهِ ، وَيَأْخُذَ رَهْنَهُ.
قَالَ : وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ أَقَلَّ مِنَ الْعِشْرِينَ الَّتِي سَمَّى ، أُحْلِفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعِشْرِينَ الَّتِي سَمَّى ، ثُمَّ يُقَالُ لِلرَّاهِنِ : إِمَّا أَنْ تُعْطِيَهُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ ، وَتَأْخُذَ رَهْنَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الَّذِي قُلْتَ أَنَّكَ رَهَنْتَهُ بِهِ ، وَيَبْطُلُ عَنْكَ مَا زَادَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ ، فَإِنْ حَلَفَ الرَّاهِنُ بَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ غُرْمُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ.
2142- قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ ، وَتَنَاكَرَا الْحَقَّ ، فَقَالَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ : كَانَتْ لِي فِيهِ عِشْرُونَ دِينَارًا ، وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ : لَمْ يَكُنْ لَكَ فِيهِ إِلاَّ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ : قِيمَةُ الرَّهْنِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ : قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا ، قِيلَ لِلَّذِي لَهُ الْحَقُّ : صِفْهُ ، فَإِذَا وَصَفَهُ أُحْلِفَ عَلَى صِفَتِهِ ، ثُمَّ أَقَامَ تِلْكَ الصِّفَةَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهَا ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى فِيهِ الْمُرْتَهِنُ ، أُحْلِفَ عَلَى مَا ادَّعَى ، ثُمَّ يُعْطَى الرَّاهِنُ مَا فَضَلَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِمَّا يَدَّعِي فِيهِ الْمُرْتَهِنُ ، أُحْلِفَ عَلَى الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ لَهُ فِيهِ ، ثُمَّ قَاصَّهُ بِمَا بَلَغَ الرَّهْنُ
ثُمَّ أُحْلِفَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ عَلَى الْفَضْلِ الَّذِي بَقِيَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، بَعْدَ مَبْلَغِ ثَمَنِ الرَّهْنِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ الرَّهْنُ صَارَ مُدَّعِيًا عَلَى الرَّاهِنِ ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ عَنْهُ بَقِيَّةُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ مِمَّا ادَّعَى فَوْقَ قِيمَةِ الرَّهْنِ ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ قِيمَةِ الرَّهْنِ.
15- بَابُ الْقَضَاءِ فِي كِرَاءِ الدَّابَّةِ وَالتَّعَدِّي بِهَا.
2143- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَسْتَكْرِي الدَّابَّةَ إِلَى الْمَكَانِ الْمُسَمَّى . ثُمَّ يَتَعَدَّى ذَلِكَ الْمَكَانَ وَيَتَقَدَّمُ : إِنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ يُخَيَّرُ ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ كِرَاءَ دَابَّتِهِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي تُعُدِّيَ بِهَا إِلَيْهِ ، أُعْطِيَ ذَلِكَ ، وَيَقْبِضُ دَابَّتَهُ ، وَلَهُ الْكِرَاءُ الأََوَّلُ ، وَإِنْ أَحَبَّ رَبُّ الدَّابَّةِ ، فَلَهُ قِيمَةُ دَابَّتِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي تَعَدَّى مِنْهُ الْمُسْتَكْرِي ، وَلَهُ الْكِرَاءُ الأََوَّلُ . إِنْ كَانَ اسْتَكْرَى الدَّابَّةَ الْبَدْأَةَ ، فَإِنْ كَانَ اسْتَكْرَاهَا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا ، ثُمَّ تَعَدَّى حِينَ بَلَغَ الْبَلَدَ الَّذِي اسْتَكْرَى إِلَيْهِ ، فَإِنَّمَا لِرَبِّ الدَّابَّةِ نِصْفُ الْكِرَاءِ الأََوَّلِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكِرَاءَ نِصْفُهُ فِي الْبَدْأَةِ ، وَنِصْفُهُ فِي الرَّجْعَةِ ، فَتَعَدَّى الْمُتَعَدِّي بِالدَّابَّةِ ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلاَّ نِصْفُ الْكِرَاءِ الأََوَّلِ ، وَلَوْ أَنَّ الدَّابَّةَ هَلَكَتْ حِينَ بَلَغَ بِهَا الْبَلَدَ الَّذِي اسْتَكْرَى إِلَيْهِ . لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَكْرِي ضَمَانٌ ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُكْرِي ، إِلاَّ نِصْفُ الْكِرَاءِ.
قَالَ : وَعَلَى ذَلِكَ أَمْرُ أَهْلِ التَّعَدِّي وَالْخِلاَفِ ، لِمَا أَخَذُوا الدَّابَّةَ عَلَيْهِ.
2144- قَالَ : وَكَذَلِكَ أَيْضًا مَنْ أَخَذَ مَالاً قِرَاضًا مِنْ صَاحِبِهِ ، فَقَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ : لاَ تَشْتَرِ بِهِ حَيَوَانًا وَلاَ سِلَعًا كَذَا وَكَذَا لِسِلَعٍ يُسَمِّيهَا ، وَيَنْهَاهُ عَنْهَا ، وَيَكْرَهُ أَنْ يَضَعَ مَالَهُ فِيهَا ، فَيَشْتَرِي الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ ، وَيَذْهَبَ بِرِبْحِ صَاحِبِهِ ، فَإِذَا صَنَعَ ذَلِكَ فَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ ، إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي السِّلْعَةِ عَلَى مَا شَرَطَا بَيْنَهُمَا مِنَ الرِّبْحِ ، فَعَلَ ، وَإِنْ أَحَبَّ ، فَلَهُ رَأْسُ مَالِهِ ضَامِنًا عَلَى الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ وَتَعَدَّى.
2145- قَالَ : وَكَذَلِكَ أَيْضًا ، الرَّجُلُ يُبْضِعُ مَعَهُ الرَّجُلُ بِضَاعَةً ، فَيَأْمُرُهُ صَاحِبُ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ سِلْعَةً بِاسْمِهَا ، فَيُخَالِفُ فَيَشْتَرِي بِبِضَاعَتِهِ غَيْرَ مَا أَمَرَهُ بِهِ ، وَيَتَعَدَّى ذَلِكَ ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْبِضَاعَةِ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ . إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ مَا اشْتُرِيَ بِمَالِهِ ، أَخَذَهُ ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ الْمُبْضِعُ مَعَهُ ضَامِنًا لِرَأْسِ مَالِهِ ، فَذَلِكَ لَهُ.
16- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الْمُسْتَكْرَهَةِ مِنَ النِّسَاءِ.
2146- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ : قَضَى فِي امْرَأَةٍ أُصِيبَتْ مُسْتَكْرَهَةً ، بِصَدَاقِهَا عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهَا.
2147- قَالَ يَحْيَى ، سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَغْتَصِبُ الْمَرْأَةَ : بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا ، إِنَّهَا إِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَعَلَيْهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا ، وَالْعُقُوبَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُغْتَصِبِ ، وَلاَ عُقُوبَةَ عَلَى الْمُغْتَصَبَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُغْتَصِبُ عَبْدًا ، فَذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُسَلِّمَهُ.
17- بَابُ الْقَضَاءِ فِي اسْتِهْلاَكِ الْحَيَوَانِ وَالطَّعَامِ وَغَيْرِهِ.
2148- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ ، أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ اسْتَهْلَكَهُ ، لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْخَذَ بِمِثْلِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ ، وَلاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَهُ ، فِيمَا اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ اسْتَهْلَكَهُ ، الْقِيمَةُ أَعْدَلُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ.
2149- قَالَ : وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ فَإِنَّمَا يَرُدُّ عَلَى صَاحِبِهِ ، مِثْلَ طَعَامِهِ بِمَكِيلَتِهِ مِنْ صِنْفِهِ ، وَإِنَّمَا الطَّعَامُ بِمَنْزِلَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، إِنَّمَا يَرُدُّ مِنَ الذَّهَبِ الذَّهَبَ ، وَمِنَ الْفِضَّةِ الْفِضَّةَ ، وَلَيْسَ الْحَيَوَانُ بِمَنْزِلَةِ الذَّهَبِ فِي ذَلِكَ ، فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ السُّنَّةُ ، وَالْعَمَلُ الْمَعْمُولُ بِهِ.
2150- قَالَ يَحْيَى ، وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : إِذَا اسْتُوْدِعَ الرَّجُلُ مَالاً فَابْتَاعَ بِهِ لِنَفْسِهِ وَرَبِحَ فِيهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ الرِّبْحَ لَهُ ، لأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ . حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إِلَى صَاحِبِهِ.
18- بَابُ الْقَضَاءِ فِيمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الإِسْلاَمِ.
2151- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ.
وَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا نُرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ ، أَنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلاَمِ إِلَى غَيْرِهِ ، مِثْلُ الزَّنَادِقَةِ وَأَشْبَاهِهِمْ ، فَإِنَّ أُولَئِكَ ، إِذَا ظُهِرَ عَلَيْهِمْ قُتِلُوا ، وَلَمْ يُسْتَتَابُوا ، لأَنَّهُ لاَ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُمْ ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يُسِرُّونَ الْكُفْرَ وَيُعْلِنُونَ الإِسْلاَمَ ، فَلاَ أَرَى أَنْ يُسْتَتَابَ هَؤُلاَءِ ، وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهُمْ قَوْلُهُمْ ، وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلاَمِ إِلَى غَيْرِهِ ، وَأَظْهَرَ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ ، وَإِلاَّ قُتِلَ ، وَذَلِكَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا كَانُوا عَلَى ذَلِكَ ، رَأَيْتُ أَنْ يُدْعَوْا إِلَى الإِسْلاَمِ وَيُسْتَتَابُوا ، فَإِنْ تَابُوا قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ ، وَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا قُتِلُوا ، وَلَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ ، فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، مَنْ خَرَجَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ إِلَى النَّصْرَانِيَّةِ ، وَلاَ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَلاَ مَنْ يُغَيِّرُ دِينَهُ مِنْ أَهْلِ الأََدْيَانِ كُلِّهَا . إِلاَّ الإِسْلاَمَ فَمَنْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلاَمِ إِلَى غَيْرِهِ ، وَأَظْهَرَ ذَلِكَ ، فَذَلِكَ الَّذِي عُنِيَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
2152- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِّيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ : قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى الأََشْعَرِيِّ ، فَسَأَلَهُ عَنِ النَّاسِ ، فَأَخْبَرَهُ . ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ : هَلْ كَانَ فِيكُمْ مِنْ مُغَرِّبَةِ خَبَرٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلاَمِهِ ، قَالَ : فَمَا فَعَلْتُمْ بِهِ ؟ قَالَ : قَرَّبْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَفَلاَ حَبَسْتُمُوهُ ثَلاَثًا ، وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا ، وَاسْتَتَبْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ ، وَيُرَاجِعُ أَمْرَ اللَّهِ ؟ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ : اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَحْضُرْ ، وَلَمْ آمُرْ ، وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي.
19- بَابُ الْقَضَاءِ فِيمَنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً.
2153- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلاً أَأُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَعَمْ.
2154- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ : ابْنُ خَيْبَرِيٍّ ، وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً فَقَتَلَهُ أَوْ قَتَلَهُمَا مَعًا ، فَأَشْكَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الْقَضَاءُ فِيهِ ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الأََشْعَرِيِّ ، يَسْأَلُ لَهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَنْ ذَلِكَ ، فَسَأَلَ أَبُو مُوسَى عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ لَهُ : عَلِيٌّ : إِنَّ هَذَا الشَّيْءَ مَا هُوَ بِأَرْضِي ، عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتُخْبِرَنِّي ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى : كَتَبَ إِلَيَّ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : أَنَا أَبُو حَسَنٍ ، إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ.
20- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الْمَنْبُوذِ.
2155- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سُنَيْنٍ أَبِي جَمِيلَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ ، أَنَّهُ وَجَدَ مَنْبُوذًا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : فَجِئْتُ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : مَا حَمَلَكَ عَلَى أَخْذِ هَذِهِ النَّسَمَةِ ؟ فَقَالَ : وَجَدْتُهَا ضَائِعَةً فَأَخَذْتُهَا ، فَقَالَ لَهُ عَرِيفُهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَكَذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : اذْهَبْ فَهُوَ حُرٌّ وَلَكَ ، وَلاَؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ.
2156- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمَنْبُوذِ أَنَّهُ حُرٌّ وَأَنَّ وَلاَءَهُ لِلْمُسْلِمِينَ هُمْ يَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ.
21- بَابُ الْقَضَاءِ بِإِلْحَاقِ الْوَلَدِ بِأَبِيهِ.
2157- قَالَ يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي ، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ ، قَالَتْ : فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ ، وَقَالَ : ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ ، فَقَالَ : أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ ، فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ . ابْنُ أَخِي . قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ ، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ : أَخِي ، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ : احْتَجِبِي مِنْهُ ، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَتْ : فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.
2158- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِي ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَنَّ امْرَأَةً هَلَكَ عَنْهَا زَوْجُهَا ، فَاعْتَدَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ حِينَ حَلَّتْ ، فَمَكَثَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَنِصْفَ شَهْرٍ ، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا تَامًّا ، فَجَاءَ زَوْجُهَا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَدَعَا عُمَرُ نِسْوَةً مِنْ نِسَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ قُدَمَاءَ ، فَسَأَلَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ : أَنَا أُخْبِرُكَ عَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ هَلَكَ عَنْهَا زَوْجُهَا حِينَ حَمَلَتْ مِنْهُ ، فَأُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ الدِّمَاءُ ، فَحَشَّ وَلَدُهَا فِي بَطْنِهَا ، فَلَمَّا أَصَابَهَا زَوْجُهَا الَّذِي نَكَحَهَا ، وَأَصَابَ الْوَلَدَ الْمَاءُ تَحَرَّكَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا ، وَكَبِرَ فَصَدَّقَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ، وَقَالَ عُمَرُ : أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْكُمَا إِلاَّ خَيْرٌ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالأََوَّلِ.
2159- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُلِيطُ أَوْلاَدَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ فِي الإِسْلاَمِ ، فَأَتَى رَجُلاَنِ كِلاَهُمَا يَدَّعِي وَلَدَ امْرَأَةٍ ، فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَائِفًا فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا ، فَقَالَ الْقَائِفُ : لَقَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ فَضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالدِّرَّةِ ، ثُمَّ دَعَا الْمَرْأَةَ ، فَقَالَ : أَخْبِرِينِي خَبَرَكِ ؟ فَقَالَتْ : كَانَ هَذَا لأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ يَأْتِينِي ، وَهِيَ فِي إِبِلٍ لأَهْلِهَا ، فَلاَ يُفَارِقُهَا حَتَّى يَظُنَّ وَتَظُنَّ أَنَّهُ قَدِ اسْتَمَرَّ بِهَا حَبَلٌ ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهَا ، فَأُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ دِمَاءٌ ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا هَذَا - تَعْنِي الآخَرَ - فَلاَ أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ ؟ قَالَ فَكَبَّرَ الْقَائِفُ فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلاَمِ : وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ.
2160- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَوْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَضَى أَحَدُهُمَا فِي امْرَأَةٍ غَرَّتْ رَجُلاً بِنَفْسِهَا ، وَذَكَرَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا ، فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلاَدًا ، فَقَضَى أَنْ يَفْدِيَ وَلَدَهُ بِمِثْلِهِمْ.
قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : وَالْقِيمَةُ أَعْدَلُ فِي هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
22- بَابُ الْقَضَاءِ فِي مِيرَاثِ الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ.
2161- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، فِي الرَّجُلِ يَهْلِكُ وَلَهُ بَنُونَ ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ : قَدْ أَقَرَّ أَبِي أَنَّ فُلاَنًا ابْنُهُ : إِنَّ ذَلِكَ النَّسَبَ لاَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ ، وَلاَ يَجُوزُ إِقْرَارُ الَّذِي أَقَرَّ إِلاَّ عَلَى نَفْسِهِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ . يُعْطَى الَّذِي شَهِدَ لَهُ قَدْرَ مَا يُصِيبُهُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَهْلِكَ الرَّجُلُ ، وَيَتْرُكَ ابْنَيْنِ لَهُ ، وَيَتْرُكَ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ ، فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلاَثَمِائَةِ دِينَارٍ ، ثُمَّ يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ الْهَالِكَ أَقَرَّ أَنَّ فُلاَنًا ابْنُهُ ، فَيَكُونُ عَلَى الَّذِي شَهِدَ لِلَّذِي اسْتُلْحِقَ ، مِائَةُ دِينَارٍ ، وَذَلِكَ نِصْفُ مِيرَاثِ الْمُسْتَلْحَقِ ، لَوْ لَحِقَ ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ الآخَرُ أَخَذَ الْمِائَةَ الأَُخْرَى ، فَاسْتَكْمَلَ حَقَّهُ وَثَبَتَ نَسَبُهُ ، وَهُوَ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ تُقِرُّ بِالدَّيْنِ عَلَى أَبِيهَا أَوْ عَلَى زَوْجِهَا ، وَيُنْكِرُ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَدْفَعَ إِلَى الَّذِي أَقَرَّتْ لَهُ بِالدَّيْنِ قَدْرَ الَّذِي يُصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ . لَوْ ثَبَتَ عَلَى الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ . إِنْ كَانَتِ امْرَأَةً وَرِثَتِ الثُّمُنَ ، دَفَعَتْ إِلَى الْغَرِيمِ ثُمُنَ دَيْنِهِ ، وَإِنْ كَانَتِ ابْنَةً وَرِثَتِ النِّصْفَ ، دَفَعَتْ إِلَى الْغَرِيمِ نِصْفَ دَيْنِهِ . عَلَى حِسَابِ هَذَا يَدْفَعُ إِلَيْهِ مَنْ أَقَرَّ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ.
2162- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى مِثْلِ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ أَنَّ لِفُلاَنٍ عَلَى أَبِيهِ دَيْنًا ، أُحْلِفَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَعَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ ، وَأُعْطِيَ الْغَرِيمُ حَقَّهُ كُلَّهُ ، وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ . لأَنَّ الرَّجُلَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ ، وَيَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ ، مَعَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ ، أَنْ يَحْلِفَ ، وَيَأْخُذَ حَقَّهُ كُلَّهُ ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ أَخَذَ مِنْ مِيرَاثِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ ، قَدْرَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ . لأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقِّهِ ، وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ ، وَجَازَ عَلَيْهِ إِقْرَارُهُ.
23- بَابُ الْقَضَاءِ فِي أُمَّهَاتِ الأََوْلاَدِ.
2163- قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلاَئِدَهُمْ ، ثُمَّ يَعْزِلُوهُنَّ . لاَ تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا ، إِلاَّ أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا ، فَاعْزِلُوا بَعْدُ ، أَوِ اتْرُكُوا.
2164- ، وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلاَئِدَهُمْ . ثُمَّ يَدَعُوهُنَّ يَخْرُجْنَ لاَ تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا إِلاَّ قَدْ أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا فَأَرْسِلُوهُنَّ بَعْدُ أَوْ أَمْسِكُوهُنَّ.
2165- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا جَنَتْ جِنَايَةً ضَمِنَ سَيِّدُهَا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ قِيمَتِهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَ مِنْ جِنَايَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا.
24- بَابُ الْقَضَاءِ فِي عِمَارَةِ الْمَوَاتِ.
2166- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ.
