كتاب : الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِر
المؤلف : الشَّيْخ زَيْنُ الْعَابِدِيْنَ بْنِ إِبْرَاهِيْمِ بْنِ
نُجَيْمٍ
مِنْ النِّثَارِ شَيْءٌ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ لِلْآخِذِ إلَّا أَنْ يُهَيِّئَ حِجْرَهُ لَهُ وَأَمَّا الثَّانِي فَشَرْطُهُ وُجُودُ الْمِلْكِ فِي الْمَحَلِّ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ضَرْبَةِ الْقَانِصِ وَالْغَائِصِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ
لَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْجَبْرِيِّ إنْ كَانَ أَبُوهُ سُنِّيًّا، وَإِنْ كَانَ جَبْرِيًّا حَلَّتْ . سَمَكَةٌ فِي سَمَكَةٍ فَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً حَلَّتَا وَإِلَّا لَا ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَقْذَرَةٌ ، وَإِنْ وَجَدَ فِيهَا دُرَّةً مَلَكَهَا حَلَالًا ، وَإِنْ وَجَدَ خَاتَمًا أَوْ دِينَارًا مَضْرُوبًا لَا ، وَهُوَ لُقَطَةٌ ، لَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا عَلَى نَفْسِهِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا ، وَكَذَا إذَا كَانَ غَنِيًّا عِنْدَنَا .
أُرْسِلَتْ السَّمَكَةُ فِي الْمَاءِ النَّجَسِ فَكَبِرَتْ فِيهِ ، لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا لِلْحَالِّ ، وَيَحِلُّ أَكْلُهَا إذَا كَانَتْ مَجْرُوحَةً طَافِيَةً .
اشْتَرَى سَمَكَةً مَشْدُودَةً بِالشَّبَكَةِ فِي الْمَاءِ وَقَبَضَهَا كَذَلِكَ فَجَاءَتْ سَمَكَةٌ فَابْتَلَعَتْهَا ،فَالْمُبْتَلِعَةُ لِلْبَائِعِ وَالْمَشْدُودَةُ لِلْمُشْتَرِي ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُبْتَلِعَةُ هِيَ الْمَشْدُودَةَ ،فَهُمَا لِلْمُشْتَرِي قَبَضَهَا أَوْ لَا . ذَبَحَ لِقُدُومِ الْأَمِيرِ أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْ الْعُظَمَاءِ ، يَحْرُمُ وَلَوْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى ، وَلِلضَّيْفِ لَا .
النَّثْرُ عَلَى الْأَمِيرِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا الْتِقَاطُهُ وَفِي الْعُرْسِ جَائِزٌ .الْعُضْو الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيِّتِهِ إلَّا مِنْ مَذْبُوحٍ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ مِنْ الْمَأْكُولِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي
كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ
لَيْسَ زَمَانُنَا زَمَانَ اجْتِنَابِ الشُّبُهَاتِ كَمَا فِيهِ مِنْ الْخَانِيَّةِ وَالتَّجْنِيسِ .
الْغِشُّ حَرَامٌ فَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الزُّيُوفِ لِدَائِنٍ وَلَا بَيْعُ الْعُرُوضِ الْمَغْشُوشَةِ بِلَا بَيَانٍ إلَّا فِي شِرَاءِ الْأَسِيرِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ .
وَالثَّانِيَةُ فِي إعْطَاءِ الْجُعْلِ .
يَجُوزُ لَهُ إعْطَاءُ الزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ وَهُمَا فِي وَاقِعَاتِ الْحُسَامِيِّ مِنْ شِرَاءِ الْأَسِيرِ الْفَتْوَى فِي حَقِّ الْجَاهِلِ بِمَنْزِلَةِ الِاجْتِهَادِ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ كَذَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ
الْحُرْمَةُ تَتَعَدَّى فِي الْأَمْوَالِ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا ،إلَّا فِي حَقِّ الْوَارِثِ فَإِنَّ مَالَ مُورَثِهِ حَلَالٌ لَهُ وَإِنْ عَلِمَ بِحُرْمَتِهِ مِنْهُ ، مِنْ الْخَانِيَّةِ ،وَقَيَّدَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِأَنْ لَا يَعْلَمَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِمَنْ قَبَّلَ يَدَ غَيْرِهِ فَسَقَ إلَّا إذَا كَانَ ذَا عِلْمٍ وَشَرَفٍ ، كَذَا فِي مُكَفِّرَاتِ الظَّهِيرِيَّةِ .
وَيَدْخُلُ السُّلْطَانُ الْعَادِلُ وَالْأَمِيرُ تَحْتَ ذِي الشَّرَفِ . يُكْرَهُ مُعَاشَرَةُ مَنْ لَا يُصَلِّي وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ ، إلَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ لَا يُصَلِّي لَمْ يُكْرَهْ لِلْمَرْأَةِ مُعَاشَرَتُهُ .
كَذَا فِي نَفَقَاتِ الظَّهِيرِيَّةِ الْخُلْفُ فِي الْوَعْدِ حَرَامٌ كَذَا فِي أُضْحِيَّةِ الذَّخِيرَةِ وَفِي الْقُنْيَةِ .
وَعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ فَلَمْ يَأْتِهِ لَا يَأْثَمُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَعْدُ إلَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا كَمَا فِي كَفَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ ،وَفِي بَيْعِ الْوَفَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ .
اسْتِخْدَامُ الْيَتِيمِ بِلَا أُجْرَةٍ حَرَامٌ ،وَلَوْ لِأَخِيهِ وَمُعَلِّمِهِ إلَّا لِأُمِّهِ ،وَفِيمَا إذَا أَرْسَلَهُ الْمُعَلِّمُ لِإِحْضَارِ شَرِيكِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِلُبْسُ الْحَرِيرِ الْخَالِصِ حَرَامٌ عَلَى الرَّجُلِ ،إلَّا لِدَفْعِ قَمْلٍ أَوْ حَكَّةٍ كَمَا فِي الْحَدَّادِيِّ مِنْ غَايَةِ الْبَيَانِ ، وَلَا يَجُوزُ الْخَالِصُ فِي الْحَرْبِ عِنْدَهُمَا حُرِّمَ عَلَى الْبَالِغِ فِعْلُهُ حُرِّمَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْقِيَهُ خَمْرًا ، وَلَا أَنْ يُلْبِسَهُ حَرِيرًا ، وَلَا أَنْ يُخَضِّبَ يَدَهُ بِحِنَّاءٍ أَوْ رِجْلَهُ وَلَا إجْلَاسَ الصَّغِيرِ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا .
الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ إلَّا لِمُلَازِمَةِ مَدْيُونَةٍ هَرَبَتْ وَدَخَلَتْ خَرِبَةً ، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ ، وَفِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ فِي الْبَيْتِ.
الْخَلْوَةُ بِالْمَحْرَمِ مُبَاحَةٌ إلَّا لِأُخْتٍ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَالصِّهْرَةِ الشَّابَّةِ.
مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ أُبِيحَ لَعْنُهُ إلَّا وَالِدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِثُبُوتِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَاهُمَا لَهُ حَتَّى آمَنَا بِهِ .
كَذَا فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ.
اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ أَثَوْبُ مِنْ قِرَاءَتِهِ ، كَذَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ .
كِتَابُ الرَّهْنِ
مَا قَبِلَ الْبَيْعَ قَبِلَ الرَّهْنَ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ :
بَيْعُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ ،بَيْعُ الْمَشْغُولِ جَائِزٌ
لَا رَهْنُهُ ، بَيْعُ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ ،بَيْعُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِشَرْطٍ قَبْلَ وُجُودِهِ فِي غَيْرِ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ ، كَذَا فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ لَا يَجُوزُ رَهْنُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ ،فَإِذَا أَجَّرَهُ الْمُرْتَهِنُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْأَجْرُ .
أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْإِجَارَةِ فَأَجَّرَهُ خَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ وَلَا يَعُودُالْآجِرُ ، إذَا رَهَنَ الْعَيْنَ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى دَيْنٍ لَهُ صَحَّ وَانْفَسَخَتْ .
أَبَاحَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَكْلَ الثِّمَارِ فَأَكَلَهَا لَمْ يَضْمَنْ ،بَاعَ الرَّاهِنُ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ انْفَسَخَ الْأَوَّلُ ، يُكْرَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي السُّكْنَى فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالْأُجْرَةِ . رَهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ مَوْعُودٍ فَدَفَعَ لَهُ الْبَعْضَ وَامْتَنَعَ لَأُجْبِرَ .
لَا يَبِيعُ الْقَاضِي الرَّهْنَ بِغَيْبَةِ الرَّاهِنِ الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يُبَيَّنْ الْمِقْدَارُ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ فِي الْأَصَحِّالْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُهُ الْوَارِثُ إذَا عَرَفَ الرَّهْنَ لَا الرَّاهِنَ لَا يَكُونُ لُقَطَةً بَلْ يَحْفَظُهُ إلَى ظُهُورِ الْمَالِكِ .
الْقَوْلُ لِمُنْكِرِهِ مَعَ الْيَمِينِ وَفِي تَعْيِينِ الرَّهْنِ وَفِي مِقْدَارِ مَا رَهَنَ بِهِ .
اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِيمَا بَاعَ بِهِ الْعَدْلُ الرَّهْنَ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ ، وَإِنْ صَدَّقَ الْعَدْلُ الرَّاهِنَ كَمَا لَوْ اُخْتُلِفَ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ ، وَلَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْعَدْلِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ وَلَوْ كَانَ رَهْنًا يُمَثِّلُ الدَّيْنَ فَبَاعَهُ الْعَدْلُ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتُهُ وَكَذَّبَهُ الرَّاهِنُ ، فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَا الْعَدْلِمَا جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِهِ جَازَ الرَّهْنُ بِهِ إلَّا فِي دَرْكِ الْمَبِيعِ ، تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِهِ دُونَ الرَّهْنِ ، وَيَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِمَا هُوَ عَلَى الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ ، وَفِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ يَجُوزُ أَخْذُ الْكَفِيلِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ دُونَ الرَّهْنِ ، ذَكَرَهُمَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ .
كِتَابُ الْجِنَايَاتِ
الْعَاقِلَةُ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ صَالَحَ فَإِنَّ نَصِيبَ الْبَاقِينَ يَنْقَلِبُ مَالًا وَيَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ صُلْحُ الْأَوْلِيَاءِ وَعَفْوُهُمْ عَنْ الْقَاتِلِ يُسْقِطُ حَقَّهُمْ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ لَا حَقَّ الْمَقْتُولِ ،كَذَا فِي الْمُنْيَةِ .
الْوَاجِبُ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَالْمُبَاحُ يَتَقَيَّدُ بِهِ فَلَا ضَمَانَ .
لَوْ سَرَى قَطْعُ الْقَاضِي إلَى النَّفْسِ ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْمُعَزَّرُ ، وَكَذَا إذَا سَرَى الْقَصْدُ إلَى النَّفْسِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْمُعْتَادَ لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ ، وَلَوْ قَطَعَ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ يَدَ قَاطِعِهِ فَسَرَتْ ضَمِنَ الدِّيَةَ ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَيَتَقَيَّدُ ،وَضَمِنَ لَوْ عَزَّرَ زَوْجَتَهُ فَمَاتَتْ .
وَمِنْهُ الْمُرُورُ فِي الطَّرِيقِ مُقَيَّدٌ بِهَا ،وَمِنْهُ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ
أَوْ الْإِمَامِ أَوْ الْوَصِيِّ تَأْدِيبًا ، وَمِنْ الْأَوَّلِ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ أَوْ الْإِمَامِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْمُعَلِّمِ بِإِذْنِ الْأَبِ تَعْلِيمًا فَمَاتَ لَا ضَمَانَ ، فَضَرْبُ التَّأْدِيبِ مُقَيَّدٌ لِكَوْنِهِ مُبَاحًا وَضَرْبُ التَّعْلِيمِ لَا لِكَوْنِهِ وَاجِبًا ، وَمَحَلُّهُ فِي الضَّرْبِ الْمُعْتَادِ ؛ أَمَّا غَيْرُهُ فَمُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي الْكُلِّ .
وَخَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ الثَّانِي ،مَا إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَأَفْضَاهَا وَمَاتَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ مُبَاحًا لِكَوْنِ الْوَطْءِ أَخَذَ مُوجِبَهُ ، وَهُوَ الْمَهْرُ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ آخَرُ .
وَتَمَامُهُ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ . الْجِنَايَتَانِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَهَا لَا تَتَدَاخَلَانِ إلَّا إذَا كَانَا خَطَأً وَلَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا بُرْءٌ فَتَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ .الْقِصَاصُ يَجِبُ لِلْمَيِّتِ ابْتِدَاءً ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ ،فَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ وَلَهُ ابْنَانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْعَافِي عِنْدَ الْإِمَامِ .وَصَحَّ عَفْوُ الْمَجْرُوحِ وَتُقْضَى دُيُونُهُ مِنْهُ .
لَوْ انْقَلَبَ مَالًا وَهُوَ مَوْرُوثٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَرِثُهُ الزَّوْجَانِ كَالْأَمْوَالِ .
الِاعْتِبَارُ فِي ضَمَانِ النَّفْسِ بِعَدَدِ الْجُنَاةِ لَا لِعَدَدِ الْجِنَايَاتِ ،
وَعَلَيْهِ فَرَّعَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْإِجَارَةِ .
لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ فَضَرَبَهُ أَحَدَ عَشَرَ فَمَاتَ ، رُفِعَ عَنْهُ مَا نَقَصَتْهُ الْعَشَرَةُ وَضَمِنَ مَا نَقَصَهُ الْأَخِيرُ ، فَيَضْمَنُهُ مَضْرُوبًا بِعَشَرَةِ أَسْوَاطٍ وَنِصْفِ قِيمَتِهِ .
دِيَةُ الْقَتْلِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ كَانَ الْقَتْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ . الْإِسْلَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يُوجِبُ عِصْمَةَ الدَّمِ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ هِبَةُ الْقِصَاصِ لِغَيْرِ الْقَاتِلِ لَا تَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ التَّمْلِيكُ كَمَا فِي إجَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ . لَا تَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهِ دِيَةُ الْمُكْرِهِ عَلَى الْقَتْلِ ، إذَا قَتَلَهُ الْآخَرُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ ،لِكُلِّ وَاحِدٍ التَّعَرُّضُ عَلَى مَنْ شَرَعَ جُنَاحًا فِي الطَّرِيقِ وَلَا يَأْثَمُونَ بِالسُّكُوتِ عَنْهُ .
يَضْمَنُ الْمُبَاشِرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فَيَضْمَنُ الْحَدَّادُ إذَا طَرَقَ الْحَدِيدَةَ فَفَقَأَ عَيْنًا وَالْقَصَّارُ إذَا دَقَّ فِي حَانُوتِهِ فَانْهَدَمَ حَانُوتُ جَارِهِ .
لَا اعْتِبَارَ بِرِضَاءِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِالسِّكَّةِ النَّافِذَةِ .
حَفَرَ بِئْرًا فِي بَرِّيَّةٍ فِي غَيْرِ مَمَرِّ النَّاسِ لَمْ يَضْمَنْ مَا وَقَعَ فِيهَا قَطَعَ الْحَجَّامُ لَحْمًا مِنْ عَيْنِهِ ، وَكَانَ غَيْرَ حَاذِقٍ فَعَمِيَتْ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَمَذْهَبُ
الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ الْإِمَامَ شَرْطٌ لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ كَالْحُدُودِ .
وَمَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ الْفَرْقُ ، الْقِصَاصُ كَالْحُدُودِ .
إلَّا فِي خَمْسٍ ذَكَرْنَاهَا فِي قَاعِدَةِ أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ عَفْوُ الْوَلِيِّ عَنْ الْقَاتِلِ أَفْضَلُ مِنْ الْقِصَاصِ ، وَكَذَا عَفْوُ الْمَجْرُوحِ .
وَعَفْوُ الْوَلِيِّ يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْقَاتِلِ فِي الدُّنْيَا ، وَلَا يَبْرَأُ عَنْ قَتْلِهِ كَالْوَارِثِ إذَا أَبْرَأَ الْمَدْيُونَ بَرَأَ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ ظُلْمِ الْمُوَرِّثِ وَمَطْلِهِ .
إذَا قَالَ الْمَجْرُوحُ قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي حَقِّ فُلَانٍ وَلَا بَيِّنَةُ الْوَارِثِ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ قَتَلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ : جَرَحَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ ، فَبَرْهَنَ ابْنُهُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ جَرَحَهُ تُقْبَلُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ .
يَصِحُّ عَفْوُ الْمَجْرُوحِ وَالْوَارِثِ قَبْلَ مَوْتِهِ لِانْعِقَادِ السَّبَبِ لَهُمَا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ .
الْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ ، وَلَا تَثْبُتُ مَعَهَا إلَّا فِي التَّرْجَمَةِ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْحُدُودِ مَعَ أَنَّ فِيهَا شُبْهَةً كَمَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ
كِتَابُ الْوَصَايَا
لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْيَتِيمِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ ،وَمَنَعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَيْضًا إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ : إذَا بِيعَ بِضِعْفِ قِيمَتِهِ ، وَفِيمَا إذَا احْتَاجَ الْيَتِيمُ إلَى النَّفَقَةِ ، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ ،وَفِيمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْهُ .
وَزِدْت أَرْبَعًا فَصَارَ الْمُسْتَثْنَى سَبْعًا ؛ ثَلَاثٌ مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ :فِيمَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ لَا نَفَاذَ لَهَا إلَّا مِنْهُ ، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ غَلَّاتُهُ لَا تَزِيدُ عَلَى مُؤْنَتِهِ ،وَفِيمَا إذَا كَانَ حَانُوتًا أَوْ دَارًا يُخْشَى عَلَيْهِ النُّقْصَانُ(انْتَهَى).
وَالرَّابِعَةُ مِنْ بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ ؛ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَقَارُ فِي يَدِ مُتَغَلِّبٍ وَخَافَ الْوَصِيُّ عَلَيْهِ فَلَهُ بَيْعُهُ ( انْتَهَى )
وَفِي الْمَجْمَعِ : وَيَضُمُّ الْقَاضِي إلَى الْعَاجِزِ مَنْ يُعِينُهُ ، فَإِنْ شَكَا إلَيْهِ ذَلِكَ لَا يُجِيبُهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَهُ ، فَإِنْ ظَهَرَ عَجْزُهُ اسْتَبْدَلَ بِهِ وَإِنْ شَكَا مِنْهُ الْوَرَثَةُ لَا يَعْزِلُهُ حَتَّى تَظْهَرَ لَهُ خِيَانَةٌ ( انْتَهَى )
وَفِيهِ : وَبَيْعُ الْوَصِيِّ مِنْ الْيَتِيمِ أَوْ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلصَّبِيِّ جَائِزٌ ( انْتَهَى ) .
وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ النَّفْعِ فَقِيلَ نُقْصَانُ النِّصْفِ فِي الْبَيْعِ وَفِي الشِّرَاءِ بِزِيَادَةِ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَقِيلَ : دِرْهَمَانِ فِي الْعَشَرَةِ نُقْصَانٌ وَزِيَادَةٌ .
وَتَمَامُهُ فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَقِسْمَةُ الْوَصِيِّ ، مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ ، تَجُوزُ إنْ كَانَ فِيهَا نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُنْيَةِ . وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ : قَضَى وَصِيُّهُ دَيْنًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَلَمَّا كَبِرَ الْيَتِيمُ أَنْكَرَ دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ ضَمِنَ وَصِيُّهُ مَا دَفَعَهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً .
إذَا أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ ، وَهُوَ الدَّفْعُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ يَغْرَمُ لَهُ حِصَّتَهُ لِدَفْعِهِ بِاخْتِيَارِهِ بَعْضَ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ كُلَّ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَصِيٌّ أَدَّى دَيْنًا فَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْلَا بَيِّنَةٌ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ ( انْتَهَى ) فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهُ الْيَتِيمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ لَا ، إلَّا فِي مَهْرِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا دَفَعَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ .
وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى قَوْلٍ بِالْمُؤَجَّلِ عُرْفًا وَفِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ : وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي مِنْ وَصِيِّ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بِثَمَنٍ لَا يَنْفُذُ ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ بِهِ .
وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَصِيِّ الَّذِي نَصَّبَهُ عَنْ الْمَيِّتِ جَازَ ( انْتَهَى ) .
وَفِي الْمُلْتَقَطِ : أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْمُوصَى فِي حَيَاتِهِ ، وَهُوَ مُعْتَقَلُ اللِّسَانِ يَضْمَنُ ، وَلَوْ أَنْفَقَ الْوَكِيلُ لَا يَضْمَنُ ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ بَعْدَ بُلُوغِ الْيَتِيمِ أَنَّهُ كَانَ بَاعَ عَبْدَهُ وَأَنْفَقَ ثَمَنَهُ صُدِّقَ إنْ كَانَ هَالِكًا وَإِلَّا لَا ، كَذَا فِي دَعْوَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ ، فِي وَاحِدَةٍ اتِّفَاقًا وَهِيَ فِيمَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَةَ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ عَلَى الْيَتِيمِ فَادَّعَى الْوَصِيُّ الدَّفْعَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حَوَائِجِ الْيَتِيمِ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ حَوَائِجِهِ ( انْتَهَى ) .
فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حَوَائِجِهِ .
وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَبُولُ قَوْلِ النَّاظِرِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِلَا بَيِّنَةٍ ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ ، وَفِي اثْنَتَيْنِ اخْتِلَافٌ .
لَوْ قَالَ : أَدَّيْت خَرَاجَ أَرْضِهِ ، أَوْ جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ .
قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَا بَيَانَ عَلَيْهِ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ : عَلَيْهِ الْبَيَانُ ، كَمَا فِي الْمَجْمَعِ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ : الْأُولَى : ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ .
الثَّانِيَةُ : ادَّعَى أَنَّ الْيَتِيمَ اسْتَهْلَكَ مَالَ آخَرَ فَدَفَعَ ضَمَانَهُ .
الثَّالِثَةُ : ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ مِنْ غَيْرِ إجَارَةٍ .
الرَّابِعَةُ : ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى خَرَاجَ أَرْضِهِ فِي وَقْتٍ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ .
الْخَامِسَةُ : ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى مَحْرَمِ الْيَتِيمِ .
السَّادِسَةُ : ادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لِلْيَتِيمِ فِي الْإِجَارَةِ ، وَأَنَّهُ رَكِبَتْهُ دُيُونٌ فَقَضَاهَا عَنْهُ .
السَّابِعَةُ : ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَالَ غَيْبَةِ مَالِهِ ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ .
الثَّامِنَةُ : ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى رَقِيقِهِ الَّذِينَ مَاتُوا .
التَّاسِعَةُ : اتَّجَرَ وَرَبِحَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُضَارِبًا .
الْعَاشِرَةُ : ادَّعَى فِدَاءَ عَبْدِهِ الْجَانِي .
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهَا .
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَ الْيَتِيمَ امْرَأَةً وَدَفَعَ مَهْرَهَا مِنْ مَالِهِ وَهِيَ مَيِّتَةٌ
الْكُلُّ فِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ مِنْ الْوَصَايَا ، وَذَكَرَ ضَابِطًاوَهُوَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا فَلَاوَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي مَسَائِلَ : الْأُولَى : لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ وَيَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لَهُمَا ، وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ ، وَهُوَ لَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مِنْ الْوَصَايَا .
الثَّانِيَةُ : إذَا خَصَّهُ الْقَاضِي تَخَصَّصَ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ .
الثَّالِثَةُ : إذَا بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ ، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ ، وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ اسْتِوَاءَهُمَا فِي رِوَايَةٍ فِي الْأُولَى .
الرَّابِعَةُ : لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يُؤَاجِرَ الصَّغِيرَ بِخِيَاطَةِ الذَّهَبِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ ، بِخِلَافِ وَصِيِّ الْقَاضِي كَذَا فِي الْقُنْيَةِ .
الْخَامِسَةُ :لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ الْعَدْلَ الْكَافِيَ ، وَلَهُ عَزْلُ وَصِيِّ الْقَاضِي كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
خِلَافًا لِمَا فِي الْيَتِيمَةِ .
السَّادِسَةُ :لَا يَمْلِكُ وَصِيُّ الْقَاضِي الْقَبْضَ إلَّا بِإِذْنٍ مُبْتَدَأٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِيصَاءِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ .
السَّابِعَةُ : يُعْمَلُ نَهْيُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ ، وَلَا يُعْمَلُ نَهْيُ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَبُولِ التَّخْصِيصِ وَعَدَمِهِ .
الثَّامِنَةُ : وَصِيُّ الْقَاضِي إذَا جَعَلَ وَصِيًّا عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ .
وَفِي الْخِزَانَةِ : وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عَامَّةً ( انْتَهَى ) .
وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ إلَّا فِي تَبَرُّعِهِ بِالْمَنَافِعِ فَإِنَّهُ نَافِذٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَذَا فِي وَصَايَا الْفَتَاوَى الصُّغْرَى ، وَظَاهِرُ مَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ مِنْ الْوَصَايَا يُخَالِفُهُ .
وَصَوَّرَهَا الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ بِأَنَّ الْمَرِيضَ أَعَارَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ .
وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ : أَنَّهُ إذَا أَجَّرَ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الْجَمِيعِ .
وَقَالَ الطَّرَسُوسِيُّ : إنَّهَا خَالَفَتْ الْقَوَاعِدَ .
وَلَيْسَ كَمَا قَالَ ، فَإِنَّ الْإِعَارَةَ وَالْإِجَارَةَ تَبْطُلَانِ بِمَوْتِهِ فَلَا إضْرَارَ عَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلِانْفِسَاخِ .
وَفِي حَيَاتِهِ لَا مِلْكَ لَهُمْ فَافْهَمْ إذَا أُبْرِئَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَلَمْ يَجِبْ بِعَقْدِهِ لَمْ يَصِحَّ .
وَإِلَّا صَحَّ وَضَمِنَ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ؛ لَوْ كَاتَبَ الْوَصِيُّ عَبْدَ الْيَتِيمِ ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ الْبَدَلِ لَمْ يَصِحَّ .كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ كَالْوَصِيِّ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
الْإِشَارَةُ مِنْ النَّاطِقِ بَاطِلَةٌ فِي وَصِيَّةٍ وَغَيْرِهَا إلَّا فِي الْإِفْتَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ كَذَا فِي التَّلْقِيحِ .
وَاخْتَلَفُوا فِي وَصِيَّةِ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ ، وَالْفَتْوَى عَلَى صِحَّتِهَا إنْ دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى الْمَوْتِ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ لَيْسَ لِلْقَاضِي عَزْلُ الْوَصِيِّ الْعَدْلِ الْكَافِي فَإِنْ عَزَلَهُ كَانَ جَائِرًا آثِمًا ، كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ عَزْلِهِ ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ ، لَكِنْ يَجِبُ الْإِفْتَاءُ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
وَأَمَّا عَزْلُ الْخَائِنِ فَوَاجِبٌ .
وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَيُضَمُّ إلَيْهِ آخَرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ .
وَالْعَدْلُ الْكَافِي لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ وَالْحِيلَةُ فِيهِ شَيْئَانِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَجْعَلَهُ الْمَيِّتُ وَصِيًّا عَلَى أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مَتَى شَاءَ .
الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَيَتَّهِمَهُ الْقَاضِي فَيُخْرِجَهُ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ .
وَفِي الْخَانِيَّةِ : الْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ لَا يُخْرِجُهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنَّمَا يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يُخْرِجُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .
الْمُعْتَقُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَالْمُكَاتَبِ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ ، فَلَوْ عَتَقَ عَبْدُهُ فِيهِ فَقَتَلَ مَوْلَاهُ خَطَأً فَعَلَيْهِ قِيمَتَانِ يَسْعَى فِيهِمَا ، وَاحِدَةٌ لِلْإِعْتَاقِ فِيهِ لِكَوْنِهِ وَصِيَّةً وَلَا وَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ ، وَأُخْرَى ، وَهِيَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دِيَةِ الْمَقْتُولِ لِجِنَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ إذَا جَنَى خَطَأً ، وَلَوْ شَهِدَ فِي زَمَنِ السِّعَايَةِ لَمْ تُقْبَلْ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الصُّغْرَى .
وَالْمُدَبَّرُ بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهُ كَالْمُعْتَقِ فِي زَمَنِ الْمَرَضِ ، فَلَوْ قُتِلَ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ خَطَأً كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ ، وَعِنْدَهُمَا الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ ، وَهِيَ مِنْ جِنَايَاتِ الْمَجْمَعِ .
وَصُرِّحَ أَيْضًا فِي الْكَافِي قُبَيْلَ الْقَسَامَةِ بِأَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي زَمَنِ سِعَايَةٍ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ ، وَحُرٌّ مَدْيُونٌ عِنْدَهُمَا ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ مُدَبَّرًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ، فَقَتَلَ هَذَا الْمُدَبَّرُ رَجُلًا خَطَأً فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ ، عِنْدَهُ كَالْمُكَاتَبِ ، وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ الدِّيَةُ ( انْتَهَى ) .
وَعَلَى هَذَا لَيْسَ لِلْمُدَبَّرَةِ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا زَمَنَ سِعَايَتِهَا ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تُزَوِّجُ نَفِسَهَا .
وَعِنْدَهُمَا لَهَا ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِهِ .
الْقَاضِي لَا يَعْزِلُ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ ، فِيمَا إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ ، أَوْ تَصَرَّفَ فِي مَا لَا يَجُوزُ عَالِمًا مُخْتَارًا .
أَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ ، وَلَكِنْ فِي هَذِهِ يَقُولُ لَهُ : إمَّا أَنْ تُبْرِئَ الْمَيِّتَ أَوْ عَزَلْتُك وَلَا يُنَصِّبُ وَصِيًّا غَيْرَهُ مَعَ وُجُودِهِ إلَّا إذَا غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً أَوْ أَقَرَّ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ
لَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ شَيْءٍ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ فَلَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَهُنَاكَ وَصِيٌّ لَمْ يَجُزْ ، وَيَأْخُذُ الْوَصِيُّ الثُّلُثَ مَرَّةً أُخْرَى وَيَتَصَدَّقُ بِهِ .
كَمَا فِي الْقُنْيَةِ الْوَصِيُّ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ سَوَاءٌ كَانَ وَصِيُّ الْقَاضِي أَوْ الْمَيِّتِ فِيهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
الْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ لَمْ يَضْمَنْ مِنْهَا أَيْضًا .
لِلْوَصِيِّ إطْلَاقُ غَرِيمِ الْيَتِيمِ مِنْ الْحَبْسِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا إنْ كَانَ مُوسِرًا لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيَّةٍ ، وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَهُ كَمَا فِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ . لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى وَلِيمَةِ خِتَانِ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ مُتَعَارَفًا لَا سَرَفَ فِيهِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ إذْنَ الْقَاضِي ، وَقِيلَ : يَضْمَنُ مُطْلَقًا .
كَذَا فِي غَصْبِ الْيَتِيمَةِ .
الْقَاضِي إذَا أَقَامَ قَيِّمًا لِعَجْزِ الْوَصِيِّ لَا يَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ ، وَإِنْ أَقَامَهُ مَقَامَ الْأَوَّلِ انْعَزَلَ .
كَذَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ ،إذَا مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ أَقَامَ الْقَاضِي الْحَيَّ وَصِيًّا أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ آخَرُ ، وَلَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا أَوْصَى لَهُمَا بِالتَّصَدُّقِ بِالثُّلُثِ فَيَضَعَانِهِ حَيْثُ شَاءَا كَذَا فِي الْخِزَانَةِ وَفِي الثَّانِي خِلَافٌ . الْوَصِيُّ إذَا أَبْرَأَ عَمَّا وَجَبَ بِعَقْدِهِ صَحَّ ، وَيَضْمَنُ إلَّا إذَا أَبْرَأَ مَنْ كَاتَبَهُ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ ، وَكَذَا الْوَكِيلُ وَالْأَبُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .
الْغُلَامُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ حَائِكًا فَلَيْسَ لِمَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ تَعْلِيمُهُ الْحِيَاكَةَ ؛ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهَا وَلِلْأُمِّ وِلَايَةُ إجَارَةِ ابْنِهَا ، وَلَوْ كَانَ فِي حِجْرِ عَمَّتِهِ . قَالَ الْقَاضِي : جَعَلْتُكَ وَكِيلًا فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ كَانَ وَكِيلًا بِالْحِفْظِ لَا غَيْرُ ، وَلَوْ زَادَ تَشْتَرِي وَتَبِيعُ كَانَ وَكِيلًا فِيهِمَا ، وَلَوْ قَالَ : جَعَلْتُك وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ كَانَ وَصِيًّا فِي الْكُلِّ . إذَا مَاتَ الْمُوصِي خَرَجَ الْمُوصَى بِهِ عَنْ مِلْكِهِ ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ أَحَدٍ حَتَّى يَقْبَلَ الْمُوصَى لَهُ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ أَوْ يَرُدَّ فَيَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ
أَوْصَى إلَى رَجُلٍ ثُمَّ إلَى آخَرَ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي كُلِّهِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ . قَضَى الْوَصِيُّ الدَّيْنَ ثُمَّ ظَهَرَ آخَرُ ضَمِنَ لَهُ حِصَّتَهُ إلَّا إذَا قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
كِتَابُ الْفَرَائِضِ
الْمَيِّتُ لَا يَمْلِكُ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا إذَا نَصَبَ شَبَكَةً لِلصَّيْدِ ثُمَّ مَاتَ فَتَعَلَّقَ الصَّيْدُ فِيهَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ .
كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ الْمَكَاتِبِ الْعَطَاءُ لَا يُورَثُ كَذَا فِي صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْوَلَاءِ أَنَّ بِنْتَ الْمُعْتِقِ تَرِثُ الْمُعْتَقَ فِي زَمَانِنَا ، وَكَذَا مَا فَضَلَ بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ يُرَدُّ عَلَيْهِ ، وَكَذَا الْمَالُ يَكُونُ لِلْبِنْتِ رَضَاعًا .
وَعَزَاهُ إلَى النِّهَايَةِ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي زَمَانِنَا بَيْتُ مَالٍ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَضَعُونَهُ مَوْضِعَهُ . كُلُّ إنْسَانٍ يَرِثُ وَيُورَثُ إلَّا ثَلَاثَةً : الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ لَا يَرِثُونَ وَلَا يُورَثُونَ .
وَمَا قِيلَ : إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرِثَ خَدِيجَةَ لَمْ يَصِحَّ ، وَإِنَّمَا وَهَبَتْ مَالَهَا لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صِحَّتِهَا .
وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ ، وَتَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ .
الْجَنِينُ يَرِثُ ، وَلَا يُورَثُ كَذَا فِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ .
وَفِي الثَّالِثِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي الْبُيُوعِ وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الْإِرْثِ ، فَقَالَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى : فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاةِ الْمُورَثِ .
وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخِي رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى : عِنْدَ الْمَوْتِ .
وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَارِثُ لِجَارِيَةِ مُورَثِهِ : إذَا مَاتَ مَوْلَاكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ .
فَعَلَى الْأَوَّلِ تَعْتِقُ لَا عَلَى الثَّانِي ، كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ . الْإِرْثُ يَجْرِي فِي الْأَعْيَانِ ، وَأَمَّا الْحُقُوقُ فَمِنْهَا مَا لَا يَجْرِي فِيهِ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالنِّكَاحُ لَا يُورَثُ ،وَحَبْسُ الْمَبِيعِ وَالرَّهْنِ يُورَثُ ، وَالْوَكَالَاتُ وَالْعَوَارِيُّ وَالْوَدَائِعُ لَا تُورَثُ ، وَاخْتَلَفُوا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يُورَثُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً وَالدِّيَةُ تُورَثُ اتِّفَاقًا .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِصَاصِ فَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يُورَثُ ،وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ لِلْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : لَا يُورَثُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا
أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ مَا لَوْ بَرْهَنَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ عَلَى الْقِصَاصِ ، وَالْبَاقِي غُيَّبٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ إذَا حَضَرُوا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا .كَذَا فِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ .
وَأَمَّا خِيَارُ التَّعْيِينِ فَاتَّفَقُوا أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً الْجَدُّ كَالْأَبِ إلَّا فِي إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً ؛خَمْسٌ فِي الْفَرَائِضِ وَسِتٌّ فِي غَيْرِهَا .
أَمَّا الْخَمْسُ :
فَالْأُولَى : الْجَدَّةُ أُمُّ الْأَبِ لَا إرْثَ لَهَا مَعَ الْأَبِ ، وَلَا تُحْجَبُ بِالْجَدِّ .
الثَّانِيَةُ : الْإِخْوَةُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ يَسْقُطُونَ بِالْأَبِ ، وَلَا يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ عَلَى قَوْلِهِمَا ، وَيَسْقُطُونَ بِهِ كَالْأَبِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ، فَالْمُخَالَفَةُ عَلَى قَوْلِهِمَا خَاصَّةً .
الثَّالِثَةُ : لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَالْأَبِ ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ فَلِلْأُمِّ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ .
الرَّابِعَةُ : لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ عَنْ أَبِ مُعْتِقِهِ وَابْنِ مُعْتِقِهِ فَلِلْأَبِ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِلِابْنِ فِي رِوَايَةٍ ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ جَدٌّ ، فَالْكُلُّ لِلِابْنِ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ .
الْخَامِسَةُ : لَوْ تَرَكَ جَدَّ مُعْتِقِهِ وَأَخَاهُ ؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَخْتَصُّ الْجَدُّ بِالْوَلَاءِ ، وَقَالَا الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْجَدِّ أَبٌ فَالْمِيرَاثُ كُلُّهُ لَهُ اتِّفَاقًا .
وَأَمَّا الْمَسَائِلُ السِّتُّ ؛ فَأَرْبَعٌ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ : لَوْ أَوْصَى لِأَقْرِبَاءِ فُلَانٍ لَا يَدْخُلُ الْأَبُ وَيَدْخُلُ الْجَدُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ .
وَفِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ .
تَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ الْغَنِيِّ دُونَ جَدِّهِ .
وَلَوْ أَعْتَقَ الْأَبُ حُرَّ وَلَاءِ وَلَدِهِ إلَى مَوَالِيهِ دُونَ الْجَدِّ .
وَيَصِيرُ الصَّغِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ دُونَ جَدِّهِ .
الْخَامِسَةُ : لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَمَالًا فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبِ فَهُوَ كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْجَدِّ .
السَّادِسَةُ : فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ أَخٌ وَجَدٌّ ؛ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَشْتَرِكَانِ وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَخْتَصُّ الْجَدُّ . وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ أَبٌ اُخْتُصَّ اتِّفَاقًا .
