كتاب : غريب القرآن
المؤلف:للأصفهاني

آتانى الكتاب) الاية، وقيل سمى كلمة الله تعالى من حيث أنه صار نبيا كما سمى النبي صلى الله عليه وسلم (ذكرا رسولا) وقوله (وتمت كلمة ربك) الاية فالكلمة ههنا القضية، فكل قضية تسمى كلمة سواء كان ذلك مقالا أو فعالا، ووصفها بالصدق لانه يقال قول صدق وفعل صدق، وقوله (وتمت كلمة ربك) إشارة إلى نحو قوله (اليوم أكملت لكم دينكم) الاية، ونبه بذلك أنه لا تنسخ الشريعة بعد هذا، وقيل إشارة إلى ما قال عليه الصلاة والسلام " أول ما خلق الله تعالى القلم فقال له اجر بما هو كائن إلى يوم القيامة " وقيل الكلمة هي القرآن وتسميته بكلمة كتسميتهم القصيدة كلمة فذكر أنها تتم وتبقى بحفظ الله تعالى إياها، فعبر عن ذلك بلفظ الماضي تنبيها أن ذلك في حكم الكائن وإلى هذا المعنى من حفظ القرآن أشار بقوله: (فإن يكفر بها هؤلاء) الاية، وقيل عنى به ما وعد من الثواب والعقاب،
وعلى ذلك قوله تعالى: (بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين) وقوله: (وكذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا) الاية، وقيل عنى بالكلمات الايات المعجزات التى اقترحوها فنبه أن ما أرسل من الايات تام وفيه بلاغ، وقوله: (لا مبدل لكلماته) رد لقولهم (ائت بقرآن غير هذا) الاية، وقيل أراد بكلمة ربك أحكامه التى حكم بها وبين أنه شرع لعباده ما فيه بلاغ، وقوله: (وتمت كلمة ربك الحسنى على بنى إسرائيل بما صبروا) وهذه الكلمة فيما قيل هي قوله تعالى: (ونريد أن نمن على الذين) الاية، وقوله: (ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما - ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضى بينهم) فإشارة إلى ما سبق من حكمه الذى اقتضاه حكمته وأنه لا تبديل لكلماته، وقوله تعالى: (ويحق الله الحق بكلماته) أي بحججه التى جعلها الله تعالى لكم عليهم سلطانا مبينا، أي حجة قوية.
وقوله: (يريدون أن يبدلوا كلام الله) هو إشارة إلى ما قال: (قل لن تخرجوا معى) الاية، وذلك أن الله تعالى جعل قول هؤلاء المنافقين: (ذرونا نتبعكم)
تبديلا لكلام الله تعالى، فنبه أن هؤلاء لا يفعلون وكيف يفعلون وقد علم الله تعالى منهم أن لا يتأتى ذلك منهم، وقد سبق بذلك حكمه.
ومكالمة الله تعالى العبد على ضربين، أحدهما: في الدنيا، والثانى في الاخرة فما في الدنيا فعلى مانبه عليه بقوله: (ما كان لبشر أن يكلمه الله) الاية، وما في الاخرة ثواب للمؤمنين وكرامة لهم تخفى علينا كيفيته، ونبه أنه يحرم ذلك على الكافرين بقوله (إن الذين يشترون بعهد الله) الاية وقوله: (يحرفون الكلم عن مواضعه)

جمع الكلمة، وقيل إنهم كانوا يبدلون الالفاظ ويغيرونها، وقيل إنه كان من جهة المعنى وهو حمله على غير ما قصد به واقتضاه وهذا أمثل القولين فإن اللفظ إذا تداولته الالسنة واشتهر يصعب تبديله، وقوله: (وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية) أي لولا يكلمنا الله مواجهة وذلك نحو قوله (يسألك أهل الكتاب) إلى قوله: (أرنا الله جهرة).
كلا: كلا ردع وزجر وإبطال لقول القائل، وذلك نقيض إى في الاثبات، قال: (أفرأيت الذى كفر) إلى قوله (كلا) وقال
تعالى: (لعلى أعمل صالحا فيما تركت كلا) إلى غير ذلك من الايات، وقال (كلا لما يقض ما أمره).
كلا: الكلاءة حفظ الشئ وتبقيته، يقال كلأك الله وبلغ بك أكلأ العمر، واكتلأت بعينى كذا قال: (قل من يكلؤكم) الاية والمكلأ موضع تحفظ فيه السفن، والكلاء موضع بالبصرة سمى بذلك لانهم يكلاون سفنهم هناك وعبر عن النسيئة بالكالئ.
وروى أنه عليه الصلاة والسلام: نهى عن الكالئ بالكالئ.
والكلأ العشب الذى يحفظ ومكان مكلأ وكالئ يكثر كلؤه.
كلا: كلا في التثنية ككل في الجمع وهو مفرد اللفظ مثنى المعنى عبر عنه بلفظ الواحد مرة اعتبارا بلفظه، وبلفظ الاثنين مرة اعتبارا بمعناه قال: (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما) ويقال في المؤنث كلتا.
ومتى أضيف إلى اسم ظاهر بقى ألفه على حالته في النصب والجر والرفع، وإذا أضيف إلى مضمر قلبت في النصب والجر ياء، فيقال: رأيت كليهما ومررت بكليهما، قال (كلتا الجنتين آتت أكلها) وتقول في الرفع جاءني كلاهما.
كم: كم عبارة عن العدد ويستعمل في باب الاستفهام وينصب بعده الاسم الذى يميز به نحو، كم رجلا ضربت ؟ ويستعمل في باب الخبر ويجر بعده الاسم الذى يميز به نحو: كم رجل ؟ ويقتضى معنى الكثرة، وقد يدخل من في الاسم الذى يميز بعده نحو: (وكم من قرية أهلكناها - وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة) والكم ما يغطى اليد من القميص، والكم ما يغطى الثمرة وجمعه أكمام قال: (والنخل ذات الاكمام) والكمة ما يغطى الرأس كالقلنسوة.
كمل: كمال الشئ حصول ما فيه الغرض منه فإذا قيل كمل ذلك فمعناه حصل ما هو الغرض منه وقوله: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) تنبيها أن ذلك غاية ما يتعلق به صلاح الولد.
وقوله: (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة) تنبيها أنه يحصل لهم كمال العقوبة.
وقوله (تلك عشرة كاملة)

قيل إنما ذكر العشرة ووصفها بالكاملة لا ليعلمنا أن السبعة والثلاثة عشرة بل ليبين أن بحصول صيام العشرة يحصل كمال الصوم القائم
مقام الهدى، وقيل إن وصفه العشرة بالكاملة استطراد في الكلام وتنبيه على فضيلة له فيما بين علم العدد وأن العشرة أول عقد ينتهى إليه العدد فيكمل وما بعده يكون مكررا مما قبله فالعشرة هي العدد الكامل.
كمه: الاكمه هو الذى يولد مطموس العين وقد يقال لمن تذهب عينه، قال: * كمهت عيناه حتى ابيضتا * كن: الكن ما يحفظ فيه الشئ، يقال: كننت الشئ كنا جعلته في كن وخص كننت بما يستر ببيت أو ثوب وغير ذلك من الاجسام، قال تعالى: (كأنهن بيض مكنون - كأنهم لؤلؤ مكنون) وأكننت بما يستر في النفس قال تعالى: (أو أكننتم في أنفسكم) وجمع الكن أكنان، قال تعالى: (وجعل لكم من الجبال أكنانا) والكنان الغطاء الذى يكن فيه الشئ والجمع أكنة نحو غطاء وأغطية، قال: (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه) وقوله تعالى: (وقالوا قلوبنا في أكنة) قيل معناه في غطاء عن تفهم ما تورده علينا كما قالوا: (يا شعيب ما نفقه) الاية وقوله: (إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون) قيل عنى بالكتاب
المكنون اللوح المحفوظ، وقيل هو قلوب المؤمنين، وقيل ذلك إشارة إلى كونه محفوظا عند الله تعالى كما قال: (وإنا له لحافظون) وسميت المرأة المتزوجة كنة لكونها في كن من حفظ زوجها كما سميت محصنة لكونها في حصن من حفظ زوجها، والكنانة جعبة غير مشقوقة.
كند: قوله تعالى: (إن الانسان لربه لكنود) أي كفور لنعمته كقولهم أرض كنود إذا لم تنبت شيئا.
كنز: الكنز جعل المال بعضه على بعض وحفظه وأصله من كنزت التمر في الوعاء، وزمن الكناز وقت ما يكنز فيه التمر، وناقة كناز مكتنزة اللحم.
وقوله: (والذين يكنزون الذهب والفضة) أي يدخرونها، وقوله: (فذوقوا ما كنتم تكنزون) وقوله: (لولا أنزل عليه كنز) أي مال عظيم (وكان تحته كنز لهما) قيل كان صحيفة علم.
كهف: الكهف الغار في الجبل وجمعه كهوف، قال: (إن أصحاب الكهف) الاية.
كهل: الكهل من وخطه الشيب، قال: (ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن
الصالحين) واكتهل النبات إذا شارف اليبوسة مشارفة الكهل الشيب، قال: * مؤزر بهشيم النبت مكتهل * كهن: الكاهن هو الذى يخبر بالاخبار الماضية الخفية بضرب من الظن، والعراف

الذى يخبر بالاخبار المستقبلة على نحو ذلك ولكون هاتين الصناعتين مبنيتين على الظن الذى يخطئ ويصيب قال عليه الصلاة والسلام: " من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما قال فقد كفر بما أنزل على أبى القاسم " ويقال كهن فلان كهانة إذا تعاطى ذلك وكهن إذا تخصص بذلك، وتكهن تكلف ذلك، قال تعالى (ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون).
كوب: الكوب قدح لا عروة له وجمعه أكواب، قال: (بأكواب وأباريق وكأس من معين) والكوبة الطبل الذى يلعب به.
كيد: الكيد ضرب من الاحتيال وقد يكون مذموما وممدوحا وإن كان يستعمل في المذموم أكثر وكذلك الاستدراج والمكر ويكون بعض ذلك محمودا، قال: (كذلك كدنا ليوسف) وقوله: (وأملى لهم إن كيدى متين) قال بعضهم: أراد بالكيد العذاب،
والصحيح أنه هو الاملاء والامهال المؤدى إلى العقاب كقوله (إنما نملي لهم ليزدادوا إثما إن الله لا يهدى كيد الخائنين) فخص الخائنين تنبيها أنه قد يهدى كيد من لم يقصد بكيده خيانة ككيد يوسف بأخيه وقوله (لاكيدن أصنامكم) أي لاريدن بها سوءا.
وقال: (فأرادوا به كيدا فجعلناهم الاسفلين) وقوله (فإن كان لكم كيد فكيدون) وقال (كيد ساحر - فأجمعوا كيدكم) ويقال فلان يكيد بنفسه أي يجود بها وكاد الزند إذا تباطأ بإخراج ناره.
ووضع كاد لمقاربة الفعل، يقال كاد يفعل إذا لم يكن قد فعل، وإذا كان معه حرف نفى يكون لما قد وقع ويكون قريبا من أن لا يكون نحو قوله تعالى: (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا - وإن كادوا - تكاد السموات - يكاد البرق - يكادون يسطون - إن كدت لتردين) ولافرق بين أن يكون حرف النفى متقدما عليه أو متأخرا عنه نحو (وما كادوا يفعلون - لا يكادون يفقهون) وقلما يستعمل في كاد أن إلا في ضرورة الشعر، قال: * قد كاد من طول البلى أن يمحصا *
أي يمضى ويدرس.
كور: كور الشئ إدارته وضم بعضه إلى بعض ككور العمامة، وقوله: (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) فإشارة إلى جريان الشمس في مطالعها وانتقاص الليل والنهار وازديادهما.
وطعنه فكوره إذا ألقاه مجتمعا، واكتار الفرس إذا أدار ذنبه في عدوه، وقيل لابل كثيرة كور، وكوارة النحل معروفة والكور الرحل، وقيل لكل مصر كورة وهى البقعة التى يجتمع فيها قرى ومحال.
كأس: قال (من كأس كان مزاجها زنجبيلا) والكأس الاناء بما فيه من الشراب وسمى كل واحد منهما بانفراده كأسا، يقال

شربت كأسا، وكأس طيبة يعنى بها الشراب، قال (وكأس من معين) وكأست الناقة تكؤس إذا مشت على ثلاثة قوائم، والكيس جودة القريحة، وأكأس الرجل وأكيس إذا ولد أولادا أكياسا، وسمى الغدر كيسان تصورا أنه ضرب من استعمال الكيس أو لان كيسان كان رجلا عرف بالغدر ثم سمى كل غادر به كما أن الهالكى كان حدادا عرف بالحدادة
ثم سمى كل حداد هالكيا.
كيف: كيف لفظ يسأل به عما يصح أن يقال فيه شبيه وغير شبيه كالابيض والاسود والصحيح والسقيم، ولهذا لا يصح أن يقال في الله عزوجل كيف، وقد يعبر بكيف عن المسئول عنه كالاسود والابيض فإنا نسميه كيف، وكل ما أخبر الله تعالى بلفظة كيف عن نفسه فهو استخبار على طريق التنبيه للمخاطب أو توبيخا نحو (كيف تكفرون بالله - كيف يهدى الله - كيف يكون للمشركين عهد - انظر كيف ضربوا لك الامثال - فانظر كيف بدأ الخلق - (أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده).
كيل: الكيل كيل الطعام.
يقال كلت له الطعام إذا توليت ذلك له، وكلته الطعام إذا أعطيته كيلا، واكتلت عليه أخذت منه كيلا، قال الله تعالى: (ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم) وذلك إن كان مخصوصا بالكيل فحث على تحرى العدل في كل ما وقع فيه أخذ ودفع وقوله (فأوف الكيل - فأرسل معنا أخانا نكتل - كيل بعير) مقدار حمل بعير.
كان: كان عبارة عما مضى من الزمان وفى كثير من وصف الله تعالى تنبئ عن معنى الازلية، قال (وكان الله بكل شئ عليما - وكان الله على كل شئ قديرا) وما استعمل منه في جنس الشئ متعلقا بوصف له هو موجود فيه فتنبيه على أن ذلك الوصف لازم له، قليل الانفكاك منه نحو قوله في الانسان (وكان الانسان كفورا - وكان الانسان قتورا - وكان الانسان أكثر شئ جدلا) فذلك تنبيه على أن ذلك الوصف لازم له قليل الانفكاك منه، وقوله في وصف الشيطان (وكان الشيطان للانسان خذولا - وكان الشيطان لربه كفورا) وإذا استعمل في الزمان الماضي فقد يجوز أن يكون المستعمل فيه بقى على حالته كما تقدم ذكره آنفا، ويجوز أن يكون قد تغير نحو كان فلان كذا ثم صار كذا ولا فرق بين أن يكون الزمان المستعمل فيه كان قد تقدم تقدما كثيرا نحو أن تقول: كان في أول ما أوجد الله تعالى، وبين أن يكون في زمان قد تقدم بآن واحد عن الوقت الذى استعملت فيه كان نحو أن تقول كان آدم كذا، وبين أن يقال كان زيد ههنا، ويكون بينك وبين ذلك الزمان أدنى وقت ولهذا

صح أن يقال (كيف نكلم من كان في المهد صبيا) فأشار بكان أن عيسى وحالته التى شاهده عليها قبيل.
وليس قول من قال هذا إشارة إلى الحال بشئ لان ذلك إشارة إلى ما تقدم لكن إلى زمان يقرب من زمان قولهم هذا.
وقوله: (كنتم خير أمة) فقد قيل معنى كنتم معنى الحال وليس ذلك بشئ بل إنما ذلك إشارة إلى أنكم كنتم كذلك في تقدير الله تعالى وحكمه، وقوله: (وإن كان ذو عسرة) فقد قيل معناه حصل ووقع، والكون يستعمله بعض الناس في استحالة جوهر إلى ما هو دونه وكثير من المتكلمين يستعملونه في معنى الابداع.
وكينونة عند بعض النحويين فعلولة وأصله كونونة وكرهوا الضمة والواو فقلبوا، وعند سيبويه كيونونة على وزن فيعلولة، ثم أدغم فصار كينونة ثم حذف فصار كينونة كقولهم في ميت ميت وأصل ميت ميوت ولم يقولوا كينونة على الاصل كما قالوا ميت لثقل لفظها.
والمكان قيل أصله من كان يكون فلما كثر في كلامهم توهمت الميم أصلية فقيل تمكن كما
قيل في المسكين تمسكن، واستكان فلان تضرع وكأنه سكن وترك الدعة لضراعته، قال: (فما استكانوا لربهم).
كوى: كويت الدابة بالنار كيا، قال: (فتكوى بها جباههم وجنوبهم) وكى علة لفعل الشئ وكيلا لانتفائه، نحو: (كيلا يكون دولة).
كاف: الكاف للتشبيه والتمثيل، قال تعالى: (مثلهم كمثل صفوان عليه تراب) معناه وصفهم كوصفه وقوله: (كالذى ينفق ماله) الاية فإن ذلك ليس بتشبيه وإنما هو تمثيل كما يقول النحويون مثلا فالاسم كقولك زيد أي مثاله قولك زيد والتمثيل أكثر من التشبيه لان كل تمثيل تشبيه، وليس كل تشبيه تمثيلا.

كتاب اللام لب: اللب العقل الخالص من الشوائب وسمى بذلك لكونه خالص ما في الانسان من معانيه كاللباب واللب من الشئ، وقيل هو ما زكى من العقل فكل لب عقل وليس كل عقل لبا.
ولهذا علق الله تعالى الاحكام التى لا يدركها إلا العقول
الزكية بأولى الالباب نحو قوله: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا) إلى قوله: (أولوا الالباب) ونحو ذلك من الايات، ولب فلان يلب صار ذا لب.
وقالت امرأة في ابنها اضربه كى يلب ويقود الجيش ذا اللجب.
ورجل ألبب من قوم ألباء، وملبوب معروف باللب، وألب بالمكان أقام وأصله في البعير وهو أن يلقى لبته فيه أي صدره، وتلبب إذا تحزم وأصله أن يشد لبته، ولببته ضربت لبته وسمى اللبة لكونه موضع اللب، وفلان في لبب رخى أي في سعة.
وقولهم لبيك قيل أصله من لب بالمكان وألب أقام به وثنى لانه أراد إجابة بعد إجابة، وقيل أصله لبب فأبدل من أحد الباآت ياء نحو تظنيت وأصله تظننت، وقيل هو من قولهم امرأة لبة أي محبة لولدها، وقيل معناه إخلاص لك بعد إخلاص من قولهم لب الطعام أي خالصه ومنه حسب لباب.
لبث: لبث بالمكان أقام به ملازما له، قال: (فلبث فيهم ألف سنة - فلبثت سنين) قال: (كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم - قالوا ربكم أعلم بما لبثتم - لم يلبثوا إلا
عشية - لم يلبثوا إلا ساعة - ما لبثوا في العذاب المهين).
لبد: قال تعالى: (يكونون عليه لبدا) أي مجتمعة، الواحدة لبدة كاللبد المتلبد أي المجتمع، وقيل معناه كانوا يسقطون عليه سقوط اللبد، وقرئ لبدا أي متلبدا ملتصقا بعضها ببعض للتزاحم عليه، وجمع اللبد ألباد ولبود.
وقد ألبدت السرج جعلت له لبدا وألبدت الفرس ألقيت عليه اللبد نحو أسرجته وألجمته وألببته، واللبدة القطعة منها.
وقيل هو أمنع من لبدة الاسد أي من صدره، ولبد الشعر وألبد بالمكان لزمه لزوم لبده، ولبدت الابل لبدا أكثرت من الكلا حتى أتعبها.

وقوله: (مالا لبدا) أي كثيرا متلبدا، وقيل ما له سبد ولا لبد، ولبد طائر من شأنه أن يلصق بالارض وآخر نسور لقمان كان يقال له لبد، وألبد البعير صار ذا لبد من الثلط وقد يكنى بذلك عن حسنه لدلالة ذلك منه على خصبه وسمنه، وألبدت القربة جعلتها في لبيد أي في جوالق صغير.
لبس: لبس الثوب استتر به وألبسه غيره
ومنه (يلبسون ثيابا خضرا) واللباس واللبوس واللبس ما يلبس، قال تعالى: (قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم) وجعل اللباس لكل ما يغطى من الانسان عن قبيح فجعل الزوج لزوجه لباسا من حيث إنه يمنعها ويصدها عن تعاطى قبيح، قال تعالى: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) فسما هن لباسا كما سماها الشاعر إزارا في قوله: * فدى لك من أخى ثقة إزارى * وجعل التقوى لباسا على طريق التمثيل والتشبيه، قال تعالى: (ولباس التقوى) وقوله: (صنعة لبوس لكم) يعنى به الدرع وقوله (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف)، وجعل الجوع والخوف لباسا على التجسيم والتشبيه تصويرا له، وذلك بحسب ما يقولون تدرع فلان الفقر ولبس الجوع ونحو ذلك، قال الشاعر: * وكسوتهم من خير برد منجم * نوع من برود اليمن يعنى به شعرا.
وقرأ بعضهم (ولباس التقوى) من اللبس أي الستر وأصل اللبس ستر الشئ ويقال ذلك في المعاني، يقال لبست عليه أمره، قال: (وللبسنا عليهم ما يلبسون) وقال (ولا تلبسوا الحق بالباطل -
لم تلبسون الحق بالباطل - الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) ويقال في الامر لبسة أي التباس ولابست الامر إذا زاولته ولابست فلانا خالطته وفى فلان ملبس أي مستمتع، قال الشاعر: * وبعد المشيب طول عمر وملبسا * لبن: اللبن جمعه ألبان، قال تعالى: (وأنهار من لبن لم يتغير طعمه) وقال (من بين فرث ودم لبنا خالصا)، ولابن كثر عنده لبن ولبنته سقيته إياه وفرس ملبون، وألبن فلان كثر لبنه فهو ملبن.
وألبنت الناقة فهى ملبن إذا كثر لبنها إما خلقة وإما أن يترك في ضرعها حتى يكثر، والملبن ما يجعل فيه اللبن.
وأخوه بلبان أمه، قيل ولا يقال بلبن أمه أي لم يسمع ذلك من العرب، وكم لبن غنمك ؟ أي ذوات الدر منها.
واللبان الصدر، واللبانة أصلها الحاجة إلى اللبن ثم استعمل في كل حاجة، وأما اللبن الذى يبنى به فليس من ذلك في شئ، الواحدة لبنة، يقال لبنه يلبنه، واللبان ضاربه.
لج: اللجاج التمادي والعناد في تعاطى الفعل المزجور عنه وقد لج في الامر يلج لجاجا،

قال تعالى: (ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون - بل لجوا في عتو ونفور) ومنه لجة الصوت بفتح اللام أي تردده ولجة البحر بالضم تردد أمواجه، ولجة الليل تردد ظلامه، ويقال في كل واحد لج ولج، قال (في بحر لجى) منسوب إلى لجة البحر، وما روى وضع اللج على قفى، أصله قفاى فقلب الالف ياء وهو لغة فعبارة عن السيف المتموج ماؤه، واللجلجة التردد في الكلام وفى ابتلاع الطعام، قال الشاعر: * يلجلج مضغة فيها أنيض * أي غير منضج ورجل لجلج ولجلاج في كلامه تردد، وقيل الحق أبلج والباطل لجلج أي لا يستقيم في قوله قائله وفى فعل فاعله بل يتردد فيه.
لحد: اللحد حفرة مائلة عن الوسط وقد لحد القبر حفره كذلك وألحده وقد لحدت الميت وألحدته جعلته في اللحد، ويسمى اللحد ملحدا وذلك اسم موضع من ألحدته، ولحد بلسانه إلى كذا مال، قال تعالى: (لسان الذى يلحدون إليه) من لحد وقرئ (يلحدون)
من ألحد، وألحد فلان مال عن الحق، والالحاد ضربان: إلحاد إلى الشرك بالله، والحاد إلى الشرك بالاسباب، فالاول ينافى الايمان ويبطله، والثانى يوهن عراه ولا يبطله.
ومن هذا النحو قوله (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) وقوله (الذين يلحدون في أسمائه)، والالحاد في أسمائه على وجهين: أحدهما أن يوصف بما لا يصح وصفه به.
والثانى: أن يتأول أوصافه على ما لا يليق به، والتحد إلى كذا مال إليه، قال تعالى: (ولن تجد من دونه ملتحدا) أي التجاء أو موضع التجاء.
وألحد السهم الهدف: مال في أحد جانبيه.
لحف: قال (لا يسألون الناس إلحافا)، أي إلحاحا ومنه استعير ألحف شاربه إذا بالغ في تناوله وجزه وأصله من اللحاف وهو ما يتغطى به، يقال ألحفته فالتحف.
لحق: لحقته ولحقت به أدركته، قال: (الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم - وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) ويقال ألحقت كذا، قال بعضهم: يقال ألحقه بمعنى لحقه وعلى هذا قوله " إن عذابك بالكفار ملحق " وقيل هو من ألحقت به كذا فنسب الفعل إلى العذاب تعظيما
له، وكنى عن الدعى بالملحق.
لحم: اللحم جمعه لحام ولحوم ولحمان، قال (ولحم الخنزير) ولحم الرجل كثر عليه اللحم فضخم فهو لحيم ولاحم، وشاحم صار ذا لحم وشحم نحو لابن وتامر، ولحم: ضرى باللحم ومنه باز لحم وذئب لحم أي كثير أكل اللحم وبيت لحم أي فيه لحم، وفى الحديث " إن الله يبغض قوما لحمين " وألحمه أطعمه اللحم وبه شبه المرزوق من الصيد فقيل ملحم وقد يوصف

المرزوق من غيره به، وبه شبه ثوب ملحم إذا تداخل سداه ويسمى ذلك الغزل لحمة تشبيها بلحمة البازى، ومنه قيل " الولاء لحمة كلحمة النسب " وشجة متلاحمة اكتست اللحم، ولحمت اللحم عن العظم قشرته، ولحمت الشئ وألحمته ولاحمت بين الشيئين لأمتهما تشبيها بالجسم إذا صار بين عظامه لحم يلحم به، واللحام ما يلحم به الاناء وألحمت فلانا قتلته وجعلته لحما للسباع، وألحمت الطائر أطعمته اللحم، وألحمتك فلانا أمكنتك من شتمه وثلبه وذلك كتسمية الاغتياب والوقيعة بأكل اللحم، نحو قوله: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم
أخيه ميتا)، وفلان لحيم فعيل كأنه جعل لحما للسباع، والملحمة المعركة، والجمع الملاحم.
لحن: اللحن صرف الكلام عن سننه الجارى عليه إما بإزالة الاعراب أو التصحيف وهو المذموم وذلك أكثر استعمالا، وإما بإزالته عن التصريح وصرفه بمعناه إلى تعريض وفحوى وهو محمود عند أكثر الادباء من حيث البلاغة وإياه قصد الشاعر بقوله: * وخير الحديث ما كان لحنا * وإياه قصد بقوله تعالى: (ولتعرفنهم في لحن القول) ومنه قيل للفطن بما يقتضى فحوى الكلام: لحن، وفى الحديث: " لعل بعضكم ألحن بحجته من بعض " أي ألسن وأفصح وأبين كلاما وأقدر على الحجة.
لدد: الالد الخصيم الشديد التأبى وجمعه لد، قال تعالى: (وهو ألد الخصام) وقال (ولتنذر به قوما لدا) وأصل الالد الشديد اللد أي صفحة العنق وذلك إذا لم يمكن صرفه عما يريده، وفلان يتلدد أي يتلفت، واللدود ما سقى الانسان من دواء في أحد شقى وجهه وقد التددت ذلك.
لدن: لدن أخص من عند لانه يدل على ابتداء نهاية نحو أقمت عنده من لدن طلوع الشمس إلى غروبها فيوضع لدن موضع نهاية الفعل.
وقد يوضع موضع عند فيما حكي، يقال أصبت عنده مالا ولدنه مالا، قال بعضهم لدن أبلغ من عند وأخص، قال تعالى: (فلا تصاحبني قد بلغت من لدنى عذرا - ربنا آتنا من لدنك رحمة - فهب لى من لدنك وليا - واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا - علمناه من لدنا علما - لتنذر بأسا شديدا من لدنه) ويقال من لدن، ولد، ولد، ولدى.
واللدن اللين.
لدى: لدى يقارب لدن، قال (وألفيا سيدها لدى الباب).
لزب: اللازب الثابت الشديد الثبوت، قال تعالى (من طين لازب) ويعبر باللازب عن

الواجب فيقال ضربة لازب، واللزبة السنة الجدبة الشديدة وجمعها اللزبات.
لزم: لزوم الشئ طول مكثه ومنه يقال لزمه يلزمه لزوما، والالزام ضربان: إلزام بالتسخير من الله تعالى أو من الانسان، وإلزام
بالحكم والامر نحو قوله (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) وقوله (وألزمهم كلمة التقوى) وقوله (فسوف يكون لزاما) أي لازما وقوله (ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى).
لسن: اللسان الجارحة وقوتها وقوله (واحلل عقدة من لساني) يعنى به من قوة لسانه فإن العقدة لم تكن في الجارحة وإنما كانت في قوته التى هي النطق به، ويقال لكل قوم لسان ولسن بكسر اللام أي لغة، قال (فإنما يسرناه بلسانك) وقال (بلسان عربي مبين - واختلاف ألسنتكم وألوانكم) فاختلاف الالسنة إشارة إلى اختلاف اللغات وإلى اختلاف النغمات، فإن لكل إنسان نغمة مخصوصة يميزها السمع كما أن له صورة مخصوصة يميزها البصر.
لطف: اللطيف إذا وصف به الجسم فضد الجثل وهو الثقيل، يقال شعر جثل أي كثير، ويعبر باللطافة واللطف عن الحركة الخفيفة وعن تعاطى الامور الدقيقة، وقد يعبر باللطائف عما لا الحاسة تدركه، ويصح أن يكون وصف الله تعالى به على هذا الوجه وأن يكون
لمعرفته بدقائق الامور، وأن يكون لرفقه بالعباد في هدايتهم.
قال تعالى: (الله لطيف بعباده - إن ربى لطيف لما يشاء) أي يحسن الاستخراج تنبيها على ما أوصل إليه يوسف حيث ألقاه إخوته في الجب، وقد يعبر عن التحف المتوصل بها إلى المودة باللطف، ولهذا قال " تهادوا تحابوا " وقد ألطف فلان أخاه بكذا.
لظى: اللظى اللهب الخالص، وقد لظيت النار وتلظت، قال تعالى: (نارا تلظى) أي تتلظى، ولظى غير مصروفة اسم لجهنم قال تعالى (إنها لظى).
لعب: أصل الكلمة اللعاب وهو البزاق السائل، وقد لعب يلعب لعبا سال لعابه، ولعب فلان إذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا يلعب لعبا قال (وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب - وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا) وقال (أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون - قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين - وما خلقنا السموات والارض وما بينهما لاعبين) واللعبة للمرة الواحدة واللعبة الحالة التى عليها اللاعب،
ورجل تلعابة ذو تلعب، واللعبة ما يلعب به، والملعب موضع اللعب، وقيل لعاب النحل للعسل، ولعاب الشمس ما يرى في الجو

كنسج العنكبوت، وملاعب ظله طائر كأنه يلعب بالظل.
لعن: اللعن الطرد والابعاد على سبيل السخط وذلك من الله تعالى في الاخرة عقوبة وفى الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه، ومن الانسان دعاء على غيره، قال (ألا لعنة الله على الظالمين - والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين - لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل - ويلعنهم اللاعنون) واللعنة الذى يلتعن كثيرا.
واللعنة الذى يلعن كثيرا، والتعن فلان لعن نفسه، والتلاعن والملاعنة أن يلعن كل واحد منهما نفسه أو صاحبه.
لعل: لعل طمع وإشفاق، وذكر بعض المفسرين أن لعل من الله واجب وفسر في كثير من المواضع بكى، وقالوا إن الطمع والاشفاق لا يصح على الله تعالى ولعل وإن كان طمعا فإن ذلك يقتضى في كلامهم تارة طمع المخاطب،
وتارة طمع غيرهما.
فقوله تعالى فيما ذكر عن قوم فرعون: (لعلنا نتبع السحرة) فذلك طمع منهم، وقوله في فرعون: (لعله يتذكر أو يخشى) فإطماع لموسى عليه السلام مع هرون، ومعناه فقولا له قولا لينا راجيين أن يتذكر أو يخشى.
وقوله تعالى: (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك) أي يظن بك الناس ذلك وعلى ذلك قوله: (فلعلك باخع نفسك) وقال: (واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) أي اذكروا الله راجين الفلاح كما قال في صفة المؤمنين: (يرجون رحمته ويخافون عذابه).
لغب: اللغوب التعب والنصب، يقال أتانا ساغبا لاغبا أي جائعا تعبا، قال: (وما مسنا من لغوب) وسهم لغب إذا كان قذذه ضعيفة، ورجل لغب ضعيف بين اللغابة.
وقال أعرابي: فلان لغوب أحمق جاءته كتابي فاحتقرها، أي ضعيف الرأى فقيل له في ذلك: لم أنثت الكتاب وهو مذكر ؟ فقال أو ليس صحيفة.
لغا: اللغو من الكلام ما لا يعتد به وهو الذى يورد لا عن روية وفكر فيجرى مجرى اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور،
قال أبو عبيدة: لغو ولغا نحو عيب وعاب وأنشدهم: * عن اللغا ورفث التكلم * يقال لغيت تلغى نحو لقيت تلقى، وقد يسمى كل كلام قبيح لغوا، قال: (لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا) وقال: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه - لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما) وقال: (والذين هم عن اللغو معرضون) وقوله (وإذا مروا باللغو مروا كراما) أي كنوا عن القبيح لم يصرحوا، وقيل معناه إذا صادفوا أهل اللغو لم يخوضوا معهم.
ويستعمل اللغو

فيما لا يعتد به ومنه اللغو في الايمان أي ما لا عقد عليه وذلك ما يجرى وصلا للكلام بضرب من العادة، قال: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) ومن هذا أخذ الشاعر فقال: ولست بمأخوذ بلغو تقوله * إذا لم تعمد عاقدات العزائم وقوله: (لا تسمع فيها لاغية) أي لغوا فجعل اسم الفاعل وصفا للكلام نحو كاذبة، وقيل لما لا يعتد به في الدية من الابل لغو،
وقال الشاعر: * كما ألغيت في الدية الحوارا * ولغى بكذا أي لهج به لهج العصفور بلغاه أي بصوته، ومنه قيل للكلام الذى يلهج به فرقة فرقة لغة.
لفف: قال تعالى: (جئنا بكم لفيفا) أي منضما بعضكم إلى بعض، يقال لففت الشئ لفا وجاءوا ومن لف لفهم أي من انضم إليهم، وقوله: (وجنات ألفافا) أي التف بعضها ببعض لكثرة الشجر، قال (والتفت الساق بالساق) والالف الذى يتدانى فخذاه من سمنه، والالف أيضا السمين الثقيل البطئ من الناس، ولف رأسه في ثيابه والطائر رأسه تحت جناحه، واللفيف من الناس المجتمعون من قبائل شتى وسمى الخليل كل كلمة اعتل منها حرفان أصليان لفيفا.
لفت: يقال لفته عن كذا صرفه عنه، قال تعالى: (قالوا أجئتنا لتلفتنا) أي تصرفنا ومنه التفت فلان إذا عدل عن قبله بوجهه، وامرأة لفوت تلفت من زوجها إلى ولدها من غيره، واللفيتة ما يغلظ من العصيدة.
لفح: يقال لفحته الشمس والسموم، قال (تلفح وجوههم النار) وعنه استعير لفحته بالسيف.
لفظ: اللفظ بالكلام مستعار من لفظ الشئ من الفم، ولفظ الرحى الدقيق، ومنه سمى الديك اللافظة لطرحه بعض ما يلتقطه للدجاج، قال تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
لفى: ألفيت وجدت، قال الله: (قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا - وألفيا سيدها).
لقب: اللقب اسم يسمى به الانسان سوى اسمه الاول ويراعى فيه المعنى بخلاف الاعلام، ولمراعاة المعنى فيه قال الشاعر: وقلما أبصرت عيناك ذا لقب * إلا ومعناه إن فتشت في لقبه واللقب ضربان: ضرب على سبيل التشريف كألقاب السلاطين، وضرب على سبيل النبز وإياه قصد بقوله: (ولا تنابزوا بالالقاب).
لقح: يقال لقحت الناقة تلقح لقحا ولقاحا

