كتاب : الشريعة للآجري
المؤلف : الآجري
- وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : أنبأنا عمار بن
خالد التمار قال : حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق قال : حدثنا عبد الملك بن
أبي سليمان ، عن أبي ليلى الكندي ، عن أم سلمة رضي الله عنها : أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان في بيتها على منامة له ، تحته كساء خيبري ، فجاءت
فاطمة رضي الله عنها ببرمة (1) فيها خزيرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « ادعي زوجك ، وابنيك حسنا وحسينا » فدعتهم ، فبينا هم يأكلون ، إذ
نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
البيت ويطهركم تطهيرا (2) فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكساء فغشاهم
بهم ، ثم قال : « اللهم هؤلاء أهل بيتي ، وحامتي ، فأذهب عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا »__________
(1) البرمة : القِدر مطلقا وهي في الأصل المتخذة من الحجارة
(2) سورة : الأحزاب آية رقم : 33
1649 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا عبد العزيز بن داود الحراني قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة رحمها الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها : « ائتني بزوجك وابنيك » فجاءت بهم رضي الله عنهم ، فألقى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كساء فدكيا ، فوضع يده عليهم ، ثم قال : « اللهم هؤلاء آل محمد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد إنك حميد مجيد » قالت أم سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من يدي وقال : « إنك على خير »
1650 - وأنبأنا أبو محمد
عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا الحسن بن علي الحلواني ، قال :
حدثنا يزيد بن هارون قال : حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء ، عن
أم سلمة وعن داود بن أبي عوف ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة ، وعن أبي
ليلى الكندي ، عن أم سلمة رحمها الله : بينما النبي صلى الله عليه وسلم في
بيتي على منامة له عليها كساء خيبري ، إذ جاءته فاطمة رضي الله عنها ببرمة
فيها خزيرة ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : « ادعي زوجك وابنيك »
قالت : فدعتهم فاجتمعوا على تلك البرمة يأكلون منها ، فنزلت الآية : إنما
يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (1) فأخذ رسول الله
صلى الله عليه وسلم فضل الكساء فغشاهم مهيمه إياه ، ثم أخرج يده فقال بها
نحو السماء ، فقال : « اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي فأذهب عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا » قالت : فأدخلت رأسي في الثوب ، فقلت : رسول الله أنا معكم
؟ قال : « إنك إلى خير ، إنك إلى خير » قالت : وهم خمسة : رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم
__________
(1) سورة : الأحزاب آية رقم : 33
1651 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمر بن يونس ، ثنا عمر بن يونس قال : حدثنا سليمان بن أبي سليمان الزهري قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير قال : حدثنا الأوزاعي قال : حدثني شداد بن عبد الله قال : سمعت واثلة بن الأسقع ، وقد جيئ برأس الحسين رضي الله عنه ، فذكره رجل فغضب واثلة وقال : والله لا أزال أحب عليا وحسنا وحسينا وفاطمة رضي الله عنهم أبدا ، بعد إذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزل أم سلمة يقول فيهم قال قال واثلة : رأيتني يوما وقد جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزل أم سلمة فدخل الحسن فأجلسه على فخذه اليمنى وقبله ، وجاء الحسين فأجلسه على فخذه اليسرى وقبله ، ثم جاءت فاطمة فأجلسها بين يديه ، ثم دعا بعلي رضي الله عنهم فجاء ، ثم أغدق عليهم كساء خيبريا كأني أنظر إليه ثم قال : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » فقلت لواثلة : ما الرجس ؟ قال : الشك في الله عز وجل «
1652 - حدثنا ابن
أبي داود قال : حدثنا ابن أبي أيوب ، ومحمد بن عبد الملك الواسطيان قالا :
حدثنا عبد الرحيم بن هارون قال : حدثنا هارون بن سعد العجلي ، عن عطية
العوفي قال : سألت أبا سعيد الخدري عن أهل البيت ، إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (1) ؟ فقال : النبي صلى الله عليه
وسلم ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم
__________
(1) سورة : الأحزاب آية رقم : 33
باب ذكر أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بالتمسك بكتاب
الله عز وجل وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبمحبة أهل بيته والتمسك على ما هم عليه من الحق والنهي عن التخلف عن طريقتهم الجميلة الحسنة1653 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي ، حدثنا هارون بن عبد الله البزاز قال : حدثنا سيار بن حاتم قال : حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي قال : حدثنا أبو هارون العبدي قال : حدثني شيخ قال : سمعت أبا ذر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح عليه السلام من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك »
1654 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : حدثنا عمرو بن ثابت ، عن أبي إسحاق ، عن حنش بن المعتمر قال : رأيت أبا ذر وهو آخذ بحلقة باب الكعبة ، فقلت : ما شأنك ؟ فقال : من لم يعرفني ، فأنا أبو ذر ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « يا أيها الناس إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق »
1655 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا بشر بن الوليد القاضي قال : حدثنا محمد بن طلحة ، عن الأعمش ، عن عطية بن سعد ، عن أبي سعيد الخدري : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي ، كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا بما تخلفونني فيهما »
1656 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا إسحاق بن البهلول الأنباري قال حدثنا إسحاق بن الطباع ، عن محمد بن طلحة ، عن الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا بما تخلفونني فيهما »
1657
- وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عبد الله بن شبيب الربعي قال :
حدثنا محمد بن يحيى أبو غسان قال : حدثني أبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن
الزهري ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب
الناس في حجة الوداع فقال : « أما بعد أيها الناس اسمعوا قولي هذا ، فإني
لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا » ثم قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « أي يوم هذا ؟ » فقال الناس : هذا يوم الحج الأكبر وهو يوم النحر
(1) ، ثم قال : « أي شهر هذا ؟ » فقال الناس : هذا شهر حرام ، ثم قال : «
أي بلد هذا ؟ » فقالوا هذا بلد حرام قال : « فإن دماءكم وأموالكم عليكم
حرام إلى يوم القيامة تلقون ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم
هذا ، وإنكم ستلقون ربكم عز وجل فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت » قال محمد
بن الحسين رحمه الله : ثم ذكر الخطبة بطولها ثم قال في آخرها : « ألا وإني
قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا بعده أبدا ، كتاب الله عز وجل
وسنة نبيه » ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا هل بلغت ؟ »
فقال الناس : اللهم نعم ثم قال : « اللهم اشهد »
__________
(1) يوم النحر : اليوم الأول من عيد الأضحى
1658 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أبو بكر شاذان قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس بن أخت ، مالك بن أنس قال : حدثني أبي ، عن عبد الله بن أبي عبد الله البصري ، وعن ثور بن زيد الديلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا في هذا الموقف ، يا أيها الناس ، دماؤكم وأموالكم حرام إلى يوم تلقون ربكم عز وجل ، فذكر الخطبة إلى قوله فاعقلوا أيها الناس قولي فإني قد بلغت وتركت فيكم أيها الناس ما إن تمسكتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله عز وجل وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم » وذكر الحديث إلى آخره
1659 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثني عمي محمد بن الأشعث قال : حدثنا زيد بن عوف قال : حدثنا أبو عوانة ، عن الأعمش قال : حدثنا حبيب بن أبي ثابت ، عن عمرو بن واثلة ، عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم ، وأمر بدوحات فقممن ، ثم قام فقال : « كأني قد دعيت فأجبت ، وإني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما كتاب الله عز وجل ، وعترتي أهل بيتي ، انظروا كيف تخلفونني فيهما ، إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض » ثم قال : « إن الله عز وجل مولاي ، وأنا مولى كل مؤمن » ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : « من كنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » قال : فقلت لزيد بن أرقم : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ما كان في الدوحات أحد إلا قد رآه بعينه وسمعه بأذنه قال الأعمش : وحدثنا عطية ، عن أبي سعيد الخدري مثل ذلك قال محمد بن الحسين : فيدل على أن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى ، وأمر أمته بالتمسك بكتاب الله عز وجل وبسنته صلى الله عليه وسلم ، وفي رجوعه من هذه الحجة بغدير خم فأمر أمته بكتاب الله والتمسك به وبمحبة أهل بيته ، وبموالاة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وتعريف الناس شرف علي وفضله عنده ، يدل العقلاء من المؤمنين على أنه واجب على كل مسلم أن يتمسك بكتاب الله عز وجل ، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وسنة الخلفاء الراشدين المهدين ، وبمحبتهم وبمحبة أهل بيته الطيبين ، والتعلق بما كانوا عليه من الأخلاق الشريفة ، والاقتداء بهم رضي الله عنهم ، فمن كان هكذا ، فهو على طريق مستقيم ، ألا ترى أن العرباض بن سارية السلمي قال : وعظنا النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم موعظة بليغة ، ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، فقلنا : يا رسول الله : إن هذه لموعظة مودع ، فما تعهد إلينا ؟ قال : « أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن عبدا حبشيا ، فإنه من يعش منكم بعدي سيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة » . قال محمد بن الحسين رحمه الله : والخلفاء الراشدون فهم : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ، فمن كان لهم محبا راضيا بخلافتهم ، متبعا لهم ، فهو متبع لكتاب الله عز وجل ، ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن أحب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الطيبين ، وتولاهم وتعلق بأخلاقهم ، وتأدب بأدبهم ، فهو على المحجة الواضحة ، والطريق المستقيم والأمر الرشيد ، ويرجى له النجاة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح عليه الصلاة والسلام ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هلك » فإن قال قائل : فما تقول فيمن يزعم أنه محب لأبي بكر وعمر وعثمان ، متخلف عن محبة علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، وعن محبة الحسن والحسين رضي الله عنهما ، غير راضي بخلافة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ؟ هل تنفعه محبة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ؟ قيل له : معاذ الله ، هذه صفة منافق ، ليست بصفة مؤمن قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : « لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق » وقال عليه السلام : « من آذى عليا فقد آذاني » وشهد النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه بالخلافة وشهد له بالجنة ، وبأنه شهيد ، وأن عليا رضي الله عنه محب لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم محبان لعلي رضي الله عنه وجميع ما شهد له به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضائل التي تقدم ذكرنا لها وما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم من محبته للحسن والحسين رضي الله عنهما ، مما تقدم ذكرنا له ، فمن لم يحب هؤلاء ويتولهم فعليه لعنة الله في الدنيا والآخرة ، وقد برئ منه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، وكذا من زعم أنه يتولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ويحب أهل بيته ويزعم أنه لا يرضى بخلافة أبي بكر وعمر ولا عثمان ولا يحبهم ويبرأ منهم ، ويطعن عليهم ، فنشهد بالله يقينا أن علي بن أبي طالب والحسن والحسين رضي الله عنهم برآء منه لا تنفعه محبتهم حتى يحب أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيما وصفهم به ، وذكر فضلهم ، وتبرأ ممن لم يحبهم ، فرضي الله عنه ، وعن ذريته الطيبة ، هذا طريق العقلاء من المسلمين ، ونعوذ بالله ممن يقذف أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطعن على أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، لقد افترى على أهل البيت وقذفهم بما قد صانهم الله عز وجل عنه وهل عرفت أكثر فضائل أبي بكر وعمر وعثمان ، إلا مما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ؟
1660 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا علي بن الجعد قال أنبأنا زهير بن معاوية قال أبي لجعفر بن محمد رضي الله عنهما : إن لي جارا يزعم أنك تتبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقال : برئ الله من جارك ، والله إني لأرجو أن ينفعني الله عز وجل بقرابتي من أبي بكر رضي الله عنه ، ولقد اشتكيت شكاة فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم
1661 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن سالم بن أبي حفصة قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي ، وجعفر بن محمد رضي الله عنهم ، عن أبي بكر ، وعمر رضي الله عنهما ؟ فقالا : « يا سالم ، تولهما ، وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هدى قال ابن فضيل : قال سالم : قال لي جعفر بن محمد : يا سالم أيسب الرجل جده أبو بكر رضي الله عنه جدي لا تنالني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما »
1662 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي ، حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال : حدثنا يحيى بن سليم قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن جعفر الطيار رضي الله عنهم قال : « ولينا أبو بكر ، فخير خليفة أرحمه بنا ، وأحناه علينا » قال محمد بن الحسين رحمه الله : فعن مثل هؤلاء السادة الكرام يؤخذ العلم يعرف بعضهم قدر بعض
باب ذكر قول الله عز وجل : وتقطعت بهم الأسباب
(1) قال محمد بن الحسين رحمه الله : ومن فضائل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة : أن كل سبب ونسب يوم القيامة منقطع إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسببه وصهره قال ابن عباس : وتقطعت بهم الأسباب ، قال : المودة في الدنيا « وعن مجاهد : وتقطعت بهم الأسباب قال : تواصلهم في الدنيا وقال النبي صلى الله عليه وسلم : » كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة ، إلا نسبي وسببي «__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 166
1663 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري ، وأبو بكر بن أبى داود قالا : حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم قال : حدثنا موسى بن عبد العزيز قال : حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة ، إلا سببي ونسبي »
1664
- وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا مروان بن
محمد قال : حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي قال : حدثتني أم بكر بنت
المسور ، عن أبيها المسور قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « كل
نسب ينقطع يوم القيامة ، وكل صهر (1) ينقطع إلا صهري » قال محمد بن الحسين
رحمه الله : لما سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بهذا من رسول الله صلى
الله عليه وسلم خطب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابنته أم كلثوم رضي
الله عنها ، وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي صبية
صغيرة ، فقال له علي رضي الله عنه : فإني حبستها على ابن أخي جعفر رضي
الله عنهم ، وهي صبية فبعث إليه عمر وإن كانت صغيرة ، فإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : « كل نسب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي
وصهري » فلذلك رغبت فيها فزوجه إياها ، فرضي الله عن عمر وعن علي وعن أهل
بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) الصِّهر : القريب بالزواج
1665
- أنبأنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا الليث بن سعد ،
عن هشام بن سعد ، عن عطاء الخراساني ، أنه قال : خطب عمر بن الخطاب رضي
الله عنه إلى علي رضي الله عنه أم كلثوم ابنته ، وهي من فاطمة بنت رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فقال علي : إنها صغيرة ، فقال عمر : وإن كانت
صغيرة ، فقال علي رضي الله عنه : فإني حبستها على ابن أخي جعفر فقال عمر :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن كل نسب وصهر (1) منقطع يوم
القيامة ، إلا نسبي وصهري » فلذلك رغبت فيها . فقال له علي : فإني مرسلها
إليك ، هل تنظر إلى صغرها ؟ فأرسلها إليه فجاءته ، فقالت : إن أبي يقول لك
: هل رضيت الحلة (2) ؟ فقال عمر : قد رضيتها . فأنكحه علي رضي الله عنهما
، فأصدقها عمر أربعين ألفا
__________
(1) الصِّهر : القريب بالزواج
(2) الحُلَّة : ثوبَان من جنس واحد
1666
- أنبأنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عمي قال : ثنا معلى قال : حدثنا
وهيب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : أن عمر بن الخطاب ، خطب إلى علي رضي
الله عنهما أم كلثوم . فقال : أنكحنيها ، فقال علي : إني أرصدها لابن أخي
جعفر رضي الله عنه ، فقال عمر : أنكحنيها ، فوالله ما أحد من الناس يرصد
(1) من أبيها ما أرصده ، فأنكحه ، فأتى عمر المهاجرين فقال : رفئوني .
فقالوا : بمن يا أمير المؤمنين ؟ قال : لأم كلثوم ابنة علي لفاطمة بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
« إن كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا ما كان من نسبي وسببي » . فأحببت
أن يكون بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبا
__________
(1) الرصد والترصد : الترقب والإعداد
1667 - وأنبأنا ابن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن عثمان بن المغيرة ، عن محمد بن علي قال : خرج عمر رضي الله عنه إلى الناس فقال : رفئوني بابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فكأنهم قالوا له ، فقال : لقد كانت لي صحبتي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي »
باب فضل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه
قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أخو علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قتل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته ، فقاتل قتالا شديدا حتى قطعت يداه ، فيقال : إنه أخذ الرمح بذراعيه فقاتل حتى قتل رضي الله عنه ، فجعل الله الكريم له في الجنة جناحين مرصعين بالدر يطير بهما في الجنة ، وقد كان هاجر إلى الحبشة ، فلما قدم استقبله النبي صلى الله عليه وسلم فعانقه ، وقبل ما بين عينيه ، وقد كان ولد لجعفر ؛ عبد الله ومحمد من أسماء بنت عميس1668 - وحدثنا أبو القاسم البغوي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا إسماعيل بن مجالد ، عن أبيه ، عن عامر يعني الشعبي عن جابر قال : لما قدم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه من الحبشة عانقه النبي صلى الله عليه وسلم
1669 - وحدثنا أبو القاسم ، أيضا ، قال : حدثنا داود بن عمرو قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، رحمها الله ، قال : لما قدم جعفر رضي الله عنه وأصحابه استقبله النبي صلى الله عليه وسلم فقبل ما بين عينيه
1670 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا أبو حفص عمر بن هارون ، عن عبد الملك بن عيسى الثقفي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أسماء بنت عميس ، فوضع عبد الله ومحمد ابني جعفر على فخذه ثم قال : « إن جبريل عليه السلام أخبرني أن الله عز وجل استشهد جعفرا ، وأن له جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة » ثم قال : « اللهم اخلف جعفرا في ولده »
1671 - حدثنا أبو القاسم بدر بن الهيثم قال : حدثنا محمد بن عمر بن الوليد قال : حدثنا شريح بن مسلمة قال : حدثنا عمر بن عبد الغفار الفقيمي ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب قال : لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل جعفر رضي الله عنه ، دخل من ذلك حتى أتاه جبريل عليه السلام فقال : إن الله عز وجل قد جعل لجعفر جناحين مرصعين بالدر يطير بهما مع الملائكة
1672 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا عبيد الله بن عمر قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رأيت جعفرا له جناحان يطير بهما »
1673 - وحدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا الهيثم بن خارجة قال : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن أبيه ، عن أبي يحيى سليم بن عامر قال : سمعت أبا أمامة وهو يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « ثم انطلق بي ، يعني : في الجنة ، حتى أشرفت على ثلاثة يشربون من خمر لهم ، قال : قلت : » من هؤلاء يا جبريل ؟ « قال : هؤلاء زيد بن حارثة وجعفر وابن رواحة رضي الله عنهم
1674 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي قال : حدثنا الكرماني بن عمرو قال : حدثنا أبو شيبة العبسي قال : حدثنا الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفر : « أنت أشبههم بي خلقا » وقال لعلي : « أنت أخي وصاحبي ، وأنت مني وأنا منك »
باب فضل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
قال محمد بن الحسين رحمه الله قال : أنبأنا أبو بكر بن أبي داود في « كتاب المصابيح » ، يقال : أبو عمارة ، ويقال : أبو يعلى حمزة بن عبد المطلب أسد الله عز وجل ، وأسد رسوله ، شهد بدرا ، وصلى القبلتين ، وهاجر بمهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقتل يوم أحد ، وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكبر عليه سبعين تكبيرة ، وأبناؤه يعلى وعمارة لخولة بنت قيس الأنصاري لا عقب له ، وقد كان لحمزة بنت فزوجها شداد بن الهاد الليثي ، وابنها عبد الله بن شداد المحدث1675 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن جابر قال : ولد لرجل منا غلام ، فقالوا : يا رسول الله ، بم نسميه ؟ قال : « سموه بأحب الناس إلي حمزة بن عبد المطلب »
1676 -
أنبأنا أبو سعيد المفضل بن محمد الجندي قال : حدثنا علي بن زياد اللحجي
قال : حدثنا أبو قرة موسى بن طارق قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الله ، عن
إبراهيم بن محمد الفزاري قال : حدثنا الحسن بن عمارة ، عن الحكم بن عتيبة
، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : لما انصرف المشركون عن قتال أحد أشرف (1)
رسول الله صلى الله عليه وسلم على القتلى ، فرأى منظرا ساءه ، فرأى حمزة
رضي الله عنه قد شق بطنه ، واصطلم أنفه ، وجدعت أذناه ، فقال : « لولا أن
تجزعن النساء وتكون سنة بعدي لتركته حتى يحشره الله عز وجل من بطون السباع
والطير ، ومثلت بثلاثين منهم مكانه » ثم دعا ببردة فغطى بها وجهه فخرجت
رجلاه ، فغطى بها رجليه فخرج وجهه ، فغطى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وجهه ، وجعل على رجليه من الإذخر (2) ، ثم قدمه فكبر عليه عشرا ، ثم جعل
يجاء بالرجل فيوضع إلى جنبه فيصلي عليه ، ثم يرفع ويجاء بآخر فيوضع وحمزة
مكانه ، حتى صلى عليه سبعين صلاة ، وكان القتلى يومئذ سبعين ، فلما دفنهم
وفرغ منهم نزلت هذه الآية ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة (3)
إلى قوله عز وجل : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو
خير للصابرين ، واصبر وما صبرك إلا بالله (4) قال : فصبر رسول الله صلى
الله عليه وسلم ولم يعاقب ولم يقتل
__________
(1) أشرف : أطل وأقبل واقترب وعلا ونظر وتطلع
(2) الإذخِر : حشيشة طيبة الرائِحة تُسَقَّفُ بها البُيُوت فوق الخشبِ ،
وتستخدم في تطييب الموتي
(3) سورة : النحل آية رقم : 125
(4) سورة : النحل آية رقم : 126
1677
- وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا بشر بن الوليد
قال : حدثنا صالح المري ، عن سليمان يعني التيمي عن أبي عثمان النهدي ، عن
أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة رضي الله عنه
حيث استشهد ، فنظر إلى شيء لم ينظر إلى شيء قط كان أوجع لقلبه منه ، ونظر
إليه وقد مثل (1) به فقال : « رحمة الله عليك ، فإنك كنت ، ما علمت ،
فعولا للخير وصولا للرحم ، ولولا حزن من بعدك لسرني أن أدعك تحشر من أفواه
شتى ، أما والله مع ذلك لأمثلن بسبعين منهم مكانك » . فنزل جبريل عليه
السلام والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعد بخواتيم سورة النحل ، فقال :
وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ،
واصبر وما صبرك إلا بالله (2) فصبر النبي صلى الله عليه وسلم وكفر (3) عن
يمينه وانصرف عما أراد
__________
(1) التمثيل : جدع الأطراف أو قطعها أو تشويه الجسد والتنكيل به
(2) سورة : النحل آية رقم : 126
(3) الكفارة : الماحية للخطأ والذنب
1678
- حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا الرمادي قال
: حدثنا يعقوب بن محمد قال : حدثنا محمد بن فضالة ، عن يعقوب بن مجاهد ،
عن محمد بن كعب ، في قول الله عز وجل : يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى
ربك راضية مرضية (1) . قال : نزلت في حمزة
__________
(1) سورة : الفجر آية رقم : 27
1679
- حدثنا أبو سعيد قال : حدثنا أبو علي سالم بن علي الدوري قال : حدثنا
يحيى بن معين قال : حدثنا يحيى بن اليمان ، عن إبراهيم بن الزبرقان ، عن
صالح بن حيان ، عن ابن بريدة : يا أيتها النفس المطمئنة (1) . قال : حمزة
بن عبد المطلب رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : وقد روي
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب
، ورجل قام إلى إمام جائر فنهاه فقتله على ذلك » آخر فضائل حمزة رضي الله
عنه
__________
(1) سورة : الفجر آية رقم : 27
كتاب فضائل العباس بن عبد المطلب وولده رضي الله عنهم أجمعين
قال محمد بن الحسين رحمه الله : كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم عمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ، ويعظمه ويغضب لغضبه ويقول له : « يا عم » . ويدعو له ولولده بأن يسترهم الله عز وجل من النار ، ودعا لعبد الله بن عباس بأن يعلمه الله الحكمة والتأويل ، فأجابه الله الكريم فيه ، فكان يقال لابن عباس رضي الله عنه : ترجمان القرآن ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعظم العباس وولده ، وعبد الله بن عباس ، وهم لذلك أهل ، رضي الله عنهم أجمعينباب ذكر تعظيم قدر العباس رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
1680
- حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن
يحيى بن قيس الكوفي قال : قال : حدثنا عبد الله بن الأجلح ، عن أبيه ، عن
عكرمة ، عن ابن عباس قال : جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعود (1) العباس
رضي الله عنه ، وكان على السرير ، فصعد به فأقعده في مجلسه ، وقال : «
وفقك الله يا عم »
__________
(1) العيادة : زيارة الغير
1681 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن ناجية قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال : حدثنا عبد الله بن نمير قال : حدثنا إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « العباس مني وأنا منه »
1682 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن
بن عبد الجبار الصوفي وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي
قال : حدثنا محمد بن عباد المكي قال : حدثنا محمد بن طلحة التيمي ، عن أبي
سهيل بن مالك ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد قال : كنا مع النبي صلى الله
عليه وسلم في نقيع الخيل يجهز بعثا (1) إذ طلع العباس رضي الله عنه ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هذا العباس عم نبيكم أجود قريش كفا
وأوصلها لها »
__________
(1) البعث : الجيش
1683 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن صالح ، وجعفر بن مسافر قالا : حدثنا محمد بن طلحة التيمي ، عن أبي سهيل بن مالك ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص ، رحمه الله ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهز جيشا ، وخرج العباس رضي الله عنه من باب المدينة ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال : « هذا العباس عم نبيكم أجود قريش كفا وأوصلها لها »
1684 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال : أخبرني بكير أبو عمرو الضبي ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة معتجرا بعمامة سوداء ، والعباس بن عبد المطلب ، وحول البيت أصنام ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يكسر تلك الأصنام ويقول : « هيا يا أبه » ويقول العباس : هيا يا بني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم . « من رآني ورأى عمي فقد رأى إبراهيم وإسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت »
باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للعباس رضي الله عنه ولولده ، وأنه قد أجيب في ذلك
1685
- حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد
الجوهري قال : حدثنا إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت الأنصاري قال :
حدثني أبو حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي قال : كنا مع النبي صلى الله عليه
وسلم في سفر القيظ (1) ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل ، فقام
العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه يستره ، قال : فرآه رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال : « اللهم استر العباس وولده من النار »
__________
(1) القيظ : الحر الشديد
1686
- حدثنا أيضا ، قاسم المطرز قال : حدثنا علي بن نصر بن علي الجهضمي قال :
سمعت عبد الله بن عثمان بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص يقول : حدثني أبو أمي
مالك بن حمزة بن أبي أسيد ، أنه سمع أبا أسيد البدري يقول : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه : « لا تبرح من
منزلك حتى آتيك » ، قال : فأتاهم بعدما أضحى فسلم فقال : « كيف أصبحتم ؟ »
قالوا : بخير ، بأبينا أنت وأمنا يا رسول الله ، قال : « ادنوا ، تقاربوا
يزحف بعضكم إلى بعض » ، قال : فاشتمل (1) عليهم بملائته فقال : « اللهم
هذا عمي وصنو أبي ، وهؤلاء أهل بيتي ، اللهم فاسترهم من النار كستري إياهم
بملائتي هذه » ، فقالت أسكفة (2) الباب : آمين ، وقال جدار البيت : آمين
__________
(1) الاشتمال : أن يتلفف بالثوب حتى يجلل به جميع جسده ، ولا يرفع شيئا من
جوانبه فلا يمكنه إخراج يده إلا من أسفله
(2) الأسكفة : عتبة تكون تحت الباب
1687
- وحدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا إبراهيم بن عبد
الله الهروي قال : حدثنا عبد الله بن عثمان بن سعد بن أبي وقاص قال :
حدثني أبو أمي مالك بن حمزة بن أبي أسيد الساعدي ، عن أبيه ، عن جده قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه : «
يا أبا الفضل لا ترم من منزلك أنت وبنوك حتى آتيكم ، فإن لي فيكم حاجة » .