قَالَ مَالِكٌ : وَالْعِرْقُ الظَّالِمُ : كُلُّ مَا احْتُفِرَ أَوْ أُخِذَ أَوْ غُرِسَ بِغَيْرِ حَقٍّ.
2167- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى ذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
25- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الْمِيَاهِ.
2168- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ وَمُذَيْنِبٍ يُمْسَكُ حَتَّى الْكَعْبَيْنِ ، ثُمَّ يُرْسِلُ الأََعْلَى عَلَى الأََسْفَلِ.
2169- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ.
2170- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ.
26- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الْمَرْفِقِ.
2171- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ.
2172- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لاَ يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ خَشَبَةً يَغْرِزُهَا فِي جِدَارِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ : مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ؟ وَاللَّهِ لأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ.
2173- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ خَلِيفَةَ سَاقَ خَلِيجًا لَهُ مِنَ الْعُرَيْضِ ، فَأَرَادَ أَنْ يَمُرَّ بِهِ فِي أَرْضِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ ، فَأَبَى مُحَمَّدٌ ، فَقَالَ لَهُ الضَّحَّاكُ : لِمَ تَمْنَعُنِي ، وَهُوَ لَكَ مَنْفَعَةٌ تَشْرَبُ بِهِ أَوَّلاً وَآخِرًا ، وَلاَ يَضُرُّكَ ، فَأَبَى مُحَمَّدٌ ، فَكَلَّمَ فِيهِ الضَّحَّاكُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ : لاَ ، فَقَالَ عُمَرُ : لِمَ تَمْنَعُ أَخَاكَ مَا يَنْفَعُهُ ، وَهُوَ لَكَ نَافِعٌ ، تَسْقِي بِهِ أَوَّلاً وَآخِرًا ، وَهُوَ لاَ يَضُرُّكَ ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ : لاَ وَاللَّهِ ، فَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ لَيَمُرَّنَّ بِهِ ، وَلَوْ عَلَى بَطْنِكَ ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَمُرَّ بِهِ ، فَفَعَلَ الضَّحَّاكُ.
2174- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ : كَانَ فِي حَائِطِ جَدِّهِ رَبِيعٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، فَأَرَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنْ يُحَوِّلَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْحَائِطِ هِيَ أَقْرَبُ إِلَى أَرْضِهِ ، فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْحَائِطِ فَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ فَقَضَى لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِتَحْوِيلِهِ.
27- بَابُ الْقَضَاءِ فِي قَسْمِ الأََمْوَالِ.
2175- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ قُسِمَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَأَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَدْرَكَهَا الإِسْلاَمُ ، وَلَمْ تُقْسَمْ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الإِسْلاَمِ.
2176- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : فِيمَنْ هَلَكَ ، وَتَرَكَ أَمْوَالاً بِالْعَالِيَةِ ، وَالسَّافِلَةِ : إِنَّ الْبَعْلَ لاَ يُقْسَمُ مَعَ النَّضْحِ . إِلاَّ أَنْ يَرْضَى أَهْلُهُ بِذَلِكَ ، وَإِنَّ الْبَعْلَ يُقْسَمُ مَعَ الْعَيْنِ إِذَا كَانَ يُشْبِهُهَا ، وَأَنَّ الأََمْوَالَ إِذَا كَانَتْ بِأَرْضٍ وَاحِدَةٍ ، الَّذِي بَيْنَهُمَا مُتَقَارِبٌ ، أَنَّهُ يُقَامُ كُلُّ مَالٍ مِنْهَا ثُمَّ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ ، وَالْمَسَاكِنُ وَالدُّورُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ.
28- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الضَّوَارِي وَالْحَرِيسَةِ.
2177- حَدَّثَنِي يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ ، أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ ، وَأَنَّ مَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا.
2178- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، أَنَّ رَقِيقًا لِحَاطِبٍ سَرَقُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ فَانْتَحَرُوهَا ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَأَمَرَ عُمَرُ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ : أَرَاكَ تُجِيعُهُمْ ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ لَأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْكَ ، ثُمَّ قَالَ لِلْمُزَنِيِّ : كَمْ ثَمَنُ نَاقَتِكَ ؟ فَقَالَ الْمُزَنِيُّ : قَدْ كُنْتُ وَاللَّهِ أَمْنَعُهَا مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَعْطِهِ ثَمَانَمِائَةِ دِرْهَمٍ.
2179- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : وَلَيْسَ عَلَى هَذَا الْعَمَلُ عِنْدَنَا ، فِي تَضْعِيفِ الْقِيمَةِ ، وَلَكِنْ مَضَى أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ ، إِنَّمَا يَغْرَمُ الرَّجُلُ قِيمَةَ الْبَعِيرِ أَوِ الدَّابَّةِ يَوْمَ يَأْخُذُهَا.
29- بَابُ الْقَضَاءِ فِيمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنَ الْبَهَائِمِ.
2180- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنَ الْبَهَائِمِ ، إِنَّ عَلَى الَّذِي أَصَابَهَا قَدْرَ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا.
2181- قَالَ يَحْيَى : وسَمِعْتُ مَالِكًا : يَقُولُ فِي الْجَمَلِ يَصُولُ عَلَى الرَّجُلِ ، فَيَخَافُهُ عَلَى نَفْسِهِ ، فَيَقْتُلُهُ أَوْ يَعْقِرُهُ ، فَإِنَّهُ : إِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهُ ، وَصَالَ عَلَيْهِ ، فَلاَ غُرْمَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ إِلاَّ مَقَالَتُهُ ، فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْجَمَلِ.
30- بَابُ الْقَضَاءِ فِيمَا يُعْطَى الْعُمَّالُ.
2182- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : فِيمَنْ دَفَعَ إِلَى الْغَسَّالِ ثَوْبًا يَصْبُغُهُ ، فَصَبَغَهُ ، فَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ : لَمْ آمُرْكَ بِهَذَا الصِّبْغِ ؟ وَقَالَ الْغَسَّالُ : بَلْ أَنْتَ أَمَرْتَنِي بِذَلِكَ ، فَإِنَّ الْغَسَّالَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ ، وَالْخَيَّاطُ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَالصَّائِغُ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَيَحْلِفُونَ عَلَى ذَلِكَ ، إِلاَّ أَنْ يَأْتُوا بِأَمْرٍ لاَ يُسْتَعْمَلُونَ فِي مِثْلِهِ ، فَلاَ يَجُوزُ قَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ ، وَلْيَحْلِفْ صَاحِبُ الثَّوْبِ ، فَإِنْ رَدَّهَا ، وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ . حُلِّفَ الصَّبَّاغُ.
2183- قَالَ وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : فِي الصَّبَّاغِ يُدْفَعُ إِلَيْهِ الثَّوْبُ فَيُخْطِئُ بِهِ ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى رَجُلٍ آخَرَ حَتَّى يَلْبَسَهُ الَّذِي أَعْطَاهُ إِيَّاهُ : إِنَّهُ لاَ غُرْمَ عَلَى الَّذِي لَبِسَهُ ، وَيَغْرَمُ الْغَسَّالُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ ، وَذَلِكَ إِذَا لَبِسَ الثَّوْبَ الَّذِي دُفِعَ إِلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ ، بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ، فَإِنْ لَبِسَهُ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ لَيْسَ ثَوْبَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ.
31- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الْحَمَالَةِ وَالْحِوَلِ.
2184- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يُحِيلُ الرَّجُلَ عَلَى الرَّجُلِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ ، أَنَّهُ إِنْ أَفْلَسَ الَّذِي أُحِيلَ عَلَيْهِ ، أَوْ مَاتَ فَلَمْ يَدَعْ وَفَاءً ، فَلَيْسَ لِلْمُحْتَالِ عَلَى الَّذِي أَحَالَهُ شَيْءٌ ، وَأَنَّهُ لاَ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ الأََوَّلِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.
2185- قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا الرَّجُلُ يَتَحَمَّلُ لَهُ الرَّجُلُ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ . ثُمَّ يَهْلِكُ الْمُتَحَمِّلُ ، أَوْ يُفْلِسُ ، فَإِنَّ الَّذِي تُحُمِّلَ لَهُ ، يَرْجِعُ عَلَى غَرِيمِهِ الأََوَّلِ.
32- بَابُ الْقَضَاءِ فِيمَنِ ابْتَاعَ ثَوْبًا وَبِهِ عَيْبٌ.
2186- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : إِذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ ثَوْبًا وَبِهِ عَيْبٌ مِنْ حَرْقٍ أَوْ غَيْرِهِ قَدْ عَلِمَهُ الْبَائِعُ ، فَشُهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ ، فَأَحْدَثَ فِيهِ الَّذِي ابْتَاعَهُ حَدَثًا مِنْ تَقْطِيعٍ يُنَقِّصُ ثَمَنَ الثَّوْبِ . ثُمَّ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ بِالْعَيْبِ ، فَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْبَائِعِ ، وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي ابْتَاعَهُ غُرْمٌ فِي تَقْطِيعِهِ إِيَّاهُ.
2187- قَالَ : وَإِنِ ابْتَاعَ رَجُلٌ ثَوْبًا وَبِهِ عَيْبٌ مِنْ حَرْقٍ أَوْ عَوَارٍ ، فَزَعَمَ الَّذِي بَاعَهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ ، وَقَدْ قَطَعَ الثَّوْبَ الَّذِي ابْتَاعَهُ ، أَوْ صَبَغَهُ ، فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ ، إِنْ شَاءَ أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ قَدْرُ مَا نَقَصَ الْحَرْقُ أَوِ الْعَوَارُ مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ ، وَيُمْسِكُ الثَّوْبَ ، فَعَلَ ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَغْرَمَ مَا نَقَصَ التَّقْطِيعُ أَوِ الصِّبْغُ مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ ، وَيَرُدُّهُ ، فَعَلَ ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ بِالْخِيَارِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ قَدْ صَبَغَ الثَّوْبَ صِبْغًا يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ ، فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ . إِنْ شَاءَ أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ قَدْرُ مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا لِلَّذِي بَاعَهُ الثَّوْبَ ، فَعَلَ ، وَيُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُ الثَّوْبِ وَفِيهِ الْحَرْقُ أَوِ الْعَوَارُ ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، وَثَمَنُ مَا زَادَ فِيهِ الصِّبْغُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ ، كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الثَّوْبِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ، فَعَلَى حِسَابِ هَذَا يَكُونُ مَا زَادَ الصِّبْغُ فِي ثَمَنِ الثَّوْبِ.
33- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ النُّحْلِ.
2188- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ أَبَاهُ بَشِيرًا أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلاَمًا كَانَ لِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا ؟ فَقَالَ : لاَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : فَارْتَجِعْهُ.
2189- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهَا قَالَتْ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ نَحَلَهَا جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ : وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ ، وَلاَ أَعَزُّ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي مِنْكِ ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا ، فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ ، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ ، وَأُخْتَاكِ ، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ ، قَالَتْ عَائِشَةُ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَتِ ، وَاللَّهِ لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ ، إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ ، فَمَنِ الأَُخْرَى ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ ، أُرَاهَا جَارِيَةً.
2190- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَا بَالُ رِجَالٍ يَنْحَلُونَ أَبْنَاءَهُمْ نُحْلاً ، ثُمَّ يُمْسِكُونَهَا فَإِنْ مَاتَ ابْنُ أَحَدِهِمْ ، قَالَ : مَا لِي بِيَدِي لَمْ أُعْطِهِ أَحَدًا ، وَإِنْ مَاتَ هُوَ ، قَالَ : هُوَ لاِبْنِي قَدْ كُنْتُ أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ . مَنْ نَحَلَ نِحْلَةً ، فَلَمْ يَحُزْهَا الَّذِي نُحِلَهَا ، حَتَّى يَكُونَ إِنْ مَاتَ لِوَرَثَتِهِ ، فَهِيَ بَاطِلٌ.
34- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ الْعَطِيَّةِ.
2191- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ أَعْطَى أَحَدًا عَطِيَّةً لاَ يُرِيدُ ثَوَابَهَا ، فَأَشْهَدَ عَلَيْهَا ، فَإِنَّهَا ثَابِتَةٌ لِلَّذِي أُعْطِيَهَا.
2192- إِلاَّ أَنْ يَمُوتَ الْمُعْطِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الَّذِي أُعْطِيَهَا قَالَ : وَإِنْ أَرَادَ الْمُعْطِي إِمْسَاكَهَا بَعْدَ أَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ . إِذَا قَامَ عَلَيْهِ بِهَا صَاحِبُهَا ، أَخَذَهَا.
2193- قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً . ثُمَّ نَكَلَ الَّذِي أَعْطَاهَا ، فَجَاءَ الَّذِي أُعْطِيَهَا بِشَاهِدٍ يَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ ذَلِكَ . عَرْضًا كَانَ أَوْ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا أَوْ حَيَوَانًا ، أُحْلِفَ الَّذِي أُعْطِيَ مَعَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ ، فَإِنْ أَبَى الَّذِي أُعْطِيَ أَنْ يَحْلِفَ ، حُلِّفَ الْمُعْطِي ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ أَيْضًا ، أَدَّى إِلَى الْمُعْطَى مَا ادَّعَى عَلَيْهِ . إِذَا كَانَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَاهِدٌ ، فَلاَ شَيْءَ لَهُ.
2194- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً لاَ يُرِيدُ ثَوَابَهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُعْطَى ، فَوَرَثَتُهُ بِمَنْزِلَتِهِ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْطِي ، قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُعْطَى عَطِيَّتَهُ ، فَلاَ شَيْءَ لَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أُعْطِيَ عَطَاءً لَمْ يَقْبِضْهُ ، فَإِنْ أَرَادَ الْمُعْطِي أَنْ يُمْسِكَهَا ، وَقَدْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا حِينَ أَعْطَاهَا ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ ، إِذَا قَامَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا.
35- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الْهِبَةِ.
2195- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ بْنِ طَرِيفٍ الْمُرِّيِّ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِصِلَةِ رَحِمٍ ، أَوْ عَلَى وَجْهِ صَدَقَةٍ ، فَإِنَّهُ لاَ يَرْجِعُ فِيهَا ، وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ ، فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِذَا لَمْ يُرْضَ مِنْهَا.
2196- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ الْهِبَةَ إِذَا تَغَيَّرَتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِلثَّوَابِ . بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ ، فَإِنَّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَهَا قِيمَتَهَا ، يَوْمَ قَبَضَهَا.
36- بَابُ الاِعْتِصَارِ فِي الصَّدَقَةِ.
2197- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ، أَنَّ كُلَّ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ بِصَدَقَةٍ قَبَضَهَا الاِبْنُ ، أَوْ كَانَ فِي حَجْرِ أَبِيهِ فَأَشْهَدَ لَهُ عَلَى صَدَقَتِهِ ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ . لأَنَّهُ لاَ يَرْجِعُ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّدَقَةِ.
2198- قَالَ وسَمِعْتُ مَالِكًا : يَقُولُ الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِيمَنْ نَحَلَ وَلَدَهُ نُحْلاً ، أَوْ أَعْطَاهُ عَطَاءً لَيْسَ بِصَدَقَةٍ . إِنَّ لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَ ذَلِكَ . مَا لَمْ يَسْتَحْدِثِ الْوَلَدُ دَيْنًا يُدَايِنُهُ النَّاسُ بِهِ ، وَيَأْمَنُونَهُ عَلَيْهِ . مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْعَطَاءِ الَّذِي أَعْطَاهُ أَبُوهُ ، فَلَيْسَ لأَبِيهِ أَنْ يَعْتَصِرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، بَعْدَ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ الدُّيُونُ.
2199- قفَالَ مَالِكٌ : أَوْ يُعْطِي الرَّجُلُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ ، فَتَنْكِحُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ ، وَإِنَّمَا تَنْكِحُهُ لِغِنَاهُ ، وَلِلْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ أَبُوهُ ، فَيُرِيدُ أَنْ يَعْتَصِرَ ذَلِكَ الأََبُ ، أَوْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ قَدْ نَحَلَهَا أَبُوهَا النُّحْلَ . إِنَّمَا يَتَزَوَّجُهَا وَيَرْفَعُ فِي صِدَاقِهَا لِغِنَاهَا وَمَالِهَا ، وَمَا أَعْطَاهَا أَبُوهَا . ثُمَّ يَقُولُ الأََبُ : أَنَا أَعْتَصِرُ ذَلِكَ ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَصِرَ مِنِ ابْنِهِ وَلاَ مِنِ ابْنَتِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ . إِذَا كَانَ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ.
37- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الْعُمْرَى.
2200- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأََنْصَارِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ ، وَلِعَقِبِهِ ، فَإِنَّهَا لِلَّذِي يُعْطَاهَا ، لاَ تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا أَبَدًا ، لأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ.
2201- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ سَمِعَ مَكْحُولاً الدِّمَشْقِيَّ ، يَسْأَلُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْعُمْرَى وَمَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهَا ؟ فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ : مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلاَّ وَهُمْ عَلَى شُرُوطِهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ ، وَفِيمَا أُعْطُوا.
2202- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : وَعَلَى ذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا ، أَنَّ الْعُمْرَى تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْمَرَهَا إِذَا لَمْ يَقُلْ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ.
2203- ، وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَرِثَ مِنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ دَارَهَا ، قَالَ : وَكَانَتْ حَفْصَةُ قَدْ أَسْكَنَتْ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ ، مَا عَاشَتْ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ بِنْتُ زَيْدٍ ، قَبَضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْمَسْكَنَ ، وَرَأَى أَنَّهُ لَهُ.
38- بَابُ الْقَضَاءِ فِي اللُّقَطَةِ.
2204- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ ؟ فَقَالَ : اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا ، وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا ، قَالَ : فَضَالَّةُ الْغَنَمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : هِيَ لَكَ ، أَوْ لأَخِيكَ ، أَوْ لِلذِّئْبِ ، قَالَ : فَضَالَّةُ الإِبِلِ ؟ قَالَ : مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا ، وَحِذَاؤُهَا ، تَرِدُ الْمَاءَ ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا.
2205- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ الْجُهَنِيِّ ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلَ قَوْمٍ بِطَرِيقِ الشَّامِ فَوَجَدَ صُرَّةً فِيهَا ثَمَانُونَ دِينَارًا ، فَذَكَرَهَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : عَرِّفْهَا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ ، وَاذْكُرْهَا لِكُلِّ مَنْ يَأْتِي مِنَ الشَّأْمِ سَنَةً ، فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ فَشَأْنَكَ بِهَا.
2206- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ لُقَطَةً فَجَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، فَقَالَ لَهُ : إِنِّي وَجَدْتُ لُقَطَةً فَمَاذَا تَرَى فِيهَا ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : عَرِّفْهَا ، قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ ؟ قَالَ : زِدْ ، قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : لاَ آمُرُكَ أَنْ تَأْكُلَهَا وَلَوْ شِئْتَ لَمْ تَأْخُذْهَا.
39- بَابُ الْقَضَاءِ فِي اسْتِهْلاَكِ الْعَبْدِ اللُّقَطَةَ.
2207- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يَجِدُ اللُّقَطَةَ فَيَسْتَهْلِكُهَا ، قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ الأََجَلَ الَّذِي أُجِّلَ فِي اللُّقَطَةِ وَذَلِكَ سَنَةٌ ، أَنَّهَا فِي رَقَبَتِهِ ، إِمَّا أَنْ يُعْطِيَ سَيِّدُهُ ثَمَنَ مَا اسْتَهْلَكَ غُلاَمُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِمْ غُلاَمَهُ ، وَإِنْ أَمْسَكَهَا حَتَّى يَأْتِيَ الأََجَلُ الَّذِي أُجِّلَ فِي اللُّقَطَةِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهَا ، كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ . يُتْبَعُ بِهِ ، وَلَمْ تَكُنْ فِي رَقَبَتِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهَا شَيْءٌ.
40- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الضَّوَالِّ.
2208- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ الأََنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ ، أَنَّهُ وَجَدَ بَعِيرًا بِالْحَرَّةِ فَعَقَلَهُ ، ثُمَّ ذَكَرَهُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يُعَرِّفَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ : إِنَّهُ قَدْ شَغَلَنِي عَنْ ضَيْعَتِي ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَرْسِلْهُ حَيْثُ وَجَدْتَهُ.
2209- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ : مَنْ أَخَذَ ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ.
2210- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ : كَانَتْ ضَوَالُّ الإِبِلِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِبِلاً مُؤَبَّلَةً تَنَاتَجُ . لاَ يَمَسُّهَا أَحَدٌ . حَتَّى إِذَا كَانَ زَمَانُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، أَمَرَ بِتَعْرِيفِهَا . ثُمَّ تُبَاعُ ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا ، أُعْطِيَ ثَمَنَهَا.
41- بَابُ صَدَقَةِ الْحَيِّ عَنِ الْمَيِّتِ.
2211- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّهُ قَالَ : خَرَجَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ ، فَحَضَرَتْ أُمَّهُ الْوَفَاةُ بِالْمَدِينَةِ ، فَقِيلَ لَهَا : أَوْصِي ، فَقَالَتْ : فِيمَ أُوصِي ؟ إِنَّمَا الْمَالُ مَالُ سَعْدٍ ، فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ سَعْدٌ ، فَلَمَّا قَدِمَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، ذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَعَمْ ، فَقَالَ سَعْدٌ حَائِطُ كَذَا وَكَذَا صَدَقَةٌ عَنْهَا لِحَائِطٍ سَمَّاهُ.
2212- وَحَدَّثَنِي مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا ، وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ ، تَصَدَّقَتْ ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَعَمْ.
2213- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأََنْصَارِ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ تَصَدَّقَ عَلَى أَبَوَيْهِ بِصَدَقَةٍ ، فَهَلَكَا فَوَرِثَ ابْنُهُمَا الْمَالَ ، وَهُوَ نَخْلٌ ، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : قَدْ أُجِرْتَ فِي صَدَقَتِكَ ، وَخُذْهَا بِمِيرَاثِكَ.
بسم الله الرحمن الرحيم
23- كِتَابُ الْوَصِيَّةِ.
1- بَابُ الأََمْرِ بِالْوَصِيَّةِ.
2214- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ، لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ.
2215- قَالَ مَالِكٌ الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُوصِيَ إِذَا أَوْصَى فِي صِحَّتِهِ ، أَوْ مَرَضِهِ بِوَصِيَّةٍ فِيهَا عَتَاقَةُ رَقِيقٍ مِنْ رَقِيقِهِ ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُغَيِّرُ مِنْ ذَلِكَ مَا بَدَا لَهُ وَيَصْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ حَتَّى يَمُوتَ وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَطْرَحَ تِلْكَ الْوَصِيَّةَ أَوَيُبْدِلَهَا فَعَلَ إِلاَّ أَنْ يُدَبِّرَ مَمْلُوكًا فَإِنْ دَبَّرَ فَلاَ سَبِيلَ إِلَى تَغْيِيرِ مَا دَبَّرَ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ.
قَالَ مَالِكٌ : فَلَوْ كَانَ الْمُوصِي لاَ يَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِ وَصِيَّتِهِ ، وَلاَ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الْعَتَاقَةِ . كَانَ كُلُّ مُوصٍ قَدْ حَبَسَ مَالَهُ الَّذِي أَوْصَى فِيهِ مِنَ الْعَتَاقَةِ وَغَيْرِهَا ، وَقَدْ يُوصِي الرَّجُلُ فِي صِحَّتِهِ وَعِنْدَ سَفَرِهِ.
قَالَ مَالِكٌ : فَالأََمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ، أَنَّهُ يُغَيِّرُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ غَيْرَ التَّدْبِيرِ.
2- بَابُ جَوَازِ وَصِيَّةِ الصَّغِيرِ وَالضَّعِيفِ وَالْمُصَابِ وَالسَّفِيهِ.
2216- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيَّ ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : إِنَّ هَاهُنَا غُلاَمًا يَفَاعًا لَمْ يَحْتَلِمْ مِنْ غَسَّانَ ، وَوَارِثُهُ بِالشَّامِ ، وَهُوَ ذُو مَالٍ ، وَلَيْسَ لَهُ هَاهُنَا إِلاَّ ابْنَةُ عَمٍّ لَهُ . قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : فَلْيُوصِ لَهَا . قَالَ : فَأَوْصَى لَهَا بِمَالٍ يُقَالَ لَهُ بِئْرُ جُشَمٍ ، قَالَ عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ : فَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالُ بِثَلاَثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَابْنَةُ عَمِّهِ الَّتِي أَوْصَى لَهَا ، هِيَ أُمُّ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ.
2217- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ غُلاَمًا مِنْ غَسَّانَ ، حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِالْمَدِينَةِ ، وَوَارِثُهُ بِالشَّامِ ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ فُلاَنًا يَمُوتُ أَفَيُوصِي ؟ قَالَ : فَلْيُوصِ.
قَالَ يحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَكَانَ الْغُلاَمُ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ أَوِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً ، قَالَ : فَأَوْصَى بِبِئْرِ جُشَمٍ فَبَاعَهَا أَهْلُهَا بِثَلاَثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
2218- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ الضَّعِيفَ فِي عَقْلِهِ ، وَالسَّفِيهَ ، وَالْمُصَابَ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا . تَجُوزُ وَصَايَاهُمْ . إِذَا كَانَ مَعَهُمْ مِنْ عُقُولِهِمْ ، مَا يَعْرِفُونَ مَا يُوصُونَ بِهِ ، فَأَمَّا مَنْ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ عَقْلِهِ مَا يَعْرِفُ بِذَلِكَ مَا يُوصِي بِهِ ، وَكَانَ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ ، فَلاَ وَصِيَّةَ لَهُ.
3- بَابُ الْوَصِيَّةِ فِي الثُّلُثِ لاَ تَتَعَدَّى.
2219- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ . مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الْوَجَعِ مَا تَرَى ، وَأَنَا ذُو مَالٍ ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ لِي ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ ، فَقُلْتُ : فَالشَّطْرُ ؟ قَالَ : لاَ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : الثُّلُثُ ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ ، إِلاَّ أُجِرْتَ . حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ قَالَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَأُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ ، فَتَعْمَلَ عَمَلاً صَالِحًا ، إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً ، وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ . لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ . يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ .
2220- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : فِي الرَّجُلِ يُوصِي بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ ، وَيَقُولُ غُلاَمِي يَخْدُمُ فُلاَنًا مَا عَاشَ . ثُمَّ هُوَ حُرٌّ ، فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ ، فَيُوجَدُ الْعَبْدُ ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ . قَالَ : فَإِنَّ خِدْمَةَ الْعَبْدِ تُقَوَّمُ ، ثُمَّ يَتَحَاصَّانِ . يُحَاصُّ الَّذِي أُوصِيَ لَهُ بِالثُّلُثِ بِثُلُثِهِ ، وَيُحَاصُّ الَّذِي أُوصِيَ لَهُ بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ . بِمَا قُوِّمَ لَهُ مِنْ خِدْمَةِ الْعَبْدِ ، فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ خِدْمَةِ الْعَبْدِ ، أَوْ مِنْ إِجَارَتِهِ ، إِنْ كَانَتْ لَهُ إِجَارَةٌ ، بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ، فَإِذَا مَاتَ الَّذِي جُعِلَتْ لَهُ خِدْمَةُ الْعَبْدِ مَا عَاشَ ، عَتَقَ الْعَبْدُ.
2221- قَالَ : وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ ، فِي الَّذِي يُوصِي فِي ثُلُثِهِ فَيَقُولُ لِفُلاَنٍ كَذَا وَكَذَا وَلِفُلاَنٍ كَذَا وَكَذَا يُسَمِّي مَالاً مِنْ مَالِهِ فَيَقُولُ وَرَثَتُهُ قَدْ زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ : فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوا أَهْلَ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ وَيَأْخُذُوا جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ أَنْ يَقْسِمُوا لأَهْلِ الْوَصَايَا ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ فَيُسَلِّمُوا إِلَيْهِمْ ثُلُثَهُ فَتَكُونُ حُقُوقُهُمْ فِيهِ إِنْ أَرَادُوا بَالِغًا مَا بَلَغَ.
4- بَابُ أَمْرِ الْحَامِلِ وَالْمَرِيضِ وَالَّذِي يَحْضُرُ الْقِتَالَ فِي أَمْوَالِهِمْ.
2222- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي وَصِيَّةِ الْحَامِلِ وَفِي قَضَايَاهَا فِي مَالِهَا وَمَا يَجُوزُ لَهَا ، أَنَّ الْحَامِلَ كَالْمَرِيضِ ، فَإِذَا كَانَ الْمَرَضُ الْخَفِيفُ ، غَيْرُ الْمَخُوفِ عَلَى صَاحِبِهِ ، فَإِنَّ صَاحِبَهُ يَصْنَعُ فِي مَالِهِ مَا يَشَاءُ ، وَإِذَا كَانَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ عَلَيْهِ ، لَمْ يَجُزْ لِصَاحِبِهِ شَيْءٌ إِلاَّ فِي ثُلُثِهِ قَالَ : وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْحَامِلُ أَوَّلُ . حَمْلِهَا بِشْرٌ وَسُرُورٌ ، وَلَيْسَ بِمَرَضٍ وَلاَ خَوْفٍ . لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} وَقَالَ : {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
قَالَ فَالْمَرْأَةُ الْحَامِلُ إِذَا أَثْقَلَتْ لَمْ يَجُزْ لَهَا قَضَاءٌ إِلاَّ فِي ثُلُثِهَا فَأَوَّلُ الإِتْمَامِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ . قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ : {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} وَقَالَ : {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف] فَإِذَا مَضَتْ لِلْحَامِلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمَ حَمَلَتْ لَمْ يَجُزْ لَهَا قَضَاءٌ فِي مَالِهَا إِلاَّ فِي الثُّلُثِ.
2223- قَالَ : وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَحْضُرُ الْقِتَالَ : إِنَّهُ إِذَا زَحَفَ فِي الصَّفِّ لِلْقِتَالِ ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي مَالِهِ شَيْئًا . إِلاَّ فِي الثُّلُثِ ، وَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَامِلِ وَالْمَرِيضِ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ مَا كَانَ بِتِلْكَ الْحَالِ.
5- بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَالْحِيَازَةِ.
2224- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : فِي هَذِهِ الآيَةِ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ . قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأََقْرَبِينَ} نَسَخَهَا مَا نَزَلَ مِنْ قِسْمَةِ الْفَرَائِضِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
2225- قَالَ : و سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عِنْدَنَا الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا ، أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ . إِلاَّ أَنْ يُجِيزَ لَهُ ذَلِكَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ وَأَنَّهُ إِنْ أَجَازَ لَهُ بَعْضُهُمْ ، وَأَبَى بَعْضٌ . جَازَ لَهُ حَقُّ مَنْ أَجَازَ مِنْهُمْ ، وَمَنْ أَبَى ، أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ.
2226- قَالَ : و سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي يُوصِي فَيَسْتَأْذِنُ وَرَثَتَهُ فِي وَصِيَّتِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ : لَيْسَ لَهُ مِنْ مَالِهِ إِلاَّ ثُلُثُهُ ، فَيَأْذَنُونَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ . إِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فِي ذَلِكَ ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَهُمْ ، صَنَعَ كُلُّ وَارِثٍ ذَلِكَ فَإِذَا هَلَكَ الْمُوصِي ، أَخَذُوا ذَلِكَ لأَنْفُسِهِمْ وَمَنَعُوهُ الْوَصِيَّةَ فِي ثُلُثِهِ ، وَمَا أُذِنَ لَهُ بِهِ فِي مَالِهِ.
2227- قَالَ : فَأَمَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ وَرَثَتَهُ فِي وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا لِوَارِثٍ فِي صِحَّتِهِ ، فَيَأْذَنُونَ لَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَلْزَمُهُمْ ، وَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَرُدُّوا ذَلِكَ إِنْ شَاؤُوا ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ صَحِيحًا كَانَ أَحَقَّ بِجَمِيعِ مَالِهِ . يَصْنَعُ فِيهِ مَا شَاءَ إِنْ شَاءَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ جَمِيعِهِ ، خَرَجَ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ ، أَوْ يُعْطِيهِ مَنْ شَاءَ وَإِنَّمَا يَكُونُ اسْتِئْذَانُهُ وَرَثَتَهُ جَائِزًا عَلَى الْوَرَثَةِ . إِذَا أَذِنُوا لَهُ حِينَ يُحْجَبُ عَنْهُ مَالُهُ ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ شَيْءٌ إِلاَّ فِي ثُلُثِهِ ، وَحِينَ هُمْ أَحَقُّ بِثُلُثَيْ مَالِهِ مِنْهُ ، فَذَلِكَ حِينَ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُمْ وَمَا أَذِنُوا لَهُ بِهِ ، فَإِنْ سَأَلَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ أَنْ يَهَبَ لَهُ مِيرَاثَهُ حِينَ تَحْضُرُهُ الْوَفَاةُ فَيَفْعَلُ . ثُمَّ لاَ يَقْضِي فِيهِ الْهَالِكُ شَيْئًا ، فَإِنَّهُ رَدٌّ عَلَى مَنْ وَهَبَهُ إِلاَّ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْمَيِّتُ : فُلاَنٌ ، لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ ضَعِيفٌ ، وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ تَهَبَ لَهُ مِيرَاثَكَ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إِذَا سَمَّاهُ الْمَيِّتُ لَهُ.
قَالَ : وَإِنْ وَهَبَ لَهُ مِيرَاثَهُ . ثُمَّ أَنْفَذَ الْهَالِكُ بَعْضَهُ وَبَقِيَ بَعْضٌ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى الَّذِي وَهَبَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاةِ الَّذِي أُعْطِيَهُ.
2228- قَالَ : وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : فِيمَنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْطَى بَعْضَ وَرَثَتِهِ شَيْئًا لَمْ يَقْبِضْهُ فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الْوَرَثَةِ مِيرَاثًا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ لأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ وَلاَ يُحَاصُّ أَهْلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
6- بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُؤَنَّثِ مِنَ الرِّجَالِ وَمَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ.
2229- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ مُخَنَّثًا كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْمَعُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا فَأَنَا أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلاَنَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ ، وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ يَدْخُلَنَّ هَؤُلاَءِ عَلَيْكُمْ.
2230- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ امْرَأَةٌ مِنَ الأََنْصَارِ فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ ، ثُمَّ إِنَّهُ فَارَقَهَا ، فَجَاءَ عُمَرُ قُبَاءً فَوَجَدَ ابْنَهُ عَاصِمًا يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ ، فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلاَمِ ، فَنَازَعَتْهُ إِيَّاهُ . حَتَّى أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فَقَالَ عُمَرُ : ابْنِي ، وَقَالَتِ الْمَرْأَةُ : ابْنِي ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ . قَالَ : فَمَا رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلاَمَ.
قَالَ : وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : وَهَذَا الأََمْرُ الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ.
7- بَابُ الْعَيْبِ فِي السِّلْعَةِ وَضَمَانِهَا.
2231- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ مِنَ الْحَيَوَانِ أَوِ الثِّيَابِ أَوِ الْعُرُوضِ : فَيُوجَدُ ذَلِكَ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ فَيُرَدُّ وَيُؤْمَرُ الَّذِي قَبَضَ السِّلْعَةَ أَنْ يَرُدَّ إِلَى صَاحِبِهِ سِلْعَتَهُ. قَالَ مَالِكٌ : فَلَيْسَ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ إِلاَّ قِيمَتُهَا يَوْمَ قُبِضَتْ مِنْهُ وَلَيْسَ يَوْمَ يَرُدُّ ذَلِكَ إِلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ضَمِنَهَا مِنْ يَوْمَ قَبَضَهَا ، فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ نُقْصَانٍ بَعْدَ ذَلِكَ . كَانَ عَلَيْهِ ، فَبِذَلِكَ كَانَ نِمَاؤُهَا وَزِيَادَتُهَا لَهُ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ يَقْبِضُ السِّلْعَةَ فِي زَمَانٍ هِيَ فِيهِ نَافِقَةٌ مَرْغُوبٌ فِيهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا فِي زَمَانٍ هِيَ فِيهِ سَاقِطَةٌ لاَ يُرِيدُهَا أَحَدٌ فَيَقْبِضُ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ مِنَ الرَّجُلِ فَيَبِيعُهَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ، وَيُمْسِكُهَا وَثَمَنُهَا ذَلِكَ . ثُمَّ يَرُدُّهَا وَإِنَّمَا ثَمَنُهَا دِينَارٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ مِنْ مَالِ الرَّجُلِ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ يَقْبِضُهَا مِنْهُ الرَّجُلُ فَيَبِيعُهَا بِدِينَارٍ ، أَوْ يُمْسِكُهَا ، وَإِنَّمَا ثَمَنُهَا دِينَارٌ . ثُمَّ يَرُدُّهَا وَقِيمَتُهَا يَوْمَ يَرُدُّهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي قَبَضَهَا أَنْ يَغْرَمَ لِصَاحِبِهَا مِنْ مَالِهِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ . إِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا قَبَضَ يَوْمَ قَبْضِهِ.
قَالَ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ السَّارِقَ إِذَا سَرَقَ السِّلْعَةَ فَإِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى ثَمَنِهَا يَوْمَ يَسْرِقُهَا ، فَإِنْ كَانَ يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنِ اسْتَأْخَرَ قَطْعُهُ إِمَّا فِي سِجْنٍ يُحْبَسُ فِيهِ حَتَّى يُنْظَرَ فِي شَأْنِهِ وَإِمَّا أَنْ يَهْرُبَ السَّارِقُ ثُمَّ يُؤْخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ اسْتِئْخَارُ قَطْعِهِ بِالَّذِي يَضَعُ عَنْهُ حَدًّا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ يَوْمَ سَرَقَ وَإِنْ رَخُصَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَلاَ بِالَّذِي يُوجِبُ عَلَيْهِ قَطْعًا لَمْ يَكُنْ وَجَبَ عَلَيْهِ يَوْمَ أَخَذَهَا إِنْ غَلَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ.
8- بَابُ جَامِعِ الْقَضَاءِ وَكَرَاهِيَتِهِ.
2232- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، كَتَبَ إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ، أَنْ هَلُمَّ إِلَى الأََرْضِ الْمُقَدَّسَةِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَلْمَانُ : إِنَّ الأََرْضَ لاَ تُقَدِّسُ أَحَدًا ، وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ الإِنْسَانَ عَمَلُهُ ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ جُعِلْتَ طَبِيبًا تُدَاوِي فَإِنْ كُنْتَ تُبْرِئُ فَنَعِمَّا لَكَ ، وَإِنْ كُنْتَ مُتَطَبِّبًا فَاحْذَرْ أَنْ تَقْتُلَ إِنْسَانًا فَتَدْخُلَ النَّارَ فَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ أَدْبَرَا عَنْهُ نَظَرَ إِلَيْهِمَا ، وَقَالَ : ارْجِعَا إِلَيَّ أَعِيدَا عَلَيَّ قِصَّتَكُمَا مُتَطَبِّبٌ وَاللَّه.
