كتاب : بلاغات النساء
المؤلف : ابن طيفور
اسحاق الموصلي عن رجل من أهل المدينة قال كنت في جنازة عبد الله
بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب واذا امرأة تقول واحراه عليك فسألت عنها
فقالوا هذه أمه فدنوت منها فقلت ياأم عبد الله إن عبد الله كان بعض البشر
فقالت إن عبد الله كان ظهراً فانكسر وأصبح أجراً ينتظر وإن في ثواب الله
لعزاء عن القليل وجزاء على الكثير وقال إسحق قال لؤي بن غالب بن فهر بن
مالك بن النضر لزوجته ماوية بنت النعمان بن كعب أي بنيك أحب إليك قالت
الذي لا يرد بسط يده ولا يلوي لسانه عجز ولا يغير طبيعته سفه وهو أحد ولدك
بارك الله لنا فيه كعب بن لؤي بن غالب المدائني قال قيل لرابعة المسمعية
أن التزويج فرض الله عز وجل فلم لا تتزوجين فقالت فرض الله قطعني عن فرضه
وقيل لها عملت عملاً قط ترين انه يتقبل منك فقالت ان كان شيء فمخافتي أن
يرد علي قال ووهى منزلها فقيل لها لو كلمت السلطان في اصلاحه فقالت والله
ما أسال الدنيا من يملكها فكيف اسألها من لا يملكها قال العمري عن الهيثم
بن عدي عن ابن عياب قال قال الحجاج لامرأة من الخوارج والله لأعذبنكم عدا
ولأحصدنكم حصداً فقالت أنت تحصد والله يزرع فانظر اين قدرة المخلوق من
قدرة الخالق.
حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني يحيى بن مقداد الرفعي عن عمه موسى بن
يعقوب قال دخل عبد الملك بن مروان على زوجته عاتكة بنت يزيد بن معاوية
فرأى عندها امرأة بدوية فانكرها فقال من أنت قالت أنا الواله الحرى ليلى
الأخيلية قال أنت التي تقولين:
أريقت جفان ابن الخليع فأصبحت ... حياض الندى زالت بهن المراتب
فعفاؤها لهفي يطوفون حوله ... كما انقض عرش البئر والورد عاصب
قالت أنا الذي أقول ذلك قال فما أبقيت لنا قالت ما أبقى الله لنا نسباً
ونشباً وعيشاً رخياً وامرة مطاعة قالت أفردته بالكرم قالت أفردته بما
أنفرد به فقالت عاتكة لعبد الملك قد جاءت تستعين بنا عليك لتسقيها وتحمي
لها ولست ليزيد ان شفعتها في شيء من حاجتها لتقديمها اعرابياً جلفاً
جافياً على أمير المؤمنين قالت فوثبت ليلى فجلست على راحلتها وقالت:
سيتحملني ورحلي ذات لوث ... عليها بنت آباء كرام
اذا جعلت سواد الشام دوني ... واغلق دونها باب اللئام
فليس بعائد أبداً اليهم ... ذوو الحاجات في غلس الظلام
اعاتك لو رأيت غداة بنا ... سلو النفس عنكم واعتزامي
إذاً لعلمت واستيقنت اني ... مشيعة ولم ترعى ذمامي
أأجعل مثل توبة في نداه ... أبا الذبان فوه الدهر دامي
معاذ الله ما وخدت برجلي ... تفذ السير في البلد التهامي
أقلت خليفة فسواه أحجي ... بأمرته وأولى بالشآمي
لنا والملك حين تعد كعب ... ذوو الأخطار والخطط الجسام
قال فقيل لها أي الكعبين عنيت قالت ما خلت كعباً ككعبي وحدثني
محمد بن سعد قال حدثني ابن عائشة قال حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء ابن
السائب قال أوصى الي رجل بتركته وزعم أنه مولى لآل علي بن أبي طالب عليه
السلام قال فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه وإذا هو محموم
وإذا جارية قد ألقت عليه ثوباً مبلولاً فإذا جف القته عنه وألقت عليه
ثوباً آخر مبلولاً قال فقلت يرحمك الله ان من قبلنا من الأطباء يزعمون أن
هذا يهيج الحمى قال فقال إنما التمس به بركة قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم لى الله عليه وآله إن الحمى فيح من الحميم أو قال من السعير أو قال
من النار فاطفئوها بالماء البارد ما حاجتك قال قلت إن رجلاً من أهل الكوفة
أوصى الي بتركته وزعم أنه مولى لكم قال ما أعرفه ان لنا شباباً فلا تدفعه
اليهم قال ثم دلني على بنت لعلي قال فدخلت على عجوز على سرير في بيت رث
وإذا سقاء معلق قال فقالت أي بني ما يهديك فأنا بخير ما حاجتك قال قلت ان
رجلاً من أهل الكوفة أوصى إلي بتركته وزعم أنه مولى لكم قالت ما أعرفه وان
مولى لنا يقال له هرمز أو كيسان أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لى الله عليه وآله قال يا هرمز أو يا كيسان إن آل محمد صلى الله عليه وآله
لا يأكلون الصدقة وإن مولى القوم من أنفسهم وأنت فلا تأكلها قال قلت فما
أصنع بتركته قالت ارجع إلى البلد الذي كنت فيه فاقسمه بينهم وحدثني عن
النضر بن عمرو قال قالت امرأة لكثير ما يدعوك إلى ما تقول في عزة وليست
كما تصف فلو صرفت راك إلى غيرها مما هو أولى به منها أنا وأمثالي فقال:
إذا ما أرادت خلة كي تزيلنا ... أبينا وقلنا الحاجية أول
سنوليك عرفاً ان أردت وصالنا ... ونحن لتلك الحاجية أوصل
قالت والله لقد سميتني خلة وما أنا لك بخلة وعرضت علي وصلك وأنا لا أريده
فهلا قلت كما قال جميل:
يارب عارضة علينا وصلها ... بالجد تخلطه بقول الهازل
فأجبتها في القول بعد تستر ... حبي بثينة عن وصالك شاغل
لو كان في قلبي كقدر قلامة ... فضل وصلتك أو أتتك رسائلي
هذا والله الحب لا تصنيعك وتذويقك وحدثني عن السجستاني قال حدثنا العتبي
قال عرض عتبة بن ربيعة أبا سفيان بن حرب وسهل بن عمرو على هند بنت عتبة
وكان خطباها فقالت أما سهيل فلا حاجة لي بالأهوج فإن مرأته إن انجببت فمن
حظ ما تنجب وإن أخطأت وأحمقت فبالحرى قال ففي ذاك يقول سهيل:
وما هوجى ياهند إلا سجية ... أجريها دلى لاحدى الخلائق
وإني إذا ما خلة سأخلقها ... صبرت عليها صبر آخر عاشق
قالت وأما أبو سفيان فلئن نبأني عن الصنيعة ولا يبيت له مال بمضيعة
فزوجينه وأحر بالسليل بيني وبينه ان يسود قريشاً.
حدثني محمد بن سعد قال حدثني السجستاني قال حدثنا العتبي قال خرج الحارث
بن عوف المري خاطباً إلى حارثة بنت أوس بن لام الطائي فقال لابنته يا بنية
هذا سيد قومه قد أتاني خاطباً لك فقالت لا حاجة لي فيه أن في خلقي ضيقاً
صبر عليه القرباء ولا يصبر عليه البعداء قال فقال التي تليها قد سمعت ما
قالت أختك قالت زوجينه فاني ان لم أصلح للبعداء لم اصلح للقرباء قال
فزوجيه وضرب عليه قبة ونحر له الجزر فمد يده إليها فقالت ابنة أوس تمد
إليها اليد بحضرته قال فتحمل بها فلما كان بالطريق مد يده إليها فقالت
ابنة أوس أردت أن تمتع بها في سفرك كما تمتع بسفرتك فكف يده فلما حل في
أهله وقعت الحرب بين بني عبس وذبيان فمد يده إليها فقالت لقد أخطأ الذي
سماك سعيداً تمد يدك إلى النساء والقوم يتناجزون قال فما وضع يده عليها
حتى أصلح بين قومه وتحمل دياتهم ثم دخل بها فحظيت عنده.
وحدثني محمد بن سعد قال حدثني اياس بن عقبة المزني قال حدثني أبو
عبد الرحمن العتبي قال حدثنا خلف أبو معمر مولى آل قحذم قال حدثني رجل قال
حملت كتاب خالد بن عبد الله القسري إلى أمه يدعوها إلى الاسلام والقرب منه
ويزعم إنه أقوى على برها إذا اقتربت قال فقدمت عليها بالكتاب فقالت أتقرأ
قلت نعم قالت أقرأ فقرأت الكتاب عليها فقالت لي تخط قلت نعم قالت أكتب
للأمير خالد بن عبد الله من ام خالد أما بعد فقد جاءني كتابك وفهمت ما
دعوتني اليه من دينك الذي أرتضيته لنفسك ولعمري ماليتني خيراً عند نفسك
وان لك دنيا ولي دين وزعمت أنه أقوى لك على بري إذا قربت منك ولعمري انك
لقوي على بري أين كنت واعلم يا بني أني قرأت كتاب الله انه من عمل بكبيرة
اسود ثلث قلبه فان عاد اسود ثلثاه فان عاد أسود قلبه كله ومن عمل السيء
وهو يراه حسناً فقد خاس واعلم يا بني ان كل ذنب مع الدم أمم قال فيئس منها
واتخذ لها بيعة في الشام يقال لها بيعة أم خالد قال خرج محمد بن واسع في
يوم عيد ومعه رابعة المسمعية فقال لها محمد كيف ترين هذه الهيئة فقالت ما
أقول لكم خرجتم لاحياء سنة وامانة بدعة فأراكم قد تباهيتم بالنعمة وادخلتم
على الفقير مضرة قال وكانت هند بنت المهلب تقول إذا رأيتم النعم مستدرة
فبادروا بالشكر قبل الزوال قال بن الأعرابي احترق بيت لامرأة من العرب
فألقت خمارها على وجهها وغطته به فقيل لها مالك قالت أكره أن أنظر إلى يوم
سوء وذكر اسحاق عن الأصمعي قال دعت امرأة من بني عامر على رجل ظلمها فقالت
اللهم اشفني به في الدنيا فاني عنه في الآخرة في شغل بنفسي. يعقوب بن محمد
الزهري عن المغيرة عن عروة عن هشام بن عروة عن أبيه وذكر المدائني عن محمد
بن عبد الحميد الكناني عن فاطمة الخذاعية قالت قالت عائشة للنبي صلى الله
عليه وآله ودخل عليها أين كنت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ال كنت عند
أم سلمة قالت أما تشبع فتبسم وقالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم و
مررت بقدوتين احداهما عافية لم يرعها أحد واخرى قد رعاها الناس أيهما كنت
تنزل قال بالعافية التي لم يرعها الناس قالت فلست كأحد من نسائك.
قال قالت أم بزرجمهر يا بني ركوب الأهوال يأتي بالغنا وهو أوثق أسباب
الفناء وقال يسندونه إلى عمر بن الخطاب نهى أبا سفيان بن حرب عن رش باب
منزله لئلا يمر الحاج فيزلقون فيه فلم ينته ومر عمر فزلق ببابه فعلاه
بالدرة وقال ألم آمرك أن لا تفعل هذا فوضع أبو سفيان سبابته على فيه فقال
عمر الحمد لله الذي أراني أبا سفيان ببطحاء مكة أضربه فلا ينتصر وآمره
فيأتمر فسمعته هند بنت عتبة فقالت أحمده يا عمر فانك ان تحمده فقد أوتيت
عظيماً. حدثنا أحمد بن إسماعيل بن المبارك العدوي قال أخبرنا المدائني عن
عوانة عن الحكم ان اسماعيل بن طلحة خطب هنداً بنت أسماء بن خارجة الفزاري
فقالت والله إنه لكريم ولكني إنما أريد رجلاً يصلح للعراقين البصرة
والكوفة وما اختير صاحبكم في هذه الفتنة ولا أرب إنما أبغي رجلاً يؤدي
قتيله ولا يفك أسيره فلما قدم عبد الله البصرة خطبها إلى أبيها فزوجها
فعاب ذلك عليه محمد بن الأشعث ومحمد بن عمير وقال في ذلك عقيبة الأسدي
وكان يتعشقها:
جزاك الله يا أسماء خيراً ... كما أرضيت فيشلة الأمير
بفرج قد يفوح المسك منه ... تسل مثل كركرة البعير
كان الحمر فيه حين يفشى ... لذيذ مسه مثل الحرير
وقال الأصمعي كان أعرابي عنده أربع نسوة كندية وغسانية وشيبانية وغنوية
والأعرابي غساني وكن متظاهرات على الغنوية فجمع بينهن حتى تشاتمن ثم قال
لتقل كل واحدة منكن قولاً تصف به نفسها فقالت الكندية:
كأني جنى النحل والزنجبيل ... وصفوة المدامة والسبيل
يزين سنا الوجه لي مبسم ... كمثل اللآلي وعين كحيل
وقالت الغسانية:
يراني إلهي إله السماء ... نصفاً قضيباً ونصفاً كثيباً
وألبسني ما يسوء الحسود ... جمالاً وملحاً وحسناً عجيباً
وقالت الشيبانية:
أفوق النساء إذا ما اجتمعن ... كبدر السماء ونجوم الدجى
ويقصر عني جميع الصفات ... فمن نالني نال فوق المنا
وقالت الغنوية:
تزود بعينك من بهجتي ... فقد خلق الله مني الجمالا
إذا ما تفرست في رؤيتي ... رأيت هلالاً وأحوى غزالاً
قال عزيت إعرابية عن ابنها فقالت ما أسرع انقطاع ما كان له مدة وفناء ما
كان له وقت وعدة وانما يأتي أمر الله بغتة فإذا جاء فلا استعتاب ولا رجعة
ولا امتناع منه بجلد ولا قوة. الجاحظ قال قالت امرأة الحطيئة للحطيئة حين
تحول عن بني رياح إلى بني كليب بئس ما استبدلت من بني رياح بعر الكبش تريد
بذلك انهم متفرقون لأن بعر الكبش يقع متفرقاً.