ثُمَّ زِدْتُ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَبُوهُ وَصَارَ يَتِيمًا ، وَلَا يَقُومُ الْجَدُّ مَقَامَ الْأَبِ لِإِزَالَةِ الْيُتْمِ عَنْهُ .
فَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً .
ثُمَّ رَأَيْت أُخْرَى فِي نَفَقَاتِ الْخَانِيَّةِ ، لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا
وَلَا مَالَ لَهُ ، وَلَهُمْ أُمٌّ وَجَدٌّ أَبِ الْأَبِ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا ؛ الثُّلُثُ عَلَى الْأُمِّ وَالثُّلُثَانِ عَلَى الْجَدِّ ( انْتَهَى ) .
وَلَوْ كَانَ الْأَبُ كَانَتْ كُلُّهَا عَلَيْهِ ، وَلَا تُشَارِكُهُ الْأُمُّ فِي نَفَقَتِهِمْ .
فَهِيَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ . الْجَدُّ الْفَاسِدُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَلَيْسَ كَأَبٍ الْأَبِ ، فَلَا يَلِي النِّكَاحَ مَعَ الْعَصَبَاتِ ، وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ ، وَلَوْ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ جَارِيَةِ ابْنِ بِنْتِهِ لَمْ يَثْبُتْ بِلَا تَصْدِيقٍ ، وَفِي الْمِيرَاثِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ إلَّا مَسْأَلَةَ مَا إذَا قَتَلَ وَلَدَ بِنْتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ كَأَبِ الْأَبِ ، كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْحَدَّادِيُّ مِنْ الْجِنَايَاتِ
وَصِيُّ الْمَيِّتِ كَالْأَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : يَجُوزُ إقْرَاضُهُ اتِّفَاقًا ، وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْأَبِ فِي رِوَايَةٍ .
الثَّانِيَةُ : يَبِيعُ وَيَشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِشَرْطِ الْخَيْرِيَّةِ لِلْيَتِيمِ ، وَلِلْأَبِ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا ضَرَرَ .
الثَّالِثَةُ : لِلْأَبِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ .
الرَّابِعَةُ : لِلْأَبِ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ ، وَلِلْوَصِيِّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ .
الْخَامِسَةُ : لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ وَلَدِهِ عَلَى دَيْنِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ .
السَّادِسَةُ : لَا تَقُومُ عِبَارَتُهُ مَقَامَ عِبَارَتَيْنِ ، فَإِذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ بِالشَّرْطِ ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ قَبِلْت بَعْدَ الْإِيجَابِ بِخِلَافِ الْأَبِ .
السَّابِعَةُ : لَا يَلِي الْإِنْكَاحَ بِخِلَافِ الْأَبِ .
الثَّامِنَةُ : لَا يُمَوِّنُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ .
التَّاسِعَةُ : لَا يُؤَدِّي مِنْ مَالِهِ صَدَقَةَ فِطْرِهِ بِخِلَافِ الْأَبِ .
الْعَاشِرَةُ : لَا يَسْتَخْدِمُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ .
الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ : لَا حَضَانَةَ لَهُ بِخِلَافِ الْأَبِ . الْمَيِّتُ لَا يَرِثُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا ضُرِبَ بَطْنُ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا فَإِنَّ الْغُرَّةَ يَرِثُهَا الْجَنِينُ لِتُورَثَ عَنْهُ كَمَا فِي جِنَايَاتِ الْمَبْسُوطِ ،وَلَا يَمْلِكُ الْمَيِّتُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا
فِي الصَّيْدِ ،
وَلَا يَضْمَنُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا ثُمَّ مَاتَ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَوْ حَفَرَ عَبْدٌ بِئْرًا تَعَدِّيًا فَأَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَوَقَعَ إنْسَانٌ فِيهَا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ لَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِنَا عَنْ مَالٍ ، وَوَرَثَتُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وُقِفَ مَالُهُ حَتَّى يَقْدَمُوا فَإِذَا قَدِمُوا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ ، وَلَوْ أَهْلَ ذِمَّةٍ ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولُوا : لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمْ ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَفِيلٌ ،وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ مِلْكِهِمْ ، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ كِتَابُهُ ؛ فِي مُسْتَأْمَنِ فَتْحِ الْقَدِيرِ ؛ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ فِي الطَّبَقَاتِ فِي بَابِ الْهَمْزِ فِي أَحْمَدَ : قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الْخِزَانَةِ قَالَ الْعَبَّاسُ النَّاطِفِيُّ : رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رَجُلٍ جَعَلَ لِأَحَدِ بَنِيهِ دَارًا بِنَصِيبِهِ .
عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ مِيرَاثٌ ، جَازَ ، وَأَفْتَى بِهِ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْيَمَانِيِّ أَحَدُ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ الثَّلْجِيِّ ، وَحَكَى ذَلِكَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَارِقِ وَأَبُو عُمَرَ وَالطَّبَرِيُّ ( انْتَهَى )
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ تَمَّ الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَيَلِيهِ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ
الْفَنُّ الثَّالِثُ: الْجَمْعُ وَالْفَرْقُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ وَأَلْهَمَ ، وَفَتَحَ مِنْ دَقَائِقِ الْحَقَائِقِ وَفَهَّمَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ( وَبَعْدُ )
فَهَذَا هُوَ الْفَنُّ الثَّالِثُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ ، وَهُوَ فَنُّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ ، وَنَبَّهْت فِيهِ عَلَى أَحْكَامٍ يَكْثُرُ دَوْرُهَا وَيَقْبُحُ بِالْفَقِيهِ جَهْلُهَا ، هِيَ أَحْكَامُ النَّاسِي أَحْكَامُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ ، وَأَحْكَامُ الصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ وَالسَّكَارَى وَالْأَعْمَى ،وَأَحْكَامُ الْحَمْلِ ، وَقَدْ كَتَبْنَاهَا فِي الْفَوَائِدِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَالْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ ، الِاقْتِصَارُ وَالِاسْتِنَادُ وَالتَّبْيِينُ وَالِانْقِلَابُ .
وَحُكْمُ النُّقُودِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ ، وَبَيَانُ جَرَيَانِ أَحَدِهِمَا مَكَانَ الْآخَرِ ، وَبَيَانُ حُكْمِ السَّاقِطِ هَلْ يَعُودُ أَمْ لَا ، وَمَا فُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ ، وَبَيَانُ أَنَّ النَّائِبَ يَمْلِكُ مَا لَا يَمْلِكُهُ الْأَصِيلُ ، وَبَيَانُ مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ ، وَمَا لَا يَقْبَلُهُ ، وَبَيَانُ أَنَّ الزُّيُوفَ كَالْجِيَادِ فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ ، وَأَحْكَامُ النَّائِمِ وَأَحْكَامُ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ ، وَبَيَانُ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ وَعَكْسِهِ ، وَأَحْكَامُ الْأُنْثَى ، وَأَحْكَامُ الْجِنِّ ، وَأَحْكَامُ الذِّمِّيِّ ، وَأَحْكَامُ الْمَحَارِمِ وَأَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ ، وَأَحْكَامُ الْعُقُودِ ، وَأَحْكَامُ الْفُسُوخِ ، وَالْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ ، وَالْقَوْلُ فِي الدَّيْنِ وَأَحْكَامِهِ ، وَالْقَوْلُ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ ، وَالْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ ، وَالْقَوْلُ فِي السَّفَرِ ، وَفِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ ، وَفِي الْحَرَمِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ.
أَحْكَامُ النَّاسِي
وَحَدُّ النِّسْيَانِ فِي التَّحْرِيرِ بِأَنَّهُ عَدَمُ تَذَكُّرِ الشَّيْءِ وَقْتَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ وَالْمُعْتَمَدُ فَإِنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ مُطْلَقًا لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ { إنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ } قَالَ الْأُصُولِيُّونَ : إنَّهُ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْحَقِيقَةِ بِدَلَالَةِ مَحَلِّ الْكَلَامِ ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْخَطَأِ وَأَخَوَيْهِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ ، فَالْمُرَادُ حُكْمُهَا ، وَهُوَ نَوْعَانِ أُخْرَوِيٌّ ، وَهُوَ الْمَأْثَمُ ،وَدُنْيَوِيٌّ ، وَهُوَ الْفَسَادُ .
وَالْحُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ ، فَصَارَ الْحُكْمُ بَعْدَ كَوْنِهِ مَجَازًا مُشْتَرَكًافَلَا يَعُمُّ .
أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ ، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلِأَنَّ الْمَجَازَ لَا عُمُومَ لَهُ ،فَإِذَا ثَبَتَ الْأُخْرَوِيُّ إجْمَاعًا لَمْ يَثْبُتْ الْآخَرُ كَذَا فِي التَّنْقِيحِ ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ .
وَأَمَّا الْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ فَإِنْ وَقَعَ فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ لَمْ يَسْقُطْ بَلْ يَجِبُ تَدَارُكُهُ وَلَا يَحْصُلُ الثَّوَابُ الْمُتَرَقَّبُ عَلَيْهِ ، أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ ،فَإِنْ أَوْجَبَ عُقُوبَةً كَانَ شُبْهَةً فِي إسْقَاطِهَا ،
فَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ حَجًّا أَوْ زَكَاةً أَوْ كَفَّارَةً أَوْ نَذْرًا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ بِلَا خِلَافٍ ،وَكَذَا الْوُقُوفُ بِغَيْرِ عَرَفَةَ غَلَطًا يَجِبُ الْقَضَاءُ اتِّفَاقًا ،
وَمِنْهَا مَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ مَانِعَةٍ نَاسِيًا أَوْ نَسِيَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَتَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَقْتَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ ، أَوْ نَسِيَ نِيَّةَ الصَّوْمِ أَوْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا وَمِمَّا يَسْقُطُ حُكْمُهُ فِي النِّسْيَانِ لَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فِي الصَّوْمِ أَوْ جَامَعَ لَمْ يَبْطُلْ أَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ تَبْطُلُ ،وَلَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالنَّاسِي وَالْعَامِدُ فِي الْيَمِينِ سَوَاءٌ ، وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ لَوْ قَالَ : زَوْجَتِي طَالِقٌ نَاسِيًا أَنَّ لَهُ زَوْجَةً ، وَكَذَا فِي الْعَتَاقِ ، وَكَذَا فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ
وَقَدْ جَعَلَ لَهُ أَصْلًا فِي التَّحْرِيرِ فَقَالَ : إنْ كَانَ مَعَهُ مُذَكِّرٌ ، وَلَا دَاعِيَةَ لَهُ كَأَكْلِ الْمُصَلِّي لَمْ يَسْقُطْ لِتَقْصِيرِهِ ، بِخِلَافِ سَلَامِهِ فِي الْقَعْدَةِ ، أَوْ لَا مَعَهُ مَعَ دَاعٍ كَأَكْلِ الصَّائِمِ سَقَطَ أَوْ لَا وَلَا فَأَوْلَى كَتَرْكِ الذَّابِحِ التَّسْمِيَةَ ( انْتَهَى )
وَمِنْ مَسَائِلِ النِّسْيَانِ لَوْ نَسِيَ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ حَتَّى مَاتَ ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنَ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ غَصْبًا يُؤَاخَذْ بِهِ ،كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمِنْهَا لَوْ عَلِمَ الْوَصِيُّ بِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِوَصَايَا لَكِنَّهُ نَسِيَ مِقْدَارَهَا .
وَحُكْمُهُ فِي وَصَايَا خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ
وَأَمَّا الْجَهْلُ فَحَقِيقَتُهُ عَدَمُ الْعِلْمِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْعِلْمُ ؛ فَإِنْ قَارَنَ اعْتِقَادَ النَّقِيضِ فَهُوَ مُرَكَّبٌ ،وَهُوَ الْمُرَادُ بِالشُّعُورِ بِالشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ وَإِلَّا فَبَسِيطٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الشُّعُورِ وَأَقْسَامُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ كَمَا فِي الْمَنَارِ أَرْبَعَةٌ:
الْأَوَّلُ : جَهْلٌ بَاطِلٌ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا فِي الْآخِرَةِ ،كَجَهْلِ الْكَافِرِ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامِ الْآخِرَةِ ، وَجَهْلِ صَاحِبِ الْهَوَى وَجَهْلِ الْبَاغِي حَتَّى يَضْمَنَ مَالَ الْعَدْلِ إذَا أَتْلَفَهُ .
وَجَهْلِ مَنْ خَالَفَ فِي اجْتِهَادِهِ الْكِتَابَ أَوْ السُّنَّةَ الْمَشْهُورَةَ وَالْإِجْمَاعَ كَالْفَتْوَى بِبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ
وَالثَّانِي : الْجَهْلُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ أَوْ فِي مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ وَأَنَّهُ يَصْلُحُ عُذْرًا وَشُبْهَةً ، كَالْمُحْتَجِمِ إذَا أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا فَطَّرَتْهُ ، وَكَمَنْ زَنَى بِجَارِيَةِ وَالِدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ
وَالثَّالِثُ : الْجَهْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ وَإِنَّهُ يَكُونُ عُذْرًا وَيَلْحَقُ بِهِ
الرَّابِعُ : وَهُوَ جَهْلُ الشَّفِيعِ ،وَجَهْلُ الْأَمَةِ بِالْإِعْتَاقِ ،وَجَهْلُ الْبِكْرِ بِنِكَاحِ الْوَلِيِّ ،وَجَهْلُ الْوَكِيلِ وَالْمَأْذُونِ بِالْإِطْلَاقِ وَضِدُّهُ ( انْتَهَى )
وَمِمَّا فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ ؛ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا فَكَذَا ، وَهُوَ مَيِّتٌ إنْ عَلِمَ بِهِ حَنِثَ وَإِلَّا لَا كَذَا فِي الْكَنْزِ ، وَقَالُوا : لَوْ لَمْ تَعْلَمْ الْأَمَةُ بِأَنَّ لَهَا خِيَارَ الْعِتْقِ لَا يَبْطُلُ بِسُكُوتِهَا ، وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ الصَّغِيرَةُ خِيَارَ الْبُلُوغِ بَطَلَ ،وَقَالُوا : لَوْ اسْتَامَ جَارِيَةً مُتَنَقِّبَةً أَوْ ثَوْبًا مَلْفُوفًا فَظَهَرَ أَنَّهُ مِلْكُهُ بَعْدَ الْكَشْفِ ؛ قِيلَ : يُعْذَرُ إذْ ادِّعَاؤُهُ لِلْجَهْلِ فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ وَقِيلَ لَا .
وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ ،وَقَالُوا : يُعْذَرُ الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي بِالتَّنَاقُضِ لِلْجَهْلِ ،وَقَالُوا : إذَا قَبِلَتْ الْخُلْعَ ثُمَّ ادَّعَتْ الثَّلَاثَ قَبْلَهُ تُسْمَعُ ، فَإِذَا بَرْهَنَتْ اسْتَرَدَّتْ الْبَدَلَ لِلْجَهْلِ فِي مَحَلِّهِ ، وَلَوْ قَبِلَ الْكِتَابَةَ ، وَأَدَّى الْبَدَلَ ثُمَّ ادَّعَى الْإِعْتَاقَ قَبْلَهُ تُسْمَعُ ، وَيَسْتَرِدُّ الْبَدَلَ إذَا بَرْهَنَ وَقَالُوا : إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ يُقْبَلُ . وَقَالُوا فِي بَابِ الرَّضَاعِ : وَلَا يَضُرُّ التَّنَاقُضُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْمُتَفَرِّقَاتِ أَنَّ الْجَهْلَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَنَا لِدَفْعِ الْفَسَادِ ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكَبِيرَةِ لَوْ جَهِلَتْ أَنَّ الْإِرْضَاعَ مُفْسِدٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ جَاهِلًا .
قَالَ بَعْضُهُمْ : لَا يَكْفُرُ .وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ وَلَا يُعْذَرُ ( انْتَهَى ) .
وَفِي آخِرِ الْيَتِيمَةِ ظَنَّ لِجَهْلِهِ أَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ حَلَالٌ لَهُ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعْلَمُ مِنْ دِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرُورَةً ، كَفَرَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالُوا فِي بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ : لَوْ اشْتَرَى مَا كَانَ رَآهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَرْئِيَّةٌ لِعَدَمِ الرِّضَاءِ بِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَالُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ : إنَّ الْجَهْلَ بِكَوْنِهِ مَالَ الْغَيْرِ يَدْفَعُ الْإِثْمَ
لَا الضَّمَانَ . وَفِي إقْرَارِ الْيَتِيمَةِ : سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ حِنْطَةً مِنْ سَلَمٍ عَقَدَاهُ بَيْنَهُمَا .
ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ سَأَلْت الْفُقَهَاءَ عَنْ الْعَقْدِ فَقَالُوا هُوَ فَاسِدٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ شَيْءٌ وَالْمُقِرُّ مَعْرُوفٌ بِالْجَهْلِ هَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ ؟ فَقَالَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَقُّ بِدَعْوَى الْجَهْلِ ( انْتَهَى ) .
وَقَالَ قَبْلَهُ : إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى ظَنِّ صِدْقِ الْمُفْتِي بِالْوُقُوعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَأَهُ فَإِفْتَاءُ الْأَهْلِ لَمْ يَقَعْ دِيَانَةً وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْحُكْمِ ،وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ .وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْإِيصَاءِ جَازَ ،وَلَوْ بَاعَ مِلْكَ أَبِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ ثُمَّ عَلِمَ جَازَ ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْجَدُّ مَالَ ابْنِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ نَفَذَ عَلَى الصَّغِيرِ ، وَمُقْتَضَى بَيْعِ الْوَارِثِ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَةً ابْنَهُ ثُمَّ بَانَ مَيِّتًا نَفَذَ .
وَلَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ فَبَانَ رَاجِعًا يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ . وَمِمَّا فَرَّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ مَا فِي وَكَالَةِ الْخَانِيَّةِ ؛ : الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا دَفَعَهُ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ مَا وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ ، قَالُوا : إنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِالْهِبَةِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ ، قَالُوا : إنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِطَرِيقِ الْفِقْهِ أَنَّ الدَّفْعَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ لَا يَجُوزُ ضَمِنَ مَا دَفَعَهُ ، وَإِلَّا فَلَا ،وَلَوْ دَفَعَ بَعْدَ مَا دَفَعَ الْمُوَكِّلُ ، فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ ،وَالْمَذْهَبُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا ، كَالْمُتَفَاوِضِينَ إذَا أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ أَدَّى الثَّانِي عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا .
وَالْآمِرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا أَدَّى الْأَمْرَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى الْمَأْمُورُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِقَضَاءِ الْمُوَكِّلِ ، قَالُوا : هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا .
أَمَّا عَلَى قَوْلِهِ : فَيَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ( انْتَهَى )
وَلَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ ، وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا أَوْصَى بِهِ لَمْ تَصِحَّ إجَازَتُهُمْ كَذَا فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ .
وَفِي وَكَالَةِ الْمُنْيَةِ : أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ غُلَامِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ بِمَا بَاعَهُ ، فَقَالَ الْمَأْمُورُ بِعْت الْغُلَامَ ، فَقَالَ : أَجَزْت .
جَازَ الْبَيْعُ ، وَكَذَا فِي النِّكَاحِ ، وَإِنْ قَالَ : قَدْ أَجَزْت مَا أَمَرْتُك بِهِ لَمْ يَجُزْ ( انْتَهَى )
وَفِي وَكَالَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ : إذَا عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ الْقَاتِلِ عَمْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ الْبَاقُونَ ؛ إنْ عَلِمَ أَنَّ عَفْوَ الْبَعْضِ يُسْقِطُ الْقِصَاصَ اُقْتُصَّ مِنْهُ ، وَإِلَّا فَلَا ، لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُشْكِلُ عَلَى النَّاسِ ( انْتَهَى )
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ : وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَقَبَضَهُ بَعْدَ إبْرَاءِ الطَّالِبِ وَلَمْ يَعْلَمْ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلِلدَّافِعِ تَضْمِينُ الْمُوَكِّلِ ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُوَكِّلِ ( انْتَهَى ) .
وَأَمَّا أَحْكَامُ الْإِكْرَاهِ فَمَذْكُورَةٌ فِي آخِرِ الْمَنَارِ ، وَهِيَ شَهِيرَةٌ فِي الْفُرُوعِ تَرَكْنَاهَا قَصْدًا
أَحْكَامُ الصِّبْيَانِ
هُوَ جَنِينٌ مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ،فَإِذَا انْفَصَلَ ذَكَرًا ، فَصَبِيٌّ وَيُسَمَّى رَجُلًا كَمَا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ إلَى الْبُلُوغِ ، فَغُلَامٌ إلَى تِسْعَ عَشَرَةَ ، فَشَابٌّ إلَى أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ ، فَكَهْلٌ إلَى إحْدَى وَخَمْسِينَ ، فَشَيْخٌ إلَى آخِرِ عُمْرِهِ .
هَكَذَا فِي اللُّغَةِ .
وَفِي الشَّرْعِ يُسَمَّى غُلَامًا إلَى الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ شَابًّا ، وَفَتًى إلَى ثَلَاثِينَ ، فَكَهْلٌ إلَى خَمْسِينَ فَشَيْخٌ .
وَتَمَامُهُ فِي أَيْمَانِ الْبَزَّازِيَّةِ ، فَلَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ حَتَّى الزَّكَاةِ عِنْدَنَا وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ ، وَعَمْدُهُ خَطَأٌ .
وَأَمَّا الْأَيْمَانُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ، فَفِي التَّحْرِيرِ : وَاسْتَثْنَى فَخْرُ الْإِسْلَامِ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْأَيْمَانَ فَأَثْبَتَ أَصْلَ وُجُوبِهِ فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ بِسَبَبِيَّةِ حُدُوثِ الْعَالِمِ لَا الْأَدَاءِ ، فَإِذَا أَسْلَمَ عَاقِلًا وَقَعَ فَرْضًا فَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُهُ بَالِغًا كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بَعْدَ السَّبَبِ .
وَنَفَاهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لِعَدَمِ حُكْمِهِ وَلَوْ أَدَّاهُ وَقَعَ فَرْضًا لِأَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ كَانَ لِعَدَمِ حُكْمِهِ فَإِذَا وُجِدَ وَجَبَ ، وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ ( انْتَهَى )
وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي مَالِهِ وَالْأُضْحِيَّةِ .
وَالْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ فَيُؤَدِّيهَا الْوَلِيُّ وَيَذْبَحُهَا وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا فَيُطْعِمُهُ مِنْهُ وَيَبْتَاعُ لَهُ بِالْبَاقِي مَا تَبْقَى عَيْنُهُ .
وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ فِي أَرْضِهِ وَعَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَعِيَالِهِ وَقَرَابَتِهِ كَالْبَالِغِ ، وَعَلَى بُطْلَانِ عِبَادَتِهِ بِفِعْلِ مَا يُفْسِدُهَا مِنْ نَحْوِ كَلَامٍ فِي الصَّلَاةِ ، وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ فِي الصَّوْمِ ، وَجِمَاعٍ فِي الْحَجِّ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ ، لَكِنْ لَا دَمَ عَلَيْهِ فِي فِعْلٍ مَحْظُورٍ إحْرَامُهُ ،
وَلَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ بِالْقَهْقَهَةِ فِي صَلَاتِهِ ، وَإِنْ أَبْطَلَتْ الصَّلَاةَ .
وَتَصِحُّ عِبَادَاتُهُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي ثَوَابِهَا ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَهُ وَلِلْمُعَلِّمِ ثَوَابُ التَّعْلِيمِ ، وَكَذَا جَمِيعُ حَسَنَاتِهِ وَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ ، وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهَا فِي التَّرَاوِيحِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا .
وَتَجِبُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ عَلَى سَامِعِهَا مِنْ صَبِيٍّ ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ عَقْلِهِ ، وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِصَلَاتِهِ مَعَ وَاحِدٍ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَلَا تَصِحُّ بِثَلَاثَةٍ هُوَ مِنْهُمْ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ ، فَلَا يَلِي الْإِنْكَاحَ وَلَا الْقَضَاءَ وَلَا الشَّهَادَةَ مُطْلَقًا ،لَكِنْ لَوْ خَطَبَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَصَلَّى بَالِغٌ جَازَ .
وَتَصِحُّ سَلْطَنَتُهُ ظَاهِرًا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ : مَاتَ السُّلْطَانُ وَاتَّفَقَتْ الرَّعِيَّةُ عَلَى سَلْطَنَةِ ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ ، يَنْبَغِي أَنْ يُفَوِّضَ أُمُورَ التَّقْلِيدِ عَلَى وَالٍ وَيُعِدَّ هَذَا الْوَلِيُّ نَفْسَهُ تَبَعًا لِابْنِ السُّلْطَانِ لِشَرَفِهِ ، وَالسُّلْطَانُ فِي الرَّسْمِ هُوَ الِابْنُ ، وَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْوَالِي لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِذْنِ بِالْقَضَاءِ وَالْجُمُعَةِ مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ ( انْتَهَى )
وَيَصْلُحُ وَصِيًّا وَنَاظِرًا وَيُقِيمُ الْقَاضِي مَكَانَهُ بَالِغًا إلَى بُلُوغِهِ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ مِنْ الْوَصَايَا ، وَفِي الْإِسْعَافِ وَالْمُلْتَقَطِ : وَلَا تَصِحُّ خُصُومَةُ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا فِي الْخُصُومَةِ .
وَهُوَ كَالْبَالِغِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ إلَّا الْقَهْقَهَةَ ، وَيَصِحُّ أَذَانُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ .
كَمَا فِي الْمَجْمَعِ .
لَكِنْ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي أَذَانِ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ .
وَإِنْ كَانَ الْبَالِغُ أَفْضَلَ ، وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهُ فِي وَظِيفَةِ الْأَذَانِ وَأَمَّا قِيَامُهُ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ ؛ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْحُكْمِ بِصِحَّتِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَرْكَانُهَا وَشَرَائِطُهَا لَا تُوصَفُ بِالْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ وَأَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ فَهَلْ يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ ؟ فَقَالُوا :وَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَتَصِحُّ الْإِجَازَةُ لَهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ ، وَيُمْنَعُ مِنْ الْمُصْحَفِ ، وَتُمْنَعُ الصَّبِيَّةُ الْمُطَلَّقَةُ أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ التَّزَوُّجِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَلَا نَقُولُ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَصِحُّ أَمَانَةً وَلَا يُدَاوَى إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَثَقْبُ أُذُنِ الْبِنْتِ الطِّفْلِ مَكْرُوهٌ قِيَاسًا ، وَلَا بَأْسَ بِهِ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ ،وَإِذَا أُهْدِيَ لِلصَّبِيِّ شَيْءٌ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَهُ فَلَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ الْأَكْلُ مِنْهُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ ،
وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ إذَا كَانَ يَعْقِدُ الْعَقْدَ وَيَقْصِدُهُ وَلَوْ مَحْجُورًا ، وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقَ إلَيْهِ فِي نَحْوِ بَيْعٍ بَلْ لِمُوَكِّلِهِ وَكَذَا فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ وَالِاعْتِبَارُ لِنِيَّةِ الْمُوَكِّلِ ،وَيُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَهَدِيَّةٍ وَنَحْوِهَا . وَفِي الْمُلْتَقَطِ : وَلَا تَصِحُّ الْخُصُومَةُ مِنْ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا ( انْتَهَى ) . وَيَحْصُلُ بِوَطْئِهِ التَّحْلِيلُ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا إذَا كَانَ مُرَاهِقًا تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ وَيَشْتَهِي النِّسَاءَ وَيَمْلِكُ الْمَالَ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمُبَاحِ كَالْبَالِغِ وَالْتِقَاطُهُ كَالْتِقَاطِ الْبَالِغِ ،وَيَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ ، وَيَصِحُّ إسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ وَلَا يُقْتَلُ لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ إسْلَامِهِ صَغِيرًا أَوْ تَبَعًا وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْقِلَ التَّسْمِيَةَ وَيَضْبِطَهَا بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْحِلَّ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهَا كَذَا فِي الْكَافِي .
وَيُؤْكَلُ الصَّيْدُ بِرَمْيِهِ إذَا سَمَّى ،وَلَيْسَ كَالْبَالِغِ فِي النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا فَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ، كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِوَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا عِتْقُهُ إلَّا حُكْمًا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ فِي الطَّلَاقِ ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي الْأَقْوَالِ كُلِّهَا لَا فِي الْأَفْعَالِ ، فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْفَوَائِدِ فِي الْحَجْرِ ،وَتَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْئِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَشْتَهِي النِّسَاءَ وَإِلَّا فَلَا .
وَتَثْبُتُ أَيْضًا بِوَطْءِ الصَّبِيَّةِ الْمُشْتَهَاةِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ عَلَى الْمُخْتَارِ ، وَلَا يَدْخُلُ الصَّبِيُّ فِي الْقَسَامَةِ وَالْعَاقِلَةِ ، وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي الصُّغْرَى ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَمَا فِي قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ ، وَلَا يُؤْخَذُ صِبْيَانُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالتَّمْيِيزِ عَنْ صِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَا شَيْءَ عَلَى صِبْيَانِ بَنِي تَغْلِبَ .
وَلَا يُقْتَلُ وَلَدُ الْحَرْبِيِّ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ ، وَلَوْ قَتَلَهُ مُجَاهِدٌ بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ إلَّا إذَا قَاتَلَ ، وَيَدْخُلُ الصَّبِيُّ تَحْتَ قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَإِذَا قَتَلَ الصَّبِيُّ اسْتَحَقَّ سَلَبَ مَقْتُولِهِ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ : وَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ سَهْمًا أَوْ رَضْخًا ( انْتَهَى ) .
وَفِي الْكَنْزِ إنَّ الصَّبِيَّ مِمَّنْ يُرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ ، وَلَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِصَبِيٍّ إذَا أَدْرَكْتَ فَصَلِّ بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ جَازَ ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ : السُّلْطَانُ أَوْ الْوَالِي إذَا كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فَبَلَغَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ جَدِيدٍ ( انْتَهَى )
وَلَا تَنْعَقِدُ بِيَمِينِهِ ، وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا فَبَاعَ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا لَا يُحَلِّفُهُ حَتَّى يُدْرِكَ كَمَا فِي الْعُمْدَةِ ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ لَا يُحْضِرُهُ إلَى بَابِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ فَنَكَلَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الْعُمْدَةِ . وَيُقَامُ التَّعْزِيرُ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا ، وَتَتَوَقَّفُ عُقُودُهُ الْمُتَرَدِّدَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ ، وَيَصِحُّ قَبْضُهُ لِلْهِبَةِ ، وَلَا يَتَوَقَّفُ مِنْ أَقْوَالِهِ مَا تَمَحَّضَ ضَرَرًا وَمِنْهُ إقْرَاضُهُ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَوْ كَانَ مَحْجُورًا ، لَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا ، وَكَفَالَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَوْ عَنْ أَبِيهِ ، وَصَحَّتْ لَهُ وَعَنْهُ مُطْلَقًا .
وَقَدْ جَمَعَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ أَحْكَامَ الصِّبْيَانِ ، فَمَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاعَ عَلَى كَثْرَةِ فُرُوعِنَا وَحُسْنِ تَقْرِيرِنَا وَاسْتِيعَابِنَا وَعَلَى نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِيمَا نَقْصِدُهُ مِنْ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ فَلْيَنْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ ؛ وَقَدْ ذَكَرَ الْعِمَادِيُّ مَا يَكُونُ بِهِ بَالِغًا ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَرَكْنَاهُ قَصْدًا لِتَصْرِيحِهِمْ بِهِ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ ، وَكِتَابُنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كِتَابُ الْمُفْرَدَاتِ الْمُلْتَقَطَاتِ وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى يَجُوزُ السَّفَرُ بِهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ ، وَلَا يُضْمَنُ الصَّبِيُّ بِالْغَصْبِ فَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا فَمَاتَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ إلَّا إذَا نَقَلَهُ إلَى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَوْ مَكَانِ الْوَبَاءِ أَوْ الْحُمَّى ، وَقَدْ سُئِلَتْ عَمَّنْ أَخَذَ ابْنَ إنْسَانٍ صَغِيرٍ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْبَلَدِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ إلَى أَبِيهِ ؟ فَأَجَبْتُ بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ : رَجُلٌ غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ الصَّبِيُّ عَنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِالصَّبِيِّ أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَاتَ ( انْتَهَى ) .
وَلَوْ خَدَعَهُ حَتَّى أَخَذَهُ بِرِضَاهُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ ، لِأَنَّهُ مَا غَصَبَهُ ، لِأَنَّهُ الْأَخْذُ قَهْرًا ، وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ النِّكَاحِ : وَعَنْ مُحَمَّدِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ خَدَعَ بِنْتَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَتَهُ وَأَخْرَجَهَا مِنْ مَنْزِلِهِ .
قَالَ أَحْبِسُهُ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا أَوْ يُعْلَمَ مَوْتُهَا ( انْتَهَى ) .
وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَ صَبِيٍّ لَمْ تُعْلَمْ صِحَّتُهُ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ لَا دِيَةٌ .
وَلَوْ دَفَعَ السِّكِّينَ إلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَضْمَنْ الدَّافِعُ ، وَإِنْ قَتَلَ غَيْرَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ
وَيَرْجِعُونَ بِهَا عَلَى الدَّافِعِ .
وَكَذَا لَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ ، وَلَوْ أَمَرَ صَبِيًّا بِالْوُقُوعِ مِنْ شَجَرَةٍ فَوَقَعَ ضَمِنَ دِيَتَهُ . وَلَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ فَعَطِبَ ضَمِنَهُ ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَ بِصُعُودِ شَجَرَةٍ لِنَفْضِ ثِمَارِهَا فَوَقَعَ ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِكَسْرِ الْحَطَبِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ ، وَفِيهَا أَيْضًا : صَبِيٌّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ غَرِقَ فِي مَاءٍ ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ : لَا شَيْءَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَحْفَظُ نَفْسَهُ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ أَوْ كَانَ أَصْغَرَ سِنًّا ؛ قَالُوا يَكُونُ عَلَى الْوَالِدَيْنِ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي حِجْرِهِ الْكَفَّارَةُ لِتَرْكِ الْحِفْظِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَيْسَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ شَيْءٌ إلَّا الِاسْتِغْفَارُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، إلَّا أَنْ يَسْقُطَ مِنْ يَدِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ، وَلَوْ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ وَقَالَ : امْسِكْهَا لِي وَهِيَ وَاقِفَةٌ فَسَقَطَ وَمَاتَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ الدِّيَةُ مُطْلَقًا ، وَإِنْ سَيَّرَ الصَّبِيُّ الدَّابَّةَ فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَهَدَرٌ ، وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبًا فَجَعَلَ صَبِيًّا مَعَهُ فَقَتَلَتْ الدَّابَّةُ إنْسَانًا ؛ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَسْتَمْسِكُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ فَقَطْ ، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا ( انْتَهَى ) . وَلَوْ مَلَأَ صَبِيٌّ كُوزًا مِنْ حَوْضٍ ثُمَّ صَبَّهُ فِيهِ لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ ، وَلَا أَنْ يَسْقِيَهُ الْخَمْرَ ، وَلَا أَنْ يُجْلِسَهُ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا ، وَلَا أَنْ يُخَضِّبَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ بِالْحِنَّاءِ ، وَفِي الْمُلْتَقَطِ : زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ وَذَهَبَتْ وَلَا يُدْرَى لَا يُجْبَرُ زَوْجُهَا عَلَى الطَّلَبِ ( انْتَهَى ) . أَحْكَامُ السَّكْرَانِ
هُوَ مُكَلَّفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى } خَاطَبَهُمْ تَعَالَى وَنَهَاهُمْ حَالَ سُكْرِهِمْ .
فَإِنْ كَانَ السُّكْرُ مِنْ مُحَرَّمٍ فَالسَّكْرَانُ مِنْهُ هُوَ الْمُكَلَّفُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُبَاحٍ فَلَا ، فَهُوَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَاخْتُلِفَ التَّصْحِيحُ فِيمَا إذَا سَكِرَ مُكْرَهًا أَوْ مُضْطَرًّا فَطَلَّقَ .
وَقَدَّمْنَا فِي الْفَوَائِدِ أَنَّهُ مِنْ مُحَرَّمٍ كَالصَّاحِي إلَّا فِي ثَلَاثٍ : الرِّدَّةُ ، وَالْإِقْرَارُ بِالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ ، وَالْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ .
وَزِدْتُ عَلَى الثَّلَاثِ مَسَائِلَ :
الْأُولَى:تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَكْثَرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ .
الثَّانِيَةُ : الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ ، صَاحِيًا ، إذَا سَكِرَ فَطَلَّقَ لَمْ يَقَعْ .
الثَّالِثَةُ : الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَوْ سَكِرَ فَبَاعَ لَمْ يَنْفُذْ عَلَى مُوَكِّلِهِ .
الرَّابِعَةُ : غَصَبَ مِنْ صَاحٍ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَهُوَ سَكْرَانُ ، وَهِيَ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ ، فَهُوَ كَالصَّاحِي إلَّا فِي سَبْعٍ فَيُؤَاخَذُ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ
وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِيمَا إذَا سَكِرَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ أَوْ الْعَسَلِ .
وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ سَكِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ ، وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ لَمْ يَقَعْ ، وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ بَنْجُ حِينَ شَرِبَهُ يَقَعُ وَإِلَّا فَلَاوَصَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ أَذَانِ السَّكْرَانِ وَاسْتِحْبَابِ إعَادَتِهِ ، وَيَنْبَغِي أَلَّا يَصِحُّ أَذَانُهُ كَالْمَجْنُونِوَأَمَّا صَوْمُهُ فِي رَمَضَانَ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ إنْ صَحَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ النِّيَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ إذَا نَوَى لِأَنَّا لَا نَشْتَرِطُ التَّبْيِيتَ فِيهَا ، وَإِذَا خَرَجَ وَقْتُهَا قَبْلَ صَحْوِهِ أَثِمَ وَقَضَى وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِسُكْرِهِ .
وَيَصِحُّ وُقُوفُهُ بِعَرَفَاتٍ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهِ . وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ السَّكْرَانِ فَقِيلَ : مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَالرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ .
وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَقِيلَ : مَنْ فِي كَلَامِهِ اخْتِلَاطٌ وَهَذَيَانٌ ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا ، وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِدْحِ الْمُسْكِرِ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ مَا قَالَاهُ احْتِيَاطًا فِي الْمُحَرَّمَاتِ .
وَالْخِلَافُ فِي الْحَدِّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ بِهِ وَفِي يَمِينِهِ أَنْ لَا يَسْكَرَ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ .
تَنْبِيهٌ
قَوْلُهُمْ : إنَّ السُّكْرَ مِنْ مُبَاحٍ كَالْإِغْمَاءِ ، يُسْتَثْنَى مِنْهُ سُقُوطُ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِأَنَّهُ بِصُنْعِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَحْكَامُ الْعَبِيدِ
لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَلَا عِيدَ وَلَا تَشْرِيقَ وَلَا أَذَانَ وَلَا إقَامَةَ وَلَا حَجَّ وَلَا عُمْرَةَ ، وَصُورَتُهَا كَالرَّجُلِ ، وَيُزَادُ الْبَطْنُ وَالظَّهْرُ ، وَيَحْرُمُ نَظَرُ غَيْرِ الْمَحْرَمِ إلَى عَوْرَتِهَا فَقَطْ وَمَا عَدَاهَا إنْ اشْتَهَى . وَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ شَاهِدًا وَلَا مُزَكِّيًا عَلَانِيَةً ، وَلَا عَاشِرًا وَلَا قَاسِمًا وَلَا مُقَوِّمًا وَلَا كَاتِبَ
حُكْمٍ وَلَا أَمِينًا لِحَاكِمٍ وَلَا إمَامًا أَعْظَمَ وَلَا قَاضِيًا وَلَا وَلِيًّا فِي نِكَاحٍ أَوْ قَوَدٍ ، وَلَا يَلِي أَمْرًا عَامًّا إلَّا نِيَابَةً عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ ، فَلَهُ نَصْبُ الْقَاضِي نِيَابَةً عَنْ السُّلْطَانِ ، وَلَوْ حَكَمَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ ، وَلَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ بِالْقَضَاءِ فَقَضَى بَعْدَ عِتْقِهِ جَازَ بِلَا تَجْدِيدِ إذْنٍ ، وَلَا وَصِيًّا إلَّا إذَا كَانَ عَبْدَ الْمُوصِي ، وَالْوَرَثَةُ صِغَارٌ ، عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ ، وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا فِطْرَةَ ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى مَوْلَاهُ إنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ ، وَلَا أُضْحِيَّةَ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ ، وَلَا يَصُومُ غَيْرَ فَرْضٍ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَلَا فَرْضًا وَجَبَ بِإِيجَابِهِ ،
وَكَذَا الِاعْتِكَافُ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ ، وَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ بِمَالِ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مُكَاتَبًا إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ إلَّا إذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِمَا فِي يَدِهِ وَلَوْ بَعْدَ حَجْرِهِ ، وَكَذَا إقْرَارُهُ بِجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ بِخِلَافِهِ بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ ، وَلَا يَنْفَرِدُ بِتَزْوِيجِ نَفْسِهِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ ، وَيُجْعَلُ صَدَاقًا وَيَكُونُ نَذْرًا وَرَهْنًا ، وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ ، وَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ حَالَّةً إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، وَلَا دِيَةَ فِي قَتْلِهِ ، وَقِيمَتُهُ قَائِمَةٌ مَقَامَهَا كُلًّا وَبَعْضًا وَلَا تَبْلُغُهَا ،وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ وَلَا هُوَ مِنْهُمْ .
وَحْدَهُ النِّصْفُ وَلَا إحْصَانَ لَهُ ،
وَجِنَايَتُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ كَدِيَتِهِ ، وَلَا سَهْمَ لَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ بَلْ يُرْضَخُ لَهُ إنْ قَاتَلَ ، وَيُبَاعُ فِي دِيَتِهِ .
وَيُدْفَعُ فِي جِنَايَتِهِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ ،وَيَنْكِحُ اثْنَتَيْنِ وَلَا تَسْرِي لَهُ مُطْلَقًا ، وَطَلَاقُهَا ثِنْتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ وَنِصْفُ الْمُقَدَّرِ ، وَلَا لِعَانَ بِقَذْفِهَا وَلَا تُنْكَحُ عَلَى حُرَّةٍ ، وَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَاتِ ، وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ ، وَقَسْمُهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ قَسْمِ الْحُرَّةِ ، وَمَهْرُهَا كَغَيْرِهَا ، وَلَا يَلْحَقُ وَلَدُهَا مَوْلَاهَا إلَّا بِدَعْوَتِهِ مِنْهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا ، وَإِيلَاءُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ شَهْرَانِ ، وَلَا خَادِمَ لَهَا وَلَوْ جَمِيلَةً وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ وَلَا تُوطَأُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ ، وَلَا حَصْرَ لِعَدَدِ السَّرَارِي ، وَيَجُوزُ جَمْعُهُنَّ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِدُونِ الرِّضَاءِ ، وَلَا ظِهَارَ وَلَا إيلَاءَ مِنْ أَمَتِهِ ، وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا إذَا كَانَ مَوْلَاهَا عِنِّينًا ، وَلَا حَضَانَةَ لِأَقَارِبِهِ بَلْ لِسَيِّدِهِ ، وَلَا قِصَاصَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرِّ فِي الْأَطْرَافِ ، بِخِلَافِ النَّفْسِ ،
وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ ، وَدَوَاؤُهُ مَرِيضًا عَلَى مَوْلَاهُ ، بِخِلَافِ الْحُرِّ وَلَوْ زَوْجَةً ، وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْوُضُوءِ إلَّا بِمُعِينٍ ، فَعَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُوَضِّئَهُ
بِخِلَافِ الْحُرِّ ، وَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ ، وَمَهْرُهُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَتِهِ كَالدَّيْنِ ، وَيُبَاعُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ ، وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ إلَّا بِحُضُورِ سَيِّدِهِ وَلَا يُحْبَسُ فِي دَيْنٍ ، وَيَمْلِكُهُ الْكُفَّارُ بِالِاسْتِيلَاءِ ، وَلَا يَصِحُّ تَصَادُقُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَى النِّكَاحِ إلَّا فِي الْمُسَبَّبِينَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، بِخِلَافِ الْحُرَّيْنِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة ، وَإِعْتَاقُهُ بَاطِلٌ وَلَوْ مُعَلَّقًا بِمَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ ، وَكَذَا وَصِيَّتُهُ وَهِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَتَبَرُّعُهُ إلَّا إهْدَاءَ الْيَسِيرِ مِنْ الْمَأْذُونِ الْمُحَابَاةُ الْيَسِيرَةُ مِنْهُ ، وَالْإِذْنُ فِي الْعَزْلِ إلَى مَوْلَاهَا وَهُوَ الْمَطَالِبُ لِزَوْجِهَا الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ بِالتَّفْرِيقِ ،وَلَيْسَ مَصْرِفًا لِلصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَةِ إلَّا إذَا كَانَ مَوْلَاهُ فَقِيرًا أَوْ كَانَ مُكَاتَبًا ، وَلَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ مَوْلَاهُ مُؤْنَةً إلَّا دَمَ إحْصَارِهِ عَنْ إحْرَامٍ مَأْذُونٍ فِيهِ ، وَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ لَوْ وَكِيلًا مَحْجُورًا ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقَسَامَةِ وَوَطْءُ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ لَيْسَ بِبَيَانٍ لِلْعِتْقِ الْمُبْهَمِ ، بِخِلَافِ وَطْءِ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ لَا يَكُونُ بَيَانًا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ وَأَمْرُهُ عَبْدَهُ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مُوجِبٌ لِضَمَانِهِ ، وَأَمْرُ عَبْدِ الْغَيْرِ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِ مَوْلَاهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْحُرِّ إلَّا إذَا كَانَ سُلْطَانًا ، وَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ بِخِلَافِ الْحُرِّ وَلَوْ صَغِيرًا ، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ ، وَعَقْدُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ مَوْلَاهُ وَتَخْرُجُ الْأَمَةُ فِي الْعِدَّةِ وَيَحِلُّ سَفَرُهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُؤْخَذُ بِالتَّمْيِيزِ عَنَّا لَوْ كَانَ عَبْدَ ذِمِّيٍّ .
وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى عَبْدِ نَفْسِهِ أَوْ أَمَتِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَّا الْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْتِقَاطِهِ أَوْ اسْتِيلَائِهِ عَلَى الْمُبَاحِ .
وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِي أَنْ يَمْلِكَهُ مَوْلَاهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ : لَوْ رَدَّ آبِقًا فَالْجُعَلُ لِمَوْلَاهُ .
وَيُعَزِّرُهُ مَوْلَاهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَحُدُّهُ عِنْدَنَا .
وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ تَيْسِيرُ جَمْعِهَا مِنْ مَحَالِّهَا ، وَلَمْ أَرَهَا مَجْمُوعَةً وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ تَعَالَى الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .
اللَّهُمَّ افْتَحْ لَنَا مِنْ رَحْمَتِكَ وَأَلْهِمْنَا رُشْدَنَا
أَحْكَامُ الْأَعْمَى
هُوَ كَالْبَصِيرِ إلَّا فِي مَسَائِلَ : مِنْهَا : لَا جِهَادَ عَلَيْهِ وَلَا جُمُعَةَ وَلَا جَمَاعَةَ وَلَا حَجَّ وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا وَلَا يَصْلُحُ لِلشَّهَادَةِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى ، وَلَا دِيَةَ فِي عَيْنِهِ .
وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ الْحُكُومَةُ ، وَتُكْرَهُ إمَامَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ الْقَوْمِ ، وَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَةٍ ، وَلَمْ أَرَ حُكْمَ ذَبْحِهِ وَصَيْدِهِ وَحَضَانَتِهِ ، وَرُؤْيَتُهُ لِمَا اشْتَرَاهُ بِالْوَصْفِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ ذَبْحُهُ ، وَأَمَّا حَضَانَتُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ حِفْظُ الْمَحْضُونِ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا فَلَا ، وَيَصْلُحُ نَاظِرًا أَوْ وَصِيًّا ، وَالثَّانِيَةُ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ ، وَالْأُولَى فِي أَوْقَافِ هِلَالٍ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ
الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ
قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى : الْأَحْكَامُ تَثْبُتُ بِطُرُقٍ أَرْبَعَةٍ : الِاقْتِصَارُ ؛ كَمَا إذَا أَنْشَأَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ وَلَهُ نَظَائِرُ جَمَّةٌ .
وَالِانْقِلَابُ وَهُوَ انْقِلَابُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ ، كَمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ بِالشَّرْطِ ؛ فَعِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَنْقَلِبُ مَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ عِلَّةً وَالِاسْتِنَادُ ؛ وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الْحَالِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ وَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاقْتِصَارِ ، وَذَلِكَ كَالْمَضْمُونَاتِ تُمْلَكُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ وَكَالنِّصَابِ ، فَإِنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِهِ ، كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُتَيَمِّمِ تُنْتَقَضُ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَرُؤْيَةِ الْمَاءِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْحَدَثِ ، وَلِهَذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ لَهُمَا . وَالتَّبْيِينُ وَهُوَ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ
أَنَّ الْحُكْمَ كَانَ ثَابِتًا مِنْ قَبْلُ ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ فِي الْيَوْمِ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَبَيَّنَ فِي الْغَدِ وُجُودُهُ فِيهَا ؛ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْيَوْمِ ، وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ مِنْهُ ، وَكَمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْ الدَّمَ ، لَا يُقْضَى بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مَا لَمْ يَمْتَدَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِذَا تَمَّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَكَمْنَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ حَاضَتْ . وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاسْتِنَادِ ؛ أَنَّ فِي التَّبْيِينِ يُمْكِنُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ الْعِبَادُ ، وَفِي الِاسْتِنَادِ لَا يُمْكِنُ ، وَفِي الْحَيْضِ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ بِشَقِّ الْبَطْنِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ الرَّحِمِ
وَكَذَا تُشْتَرَطُ الْمَحَلِّيَّةُ فِي الِاسْتِنَادِ دُونَ التَّبْيِينِ ، وَكَذَا الِاسْتِنَادُ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْقَائِمِ دُونَ الْمُتَلَاشِي .
وَأَثَرُ التَّبْيِينِ يَظْهَرُ فِيهِمَا ، فَلَوْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْيَمِينِ بِشَهْرٍ ، فَإِنْ مَاتَ لِتَمَامِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ مُسْتَنِدًا إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ فَتُعْتَبَرُ الْعِدَّةُ أَوَّلَهُ ، وَلَوْ وَطِئَهَا فِي الشَّهْرِ صَارَ مُرَاجِعًا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا ، وَغَرِمَ الْعُقْرَ لَوْ كَانَ بَائِنًا ، وَيَرُدُّ الزَّوْجُ بَدَلَ الْخُلْعِ إلَيْهَا لَوْ خَالَعَهَا فِي خِلَالِهِ ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ ، وَلَوْ مَاتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْعِدَّةِ بِأَنْ كَانَتْ بِالْوَضْعِ أَوْ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ الْمَحِلِّ .
وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِيهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ لَا بِطَرِيقِ التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ .
وَلَوْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ يَقَعُ مُقْتَصِرًا عَلَى الْقُدُومِ لَا مُسْتَنِدًا ( انْتَهَى ) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُسْتَصْفَى .
وَقَدْ فَرَّعَ الْكَرَابِيسِيُّ فِي الْفُرُوقِ عَلَى الِاسْتِنَادِ تِسْعَ مَسَائِلَ فَلْتُرَاجَعْ فِيهَا. أَحْكَامُ النَّقْدِ وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ
لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ ، وَفِي تَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ رِوَايَتَانِ ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ تَفْصِيلًا بِأَنَّ مَا فَسَدَ مِنْ أَصْلِهِ يَتَعَيَّنُ فِيهِ لَا فِيمَا انْتَقَضَ بَعْدَ صِحَّةٍ ، وَالصَّحِيحُ تَعْيِينُهُ فِي الصَّرْفِ بَعْدَ فَسَادِهِ وَبَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ وَفِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَيُؤْمَرُ بِرَدِّ نِصْفِ مَا قَبَضَ عَلَى شَرِيكِهِ وَفِيمَا إذَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْقَضَاءِ ؛ فَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَخَذَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى خَصْمِهِ حَقٌّ فَعَلَى الْمُدَّعِي رَدُّ عَيْنِ مَا قَبَضَ مَا دَامَ قَائِمًا ، وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمَهْرِ وَلَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ
الدُّخُوْلِ فَتُرَدُّ مِثْلُ نِصْفِهِ، وَلِذَا لَزِمَهَا زَكَاتُهُ لَوْ نِصَابًا حَوْلِيًّا عِنْدَهُمَا وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي النَّذْرِ وَالْوَكَالَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالْعَامَّةُ كَذَلِكَ ،
وَيَتَعَيَّنُ فِي الْأَمَانَاتِ .
وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْغَصْبِ ، وَتَمَامُهُ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ .
وَكَتَبْنَا فِي بُيُوعِ الشَّرْحِ جَرَيَانَ الدَّرَاهِمِ مَجْرَى الدَّنَانِيرِ فِي ثَمَانِيَةٍ .
وَفِي وَكَالَةِ النِّهَايَةِ : اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ تَعَيُّنِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ لَا غَيْرُ فَإِنَّهُمَا يَتَعَيَّنَانِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَوَصْفًا بِالْإِنْفَاقِ ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ
مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ ،وَبَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ :
لَوْ قَالَ الْوَارِثُ : تَرَكْتُ حَقِّي لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ ؛ إذْ الْمِلْكُ لَا يَبْطُلُ بِالتَّرْكِ ، وَالْحَقُّ يَبْطُلُ بِهِ حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْغَانِمِينَ قَالَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ : تَرَكْت حَقِّي بَطَلَ حَقُّهُ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ : تَرَكْت حَقِّي فِي حَبْسِ الرَّهْنِ بَطَلَ ، كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِلْعِمَادِيِّ ، وَفُصُولِ الْعِمَادِيِّ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ حَقٍّ يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ ، وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الشُّرْبِ وَلَفْظُهَا : رَجُلٌ لَهُ مَسِيلٌ مَاءٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَبَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ مَعَ الْمَسِيلِ وَرَضِيَ بِهِ صَاحِبُ الْمَسِيلِ ، كَانَ لِصَاحِبِ الْمَسِيلِ أَنْ يَضْرِبَ بِذَلِكَ فِي الثَّمَنِ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمَسِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ ، كَرَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُكْنَى دَارِهِ فَمَاتَ الْمُوصِي وَبَاعَ الْوَارِثُ الدَّارَ ، وَرَضِيَ بِهِ الْمُوصَى لَهُ جَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ سُكْنَاهُ ، وَلَوْ لَمْ يَبِعْ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ ، وَلَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْمَسِيلِ : أَبْطَلْتُ حَقِّي فِي الْمَسِيلِ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ بَطَلَ حَقُّهُ قِيَاسًا عَلَى حَقِّ السُّكْنَى ، وَإِنْ كَانَ لَهُ رَقَبَةُ الْمَسِيلِ .
لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِالْإِبْطَالِ وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ : إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَمَاتَ الْمُوصِي فَصَالَحَ الْوَارِثُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى السُّدُسِ جَازَ الصُّلْحُ .
وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ وَحَقَّ الْوَارِثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ غَيْرُ مُتَأَكِّدٍ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِالْإِسْقَاطِ ( انْتَهَى ) .
فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ حَقَّ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَحَقَّ حَبْسِ الرَّهْنِ وَحَقَّ الْمَسِيلِ الْمُجَرَّدِ وَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى وَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَحَقَّ الْوَارِثِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، عَلَى قَوْلِ
خُوَاهَرْ زَادَهْ : يُسْقِطُ الْإِسْقَاطَ ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ ، وَقَالُوا : حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَا يَسْقُطُ ، كَمَا فِي هِبَةِ الْبَزَّازِيَّةِ وَأَمَّا الْحَقُّ فِي الْوَقْفِ ؛ فَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الشَّهَادَاتِ فِي الشَّهَادَةِ بِوَقْفِ الْمَدْرَسَةِ : إنَّ مَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ أَصْحَابِ الْمَدْرَسَةِ يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِلْوَقْفِ اسْتِحْقَاقًا لَا يَبْطُلُ بِالْإِبْطَالِ ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ : أَبْطَلْت حَقِّي كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ وَيَأْخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ ( انْتَهَى ) .
وَقَدْ كَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الشَّهَادَاتِ مَا فَهِمَهُ الطَّرَسُوسِيُّ مِنْ عِبَارَةِ قَاضِي خَانْ وَمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ ابْنُ وَهْبَانَ وَمَا حَرَّرْنَاهُ فِيهَا .
وَقَدْ بَقِيَ حُقُوقٌ : مِنْهَا خِيَارُ الشَّرْطِ ؛ قَالُوا يَسْقُطُ بِهِ ، وَمِنْهَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ ، قَالُوا لَوْ أَبْطَلَهُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ بِالْقَوْلِ لَمْ يَبْطُلْ وَبِالْفِعْلِ يَبْطُلُ وَبَعْدَهَا يَبْطُلُ بِهِمَا ، وَمِنْهَا خِيَارُ الْعَيْبِ يَبْطُلُ بِهِ ، وَمِنْهَا الدَّيْنُ يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ ، وَمِنْهَا حَقُّ الْقِصَاصِ يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ وَمِنْهَا حَقُّ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَةِ يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ .
وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْعَبْدِ .
قَالُوا لَوْ عَفَا الْمَقْذُوفُ ثُمَّ عَادَ وَطَلَب حُدَّ ، لَكِنْ لَا يُقَامُ بَعْدَ عَفْوِهِ لِفَقْدِ الطَّلَبِ ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا يَتَّصِفُ بِالْإِسْقَاطِ كَالْوَكَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَقَبُولِ الْوَدِيعَةِ وَأَمَّا حَقُّ الْإِجَارَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ إلَّا بِالْإِضَافَةِ
وَقَدْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي مَسَائِلَ وَكَثُرَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَلَمْ أَرَ فِيهَا صَرِيحًا بَعْدَ التَّفْتِيشِ ؛ مِنْهَا أَنَّ بَعْضَ الذُّرِّيَّةِ الْمَشْرُوطِ لَهُمْ الرِّيعُ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَيْرِهِ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ وَمِنْهَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ إذَا أَسْقَطَ لِغَيْرِهِ بِأَنْ فَرَغَ لَهُ عَنْهُ ، إلَّا أَنَّ فِي الْيَتِيمَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ النَّظَرُ إذَا فَوَّضَهُ لِغَيْرِهِ ، فَإِنْ كَانَ التَّفْوِيضُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ صَحَّ تَفْوِيضُهُ ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَجُزْ ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ مَوْتِهِ جَازَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ ( انْتَهَى ) .
وَفِي الْقُنْيَةِ : إذَا عُزِلَ النَّاظِرُ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ الْوَاقِفُ أَوْ الْقَاضِي ( انْتَهَى )
وَمِنْهَا أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ كَشَرْطِ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَالِاسْتِبْدَالِ فَأَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ .
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالسُّقُوطِ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ شَيْءٍ كَمَا عُلِمَ سَابِقًا مِنْ كَلَامِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
إلَّا إذَا أَسْقَطَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرِّيعُ حَقَّهُ لَا لِأَحَدٍ فَلَا يَسْقُطُ كَمَا فَهِمَهُ الطَّرَسُوسِيُّ ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ لِغَيْرِهِ وَفِيمَا إذَا أَسْقَطَ الْوَاقِفُ حَقَّهُ مِمَّا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ . فَإِنْ قُلْت إذَا أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرِّيعُ أَوْ بَعْضُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ فَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ ؟ قُلْت نَعَمْ وَلَوْ كَانَ مَكْتُوبُ الْوَقْفِ بِخِلَافِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابٍ مُسْتَقِلٍّ .
وَأَمَّا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِرَفْعِ جُذُوعِ الْغَيْرِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى حَائِطِهِ تَعَدِّيًا .
فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ وَلَا بِالصُّلْحِ وَلَا بِالْعَفْوِ وَلَا بِالْبَيْعِ وَلَا بِالْإِجَارَةِ .
كَمَا ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ مِنْ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ .
فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ هَذَا التَّأْلِيفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيّ الْعَظِيمِ .
وَفِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ السَّلَمِ : لَوْ قَالَ رَبُّ الْمُسَلَّمِ أَسْقَطْتُ حَقِّي فِي التَّسْلِيمِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ الْبَلَدِ لَمْ يَسْقُطْ ( انْتَهَى ) .
وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ سُئِلْتُ عَنْهَا : شَرَطَ الْوَاقِفُ لَهُ شُرُوطًا مِنْ إدْخَالٍ وَإِخْرَاجٍ وَغَيْرِهِمَا وَحَكَمَ بِالْوَقْفِ مُتَضَمِّنًا لِلشُّرُوطِ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ ثُمَّ رَجَعَ الْوَاقِفُ عَمَّا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الشُّرُوطِ .
فَأَجَبْتُ بِعَدَمِ صِحَّةِ رُجُوعِهِ لِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَازِمٌ ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ ، بِسَبَبِ الْحُكْمِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلشُّرُوطِ فَلَزِمَتْ كَلُزُومِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الطَّرَسُوسِيُّ فِيمَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيمَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الرِّيعِ لَا لِأَحَدٍ ، فَإِنَّهُ قَالَ بِعَدَمِ السُّقُوطِ .
وَعِلَّتُهُ أَنَّ الِاشْتِرَاطَ لَهُ صَارَ لَازِمًا كَلُزُومِ الْوَقْفِ كَمَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ مَا شَرَطَهُ لَهُ فَكَذَا الشَّارِطُ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ مِنْ إسْقَاطِ رَبِّ السَّلَمِ حَقَّهُ مِمَّا شَرَطَ لَهُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ فِي ضِمْنٍ لَازِمٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ وَلَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ .
بَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ :
فَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ بَعْدَ سُقُوطِهِ بِقِلَّةِ الْفَوَائِتِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَ بِالنِّسْيَانِ فَإِنَّهُ يَعُودُ بِالتَّذَكُّرِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ كَانَ مَانِعًا لَا مُسْقِطًا فَهُوَ مِنْ بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ .
وَلَا تَعُودُ النَّجَاسَةُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِزَوَالِهَا ؛ فَلَوْ دُبِغَ الْجِلْدُ بِالتَّشْمِيسِ وَنَحْوِهِ ، وَفُرِكَ الثَّوْبُ مِنْ الْمَنِيِّ وَجَفَّتْ
الْأَرْضُ بِالشَّمْسِ ثُمَّ أَصَابَهَا مَاءٌ لَا تَعُودُ النَّجَاسَةُ فِي الْأَصَحِّ ، وَكَذَا الْبِئْرُ إذَا غَارَ مَاؤُهَا ثُمَّ عَادَ ، وَمِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ لِلْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ سَقَطَ فَلَا يَعُودُ ، وَأَمَّا عَوْدُ النَّفَقَةِ بَعْدَ سُقُوطِهَا بِالنُّشُوزِ بِالرُّجُوعِ فَهُوَ مِنْ بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ لَا مِنْ بَابِ عَوْدِ السَّاقِطِ .
وَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي بَعْضِ مَسَائِلَ فِي الْخِيَارَاتِ مِنْ الْبُيُوعِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يَعُودُ الْخِيَارُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مَانِعٌ زَالَ فَعَمَلَ الْمُقْتَضِي ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَا يَعُودُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ سَاقِطٌ لَا يَعُودُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ .
وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْحُكْمِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَالْحُكْمُ مَعْدُومٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَانِعِ ، وَإِنْ عُدِمَ الْمُقْتَضِي فَهُوَ مِنْ بَابِ السَّاقِطِ وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى : أَبْرَأَهُ عَامًا ثُمَّ أَقَرَّهُ بَعْدَهُ بِالْمَالِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ عَامًا فَهَلْ يَعُودُ بَعْدَ سُقُوطِهِ كُلِّهِ ؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ لَا يَعُودُ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ : بَرْهَنَ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى الْمُدَّعِي ثَانِيًا أَنَّهُ أَقَرَّ لِي بِالْمَالِ بَعْدَ إبْرَائِي ؛ فَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ : أَبْرَأَنِي وَقَبِلْت الْإِبْرَاءَ أَوْ قَالَ صَدَقْت لَا يَصِحُّ هَذَا الدَّفْعُ ، يَعْنِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ .
وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ يَصِحُّ الدَّفْعُ لِاحْتِمَالِ الرَّدِّ وَالْإِبْرَاءُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَبَقِيَ الْمَالُ عَلَيْهِ ( انْتَهَى ) .
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ : لَوْ قَالَ : لَا حَقَّ لِي عَلَيْك فَاشْهَدْ لِي عَلَيْك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَقَالَ نَعَمْ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ ثُمَّ أَشْهَدَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالشُّهُودُ يَسْمَعُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ .
فَهَذَا بَاطِلٌ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا يَسَعُ الشُّهُودَ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ ( انْتَهَى ) .
وَفَرَّعْتُ عَلَى قَوْلِهِمْ : السَّاقِطُ لَا يَعُودُ ، قَوْلَهُمْ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ لِفِسْقٍ أَوْ لِتُهْمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ .
بَيَانُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الزُّيُوفَ كَالْجِيَادِ :
فِي مَسَائِلَ ذَكَرَتْهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ الْبُيُوعِ
بَيَانُ أَنَّ النَّائِمَ كَالْمُسْتَيْقِظِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ
قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي آخِرِ فَتَاوَاهُ : النَّائِمُ كَالْمُسْتَيْقِظِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً : الْأُولَى : إذَا نَامَ الصَّائِمُ عَلَى قَفَاهُ وَفُوهُ مَفْتُوحٌ فَقَطَرَ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ فِي فِيهِ فَسَدَ صَوْمُهُ ، وَكَذَا لَوْ قَطَرَ أَحَدٌ قَطْرَةً مِنْ الْمَاءِ فِي فِيهِ وَبَلَغَ جَوْفَهُ .
الثَّانِيَةُ : إذَا جَامَعَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ يَفْسُدُ صَوْمُهَا .
الثَّالِثَةُ : لَوْ كَانَتْ مُحْرِمَةً فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ .
الرَّابِعَةُ : الْمُحْرِمُ إذَا نَامَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَحَلَقَ رَأْسَهُ وَجَبَ الْجَزَاءُ عَلَيْهِ .
الْخَامِسَةُ : الْمُحْرِمُ إذَا نَامَ فَانْقَلَبَ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ .
السَّادِسَةُ : إذَا نَامَ الْمُحْرِمُ عَلَى بَعِيرٍ وَدَخَلَ فِي عَرَفَاتٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ .
السَّابِعَةُ : الصَّيْدُ الْمُرْمَى إلَيْهِ بِالسَّهْمِ إذَا وَقَعَ عِنْدَ نَائِمٍ فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الرَّمْيَةِ يَكُونُ حَرَامًا كَمَا إذَا دُفِعَ عِنْدَ يَقْظَانَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَكَاتِهِ .
الثَّامِنَةُ : إذَا انْقَلَبَ النَّائِمُ عَلَى مَتَاعٍ وَكَسَرَهُ وَجَبَ الضَّمَانُ .
التَّاسِعَةُ : الْأَبُ إذَا نَامَ تَحْتَ جِدَارٍ فَوَقَعَ الِابْنُ عَلَيْهِ مِنْ سَطْحٍ وَهُوَ نَائِمٌ فَمَاتَ الِابْنُ يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
الْعَاشِرَةُ : مَنْ رَفَعَ النَّائِمَ وَوَضَعَهُ تَحْتَ جِدَارٍ فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْجِدَارُ وَمَاتَ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ .
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : رَجُلٌ خَلَا بِامْرَأَتِهِ وَثَمَّةَ أَجْنَبِيٌّ نَائِمٍ لَا تَصِحُّ الْخَلْوَةُ .
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : رَجُلٌ نَامَ فِي بَيْتٍ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً صَحَّتْ الْخَلْوَةُ .
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ نَائِمَةً فِي بَيْتٍ وَدَخَلَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَمَكَثَ عِنْدَهَا سَاعَةً صَحَّتْ الْخَلْوَةُ .
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : امْرَأَةٌ نَامَتْ فَجَاءَ رَضِيعٌ فَارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ .
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : الْمُتَيَمِّمُ إذَا مَرَّتْ دَابَّتُهُ عَلَى مَاءٍ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ وَهُوَ عَلَيْهَا نَائِمٌ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ .
السَّادِسَةَ عَشَرَةَ : الْمُصَلِّي إذَا نَامَ وَتَكَلَّمَ فِي حَالَةِ النَّوْمِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ .
السَّابِعَةَ عَشْرَةَ : الْمُصَلِّي إذَا نَامَ وَقَرَأَ فِي حَالَةِ قِيَامِهِ تُعْتَبَرُ تِلْكَ الْقِرَاءَةُ فِي رِوَايَةٍ .
الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ : إذَا تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي نَوْمِهِ فَسَمِعَهَا رَجُلٌ تَلْزَمُهُ السَّجْدَةُ ، كَمَا لَوْ سَمِعَ مِنْ الْيَقْظَانِ .
التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ : إذَا اسْتَيْقَظَ هَذَا النَّائِمُ فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ بِذَلِكَ ، كَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ يُفْتِي
بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ ، وَتَجِبُ فِي بَعْضِ الْأَقْوَالِ .
وَعَلَى هَذَا لَوْ قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ نَائِمٍ فَانْتَبَهَ فَأُخْبِرَ فَهُوَ عَلَى هَذَا .
الْعِشْرُونَ : رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا فَجَاءَ الْحَالِفُ إلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ وَقَالَ لَهُ قُمْ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ النَّائِمُ .
قَالَ بَعْضُهُمْ : لَا يَحْنَثُ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ .
الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ : رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَجَاءَ الرَّجُلُ وَمَسَّهَا بِشَهْوَةٍ وَهِيَ نَائِمَةٌ ، صَارَ مُرَاجِعًا .
الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ : لَوْ كَانَ الزَّوْجُ نَائِمًا فَجَاءَتْ الْمَرْأَةُ وَقَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ يَصِيرُ مُرَاجِعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ .
الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ : الرَّجُلُ إذَا نَامَ وَجَاءَتْ امْرَأَةٌ وَأَدْخَلَتْ فَرْجَهَا فِي فَرْجِهِ وَعَلِمَ الرَّجُلُ بِفِعْلِهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ .
الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : إذَا جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى نَائِمٍ وَقَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِشَهْوَةٍ تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ .
الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ : الْمُصَلِّي إذَا نَامَ فِي صَلَاتِهِ وَاحْتَلَمَ يَجِبُ الْغُسْلُ .
وَلَا يُمْكِنُهُ الْبِنَاءُ .
وَكَذَلِكَ إذَا بَقِيَ نَائِمًا يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ صَارَتْ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ ( انْتَهَى )
أَحْكَامُ الْمَعْتُوهِ
أَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فَتَصِحُّ الْعِبَادَاتُ مِنْهُ وَلَا تَجِبُ .
وَقِيلَ هُوَكَالْمَجْنُونِ وَقِيلَ هُوَ كَالْبَالِغِ الْعَاقِلِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي النَّوَاقِضِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ .
أَحْكَامُ الْمَجْنُونِ
ذَكَرَهَا الْأُصُولِيُّونَ فِي بَحْثِ الْعَوَارِضِ فَلْيَنْظُرْهَا مَنْ رَامَهَا
بَيَانُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْمَعْنَى أَوْ لِلَّفْظِ
ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي .
أَحْكَامُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ
ذَكَرَ النَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ حَقِيقَتَهُ ، وَذَكَرَ مِنْ أَحْكَامِهِ وُقُوفَهُ فِي الصَّفِّ وَحُكْمَ مِيرَاثِهِ
وَيُكَفَّنُ كَفَنَ الْمَرْأَةِ وَلَا يَلْبَسُ حَرِيرًا وَلَا حُلِيًّا فِي حَيَاتِهِ ، وَإِذَا قَبَّلَهُ رَجُلٌ بِشَهْوَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ فَإِنْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ رَجُلًا فَوَصَلَ إلَيْهِ جَازَ ، وَإِلَّا فَلَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ ، أَوْ امْرَأَةً فَبَلَغَ فَوَصَلَ إلَيْهَا جَازَ وَإِلَّا أُجِّلَ كَالْعِنِّينِ وَيَلْبَسُ لِبَاسَ الْمَرْأَةِ فِي الْإِحْرَامِ وَلَا يُصَلِّي إلَّا بِقِنَاعٍ وَيَقُومُ أَمَامَ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ ،
وَإِنْ وَقَفَ فِي صَفِّ النِّسَاءِ أَعَادَهَا وَإِنْ وَقَفَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ لَا يُعِيدُهَا وَيُعِيدُهَا مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ وَخَلْفِهِ مُحَاذِيًا لَهُ وَيُوضَعُ فِي الْجِنَازَةِ خَلْفَ الرِّجَالِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ ، وَيُجْعَلُ خَلْفَ الرَّجُلِ فِي الْقَبْرِ لَوْ دُفِنَا لِضَرُورَةٍ مَعَ حَاجِزٍ بَيْنَهُمَا مِنْ الصَّعِيدِ ، وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَلَا عَلَيْهِ بِقَذْفِهِ
بِمَنْزِلَةِ الْمَجْبُوبِ ؛ وَتُقْطَعُ يَدُهُ لِلسَّرِقَةِ وَيُقْطَعُ سَارِقُ مَالِهِ وَيَقْعُدُ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ وَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاطِعِ يَدِهِ وَلَوْ عَمْدًا وَلَوْ كَانَ الْقَاطِعُ امْرَأَةً ، وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ إذَا قَطَعَ يَدَ غَيْرِهِ عَمْدًا ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُهَا ، وَلَا يَخْلُو بِهِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ وَلَا يَخْلُو بِرَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ ، وَلَا يُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا بِمَحْرَمٍ .
وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِمَا فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ بِأَلْفٍ إنْ كَانَ غُلَامًا وَبِخَمْسِ مِائَةٍ إنْ كَانَ أُنْثَى ، فَوَلَدَتْ خُنْثَى مُشْكِلًا فَالْوَصِيَّةُ مَوْقُوفَةٌ فِي الْخَمْسِ مِائَةِ الزَّائِدَةِ إلَى أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ، أَوْ قَالَ كَذَلِكَ لِأَمَتِهِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ ، فَوَلَدَتْ خُنْثَى مُشْكِلًا لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ تُعْتَقْ .
وَلَا سَهْمَ لَهُ مَعَ الْمُقَاتَلَةِ وَإِنَّمَا يُرْضَخُ لَهُ وَلَا يُقْتَلُ لَوْ أَسِيرًا أَوْ مُرْتَدًّا بَعْدَ الْإِسْلَامِ ، وَلَا خَرَاجَ عَلَى رَأْسِهِ لَوْ كَانَ ذِمِّيًّا وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِ الْمَوْلَى : كُلُّ عَبْدٍ لِي حُرٌّ أَوْ كُلُّ أَمَةٍ لِي حُرَّةٌ ، إلَّا إذَا قَالَهُمَا فَيُعْتَقُ ،
وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ : إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَاشْتَرَى خُنْثَى لَمْ تُطْلَقْ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : إنْ مَلَكْت أَمَةً ، وَلَوْ قَالَهُمَا مَعًا طَلُقَتْ ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْكِلُ : أَنَا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ، وَإِذَا قُتِلَ خَطَأً وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى التَّبْيِينِ ، وَكَذَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ ، وَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ ، وَلَوْ تَزَوَّجَ مُشْكِلٌ مِثْلَهُ
لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ فَلَا يَتَوَارَثَانِ بِالْمَوْتِ ، وَلَوْ شَهِدَ شُهُودٌ أَنَّهُ ذَكَرٌ وَشُهُودٌ أَنَّهُ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ يَطْلُبُ مِيرَاثًا قَضَيْتُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ أَنَّهُ غُلَامٌ وَأَبْطَلْتُ الْأُخْرَى ، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّهُ امْرَأَتُهُ قَضَيْتُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أُنْثَى وَأَبْطَلْتُ الْأُخْرَى ؛ فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً تَدَّعِي أَنَّهُ زَوْجُهَا أَوْقَفْتُ الْأَمْرَ إلَى أَنْ يَسْتَبِينَ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخُنْثَى شَيْئًا وَلَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ شَيْءٌ لَا تُقْبَلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى يَسْتَبِينَ.
وَأَمَّا مِيرَاثُهُ وَالْمِيرَاثُ مِنْهُ ؛ فَقَالَ : فَإِنْ مَاتَ أَبُوهُ فَلَهُ مِيرَاثُ أُنْثَى مِنْهُ ، وَتَمَامُهُ فِيهِ .
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كَالْأُنْثَى فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي مَسَائِلَ ؛ لَا يَلْبَسُ حَرِيرًا وَلَا ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً ، وَلَا يَتَزَوَّجُ مِنْ رَجُلٍ ، وَلَا يَقِفُ فِي صَفِّ النِّسَاءِوَلَا حَدَّ بِقَذْفِهِ ، وَلَا يَخْلُو بِامْرَأَةٍ وَلَا يَقَعُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ عَلِّقَا عَلَى وِلَادَتِهَا أُنْثَى بِهِ ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ : كُلُّ أَمَةٍ .