2233- قَالَ : وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : مَنِ اسْتَعَانَ عَبْدًا بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فِي شَيْءٍ لَهُ بَالٌ ، وَلِمِثْلِهِ إِجَارَةٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ الْعَبْدَ . إِنْ أُصِيبَ الْعَبْدُ بِشَيْءٍ ، وَإِنْ سَلِمَ الْعَبْدُ ، فَطَلَبَ سَيِّدُهُ إِجَارَتَهُ لِمَا عَمِلَ ، فَذَلِكَ لِسَيِّدِهِ ، وَهُوَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.
2234- قَالَ : وسَمِعْتُ مَالِكًا ، يَقُولُ فِي الْعَبْدِ : يَكُونُ بَعْضُهُ حُرًّا وَبَعْضُهُ مُسْتَرَقًّا ، إِنَّهُ يُوقَفُ مَالُهُ بِيَدِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ شَيْئًا ، وَلَكِنَّهُ يَأْكُلُ فِيهِ وَيَكْتَسِي بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا هَلَكَ ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَقِيَ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ.
2235- قَالَ : وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : الأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْوَالِدَ يُحَاسِبُ وَلَدَهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ يَكُونُ لِلْوَلَدِ مَالٌ . نَاضًّا كَانَ أَوْ عَرْضًا إِنْ أَرَادَ الْوَالِدُ ذَلِكَ .
2236- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دَلاَفٍ الْمُزَنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَجُلاً مِنْ جُهَيْنَةَ كَانَ يَسْبِقُ الْحَاجَّ فَيَشْتَرِي الرَّوَاحِلَ ، فَيُغْلِي بِهَا . ثُمَّ يُسْرِعُ السَّيْرَ فَيَسْبِقُ الْحَاجَّ ، فَأَفْلَسَ فَرُفِعَ أَمْرُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، فَإِنَّ الأَُسَيْفِعَ ، أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ . بِأَنْ يُقَالَ سَبَقَ الْحَاجَّ أَلاَ وَإِنَّهُ قَدْ دَانَ مُعْرِضًا ، فَأَصْبَحَ قَدْ رِينَ بِهِ ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا بِالْغَدَاةِ . نَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَهُمْ ، وَإِيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ.
9- بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا أَفْسَدَ الْعَبِيدُ أَوْ جَرَحُوا.
2237- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : السُّنَّةُ عِنْدَنَا فِي جِنَايَةِ الْعَبِيدِ ، أَنَّ كُلَّ مَا أَصَابَ الْعَبْدُ مِنْ جُرْحٍ جَرَحَ بِهِ إِنْسَانًا ، أَوْ شَيْءٍ اخْتَلَسَهُ ، أَوْ حَرِيسَةٍ احْتَرَسَهَا ، أَوْ تَمْرٍ مُعَلَّقٍ جَذَّهُ أَوْ أَفْسَدَهُ أَوْ سَرِقَةٍ سَرَقَهَا لاَ قَطْعَ عَلَيْهِ فِيهَا ، إِنَّ ذَلِكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ . لاَ يَعْدُو ذَلِكَ الرَّقَبَةَ . قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ فَإِنْ شَاءَ سَيِّدُهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ مَا أَخَذَ غُلاَمُهُ ، أَوْ أَفْسَدَ أَوْ عَقْلَ مَا جَرَحَ ، أَعْطَاهُ ، وَأَمْسَكَ غُلاَمَهُ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُسْلِمَهُ أَسْلَمَهُ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ فَسَيِّدُهُ فِي ذَلِكَ بِالْخِيَارِ.
10- بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ النُّحْلِ.
2238- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ، قَالَ : مَنْ نَحَلَ وَلَدًا لَهُ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَحُوزَ نُحْلَهُ فَأَعْلَنَ ذَلِكَ لَهُ ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا ، فَهِيَ جَائِزَةٌ ، وَإِنْ وَلِيَهَا أَبُوهُ.
2239- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ مَنْ نَحَلَ ابْنًا لَهُ صَغِيرًا ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا ثُمَّ هَلَكَ وَهُوَ يَلِيهِ ، إِنَّهُ لاَ شَيْءَ لِلْابْنِ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الأََبُ عَزَلَهَا بِعَيْنِهَا ، أَوْ دَفَعَهَا إِلَى رَجُلٍ وَضَعَهَا لاِبْنِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ لِلْابْنِ.
بسم الله الرحمن الرحيم
24- كِتَابُ الْعِتْقِ وَالْوَلاَءِ.
1- بَابُ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ.
2240- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ ، وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ.
2241- قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يُعْتِقُ سَيِّدُهُ مِنْهُ شِقْصًا . ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ أَوْ نِصْفَهُ ، أَوْ سَهْمًا مِنَ الأََسْهُمِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، أَنَّهُ لاَ يَعْتِقُ مِنْهُ إِلاَّ مَا أَعْتَقَ سَيِّدُهُ وَسَمَّى مِنْ ذَلِكَ الشِّقْصِ ، وَذَلِكَ أَنَّ عَتَاقَةَ ذَلِكَ الشِّقْصِ ، إِنَّمَا وَجَبَتْ وَكَانَتْ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَيِّتِ ، وَأَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ مَا عَاشَ
فَلَمَّا وَقَعَ الْعِتْقُ لِلْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ الْمُوصِي ، لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي إِلاَّ مَا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ ، وَلَمْ يَعْتِقْ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ . لأَنَّ مَالَهُ قَدْ صَارَ لِغَيْرِهِ ، فَكَيْفَ يَعْتِقُ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ . لَيْسُوا هُمُ ابْتَدَؤُوا الْعَتَاقَةَ ، وَلاَ أَثْبَتُوهَا ، وَلاَ لَهُمُ الْوَلاَءُ وَلاَ يَثْبُتُ لَهُمْ وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ ، وَأُثْبِتَ لَهُ الْوَلاَءُ ، فَلاَ يُحْمَلُ ذَلِكَ فِي مَالِ غَيْرِهِ إِلاَّ أَنْ يُوصِيَ بِأَنْ يَعْتِقَ مَا بَقِيَ مِنْهُ فِي مَالِهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَزِمٌ لِشُرَكَائِهِ وَوَرَثَتِهِ ، وَلَيْسَ لِشُرَكَائِهِ أَنْ يَأْبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ . لأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ.
2242- قَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ أَعْتَقَ رَجُلٌ ثُلُثَ عَبْدِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ ، فَبَتَّ عِتْقَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ فِي ثُلُثِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يُعْتِقُ ثُلُثَ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ . لأَنَّ الَّذِي يُعْتِقُ ثُلُثَ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، لَوْ عَاشَ رَجَعَ فِيهِ ، وَلَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ ، وَأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي يَبِتُّ سَيِّدُهُ عِتْقَ ثُلُثِهِ فِي مَرَضِهِ ، يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّهُ إِنْ عَاشَ ، وَإِنْ مَاتَ عَتَقَ عَلَيْهِ فِي ثُلُثِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَمْرَ الْمَيِّتِ جَائِزٌ فِي ثُلُثِهِ . كَمَا أَنَّ أَمْرَ الصَّحِيحِ جَائِزٌ فِي مَالِهِ كُلِّهِ.
2- بَابُ الشَّرْطِ فِي الْعِتْقِ.
2243- قَالَ مَالِكٌ : مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ فَبَتَّ عِتْقَهُ ، حَتَّى تَجُوزَ شَهَادَتُهُ وَتَتِمَّ حُرِّيَّتُهُ وَيَثْبُتَ مِيرَاثُهُ ، فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا يَشْتَرِطُ عَلَى عَبْدِهِ مِنْ مَالٍ أَوْ خِدْمَةٍ ، وَلاَ يَحْمِلَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الرِّقِّ . لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ. قَالَ مَالِكٌ : فَهُوَ ، إِذَا كَانَ لَهُ الْعَبْدُ خَالِصًا أَحَقُّ بِاسْتِكْمَالِ عَتَاقَتِهِ ، وَلاَ يَخْلِطُهَا بِشَيْءٍ مِنَ الرِّقِّ.
3- بَابُ مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا لاَ يَمْلِكُ مَالاً غَيْرَهُمْ.
2244- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، أَنَّ رَجُلاً فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ سِتَّةً عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ ثُلُثَ تِلْكَ الْعَبِيدِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الرَّجُلِ مَالٌ غَيْرُهُمْ.
2245- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ رَجُلاً فِي إِمَارَةِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ ، أَعْتَقَ رَقِيقًا لَهُ كُلَّهُمْ جَمِيعًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ ، فَأَمَرَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ ، بِتِلْكَ الرَّقِيقِ فَقُسِمَتْ أَثْلاَثًا . ثُمَّ أَسْهَمَ عَلَى أَيِّهِمْ يَخْرُجُ سَهْمُ الْمَيِّتِ فَيَعْتِقُونَ ، فَوَقَعَ السَّهْمُ عَلَى أَحَدِ الأََثْلاَثِ فَعَتَقَ الثُّلُثُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ السَّهْمُ.
4- بَابُ الْقَضَاءِ فِي مَالِ الْعَبْدِ إِذَا عَتَقَ.
2246- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُعْتِقَ تَبِعَهُ مَالُهُ.
2247- قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُعْتِقَ تَبِعَهُ مَالُهُ ، أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا كُوتِبَ تَبِعَهُ مَالُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُكَاتِبُ ، وَذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ هُوَ عَقْدُ الْوَلاَءِ . إِذَا تَمَّ ذَلِكَ وَلَيْسَ مَالُ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَةِ مَا كَانَ لَهُمَا مِنْ وَلَدٍ إِنَّمَا أَوْلاَدُهُمَا بِمَنْزِلَةِ رِقَابِهِمَا لَيْسُوا بِمَنْزِلَةِ أَمْوَالِهِمَا لأَنَّ السُّنَّةَ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَتَقَ تَبِعَهُ مَالُهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا كُوتِبَ تَبِعَهُ مَالُهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ .
قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُكَاتَبَ إِذَا أَفْلَسَا أُخِذَتْ أَمْوَالُهُمَا وَأُمَّهَاتُ أَوْلاَدِهِمَا ، وَلَمْ تُؤْخَذْ أَوْلاَدُهُمَا لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَمْوَالٍ لَهُمَا.
قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا بِيعَ وَاشْتَرَطَ الَّذِي ابْتَاعَهُ مَالَهُ . لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُهُ فِي مَالِهِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا جَرَحَ أُخِذَ هُوَ وَمَالُهُ وَلَمْ يُؤْخَذْ وَلَدُهُ.
5- بَابُ عِتْقِ أُمَّهَاتِ الأََوْلاَدِ وَجَامِعِ الْقَضَاءِ فِي الْعَتَاقَةِ.
2248- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، قَالَ : أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا ، فَإِنَّهُ لاَ يَبِيعُهَا وَلاَ يَهَبُهَا وَلاَ يُوَرِّثُهَا ، وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا ، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ.
2249- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَتْهُ وَلِيدَةٌ قَدْ ضَرَبَهَا سَيِّدُهَا بِنَارٍ أَوْ أَصَابَهَا بِهَا فَأَعْتَقَهَا.
2250- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ عَتَاقَةُ رَجُلٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ ، وَأَنَّهُ لاَ تَجُوزُ عَتَاقَةُ الْغُلاَمِ حَتَّى يَحْتَلِمَ أَوْ يَبْلُغَ مَبْلَغَ الْمُحْتَلِمِ وَأَنَّهُ لاَ تَجُوزُ عَتَاقَةُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي مَالِهِ ، وَإِنْ بَلَغَ الْحُلُمَ حَتَّى يَلِيَ مَالَهُ.
6- بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ.
2251- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ أُسَامَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ ، أَنَّهُ قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ جَارِيَةً لِي كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لِي ، فَجِئْتُهَا ، وَقَدْ فُقِدَتْ شَاةٌ مِنَ الْغَنَمِ ، فَسَأَلْتُهَا عَنْهَا فَقَالَتْ : أَكَلَهَا الذِّئْبُ ، فَأَسِفْتُ عَلَيْهَا ، وَكُنْتُ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ أَفَأُعْتِقُهَا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَيْنَ اللَّهُ ؟ فَقَالَتْ : فِي السَّمَاءِ ، فَقَالَ : مَنْ أَنَا ؟ فَقَالَتْ : أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَعْتِقْهَا.
2252- وحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأََنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً ، فَإِنْ كُنْتَ تَرَاهَا مُؤْمِنَةً أُعْتِقُهَا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَتَشْهَدِينَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ : أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ : أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَعْتِقْهَا.
2253- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ ، عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ . هَلْ يُعْتِقُ فِيهَا ابْنَ زِنًا ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : نَعَمْ . ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ.
2254- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الأََنْصَارِيِّ ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ . هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ وَلَدَ زِنًا ؟ قَالَ : نَعَمْ . ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ.
7- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ.
2255- حَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الرَّقَبَةِ الْوَاجِبَةِ هَلْ تُشْتَرَى بِشَرْطٍ ؟ فَقَالَ : لاَ.
2256- قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ ، أَنَّهُ لاَ يَشْتَرِيهَا الَّذِي يُعْتِقُهَا فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِشَرْطٍ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهَا . لأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَلَيْسَتْ بِرَقَبَةٍ تَامَّةٍ . لأَنَّهُ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا لِلَّذِي يَشْتَرِطُ مِنْ عِتْقِهَا.
2257- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّقَبَةَ فِي التَّطَوُّعِ وَيَشْتَرِطَ أَنْ يُعْتِقَهَا.
2258- قَالَ مَالِكٌ : إِنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ ، أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ فِيهَا نَصْرَانِيٌّ وَلاَ يَهُودِيٌّ ، وَلاَ يُعْتَقُ فِيهَا مُكَاتَبٌ ، وَلاَ مُدَبَّرٌ وَلاَ أُمُّ وَلَدٍ ، وَلاَ مُعْتَقٌ إِلَى سِنِينَ ، وَلاَ أَعْمَى ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ تَطَوُّعًا . لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد] فَالْمَنُّ الْعَتَاقَةُ.
2259- قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا الرِّقَابُ الْوَاجِبَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ ، فَإِنَّهُ لاَ يُعْتَقُ فِيهَا إِلاَّ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ.
2260- قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ فِي إِطْعَامِ الْمَسَاكِينِ فِي الْكَفَّارَاتِ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُطْعَمَ فِيهَا إِلاَّ الْمُسْلِمُونَ ، وَلاَ يُطْعَمُ فِيهَا أَحَدٌ عَلَى غَيْرِ دِينِ الإِسْلاَمِ.
8- بَابُ عِتْقِ الْحَيِّ عَنِ الْمَيِّتِ.
2261- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الأََنْصَارِيِّ ، أَنَّ أُمَّهُ أَرَادَتْ أَنْ تُوصِيَ ، ثُمَّ أَخَّرَتْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ تُصْبِحَ ، فَهَلَكَتْ ، وَقَدْ كَانَتْ هَمَّتْ بِأَنْ تُعْتِقَ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : فَقُلْتُ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ : أَيَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا ، فَقَالَ الْقَاسِمُ : إِنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ أُمِّي هَلَكَتْ فَهَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَعَمْ.
2262- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ : تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فِي نَوْمٍ نَامَهُ فَأَعْتَقَتْ عَنْهُ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رِقَابًا كَثِيرَةً.
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
9- بَابُ فَضْلِ عِتْقِ الرِّقَابِ وَعِتْقِ الزَّانِيَةِ وَابْنِ الزِّنَا.
2263- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الرِّقَابِ أَيُّهَا أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَغْلاَهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا.
2264- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ أَعْتَقَ وَلَدَ زِنًا وَأُمَّهُ.
10- بَابُ مَصِيرِ الْوَلاَءِ لِمَنْ أَعْتَقَ.
2265- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ : جَاءَتْ بَرِيرَةُ فَقَالَتْ : إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَنْكِ . عَدَدْتُهَا وَيَكُونَ لِي وَلاَؤُكِ فَعَلْتُ ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا ، فَقَالَتْ لَهُمْ ذَلِكَ فَأَبَوْا عَلَيْهَا ، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ ، فَقَالَتْ لِعَائِشَةَ إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَأَبَوْا عَلَيَّ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لَهُمْ ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسَأَلَهَا ، فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاَءَ ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ . ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ . ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ . قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ ، وَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.
2266- ، وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً تُعْتِقُهَا ، فَقَالَ أَهْلُهَا : نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلاَءَهَا لَنَا ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : لاَ يَمْنَعَنَّكِ ذَلِكَ فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.
2267- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُمْ ثَمَنَكِ صَبَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لأَهْلِهَا ، فَقَالُوا : لاَ . إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَنَا وَلاَؤُكِ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ أَنَّ عَائِشَةَ ، ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.
2268- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِهِ.
2269- قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَبْتَاعُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ عَلَى أَنَّهُ يُوَالِي مَنْ شَاءَ : إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ وَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً أَذِنَ لِمَوْلاَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ ، مَا جَازَ ذَلِكَ . لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِهِ فَإِذَا جَازَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ لَهُ ، وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ ، فَتِلْكَ الْهِبَةُ.
11- بَابُ جَرِّ الْعَبْدِ الْوَلاَءَ إِذَا أُعْتِقَ.
2270- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ، اشْتَرَى عَبْدًا ، فَأَعْتَقَهُ ، وَلِذَلِكَ الْعَبْدِ بَنُونَ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ ، فَلَمَّا أَعْتَقَهُ الزُّبَيْرُ قَالَ : هُمْ مَوَالِيَّ ، وَقَالَ : مَوَالِي أُمِّهِمْ . بَلْ هُمْ مَوَالِينَا ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَقَضَى عُثْمَانُ ، لِلزُّبَيْرِ بِوَلاَئِهِمْ.
2271- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنْ عَبْدٍ لَهُ وَلَدٌ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ ، لِمَنْ وَلاَؤُهُمْ ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : إِنْ مَاتَ أَبُوهُمْ وَهُوَ عَبْدٌ لَمْ يُعْتَقْ فَوَلاَؤُهُمْ لِمَوَالِي أُمِّهِمْ.
2272- قَالَ مَالِكٌ : وَمَثَلُ ذَلِكَ وَلَدُ الْمُلاَعَنَةِ مِنَ الْمَوَالِي يُنْسَبُ إِلَى مَوَالِي أُمِّهِ ، فَيَكُونُونَ هُمْ مَوَالِيَهُ ، إِنْ مَاتَ وَرِثُوهُ ، وَإِنْ جَرَّ جَرِيرَةً ، عَقَلُوا عَنْهُ ، فَإِنِ اعْتَرَفَ بِهِ أَبُوهُ أُلْحِقَ بِهِ وَصَارَ وَلاَؤُهُ إِلَى مَوَالِي أَبِيهِ ، وَكَانَ مِيرَاثُهُ لَهُمْ وَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ ، وَيُجْلَدُ أَبُوهُ الْحَدَّ.