أخبار مواجن النساء
ونوادرهن وجواباتهن
أخبرني عبد الله بن أحمد العبدي قال أخبرني أبو حبيب السامي قال كان بالبادية غلام يقال له يزيد المقرط وكان يتعشق جارية يقال لها الذلفاء وانما سمي المقرط لأن أمه كانت نذرت ان لا تنزع القرط عنه إلا بمكة وأنه تراخى به الحج حتى انتهى والتحى والقرط عليه وانه واعد الذلفاء أن يصير إليها في سواد الليل قالت فإذا جئت فمن وراء الخباء ثم حرك النضد فإني أخرج إليك فجاء على راحلته حتى إذا صار من الحي بنجوة أناخها ثم أتى الخباء فحركه فقالت له جئت قال نعم قالت ادخل فأدخلته من وراء الخباء ودثرته بالنضد ثم صاحت صيحة منكرة فوثب أبوها وأخوها فقالوا مالك قالت شيء ضربني في يدي فأقبلوا يعوذونها ويرقونها وهي تصيح وشيخ من ناحية الماء يسمع فلما طال ذلك بها أتاها الشيخ فرقا لها في الماء ثم قال لهم أسقوها اياه فشربت فلم تهدأ أنتها فقال لقد رقيتها برقية العقرب ولا أظن الذي ضربها إلا عقرباناً فافترقوا عنها وقال لها أخوها اصبري يا أخيه صبرك الله فلما تفرقوا حركت النضد برجلها وقالت أخرج وكانت بكر فلما قعد منها مقعد الرجل من المرأة ودفع صاحت فجعل أخوها يقول اصبري يا أخية أجمل بك وأكرم لك فلم تزل على حالها وخرج يزيد فركب راحلته فمضى غير بعيد ثم أقبل مع طلوع الشمس فلما رآه أهل الحي قالوا هذا فلان بن فلان يزيد فلما دنا قال ما هذه الأنة قالوا الذلفاء ضربها شيء في هذه الليلة فلم تنم فقال جيئوني بماء فأتوه به فنفل فيه ورقا ثم قال اسقوها منه فلما شربته سكنت فقال أبوها وأخوتها يا أبا خالد بم رقيتها قال برقية العقربان فقال الشيخ ألم أقل لكم أنه ذكر ثم أن يزيد ركب راحلته فقالوا يا أبا خالد إلى أين قال أرتاد لكم السماء قالوا ما أنت ببارح وقد شفا الله الذلفاء على يدك حتى تقيم عندك يومك وليلتك فأقام ورعدت السماء وبرقت فلما جنه الليل قال ويحك اني أشتهي أن أنظر إلى محاسنك وبدنك فقالت فكيف لك بذلك تخرجين فتكونين وراء الخباء فإذا برقت بارقة رفعت ثوبك فنظرت إليك في ضوء البرق قالت ذاك لك فخرجت من وراء الخباء وقام يزيد إليها فقال أبوها أين تريد يا أبا خالد قال أنظر إلى السماء أين قبلها ثم خرجت الذلفاء فأقبلت كلما برقت بارقة ترفع ثوبها فينظر إليها وصاح أبوها أقدم الخباء يا أبا خالد كيف ترى قبلها قال أراه قبلاً حسناً يعدنا خيراً قال فمقبل علينا أم عليك قال بل علي دونكم.قال ومر يزيد المقرط بثلاث أخوات من الأعراب وهو على بكر له
فأناخ اليهن فجعل يحادثهن وقال نشدتكن الله هل اشتهيتن الرجال قط قلن أي
والله قال فلتحدثني كل واحدة منكن بأشد شيء مر بها ولها ثلث بعيري قالت
أحداهن أم أنا فإن فتى جاء فأناخ هاهنا فلما نظرت اليه وقع في قلبي فتركته
حتى هدأت العيون فخرجت من الخباء أريده ونذرت بي أمي فقالت فلانة ما لك
قلت غمزاً وجدته في بطني قالت يا جارية قومي مع مولاتك فخرجت معي فدرت في
الصحراء ساعة أتلوم ثم رجعت فأخذت مضجعي فلما كان في السحر وهي الذ نومة
وأطيبها وظننت أن أحداً لا يتحرك وثبت من مضجعي ونذرت بي امي فقالت ما لك
يا بنية قلت لها بطني أذاني منذ الليلة قالت يا جارية قومي مع مولاتك
فخرجت الجارية معي فلما عدت إذا أمي أورت ناراً ووضعت عليها ثلاثة أحجار
ملس فلما جئت وقد سخنت الحجارة ناولتني احداها وقالت يا ابنة امسكيه معك
فبللته ثم تركتني ساعة وناولتني الثاني فقالت امسكيه معك فامسكته أكثر من
ذلك فبللته باضعاف تينك الحجرين فقالت يا بنية نامي هادئة مستورة قال لها
قاتلك الله ما كان أشد غلمتك خذي ثلث البكر لا بارك الله لك فيه ثم قالت
الأخرى كنت أمخض سقاء لنا وكلب ناحية رابض فلما أخرجت الزبدة وقع شيء منها
على ساقي فلحس موضعها فاستلذذت وقع لسانه فأقبلت أرفع له وأزبده حتى وضعته
على قبلي فاقبل يلحس واقبلت أمده حتى فرغت قال لها قاتلك الله ما كان أشد
غلمتك خذي الثلث الثاني لا بارك الله لك فيه ثم قال للثالثة هاتي قالت خرج
أبي في النعم وأمي في الغنم وخلفت علي أخ لي صغير فأقعدته على بطني
كالملاعبة له فوقعت عقبه على فرجي فاستلذذت لينها فأخذت ساقه بيدي ثم
أقبلت أحك بها بين الشفرين وهو يبكي ما أفهم من بكائه شيئاً ما بي فوالله
ما زلت بذلك حتى فرغت وقد انخلعت وركه قال ثم صاحت يا أخي قم الي فجاءني
غليم أعيرج فقالت ها هو ذا وهذا وركه هي والله منذ ذلك اليوم منخلعة فما
برأت قال أنت أشدهم غلمة خذي باقي البعير لا بارك الله لك فيه وانصرف يزيد
على رحله إلى رحله قد خسر وربحن.
وقال الهيثم عن عطاء بن مصعب الملقب بالملط قال كان أعرابي من بني تميم
يزور الملأة بنت زرارة وكان أحد بني العنبر وكانت تحسن اليه فأبطأ منها ثم
جاء وقد عفا شعر جسده وتفلت ريحه فقالت أين كنت قال شغلني عنكن ما بلغني
إنكن احدثتنه قالت وما هو قال استغنى بعضكن ببعض قالت أما رأيت العناق
تنشر فتنزو على العناق قال بلى قالت فإذا استحرمت الشاة لم يكن لها بد من
التيس قال أظن والله.
قال الهيثم عن جابر بن أبي جنيد البجلي قال اشتريت جارية من إعرابي وكانت
ضريرة مهزولة فألقيتها إلى أهلي وقلت أحسنوا إليها قال فاطعمت الطيب
والبست اللين فسمنت وحسن حالها فقل ما جئت إلا وجدتها بالباب باكية فقلت
لها عرفت الحال التي اشتريتك عليها والحال التي صرت إليها وأراك باكية
قالت ومن أحق مني بالبكاء قلت ولم ويحك قالت لأني كنت عند رجل يملأ مادي
ويفعم كعثبي ويوجع بلعصتي قال قلت يا زانية اذ أمسيت وبلعصتك في داري فأنا
شر منك.
وقال الهيثم قالت ابنة حبي لأمها يا أمه إن زوجي يطلب الي إذا جامعني ان
انخر قالت يا بنية انخري فقد كانت امك تنخر نخيرا تقطع منه قطرات إبل
عثمان بن عفان فلا تدرك إلا بذي المجاز.
وقال الهيثم عن صالح بن حسان قال جلس فتية من قريش معهم ابن لحبي وكانت
حبي أول من علم أهل المدينة النخر و الحركة والغربلة وشد الرهز قال صالح
وإنما أخذت ذلك عن سعدى بنت الحارث قال صالح فتذكروا أي حالات الرجال أحب
إلى النساء أن يأخذوهن عليه فقالوا لابن حبي ويحك علم هذا والله عند أمك
قال إذا آتيكم والله بعلمه قال فأتى أمه فقال يا أمة أي الحالات أعجب إلى
النساء من أخذ الرجال إياهن عليه قالت أي بني أما إذا كانت مثلي تعني مسنة
فأبركها ثم خذها من خلفها فانك بذلك ما تريد وتبلغ حاجتها.
وقال الهيثم بن عدي عن صالح بن حسان قال جلست حبي ذات يوم بين
فتيات قريش قال فشهقت حتى كادت أضلاعها أن تتحطم فقلن لها يا أمة مالك
قالت قتلت نفساً قال فتشاهقن جمع ثم قلن أي أمه وكيف قتلت نفساً قالت خرجت
يوماً من الحمام فجلست في المسلخ أتوضأ ومعي بني لابنة لي ومعه جرو له
فأتاني فدخل تحتي فلما رأى حمرة شفري وحري لطعه بلسانه فاستلذذته فزاد فلم
أزل أدنو منه وأمكنه حتى أدركني ما يدرك بنات آدم فخررت عليه فما وقعت عنه
إلا وهو ميت فقلن يا أمة ما هذا عيب ما هذه إلا مكرمة وقال الهيثم عن صالح
بن حسان قال قالت حبي لبنات لها قد زوجتهن وبنتهن فجلس معها ذات يوم في
خلاء فأقبلت على الكبرى فقالت أي بنية كيف أحب إليك أن يأخذك زوجك قالت يا
أمة يقدم من سفر فيدخل الحمام ثم يأتيه زواره و المسلمين عليه ثم يتغذى
وأغلق الباب وأرخى الستر فثم حينذ أي أمة قالت اسكتي أي بنية فما صنعت
شيئاً فقالت الوسطى بل يقدم من سفر فيضع ثيابه ويأتيه جيرانه والمسلمون
عليه فإذا جاء الليل تطيبت وتهيأت ثم أخذني على ذلك قالت ما صنعت شئياً
فقالت الصغرى بل يكون في سفر فإذا أقبل نحوي دخل الحمام قبل أن يقدم بثلاث
فجاء فاضلاً ثم قدم وفد شوك فيدخل علي فيغلق الباب ويرخي الستر ثم يوافيني
فيدخل أيره في حري ولسانه في فمي واصبعه في استي فينيكني في ثلاث مواضع
قال تقول حبي اسكتي يا بنية اسكتي الساعة تبول أمك من الشهوة.
حدثني الزبير بن بكار عن عمه مصعب بن عبد الله قال قال ابن ميادة وقع بيني
وبين قومي من بني خميس بن عامر شر فهجوتهم فقلت:
وتبدي الخميسيات في كل زينة ... فروجاً كأضلاف الصغار من البهم
قال وضرب الدهر ضربة ثم أن ابلي ندت فخرجت في بغائها فمررت ببني خميس بن
عامر فانتسبت في بني سليم وصرت إلى عجوز منهم تعرفني فأتت بقري ثم ابرزت
بنية لها في أزار أحمر فلما وقفتها بين يدي أطلقت عنها فقالت يا ابن
الزانية انظر هذا كما وصفت فنظرت إلى شيء لم أر مثله فقلت يا سيدتي لم أقل
كما بلغك انما قلت:
وتبدي الخميسيات في كل زينة ... فروجاً كآثار المعسية الدهم
قالت فأنعت اليوم بعد المعاينة ما تنعت بحق حدثني حماد بن اسحاق
قال سمعت محمداً بن وهيب الشاعر يحدث أبي وقال له والله لأحدثنك بحديث ما
سمعه مني أحد وهو أمانة أن يسمعه منك أحد ما دمت حياً فقال له أي ذاك لك
فقال ابن وهيب إن الله يقول " أنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض
والجبال فأبين أن يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوماً
جهولا " يا أبا محمد انه حديث ما طن في سمعك أعجب منه فقال له أي كم هذا
التعقد الآن لك ما سألت قال حججت فبينا أنا في سوق الليل بمكة بعد أيام
الموسم إذا أنا بامرأة من نساء مكة معها صبي وهي تسكته وهو يأبى أن يسكت
فأسفرت فإذا في فيها كسر درهم فدفعته إلى الصبي فسكت فإذا وجه رقيق واذا
شكل ودل ولسان ذلق ونغمة رخيمة فلما رأتني أحد النظر إليها قالت امعن أنت
قلت لا قالت فماذا قلت شاعر قالت أتبعني قلت إن شرطي الحلال من كل شيء
قالت ارجع في حرامك ومن أرادك على حرام فخجلت وغلبتني نفسي على رأيي
فتبعتها ودخلت زقاق العطارين ثم صعدت درجة وقالت اصعد فصعدت فقالت إني
مشغولة وزوجي رجل من بني محزوم وأنا امرأة من زهرة وعندي حر ضيق يعلوه وجه
أحسن من العافية بحلق ابن سريح وترنم معبد وتيه ابن عائشة وخنث طويس اجتمع
كله لك بأصفر سليم قلت وما اصفر سليم قالت دينار يومك وليلتك فاذا قمت
جعلت الدينار وظيفة تزويجاً صحيحاً قلت فداك أبي إن اجتمع لي ذكرت فليس في
الدنيا أنعم عيشاً مني إلا من في الجنة قالت هذه شريطتك قلت وأين هذه
الصفة فمضت إلى جارية لها فدعتها فأجابتها قالت قولي لفلانة البسي عليك
وعجلي وبحياتي عليك لا تمسي غمراً ولا طيباً فتحبسينا بدلالك وعطرك قال
فإذا جارية قد أقبلت بوجه ما أحسب الشمس قد وقعت على مثله قط كأنها صورة
فسلمت وقعدت كالخجلة فقالت لها المرأة ان هذا الذي ذكرتك له وهو في هذه
الهيئة التي ترين قالت حياه الله وقرب داره قالت قد بذل لك من الصداق
ديناراً قالت أي أم أخبرته بشريطتي قالت لا والله يا بنية نسيتها ثم نظرت
الي فغمزتني وقالت تدري ما شريطتها قلت لا قالت أقول لك بحضرتها ما أخالها
تكرهه أنها أفتك من عمرو بن معدي كرب وامنع من ربيعة بن مكدم ولست تصل
إليها حتى تسكر وتغلب على عقلها وإذا بلغن تلك الحال ففيها مطمع قلت ما
أهون هذا وأسهله قالت الجارية وتركت شيئاً ايضاً قالت نعم والله انك لن
تنالها إلا مجرد مقبلاً ومدبراً قلت وهذا ايضاً أفعله قالت هلم دينارك
فأخرجت ديناراً فنبذته إليها فصفقت تصفيقة أخرى فأجابتها امرأة قالت قولي
لأبي الحسن وأبي الحسين هلما الساعة قلت في نفسي: أبو الحسن وأبو الحسين
هذا علي بن أبي طالب عليه السلام قال فإذا شيخان خضبان بنيلان قد أقبلا
فصعدت فقصت المرأة عليها القصة فخطب أحدهما وأجاب الآخرة وأقررت بالتزويج
وأقرت المرأة ودعوا لنا بالبركة قال ثم نهضا فاستحييت أن أحمل الجارية
مؤنة من الدينار ودفعت إليها آخر وقلت هذا لطيبك بأبي أنت ليس ممن تمس
طيباً لرجل إنما أتطيب لنفسي إذا خلوت قلت فاجعلي هذا لغذائنا اليوم قالت
اما هذا فنعم فنهضت الجارية وأمرت بإصلاح ما يحتاج اليه ثم عادت وتغذينا
وجاءت بأداة وقضيب وقعدت تجاهي ودعت بنبيذ قد أعدته ثم اندفعت تغني بصوت
لم أسمع قط مثله فاني آلف بيوت القيان وغيرها منذ ثلاثين سنة وقد سمعت
مهدية جارية ابن الساحر وغيرها من الجيدات فما سمعت بمثل ترنمها لأحد فكدت
أن أطير سروراً و طروباً وجعلت أربع أن تدنو مني فتأبى إلى أن تغنت بشعر
لم أعرفه وهو:
راحوا يصيدون الظباء وإنني ... لأرى تصيدها علي حراماً
أعزز علي بأن أروع شبيهها ... أو أن يذقن على يدي حماماً
فقلت جعلت فداك من تعني بهذا الشعر قالت جماعة اشتركوا فيه معبد وابن سريح
وابن عائشة قال اسحاق الناس يغلطون في هذا غلطاً فاحشاً وأكثر المغنين
يضيفون الغناء إلى أول من غناه وربما تغنى به الثاني فيزيد على الأول فلا
يضاف إلى الثاني وهذا خطأ قال ابن وهب فلما قوى على النبيذ وجاءت المغرب
تغنت شيئاً لم أعرف معناه للشقاء الذي كنت فيه ولما كتب على رأسي والهوان
الذي أعد لي فغنت:
كأني بالمجرد قد علته ... نعال القوم أو خشب السواري
قلت جعلت فداك لم أفهم هذا الشعر ولا أحسبه مما يغنى به قالت أنا
أول من تغنى به وانما هو بيت حائر لا يدري قائله لا أخاله قالت ومعه بيت
آخر قلت سريني بأن تغنيه لعلي أفهم قالت ليس هذا وقته وهو آخر ما أتغنى به
قالت وجعلت لا أنازعها شيئاً اجلالاً لها واعظاماً فلما أمسينا وصليت
المغرب وجاءت العشاء الأخيرة وضعت القضيب فقمت فصليت العشاء وما أدري كم
صليت عجلة وتشوقا فلما سلمت قلت تأذنين لي جعلت فداءك في الدنو منك قالت
تجرد وذهبت كأنها تريد أن تخلع ثيابها فكدت أن أشق ثيابي من العجلة للخروج
منها فتجردت وقمت بين يديها مكفرا لها أي خاضعا متطأطأ قالت انته إلى
زاوية البيت واقبل الي حتى أراك مقبلاً ومدبرا قالت واذا حصير في الغرفة
عليه طوبقى إلى الزاوية فاحضر عليه واذا تحته خرق إلى السوق فذا أنا في
السوق مجرداً واذا الشيخان الشاهدان قد كمنا ناحية واعدا نعالهما فلما
هبطت عليهما بادراني فقطعا نعالهما على قفاي وسعوا بي أهل السوق وضربت
والله يا أبا محمد حتى أنسيت اسمي فبينا أنا أخبط بنعال مخصوفة وأيد ثقال
وخشب دقاق وإذا صوت من فوق البيت يغني به:
كأني بالمجرد قد علته ... نعال القوم أو خشب السواري
ولو علم المجرد ما أردنا ... لبادرنا المجرد في الصحاري
فقلت هذا والله وقت غناء البيت وهو آخر ما قالت انها تغناه فلما كادت نفسي
تطفأ جاءني واحد بخلق ازار فألقاه علي وقال بادر ثكلتك أمك رحلك قبل أن
يدركك السلطان فتنفضح قال وكان آخر العهد بها وكنت أنا المجرد وأنا لا
أدري فانصرفت إلى رحلي مطحوناً مرضوضاً فلما خرجت عن مكة جعلت زقاق
العطارين طريقاً فدنوت من بائع وأنا متنكر ووجهي مرضوض فقلت لمن هذه الدار
قال لصفية جارية من آل أبي لهب.