أَحْكَامُ الْأُنْثَى
تُخَالِفُ الرَّجُلَ فِي أَنَّ السُّنَّةَ فِي عَانَتِهَا النَّتْفُ وَلَا يُسَنُّ خِتَانُهَا وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُمَةٌ ، وَيُسَنُّ حَلْقُ لِحْيَتِهَا لَوْ نَبَتَتْ وَتُمْنَعُ عَنْ حَلْقِ رَأْسِهَا ، وَمَنِيُّهَا لَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ عَلَى قَوْلٍ ، وَتَزِيدُ فِي أَسْبَابِ الْبُلُوغِ بِالْحَيْضِ وَالْحَمْلِ ،وَيُكْرَهُ أَذَانُهَا وَإِقَامَتُهَا ،وَبَدَنُهَا كُلُّهُ عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَاوَكَفَّيْهَاوَقَدَمَيْهَاعَلَى الْمُعْتَمَدِ ،وَذِرَاعَيْهَا عَلَى الْمَرْجُوحِ ،وَصَوْتُهَا عَوْرَةٌ فِي قَوْلٍ ،وَيُكْرَهُ لَهَا دُخُولُ الْحَمَّامِ فِي قَوْلٍ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ ، وَ الْمُعْتَمَدُ لَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا ،وَلَا تَرْفَعُ يَدَيْهَا حِذَاءَ أُذُنَيْهَا وَلَا تَجْهَرْ بِقِرَاءَتِهَا . وَتَضُمُّ فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَلَا تُفَرِّجُ أَصَابِعَهَا فِي الرُّكُوعِ ، وَاذَا نَابَهَا شَيْءٌ فِي صَلَاتِهَا صَفَّقَتْ وَلَا تُسَبِّحُ ، وَتُكْرَهُ جَمَاعَتُهُنَّ ، وَيَقِفُ الْإِمَامُ وَسَطَهُنَّ ،وَلَا تَصْلُحُ إمَامًا لِلرِّجَالِوَيُكْرَهُ حُضُورُهَا الْجَمَاعَةَ ، وَصَلَاتُهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ ، وَتَضَعُ يَمِينَهَا عَلَى شِمَالِهَا تَحْتَ ثَدْيِهَا ،وَتَضَعُ يَدَيْهَا فِي التَّشَهُّدِ عَلَى رُكْبَتَيْهَا وَتَتَوَرَّكُ .
وَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهَا وَلَكِنْ تَنْعَقِدُ بِهَا ، وَلَا عِيدٌ وَلَا تَكْبِيرُ تَشْرِيقٍ ، وَلَا تُسَافِرُ إلَّا بِزَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ ، وَلَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَيْهَا إلَّا بِأَحَدِهِمَا ، وَلَا تُلَبِّي جَهْرًا وَلَا تَنْزِعُ الْمَخِيطَ وَلَا تَكْشِفُ رَأْسَهَا وَلَا تَسْعَى بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ ، وَلَا تَحْلِقُ وَإِنَّمَا تُقَصِّرُ وَلَا تُرْمِلُ ، وَالتَّبَاعُدُ فِي طَوَافِهَا عَنْ الْبَيْتِ أَفْضَلُ ، وَلَا تَخْطُبُ مُطْلَقًا ، وَتَقِفُ فِي حَاشِيَةِ
الْمَوْقِفِ لَا عِنْدَ الصَّخَرَاتِ ، وَتَكُونُ قَاعِدَةً وَهُوَ رَاكِبٌ ، وَتَلْبَسُ فِي إحْرَامِهَا الْخُفَّيْنِ ، وَتَتْرُكُ طَوَافَ الصَّدْرِ لِعُذْرِ الْحَيْضِ ، وَتُؤَخِّرُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ لِعُذْرِ الْحَيْضِ وَتُكَفَّنُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ ، وَلَا تَؤُمُّ فِي الْجِنَازَةِ .
وَلَوْ فَعَلَتْ سَقَطَ الْفَرْضُ بِصَلَاتِهَا ، وَلَا تَحْمِلُ الْجِنَازَةَ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى ، وَيُنْدَبُ لَهَا نَحْوُ الْقُبَّةِ فِي التَّابُوتِ ، وَلَا سَهْمَ لَهَا وَإِنَّمَا يُرْضَخُ لَهَا إنْ قَاتَلَتْوَلَا تُقْتَلْ الْمُرْتَدَّةُ وَالْمُشْرِكَةُ ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ، وَتَعْتَكِفُ فِي بَيْتِهَا ،وَيُبَاحُ لَهَا خَضْبُ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ إلَّا لِضَرُورَةٍ . وَالتَّضْحِيَةُ بِالذَّكَرِ أَفْضَلُ مِنْهَا .
وَهِيَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الرَّجُلِ : فِي الْإِرْثِ وَالشَّهَادَةِ وَالدِّيَةِ نَفْسًا أَوْ بَعْضًا ، وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُوَلَّى الْقَضَاءَ ، وَإِنْ صَحَّ مِنْهَا فِي غَيْرِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِوَبُضْعُهَا مُقَابَلٌ بِالْمَهْرِ دُونَ الرَّجُلِ ، وَتُجْبَرُ الْأَمَةُ عَلَى النِّكَاحِ دُونَ الْعَبْدِ فِي رِوَايَةٍ ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْجَبْرِ ، وَتُخَيَّرُ الْأَمَةُ إذَا أُعْتِقَتْ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا ، وَلَبَنُهَا مُحَرَّمٌ فِي الرَّضَاعِ دُونَهُ .
وَتُقَدَّمُ عَلَى الرِّجَالِ فِي الْحَضَانَةِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَفِي النَّفْرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنًى وَفِي الِانْصِرَافِ مِنْ الصَّلَاةِ ، وَتُؤَخَّرُ : فِي جَمَاعَةِ الرِّجَالِ وَالْمَوْقِفِ وَفِي اجْتِمَاعِ الْجِنَازَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ ؛ فَتُجْعَلُ عِنْدَ الْقِبْلَةِ ، وَالرَّجُلُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَكَذَا فِي اللَّحْدِوَتَجِبُ الدِّيَةُ بِقَطْعِ ثَدْيِهَا أَوْ حَلَمَتِهِ بِخِلَافِهِ مِنْ الرَّجُلِ فَإِنَّ فِيهِ الْحُكُومَةَ ، وَلَا قِصَاصَ بِقَطْعِ طَرَفِهَا بِخِلَافِهِ وَلَا مُسَاوَمَةَ عَلَيْهَا ،وَلَا تَدْخُلُ مَعَ الْعَاقِلَةِ ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا مِنْ الدِّيَةِ لَوْ قَتَلَتْ خَطَأً بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّ الْقَاتِلَ كَأَحَدِهِمْ . وَيُحْفَرُ لَهَا فِي الرَّجْمِ .
إنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ وَتُجْلَدُ جَالِسَةً وَالرَّجُلُ قَائِمًا ، وَلَا تُنْفَى سِيَاسَةً ، وَيُنْفَى هُوَ عَامًا بَعْدَ الْجِلْدِ سِيَاسَةً لَا حَدًّا ، وَلَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ لِلدَّعْوَى إذَا كَانَتْ مُخَدَّرَةً وَلَا لِلْيَمِينِ بَلْ يَحْضُرُ إلَيْهَا الْقَاضِي أَوْ يَبْعَثُ إلَيْهَا نَائِبَهُ يُحَلِّفُهَا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ ، وَيُقْبَلُ تَوْكِيلُهَا بِلَا رِضَاءِ الْخَصْمِ إذَا كَانَتْ مُخَدَّرَةً اتِّفَاقًا ، وَلَا تُبْتَدَأُ الشَّابَّةُ بِسَلَامٍ وَتَعْزِيَةٍوَلَا تُجَابُ ، وَلَا تُشَمَّتُ وَتَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ مَعَهَا . وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ كَوْنِهَا نَبِيَّةً ، وَاخْتَارَ فِي الْمُسَايَرَةِ جَوَازَ كَوْنِهَا نَبِيَّةً لَا رَسُولَةً ، لِأَنَّ
الرِّسَالَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاشْتِهَارِ ، وَمَبْنَى حَالِهِنَّ عَلَى السِّتْرِ بِخِلَافِ النُّبُوَّةِ وَالتَّمَامِ فِيهَا ، وَلَا تَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي الْغَرَامَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ الْقِسْمَةِ .
أَحْكَامُ الذِّمِّيِِّ
حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ : إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالْعِبَادَاتِ ، وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ
وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ ، وَيَصِحُّ وُضُوءُهُ وَغُسْلُهُ ، فَلَوْ أَسْلَمَ جَازَتْ صَلَاتُهُ بِهِ .
وَلَا يَأْثَمُ عَلَى تَرْكِ الْعِبَادَاتِ عَلَى قَوْلٍ ، وَيَأْثَمُ عَلَى تَرْكِ اعْتِقَادِهَا إجْمَاعًا
وَلَا يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ جُنُبًا بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ ، وَلَا يَتَوَقَّفُ جَوَازُ دُخُولِهِ عَلَى إذْنِ مُسْلِمٍ عِنْدَنَا ، وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُ وَلَا سَهْمَ لَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ .
وَيُرْضَخُ لَهُ إنْ قَاتَلَ أَوْ دَلَّ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَلَا يُحَدُّ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَلَا تُرَاقُ عَلَيْهِ ، بَلْ تُرَدُّ عَلَيْهِ إذَا غُصِبَتْ مِنْهُ .
وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهَا لَهُ إلَّا أَنْ يُظْهِرَ بَيْعَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا ضَمَانَ فِي إرَاقَتِهَا أَوْ يَكُونَ الْمُتْلِفُ إمَامًا يَرَى ذَلِكَ ، بِخِلَافِ إتْلَافِ خَمْرِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ ذِمِّيًّا ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إظْهَارُهُ شُرْبَهَا كَإِظْهَارِهِ بَيْعَهَا .
وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ ، وَلَا يُعْتَرَضُ لَهُمْ لَوْ تَنَاكَحُوا فَاسِدًا أَوْ تَبَايَعُوا كَذَلِكَ ثُمَّ أَسْلَمُوا .
وَفِي الْكَنْزِ : وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ .
وَتَعَقَّبَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهُ سَهْوٌ ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِمَا .
وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِمَا ضِمْنَ الْمُعَامَلَاتِ لَا مَقْصُودًا وَهُوَ مُرَادُهُ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي الْكَافِي .
وَيَأْخُذُ الذِّمِّيُّ بِالتَّمْيِيزِ عَمَّا فِي الْمَرْكَبِ وَالْمَلْبَسِ فَيَرْكَبُونَ بِالْأُكُفِ وَلَا يَلْبَسُونَ الطَّيَالِسَةَ وَالْأَرْدِيَةَ وَلَا ثِيَابَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالشَّرَفِ ، وَتُجْعَلُ عَلَى دُورِهِمْ عَلَامَةٌ ، وَلَا يُحْدِثُونَ بِيعَةً وَلَا كَنِيسَةً فِي مِصْرَ .
وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي سُكْنَاهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمِصْرِ ، وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ فِي مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ . وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ هَلْ يَلْزَمُ تَمْيِيزُهُمْ بِجَمِيعِ الْعَلَامَاتِ أَوْ تَكْفِي وَاحِدَةٌ ؟ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمْ لَا يَرْكَبُونَ مُطْلَقًا وَلَا يَلْبَسُونَ الْعَمَائِمَ . وَإِنْ رَكِبَ الْحِمَارَ لِضَرُورَةٍ نَزَلَ فِي الْمَجَامِعِ . وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِي الْمُرُورِ ، وَلَا يُرْجَمُ وَإِنَّمَا يُجْلَدُ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تُقَامُ الْحُدُودُ كُلُّهَا عَلَيْهِ إلَّا حَدَّ شُرْبِ الْخَمْرِ ، وَلَا يُبْدَأُ الذِّمِّيُّ بِسَلَامٍ إلَّا لِحَاجَةٍ وَلَا يُزَادُ فِي الْجَوَابِ عَلَى وَعَلَيْك ، وَتُكْرَهُ مُصَافَحَتُهُ ، وَيَحْرُمُ تَعْظِيمُهُ
وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ كَافِرٍ لِعَصْرِ الْعِنَبِ .
وَفِي الْمُلْتَقَطِ : كُلُّ شَيْءٍ امْتَنَعَ مِنْهُ الْمُسْلِمُ امْتَنَعَ مِنْهُ الذِّمِّيُّ إلَّا الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ . وَلَا تُكْرَهُ عِيَادَةُ جَارِهِ الذِّمِّيِّ وَلَا تُكْرَهُ ضِيَافَتُهُ ، وَلَا تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَّا إذَا كَانَتْ بِنْتُ مَلِكٍ خَدَعَهَا حَائِكٌ أَوْ كَنَّاسٌ فَيُفَرَّقُ لِتَسْكِينِ الْفِتْنَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
تَنْبِيهٌ :الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ ، كَالْقِصَاصِ وَضَمَانِ الْأَمْوَالِ إلَّا فِي مَسَائِلَ : لَوْ أَجْنَبَ الْكَافِرُ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ تَسْقُطْ وَمِنْهَا لَوْ زَنَى ثُمَّ أَسْلَمَ وَكَانَ زِنَاهُ ثَابِتًا بِبَيِّنَةِ مُسْلِمِينَ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ بِإِسْلَامِهِ وَإِلَّا سَقَطَ
تَنْبِيهٌ آخَرُ: اشْتِرَاكُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي وَضْعِ الْجِزْيَةِ وَحِلِّ الْمُنَاكَحَةِ وَالذَّبَائِحِ وَفِي الدِّيَةِ .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَارَكَهُمْ الْمَجُوسِيُّ فِي الْجِزْيَةِ وَالدِّيَةِ دُونَ الْآخَرَيْنِ وَاسْتَوَى أَهْلُ الذِّمَّةِ فِيمَا ذُكِرَ .
وَقَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ وَدِيَةُ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ سَوَاءٌ ، وَلَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ بِمُسْتَأْمَنٍ
تَنْبِيهٌ آخَرُ: لَا تَوَارَثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ ، وَيَجْرِي الْإِرْثُ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس ، وَالْكُفْرُ كُلُّهُ عِنْدَنَا مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الدَّارِ ، وَالْكُفَّارُ يَتَعَاقَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ وَخَرَجَ الْمُرْتَدُّ ، فَإِنَّهُ يَرِثُ كَسْبَ إسْلَامِهِ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ مَعَ عَدَمِ الِاتِّحَادِ .
أَحْكَامُ الْجَانِّ
قَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا ، وَقَدْ أَلَّفَ فِيهَا مِنْ أَصْحَابِنَا الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ الشِّبْلِيُّ فِي كِتَابِهِ آكَامِ الْمَرْجَانِ فِي أَحْكَامِ الْجَانِّ " لَكِنِّي لَمْ أَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْآنَ ، وَمَا نَقَلْته عَنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ بِوَاسِطَةِ نَقْلِ الْأُسْيُوطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ : مُؤْمِنُهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَكَافِرُهُمْ فِي النَّارِ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي ثَوَابِ الطَّائِعِينَ .
فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مُعَزِّيًا إلَى الْأَجْنَاسِ عَنْ الْإِمَامِ : لَيْسَ لِلْجِنِّ ثَوَابٌ ، وَفِي التَّفَاسِيرِ تَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِي ثَوَابِ الْجِنِّ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ فِيهِمْ : { يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ } وَالْمَغْفِرَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِثَابَةَ لِأَنَّهُ سَتْرٌ ، وَمِنْهُ الْمِغْفَرُ لِلْبَيْضَةِ ، وَالْإِثَابَةُ
بِالْوَعْدِ فَضْلٌ .
قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ : أُوعِدَ ظَالِمُهُمْ فَيَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ ، وَيَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ صَالِحُهُمْ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا } .
قُلْنَا : الثَّوَابُ فَضْلٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا بِالِاسْتِحْقَاقِ ، فَإِنْ قِيلَ قَوْله تَعَالَى : { فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } بَعْدَ عَدِّ نَعِيمِ الْجَنَّةِ خِطَابًا لِلثَّقَلَيْنِ يَرُدُّ مَا ذَكَرْتُ .
قُلْنَا : ذَكَرُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّوَقُّفِ : التَّوَقُّفُ فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلَاذِّ ، لَا الدُّخُولُ فِيهِ كَدُخُولِ الْمَلَائِكَةِ لِلسَّلَامِ وَالزِّيَارَةِ وَالْخِدْمَةِ : { وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ } الْآيَةَ ( انْتَهَى ) .
فَمِنْهَا النِّكَاحُ: قَالَ فِي السِّرَاجِيَّةِ : لَا تَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَ بَنِي آدَمَ وَالْجِنِّ وَإِنْسَانِ الْمَاءِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ ( انْتَهَى ) .
وَتَبِعَهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَالْفَيْضِ ، وَفِي الْقُنْيَةِ : سُئِلَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ التَّزْوِيجِ بِجِنِّيَّةٍ فَقَالَ : يَجُوزُ بِلَا شُهُودٍ ، ثُمَّ رَقَّمَ آخَرُ فَقَالَ : لَا يَجُوزُ ، ثُمَّ رَقَّمَ آخَرُ : يُصْفَعُ السَّائِلُ لِحَمَاقَتِهِ ( انْتَهَى ) .
وَفِي يَتِيمَةِ الدَّهْرِ فِي فَتَاوَى أَهْلِ الْعَصْرِ : سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ التَّزْوِيجِ بِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ مِنْ الْجِنِّ ؛ هَلْ يَجُوزُ إذَا تُصُوِّرَ ذَلِكَ أَمْ يَخْتَصُّ الْجَوَازُ بِالْآدَمِيِّينَ ؟ فَقَالَ : يُصْفَعُ هَذَا السَّائِلُ لِحَمَاقَتِهِ وَجَهْلِهِ .
قُلْت : وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى حَمَاقَةِ السَّائِلِ وَكَانَ لَا يُتَصَوَّرُ ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَ فِي فَتَاوَاهُ أَنَّ الْكُفَّارَ لَوْ تَتَرَّسُوا بِنَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ، هَلْ يُرْمَى ؟ فَقَالَ يُسْأَلُ ذَلِكَ النَّبِيُّ ، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بَعْدَ رَسُولِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَكِنْ أَجَابَ عَلَى تَقْدِيرِ التَّصَوُّرِ كَذَا هَذَا .
وَسُئِلَ عَنْهَا أَبُو حَامِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ لَا يَجُوزُ ( انْتَهَى )
وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْجِنِّيَّاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّحْلِ : { وَاَللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } أَيْ مِنْ جِنْسِكُمْ وَنَوْعِكُمْ وَعَلَى خَلْقِكُمْ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ } أَيْ مِنْ الْآدَمِيِّينَ ( انْتَهَى ) .
وَبَعْضُهُمْ اسْتَدَلَّ بِمَا رَوَاهُ حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ فِي مَسَائِلِهِ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ
قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقَطِيعِيُّ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ : { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ } ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَقَدْ اُعْتُضِدَ بِأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ ، فَرُوِيَ الْمَنْعُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْحَاكِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَعُقْبَةَ بْنِ الْأَصَمِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
فَإِذَا تَقَرَّرَ الْمَنْعُ مِنْ نِكَاحِ الْإِنْسِيِّ الْجِنِّيَّةَ ؛ فَالْمَنْعُ مِنْ نِكَاحِ الْجِنِّيِّ الْإِنْسِيَّةَ مِنْ بَابِ أَوْلَى ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي السِّرَاجِيَّةِ : لَا تَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ ، وَهُوَ شَامِلٌ لَهُمَا ، لَكِنْ رَوَى أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الرَّازِيّ فِي كِتَابِ الْإِلْهَامِ وَالْوَسْوَسَةِ فَقَالَ : حَدَّثَنَا مُقَاتِلٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ دَاوُد الزَّبِيدِيِّ قَالَ : كَتَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ إلَى مَالِكٍ يَسْأَلُونَهُ عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ وَقَالُوا : إنَّ هُنَا رَجُلًا مِنْ الْجِنِّ يَخْطُبُ إلَيْنَا جَارِيَةً يَزْعُمُ أَنَّهُ يُرِيدُ الْحَلَالَ .
فَقَالَ : مَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا فِي الدِّينِ ، وَلَكِنْ أَكْرَهُ إذَا وَجَدَ امْرَأَةً حَامِلًا قِيلَ لَهَا مَنْ زَوْجُكِ قَالَتْ مِنْ الْجِنِّ فَيَكْثُرُ الْفَسَادُ فِي الْإِسْلَامِ بِذَلِكَ ( انْتَهَى )
وَمِنْهَا لَوْ وَطِئَ الْجِنِّيُّ إنْسِيَّةً فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ ؟ قَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ : امْرَأَةٌ قَالَتْ : مَعِي جِنِّيٌّ يَأْتِينِي فِي النَّوْمِ مِرَارًا وَأَجِدُ فِي نَفْسِي مَا أَجِدُ لَوْ جَامَعَنِي زَوْجِي .
لَا غُسْلَ عَلَيْهَا ( انْتَهَى ) .
وَقَيَّدَهُ الْكَمَالُ بِمَا إذَا لَمْ تُنْزِلْ ؛ أَمَّا إذَا أَنْزَلَتْ وَجَبَ كَأَنَّهُ احْتِلَامٌ
وَمِنْهَا انْعِقَادُ الْجَمَاعَةِ بِالْجِنِّ ، ذَكَرَهُ الْأُسْيُوطِيُّ عَنْ صَاحِبِ آكَامِ الْمَرْجَانِ مِنْ أَصْحَابِنَا مُسْتَدِلًّا بِحَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِصَّةِ الْجِنِّ وَفِيهِ : فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي أَدْرَكَهُ شَخْصَانِ مِنْهُمْ فَقَالَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نُحِبُّ أَنْ تَؤُمَّنَا فِي صَلَاتِنَا قَالَ : فَصَفَّهُمَا خَلْفَهُ ثُمَّ صَلَّى بِهِمَا ثُمَّ انْصَرَفَ .
وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِالْمَلَائِكَةِ ، وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ ؛ لَوْ صَلَّى فِي فَضَاءٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ مُنْفَرِدًا ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ لَمْ يَحْنَثْ .
وَمِنْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْجِنِّيِّ ذَكَرَهُ فِي آكَامِ الْمَرْجَانِ .
وَمِنْهَا إذَا مَرَّ الْجِنِّيُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي يُقَاتَلُ كَمَا يُقَاتَلُ الْإِنْسِيُّ وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ قَتْلُ الْجِنِّيِّ بِغَيْرِ حَقٍّ كَالْإِنْسِيِّ .
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ قَالُوا : يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْتَلَ الْحَيَّةُ الْبَيْضَاءُ الَّتِي تَمْشِي مُسْتَوِيَةً ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْجَانِّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { اُقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ ، وَإِيَّاكُمْ وَالْحَيَّةَ الْبَيْضَاءَ فَإِنَّهَا مِنْ الْجِنِّ } وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ : لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْكُلِّ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاهَدَ الْجِنَّ أَنْ لَا يَدْخُلُوا بُيُوتَ أُمَّتِهِ وَلَا يُظْهِرُوا أَنْفُسَهُمْ ، فَإِذَا خَالَفُوا فَقَدْ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ فَلَا حُرْمَةَ لَهُمْ .
وَالْأَوْلَى هُوَ الْإِنْذَارُ وَالْإِعْذَارُ فَيُقَالُ لَهَا : ارْجِعِي بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ خَلِّي طَرِيقَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَبَتْ قَتَلَهَا ، وَالْإِنْذَارُ إنَّمَا يَكُونُ خَارِجَ الصَّلَاةِ ( انْتَهَى ) .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا رَأَتْ فِي بَيْتِهَا حَيَّةً فَأَمَرَتْ بِقَتْلِهَا فَقُتِلَتْ فَأَتَيْت فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَقِيلَ لَهَا إنَّهَا مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْوَحْيَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَرْسَلَتْ إلَى الْيَمَنِ فَابْتِيعَ لَهَا أَرْبَعُونَ رَأْسًا فَأَعْتَقَتْهُمْ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ ، وَفِيهِ : فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَمَرَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَفُرِّقَتْ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَمِنْهَا قَبُولُ رِوَايَةِ الْجِنِّيِّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ آكَامِ الْمَرْجَانِ ، وَذَكَرَ الْأُسْيُوطِيُّ أَنَّهُ لَا شَكَّ فِي جَوَازِ رِوَايَتِهِمْ عَنْ الْإِنْسِ مَا سَمِعُوهُ ؛ سَوَاءٌ عَلِمَ الْإِنْسِيُّ بِهِمْ أَوْ لَا ، وَإِذَا أَجَازَ الشَّيْخُ مَنْ حَضَرَ دَخَلَ الْجِنُّ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِنْسِ .
وَأَمَّا رِوَايَةُ الْإِنْسِ عَنْهُمْ فَالظَّاهِرُ مَنْعُهَا لِعَدَمِ حُصُولِ الثِّقَةِ بَعْدَ التُّهَمِ .
وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِزَادِ الْجِنِّ وَهُوَ الْعَظْمُ كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ .
وَمِنْهَا أَنَّ ذَبِيحَتَهُ لَا تَحِلُّ .
قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ : { وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَبَائِحِ الْجِنِّ } ( انْتَهَى ) .
وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْكُرْدِيُّ فِي مَنَاقِبِهِ فِي فَضْلِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الْجَانِّ وَأَوْلَادِ الشَّيْطَانِ وَبَيَانِ الْغُولِ وَالْكَلَامِ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ وَأَكْلِهِمْ
فَوَائِدُ :
الْأُولَى : الْجُمْهُورُ ؛ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْجِنِّ نَبِيٌّ ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ } .
فَتَأَوَّلُوهُ عَلَى أَنَّهُمْ رُسُلٌ عَنْ الرُّسُلِ سَمِعُوا كَلَامَهُمْ فَأَنْذَرُوا قَوْمَهُمْ ، لَا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى .
وَذَهَبَ الضَّحَّاكُ وَابْنُ حَزْمٍ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ نَبِيٌّ تَمَسُّكًا بِحَدِيثِ { وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً } قَالَ : وَلَيْسَ الْجِنُّ مِنْ قَوْمِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ أُنْذِرُوا فَصَحَّ أَنَّهُ جَاءَهُمْ أَنْبِيَاءٌ مِنْهُمْ .
الثَّانِيَةُ: قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِ الْأَحْقَافِ : وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَبْعُوثًا إلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ جَمِيعًا ، قَالَ مُقَاتِلٌ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَمْ يُبْعَثْ قَبْلَهُ نَبِيٌّ إلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ مُؤْمِنِي الْجِنِّ .
فَقَالَ قَوْمٌ : لَا ثَوَابَ لَهُمْ إلَّا النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَعَنْ اللَّيْثِ : ثَوَابُهُمْ أَنْ يُجَارُوا مِنْ النَّارِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ كُونُوا تُرَابًا كَالْبَهَائِمِ .
وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ كَذَلِكَ .
وَقَالَ آخَرُونَ .
يُثَابُونَ كَمَا يُعَاقَبُونَ .
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى رَحِمَهُمَا اللَّهُ .
وَعَنْ الضَّحَّاكِ أَنَّهُمْ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالذِّكْرَ فَيُصِيبُونَ مِنْ لَذَّتِهِ مَا يُصِيبُهُ بَنُو آدَمَ .
مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ .
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : إنَّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ حَوْلَ الْجَنَّةِ فِي رَبَضِهَا وَلَيْسُوا فِيهَا ( انْتَهَى ) .
الثَّالِثَةُ : ذَهَبَ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ إنَّ الْجِنَّ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يَكُونُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؛ نَرَاهُمْ وَلَا يَرَوْنَا عَكْسَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا الرَّابِعَةُ : صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ فِي الْجَنَّةِ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : { لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ } وَقَدْ اسْتَثْنَى مِنْهُ مُؤْمِنِي الْبَشَرِ فَبَقِيَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْمَلَائِكَةِ .
قَالَ فِي آكَامِ الْمَرْجَانِ : وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْجِنَّ لَا يَرَوْهُ لِأَنَّ الْآيَةَ بَاقِيَةٌ عَلَى الْعُمُومِ فِيهِمْ أَيْضًا ( انْتَهَى ) .
وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ الْأُسْيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ بِالْآيَةِ نَظَرٌ ، لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ أَصْلًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ : لَا تُدْرِكُهُ أَيْ لَا تُحِيطُ بِهِ .
وَاسْتَدَلَّتْ الْمُعْتَزِلَةُ عَلَى امْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ وَهُوَ
ضَعِيفٌ ؛ إذْ لَيْسَ الْإِدْرَاكُ بِمُطْلَقِ الرُّؤْيَةِ ؛ وَلَا النَّفْيُ فِي الْآيَةِ عَامًّا فِي الْأَوْقَاتِ ؛ فَلَعَلَّهُ مَخْصُوصٌ بِبَعْضِ الْحَالَاتِ ، وَلَا فِي الْأَشْخَاصِ فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا : كُلُّ بَصَرٍ لَا يُدْرِكُهُ مَعَ أَنَّ النَّفْيَ لَا يُوجِبُ الِامْتِنَاعَ ( انْتَهَى ) أَحْكَامُ الْمَحَارِمِ
الْمَحْرَمُ عِنْدَنَا مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ رَضَاعٍ .
وَلَوْ بِوَطْءٍ حَرَامٍ ؛ فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ وَلَد الْعُمُومَةِ وَالْخُؤُولَةِ وَبِالثَّانِي أُخْتُ الزَّوْجَةِ وَعَمَّتُهَا أَوْ خَالَتُهَا ، وَشَمِلَ أُمَّ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَبِنْتَهَا وَآبَاءَ الزَّانِي وَابْنَهُ
وَأَحْكَامُهُ : تَحْرِيمُ النِّكَاحِ وَجَوَازُ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَالْمُسَافَرَةِ إلَّا الْمَحْرَمَ مِنْ الرَّضَاعِ ، فَإِنَّ الْخَلْوَةَ بِهَا مَكْرُوهَةٌ وَكَذَا بِالصِّهْرَةِ الشَّابَّةِ ، وَحُرْمَةُ النِّكَاحِ عَلَى التَّأْبِيدِ لَا مُشَارَكَةَ لِلْمَحْرَمِ فِيهَا ؛ فَإِنَّ الْمُلَاعَنَةَ تَحِلُّ إذَا كَذَّبَ نَفْسَهُ أَوْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ ، وَالْمَجُوسِيَّةُ تَحِلُّ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِتَهَوُّدِهَا أَوْ تَنَصُّرِهَا ، وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا بِدُخُولِ الثَّانِي وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهِ ، وَمَنْكُوحَةُ الْغَيْرِ بِطَلَاقِهَا وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ، وَمُعْتَدَّةُ الْغَيْرِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا .
وَكَذَا لَا مُشَارَكَةَ لِلْمَحْرَمِ فِي جَوَازِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَالسَّفَرِ ، وَأَمَّا عَبْدُهَا فَكَالْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنَّ الزَّوْجَ يُشَارِكُ الْمَحْرَمَ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ، وَالنِّسَاءُ الثِّقَاتُ لَا يَقُمْنَ مَقَامَ الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ فِي السَّفَرِ
وَاخْتُصَّ الْمَحْرَمُ النَّسَبِيُّ بِأَحْكَامٍ :
مِنْهَا عِتْقُهُ عَلَى قَرِيبِهِ لَوْ مَلِكَهُ ؛ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ .
وَمِنْهَا وُجُوبُ نَفَقَةِ الْفَقِيرِ الْعَاجِزِ عَلَى قَرِيبِهِ الْغَنِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ رَحِمًا مَحْرَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ ، فَإِنَّ الْعَمَّ وَالْأَخَ مِنْ الرَّضَاعِ لَا يُعْتَقُ وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ ، وَيُغَسِّلُ الْمَحْرَمُ قَرِيبَتَهُ .
وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ صَغِيرٍ وَمَحْرَمٍ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ إلَّا فِي عَشْرَةِ مَسَائِلَ ذَكَرْنَاهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ ؛ فَإِنْ فَرَّقَ صَحَّ الْبَيْعُ .
وَمِنْهَا أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ مَانِعَةٌ مِنْ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ
وَتَخْتَصُّ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْمَحَارِمِ بِأَحْكَامٍ : مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ أَحَدُهُمَا بِسَرِقَةِ مَالِ الْآخَرِ .
وَمِنْهَا لَا يَقْضِي وَلَا يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ .
وَمِنْهَا تَحْرِيمُ مَوْطُوءَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَوْ بِزِنًا .
وَمِنْهَا تَحْرِيمُ مَنْكُوحَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ .
وَمِنْهَا لَا يَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ
وَتَخْتَصُّ الْأُصُولُ بِأَحْكَامٍ :
مِنْهَا لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ أَصْلِهِ الْحَرْبِيِّ إلَّا دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ ، وَإِنْ خَافَ رُجُوعَهُ ضَيَّقَ عَلَيْهِ وَأَلْجَأَهُ لِيَقْتُلَهُ غَيْرُهُ ، وَلَهُ قَتْلُ فَرْعِهِ الْحَرْبِيِّ كَمَحْرَمِهِ .
وَمِنْهَا لَا يُقْتَلُ الْأَصْلُ بِفَرْعِهِ وَيُقْتَلُ الْفَرْعُ بِأَصْلِهِ .
وَمِنْهَا لَا تَجُوزُ مُسَافَرَةُ الْفَرْعِ إلَّا بِإِذْنِ أَصْلِهِ دُون عَكْسِهِ .
وَمِنْهَا لَوْ ادَّعَى الْأَصْلُ وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ .
وَالْجَدُّ أَبُ الْأَبِ كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَلَوْ حُكْمًا لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ بِخِلَافِ الْفَرْعِ إذَا ادَّعَى وَلَدَ جَارِيَةِ أَصْلِهِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْأَصْلِ .
وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ الْجِهَادُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ بِخِلَافِ الْأُصُولِ لَا يَتَوَقَّفُ جِهَادُهُمْ عَلَى إذْنِ الْفُرُوعِ .
وَمِنْهَا لَا تَجُوزُ الْمُسَافَرَةُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ ، إنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُلْتَحِيًا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا .
وَمِنْهَا إذَا دَعَاهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَجَبَتْ إجَابَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِكَوْنِهِ فِيهَا .
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ .
وَيَنْبَغِي الْإِلْحَاقُ .
وَمِنْهَا كَرَاهَةُ حُجَّةٍ بِدُونِ إذْنِ مَنْ كَرِهَهُ مِنْ أَبَوَيْهِ إنْ احْتَاجَ إلَى خِدْمَتِهِ .
وَمِنْهَا جَوَازُ تَأْدِيبِ الْأَصْلِ فَرْعَهُ .
وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ بِالْأَبِ فَالْأُمُّ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ كَذَلِكَ .
وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ .
وَمِنْهَا تَبَعِيَّةُ الْفَرْعِ لِلْأَصْلِ فِي الْإِسْلَامِ .
وَكَتَبْنَا مَسَائِلَ الْجَدِّ وَمَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ فِيهِ فِي فَنِّ الْفَوَائِدِ .
وَمِنْهَا لَا يُحْبَسُونَ بِدَيْنِ الْفَرْعِ ، وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ كَذَلِكَ .
وَاخْتَصَّ الْأُصُولُ الذُّكُورُ بِوُجُوبِ الْإِعْفَافِ وَاخْتَصَّ الْأَبُ وَالْجَدُّ بِأَحْكَامٍ : مِنْهَا وِلَايَةُ الْمَالِ ، فَلَا وِلَايَةَ لِلْأُمِّ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إلَّا الْحِفْظُ وَشِرَاءُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلصَّغِيرِ وَمِنْهَا تَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ ؛ فَلَوْ بَاعَ الْأَبُ مَالَهُ مِنْ ابْنِهِ أَوْ اشْتَرَى وَلَيْسَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ انْعَقَدَ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ .
وَمِنْهَا عَدَمُ خِيَارِ الْبُلُوغِ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَقَطْ ، وَأَمَّا وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ فَلَا تَخْتَصُّ بِهِمَا فَتَثْبُتُ لِكُلِّ وَلِيٍّ سَوَاءٌ كَانَ عَصَبَةً أَوْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ ، وَكَذَا الصَّلَاةُ فِي الْجِنَازَةِ لَا تَخْتَصُّ بِهِمَا .
وَفِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ النِّكَاحِ : لَوْ ضَرَبَ الْمُعَلِّمُ الْوَلَدَ بِإِذْنِ الْأَبِ فَهَلَكَ لَمْ يَغْرَمْ إلَّا أَنْ يَضْرِبَ ضَرْبًا لَا يُضْرَبُ مِثْلُهُ وَلَوْ ضَرَبَ بِإِذْنِ الْأُمِّ غَرِمَ الدِّيَةَ إذَا هَلَكَ .
وَالْجَدُّ كَالْأَبِ عِنْدَ فَقْدِهِ ، إلَّا فِي اثْنَتَيْ عَشَرَةَ
مَسْأَلَةً ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَوَائِد مِنْ كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَذَكَرْنَا مَا خَالَفَ فِيهِ الْجَدُّ الصَّحِيحُ الْفَاسِدَ
فَائِدَةٌ : يَتَرَتَّبُ عَلَى النَّسَبِ اثْنَا عَشَرَ حُكْمًا :
تَوْرِيثُ الْمَالِ ، وَالْوَلَاءُ ، وَعَدَمُ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ ، وَيُلْحَقُ بِهَا الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ، وَتَحَمُّلُ الدِّيَةِ ، وَوِلَايَةُ التَّزْوِيجِ ، وَوِلَايَةُ غُسْلِ الْمَيِّتِ ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ ، وَوِلَايَةُ الْمَالِ ، وَوِلَايَةُ الْحَضَانَةِ ، وَطَلَبُ الْحَدِّ ، وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ
أَحْكَامُ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ
يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامٌ : وُجُوبُ الْغُسْلِ وَتَحْرِيمُ الصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ وَالْخُطْبَةِ وَالطَّوَافِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَحَمْلِ الْمُصْحَفِ وَمَسِّهِ وَكِتَابَتِهِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ ، وَكَرَاهَةُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ قَبْلَ الْغُسْلِ ، وَوُجُوبُ نَزْعِ الْخُفِّ ، وَالْكَفَّارَةُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ بِدِينَارٍ وَفِي آخِرِهِ بِنِصْفِ دِينَارٍ .
وَفَسَادُ الصَّوْمِ وَوُجُوبُ قَضَائِهِ وَالتَّعْزِيرُ وَالْكَفَّارَةُ وَعَدَمُ انْعِقَادِهِ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ مُخَالِصًا وَقَطْعُ التَّتَابُعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ ، وَفِي الِاعْتِكَافِ وَفَسَادُ الِاعْتِكَافِ ، وَالْحَجِّ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَالْعُمْرَةِ قَبْلَ طَوَافِ الْأَكْثَرِ ، وَوُجُوبُ الْمُضِيِّ فِي فَاسِدِهِمَا وَقَضَائِهِمَا ، وَوُجُوبُ الدَّمِ وَبُطْلَانُ خِيَارِ الشَّرْطِ لِمَنْ لَهُ ، وَسُقُوطُ الرَّدِّ بِعَيْبٍ إذَا فَعَلَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَقَبْلَهُ إنْ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ نَقَصَهَا الْوَطْءُ .
وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ ، وَثُبُوتُ الرَّجْعَةِ بِهِ ، وَبَيْعُ الْعَبْدِ فِي مَهْرِهَا إذَا نَكَحَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، وَتَحْرِيمُ الرَّبِيبَةِ ، وَتَحْرِيمُ أَصْلِ الْمَوْطُوءَةِ وَفَرْعِهَا عَلَيْهِ ، وَتَحْرِيمُ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ عَلَيْهَا وَحِلُّهَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلِسَيِّدِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ مِلْكِهَا ، وَتَحْرِيمُ وَطْءِ أُخْتِهَا إذَا كَانَتْ أَمَةً ، وَزَوَالُ الْعُنَّةِ وَإِبْطَالُ خِيَارِ الْعَتِيقَةِ ، وَإِبْطَالُ خِيَارِ الْبُلُوغِ إذَا كَانَتْ بِكْرًا ، وَكَمَالُ الْمُسَمَّى ، وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِلْمُفَوَّضَةِ وَإِسْقَاطُ حَبْسِهَا نَفْسَهَا لِاسْتِيفَاءِ مَهْرٍ مُعَجَّلٍ مِنْ مَهْرِهَا عَلَى قَوْلِهِمَا ، وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ الْمُعْتَقِ بِهِ ، وَثُبُوتُ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ فِي طَلَاقِهَا وَكَوْنُهُ تَعْيِينًا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ ، وَثُبُوتُ الْفَيْءِ فِي الْإِيلَاءِ ، وَوُجُوبُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَوْ كَانَ بِاَللَّهِ تَعَالَى ، وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ وَمَنْعُ تَزْوِيجِهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمُفْتَى بِهِ ، وَوُجُوبُ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لِلْمُطَلَّقَةِ بَعْدَهُ ، وَوُجُوبُ
الْحَدِّ لَوْ كَانَ زِنًا أَوْ لِوَاطَةٍ عَلَى قَوْلِهِمَا ، وَذَبْحُ الْبَهِيمَةِ الْمَفْعُولِ بِهَا ثُمَّ حَرْقُهَا ، وَوُجُوبُ التَّعْزِيرِ إنْ كَانَ فِي مَيِّتَةٍ أَوْ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهَا أَوْ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ لِوَاطَةٍ بِزَوْجَتِهِ ، وَثُبُوتُ الْإِحْصَانِ وَثُبُوتُ النَّسَبِ ، وَوُقُوعُ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ بِهِ ، وَاسْتِحْقَاقُ الْعَزْلِ عَنْ الْقَضَاءِ وَالْوِلَايَةِ وَالْوِصَايَةِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ لَوْ كَانَ زِنًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
فَوَائِدُ :
الْأُولَى لَا فَرْقَ فِي الْإِيلَاجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِحَائِلٍ أَوْ لَا ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَصِلَ الْحَرَارَةُ مَعَهُ .
هَكَذَا ذَكَرُوهُ فِي التَّحْلِيلِ ؛ فَتَجْرِي فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ الثَّانِيَةُ : مَا ثَبَتَ لِلْحَشَفَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ لِمَقْطُوعِهَا إنْ بَقِيَ مِنْهُ قَدْرُهَا ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ قَدْرُهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ وَيَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ لِكَوْنِهَا كُلِّيَّةً وَلَمْ أَرَهُ الثَّالِثَةُ : الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ فَيَجِبُ بِهِ الْغُسْلُ وَيَحْرُمُ بِهِ مَا يَحْرُمُ بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ وَيَفْسُدُ الصَّوْمُ بِهِ اتِّفَاقًا .
وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ : وَالْأَصَحُّ وُجُوبُهَا ، وَيَفْسُدُ الْحَجُّ بِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ عَلَى قَوْلِهِمَا ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَلَى قَوْلِهِ ؛ وَالْأَصَحُّ فَسَادُهُ بِهِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
وَيَفْسُدُ بِهِ الِاعْتِكَافُ وَتَثْبُتُ بِهِ الرَّجْعَةُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ إلَّا فِي مَسَائِلَ : لَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ ، وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ بِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا إذَا تَكَرَّرَ فَيُقْتَلُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ ، وَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِحْصَانُ وَلَا التَّحْلِيلُ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلَا فَيْءَ لِلْمُولِي ، وَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْعُنَّةِ ، وَلَا تَخْرُجُ بِهِ عَنْ كَوْنِهَا بِكْرًا فَيُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا ، وَلَا يَحِلُّ بِحَالٍ .
وَالْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ حَلَالٌ فِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ عِنْدَ عَدَمِ مَانِعٍ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ لِقَوْلِهِمْ بِسُقُوطِهِ بِالتَّقْبِيلِ وَالْمَسِّ بِشَهْوَةٍ ، فَهَذَا أَوْلَى لِلدَّلَالَةِ عَلَى الرِّضَا ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ : جَامَعَهَا فِي دُبُرِهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ ( انْتَهَى ) .
فَعَلَى هَذَا الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ لَا يُوجِبُ كَمَالَ الْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَلَا تَجِبُ بِهِ الْعِدَّةُ .
لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ
الرَّابِعَةُ : الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ كَالْوَطْءِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ : الْأُولَى: وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى وَفِي الصَّحِيحِ يَجِبُ الْمُسَمَّى .
الثَّانِيَةُ : الْحُرْمَةُ .
الثَّالِثَةُ : عَدَمُ الْحِلِّ لِلْأَوَّلِ .
الرَّابِعَةُ : عَدَمُ الْإِحْصَانِ بِهِ
الْخَامِسَةُ : لِلْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَحْكَامٌ كَأَحْكَامِ الْوَطْءِ بِنِكَاحٍ ؛ فَيُوجِبُ تَحْرِيمَهَا عَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ ، وَتَحْرِيمُ أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا عَلَيْهِ ، وَوُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ ، وَحُرْمَةُ ضَمِّ أُخْتِهَا إلَيْهَا .
وَيُخَالِفُ الْوَطْءَ بِالنِّكَاحِ فِي مَسَائِلَ : لَا يَثْبُتُ بِهِ التَّحْلِيلُ وَلَا الْإِحْصَانُ السَّادِسَةُ : كُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِنْزَالُ لِكَوْنِهِ تَبَعًا السَّابِعَةُ : لَا يَخْلُو الْوَطْءُ بِغَيْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ عَنْ مَهْرٍ أَوْ حَدٍّ إلَّا فِي مَسَائِلَ : الْأُولَى : الذِّمِّيَّةُ إذَا نُكِحَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ مَثَلًا ثُمَّ أَسْلَمَا وَكَانُوا يَدِينُونَ أَنْ لَا مَهْرَ فَلَا مَهْرَ .
الثَّانِيَةُ : نَكَحَ صَبِيٌّ بَالِغَةً حُرَّةً بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَوَطِئَهَا طَائِعَة ؛ فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ .
الثَّالِثَةُ : زَوَّجَ أَمَتَهُ عَنْ عَبْدِهِ فَالْأَصَحُّ أَنْ لَا مَهْرَ .
الرَّابِعَةُ : وَطِئَ الْعَبْدُ سَيِّدَتَهُ بِشُبْهَةٍ فَلَا مَهْرَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا .
الْخَامِسَةُ : لَوْ وَطِئَ حَرْبِيَّةً فَلَا مَهْرَ لَهَا ، وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ .
السَّادِسَةُ : الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَ الْمَوْقُوفَةَ يَنْبَغِي أَنْ لَا مَهْرَ ، وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ .
السَّابِعَةُ : الْبَائِعُ لَوْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي وَهِيَ فِي حِفْظِي مَنْقُولَةٌ كَذَلِكَ .
الثَّامِنَةُ : أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْوَطْءِ فَوَطِئَ ظَانًّا الْحِلَّ يَنْبَغِي أَنْ لَا مَهْرَ
وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ .
التَّاسِعَةُ : الَّذِي يُحَرِّمُ عَلَى الرَّجُلِ وَطْءَ زَوْجَتِهِ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ : الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالصَّوْمُ الْوَاجِبُ وَضِيقُ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافُ وَالْإِحْرَامُ وَالْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَعِدَّةُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ ، وَإِذَا صَارَتْ مُفْضَاةً اخْتَلَطَ قُبُلُهَا وَدُبُرُهَا فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ إتْيَانُهَا حَتَّى يَتَحَقَّقَ وُقُوعَهُ فِي قُبُلِهَا ، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ لَا تَحْتَمِلُهُ لِصِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ .
أَوْ سِمَنِهِ ، وَعِنْدَ امْتِنَاعِهَا لِقَبْضِ مُعَجَّلِ مَهْرِهَا لَمْ يَحِلَّ كَرْهًا ، وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَطْءُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهَا قِصَاصٌ وَلَيْسَ بِهَا حَبَلٌ ظَاهِرٌ يَحْدُثُ حَمْلٌ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا .
الْعَاشِرَةُ : إذَا حُرِّمَ الْوَطْءُ حُرِّمَتْ دَوَاعِيهِ ؛ إلَّا فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالصَّوْمِ لِمَنْ أَمِنَ فَتَحْرُمُ فِي الِاعْتِكَافِ وَالْإِحْرَامِ مُطْلَقًا وَالظِّهَارِ وَالِاسْتِبْرَاءِ
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْوَطْءِ فَالْقَوْلُ لَهَا فِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : ادَّعَى
الْعِنِّينُ الْإِصَابَةَ وَأَنْكَرَتْ وَقُلْنَ ثَيِّبٌ ، فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التَّأْجِيلِ أَوْ بَعْدَهُ .
الثَّانِيَةُ : الْمُولِي إذَا ادَّعَى الْوُصُولَ إلَيْهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لَا بَعْدَ مُضِيِّهَا .
الثَّالِثَةُ : لَوْ قَالَتْ طَلَّقْتنِي بَعْدَ الدُّخُولِ وَلِي كَمَالُ الْمَهْرِ .
وَقَالَ قَبْلَهُ وَلَك نِصْفُهُ ، فَالْقَوْلُ لَهَا لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا وَلَهُ فِي الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ وَفِي حِلِّ بِنْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَأُخْتِهَا لِلْحَالِ ؛ فَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِزَمَنٍ تَحْتَمِلُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ .
وَيَرْجِعُ إلَى قَوْلِهَا فِي تَكْمِيلِ الْمَهْرِ فَإِنْ لَاعَنَ بِنَفْيِهِ عُدْنَا إلَى تَصْدِيقِهِ .
هَكَذَا فَهِمْته مِنْ كَلَامِهِمْ وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ صَرِيحًا .
الرَّابِعَةُ : ادَّعَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا أَنَّ الثَّانِي دَخَلَ بِهَا ؛ فَالْقَوْلُ لَهَا لِحِلِّهَا لِلْمُطَلِّقِ لَا لِكَمَالِ الْمَهْرِ .
الْخَامِسَةُ : لَوْ عَلَّقَهُ بِعَدَمِ وَطْئِهِ الْيَوْمَ فَادَّعَتْ عَدَمَهُ وَادَّعَاهُ ، فَالْقَوْلُ لَهُ لِإِنْكَارِهِ وُجُودَ الشَّرْطِ .
قَالَ فِي الْكَنْزِ : وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ فَالْقَوْلُ لَهُ
أَحْكَامُ الْعُقُودِ
هِيَ أَقْسَامٌ : لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ : الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ وَالسَّلَمُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالْمُرَابَحَةُ وَالْوَضِيعَةُ وَالتَّشْرِيكُ وَالصُّلْحُ وَالْحَوَالَةُ .
إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي الْفَوَائِدِ مِنْهَا ؛ وَالْإِجَارَةُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَوَائِدِ مِنْهَا ، وَالْهِبَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَوُجُودُ مَانِعٍ مِنْ الْمَوَانِعِ السَّبْعَةِ وَالصَّدَاقُ وَالْخُلْعُ بِعِوَضٍ وَالنِّكَاحُ الْخَالِي عَنْ الْخِيَارَيْنِ .
أَيْ خِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ : وَنِكَاحُ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْحُرِّ امْرَأَةً كَذَلِكَوَجَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ : الشَّرِكَةُ وَالْوَكَالَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْإِيدَاعُ وَالْقَرْضُ وَالْقَضَاءُ وَسَائِرُ الْوِلَايَاتِ إلَّا الْإِمَامَةَ الْعُظْمَىوَجَائِزٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَقَطْ : الرَّهْنُ جَائِزٌ مِنْ جَانِبِ الْمُرْتَهِنِ وَلَازِمٌ مِنْ جَانِبِ الرَّاهِنِ بَعْدَ الْقَبْضِ ، وَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ لَازِمَةٌ مِنْ جَانِبِ السَّيِّدِ ، وَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْمُطَالِبِ لَازِمَةٌ مِنْ جَانِبِ الْكَفِيلِ ، وَعَقْدُ الْأَمَانِ جَائِزٌ مِنْ قِبَلِ الْحَرْبِيِّ لَازِمٌ مِنْ جَانِبِ الْمُسْلِمِ
تَنْبِيهٌ :
مِنْ الْجَائِزِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ : تَوْلِيَةُ الْقَضَاءِ فَلِلسُّلْطَانِ عَزْلُهُ وَلَوْ بِلَا جُنْحَةٍ ، كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ ، وَلَهُ
عَزْلُ نَفْسِهِ .
وَأَمَّا الْوِلَايَةُ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ بِالْوِصَايَةِ ؛ فَإِنْ كَانَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ فَهِيَ لَازِمَةٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي ؛ فَلَا يَمْلِكُ الْقَاضِي عَزْلَهُ إلَّا بِخِيَانَةٍ أَوْ عَجْزٍ ظَاهِرٍ .
وَمِنْ جَانِبِ الْوَصِيِّ ؛ فَلَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ عَزْلَ نَفْسِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي وَصَايَا الْفَوَائِدِ ، وَإِنْ كَانَ وَصِيَّ الْقَاضِي فَلَا ، لِأَنَّ لِلْقَاضِي عَزْلَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ ، وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي ، وَقَدْ ذَكَرْنَا التَّوْلِيَةَ عَلَى الْأَوْقَافِ فِي وَقْفِ الْفَوَائِدِ
تَقْسِيمٌ : فِي الْعُقُودِ : الْبَيْعُ نَافِذٌ وَمَوْقُوفٌ وَلَازِمٌ وَغَيْرُ لَازِمٍ وَفَاسِدٌ وَبَاطِلٌ
وَضَبَطَ الْمَوْقُوفَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَزِدْت عَلَيْهَا ثَمَانِيَةً : تَكْمِيلٌ : الْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ عِنْدَنَا فِي الْعِبَادَاتِ مُتَرَادِفَانِ وَفِي النِّكَاحِ كَذَلِكَ ، لَكِنْ قَالُوا : نِكَاحُ الْمَحَارِمِ فَاسِدٌ عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ فَلَا حَدَّ ، وَبَاطِلٌ عِنْدَهُمَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَيُحَدُّ ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ : نِكَاحُ الْمَحَارِمِ ؛ قِيلَ بَاطِلٌ وَسَقَطَ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ ، وَقِيلَ فَاسِدٌ وَسَقَطَ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ ( انْتَهَى ) .
وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ ، فَمُتَبَايِنَانِ فَبَاطِلُهُ مَا لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ ، وَفَاسِدُهُ مَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ ، وَحُكْمُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ ، وَحُكْمُ الثَّانِي أَنَّهُ يُمْلَكُ بِهِ .
وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَمُتَبَايِنَانِ ؛ قَالُوا لَا يَجِبُ الْأَجْرُ فِي الْبَاطِلَةِ ، كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ مُشْتَرَكٍ ، وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْفَاسِدَةِ ، وَأَمَّا فِي الرَّهْنِ فَقَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ : فَاسِدُهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ ، وَبَاطِلُهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ بِالْإِجْمَاعِ ، وَيَمْلِكُ الْحَبْسَ لِلدَّيْنِ فِي فَاسِدِهِ دُونَ بَاطِلِهِ ، وَمِنْ الْبَاطِلِ : لَوْ رَهَنَ شَيْئًا بِأَجْرِ نَائِحَةٍ أَوْ مُغَنِّيَةٍ ، وَأَمَّا فِي الصُّلْحِ فَقَالُوا : مِنْ الْفَاسِدِ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ
وَالصُّلْحُ الْبَاطِلُ : الصُّلْحُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَالشُّفْعَةِ وَخِيَارِ الْعِتْقِ وَقَسَمِ الْمَرْأَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ الْبُلُوغِ ؛ فَفِيهَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَيَرْجِعُ الدَّافِعُ بِمَا دَفَعَ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ .
وَأَمَّا فِي الْكَفَالَةِ فَقَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ : إذَا ادَّعَى بِحُكْمٍ كَفَالَةً فَاسِدَةً رَجَعَ بِمَا
أَدَّى ؛ فَالْكَفَالَةُ بِالْأَمَانَاتِ بَاطِلَةٌ ( انْتَهَى ) وَلَمْ يَتَّضِحْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ فِي الرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ بِمَا ذَكَرْنَا فَلْيُرْجَعْ إلَى الْكُتُبِ الْمُطَوَّلَةِ .
وَأَمَّا الْكِتَابَةُ ؛ فَفَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ ؛ فَيُعْتِقُ بِأَدَاءِ الْعَيْنِ فِي فَاسِدِهَا كَالْكِتَابَةِ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ؛ وَلَا يَعْتِقُ فِي بَاطِلِهَا كَالْكِتَابَةِ عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ .
وَأَمَّا الشَّرِكَةُ ؛ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَالشَّرِكَةُ فِي الْمُبَاحِ بَاطِلَةٌ ، وَفِي غَيْرِهِ إذَا فُقِدَ شَرْطٌ فَاسِدَةٌ .
فَائِدَةٌ .
الْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ مُتَرَادِفَانِ إلَّا فِي الْكِتَابَةِ وَالْخُلْعِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْقَرْضِ وَفِي الْعِبَادَاتِ فِي الْحَجِّ ، ذَكَرَهُ الْأُسْيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ
أَحْكَامُ الْفُسُوخِ وَحَقِيقَتُهُ :
حَلُّ ارْتِبَاطِ الْعَقْدِ ؛ إذَا انْعَقَدَ الْبَيْعُ لَمْ يَتَطَرَّقْ إلَيْهِ الْفَسْخُ إلَّا بِأَحَدِ أَشْيَاءَ : خِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ عَدَمِ النَّقْدِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ وَخِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ وَخِيَارُ الْغَبْنِ وَخِيَارُ الْكَمِّيَّةِ وَخِيَارُ كَشْفِ الْحَالِ وَخِيَارُ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ وَخِيَارُ هَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ، وَبِالْإِقَالَةِ وَالتَّحَالُفِ وَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَخِيَارُ التَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ ، كَالتَّصْرِيَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَخِيَارُ الْخِيَانَةِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَظُهُورُ الْمَبِيعِ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مَرْهُونًا ؛ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَبَبًا وَكُلُّهَا يُبَاشِرُهَا الْعَاقِدُ إلَّا التَّحَالُفَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِهِ وَإِنَّمَا يَفْسَخُهُ الْقَاضِي ، وَكُلُّهَا يَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ وَلَا يَنْفَسِخُ فِيهَا بِنَفْسِهِ ، وَقَدَّمْنَا فَرْقَ النِّكَاحِ فِي قِسْمِ الْفَوَائِدِ
خَاتِمَةٌ :
جُحُودُ مَا عَدَا النِّكَاحَ فَسْخٌ لَهُ إذَا سَاعَدَهُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي جُحُودِ الْمُوصِي لِلْفَسْخِ ؛ هَلْ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ ؟ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إنَّهُ
يَجْعَلُ الْعَقْدَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِيمَا مَضَى ، وَفَائِدَتُهُ مَذْكُورَةٌ فِي أَحْكَامِ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ ، وَذَكَرَهَا الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ
أَحْكَامُ الْكِتَابَةِ
يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهَا ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ : وَالْكِتَابُ كَالْخِطَابِ ، وَكَذَا الْإِرْسَالُ حَتَّى اعْتَبَرُوا مَجْلِسَ بُلُوغِ الْكِتَابِ وَأَدَاءِ الرِّسَالَةِ ( انْتَهَى ) .
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ : وَصُورَةُ الْكِتَابِ أَنْ يَكْتُبَ ؛ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بِعْت عَبْدِي مِنْك بِكَذَا ؛ فَلَمَّا بَلَغَهُ وَفَهِمَ مَا فِيهِ قَالَ : قَبِلْت فِي الْمَجْلِسِ .
وَمَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ تَصْوِيرِهِ بِقَوْلِهِ بِعْنِي بِكَذَا فَقَالَ بِعْته يَتِمُّ ، فَلَيْسَ مُرَادُهُ إلَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ فِي شَرْطِ الشُّهُودِ ، وَقِيلَ : بَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ ؛ فَبِعْنِي مِنْ الْحَاضِرِ اسْتِيَامٌ وَمِنْ الْغَائِبِ إيجَابٌ ( انْتَهَى ) .
وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِهَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ : وَصُورَتُهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَيْهَا يَخْطُبَهَا ؛ فَإِذَا بَلَغَهَا الْكِتَابُ أَحْضَرَتْ الشُّهُودَ وَقَرَأَتْهُ عَلَيْهِمْ وَقَالَتْ : زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْهُ ، أَوْ تَقُولُ : إنَّ فُلَانًا كَتَبَ إلَيَّ يَخْطُبُنِي فَاشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْت نَفْسِي مِنْهُ .
أَمَّا لَوْ لَمْ تَقُلْ بِحَضْرَتِهِمْ سِوَى : زَوَّجْت نَفْسِي مِنْ فُلَانٍ لَا يَنْعَقِدُ ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الشَّطْرَيْنِ شَرْطٌ وَبِإِسْمَاعِهِمْ الْكِتَابَ أَوْ التَّعْبِيرَ عَنْهُ مِنْهَا قَدْ سَمِعُوا الشَّطْرَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَيَا .
وَمَعْنَى الْكِتَابِ بِالْخُطْبَةِ : أَنْ يَكْتُبَ زَوِّجِينِي نَفْسَك فَإِنِّي رَغِبْت فِيك وَنَحْوَهُ وَلَوْ جَاءَ الزَّوْجُ بِالْكِتَابِ إلَى الشُّهُودِ مَخْتُومًا فَقَالَ : هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانَةَ فَاشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ ، فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَتَّى تَعْلَمَ الشُّهُودُ مَا فِيهِ ، وَجَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ إعْلَامِ الشُّهُودِ بِمَا فِيهِ ، وَأَصْلُهُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي .
قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى : هَذَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ ، أَمَّا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ كَقَوْلِهِ : زَوِّجِي نَفْسَكِ مِنِّي .
لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُهَا الشُّهُودَ بِمَا فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهَا تَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ .
وَنَقَلَهُ مِنْ الْكَامِلِ قَالَ : وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا جَحَدَ الزَّوْجُ الْكِتَابَ بَعْدَ مَا أَشْهَدَهُمْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِمْ وَإِعْلَامِهِمْ بِمَا فِيهِ ، وَقَدْ قَرَأَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ وَقَبِلَ الْعَقْدَ بِحَضْرَتِهِمْ فَشَهِدُوا أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ لَا تُقْبَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُمَا وَلَا يُقْضَى بِالنِّكَاحِ ، وَعِنْدَهُ تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِهِ ، أَمَّا الْكِتَابُ فَصَحِيحٌ بِلَا إشْهَادٍ
وَهَذَا الْإِشْهَادُ لِهَذَا ، وَهُوَ أَنْ تَتَمَكَّنَ الْمَرْأَةُ مِنْ إثْبَاتِ الْكِتَابِ عِنْدَ جُحُودِ الزَّوْجِ الْكِتَابَ ( انْتَهَى ) وَأَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِهَا ؛ فَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ : الْكِتَابَةُ مِنْ الصَّحِيحِ وَالْأَخْرَسِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : إنْ كَتَبَ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ مُصَدَّرًا مُعَنْوَنًا وَثَبَتَ ذَلِكَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ فَكَالْخِطَابِ
وَإِنْ قَالَ : لَمْ أَنْوِ بِهِ الْخِطَابَ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً وَدِيَانَةً .
وَفِي الْمُنْتَقَى : أَنَّهُ يُدَيَّنُ وَلَوْ كَتَبَ عَلَى شَيْءٍ يَسْتَبِينُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ أَوْ عَبْدَهُ كَذَا إنْ نَوَى صَحَّ وَإِلَّا فَلَا ، وَلَوْ كَتَبَ عَلَى الْهَوَاءِ أَوْ الْمَاءِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى ، وَإِنْ كَتَبَ : امْرَأَتُهُ طَالِقٌ ؛ فَهِيَ طَالِقٌ بَعَثَ إلَيْهَا أَوْ لَا ، وَإِنْ قَالَ الْمَكْتُوبُ إذَا وَصَلَ إلَيْك فَأَنْتِ كَذَا ، لَمْ تَطْلُقْ ، وَإِنْ نَدِمَ وَمَحَا مِنْ الْكِتَابِ ذِكْرَ الطَّلَاقِ وَتَرَكَ مَا سِوَاهُ وَبَعَثَ إلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ إذَا وَصَلَ .
وَمَحْوُهُ الطَّلَاقَ كَرُجُوعِهِ عَنْ التَّعْلِيقِ وَإِنَّمَا يَقَعُ إذَا بَقِيَ مَا يُسَمَّى كِتَابَةً أَوْ رِسَالَةً ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ هَذَا الْقَدْرُ لَا يَقَعُ .
وَإِنْ مَحَا الْخُطُوطَ كُلَّهَا وَبَعَثَ إلَيْهَا الْبَيَاضَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ مَا وَصَلَ إلَيْهَا لَيْسَ بِكِتَابٍ ، وَلَوْ جَحَدَ الزَّوْجُ الْكِتَابَ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَتَبَهُ بِيَدِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْقَضَاءِ ( انْتَهَى ) .
وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْكِتَابَةِ لَا عَلَى الرَّسْمِ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ أَوْ الْإِمْلَاءَ عَلَى الْغَيْرِ يَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ .
وَفِي الْقُنْيَةِ : كَتَبَتْ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَتْ لِزَوْجِهَا اقْرَأْ عَلَيَّ فَقَرَأَ لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ يَقْصِدْ خِطَابَهَا ( انْتَهَى )
وَقَدْ سُئِلْت عَنْ رَجُلٍ كَتَبَ أَيْمَانًا ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ اقْرَأْهَا فَقَرَأَهَا هَلْ تَلْزَمُهُ ؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ إنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ ، وَإِنْ كَانَتْ بِاَللَّهِ تَعَالَى .
فَقَالُوا : النَّاسِي وَالْمُخْطِئُ وَالذَّاهِلُ كَالْعَامِدِ .
وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِهَا ؛ فَفِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ : كَتَبَ كِتَابًا فِيهِ إقْرَارٌ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ فَهَذَا عَلَى أَقْسَامٍ : الْأَوَّلُ : أَنْ يَكْتُبَ وَلَا يَقُولَ شَيْئًا وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا ؛ فَلَا تَحِلُّ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ ؛ قَالَ الْقَاضِي النَّسَفِيُّ : إنْ كَتَبَ مُصَدَّرًا مَرْسُومًا وَعَلِمَ الشَّاهِدُ حَلَّ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارٍ كَمَا
لَوْ أَقَرَّ كَذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ اشْهَدْ عَلَيَّ بِهِ ، فَعَلَى هَذَا إذَا كَتَبَ لِلْغَائِبِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ أَمَّا بَعْدُ ذَلِكَ عَلَيَّ كَذَا يَكُونُ إقْرَارًا لِأَنَّ الْكِتَابَ مِنْ الْغَائِبِ كَالْخِطَابِ مِنْ الْحَاضِرِ فَيَكُونُ مُتَكَلِّمًا .
وَالْعَامَّةُ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ .
وَفِي حَقِّ الْأَخْرَسِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُعَنْوَنًا مُصَدَّرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَى الْغَائِبِ .
الثَّانِي : كَتَبَ وَقَرَأَ عِنْدَ الشُّهُودِ ؛ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ اشْهَدُوا عَلَيَّ .
الثَّالِثُ : أَنْ يَقْرَأَ هَذَا عِنْدَهُمْ غَيْرُهُ فَيَقُولُ الْكَاتِبُ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِهِ .
الرَّابِعُ : أَنْ يَكْتُبَ عِنْدَهُمْ وَيَقُولَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ ؛ إنْ عَلِمُوا مَا فِيهِ كَانَ إقْرَارًا وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ الْقَاضِي : ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَأَخْرَجَ خَطًّا وَقَالَ إنَّهُ خَطُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَالِ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ خَطَّهُ فَاسْتُكْتِبَ وَكَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُمَا خَطُّ كَاتِبٍ وَاحِدٍ ، لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ هَذَا خَطِّي وَأَنَا حَرَّرْتُهُ لَكِنْ لَيْسَ عَلَيَّ هَذَا الْمَالُ ، وَثَمَّةَ لَا يَجِبُ كَذَا هُنَا إلَّا فِي ( يَادِكَارِ ) الْعَامَّةِ وَالصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ ( انْتَهَى ) وَكَتَبْنَا فِي الْقَضَاءِ مِنْ الْفَوَائِدِ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِدَفْتَرِ الْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ ، وَالْخَطُّ فِيهِ حُجَّةٌوَفِي كِتَابِ مِلْكِ الْكُفَّارِ بِالِاسْتِئْمَانِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِنَا وَقَالَ أَنَا رَسُولُ الْمَلِكِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا إذَا كَانَ مَعَهُ كِتَابُهُ ، كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ ، فَيُعْمَلُ بِهَا .
وَأَمَّا اعْتِمَادُ الرَّاوِي عَلَى مَا فِي كِتَابِهِ وَالشَّاهِدُ عَلَى خَطِّهِ وَالْقَاضِي عَلَى عَلَامَته عِنْدِ عَدَمِ التَّذَكُّرِ فَغَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْإِمَامِ ، وَجَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلرَّاوِي وَالْقَاضِي دُونَ الشَّاهِدِ ، وَجَوَّزَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْكُلِّ إنْ تَيَقَّنَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَهَكَذَا فِي الْأَجْنَاسِ ( انْتَهَى ) وَفِي إجَارَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ : أَمَرَ الصَّكَّاكُ بِكِتَابَةِ الْإِجَارَةِ وَأَشْهَدَ وَلَمْ يَجْرِ الْعَقْدَ .
لَا يَنْعَقِدُ بِخِلَافِ صَكِّ الْإِقْرَارِ وَالْمَهْرِ ( انْتَهَى ) وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ أَمَرَ الزَّوْجُ بِكِتَابَةِ الصَّكِّ بِطَلَاقِهَا ؛ فَقِيلَ يَقَعُ وَهُوَ إقْرَارٌ بِهِ ، وَقِيلَ
هُوَ تَوْكِيلٌ فَلَا يَقَعُ حَتَّى يُكْتَبَ ، وَبِهِ يُفْتَى ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي زَمَانِنَا .
كَذَا فِي الْقُنْيَةِ .
وَفِيهَا بَعْدَهُ : وَقِيلَ لَا يَقَعُ وَإِنْ كُتِبَ إلَّا إذَا نَوَى الطَّلَاقَ .
وَفِي الْمُبْتَغَى بِالْمُعْجَمَةِ : مَنْ رَأَى خَطَّهُ وَعَرَفَهُ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ إذَا كَانَ فِي حِرْزِهِ وَبِهِ نَأْخُذُ ( انْتَهَى )
وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى كُتُبِ الْفِقْهِ الصَّحِيحَةِ
قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْقَضَاءِ : وَطَرِيقُ نَقْلِ الْمُفْتِي فِي زَمَانِنَا عَنْ الْمُجْتَهِدِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ ؛ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ سَنَدٌ فِيهِ إلَيْهِ ، أَوْ يَأْخُذُهُ مِنْ كِتَابٍ مَعْرُوفٍ تَدَاوَلْته الْأَيْدِي ؛ نَحْوَ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَنَحْوَهَا مِنْ التَّصَانِيفِ الْمَشْهُورَةِ ( انْتَهَى )
وَنَقَلَ الْأُسْيُوطِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ : الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ النَّقْلِ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ السَّنَدِ إلَى مُصَنِّفِيهَا ( انْتَهَى ) وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى خَطِّ الْمُفْتِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ : يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى إشَارَتِهِ ؛ فَالْكِتَابَةُ أَوْلَى وَأَمَّا الدَّعْوَى مِنْ الْكِتَابِ وَالشَّهَادَةُ مِنْ نُسْخَةٍ فِي يَدِهِ ؛ فَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ : وَلَوْ ادَّعَى مِنْ الْكِتَابِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ عَسَى لَا يَقْدِرُ عَلَى الدَّعْوَى ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ فِي مَوْضِعِهَا وَفِي الْيَتِيمَةِ : سُئِلَ عَنْ وَكِيلٍ عَنْ جَمَاعَةٍ بِالدَّعْوَى لِأَشْيَاءَ عَنْ نُسْخَةٍ يَقْرَؤُهَا بَعْضُ الْمُوَكَّلِينَ هَلْ يَسْمَعُهَا الْقَاضِي ؟ قَالَ : إذَا تَلَقَّنَهَا الْوَكِيلُ مِنْ لِسَانِ الْمُوَكِّلِ صَحَّ دَعْوَاهُ وَإِلَّا لَا ( انْتَهَى ) وَفِي شَهَادَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ .
شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَنْ النُّسْخَةِ وَقَرَأَهُ بِلِسَانِهِ وَقَرَأَ غَيْرُ الشَّاهِدِ الثَّانِي مِنْهُمَا وَقَرَأَ الشَّاهِدُ أَيْضًا مَعَهُ مُقَارِنًا لِقِرَاءَتِهِ ، لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ الْقَارِئُ مِنْ الشَّاهِدِ .
وَذَكَرَ الْقَاضِي : ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ الْكِتَابِ ، تُسْمَعُ إذَا أَشَارَ إلَى مَوَاضِعِهَا ( انْتَهَى ) وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ : شَهِدَا بِالْكِتَابَةِ فَطَلَبَ الْقَاضِي أَنْ يَشْهَدَا بِاللِّسَانِ لَا تَجِبُ .
وَهَذَا اصْطِلَاحُ الْقُضَاةِ وَفِي الْيَتِيمَةِ : سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ الشَّاهِدِ إذَا كَانَ يَصِفُ حُدُودَ الْمُدَّعَى بِهِ حِينَ يَنْظُرُ فِي الصَّكِّ ، وَإِذَا لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ لَا يَقْدِرُ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ؟ فَقَالَ : إذَا كَانَ بِنَظَرِهِ يَنْقُلُهُ وَيَحْفَظُهُ عَنْ النَّظَرِ فَلَا تُقْبَلُ ، فَأَمَّا إذَا كَانَ يَسْتَعِينُ بِهِ نَوْعَ اسْتِعَانَةٍ كَقَارِئِ الْقُرْآنِ مِنْ الْمُصْحَفِ فَلَا بَأْسَ بِهِ ( انْتَهَى )
وَأَمَّا الْحَوَالَةُ بِالْكِتَابِ فَذَكَرَهَا فِي كَفَالَةِ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ فِي فَصْلِ السَّفْتَجَةِ وَفَصَّلَ فِيهَا تَفْصِيلًا حَسَنًا فَلْيُرَاجِعْهَا مَنْ رَامَهُ .
وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْكِتَابَةِ ؛ فَقَالَ فِي شَهَادَاتِ الْمُجْتَبَى : كَتَبَ صَكًّا بِخَطِّ يَدِهِ إقْرَارًا بِمَالِ أَوْ وَصِيَّةٍ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ : اشْهَدْ عَلَيَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْرَأَ لَهُ ، وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ ( انْتَهَى ) وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الشَّهَادَاتِ : رَجُلٌ كَتَبَ صَكَّ وَصِيَّةٍ وَقَالَ لِلشُّهُودِ : اشْهَدُوا بِمَا فِيهِ وَلَمْ يَقْرَأْ وَصِيَّتَهُ عَلَيْهِمْ .
قَالَ عُلَمَاؤُنَا : لَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَسَعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا .
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَسَعُهُمْ ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِإِحْدَى مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ : إمَّا أَنْ يَقْرَأَ الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ ، أَوْ كَتَبَ الْكِتَابَ غَيْرُهُ وَقَرَأَ عَلَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ وَيَقُولَ لَهُمْ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ ، أَوْ يَكْتُبَ هُوَ بَيْنَ يَدَيْ الشَّاهِدِ وَالشَّاهِدُ يَعْلَمُ بِمَا فِيهِ وَيَقُولُ هُوَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ ، وَتَمَامُهُ فِيهَا أَحْكَامُ الْإِشَارَةِ
الْإِشَارَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ مُعْتَبَرَةٌ وَقَائِمَةٌ مَقَامَ الْعِبَارَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ : مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَإِبْرَاءٍ وَإِقْرَارٍ وَقِصَاصٍ ، إلَّا فِي الْحُدُودِ وَلَوْ حَدَّ قَذْفٍ ، وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْقِصَاصُ الْحُدُودَ .
وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ الْقِصَاصَ كَالْحُدُودِ هُنَا فَلَا يَثْبُتُ بِالْإِشَارَةِ وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ .
وَقَدْ اقْتَصَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْحُدُودِ وَتُزَادُ عَلَيْهَا الشَّهَادَةُ ؛ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ .
وَأَمَّا يَمِينُهُ فِي الدَّعَاوَى ؛ فَفِي أَيْمَانِ خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَتَحْلِيفُ الْأَخْرَسِ : أَنْ يُقَالَ لَهُ عَلَيْك عَهْدُ اللَّهِ تَعَالَى وَمِيثَاقُهُ إنْ كَانَ كَذَا ؟ فَيُشِيرُ بِهِ نَعَمْ ، وَلَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ كَانَتْ إشَارَتُهُ إقْرَارًا بِاَللَّهِ تَعَالَى .
وَظَاهِرُ اقْتِصَارِ الْمَشَايِخِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْحُدُودِ فَقَطْ صِحَّةُ إسْلَامِهِ بِالْإِشَارَةِ وَلَمْ أَرَ الْآنَ فِيهَا نَقْلًا صَرِيحًا .
كِتَابَةُ الْأَخْرَسِ كَإِشَارَتِهِ
وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ شَرْطٌ لِلْعَمَلِ
بِالْإِشَارَةِ أَوْ لَا .
وَالْمُعْتَمَدُ لَا ، وَلِذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ بِأَوْ ، وَلَا بُدَّ فِي إشَارَةِ الْأَخْرَسِ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَعْهُودَةً وَإِلَّا لَا تُعْتَبَرُ .
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الطَّلَاقِ : وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِشَارَةِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا طَلَاقُهُ الْإِشَارَةُ الْمَقْرُونَةُ بِتَصْوِيتٍ مِنْهُ ، لِأَنَّ الْعَادَةَ مِنْهُ ذَلِكَ فَكَانَتْ بَيَانًا لِمَا أَجْمَلَهُ الْأَخْرَسُ ( انْتَهَى ) وَأَمَّا إشَارَةُ غَيْرِ الْأَخْرَسِ ، فَإِنْ كَانَ مُعْتَقَلَ اللِّسَانِ فَفِي اخْتِلَافٍ ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ دَامَتْ الْعُقْلَةُ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِالْإِشَارَةِ وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَ الِامْتِدَادَ بِسَنَةٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقَلَ اللِّسَانِ لَمْ تُعْتَبَرْ إشَارَتُهُ مُطْلَقًا إلَّا فِي أَرْبَعٍ : الْكُفْرُ وَالْإِسْلَامُ وَالنَّسَبُ وَالْإِفْتَاءُ .
كَذَا فِي تَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ ، وَيُزَادُ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِفْتَاءِ بِالرَّأْسِ إشَارَةُ الشَّيْخِ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ ، وَأَمَانُ الْكَافِرِ أَخْذًا مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهِ لِحَقْنِ الدَّمِ ، وَلِذَا ثَبَتَ بِكِتَابِ الْإِمَامِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ ، أَوْ أَخْذًا مِنْ الْكِتَابِ وَالطَّلَاقِ إذَا كَانَ تَفْسِيرًا لِمُبْهَمٍ ، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا وَأَشَارَ بِثَلَاثٍ وَقَعَتْ ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَشَارَ بِثَلَاثٍ لَمْ تَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ كَمَا عُلِمَ فِي الطَّلَاقِ ، وَلَمْ أَرَ الْآنَ حُكْمُ أَنْتِ هَكَذَا مُشِيرًا بِأَصَابِعِهِ وَلَمْ يَقُلْ طَالِقٌ ، وَتُزَادُ أَيْضًا الْإِشَارَةُ مِنْ الْمُحْرِمِ إلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ يَجِبُ الْجَزَاءُ عَلَى الْمُشِيرِ وَهُنَا فُرُوعٌ لَمْ أَرَهَا الْآنَ .
الْأَوَّلُ : إشَارَةُ الْأَخْرَسِ بِالْقِرَاءَةِ وَهُوَ جُنُبٌ ، يَنْبَغِي أَنْ تَحْرُمَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ : إنَّ الْأَخْرَسَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ ، فَجَعَلُوا التَّحْرِيكَ قِرَاءَةً ، الثَّانِي : عَلَّقَ الطَّلَاقِ بِمَشِيئَةِ أَخْرَسَ فَأَشَارَ بِالْمَشِيئَةِ ، وَيَنْبَغِي الْوُقُوعُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ .
الثَّالِثُ : لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ رَجُلٍ نَاطِقٍ فَخَرِسَ فَأَشَارَ بِالْمَشِيئَةِ ، يَنْبَغِي الْوُقُوعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
قَاعِدَةٌ : فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالْعِبَارَةُ ، وَأَصْحَابُنَا يَقُولُونَ : إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالتَّسْمِيَةُ فَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ بَابُ الْمَهْرِ : الْأَصْلُ أَنَّ الْمُسَمَّى إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَوْجُودٌ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ ذَاتًا وَالْوَصْفُ يَتْبَعُهُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَمَّى ، لِأَنَّ الْمُسَمَّى مِثْلُ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَلَيْسَ بِتَابِعٍ لَهُ ، وَالتَّسْمِيَةُ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيف
مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُعَرِّفُ الْمَاهِيَّةَ ، وَالْإِشَارَةُ تُعَرِّفُ الذَّاتَ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ لَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ ، وَلَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَإِذَا هُوَ أَخْضَرُ انْعَقَدَ الْعَقْدُ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ ( انْتَهَى ) .
قَالَ الشَّارِحُونَ : إنَّ هَذَا الْأَصْلَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ ، وَلَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَعَلَ الْخَمْرَ وَالْخَلَّ جِنْسًا ، وَالْحُرَّ وَالْعَبْدَ جِنْسًا وَاحِدًا فَتَعَلَّقَ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ ؛ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ وَأَشَارَ إلَى خَمْرٍ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَأَشَارَ إلَى حُرٍّ ، وَلَوْ سَمَّى حَرَامًا وَأَشَارَ إلَى حَلَالٍ فَلَهَا الْحَلَالُ فِي الْأَصَحِّ ، وَلَوْ سَمَّى الْبَيْعَ شَيْئًا وَأَشَارَ إلَى خِلَافِهِ ؛ فَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا إذَا سَمَّى يَاقُوتًا وَأَشَارَ إلَى زُجَاجٍ لِكَوْنِهِ بَيْعَ الْمَعْدُومِ ، وَلَوْ سَمَّى ثَوْبًا هَرَوِيًّا وَأَشَارَ إلَى مَرْوِيٍّ ؛ اخْتَلَفُوا فِي بُطْلَانِهِ أَوْ فَسَادِهِ ، هَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ ذُكِرَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْفَصِّ ، وَنَظِيرُ الْفَصِّ : الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ ، بِخِلَافِهِمَا مِنْ الْحَيَوَانِ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا وَالْفَائِتُ الْوَصْفَ وَفِي بَابِ الِاقْتِدَاءِ قَالُوا : لَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهَذَا الْإِمَامِ زَيْدٍ فَبَانَ عَمْرًا لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ ، وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ الْقَائِمِ فِي الْمِحْرَابِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ زَيْدٌ فَبَانَ أَنَّهُ عَمْرٌو يَصِحُّ ، وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهَذَا الشَّابِّ فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ ، وَلَوْ بِهَذَا الشَّيْخِ فَإِذَا هُوَ شَابٌّ يَصِحُّ لِأَنَّ الشَّابَّ يُدْعَى شَيْخًا لِعِلْمِهِ ، وَقِيَاسُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ عَلَى أَنَّهُ رَجُلٌ فَبَانَ أَنَّهُ امْرَأَةٌ لَمْ تَصِحَّ .
وَاسْتَنْبَطَ مِنْ مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ : { صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ } أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ فَلَا يَخْتَصُّ الثَّوَابُ بِمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ ، وَأَمَّا فِي النِّكَاحِ ، فَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ : رَجُلٌ لَهُ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ اسْمُهَا عَائِشَةُ ، فَقَالَ الْأَبُ وَقْتَ الْعَقْدِ زَوَّجْت مِنْك بِنْتِي فَاطِمَةَ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَاضِرَةً فَقَالَ الْأَبُ زَوَّجْتُك بِنْتِي فَاطِمَةَ هَذِهِ ، وَأَشَارَ إلَى عَائِشَةَ وَغَلِطَ فِي اسْمِهَا ، فَقَالَ الزَّوْجُ قَبِلْت جَازَ ( انْتَهَى ) .
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ : زَوَّجْتُك هَذَا الْغُلَامَ وَأَشَارَ إلَى بِنْتِهِ لَصَحَّتْ تَعْوِيلًا عَلَى الْإِشَارَةِ ، وَكَذَا
لَوْ قَالَ : زَوَّجْتُك هَذِهِ الْعَرَبِيَّةَ فَكَانَتْ أَعْجَمِيَّةً ، أَوْ هَذِهِ الْعَجُوزَ فَكَانَتْ شَابَّةً ، أَوْ هَذِهِ الْبَيْضَاءَ فَكَانَتْ سَوْدَاءَ أَوْ عَكْسَهُ ، وَكَذَا الْمُخَالَفَةُ فِي جَمِيعِ وُجُوهِ النَّسَبِ وَالصِّفَاتِ وَالْعُلُوِّ وَالنُّزُولِ وَأَمَّا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ ؛ فَقَالُوا : لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ أَوْ هَذَا الشَّابَّ فَكَلَّمَهُ بَعْدَ مَا شَاخَ حَنِثَ ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ فَأَكَلَ بَعْدَ مَا صَارَ كَبْشًا حَنِثَ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ وَصْفَ الصِّبَا ، وَإِنْ كَانَ دَاعِيًا إلَى الْيَمِينِ لَكِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا ، وَفِي الثَّانِي وَصْفُ الصِّغَرِ لَيْسَ بِدَاعٍ إلَيْهَا ، فَإِنَّ الْمُمْتَنِعَ عَنْهُ أَكْثَرُ امْتِنَاعًا عَنْ لَحْمِ الْكَبْشِ ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا أَوْ امْرَأَتَهُ هَذِهِ أَوْ صَدِيقَهُ هَذَا فَزَالَتْ الْإِضَافَةُ فَكَلَّمَهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْعَبْدِ ، وَحَنِثَ فِي الْمَرْأَةِ وَالصَّدِيقِ ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ صَاحِبَ هَذَا الطَّيْلَسَانِ فَبَاعَهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ حَنِثَ .
الْقَوْلُ فِي الْمِلْكِ
قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ : الْمِلْكُ قُدْرَةٌ يُثْبِتُهَا الشَّارِعُ ابْتِدَاءً عَلَى التَّصَرُّفِ ، فَخَرَجَ نَحْوُ الْوَكِيلِ ( انْتَهَى ) .
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ : إلَّا لِمَانِعٍ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَالِكٌ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّصَرُّفِ ، وَالْمَبِيعُ الْمَنْقُولُ مَمْلُوكٌ لِلْمُشْتَرِي وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ .
وَعَرَّفَهُ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ بِأَنَّهُ الِاخْتِصَاصُ الْحَاجِزُ وَأَنَّهُ حُكْمُ الِاسْتِيلَاءِ لِأَنَّهُ بِهِ يَثْبُتُ لَا غَيْرُ ، إذْ الْمَمْلُوكُ لَا يَمْلِكُ كَالْمَكْسُورِ لَا يَنْكَسِرُ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ الْمِلْكَيْنِ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ الَّذِي ثَبَتَ الْمِلْكُ فِيهِ خَالِيًا عَنْ الْمِلْكِ ، وَالْخَالِي عَنْ الْمِلْكِ هُوَ الْمُبَاحُ وَالْمُثَبِّتُ لِلْمِلِكِ فِي الْمَالِ الْمُبَاحِ الِاسْتِيلَاءُ لَا غَيْرُ إلَى آخِرِهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ : الْأُولَى : أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ : الْمُعَاوَضَاتُ الْمَالِيَّةُ وَالْأَمْهَارُ وَالْخُلْعُ وَالْمِيرَاثُ وَالْهِبَاتُ وَالصَّدَقَاتُ وَالْوَصَايَا وَالْوَقْفُ وَالْغَنِيمَةُ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمُبَاحِ وَالْإِحْيَاءِ ، وَتُمْلَكُ اللُّقَطَةُ بِشَرْطِهِ ، وَدِيَةُ الْقَتِيلِ يَمْلِكُهَا أَوَّلًا ثُمَّ تُنْقَلُ إلَى الْوَرَثَةِ ، وَمِنْهَا الْغُرَّةُ يَمْلِكُهَا الْجَنِينُ فَتُورَثُ عَنْهُ ، وَالْغَاصِبُ إذَا فَعَلَ بِالْمَغْصُوبِ شَيْئًا أَزَالَ بِهِ اسْمَهُ وَعَظَّمَ مَنَافِعَ مِلْكِهِ وَإِذَا خَلَطَ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِيٍّ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ مِلْكُهُ
الثَّانِيَةُ : لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ إلَّا الْإِرْثُ اتِّفَاقًا ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ فِي مَسْأَلَةٍ ؛ وَهِيَ أَنْ يَمُوتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ قَبُولِهِ .
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ : وَكَذَا إذَا أَوْصَى لِلْجَنِينِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ اسْتِحْسَانًا لِعَدَمِ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ حَتَّى يَقْبَلَ عَنْهُ ( انْتَهَى ) .
وَزِدْتُ : مَا وُهِبَ لِلْعَبْدِ وَقَبِلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ بِلَا اخْتِيَارِهِ ، وَغَلَّةُ الْوَقْفِ يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ ، وَنِصْفُ الصَّدَاقِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَكِنْ يَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا ، وَبَعْدَهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ، وَالْمَعِيبُ إذَا رَدَّ عَلَى الْبَائِعِ بِهِ ، لَكِنْ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَاءِ كَالْمَوْهُوبِ إذَا رَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهِ ، وَأَرْشُ الْجِنَايَاتِ وَالشَّفِيعُ إذَا تَمَلَّكَ بِالشُّفْعَةِ دَخَلَ الثَّمَنُ فِي مِلْكِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ جَبْرًا كَالْمَبِيعِ إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّ الثَّمَنَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي ، وَكَذَا إنْمَاءُ مِلْكِهِ مِنْ الْوَلَدِ وَالثِّمَارِ وَالْمَاءُ النَّابِعُ فِي مِلْكِهِ وَمَا كَانَ مِنْ إنْزَالِ الْأَرْضِ ، إلَّا الْكَلَأَ وَالْحَشِيشَ وَالصَّيْدَ الَّذِي بَاضَ فِي أَرْضِهِ الثَّالِثَةُ : الْمَبِيعُ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إلَّا إذَا كَانَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ : فَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا ، وَفِي التَّحْقِيقِ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ ، فَإِنْ تَمَّ كَانَ لِلْمُشْتَرِي ؛ فَتَكُونُ الزَّوَائِدُ لَهُ مِنْ حِينِهِ وَإِنْ فُسِخَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ ، فَالزَّوَائِدُ لَهُ ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ مِلْكُ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّهُ يَزُولُ عَنْهُ زَوَالًا مُرَاعًى ؛ فَإِنْ أَسْلَمَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ بَانَ أَنَّهُ زَالَ عَنْ وَقْتِهَا .
الرَّابِعَةُ : الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ بِالْقَبُولِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ قَدَّمْنَاهَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا ، فَلَهَا شَبَهَانِ : شَبَهٌ بِالْهِبَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ ، وَشَبَهٌ بِالْمِيرَاثِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى الْقَبْضِ ، وَإِذَا وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ الْقَبُولِ اُعْتُبِرَتْ مِيرَاثًا ؛ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ ، وَإِذَا قَبِلَهَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْوَرَثَةِ ، إنْ قَبِلُوهَا انْفَسَخَ مِلْكُهُ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرُوا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ ، وَالْمِلْكُ بِقَبُولِهِ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ مَوْتِ الْوَصِيِّ بِدَلِيلِ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ : رَجُلٌ أَوْصَى بِعَبْدٍ لِإِنْسَانٍ وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُوصِي ، فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ إنْ قَبِلَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْقَاضِي ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَهُوَ مِلْكُ الْوَرَثَةِ .( انْتَهَى )
الْخَامِسَةُ : لَا يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهَا بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ بِالتَّمَكُّنِ مِنْهُ أَوْ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ بِشَرْطِهِ ، فَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ وُجُودِ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ ؛ وَعَلَى هَذَا لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنَافِعَ بِالْعَقْدِ لِأَنَّهَا تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْبَيْعَ ، فَإِنَّ الْبَيْعَ عَيْنٌ مَوْجُودَةٌ فَمَا لَمْ تَحْدُثْ فَهُوَ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ ، وَلِذَا قُلْنَا : إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ .
السَّادِسَةُ : اخْتَلَفُوا فِي الْقَرْضِ : هَلْ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِالْقَبْضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ ؟ وَفَائِدَتُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ : بَاعَ الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ الْكُرَّ الْمُسْتَقْرَضَ ، الَّذِي هُوَ فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ قَبْلَ الِاسْتِهْلَاكِ ، يَجُوزُ لِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُسْتَقْرِضِ ، وَعِنْدَ الثَّانِي لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَقْرَضَ قَبْلَ الِاسْتِهْلَاكِ ، وَبَيْعُ الْمُسْتَقْرِضِ يَجُوزُ إجْمَاعًا ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ بِنَفْسِ الْقَرْضِ ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ كَالنَّقْدَيْنِ يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ ، وَيَجُوزُ لِلْمُقْرِضِ التَّصَرُّفُ فِي الْكُرِّ الْمُسْتَقْرَضِ بَعْدَ الْقَبْضِ قَبْلَ الْكَيْلِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ( انْتَهَى ) .
وَلْيُتَأَمَّلْ فِي مُنَاسَبَةِ التَّعْلِيلِ لِلْحُكْمِ . السَّابِعَةُ : دِيَةُ الْقَتْلِ تَثْبُتُ لِلْمَقْتُولِ ابْتِدَاءً ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ ؛ فَهِيَ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ فَتُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ وَتُنَفَّذُ وَصَايَاهُ ؛ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ دَخَلَتْ .
وَعِنْدَنَا الْقِصَاصُ بَدَلٌ عَنْهَا فَيُورَثُ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ ، وَلِهَذَا لَوْ انْقَلَبَ مَا لَا تُقْضَى بِهِ دُيُونُهُ وَتُنَفَّذُ وَصَايَاهُ ، ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ .
وَفُرِّعَتْ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَمْ أَرَ مِنْ فَرْعِهِ : لَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ ؛ وَقُلْنَا لَا قِصَاصَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ عَنْ الْإِمَامِ ؛ فَلَا دِيَةَ أَيْضًا لِأَنَّهَا تَثْبُتُ لِلْمَقْتُولِ وَقَدْ أَذِنَ فِي قَتْلِهِ وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهَا لِمَا ذَكَرْنَا ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ وُجُوبِهَا ؛ فَظَهَرَ مَا رَجَّحْتُهُ بَحْثًا مُرَجَّحًا نَقْلًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ ، وَلَوْ جَنَى الْمَرْهُونُ عَلَى وَارِثِ السَّيِّدِ قَتْلًا لَمْ أَرَهُ الْآنَ ، وَمُقْتَضَى ثُبُوتِهَا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مُخَالِفًا لِمَا إذَا جَنَى عَلَى الرَّاهِنِ .
الثَّامِنَةُ : فِي رَقَبَةِ الْوَقْفِ ؛ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمِلْكَ يَزُولُ عَنْ الْمَالِكِ لَا إلَى مَالِكٍ ، وَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا
التَّاسِعَةُ : اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ مِلْكِ الْوَارِثِ : قِيلَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ ، وَقِيلَ بِمَوْتِهِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مَعَ فَائِدَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ الْفَوَائِدِ ، وَالدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ لِلتَّرِكَةِ يَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ ، قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ : لَوْ اسْتَغْرَقَهَا دَيْنٌ لَا يَمْلِكُهَا بِإِرْثٍ إلَّا إذَا أَبْرَأَ الْمَيِّتَ غَرِيمُهُ أَوْ أَدَّاهُ وَارِثُهُ بِشَرْطِ التَّبَرُّعِ وَقْتَ الْأَدَاءِ ، أَمَّا لَوْ أَدَّاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا ، بِشَرْطِ التَّبَرُّعِ أَوْ الرُّجُوعِ ، يَجِبُ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ فَتَصِيرُ مَشْغُولَةً بِدَيْنٍ فَلَا يَمْلِكُهَا ؛ فَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَقِنًّا وَدَيْنُهُ مُسْتَغْرِقٌ فَأَدَّاهُ وَارِثُهُ ثُمَّ أَذِنَ لِلْقِنِّ فِي التِّجَارَةِ أَوْ كَاتِبِهِ لَمْ يَصِحَّ إذَا لَمْ يَمْلِكْهُ ، وَلَا يَنْفُذُ بَيْعُ الْوَارِثِ التَّرِكَةَ الْمُسْتَغْرِقَةَ بِالدَّيْنِ وَإِنَّمَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي وَالدَّيْنَ الْمُسْتَغْرِقَ بِمَنْعِ جَوَازِ الصُّلْحِ وَالْقِسْمَةِ فَإِنْ لَمْ يُسْتَغْرَقْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَالِحُوا مَا لَمْ يَقْضُوا دَيْنَهُ ، وَلَوْ فَعَلُوا جَازَ ، وَلَوْ اقْتَسَمُوهَا ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ مُحْبِطٌ أَوْ لَا رُدَّتْ الْقِسْمَةُ وَلِلْوَارِثِ اسْتِخْلَاصُ التَّرِكَةِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا .
وَهُنَا مَسْأَلَةٌ : لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِلْوَارِثِ وَالْمَالُ مُنْحَصِرٌ فِيهِ ؛ فَهَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَمَا يَأْخُذُهُ مِيرَاثٌ أَوْ لَا ، وَمَا يَأْخُذُهُ دَيْنُهُ ؟ قَالَ فِي آخِرِ الْبَزَّازِيَّةِ : اسْتِغْرَاقُ التَّرِكَةِ بِدَيْنِ الْوَارِثِ إذَا كَانَ هُوَ الْوَارِثَ لَا غَيْرُ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ ( انْتَهَى ) .
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ عَنْ الْمَيِّتِ ، فَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ كَأَنَّهُ حَيٌّ فَيَرُدُّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ ، وَيَصِيرُ مَغْرُورًا بِالْجَارِيَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمَيِّتُ ، وَيَصِحُّ إثْبَاتُ دَيْنِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ وَيَتَصَرَّفُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ بِالْبَيْعِ فِي التَّرِكَةِ مَعَ وُجُودِهِ .
وَأَمَّا مِلْكُ الْمُوصَى لَهُ فَلَيْسَ خِلَافَةً عَنْهُ بَلْ بِعَقْدٍ يَمْلِكُهُ ابْتِدَاءً ، فَانْعَكَسَتْ الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَقِّهِ ، كَذَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ وَذَكَرَ فِي التَّلْخِيصِ مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَزَادَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَصِحُّ شِرَاءُ مَا بَاعَ الْمَيِّتُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ
الْعَاشِرَةُ : يَمْلِكُ الصَّدَاقَ بِالْعَقْدِ ؛ فَالزَّوَائِدُ لَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ ؛ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي تَنْصِيفِ الزِّيَادَةِ مَعَ الْأَصْلِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفَاصِيلَهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ النِّصْفَ يَعُودُ إلَى مِلْكِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا ، وَبَعْدَهُ بِقَضَاءٍ أَوْ رِضَاءٍ ، وَفَائِدَتُهُ فِي الزَّوَائِدِ
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ فِي اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ ؛ فَيَسْتَقِرُّ فِي الْبَيْعِ الْخَالِي عَنْ الْخِيَارِ بِالْقَبْضِ ، وَيَسْتَقِرُّ الصَّدَاقُ بِالدُّخُولِ أَوْ الْخَلْوَةِ أَوْ الْمَوْتِ أَوْ وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي الشَّرْحِ ، .
وَالْأَخِيرُ مِنْ زِيَادَاتِي أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ وَالْمُرَادُ مِنْ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْبَيْعِ الْأَمْنُ مِنْ انْفِسَاخِهِ بِالْهَلَاكِ ، وَفِي الصَّدَاقِ الْأَمْنُ مِنْ تَشْطِيرِهِ بِالطَّلَاقِ وَسُقُوطِهِ بِالرِّدَّةِ وَتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَلَا يَتَوَقَّفُ اسْتِقْرَارُهُ عَلَى الْقَبْضِ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ : وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ .
وَجَمِيعُ الدُّيُونِ بَعْدَ لُزُومِهَا مُسْتَقِرَّةٌ إلَّا دَيْنَ السَّلَمِ لِقَبُولِهِ الْفَسْخَ بِالِانْقِطَاعِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُهُ بِالِانْقِطَاعِ لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ .
وَأَمَّا الْمِلْكُ فِي الْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَهْلَكِ فَمُسْتَنِدٌ عِنْدَنَا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ ؛ فَإِذَا غَيَّبَ الْمَغْصُوبَ وَضَمِنَ قِيمَتُهُ مَلَكَهُ عِنْدَنَا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ ، وَفَائِدَتُهُ تَمَلُّكُ الِاكْتِسَابِ وَوُجُوبُ الْكَفَنِ وَنُفُوذُ الْبَيْعِ وَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ لَهُ .
وَالتَّحْقِيقُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِلْغَاصِبِ بِشَرْطِ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ ، لَا حُكْمًا ثَابِتًا بِالْغَصْبِ مَقْصُودًا وَلِذَا لَا يَمْلِكُ الْوَلَدُ ، بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ كَذَا فِي الْكَشْفِ فِي بَابِ النَّهْيِ .
وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ النَّفَقَةِ : لَوْ أَنْفَقَ الْمُودِعُ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودَعِ بِلَا إذْنِهِ وَإِذْنِ الْقَاضِي ضَمِنَهَا ، ثُمَّ إذَا ضَمِنَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ لِمَا ضَمِنَ مِلْكَهُ بِالضَّمَانِ فَظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مُتَبَرِّعًا .
وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ : أَنَّهُ بِالضَّمَانِ اسْتَنَدَ مِلْكُهُ إلَى وَقْتِ التَّعَدِّي فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَلَكَهُ فَصَارَ كَمَا إذَا قَضَى دَيْنَ الْمُودِعِ بِهَا ( انْتَهَى ) .
وَفِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِقَاضِي خَانْ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الْغَصْبِ : الْأَصْلُ الْأَوَّلُ : إنَّ زَوَالَ الْمَغْصُوبِ عَنْ مِلْكِ الْمَالِكِ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ عِنْدَنَا يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِمَا يَقْتَصِرُ عَلَى التَّضْمِينِ ؛ إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِالِاسْتِنَادِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَمْنَعُنَا مِنْ أَنْ نَجْعَلَ الزَّوَالَ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِ فَحِينَئِذٍ يَسْتَنِدُ فِي حَقِّ الْكُلِّ لِأَنَّ الزَّوَالَ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ اسْتَنَدَ لَا لِكَوْنِ الْغَصْبِ سَبَبًا لِلْمِلْكِ وَضْعًا حَتَّى يَسْتَنِدَ فِي حَقِّ الْكُلِّ ، بَلْ ضَرُورَةُ وُجُوبِ الضَّمَانِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ ، فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا إلَّا إذَا اتَّصَلَ بِالِاسْتِنَادِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لِأَنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْكُلِّ فَيَظْهَرُ الِاسْتِنَادُ فِي حَقِّ الْكُلِّ ، ثُمَّ ذَكَرَ فُرُوعًا كَثِيرَةً عَلَى هَذَا الْأَصْلِ : مِنْهَا ؛ الْغَاصِبُ إذَا أَوْدَعَ الْعَيْنَ ثُمَّ هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُودَعِ ثُمَّ ضَمَّنَ الْمَالِكُ
الْغَاصِبَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُودَعِ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ فَصَارَ مُودَعًا مَالَ نَفْسِهِ ، وَفِيهِ إذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَأَوْدَعَهَا فَأَبَقَتْ فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ قِيمَتَهَا مَلَكَهَا الْغَاصِبُ ، فَلَوْ أَعْتَقَهَا الْغَاصِبُ صَحَّ ، وَلَوْ ضَمِنَهَا الْمُودِعُ فَأَعْتَقَهَا لَمْ يَجُزْ ، وَلَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً مِنْ الْغَاصِبِ عَتَقَتْ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُودِعِ إذَا ضَمِنَا ، لِأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ ، لِأَنَّ الْمُودَعَ وَإِنْ جَازَ تَضْمِينُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْغَاصِبِ وَهُوَ الْمُودَعُ لِكَوْنِهِ عَامِلًا لَهُ فَهُوَ كَوَكِيلِ الشِّرَاءِ ، وَلَوْ اخْتَارَ الْمُودَعُ بَعْدَ تَضْمِينِهِ أَخْذَهَا بَعْدَ عَوْدِهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْعَوْدِ مِنْ الْإِبَاقِ كَانَتْ أَمَانَةً وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا ضَمِنَ ، وَكَذَا إذَا ذَهَبَتْ عَيْنُهَا ،
وَلِلْمُودَعِ حَبْسُهَا عَنْ الْغَاصِبِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا ضَمِنَهَا الْمَالِكُ ، فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْحَبْسِ هَلَكَتْ بِالْقِيمَةِ ، وَإِنْ ذَهَبَتْ عَيْنُهَا بَعْدَ الْحَبْسِ لَمْ يَضْمَنْهَا كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ ، لِأَنَّ الْفَائِتَ وُصِفَ وَهُوَ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ ، وَلَكِنْ يَتَخَيَّرُ الْغَاصِبُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَأَدَّى جَمِيعَ الْقِيمَةِ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ ، وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ آجَرَهَا أَوْ رَهَنَهَا فَهُوَ الْوَدِيعَةُ سَوَاءٌ ،
وَإِنْ أَعَارَهَا أَوْ وَهَبَهَا ، فَإِنْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ كَانَ الْمِلْكُ لَهُ ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ كَانَ الْمِلْكُ لَهُمَا ، لِأَنَّهُمَا لَا يَسْتَوْجِبَانِ الرُّجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ فَكَانَ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِمَا فَكَانَ الْمِلْكُ لَهُمَا ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُمَا مُشْتَرٍ فَضَمِنَ سُلِّمَتْ الْجَارِيَةُ لَهُ ، وَكَذَا غَاصِبُ الْغَاصِبِ إذَا ضَمِنَ مَلَكَهَا ، لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً مِنْهُ ، وَلَوْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً فَلِلْأَوَّلِ الرُّجُوعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ مَلَكَهَا فَيَصِيرُ الثَّانِي غَاصِبًا مِلْكَ الْأَوَّلِ ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ بَعْدَ التَّضْمِينِ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي ،
وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَالَ الْأَوَّلَ وَلَمْ يُضَمِّنْ الْأَوَّلُ الثَّانِي حَتَّى ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ كَانَتْ مِلْكًا لِلْأَوَّلِ ، فَإِنْ قَالَ : أَنَا أُسَلِّمُهَا لِلثَّانِي وَأَرْجِعُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الثَّانِي قَدَرَ عَلَى رَدِّ الْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ تَضْمِينُهُ ، وَإِنْ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي ثُمَّ ظَهَرَتْ كَانَتْ لِلثَّانِي ، وَتَمَامُ التَّفْرِيعَاتِ فِيهِ
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : الْمِلْكُ إمَّا لِلْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا وَهُوَ الْغَالِبُ ، أَوْ الْعَيْنِ فَقَطْ ، أَوْ لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ كَالْعَبْدِ الْمُوصَى بِهِ بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ ، وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِهِ ، وَمَنْفَعَتُهُ لِلْمُوصَى لَهُ ،
فَإِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ عَادَتْ الْمَنْفَعَةُ إلَى الْمَالِكِ ، وَالْوَلَدُ وَالْغَلَّةُ وَالْكَسْبُ لِلْمَالِكِ ، وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ الْإِجَارَةُ وَلَا إخْرَاجُهُ مِنْ بَلَدِ الْمُوصِي إلَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلُهُ ، فِي غَيْرِهَا ، وَيَخْرُجُ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَلَا يَمْلِكُ اسْتِخْدَامَهُ إلَّا فِي وَطَنِهِ وَعِنْدَ أَهْلِهِ ، وَيَصِحُّ الصُّلْحُ مَعَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى شَيْءٍ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ ، وَجَازَ بَيْعُ الْوَارِثِ الرَّقَبَةَ مِنْ الْمُوصَى لَهُ ، وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ فَالْفِدَاءُ عَلَى الْمَخْدُومِ فَإِنْ مَاتَ رَجَعَ وَرَثَتُهُ بِالْفِدَاءِ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ .
فَإِنْ أَبَى بَيْعَ الْعَبْدِ أَوْ أَبَى الْمَخْدُومُ الْفِدَاءَ فَدَاهُ الْمَالِكُ أَوْ يَدْفَعُهُ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ ، وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَكَسْبُهُ إنْ لَمْ تُنْقِصْ الْخِدْمَةُ فَإِنْ نَقَصْتَهَا اُشْتُرِيَ بِالْأَرْشِ خَادِمٌ إنْ بَلَغَ ، وَإِلَّا بِيعَ الْأَوَّلُ وَضُمَّ إلَى الْأَرْشِ وَاشْتُرِيَ بِهِ خَادِمٌ ، وَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلِهِ عَمْدًا مَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى قَتْلِهِ ، فَإِنْ اخْتَلَفَا ضَمِنَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ يَشْتَرِي بِهَا آخَرَ ؛ فَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَالِكُ نَفَذَ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ ، يُشْتَرَى بِهَا خَادِمٌ هَكَذَا فِي وَصَايَا الْمُحِيطِ .
وَأَمَّا نَفَقَتُهُ : فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ الْخِدْمَةَ ؛ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ بَلَغَهَا فَعَلَى الْمُوصَى لَهُ ، إلَّا أَنْ يَمْرَضَ مَرَضًا يَمْنَعُهُ مِنْ الْخِدْمَةِ فَهِيَ عَلَى الْمَالِكِ ؛ فَإِنْ تَطَاوَلَ الْمَرَضُ بَاعَهُ الْقَاضِي إنْ رَأَى ذَلِكَ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَبْدًا يَقُومُ مَقَامَهُ كَذَا فِي نَفَقَات الْمُحِيطِ .
وَأَمَّا صَدَقَةُ فِطْرِهِ فَعَلَى الْمَالِكِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ . وَأَمَّا مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِهِ فَسَبْقُ قَلَمٍ ، كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ نَفَقَتِهِ .
وَأَمَّا بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُوصَى لَهُ ، فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهُ ، فَإِنْ بِيعَ بِرِضَاهُ لَمْ يَنْتَقِلْ حَقُّهُ إلَى الثَّمَنِ إلَّا بِالتَّرَاضِي ، ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ الْجِنَايَاتِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا قُتِلَ خَطَأً وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ يُشْتَرَى بِهَا عَبْدٌ وَيَنْتَقِلُ حَقُّهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدٍ ، كَالْوَقْفِ إذَا اُسْتُبْدِلَ انْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى بَدَلِهِ .
ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَقْفِ ، وَكَالْمُدَبَّرِ إذَا قُتِلَ خَطَأً يُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ عَبْدٌ وَيَكُونُ بِهِ مُدَبَّرًا مِنْ غَيْرِ تَدْبِيرٍ .
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ الْجِنَايَاتِ .
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ كِتَابَتِهِ مِنْ الْمَالِكِ ؛ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَإِعْتَاقِهِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالتَّرَاضِي ، وَحُكْمِ إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّهُ عَادِمُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمَالِكِ .
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ وَطْءِ الْمَالِكِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحِلَّ لَهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ ، وَقَيَّدَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنْ تَكُونَ مِمَّنْ لَا تَحِلُّ وَإِلَّا فَلَا .
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : تُمْلَكُ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ بِالْقَبْضِ ، وَيَسْتَقِرُّ الْمِلْكُ فِي الْهِبَةِ بِوُجُودِ مَانِعٍ مِنْ الرُّجُوعِ مِنْ سَبْعَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي الْفِقْهِ وَفِي الصَّدَقَةِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَصْلِ الْمِلْكِ . الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : تَمَلُّكُ الْعَقَارِ لِلشَّفِيعِ بِالْأَخْذِ بِالتَّرَاضِي أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي ، فَقَبْلَهُمَا لَا مِلْكَ لَهُ فَلَا تُورَثُ عَنْهُ لَوْ مَاتَ ، وَتَبْطُلُ إذَا بَاعَ مَا يَشْفَعُ بِهِ .
تَنْبِيهٌ :
قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ لَا يُؤَجِّرُ ، وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ الْإِعَارَةَ : وَأَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ فَيُؤَجِّرُ وَيُعِيرُ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ السُّكْنَى لَا يُؤَجِّرُ وَيُعِيرُ ، وَالشَّافِعِيَّةُ جَعَلُوا لِذَلِكَ أَصْلًا وَهُوَ : أَنَّ مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ مَلَكَ الْإِجَارَةَ وَالْإِعَارَةَ ، وَمَنْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ مَلَكَ الْإِعَارَةَ لَا الْإِجَارَةَ ، وَيَجْعَلُونَ الْمُسْتَعِيرَ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مَالِكًا لِلِانْتِفَاعِ فَقَطْ ، وَهَذَا يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ مِنْ أَنَّ الْإِعَارَةَ إبَاحَةُ الْمَنَافِعِ لَا تَمْلِيكُهَا وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّهَا تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ ، فَهِيَ كَالْإِجَارَةِ تَمَلُّكُ الْمَنَافِعِ ، وَإِنَّمَا لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَعِيرُ الْإِجَارَةَ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَا يَمْلِكُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِعِوَضٍ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ الْإِجَارَةَ لَمَلَكَ أَكْثَرَ مِمَّا مَلَكَ ، فَإِنَّهُ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ بِلَا عِوَضٍ فَيَمْلِكُهَا نَظِيرَ مِلْكٍ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَهَا لَلَزِمَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ غَيْرُ الْجَائِزَيْنِ : لُزُومُ الْعَارِيَّةِ أَوْ عَدَمُ لُزُومِ الْإِجَارَةِ .
وَهَذَانِ التَّعْلِيلَانِ يَشْمَلَانِ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَعِيرَ وَهُمَا سَوَاءٌ عَلَى الرَّاجِحِ ، فَيَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ السُّكْنَى الْمَنْفَعَةَ كَالْمُسْتَعِيرِ ، وَقِيلَ : إنَّ مَا أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ كَانَ لَهُ الْإِعَارَةُ .
وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْوَقْفِ .
وَأَمَّا الْإِجَارَةُ الْمُقْطَعُ مَا أَقَطَعَهُ الْإِمَامُ ؛ فَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ قَاسِمُ بْنُ قُطُلُوبُغَا بِصِحَّتِهَا ، قَالَ : وَلَا أَثَرَ لِجَوَازِ إخْرَاجِ الْإِمَامِ لَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ كَمَا لَا أَثَرَ لِجَوَازِ مَوْتِ الْمُؤَجِّرِ فِي أَثْنَائِهَا ؛ وَلَا لِكَوْنِهِ مَلَكَ مَنْفَعَةً لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ ؛ فَهُوَ نَظِيرُ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ مَلَكَ مَنْفَعَةَ الْإِقْطَاعِ بِمُقَابَلَةِ اسْتِعْدَادِهِ لِمَا أَعَدَّ لَهُ لَا نَظِيرَ الْمُسْتَعِيرِ لِمَا قُلْنَا ، وَإِذَا مَاتَ الْمُؤَجِّرُ أَوْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ الْأَرْضَ عَنْ الْمُقْطَعِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى غَيْرِ الْمُؤَاجِرِ .
كَمَا لَوْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِي النَّظَائِرِ الَّتِي خَرَجَ عَلَيْهَا إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ ، وَهِيَ إجَارَةُ الْمُسْتَأْجِرِ ، وَإِجَارَةُ الْعَبْدُ الَّذِي صُولِحَ عَلَى خِدْمَتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً ،
وَإِجَارَةُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ وَإِجَارَةُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ وَإِجَارَةُ أُمِّ الْوَلَدِ ( انْتَهَى ) .
وَقَدْ أَلَّفْتُ رِسَالَةً فِي الْإِقْطَاعَاتِ وَأُخْرَى سَمَّيْتُهَا التُّحْفَةُ الْمَرْضِيَّةُ فِي ( الْأَرَاضِي الْمِصْرِيَّةِ ) وَفِيمَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ الْإِقْطَاعَ عَنْ الْمُقْطِعِ مَتَى شَاءَ ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَقَطَعَهُ أَرْضًا عَامِرَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، أَمَّا إذَا أَقَطَعَهُ مَوَاتًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَأَحْيَاهَا ، لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ صَارَ مَالِكًا لِلرَّقَبَةِ ، كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ .
الْقَوْلُ فِي الدَّيْنِ
وَعَرَّفَهُ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ بِأَنَّهُ : عِبَارَةٌ عَنْ مَالٍ حُكْمِيٍّ يَحْدُثُ فِي الذِّمَّةِ بِبَيْعٍ أَوْ اسْتِهْلَاكٍ أَوْ غَيْرِهِمَا .
وَإِيفَاؤُهُ وَاسْتِيفَاؤُهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ
مِثَالُهُ : إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ صَارَ الثَّوْبُ مِلْكًا لَهُ ، وَحَدَثَ بِالشِّرَاءِ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مِلْكًا لِلْبَائِعِ ؛ فَإِذَا دَفَعَ الْمُشْتَرِي عَشَرَةً إلَى الْبَائِعِ وَجَبَ مِثْلُهَا فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ دَيْنًا ، وَقَدْ وَجَبَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي عَشَرَةٌ بَدَلًا عَنْ الثَّوْبِ ، وَوَجَبَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مِثْلُهَا بَدَلًا عَنْ الْمَدْفُوعَةِ إلَيْهِ فَالْتَقَيَا قِصَاصًا ( انْتَهَى ) .
وَتَفَرَّعَ عَلَى أَنَّ طَرِيقَ إيفَائِهِ إنَّمَا هُوَ الْمُقَاصَّةُ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْهُ بَعْدَ قَضَائِهِ صَحَّ وَرَجَعَ الْمَدْيُونُ عَلَى الدَّائِنِ بِمَا دَفَعَهُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْمُدَايَنَاتِ مِنْ قِسْمِ الْفَوَائِدِ وَاخْتُصَّ الدَّيْنُ بِأَحْكَامٍ : مِنْهَا جَوَازُ الْكَفَالَةِ بِهِ إذَا كَانَ دَيْنًا صَحِيحًا وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ ؛ فَلَا يَجُوزُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِدُونِهِمَا بِالتَّعْجِيزِ .
وَمِنْهَا جَوَازُ الرَّهْنِ بِهِ ؛ فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ وَالرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْأَمَانَةِ وَالْمَضْمُونَةُ بِغَيْرِهَا كَالْمَبِيعِ .
وَأَمَّا الْمَضْمُونَةُ بِنَفْسِهَا كَالْمَغْصُوبِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْمَبِيعِ فَاسِدًا وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ ، فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَالرَّهْنُ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالدُّيُونِ ، قَالَ الْأُسْيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْزِيًّا إلَى السُّبْكِيّ فِي تَكْمِلَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ :
فَرْعٌ :
حَدَثَ فِي الْأَعْصَارِ الْقَرِيبَةِ ؛ وَقْفُ كُتُبٍ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا تُعَارَ إلَّا بِرَهْنٍ أَوْ لَا تَخْرُجَ مِنْ مَكَانِ تَحْبِيسِهَا إلَّا بِرَهْنٍ أَوْ لَا تَخْرُجَ أَصْلًا .
وَاَلَّذِي أَقُولُ فِي هَذَا : أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فِي يَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ ، وَلَا يُقَالُ لَهَا عَارِيَّةٌ أَيْضًا ، بَلْ الْأَخْذُ بِهَا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ اسْتَحَقَّ الِانْتِفَاعَ وَيَدُهُ عَلَيْهَا يَدُ أَمَانَةٍ .
فَشَرْطُ أَخْذِ الرَّهْنِ عَلَيْهَا فَاسِدٌ ، وَإِنْ أَعْطَاهُ كَانَ رَهْنًا فَاسِدًا ، وَيَكُونُ فِي يَدِ خَازِنِ الْكُتُبِ أَمَانَةً ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مِنْ الْعُقُودِ فِي الضَّمَانِ كَصَحِيحِهَا ، وَالرَّهْنُ أَمَانَةٌ ، هَذَا إذَا أُرِيدَ الرَّهْنُ الشَّرْعِيُّ ، وَإِنْ أُرِيدَ مَدْلُولُهُ لُغَةً وَأَنْ يَكُونَ تَذْكِرَةً ، فَيَصِحُّ الشَّرْطُ ؛ لِأَنَّهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ ، وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مُرَادُ الْوَاقِفِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْبُطْلَانِ فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ مَا أَمْكَنَ ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا بِدُونِهِ ، وَإِنْ قُلْنَا بِبُطْلَانِهِ لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهَا بِهِ لِعُذْرِهِ وَلَا بِدُونِهِ ، إمَّا ؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَإِمَّا لِفَسَادِ الِاسْتِثْنَاءِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تَخْرُجْ مُطْلَقًا ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ صَحَّ ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهَا مَظِنَّةُ ضَيَاعِهَا ، بَلْ يَجِبُ عَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ أَنْ يُمَكِّنَ كُلَّ مَنْ يَقْصِدُ الِانْتِفَاعَ بِتِلْكَ الْكُتُبِ فِي مَكَانِهَا ، وَفِي بَعْضِ الْأَوْقَافِ يَقُولُ لَا تَخْرُجْ إلَّا بِتَذْكِرَةٍ وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا وَجْهَ لِبُطْلَانِهِ ، وَهُوَ كَمَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ قَوْلَهُ إلَّا بِرَهْنٍ فِي الْمَدْلُولِ اللُّغَوِيِّ ، فَيَصِحُّ وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ أَنَّ تَجْوِيزَ الْوَاقِفِ الِانْتِفَاعَ لِمَنْ يَخْرُجُ بِهِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَضَعَ فِي خِزَانَةِ الْوَقْفِ مَا يَتَذَكَّرُ هُوَ بِهِ إعَادَةَ الْمَوْقُوفِ ؛ وَيَتَذَكَّرُ الْخَازِنُ مُطَالَبَتَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ هَذَا ، وَمَتَى أَخَذَهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَهُ الْوَاقِفُ يَمْتَنِعُ .
وَلَا نَقُولُ بِأَنَّ تِلْكَ التَّذْكِرَةَ تَبْقَى رَهْنًا بَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا ، فَإِذَا أَخَذَهَا طَالَبَهُ الْخَازِنُ بِرَدِّ الْكِتَابِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ أَيْضًا بِغَيْرِ طَلَبٍ ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْوَاقِفِ الرَّهْنَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى حَتَّى يَصِحَّ إذَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الرَّهْنِ تَنْزِيلًا لِلَّفْظِ عَلَى الصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ ، وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ إخْرَاجُهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَيَمْتَنِعُ لِغَيْرِهِ ، لَكِنْ لَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الرَّهْنِ وَلَا يَسْتَحِقُّ بَيْعَهُ وَلَا بَدَلَ الْكِتَابِ الْمَوْقُوفِ ، إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ ، وَلَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ ضَمِنَهُ ، وَلَكِنْ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْمَرْهُونُ لِوَفَائِهِ وَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى صَاحِبِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ ( انْتَهَى )
وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْأَمَانَاتِ شَامِلٌ لِلْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ ، وَالرَّهْنُ بِالْأَمَانَاتِ بَاطِلٌ .
فَإِذَا هَلَكَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ بِخِلَافِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ كَالصَّحِيحِ ، وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ وَحَمْلِهِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَغَيْرُ بَعِيدٍ .
وَمِنْهَا صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ عَنْهُ ؛ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ ، وَالْإِبْرَاءُ عَنْ دَعْوَاهَا صَحِيحٌ .
فَلَوْ قَالَ : أَبْرَأْتُك عَنْ دَعْوَى هَذِهِ الْعَيْنِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِهَا بَعْدَهُ ، وَلَوْ قَالَ : بَرِئْت مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ مِنْ دَعْوَى هَذِهِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ ، وَلَوْ قَالَ : أَبْرَأْتُك عَنْهَا أَوْ عَنْ خُصُومَتِي فِيهَا فَهُوَ بَاطِلٌ ، وَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ وَإِنَّمَا أَبْرَأَهُ عَنْ ضَمَانِهِ ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ الصُّلْحِ وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ مِنْ الْإِقْرَارِ : لَا حَقَّ لِي قَبْلَهُ يَبْرَأُ مِنْ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ وَالْكَفَالَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ ( انْتَهَى ) .
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الْأَعْيَانِ فِي الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ
لَكِنْ فِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ : افْتَرَقَ الزَّوْجَانِ وَأَبْرَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى ، وَكَانَ لِلزَّوْجِ بَذْرٌ فِي أَرْضِهَا وَأَعْيَانٌ قَائِمَةٌ ؛ فَالْحَصَادُ وَالْأَعْيَانُ الْقَائِمَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى ( انْتَهَى ) .
وَتَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ الشُّفْعَةُ فَهُوَ مُسْقِطٌ لَهَا قَضَاءً لَا دِيَانَةً إنْ لَمْ يَقْصِدْهَا ، كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ ، وَفِي الْخِزَانَةِ : الْإِبْرَاءُ عَنْ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ إبْرَاءٌ عَنْ ضَمَانِهَا ، وَتَصِيرُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ ، وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَتَبْقَى مَضْمُونَةً وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ مُسْتَهْلَكَةً صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَبَرِئَ مِنْ قِيمَتِهَا ( انْتَهَى ) .
فَقَوْلُهُمْ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ ؛ مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ مِلْكًا لَهُ بِالْإِبْرَاءِ وَإِلَّا فَالْإِبْرَاءُ عَنْهَا لِسُقُوطِ الضَّمَانِ صَحِيحٌ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْأَمَانَةِ .
الثَّالِثُ قَبُولُ الْأَجَلِ فَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُ الْأَعْيَانِ ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ شُرِعَ رِفْقًا لِلتَّحْصِيلِ وَالْعَيْنُ حَاصِلَةٌ .
فَوَائِدُ:
الْأُولَى : لَيْسَ فِي الشَّرْعِ دَيْنٌ لَا يَكُونُ إلَّا حَالًّا إلَّا : رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ ، وَبَدَلُ الصَّرْفِ
وَالْقَرْضِ وَالثَّمَنِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ ، وَدَيْنُ الْمَيِّتِ وَمَا أَخَذَ بِهِ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ ، كَمَا كَتَبْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ عِنْدَ قَوْلِهِ : وَصَحَّ تَأْجِيلُ كُلِّ دَيْنٍ إلَّا الْقَرْضَ .
وَلَيْسَ فِيهِ دَيْنٌ لَا يَكُونُ إلَّا مُؤَجَّلًا إلَّا الدِّيَةُ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ .
وَأَمَّا بَدَلُ الْكِتَابَةِ فَيَصِحُّ عِنْدَنَا حَالًّا وَمُؤَجَّلًا .
الثَّانِيَةُ : مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ ؛ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لَهَا دَيْنٌ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنَّ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ .
وَيَصِحُّ تَفْرِيقُهُ عَلَى أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ .
الثَّالِثُ : الْأَجَلُ لَا يَحِلُّ قَبْلَ وَقْتِهِ إلَّا بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ وَلَوْ حُكْمًا بِاللَّحَاقِ مُرْتَدًّا بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الدَّائِنِ .
وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ إذَا اسْتَرَقَ وَلَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ ؛ فَنَقُولُ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ مُطْلَقًا لَا بِسُقُوطِ الْأَجَلِ فَقَطْ ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَأَمَّا الْجُنُونُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحُلُولَ لِإِمْكَانِ التَّحْصِيلِ بِوَلِيِّهِ
الرَّابِعَةُ : الْحَالُّ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ إلَّا مَا قَدَّمْنَاهُ وَالْحِيلَةُ فِي لُزُومِ تَأْجِيلِ الْقَرْضِ شَيْئَانِ : حُكْمُ الْمَالِكِيِّ بِلُزُومِهِ بَعْدَ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَصْلُ الدَّيْنِ ، أَوْ أَنْ يُحِيلَ الْمُسْتَقْرِضُ صَاحِبَ الْمَالِ عَلَى رَجُلٍ إلَى سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ الْمَالُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ : الْحَالُ لَا يَقْبَلُهُ بَعْدَ اللُّزُومِ إلَّا إذَا نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ بِهِ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ أَوْصَى بِذَلِكَ .
وَشَرْطُ التَّأْجِيلِ الْقَبُولُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ .
وَالْمَالُ حَالٌّ ، وَشَرْطُهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُتَفَاحِشَةً ، فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ إلَى مَهَبِّ الرِّيحِ وَمَجِيءِ الْمَطَرِ ، وَيَصِحُّ إلَى الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ لَا يَجُوزُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَيْهِمَا ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ .
تَنْبِيهٌ .
قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدْيُونِ : اذْهَبْ وَاعْطِنِي كُلَّ شَهْرٍ كَذَا .
فَلَيْسَ بِتَأْجِيلٍ ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْإِعْطَاءِ الْخَامِسَةُ : لَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ فَيَكُونُ وَكِيلًا قَابِضًا لِلْمُوَكِّلِ ثُمَّ لِنَفْسِهِ ، وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ عَزْلِهِ عَنْ التَّسْلِيطِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَفِي وَكَالَةِ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ .
لَوْ قَالَ : وَهَبْت مِنْك الدَّرَاهِمَ الَّتِي لِي عَلَى فُلَانٍ فَاقْبِضْهَا مِنْهُ ، فَقَبَضَ مَكَانَهَا دَنَانِيرَ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ الْحَقُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَيَمْلِكُ الِاسْتِبْدَالَ ( انْتَهَى ) .
وَهُوَ مُقْتَضٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَنْ التَّسَلُّطِ .
وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مِنْ الزَّكَاةِ : لَوْ تَصَدَّقَ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ عَلَى زَيْدٍ
بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ وَأَمَرَهُ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ .
وَمِنْ هِبَةِ الْبَزَّازِيَّةِ : وَهَبَ لَهُ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ بِقَبْضِهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ لَا .
وَبَيْعُ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ ، وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ أَوْ وَهَبَهُ جَازَ وَالْبِنْتُ لَوْ وُهِبَتْ مَهْرَهَا مِنْ أَبُوهَا أَوْ ابْنِهَا الصَّغِيرِ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ .
إنْ أُمِرَتْ بِالْقَبْضِ صَحَّتْ وَإِلَّا لَا ؛ لِأَنَّهُ هِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ ( انْتَهَى ) .
وَفِي مُدَايَنَاتِ الْقُنْيَةِ : قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ لِيَكُونَ لَهُ مَا عَلَى الْمَطْلُوبِ فَرَضِيَ جَازَ ثُمَّ رَقَّمَ لِآخَرَ بِخِلَافِهِ : وَلَوْ أَعْطَى الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لِلْآمِرِ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ قَضَاءً عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لَهُ كَانَ الْقَضَاءُ عَلَى هَذَا فَاسِدًا وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَعْطَاهُ وَكَانَ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ ( انْتَهَى ) .
ثُمَّ قَالَ فِيهَا : لَوْ قَالَتْ الْمَهْرُ الَّذِي لِي عَلَى زَوْجِي لِوَالِدَيَّ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهَا بِهِ ( انْتَهَى ) .
وَخَرَجَ عَنْ تَمْلِيكِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ الْحَوَالَةُ ؛ فَإِنَّهَا كَذَلِكَ مَعَ صِحَّتِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّيْلَعِيُّ مِنْهَا .
وَخَرَجَ أَيْضًا الْوَصِيَّةُ بِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ كَمَا فِي وَصَايَا الْبَزَّازِيَّةِ ؛ فَالْمُسْتَثْنَى ثَلَاثٌ .
وَفَرَّعَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ تَمْلِيكِهِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِمَا عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَبِيعَ وَالْبَائِعَ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ .
وَصَحَّ إنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا .
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ مَدْيُونَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مُطْلَقًا ، وَلَوْ وَكَّلَ الْمُسْتَأْجِرَ بِأَنْ يُعَمِّرَ الْعَيْنَ مِنْ الْأُجْرَةِ صَحَّ .
وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي وَكَالَةِ الْبَحْرِ
السَّادِسَةُ : لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ جَاحِدًا وَلَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ ، فَلَوْ كَانَ عَلَى مُقِرٍّ وَجَبَتْ ، إلَّا إذَا كَانَ مُفْلِسًا ؛ فَإِذَا قَبَضَ أَرْبَعِينَ .
مِمَّا أَصْلُهُ بَدَلُ تِجَارَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ .
وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ .
أَنْوَاعُ الدُّيُونِ مَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهُ وَمَا لَا يَمْنَعُ :
الْأَوَّلُ : الْمَاءُ فِي الطَّهَارَةِ ؛ يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَ شِرَائِهِ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ فِي آخِرِ بَابِ التَّيَمُّمِ : " وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ الْفَاضِلُ عَنْ حَاجَتِهِ " .
الثَّانِي : السُّتْرَةُ كَذَلِكَ فِيمَا يَنْبَغِي وَلَمْ أَرَهُ .
الثَّالِثُ : الزَّكَاةُ ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِيهَا ، مَا لَهُ مَطَالِبُ مِنْ الْعِبَادِ ؛ فَلَا يَمْنَعُ دَيْنَ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَاتِ .
وَدَيْنُ الزَّكَاةِ مَانِعٌ .
الرَّابِعُ : الْكَفَّارَةُ .
وَاخْتُلِفَ فِي مَنْعِهِ وُجُوبَهَا ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْنَعُهُ بِالْمَالِ كَمَا فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ مِنْ بَحْثِ الْأَمْرِ .
الْخَامِسُ : صَدَقَةُ الْفِطْرِ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى مَنْعِهِ وُجُوبَهَا ،
تَنْبِيهٌ : دَيْنُ الْعَبْدِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ صَدَقَةِ فِطْرِهِ ، وَيَمْنَعُ وُجُوبَ زَكَاتِهِ لَوْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ .
السَّادِسُ : الْحَجُّ يَمْنَعُهُ اتِّفَاقًا .
السَّابِعُ : نَفَقَةُ الْقَرِيبِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَهَا ؛ لِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا إلَّا بِمِلْكِ نِصَابِ حِرْمَانِ الصَّدَقَةِ .
الثَّامِنُ : ضَمَانُ سِرَايَةِ الْإِعْتَاقِ ، وَلَا يَمْنَعُهُ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ دَيْنًا آخَرَ التَّاسِعُ : الدِّيَةُ ، لَا تَمْنَعُ وُجُوبَهَا .
الْعَاشِرُ : الْأُضْحِيَّةُ ، يَمْنَعُهَا كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ
تَتِمَّةٌ :
قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ لِلتَّرِكَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا ، وَيَمْنَعُهُ إنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا وَيَمْنَعُ نَفَاذَ الْوَصِيَّةِ وَالتَّبَرُّعِ مِنْ الْمَرِيضِ ، وَيُبِيحُ أَخْذَ الزَّكَاةِ ، وَالدَّفْعُ إلَى الْمَدْيُونِ أَفْضَلُ .
مَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ وَمَا لَا يَثْبُتُ :
إذَا هَلَكَ الْمَالُ فِي الزَّكَاةِ بَعْدَ وُجُوبِهَا لَا تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ دَفْعِهَا وَطَلَبِ السَّاعِي ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَهْلَكَهُ ، وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ لَا تَسْقُطُ بَعْدَ وُجُوبِهَا بِهَلَاكِ الْمَالِ وَكَذَا الْحَجُّ ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَقْتَ الْوُجُوبِ ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُمَا لَا يَجِبَانِ ، وَمَا يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ .
كَجَزَاءِ الصَّيْدِ .
وَفِدْيَةِ الْحَلْقِ وَاللِّبَاسِ وَالطِّيبِ لِعُذْرٍ .
وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ ، وَمَا يَكُونُ الصَّوْمُ مَشْرُوطًا بِإِعْسَارِهِ كَكَفَّارَةِ
الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَهُمَا ، فَالِاعْتِبَارُ لِإِعْسَارِهِ وَقْتُ تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ ، وَكَذَا يُفَرَّقُ فِي فَدِيَةِ الشَّيْخِ الْفَانِي ، فَلَا وُجُوبَ عَلَى الْفَقِيرِ ، فَإِذَا أَيْسَرَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ .
مَا يُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ وَ مَا يُؤَخَّرُ عَنْهُ:
أَمَّا حُقُوْقُ اللهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ فَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ ، فَإِنْ وَقَّتَ التَّرِكَةَ بِالْكُلِّ فَلَا كَلَامَ ؛ وَإِلَّا قُدِّمَ .
الْمُتَعَلِّقُ بِالْعَيْنِ كَالرَّهْنِ عَلَى مَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ ، وَإِذَا أَوْصَى بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى قُدِّمَتْ الْفَرَائِضُ ، وَإِنْ أَخَّرَهَا كَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ ، وَإِنْ تَسَاوَتْ فِي الْقُوَّةِ بَدَأَ بِمَا بَدَأَ بِهِ ، وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الْوَصَايَا لَا يُقَدِّمُ الْبَعْضَ عَلَى الْبَعْضِ .
إلَّا الْعِتْقَ وَالْمُحَابَاةَ ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ .
وَتَمَامُهُ فِي وَصَايَا الزَّيْلَعِيِّ
تَذْنِيبٌ : فِيمَا يُقَدَّمُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ غَيْرِ الدُّيُونِ ثَلَاثَةٌ فِي السَّفَرِ : جُنُبٌ وَحَائِضٌ وَمَيِّتٌ ، وَثَمَّةَ مَاءٌ يَكْفِي لِأَحَدِهِمْ ؛ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مِلْكًا لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ جَمِيعًا لَا يُصْرَفُ لِأَحَدِهِمْ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلْكُلِّ ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ مُبَاحًا كَانَ الْجُنُبُ أَوْلَى بِهِ ؛ لِأَنَّ غُسْلَهُ فَرِيضَةٌ وَغُسْلُ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ .
الرَّجُلُ يَصْلُحُ إمَامًا لِلْمَرْأَةِ فَيَغْتَسِلُ الْجُنُبُ وَتَتَيَمَّمُ الْمَرْأَةُ وَيُيَمَّمُ الْمَيِّتُ ، وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ فَالْأَبُ أَوْلَى بِهِ ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ تَمَلُّكِ مَالِ الِابْنِ ، وَلَوْ وَهَبَ لَهُمْ قَدْرَ مَا يَكْفِي لِأَحَدِهِمْ ؛ قَالُوا : الرَّجُلُ أَوْلَى بِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ قَبُولِ الْهِبَةِ ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَصْلُحُ لِإِمَامَةِ الرَّجُلِ .
قَالَ مَوْلَانَا : وَهَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ .
وَمُرَادُهُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ ؛ أَنَّ وُجُوبَهُ بِهَا ، بِخِلَافِ غُسْلِ الْجُنُبِ فَإِنَّهُ فِي الْقُرْآنِ .
وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِمَا إذَا كَانَ مُبَاحًا : مَا إذَا أَوْصَى بِهِ لِأَحْوَجِ النَّاسِ وَلَا يَكْفِي إلَّا لِأَحَدِهِمْ .
وَأَمَّا مَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ وَهُوَ مُحْدِثٌ وَوَجَدَ مَاءً يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ صَرْفُهُ إلَى النَّجَاسَةِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْأَنْجَاسِ .
وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مَعَ الثَّلَاثَةِ ذُو نَجَاسَةٍ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ وَلَمْ أَرَهُ
اجْتَمَعَتْ جِنَازَةٌ وَسُنَّةٌ وَقْتِيَّةٌ ، قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ .
وَأَمَّا إذَا اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ أَوْ فَرْضُ وَقْتٍ لَمْ أَرَهُ .
وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْفَرْضِ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ .
وَإِلَّا الْكُسُوفُ ؛ لِأَنَّهُ يُخْشَى فَوَاتُهُ بِالِانْجِلَاءِ ،
وَلَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ وَجِنَازَةٌ ، يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْجِنَازَةِ .
وَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَتْ مَعَ جُمُعَةٍ وَفَرْضٍ وَلَمْ يُخَفْ خُرُوجُ وَقْتِهِ ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا تَقْدِيمُ الْخُسُوفِ عَلَى الْوِتْرِ وَالتَّرَاوِيحِ
وَأَمَّا الْحُدُودُ إذَا اجْتَمَعَتْ فَفِي الْمُحِيطِ : وَإِذَا اجْتَمَعَ حَدَّانِ وَقُدِرَ عَلَى دَرْءِ أَحَدِهِمَا دُرِئَ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ ، بِأَنْ اجْتَمَعَ حَدُّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالْقَذْفِ وَالْفَقْءِ ؛ بَدَأَ بِالْفَقْءِ فَإِذَا بَرِئَ حُدَّ لِلْقَذْفِ فَإِذَا بَرِئَ إنْ شَاءَ بَدَأَ بِالْقَطْعِ وَإِنْ شَاءَ بَدَأَ بِحَدِّ الزِّنَا ، وَحَدُّ الشُّرْبِ آخِرُهَا لِثُبُوتِهِ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا يُبْدَأُ بِالْفَقْءِ ثُمَّ بِحَدِّ الْقَذْفِ ثُمَّ بِالرَّجْمِ وَيُلْغَى غَيْرُهَا ( انْتَهَى )
وَلَوْ اجْتَمَعَ التَّعْزِيرُ وَالْحُدُودُ ؛ قُدِّمَ التَّعْزِيرُ عَلَى الْحُدُودِ فِي الِاسْتِيفَاءِ لِتَمَحُّضِهِ حَقًّا لِلْعَبْدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ، وَلَمْ أَرَ الْآنَ مَا إذَا اجْتَمَعَ قَتْلُ الْقِصَاصِ وَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْقِصَاصِ قَطْعًا لِحَقِّ الْعَبْدِ ، وَأَمَّا إذَا اجْتَمَعَ قَتْلُ الزِّنَا وَالرِّدَّةِ ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الرَّجْمِ ؛ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا ، بِخِلَافِ مَا إذَا قُدِّمَ قَتْلُ الرِّدَّةِ فَإِنَّهُ يَفُوتُ الرَّجْمُ ،
وَإِذَا قُدِّمَ قَتْلُ الْقِصَاصُ وَهُوَ الْقَتْلُ بِالسَّيْفِ حَصَلَ مَقْصُودُ الْقِصَاصِ وَالرِّدَّةِ وَإِنْ فَاتَ الرَّجْمُ
فَرْعٌ : تَقْرُبُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَسَائِلُ اجْتِمَاعِ الْفَضِيلَةِ وَالنَّقِيصَةِ
فَمِنْهَا الصَّلَاةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ بِالتَّيَمُّمِ وَآخِرَهُ بِالْوُضُوءِ ؛ فَعِنْدَنَا يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ إنْ كَانَ طَمِعَ فِي وُجُودِ الْمَاءِ آخِرَهُ ، وَإِلَّا فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ .
وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ فِي أَوَّلِهِ وَيُصَلِّي ؛ فَإِذَا وَجَدَهُ آخِرَهُ تَوَضَّأَ وَصَلَّى ثَانِيًا ، وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِأَفْضَلِيَّتِهِ ، وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ : إنَّهُ النِّهَايَةُ فِي تَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ .
وَمِنْهَا لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا صَلَّى فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ ، وَإِنْ أَخَّرَ عَنْهُ صَلَّى مَعَ الْجَمَاعَةِ فَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ
وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَسْبَغَ الْوُضُوءَ تَفُوتُهُ الْجَمَاعَةُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ أَدْرَكَهَا ؛ فَيَنْبَغِي تَفْضِيلُ الِاقْتِصَارِ لِإِدْرَاكِهَا .
وَمِنْهَا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِمَنْ يَرَى جَوَازَهُ وَإِلَّا فَهُوَ أَفْضَلُ ، وَكَذَا بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَرَاهُ
وَمِنْهَا التَّوَضُّؤُ مِنْ الْحَوْضِ أَفْضَلُ مِنْ النَّهْرِ
بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَرَاهُ ، وَإِلَّا لَا .
وَمِنْهَا لَوْ خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ لَوْ مَشَى إلَى الصَّفِّ ، فَفِي الْيَتِيمَةِ : الْأَفْضَلُ إدْرَاكُهُ فِي الرُّكُوعِ ، وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَمْ أَرَ فِيهِ لِأَصْحَابِنَا وَلَا لِغَيْرِهِمْ شَيْئًا فَقُصُورٌ
وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ صَلَّى قَائِمًا وَلَوْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ؛ فَفِي الْخُلَاصَةِ : يَخْرُجُ إلَى الْمَسْجِدِ وَيُصَلِّي قَاعِدًا
وَمِنْهَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى قَاعِدًا قَدَرَ عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا لَا ، قَعَدَ وَقَرَأَهَا ،
وَمِنْهَا لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ سُنَنِ الطَّهَارَةِ أَوْ الصَّلَاةِ تَرَكَهَا وُجُوبًا وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ عَنْ اسْتِيعَابِ السُّنَنِ ، يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْمُؤَكَّدَةِ ثُمَّ الصَّلَاةُ فِي الْمُسْتَحَبِّوَمِنْهَا تَقْدِيمُ الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ فِي الصِّحَّةِ وَمَا كَانَ مَعْلُومَ السَّبَبِ عَلَى الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ فِي الْمَرَضِ.
وَمِنْهَا بَابُ الْإِمَامَةِ ؛ يُقَدَّمُ الْأَعْلَمُ ثُمَّ الْأَقْرَأُ ثُمَّ الْأَوْرَعُ ثُمَّ الْأَسَنُّ ثُمَّ الْأَصْبَحُ وَجْهًا ثُمَّ الْأَحْسَنُ خُلُقًا ثُمَّ الْأَحْسَنُ زَوْجَةً ثُمَّ مَنْ لَهُ جَاهٌ ثُمَّ الْأَنْظَفُ ثَوْبًا ثُمَّ الْمُقِيمُ عَلَى الْمُسَافِرِ ثُمَّ الْحُرُّ الْأَصْلِيُّ عَلَى الْمُعْتَقِ ثُمَّ الْمُتَيَمِّمُ عَنْ الْحَدَثِ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ عَنْ الْجَنَابَةِ ، وَتَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ .
وَيَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَعْضُ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ يُقَابِلُ الْبَعْضَ فَالْعَالِمُ الْعَجَمِيُّ كُفُؤٌ لِلْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ شَرِيفَةً وَعِلْمُهُ يُقَابِلُ نَسَبَهَا وَكَذَا شَرَفُهُ.
خَاتِمَةٌ : لَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ إلَّا بِمُرَجِّحٍ
وَمِنْهُ السَّبْقُ كَالِازْدِحَامِ فِي الدَّعْوَى وَالْإِفْتَاءِ وَالدَّرْسِ ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْمَجِيءِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْالْقَوْلُ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ وَتَوَابِعِهَا .
أَمَّا ثَمَنُ الْمِثْلِ : فَذَكَرُوهُ فِي مَوَاضِعَ .
مِنْهَا : بَابُ التَّيَمُّمِ .
قَالَ فِي الْكَنْزِ : وَلَوْ لَمْ يُعْطِهِ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَهُ ثَمَنُهُ لَا يَتَيَمَّمُ وَإِلَّا يَتَيَمَّمُ ، وَفَسَّرَهُ فِي الْعِنَايَةِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فِي أَقْرَبِ مَوْضِعٍ يَعِزُّ فِيهِ الْمَاءُ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ ، وَفَسَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِالْقِيمَةِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ ، لَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ فِي وَقْتِ عِزَّتِهِ أَوْ فِي أَغْلَبِ الْأَوْقَاتِ ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ ، فَإِنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْقِيمَةِ حَالَةُ التَّقْوِيمِ .
وَيَتَعَيَّنُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ ثَمَنُ الْمِثْلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِسَدِّ الرَّمَقِ وَخَوْفِ الْهَلَاكِ ، وَرُبَّمَا تَصِلُ الشَّرْبَةُ إلَى دَنَانِيرَ فَيَجِبُ شِرَاؤُهَا عَلَى الْقَادِرِ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهَا إحْيَاءً لِنَفْسِهِ .
وَمِنْهَا : بَابُ الْحَجِّ ؛ فَثَمَنُ الْمِثْلِ لِلزَّادِ وَالْمَاءِ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ ، وَكَذَا الرَّاحِلَةُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ .
وَمِنْهَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَاوَكَانَ الْمَبِيعُ هَالِكًا فَإِنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ عَلَى قِيمَةِ الْهَالِكِ.وَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ أَوْ الْقَبْضِ أَوْ أَقَلُّهَا.
قَالَ : وَمِنْهَا إذَا وَجَبَ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّهِ كَيْفَ يَرْجِعُ بِهِ ؟ قَالَ قَاضِي خَانْ : وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ النُّقْصَانِ أَنْ يُقَوَّمَ صَحِيحًا لَا عَيْبَ بِهِ وَيُقَوَّمَ وَبِهِ الْعَيْبُ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ يَنْقُصُ عُشْرَ الْقِيمَةِ كَانَ حِصَّةُ النُّقْصَانِ عُشْرَ الثَّمَنِ ( انْتَهَى ) .
وَلَمْ يُذْكَرْ اعْتِبَارُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ ، وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الزَّيْلَعِيُّ وَابْنُ الْهُمَامِ .وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ .
وَمِنْهَا : الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ الْمَضْمُونِ بِتَسْمِيَةِ الثَّمَنِ إذَا كَانَ قِيَمِيًّا ؛ فَالِاعْتِبَارُ لِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ أَوْ يَوْمَ التَّلَفِ.
قَالَ : وَمِنْهَا : الْمَغْصُوبُ الْقِيَمِيُّ إذَا هَلَكَ ؛ فَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ اتِّفَاقًا .
وَمِنْهَا : الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ إذَا انْقَطَعَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ : تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَوْمَ الْغَصْبِ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ .
وَمِنْهَا : الْمُتْلَفُ بِلَا غَصْبٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ .
وَمِنْهَا : الْمَقْبُوضُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ ؛ لِأَنَّهُ بِهِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ .
ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ .
وَمِنْهَا : الْعَبْدُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ .
وَمِنْهَا : الْعَبْدُ إذَا جَنَى فَأَعْتَقَهُ السَّيِّدُ غَيْرَ عَالَمٍ بِهَا وَقُلْنَا يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِهِ ، هَلْ الْمُعْتَبَرُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ أَوْ قِيمَتُهُ يَوْمَ إعْتَاقِهِ وَمِنْهَا : الرَّهْنُ إذَا هَلَكَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتُهُ وَمِنْ الدَّيْنِ فَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْهَلَاكِ لِقَوْلِهِمْ : إنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ فِيهِ حَتَّى كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ فِي حَيَاتِهِ ؛ وَكَفَنُهُ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ ، كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
وَمِنْهَا : لَوْ أَخَذَ مِنْ الْأُرْزِ وَالْعَدَسِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، وَقَدْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا مَثَلًا لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ ثُمَّ اخْتَصَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ ؛ هَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَخْذِ أَوْ يَوْمَ الْخُصُومَةِ ؟ قَالَ فِي الْيَتِيمَةِ : تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَخْذِ .
قِيلَ لَهُ : لَوْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا بَلْ كَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ثَمَنَ مَا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ .
قَالَ : يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْأَخْذِ ؛ لِأَنَّهُ سَوْمٌ حِينَ ذَكَرَ الثَّمَنَ ( انْتَهَى )
وَمِنْهَا : ضَمَانُ عِتْقِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ إذَا أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَانَ مُوسِرًا وَاخْتَارَ السَّاكِتُ تَضْمِينَهُ ؛ فَالْمُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ كَمَا اُعْتُبِرَ حَالُهُ مِنْ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
وَمِنْهَا : قِيمَةُ وَلَدِ الْمَغْرُورِ الْحُرِّ ، فَفِي الْخُلَاصَةِ : تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَحَكَاهُ فِي النِّهَايَةِ ، ثُمَّ حُكِيَ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَضَاءِ .
وَالظَّاهِرُ أَنْ لَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِ يَوْمِ الْخُصُومَةِ .
وَمَنْ اعْتَبَرَ يَوْمَ الْقَضَاءِ فَإِنَّمَا اعْتَبَرَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتَرَاخَى عَنْهَا .
وَلِهَذَا ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَوَّلًا اعْتِبَارَ يَوْمِ الْخُصُومَةِ ، وَثَانِيًا اعْتِبَارَ يَوْمِ الْقَضَاءِ .
وَلَمْ أَرَ مَنْ اعْتَبَرَ يَوْمَ وَضْعِهِ.
وَمِنْهَا : ضَمَانُ جَنِينِ الْأَمَةِ .قَالُوا : لَوْ كَانَ ذَكَرًا وَجَبَ عَلَى الضَّارِبِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا ، وَعُشْرُ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ أُنْثَى ، كَذَا فِي الْكَنْزِ ، وَفِي الْخَانِيَّةِ .وَهُمَا فِي الْقَدْرِ سَوَاءٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ يَوْمِ الْوَضْعِ.
وَمِنْهَا : قِيمَةٌ الصَّيْدِ الْمُتْلَفِ فِي الْحَرَمِ أَوْ الْإِحْرَامِ ؛ فَفِي الْكَنْزِ فِي الثَّانِي بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ فِي مَقْتَلِهِ أَوْ أَقْرَبِ مَوْضِعٍ مِنْهُ .وَلَمْ يَذْكُرْ الزَّمَانَ وَالظَّاهِرُ فِيهِمَا يَوْمُ قَتْلِهِ كَمَا فِي الْمُتْلِفِ.
وَمِنْهَا : قِيمَةُ اللُّقَطَةِ إذَا تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ انْتَفَعَ بِهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَلَمْ يَجِدْ مَالِكَهَا فَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ التَّصَدُّقِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ .وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا.
وَمِنْهَا : قِيمَةُ جَارِيَةِ الِابْنِ إذَا أَحْبَلَهَا الْأَبُ وَادَّعَاهُ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقِيمَتِهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ شَرْطًا لِلِاسْتِيلَادِ عِنْدَنَا لَا حُكْمًا.
وَمِنْهَا : قِيمَةُ الصَّدَاقِ إذَا انْتَصَفَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَكَانَ هَالِكًا ، وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا
وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ يَوْمُ الْقَضَاءِ بِهِ أَوْ التَّرَاضِي لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى مِلْكِ الزَّوْجِ النِّصْفَ إلَّا بِأَحَدِهِمَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَهَذِهِ تِسْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا فَاغْتَنِمْهَا
الْكَلَامُ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ
تَجِبُ فِي مَوَاضِعَ ؛ أَحَدُهَا الْإِجَارَةُ فِي صُوَرٍ : مِنْهَا الْفَاسِدَةُ ، وَمِنْهَا : لَوْ قَالَ لَهُ الْمُؤَاجِرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إنْ فَرَّغْتَهَا الْيَوْمَ وَإِلَّا فَعَلَيْك كُلُّ شَهْرٍ كَذَا ، وَقِيلَ : يَجِبُ الْمُسَمَّى .
وَمِنْهَا : لَوْ قَالَ مُشْتَرِي الْعَيْنِ لِلْأَجِيرِ اعْمَلْ كَمَا كُنْت وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْأَجْرِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ فَإِنَّهُ يَجِبُ .
وَمِنْهَا : لَوْ عَمِلَ لَهُ شَيْئًا وَلَمْ يَسْتَأْجِرْهُ وَكَانَ الصَّانِعُ مَعْرُوفًا بِتِلْكَ الصَّنْعَةِ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَبِهِ يُفْتَى .
وَمِنْهَا : فِي غَصْبِ الْمَنَافِعِ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ وَقْفًا أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ .
وَلَيْسَ مِنْهَا لِمَا إذَا خَالَفَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُؤَجِّرَ إلَى شَرْطٍ بِأَنْ حَمَلَ أَكْثَرَ مِنْ الْمَشْرُوطِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ أَجْرُ مَا زَادَ ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ وَالْأَجْرَ لَا يَجْتَمِعَانِ .
وَمِنْهَا : إذَا فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ كَانَ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ .
وَمِنْهَا : إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَفِي الْأَرْضِ زَرْعٌ ، فَإِنَّهُ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَهُ .
وَمِنْهَا : إذَا فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَوَائِدِ .
وَمِنْهَا : عَامِلُ الزَّكَاةِ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ بِقَدْرِ مَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي أَعْوَانَهُ
وَفَائِدَتُهُ أَنَّ الْمَأْخُوذَ أَجْرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْمَلْ ؛ بِأَنْ حَمَلَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ أَمْوَالَهُمْ إلَى الْإِمَامِ ، فَلَا أَجْرَ لَهُ .
وَمِنْهَا : النَّاظِرُ عَلَى الْوَقْفِ ، إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الْوَاقِفُ ، فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْوَقْفُ طَاحُونَةً يَسْتَغِلَّهَا الْمُوقِفُ عَلَيْهِمْ ؛ فَلَا أَجْرَ لَهُ فِيهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ .وَهَذَا إذَا عَيَّنَ الْقَاضِي لَهُ أَجْرًا .فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ وَسَعَى فِيهِ سَنَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ الْقَاضِي ، وَلَا يَجْتَمِعُ لَهُ أَجْرُ النَّظَرِ وَالْعِمَالَةِ لَوْ عَمِلَ مَعَ الْعَمَلَةِ ( انْتَهَى ) .
وَمِنْهَا : الْوَصِيُّ إذَا نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَعَيَّنَ لَهُ أَجْرًا بِقَدْرِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ جَازَ .
وَأَمَّا وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَا أَجْرَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
وَمِنْهَا : الْقَسَّامُ لَوْ لَمْ يُسْتَأْجَرْ بِمُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ .
وَمِنْهَا : يَسْتَحِقُّ الْقَاضِي عَلَى كِتَابَةِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ
تَنْبِيهَاتٌ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُمْ فِي الزَّرْعِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ مَعْنَاهُ بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا وَإِلَّا فَلَا أَجْرٌ لَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ .
الثَّانِي : إذَا وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَكَانَ هُنَاكَ مُسَمًّى فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا لَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَيَنْقُصُ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا وَجَبَ بَالِغًا مَا بَلَغَ .
الثَّالِثُ : يَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ .
الرَّابِعُ : إذَا وَجَبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَكَانَ مُتَفَاوِتًا مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَقْصِي وَمِنْهُمْ مِنْ يَتَسَاهَلُ فِي الْأَجْرِ يَجِبُ الْوَسَطُ ، حَتَّى لَوْ كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ اثْنَيْ عَشَرَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ عَشَرَةٌ ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ أَحَدَ عَشَرَ ، وَجَبَ أَحَدَ عَشَرَ بِخِلَافِ التَّقْوِيمِ ؛ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ فِي مُسْتَهْلَكٍ ، فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ قِيمَتُهُ أَقَلُّ وَجَبَ الْأَخْذُ بِالْأَكْثَرِ ، ذَكَرَهُ الْأَقْطَعُ فِي بَابِ السَّرِقَةِ .
الْخَامِسُ : أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ يَطِيبُ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ حَرَامًا
وَالْكُلُّ مِنْ الْقُنْيَةِ .
وَقَدَّمْنَا حُكْمَ زِيَادَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي الْفَوَائِدِ
الْكَلَامُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ :
الْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِهِ حَدِيثُ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ ، وَبَيَّنَّا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مَا هُوَ وَبِمَنْ يُعْتَبَرُ ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ هُنَا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا ؛ فَيَجِبُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ أَوْ تَسْمِيَةِ مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْحُرِّ وَالْقُرْآنِ وَخِدْمَةِ زَوْجٍ حُرٍّ وَنِكَاحٍ آخَرَ وَهُوَ نِكَاحُ الشِّغَارِ وَمَجْهُولُ الْجِنْسِ .
وَالتَّسْمِيَةُ الَّتِي عَلَى خَطَرٍ وَفَوَاتِ مَا شَرَطَهُ لَهَا مِنْ الْمَنَافِعِ بِشَرْطِ الدُّخُولِ فِي الْكُلِّ أَوْ الْمَوْتِ .
وَأَمَّا إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَهُ ؛ فَالْمُتْعَةُ وَلَا يُنْتَصَفُ ،وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الدُّخُولِ .
وَفِي الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ إنْ لَمْ يُقَدَّرْ الْمِلْكُ سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ ؛ كَمَا فِي أَمَةِ ابْنِهِ إذَا أَحَبْلَهَا فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ
بَيَانُ مَا يَتَعَدَّدُ فِيهِ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ وَمَا لَا يَتَعَدَّدُ :
أَمَّا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ ؛ فَجَعَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُنْقَسِمًا عَلَى عَدَدِ الْوَطْآتِ تَقْدِيرًا فَلَا يَتَعَدَّدُ فِيهِ .
كَمَا لَا يَتَعَدَّدُ بِوَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ إذَا لَمْ تَحْبَلْ وَكَذَا بِوَطْءِ السَّيِّدِ مُكَاتَبَتَهُ ، وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ .
وَيَتَعَدَّدُ بِوَطْءِ الِابْنِ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ الزَّوْجِ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ ، وَأَفْتَى وَالِدُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ بِالتَّعَدُّدِ فِي الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ .
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْكَنْز
ِتَنْبِيهٌ :
يَجِبُ مَهْرَانِ فِيمَا إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مُخَالِطٌ لَهَا ، مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْأَوَّلِ ، وَالْمُسَمَّى بِالْعَقْدِ .
وَمَهْرَانِ وَنِصْفٌ فِيمَا لَوْ قَالَ : كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَلَوْ زَادَ بَائِنٌ وَدَخَلَ بِهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ .
فَعَلَيْهِ خَمْسَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ . وَبَيَانُهُ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
الْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ
التَّعْلِيقُ : رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ أُخْرَى .
وَفُسِّرَ الشَّرْطُ فِي التَّلْوِيحِ بِأَنَّهُ تَعْلِيقُ حُصُولِ مَضْمُونٍ جُمْلَةً بِحُصُولِ مَضْمُونٍ جُمْلَةً ( انْتَهَى ) .
وَشَرْطُ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ ؛ كَوْنُ الشَّرْطِ مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَالتَّعْلِيقُ بِكَائِنٍ تَنْجِيزٌ وَبِالْمُسْتَحِيلِ بَاطِلٌ ، وَوُجُودُ رَابِطٍ حَيْثُ كَانَ الْجَزَاءُ مُؤَخَّرًا وَإِلَّا يُتَنَجَّزُ ، وَعَدَمُ فَاصِلٍ أَجْنَبِيٍّ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ .
وَرُكْنُهُ : أَدَاةُ شَرْطٍ وَفِعْلُهُ وَجَزَاءُ صَالِحٍ ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَدَاةِ لَا يَتَعَلَّقُ ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَنْجِيزِهِ لَوْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ .الْفَتْوَى عَلَى بُطْلَانِهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ .
وَمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ :
تَعْلِيقُ التَّمْلِيكَاتِ وَالتَّقْيِيدَاتِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ ؛ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ وَعَزْلِ الْوَكِيلِ وَحَجْرِ الْمَأْذُونِ وَالرَّجْعَةِ وَالتَّحْكِيمِ وَالْكِتَابَةِ وَالْكَفَالَةِ بِغَيْرِ الْمُلَائِمِ وَالْوَقْفِ فِي رِوَايَةٍ وَالْهِبَةِ بِغَيْرِ الْمُتَعَارَفِ ،
وَمَا جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَمْ يَبْطُلْ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ ؛ كَطَلَاقٍ وَعِتَاقٍ وَحَوَالَةٍ وَكَفَالَةٍ .
وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ ، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَالْإِقَالَةُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ ، وَتَعْلِيقُ الْبَيْعِ بِكَلِمَةِ ( إنْ ) بَاطِلٌ إلَّا إذَا قَالَ : بِعْت إنْ رَضِيَ أَبِي .
وَوَقْتُهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَبِكَلِمَةِ ( عَلَى ) صَحِيحٌ ، إنْ كَانَ مِمَّا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوْ مُلَائِمًا لَهُ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ أَوْ وَرَدَّ الشَّرْعُ بِهِ أَوْ كَانَ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِأَحَدِهِمَا .
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مُدَايَنَاتِ الْفَوَائِدِ مَا خَرَجَ عَنْ قَوْلِهِمْ : لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ بِالشَّرْطِ ، وَفِي الْبُيُوعِ ثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ فِيهَا.
وَجُمْلَةُ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَيَبْطُلُ بِفَاسِدِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ :
الْبَيْعُ وَالْقِسْمَةُ .
وَالْإِجَارَةُ وَالرَّجْعَةُ .
وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ وَالْإِبْرَاءُ وَالْحَجْرُ .
وَعَزْلُ الْوَكِيلِ فِي رِوَايَةٍ وَإِيجَابُ الِاعْتِكَافِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالْوَقْفُ ، فِي رِوَايَةٍ .
وَمَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ : الطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَالرَّهْنُ وَالْقَرْضُ 8 - وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْوِصَايَةُ وَالْوَصِيَّةُ .
وَالشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِمَارَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالْإِقَالَةُ .
وَالْغَصْبُ وَالْكِتَابَةُ وَأَمَانُ الْقِنِّ وَدَعْوَةُ الْوَلَدِ وَالصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ وَجِنَايَةُ غَصْبٍ وَعَهْدُ ذِمَّةٍ وَوَدِيعَةٌ وَعَارِيَّةٌ .
إذَا ضَمِنَهَا رَجُلٌ وَشَرَطَ فِيهَا كَفَالَةً أَوْ حَوَالَةً .
وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِعَيْبٍ .
أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ وَعَزْلِ قَاضٍ .
وَالتَّحْكِيمُ .
عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَزَّازِيَّةِ
فَائِدَةٌ :
مَنْ مَلَكَ التَّنْجِيزَ مَلَكَ التَّعْلِيقَ .
إلَّا الْوَكِيلَ بِالطَّلَاقِ ، يَمْلِكُ التَّنْجِيزَ وَلَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ ، إلَّا إذَا عَلَّقَهُ وَمَنْ لَا يَمْلِكُ التَّنْجِيزَ لَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ .
الثَّانِيَةُ : الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ لَوْ قَالَ : كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ عِتْقِي صَحَّ ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ .
وَتَمَامُهُ فِي الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ سُلَيْمَانَ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ
الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ السَّفَرِ :
رُخْصَةُ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ وَالْمَسْحِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا ، وَأَمَّا التَّنَقُّلُ عَلَى الدَّابَّةِ فَحُكْمُ خَارِجِ الْمِصْرِ لَا السَّفَرِ .
وَمِنْهَا سُقُوطُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ .
وَأَمَّا صِحَّةُ الْجُمُعَةِ فَمِنْ أَحْكَامِ الْمِصْرِ .
وَمِنْ أَحْكَامِ السَّفَرِ حُرْمَتُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ وُجُودُ أَحَدِهِمَا شَرْطًا لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهَا إذَا امْتَنَعَ الْمَحْرَمُ إلَّا بِهَا .
وَالْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرْطُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ .
وَيُسْتَثْنَى مِنْ حُرْمَةِ خُرُوجِهَا إلَّا بِأَحَدِهِمَا هِجْرَتُهَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ .
وَمِنْ أَحْكَامِهِ مَنْعُ الْوَلَدِ مِنْهُ إلَّا بِرِضَاءِ أَبَوَيْهِ إلَّا فِي الْحَجِّ إذَا اسْتَغْنَيْنَا عَنْهُ ، وَتَحْرِيمُهُ عَلَى الْمَدْيُونِ إلَّا بِإِذْنِ الدَّائِنِ ، إلَّا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا
وَيَخْتَصُّ رُكُوبُ الْبَحْرِ بِأَحْكَامٍ :
مِنْهَا سُقُوطُ الْحَجِّ إذَا غَلَبَهُ الْهَلَاكُ ، وَتَحْرِيمُ السَّفَرِ فِيهِ وَضَمَانُ الْمُودِعِ لَوْ سَافَرَ بِهَا فِي الْبَحْرِ ، وَكَذَا الْوَصِيُّ ، وَيَسْتَوِيَانِ فِي بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ.
مِنْهَا فِيمَا إذَا غَزَا فِي الْبَحْرِ وَمَعَهُ فَرَسٌ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمُ الْفَارِسِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْحَرَمِ
لَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ إلَّا مُحْرِمًا وَتُكْرَهُ الْمُجَاوَرَةُ بِهِ وَلَا يُقْتَلُ وَلَا يُقْطَعُ مَنْ فَعَلَ خَارِجَهُ وَالْتَجَأَ بِهِ ؛ وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِصَيْدِهِ وَيَجِبُ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ وَيَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرِهِ وَرَعْيُ حَشِيشِهِ .
إلَّا الْإِذْخِرَ وَيُسَنُّ الْغُسْلُ لِدُخُولِهِ ؛ وَتُضَاعَفُ فِيهِ الصَّلَاةُ .
وَحَسَنَاتُهُ كَسَيِّئَاتِهِ وَيُؤَاخَذُ فِيهِ بِالْهَمِّ وَلَا يَسْكُنُ فِيهِ كَافِرٌ وَلَهُ .
الدُّخُولُ فِيهِ وَلَا تَمَتُّعَ وَلَا قِرَانَ لِمَكِّيٍّ وَتَخْتَصُّ الْهَدَايَا بِهِ وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ حِجَارَتِهِ وَتُرَابِهِ وَهُوَ مُسَاوٍ لِغَيْرِهِ عِنْدَنَا فِي اللُّقَطَةِ وَالدِّيَةُ عَلَى الْقَاتِلِ فِيهِ خَطَأٌ وَلَا حَرَمَ لِلْمَدِينَةِ عِنْدَنَا فَلَا تَثْبُتُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ إلَّا اسْتِنَانَ الْغُسْلِ لِدُخُولِهَا ؛ وَكَرَاهَةَ الْمُجَاوَرَةِ بِهَا ؛ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ
هِيَ كَثِيرٌ جِدًّا ؛ وَقَدْ ذَكَرَهَا أَصْحَابُ الْفَتَاوَى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ .
فَمِنْهَا : تَحْرِيمُ دُخُولِهِ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْعُبُورِ .
وَإِدْخَالُ
نَجَاسَةٍ فِيهِ يُخَافُ مِنْهَا التَّلْوِيثُ .
وَمَنْعُ إدْخَالِ الْمَيِّتِ فِيهِ ؛ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَنْعَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ فِيهِ إلَّا لِعُذْرِ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ .وَاخْتَلَفُوا فِي عِلَّتِهِ ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَ بِخَوْفِ التَّلْوِيثِ ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْنِ لَهَا .وَعَلَى الْأَوَّلِ هِيَ تَحْرِيمِيَّةٌ ، وَعَلَى الثَّانِي هِيَ تَنْزِيهِيَّةٌ .وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .وَلَمْ يُعَلِّلْهُ أَحَدٌ مِنَّا بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى طَهَارَتِهِ بِالْغُسْلِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا .
وَمِنْهَا : صِحَّةُ الِاعْتِكَافِ فِيهِ .
وَمِنْهَا : حُرْمَةُ إدْخَالِ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ حَيْثُ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ .
وَمِنْهَا: مَنْعُ إلْقَاءِ الْقَمْلَةِ بَعْدَ قَتْلِهَا فِيهِ .
وَمِنْهَا : تَحْرِيمُ الْبَوْلِ فِيهِ وَلَوْ فِي إنَاءٍ ، وَأَمَّا الْقَصْدُ فِيهِ فِي إنَاءٍ فَلَمْ أَرَهُ .
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ .
وَمِنْهَا: مَنْعُ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ .قَالُوا فِي تُرَابِهِ ؛ إنْ كَانَ مُجْتَمِعًا جَازَ الْأَخْذُ مِنْهُ وَمَسْحُ الرِّجْلِ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَا.
وَمِنْهَا حُرْمَةُ الْبُصَاقِ فِيهِ ، وَإِلْقَاءُ النُّخَامَةِ فَوْقَ الْحَصِيرِ أَخَفُّ مِنْ وَضْعِهَا تَحْتَهُ ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ دَفَنَهُ وَتُكْرَهُ الْمَضْمَضَةُ وَالْوُضُوءُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّةَ مَوْضِعٍ أُعِدَّ لِذَلِكَ لَا يُصَلِّي فِيهِ ، أَوْ فِي إنَاءٍ وَيُكْرَهُ مَسْحُ الرِّجْلِ مِنْ الطِّينِ عَلَى عَمُودِهِ وَالْبُزَاقُ عَلَى حِيطَانِهِ وَلَا يُحْفَرُ فِيهِ بِئْرُ مَاءٍ.وَتُتْرَكُ الْقَدِيمَةُ .
وَيُكْرَهُ غَرْسُ الْأَشْجَارِ فِيهِ إلَّا لِمَنْفَعَةٍ لِيَقِلَّ النَّزُّ .
وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ طَرِيقٍ فِيهِ لِلْمَرِّ إلَّا لِعُذْرٍ
وَتُكْرَهُ الصِّنَاعَةُ فِيهِ مِنْ خِيَاطَةٍ وَكِتَابَةٍ بِأَجْرٍ وَتَعْلِيمِ صِبْيَانٍ بِأَجْرٍ لَا بِغَيْرِهِ إلَّا لِحِفْظِ الْمَسْجِدِ فِي رِوَايَةٍ.
وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ فِيهِ لِلْمُصِيبَةِ.
وَتُسْتَحَبُّ التَّحِيَّةُ لِدَاخِلِهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ كَفَتْهُ رَكْعَتَانِ كُلَّ يَوْمٍ.
وَيُسْتَحَبُّ عَقْدُ النِّكَاحِ فِيهِ وَجُلُوسُ الْقَاضِي فِيهِ ،
وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ فِيهِ وَفَوْقَهُ كَالتَّخَلِّي
وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ لِمَنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهَةٍ وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَكَذَا كُلُّ مُؤْذٍ فِيهِ وَلَوْ بِلِسَانِهِ وَمِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَكُلُّ عَقْدٍ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ ، وَيَجُوزُ لَهُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ إنْ لَمْ يُحْضِرْ السِّلْعَةَ .
وَإِنْشَادُ الضَّالَّةِ وَالْأَشْعَارِ وَالْأَكْلُ وَالنَّوْمُ لِغَيْرِ غَرِيبٍ وَمُعْتَكِفٍ وَالْكَلَامُ الْمُبَاحُ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ :
أَنَّهُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ ، كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ إلَّا لِلْمُتَفَقِّهَةِ.
وَاخَرَاجُ الرِّيحِ فِيهِ مِنْ الدُّبُرِ وَالْخُصُومَةُ.
وَيُسَنُّ كَنْسُهُ وَتَنْظِيفُهُ وَتَطْيِيبُهُ وَفُرُشُهُ وَإِيقَادُهُ وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى عِنْدَ دُخُولِهِ وَعَكْسُهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ ، وَمَنْ اعْتَادَ الْمُرُورَ فِيهِ يَأْثَمُ وَيَفْسُقُ ، وَيُكْرَهُ تَخْصِيصُ مَكَان فِيهِ لِصَلَاتِهِ ، وَلَا يَتَعَيَّنُ بِالْمُلَازَمَةِ فَلَا يُزْعِجُ غَيْرَهُ لَوْ سَبَقَهُ إلَيْهِ.
وَلِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ جَعْلُ الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ مَسْجِدَيْنِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مُؤَذِّنٌ وَلَهُمْ جَعْلُ الْمَسْجِدَيْنِ وَاحِدًا وَلَا تَجُوزُ إعَارَةُ أَدَوَاتِهِ لِمَسْجِدٍ آخَرَ وَلَا يَشْغَلُ الْمَسْجِدَ بِالْمَتَاعِ إلَّا لِلْخَوْفِ فِي الْفِتْنَةِ الْعَامَّةِ ، وَبَقِيَ مِنْ الْأَحْكَامِ أَنَّهُ يُكْرَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مُنْتَعِلًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( { فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ } ) كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي .
خَاتِمَةٌ :
أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ .
ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ ثُمَّ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ .
ثُمَّ الْجَوَامِعُ ثُمَّ مَسَاجِدُ الْمَحَالِّ ثُمَّ مَسَاجِدُ الشَّوَارِعِ ثُمَّ مَسَاجِدُ الْبُيُوتِ. الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
اُخْتُصَّ بِأَحْكَامٍ : لُزُومِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ .
وَاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ لَهَا .
وَكَوْنِهَا ثَلَاثَةً سِوَى الْإِمَامِ .
وَالْخُطْبَةِ لَهَا .
وَكَوْنِهَا قَبْلَهَا شَرْطًا .
وَقِرَاءَةِ السُّورَةِ الْمَخْصُوصَةِ لَهَا .
وَتَحْرِيمِ السَّفَرِ قَبْلَهَا بِشَرْطِهِ وَاسْتِنَانِ الْغُسْلِ لَهَا وَالطِّيبِ وَلُبْسِ الْأَحْسَنِ ، أَوْ تَقْلِيمِ الْأَظَافِرِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ .
وَلَكِنْ بَعْدَهَا أَفْضَلُ ،
وَالْبَخُورُ فِي الْمَسْجِدِ وَالتَّكْبِيرِ لَهَا ،
وَالِاشْتِغَالِ بِالْعِبَادَةِ إلَى خُرُوجِ الْخَطِيبِ .
وَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِهَا ،
وَيُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ ، وَإِفْرَادِ لَيْلَتِهِ بِالْقِيَامِ . وَقِرَاءَةِ سُورَةِ الْكَهْفِ فِيهِ . وَنَفْيِ كَرَاهَةِ النَّافِلَةِ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ .
عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمُصَحَّحِ الْمُعْتَمِدِ .
وَهُوَ خَيْرُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ ، وَيَوْمُ عِيدٍ ، وَفِيهِ سَاعَةُ إجَابَةٍ ،
وَتَجْتَمِعُ فِيهِ الْأَرْوَاحُ وَتُزَارُ فِيهِ الْقُبُورُ وَيَأْمَنُ الْمَيِّتُ فِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ .
وَمَنْ مَاتَ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ أَمِنَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ ، وَلَا تُسْجَرُ فِيهِ جَهَنَّمُ ، وَفِيهِ خُلِقَ آدَم وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ وَفِيهِ يَزُورُ أَهْلُ الْجَنَّةِ رَبَّهُمْ سُبْحَانَهُ تَعَالَى .
وَهَذَا آخِرُ مَا أَوْرَدْنَاهُ مِنْ فَنِّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ مِمَّا يَكْثُرُ دُورُهُ وَيَقْبُحُ بِالْفَقِيهِ جَهْلُهُ .
وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ وَلَهُ الْحَوْلُ وَالْقُوَّةُ .
ثُمَّ الْآنَ نَشْرَعُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ فِي الْفَرْقِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ
يُسَنُّ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ ، وَيُكْرَهُ تَجْدِيدُ الْغُسْلِ مُطْلَقًا ، يَمْسَحُ فِيهِ الْخُفَّ وَيَنْزِعُ لِلْغُسْلِ .
يُسَنُّ فِيهِ التَّرْتِيبُ .بِخِلَافِ الْغُسْلِ ، تُسَنُّ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ فِيهِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَفَرِيضَةٌ ، تُمْسَحُ الرَّأْسُ فِيهِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ عَلَى قَوْلٍ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ مَسْحُ الْخُفِّ وَغَسْلُ الرِّجْلِ
يَتَأَقَّتُ الْمَسْحُ دُونَهُ .
وَرَأَيْت فِي بَعْضِ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ غَسْلُ الرِّجْلِ الْمَغْصُوبَةِ بِلَا خِلَافٍ
وَلَا يَجُوزُ مَسْحُ الْخُفِّ الْمَغْصُوبِ ؛ وَصُورَةُ الرِّجْلِ الْمَغْصُوبَةِ أَنْ يَسْتَحِقَّ قَطْعَ رِجْلِهِ فَلَا يُمَكَّنَ مِنْهَا .
يُسَنُّ تَثْلِيثُ الْغُسْلِ دُونَ الْمَسْحِ .
يَجِبُ تَعْمِيمُ الرِّجْلِ دُونَ الْخُفِّ .
لَا تَنْقُضُهُ الْجَنَابَةُ خِلَافَ الْمَسْحِ ، هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْحِ لِمَنْ رَآهُ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ مَسْحُ الرَّأْسِ وَالْخُفِّ
يُسَنُّ اسْتِيعَابُ الرَّأْسِ دُونَ الْخُفِّ ، لَوْ ثُلْثُ مَسْحِ الرَّأْسِ .
لَمْ يُكْرَهْ .
وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ وَيُكْرَهُ تَثْلِيثُ مَسْحِ الْخُفِّ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ :
كَوْنُهُ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فَقَطْ ، وَلَا يَجُوزُ إلَّا لِعُذْرٍ ، وَلَا يُمْسَحُ فِيهِ الْخُفُّ ، وَيَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ .
وَلَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ وَلَا تَثْلِيثُهُ ، وَيَسُنُّ فِيهِ النَّقْضُ ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ وَالْأَكْبَرُ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ وَمَسْحُ الْخُفِّ :
لَا يُشْتَرَطُ شَدُّهَا عَلَى وُضُوءٍ وَيُشْتَرَطُ لُبْسُهُ عَلَى كَمَالِ الطَّهَارَةِ ، وَتُجْمَعُ مَعَ الْغُسْلِ بِخِلَافِ مَسْحِ الْخُفِّ ، وَيَجِبُ تَعْمِيمُهَا أَوْ أَكْثَرُهَا بِخِلَافِ الْخُفِّ .
وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِخِلَافِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ
إنْ لَمْ يَغْسِلْهُمَا ، وَلَا يُقَدَّرُ بِمُدَّةٍ بِخِلَافِهِ .
وَلَا يَنْتَقِضُ إذَا سَقَطَتْ مِنْ غَيْرِ بُرْءٍ ؛ فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهُ بِخِلَافِ الْخُفِّ إذَا سَقَطَ لَا تُنْزَعُ لِلْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ .
وَإِذَا كَانَ عَلَى عُضْوٍ جَبِيرَتَانِ فَسَقَطَتْ إحْدَاهُمَا أَعَادَهَا بِلَا إعَادَةِ مَسْحِهَا بِخِلَافِ نَزْعِ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ
أَقَلُّ الْحَيْضِ مَحْدُودٌ وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ ، وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ .
وَأَكْثَرُ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ .
وَيَكُونُ بِهِ الْبُلُوغُ وَالِاسْتِبْرَاءُ دُونَ النِّفَاسِ ، وَالْحَيْضُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ النِّفَاسِ ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهِ دُونَ النِّفَاسِ ، وَيَحْصُلُ بِهِ الْفَصْلُ بَيْنَ طَلَاقَيْ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ بِخِلَافِ النِّفَاسِ .
فَهِيَ سَبْعَةٌ ؛ فَمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ الِافْتِرَاقِ بِأَرْبَعَةٍ قُصُورٌ .
[مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْحَيْضُ وَالْجَنَابَةُ
وَمِنْهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ يُكْرَهُ لِلْجُنُبِ وَلَوْ امْرَأَةً الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِلَا مَضْمَضَةٍ بِخِلَافِ الْحَائِضِ ،
وَمِنْهُ أَنَّ الْجَنَابَةَ صِفَةٌ مُسْتَدَامَةٌ بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ جُنُبًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ وَفِيهِ كَلَامٌ لِلْكَمَالِ
وَمِنْهُ وُضُوءُ الْحَائِضِ مُسْتَحَبٌّ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا
وَمِنْهُ وُجُوبُ أَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجُنُبِ وَقَضَائِهَا
وَمِنْهُ حِلُّ وَطْئِهَا جُنُبًا لَا حَائِضًا
وَمِنْهُ تَطْلِيقُ الْجُنُبِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَطَلَاقُ الْحَائِضِ بِدْعِيٌّ
وَمِنْهُ تَصِحُّ الْخَلْوَةُ مَعَ الْجَنَابَةِ لَا الْحَيْضِ
وَمِنْهُ الْجَنَابَةُ تَصْلُحُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ
وَمِنْهُ يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ لَوْ قُتِلَ جُنُبًا وَالْحَائِضُ قَبْلَ اسْتِمْرَارِ الْحَيْضِ ثَلَاثًا لَا تُغَسَّلُ].
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ:
يَجُوزُ تَرَاخِي الصَّلَاةِ عَنْ الْأَذَانِ .
دُونَ الْإِقَامَةِ .
يُسَنُّ التَّمَهُّلُ فِيهِ وَالْإِسْرَاعُ فِيهَا .
تُكْرَهُ إقَامَةُ الْمُحْدِثِ لَا أَذَانُهُ ، وَيُكْرَهُ التَّكْرَارُ فِيهَا لَا فِيهِ.
مَا افْتَرَقَ فِيهِ سَجْدَةُ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ
هُوَ سَجْدَتَانِ وَهِيَ وَاحِدَةٌ ، هُوَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بَعْدَ السَّلَامِ .
وَهِيَ فِيهَا .
هُوَ لَا يَتَكَرَّرُ . بِخِلَافِهَا ،
لَا يَقُومُ لَهُ وَيَقُومُ لَهَا
يَتَشَهَّدُ لَهُ وَيُسَلِّمُ بِخِلَافِهِمَا ، الذِّكْرُ الْمَشْرُوعُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ لَا يُشَرَّعُ فِيهِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ :
سُجُودُ الشُّكْرِ لَا يَدْخُلُ الصَّلَاةَ بِخِلَافِهَا ، وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِخِلَافِ سَجْدَةِ الشُّكْرِ .
فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ .
لَا وَاجِبَةٌ .
وَهُوَ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً ؛ أَيْ : وُجُوبًا .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ
نِيَّةُ الِائْتِمَامِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمَأْمُومِ دُونَ الْإِمَامِ .
إلَّا لِصِحَّةِ صَلَاةِ النِّسَاءِ خَلْفَهُ أَوْ لِحُصُولِ الْفَضِيلَةِ ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ . بِخِلَافِ عَكْسِهِ .
إذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ وَأَخْطَأَ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ .بِخِلَافِ الْإِمَامِ إذَا عَيَّنَ الْمَأْمُومَ وَأَخْطَأَ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ:
الْجُمُعَةُ فَرْضٌ وَالْعِيدُ وَاجِبٌ ، وَقْتُهَا وَقْتُ الظُّهْرِ .
وَوَقْتُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى زَوَالِهَا .
وَشَرْطُهَا الْخُطْبَةُ وَكَوْنُهَا قَبْلَهَا بِخِلَافِهِ فِيهِمَا .
وَأَنْ لَا تَتَعَدَّدَ فِي مِصْرٍ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ بِخِلَافِهِ ،
وَيُسْتَحَبُّ فِي عِيدِ الْفِطْرِ أَنْ يَطْعَمَ قَبْلَ خُرُوجِهِ إلَى الْمُصَلَّى بِخِلَافِهَا .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ
تُسْتَحَبُّ الْبِدَايَةُ بِغُسْلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْحَيِّ ؛ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِغُسْلِ يَدَيْهِ وَلَا يُمَضْمَضُ وَلَا يُسْتَنْشَقُ بِخِلَافِ الْحَيِّ ، وَلَا يُؤَخَّرُ غُسْلُ رِجْلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَيِّ إنْ كَانَ فِي مُسْتَنْقَعِ الْمَاءِ ، وَلَا يُمْسَحُ رَأْسُهُ فِي وُضُوءِ الْغُسْلِ بِخِلَافِ الْحَيِّ .فِي رِوَايَةٍ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ
يُشْتَرَطُ فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ النُّمُوُّ وَلَوْ تَقْدِيرًا بِخِلَافِ نِصَابِهَا ، وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا لِذِمِّيٍّ بِخِلَافِهَا ، وَلَا وَقْتَ لَهَا .
وَلِصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَقْتٌ مَحْدُودٌ يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ، وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ . بِخِلَافِهَا بَعْدَ وُجُودِ الرَّأْسِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ
يَتَحَلَّلُ مِنْ الْعُمْرَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا إنْ لَمْ يَسِقْ الْهَدْيَ .
بِخِلَافِهِ .
يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ وَحْدَهَا مِنْ الْمِيقَاتِ وَيَأْتِي بِأَفْعَالِهَا ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنْ الْحَرَمِ بِخِلَافِ الْقَارِنِ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ بِهِمَا مَعًا مِنْ الْمِيقَاتِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ
يُشْتَرَطُ لَهَا الْقَبُولُ بِخِلَافِهِ ، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا عِنْدَ عَدَمِ الْمَانِعِ بِخِلَافِهِ مُطْلَقًا.
مَاافْتَرَقَ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ
التَّأْقِيتُ يُفْسِدُهُ وَيُصَحِّحُهَا ، وَيَمْلِكُ الْعِوَضَ فِيهِ بِالْعَقْدِ.وَفِيهَا لَا إلَّا بِوَاحِدٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَتُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ بِخِلَافِهِ ، وَتُفْسَخُ بِعَيْبٍ حَادِثٍ بِخِلَافِهِ ، وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا إذَا عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِهِ .
وَإِذَا هَلَكَ الثَّمَنُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ .
وَاذَا هَلَكَتْ الْأُجْرَةُ الْعَيْنُ قَبْلَهُ انْفَسَخَتْ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ
لَا قَسْمَ لِلْأَمَةِ . بِخِلَافِهَا ، وَلَا حَصْرَ لِعَدَدِ الْإِمَاءِ بِخِلَافِ الزَّوْجَاتِ ، وَلَا تُقَدَّرُ نَفَقَتُهَا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا بِحَسَبِ حَالِهَا ، وَلَا يُسْقِطُهَا النُّشُوزُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ ، وَلَا صَدَاقَ لَهَا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ
نَفَقَتُهَا مُقَدَّرَةٌ بِحَالِهَا وَنَفَقَتُهُ بِالْكِفَايَةِ وَنَفَقَتُهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بَعْدَ التَّقْدِيرِ أَوْ الِاصْطِلَاحِ بِخِلَافِ نَفَقَتِهِ ، وَشَرْطُ نَفَقَتِهِ إعْسَارُهُ وَزَمَانَتُهُ وَيَسَارُ الْمُنْفِقِ بِخِلَافِ نَفَقَتِهَا
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْمُرْتَدُّ وَالْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ
لَا يُقَرُّ الْمُرْتَدُّ وَلَوْ بِجِزْيَةٍ ، وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ ، وَيُهْدَرُ دَمُهُ
وَيُوقَفُ مِلْكُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ ، وَلَا يَسْبِي وَلَا يُفَادِي وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ .
وَلَا يُوَرَّثُ ، وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ أَهْلِ مِلَّةٍ ، وَلَا يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ فِيهَا .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ
يَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَلْفَاظِ الْعِتْقِ ، دُونَ عَكْسِهِ .
وَهُوَ أَبْغَضُ الْمُبَاحَاتِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى .
دُونَ الْعِتْقِ ، وَيَكُونُ بِدْعِيًّا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ دُونَ الْعِتْقِ .
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالْوَقْفُ
الْعِتْقُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ . بِخِلَافِ الْوَقْفِ ، وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ .
بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ .
مَاافْتَرَقَ فِيْهِ الْمُدَبَّرُ و أُمُّ الْوَلَدِ
ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ : لَا تُضَمَّنُ بِالْغَصْبِ وَبِالْإِعْتَاقِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِبَيْعِهَا بِخِلَافِهِ ، وَتُعْتَقُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَقِيمَتُهَا ثُلُثُ قِيمَتِهَا لَوْ كَانَتْ قِنَّةً وَهُوَ النِّصْفُ فِي رِوَايَةٍ وَالثُّلُثَانِ فِي أُخْرَى وَالْجَمِيعُ فِي أُخْرَى ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ إذَا أُعْتِقَتْ أَوْ مَاتَ السَّيِّدُ لَا عَلَى الْمُدَبَّرَةِ ، وَلَوْ اسْتَوْلَدَ أُمَّ وَلَدٍ مُشْتَرَكَةٍ لَا يَمْلِكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ بِالضَّمَانِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرَةِ ، وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا بِالسُّكُوتِ دُونَ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ ، وَلَا تَسْعَى لِدَيْنِ الْمَوْلَى بَعْدَ مَوْتِهِ بِخِلَافِهِ ، وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا وَيَصِحُّ اسْتِيلَادُ الْمُدَبَّرَةِ ، وَلَا يَمْلِكُ الْحَرْبِيُّ بَيْعَهَا وَلَهُ بَيْعُهُ ، وَلَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ صَحَّ وَلَوْ صَغِيرًا ، وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ لَا
مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ وَالصَّحِيحُ
يَصِحُّ إعْتَاقُ الْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي بِتَكْرِيرِ لَفْظِ الْعِتْقِ بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحِ ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْمُشْتَرِي بِإِعْتَاقِهِ عَنْهُ فَفَعَلَ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحِ ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْمُشْتَرِي بِطَحْنِ