2273- قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْمُلاَعِنَةُ مِنَ الْعَرَبِ إِذَا اعْتَرَفَ زَوْجُهَا الَّذِي لاَعَنَهَا بِوَلَدِهَا ، صَارَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ ، إِلاَّ أَنَّ بَقِيَّةَ مِيرَاثِهِ ، بَعْدَ مِيرَاثِ أُمِّهِ وَإِخْوَتِهِ لِأُمِّهِ ، لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يُلْحَقْ بِأَبِيهِ وَإِنَّمَا وَرَّثَ وَلَدُ الْمُلاَعَنَةِ الْمُوَالاَةَ مَوَالِيَ أُمِّهِ قَبْلَ أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ أَبُوهُ ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ وَلاَ عَصَبَةٌ ، فَلَمَّا ثَبَتَ نَسَبُهُ صَارَ إِلَى عَصَبَتِهِ.
2274- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي وَلَدِ الْعَبْدِ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ ، وَأَبُو الْعَبْدِ حُرٌّ ، أَنَّ الْجَدَّ أَبَا الْعَبْدِ يَجُرُّ وَلاَءَ وَلَدِ ابْنِهِ الأََحْرَارِ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ ، يَرِثُهُمْ مَا دَامَ أَبُوهُمْ عَبْدًا ، فَإِنْ عَتَقَ أَبُوهُمْ رَجَعَ الْوَلاَءُ إِلَى مَوَالِيهِ ، وَإِنْ مَاتَ وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ الْمِيرَاثُ وَالْوَلاَءُ لِلْجَدِّ ، وَإِنِ الْعَبْدُ كَانَ لَهُ ابْنَانِ حُرَّانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَأَبُوهُ عَبْدٌ ، جَرَّ الْجَدُّ أَبُو الأََبِ ، الْوَلاَءَ وَالْمِيرَاثَ.
2275- قَالَ مَالِكٌ فِي الأََمَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ حَامِلٌ وَزَوْجُهَا مَمْلُوكٌ ثُمَّ يَعْتِقُ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أَوْ بَعْدَمَا تَضَعُ : إِنَّ وَلاَءَ مَا كَانَ فِي بَطْنِهَا لِلَّذِي أَعْتَقَ أُمَّهُ ، لأَنَّ ذَلِكَ الْوَلَدَ قَدْ كَانَ أَصَابَهُ الرِّقُّ قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ أُمُّهُ ، وَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي تَحْمِلُ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ الْعَتَاقَةِ لأَنَّ الَّذِي تَحْمِلُ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ الْعَتَاقَةِ إِذَا أُعْتِقَ أَبُوهُ جَرَّ وَلاَءَهُ.
2276- قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَسْتَأْذِنُ سَيِّدَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا لَهُ فَيَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ : إِنَّ وَلاَءَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ ، لاَ يَرْجِعُ وَلاَؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَإِنْ عَتَقَ.
12- بَابُ مِيرَاثِ الْوَلاَءِ.
2277- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْعَاصِيَ بْنَ هِشَامٍ هَلَكَ ، وَتَرَكَ بَنِينَ لَهُ ثَلاَثَةً . اثْنَانِ لِأُمٍّ ، وَرَجُلٌ لِعَلَّةٍ ، فَهَلَكَ أَحَدُ اللَّذَيْنِ لِأُمٍّ ، وَتَرَكَ مَالاً وَمَوَالِيَ فَوَرِثَهُ أَخُوهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ . مَالَهُ وَوَلاَءَهُ مَوَالِيهِ ، ثُمَّ هَلَكَ الَّذِي وَرِثَ الْمَالَ وَوَلاَءَ الْمَوَالِي ، وَتَرَكَ ابْنَهُ وَأَخَاهُ لأَبِيهِ ، فَقَالَ ابْنُهُ : قَدْ أَحْرَزْتُ مَا كَانَ أَبِي أَحْرَزَ مِنَ الْمَالِ وَوَلاَءِ الْمَوَالِي ، وَقَالَ أَخُوهُ : لَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّمَا أَحْرَزْتَ الْمَالَ وَأَمَّا وَلاَءُ الْمَوَالِي ، فَلاَ ، أَرَأَيْتَ لَوْ هَلَكَ أَخِي الْيَوْمَ أَلَسْتُ أَرِثُهُ أَنَا ؟ فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَضَى لأَخِيهِ بِوَلاَءِ الْمَوَالِي.
2278- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَبُوهُ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ ، فَاخْتَصَمَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ جُهَيْنَةَ وَنَفَرٌ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ كُلَيْبٍ ، فَمَاتَتِ الْمَرْأَةُ وَتَرَكَتْ مَالاً وَمَوَالِيَ فَوَرِثَهَا ابْنُهَا وَزَوْجُهَا . ثُمَّ مَاتَ ابْنُهَا ، فَقَالَ وَرَثَتُهُ : لَنَا وَلاَءُ الْمَوَالِي . قَدْ كَانَ ابْنُهَا أَحْرَزَهُ ، فَقَالَ الْجُهَنِيُّونَ : لَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّمَا هُمْ مَوَالِي صَاحِبَتِنَا ، فَإِذَا مَاتَ وَلَدُهَا فَلَنَا وَلاَؤُهُمْ ، وَنَحْنُ نَرِثُهُمْ ، فَقَضَى أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ لِلْجُهَنِيِّينَ بِوَلاَءِ الْمَوَالِي.
2279- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ : فِي رَجُلٍ هَلَكَ وَتَرَكَ بَنِينَ لَهُ ثَلاَثَةً ، وَتَرَكَ مَوَالِيَ أَعْتَقَهُمْ هُوَ عَتَاقَةً . ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَيْنِ مِنْ بَنِيهِ هَلَكَا ، وَتَرَكَا أَوْلاَدًا ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : يَرِثُ الْمَوَالِيَ الْبَاقِي مِنَ الثَّلاَثَةِ ، فَإِذَا هَلَكَ هُوَ ، فَوَلَدُهُ وَوَلَدُ إِخْوَتِهِ فِي وَلاَءِ الْمَوَالِي ، شَرَعٌ ، سَوَاءٌ.
13- بَابُ مِيرَاثِ السَّائِبَةِ وَوَلاَءِ مَنْ أَعْتَقَ الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ.
2280- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ ، عَنِ السَّائِبَةِ ؟ قَالَ : يُوَالِي مَنْ شَاءَ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُوَالِي أَحَدًا فَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ.
2281- قَالَ مَالِكٌ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي السَّائِبَةِ : أَنَّهُ لاَ يُوَالِي أَحَدًا ، وَأَنَّ مِيرَاثَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَقْلَهُ عَلَيْهِمْ.
2282- قَالَ مَالِكٌ فِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ عَبْدُ أَحَدِهِمَا ، فَيُعْتِقُهُ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ : إِنَّ وَلاَءَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ . لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ الْوَلاَءُ أَبَدًا . قَالَ : وَلَكِنْ إِذَا أَعْتَقَ الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ عَبْدًا عَلَى دِينِهِمَا . ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ الَّذِي أَعْتَقَهُ . ثُمَّ أَسْلَمَ الَّذِي أَعْتَقَهُ . رَجَعَ إِلَيْهِ الْوَلاَءُ . لأَنَّهُ قَدْ كَانَ ثَبَتَ لَهُ الْوَلاَءُ يَوْمَ أَعْتَقَهُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ كَانَ لِلْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ وَلَدٌ مُسْلِمٌ ، وَرِثَ مَوَالِيَ أَبِيهِ الْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ ، إِذَا أَسْلَمَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقُ . قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الَّذِي أَعْتَقَهُ ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ حِينَ أُعْتِقَ مُسْلِمًا . لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِ النَّصْرَانِيِّ أَوِ الْيَهُودِيِّ الْمُسْلِمَيْنِ مِنْ وَلاَءِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ . لأَنَّهُ لَيْسَ لِلْيَهُودِيِّ وَلاَ لِلنَّصْرَانِيِّ وَلاَءٌ ، فَوَلاَءُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.
بسم الله الرحمن الرحيم
25- كِتَابُ الْمُكَاتَبِ.
1- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الْمُكَاتَبِ.
2283- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، كَانَ يَقُولُ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ.
2284- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ ، كَانَا يَقُولاَنِ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ.
2285- قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ رَأْيِي.
2286- قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ هَلَكَ الْمُكَاتَبُ ، وَتَرَكَ مَالاً أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ ، وَلَهُ وَلَدٌ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ ، أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ وَرِثُوا مَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ بَعْدَ قَضَاءِ كِتَابَتِهِ.
2287- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ ، أَنَّ مُكَاتَبًا ، كَانَ لاِبْنِ الْمُتَوَكِّلِ هَلَكَ بِمَكَّةَ وَتَرَكَ عَلَيْهِ بَقِيَّةً مِنْ كِتَابَتِهِ ، وَدُيُونًا لِلنَّاسِ ، وَتَرَكَ ابْنَتَهُ ، فَأَشْكَلَ عَلَى عَامِلِ مَكَّةَ الْقَضَاءُ فِيهِ ، فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنِ ابْدَأْ بِدُيُونِ النَّاسِ ثُمَّ اقْضِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ . ثُمَّ اقْسِمْ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ بَيْنَ ابْنَتِهِ وَمَوْلاَهُ.
2288- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يُكَاتِبَهُ إِذَا سَأَلَهُ ذَلِكَ وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الأََئِمَّةِ أَكْرَهَ رَجُلاً عَلَى أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ ، وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ : {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور] يَتْلُو هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة] {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأََرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}. قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا ذَلِكَ أَمْرٌ أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ لِلنَّاسِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِمْ.
2289- قَالَ مَالِكٌ : وسَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور] إِنَّ ذَلِكَ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ غُلاَمَهُ ثُمَّ يَضَعُ عَنْهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ شَيْئًا مُسَمًّى.
قَالَ مَالِكٌ : فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَأَدْرَكْتُ عَمَلَ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَنَا .
2290- قَالَ مَالِكٌ : وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، كَاتَبَ غُلاَمًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلاَثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ . ثُمَّ وَضَعَ عَنْهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ خَمْسَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ.
2291- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْ مُكَاتَبَ إِذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ تَبِعَهُ مَالُهُ ، وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُمْ فِي كِتَابَتِهِ.
2292- قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُهُ سَيِّدُهُ وَلَهُ جَارِيَةٌ بِهَا حَبَلٌ مِنْهُ : لَمْ يَعْلَمْ بِهِ هُوَ وَلاَ سَيِّدُهُ يَوْمَ كِتَابَتِهِ ، فَإِنَّهُ لاَ يَتْبَعُهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ . لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ ، وَهُوَ لِسَيِّدِهِ ، فَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَإِنَّهَا لِلْمُكَاتَبِ لأَنَّهَا مِنْ مَالِهِ.
2293- قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ وَرِثَ مُكَاتَبًا مِنِ امْرَأَتِهِ هُوَ وَابْنُهَا : إِنَّ الْمُكَاتَبَ إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ كِتَابَتَهُ . اقْتَسَمَا مِيرَاثَهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ ثُمَّ مَاتَ ، فَمِيرَاثُهُ لاِبْنِ الْمَرْأَةِ ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْءٌ.
2294- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ قَالَ : يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَرَادَ الْمُحَابَاةَ لِعَبْدِهِ ، وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُ ، فَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا كَاتَبَهُ عَلَى وَجْهِ الرَّغْبَةِ وَطَلَبِ الْمَالِ ، وَابْتِغَاءِ الْفَضْلِ وَالْعَوْنِ عَلَى كِتَابَتِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ.
2295- قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ وَطِئَ مُكَاتَبَةً لَهُ : إِنَّهَا إِنْ حَمَلَتْ فَهِيَ بِالْخِيَارِ . إِنْ شَاءَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ ، وَإِنْ شَاءَتْ قَرَّتْ عَلَى كِتَابَتِهَا فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَهِيَ عَلَى كِتَابَتِهَا.
2296- قَالَ مَالِكٌ الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ : إِنَّ أَحَدَهُمَا لاَ يُكَاتِبُ نَصِيبَهُ مِنْهُ ، أَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ صَاحِبُهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ . إِلاَّ أَنْ يُكَاتِبَاهُ جَمِيعًا . لأَنَّ ذَلِكَ يَعْقِدُ لَهُ عِتْقًا ، وَيَصِيرُ إِذَا أَدَّى الْعَبْدُ مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ . إِلَى أَنْ يَعْتِقَ نِصْفُهُ ، وَلاَ يَكُونُ عَلَى الَّذِي كَاتَبَ بَعْضَهُ ، أَنْ يَسْتَتِمَّ عِتْقَهُ فَذَلِكَ خِلاَفُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ.
2297- قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْمُكَاتَبُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ رَدَّ إِلَيْهِ الَّذِي كَاتَبَهُ . مَا قَبَضَ مِنَ الْمُكَاتَبِ ، فَاقْتَسَمَهُ هُوَ وَشَرِيكُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا ، وَبَطَلَتْ كِتَابَتُهُ ، وَكَانَ عَبْدًا لَهُمَا عَلَى حَالِهِ الأَُولَى.
2298- قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَنْظَرَهُ أَحَدُهُمَا بِحَقِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ وَأَبَى الآخَرُ أَنْ يُنْظِرَهُ : فَاقْتَضَى الَّذِي أَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ بَعْضَ حَقِّهِ . ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ. قَالَ مَالِكٌ : يَتَحَاصَّانِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُمَا عَلَيْهِ . يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ، فَإِنْ تَرَكَ الْمُكَاتَبُ فَضْلاً عَنْ كِتَابَتِهِ ، أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بَقِيَ مِنَ الْكِتَابَةِ ، وَكَانَ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَقَدِ اقْتَضَى الَّذِي لَمْ يُنْظِرْهُ أَكْثَرَ مِمَّا اقْتَضَى صَاحِبُهُ ، كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، وَلاَ يَرُدُّ عَلَى صَاحِبِهِ فَضْلَ مَا اقْتَضَى . لأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي لَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ ، وَإِنْ وَضَعَ عَنْهُ أَحَدُهُمَا الَّذِي لَهُ ثُمَّ اقْتَضَى صَاحِبُهُ بَعْضَ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَجَزَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلاَ يَرُدُّ الَّذِي اقْتَضَى عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا لأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ لِلرَّجُلَيْنِ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ ، فَيُنْظِرُهُ أَحَدُهُمَا وَيَشِحُّ الآخَرُ فَيَقْتَضِي بَعْضَ حَقِّهِ . ثُمَّ يُفْلِسُ الْغَرِيمُ فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي اقْتَضَى ، أَنْ يَرُدَّ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ.
2- بَابُ الْحَمَالَةِ فِي الْكِتَابَةِ.
2299- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَبِيدَ إِذَا كُوتِبُوا جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً فَإِنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ ، وَإِنَّهُ لاَ يُوضَعُ عَنْهُمْ لِمَوْتِ أَحَدِهِمْ شَيْءٌ ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمْ : قَدْ عَجَزْتُ ، وَأَلْقَى بِيَدَيْهِ ، فَإِنَّ لأَصْحَابِهِ أَنْ يَسْتَعْمِلُوهُ فِيمَا يُطِيقُ مِنَ الْعَمَلِ ، وَيَتَعَاوَنُونَ بِذَلِكَ فِي كِتَابَتِهِمْ حَتَّى يَعْتِقَ بِعِتْقِهِمْ إِنْ عَتَقُوا ، وَيَرِقَّ بِرِقِّهِمْ إِنْ رَقُّوا.
2300- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ . لَمْ يَنْبَغِ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَتَحَمَّلَ لَهُ بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ أَحَدٌ . إِنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ عَجَزَ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ تَحَمَّلَ رَجُلٌ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ . ثُمَّ اتَّبَعَ ذَلِكَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ قِبَلَ الَّذِي تَحَمَّلَ لَهُ أَخَذَ مَالَهُ بَاطِلاً . لاَ هُوَ ابْتَاعَ الْمُكَاتَبَ فَيَكُونَ مَا أُخِذَ مِنْهُ مِنْ ثَمَنِ شَيْءٍ هُوَ لَهُ ، وَلاَ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ فَيَكُونَ فِي ثَمَنِ حُرْمَةٍ ثَبَتَتْ لَهُ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ رَجَعَ إِلَى سَيِّدِهِ ، وَكَانَ عَبْدًا مَمْلُوكًا لَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ . يُتَحَمَّلُ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ بِهَا . إِنَّمَا هِيَ شَيْءٌ . إِنْ أَدَّاهُ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يُحَاصَّ الْغُرَمَاءَ سَيِّدُهُ بِكِتَابَتِهِ ، وَكَانَ الْغُرَمَاءُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ سَيِّدِهِ ، وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ . رُدَّ عَبْدًا مَمْلُوكًا لِسَيِّدِهِ ، وَكَانَتْ دُيُونُ النَّاسِ فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ . لاَ يَدْخُلُونَ مَعَ سَيِّدِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِ رَقَبَتِهِ.
2301- قَالَ مَالِكٌ : إِذَا كَاتَبَ الْقَوْمُ جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً ، وَلاَ رَحِمَ بَيْنَهُمْ يَتَوَارَثُونَ بِهَا ، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ ، وَلاَ يَعْتِقُ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ حَتَّى يُؤَدُّوا الْكِتَابَةَ كُلَّهَا ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَتَرَكَ مَالاً هُوَ أَكْثَرُ مِنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِمْ ، أُدِّيَ عَنْهُمْ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِمْ ، وَكَانَ فَضْلُ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ لِمَنْ كَاتَبَ مَعَهُ مِنْ فَضْلِ الْمَالِ شَيْءٌ ، وَيَتْبَعُهُمُ السَّيِّدُ بِحِصَصِهِمِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْكِتَابَةِ الَّتِي قُضِيَتْ مِنْ مَالِ الْهَالِكِ لأَنَّ الْهَالِكَ إِنَّمَا كَانَ تَحَمَّلَ عَنْهُمْ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّوا مَا عَتَقُوا بِهِ مِنْ مَالِهِ ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ الْهَالِكِ وَلَدٌ حُرٌّ لَمْ يُولَدْ فِي الْكِتَابَةِ ، وَلَمْ يُكَاتَبْ عَلَيْهِ لَمْ يَرِثْهُ لأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَمْ يُعْتَقْ حَتَّى مَاتَ.
3- بَابُ الْقِطَاعَةِ فِي الْكِتَابَةِ.
2302- حَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ تُقَاطِعُ مُكَاتَبِيهَا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ.
2303- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ ، فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأَحَدِهِمَا أَنْ يُ قَاطِعَهُ عَلَى حِصَّتِهِ . إِلاَّ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ بَيْنَهُمَا ، فَلاَ يَجُوزُ لأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ إِلاَّ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ، وَلَوْ قَاطَعَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ ثُمَّ حَازَ ذَلِكَ . ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَلَهُ مَالٌ ، أَوْ عَجَزَ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ قَاطَعَهُ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا قَاطَعَهُ عَلَيْهِ وَيَرْجِعَ حَقَّهُ فِي رَقَبَتِهِ ، وَلَكِنْ مَنْ قَاطَعَ مُكَاتَبًا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَإِنْ أَحَبَّ الَّذِي قَاطَعَهُ أَنْ يَرُدَّ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ مِنَ الْ قِطَاعَةِ وَيَكُونُ عَلَى نَصِيبِهِ مِنْ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً اسْتَوْفَى الَّذِي بَقِيَتْ لَهُ الْكِتَابَةُ حَقَّهُ الَّذِي بَقِيَ لَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ كَانَ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبِ بَيْنَ الَّذِي قَاطَعَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا فِي الْمُكَاتَبِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَاطَعَهُ وَتَمَاسَكَ صَاحِبُهُ بِالْكِتَابَةِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قِيلَ لِلَّذِي قَاطَعَهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَرُدَّ عَلَى صَاحِبِكَ نِصْفَ الَّذِي أَخَذْتَ وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا شَطْرَيْنِ وَإِنْ أَبَيْتَ فَجَمِيعُ الْعَبْدِ لِلَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ خَالِصًا.