قال العتبي أجمع نسوة فوصفن شهواتهن فقالت احداهن أشتهيه كذراع الحوار يغص
فيه السوار على مثه كالمرار وقالت الثانية أشتهيه عظيم الحوق رحيب الفوق
وقالت الثالثة أشتهيه عريض الحين صاحبه مغرم بالطعن كأنما يطلبني بطعن
وقالت الرابعة:
ياليت عندي نعتكن أجمع ... حتى أقضي حاجتي وأشبع
حدثني العمري حفص بن عمر قال حدثنا الهيثم بن عدي قال حدثنا عطاء بن مصعب
الملط القرشي قال قعد الخليل بن أحمد العروضي وأبو المعلي مولى لبني قشير
عند قصر أوس بالبصرة فمرت بهما أم عثمان بنت المعارك من ولد المهلب بن أبي
صفرة معها بنيات لها فجلست قريباً تستريح وتروح فقال أبو المعلى للخليل يا
أبا عبد الرحمن إلا أكلم هذه فقال له الخليل لا تفعل فانهن أعد شيء جواباً
والقول إلى مثلك سريع وكان أصلع شديد الصلع له شعرات في قفاه قد خضبها
بالحمرة فقال يا هذه هل لك من زوج قالت لا رحمك الله وأحمد الله ولا
لواحدة من بناتي قال فهل لك أن أتزوجك ويتزوج صاحبي هذا إحدى بناتك قالت
الحمد لله تخطبني وقد ابتلاك الله بداءين قال وما هما قالت أما واحد فانه
فوق رأسك مسحاً وأما آخر فبلغ من نوكك وحمقك إنك لم تغيرها بسواد وواريتها
بحمرة فصارت كأنها نخامة في قفاك ويحك أما تروي بيت الأعشى قال وأي بيوته
قالت:
وانكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصلعا
فما بقي بعد الشيب والصلع إلا أن تلعق الزبد أو تموت هزالا ًثم التفتت إلى
الخليل فقالت ما أنت يا عبد الله فقال لها اذكرك الله فاني قد نهيته عن
كلامك فأبى فقالت أما يعلم هذا الأحمق ان أحب الرجال إلى النساء المسحلاتي
المنظراني الغليظ القصره العظيم الكمرة الذي إذا طعن القشر واذا دخله حفر
واذا أخرجه عقر ثم قامت تضحك وقمن بنياتها فقال اليشكرى متمثلاً بقول عمر
بن ربيعة المخزومي:
فتهادين وانصرفن ... ثقال الحقائب
فقلت بالله من أنت قال رجل من بني يشكر قالت تخطبني وقد قال فيك الشاعر ما
قال وما قال الشاعر قالت:
إذا يشكريّ مس ثوبك ثوبه ... فلا تذكرن الله حتى تطهرا
فكيف بالمباضعة والمجامعة أي ما ينقى منها ثم قالت قسماً بالله
لو أن لي وبناتي أو لكل واحدة بنا من الأحراج بقدر الأيور التي أهداها
مالك بن خياط العكلي إلى عمرة بنت عبد الله بن الحارث النميري ما راني
الله ولا بنياتي ان ندفع إليك منها حراً واحداً فقال الخليل أنشدك الله ما
هذه الهدية فقالت قلة حذق بالتحميش وقلة رواية لا يجتمعان على مسلم قال
انشدك الله قالت أنا سمعته يقول:
هديتي أخت بني نمير ... لحرك يا عمرة ألف عير
في كل عير ألف إير ... في كل إير ألف ألف سير
في كل سير ألف كسر اير
فقال الخليل ما وضع شيئاً فقالت وكيف ذاك متداهي قال ترك استاهن فوارغ
قالت من ها هنا اتيت أنا سمعت جرير بن الحطفي بن الخطفي وهو يهجو الراعي
النميري حيث يقول:
ولو وضعت قفاح بني نمير ... على خبث الحديد إذا لذابا
انه كره أن يفسد هديته وان يحرقها فمن ثم تركها فوارغ ثم نهضت فقال الخليل
لأبي المعلى واسمه محمد:
نصحتك يا محمد ان نصحي ... رخيص يا محمد الصديق
فلم تقتل فخنت أبا المعلى ... كخيبة طالب الطرف العتيق
حدثني الزبير بن بكار قال أخبرنا عمران ابن فليح وكان كاتباً للمأمون عن
عمة سلمة ابن فليح قال كنا عند المهدي نسمر ليلة معه فقال لي أمعك أهل قلت
لا فجارية قلت لا ولا جارية قال فحدثته ثم انصرفت إلى منزلي وقت الانصراف
واذا بشمع زهر في بيتي واذا الخدم والجواري والفرش واذا جارية كأنها صورة
فقامت الي فأخذت ثيابي ثم جلست فدعت بسفط فيه طيب فطيبتني ولبست أزاراً
مطيباً وألبستني مثله ثم صرت إلى فراشي فقامت واجتهدت لي فلم أتحرك فلما
أعييتها بعد أن تجردت واجتهدت صاحت يا جارية علي بالتخت هو ما توضع فيه
الثياب فجاءتها به فأخذت خرقة بيضاء ثم ذرت فيها من مسك في السفط ثم أهوت
لتكفنه وقامت لتكبر وتصلي عليه وقالت مات رحمه الله الله أكبر قال فلما
أصبحت غدوت على المهدي فقال أي شيء كنت فيه البارحة فحدثته الحديث فضحك
قال ثم انصرفت إلى بيتي فإذا الجارية قد ردت وليس فيه شيء مما كان فيه
واذا خادم معه عشرة آلاف دينار فدفعها الي وقال يقول لك أمير المؤمنين هذه
انفع لك منها قال اسحاق الموصلي أتت امرأة فيها عجمة حبي المدينة تسألها
المهراس وزوجها يجامعها فقالت أعيرونا المهراس فقالت أطلبيه من ابني فإن
مهراسنا في الهاون مشغول اسحاق الموصلي قال سألت إعرابية عن الأير ما هو
فقالت عصبة نفخ فيها الشيطان فلا يرد أمرها.
ومن جواب ظراف النساء
قال الزبير بن بكار قال لجارية اعترضها وكان دميماً فكرهته فأعرضت عنه إنما أريدك لنفسي قالت فمن نفسك أفر وحدثني زيد بن علي بن حسين بن زيد العلوي قال مررت بي امرأة وأنا أصلي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وآله فاتقيتها بيدي فوقعت على فرجها فقالت يا فتى ما أتيت أشد مما أتقيت وقالت امرأة اللهم اجعل الموت خير غائب انتظره وقالت ابنتها ان غيابك يا أمة لغياب سوء.قال إسحاق الموصلي قلت لقريبة أعرابي ورات عندي ابن سيابة اتعرفين هذا يا أم البهلول قالت وكيف لا أعرفه قبح الله هذا فلو كان داء ما برئت منه قال قلت لها أين منزلك يا ام البهلول قالت فاما على كسلان فساعة وأما على ذي حاجة فقريب وقال اسحاق أخبرني الأصمعي قال قالت امرأة من بني نمير عند الموت من الذي يقول:
لعمرك ما رماح بني نمير ... بطائشة الصدور ولا قصار
قالوا زياد الأعجم قالت فاشهدوا أن ثلث مالي له قال فحمل ثلث مالها بعد موتها إلى زياد قال الجاحظ قال أبو عبيدة معمر بن المثنى عن أبي عمرو بن العلاء قال قالت امرأة من بني تغلب للحجاف بن حكيم في وقعة البشر التي يقول فيها الأخطل:
لقد أوقع الحجاف بالبشر وقعة ... إلى الله فيها المشتكى والمعول
فض الله عمادك وأكبى زنادك وأطال سهادك وأقل زادك فوالله ان قتلت
إلا نساء أسافلهن دمي وأعاليهن ثدي وكان قتل النساء والذرية فقال لمن حوله
لولا أن تلد مثلها لاستبقيتها وأمر بقتلها فبلغ ذلك حسن بن أبي الحسن فقال
انما الحجاف جذوة من نار جهنم قال ابن الاعرابي عن السهمي قال قالت أم
عمير الليثية للعوفي في مجلس الحكم عظم رأسك فبعد فهمك وطالت لحيتك فغمرت
قلبك واذا طالت اللحية انشمر العقل وما رأيت ميتاً يقضي على الأحياء قبلك
وحدثني أحمد بن الحسين قال حدثني من شهد مجلس سوار بن عبد الله القاضي وقد
أتته امرأة فقالت تعدني في النهار أن تقطع أمري وتنفذ القضاء فاذا جاء
الليل اشتمل عليك فلان وفلان فعددت رجالاً من أصحاب سوار كانوا يغلبون
عليه فلفتوك عن أمرك وغلبوك على حكمك مالك أيتم الله أولادك وأبتلاهم
بحاكم مثلك قال فما رد عليها جواباً ولا قال لها شيئاً أخبرنا الزبير بن
بكار قال أخبرنا مسلم بن جندب الهذلي قال خرجت يوماً أنا وزياد نمشي إلى
العتيق فلقينا نسوة فيهن جارية وضيئة حسانة العينين فقال لي زياد شأنك بها
يا ابن الكرام فسلامة جاريتي حرة ان لم يكن دم أبيك في ثيابها فلا تطلب
أثراً بعد عين قال ثم أنشدني قول أبي:
ألا يا عباد الله هذا أخوكم ... قتيل فهلا فيكم اليوم ثائر
خذوا بدمي ان مت كل خريدة ... مريضة جفن العين والطرف ساحر
فأقبلت علي امرأة معها حسناء فقالت أنت ابن جندب قلت نعم قالت أما علمت أن
قتيلنا لا يودى وأسيرنا لا يفك ولا يفدى اغتنم نفسك واحتسب أباك وحدثني
محمد بن سعد عن النضر بن عمرو قال سمعت ابن راحة يذكر عن امرأة من أهله
قالت رأيت عيثمة بنت الفضل الضمرية تريد أن تعطس فتضع اصبعها على أنفها
كأنها تريد أن ترد عطاسها وتقول لعن الله كثيراً فاني ما أردت العطاس إلا
ذكرت قوله:
إذا ضمرية عطست فنكها ... فإن عطاسها حب السفاد
قال وقال أبو عمرو سمعت عمرو أبا حفص الشامي قال دخلت عزة كثير على عبد
الملك فقال لها أنت عزة كثير قالت أنا عزة بنت حمل قال تروين قول كثير:
وقد زعمت أني تغيرت بعدها ... ومن ذا الذي يا عز لا يتغير
تغير جسمي والخليفة كالذي ... عهدت ولم يخبر بسرك مخبر
قالت لا ولكني أروي وأعرف قوله:
كأني أنادي صخرة حين أعرضت ... من الصم لو تمشي بها العصم زلت
صفوحاً فما تلقاك إلا بحيلة ... فمن مل منها ذلك الوصل ملت
قال فأمرها تدخل على عاتكة فقالت أخبريني عن قول كثير:
قضى كل ذي دين فوفى غريمه ... وعزة ممطول معنى غريمها
ما هذا الدين الذي كنت وعدته قالت كنت وعدته قبلة فلم أف له بها قالت
انجزيها له وعليّ اثمها حدثنا عبد الله بن شبيب قال حدثنا زبير قال قال
بلال بن عقيل بن جرير سمعتني أعرابية وانا أتمثل شعراً قلته:
وكم ليلة قد بتها غير آثم ... بمهضومة الكشحين ريانة القلب
فقالت لي هلا أثمت حربك الله المدائني قال نظرت سكينة بنت الحسين عليها
السلام إلى العرجي وهو يطوف بالبيت فبعثت اليه جارية لها تقول له أنشدني
مما قلت في الطواف حول البيت فقال إقرئيها السلام وقولي لها قد قلت:
يقعدن في التطواف آونة ... ويطفن أحياناً على فتر
ثم أسلمن الركن في أنف ... من ليلهن يطلن في أزر
فنزعن عن سبع وقد جهدت ... احشاؤهن موائل الخمر
فقالت سكينة للجارية قولي له ويحك لو طاف الفيل بهذا البيت لجهدت احشاؤه
المدائني قال قال رجل من كلب لامرأته لما دخل بها ما أهزلك قالت هزلي
أولجني بيتك.
المدائني عن عجلان مولى عباد قال كنت عند الملك بن مروان فاتاه حاجبه فقال
ياأمير المؤمنين هذه بثينة بالباب قال بثينة جميل قال نعم قال أدخلها
فدخلت فإذا امرأة طويلة فعلم أنها قد كانت جميلة فقال عبد الملك ويحك يا
بثينة ما رجا فيك جميل حين قال فيك ما قال قالت الذي رجت منك الأمة حين
ولتك أمورها قال فما رد عليها عبد الملك كلمة.
المدائني قال كانت بنت هرم بن سنان عند عائشة أم المؤمنين فدخلت
عليها صبية تسأل فقالت مالي لا أرى عليك آي السؤال قالت لها إني بنت زهير
بن أبي سلمى فقالت لها بنت هرم أو ما أعطي أبي اباك ما أغناه قالت إن أباك
أعطى أبي ما فنى وإن أبي أعطى أباك ما بقى.
المدائني قال شتم ابن للأحنف بن قيس زبراء جارية الأحنف فقال لها يا زانية
فقالت والله لو كنت زانية لأتيت أباك بابن مثلك وقال مرت امرأة منخرقة
الخف برجل فأراد أن يمازحها فقال يا امرأة خفك يضحك فقالت إذا رأى كشخاناً
مثلك لم يملك نفسه ضحكاً.
حدثني عبد الله بن أحمد البصري قال حدثني أبي عن المعدل بن غيلان ان امرأة
من بني نعيم مرت ومعها ديك لها فأتبعوها أبصارهم فقالت لا نظر الله اليكم
برحمة فوالله ما أطعتم الله فيما أمركم به من غض الأبصار اذ يقول الله عز
وجل قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ولا أطعتم جريراً حيث يقول لكم:
فغض الطرف أنك من نمير ... فلا كعباً بلغت ولا كلابا
فقال لها رجل منهم ما هذا الديك الذي معك فقالت:
هو البازي المطل على نمير ... أتيح من السماء لها انصباباً
إذا علقت مخالبه بقرن ... أصاب القلب أو هتك الحجاباً
قال ثم مرت مسرعة فصاح بها رجل منهم من خلفها عظيم البطن ما أنت كما قال
الشاعر:
كأن مشيتها من بيت جارتها ... مر السحائب لا ريث ولا عجل
قالت وأنت والله يا عظيم البطن ما أنت كما قال الشاعر:
مهفهف ضامر الكشحين منخرق ... عنه القميص لسير الليل محتقر
تكفيه حزة فلذ إن ألم بها ... من الشواء ويروي شربه الخمر
المدائني قال أشرفت امرأة لروح بن زنباع يوماً تنظر إلى وفد من جذام قدموا
على روح فزجرها روح فقالت له والله اني لأبغض الحلال من جذام فما حاجتي
إلى الحرام فيهم.