وكذلك الشجرة، وألقح الفحل الناقة والريح
السحاب، قال: (وأرسلنا الرياح لواقح) أي ذوات لقاح وألقح فلان النخل ولقحها واستلقحت النخلة وحرب لاقح تشبيها بالناقة اللاقح، وقيل اللقحة الناقة التى لها لبن وجمعها لقاح ولقح والملاقيح النوق التى في بطنها أولادها، ويقال ذلك أيضا للاولاد ونهى عن بيع الملاقيح والمضامين.
فالملاقيح هي ما في بطون الامهات، والمضامين ما في أصلاب الفحول.
واللقاح ماء الفحل، واللقاح الحى الذى لا يدين لاحد من الملوك كأنه يريد أن يكون حاملا لا محمولا.
لقف: لقفت الشئ ألقفه وتلقفته تناولته بالحذق سواء في ذلك تناوله بالفم أو اليد، قال: (فإذا هي تلقف ما يأفكون).
لقم: لقمان اسم الحكيم المعروف واشتقاقه يجوز أن يكون من لقمت الطعام ألقمه وتلقمته ورجل تلقام كثير اللقم، واللقيم أصله الملتقم ويقال لطرف الطريق اللقم.
لقى: اللقاء مقابلة الشئ ومصادفته معا، وقد يعبر به عن كل واحد منهما، يقال لقيه يلقاه لقاء ولقيا ولقية، ويقال ذلك في الادراك بالحسن بالبصر وبالبصيرة، قال (لقد كنتم
تمنون الموت من قبل أن تلقوه) وقال (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) وملاقاة الله عزوجل عبارة عن القيامة وعن المصير إليه، قال (واعلموا أنكم ملاقوه) و (قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله) واللقاء الملاقاة، قال (وقال الذين لا يرجون لقاءنا - إلى ربك كدحا فملاقيه - فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا) أي نسيتم القيامة والبعث والنشور، وقوله (يوم التلاق) أي يوم القيامة وتخصيصه بذلك لالتقاء من تقدم ومن تأخر والتقاء أهل السماء والارض وملاقاة كل أحد بعمله الذى قدمه، ويقال لقى فلان خيرا وشرا، قال الشاعر: * فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره * وقال آخر: * تلقى السماحة منه والندى خلقا * ويقال لقيته بكذا إذا استقبلته به، قال تعالى: (ويلقون فيها تحية وسلاما - ولقاهم نضرة وسرورا) وتلقاه كذا أي لقيه، قال (وتتلقاهم الملائكة - وإنك لتلقى القرآن) والالقاء طرح الشئ حيث تلقاة أي تراه ثم صار في التعارف اسما لكل طرح، قال (فكذلك ألقى السامري - قالوا يا موسى إما أن تلقى
وإما أن نكون نحن الملقين) وقال تعالى: (قال ألقوا - قال ألقها يا موسى فألقاها) وقال (فليلقه اليم بالساحل - وإذا ألقوا فيها - كلما ألقى فيها فوج - وألقت ما فيها وتخلت) وهو نحو قوله (وإذا القبور بعثرت) ويقال ألقيت إليك قولا وسلاما وكلاما ومودة، قال (تلقون إليهم بالمودة - فألقوا إليهم القول -

وألقوا إلى الله يومئذ السلم) وقوله (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا) فإشارة إلى ما حمل من النبوة والوحى وقوله (أو ألقى السمع وهو شهيد) فعبارة عن الاصغاء إليه وقوله (فألقى السحرة سجدا) فإنما قال ألقى تنبيها على أنه دهمهم وجعلهم في حكم غير المختارين.
لم: تقول لممت الشئ جمعته وأصلحته ومنه لممت شعثه قال (وتأكلون التراث أكلا لما) واللمم مقاربة المعصية ويعبر به عن الصغيرة ويقال فلان يفعل كذا لمما أي حينا بعد حين وكذلك قوله (الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم) وهو من قولك ألممت بكذا أي نزلت به وقاربته من غير مواقعة، ويقال زيارته إلمام أي قليلة، ولم نفى للماضي
وإن كان يدخل على الفعل المستقبل ويدخل عليه ألف الاستفهام للتقرير نحو (ألم نربك فينا وليدا - ألم يجدك يتيما فآوى).
لما: يستعمل على وجهين، أحدهما: لنفى الماضي وتقريب الفعل نحو (ولما يعلم الله الذين جاهدوا).
والثانى: علما للظرف نحو (ولما أن جاء البشير) أي في وقت مجيئه وأمثلتها تكثر.
لمح: اللمح لمعان البرق ورأيته لمحة البرق، قال تعالى: (كلمح بالبصر) ويقال لأرينك لمحا باصرا أي أمرا واضحا.
لمز: اللمز الاغتياب وتتبع المعاب، يقال لمزه يلمزه ويلمزه، قال تعالى: (ومنهم من يلمزك في الصدقات - الذين يلمزون المطوعين - ولا تلمزوا أنفسكم) أي لا تلمزوا الناس فيلمزونكم فتكونوا في حكم من لمز نفسه، ورجل لماز ولمزة كثير اللمز، قال تعالى: (ويل لكل همزة لمزة).
لمس: اللمس إدراك بظاهر البشرة، كالمس، ويعبر به عن الطلب كقول الشاعر: * وألمسه فلا أجده * وقال تعالى: (وأنا لمسنا السماء) الاية ويكنى
به وبالملامسة عن الجماع، وقرئ (لامستم - ولمستم النساء) حملا على المس وعلى الجماع، ونهى عليه الصلاة والسلام عن بيع الملامسة وهو أن يقول إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك، فقد وجب البيع بيننا واللماسة الحاجة المقاربة.
لهب: اللهب اضطرام النار، قال (ولا يغنى من اللهب - سيصلى نارا ذات لهب) واللهيب ما يبدو من اشتعال النار، ويقال للدخان وللغبار لهب، وقوله (تبت يدا أبى لهب) فقد قال بعض المفسرين إنه لم يقصد بذلك مقصد كنيته التى اشتهر بها، وإنما قصد إلى إثبات النار له وأنه من أهلها وسماه بذلك كما يسمى المشير للحرب والمباشر لها أبو الحرب وأخو الحرب.
وفرس ملهب شديد العدو تشبيها

بالنار الملتهبة والالهوب من ذلك وهو العدو الشديد، ويستعمل اللهاب في الحر الذى ينال العطشان.
لهث: لهث يلهث لهثا، قال الله تعالى: (فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) وهو أن يدلع لسانه من العطش.
قال ابن دريد: اللهث يقال للاعياء
وللعطش جميعا.
لهم: الالهام إلقاء الشئ في الروع ويختص ذلك بما كان من جهة الله تعالى وجهة الملا الاعلى.
قال تعالى: (فألهمها فجورها وتقواها) وذلك نحو ما عبر عنه بلمة الملك وبالنفث في الروع كقوله عليه الصلاة والسلام: " إن للملك لمة وللشيطان لمة " وكقوله عليه الصلاة والسلام: " إن روح القدس نفث في روعى " وأصله من التهام الشئ وهو ابتلاعه، والتهم الفصيل ما في الضرع وفرس لهم كأنه يلتهم الارض لشدة عدوه.
لهى: اللهو ما يشغل الانسان عما يعنيه ويهمه، يقال لهوت بكذا ولهيت عن كذا اشتغلت عنه بلهو، قال: (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو - وما الحياة الدنيا إلا لهو ولعب) ويعبر عن كل ما به استمتاع باللهو، قال تعالى: (لو أردنا أن نتخذ لهوا) ومن قال أراد باللهو المرأة والولد فتخصيص لبعض ما هو من زينة الحياة الدنيا التى جعل لهوا ولعبا.
ويقال ألهاه كذا أي شغله عما هو أهم إليه، قال: (ألهاكم التكاثر - رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) وليس ذلك نهيا عن التجارة
وكراهية لها بل هو نهى عن التهافت فيها والاشتغال عن الصلوات والعبادات بها، ألا ترى إلى قوله: (ليشهدوا منافع لهم - ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) وقوله: (لاهية قلوبهم) أي ساهية مشتغلة بما لا يعنيها، واللهوة ما يشغل به الرحى مما يطرح فيه وجمعها لهاء وسميت العطية لهوة تشبيها بها، واللهاة اللحمة المشرفة على الحلق وقيل بل هو أقصى الفم.
لات: اللات والعزى صنمان، وأصل اللات الله فحذفوا منه الهاء وأدخلوا التاء فيه وأنثوه تنبيها على قصوره عن الله تعالى وجعلوه مختصا بما يتقرب به إلى الله تعالى في زعمهم، وقوله: (ولات حين مناص) قال الفراء: تقديره لا حين والتاء زائدة فيه كما زيدت في ثمت وربت.
وقال بعض البصريين: معناه ليس، وقال أبو بكر العلاف: أصله ليس فقلبت الياء ألفا وأبدل من السين تاء كما قالوا نات في ناس.
وقال بعضهم: أصله لا، وزيد فيه تاء التأنيث تنبيها على الساعة أو المدة كأنه قيل ليست الساعة أو المدة حين مناص.

ليت: يقال لاته عن كذا يليته صرفه
عنه ونقصه حقا له ليتا، قال: (لا يلتكم) أي لا ينقصكم من أعمالكم، لات وألات بمعنى نقص وأصله رد الليت أي صفحة العنق.
وليت طمع وتمن، قال: (ليتنى لم أتخذ فلانا خليلا - ويقول الكافر يا ليتنى كنت ترابا - يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا)، وقول الشاعر: وليلة ذات دجى سريت * ولم يلتنى عن هواها ليت معناه لم يصرفني عنه قولى ليته كان كذا.
وأعرب ليت ههنا فجعله اسما، كقول الاخر: * إن ليتا وإن لوا عناء * وقيل معناه لم يلتنى عن هواها لائت أي صارف فوضع المصدر موضع اسم الفاعل.
لوح: اللوح واحد ألواح السفينة، قال (وحملناه على ذات ألواح ودسر) وما يكتب فيه من الخشب وغيره، قوله (في لوح محفوظ) فكيفيته تخفى علينا إلا بقدر ما روى لنا في الاخبار وهو المعبر عنه بالكتاب في قوله: (إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير) واللوح العطش.
ودابة ملواح سريع العطش
واللوح أيضا بضم اللام الهواء بين السماء والارض والاكثرون على فتح اللام إذا أريد به العطش، وبضمه إذا كان بمعنى الهواء ولا يجوز فيه غير الضم.
ولوحه الحر غيره، ولاح الحر لوحا حصل في اللوح، وقيل هو مثل لمح.
ولاح البرق، وألاح إذا أومض وألاح بسيفه أشار به.
لوذ: قال تعالى: (قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا) هو من قولهم لاوذ بكذا يلاوذ لواذا وملاوذة إذا استتر به أي يستترون فيلتجئون بغيرهم فيمضون واحدا بعد واحد.
ولو كان من لاذ يلوذ لقيل لياذا إلا أن اللواذ هو فعال من لاوذ واللياذ من فعل، واللوذ ما يطيف بالجبل منه.
لوط: لوط اسم علم واشتقاقه من لاط الشئ بقلبي يلوط لوطا وليطا، وفى الحديث " الولد ألوط أي ألصق بالكبد " وهذا أمر لا يلتاط بصفرى أي لا يلصق بقلبي، ولطت الحوض بالطين لوطا ملطته به، وقولهم تلوط فلان إذا تعاطى فعل قوم لوط، فمن طريق الاشتقاق فإنه اشتق من لفظ لوط الناهي عن ذلك لا من لفظ المتعاطين له.
لوم: اللوم عذل الانسان بنسبته إلى ما فيه لوم، يقال لمته فهو ملوم، قال: (فلا تلوموني ولوموا أنفسكم - فذلكن الذى لمتننى فيه - ولا يخافون لومة لائم - فإنهم غير ملومين) فإنه ذكر اللوم تنبيها على أنه أذا لم يلاموا لم يفعل بهم ما فوق اللوم.
وألام استحق

اللوم، قال: (فنبذناهم في اليم وهو مليم) والتلاوم أن يلوم بعضهم بعضا، قال: (وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون) وقوله: (ولا أقسم بالنفس اللوامة) قيل هي النفس التى اكتسبت بعض الفضيلة فتلوم صاحبها إذا ارتكب مكروها فهى دون النفس المطمئنة، وقيل بل هي النفس التى قد اطمأنت في ذاتها وترشحت لتأديب غيرها فهى فوق النفس المطمئنة، ويقال رجل لومة يلوم الناس، ولومة يلومه الناس، نحو سخرة وسخرة وهزأة وهزأة، واللومة الملامة واللائمة الامر الذى يلام عليه الانسان.
ليل: يقال ليل وليلة وجمعها ليال وليائل وليلات، وقيل ليل أليل، وليلة ليلاء: وقيل أصل ليلة ليلاة بدليل تصغيرها على لييلة،
وجمعها على ليال، قال: (وسخر لكم الليل والنهار - والليل إذا يغشى - وواعدنا موسى ثلاثين ليلة - إنا أنزلناه في ليلة القدر - وليال عشر - ثلاث ليال سويا).
لون: اللون معروف وينطوى على الابيض والاسود وما يركب منهما، ويقال تلون إذا اكتسى لونا غير اللون الذى كان له، قال (ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها) وقوله (واختلاف ألسنتكم وألوانكم) فإشارة إلى أنواع الالوان واختلاف الصور التى يختص كل واحد بهيئة غير هيئة صاحبه وسحناء غير سحنائه مع كثرة عددهم، وذلك تنبيه على سعة قدرته.
ويعبر بالالوان عن الاجناس والانواع، يقال فلان أتى بالالوان من الاحاديث، وتناول كذا ألوانا من الطعام.
لين: اللين ضد الخشونة ويستعمل ذلك في الاجسام ثم يستعار للخلق وغيره من المعاني، فيقال فلان لين، وفلان خشن، وكل واحد منهما يمدح به طورا، ويذم به طورا بحسب اختلاف المواقع، قال تعالى (فبما رحمة من الله لنت لهم) وقوله (ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) فإشارة إلى إذعانهم للحق وقبولهم
له بعد تأبيهم منه وإنكارهم إياه، وقوله: (ما قطعتم من لينة) أي من نخلة ناعمة، ومخرجه مخرج فعلة نحو حنطة، ولا يختص بنوع منه دون نوع.
لؤلؤ: (يخرج منهما اللؤلؤ) وقال: (كأنهم لؤلؤ) جمعه لآلئ، وتلألأ الشئ لمع لمعان اللؤلؤ، وقيل لا أفعل ذلك ما لألأت الظباء بأذنابها.
لوى: اللى فتل الحبل، يقال لويته ألويه ليا، ولوى يده ولوى رأسه وبرأسه أماله، (لووا رؤوسهم) أمالوها، ولوى لسانه بكذا كناية عن الكذب وتخرص الحديث، قال تعالى (يلوون ألسنتهم بالكتاب) وقال (ليا بألسنتهم) ويقال فلان لا يلوى على أحد إذا أمعن في الهزيمة، قال تعالى: (إذ تصعدون

ولا تلوون على أحد) وذلك كما قال الشاعر: ترك الاحبة أن تقاتل دونه * ونجا برأس طمرة وثاب واللواء الراية سميت لالتوائها بالريح، واللوية ما يلوى فيدخر من الطعام، ولوى مدينه أي ماطله، وألوى بلغ لوى الرمل، وهو منعطفه.
لو: لو قيل هو لامتناع الشئ لامتناع غيره ويتضمن معنى الشرط نحو (قل لو أنتم تملكون).
لولا: لولا يجئ على وجهين أحدهما بمعنى امتناع الشئ لوقوع غيره ويلزم خبره الحذف ويستغنى بجوابه عن الخبر نحو: (لولا أنتم لكنا مؤمنين) والثانى: بمعنى هلا ويتعقبه الفعل نحو: (لولا أرسلت إلينا رسولا) أي هلا وأمثلتهما تكثر في القرآن.
لا: لا يستعمل للعدم المحض نحو زيد لا عالم وذلك يدل على كونه جاهلا وذلك يكون للنفي ويستعمل في الازمنة الثلاثة ومع الاسم والفعل غير أنه إذا نفى به الماضي فإما أن لا يؤتى بعده بالفعل نحو أن يقال لك هل خرجت ؟ فتقول لا، وتقديره لا خرجت.
ويكون قلما يذكر بعده الفعل الماضي إلا إذا فصل بينهما بشئ نحو لا رجلا ضربت ولا امرأة، أو يكون عطفا نحو لا خرجت ولا ركبت، أو عند تكريره نحو (فلا صدق ولا صلى) أو عند الدعاء نحو قولهم لا كان ولا أفلح، ونحو ذلك.
فمما نفى به المستقبل قوله (لا يعزب عنه مثقال ذرة) وقد يجئ " لا " داخلا على كلام مثبت،
ويكون هو نافيا لكلام محذوف نحو: (وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء) وقد حمل على ذلك قوله: (لا أقسم بيوم القيامة - فلا أقسم برب المشارق - فلا أقسم بمواقع النجوم - فلا وربك لا يؤمنون) وعلى ذلك قول الشاعر: * لا وأبيك ابنة العامري * وقد حمل على ذلك قول عمر رضى الله عنه وقد أفطر يوما في رمضان، فظن أن الشمس قد غربت ثم طلعت: لا، نقضيه ما تجانفنا الاثم فيه، وذلك أن قائلا قال له قد أثمنا فقال لا، نقضيه.
فقوله " لا " رد لكلامه قد أثمنا ثم استأنف فقال نقضيه.
وقد يكون لا للنهى نحو (لا يسخر قوم من قوم - ولا تنابزوا بالالقاب) وعلى هذا النحو (يا بنى آدم لا يفتننكم الشيطان) وعلى ذلك (لا يحطمنكم سليمان وجنوده) وقوله (وإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل لا تعبدون إلا الله) فنفى قيل تقديره إنهم لا يعبدون، وعلى هذا (وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم) وقوله (ما لكم لا تقاتلون) يصح أن يكون لا تقاتلون في موضع الحال: ما لكم غير مقاتلين.
ويجعل لا مبنيا
مع النكرة بعده فيقصد به النفى نحو (لا رفث

ولا فسوق) وقد يكرر الكلام في المتضادين ويراد إثبات الامر فيهما جميعا نحو أن يقال ليس زيد بمقيم ولا ظاعن أي يكون تارة كذا وتارة كذا، وقد يقال ذلك ويراد إثبات حالة بينهما نحو أن يقال ليس بأبيض ولا أسود وإنما يراد إثبات حالة أخرى له، وقوله (لا شرقية ولا غربية) فقد قيل معناه إنها شرقية وغربية وقيل معناه مصونة عن الافراط والتفريط.
وقد يذكر " لا " ويراد به سلب المعنى دون إثبات شئ ويقال له الاسم غير المحصل نحو لا إنسان إذا قصدت سلب الانسانية، وعلى هذا قول العامة لا حد أي لا أحد.
لام: اللام التى هي للاداة على أوجه، الاول الجارة وذلك أضرب: ضرب لتعدية الفعل ولا يجوز حذفه نحو (وتله للجبين) وضرب للتعدية لكن قد يحذف كقوله (يريد الله ليبين لكم - فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا) فأثبت في موضع وحذف في موضع.
الثاني للملك والاستحقاق
وليس نعنى بالملك ملك العين بل قد يكون ملكا لبعض المنافع أو لضرب من التصرف فملك العين نحو (ولله ملك السموات والارض - ولله جنود السموات والارض) وملك التصرف كقولك لمن يأخذ معك خشبا خذ طرفك لآخذ طرفي، وقولهم لله كذا نحو لله درك، فقد قيل إن القصد أن هذا الشئ لشرفه لا يستحق ملكه غير الله، وقيل القصد به أن ينسب إليه إيجاده أي هو الذى أوجده إبداعا لان الموجودات ضربان: ضرب أوجده بسبب طبيعي أو صنعة آدمى، وضرب أوجده إبداعا كالفلك والسماء ونحو ذلك.
وهذا الضرب أشرف وأعلى فيما قيل.
ولام الاستحقاق نحو قوله (ولهم اللعنة ولهم سوء الدار - ويل للمطففين) وهذا كالاول لكن الاول لما قد حصل في الملك وثبت وهذا لما لم يحصل بعد ولكن هو في حكم الحاصل من حيثما قد استحق.
وقال بعض النحويين: اللام في قوله (ولهم اللعنة) بمعنى على أي عليهم اللعنة، وفى قوله (لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم) وليس ذلك بشئ، وقيل قد تكون اللام بمعنى إلى في قوله (بأن ربك أوحى لها)
وليس كذلك لان الوحى للنحل جعل ذلك له بالتسخير والالهام وليس ذلك كالوحي الموحى إلى الانبياء فنبه باللام على جعل ذلك الشئ له بالتسخير.
وقوله (ولا تكن للخائنين خصيما) معناه لا تخاصم الناس لاجل الخائنين، ومعناه كمعنى قوله (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم) وليست اللام ههنا كاللام في قولك لا تكن لله خصيما، لان اللام ههنا داخل على المفعول ومعناه لا تكن خصيم الله.
الثالث لام الابتداء نحو (لمسجد أسس على

التقوى - ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا - لانتم أشد رهبة) الرابع: الداخل في باب إن، إما في اسمه إذا تأخر نحو (إن في ذلك لعبرة) أو في خبره نحو (إن ربك لبالمرصاد - إن إبراهيم لحليم أواه منيب) أو فيما يتصل بالخبر إذا تقدم على الخبر نحو (لعمرك إنهم لفى سكرتهم يعمهون) فإن تقديره ليعمهون في سكرتهم.
الخامس: الداخل في إن المخففة فرقا بينه وبين إن النافية نحو (وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا).
السادس: لام القسم وذلك يدخل على الاسم نحو قوله (يدعو لمن
ضره أقرب من نفعه) ويدخل على الفعل الماضي نحو (لقد كان في قصصهم عبرة لاولى الالباب) وفى المستقبل يلزمه إحدى النونين نحو (لتؤمنن به ولتنصرنه) وقوله (وإن كلا لما ليوفينهم) فاللام في لما جواب إن وفى ليوفينهم للقسم.
السابع: اللام في خبر لو نحو (ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة - لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم - ولو أنهم قالوا) إلى قوله (لكان خيرا لهم) وربما حذفت هذه اللام نحو لو جئتني أكرمتك أي لاكرمتك الثامن: لام المدعو ويكون مفتوحا نحو يا لزيد.
ولام المدعو إليه يكون مكسورا نحو يا لزيد.
التاسع: لام الامر وتكون مسكورة إذا ابتدئ به نحو (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم - ليقض علينا ربك) ويسكن إذا دخله واو أو فاء نحو وليتمتعوا فسوف يعلمون و (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وقوله (فليفرحوا) وقرئ (فلتفرحوا) وإذا دخله ثم، فقد يسكن ويحرك نحو (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق).

كتاب الميم متع: المتوع الامتداد والارتفاع، يقال متع النهار ومتع النبات إذا ارتفع في أول النبات، والمتاع انتفاع ممتد الوقت، يقال متعه الله بكذا، وأمتعه وتمتع به، قال: (ومتعناهم إلى حين - نمتعهم قليلا - فأمتعه قليلا - سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم) وكل موضع ذكر فيه تمتعوا في الدنيا فعلى طريق التهديد وذلك لما فيه من معنى التوسع، واستمتع طلب التمتع (ربنا استمتع بعضنا ببعض - فاستمتعوا بخلاقهم - فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم) وقوله (ولكم في الارض مستقر ومتاع إلى حين) تنبيها أن لكل إنسان في الدنيا تمتعا مدة معلومة.
وقوله: (قل متاع الدنيا قليل) تنبيها أن ذلك في جنب الاخرة غير معتد به وعلى ذلك: (فما متاع الحياة الدنيا في الاخرة إلا قليل) أي في جنب الاخرة، وقال: (وما الحياة الدنيا في الاخرة إلا متاع) ويقال لما ينتفع به في البيت متاع، قال: (ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله) وكل ما ينتفع به على وجه ما فهو
متاع ومتعة وعلى هذا قوله: (ولما فتحوا متاعهم) أي طعامهم فسماه متاعا، وقيل وعاءهم وكلاهما متاع وهما متلازمان فإن الطعام كان في الوعاء.
وقوله: (وللمطلقات متاع بالمعروف) فالمتاع والمتعة ما يعطى المطلقة، لتنتفع به مدة عدتها، يقال أمتعتها ومتعتها، والقرآن ورد بالثاني: نحو: (فمتعوهن وسرحوهن) وقال: (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) ومتعة النكاح هي: أن الرجل كان يشارط المرأة بمال معلوم يعطيها إلى أجل معلوم فإذا انقضى الاجل فارقها من غير طلاق، ومتعة الحج ضم العمرة إليه، قال تعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى) وشراب ماتع قيل أحمر وإنما هو الذى يمتع بجودته وليست الحمرة بخاصة للماتع وإن كانت أحد أوصاف جودته، وجمل ماتع وقوى، قيل: * وميزانه في سورة البر ماتع * أي راجح زائد.
متن: المتنان مكتنفا الصلب وبه شبه

المتن من الارض، ومتنته ضربت متنه،
ومتن، قوي متنه فصار متينا ومنه قيل حبل متين وقوله: (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).
متى: متى سؤال عن الوقت، قال تعالى: (متى هذا الوعد - ومتى هذا الفتح) وحكى أن هذيلا تقول جعلته متى كمى أي وسط كمى وأنشدوا لابي ذؤيب: شربن بماء البحر ثم ترفعت * متى لجج خضر لهن نئيج مثل: أصل المثول الانتصاب، والممثل المصور على مثال غيره، يقال مثل الشئ أي انتصب وتصور ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن يمثل له الرجال فليتبوأ مقعده من النار " والتمثال الشئ المصور وتمثل كذا تصور، قال تعالى: (فتمثل لها بشرا سويا) والمثل عبارة عن قول في شئ يشبه قولا في شئ آخر بينهما مشابهة ليبين أحدهما الاخر ويصوره نحو قولهم الصيف ضيعت اللبن، فإن هذا القول يشبه قولك أهملت وقت الامكان أمرك.
وعلى هذا الوجه ما ضرب الله تعالى من الامثال فقال: (وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) وفى أخرى (وما يعقلها إلا
العالمون) والمثل يقال على وجهين أحدهما: بمعنى المثل نحو شبه وشبه ونقض ونقض، قال بعضهم.
وقد يعبر بهما عن وصف الشئ نحو قوله (مثل الجنة التى وعد المتقون) والثانى: عبارة عن المشابهة لغيره في معنى من المعاني أي معنى كان وهو أعم الالفاظ الموضوعة للمشابهة وذلك أن الند يقال فيما يشارك في الجوهر فقط، والشبه يقال فيما يشارك في الكيفية فقط، والمساوي يقال فيما يشاركه في الكمية فقط، والشكل يقال فيما يشاركه في القدر والمساحة فقط، والمثل عام في جميع ذلك ولهذا لما أراد الله تعالى نفى التشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال: (ليس كمثله شئ) وأما الجمع بين الكاف والمثل فقد قيل ذلك لتأكيد النفى تنبيها على أنه لا يصح استعمال المثل ولا الكاف فنفى بليس الامرين جميعا.
وقيل المثل ههنا هو بمعنى الصفة ومعناه ليس كصفته صفة تنبيها على أنه وإن وصف بكثير مما يوصف به البشر فليس تلك الصفات له على حسب ما يستعمل في البشر، وقوله: (للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء ولله المثل الاعلى) أي لهم الصفات الذميمة وله الصفات العلى.
وقد منع الله تعالى عن ضرب الامثال
بقوله: (فلا تضربوا لله الامثال) ثم نبه أنه قد يضرب لنفسه المثل ولا يجوز لنا أن نقتدى به فقال: (إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون) ثم ضرب لنفسه مثلا فقال: (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا) الاية، وفى هذا تنبيه أنه لا يجوز أن نصفه بصفة مما يوصف به البشر إلا بما وصف به نفسه، وقوله (مثل

الذين حملوا التوراة) الاية، أي هم في جهلهم بمضمون حقائق التوراة كالحمار في جهله بما على ظهره من الاسفار، وقوله: (واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) فإنه شبهه بملازمته واتباعه هواه، وقلة مزايلته له بالكلب الذى لا يزايل اللهث على جميع الاحوال.
وقوله: (مثلهم كمثل الذى استوقد نارا) الاية فإنه شبه من آتاه الله تعالى ضربا من الهداية والمعاون فأضاعه ولم يتوصل به إلى ما رشح له من نعيم الابد بمن استوقد نارا في ظلمة، فلما أضاءت له ضيعها ونكس فعاد في الظلمة، وقوله: (ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء) فإنه قصد تشبيه المدعو بالغنم فأجمل
وراعى مقابلة المعنى دون مقابلة الالفاظ وبسط الكلام مثل راعى الذين كفروا، والذين كفروا كمثل الذى ينعق بالغنم، ومثل الغنم التى لا تسمع إلا دعاء ونداء.
وعلى هذا النحو قوله (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة) ومثله قوله (مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر) وعلى هذا النحو ما جاء من أمثاله.
والمثال مقابلة شئ بشئ هو نظيره أو وضع شئ ما ليحتذى به فيما يفعل، والمثلة نقمة تنزل بالانسان فيجعل مثالا يرتدع به غيره وذلك كالنكال، وجمعه مثلات ومثلات، وقد قرئ (من قبلهم المثلات) والمثلات بإسكان الثاء على التخفيف نحو: عضد وعضد، وقد أمثل السلطان فلانا إذا نكل به، والامثل يعبر به عن الاشبه بالافاضل والاقرب إلى الخير، وأماثل القوم كناية عن خيارهم، وعلى هذا قوله (إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما) وقال (ويذهبا بطريقتكم المثلى) أي الاشبه بالفضيلة، وهى تأنيث الامثل.
مجد: المجد السعة في الكرم والجلال،
وقد تقدم الكلام في الكرم، يقال مجد يمجد مجدا ومجادة، وأصل المجد من قولهم مجدت الابل إذا حصلت في مرعى كثير واسع، وقد أمجدها الراعى، وتقول العرب في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار، وقولهم في صفة الله تعالى المجيد أي يجرى السعة في بذل الفضل المختص به وقوله في صفة القرآن: (ق والقرآن المجيد) فوصفه بذلك لكثرة ما يتضمن من المكارم الدنيوية والاخروية، وعلى هذا وصفه بالكريم بقوله (إنه لقرآن كريم) وعلى نحوه (بل هو قرآن مجيد) وقوله (ذو العرش المجيد) فوصفه بذلك لسعة فيضه وكثرة جوده، وقرئ (المجيد) بالكسر فلجلالته وعظم قدره، وما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " ما الكرسي في جنب العرش إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة " وعلى

هذا قوله (لا إله إلا هو رب العرش العظيم) والتمجيد من العبد لله بالقول وذكر الصفات الحسنة، ومن الله للعبد بإعطائه الفضل.
محص: أصل المحص تخليص الشئ مما فيه من عيب كالفحص لكن الفحص يقال في
إبراز شئ من أثناء ما يختلط به وهو منفصل عنه، والمحص يقال في إبرازه عما هو متصل به، يقال: محصت الذهب ومحصته إذا أزلت عنه ما يشوبه من خبث، قال (وليمحص الله الذين آمنوا - وليمحص ما في قلوبكم) فالتمحيص ههنا كالتزكية والتطهير ونحو ذلك من الالفاظ، ويقال في الدعاء اللهم محص عنا ذنوبنا، أي أزل ما علق بنا من الذنوب.
ومحص الثوب إذا ذهب زئيره، ومحص الحبل يمحص أخلق حتى يذهب عنه وبره، ومحص الصبى إذا عدا.
محق: المحق النقصان ومنه المحاق لاخر الشهر إذا انمحق الهلال وامتحق وانمحق، يقال محقه إذا نقصه وأذهب بركته، قال: (يمحق الله الربا ويربى الصدقات) وقال: (ويمحق الكافرين).
محل: قوله (وهو شديد المحال) أي الاخذ بالعقوبة، قال بعضهم: هو من قولهم محل به محلا ومحالا إذا أراده بسوء، قال أبو زيد: محل الزمان قحط، ومكان ماحل ومتماحل وأمحلت الارض، والمحالة فقارة الظهر والجمع المحال، ولبن ممحل قد فسد، ويقال ماحل عنه
أي جادل عنه، ومحل به إلى السلطان إذا سعى به، وفى الحديث: " لا تجعل القرآن ماحلا بنا " أي يظهر عندك معايبنا، وقيل بل المحال من الحول والحيلة والميم فيه زائدة.
محن: المحن والامتحان نحو الابتلاء، نحو قوله تعالى (فامتحنوهن) وقد تقدم الكلام في الابتلاء، قال: (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) وذلك نحو (وليبلى المؤمنين منه بلاء حسنا) وذلك نحو قوله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) الاية.
محو: المحو إزالة الاثر، ومنه قيل للشمال محوة، لانها تمحو السحاب والاثر، قال تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت).
مخر: مخر الماء للارض استقبالها بالدور فيها، يقال مخرت السفينة مخرا ومخورا إذا شقت الماء بجؤجئها مستقبلة له، وسفينة ماخرة والجمع المواخر، قال: (وترى الفلك مواخر فيه) ويقال استمخرت الريح وامتخرتها إذا استقبلتها بأنفك، وفى الحديث " استمخروا الريح وأعدوا النبل " أي في الاستنجاء، والماخور الموضع الذى يباع فيه الخمر، وبنات مخر سحائب تنشأ صيفا.
مد: أصل المد الجر، ومنه المدة للوقت الممتد، ومدة الجرح، ومد النهر ومده نهر آخر، ومددت عينى إلى كذا، قال: (ولا تمدن

عينيك) الاية ومددته في غيه ومددت الابل سقيتها المديد وهو بزر ودقيق يخلطان بماء، وأمددت الجيش بمدد والانسان بطعام، قال: (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل) وأكثر ما جاء الامداد في المحبوب.
والمد في المكروه نحو (وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون - أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين - ويمددكم بأموال وبنين - يمددكم ربكم بخمسة آلاف) الاية (أتمدونن بمال - ونمد له من العذب مدا - ونمدهم في طغيانهم يعمهون - وإخوانهم يمدونهم في الغى - والبحر يمده من بعده سبعة أبحر) فمن قولهم مده نهر آخر، وليس هو مما ذكرناه من الامداد، والمد المحبوب والمكروه، وإنما هو من قولهم مددت الدواة أمدها، وقوله: (ولو جئنا بمثله مددا) والمد من المكاييل معروف.
مدن: المدينة فعيلة عند قوم وجمعها مدن وقد مدنت مدينة، وناس يجعلون الميم زائدة،
قال: (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق) قال: (وجاء من أقصى المدينة - ودخل المدينة).
مرر: المرور المضى والاجتياز بالشئ قال: (وإذا مروا بهم يتغامزون - وإذا مروا باللغو مروا كراما) تنبيها أنهم إذا دفعوا إلى التفوه باللغو كنوا عنه، وإذا سمعوه تصامموا عنه، وإذا شاهدوه أعرضوا عنه، وقوله: (فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا) فقوله: (مر) ههنا كقوله: (وإذا أنعمنا على الانسان أعرض ونأى بجانبه) وأمررت الحبل إذا فتلته، والمرير والممر المفتول، ومنه فلان ذو مرة كأنه محكم الفتل قال: (ذو مرة فاستوى) ويقال مر الشئ وأمر إذا صار مرا ومنه يقال فلان ما يمر وما يحلى، وقوله: (حملت حملا خفيفا فمرت به) قيل استمرت.
وقولهم مرة ومرتين كفعلة وفعلتين وذلك لجزء من الزمان، قال: (ينقضون عهدهم في كل عام مرة - وهم بدؤوكم أول مرة - إن تستغفر لهم سبعين مرة - إنكم رضيتم بالقعود أول مرة - سنعذبهم مرتين)، وقوله: (ثلاث مرات).
مرج: أصل المرج الخلط والمروج الاختلاط، يقال مرج أمرهم اختلط ومرج الخاتم في أصبعي فهو مارج، ويقال أمر مريج أي مختلط ومنه غصن مريج مختلط، قال تعالى: (فهم في أمر مريج) والمرجان صغار اللؤلؤ، قال: (كأنهن الياقوت والمرجان) وقوله: (مرج البحرين) من قولهم مرج.
ويقال للارض التى يكثر فيها النبات فتمرح فيه الدواب مرج، وقوله: (من مارج من نار) أي لهيب مختلط، وأمرجت الدابة في المرعى أرسلتها فيه فمرجت.
مرح: المرح شدة الفرح والتوسع فيه،

قال (ولا تمش في الارض مرحا) وقرئ مرحا أي فرحا ومرحى كلمة تعجب.
مرد: (وحفظا من كل شيطان مارد) والمارد والمريد من شياطين الجن والانس المتعرى من الخيرات من قولهم شجر أمرد إذا تعرى من الورق، ومنه قيل رملة مرداء لم تنبت شيئا، ومنه الامرد لتجرده عن الشعر.
وروى أهل الجنة مرد، فقيل حمل على ظاهره، وقيل معناه معرون من الشوائب والقبائح، ومنه
قيل مرد فلان عن القبائح ومرد عن المحاسن وعن الطاعة، قال: (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق) أي ارتكسوا عن الخير وهم على النفاق، وقوله: (ممرد من قوارير) أي مملس من قولهم شجرة مرداء إذا لم يكن عليها ورق، وكأن الممرد إشارة إلى قول الشاعر: في مجدل شيد بنيانه * يزل عنه ظفر الظافر ومارد حصن معروف وفى الامثال: تمرد مارد وعز الابلق، قاله ملك امتنع عليه هذان الحصنان.
مرض: المرض الخروج عن الاعتدال الخاص بالانسان وذلك ضربان، الاول مرض جسمي وهو المذكور في قوله (ولا على المريض حرج - ولا على المرضى) والثانى عبارة عن الرذائل كالجهل والجبن والبخل والنفاق وغيرها من الرذائل الخلقية نحو قوله: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا - أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا - فأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم) وذلك نحو قوله: (وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا) ويشبه النفاق والكفر
ونحوهما من الرذائل بالمرض إما لكونها مانعة عن إدراك الفضائل كالمرض المانع للبدن عن التصرف الكامل، وإما لكونها مانعة عن تحصيل الحياة الاخروية المذكورة في قوله (وإن الدار الاخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون) وإما لميل النفس بها إلى الاعتقادات الرديئة ميل البدن المريض إلى الاشياء المضرة، ولكون هذه الاشياء متصورة بصورة المرض قيل دوى صدر فلان ونغل قلبه.
وقال عليه الصلاة والسلام " وأى داء أدوأ من البخل ؟ "، ويقال شمس مريضة إذا لم تكن مضيئة لعارض عرض لها، وأمرض فلان في قوله إذا عرض، والتمريض القيام على المريض وتحقيقه إزالة المرض عن المريض كالتقذية في إزالة القذى عن العين.
مرأ: يقال مرء ومرأة وامرؤ وامرأة، قال تعالى: (إن امرؤ هلك - وكانت امرأتي عاقرا) والمروة كمال المرء كما أن الرجولية كمال الرجل، والمرئ رأس المعدة والكرش اللاصق بالحلقوم، ومرؤ الطعام وامرأ إذا