2304- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ : فَيُقَاطِعُهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ . ثُمَّ يَقْتَضِي الَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ مِثْلَ مَا قَاطَعَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ يَعْجِزُ الْمُكَاتَبُ. قَالَ مَالِكٌ : فَهُوَ بَيْنَهُمَا لأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَإِنِ اقْتَضَى أَقَلَّ مِمَّا أَخَذَ الَّذِي قَاطَعَهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَأَحَبَّ الَّذِي قَاطَعَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ نِصْفَ مَا تَفَضَّلَهُ بِهِ ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَبَى فَجَمِيعُ الْعَبْدِ لِلَّذِي لَمْ يُقَاطِعْهُ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً ، فَأَحَبَّ الَّذِي قَاطَعَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ نِصْفَ مَا تَفَضَّلَهُ بِهِ ، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا ، فَذَلِكَ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي تَمَسَّكَ بِالْكِتَابَةِ قَدْ أَخَذَ مِثْلَ مَا قَاطَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ ، أَوْ أَفْضَلَ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مِلْكِهِمَا لأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَ حَقَّهُ.
2305- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ : فَيُقَاطِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى نِصْفِ حَقِّهِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ . ثُمَّ يَقْبِضُ الَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ أَقَلَّ مِمَّا قَاطَعَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ ثُمَّ يَعْجِزُ الْمُكَاتَبُ. قَالَ مَالِكٌ : إِنْ أَحَبَّ الَّذِي قَاطَعَ الْعَبْدَ أَنْ يُرَدَّ عَلَى صَاحِبِهِ نِصْفَ مَا تَفَضَّلَهُ بِهِ . كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا شَطْرَيْنِ وَإِنْ أَبَى أَنْ يَرُدَّ فَلِلَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ حِصَّةُ صَاحِبِهِ الَّذِي كَانَ قَاطَعَ عَلَيْهِ الْمُكَاتَبَ.
قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا شَطْرَيْنِ ، فَيُكَاتِبَانِهِ جَمِيعًا . ثُمَّ يُقَاطِعُ أَحَدُهُمَا الْمُكَاتَبَ عَلَى نِصْفِ حَقِّهِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ ، وَذَلِكَ الرُّبُعُ مِنْ جَمِيعِ الْعَبْدِ . ثُمَّ يَعْجِزُ الْمُكَاتَبُ فَيُقَالُ لِلَّذِي قَاطَعَهُ : إِنْ شِئْتَ فَارْدُدْ عَلَى صَاحِبِكَ نِصْفَ مَا فَضَلْتَهُ بِهِ ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا شَطْرَيْنِ وَإِنْ أَبَى كَانَ لِلَّذِي تَمَسَّكَ بِالْكِتَابَةِ رُبُعُ صَاحِبِهِ الَّذِي قَاطَعَ الْمُكَاتَبَ عَلَيْهِ خَالِصًا ، وَكَانَ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ ، فَذَلِكَ ثَلاَثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ ، وَكَانَ لِلَّذِي قَاطَعَ رُبُعُ الْعَبْدِ . لأَنَّهُ أَبَى أَنْ يَرُدَّ ثَمَنَ رُبُعِهِ الَّذِي قَاطَعَ عَلَيْهِ.
2306- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ : يُقَاطِعُهُ سَيِّدُهُ فَيَعْتِقُ ، وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ قَطَاعَتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ . ثُمَّ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ. قَالَ مَالِكٌ : فَإِنَّ سَيِّدَهُ لاَ يُحَاصُّ غُرَمَاءَهُ بِالَّذِي عَلَيْهِ مِنْ قَطَاعَتِهِ وَلِغُرَمَائِهِ أَنْ يُبَدَّؤُوا عَلَيْهِ.
2307- قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُقَاطِعَ سَيِّدَهُ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ ، فَيَعْتِقُ وَيَصِيرُ لاَ شَيْءَ لَهُ . لأَنَّ أَهْلَ الدَّيْنِ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ سَيِّدِهِ ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَائِزٍ لَهُ.
2308- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ . ثُمَّ يُقَاطِعُهُ بِالذَّهَبِ فَيَضَعُ عَنْهُ مِمَّا عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ . عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ مَا قَاطَعَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ ، وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ مَنْ كَرِهَهُ . لأَنَّهُ أَنْزَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ يَكُونُ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ إِلَى أَجَلٍ ، فَيَضَعُ عَنْهُ وَيَنْقُدُهُ ، وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ الدَّيْنِ إِنَّمَا كَانَتْ قَطَاعَةُ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مَالاً ، فِي أَنْ يَتَعَجَّلَ الْعِتْقَ فَيَجِبُ لَهُ الْمِيرَاثُ ، وَالشَّهَادَةُ ، وَالْحُدُودُ ، وَتَثْبُتُ لَهُ حُرْمَةُ الْعَتَاقَةِ ، وَلَمْ يَشْتَرِ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ ، وَلاَ ذَهَبًا بِذَهَبٍ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ قَالَ لِغُلاَمِهِ : ائْتِنِي بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَأَنْتَ حُرٌّ فَوَضَعَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : إِنْ جِئْتَنِي بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ، فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَيْسَ هَذَا دَيْنًا ثَابِتًا ، وَلَوْ كَانَ دَيْنًا ثَابِتًا لَحَاصَّ بِهِ السَّيِّدُ غُرَمَاءَ الْمُكَاتَبِ إِذَا مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَدَخَلَ مَعَهُمْ فِي مَالِ مُكَاتَبِهِ.
4- بَابُ جِرَاحِ الْمُكَاتَبِ.
2309- قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ يَجْرَحُ الرَّجُلَ جَرْحًا يَقَعُ فِيهِ الْعَقْلُ عَلَيْهِ : أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِنْ قَوِيَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ مَعَ كِتَابَتِهِ ، أَدَّاهُ ، وَكَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ ، فَإِنْ هُوَ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ عَقْلِ ذَلِكَ الْجَرْحِ خُيِّرَ سَيِّدُهُ ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ فَعَلَ وَأَمْسَكَ غُلاَمَهُ وَصَارَ عَبْدًا مَمْلُوكًا ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَبْدَ إِلَى الْمَجْرُوحِ أَسْلَمَهُ ، وَلَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُسَلِّمَ عَبْدَهُ.
2310- قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَوْمِ يُكَاتَبُونَ جَمِيعًا : فَيَجْرَحُ أَحَدُهُمْ جَرْحًا فِيهِ عَقْلٌ. قَالَ مَالِكٌ : مَنْ جَرَحَ مِنْهُمْ جَرْحًا فِيهِ عَقْلٌ . قِيلَ لَهُ وَلِلَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَدُّوا جَمِيعًا عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ ، فَإِنْ أَدَّوْا ثَبَتُوا عَلَى كِتَابَتِهِمْ ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدُّوا فَقَدْ عَجَزُوا ، وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُمْ فَإِنْ شَاءَ أَدَّى عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ وَرَجَعُوا عَبِيدًا لَهُ جَمِيعًا وَإِنْ شَاءَ ، أَسْلَمَ الْجَارِحَ وَحْدَهُ وَرَجَعَ الآخَرُونَ عَبِيدًا لَهُ جَمِيعًا بِعَجْزِهِمْ عَنْ أَدَاءِ عَقْلِ ذَلِكَ الْجَرْحِ الَّذِي جَرَحَ صَاحِبُهُمْ.
2311- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أُصِيبَ بِجَرْحٍ يَكُونُ لَهُ فِيهِ عَقْلٌ ، أَوْ أُصِيبَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ ، فَإِنَّ عَقْلَهُمْ عَقْلُ الْعَبِيدِ فِي قِيمَتِهِمْ ، وَأَنَّ مَا أُخِذَ لَهُمْ مِنْ عَقْلِهِمْ يُدْفَعُ إِلَى سَيِّدِهِمِ الَّذِي لَهُ الْكِتَابَةُ ، وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ ، فَيُوضَعُ عَنْهُ مَا أَخَذَ سَيِّدُهُ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ.
قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنَّهُ كَأَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ ، وَكَانَ دِيَةُ جَرْحِهِ الَّذِي أَخَذَهَا سَيِّدُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ إِلَى سَيِّدِهِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَهُوَ حُرٌّ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكَانَ الَّذِي أَخَذَ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَدْ عَتَقَ ، وَإِنْ كَانَ عَقْلُ جَرْحِهِ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَخَذَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ ، وَعَتَقَ وَكَانَ مَا فَضَلَ بَعْدَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ لِلْمُكَاتَبِ وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ إِلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ ، فَيَأْكُلَهُ ، وَيَسْتَهْلِكَهُ ، فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ إِلَى سَيِّدِهِ أَعْوَرَ أَوْ مَقْطُوعَ الْيَدِ أَوْ مَعْضُوبَ الْجَسَدِ ، وَإِنَّمَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ عَلَى مَالِهِ وَكَسْبِهِ ، وَلَمْ يُكَاتِبْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَ وَلَدِهِ ، وَلاَ مَا أُصِيبَ مِنْ عَقْلِ جَسَدِهِ فَيَأْكُلَهُ وَيَسْتَهْلِكَهُ وَلَكِنْ عَقْلُ جِرَاحَاتِ الْمُكَاتَبِ وَوَلَدِهِ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ ، أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ يُدْفَعُ إِلَى سَيِّدِهِ وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لَهُ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ.
5- بَابُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ.
2312- قَالَ مَالِكٌ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي مُكَاتَبَ الرَّجُلِ : أَنَّهُ لاَ يَبِيعُهُ إِذَا كَانَ كَاتَبَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ إِلاَّ بِعَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ يُعَجِّلُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ . لأَنَّهُ إِذَا أَخَّرَهُ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَقَدْ نُهِيَ عَنِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ.
2313- قَالَ : وَإِنْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ بِعَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ مِنَ الإِبِلِ أَوِ الْبَقَرِ أَوِ الْغَنَمِ أَوِ الرَّقِيقِ ، فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ عَرْضٍ مُخَالِفٍ لِلْعُرُوضِ الَّتِي كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ عَلَيْهَا يُعَجِّلُ ذَلِكَ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ.
2314- قَالَ مَالِكٌ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ : أَنَّهُ إِذَا بِيعَ كَانَ أَحَقَّ بِاشْتِرَاءِ كِتَابَتِهِ مِمَّنِ اشْتَرَاهَا إِذَا قَوِيَ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى سَيِّدِهِ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ نَقْدًا ، وَذَلِكَ أَنَّ اشْتِرَاءَهُ نَفْسَهُ عَتَاقَةٌ وَالْعَتَاقَةُ تُبَدَّأُ عَلَى مَا كَانَ مَعَهَا مِنَ الْوَصَايَا وَإِنْ بَاعَ بَعْضُ مَنْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبَ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَبَاعَ نِصْفَ الْمُكَاتَبِ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ أَوْ سَهْمًا مِنْ أَسْهُمِ الْمُكَاتَبِ فَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ فِيمَا بِيعَ مِنْهُ شُفْعَةٌ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْقَطَاعَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَاطِعَ بَعْضَ مَنْ كَاتَبَهُ إِلاَّ بِإِذْنِ شُرَكَائِهِ ، وَأَنَّ مَا بِيعَ مِنْهُ لَيْسَتْ لَهُ بِهِ حُرْمَةٌ تَامَّةٌ ، وَأَنَّ مَالَهُ مَحْجُورٌ عَنْهُ ، وَأَنَّ اشْتِرَاءَهُ بَعْضَهُ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ الْعَجْزُ لِمَا يَذْهَبُ مِنْ مَالِهِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاءِ الْمُكَاتَبِ نَفْسَهُ كَامِلاً . إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ مَنْ بَقِيَ لَهُ فِيهِ كِتَابَةٌ فَإِنْ أَذِنُوا لَهُ كَانَ أَحَقَّ بِمَا بِيعَ مِنْهُ.
2315- قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَحِلُّ بَيْعُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ وَذَلِكَ أَنَّهُ غَرَرٌ إِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ بَطَلَ مَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِلنَّاسِ لَمْ يَأْخُذِ الَّذِي اشْتَرَى نَجْمَهُ بِحِصَّتِهِ مَعَ غُرَمَائِهِ شَيْئًا ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَشْتَرِي نَجْمًا مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَةِ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ فَسَيِّدُ الْمُكَاتَبِ لاَ يُحَاصُّ بِكِتَابَةِ غُلاَمِهِ غُرَمَاءَ الْمُكَاتَبِ ، وَكَذَلِكَ الْخَرَاجُ أَيْضًا يَجْتَمِعُ لَهُ عَلَى غُلاَمِهِ ، فَلاَ يُحَاصُّ بِمَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ الْخَرَاجِ غُرَمَاءَ غُلاَمِهِ.
2316- قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ مُخَالِفٍ لِمَا كُوتِبَ بِهِ مِنَ الْعَيْنِ أَوِ الْعَرْضِ أَوْ غَيْرِ مُخَالِفٍ مُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَخَّرٍ.
2317- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَهْلِكُ وَيَتْرُكُ أُمَّ وَلَدٍ وَأَوْلاَدًا لَهُ صِغَارًا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ، فَلاَ يَقْوَوْنَ عَلَى السَّعْيِ وَيُخَافُ عَلَيْهِمُ الْعَجْزُ عَنْ كِتَابَتِهِمْ . قَالَ : تُبَاعُ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ . إِذَا كَانَ فِي ثَمَنِهَا مَا يُؤَدَّى بِهِ عَنْهُمْ جَمِيعُ كِتَابَتِهِمْ أُمَّهُمْ . كَانَتْ أَوْ غَيْرَ أُمِّهِمْ يُؤَدَّى عَنْهُمْ وَيَعْتِقُونَ لأَنَّ أَبَاهُمْ كَانَ لاَ يَمْنَعُ بَيْعَهَا إِذَا خَافَ الْعَجْزَ عَنْ كِتَابَتِهِ ، فَهَؤُلاَءِ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِمُ الْعَجْزُ بِيعَتْ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ فَيُؤَدَّى عَنْهُمْ ثَمَنُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهَا مَا يُؤَدَّى عَنْهُمْ وَلَمْ تَقْوَ هِيَ وَلاَ هُمْ عَلَى السَّعْيِ رَجَعُوا جَمِيعًا رَقِيقًا لِسَيِّدِهِمْ.
2318- قَالَ مَالِكٌ الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الَّذِي يَبْتَاعُ كِتَابَةَ الْمُكَاتَبِ ثُمَّ يَهْلِكُ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ : أَنَّهُ يَرِثُهُ الَّذِي اشْتَرَى كِتَابَتَهُ ، وَإِنْ عَجَزَ فَلَهُ رَقَبَتُهُ ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ إِلَى الَّذِي اشْتَرَاهَا وَعَتَقَ فَوَلاَؤُهُ لِلَّذِي عَقَدَ كِتَابَتَهُ لَيْسَ لِلَّذِي اشْتَرَى كِتَابَتَهُ مِنْ وَلاَئِهِ شَيْءٌ.
6- بَابُ سَعْيِ الْمُكَاتَبِ.
2319- حَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ ، سُئِلاَ عَنْ رَجُلٍ كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى بَنِيهِ ثُمَّ مَاتَ . هَلْ يَسْعَى بَنُو الْمُكَاتَبِ فِي كِتَابَةِ أَبِيهِمْ أَمْ هُمْ عَبِيدٌ ؟ فَقَالاَ : بَلْ يَسْعَوْنَ فِي كِتَابَةِ أَبِيهِمْ وَلاَ يُوضَعُ عَنْهُمْ لِمَوْتِ أَبِيهِمْ شَيْءٌ.
2320- قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لاَ يُطِيقُونَ السَّعْيَ . لَمْ يُنْتَظَرْ بِهِمْ أَنْ يَكْبَرُوا ، وَكَانُوا رَقِيقًا لِسَيِّدِ أَبِيهِمْ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْمُكَاتَبُ تَرَكَ مَا يُؤَدَّى بِهِ عَنْهُمْ نُجُومُهُمْ . إِلَى أَنْ يَتَكَلَّفُوا السَّعْيَ ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا تَرَكَ مَا يُؤَدَّى عَنْهُمْ ، أُدِّيَ ذَلِكَ عَنْهُمْ ، وَتُرِكُوا عَلَى حَالِهِمْ . حَتَّى يَبْلُغُوا السَّعْيَ ، فَإِنْ أَدَّوْا عَتَقُوا وَإِنْ عَجَزُوا رَقُّوا.
2321- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ مَالاً لَيْسَ فِيهِ وَفَاءُ الْكِتَابَةِ ، وَيَتْرُكُ وَلَدًا مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَأُمَّ وَلَدٍ ، فَأَرَادَتْ أُمُّ وَلَدِهِ أَنْ تَسْعَى عَلَيْهِمْ : إِنَّهُ يُدْفَعُ إِلَيْهَا الْمَالُ إِذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً عَلَى ذَلِكَ قَوِيَّةً عَلَى السَّعْيِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَوِيَّةً عَلَى السَّعْيِ ، وَلاَ مَأْمُونَةً عَلَى الْمَالِ لَمْ تُعْطَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَرَجَعَتْ هِيَ وَوَلَدُ الْمُكَاتَبِ رَقِيقًا لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ.
2322- قَالَ مَالِكٌ : إِذَا كَاتَبَ الْقَوْمُ جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً ، وَلاَ رَحِمَ بَيْنَهُمْ فَعَجَزَ بَعْضُهُمْ وَسَعَى بَعْضُهُمْ حَتَّى عَتَقُوا جَمِيعًا ، فَإِنَّ الَّذِينَ سَعَوْا يَرْجِعُونَ عَلَى الَّذِينَ عَجَزُوا بِحِصَّةِ مَا أَدَّوْا عَنْهُمْ لأَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ.
7- بَابُ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ إِذَا أَدَّى مَا عَلَيْهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ.
2323- حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَغَيْرَهُ يَذْكُرُونَ أَنَّ مُكَاتَبًا كَانَ لِلْفُرَافِصَةِ بْنِ عُمَيْرٍ الْحَنَفِيِّ وَأَنَّهُ عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ ، فَأَبَى الْفُرَافِصَةُ فَأَتَى الْمُكَاتَبُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَدَعَا مَرْوَانُ الْفُرَافِصَةَ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ ، فَأَبَى فَأَمَرَ مَرْوَانُ بِذَلِكَ الْمَالِ أَنْ يُقْبَضَ مِنَ الْمُكَاتَبِ فَيُوضَعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، وَقَالَ لِلْمُكَاتَبِ اذْهَبْ فَقَدْ عُتِقْتَ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْفُرَافِصَةُ قَبَضَ الْمَالَ.
2324- قَالَ مَالِكٌ : فَالأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَدَّى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ نُجُومِهِ قَبْلَ مَحِلِّهَا . جَازَ ذَلِكَ لَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَضَعُ عَنِ الْمُكَاتَبِ بِذَلِكَ كُلَّ شَرْطٍ أَوْ خِدْمَةٍ أَوْ سَفَرٍ . لأَنَّهُ لاَ تَتِمُّ عَتَاقَةُ رَجُلٍ وَعَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ رِقٍّ ، وَلاَ تَتِمُّ حُرْمَتُهُ وَلاَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَلاَ يَجِبُ مِيرَاثُهُ وَلاَ أَشْبَاهُ هَذَا مِنْ أَمْرِهِ ، وَلاَ يَنْبَغِي لِسَيِّدِهِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ خِدْمَةً بَعْدَ عَتَاقَتِهِ.