المدائني قال مر الفرزدق راكباً على بغلة حتى وقف على دار قوم واذا امرأة
مشرفة عليه فنظر إليها الفرزدق وهي تضحك وقد ضرطت بغلته تحته فقال ما
أضحكك فو الله ما حملتني انثى قط إلا وضرطت قالت يا أبا فراس فلأمك الهبل
إذا والخزي فانها حملتك تسعة أشهر فكانت في ضراط إلى أن وضعتك قال فأفحمته
قال قال هشام بن الكلبي عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن الشعبي
قال أمر عمرو بن معدي كرب امرأته أم ثروان ان تطبخ له كبشاً فجعلت تطبخ
وتاخذ عضوا عضوا حتى أتت على الكبش وأطلعت في القدر فإذا ليس فيها إلا
المرق فامرت بكبش فذبح وطبخته ثم اقبل عمرو فثردت له في الجفنة التي تعجن
فيها ثم كفأت القدر فدعاها إلى الغذاء فقالت قد تغذيت فتغذ ثم اضطجع
فدعاها إلى الفراش فلم يصل إليها فأنكر ذلك فقالت يا أبا ثور بيني وبينك
كبشان.
وقال مصعب الزبيري جاءت حبي المدينة إلى شيخ يبيع اللبن ففتحت وطباً وهو
سقاء اللبن فذاقته ودفعته اليه وقالت له لا تعجل بشده ثم فتحت آخر فذاقته
ثم دفعته اليه فلما شغلت يديه جميعاً كشفت ثوبه من خلفه وجعلت تصفق بظاهر
قدمها استه وهي تقول يا ثارات ذي النحيين دونكم الشيخ والشيخ يصيح وهي
تصفق استه قالوا فما خلص منها إلا بعد كد.
وقال المدائني تزوج عبد الملك بن مروان أم البهاء بنت عبد الله بن جعفر
فقالت له يوماً لو استكت قال أمامتك فاستاك فطلقها فتزوجت علي بن عبد الله
بن عباس وكان اقرع فكانت القلنسوة لا تفارقه فوجه عبد الملك جارية وقال
لها اكشفي رأسه يديها ففعلت الجارية ذلك فقالت قولي له هاشمي أصلع أحب إلي
من أموي ابخر فأبلغته فقال ويلي عليها لو علمت لم أطلقها.
قال النعامي كانت جارية من الأعراب راعية وكان مولاها معجباً بها وبأمانتها وعفافها فخاطره " راهنه " رجل من قومه فقال له لأدينك خلاف ماتحكي عنها وهؤلاء يشهدون بيننا فخاطره على خطر عظيم وهويرى أنه الرابح فقال للقوم اشرفوا على رأس هذا الابرق هو مرتفع من حجارة وطين مجتمعة ومولاها معهم قال فلما أصبحوا خرجت في غنمها مبكرة وليس طريقها إلا في واد واذا هي أفضت منه وقعت في مكان واسع فجاء الرجل أسفل الوادي الذي ليس لها طريق إلا عليه فحفر لنفسه مثل القبر إلا أن فيه موضعاً يتجافى عن نفسه قال ثم سفا عليه التراب حتى توارى كله غير أيره قال ومرت في غنمها فنظرت اليه فقالت ما أدري أي شيء هذا أطرثوت فلا عضاة له. أذنون لا رمثة له أير لا رجل له ما أدرى أضع خرجي أم لا ثم ادركت التي عليها الكراز فوضعت الخرجين ثم أكبت على الأير تحفره حتى خرج إلى أصله ثم جلست عليه تهزه وتقول لغنمها أي الله يرعاك ويرعى راعيك ومولاها والناس الذين معه يرونها ويستمعون كل شيء تكلم به ودارت الغنم مراراً بها قال والغنم تدور بالراعي تأنس به فدارت فوقع فيها القرمان والذيبان إذا اجتمعا راعيا القرسان من الغنم عنزاً أخذ احداهما بضرعها والآخر بحلقها كذا ورد وهي على حالها تهزه وتقول قد أرى خلية يلاعبها غزيلها تعني الشاة وانحدر مولاها من الابرق وقد قمر أي غلب في المراهنة.
أشعار النساء في كل فن
هذه أشعار النساء في كل فن من الجاهليات و الاسلاميات والمحدثات من
الاماء وغيرهنحدثنا أبو زيد عمر بن شبة وقرئ عليه وأنا حاضر وقرأت عليه بعض ذلك قال كانوا يقولون أجود أشعار النساء أشعار الموتورات الحاضات على الطلب والدخول والمعيرات في ذلك بالتقصير والثاكلات المؤبنات واشعر النساء في الجاهلية والاسلام. خنساء وهي تماضر بنت عمرو بن الشريد السلمية ولها أشعار مشهورة وأخبار مذكورة فمما قالت في التحريض وعبرت فيه بالتقصير في قولها لما قتلت بنو مرة بن سعد بن ذبيان أخاها معاوية بن عمرو تحرض أخاها صخراً على الطلب بدمه:
لا تقتلن بني فزارة انما ... قتلى فزارة والكلاب سواء
ودع الثعالب غثها وسمينها ... ما في الثعالب من أخيك وفاء
وعليك مرة ان قتلت وانما ... قتلاك مرة ان قتلت شفاء
قال أبو زيد ويقال أن معاوية بن عمر بن الشريد ودريد ابن الصمة تقاولا أشعاراً تهاديها بينهما ثم أنهما التقيا بعكاظ فقال معاوية لدريد أبا قرة اني آليت لأنادمن اليوم خير من ورد عكاظ فانطلق بنا فانطلق معه فسارا حتى عمل الشراب فيهما فتعاقدا لئن قتل أحدهما دون صاحبه ليطلبن بدمه فقتلت بنو مرة معاوية قتله هاشم بن حرملة فطلبه دريد حتى قتله فقالت الخنساء:
فدى للفارس الجشمي نفسي ... وأفديه بمن لي من حميم
أفديه بجل بني سليم ... بظاعنهم وبالأنس المقيم
كما من هاشم أقررت عيني ... وكانت لا تنام لدى المنيم
وأنشد أبو زيد مع المنيم وقال هذه الأبيات مقولة والأصح عندنا في الخبر أن صخراً قتل قاتل أخيه وأدرك بثاره في بني مرة قال وقال أبو عبيدة انما عنيت بقولها للفارس الجشمي قيس بن عيلان الجشمي وكان رأى هاشم بن حرملة قد تبرز لحاجته فاغتره فرماه بسهم فقتله وكانت خنساء تحت مرداس بن أبي عامر فقالت لما هلك ترثيه:
ولما رأيت البدر أظلم كاسفاً ... أرن سراً بطنه وسوائله
رنيناً وما يغني الرنين وما قد أتى ... بموتك من نحو القرية حامله
قد اختار مرداساً على العين قائله ... ولو عاده كناته وحلائله
كنانة ج كنة وهي امرأة الأبن أو الأخ
وفضل مرداساً على الناس حلمه ... وان كل هم همه فهو فاعله
وواد مخوف يكره الناس هبطه ... هبطت وماء منهل انك ناهله
وسبي كأمثال الظباء تركته ... خلال البيوت مستكيناً عواطله
فعدت عليهم بعد بوسي بأنعم ... فكلهم يجزي به وتواصله
متى ما يوازي ما جداً يعتدل به ... كما عدل الميزان بالكف حامله
ولها في مرئية صخر وهي من خيار شعرها
وإن صخراً لمولانا وسيدنا ... و ان صخراً إذا نشتو لنحار
وإن صخراً لتأتم الهداة به ... كانه علم في رأسه نار
لم تره جارة يمشي بساحتها ... لريبة حين يخلى بيته الجار
ولها ترثي أخاه معاوية:
أبعد ابن عمرو من آل الرشيد ... حلت به الأرض أثقالها
حلت من الحلي تقول زينب به الأرض الموتى
سأحمل نفسي على آلة ... فأما عليها وأما لها
قولها على آلة أي على حالة فاصلة فاما ظفرت وأما هلكت
وخيل تكدس بالدار عين ... نازلت بالسيف أبطالها
تكدس يكب بعضها على بعض
يهين النفوس وهون النفوس ... يوم الكريهة أبقى لها
فإن تك مرة أودت به ... فقد كان يكثر تقتالها
فزال الكوكب من فقده ... وجللت الشمس اجلالها
ويروي فخر الشوامخ من فقده ... زلزلت الأرض زلزالها
والشوامخ الجبال:
وداهية جرها جارم ... ثقيل الحواضن أحبالها
كفاها ابن عمرو ولم يستعن ... ولو كان غيرك أدنا لها
وكانت الخنساء انشدت النابغة الذبياني فقال لها لولا ان أبا بصير يعني
الأعشى وحسان بن ثابت أنشدني آنفاً لقلت أني لم أسمع مثل شعرك ولكن والله
ما رأيت ذا مثانة قط أشعر منك فقالت له لا والله ولا ذا خصيتين.
وحدثنا أبو زيد قال حدثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن اسحاق عن أصحابه ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وآله أمر بقتل النضر بن الحارث
ابن كلده أحد بني عبد الدار وكان أمر علياً عليه السلام أن يضرب عنقه
بالأثيل فقالت أخته قتيلة بنت الحارث ترثيه:
أيا راكباً ان الأثيل مظنة ... من بطن خامسة وأنت موفق
يقول الشارح لم يرد في الأصل الذي طبعنا عنه الكتاب إلا هذا البيت وتمام
الشعر هو:
أبلغ به ميتاً فان تحية ... ما إن تزال بها الركائب تخفق
مني إليه وعبرة مسفوحة ... جادت لما نحاها وأخرى تخنق
فليسمعن النضر ان ناديته ... إن كان يسمع ميت أو ينطق
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه ... لله أرحام هناك تشقق
أمحمد ولأنت صنو نجيبة ... في قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو الغيظ المحنق
فالنضر أقرب من تركت قرابة ... واحقهم إن كان عتق يعتق
قال فبلغنا انالنبي صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وسلم قال لو سمعت هذا
الشعر قبل أن أقتله ما قتلته ويقال ان شعرها أكرم شعر موتور وأحسنه.
النساء المشهورات في الشعر
ومن النساء المشهورات في الشعر
ليلى بنت الأخيل بن ذي الرحالة بن شداد بن عبادة بن عقيل وكانت ليلى هاجت النابغة فقال لها:ألا حييا ليلى وقولا لها هلا ... فقد ركبت أمراً أغر محجلاً
هلا زجر للفرس الأنثى عند النزو عليها لتسكن فهجته وبلغها أن بني جعدة استعدوا عليها وقالوا قذفتنا فقالت:
أحقا بما ان أنبأت ان عشرتي ... بشوران يزجون المطي المذللا
يروح ويغدو وفدهم بصحيفة ... ليستجلدوا لي ساء ذلك معملا
أنابغ لم تنبغ ولم تك أولاً ... وكنت صنياً بين صنيين مجهلا
انابغ لم تنبغ بلومك لا تجد ... للومك إلا وسط جعدة مجعلا
تسابق سوار إلى المجد والعلا ... واقسم حقاً إن فعلت ليفعلا
بمجد إذا المجد اللئيم أراده ... هوى دونه في مهبل ثم عصلا
لنا تامك دون السماء وأصله ... مقيم طوال الدهر لم يتحلحلا
وما كان مجد في أناس علمته ... من الناس إلا مجدنا كان أولا
وعيرتني داء بأمك مثله ... واي جواد لا يقال له هلا
قال أبو زيد عمر بن شبة كانت ليلى تهوى توبة بن الحمير العقيلي
أحد بني خفاجة ويهواها وكان صاحب غارات يتناول بها بني الحارث بن كعب
وهمدان ومهرة فغزاهم مرة فأخفق فمر بجيران لبني عوف بن عقيل خثعم ومعه
أخوه بن عبد الله وابن عم لديه يدعى قابضاً فأغار عليهم و أطرد ابلا وقتل
رجلاً من بني عوف يدعى ثور بن سمعان فطلبته بنو عوف سراعاً وأدركوه وقد
سقط بلاد قومه بني خفاجة فأمن في نفسه ونزل عن فرسه ونام فطلع رجل من بني
عوف فرآه قابض فأيقظ توبة فلم يحفل بذاك وعاد لنومه حتى غشيه القوم وأحال
قابض على فرسه فهرب وقاتل عبيد الله فضربه رجل على رجله فعرج وصاح توبة
بفرسه الحفصاء فأقبلت اليه فأراد ركوبها فامتنعت فألجمها فولت ولحقه يزيد
بن روبية بن سالم بن كعب بن عوف فعانقه وقال اقتلونا معاً فطعنه عبد الله
بن روبية فاتقاه بجيده فقتله وأجلا القوم عنه قتيلاً وعن أخيه جريحاً
وودوا إلى جيرانهم وخلفوا عند عبيد الله أداوة ماء لأن لا يموت عطشاً
وتحامل عبيد الله حتى أتى بني خفاجة فأخبرهم الخبر فقالوا خذلت أخاك ولو
كان مكانك ما خذلك فقال:
يلوم على القتال بني عقيل ... وكيف قتال أعرج لا يقوم
ومر قابض سنته فوقع بأرض بني بكر بن كلاب فرآه عبد العزيز بن زرارة بن
جرير فقال ويلك ما فعل توبة أقتل قال لا أدري تركت السيوف تعتوره فركب في
نفرمن قومه معهم المزاد " ج مزادة وهي ركية الماء فيها الماء فغسله وكفنه
ودفنه وبلغ خبره ليلى فقالت:
لبيك العذارى من خفاجة كلها ... شتاء وصيفاً دائبات ومربعاً
على ناشئ نال المكارم كلها ... فما انفك حتى احرز المجد أجمعا
وقالت تلوم أخاه قابضاً:
دعا قابضاً والمرهفات ينشنه ... فقبحت مدعو ولبيك داعياً
فليت عبيد الله كان مكانه ... صريعاً ولم أسمع لتوبة ناعياً
وقالت القابض:
فإنك لو كررت خلاك ذم ... وفارقك ابن عمك غير قالي
ألم تعلم جزاك الله شراً ... بأن الموت منهاة الرجال
وقالت ترثيه في شعر طويل:
فإن تكن القتلى بواء فإنكم ... فتى ما قتلتم بني عوف بن عامر
وإن لا يكن فيها بواء فانكم ... ستلقون يوماً ورده غير صادر
فتالله تبني بيتها أم عاصم ... على مثله أخرى الليالي الغوابر
فتى كان للمولى سناء ورفعة ... وللطارق الساري قرى غير غامر
فتى لا تخطاه الرفاق ولا يرى ... لقدر عيا لا دون جار مجاور
فنعم الفتى ان كان توبه فاجراً ... وفوق الفتى ان كان ليس بفاجر
فتى هو أحيا من فتاة حيية ... وأشجع من ليث بخفان خادر
وقالت:
أقسمت أبكي بعد توبة هالكاً ... وأحفل من دارت عليه الدوائر
لعمرك ما بالقتل عار على الفتى ... إذا لم تصبه في الحياة المعاور
وما الحي مما أحدث الدهر معتباً ... ولا الميت ان لم يصبر الحي ناشر
وقالت مارة بنت الديان أحد بني الحارث بن كعب وقتلت باهلة مرة بنت عاهان
الحارثية تحرض قومها:
قل للفوارس لا تئل أعيانهم ... من شر ما حذروا وما لم يحذر
التاركين أبا الحصين وراءهم ... والمسلمين صلاءة بن العنبر
لما رأيت الخيل قد طافت به ... شبخت شحالك في عنان الأشقر
ولقد بكيت على شبابك حقبة ... حتى كبرت وليت ان لم تكبر
يا معشر الأبناء ان فزتم بها ... فوز الزبيرة جمعنا لم يثأر
فأبوكم قرم سرى بهلانكم ... وعمودكم صلب كريم المكسر
وقالت بنت مرة بن عاهان ترثيه:
أنا وباهلة بن عفصة بيننا ... داء الضرائر بغضة وتناف
من يتلقفوا منا فليس بآيب ... أبداً وقتل بني قتيبة شاف
ذهبت قتيبة في اللقاء بفارس ... لا طائش رعش ولا وقاف
وقالت جنوب أخت عمرو الكلب أحد بني كاهل وكان عمرو بغزو فهما
فيصيب منهم فوضعوا له رصداً على الماء فأخذوه فقتلوه ثم مروا بأخته فقالوا
أنا طلبنا عمرو أخاك فقالت لئن طلبتموه لتجدنه منيعاً ولئن ضفتموه لتجدنه
مريعاً ولئن دعيتموه لتجدنه سريعاً قالوا قد أخذناه وقتلناه وهذا سلبه
قالت لئن سلبتموه لا تجدون ثبته وافية ولا حجزته جافية ولا ضالته كافئة
ولرب ثدى منكم قد افترشه ونهب قد افترسه وضب قد احترشه ثم قالت:
سألت بعمرو أخي صحبه ... فافزعني حين ردوا السؤالا
وقالوا تركناه في غارة ... بأية ما قد وثنا النبالا
أتيح له أنمراً أحبل فنا ... لا لعمرك منه ونالا
وأقسم يا عمرو لو نبها ... ك إذا نبها منك أمراً عضالاً
اذا نبها ليث عربنة ... مفيداً مغيثاً نفوساً ومالاً
هزيراً فروساً لأعدائه ... هصوراً إذا لقى القرن صالا
هما بتصرف ريب المنون ... ركناً ثبيتاً صليباً ازالا
هما يوم حم له يومه ... وقالا أخوفهم بطلاً وقالا
فهلا إذا أقبل ريب المنون ... فقد كان رجلاً وكنتم رجالاً
وقد علمت فهم عند اللقاء ... بأنهم كانوا لك نفالا
نفالاً جمع نفل وهي الغنيمة
كأنهم لم يحسوا به ... فيحلوا النساء له والحجالاً
تريد أنهم يحسوا به ... فيهربوا فيسبي نساءهم حلالاً له
ولم ينزوا بمحول السنين ... به فيكونوا عليه عيالاً
وقد علم الضيف والمرملون ... اذا اغبر أفق وهبت شمالاً
المرملون ج مرمل وهو الذي فنى زاده
وخلت عن أولادها المرضعات ... ولم تر عين بمزن بلالا
ذلك كناية عن الأمور الشديدة والأحوال العصبية
بأنك الربيع وغيث مريع ... وقدمنا هناك تكون الثمالا
الثمال الغياث الذي يقوم بأمره قومه
وخرق تجاوزت مجهولة ... بوجناء حرف تشكي الكلالا
الخرق القفر والوجناء الناقة الشديدة والحرف الناقة الضامر الصلبة
فكنت النهار به شمسه ... وكنت دجى الليل فيه الهلالا
وخيل سمت لك فرسانها ... فولوا ولم يستقلوا قبالا
وحيا أبحت وحياً منحت ... وحيا صبحت منا عجالا
وكل قبيل وان لم تكن ... أردتهم منك باتوا وجالا
قال أبو زيد قتل كرز بن عامر عبادة بن عقيل بن حصن بن بدر فقالت أخته هند
بنت حذيفة ترثيه وتهز قوماً على الطلب بدمه:
تطول ليلى للهموم الحواضر ... وشيب رأسي يوم وقعة حاجر
لعمري وما عمري عليّ بهين ... ولا حالف بر كآخر فاجر
لقد نال كرز يوم حاجر وقعة ... كفت قومه أخرى الليالي الغوابر
فلله عيناً من رأى مثله فتى ... تناوله بالرمح كرز بن عامر
فيا لبني ذبيان بكوا عميدكم ... بكل رقيق الحد أبيض باتر
وكل رديني أصم كعوبه ... ينوء بنصل كالعقيقة زاهر
وكل أسيل الخد طاو كأنه ... ظليم وجرداء النسالة ضامر
فإذا أنتم لم تطيؤ الهام غارة ... يحدث عنها وارد بعد صادر
وترموا عقيلاً بالتي ليس بعدها ... بقاء فكانوا كالاماء العواهر
قال أبو زيد يقال له أنه سبي من بني كلاب سبي يوم النسار وان بني كلاب
سألوا ان يتجافى لهم عن شطر السبي ويسلموا الشطر فقالت الفارغة بنت معاوية
القشيرية تعير بني كلاب بما فعلوا:
منا فوارس قاتلوا عن سبيهم ... يوم النسار وليس منا أشطر
ولبئس ما نصروا العشيرة ذو لحي ... وحفيف نافحة بليل مسهر
ضبعا هراش يعقران استيهما ... فرأتهما أخرى فقالت تعقر
حاشا لبني المجنون ان أباهم ... صاب إذا سطع الغبار الأكدر
لولا بنو بيت الحريش تقسمت ... سبي القبائل مازن والعنبر
زعمت بزوخ بني كلاب أنهم ... هزوا الجميع وان كعباً أدبروا
كذبت بزوخ بني كلاب أنها ... تاتي الضراء وبظرها يتعطر
وقلت سلمى بنت المحلق إحدى نساء بني كلاب وكانت سبيت يوم النسار تعير
جواباً أخا بني بكر بن الكلاب:
أعطى الآله أبا ليلى بفرته ... يوم النسار وقيت العير جواباً
وكيف الفخار وقد كانت بمعترك ... يوم النسار بنو ذبيان أرباباً
لم تمنعوا القوم اذ شلوا سوامكم ... ولا القضاء وكان القوم اضراباً
وقالت امرأة من حنيفة تحشد قومها على كناز:
أبلغ حنيفة أعلاها وأسفلها ... ان اشتروا الخيل أو دينوا الكناز
إذ لا يزال على جرد يصككم ... كما يصك حمام الأيكة البازي
يسعى بثأئر كعباً من دمائكم ... كالليث في معشر ليسوا بأعجاز
حدثنا أبو زيد قال حدثنا سعد بن هريم قال أنشدني نصير بن مزروغ لسيرة بنت
الحارث النميرية تقوله يوم مرح راهط:
قريش هم الثأر المنير فان سل ... قتلك دماء شافيات لدامياً
فإن تكن الأخرى فان دماؤكم ... قضاعة لا تشفى امرءاً كان صادياً
إلا إنما يشفي المريض دواؤه ... وكانت قريش لو أصيب دوائياً
ويوم عماس يمطر الموت حاله ... صبرنا له كيما نموت سواسياً
وقالت جمل الضبابية من بني كلاب:
أميمة لو رأيت غداة جئنا ... بحزم كراء ضاحية نسوق
مشينا شطرهم ومشوا الينا ... كمشي معاجل فيه زهوق
كأن النبل وسطهم جراد ... تكفئه ضحى ريح خريق
فألقينا القسى وكان قتلاً ... وضرب الهام كلاماً يذوق
وأما المشرفي فكان حتفاً ... وأما المازني فلا يليق
بكل قرارة غادرن خرقاً ... من الفتيان مختلق رقيق
وقد كلح المشافر فاستقلت ... فويق لثاتهم فالقوم روق
فأشبعنا الضباع وأشبعونا ... فأضحت كلها بشم تفوق
وأبكينا نساءهم وأبكوا نسا ... ء ما يسوغ لهن روق
يعاوين الكلاب بكل فجر ... وقد صحلت من النوح الحلوق
وقالت الجهينية:
أمن الحوادث والمنون أروع ... وأبيت ليلي كله ما أهجع
وأبيت مجلبة أبكي أسفداً ... ولمثله تبكي العيون وتدمع
ان تأته بعد الهدوء لحاجة ... تدعو يجبك لها نجيب اروع
متحلب الكفين أميت بارع ... أنف طوال الساعدين سميدع
ويكبر القدح العنود ويعتلي ... بأولى الصحاب إذا أصاب الزعزع
سباق هادية وهاد سربه ... ومقاتل بطل وداع مسمع
ويل أمه جلا بليد لطهره ... أبلاد سال أروع
يرد المياه حضيرة ونغيصة ... ورد القطاة إذا سمأل النبع
وبه إلى أخرى الصحاب تلفت ... وبه إلى المكروب حرى زعزع
غدرت به بهز فأصبح جدها ... يعلو وأصبح جد قوم يخشع
غادرته يوم اللقاء مجدلاً ... خبراً لعمرك يوم ذلك أشنع
ويروى يوم الرصاف:
ووددت لو قبلت بأسعد فدية ... مما يضيف به المصاب الموجع
قال حدثني أبو غسان في أسناد له ان خالد بن الوليد وأصحابه لما بعثه رسول
الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه في كسرود حاربه بنو عبدود من بني
عذرة فقتل منهم رجلاً يدعى فطن بن سريح فأقبلت أمه وهو مقتول فقالت:
ألا تلك المسرة لا تدوم ... ولا يبقى على الدهر النعيم
ولا يبقى على الحدثان عقر ... لشاهقة له أم رؤم
فقالت:
يا جامعاً جامع الأحشاء والكبد ... يا ليت أمك لم تولد ولم تلد
ثم كبت عليه فشهقت شهقة وماتت وقالت امرأة من بني الحارث بن كعب
في نفر من قومها قتلهم الهنباب من بني كلاب:
إن الضباب أبادوا قتل أخوتهم ... سادات نجران من حضر ومن بادي
عمرو وعمرو وعبد الله بينهما ... وأينا حرام ووفي الحارث السادي
يا فتية ما أرى العياب مدركهم ... للجار والضيف وابن العم والجادي
حدثني الهيثم بن خارجة قال حدثنا العطاف بن خالد عن زيد بن أسلم أن عمر بن
الخطاب خرج ليلة يحرس فمر بامرأة في بيتها وهي تقول:
تطاول هذا الليل واسود جانبه ... وليس إلى جنبي خليل الاعبه
وتالله لولا خشية الله وحده ... لزعزع من هذا السرير جوانبه
فذهب عنها حتى أصبح فسأل عنها فأخبر أن زوجها غائب فأجرى على المرأة نفقة
وكتب أن يقتلوا زوجها وأنشد لعرفجة الخزاعية في أخيها ورقة وقتلته جهينة:
ودعنا فارس بشكته ... في ملتقى الخيل خالياً ورقه
بطعنة نواعرها عند ... مجال الخيول متفقة
تمج من صابك على بشر ... كأنما ثوبه به علقه
لما رأى عامراً وأخواتها ... على عتاق لوقعها صلقه
يزجون خوص العيون شازبة ... كأنها بالحبيك منبفقة
جرد خماص البطون لاحقة ... سيوفهم في أكفهم أنقة
ساقوه الينا الكماة معلمة ... يقودها في عناقها العرقة
جهين لا تقطعي مودتنا ... وحلفنا والخيول منطلقة
واسجحي اذ ملكت في مهل ... وارعي جواراً حباله علقه
أفلح من جاره خزاعة في الجذب ... وبيض الصفاح مؤتلقة
وأنشدني المراني قال أنشدني أبو سعد الحنفي قال أنشدني أبومجيب لأم قيس
الضبية ترثي ابنها:
من للخصوم إذا طال الضجاج بهم ... بعد أن سعد ومن للضمر القود
وموقف قد كفيت الغائبين به ... في مجمع نواصي الناس مشهود
فرجته بلسان غير ملتبس ... عند الحفاظ وقلب غير مبلود
اذا قناة امرئي ازري بها خور ... هز ابن سعد قناة صلبه العرد
وقالت أم عمرو بنت المكدم ترثي أخاها ربيعة بن مكدم:
ما بال عينك منها الدمع مهراق ... سجلاً فلا عازب منها ولا راق
أبكي على هالك أودى وأورثني ... بعد التفرق حراً حزنه باقي
لو كان يرجع ميتاً وجد مشفقة ... ابقي أخي سالماً وجدي واشفاقي
أو كان يفدي فكان الأهل كلهم ... وما أثمر من مال له واقي
لكن سهام المنايا من نصبن له ... لم ينجه طب ذي طب ولا راق
فاذهب فلا يبعدنك الله من رجل ... لاقي الذي كل حي مثله لاقي
فسوف أبكيت ما ناحت مطوقة ... وما سرت مع الساري على ساقي
تبكي لذكره عين مفجعة ... ما ان يجف لها من ذكره ماقي
وقالت ضباعة بنت عامر بن قرط بن سلمة الخير بن القشير ترثي زوجها هشام بن
المغيرة وكانت قد أسلمت وولدت لهشام سلمة:
إنك لو وألت إلى هشام ... أمنت وكنت في حرم مقيم
كريم الخيم خفاف حشاه ... ثمال لليتيمة واليتيم
ربيع الناس أروع هبرزي ... أبي الضيم ليس بذي وصوم
أصيل الرأي ليس بحيدري ... ولا نكد العطاء ولا زميم
ولا خذالة إن كان كون ... دميم في الأمور ولا مليم
ولا متنزع بالسوء فيهم ... ولا قذع المقال ولا غشوم
فأصبح ثاوياً بقرار رمس ... كذاك الدهر يفجع بالكريم
وقالت حين هاجر ابنها سلمة إلىالنبي صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وسلم:
اللهم رب الكعبة المحرمة ... انصر على عدو سلمة
له يدان في الأمور المبهمة ... كف بها يعطي وكف منعمة
أجرأ من ضرعامة في أجمه ... يحمي غداة الروع عند الملحمة
بسيفه عورة سرب المسلمة
وقالت لسلمة شعر:
نمى به إلى الذري هشام
قدماً وآباء له كرام ... جحاجح خضارم عظام
من آل مخزوم وهو النظام ... والرأس والهامة والسنام
وأنشد للجوزاء بنت عروة أخت عبد الله بن عروة البصري وكان يزيد بن المهلب
أخذه مع عدي بن ارطاة فحمله إلى واسط فلما قتل يزيد عدا عليهم ابنه معاوية
فقتلهم وهم أسرى في يده فقالت الجوزاء ترثي أخاها وتهجو يزيد:
أيزيد حاربت الملوك ولم يكن ... تلقى المحارب للملوك رشيدا
هذا وجدت عصابة أوردتهم ... حوضاً سيورث ورده التفنيدا
فلبيت ذات الحرمات لس بنائل ... والأكرمين أبوة وجدودا
رهطالنبي صلى الله عليه وسلم ني الآله عليهم ... سقف الهدى ومن القرآن
عمودا
قوم هم منوا عليك وانعموا ... حتى لبست من الطراز برودا
فكفرت نعمتهم عليك وانما ... بلد العبيد المقرفون عبيدا
ما زال في حماقته متهوكاً ... حتى رأى غلس الظلام جنودا
فكفوا رياضته وذلل صعبه ... ومضى بهامته الرسول بريدا
طلب الخلافة في هجار فلم يجد ... بهجار من شجر الخلافة عودا
وقالت الفارغة بنت معاوية القشيرية في يوم النسار:
شفى الله نفسي من معشر ... اضاعوا قدامة يوم النسار
أضاعوا فتى غير جثامة ... طويل النجاد بعيد المغار
ينبي الفوارس عن رمحه ... بطعن كافواه كعب المهار
وفرت كلاب على وجهها ... خلا جعفر قبل وجه النهار
وقالت عمرة بنت دريد بن الصمة في مقتل أبيها يوم حنين:
لعمرك ما خشيت على دريد ... ببطن سميرة حيش العناق
جزى عنا الآله بني سليم ... بما فعلوا وعقتهم عقاق
وأسقانا إذا قدنا اليهم ... دماء خيارهم عند التلاقي
فرب كريمة اعتقت منهم ... وأخرى قد فككت من الوثاق
ورب منوه بك من سليم ... دعاك فقد أجبت بلا رماق
ورب عظيمة دفعت عنهم ... وقد بلغت نفوسهم التراقي
فكان جزاؤنا منهم عقوقاً ... وهما ماع منه مخ ساقي
قال أبو زيد عمر بن شبة قال أبو الحسن المدائني ولى نجدة خراقاً أو حذاقاً
الحنفي الشراة وتبالة والطائف فلما اختلفت النجدية على نجدة رصد القوم
حذاقاً ومر يريد نجدة فلما صار بين الجبال رموه بالحجارة من رؤوسها فجعل
يقول ويلكم لا تقتلوني قتل المرجومة فلم يقلعوا عنه حتى قتلوه فرثته ابنته
فقالت:
أعيني جودا بالدموع على الصدر ... على الفارس المقتول في الجبل الوعر
فإن يقتلوا حذافاً وابني مطرف ... فإن لدينا حوشياً وأبا الجسر
تبصرت فتيان اليمامة هل أرى ... حذاقاً وعيني كالحجارة من القطر
فمن لعم العا والضجيج ومصمتاً ... وقبل حذاق لم تزل عالي الذكر
تعاوره أسياف قوم تعودوا ... قراع الكماة لا خنوس ولا ضجر
فيا لهفتي ان لا تكون لقيتهم ... بصحراء لا ضيق المكر ولا عور
فلو كان لي ملك اليمامة سومت ... فوارس يسبون العذارى من شكر
ولو كان لي ملك اليمامة قد غزت ... قبائل دوس كله فسله شقر
فإن لا أنل من دوس ثاري بفتنة ... مصاليت لم يكسرهم حدث الدهر
إن قريش كان مقتل حاذق ... بأيدهم فأطلب به قاطن الحجر
ففي قتلهم مثل الذي نال من حظي ... يقتل حذاق في العلاء وفي الذكر
قال أبو زبد حدثني علي بن الصباح قال حدثنا هشام بن محمد الكلبي
عن محمد بن سهل بن حزن بن نباتة الأسدي ان عقبة بن هبيرة الأسدي قتل ابن
عمه تميم بن الأختم فحبس لقتله فبذل لولي تميم الدية فأذعن إلى ذلك وهم
بقبولها فقالت بنت تميم:
إن يقتل عقيبة يالقوم ... يسر معاشراً ويسل داء
وإن يسلم عقيبة يا لقوم ... يكن خدماً لعقبة أو اماء
لحا الله التي يحتاج منا ... وعقبة سالم منا رداء
وقالت:
أعقيبة لأظفرت يداك ألم يكن ... درك لحقك دون قتل تميم
أعقيب لو نبهته لوجدته ... كالسيف أهون وقعة التصميم
فليلحقنك في الشيرة لأمه ... ولتقتلن به وأنت ذميم
وقالت سارة بنت معاذ بن عفراء في قتلى الأنصار يوم الحرة:
صبرت بنو النجار أنفسها ... حتى استقر بقاعها الضرب
قتلتهم أفناء ذي بمن ... والمعجبون والبت كلب
وبنو أمية تحت رايتهم ... وبنو فزارة منهم ركب
آليت أنسى معشري أبداً ... حتى يزول بأهله الهضب
وقالت سلمى بنت حريث بن الحارث بن عروة النضرية ترثي زفر:
أصبحت نهباً لريب الدهر صابرة ... للذل أكثر تحناناً إلى زفر
إلى امزء ماجد الآباء كان لنا ... حصناً حصيناً من اللأواء والغير
فالله أحمد اذ لاقى منيته ... أبو الهزيل كريم الخيم والخبر
كان العماد لنا في كل حادثة ... تأتي بها نائبات الدهر والقدر
وكان غيثاً لأيتام وأرملة ... وعصمة الناس في الأقتار واليسر
سمح الخلائق محمود له شيم ... يرجوا منافعها الهلاك من مضر
حمال ألوية تخشى بوادره ... يوم الهياج إذا صاروا إلى البتر
كم قد حبرت حريباً بعد عيلته ... وكم تركت حريباً طامح البصر
يمشي العرضنة مختالاً بما ملكت ... كفاه من منفس الأموال والغرر
صيرته عائلاً من بعد ثروته ... نصباً لاعدائه الباغية كالبعر
ومضلع يرهب الأبطال غرته ... كفيت فينا بلا من ولا كدر
قال أبو زيد قال رجل خرجت في بغاء بعير لي أضللته فسقطت على امرأة في فناء
ظلها لم أر لها شبيهاً فقالت ما أوطأك رحلنا يا عبد الله قلت بعير لي
أضللته فانا في التماسه قالت أفلا أدلك على من هو أجدى عليك بعيرك منا قلت
بلى قالت الله فادعه دعاء واثق لا مختبر قال فشغلتني بقولها عن وجهها فقلت
يا هذه أذات بعل أنت قالت كان فمات يرحمه الله فقلت هل لك في بعل لا يعصيك
فأكبت على الأرض طويلاً ثم رفعت رأسها فقالت:
كنا كغصنين في أرض غذاؤهما ... ماء الجداول في روضات جنات
فاجتث خيرهما من أصل صاحبه ... دهر يكر بأحزان وترحات
وكان عاهدني ان خانني زمن ... ان لا يواصل انثى بعد مثواتي
وكنت عاهدته أيضاً فشط به ... ريب المنون لمقدار وميقات
فانصرف عنانك عمن ليس يصرفه ... عن الوفاء خلابات التحيات
يقول شارح هذا الكتاب قد سبق ورود هذا الشعر وما قبله من خبره وقد أعاد
المؤلف هنا ببعض تغيير هذا الشعر لفظي محافظة على الأصل.
قال وقالت زينب فروة بن سنان بن عنمة احدى بني تميم بن مرة بن عوف بن سعد
بن ذبيان وأنا أقول أن هذه الأبيات لليلى الأخيلية:
وذي حاجة ما باح قلباً وقد بدت ... شواكل منها ما إليك سبيل
لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه ... وأنت لأخرى فارغ ذاك خليل
تخالك تهوى غيرها فكأنما ... لها من تطنيها عليك دليل
وقالت تفخر بأمها وكانت أم ولد:
ان ابنة الدهقان كسرى تنولت ... بطعن الكماة واختلاس المعابل
ولم يحتطب أمي على غير ثله ... ولم يحطتب إلا بطعن المقاتل
لي الموردات الموت والمصدراته ... أولات المنون كالقنى الذوابل
فطارت لوادي الزند لا واهى القوى ... ولا برم نكس كثير الغوائل
من اللابسات الريط زهراء لم تبت ... تحش مع الأمي وقود المراجل
ولم ير في افناء مرة مثلها ... ولا عند قيس غنيمة قافل
وقالت:
وقائلة يا ليت ابنتي شهدتهم ... أجل لا ولكن في العديد المؤخر
ولو شهدت يوم الكنيسة بذها ... جمال رجال في الكنيسة حضر
كان جلابيباً عليهن قنعت ... شماريخ عر في سحاب كنهور
وكل قطوف المشي رود شبابها ... إذا ما مشت مرتجة المتأزر
خراعيب بمؤد كان شبابها ... سدائف شحم أو أنابيب عنقر
وقالت أم خلف الكلابية:
أمير المؤمنين جزيت خيراً ... ألم يبلغك خبرة ما لقينا
أناخت حائل جدباء نابي ... فلم تترك لطلحتنا فنونا
تكفنها فتأكل ما يليها ... ونكنفها فنأكل ما يلينا
وصار المال في أيدي رجال ... إذا ملكوا أذاقوا الناس هونا
بكل رقاق مهلكة هذيل ... إذا ما قيل قم ركب الحنينا
إذا رام القيام ابت يداه ... ورجلاه القيام فلا تعينا
وقالت هند بنت بياضة بن رياح الأيادية لجموع وجههم كسرى إلى أياد:
دعينا لأضياف وقد نزلوا بنا ... رفيدة والقين بن حبس وعامر
وقد نزلت بهراء خلف بيوتنا ... كما نزلت تبغي قرانا الأساور
فما أن لبتنا ساعة بقراهم ... وقد يحمد الرفض السريع المبادر
وقالت امرأة من كنانة لعبد الله بن يحيى الكندي ودعا إلى نفسه أي بالحلافة
وكان رئيس الأباضية في أيام مروان بن محمد:
أتملكنا وأنت بحضرموت ... طلبت الملك من بلد بعيد
أكندة لا أبا لك أم قريش ... بمكة علموا سنن الحدود
حدثنا أبو زيد قال حدثني محمد بن يحيى قال حدثني عبد العزيز بن عمران عن
محمد بن عبد العزيز عن مصعب بن عبد الله أبي أمية بن المغيرة قال تزوج
حنطب بن عبد الله المخزومي حفصة بنت المغيرة فقالت:
ولا تأمنن الدهر بعدي حرة ... وقد نكح البيض الحرائر حنطب
لئيم لسوداء الجواعر جعدة ... على أهلها مما تصر وتحلب
تطاوحها الأنساب حتى تردها ... إلى نسب في آل دمة مطنب
ويروي لأسماء بنت بنت أبي بكر في قتل أبيها عبد الله بن الزبير:
ليس لله محرم بعد قوم ... قتلوا بين زمزم والمقام
قتلتهم جفاة عك ولخم ... وصداء وحمير وجذام
وقالت أم الفضل بنت الحارث وهي ترقص ابنها عبد الله بن عباس:
ثكلت نفسي وثكلت بكري ... ان لم يسد فهر أو غير فهر
بالحسب الوافي وبذل الوفر
وقالت أم حكيم بنت قارظ امرأة عبيد الله بن عباس وقتل بسر بن أرطاة ابنيها:
يا من أحس بابني اللذين هما ... كالدرتين تشظى عنهما الصدف
يا من أحس بابني اللذين هما ... مخ العظام فمخي اليوم مزدهف
نبئت بسر أو ما صدقت ما زعموا ... من قولهم ومن الأفك الذي اقترفوا
انحى على ودجي ابني مرهفة ... مشحوذة وكذاك الإثم يقترف
من دل والهة حرى مسلبة ... على صبيين إذ أرادهما التلف
ويقول الشارح وقد جاء في الأصل الذي طبعنا عنه هذا الكتاب خبراً أن بعد
الشعر السابق مضى ورودهما قبل فحذفناهما تفادياً من التكرار وقالت موافية
بنت أوس إحدى بني ضبة:
على جوف ذي قار إذا الريح قلصت ... بنا نحو نجد لعنة لا تزايله
عوامد لليسراة أو عن شمالها ... قواصد للجد العذاب مناهله
وقالت الحولاء بنت أسعد الكلبية:
لبئس غبوق أم الحي وهنا ... رحا حنانه فوق الثقال
أدير بها وقد قطعت فؤادي ... أرواح باليمين وبالشمال
وقال أبو زيد كان عطاء نساء الاشراف بالكوفة مائتين فلما ولى سعيد بن
العاص لعثمان حط عطاءهن فقالت امرأة منهن:
ليت أبا اسحاق كان اميرنا ... وليت سعيداً كان أول هالك
يحطط أشراف النساء ويتقي ... بأنيابهن مرهفات النيازك
وقالت امرأة من حمير ترثي أخوتها:
أخوتي من صعقة همدوا ... همدوا لما انقضى الأمد
ما أمر العيش بعدهم ... كل عيش بعدهم نكد
ابن عبد الحجر والصمد ... ويزيد الفارس النحد
أين ملطاط أبو حجل ... وأبو الخرباء معتمد
وردوا والله ما كرهوا ... على آثارهم نرد
قال وقال أبو بكر الباهلي قال الأصمعي حدثنا شيخ كان يجالس أبا عمر ابن
العلاء قال ضرب امرأة من بني المخاض فاجتمع النساء إليها فلما ولدت سكتن
فارتابت بسكوتهن قالت:
كأنني من قولهن الهمس ... وقلة التكبير عند اللمس
مع الأشاكي سليم باس ... ما بك من جارية من باس
قال وحدثني أبو بكر قال قال الأصمعي كتبت امرأة إلى أبيها وكان زوجها بغير
أذنها:
أيا أبتي عنيتني وابتليتني ... وصيرت نفسي في يدي من يهينها
أيا أبتي لولا التحرج قد دعا ... عليك مجاباً دعوة تستدينها
وقالت دختنوس
عثر الأعز بخير خندف كهلها وشبابها ... وأضرها لعدوها وأفكها لرقابها
وبقرعها ونجيبها عند الوغا وشهابها ... ورئيسها عند الملوك وزين يوم خطابها
فرع عمود للعشيرة عامد لنصابها ... ويقوتها ويحوطها ويذب عن احسابها
ويطأ مواطئ للعدو وكان لا يمشي بها ... كالكوكب الدري في الظلماء لا يخفى
بها
عثر الأعز به وكل منية لكتابها ... فرت بنو أسد خرؤ الطير عن أربابها
لم يحفظوا حسباً ولم يأوو الغي عقابها ... عن خيرها نسباً إذا نصت إلى
أنسابها
وهو إذن أصحابه والثأر في أذنابها
وقالت عمرة بنت رواحة أم النعمان بن بشير في أمر بدر
بكت عيني من يبك لبدر وأهله ... وعلت بمثليها لؤي وغالب
وليت الذين حلفوا في ديارهم ... به و الذين في أصول الأخاشب
ليعلم حقاً عن يقين ويبصروا ... مجرهم فوق اللحى والشوارب
وقالت جنوب أخت عمرو ذي الكلب الهذلي:
ياليت عمراً وماليت بنافعة ... لم يغمز فهماً ولم يهبط بواديها
شبت هذيل وفهم بيننا أراه ... ما أن تبوخ ولا يرتد صاليها
وليلة يصطلي بالفرث جارذها ... يختص بالنفر المثرين راعيها
أطمعت فيها على جوع ومسبغة ... شحم العشار إذا ما قام ناعيها
وقالت خالدة بنت هاشم بن عبد مناف ترثي أباها:
عين جودي بعبرة وسجوم ... واسفحي الدمع للجواد الكريم
عين واستعبري وسحي ... أوجمي لأبيك المسود المقلوم
هاشم الخير ذي الجلال والحمد ... وذي الباع والندى والصميم
وربيع للمجتدين وحرز ... ولزاز لكل أمر جسيم
سمري نماه للعز صقر ... شامخ البيت من سراة الأديم
شيظمي مهذب ذي فضول ... أبطحي مثل القناة وسيم
صادق الباس في المواطن شهم ... ماجد الجد غير نكس ذميم
غالبي مشمر أحوذي ... باسق المجد مصرخي حليم
وقالت:
بكت عيني وحق لها بكاها ... وعاودها إذا تمسي قذاها
أبكي خير من ركب المطايا ... ومن لبس النعال ومن حذاها
أبكي هاشماً وبني أبيه ... فعيل الصبر اذ منعت كراها
وكنت غداة أذكرهم أراها ... شديداً سقمها باد جواها
فلو كانت نفوس القوم تفدي ... فديتهم وحق لها فداها
وقالت أم حكيم بنت عبد المطلب ترثي أخاها الحارث:
مالك ديار قد افحمت ... من ربها ميت الحلال
ميت الرزية والمصيبة ... والفضيلة والفعال
فلئن هلكت لتورثن ... من خير ميراث الرجال
المال والجد التل ... يد فضول صون وابتذال
العز والزاد الكثير ... وانساكمها الرحال
التارك الكثير الخبي ... ث وباذل الكسب الحلال
وقالت أروى بنت الحارث بن عبد المطلب ترثي أباها:
عيني جودا بدمع غير ممنون ... ان أنهما لا بدمع العين يشفيني
إني نسيت أبا أروى وذكرته ... عن غير ما بغضة ولا هون
مازال أبيض مكراماً ما لأسرته ... رحب المحاسن في خصب وفي لين
من آل عبد مناف ان مهلكه ... ولو لقيت رغوب الدهر يعصيني
من الذين متى ما تغش ناديهم ... تلق الخضارمة الشم العرانين
وقالت درة بنت أبي لهب:
لاقوا غداة الروع ضموزة ... فيها السنور من بني فهر
ملومة خرساء يحسبها ... من رامها موجاً من البحر
ذعاف الموت أبرده ... يقلي بهم واحره يجري
قومي لو أن الصخر ظالمهم ... صبروا وفل عرمس الصخر
وقالت سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف ترثي عمها المطلب بن عبد مناف وهي
جدة المغيرة بن شعبة وكانت تحت مسعود بن المغيث:
أعيني جودا على المطلب ... بوبل وماء له منسكب
أعيني واسحفنرا واندبا ... حليف الندى وقريع العرب
أخا الجود والمجد والمعضلات ... اذا أنقطع الدر بعد الحلب
وأكدى المساميح والمنعمون ... من أهل الفعال وأهل الحسب
وقالت هند بنت عتبة:
قامت يهود بأسيافها ... قصار الجدود لئام الحسب
عبيد ابي كرب وتبع ... عبيد قصار دقاق النسب
انشد ابن الاعرابي لدختنوس بنت لقيط:
فر ابن قهوس الدعى ... كأنه رمح متل
يعدو به خاظي البضي ... ع كأنه سمع أذل
إنك من قيس فدع ... غطفان ان نزلوا أو حلوا
لا عزهم منك ولا أباؤك ... ان هلكوا وذلوا
فخر البغي بحدج ربتها ... اذ الناس استقلوا
لا رحلها حملت ولا لرعاك ... فيها مستظل
ولقد رأيت أباك ... وسط القوم بريق أو يحل
في جيده ربق الغرار ... كأنه في الجيد غل
ابن راب قال غزا جيش لأهل البصرة فيهم أبو المختار بن يزيد بن الصعق
الكلابي مكران فخرج في غارة وخرج معه رهط فيهم رجل من بني نهد ورجل من
باهلة معه أناس من باهلة فخرج عليهن العدو فقاتل ابن المختار فقتل ودخل
ابن الباهلي وأصحابه في غيضة فقالت بنت أبي المختار:
لله در عصابة نبئتهم ... تركوا وراءهم أبا المختار
وتعلق النهدي ضل ضلالة ... بعناء منتخب الفؤاد مطار
فكأنما ربص الأراك بمهرة ... حواءة نبتت بصحن قوار
والباهلي وعصبة من قومه ... دخلوا غلال الغاب كالأثوار
أنشدني الكراني قال أنشدني دماذ لامرأة من عكل:
لإن الفت عيني البكاء وأوحشت ... من النوم إذا أودى أخي والندى معا
لقد كان كهفاً للصديق فخلجت به ... نكبات الدهر عني فودعا
وأنشد لامرأة مجهولة:
لحا الله دهراً نابنا بصروفه ... تقضي فلم يحسن الينا التقاضيا
فتى لم يكن يطوي على الكشج نفسه ... اذا ما انتجت نفساه في الأمر خالياً
وقالت امرأة من بني ضبة ترثي ابناً لها:
يا سيف ضبة لا يعصك بعده ... أبداً فتى بجماجم الأقران
جاء الفوارس جانبين جواده ... وأقام فارسه فتى الفتيان
قال اسحاق انشدتني امرأة ترثي أخاها وزوجها وابنها:
افردني ممن أحب الدهر ... من سادة بهم يتم الأمر
ثلثة مثل النجوم زهر ... فان جزعت انه لعذر
وإن صبرت لا يخيب الصبر
قال ولما ركب محمد بن عبيد الله بن معمر الذي هرب إلى دمشق فمات على
ثمانية أميال من دمشق وكان موته بحضرة عبد الله بن مروان فقالت امرأة على
قبره:
ألا هلك الجود والنائل ... ومن كان يعتمد السائل
ومن كان يطمع في سيبه ... غني العشيرة والعائل
فمن قال خيراً وأثنى به ... عليك فقد صدق القائل
ثم قالت يا سيد العرب فزجرت وقيل تقولين هذا بحضرة أمير المؤمنين فقال عبد
الله دعوها فقد صدقت وقالت صفية بنت الخزع التيمية:
قد غاب عنه فلم يشهد فوارسه ... ولم يكونوا غداة الروع يحزونه
نطاقة هند وان وجنته ... فضفاضة كأضاة النهي موضونة
فقد قتلنا شقاء النفس لو قنعت ... وما قتلنا به إلا إمرئ دونه
قال الأصمعي دخلت المقابر فإذا أنا بامرأة تنوح على زوجها وهي سافرة فلما
رأتني غطت وجهها ثم كشفته فقالت:
لا صنت وجهاً كنت صائنه ... أبداً ووجهك في الثرى يبلى
يا عصمتي في النائبات ويا ... ركني القوي ويا يدي اليمنى
وقالت ابنة عيينة ترثي أباها:
تروحنا من اللعاب قصراً ... فاعجلنا الآله ان تؤوبا
على مثل ابن مية فأنعياه ... يشق نواعم البشر الجيوبا
وكان أبو عيينة شمرياً ... ولا تلقاه يدخر النصيبا
ضروباً باليدين إذ اشمعلت ... عوان الحرب لا ورعاً هبوبا
أنشدنا ثعلبي لامرأة من طي:
دعا دعوة عند الشرا آل مالك ... ومن لا يجب عند الحفيظة يكلم
الشرا موضع والحفيظة الغضب ويكلم بجرح وهو هنا كناية عن الغلب والقتل
فيا ضيعة الفتيان اذ يقتلونه ... ببطن الشرا مثل الفنيق المسدم
الفنيق الفحل المنعم. والمسدم المشدود الفم
أما في بني حصن من ابن كريمة ... من القوم طلاب التراب غشمشم
التراب الدم والغشمشم الذي لا يهاب الاقدام
فيقبل جيراً بامرئ لم يكن به ... بواء ولكن لا تكايل بالدم
أي لا يجوز إلا بقتل ثارك اذ لم يكن لك غيره بنو حصن من بني نبهان قالت
دخلت عمرة بنت الحمارس على مسلمة بنت عبد الملك فأنشدته:
بيني وبينك أطاط له حبك ... كمنخر الثور آذته الزنابير
رأبي المحيسة أعلاه وأسفله ... ضيق إذا دارك الدهر الجياذير
كان في جوفه نار مؤججة ... كأنما الهبت فيه التنانير
قال فعرض لها مسلمة بالتزويج فقالت يا ابن التي تعلم وانك لهناك تعني ان
أمه أمة قال جاءت امرأة من أهل البادية فتزوجت بالمدينة وهي مراسل فانكشف
قناعها وبرزت للرجال فأتاها معبد فغناها بأبيات مدحت بها وهي:
كأنك مزنة برقت بليل ... لحران يضيء لها سناها
طويل الطميء مرمي بسهم ... يرى اللحم والماء رب فانتحاها
أما تجزينني يا جزل ودي ... فإن أخا المودة من جزاها
فاهتزت لذلك وقالت أيا عبد بني فطر أنا والله يومئذ أحسن من النار الموقدة
وقال اسحاق الموصلي نظر الحارث بن خالد بن العاص إلى عائشة بنت طلحة في
الطواف فقال فيها:
ويقفن في التطواف آونة ... ويطفن أحياناً على بهر
ففزعن من سبع وقد جهدت ... أحشاؤهن موائل الخمر
فبلغها ذلك فقالت قبحه الله لو طافت الجمال سبعاً لجهدت أحشاؤهن وقالت
اعرابية:
إن حري لزردان مقعد ... ململم مستحصف معربد
نيرانه من شبق توقد ... اذا أتاه الأحرد المستأسد
العميان اليتحان الأقود ... أدبر عنها هارباً يعرد
قال أقامت امرأة من الخوارج في عسكر الضحاك سنين ثم أعلمت فانصرفت تقول:
تركت رمحاً لينا مسه ... وجئت رمحاً مسه قاتل
سيان هذا بدم سائل ... وذاك منه عسل سائل
مطعون ذا كم منه في لذة ... وأم مطعون ندا ثاكل
مروا بنا نرجع إلى ديننا ... فكل دين غيره باطل
وملة الضحاك متروكة ... لا يجيبها أحد عاقل
وأنشد لامرأة من بني عامر:
وحرب يضج القلب من نفبانها ... ضجيج الجمال الجلة الدبرات
سيتركها قوم ويصلي بحرها ... بنو نسوة للثكل مضطرات
فإن بكم ظني صادقاً وهو صادقي ... بكم وبأحلام لكم صفرات
تعد فيكم جزر الجزور ما حنا ... ويمكن بالأكباد منكسرات
وقالت عاتكة بنت المطلب ويقال صفية:
سائل بنا في قومنا ... وكفاك من شر سماعه
أي قبحه وعيبه
قيساً وما جمعوا لنا ... في مجمع باق شناعه
فيه السنور والقنا ... واد كبش مجتمع قناعه
بعكاظ يعشي الناظرين ... اذا هم لمحوا شناعه
فيه قتلنا مالكاً ... قسراً وأسلمه رعاعه
ومجدلاً غادرته ... بالقاع تنهشه ضباعه
وقالت عارية بنت قزعة الدينارية في ابنها روس:
أشبه روس نفراً كراماً ... كانوا الذرى والأنف والسناما
كانوا لمن خالطهم أداماً ... كالسمن لما خالط الطعاما
لوريشا لكنت من قداما ... أو طائراً كنت أو أغناماً
صقراً إذ لاقى الحمام اعتاماً ... رأى قطاً غدوة أو سماناً
فانفض واحتم لها أحتاما
وأنشد الزبير لامرأة:
فلو أن ما لقي وما بي من الهوى ... بارعن ركناه صفا وحديد
تقطر من وجد وذاب حديده ... وأمسى تراه العين وهو عميد
ثلاثون يوماً كل يوم وليلة ... أموت وأحيا ان ذا لشديد
مسافة أرض الشام ويحك قربى ... إلينا ابن جواب يزيد أريد
فليت ابن جواب من الناس حظنا ... وان لنا في الناس يعد خلود
وقالت الدحداحة امرأة من بني فقيم تهجو الفرزدق حين هجا فقيما:
فيشلة هدلاء ذات شعشق ... مشرفة اليانوخ والمحوق
قهبلس ذات حفاف أخلق ... محبوكة ذات شبا مدلق
نيطت بحقوى فطم عشنق ... شراب البان خلايا محنق
اذا انتحى للاسكتين أحزق ... مصمم إذا سطا مطبق
يساكين الحرما لم يفتق ... أولجته في فقحة الفرزدق
قال فهرب منها فقالت:
إن دعى غالب هماماً ... أنكرت منه شعراً تواماً
قين لقين يرفع البراما ... من معشر وجدتهم لئاماً
ليسوا إذا ما نسبوا كراماً ... سود الوجوه عذلاً ابراماً
لو ترك القطا إذا لناما ... هذا مقامي فاتخذ مقاماً
اذكره الفرزدق الرحاما ... لما رآني أسرع انهزاماً
وقالت الدحداحة:
حججت على أم الفرزدق حجة ... فبت أواري ظهر جعثن أدبرا
فرد عليها:
قتلت قتيلاً لم ير الناس مثله ... أقبله ذا تومتين مسورا
حملت عليه حملة فطعنته ... وغادرته فوق الحشايا مكورا
ترى جرحه من بعد ما قد طعنته ... يفوح يلنجوجاً ومسكاً وعنبرا
فلا هو يوم الزحف بارز قرنه ... ولا هو ولى حين لاقى فأدبرا
بني دارم ما تأمرون بشاعر ... برود الثنايا لا يزال مزعفرا
اذا ما هو استلقى رأيت جهازه ... كمقطع عنق الناب ويدا واحمرا
فهل يغلبني شاعر رمحه استه ... اعد ليوم الروع درجاً ومجمرا
أشعار النساء في النسيب والغزل
ومن أشعار النساء في النسيب والغزل وغير ذلك
أنشدنا أبو زيد عمر بن شبة قال أنشدني اسحاق بن ابراهيم الموصلي لبثينة ترثي جميلاً حين بلغها موته:وإن سلوى عن جميل لساعة ... من الدهر ما جاءت ولا حان حينها
سواء علينا يا جميل بن معمر ... اذا مت بأسأ الحياة ولينها
وأنشد لعفراء بنت مالك ترثي عروة بن حزام:
إلا أيها الركب المخبون ويحكم ... بحق نعيتم عروة بن حزام
فلا يهنأ الفتيان بعدك لذة ... ولا رجعوا من غيبة بسلام
وبات الحبالى لا يرجين غائباً ... ولا فرحات بعده بغلام
قال أبو زيد نظرت امرأة إلى رجل نظيف دفيف مهفهف خميص البطن
فأعجبها ومعها زوجها أجبن عظيم البطن مهبج فقالت للرجل الذي رأته:
شهدت على نفسي بأنك بارد اللثا ... ت وان الخصر منك لطيف
وأنك مشيوح الذراعين خلجم ... وإنك إذ تخلو بهن عنيف
فسمعها زوجها فقال من تعنين قالت إياك أعني قال كذبت ما أنا كما وصفت
فاصدقيني قالت وتكتم عليّ قال نعم فأخبرته فطلقها وأخبر بما قالت فقالت :
غدرت بنا بعد التصافي وخنتنا ... وشر خلال الرجال خؤونها
وضيعت سراً كنت أنت أمينه ... ولا يحفظ الأسرار إلا أمينها
قال حدثني أحمد بن معاوية قال حدثنا محمد بن كناسة قال حاورت امرأة تدعى
أم الربيع الملأة بنت الفرات بن معاوية هكذا قال وانما هي امرأة الفرات
قال فواصلتها ثم انتقلت فقطعتها ثم رجعت فواصلتها فقالت الملأة:
سقيا لدار بني حبيش ... أنها ردت على وصال أم ربيع
فقدت بها لطف الصديق فراجعت ... وصالي وما كادت اليّ تريع
وقالت أعرابية:
أيا رب لا تجعل شبابي وبهجتي ... لشيخ يعنيني ولا لغلام
فخبرت أن الشيخ يكره ريحه ... وفي بعض أخلاق الغلام عرام
ولكن لعباس نتا لحم زوره ... فروح لأوراك النساء حام
وأنشد للخنساء بنت التيحان تشوق إلى حجوش الخفاجي:
امنتذر قتلى أن العين آنست ... سنا بارق بالغور غور تهام
فلا زال منهل من الغيث رائح ... يقاد إلى اهل القضا بزمام
ليشرب منه حجوش ويشمه ... بعيني فطامي أغر شأمي
بنفسي وأهلي حجوش وكلد ... وأنيابه اللاتي جلا ببشام
ألا أن وجدي بالخفاجي حجوش ... بري الجسم مني فهو نضو سقام
يرى الناس أني قد وجدت بحجوش ... إذا جاء والمستأذنون نيام
فإن كنت من أهل الحجاز فلا تلج ... وإن كنت نجدياً فلج بسلام
فأهل الحجاز معشر قد نفيتهم ... وأهل الفضا قوم علي كرام
وقالت:
ان لنا بالشام لو نسطيعه ... خليلاً لنا باتيحان مصافياً
نعد له الأيام من حب ذكره ... ونحصى له يا تيحان اللياليا
فليت المطايا قد رفعنك مصعداً ... تجوب بأيدها الحزون الفيافيا
وقالت امرأة من كلب وجاورت بني رواحة العبسيين في حزم من قومها منتجعين ثم
ظعنو عنها فتشوقت إلى محمد بن العلاء بن فرقد بن بسطام أحد بني رواحة:
سقى الله المنازل بين شرح ... وبين نواظر ديما رهاما
وأوساطا لشقيق شقيق عبس ... سقى ربي أجارعه الغماما
فلو كنا نطاع إذا أمرنا ... أطلنا في ديارهم المقاما
وليتني قبل بين الحي منهم ... دفنت بها ولاقيت الحماما
فاني لا أني ما عشت أهدي ... لها ولمن يحل بها السلاما
وما يغني السلام إذا نزلنا ... لوي لأم إلا لله لاما
واعرض دونهم رمل وقف ... مرداة مخارمة القتاما
فقال يتشوق إليها:
أسوق لحسان أوسه بعدما ... طربت ولم لعيني مدمعا
أنجزع إن بانت بعمارة النوى ... وللبين ما كنت الذليل الموقعا
إذا خلت الأرواض واحتل أهلها ... نواظر أمسى حبلها قد تقطعا
وحالفت من غير القلى طول هجرها ... ولما ترى في قربه الدار مطمعا
قالت زينب امرأة من غطفان:
إذا حنت الشقراء هاجت لي الهوى ... وذكرتي للحرتين حنينها
شكوت إليها نأي قومي وهجرهم ... وتشكو الي ان أصيب جنينها
وقالت امرأة من بني سعد بن بكر:
أيا أخوتي الملزمي ملامة ... أعيذكما بالله من مثل ما بيا
سألتكما بالله جعلتما ... مكان الأوى أو تأويا ليا
أيا أمنا حب الهلالي قاتلي ... شطون النوى نحتل عرضاً يمانيا
أشم كغصن البان بعد مرجل ... شففت به لو كان شيء مدانيا
فان لم أوسد ساعدي بعد هجعة ... غلاماً هلالياً فشل ساعديا
ثكلت أبي أن كنت ذقت كريقه ... لشيء ولا ماء الغمامة غاديا
وقالت امرأة من بني عامر:
ألا ليت حصناً كان يعلم ... خلأ وأنا في المزار قريب
أرى رقص بعران فاعلم أنها ... لحصن فادنو دنوة فأخيب
قال خطب حماس بن ثامل الاسدي ظعينة إحدى بني منفذ فلم يزوج فحرمت الرجال
بعده فأخذ في ابل استاقها فرفع إلى المدينة فقالت ظعينة :
تظن ظنوناً في رجال كثيرة ... فيا ليت شعري عن حماس بن ثامل
وظني به بين السماطين أنه ... سينجو بحق أو سينجو بباطل
وقالت أعرابية من بني نمير أفنى الطاعون أهلها :
أفردني ممن أحب الدهر ... من سادة بهم يقوم الأمر
ثلاثة مثل النجوم زهر ... لئن جزعت انه لعذر
وإن صبرت لا يخيب الصبر
هجا أوس بن حجر عوانة بنت جعيدة فقالت له وفيشة من أحمر جعد العدر :
تنشط للورد وتأبى للصدر ... لها اطار مثل بنيان المدر
سدبها فقحة أوس بن حجر
خطبت امرأة من بعد زوجها فقالت :
فان تسألاني عن هواي فانه ... بأعلا قريدادين يا فتيان
واني لاستحييه والترب بيننا ... كما كنت استحييه حين يراني
قالت خولة بنت ثابت في عمارة بن الوليد بن المغيرة :
يا خليلي اآبني سهدي ... لم أنم ليلي ولم أكد
غير اني لا أشبع ولا ... أشتكي ما بي إلى أحد
كيف تلحاني على رجل ... فت من تذكاره كبدي
مثل ضوء الشمس صورته ... ليس بالزميلة النكد
قالت أعرابية تزوجت فحدرت إلى الحضر :
عدمت جداراً يمنع البرق أن يرى ... مع البرق علوياً تطير عقايقه
وسقياً لذاك البرق لو نستطيعه ... ولكن عدتنا نية لا توافقه
وقالت أم موسى بنت سدرة الكلابية وتزوجت فنقلت إلى حجر
قد كنت أكره حجر أن أموت بها ... وأن أعيش بأرض ذات حيطان
يا حبذا الفرق إلا على وساكنه ... وما تضمن من ماء وعيدان
أبيت أرقب نجم الليل قاعدة ... حتى الصباح وعند الباب عجلان
لولا مخافة ربي ان يعاقبني ... لقد دعوت على الشيخ بن حيان
وقالت:
لقد برأم البو الصحور وقد ترى ... اذا نظرت في شخصه ما يريبها
وقد يشرب الماء العيوف على القذى ... وفي الصدر منه غلة ما تصيبها
وقالت امرأة غاب زوجها في بعث فقالت:
فوالله لولا الله والعار قبله ... لأمكنت من حجلي من لا أناسبه
ليعلم من في القبر وأن مقامه ... أشد عليه من عدو يحاربه
يقول الشارح وقد أورد المصنف بعد الشعر السابق خبراً سبق وروده واغفلته
منعاً للتكرار أنشد الزبير بن بكارلخيرة بنت أبي ضغيم البلوية قال وكانت
من أظراف النساء:
فما نطفة من ماء نهش عذبه ... تمنع من أيد الرواة أرومها
بأطيب من فيه لو أنك ذقته ... إذا ليلة اسحت وغاب نجومها
وأنشد لها:
فهل ليلة البطحاء عائدة لنا ... فدتها الليالي خيرها وذميمها
فإلى هي عادت مثلها فألية ... علي وأيام الحرور أصومها
وأنشد لها:
وبتنا خلاف الحي لا نحن منهم ... ولا نحن بالأعداء مختلطان
نذود بذكر الله عنا من الصبي ... اذا كان قلباً نابياً بردان
ونصدر عن ري العفاف وربما ... نقعنا غليل النفس بالرشفان
قال وأنشدتني خليبة الحضرية في هوى لها:
لهجرك لما أن هجرتك أصبحت ... بنا شمتاً تلك العيون الكواشح
فلا يفرح الواشون بالهجر وربما ... أطال المحب الهجر والحبيب ناصح
وتعدو النوى بين المحبين والهوى ... مع القلب مطوي عليه الجوانح
وأنشد ثعلب عن أبي مسحل:
ألا لا أبالي العيش ما دمت جارياً ... وما دمت أسعى لا أبالي
ازاريا
وما دمت أسعى بين أم عزيزة ... وبين أب بر بحب جماليا
إذا عصبوا بردي بشقة درهم ... وقيل أقعدن في البيت يخلط ذاليا
ومر جوار الحي من كل جهة ... لألعب ان اللعب كان شفائيا
أنشدني أبو علي الكراني قال أنشدني زمار لامرأة من الاعراب:
يهيج على الشوق موقف خلة ... وحطان قبل الموت قدام داريا
ومربط أفراس عتاق لفتية ... غدوا بعدما شدوا لهن الأواخيا
فما أحسن الدنيا وفي الدار خالد ... وأقبحها لما تجهز غاديا
وقالت امرأة من بني عقيل:
خليلي من سكان مران هاجني ... هبوب الجنوب مرة وابتسامها
فإن تسألاني ما دوائي فانني ... بمنزلة أعيا الطبيب سقامها
وقالت من بني الأسد في الخمر:
جاء بها المحروم من حرمها ... تفوح كالمسك وتروي المقبس
حرمها الله على عباده ... يبلوا بها أخيارهم لا للنجس
ليست كما يشرب من حلالنا ... لكل كاس سعدات من قلس
وقالت ضاحية الهلالية:
ألا لارى للرائحين بشاشة ... اذا لم يكن في الرائحين حبيب
وقالت:
ألم كثير لمة ثم شمرت ... به جلة يطلبن برقاً معالياً
ألا ليتنا والنفس تسكن للمنى ... بما نوت أن أمسي حبيب يمانياً
وقالت:
وإني لأنوي القصد ثم يردني ... عن القصد ميلات الهوى فأميل
وما وجدت مسجون بصنعاء موثق ... بساقيه من حبس الأمير كبول
وما ليل مولى مسلم بجريرة ... له بعد ما نام العيون عويل
بأكثر مني لوعة يوم راعني ... فراق حبيب ما اليه سبيل
وقالت بنت حباب في يحيى بن حمزة:
أأضرب في يحيى وبيني وبينه ... تنايف لو تسري بها الريح كلت
ألا ليت يحي يوم عبهل زارنا ... وان نهلت منا السياط وعلت
وقالت:
أقول لعمر والسياط تلفني ... لهن على متني شر دليل
فاشهد يا غيران اني أحبه ... بسوطك لا أقلع وأنت ذليل
وقالت برة العدوية أنشده ابن الاعرابي:
وما نطفة من ماء بهمين عذبة ... تمتع في أيدي السقاة أرومها
بأطيب منه كلما جاء طارقاً ... اذا ليلة أغطت وغابت نجومها
وقالت:
خليلي إن أصعدتما أو هبطتما ... بلاداً هوى نفسي بها فاذكرانيا
ولا تدعا إن لامني ثم لائم ... على سخط لو أشين أن تعذرانيا
فقد شف قلبي بعد طول تجلد ... أحاديث من يحي تشيب النواصيا
سأرعى ليحيى الود ما هبت الصبا ... وان قطعوا في ذاك عمداً لسانيا
وقالت أم خيرة الطماحية:
أعد للركب النهشليين ليلهم ... ولولا هواه ما عددت اللياليا
فأخبر إن كلمته أو لقيته ... فقولي لها قولاً شفاء لما بيا
وقالت امرأة من بني أسد:
كان بريقة الكعبي شهداً ... مخالطه رضاب الزنجبيل
فما من الاشراط صاف ... بأشفى من كلامك للعليل
فإن يك مسلماً يرجع علينا ... كلامك أو يعدمنا قتيل
حدثني أحمد بن يحيى قال حدثنا عبد الله بن شبيب قال حدثنا حفص بن الأروع
الطائي قال كنت أسيراً في بلاد طي فإذا بجارية تسوق أعنزاً لها فقلت يا
جارية أي البلاد أحب إليك فقالت:
أحب بلاد الله ما بين منعج ... إليّ وسلما أن تصوب سحابها
بلاد بها حل الشياب تمائمي ... وأول أرض مس جلدي ترابها
وأنشد لإعرابية اغتربت:
ألا أيها الركب اليمانون عرجوا ... علينا فقد أضحى هوانا يمانياً
نسائلكم هل سأل نعمان بعدنا ... وحب الينا بطن نعمان وادياً
فإن به ظلا ظليلاً ومشرباً ... به نقع القلب الذي كان صادياً
وأنشد لزلفى بنت ربيعة:
كأني وعبد الله لم يجر بيننا ... أحاديث سالف الدهر لينها
ولم نتلاحق بالعروض عشية ... وقد لفيت حمر القلاص وجونها
ظعائن من علياً هلال بن عامر ... مصححة الأبدان مرضى عيونها
وقالت أعرابية:
دعاني فقد جربت غمز ذوي اللحى ... وغمز الذي لم يعد أن طرّ شاربه
أعرابية مرضت بغير بلدها:
خليلي ان حانت بحربة ميتتي ... وأزمعتما أن تجعلا لي قبراً
إلا فأقرأ مني السلام على قنا ... وحرة ليلى لا قليلاً ولا نزراً
سلام الذي قد ظن أن ليس رائياً ... رماصاً ولا من حرتيه ذرى خصراً
امرأة من بني نهشل:
لقد ترأم البو الرخوم وقد ترى ... إذا نظرت في شخصه ما يريبها
وقد يشرب الماء العيوف على الصدى ... وفي النفس منها علة ما تصيبها
:وقالت الشيبانية امرأة عبد الله بن عمرو بن الخطاب
وقلت له لا تطلبن لقاءهم ... فإنك إن لاقيتهم غير آيل
فما الناس إلا من قتيل وقاتل ... وآخر مأكول دليل لآكل
وقالت أم خالد:
إلا من لعين دمها يتحدر ... وقلب معنى بالصبابة معسر
ونفس بها غل بعيد شفاؤه ... ولست عليه آخر العهد أقدر
يرى حقاً وان لم أفه به ... إلى الناس يوم ذكره حين يذكر
أقول ودمع العين يستن بالقذى ... كما أستن جاري جدول يتفجر
إلا ليتني للحاجي وليدة ... ويا ليتني ظل له حين يظهر
ويا ليتني برد له حين يتقى به ... شفيف الصبا أو نعله حين يحصر
وقالت فاطمة بنت مر الخثعمية حين عرضت نفسها على عبد الله بن عبد المطلب
أبيالنبي صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وسلم فلم يحبها وتزوج آمنة بنت
وهب:
إني رأيت مخيلة نشأت ... فتلألأت بخاتم القطر
فلما بهى نور يضيء له ... ما حوله كإضاءة الفجر
ورأيتها شرفاً أبوء به ... ما كل قادح زنده تورى
لله ما زهرية سلبت ... ثوبيك ما استلبت وما تدري
وقالت أيضاً:
بني هاشم قد غادرت من أخيكم ... أمينة أدللباه يهتلجان
كما غادر المصباح بعد خبوه ... فتايل قد ميثت له بدهان
وما كل ما يحتوي الفتى من تلاده ... لحزم ولا ما فاته لتوان
فاجمل إذا طالبت امراً فانه ... سيكفيكه جدان يصطرعان
سيكفيكه أما يد مقفلة ... وأما يد مبسوطة تبنان
ولما حوت منه أمينة ما حوت ... حوت منه فخراً ما لذلك ثان
العتبي قال حدثني أبو سليمان مولى لقريش قال كانت السبقة عند بني أمية مئة
ناقة حمراء لا يمنعون أحداً قاد اليهم فرساً فأرسل الوليد بن عبد الملك في
الحلبة العظمى فلما مدت الحبال في صدور الخيل جاءت عجوز من بني نمير تقود
فرساً لها وعليها غرارة تحتها وهي تقول:
فتاتنا المنسوبة الكريمة ... ميمونة الطليعة لا مشومة
ثم قالت يا أمير المؤمنين ادخل فرسي قال أدخلوها ما هذه الغرارة على عنقك
قالت فيها عقل السبقة قال انك لواثقة بفرسك قالت ثقتي بهذه صيرتني تحت هذه
فجاءت فرسها سابقة فأخذت الماية قال فالنسل من خيلها معرف يقال خيل العجوز
أنشد العتبي لحمدة بنت ضرار ترثي أخاها:
ما بات من ليلة قد شد مئزره ... قبيصة بن ضرار وهو موتور
لأتقرب الكلم العوران مجلسه ... ولا يذوق طعاماً وهو مستور
امرأة من خثعم:
فان تسألونني من أحب فانني ... أحب وبيت الله كعب بن طارق
أحب الفتى الجعد السلولي طارقاً ... على الناس معتاد الضرب المفارق
وقالت أخرى:
لو أن فتى مال مني ذو قرابة ... ولا ذمني حتى الممات رفيق
ولا برحت عندي جوار معدة ... ولا زال بردي ما يقيت رقيق
امرأة من بني هزان يقال لها أم ثواب في ابنها وعقها:
ربيته وهو مثل الفرخ أعظمه ... أم الطعام ترى في جلده زغبا
حتى إذا آض كالفحال شذبه ... أباره ونفى عن متنه الكربا
أمسى يمزق أثوابي يؤدبني ... أبعد شيبي عندي يبتغي الأدبا
إني لأبصر في ترجيل لمته ... وخط لحيته في خده عجبا
قالت له عرسه يوماً لتسمعني ... مهلاً فإن لنا في أمنا أربا
ولو رأتني في نار مسعرة ... ثم استطاعت لزدت فوقها حطباً
وقالت أم الضحاك المحاربية في عطية واستخونته:
لم أنتبه حتى وقفت بغية ... من الغي ثم انجاب عني غطائيا
فاقصرت عما تعلمين ولا أرى ... أخا غية عنها انتهى كانتهائيا
وقالت:
لا يأمنن بعدي عطية حرة ... من الناس او جار كريم يجاوره
وكنت وإياه كذى كاب لم يزل ... يسمنه حتى اسمدر يساوره
فلما أبا أن الحماقة لم أجد ... له مثل ما يكون فينضج ناظره
وقالت:
أرى الحب لا يفنى ولم يفنه الألى ... أحبوا أرقد كانوا على سالف الدهر
وكلهم قد خاله في فؤاده ... بأجمعه يحكون ذلك في الشعر
وما الحب إلا سمع عين ونظرة ... وحنة قلب عن حديث وعن ذكر
ولو كان شيء غيره فنى الهوى ... وبلاء من يهوى ولو كان من صخر
وأنشد لزينب بنت فروة:
أمن رسم دار بالخربق تبادرت ... دموعك ذكرى سالف قد تجرما
وقد مر حبل الحي إلا معذراً ... علينا شجاه شجونا فتلوما
يضىء خصاص البيت والستر دونه ... لنا غرب نابليه إذا ما تبسما
وقالت أسدية في أيام ابن الزبير:
نروح ركاض ولم يقض ذمة ... وابن ركاض إذا ما تيمنا
الا ليت ركاضاً ألم فباعنا ... زيارته ان كان عنا بها ضنا
ويا ليت ركاضاً ألم فزارنا ... على ساعة قد غاب فيها العدى عنا
وقالت امرأة من الحرقة ترثي الحصين بن الحمام المرّي:
ألا ذهب الحلو الحلال الحلاحل ... ومن مجده حزم وعزم ونائل
وقالت رابطة البهرية ترثي أخاها وقتلته هذيل:
إن ابن عاصية البهزي مصرعه خلى
المانع الأرض ذات العرض خشيته
وليلة يصطلي بالفرث جازره
لا ينبح الكلب فيها غير واحدة
كانت هذيل تمنى قتله سلماً
حلو ومر جميع الأمر مجتمع