تخصص بالمرئ لموافقة الطبع، قال (فكلوه
هنيئا مريئا).
مرى: المرية التردد في الامر وهو أخص من الشك، قال (ولا يزال الذين كفروا في مرية منه - فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء - فلا تكن في مرية من لقائه - ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم) والامتراء والمماراة المحاجة فيما فيه مرية، قال تعالى: (قول الحق الذى فيه يمترون - بما كانوا فيه يمترون - أفتمارونه على ما يرى - فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا) وأصله من مريت الناقة إذا مسحت ضرعها للحلب.
مريم: مريم اسم أعجمى، أسم أم عيسى عليه السلام.
مزن: المزن السحاب المضئ والقطعة منه مزنة، قال (أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون) ويقال للهلال الذى يظهر من خلال السحاب ابن مزنة، وفلان يتمزن أي يتسخى ويتشبه بالمزن، ومزنت فلانا شبهته بالمزن، وقيل المازن بيض النمل.
مزج: مزج الشراب خلطه والمزاج ما يمزج به، قال تعالى: (مزاجها كافورا - ومزاجه من تسنيم - مزاجها زنجبيلا).
مسس: المس كاللمس لكن اللمس قد يقال لطلب الشئ، وإن لم يوجد كما قال الشاعر: * وألمسه فلا أجده * والمس يقال فيما يكون معه إدراك بحاسة اللمس وكنى به عن النكاح، فقيل مسها وماسها، قال (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) وقال (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) وقرئ (ما لم تماسوهن) وقال (أنى يكون لى ولد ولم يمسسني بشر) والمسيس كناية عن النكاح، وكنى بالمس عن الجنون، قال (كالذى يتخبطه الشيطان من المس) والمس يقال في كل ما ينال الانسان من أذى نحو قوله (وقالوا لن تمسنا النار - مستهم البأساء والضراء - ذوقوا مس سقر - مسنى الضر - مسنى الشيطان - مستهم إذا لهم مكر في آياتنا - وإذا مسكم الضر).
مسح: المسح إمرار اليد على الشئ وإزالة الاثر عنه، وقد يستعمل في كل واحد منهما يقال مسحت يدى بالمنديل، وقيل للدرهم الاطلس مسيح وللمكان الاملس أمسح، ومسح الارض ذرعها وعبر عن السير بالمسح
كما عبر عنه بالذرع، فقيل مسح البعير المفازة وذرعها، والمسح في تعارف الشرع إمرار الماء على الاعضاء، يقال مسحت للصلاة وتمسحت، قال (وامسحوا برءوسكم وأرجلكم) ومسحته بالسيف كناية عن الضرب كما يقال مسست، قال (فطفق مسحا بالسوق) وقيل سمى الدجال مسيحا لانه ممسوح أحد شقى وجهه وهو أنه

روى أنه لا عين له ولا حاجب، وقيل سمى عيسى عليه السلام مسيحا لكونه ماسحا في الارض أي ذاهبا فيها وذلك أنه كان في زمانه قوم يسمون المشائين والسياحين لسيرهم في الارض، وقيل سمى به لانه كان يمسح ذا العاهة فيبرأ، وقيل سمى بذلك لانه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن.
وقال بعضهم: إنما كان مشوحا بالعبرانية فعرب فقيل المسيح وكذا موسى كان موشى.
وقال بعضهم: المسيح هو الذى مسحت إحدى عينيه، وقد روى إن الدجال ممسوح اليمنى وعيسى ممسوح اليسرى.
قال: ويعنى بأن الدجال قد مسحت عنه القوة المحمودة من العلم والعقل والحلم والاخلاق الجميلة، وأن عيسى مسحت
عنه القوة الذميمة من الجهل والشره والحرص وسائر الاخلاق الذميمة.
وكنى عن الجماع بالمسح كما كنى عنه بالمس واللمس، وسمى العرق القليل مسيحا، والمسح البلاس جمعه مسوح وإمساح، والتمساح معروف، وبه شبه المارد من الانسان.
مسخ: المسخ تشويه الخلق والخلق وتحويلهما من صورة إلى صورة.
قال بعض الحكماء: المسخ ضربان: مسخ خاص يحصل في العينة وهو مسخ الخلق، ومسخ قد يحصل في كل زمان وهو مسخ الخلق، وذلك أن يصير الانسان متخلقا بخلق ذميم من أخلاق بعض الحيوانات نحو أن يصير في شدة الحرص كالكلب، وفى الشره كالخنزير، وفى الغمارة كالثور، قال وعلى هذا أحد الوجهين في قوله (وجعل منهم القردة والخنازير)، وقوله: (لمسخناهم على مكانتهم) يتضمن الامرين وإن كان في الاول أظهر، والمسيخ من الطعام ما لا طعم له، قال الشاعر: * وأنت مسيخ كلحم الحوار * ومسخت الناقة أنضيتها وأزلتها حتى أزلت خلقتها عن حالها والماسخي القواس وأصله
كان قواس منسوبا إلى ماسخة وهى قبيلة فسمى كل قواس به كما سمى كل حداد بالهالكى.
مسد: المسد ليف يتخذ من جريد النخل أي من غصنه فيمسد أي يفتل، قال تعالى: (حبل من مسد) وامرأة ممسودة مطوية الخلق كالحبل الممسود.
مسك: إمساك الشئ التعلق به وحفظه، قال تعالى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) وقال (يمسك السماء أن تقع على الارض) أي يحفظها، واستمسكت بالشئ إذا تحريت الامساك، قال تعالى: (فاستمسك بالذى أوحى إليك) وقال (أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون) ويقال تمسكت به ومسكت به، قال (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) يقال أمسكت عنه كذا

أي منعته، قال (هن ممسكات رحمته) وكنى عن البخل بالامساك.
والمسكة من الطعام والشراب ما يمسك الرمق، والمسك الذبل المشدود على المعصم، والمسك الجلد الممسك للبدن.
مشج: قال تعالى: (أمشاج نبتليه) أي أخلاط من الدم وذلك عبارة عما جعله الله تعالى بالنطفة من القوى المختلفة المشار إليها بقوله (ولقد خلقنا الانسان من سلالة) إلى قوله (خلقا آخر).
مشى: المشى الانتقال من مكان إلى مكان بإرادة، قال الله تعالى: (كلما أضاء لهم مشوا فيه - ومنهم من يمشى على بطنه) إلى آخر الاية (يمشون على الارض هونا - فامشوا في مناكبها) ويكنى بالمشى عن النميمة، قال: (هماز مشاء بنميم) ويكنى به عن شرب المسهل فقيل شربت مشيا ومشوا، والماشية الاغنام، وقيل امرأة ماشية كثر أولادها.
مصر: المصر اسم لكل بلد ممصور أي محدود، يقال مصرت مصرا أي بنيته، والمصر الحد وكان من شروط هجر اشترى فلان الدار بمصورها أي حدودها، قال الشاعر: وجاعل الشمس مصرا لا خفاء به * بين النهار وبين الليل قد فصلا وقوله تعالى: (اهبطوا مصرا) فهو البلد المعروف وصرفه لخفته، وقيل بل عنى بلدا من البلدان.
والماصر الحاجز بين الماءين، ومصرت
الناقة إذا جمعت أطراف الاصابع على ضرعها فحلبتها، ومنه قيل لهم غلة يمتصرونها أي يحتلبون منها قليلا قليلا، وثوب ممصر مشبع الصبغ، وناقة مصور مانع للبن لا تسمح به، وقال الحسن: لا بأس بكسب التياس ما لم يمصر ولم يبسر، أي يحتلب بأصبعيه ويبسر على الشاة قبل وقتها.
والمصير المعى وجمعه مصران وقيل بل هو مفعل من صار لانه مستقر الطعام.
مضغ: المضغة القطعة من اللحم قدر ما يمضغ ولم ينضج قال الشاعر: * يلجلج مضغة فيها أنيض * أي غير منضج وجعل اسما للحالة التى ينتهى إليها الجنين بعد العلقة، قال تعالى: (فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما) وقال: (مضغة مخلقة وغير مخلقة) والمضاغة ما يبقى عن المضغ في الفم، والماضغان الشدقان لمضغهما الطعام، والمضائغ العقبات اللواتى على طرفي هيئة القوس الواحدة مضيغة.
مضى: المضى والمضاء النفاذ ويقال ذلك في الاعيان والاحداث، قال تعالى: (ومضى مثل الاولين - وقد مضت سنة الاولين).
مطر: المطر الماء المنسكب ويوم مطير وماطر وممطر وواد مطير أي ممطور، يقال مطرتنا السماء وأمطرتنا، وما مطرت منه بخير،

وقيل إن مطر يقال في الخير، وأمطر في العذاب، قال: (وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين - وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين - وأمطرنا عليهم حجارة - فأمطر علينا حجارة من السماء) ومطر وتمطر ذهب في الارض ذهاب المطر، وفرس متمطر أي سريع كالمطر، والمستمطر طالب المطر والمكان الظاهر للمطر ويعبر به عن طالب الخير، قال الشاعر: * فواد خطاء وواد مطر * مطى: قال تعالى، (ثم ذهب إلى أهله يتمطى) أي يمد مطاه أي ظهره، والمطية ما يركب مطاه من البعير وقد امتطيته ركبت مطاه، والمطو الصاحب المعتمد عليه وتسميته بذلك كتسميته بالظهر.
مع: مع يقتضى الاجتماع إما في المكان نحو هما معا في الدار، أو في الزمان نحو ولدا معا، أو في المعنى كالمتضايفين نحو الاخ والاب فإن
أحدهما صار أخا للاخر في حال ما صار الاخر أخاه، وإما في الشرف والرتبة نحو: هما معا في العلو، ويقتضى معنى النصرة وأن المضاف إليه لفظ مع هو المنصور نحو قوله: (لا تحزن إن الله معنا) أي الذى مع يضاف إليه في قوله الله معنا هو منصور أي ناصرنا، وقوله: (إن الله مع الذين اتقوا - وهو معكم أينما كنتم - وإن الله مع الصابرين - وإن الله مع المؤمنين) وقوله عن موسى: (إن معى ربى) ورجل إمعة من شأنه أن يقول لكل واحد أنا معك.
والمعمعة صوت الحريق والشجعان في الحرب، والمعمعان شدة الحرب.
معز: قال تعالى: (ومن المعز اثنين) والمعيز جماعة المعز كما يقال ضئين لجماعة الضأن، ورجل ماعز معصوب الخلق والامعز والمعزاء المكان الغليظ، واستمعز في أمره: جد.
معن: ماء معين هو من قولهم: معن الماء جرى فهو معين، ومجارى الماء معنان، وأمعن الفرس تباعد في عدوه، وأمعن بحقى ذهب، وفلان معن في حاجته وقيل ماء معين هو من العين والميم زائدة فيه.
مقت: المقت البغض الشديد لمن تراه تعاطى القبيح.
يقال مقت مقاتة فهو مقيت ومقته فهو مقيت وممقوت، قال (إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا) وكان يسمى تزوج الرجل امرأة أبيه نكاح المقت، وأما المقيت فمفعل من القوت وقد تقدم.
مكك: اشتقاق مكة من تمككت العظم أخرجت مخه، وامتك الفصيل ما في ضرع أمه وعبر عن الاستقصاء بالتمكك.
وروى أنه قال عليه الصلاة والسلام: " لا تمكوا على غرمائكم " وتسميتها بذلك لانها كانت تمك من ظلم بها أي تدقه وتهلكه، قال

الخليل: سميت بذلك لانها وسط الارض كالمخ الذى هو أصل ما في العظم، والمكوك طاس يشرب به ويكال كالصواع.
مكث: المكث ثبات مع انتظار، يقال مكث مكثا، قال: (فمكث غير بعيد)، وقرئ مكث، قال (إنكم ماكثون - قال لاهله امكثوا).
مكر: المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة وذلك ضربان: مكر محمود وذلك أن
يتحرى بذلك فعل جميل على ذلك قال (والله خير الماكرين) ومذموم وهو أن يتحرى به فعل قبيح، قال (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله - وإذ يمكر بك الذين كفروا - فانظر كيف كان عاقبة مكرهم) وقال في الامرين (ومكروا مكرا ومكرنا مكرا) وقال بعضهم: من مكر الله إمهال العبد وتمكينه من أعراض الدنيا ولذلك قال أمير المؤمنين رضى الله عنه: من وسع عليه دنياه ولم يعلم أنه مكر به فهو مخدوع عن عقله.
مكن: المكان عند أهل اللغة الموضع الحاوى للشئ، وعند بعض المتكلمين أنه عرض وهو اجتماع جسمين حاو ومحوى وذلك أن يكون سطح الجسم الحاوى محيطا بالمحوى، فالمكان عندهم هو المناسبة بين هذين الجسمين، قال (مكانا سوى - وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا) ويقال: مكنته ومكنت له فتمكن، قال (ولقد مكناكم في الارض - ولقد مكناهم فيما إن مكنا كم فيه - أولم نمكن لهم - ونمكن لهم في الارض - وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم) وقال (في قرار مكين) وأمكنت فلانا من فلان، ويقال:
مكان ومكانة، قال تعالى (اعملوا على مكانتكم وقرئ (على مكاناتكم) وقوله (ذى قوة عند ذى العرش مكين) أي متمكن ذى قدر ومنزلة.
ومكنات الطير ومكناتها مقاره، والمكن بيض الضب وبيض مكنون.
قال الخليل: المكان مفعل من الكون ولكثرته في الكلام أجرى مجرى فعال فقيل: تمكن وتمسكن نحو تمنزل.
مكا: مكا الطير يمكو مكاء صفر، قال: (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) تنبيها أن ذلك منهم جار مجرى مكاء الطير في قلة الغناء، والمكاء طائر، ومكت استه صوتت.
ملل: الملة كالدين وهو اسم لما شرع الله تعالى لعباده على لسان الانبياء ليتوصلوا به إلى جوار الله، والفرق بينها وبين الدين أن الملة لا تضاف إلا إلى النبي عليه الصلاة والسلام الذى تسند إليه نحو: (اتبعوا ملة إبراهيم - واتبعت ملة آبائى) ولا تكاد توجد مضافة إلى الله ولا إلى آحاد أمة النبي صلى الله عليه وسلم ولا تستعمل إلا في حملة الشرائع دون آحادها،

لا يقال ملة الله ولا يقال ملتى وملة زيد كما يقال دين الله ودين زيد، ولا يقال الصلاة ملة الله.
وأصل الملة من أمللت الكتاب، قال تعالى: (فليملل الذى عليه الحق - فإن كان الذى عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه) وتقال الملة اعتبارا بالشئ الذى شرعه الله، والدين يقال اعتبارا بمن يقيمه إذ كان معناه الطاعة.
ويقال خبز ملة ومل خبزه يمله ملا، والمليل ما طرح في النار، والمليلة حرارة يجدها الانسان، ومللت الشئ أمله أعرضت عنه أي ضجرت، وأمللته من كذا حملته على أن مل من قوله عليه الصلاة والسلام " تكلفوا من الاعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا " فإنه لم يثبت لله ملالا بل القصد أنكم تملون والله لا يمل.
ملح: الملح الماء الذى تغير طعمه التغير المعروف وتجمد، ويقال له ملح إذا تغير طعمه، وإن لم يتجمد فيقال ماء ملح.
وقلما تقول العرب ماء مالح، قال الله تعالى: (وهذا ملح أجاج) وملحت القدر ألقيت فيها الملح، وأملحتها أفسدتها بالملح، وسمك مليح.
ثم استعير من لفظ المليح الملاحة فقيل رجل مليح
وذلك راجع إلى حسن يغمض إدراكه.
ملك: الملك هو المتصرف بالامر والنهى في الجمهور وذلك يختص بسياسة الناطقين ولهذا يقال ملك الناس ولا يقال ملك الاشياء، وقوله (ملك يوم الدين) فتقديره الملك في يوم الدين وذلك لقوله (لمن الملك اليوم ؟ لله الواحد القهار) والملك ضربان: ملك هو التملك والتولى، وملك هو القوة على ذلك تولى أو لم يتول.
فمن الاول قوله (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها)، ومن الثاني قوله (إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا) فجعل النبوة مخصوصة والملك عاما، فإن معنى الملك ههنا هو القوة التى بها يترشح للسياسة لا أنه جعلهم كلهم متولين للامر فذلك مناف للحكمة كما قيل لا خير في كثرة الرؤساء.
قال بعضهم: الملك اسم لكل من يملك السياسة إما في نفسه وذلك بالتمكين من زمام قواه وصرفها عن هواها، وإما في غيره سواء تولى ذلك أو لم يتول على ما تقدم، وقوله (وقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) والملك الحق الدائم لله فلذلك قال (له الملك وله الحمد) وقال (قل اللهم مالك
الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) فالملك ضبط الشئ المتصرف فيه بالحكم، والملك كالجنس للملك فكل ملك ملك وليس كل ملك ملكا.
قال (قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء - ولا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا) وقال: (أمن يملك السمع والابصار -

قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا) وفي غيرها من الايات.
والملكوت مختص بملك الله تعالى وهو مصدر ملك أدخلت فيه التاء نحو رحموت ورهبوت، قال: (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والارض) وقال: (أو لم ينظروا في ملكوت السموات والارض) والمملكة سلطان الملك وبقاعه التى يتملكها، والمملوك يختص في التعارف بالرقيق من الاملاك، قال: (عبدا مملوكا) وقد يقال فلان جواد بمملوكه أي بما يتملكه والملكة تختص بملك العبيد ويقال فلان حسن الملكة أي الصنع إلى مماليكه، وخص ملك العبيد في القرآن باليمين فقال: (ليستأذنكم الذين ملكت
أيمانكم) وقوله: (أو ما ملكت أيمانكم - أو ما ملكت أيمانهن) ومملوك مقر بالملوكة والملكة والملك، وملاك الامر ما يعتمد عليه منه.
وقيل القلب ملاك الجسد، والملاك التزويج، وأملكوه زوجوه، شبه الزوج بملك عليها في سياستها، وبهذا النظر قيل كاد العروس أن يكون ملكا.
وملك الابل والشاء ما يتقدم ويتبعه سائره تشبيها بالملك، ويقال ما لاحد في هذا ملك وملك غيرى قال تعالى (ما أخلفنا موعدك بملكنا) وقرئ بكسر الميم، وملكت العجين شددت عجنه، وحائط ليس له ملاك أي تماسك وأما الملك فالنحويون جعلوه من لفظ الملائكة، وجعل الميم فيه زائدة.
وقال بعض المحققين هو من الملك، قال: والمتولي من الملائكة شيئا من السياسات يقال له ملك بالفتح، ومن البشر يقال له ملك بالكسر، فكل ملك ملائكة وليس كل ملائكة ملكا، بل الملك هو المشار إليه بقوله (فالمدبرات أمرا فالمقسمات أمرا - والنازعات) ونحو ذلك ومنه ملك الموت، قال: (والملك على أرجائها - على الملكين ببابل - قل يتوفاكم ملك الموت الذى وكل بكم).
ملا: الملا جماعة يجتمعون على رأى، فيملئون العيون رواء ومنظرا والنفوس بهاء وجلالا، قال: (ألم تر إلى الملا من بنى إسرائيل - وقال الملا من قومه - إن الملا يأتمرون بك - قالت يا أيها الملا إنى ألقى إلى كتاب كريم) وغير ذلك من الايات، يقال فلان ملء العيون أي معظم عند من رآه كأنه ملا عينه من رؤيته، ومنه قيل شاب مالئ العين، والملا الخلق المملوء جمالا، قال الشاعر: * فقلنا أحسنى ملا جهينا * ومالاته عاونته وصرت من ملئه أي جمعه نحو شايعته أي صرت من شيعته، ويقال هو ملئ بكذا.
والملاءة الزكام الذى يملا الدماغ، يقال ملئ فلان وأملا، والملء مقدار ما يأخذه الاناء الممتلئ، يقال أعطني ملاه وملايه وثلاثة أملائه.
ملا: الاملاء الامداد، ومنه قيل

للمدة الطويلة ملاوة من الدهر وملى من الدهر، قال: (واهجرني مليا) وتمليت دهرا أبقيت، وتمليت الثوب تمتعت به طويلا، وتملى بكذا تمتع به بملاوة من الدهر،
وملاك الله غير مهموز عمرك، ويقال عشت مليا أي طويلا، والملا مقصور المفازة الممتدة، والملوان قيل الليل والنهار وحقيقة ذلك تكررهما وامتدادهما بدلالة أنهما أضيفا إليهما في قول الشاعر: نهار وليل دائم ملواهما * على كل حال المرء يختلفان فلو كانا الليل والنهار لما أضيفا إليهما.
قال تعالى: (وأملى لهم إن كيدى متين) أي أمهلهم، وقوله (الشيطان سول لهم وأملى لهم) أي أمهل ومن قرأ أملا لهم فمن قولهم أمليت الكتاب أمليه إملاء، قال: (إنما نملي لهم خير لانفسهم) وأصل أمليت أمللت فقلب تخفيفا (فهى تملى عليه - فليملل وليه).
منن: المن ما يوزن به، يقال من ومنان وأمنان وربما أبدل من إحدى النونين ألف فقيل منا وأمناء، ويقال لما يقدر ممنون كما يقال موزون، والمنة النعمة الثقيلة ويقال ذلك على وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك بالفعل فيقال من فلان على فلان إذا أثقله بالنعمة وعلى ذلك قوله: (لقد من الله على المؤمنين - كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم - ولقد مننا
على موسى وهارون - يمن على من يشاء - ونريد أن نمن على الذين استضعفوا) وذلك على الحقيقة لا يكون إلا لله تعالى.
والثانى: أن يكون ذلك بالقول وذلك مستقبح فيما بين الناس إلا عند كفران النعمة، ولقبح ذلك قيل المنة تهدم الصنيعة، ولحسن ذكرها عند الكفران قيل إذا كفرت النعمة حسنت المنة.
وقوله: (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم) فالمنة منهم بالقول ومنة الله عليهم بالفعل وهو هدايته إياهم كما ذكر، وقوله: (فإما منا بعد وإما فداء) فالمن إشارة إلى الاطلاق بلا عوض.
وقوله: (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) أي أنفقه وقوله: (ولا تمنن تستكثر) فقد قيل هو المنة بالقول وذلك أن يمتن به ويستكثره، وقيل معناه لا تعط مبتغيا به أكثر منه، وقوله: (لهم أجر غير ممنون) قيل غير معدود كما قال: (بغير حساب) وقيل غير مقطوع ولا منقوص.
ومنه قيل المنون للمنية لانها تنقص العدد وتقطع المدد.
وقيل إن المنة التى بالقول هي من هذا لانها تقطع النعمة وتقتضي قطع الشكر، وأما المن في قوله: (وأنزلنا عليكم المن والسلوى)
فقد قيل المن شئ كالطل فيه حلاوة يسقط على الشجر، والسلوى طائر وقيل المن والسلوى كلاهما إشارة إلى ما أنعم الله به عليهم وهما بالذات شئ واحد لكن سماه منا بحيث أنه

امتن به عليهم، وسماه سلوى من حيث أنه كان لهم به التسلى.
ومن عبارة عن الناطقين ولا يعبر به عن غير الناطقين إلا إذا جمع بينهم وبين غيرهم كقولك: رأيت من في الدار من الناس والبهائم، أو يكون تفصيلا لجملة يدخل فيهم الناطقون كقوله تعالى: (فمنهم من يمشى) الاية ولا يعبر به عن غير الناطقين إذا انفرد ولهذا قال بعض المحدثين في صفة أغنام نفى عنهم الانسانية: تخطئ إذا جئت في استفهامها بمن تنبيها أنهم حيوان أو دون الحيوان.
ويعبر به عن الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، قال: (ومنهم من يستمع) وفى أخرى (من يستمعون إليك) وقال: (ومن يقنت منكن لله).
ومن لابتداء الغاية وللتبعيض وللتبيين: وتكون لاستغراق الجنس في النفى والاستفهام نحو (فما منكم من أحد) والبدل نحو خذ هذا من ذلك أي بدله: (إنى أسكنت من
ذريتي بواد) فمن اقتضى التبعيض فإنه كان نزل فيه بعض ذريته، وقوله: (من السماء من جبال فيها من برد) قال: تقديره أنه ينزل من السماء جبالا، فمن الاولى ظرف والثانية في موضع المفعول والثالثة للتبيين كقولك: عنده جبال من مال.
وقيل يحتمل أن يكون قوله من جبال نصبا على الظرف على أنه ينزل منه، وقوله: (من برد) نصب أي ينزل من السماء من جبال فيها بردا، وقيل يصح أن يكون موضع من في قوله " من برد " رفعا، و " من جبال " نصبا على أنه مفعول به، كأنه في التقدير وينزل من السماء جبالا فيها برد ويكون الجبال على هذا تعظيما وتكثيرا لما نزل من السماء.
وقوله: (فكلوا مما أمسكن عليكم) قال أبو الحسن: من زائدة، والصحيح أن تلك ليست بزائدة لان بعض ما يمسكن لا يجوز أكله كالدم والغدد وما فيها من القاذورات المنهى عن تناولها.
منع: المنع يقال في ضد العطية، يقال رجل مانع ومناع أي بخيل، قال الله تعالى: (ويمنعون الماعون) وقال (مناع للخير)، ويقال في الحماية ومنه مكان منيع وقد منع،
وفلان ذو منعة أي عزيز ممتنع على من يرومه، قال (ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين - ومن أظلم ممن منع مساجد الله - ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) أي ما حملك وقيل ما الذى صدك وحملك على ترك ذلك ؟ يقال امرأة منيعة كناية عن العفيفة وقيل مناع أي امنع كقولهم نزال أي انزل.
منى: المنى التقدير، يقال منى لك المانى أي قدر لك المقدر، ومنه المنا الذى يوزن به فيما قيل، والمنى للذى قدر به الحيوانات، قال (ألم يك نطفة من منى يمنى - من نطفة إذا تمنى) أي تقدر بالعزة الالهية ما لم يكن منه، ومنه المنية وهو الاجل المقدر للحيوان وجمعه منايا، والتمنى تقدير شئ في النفس وتصويره فيها وذلك قد يكون عن تخمين وظن، ويكون

عن روية وبناء على أصل، لكن لما كان أكثره عن تخمين صار الكذب له أملك، فأكثر التمنى تصور ما لا حقيقة له.
قال (أم للانسان ما تمنى - فتمنوا الموت - ولا يتمنونه أبدا) والامنية الصورة الحاصلة في النفس من تمنى الشئ، ولما كان الكذب
تصور ما لا حقيقة له وإيراده باللفظ صار التمنى كالمبدإ للكذب فصح أن يعبر عن الكذب بالتمني، وعلى ذلك ماروى عن عثمان رضى الله عنه: ما تغنيت ولا تمنيت منذ أسلمت وقوله (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أمانى) قال مجاهد: معناه إلا كذبا، وقال غيره إلا تلاوة مجردة عن المعرفة من حيث إن التلاوة بلا معرفة المعنى تجرى عند صاحبها مجرى أمنية تمنيتها على التخمين، وقوله (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) أي في تلاوته، فقد تقدم أن التمنى كما يكون عن تخمين وظن فقد يكون عن روية وبناء على أصل، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما كان يبادر إلى ما نزل به الروح الامين على قلبه حتى قيل له (لا تعجل بالقرآن) الاية و (لا تحرك به لسانك لتعجل به) سمى تلاوته على ذلك تمنيا ونبه أن للشيطان تسلطا على مثله في أمنيته وذلك من حيث بين أن العجلة من الشيطان.
ومنيتنى كذا: جعلت لى أمنية بما شبهت لى، قال تعالى مخبرا عنه: (ولاضلنهم ولامنينهم).
مهد: المهد ما تهيئ للصبى، قال تعالى: (كيف نكلم من كان في المهد صبيا) والمهد والمهاد المكان الممهد الموطأ، قال (الذى جعل لكم الارض مهدا - ومهادا) وذلك مثل قوله (الارض فراشا) ومهدت لك كذا هيأته وسويته، وقال تعالى: (ومهدت له تمهيدا) وامتهد السنام أي تسوى فصار كمهاد أو مهد.
مهل: المهل التؤدة والسكون، يقال مهل في فعله وعمل في مهلة، ويقال مهلا نحو رفقا، وقد مهلته إذا قلت له مهلا، وأمهلته رفقت به، قال (فمهل الكافرين أمهلهم رويدا) والمهل دردى الزيت، قال (كالمهل يغلى في البطون).
موت: أنواع الموت بحسب أنواع الحياة، فالاول ما هو بإزاء القوة النامية الموجودة في الانسان والحيوانات والنبات نحو (يحيى الارض بعد موتها - أحيينا به بلدة ميتا) الثاني زوال القوة الحاسة، قال (يا ليتنى مت قبل هذا - أئذا ما مت لسوف أخرج حيا) الثالث زوال القوة العاقلة وهى الجهالة نحو (أو من كان ميتا فأحييناه) وإياه قصد بقوله (إنك
لا تسمع الموتى) الرابع الحزن المكدر للحياة وإياه قصد بقوله (ويأتيه الموت من كل

مكان وما هو بميت) الخامس المنام فقيل النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل وعلى هذا النحو سماهما الله تعالى توفيا فقال (وهو الذى يتوفاكم بالليل - الله يتوفى الانفس حين موتها والتى لم تمت في منامها) وقوله (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء) فقد قيل نفى الموت هو عن أرواحهم فإنه نبه على تنعمهم، وقيل نفى عنهم الحزن المذكور في قوله (ويأتيه الموت من كل مكان) وقوله (كل نفس ذائقة الموت) فعبارة عن زوال القوة الحيوانية وإبانة الروح عن الجسد وقوله (إنك ميت وإنهم ميتون) فقد قيل معناه ستموت تنبيها أنه لا بد لاحد من الموت كما قيل: * والموت حتم في رقاب العباد * وقيل بل الميت ههنا ليس بإشارة إلى إبانة الروح عن الجسد بل هو إشارة إلى ما يعترى الانسان في كل حال من التحلل والنقص فإن البشر مادام في الدنيا يموت جزءا فجزءا كما
قال الشاعر: * يموت جزءا فجزءا * وقد عبر قوم عن هذا المعنى بالمائت وفصلوا بين الميت والمائت فقالوا المائت هو المتحلل، قال القاضى على بن عبد العزيز: ليس في لغتنا مائت على حسب ما قالوه، والميت مخفف عن الميت وإنما يقال موت مائت كقولك شعر شاعر وسيل سائل، ويقال بلد ميت وميت، قال تعالى: (سقناه لبلد ميت - بلدة ميتا) والميتة من الحيوان ما زال روحه بغير تذكية، قال: (حرمت عليكم الميتة - إلا أن تكون ميتة) والموتان بإزاء الحيوان وهى الارض التى لم تحى للزرع، وأرض موات.
ووقع في الابل موتان كثير وناقة مميتة ومميت مات ولدها وإماتة الخمر كناية عن طبخها، والمستميت المتعرض للموت، قال الشاعر: * فأعطيت الجعالة مستميتا * والموتة شبه الجنون كأنه من موت العلم والعقل ومنه رجل موتان القلب وامرأة مونانة.
موج: الموج في البحر ما يعلو من غوارب الماء، قال: (في موج كالجبال - يغشاه موج من فوقه موج) وماج كذا يموج وتموج تموجا
اضطرب اضطراب الموج، قال: (وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض).
ميد: الميد: اضطراب الشئ العظيم كاضطراب الارض، قال: (أن تميد بكم - أن تميد بهم) ومادت الاغصان تميد، وقيل الميدان في قول الشاعر: * نعيما وميدانا من العيش أخضرا * وقيل هو الممتد من العيش، وميدان الدابة منه، والمائدة الطبق الذى عليه الطعام، ويقال لكل واحدة منهما مائدة، ويقال ما دنى يميدنى أي أطعمني، وقيل يعشينى، وقوله: (أنزل علينا

مائدة من السماء) قيل استدعوا طعاما، وقيل استدعوا علما، وسماه مائدة من حيث أن العلم غذاء القلوب كما أن الطعام غذاء الابدان مور: المور الجريان السريع، يقال مار يمور مورا، قال: (يوم تمور السماء مورا) ومار الدم على وجهه، والمور التراب المتردد به الريح، وناقة تمور في سيرها فهى موارة.
مير: الميرة الطعام يمتاره الانسان، يقال مار أهله يميرهم، قال: (ونمير أهلنا) والخيرة والميرة يتقاربان.
ميز: الميز والتمييز الفصل بين المتشابهات، يقال مازه يميزه ميزا وميزه تمييزا، قال: (ليميز الله) وقرئ (ليميز الخبيث من الطيب) والتمييز يقال تارة للفصل وتارة للقوة التى في الدماغ، وبها تستنبط المعاني، ومنه يقال فلان لا تمييز له، ويقال انماز وامتاز، قال: (وامتازوا اليوم) وتميز كذا مطاوع ماز أي انفصل وانقطع، قال: (تكاد تميز من الغيظ).
ميل: الميل العدول عن الوسط إلى أحد الجانبين، ويستعمل في الجور، وإذا استعمل في الاجسام فإنه يقال فيما كان خلقة ميل، وفيما كان عرضا ميل، يقال ملت إلى فلان إذا عاونته، قال: (فلا تميلوا كل الميل) وملت عليه تحاملت عليه، قال: (فيميلون عليكم ميلة واحدة) والمال سمى بذلك لكونه مائلا أبدا وزائلا، ولذلك سمى عرضا، وعلى هذا دل قول من قال: المال قحبة تكون يوما في بيت عطار ويوما في بيت بيطار.
مائة، المائة: الثالثة من أصول الاعداد، وذلك أن أصول الاعداد أربعة: آحاد، وعشرات، ومئات، وألوف، قال: (فإن
يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين - وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا) ومائة آخرها محذوف، يقال أمأيت الدراهم فامأت هي أي صارت ذات مائة.
ماء: (وجعلنا من الماء كل شئ حى - ماء طهورا) ويقال ماه بنى فلان، وأصل ماء موه بدلالة قولهم في جمعه أمواه ومياه في تصغيره مويه، فحذف الهاء وقلب الواو، ورجل ماء القلب كثر ماء قلبه، فماه هو مقلوب من موه أي فيه ماء، وقيل هو نحو رجل قاه، وماهت الركية تميه وتماه وبئر ميهة وماهة، وقيل ميهة، وأماه الرجل وأمهى بلغ الماء.
وما في كلامهم عشرة خمسة أسماء وخمسة حروف، فإذا كان اسما فيقال للواحد والجمع والمؤنث على حد واحد، ويصح أن يعتبر في الضمير لفظه مفردا وأن يعتبر معناه للجمع.
فالاول من الاسماء بمعنى الذى نحو (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم) ثم قال: (هؤلاء شفعاؤنا عند الله) لما أراد الجمع، وقوله (ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا) الاية، فجمع

أيضا، وقوله: (بئسما يأمركم به أيمانكم)
الثاني: نكرة نحو (نعما يعظكم به) أي نعم شيئا يعظكم به، وقوله (فنعما هي) فقد أجيز أن يكون ما نكرة في قوله (ما بعوضة فما فوقها) وقد أجيز أن يكون صلة فما بعده يكون مفعولا تقديره أن يضرب مثلا بعوضة.
الثالث: الاستفهام ويسأل به عن جنس ذات الشئ ونوعه وعن جنس صفات الشئ ونوعه، وقد يسأل به عن الاشخاص والاعيان في غير الناطقين.
وقال بعض النحويين: وقد يعبر به عن الاشخاص الناطقين كقوله (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم - إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شئ) وقال الخليل: ما استفهام أي أي شئ تدعون من دون الله ؟ وإنما جعله كذلك لان ما هذه لا تدخل إلا في المبتدإ والاستفهام الواقع آخرا نحو (ما يفتح الله للناس من رحمة) الاية ونحو ما تضرب أضرب.
الخامس: التعجب نحو: (ما أصبرهم على النار).
وأما الحروف.
فالاول أن يكون ما بعده بمنزلة المصدر كأن الناصبة للفعل المستقبل نحو (ومما رزقناهم ينفقون) فإن ما مع رزق في تقدير
الرزق والدلالة على أنه مثل أن أنه لا يعود إليه ضمير لا ملفوظ به ولا مقدر فيه، وعلى هذا حمل قوله (بما كانوا يكذبون) وعلى هذا قولهم أتانى القوم ما عدا زيدا، وعلى هذا إذا كان في تقدير ظرف نحو (كلما أضاء لهم مشوا فيه - كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله - كلما خبت زدناهم سعيرا) وأما قوله (فاصدع بما تؤمر) فيصح أن يكون مصدرا وأن يكون بمعنى الذى.
واعلم أن ما إذا كان مع ما بعدها في تقدير المصدر لم يكن إلا حرفا لانه لو كان اسما لعاد إليه ضمير، وكذلك قولك أريد أن أخرج، فإنه لا عائد من الضمير إلى أن، ولا ضمير لها بعده.
الثاني: للنفي وأهل الحجاز يعملونه بشرط نحو (ما هذا بشرا).
الثالث: الكافة وهى الداخلة على أن وأخواتها ورب ونحو ذلك والفعل نحو: (إنما يخشى الله من عباده العلماء - إنما نملي لهم ليزدادوا إثما - كأنما يساقون إلى الموت) وعلى ذلك " ما " في قوله (ربما يود الذين كفروا) وعلى ذلك قلما وطالما فيما حكى.
الرابع: المسلطة وهى التى تجعل اللفظ
متسلطا بالعمل بعد أن لم يكن عاملا نحو " ما " في إذما وحيثما لانك تقول إذما تفعل أفعل، وحيثما تقعد أقعد، فإذ وحيث لا يعملان بمجردهما في الشرط ويعملان عند دخول " ما " عليهما.
الخامس: الزائدة لتوكيد اللفظ في قولهم إذا ما فعلت كذا، وقولهم إما تخرج أخرج.
قال: (فإما ترين من البشر أحدا)، وقوله: (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما).

كتاب النون نبت: النبت والنبات ما يخرج من الارض من الناميات سواء كان له ساق كالشجر أو لم يكن له ساق كالنجم، لكن اختص في التعارف بما لا ساق له بل قد اختص عند العامة بما يأكله الحيوان، وعلى هذا قوله (لنخرج به حبا ونباتا) ومتى اعتبرت الحقائق فإنه يستعمل في كل نام نباتا كان أو حيوانا أو إنسانا، والانبات يستعمل في كل ذلك.
قال تعالى: (فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا - فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها - ينبت لكم به الزرع والزيتون) وقوله (والله
أنبتكم من الارض نباتا) فقال النحويون: قوله نباتا موضوع موضع الانبات وهو مصدر وقال غيرهم قوله نباتا حال لا مصدر، ونبه بذلك أن الانسان هو من وجه نبات من حيث إن بدأه ونشأه من التراب، وإنه ينمو نموه وإن كان له وصف زائد على النبات وعلى هذا نبه بقوله (هو الذى خلقكم من تراب ثم من نطفة) وعلى ذلك قوله (وأنبتها نباتا حسنا) وقوله (تنبت بالدهن) الباء للحال لا للتعدية لان نبت متعد تقديره تنبت حاملة للدهن أي تنبت والدهن موجود فيها بالقوة، ويقال إن بنى فلان لنابتة شر، ونبتت فيهم نابتة أي نشأ فيهم نشء صغار.
نبذ: النبذ إلقاء الشئ وطرحه لقلة الاعتداد به ولذلك يقال نبذته نبذ النعل الخلق، قال: (لينبذن في الحطمة - فنبذوه وراء ظهورهم) لقلة اعتدادهم به وقال (نبذه فريق منهم) أي طرحوه لقلة اعتدادهم به وقال (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم - فنبذناه بالعراء - لنبذ بالعراء) وقوله (فانبذ إليهم على سواء) فمعناه ألق إليهم السلم، واستعمال النبذ في ذلك كاستعمال الالقاء كقوله: (فألقوا إليهم القول
إنكم لكاذبون - وألقوا إلى الله يومئذ السلم) تنبيها أن لا يؤكد العقد معهم بل حقهم أن يطرح ذلك إليهم طرحا مستحثا به على سبيل المجاملة، وأن يراعيهم حسب مراعاتهم له ويعاهدهم على قدر ما عاهدوه، وانتبذ فلان اعتزل اعتزال من لا يقل مبالاته

بنفسه فيما بين الناس، قال (فحملته فانتبذت به مكانا قصيا) وقعد نبذة ونبذة أي ناحية معتزلة، وصبى منبوذ ونبيذ كقولك ملقوط ولقيط لكن يقال منبوذ اعتبارا بمن طرحه.
وملقوط ولقيط اعتبارا بمن تناوله، والنبيذ التمر والزبيب الملقى مع الماء في الاناء ثم صار اسما للشراب المخصوص.
نبز: النبز التلقيب قال (ولا تنابزوا بالالقاب).
نبط: قال: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) أي يستخرجونه منهم وهو استفعال من أنبطت كذا، والنبط الماء المستنبط، وفرس أنبط أبيض تحت الابط، ومنه النبط المعروفون نبع: النبع خروج الماء من العين، يقال نبع الماء ينبع نبوعا ونبعا، والينبوع
العين الذى يخرج منه الماء وجمعه ينابيع، قال تعالى: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الارض) والنبع شجر يتخذ منه القسى.
نبأ: النبأ خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم أو غلبة ظن، ولا يقال للخبر في الاصل نبأ حتى يتضمن هذه الاشياء الثلاثة، وحق الخبر الذى يقال فيه نبأ أن يتعرى عن الكذب كالتواتر وخبر الله تعالى وخبر النبي عليه الصلاة والسلام، ولتضمن النبإ معنى الخبر يقال أنبأته بكذا كقولك أخبرته بكذا، ولتضمنه معنى العلم قيل أنبأته كذا كقولك أعلمته كذا، قال الله تعالى: (قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون) وقال: (عم يتساءلون عن النبإ العظيم - ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم) وقال (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك) وقال: (تلك القرى نقص عليك من أنبائها) وقال (ذلك من أنباء القرى نقصه عليك) وقوله: (إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا) فتنبيه أنه إذا كان الخبر شيئا عظيما له قدر فحقه أن يتوقف فيه وإن علم وغلب صحته على الظن حتى يعاد النظر فيه
ويتبين فضل تبين، يقال نبأته وأنبأته، قال تعالى: (أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) وقال: (أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم) وقال (نبأتكما بتأويله - ونبئهم عن ضيف إبراهيم) وقال: (أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الارض - قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم) وقال: (نبئونى بعلم إن كنتم صادقين - وقد نبأنا الله من أخباركم) ونبأته أبلغ من أنبأته، (فلننبئن الذين كفروا - ينبأ الانسان يومئذ بما قدم وأخر) ويدل على ذلك قوله: (فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأنى العليم الخبير) ولم يقل أنبأني بل عدل إلى نبأ الذى هو أبلغ تنبيها على تحقيقه وكونه من قبل الله.
وكذا قوله: (قد نبأنا الله من

أخباركم - فينبئكم بما كنتم تعملون) والنبوة سفارة بين الله وبين ذوى العقول من عباده لازاحة علتهم في أمر معادهم ومعاشهم.
والنبى لكونه منبئا بما تسكن إليه العقول الذكية، وهو يصح أن يكون فعيلا بمعنى فاعل لقوله تعالى: (نبئ عبادي - قل أؤنبئكم)
وأن يكون بمعنى المفعول لقوله: (نبأنى العليم الخبير) وتنبأ فلان ادعى النبوة، وكان من حق لفظه في وضع اللغة أن يصح استعماله في النبي إذ هو مطاوع نبأ كقوله زينه فتزين، وحلاه فتحلى، وجمله فتجمل، لكن لما تعورف فيمن يدعى النبوة كذبا جنب استعماله في المحق ولم يستعمل إلا في المتقول في دعواه كقولك تنبأ مسيلمة، ويقال في تصغير، نبئ: مسيلمة نبيئ سوء، تنبيها أن أخباره ليست من أخبار الله تعالى، كما قال رجل سمع كلامه: والله ما خرج هذا الكلام من ال أي الله.
والنبأة الصوت الخفى.
نبى: النبي بغير همز فقد قال النحويون أصله الهمز فترك همزه، واستدلوا بقولهم: مسيلمة نبيئ سوء.
وقال بعض العلماء: هو من النبوة أي الرفعة، وسمى نبيا لرفعة محله عن سائر الناس المدلول عليه بقوله: (ورفعناه مكانا عليا) فالنبى بغير الهمز أبلغ من النبئ بالهمز، لانه ليس كل منبإ رفيع القدر والمحل، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام لمن قال: يا نبئ الله فقال: " لست بنبئ الله ولكن نبى الله " لما رأى أن الرجل خاطبه بالهمز لبغض منه.
والنبوة والنباوة الارتفاع، ومنه قيل نبا بفلان مكانه كقولهم قض عليه مضجعه، ونبا السيف عن الضريبة إذا ارتد عنه ولم يمض فيه، ونبا بصره عن كذا تشبيها بذلك.
نتق: نتق الشئ جذبه ونزعه حتى يسترخى كنتق عرى الحمل، قال تعالى: (وإذ نتقنا الجبل فوقهم) ومنه استعير امرأة ناتق إذا كثر ولدها، وقيل زند ناتق: وار، تشبيها بالمرأة الناتق.
نثر: نثر الشئ نشره وتفريقه، يقال نثرته فانتثر، قال تعالى: (وإذا الكواكب انتثرت) ويسمى الدرع إذا لبس نثرة، ونثرت الشاة طرحت من أنفها الاذى، والنثرة ما يسيل من الانف، وقد تسمى الانف نثرة، ومنه النثرة لنجم يقال له أنف الاسد، وطعنه فانثره ألقاه على أنفه، والاستنثار جعل الماء في النثرة.
نجد: النجد المكان الغليظ الرفيع، وقوله (وهديناه النجدين) فذلك مثل لطريقي الحق والباطل في الاعتقاد والصدق والكذب في المقال، والجميل والقبيح في الفعال، وبين أنه عرفهما كقوله: (إنا هديناه السبيل) الاية،
والنجد اسم صقع وأنجده قصده، ورجل نجد ونجيد ونجد أي قوى شديد بين

النجدة، واستنجدته طلبت نجدته فأنجدني أي أعانني بنجدته أي شجاعته وقوته، وربما قيل استنجد فلان أي قوى، وقيل للمكروب والمغلوب منجود كأنه ناله نجدة أي شدة والنجد العرق ونجده الدهر أي قواه وشدده وذلك بما رأى فيه من التجربة، ومنه قيل فلان ابن نجدة كذا، والنجاد ما يرفع به البيت، والنجاد متخذه، ونجاد السيف ما يرفع به من السير، والناجود الراووق وهو شئ يعلق فيصفى به الشراب.
نجس: النجاسة القذارة وذلك ضربان: ضرب يدرك بالحاسة وضرب يدرك بالبصيرة، والثانى وصف الله تعالى به المشركين فقال: (إنما المشركون نجس) ويقال نجسه أي جعله نجسا، ونجسه أيضا أزال نجسه ومنه تنجيس العرب وهو شئ كانوا يفعلونه من تعليق عوذة على الصبى ليدفعوا عنه نجاسة الشيطان، والناجس والنجيس داء خبيث لا دواء له.
نجم: أصل النجم الكوكب الطالع وجمعه نجوم، ونجم طلع نجوما ونجما فصار النجم مرة اسما ومرة مصدرا، فالنجوم مرة اسما كالقلوب والجيوب، ومرة مصدرا كالطلوع والغروب، ومنه شبه به طلوع النبات والرأى فقيل نجم النبت والقرن، ونجم لى رأى نجما ونجوما، ونجم فلان على السلطان صار عاصيا، ونجمت المال عليه إذا وزعته كأنك فرضت أن يدفع عند طلوع كل نجم نصيبا ثم صار متعارفا في تقدير دفعه بأى شئ قدرت ذلك، قال تعالى: (وعلامات وبالنجم هم يهتدون) وقال (فنظر نظرة في النجوم) أي في علم النجوم وقوله، (والنجم إذا هوى) قيل أراد به الكوكب وإنما خص الهوى دون الطلوع فإن لفظة النجم تدل على طلوعه، وقيل أراد بالنجم الثريا والعرب إذا أطلقت لفظ النجم قصدت به الثريا نحو طلع النجم غذيه وابتغى الراعى شكيه.
وقيل أراد بذلك القرآن المنجم المنزل قدرا فقدرا ويعنى بقوله هوى نزوله وعلى هذا قوله: (فلا أقسم بمواقع النجوم) فقد فسر على الوجهين، والتنجم الحكم بالنجوم وقوله: (والنجم والشجر يسجدان) فالنجم ما لا ساق
له من النبات، وقيل أراد الكواكب.
نجو: أصل النجاء الانفصال من الشئ ومنه نجا فلان من فلان وأنجيته ونجيته، قال: (وأنجينا الذين آمنوا) وقال (إنا منجوك وأهلك - وإذ نجيناكم من آل فرعون - فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الارض بغير الحق - فأنجيناه وأهله إلا امرأته - فأنجيناه والذين معه برحمة منا - ونجيناهما وقومهما - نجيناهم بسحر نعمة - ونجينا الذين آمنوا - ونجيناهم من عذاب غليظ - ثم ننجي الذين اتقوا - ثم ننجي رسلنا) والنجوة والنجاة: المكان المرتفع

المنفصل بارتفاعه عما حوله، وقيل سمى لكونه ناجيا من السيل، ونجيته تركته بنجوة وعلى هذا: (فاليوم ننجيك ببدنك) ونجوت قشر الشجرة وجلد الشاة ولاشتراكهما في ذلك قال الشاعر: فقلت انجوا عنها نجا الجلد إنه * سيرضيكما منها سنام وغاربه وناجيته أي ساررته، وأصله أن تخلو به في نجوة من الارض وقيل أصله من النجاة وهو أن تعاونه على ما فيه خلاصه أو أن تنجو بسرك من أن يطلع عليك، وتناجى القوم، قال:
(يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالاثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى - إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقة) والنجوى أصله المصدر، قال: (إنما النجوى من الشيطان) وقال: (ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى) وقوله: (وأسروا النجوى الذين ظلموا) تنبيها أنهم لم يظهروا بوجه لان النجوى ربما تظهر بعد.
وقال: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) وقد يوصف بالنجوى فيقال هو نجوى وهم نجوى، قال: (وإذ هم نجوى) والنجى المناجى ويقال للواحد والجمع، قال: (وقربناه نجيا) وقال: (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا) وانتجيت فلانا استخلصته لسرى وأنجى فلان أتى نجوة، وهم في أرض نجاة أي في أرض مستنجى من شجرها العصى والقسى أي يتخذ ويستخلص، والنجا عيدان قد قشرت، قال بعضهم يقال نجوت فلانا استنكهته واحتج بقول الشاعر: نجوت مجالدا فوجدت منه * كريح الكلب مات حديث عهد فإن يكن حمل نجوت على هذا المعنى من أجل
هذا البيت فليس في البيت حجة له، وإنما أراد أنى ساررته فوجدت من بخره ريح الكلب الميت.
وكنى عما يخرج من الانسان بالنجو وقيل شرب دواء فما أنجاه أي ما أقامه، والاستنجاء تحرى إزالة النجو أو طلب نجوة لالقاء الاذى كقولهم تغوط إذا طلب غائطا من الارض أو طلب نجوة أي قطعة مدر لازالة الاذى كقولهم استجمر إذا طلب جمارا أي حجرا، والنجأة بالهمز الاصابة بالعين.
وفى الحديث " ادفعوا نجأة السائل باللقمة ".
نحب: النحب النذر المحكوم بوجوبه، يقال قضى فلان نحبه أي وفى بنذره، قال تعالى (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر) ويعبر بذلك عمن مات كقولهم قضى أجله واستوفى أكله وقضى من الدنيا حاجته، والنحيب البكاء الذى معه صوت والنحاب السعال.
نحت: نحت الخشب والحجر ونحو هما من الاجسام الصلبة، قال (وتنحتون من الجبال

بيوتا فارهين) والنحاتة ما يسقط من المنحوت والنحيتة الطبيعة التى نحت عليها الانسان كما
أن الغريزة ما غرز عليها الانسان.
نحر: النحر موضع القلادة من الصدر ونحرته أصبت نحره، ومنه نحر البعير وقيل في حرف عبد الله (فنحروها وما كادوا يفعلون) وانتحروا على كذا تقاتلوا تشبيها بنحر البعير، ونحرة الشهر ونحيره أوله وقيل آخر يوم من الشهر كأنه ينحر الذى قبله، وقوله (فصل لربك وانحر) هو حث على مراعاة هذين الركنين وهما الصلاة ونحر الهدى وأنه لا بد من تعاطيهما فذلك واجب في كل دين وفى كل ملة، وقيل أمر بوضع اليد على النحر وقيل حث على قتل النفس بقمع الشهوة.
والنحرير العالم بالشئ والحاذق به نحس: قوله تعالى (يرسل عليكما شواط من نار ونحاس) فالنحاس اللهيب بلا دخان وذلك تشبيه في اللون بالنحاس والنحس ضد السعد، قال (في يوم نحس مستمر - فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات) وقرئ نحسات بالفتح قيل مشؤومات، وقيل شديدات البرد وأصل النحس أن يحمر الافق فيصير كالنحاس أي لهب بلا دخان فصار ذلك مثلا للشؤم.
نحل: النحل الحيوان المخصوص، قال (وأوحى ربك إلى النحل) والنحلة والنحلة عطية على سبيل التبرع وهو أخص من الهبة إذ كل هبة نحلة وليس كل نحلة هبة، واشتقاقه فيما أرى أنه من النحل نظرا منه إلى فعله فكأن نحلته أعطيته عطية النحل، وذلك ما نبه عليه قوله (وأوحى ربك إلى النحل) الاية وبين الحكماء أن النحل يقع على الاشياء كلها فلا يضرها بوجه وينفع أعظم نفع فإنه يعطى ما فيه الشفاء كما وصفه الله تعالى، وسمى الصداق بها من حيث إنه لا يجب في مقابلته أكثر من تمتع دون عوض مالى، وكذلك عطية الرجل ابنه يقال نحل ابنه كذا وأنحله ومنه نحلت المرأة، قال (صدقاتهن نحلة) والانتحال ادعاء الشئ وتناوله ومنه يقال فلان ينتحل الشعر.
ونحل جسمه نحولا صار في الدقة كالنحل ومنه النواحل للسيوف أي الرقاق الظبات تصورا لنحولها ويصح أن يجعل النحلة أصلا فيسمى النحل بذلك اعتبارا بفعله والله أعلم.
نحن: نحن عبارة عن المتكلم إذا أخبر عن نفسه مع غيره، وما ورد في القرآن من إخبار
الله تعالى عن نفسه بقوله (نحن نقص عليك أحسن القصص) فقد قيل هو إخبار عن نفسه وحده لكن يخرج ذلك مخرج الاخبار الملوكى.
وقال بعض العلماء إن الله تعالى يذكر مثل هذه الالفاظ إذا كان الفعل المذكور بعده يفعله بواسطة بعض ملائكته أو بعض أوليائه

فيكون نحن عبارة عنه تعالى وعنهم وذلك كالوحي ونصرة المؤمنين وإهلاك الكافرين ونحو ذلك مما يتولاه الملائكة المذكورون بقوله (فالمدبرات أمرا) وعلى هذا قوله (ونحن أقرب إليه منكم) يعنى وقت المحتضر حين يشهده الرسل المذكورون في قوله (تتوفاهم الملائكة) وقوله (إنا نحن نزلنا الذكر) لما كان بوساطة القلم واللوح وجبريل.
نخر: قال (أئذا كنا عظاما نخرة) من قولهم نخرت الشجرة أي بليت فهبت بها نخرة الريح أي هبوبها والنخير صوت من الانف ويسمى حرفا الانف اللذان يخرج منهما النخير نخرتاه ومنخراه، والنخور الناقة التى لا تدر أو يدخل الاصبع في منخرها، والناخر من يخرج منه النخير ومنه ما بالدار ناخر.
نخل: النخل معروف، وقد يستعمل في الواحد والجمع، قال تعالى: (كأنهم أعجاز نخل منقعر) وقال (كأنهم أعجاز نخل خاوية - ونخل طلعها هضيم - والنخل باسقات لها طلع نضيد) وجمعه نخيل، قال (ومن ثمرات النخيل) والنخل نخل الدقيق بالمنخل وانتخلت الشئ انتقيته فأخذت خياره.
ندد: نديد الشئ مشاركه في جوهره وذلك ضرب من المماثلة فإن المثل يقال في أي مشاركة كانت، فكل ند مثل وليس كل مثل ندا، ويقال نده ونديده ونديدته، قال: (فلا تجعلوا لله أندادا - ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا - وتجعلون له أندادا) وقرئ (يوم التناد) أي يند بعضهم من بعض نحو (يوم يفر المرء من أخيه).
ندم: الندم والندامة التحسر من تغير رأى في أمر فائت، قال تعالى: (فأصبح من النادمين) وقال (عما قليل ليصبحن نادمين) وأصله من منادمة الحزن له.
والنديم والندمان والمنادم يتقارب.
قال بعضهم: المندامة والمداومة يتقاربان.
وقال بعضهم: الشريبان سميا
نديمين لما يتعقب أحوالهما من الندامة على فعليهما.
ندا: النداء رفع الصوت وظهوره، وقد يقال ذلك للصوت المجرد وإياه قصد بقوله: (ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء) أي لا يعرف إلا الصوت المجرد دون المعنى الذى يقتضيه تركيب الكلام.
ويقال للمركب الذى يفهم منه المعنى ذلك، قال تعالى (وإذ نادى ربك موسى) وقوله (وإذا ناديتم إلى الصلاة) أي دعوتم وكذلك (إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة) ونداء الصلاة مخصوص في الشرع بالالفاظ المعروفة وقوله: (أولئك ينادون من مكان بعيد) فاستعمال النداء فيهم تنبيها على

بعدهم عن الحق في قوله: (واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب - وناديناه من جانب الطور الايمن) وقال: (فلما جاءها نودى) وقوله: (إذ نادى ربه نداء خفيا) فإنه أشار بالنداء إلى الله تعالى لانه تصور نفسه بعيدا منه بذنوبه وأحواله السيئة كما يكون حال من يخاف عذابه، وقوله: (ربنا
إننا سمعنا مناديا ينادى للايمان) فالاشارة بالمنادى إلى العقل والكتاب المنزل والرسول المرسل وسائر الايات الدالة على وجوب الايمان بالله تعالى.
وجعله مناديا إلى الايمان لظهوره ظهور النداء وحثه على ذلك كحث المنادى.
وأصل النداء من الندى أي الرطوبة، يقال صوت ندى رفيع، واستعارة النداء للصوت من حيث أن من يكثر رطوبة فمه حسن كلامه ولهذا يوصف الفصيح بكثرة الريق، ويقال ندى وأنداء وأندية، ويسمى الشجر ندى لكونه منه وذلك لتسمية المسبب باسم سببه وقول الشاعر: * كالكرم إذ نادى من الكافور * أي ظهر ظهور صوت المنادى، وعبر عن المجالسة بالنداء حتى قيل للمجلس النادى والمنتدى والندى وقيل ذلك للجليس، قال (فليدع ناديه) ومنه سميت دار الندوة بمكة وهو المكان الذى كانوا يجتمعون فيه.
ويعبر عن السخاء بالندى فيقال فلان أندى كفا من فلان وهو يتندى على أصحابه أي يتسخى، وما نديت بشئ من فلان أي ما نلت منه ندى، ومنديات الكلم المخزيات التى تعرف.
نذر: النذر أن توجب على نفسك ما ليس بواجب لحدوث أمر، يقال نذرت لله أمرا، قال تعالى: (إنى نذرت للرحمن صوما) وقال (وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر) والانذار إخبار فيه تخويف كما أن التبشير إخبار فيه سرور، قال: (فأنذرتكم نارا تلظى - أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود - واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالاحقاف - والذين كفروا عما أنذروا معرضون - لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع - (لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم) والنذير المنذر ويقع على كل شئ فيه إنذار إنسانا كان أو غيره (إنى لكم نذير مبين - إنى أنا النذير المبين - وما أنا إلا نذير مبين - وجاءكم النذير - نذيرا للبشر) والنذر جمعه، قال: (هذا نذير من النذر الاولى) أي من جنس ما أنذر به الذين تقدموا قال: (كذبت ثمود بالنذر - ولقد جاء آل فرعون النذر - فكيف كان عذابي ونذر) وقد نذرت أي علمت ذلك وحذرت.
نزع: نزع الشئ جذبه من مقره كنزع القوس عن كبده ويستعمل ذلك في الاعراض،
ومنه نزع العداوة والمحبة من القلب، قال تعالى:

(ونزعنا ما في صدورهم من غل) وانتزعت آية من القرآن في كذا ونزع فلان كذا أي سلب قال: (تنزع الملك ممن تشاء) وقوله: (والنازعات غرقا) قيل هي الملائكة التى ننزع الارواح عن الاشباح، وقوله: (إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر) وقوله: (تنزع الناس) قيل تقلع الناس من مقرهم لشدة هبوبها.
وقيل تنزع أرواحهم من أبدانهم، والتنازع والمنازعة المجاذبة ويعبر بهما عن المخاصمة والمجادلة، قال: (فإن تنازعتم في شئ فردوه - فتنازعوا أمرهم بينهم) والنزع عن الشئ الكف عنه والنزوع الاشتياق الشديد وذلك هو المعبر عنه بإمحال النفس مع الحبيب، ونازعتني نفسي إلى كذا وأنزع القوم نزعت إبلهم إلى مواطنهم أي حنت، ورجل أنزع زال عنه شعر رأسه كأنه نزع عنه ففارق، والنزعة الموضع من رأس الانزع ويقال امرأة زعراء ولا يقال نزعاء، وبئر نزوع قريبة القعر ينزع منها باليد، وشراب طيب المنزعة أي المقطع إذا شرب كما قال:
(ختامه مسك).
نزغ: النزغ دخول في أمر لافساده، قال: (من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتى).
نزف: نزف الماء نزحه كله من البئر شيئا بعد شئ، وبئر نزوف نزف ماؤه، والنزفة الغرفة والجمع النزف، ونزف دمه أو دمعه أي نزع كله ومنه قيل سكران نزيف نزف فهمه بسكره، قال تعالى: (لا يصدعون عنها ولا ينزفون) وقرئ (ينزفون) من قولهم أنزفوا إذا نزف شرابهم أو نزعت عقولهم وأصله من قولهم أنزفوا أي نزف ماء بئرهم، وأنزفت الشئ أبلغ من نزفته، ونزف الرجل في الخصومة انقطعت حجته وفى مثل: هو أجبن من المنزوف ضرطا.
نزل: النزول في الاصل هو انحطاط من علو، يقال نزل عن دابته ونزل في مكان كذا حط رحله فيه، وأنزله غيره، قال: (أنزلنى منزلا مباركا وأنت خير المنزلين) ونزل بكذا وأنزله بمعنى، وإنزال الله تعالى نعمه ونقمه على الخلق وإعطاؤهم إياها وذلك إما بإنزال الشئ نفسه كإنزال القرآن وإما بإنزال أسبابه
والهداية إليه كإنزال الحديد واللباس، ونحو ذلك، قال: (الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب - الله الذى أنزل الكتاب - وأنزلنا الحديد - وأنزل معهم الكتاب والميزان - وأنزل لكم من الانعام ثمانية أزواج - وأنزلنا من السماء ماءا طهورا - وأنزلنا من المعصرات ماءا ثجاجا - و - أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم - أنزل علينا مائدة من السماء - أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده) ومن إنزال العذاب قوله (إنا منزلون

على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون) والفرق بين الانزال والتنزيل في وصف القرآن والملائكة أن التنزيل يختص بالموضع الذى يشير إليه إنزاله مفرقا ومرة بعد أخرى، والانزال عام، فمما ذكر فيه التنزيل قوله: (نزل به الروح الامين) وقرئ (نزل) (ونزلناه تنزيلا - إنا نحن نزلنا الذكر - لولا نزل هذا القرآن - ولو نزلناه على بعض الاعجمين - ثم أنزل الله سكينته - وأنزل جنودا لم تروها - لولا نزلت سورة - فإذا أنزلت سورة محكمة) فإنما ذكر في الاول
نزل وفى الثاني أنزل تنبيها أن المنافقين يقترحون أن ينزل شئ فشئ من الحث على القتال ليتولوه وإذا أمروا بذلك مرة واحدة تحاشوا منه فلم يفعلوه فهم يقترحون الكثير ولا يفون منه بالقليل.
وقوله: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة - شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن - إنا أنزلناه في ليلة القدر) وإنما خص لفظ الانزال دون التنزيل، لما روى أن القرآن نزل دفعة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم نزل نجما فنجما.
وقوله: (الاعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله) فخص لفظ الانزال ليكون أعم، فقد تقدم أن الانزال أعم من التنزيل، قال (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل) ولم يقل لو نزلنا تنبيها أنا لو خولناه مرة ما خولناك مرارا (لرأيته خاشعا).
وقوله: (قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله) فقد قيل أراد بإنزال الذكر ههنا بعثة النبي عليه الصلاة والسلام وسماه ذكرا كما سمى عيسى عليه السلام كلمة، فعلى هذا يكون قوله رسولا بدلا من قوله ذكرا.
وقيل بل أراد إنزال ذكره فيكون رسولا مفعولا لقوله ذكرا أي
ذكرا رسولا.
وأما التنزل فهو كالنزول به، يقال نزل الملك بكذا وتنزل ولا يقال نزل الله بكذا ولا تنزل، قال: (نزل به الروح الامين) وقال (تنزل الملائكة - وما نتنزل إلا بأمر ربك - يتنزل الامر بينهن) ولا يقال في المفترى والكذب وما كان من الشيطان إلا التنزل (وما تنزلت به الشياطين - على من تنزل الشياطين تنزل) الاية والنزل ما يعد للنازل من الزاد، قال (فلهم جنات المأوى نزلا) وقال (نزلا من عند الله) وقال في صفة أهل النار (لاكلون من شجر من زقوم) إلى قوله (هذا نزلهم يوم الدين - فنزل من حميم) وأنزلت فلانا أضفته.
ويعبر بالنازلة عن الشدة وجمعها نوازل، والنزال في الحرب المنازلة، ونزل فلان إذا أتى منى، قال الشاعر: * أنازلة أسماء أم غير نازلة * والنزالة والنزل يكنى بهما عن ماء الرجل إذا خرج عنه، وطعام نزل وذو نزل له ريع وحظ،

ونزل مجتمع تشبيها بالطعام النزل.
نسب: النسب والنسبة اشتراك من جهة
أحد الابوين وذلك ضربان: نسب بالطول كالاشتراك من الاباء والابناء، ونسب بالعرض كالنسبة بين بنى الاخوة وبنى الاعمام.
قال: (وجعله نسبا وصهرا) وقيل: فلان نسيب فلان: أي قريبه، وتستعمل النسبة في مقدارين متجانسين بعض التجانس يختص كل واحد منهما بالاخر، ومنه النسيب وهو الانتساب في الشعر إلى المرأة بذكر العشق، يقال نسب الشاعر بالمرأة نسبا ونسيبا.
نسخ: النسخ إزالة شئ بشئ يتعقبه كنسخ الشمس الظل، والظل الشمس، والشيب الشباب.
فتارة يفهم منه الازالة وتارة يفهم منه الاثبات، وتارة يفهم منه الامران.
ونسخ الكتاب إزالة الحكم بحكم يتعقبه، قال تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها) قيل معناه ما نزيل العمل بها أو نحذفها عن قلوب العباد، وقيل معناه ما نوجده وننزله من قولهم نسخت الكتاب، وما ننسأه أي نؤخره فلم ننزله، (فينسخ الله ما يلقى الشيطان) ونسخ الكتاب نقل صورته المجردة إلى كتاب آخر، وذلك لا يقتضى إزالة الصورة الاولى بل يقتضى
إثبات مثلها في مادة أخرى كاتخاذ نقش الخاتم في شموع كثيرة، والاستنساخ التقدم بنسخ الشئ والترشح للنسخ.
وقد يعبر بالنسخ عن الاستنساخ، قال (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) والمناسخة في الميراث هو أن يموت ورثة بعد ورثة والميراث قائم لم يقسم، وتناسخ الازمنة والقرون مضى قوم بعد قوم يخلفهم.
والقائلون بالتناسخ قوم ينكرون البعث على ما أثبتته الشريعة، ويزعمون أن الارواح تنتقل إلى الاجسام على التأبيد.
نسر: نسر اسم صنم في قوله (ونسرا) والنسر طائر ومصدر نسر الطائر الشئ بمنسره أي نقره، ونسر الحافر لحمة ناتئة تشبيها به، والنسران نجمان طائر وواقع، ونسرت كذا تناولته قليلا قليلا، تناول الطائر الشئ بمنسره.
نسف: نسفت الريح الشئ اقتلعته وأزالته، يقال نسفته وانتسفته، قال (ينسفها ربى نسفا) ونسف البعير الارض بمقدم رجله إذا رمى بترابه، يقال ناقة نسوف، قال تعالى: (ثم لننسفنه في اليم نسفا) أي نطرحه فيه طرح النسافة وهى ما تثور من غبار الارض.
وتسمى الرغوة نسافة تشبيها بذلك، وإناء نسفان امتلا فعلاه نسافة، وانتسف لونه أي تغير عما كان عليه نسافه كما يقال اغبر وجهه.
والنسفة حجارة ينسف بها الوسخ عن القدم، وكلام نسيف أي متغير ضئيل.
نسك: النسك العبادة والناسك العابد

واختص بأعمال الحج، والمناسك مواقف النسك وأعمالها، والنسيكة مختصة بالذبيحة، قال (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك - فإذا قضيتم مناسككم - منسكا هم ناسكوه).
نسل: النسل الانفصال عن الشئ، يقال نسل الوبر عن البعير والقميص عن الانسان، قال الشاعر: * فسلى ثيابي عن ثيابك تنسلى * والنسالة ما سقط من الشعر وما يتحات من الريش، وقد أنسلت الابل حان أن ينسل وبرها، ومنه نسل إذا عدا، ينسل نسلانا إذا أسرع، قال (وهم من كل حدب ينسلون) والنسل الولد لكونه ناسلا عن أبيه، قال (ويهلك الحرث والنسل) وتناسلوا توالدوا، ويقال أيضا
إذا طلبت فضل إنسان فخذ ما نسل لك منه عفوا.
نسى: النسيان ترك الانسان ضبط ما استودع إما لضعف قلبه، وإما عن غفلة وإما عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره، يقال نسيته نسيانا، قال (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما - فذوقوا بما نسيتم - فإنى نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان - لا تؤاخذني بما نسيت - فنسوا حظا مما ذكروا به - ثم إذا خوله نعمة منه نسى ما كان يدعو إليه من قبل - سنقرئك فلا تنسى) إخبار وضمان من الله تعالى أنه يجعله بحيث لا ينسى ما يسمعه من الحق، وكل نسيان من الانسان ذمه الله تعالى به فهو ما كان أصله عن تعمد وما عذر فيه نحو ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم " رفع عن أمتى الخطأ والنسيان " فهو ما لم يكن سببه منه، وقوله (فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم) هو ما كان سببه عن تعمد منهم وتركه على طريق الاهانة، وإذا نسب ذلك إلى الله فهو تركه إياهم استهانة بهم ومجازاة لما تركوه، قال (فاليوم ننساهم كما نسوا
لقاء يومهم هذا - نسوا الله فنسيهم) وقوله (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم) فتنبيه أن الانسان بمعرفته بنفسه يعرف الله، فنسيانه لله هو من نسيانه نفسه.
وقوله تعالى: (واذكر ربك إذا نسيت).
قال ابن عباس: إذا قلت شيئا ولم تقل إن شاء الله فقله إذا تذكرته، وبهذا أجاز الاستثناء بعد مدة، قال عكرمة: معنى نسيت ارتكبت ذنبا، ومعناه اذكر الله إذا أردت وقصدت ارتكاب ذنب يكن ذلك دافعا لك فالنسى أصله ما ينسى كالنقض لما ينقض وصار في التعارف اسما لما يقل الاعتداد به، ومن هذا تقول العرب احفظوا أنساءكم أي ما من شأنه أن ينسى، قال الشاعر:

* كأن لها في الارض نسيا تقصه * وقوله تعالى: (نسيا منسيا) أي جاريا مجرى النسى القليل الاعتداد به وإن لم ينس ولهذا عقبه بقوله منسيا لان النسى قد يقال لما يقل الاعتداد به وإن لم ينس، وقرئ نسيا وهو مصدر موضوع موضع المفعول نحو عصى عصيا وعصيانا.
وقوله: (ما ننسخ من آية أو
ننسها) فإنساؤها حذف ذكرها عن القلوب بقوة إلهية.
والنساء والنسوان والنسوة جمع المرأة من غير لفظها كالقوم في جمع المرء، قال تعالى: (لا يسخر قوم من قوم) إلى قوله: (ولا نساء من نساء - نساؤكم حرث لكم - يا نساء النبي - وقال نسوة في المدينة - ما بال النسوة اللاتى قطعن أيديهن) والنسا عرق وتثنيته نسيان وجمعه أنساء.
نسأ: النسء تأخير في الوقت، ومنه نسئت المرأة إذا تأخر وقت حيضها فرجى حملها وهى نسوء، يقال نسأ الله في أجلك ونسأ الله أجلك والنسيئة بيع الشئ بالتأخير ومنها النسئ الذى كانت العرب تفعله وهو تأخير بعض الاشهر الحرم إلى شهر آخر، قال: (إنما النسئ زيادة في الكفر) وقرئ (ما ننسخ من آية أو ننسأها) أي نؤخرها إما بإنسائها وإما بإبطال حكمها.
والمنسأ عصا ينسأ به الشئ أي يؤخر، قال: (تأكل منسأته) ونسأت الابل في ظمئها يوما أو يومين أي أخرت، قال الشاعر: وعنس كألواح الإران نسأتها * إذا قيل للمشبوبتين هما هما
والنسوء الحليب إذا أخر تناوله فحمض فمد بماء.
نشر: النشر، نشر الثوب والصحيفة والسحاب والنعمة والحديث بسطها، قال: (وإذا الصحف نشرت) وقال: (وهو الذى يرسل الرياح نشرا بين يدى رحمته - وينشر رحمته) وقوله: (والناشرات نشرا) أي الملائكة التى تنشر الرياح أو الرياح التى تنشر السحاب، ويقال في جمع الناشر نشر وقرئ نشرا فيكون كقوله والناشرات ومنه سمعت نشرا حسنا أي حديثا ينشر من مدح وغيره، ونشر الميت نشورا، قال: (وإليه النشور - بل كانوا لا يرجون نشورا - ولا يمكلون موتا ولا حياة ولا نشورا)، وأنشر الله الميت فنشر، قال: (ثم إذا شاء أنشره - فأنشرنا به بلدة ميتا) وقيل نشر الله الميت وأنشره بمعنى، والحقيقة أن نشر الله الميت مستعار من نشر الثوب، قال الشاعر: طوتك خطوب دهرك بعد نشر * كذاك خطوبه طيا ونشرا وقوله: (وجعل النهار نشورا) أي جعل فيه