2325- قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا فَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ نُجُومَهُ كُلَّهَا إِلَى سَيِّدِهِ : لأَنْ يَرِثَهُ وَرَثَةٌ لَهُ أَحْرَارٌ ، وَلَيْسَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَلَدٌ لَهُ. قَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ لأَنَّهُ تَتِمُّ بِذَلِكَ حُرْمَتُهُ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَيَجُوزُ اعْتِرَافُهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ دُيُونِ النَّاسِ ، وَتَجُوزُ وَصِيَّتُهُ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ فَرَّ مِنِّي بِمَالِهِ.
8- بَابُ مِيرَاثِ الْمُكَاتَبِ إِذَا عَتَقَ.
2326- حَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنْ مُكَاتَبٍ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ، فَمَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً كَثِيرًا ، فَقَالَ : يُؤَدَّى إِلَى الَّذِي تَمَاسَكَ بِكِتَابَتِهِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بِالسَّوِيَّةِ.
2327- قَالَ مَالِكٌ : إِذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ فَعَتَقَ ، فَإِنَّمَا يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِمَنْ كَاتَبَهُ مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ تُوُفِّيَ الْمُكَاتَبُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ.
2328- قَالَ : وَهَذَا أَيْضًا فِي كُلِّ مَنْ أُعْتِقَ ، فَإِنَّمَا مِيرَاثُهُ لأَقْرَبِ النَّاسِ مِمَّنْ أَعْتَقَهُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُعْتَقُ بَعْدَ أَنْ يَعْتِقَ وَيَصِيرَ مَوْرُوثًا بِالْوَلاَءِ.
2329- قَالَ مَالِكٌ : الإِخْوَةُ فِي الْكِتَابَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ إِذَا كُوتِبُوا جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَدٌ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ أَوْ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ هَلَكَ أَحَدُهُمْ وَتَرَكَ مَالاً أُدِّيَ عَنْهُمْ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ كِتَابَتِهِمْ وَعَتَقُوا ، وَكَانَ فَضْلُ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ دُونَ إِخْوَتِهِ.
9- بَابُ الشَّرْطِ فِي الْمُكَاتَبِ.
2330- حَدَّثَنِي مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدَهُ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِي كِتَابَتِهِ سَفَرًا أَوْ خِدْمَةً أَوْ ضَحِيَّةً : إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ سَمَّى بِاسْمِهِ ثُمَّ قَوِيَ الْمُكَاتَبُ عَلَى أَدَاءِ نُجُومِهِ كُلِّهَا قَبْلَ مَحِلِّهَا . قَالَ : إِذَا أَدَّى نُجُومَهُ كُلَّهَا وَعَلَيْهِ هَذَا الشَّرْطُ عَتَقَ فَتَمَّتْ حُرْمَتُهُ وَنُظِرَ إِلَى مَا شَرَطَ عَلَيْهِ مِنْ خِدْمَةٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . مِمَّا يُعَالِجُهُ هُوَ بِنَفْسِهِ ، فَذَلِكَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ فِيهِ شَيْءٌ وَمَا كَانَ مِنْ ضَحِيَّةٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ شَيْءٍ يُؤَدِّيهِ ، فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ يُقَوَّمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَيَدْفَعُهُ مَعَ نُجُومِهِ وَلاَ يَعْتِقُ حَتَّى يَدْفَعَ ذَلِكَ مَعَ نُجُومِهِ.
2331- قَالَ مَالِكٌ الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ خِدْمَةِ عَشْرِ سِنِينَ ، فَإِذَا هَلَكَ سَيِّدُهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ قَبْلَ عَشْرِ سِنِينَ ، فَإِنَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ خِدْمَتِهِ لِوَرَثَتِهِ وَكَانَ وَلاَؤُهُ لِلَّذِي عَقَدَ عِتْقَهُ وَلِوَلَدِهِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الْعَصَبَةِ.
2332- قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَنَّكَ لاَ تُسَافِرُ وَلاَ تَنْكِحُ وَلاَ تَخْرُجُ مِنْ أَرْضِي إِلاَّ بِإِذْنِي : فَإِنْ فَعَلْتَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِي فَمَحْوُ كِتَابَتِكَ بِيَدِي. قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ مَحْوُ كِتَابَتِهِ بِيَدِهِ إِنْ فَعَلَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَلْيَرْفَعْ سَيِّدُهُ ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَنْكِحَ وَلاَ يُسَافِرَ وَلاَ يَخْرُجَ مِنْ أَرْضِ سَيِّدِهِ . إِلاَّ بِإِذْنِهِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ
وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلَهُ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَيَنْطَلِقُ فَيَنْكِحُ الْمَرْأَةَ فَيُصْدِقُهَا الصَّدَاقَ الَّذِي يُجْحِفُ بِمَالِهِ وَيَكُونُ فِيهِ عَجْزُهُ فَيَرْجِعُ إِلَى سَيِّدِهِ عَبْدًا لاَ مَالَ لَهُ ، أَوْ يُسَافِرُ فَتَحِلُّ نُجُومُهُ وَهُوَ غَائِبٌ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَلاَ عَلَى ذَلِكَ كَاتَبَهُ ، وَذَلِكَ بِيَدِ سَيِّدِهِ إِنْ شَاءَ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ.
10- بَابُ وَلاَءِ الْمُكَاتَبِ إِذَا أَعْتَقَ.
2333- قَالَ مَالِكٌ : إِنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ إِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ . إِلاَّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ أَجَازَ ذَلِكَ سَيِّدُهُ لَهُ ثُمَّ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ كَانَ وَلاَؤُهُ لِلْمُكَاتَبِ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ كَانَ وَلاَءُ الْمُعْتَقِ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ مَاتَ الْمُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ الْمُكَاتَبُ وَرِثَهُ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ.
2334- قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَبْدًا فَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ الآخَرُ قَبْلَ سَيِّدِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ فَإِنَّ وَلاَءَهُ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ مَا لَمْ يَعْتِقِ الْمُكَاتَبُ الأََوَّلُ الَّذِي كَاتَبَهُ ، فَإِنْ عَتَقَ الَّذِي كَاتَبَهُ رَجَعَ إِلَيْهِ وَلاَءُ مُكَاتَبِهِ الَّذِي كَانَ عَتَقَ قَبْلَهُ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ الأََوَّلُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ أَوْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ وَلَهُ وَلَدٌ أَحْرَارٌ لَمْ يَرِثُوا وَلاَءَ مُكَاتَبِ أَبِيهِمْ لأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لأَبِيهِمُ الْوَلاَءُ ، وَلاَ يَكُونُ لَهُ الْوَلاَءُ حَتَّى يَعْتِقَ.
2335- قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيَتْرُكُ أَحَدُهُمَا لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَيَشِحُّ الآخَرُ ثُمَّ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ وَيَتْرُكُ مَالاً. قَالَ مَالِكٌ : يَقْضِي الَّذِي لَمْ يَتْرُكْ لَهُ شَيْئًا مَا بَقِيَ لَهُ عَلَيْهِ . ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الْمَالَ كَهَيْئَتِهِ لَوْ مَاتَ عَبْدًا لأَنَّ الَّذِي صَنَعَ لَيْسَ بِعَتَاقَةٍ ، وَإِنَّمَا تَرَكَ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ : أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ مُكَاتَبًا وَتَرَكَ بَنِينَ رِجَالاً وَنِسَاءً . ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُ الْبَنِينَ نَصِيبَهُ مِنَ الْمُكَاتَبِ إِنَّ ذَلِكَ لاَ يُثْبِتُ لَهُ مِنَ الْوَلاَءِ شَيْئًا وَلَوْ كَانَتْ عَتَاقَةً لَثَبَتَ الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ مِنْهُمْ مِنْ رِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ.
قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُمْ إِذَا أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمُكَاتَبِ وَلَوْ كَانَتْ عَتَاقَةً قُوِّمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْتِقَ فِي مَالِهِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ.
قَالَ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا ، أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مُكَاتَبٍ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَلَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ . كَانَ الْوَلاَءُ لَهُ دُونَ شُرَكَائِهِ.
قَالَ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ عَقَدَ الْكِتَابَةَ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ وَرِثَ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ وَلاَءِ الْمُكَاتَبِ ، وَإِنْ أَعْتَقْنَ نَصِيبَهُنَّ شَيْءٌ إِنَّمَا وَلاَؤُهُ لِوَلَدِ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ الذُّكُورِ أَوْ عَصَبَتِهِ مِنَ الرِّجَالِ.
11- بَابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنْ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ.
2336- قَالَ مَالِكٌ : إِذَا كَانَ الْقَوْمُ جَمِيعًا فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ . لَمْ يُعْتِقْ سَيِّدُهُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ دُونَ مُؤَامَرَةِ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَرِضًا مِنْهُمْ ، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فَلَيْسَ مُؤَامَرَتُهُمْ بِشَيْءٍ ، وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.
قَالَ : وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ رُبَّمَا كَانَ يَسْعَى عَلَى جَمِيعِ الْقَوْمِ وَيُؤَدِّي عَنْهُمْ كِتَابَتَهُمْ لِتَتِمَّ بِهِ عَتَاقَتُهُمْ فَيَعْمِدُ السَّيِّدُ إِلَى الَّذِي يُؤَدِّي عَنْهُمْ ، وَبِهِ نَجَاتُهُمْ مِنَ الرِّقِّ ، فَيُعْتِقُهُ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَجْزًا لِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْفَضْلَ وَالزِّيَادَةَ لِنَفْسِهِ فَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ وَهَذَا أَشَدُّ الضَّرَرِ.
2337- قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبِيدِ يُكَاتَبُونَ جَمِيعًا : إِنَّ لِسَيِّدِهِمْ أَنْ يُعْتِقَ مِنْهُمُ الْكَبِيرَ الْفَانِيَ وَالصَّغِيرَ الَّذِي لاَ يُؤَدِّي وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا وَلَيْسَ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَوْنٌ وَلاَ قُوَّةٌ فِي كِتَابَتِهِمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ.
12- بَابُ مَا جَاءَ فِي عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَأُمِّ وَلَدِهِ.
2338- قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ . ثُمَّ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ وَيَتْرُكُ أُمَّ وَلَدِهِ ، وَقَدْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ بَقِيَّةٌ وَيَتْرُكُ وَفَاءً بِمَا عَلَيْهِ : إِنَّ أُمَّ وَلَدِهِ أَمَةٌ مَمْلُوكَةٌ حِينَ لَمْ يُعْتَقِ الْمُكَاتَبُ حَتَّى مَاتَ ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا فَيُعْتَقُونَ بِأَدَاءِ مَا بَقِيَ فَتُعْتَقُ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ بِعِتْقِهِمْ.
2339- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْمُكَاتَبِ يُعْتِقُ عَبْدًا لَهُ أَوْ يَتَصَدَّقُ بِبَعْضِ مَالِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ سَيِّدُهُ حَتَّى عَتَقَ الْمُكَاتَبُ. قَالَ مَالِكٌ : يَنْفُذُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ فَإِنْ عَلِمَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ الْمُكَاتَبُ فَرَدَّ ذَلِكَ وَلَمْ يُجِزْهُ فَإِنَّهُ إِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَذَلِكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ ذَلِكَ الْعَبْدَ وَلاَ أَنْ يُخْرِجَ تِلْكَ الصَّدَقَةَ إِلاَّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ طَائِعًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ.
13- بَابُ الْوَصِيَّةِ فِي الْمُكَاتَبِ.
2340- قَالَ مَالِكٌ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ يُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ : أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُقَامُ عَلَى هَيْئَتِهِ تِلْكَ الَّتِي لَوْ بِيعَ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنَ الَّذِي يَبْلُغُ فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ وُضِعَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ ، وَلَمْ يُنْظَرْ إِلَى عَدَدِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ لَمْ يَغْرَمْ قَاتِلُهُ إِلاَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَتْلِهِ وَلَوْ جُرِحَ لَمْ يَغْرَمْ جَارِحُهُ إِلاَّ دِيَةَ جَرْحِهِ يَوْمَ جَرَحَهُ ، وَلاَ يُنْظَرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ . لأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لَمْ يُحْسَبْ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ إِلاَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ لَهُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ فَصَارَتْ وَصِيَّةً أَوْصَى بِهَا.
قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ كِتَابَتِهِ إِلاَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ ، فَأَوْصَى سَيِّدُهُ لَهُ بِالْمِائَةِ دِرْهَمٍ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ . حُسِبَتْ لَهُ فِي ثُلُثِ سَيِّدِهِ فَصَارَ حُرًّا بِهَا.
2341- قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ : إِنَّهُ يُقَوَّمُ عَبْدًا ، فَإِنْ كَانَ فِي ثُلُثِهِ سَعَةٌ لِثَمَنِ الْعَبْدِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَيُكَاتِبُهُ سَيِّدُهُ عَلَى مِائَتَيْ دِينَارٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَيَكُونُ ثُلُثُ مَالِ سَيِّدِهِ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ ، وَإِنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ أَوْصَى لَهُ بِهَا فِي ثُلُثِهِ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِوَصَايَا ، وَلَيْسَ فِي الثُّلُثِ فَضْلٌ عَنْ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ ، بُدِئَ بِالْمُكَاتَبِ . لأَنَّ الْكِتَابَةَ عَتَاقَةٌ ، وَالْعَتَاقَةُ تُبَدَّأُ عَلَى الْوَصَايَا ، ثُمَّ تُجْعَلُ تِلْكَ الْوَصَايَا فِي كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ يَتْبَعُونَهُ بِهَا وَيُخَيَّرُ وَرَثَةُ الْمُوصِي ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يُعْطُوا أَهْلَ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ كَامِلَةً وَتَكُونُ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ لَهُمْ ، فَذَلِكَ لَهُمْ وَإِنْ أَبَوْا وَأَسْلَمُوا الْمُكَاتَبَ وَمَا عَلَيْهِ إِلَى أَهْلِ الْوَصَايَا ، فَذَلِكَ لَهُمْ لأَنَّ الثُّلُثَ صَارَ فِي الْمُكَاتَبِ وَلأَنَّ كُلَّ وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا أَحَدٌ فَقَالَ : الْوَرَثَةُ الَّذِي أَوْصَى بِهِ صَاحِبُنَا أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهِ ، وَقَدْ أَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ . قَالَ : فَإِنَّ وَرَثَتَهُ يُخَيَّرُونَ ، فَيُقَالُ لَهُمْ قَدْ أَوْصَى صَاحِبُكُمْ بِمَا قَدْ عَلِمْتُمْ ، فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تُنَفِّذُوا ذَلِكَ لأَهْلِهِ عَلَى مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ وَإِلاَّ فَأَسْلِمُوا إِلَى أَهْلِ الْوَصَايَا ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ كُلِّهِ.
قَالَ فَإِنْ أَسْلَمَ الْوَرَثَةُ الْمُكَاتَبَ إِلَى أَهْلِ الْوَصَايَا . كَانَ لأَهْلِ الْوَصَايَا مَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ أَخَذُوا ذَلِكَ فِي وَصَايَاهُمْ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَانَ عَبْدًا لأَهْلِ الْوَصَايَا لاَ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِ الْمِيرَاثِ لأَنَّهُمْ تَرَكُوهُ حِينَ خُيِّرُوا ، وَلأَنَّ أَهْلَ الْوَصَايَا حِينَ أُسْلِمَ إِلَيْهِمْ ضَمِنُوهُ فَلَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَى الْوَرَثَةِ شَيْءٌ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ وَتَرَكَ مَالاً هُوَ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِ ، فَمَالُهُ لأَهْلِ الْوَصَايَا ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا عَلَيْهِ عَتَقَ وَرَجَعَ وَلاَؤُهُ إِلَى عَصَبَةِ الَّذِي عَقَدَ كِتَابَتَهُ.
2342- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ عَشَرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ فَيَضَعُ عَنْهُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ مَالِكٌ : يُقَوَّمُ الْمُكَاتَبُ فَيُنْظَرُ كَمْ قِيمَتُهُ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالَّذِي وُضِعَ عَنْهُ عُشْرُ الْكِتَابَةِ ، وَذَلِكَ فِي الْقِيمَةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ ، وَهُوَ عُشْرُ الْقِيمَةِ فَيُوضَعُ عَنْهُ عُشْرُ الْكِتَابَةِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ إِلَى عُشْرِ الْقِيمَةِ نَقْدًا ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَهَيْئَتِهِ لَوْ وُضِعَ عَنْهُ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُحْسَبْ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ إِلاَّ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي وُضِعَ عَنْهُ نِصْفُ الْكِتَابَةِ حُسِبَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ نِصْفُ الْقِيمَةِ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ.
2343- قَالَ مَالِكٌ : إِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَنْ مُكَاتَبِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ عَشَرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُسَمِّ أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِ كِتَابَتِهِ أَوْ مِنْ آخِرِهَا ، وُضِعَ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ عُشْرُهُ.
2344- قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَنْ مُكَاتَبِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ أَوَّلِ كِتَابَتِهِ أَوْ مِنْ آخِرِهَا ، وَكَانَ أَصْلُ الْكِتَابَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ قُوِّمَ الْمُكَاتَبُ قِيمَةَ النَّقْدِ ثُمَّ قُسِمَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ فَجُعِلَ لِتِلْكَ الأََلْفِ الَّتِي مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابَةِ حِصَّتُهَا مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ بِقَدْرِ قُرْبِهَا مِنَ الأََجَلِ وَفَضْلِهَا . ثُمَّ الأََلْفُ الَّتِي تَلِي الأََلْفَ الأَُولَى بِقَدْرِ فَضْلِهَا أَيْضًا . ثُمَّ الأََلْفُ الَّتِي تَلِيهَا بِقَدْرِ فَضْلِهَا أَيْضًا حَتَّى يُؤْتَى عَلَى آخِرِهَا تَفْضُلُ كُلُّ أَلْفٍ بِقَدْرِ مَوْضِعِهَا فِي تَعْجِيلِ الأََجَلِ وَتَأْخِيرِهِ ؛ لأَنَّ مَا اسْتَأْخَرَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ أَقَلَّ فِي الْقِيمَةِ ثُمَّ يُوضَعُ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ قَدْرُ مَا أَصَابَ تِلْكَ الأََلْفَ مِنَ الْقِيمَةِ عَلَى تَفَاضُلِ ذَلِكَ إِنْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ ، فَهُوَ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ.
2345- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبُعِ مُكَاتَبٍ أَوْ أَعْتَقَ رُبُعَهُ ، فَهَلَكَ الرَّجُلُ ثُمَّ هَلَكَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً كَثِيرًا أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ. قَالَ مَالِكٌ : يُعْطَى وَرَثَةُ السَّيِّدِ وَالَّذِي أَوْصَى لَهُ بِرُبُعِ الْمُكَاتَبِ مَا بَقِيَ لَهُمْ عَلَى الْمُكَاتَبِ ثُمَّ يَقْتَسِمُونَ مَا فَضَلَ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِرُبُعِ الْمُكَاتَبِ ثُلُثُ مَا فَضَلَ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ وَلِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ الثُّلُثَانِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ فَإِنَّمَا يُورَثُ بِالرِّقِّ.