قال : فانتظروه حتى جاء بعد ما أضحى فدخل عليهم فقال : « السلام عليكم »
قالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته قال : « كيف أصبحتم » قالوا :
بخير نحمد الله . فكيف أصبحت بأبينا وأمنا يا رسول الله ؟ قال : « أصبحت
بخير أحمد الله » فقال : « تقاربوا تقاربوا يزحف بعضكم إلى بعض » . حتى
إذا أمكنوه ، اشتمل (1) عليهم بملائته ثم قال : « يا رب ، هذا عمي وصنو
أبي وهؤلاء أهل بيتي فاسترهم من النار كستري إياهم بملائتي هذه » قال :
فأمنت أسكفة (2) الباب ، وحوائط البيت ، آمين آمين آمين
__________
(1) الاشتمال : أن يتلفف بالثوب حتى يجلل به جميع جسده ، ولا يرفع شيئا من
جوانبه فلا يمكنه إخراج يده إلا من أسفله
(2) الأسكفة : عتبة تكون تحت الباب
1688
- وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن حاتم العلاف قال :
حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن ثور بن يزيد ، عن مكحول ، عن كريب ، عن ابن
عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس رضي الله عنه : « إذا
كان يوم الإثنين فائتني أنت وولدك » . قال : فغدا (1) وغدونا معه فألبس
العباس وولده كساء له وقال : « اللهم اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة
وباطنة لا تغادر ذنبا ، اللهم ولده في ولده »
__________
(1) الغُدُو : السير أول النهار
باب ذكر من آذى العباس رضي الله عنه فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم
1689
- حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا داود بن عمرو
الضبي قال : حدثنا خالد الواسطي ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن
الحارث ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال « من آذى العباس فقد آذاني ، إن
عم الرجل صنو (1) أبيه »
__________
(1) الصنو : النظير والمثل
1690
- وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : قرأت على الحسن بن محمد بن الصباح ،
أن بهلول بن عبيد ، حدثهم ، قال : حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ،
عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تؤذوني في
العباس ، فمن آذى العباس فقد آذاني ، ومن سب العباس فقد سبني ، إن عم
الرجل صنو (1) أبيه »
__________
(1) الصنو : النظير والمثل
1691 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المروزي قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن العباس مني وأنا منه ، لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا »
باب غضب النبي صلى الله عليه وسلم لغضب العباس رضي الله عنه
1692
- حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال : حدثنا
عبيد الله بن موسى قال : حدثنا إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، أنه سمع سعيد بن
جبير يقول : حدثني ابن عباس ، رضي الله عنه : أن رجلا وقع (1) في رجل كان
في الجاهلية فلطمه العباس رضي الله عنه وكان نسيبا له ، فجاء قومه ،
فقالوا : والله لنلطمنه كما لطمه (2) . حتى لبسوا السلاح ، فصعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم المنبر ثم قال : « يا أيها الناس ، أي أهل الأرض
تعلمونه أكرم على الله عز وجل ؟ » . قالوا : أنت . قال : « فإن العباس مني
وأنا منه ، لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا » . فجاء القوم فقالوا : يا
رسول الله نعوذ بالله من غضبك ، استغفر لنا
__________
(1) وَقَعْت بفُلان : إذا لُمْتَه ووقَعْت فيه، إذا عِبْتَهُ وَذَممْتَه
(2) لطمه : ضرب خده أو صفحة جسده بالكف مبسوطة
1693
- وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا أبو همام الوليد
بن شجاع قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان قال : حدثنا إسرائيل بن يونس ،
عن عبد الأعلى الثعلبي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أن رجلا وقع (1)
في أب للعباس كان في الجاهلية ، فلطمه العباس ، فجاء قومه ، فقالوا :
والله لنلطمنه كما لطم . حتى لبسوا السلاح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله
عليه وسلم فصعد المنبر ثم قال : « أيها الناس ، أي الناس تعلمونه أكرم على
الله عز وجل ؟ » . قالوا : أنت . قال : « فإن العباس مني وأنا منه ، لا
تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا » ، فجاء القوم فقالوا : يا رسول الله ،
نعوذ بالله من غضبك ، استغفر لنا
__________
(1) وَقَعْت بفُلان : إذا لُمْتَه ووقَعْت فيه، إذا عِبْتَهُ وَذَممْتَه
باب ما روي أن للعباس رضي الله عنه شفاعة يشفع بها للناس يوم القيامة
1694 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال : حدثنا محمد بن فضيل قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة ، عن عطية العوفي ، أن كعبا ، أخذ بيد العباس رضي الله عنه فقال : إني أدخر هذا للشفاعة . فقال العباس : وهل شفاعة إلا للأنبياء ؟ فقال : نعم ، إنه ليس أحد من أهل بيت نبي إلا كانت له شفاعة
1695 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا محمد بن فضيل قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة ، عن عطية بن سعد قال : أخذ كعب بيد العباس رضي الله عنه فقال : إني اختبأتها للشفاعة عندك . فقال العباس : وهل لي شفاعة ؟ قال : نعم ، ليس أحد من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إلا كانت له شفاعة يوم القيامة قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : ومن فضائل العباس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استسقى عام الرمادة بالعباس فسقوا
1696 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد
البغوي قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني قال : حدثنا أبو معاوية الضرير ،
عن عبد الرحمن بن عبد الله العمري ، عن نافع قال : خرج عمر رضي الله عنه
عام الرمادة يستسقي (1) ، فقال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى
الله عليه وسلم فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، فسقوا
__________
(1) الاستسقاء : طلب نزول المطر بالتوجه إلى الله بالدعاء
باب فضل عبد الله بن عباس رضي الله عنه وما خصه الله الكريم به من الحكمة والتأويل الحسن للقرآن
1697 - حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكشي قال : حدثنا سليمان بن داود الشاذكوني قال : حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي قال : حدثنا خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ضمني النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « اللهم علمه الحكمة »
1698 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ضمني النبي صلى الله عليه وسلم إليه وقال : « اللهم علمه الحكمة »
1699 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال : حدثنا حاتم بن أبي صغيرة ، عن عمرو بن دينار قال : أخبرني كريب ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له أن يرزقه الله عز وجل علما وفهما
1700 - وأنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا الزبير بن بكار قال : حدثني ساعدة بن عبيد الله المزني ، عن داود بن عطاء ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر ، أنه قال : إن عمر رضي الله عنه كان يدعو عبد الله بن عباس رحمه الله فيقربه ويقول : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاك يوما فمسح رأسك وتفل في فيك فقال : « اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل »
1701 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن قهزاذ قال : حدثنا حاتم بن العلاء قال : حدثنا عبد المؤمن بن خالد الحنفي قال : حدثنا أبو نهيك ، عن ابن عباس قال : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعاني فأجلسني في حجره ، فمسح رأسي ودعا لي بالحكمة فلم تخطئني دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم
1702 -
وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن قهزاذ قال : حدثنا
حاتم بن الجلاب قال : سمعت عبد المؤمن بن خالد قال : سمعت عبد الله بن
بريدة ، يحدث عن ابن عباس ، رضي الله عنه ، قال : انتهيت إلى النبي صلى
الله عليه وسلم وعنده جبريل عليه السلام ، فقال جبريل : إنه كائن حبر (1)
هذه الأمة فاستوص به خيرا
__________
(1) الحبر : العالم المتبحر في العلم
باب ذكر ما انتشر من علم ابن عباس رضي الله عنه
1703
- حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو
هشام الرفاعي قال : حدثنا عبد الله بن إدريس قال : أنبأنا ليث عن طاوس قال
: قيل له : أدركت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وانقطعت إلى ابن عباس ؟
فقال : أدركت سبعين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، إذا تدارءوا (1)
في شيء انتهوا إلى قول ابن عباس
__________
(1) تدارأ : تخاصم وتنازع
1704 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال : حدثنا عبد الله بن داود ، عن الأعمش ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن طاوس قال : جلست إلى سبعين أو قال : خمسين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ما منهم أحد خالف ابن عباس فيفارقه حتى يقول : القول ما قلت
1705 -
حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي الأشناني قال : حدثنا إسماعيل بن
موسى الفزاري قال : أنبأنا عبد الله بن الأجلح الكندي ، عن أبي صالح ، وعن
أبي حمزة ، عن عكرمة قال : لقد شهدت من ابن عباس مشهدا لو أن قريشا ، فخرت
به على العرب لكان لها فخرا ، شهدته موسما من المواسم ، فاجتمع الناس وهو
داخل ، فقالوا : استأذن لنا على ابن عباس ، قال : فدخلت إليه فقلت : إن
الناس قد سألوني أن أدخلهم عليك . قال : ائذن لهم . فقلت : إنهم أكثر من
ذلك ، قال : ضع لي طهورا . أحسبه قال : أتوضأ أو أغتسل . ثم قال لي :
طنفستي (1) . قال : ثم خرج فجلس . قال : فقال : ائذن لهم . قال : قلت :
إنهم أكثر من ذلك . قال : ائذن لأهل القرآن . قال : فخرجت إليهم ، فقلت :
من هاهنا من قراء القرآن فليدخل . قال : فدخلوا ، فسألوا حتى نفدت مسائلهم
، ثم أفادهم مثل ما سألوه عنه ، ثم قال : أعقبوا إخوانكم . ثم قال : ائذن
لأهل الفرائض (2) . قال : فخرجت فقلت : من ها هنا من أهل الفرائض فليدخل ،
فدخلوا فسألوا حتى نفدت مسائلهم ، ثم أفادهم مثل ما سألوه عنه ، ثم قال :
أعقبوا إخوانكم . ثم قال : اخرج ائذن لأصحاب الوصايا . قال : فخرجت فقلت :
من كان ها هنا من أصحاب الوصايا فليدخل ، قال : فدخلوا فسألوا حتى نفدت
مسائلهم ، ثم أفادهم مثل ما سألوه عنه ، ثم قال : أعقبوا إخوانكم . ثم قال
لي : اخرج فائذن للمتفقهين وأصحاب الشعر ، قال : فسألوه حتى سألوه عن كسرى
وعن أحاديث بني إسرائيل وأنوشروان ، قال : فشهدت هذا من ابن عباس ، ولو
فخرت به قريش على العرب لكان فخرا
__________
(1) الطنفسة : بساط له خمل رقيق
(2) الفرائض : المواريث ، وعلم تعرف به قسمتها ، وهي أيضا : الأنصبة
المقدرة في كتاب الله
1706 - أنبأنا عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال : حدثنا عبد الجبار بن الورد المكي قال : سمعت عطاء بن أبي رباح يقول : ما رأيت مجلسا قط أكرم من مجلس ابن عباس أكثر فقها وأعظم جفنة ، إن أصحاب الفقه عنده وأصحاب القرآن عنده ، وأصحاب الشعر عنده ، يصدرهم كلهم من واد واسع
1707 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن الوزير الواسطي قال : حدثنا إسحاق بن يوسف ، يعني : الأزرق ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، أنه ذكر ابن عباس فقال : لنعم الترجمان للقرآن ابن عباس
1708 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا يحيى بن يمان العجلي ، عن عمار بن رزيق ، عن محمد بن بشير الخثعمي قال : قال عبد الله بن عمر : ابن عباس أعلم الناس بما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم
باب ذكر وفاة ابن عباس رضي الله عنه بالطائف ، والآية التي رؤيت عند دفنه
1709
- حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال : أنبأنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا
مروان بن شجاع ، وأنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثني
جدي قال : حدثنا مروان بن شجاع الجزري ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير
قال : مات ابن عباس رضي الله عنه بالطائف ، فجاء طائر لم ير على خلقته ،
فدخل نعشه (1) ثم لم نره خارجا منه ، فلما دفن تليت هذه الآية على شفير
(2) القبر ، لا يدرى من تلاها : ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك
راضية مرضية ، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي (3) )
__________
(1) النعش : سرير يحمل عليه المريض أو الميت ، وسُمِّي سَريرا لارتفاعه
(2) الشفير : الحرف والجانب والناحية
(3) سورة : الفجر آية رقم : 27
1710 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن الأجلح ، عن أبي الزبير قال : لما مات ابن عباس جاء طائر أبيض فدخل في أكفانه . قال ابن فضيل : كانوا يرون أن ذلك علمه
باب إيجاب حب بني هاشم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم على جميع المؤمنين قال محمد بن الحسين رحمه الله : واجب على كل مؤمن ومؤمنة محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم : بنو هاشم ، علي بن أبي طالب وولده وذريته ، وفاطمة وولدها وذريتها ، والحسن والحسين وأولادهما وذريتها ، وجعفر الطيار وولده وذريته ، وحمزة وولده ، والعباس وولده وذريته ، رضي الله عنهم ، هؤلاء أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واجب على المسلمين محبتهم وإكرامهم واحتمالهم وحسن مداراتهم ، والصبر عليهم ، والدعاء لهم ، فمن أحسن من أولادهم وذراريهم ، فقد تخلق بأخلاق سلفه الكرام الأخيار الأبرار ، ومن تخلق منهم بما لا يحسن من الأخلاق ، دعي له بالصلاح والصيانة والسلامة ، وعاشره أهل العقل والأدب بأحسن المعاشرة وقيل له : نحن نجلك عن أن تتخلق بأخلاق لا تشبه سلفك الكرام الأبرار ، ونغار لمثلك أن يتخلق بما تعلم أن سلفك الكرام الأبرار لا يرضون بذلك ، فمن محبتنا لك أن نحب لك أن تتخلق بما هو أشبه بك ، وهي الأخلاق الشريفة الكريمة ، والله الموفق لذلك
1711 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أبي وسهل بن بحر ، أو أحدهما ، قال : حدثنا إبراهيم بن سيف قال : حدثنا هشام بن يوسف ، عن عبد الله بن سليمان النوفلي ، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أحبوا الله عز وجل لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله عز وجل ، وأحبوا أهل بيتي لحبي »
1712 - وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن هارون العسكري قال : حدثني إبراهيم بن الجنيد الختلي قال : حدثنا ابن معين قال : حدثنا هشام بن يوسف القاضي ، عن عبد الله بن سليمان النوفلي ، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أحبوا الله عز وجل لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبوني لحب الله عز وجل ، وأحبوا أهل بيتي لحبي »
1713 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا يزيد يعني : ابن هارون ، عن إسماعيل يعني : ابن أبي خالد ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن العباس بن عبد المطلب قال : قلت : يا رسول الله ، إن قريشا إذا لقي بعضها بعضا لقوها ببشر حسن ، وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها . فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا فقال : « والذي نفس محمد بيده ما يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله »
1714 - وحدثنا ابن أبي داود ، أيضا ، قال : حدثنا أيوب بن محمد الوزان قال : حدثنا مروان قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن صالح بن خباب الفزاري ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : قال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه : يا رسول الله ، ما بال قريش يلقى بعضها بعضا بوجوه تكاد تسال من الود ، ويلقونا بوجوه قاطبة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا عم ، ويفعلون ذلك ؟ » . قال : إي والذي بعثك بالحق نبيا . قال : « أما والذي بعثني بالحق ، لا يؤمنون حتى يحبوكم »
باب ذكر فضل بني هاشم على غيرهم
1715 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب الرواجني قال : أنبأنا موسى بن عمير ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « يا معشر بني هاشم ، والذي بعثني بالحق لو أخذت بحلقة باب الجنة ما بدأت إلا بكم »
1716 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عبد الرحمن بن مسلم المقرئ قال : حدثنا نعيم بن قنبر قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لو أني أخذت بحلقة باب الجنة لم أبدأ إلا بكم يا بني هاشم »
باب فضل قريش على غيرهم
1717
- حدثنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا أبو مصعب الزبيري
قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن ثابت قال : حدثني عثمان بن عبد الله بن
أبي عتيق ، عن سعيد بن عمرو بن جعدة ، عن أبيه ، عن جدته أم هانئ بنت أبي
طالب قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « فضل الله عز وجل
قريشا بسبع خصال لم يعطها أحدا قبلهم ، ولا يعطيها أحدا بعدهم ؛ فضل الله
عز وجل قريشا أني منهم ، وأن النبوة فيهم ، وأن الحجابة فيهم ، وأن
السقاية (1) فيهم ، ونصروا على الفيل ، وعبدوا الله عز وجل عشر سنين لا
يعبده أحد غيرهم ، والإمامة فيهم » قال أبو مصعب : يعني : قوله عز وجل
لإيلاف قريش إيلافهم (2) إلى آخرها
__________
(1) السقاية : سقاية الحاج : وهي سقيهم الحاج ماء به زبيب ونحوه
(2) سورة : قريش آية رقم : 1
1718 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن قال : أنبأنا عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص ، عن جده سعيد بن عمرو ، وقال : قال جابر بن عبد الله : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « قريش خيار الناس ، وقريش كالملح ، هل يطيب الطعام إلا به ، وقريش كالصلب ، هل يمشي الرجل بغير صلب »
باب ذكر فضائل طلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف
وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم .1719 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعلي في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد بن أبي وقاص في الجنة ، وسعيد بن زيد بن عمرو في الجنة ، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة »
1720 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن عبد الواحد بن عبود الدمشقي قال : حدثنا مروان بن محمد قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد قال : حدثنا عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « عشرة من قريش في الجنة ؛ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وأبوعبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف » ، قال : وسكت عن العاشر ، قال : يرون أنه نفسه
1721 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أبو عبيد الله أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال : حدثنا عمي ، وهو عبد الله بن وهب ، قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن يحيى بن سعيد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد ، فتحرك الجبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اسكن حراء فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد » فسكن الجبل قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد تقدم ذكرنا للشهادة للعشرة بالجنة من الكتاب والسنة ، وكفى به فضلا ، ونحن نذكر بعد ذلك ما تأدى إلينا من فضل باقي العشرة رضي الله عنهم
باب ذكر فضل طلحة والزبير رضي الله عنهما
1722
- أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا حمزة بن عون
المسعودي قال : حدثنا أبو إبراهيم محمد بن القاسم الأسدي قال : حدثنا
سفيان ، وشريك ، وأبو بكر بن عياش ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن
حبيش قال : إني لقاعد عند علي رضي الله عنه ، أتي برأس الزبير ، فقال علي
: بشر قاتل ابن صفية بالنار ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «
لكل نبي حواري (1) وحواريي الزبير »
__________
(1) الحواري : الناصر والصديق والمعين
1723 - وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « طلحة والزبير في الجنة »
1724 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا محمد بن يزيد الكوفي قال : حدثنا النضر بن منصور قال : حدثنا عقبة بن علقمة قال : سمعت عليا رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « طلحة والزبير جاراي في الجنة »
1725 - وحدثنا أبو علي الحسن بن محمد بن شعبة الأنصاري ، قال : حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي قال حدثنا أبو عبد الرحمن بن منصور العنزي وسألت رجلا من قومه عن اسمه ، فقال : نضر قال : حدثنا عقبة بن علقمة اليشكري ، قال : سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : سمعت أذناي من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : « طلحة والزبير جاراي في الجنة »
1726 - حدثنا البغوي عبد الله بن محمد قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدثنا صالح بن موسى الطلحي ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن عمر ، رضي الله عنه ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد يقول : « أوجب طلحة الجنة »
1727
- وحدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي قال : حدثنا أبو كريب محمد بن
العلاء قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا هشام بن عروة ، وسفيان الثوري ،
عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : « إن لكل نبي حواريا (1) وحواريي الزبير »
__________
(1) الحواري : الناصر والصديق والمعين
1728
- وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا خلف بن هشام
البزار قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن هشام بن عروة ، أن عبد الله بن
الزبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن لكل نبي حواريا (1)
، والزبير حواريي وابن عمتي »
__________
(1) الحواري : الناصر والصديق والمعين
باب فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
1729
- حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا
محمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ قال : حدثني سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن
سعيد بن المسيب قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ما سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم جمع (1) أبويه لأحد إلا لسعد ، فقال : « ارم فداك أبي
وأمي »
__________
(1) جمع أبويه : قال فداك أبي وأمي
1730 -
وأنبأنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا داود بن رشيد قال : حدثنا
مروان بن معاوية الفزاري قال : أنا هاشم الوقاصي قال : سمعت سعيد بن جبير
يقول : سمعت سعد بن أبي وقاص يقول : نثل (1) لي رسول الله صلى عليه وسلم
كنانته (2) يوم أحد ، فقال : « ارم فداك أبي وأمي »
__________
(1) نثل : استخرج
(2) الكنانة : جعبة صغيرة من جلد تحمل فيها السهام
1731
- حدثنا أبو القاسم البغوي عبد الله بن محمد قال : حدثنا أبو بكر بن
زنجويه قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن
يحيى بن سعيد يعني : الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد قال : جمع (1)
لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد
__________
(1) الجمع : الضم والإقران والمراد جمع والديه قائلا له فداك أبي وأمي
باب ذكر فضل سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد ذكرنا فضله أنه من العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأنهم ممن قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، وهو ممن رضيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسائر الصحابة ، وكان مجاب الدعوة رضي الله عنه
1732 - حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح العكبري قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن الحصين ، عن هلال بن يساف ، عن عبد الله بن ظالم ، عن سعيد بن زيد قال : أشهد على التسعة أنهم في الجنة ، ولو شهدت على العاشر لصدقت ، قال : قلت : وما ذاك ؟ قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء ، وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اثبت حراء فإنه ليس عليك إلا نبي ، أو صديق ، أو شهيد » ، قال : قلت : فمن العاشر ؟ قال : أنا ، يعني : سعيد بن زيد بن عمرو ابن نفيل
1733 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عمرو بن محمد الناقد قال : حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال : حدثنا شيبان أبو معاوية ، عن أبي يعفور ، عن يزيد بن الحارث العبدي قال : قدم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل الكوفة ، فدخل على المغيرة بن شعبة ، وهو أمير ، فأوسع له إلى جنبه ، فقال : أشهد أني سمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ليتني قد رأيت رجلا من أهل الجنة ، فقال : « أنا من أهل الجنة » ، فقال : إني لست عنك أسأل ، قد عرفت أنك من أهل الجنة ، فقال : « أنا من أهل الجنة ، وأنت من أهل الجنة ، وعمر من أهل الجنة ، وعثمان من أهل الجنة ، وعلي من أهل الجنة ، وطلحة من أهل الجنة ، والزبير من أهل الجنة ، وسعد من أهل الجنة ، وعبد الرحمن من أهل الجنة ، ولو شئت لسميت العاشر » . قال : عزمت عليك لما سميته ، قال : أنا ، يعني : سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل
1734 - حدثنا أبو بكر قاسم بن
زكريا المطرز قال : حدثنا سويد بن سعيد قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن هشام
بن عروة ، عن أبيه قال : خاصمت أروى بنت أوس سعيد بن زيد إلى مروان بن
الحكم ، فقالت : إنه انتقص من أرضي إلى أرضه ، فقال سعيد : أنا أنتقص من
أرضها إلى أرضي ، أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعته يقول : «
من أخذ شبرا من الأرض ظلما فإنه يطوقه (1) من سبع أرضين يوم القيامة » ،
فقال له مروان : والله لا نكلمك بعدها ، يعني : تصديقا له وتعظيما لسعيد ،
قال : فدعا عليها سعيد ، فقال : اللهم ظلمتني فأعم بصرها ، واقتلها في
أرضها ، فذهب بصرها وبينا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في بئر فماتت
__________
(1) يطوقه : يجعل في عنقه طَوْقا يقلد به ، وقيل : المعنى من طَوْق
التَّكْليف لاَ من طَوْق التَّقْليد
1735 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز أيضا ، قال : حدثنا أبو بكر بن زنجويه قال : حدثنا أبو صالح يعني عبد الله بن صالح ، كاتب الليث ، قال المطرز : وحدثنا أحمد بن سفيان قال : حدثنا ابن بكير قال : حدثنا الليث بن سعد قال : حدثني يزيد بن عبد الله ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : جاءت أروى ابنة أوس إلى أبي : محمد بن عمرو ، فقالت : يا أبا عبد الملك : إن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قد بنى ضفيرة ، - وقال ابن سفيان : ضفيرة في حقي - ، فأته فكلمه ، فلينزع عن حقي ، فوالله لئن لم يفعل لأصيحن به في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال لها : لا تؤذي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما كان ليظلمك ، ولا يأخذ لك حقا ، فخرجت فجاءت عمارة بن عمرو وعبد الله بن مسلمة ، فقالت لهما : ائتيا سعيد بن زيد ، فإنه ظلمني وبنى ضفيرة في حقي ، فوالله لئن لم ينزع لأصيحن به في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرجا حتى أتياه في أرضه بالعقيق ، فقال لهما : ما أتى بكما ؟ فقالا : جاءتنا أروى ابنة أوس ، فزعمت أنك بنيت ضفيرة في حقها ، وحلفت بالله لئن لم تنزع لتصيحن بك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، - زاد ابن بكير : فأحببنا أن نأتيك فنخبرك ونذكر لك ذلك - فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه الله عز وجل يوم القيامة من سبع أرضين » لتأتي فلتأخذ ما كان لها من حق ، اللهم إن كانت كذبت علي فلا تمتها حتى تعمي بصرها ، وتجعل منيتها فيها ، فرجعوا فأخبروها بذلك ، فجاءت حتى هدمت الضفيرة ، وبنت بنيانا فلم تمكث إلا قليلا حتى عميت ، وكانت تقوم من الليل ومعها جارية لها تقودها لتوقظ العمال ، فقامت ليلة وتركت الجارية لم توقظها ، فخرجت تمشي حتى سقطت في البئر ، فأصبحت ميتة
1736 - وحدثنا قاسم المطرز ، أيضا ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال : حدثني ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن عروة ، أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال : سألت أنا وعمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم عن زيد بن عمرو بن نفيل ؟ فقال : « يأتي يوم القيامة أمة وحده »
1737 - وحدثنا أيضا المطرز قاسم قال : حدثنا عمرو بن علي قال : حدثني أبو داود قال : حدثنا المسعودي ، عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد ، عن أبيه ، عن جده : أنه قال : يا رسول الله ، إن أبي كان كما قد رأيت ، وكما قد بلغك فاستغفر له قال : « نعم فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده »
باب ذكر فضل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه
1738 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثني جدي أحمد بن أبي شعيب قال : حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن مكحول ، عن كريب ، مولى ابن عباس ، عن ابن عباس قال : سمعت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وهو يقول لعبد الرحمن بن عوف في حديث سأله عنه فقال : هلم ، فحدثنا فأنت عندنا العدل الرضى . . . وذكر الحديث
1739 - وحدثنا أبو القاسم عبد
الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا سعيد بن عبد الرحمن
المخزومي قال : حدثنا سفيان ، عن يحيى بن صبيح ، عن قتادة ، عن سالم بن
أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة ، أن عمر رضي الله عنه قال على المنبر :
« إني قد جعلت الأمر بعدي إلى هؤلاء الستة الذين قبض رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو عنهم راض : عثمان ، وعلي ، وعبد الرحمن ، وطلحة ، والزبير ،
وسعد ، فمن استخلفوا (1) منهم فهو الخليفة »
__________
(1) استخلفوه : اتفقوا على اختياره وليَّ الأمر ( خليفة )
1740 - حدثنا أبو القاسم البغوي ، أيضا ؛ قال : حدثني يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي قال : حدثتني أم بكر بنت المسور بن مخرمة ، عن المسور بن مخرمة قال : باع عبد الرحمن بن عوف أرضا له من عثمان رضي الله عنهما بأربعين ألف دينار ، فقسم ذلك المال في قريش وبني مخزوم ، وبعث معي من ذلك المال إلى عائشة رضي الله عنها ، فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لن يحنو عليكن بعدي إلا الصالحون » ، سقى الله عز وجل ابن عوف من سلسبيل الجنة
1741 -
وحدثنا قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا هارون بن عبد الله قال : حدثنا
سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قال : حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك ، عن
أبيه ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه
، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « يا ابن عوف ، إنك من
الأغنياء ، فأقرض الله تعالى يطلق لك قدميك » قال ابن عوف : وما الذي أقرض
الله يا رسول الله ؟ قال : « تتبرأ مما أمسيت فيه » قال : يا رسول الله ،
مالي كله أجمع ؟ قال : « نعم » قال : فخرج ابن عوف وهو مهتم لذاك . فأرسل
إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « أتاني جبريل عليه السلام فقال
: مر عبد الرحمن ، فليضف الضيف ، وليعط السائل ، وليبدأ بمن يعول (1) ،
فإنه إذا فعل ذلك كان تزكية ما هو فيه »
__________
(1) يعول : يقوم بما يحتاج إليه غيره من طعام وكساء وغيرهما
1742
- وحدثنا الفريابي قال : حدثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قال
: حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك ، عن أبيه ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن
ابن عمر ، وهو يومئذ بمنى ؛ فجاءه رجل من أهل البصرة ، فسأله عن إرسال
العمامة خلفه ؟ فقال ابن عمر : سأخبرك عن ذلك حتى تعلم إن شاء الله . فذكر
حديثا طويلا ، قال فيه : ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عوف
يعني عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية يبعثه عليها ، فأصبح وقد اعتم
بعمامة كرابيس سوداء ، قال : فأدناه النبي صلى الله عليه وسلم ثم نقضها
(1) فعممه ، فأرسل من خلفه أربع أصابع أو نحو ذلك ؛ ثم قال : « هكذا يا
ابن عوف فاعتم ، فإنها أعرف وأحسن »
__________
(1) نقض : فك وحل
باب فضل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه
1743 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر العدني قال : حدثنا بشر بن السري قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس ، أن أهل اليمن ، لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : أرسل معنا من يعلمنا ، قال : فأخذ بيد أبي عبيدة بن الجراح فأرسله معهم ؛ وقال : « هذا أمين هذه الأمة »
1744 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا حمويه بن إسحاق المروزي قال : حدثنا الفضل بن موسى السيناني قال : حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن : « لأبعثن إليكم رجلا يعمل بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه » . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : فما أحببت الإمارة قبل يومئذ ، فتطاولت لها ورجوت أن أكون أنا هو ، فأمر أبا عبيدة بن الجراح فخرج إليهم
1745 - وحدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، عن يونس بن بكير قال : حدثنا محمد بن إسحاق قال : حدثني الجراح بن منهال ، عن حبيب بن نجيح ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن عبد الله بن الأرقم قال : كنت عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح »
1746 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا الحسين بن أبي زيد الدباغ قال : حدثنا علي بن يزيد الصدائي قال : حدثنا أبو سعد البقال ، عن أبي محجن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح »
1747
- وحدثنا أبو محمد بن صاعد ، أيضا ، قال : حدثنا عبيد الله بن سعد بن
إبراهيم بن سعد الزهري قال : حدثنا عمي يعني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا
سلام أبو عبد الله ، والتميمي ، - قال ابن صاعد : وهو ابن سلمان الطويل
المدائني ، عن زيد العمي ، عن أبي الصديق الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ،
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أرحم هذه الأمة لها أبو بكر ،
وأقواهم في دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأقضاهم (1) علي ،
وأقرؤهم لكتاب الله عز وجل أبي بن كعب ، وأفرضهم (2) زيد بن ثابت ، وأمين
هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله
وحرامه ، وأبو هريرة وعاء من العلم ، وسلمان علم لا يدرك » . وذكر صدق أبي
ذر رضي الله عنهم قال محمد بن الحسين : قد ذكرت من فضائل العشرة الذين شهد
الله الكريم لهم بالرضوان والمغفرة والجنة وشهد لهم الرسول صلى الله عليه
وسلم بالجنة وقبض وهو عنهم راض ما تأدى إلينا مما أمكنني إخراجه . وفضلهم
عظيم رضي الله عنهم وعن جميع أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ونفعنا بحبهم
__________
(1) القَضاء : الفَصْل والحُكْم في الأمور
(2) أفرضهم : أكثرهم علما بالفرائض وهي المواريث
كتاب مذهب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين . قال محمد بن الحسين رحمه الله : أما بعد ، فإن سائلا سأل ، عن مذهب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وكيف كانت منزلتهم عنده ؟ . وهل كان متبعا لهم في خلافته بعدهم ؟ . وهل حفظ عنه شيء من فضائلهم ؟ . وهل غير في خلافته شيئا من سيرتهم ؟ . فأحب السائل أن يعلم من ذلك ما يزيده محبة لجميعهم رضي الله عنهم وعن جميع الصحابة رضي الله عنهم ، وعن جميع أزواجه أمهات المؤمنين ، وعن جميع أهل البيت فأجيب السائل إلى الجواب عنه مختصرا إن شاء الله ، والله الموفق للصواب من القول والعمل . اعلموا رحمنا الله وإياكم أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لا يحفظ عنه الصحابة ومن تبعهم من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين إلا محبة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم في حياتهم وفي خلافتهم وبعد وفاتهم : فأما في خلافتهم فسامع لهم مطيع يحبهم ويحبونه ، ويعظم قدرهم ويعظمون قدره ، صادق في محبته لهم ، مخلص في الطاعة لهم ، يجاهد من يجاهدون ، ويحب ما يحبون ، ويكره ما يكرهون ، يستشيرونه في النوازل ؛ فيشير مشورة ناصح مشفق محب ، فكثير من سيرتهم بمشورته جرت ، فقبض أبو بكر رضي الله عنه فحزن لفقده حزنا شديدا ، وقتل عمر رضي الله عنه فبكى عليه بكاء طويلا ، وقتل عثمان رضي الله عنه ظلما ، فبرأه الله عز وجل من دمه ، وكان قتله عنده ظلما مبينا . ثم ولي الخلافة بعدهم ، فعمل بسنتهم ، وسار سيرتهم ، واتبع آثارهم ، وسلك طريقهم . وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فضائلهم ، وخطب الناس في غير وقت ؛ فذكر شرفهم ، وذم من خالفهم ، وتبرأ من عدوهم ، وأمر باتباع سنتهم وسيرتهم ، فرضي الله عنه وعنهم : هؤلاء الأربعة الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يجتمع حب هؤلاء الأربعة إلا في قلب مؤمن أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم » قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : فلن يحبهم إلا مؤمن تقي ، قد وفقه الله عز وجل للحق ، ولن يتخلف عن محبتهم ، أو عن محبة واحد منهم إلا شقي قد خطي به عن طريق الحق ، ومذهبنا فيهم أنا نقول في الخلافة والتفضيل : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي رضي الله عنهم . ويقال رحمكم الله : أنه لا يجتمع حب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي إلا في قلوب أتقياء هذه الأمة . وقال سفيان الثوري رحمه الله : لا يجتمع حب عثمان وعلي رضي الله عنهما إلا في قلوب نبلاء الرجال1748 - وحدثنا أبو العباس أحمد بن سهل الأشناني قال : حدثنا الربيع بن ثعلب قال : حدثنا إسماعيل بن علية وحدثني أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا زياد بن أيوب الطوسي قال : حدثنا إسماعيل بن علية ، عن حميد الطويل قال : قال أنس بن مالك : قالوا : إن حب عثمان وعلي رضي الله عنهما لا يجتمعان في قلب مؤمن ، كذبوا ، قد جمع الله عز وجل حبهما بحمد الله في قلوبنا قال محمد بن الحسين رحمه الله : وروي عن أيوب السختياني ، أنه قال : من أحب أبا بكر فقد أقام الدين ، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل ، ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله عز وجل ومن أحب عليا فقد استمسك بالعروة الوثقى ، ومن قال الحسنى في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد برئ من النفاق
باب ذكر مذهب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم
1749
- حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن
يونس قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الحسن بن عمارة ، عن فراس ، عن الشعبي ،
عن الحارث الأعور ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : أقبل أبو
بكر وعمر رضي الله عنهما وأنا جالس ، عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
« إن هذين سيدا كهول (1) أهل الجنة من الأولين والأخرين إلا النبيين
والمرسلين ، لا تخبرهما يا علي » . قال : فما ذكر ذلك لهما حتى هلكا
__________
(1) الكهل : الشخص الذي جاوز الثلاثين إلى الخمسين وتم عقله وحلمه
1750
- وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا المسيب بن واضح السلمي قال :
حدثنا سفيان بن عيينة ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن الحارث ، عن علي ، رضي
الله عنه قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل أبو بكر
وعمر رضي الله عنهما فقال : « يا علي ، هذان سيدا كهول (1) أهل الجنة من
الأولين والأخرين إلا النبيين والمرسلين ، لا تخبرهما يا علي » . قال :
فما أخبرتهما حتى ماتا
__________
(1) الكهل : الشخص الذي جاوز الثلاثين إلى الخمسين وتم عقله وحلمه
1751
- أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا وهب بن بقية
الواسطي قال عمر بن يونس اليمامي : عن عبد الله بن عمر ، عن الحسن بن زيد
بن الحسن قال : جاءه نفر من أهل العراق ، فقالوا : يا أبا محمد ، حديث
بلغنا أنك تحدثه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أبي بكر وعمر رحمهما
الله فقال : نعم ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر رضي الله
عنهما فقال : « يا علي هذان سيدا كهول (1) أهل الجنة بعد النبيين
والمرسلين »
__________
(1) الكهل : الشخص الذي جاوز الثلاثين إلى الخمسين وتم عقله وحلمه
1752
- وحدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا محمد بن
إسماعيل الصائغ قال : حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي قال : حدثنا محمد بن
عبد الرحمن قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ، رضي
الله عنه قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع أبو بكر وعمر
رضي الله عنهما فقال : « يا علي هذان سيدا كهول (1) أهل الجنة ما خلا
النبيين والمرسلين ممن مضى في سالف الدهر ومن في غابره ، يا علي لا
تخبرهما مقالتي ما عاشا » قال محمد بن الحسين رحمه الله : فهؤلاء أهل بيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم السادة الكرام - رضوان الله عليهم - يروون
عن علي رضي الله عنه مثل هذه الفضيلة في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما جزى
الله الكريم أهل البيت عن جميع المسلمين خيرا
__________
(1) الكهل : الشخص الذي جاوز الثلاثين إلى الخمسين وتم عقله وحلمه
1753
- وحدثنا أبو سعيد ، أيضا ؛ قال : حدثنا عباس الدوري قال : حدثنا خلف بن
الوليد أبو الوليد الجوهري قال : حدثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن سالم بن
أبي حفصة ، عن عبد الله بن مليل ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال
: إن لكل نبي سبعة نجباء من أمته ، وإن لنبينا صلى الله عليه وسلم أربعة
عشر نجيبا (1) ، منهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما
__________
(1) النجيب : الفاضل النفيس في نوعه
1754 - حدثنا أبو سعيد قال : حدثنا مطين الكوفي قال : حدثنا مصرف بن عمرو قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، ؛ قال : سمعت أبا جعفر يقول : من جهل فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقد جهل السنة
1755 - أنبأنا أبو القاسم إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا عبد الله بن نمير ، عن عبد الملك بن سلع الهمداني ، عن عبد خير قال : سمعت علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه يقول : قبض الله نبيه صلى الله عليه وسلم على خير ملة قبض عليها نبي من الأنبياء . قال : وأثنى عليه ، ثم استخلف أبو بكر رضي الله عنه فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسنته ثم قبض أبو بكر على خير ما قبض الله عز وجل عليه أحدا ، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم ، ثم استخلف عمر رضي الله عنه فعمل بعملهما وسنتهما ثم قبض عمر على خير ما قبض عليه أحد ، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها وبعد أبي بكر
1756 - وأنبأنا
أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا منذر بن محمد بن أبان
البغوي قال : حدثنا سعيد بن محمد الوراق قال : حدثنا كثير النواء ، عن أبي
شريحة قال : سمعت عليا ، رضي الله عنه يقول على المنبر : ألا إن أبا بكر
رضي الله عنه كان أواها (1) منيب (2) القلب ، ألا وإن عمر رضي الله عنه
ناصح الله فنصحه
__________
(1) الأوّاه : المتأوّه المُتضَرّع وقيل هو الكثير البكاء، وقيل الكثير
الدعاء.
(2) الإنابة : الرجوع إلى اللَّه بالتَّوبة
1757 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن سعيد بن سالم ، عن منصور بن دينار ، عن الأعمش ، والحسن بن عمرو ، وجامع بن أبي راشد ، ومحمد بن قيس ، وأبي حصين ، عن منذر الثوري ، عن محمد بن الحنفية ، رضي الله عنه قال : قلت لأبي : علي بن أبي طالب رضي الله عنه : من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ . قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ . قال : « ثم عمر » . ثم بادرت فخفت أن أسأله فقلت : ثم أنت ؟ . فقال : أبوك رجل من الناس له حسنات وسيئات ، يفعل الله ما يشاء «
1758 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن ناجية قال : حدثنا الحسن بن عرفة ، وزياد بن أيوب ، ومحمد بن أبي الوليد الفحام ، قالوا : حدثنا النضر بن إسماعيل أبو المغيرة قال : حدثنا محمد بن سوقة ، عن منذر الثوري ، عن ابن الحنفية قال : قلت لأبي رضي الله عنه يا أبه ، من أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ . قال لي : يا بني أو ما تعلم ؟ . قلت : لا . قال : أبو بكر . قلت : يا أبه ثم من ؟ . قال : أو ما تعلم ؟ . قلت : لا . قال : ثم عمر . قال : ثم عجلت فقلت : يا أبه ثم أنت الثالث ؟ . فقال : يا بني ، أبوك رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم
1759 - أنبأنا أبو سعيد المفضل بن محمد الجندي ، في المسجد الحرام ، قال : حدثنا أبو حمة محمد بن يوسف قال : حدثنا عبد الرزاق قال : حدثنا الثوري ، عن جامع بن أبي راشد ، عن أبي يعلى ، عن ابن الحنفية ، رضي الله عنه قال : قلت لأبي : يا أبتاه ، من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ . قال لي : يا بني أبو بكر . قال : قلت : ثم من يا أبتاه ؟ . قال : ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : فخشيت أن أسأل الثالثة فيرميني بعثمان ، قلت : ثم أنت يا أبتاه ؟ . قال : يا بني ، أبوك رجل من المسلمين
1760 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن المثنى ، ومحمد بن بشار قالا : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن جامع بن أبي راشد ، عن أبي يعلى منذر الثوري ، عن ابن الحنفية ، رحمه الله ، قال : قلت : يا أبه ، من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ . فقال : أبو بكر . قلت : ثم من ؛ قال : ثم عمر
1761 - وحدثنا الفريابي ، أيضا ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن أبي جحيفة قال : سمعت علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه على المنبر بالكوفة يقول : إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، ثم خيرهم بعد أبي بكر عمر والثالث لو شئت سميته
1762 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن مخلد العطار قال : حدثنا العباس بن محمد الدوري قال : حدثنا حسين الجعفي ، عن صالح بن موسى قال : سمعت أبي يسأل ، عاصم بن أبي النجود فقال : يا أبا بكر ، على ما تضعون هذا من علي رضي الله عنه خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، وخيرهم بعد أبي بكر عمر ، وعلمت مكان الثالث ، فقال له عاصم : ما نضعه إلا أنه عنى عثمان هو كان أفضل من أن يزكي نفسه رضي الله عنه
1763 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا إبراهيم بن منقذ الخولاني ، بمصر ، قال : حدثنا إدريس بن يحيى الخولاني ، عن الفضل بن المختار ، عن مالك بن مغول ، والقاسم بن الوليد الهمداني ، عن عامر الشعبي قال : قال أبو جحيفة : دخلت على علي رضي الله عنه فقلت : يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : مهلا يا أبا جحيفة ، مهلا يا أبا جحيفة ، ألا أخبرك بخير الناس بعد نبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو بكر وعمر ، ويحك يا أبا جحيفة ، لا يجتمع حبي وبغض أبي بكر وعمر في قلب مؤمن ، ويحك يا أبا جحيفة لا يجتمع بغضي وحب أبي بكر وعمر في قلب مؤمن
1764 - أنبأنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا أبو سلمة ، عن محمد بن طلحة بن مصرف ، عن أبي عبيدة بن الحكم الأسدي ، عن الحكم بن جحل قال : قال علي رضي الله عنه : لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر ، ولا يفضلني أحد عليهما إلا جلدته جلد المفتري
1765 - حدثنا
أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق
الله الكلوذاني قال : حدثنا يحيى بن إسحاق السالحيني قال : حدثنا سلمة بن
الأسود قال : أخبرني أبو عبد الرحمن قال : دخل علي ، رضي الله عنه على عمر
، رضي الله عنه وقد سجي (1) بثوبه ، فقال : ما أحد أحب إلي أن ألقى الله
عز وجل بصحيفته من هذا المسجى (2) بينكم ، ثم قال : رحمك الله ابن الخطاب
إن كنت بذات الله لعليما ، وإن كان الله عز وجل في صدرك لعظيما ، وإن كنت
لتخشى الله عز وجل في الناس ، ولا تخشى الناس في الله عز وجل كنت جوادا
بالحق ، بخيلا بالباطل ، خميصا من الدنيا ، بطينا من الآخرة ، لم تكن
عيابا ولا مداحا
__________
(1) سجي : غطي
(2) مسجى : مغطى
1766
- وحدثنا أبو بكر ، أيضا ، قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال :
حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد قال : حدثنا خلف بن حوشب ، عن أبي السفر ، ؛
قال : رؤي على علي بن أبي طالب رضي الله عنه برد (1) كان يكثر لبسه ، قال
: فقيل : يا أمير المؤمنين ، إنك لتكثر لبس هذا البرد ؟ . فقال : نعم ، إن
هذا كسانيه خليلي وصفيي (2) عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ثم قال : إن عمر
بن الخطاب رضي الله عنه ناصح الله فنصحه ، ثم بكى
__________
(1) البْرُدُ والبُرْدة : الشَّمْلَةُ المخطَّطة، وقيل كِساء أسود
مُرَبَّع فيه صورٌ
(2) صفيه : الذي يُصَافِيه الودَّ ويُخْلصُه له
1767
- حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا موسى بن عبد الرحمن القلاء قال :
حدثنا عطاء بن مسلم ، عن سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي مريم قال :
رأيت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه بردا (1) خلقا قد انسحقت حواشيه
(2) ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، إن لي إليك حاجة . قال : وما هي ؟ قلت :
تطرح هذا البرد وتلبس غيره . قال : فقعد وطرح البرد على وجهه وجعل يبكي .
فقلت : يا أمير المؤمنين ، لو علمت أن قولي يبلغ منك هذا ما قلته . فقال :
إن هذا البرد كسانيه خليلي . قلت : ومن خليلك ؟ قال : عمر رحمه الله إن
عمر عبد ناصح الله عز وجل فنصحه
__________
(1) البْرُدُ والبُرْدة : الشَّمْلَةُ المخطَّطة، وقيل كِساء أسود
مُرَبَّع فيه صورٌ
(2) الحواشي : الجوانب والأطراف
1768
- وحدثنا الفريابي قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : حدثنا خالد بن
عبد الله الواسطي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر الشعبي قال : قال
علي رضي الله عنه : ما كنا نبعد أن السكينة (1) تنطق على لسان عمر رضي
الله عنه
__________
(1) السكينة : الطمأنينة والمهابة والوقار
1769
- حدثنا الفريابي قال : حدثنا محمود بن غيلان المروزي قال : حدثنا عبد
الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن عاصم ، عن زر ، عن علي ، رضي الله عنه قال
: ما كنا نبعد أن السكينة (1) تنطق على لسان عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قال محمد بن الحسين رحمه الله : لما علم علي رضي الله عنه بفضائل عمر رضي
الله عنه وحسن منزلته من الله تعالى ومن رسوله صلى الله عليه وسلم زوجه
ابنته أم كلثوم رضي الله عنها ، وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، ورضوان الله على فاطمة ، وولدت منه ، ولقد قتل عمر رضي الله عنه
وهي عنده رضي الله عنها
__________
(1) السكينة : الطمأنينة والمهابة والوقار
1770
- أنبأنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا الليث بن سعد ،
عن هشام بن سعد ، عن عطاء الخراساني ، أنه قال : خطب عمر رضي الله عنه إلى
علي كرم الله وجهه أم كلثوم ابنته وهي من فاطمة رضي الله عنها بنت رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فقال علي رضي الله عنه إنها صغيرة . فقال عمر :
وإن كانت صغيرة ، فقال علي : فإني حبستها على ابن جعفر ، يعني : الطيار
رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : « إن كل نسب وصهر (1) منقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري » . فلذلك
رغبت فيها . فقال علي رضي الله عنه : فإني مرسلها إليك حتى تنظر إلى صغرها
. فأرسلها إليه . فقالت : إن أبي يقول لك : هل رضيت الحلة (2) ؟ فقال :
رضيتها ، فأنكحه علي رضي الله عنهما فأصدقها عمر أربعين ألفا
__________
(1) الصِّهر : القريب بالزواج
(2) الحُلَّة : ثوبَان من جنس واحد
1771
- أنبأنا أبو بكر بن أبي داود ؛ قال : حدثنا عمي محمد بن الأشعث قال :
حدثنا معلى قال : حدثنا وهيب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن عمر بن
الخطاب ، رضي الله عنه خطب إلى علي رضي الله عنه أم كلثوم رضي الله عنها
فقال : أنكحنيها . فقال علي كرم الله وجهه إني أرصدها (1) لابن أخي جعفر
رضي الله عنه فقال عمر : أنكحنيها ، فوالله ما أحد من الناس يرصد (2) من
أبيها ما أرصده ، فأنكحه ، فأتى عمر المهاجرين فقال : رفئوني . فقالوا :
بمن يا أمير المؤمنين ؟ فقال : لأم كلثوم بنت علي لفاطمة رضي الله عنهما
بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعت رسول الله يقول : « كل سبب ونسب
ينقطع يوم القيامة إلا ما كان من سببي ونسبي » فأحببت أن يكون بيني وبين
رسول الله صلى الله عليه وسلم نسب « قال محمد بن الحسين : هؤلاء الصفوة
الذين قال الله عز وجل : ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر
متقابلين (3) رضي الله عنهم
__________
(1) أرصدها : أعدها والمعنى أنه ينوي ذلك
(2) الرصد والترصد : الترقب والإعداد
(3) سورة : الحجر آية رقم : 47
1772 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عوف قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا شريك ، عن الأسود بن قيس ، عن عمرو بن قيس قال : قال علي رضي الله عنه : سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم وثنى أبو بكر وثلث عمر ، معناه سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفضل ، وثنى أبو بكر بعده بالفضل ، وثلث عمر بعد أبي بكر بالفضل رضي الله عنهم
1773 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أيوب بن منصور الضبعي قال : حدثنا شبابة يعني ابن سوار ؛ قال : حدثنا شعيب بن ميمون ، عن حصين بن عبد الرحمن ، وابن جناب ، كلاهما عن الشعبي ، عن شقيق بن سلمة قال : قيل لعلي رضي الله عنه : استخلف علينا . فقال : ما أستخلف ولكن إن يرد الله عز وجل بهذه الأمة خيرا يجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم على خيرهم
1774 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محمد بن معاوية بن مالج قال : حدثنا علي بن هاشم ، عن أبيه ، عن أبي الجحاف قال : قام أبو بكر رضي الله عنه بعدما بويع له ، وبايع له علي رضي الله عنه وأصحابه ، قام ثلاثا يقول : أيها الناس قد أقلتكم بيعتكم ، هل من كاره ؟ . قال : فيقوم علي رضي الله عنه في أوائل الناس فيقول : لا والله لا نقيلك ولا نستقيلك ، قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذا الذي يؤخرك ؟
1775 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد الأعرابي قال : حدثنا إبراهيم بن قهد قال : حدثنا محمد بن خالد الواسطي قال : حدثنا شريك ، عن أبي بكر الهذلي ، عن الحسن قال : قال علي رضي الله عنه : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه فصلى بالناس وقد رأى مكاني ، وما كنت غائبا ولا مريضا ، ولو أراد أن يقدمني لقدمني ، فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا
1776 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن العباس الطيالسي
، قال هلال بن العلاء الرقي قال : حدثنا أبي ، قال : إسحاق الأزرق قال :
حدثنا أبو سنان ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة الهلالي قال :
وافقنا من علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذات يوم طيب نفس ومزاحا ، فقلنا :
يا أمير المؤمنين حدثنا عن أصحابك ، قال : كل أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم أصحابي . قلنا : حدثنا عن أصحابك خاصة ، قال : ما كان لرسول
الله صلى الله عليه وسلم صاحب إلا كان لي صاحبا ، قلنا : حدثنا عن أبي بكر
، قال : ذاك امرؤ سماه الله عز وجل صديقا على لسان جبريل ولسان محمد
عليهما الصلاة والسلام ، كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضيه
لديننا ، فرضيناه لدنيانا قلنا : حدثنا عن عمر بن الخطاب ؛ قال : ذلك امرؤ
سماه الله عز وجل الفاروق ، فرق بين الحق والباطل ، سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : « اللهم أعز الإسلام بعمر » قلنا : حدثنا عن عثمان
بن عفان ، قال : ذلك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين ، كان ختن (1)
رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه ، ضمن له بيتا في الجنة قلنا :
حدثنا عن طلحة بن عبيد الله ، قال : فقال : ذاك امرؤ نزلت فيه آية من كتاب
الله عز وجل فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا (2) طلحة
منهم ، لا حساب عليه في مستقبل قالوا : يا أمير المؤمنين ، حدثنا عن
الزبير بن العوام ، قال : ذاك امرؤ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : « لكل نبي حواري (3) ، وحواري الزبير » قالوا : فحدثنا عن حذيفة ،
قال : ذاك رجل علم المعضلات والمقفلات ، وعلم أسماء المنافقين ، إن تسألوه
عنها تجدوه بها عالما قالوا : فحدثنا عن أبي ذر ، قال : ذاك امرؤ سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : « ما أظلت الخضراء (4) ، ولا أقلت
الغبراء (5) من ذي لهجة (6) أصدق من أبي ذر ، طلب شيئا من الزهد عجز عنه
الناس ، قالوا : يا أمير المؤمنين ، فحدثنا عن سلمان الفارسي ، قال : ذاك
منا أهل البيت ، إنما أدرك علم الأولين وعلم الآخرين ، من لكم بلقمان
الحكيم قلنا : فحدثنا عن ابن مسعود ، قال : ذاك امرؤ قرأ القرآن فعلم
حلاله وحرامه ، وعمل بما فيه ، ثم نزل عنده وخيم قلنا : فحدثنا عن عمار بن
ياسر ، قال : ذاك امرؤ ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : » خلط
الله عز وجل الإيمان ما بين قرنه (7) إلى قدمه ، وخلط الإيمان بلحمه ودمه
، يزول مع الحق حيث زال ، وليس ينبغي للنار أن تأكل منه شيئا « قالوا : يا
أمير المؤمنين ، فحدثنا عن نفسك ، قال : مه (8) ، نهى الله عز وجل عن
التزكية (9) . قالوا : يا أمير المؤمنين ، إن الله عز وجل قال وأما بنعمة
ربك فحدث (10) قال : كنت امرأ أبتدئ فأعطي ، وإن سكت فأبتدأ ، وإن تحت
الجوانح مني لعلما جما ، سلوني
__________
(1) الختن : قريب الزوجة كأبيها وأخيها ، وزوج الابنة ، وزوج الأخت
(2) سورة : الأحزاب آية رقم : 23
(3) الحواري : الناصر والصديق والمعين
(4) الخضراء : السماء
(5) الغبراء : الأرض
(6) اللهجة : لغة الإنسان وكلامه
(7) القرن : جانب الرأس
(8) مه : كلمة زجر بمعنى كف واسكت وانته
(9) التزكية : المدح على سبيل الإعجاب
(10) سورة : الضحى آية رقم : 11
1777
- حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي الأشناني قال : حدثنا أحمد بن عبد
الحميد بن خالد قال : حدثنا أبو أسامة ، عن مسعر قال : حدثني أبو عون
الثقفي ، عن محمد بن حاطب قال : ذكروا عثمان عند الحسين بن علي رضي الله
عنهم فقال الحسين : هذا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يأتيكم الآن
فاسألوه عنه ؟ فجاء علي فسألوه عن عثمان رضي الله عنهما ؟ فتلا هذه الآية
في المائدة ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح (1) كلما مر بحرف من
الآية قال : كان عثمان من الذين آمنوا ، كان عثمان من الذين اتقوا ، ثم
قرأ إلى قوله عز وجل والله يحب المحسنين
__________
(1) سورة : المائدة آية رقم : 93
1778 - حدثنا أبو جعفر محمد بن خالد البرذعي ، في المسجد الحرام ، قال : حدثنا محمد بن سليمان ، ابن بنت مطر الوراق قال : حدثنا أبو قطن ، عن شعبة ، عن أبي عون ، عن محمد بن حاطب قال : سئل علي رضي الله عنه عن عثمان رضي الله عنه قال : « كان من الذين آمنوا ثم اتقوا وآمنوا »
1779 - حدثني أبو
حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا أبو معاوية
الضرير ، عن أبي بكر الهذلي ، عن الحسن قال : دخل عبد الله بن الكواء ،
وقيس بن عباد على علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد ما فرغ من قتال الجمل
، فقالا له : أخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت رأيا رأيته حين تفرقت الأمة
واختلفت الدعوة ، إنك أحق الناس بهذا الأمر ، فإن كان رأيا رأيته أجبناك
في رأيك ، وإن كان عهدا عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنت
الموثوق المأمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حدثت عنه ، قال :
فتشهد علي رضي الله عنه وكان القوم إذا تكلموا تشهدوا قال : فقال : أما أن
يكون عندي عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا والله ، ولو كان عندي
عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تركت أخا بني تميم بن مرة ، ولا
ابن الخطاب على منبره ، ولو لم أجد إلا يدي هذه ، ولكن نبيكم صلى الله
عليه وسلم نبي رحمة لم يمت فجاءة ، ولم يقتل قتلا ، مرض ليالي وأياما ،
وأياما وليالي ، يأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة فيقول : « مروا أبا بكر فليصل
بالناس » وهو يرى مكاني ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرنا في
أمرنا ، فإذا الصلاة عضد الإسلام وقوام الدين فرضينا لدنيانا من رضي رسول
الله صلى الله عليه وسلم لديننا ، فولينا الأمر أبا بكر رحمه الله ، فأقام
أبو بكر رضي الله عنه بين أظهرنا الكلمة جامعة ، والأمر واحد لا يختلف
عليه منا اثنان ، ولا يشهد أحد منا على أحد بالشرك ، ولا يقطع منه البراءة
، فكنت والله آخذ إذا أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بيده هذه الحدود
بين يديه ، فلما حضرت أبا بكر الوفاة ولاها عمر رحمه الله فأقام عمر بين
أظهرنا الكلمة جامعة ، والأمر واحد لا يختلف عليه منا اثنان ، ولا يشهد
أحد منا على أحد بالشرك ، ولا يقطع منه البراءة ، فكنت والله آخذ إذا
أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بيدي هذه الحدود بين يديه ، فلما حضرت
عمر رضي الله عنه الوفاة ، ظن أنه لن يستخلف خليفة فيعمل ذلك الخليفة
بخطيئة إلا لحقت عمر في قبره ، فأخرج منها ولده وأهل بيته ، وجعلها إلى
ستة رهط (1) من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان فينا عبد الرحمن
بن عوف فقال : هل لكم أن أدع لكم نصيبي منها على أن أختار لله ولرسوله ،
وأخذ ميثاقنا على أن نسمع ونطيع لمن ولاه أمرنا ، فضرب بيده يد عثمان
فبايعه ، فنظرت في أمري ، فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي وإذا الميثاق في عنقي
لغيري ، فاتبعت عثمان لطاعته حتى أديت إليه حقه رحمه الله
__________
(1) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة
1780
- حدثني عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محمد بن معاوية بن مالج قال :
حدثنا كثير بن مروان الفلسطيني ، عن الحسن بن عمارة ، عن المنهال بن عمرو
، عن سويد بن غفلة قال : مررت بنفر من الشيعة يتناولون أبا بكر وعمر رضي
الله عنهما وينتقصونهما ، فدخلت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقلت :
يا أمير المؤمنين ، مررت بنفر من أصحابك يذكرون أبا بكر وعمر بغير الذي
هما فيه من الأمة أهلا ، ولولا أنهم يرون أنك تضمر لهما مثل ما أعلنوا ما
اجترؤا على ذلك ، قال علي رضي الله عنه : أعوذ بالله ، أعوذ بالله أن أضمر
لهما إلا الذي أتمنى عليه المضي ، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل
، أخوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه ووزيراه رحمة الله عليهما ثم
قام دامع العين يبكي قابضا على يدي حتى دخل المسجد فصعد المنبر وجلس عليه
متمكنا قابضا على لحيته ينظر فيها وهي بيضاء ، حتى اجتمع له الناس ثم قام
فتشهد بخطبة موجزة بليغة ، ثم قال : ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي
المسلمين بما أنا عنه متنزه ، وعما قالوا بريء ، وعلى ما قالوا معاقب ،
أما والذي فلق الحبة وبرأ (1) النسمة ، لا يحبهما إلا مؤمن تقي ، ولا
يبغضهما إلا فاجر ردي ، صحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق
والوفاء ، يأمران وينهيان ويقضيان ويعاقبان ، فما يجاوزان فيما يصنعان رأي
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى
مثل رأيهما رأيا ، ولا يحب كحبهما أحدا ، مضى رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهو عنهما راض ، والمؤمنون عنهما راضون ، آمن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أبا بكر على صلاة المؤمنين ، فصلى بهم تسعة أيام في حياة رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قبض الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم
، واختار له ما عنده ، وولاه المؤمنون ذلك وفوضوا الزكاة إليه ، لأنهما
مقرونتان ، ثم أعطوه البيعة طائعين غير مكرهين ، أنا أول من سن له ذلك من
بني عبد المطلب ، وهو لذلك كاره ، يود أحدا منا كفاه ذلك ، وكان والله خير
من بقي ، وأرأفه رأفة وأثبته ورعا وأقدمه سنا وإسلاما ، شبهه رسول الله
صلى الله عليه وسلم بميكائيل رأفة ورحمة ، وبإبراهيم عفوا ووقارا ، فسار
فينا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى على أجله ذلك ، ثم ولى
الأمر بعده عمر رحمه الله ، واستأمر المسلمين في هذا ، فمنهم من رضي ،
ومنهم من كره ، وكنت فيمن رضي ، فلم يفارق الدنيا حتى رضيه من كان كرهه ،
فأقام الأمر على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه ، يتبع آثارهما
كاتباع الفصيل أثر أمه ، فكان والله رفيقا رحيما بالضعفاء ، وللمؤمنين
عونا ، وناصرا للمظلومين علىالظالمين ، لا تأخذه في الله لومة (2) لائم ،
ثم ضرب الله عز وجل بالحق على لسانه ، وجعل الصدق من شأنه حتى كنا نظن أن
ملكا ينطق على لسانه ، فأعز الله بإسلامه الإسلام ، وجعل هجرته للدين
قواما ، وألقى الله عز وجل له في قلوب المنافقين الرهبة ، وفي قلوب
المؤمنين المحبة ، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل عليه السلام
، فظا غليظا على الأعداء وبنوح حنقا مغتاظا على الكفار ، الضراء على طاعة
الله عز وجل آثر عنده من السراء على معصية الله ، فمن لكم بمثلهما رحمة
الله عليهما ورزقنا المضي على أثرهما ، فمن لكم بمثلهما ؟ فإن لا يبلغ
مبلغهما إلا باتباع أثرهما والحب لهما ، فمن أحبني فليحبهما ، ومن لم
يحبهما فقد أبغضني وأنا منه بريء ، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت
على هذا أشد العقوبة ؛ ولكنه لا ينبغي لي أن أعاقب قبل التقدم ، ألا فمن
أتيت به يقول هذا بعد اليوم فإن عليه ما على المفتري ، ألا وإن خير هذه
الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ، ثم الله أعلم بالخير أين هو ، أقول قولي
هذا ويغفر الله لي ولكم حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال
: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال : حدثنا بشر بن حجر السامي قال : حدثنا
حفص بن عمر الدارمي ، عن الحسن بن عمارة ، عن المنهال بن عمرو ، عن سويد
بن غفلة قال : مررت بقوم من الشيعة ، وذكر نحوا من الحديث الذي قبله إلى
آخره
__________
(1) برأ : خلق وأوجد من العدم
(2) اللوم : العَذَل والتعنيف
1781
- أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن منصور
المروزي وحدثني أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا أحمد بن
منصور المروزي ويعرف بابن زاج قال : حدثني أحمد بن مصعب المروزي قال :
حدثنا عمر بن أبي الهيثم بن خالد القرشي ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أسيد
بن صفوان وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وحدثني عمر بن أيوب
السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا يحيى بن مسعود قال : حدثني
أبو حفص العبدي ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أسيد بن صفوان ، صاحب رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : لما قبض أبو بكر رضي الله عنه وسجي عليه
ارتجت (1) المدينة بالبكاء كيوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم فجاء علي بن
أبي طالب رضي الله عنه باكيا مسترجعا مسرعا وهو يقول : « اليوم انقطعت
خلافة النبوة ، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر ، وأبو بكر رضي
الله عنه مسجى (2) ، فقال : رحمك الله أبا بكر كنت إلف رسول الله صلى الله
عليه وسلم وأنيسه ومستراحه وثقته وموضع سره ومشاورته ، وكنت أول القوم
إسلاما ، وأخلصهم إيمانا ، وأسدهم يقينا ، وأخوفهم لله عز وجل ، وأعظمهم
غناء في دين الله ، وأحوطهم على رسوله ، وأحدبهم على الإسلام ، وأمنهم على
أصحابه ، أحسنهم صحبة ، وأكثرهم مناقب ، وأفضلهم سوابق ، وأرفعهم درجة ،
وأقربهم وسيلة ، وأشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم هديا (3) وسمتا
(4) ورحمة وفضلا ، أشرفهم منزلة ، وأكرمهم عليه وأوثقهم عنده ، فجزاك الله
عن الإسلام وعن رسوله خيرا ، كنت عنده بمنزلة السمع والبصر ، صدقت رسول
الله صلى الله عليه وسلم حين كذبه الناس ، فسماك الله عز وجل في تنزيله
صديقا ، فقال في كتابه والذي جاء بالصدق (5) محمد صلى الله عليه وسلم وصدق
به أبو بكر ، واسيته حين بخلوا ، وأقمت معه عند المكاره حين عنه قعدوا ،
وصحبته في الشدة أكرم الصحبة ، وصاحبه في الغار والمنزل عليه السكينة ،
ورفيقه في الهجرة ، وخلفته في دين الله عز وجل وأمته أحسن الخلافة ، حين
ارتد الناس فقمت بالأمر ما لم يقم به خليفة نبي ، فنهضت حين وهن أصحابك ،
وبرزت حين استكانوا ، وقويت حين ضعفوا ، ولزمت منهاج رسول الله صلى الله
عليه وسلم فكنت خليفته حقا ، لم تنازع ولم تصدع برغم المنافقين وكبت
الكافرين وكره الحاسدين وفسق الفاسقين وغيظ الباغين ، وقمت بالأمر حين
فشلوا ، ونطقت إذ تتعتعوا ، ومضيت بنور إذ وقفوا ، اتبعوك فهدوا ما كنت
أخفضهم صوتا وأعلاهم فوقا وأقلهم كلاما وأصوبهم منطقا ، وأطولهم صمتا ،
وأبلغهم قولا ، وأكثرهم رأيا ، وأشجعهم نفسا وأعرفهم بالأمور ، وأشرفهم
عملا ، كنت والله للدين يعسوبا ، أولا حين نفر عنه الناس ، وآخرا حين
فتنوا ، كنت والله للمؤمنين أبا رحيما حين صاروا عليك عيالا ، حملت أثقال
ما ضعفوا ، ورعيت ما أهملوا ، وحفظت ما أضاعوا ، تعلم ما جهلوا ، وشمرت إذ
خنعوا ، وعلوت إذ هلعوا (6) ، وصبرت إذ جزعوا ، وأدركت آثار ما طلبوا ،
وراجعوا رشدهم برأيك فظفروا ، ونالوا ما لم يحتسبوا ، كنت على الكافرين
عذابا صبا ، وللمؤمنين رحمة وأنسا وحصنا ، فطرت بعبائها وفزت بحبائها
وذهبت بفضائلها ، ولم يزع قلبك ولم يجبن ، كنت والله كالجبل لا تحركه
العواصف ولا تزيله القواصف ، كنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
» أمن الناس عنده في صحبته « وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم » ضعيفا
في بدنك ، قويا في أمر الله ، متواضعا في نفسك ، عظيما عند الله عز وجل ،
جليلا في أعين الناس ، كبيرا في أنفسهم « لم يكن لأحد فيك مغمز ، ولا
لقائل فيك مهمز ، ولا لأحد فيك مطمع ، ولا لمخلوق عندك هوادة (7) ، الضعيف
الذليل عندك قوي حتى تأخذ له بحقه ، القوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ
منه الحق ، القريب والبعيد في ذلك عندك سواء ، أقرب الناس إليكم أطوعهم
لله تبارك وتعالى وأتقاهم له ، شأنك الحق والصدق والرفق ، قولك حكم وحتم ،
أمرك حلم وجزم ، ورأيك علم وعزم ، فأقلعت وقد نهج السبيل ، وسهل العسير ،
وأطفئت النيران ، واعتدل بك الدين ، وقوي الإيمان ، وثبت الإسلام
والمسلمون ، وظهر أمر الله ولو كره الكافرون ، فجليت عنهم فأبصروا ، فسبقت
والله سبقا بعيدا ، واتعبت من بعدك إتعابا شديدا ، وفزت بالخير فوزا مبينا
، فجللت عن البكاء ، وعظمت رزيئتك في السماء ، وهدت مصيبتك الأنام ، فإنا
لله وإنا إليه راجعون ، رضينا عن الله قضاه ، وسلمنا له أمره ، والله لن
يصاب المسلمون بعد رسوله صلى الله عليه وسلم بمثلك أبدا ، كنت للدين عزا
وحرزا (8) وكهفا ، وللمؤمنين فئة وحصنا ، وعلى المنافقين غلظة وكظا وغيظا
، فألحقك الله بنبيك ولا حرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك ، فإنا لله وإنا إليه
راجعون . وسكت الناس حتى انقضى كلامه رضي الله عنه ثم بكوا حتى علت
أصواتهم ، فقالوا : صدقت يا ختن (9) رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
محمد بن الحسين رحمه الله : قد ذكرت من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب رضي الله عنه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وعثمان معهما لمقتول
ظلما رضي الله عنه وعظيم قدرهم عنده ما تأدى إلينا ما فيه مبلغ لمن عقل
فميز جميع ما تقدم ذكرنا له ، فمن أراد الله الكريم به خيرا فميز ذلك علم
أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم كما قال الله عز وجل ونزعنا
ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (10) وعلم أن هؤلاء الصفوة من
صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم الذين قال الله عز وجل والسابقون الأولون
من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه
وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم (11)
، وكذلك جميع صحابته ضمن الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم أن لا
يخزيه فيهم وأنه يتم لهم يوم القيامة نورهم ويغفر لهم ويرحمهم ؛ قال الله
عز وجل يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم
وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير (12)
وقال عز وجل محمد رسول الله ، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم
تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ، سيماهم في وجوههم من أثر
السجود ، ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره
فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ، وعد الله الذين
آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما » (13) قال محمد بن الحسين
رحمه الله : فنعوذ بالله ممن في قلبه غيظ لأحد من هؤلاء أو لأحد من أهل
بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو لأحد من أزواجه ، بل نرجوا بمحبتنا
لجميعهم الرحمة والمغفرة من الله الكريم إن شاء الله
__________
(1) ارتج : اضطرب واهتز
(2) مسجى : مغطى
(3) الهدي : السيرة والهيئة والطريقة
(4)
والسَّمْت : عبارةٌ عن الحالة التي يكونُ عليها الإنسانُ من السَّكينة
والوَقار، وحُسْن السِّيرة والطَّريقة واستقامةِ المَنْظر والهيئة
(5) سورة : الزمر آية رقم : 33
(6) الهلع : أشد الجزع والضجر
(7) الهوادة : اللين ، وما يرجى به الصلاح بين القوم ، والسكون والرخصة
والمحاباة
(8) الحرز : الحصن الواقي والموفر للحفظ والحماية والصيانة
(9) الختن : قريب الزوجة كأبيها وأخيها ، وزوج الابنة ، وزوج الأخت
(10) سورة : الحجر آية رقم : 47
(11) سورة : التوبة آية رقم : 100
(12) سورة : التحريم آية رقم : 8
(13) سورة : الفتح آية رقم : 29
ذكر دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم قال محمد بن الحسين رحمه الله : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، والحمد لله على كل حال ، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم . أما بعد : فإن سائلا سأل عن دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ، كيف كان بدؤ شأن دفنهما معه ؟ وكيف صفة قبريهما مع قبره ؟ وهل كان تقدم من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أثر أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يدفنان معه في بيت واحد ، في بيت عائشة رضي الله عنها ؟ . فأحب السائل أن يعلم ذلك علما شافيا فأجبته إلى الجواب عنه ، والله المعين عليه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قال محمد بن الحسين رحمه الله : من عني بمعرفة فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنه وفضائل المهاجرين والأنصار على حسب ما تقدم ذكرنا في كتاب الشريعة ، لا بد له أن يعلم علم هذه المسألة ليزداد علما ويقينا وعقلا ، ولا يعارضه الشك في صحة دفنهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمتى عارضه جاهل لا علم معه كان معه علم ينفي به الشك حتى يرده إلى اليقين الذي لا شك فيه ، والله الموفق لكل رشاد . اعلموا يا معشر المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أنه ميت ، وقد علم أنه يدفن في بيته بيت عائشة رضي الله عنها وقد علم أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يدفنان معه ، والدليل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم : « بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة » . وقوله صلى الله عليه وسلم : « ما بين بيت عائشة ومنبري روضة من رياض الجنة » وقوله صلى الله عليه وسلم : « ما قبض الله تبارك وتعالى نبيا إلا دفن حيث قبض » . فهذا يدل على أنه قد علم صلى الله عليه وسلم أنه يدفن في بيت عائشة رضي الله عنها وستأتي من الأخبار ما يدل على علم النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته أنه يدفن في بيته بيت عائشة رضي الله عنها وأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يدفنان معه ، وأول من تنشق عنه الأرض النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم عن أبي بكر ثم عن عمر رضي الله عنهما
باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : « بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة »
1782 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي قال : حدثنا محمد بن عمر قال : حدثنا نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، ويزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير ، عن جبير بن الحويرث ، عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « ما بين منبري هذا وقبري روضة من رياض الجنة »
1783 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال
: حدثنا أبو معمر القطيعي ، ومحمد بن أبي عمر العدني ، ويوسف بن موسى
القطان ، قالوا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمار الدهني ، عن أبي سلمة ،
عن أم سلمة ، رحمها الله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « ما بين
قبري ومنبري روضة (1) من رياض الجنة ، وإن قوائم منبري هذا رواتب (2) في
الجنة »
__________
(1) الروضة : البستان
(2) رواتب : جمع راتبة أي ثابتة قائمة
1784
- وحدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا نصر بن علي
قال : أنبأنا سفيان بن عيينة ، عن عمار الدهني ، عن أم سلمة ، زوج النبي
صلى الله عليه وسلم ، قال : « قوائم منبري هذا على ترع (1) الجنة وما بين
بيت عائشة ومنبري روضة (2) من رياض الجنة ومنبري على حوضي »
__________
(1) التُّرعة : الروْضة والدرجة المرتفعة ومعناه أن الصلاة والذكر في هذا
الموضع يؤديان إلى الجنة، فكأنه قِطْعة منها
(2) الروضة : البستان
1785
- حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا القاسم بن عثمان
الجوعي قال : حدثنا عبد الله بن نافع ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما بين بيتي ومنبري روضة (1)
من رياض الجنة وإن منبري على حوضي » قال محمد بن الحسين رحمه الله : تدل
هذه السنن على أنه قد علم صلى الله عليه وسلم أنه يدفن في بيت عائشة رضي
الله عنها وأن قبره بإزاء منبره ، وبينهما روضة من رياض الجنة
__________
(1) الروضة : البستان
باب ذكر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وعدد سنيه التي قبض عليها
1786 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثني إبراهيم بن المنذر الحزامي قال : حدثنا محمد بن فليح ، عن موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة
1787 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا يحيى بن طلحة الأنصاري ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة
1788 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن خالد البرذعي في المسجد الحرام ، قال : حدثنا محمد بن سليمان ابن بنت مطر الوراق قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، عن معاوية بن أبي سفيان ، رحمه الله ، قال : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين ، وأبو بكر وهو ابن ثلاث وستين ، وعمر وهو ابن ثلاث وستين
1789 - حدثنا أبو عبد الله الحسين
بن محمد بن عفير الأنصاري قال : حدثنا محمد بن يحيى الأزدي قال : حدثنا
المثنى بن بحر القشيري قال : حدثنا عبد الواحد بن سليمان ، عن الحسن بن
الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال : لما
كان قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام هبط عليه جبريل عليه
السلام ، فقال : يا محمد أرسلني إليك من هو أعلم بما تجد منك خاصة لك
وإكراما لك ، وتفضيلا لك ، يقول لك كيف تجدك ؟ قال : « أجدني يا جبريل
مغموما ، وأجدني يا جبريل مكروبا » فلما كان اليوم الثاني هبط عليه جبريل
عليه السلام فقال : يا محمد أرسلني إليك من هو أعلم بما تجد منك خاصة لك
وإكراما لك ، وتفضيلا لك ، يقول لك : كيف تجدك ؟ . قال : « أجدني يا جبريل
مغموما ، وأجدني يا جبريل مكروبا » قال : فلما كان اليوم الثالث هبط جبريل
ومعه ملك الموت ، ومعه ملك على شماله يقال له : إسماعيل ، جنده سبعون ألف
ملك ، جند كل ملك منهم مائة ألف ، وما يعلم جنود ربك إلا هو (1) استأذن
ربه عز وجل في لقاء محمد صلى الله عليه وسلم والتسليم عليه ، فسبقهم جبريل
عليه السلام ، فقال : السلام عليك يا محمد ، أرسلني إليك من هو أعلم بما
تجد منك خاصة لك وإكراما لك وتفضيلا لك ، يقول لك : كيف تجدك ؟ قال : «
أجدني مغموما وأجدني مكروبا » . قال : واستأذن ملك الموت ، فقال جبريل :
يا محمد ، هذا ملك الموت يستأذن عليك ، واعلم أنه لم يستأذن على أحد قبلك
، ولا يستأذن على أحد بعدك ؛ قال : « ائذن له يا جبريل » . قال : فدخل ،
فقال : السلام عليك يا محمد ، أرسلني إليك ربي وربك ، وأمرني أن أطيعك
فيما تأمرني به ؛ إن أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها ، وإن كرهت تركتها ؛ قال
: « وتفعل ذلك يا ملك الموت ؟ » قال : بذلك أمرت يا محمد ، فأقبل عليه
جبريل فقال : يا محمد ، إن الله عز وجل قد اشتاق إليك وأحب لقاءك ، فأقبل
النبي صلى الله عليه وسلم على ملك الموت فقال : « امض لما أمرت به » .
فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسمعنا قائلا يقول وما نرى شيئا : في
الله عزاء من كل هالك ، وعوض من كل مصيبة وخلف من كل ما فات ، فبالله
فثقوا ، وإياه فارجوا ؛ فإن المحروم من حرم الثواب
__________
(1) سورة : المدثر آية رقم : 31
1790
- حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عباد قال : حدثنا بكر بن
سليمان ، عن محمد بن إسحاق قال : وحدثني حسين بن عبد الله ، عن عكرمة ، عن
عبد الله بن عباس وذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء ،
وضع على سريره في بيته ، وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه ، فقال قائل :
ندفنه في مسجده ، وقال قائل : يدفن مع أصحابه . فقال أبو بكر رضي الله عنه
: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما قبض نبي إلا دفن حيث
يقبض » فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي عليه فحفر له
تحته ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا (1) ، الرجال
حتى إذا فرغوا دخل النساء ، حتى إذا فرغن دخل الصبيان ، ولم يؤم الناس على
رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد ثم دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم من
وسط الليل ليلة الأربعاء
__________
(1) الأرسال : جمع رَسَل وهي الأفواج والفرق المتقطعة التي يتبع بعضها بعضا
1791
- حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا
داود بن عمرو الضبي قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن عمر بن سعيد بن أبي
حسين قال : حدثنا ابن أبي مليكة ، أن أبا عمرو ، مولى عائشة ، أخبره أن
عائشة رضي الله عنها قالت : إن مما أنعم الله تعالى علي أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قبض في بيتي ، وتوفي بين سحري (1) ونحري (2) ، وجمع الله
الكريم بين ريقي (3) وريقه عند الموت ، دخل علي أخي عبد الرحمن وأنا مسندة
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدري وبيده السواك ، فجعل ينظر إليه ،
وكنت أعرف أنه يعجبه السواك ، فقلت : آخذه لك ؟ . فأومأ (4) برأسه : نعم ،
فناولته إياه فأدخله في فيه فاشتد عليه ، فتناولته فقلت : ألينه لك ؟
فأومأ برأسه أن : نعم ، فلينته له ، فأمره وبين يديه ركوة (5) فيها ماء ،
فجعل يدخل يده فيها ويمسح بها وجهه ويقول : « لا إله إلا الله ، إن للموت
لسكرات » . ثم نصب يده وأشار ابن أبي حسين بأصبعه يقول : الرفيق الأعلى .
حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومالت يده قال محمد بن الحسين
رحمه الله : مرادنا من هذا دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى
الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها
__________
(1) السَّحْر : الرِّئَةُ وقيل السَّحْر ما لَصِق بالحُلقْوم من أعْلَى
البَطْن
(2) النحر : موضع الذبح من الرقبة
(3) الريق : الرضاب ( ماء الفم )
(4) الإيماء : الإشارة بأعضاء الجسد كالرأس واليد والعين ونحوه
(5) الركوة : إناءٌ صغير من جِلْدٍ للشرب وغيره
باب ذكر دفن النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها
1792 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة قال : أخبرني أبي ، عن عبيد بن عمير الليثي قال : لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم اختلف أصحابه في دفنه ، فمنهم من قال : ادفنوه في البقيع ، ومنهم من قال : ادفنوه في مقابر أصحابه . فقال أبو بكر رضي الله عنه : لا ينبغي رفع الصوت على نبي حيا ولا ميتا ؛ فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أبو بكر مؤتمن على ما جاء به ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما من نبي يموت إلا دفن في موضعه » . فدفنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضعه
1793 - وحدثنا أبو بكر المطرز ، أيضا ، قال : حدثنا عمار بن الحسن النسائي قال : حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، عن حسين بن عبد الله ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وضع على سريره في بيته ، وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه ، فقال قائل : ندفنه في مسجده ، وقال قائل : يدفن مع أصحابه . فقال أبو بكر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما قبض الله عز وجل نبيا إلا دفن حيث قبض »
1794 - حدثنا أبو بكر المطرز ، أيضا ، قال : حدثنا إبراهيم بن حاتم قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، أن عائشة ، رحمها الله رأت في المنام كأن قمرا جاء يهوي من السماء فوقع في حجرتها ، ثم قمر ثم قمر ، ثلاثة أقمار فقصتها على أبي بكر رضي الله عنه فقال أبو بكر : إن صدقت رؤياك دفن خير أهل الأرض ثلاثة في بيتك ، أو قال : في حجرتك . قال أيوب : فحدثني أبو يزيد المديني قال : لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفن ، قال أبو بكر رضي الله عنه : يا عائشة هذا خير أقمارك
1795 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا
بشر بن الوليد القاضي قال : حدثنا أبو حفص عمر بن عبد الرحمن ، عن سليمان
الشيباني ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن جدته ، عن عائشة ، رضي الله عنها
قالت : لقد أعطيت تسعا ما أعطيتها امرأة بعد مريم ابنة عمران : لقد نزل
جبريل عليه السلام بصورتي في راحته حتى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يتزوجني ، ولقد تزوجني بكرا (1) وما تزوج بكرا غيري ، ولقد قبض ورأسه
صلى الله عليه وسلم في حجري ، ولقد قبرته في بيتي ، ولقد حفت الملائكة
بيتي ، وإن كان الوحي ينزل عليه في أهله فيتفرقون عنه ، وإن كان لينزل
عليه وإني لمعه في لحافه (2) ، وإني لابنة خليفته وصديقه ، ولقد نزل عذري
(3) من السماء ، ولقد خلقت طيبة ، وعند طيب ، ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريما
__________
(1) البكر : العذراء التي لم يسبق لها الزواج
(2) اللحاف : الغطاء
(3) العذر : البراءة
باب ذكر دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم قال محمد بن الحسين رحمه الله : لم يختلف جميع من شمله الإسلام ، وأذاقه الله الكريم طعم الإيمان أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما دفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها وليس هذا مما يحتاج فيه إلى الأخبار والأسانيد المروية : فلان عن فلان ، بل هذا من الأمر العام المشهور الذي لا ينكره عالم ولا جاهل بالعلم ، بل يستغني بشهرة دفنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم عن نقل الأخبار : والدليل على صحة هذا القول : أنه ما أحد من أهل العلم قديما ولا حديثا ممن رسم لنفسه كتابا نسبه إليه من فقهاء المسلمين ، فرسم كتاب المناسك ، إلا وهو يأمر كل من قدم المدينة ممن يريد حجا أو عمرة أو لا يريد حجا ولا عمرة ، وأراد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والمقام بالمدينة لفضلها إلا وكل العلماء قد أمروه ورسموه في كتبهم وعلموه كيف يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وكيف يسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما علماء الحجاز قديما وحديثا ، وعلماء أهل العراق قديما وحديثا ، وعلماء أهل الشام قديما وحديثا ، وعلماء أهل مصر قديما وحديثا ، وعلماء خراسان قديما وحديثا ، وعلماء أهل اليمن قديما وحديثا ، فلله الحمد على ذلك . فصار دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر المشهور الذي لا خلاف فيه بين علماء المسلمين ، وكذلك هو مشهور عند جميع عوام المسلمين ممن ليس من أهل العلم ، أخذوه نقلا وتصديقا ومعرفة ، لا يتناكرونه بينهم في كل بلد من بلدان المسلمين . ولا يمكن أن قائلا يقول : إن خليفة من خلفاء المسلمين قديما ولا حديثا أنكر دفن أبي بكر وعمر مع النبي صلى الله عليه وسلم منذ خلافة عثمان بن عفان وخلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وخلافة بني أمية ، لا يتناكر ذلك الخاصة والعامة ، وكذلك خلافة ولد العباس رضي الله عنه لا يتناكرونه إلى وقتنا هذا ، وإلى أن تقوم الساعة ويدفن معهم عيسى ابن مريم عليه السلام ، كذا روي عن عبد الله بن سلام
1796 - حدثنا أبو العباس عبد الله بن الصقر السكري قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال : حدثنا عبد الله بن نافع الصائغ ، عن الضحاك بن عثمان ، عن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه قال : الأقبر الثلاثة : قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبر أبي بكر ، وقبر عمر رضي الله عنهما وقبر رابع يدفن فيه عيسى ابن مريم عليه السلام
1797 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب بن خالد ، قدم مكة ، قال : حدثنا يحيى بن سليمان بن نضلة الكعبي قال : قال هارون الرشيد لمالك بن أنس : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ . فقال مالك رحمه الله : كقرب قبريهما من قبره بعد وفاته . فقال : شفيتني يا مالك ، شفيتني يا مالك قال محمد بن الحسين رحمه الله : فلا الرشيد بحمد الله أنكر هذا من قول مالك ، بل تلقاه من مالك بالتصديق والسرور ، ومالك فقيه الحجاز أخبر الرشيد عن دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم بما لا ينكره أحد ، لا شريف ولا غيره . فلله الحمد . ولو قال قائل : إن النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما خلقوا من تربة واحدة لصدق في قوله . فإن قال قائل : وما الحجة في ما قلت ؟ . قيل : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبر فقال : « من هذا ؟ » . فقالوا : فلان الحبشي . فقال : « سبحان الله ، سيق من أرضه وسمائه إلى التربة التي خلق منها » . فدل بهذا القول أن الإنسان يدفن في التربة التي خلق منها من الأرض . كذا النبي صلى الله عليه وسلم خلق هو وأبو بكر وعمر من تربة واحدة ، دفنوا ثلاثتهم في تربة واحدة
1798 - أنبأنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكشي قال : حدثنا سليمان بن داود الشاذكوني قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال : أخبرني أنيس بن أبي يحيى ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري قال : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض المدينة ، فمر بقبر فقال : « من هذا ؟ » . قالوا : فلان الحبشي . فقال : « سبحان الله سيق من أرضه وسمائه إلى التربة التي خلق منها »
1799 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا محمد بن يوسف بن أبي معمر قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة المخزومي قال : حدثنا مالك بن مغول قال : سمعت محارب بن دثار يقول : أليس يحزنك أن أمتنا قد فرقوا دينهم إذ اشتجروا بعد نبي الهدى وصاحبه الصديق والمرتضى به عمر ثلاثة برزوا وبسبقهم ينصرهم ربهم إذا نشروا فليس من مسلم له بصر ينكر تفضيلهم إذا ذكروا عاشوا بلا فرقة ثلاثتهم واجتمعوا في الممات إذا قبروا قال محمد بن الحسين رحمه الله : وسألت أبا بكر أحمد بن غزال ، وكان حسن الستر ، من أهل القرآن والنحو والعلم ، من جلساء أبي بكر بن الأنباري ، أن ينشدني في دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنشدني من قوله : ألا إن النبي وصاحبيه كمثل الفرقدين بلا افتراق على رغم الروافض قد تصافوا وعاشوا في مودة باتفاق وصاروا بعد موتهم جميعا إلى قبر تضمن باعتناق إلى ما فيه قد خلقوا أعيدوا ومنها يبعثون إلى السياق فقل للرافضي : تعست يا من يباين في العداوة والشقاق لأهل السبق والأفضال حقا طوال الدهر تطرح في وثاق فعند الموت تبصر سوء هذا وبعد الموت تحشر في الخناق وأهل البيت حبهم بقلبي وأصحاب النبي لدي رتاق بهم نرجوا السلامة من جحيم تسعر للمخالف باحتراق وفوزا في الجنان بدار خلد ونلقى بالتحية في التلاق وهذا واضح شكرا لربي مكين عند أهل الحق باق
1800 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا أبو العباس إسحاق بن يعقوب العطار قال : حدثنا سوار بن عبد الله قال : حدثنا أبي قال : قال رجل لمالك بن أنس : يا أبا عبد الله ، إني أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أسلم على أحد معه . فقال له مالك رحمه الله : « اجلس » ، فجلس فقال : تشهد ، فتشهد حتى قال : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فقال مالك : هما من عباد الله الصالحين ، فسلم عليهما يعني أبا بكر وعمر رضي الله عنهما
1801 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، أخو كرخويه ، قال : حدثنا معاذ بن معاذ قال : حدثنا ابن عوف قال : سأل رجل نافعا : هل كان ابن عمر يسلم على القبر ؟ . قال : نعم ، لقد رأيته مائة مرة أو أكثر من مائة مرة كان يمر فيقوم عنده فيقول : السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، السلام على أبي بكر ، السلام على أبي قال محمد بن الحسين رحمه الله : فإن قال قائل : فإنا قد رأينا بالمدينة أقواما إذا نظروا إلى من يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ينكرون عليه ويكلمونه بما يكره ، فلم صار هذا هكذا ، وعن من أخذوا هذا ؟ قيل له : ليس الذي يفعل هذا ممن له علم ومعرفة ، هؤلاء نشأوا مع طبقة غير محمودة يسبون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فليس يعول على مثل هؤلاء فإن قال قائل : فإن فيهم أقواما من أهل الشرف يعينونهم على هذا الأمر القبيح في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ؟ قيل له : معاذ الله ، قد أجل الله الكريم أهل الشرف من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذريته الطيبة من أن ينكروا دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ، هم أزكى وأطهر وأعلم الناس بفضل أبي بكر وعمر وبصحة دفنهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما ينبغي لأحد أن ينحل هذا الخلق القبيح إليهم ، هم عندنا أعلى قدرا وأصوب رأيا مما ينحل إليهم فإن كان قد أظهر إنسان منهم مثلما تقول ، فلعله أن يكون سمع من بعض من يقع في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويذكرهما بما لا يحسن ، فظن أن القول كما قال ، وليس كل من رفعه الله الكريم بالشرف بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عني بالعلم ، فعلم ما له مما عليه ، إنما يعول في هذا على أهل العلم منهم . والذي عندنا أن أهل البيت رضي الله عنهم الذين عنوا بالعلم ينكرون على من ينكر دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ، بل يقولون : إن أبا بكر وعمر مع النبي صلى الله عليه وسلم دفنا في بيت عائشة رحمها الله تعالى ، ويروون في ذلك الأخبار ولا يرضون بما ينكره من جهل العلم وجهل فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فإن قال قائل : إيش الدليل على ما تقول ؟ . قلت : هذا طاهر بن يحيى يروي عن أبيه يحيى بن حسين بن جعفر بن عبيد الله بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، يروي عنه كتابا ألفه في فضل المدينة وشرفها ، ذكر في كتابه في باب دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ووصف في الكتاب كيف دفنهما معه ، وصوره في الكتاب ، صور البيت والأقبر الثلاثة . ورواه عن عائشة رضي الله عنهما فقال : قبر النبي صلى الله عليه وسلم المقدم وقبر أبي بكر عند رجل النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبر عمر عند رجل أبي بكر ، فصوره يحيى بن حسين رضي الله عنهم وسمعه منه الناس بمكة والمدينة ، وقرأه طاهر بن يحيى كما سمعه من أبيه ، وهو كتاب مشهور سألت أبا عبد الله جعفر بن إدريس القزويني ، إماما من أئمة المسجد الحرام في قيام رمضان وأحد المؤذنين فحدثني بهذا وذلك أني رأيت الكتاب معه مجلدا كبيرا شبيها بمائة ورقة ، سمعه من طاهر بن يحيى فيه فضل المدينة ، وفي الكتاب باب صفة دفن النبي صلى الله عليه وسلم ، وصفة قبر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فسألته فحدثني قال : حدثنا طاهر بن يحيى قال : حدثني أبي : يحيى بن الحسين قال : هذه صفة القبور في صفة بعض أهل الحديث ، عن عروة ، عن عائشة وهو مخطوط في الكتاب الذي ألفه طاهر بن يحيى بن الحسين على هذا النعت في الكتاب . قال محمد بن الحسين رحمه الله : فهذا طاهر بن يحيى رضي الله عنه وعن سلفه وعن ذريته يروون مثل هذا ويرسمونه في كتبهم ، ولا ينكرون شرف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فنحن نقبل من مثل هؤلاء الذرية الطيبة المباركة جميع ما أتوا به من الفضائل في أبي بكر وعمر ، وهل يروي أكثر فضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وولده من بعده ، يأخذه الأبناء عن الآباء إلى وقتنا هذا ، ونحن نجل أهل البيت رضي الله عنهم أن ينحل إليهم مكروه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أو تكذيب لدفنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم
1802 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسين الحراني قال : حدثنا علي بن الجعد قال : أنبأنا زهير يعني : ابن معاوية قال : قال أبي لجعفر بن محمد رضي الله عنهما إن جارا لي يزعم أنك تتبرأ من أبي بكر وعمر ، فقال جعفر بن محمد : برئ الله من جارك ، إني لأرجو أن ينفعني الله عز وجل بقرابتي من أبي بكر رضي الله عنه ولقد اشتكيت شكاة فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم
1803 - وحدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن سالم بن أبي حفصة قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي وجعفر بن محمد رضي الله عنهم عن أبي بكر ، وعمر ، رضي الله عنهما فقالا : يا سالم ، تولهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هدى . قال ابن فضيل : قال سالم : قال لي جعفر بن محمد : يا سالم أيسب الرجل جده ، أبو بكر رحمه الله جدي لا تنالني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما
1804
- وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا فضل
بن سهل الأعرج قال : حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال : ثنا محمد بن
طلحة ، عن خلف بن حوشب ، عن سالم بن أبي حفصة قال : دخلت على جعفر بن محمد
رضي الله عنهما أعوده (1) وهو مريض فأراه قال : من أجلي : « اللهم إني أحب
أبا بكر وعمر وأتولاهما ، اللهم إن كان في نفسي سوى هذا فلا تنلني شفاعة
محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة »
__________
(1) العيادة : زيارة الغير
1805
- حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا إسحاق بن
يحيى الدهقان قال : حدثنا محمد بن عبيد قال : حدثنا عبد الله بن حكيم بن
جبير ، عن أبيه قال : كنت في مجلس فيه رهط (1) من الشيعة ، فعاب بعضهم أبا
بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقلت : على من يقول هذا لعنه الله ؟ فقال رجل
من القوم : من أبي جعفر أخذناه ، قال : فلقيت أبا جعفر ، فقلت : ما تقول
في أبي بكر وعمر ؟ قال : وما يقول الناس فيهما ؟ فقلت : يقلونهما ، فقال :
إنما يقول ذلك فيهما المراق ، تولهما مثل ما تتولى به أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب رضي الله عنه
__________
(1) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة
1806 - وحدثنا أبو سعيد قال : حدثنا إسحاق بن يحيى قال : حدثنا محمد بن عبيد قال : حدثنا هاشم بن البريد ، عن أبيه قال : سمعت زيد بن علي ، رضي الله عنهما يقول : البراءة من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما البراءة من علي رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله : فعن مثل هؤلاء السادة الكرام الأتقياء العلماء العقلاء الذين قد فقههم الله عز وجل في الدين وعلموا الحلال من الحرام وعلموا فضل الصحابة فيؤخذ العلم عن مثل هؤلاء ، ليس يؤخذ عمن جهل العلم ، بل إذا سمع منه ما لا يحسن وقف على ذلك ووعظ ، ورفق به وقيل له : أنت وسلفك أجل عندنا من أن نظن بك أنك تجهل فضل أبي بكر وعمر أو تنكر دفنهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال له : أنت لم تأخذ هذا الذي تنكره من فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من سلفك الصالح ، إنما أخذته من صنف يزعمون أنهم يتولونكم ، يسمون : الرافضة ، الذي روى جدك علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : « تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة ، شرهم قوم ينتحلون حبنا أهل البيت ويخالفون أعمالنا » وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « يظهر في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام » ويقال له : نحن نجلك عن مذاهب هؤلاء ونرغب بشرفك عن مذاهب هؤلاء الذين قد خطئ بهم عن طريق الحق ولعبت بهم الشياطين
1807
- حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو
موسى محمد بن المثنى قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا محمد بن سوقة ،
عن حبيب بن أبي ثابت ، عن علي ، رضي الله عنه قال : تفترق هذه الأمة على
بضع وسبعين فرقة شرهم قوم ينتحلون (1) حبنا أهل البيت ويخالفون أعمالنا
__________
(1) ينتحل : يدعي كذبا
1808 - وحدثنا ابن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا فضيل بن مرزوق قال : سمعت حسن بن حسن ، رضي الله عنهما يقول لرجل من الرافضة : والله لئن أمكن الله منكم لتقطعن أيديكم وأرجلكم ولا يقبل منكم توبة ، وقال : وسمعته يقول : مرقت علينا الرافضة كما مرقت الحرورية على علي رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله : فمن سمع هذا من أهل البيت اتبع سلفه الصالح وشنئ مذاهب الرافضة الذين لا عقل لهم ولا دين قال محمد بن الحسين رحمه الله : وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه لما حضرته الوفاة ، قال لهم : إذا مت وفرغتم من جهازي فاحملوني حتى تقفوا بباب البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فقفوا بالباب وقولوا : السلام عليك يا رسول الله ، هذا أبو بكر يستأذن فإن أذن لكم وفتح الباب ، وكان الباب مغلقا ، فأدخلوني فادفنوني ، وإن لم يؤذن لكم فأخرجوني إلى البقيع وادفنوني . ففعلوا فلما وقفوا بالباب وقالوا هذا : سقط القفل وانفتح الباب ، وسمع هاتف من داخل البيت : أدخلوا الحبيب إلى الحبيب فإن الحبيب إلى الحبيب مشتاق . وروي عن عمر بن الخطاب لما قتله أبو لؤلؤة لعنة الله على أبي لؤلؤة أوصى الخليفة بعده بما أراد ، قال لابنه عبد الله : يا عبد الله ائت أم المؤمنين عائشة ، رحمها الله ، فقل لها : إن عمر يقرأ عليك السلام ولا تقل : أمير المؤمنين ، فإني لست اليوم للمؤمنين بأمير ، وقل : يستأذن أن يدفن مع صاحبيه ، فإن أذنت فادفنوني معهما ، وإن أبت فردوني إلى مقابر المسلمين ، فأتاها عبد الله وهي تبكي ، فقال : إن عمر يستأذن أن يدفن مع صاحبيه ، فقالت : لقد كنت أدخر ذاك المكان لنفسي ولأؤثرنه اليوم على نفسي ، ثم رجع فلما أقبل ، قال عمر : أقعدوني ثم قال : ما وراك ؟ . قال : قد أذن لك ، قال : الله أكبر ما شيء أهم إلي من ذلك المضجع ، فإذا أنا قبضت فاحملوني ثم قولوا : يستأذن عمر فإن أذنت فادفنوني وإلا فردوني إلى مقابر المسلمين أنبأنا بهذا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا إسحاق بن شاهين أبو بشر الواسطي قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون - واللفظ ، لخالد بن عبد الله - وذكر قصة مقتل عمر رضي الله عنه ووصيته ثم قال : يا عبد الله ائت أم المؤمنين ، وذكر الحديث قال محمد بن الحسين رحمه الله : جميع ما ذكرته من الأخبار يصدق بعضها بعضا ، يدل على صحة دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم مع ما أوقع الله الكريم صحة ذلك في قلوب المؤمنين ، واطمأنت إليه القلوب وسكنت إليه النفوس ، وبالله التوفيق ، وسنأتي بزيادات على ذلك
1809 - أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا محرز بن عون قال : حدثنا عبد الله بن نافع المدني ، عن أبي بكر بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا أول من تنشق الأرض عنه ثم أبو بكر وعمر ثم أهل البقيع يبعثون معي ثم أهل مكة ثم أحشر بين أهل الحرمين »
1810 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا الحكم بن موسى ، ويحيى بن عبد الحميد الحماني - وهذا لفظ الحكم - قال : حدثنا سعيد بن مسلمة ، عن إسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد وأبو بكر عن يمينه ، وعمر عن يساره قال : « هكذا نبعث يوم القيامة »
باب ذكر صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وصفة قبر أبي بكر وصفة قبر عمر رضي الله عنهما
1811
- حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا أحمد بن صالح المصري
قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك قال : أخبرني عمرو بن عثمان بن
هانئ ، عن القاسم قال : دخلت على عائشة رحمها الله تعالى فقلت : يا أمه
اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فكشفت لي عن ثلاثة أقبر لا
مشرفة (1) ولا لاطئة (2) ، مبطوحة (3) ببطحاء العرصة (4) الحمراء ؛ قال :
فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدما وأبا بكر عند رأسه ، وعمر عند
رجلي النبي صلى الله عليه وسلم . قال : فوصف لي عمرو قبورهم كما وصفها له
القاسم ، ووصفها أحمد بن صالح هذه الصورة
__________
(1) المشرف : المرتفع عن مستوى الأرض
(2) لاطئة : مستوية على وجه الأرض ، يقال : لطأ بالأرض أي لصق بها
(3) مبطوحة : مسواة مبسوطة على الأرض
(4) العرصة : الأرض الخلاء والساحة ليس فيها بناء
1812
- وحدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا سعيد بن عثمان
الخياط قال : سمعت إسحاق بن البهلول قال : حدثنا ابن أبي فديك قال حدثني
عمرو بن عثمان بن هانئ ، عن القاسم قال : دخلت على عائشة رضي الله عنها
فقلت : يا أمه ، اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فكشفت
لي عن ثلاثة أقبر لا مشرفة (1) ولا لاطئة (2) ، مبطوحة (3) ببطحاء العرصة
(4) الحمراء ؛ قال : فرأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مقدما وأبو بكر
رضي الله عنه عند رأسه ورجلاه بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وعمر رضي الله عنه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم ، وخطه ابن أبي فديك
في كتاب ابن مخلد الخطط كما أخطها إن شاء الله تعالى
__________
(1) المشرف : المرتفع عن مستوى الأرض
(2) لاطئة : مستوية على وجه الأرض ، يقال : لطأ بالأرض أي لصق بها
(3) مبطوحة : مسواة مبسوطة على الأرض
(4) العرصة : الأرض الخلاء والساحة ليس فيها بناء
1813 - حدثنا ابن مخلد ، أيضا ، قال : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي يقول : كتب أهل البصرة يسألون مصعبا يعني : الزبيري عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم فإنا قد اختلفنا ؟ . فقال مصعب : قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما هكذا ، ومثله إبراهيم الحربي في البيت الذي فيه الأقبر هكذا . قال إبراهيم الحربي : رجلا عمر تحت الجدار
1814 - حدثنا ابن مخلد قال : قرأت على إبراهيم الحربي كتاب المناسك ؛ قال : فتولي ظهرك القبلة وتستقبل وسطه ، وتقول : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، وذكر السلام والدعاء ، قال : ثم تتقدم على يسارك قليلا وقل : السلام عليك يا أبا بكر وعمر وذكر الحديث
1815 - وحدثنا ابن مخلد
قال : حدثنا روح بن الفرج بن زكريا أبو حاتم المؤدب قال : حدثنا أبو طالب
عبد الجبار بن عاصم قال : حدثنا شعيب بن إسحاق ، عن هشام بن عروة قال :
حدثني أبي ، قال : كان الناس يصلون إلى القبر ، فأمر عمر بن عبد العزيز
رحمه الله فرفع حتى لا يصلي فيه الناس ، فلما هدم بدت قدم بساق ورقبة ؛
قال : ففزع من ذلك عمر بن عبد العزيز فأتاه عروة فقال : هذا ساق عمر رضي
الله عنه وركبته ، فسري (1) عن عمر بن عبد العزيز قال محمد بن الحسين رحمه
الله : وفيه رواية أخرى بصفة غير هذه الصفة
__________
(1) التسرية : الكشف والإزالة وتأتي بمعنى التخفيف
1816 - حدثنا ابن مخلد قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن يوسف بن أبي معمر قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة المخزومي قال : حدثنا مالك بن مغول قال : حدثني رجاء بن حيوة قال : كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله أن اكسر مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وحجراته ، وقد كان اشتراها من أهلها وأرغبهم في ثمنها ، وكان الوليد هو الذي بنى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومسجد مكة ومسجد دمشق ومسجد مصر ، وأن تبني مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء عمر بن عبد العزيز حتى قعد في ناحية المسجد وقعدت معه ثم أمر بهدم الحجرات فما رأيت باكيا ولا باكية أكثر من يومئذ جزعا ، حيث كسرت حجرات النبي صلى الله عليه وسلم ثم بناه ، فلما أراد أن يبني البيت على الأقبر فكسر البيت الأول الذي كان عليه فظهرت القبور الثلاثة ، وكان الرمل الذي عليه قد انهار عليها ، فأراد عمر أن يقوم فيسويها ويضعون البناء ، قال رجاء : فقلت له : أصلح الله الأمير ؛ إنك إن قمت قام الناس معك فوطئوا الأقبر ، فلو أمرت رجلا أن يصلحها ، ورجوت أن يأمرني بذلك فقال : يا مزاحم قم فأصلحها ؛ قال رجاء بن حيوة : فكان قبر النبي صلى الله عليه وسلم المقدم ، وقبر أبي بكر رضي الله عنه خلف رأسه عند وسط النبي صلى الله عليه وسلم وعمر خلف أبي بكر ، رأسه عند وسط أبي بكر رضي الله عنهما
1817 - حدثنا ابن مخلد ، أيضا ، قال :
حدثنا سعيد بن عثمان ، عن عباس الخياط قال : سمعت ابن بهلول يعني : إسحاق
قال : حدثنا إسحاق بن عيسى ابن بنت داود بن أبي هند قال : حدثنا عثيم بن
بسطام المديني قال : رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم عمر بن
عبد العزيز فرأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مرتفعا نحوا من أربع أصابع
عليه حصباء (1) إلى الحمرة ما هي ، ورأيت قبر أبي بكر رضي الله عنه وراء
قبر النبي صلى الله عليه وسلم أسفل منه ، ورأيت قبر عمر رضي الله عنه وراء
قبر أبي بكر رضي الله عنه أسفل منه ، ووصفه ابن مخلد في الحديث بالخطط
هكذا قال محمد بن الحسين رحمه الله : وهذا على ما ذكره يحيى بن الحسين في
كتابه ، فقد اتفقت الأخبار كلها على أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما
مدفونان مع النبي صلى الله عليه وسلم ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله
على محمد النبي وآله وسلم ، وفيما ذكرته مقنع إن شاء الله تعالى ، وبه
الثقة
__________
(1) الحصباء : الحجارة الصغيرة
كتاب فضائل عائشة رضي الله عنها
قال محمد بن الحسين رحمه الله : اعلموا رحمنا الله وإياكم أن عائشة رضي الله عنها وجميع أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، فضلهن الله عز وجل برسوله صلى الله عليه وسلم ، أولهن خديجة رضي الله عنها وقد ذكرنا فضلها ، وبعدها عائشة رضي الله عنها شرفها عظيم ، وخطرها جليل ، فإن قال قائل : فلم صار الشيوخ يذكرون فضائل عائشة دون سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ممن كان بعدها ، أعني : بعد خديجة وبعد عائشة رضي الله عنهما قيل له : لما أن حسدها قوم من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرموها بما قد برأها الله تعالى منه وأنزل فيه القرآن وأكذب فيه من رماها بباطله ، فسر الله الكريم به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأقر به أعين المؤمنين ، وأسخن به أعين المنافقين ، عند ذلك عني العلماء بذكر فضائلها رضي الله عنه زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة . روي أنه قيل لعائشة رحمها الله : أن رجلا قال : إنك لست له بأم فقالت : صدق أنا أم المؤمنين ، ولست بأم المنافقين وبلغني عن بعض الفقهاء من المتقدمين أنه سئل عن رجلين حلفا بالطلاق ، حلف أحدهما أن عائشة أمه ، وحلف الآخر أنها ليست بأمه فقال : كلاهما لم يحنث . فقيل له : كيف هذا ؟ . لا بد من أن يحنث أحدهما فقال : إن الذي حلف أنها أمه هو مؤمن لم يحنث ، والذي حلف إنها ليست أمه هو منافق لم يحنث . قال محمد بن الحسين رحمه الله : فنعوذ بالله ممن يشنأ عائشة حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الطيبة المبرأة الصديقة ابنة الصديق أم المؤمنين رضي الله عنها وعن أبيها خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلمباب ذكر تزويج النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها
1818
- حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا عبد
الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ،
عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« رأيتك في المنام مرتين ، أرى رجلا يحملك في سرقة (1) حرير فيقول : هذه
امرأتك ، فأكشفها فإذا هي أنت فأقول : إن يكن هذا من عند الله يمضه (2) »
__________
(1) السرقة : قطعة من الحرير
(2) يمضه : يتمه ويحققه وينجزه وينفذه
1819
- حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو
موسى محمد بن المثنى قال : حدثنا حجاج بن المنهال قال : حدثنا حماد يعني :
ابن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « أتيت بجارية في سرقة (1) من حرير
بعد وفاة خديجة رضي الله عنها فإذا هي أنت ، فقلت : إن يكن هذا من عند
الله عز وجل يمضه » . قال : « ثم أتيت بجارية في سرقة من حرير فكشفتها ،
فإذا هي أنت ، فقلت : إن يكن هذا من عند الله عز وجل يمضه » . قال : « ثم
أتيت بجارية في سرقة من حرير فكشفتها فإذا هي أنت ، فقلت إن يكن هذا من
عند الله عز وجل يمضه »
__________
(1) السرقة : قطعة من الحرير
1820
- حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا
داود بن عمر وقال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن عبد الله بن عمرو بن علقمة ،
عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن عائشة ،
رحمها الله تعالى ، قالت : جاء بي جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله
عليه في خرقة (1) حرير خضراء فقال : هذه زوجتك في الدنيا والآخرة
__________
(1) الخرقة : القطعة من الثوب الممزق
1821 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار ؛ قال : حدثنا محمد بن يوسف بن أبي معمر قال : حدثنا الوليد بن الفضل العمري قال : حدثنا صالح بن يزيد ، عن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أتاني جبريل عليه السلام فقال لي : إن الله عز وجل قد زوجك ابنة أبي بكر ومعه صورة عائشة » . قال : فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال : « يا أبا بكر إن جبريل عليه السلام أتاني وقال : إن الله عز وجل قد زوجني ابنتك فأرنيها » . قال : فأخرج إليه أسماء بنت أبي بكر فأراه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليست هذه الصورة التي أرانيها جبريل عليه السلام » . قال : إن لي ابنة صغيرة لم تبلغ ، قال : « أرنيها » فأخرج إليه عائشة رضي الله عنها فقال : « هذه الصورة التي أتاني بها جبريل عليه السلام وقال : إن الله عز وجل قد زوجنيها » . قال : زوجتك بها يا رسول الله
باب ذكر مقدار سن عائشة رضي الله عنها وقت تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم
1822 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف التاجر قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رحمها الله تعالى : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهى ابنة سبع سنين ، ودخلت عليه وهي بنت تسع سنين
1823 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن المثنى أبو موسى الزمن قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، رحمها الله قالت : تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع ، يعني : وقت دخوله بها وهي بنت تسع ، ومات عنها وهى بنت ثماني عشرة سنة
1824 - وحدثنا ابن عبد الحميد ، أيضا ، قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم متوفى خديجة رضي الله عنها قبل مخرجه من مكة وأنا ابنة سبع سنين أو ست سنين ، فلما قدمنا المدينة جاءني نسوة وأنا ألعب على أرجوحة وأنا محممة فهيأنني وصنعنني ثم أتين بي رسول الله صلى الله عليه وسلم
1825 -
وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا وكيع ، عن
سفيان ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عبد الله بن عروة ، عن عروة ، عن عائشة
قالت : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال وبنى بي في شوال فأي
نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى (1) عنده مني قال : وكانت تحب
أن تدخل نساءها في شوال
__________
(1) أحظى : أقرب مكانة ودنوا
باب ذكر محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها وملاعبته إياها
1826
- حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر ، يعني : محمدا
العدني قال : حدثنا الحسن بن علي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال :
حدثني أبي ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب قال : أخبرني محمد بن عبد
الرحمن بن الحارث بن هشام ، أن عائشة ، رضي الله عنها قالت : أرسل أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي
الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنت عليه وهو مضطجع في
مرطي (1) فأذن لها ، قالت : يا رسول الله ، إن أزواجك أرسلنني يسألنك
العدل في ابنة أبي قحافة ، وأنا ساكتة ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « يا بنية ، ألست تحبين من أحب ؟ » . قالت : بلى ؛ قال : « فأحبي
هذه » . فقامت فاطمة رضي الله عنها حين سمعت ذلك من رسول الله صلى الله
عليه وسلم فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتهن بالذي قالت
لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه
وسلم
__________
(1) المرط : كساء من صوف أو خز أو كتان
1827 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال : حدثنا حجاج بن منهال قال : حدثنا حماد ، يعني ابن سلمة قال : حدثنا الجريري ، عن عبد الله بن شقيق ، أن عمرو بن العاص قال : يا رسول الله أي الناس أحب إليك ؟ . قال : « عائشة » . قال : من الرجال ؟ قال : « أبو بكر »
1828 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا المسيب بن واضح قال : حدثنا المعتمر يعني : ابن سليمان ، عن حميد ، عن أنس قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أحب الناس إليك ؟ . قال : « عائشة » . قال : ليس عن أهلك نسألك ، قال : « فأبوها »
1829 -
حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا أبو موسى قال : حدثنا عبد الرحمن بن
مهدي قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن غالب ، أن رجلا نال
من عائشة رضي الله عنها عند عمار بن ياسر ، فقال : أغرب مقبوحا (1) منبوحا
(2) أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) مقبوحا : مذموما مبعدا
(2) المَنْبُوح : المَشْتُوم يقال : نَبَحَتْنِي كِلابُك : أي لَحِقَتْنِي
شَتَائِمُك وأََصْله من نُباَح الكَلب ، وهو صِيَاحُه
1830 - أنبأنا ابن عبد الحميد ، أيضا ، قال : حدثنا أبو موسى الزمن قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، أنه كان إذا حدث عن عائشة ، رحمها الله ، قال : حدثتني المبرأة الصديقة ابنة الصديق ، حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
1831 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف
قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن أيوب ، عن أبي قلابة
، عن عائشة ، إن ناسا كانوا يلعبون فاطلعت عائشة رحمها الله فزبرها (1)
أبو بكر رضي الله عنه ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقال : «
ما شأنك ؟ » . فقالت : دعني منك ؛ قال : « إنك لا تتركين » . فأخبرته ،
فقال لها : « قومي فانظري » . فقامت وأدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم
رأسها من تحت يديه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جعلت أرثي (2)
له من طول القيام
__________
(1) زبره : انتهره وزجره
(2) أرثي : أتوجع
1832
- حدثنا ابن عبد الحميد ، أيضا ، قال : حدثنا أبو موسى قال : حدثنا عثمان
بن عمر قال : أنبأنا يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : والله
لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي ، والحبشة
يلعبون بحرابهم (1) في مسجد رسول الله ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم
يسترني بردائه (2) لكي أنظر إلى لعبهم ، ثم يقوم قوما حتى أكون أنا أنصرف
، فاقدروا (3) قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو
__________
(1) الحربة : أداة قتال أصغر من الرمح ولها نصل عريض
(2) الرداء : ما يوضع على أعالي البدن من الثياب
(3) اقدروا : أي اعرفوا قدرها وراعوا حالها
1833
- حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا أبو موسى قال : حدثنا محمد بن جعفر
قال : حدثنا شعبة ، عن الحجاج بن عاصم المحاربي ، عن أبي الأسود ، عن عمرو
بن حريث قال : كان زنج يلعبون في المدينة فوضعت عائشة رضي الله عنها حنكها
على منكب (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت تنظر
__________
(1) المنكب : مُجْتَمَع رأس الكتف والعضد
1834 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال : حدثنا زيد بن الحباب قال : حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة ، عن محمد بن عبد الرحمن بن خلاد الأنصاري ، عن أم مبشر وكانت بعض خالاته قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها وأنا عندها فوضع يده على ركبتيها فأسر إليها شيئا دوني فدفعت في صدره ، فقلت : ما لك يا كذا وكذا تفعلين هذا برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « دعيها فإنهن يفعلن هذا وأشد من هذا »
1835 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إني لأعلم إذا كنت عني راضية ، وإذا كنت علي غضبى » قالت : فقلت : من أين تعرف ذلك ؟ قال : « إذا كنت عني راضية فإنك تقولين : لا ورب محمد ، وإذا كنت غضبى قلت : لا ورب إبراهيم » . قالت : قلت : أجل ما أهجر إلا اسمك
باب سلام جبريل عليه السلام على عائشة رضي الله عنها
1836 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني ؛ قال : حدثنا محمد بن الصباح قال : حدثنا وكيع قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : « إن جبريل يقرئك السلام » . فقالت : « وعليه السلام ورحمة الله »
1837 -
حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر يعني : محمدا
العدني قال : حدثنا سفيان ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن قال : سمعت عائشة ، رضي الله عنها تقول : رأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم واضعا يده على معرفة فرس قائما يكلم دحية الكلبي قالت : فقلت :
يا رسول الله رأيتك واضعا يدك على معرفة فرس قائما تكلم دحية الكلبي ؛ قال
: « وقد رأيتيه » . قلت : نعم ؛ قال : « فذلك جبريل عليه السلام وهو يقرئك
السلام » . فقلت : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ، جزاه الله خيرا من
صاحب ودخيل ، فنعم الصاحب ونعم الدخيل (1)
__________
(1) الدخيل : الضيف
1838 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أنبأنا زكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن جبريل عليه السلام يقرأ عليك السلام » . فقلت : وعليه السلام ورحمة الله
باب ذكر علم عائشة رضي الله عنها
1839
- حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثني جدي قال : حدثنا
موسى بن أعين ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق قال : قلنا له : هل كانت
عائشة رحمها الله تحسن الفرائض (1) ؟ قال : والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى
الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض
__________
(1) الفرائض : المواريث ، وعلم تعرف به قسمتها ، وهي أيضا : الأنصبة
المقدرة في كتاب الله
1840
- وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا أبو
معاوية قال : حدثنا الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، أنه قيل له : هل كانت
عائشة رضي الله عنها تحسن الفرائض (1) ؟ . قال : إي والذي نفسي بيده ، لقد
رأيت مشيخة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض
__________
(1) الفرائض : المواريث ، وعلم تعرف به قسمتها ، وهي أيضا : الأنصبة
المقدرة في كتاب الله
1841
- أنبأنا يوسف بن يعقوب القاضي قال : أنبأنا أبو الربيع الزهراني قال :
حدثنا أبو شهاب ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، أن أبا موسى
الأشعري قال لعائشة رحمها الله تعالى : قد شق علي اختلاف أصحاب محمد صلى
الله عليه وسلم في أمر إني لأفظعه أن أذكره لك فقالت : ما هو ؟ . قال :
الرجل يأتي (1) المرأة ثم يكسل (2) فلا ينزل ؟ . فقالت : إذا جاوز الختان
(3) الختان فقد وجب الغسل . فقال أبو موسى : لا أسأل عن هذا أحدا بعدك
__________
(1) الإتيان : الجماع
(2) يكسل : يضعف عن الإنزال
(3) الختان : موضع القطع من ذكر الغلام وفرج الجارية والمعنى غيوب الحشفة
في فرج المرأة حتى يصير ختانه بحذاء ختانها
1842 - وحدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، عن أبي أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : لقد صحبت عائشة رحمها الله حتى قلت قبل وفاتها بأربع سنين أو خمس : لو توفيت اليوم ما ندمت على شيء فاتني منها ، فما رأيت أحدا قط كان أعلم بآية أنزلت ولا بفريضة ولا بسنة ولا أعلم بشعر ولا أروى له ، ولا بيوم من أيام العرب ولا بنسب ولا بكذا ولا بكذا ولا بقضاء ولا بطب منها . فقلت لها : يا أمه ، الطب من أين علمتيه ؟ . فقالت : كنت أمرض فينعت لي الشيء ويمرض المريض فينعت له فينتفع فأسمع الناس بعضهم لبعض فأحفظه . قال عروة : فلقد ذهب عني عامة علمها لم أسأل عنه
1843 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا أبو موسى الزمن قال : حدثني أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : ما جالست أحدا كان أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بقضاء ولا بحديث جاهلية ، ولا أروى لشعر ، ولا أعلم بفريضة ولا طب من عائشة رضي الله عنها فقلت : يا خالة ، من أين تعلمت الطب ؟ . قالت : كنت أسمع الناس ينعت بعضهم لبعض فحفظته
1844
- حدثنا الفريابي قال : حدثنا عمرو بن عمير بن كثير الحمصي قال : حدثنا
بشر بن شعيب ، عن أبيه ، عن الزهري قال : وحدثني القاسم بن محمد ، أن
معاوية بن أبي سفيان رحمه الله حين قدم المدينة يريد الحج ، دخل على عائشة
رحمها الله فكلمها خاليين ، لم يشهد كلامهما إلا ذكوان أبو عمرو ومولى
عائشة رحمها الله فكلمها معاوية ، فلما قضى كلامه تشهدت عائشة رحمها الله
ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق ،
والذي سن الخلفاء بعده وحضت معاوية على اتباع أمرهم ، فقالت في ذلك فلم
تترك ، فلما قضت مقالتها ؛ قال لها معاوية : أنت والله العالمة بالله
وبأمر رسوله الناصحة المشفقة البليغة الموعظة حضضت على الخير وأمرت به ،
ولم تأمرينا إلا بالذي هو خير لنا ، وأنت أهل أن تطاعي ، فتكلمت هي
ومعاوية كلاما كثيرا فلما قام معاوية اتكأ (1) على ذكوان ، ثم قال : والله
ما سمعت خطيبا قط ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغ من عائشة رضي
الله عنها
__________
(1) الاتكاء : الاستناد على شيء والميل عليه
باب ذكر جامع فضائل عائشة رضي الله عنها
1845
- حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا بشر بن الوليد القاضي
قال : حدثنا أبو حفص عمر بن عبد الرحمن ، عن سليمان الشيباني ، عن علي بن
زيد بن جدعان ، عن جدته ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت : لقد
أعطيت تسعا ما أعطيتها امرأة بعد مريم ابنة عمران : لقد نزل جبريل عليه
السلام بصورتي في راحته (1) حتى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يتزوجني ، ولقد تزوجني بكرا (2) وما تزوج بكرا غيري ، ولقد قبض ورأسه صلى
الله عليه وسلم في حجري ، ولقد قبرته (3) في بيتي ، ولقد حفت الملائكة
بيتي ، وإن كان الوحي لينزل عليه في أهله فيتفرقون عنه ، وإن كان لينزل
عليه وإني لمعه في لحافه (4) ، وإني لابنة خليفته وصديقه ، ولقد نزل عذري
(5) من السماء ، ولقد خلقت طيبة وعند طيب ، ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريما
__________
(1) الراحة : الكف
(2) البكر : العذراء التي لم يسبق لها الزواج
(3) قبر : دفن
(4) اللحاف : الغطاء
(5) العذر : البراءة
1846
- حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عثمان بن
عمر قال : حدثنا يونس ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ،
أن عمار بن ياسر ، كان يحدث أن الرخصة التي أنزل الله عز وجل في الصعيد
إنما كانت في ليلة حبست عائشة رحمها الله تعالى فيها الناس وهي مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن الرحيل حتى إبهار الليل ، أنار الليل - الشك
من ابن عبد الحميد - وليس مع الناس فأتى أبو بكر رضي الله عنه عائشة فتغيظ
(1) عليها وقال : حبست الناس وليس مع الناس ماء يتوضئون للصلاة . فأنزل
الله عز وجل الرخصة في التيمم : التمسح بالصعيد (2) الطيب . فقال أبو بكر
رضي الله عنه حين أنزلت : يا بنية ما علمت ، إنك لمباركة . وكان عمار يحدث
أنهم ضربوا بأكفهم الصعيد فمسحوا وجوههم مسحة واحدة ، ثم عادوا فضربوا
فمسحوا بأيديهم إلى المناكب
__________
(1) تغيظ : أظهر الغيظ ، وهو أشد الغضب
(2) الصعيد : التراب
1847
- وأنبأنا أبو سعيد المفضل بن محمد الجندي قال : حدثنا علي بن زياد اللحجي
قال : حدثنا أبو قرة موسى بن طارق قال : ذكر مالك بن أنس ، عن عبد الرحمن
بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، رحمها الله قالت : خرجنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء (1) أو بذات الجيش
انقطع عقدي ، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه (2) وأقام
الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء ، فجاء أبو بكر رضي الله عنه
ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام ، فقال : حبست
رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء ، وليس معهم ماء
فعاتبني وقال ما شاء الله أن يقول وهو يطعن (3) بيده في خاصرتي (4) ولا
يمنعني التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي ، فنام
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء ، فأنزل الله عز وجل
آية التيمم . فقال أسيد بن الحضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر .
قالت : فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته
__________
(1) البيداء : الصحراء
(2) التمس الشيء : طلبه
(3) الطعن : الضرب والوخز
(4) الخاصرة : ما بين رأس الوَرِك وأسفل الأضلاع وهما خاصرتان
1848
- حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا
عبد الله بن مطيع قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عبد الله بن عبد
الرحمن بن معمر الأنصاري ، أنه سمع أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « فضل عائشة على النساء كفضل الثريد (1) على الطعام »
__________
(1) الثريد : الطعام الذي يصنع بخلط اللحم والخبز المفتت مع المرق وأحيانا
يكون من غير اللحم
حديث
الإفك قال محمد بن الحسين رحمه الله : إن الله عز وجل لم يزد عائشة رضي
الله عنها في قصة الإفك إلا شرفا ونبلا وعزا ، وزاد من رماها من المنافقين
ذلا وخزيا ، ووعظ من تكلم فيها من غير المنافقين من المؤمنين بأشد ما يكون
من الموعظة ، وحذرهم أن يعودوا لمثل ما ظنوا مما لا يحل الظن فيه فقال عز
وجل لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان
عظيم يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين (1) ميزوا رحمكم
الله من هذا الموضع حتى تعلموا أن الله عز وجل سبح نفسه تعظيما لما رموها
به ، ووعظ المؤمنين موعظة بليغة سمعت أبا عبد الله بن شاهين رحمه الله
يقول : إن الله تبارك وتعالى لم يذكر أهل الكفر بما رموه به إلا سبح نفسه
تعظيما لما رموه به ، مثل قوله عز وجل وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه (2)
قال : فلما رميت عائشة رضي الله عنها بما رميت به من الكذب سبح نفسه
تعظيما لذلك ، فقال عز وجل لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم
بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم فسبح نفسه جل وعز تعظيما لما رميت به عائشة
رضي الله عنها قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : فوعظ الله عز وجل
المؤمنين موعظة بليغة ، ثم قال الله عز وجل إن الذين جاءوا بالإفك عصبة
منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم
والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم (3) فأعلمنا الله عز وجل أن عائشة رضي
الله عنها لم يضرها قول من رماها بالكذب ، وليس هو بشر لها بل هو خير لها
، وشر على من رماها ، وهو عبد الله بن أبي ابن سلول وأصحابه من المنافقين
، وإن كان قد مضها وأقلقها وتأذى النبي صلى الله عليه وسلم وغمه ذلك إذ
ذكرت زوجته وهو لها محب مكرم ، ولأبيها رضي الله عنه ، فكل هذه درجات له
عند الله عز وجل ، حتى أنزل الله عز وجل ببرآءتها وحيا يتلى ، سر الله
الكريم به قلب رسوله صلى الله عليه وسلم وقلب عائشة وأبيها وأهلها وجميع
المؤمنين ، وأسخن به أعين المنافقين ، رضي الله عنها وعن أبيها وعن جميع
الصحابة وعن جميع أهل البيت الطاهرين
__________
(1) سورة :
(2) سورة : البقرة آية رقم : 116
(3) سورة : النور آية رقم : 11
1849
- حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا عبد الله بن جعفر
الرقي قال : حدثنا عبد الله يعني ابن عمرو ، عن إسحاق بن راشد ، عن الزهري
، عن عروة ، وسعيد بن المسيب ، وعلقمة بن وقاص ، وعبيد الله بن عبد الله
كلهم عن عائشة ، رضي الله عنها ، فيما قال لها أهل الإفك (1) فبرأها الله
عز وجل مما قالوا - قال الزهري : وكلهم حدثني طائفة من حديثها وبعضهم كان
أوعى لحديثها من بعض وأثبت له اقتصاصا ، وقد وعيت (2) عن كل رجل منهم
الحديث الذي حدثني عنها ، وبعض حديثهم يصدق بعضا وإن كان بعضهم أوعى له من
بعض - ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج في سفر
أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها (3) خرج بها النبي صلى الله عليه وسلم
معه ، قالت عائشة رضي الله عنها : فأقرع (4) بيننا في غزوة غزاها فخرج
سهمي ، فخرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما أنزل الحجاب ، فأنا
أحمل في هودجي (5) وأنزل فيه ، حتى إذا فرغ من غزوته تلك ، ودنونا من
المدينة ، آذن (6) بالرحيل فخرجت حين آذنوا بالرحيل ، فتبرزت (7) لحاجتي
حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني رجعت إلى رحلي فلمست صدري فإذا عقد لي
من جزع (8) ظفار قد انقطع ، فخرجت في التماسه فحبسني (9) ابتغاؤه ، وأقبل
الرهط (10) الذين يرحلون بي فاحتملوا هودجي فجعلوه على بعيري الذي كنت
أركب ، وهم يحسبون أني فيه ، وكن النساء إذ ذاك لم يهبلهن (11) اللحم ،
إنما تأكل إحدانا العلقة (12) من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين
رفعوه ، وكنت جارية (13) حديثة السن ، فبعثوا الجمل ، فوجدت عقدي بعد ما
استمر الجيش ؛ فجئت مبادرة لهم - أو قالت : منازلهم - وليس بها منهم داع
ولا مجيب ، فتيممت (14) منزلي الذي كنت فيه وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون
إلي ، فبينما أنا كذلك في منزلي إذ غلبتني عيني فنمت ، وكان صفوان بن
المعطل من وراء الجيش ، فأدلج (15) ، فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان ،
فأتاني فعرفني حين رآني ، وقد كان رآني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه ،
فخمرت (16) وجهي بجلبابي ، والله ما تكلمنا بكلمة ، ولا سمعت من كلامه غير
استرجاعه ، حتى أناخ (17) راحلته فوطئ (18) على يدها ثم ركبتها ، فانطلق
يقود بي الراحلة (19) حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين (20) في نحر
(21) الظهيرة . وقد هلك من هلك من أهل الإفك . وكان الذي تولى (22) كبره
(23) عبد الله بن أبي ابن سلول ، فاشتكيت حين قدمت المدينة شهرا ، والناس
يفيضون (24) في قول الإفك ، ولا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريبني (25) في
وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أراه
حين أشتكي ، إنما يدخل فيقول : « كيف تيكم (26) ؟ » ثم ينصرف فذاك الذي
يريبني منه ، ولا أشعر بشيء حتى خرجت بعد ما نقهت (27) أنا وأم مسطح ، وهي
ابنة أبي رهم بن المطلب ، وأمها ابنة أبي صخر بن عامر خالة أبي بكر رضي
الله عنه ، وابنها مسطح بن أثاثة فأقبلت أنا وأم مسطح حتى فرغنا من شأننا
، فعثرت أم مسطح في مرطها (28) ، فقالت : تعس (29) مسطح ، فقلت : بئسما
قلت تسبين رجلا شهد بدرا قالت : أولم تسمعي ما قال ؟ . قلت : فماذا ؟
فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فازددت مرضا على مرضي . فلما رجعت دخل علي رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : « كيف تيكم ؟ » قلت : تأذن لي فآتي أبوي
، وأنا حينئذ أريد أن أستقصي الخبر من قبلهما ، قالت : فأذن لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فأتيت أبوي ، فقلت لأمي : يا أمه ماذا يتحدث الناس
به ؟ . قالت : يا بنية هوني عليك ، قلما كانت امرأة وضيئة (30) جميلة عند
رجل يحبها ولها ضرائر (31) إلا كثرن عليها ، قالت : قلت : سبحان الله وقد
تحدث الناس بهذا ، قالت : فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ (32) لي دمع
، ولا أكتحل (33) بنوم . ثم أصبحت أبكي ، فدعا رسول الله صلى الله عليه
وسلم عليا وأسامة بن زيد حين استلبث (34) الوحي عليه يستشيرهما في فراق
أهله ، فأما أسامة فأشار على النبي صلى الله عليه وسلم بما يعلم من براءة
أهله وبالود الذي لهم في نفسه ، فقال : والله يا رسول الله ما نعلم إلا
خيرا ، وأما علي بن أبي طالب ، فقال : يا رسول الله لم يضيق الله عليك ،
والنساء سواها كثير ، وسل الجارية تصدقك ، ودعا بريرة ، فقال : « يا بريرة
، هل رأيت شيئا يريبك ؟ » قالت : لا والذي بعثك بالحق ، إن رأيت أمرا
أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فيأتي
الداجن (35) فتأكله ، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ، فاستعذر
(36) من عبد الله بن أبي ابن سلول فقال : « من يعذرني (37) من رجل قد
بلغني أذاه في أهلي ، فو الله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، وقد ذكروا رجلا
ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي » . فقام سعد بن
معاذ ، فقال : يا رسول الله أنا أعذرك (38) منه ، إن كان من إخواننا من
الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا ما تأمرنا
به ، فقام سعد بن عبادة ، وهو سيد الخزرج ، فقال لسعد بن معاذ : كذبت لعمر
الله ، لا تقتله ولا تقدر على قتله ، وقد كان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن
استجهلته الحمية (39) ، فقام أسيد بن الحضير وهو ابن عم سعد بن معاذ ،
فقال لسعد بن عبادة : لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين ، وتثاور
الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ، والنبي صلى الله عليه وسلم
على المنبر ، فلم يزل يسكنهم حتى سكنوا ، فمكثت يومي ذاك أبكي لا يرقأ لي
دمع ولا أكتحل بنوم ، وأصبح أبواي عندي يظنان أن البكاء فالق كبدي .
فبينما هما جالسان وأنا أبكي إذ استأذنت امرأة من الأنصار علي فأذنت لها ،
فجلست تبكي معي ، قالت : فبينما نحن كذلك إذ دخل علينا رسول الله صلى الله
عليه وسلم فسلم وجلس ، ولم يجلس قبل ذلك منذ قيل ما قيل ، وقد لبث شهرا لا
يوحى إليه شيء . فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس وقال : « أما
بعد يا عائشة ، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله
، وإن كنت ألممت (40) بذنب فاستغفري الله ثم توبي إليه ، فإن العبد إذا
أذنب ثم تاب تاب الله عليه » فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
مقالته قلص (41) دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي : أجب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فيما قال ، فقال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله
صلى الله عليه وسلم ؛ فقلت لأمي : أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فقالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وأنا
جارية حديثة السن ولم أقرأ كثيرا من القرآن ، فقلت : إني والله أعلم أنكم
قد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم فصدقتم به ، ولئن قلت : إني
بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقونني ، فوالله ما أجد لي ولكم مثلا إلا
أبا يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون (42) . قالت : ثم تحولت
فاضطجعت على فراشي ، وما كنت أرى أن الله عز وجل ينزل في شأني وحيا يتلى ،
لشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله عز وجل في بأمر من السماء ،
ولكني كنت أرجو أن يري الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم رؤيا في النوم
يبرئني الله بها ، فوالله ما رام النبي صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج
أحد من أهل البيت حتى أخذه ما كان يأخذه من البرحاء ، وهو العرق ، حين
ينزل عليه الوحي ، وكان إذا أوحي إليه أخذه البرحاء (43) حتى إنه لينحدر
عليه مثل الجمان (44) في اليوم الشاتي من ثقل القرآن الذي ينزل عليه ،
قالت : فسري (45) عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك ، فكان أول كلمة
تكلم بها : « أما أنت يا عائشة فقد برأك الله عز وجل » قالت : فقلت : بحمد
الله عز وجل . قالت أمي : قومي إليه ، فقلت : والله لا أقوم إليه ولا أحمد
إلا الله عز وجل ؛ فأنزل الله عز وجل : إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم
لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم (46) إلى آخر الآيات العشر كلها ، فلما
أنزل الله عز وجل هذا في براءتي ؛ قال أبو بكر رضي الله عنه ، وقد كان
ينفق على مسطح لقرابته وفقره : والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي
قال في عائشة . فأنزل الله عز وجل ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن
يؤتوا أولي القربى (47) إلى قوله تعالى وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن
يغفر الله لكم فقال أبو بكر : والله إني لأحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى
مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال : لا أنزعها منه أبدا وقد كان النبي
صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عن أمري ؟ فقالت : ما رأيت ولا علمت
إلا خيرا أحمي سمعي وبصري ، قالت : وهي التي كانت تساميني (48) من أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها (49) الله عز وجل بالورع ، وطفقت (50)
أختها حمنة بنت جحش فهلكت فيمن هلك من أهل الإفك - قال الزهري : فهذا ما
انتهى إلي من خبر هؤلاء الرهط من هذا الحديث وحدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى
الحلواني قال : حدثنا الهيثم بن خارجة قال : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن
وهو ابن يزيد بن جابر قال : حدثنا عطاء الخراساني ، عن الزهري ، عن عروة
بن الزبير ، أن عائشة ، حدثته ، وذكر الحديث ، بطوله ، نحوا منه ، وحدثنا
أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر العدني قال : حدثنا عبد
الله بن معاذ الصنعاني قال : حدثنا معمر قال : حدثنا محمد بن مسلم بن عبيد
الله بن عبد الله بن شهاب ، قال ابن أبي عمر ، وحدثنا أيضا عبد الرزاق قال
: أنبأنا معمر ، عن الزهري قال : حدثني عروة بن الزبير ، وسعيد بن المسيب
، وعلقمة بن وقاص الليثي ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن
حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا
فبرأها الله عز وجل وذكر الحديث بطوله نحوا من الحديث الأول قال محمد بن
الحسين رحمه الله : فالحمد لله الذي سر نبينا صلى الله عليه وسلم ببراءة
عائشة رضي الله عنها زوجته في الدنيا والآخرة أم المؤمنين وليست بأم
المنافقين
__________
(1) الإفك : الكذب ، والمراد ما رميت به من سوء
(2) وعى : حفظ وفهم وأدرك وحوى
(3) السهم : النصيب
(4) أقرع : أجرى القرعة
(5) الهودج : خباء يشبه الخيمة يوضع على الجمل لركوب النساء
(6) الأذَانِ والإذن : هو الإعْلام بالشيء أو الإخبار به وباقترابه
(7) تبرز : خرج إلى البَراز ( المكان الخالي الفسيح ) لقضاء حاجته
(8) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن
(9) الحبس : المنع
(10) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة
(11) هَبَّلَه اللَّحْم : كَثُر عليه وركِب بعضُه بعضًا
(12) العُلْقَة : كُلُّ ما يُتَبَلَّغُ به مِنَ العَيْشِ
(13) الجارية : الشابة من النساء
(14) تيمم : أراد وقصد وتوجه
(15) الدلج والدلجة : السير في أول الليل ، وقيل في آخره ، أو فيه كله
(16) خَمَّرَ الشَّيْء : غَطَّاه وستره
(17) أناخ البعير : أَبْرَكَه وأجلسه
(18) وطئ يدها : وضع قدمه على يد الناقة ليسهل الركوب عليها
(19) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر
والأنثى
(20) الموغر : النازل في وقت الحرارة الشديدة
(21) نحر الظهيرة : المراد وقت اشتداد الحر وبلوغ الشمس منتهاها في
الارتفاع
(22) تولى : تحمل
(23) تولى كبره : تحمل معظمه فبدأ بالخوض فيه وأشاعه
(24) يفيض : يكثر الحديث
(25) يريبني : يشككني ويوهمني
(26) تيكم : إشارة إلى المؤنث
(27) نقه : صح من مرضه وهو في عقب علته
(28) المرط : كساء من صوف أو خز أو كتان
(29) تعس : هلك وخسر وانكب على وجهه
(30) وضيئة : جميلة حَسنة
(31) الضرائر : جمع ضرة ، وهي الزوجة الأخرى التي تشارك غيرها في زوجها
(32) يرقأ : يسكن ويجف وينقطع بعد جريانه
(33) أكتحل بنوم : أغمض عيني
(34) استلبث : أبطأ وتأخر
(35) الداجن : كل ما أَلِف البيوت وأقام بها من حيوان وطير
(36) استعذر : قال من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي
(37)
من يعذرني : من يلومه على فعله ولا يلومني على فعلي ، أو من يقوم بعذري
إذا جازَيْتُه بصنعه ، أو من ينصرني ، يقال : عذرته إذا نصرتهُ
(38) أعْذِرُك منه : أَقوم بعُذْرك إن كَافَأْته على سُوءِ صَنِيعه فلا
ألُومك وأمنع عنك الأذى
(39) الحمية : الأنفة والغيرة
(40) اللَّمم : مُقَارَبة المَعْصِيَة من غير إيقاع فِعْل
(41) قلص : جف وذهب
(42) سورة : يوسف آية رقم : 18
(43) البرحاء : الشدة
(44) الجمان : اللؤلؤ ، والمراد العرق
(45) التسرية : الكشف والإزالة وتأتي بمعنى التخفيف
(46) سورة : النور آية رقم : 11
(47) سورة : النور آية رقم : 22
(48) سامى : نافس وضاهى
(49) العصمة : المنع والحفظ
(50) طفق يفعل الشيء : أخذ في فعله واستمر فيه
1850 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا عبد الوهاب الوراق قال : حدثنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها أنها ذكرت عند رجل فسبها الطاهرة الذكية فقيل له : أليست بأمك ؟ . قال : ما هي لي بأم . فبلغها ذلك فقالت : صدق ، أنا أم المؤمنين ، فأما الكافرون فلست لهم بأم
1851 - حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عفير الأنصاري قال : حدثنا عمران بن موسى الرقي بالري ، عن أبي مصعب المديني ، عن عبد العزيز بن عمران الزهري ، عن الزهري قال : أول حب كان في الإسلام حب النبي عائشة رضي الله عنها ، وفيه قال حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه : تباريح حب ما تزن بريبة تحمل منه مغرما ما تحملا وإن اعتقاد الحب كان بعفة بحب رسول الله عائش أولا حباها بصفو الود منها فأصبحت تبوء به في جنة الخلد منزلا حليلة خير الخلق وابنة حبه وصاحبه في الغار إذ كان موئلا قال محمد بن الحسين رحمه الله : لقد خاب وخسر من أصبح وأمسى وفي قلبه بغض لعائشة رضي الله عنها أو لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لأحد من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضي الله عنهم أجمعين ونفعنا بحبهم آخر فضائل عائشة رضي الله عنها مما أمكنني إخراجه بمكة حرسها الله تعالى والسلام .
كتاب فضائل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
قال محمد بن الحسين رحمه الله : معاوية رحمه الله كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم على وحي الله عز وجل وهو القرآن بأمر الله عز وجل ، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن دعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيه العذاب ، ودعا له أن يعلمه الله الكتاب ويمكن له في البلاد وأن يجعله هاديا مهديا وأردفه النبي صلى الله عليه وسلم خلفه فقال : « ما يليني منك ؟ » قال : بطني ، قال : « اللهم املأه حلما وعلما » . وأعلمه النبي صلى الله عليه وسلم « أنك ستلقاني في الجنة » . وصاهره النبي صلى الله عليه وسلم بأن تزوج أم حبيبة أخت معاوية رحمة الله عليهما ، فصارت أم المؤمنين وصار هو خال المؤمنين فأنزل الله عز وجل فيهم عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة (1) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إني سألت ربي عز وجل أن لا أتزوج إلى أحد من أمتي ولا يتزوج إلي أحد من أمتي إلا كان معي في الجنة » وهو ممن قال الله عز وجل يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه (2) فقد ضمن الله الكريم له أن لا يخزيه لأنه ممن آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وسيأتي من الأخبار ما يدل على ما قلت والله الموفق لذلك إن شاء الله تعالى__________
(1) سورة : الممتحنة آية رقم : 7
(2) سورة : التحريم آية رقم : 8
باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه
1852
- أنبأنا خلف بن عمرو العكبري ، قال : حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير
قال : حدثنا بشر بن السري قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن يونس بن سيف ،
عن الحارث بن زياد ، عن أبي رهم السماعي ، عن العرباض بن سارية السلمي قال
: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر فقال : « هلم إلى الغداء
المبارك » وسمعته يقول لمعاوية : « اللهم علمه الكتاب والحساب وقه (1)
العذاب » أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن
إبراهيم الدورقي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا معاوية بن
صالح ، عن يونس بن سيف ، عن الحارث بن زياد ، عن أبي رهم ، عن العرباض بن
سارية السلمي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « اللهم علم
معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب » حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد
الواسطي قال : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي
، عن معاوية بن صالح ، وذكر الحديث مثله
__________
(1) الوقاية : الحماية والحفظ بالعناية
1853
- حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا إبراهيم بن هانئ
النيسابوري قال : حدثني أبو صالح عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن
صالح ، عن يونس بن سيف ، عن الحارث بن زياد ، عن أبي رهم ، أنه سمع عرباض
بن سارية يقول : دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور في شهر
رمضان فقال : « هلموا إلى الغداء المبارك » فقال : وسمعته يقول : « اللهم
علم معاوية الكتاب والحساب وقه (1) العذاب »
__________
(1) الوقاية : الحماية والحفظ بالعناية
1854 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا يحيى بن معين قال : حدثنا أبو مسهر قال ابن ناجية ، وحدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا أبو مسهر ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لمعاوية رحمه الله : « اللهم اجعله هاديا مهديا واهده واهد به ولا تعذبه »
1855 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا محمد بن إسحاق قال : أخبرني يحيى بن معين قال : حدثنا أبو مسهر قال : أخبرني سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لمعاوية رحمه الله فقال : « اللهم اهده واجعله هاديا مهديا » وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا العباس بن عبد الله الترقفي قال : حدثنا أبو مسهر ، وذكر مثل الحديثين قبله
1856 -
وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم قال :
حدثنا سليمان بن حرب قال ابن ناجية ، وحدثنا يوسف بن موسى القطان قال :
حدثنا الحسن بن الأشيب قالا : حدثنا أبو هلال الراسبي قال : حدثنا جبلة بن
عطية ، عن مسلمة بن مخلد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
« اللهم علم معاوية الكتاب ، ومكن له في البلاد ، وقه (1) العذاب »
__________
(1) الوقاية : الحماية والحفظ بالعناية
1857
- وأنبأنا ابن ناجية ، أيضا ، قال : حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم
المقسمي قال : حدثنا وحشي بن إسحاق بن وحشي بن حرب بن وحشي بن حرب قال :
حدثني أبي إسحاق بن وحشي ، عن أبيه وحشي ، عن أبيه ، عن جده قال : كان
معاوية رحمه الله رديف (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول
الله صلى الله عليه وسلم : « ما يليني منك ؟ » قال : بطني وصدري ، قال : «
ملأهما الله علما وحلما »
__________
(1) الرديف : الراكب خلف قائد الدابة
1858
- حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا
العباس بن أبي طالب قال : حدثنا عبد الرحمن بن نافع قال : حدثنا سلمة بن
بشر أبو بشر قال : حدثنا صدقة بن خالد قال : حدثني وحشي بن حرب بن وحشي ،
عن أبيه ، عن جده قال : أردف (1) النبي صلى الله عليه وسلم معاوية ، فقال
: « يا معاوية ما يليني منك ؟ » قال : بطني ، قال : « اللهم املأه علما
وحلما »
__________
(1) أردفه : حمله خلفه
1859 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا هشام بن عمار الدمشقي قال : حدثنا يحيى بن حمزة قال : حدثني ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عمرو بن الأسود ، أنه حدثه أنه أتاه عبادة بن الصامت وهو بساحل حمص ، ومعه امرأته أم حرام ؛ قال عمرو : فحدثتنا أم حرام أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا » . قالت أم حرام : وأنا فيهم يا رسول الله ؟ . قال : « أنت فيهم » ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم » . قالت أم حرام : أنا فيهم ؟ . قال : « لا » قال الفريابي : وكان أول من غزاه معاوية في زمن عثمان بن عفان رحمة الله عليهما
1860 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن
سعيد قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر
أبو طوالة الأنصاري ، أنه سمع أنس بن مالك يقول : أتى رسول الله صلى الله
عليه وسلم بيت أم حرام بنت ملحان خالة لأنس فوضع رأسه عندها ثم رفع رأسه
فضحك فقالت : يا رسول الله مم ضحكت ؟ . قال : « رأيت أناسا من أمتي يركبون
هذا البحر مثلهم كمثل الملوك على الأسرة » . قالت : يا رسول الله ادع الله
أن يجعلني منهم ، قال : « اللهم اجعلها منهم » . ثم صنع ذلك مرتين أخريين
. فقالت : ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : أنت من الأولين ، ولست من
الآخرين ، فتزوجها عبادة بن الصامت ، فغزا بها في البحر مع أخت معاوية رضي
الله عنهما فلما قفلت (1) ركبت دابة لها بالساحل فتوقصت بها فسقطت فماتت
__________
(1) القفول : العودة والرجوع
باب بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رحمه الله بالجنة
1861 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي ، والحسن بن إسحاق بن يزيد قالا : حدثنا عبد العزيز بن بحر القرشي قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يطلع عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة » . فطلع معاوية ثم قال من الغد مثل ذلك ، ثم قال من الغد مثل ذلك ، فطلع معاوية . فقال رجل : يا رسول الله هو هذا ؟ قال : « نعم هو ذا »
1862 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم ، والحسن بن إسحاق قالا : حدثنا عبد العزيز بن بحر قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية : « يا معاوية ، أنت مني وأنا منك لتزاحمني على باب الجنة كهاتين » وأشار بأصبعيه الوسطى والتي تليها
1863 - وحدثنا أبو القاسم البغوي عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن إسحاق قال : أخبرني وضاح بن حسان الأنباري قال : أخبرني الوزير بن عبد الله الجزري ، عن غالب بن عبيد الله ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناول معاوية رحمه الله سهما فقال : « يا معاوية خذ هذا السهم حتى تلقاني به في الجنة »
1864 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا محمد بن قدامة الجوهري ، ومحمد بن أبي الوليد الفحام قالا : حدثنا الوضاح بن حسان قال : حدثنا الوزير بن عبد الله قال : حدثنا أبو عبيد الله القرقساني ، وقال ابن الفحام : عن غالب بن عبيد الله العقيلي قالا جميعا : عن عطاء ، عن أبي هريرة قال : دفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاوية رحمه الله سهما فقال : « وافني بهذا في الجنة » وقال ابن الفحام : ناول النبي صلى الله عليه وسلم معاوية سهما وقال : « خذ هذا حتى تأتيني به في الجنة »
1865 - وحدثنا الفريابي
قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا محمد بن حرب قال : حدثنا أبو بكر بن
أبي مريم ، عن أبي سفيان محمد بن زياد ، عن عوف بن مالك قال : بينما هو
نائم في كنيسة القائلة إذ انتبه من قائلته (1) فإذا هو بأسد ، فأهوى إلى
سلاحه فقال : لا تخف أنا رسول ربك عز وجل إليك ، اعلم أن معاوية الرحال من
أهل الجنة ، قال : قلت : من معاوية الرحال ؟ . قال : معاوية بن أبي سفيان
وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا روح بن الفرج المخرمي قال : حدثنا المعلى
بن الوليد بن القعقاع العبسي قال : حدثنا محمد بن حرب الأبرش الحمصي ، عن
أبي بكر بن أبي مريم الغساني ، عن محمد بن زياد ، عن عوف بن مالك الأشجعي
، فذكر الحديث نحو حديث الفريابي
__________
(1) القائلة : الظهيرة والمراد الاستراحة فيها
باب ذكر مصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية بأخته أم حبيبة رحمه الله
1866
- أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا روح بن الفرج
قال : حدثنا شبابة بن سوار قال : حدثنا خارجة بن مصعب ، عن محمد بن السائب
، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في هذه الآية عسى الله أن يجعل بينكم وبين
الذين عاديتم منهم مودة (1) . قال : المودة التي جعلها الله عز وجل بينهم
تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان ، فكانت أم حبيبة
أم المؤمنين ، ومعاوية خال المؤمنين
__________
(1) سورة : الممتحنة آية رقم : 7
1867 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال : حدثنا أبو المحياة التيمي ، عن عمر بن بزيع قال : سمعني علي بن عبد الله بن عباس وأنا أريد أن أسب معاوية رحمه الله ، فقال : مهلا لا تسبه فإنه صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم
1868 - وحدثنا ابن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا عثمان بن زفر التيمي قال : حدثني سيف بن عمر ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن هند بن هند بن أبي هالة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « إن الله عز وجل أبى علي أن أزوج أو أتزوج إلا إلى أهل الجنة »
1869 - وحدثنا ابن عبد الحميد ، أيضا ، قال : حدثنا يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الشامي قال : ثنا عمار بن سيف ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سألت ربي عز وجل أن لا أتزوج إلى أحد من أمتي ولا يتزوج إلي أحد من أمتي إلا كان معي في الجنة فأعطاني »
باب ذكر استكتاب النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رحمه الله بأمر من الله عز وجل
1870 - أنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا روح بن الفرج المخرمي قال : حدثنا إبراهيم بن أبان الواسطي قال : حدثني إبراهيم بن أبي يزيد المدني ، عن عمر بن عبد الله ، مولى غفرة ، عن ابن عباس قال : جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعاوية رحمه الله عنده يكتب ، فقال : يا محمد إن كاتبك هذا لأمين
1871 - وحدثنا ابن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن محمود قال : حدثنا إسحاق بن حاتم قال : حدثني حسين المعلم قال : حدثنا أصرم الهمداني ، عن أبي سنان ، عن الضحاك ، عن النزال بن سبرة ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : كان ابن خطل يكتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقتل يوم فتح مكة ، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستكتب معاوية ، فقال علي رضي الله عنه : لم يكن فينا أكتب منه ، فخشي أن يكون مثل ابن خطل فاستشار فيه جبريل عليه السلام فقال : استكتبه فإنه أمين
1872 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال : حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل قال : حدثنا عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مالك الزبيدي ، عن عبد الله بن عمرو قال : كان معاوية رحمه الله كاتبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
1873 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا الرمادي أحمد بن منصور قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي حمزة القصاب قال : سمعت ابن عباس يقول : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اذهب فادع معاوية » ، وكان كاتبه
1874 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا محمد بن المبارك الصوري قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثني عبد الرحمن يعني : ابن يزيد بن جابر ، أخو يزيد بن جابر ، عن أبي كبشة السلولي قال : حدثني سهل بن الحنظلية ، أن عيينة بن حصن ، والأقرع بن حابس ، سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ، وأمر معاوية رحمه الله فكتب لهما وختم كتابهما ثم رمى به إليهما
1875 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن مفضل الحراني قال : حدثنا مسكين بن بكير ، عن محمد بن المهاجر ، عن ربيعة بن يزيد قال : قال أبو كبشة : حدثنا سهل بن الحنظلية قال : دخل عيينة بن بدر والأقرع بن حابس على رسول الله ، فسألاه فأمر لهما بما سألاه وأمر معاوية رحمه الله أن يكتب لهما بذلك ، فكتب لهما ورفع إلى كل واحد منهما صحيفته ، فأما عيينة فقال : أين أذهب إلى قوم بصحيفة لا أدري ما فيها كصحيفة المتلمس ، قال : فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيفته فنظر فيها ، فقال : « قد كتب لك ما آمر لك فيها »
1876 - حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار البلخي قال : حدثنا هارون بن العباس الهاشمي ، رحمه الله ، قال : حدثنا العلاء بن عمرو أبو عمرو البستي قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن نوف البكالي قال : لما نزلت آية الكرسي أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاوية رحمه الله فقال : « اكتبها فإن لك مثل أجر من قرأها إلى يوم القيامة »
باب ذكر مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رحمه الله
1877 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن ناجية قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا نعيم بن حماد المروزي قال : حدثنا محمد بن شعيب بن شابور قال : حدثنا مروان بن جناح قال : حدثنا يونس بن ميسرة بن حلبس ، عن عبد الله بن بسر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في أمر فقالا له : الله ورسوله أعلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ادعوا لي معاوية » . فغضب أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقالا : أما كان في رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلين من قريش ما يجزيان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يبعث إلى غلام من غلمان قريش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ادعوا لي معاوية » . فلما جاءه وقف بين يديه ، فقال لهما : « أحضراه أمركما ، حملاه أمركما ؛ فإنه قوي أمين »
باب ذكر صحبة معاوية رحمه الله للنبي صلى الله عليه وسلم ومنزلته عنده
1878 - أنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح أبو عبد الرحمن الكوفي قال : حدثنا عبد الله المكي يعني : ابن رجاء المكي قال : حدثنا عثمان بن الأسود ، عن ابن أبي مليكة ، أن معاوية ، رحمه الله ، صلى العشاء ثم أوتر بركعة ؛ قال : فذكرت ذلك لابن عباس فقال : إن معاوية قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
1879 - أنبأنا ابن ناجية قال :
حدثنا أبو معمر القطيعي ، ويعقوب الدورقي ، وخلاد بن أسلم ، قالوا : حدثنا
مروان بن شجاع قال : حدثنا خصيف ، عن مجاهد ، وعطاء ، - زاد يعقوب - :
وطاوس ، عن ابن عباس : أن معاوية ، رحمه الله ، أخبره أنه ، قصر عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بمشقص (1) ، فقال ابن عباس . ما كان معاوية على
رسول الله صلى الله عليه وسلم متهما
__________
(1) المشقص : نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض
1880 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال : حدثنا مرحوم بن عبد العزيز ، قال ابن صاعد : وحدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا مرحوم بن عبد العزيز ، - واللفظ للحسين - قال : حدثنا أبو نعامة السعدي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : خرج معاوية رحمه الله على حلقة في المسجد فقال : ما أجلسكم ؟ . قالوا : جلسنا نذكر الله عز وجل ؛ قال : الله ما أجلسكم إلا ذاك ؟ . قالوا : الله ما أجلسنا إلا ذلك ؛ قال : أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على حلقة من أصحابه فقال : « ما أجلسكم ؟ » . قالوا جلسنا نذكر الله عز وجل ونحمده على ما هدانا من الإسلام ، فقال : « الله ما أجلسكم إلا ذلك ؟ » . قالوا : الله ما أجلسنا إلا ذلك ؛ قال : « أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ، ولكن أتاني جبريل عليه السلام فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة » وأخبرناه ابن ناجية ، حدثنا بندار محمد بن بشار ، حدثنا مرحوم بن عبد العزيز ، ذكر الحديث بإسناده
1881 - وأخبرنا ابن ناجية قال : حدثنا نصر بن علي ،
وعمرو بن عيسى الضبعي قالا : حدثنا عبد الأعلى السامي قال : حدثنا سعيد
الجريري ، عن عبد الله بن بريدة ، أن معاوية ، رحمه الله ، خرج على قوم
يذكرون الله عز وجل فقال : سأبشركم بما بشر به رسول الله صلى الله عليه
وسلم مثلكم ، إنكم لا تجدون رجلا منزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم
منزلتي ، أقل حديثا عنه مني ، كنت ختنه (1) ، وكنت في كتابه ، وكنت أرحل
له راحلته (2) ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقوم يذكرون الله
عز وجل : « إن الله تبارك وتعالى ليباهي (3) بكم الملائكة »
__________
(1) الختن : قريب الزوجة كأبيها وأخيها ، وزوج الابنة ، وزوج الأخت
(2) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر
والأنثى
(3) المباهاة : المفاخرة
باب ذكر تواضع معاوية رحمه الله في خلافته
1882
- حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن منيع قال
: حدثنا إسماعيل بن علية قال ابن ناجية : وحدثنا أبو الأشعث أحمد بن
المقدام قال : حدثنا يزيد بن زريع قال ابن ناجية : وحدثنا بندار قال :
حدثنا محمد بن أبي عدي ، كلهم عن حبيب بن الشهيد ، عن أبي مجلز قال : خرج
معاوية رحمه الله ، وابن الزبير وابن عامر جالسان فقام أحدهما وجلس الآخر
وكان أوزن الرجلين ، يعني : ابن الزبير ، فقال معاوية للذي قام : اجلس ،
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أحب أن يمثل له
الرجال قياما فليتبوأ (1) بيتا أو مقعدا في النار »
__________
(1)
فليتبوأ مقعده من النار : فليتخذ لنفسه منزلا فيها ، وهو أمر بمعنى الخبر
أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء على فاعل ذلك أي بوَّأهُ اللَّه
ذلك
1883 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا أحمد
بن حفص بن عبد الله قال : حدثني أبي قال : حدثني إبراهيم بن طهمان ، عن
سعيد ، عن قتادة ، عن أبي شيخ الهنائي ، أنه حدثه أن معاوية رحمه الله دخل
بيتا فيه عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عامر ، فقام عبد الله بن عامر
لمعاوية يعظمه بذلك ويفخمه ، فقال معاوية : اجلس ، فإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : « من أحب أن يمثل له العباد قياما فليتبوأ (1)
مقعده من النار »
__________
(1) فليتبوأ مقعده من النار : فليتخذ
لنفسه منزلا فيها ، وهو أمر بمعنى الخبر أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم
أو دعاء على فاعل ذلك أي بوَّأهُ اللَّه ذلك
1884 - وأنبأنا ابن
ناجية قال : حدثني أبو بكر محمد بن صالح قال : حدثنا هشام بن عمار قال :
حدثنا عمرو بن واقد ، عن يونس بن ميسرة بن حلبس قال : رأيت معاوية رحمه
الله على بغلة ، عليه قباء مرقوع قد أردف (1) خلفه وصيفا
__________
(1) أردفه : حمله خلفه
1885 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا حسين بن علي بن الأسود العجلي قال : حدثنا عبد الله بن نمير ، عن الأعمش قال : قال مجاهد : لو رأيتم معاوية رحمه الله قلتم : هو المهدي
1886 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : حدثنا أبو أسامة قال : سمعته وقيل له : أيما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟ . فقال : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاس بهم أحد
1887 - حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار البلخي قال : حدثنا علي بن عبد الصمد قال : حدثني عبد الوهاب الوراق قال : حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رجلا ، بمرو قال لابن المبارك : معاوية خير أو عمر بن عبد العزيز ؟ . قال : فقال ابن المبارك : تراب دخل في أنف معاوية رحمه الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أو أفضل من عمر بن عبد العزيز
1888 - وحدثنا أبو
بكر بن شهريار قال : حدثنا فضل بن زياد قال : حدثنا رباح بن الجراح
الموصلي قال : سمعت رجلا ، يسأل المعافى بن عمران فقال : يا أبا مسعود ،
أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان ؟ . فرأيته غضب غضبا شديدا
وقال : لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد ، معاوية رضي الله عنه
كاتبه وصاحبه وصهره (1) وأمينه على وحي الله عز وجل ، وقد قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « دعوا لي أصحابي وأصهاري فمن سبهم فعليه لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين »
__________
(1) الصِّهر : القريب بالزواج
1889 - حدثنا أبو بكر بن شهريار ، أيضا ، قال : حدثنا زهير بن محمد المروزي ، ؛ قال : حدثنا عبد الرحمن بن المبارك قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة قال : قلت للحسن : إن قوما يشهدون على معاوية رحمه الله أنه في النار ؛ قال : لعنهم الله
باب ذكر تعظيم معاوية لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإكرامه إياهم
1890 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان قال : حدثنا عبد الله بن لهيعة قال : سمعت أبا الزبير ، يحدث عن جابر بن عبد الله قال : كنا يوما عند معاوية وقد تفرشت قريش وصناديد العرب ومواليها أسفل سريره وعقيل بن أبي طالب والحسن بن علي رضي الله عنهم عن يمينه ويساره
1891 - وأنبأنا ابن
ناجية قال : حدثنا زيد بن أخزم الطائي أبو طالب قال : حدثنا محمد بن الفضل
السدوسي عارم قال : حدثني مهدي بن ميمون ، عن محمد بن عبد الله بن أبي
يعقوب قال : كان معاوية رحمه الله إذا لقي الحسين بن علي رضي الله عنهما ،
قال : مرحبا بابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهلا ، ويأمر له
بثلاثمائة ألف ويلقى ابن الزبير رضي الله عنه فيقول : مرحبا بابن عمة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وابن حواريه (1) ويأمر له بمائة ألف
__________
(1) الحواري : الناصر والصديق والمعين
1892 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا ابن الأسود ، يعني : الحسين بن علي بن الأسود العجلي قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن ثوير ، عن أبيه قال : انطلقت مع الحسن والحسين رضي الله عنهما وافدين إلى معاوية رحمه الله فأجازهما فقبلا
1893 - وأنبأنا ابن ناجية ، أيضا ، قال : حدثنا حسين بن مهدي الأبلي قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن الزهري قال : لما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجاء الحسن بن علي رضي الله عنهما إلى معاوية فقال له معاوية : لو لم يكن لك فضل على يزيد إلا أن أمك امرأة من قريش وأمه امرأة من كلب لكان لك عليه فضل ، فكيف وأمك فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
1894 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا محمد بن مسكين قال : حدثنا يحيى بن حسان قال : حدثنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن عقيل بن أبي طالب ، رضي الله عنه جاء إلى علي رضي الله عنه إلى العراق ليعطيه فأبى أن يعطيه شيئا ، فقال : إذن أذهب إلى رجل أوصل منك ، فذهب إلى معاوية رحمه الله فغرف له
1895 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثني محمد بن مسكين قال : حدثنا يحيى بن حسان قال : حدثنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن الحسن ، والحسين ، رضي الله عنهما ، كانا يقبلان جوائز معاوية رحمه الله
باب ذكر تزويج أبي سفيان رحمه الله بهند أم معاوية رحمة الله عليهم
1896
- أنبأنا أبو عبيد الله علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا أبو
السكين زكريا بن يحيى بن عمر أبي حصن بن حميد بن منهب بن حارثة بن خريم بن
أوس بن حارثة بن لام الكوفي قال : حدثني عمر بن زحر بن حصن ، عن جده حميد
بن منهب قال : كانت هند بنت عتبة عند الفاكه بن المغيرة المخزومي ، وكان
الفاكه من فتيان قريش ، وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس على غير إذن ،
فخلا ذلك البيت يوما واضطجع الفاكه وهند فيه في وقت القائلة (1) ثم خرج
الفاكه لبعض حاجته ، وأقبل رجل كان يغشاه فولج البيت ، فلما رأى المرأة ،
يعني هندا ولى هاربا وأبصره الفاكه وهو خارج من البيت ، فأقبل إلى هند
فضربها برجله وقال لها : من هذا الذي كان عندك ؟ . قالت : ما رأيت أحدا ،
ولا انتبهت حتى أنبهتني ؛ قال لها : الحقي بأبيك ، وتكلم فيها الناس ،
فقال لها أبوها : يا بنية ، إن الناس قد أكثروا فيك فأنبئيني نبأك ، فإن
يكن الرجل عليك صادقا دسست إليه من يقتله فتنقطع عنك القالة (2) ، وإن يك
كاذبا حاكمته إلى بعض كهان اليمن ، فحلفت له بما كانوا يحلفون به في
الجاهلية إنه لكاذب عليها . فقال عتبة للفاكه : يا هذا إنك قد رميت ابنتي
بأمر عظيم فحاكمني إلى بعض كهان اليمن ، فخرج الفاكه في جماعة من بني
مخزوم ، وخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف وخرجوا معهم بهند ، ونسوة
معها ، فلما شارفوا البلاد قالوا : غدا نرد على الكاهن (3) ، فتنكرت حال
هند وتغير وجهها ، فقال لها أبوها : إني قد أرى ما بك من تنكر الحال وما
ذاك إلا لمكروه عندك ، فألا كان هذا قبل أن نشهد الناس مسيرنا ، قالت : لا
والله يا أبتاه ما ذاك لمكروه ولكني أعرف إنكم تأتون بشرا يخطئ ويصيب ،
ولا آمنه أن يسمني ميسما يكون علي سبة في العرب ، قال : إني سوف أختبره من
قبل أن ينظر في أمرك فضفر بفرس حتى أدلى ثم أخذ حبة من حنطة فأدخلها في
أحليله وأوكأ (4) عليها بسير ، فلما وردوا على الكاهن أكرمهم ونحر (5) لهم
، فلما تغدوا ، قال له عتبة : إنا قد جئناك في أمر وإني قد خبأت لك خبئا
أختبرك به ؛ فانظر ما هو ؟ قال : تمرة في كمرة ، قال : أريد أبين من هذا ؛
قال : حبة من بر (6) في إحليل مهر ؛ قال : صدقت ، انظر في أمر هؤلاء
النسوة ، فجعل يدنو (7) من إحداهن فيضرب لعلها كنفها ويقول : انهضي ، حتى
دنا من هند فضرب لعلها كنفها وقال : انهضي غير وسخاء ولا زانية ولتلدن
ملكا يقال له : معاوية ، فوثب إليها الفاكه فأخذ بيدها ، فنثرت يدها من
يده وقالت : إليك فوالله لأحرصن على أن يكون ذلك من غيرك ، فتزوجها أبو
سفيان فجاءت بمعاوية رحمة الله عليهم أجمعين
__________
(1) القائلة : الظهيرة ، أو : النوم بعد الظهيرة
(2) القالة : الكلام يفسد بين الناس ويوقع بينهم الخصومة
(3) الكاهن : الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدعي معرفة
الأسرار
(4) أوكأ : شد وربط
(5) النحر : الذبح
(6) البر : القمح
(7) يدنو : يقترب
1897
- وأنبأنا أبو محمد بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم قال :
حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي قال : حدثنا عمر بن زياد الهلالي ،
عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق المديني ، من بني عامر بن لؤى ، قال : قالت
هند بنت عتبة بن ربيعة لأبيها : يا أبة إني قد ملكت أمري ، قال : وذلك حين
فارقها الفاكه بن المغيرة فلا تزوجني رجلا حتى تعرضه علي ، قال : ذلك لك ؛
قال : فقال لها ذات يوم : يا بنية قد خطبك رجلان من قومك ولست بمسم لك
واحدا منهما حتى أصفه لك ، أما الأول ففي الشرف الصميم والحسب الكريم
تخالين به هوجا من غفلته وذلك أسجاح من شيمته ، حسن الصحبة ، سريع الإجابة
، إن تابعتيه تابعك ، وإن ملت به كان معك ، تقضين عليه في ماله وتكتفين
برأيك عن رأيه ، وأما الآخر ففي الحسب والرأي الأريب بدر أرومته وعز
عشيرته ، يؤدب أهله ولا يؤدبونه ، إن اتبعوه أسهل بهم ، وإن جابوه توعر
بهم ، شديد الغيرة ، سريع الطير ، صعب حجاب (1) القبة ، إن حاج (2) فغير
منزور ، وإن نوزع فغير مقصور ، قد بينت لك أمرهما كلاهما ، قالت له : أما
الأول فسيد مطاع لكريمته ، موات لها فيما عسى إن لم تعتصم أن تلين بعد
إبائها وتضيع تحت خبائها (3) ، وإن جاءت له بولد أحمقت ، فإن أنجبت فعن
حطاء أنجبت ، اطو ذكر هذا عني ، فلا تسمه لي . وأما الآخر فبعل الحرة
الكريمة إني لأخلاق هذا لواقعة ، وإني له لموافقة ، وإني لآخذ بأدب البعل
مع لزومي لقبتي وقلة بلغتي ، وإن السليل بيني وبينه لحري أن يكون المدافع
عن حريم عشيرته ، الذائد عن كتيبتها (4) ، المحامي عن حفيظتها ، الزائن
لأرومتها ، غير مواكل ولا زميل عند ضعضعة الحوادث فمن هو ؟ قال : ذلك أبو
سفيان بن حرب بن أمية . قالت : زوجني منه ، ولا تلقني إليه إلقاء المستسلس
السلس ، ولا تسمه بي سوم (5) المغاطس الضرس ، واستخر الله في السماء يخر
لك بعلمه في القضاء
__________
(1) الحجاب : الحاجز والمانع والساتر
(2) حاج : جادل ونازع
(3) الخباء : الخيمة
(4) الكتيبة : القِطْعة العَظيمة من الجَيْش
(5) المُساومَة : المُجاذَبَة بين البائِع والمشترى على السّلْعةِ وفَصلُ
ثَمنِها
باب ذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه : « إن وليت فاعدل »
1898 - أخبرنا أبو محمد بن ناجية قال : حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع قال : حدثنا محمد بن سابق قال : حدثنا يحيى بن زكريا ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، عن عبد الملك بن عمير قال : قال معاوية رحمه الله : ما زلت في طمع من الخلافة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « يا معاوية إن ملكت فأحسن »
1899 - وأنبأنا ابن ناجية ، أيضا ، قال : أنبأنا أبو أمية محمد بن إبراهيم صاحب مقسم طرسوس ، قال : حدثنا محمد بن موسى المصري قال : حدثنا خالد بن يزيد بن صبيح ، عن أبيه ، عن معاوية بن أبي سفيان ، رحمه الله ، قال : كنت أوضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أفرغ عليه من إناء في يدي فنظر إلي نظرة شديدة ففزعت فسقط الإناء من يدي ، فقال : « يا معاوية ، إن وليت شيئا من أمر أمتي فاتق الله واعدل » قال : فما زلت أطمع فيها منذ ذلك اليوم وأسأل الله أن يرزقني العدل فيكم
1900
- وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا هارون بن عبد الله بن مروان قال : حدثنا
الوليد بن الأغر قال : حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي ، عن جده قال :
كانت إداوة (1) يحملها أبو هريرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لوضوئه
، فاشتكى أبو هريرة فحملها معاوية ، فبينما هو يوضئ رسول الله صلى الله
عليه وسلم رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه فقال : « يا معاوية إن وليت
من أمر المسلمين شيئا فاتق الله واعدل » . فما زلت أظن أني مبتلى بذلك
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وليت آخر ما تأدى إلينا من فضائل
معاوية رحمه الله ، ورحمة الله على أبي سفيان وعلى هند
__________
(1) الإداوة : إناء صغير من جلد يحمل فيه الماء وغيره
باب فضائل عمار بن ياسر رحمه الله
1901 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا عمرو بن علي ، وبندار ، وابن سنان قالوا : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا أبو أحمد يعني : الزبيري قال المطرز : وحدثنا يعقوب الدورقي قال : حدثنا وكيع قال المطرز : وحدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا أبو أحمد ، يعني الزبيري قال المطرز : وحدثنا يوسف القطان قال : حدثنا أبو نعيم ، كلهم عن سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : جاء عمار يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « ائذنوا له مرحبا بالطيب المطيب »
1902 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني قال : حدثنا زهير يعني : ابن معاوية قال : حدثنا أبو إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : استأذن عمار رحمه الله على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « من هذا ؟ » . فقال : عمار . فقال : « مرحبا بالطيب المطيب »
1903 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن عبد العزيز بن سياه ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عطاء بن يسار ، عن عائشة ، رحمها الله قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما »
1904 - حدثنا أبو جعفر
أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال :
حدثنا هشيم قال : أنبأنا العوام بن حوشب ، عن الأسود بن مسعود ، عن حنظلة
بن خويلد قال : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : سمعت النبي صلى الله عليه
وسلم يقول : « تقتل عمارا الفئة الباغية (1) »
__________
(1) الباغية : الظالمة الخارجة عن طاعة الإمام
باب فضل عمرو بن العاص رحمه الله
1905 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا داود بن عمرو قال : حدثنا عبد الجبار بن الورد ، عن ابن أبي مليكة قال : قال طلحة رحمه الله : ألا أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ألا إني سمعته يقول : « عمرو بن العاص من صالحي قريش »
1906 - حدثنا ابن أبي داود - أبو بكر - قال : حدثنا علي بن خشرم قال : أنبأنا عيسى بن يونس ، عن نافع بن عمر الجمحي ، عن ابن أبي مليكة ، عن طلحة بن عبيد الله ، رحمه الله ، قال : إنكم تتحدثون أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أدري ما حسنها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن عمرو بن العاص من صالحي قريش »
1907 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا أبي قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أبناء العاص مؤمنان عمرو وهشام »
ذكر الكف عما شجر بين
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحمة الله تعالى عليهم أجمعين قال
محمد بن الحسين رحمه الله : ينبغي لمن تدبر ما رسمناه من فضائل أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم وفضائل أهل بيته رضي الله عنهم أجمعين أن يحبهم
ويترحم عليهم ويستغفر لهم ، ويتوسل إلى الله الكريم بهم ويشكر الله العظيم
إذ وفقه لهذا ، ولا يذكر ما شجر بينهم ولا ينقر عنه ولا يبحث ، فإن عارضنا
جاهل مفتون قد خطئ به عن طريق الرشاد فقال : لم قاتل فلان لفلان ولم قتل
فلان لفلان وفلان ؟ . قيل له : ما بنا وبك إلى ذكر هذا حاجة تنفعنا ولا
اضطررنا إلى علمها . فإن قال : ولم ؟ قيل له : لأنها فتن شاهدها الصحابة
رضي الله عنهم فكانوا فيها على حسب ما أراهم العلم بها وكانوا أعلم
بتأويلها من غيرهم ، وكانوا أهدى سبيلا ممن جاء بعدهم لأنهم أهل الجنة ،
عليهم نزل القرآن وشاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم وجاهدوا معه وشهد لهم
الله عز وجل بالرضوان والمغفرة والأجر العظيم ، وشهد لهم الرسول صلى الله
عليه وسلم أنهم خير قرن . فكانوا بالله عز وجل أعرف وبرسوله صلى الله عليه
وسلم وبالقرآن وبالسنة ومنهم يؤخذ العلم وفي قولهم نعيش ، وبأحكامهم نحكم
وبأدبهم نتأدب ولهم نتبع وبهذا أمرنا . فإن قال : وإيش الذي يضرنا من
معرفتنا لما جرى بينهم والبحث عنه ؟ . قيل له : ما لا شك فيه وذلك أن عقول
القوم كانت أكبر من عقولنا ، وعقولنا أنقص بكثير ولا نأمن أن نبحث عما شجر
بينهم فنزل عن طريق الحق ونتخلف عما أمرنا فيهم . فإن قال : وبم أمرنا
فيهم ؟ . قيل : أمرنا بالاستغفار لهم والترحم عليهم والمحبة لهم والاتباع
لهم ، دل على ذلك الكتاب والسنة وقول أئمة المسلمين ، وما بنا حاجة إلى
ذكر ما جرى بينهم ، قد صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم وصاهرهم وصاهروه ،
فبالصحبة يغفر الله الكريم لهم ، وقد ضمن الله عز وجل في كتابه أن لا يخزي
منهم واحدا وقد ذكر لنا الله تعالى في كتابه أن وصفهم في التوراة والإنجيل
، فوصفهم بأجمل الوصف ونعتهم بأحسن النعت ، وأخبرنا مولانا الكريم أنه قد
تاب عليهم ، وإذا تاب عليهم لم يعذب واحدا منهم أبدا رضي الله عنهم ورضوا
عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون . فإن قال قائل : إنما
مرادي من ذلك لأن أكون عالما بما جرى بينهم فأكون لم يذهب علي ما كانوا
فيه لأني أحب ذلك ولا أجهله . قيل له : أنت طالب فتنة لأنك تبحث عما يضرك
ولا ينفعك ولو اشتغلت بإصلاح ما لله عز وجل عليك فيما تعبدك به من أداء
فرائضه واجتناب محارمه كان أولى بك . وقيل : ولا سيما في زماننا هذا مع
قبح ما قد ظهر فيه من الأهواء الضالة . وقيل له : اشتغالك بمطعمك وملبسك
من أين هو ؟ أولى بك ، وتكسبك لدرهمك من أين هو ؟ وفيما تنفقه ؟ أولى بك .
وقيل : لا يأمن أن يكون بتنقيرك وبحثك عما شجر بين القوم إلى أن يميل قلبك
فتهوى ما لا يصلح لك أن تهواه ويلعب بك الشيطان فتسب وتبغض من أمرك الله
بمحبته والاستغفار له وباتباعه فتزل عن طريق الحق وتسلك طريق الباطل . فإن
قال : فاذكر لنا من الكتاب والسنة وعمن سلف من علماء المسلمين ما يدل على
ما قلت لترد نفوسنا عما تهواه من البحث عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم
. قيل له : قد تقدم ذكرنا لما ذكرته مما فيه بلاغ وحجة لمن عقل ، ونعيد
بعض ما ذكرناه ليتيقظ به المؤمن المسترشد إلى طريق الحق : قال الله عز وجل
: ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا
سجدا ، يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك
مثلهم في التوراة ، ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ
فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار (1) ) . ثم وعدهم بعد ذلك
المغفرة والأجر العظيم ، وقال الله عز وجل : ( لقد تاب الله على النبي
والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة (2) ) وقال عز وجل : (
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله
عنهم (3) ) إلى آخر الآية ، وقال عز وجل : ( يوم لا يخزي الله النبي
والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم (4) ) الآية ، وقال عز
وجل : ( كنتم خير أمة (5) ) الآية . وقال عز وجل ( لقد رضي الله عن
المؤمنين (6) ) إلى آخر الآية ، ثم إن الله عز وجل أثنى على من جاء بعد
الصحابة فاستغفر للصحابة وسأل مولاه الكريم أن لا يجعل في قلبه غلا لهم ،
فأثنى الله عز وجل عليه بأحسن ما يكون من الثناء ؛ فقال عز وجل : ( والذين
جاءوا من بعدهم (7) ) إلى قوله : ( رءوف رحيم ) . وقال النبي صلى الله
عليه وسلم : « خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم » . وقال
صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل اختار أصحابي على جميع العالمين
إلا النبيين والمرسلين ، واختار لي من أصحابي أربعة أبا بكر وعمر وعثمان
وعليا ، فجعلهم خير أصحابي وفي أصحابي كلهم خير واختار أمتي على سائر
الأمم » . وقال صلى الله عليه وسلم : « إن مثل أصحابي في أمتي كالملح في
الطعام لا يصلح الطعام إلا بالملح » . روي هذا عن الحسن ، عن أنس ، عن
النبي صلى الله عليه وسلم . قال : فكان الحسن إذا حدث بهذا يقول : قد ذهب
ملحنا فكيف نصلح ؟ . وقال ابن مسعود : إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد
فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه ، وبعثه
برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد
قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم
يقاتلون على دينه قال محمد بن الحسين رحمه الله : يقال لمن سمع هذا من
الله عز وجل ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كنت عبدا موفقا للخير
اتعظت بما وعظك الله عز وجل به ، وإن كنت متبعا لهواك خشيت عليك أن تكون
ممن قال الله عز وجل ( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله (8) ) وكنت
ممن قال الله عز وجل ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا
وهم معرضون (9) ) . ويقال له : من جاء إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم حتى يطعن في بعضهم ويهوى بعضهم ويذم بعضا ويمدح بعضا فهذا رجل طالب
فتنة ، وفي الفتنة وقع ؛ لأنه واجب عليه محبة الجميع والاستغفار للجميع
رضي الله عنهم ونفعنا بحبهم ، ونحن نزيدك في البيان ليسلم قلبك للجميع
وتدع البحث والتنقير عما شجر بينهم
__________
(1) سورة : الفتح آية رقم : 29
(2) سورة : التوبة آية رقم : 117
(3) سورة : التوبة آية رقم : 100
(4) سورة : التحريم آية رقم : 8
(5) سورة : آل عمران آية رقم : 110
(6) سورة : الفتح آية رقم : 18
(7) سورة : الحشر آية رقم : 10
(8) سورة : القصص آية رقم : 50
(9) سورة : الأنفال آية رقم : 23
1908 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا رجل ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن الله عز وجل أمرنا بالاستغفار لهم وهو يعلم أنهم سيقتتلون
1909 - حدثنا أبو عبد الله بن مخلد العطار قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الحساني قال : حدثنا أبو يحيى الحماني ، عن الحسن بن عمارة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : أمر الله عز وجل بالاستغفار لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهو يعلم أنهم سيقتتلون
1910 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن سفيان الأبلي قال : حدثنا هارون بن موسى قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن شهاب بن خراش ، عن العوام بن حوشب قال : اذكروا محاسن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم تأتلف عليه قلوبكم ولا تذكروا غيره فتحرشوا الناس عليهم
1911 - حدثني أبو حفص عمر بن
أيوب السقطي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا يحيى بن
سعيد ، عن سفيان قال : حدثني سليمان الأعمش ، عن أبي وائل ، عن أبي ميسرة
قال : رأيت في المنام قبابا (1) في رياض (2) مضروبة فقلت : لمن هذه ؟ .
قالوا : لذي الكلاع وأصحابه ، ورأيت قبابا في رياض فقلت : لمن هذه ؟ .
قالوا : لعمار وأصحابه . فقلت : وكيف وقد قتل بعضهم بعضا ؟ . قال : إنهم
وجدوا الله عز وجل واسع المغفرة
__________
(1) القبة : الخيمة الصغيرة أو البناء المستدير المقوس المجوف
(2) الرياض : جمع الروضة وهي البستان
1912
- وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار البلخي قال : حدثنا فضل بن
زياد قال : حدثنا محمد بن هارون المقرئ قال : حدثنا يزيد بن هارون قال :
حدثنا العوام بن حوشب ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي وائل قال : رأى عمرو بن
شرحبيل أبو ميسرة ، وكان من أفاضل أصحاب عبد الله بن مسعود ؛ قال : رأيت
كأني دخلت الجنة فإذا قباب (1) مضروبة فقلت : لمن هذه ؟ . قالوا : لذي
الكلاع وحوشب وكانا مع من قتل مع معاوية رحمه الله فقلت : فأين عمار ؟ .
قالوا : أمامك . قلت : وقد قتل بعضهم بعضا قال : لقوا الله عز وجل فوجدوه
واسع المغفرة
__________
(1) القبة : الخيمة الصغيرة أو البناء المستدير المقوس المجوف
1913 - حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا حكام بن سلم الرازي ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن عبد ربه قال : كان الحسن في مجلس فذكر كلاما وذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال : أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا ، قوما ما اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فإنهم ورب الكعبة على الهدي المستقيم
باب ذكر اللعنة على من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في آخر الزمان أقوام يلعنون أصحابه ، فلعن صلى الله عليه وسلم من لعن أصحابه أو سبهم فقال : « من لعن أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا » ويقال : الصرف الفرض ، والعدل التطوع ، ثم أمر جميع الناس أن يحفظوه في أصحابه وأن يكرموهم . قال محمد بن الحسين رحمه الله : فمن لم يكرمهم فقد أهانهم ، ومن سبهم فقد سب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم استحق اللعنة من الله عز وجل ، ومن الملائكة ، ومن الناس أجمعين ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : « إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم »
1914 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا محمد بن إسماعيل السلمي قال : حدثنا نعيم ، يعني : ابن حماد قال : حدثنا إسماعيل بن زكريا المدائني قال : حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فليظهر الذي عنده علم علمه ، فإن كاتم العلم ككاتم ما أنزل الله عز وجل »
1915 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا خلف بن تميم قال : حدثنا عبد الله بن السري قال : حدثنا محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره ، فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم »
1916 - حدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي قال : حدثنا محمد بن الفرج البزار قال : حدثني خلف بن تميم قال : حدثني عبد الله بن السري قال : حدثني محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا أظهرت أمتي البدع وشتم أصحابي فليظهر العالم علمه فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم »
1917 - أنبأنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا أبو معمر القطيعي قال : أنبأنا ابن نمير ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فسبوهم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا تذهب الدنيا حتى يسب آخر هذه الأمة أولها » قال محمد بن الحسين : فقد ظهر هذا في مواضع كثيرة من بلدان الدنيا ، يلعنون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولن يضر ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يضرون أنفسهم وقد رسمت في هذا الكتاب وهو كتاب الشريعة فضائلهم رضي الله عنهم ، ويظهر بعد ذلك ما على من سبهم أو لعنهم وآذاهم ما يجب عليه من اللعنة من الله عز وجل ومن ملائكته ومن الناس أجمعين
1918 - أنبأنا خلف بن عمرو العكبري قال : حدثنا
الحميدي عبد الله بن الزبير قال : حدثنا محمد بن طلحة قال : حدثنا عبد
الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة ، عن أبيه ، عن جده ، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله عز وجل اختارني واختار لي
أصحابا فجعل لي منهم وزراء وأنصارا وأصهارا فمن سبهم فعليه لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا (1) ولا
عدلا (2) »
__________
(1) الصرف : التوبة وقيل : النافلة
(2) العدل : الفدية وقيل : الفَرِيضَة
1919
- وحدثنا أبو العباس عبد الله بن الصقر السكري قال : حدثنا إبراهيم بن
المنذر الحزامي قال : حدثنا محمد بن طلحة قال : حدثنا عبد الرحمن بن سالم
بن عتبة بن عويم بن ساعدة ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل اختارني واختار لي أصحابا ، وجعل لي
منهم وزراء وأصهارا وأنصارا فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا (1) ولا عدلا (2) » قال إبراهيم بن المنذر
: الصرف والعدل : الفريضة والنافلة
__________
(1) الصرف : التوبة وقيل : النافلة
(2) العدل : الفدية وقيل : الفَرِيضَة
1920
- وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا عبد الله بن عمر
بن أبان الكوفي ، ومحمد بن سليمان لؤين ، وعبد الرحمن بن واقد أبو مسلم
المؤدب ، قالوا : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن عبيدة بن أبي رايطة ، عن عبد
الرحمن بن عبد الله ، عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : « الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضا (1) بعدي ، فمن
أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ومن
آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله عز وجل يوشك أن يأخذه » أنبأنا إبراهيم
بن الهيثم الناقد قال : حدثنا أبو معمر القطيعي قال : حدثنا إبراهيم بن
سعد ، عن عبيدة بن أبي رايطة ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن ابن مغفل
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الله الله في أصحابي » . وذكر
الحديث إلى آخره مثله .
__________
(1) الغرض : الهدف الذي يرمى إليه
1921 - حدثنا أبو العباس سهل بن أبي سهل الواسطي قال : حدثنا عمر بن صالح بن زياد يعرف بابن خيرة قال : حدثنا محمد بن الفضل بن عطية الخراساني ، عن أبيه ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الناس يكثرون وأصحابي يقلون ، فلا تسبوا أصحابي لعن الله من سبهم »
1922 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد
العزيز البغوي قال : حدثنا عبد الله بن عون الخراز قال : حدثني علي بن
يزيد الصدائي قال : حدثنا أبو شيبة الجوهري ، عن أنس بن مالك قال : قال
ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، إنا نسب ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سب أصحابي فعليه لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا (1) ولا عدلا (2) »
__________
(1) الصرف : التوبة وقيل : النافلة
(2) العدل : الفدية وقيل : الفَرِيضَة
1923
- وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال : حدثنا علي
بن يزيد الأكفاني قال : حدثنا أبو شيبة الجوهري ، عن أنس بن مالك قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سب أصحابي فعليه لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا (1) ولا عدلا (2) »
__________
(1) الصرف : التوبة وقيل : النافلة
(2) العدل : الفدية وقيل : الفَرِيضَة
1924
- حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا علي بن الجعد قال
: أنبأنا شعبة ، وأبو معاوية ، عن الأعمش ، عن ذكوان ، عن أبي سعيد الخدري
، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي
بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد (1) أحدهم ولا نصيفه (2) »
__________
(1) المد : كيل يُساوي ربع صاع وهو ما يملأ الكفين ، والمراد القَدْرُ
والقِيمَة والمكانةُ
(2) النصيف : النصف
1925
- وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا عبد
الوهاب الوراق قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي
سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسبوا أصحابي
، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا لم يدرك مد (1) أحدهم
ولا نصيفه (2) »
__________
(1) المد : كيل يُساوي ربع صاع وهو ما يملأ الكفين ، والمراد القَدْرُ
والقِيمَة والمكانةُ
(2) النصيف : النصف
1926
- وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عبد الله بن سعيد أبو سعيد
الأشج ، وعمرو بن عبد الله الأودي قالا : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي
صالح ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسبوا
أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد (1) أحدهم
ولا نصيفه (2) »
__________
(1) المد : كيل يُساوي ربع صاع وهو ما يملأ الكفين ، والمراد القَدْرُ
والقِيمَة والمكانةُ
(2) النصيف : النصف
1927 - وحدثنا ابن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب المديني قال : حدثنا عبد الجبار بن سعيد قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : قلت لعائشة رحمها الله : إني أسمع ناسا يتناولون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقالت : يا بني ، إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان الله عز وجل يجري لهم أجورهم ، فلما قبضهم الله عز وجل أحب أن يجري ذلك الأجر لهم
1928 - حدثنا ابن عبد الحميد ، أيضا ، قال : حدثنا زياد بن أيوب الطوسي قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن نسير بن ذعلوق قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول : لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فلمقام أحدهم ساعة ، يعني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خير من عمل أحدكم عمره
1929 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا يحيى بن يمان قال : حدثنا سوادة الجزري ، عن ميمون بن مهران قال : قلت لابن عباس أوصني ، قال : إياك والنجوم ، فإنها تدعو إلى الكهانة ، ولا تسبن أحدا من أصحاب نبيك صلى الله عليه وسلم وإذا حضرت الصلاة فلا تؤخرها
1930 - وحدثنا ابن عبد الحميد ، أيضا ، قال : حدثنا محمد بن يحيى الأزدي قال : حدثنا محمد بن القاسم الأسدي قال : حدثنا عبيدة بن أبي رايطة ، عن عبد الملك بن عبد الرحمن ، عن عياض الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « احفظوني في أصحابي وأصهاري ، ومن حفظني في أصحابي وأصهاري حفظه الله في الدنيا والآخرة ، ومن لم يحفظني في أصحابي وأصهاري تخلى الله عز وجل منه ويوشك أن يأخذه » قال محمد بن الحسين رحمه الله : لقد خاب وخسر من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه خالف الله ورسوله ، ولحقته اللعنة من الله عز وجل ومن رسوله ومن الملائكة ومن جميع المؤمنين ، ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا لا فريضة ولا تطوعا ، وهو ذليل في الدنيا ، وضيع القدر ، كثر الله بهم القبور ، وأخلى منهم الدور
1931 - أنبأنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا أبو السكين زكريا بن يحيى بن عمر بن حصن بن حميد بن منهب بن حارثة قال : حدثني أبو أيوب سليمان بن داود الهاشمي قال : حدثنا خالد بن عمرو بن محمد الأموي ، وهو عم عبد العزيز بن أبان ، عن سهل بن مالك الأنصاري ، عن أبيه ، عن جده قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : « يا أيها الناس ، إن أبا بكر لم يسؤني قط فاعرفوا ذلك له ، يا أيها الناس إني راض عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن مالك وعبد الرحمن بن عوف ، والمهاجرين الأولين فاعرفوا ذلك لهم ، يا أيها الناس إن الله عز وجل غفر لأهل بدر والحديبية ، يا أيها الناس احفظوني في أختاني وفي أصهاري وفي أصحابي ، لا يطلبنكم الله عز وجل بمظلمة أحد منهم ، فإنها ليست مما توهب ، يا أيها الناس ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين ، وإذا مات الرجل فلا تقولوا فيه إلا خيرا » . ثم نزل قال محمد بن الحسين : قد ذكرت من هذا الباب ما فيه مقنع لمن عقل فصانه الله عز وجل عن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحبهم واستغفر لهم ، وحجة على من سبهم حتى يعلم أنه قد حرم التوفيق ، وأخطأ طريق الرشاد ، ولعبت به الشياطين ؛ فأبعده الله وأسحقه
باب ذكر ما جاء في الرافضة وسوء
مذهبهم قال محمد بن الحسين رحمه الله : أول ما نبتدئ به من ذكرنا في هذا
الباب ، أنا نجل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وفاطمة رضي الله عنها ،
والحسن والحسين رضي الله عنهما ، وعقيل بن أبي طالب رضي الله عنه ،
وأولادهم ، وأولاد جعفر الطيار رضي الله عنهم ، وذريتهم الطيبة المباركة ،
عن مذاهب الرافضة الذين قد خطئ بهم عن طريق الرشاد . أهل بيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم أعلى قدرا وأصوب رأيا وأعرف بالله عز وجل وبرسوله صلى
الله عليه وسلم مما تنحلهم الرافضة إليه ، من سبهم لأبي بكر وعمر وعثمان
وطلحة والزبير وعائشة ، رضي الله عنهم ، قد صان الله الكريم علي بن أبي
طالب رضي الله عنه ومن ذكرنا من ذريته الطيبة المباركة عما ينحلونهم إليه
بالدلائل والبراهين التي تقدمت من ذكرهم رضي الله عنهم من أبي بكر وعمر
وعثمان وطلحة والزبير وعائشة وسائر الصحابة إلا بكل جميل ، بل هم كلهم
عندنا إخوان على سرر متقابلين في الجنة ، قد نزع الله الكريم من قلوبهم
الغل ، كما قال الله عز وجل ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر
متقابلين (1) ) ، رضي الله عنهم . وقد تقدم ذكرنا لمذهب علي بن أبي طالب
رضي الله عنه في أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ،
وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من فضائلهم ، وما ذكر من مناقب أبي
بكر وعمر رضي الله عنه عند وفاته ، وما ذكر من مناقب عمر رضي الله عنه عند
وفاته ، وما ذكر من عظم مصيبته بما جرى على عثمان رضي الله عنه من قتله
وتبرأ إلى الله عز وجل من قتله ، وكذا ولده وذريته الطيبة ينكرون على
الرافضة سوء مذاهبهم ، ويتبرءون منهم ، ويأمرون بمحبة أبي بكر وعمر وعثمان
وسائر الصحابة رضي الله عنهم ؛ لأن الرافضة لا يشهدون جمعة ولا جماعة ،
ويطعنون على السلف ، ولا نكاحهم نكاح المسلمين ، ولا طلاقهم طلاق المسلمين
، وهم أصناف كثيرة ، منهم من يقول : إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إله
، ومنهم من يقول : بل علي كان أحق بالنبوة من محمد ، وأن جبريل غلط بالوحي
. ومنهم من يقول : هو نبي بعد النبي صلى الله عليه وسلم . ومنهم من يشتم
أبا بكر وعمر ، ويكفرون جميع الصحابة ، ويقولون : هم في النار إلا ستة .
ومنهم من يرى السيف على المسلمين فإن لم يقدروا خنقوهم حتى يقتلوهم . وقد
أجل الله الكريم أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مذاهبهم القذرة
التي لا تشبه المسلمين . وفيهم من يقول بالرجعة ، نعوذ بالله ممن ينحل إلى
من قد أجلهم الله الكريم وصانهم عنها ، رضي الله عن أهل البيت وجزاهم عن
جميع المسلمين خيرا ، وأنا أذكر من الأخبار ما دل على ما قلت ، والله
الموفق لكل رشاد والمعين عليه :
__________
(1) سورة : الحجر آية رقم : 47
1932 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا القاسم بن أبي بزة قال : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا يحيى بن سابق المديني ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا علي ، أنت في الجنة ثلاثا قالها وسيأتي من بعدي قوم لهم نبز ، يقال لهم : الرافضة فإذا لقيتهم فاقتلهم فإنهم مشركون » قال : وما علامتهم يا رسول الله ؟ . قال : « لا يرون جمعة ولا جماعة ، يشتمون أبا بكر وعمر »
1933
- وحدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاهين قال : حدثنا أحمد بن إسحاق
قال : حدثنا الفضل بن غانم قال : حدثنا سوار بن مصعب ، عن عطية ، عن أبي
سعيد ، عن أم سلمة ، رضي الله عنها ، قالت : كانت ليلتي من النبي صلى الله
عليه وسلم وكان عندي فأتته فاطمة وتبعها علي رضي الله عنهما فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم : « يا علي أنت وأصحابك في الجنة ، وشيعتك في الجنة ،
إلا أنه ممن يزعم أنه يحبك أقوام يصغرون الإسلام ثم يلفظونه يقرءون القرآن
لا يجاوز تراقيهم (1) ، يقال لهم : الرافضة فإن أدركتهم فجاهدهم فإنهم
مشركون » قال : يا رسول الله ما العلامة فيهم ؟ . قال : « لا يشهدون جمعة
ولا جماعة ويطعنون على السلف الأول »
__________
(1) التَّراقِي : جمع تَرْقُوَة : وهي عظمة مشرفة بين ثغرة النحر والعاتق
وهما ترقوتان
1934 - حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن الكوفي الأشناني قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق بن راشد قال : حدثنا يحيى يعني : ابن سالم ، عن زياد بن المنذر ، عن أبي الجحاف ، عن عمر بن علي بن الحسين ، عن زينب بنت علي ، عن فاطمة رضي الله عنها بنت محمد صلى الله عليه وسلم ، قالت : دخل علي رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس ، فقال : « أبشر أما إنك وشيعتك في الجنة أما إنك وشيعتك في الجنة ، وإن قوما يجيئون من بعدك يصغرون الإسلام ثم يلفظونه ، لهم نبز ، يقال لهم : الرافضة فإن أدركتهم فقاتلهم فإنهم مشركون »
1935 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عبد الله بن
سعيد أبو سعيد الأشج قال : حدثنا تليد بن سليمان ، عن أبي الجحاف ، عن
محمد بن عمر ، والهاشمي ، عن زينب بنت علي ، عن فاطمة ، رضي الله عنها ،
بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : نظر النبي صلى الله عليه وسلم
إلى علي رضي الله عنه فقال : « هذا في الجنة وإن من شيعته (1) قوما يغطون
الإسلام يلفظونه ، لهم نبز ، يسمون الرافضة من لقيهم فليقاتلهم فإنهم
مشركون »
__________
(1) الشِّيعة : الفِرْقةُ من النَّاس وشيعة الإنسان أوْلياؤُه وأنصارُه
1936 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عمر بن شبة قال : حدثنا محمد بن سعيد الأحول قال : حدثنا عبثر بن القاسم أبو زبيد قال : حدثني حصين ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، أو غيره من أصحاب علي ، عن علي رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سيأتي قوم لهم نبز يقال لهم : الرافضة فإن لقيتهم فاقتلهم فإنهم مشركون » . قلت : يا رسول الله ما العلامة فيهم ؟ . قال : « يقرضونك بما ليس فيك ويطعنون على السلف »
1937
- حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا أبو
معاوية الضرير ، عن أبي جناب الكلبي ، عن أبي سليمان الهمداني ، عن علي ،
رضي الله عنه ، قال : يخرج في آخر الزمان قوم لهم نبز ، يقال لهم :
الرافضة ، ينتحلون شيعتنا (1) وليسوا من شيعتنا ، وآية ذلك أنهم يشتمون
أبا بكر وعمر ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون
__________
(1) الشِّيعة : الفِرْقةُ من النَّاس وشيعة الإنسان أوْلياؤُه وأنصارُه
1938 - وأنبأنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا محمد بن سليمان ، لؤين ، قال : حدثنا أبو عقيل ، عن كثير النواء ، عن إبراهيم بن الحسن ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يظهر في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام »
1939
- وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو
موسى محمد بن المثنى قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا محمد بن سوقة ،
عن حبيب بن أبي ثابت ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : « تفترق هذه الأمة
على بضع وسبعين فرقة ، شرهم قوم ينتحلون (1) حبنا أهل البيت ويخالفون
أعمالنا » قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : فإن قال قائل : فقد رويت
عن علي رضي الله عنه أنه قال : فاقتلوهم فإنهم مشركون ، فهل قتلهم علي رضي
الله عنه أو أحد من بعده ؟ قيل : نعم ، قد حرقهم علي بالنار ، وخد لهم
أخدودا في الأرض ، ونفى قوما وحذر قوما ، ونذر ، وخوف ، وما قصر رضي الله
عنه ، وبرئ ممن تبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
__________
(1) ينتحل : يدعي كذبا
1940
- وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا فضل
بن سهل الأعرج قال : حدثنا شبابة بن سوار ، عن خارجة بن مصعب ، عن سلام بن
أبي القاسم ، عن عثمان بن أبي عثمان قال : جاء ناس من الشيعة إلى علي بن
أبي طالب رضي الله عنه فقالوا : يا أمير المؤمنين أنت هو ؟ . قال : من أنا
؟ . قالوا : أنت هو ؟ . قال : ويلكم من أنا ؟ . قالوا : أنت ربنا . قال :
ارجعوا فتوبوا ، فأبوا (1) فضرب أعناقهم ، ثم خد لهم في الأرض أخدودا ، ثم
قال لقنبر : ائتني بحزم الحطب ، فأتاه بها فأحرقهم بالنار ، ثم قال : لما
رأيت الأمر أمرا منكرا أوقدت نارا ودعوت قنبرا
__________
(1) أبى : رفض وامتنع
1941
- وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا فضل
بن سهل الأعرج قال : حدثنا شبابة بن سوار قال : حدثنا خارجة بن مصعب ، عن
سلام بن أبي القاسم ، عن عثمان بن أبي عثمان قال : جاء ناس من الشيعة إلى
علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين أنت هو ؟ . قال
: من هو ؟ . قالوا : هو ، قال : ويلكم من أنا ؟ . قالوا : أنت ربنا ؛ قال
: ارجعوا وتوبوا ، فأبوا (1) فضرب أعناقهم ثم خد لهم في الأرض أخدودا ، ثم
قال : يا قنبر ائتني بحزم الحطب ، فأتاه بحزم فأحرقهم بالنار ، ثم قال :
لما رأيت الأمر أمرا منكرا أوقدت ناري ودعوت قنبرا حدثنا أبو سعيد أحمد بن
محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا أبو يحيى الضرير قال : حدثنا شبابة بن
سوار قال : حدثنا خارجة بن مصعب ، عن سلام بن أبي القاسم ، عن عثمان بن
أبي عثمان قال : جاء ناس من الشيعة إلى علي رضي الله عنه ، فذكر الحديث
مثله إلى آخره
__________
(1) أبى : رفض وامتنع
1942 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا فضيل بن مرزوق قال : سمعت حسن بن حسن ، رضي الله عنهما ، يقول لرجل من الرافضة : والله لإن أمكن الله منكم لنقطعن أيديكم وأرجلكم ولا نقبل منكم توبة
1943 - قال : وسمعته يقول : مرقت علينا الرافضة كما مرقت الحرورية على علي رضي الله عنه
1944 - حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا أبو موسى الزمن قال : حدثنا أبو داود يعني : الطيالسي قال : حدثني زهير ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن الأصم قال : قلت للحسن بن علي رضي الله عنهما : إن الشيعة تزعم أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة ؛ قال : كذبوا والله ما هؤلاء بشيعة ، ولو كان علي رضي الله عنه مبعوثا ما زوجنا نساءه ولا اقتسمنا ماله
1945 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا جعفر بن محمد قال : حدثنا أبو سعيد الأشج قال : سمعت حفص بن غياث يقول : سمعت جعفر بن محمد يقول : نحن أهل البيت نقول : من طلق امرأته ثلاثا فهي ثلاث
1946 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا حسين بن علي الجعفي ، عن زائدة ، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : أتيت ابن عباس ، فقال لي : ألا أعجبك ؟ . قلت : وما ذاك ، قال : إني في المنزل قد أخذت مضجعي للقيلولة ، فجاءني الغلام فقال : بالباب رجل يستأذن ، فقلت : ما جاء في هذه الساعة إلا وله حاجة ؛ أدخله ، فدخل فقلت : ما حاجتك ؟ . فقال : متى يبعث ذاك الرجل ؟ . قلت : أي رجل ؟ . قال : علي بن أبي طالب ، قلت : لا يبعث حتى يبعث من في القبور ، قال : ألا أراك تقول كما يقول هؤلاء الحمقاء ؛ قال : قلت : أخرجوا هذا عني ، لا يدخل علي هو ولا ضربه من الناس
1947 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا الحسن بن عفان الكوفي قال : حدثنا الحسن بن عطية قال : حدثنا شريك ، عن جابر ، عن أبي جعفر قال : قلت له : هل كان فيكم أهل البيت أحد يسب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقال : لا ، فتولهما واستغفر لهما وأحبهما ، قلت : هل كان فيكم أحد يؤمن بالرجعة ، قال : لا
1948 - حدثنا أبو
سعيد قال : حدثنا إسحاق بن يحيى الدهقان قال : حدثنا محمد بن عبيد قال :
حدثنا عبد الله بن حكيم بن جعفر ، عن أبيه قال : كنت في مجلس فيه رهط (1)
من الشيعة فعاب بعضهم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقلت : على من يقول
هذا لعنه الله ، فقال رجل من القوم : من أبي جعفر أخذناه ، قال : فلقيت
أبا جعفر فقلت : ما تقول في أبي بكر وعمر ؟ . فقال : وما يقول الناس فيهما
؟ . فقلت : يقلونهما ، فقال : إنما يقول ذاك المراق ، تولهما مثل ما تتولى
به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
__________
(1) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة
1949 - حدثنا أبو سعيد قال : حدثنا إسحاق بن يحيى قال : حدثنا محمد بن عبيد قال : حدثنا هاشم بن البريد ، عن أبيه قال : سمعت زيد بن علي يقول : البراءة من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما البراءة من علي رضي الله عنه
1950 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا علي بن الجعد قال : حدثنا زهير بن معاوية قال : قال أبي لجعفر بن محمد : إن جارا لي يزعم أنك تتبرأ من أبي بكر وعمر ، فقال : برئ الله من جارك ، والله إني لأرجو أن ينفعني الله عز وجل بقرابتي من أبي بكر رضي الله عنه ، ولقد اشتكيت شكاة فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم
1951 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا علي بن حرب الطائي قال : حدثنا إسماعيل بن أبان قال : قال رجل لشريك شيئا في أمر علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقال له شريك : يا جاهل ، إنا ما علمنا بعلي رضي الله عنه حتى خرج فصعد هذا المنبر ، فوالله ما سألناه حتى قال لنا : تدرون من خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم ، فسكتنا ، فقال : أبو بكر ثم عمر ، يا جاهل وكنا نقوم فنقول : كذبت قال محمد بن الحسين رحمه الله : فإن قال قائل : فشريك لم يدرك عليا رضي الله عنه ، قيل له : إنما يعني شريك أن هذا الذي ذكرته كان بالكوفة ، وعندنا لا نختلف فيه من قبلنا من صحابة علي رضي الله عنه أنه مشهور أن عليا رضي الله عنه قال هذا
1952 - حدثنا أبو الفضل
جعفر بن محمد الصندلي قال : حدثنا أبو بكر بن زنجويه قال : حدثنا محمد بن
يوسف الفريابي قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم قال :
جاء بشر بن جرموز إلى علي رضي الله عنه فجفاه ، وكان قتل الزبير بن العوام
، فقال : هكذا يصنع بأهل البلاء ؟ فقال علي كرم الله وجهه : بفيك الحجر ،
إنى لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله عز وجل ( ونزعنا ما في
صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (1) )
__________
(1) سورة : الحجر آية رقم : 47
1953 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد ؛ قال : حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا حجاج قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : حدثنا عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، أن عليا ، رضي الله عنه ، قيل له : إن قاتل الزبير بالباب ، فقال : ليدخل قاتل ابن صفية النار ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لكل نبي حواري وحواري الزبير »
1954 - حدثنا أبو سعيد قال
: حدثنا الحسن بن عفان العامري قال : حدثنا سهل بن عامر ، عن فضيل بن
مرزوق ، عن عطية العوفي قال : قال علي رضي الله عنه لابن طلحة رضي الله
عنه : إني لأرجو أن أكون أنا وأبوك ممن قال الله عز وجل ( ونزعنا ما في
صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (1) ) قال : فقال له رجل : دين الله
إذن أضيق من حد السيف ، تقتلهم ويقتلونك وتكون أنت وهم إخوانا على سرر
متقابلين ؟ قال : فقال له علي رضي الله عنه : التراب في فيك فمن عسى أن
يكونوا
__________
(1) سورة : الحجر آية رقم : 47
1955 -
وحدثنا أبو سعيد قال : حدثنا أبو أسامة الكلبي قال : حدثنا حسن بن الربيع
قال : حدثنا ابن إدريس ، عن حصين ، عن يوسف بن يعقوب ، عن الصلت بن عبد
الله بن الحارث بن عبد الله بن نوفل بن عبد المطلب ، عن أبيه قال : كنت مع
علي رضي عنه حين فرغ من أهل الجمل فانطلق إلى بيته وهو آخذ بيدي ؛ قال :
وإذا امرأته وابنتاه يبكين ، يذكرن عثمان وطلحة والزبير ، وقد أجلسوا
وليدة (1) بالباب تؤذنهن بعلي إذا جاء ؛ قال : فألهى الوليدة (2) ما ترى
النسوة يفعلن ، فدخل علي رضي الله عنه عليهن وتخلفت ، فقمت بالباب فقال
لهن : ما قلتن ؟ فأسكتن ، فانتهرهن (3) مرة أو مرتين ، فقالت امرأة منهن :
ما سمعت ، ذكرنا عثمان وقرابته وقدمه ، وذكرنا الزبير وقدمه ، وذكرنا طلحة
كذلك ، فقال : إني لأرجو أن يكون كالذي قال الله عز وجل ( ونزعنا ما في
صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (4) ) ومن هم إن لم نكن نحن أولئك ؟
__________
(1) الوليدة : الأمة أو الجارية المملوكة
(2) الوليدة : البنت الصغيرة أو الأمة المملوكة
(3) انتهرهن : زجرهن ونهاهن وعنفهن
(4) سورة : الحجر آية رقم : 47
1956 - وحدثنا أبو سعيد قال : حدثنا الدقيقي قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري قال : ما رأيت قوما أشبه بالنصارى من السبائية قال أحمد بن يونس : هم الرافضة
1957 - قال أبو سعيد : وسمعت الدقيقي يقول : سمعت يزيد بن هارون يقول : لا يصلى خلف الرافضي
1958 - وأنبأناه أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري قال : ما رأيت قوما أشبه بالنصارى من السبائية قال أحمد بن يونس : هم الرافضة
1959 - حدثنا أبو سعيد قال : حدثنا الحسن بن المثنى قال : حدثنا عفان قال : حدثنا خالد ، عن حصين ، عن عامر قال : ما كذب على أحد في هذه الأمة كما كذب على علي رضي الله عنه
1960
- حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا
الحسن بن عرفة قال : حدثنا أبو حفص الأبار ، عن الحكم بن عبد الملك ، عن
الحارث بن حصيرة ، عن أبي صادق ، عن ربيعة بن ناجد ، عن علي بن أبي طالب ،
رضي الله عنه ، قال : قال لي رسول الله : « يا علي فيك مثل من عيسى ابن
مريم عليه السلام ، أبغضته اليهود حتى بهتوا (1) أمه وأحبته النصارى حتى
أنزلوه بالمنزل الذي ليس به »
__________
(1) بهتوا أمه : كذبوا وافتروا عليها
1961
- ثم قال علي رضي الله عنه : « يهلك في رجلان : محب مطر يقرظني (1) بما
ليس في ، ومبغض مفتر يحمله شنآني (2) على أن يبهتني (3) »
__________
(1) التقريظ : الثناء والمدح
(2) الشنآن : الكراهية والبغض والحقد
(3) البُهْت : الكذب والإفْتِراء
1962 - حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا عباس بن محمد الدوري قال : حدثنا نصر بن حماد ، ووهب بن جرير ، وفهد بن حيان ، وأبو جابر المكي محمد بن عبد الملك الأزدي ، قالوا : حدثنا شعبة بن الحجاج ، عن أبي التياح ، عن أبي السوار قال : سمعت عليا ، رضي الله عنه يقول : ليحبني رجال يدخلهم الله عز وجل بحبي النار ، ويبغضني رجال يدخلهم الله عز وجل ببغضي النار
1963 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن الوليد قال : حدثنا محمد بن جعفر يعني غندرا ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البحتري قال : قال علي رضي الله عنه : يهلك في رجلان ؛ عدو مبغض ، ومحب مفرط
1964 - وحدثنا أبو سعيد الأعرابي قال : حدثنا يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا عمرو بن عبد الغفار قال شعبة بن الحجاج ، عن أبي التياح ، عن أبي السوار العدوي قال : سمعت علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، يقول : ليحبني أقوام يدخلون بحبي النار ، وليبغضني أقوام يدخلون ببغضي النار قال محمد بن الحسين رحمه الله : جميع ما ذكرناه يدل من عقل عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم وعن مذهب علي رضي الله عنه في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم وغيرهم من سائر الصحابة : أن الرافضة أسوأ الناس حالة ، وأنهم كذبة فجرة ، وأن عليا رضي الله عنه وذريته الطيبة أبرياء مما تنحله الرافضة إليهم ، وأن المحب لعلي رضي الله عنه الذي يرجو الثواب من الله عز وجل هو المحب لأبي بكر وعمر وعثمان وجميع الصحابة رضي الله عنهم ، فمن لم يكن كذلك لم تصح له محبة علي رضي الله عنه وقد برأ الله الكريم عليا رضي الله عنه وذريته الطيبة من مذاهب الرافضة الأنجاس الأرجاس . ونقول : إنه من أبغض علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم تنفعه محبة أبي بكر وعمر وعثمان ، بل هو عندنا منافق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : « لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق » . هذا مذهبنا وبه ندين الله عز وجل ، وبه نأمر إخواننا ، وبالله التوفيق
1965 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا إبراهيم بن منقذ الخولاني ، بمصر ، قال : حدثنا إدريس بن يحيى الخولاني ، عن الفضل بن المختار ، عن مالك بن مغول ، والقاسم بن الوليد الهمداني ، عن عامر الشعبي قال : قال أبو جحيفة : دخلت على علي بن أبي طالب ، فقلت : يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لي : مهلا يا أبا جحيفة ؛ ألا أخبرك بخير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو بكر وعمر ، ويحك يا أبا جحيفة لا يجتمع حبي وبغض أبي بكر وعمر في قلب مؤمن ، ويحك يا أبا جحيفة لا يجتمع بغضي وحب أبي بكر وعمر في قلب مؤمن
1966 - أنشدني أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح الهروي ، المعروف بابن أبي الطيب ، قال : أنشدني محمد بن زكريا قال : أنشدني مهدي بن سابق : إني رضيت عليا قدوة علما كما رضيت عتيقا صاحب الغار وقد رضيت أبا حفص وشيعته وما رضيت بقتل الشيخ في الدار كل الصحابة عندي قدوة علم فهل علي بهذا القول من عار إن كنت تعلم أني أحبهم إلا لوجهك أعتقني من النار
1967 - أنشدنا أبو سعيد أحمد بن محمد الأعرابي مما
قرأناه عليه ، قال : أنشدنا محمد بن زكريا الغلابي قال : أنشدنا عباد بن
بشار : حتى متى عبرات العين تنحدر والقلب من زفرات الشوق يستعر والنفس
طائرة ، والعين ساهرة كيف الرقاد لمن يعتاده السهر يا أيها الناس إني ناصح
لكم كونوا على حذر قد ينفع الحذر إني أخاف عليكم أن يحل بكم من ربكم غير
ما فوقها غير ما للروافض أضحت بين أظهركم تسير آمنة ينزو بها البطر تؤذي
وتشتم أصحاب النبي وهم كانوا الذين بهم يستنزل المطر مهاجرون لهم فضل
بهجرتهم وآخرون هم آووا (1) وهم نصروا كيف القرار على من قد تنقصهم ظلما
وليس لهم في الناس منتصر إنا إلى الله من ذل أراه بكم ولا مرد لأمر ساقه
القدر حتى رأيت رجالا لا خلاق لهم من الروافض قد ضلوا وما شعروا إني أحاذر
أن ترضوا مقالتهم أو لا فهل لكم عذر فتعتذروا رأى الروافض شتم المهتدين
فما بعد الشتيمة للأبرار ينتظر لا تقبلوا أبدا عذرا لشاتمهم إن الشتيمة
أمر ليس يغتفر ليس الإله براض عنهم أبدا ولا الرسول ولا يرضى به البشر
الناقضون عرى (2) الإسلام ليس لهم عند الحقائق إيراد ولا صدر (3)
والمنكرون لأهل الفضل فضلهم والمفترون عليهم كلما ذكروا قد كان عن ذا لهم
شغل بأنفسهم لو أنهم نظروا فيما به أمروا لكن لشقوتهم والحين يصرعهم قالوا
ببدعتهم قولا به كفروا قالوا وقلنا وخير القول أصدقه والحق أبلج والبهتان
منشمر وفي علي وما جاء الثقات به من قوله عبر لو أغنت العبر قال الأمير
علي فوق منبره والراسخون به في العلم قد حضروا خير البرية من بعد النبي
أبو بكر وأفضلهم من بعده عمر والفضل بعد إلى الرحمن يجعله فيمن أحب فإن
الله مقتدر هذا مقال علي ليس ينكره إلا الخليع وإلا الماجن الأشر فارضوا
مقالته أو لا فموعدكم نار توقد لا تبقي ولا تذر وإن ذكرت لعثمان فضائله
فلن يكون من الدنيا لها خطر وما جهلت عليا في قرابته وفي منازل يعشو دونها
البصر إن المنازل أضحت بين أربعة هم الأئمة والأعلام والغرر أهل الجنان
كما قال الرسول لهم وعدا عليه فلا خلف ولا غدر وفي الزبير حواري النبي إذا
عدت مآثره زلفى (4) ومفتخر واذكر لطلحة ما قد كنت ذاكره حسن البلاء وعند
الله مدكر إن الروافض تبدي من عداوتها أمرا تقصر عنه الروم والخزر ليست
عداوتها فينا بضائرة لا بل لها وعليها الشين والضرر لا يستطيع شفا نفس
فيشفيها من الروافض إلا الحية الذكر ما زال يضربها بالذل خالقها حتى تطاير
عن أفحاصها الشعر داو الروافض بالإذلال إن لها داء الجنون إذا هاجت بها
المرر كل الروافض حمر لا قلوب لها صم وعمي فلا سمع ولا بصر ضلوا السبيل
أضل الله سعيهم بئس العصابة (5) إن قلوا أو إن كثروا شين (6) الحجيج فلا
تقوى ولا ورع إن الروافض فيها الداء والدبر (7) لا يقبلون لذي نصح نصيحته
فيها الحمير وفيها الإبل والبقر والقوم في ظلم سود فلا طلعت مع الأنام لهم
شمس ولا قمر لا يأمنون وكل الناس قد أمنوا ولا أمان لهم ما أورق الشجر لا
بارك الله فيهم لا ولا بقيت منهم بحضرتنا أنثى ولا ذكر
__________
(1)
أوى وآوى : ضم وانضم ، وجمع ، حمى ، ورجع ، ورَدَّ ، ولجأ ، واعتصم ،
ووَارَى ، وأسكن ، ويستخدم كل من الفعلين لازما ومتعديا ويعطي كل منهما
معنى الآخر
(2) العروة : ما يُستمسك به ويُعتصم من الدين
(3) الصَّدَر بالتحريك : رجوعُ المُسَافِر من مَقْصِده
(4) الزلفى : من الازدلاف أي التقرب
(5) العصابة : الجماعَةُ من الناس من العَشَرَة إلى الأرْبَعين
(6) الشين : العيب والنقيصة والقبح
(7) الدبر : جمع دَبْرَة ، وهي قرحة الدابة
باب ذكر هجرة أهل البدع والأهواء قال محمد بن الحسين رحمه الله : ينبغي لكل من تمسك بما رسمناه في كتابنا هذا وهو كتاب الشريعة أن يهجر جميع أهل الأهواء من الخوارج والقدرية والمرجئة والجهمية ، وكل من ينسب إلى المعتزلة ، وجميع الروافض ، وجميع النواصب ، وكل من نسبه أئمة المسلمين أنه مبتدع بدعة ضلالة ، وصح عنه ذلك ، فلا ينبغي أن يكلم ولا يسلم عليه ، ولا يجالس ولا يصلى خلفه ، ولا يزوج ولا يتزوج إليه من عرفه ، ولا يشاركه ولا يعامله ولا يناظره ولا يجادله ، بل يذله بالهوان له ، وإذا لقيته في طريق أخذت في غيرها إن أمكنك . فإن قال : فلم لا أناظره وأجادله وأرد عليه قوله ؟ . قيل له : لا يؤمن عليك أن تناظره وتسمع منه كلاما يفسد عليك قلبك ويخدعك بباطله الذي زين له الشيطان فتهلك أنت ؛ إلا أن يضطرك الأمر إلى مناظرته وإثبات الحجة عليه بحضرة سلطان أو ما أشبهه لإثبات الحجة عليه ، فأما لغير ذلك فلا . وهذا الذي ذكرته لك فقول من تقدم من أئمة المسلمين ، وموافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما الحجة في هجرتهم بالسنة ، فقصة هجرة الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج معه في غزاته بغير عذر : كعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، ومرارة بن الربيع رحمهم الله تعالى فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرتهم ، وأن لا يكلموا ، وطردهم حتى نزلت توبتهم من الله عز وجل ، وهكذا قصة حاطب بن أبي بلتعة لما كتب إلى قريش يحذرهم خروج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرته وطرده ، فلما أنزل الله توبته فعاتبه الله تعالى على فعله فتاب عليه ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أفضل العمل الحب في الله والبغض في الله » . وضرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لصبيغ ، وبعث إلى أهل البصرة أن لا يجالسوه ؛ قال : فلو جاء إلى حلقة ما هي قاموا وتركوه ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام » وسنذكر عن التابعين وأئمة المسلمين معنى ما قلناه إن شاء الله تعالى
1968 - حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قال : حدثنا هشام بن خالد الدمشقي قال : حدثنا الحسن بن يحيى الخشني ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رحمها الله ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام »
1969 - حدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي قال : حدثنا أحمد بن سفيان المصري قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي قال : حدثنا الليث بن سعد قال : حدثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام »
1970 - وحدثنا أبو الفضل قال : حدثنا إبراهيم بن المهلب الزهري قال حدثنا محمد بن كثير المصيصي قال : حدثنا الأوزاعي ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أهل البدع هم شر الخلق والخليقة »
1971 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي ؛ قال : حدثنا أبو الأصبغ عبد العزيز بن يحيى الحراني قال : حدثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير قال : إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في غيره
1972 - وأنبأنا الفريابي قال : حدثني إسماعيل بن سيف قال : حدثنا حسان بن إبراهيم الكرماني قال : سمعت أبا إسحاق الهمداني يقول : من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام
1973 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب قال : كان أبو قلابة يقول : لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم ، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم
1974 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا هشيم ، عن العوام بن حوشب ، عن معاوية بن قرة قال : الخصومات في الدين تحبط الأعمال
1975 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى قال : حدثنا سعيد بن عامر قال : حدثنا سلام بن أبي المطيع : أن رجلا من أهل الأهواء قال لأيوب السختياني : يا أبا بكر ، أسألك عن كلمة ؛ قال : فولى أيوب وجعل يشير بأصبعه : ولا نصف كلمة ولا نصف كلمة
1976 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا سعيد بن عامر قال : سمعت جدي أسماء تحدث قالت : دخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء ، فقالا : يا أبا بكر نحدثك ، قال : لا ، قالا : فنقرأ عليك آية من كتاب الله عز وجل ، قال : لا ، لتقومن عني أو لأقومنه ، فقام الرجلان فخرجا
1977 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن داود قال : حدثنا محمد بن عيسى قال : حدثني مخلد ، عن هشام قال : جاء رجل إلى الحسن فقال : يا أبا سعيد ، تعال أخاصمك في الدين ، فقال الحسن : أما أنا فقد أبصرت ديني ، فإن كنت أضللت دينك فالتمسه
1978 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال : حدثنا معن بن عيسى قال : انصرف مالك بن أنس يوما من المسجد وهو متكئ على يدي ، قال : فلحقه رجل يقال له : أبو الجويرية ، كان يتهم بالإرجاء ، فقال : يا أبا عبد الله ، اسمع مني شيئا أكلمك به وأحاجك وأخبرك برأيي ؛ قال له مالك : فإن غلبتني ؟ قال : إن غلبتك اتبعتني ؛ قال : فإن جاءنا رجل آخر فكلمنا فغلبنا ؟ . قال : نتبعه ، فقال مالك : يا عبد الله ، بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وسلم بدين واحد وأراك تنتقل من دين إلى دين قال عمر بن عبد العزيز : من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل
1979 - وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن جعفر بن برقان قال : جاء رجل إلى عمر بن عبد العزيز فسأله عن بعض الأهواء ، فقال : انظر دين الأعرابي والغلام في الكتاب فاتبعه واله عن ما سوى ذلك
1980 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسين بن علي بن الأسود العجلي قال : حدثنا محمد بن فضيل قال : حدثنا معاوية ، عن إبراهيم النخعي ، أنه قال لمحمد بن السائب التيمي : ما دمت على هذا الرأي فلا تقربنا ، وكان مرجئا
1981 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال : حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة قال : ما ابتدع رجل قط بدعة إلا استحل السيف
1982 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، أنه كان يقول : إن أهل الأهواء أهل ضلالة ، ولا أرى مصيرهم إلا إلى النار
1983 - وحدثنا الفريابي
قال : حدثنا إبراهيم بن عثمان المصيصي قال : حدثنا مخلد بن الحسين ، عن
هشام بن حسان ، عن الحسن قال : صاحب بدعة لا تقبل له صلاة ولا حج ولا عمرة
ولا جهاد ولا صرف (1) ولا عدل (2)
__________
(1) الصرف : التوبة وقيل : النافلة
(2) العدل : الفدية وقيل : الفَرِيضَة
1984 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال : حدثنا وهيب قال : حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة قال : ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف
1985
- وحدثنا الفريابي قال : حدثني أبو علي الحسن بن عمر الشقيقي قال : حدثنا
حماد بن زيد ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، أنه ذكر أصحاب الأهواء
فقال : والذي نفس أبي الجوزاء بيده ، لأن تمتلئ داري قردة وخنازير أحب إلي
من أن يجاورني رجل منهم ، ولقد دخلوا في هذه الآية ( ها أنتم أولاء
تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا
عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور
(1) )
__________
(1) سورة :
1986 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا سعيد بن عامر قال : حدثنا سلام بن أبي مطيع قال : كان أيوب يسمي أصحاب البدع خوارج ، ويقول : إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف
1987 - أنبأنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا أبو السكين زكريا بن يحيى قال : سمعت أبا بكر بن عياش ، وقال له رجل : يا أبا بكر من السني ؟ فقال : السني الذي إذا ذكرت الأهواء لم يغضب لشيء منها
1988 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا مهدي بن ميمون قال : قال يونس بن عبيد : إن الذي تعرض عليه السنة فيقبلها لغريب وأغرب منه صاحبها
1989 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عباس العنبري قال : سمعت أحمد بن يونس يقول : رأيت زهير بن معاوية جاء إلى زائدة بن قدامة فكلمه في رجل يحدثه فقال : من أهل السنة هو ؟ . فقال : ما أعرفه ببدعة ، فقال زائدة : هيهات أمن أهل السنة هو ؟ . فقال زهير : متى كان الناس هكذا ؟ . فقال زائدة : ومتى كان الناس يشتمون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما
1990 - حدثنا ابن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا سعيد بن عامر ، عن حرب بن ميمون ، عن خويل قال : كنت عند يونس بن عبيد فأتاه رجل فقال : تنهانا عن مجالسة عمرو بن عبيد وهذا ابنك عنده ؛ قال : فلم يلبث أن جاء ابنه فقال : يا بني قد عرفت رأيي في عمرو وتأتيه قال : فقال : ذهبت مع فلان ، فقال : يا بني أنهاك عن الزنا والسرقة وشرب الخمر ؛ ولإن تلقى الله عز وجل بهن أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو وأصحاب عمرو
1991 - حدثنا أبو عبد الله بن مخلد العطار قال : حدثنا أبو موسى هارون بن مسعود الدهقان قال : حدثنا عبد الصمد بن حسان قال : قال سفيان الثوري : اتقوا هذه الأهواء المضلة ، قيل له : بين لنا رحمك الله ؛ قال سفيان : أما المرجئة فيقولون : الإيمان كلام بلا عمل ، من قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فهو مؤمن مستكمل إيمانه على إيمان جبريل والملائكة وإن قتل كذا وكذا مؤمنا وإن ترك الغسل من الجنابة وإن ترك الصلاة ، وهم يرون السيف على أهل القبلة ، وأما الشيعة فهم أصناف كثيرة : منهم المنصورية ؛ وهم الذين يقولون : من قتل أربعين من أهل القبلة دخل الجنة ، ومنهم الخناقون الذين يخنقون الناس ويستحلون أموالهم ، ومنهم الخرينية الذين يقولون : أخطأ جبريل بالرسالة ، وأفضلهم الزيدية وهم ينتفون من عثمان وطلحة والزبير وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم ، ويرون القتال مع من خرج من أهل البيت حتى يغلب أو يغلب ، ومنهم الرافضة الذين يتبرءون من جميع الصحابة ويكفرون الناس كلهم إلا أربعة : عليا وعمارا والمقداد وسلمان ، وأما المعتزلة فهم يكذبون بعذاب القبر وبالحوض والشفاعة ولا يرون الصلاة خلف أحد من أهل القبلة ؛ إلا من كان على هواهم ، وكل أهل هوى ، فإنهم يرون السيف على أهل القبلة . وأما أهل السنة فإنهم لا يرون السيف على أحد ، وهم يرون الصلاة والجهاد مع الأئمة تامة قائمة ، ولا يكفرون أحدا بذنب ، ولا يشهدون عليه بشرك ويقولون : الإيمان قول وعمل ، مخافة أن يزكوا أنفسهم ، لا يكون عمل إلا بإيمان ، ولا إيمان إلا بعمل . قال سفيان : فإن قيل لك : من إمامك في هذا ؟ . فقل : سفيان الثوري رحمه الله
باب عقوبة الإمام والأمير لأهل الأهواء قال محمد بن الحسين رحمه الله : ينبغي لإمام المسلمين ولأمرائه في كل بلد إذا صح عنده مذهب رجل من أهل الأهواء - ممن قد أظهره - أن يعاقبه العقوبة الشديدة ، فمن استحق منهم أن يقتله قتله ، ومن استحق أن يضربه ويحبسه وينكل به فعل به ذلك ، ومن استحق أن ينفيه نفاه ، وحذر منه الناس . فإن قال قائل : وما الحجة فيما قلت ؟ . قيل : ما لا تدفعه العلماء ممن نفعه الله عز وجل بالعلم ، وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلد صبيغا التميمي ، وكتب إلى عماله : أن يقيموه حتى ينادي على نفسه ، وحرمه عطاءه ، وأمر بهجرته ، فلم يزل وضيعا في الناس . وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قتل بالكوفة في صحراء أحد عشر جماعة ادعوا أنه إلههم ، خد لهم في الأرض أخدودا وحرقهم بالنار ، وقال : لما سمعت القول قولا منكرا أججت ناري ودعوت قنبرا وهذا عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن أرطأة في شأن القدرية : تستتيبهم فإن تابوا وإلا فاضرب أعناقهم وقد ضرب هشام بن عبد الملك عنق غيلان وصلبه بعد أن قطع يده ، ولم يزل الأمراء بعدهم في كل زمان يسيرون في أهل الأهواء إذا صح عندهم ذلك عاقبوه على حسب ما يرون ، لا ينكره العلماء
1992 - حدثنا أبو علي الحسن بن الحباب المقرئ قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم قال : أنبأنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن الزهري ، عن أنس ، أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه جلد صبيغا التميمي في مسائلته عن حروف القرآن حتى اضطربت الدماء في ظهره ، وقال غير مرة ، وبعث إلى أهل البصرة : أن لا تجالسوه . فلو جاء إلى حلقة ما هي قاموا وتركوه
1993 - وحدثني
أبو بكر بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث قال :
حدثنا مكي بن إبراهيم قال : حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن ، عن يزيد بن
خصيفة ، عن السائب بن يزيد قال : أتي عمر بن الخطاب فقالوا : يا أمير
المؤمنين ، إنا لقينا رجلا يسأل عن تأويل القرآن ؟ . فقال : اللهم أمكني
منه ؛ قال : فبينما عمر رضي الله عنه ذات يوم يغدي الناس إذ جاءه عليه
ثياب وعمامة فتغدى حتى إذا فرغ ، قال : يا أمير المؤمنين ( والذاريات ذروا
فالحاملات وقرا (1) ) فقال عمر : أنت هو ؟ فقام إليه فحسر (2) عن ذراعيه ،
فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته ، فقال : والذي نفسي بيده لو وجدتك محلوقا
لضربت رأسك ، ألبسوه ثيابه واحملوه على قتب (3) ثم أخرجوه حتى تقدموا به
بلاده ثم ليقم خطيبا ثم ليقل : إن صبيغا طلب العلم فأخطأ ، فلم يزل وضيعا
في قومه حتى هلك وكان سيد قومه وأنبأنا أبو زكريا يحيى بن محمد الحنائي
قال : حدثنا محمد بن عبيد بن حساب قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن يزيد بن
أبي حازم ، عن سليمان بن يسار قال : قدم المدينة رجل من بني تميم يقال له
صبيغ بن عسل ، كان عنده كتب وكان يسأل عن متشابه القرآن ، فبلغ ذلك عمر
رضي الله عنه وذكر الحديث نحوا منه وله طرق قال محمد بن الحسين رحمه الله
: وأما حديث علي رضي الله عنه فقد تقدم ذكرنا له في هذا الجزء في الذين
قتلهم وأحرقهم . وأما حديث عمر بن عبد العزيز :
__________
(1) سورة : الذاريات آية رقم : 1
(2) حسر : كشف
(3) القتب : هو الرحل الذي يوضع حول سنام البعير تحت الراكب
1994- - فأخبرنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن عمه أبي سهيل بن مالك قال : كنت أسير مع عمر بن عبد العزيز رحمه الله فاستشارني في القدرية ؟ . فقلت : أرى أن تستتيبهم فإن تابوا وإلا عرضتهم على السيف . فقال : أما إن ذلك رأيي . قال مالك : وذلك رأيي
1995
- وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري قال : حدثنا أبو
ضمرة أنس بن عياض قال : حدثني أبو سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر أنه قال
: قال لي عمر بن عبد العزيز رحمه الله من فيه إلى أذني ما تقول في الذين
يقولون : لا قدر ؟ . قلت : أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم .
قال : فقال عمر بن عبد العزيز : ذلك الرأي فيهم ، والله لو لم تكن إلا هذه
الآية لكفى بها ( فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال
الجحيم (1) )
__________
(1) سورة : الصافات آية رقم : 161
1996
- وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا عبد الله بن عبد الجبار الحمصي قال :
حدثنا محمد بن حمير ، عن محمد بن مهاجر ، عن أخيه ، عمرو بن مهاجر قال :
بلغ عمر بن عبد العزيز رحمه الله أن غيلان يقول في القدر ، فبعث إليه
فحجبه (1) أياما ثم أدخله عليه فقال : يا غيلان ما هذا الذي بلغني عنك ؟ .
قال عمرو بن مهاجر : فأشرت إليه أن لا تقول شيئا ، فقال : نعم يا أمير
المؤمنين ، إن الله عز وجل يقول : ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم
يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا
بصيرا ، إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا (2) ) قال عمر : اقرأ آخر
السورة : ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما يدخل من
يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما (3) ) ثم قال : ما تقول يا
غيلان ؟ . قال : أقول : قد كنت أعمى فبصرتني ، وأصم فأسمعتني ، وضالا
فهديتني ، فقال عمر : اللهم إن كان غيلان عندك صادقا وإلا فاصلبه . قال :
فأمسك عن الكلام في القدر ، فولاه عمر بن عبد العزيز رحمه الله دار الضرب
بدمشق ، فلما مات عمر بن عبد العزيز وأفضت الخلافة إلى هشام تكلم في القدر
، فبعث إليه هشام فقطع يده فمر به رجل والذباب على يده فقال : يا غيلان
هذا قضاء وقدر ؛ قال : كذبت لعمر الله ما هذا قضاء ولا قدر ، فبعث إليه
هشام فصلبه
__________
(1) حجب : منع وحجز
(2) سورة : الإنسان آية رقم : 1
(3) سورة : الإنسان آية رقم : 30
1997 - وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا هشام بن خالد الأزرق ، حدثنا أبو مسهر قال : حدثني عون بن حكيم قال : حدثني الوليد بن سليمان بن أبي السائب ، أن رجاء بن حيوة ، كتب إلى هشام بن عبد الملك : بلغني يا أمير المؤمنين أنه وقع في نفسك شيء من قبل غيلان وصالح ، والله لقتلهما أفضل من قتل ألفين من الروم والترك . قال هشام بن خالد : صالح مولى ثقيف
1998 - وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال : حدثنا الهيثم بن خارجة قال : حدثنا عبد الله بن السائب الأشعري ، حمصي ، عن إبراهيم بن أبي عبلة قال : كنت عند عبادة بن نسي ، فأتاه رجل فأخبره أن أمير المؤمنين هشاما قطع يد غيلان ولسانه وصلبه ، قال له : حق ما تقول ؟ . قال : نعم ؛ قال : أصاب والله السنة والقضية ، ولأكتبن إلى أمير المؤمنين فلأحسنن له ما صنع
1999 - حدثني عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال : قلت لأبي : يا أبه ، لو سمعت رجلا يسب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما كنت تصنع به ؟ . قال : كنت أضرب عنقه قال محمد بن الحسين : وكان عبد الرحمن بن أبزى قاضي المدينة
2000 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا الحسن بن الصباح قال : حدثني قاسم العمري ، عن عبد الرحمن بن محمد بن حبيب بن أبي حبيب ، عن أبيه ، عن جده قال : شهدت خالد بن عبد الله القسري وهو يخطب ، فلما فرغ من خطبته ، وذلك يوم النحر فقال : ارجعوا فضحوا تقبل الله منكم ، فإني مضح بالجعد بن درهم ، إنه زعم أن الله تعالى لم يكلم موسى تكليما ، ولم يتخذ إبراهيم خليلا سبحانه وتعالى عما يقول الجعد بن درهم علوا كبيرا ثم نزل فذبحه
2001 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : قال أحمد يعني : ابن حنبل رحمه الله ، قال عبد الرحمن بن مهدي : من قال : إن الله تعالى لم يكلم موسى يستتاب فإن تاب وإلا قتل
2002
- حدثنا أبو علي الحسين بن عبد الله الخرقي قال : حدثنا أبو عمر حفص بن
عمر الضرير الدوري المقرئ قال : حدثنا علي بن قدامة ، عن المجاشع بن عمرو
، عن ميسرة ، عن عبد الكريم الجزري ، عن ابن عباس ، قي قول الله تعالى (
يوم تبيض وجوه وتسود وجوه (1) ) ، فأما الذين ابيضت وجوههم فأهل السنة
والجماعة ، وأما الذين اسودت وجوههم فأهل البدع والأهواء
__________
(1) سورة : آل عمران آية رقم : 106
2003
- حدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي قال : حدثنا إبراهيم بن المهلب
الزهري قال : حدثنا عبد الله بن الحسن الساحلي قال : حدثنا بقية بن الوليد
، والوليد بن مسلم قالا : حدثنا ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ
بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا حدث في أمتي البدع
وشتم أصحابي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين » . فقال عبد الله بن الحسين : فقلت للوليد بن
مسلم : ما إظهار العلم ؟ . قال : إظهار السنة ، إظهار السنة قال محمد بن
الحسين رحمه الله : قد رسمت في هذا الكتاب وهو كتاب الشريعة من أوله لآخره
ما أعلم أن جميع من شمله الإسلام محتاج إلى علمه لفساد مذاهب كثير من
الناس ، ولما قد ظهر كثير من الأهواء الضالة والبدع المتواترة ما أعلم أن
أهل الحق تقوى به نفوسهم ، ومقمعة لأهل البدع والضلالة على حسب ما علمني
الله عز وجل ، فالحمد لله على ذلك . وقد كان أبو بكر بن أبي داود رحمه
الله أنشدنا قصيدة قالها في السنة وهذا موضعها ، وأنا أذكرها ليزداد بها
أهل الحق بصيرة وقوة إن شاء الله : أملى علينا أبو بكر بن أبي داود في
مسجد الرصافة في يوم الجمعة لخمس بقين من شعبان سنة تسع وثلاثمائة فقال
تجاوز الله عنه : تمسك بحبل الله واتبع الهدى ولا تك بدعيا لعلك تفلح ودن
بكتاب الله والسنن التي أتت عن رسول الله تنجو وتربح وقل : غير مخلوق كلام
مليكنا بذلك دان الأتقياء وأفصحوا ولا تغل في القرآن بالوقف قائلا كما قال
أتباع لجهم وأسجحوا ولا تقل : القرآن خلق قرأته فإن كلام الله باللفظ يوضح
وقل يتجلى الله للخلق جهرة كما البدر لا يخفى وربك أوضح وليس بمولود وليس
بوالد وليس له شبه تعالى المسبح وقد ينكر الجهمي هذا وعندنا بمصداق ما
قلنا حديث مصرح رواه جرير عن مقال محمد فقل مثل ما قد قال في ذاك تنجح وقد
ينكر الجهمي أيضا يمينه وكلتا يديه بالفواضل تنضح وقل : ينزل الجبار في كل
ليلة بلا كيف جل الواحد المتمدح إلى طبق الدنيا يمن بفضله فتفرج أبواب
السماء وتفتح يقول : ألا مستغفر يلقى غافرا ومستمنح خيرا ورزقا فيمنح روى
ذاك قوم لا يرد حديثهم ألا خاب قوم كذبوهم وقبحوا وقل : إن خير الناس بعد
محمد وزيراه قدما ثم عثمان الأرجح ورابعهم خير البرية بعدهم علي حليف
الخير بالخير منجح وإنهم والرهط لا ريب فيهم على نجب الفردوس في الخلد
تسرح سعيد وسعد وابن عوف وطلحة وعامر فهر والزبير الممدح وقل : خير قول في
الصحابة كلهم ولا تك طعانا تعيب وتجرح فقد نطق الوحي المبين بفضلهم وفي
الفتح آي في الصحابة تمدح وبالقدر المقدور أيقن فإنه دعامة عقد الدين
والدين أفيح ولا تنكرن جهلا نكيرا ومنكرا ولا الحوض والميزان إنك تنصح وقل
: يخرج الله العظيم بفضله من النار أجسادا من الفحم تطرح على النهر في
الفردوس تحيا بمائه كحبة حمل السيل إذ جاء يطفح وإن رسول الله للخلق شافع
وقل في عذاب القبر : حق موضح ولا تكفرن أهل الصلاة وإن عصوا فكلهم يعصي
وذو العرش يصفح ولا تعتقد رأي الخوارج إنه مقال لمن يهواه يردي ويفضح ولا
تك مرجئا لعوبا بدينه ألا إنما المرجي بالدين يمزح وقل : إنما الإيمان قول
ونية وفعل على قول النبي مصرح وينقص طورا بالمعاصي وتارة بطاعته ينمى وفي
الوزن يرجح ودع عنك آراء الرجال وقولهم فقول رسول الله أزكى وأشرح ولا تك
من قوم تلهوا بدينهم فتطعن في أهل الحديث وتقدح إذا ما اعتقدت الدهر يا
صاح هذه فأنت على خير تبيت وتصبح ثم قال لنا أبو بكر بن أبي داود : هذا
قولي وقول أبي وقول أحمد بن حنبل وقول من أدركنا من أهل العلم ومن لم ندرك
ممن بلغنا عنه ، فمن قال علي غير هذا فقد كذب قال محمد بن الحسين رحمه
الله : وبهذا وبجميع ما رسمته في كتابنا هذا وهو كتاب الشريعة ثلاثة
وعشرون جزءا ندين الله عز وجل ، وننصح إخواننا من أهل السنة والجماعة ، من
أهل القرآن وأهل الحديث وأهل الفقه وجميع المستورين في ذلك ؛ فمن قبل فحظه
من الخير إن شاء الله ، ومن رغب عنه أو عن شيء منه فنعوذ بالله منه ،
وأقول له كما قال نبي من أنبياء الله عز وجل لقومه لما نصحهم فقال (
فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد (1) )
__________
(1) سورة : غافر آية رقم : 44