الانتشار وابتغاء الرزق كما قال: (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار) الاية، وانتشار الناس تصرفهم في الحاجات، قال: (ثم إذا أنتم بشر تنتشرون - فإذا طعمتم فانتشروا - فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض) وقيل نشروا في معنى انتشروا وقرئ: (وإذا قيل انشروا فانشروا) أي تفرقوا.
والانتشار انتفاخ عصب الدابة، والنواشر عروق باطن الذراع وذلك لانتشارها، والنشر الغيم المنتشر وهو للمنشور كالنقض للمنقوض ومنه قيل اكتسى البازى ريشا نشرا أي منتشرا واسعا طويلا، والنشر الكلا اليابس، إذا أصابه مطر فينشر أي يحيا فيخرج منه شئ كهيئة الحلمة وذلك داء للغنم، يقال منه نشرت الارض فهى ناشرة ونشرت الخشب بالمنشار نشرا اعتبارا بما ينشر منه عند النحت، والنشرة رقية يعالج المريض بها.
نشز: النشز المرتفع من الارض، ونشز فلان إذا قصد نشزا ومنه نشز فلان عن مقره نبا وكل ناب ناشز، قال: (وإذا قيل انشزوا فانشزوا) ويعبر عن الاحياء بالنشز والانشاز
لكونه ارتفاعا بعد اتضاع، قال: (وانظروا إلى العظام كيف ننشزها)، وقرئ بضم النون وفتحها (واللائى تخافون نشوزهن) ونشوز المرأة بغضها لزوجها ورفع نفسها عن طاعته وعينها عنه إلى غيره وبهذا النظر قال الشاعر: إذا جلست عند الامام كأنها * ترى رفقة من ساعة تستحيلها وعرق ناشز أي ناتئ.
نشط: قال الله تعالى: (والناشطات نشطا) قيل أراد بها النجوم الخارجات من الشرق إلى الغرب بسير الفلك، أو السائرات من المغرب إلى المشرق بسير أنفسها من قولهم ثور ناشط خارج من أرض إلى أرض، وقيل الملائكة التى تنشط أرواح الناس أي تنزع، وقيل الملائكة التى تعقد الامور من قولهم نشطت العقدة، وتخصيص النشط وهو العقد الذى يسهل حله تنبيها على سهولة الامر عليهم، وبئر أنشاط قريبة القعر يخرج دلوها بجذبة واحدة، والنشيطة ما ينشط الرئيس لاخذه قبل القسمة وقيل النشيطة من الابل أن يجدها الجيش فتساق من غير أن يحدى لها، ويقال نشطته الحية:
نهشته.
نشأ: النشء والنشأة إحداث الشئ وتربيته، قال (ولقد علمتم النشأة الاولى) يقال: نشأ فلان والناشئ يراد به الشاب، وقوله: (إن ناشئة الليل هي أشد وطأ) يريد القيام والانتصاب للصلاة، ومنه نشأ السحاب لحدوثه في الهواء وتربيته شيئا فشيئا، قال: (وينشئ السحاب الثقال) والانشاء إيجاد الشئ وتربيته

وأكثر ما يقال ذلك في الحيوان، قال (وهو الذى أنشأكم وجعل لكم السمع والابصار).
وقال (هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الارض) وقال (ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين) وقال (ثم أنشأناه خلقا آخر - وننشئكم فيما لا تعلمون - وينشئ النشأة الاخرى) فهذه كلها في الايجاد المختص بالله، وقوله: (أفرأيتم النار التى تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون) فلتشبيه إيجاد النار المستخرجة بإيجاد الانسان، وقوله: (أو من ينشأ في الحلية) أي يربى تربية كتربية النساء، وقرئ: ينشأ، أي يتربى نصب: نصب الشئ وضعه وضعا ناتئا
كنصب الرمح والبناء والحجر، والنصيب الحجارة تنصب على الشئ، وجمعه نصائب ونصب، وكان للعرب حجارة تعبدها وتذبح عليها، قال (كأنهم إلى نصب يوفضون) قال: (وما ذبح على النصب) وقد يقال في جمعه أنصاب، قال: (والانصاب والازلام) والنصب والنصب التعب، وقرئ: بنصب وعذاب ونصب وذلك مثل: بخل وبخل، قال: (لا يمسنا فيها نصب) وأنصبني كذا أي أتعبني وأزعجني، قال الشاعر: * تأوبنى هم مع الليل منصب * وهم ناصب قيل هو مثل عيشة راضية، والنصب التعب، قال: (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) وقد نصب فهو نصب وناصب، قال تعالى: (عاملة ناصبة) والنصيب الحظ المنصوب أي المعين، قال (أم لهم نصيب من الملك - ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب - فإذا فرغت فانصب) ويقال ناصبه الحرب والعداوة ونصب له، وإن لم يذكر الحرب جاز، وتيس أنصب، وشاة أو عنزة نصباء منتصب القرن، وناقة نصباء منتصبة الصدر، ونصاب السكين ونصبه،
ومنه نصاب الشئ أصله، ورجع فلان إلى منصبه أي أصله، وتنصب الغبار ارتفع، ونصب الستر رفعه، والنصب في الاعراب معروف، وفى الغناء ضرب منه.
نصح: النصح تحرى فعل أو قول فيه صلاح صاحبه، قال: (لقد أبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين) وقال: (وقاسمهما إنى لكما لمن الناصحين - ولا ينفعكم نصحي إن أرادت أن أنصح لكم) وهو من قولهم نصحت له الود أي أخلصته، وناصح العسل خالصه أو من قولهم نصحت الجلد خطته، والناصح الخياط والنصاح الخيط، وقوله: (توبوا إلى الله توبة نصوحا) فمن أحد هذين: إما الاخلاص، وإما الاحكام، ويقال نصوح ونصاح نحو ذهوب وذهاب، قال: * أحببت حبا خالطته نصاحة *

نصر: النصر والنصرة العون، قال: (نصر من الله - إذا جاء نصر الله - وانصروا آلهتكم - إن ينصركم الله فلا غالب لكم - وانصرنا على القوم الكافرين -
وكان حقا علينا نصر المؤمنين - إنا لننصر رسلنا - وما لهم في الارض من ولى ولا نصير - وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا - ما لكم من دون الله من ولى ولا نصير - فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله) إلى غير ذلك من الايات، ونصرة الله للعبد ظاهرة، ونصرة العبد لله هو نصرته لعباده والقيام بحفظ حدوده ورعاية عهوده واعتناق أحكامه واجتناب نهيه، قال (وليعلم الله من ينصره - إن تنصروا الله ينصركم - كونوا أنصار الله) والانتصار والاستنصار طلب النصرة (والذين إذا أصابهم البغى هم ينتصرون - وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر - ولمن انتصر بعد ظلمه - فدعا ربه أنى مغلوب فانتصر) وإنما قال فانتصر ولم يقل انصر تنبيها أن ما يلحقني يلحقك من حيث إنى جئتهم بأمرك، فإذا نصرتني فقد انتصرت لنفسك، والتناصر التعاون، قال: (ما لكم لا تناصرون) والنصارى قيل سموا بذلك لقوله: (كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله) وقيل سموا بذلك انتسابا إلى
قرية يقال لها نصران، فيقال نصراني وجمعه نصارى، قال: (وقالت اليهود ليست النصارى) الاية، ونصر أرض بنى فلان أي مطر، وذلك أن المطر هو نصرة الارض، ونصرت فلانا أعطيته إما مستعار من نصر الارض أو من العون.
نصف: نصف الشئ شطره، قال: (ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد وإن كانت واحدة فلها النصف - فلها نصف ما ترك) وإناء نصفان بلغ ما فيه نصفه، ونصف النهار وانتصف بلغ نصفه، ونصف الازار ساقه، والنصيف مكيال كأنه نصف المكيال الاكبر، ومقنعة النساء كأنها نصف من المقنعة الكبيرة، قال الشاعر: سقط النصيف ولم ترد إسقاطه * فتناولته واتقتنا باليد وبلغنا منصف الطريق.
والنصف المرأة التى بين الصغيرة والكبيرة، والمنصف من الشراب ما طبخ فذهب منه نصفه، والانصاف في المعاملة العدالة وذلك أن لا يأخذ من صاحبه من المنافع إلا مثل ما يعطيه، ولا ينيله من
المضار إلا مثل ما يناله منه، واستعمل النصفة في الخدمة فقيل للخادم ناصف وجمعه نصف وهو أن يعطى صاحبه ما عليه بإزاء ما يأخذ

من النفع.
والانتصاف، والاستنصاف: طلب النصفة.
نصا: الناصية قصاص الشعر ونصوت فلانا وانتصيته وناصيته أخذت بناصيته، وقوله (ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها) أي متمكن منها، قال تعالى: (لنسفعا بالناصية ناصية) وحديث عائشة رضى الله عنها " ما لكم تنصون ميتكم " أي تمدون ناصيته.
وفلان ناصية قومه كقولهم رأسهم وعينهم، وانتصى الشعر طال، والنصى مرعى من أفضل المراعى.
وفلان نصية قوم أي خيارهم تشبيها بذلك المرعى.
نضج: يقال نضج اللحم نضجا ونضجا إذا أدرك شيه، قال تعالى: (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) ومنه قيل ناقة منضجة إذا جاوزت بحملها وقت ولادتها، وقد نضجت وفلان نضيج الرأى محكمه.
نضد: يقال نضدت المتاع بعضه على بعض
ألقيته فهو منضود ونضيد، والنضد السرير الذى ينضد عليه المتاع ومنه استعير طلع نضيد وقال (وطلح منضود) وبه شبه السحاب المتراكم فقيل له النضد وأنضاد القوم جماعاتهم، ونضد الرجل من يتقوى به من أعمامه وأخواله.
نضر: النضرة الحسن كالنضارة، قال (نضرة النعيم) أي رونقه، قال (ولقاهم نضرة وسرورا) ونضر وجهه ينضر فهو ناضر، وقيل نضر ينضر قال (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) ونضر الله وجهه.
وأخضر ناضر: غصن حسن.
والنضر والنضير الذهب لنضارته، وقدح نضار خالص كالتبر، وقدح نضار بالاضافة متخذ من الشجر.
نطح: النطيحة ما نطح من الاغنام فمات، قال (والمتردية والنطيحة) والنطيح والناطح الظبى والطائر الذى يستقبلك بوجهه كأنه ينطحك ويتشاءم به، ورجل نطيح مشئوم ومنه نواطح الدهر أي شدائده، وفرس نطيح يأخذ فودى رأسه بياض.
نطف: النطفة الماء الصافى ويعبر بها عن ماء الرجل، قال: (ثم جعلناه نطفة في قرار مكين) وقال (من نطفة أمشاج - ألم يك
نطفة من منى يمنى) ويكنى عن اللؤلؤة بالنطفة ومنه صبى منطف إذا كان في أذنه لؤلؤة، والنطف الدلو الواحدة نطفة، وليلة نطوف يجئ فيها المطر حتى الصباح، والناطف السائل من المائعات ومنه الناطف المعروف، وفلان منطف المعروف وفلان ينطف بسوء كذلك كقولك يندى به.
نطق: النطق في التعارف الاصوات المقطعة التى يظهرها اللسان وتعيها الاذان قال (ما لكم لا تنطقون) ولا يكاد يقال إلا للانسان ولا يقال لغيره إلا على سبيل التبع نحو الناطق والصامت فيراد بالناطق ما له صوت وبالصامت

ما ليس له صوت، ولا يقال للحيوانات ناطق إلا مقيدا وعلى طريق التشبيه كقول الشاعر: عجبت لها أنى يكون غناؤها * فصيحا ولم تفغر لمنطقها فما والمنطقيون يسمون القوة التى منها النطق نطقا وإياها عنوا حيث حدوا الانسان فقالوا هو الحى الناطق المائت، فالنطق لفظ مشترك عندهم بين القوة الانسانية التى يكون بها الكلام وبين الكلام المبرز بالصوت، وقد يقال الناطق
لما يدل على شئ وعلى هذا قيل لحكيم: ما الناطق الصامت ؟ فقال: الدلائل المخبرة والعبر الواعظة.
وقوله (لقد علمت ما هؤلاء ينطقون) إشارة إلى أنهم ليسوا من جنس الناطقين ذوى العقول، وقوله (قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شئ) فقد قيل أراد الاعتبار فمعلوم أن الاشياء كلها ليست تنطق إلا من حيث العبرة وقوله (علمنا منطق الطير) فإنه سمى أصوات الطير نطقا اعتبارا بسليمان الذى كان يفهمه، فمن فهم من شئ معنى فذلك الشئ بالاضافة إليه ناطق وإن كان صامتا، وبالاضافة إلى من لا يفهم عنه صامت وإن كان ناطقا.
وقوله (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) فإن الكتاب ناطق لكن نطقه تدركه العين كما أن الكلام كتاب لكن يدركه السمع.
وقوله (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شئ) فقد قيل إن ذلك يكون بالصوت المسموع وقيل يكون بالاعتبار والله أعلم بما يكون في النشأة الاخرة.
وقيل حقيقة النطق اللفظ الذى هو كالنطاق للمعنى في ضمه وحصره والمنطق والمنطقة ما يشد به الوسط وقول الشاعر:
وأبرح ما أدام الله قومي * بحمد الله منتطقا مجيدا فقد قيل منتطقا جانبا أي قائدا فرسا لم يركبه، فإن لم يكن في هذا المعنى غير هذا البيت فإنه يحتمل أن يكون أراد بالمنتطق الذى شد النطاق كقوله من يطل ذيل أبيه ينتطق به، وقيل معنى المنتطق المجيد هو الذى يقول قولا فيجيد فيه.
نظر: النظر تقليب البصر والبصيرة لادراك الشئ ورؤيته، وقد يراد به التأمل والفحص، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص وهو الروية، يقال نظرت فلم تنظر أي لم تتأمل ولم تترو، وقوله: (قل انظروا ماذا في السموات) أي تأملوا.
واستعمال النظر في البصر أكثر عند العامة، وفى البصيرة أكثر عند الخاصة، قال (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) ويقال نظرت إلى كذا إذا مددت طرفك إليه رأيته أو لم تره، ونظرت فيه إذا رأيته وتدبرته، قال: (أفلا ينظرون إلى الابل كيف خلقت) نظرت في كذا تأملته، قال: (فنظر نظرة في النجوم فقال إنى سقيم) وقوله تعالى (أولم ينظروا

في ملكوت السموات والارض) فذلك حث على تأمل حكمته في خلقها.
ونظر الله تعالى إلى عباده: هو إحسانه إليهم وإفاضة نعمه عليهم، قال: (ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة) وعلى ذلك قوله: (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) والنظر الانتظار، يقال نظرته وانتظرته وأنظرته أي أخرته، قال تعالى: (وانتظروا إنا منتظرون) وقال (فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم - قل فانتظروا إنى معكم من المنتظرين) وقال (انظرونا نقتبس من نوركم - وما كانوا إذا منظرين - قال أنظرني إلى يوم يبعثون - قال إنك من المنظرين) وقال: (فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون) وقال: (لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون) وقال (فما بكت عليهم السماء والارض وما كانوا منظرين) فنفى الانظار عنهم إشارة إلى ما نبه عليه بقوله: (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) وقال: (إلى طعام غير ناظرين إناه) أي منتظرين وقال: (فناظرة بم يرجع المرسلون - هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة) وقال: (هل ينظرون
إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون) وقال: (ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة) وأما قوله: (رب أرنى أنظر إليك) فشرحه وبحث حقائقه يختص بغير هذا الكتاب.
ويستعمل النظر في التحير في الامور نحو قوله: (فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون) وقال: (وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون) وقال: (وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفى - ومنهم من ينظر إليك - أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون) فكل ذلك نظر عن تحير دال على قلة الغناء.
وقوله: (وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون) قيل مشاهدون وقيل تعتبرون، وقول الشاعر: * نظر الدهر إليهم فابتهل * فتنبيه أنه خانهم فأهلكهم، وحى نظر أي متجاورون يرى بعضهم بعضا كقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يتراءى ناراهما " والنظير المثيل وأصله المناظر وكأنه ينظر كل واحد منهما إلى صاحبه فيباريه وبه نظرة، إشارة إلى قول الشاعر: وقالوا به من أعين الجن نظرة
والمناظرة المباحثة والمباراة في النظر واستحضار كل ما يراه ببصيرته، والنظر البحث وهو أعم من القياس لان كل قياس نظر وليس كل نظر قياسا.
نعج: النعجة الانثى من الضأن والبقر الوحش والشاة الجبلى وجمعها نعاج، قال: (إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة) ونعج الرجل إذا أكل لحم ضأن

فأتخم منه، وأنعج الرجل سمنت نعاجه، والنعج الابيضاض، وأرض ناعجة سهلة.
نعس: النعاس النوم القليل، قال: (إذ يغشيكم النعاس أمنة - نعاسا) وقيل النعاس ههنا عبارة عن السكون والهدو وإشارة إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " طوبى لكل عبد نومة ".
نعق: نعق الراعى بصوته.
قال تعالى: (كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء).
نعل: النعل معروفة، قال (فاخلع نعليك) وبه شبه نعل الفرس ونعل السيف وفرس منعل في أسفل رسغه بياض على شعره، ورجل
ناعل ومنعل ويعبر به عن الغنى كما يعبر بالحافى عن الفقير.
نعم: النعمة الحالة الحسنة وبناء النعمة بناء الحالة التى يكون عليها الانسان كالجلسة والركبة، والنعمة التنعم وبناؤها بناء المرة من الفعل كالضربة والشتمة، والنعمة للجنس تقال للقليل والكثير، قال (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها - اذكروا نعمتي التى أنعمت عليكم) وأتممت عليكم نعمتي - فانقلبوا بنعمة من الله) إلى غير ذلك من الايات.
والانعام إيصال الاحسان إلى الغير، ولا يقال إلا إذا كان الموصل إليه من جنس الناطقين فإنه لا يقال أنعم فلان على فرسه.
قال تعالى: (أنعمت عليهم - وإذ تقول للذى أنعم الله عليه - وأنعمت عليه) والنعماء بإزاء الضراء، قال (ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته) والنعمى نقيض البؤسى، قال (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه) والنعيم النعمة الكثيرة، قال (في جنات النعيم) وقال (جنات النعيم) وتنعم تناول ما فيه النعمة وطيب العيش، يقال نعمه تنعيما فتنعم أي جعله في نعمة أي لين عيش وخصب، قال: (فأكرمه ونعمه) وطعام ناعم وجارية ناعمة.
والنعم مختص بالابل، وجمعه أنعام وتسميته بذلك لكون الابل عندهم أعظم نعمة، لكن الانعام تقال للابل والبقر والغنم، ولا يقال لها أنعام حتى يكون في جملتها الابل قال: (وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون - ومن الانعام حمولة وفرشا)، وقوله: (فاختلط به نبات الارض مما يأكل الناس والانعام) فالانعام ههنا عام في الابل وغيرها.
والنعامى الريح الجنوب الناعمة الهبوب، والنعامة سميت تشبيها بالنعم في الخلقة، والنعامة المظلة في الجبل، وعلى رأس البئر تشبيها بالنعامة في الهيئة من البعد، والنعائم من منازل القمر تشبيها بالنعامة وقول الشاعر: * وابن النعامة عند ذلك مركبي * فقد قيل أراد رجله وجعلها ابن النعامة تشبيها بها في السرعة.
وقيل النعامة باطن القدم، وما أرى قال ذلك من قال إلا من قولهم ابن

النعامة.
وقولهم تنعم فلان إذا مشى مشيا خفيفا فمن النعمة.
ونعم كلمة تستعمل في المدح بإزاء بئس في الذم، قال (نعم العبد إنه أواب - فنعم أجر العاملين - نعم المولى ونعم النصير -
والارض فرشناها فنعم الماهدون - إن تبدوا الصدقات فنعما هي) وتقول إن فعلت كذا فبها ونعمت أي نعمت الخصلة هي، وغسلته غسلا نعما، يقال فعل كذا وأنعم أي زاد وأصله من الانعام، ونعم الله بك عينا.
ونعم كلمة للايجاب من لفظ النعمة، تقول نعم ونعمة عين ونعمى عين ونعام عين، ويصح أن يكون من لفظ أنعم منه، أي ألين وأسهل.
نغض: الانغاض تحريك الرأس نحو الغير كالمتعجب منه، قال: (فسينغضون إليك رؤسهم) يقال نغض نغضانا إذا حرك رأسه ونغض أسنانه في ارتجاف، والنغض الظليم الذى ينغض رأسه كثيرا، والنغض غضروف الكتف.
نفث: النفث قذف الريق القليل وهو أقل من التفل، ونفث الراقي والساحر أن ينفث في عقده، قال: (ومن شر النفاثات في العقد) ومنه الحية تنفث السم، وقيل لو سألته نفاثة سواك ما أعطاك أي ما بقى في أسنانك فنفثت به، ودم نفيث نفثه الجرح، وفى المثل: لا بد للمصدور أن ينفث.
نفح: نفح الريح ينفح نفحا وله نفحة
طيبة أي هبوب من الخير وقد يستعار ذلك للشر، قال: (ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك) ونفحت الدابة رمت بحافرها، ونفحه بالسيف ضربه به، والنفوح من النوق التى يخرج لبنها من غير حلب، وقوس نفوح بعيدة الدفع للسهم، وأنفحة الجدى معروفة.
نفخ: النفخ نفخ الريح في الشئ، قال: (يوم ينفخ في الصور - ونفخ في الصور - ثم نفخ فيه أخرى) وذلك نحو قوله: (فإذا نقر في الناقور) ومنه نفخ الروح في النشأة الاولى، قال (ونفخت فيه من روحي) يقال انتفخ بطنه، ومنه استعير انتفخ النهار إذا ارتفع، ونفخة الربيع حين أعشب، ورجل منفوخ أي سمين.
نفد: النفاد الفناء، قال (إن هذا لرزقنا ما له من نفاد) يقال نفد ينفد، قال: (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد - ما نفدت كلمات الله) وأنفدوا فنى زادهم، وخصم منافد إذا خاصم لينفد حجة صاحبه، يقال نافدته فنفدته.
نفذ: نفذ السهم في الرمية نفوذا ونفاذا
والمثقب في الخشب إذا خرق إلى الجهة الاخرى، ونفذ فلان في الامر نفاذا وأنفذته، قال (إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والارض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان)

ونفذت الامر تنفيذا، والجيش في غزوه، وفى الحديث: " نفذوا جيش أسامة " والمنفذ الممر النافذ.
نفر: النفر الانزعاج عن الشئ وإلى الشئ كالفزع إلى الشئ وعن الشئ، يقال نفر عن الشئ نفورا، قال (ما زادهم إلا نفورا - وما يزيدهم إلا نفورا) ونفر إلى الحرب ينفر وينفر نفرا ومنه يوم النفر، قال (انفروا خفافا وثقالا - إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما - ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله - وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة) والاستنفار حث القوم على النفر إلى الحرب، والاستنفار حمل القوم على أن ينفروا أي من الحرب، والاستنفار أيضا طلب النفار، وقوله (كأنهم حمر مستنفرة) قرئ بفتح الفاء وكسرها، فإذا كسر الفاء فمعناه نافرة، وإذا فتح فمعناه منفرة.
والنفر
والنفير والنفرة عدة رجال يمكنهم النفر.
والمنافرة المحاكمة في المفاخرة، وقد أنفر فلان إذا فضل في المنافرة، وتقول العرب نفر فلان إذا سمى باسم يزعمون أن الشيطان ينفر عنه، قال أعرابي قيل لابي لما ولدت: نفر عنه، فسماني قنفذا وكناني أبا العدا.
ونفر الجلد ورم، قال أبو عبيدة: هو من نفار الشئ عن الشئ أي تباعده عنه وتجافيه.
نفس: النفس الروح في قوله: (أخرجوا أنفسكم) قال: (واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه) وقوله: (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) وقوله: (ويحذركم الله نفسه) فنفسه ذاته وهذا وإن كان قد حصل من حيث اللفظ مضاف ومضاف إليه يقتضى المغايرة وإثبات شيئين من حيث العبارة فلا شئ من حيث المعنى سواه تعالى عن الاثنوية من كل وجه.
وقال بعض الناس إن إضافة النفس إليه تعالى إضافة الملك، ويعنى بنفسه نفوسنا الامارة بالسوء، وأضاف إليه على سبيل الملك.
والمنافسة مجاهدة النفس للتشبه بالافاضل واللحوق بهم من غير إدخال ضرر على غيره، قال (وفى ذلك فليتنافس المتنافسون) وهذا
كقوله (سابقوا إلى مغفرة من ربكم) والنفس الريح الداخل والخارج في البدن من الفم والمنخر وهو كالغذاء للنفس وبانقطاعه بطلانها ويقال للفرج نفس ومنه ما روى " إنى لا أجد نفس ربكم من قبل اليمن " وقوله عليه الصلاة والسلام " لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن " أي مما يفرج بها الكرب، يقال اللهم نفس عنى، أي فرج عنى.
وتنفست الريح إذا هبت طيبة، قال الشاعر: فإن الصبا ريح إذا ما تنفست * على نفس محزون تجلت همومها والنفاس ولادة المرأة، تقول هي نفساء وجمعها نفاس، وصبى منفوس، وتنفس النهار عبارة

عن توسعه، قال: (والصبح إذا تنفس) ونفست بكذا ضنت نفسي به، وشئ نفيس ومنفوس به ومنفس.
نفش: النفش نشر الصوف، قال (كالعهن المنفوش) ونفش الغنم انتشارها، والنفش بالفتح الغنم المنتشرة، قال تعالى: (إذ نفشت فيه غنم القوم) والابل النوافش المترددة ليلا في المرعى بلا راع.
نفع: النفع ما يستعان به في الوصول إلى الخيرات وما يتوصل به إلى الخير فهو خير، فالنفع خير وضده الضر، قال تعالى: (ولا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا) وقال: (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا) وقال: (لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم - ولا تنفع الشفاعة - ولا ينفعكم نصحي) إلى غير ذلك من الايات.
نفق: نفق الشئ مضى ونفد، ينفق إما بالبيع نحو نفق البيع نفاقا ومنه نفاق الايم، ونفق القوم إذا نفق سوقهم.
وإما بالموت نحو نفقت الدابة نفوقا، وإما بالفناء نحو نفقت الدراهم تنفق وأنفقتها.
والانفاق قد يكون في المال وفى غيره وقد يكون واجبا وتطوعا، قال: (وأنفقوا في سبيل الله - وأنفقوا مما رزقناكم) وقال: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون - وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم - وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه - لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح) إلى غير ذلك من الايات.
وقوله: (قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربى إذا لامسكتم خشية الانفاق) أي خشية الاقتار، يقال أنفق فلان
إذا نفق ما له فافتقر فالانفاق ههنا كالاملاق في قوله (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) والنفقة اسم لما ينفق، قال: (وما أنفقتم من نفقة - ولا ينفقون نفقة) والنفق الطريق النافذ والسرب في الارض النافذ فيه قال (فإن استطعت أن تبتغى نفقا في الارض) ومنه نافقاء اليربوع، وقد نافق اليربوع ونفق، ومنه النفاق وهو الدخول في الشرع من باب والخروج عنه من باب وعلى ذلك نبه بقوله (إن المنافقين هم الفاسقون) أي الخارجون من الشرع، وجعل الله المنافقين شرا من الكافرين.
فقال (إن المنافقين في الدرك الاسفل من النار) ونيفق السراويل معروف.
نفل: النفل قيل هو الغنيمة بعينها لكن اختلفت العبارة عنه لاختلاف الاعتبار، فإنه إذا اعتبر بكونه مظفورا به يقال له غنيمة، وإذا اعتبر بكونه منحة من الله ابتداء من غير وجوب يقال له نفل، ومنهم من فرق بينهما من حيث العموم والخصوص فقال الغنيمة ما حصل مستغنما بتعب كان أو غير تعب، وباستحقاق كان أو غير استحقاق، وقبل الظفر كان أو بعده.
والنفل ما يحصل للانسان قبل

القسمة من جملة الغنيمة، وقيل هو ما يحصل للمسلمين بغير قتال وهو الفئ، وقيل هو ما يفصل من المتاع ونحوه بعد ما تقسم الغنائم وعلى ذلك حمل قوله (يسئلونك عن الانفال) الاية، وأصل ذلك من النفل أي الزيادة على الواجب، ويقال له النافلة، قال تعالى (ومن الليل فتهجد به نافلة لك) وعلى هذا قوله (ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة) وهو ولد الولد، ويقال نفلته كذا أي أعطيته نفلا، ونفله السلطان أعطاه سلب قتيله نفلا أي تفضلا وتبرعا، والنوفل الكثير العطاء، وانتفلت من كذا انتقيت منه.
نقب: النقب في الحائط والجلد كالثقب في الخشب، يقال نقب البيطار سرة الدابة بالمنقب وهو الذى ينقب به، والمنقب المكان الذى ينقب ونقب الحائط، ونقب القوم ساروا، قال: (فنقبوا في البلاد هل من محيص) وكلب نقيب نقبت غلصمته ليضعف صوته.
والنقبة أول الجرب يبدو وجمعها نقب، والناقبة قرحة، والنقبة ثوب كالازار سمى بذلك لنقبة تجعل فيها تكة، والمنقبة طريق منفذ في
الجبال، واستعير لفعل الكريم إما لكونه تأثيرا له أو لكونه منهجا في رفعه، والنقيب الباحث عن القوم وعن أحوالهم وجمعه نقباء، قال: (وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا).
نقذ: الانقاذ التخليص من ورطة، قال (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها) والنقذ ما أنقذته، وفرس نقيذ مأخوذ من قوم آخرين كأنه أنقذ منهم وجمعه نقائذ.
نقر: النقر قرع الشئ المفضى إلى النقب والمنقار ما ينقر به كمنقار الطائر والحديدة التى ينقر بها الرحى، وعبر به عن البحث فقيل نقرت عن الامر، واستعير للاغتياب فقيل نقرته، وقالت امرأة لزوجها: مر بى على بنى نظر ولا تمر بى على بنات نقر، أي على الرجال الذين ينظرون إلى لا على النساء اللواتى يغتبننى.
والنقرة وقبة يبقى فيها ماء السيل، ونقرة القفا: وقبته، والنقير وقبة في ظهر النواة ويضرب به المثل في الشئ الطفيف، قال تعالى: (ولا يظلمون نقيرا) والنقير أيضا خشب ينقر وينبذ فيه، وهو كريم النقير أي كريم إذا نقر عنه أي بحث، والناقور الصور،
قال (فإذا نقر في الناقور) ونقرت الرجل إذا صوت له بلسانك، وذلك بأن تلصق لسانك بنقرة حنكك، ونقرت الرجل إذا خصصته بالدعوة كأنك نقرت له بلسانك مشيرا إليه ويقال لتلك الدعوة النقرى.
نقص: النقص الخسران في الحظ والنقصان المصدر ونقصته فهو منقوص، قال: (ونقص من الاموال والانفس) وقال:

(وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص - ثم لم ينقصوكم شيئا).
نقض: النقض انتثار العقد من البناء والحبل والعقد وهو ضد الابرام، يقال نقضت البناء والحبل والعقد، وقد انتقض انتقاضا، والنقض المنقوض وذلك في الشعر أكثر والنقض كذلك وذلك في البناء أكثر، ومنه قيل للبعير المهزول نقض، ومنتقض الارض من الكمأة نقض، ومن نقض الحبل والعقد استعير نقض العهد، قال: (الذين ينقضون عهدهم - الذين ينقضون عهد الله - ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها) ومنه المناقضة في الكلام وفى الشعر كنقائض جرير والفرزدق والنقيضان من
الكلام ما لا يصح أحدهما مع الاخر نحو هو كذا وليس بكذا في شئ واحد وحال واحدة، ومنه انتقضت القرحة وانتقضت الدجاجة صوتت عند وقت البيض، وحقيقة الانتقاض ليس الصوت إنما هو انتقاضها في نفسها لكى يكون منها الصوت في ذلك الوقت فعبر عن الصوت به، وقوله: (الذى أنقض ظهرك) أي كسره حتى صار له نقيض، والانقاض صوت لزجر القعود، قال الشاعر: * أعلمتها الانقاض بعد القرقره * ونقيض المفاصل صوتها.
نقم: نقمت الشئ ونقمته إذا نكرته إما باللسان وإما بالعقوبة.
قال تعالى: (وما نقموا منهم إلا أن أغناهم الله - وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله - هل تنقمون منا) الاية والنقمة العقوبة.
قال (فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم - فانتقمنا من الذين أجرموا - فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين).
نكب: نكب عن كذا أي مال.
قال تعالى: (عن الصراط لناكبون) والمنكب مجتمع ما بين العضد والكتف
وجمعه مناكب ومنه استعير للارض.
قال: (فامشوا في مناكبها) واستعارة المنكب لها كاستعارة الظهر لها في قوله (ما ترك على ظهرها من دابة) ومنكب القوم رأس العرفاء مستعار من الجارحة استعارة الرأس للرئيس، واليد للناصر، ولفلان النكاية في قومه كقولهم النقابة.
والانكب المائل المنكب ومن الابل الذى يمشى في شق.
والنكب داء يأخذ في المنكب.
والنكباء ريح ناكبة عن المهب، ونكبته حوادث الدهر أي هبت عليه هبوب النكباء.
نكث: النكث نكث الاكسية والغزل قريب من النقض واستعير لنقض العهد قال تعالى (وإن نكثوا أيمانهم - إذا هم ينكثون) والنكث كالنقض، والنكيثة كالنقيضة، وكل خصلة ينكث فيها القوم يقال لها نكيثة، قال الشاعر:

* متى يك أمر للنكيثة أشهد * نكح: أصل النكاح للعقد، ثم استعير للجماع ومحال أن يكون في الاصل للجماع، ثم استعير للعقد لان أسماء الجماع كلها كنايات
لاستقباحهم ذكره كاستقباح تعاطيه، ومحال أن يستعير من لا يقصد فحشا اسم ما يستفظعونه لما يستحسنونه، قال تعالى: (وأنكحوا الايامى - إذا نكحتم المؤمنات فانكحوهن بإذن أهلهن) إلى غير ذلك من الايات.
نكد: النكد كل شئ خرج إلى طالبه بتعسر، يقال رجل نكد ونكد وناقة نكداء طفيفة الدر صعبة الحلب، قال (والذى خبث لا يخرج إلا نكدا).
نكر: الانكار ضد العرفان، يقال أنكرت كذا ونكرت وأصله أن يرد على القلب ما لا يتصوره وذلك ضرب من الجهل، قال (فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم - فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون) وقد يستعمل ذلك فيما ينكر باللسان وسبب الانكار باللسان هو الانكار بالقلب لكن ربما ينكر اللسان الشئ وصورته في القلب حاصلة ويكون في ذلك كاذبا.
وعلى ذلك قوله تعالى: (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها - فهم له منكرون - فأى آيات الله تنكرون) والمنكر كل فعل تحكم العقول الصحيحة بقبحه، أو تتوقف في استقباحه واستحسانه
العقول فتحكم بقبحه الشريعة وإلى ذلك قصد بقوله (والامرون بالمعروف والناهون عن المنكر - كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه - وينهون عن المنكر - وتأتون في ناديكم المنكر) وتنكير الشئ من حيث المعنى جعله بحيث لا يعرف، قال (نكروا لها عرشها) وتعريفه جعله بحيث يعرف.
واستعمال ذلك في عبارة النحويين هو أن يجعل الاسم على صيغة مخصوصة ونكرت على فلان وأنكرت إذا فعلت به فعلا يردعه، قال (فكيف كان نكير) أي إنكارى.
والنكر الدهاء والامر الصعب الذى لا يعرف وقد نكر نكارة، قال: (يوم يدع الداع إلى شئ نكر).
وفى الحديث " إذا وضع الميت في القبر أتاه ملكان منكر ونكير " واستعيرت المناكرة للمحاربة.
نكس: النكس قلب الشئ على رأسه ومنه نكس الولد إذا خرج رجله قبل رأسه، قال (ثم نكسوا على رؤوسهم) والنكس في المرض أن يعود في مرضه بعد إفاقته، ومن النكس في العمر قال (ومن نعمره ننكسه في الخلق) وذلك مثل قوله (ومنكم من يرد
إلى أرذل العمر) وقرئ (ننكسه)، قال الاخفش لا يكاد يقال نكسته بالتشديد إلا لما يقلب فيجعل رأسه أسفله.
والنكس السهم الذى انكسر فوقه فجعل أعلاه أسفله

فيكون رديئا، ولرداءته يشبه به الرجل الدنئ.
نكص: النكوص الاحجام عن الشئ، قال (نكص على عقبيه).
نكف: يقال نكفت من كذا واستنكفت منه أنفت.
قال (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله - فأما الذين استنكفوا) وأصله من نكفت الشئ نحيته ومن النكف وهو تنحية الدمع عن الخد بالاصبع، وبحر لا ينكف أي لا ينزح، والانتكاف الخروج من أرض إلى أرض.
نكل: يقال نكل عن الشئ ضعف وعجز، ونكلته قيدته، والنكل قيد الدابة وحديدة اللجام لكونهما مانعين والجمع الانكال، قال (إن لدينا أنكالا وجحيما) ونكلت به إذا فعلت به ما ينكل به غيره واسم ذلك الفعل نكال، قال (فجعلناها نكالا لما بين يديها
وما خلفها) وقال (جزاء بما كسبا نكالا من الله) وفى الحديث: " إن الله يحب النكل على النكل "، أي الرجل القوى على الفرس القوى.
نم: النم إظهار الحديث بالوشاية، والنميمة الوشاية، ورجل نمام، قال تعالى: (هماز مشاء بنميم) وأصل النميمة الهمس والحركة الخفيفة ومنه أسكت الله نامته أي ماينم عليه من حركته، والنمام نبت ينم عليه رائحته، والنمنمة خطوط متقاربة وذلك لقلة الحركة من كاتبها في كتابته.
نمل: قال تعالى: (قالت نملة يا أيها النمل) وطعام منمول فيه النمل، والنملة قرحة تخرج بالجنب تشبيها بالنمل في الهيئة، وشق في الحافر ومنه فرس نمل القوائم خفيفها.
ويستعار النمل للنميمة تصورا لدبيبه فيقال هو نمل وذو نملة ونمال أي نمام، وتنمل القوم تفرقوا للجمع تفرق النمل، ولذلك يقال هو أجمع من نملة، والانملة طرف الاصابع، وجمعه أنامل.
نهج: النهج الطريق الواضح ونهج الامر وأنهج وضح ومنهج الطريق ومنهاجه، قال:
(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) ومنه قولهم: نهج الثوب وأنهج بان فيه أثر البلى، وقد أنهجه البلى.
نهر: النهر مجرى الماء الفائض وجمعه أنهار، قال (وفجرنا خلالهما نهرا - وألقى في الارض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا) وجعل الله تعالى ذلك مثلا لما يدر من فيضه وفضله في الجنة على الناس، قال: (إن المتقين في جنات ونهر - ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا - جنات تجرى من تحتها الانهار) والنهر السعة تشبيها بنهر الماء، ومنه أنهرت الدم أي أسلته إسالة، وأنهر الماء جرى، ونهر نهر كثير الماء، قال أبو ذؤيب:

أقامت به فابتنت خيمة * على قصب وفرات نهر والنهار الوقت الذى ينتشر فيه الضوء، وهو في الشرع ما بين طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس، وفى الاصل ما بين طلوع الشمس إلى غروبها، قال: (وهو الذى جعل الليل والنهار خلفة) وقال (أتاها أمرنا ليلا أو نهارا) وقابل به البيات في قوله: (قل أرأيتم إن أتاكم
عذابه بياتا أو نهارا) ورجل نهر صاحب نهار، والنهار فرخ الحبارى، والمنهرة فضاء بين البيوت كالموضع الذى تلقى فيه الكناسة، والنهر والانتهار الزجر بمغالظة، يقال نهره وانتهره، قال: (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما - وأما السائل فلا تنهر).
نهى: النهى الزجر عن الشئ، قال: (أرأيت الذى ينهى عبدا إذا صلى) وهو من حيث المعنى لا فرق بين أن يكون بالقول أو بغيره، وما كان بالقول فلا فرق بين أن يكون بلفظة افعل نحو اجتنب كذا، أو بلفظة لا تفعل.
ومن حيث اللفظ هو قولهم: لا تفعل كذا، فإذا قيل لا تفعل كذا فنهى من حيث اللفظ والمعنى جميعا نحو: (ولا تقربا هذه الشجرة) ولهذا قال: (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة) وقوله: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى) فإنه لم يعن أن يقول لنفسه لا تفعل كذا، بل أراد قمعها عن شهوتها ودفعها عما نزعت إليه وهمت به، وكذا النهى عن المنكر يكون تارة باليد وتارة باللسان وتارة بالقلب، قال: (أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا) وقوله:
(إن الله يأمر - إلى قوله - وينهى عن الفحشاء) أي يحث على فعل الخير ويزجر عن الشر، وذلك بعضه بالعقل الذى ركبه فينا، وبعضه بالشرع الذى شرعه لنا، والانتهاء الانزجار عما نهى عنه، قال تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) وقال: (لئن لم تنته لارجمنك واهجرني مليا) وقال (لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين - فهل أنتم منتهون - فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف) أي بلغ به نهايته.
والانهاء في الاصل إبلاغ النهى، ثم صار متعارفا في كل إبلاغ فقيل أنهيت إلى فلان خبر كذا أي بلغت إليه النهاية، وناهيك من رجل كقولك حسبك، ومعناه أنه غاية فيما تطلبه وينهاك عن تطلب غيره، وناقة نهبة تناهت سمنا، والنهية العقل الناهي عن القبائح جمعها نهى، قال (إن في ذلك لايات لاولى النهى) وتنهية الوادي حيث ينتهى إليه السيل، ونهاء النهار ارتفاعه وطلب الحاجة حتى نهى عنها أي انتهى عن طلبها، ظفر بها أو لم يظفر.
نوب: النوب رجوع الشئ مرة بعد

أخرى، يقال ناب نوبا ونوبة، وسمى النحل نوبا لرجوعها إلى مقارها، ونابته نائبة أي حادثة من شأنها أن تنوب دائبا، والانابة إلى الله تعالى الرجوع إليه بالتوبة وإخلاص العمل، قال: (وخر راكعا وأناب - وإليك أنبنا - وأنيبوا إلى ربكم - منيبين إليه) وفلان ينتاب فلانا أي يقصده مرة بعد أخرى.
نوح: نوح اسم نبى والنوح مصدر ناح أي صاح بعويل، يقال ناحت الحمامة نوحا وأصل النوح اجتماع النساء في المناحة، وهو من التناوح أي التقابل، يقال جبلان يتناوحان، وريحان يتناوحان، وهذه الريح نيحة تلك أي مقابلتها، والنوائح النساء، والمنوح المجلس.
نور: النور الضوء المنتشر الذى يعين على الابصار، وذلك ضربان دنيوى وأخروى، فالدنيوي ضربان: ضرب معقول بعين البصيرة وهو ما انتشر من الامور الالهية كنور العقل ونور القرآن.
ومحسوس بعين البصر، وهو ما انتشر من الاجسام النيرة كالقمرين والنجوم والنيرات.
فمن النور الالهى قوله تعالى (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)
وقال (وجعلنا له نورا يمشى به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها) وقال: (ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا) وقال (أفمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه) وقال: (نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء) ومن المحسوس الذى بعين البصر نحو قوله: (هو الذى جعل الشمس ضياء والقمر نورا) وتخصيص الشمس بالضوء والقمر بالنور من حيث إن الضوء أخص من النور، قال: (وقمرا منيرا) أي ذا نور.
ومما هو عام فيهما قوله: (وجعل الظلمات والنور) وقوله: (ويجعل لكم نورا تمشون به - وأشرقت الارض بنور ربها) ومن النور الاخروي قوله: (يسعى نورهم بين أيديهم - والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا - انظرونا نقتبس من نوركم - فالتمسوا نورا) ويقال أنار الله كذا ونوره وسمى الله تعالى نفسه نورا من حيث إنه هو المنور، قال: (الله نور السموات والارض) وتسميته تعالى بذلك لمبالغة فعله.
والنار تقال للهيب الذى
يبدو للحاسة، قال: (أفرأيتم النار التى تورون) وقال (مثلهم كمثل الذى استوقد نارا) وللحراراة المجردة ولنار جهنم المذكورة في قوله: (النار وعدها الله الذين كفروا - وقودها الناس والحجارة - نار الله الموقدة) وقد ذكر ذلك في غير موضع.
ولنار الحرب المذكورة في قوله: (كلما أوقدوا نارا للجرب) وقال بعضهم: النار والنور من أصل واحد وكثيرا ما يتلازمان لسكن النار متاع للمقوين في الدنيا والنور متاع لهم في الاخرة، ولاجل ذلك استعمل في النور الاقتباس فقال: (نقتبس من

نوركم) وتنورت نارا أبصرتها، والمنارة مفعلة من النور أو من النار كمنارة السراج أو ما يؤذن عليه، ومنار الارض أعلامها، والنوار النفور من الريبة وقد نارت المرأة تنور نورا ونوارا، ونور الشجر ونواره تشبيها بالنور، والنور ما يتخذ للوشم يقال نورت المرأة يدها وتسميته بذلك لكونه مظهرا لنور العضو.
نوس: الناس قيل أصله أناس فحذف فاؤه لما أدخل عليه الالف واللام، وقيل قلب
من نسى وأصله إنسيان على إفعلان، وقيل أصله من ناس ينوس إذا أضطرب، ونست الابل سقتها، وقيل ذو نواس ملك كان ينوس على ظهره ذؤابة فسمى بذلك وتصغيره على هذا نويس، قال: (قل أعوذ برب الناس) والناس قد يذكر ويراد به الفضلاء دون من يتناوله اسم الناس تجوزا وذلك إذا اعتبر معنى الانسانية وهو وجود الفضل والذكر وسائر الاخلاق الحميدة والمعاني المختصة به، فإن كل شئ عدم فعله المختص به لا يكاد يستحق اسمه كاليد فإنها إذا عدمت فعلها الخاص بها فإطلاق اليد عليها كإطلاقها على يد السرير ورجله، فقوله: (آمنوا كما آمن الناس) أي كما يفعل من وجد فيه معنى الانسانية ولم يقصد بالانسان عينا واحدا بل قصد المعنى وكذا قوله: (أم يحسدون الناس) أي من وجد فيه معنى الانسانية أي إنسان كان، وربما قصد به النوع كما هو وعلى هذا قوله: (أم يحسدون الناس).
نوش: النوش التناول، قال الشاعر: * تنوش البرير حيث طاب اهتصارها * البرير ثمر الطلح والاهتصار الامالة، يقال
هصرت الغصن إذا أملته، وتناوش القوم كذا تناولوه، قال: (وأنى لهم التناوش) أي كيف يتناولون الايمان من مكان بعيد ولم يكونوا يتناولونه عن قريب في حين الاختيار والانتفاع بالايمان إشارة إلى قوله: (يوم لا ينفع نفسا إيمانها) الاية ومن همز فإما أنه أبدل من الواو همزة نحو، أقتت في وقتت، وأدؤر في أدور، وإما أن يكون من النأش وهو الطلب.
نوص: ناص إلى كذا التجأ إليه، وناص عنه ارتد ينوص نوصا والمناص الملجأ، قال: (ولات حين مناص) نيل: النيل ما يناله الانسان بيده، نلته أناله نيلا، قال: (لن تنالوا البر - ولا ينالون من عدو نيلا - لم ينالوا خيرا) والنول التناول يقال نلت كذا أنول نولا وأنلته أو ليته وذلك مثل عطوت كذا تناولت وأعطيته أنلته.
ونلت أصله نولت على فعلت، ثم نقل إلى فلت.
ويقال ما كان نولك أن

تفعل كذا أي ما فيه نوال صلاحك، قال الشاعر:
* جزعت وليس ذلك بالنوال * قيل معناه بصواب.
وحقيقة النوال ما يناله الانسان من الصلة وتحقيقه ليس ذلك مما تنال منه مرادا، وقال تعالى: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم).
نوم: النوم فسر على أوجه كلها صحيح بنظرات مختلفة، قيل هو استرخاء أعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد إليه، وقيل هو أن يتوفى الله النفس من غير موت، قال: (الله يتوفى الانفس) الاية، وقيل النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل، ورجل نؤوم ونومة كثير النوم، والمنام النوم، قال: (ومن آياته منامكم بالليل - وجعلنا نومكم سباتا - لا تأخذه سنة ولا نوم) والنومة أيضا خامل الذكر، واستنام فلان إلى كذا اطمأن إليه، والمنامة الثوب الذى ينام فيه، ونامت السوق كسدت، ونام الثوب أخلق أو خلق معا، واستعمال النوم فيهما على التشبيه.
نون: النون الحرف المعروف، قال تعالى: (ن والقلم) والنون الحوت العظيم وسمى يونس ذا النون في قوله (وذا النون) لان النون كان قد التقمه، وسمى سيف الحارث
ابن ظالم ذا النون.
ناء: يقال ناء بجانبه ينوء ويناء، قال أبو عبيدة: ناء مثل ناع أي نهض، وأنأته أنهضته، قال (لتنوء بالعصبة).
وقرئ (ناء) مثل ناع أي نهض به عبارة عن التكبر كقولك شمخ بأنفه وازور جانبه.
نأى: قال أبو عمرو: نأى مثل نعى أعرض، وقال أبو عبيدة: تباعد، ينأى وانتأى افتعل منه والمنتأى الموضع البعيد، ومنه النؤى لحفيرة حول الخباء تباعد الماء عنه وقرئ (ناء بجانبه) أي تباعد به.
والنية تكون مصدرا واسما من نويت وهى توجه القلب نحو العمل وليس من ذلك بشئ.

كتاب الواو وبل: الوبل والوابل المطر الثقيل القطار، قال تعالى: (فأصابه وابل - كمثل جنة بربوة أصابها وابل) ولمراعاة الثقل قيل للامر الذى يخاف ضرره وبال، قال تعالى: (فذاقوا وبال أمرهم)، ويقال طعام وبيل، وكلأ وبيل يخاف وباله، قال (فأخذناه أخذا وبيلا).
وبر: الوبر معروف وجمعه أوبار، قال
(ومن أصوافها وأوبارها) وقيل سكان الوبر لمن بيوتهم من الوبر، وبنات أوبر للكمء الصغار التى عليها مثل الوبر، ووبرت الارنب غطت بالوبر الذى على زمعاتها أثرها، ووبر الرجل في منزله أقام فيه تشبيها بالوبر الملقى، نحو تلبد بمكان كذا ثبت فيه ثبوت اللبد، ووبار قيل أرض كانت لعاد.
وبق: وبق إذا تثبط فهلك، وبقا وموبقا، قال (وجعلنا بينهم موبقا) وأوبقه كذا، قال (أو يوبقهن بما كسبوا).
وتن: الوتين عرق يسقى الكبد وإذا انقطع مات صاحبه، قال (ثم لقطعنا منه الوتين) والموتون المقطوع الوتين، والمواتنة أن يقرب منه قربا كقرب الوتين وكأنه أشار إلى نحو ما دل عليه قوله تعالى (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) واستوتن الابل إذا غلظ وتينها من السمن.
وتد: الوتد والوتد وقد وتدته أتده وتدا، قال (والجبال أوتادا) وكيفية كون الجبال أوتادا يختص بما بعد هذا الباب وقد يسكن التاء ويدغم في الدال فيصير ودا، والوتدان من الاذن تشبيها بالوتد للنتو فيهما.
وتر: الوتر في العدد خلاف الشفع وقد
تقدم الكلام فيه في قوله: (والشفع والوتر) وأوتر في الصلاة.
والوتر والوتر، والترة: الذحل، وقد وترته إذا أصبته بمكروه، قال: (ولن يتركم أعمالكم) والتواتر تتابع الشئ وترا وفرادى: (وجاءوا تترى - ثم أرسلنا رسلنا تترى) ولا وتيرة في كذا ولا غميزة ولا غير، والوتيرة السجية من التواتر، وقيل للحلقة التى يتعلم عليها الرمى الوتيرة وكذلك للارض المنقادة، والوتيرة الحاجز بين المنخرين.
وثق: وثقت به أثق ثقة: سكنت إليه

واعتمدت عليه، وأوثقته شددته، والوثاق والوثاق اسمان لما يوثق به الشئ، والوثقى تأنيث الاوثق.
قال تعالى: (ولا يوثق وثاقه أحد - حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق) والميثاق عقد مؤكد بيمين وعهد، قال: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين - وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم - وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) والموثق الاسم منه، قال: (حتى تؤتون موثقا من الله) إلى قوله: (موثقهم) والوثقى قريبة من الموثق، قال: (فقد استمسك بالعروة الوثقى) وقالوا رجل ثقة وقوم ثقة
ويستعار للموثوق به، وناقة موثقة الخلق محكمته.
وثن: الوثن واحد الاوثان وهو حجارة كانت تعبد، قال: (إنما اتخذتم من دون الله أوثانا) وقيل أوثنت فلانا أجزلت عطيته، وأوثنت من كذا أكثرت منه.
وجب: الوجوب الثبوت.
والواجب يقال على أوجه: الاول في مقابلة الممكن وهو الحاصل الذى إذا قدر كونه مرتفعا حصل منه محال نحو وجود الواحد مع وجود الاثنين فإنه محال أن يرتفع الواحد مع حصول الاثنين.
الثاني: يقال في الذى إذا لم يفعل يستحق به اللوم، وذلك ضربان: واجب من جهة العقل كوجوب معرفة الوحدانية ومعرفة النبوة، وواجب من جهة الشرع كوجوب العبادات الموظفة.
ووجبت الشمس إذا غابت كقولهم سقطت ووقعت، ومنه قوله تعالى (فإذا وجبت جنوبها) ووجب القلب وجيبا كل ذلك اعتبار بتصور الوقوع فيه، ويقال في كله أوجب.
وعبر بالموجبات عن الكبائر التى أوجب الله عليها النار.
وقال بعضهم الواجب يقال على وجهين، أحدهما: أن يراد به اللازم الوجوب
فإنه لا يصح أن لا يكون موجودا كقولنا في الله جل جلاله واجب وجوده.
والثانى: الواجب بمعنى أن حقه أن يوجد.
وقول الفقهاء الواجب ما إذا لم يفعله يستحق العقاب وذلك وصف له بشئ عارض له لا بصفة لازمة له ويجرى مجرى من يقول الانسان الذى إذا مشى مشى برجلين منتصب القامة.
وجد: الوجود أضرب: وجود بإحدى الحواس الخمس نحو: وجدت زيدا، ووجدت طعمه، ووجدت صوته، ووجدت خشونته.
ووجود بقوة الشهوة نحو: وجدت الشبع.
ووجود بقوة الغضب كوجود الحزن والسخط.
ووجود بالعقل أو بواسطة العقل كمعرفة الله تعالى ومعرفة النبوة، وما ينسب إلى الله تعالى من الوجود فبمعنى العلم المجرد إذ كان الله منزها عن الوصف بالجوارح والالات نحو (وما وجدنا لاكثرهم من عهد - وإن وجدنا أكثرهم لفاسين) وكذلك المعدوم يقال على هذه الاوجه.
فأما وجود الله تعالى

للاشياء فبوجه أعلى من كل هذا.
ويعبر عن التمكن من الشئ بالوجود نحو (اقتلوا
المشركين حيث وجدتموهم) أي حيث رأيتموهم، وقوله: (فوجد فيها رجلين) أي تمكن منهما وكانا يقتتلان، وقوله: (وجدت امرأة) إلى قوله (يسجدون للشمس) فوجود بالبصر والبصيرة فقد كان منه مشاهدة بالبصر واعتبار لحالها بالبصيرة، ولولا ذلك لم يكن له أن يحكم بقوله: (وجدتها وقومها) الاية، وقوله (فلم تجدوا ماء) فمعناه فلم تقدروا على الماء، وقوله: (من وجدكم) أي تمكنكم وقدر غناكم، ويعبر عن الغنى بالوجدان والجدة، وقد حكى فيه الوجد والوجد والوجد، ويعبر عن الحزن والحب بالوجد، وعن الغضب بالموجدة، وعن الضالة بالوجود.
وقال بعضهم الموجودات ثلاثة أضرب: موجود لا مبدأ له ولا منتهى، وليس ذلك إلا الباري تعالى، وموجود له مبدأ ومنتهى كالناس في النشأة الاولى وكالجواهر الدنيوية، وموجود له مبدأ وليس له منتهى، كالناس في النشأة الاخرة.
وجس: الوجس الصوت الخفى والتوجس التسمع والايجاس وجود ذلك في النفس، قال: (فأوجس منهم خيفة) فالوجس قالوا هو حالة
تحصل من النفس بعد الهاجس لان الهاجس مبتدأ التفكير، ثم يكون الواجس الخاطر.
وجل: الوجل استشعار الخوف، يقال: وجل يوجل وجلا فهو وجل، قال: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم - إنا منكم وجلون - قالوا لا توجل - وقلوبهم وجلة).
وجه: أصل الوجه الجارحة، قال (فأغسلوا وجوهكم وأيديكم - وتغشى وجوههم النار) ولما كان الوجه أول ما يستقبلك، وأشرف ما في ظاهر البدن استعمل في مستقبل كل شئ وفى أشرفه ومبدئه فقيل وجه كذا ووجه النهار.
وربما عبر عن الذات بالوجه في قول الله: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) قيل ذاته وقيل أراد بالوجه ههنا التوجه إلى الله تعالى بالاعمال الصالحة وقال: (فأينما تولوا فثم وجه الله - كل شئ هالك إلا وجهه - يريدون وجه الله - إنما نطعمكم لوجه الله) قيل إن الوجه في كل هذا ذاته ويعنى بذلك كل شئ هالك إلا هو، وكذا في أخواته.
وروى أنه قيل ذلك لابي عبد الله
ابن الرضا.
فقال سبحان الله لقد قالوا قولا عظيما.
إنما عنى الوجه الذى يؤتى منه، ومعناه كل شئ من أعمال العباد هالك وباطل إلا ما أريد به الله، وعلى هذا الايات الاخر، وعلى هذا قوله: (يريدون وجهه - يريدون وجه الله) وقوله (وأقيموا

وجوهكم عند كل مسجد) فقد قيل أراد به الجارحة واستعارها كقولك فعلت كذا بيدى، وقيل أراد بالاقامة تحرى الاستقامة، وبالوجه التوجه، والمعنى أخلصوا العبادة لله في الصلاة.
وعلى هذا النحو قوله (فإن حاجوك فقل أسلمت وجهى لله) وقوله (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى - ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله) وقوله: (فأقم وجهك للدين حنيفا) فالوجه في كل هذا كما تقدم، أو على الاستعارة للمذهب والطريق.
وفلان وجه القوم كقولهم عينهم ورأسهم ونحو ذلك.
وقال: (وما لاحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى) وقوله: (آمنوا بالذى أنزل على الذين آمنوا وجه النهار) أي صدر النهار.
ويقال واجهت فلانا جعلت وجهى تلقاء وجهه.
ويقال
للقصد وجه، وللمقصد جهة ووجهة وهى حيثما نتوجه للشئ، قال: (ولكن وجهة هو موليها) إشارة إلى الشريعة كقوله شرعة، وقال بعضهم: الجاه مقلوب عن الوجه لكن الوجه يقال في العضو والحظوة، والجاه لا يقال إلا في الحظوة.
ووجهت الشئ أرسلته في جهة واحدة فتوجه وفلان وجيه ذو جاه، قال: (وجيها في الدنيا والاخرة) وأحمق ما يتوجه به: كناية عن الجهل بالتفرط، وأحمق ما يتوجه، بفتح الياء وحذف به عنه، أي لا يستقيم في أمر من الامور لحمقه، والتوجيه في الشعر الحرف الذى بين ألف التأسيس وحرف الروى.
وجف: الوجيف سرعة السير، وأوجفت البعير أسرعته، قال (فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) وقيل أدل فأمل، وأوجف فأعجف أي حمل الفرس على الاسراع فهزله بذلك، قال (قلوب يومئذ واجفة) أي ضطربة كقولك طائرة وخافقة، ونحو ذلك من الاستعارات لها.
وحد: الوحدة الانفراد والواحد في الحقيقة هو الشئ الذى لا جزء له ألبتة، ثم يطلق على كل موجود حتى أنه ما من عدد إلا ويصح
أن يوصف به فيقال عشرة واحدة ومائة واحدة وألف واحد، فالواحد لفظ مشترك يستعمل على ستة أوجه: الاول ما كان واحدا في الجنس أو في النوع كقولنا الانسان والفرس واحد في الجنس، وزيد وعمرو واحد في النوع.
الثاني: ما كان واحدا بالاتصال إما من حيث الخلقة كقولك شخص واحد وإما من حيث الصناعة كقولك حرفة واحدة.
الثالث: ما كان واحدا لعدم نظيره إما في الخلقة كقولك الشمس واحدة وإما في دعوى الفضيلة كقولك فلان واحد دهره، وكقولك نسيج وحده.
الرابع: ما كان واحدا الامتناع التجزى فيه إما لصغره كالهباء، وإما لصلابته كالالماس، الخامس: للمبدإ، إما لمبدإ العدد كقولك

واحد اثنان، وإما لمبدإ الخط كقولك النقطة الواحدة.
والوحدة في كلها عارضة، وإذا وصف الله تعالى بالواحد فمعناه هو الذى لا يصح عليه التجزى ولا التكثر، ولصعوبة هذه الوحدة قال تعالى: (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالاخرة)، والوحد المفرد ويوصف به غير الله تعالى، كقول
الشاعر: * على مستأنس وحد * وأحد مطلقا لا يوصف به غير الله تعالى وقد تقدم فيما مضى، ويقال فلان لا واحد له، كقولك هو نسيج وحده، وفى الذم يقال هو عيير وحده وجحيش وحده، وإذا أريد ذم أقل من ذلك قيل رجيل وحده.
وحش: الوحش خلاف الانس وتسمى الحيوانات التى لا أنس لها بالانس وحشا وجمعه وحوش، قال (وإذا الوحوش حشرت)، والمكان الذى لا أنس فيه وحش، يقال لقيته بوحش إصمت أي ببلد قفر، وبات فلان وحشا إذا لم يكن في جوفه طعام وجمعه أوحاش وأرض موحشة من الوحش، ويسمى المنسوب إلى المكان الوحش وحشيا، وعبر بالوحشى عن الجانب الذى يضاد الانسى، والانسى هو ما يقبل منهما على الانسان، وعلى هذا وحشى القوس وإنسيه.
وحى: أصل الوحى الاشارة السريعة ولتضمن السرعة قيل أمر وحى وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز والتعريض، وقد يكون بصوت مجرد عن التركيب وبإشارة ببعض الجوارح، وبالكتابة، وقد حمل
على ذلك قوله تعالى عن زكريا (فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا) فقد قيل رمز وقيل اعتبار وقيل كتب، وعلى هذه الوجوه قوله (وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الانس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) وقوله (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم) فذلك بالوسواس المشار إليه بقوله (من شر الوسواس الخناس) وبقوله عليه الصلاة والسلام " وإن للشيطان لمة الخير " ويقال للكلمة الالهية التى تلقى إلى أنبيائه وأوليائه وحى وذلك أضرب حسبما دل عليه قوله (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا - إلى قوله - بإذنه ما يشاء) وذلك إما برسول مشاهد ترى ذاته ويسمع كلامه كتبليغ جبريل عليه السلام للنبى في صورة معينة، وإما بسماع كلام من غير معاينة كسماع موسى كلام الله، وإما بالقاء في الروع كما ذكر عليه الصلاة والسلام " إن روح القدس نفث في روعى "، وإما بإلهام نحو (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه) وإما بتسخير نحو قوله (وأوحى ربك إلى النحل) أو بمنام كما قال عليه الصلاة والسلام

" انقطع الوحى وبقيت المبشرات رؤيا المؤمن فالالهام والتسخير والمنام " دل عليه قوله (إلا وحيا) وسماع الكلام معاينة دل عليه قوله (أو من وراء حجاب) وتبليغ جبريل في صورة معينة دل عليه قوله (أو يرسل رسولا فيوحى) وقوله (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحى إلى ولم يوح إليه شئ) فذلك لمن يدعى شيئا من أنواع ما ذكرناه من الوحى أي نوع ادعاه من غير أن حصل له، وقوله (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه) الاية فهذا الوحى هو عام في جميع أنواعه وذلك أن معرفة وحدانية الله تعالى ومعرفة وجوب عبادته ليست مقصورة على الوحى المختص بأولى العزم من الرسل بل يعرف ذلك بالعقل والالهام كما يعرف بالسمع.
فإذا القصد من الاية تنبيه أنه من المحال أن يكون رسول لا يعرف وحدانية الله ووجوب عبادته، وقوله تعالى: (وإذ أوحيت إلى الحواريين) فذلك وحى بوساطة عيسى عليه السلام، وقوله: (وأوحينا إليهم فعل الخيرات) فذلك وحى إلى الامم بوساطة الانبياء.
ومن الوحى المختص بالنبي
عليه الصلاة والسلام: (اتبع ما أوحى إليك من ربك - إن أتبع إلا ما يوحى إلى - قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى) وقوله: (وأوحينا إلى موسى وأخيه) فوحيه إلى موسى بوساطة جبريل، ووحيه تعالى إلى هرون بوساطة جبريل وموسى، وقوله: (إذ يوحى ربك إلى الملائكة أنى معكم) فذلك وحى إليهم بوساطة اللوح والقلم فيما قيل، وقوله: (وأوحى في كل سماء أمرها) فإن كان الوحى إلى أهل السماء فقط فالموحى إليهم محذوف ذكره كأنه قال أوحى إلى الملائكة لان أهل السماء هم الملائكة، ويكون كقوله: (إذ يوحى ربك إلى الملائكة) وإن كان الموحى إليه هي السموات فذلك تسخير عند من يجعل السماء غير حى، ونطق عند من جعله حيا، وقوله: (بأن ربك أوحى لها) فقريب من الاول وقوله: (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه) فحث على التثبت في السماع وعلى ترك الاستعجال في تلقيه وتلقنه.
ودد: الود محبة الشئ وتمنى كونه، ويستعمل في كل واحد من المعنيين على أن التمنى يتضمن معنى الود لان التمنى هو تشهى
حصول ما توده، وقوله: (وجعل بينكم مودة ورحمة) وقوله: (سيجعل لهم الرحمن ودا) فإشارة إلى ما أوقع بينهم من الالفة المذكورة في قوله: (لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت) الاية.
وفى المودة التى تقتضي المحبة المجردة في قوله: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) وقوله (وهو الغفور الودود - إن ربى رحيم ودود) فالودود يتضمن ما دخل في قوله: (فسوف

يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) وتقدم معنى محبة الله لعباده ومحبة العباد له، قال بعضهم: مودة الله لعباده هي مراعاته لهم.
روى أن الله تعالى قال لموسى: أنا لا أغفل عن الصغير لصغره ولا عن الكبير لكبره، وأنا الودود الشكور فيصح أن يكون معنى: (سيجعل لهم الرحمن ودا) معنى قوله: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) ومن المودة التى تقتضي معنى التمنى: (ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم) وقال: (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) وقال: (ودوا ما عنتم - ود كثير من أهل الكتاب -
وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم - ودوا لو تكفرون كما كفروا - يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه) وقوله: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله) فنهى عن موالاة الكفار وعن مظاهرتهم كقوله: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم) إلى قوله: (بالمودة) أي بأسباب المحبة من النصيحة ونحوها: (كأن لم يكن بينكم وبينه مودة) وفلان وديد فلان: مواده، والود صنم سمى بذلك إما لمودتهم له أو لاعتقادهم أن بينه وبين الباري مودة.
تعالى الله عن القبائح.
والود الوتد وأصله يصح أن يكون وتد فأدغم وأن يكون لتعلق ما يشد به أو لثبوته في مكانه فتصور منه معنى المودة والملازمة.
ودع: الدعة الخفض يقال ودعت كذا أدعه ودعا نحو تركته وادعا وقال بعض العلماء، لا يستعمل ماضيه واسم فاعله وإنما يقال يدع ودع، وقد قرئ: (ما ودعك ربك) وقال الشاعر: ليت شعرى عن خليلي ما الذى *
غاله في الحب حتى ودعه والتودع ترك النفس عن المجاهدة، وفلان متدع ومتودع وفى دعة إذا كان في خفص عيش وأصله من الترك أي بحيث ترك السعي لطلب معاشه لعناء، والتوديع أصله من الدعة وهو أن تدعو للمسافر بأن يتحمل الله عنه كآبة السفر وأن يبلغه الدعة، كما أن التسليم دعاء له بالسلامة فصار ذلك متعارفا في تشييع المسافر وتركه، وعبر عن الترك به في قوله: (ما ودعك ربك) كقولك ودعت فلانا نحو خليته، ويكنى بالمودع عن الميت ومنه قيل استودعتك غير مودع، ومنه قول الشاعر: * ودعت نفسي ساعة التوديع * ودق: الودق قيل ما يكون من خلال المطر كأنه غبار وقد يعبر به عن المطر، قال: (فترى الودق يخرج من خلاله) ويقال لما يبدو في الهواء عند شدة الحر وديقة، وقيل ودقت

الدابة واستودقت، وأتان وديق وودوق إذا أظهرت رطوبة عند إرادة الفحل، والمودق المكان الذى يحصل فيه الودق وقول
الشاعر: * تعفى بذيل المرط إذ جئت مودقى * تعفى أي تزيل الاثر، والمرط لباس النساء فاستعارة وتشبيه لاثر موطئ القدم بأثر موطئ المطر.
وادى: قال، (إنك بالواد المقدس) أصل الوادي الموضع الذى يسيل فيه الماء، ومنه سمى المفرج بين الجبلين واديا، وجمعه أودية، نحو نادو أندية وناج وأنجية، ويستعار الوادي للطريقة كالمذهب والاسلوب فيقال فلان في واد غير واديك، قال (ألم تر أنهم في كل واد يهيمون) فإنه يعنى أساليب الكلام من المدح والهجاء والجدل والغزل وغير ذلك من الانواع قال الشاعر: إذا ما قطعنا واديا من حديثنا * إلى غيره زدنا الاحاديث واديا وقال عليه الصلاة والسلام: " لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا "، وقال تعالى: (فسالت أودية بقدرها) أي بقدر مياهها.
ويقال ودى يدى وكنى بالودى عن ماء الفحل عند الملاعبة وبعد البول فيقال فيه أودى نحو أمذى وأمنى.
ويقال ودى وأودى ومنى
وأمنى، والودى صغار الفسيل اعتبارا بسيلانه في الطول، وأوداه أهلكه كأنه أسال دمه، ووديت القتيل أعطيت ديته، ويقال لما يعطى في الدم دية، قال تعالى: (فدية مسلمة إلى أهله).
وذر: يقال فلان يذر الشئ أي يقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه، قال تعالى: (قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا - ويذرك وآلهتك - فذرهم وما يفترون - وذروا ما بقى من الربا) إلى أمثاله تخصيصه في قوله (ويذرون أزواجا) ولم يقل يتركون ويخلفون فإنه يذكر فيما بعد هذا الكتاب إن شاء الله.
والوذرة قطعة من اللحم وتسميتها بذلك لقلة الاعتداد بها نحو قولهم فيما لا يعتد به هو لحم على وضم.
ورث: الوراثة والارث انتقال قنية إليك عن غيرك من غير عقد ولا ما يجرى مجرى العقد، وسمى بذلك المنتقل عن الميت فيقال للقنية الموروثة ميراث وإرث.
وتراث أصله وراث فقلبت الواو ألفا وتاء، قال (وتأكلون التراث) وقال عليه الصلاة والسلام " اثبتوا على مشاعركم فإنكم على إرث أبيكم " أي أصله وبقيته،
قال الشاعر: فينظر في صحف كالربا * ط فيهن إرث كتاب محى ويقال ورثت مالا عن زيد، وورثت زيدا، قال (وورث سليمان داود - وورثه أبواه -

وعلى الوارث مثل ذلك) ويقال أورثني الميت كذا، وقال (وإن كان رجل يورث كلالة) وأورثني الله كذا، قال: (وأورثناها بنى إسرائيل - وأورثناها قوما آخرين - وأورثكم أرضهم - وأورثنا القوم) الاية وقال: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها) ويقال لكل من حصل له شئ من غير تعب قد ورث كذا، ويقال لمن خول شيئا مهنئا أورث، قال تعالى: (وتلك الجنة التى أورثتموها - أولئك هم الوارثون الذين يرثون) وقوله: (ويرث من آل يعقوب) فإنه يعنى وراثة النبوة والعلم والفضيلة دون المال، فالمال لا قدر له عند الانبياء حتى يتنافسوا فيه، بل قلما يقتنون المال ويملكونه، ألا ترى أنه قال عليه الصلاة السلام " إنا معاشر الانبياء لا نورث، ما تركناه
صدقة " نصب على الاختصاص فقد قيل وما تركناه هو العلم وهو صدقة تشترك فيها الامة، وما روى عنه عليه الصلاة والسلام من قوله " العلماء ورثة الانبياء " فإشارة إلى ما ورثوه من العلم.
واستعمل لفظ الورثة لكون ذلك بغير ثمن ولا منة، وقال لعلى رضى الله عنه: " أنت أخى ووارثى، قال: وما أرثك ؟ قال: ما ورثت الانبياء قبلى، كتاب الله وسنتى " ووصف الله تعالى نفسه بأنه الوارث من حيث إن الاشياء كلها صائرة إلى الله تعالى، قال الله تعالى (ولله ميراث السموات والارض) وقال: (ونحن الوارثون) وكونه تعالى وارثا لما روى " أنه ينادى لمن الملك اليوم ؟ فيقال لله الواحد القهار " ويقال ورثت علما من فلان أي استفدت منه، قال تعالى: (ورثوا الكتاب - أورثوا الكتاب من بعدهم ثم أورثنا الكتاب - يرثها عبادي الصالحون) فإن الوراثة الحقيقية هي أن يحصل للانسان شئ لا يكون عليه فيه تبعة ولا عليه محاسبة، وعباد الله الصالحون لا يتناولون شيئا من الدنيا إلا بقدر ما يجب وفى وقت ما يجب وعلى الوجه الذى يجب ومن تناول الدنيا على هذا الوجه لا يحاسب عليها ولا يعاقب بل يكون ذلك له عفوا صفوا كما
روى أنه " من حاسب نفسه في الدنيا لم يحاسبه الله في الاخرة ".
ورد: الورود أصله قصد الماء ثم يستعمل في غيره يقال وردت الماء أرد ورودا، فأنا وارد والماء مورود، وقد أوردت الابل الماء، قال (ولما ورد ماء مدين) والورد الماء المرشح للورود، والورد خلاف الصدر، والورد يوم الحمى إذا وردت واستعمل في النار على سبيل الفظاعة، قال: (فأوردهم النار وبئس الورد المورود - إلى جهنم وردا - أنتم لها واردون - ما وردوها) والوارد الذى يتقدم القوم فيسقى لهم، قال: (فأرسلوا واردهم) أي ساقيهم من الماء المورود، ويقال لكل

من يرد الماء وارد، وقوله (وإن منكم إلا واردها) فقد قيل منه وردت ماء كذا إذا حضرته وإن لم تشرع فيه، وقيل بل يقتضى ذلك الشروع ولكن من كان من أولياء الله والصالحين لا يؤثر فيهم بل يكون حاله فيها كحال إبراهيم عليه السلام حيث قال (قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم) والكلام في هذا الفصل إنما هو لغير هذا النحو الذى نحن بصدده الان.
ويعبر عن المحموم بالمورود، وعن إتيان الحمى بالورد، وشعر وارد قد ورد العجز أو المتن، والوريد عرق يتصل بالكبد والقلب وفيه مجارى الدم والروح، قال (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) أي من روحه.
والورد قيل هو من الوارد وهو الذى يتقدم إلى الماء وتسميته بذلك لكونه أول ما يرد من ثمار السنة، ويقال لنور كل شجر ورد، ويقال ورد الشجر خرج نوره، وشبه به لون الفرس فقيل فرس ورد وقيل في صفة السماء إذا احمرت احمرارا كالورد أمارة للقيامة، قال (فكانت وردة كالدهان).
ورق: ورق الشجر جمعه أوراق الواحدة ورقة، قال تعالى: (وما تسقط من ورقة إلا يعلمها)، وورقت الشجرة: أخذت ورقها، والوارقة الشجرة الخضراء الورق الحسنة، وعام أورق لا مطر له، وأورق فلان إذا أخفق ولم ينل الحاجة كأنه صار ذا ورق بلا ثمر، ألا ترى أنه عبر عن المال بالثمر في قوله (وكان له ثمر) قال ابن عباس رضى الله عنه: هو المال وباعتبار لونه في حال نضارته قيل بعير أورق إذا صار على لونه، وبعير أورق: لونه لون الرماد،
وحمامة ورقاء.
وعبر به عن المال الكثير تشبيها في الكثرة بالورق كما عبر عنه بالثرى وكما شبه بالتراب وبالسيل كما يقال: له مال كالتراب والسيل والثرى، قال الشاعر: * واغفر خطاياى وثمر ورقى * والورق بالكسر الدراهم، قال: (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه) وقرئ (بورقكم وبورقكم)، ويقال ورق وورق، نحو كبد وكبد.
ورى: يقال واريت كذا إذا سترته، قال تعالى: (قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم) وتوارى استتر، قال: (حتى توارت بالحجاب) وروى أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد غزوا ورى بغيره، وذلك إذا ستر خبرا وأظهر غيره.
والورى، قال الخليل: الورى الانام الذين على وجه الارض في الوقت، ليس من مضى ولا من يتناسل بعدهم، فكأنهم، الذين يسترون الارض بأشخاصهم، ووراء إذا قيل وراء زيد كذا فإنه يقال لمن خلفه نحو قوله (ومن وراء إسحق يعقوب - أرجعوا وراءكم - فليكونوا من ورائكم) ويقال لما كان قدامه نحو (وكان وراءهم ملك) وقوله (أو من وراء جدر)

فإن ذلك يقال في أي جانب من الجدار، فهو وراءه باعتبار الذى في الجانب الاخر.
وقوله: (وراء ظهوركم) أي خلفتموه بعد موتكم وذلك.
تبكيت لهم في أن لم يتوصلوا بمالهم إلى اكتساب ثواب الله تعالى به وقوله: (فنبذوه وراء ظهورهم) فتبكيت لهم أي لم يعملوا به ولم يتدبروا آياته، وقوله: (فمن ابتغى وراء ذلك) أي من ابتغى أكثر مما بيناه وشرعناه من تعرض لمن يحرم التعرض له فقد تعدى طوره وخرق ستره: (ويكفرون بما وراءه) اقتضى معنى ما بعده، ويقال ورى الزند يرى وريا إذا خرجت ناره وأصله أن يخرج النار من وراء المقدح كأنما تصور كمونها فيه كما قال: * ككمون النار في حجره * يقال ورى يرى مثل ولى يلى، قال: (أفرأيتم النار التى تورون) ويقال فلان وارى الزند إذا كان منجحا، وكابى الزند إذا كان مخفقا، واللحم الوارى السمين.
والوراء ولد الولد وقولهم وراءك للاغراء ومعناه تأخر، يقال وراءك أوسع لك، نصب بفعل مضمر أي ائت
وقيل تقديره يكن أوسع لك أي تنح، وائت مكانا أوسع لك.
والتوراة الكتاب الذى ورثوه عن موسى وقد قيل هو فوعلة ولم يجعل تفعلة لقلة وجود ذلك والتاء بدل من الواو نحو تيقور لان أصله ويقور، التاء بدل عن الواو من الوقار وقد تقدم.
وزر: الوزر الملجأ الذى يلتجأ إليه من الجبل، قال: (كلا لا وزر إلى ربك) والوزر الثقل تشبيها بوزر الجبل ويعبر بذلك عن الاثم كما يعبر عنه بالثقل، قال: (ليحملوا أوزاراهم كاملة) الاية، كقوله (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) وحمل وزر الغير في الحقيقة هو على نحو ما أشار إليه صلى الله عليه وسلم بقوله: " من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجره شئ، ومن سن سنة سيئة كان له وزرها ووزر من عمل بها " أي مثل وزر من عمل بها.
وقوله: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) أي لا يحمل وزره من حيث يتعرى المحمول عنه، وقوله: (ووضعنا عنك وزرك) أي ما كنت فيه من أمر الجاهلية فأعفيت بما خصصت به عن تعاطى ما كان عليه قومك، والوزير المتحمل ثقل أميره
وشغله، والوزارة على بناء الصناعة.
وأوزار الحرب واحدها وزر: آلتها من السلاح، والموازرة المعاونة، يقال وازرت فلانا موازرة أعنته على أمره، قال: (واجعل لى وزيرا من أهلى - ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم).
وزع: يقال وزعته عن كذا كففته عنه، قال: (وحشر لسليمان) إلى قوله (فهم يوزعون)

فقوله (يوزعون) إشارة إلى أنهم مع كثرتهم وتفاوتهم لم يكونوا مهملين مبعدين كما يكون الجيش الكثير المتأذى بمعرتهم بل كانوا مسوسين ومقموعين.
وقيل في قوله (يوزعون) أي حبس أولهم على آخرهم وقوله: (ويوم يحشر) إلى قوله (فهم يوزعون) فهذا وزع على سبيل العقوبة كقوله (ولهم مقامع من حديد) وقيل لا بد للسلطان من وزعة، وقيل الوزوع الولوع بالشئ، يقال أوزع الله فلانا إذا ألهمه الشكر وقل هو من أوزع بالشئ إذا أولع به كأن الله تعالى يوزعه بشكره، ورجل وزوع وقوله (رب أوزعني أن أشكر نعمتك) قيل معناه ألهمنى وتحقيقه أولعني ذلك واجعلني بحيث
أزع نفسي عن الكفران.
وزن: الوزن معرفة قدر الشئ، يقال وزنته وزنا وزنة، والمتعارف في الوزن عند العامة ما يقدر بالقسط والقبان.
وقوله (وزنوا بالقسطاس المستقيم - وأقيموا الوزن بالقسط) إشارة إلى مراعاة المعدلة في جميع ما يتحراه الانسان من الافعال والاقوال.
وقوله (وأنبتنا فيها من كل شئ موزون) فقد قيل هو المعادن كالفضة والذهب، وقيل بل ذلك إشارة إلى كل ما أوجده الله تعالى وأنه خلقه باعتدال كما قال (إنا كل شئ خلقناه بقدر) وقوله (والوزن يومئذ الحق) فإشارة إلى العدل في محاسبة الناس كما قال (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) وذكر في مواضع الميزان بلفظ الواحد اعتبارا بالمحاسب وفى مواضع بالجمع اعتبارا بالمحاسبين ويقال وزنت لفلان ووزنته كذا، قال: (وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون)، ويقال قام ميزان النهار إذا انتصف.
وسوس: الوسوسة الخطرة الرديئة وأصله من الوسواس وهو صوت الحلى والهمس الخفى، قال (فوسوس إليه الشيطان) وقال
(من شر الوسواس) ويقال لهمس الصائد وسواس.
وسط: وسط الشئ ما له طرفان متساويا القدر ويقال ذلك في الكمية المتصلة كالجسم الواحد إذا قلت وسطه صلب وضربت وسط رأسه بفتح السين.
ووسط بالسكون.
يقال في الكمية المنفصلة كشئ يفصل بين جسمين نحو وسط القوم كذا.
والوسط تارة يقال فيما له طرفان مذمومان يقال هذا أوسطهم حسبا إذا كان في واسطة قومه، وأرفعهم محلا وكالجود الذى هو بين البخل والسرف فيستعمل استعمال القصد المصون عن الافراط والتفريط، فيمدح به نحو السواء والعدل والنصفة، نحو (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) وعلى ذلك (قال أوسطهم) وتارة يقال فيما له طرف محمود وطرف مذموم كالخير والشر ويكنى به عن الرذل نحو قولهم فلان وسط من الرجال

تنبيها أنه قد خرج من حد الخير.
وقوله (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) فمن قال الظهر فاعتبار بالنهار ومن قال المغرب فلكونها بين الركعتين وبين الاربع اللتين بنى عليهما عدد
الركعات، ومن قال الصبح فلكونها بين صلاة الليل والنهار، قال ولهذا قال (أقم الصلاة لدلوك الشمس) الاية أي صلاته وتخصيصها بالذكر لكثرة الكسل عنها إذ قد يحتاج إلى القيام إليها من لذيذ النوم ولهذا زيد في أذانه: الصلاة خير من النوم، ومن قال صلاة العصر فقد روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فلكون وقتها في أثناء الاشغال لعامة الناس بخلاف سائر الصلوات التى لها فراغ إما قبلها وإما بعدها ولذلك توعد النبي صلى الله عليه وسلم عليها فقال " من فاته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله ".
وسع: السعة تقال في الامكنة وفى الحال وفى الفعل كالقدرة والجود ونحو ذلك، ففى المكان نحو قوله (إن أرضى واسعة - ألم تكن أرض الله واسعة) وفى الحال قوله تعالى (لينفق ذو سعة من سعته) وقوله: (على الموسع قدره) والوسع من القدرة ما يفضل عن قدر المكلف، قال (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) تنبيها أنه يكلف عبده دوين ما ينوء به قدرته، وقيل معناه يكلفه ما يثمر له السعة أي جنة عرضها السموات
والارض كما قال (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقوله (وسع كل شئ علما) فوصف له نحو (أحاط بكل شئ علما) وقوله (والله واسع عليم - وكان الله واسعا حكيما) فعبارة عن سعة قدرته وعلمه ورحمته وإفضاله كقوله (وسع ربى كل شئ علما - ورحمتي وسعت كل شئ) وقوله (وإنا لموسعون) فإشارة إلى نحو قوله (الذى أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) ووسع الشئ اتسع والوسع الجدة والطاقة، ويقال ينفق على قدر وسعه.
وأوسع فلان إذا كان له الغنى، وصار ذا سعة، وفرس وساع الخطو شديد العدو.
وسق: الوسق جمع المتفرق، يقال وسقت الشئ إذا جمعته، وسمى قدر معلوم من الحمل كحمل البعير وسقا، وقيل هو ستون صاعا، وأوسقت البعير حملته حمله، وناقه واسق ونوق مواسيق إذا حملت.
ووسقت الحنطة جعلتها وسقا ووسقت العين الماء حملته، ويقولون لا أفعله ما وسقت عينى الماء.
وقوله: (والليل وما وسق) قيل وما جمع من الظلام، وقيل عبارة عن طوارق الليل، ووسقت الشئ جمعته، والوسيقة
الابل المجموعة كالرفقة من الناس، والاتساق الاجتماع والاطراد، قال الله تعالى: (والقمر إذا اتسق).
وسل: الوسيلة التوصل إلى الشئ برغبة

وهى أخص من الوصيلة لتضمنها لمعنى الرغبة، قال تعالى: (وابتغوا إليه الوسيلة) وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى مراعاة سبيله بالعلم والعبادة وتحرى مكارم الشريعة وهى كالقربة، والواسل الراغب إلى الله تعالى، ويقال إن التوسل في غير هذا: السرقة، يقال أخذ فلان إبل فلان توسلا أي سرقة.
وسم: الوسم التأثير والسمة الاثر، يقال وسمت الشئ وسما إذا أثرت فيه بسمة، قال تعالى: (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) وقال: (تعرفهم بسيماهم) وقوله (إن في ذلك لايات للمتوسمين) أي للمعتبرين العارفين المتعظين، وهذا التوسم هو الذى سماه قوم الزكانة وقوم الفراسة وقوم الفطنة، قال عليه الصلاة والسلام: " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " وقال: (سنسمه على الخرطوم) أي نعلمه بعلامة يعرف بها كقوله: (تعرف
في وجوههم نضرة النعيم) والوسمى ما يسم من المطر الاول بالنبات وتوسمت تعرفت بالسمة، ويقال ذلك إذا طلبت الوسمى، وفلان وسيم الوجه حسنه، وهو ذو وسامة عبارة عن الجمال، وفلانة ذات ميسم إذا كان عليها أثر الجمال، وفلان موسوم بالخير، وقوم وسام، وموسم الحاج معلمهم الذى يجتمعون فيه، والجمع المواسم، ووسموا شهدوا الموسم كقولهم عرفوا وحصبوا وعيدوا: إذا شهدوا عرفة، والمحصب وهو الموضع الذى يرمى فيه الحصباء.
وسن: الوسن والسنة الغفلة والغفوة، قال: (لا تأخذه سنة ولا نوم) ورجل وسنان، وتوسنها غشيها نائمة، وقيل وسن وأسن إذا غشى عليه من ريح البئر، وأرى أن وسن يقال لتصور النوم منه لا لتصور الغشيان.
وسى: موسى من جعله عربيا فمنقول عن موسى الحديد، يقال أو سيت رأسه حلقته.
وشى: وشيت الشئ وشيا جعلت فيه أثرا يخالف معظم لونه، واستعمل الوشى في الكلام تشبيها بالمنسوج، والشية فعلة من الوشى، قال: (مسلمة لا شية فيها) وثور موشى القوائم.
والواشى يكنى به عن النمام، ووشى
فلان كلامه عبارة عن الكذب نحو موهه وزخرفه.
وصب: الوصب السقم اللازم، وقد وصب فلان فهو وصب وأوصبه كذا فهو يتوصب نحو يتوجع، قال: (ولهم عذاب واصب - وله الدين واصبا) فتوعد لمن اتخذ إلهين، وتنبيه أن جزاء من فعل ذلك عذاب لازم شديد، ويكون الدين ههنا الطاعة، ومعنى الواصب الدائم أي حق الانسان أن يطيعه دائما في جميع أحواله كما وصف به الملائكة حيث قال: (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) ويقال وصب وصوبا دام،

ووصب الدين وجب، ومفازة واصبة بعيدة لا غاية لها.
وصد: الوصيدة حجرة تجعل للمال في الجبل، يقال أوصدت الباب وآصدته أي أطبقته وأحكمته، وقال: (عليهم نار موصدة) وقرئ بالهمز مطبقة، والوصيد المتقارب الاصول.
وصف: الوصف ذكر الشئ بحليته ونعته، والصفة الحالة التى عليها الشئ من
حليته ونعته كالزنة التى هي قدر الشئ، والوصف قد يكون حقا وباطلا، قال: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب) تنبيها على كون ما يذكرونه كذبا، وقوله عز وجل: (رب العزة عما يصفون) تنبيه على أن أكثر صفاته ليس على حسب ما يعتقده كثير من الناس لم يتصور عنه تمثيل وتشبيه وأنه يتعالى عما يقول الكفار، ولهذا قال عز وجل: (وله المثل الاعلى) ويقال اتصف الشئ في عين الناظر إذا احتمل الوصف، ووصف البعير وصوفا إذا أجاد السير، والوصيف الخادم، والوصيفة الخادمة، ويقال وصف الجارية.
وصل: الاتصال اتحاد الاشياء بعضها ببعض كاتحاد طرفي الدائرة، ويضاد الانفصال ويستعمل الوصل في الاعيان وفى المعاني، يقال وصلت فلانا، قال الله تعالى (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) فقوله (إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق) أي ينسبون، يقال فلان متصل بفلان إذا كان بينهما نسبة أو مصاهرة، وقوله عز وجل: (ولقد وصلنا لهم القول) أي أكثرنا لهم القول موصولا
بعضه ببعض، وموصل البعير كل موضعين حصل بينهما وصلة نحو ما بين العجز والفخذ، وقوله (ولا وصيلة) وهو أن أحدهم كان إذا ولدت له شاته ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلا يذبحون أخاها من أجلها، وقيل الوصيلة العمارة والخصب، والوصيلة الارض الواسعة، ويقال هذا وصل هذا أي صلته.
وصى: الوصية التقدم إلي الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ من قولهم أرض واصية متصلة النبات، ويقال أوصاه ووصاه، قال: (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب) وقرئ (وأوصى) قال الله عز وجل: (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب - ووصينا الانسان - من بعد وصية يوصى بها - حين الوصية اثنان) ووصى أنشأ فضله وتواصى القوم إذا أوصى بعضهم إلى بعض، قال: (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر - أتواصوا به بل هم قوم طاغون) وضع: الوضع أعم من الحط ومنه الموضع، قال: (يحرفون الكلم عن مواضعه) ويقال ذلك في الحمل والحمل ويقال وضعت الحمل فهو موضوع، قال: (وأكواب موضوعة - والارض

وضعها للانام) فهذا الوضع عبارة عن الايجاد والخلق، ووضعت المرأة الحمل وضعا، قال: (فلما وضعتها قالت رب إنى وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت) فأما الوضع والتضع فأن تحمل في آخر طهرها في مقبل الحيض.
ووضع البيت بناؤه، قال الله تعالى: (إن أول بيت وضع للناس - ووضع الكتاب) هو إبراز أعمال العباد نحو قوله (ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا) ووضعت الدابة تضع في سيرها أسرعت ودابة حسنة الموضوع وأوضعتها حملتها على الاسراع، قال الله عز وجل: (ولاوضعوا خلالكم) والوضع في السير استعارة كقولهم ألقى باعه وثقله ونحو ذلك، والوضيعة الحطيطة من رأس المال، وقد وضع الرجل في تجارته يوضع إذا خسر، ورجل وضيع بين الضعة في مقابلة رفيع بين الرفعة.
وضن: الوضن نسج الدرع، ويستعار لكل نسج محكم، قال: (على سرر موضونة) ومنه الوضين وهو حزام الرحل وجمعه وضن.
وطر: الوطر النهمة والحاجة المهمة،
قال الله عز وجل: (فلما قضى زيد منها وطرا).
وطأ: وطؤ الشئ فهو وطئ بين الوطاءة والطاة والطئة، والوطاء ما توطأت به، ووطأت له بفراشه.
ووطأته برجلي أطؤه وطأ ووطاءة ووطأة وتوطأته، قال الله تعالى: (إن ناشئة الليل هي أشد وطأ) وقرئ وطاء وفى الحديث: " اللهم اشدد وطأتك على مضر " أي ذللهم.
ووطئ امرأته كناية عن الجماع، صار كالتصريح للعرف فيه، والمواطأة الموافقة وأصله أن يطأ الرجل برجله موطئ صاحبه، قال الله عز وجل: (إنما النسئ) إلى قوله: (ليواطئوا عدة ما حرم الله).
وعد: الوعد يكون في الخير والشر، يقال وعدته بنفع وضر وعدا وموعدا وميعادا، والوعيد في الشر خاصة يقال منه أوعدته ويقال واعدته وتواعدنا، قال الله عز وجل: (إن الله وعدكم وعد الحق - أفمن وعدناه وعدا حسنا - وعدكم الله مغانم - وعد الله الذين آمنوا) إلى غير ذلك.
ومن الوعد بالشر (ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده) وكانوا إنما يستعجلونه بالعذاب، وذلك
وعيد، قال: (قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا - إن موعدهم الصبح - فأتنا بما تعدنا - وإما نرينك بعض الذى نعدهم - فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله - الشيطان يعدكم الفقر) ومما يتضمن الامرين قول الله عز وجل: (ألا إن وعد الله حق) فهذا وعد بالقيامة وجزاء العباد إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
والموعد والميعاد يكونان

مصدرا واسما، قال: (فاجعل بيننا وبينك موعدا - بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا - موعدكم يوم الزينة - بل لهم موعد - قل لكم ميعاد يوم - ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد - إن وعد الله حق) أي البعث (إنما توعدون لآت - بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا) ومن المواعدة قوله: (ولكن لا تواعدوهن سرا - وواعدنا موسى ثلاثين ليلة - وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة) وأربعين وثلاثين مفعول لا ظرف أي انقضاء ثلاثين وأربعين، وعلى هذا قوله: (وواعدناكم جانب الطور الايمن - واليوم الموعود) وإشارة إلى القيامة كقوله عز وجل (ميقات يوم معلوم)
ومن الايعاد قوله: (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله) وقال: (ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد - فذكر بالقرآن من يخاف وعيد - لا تختصموا لدى وقد قدمت إليكم بالوعيد) ورأيت أرضهم واعدة إذا رجى خيرها من النبت، ويوم واعد حر أو برد، وعيد الفحل هديره وقوله عز وجل: (وعد الله الذين آمنوا) إلى قوله: (ليستخلفنهم) وقوله ليستخلفنهم تفسير لوعد كما أن قوله عز وجل: (للذكر مثل حظ الانثيين) تفسير الوصية.
وقوله: (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم) فقوله أنها لكم بدل من قوله إحدى الطائفتين، تقديره وعدكم الله أن إحدى الطائفتين لكم، إما طائفة العير وإما طائفة النفير.
والعدة من الوعد ويجمع على عدات، والوعد مصدر لا يجمع.
ووعدت يقتضى مفعولين الثاني منهما مكان أو زمان أو أمر من الامور نحو وعدت زيدا يوم الجمعة، ومكان كذا، وأن أفعل كذا، فقوله أربعين ليلة لا يجوز أن يكون المفعول الثاني من: (واعدنا موسى أربعين) لان الوعد لم يقع في الاربعين بل
انقضاء الاربعين وتمامها لا يصح الكلام إلا بهذا.
وعظ: الوعظ زجر مقترن بتخويف.
قال الخليل هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب والعظة والموعظة الاسم، قال تعالى: (يعظكم لعلكم تذكرون - قل إنما أعظكم - ذلكم توعظون - قد جاءتكم موعظة من ربكم - وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى - وهدى وموعظة للمتقين - وكتبنا له في الالواح من كل شئ موعظة وتفصيلا - فأعرض عنهم وعظهم).
وعى: الوعى حفظ الحديث ونحوه، يقال وعيته في نفسه، قال تعالى: (لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية) والايعاء حفظ الامتعة في الوعاء، قال: (وجمع فأوعى)، قال الشاعر: * والشعر أخبث ما أوعيت من زاد *

وقال (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه) ولا وعى عن كذا أي لا تماسك للنفس دونه ومنه ما لى عنه وعى أي بد، ووعى الجرح يعى وعيا جمع المدة،
ووعى العظم اشتد وجمع القوة، والواعية الصارخة، وسمعت وعى القوم أي صراخهم.
وفد: يقال وفد القوم تفد وفادة وهم وفد ووفود وهم الذين يقدمون على الملوك مستنجزين الحوائج ومنه الوافد من الابل وهو السابق لغيره، قال (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا).
وفر: الوفر المال التام، يقال وفرت كذا تممته وكملته، أفره وفرا ووفورا وفرة ووفرته على التكثير، قال (فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا) ووفرت عرضه إذا لم تنتقصه، وأرض في نبتها وفرة إذا كان تاما، ورأيت فلانا ذا وفارة أي تام المروءة والعقل، والوافر ضرب من الشعر.
وفض: الايفاض الاسراع، وأصله أن يعدو من عليه الوفضة وهى الكنانة تتخشخش عليه وجمعها الوفاض، قال: (كأنهم إلى نصب يوفضون) أي يسرعون، وقيل الاوفاض الفرق من الناس المستعجلة، يقال لقيته على أوفاض أي على عجلة، الواحد وفض.
وفق: الوفق المطابقة بين الشيئين، قال (جزاء وفاقا) يقال وافقت فلانا ووافقت الامر
صادفته، والاتفاق مطابقة فعل الانسان القدر ويقال ذلك في الخير والشر، يقال اتفق لفلان خير، واتفق له شر.
والتوفيق نحوه لكنه يختص في التعارف بالخير دون الشر، قال تعالى (وما توفيقي إلا بالله)، ويقال أتانا لتيفاق الهلال وميفاقه أي حين اتفق إهلاله.
وفى: الوافى الذى بلغ التمام يقال درهم واف وكيل واف وأوفيت الكيل والوزن، قال تعالى: (وأوفوا الكيل إذا كلتم) وفى بعهده يفى وفاء وأوفى إذا تمم العهد ولم ينقض حفظه، واشتقاق ضده وهو الغدر يدل على ذلك وهو الترك والقرآن جاء بأوفى، قال تعالى (وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم - وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم - بلى من أوفى بعهده واتقى - والموفون بعهدهم إذا عاهدوا - يوفون بالنذر - ومن أوفى بعهده من الله) وقوله (وإبراهيم الذى وفى) فتوفيته أنه بذل المجهود في جميع ما طولب به مما أشار إليه في قوله (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم) من بذل ماله بالانفاق في طاعته، وبذل ولده الذى هو أعز من نفسه للقربان، وإلى ما نبه عليه بقوله (وفى) أشار بقوله تعالى (وإذ ابتلى
إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن) وتوفية الشئ بذله وافيا، واستيفاؤه تناوله وافيا، قال تعالى (ووفيت كل نفس ما كسبت) وقال (وإنما توفون أجوركم - ثم توفى كل نفس -

إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب - من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها - وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم - فوفاه حسابه) وقد عبر عن الموت والنوم بالتوفى، قال تعالى: (الله يتوفى الانفس حين موتها - وهو الذى يتوفاكم بالليل - قل يتوفاكم ملك الموت - الله الذى خلقكم ثم يتوفاكم - الذين تتوفاهم الملائكة - توفته رسلنا - أو نتوفينك - وتوفنا مع الابرار - وتوفنا مسلمين - توفنى مسلما - يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى) وقد قيل توفى رفعة واختصاص لا توفى موت.
قال ابن عباس: توفى موت لانه أماته ثم أحياه.
وقب: الوقب كالنقرة في الشئ ووقب إذا دخل في وقب ومنه وقبت الشمس غابت، قال: (ومن شر غاسق إذا وقب) تغييبه،
والوقيب صوت قنب الدابة وقببه وقبه.
وقت: الوقت نهاية الزمان المفروض للعمل ولهذا لا يكاد يقال إلا مقدرا نحو قولهم وقت كذا جعلت له وقتا، قال: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا - وإذا الرسل أقتت) والميقات الوقت المضروب للشئ والوعد الذى جعل له وقت، قال عز وجل (إن يوم الفصل ميقاتهم - إن يوم الفصل كان ميقاتا - إلى ميقات يوم معلوم) وقد يقال الميقات للمكان الذى يجعل وقتا للشئ كميقات الحج.
وقد: يقال وقدت النار تقد وقودا ووقدا، والوقود، يقال للحطب المجعول للوقود ولما حصل من اللهب، قال: (وقودها الناس والحجارة - أولئك هم وقود النار - النار ذا ت الوقود) واستوقدت النار إذا ترشحت لايقادها، وأوقدتها، قال: (مثلهم كمثل الذى استوقد نارا - ومما يوقدون عليه في النار - فأوقد لى يا هامان - نار الله الموقدة) ومنه وقدة الصيف أشد حرا، واتقد فلان غضبا.
ويستعار وقد واتقد للحرب كاستعارة النار والاشتعال ونحو ذلك لها، قال تعالى:
(كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) وقد يستعار ذلك للتلالؤ، فيقال اتقد الجوهر والذهب.
وقذ: قال: (والموقوذة) أي المقتولة بالضرب.
وقر: الوقر الثقل في الاذن، يقال وقرت أذنه تقر وتوفر، قال أبو زيد: وقرت توقر فهى موقورة، قال: (وفى آذاننا وقر - وفى آذانهم وقرا) والوقر الحمل للحمار وللبغل كالوسق للبعير، وقد أوقرته ونخلة موقرة وموقرة، والوقار السكون والحلم، يقال هو وقور ووقار ومتوقر، قال: (ما لكم لا ترجون لله وقارا) وفلان ذو وقرة، وقوله: (وقرن

في بيوتكن) قيل هو من الوقار.
وقال بعضهم هو من قولهم وقرت أقر وقرا أي جلست، والوقير القطيع العظيم من الضأن كأن فيها وقارا لكثرتها وبطء سيرها.
وقع: الوقوع ثبوت الشئ وسقوطه، يقال وقع الطائر وقوعا، والواقعة لا تقال إلا في الشدة والمكروه، وأكثر ما جاء في القرآن من لفظ وقع جاء في العذاب والشدائد نحو:
(إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة) وقال (سأل سائل بعذاب واقع - فيومئذ وقعت الواقعة) ووقوع القول حصول متضمنه، قال تعالى: (ووقع القول عليهم بما ظلموا) أي وجب العذاب الذى وعدوا لظلمهم، فقال عزوجل: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الارض) أي إذا ظهرت أمارات القيامة التى تقدم القول فيها.
قال تعالى: (قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب) وقال: (أثم إذا ما وقع آمنتم به) وقال (فقد وقع أجره على الله) واستعمال لفظة الوقوع ههنا تأكيد للوجوب كاستعمال قوله تعالى (وكان حقا علينا نصر المؤمنين - كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين) وقوله عزوجل: (فقعوا له ساجدين) فعبارة عن مبادرتهم إلى السجود، ووقع المطر نحو سقط، ومواقع الغيث مساقطه، والمواقعة في الحرب ويكنى بالمواقعة عن الجماع، والايقاع يقال في الاسقاط وفي شن الحرب بالوقعة ووقع الحديد صوته، يقال وقعت الحديدة أقعها وقعا إذا حددتها بالميقعة، وكل سقوط شديد يعبر عنه بذلك، وعنه استعير الوقيعة في الانسان.
والحافر الوقع الشديد الاثر، ويقال
للمكان الذى يستقر الماء فيه الوقيعة، والجمع الوقائع، والموضع الذى يستقر فيه الطير موقع، والتوقيع أثر الدبر بظهر البعير، وأثر الكتابة في الكتاب، ومنه استعير التوقيع في القصص.
وقف: يقال وقفت القوم أقفهم وقفا وواقفوهم وقوفا، قال (وقفوهم إنهم مسئولون) ومنه استعير وقفت الدار إذا سبلتها، والوقف سوار من عاج، وحمار موقف بأرساغه مثل الوقف من البياض كقولهم فرس محجل إذا كان به مثل الحجل، وموقف الانسان حيث يقف، والمواقفة أن يقف كل واحد أمره على ما يقفه على صاحبه، والوقيفة الوحشية التى يلجئها الصائد إلى أن تقف حتى تصاد.
وقى: الوقاية حفظ الشئ مما يؤذيه ويضره، يقال وقيت الشئ أقيه وقاية ووقاء، قال: (فوقاهم الله - ووقاهم عذاب السعير - وما لهم من الله من واق - مالك من الله من ولى ولا واق - قوا أنفسكم وأهليكم نارا) والتقوى جعل النفس في وقاية مما يخاف، هذا تحقيقه، ثم يسمى الخوف تارة تقوى، والتقوى خوفا حسب تسمية مقتضى الشئ بمقتضيه والمقتضى بمقتضاه، وصار التقوى في تعارف

الشرع حفظ النفس عما يؤثم، وذلك بترك المحظور، ويتم ذلك بترك بعض المباحات لما روى: " الحلال بين، والحرام بين، ومن رتع حول الحمى فحقيق أن يقع فيه " قال الله تعالى: (فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون - إن الله مع الذين اتقوا - وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا) ولجعل التقوى منازل قال: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله - و - اتقوا ربكم - ومن يخش الله ويتقه - واتقوا الله الذى تساءلون به والارحام - اتقوا الله حق تقاته) وتخصيص كل واحد من هذه الالفاظ له ما بعد هذا الكتاب.
ويقال اتقى فلان بكذا إذا جعله وقاية لنفسه، وقوله (أفمن يتقى بوجهه سوء العذاب يوم القيامة) تنبيه على شدة ما ينالهم، وإن أجدر شئ يتقون به من العذاب يوم القيامة هو وجوههم، فصار ذلك كقوله: (وتغشى وجوههم النار - يوم يسحبون في النار على وجوههم).
وكد: وكدت القول والفعل وأكدته أحكمته، قال تعالى: (ولا تنقضوا الايمان بعد
توكيدها) والسير الذى يشد به القربوس يسمى التأكيد، ويقال توكيد، والوكاد حبل يشد به البقر عند الحلب، قال الخليل: أكدت في عقد الايمان أجود، ووكدت في القول أجود، تقول إذا عقدت: أكدت، وإذا حلفت وكدت ووكد وكده إذا قصد قصده وتخلق بخلقه.
وكز: الوكز الطعن والدفع والضرب بجميع الكف، قال تعالى: (فوكزه موسى).
وكل: التوكيل أن تعتمد على غيرك وتجعله نائبا عنك، والوكيل فعيل بمعنى المفعول، قال تعالى: (وكفى بالله وكيلا) أي اكتف به أن يتولى أمرك ويتوكل لك وعلى هذا: (حسبنا الله ونعم الوكيل - وما أنت عليهم بوكيل) أي بموكل عليهم وحافظ لهم كقوله: (لست عليهم بمسيطر إلا من تولى) فعلى هذا قوله تعالى: (قل لست عليكم بوكيل) وقوله: (أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا - أمن يكون عليهم وكيلا) أي من يتوكل عنهم ؟ والتوكل يقال على وجهين، يقال توكلت
لفلان بمعنى توليت له، ويقال وكلته فتوكل لى: وتوكلت عليه بمعنى اعتمدته، قال عز وجل: (فليتوكل المؤمنون - ومن يتوكل على الله فهو حسبه - ربنا عليك توكلنا - وعلى الله فتوكلوا - وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا - وتوكل عليه - وتوكل على الحى الذى لا يموت) وواكل فلان إذا ضيع أمره متكلا على غيره، وتواكل القوم إذا اتكل كل على الاخر، ورجل وكلة تكلة

إذا اعتمد غيره في أمره، والوكال في الدابة أن لا يمشى إلا بمشى غيره، وربما فسر الوكيل بالكفيل، والوكيل أعم لان كل كفيل وكيل، وليس كل وكيل كفيلا.
ولج: الولوج الدخول في مضيق، قال: (حتى يلج الجمل في سم الخياط) وقوله: (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) فتنبيه على ما ركب الله عزوجل عليه العالم من زيادة الليل في النهار وزيادة النهار في الليل وذلك بحسب مطالع الشمس ومغاربها.
والوليجة كل ما يتخذه الانسان معتمدا عليه وليس من أهله، من قولهم فلان وليجة في القوم إذا لحق بهم
وليس منهم إنسانا كان أو غيره، قال: (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) وذلك مثل قوله (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء) ورجل خرجة ولجة: كثير الخروج والولوج.
وكأ: الوكاء رباط الشئ وقد يجعل الوكاء اسما لما يجعل فيه الشئ فيشد به ومنه أو كأت فلانا جعلت له متكأ، وتوكأ على العصا اعتمد بها وتشدد بها، قال تعالى: (هي عصاي أتوكأ عليها)، وفى الحديث " كان يوكى بين الصفا والمروة " قال معناه يملا ما بينهما سعيا كما يوكى السقاء بعد الملء، ويقال أوكيت السقاء ولا يقال أوكأت.
ولد: الولد المولود يقال للواحد والجمع والصغير والكبير، قال الله تعالى: (فإن لم يكن له ولد - أنى يكون له ولد) ويقال للمتبنى ولد، قال: (أو نتخذه ولدا) وقال: (ووالد وما ولد) قال أبو الحسن: الولد الابن والابنة والولد هم الاهل والولد.
ويقال ولد فلان.
قال تعالى: (والسلام على يوم ولدت - وسلام عليه يوم ولد) والاب يقال له والد والام والدة ويقال لهما والدان،
قال: (رب اغفر لي ولوالدي) والوليد يقال لمن قرب عهده بالولادة وإن كان في الاصل يصح لمن قرب عهده أو بعد كما يقال لمن قرب عهده بالاجتناء جنى فإذا كبر الولد سقط عنه هذا الاسم وجمعه ولدان، قال (يوما يجعل الولدان شيبا) والوليدة مختصة بالاماء في عامة كلامهم، واللدة مختصة بالترب، يقال فلان لدة فلان، وتربه، ونقصانه الواو لان أصله ولدة.
وتولد الشئ من الشئ حصوله عنه بسبب من الاسباب وجمع الولد أولاد قال: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة - إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم) فجعل كلهم فتنة وبعضهم عدوا.
وقيل الولد جمع ولد نحو أسد وأسد، ويجوز أن يكون واحدا نحو بخل وبخل وعرب وعرب، وروى ولدك من دمى عقبيك وقرئ: (من لم يزده ماله وولده).
ولق: الولق الاسراع، ويقال ولق الرجل

يلق كذب، وقرئ (إذ تلقونه بألسنتكم) أي تسرعون الكذب من قولهم جاءت الابل تلق، والاولق من فيه جنون وهوج
ورجل مالوق ومؤلق وناقة ولقى سريعة، والوليقة طعام يتخذ من السمن، والولق أخف الطعن.
وهب: الهبة أن تجعل ملكك لغيرك بغير عوض، يقال وهبته هبة وموهبة وموهبا، قال تعالى: (ووهبنا له إسحق - الحمد لله الذى وهب لى على الكبر إسماعيل وإسحاق - إنما أنا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا) فنسب الملك إلى نفسه الهبة لما كان سببا في إيصاله إليها، وقد قرئ (ليهب لك) فنسب إلى الله تعالى فهذا على الحقيقة والاول على التوسع.
وقال تعالى: (فوهب لى ربى حكما - ووهبنا لداود سليمان - ووهبنا له أهله - ووهبنا له من رحمتنا أخاه هرون نبيا - فهب لى من لدنك وليا يرثنى - ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين - هب لنا من لدنك رحمة - هب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدى) ويوصف الله تعالى بالواهب والوهاب بمعنى أنه يعطى كلا على استحقاقه، وقوله (إن وهبت نفسها) والاتهاب قبول الهبة، وفى الحديث " لقد هممت أن لا أتهب إلا من قرشي أو أنصارى أو ثقفي ".
وهج: الوهج حصول الضوء والحر من النار، والوهجان كذلك وقوله (وجعلنا سراجا وهاجا) أي مضيئا وقد وهجت النار توهج ووهج يهج، ويوهج وتوهج الجوهر تلالا.
ولى: الولاء والتوالي أن يحصل شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان ومن حيث النسبة ومن حيث الدين ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد، والولاية النصرة، والولاية تولى الامر، وقيل الولاية والولاية.
نحو الدلالة والدلالة، وحقيقته تولى الامر.
والولى والمولى يستعملان في ذلك كل واحد منهما يقال في معنى الفاعل أي الموالى، وفى معنى المفعول أي الموالى، يقال للمؤمن هو ولى الله عز وجل ولم يرد مولاه، وقد يقال: الله تعالى ولى المؤمنين ومولاهم، فمن الاول قال الله تعالى: (الله ولى الذين آمنوا - إن وليى الله - والله ولى المؤمنين - ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا - نعم المولى ونعم النصير - واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى) قال عز وجل: (قل يا أيها الذين هادوا إن
زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس - وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه - ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق) والوالى الذى في قوله (وما لهم من دونه من وال) بمعنى الولى ونفى الله تعالى الولاية بين المؤمنين والكافرين

في غير آية، فقال: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود - إلى قوله - ومن يتولهم منكم فإنه منهم - لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء - ولا تتبعوا من دونه أولياء - ما لكم من ولايتهم من شئ - يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء - ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا - إلى قوله - ولو كانوا يؤمنون بالله والنبى وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء) وجعل بين الكافرين والشياطين موالاة في الدنيا ونفى بينهم الموالاة في الاخرة، قال الله تعالى في الموالاة بينهم في الدنيا (والمنافقون والمنافقات بعضهم أولياء بعض) وقال (إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله - إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون - فقاتلوا أولياء الشيطان) فكما جعل بينهم
وبين الشيطان موالاة جعل للشيطان في الدنيا عليهم سلطانا فقال: (إنما سلطانه على الذين يتولونه) ونفى الموالاة بينهم في الاخرة فقال في موالاة الكفار بعضهم بعضا: (يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا - ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض - قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا) الاية، وقولهم تولى إذا عدى بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله في أقرب المواضع منه يقال وليت سمعي كذا ووليت عينى كذا ووليت وجهى كذا أقبلت به عليه، قال الله عز وجل (فلنولينك قبلة ترضاها - فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) وإذا عدى بعن لفظا أو تقديرا اقتضى معنى الاعراض وترك قربه، فمن الاول قوله (ومن يتولهم منكم فإنه منهم - ومن يتول الله ورسوله) ومن الثاني قوله (فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين - إلا من تولى وكفر - فإن تولوا فقولوا اشهدوا - وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم - فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين - وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم - فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم
الفاسقون) والتولى قد يكون بالجسم وقد يكون بترك الاصغاء والائتمار، قال الله عز وجل: (ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون) أي لا تفعلوا ما فعل الموصوفون بقوله (واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا) ولا ترتسموا قول من ذكر عنهم (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) ويقال ولاه دبره إذا انهزم.
وقال تعالى: (وإن يقاتلوكم يولوكم الادبار - ومن يولهم يومئذ دبره) وقوله (هب لى من لدنك وليا) أي ابنا يكون من أوليائك، وقوله (خفت الموالى من ورائي) قيل ابن العم وقيل مواليه.
وقوله (ولم يكن له ولى من الذل) فيه نفى الولى بقوله عز جل (من الذل) إذ كان صالحو عباده هم أولياء الله كما

تقدم لكن موالاتهم ليستولي هو تعالى بهم وقوله (ومن يضلل الله فلن تجد له وليا) والولى المطر الذى يلى الوسمى، والمولى يقال للمعتق والمعتق والحليف وابن العم والجار وكل من ولى أمر الاخر فهو وليه، ويقال فلان أولى بكذا أي أحرى، قال تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم - إن أولى الناس بإبراهيم للذين
اتبعوه - فالله أولى بهما - وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض) وقيل: (أولى لك فأولى) من هذا، معناه العقاب أولى لك وبك، وقيل هذا فعل المتعدى بمعنى القرب، وقيل معناه انزجر.
ويقال ولى الشئ الشئ وأوليت الشئ شيئا آخر أي جعلته يليه، والولاء في العتق هو ما يورث به ونهى عن بيع الولاء وعن هبته، والموالاة بين الشيئين المتابعة.
وهن: الوهن ضعف من حيث الخلق أو الخلق (قال رب إنى وهن العظم منى - فما وهنوا لما أصابهم - وهنا على وهن) أي كلما عظم في بطنها زادها ضعفا على ضعف: (ولا تهنوا في ابتغاء القوم - ولا تهنوا ولا تحزنوا - ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين).
وهى: الوهى شق في الاديم والثوب ونحوهما ومنه يقال وهت عزالى السحاب بمائها، قال: (وانشقت السماء فهى يومئذ واهية) وكل شئ استرخى رباطه فقد وهى.
وى: وى كلمة تذكر للتحسر والتندم والتعجب، تقول وى لعبد الله، قال تعالى: (ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء -
ويكأنه لا يفلح الكافرون) وقيل وى لزيد، وقيل ويك كان ويلك فحذف منه اللام.
ويل: قال الاصمعي: ويل قبح، وقد يستعمل على التحسر، وويس استصغار، وويح ترحم.
ومن قال ويل واد في جهنم فإنه لم يرد أن ويلا في اللغة هو موضوع لهذا، وإنما أراد من قال الله تعالى ذلك فيه فقد استحق مقرا من النار وثبت ذلك له: (فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون - وويل للكافرين - ويل لكل أفاك أثيم - فويل للذين كفروا - فويل للذين ظلموا - ويل للمطففين - ويل لكل همزة - يا ويلنا من بعثنا - يا ويلنا إنا كنا ظالمين - يا ويلنا إنا كنا طاغين).

كتاب الهاء هبط: الهبوط الانحدار على سبيل القهر كهبوط الحجر، والهبوط بالفتح المنحدر، يقال هبطت أنا وهبطت غيرى، يكون اللازم والمتعدي على لفظ واحد، قال: (وإن منها لما يهبط من خشية الله) يقال هبطت وهبطته
هبطا، وإذا استعمل في الانسان الهبوط فعلى سبيل الاستخفاف بخلاف الانزال، فإن الانزال ذكره تعالى في الاشياء التى نبه على شرفها كإنزال الملائكة والقرآن والمطر وغير ذلك.
والهبط ذكر حيث نبه على الغض نحو (وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو - فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها - اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم) وليس في قوله (فإن لكم ما سألتم) تعظيم وتشريف، ألا ترى أنه تعالى قال (وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤا بغضب من الله) وقال جل ذكره (قلنا اهبطوا منها جميعا) ويقال هبط المرض لحم العليل حطه عنه، والهبيط الضامر من النوق وغيرها إذا كان ضمره من سوء غذاء وقلة تفقد.
هبا: هبا الغبار يهبو ثار وسطع، والهبوة كالغبرة، والهباء دقاق التراب وما نبت في الهواء فلا يبدو إلا في أثناء ضوء الشمس في الكوة، قال تعالى: (فجعلناه هباء منثورا - فكانت هباءا منبثا).
هجد: الهجود النوم والهاجد النائم، وهجدته فتهجد أزلت هجوده نحو مرضته.
ومعناه أيقظته فتيقظ، وقوله (ومن الليل فتهجد به) أي تيقظ بالقرآن وذلك حث على إقامة الصلاة في الليل المذكور في قوله: (قم الليل إلا قليلا نصفه) والمتهجد المصلى ليلا، وأهجد البعير ألقى جرانه على الارض متحريا للهجود.
هجر: الهجر والهجران مفارقة الانسان غيره إما بالبدن أو باللسان أو بالقلب، قال تعالى (واهجروهن في المضاجع) كناية عن عدم قربهن، وقوله تعالى: (إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) فهذا هجر بالقلب أو بالقلب واللسان.
وقوله: (واهجرهم هجرا جميلا) يحتمل الثلاثة ومدعو إلى أن يتحرى

أي الثلاثة إن أمكنه مع تحرى المجاملة، وكذا قوله تعالى: (واهجرني مليا) وقوله تعالى: (والرجز فاهجر) فحث على المفارقة بالوجوه كلها.
والمهاجرة في الاصل مصارمة الغير ومتاركته، من قوله عز وجل: (والذين هاجروا وجاهدوا) وقوله: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم
وأموالهم) وقوله: (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله - فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله) فالظاهر منه الخروج من دار الكفر إلى دار الايمان كمن هاجر من مكة إلى المدينة، وقيل مقتضى ذلك هجران الشهوات والاخلاق الذميمة والخطايا وتركها ورفضها، وقوله (إنى مهاجر إلى ربى) أي تارك لقومي وذاهب إليه.
وقوله (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) وكذا المجاهدة تقتضي مع العدى مجاهدة النفس كما روى في الخبر " رجعتم من الجهاد الاصغر إلى الجهاد الاكبر "، وهو مجاهدة النفس.
وروى " هاجروا ولا تهجروا " أي كونوا من المهاجرين ولا تتشبهوا بهم في القول دون الفعل، والهجر الكلام القبيح المهجور لقبحه.
وفى الحديث " ولا تقولوا هجرا " وأهجر فلان إذا أتى بهجر من الكلام عن قصد، وهجر المريض إذا أتى ذلك من غير قصد وقرئ (مستكبرين به سامرا تهجرون) وقد يشبه المبالغ في الهجر بالمهجر فيقال أهجر إذا قصد ذلك، قال الشاعر: كما جدة الاعراق قال ابن ضرة *
عليها كلاما جار فيه وأهجرا ورماه بها جرات كلامه أي فضائح كلامه، وقوله فلان هجيراه كذا إذا أولع بذكره وهذى به هذيان المريض المهجر، ولا يكاد يستعمل الهجير إلا في العادة الذميمة اللهم إلا أن يستعمله في ضده من لا يراعى مورد هذه الكلمة عن العرب.
والهجير والهاجرة الساعة التى يمتنع فيها من السير كالحر كأنها هجرت الناس وهجرت لذلك، والهجار حبل يشد به الفحل فيصير سببا لهجرانه الابل، وجعل على بناء العقال والزمام، وفحل مهجور أي مشدود به، وهجار القوس وترها وذلك تشبيه بهجار الفحل.
هجع: الهجوع: النوم ليلا، قال (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) وذلك يصح أن يكون معناه كان هجوعهم قليلا من أوقات الليل، ويجوز أن يكون معناه لم يكونوا يهجعون والقليل يعبر به عن النفى والمشارف لنفيه لقلته، ولقيته بعد هجعة أي بعد نومة وقولهم رجل هجع كقولك نوم للمستنيم إلى كل شئ.
هدد: الهد هدم له وقع وسقوط شئ
ثقيل، والهدة صوت وقعه، قال: (وتنشق

الارض وتخر الجبال هدا) وهددت البقرة إذا أوقعتها للذبح، والهد المهدود كالذبح للمذبوح ويعبر به عن الضعيف والجبان، وقيل مررت برجل هدك من رجل كقولك حسبك وتحقيقه يهدك ويزعجك وجود مثله، وهددت فلانا وتهددته إذا زعزعته بالوعيد، والهدهدة تحريك الصبى لينام، والهدهد طائر معروف، قال تعالى: (ما لى لا أرى الهدهد) وجمعه هداهد، والهداهد بالضم واحد، قال الشاعر: كهداهد كسر الرماة جناحه * يدعو بقارعة الطريق هديلا هدم: الهدم إسقاط البناء، يقال هدمته هدما.
والهدم ما يهدم ومنه استعير دم هدم أي هدر، والهدم بالكسر كذلك لكن اختص بالثوب البالى وجمعه أهدام، وهدمت البناء على التكثير، قال تعالى: (لهدمت صوامع).
هدى: الهداية دلالة بلطف ومنه الهدية وهوادى الوحش أي متقدماتها الهادية لغيرها،
وخص ما كان دلالة بهديت وما كان إعطاء بأهديت نحو أهديت الهدية وهديت إلى البيت إن قيل كيف جعلت الهداية دلالة بلطف وقد قال الله تعالى: (فاهدوهم إلى صراط الجحيم - ويهديه إلى عذاب السعير) قيل ذلك استعمل فيه استعمال اللفظ على التهكم مبالغة في المعنى كقوله: (فبشرهم بعذاب أليم) وقول الشاعر: * تحية بينهم ضرب وجيع * وهداية الله تعالى للانسان على أربعة أوجه، الاول: الهداية التى عم بجنسها كل مكلف من العقل والفطنة والمعارف الضرورية التى أعم منها كل شئ بقدر فيه حسب احتماله كما قال: (ربنا الذى أعطى كل شئ خلقه ثم هدى)، الثاني: الهداية التى جعل للناس بدعائه إياهم على ألسنة الانبياء وإنزال القرآن ونحو ذلك وهو المقصود بقوله تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا)، الثالث: التوفيق الذى يختص به من اهتدى وهو المعنى بقوله تعالى: (والذين اهتدوا زادهم هدى) وقوله: (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) وقوله: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم
ربهم بإيمانهم) وقوله: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا - ويزيد الله الذين اهتدوا هدى - فهدى الله الذين آمنوا - والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم)، الرابع: الهداية في الاخرة إلى الجنة المعنى بقوله: (سيهديهم ويصلح بالهم - ونزعنا ما في صدورهم من غل) إلى قوله: (الحمد لله الذى هدانا لهذا) وهذه الهدايات الاربع مترتبة فإن من لم تحصل له الاولى لا تحصل له الثانية بل لا يصح تكليفه، ومن لم تحصل له الثانية

لا تحصل له الثالثة والرابعة، ومن حصل له الرابع فقد حصل له الثلاث التى قبلها، ومن حصل له الثالث فقد حصل له اللذان قبله.
ثم ينعكس فقد تحصل الاولى ولا يحصل له الثاني ولا يحصل الثالث، والانسان لا يقدر أن يهدى أحدا إلا بالدعاء وتعريف الطرق دون سائر أنواع الهدايات وإلى الاول أشار بقوله: (وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم - يهدون بأمرنا - ولكل قوم هاد) أي داع، وإلى سائر الهدايات أشار بقوله تعالى: (إنك لا تهدى من أحببت) وكل هداية ذكر الله عز وجل أنه منع الظالمين
والكافرين فهى الهداية الثالثة وهى التوفيق الذى يختص به المهتدون، والرابعة التى هي الثواب في الاخرة وإدخال الجنة نحو قوله عز وجل: (كيف يهدى الله قوما) إلى قوله (والله لا يهدى القوم الظالمين) وكقوله (ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الاخرة وأن الله لا يهدى القوم الكافرين) وكل هداية نفاها الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن البشر، وذكر أنهم غير قادرين عليها فهى ما عدا المختص من الدعاء وتعريف الطريق، وذلك كإعطاء العقل والتوفيق وإدخال الجنة، كقوله عز ذكره: (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء - ولو شاء الله لجمعهم على الهدى - وما أنت بهاد العمى عن ضلالتهم - إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل - ومن يظلل الله فما له من هاد - ومن يهد الله فما له من مضل - إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء) وإلى هذا المعنى أشار بقوله تعالى: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) وقوله: (من يهد الله فهو المهتد) أي طالب الهدى ومتحريه هو الذى يوفقه ويهديه إلى طريق الجنة لا من
ضاده فيتحرى طريق الضلال والكفر كقوله: (والله لا يهدى القوم الكافرين) وفى أخرى (الظالمين) وقوله (إن الله لا يهدى من هو كاذب كفار) الكاذب الكفار هو الذى لا يقبل هدايته، فإن ذلك راجع إلى هذا وإن لم يكن لفظه موضوعا لذلك، ومن لم يقبل هدايته لم يهده، كقولك من لم يقبل هديتي لم أهد له ومن لم يقبل عطيتي لم أعطه، ومن رغب عنى لم أرغب فيه، وعلى هذا النحو (والله لا يهدى القوم الظالمين) وفى أخرى (الفاسقين) وقوله: (أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى) وقد قرئ " يهدى إلا أن يهدى " أي لا يهدى غيره ولكن يهدى أي لا يعلم شيئا ولا يعرف أي لا هداية له ولو هدى أيضا لم يهتد لانها موات من حجارة ونحوها، وظاهر اللفظ أنه إذا هدى اهتدى لاخراج الكلام أنها أمثالكم كما قال تعالى (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم) وإنما هي أموات.
وقال في موضع آخر: (ويعبدون من

دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والارض شيئا ولا يستطيعون) وقوله عزوجل
(إنا هديناه السبيل - وهديناه النجدين - وهديناهما الصراط المستقيم) فذلك إشارة إلى ما عرف من طريق الخير والشر وطريق الثواب والعقاب بالعقل والشرع وكذا قوله: (فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة - إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء - ومن يؤمن بالله يهد قلبه) فهو إشارة إلى التوفيق الملقى في الروع فيما يتحراه الانسان وإياه عنى بقوله عزوجل: (والذين اهتدوا زادهم هدى) وعدى الهداية في مواضع بنفسه وفى مواضع باللام وفى مواضع بإلى، قال تعالى: (ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم - واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط المستقيم) وقال: (أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع) وقال: (هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى) وما عدى بنفسه نحو: (ولهديناهم صراطا مستقيما - وهديناهما الصراط المستقيم - اهدنا الصراط المستقيم - أتريدون أن تهدوا من أضل الله - ولا ليهديهم طريقا - أفأنت تهدى العمى - ويهديهم إليه صراطا مستقيما).
ولما كانت الهداية والتعليم يقتضى
شيئين: تعريفا من المعرف، وتعرفا من المعرف، وبهما تم الهداية والتعليم فإنه متى حصل البذل من الهادى والمعلم ولم يحصل القبول صح أن يقال لم يهد ولم يعلم اعتبارا بعدم القبول وصح أن يقال هدى وعلم اعتبارا ببذله، فإذا كان كذلك صح أن يقال إن الله تعالى لم يهد الكافرين والفاسقين من حيث إنه لم يحصل القبول الذى هو تمام الهداية والتعليم، وصح أن يقال هداهم وعلمهم من حيث إنه حصل البذل الذى هو مبدأ الهداية.
فعلى الاعتبار بالاول يصح أن يحمل قوله تعالى: (والله لا يهدى القوم الظالمين - والكافرين) وعلى الثاني قوله عزوجل: (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) والاولى حيث لم يحصل القبول المفيد فيقال، هداه الله فلم يهتد كقوله: (وأما ثمود) الاية، وقوله: (لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء) إلى قوله: (وإنها لكبيرة إلا على الذين هدى الله) فهم الذين قبلوا هداه، واهتدوا به، وقوله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم - ولهديناهم صراطا مستقيما) فقد قيل عنى به الهداية العامة التى هي العقل وسنة الانبياء وأمرنا أن نقول ذلك بألسنتنا
وإن كان قد فعل ليعطينا بذلك ثوابا كما أمرنا أن نقول اللهم صل على محمد وإن كان قد صلى عليه بقوله: (إن الله وملائكته يصلون على النبي) وقيل إن ذلك دعاء بحفظنا عن استغواء الغواة واستهواء الشهوات، وقيل هو سؤال للتوفيق الموعود به في قوله: (والذين اهتدوا زادهم

هدى) وقيل سؤال للهداية إلى الجنة في الاخرة وقوله عزوجل: (وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله) فإنه يعنى به من هداه بالتوفيق المذكور في قوله عزوجل (والذين اهتدوا زادهم هدى).
والهدى والهداية في موضوع اللغة واحد لكن قد خص الله عزوجل لفظة الهدى بما تولاه وأعطاه واختص هو به دون ما هو إلى الانسان نحو (هدى للمتقين - أولئك على هدى من ربهم - وهدى للناس - فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى - قل إن هدى الله هو الهدى - وهدى وموعظة للمتقين - ولو شاء الله لجمعهم على الهدى - إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل - أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى).
والاهتداء يختص بما يتحراه الانسان على طريق الاختيار إما في الامور الدنيوية أو الاخروية قال تعالى: (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها) وقال (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا) ويقال ذلك لطلب الهداية نحو (وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون) وقال: (فلا تخشوهم واخشوني ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون - فإن أسلموا فقد اهتدوا - فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا).
ويقال المهتدى لمن يقتدى بعالم نحو (أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون) تنبيها أنهم لا يعلمون بأنفسهم ولا يقتدون بعالم وقوله (فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها) فإن الاهتداء ههنا يتناول وجوه الاهتداء من طلب الهداية ومن الاقتداء ومن تحريها، وكذا قوله (وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون) وقوله (وإنى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) فمعناه ثم أدام طلب الهداية ولم يفتر عن تحريه ولم يرجع إلى
المعصية.
وقوله (الذين إذا أصابتهم مصيبة) إلى قوله (وأولئك هم المهتدون) أي الذين تحروا هدايته وقبلوها وعملوا بها، وقال مخبرا عنهم (وقالوا يا أيه الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون).
والهدى مختص بما يهدى إلى البيت.
قال الاخفش والواحدة هدية، قال: ويقال للانثى هدى كأنه مصدر وصف به، قال الله تعالى: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى - هديا بالغ الكعبة - والهدى والقلائد - والهدى معكوفا).
والهدية مختصة باللطف الذى يهدى بعضنا إلى بعض، قال تعالى: (وإنى مرسلة إليهم بهدية - بل أنتم بهديتكم تفرحون) والمهدى الطبق الذى يهدى عليه، والمهداء

من يكثر إهداء الهدية، قال الشاعر: * وإنك مهداء الخنا نطف الحشا * والهدى يقال في الهدى، وفى العروس يقال هديت العروس إلى زوجها، وما أحسن هدية فلان وهديه أي طريقته، وفلان يهادى بين اثنين إذا مشى بينهما معتمدا عليهما،
وتهادت المرأة إذا مشت مشى الهدى.
هرع: يقال هرع وأهرع ساقه سوقا بعنف وتخويف، قال الله تعالى: (وجاءه قومه يهرعون إليه) وهرع برمحه فتهرع إذا أشرعه سريعا، والهرع السريع المشى والبكاء، قيل والهريع والهرعة القملة الصغيرة.
هرت: قال تعالى: (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) قيل هما الملكان.
وقال بعض المفسرين هما اسما شيطانين من الانس أو الجن وجعلهما نصبا بدلا من قوله تعالى (ولكن الشياطين) بدل البعض من الكل كقولك القوم قالوا إن كذا زيد وعمرو.
والهرت سعة الشدق، يقال فرس هريت الشدق وأصله من هرت ثوبه إذا مزقه ويقال الهريت المرأة المفضاة.
هرن: هرون اسم أعجمى ولم يرد في شئ من كلام العرب.
هزز: الهز التحريك الشديد، يقال هززت الرمح فاهتز وهززت فلانا للعطاء، قال تعالى: (وهزى إليك بجذع النخلة - فلما رآها تهتز) واهتز النبات إذا تحرك لنضارته، قال تعالى: (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت
وربت) واهتز الكوكب في انقضاضه وسيف هزهاز وماء هزهز ورجل هزهز: خفيف.
هزل: قال (إنه لقول فصل وما هو بالهزل) الهزل كل كلام لا تحصيل له ولا ربع تشبيها بالهزال.
هزؤ: الهزء مزح في خفية وقد يقال لما هو كالمزح، فمما قصد به المزح قوله (اتخذوها هزوا ولعبا - وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا - وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا - وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا - أتتخذنا هزوا - ولا تتخذوا آيات الله هزوا)، فقد عظم تبكيتهم ونبه على خبثهم من حيث إنه وصفهم بعد العلم بها، والوقوف على صحتها بأنهم يهزءون بها، يقال هزئت به واستهزأت، والاستهزاء ارتياد الهزؤ وإن كان قد يعبر به عن تعاطى الهزؤ، كالاستجابة في كونها ارتيادا للاجابة، وإن كان قد يجرى مجرى الاجابة.
قال (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون - وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون - ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون - إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها - ولقد استهزئ برسل من قبلك) والاستهزاء من الله في
الحقيقة لا يصح كما لا يصح من الله اللهو واللعب،

تعالى الله عنه.
وقوله: (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون) أي يجازيهم جزاء الهزؤ.
ومعناه أنه أمهلهم مدة ثم أخذهم مغافصة فسمى إمهاله إياهم استهزاء من حيث إنهم اغتروا به اغترارهم بالهزؤ، فيكون ذلك كالاستدراج من حيث لا يعلمون، أو لانهم استهزءوا فعرف ذلك منهم فصار كأنه يهزأ بهم كما قيل من خدعك وفطنت له ولم تعرفه فاحترزت منه فقد خدعته.
وقد روى: أن المستهزئين في الدنيا يفتح لهم باب من الجنة فيسرعون نحوه فإذا انتهوا إليه سد عليهم فذلك قوله: (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون) وعلى هذه الوجوه قوله عزوجل (سخر الله منهم ولهم عذاب أليم).
هزم: أصل الهزم غمز الشئ اليابس حتى ينحطم كهزم الشن، وهزم القثاء والبطيخ ومنه الهزيمة لانه كما يعبر عنه بذلك يعبر عنه بالحطم والكسر، قال تعالى (فهزموهم بإذن الله - جند ما هنالك مهزوم من الاحزاب) وأصابته هازمة الدهر أي كاسرة كقولهم:
فاقرة، وهزم الرعد تكسر صوته، والمهزام عود يجعل الصبيان في رأسه نارا فيلعبون به كأنهم يهزمون به الصبيان.
ويقولون للرجل الطبع هزم واهتزم.
هشش: الهش يقارب الهز في التحريك ويقع على الشئ اللين كهش الورق أي خبطه بالعصا.
قال تعالى: (وأهش بها على غنمي) وهش الرغيف في التنور يهش وناقة هشوش لينة غزيرة اللبن، وفرس هشوش ضد الصلود، والصلود الذى لا يكاد يعرق.
ورجل هش الوجه طلق المحيا، وقد هششت، وهش للمعروف يهش وفلان ذوهشاش.
هشم: الهشم كسر الشئ الرخو كالنبات قال تعالى: (فأصبح هشيما تذروه الرياح - فكانوا كهشيم المحتظر) يقال هشم عظمه ومنه هشمت الخبز، قال الشاعر: عمرو العلا هشم الثريد لقومه * ورجال مكة مسنتون عجاف والهاشمة الشجة تهشم عظم الرأس، واهتشم كل ما في ضرع الناقة إذا احتلبه ويقال تهشم فلان على فلان تعطف هضم: الهضم شدخ ما فيه رخاوة، يقال
هضمته فانهضم وذلك كالقصبة المهضومة التى يزمر بها ومزمار مهضم، قال: (ونخل طلعها هضيم) أي داخل بعضه في بعض كأنما شدخ، والهاضوم ما يهضم الطعام وبطن هضوم وكشح مهضم وامرأة هضيمة الكشحين واستعير الهضم للظلم، قال تعالى: (فلا يخاف ظلما ولا هضما).
هطع: هطع الرجل ببصره إذا صوبه، وبعير مهطع إذا صوب عنقه، قال: (مهطعين

مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم - مهطعين إلى الداع) هلل: الهلال القمر في أول ليلة والثانية، ثم يقال له القمر ولا يقال له هلال وجمعه أهلة، قال الله تعالى: (يسئلونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج) وقد كانوا سألوه عن علة تهلله وتغيره.
وشبه به في الهيئة السنان الذى يصاد به وله شعبتان كرمى الهلال، وضرب من الحيات والماء المستدير القليل في أسفل الركى وطرف الرحا، فيقال لكل واحد منهما هلال، وأهل الهلال رؤى، واستهل طلب رؤيته.
ثم قد يعبر عن الاهلال بالاستهلال نحو
الاجابة والاستجابة، والاهلال رفع الصوت عند رؤية الهلال ثم استعمل لكل صوت وبه شبه إهلال الصبى، وقوله: (وما أهل به لغير الله) أي ما ذكر عليه غير اسم الله وهو ما كان يذبح لاجل الاصنام، وقيل الاهلال والتهلل أن يقول لا إله إلا الله، ومن هذه الجملة ركبت هذه اللفظة كقولهم التبسمل والبسملة، والتحولق والحوقلة إذا قال بسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومنه الاهلال بالحج، وتهلل السحاب ببرقه تلالا ويشبه في ذلك بالهلال، وثوب مهلل سخيف النسج ومنه شعر مهلهل.
هل: هل حرف استخبار، إما على سبيل الاستفهام وذلك لا يكون من الله عزوجل قال تعالى: (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا) وإما على التقرير تنبيها أو تبكيتا أو نفيا نحو (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا).
وقوله (هل تعلم له سميا - فارجع البصر هل ترى من فطور) كل ذلك تنبيه على النفى.
وقوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة - هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة - هل
ينظرون إلا الساعة - هل يجزون إلا ما كانوا يعملون - هل هذا إلا بشر مثلكم) قيل ذلك تنبيه على قدرة الله، وتخويف من سطوته.
هلك: الهلاك على ثلاثة أوجه: افتقاد الشئ عنك وهو عند غيرك موجود كقوله تعالى: (هلك عنى سلطانيه) وهلاك الشئ باستحالة وفساد كقوله: (ويهلك الحرث والنسل) ويقال هلك الطعام.
والثالث: الموت كقوله (إن امرؤ هلك) وقال تعالى مخبرا عن الكفار (وما يهلكنا إلا الدهر) ولم يذكر الله الموت بلفظ الهلاك حيث لم يقصد الذم إلا في هذا الموضع وفى قوله: (ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا) وذلك لفائدة يختص ذكرها بما بعد هذا الكتاب.
والرابع: بطلان الشئ من العالم وعدمه رأسا وذلك المسمى فناء المشار إليه بقوله

(كل شئ هالك إلا وجهه) ويقال للعذاب والخوف والفقر الهلاك وعلى هذا قوله (وما يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون - وكم أهلكنا قبلهم
من قرن - وكم من قرية أهلكناها - وكأين من قرية أهلكناها - أفتهلكنا بما فعل المبطلون - أتهلكنا بما فعل السفهاء منا).
وقوله: (فهل يهلك إلا القوم الفاسقون) هو الهلاك الاكبر الذى دل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " لا شر كشر بعده النار "، وقوله تعالى: (ما شهدنا مهلك أهله) والهلك بالضم الاهلاك، والتهلكة ما يؤدى إلى الهلاك، قال تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) وامرأة هلو ك كأنها تتهالك في مشيها كما قال الشاعر: مريضات أو بات التهادى كأنما * تخاف على أحشائها أن تقطعا وكنى بالهلوك عن الفاجرة لتمايلها، والهالكي كان حدادا من قبيلة هالك فسمى كل حداد هالكيا، والهلك الشئ الهالك.
هلم: هلم دعاء إلى الشئ وفيه قولان: أحدهما أن أصله هالم من قولهم لممت الشئ أي أصلحته فحذف ألفها فقيل هلم، وقيل أصله هل أم كأنه قيل هل لك في كذا أمه أي قصده فركبا، قال عز وجل: (والقائلين لاخوانهم هلم إلينا) فمنهم من تركه على
حالته في التثنية والجمع وبه ورد القرآن، ومنهم من قال هلما وهلموا وهلمي وهلممن.
همم: الهم الحزن الذى يذيب الانسان، يقال هممت الشحم فانهم والهم ما هممت به في نفسك وهو الاصل ولذا قال الشاعر: * وهمك ما لم تمضه لك منصب * قال الله تعالى: (إذ هم قوم أن يبسطوا - ولقد همت به وهم بها - إذ همت طائفتان منكم - لهمت طائفة منهم - وهموا بما لم ينالوا - وهموا بإخراج الرسول - وهمت كل أمة برسولهم) وأهمني كذا أي حملني على أن أهم به، قال الله تعالى: (وطائفة قد أهمتهم أنفسهم) ويقال هذا رجل همك من رجل، وهمتك من رجل كما تقول ناهيك من رجل.
والهوام حشرات الارض، ورجل هم وامرأة همة أي كبير، قد همه العمر أي أذابه.
همد: يقال همدت النار طفئت ومنه أرض هامدة لا نبات فيها ونبات هامد يابس، قال تعالى: (وترى الارض هامدة) والاهماد الاقامة بالمكان كأنه صار ذا همد، وقيل الاهماد السرعة فإن يكن ذلك صحيحا فهو كالاشكاء في كونه تارة لازالة الشكوى وتارة لاثبات
الشكوى.
همر: الهمر صب الدمع والماء، يقال همره فانهمر قال تعالى: (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) وهمر ما في الضرع حلبه كله،

وهمر الرجل في الكلام، وفلان يهامر الشئ أي يجرفه، ومنه همر له من ماله أعطاه، والهميرة العجوز.
همز: الهمز كالعصر، يقال همزت الشئ في كفى ومنه الهمز في الحرف وهمز الانسان اغتيابه، قال تعالى: (هماز مشاء بنميم) يقال رجل هامز وهماز وهمزة، قال تعالى (ويل لكل همزة لمزة) وقال الشاعر: * وإن اغتيب فأنت الهامز اللمزه * وقال تعالى: (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين).
همس: الهمس الصوت الخفى وهمس الاقدام أخفى ما يكون من صوتها، قال تعالى: (فلا تسمع إلا همسا).
هنا: هنا يقع إشارة إلى الزمان والمكان القريب، والمكان أملك به، يقال هنا وهناك وهنالك كقولك ذا وذاك وذلك، قال الله تعالى:
(جند ما هنالك - إنا ههنا قاعدون - هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت - هنالك ابتلى المؤمنون - هنالك الولاية لله الحق - فغلبوا هنالك).
هن: هن كناية عن الفرج وغيره مما يستقبح ذكره وفى فلان هنات أي خصال سوء وعلى هذا ما روى " سيكون هنات "، قال تعالى: (إنا ههنا قاعدون).
هنأ: الهنئ كل ما لا يلحق فيه مشقة ولا يعقب وخامة وأصله في الطعام يقال هنئ الطعام فهو هنئ، قال عز وجل (فكلوه هنيئا مريئا - كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم - كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون)، والهناء ضرب من القطران، يقال هنأت الابل فهى مهنوءة.
هود: الهود الرجوع برفق ومنه التهويد وهو مشى كالدبيب وصار الهود في التعارف التوبة، قال تعالى: (إنا هدنا إليك) أي تبنا، قال بعضهم: يهود في الاصل من قولهم هدنا إليك، وكان اسم مدح ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازما لهم وإن لم يكن فيه معنى المدح كما أن النصارى في الاصل من قوله (من أنصارى
إلى الله) ثم صار لازما لهم بعد نسخ شريعتهم.
ويقال هاد فلان إذا تحرى طريقة اليهود في الدين، قال الله عز وجل: (إن الذين آمنوا والذين هادوا) والاسم العلم قد يتصور منه معنى ما يتعاطاه المسمى به أي المنسوب إليه ثم يشتق منه نحو قولهم تفرعن فلان وتطفل إذا فعل فعل فرعون في الجور، وفعل طفيل في إتيان الدعوات من غير استدعاء، وتهود في مشيه إذا مشى مشيا رفيقا تشبيها باليهود في حركتهم عند القراءة، وكذا هود الرائض الدابة سيرها برفق، وهود في الاصل جمع هائد أي تائب وهو اسم نبى عليه السلام.
هار: يقال هار البناء وتهور إذا سقط نحو

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6