2346- قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ قَالَ : إِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَيُوضَعُ عَنْهُ مِنَ الْكِتَابَةِ قَدْرُ ذَلِكَ . إِنْ كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ خَمْسَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ نَقْدًا ، وَيَكُونُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ . عَتَقَ نِصْفُهُ وَيُوضَعُ عَنْهُ شَطْرُ الْكِتَابَةِ.
2347- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ قَالَ : فِي وَصِيَّتِهِ غُلاَمِي فُلاَنٌ حُرٌّ وَكَاتِبُوا فُلاَنًا تُبَدَّأُ الْعَتَاقَةُ عَلَى الْكِتَابَةِ.
بسم الله الرحمن الرحيم
26- كِتَابُ الْمُدَبَّرِ.
1- بَابُ الْقَضَاءِ فِي الْمُدَبَّرِ.
2348- حَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ قَالَ الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ دَبَّرَ جَارِيَةً لَهُ ، فَوَلَدَتْ أَوْلاَدًا بَعْدَ تَدْبِيرِهِ إِيَّاهَا . ثُمَّ مَاتَتِ الْجَارِيَةُ قَبْلَ الَّذِي دَبَّرَهَا : إِنَّ وَلَدَهَا بِمَنْزِلَتِهَا . قَدْ ثَبَتَ لَهُمْ مِنَ الشَّرْطِ مِثْلُ الَّذِي ثَبَتَ لَهَا ، وَلاَ يَضُرُّهُمْ هَلاَكُ أُمِّهِمْ ، فَإِذَا مَاتَ الَّذِي كَانَ دَبَّرَهَا فَقَدْ عَتَقُوا ، إِنْ وَسِعَهُمُ الثُّلُثُ.
2349- وقَالَ مَالِكٌ : كُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا . إِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَوَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا ، فَوَلَدُهَا أَحْرَارٌ ، وَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُعْتَقَةً إِلَى سِنِينَ ، أَوْ مُخْدَمَةً أَوْ بَعْضَهَا حُرًّا أَوْ مَرْهُونَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فَوَلَدُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى مِثَالِ حَالِ أُمِّهِ . يَعْتِقُونَ بِعِتْقِهَا وَيَرِقُّونَ بِرِقِّهَا.
2350- قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرَةٍ دُبِّرَتْ وَهِيَ حَامِلٌ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهَا بِحَمْلِهَا : إِنَّ وَلَدَهَا بِمَنْزِلَتِهَا ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَعْتَقَ جَارِيَةً لَهُ وَهِيَ حَامِلٌ ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَمْلِهَا. قَالَ مَالِكٌ : فَالسُّنَّةُ فِيهَا أَنَّ وَلَدَهَا يَتْبَعُهَا وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهَا.
2351- قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ جَارِيَةً وَهِيَ حَامِلٌ ، فَالْوَلِيدَةُ وَمَا فِي بَطْنِهَا لِمَنِ ابْتَاعَهَا . اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَحِلُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا فِي بَطْنِهَا . لأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ . يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا ، وَلاَ يَدْرِي أَيَصِلُ ذَلِكَ إِلَيْهِ أَمْ لاَ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاعَ جَنِينًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ ، وَذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لَهُ ، لأَنَّهُ غَرَرٌ.
2352- قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ ابْتَاعَ أَحَدُهُمَا جَارِيَةً ، فَوَطِئَهَا ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَوَلَدَتْ . قَالَ : وَلَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ جَارِيَتِهِ بِمَنْزِلَتِهِ . يَعْتِقُونَ بِعِتْقِهِ ، وَيَرِقُّونَ بِرِقِّهِ. قَالَ مَالِكٌ : فَإِذَا أُعْتِقَ هُوَ ، فَإِنَّمَا أُمُّ وَلَدِهِ مَالٌ مِنْ مَالِهِ . يُسَلَّمُ إِلَيْهِ إِذَا أُعْتِقَ.
2- بَابُ جَامِعِ مَا جَاءَ فِي التَّدْبِيرِ.
2353- قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرٍ قَالَ لِسَيِّدِهِ : عَجِّلْ لِي الْعِتْقَ ، وَأُعْطِيكَ خَمْسِينَ مِنْهَا مُنَجَّمَةً عَلَيَّ ، فَقَالَ سَيِّدُهُ : نَعَمْ ، أَنْتَ حُرٌّ ، وَعَلَيْكَ خَمْسُونَ دِينَارًا . تُؤَدِّي إِلَيَّ كُلَّ عَامٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ، فَرَضِيَ بِذَلِكَ الْعَبْدُ . ثُمَّ هَلَكَ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ.
قَالَ مَالِكٌ : يَثْبُتُ لَهُ الْعِتْقُ ، وَصَارَتِ الْخَمْسُونَ دِينَارًا دَيْنًا عَلَيْهِ ، وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ ، وَثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ ، وَمِيرَاثُهُ وَحُدُودُهُ ، وَلاَ يَضَعُ عَنْهُ مَوْتُ سَيِّدِهِ . شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ.
2354- قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ ، فَمَاتَ السَّيِّدُ ، وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَمَالٌ غَائِبٌ ، فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ مَا يَخْرُجُ فِيهِ الْمُدَبَّرُ . قَالَ : يُوقَفُ الْمُدَبَّرُ بِمَالِهِ ، وَيُجْمَعُ خَرَاجُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنَ الْمَالِ الْغَائِبِ ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا تَرَكَ سَيِّدُهُ ، مِمَّا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ ، عَتَقَ بِمَالِهِ ، وَبِمَا جُمِعَ مِنْ خَرَاجِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا تَرَكَ سَيِّدُهُ مَا يَحْمِلُهُ ، عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ ، وَتُرِكَ مَالُهُ فِي يَدَيْهِ.
3- بَابُ الْوَصِيَّةِ فِي التَّدْبِيرِ.
2355- قَالَ مَالِكٌ الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ كُلَّ عَتَاقَةٍ أَعْتَقَهَا رَجُلٌ ، فِي وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ : أَنَّهُ يَرُدُّهَا مَتَى شَاءَ ، وَيُغَيِّرُهَا مَتَى شَاءَ ، مَا لَمْ يَكُنْ تَدْبِيرًا ، فَإِذَا دَبَّرَ ، فَلاَ سَبِيلَ لَهُ إِلَى رَدِّ مَا دَبَّرَ.
2356- قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ أَمَةٌ ، أَوْصَى بِعِتْقِهَا وَلَمْ تُدَبَّرْ ، فَإِنَّ وَلَدَهَا لاَ يَعْتِقُونَ مَعَهَا إِذَا عَتَقَتْ ، وَذَلِكَ أَنَّ سَيِّدَهَا يُغَيِّرُ وَصِيَّتَهُ إِنْ شَاءَ ، وَيَرُدُّهَا مَتَى شَاءَ ، وَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا عَتَاقَةٌ ، وَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ قَالَ لِجَارِيَتِهِ : إِنْ بَقِيَتْ عِنْدِي فُلاَنَةُ حَتَّى أَمُوتَ ، فَهِيَ حُرَّةٌ. قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ أَدْرَكَتْ ذَلِكَ ، كَانَ لَهَا ذَلِكَ ، وَإِنْ شَاءَ ، قَبْلَ ذَلِكَ ، بَاعَهَا وَوَلَدَهَا لأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْ وَلَدَهَا فِي شَيْءٍ مِمَّا جَعَلَ لَهَا.
2357- قَالَ : وَالْوَصِيَّةُ فِي الْعَتَاقَةِ مُخَالِفَةٌ لِلتَّدْبِيرِ ، فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ مَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ . قَالَ : وَلَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ التَّدْبِيرِ . كَانَ كُلُّ مُوصٍ لاَ يَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِ وَصِيَّتِهِ ، وَمَا ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الْعَتَاقَةِ ، وَكَانَ قَدْ حَبَسَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ.
2358- قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَبَّرَ رَقِيقًا لَهُ جَمِيعًا ، فِي صِحَّتِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ : إِنْ كَانَ دَبَّرَ بَعْضَهُمْ قَبْلَ بَعْضٍ بُدِئَ بِالأََوَّلِ فَالأََوَّلِ ، حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ ، وَإِنْ كَانَ دَبَّرَهُمْ جَمِيعًا فِي مَرَضِهِ ، فَقَالَ : فُلاَنٌ حُرٌّ ، وَفُلاَنٌ حُرٌّ ، وَفُلاَنٌ حُرٌّ ، فِي كَلاَمٍ وَاحِدٍ . إِنْ حَدَثَ بِي فِي مَرَضِي هَذَا حَدَثُ مَوْتٍ ، أَوْ دَبَّرَهُمْ جَمِيعًا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ، تَحَاصَّوْا فِي الثُّلُثِ ، وَلَمْ يُبَدَّأْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَبْلَ صَاحِبِهِ ، وَإِنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ ، وَإِنَّمَا لَهُمُ الثُّلُثُ . يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ . ثُمَّ يَعْتِقُ مِنْهُمُ الثُّلُثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ . قَالَ : وَلاَ يُبَدَّأُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَرَضِهِ.
2359- قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَبَّرَ غُلاَمًا لَهُ ، فَهَلَكَ السَّيِّدُ وَلاَ مَالَ لَهُ إِلاَّ الْعَبْدُ الْمُدَبَّرُ ، وَلِلْعَبْدِ مَالٌ قَالَ : يُعْتَقُ ثُلُثُ الْمُدَبَّرِ ، وَيُوقَفُ مَالُهُ بِيَدَيْهِ.
2360- قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرٍ كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ فَمَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالاً غَيْرَهُ. قَالَ مَالِكٌ : يُعْتَقُ مِنْهُ ثُلُثُهُ ، وَيُوضَعُ عَنْهُ ثُلُثُ كِتَابَتِهِ ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ ثُلُثَاهَا.
2361- قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ لَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ ، فَبَتَّ عِتْقَ نِصْفِهِ ، أَوْ بَتَّ عِتْقَهُ كُلَّهُ ، وَقَدْ كَانَ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ آخَرَ قَبْلَ ذَلِكَ . قَالَ : يُبَدَّأُ بِالْمُدَبَّرِ قَبْلَ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرُدَّ مَا دَبَّرَ ، وَلاَ أَنْ يَتَعَقَّبَهُ بِأَمْرٍ يَرُدُّهُ بِهِ ، فَإِذَا عَتَقَ الْمُدَبَّرُ فَلْيَكُنْ مَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ فِي الَّذِي أَعْتَقَ شَطْرَهُ . حَتَّى يَسْتَتِمَّ عِتْقُهُ كُلُّهُ ، فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ فَضْلَ الثُّلُثِ ، عَتَقَ مِنْهُ مَا بَلَغَ فَضْلَ الثُّلُثِ ، بَعْدَ عِتْقِ الْمُدَبَّرِ الأََوَّلِ.
4- بَابُ مَسِّ الرَّجُلِ وَلِيدَتَهُ إِذَا دَبَّرَهَا.
2362- حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، دَبَّرَ جَارِيَتَيْنِ لَهُ فَكَانَ يَطَؤُهُمَا وَهُمَا مُدَبَّرَتَانِ.
2363- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، كَانَ يَقُولُ : إِذَا دَبَّرَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَلاَ يَهَبَهَا وَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا.
5- بَابُ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ.
2364- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْمُدَبَّرِ ، أَنَّ صَاحِبَهُ لاَ يَبِيعُهُ ، وَلاَ يُحَوِّلُهُ عَنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ ، وَأَنَّهُ إِنْ رَهِقَ سَيِّدَهُ دَيْنٌ ، فَإِنَّ غُرَمَاءَهُ لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى بَيْعِهِ ، مَا عَاشَ سَيِّدُهُ ، فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ وَلاَ دَيْنَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي ثُلُثِهِ . لأَنَّهُ اسْتَثْنَى عَلَيْهِ عَمَلَهُ مَا عَاشَ ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْدُمَهُ حَيَاتَهُ . ثُمَّ يُعْتِقَهُ عَلَى وَرَثَتِهِ ، إِذَا مَاتَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ ، وَلاَ مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ، عَتَقَ ثُلُثُهُ ، وَكَانَ ثُلُثَاهُ لِوَرَثَتِهِ ، فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِالْمُدَبَّرِ ، بِيعَ فِي دَيْنِهِ . لأَنَّهُ إِنَّمَا يَعْتِقُ فِي الثُّلُثِ . قَالَ : فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لاَ يُحِيطُ إِلاَّ بِنِصْفِ الْعَبْدِ . بِيعَ نِصْفُهُ لِلدَّيْنِ . ثُمَّ عَتَقَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ.
2365- قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ ، وَلاَ يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَهُ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُدَبَّرُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ ، أَوْ يُعْطِيَ أَحَدٌ سَيِّدَ الْمُدَبَّرِ مَالاً ، وَيُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ ، فَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا. قَالَ مَالِكٌ : وَوَلاَؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ.
2366- قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَجُوزُ بَيْعُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ . لأَنَّهُ غَرَرٌ إِذْ لاَ يُدْرَى كَمْ يَعِيشُ سَيِّدُهُ فَذَلِكَ غَرَرٌ لاَ يَصْلُحُ.
2367- وقَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ، فَيُدَبِّرُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ : إِنَّهُمَا يَتَقَاوَمَانِهِ ، فَإِنِ اشْتَرَاهُ الَّذِي دَبَّرَهُ كَانَ مُدَبَّرًا كُلَّهُ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ انْتَقَضَ تَدْبِيرُهُ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ أَنْ يُعْطِيَهُ شَرِيكَهُ الَّذِي دَبَّرَهُ بِقِيمَتِهِ ، فَإِنْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ بِقِيمَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ ، وَكَانَ مُدَبَّرًا كُلَّهُ.
2368- وقَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ نَصْرَانِيٍّ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ. قَالَ مَالِكٌ : يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ ، وَيُخَارَجُ عَلَى سَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ ، وَلاَ يُبَاعُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ ، فَإِنْ هَلَكَ النَّصْرَانِيُّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ، قُضِيَ دَيْنُهُ مِنْ ثَمَنِ الْمُدَبَّرِ . إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي مَالِهِ مَا يَحْمِلُ الدَّيْنَ ، فَيَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ.
6- بَابُ جِرَاحِ الْمُدَبَّرِ.
2369- حَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَضَى فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ أَنَّ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُسَلِّمَ مَا يَمْلِكُ مِنْهُ إِلَى الْمَجْرُوحِ ، فَيَخْتَدِمُهُ الْمَجْرُوحُ وَيُقَاصُّهُ بِجِرَاحِهِ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ ، فَإِنْ أَدَّى قَبْلَ أَنْ يَهْلِكَ سَيِّدُهُ رَجَعَ إِلَى سَيِّدِهِ.
2370- قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ . ثُمَّ هَلَكَ سَيِّدُهُ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ ، أَنَّهُ يُعْتَقُ ثُلُثُهُ . ثُمَّ يُقْسَمُ عَقْلُ الْجَرْحِ أَثْلاَثًا ، فَيَكُونُ ثُلُثُ الْعَقْلِ عَلَى الثُّلُثِ الَّذِي عَتَقَ مِنْهُ ، وَيَكُونُ ثُلُثَاهُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ اللَّذَيْنِ بِأَيْدِي الْوَرَثَةِ إِنْ شَاؤُوا أَسْلَمُوا الَّذِي لَهُمْ مِنْهُ إِلَى صَاحِبِ الْجَرْحِ وَإِنْ شَاؤُوا أَعْطَوْهُ ثُلُثَيِ الْعَقْلِ ، وَأَمْسَكُوا نَصِيبَهُمْ مِنَ الْعَبْدِ
وَذَلِكَ أَنَّ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ إِنَّمَا كَانَتْ جِنَايَتُهُ مِنَ الْعَبْدِ ، وَلَمْ تَكُنْ دَيْنًا عَلَى السَّيِّدِ ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الَّذِي أَحْدَثَ الْعَبْدُ بِالَّذِي يُبْطِلُ مَا صَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ عِتْقِهِ وَتَدْبِيرِهِ ، فَإِنْ كَانَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ ، مَعَ جِنَايَةِ الْعَبْدِ ، بِيعَ مِنَ الْمُدَبَّرِ بِقَدْرِ عَقْلِ الْجَرْحِ ، وَقَدْرِ الدَّيْنِ . ثُمَّ يُبَدَّأُ بِالْعَقْلِ الَّذِي كَانَ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ ، فَيُقْضَى مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ . ثُمَّ يُقْضَى دَيْنُ سَيِّدِهِ . ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْعَبْدِ ، فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُ ، وَيَبْقَى ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ ، وَذَلِكَ أَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ هِيَ أَوْلَى مِنْ دَيْنِ سَيِّدِهِ.
وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا هَلَكَ وَتَرَكَ عَبْدًا مُدَبَّرًا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ وَمِائَةُ دِينَارٍ ، وَكَانَ الْعَبْدُ قَدْ شَجَّ رَجُلاً حُرًّا مُوضِحَةً عَقْلُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا ، وَكَانَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ مِنَ الدَّيْنِ خَمْسُونَ دِينَارًا. قَالَ مَالِكٌ : فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِالْخَمْسِينَ دِينَارًا الَّتِي فِي عَقْلِ الشَّجَّةِ فَتُقْضَى مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ . ثُمَّ يُقْضَى دَيْنُ سَيِّدِهِ . ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ ، فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُ ، وَيَبْقَى ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ ، فَالْعَقْلُ أَوْجَبُ فِي رَقَبَتِهِ مِنْ دَيْنِ سَيِّدِهِ ، وَدَيْنُ سَيِّدِهِ أَوْجَبُ مِنَ التَّدْبِيرِ ، الَّذِي إِنَّمَا هُوَ وَصِيَّةٌ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ ، فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ شَيْءٌ مِنَ التَّدْبِيرِ ، وَعَلَى سَيِّدِ الْمُدَبَّرِ دَيْنٌ لَمْ يُقْضَ ، وَإِنَّمَا هُوَ وَصِيَّةٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ : {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ}.
قالَ مَالِكٌ : فَإِنْ كَانَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ مَا يَعْتِقُ فِيهِ الْمُدَبَّرُ كُلُّهُ عَتَقَ ، وَكَانَ عَقْلُ جِنَايَتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ . يُتَّبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَقْلُ الدِّيَةَ كَامِلَةً وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ.
2371- وقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ رَجُلاً فَأَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ إِلَى الْمَجْرُوحِ . ثُمَّ هَلَكَ سَيِّدُهُ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالاً غَيْرَهُ ، فَقَالَ الْوَرَثَةُ : نَحْنُ نُسَلِّمُهُ إِلَى صَاحِبِ الْجُرْحِ ، وَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ : أَنَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ : إِنَّهُ إِذَا زَادَ الْغَرِيمُ شَيْئًا فَهُوَ أَوْلَى بِهِ وَيُحَطُّ عَنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ قَدْرُ مَا زَادَ الْغَرِيمُ عَلَى دِيَةِ الْجَرْحِ ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا لَمْ يَأْخُذِ الْعَبْدَ.
2372- وقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ وَلَهُ مَالٌ فَأَبَى سَيِّدُهُ أَنْ يَفْتَدِيَهُ : فَإِنَّ الْمَجْرُوحَ يَأْخُذُ مَالَ الْمُدَبَّرِ فِي دِيَةِ جُرْحِهِ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ اسْتَوْفَى الْمَجْرُوحُ دِيَةَ جُرْحِهِ وَرَدَّ الْمُدَبَّرَ إِلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ ، اقْتَضَاهُ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ ، وَاسْتَعْمَلَ الْمُدَبَّرَ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ.