كتاب : مفردات غريب القرآن
المؤلف : أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الاصفهانى

بمسبوقين) أي لا يفوتوننا وقال: (ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا) وقال (وما كانوا سابقين) تنبيه أنهم لا يفوتونه.
سبل: السبيل الطريق الذى فيه سهولة وجمعه سبل قال (وأنهارا وسبلا - وجعل لكم فيها سبلا - ليصدونهم عن السبيل) يعنى به طريق الحق لان اسم الجنس إذا أطلق يختص بما هو الحق وعلى ذلك (ثم السبيل يسره) وقيل لسالكه سابل وجمعه سابلة وسبيل سابل نحو شعر شاعر، وابن السبيل المسافر البعيد عن منزله، نسب إلى السبيل لممارسته إياه، ويستعمل السبيل لكل ما يتوصل به إلى شئ خيرا كان أو شرا، قال (ادع إلى سبيل ربك - قل هذه سبيلى) وكلاهما واحد لكن أضاف الاول إلى المبلغ، والثانى إلى السالك بهم، قال (قتلوا في سبيل الله - إلا سبيل الرشاد - ولتستبين سبيل المجرمين - فاسلكي سبل ربك) ويعبر به عن المحجة، قال (قل هذه سبيلى - سبل السلام) أي طريق الجنة (ما على المحسنين من سبيل - فأولئك
ما عليهم من سبيل - إنما السبيل على الذين - إلى ذى العرش سبيلا) وقيل أسبل الستر والذيل وفرس مسبل الذنب وسبل المطر وأسبل وقيل للمطر سبل ما دام سابلا أي سائلا في الهواء وخص السبلة بشعر الشفة العليا لما فيها من التحدر، والسنبلة جمعها سنابل وهى ما على الزرع، قال (سبع سنابل في كل سنبلة) وقال (سبع سنبلات خضر) وأسبل الزرع صار ذا سنبلة نحو أحصد وأجنى، والمسبل اسم القدح الخامس.
سبأ: (وجئتك من سبأ بنبأ يقين) سبأ اسم بلد تفرق أهله ولهذا يقال ذهبوا أيادى سبأ أي تفرقوا تفرق أهل هذا المكان من كل جانب، وسبأت الخمر اشتريتها، والسابياء جلد فيه الولد.
ست: قال (في ستة أيام) وقال (ستين مسكينا) فأصل ذلك سدس ويذكر في بابه إن شاء لله.
ستر: الستر تغطية الشئ، والستر والسترة ما يستتر به قال: (لم نجعل لهم من دونها سترا - حجابا مستورا) والاستتار الاختفاء، قال (وما كنتم تستترون).
سجد: السجود أصله التطامن والتذلل وجعل ذلك عبارة عن التذلل لله وعبادته وهو عام في الانسان والحيوانات والجمادات وذلك ضربان سجود باختيار وليس ذلك إلا للانسان وبه يستحق الثواب نحو قوله (فاسجدوا لله واعبدوا) أي تذللوا له وسجود تسخير وهو للانسان والحيوانات والنبات وعلى ذلك قوله (ولله يسجد من في السموات والارض طوعا وكرها - وظلالهم بالغدو والآصال) وقوله (يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله)

فهذا سجود تسخير وهو الدلالة الصامتة الناطقة المنبهة على كونها مخلوقة وأنها خلق فاعل حكيم، وقوله (ولله يسجد ما في السموات وما في الارض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون) ينطوى على النوعين من السجود والتسخير والاختيار، وقوله (والنجم والشجر يسجدان) فذلك على سبيل التسخير وقوله (اسجدوا لآدم) قيل أمروا بأن يتخذوه قبلة، وقيل أمروا بالتذلل له والقيام بمصالحه، ومصالح أولاده فائتمروا إلا إبليس، وقوله: (ادخلوا
الباب سجدا) أي متذللين منقادين، وخص السجود في الشريعة بالركن المعروف من الصلاة وما يجرى مجرى ذلك من سجود القرآن وسجود الشكر، وقد يعبر به عن الصلاة بقوله: (وأدبار السجود) أي أدبار الصلاة ويسمون صلاة الضحى سبحة الضحى وسجود الضحى (وسبح بحمد ربك) قيل أريد به الصلاة والمسجد موضع الصلاة اعتبارا بالسجود وقوله (وأن المساجد لله) قيل عنى به الارض إذ قد جعلت الارض كلها مسجدا وطهورا كما روى في الخبر، وقيل المساجد مواضع السجود الجبهة والانف واليدان والركبتان والرجلان وقوله (ألا يسجدوا لله) أي يا قوم اسجدوا وقوله (وخروا له سجدا) أي متذللين وقيل كان السجود على سبيل الخدمة في ذلك الوقت سائغا وقول الشاعر: * وافى بها كدراهم الاسجاد * عنى بها دراهم عليها صورة ملك سجدوا له سجر: السجر تهييج النار، يقال: سجرت التنور، ومنه (والبحر المسجور) قال الشاعر: إذا ساء طالع مسجورة *
ترى حولها النبع والسمسما وقوله (وإذا البحار سجرت) أي أضرمت نارا عن الحسن، وقيل غيضت مياهها وإنما يكون كذلك لتسجير النار فيه، (ثم في النار يسجرون) نحو (وقودها الناس والحجارة) وسجرت الناقة استعارة لالتهابها في العدو نحو اشتعلت الناقة، والسجير الخليل الذى يسجر في مودة خليله كقولهم فلان محرق في مودة فلان، قال الشاعر: * سجراء نفسي غير جمع إشابة * سجل: السجل الدلو العظيمة، وسجلت الماء فانسجل أي صببته فانصب، وأسجلته أعطيته سجلا، واستعير للعطية الكثيرة والمساجلة المساقاة بالسجل وجعلت عبارة عن المباراة والمناضلة، قال: * من يساجلنى يساجل ماجدا * والسجيل حجر وطين مختلط وأصله فيما قيل فارسي معرب، والسجل قيل حجر

كان يكتب فيه ثم سمى كل ما يكتب فيه سجلا، قال تعالى: (كطى السجل للكتاب): أي كطيه لما كتب فيه
حفظا له.
سجن: السجن الحبس في السجن، وقرئ (رب السجن أحب إلى) بفتح السين وكسرها.
قال (ليسجننه حتى حين - ودخل معه السجن فتيان) والسجين اسم لجهنم بإزاء عليين وزيد لفظه تنبيها على زيادة معناه وقيل هو اسم للارض السابعة، قال (لفى سجين - وما أدراك ما سجين) وقد قيل إن كل شئ ذكره الله تعالى بقوله (وما أدراك) فسره وكل ما ذكر بقوله (وما يدريك) تركه مبهما، وفى هذا الموضع ذكر (وما أدراك) وكذا في قوله (وما أدراك ما عليون) ثم فسر الكتاب لا السجين والعليين وفى هذه لطيفة موضعها الكتب التى تتبع هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، لا هذا.
سجى: قال تعالى: (والليل إذا سجى) أي سكن وهذا إشارة إلى ما قيل هدأت الارجل، وعين ساجية فاترة الطرف وسجى البحر سجوا سكنت أمواجه ومنه استعير تسجية الميت أي تغطيته بالثوب.
سحب: أصل السحب الجر كسحب الذيل والانسان على الوجه ومنه السحاب إما لجر
الريح له أو لجره الماء أو لانجراره في مره، قال تعالى: (يوم يسحبون في النار على وجوههم) قال تعالى (يسحبون في الحميم) وقيل فلان يتسحب على فلان كقولك ينجر وذلك إذا تجرأ عليه والسحاب الغيم فيها ماء أو لم يكن ولهذا يقال سحاب جهام، قال تعالى: (ألم تر أن الله يزجى سحابا - حتى إذا أقلت سحابا) وقال (وينشئ السحاب الثقال) وقد يذكر لفظه ويراد به الظل والظلمة على طريق التشبيه، قال تعالى: (أو كظلمات في بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض).
سحت: السحت القشر الذى يستأصل، قال تعالى: (فيسحتكم بعذاب) وقرئ (فيسحتكم) يقال سحته وأسحته ومنه السحت للمحظور الذى يلزم صاحبه العار كأنه يسحت دينه ومروءته، قال تعالى: (أكالون للسحت) أي لما يسحت دينهم.
وقال عليه السلام " كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به " وسمى الرشوة سحتا وروى " كسب الحجام سحت " فهذا لكونه ساحتا للمروءة للدين، ألا ترى أنه أذن عليه السلام
في إعلافه الناضح وإطعامه المماليك.
سحر: السحر طرف الحلقوم، والرئة وقيل انتفخ سحره وبعير سحر عظيم السحر والسحارة ما ينزع من السحر عند الذبح فيرمى به وجعل بناؤه بناء النفاية والسقاطه

وقيل منه اشتق السحر وهو إصابة السحر والسحر يقال على معان: الاول الخداع وتخييلات لا حقيقة لها نحو ما يفعله المشعبذ بصرف الابصار عما يفعله لخفة يد، وما يفعله النمام بقول مزخرف عائق للاسماع وعلى ذلك قوله تعالى: (سحروا أعين الناس واسترهبوهم)، وقال: (يخيل إليه من سحرهم)، وبهذا النظر سموا موسى عليه السلام ساحرا فقالوا (يا أيها الساحر) ادع لنا ربك)، والثانى استجلاب معاونة الشيطان بضرب من التقرب إليه كقوله تعالى (هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم) وعلى ذلك قوله تعالى: (ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) والثالث ما يذهب إليه الاغتام وهو اسم لفعل يزعمون أنه من قوته يغير
الصور والطبائع فيجعل الانسان حمارا ولا حقيقة لذلك عند المحصلين.
وقد تصور من السحر تارة حسنه فقيل: إن من البيان لسحرا وتارة دقة فعله حتى قالت الاطباء الطبيعية ساحرة وسموا الغذاء سحرا من حيث إنه يدق ويلطف تأثيره، قال تعالى: (بل نحن قوم مسحورون) أي مصروفون عن معرفتنا بالسحر.
وعلى ذلك قوله تعالى: (إنما أنت من المسحرين) قيل ممن جعل له سحر تنبيها أنه محتاج إلى الغذاء كقوله تعالى (ما لهذا الرسول يأكل الطعام) ونبه أنه بشر كما قال: (ما أنت إلا بشر مثلنا) وقيل معناه ممن جعل له سحر يتوصل بلطفه ودقته إلى ما يأتي به ويدعيه، وعلى الوجهين حمل قوله تعالى (إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) وقال تعالى: (قال له فرعون إنى لاظنك يا موسى مسحورا) وعلى المعنى الثاني دل قوله تعالى: (إن هذا إلا سحر مبين) قال تعالى (وجاءوا بسحر عظيم) وقال (أسحر هذا ولا يفلح الساحرون) وقال (فجمع السحرة لميقات يوم معلوم - فألقى السحرة) والسحر والسحرة اختلاط ظلام آخر الليل بضياء النهار وجعل اسما لذلك
الوقت ويقال لقيته بأعلى السحرين والمسحر الخارج سحرا، والسحور اسم للطعام المأكول سحرا والتسحر أكله.
سحق: السحق تفتيت الشئ ويستعمل في الدواء إذا فتت يقال سحقته فانسحق، وفى الثوب إذا أخلق يقال أسحق والسحق الثوب البالى ومنه قيل أسحق الضرع أي صار سحقا لذهاب لبنه ويصح أن يجعل إسحق منه فيكون حينئذ منصرفا، وقيل: أبعده الله وأسحقه أي جعله سحيقا وقيل سحقه أي جعله باليا، قال تعالى (فسحقا لاصحاب السعير) وقال تعالى: (أو تهوى به الريح في مكان سحيق) ودم منسحق وسحوق مستعار كقولهم مزرور.

سحل: قال (فليلقه اليم بالساحل) أي شاطئ البحر أصله من سحل الحديد أي برده وقشره وقيل أصله أن يكون مسحولا لكن جاء على لفظ الفاعل كقولهم هم ناصب وقيل بل تصور منه أنه يسحل الماء أي يفرقه ويضيقه والسحالة البرادة، والسحيل والسحال نهيق الحمار كأنه شبه صوته بصوت سحل
الحديد، والمسحل اللسان الجهير الصوت كأنه تصور منه سحيل الحمار من حيث رفع صوته لا من حيث نكرة صوته كما قال تعالى: (إن أنكر الاصوات لصوت الحمير) والمسحلتان: حلقتان على طرفي شكيم اللجام.
سخر: التسخير سياقة إلى الغرض المختص قهرا، قال تعالى: (وسخر لكم ما في السموات وما في الارض - وسخر لكم الشمس والقمر دائبين - وسخر لكم الليل والنهار - وسخر لكم الفلك) كقوله (سخرناها لكم لعلكم تشكرون - سبحان الذى سخر لنا هذا) فالمسخر هو المقيض للفعل والسخرى هو الذى يقهر فيتسخر بإرادته، قال (ليتخذ بعضهم بعضا سخريا)، وسخرت منه واستسخرته للهزء منه، قال تعالى (إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون - بل عجبت ويسخرون) وقيل رجل سخرة لمن سخر وسخرة لمن يسخر منه.
والسخرية والسخرية لفعل الساخر.
وقوله تعالى (فاتخذتموهم سخريا) وسخريا، فقد حمل على الوجهين على التسخير وعلى السخرية قوله تعالى
(وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار أتخدناهم سخريا).
ويدل على الوجه الثاني قوله: بعد (وكنتم منهم تضحكون).
سخط: السخط والسخط الغضب الشديد المقتضى للعقوبة، قال (إذا هم يسخطون) وهو من الله تعالى إنزال العقوبة، قال تعالى: (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله - أن سخط الله عليهم - كمن باء بسخط من الله).
سد: السد والسد قيل هما واحد وقيل السد ما كان خلقة والسد ما كان صنعة، وأصل السد مصدر سددته، قال تعالى: (بيننا وبينهم سدا) وشبه به الموانع نحو (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا) وقرئ سدا.
السدة كالظلة على الباب تقيه من المطر وقد يعبر بها عن الباب كما قيل الفقير الذى لا يفتح له سدد السلطان، والسداد والسدد الاستقامة، والسداد ما يسد به الثلمة والثغر، واستعير لما يسد به الفقر.
سدر: السدر شجر قليل الغناء عند الاكل ولذلك قال تعالى: (وأثل وشئ
من سدر قليل) وقد يخضد ويستظل به فجعل

ذلك مثلا لظل الجنة ونعيمها في قوله تعالى: (في سدر مخضود) لكثرة غنائه في الاستظلال وقوله تعالى (إذ يغشى السدرة ما يغشى) فإشارة إلى مكان اختص النبي صلى الله عليه وسلم فيه بالافاضة الالهية والآلاء الجسيمة، وقد قيل إنها الشجرة التى بويع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها فأنزل الله تعالى السكينة فيها على المؤمنين: والسدر تحير البصر، والسادر المتحير، وسدر شعره، قيل: هو مقلوب عن دسر.
سدس: السدس جزء من ستة، قال تعالى: (فلأمه السدس) والسدس في الاظماء وست أصله سدس وسدست القوم صرت سادسهم وأخذت سدس أموالهم وجاء سادسا وساتا وساديا بمعنى، قال تعالى (ولا خمسة إلا هو سادسهم) وقال تعالى: (ويقولون خمسة سادسهم) ويقال لا أفعل كذا سديس عجيس أي أبدا والسدوس الطيلسان، والسندس الرقيق من الديباج، والاستبرق الغليظ منه.
سرر: الاسرار خلاف الاعلان، قال تعالى (سرا وعلانية) وقال تعالى (ويعلم ما يسرون وما يعلنون) وقال تعالى (وأسروا قولكم أو اجهروا به) ويستعمل في الاعيان والمعاني، والسر هو الحديث المكتم في النفس.
قال تعالى: (يعلم السر وأخفى) وقال تعالى: (أن الله يعلم سرهم ونجواهم) وساره إذا أوصاه بأن يسره وتسار القوم وقوله (وأسروا الندامة) أي كتموها وقيل معناه أظهروها بدلالة قوله تعالى (يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا) وليس كذلك لان الندامة التى كتموها ليست بإشارة إلى ما أظهروه من قوله (يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا) وأسررت إلى فلان حديثا أفضيت إليه في خفية، قال تعالى: (وإذ أسر النبي) وقوله (تسرون إليهم بالمودة) أي يطلعونهم على ما يسرون من مودتهم وقد فسر بأن معناه يظهرون وهذا صحيح فإن الاسرار إلى الغير يقتضى إظهار ذلك لمن يفضى إليه بالسر وإن كان يقتضى إخفاءه عن غيره، فإذا قولهم أسررت إلى فلان يقتضى من وجه الاظهار ومن وجه الاخفاء وعلى هذا قوله (وأسررت لهم إسرارا)
وكنى عن النكاح بالسر من حيث إنه يخفى واستعير للخالص فقيل هو من سر قومه ومنه سر الوادي وسرارته، وسرة البطن ما يبقى بعد القطع وذلك لاستتارها بعكن البطن، والسر والسرر يقال لما يقطع منها.
وأسرة الراحة وأسارير الجبهة لغضونها، والسرار اليوم الذى يستتر فيه القمر آخر الشهر.
والسرور ما ينكتم من الفرح، قال تعالى: (ولقاهم نضرة وسرورا) وقال: (تسر الناظرين) وقوله تعالى في أهل الجنة (وينقلب

إلى أهله مسرورا) وقوله في أهل النار: (إنه كان في أهله مسرورا) تنبيه على أن سرور الآخرة يضاد سرور الدنيا، والسرير الذى يجلس عليه من السرور إذ كان ذلك لاولى النعمة وجمعه أسرة وسرر، قال تعالى (متكئين على سرر مصفوفة - فيها سرر مرفوعة) ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون) وسرير الميت تشبيها به في الصورة وللتفاؤل بالسرور الذى يلحق الميت برجوعه إلى جوار الله تعالى وخلاصه من سجنه المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم " الدنيا سجن المؤمن ".
سرب: السرب الذهاب في حدور والسرب المكان المنحدر، قال تعالى: (فاتخذ سبيله في البحر سربا) يقال سرب سربا وسروبا نحو مر مرا ومرورا وانسرب انسرابا كذلك لكن سرب يقال على تصور الفعل من فاعله وانسرب على تصور الانفعال منه.
وسرب الدمع سال وانسربت الحية إلى جحرها وسرب الماء من السقاء وماء سرب وسرب متقطر من سقائه، والسارب الذاهب في سربه أي طريق كان، قال تعالى: (ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) والسرب جمع سارب نحو ركب وراكب وتعورف في الابل حتى قيل زعرت سربه أي إبله.
وهو آمن في سربه أي في نفسه وقيل في أهله ونسائه فجعل السرب كناية وقيل اذهبي فلا أنده سربك، في الكناية عن الطلاق ومعناه لا أرد إبلك الذاهبة في سربها والسربة قطعة من الخيل نحو العشرة إلى العشرين والمسربة الشعر المتدلى من الصدر، والسراب اللامع في المفازة كالماء وذلك لانسرابه في مرأى العين وكان السراب فيما لا حقيقة له كالشراب فيما له حقيقة، قال تعالى (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء) وقال تعالى:
(وسيرت الجبال فكانت سرابا).
سربل: السربال القميص من أي جنس كان، قال: (سرابيلهم من قطران - سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم) أي تقى بعضكم من بأس بعض.
سرج: السراج الزاهر بفتيلة ودهن ويعبر به عن كل مضئ، قال: (وجعل الشمس سراجا - سراجا وهاجا) يعنى الشمس يقال أسرجت السراج وسرجت كذا جعلته في الحسن كالسراج، قال الشاعر: * وفاحما ومرسنا مسرجا * والسرج رحالة الدابة والسراج صانعه.
سرح: السرح شجر له ثمر، الواحدة سرحة وسرحت الابل أصله أن ترعيه السرح ثم جعل لكل إرسال في الرعى، قال تعالى: (ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون) والسارح الراعى والسرح جمع كالشرب، والتسريح في الطلاق نحو قوله تعالى (أو تسريح بإحسان)

وقوله (وسرحوهن سراحا جميلا) مستعار من تسريح الابل كالطلاق في كونه مستعارا
من إطلاق الابل، واعتبر من السرح المضى فقيل ناقة سرح تسرح في سيرها ومضى سرحا سهلا.
والمنسرح ضرب من الشعر استعير لفظه من ذلك.
سرد: السرد خرز ما يخشن ويغلظ كنسج الدرع وخرز الجلد و استعير لنظم الحديد قال (وقدر في السرد) ويقال سرد وزرد والسراد والزراد نجو سراط وصراط وزراط والمسرد المثقب.
سردق: السرادق فارسي معرب وليس في كلامهم اسم مفرد ثالثه ألف وبعده حرفان، قال تعالى: (أحاط بهم سرادقها) وقيل: بيت مسردق، مجعول على هيئة سرادق.
سرط: السراط الطريق المستسهل، أصله من سرطت الطعام وزدته ابتلعته فقيل سراط، تصورا أنه يبتلعه سالكه، أو يبتلع سالكه، ألا ترى أنه قيل: قتل أرضا عالمها، وقتلت أرض جاهلها، وعلى النظرين قال أبو تمام: دعته الفيافي بعد ما كان حقبة * دعاها إذا ما المزن ينهل ساكبه
وكذا سمى الطريق اللقم والملتقم اعتبارا بأن سالكه يلتقمه.
سرع: السرعة ضد البطء ويستعمل في الاجسام والافعال يقال سرع فهو سريع وأسرع فهو مسرع وأسرعوا صارت إبلهم سراعا نحو: أبلدوا وسارعوا وتسارعوا.
قال تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ويسارعون في الخيرات يوم تشفق الارض عنهم سراعا) وقال (يوم يخرجون من الاجداث سراعا)، وسرعان القوم أوائلهم السراع وقيل سرعان ذا إهالة، ذلك مبنى من سرع كوشكان من وشك وعجلان من عجل، وقوله تعالى (إن الله سريع الحساب - وسريع العقاب) فتنبيه على ما قال (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون).
سرف: السرف تجاوز الحد في كل فعل يفعله الانسان وإن كان ذلك في ا لانفاق أشهر.
قال تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا ولا تأكلوها إسرافا وبدارا) ويقال تارة اعتبارا بالقدر وتارة بالكيفية ولهذا قال سفيان ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف، وإن كان قليلا،
قال الله تعالى: (ولا تسرفوا إنه لا يجب المسرفين - وأن المسرفين هم اصحاب النار) أي المتجاوزين الحد في أمورهم وقال (إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب) وسمى قوم لوط مسرفين من حيث إنهم تعدوا في وضع البذر في الحرث المخصوص له المعنى

بقوله: (نساؤكم حرث لكم) وقوله: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) فتناول الاسراف في المال وفى غيره.
وقوله في القصاص (فلا يسرف في القتل) فسرفه أن يقتل غير قاتله إما بالعدول عنه إلى من هو أشرف منه أو بتجاوز قتل القاتل إلى غيره حسبما كانت الجاهلية تفعله، وقولهم مررت بكم فسرفتكم أي جهلتكم من هذا وذاك أنه تجاوز ما لم يكن حقه أن يتجاوز فجهل فلذلك فسربه، والسرفة دويبة تأكل الورق وسمى بذلك لتصور معنى الاسراف منه، يقال سرفت الشجرة فهى مسروفة.
سرق: السرقة أخذ ما ليس له أخذه في خفاء وصار ذلك في الشرع لتناول الشئ من موضع مخصوص وقدر مخصوص، قال تعالى: (والسارق
والسارقة) وقال تعالى: (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) وقال: (أيتها العير إنكم لسارقون - إن ابنك سرق) واسترق السمع إذا تسمع مستخفيا قال تعالى: (إلا من استرق السمع) والسرق والسرقة واحد وهو الحرير.
سرمد: السرمد الدائم، قال تعالى: (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا) وبعده النهار سرمدا.
سرى: السرى سير الليل، يقال سرى وأسرى.
قال تعالى: (فأسر بأهلك).
وقال تعالى: (سبحان الذى أسرى بعبده ليلا) وقيل إن أسرى ليست من لفظة سرى يسرى وإنما هي من السراة وهى أرض واسعة وأصله من الواو ومنه قول الشاعر: * بسرو حمير أبوال البغال به * فأسرى نحو أجبل وأنهم وقوله تعالى (سبحان الذى أسرى بعبده) أي ذهب به في سراة من الارض وسراة كل شئ أعلاه ومنه سراة النهار أي ارتفاعه وقوله تعالى (قد جعل ربك تحتك سريا) أي نهرا يسرى وقيل بل ذلك من السرو أي الرفعة يقال رجل سرو قال
وأشار بذلك إلى عيسى عليه السلام وما خصه به من سروه، يقال سروت الثوب عنى أي نزعته وسروت الجل عن الفرس وقيل ومنه رجل سرى كأنه سرى ثوبه بخلاف المتدثر والمتزمل والزميل وقوله (وأسروه بضاعة) أي خمنوا في أنفسهم أن يحصلوا من بيعه بضاعة والسارية يقال للقوم الذين يسرون بالليل وللسحابة التى تسرى وللاسطوانة.
سطح: السطح أعلى البيت يقال سطحت البيت جعلت له سطحا وسطحت المكان جعلته في التسوية كسطح قال: (وإلى الارض كيف سطحت) وانسطح الرجل امتد على قفاه، قيل وسمى سطيح الكاهن لكونه منسطحا لزمانة والمسطح عمود الخيمة الذى يجعل به لها سطحا وسطحت الثريدة في القصعة بسطتها.

سطر: السطر والسطر الصف من الكتابة ومن الشجر المفروس ومن القوم الوقوف، وسطر فلان كذا كتب سطراسطرا، قال تعالى: (ن والقلم وما يسطرون) وقال تعالى: (والطور وكتاب مسطور) وقال: (كان ذلك في الكتاب مسطورا) أي مثبتا محفوظا وجمع
السطر أسطر وسطور وأسطار، قال الشاعر: * إنى وأسطار سطرن لنا سطرا * وأما قوله (أساطير الاولين) فقد قال المبرد هي جمع أسطورة نحو أرجوحة وأراجيح وأثقية وأثافى وأحدوثة وأحاديث.
وقوله تعالى: (وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الاولين) أي شئ كتبوه كذبا ومينا فيما زعموا نحو قوله تعالى: (أساطير الاولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلا) وقوله تعالى: (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) وقوله: (أم هم المسيطرون) فإنه يقال تسيطر فلان على كذا، وسيطر عليه إذا أقام عليه قيام سطر، يقول لست عليهم بقائم واستعمال المسيطر ههنا كاستعمال ا لقائم في قوله (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) وحفيظ في قوله (وما أنت عليهم بحفيظ) وقيل معناه (لست عليهم بحفيظ) فيكون المسيطر كالكاتب في قوله (ورسلنا لديهم يكتبون) وهذه الكتابة هي المذكورة في قوله (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السموات والارض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله
يسير).
سطا: السطوة البطش يرفع اليد يقال سطا به.
قال تعالى (يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا) وأصله من سطا الفرس على الرمكة يسطوا إذا أقام على رجليه رافعا يديه إما مرحا وإما نزوا على الانثى، وسطا الراعى أخرج الولد ميتا من بطن أمه وتستعار السطوة للماء كالطغو، يقال سطا الماء وطغى.
سعد: السعد والسعادة معاونة ا لامور الالهية للانسان على نيل الخير ويضاده الشقاوة، يقال سعد وأسعده الله ورجل سعيد وقوم سعداء وأعظم السعادات الجنة فلذلك قال تعالى (وأما الذين سعدوا ففى الجنة) وقال: (فمنهم شقى وسعيد) والمساعدة المعاونة فيما يظن به سعادة.
وقوله لبيك وسعديك معنا ه أسعدك الله إسعادا بعد إسعاد أو ساعدكم مساعدة بعد مساعدة، والاول أولى.
والاسعاد في البكاء خاصة وقد استسعدته فأسعدني.
والساعد العضو تصورا لمساعدتها وسمى جناحا الطائر ساعدين كما سميا يدين والسعدان نبت يغزر اللبن ولذلك قيل: مرعى ولا كالسعدان، والسعدانة الحمامة
وعقدة الشسع وكركرة البعير وسعود الكواكب معروفة.

سعر: السعر التهاب النار وقد سعرتها وسعرتها وأسعرتها، والمسعر الخشب الذى يسعر به، واستعر الحرب واللصوص نحو اشتعل وناقة مسعورة نحو موقدة ومهيجة والسعار حر النار، وسعر الرجل أصابه حر، قال تعالى (وسيصلون سعيرا) وقال تعالى: (وإذا الجحيم سعرت) وقرئ بالتخفيف وقوله (عذاب السعير) أي حميم فهو فعيل في معنى مفعول وقال تعالى: (إن المجرمين في ضلال وسعر) والسعر في السوق تشبيها باستعار النار.
سعى: السعي المشى السريع وهو دون العدو ويستعمل للجد في الامر خيرا كان أو شرا، قال تعالى: (وسعى في خرابها) وقال (نورهم يسعى بين أيديهم) وقال (ويسعون في الارض فسادا - وإذا تولى سعى في الارض وأن ليس للانسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى - إن سعيكم لشتى) وقال تعالى: (وسعلها سعيها - كان سعيهم مشكورا) وقال تعالى: (فلا كفران لسعيه) وأكثر
ما يستعمل السعي في الافعال المحمودة، قال الشاعر: إن أجز عقلمة بن سعد سعيه * لا أجزه ببلاء يوم واحد وقال تعالى: (فلما بلغ معه السعي) أي أدرك ما سعى في طلبه، وخص السعي فيما بين الصفا والمروة من المشى.
والسعاية بالنميمة وبأخذ الصدقة وبكسب المكاتب لعتق رقبته.
والمساعاة بالفجور، والمسعاة بطلب المكرمة، قال تعالى: (والذين سعوا في آياتنا معاجزين) أي اجتهدوا في أن يظهروا لنا عجزا فيما أنزلناه من الآيات.
سغب: قال تعالى: (أو إطعام في يوم ذى مسغبة) من السغب وهو الجوع مع التعب وقد قيل في العطش مع التعب، يقال سغب سغبا وسغوبا وهو ساغب وسغبان نحو عطشان.
سفر: السفر كشف الغطاء ويختص ذلك بالاعيان نحو سفر العمامة عن الرأس والخمار عن الوجه، وسفر البيت كنسه بالمسفر أي المكنس وذلك إزالة السفير عنه وهو التراب الذى يكنس منه والاسفار يختص باللون نحو (والصبح إذا
أسفر) أي أشرق لونه، قال تعالى: (وجوه يومئذ مسفرة) و " أسفروا بالصبح تؤجروا " من قولهم أسفرت أي دخلت فيه نحو أصبحت وسفر الرجل فهو سافر، والجعع السفر نحو ركب وسافر خص بالمفاعلة اعتبارا بأن الانسان قد سفر عن المكان، والمكان سفر عنه ومن لفظ السفر اشتق السفرة لطعام السفر ولما يوضع فيه قال تعالى: (وإن كنتم مرضى أو على سفر) والسفر الكتاب الذى يسفر عن الحقائق وجمعه أسفار، قال تعالى: (كمثل الحمار يحمل أسفارا) وخص لفظ الاسفار في هذا

المكان تنبيها أن التوراة وإن كانت تحقق ما فيها فالجاهل لا يكاد يستبينها كالحمار الحامل لها، وقوله تعالى: (بأيدى سفرة كرام بررة) فهم الملائكة الموصوفون بقوله (كراما كاتبين) والسفرة جمع سافر ككاتب وكتبة والسفير الرسول بين القوم يكشف ويزيل ما بينهم من الوحشة فهو فعيل في معنى فاعل، والسفارة الرسالة فالرسول والملائكة والكتب مشتركة في كونها سافرة عن القوم ما استبهم عليهم، والسفير
فيما ينكس في معنى المفعول، والسفار في قول الشاعر: * وما السفار قبح السفار * فقيل هو حديدة تجعل في أنف البعير، فإن لم يكن في ذلك حجة غير هذا البيت فالبيت تحتمل أن يكون مصدر سافرت.
سفع: السفع الاخذ بسفعة الفرس، أي سواد ناصيته، قال الله تعالى: (لنسفعا بالناصية) وباعتبار السواد قيل للاثافى سفع وبه سفعة غضب اعتبارا بما يعلو من اللون الدخانى وجه من اشتد به الغضب، وقيل للصقر أسفع لما به من لمع السواد وامرأة سفعاء اللون.
سفك: السفك في الدم صبه، قال تعالى: (ويسفك الدماء) وكذا في الجوهر المذاب وفى الدمع.
سفل: السفل ضد العلو وسفل فهو سافل قال تعالى: (فجعلنا عاليها سافلها) وأسفل ضد أعلى قال تعالى: (والركب أسفل منكم) وسفل صار في سفل، وقال تعالى: (ثم رددناه أسفل سافلين) وقال (وجعل كلمة الذين
كفروا السفلى) وقد قوبل بفوق في قوله (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم) وسفالة الريح حيث تمر الريح والعلاوة ضده والسفلة من الناس النذل نحو الدون، وأمرهم في سفال.
سفن: السفن نحت ظاهر الشئ كسفن العود والجلد وسفن الريح التراب عن الارض، قال الشاعر: * فجاء خفيا يسفن الارض صدره * والسفن نحو النقض لما يسفن وخص السفن بجلدة قائم السيف وبالحديدة التى يسفن بها وباعتبار السفن سميت السفينة.
قال الله تعالى: (أما السفينة) ثم تجوز بالسفينة فشبه بها كل مركوب سهل.
سفه: السفه خفة في البدن ومنه قيل زمام سفيه كثير الاضطراب وثوب سفيه ردئ النسج واستعمل في خفة النفس لنقصان العقل وفى الامور الدنيوية والاخروية فقيل سفه نفسه وأصله سفه نفسه فصرف عنه الفعل نحو بطر معيشته.
قال في السفه الدنيوي (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) و، وقال في الاخروي

(وأنه كان يقول سفيهنا على ا لله شططا) فهذا من السفه في الدين وقال (أنومن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء) فنبه أنهم هم السفهاء في تسمية المؤمنين سفهاء وعلى ذلك قوله (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها).
سقر: من سقرته الشمس وقيل صقرته أي لوحته وأذابته وجعل سقر اسم على لجهنم قال تعالى: (ما سلككم في سقر) وقال تعالى (ذوقوا مس سقر) ولما كان السقر يقتضى التلويح في الاصل نبه بقوله (وما أدراك ما سقر لا تبقى ولا تذر لواحة للبشر) أن ذلك مخالف لما نعرفه من أحوال السقر في الشاهد.
سقط: السقوط طرح الشئ إما من مكان عال إلى مكان منخفض كسقوط الانسان من السطح قال تعالى: (ألا في الفتنة سقطوا) وسقوط منتصب القامة وهو إذا شاخ وكبر، قال تعالى: (وإن يروا كسفا من السماء ساقطا) وقال (فأسقط علينا كسفا من السماء) والسقط والسقاط لما يقل الاعتداد به ومنه قيل رجل ساقط لئيم في حسبه وقد أسقطه كذا وأسقطت
المرأة اعتبر فيه الامران: السقوط من عال والرداءة، جميعا فإنه لا يقال أسقطت المرأة إلا في الولد الذى تلقيه قبل التمام، ومنه قيل لذلك الولد سقط وبه شبه سقط الزند بدلالة أنه قد يسمى الولد وقوله تعالى: (ولما سقط في أيديهم) فإنه يعنى الندم، وقرئ (تساقط عليك رطبا جنيا) أي تساقط النخلة وقرئ (تساقط) بالتخفيف أي تتساقط فحذف إحدى التاءين وإذا قرئ تساقط فإن تفاعل مطاوع فاعل وقد عداه كما عدى تفعل في نحو تجرعه، وقرئ (يساقط عليك) أي يساقط الجذع.
سقف: سقف البيت جمعه سقف وجعل السماء سقفا في قوله: (والسقف المرفوع) وقال تعالى: (وجعلنا السماء سقفا محفوظا) وقال: (لبيوتهم سقفا من فضة) والسقيفة كل مكان له سقف كالصفة والبيت، والسقف طول في انحناء تشبيها بالسقف.
سقم: السقم والسقم المرض المختص بالبدن والمرض قد يكون في البدن وفى النفس نحو: (في قلوبهم مرض) وقوله تعالى: (إنى سقيم) فمن التعريض أو الاشارة إلى ماض
وإما إلى مستقبل، وإما إلى قليل مما هو موجود في الحال إذا كان الانسان لا ينفك من خلل يعتريه وإن كان لا يحس به، ويقال مكان سقيم إذا كان فيه خوف.
سقى: السقى والسقيا أن يطعيه ما يشرب، والاسقاء أن يجعل له ذلك حتى يتناوله كيف شاء، فالاسقاء أبلغ من السقى لان الاسقاء هو أن تجعل له ما يسقى منه ويشرب، تقول أسقيته

نهرا، قال تعالى: (وسقاهم ربهم شرابا) طهورا) وقال: (وسقواما حميما - والذى هو يطعمنى ويسقين) وقال في الاسقاء (وأسقيناكم ماء فراتا) وقال: (فأسقيناكموه) أي جعلناه سقيا لكم وقال: (نسقيكم مما في بطونها) بالفتح والضم ويقال للنصيب من السقى سقى، وللارض التى تسقى سقى لكونهما مفعولين كالنقض، والاستسقاء طلب السفى أو الاسقاء، قال تعالى: (وإذ استسقى موسى) والسقاء ما يجعل فيه ما يسقى وأسقيتك جلدا أعطيتكه لتجعله سقاء، وقوله تعالى: (جعل السقاية في رحل أخيه) فهو المسمى صواع الملك فتسميته السقاية تنبيها أنه يسقى به وتسميته صواعا أنه
يكال به.
سكب: ماء مسكوب مصبوب وفرس سكب الجرى وسكبته فانسكب ودمع ساكب متصور بصورة الفاعل، وقد يقال منسكب وثوب سكب تشبيها بالمنصب لدقته ورقته كأنه ماء مسكوب.
سكت: السكوت مختص بترك الكلام ورجل سكيت وساكوت كثير السكوت والسكتة والسكات ما يعترى من مرض، والسكت يختص بسكون النفس في الغناء والسكت يختص بسكون النفس في الغناء والسكتات في الصلاة السكوت في حال الافتتاح وبعد الفراغ، والسكيت الذى يجئ آخر الحلبة، ولما كان السكوت ضربا من السكون استعير له في قوله: (ولما سكت عن موسى الغضب).
سكر: السكر حالة تعرض بين المرء وعقله، وأكثر ما يستعمل ذلك في الشراب، وقد يعترى من الغضب والعشق، ولذلك قال الشاعر: * سكران سكر هوى وسكر مدام * ومنه سكرات الموت، قال تعالى: (وجاءت
سكرة الموت) والسكر اسم لما يكون منه السكر، قال تعالى: (تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا) والسكر حبس الماء، وذلك باعتبار ما يعرض من السد بين المرء وعقله، والسكر الموضع المسدود، وقوله تعالى: (إنما سكرت أبصارنا) قيل هو من السكر، وقيل هو من السكر، وليلة ساكرة أي ساكنة اعتبارا بالسكون العارض من السكر.
سكن: السكون ثبوت الشئ بعد تحرك، ويستعمل في الاستيطان نحو: سكن فلان مكان كذا أي استوطنه، واسم المكان مسكن والجمع مساكن، قال تعالى: (لا ترى إلا مساكنهم) وقال تعالى: (وله ما سكن في الليل والنهار - ولتسكنوا فيه) فمن الاول يقال سكنته، ومن الثاني يقال أسكنته نحو قوله تعالى: (ربنا إنى أسكنت من ذريتي) وقال تعالى: (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) وقوله تعالى: (وأنزلنا من

السماء ماء بقدر فأسكناه في الارض) فتنبيه منه على إيجاده وقدرته على إفنائه، والسكن السكون وما يسكن إليه، قال تعالى: (والله
جعل لكم من بيوتكم سكنا) وقال تعالى: (إن صلاتك سكن لهم - وجاعل الليل سكنا) والسكن النار التى يسكن بها، والسكنى أن يجعل له السكون في دار بغير أجرة، والسكن سكان الدار ن حو سفر في جمع سافر، وقيل في جمع ساكن سكان، وسكان السفينة ما يسكن به، والسكين سمى لازالته حركة المذبوح، وقوله تعالى: (أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) فقد قيل هو ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه، كما روى أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن السكينة لتنطق على لسان عمر، وقيل هو العقل.
وقيل له سكنية إذا سكن على الميل إلى الشهوات، وعلى ذلك دل قوله تعالى: (وتطمئن قلوبهم بذكر الله) وقيل السكينة والسكن واحد وهو زوال الرعب، وعلى هذا قوله تعالى: (أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم) وما ذكر أنه شئ رأسه كرأس الهر فما أراه قولا يصح.
والمسكين قيل هو الذى لا شئ له وهو أبلغ من الفقير، وقوله تعالى: (أما السفينة فكانت لمساكين) فإنه جعلهم مساكين بعد ذهاب السفينة أو لان سفينتهم غير معتد بها في جنب ما كان
لهم من المسكنة، وقوله: (ضربت عليهم الذلة والمسكنة) فالميم في ذلك زائدة في أصح القولين.
سل: سل الشئ من الشئ نزعه كسل السيف من الغمد وسل الشئ من البيت على سبيل السرقة وسل الولد من الاب ومنه قيل للولد سليل قال تعالى: (يتسللون منكم لواذا) وقوله تعالى: (من سلالة من طين) أي من الصفو الذى يسل من الارض وقيل السلالة كناية عن النطفة تصور دونه صفو ما يحصل منه.
والسل مرض ينزع به اللحم والقوة وقد أسله الله وقوله عليه السلام: (لا إسلال ولا إغلال) وتسلسل الشئ اضطرب كأنه تصور منه تسلل متردد فردد لفظه تنبيها على تردد معناه ومنه السلسلة، قال تعالى: (في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا) وقال تعالى: (سلاسل وأغلالا وسعيرا) وقال: (والسلاسل يسحبون) وروى " يا عجبا لقوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل ".
وماء سلسل متردد في مقره حتى صفا، قال الشاعر: * أشهى إلى من الرحيق السلسل * وقوله: (سلسبيلا) أي سهلا لذيذا سلسا
حديد الجرية وقيل هو اسم عين في الجنة وذكر بعضهم أن ذلك مركب من قولهم سل سبيلا نحو الحوقلة والبسملة ونحوهما من الالفاظ المركبة وقيل بل هو اسم لكل

عين سريع الجرية، وأسلة اللسان الطرف الرقيق.
سلب: السلب نزع الشئ من الغير على القهر قال تعالى: (وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه) والسليب الرجل المسلوب والناقة التى سلب ولدها والسلب المسلوب ويقال للحاء الشجر المنزوع منه سلب والسلب في قول الشاعر: * في السلب السود وفى الامساح * فقد قيل هي الثياب السود التى يلبسها المصاب وكأنها سميت سلبا لنزعه ما كان يلبسه قبل وقيل تسلبت المرأة مثل أحدت والاساليب الفنون المختلفة.
سلح: السلاح كل ما يقاتل به وجمعه أسلحة، قال تعالى: (وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) أي أمتعتهم، والاسليح نبت إذا أكلته الابل غزرت وسمنت وكأنما سمى
بذلك لانها إذا أكلته أخذت السلاح أي منعت أن تنحر إشارة إلى ما قال الشاعر: أزمان لم تأخذ على سلاحها إبلى بجلتها ولا أبكارها والسلاح ما يقذف به البعير من أكل الاسليح وجعل كناية عن كل عذرة حتى قيل في الحبارى سلاحه سلاحه.
سلخ: السلخ نزع جلد الحيوان، يقال سلخته فانسلخ وعنه استعير سلخت درعه نزعتها وسلخ الشهر وأنسلخ، قال تعالى: (فإذا انسلخ الاشهر الحرم) وقال تعالى: (نسلخ منه النهار) أ ى ننزع وأسود سالخ سلخ جلده أي نزعه ونخلة مسلاخ ينتثر بسره الاخضر.
سلط: السلاطة التمكن من القهر، يقال سلطته فتسلط، قال تعالى: (ولو شاء الله لسلطهم) وقال تعالى: (ولكن الله يسلط رسله على من يشاء) ومنه سمى السلطان والسلطان يقال في السلاطة نحو: (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا - إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون - إنما سلطانه على الذين يتولونه - لا تنفذون إلا بسلطان)
وقد يقال لذى السلاطة وهو الاكثر وسمى الحجة سلطانا وذلك لما يلحق من الهجوم على القلوب لكن أكثر تسلطه على أهل العلم والحكمة من المؤمنين، قال تعالى: (الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان) وقال: (فأتونا بسلطان مبين) وقال تعالى: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطا ن مبين) وقال: (أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا - هلك عنى سلطانيه) يحتمل السلطانين.
والسليط الزيت بلغة أهل اليمن وسلاطة اللسان القوة على المقال وذلك في الذم أكثر استعمالا يقال امرأة سليطة وسنابك سلطان لها تسلط بقوتها وطولها.

سلف: السلف المتقدم، قال تعالى: (فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين) أي معتبرا متقدما وقال تعالى: (فله ما سلف) أي يتجافى عما تقدم من ذنبه وكذا قوله (إلا ما قد سلف) أي ما تقدم من فعلكم فذلك متجافي عنه، فالاستثناء عن الاثم لا عن جواز الفعل، ولفلان سلف كريم أي آباء متقدمون جمعه أسلاف وسلوف.
والسالفة صفحة العنق، والسلف ما قدم
من الثمن على المبيع والسالفة والسلاف المتقدمون في حرب أو سفر وسلافة الخمر ما بقى من العصير والسلفة ما تقدم من الطعام على القرى، يقال سلفوا ضيفكم ولهنوه.
سلق: السلق بسط بقهر إما باليد أو باللسان، والتسلق على الحائاط منه قال (سلقوكم بألسنة حداد) يقال سلق امرأته إذا بسطها فجامعها، قال مسيلمة إن شئت سلقناك وإن شئت على أربع والسلق أن تدخل إحدى عروتي الجوالق في الاخرى، والسليقة خبز مرقق وجمعها سلائق، والسليقة أيضا الطبيعة المتباينة، والسلق المطمئن من الارض.
سلك: السلوك النفاذ في الطريق، يقال سلكت الطريق وسلكت كذا في طريقه، قال تعالى: (لتسلكوا منها سبلا فجاجا) وقال: (فاسلكي سبل ربك ذللا - يسلك من بين يديه - وسلك لكم فيها سبلا) ومن الثاني قوله: (ما سلككم في سقر) وقوله: (كذلك نسلكه في قلوب المجرمين - كذلك سلكناه - فاسلك فيها - نسلكه عذابا) قال بعضهم: سلكت فلانا طريقا فجعل عذابا
مفعولا ثانيا، وقيل عذابا هو مصدر لفعل محذوف كأنه قيل نعذبه به عذابا، والطعنة السلكة تلقاء وجهك، والسلكة الانثى من ولد الحجل والذكر السلك.
سلم: السلم: والسلامة التعري من الآفات الظاهرة والباطنة، قال: (بقلب سليم) أي متعر من الدغل فهذا في الباطن، وقال تعالى (مسلمة لا شية فيها) فهذا في الظاهر وقد سلم يسلم سلامة وسلاما وسلمه الله، قال تعالى: (ولكن الله سلم) وقال: (ادخلوها بسلام آمنين) أي سلامة، وكذا قوله: (اهبط بسلام منا) والسلامة الحقيقة ليست إلا في الجنة، إذ فيها بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر، وعز بلا ذل، وصحة بلا سقم، كما قال تعالى: (لهم دار السلام عند ربهم) أي السلامة، قال: (والله يدعو إلى دار السلام) وقال تعالى: (يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام) يجوز أن يكون كل ذلك من السلامة.
وقيل السلام اسم من أسماء الله تعالى، وكذا قيل في قوله: (لهم دار السلام - والسلام المؤمن المهمين) قيل وصف بذلك من حيث لا يلحقه العيوب والآفات التى تلحق الخلق، وقوله:

(سلام قولا من رب رحيم - سلام عليكم بما صبرتم - سلام على آل ياسين) كل ذلك من الناس بالقول، ومن الله تعالى بالفعل وهو إعطاء ما تقدم ذكره مما يكون في الجنة من السلامة، وقوله: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) أي نطلب منكم السلامة فيكون قوله سلاما نصبا بإضمار فعل، وقيل معناه قالوا سلاما أي سدادا من القول فعلى هذا يكون صفة لمصدر محذوف.
وقوله تعالى: (إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما، قال سلام) فإنما رفع الثاني لان الرفع في باب الدعاء أبلغ فكأنه تحرى في باب الادب المأمور به في قوله: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) ومن قرأ سلم فلان السلام لما كان يقتضى السلم، وكان ابراهيم عليه السلام قد أوجس منهم خيفة فلما رآهم مسلمين تصور من تسليمهم أنهم قد بذلوا له سلما فقال في جوابهم سلم تنبيها أن ذلك من جهتى لكم كما حصل من جهتكم لى.
وقوله تعالى: (لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما) فهذا لا يكون لهم بالقول فقط بل ذلك بالقول والفعل جميعا.
وعلى ذلك قوله تعالى:
(فسلام لك من أصحاب اليمين) وقوله: (وقل سلام) فهذا في الظاهر أن تسلم عليهم، وفى الحقيقة سؤال الله السلامة منهم، وقوله تعالى: (سلام على نوح في العالمين - سلام على موسى وهرون - سلام على إبراهيم) كل هذا تنبيه من الله تعالى أنه جعلهم بحيث يثنى عليهم ويدعى لهم.
وقال تعالى: (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) أي ليسلم بعضكم على بعض.
والسلام والسلم والسلم الصلح قال: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا) وقيل نزلت فيمن قتل بعد إقراره بالاسلام ومطالبته بالصلح.
وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة وإن جنحوا للسلم) وقرئ للسلم بالفتح، وقرئ: (وألقوا إلى الله يومئذ السلم) وقال: (يدعون إلى السجود وهم سالمون) أي مستسلمون، وقوله: (ورجلا سالما لرجل) وقرئ سلما وسلما وهما مصدران وليسا بوصفين كحسن ونكد يقول سلم سلما وسلما وربح ربحا وربحا.
وقيل السلم اسم بإزاء حرب، والاسلام الدخول في السلم وهو أن يسلم كل واحد منهما أن يناله من ألم صاحبه، ومصدر أسلمت الشئ إلى فلان إذا
أخرجته إليه ومنه السلم في البيع.
والاسلام في الشرع على ضربين أحدهما دون الايمان وهو الاعتراف باللسان وبه يحقن الدم حصل معه الاعتقاد أولم يحصل وإياه قصد بقوله: (قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) والثانى فوق الايمان وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب ووفاء بالفعل واستسلام لله في جميع ما قضى وقدر، كما ذكر عن

إبراهيم عليه السلام في قوله: (إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين) وقوله تعالى: (إن الدين عند الله الاسلام) وقوله: (توفنى مسلما) أي اجعلني ممن استسلم لرضاك ويجوز أن يكون معناه اجعلني سالما عن أسر الشيطان حيث قال: (لاغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) وقوله: (إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون) أي منقادون للحق مذعنون له.
وقوله: (يحكم بها النبيون الذين أسلموا) أي الذين انقادوا من الانبياء الذين ليسوا من أولى العزم لاولى العزم الذين يهتدون بأمر الله ويأتون بالشرائع.
والسلم ما يتوصل به إلى الامكنة العالية
فيرجى به السلامة، ثم جعل اسما لكل ما يتوصل به إلى شئ رفيع كالسبب، قال تعالى: (أم لهم سلم يستمعون فيه) وقال (أو سلما في السماء) وقال الشاعر: * ولو نال أسباب السماء بسلم * والسلم والسلام شجر عظيم، كأنه سمى لاعتقادهم أنه سليم من الآفات، والسلام الحجارة الصلبة.
سلا: قال تعالى: (وأنزلنا عليكم المن والسلوى) أصلها ما يسلى الانسان ومنه السلوان والتسلى وقيل السلوى طائر كالسمانى.
قال ابن عباس: المن الذى يسقط من السماء والسلوى طائر، قال بعضهم: أشار ابن عباس بذلك إلى ما رزق الله تعالى عباده من اللحوم والنبات وأورد بذلك مثالا، وأصل السلوى من التسلى، يقال سليت عن كذا وسلوت عنه وتسليت إذا زال عنك محبته.
قيل والسلوان ما يسلى وكانوا يتداوون من العشق بخرزة يحكونها ويشربونها، ويسمونها السلوان.
سمم: السم والسم كل ثقب ضيق كخرق الابرة وثقب الانف والاذن وجمعه
سموم.
قال تعالى: (حتى يلج الجمل في سم الخياط) وقد سمه أي دخل فيه ومنه السامة للخاصة الذين يقال لهم الدخلل الذين يتداخلون في بواطن الامر، والسم القاتل وهو مصدر في معنى الفاعل فإنه بلطف تأثيره يدخل بواطن البدن، والسموم الريح الحارة التى تؤثر تأثير السم قال تعالى: (ووقانا عذاب السموم) وقال (في سموم وحميم - والجان خلقناه من قبل من نار السموم).
سمد: السامد اللاهى الرافع رأسه، من قولهم سمد البعير في سيره.
قال: (وأنتم سامدون) وقولهم سمد رأسه وسبد أي استأصل شعره.
سمر: السمرة أحد الالوان المركبة بين البياض والسواد والسمراء كنى بها عن الحنطة والسمار اللبن الرقيق المتغير اللون والسمرة شجرة تشبه أن تكون للونها سميت بذلك

والسمر سواد الليل ومنه قيل لا آتيك السمر والقمر، وقيل للحديث بالليل السمر وسمر فلان إذا تحدث ليلا ومنه قيل لا آتيك ما سمر ابنا سمير وقوله تعالى: (مستكبرين به سامرا
تهجرون) قيل معناه سمارا فوضع الواحد موضع الجمع وقيل بل السامر الليل المظلم يقال سامر وسمار وسمرة وسامرون وسمرت الشئ وإبل مسمرة مهملة والسامري منسوب إلى رجل.
سمع: السمع قوة في الاذن به يدرك الاصوات وفعله يقال له السمع أيضا، وقد سمع سمعا.
ويعبر تارة بالسمع عن الاذن نحو: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم) وتارة عن فعله كالسماع نحو (إنهم عن السمع لمعزولون) وقال تعالى: (أو ألقى السمع وهو شهيد) وتارة عن الفهم وتارة عن الطاعة تقول اسمع ما أقول لك ولم تسمع ما قلت وتعنى لم تفهم، قال تعالى: (وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا) وقوله (سمعنا وعصينا) أي فهمنا قولك ولم نأتمر لك وكذلك قوله (سمعنا وأطعنا) أي فهمنا وارتسمنا.
وقوله (ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون) يجوز أن يكون معناه فهمنا وهم لا يفهمون وأن يكون معناه فهمنا وهم لا يعملون بموجبه وإذا لم يعمل بموجبه فهو في حكم من لم يسمع.
ثم قال تعالى: (ولو علم
الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو أسمعهم لتولوا) أي أفهمهم بأن جعل لهم قوة يفهمون بها وقوله (واسمع غير مسمع) يقال على وجهين أحدهما دعاء على الانسان بالصمم والثانى دعاء له، فالاول نحو أسمعك الله أي جعلك الله أصم والثانى أن يقال أسمعت فلانا إذا سببته وذلك متعارف في السب، وروى أن أهل الكتاب كانوا يقولون ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم يوهمون أنهم يعظمونه ويدعون له وهم يدعون عليه بذلك وكل موضع أثبت الله السمع للمؤمنين أو نفى عن الكافرين أو حث على تحريه فالقصد به إلى تصور المعنى والتفكر فيه نحو (أم لهم آذان يسمعون بها) ونحو (صم بكم) ونحو (وفى آذانهم وقر) وإذا وصفت الله تعالى بالسمع فالمراد به علمه بالمسموعات وتحريه بالمجازاة بها نحو: (قد سمع الله قول التى تجادلك في زوجها - لقد سمع الله قول الذين قالوا) وقوله: (إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء) أي لا تفهمهم لكونهم كالموتى في افتقادهم بسوء فعلهم القوة العاقلة التى هي الحياة المختصة بالانسانية، وقوله (أبصر به
وأسمع) أي يقول فيه تعالى ذلك من وقف على عجائب حكمته ولا يقال فيه ما أبصره وما أسمعه لما تقدم ذكره أن الله تعالى لا يوصف إلا بما ورد به السمع، وقوله في صفة الكفار

(أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا) معناه أنهم يسمعون ويبصرون في ذلك اليوم ما خفى عليهم وضلوا عنه اليوم لظلمهم أنفسهم وتركهم النظر، وقال (خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا - سماعون للكذب) أي يسمعون منك لاجل أن يكذبوا (سماعون لقوم آخرين) أي يسمعون لمكانهم، والاستماع الاصغاء نحو (نحن أعلم بما يستمعون به، إذ يستمعون إليك - ومنهم من يستمع إليك - ومنهم من يستمعون إليك - واستمع يوم ينادى المنادى) وقوله (أمن يملك السمع والابصار) أي من الموجد لاسماعهم وأبصارهم والمتولي لحفظها.
والمسمع والمسمع خرق الاذن وبه شبه حلقة مسمع الغرب.
سمك: السمك سمك البيت وقد سمكه أي رفعه قال (رفع سمكها فسواها) وقال الشاعر:
* إن الذى سمك السماء مكانها * وفى بعض الادعية يا بارئ السموات المسموكات وسنام سامك عال.
والسماك ما سمكت به البيت، والسماك نجم، والسمك معروف.
سمن: السمن ضد الهزال، يقال سمين وسمان قال: (أفتنا في سبع بقرات سمان) وأسمنته وسمنته جعلته سمينا، قال (لا يسمن ولا يغنى من جوع) وأسمنته اشتريته سمينا أو أعطيته كذا واستسمنته وجدته سمينا.
والسمنة دواء يستجلب به السمن والسمن سمى به لكونه من جنس السمن وتولده عنه والسمانى طائر.
سما: سماء كل شئ أعلاه، قال الشاعر في وصف فرس: وأحمر كالديباج أما سماؤه * فريا وأما أرضه فمحول قال بعضهم كل سماء بالاضافة إلى ما دونها فسماء وبالاضافة إلى ما فوقها فأرض إلا السماء العليا فإنها سماء بلا أرض، وحمل على هذا قوله (الله الذى خلق سبع سموات ومن الارض مثلهن) وسمى المطر سماء لخروجه منها، قال بعضهم: إنما سمى سماء ما لم يقع بالارض اعتبارا
بما تقدم وسمى النبات سماء إما لكونه من المطر الذى هو سماء وإما لارتفاعه عن الارض.
والسماء المقابل للارض مؤنث وقد يذكر ويستعمل للواحد والجمع لقوله (ثم استوى إلى السماء فسواهن) وقد يقال في جمعها سموات.
قال (خلق السموات - قل من رب السموات) وقال (السماء منفطر به) فذكر وقال (إذا السماء انشقت - إذا السماء انفطرت) فأنث ووجه ذلك أنها كالنخل في الشجر وما يجرى مجراه من أسماء الجنس الذى يذكر ويؤنث ويخبر عنه بلفظ الواحد والجمع، والسماء الذى هو المطر يذكر ويجمع على أسمية.
والسماوة الشخص العالي، قال الشاعر:

* سماوة الهلال حتى احقوقفا * وسما لى: شخص، وسما الفحل على الشول سماوة لتخلله إياها، والاسم ما يعرف به ذات الشئ وأصله سمو بدلالة قولهم أسماء وسمى وأصله من السمو وهو الذى به رفع ذكر المسمى فيعرف به قال (باسم الله) وقال (اركبوا فيها بسم الله مجريها - بسم الله الرحمن الرحيم - وعلم آدم الاسماء) أي الالفاظ والمعاني
مفرداتها ومركباتها.
وبيان ذلك أن الاسم يستعمل على ضربين، أحدهما: بحسب الوضع الاصطلاحي وذلك هو في المخبر عنه نحو رجل وفرس، والثانى: بحسب الوضع الاولى ويقال ذلك للانواع الثلاثة المخبر عنه والخبر عنه، والرابط بينهما المسمى بالحرف وهذا هو المراد بالآية لان آدم عليه السلام كما علم الاسم علم الفعل والحرف ولا يعرف الانسان الاسم فيكون عارفا لمسماه إذا عرض عليه المسمى، إلا إذا عرف ذاته.
ألا ترى أنا لو علمنا أسامي أشياء بالهندية أو بالرومية ولم نعرف صورة ماله تلك الاسماء لم نعرف المسميات إذا شاهدناها بمعرفتنا الاسماء المجردة بل كنا عارفين بأصوات مجردة فثبت أن معرفة الاسماء لا تحصل إلا بمعرفة المسمى وحصول صورته في الضمير، فإذا المراد بقوله (وعلم آدم الاسماء كلها) الانواع الثلاثة من الكلام وصور المسميات في ذواتها وقوله (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها) فمعناه أن الاسماء التى تذكرونها ليس لها مسميات وإنما هي أسماء على غير مسمى إذ كان حقيقة ما يعتقدون في الاصنام بحسب تلك الاسماء غير موجود فيها، وقوله
(وجعلوا لله شركاء قل سموهم) فليس المراد أن يذكروا أساميها نحو اللات والعزى وإنما المعنى إظهار تحقيق ما تدعونه إلها وأنه هل يوجد معاني تلك الاسماء فيها ولهذا قال بعده (أم تنبؤنه بما لا يعلم في الارض أم بظاهر من القول) وقوله (تبارك اسم ربك) أي البركة والنعمة الفائضة في صفاته إذا اعتبرت وذلك نحو الكريم والعليم والبارى والرحمن الرحيم وقال (سبح اسم ربك الاعلى - ولله الاسماء الحسنى) وقوله (اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا - ليسمون الملائكة تسمية الانثى) أي يقولون للملائكة بنات الله وقوله (هل تعلم له سميا) أي نظيرا له يستحق اسمه، وموصوفا يستحق صفته على التحقيق وليس المعنى هل تجد من يتسمى باسمه إذ كان كثير من أسمائه قد يطلق على غيره لكن ليس معناه إذا استعمل فيه كما كان معناه إذا استعمل في غيره.
سنن: السن معروف وجمعه أسنان قال (والسن بالسن) وسان البعير الناقة عاضها حتى أبركها، والسنون دواء يعالج به الاسنان، وسن الحديد إسالته وتحديده، والمسن

ما يسن به أي يحدد به، والسنان يختص بما يركب في رأس الرمح وسننت البعير صقلته وضمرته تشبيها بسن الحديد وباعتبار الاسالة قيل سننت الماء أي أسلته.
وتنح عن سنن الطريق وسننه وسننه، فالسنن جمع سنة، وسنة الوجه طريقته، وسنة النبي طريقته التى كان يتحراها وسنة الله تعالى قد تقال لطريقة حكمته وطريقة طاعته نحو (سنة الله التى قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا - ولن تجد لسنة الله تحويلا) فتنبيه أن فروع الشرائع وإن اختلفت صورها فالغرض المقصود منها لا يختلف ولا يتبدل وهو تطهير النفس وترشيحها للوصول إلى ثواب الله تعالى وجواره، وقوله (من حمأ مسنون) قيل متغير وقوله: (لم يتسنه) معناه لم يتغير والهاء للاستراحة.
سنم: قال: (ومزاجه من تسنيم) قيل هو عين في الجنة رفيعة القدر وفسر بقوله: (عينا يشرب بها المقربون).
سنا: السنا الضوء الساطع والسناء الرفعة والسانية التى يسقى بها سميت لرفعتها، قال:
(يكاد سنا برقه) وسنت الناقة تسنو أي سقت الارض وهى السانية.
سنة: السنة في أصلها طريقان أحدهما أن أصلها سنهة لقولهم سانهت فلانا أي عاملته سنة فسنة، وقولهم سنيهة قيل: ومنه (لم يتسنه) أي لم يتغير بمر السنين عليه ولم تذهب طراوته وقيل أصله من الواو لقولهم سنوات ومنه سانيت والهاء للوقف نحو كتابيه وحسابيه وقال: (أربعين سنة - سبع سنين دأبا - ثلثمائة سنين - ولقد أخدنا آل فرعون بالسنين) فعبارة عن الجدب وأكثر ما تستعمل السنة في الحول الذى فيه الجدب، يقال أسنت القوم أصابتهم السنة، قال الشاعر: * لها أرج ما حولها غير مسنت * وقال آخر: * فليست بسنهاء ولا رجبية * فمن الهاء كما ترى، وقول الآخر: * ما كان أزمان الهزال والسنى * فليس بمرخم وإنما جمع فعلة على فعول كمائة ومئين ومؤن وكسر الفاء كما كسر في عصى وخففه للقافية، وقوله: (لا تأخذه سنة ولانوم) فهو من الوسن لا من هذا الباب.
سهر: الساهرة قيل وجه الارض، وقيل هي أرض القيامة، وحقيقتها التى يكثر الوطء بها، فكأنها سهرت بذلك إشارة إلى قول الشاعر: * تحرك يقظان التراب ونائمه * والاسهران عرقان في الانف.
سهل: السهل ضد الحزن وجمعه سهول، قال: (من سهولها قصورا) وأسهل حصل في السهل ورجل سهلى منسوب إلى السهل، ونهر

سهل، ورجل سهل الخلق وحزن الخلق، وسهيل نجم.
سهم: السهم ما يرمى به وما يضرب به من القداح ونحوه قال: (فساهم فكان من المدحضين) واستهموا اقترعوا وبرد مسهم عليه صورة سهم، وسهم وجهه تغير والسهام داء يتغير منه الوجه.
سها: السهو خطأ عن غفلة وذلك ضربان أحدهما، أن لا يكون من الانسان جوالبه ومولداته كمجنون سب إنسانا، والثانى أن يكون منه مولداته كمن شرب خمرا ثم ظهر منه منكر لا عن قصد إلى فعله.
والاول معفو عنه والثانى مأخوذ به، وعلى نحو الثاني ذم الله تعالى
فقال: (في غمرة ساهون - عن صلاتهم ساهون).
سيب: السائبة التى تسيب في المرعى فلا ترد عن حوض ولا علف وذلك إذا ولدت خمسة أبطن، وانسابت الحية انسيابا، والسائبة العبد يعتق ويكون ولاؤه لمعتقه ويضع ماله حيث شاء وهو الذى ورد النهى عنه، والسيب العطاء، والسيب مجرى الماء وأصله من سيبته فساب.
ساح: الساحة المكان الواسع ومنه ساحة الدار، قال: (فإذا نزل بساحتهم) والسائح الماء الدائم الجرية في ساحة، وساح فلان في الارض مر مر السائح، قال: (فسيحوا في الارض أربعة أشهر) ورجل سائح في الارض وسياح، وقوله: (السائحون) أي الصائمون، وقال: (سائحات) أي صائمات، قال بعضهم: الصوم ضربان: حقيقي وهو ترك المطعم والمنكح، وصوم حكمي وهو حفظ الجوارح عن المعاصي كالسمع والبصر واللسان، فالسائح هو الذى يصوم هذا الصوم دون الصوم الاول، وقيل السائحون هم الذين يتحرون ما اقتضاه قوله: (أ فلم يسيروا في الارض فتكون لهم
قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها).
سود: السواد اللون المضاد للبياض، يقال اسود واسواد، قال: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) فابيضاض الوجوه عبارة عن المسرة واسودادها عبارة عن المساءة، ونحوه: (وإذا بشر أحدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم) وحمل بعضهم الابيضاض والاسوداد على المحسوس، والاول أولى لان ذلك حاصل لهم سودا كانوا في الدنيا أو بيضا، وعلى ذلك وقوله في البياض (وجوه يومئذ ناضرة)، قوله (ووجوه يومئذ باسرة - ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة) وقال (وترهقهم ذلة مالهم من الله من عاصم - كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما) وعلى هذا النحو ما روى " أن المؤمنين يحشرون غرا محجلين من آثار الوضوء " ويعبر بالسواد عن الشخص المرئى من بعيد وعن سواد العين

قال بعضهم: لا يفارق سوادى سواده أي عينى شخصه، ويعبر به عن الجماعة الكثيرة نحو قولهم عليكم بالسواد الاعظم،، والسيد المتولي للسواد أي الجماعة الكثيرة وينسب
إلى ذلك فيقال سيد القوم ولا يقال سيد الثوب وسيد الفرس، ويقال ساد القوم يسودهم، ولما كان من شرط المتولي للجماعة أن يكون مهذب النفس قيل لكل من كان فاضلا في نفسه سيد.
وعلى ذلك قوله (وسيدا وحصورا) وقوله (وألفيا سيدها) فسمى الزوج سيدا لسياسة زوجته وقوله (ربنا إنا أطعنا سادتنا) أي ولاتنا وسائسينا.
سار: السير المضى في الارض ورجل سائر وسيار والسيارة الجماعة، قال تعالى: (وجاءت سيارة) يقال سرت وسرت بفلان وسرته أيضا وسيرته على التكثير، فمن الاول قوله (أفلم يسيروا - قل سيروا - سيروا فيها ليالى) ومن الثاني قوله (سار بأهله) ولم يجئ في القرآن القسم الثالث وهو سرته.
والرابع قوله (وسيرت الجبال - هو الذى يسيركم في البر والبحر) وأما قوله (سيروا في الارض) فقد قيل حث على السياحة في الارض بالجسم، وقيل حث على إجالة الفكر ومراعاة أحواله كما روى في الخبر أنه قيل في وصف الاولياء: أبدانهم في الارض سائرة وقلوبهم في الملكوت جائلة، ومنهم من حمل ذلك على الجد في العبادة
المتوصل بها إلى الثواب وعلى ذلك حمل قوله عليه السلام " سافروا تغنموا "، والتسيير ضربان، أحدهما بالامر والاختيار والارادة من السائر نحو: (وهو الذى يسيركم) والثانى بالقهر والتسخير كتسخير الجبال.
(وإذا الجبال سيرت) وقوله (وسيرت الجبال) والسيرة الحالة التى يكون عليها الانسان وغيره غريزيا كان أو مكتسبا، يقال فلان له سيرة حسنة وسيرة قبيحة، وقوله (سنعيدها سيرتها الاولى) أي الحالة التى كانت عليها من كونها عودا.
سور: السور وثوب مع علو، ويستعمل في الغضب وفى الشراب، يقال سورة الغضب وسورة الشراب، وسرت إليك وساورني فلان وفلان سوار وثاب.
والاسوار من أساورة الفرس أكثر ما يستعمل في الرماة ويقال هو فارسي معرب.
وسوار المرأة معرب وأصله دستوار وكيفما كان فقد استعملته العرب واشتق منه سورت الجارية وجارية مسورة ومخلخلة، قال (أسورة من ذهب - أساور من فضة) واستعمال الاسورة في الذهب وتخصيصها بقوله ألقى واستعمال أساور في الفضة وتخصيصه
بقوله (حلوا) فائدة ذلك تختص بغير هذا الكتاب.
والسورة المنزلة الرفيعة، قال الشاعر: ألم تر أن الله أعطاك سورة * ترى كل ملك دونها يتذبذب

وسور المدينة حائطها المشتمل عليها وسورة القرآن تشبيها بها لكونه محاطا بها إحاطة السور بالمدينة أو لكونها منزلة كمنازل القمر، ومن قال سؤرة فمن أسأرت أي أبقيت منها بقية كأنها قطعة مفردة من جملة القرآن وقوله: (سورة أنزلناها) أي جملة من الاحكام والحكم، وقيل أسأرت في القدح أي أبقيت فيه سؤرا، أي بقية، قال الشاعر: * لا بالحصور ولا فيها بسأر * ويروى بسوار، من السورة أي الغضب.
سوط: السوط الجلد المضفور الذى يضرب به وأصل السوط خلط الشئ بعضه ببعض، يقال سطته وسوطته، فالسوط يسمى به لكونه مخلوط الطاقات بعضها ببعض، وقوله (فصب عليهم ربك سوط عذاب) تشبيها بما يكون
في الدنيا من العذاب بالسوط، وقيل إشارة إلى ما خلط لهم من أنواع العذاب المشار إليه بقوله (حميما وغساقا).
ساعة: الساعة جزء من أجزاء الزمان، ويعبر به عن القيامة، قال (اقتربت الساعة - ويسألونك عن الساعة - وعنده علم الساعة) تشبيها بذلك لسرعة حسابه كما قال (وهو أسرع الحاسبين) أو لما نبه عليه بقوله (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها - لم يلبثوا إلا ساعة من نهار - ويوم تقوم الساعة) فالاولى هي القيامة والثانية الوقت القليل من الزمان.
وقيل الساعات التى هي القيامة ثلاثة: الساعة الكبرى وهى بعث الناس للمحاسبة وهى التى أشار إليها بقوله عليه السلام " لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش وحتى يعبد الدرهم والدينار " إلى غير ذلك.
وذكر أمورا لم تحدث في زمانه ولا بعده.
والساعة الوسطى وهى موت أهل القرن الواحد وذلك نحو ما روى أنه رأى عبد الله بن أنيس فقال " إن يطل عمر هذا الغلام لم يمت حتى تقوم الساعة " فقيل إنه آخر من مات من الصحابة.
والساعة الصغرى وهى موت الانسان،
فساعة كل إنسان موته وهى المشار إليها بقوله (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة)، ومعلوم أن هذه الحسرة تنال الانسان عند موته لقوله (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول) الآية وعلى هذا قوله (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة) وروى أنه كان إذا هبت ريح شديدة تغير لونه عليه السلام فقال: " تخوفت الساعة " وقال " ما أمد طرفي ولا أغضها إلا وأظن أن الساعة قد قامت " يعنى موته.
ويقال عاملته مساوعة نحو معاومة ومشاهرة، وجاءنا بعد سوع من الليل وسواع أي بعد هدء، وتصور من الساعة

الاهمال فقيل أسعت الابل أسيعها وهو ضائع سائع، وسواع اسم صنم.
قال: (ودا ولا سواعا).
ساغ: ساغ الشراب في الحلق سهل انحداره، وأساغه كذا.
قال: (سائغا للشاربين - ولا يكاد يسيغه) وسوغته مالا مستعار منه، وفلان سوغ أخيه إذا ولد
إثره عاجلا تشبيها بذلك.
سوف: سوف حرف يخصص أفعال المضارعة بالاستقبال ويجردها عن معنى الحال نحو (سوف أستغفر لكم ربى) وقوله (فسوف تعلمون) تنبيه أن ما يطلبونه وإن لم يكن في الوقت حاصلا فهو مما يكون بعد لا محالة ويقتضى معنى المماطلة والتأخير، واشتق منه التسويف اعتبارا بقول الواعد سوف أفعل كذا والسوف شم التراب والبول، ومنه قيل للمفازة التى يسوف الدليل ترابها مسافة، قال الشاعر: * إذا الدليل استاف أخلاق الطرق * والسواف مرض الابل يشارف بها الهلاك وذلك لانها تشم الموت أو يشمها الموت وإما لانه مما سوف تموت منه.
ساق: سوق الابل جلبها وطردها، يقال سقته فانساق، والسيقة ما يساق من الدواب وسقت المهر إلى المرأة وذلك أن مهورهم كانت الابل وقوله (إلى ربك يومئذ المساق) نحو قوله (وأن إلى ربك المنتهى) وقوله (سائق وشهيد) أي ملك يسوقه وآخر يشهد عليه وله، وقيل هو كقوله (كأنما يساقون إلى الموت) وقوله (والتفت الساق بالساق)
قيل عنى التفاف الساقين عند خروج الروح وقيل التفافهما عند ما يلفان في الكفن، وقيل هو أن يموت فلا تحملانه بعد أن كانتا تقلانه، وقيل أراد التفاف البلية بالبلية (يوم يكشف عن ساق) من قولهم كشفت الحرب عن ساقها، وقال بعضهم في قوله (يوم يكشف عن ساق) إنه إشارة إلى شدة وهو أن يموت الولد في بطن الناقة فيدخل المذمر يده في رحمها فيأخذ بساقه فيخرجه ميتا، قال فهذا هو الكشف عن الساق فجعل لكل أمر فظيع.
وقوله (فاستوى على سوقه) قيل هو جمع ساق نحو لابة ولوب وقارة وقور، وعلى هذا (فطفق مسحا بالسوق والاعناق) ورجل أسوق وامرأة سوقاء بينة السوق أي عظيمة الساق، والسوق الموضع الذى يجلب إليه المتاع للبيع، قال (وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشى في الاسواق) والسويق سمى لانسواقه في الحلق من غير مضغ.
سول: السؤل الحاجة التى تحرص النفس عليها، قال (قد أوتيت سؤلك يا موسى) وذلك ما سأله بقوله (رب اشرح لى صدري) الآية والتسويل تزيين النفس لما تحرص عليه
وتصوير القبيح منه بصورة الحسن، قال (بل

سولت لكم أنفسكم أمرا - الشيطان سول لهم) وقال بعض الادباء: * سالت هذيل رسول الله فاحشة * أي طلبت منه سؤلا.
قال وليس من سأل كما قال كثير من الادباء.
والسؤل يقارب الامنية لكن الامنية تقال فيما قدره الانسان والسؤل فيما طلب فكأن السؤل يكون بعد الامنية.
سال: سال الشئ يسيل وأسلته أنا، قال (وأسلنا له عين القطر) أي أذبنا له والاسالة في الحقيقة حالة في القطر تحصل بعد الاذابة، والسيل أصله مصدر وجعل اسما للماء الذى يأتيك ولم يصبك مطره، قال (فاحتمل السيل زبدا رابيا - سيل العرم) والسيلان الممتد من الحديد، الداخل من النصاب في المقبض.
سأل: السؤال استدعاء معرفة أو ما يؤدى إلى المعرفة واستدعاء مال أو ما يؤدى إلى المال، فاستدعاء المعرفة جوابه على اللسان واليد خليفة له بالكتابة أو الاشارة، واستدعاء المال جوابه
على اليد واللسان خليفة لها إما بوعد أو برد.
إن قيل كيف يصح أن يقال السؤال يكون للمعرفة ومعلوم أن الله تعالى يسأل عباده نحو (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم) قيل إن ذلك سؤال لتعريف القوم وتبكيتهم لا لتعريف الله تعالى فإنه علام الغيوب، فليس يخرح عن كونه سؤالا عن المعرفة، والسؤال للمعرفة يكون تارة للاستعلام وتارة للتبكيت كقوله تعالى: (وإذا الموءودة سئلت) ولتعرف المسئول.
والسؤال إذا كان للتعريف تعدى إلى المفعول الثاني تارة بنفسه وتارة بالجار، تقول سألته كذا وسألته عن كذا وبكذا وبعن أكثر (ويسئلونك عن الروح - ويسئلونك عن ذى القرنين - يسألونك عن الانفال) وقال تعالى: (وإذا سألك عبادي عنى)، وقال (سأل سائل بعذاب واقع) وإذا كان السؤال لاستدعاء مال فإنه يتعدى بنفسه أو بمن نحو (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب - واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا) وقال (واسألوا الله من فضله) ويعبر عن الفقير إذا كان مستدعيا لشئ بالسائل نحو (وأما السائل فلا تنهر) وقوله
(للسائل والمحروم).
سام: السوم أصله الذهاب في ابتغاء الشئ، فهو لفظ لمعنى مركب من الذهاب والابتغاء وأجرى مجرى الذهاب في قولهم سامت الابل فهى سائمة ومجرى الابتغاء في قولهم سمت كذا قال: (يسومونكم سوء العذاب) ومنه قيل سيم فلان الخسف فهو يسام الخسف ومنه السوم في البيع فقيل صاحب السلعة أحق بالسوم، ويقال سمت الابل في المرعى وأسمتها وسومتها

قال: (ومنه شجر فيه تسيمون) والسيماء والسيمياء العلامة، قال الشاعر: * له سيمياء لا تشق على البصر * وقال تعالى: (سيماهم في وجوههم) وقد سومته أي أعلمته ومسومين أي معلمين ومسومين معلمين لانفسهم أو لخيولهم أو مرسلين لها وروى عنه عليه السلام أنه قال: " تسوموا فإن الملائكة قد تسومت ".
سأم: السآمة الملالة مما يكثر لبثه فعلا كان أو انفعالا قال: (وهم لا يسأمون) وقال: (لا يسأم الانسان من دعاء الخير) وقال الشاعر:
سمئت تكاليف الحياة ومن يعش * ثمانين حولا لا أبالك يسأم سين: طور سيناء جبل معروف، قال: (تخرج من طور سيناء) قرئ بالفتح والكسر والالف في سيناء بالفتح ليس إلا للتأنيث لانه ليس في كلامهم فعلال إلا مضاعفا كالقلقال والزلزال، وفى سيناء يصح أن تكون الالف فيه كالالف في علباء وحرباء، وأن تكون الالف للالحاق بسرواح، وقيل أيضا طور سينين والسين من حروف المعجم.
سوا: المساواة المعادلة المعتبرة بالذرع والوزن والكيل، يقال هذا ثوب مساو لذاك الثوب، وهذا الدرهم مساو لذلك الدرهم، وقد يعتبر بالكيفية نحو هذا السواد مساو لذلك السواد وإن كان تحقيقه راجعا إلى اعتبار مكانه دون ذاته ولاعتبار المعادلة التى فيه استعمل العدل، قال الشاعر: * أبينا فلا نعطى السواء عدونا * واستوى يقال على وجهين، أحدهما: يسند إليه فاعلان فصاعدا نحو استوى زيد وعمرو في كذا أي تساويا، وقال: (لا يستوون عند الله) والثانى أن يقال لاعتدال الشئ في ذاته
نحو (ذو مرة فاستوى) وقال: (فإذا استويت أنت - لتستووا على ظهوره - فاستوى على سوقه) واستوى فلان على عمالته واستوى أمر فلان، ومتى عدى بعلى اقتضى معنى الاستيلاء كقوله (الرحمن على العرش استوى) وقيل معناه استوى له ما في السموات وما في الارض أي استقام الكل على مراده بتسوية الله تعالى إياه كقوله: (ثم استوى إلى السماء فسواهن) وقيل معناه استوى كل شئ في النسبة إليه فلا شئ أقرب إليه من شئ إذ كان تعالى ليس كالاجسام الحالة في مكان دون مكان، وإذا عدي بإلى اقتضى معنى الانتهاء إليه إما بالذات أو بالتدبير، وعلى الثاني قوله: (ثم استوى إلى السماء وهى دخان) وتسوية الشئ جعله سواء إما في الرفعة أو في الضعة، وقوله: (الذى خلقك فسواك) أي جعل خلقتك على ما اقتضت الحكمة وقوله: (ونفس وما سواها) فإشارة إلى القوى التى جعلها مقومة للنفس فنسب الفعل إليها وقد ذكر

في غير هذا الموضع أن الفعل كما يصح أن ينسب إلى الفاعل يصح أن ينسب إلى الآلة وسائر ما يفتقر الفعل إليه نحو سيف قاطع، وهذا
الوجه أولى من قول من قال أراد (ونفس وما سواها) يعنى الله تعالى، فإن ما لا يعبر به عن الله تعالى إذ هو موضوع للجنس ولم يرد به سمع يصح، وأما قوله: (سبح اسم ربك الاعلى الذى خلق فسوى) فالفعل منسوب إليه تعالى وكذا قوله: (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي) وقوله: (رفع سمكها فسواها) فتسويتها يتضمن بناءها وتزيينها المذكور في قوله (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) والسوي يقال فيما يصان عن الافراط والتفريط من حيث القدر والكيفية، قال تعالى: (ثلاث ليال سويا) وقال تعالى: (من أصحاب الصراط السوى) ورجل سوى استوت أخلاقه وخلقته عن الافراط والتفريط، وقوله تعالى: (على أن نسوي بنانه) قيل نجعل كفه كخف الجمل لا أصابع له، وقيل بل نجعل أصابعه كلها على قدر واحد حتى لا ينتفع به وذاك أن الحكمة في كون الاصابع متفاوتة في القدر والهيئة ظاهرة، إذ كان تعاونها على القبض أن تكون كذلك، وقوله: (فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها) أي سوى بلادهم بالارض نحو (خاوية على عروشها) وقيل
سوى بلادهم بهم نحو: (لو تسوى بهم الارض) وذلك إشارة إلى ما قال عن الكفار (ويقول الكافر يا ليتنى كنت ترابا) ومكان سوى وسواء وسط ويقال سواء وسوى وسوى أي يستوى طرفاه ويستعمل ذلك وصفا وظرفا، وأصل ذلك مصدر، وقال: (في سواء الجحيم - وسواء السبيل - فانبذ إليهم على سواء) أي عدل من الحكم.
وكذا قوله: (إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) وقوله: (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم - سواء عليهم أستغفرت لهم - سواء علينا أجزعنا أم صبرنا) أي يستوى الامران في أنهما لا يغنيان (سواء العاكف فيه والباد) وقد يستعمل سوى وسواء بمعنى غير، قال الشاعر: * فلم يبق منها سوى هامد * وقال آخر: * وما قصدت من أهلها لسوائكا * وعندي رجل سواك أي مكانك وبدلك والسى المساوى مثل عدل ومعادل وقتل ومقاتل، تقول سيان زيد وعمرو، وأسواء جمع سى نحو نقض وأنقاض يقال قوم أسواء ومستوون، والمساواة متعارفة في المثمنات، يقال هذا الثوب
يساوى كذا وأصله من ساواه في القدر، قال: (حتى إذا ساوى بين الصدفين).
سوأ: السوء كل ما يغم الانسان من الامور الدنيوية والاخروية ومن الاحوال النفسية والبدنية والخارجة من فوات مال وجاه

وفقد حميم، وقوله (بيضاء من غير سوء) أي من غير آفة بها وفسر بالبرص، وذلك بعض الآفات التى تعرض لليد.
وقال: (إن الخزى اليوم والسوء على الكافرين) وعبر عن كل ما يقبح بالسوأى، ولذلك قوبل بالحسنى، قال: (ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى) كما قال (للذين أحسنوا الحسنى) والسيئة الفعلة القبيحة وهى ضد الحسنة، قال: (بلى من كسب سيئة) قال (لم تستعجلون بالسيئة - يذهبن السيئات - ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك - فأصابهم سيئات ما عملوا - ادفع بالتى هي أحسن السيئة) وقال عليه الصلاة والسلام: " يا أنس أتبع السيئة الحسنة تمحها " والحسنة والسيئة ضربان: أحدهما بحسب اعتبار العقل والشرع نحو المذكور في قوله: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ومن جاء
بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها) وحسنة وسيئة بحسب اعتبار الطبع، وذلك ما يستخفه الطبع وما يستثقله نحو قوله: (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه) وقوله: (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة) وقوله تعالى: (إن الخزى اليوم والسوء على الكافرين) ويقال ساءنى كذا وسؤتنى وأسأت إلى فلان، قال: (سيئت وجوه الذين كفروا) وقال (ليسوءوا وجوهكم - من يعمل سوءا يجز به) أي قبيحا، وكذا قوله: (زين لهم سوء أعمالهم - عليهم دائرة السوء) أي ما يسوءهم في العاقبة، وكذا قوله: (وساءت مصيرا - وساءت مستقرا) وأما قوله تعالى: (فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين - وساء ما يعملون - ساء مثلا) فساء ههنا تجرى مجرى بئس، وقال: (ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء) وقوله: (سيئت وجوه الذين كفروا) نسب ذلك إلى الوجه من حيث إنه يبدو في الوجه أثر السرور والغم، وقال: (سئ بهم وضاق بهم ذرعا - حل بهم ما يسوءهم) وقال: (سوء الحساب - ولهم سوء الدار) وكنى عن الفرج بالسوأة.
قال:
(كيف يوارى سوأة أخيه - فأوارى سوأة أخى - يوارى سوآتكم - بدت لهما سوآتهما - ليبدى لهما ما وورى عنهما من سوآتهما).

كتاب الشين
شبه: الشبه والشبه والشبيه حقيقتها في المماثلة من جهة الكيفية كاللون والطعم وكالعدالة والظلم، والشبهة هو أن لا يتميز أحد الشيئين من الاخر لما بينهما من التشابه عينا كان أو معنى، قال: (وأتوا به متشابها) أي يشبه بعضه بعضا لونا لا طعما وحقيقة، وقيل متماثلا في الكمال والجودة، وقرئ قوله: (مشتبها وغير متشابه) وقرئ: (متشابها) جميعا ومعناهما متقاربان.
وقال: (إن البقر تشابه علينا) على لفظ الماضي فجعل لفظه مذكرا وتشابه أي تتشابه علينا على الادغام، وقوله: (تشابهت قلوبهم) أي في الغى والجهالة، قال: (وأخر متشابهات) والمتشابه من القرآن ما أشكل تفسيره لمشابهته بغيره إما من حيث اللفظ أو من حيث المعنى، فقال الفقهاء المتشابه ما لا ينبئ ظاهره عن مراده، وحقيقة ذلك أن الايات عند اعتبار بعضها ببعض
ثلاثة أضرب: محكم على الاطلاق، ومتشابه على الاطلاق، ومحكم من وجه متشابه من وجه.
فالمتشابه في الجملة ثلاثة أضرب: متشابه من جهة اللفظ فقط، ومتشابه من جهة المعنى فقط، ومتشابه من جهتهما.
والمتشابه من جهة اللفظ ضربان: أحدهما يرجع إلى الالفاظ المفردة، وذلك إما من جهة غرابته نحو الاب ويزفون، وإما من جهة مشاركة في اللفظ كاليد والعين.
والثانى يرجع إلى جملة الكلام المركب، وذلك ثلاثة أضرب، ضرب لاختصار الكلام نحو: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) وضرب لبسط الكلام نحو: (ليس كمثله شئ) لانه لو قيل ليس مثله شئ كان أظهر للسامع.
وضرب لنظم الكلام نحو: (أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما) تقديره الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا وقوله (ولو لا رجال مؤمنون) إلى قوله: (لو تزيلوا) والمتشابه من جهة المعنى أوصاف الله تعالى وأوصاف يوم القيامة فإن تلك الصفات لا تتصور لنا إذ كان لا يحصل في نفوسنا صورة ما لم نحسه
أو لم يكن من جنس ما نحسه.
والمتشابه من

جهة المعنى واللفظ جميعا خمسة أضرب، الاول: من جهة الكمية كالعموم والخصوص نحو: (اقتلوا المشركين) والثانى: من جهة الكيفية كالوجوب والندب نحو (فانكحوا ما طاب لكم) والثالث: من جهة الزمان كالناسخ والمنسوخ نحو (اتقوا الله حق تقاته) والرابع: من جهة المكان والامور التى نزلت فيها نحو: (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها) وقوله (إنما النسئ زيادة في الكفر) فإن من لا يعرف عادتهم في الجاهلية يتعذر عليه معرفة تفسير هذه الاية.
والخامس: من جهة الشروط التى بها يصح الفعل أو يفسد كشروط الصلاة والنكاح.
وهذه الجملة إذا تصورت علم أن كل ما ذكره المفسرون في تفسير المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم نحو قول من قال المتشابه (الم) وقول قتادة المحكم الناسخ والمتشابه المنسوخ، وقول الاصم المحكم ما أجمع على تأويله، والمتشابه ما اختلف فيه.
ثم جميع المتشابه على ثلاثة أضرب: ضرب لا سبيل للوقوف عليه كوقت
الساعة وخروج دابة الارض وكيفية الدابة ونحو ذلك.
وضرب للانسان سبيل إلى معرفته كالالفاظ الغريبة والاحكام الغلقة.
وضرب متردد بين الامرين يجوز أن يختص بمعرفة حقيقته بعض الراسخين في العلم ويخفى على من دونهم، وهو الضرب المشار إليه بقوله عليه السلام في على رضى الله عنه: " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ".
وقوله لابن عباس مثل ذلك.
وإذ عرفت هذه الجملة علم أن الوقف على قوله (وما يعلم تأويله إلا الله) ووصله بقوله: (والراسخون في العلم) جائز وأن لكل واحد منهما وجها حسبما دل عليه التفصيل المتقدم.
وقوله (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها) فإنه يعنى ما يشبه بعضه بعضا في الاحكام والحكمة واستقامة النظم.
وقوله (ولكن شبه لهم) أي مثل لهم من حسبوه إياه، والشبه من الجواهر ما يشبه لونه لون الذهب.
شتت: الشت تفريق الشعب، يقال شت جمعهم شتا وشتاتا، وجاءوا أشتاتا أي متفرقي النظام، قال: (يومئذ يصدر الناس أشتاتا) وقال (من نبات شتى) أي مختلفة الانواع
(وقلوبهم شتى) أي هم بخلاف من وصفهم بقوله (ولكن الله ألف بينهم) وشتان اسم فعل نحو وشكان يقال شتان ما هما وشتان ما بينهما إذا أخبرت عن ارتفاع الالتئام بينهما.
شتا: (رحلة الشتاء والصيف) يقال شتى وأشتى وصاف وأصاف والمشتى والمشتاة للوقت والموضع والمصدر، قال الشاعر: * نحن في المشتاة ندعو الجفلى * شجر: الشجر من النبات ماله ساق، يقال

شجرة وشجر نحو ثمرة وثمر (إذ يبايعونك تحت الشجرة) وقال (أأنتم أنشأتم شجرتها - والنجم والشجر - من شجر من زقوم - إن شجرة الزقوم) وواد شجير كثير الشجر، وهذا الوادي أشجر من ذلك، والشجار والمشاجرة والتشاجر المنازعة.
قال: (فيما شجر بينهم) وشجرنى عنه صرفني عنه بالشجار وفى الحديث: " فان اشتجروا فالسلطان ولى من لا ولى له " والشجار خشب الهودج، والمشجر ما يلقى عليه الثوب وشجره بالرمح أي طعنه بالرمح وذلك أن يطعنه به فيتركه فيه.
شح: الشح بخل مع حرص وذلك فيما كان عادة قال (وأحضرت الانفس الشح) وقال: (ومن يوق شح نفسه) يقال رجل شحيح وقوم أشحة قال (أشحة على الخير - أشحة عليكم) وخطيب شحشح ماض في خطبته من قولهم: شحشح البعير في هديره.
شحم: (حرمنا عليهم شحومهما) وشحمة الاذن معلق القرط لتصوره بصورة الشحم وشحمة الارض لدودة بيضاء، ورجل مشحم كثر عنده الشحم، وشحم محب للشحم وشاحم يطعمه أصحابه وشحيم كثر على بدنه.
شحن: قال: (في الفلك المشحون) أي المملوء والشحناء عداوة امتلات منها النفس يقال عدو مشاحن وأشحن للبكاء امتلات نفسه لتهيئه له.
شخص: الشخص سواد الانسان القائم المرئى من بعيد، وقد شخص من بلده نفذ وشخص سهمه وبصره وأشخصه صاحبه قال: (تشخص فيه الابصار - شاخصة أبصارهم) أي أجفانهم لا تطرف.
شد: الشد العقد القوى يقال: شددت الشئ قويت عقده قال (وشددنا أسرهم - فشدوا الوثاق) والشدة تستعمل في العقد وفى البدن وفى قوى النفس وفى العذاب قال: (وكانوا أشد منهم قوة - علمه شديد القوى) يعنى جبريل عليه السلام (غلاظ شداد - بأسهم بينهم شديد - في العذاب الشديد) والشديد والمتشدد البخيل قال: (وإنه لحب الخير لشديد) فالشديد يجوز أن يكون بمعنى مفعول كأنه شد كما يقال غل عن الانفصال، وإلى نحو هذا: (وقالت اليهود يد الله مغلولة - غلت أيديهم) ويجوز أن يكون بمعنى فاعل، فالمتشدد كأنه شد صرته، وقوله: (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة) ففيه تنبيه أن الانسان إذا بلغ هذا القدر يتقوى خلقه الذى هو عليه فلا يكاد يزايله بعد ذلك، وما أحسن ما نبه له الشاعر حيث يقول: إذا المرء وافى الاربعين ولم يكن * له دون ما يهوى حياء ولا ستر

فدعه ولا تنفس عليه الذى مضى * وإن جر أسباب الحياة له العمر
وشد فلان واشتد إذا أسرع، يجوز أن يكون من قولهم شد حزامه للعدو، كما يقال ألقى ثيابه إذا طرحه للعدو، وأن يكون من قولهم اشتدت الريح، قال: (اشتدت به الريح).
شر: الشر الذى يرغب عنه الكل، كما أن الخير هو الذى يرغب فيه الكل، قال (شر مكانا - وإن شر الدواب عند الله الصم) وقد تقدم تحقيق الشر مع ذكر الخير وذكر أنواعه، ورجل شرير وشرير متعاط للشر وقوم أشرار وقد أشررته نسبته إلى الشر، وقيل أشررت كذا أظهرته واحتج بقول الشاعر: إذا قيل أي الناس شر قبيلة * أشرت كليب بالاكف الاصابعا فإن لم يكن في هذا إلا هذا البيت فإنه يحتمل أنها نسبت الاصابع إلى الشر بالاشارة إليه، فيكون من أشررته إذا نسبته إلى الشر، والشر بالضم خص بالمكروه، وشرار النار ما تطاير منها وسميت بذلك لاعتقاد الشر فيه، قال: (ترمى بشرر كالقصر).
شرب: الشرب تناول كل مائع ماء كان أو غيره، قال تعالى في صفة أهل الجنة: (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) وقال في صفة أهل النار:
(لهم شراب من حميم) وجمع الشراب أشربة يقال شربته شربا وشربا، قال (فمن شرب منه فليس منى - إلى قوله - فشربوا منه) وقال (فشاربون شرب الهيم) والشرب النصيب منه قال: (هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم - كل شرب محتضر) والمشرب المصدر واسم زمان الشرب ومكانه (قد علم كل أناس مشربهم) والشريب المشارب والشراب وسمى الشعر على الشفة العليا والعرق الذى في باطن الحلق شاربا وجمعه شوارب لتصورهما بصورة الشاربين، قال الهذلى في صفة عير: * صخب الشوارب لا يزال كأنه * وقوله: (وأشربوا في قلوبهم العجل) قيل هو من قولهم أشربت البعير شددت حبلا في عنقه قال الشاعر: فأشربتها الاقران حتى وقصتها * بقرح وقد ألقين كل جنين فكأنما شد في قلوبهم العجل لشغفهم، وقال بعضهم معناه أشرب في قلوبهم حب العجل، وذلك أن من عادتهم إذا أرادوا العبارة عن مخامرة حب أو بغض استعاروا له اسم الشراب
إذ هو أبلغ إنجاع في البدن ولذلك قال الشاعر: تغلغل حيث لم يبلغ شراب * ولا حزن ولم يبلغ سرور ولو قيل حب العجل لم تكن هذه المبالغة فإن في ذكر العجل تنبيها أن لفرط شغفهم به صارت صورة العجل في قلوبهم لا تنمحي، وفى مثل

أشربتنى ما لم أشرب أي ادعيت على ما لم أفعل شرح: أصل الشرح بسط اللحم ونحوه، يقال شرحت اللحم وشرحته ومنه شرح الصدر أي بسطه بنور إلهى وسكينة من جهة الله وروح منه، قال: (رب اشرح لى صدري - ألم نشرح لك صدرك - أفمن شرح الله صدره) وشرح المشكل من الكلام بسطه وإظهار ما يخفى من معانيه.
شرد: شرد البعير ند وشردت فلانا في البلاد وشردت به أي فعلت به فعلة تشرد غيره أن يفعل فعله كقولك نكلت به أي جعلت ما فعلت به نكالا لغيره، قال (فشرد بهم من خلفهم) أي اجعلهم نكالا لمن يعرض لك بعدهم، وقيل فلان طريد شريد.
شرذم: الشرذمة جماعة منقطعة، قال:
(شرذمة قليلون) وهو من قولهم ثوب شراذم أي متقطع.
شرط: الشرط كل حكم معلوم يتعلق بأمر يقع بوقوعه، وذلك الامر كالعلامة له وشريط وشرائط وقد اشترطت كذا ومنه قيل للعلامة الشرط وأشراط الساعة علاماتها (فقد جاء أشراطها) والشرط قيل سموا بذلك لكونهم ذوى علامة يعرفون بها وقيل لكونهم أرذال الناس فأشراط الابل أرذالها.
وأشرط نفسه للهلكة إذا عمل عملا يكون علامة للهلاك أو يكون فيه شرط الهلاك شرع: الشرع نهج الطريق الواضح، يقال شرعت له طريقا والشرع مصدر ثم جعل اسما للطريق النهج فقيل له شرع وشرع شريعة واستعير ذلك للطريقة الالهية، قال (شرعة ومنهاجا) فذلك إشارة إلى أمرين: أحدهما: ما سخر الله تعالى عليه كل إنسان من طريق يتحراه مما يعود إلى مصالح العباد وعمارة البلاد، وذلك المشار إليه بقوله: (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا).
الثاني: ما قيض له من الدين وأمره به
ليتحراه اختيارا مما تختلف فيه الشرائع ويعترضه النسخ ودل عليه قوله (ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها) قال ابن عباس: الشرعة ما ورد به القرآن، والمنهاج ما ورد به السنة، وقوله (شرع لكم من الدين) فإشارة إلى الاصول التى تتساوى فيها الملل فلا يصح عليها النسخ كمعرفة الله تعالى ونحو ذلك من نحو مادل عليه قوله: (ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر) قال بعضهم: سميت الشريعة شريعة تشبيها بشريعة الماء من حيث إن من شرع فيها على الحقيقة المصدوقة روى وتطهر، قال وأعنى بالرى ما قال بعض الحكماء: كنت أشرب فلا أروى فلما عرفت الله تعالى رويت بلا شرب.
وبالتطهر ما قال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب

عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وقوله تعالى: (إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا) جمع شارع.
وشارعة الطريق جمعها شوارع، وأشرعت الرمح قبله وقيل شرعته فهو مشروع وشرعت السفينة جعلت لها شراعا ينقذها وهم في هذا الامر
شرع أي سواء أي يشرعون فيه شروعا واحدا.
وشرعك من رجل زيد كقولك حسبك أي هو الذى تشرع في أمره، أو تشرع به في أمرك، والشرع خص بما يشرع من الاوتار على العود.
شرق: شرقت الشمس شروقا طلعت وقيل لا أفعل ذلك ما ذر شارق وأشرقت أضاءت، قال (بالعشى والاشراق) أي وقت الاشراق والمشرق والمغرب إذا قيلا بالافراد فإشارة إلى ناحيتى الشرق والغرب وإذا قيلا بلفظ التثنية فإشارة إلى مطلعى ومغربى الشتاء والصيف، وإذا قيلا بلفظ الجمع فاعتبار بمطلع كل يوم ومغربه أو بمطلع كل فصل ومغربه، قال (رب المشرق والمغرب - رب المشرقين ورب المغربين - رب المشارق والمغارب - مكانا شرقيا) من ناحية الشرق والمشرقة المكان الذى يظهر للشرق وشرقت اللحم ألقيته في المشرقة والمشرق مصلى العيد لقيام الصلاة فيه عند شروق الشمس، وشرقت الشمس اصفرت للغروب ومنه أحمر شارق شديد الحمرة، وأشرق الثوب بالصبغ، ولحم شرق أحمر لا دسم فيه.
شرك: الشركة والمشاركة خلط الملكين، وقيل هو أن يوجد شئ لاثنين فصاعدا عينا كان ذلك الشئ أو معنى كمشاركة الانسان والفرس في الحيوانية، ومشاركة فرس وفرس في الكمتة والدهمة، يقال شركته وشاركته وتشاركوا واشتركوا وأشركته في كذا، قال (وأشركه في أمرى) وفى الحديث " اللهم أشركنا في دعاء الصالحين " وروى أن الله تعالى قال لنبيه عليه السلام " إنى شرفتك وفضلتك على جميع خلقي وأشركتك في أمرى " أي جعلتك بحيث تذكر معى، وأمرت بطاعتك مع طاعتي في نحو (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) وقال: (في العذاب مشتركون) وجمع الشريك شركاء (ولم يكن له شريك في الملك - شركاء متشاكسون - شركاء شرعوا لهم - أين شركائي)، وشرك الانسان في الدين ضربان.
أحدهما: الشرك العظيم وهو إثبات شريك لله تعالى، يقال أشرك فلان بالله وذلك أعظم كفر، قال (إن الله لا يغفر أن يشرك به) وقال (ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا -
ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة - يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا)

وقال (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا).
والثانى: الشرك الصغير وهو مراعاة غير الله معه في بعض الامور وهو الرياء والنفاق المشار إليه بقوله (شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون - وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) وقال بعضهم معنى قوله (إلا وهم مشركون) أي واقعون في شرك الدنيا أي حبالتها، قال: ومن هذا ما قال عليه السلام " الشرك في هذه الامة أخفى من دبيب النمل على الصفا " قال: ولفظ الشرك من الالفاظ المشتركة وقوله (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) محمول على الشركين وقوله (اقتلوا المشركين) فأكثر الفقهاء يحملونه على الكفار جميعا لقوله (وقالت اليهود عزير ابن الله) الاية، وقيل هم من عدا أهل الكتاب لقوله (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا) أفرد المشركين عن اليهود
والنصارى.
شرى: الشراء والبيع يتلازمان فالمشترى دافع الثمن وآخذ المثمن، والبائع دافع المثمن وآخذ الثمن، هذا إذا كانت المبايعة والمشاراة بناض وسلعة.
فأما إذا كانت بيع سلعة بسلعة صح أن يتصور كل واحد منهما مشتريا وبائعا ومن هذا الوجه صار لفظ البيع والشراء يستعمل كل واحد منهما في موضع الاخر.
وشريت بمعنى بعت أكثر وابتعت بمعنى اشتريت أكثر قال الله تعالى: (وشروه بثمن بخس) أي باعوه وكذلك قوله (يشترون الحياة الدنيا بالاخرة) ويجوز الشراء والاشتراء في كل ما يحصل به شئ نحو: (إن الذين يشترون بعهد الله - لا يشترون بآيات الله - اشتروا الحياة الدنيا - اشتروا الضلالة) وقوله: (إن الله اشترى من المؤمنين) فقد ذكر ما اشترى به وهو قوله: (يقاتلون في سبيل الله فيقتلون) ويسمى الخوارج بالشراة متأولين فيه قوله: (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله) فمعنى يشرى يبيع فصار ذلك كقوله: (إن الله اشترى) الاية شطط: الشطط الافراط في البعد، يقال
شطت الدار وأشط يقال في المكان وفى الحكم وفى السوم، قال: * شط المزار بجذوى وانتهى الامل * وعبر بالشطط عن الجور، قال: (لقد قلنا إذا شططا) أي قولا بعيدا عن الحق وشط النهر حيث يبعد عن الماء من حافته.
شطر: شطر الشئ نصفه ووسطه قال: (فول وجهك شطر المسجد الحرام) أي جهته ونحوه وقال: (فولوا وجوهكم شطره) ويقال شاطرته شطارا أي ناصفته، وقيل شطر بصره أي نصفه وذلك إذا أخذ ينظر إليك

وإلى آخر، وحلب فلان الدهر أشطره وأصله في الناقة أن يحلب خلفين ويترك خلفين وناقة شطور يبس خلفان من أخلافها، وشاة شطور أحد ضرعيها أكبر من الاخر وشطر إذا أخذ شطرا أي ناحية، وصار يعبر بالشاطر عن البعيد وجمعه شطر نحو: * أشاقك بين الخليط الشطر * والشاطر أيضا لمن يتباعد عن الحق وجمعه شطار.
شطن: الشيطان النون فيه أصلية وهو من
شطن أي تباعد ومنه بئر شطون وشطنت الدار وغربة شطون، وقيل بل النون فيه زائدة من شاط يشيط احترق غضبا فالشيطان مخلوق من النار كما دل عليه: (وخلق الجان من مارج من نار) ولكونه من ذلك اختص بفرط القوة الغضبية والحمية الذميمة وامتنع من السجود لادم.
قال أبو عبيدة: الشيطان اسم لكل عارم من الجن والانس والحيوانات، قال: (شياطين الانس والجن) وقال: (وإن الشياطين ليوحون - وإذا خلوا إلى شياطينهم) أي أصحابهم من الجن والانس وقوله: (كأنه رؤوس الشياطين) قيل هي حية خفيفة الجسم وقيل أراد به عارم الجن فتشبه به لقبح تصورها وقوله: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين) فهم مردة الجن ويصح أن يكونوا هم مردة الانس أيضا، وقال الشاعر: * لو أن شيطان الذئاب العسل * جمع العاسل وهو الذى يضطرب في عدوه واختص به عسلان الذئب.
وقال آخر: * ما ليلة الفقير إلا شيطان * وسمى كل خلق ذميم للانسان شيطانا، فقال
عليه السلام: " الحسد شيطان والغضب شيطان ".
شطا: شاطئ الوادي جانبه، قال: (نودى من شاطئ الوادي) ويقال شاطأت فلانا ماشيته في شاطئ الوادي، وشطء الزرع فروخ الزرع وهو ما خرج منه وتفرغ في شاطئيه أي في جانبيه وجمعه أشطاء، قال: (كزرع أخرج شطأه) أي فراخه وقرئ شطأه وذلك نحو الشمع والشمع والنهر والنهر شعب: الشعب القبيلة المتشعبة من حى واحد وجمعه شعوب، قال: (شعوبا وقبائل) والشعب من الوادي ما اجتمع منه طرف وتفرق طرف فإذا نظرت إليه من الجانب الذى تفرق أخذت في وهمك واحدا يتفرق وإذا نظرت من جانب الاجتماع أخذت في وهمك اثنين اجتمعا فلذلك قيل شعبت إذا جمعت وشعبت إذا فرقت، وشعيب تصغير شعب الذى هو مصدر أو الذى هو اسم أو تصغير شعب، والشعيب المزادة الخلق التى قد أصلحت وجمعت.
وقوله:

(إلى ظل ذى ثلاث شعب) يختص بما بعد هذا الكتاب.
شعر: الشعر معروف وجمعه أشعار، قال: (ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها) وشعرت أصبت الشعر ومنه استعير شعرت كذا أي علمت علما في الدقة كإصابة الشعر، وسمى الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته، فالشعر في الاصل اسم للعلم الدقيق في قولهم ليت شعرى وصار في التعارف اسما للموزون المقفى من الكلام، والشاعر للمختص بصناعته، وقوله تعالى حكاية عن الكفار: (بل افتراه بل هو شاعر) وقوله: (شاعر مجنون - شاعر نتربص به) وكثير من المفسرين حملوه على أنهم رموه بكونه آتيا بشعر منظوم مقفى حتى تأولوا ما جاء في القرآن من كل لفظ يشبه الموزون من نحو: (وجفان كالجواب وقدور راسيات) وقوله: (تبت يدا أبى لهب).
وقال بعض المحصلين: لم يقصدوا هذا المقصد فيما رموه به وذلك أنه ظاهر من الكلام أنه ليس على أساليب الشعر ولا يخفي ذلك على الاغتام من العجم فضلا عن بلغاء العرب، وإنما رموه بالكذب فإن الشعر يعبر به عن الكذب والشاعر الكاذب حتى سمى قوم الادلة الكاذبة الشعرية، ولهذا
قال تعالى في وصف عامة الشعراء: (والشعراء يتبعهم الغاوون) إلى آخر السورة، ولكون الشعر مقر الكذب قيل أحسن الشعر أكذبه.
وقال بعض الحكماء: لم ير متدين صادق اللهجة مغلقا في شعره.
والمشاعر الحواس وقوله (وأنتم لا تشعرون) ونحو ذلك معناه: لا تدركونه بالحواس ولو قال في كثير مما جاء فيه لا يشعرون لا يعقلون لم يكن يجوز إذ كان كثير مما لا يكون محسوسا قد يكون معقولا.
ومشاعر الحج معالمه الظاهرة للحواس والواحد مشعر ويقال شعائر الحج الواحد شعيرة (ذلك ومن يعظم شعائر الله) قال: (عند المشعر الحرام - لا تحلوا شعائر الله) أي ما يهدى إلى بيت الله، وسمى بذلك لانها تشعر أي تعلم بأن تدمى بشعيرة أي حديدة يشعر بها.
والشعار الثوب الذى يلى الجسد لمماسته الشعر، والشعار أيضا ما يشعر به الانسان نفسه في الحرب أي يعلم.
وأشعره الحب نحو ألبسه والاشعر الطويل الشعر وما استدار بالحافر من الشعر وداهية شعراء كقولهم داهية وبراء، والشعراء ذباب الكلب لملازمته شعره، والشعير الحب المعروف
والشعرى نجم وتخصيصه في قوله: (وأنه هو رب الشعرى) لكونها معبودة لقوم منهم.
شعف: قرئ (شعفها) وهى من شعفة القلب وهى رأسه معلق النياط وشعفة الجبل أعلاه، ومنه قيل فلان مشعوف بكذا كأنما أصيب شعفة قلبه.
شعل: الشعل التهاب النار، يقال شعلة من

النار وقد أشعلتها وأجاز أبو زيد شعلتها والشعيلة الفتيلة إذا كانت مشتعلة.
وقيل بياض يشتعل (واشتعل الرأس شيبا) تشبيها بالاشتعال من حيث اللون، واشتعل فلان غضبا تشبيها به من حيث الحركة، ومنه أشعلت الخيل في الغارة نحو أوقدتها وهيجتها وأضرمتها.
شغف: (شغفها حبا) أي أصاب شغاف قلبها أي باطنه عن الحسن وقيل وسطه عن أبى على وهما يتقاربان.
شغل: الشغل والشغل العارض الذى يذهل الانسان، قال: (في شغل فاكهون) وقرئ: (شغل) وقد شغل فهو مشغول ولا يقال أشغل وشغل شاغل.
شفع: الشفع ضم الشئ إلى مثله ويقال
للمشفوع شفع والشفع والوتر قيل الشفع المخلوقات من حيث إنها مركبات، كما قال: (ومن كل شئ خلقنا زوجين) والوتر هو الله من حيث إن له الوحدة من كل وجه.
وقيل الشفع يوم النحر من حيث إن له نظيرا يليه، والوتر يوم عرفة وقيل الشفع ولد آدم.
والوتر آدم لانه لا عن والد والشفاعة الانضمام إلى آخر ناصرا له وسائلا عنه وأكثر ما يستعمل في انضمام من هو أعلى حرمة ومرتبة إلى من هو أدنى.
ومنه الشفاعة في القيامة قال (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا - لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن - لا تغنى شفاعتهم شيئا - ولا يشفعون إلا لمن ارتضى - فما تنفعهم شفاعة الشافعين) أي لا يشفع لهم (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة - من حميم ولا شفيع - من يشفع شفاعة حسنة - ومن يشفع شفاعة سيئة) أي من انضم إلى غيره وعاونه وصار شفعا له أو شفيعا في فعل الخير والشر فعاونه وقواه وشاركه في نفعه وضره.
وقيل الشفاعة ههنا أن يشرع الانسان للاخر طريق خير أو طريق شر فيقتدى به فصار
كأنه شفع له وذلك كما قال عليه السلام: " من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها " أي إثمها وإثم من عمل بها، وقوله: (ما من شفيع إلا من بعد إذنه) أي يدبر الامر وحده لا ثانى له في فصل الامر إلا أن يأذن للمدبرات والمقسمات من الملائكة فيفعلون ما يفعلونه بعد إذنه.
واستشفعت بفلان على فلان فتشفع لى وشفعه أجاب شفاعته، ومنه قوله عليه السلام: " القرآن شافع مشفع " والشفعة هو طلب مبيع في شركته بما بيع به ليضمه إلى ملكه وهو من الشفع، وقال عليه السلام " إذا وقعت الحدود فلا شفعة ".
شفق: الشفق اختلاط ضوء النهار بسواد الليل عند غروب الشمس، قال (فلا أقسم بالشفق) والاشفاق عناية مختلطة بخوف

لان المشفق يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه، قال (وهم من الساعة مشفقون) فإذا عدى بمن فمعنى الخوف فيه أظهر، وإذا عدى بفى فمعنى العناية فيه أظهر قال (إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين - مشفقون منها - مشفقين
مما كسبوا - أأشفقتم أن تقدموا).
شفا: شفا البئر وغيرها حرفه ويضرب به المثل في القرب من الهلاك قال (على شفا جرف - على شفا حفرة) وأشفى فلان على الهلاك أي حصل على شفاه ومنه استعير: ما بقى من كذا إلا شفي: أي قليل كشفا البئر.
وتثنية شفا شفوان وجمعه أشفاه، والشفاء من المرض موافاة شفاء السلامة وصار اسما للبرء، قال في صفة العسل: (فيه شفاء للناس - هدى وشفاء - وشفاء لما في الصدور - ويشف صدور قوم مؤمنين).
شق: الشق الخرم الواقع في الشئ، يقال شققته بنصفين، قال: (ثم شققنا الارض شقا - يوم تشقق الارض - وانشقت السماء - إذا السماء انشقت - وانشق القمر) وقيل انشقاقه في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، وقيل هو انشقاق يعرض فيه حين تقرب القيامة، وقيل معناه وضح الامر، والشقة القطعة المنشقة كالنصف ومنه قيل طار فلان من الغضب شقاقا وطارت منهم شقة كقولك قطع غضبا، والشق المشقة والانكسار الذى يلحق النفس والبدن، وذلك كاستعارة الانكسار لها، قال:
(إلا بشق الانفس) والشقة الناحية التى تلحقك المشقة في الوصول إليها، وقال: (بعدت عليهم الشقة) والشقاق المخالفة وكونك في شق غير شق صاحبك أو من شق العصا بينك وبينه قال: (وإن خفتم شقاق بينهما - فإنما هم في شقاق) أي مخالفة: (لا يجرمنكم شقاقي - لفى شقاق بعيد - ومن يشاقق الله ورسوله) أي صار في شق غير شق أوليائه نحو (ومن يحادد الله) ونحوه: (ومن يشاقق الرسول) ويقال المال بينهما شق الشعرة وشق الابلمة، أي مقسوم كقسمتهما، وفلان شق نفسي وشقيق نفسي أي كأنه شق منى لمشابهة بعضنا بعضا، وشقائق النعمان نبت معروف.
وشقيقة الرمل ما يشقق، والشقشقة لهاة البعير لما فيه من الشق، وبيده شقوق وبحافر الدابة شقاق، وفرس أشق إذا مال إلى أحد شقيه، والشقة في الاصل نصف ثوب وإن كان قد يسمى الثوب كما هو شقة.
شقا: الشقاوة خلاف السعادة وقد شقى يشقى شقوة وشقاوة وشقاء وقرئ (شقوتنا - وشقاوتنا) فالشقوة كالردة والشقاوة كالسعادة من حيث الاضافة، فكما أن السعادة في الاصل ضربان
سعادة أخروية وسعادة دنيوية، ثم السعادة الدنيوية ثلاثة أضرب: سعادة نفسية وبدنية وخارجية، كذلك الشقاوة على هذه الاضرب

وفى الشقاوة الاخروية قال (فلا يضل ولا يشقى) وقال (غلبت علينا شقوتنا) وقرئ (شقاوتنا) وفى الدنيوية (فلا يخر جنكما من الجنة فتشقى) قال بعضهم: قد يوضع الشقاء موضع التعب نحو شقيت في كذا وكل شقاوة تعب وليس كل تعب شقاوة فالتعب أعم من الشقاوة.
شكك: الشك اعتدال النقيضين عند الانسان وتساويهما وذلك قد يكون لوجود أمارتين متساويتين عند النقيضين أو لعدم الامارة فيهما، والشك ربما كان في الشئ هل هو موجود أو غير موجود ؟ وربما كان في جنسه، من أي جنس هو ؟ وربما كان في بعض صفاته وربما كان في الغرض الذى لاجله أوجد.
والشك ضرب من الجهل وهو أخص منه لان الجهل قد يكون عدم العلم بالنقيضين رأسا فكل شك جهل وليس كل جهل شكا، قال (لفى شك مريب - بل هم في شك يلعبون - فإن كنت في شك).
واشتقاقه إما من
شككت الشئ أي خرقته قال: وشككت بالرمح الاصم ثيابه * ليس الكريم على القنا بمحرم فكأن الشك الخرق في الشئ وكونه بحيث لا يجد الرأى مستقرا يثبت فيه ويعتمد عليه.
ويصح أن يكون مستعارا من الشك وهو لصوق العضد بالجنب، وذلك أن يتلاصق النقيضان فلا مدخل للفهم والرأى لتخلل ما بينهما ويشهد لهذا قولهم التبس الامر واختلط وأشكل ونحو ذلك من الاستعارات.
والشكة السلاح الذى به يشك: أي يفصل.
شكر: الشكر تصور النعمة وإظهارها، قيل وهو مقلوب عن الكشر أي الكشف، ويضاده الكفر وهو نسيان النعمة وسترها، ودابة شكور مظهرة بسمنها إسداء صاحبها إليها، وقيل أصله من عين شكرى أي ممتلئة، فالشكر على هذا هو الامتلاء من ذكر المنعم عليه.
والشكر ثلاثة أضرب: شكر القلب، وهو تصور النعمة.
وشكر اللسان، وهو الثناء على المنعم.
وشكر سائر الجوارح، وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقه (اعملوا آل داود شكرا) فقد قيل شكرا انتصب على التمييز.
ومعناه
اعملوا ما تعملونه شكرا لله.
وقيل شكرا مفعول لقوله اعملوا وذكر اعملوا ولم يقل اشكروا لينبه على التزام الانواع الثلاثة من الشكر بالقلب واللسان وسائر الجوارح.
قال: (اشكر لى ولوالديك - وسنجزي الشاكرين - ومن شكر فإنما يشكر لنفسه) وقوله: (وقليل من عبادي الشكور)، ففيه تنبيه أن توفية شكر الله صعب ولذلك لم يثن بالشكر من أوليائه إلا على اثنين، قال في إبراهيم عليه السلام: (شاكرا لانعمه) وقال في نوح: (إنه كان عبدا شكورا) وإذا وصف الله بالشكر

في قوله: (إنه شكور حليم) فإنما يعنى به إنعامه على عباده وجزاؤه بما أقاموه من العبادة.
ويقال ناقة شكرة ممتلئة الضرع من اللبن، وقيل هو أشكر من بروق وهو نبت يخضر ويتربى بأدنى مطر، والشكر يكنى به عن فرج المرأة وعن النكاح.
قال بعضهم: إن سألتك ثمن شكرها * وشبرك أنشأت تظلها والشكير نبت في أصل الشجرة غض، وقد
شكرت الشجرة كثر غصنها.
شكس: الشكس السيئ الخلق، وقوله: (شركاء متشاكسون) أي متشاجرون لشكاسة خلقهم.
شكل: المشاكلة في الهيئة والصورة والند في الجنسية والشبه في الكيفية، قال: (وآخر من شكله أزواج) أي مثله في الهيئة وتعاطى الفعل، والشكل قيل هو الدل وهو في الحقيقة الانس الذى بين المتماثلين في الطريقة، ومن هذا قيل الناس أشكال وألاف وأصل المشاكلة من الشكل أي تقييد الدابة، يقال شكلت الدابة والشكال ما يقيد به، ومنه استعير شكلت الكتاب كقوله قيدته، ودابة بها شكال إذا كان تحجيلها بإحدى رجليها وإحدى يديها كهيئة الشكال، وقوله: (قل كل يعمل على شاكلته) أي على سجيته التى قيدته وذلك أن سلطان السجية على الانسان قاهر حسبما بينت في الذريعة إلى مكارم الشريعة، وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم: " كل ميسر لما خلق له " والاشكلة الحاجة التى تقيد الانسان والاشكال في الامر استعارة كالاشتباه من الشبه.
شكا: الشكو والشكاية والشكاة والشكوى إظهار البث، يقال شكوت وأشكيت، قال: (إنما أشكو بثى وحزني إلى الله) وقال (وتشتكى إلى الله) وأشكاه أي يجعل له شكوى نحو أمرضه ويقال أشكاه أي أزال شكايته، وروى: " شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا " وأصل الشكو فتح الشكوة وإظهار ما فيه وهى سقاء صغير يجعل فيه الماء وكأنه في الاصل استعارة كقولهم: بثثت له ما في وعائي ونفضت ما في جرابى إذا أظهرت ما في قلبك.
والمشكاة كوة غير نافذة قال: (كمشكاة فيها مصباح) وذلك مثل القلب والمصباح مثل نور الله فيه.
شمت: الشماتة الفرح ببلية من تعاديه ويعاديك يقال شمت به فهو شامت وأشمت الله به العدو، قال: (فلا تشمت بى الاعداء) والتشميت الدعاء للعاطس كأنه إزالة الشماتة عنه بالدعاء له فهو كالتمريض في إزالة المرض، وقول الشاعر: * فبات له طوع الشوامت *

أي على حسب ما تهواه اللاتى تشمت به، وقيل أراد بالشوامت القوائم وفى ذلك نظر إذ لا حجة له في هذا البيت.
شمخ: (رواسي شامخات) أي عاليات، ومنه شمخ بأنفه عبارة عن الكبر.
شمأز: قال (اشمأزت قلوب الذين) أي نفرت.
شمس: الشمس يقال للقرصة وللضوء المنتشر عنها وتجمع على شموس، قال (والشمس تجرى لمستقر لها) وقال (الشمس والقمر بحسبان) وشمس يومنا وأشمس صار ذا شمس وشمس فلان شماسا إذا ند ولم يستقر تشبيها بالشمس في عدم استقرارها شمل: الشمال المقابل لليمين، قال: (عن اليمين وعن الشمال قعيد) ويقال للثوب الذى يغطى به الشمال وذلك كتسمية كثير من الثياب باسم العضو الذى يستره نحو تسمية كم القميص يدا وصدره وظهره صدرا وظهرا ورجل السراويل رجلا ونحو ذلك، والاشتمال بالثوب أن يلتف به الانسان فيطرحه على الشمال وفى الحديث " نهى عن اشتمال الصماء " والشملة والمشمل كساء يشتمل به مستعار منه، ومنه شملهم
الامر ثم تجوز بالشمال فقيل شملت الشاة علقت عليها شمالا وقيل للخليقة شمال لكونه مشتملا على الانسان اشتمال الشمال على البدن، والشمول الخمر لانها تشتمل على العقل فتغطيه وتسميتها بذلك كتسميتها بالخمر لكونها خامرة له.
والشمال الريح الهابة من شمال الكعبة وقيل في لغة شمأل وشامل، وأشمل الرجل من الشمال كقولهم أجنب من الجنوب وكنى بالمشمل عن السيف كما كنى عنه بالرداء، وجاء مشتملا بسيفه نحو مرتديا به ومتدرعا له، وناقة شملة وشملال سريعة كالشمال وقول الشاعر: ولتعرفن خلائقا مشمولة * ولتندمن ولات ساعة مندم قيل أراد خلائق طيبة كأنها هبت عليها شمال فبردت وطابت.
شنا: شنئته تقذرته بغضا له.
ومنه اشتق أزد شنوءة وقوله: (شنآن قوم) أي بغضهم وقرئ شنان فمن خفف أراد بغيض قوم ومن ثقل جعله مصدرا ومنه (إن شانئك هو الابتر).
شهب: الشهاب الشعلة الساطعة من النار
الموقدة، ومن العارض في الجو نحو (فأتبعه شهاب ثاقب - شهاب مبين - شهابا رصدا) والشهبة البياض المختلط بالسواد تشبيها بالشهاب المختلط بالدخان، ومنه قيل كتيبة شهباء، اعتبارا بسواد القوم وبياض الحديد.
شهد: الشهود والشهادة الحضور مع المشاهدة إما بالبصر أو بالبصيرة وقد يقال

للحضور مفردا قال (عالم الغيب والشهادة) لكن الشهود بالحضور المجرد أولى والشهادة مع المشاهدة أولى، ويقال للمحضر مشهد وللمرأة التى يحضرها زوجها مشهد.
وجمع مشهد مشاهد ومنه مشاهد الحج وهى مواطنه الشريفة التى يحضرها الملائكة والابرار من الناس.
وقيل مشاهد الحج مواضع المناسك.
قال (ليشهدوا منافع لهم - وليشهد عذابهما - ما شهدنا مهلك أهله) أي ما حضرنا (والذين لا يشهدون الزور) أي لا يحضرونه بنفوسهم ولا بهمهم وإرادتهم.
والشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصيرة أو بصر.
وقوله (أشهدوا خلقهم) يعنى مشاهدة البصر
ثم قال (ستكتب شهادتهم) تنبيها أن الشهادة تكون عن شهود وقوله (وأنتم تشهدون) أي تعلمون وقوله (ما أشهدتهم خلق السموات) أي ما جعلتهم ممن اطلعوا ببصيرتهم على خلقها وقوله (عالم الغيب والشهادة) أي ما يغيب عن حواس الناس وبصائرهم وما يشهدونه بهما.
وشهدت يقال على ضربين: أحدهما جار مجرى العلم وبلفظه تقام الشهادة ويقال أشهد بكذا ولا يرضى من الشاهد أن يقول أعلم بل يحتاج أن يقول أشهد.
والثانى يجرى مجرى القسم فيقول أشهد بالله أن زيدا منطلق فيكون قسما، ومنهم من يقول إن قال أشهد ولم يقل بالله يكون قسما ويجرى علمت مجراه في القسم فيجاب بجواب القسم نحو قول الشاعر: * ولقد علمت لتأتين منيتى * ويقال شاهد وشهيد وشهداء قال (ولا يأب الشهداء) قال (واستشهدوا شهيدين) ويقال شهدت كذا: أي حضرته وشهدت على كذا، قال (شهد عليهم سمعهم) وقد يعبر بالشهادة عن الحكم نحو (وشهد شاهد من أهلها) وعن الاقرار نحو (ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله)
أن كان ذلك شهادة لنفسه.
وقوله (وما شهدنا إلا بما علمنا) أي ما أخبرنا وقال تعالى: (شاهدين على أنفسهم بالكفر) أي مقرين (لم شهدتم علينا) وقوله (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم) فشهادة الله تعالى بوحدانيته هي إيجاد ما يدل على وحدانيته في العالم، وفى نفوسنا كما قال الشاعر: ففى كل شئ له آية * تدل على أنه واحد قال بعض الحكماء إن الله تعالى لما شهد لنفسه كان شهادته أن أنطق كل شئ كما نطق بالشهادة له، وشهادة الملائكة بذلك هو إظهارهم أفعالا يؤمرون بها وهى المدلول عليها بقوله (فالمدبرات أمرا) وشهادة أولى العلم اطلاعهم على تلك الحكم وإقرارهم بذلك وهذه الشهادة تختص بأهل العلم فأما الجهال فمبعدون منها ولذلك قال في الكفار (ما أشهدتهم خلق

السموات والارض ولا خلق أنفسهم) وعلى هذا نبه بقوله (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وهؤلاء هم المعنيون بقوله (والصديقين والشهداء والصالحين) وأما الشهيد فقد يقال للشاهد
والمشاهد للشئ وقوله (سائق وشهيد) أي من شهد له وعليه وكذا قوله (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) وقوله (أو ألقى السمع وهو شهيد) أي يشهدون ما يسمعونه بقلوبهم على ضد من قيل فيهم (أولئك ينادون من مكان بعيد) وقوله (أقم الصلاة) إلى قوله (مشهودا) أي يشهد صاحبه الشفاء والرحمة والتوفيق والسكينات والارواح المذكورة في قوله (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) وقوله (وادعوا شهداءكم) فقد فسر بكل ما يقتضيه معنى الشهادة، قال ابن عباس: معناه أعوانكم، وقال مجاهد: الذين يشهدون لكم، وقال بعضهم الذين يعتد بحضورهم ولم يكونوا كمن قيل فيهم شعر: مخلفون ويقضى الله أمرهمو * وهم بغيب وفى عمياء ما شعروا وقد حمل على هذه الوجوه قوله (ونزعنا من كل أمة شهيدا) وقوله (وإنه على ذلك لشهيد - أنه على كل شئ شهيد - وكفى بالله شهيدا) فإشارة إلى قوله (لا يخفى على الله
منهم شئ) وقوله: (يعلم السر وأخفى) ونحو ذلك مما نبه على هذا النحو، والشهيد هو المحتضر فتسميته بذلك لحضور الملائكة إياه إشارة إلى ما قال: (تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا) الاية قال: (والشهداء عند ربهم لهم أجرهم) أو لانهم يشهدون في تلك الحالة ما أعد لهم من النعيم، أو لانهم تشهد أرواحهم عند الله كما قال: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) الاية، وعلى هذا دل قوله: (والشهداء عند ربهم) وقوله: (شاهد ومشهود) قيل المشهود يوم الجمعة وقيل يوم عرفة ويوم القيامة وشاهد كل من شهده وقوله يوم مشهود أي مشاهد تنبيها أن لا بد من وقوعه، والتشهد هو أن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وصار في التعارف اسما للتحيات المقروءة في الصلاة وللذكر الذى يقرأ ذلك فيه.
شهر: الشهر مدة مشهورة بإهلال الهلال أو باعتبار جزء من اثنى عشر جزءا من دوران الشمس من نقطة إلى تلك النقطة، قال: (شهر رمضان - فمن شهد منكم الشهر - الحج أشهر
معلومات - إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا - فسيحوا في الارض أربعة أشهر) والمشاهرة المعاملة بالشهور كالمسانهة والمياومة، وأشهرت بالمكان أقمت به شهرا، وشهر فلان

واشتهر يقال في الخير والشر.
شهق: الشهيق طول الزفير وهو رد النفس والزفير مده قال: (لهم فيها زفير وشهيق - سمعوا لها تغيظا وزفيرا) وقال تعالى: (سمعوا لها شهيقا) وأصله من جبل شاهق أي متناهى الطول.
شها: أصل الشهوة نزوع النفس إلى ما تريده وذلك في الدنيا ضربان صادقة وكاذبة فالصادقة ما يختل البدن من دونه كشهوة الطعام عند الجوع، والكاذبة ما لا يختل من دونه، وقد يسمى المشتهى شهوة وقد يقال للقوة التى تشتهى الشئ شهوة وقوله: (زين للناس حب الشهوات) يحتمل الشهوتين وقوله: (اتبعوا الشهوات) فهذا من الشهوات الكاذبة ومن المشتهيات المستغنى عنها وقوله في صفة الجنة: (ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم) وقوله: (فيما اشتهت أنفسهم) وقيل رجل
شهوان وشهوانى وشئ شهى.
شوب: الشوب الخلط قال: (لشوبا من حميم) وسمى العسل شوبا إما لكونه مزاجا للاشربة وإما لما يختلط به من الشمع وقيل ما عنده شوب ولا روب أي عسل ولبن.
شيب الشيب والمشيب بياض الشعر قال: (واشتعل الرأس شيبا) وباتت المرأة بليلة شيباء إذا افتضت وبليلة حرة إذا لم تفتض.
شيخ: يقال لمن طعن في السن الشيخ وقد يعبر به فيما بيننا عمن يكثر علمه لما كان من شأن الشيخ أن يكثر تجاربه ومعارفه ويقال شيخ بين الشيخوخة والشيخ والتشييخ، قال (هذا بعلى شيخا - وأبونا شيخ كبير).
شيد: (وقصر مشيد) أي مبنى بالشيد وقيل مطول وهو يرجع إلى الاول ويقال شيد قواعده أحكمها كأنه بناها بالشيد، والاشادة عبارة عن رفع الصوت.
شور: الشوار ما يبدو من المتاع ويكنى به عن الفرج كما يكنى به عن المتاع، وشورت به فعلت به ما خجلته كأنك أظهرت شوره أي فرجه، وشرت العسل وأشرته أخرجته، قال الشاعر:
* وحديث مثل ماذى مشار * وشرت الدابة استخرجت عدوه تشبيها بذلك، وقيل للخطب مشوار كثير العثار، والتشاور والمشاورة والمشورة استخراج الرأى بمراجعة البعض إلى البعض من قولهم شرت العسل إذا اتخذته من موضعه واستخرجته منه، قال: (وشاورهم في الامر) والشورى الامر الذى يتشاور فيه، قال: (وأمرهم شورى بينهم).
شيط: الشيطان قد تقدم ذكره.
شوظ: الشواظ اللهب الذى لا دخان فيه قال: (شواظ من نار ونحاس).
شيع: الشياع الانتشار والتقوية، يقال شاع الخبر أي كثر وقوى وشاع القوم انتشروا

وكثروا، وشيعت النار بالحطب قويتها والشيعة من يتقوى بهم الانسان وينتشرون عنه ومنه قيل للشجاع مشيع، يقال شيعة وشيع وأشياع قال: (وإن من شيعته لابراهيم - هذا من شيعته وهذا من عدوه - وجعل أهلها شيعا - في شيع الاولين) وقال تعالى: (ولقد أهلكنا أشياعكم).
شوك: الشوك ما يدق ويصلب رأسه من
النبات ويعبر بالشوك والشكة عن السلاح والشدة، قال: (غير ذات الشوكة) وسميت إبرة العقرب شوكا تشبيها به، وشجرة شاكة وشائكة، وشاكنى الشوك أصابني وشوك الفرخ نبت عليه مثل الشوك وشوك ثدى المرأة إذا انتهد وشوك البعير طال أنيابه كالشوك.
شأن: الشأن الحال والامر الذى يتفق ويصلح ولا يقال إلا فيما يعظم من الاحوال والامور، قال: (كل يوم هو في شأن) وشأن الرأس جمعه شؤون وهو الوصلة بين متقابلاته التى بها قوام الانسان.
شوى: شويت اللحم واشتويته، قال: (يشوى الوجوه) وقال الشاعر: * فاشتوى ليلة ريح واجتمل * والشوى الاطراف كاليد والرجل يقال رماه فأشواه أي أصاب شواه، قال (نزاعة للشوى) ومنه قيل للامر الهين شوى من حيث إن الشوى ليس بمقتل.
والشاة قيل أصلها شايهة بدلالة قولهم شياه وشويهة.
شئ: الشئ قيل هو الذى يصح أن يعلم ويخبر عنه وعند كثير من المتكلمين هو اسم
مشترك المعنى إذ استعمل في الله وفى غيره ويقع على الموجود والمعدوم وعند بعضهم الشئ عبارة عن الموجود وأصله مصدر شاء وإذا وصف به تعالى فمعناه شاء وإذا وصف به غيره فمعناه المشئ وعلى الثاني قوله (قل الله خالق كل شئ) فهذا على العموم بلا مثنوية إذ كان الشئ ههنا مصدرا في معنى المفعول.
وقوله (قل أي شئ أكبر شهادة) فهو بمعنى الفاعل كقوله (تبارك الله أحسن الخالقين) والمشيئة عند أكثر المتكلمين كالارادة سواء وعند بعضهم المشيئة في الاصل إيجاد الشئ وإصابته وإن كان قد يستعمل في التعارف موضع الارادة فالمشيئة من الله تعالى هي الايجاد، ومن الناس هي الاصابة، قال والمشيئة من الله تقتضي وجود الشئ ولذلك قيل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، والارادة منه لا تقتضي وجود المراد لا محالة، ألا ترى أنه قال (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر - وما الله يريد ظلما للعباد) ومعلوم أنه قد يحصل العسر والتظالم فيما بين الناس، قالوا: ومن الفرق بينهما أن إرادة الانسان قد تحصل من غير أن تتقدمها إرادة الله فإن الانسان قد يريد

أن لا يموت ويأبى الله ذلك ومشيئته لا تكون إلا بعد مشيئته لقوله (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) روى أنه لما نزل قوله (لمن شاء منكم أن يستقيم) قال الكفار الامر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم، فأنزل الله تعالى (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) وقال بعضهم: لولا أن الامور كلها موقوفة على مشيئة الله تعالى وأن أفعالنا معلقة بها وموقوفه عليها لما أجمع الناس على تعليق الاستثناء به في جميع أفعالنا نحو (ستجدني إن شاء الله من الصابرين - ستجدني إن شاء الله صابرا - يأتيكم به الله إن شاء - ادخلوا مصر إن شاء الله - قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله - وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا - ولا تقولن لشئ إنى فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله).
شيه: شية: أصلها وشية، وذلك من باب الواو.

كتاب الصاد
صبب: صب الماء إراقته من أعلى، يقال
صبه فانصب وصببته فتصبب.
قال تعالى: (إنا صببنا الماء صبا - فصب عليهم ربك سوط عذاب - يصب من فوق رؤوسهم الحميم) وصبا إلى كذا صبابة مالت نفسه نحوه محبة له، وخص اسم الفاعل منه بالصب فقيل فلان صب بكذا، والصبة كالصرمة، والصبيب المصبوب من المطر ومن عصارة الشئ ومن الدم، والصبابة والصبة البقية التى من شأنها أن تصب، وتصاببت الاناء شربت صبابته، وتصبصب ذهبت صبابته.
صبح: الصبح والصباح أول النهار وهو وقت ما احمر الافق بحاجب الشمس، قال (أليس الصبح بقريب - فساء صباح المنذرين) والتصبح النوم بالغداة، والصبوح شرب الصباح يقال صبحته سقيته صبوحا والصبحان المصطبح والمصباح ما يسقى منه ومن الابل ما يبرك فلا ينهض حتى يصبح وما يجعل فيه المصباح، قال (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة) ويقال للسراج مصباح والصباح نفس السراج والمصابيح أعلام الكواكب، قال (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) وصبحتهم ماء كذا أتيتهم
به صباحا، والصبح شدة حمرة في الشعر تشبيها بالصبح والصباح، وقيل صبح فلان أي وضؤ.
صبر: الصبر الامساك في ضيق، يقال صبرت الدابة حبستها بلا علف وصبرت فلانا خلفته خلفة لا خروج له منها والصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع أو عما يقتضيان حبسها عنه، فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فإن كان حبس النفس لمصيبة سمى صبرا لا غير ويضاده الجزع، وإن كان في محاربة سمى شجاعة ويضاده الجبن، وإن كان في نائبة مضجرة سمى رحب الصدر ويضاده الضجر، وإن كان في إمساك الكلام سمى كتمانا ويضاده المذل، وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله (والصابرين في البأساء والضراء - والصابرين على ما أصابهم

والصابرين والصابرات) وسمى الصوم صبرا لكونه كالنوع له وقال عليه السلام " صيام شهر الصبر وثلاثة أيام في كل شهر يذهب وحر الصدر " وقوله (فما أصبرهم على النار)
قال أبو عبيدة: إن ذلك لغة بمعنى الجرأة واحتج بقول أعرابي قال لخصمه ما أصبرك على الله، وهذا تصور مجاز بصورة حقيقة لان ذلك معناه ما أصبرك على عذاب الله في تقديرك إذا اجترأت على ارتكاب ذلك، وإلى هذا يعود قول من قال: ما أبقاهم على النار، وقول من قال ما أعملهم بعمل أهل النار، وذلك أنه قد يوصف بالصبر من لا صبر له في الحقيقة اعتبارا بحال الناظر إليه، واستعمال التعجب في مثله اعتبار بالخلق لا بالخالق، وقوله تعالى: (اصبروا وصابروا) أي احبسوا أنفسكم على العبادة وجاهدوا أهواءكم وقوله: (واصطبر لعبادته) أي تحمل الصبر بجهدك، وقوله (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا) أي بما تحملوا من الصبر في الوصول إلى مرضاة الله، وقوله (فصبر جميل) معناه الامر والحث على ذلك، والصبور القادر على الصبر والصبار يقال إذا كان فيه ضرب من التكلف والمجاهدة، قال (إن في ذلك لايات لكل صبار شكور) ويعبر عن الانتظار بالصبر لما كان حق الانتظار أن لا ينفك عن الصبر بل هو نوع من الصبر، قال (فاصبر لحكم ربك) أي انتظر
حكمه لك على الكافرين.
صبغ: الصبغ مصدر صبغت والصبغ المصبوغ وقوله (صبغة الله) إشارة إلى ما أوجده الله تعالى في الناس من العقل المتميز به عن البهائم كالفطرة وكانت النصارى إذا ولد لهم ولد غمسوه بعد السابع في ماء عمودية يزعمون أن ذلك صبغة فقال تعالى له ذلك وقال (ومن أحسن من الله صبغة) وقال (وصبغ للاكلين) أي أدم لهم، وذلك من قولهم: أصبغت بالخل صبا: الصبى من لم يبلغ الحلم، ورجل مصب ذو صبيان، قال تعالى (قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا) وصبا فلان يصبو صبوا وصبوة إذا نزع واشتاق وفعل فعل الصبيان، قال (أصب إليهن وأكن من الجاهلين) وأصباني فصبوت، والصبا الريح المستقبل للقبلة.
وصابيت السيف أغمدته مقلوبا، وصابيت الرمح أملته وهيأته للطعن.
والصابئون قوم كانوا على دين نوح وقيل لكل خارج من الدين إلى دين آخر صابئ من قولهم صبأ ناب البعير إذا طلع، ومن قرأ صابين فقد قيل على تخفيف الهمز كقوله (لا يأكله إلا الخاطون) وقد
قيل بل هو من قولهم صبا يصبو، قال (والصابين والنصارى).
وقال أيضا: (والنصارى والصابين).

صحب: الصاحب الملازم إنسانا كان أو حيوانا أو مكانا أو زمانا ولا فرق بين أن تكون مصاحبته بالبدن وهو الاصل والاكثر أو بالعناية والهمة وعلى هذا قال: لئن غبت عن عينى * لما غبت عن قلبى ولا يقال في العرف إلا لمن كثرت ملازمته، ويقال للمالك للشئ هو صاحبه وكذلك لمن يملك التصرف فيه، قال (إذ يقول لصاحبه لا تحزن - قال له صاحبه وهو يحاوره - أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم - وأصحاب مدين - أصحاب الجنة هم فيها خالدون - أصحاب النار هم فيها خالدون - من أصحاب السعير) وأما قوله (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة) أي الموكلين بها لا المعذبين بها كما تقدم..وقد يضاف الصاحب إلى مسوسه نحو صاحب الجيش وإلى سائسه نحو صاحب الامير.
والمصاحبة والاصطحاب أبلغ
من الاجتماع لاجل أن المصاحبة تقتضي طول لبثه فكل اصطحاب اجتماع وليس كل اجتماع اصطحابا، وقوله (ولا تكن كصاحب الحوت) وقوله (ما بصاحبكم من جنة) وقد سمى النبي عليه السلام صاحبهم تنبيها أنكم صحبتموه وجربتموه وعرفتموه ظاهره وباطنه ولم تجدوا به خبلا وجنة، وكذلك قوله: (وما صاحبكم بمجنون) والاصحاب للشئ الانقياد له وأصله أن يصير له صاحبا، ويقال أصحب فلان إذا كبر ابنه فصار صاحبه، وأصحب فلان فلانا جعل صاحبا له، قال (ولا هم منا يصحبون) أي لا يكون لهم من جهتنا ما يصحبهم من سكينة وروح وترفيق ونحو ذلك مما يصحبه أولياءه، وأديم مصحب أصحب الشعر الذى عليه ولم يجز عنه.
صحف: الصحيفة المبسوط من الشئ كصحيفة الوجه والصحيفة التى يكتب فيها وجمعها صحائف وصحف، قال (صحف إبراهيم وموسى - يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة) قيل أريد بها القرآن وجعله صحفا فيها كتب من أجل تضمنه لزيادة ما في كتب الله المتقدمة.
والمصحف ما جعل جامعا للصحف المكتوبة
وجمعه مصاحف، والتصحيف قراءة المصحف وروايته على غير ما هو لاشتباه حروفه، والصحفة مثل قصعة عريضة.
صخ: الصاخة شدة صوت ذى المنطق، يقال صخ يصخ صخا فهو صاخ، قال (فإذا جاءت الصاخة) وهى عبارة عن القيامة حسب المشار إليه بقوله (يوم ينفخ في الصور) وقد قلب عنه أصاخ يصيخ.
صخر: الصخر الحجر الصلب، قال: (فتكن في صخرة) وقال (وثمود الذين جابوا الصخر بالواد).
صدد: الصدود والصد قد يكون انصرفا عن الشئ وامتناعا نحو: (يصدون عنك

صدودا) وقد يكون صرفا ومنعا نحو: (وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل - الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله - ويصدون عن سبيل الله - قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله - ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك) إلى غير ذلك من الايات.
وقيل صد يصد صدودا وصد يصد صدا، والصد من الجبل ما يحول، والصديد
ما حال بين اللحم والجلد من القيح وضرب مثلا لمطعم أهل النار، قال: (ويسقى من ماء صديد).
صدر: الصدر الجارجة، قال: (رب اشرح لى صدري) وجمعه صدور، قال (وحصل ما في الصدور - ولكن تعمى القلوب التى في الصدور) ثم استعير لمقدم الشئ كصدر القناة وصدر المجلس والكتاب والكلام، وصدره أصاب صدره أو قصد قصده نحو ظهره وكتفه، ومنه قيل رجل مصدور يشكو صدره، وإذا عدى صدر بعن اقتضى الانصراف تقول صدرت الابل عن الماء صدرا، وقيل الصدر، قال (يومئذ يصدر الناس أشتاتا) والمصدر في الحقيقة صدر عن الماء ولموضع المصدر ولزمانه، وقد يقال في تعارف النحويين للفظ الذى روعى فيه صدور الفعل الماضي والمستقبل عنه.
والصدار ثوب يغطى به الصدر على بناء دثار ولباس ويقال له الصدرة، ويقال ذلك لسمة على صدر البعير.
وصدر الفرس جاء سابقا بصدره، قال بعض الحكماء: حيثما ذكر الله تعالى القلب، فإشارة إلى العقل والعلم نحو: (إن في ذلك لذكرى لمن كان له
قلب) وحيثما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك وإلى سائر القوى من الشهوة والهوى والغضب ونحوها وقوله: (رب اشرح لى صدري) فسؤال لاصلاح قواه، وكذلك قوله: (ويشف صدور قوم مؤمنين) إشارة إلى اشتفائهم، وقوله: (فإنها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى في الصدور) أي العقول التى هي مندرسة فيما بين سائر القوى وليست بمهتدية، والله أعلم بذلك.
صدع: الصدع الشق في الاجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحوهما، يقال صدعته فانصدع وصدعته فتصدع، قال: (يومئذ يصدعون) وعنه استعير صدع الامر أي فصله، قال (فاصدع بما تؤمر) وكذا استعير منه الصداع وهو شبه الاشتقاق في الرأس من الوجع، قال: (لا يصدعون عنها ولا ينزفون) ومنه الصديع للفجر وصدعت الفلاة قطعتها، وتصدع القوم أي تفرقوا.
صدف: صدف عنه أعرض إعراضا شديدا يجرى مجرى الصدف أي الميل في أرجل البعير أو في الصلابة كصدف الجبل أي جانبه، أو الصدف الذى يخرج من البحر، قال: (فمن

أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها - سنجزي الذين يصدفون - الاية إلى - بما كانوا يصدفون).
صدق: الصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا وعدا كان أو غيره، ولا يكونان بالقصد الاول إلا في القول، ولا يكونان في القول إلا في الخبر دون غيره من أصناف الكلام، ولذلك قال: (ومن أصدق من الله قيلا - ومن أصدق من الله حديثا - إنه كان صادق الوعد) وقد يكونان بالعرض في غيره من أنواع الكلام كالاستفهام والامر والدعاء، وذلك نحو قول القائل أزيد في الدار ؟ فإن في ضمنه إخبارا بكونه جاهلا بحال زيد، وكذا إذا قال واسنى في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة، وإذا قال لا تؤذ ففى ضمنه أنه يؤذيه والصدق مطابقة القول الضمير والمخبر عنه معا ومتى انحزم شرط من ذلك لم يكن صدقا تاما بل إما أن لا يوصف بالصدق وإما أن يوصف تارة بالصدق وتارة بالكذب على نظرين مختلفين كقول كافر إذا قال من غير اعتقاد: محمد رسول الله، فإن هذا يصح أن يقال
صدق لكون المخبر عنه كذلك، ويصح أن يقال كذب لمخالفة قوله ضميره، وبالوجه الثاني إكذاب الله تعالى المنافقين حيث قالوا: (نشهد إنك لرسول الله) الاية، والصديق من كثر منه الصدق، وقيل بل يقال لمن لا يكذب قط، وقيل بل لمن لا يتأتى منه الكذب لتعوده الصدق، وقيل بل لمن صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله، قال: (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا) وقال (وأمه صديقة) وقال (من النبيين والصديقين والشهداء) فالصديقون هم قوم دوين الانبياء في الفضيلة على ما بينت في الذريعة إلى مكارم الشريعة.
وقد يستعمل الصدق والكذب في كل ما يحق ويحصل في الاعتقاد نحو صدق ظنى وكذب، ويستعملان في أفعال الجوارح، فيقال صدق في القتال إذا وفى حقه وفعل ما يجب وكما يجب، وكذب في القتال إذا كان بخلاف ذلك، قال: (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) أي حققوا العهد بما أظهروه من أفعالهم، وقوله: (ليسأل الصادقين عن صدقهم) أي يسئل من صدق بلسانه عن صدق فعله تنبيها أنه لا يكفى الاعتراف
بالحق دون تحريه بالفعل، وقوله تعالى (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق) فهذا صدق بالفعل وهو التحقق أي حقق رؤيته، وعلى ذلك قوله: (والذى جاء بالصدق وصدق به) أي حقق ما أورده قولا بما تحراه فعلا ويعبر عن كل فعل فاضل ظاهرا وباطنا بالصدق فيضاف إليه ذلك الفعل الذى يوصف به نحو قوله: (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) وعلى هذا (أن لهم قدم صدق عند ربهم)

وقوله (أدخلني مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق - واجعل لى لسان صدق في الاخرين) فإن ذلك سؤال أن يجعله الله تعالى صالحا بحيث إذا أثنى عليه من بعده لم يكن ذلك الثناء كذبا بل يكون كما قال الشاعر: إذا نحن أثنينا عليك بصالح * فأنت الذى نثنى وفوق الذى نثنى وصدق قد يتعدى إلى مفعولين نحو (ولقد صدقكم الله وعده) وصدقت فلانا نسبته إلى الصدق وأصدقته وجدته صادقا، وقيل هما واحد ويقالان فيهما جميعا قال (ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم - وقفينا
على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه) ويستعمل التصديق في كل ما فيه تحقيق، يقال صدقنى فعله وكتابه، قال (ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم - نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه - وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا) أي مصدق ما تقدم وقوله: لسانا منتصب على الحال وفى المثل: صدقنى سن بكره.
والصداقة صدق الاعتقاد في المودة وذلك مختص بالانسان دون غيره قال (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) وذلك إشارة إلى نحو قوله (الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)، والصدقة ما يخرجه الانسان من ماله على وجه القربة كالزكاة لكن الصدقة في الاصل تقال للمتطوع به والزكاة للواجب، وقد يسمى الواجب صدقة إذا تحرى صاحبها الصدق في فعله قال (خذ من أموالهم صدقة) وقال (إنما الصدقات للفقراء) يقال صدق وتصدق قال (فلا صدق ولا صلى - إن الله يجزى المتصدقين - إن المصدقين والمصدقات) في آى كثيرة.
ويقال لما تجافى عنه الانسان من حقه تصدق به نحو قوله (والجروح قصاص
فمن تصدق به فهو كفارة له) أي من تجافى عنه، وقوله (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة - وأن تصدقوا خير لكم) فإنه أجرى ما يسامح به المعسر مجرى الصدقة.
وعلى هذا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم " ما تأكله العافية فهو صدقة " وعلى هذا قوله (فدية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا) فسمى إعفاءه صدقة، وقوله (فقدموا بين يدى نجواكم صدقة - أأشفقتم أن تقدموا بين يدى نجواكم صدقات) فإنهم كانوا قد أمروا بأن يتصدق من يناجى الرسول بصدقة ما غير مقدرة.
وقوله (رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين) فمن الصدق أو من الصدقة.
وصداق المرأة وصداقها وصدقتها ماتعطى من مهرها، وقد أصدقتها، قال (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) صدى: الصدى صوت يرجع إليك من كل مكان صقيل، والتصدية كل صوت

يجرى مجرى الصدى في أن لا غناء فيه، وقوله (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) أي غناء ما يوردونه غناء الصدى،
ومكاء الطير.
والتصدي أن يقابل الشئ مقابلة الصدى أي الصوت الراجع من الجبل، قال (أما من استغنى فأنت له تصدى) والصدى يقال لذكر البوم والدماغ لكون الدماغ متصورا بصورة الصدى ولهذا يسمى هامة وقولهم أصم الله صداه فدعاء عليه بالخرس، والمعنى لا جعل الله له صوتا حتى لا يكون له صدى يرجع إليه بصوته، وقد يقال للعطش صدى يقال رجل صديان وامرأة صدياء وصادية.
صر: الاصرار التعقد في الذنب والتشدد فيه والامتناع من الاقلاع عنه وأصله من الصر أي الشد، والصرة ما تعقد فيه الدراهم، والصرار خرقة تشد على أطباء الناقة لئلا ترضع، قال: (ولم يصروا على ما فعلوا - ثم يصر مستكبرا - وأصروا واستكبروا استكبارا - وكانوا يصرون على الحنث العظيم) والاصرار كل عزم شددت عليه، يقال هذا منى صرى وأصرى وصرى وأصرى وصرى وصرى أي جد وعزيمة، والصرورة من الرجال والنساء الذى لم يحج، والذى لا يريد التزوج، وقوله: (ريحا صرصرا) لفظه من الصر، وذلك يرجع إلى الشد لما في البرودة
من التعقد، والصرة الجماعة المنضم بعضهم إلى بعض كأنهم صروا أي جمعوا في وعاء، قال: (فأقبلت امرأته في صرة) وقيل: الصرة الصيحة.
صرح: الصرح بيت عال مزوق سمى بذلك اعتبارا بكونه صرحا عن الشوب أي خالصا، قال (صرح ممرد من قوارير - قيل لها ادخلي الصرح) ولبن صريح بين الصراحة والصروحة وصريح الحق خلص عن محضه، وصرح فلان بما في نفسه، وقيل عاد تعريضك تصريحا وجاء صراحا جهارا.
صرف: الصرف رد الشئ من حالة إلى حالة أو إبداله بغيره، يقال صرفته فانصرف قال: (ثم صرفكم عنهم - ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم) وقوله: (ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم) فيجوز أن يكون دعاء عليهم، وأن يكون ذلك إشارة إلى ما فعله بهم وقوله: (فما تستطيعون صرفا ولا نصرا) أي لا يقدرون أن يصرفوا عن أنفسهم العذاب، أو أن يصرفوا أنفسهم عن النار.
وقيل أن يصرفوا الامر من حالة إلى حالة في التغيير، ومنه قول العرب: لا يقبل منه صرف ولا عدل،
وقوله: (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) أي أقبلنا بهم إليك وإلى الاستماع منك، والتصريف كالصرف إلا في التكثير وأكثر ما يقال في صرف الشئ من حالة إلى حالة.
ومن أمر إلى امر.
وتصريف الرياح هو صرفها

من حال إلى حال، قال: (وصرفنا الآيات - وصرفنا فيه من الوعيد) ومنه تصريف الكلام وتصريف الدراهم وتصريف الناب، يقال لنا به صريف، والصريف اللبن إذا سكنت رغوته كأنه صرف عن الرغوة أو صرفت عنه الرغوة، ورجل صيرف وصيرفى وصراف وعنز صارف كأنها تصرف الفحل إلى نفسها.
والصرف صبغ أحمر خالص، وقيل لكل خالص عن غيره صرف كأنه صرف عنه ما يشوبه.
والصرفان الرصاص كأنه صرف عن أن يبلغ منزلة الفضة.
صرم: الصرم القطيعة، والصريمة إحكام الامر وإبرامه، والصريم قطعة منصرمة عن الرمل، قال: (فأصبحت كالصريم) قيل أصبحت كالاشجار الصريمة أي المصروم حملها، وقيل كالليل لان الليل يقال له الصريم أي
صارت سوداء كالليل لاحتراقها، قال: (إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين) أي يجتنونها ويتناولونها (فتنادوا مصبحين - أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين) والصارم الماضي وناقة مصرومة كأنها قطع ثديها فلا يخرج لبنها حتى يقوى.
وتصرمت السنة، وانصرم الشئ انقطع وأصرم ساءت حاله.
صرط: الصراط الطريق المستقيم، قال: (وأن هذا صراطي مستقيما) ويقال له سراط وقد تقدم.
صطر: صطر وسطر واحد، قال: (أم هم المسيطرون) وهو مفعيل من السطر، والتسطير أي الكتابة أي هم الذين تولوا كتابة ما قدر لهم قبل أن خلق إشارة إلى قوله: (إن ذلك في كتاب - إن ذلك على الله يسير) وقوله: (في إمام مبين) وقوله (لست عليهم بمسيطر) أي متول أن تكتب عليهم وتثبت ما يتولونه، وسيطرت وبيطرت لا ثالث لهما في الابنية، وقد تقدم ذلك في السين.
صرع: الصرع الطرح، يقال صرعته صرعا والصرعة حالة المصروع والصراعة حرفة المصارع، ورجل صريع أي مصروع
وقوم صرعى قال: (فترى القوم فيها صرعى) وهما صرعان كقولهم قرنان.
والمصراعان من الابواب وبه شبه المصراعان في الشعر.
صعد: الصعود الذهاب في المكان العالي، والصعود والحدور لمكان الصعود والانحدار وهما بالذات واحد وإنما يختلفان بحسب الاعتبار بمن يمر فيهما، فمتى كان المار صاعدا يقال لمكانه صعود، وإذا كان منحدرا يقال لمكانه حدور، والصعد والصعيد والصعود في الاصل واحد لكن الصعود والصعد يقال للعقبة ويستعار لكل شاق، قال: (ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا) أي شاقا وقال (سأرهقه صعودا) أي عقبة شاقة، والصعيد يقال لوجه الارض قال: (فتيمموا صعيدا طيبا) وقال

بعضهم الصعيد يقال للغبار الذى يصعد من الصعود، ولهذا لا بد للمتيمم أن يعلق بيده غبار، وقوله: (كأنما يصعد في السماء) أي يتصعد.
وأما الاصعاد فقد قيل هو الابعاد في الارض سواء كان ذلك في صعود أو حدور وأصله من الصعود وهو الذهاب إلى الامكنة المرتفعة كالخروج من البصرة إلى نجد وإلى
الحجاز، ثم استعمل في الابعاد وإن لم يكن فيه اعتبار الصعود كقولهم تعال فإنه في الاصل دعاء إلى العلو صار أمرا بالمجئ سواء كان إلى أعلى أو إلى أسفل، قال: (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد) وقيل لم يقصد بقوله (إذ تصعدون) إلى الابعاد في الارض وإنما أشار به إلى علوهم فيما تحروه وأتوه كقولك أبعدت في كذا وارتقيت فيه كل مرتقى، وكأنه قال إذ بعدتم في استشعار الخوف والاستمرار على الهزيمة.
واستعير الصعود لما يصل من العبد إلى الله كما استعير لنزول لما يصل من الله إلى العبد فقال سبحانه: (إليه يصعد الكلم الطيب) وقوله: (يسلكه عذابا صعدا) أي شاقا، يقال تصعدني كذا أي شق على، قال عمر: ما تصعدني أمر ما تصعدني خطبة النكاح.
صعر: الصعر ميل في العنق والتصعير إمالته عن النظر كبرا، قال: (ولا تصعر خدك للناس) وكل صعب يقال له مصعر والظليم أصعر خلقة.
صعق: الصاعقة والصاقعة يتقاربان وهما الهدة الكبيرة، إلا أن الصقع يقال في الاجسام
الارضية، والصعق في الاجسام العلوية.
قال بعض أهل اللغة: الصاعقة على ثلاثة أوجه: الموت كقوله: (فصعق من في السموات ومن في الارض) وقوله: (فأخذتهم الصاعقة) والعذاب كقوله: (أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) والنار كقوله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) وما ذكره فهو أشياء حاصلة من الصاعقة فإن الصاعقة هي الصوت الشديد من الجو، ثم يكون منه نار فقط أو عذاب أو موت، وهى في ذاتها شئ واحد وهذه الاشياء تأثيرات منها.
صغر: الصغر والكبر من الاسماء المتضادة التى تقال عند اعتبار بعضها ببعض، فالشئ قد يكون صغيرا في جنب الشئ وكبيرا في جنب آخر.
وقد تقال تارة باعتبار الزمان فيقال فلان صغير وفلان كبير إذا كان ما له من السنين أقل مما للاخر، وتارة تقال باعتبار الجثة، وتارة باعتبار القدر والمنزلة، وقوله: (وكل صغير وكبير مستطر) وقوله: (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) وقوله: (ولا أصغر من ذلك ولا أكبر) كل ذلك بالقدر والمنزلة من الخير والشر باعتبار بعضها ببعض، يقال

صغر صغرا في ضد الكبير، وصغر صغرا وصغارا في الذلة، والصاغر الراضي بالمنزلة الدنية: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) صغا: الصغو الميل، يقال صغت النجوم والشمس صغوا مالت للغروب، وصغيت الاناء وأصغيته وأصغيت إلى فلان ملت بسمعي نحوه قال: (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالاخرة) وحكى صغوت إليه أصغو وأصغى صغوا وصغيا، وقيل صغيت أصغى وأصغيت أصغى.
وصاغية الرجل الذين يميلون إليه وفلان مصغى إناؤه أي منقوص حظه وقد يكنى به عن الهلاك.
وعينه صغواء إلى كذا والصغى ميل في الحنك والعين.
صف: الصف أن تجعل الشئ على خط مستو كالناس والاشجار ونحو ذلك وقد يجعل فيما قاله أبو عبيدة بمعنى الصاف، قال تعالى: (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا - ثم ائتوا صفا) يحتمل أن يكون مصدرا وأن يكون بمعنى الصافين: (وإنا لنحن الصافون - والصافات صفا) يعنى به الملائكة (وجاء ربك والملك صفا صفا - والطير صافات -
فاذكروا اسم الله عليها صواف) أي مصطفة، وصففت كذا جعلته على صف، قال: (على سرر مصفوفة) وصففت اللحم قددته وألقيته صفا صفا، والصفيف اللحم المصفوف، والصفصف المستوى من الارض كأنه على صف واحد، قال: (فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) والصفة من البنيان وصفة السرج تشبيها بها في الهيئة، والصفوف ناقة تصف بين محلبين فصاعدا لغزارتها والتى تصف رجليها، والصفصاف شجر الخلاف.
صفح: صفح الشئ عرضه وجانبه كصفحة الوجه وصفحة السيف وصفحة الحجر.
والصفح ترك التثريب وهو أبلغ من العفو ولذلك قال: (فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره) وقد يعفو الانسان ولا يصفح قال: (فاصفح عنهم وقل سلام - فاصفح الصفح الجميل - أفنضرب عنكم الذكر صفحا) وصفحت عنه أوليته منى صفحة جميلة معرضا عن ذنبه، أو لقيت صفحته متجافيا عنه أو تجاوزت الصفحة التى أثبت فيها ذنبه من الكتاب إلى غيرها من قولك تصفحت الكتاب، وقوله: (إن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل) فأمر له عليه السلام أن يخفف كفر من كفر كما قال: (ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما
يمكرون) والمصافحة الافضاء بصفحة اليد.
صفد: الصفد والصفاد الغل وجمعه أصفاد والاصفاد الاغلال، قال تعالى: (مقرنين في الاصفاد) والصفد العطية اعتبارا بما قيل أنا مغلول أياديك وأسير نعمتك ونحو ذلك من الالفاظ الواردة عنهم في ذلك.
صفر: الصفرة لون من الالوان التى بين

السواد والبياض وهى إلى السواد أقرب ولذلك قد يعبر بها عن السواد، قال الحسن في قوله: (بقرة صفراء فاقع لونها) أي سوداء وقال بعضهم لا يقال في السواد فاقع وإنما يقال فيها حالكة، قال: (ثم يهيج فتراه مصفرا - كأنه جمالات صفر) قيل هي جمع أصفر وقيل بل أراد به الصفر المخرج من المعادن، ومنه قيل للنحاس صفر وليبيس البهمى صفار، وقد يقال الصفير للصوت حكاية لما يسمع ومن هذا صفر الاناء إذا خلا حتى يسمع منه صفير لخلوه ثم صار متعارفا في كل حال من الآنية وغيرها.
وسمى خلو الجوف والعروق من الغذاء صفرا، ولما كانت تلك العروق الممتدة من الكبد إلى المعدة إذا لم تجد غذاء امتصت أجزاء المعدة
اعتقدت جهلة العرب أن ذلك حية في البطن تعض بعض الشراسف حتى نفى النبي صلى الله عليه وسلم فقال " لاصفر " أي ليس في البطن ما يعتقدون أنه فيه من الحية وعلى هذا قول الشاعر: * ولا يعض على شرسوفه الصفر * والشهر يسمى صفرا لخلو بيوتهم فيه من الزاد، والصفرى من النتاج، ما يكون في ذلك الوقت.
صفن: الصفن الجمع بين الشيئين ضاما بعضهما إلى بعض، يقال صفن الفرس قوائمه قال (الصافنات الجياد) وقرئ (فاذكروا اسم الله عليها صوافن) والصافن عرق في باطن الصلب يجمع نياط القلب.
والصفن وعاء يجمع الخصية والصفن دلو مجموع بحلقة.
صفو: أصل الصفاء خلوص الشئ من الشوب ومنه الصفا للحجارة الصافية قال: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) وذلك اسم لموضع مخصوص، والاصطفاء تناول صفو الشئ كما أن الاختيار تناول خيره والاجتباء تناول جبايته.
واصطفاء الله بعض عباده قد يكون بإيجاده تعالى إياه صافيا عن الشوب الموجود
في غيره وقد يكون باختياره وبحكمه وإن لم يتعر ذلك من الاول، قال تعالى: (الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس - إن الله اصطفى آدم ونوحا - اصطفاك وطهرك واصطفاك - اصطفيتك على الناس - وإنهم عندنا لمن المصطفين الاخيار) واصطفيت كذا على كذا أي اخترت (أصطفى البنات على البنين - وسلام على عباده الذين اصطفى ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) والصفى والصفية ما يصطفيه الرئيس لنفسه، قال الشاعر: * لك المرباع منها والصفايا * وقد يقالان للناقة الكثيرة اللبن والنخلة الكثيرة الحمل، وأصفت الدجاجة إذا انقطع بيضها كأنها صفت منه، وأصفى الشاعر إذا انقطع شعره تشبيها بذلك من قولهم أصفى

الحافر إذا بلغ صفا أي صخرا منعه من الحفر كقولهم أكدى وأحجر، والصفوان كالصفا الواحدة صفوانة، قال (صفوان عليه تراب) ويقال يوم صفوان صافى الشمس، شديد البرد.
صلل: أصل الصلصال تردد الصوت من الشئ اليابس ومنه قيل صل المسمار، وسمى الطين الجاف صلصالا، قال (من صلصال كالفخار - من صلصال من حمإ مسنون) والصلصلة بقية ماء سميت بذلك لحكاية صوت تحركه في المزادة، وقيل الصلصال المنتن من الطين من قولهم صل اللحم، قال وكان أصله صلال فقلبت إحدى اللامين وقرئ (أئذا صللنا) أي أنتنا وتغيرنا من قولهم صل اللحم وأصل.
صلب: الصلب الشديد وباعتبار الصلابة والشدة سمى الظهر صلبا، قال (يخرج من بين الصلب والترائب) وقوله: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) تنبيه أن الولد جزء من الاب، وعلى نحوه نبه قول الشاعر: وإنما أولادنا بيننا * أكبادنا تمشى على الارض وقال الشاعر: * في صلب مثل العنان المؤدم * والصلب والاصطلاب استخراج الودك من العظم، والصلب الذى هو تعليق الانسان
للقتل، قيل هو شد صلبه على خشب، وقيل إنما هو من صلب الودك، قال (وما قتلوه وما صلبوه - ولاصلبنكم أجمعين - ولاصلبنكم في جذوع النخل - أن يقتلوا أو يصلبوا) والصليب أصله الخشب الذى يصلب عليه، والصليب الذى يتقرب به النصارى هو لكونه على هيئة الخشب الذى زعموا أنه صلب عليه عيسى عليه السلام، وثوب مصلب أي عليه آثار الصليب، والصالب من الحمى ما يكسر الصلب أو ما يخرج الودك بالعرق، وصلبت السنان حددته، والصلبية حجارة المسن.
صلح: الصلاح ضد الفساد وهما مختصان في أكثر الاستعمال بالافعال وقوبل في القرآن تارة بالفساد وتارة بالسيئة، قال (خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا - ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها - والذين آمنوا وعملوا الصالحات) في مواضع كثيرة.
والصلح يختص بإزالة النفار بين الناس يقال منه اصطلحوا وتصالحوا، قال (أن يصلحا بينهما صلحا - والصلح خير - وإن تصلحوا وتتقوا - فأصلحوا بينهما - فأصلحوا بين أخويكم) وإصلاح الله تعالى الانسان يكون تارة بخلقه إياه صالحا وتارة
بإزالة ما فيه من فساد بعد وجوده، وتارة يكون بالحكم له بالصلاح، قال (وأصلح بالهم - يصلح لكم أعمالكم - وأصلح لى

في ذريتي - إن الله لا يصلح عمل المفسدين) أي المفسد يضاد الله في فعله فإنه يفسد والله تعالى يتحرى في جميع أفعاله الصلاح فهو إذا لا يصلح عمله، وصالح اسم للنبى عليه السلام قال: (يا صالح قد كنت فينا مرجوا).
صلد: قال تعالى: (فتركه صلدا) أي حجرا صلبا وهو لا ينبت ومنه قيل رأس صلد لا ينبت شعرا وناقة صلود ومصلاد قليلة اللبن وفرس صلود لا يعرق، وصلد الزند لا يخرج ناره.
صلا: أصل الصلى لإيقاد النار، ويقال صلى بالنار وبكذا أي بلى بها واصطلى بها وصليت الشاة، شويتها وهى مصلية، قال: (اصلوها اليوم) وقال: (يصلى النار الكبرى - يصلى نارا حامية - ويصلى سعيرا - وسيصلون سعيرا) قرئ سيصلون بضم الياء وفتحها (حسبهم جهنم يصلونها - سأصليه
سقر - وتصلية جحيم) وقوله (لا يصلاها إلا الاشقى الذى كذب وتولى) فقد قيل معناه لا يصطلى بها إلا الاشقى الذى، قال الخليل: صلى الكافر النار قاسى حرها (يصلونها فبئس المصير) وقيل صلى النار دخل فيها وأصلاها غيره قال (فسوف نصليه نارا - ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا) قيل جمع صال، والصلاء يقال للوقود وللشواء.
والصلاة، قال كثير من أهل اللغة: هي الدعاء والتبريك والتمجيد، يقال صليت عليه أي دعوت له وزكيت، وقال عليه السلام: " إذا دعى أحدكم إلى طعام فليجب، وإن كان صائما فليصل " أي ليدع لاهله (وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم - يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه) وصلوات الرسول وصلاة الله للمسلمين هو في التحقيق تزكيته إياهم.
وقال (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة) ومن الملائكة هي الدعاء والاستغفار كما هي من الناس، قال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي) والصلاة التى هي العبادة المخصوصة أصلها الدعاء وسميت هذه العبادة بها كتسمية الشئ باسم بعض ما يتضمنه،
والصلاة من العبادات التى لم تنفك شريعة منها وإن اختلفت صورها بحسب شرع فشرع.
ولذلك قال: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) وقال بعضهم: أصل الصلاة من الصلاء، قال ومعنى صلى الرجل أي أنه أزال عن نفسه بهذه العبادة الصلاء الذى هو نار الله الموقدة.
وبناء صلى كبناء مرض لازالة المرض، ويسمى موضع العبادة الصلاة، ولذلك سميت الكنائس صلوات كقوله (لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد) وكل موضع مدح الله تعالى بفعل الصلاة أو حث عليه ذكر بلفظ الاقامة نحو (والمقيمين الصلاة - وأقيموا الصلاة -

وأقاموا الصلاة) ولم يقل المصلين إلا في المنافقين نحو قوله: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون - ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى) وإنما خص لفظ الاقامة تنبيها أن المقصود من فعلها توفية حقوقها وشرائطها، لا الاتيان بهيئتها فقط، ولهذا روى أن المصلين كثير والمقيمين لها قليل وقوله (لم نك من المصلين) أي من أتباع النبيين، وقوله (فلا صدق ولا صلى) تنبيها أنه لم يكن ممن يصلى
أي يأتي بهيئتها فضلا عمن يقيمها.
وقوله: (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) فتسمية صلاتهم مكاء وتصدية تنبيه على إبطال صلاتهم وأن فعلهم ذلك لا اعتداد به بل هم في ذلك كطيور تمكو وتصدى: وفائدة تكرار الصلاة في قوله: (قد أفلح المؤمنون.
الذين هم في صلاتهم خاشعون) إلى آخر القصة حيث قال: (والذين هم على صلاتهم يحافظون) فإنا نذكره فيما بعد هذا الكتاب إن شاء الله.
صمم: الصمم فقدان حاسة السمع، وبه يوصف من لا يصغى إلى الحق ولا يقبله، قال: (صم بكم عمى) وقال (صما وعميانا - والاصم والبصير والسميع هل يستويان ؟) وقال: (وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا) وشبه ما لا صوت له به، ولذلك قيل صمت حصاة بدم، أي كثر الدم حتى لو ألقى فيه حصاة لم تسمع لها حركة، وضربة صماء.
ومنه الصمة للشجاع الذى يصم بالضربة، وصممت القارورة شددت فاها تشبيها بالاصم الذى شد أذنه، وصمم في الامر مضى فيه غير مصغ إلى من يردعه كأنه أصم،
والصمان أرض غليظة، واشتمال الصماء ما لا يبدو منه شئ.
صمد: الصمد السيد الذى يصمد إليه في الامر، وصمد صمده قصد معتمدا عليه قصده، وقيل الصمد الذى ليس بأجوف، والذى ليس بأجوف شيئان: أحدهما لكونه أدون من الانسان كالجمادات، والثانى أعلى منه وهو الباري والملائكة، والقصد بقوله: (الله الصمد) تنبيها أنه بخلاف من أثبتوا له الالهية، وإلى نحو هذا أشار بقوله: (وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام).
صمع: الصومعة كل بناء متصمع الرأس أي متلاصقه، جمعها صوامع.
قال: (لهدمت صوامع وبيع) والاصمع اللاصق أذنه برأسه، وقلب أصمع جرئ كأنه بخلاف من قال الله فيه: (وأفئدتهم هواء) والصمعاء البهمى قبل أن تتفقأ، وكلاب صمع الكعوب ليسوا بأجوفها.
صنع: الصنع إجادة الفعل، فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا، ولا ينسب إلى الحيوانات والجمادات كما ينسب إليها الفعل، قال:

(صنع الله الذى أتقن كل شئ - ويصنع الفلك - واصنع الفلك - أنهم يحسنون صنعا - صنعة لبوس لكم - تتخذون مصانع - ما كانوا يصنعون - حبط ما صنعوا فيها - تلقف ما صنعوا إنما صنعوا - والله يعلم ما تصنعون) وللاجادة يقال للحاذق المجيد صنع وللحاذقة المجيدة صناع، والصنيعة ما اصطنعته من خير، وفرس صنيع أحسن القيام عليه.
وعبر عن الامكنة الشريفة بالمصانع، قال: (وتتخذون مصانع) وكنى بالرشوة عن المصانعة والاصطناع المبالغة في إصلاح الشئ وقوله (واصطنعتك لنفسي - ولتصنع على عينى) إشارة إلى نحو ما قال بعض الحكماء: " إن الله تعالى إذا أحب عبدا تفقده كما يتفقد الصديق صديقه ".
صنم: الصنم جثة متخذة من فضة أو نحاس أو خشب كانوا يعبدونها متقربين به إلى الله تعالى، وجمعه أصنام.
قال الله تعالى: (أتتخذ أصناما آلهة - لأكيدن أصنامكم) قال بعض الحكماء: كل ما عبد من دون الله بل كل ما يشغل عن الله تعالى يقال له صنم، وعلى
هذا الوجه قال إبراهيم صلوات الله عليه: (اجنبني وبنى أن نعبد الاصنام) فمعلوم أن إبراهيم مع تحققه بمعرفة الله تعالى واطلاعه على حكمته لم يكن ممن يخاف أن يعود إلى عبادة تلك الجثث التى كانوا يعبدونها فكأنه قال اجنبني عن الاشتغال بما يصرفني عنك.
صنو: الصنو الغصن الخارج عن أصل الشجرة، يقال هما صنوا نخلة وفلان صنو أبيه، والتثنية صنوان وجمعه صنوان قال: (صنوان وغير صنوان).
صهر: الصهر الختن وأهل بيت المرأة يقال لهم الاصهار كذا قال الخليل.
قال ابن الاعرابي: الاصهار التحرم بجوار أو نسب أو تزوج، يقال رجل مصهر إذا كان له تحرم من ذلك، قال: (فجعله نسبا وصهرا) والصهر إذابة الشحم قال: (يصهر به ما في بطونهم) والصهارة ما ذاب منه وقال أعرابي: لأصهرنك بيمينى مرة، أي لأذيبنك.
صوب: الصواب يقال على وجهين، أحدهما: باعتبار الشئ في نفسه فيقال هذا صواب إذا كان في نفسه محمودا ومرضيا
بحسب مقتضى العقل والشرع نحو قولك: تحرى العدل صواب والكرم صواب.
والثانى: يقال باعتبار القاصد إذا أدرك المقصود بحسب ما يقصده فيقال أصاب كذا أي وجد ما طلب كقولك أصابه السهم وذلك على أضرب، الاول: أن يقصد ما يحسن قصده فيفعله وذلك هو الصواب التام المحمود به الانسان.
والثانى أن يقصد ما يحسن فعله فيتأتى منه غيره لتقديره

بعد اجتهاده أنه صواب وذلك هو المراد بقوله عليه السلام: " كل مجتهد مصيب " وروى " المجتهد مصيب وإن أخطأ فهذا له أجر " كما روى " من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر " والثالث: أن يقصد صوابا فيتأتى منه خطأ لعارض من خارج نحو من يقصد رمى صيد فأصاب إنسانا فهذا معذور.
والرابع: أن يقصد ما يقبح فعله ولكن يقع منه خلاف ما يقصده فيقال أخطأ في قصده وأصاب الذى قصده أي وجده، والصوب الاصابة يقال صابه وأصابه، وجعل الصوب لنزول المطر إذا كان بقدر ما ينقع وإلى هذا القدر من المطر أشار بقوله: (أنزل من السماء
ماء بقدر) قال الشاعر: فسقى ديارك غير مفسدها * صوب الربيع وديمة تهمى والصيب السحاب المختص بالصوب وهو فيعل من صاب يصوب قال الشاعر: * فكأنما صابت عليه سحابة * وقوله: (أو كصيب) قيل هو السحاب وقيل هو المطر وتسميته به كتسميته بالسحاب، وأصاب السهم إذا وصل إلى المرمى بالصواب، والمصيبة أصلها في الرمية ثم اختصت بالنائبة نحو: (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها - فكيف إذا أصابتهم مصيبة - وما أصابكم يوم التقى الجمعان - وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) وأصاب جاء في الخير والشر قال: (إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة - ولئن أصابكم فضل من الله - يصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء - فإذا أصاب به من يشاء من عباده) قال بعضهم: الاصابة في الخير اعتبارا بالصوب أي بالمطر، وفى الشر اعتبارا بإصابة السهم، وكلاهما يرجعان إلى أصل.
صوت: الصوت هو الهواء المنضغط عن قرع جسمين وذلك ضربان: صوت مجرد عن
تنفس بشئ كالصوت الممتد، وتنفس بصوت ما والمتنفس ضربان: غير اختياري كما يكون من الجمادات ومن الحيوانات، واختياري كما يكون من الانسان وذلك ضربان: ضرب باليد كصوت العود وما يجرى مجراه، وضرب بالفم.
والذى بالفم ضربان: نطق وغير نطق، وغير النطق كصوت الناى، والنطق منه إما مفرد من الكلام وإما مركب كأحد الانواع من الكلام، قال: (وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا) وقال: (إن أنكر الاصوات لصوت الحمير - لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) وتخصيص الصوت بالنهي لكونه أعم من النطق والكلام، ويجوز أنه خصه لان المكروه رفع الصوت فوقه لا رفع الكلام، ورجل صيت شديد الصوت وصائت صائح، والصيت خص بالذكر

الحسن وإن كان في الاصل انتشار الصوت والانصات هو الاستماع إليه مع ترك الكلام قال (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) وقال بعضهم: يقال للاجابة إنصات وليس ذلك بشئ فإن الاجابة تكون بعد الانصات
وإن استعمل فيه فذلك حث على الاستماع لتمكن الاجابة.
صاح: الصيحة رفع الصوت قال (إن كانت إلا صيحة واحدة - يوم يسمعون الصيحة بالحق) أي النفخ في الصور وأصله تشقيق الصوت من قولهم انصاح الخشب أو الثوب إذا انشق فسمع منه صوت وصيح الثوب كذلك، ويقال بأرض فلان شجر قد صاح إذا طال فتبين للناظر لطوله ودل على نفسه دلالة الصائح على نفسه بصوته، ولما كانت الصيحة قد تفزع عبر بها عن الفزع في قوله (فأخذتهم الصيحة مشرقين) والصائحة صيحة المناحة ويقال ما ينتظر إلا مثل صيحة الحبلى أي شرا يعاجلهم، والصيحانى ضرب من التمر.
صيد: الصيد مصدر صاد وهو تناول ما يظفر به مما كان ممتنعا، وفى الشرع تناول الحيوانات الممتنعة ما لم يكن مملوكا والمتناول منه ما كان حلالا وقد يسمى المصيد صيدا بقوله (أحل لكم صيد البحر) أي اصطياد ما في البحر، وأما قوله (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) وقوله (وإذا حللتم فاصطادوا)
وقوله (غير محلى الصيد وأنتم حرم) فإن الصيد في هذه المواضع مختص بما يؤكل لحمه فيما قال الفقهاء بدلالة ماروى " خمسة يقتلهن المحرم في الحل والحرم: الحية والعقرب والفأرة والذئب والكلب العقور " والاصيد من في عنقه ميل، وجعل مثلا للمتكبر.
والصيدان برام الاحجار، قال: * وسود من الصيدان فيها مذانب * وقيل له صاد، قال: * رأيت قدور الصاد حول بيوتنا * وقيل في قوله تعالى: (ص والقرآن) هو الحروف وقيل تلقه بالقبول من صاديت كذا والله أعلم.
صور: الصورة ما ينتقش به الاعيان ويتميز بها غيرها وذلك ضربان، أحدهما محسوس يدركه الخاصة والعامة بل يدركه الانسان وكثير من الحيوان كصورة الانسان والفرس والحمار بالمعاينة، والثانى معقول يدركه الخاصة دون العامة كالصورة التى اختص الانسان بها من العقل والروية والمعاني التى خص بها شئ بشئ، وإلى الصورتين أشار بقوله تعالى: (ثم صورناكم - وصوركم فأحسن صوركم) وقال (في أي صورة ما شاء
ركبك - يصوركم في الارحام) وقال عليه السلام: " إن الله خلق آدم على صورته " فالصورة أراد بها ما خص الانسان بها من الهيئة

المدركة بالبصر والبصيرة وبها فضله على كثير من خلقه، وإضافته إلى الله سبحانه على سبيل الملك لا على سبيل البعضية والتشبيه، تعالى عن ذلك، وذلك على سبيل التشريف له كقوله: بيت الله وناقة الله ونحو ذلك (ونفخت فيه من روحي - ويوم ينفخ في الصور) فقد قيل هو مثل قرن ينفخ فيه فيجعل الله سبحانه ذلك سببا لعود الصور والارواح إلى أجسامها وروى في الخبر " أن الصور فيه صورة الناس كلهم " وقوله تعالى (فخذ أربعة من الطير فصرهن) أي أملهن من الصور أي الميل، وقيل قطعهن صورة صورة، وقرئ صرهن وقيل ذلك لغتان يقال صرته وصرته، وقال بعضهم صرهن أي صح بهن، وذكر الخليل أنه يقال عصفور صوار وهو المجيب إذا دعى وذكر أبو بكر النقاش أنه قرئ (فصرهن) بضم الصاد وتشديد الراء وفتحها من الصر أي الشد، وقرئ (فصرهن) من الصرير
أي الصوت ومعناه صح بهن.
والصوار القطيع من الغنم اعتبارا بالقطع نحو الصرمة والقطيع والفرقة وسائر الجماعة المعتبر فيها معنى القطع.
صير: الصير الشق وهو المصدر ومنه قرئ (فصرهن) وصار إلى كذا انتهى إليه ومنه صير الباب لمصيره الذى ينتهى إليه في تنقله وتحركه قال (وإليه المصير) وصار عبارة عن التنقل من حال إلى حال.
صاع: صواع الملك كان إناء يشرب به ويكال به ويقال له الصاع ويذكر ويؤنث قال تعالى: (نفقد صواع الملك) ثم قال (ثم استخرجها) ويعبر عن المكيل باسم ما يكال به في قوله " صاع من بر أو صاع من شعير " وقيل الصاع بطن الارض، قال: * ذكروا بكفى لاعب في صاع * وقيل بل الصاع هنا هو الصاع يلعب به مع كرة.
وتصوع النبت والشعر هاج وتفرق، والكمى يصوع أقرانه أي يفرقهم.
صوغ: قرئ (صوغ الملك) يذهب به إلى أنه كان مصوغا من الذهب.
صوف: قال تعالى: (ومن أصوافها
وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين) وأخذ بصوفة قفاه، أي بشعره النابت، وكبش صاف وأصوف وصائف كثير الصوف.
والصوفة قوم كانوا يخدمون الكعبة، فقيل سموا بذلك لانهم تشبكوا بها كتشبك الصوف بما نبت عليه، والصوفان نبت أزغب.
والصوفى قيل منسوب إلى لبسه الصوف وقيل منسوب إلى الصوفة الذين كانوا يخدمون الكعبة لاشتغالهم بالعبادة، وقيل منسوب إلى الصوفان الذى هو نبت لاقتصادهم واقتصارهم

في الطعم على ما يجرى مجرى الصوفان في قلة الغناء في الغذاء.
صيف: الصيف الفصل المقابل للشتاء، قال (رحلة الشتاء والصيف) وسمى المطر الاتى في الصيف صيفا كما سمى المطر الاتى في الربيع ربيعا.
وصافوا حصلوا في الصيف، وأصافوا دخلوا فيه صوم: الصوم في الاصل الامساك عن الفعل مطعما كان أو كلاما أو مشيا، ولذلك قيل للفرس الممسك عن السير أو العلف صائم قال الشاعر:
* خيل صيام وأخرى غير صائمة * وقيل للريح الراكدة صوم ولاستواء النهار صوم تصورا لوقوف الشمس في كبد السماء، ولذلك قيل قام قائم الظهيرة.
ومصام الفرس ومصامته موقفه.
والصوم في الشرع إمساك المكلف بالنية من الخيط الابيض إلى الخيط الاسود عن تناول الاطيبين والاستمناء والاستقاء وقوله (إنى نذرت للرحمن صوما) فقد قيل عنى به الامساك عن الكلام بدلالة قوله تعالى (فلن أكلم اليوم إنسيا).
صيص: (من صياصيهم) أي حصونهم وكل ما يتحصن به يقال له صيصة وبهذا النظر قيل لقرن البقر صيصة وللشوكة التى يقاتل بها الديك صيصة، والله أعلم.

كتاب الضاد
ضبح: (والعاديات ضبحا) قيل الضبح صوت أنفاس الفرس تشبيها بالضباح وهو صوت الثعلب، وقيل هو حفيف العدو وقد يقال ذلك للعدو، وقيل الضبح كالضبع وهو مد الضبع في العدو، وقيل أصله إحراق العود وشبه عدوه به كتشبيهه بالنار في كثرة حركتها.
ضحك: الضحك انبساط الوجه وتكشر الاسنان من سرور النفس ولظهور الاسنان عنده سميت مقدمات الاسنان الضواحك.
واستعير الضحك للسخرية وقيل ضحكت منه ورجل ضحكة يضحك من الناس وضحكة لمن يضحك منه، قال: (وكنتم منهم تضحكون - إذا هم منا يضحكون - تعجبون وتضحكون) ويستعمل في السرور المجرد نحو (مسفرة ضاحكة - فليضحكوا قليلا - فتبسم ضاحكا) قال الشاعر: يضحك الضبع لقتلى هذيل * وترى الذئب لها تستهل واستعمل للتعجب المجرد تارة ومن هذا المعنى قصد من قال الضحك يختص بالانسان وليس يوجد في غيره من الحيوان، قال: ولهذا المعنى قال (وأنه هو أضحك وأبكى - وامرأته قائمة فضحكت) وضحكها كان للتعجب بدلالة قوله (أتعجبين من أمر الله) ويدل على ذلك أيضا قوله (أألد وأنا عجوز) إلى قوله: (عجيب) وقول من قال حاضت فليس ذلك تفسيرا لقوله (فضحكت) كما تصوره بعض المفسرين فقال ضحكت بمعنى حاضت وإنما ذكر ذلك
تنصيصا لحالها وأن الله تعالى جعل ذلك أمارة لما بشرت به فحاضت في الوقت ليعلم أن حملها ليس بمنكر إذ كانت المرأة مادامت تحيض فإنها تحبل، وقول الشاعر في صفة روضة: * يضاحك الشمس منها كوكب شرق * فإنه شبه تلالؤها بالضحك ولذلك سمى البرق العارض ضاحكا، والحجر يبرق ضاحكا وسمى البلح حين يتفتق ضاحكا، وطريق ضحوك واضح، وضحك الغدير تلالا من امتلائه وقد أضحكته.
ضحى: الضحى انبساط الشمس وامتداد

النهار وسمى الوقت به قال (والشمس وضحاها - إلا عشية أوضحاها - والضحى والليل - وأخرج ضحاها - وأن يحشر الناس ضحى) وضحى يضحى تعرض للشمس.
قال (وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى) أي لك أن تتصون من حر الشمس وتضحى أكل ضحى كقولك تغدى والضحاء والغداء لطعامهما، وضاحية كل شئ ناحيته البارزة، وقيل للسماء الضواحى وليلة إضحيانة وضحياء مضيئة إضاءة الضحى.
والاضحية جمعها أضاحى وقيل ضحية وضحايا وأضحاة وأضحى وتسميتها بذلك في الشرع لقوله عليه السلام: " من ذبح قبل صلاتنا هذه فليعد ".
ضد: قال قوم الضدان الشيئان اللذان تحت جنس واحد، وينافى كل واحد منهما الاخر في أوصافه الخاصة، وبينهما أبعد البعد كالسواد والبياض والشر والخير، وما لم يكونا تحت جنس واحد لا يقال لهما ضدان كالحلاوة والحركة.
قالوا والضد هو أحد المتقابلات فإن المتقابلين هما الشيئان المختلفان للذات وكل واحد قبالة الاخر ولا يجتمعان في شئ واحد في وقت واحد وذلك أربعة أشياء: الضدان كالبياض والسواد، والمتناقضان: كالضعف والنصف، والوجود والعدم كالبصر والعمى والموجبة والسالبة في الاخبار نحو كل إنسان ههنا، وليس كل إنسان ههنا.
وكثير من المتكلمين وأهل اللغة يجعلون كل ذلك من المتضادات ويقول الضدان ما لا يصح اجتماعهما في محل واحد.
وقيل: الله تعالى لا ند له ولا ضد، لان الند هو الاشتراك في الجوهر والضد هو أن يعتقب الشيئان المتنافيان على جنس واحد والله تعالى منزه عن أن يكون جوهرا
فإذا لاضد له ولا ند، وقوله: (ويكونون عليهم ضدا) أي منافين لهم.
ضر: الضر سوء الحال إما في نفسه لقلة العلم والفضل والعفة، وإما في بدنه لعدم جارحة ونقص، وإما في حالة ظاهرة من قلة مال وجاه، وقوله (فكشفنا ما به من ضر) فهو محتمل لثلاثتها، وقوله (وإذا مس الانسان الضر) وقوله (فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه) يقال ضره ضرا جلب إليه ضرا وقوله: (لن يضروكم إلا أذى) ينبههم على قلة ما ينالهم من جهتهم ويؤمنهم من ضرر يلحقهم نحو (لا يضركم كيدهم شيئا - وليس بضارهم شيئا - وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) وقال تعالى: (ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) وقال: (يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه) وقوله (يدعو لمن ضره أقرب من نفعه).
فالاول يعنى به الضر والنفع اللذان بالقصد والارادة تنبيها أنه لا يقصد في ذلك ضرا ولا نفعا لكونه جمادا.
وفى الثاني يريد ما يتولد

من الاستعانة به ومن عبادته، لا ما يكون منه
بقصده، والضراء يقابل بالسراء والنعماء، والضر بالنفع، قال (ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء - ولا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا) ورجل ضرير كناية عن فقد بصره وضرير الوادي شاطئه الذى ضره الماء، والضرر المضار وقد ضاررته، قال (ولا تضاروهن) وقال (ولا يضار كاتب ولا شهيد) يجوز أن يكون مسندا إلى الفاعل كأنه قال لا يضارر، وأن يكون مفعولا أي لا يضارر، بأن يشغل عن صنعته ومعاشه باستدعاء شهادته (لا تضار والدة بولدها) فإذا قرئ بالرفع فلفظه خبر ومعناه أمر، وإذا فتح فأمر، قال (ضرارا لتعتدوا) والضرة أصلها الفعلة التى تضر وسمى المرأتان تحت رجل واحد كل واحدة منهما ضرة لاعتقادهم أنها تضر بالمرأة الاخرى ولاجل هذا النظر منهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفي ما في صحفتها " والضراء التزويج بضرة، ورجل مضر ذو زوجين فصاعدا، وامرأة مضر لها ضرة.
والاضرار حمل الانسان على ما يضره وهو في التعارف حمله على أمر يكرهه وذلك على ضربين:
أحدهما: إضرار بسبب خارج كمن يضرب أو يهدد، حتى يفعل منقادا، ويؤخذ قهرا فيحمل على ذلك كما قال (ثم أضطره إلى عذاب النار - ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ).
والثانى: بسبب داخل وذلك إما بقهر قوة له لا يناله بدفعها هلاك كمن غلب عليه شهوة خمر أو قمار، وإما بقهر قوة يناله بدفعها الهلاك كمن اشتد به الجوع فاضطر إلى أكل ميتة وعلى هذا قوله (فمن اضطر غير باغ ولا عاد - فمن اضطر في مخمصة) وقال (أمن يجيب المضطر إذا دعاه) فهو عام في كل ذلك والضروري يقال على ثلاثة أضرب: أحدها: إما يكون على طريق القهر والقسر لا على الاختيار كالشجر إذا حركته الريح الشديدة.
والثانى: ما لا يحصل وجوده إلا به نحو الغذاء الضرورى للانسان في حفظ البدن.
والثالث: يقال فيما لا يمكن أن يكون على خلافه نحو أن يقال الجسم الواحد لا يصح حصوله في مكانين في حالة واحدة بالضرورة.
وقيل الضرة أصل الانملة وأصل الضرع والشحمة المتدلية من الالية.
ضرب: الضرب إيقاع شئ على شئ، ولتصور اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها كضرب الشئ باليد والعصا والسيف ونحوها قال (فاضربوا فوق الاعناق واضربوا منهم كل بنان - فضرب الرقاب - فقلنا

اضربوه ببعضها - أن اضرب بعصاك الحجر - فراغ عليهم ضربا باليمين - يضربون وجوههم) وضرب الارض بالمطر وضرب الدراهم اعتبارا بضرب المطرقة وقيل له الطبع اعتبارا بتأثير السكة فيه، وبذلك شبه السجية وقيل لها الضريبة والطبيعة.
والضرب في الارض الذهاب فيها هو ضربها بالارجل، قال (وإذا ضربتم في الارض - وقالوا لاخوانهم إذا ضربوا في الارض) وقال (لا يستطيعون ضربا في الارض) ومنه (فاضرب لهم طريقا في البحر) وضرب الفحل الناقة تشبيها بالضرب بالمطرقة كقولك طرقها تشبيها بالطرق بالمطرقة، وضرب الخيمة بضرب أوتادها بالمطرقة وتشبيها بالخيمة، قال: (ضربت عليهم الذلة) أي
التحفتهم الذلة التحاف الخيمة بمن ضربت عليه وعلى هذا: (وضربت عليهم المسكنة) ومنه استعير (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا) وقوله: (فضرب بينهم بسور) وضرب العود والناى والبوق يكون بالانفاس وضرب اللبن بعضه على بعض بالخلط، وضرب المثل هو من ضرب الدراهم وهو ذكر شئ أثره يظهر في غيره، قال: (ضرب الله مثلا - واضرب لهم مثلا - ضرب لكم مثلا من أنفسكم - ولقد ضربنا للناس - ولما ضرب ابن مريم مثلا - ما ضربوه لك إلا جدلا - واضرب لهم مثل الحياة الدنيا - أفنضرب عنكم الذكر صفحا) والمضاربة ضرب من الشركة.
والمضربة ما أكثر ضربه بالخياطة.
والتضريب التحريض كأنه حث على الضرب الذى هو بعد في الارض، والاضطراب كثرة الذهاب في الجهات من الضرب في الارض، واستضراب الناقة: استدعاء ضرب الفحل إياها.
ضرع: الضرع ضرع الناقة والشاة وغيرهما، وأضرعت الشاة نزل اللبن في ضرعها لقرب نتاجها وذلك نحو أتمر وألبن إذا كثر تمره ولبنه
وشاة ضريع عظيمة الضرع، وأما قوله: (ليس لهم طعام إلا من ضريع) فقيل هو يبيس الشبرق، وقيل نبات أحمر منتن الريح يرمى به البحر وكيفما كان فإشارة إلى شئ منكر.
وضرع إليهم تناول ضرع أمه وقيل منه ضرع الرجل ضراعة ضعف وذل فهو ضارع وضرع وتضرع أظهر الضراعة.
قال (تضرعا وخفية - لعلهم يتضرعون - لعلهم يضرعون) أي يتضرعون فأدغم (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا) والمضارعة أصلها التشارك في الضراعة ثم جرد للمشاركة ومنه استعار النحويون لفظ الفعل المضارع.
ضعف: الضعف خلاف القوة وقد ضعف فهو ضعيف، قال (ضعف الطالب والمطلوب) والضعف قد يكون في النفس وفى البدن وفى

الحال وقيل الضعف والضعف لغتان.
قال: (وعلم أن فيكم ضعفا) قال (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا) قال الخليل رحمه الله: الضعف بالضم في البدن، والضعف في العقل والرأى، ومنه قوله تعالى (فإن كان الذى عليه
الحق سفيها أو ضعيفا) وجمع الضعيف ضعاف وضعفاء.
قال تعالى: (ليس على الضعفاء) واستضعفته وجدته ضعيفا، قال (والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان - قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض - إن القوم استضعفوني) وقوبل بالاستكبار في قوله (قال الذين استضعفوا للذين استكبروا) وقوله (هو الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا) والثانى غير الاول وكذا الثالث فإن قوله (خلقكم من ضعف) أي من نطفة أو من تراب والثانى هو الضعف الموجود في الجنين والطفل.
الثالث الذى بعد الشيخوخة وهو المشار إليه بأرذل العمر.
والقوتان الاولى هي التى تجعل للطفل من التحرك وهدايته واستدعاء اللبن ودفع الاذى عن نفسه بالبكاء، والقوة الثانية هي التى بعد البلوغ ويدل على أن كل واحد من قوله ضعف إشارة إلى حالة غير الحالة الاولى ذكره منكرا والمنكر متى أعيد ذكره وأريد به ما تقدم عرف كقولك: رأيت رجلا فقال لى الرجل كذا.
ومتى ذكر ثانيا منكرا أريد به غير الاول، ولذلك قال ابن عباس
في قوله: (فإن مع العسر يسرا.
إن مع العسر يسرا) " لن يغلب عسر يسرين " وقوله: (وخلق الانسان ضعيفا) فضعفه كثرة حاجاته التى يستغنى عنها الملا الاعلى، وقوله: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) فضعف كيده إنما هو مع من صار من عباد الله المذكورين في قوله: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) والضعف هو من الالفاظ المتضايفة التى يقتضى وجود أحدهما وجود الاخر كالنصف والزوج، وهو تركب قدرين متساويين ويختص بالعدد، فإذا قيل أضعفت الشئ وضعفته وضاعفته ضممت إليه مثله فصاعدا.
قال بعضهم: ضاعفت أبلغ من ضعفت، ولهذا قرأ أكثرهم (يضاعف لها العذاب ضعفين - وإن تك حسنة يضاعفها) وقال: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) والمضاعفة على قضية هذا القول تقتضي أن يكون عشر أمثالها، وقيل ضعفته بالتخفيف ضعفا فهو مضعوف، فالضعف مصدر والضعف اسم كالشئ والشئ، فضعف الشئ هو الذى يثنيه، ومتى أضيف إلى عدد اقتضى ذلك العدد ومثله نحو أن يقال ضعف العشرة وضعف المائة فذلك عشرون ومائتان بلا خلاف، وعلى هذا
قول الشاعر: جزيتك ضعف الود لما اشتكيته * وما إن جزاك الضعف من أحد قبلى

وإذا قيل أعطه ضعفى واحد فإن ذلك اقتضى الواحد ومثليه وذلك ثلاثة لان معناه الواحد واللذان يزاوجانه وذلك ثلاثة، هذا إذا كان الضعف مضافا، فأما إذا لم يكن مضافا فقلت الضعفين فإن ذلك يجرى مجرى الزوجين في أن كل واحد منهما يزاوج الاخر فيقتضى ذلك اثنين لان كل واحد منهما يضاعف الاخر فلا يخرجان عن الاثنين بخلاف ما إذا أضيف الضعفان إلى واحد فيثلثهما نحو ضعفى الواحد، وقوله (أولئك لهم جزاء الضعف) وقوله (لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة) فقد قيل أتى باللفظين على التأكيد وقيل بل المضاعفة من الضعف لامن الضعف، والمعنى ما يعدونه ضعفا فهو ضعف أي نقص كقوله (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله) وكقوله (يمحق الله الربا ويربى الصدقات)، وهذا المعنى أخذه الشاعر فقال: * زيادة شيب وهى نقص زيادتي *
وقوله (فآتهم عذابا ضعفا من النار) فإنهم سألوه أن يعذبهم عذابا بضلالهم، وعذابا بإضلالهم كما أشار إليه بقوله (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم) وقوله (لكل ضعف ولكن لا تعلمون) أي لكل منهم ضعف (ما لكم من العذاب) وقيل أي لكل منهم ومنكم ضعف ما يرى الاخر فإن من العذاب ظاهرا وباطنا وكل يدرك من الاخر الظاهر دون الباطن فيقدر أن ليس له العذاب الباطن.
ضغث: الضغث قبضة ريحان أو حشيش أو قضبان وجمعه أضغاث.
قال (وخذ بيدك ضغثا) وبه شبه الاحلام المختلطة التى لا يتبين حقائقها، (قالوا أضغاث أحلام) حزم أخلاط من الاحلام.
ضغن: الضغن والضغن الحقد الشديد، وجمعه أضغان، قال (أن لن يخرج الله أضغانهم) وبه شبه الناقة فقالوا ذات ضغن، وقناة ضغنة عوجاء والاضغان الاشتمال بالثوب وبالسلاح ونحوهما.
ضل: الضلال العدول عن الطريق المستقيم ويضاده الهداية، قال تعالى: (فمن اهتدى
فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها) ويقال الضلال لكل عدول عن المنهج عمدا كان أو سهوا، يسيرا كان أو كثيرا، فإن الطريق المستقيم الذى هو المرتضى صعب جدا، قال النبي صلى الله عليه وسلم " استقيموا ولن تحصوا " وقال بعض الحكماء: كوننا مصيبين من وجه وكوننا ضالين من وجوه كثيرة، فإن الاستقامة والصواب يجرى مجرى المقرطس من المرمى وما عداه من الجوانب كلها ضلال.
ولما قلنا روى عن بعض الصالحين أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه فقال: يا رسول الله

يروى لنا أنك قلت " شيبتني سورة هود وأخواتها فما الذى شيبك منها ؟ فقال: قوله (فاستقم كما أمرت) " وإذا كان الضلال ترك الطريق المستقيم عمدا كان أو سهوا، قليلا كان أو كثيرا، صح أن يستعمل لفظ الضلال ممن يكون منه خطأ ما ولذلك نسب الضلال إلى الانبياء وإلى الكفار، وإن كان بين الضلالين بون بعيد، ألا ترى أنه قال في النبي صلى الله عليه وسلم (ووجدك ضالا فهدى) أي غير مهتد لما سيق إليك من النبوة.
وقال في يعقوب
(إنك لفى ضلالك القديم) وقال أولاده: (إن أبانا لفى ضلال مبين) إشارة إلى شغفه بيوسف وشوقه إليه وكذلك (قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين) وقال عن موسى عليه السلام (وأنا من الضالين) تنبيه أن ذلك منه سهو، وقوله (أن تضل إحداهما) أي تنسى وذلك من النسيان الموضوع عن الانسان.
والضلال من وجه آخر ضربان: ضلال في العلوم النظرية كالضلال في معرفة الله ووحدانيته ومعرفة النبوة ونحوهما المشار إليهما بقوله (من يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا) وضلال في العلوم العملية كمعرفة الاحكام الشرعية التى هي العبادات، والضلال البعيد إشارة إلى ما هو كفر كقوله على ما تقدم من قوله (ومن يكفر بالله) وقوله (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا) وكقوله (أولئك في العذاب والضلال البعيد) أي في عقوبة الضلال البعيد، وعلى ذلك قوله (إن أنتم إلا في ضلال كبير - قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل) وقوله (أئذا ضللنا في الارض)
كناية عن الموت واستحالة البدن.
وقوله (ولا الضالين) فقد قيل عنى بالضالين النصارى وقوله (في كتاب لا يضل ربى ولا ينسى) أي لا يضل عن ربى ولا يضل ربى عنه أي لا يغفله، وقوله (كيدهم في تضليل) أي في باطل وإضلال لانفسهم.
والاضلال ضربان، أحدهما: أن يكون سببه الضلال وذلك على وجهين: إما بأن يضل عنك الشئ كقولك أضللت البعير أي ضل عنى، وإما أن تحكم بضلاله، والضلال في هذين سبب الاضلال.
والضرب الثاني: أن يكون الاضلال سببا للضلال وهو أن يزين للانسان الباطل ليضل كقوله: (لهمت طائفة منهم أن يضلوك - وما يضلون إلا أنفسهم) أي يتحرون أفعالا يقصدون بها أن تضل فلا يحصل من فعلهم ذلك إلا ما فيه ضلال أنفسهم وقال عن الشيطان (ولأضلنهم ولأمنينهم) وقال في الشيطان: (ولقد أضل منكم جبلا كثيرا - ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا - ولا تتبع الهوى

فيضلك عن سبيل الله) وإضلال الله تعالى للانسان على أحد وجهين: أحدهما أن يكون
سببه الضلال وهو أن يضل الانسان فيحكم الله عليه بذلك في الدنيا ويعدل به عن طريق الجنة إلى النار في الاخرة وذلك إضلال هو حق وعدل، فالحكم على الضال بضلاله والعدول به عن طريق الجنة إلى النار عدل وحق.
والثانى من إضلال الله هو أن الله تعالى وضع جبلة الانسان على هيئة إذا راعى طريقا محمودا كان أو مذموما ألفه واستطابه ولزمه وتعذر صرفه وانصرافه عنه ويصير ذلك كالطبع الذى يأبى على الناقل، ولذلك قيل العادة طبع ثان.
وهذه القوة في الانسان فعل إلهى، وإذا كان كذلك وقد ذكر في غير هذا الموضع أن كل شئ يكون سببا في وقوع فعل صح نسبة ذلك الفعل إليه فصح أن ينسب ضلال العبد إلى الله من هذا الوجه فيقال أضله الله لا على الوجه الذى يتصوره الجهلة ولما قلناه جعل الاضلال المنسوب إلى نفسه للكافر والفاسق دون المؤمن بل نفى عن نفسه أضلال المؤمن فقال: (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم - فلن يضل أعمالهم، سيهديهم) وقال في الكافر والفاسق (فتعسا لهم وأضل أعمالهم - وما يضل به إلا الفاسقين - كذلك يضل الله
الكافرين - ويضل الله الظالمين) وعلى هذا النحو تقليب الافئدة في قوله (ونقلب أفئدتهم) والختم على القلب في قوله (ختم الله على قلوبهم) وزيادة المرض في قوله: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا).
ضم: الضم الجمع بين الشيئين فصاعدا.
قال (واضمم يدك إلى جناحك - واضمم إليك جناحك) والاضمامة جماعة من الناس أو من الكتب أو الريحان أو نحو ذلك، وأسد ضمضم وضماضم يضم الشئ إلى نفسه.
وقيل بل هو المجتمع الخلق، وفرس سباق الاضاميم إذا سبق جماعة من الافراس دفعة واحدة.
ضمر: الضامر من الفرس الخفيف اللحم من الاعمال لا من الهزال، قال (وعلى كل ضامر) يقال ضمر ضمورا واضطمر فهو مضطمر، وضمرته أنا، والمضمار الموضع الذى يضمر فيه.
والضمير ما ينطوى عليه القلب ويدق على الوقوف عليه، وقد تسمى القوة الحافظة لذلك ضميرا.
ضن: قال (وما هو على الغيب بضنين) أي ما هو ببخيل، والضنة هو البخل بالشئ النفيس ولهذا قيل: علق مضنة ومضنة، وفلان ضنى بين أصحابي أي هو النفيس الذى أضن به،
يقال: ضننت بالشئ ضنا وضنانة، وقيل: ضننت.
ضنك: (معيشة ضنكا) أي ضيقا وقد ضنك عيشه، وامرأة ضناك، مكتنزة والضناك الزكام والمضنوك المزكوم.

ضاهى: (يضاهون قول الذين كفروا) أي يشاكلون، وقيل أصله الهمز، وقد قرئ به، والضهياء المرأة التى لا تحيض وجمعه ضهى.
ضير: الضير المضرة يقال ضاره وضره، قال (لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون)، وقوله: (لا يضركم كيدهم شيئا).
ضيز: (تلك إذا قسمة ضيزى) أي ناقصة أصله فعلى فكسرت الضاد للياء، وقيل ليس في كلامهم فعلى.
ضيع: ضاع الشئ يضيع ضياعا، وأضعته وضيعته، قال (لا أضيع عمل عامل منكم - إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا - وما كان الله ليضيع إيمانكم - لا يضيع أجر المحسنين) وضيعة الرجل عقاره الذى يضيع ما لم يفتقد وجمعه ضياع، وتضيع الريح إذا هبت هبوبا يضيع ماهبت عليه.
ضيف: أصل الضيف الميل، يقال ضفت إلى كذا وأضفت كذا إلى كذا، وضافت الشمس للغروب وتضيفت وضاف السهم عن الهدف وتضيف، والضيف من مال إليك نازلا بك، وصارت الضيافة متعارفة في القرى وأصل الضيف مصدر، ولذلك استوى فيه الواحد، والجمع في عامة كلامهم وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف وضيفان، قال: (ضيف إبراهيم - ولا تخزون في ضيفي - إن هؤلاء ضيفي) ويقال استضفت فلانا فأضافني وقد ضفته ضيفا فأنا ضائف وضيف.
وتستعمل الاضافة في كلام النحويين في اسم مجرور يضم إليه اسم قبله، وفى كلام بعضهم في كل شئ يثبت بثبوته آخر كالاب والابن والاخ والصديق، فإن كل ذلك يقتضى وجوده وجود آخر، فيقال لهذه الاسماء المتضايفة.
ضيق: الضيق ضد السعة، ويقال الضيق أيضا: والضيقة يستعمل في الفقر والبخل والغم ونحو ذلك، قال: (وضاق بهم ذرعا) أي عجز عنهم وقال (وضائق به صدرك - ويضيق صدري - ضيقا حرجا - وضاقت عليهم الارض بما رحبت - وضاقت عليهم أنفسهم - ولا تك
في ضيق مما يمكرون) كل ذلك عبارة عن الحزن وقوله: (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) ينطوى على تضييق النفقة وتضييق الصدر، ويقال في الفقر ضاق وأضاق فهو مضيق واستعمال ذلك فيه كاستعمال الوسع في ضده.
ضأن: الضأن معروف، قال: (من الضأن اثنين) وأضأن الرجل إذا كثر ضأنه، وقيل الضائنة واحد الضأن ضوأ: الضوء ما انتشر من الاجسام النيرة ويقال ضاءت النار وأضاءت وأضاءها غيرها قال: (فلما أضاءت ما حوله - كلما أضاء لهم مشوا فيه - يكاد زيتها يضئ - ياتيكم بضياء) وسمى كتبه المهتدى بها ضياء في نحو قوله: (ولقد آتينا موسى وهرون الفرقان وضياء وذكرا)

كتاب الطاء
طبع: الطبع أن تصور الشئ بصورة ما كطبع السكة وطبع الدراهم وهو أعم من الختم وأخص من النقش، والطابع والخاتم ما يطبع به ويختم.
والطابع فاعل ذلك وقيل للطابع طابع وذلك كتسمية الفعل إلى الالة
نحو سيف قاطع، قال: (فطبع على قلوبهم - كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون - كذلك نطبع على قلوب المعتدين) وقد تقدم الكلام في قوله: (ختم الله على قلوبهم) وبه اعتبر الطبع والطبيعة التى هي السجية فإن ذلك هو نقش النفس بصورة ما إما من حيث الخلقة وإما من حيث العادة وهو فيما ينقش به من حيث الخلقة أغلب، ولهذا قيل: * وتأبى الطباع على الناقل * وطبيعة النار وطبيعة الدواء ما سخر الله له من مزاجه.
وطبع السيف صدؤه ودنسه وقيل رجل طبع وقد حمل بعضهم (طبع الله على قلوبهم) و (كذلك نطبع على قلوب المعتدين) على ذلك ومعناه دنسه كقوله: (بل ران على قلوبهم) وقوله: (أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم) وقيل طبعت المكيال إذا ملاته وذلك لكون الملء كالعلامة المانعة من تناول بعض ما فيه، والطبع المطبوع أي المملوء قال الشاعر: * كزوايا الطبع همت بالوجل * طبق: المطابقة من الاسماء المتضايفة وهو أن تجعل الشئ فوق آخر بقدره، ومنه طابقت
النعل، قال الشاعر: إذا لاوذ الظل القصير بخفه * وكان طباق الخف أو قل زائدا ثم يستعمل الطباق في الشئ الذى يكون فوق الاخر تارة وفيما يوافق غيره تارة كسائر الاشياء الموضوعة لمعنيين، ثم يستعمل في أحدهما دون الاخر كالكأس والراوية ونحو هما قال: (الذى خلق سبع سموات طباقا) أي بعضها فوق بعض وقوله: (لتركبن طبقا عن طبق) أي يترقى منزلا عن منزل وذلك إشارة إلى أحوال الانسان من ترقيه في أحوال شتى في الدنيا نحو ما أشار إليه بقوله: (خلقكم من تراب ثم من نطفة) وأحوال شتى في الاخرة

من النشور والبعث والحساب وجواز الصراط إلى حين المستقر في إحدى الدارين.
وقيل لكل جماعة متطابقة هم في أم طبق، وقيل الناس طبقات، وطابقته على كذا وتطابقوا وأطبقوا عليه ومنه جواب يطابق السؤال.
والمطابقة في المشى كمشى المقيد، ويقال لما يوضع عليه الفواكه ولما يوضع على رأس الشئ طبق ولكل فقرة من فقار الظهر طبق لتطابقها،
وطبقته بالسيف اعتبارا بمطابقة النعل، وطبق الليل والنهار ساعاته المطابقة، وأطبقت عليه الباب، ورجل عياياء طباقاء لمن انغلق عليه الكلام من قولهم أطبقت الباب، وفحل طباقاء انطبق عليه الضراب فعجز عنه وعبر عن الداهية ببنت الطبق، وقولهم: وافق شن طبقة وهما قبيلتان: طحا: الطحو كالدحو وهو بسط الشئ والذهاب به، قال: (والارض وما طحاها) قال الشاعر: * طحا بك قلب في الحسان طروب * أي ذهب.
طرح: الطرح إلقاء الشئ وإبعاده والطروح المكان البعيد، ورأيته من طرح أي بعد، والطرح المطروح لقلة الاعتداد به، قال: (اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا).
طرد: الطرد هو الازعاج والابعاد على سبيل الاستخفاف، يقال طردته، قال تعالى: (ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم - ولا تطرد الذين - وما أنا بطارد المؤمنين - فتطردهم فتكون من الظالمين) ويقال أطرده السلطان وطرده إذا أخرجه عن بلده
وأمر أن يطرد من مكان حله وسمى ما يثار من الصيد طردا وطريدة.
ومطاردة الاقران مدافعة بعضهم بعضا، والمطرد ما يطرد به، واطراد الشئ متابعة بعضه بعضا.
طرف: طرف الشئ جانبه ويستعمل في الاجسام والاوقات وغيرهما، قال: (فسبح وأطراف النهار - أقم الصلاة طرفي النهار) ومنه استعير: هو كريم الطرفين أي الاب والام وقيل الذكر واللسان إشارة إلى العفة، وطرف العين جفنه، والطرف تحريك الجفن وعبر به عن النظر إذ كان تحريك الجفن لازمه النظر، وقوله: (قبل أن يرتد إليك طرفك - فيهن قاصرات الطرف) عبارة عن إغضائهن لعفتهن، وطرف فلان أصيب طرفه، وقوله: (ليقطع طرفا) فتخصيص قطع الطرف من حيث إن تنقيص طرف الشئ يتوصل به إلى توهينه وإزالته، ولذلك قال: (ننقصها من أطرافها) والطراف بيت أدم يؤخذ طرفه ومطرف الخز ومطرف ما يجعل له طرف، وقد أطرفت مالا، وناقة طرفة ومستطرفة ترعى أطراف المرعى كالبعير، والطريف ما يتناوله، ومنه قيل مال طريف ورجل طريف لا يثبت على امرأة،

والطرف الفرس الكريم وهو الذى يطرف من حسنه، فالطرف في الاصل هو المطروف أي المنظور إليه كالنقض في معنى المنقوض، وبهذا النظر قيل هو قيد النواظر فيما يحسن حتى يثبت عليه النظر.
طرق: الطريق السبيل الذى يطرق بالارجل أي يضرب، قال (طريقا في البحر) وعنه استعير كل مسلك يسلكه الانسان في فعل محمودا كان أو مذموما، قال: (ويذهبا بطريقتكم المثلى) وقيل طريقة من النخل تشبيها بالطريق في الامتداد والطرق في الاصل كالضرب إلا أنه أخص لانه ضرب توقع كطرق الحديد بالمطرقة، ويتوسع فيه توسعهم في الضرب، وعنه استعير طرق الحصى للتكهن، وطرق الدواب الماء بالارجل حتى تكدره حتى سمى الماء الدنق طرقا، وطارقت النعل وطرقتها وتشبيها بطرق النعل في الهيئة، قيل طارق بين الدرعين، وطرق الخوافى أن يركب بعضها بعضا، والطارق السالك للطريق، لكن خص في التعارف بالاتى ليلا فقيل: طرق أهله طروقا، وعبر عن النجم بالطارق لاختصاص
ظهوره بالليل، قال: (والسماء والطارق) قال الشاعر: * نحن بنات طارق * وعن الحوادث التى تأتى ليلا بالطوارق، وطرق فلان قصد ليلا، قال الشاعر: كأنى أنا المطروق دونك بالذى * طرقت به دوني وعينى تهمل وباعتبار الضرب قيل طرق الفحل الناقة وأطرقتها واستطرقت فلانا فحلا، كقولك ضربها الفحل وأضربتها واستضربته فحلا، ويقال للناقة طروقة، وكنى بالطروقة عن المرأة.
وأطرق فلان أغضى كأنه صار عينه طارقا للارض أي ضاربا له كالضرب بالمطرقة وباعتبار الطريق، قيل جاءت الابل مطاريق أي جاءت على طريق واحد، وتطرق إلى كذا نحو توسل وطرقت له جعلت له طريقا، وجمع الطريق طرق، وجمع طريقة طرائق، قال: (كنا طرائق قددا) إشارة إلى اختلافهم في درجاتهم كقوله: (هم درجات عند الله) وأطباق السماء يقال لها طرائق، قال الله تعالى: (ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق) ورجل مطروق فيه لين، واسترخاء من قولهم هو
مطروق أي أصابته حادثة لينته أو لانه مضروب كقولك مقروع أو مدوخ أو لقولهم ناقة مطروقة تشبيها بها في الذلة.
طرى: قال: (لحما طريا) أي غضا جديدا من الطراء والطراوة، يقال طريت كذا فطرى، ومنه المطراة من الثياب، والاطراء مدح يجدد ذكره وطرأ بالهمز طلع.
طس: هما حرفان وليس من قولهم طس وطسوس في شئ.

طعم: الطعم تناول الغذاء ويسمى ما يتناول منه طعم وطعام، قال: (وطعامه متاعا لكم) قال وقد اختص بالبر فيما روى أبو سعيد " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصدقة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير " قال: (ولا طعام إلا من غسلين - طعاما ذا غصة - طعام الاثيم - ولا يحض على طعام المسكين) أي إطعامه الطعام (فإذا طعمتم فانتشروا) وقال تعالى: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) قيل وقد يستعمل طعمت في الشراب كقوله: (من شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فإنه منى) وقال بعضهم: إنما
قال (ومن لم يطعمه) تنبيها أنه محظور أن يتناول إلا غرفة مع طعام كما أنه محظور عليه أن يشربه إلا غرفة فإن الماء قد يطعم إذا كان مع شئ يمضغ، ولو قال ومن لم يشربه لكان يقتضى أن يجوز تناوله إذا كان في طعام، فلما قال: (ومن لم يطعمه) بين أنه لا يجوز تناوله على كل حال إلا قدر المستثنى وهو الغرفة باليد، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في زمزم " إنه طعام طعم وشفاء سقم " فتنبيه منه أنه يغذى بخلاف سائر المياه، واستطعمه فأطعمه، قال: (استطعما أهلها - وأطعموا القانع والمعتر - ويطعمون الطعام - أنطعم من لو يشاء الله أطعمه - الذى أطعمهم من جوع - وهو يطعم ولا يطعم - وما أريد أن يطعمون) وقال عليه الصلاة والسلام: " إذا استطعمكم الامام فأطعموه " أي إذا استخلفكم عند الارتياح فلقنوه، ورجل طاعم حسن الحال، ومطعم مرزوق، ومطعام كثير الاطعام، ومطعم كثير الطعم، والطعمة ما يطعم.
طعن: الطعن الضرب بالرمح وبالقرن وما يجرى مجراهما، وتطاعنوا واطعنوا واستعير للوقيعة، قال: (وطعنا في الدين - وطعنوا
في دينكم).
طغى: طغوت وطغيت طغوانا وطغيانا وأطغاه كذا حمله على الطغيان، وذلك تجاوز الحد في العصيان، قال (إنه طغى - إن الانسان ليطغى) وقال (قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى - ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبى) وقال تعالى: (فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا - في طغيانهم يعمهون - إلا طغيانا كبيرا - وأن للطاغين لشر مآب - قال قرينه ربنا ما أطغيته) والطغوى الاسم منه، قال (كذبت ثمود بطغواها) تنبيها أنهم لم يصدقوا إذا خوفوا بعقوبة طغيانهم.
وقوله (هم أظلم وأطغى) تنبيها أن الطغيان لا يخلص الانسان فقد كان قوم نوح أطغى منهم فأهلكوا.
وقوله (إنا لما طغى الماء) فاستعير الطغيان فيه لتجاوز الماء الحد وقوله (فأهلكوا) بالطاغية) فإشارة إلى الطوفان المعبر عنه بقوله (إنا لما طغى الماء) والطاغوت عبارة

عن كل متعد وكل معبود من دون الله ويستعمل في الواحد والجمع، قال (فمن يكفر بالطاغوت - والذين اجتنبوا الطاغوت -
أولياؤهم الطاغوت - يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) فعبارة عن كل متعد، ولما تقدم سمى الساحر والكاهن والمارد من الجن والصارف عن طريق الخير طاغوتا ووزنه فيما قيل فعلوت نحو جبروت وملكوت، وقيل أصله طغووت ولكن قلب لام الفعل نحو صاعقة وصاقعة ثم قلب الواو ألفا لتحركه وانفتاح ما قبله.
طف: الطفيف الشئ النزر ومنه الطفافة لما لا يعتد به، وطفف الكيل قلل نصيب المكيل له في إيفائه واستيفائه.
قال: (ويل للمطففين).
طفق: يقال طفق يفعل كذا كقولك أخذ يفعل كذا ويستعمل في الايجاب دون النفى، لا يقال ما طفق.
قال: (فطفق مسحا بالسوق والاعناق - وطفقا يخصفان) طفل: الطفل الولد مادام ناعما، وقد يقع على الجمع، قال (ثم يخرجكم طفلا - أو الطفل الذين لم يظهروا) وقد يجمع على أطفال.
قال: (وإذا بلغ الاطفال) وباعتبار النعومة قيل امرأة طفلة وقد طفلت طفولة وطفالة، والمطفل من الظبية التى معها طفلها، وطفلت
الشمس إذا همت بالدور ولما يستمكن الضح من الارض قال: * وعلى الارض غيابات الطفل * وأما طفل إذا أتى طعاما لم يدع إليه فقيل إنما هو من طفل النهار وهو إتيانه في ذلك الوقت، وقيل هو أن يفعل فعل طفيل العرائس وكان رجلا معروفا بحضور الدعوات يسمى طفيلا.
طلل: الطل أضعف المطر وهو ما له أثر قليل.
قال: (فإن لم يصبها وابل فطل) وطل الارض فهى مطلولة ومنه طل دم فلان إذا قل الاعتداد به، ويصير أثره كأنه طل، ولما بينهما من المناسبة قيل لاثر الدار طلل ولشخص الرجل المترائى طلل، وأطل فلان أشرف طلله.
طفئ: طفئت النار وأطفأتها، قال (يريدون أن يطفئوا نور الله - يريدون ليطفئوا نور الله) والفرق بين الموضعين أن في قوله (يريدون أن يطفئوا) يقصدون إطفاء نور الله وفى قوله (ليطفئوا) يقصدون أمرا يتوصلون به إلى إطفاء نور الله.
طلب: الطلب الفحص عن وجود الشئ
عينا كان أو معنى.
قال (فلن تستطيع له طلبا) وقال: (ضعف الطالب والمطلوب) وأطلبت فلانا إذا أسعفته لما طلب وإذا

أحوجته إلى الطلب، وأطلب الكلأ إذا تباعد حتى احتاج أن يطلب.
طلت: طالوت اسم أعجمى.
طلح: الطلح شجر، الواحدة طلحة.
قال (وطلح منضود) وإبل طلاحى منسوب إليه وطلحة مشتكية من أكله.
والطلح والطليح المهزول المجهود ومنه ناقة طليح أسفار، والطلاح منه، وقد يقابل به الصلاح.
طلع: طلع الشمس طلوعا ومطلعا، قال: (فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس) (حتى مطلع الفجر) والمطلع موضع الطلوع (حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم) وعنه استعير طلع علينا فلان واطلع، قال (فهل أنتم مطلعون - فاطلع) قال: (فأطلع إلى إله موسى) وقال: (أطلع الغيب - لعلى أطلع إلى إله موسى)، واستطلعت رأيه وأطلعتك على كذا، وطلعت
عنه غبت والطلاع ما طلعت عليه الشمس والانسان، وطليعة الجيش أول من يطلع، وامرأة طلعة قبعة تظهر رأسها مرة وتستر أخرى، وتشبيها بالطلوع قيل طلع النخل (لها طلع نضيد - طلعها كأنه رءوس الشياطين) أي ما طلع منها (ونخل طلعها هضيم) وقد أطلعت النخل وقوس طلاع الكف: ملء الكف.
طلق: أصل الطلاق التخلية من الوثاق، يقال أطلقت البعير من عقاله وطلقته وهو طالق وطلق بلا قيد، ومنه استعير طلقت المرأة نحو خليتها فهى طالق أي مخلاة عن حبالة النكاح، قال: (فطلقوهن لعدتهن - الطلاق مرتان - والمطلقات يتربصن بأنفسهن) فهذا عام في الرجعية وغير الرجعية، وقوله: (وبعولتهن أحق بردهن) خاص في الرجعية وقوله: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد) أي بعد البين (فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا) يعنى الزوج الثاني.
وانطلق فلان إذا مر متخلفا، وقال تعالى: (فانطلقوا وهم يتخافتون - انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون) وقيل للحلال طلق أي مطلق
لا حظر عليه، وعدا الفرس طلقا أو طلقين اعتبارا بتخلية سبيله.
والمطلق في الاحكام ما لا يقع منه استثناء، وطلق يده وأطلقها عبارة عن الجود، وطلق الوجه وطليق الوجه إذا لم يكن كالحا، وطلق السليم خلاه الوجع، قال الشاعر: * تطلقه طورا وطورا تراجع * وليلة طلقة لتخلية الابل للماء وقد أطلقها.
طم: الطم البحر المطموم يقال له الطم والرم وطم على كذا وسميت القيامة طامة لذلك، قال: (فإذا جاءت الطامة الكبرى).
طمث: الطمث دم الحيض والافتضاض

والطامث الحائض وطمث المرأة إذا افتضها، قال: (لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان) ومنه استعير ما طمث هذه الروضة أحد قبلنا أي ما افتضها، وما طمث الناقة جمل.
طمس: الطمس إزالة الاثر بالمحو، قال: (وإذا النجوم طمست - ربنا اطمس على أموالهم) أي أزل صورتها (ولو نشاء لطمسنا على أعينهم) أي أزلنا ضوأها وصورتها كما يطمس الاثر، وقوله: (من قبل أن نطمس
وجوها) منهم من قال عنى ذلك في الدنيا وهو أن يصير على وجوههم الشعر فتصير صورهم كصورة القردة والكلاب، ومنهم من قال ذلك هو في الاخرة إشارة إلى ما قال: (وأما من أوتى كتابه وراء ظهره) وهو أن تصير عيونهم في قفاهم، وقيل معناه يردهم عن الهداية إلى الضلالة كقوله: (وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه) وقيل عنى بالوجوه الاعيان والرؤساء ومعناه نجعل رؤساءهم أذنابا وذلك أعظم سبب البوار.
طمع: الطمع نزوع النفس إلى الشئ شهوة له، طمعت أطمع طمعا وطماعية فهو طمع وطامع، قال: (إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا - أفتطمعون أن يؤمنوا لكم - خوفا وطمعا) ولما كان أكثر الطمع من أجل الهوى قيل الطمع طبع والطمع يدنس الاهاب.
طمن: الطمأنينة والاطمئنان السكون بعد الانزعاج، قال: (ولتطمئن به قلوبكم - ولكن ليطمئن قلبى - يا أيتها النفس المطمئنة) وهى أن لا تصير أمارة بالسوء، وقال تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) تنبيها أن
بمعرفته تعالى والا كثار من عبادته يكتسب اطمئنان النفس المسئول بقوله: (ولكن ليطمئن قلبى) وقوله: (وقلبه مطمئن بالايمان) وقال: (فإذا اطمأننتم - ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها) واطمأن وتطامن يتقاربان لفظا ومعنى.
طهر: يقال طهرت المرأة طهرا وطهارة وطهرت والفتح أقيس لانها خلاف طمثت، ولانه يقال طاهرة وطاهر مثل قائمة وقائم وقاعدة وقاعد.
والطهارة ضربان طهارة جسم وطهارة نفس وحمل عليهما عامة الايات، يقال طهرته فطهر وتطهر واطهر فهو طاهر ومتطهر، قال: (وإن كنتم جنبا فاطهروا) أي استعملوا الماء أو ما يقوم مقامه، قال: (فلا تقربوهن حتى يطهرن - فإذا تطهرن) فدل باللفظين على أنه لا يجوز وطؤهن إلا بعد الطهارة والتطهير ويؤكد ذلك قراءة من قرأ (حتى يطهرن) أي يفعلن الطهارة التى هي الغسل، قال (ويحب المتطهرين) أي التاركين للذنب والعاملين للصلاح، وقال فيه (رجال يحبون أن يتطهروا - أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون -

والله يحب المطهرين) فإنه يعنى تطهير النفس: (ومطهرك من الذين كفروا) أي مخرجك من جملتهم ومنزهك أن تفعل فعلهم وعلى هذا: (ويطهركم تطهيرا - وطهرك واصطفاك - ذلكم أزكى لكم وأطهر - أطهر لقلوبكم - لا يمسه إلا المطهرون) أي إنه لا يبلغ حقائق معرفته إلا من طهر نفسه وتنقى من درن الفساد.
وقوله: (إنهم أناس يتطهرون) فإنهم قالوا ذلك على سبيل التهكم حيث قال لهم: (هن أطهر لكم) وقوله تعالى: (لهم فيها أزواج مطهرة) أي مطهرات من درن الدنيا وأنجاسها، وقيل من الاخلاق السيئة بدلالة قوله: (عربا أترابا) وقوله في صفة القرآن: (مرفوعة مطهرة) وقوله: (وثيابك فطهر) قيل معناه نفسك فنقها من المعايب وقوله: (وطهر بيتى)، وقوله: (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتى) فحث على تطهير الكعبة من نجاسة الاوثان.
وقال بعضهم في ذلك حث على تطهير القلب لدخول السكينة فيه المذكورة في قوله: (هو الذى أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) والطهور قد يكون مصدرا فيما حكى سيبويه في قولهم:
تطهرت طهورا وتوضأت وضوءا فهذا مصدر على فعول ومثله وقدت وقودا، ويكون اسما غير مصدر كالفطور في كونه اسما لما يفطر به ونحو ذلك الوجور والسعوط والذرور، ويكون صفة كالرسول ونحو ذلك من الصفات وعلى هذا (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) تنبيها أنه بخلاف ما ذكره في قوله: (ويسقى من ماء صديد - وأنزلنا من السماء ماء طهورا) قال أصحاب الشافعي رضى الله عنه: الطهور بمعنى المطهر، وذلك لا يصح من حيث اللفظ لان فعولا لا يبنى من أفعل وفعل وإنما يبنى ذلك من فعل.
وقيل إن ذلك اقتضى التطهير من حيث المعنى، وذلك أن الطاهر ضربان: ضرب لا يتعداه الطهارة كطهارة الثوب فإنه طاهر غير مطهر به، وضرب يتعداه فيجعل غيره طاهرا به، فوصف الله تعالى الماء بأنه طهور تنبيها على هذا المعنى.
طيب: يقال طاب الشئ يطيب طيبا فهو طيب، قال (فانكحوا ما طاب لكم - فإن طبن لكم) وأصل الطيب ما تستلذه الحواس وما تستلذه النفس، والطعام الطيب في الشرع ما كان متناولا من حيث ما يجوز، وبقدر
ما يجوز، ومن المكان الذى يجوز فإنه متى كان كذلك كان طيبا عاجلا وآجلا لا يستوخم، وإلا فإنه وإن كان طيبا عاجلا لم يطب آجلا وعلى ذلك قوله (كلوا من طيبات ما رزقناكم - فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا - لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم - كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) وهذا هو المراد بقوله (والطيبات من الرزق) وقوله: (اليوم

أحل لكم الطيبات) قيل عنى بها الذبائح، وقوله (ورزقكم من الطيبات) إشارة إلى الغنيمة.
والطيب من الانسان من تعرى من نجاسة الجهل والفسق وقبائح الاعمال وتحلى بالعلم والايمان ومحاسن الاعمال وإياهم قصد بقوله: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين) وقال: (طبتم فادخلوها خالدين) وقال تعالى: (هب لى من لدنك ذرية طيبة) وقال تعالى (ليميز الله الخبيث من الطيب) وقوله: (والطيبات للطيبين) تنبيه أن الاعمال الطيبة تكون من الطيبين كما روى: " المؤمن أطيب من عمله، والكافر أخبث من عمله ".
(ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب) أي الاعمال السيئة بالاعمال
الصالحة وعلى هذا قوله تعالى: (مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة) وقوله: (إليه يصعد الكلم الطيب - ومساكن طيبة) أي طاهرة ذكية مستلذة، وقوله: (بلدة طيبة ورب غفور) وقيل أشار إلى الجنة وإلى جوار رب العزة، وأما قوله (والبلد الطيب) إشارة إلى الارض الزكية، وقوله (صعيدا طيبا) أي ترابا لا نجاسة به، وسمى الاستنجاء استطابة لما فيه من التطيب والتطهر.
وقيل الاطيبان الاكل والنكاح، وطعام مطيبة للنفس إذا طابت به النفس، ويقال للطيب طاب وبالمدينة تمر يقال له طاب وسميت المدينة طيبة، وقوله: (طوبى لهم) قيل هو اسم شجرة في الجنة، وقيل بل إشارة إلى كل مستطاب في الجنة من بقاء بلا فناء وعز بلا زوال وغنى بلا فقر.
طود: (كالطود العظيم) الطود هو الجبل العظيم ووصفه بالعظم لكونه فيما بين الاطواد عظيما لا لكونه عظيما فيما بين سائر الجبال.
طور: طوار الدار وطواره ما امتد منها من البناء، يقال عدا فلان طوره أي تجاوز حده، ولا أطور به أي لا أقرب فناءه، يقال
فعل كذا طورا بعد طور أي تارة بعد تارة، وقوله (وقد خلقكم أطوارا) قيل هو إشارة إلى نحو قوله تعالى (خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة) وقيل إشارة إلى نحو قوله (واختلاف ألسنتكم وألوانكم) أي مختلفين في الخلق والخلق.
والطور اسم جبل مخصوص، وقيل اسم لكل جبل، وقيل هو جبل محيط بالارض، قال: (والطور وكتاب مسطور - وما كنت بجانب الطور - وطور سينين - وناديناه من جانب الطور الايمن - ورفعنا فوقهم الطور).
طير: الطائر كل ذى جناح يسبح في الهواء، يقال طار يطير طيرانا وجمع الطائر طير كراكب وركب، قال (ولا طائر يطير بجناحيه - والطير محشورة - والطير صافات - وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطير - وتفقد الطير) وتطير فلان، واطير أصله

التفاؤل بالطير ثم يستعمل في كل ما يتفاءل به ويتشاءم، قالوا (إنا تطيرنا بكم) ولذلك قيل لا طير إلا طيرك وقال (إن تصبهم سيئة يطيروا) أي يتشاءموا به (ألا إنما طائرهم عند الله) أي شؤمهم
ما قد أعد الله لهم بسوء أعمالهم.
وعلى ذلك قوله (قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله - قالو طائركم معكم - وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) أي عمله الذى طار عنه من خير وشر، ويقال تطايروا إذا أسرعوا ويقال إذا تفرقوا، قال الشاعر: * طاروا إليه زرافات ووحدانا * وفجر مستطير أي فاش، قال (ويخافون يوما كان شره مستطيرا) وغبار مستطار خولف بين بنائهما فتصور الفجر بصورة الفاعل فقيل مستطير، والغبار بصورة المفعول فقيل مستطار وفرس مطار للسريع ولحديد الفؤاد وخذ ما طار من شعر رأسك أي ما انتشر حتى كأنه طار.
طوع: الطوع الانقياد ويضاده الكره قال (ائتيا طوعا أو كرها - وله أسلم من في السموات والارض طوعا وكرها) والطاعة مثله لكن أكثر ما تقال في الائتمار لما أمر والارتسام فيما رسم، قال (ويقولون طاعة - طاعة وقول معروف) أي أطيعوا وقد طاع له يطوع وأطاعه يطيعه، قال (وأطيعوا وقد طاع له يطوع وأطاعه يطيعه، قال (وأطيعوا الرسول -
من يطع الرسول فقد أطاع الله - ولا تطع الكافرين) وقوله في صفة جبريل عليه السلام: (مطاع ثم أمين) والتطوع في الاصل تكلف الطاعة وهو في التعارف التبرع بما لا يلزم كالتنفل، قال (فمن تطوع خيرا فهو خير له) وقرئ (ومن يطوع خيرا) والاستطاعة استفالة من الطوع وذلك وجود ما يصير به الفعل متأتيا وهى عند المحققين اسم للمعانى التى بها يتمكن الانسان مما يريده من إحداث الفعل وهى أربعة أشياء: بنية مخصوصة للفاعل.
وتصور للفعل، ومادة قابلة لتأثيره، وآلة إن كان الفعل آليا كالكتابة فإن الكاتب يحتاج إلى هذه الاربعة في إيجاده للكتابة، وكذلك يقال فلان غير مستطيع للكتابة إذا فقد واحدا من هذه الاربعة فصاعدا، ويضاده العجز وهو أن لا يجد أحد هذه الاربعة فصاعدا، ومتى وجد هذه الاربعة كلها فمستطيع مطلقا ومتى فقدها فعاجز مطلقا، ومتى وجد بعضها دون بعض فمستطيع من وجه عاجز من وجه، ولان يوصف بالعجز أولى.
والاستطاعة أخص من القدرة، قال (لا يستطيعون نصر أنفسهم -
فما استطاعوا من قيام - من استطاع إليه سبيلا) فإنه يحتاج إلى هذه الاربعة، وقوله عليه السلام " الاستطاعة الزاد والراحلة " فإنه بيان ما يحتاج إليه من الالة وخصه بالذكر دون الاخر إذ كان معلوما من حيث العقل ومقتضى

الشرع أن التكليف من دون تلك الاخر لا يصح، وقوله (لو استطعنا لخرجنا معكم) فإشارة بالاستطاعة ههنا إلى عدم الالة من المال والظهر والنحو وكذلك قوله: (ومن لم يستطع منكم طولا) وقوله (لا يستطيعون حيلة) وقد يقال فلان لا يستطيع كذا لما يصعب عليه فعله لعدم الرياضة وذلك يرجع إلى افتقاد الالة أو عدم التصور، وقد يصح معه التكليف ولا يصير الانسان به معذورا، وعلى هذا الوجه قال: (لن تستطيع معى صبرا - ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون) وقال (وكانوا لا يستطيعون سمعا) وقد حمل على ذلك قوله (ولن تستطيعوا أن تعدلوا) وقوله تعالى (هل يستطيع ربك أن ينزل علينا) فقيل إنهم قالوا ذلك قبل أن قويت معرفتهم بالله وقيل إنهم لم يقصدوا قصد القدرة وإنما
قصدوا أنه هل تقتضي الحكمة أن يفعل ذلك ؟ وقيل يستطيع ويطيع بمعنى واحد ومعناه هل يجيب ؟ كقوله (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) أي يجاب، وقرئ (هل تستطيع ربك) أي سؤال ربك كقولك هل تستطيع الامير أن يفعل كذا، وقوله: (فطوعت له نفسه) نحو أسمحت له قرينته وانقادت له وسولت وطوعت أبلغ من أطاعت، وطوعت له نفسه بإزاء قولهم تأبت عن كذا نفسه، وتطوع كذا تحمله طوعا، قال (ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم - الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين) وقيل طاعت وتطوعت بمعنى ويقال استطاع واسطاع بمعنى قال: (فما اسطاعوا أن يظهروه، وما استطاعوا له نقبا).
طوف: الطوف المشى حول الشئ ومنه الطائف لمن يدور حول البيوت حافظا، يقال طاف به يطوف، قال (يطوف عليهم ولدان) قال (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) ومنه استعير الطائف من الجن والخيال والحادثة وغيرها قال (إذا مسهم طائف من الشيطان) وهو الذى يدور على الانسان من الشيطان يريد اقتناصه،
وقد قرئ طيف وهو خيال الشئ وصورته المترائى له في المنام أو اليقظة، ومنه قيل للخيال طيف، قال (فطاف عليها طائف) تعريضا بما نالهم من النائبة، وقوله (أن طهرا بيتى للطائفين) أي لقصاده الذين يطوفون به، والطوافون في قوله (طوافون عليكم بعضكم على بعض) عبارة عن الخدم، وعلى هذا الوجه قال عليه السلام في الهرة " إنها من الطوافين عليكم والطوافات " والطائفة من الناس جماعة منهم، ومن الشئ القطعة منه وقوله تعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين) قال بعضهم قد يقع ذلك على واحد فصاعدا، وعلى ذلك قوله (وإن طائفتان من المؤمنين - إذ همت طائفتان

منكم) والطائفة إذا أريد بها الجمع فجمع طائف، وإذا أريد بها الواحد فيصح أن يكون جمعا ويكنى به عن الواحد ويصح أن يجعل كراوية وعلامة ونحو ذلك والطوفان كل حادثة تحيط بالانسان وعلى ذلك قوله (فأرسلنا عليهم الطوفان) وصار متعارفا في الماء المتناهى في الكثرة لاجل أن الحادثة التى نالت قوم
نوح كانت ماء.
قال تعالى: (فأخذهم الطوفان) وطائف القوس ما يلى أبهرها، والطوف كنى به عن العذرة.
طوق: أصل الطوق ما يجعل في العنق خلقة كطوق الحمام أو صنعة كطوق الذهب والفضة ويتوسع فيه فيقال طوقته كذا كقولك قلدته.
قال (سيطوقون ما بخلوا به) وذلك على التشبيه كما روى في الخبر " يأتي أحدكم يوم القيامة شجاع أقرع له زبيبتان فيتطوق به فيقول أنا الزكاة التى منعتني "، والطاقة اسم لمقدار ما يمكن للانسان أن يفعله بمشقة وذلك تشبيه بالطوق المحيط بالشئ فقوله (ولا تحملنا مالا طاقة لنابه) أي ما يصعب علينا مزاولته وليس معناه لا تحملنا ما لا قدرة لنا به، وذلك لانه تعالى قد يحمل الانسان ما يصعب عليه كما قال (ويضع عنهم إصرهم - ووضعنا عنك وزرك) أي خففنا عنك العبادات الصعبة التى في تركها الوزر، وعلى هذا الوجه (قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده)، وقد يعبر بنفى الطاقة عن نفى القدرة.
وقوله (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) ظاهره يقتضى أن المطيق له يلزمه فدية
أفطر أو لم يفظر لكن أجمعوا أنه لا يلزمه إلا مع شرط آخر.
وروى (وعلى الذين يطوقونه) أي يحملون أن يتطوقوا.
طول: الطول والقصر من الاسماء المتضايفة كما تقدم، ويستعمل في الاعيان والاعراض كالزمان وغيره قال (فطال عليهم الامد - سبحا طويلا) ويقال طويل وطوال وعريض وعراض وللجمع طوال وقيل طيال وباعتبار الطول قيل للحبل المرخى على الدابة طول، وطول فرسك أي أرخ طوله، وقيل طوال الدهر لمدته الطويلة، وتطاول فلان إذا أظهر الطول أو الطول، قال (فتطاول عليهم العمر) والطول خص به الفضل والمن، قال (شديد العقاب ذى الطول) وقوله تعالى: (استأذنك أولوا الطول منهم - ومن لم يستطع منكم طولا) كناية عما يصرف إلى المهر والنفقة، وطالوت اسم علم وهو أعجمى.
طين: الطين التراب والماء المختلط وقد يسمى بذلك وإن زال عنه قوة الماء، قال: (من طين لازب) يقال طنت كذا وطينته قال: (وخلقته من طين)، وقوله تعالى: (فأوقد لى يا هامان على الطين).
طوى: طويت الشئ طيا وذلك كطى

الدرج وعلى ذلك قوله (يوم نطوى السماء كطى السجل) ومنه طويت الفلاة، ويعبر بالطى عن مضى العمر، يقال طوى الله عمره، قال الشاعر: * طوتك خطوب دهرك بعد نشر * وقيل (والسموات مطويات بيمينه) يصح أن يكون من الاول وأن يكون من الثاني والمعنى مهلكات.
وقوله (إنك بالواد المقدس طوى) قيل هو اسم الوادي الذى حصل فيه، وقيل إن ذلك جعل إشارة إلى حالة حصلت له على طريق الاجتباء فكأنه طوى عليه مسافة لو احتاج أن ينالها في الاجتهاد لبعد عليه، وقوله (إنك بالواد المقدس طوى) قيل هو اسم أرض فمنهم من يصرفه ومنهم من لا يصرفه، وقيل هو مصدر طويت فيصرف ويفتح أوله ويكسر نحو ثنى وثنى ومعناه ناديته مرتين.

كتاب الظاء
ظعن: يقال ظعن يظعن ظعنا إذا شخص
قال (يوم ظعنكم) والظعينة الهودج إذا كان فيه المرأة وقد يكنى به عن المرأة وإن لم تكن في الهودج.
ظفر: الظفر يقال في الانسان وفى غيره قال (كل ذى ظفر) أي ذى مخالب ويعبر عن السلاح به تشبيها بظفر الطائر إذ هو له بمنزلة السلاح، ويقال فلان كليل الظفر وظفره فلان نشب ظفره فيه، وهو أظفر طويل الظفر، والظفرة جليدة يغشى البصر بها تشبيها بالظفر في الصلابة، يقال ظفرت عينه والظفر الفوز وأصله من ظفره عليه.
أي نشب ظفره فيه.
قال: (من بعد أن أظفركم عليهم).
ظلل: الظل ضد الضح وهو أعم من الفئ فإنه يقال ظل الليل وظل الجنة، ويقال لكل موضع لم تصل إليه الشمس ظل ولا يقال الفئ إلا لما زال عنه الشمس، ويعبر بالظل عن العزة والمنعة وعن الرفاهة، قال (إن المتقين في ظلال) أي في عزة ومناع، قال (أكلها دائم وظلها - هم وأزواجهم في ظلال) يقال ظللنى الشجر وأظلني، قال (وظللنا عليكم الغمام) وأظلني فلان حرسني وجعلني في ظله
وعزه ومناعته.
وقوله (يتفيؤ ظلاله) أي إنشاؤه يدل على وحدانية الله وينبئ عن حكمته.
وقوله (ولله يسجد) إلى قوله (وظلالهم) قال الحسن: أما ظلك فيسجد لله، وأما أنت فتكفر به، وظل ظليل فائض، وقوله: (وندخلهم ظلا ظليلا) كناية عن غضارة العيش، والظلة سحابة تظل وأكثر ما يقال فيما يستوخم ويكره، قال: (كأنه ظلة - عذاب يوم الظلة - أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام) أي عذابه يأتيهم، والظلل جمع ظلة كغرفة وغرف وقربة وقرب، وقرئ في ظلال وذلك إما جمع ظلة نحو غلبة وغلاب وحفرة وحفار، وإما جمع ظل نحو: (يتفيؤ ظلاله) وقال بعض أهل اللغة: يقال للشاخص ظل، قال ويدل على ذلك قول الشاعر: * لما نزلنا رفعنا ظل أخبية * وقال: ليس ينصبون الظل الذى هو الفئ إنما

ينصبون الاخبية، وقال آخر: * يتبع أفياء الظلال عشية * أي أفياء الشخوص وليس في هذا دلالة فإن قوله: رفعنا ظل أخبية، معناه رفعنا الاخبية
فرفعنا به ظلها فكأنه رفع الظل.
وقوله أفياء الظلال فالظلال عام والفئ خاص، وقوله أفياء الظلال، هو من إضافة الشئ إلى جنسه.
والظلة أيضا شئ كهيئة الصفة وعليه حمل قوله تعالى: (وإذا غشيهم موج كالظلل) أي كقطع السحاب.
وقوله تعالى: (لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل) وقد يقال ظل لكل ساتر محمودا كان أو مذموما، فمن المحمود قوله: (ولا الظل ولا الحرور) وقوله (ودانية عليهم ظلالها) ومن المذموم قوله: (وظل من يحموم) وقوله: (إلى ظل ذى ثلاث شعب) الظل ههنا كالظلة لقوله: (ظلل من النار)، وقوله: (لا ظليل) لا يفيد فائدة الظل في كونه واقيا عن الحر، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى لم يكن له ظل ولهذا تأويل يختص بغير هذا الموضع.
وظلت وظللت بحذف إحدى اللامين يعبر به عما يفعل بالنهار ويجرى مجرى صرت: (فظلتم تفكهون - لظلوا من بعده يكفرون - ظلت عليه عاكفا).
ظلم: الظلمة عدم النور وجمعها ظلمات، قال (أو كظلمات في بحر لجى - ظلمات بعضها فوق
بعض) وقال تعالى: (أم من يهديكم في ظلمات البر والبحر - وجعل الظلمات والنور) ويعبر بها عن الجهل والشرك والفسق كما يعبر بالنور عن أضدادها، قال الله تعالى: (يخرجهم من الظلمات إلى النور - أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور - فنادى في الظمات - كمن مثله في الظلمات) هو كقوله: (كمن هو أعمى) وقوله في سورة الانعام: (والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات) فقوله: (في الظلمات) ههنا موضوع موضع العمى في قوله (صم بكم عمى) وقوله في: (ظلمات ثلاث) أي البطن والرحم والمشيمة، وأظلم فلان حصل في ظلمة، قال: (فإذاهم مظلمون) والظلم عند أهل اللغة وكثير من العلماء وضع الشئ في غير موضعه المختص به إما بنقصان أو بزيادة، وإما بعدول عن وقته أو مكانه، ومن هذا يقال ظلمت السقاء إذا تناولته في غير وقته، ويسمى ذلك اللبن الظليم.
وظلمت الارض حفرتها ولم تكن موضعا للحفر وتلك الارض يقال لها المظلومة والتراب الذى يخرج منها ظليم.
والظلم يقال في مجاوزة الحق الذى يجرى مجرى نقطة الدائرة، ويقال فيما يكثر وفيما يقل من التجاوز
ولهذا يستعمل في الذنب الكبير وفى الذنب الصغير ولذلك قيل لادم في تعديه ظالم وفى إبليس ظالم وإن كان بين الظلمين بون بعيد.
قال بعض الحكماء: الظلم ثلاثة:

الاول: ظلم بين الانسان وبين الله تعالى وأعظمه الكفر والشرك والنفاق، ولذلك قال: (إن الشرك لظلم عظيم) وإياه قصد بقوله: (ألا لعنة الله على الظالمين - والظالمين أعد لهم عذابا أليما) في آى كثيرة وقال: (فمن أظلم ممن كذب على الله - ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا).
والثانى: ظلم بينه وبين الناس وإياه قصد بقوله: (وجزاء سيئة سيئة) إلى قوله: (إنه لا يحب الظالمين) وبقوله: (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس) وبقوله: (ومن قتل مظلوما).
والثالث: ظلم بينه وبين نفسه وإياه قصد بقوله: (فمنهم ظالم لنفسه) وقوله: (ظلمت نفسي - إذ ظلموا أنفسهم - فتكونا من الظالمين) أي من الظالمين أنفسهم: (ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه) وكل
هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس فإن الانسان في أول ما يهم بالظلم فقد ظلم نفسه، فإذا الظالم أبدا مبتدئ في الظلم ولهذا قال تعالى في غير موضع: (وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون - وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) وقوله: (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) فقد قيل هو الشرك بدلالة أنه لما نزلت هذه الاية شق ذلك على أصحاب النبي عليه السلام وقال لهم ألم تروا إلى قوله: (إن الشرك لظلم عظيم) وقوله: (ولم تظلم منه شيئا) أي لم تنقص وقوله: (ولو أن للذين ظلموا ما في الارض جميعا) فإنه يتناول الانواع الثلاثة من الظلم، فما أحد كان منه ظلم ما في الدنيا إلا ولو حصل له ما في الارض ومثله معه لكان يفتدى به، وقوله: (هم أظلم وأطغى) تنبيها أن الظلم لا يغنى ولا يجدى ولا يخلص بل يردى بدلالة قوم نوح.
وقوله (وما الله يريد ظلما للعباد) وفى موضع.
(وما أنا بظلام للعبيد) وتخصيص أحدهما بالارادة مع لفظ العباد والاخر بلفظ الظلام للعبيد يختص بما بعد هذا الكتاب.
والظليم ذكر النعام، وقيل إنما سمى بذلك
لاعتقادهم أنه مظلوم للمعنى الذى أشار إليه الشاعر: فصرت كالهيق عدا يبتغى * قرنا فلم يرجع بأذنين والظلم ماء الاسنان، قال الخليل: لقيته أدنى ظلم أو ذى ظلمة، أي أول شئ سد بصرك، قال: ولا يشتق منه فعل، ولقيته أدنى ظلم كذلك.
ظمأ: الظمء ما بين الشربتين، والظمأ العطش الذي يعرض من ذلك، يقال ظمئ يظمأ فهو ظمآن، قال (لا تظمأ فيها ولا تضحى) وقال: (يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا).

ظن: الظن اسم لما يحصل عن أمارة ومتى قويت أدت إلى العلم، ومتى ضعفت جدا لم يتجاوز حد التوهم، ومتى قوى أو تصور تصور القوي استعمل معه أن المشددة وأن المخففة منها.
ومتى ضعف استعمل أن وأن المختصة بالمعدومين من القول والفعل، فقوله (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم - وكذا يظنون أنهم ملاقوا الله) فمن اليقين (وظن
أنه الفراق) وقوله: (ألا يظن أولئك) وهو نهاية في ذمهم.
ومعناه ألا يكون منهم ظن لذلك تنبيها أن أمارات البعث ظاهرة.
وقوله (وظن أهلها أنهم قادرون عليها) تنبيها أنهم صاروا في حكم العالمين لفراط طمعهم وأملهم وقوله (وظن داود أنما فتناه) أي علم والفتنة ههنا، كقوله: (وفتناك فتونا)، وقوله: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه) فقد قيل الاولى أن يكون من الظن الذى هو التوهم، أي ظن أن لن نضيق عليه وقوله: (واستكبر هو وجنوده في الارض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون) فإنه استعمل فيه أن المستعمل مع الظن الذى هو للعلم تنبيها أنهم اعتقدوا ذلك اعتقادهم للشئ المتيقن وإن لم يكن ذلك متيقنا، وقوله: (يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية) أي يظنون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصدقهم فيما أخبرهم به كما ظن الجاهلية تنبيها أن هؤلاء المنافقين هم في حيز الكفار، وقوله (وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم) أي اعتقدوا اعتقادا كانوا منه في حكم المتيقنين، وعلى هذا قوله (ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا
مما تعملون - وذلكم ظنكم الذى ظننتم) وقوله (الظانين بالله ظن السوء) هو مفسر بما بعده وهو قوله: (بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول - إن نظن إلا ظنا) والظن في كثير من الامور مذموم ولذلك (وما يتبع أكثرهم إلا ظنا - إن الظن - وأنهم طنوا كما ظننتم) وقرئ (وما هو على الغيب بظنين) أي بمتهم.
ظهر: الظهر الجارحة وجمعه ظهور، قال: (وأما من أوتى كتابه وراء ظهره - من ظهورهم ذريتهم - أنقض ظهرك) والظهر ههنا استعارة تشبيها للذنوب بالحمل الذى ينوء بحامله واستعير لظاهر الارض فقيل ظهر الارض وبطنها، قال تعالى (ما ترك على ظهرها من دابة) ورجل مظهر شديد الظهر، وظهر يشتكى ظهره.
ويعبر عن المركوب بالظهر، ويستعار لمن يتقوى به، وبعير ظهير قوى بين الظهارة وظهري معد للركوب، والظهري أيضا ما تجعله بظهرك فتنساه، قال (وراءكم ظهريا) وظهر عليه غلبه وقال (إنهم إن يظهروا عليكم) وظاهرته عاونته، قال (وظاهروا على إخراجكم - وإن تظاهرا عليه) أي تعاونا (تظاهرون

عليهم بالاثم والعدوان) وقرئ تظاهرا (الذين ظاهروهم - وما له منهم من ظهير) أي معين (ولا تكونن ظهيرا للكافرين - والملائكة بعد ذلك ظهير - وكان الكافر على ربه ظهيرا) أي معينا للشيطان على الرحمن.
وقال أبو عبيدة: الظهير هو المظهور به، أي هينا على ربه كالشئ الذى خلفته من قولك: ظهرت بكذا أي خلفته ولم ألتفت إليه.
والظهار أن يقول الرجل لامرأته: أنت على كظهر أمي، يقال ظاهر من امرأته، قال تعالى (والذين يظاهرون من نسائهم) وقرئ يظاهرون أي يتظاهرون، فأدغم ويظهرون، وظهر الشئ أصله أن يحصل شئ على ظهر الارض فلا يخفى وبطن إذا حصل في بطنان الارض فيخفى ثم صار مستعملا في كل بارز مبصر بالبصر والبصيرة، قال (أو أن يظهر في الارض الفساد - ما ظهر منها وما بطن - إلا مراء ظاهرا - يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) أي يعلمون الامور الدنيوية دون الاخروية، والعلم الظاهر والباطن تارة يشار بهما إلى المعارف الجلية والمعارف الخفية وتارة إلى العلوم
الدنيوية، والعلوم الاخروية، وقوله: (باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب) وقوله: (ظهر الفساد في البر والبحر) أي كثر وشاع، وقوله: (نعمه ظاهرة وباطنة) يعنى بالظاهرة ما نقف عليها وبالباطنة ما لا نعرفها، وإليه أشار بقوله (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) وقوله (قري ظاهرة) فقد حمل ذلك على ظاهره، وقيل هو مثل لاحوال تختص بما بعد هذا الكتاب إن شاء الله، وقوله (فلا يظهر على غيبه أحدا) أي لا يطلع عليه وقوله (ليظهره على الدين كله) يصح أن يكون من البروز وأن يكون من المعاونة والغلبة أي ليغلبه على الدين كله.
وعلى هذا قوله (إن يظهروا عليكم يرجموكم) وقوله تعالى: (يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الارض - فما استطاعوا أن يظهروه) وصلاة الظهر معروفة والظهيرة وقت الظهر، وأظهر فلان حصل في ذلك الوقت على بناء أصبح وأمسى.
قال تعالى: (وله الحمد في السموات والارض وعشيا وحين تظهرون).

كتاب العين
عبد: العبودية إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها لانها غاية التذلل ولا يستحقها إلا من له غاية الافضال وهو الله تعالى ولهذا قال (ألا تعبدوا إلا إياه) والعبادة ضربان: عبادة بالتسخير وهو كما ذكرناه في السجود، وعبادة بالاختيار وهى لذوى النطق وهى المأمور بها في نحو قوله (اعبدوا ربكم - واعبدوا الله) والعبد يقال على أربعة أضرب: الاول: عبد بحكم الشرع وهو الانسان الذى يصح بيعه وابتياعه نحو (العبد بالعبد - وعبدا مملوكا لا يقدر على شئ).
الثاني: عبد بالايجاد وذلك ليس إلا لله وإياه قصد بقوله (إن كل من في السموات والارض إلا آتى الرحمن عبدا).
والثالث: عبد بالعبادة والخدمة والناس في هذا ضربان: عبد لله مخلصا وهو المقصود بقوله: (واذكر عبدنا أيوب إنه كان عبدا شكورا - نزل الفرقان على عبده - على عبده الكتاب - إن عبادي ليس لك عليهم سلطان - كونوا عبادا لى - إلا عبادك منهم المخلصين -
وعد الرحمن عباده بالغيب - وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا - أن أسر بعبادي ليلا - فوجدا عبدا من عبادنا).
وعبد للدنيا وأعراضها وهو المعتكف على خدمتها ومراعاتها وإياه قصد النبي عليه الصلاة والسلام بقوله " تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار " وعلى هذا النحو يصح أن يقال ليس كل إنسان عبدا لله فإن العبد على هذ بمعنى العابد، لكن العبد أبلغ من العابد والناس كلهم عباد الله بل الاشياء كلها كذلك لكن بعضها بالتسخير وبعضها بالاختيار وجمع العبد الذى هو مسترق عبيد وقيل عبدا، وجمع العبد الذى هو العابد عباد، فالعبيد إذا أضيف إلى الله أعم من العباد.
ولهذا قال (وما أنا بظلام للعبيد) فنبه أنه لا يظلم من يختص بعبادته ومن انتسب إلى غيره من الذين تسموا بعبد الشمس وعبد اللات ونحو ذلك.
ويقال طريق معبد أي مذلل بالوطء، وبعير معبد مذلل بالقطران

وعبدت فلانا إذا ذللته وإذا اتخذته عبدا، قال تعالى: (أن عبدت بنى إسرائيل).
عبث: العبث أن يخلط بعمله لعبا من قولهم عبثت الاقط، والعبث طعام مخلوط بشئ ومنه قيل العوبنانى لتمر وسمن وسويق مختلط، قال (أتبنون بكل ربع آية تعبثون) ويقال لما ليس له غرض صحيح عبث، قال: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا).
عبر: أصل العبر تجاوز من حال إلى حال، فأما العبور فيختص بتجاوز الماء إما بسباحة أو في سفينة أو على بعير أو قنطرة، ومنه عبر النهر لجانبه حيث يعبر إليه أو منه، واشتق منه عبر العين للدمع والعبرة كالدمعة وقيل عابر سبيل، قال تعالى: (إلا عابرى سبيل) وناقة عبر أسفار، وعبر القوم إذا ماتوا كأنهم عبروا قنطرة الدنيا، وأما العبارة فهى مختصة بالكلام العابر الهواء من لسان المتكلم إلى سمع السامع، والاعتبار والعبرة بالحالة التى يتوصل بها من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد، قال: (إن في ذلك لعبرة - فاعتبروا يا أولى الابصار) والتعبير مختص بتعبير الرؤيا وهو العابر من ظاهرها إلى باطنها نحو: (إن كنتم للرؤيا تعبرون) وهو أخص من التأويل فإن التأويل يقال فيه وفى غيره.
والشعرى
العبور سميت بذلك لكونها عابرة والعبرى ما ينبت على عبر النهر، وشط معبر ترك عليه العبرى.
عبس: العبوس قطوب الوجه من ضيق الصدر قال: (عبس وتولى - ثم عبس وبسر) ومنه قيل يوم عبوس، قال: (يوما عبوسا قمطريرا) وباعتبار ذلك قيل العبس لما يبس على هلب الذنب من البعر والبول وعبس الوسخ على وجهه.
عبقر: عبقر قيل هو موضع للجن ينسب إليه كل نادر من إنسان وحيوان وثوب، ولهذا قيل في عمر: لم أر عبقريا مثله، قال: (وعبقرى حسان) وهو ضرب من الفرش فيما قيل جعله الله تعالى مثلا لفرش الجنة عبأ: ما عبأت به أي لم أبال به، وأصله من العبء أي الثقل كأنه قال ما أرى له وزنا وقدرا قال: (قل ما يعبؤ بكم ربى) وقيل أصله من عبأت الطيب كأنه قيل ما يبقيكم لولا دعاؤكم، وقيل عبأت الجيش وعبأته هيئته، وعبأة الجاهلية ما هي مدخرة في أنفسهم من حميتهم المذكورة في قوله: (في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية).
عتب: العتب كل مكان ناب بنازله، ومنه قيل للمرقاة ولأسكفة الباب عتبة، وكنى بها عن المرأة فيما روى أن إبراهيم عليه السلام قال لامرأة إسماعيل قولى لزوجك غير عتبة بابك.
واستعير العتب والمعتبة

لغلظة يجدها الانسان في نفسه على غيره وأصله من العتب وبحسبه قيل خشنت بصدر فلان ووجدت في صدره غلظة، ومنه قيل حمل فلان على عتبة صعبة أي حالة شاقة كقول الشاعر: وحملناهم على صعبة زو * زاء يعلونها بغير وطاء وقولهم أعتبت فلانا أي أبرزت له الغلظة التى وجدت له في الصدر، وأعتبت فلانا حملته على العتب.
ويقال أعتبته أي أزلت عتبه عنه نحو أشكيته، قال (فما هم من المعتبين) والاستعتاب أن بطلب من الانسان أن يذكر عتبه ليعتب، يقال استعتب فلان، قال (ولا هم يستعتبون) يقال لك العتبى وهو إزالة ما لاجله يعتب وبينهم أعتوبة أي ما يتعاتبون به ويقال عتب عتبا إذا مشى على رجل مشى المرتقى
في درجة.
عتد: العتاد ادخار الشئ قبل الحاجة إليه كالاعداد والعتيد المعد والمعد، قال (هذا مالدى عتيد - رقيب عتيد) أي معتد أعمال العباد وقوله (أعتدنا لهم عذابا أليما) قيل هو أفعلنا من العتاد وقيل أصله أعددنا فأبدل من إحدى الدالين تاء.
وفرس عتيد وعتد حاضر العدو، والعتود من أولاد المعز جمعه أعتدة وعدان على الادغام.
عتق: العتيق المتقدم في الزمان أو المكان أو الرتبة ولذلك قيل للقديم عتيق وللكريم عتيق ولمن خلا عن الرق عتيق، قال تعالى: (وليطوفوا بالبيت العتيق) قيل وصفه بذلك لانه لم يزل معتقا أن تسومه الجبابرة صغارا.
والعاتقان ما بين المنكبين وذلك لكونه مرتفعا عن سائر الجسد، والعاتق الجارية التى عتقت عن الزوج لان المتزوجة مملوكة.
وعتق الفرس تقدم بسبقه، وعتق منى يمين: تقدمت، قال الشاعر: على ألية عتقت قديما * وليس لها وإن طلبت مرام عتل: العتل الاخذ بمجامع الشئ وجره
بقهر كعتل البعير، قال (فاعتلوه إلى سواء الجحيم) والعتل الاكول المنوع الذى يعتل الشئ عتلا، قال: (عتل بعد ذلك زنيم) عتا: العتو النبو عن الطاعة، يقال عتا يعتو عتوا وعتيا، قال (وعتوا عتوا كبيرا - فعتوا عن أمر ربهم - عتت عن أمر ربها - بل لجوا في عتو ونفور - من الكبر عتيا) أي حالة لا سبيل إلى إصلاحها ومداواتها، وقيل إلى رياضة وهى الحالة المشار إليها بقول الشاعر: * ومن العناء رياضة الهرم * وقوله تعالى: (أيهم أشد على الرحمن عتيا)

قيل العتى ههنا مصدر، وقيل هو جمع عات، وقيل العاتى الجاسى.
عثر: عثر الرجل يعثر عثارا وعثورا إذا سقط، ويتجوز به فيمن يطلع على أمر من غير طلبه، قال تعالى: (فإن عثر على أنهما استحقا إثما) يقال عثرت على كذا، قال: (وكذلك أعثرنا عليهم) أي وقفناهم عليهم من غير أن طلبوا.
عثى: العيث والعثى يتقاربان نحو جذب وجبذ إلا أن العيث أكثر ما يقال في الفساد الذى يدرك حسا، والعثى فيما يدرك حكما.
يقال عثى يعثى عثيا وعلى هذا (ولا تعثوا في الارض مفسدين) وعثا يعثو عثوا، والاعثى لون إلى السواد وقيل للاحمق الثقيل أعثى.
عجب: العجب والتعجب حالة تعرض للانسان عند الجهل بسبب الشئ ولهذا قال بعض الحكماء: العجب ما لا يعرف سببه ولهذا قيل لا يصح على الله التعجب إذ هو علام الغيوب لا تخفى عليه خافية.
يقال عجبت عجبا ويقال للشئ الذى يتعجب منه عجب، ولما لم يعهد مثله عجيب، قال (أكان للناس عجبا أن أوحينا) تنبيها أنهم قد عهدوا مثل ذلك قبله، وقوله (بل عجبوا أن جاءهم - وإن تعجب فعجب قولهم - كانوا من آياتنا عجبا) أي ليس ذلك في نهاية العجب بل في أمورنا ما هو أعظم وأعجب منه (قرآنا عجبا) أي لم يعهد مثله ولم يعرف سببه ويستعار مرة للمونق فيقال أعجبني كذا أي راقني، قال (ومن الناس من يعجبك قوله - ولا تعجبك أموالهم - ويوم حنين إذ
أعجبتكم كثرتكم - أعجب الكفار نباته) وقال (بل عجبت ويسخرون) أي عجبت من إنكارهم للبعث لشدة تحققك معرفته ويسخرون لجهلهم، وقيل عجبت من إنكارهم الوحى وقرأ بعضهم (بل عجبت) بضم التاء وليس ذلك إضافة المتعجب إلى نفسه في الحقيقة بل معناه أنه مما يقال عنده عجبت، أو يكون عجبت مستعارا بمعنى أنكرت نحو (أتعجبين من أمر الله - إن هذا لشئ عجاب)، ويقال لمن يروقه نفسه فلان معجب بنفسه، والعجب من كل دابة: ما ضمر وركه.
عجز: عجز الانسان مؤخره وبه شبه مؤخر غيره، قال: (كأنهم أعجاز نخل منقعر) والعجز أصله التأخر عن الشئ وحصوله عند عجز الامر أي مؤخره كما ذكر في الدبر، وصار في التعارف اسما للقصور عن فعل الشئ وهو ضد القدرة، قال (أعجزت أن أكون) وأعجزت فلانا وعجزته وعاجزته جعلته عاجزا، قال (واعلموا أنكم غير معجزى الله - وما أنتم بمعجزين في الارض - والذين سعوا في آياتنا معاجزين) وقرئ معجزين، فمعاجزين قيل معناه ظانين

ومقدرين أنهم يعجزوننا لانهم حسبوا أن لا بعث ولا نشور فيكون ثواب وعقاب، وهذا في المعنى كقوله: (أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا) ومعجزين ينسبون إلى العجز من تبع النبي صلى الله عليه وسلم وذلك نحو جهلته وفسقته أي نسبته إلى ذلك.
وقيل معناه مثبطين أي يثبطون الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم كقوله (الذين يصدون عن سبيل الله) والعجوز سميت لعجزها في كثير من الامور، قال (إلا عجوزا في الغابرين) وقال (أألد وأنا عجوز).
عجف: قال (سبع عجاف) جمع أعجف وعجفاء أي الدقيق من الهزال من قولهم نصل أعجف دقيق، وأعجف الرجل صارت مواشيه عجافا، وعجفت نفسي عن الطعام وعن فلان أي نبت عنهما.
عجل: العجلة طلب الشئ وتحريه قبل أوانه وهو من مقتضى الشهوة فلذلك صارت مذمومة في عامة القرآن حتى قيل العجلة من الشيطان، قال (سأريكم آياتى فلا تستعجلون - ولا تعجل بالقرآن - وما أعجلك عن قومك -
وعجلت إليك) فذكر أن عجلته وإن كانت مذمومة فالذي دعا إليها أمر محمود وهو طلب رضا الله تعالى، قال: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه - ويستعجلونك بالسيئة - لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة - ويستعجلونك بالعذاب - ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير - خلق الانسان من عجل) قال بعضهم من حمإ وليس بشئ بل تنبيه على أنه لا يتعرى من ذلك وأن ذلك أحد الاخلاق التى ركب عليها وعلى ذلك قال (وكان الانسان عجولا)، وقوله: (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) أي الاعراض الدنيوية، وهبنا ما نشاء لمن نريد أن نعطيه ذلك (عجل لنا قطنا - فعجل لكم هذه) والعجالة ما يعجل أكله كاللهنة، وقد عجلتهم ولهنتهم، والعجلة الاداوة الصغيرة التى يعجل بها عند الحاجة، والعجلة خشبة معترضة على نعامة البئر وما يحمل على الثيران وذلك لسرعة مرها.
والعجل ولد البقرة لتصور عجلتها التى تعدم منه إذا صار ثورا، قال (عجلا جسدا) وبقرة معجل لها عجل.
عجم: العجمة خلاف الابانة، والاعجام
الابهام، واستعجمت الدار إذا بان أهلها ولم يبق فيها عريب أي من يبين جوابا، ولذلك قال بعض العرب: خرجت عن بلاد تنطق، كناية عن عمارتها وكون السكان فيها.
والعجم خلاف العرب، والعجمي منسوب إليهم، والاعجم من في لسانه عجمة عربيا كان أو غير عربي اعتبارا بقلة فهمهم عن العجم.
ومنه قيل للبهيمة عجماء والاعجمي منسوب إليه، قال: (ولو نزلناه على بعض الاعجمين) على حذف

الياآت، قال: (ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته - أأعجمى وعربى - يلحدون إليه أعجمى) وسميت البهيمة عجماء من حيث إنها لا تبين عن نفسها بالعبارة إبانة الناطق.
وقيل صلاة النهار عجماء أي لا يجهر فيها بالقراءة، وجرح العجماء جبار، وأعجمت الكلام ضد أعربت، وأعجمت الكتابة أزلت عجمتها نحو أشكيته إذا أزلت شكايته.
وحروف المعجم، روى عن الخليل أنها هي الحروف المقطعة لانها أعجمية، قال بعضهم: معنى قوله: أعجمية أن الحروف المتجردة لا تدل على ما تدل عليه الحروف الموصولة.
وباب معجم مبهم، والعجم النوى الواحدة عجمة إما لاستتارها في ثنى ما فيه، وإما بما أخفى من أجزائه بضغط المضغ، أو لانه أدخل في الفم في حال ما عض عليه فأخفى، والعجم العض عليه، وفلان صلب المعجم أي شديد عند المختبر.
عد: العدد آحاد مركبة وقيل تركيب الاحاد وهما واحد قال (عدد السنين والحساب) وقوله تعالى: (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا) فذكره للعدد تنبيه على كثرتها والعد ضم الاعداد بعضها إلى بعض، قال تعالى: (لقد أحصاهم وعدهم عدا - فاسأل العادين) أي أصحاب العدد والحساب.
وقال تعالى: (كم لبثتم في الارض عدد سنين - وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) ويتجوز بالعد على أوجه، يقال شئ معدود ومحصور للقليل مقابلة لما لا يحصى كثرة نحو المشار إليه بقوله بغير حساب، وعلى ذلك (إلا أياما معدودة) أي قليلة لانهم قالوا نعذب الايام التى فيها عبدنا العجل، ويقال على الضد من ذلك نحو: جيش عديد: كثير، وإنهم لذو عدد، أي هم بحيث يجب أن يعدوا كثرة، فيقال في القليل
هو شئ غير معدود، وقوله: (في الكهف سنين عددا) يحتمل الامرين، ومنه قولهم: هذا غير معتد به، وله عدة أي شئ كثير يعد من مال وسلاح وغيرهما، قال (لاعدوا له عدة) وماء عد، والعدة هي الشئ المعدود، قال (وما جعلنا عدتهم) أي عددهم وقوله: (فعدة من أيام أخر) أي عليه أيام بعدد ما فاته من زمان آخر غير زمان شهر رمضان (إن عدة الشهور) والعدة عدة المرأة وهى الايام التى بانقضائها يحل لها التزوج، قال: (فما لكم عليهن من عدة تعتدونها - فطلقوهن لعدتهن - وأحصوا العدة) والاعداد من العد كالاسقاء من السقى فإذا قيل أعددت هذا لك أي جعلته بحيث تعده وتتناوله بحسب حاجتك إليه، قال: (وأعدوا لهم ما استطعتم) وقوله (أعدت للكافرين - وأعد لهم جنات - أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما - وأعتدنا لمن كذب) وقوله (وأعتدت لهن متكأ) قيل هو منه، وقوله (فعدة من

أيام أخر) أي عدد ما قد فاته، وقوله: (ولتكملوا العدة) أي عدة الشهر وقوله (أياما معدودات) فإشارة إلى شهر رمضان.
وقوله:
(واذكروا الله في أيام معدودات) فهى ثلاثة أيام بعد النحر، والمعلومات عشر ذى الحجة.
وعند بعض الفقهاء: المعدودات يوم النحر ويومان بعده، فعلى هذا يوم النحر يكون من المعدودات والمعلومات والعداد الوقت الذى يعد لمعاودة الوجع، وقال عليه الصلاة والسلام: " ما زالت أكلة خيبر تعاودني " وعدان الشئ زمانه.
عدس: العدس الحب المعروف.
قال: (وعدسها وبصلها) والعدسة بثرة على هيئته، وعدس زجر للبغل ونحوه، ومنه عدس في الارض وهى عدوس.
عدل: العدالة والمعادلة لفظ يقتضى معنى المساواة ويستعمل باعتبار المضايفة والعدل والعدل يتقاربان، لكن العدل يستعمل فيما يدرك بالبصيرة كالاحكام، وعلى ذلك قوله (أو عدل ذلك صياما) والعدل والعديل فيما يدرك بالحاسة كالموزونات والمعدودات والمكيلات، فالعدل هو التقسيط على سواء، وعلى هذا روى بالعدل قامت السموات والارض تنبيها أنه لو كان ركن من الاركان الاربعة في العالم زائدا على الاخر أو ناقصا عنه على مقتضى الحكمة لم يكن
العالم منتظما.
والعدل ضربان: مطلق يقتضى العقل حسنه ولا يكون في شئ من الازمنة منسوخا ولا يوصف بالاعتداء بوجه نحو الاحسان إلى من أحسن إليك وكف الاذية عمن كف أذاه عنك.
وعدل يعرف كونه عدلا بالشرع، ويمكن أن يكون منسوخا في بعض الازمنة كالقصاص وأروش الجنايات، وأصل مال المرتد.
ولذلك قال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) وقال (وجزاء سيئة سيئة مثلها) فسمى اعتداء وسيئة، وهذا النحو هو المعنى بقوله: (إن الله يأمر بالعدل والاحسان) فإن العدل هو المساواة في المكافأة إن خيرا فخير وإن شرا فشر، والاحسان أن يقابل الخير بأكثر منه والشر بأقل منه، ورجل عدل عادل ورجال عدل، يقال في الواحد والجمع، قال الشاعر: * فهم رضا وهم عدل * وأصله مصدر كقوله: (وأشهدوا ذوى عدل منكم) أي عدالة، قال: (وأمرت لاعدل بينكم) وقوله: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) فإشارة إلى ما عليه جبلة الناس من الميل، فالانسان لا يقدر على أن يسوى بينهن
في المحبة، وقوله: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) فإشارة إلى العدل الذى هو القسم والنفقة، وقال (لا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا) وقوله (أو عدل ذلك صياما) أي ما يعادل من الصيام الطعام، فيقال

للغذاء عدل إذا اعتبر فيه معنى المساواة.
وقولهم (لا يقبل منه صرف ولا عدل) فالعدل قيل هو كناية عن الفريضة وحقيقته ما تقدم، والصرف النافلة وهو الزيادة على ذلك فهما كالعدل والاحسان.
ومعنى أنه لا يقبل منه أنه لا يكون له خير يقبل منه، وقوله (بربهم يعدلون) أي يجعلون له عديلا فصار كقوله: (هم به مشركون) وقيل يعدلون بأفعاله عنه وينسبونها إلى غيره، وقيل يعدلون بعبادتهم عنه تعالى، وقوله (بل هم قوم يعدلون) يصح أن يكون على هذا كأنه قال يعدلون به، ويصح أن يكون من قولهم عدل عن الحق إذا جار عدولا، وأيام معتدلات طيبات لاعتدالها، وعادل بين الامرين إذا نظر أيهما أرجح، وعادل الامر ارتبك فيه فلا يميل برأيه إلى أحد طرفيه، وقولهم.
وضع على
يدى عدل فمثل مشهور.
عدن: (جنات عدن) أي استقرار وثبات، وعدن بمكان كذا استقر ومنه المعدن لمستقر الجواهر، وقال عليه الصلاة والسلام " المعدن جبار ".
عدا: العدو التجاوز ومنافاة الالتئام فتارة يعتبر بالقلب فيقال له العداوة والمعاداة، وتارة بالمشى فيقال له العدو، وتارة في الاخلال بالعدالة في المعاملة فيقال له العدوان والعدو، قال: (فيسبوا الله عدوا بغير علم) وتارة بأجزاء المقر فيقال له العدواء، يقال مكان ذو عدواء أي غير متلائم الاجزاء.
فمن المعاداة يقال رجل عدو وقوم عدو، قال: (بعضكم لبعض عدو) وقد يجمع على عدى وأعداء، قال: (ويوم يحشر أعداء الله) والعدو ضربان، أحدهما: بقصد من المعادي نحو: (وإن كان من قوم عدو لكم - جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين) وفى أخرى (عدوا شياطين الانس والجن).
والثانى: لا بقصده بل تعرض له حالة يتأذى بها كما يتأذى مما يكون من العدى نحو قوله: (فإنهم عدو لى إلا رب العالمين) وقوله في
الاولاد: (عدوا لكم فاحذروهم) ومن العدو يقال: * فعادى عداء بين ثور ونعجة * أي أعدى أحدهما إثر الاخر، وتعادت المواشى بعضها في إثر بعض، ورأيت عداء القوم الذين يعدون من الرجالة.
والاعتداء مجاوزة الحق، قال: (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا) وقال: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده) (اعتدوا منكم في السبت) فذلك بأخذهم الحيتان على جهة الاستحلال، قال: (تلك حدود الله فلا تعتدوها) وقال: (فأولئك هم العادون - فمن اعتدى بعد ذلك - بل أنتم قوم عادون) أي معتدون أو معادون أو متجاوزون الطور من قولهم عدا طوره: (ولا تعتدوا إن الله

لا يحب العتدين) فهذا هو الاعتداء على سبيل الابتداء لا على سبيل المجازاة لانه قال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) أي قابلوه بحسب اعتدائه وتجاوزوا إليه بحسب تجاوزه.
ومن العدوان المحظور ابتداء قوله: (وتعاونوا على البر والتقوي ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) ومن العدوان الذى
هو على سبيل المجازاة ويصح أن يتعاطى مع من ابتدأ قوله: (فلا عدوان إلا على الظالمين - ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا) وقوله تعالى: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) أي غير باغ لتناول لذة ولا عاد أي متجاوز سد الجوعة، وقيل غير باغ على الامام ولا عاد في المعصية طريق المخبتين.
وقد عدا طوره تجاوزه وتعدى إلى غيره ومنه التعدي في الفعل.
وتعدية الفعل في النحو هو تجاوز معنى الفعل من الفاعل إلى المفعول.
وما عدا كذا يستعمل في الاستثناء، وقوله: (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى) أي الجانب المتجاوز للقرب.
عذب: ماء عذب طيب بارد، قال: (هذا عذب فرات) وأعذب القوم صار لهم ماء عذب والعذاب هو الايجاع الشديد وقد عذبه تعذيبا أكثر حبسه في العذاب، قال: (لا عذبنه عذابا شديدا - وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) أي ما كان يعذبهم عذاب الاستئصال، وقوله: (وما لهم ألا يعذبهم الله) لا يعذبهم بالسيف وقال: (وما كنا معذبين - وما نحن
بمعذبين - ولهم عذاب واصب - ولهم عذاب أليم - وأن عذابي هو العذاب الاليم) واختلف في أصله فقال بعضهم هو من قولهم عذب الرجل إذا ترك المأكل والنوم فهو عاذب وعذوب، فالتعذيب في الاصل هو حمل الانسان أن يعذب أي يجوع ويسهر، وقيل أصله من العذب فعذبته أي أزلت عذب حياته على بناء مرضته وقذيته، وقيل أصل التعذيب إكثار الضرب بعذبة السوط أي طرفها، وقد قال بعض أهل اللغة: التعذيب هو الضرب، وقيل هو من قولهم ماء عذب إذا كان فيه قذى وكدر فيكون عذبته كقولك كدرت عيشه وزلقت حياته، وعذبة السوط واللسان والشجر أطرافها عذر: العذر تحرى الانسان ما يمحو به ذنوبه.
ويقال عذر وعذر وذلك على ثلاثة أضرب: إما أن يقول لم أفعل أو يقول فعلت لاجل كذا فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا، أو يقول فعلت ولا أعود ونحو ذلك من المقال.
وهذا الثالث هو التوبة فكل توبة عذر وليس كل عذر توبة، واعتذرت إليه أتيت بعذر، وعذرته قبلت عذره، قال (يعتذرون إليكم
قل لا تعتذروا) والمعذر من يرى أن له عذرا

ولا عذر له، قال: (وجاء المعذرون) وقرئ المعذرون أي الذين يأتون بالعذر.
قال ابن عباس: لعن الله المعذرين ورحم المعذرين، وقوله (قالوا معذرة إلى ربكم) فهو مصدر عذرت كأنه قيل أطلب منه أن يعذرني، وأعذر: أتى بما صار به معذورا، وقيل أعذر من أنذر: أتى بما صار به معذورا، قال بعضهم: أصل العذر من العذرة وهو الشئ النجس ومنه سمى القلفة العذرة فقيل عذرت الصبى إذا طهرته وأزلت عذرته، وكذا عذرت فلانا أزلت نجاسة ذنبه بالعفو عنه كقولك غفرت له أي سترت ذنبه، وسمى جلدة البكارة عذرة تشبيها بعذرتها التى هي القلفة، فقيل عذرتها أي افتضضتها، وقيل للعارض في حلق الصبى عذرة فقيل عذر الصبى إذا أصابه ذلك، قال الشاعر: * غمز الطبيب نغانغ المعذور * ويقال اعتذرت المياه انقطعت، واعتذرت المنازل درست على طريق التشبيه بالمعتذر
الذى يندرس ذنبه لوضوح عذره، والعاذرة قيل المستحاضة، والعذور السيئ الخلق اعتبارا بالعذرة أي النجاسة، وأصل العذرة فناء الدار وسمى ما يلقى فيه باسمها.
عر: قال (أطعموا القانع والمعتر) وهو المعترض للسؤال، يقال عره يعره واعتررت بك حاجتى، والعر والعر الجرب الذى يعر البدن أي يعترضه، ومنه قيل للمضرة معرة تشبيها بالعر الذى هو الجرب، قال (فتصيبكم منهم معرة بغير علم) والعرار حكاية حفيف الريح ومنه العرار لصوت الظليم حكاية لصوتها وقد عار الظليم، والعرعر شجر سمى به لحكاية صوت حفيفها وعرعار لعبة لهم حكاية لصوتها.
عرب: العرب ولد إسماعيل والاعراب جمعه في الاصل وصار ذلك اسما لسكان البادية (قالت الاعراب آمنا - الاعراب أشد كفرا ونفاقا - ومن الاعراب من يؤمن بالله واليوم الاخر) وقيل في جمع الاعراب أعاريب، قال الشاعر: أعاريب ذوو فخر بإفك * وألسنة لطاف في المقال
والاعرابي في التعارف صار اسما للمنسوبين إلى سكان البادية، والعربي المفصح، والاعراب البيان يقال: أعرب عن نفسه.
وفى الحديث: " الثيب تعرب عن نفسها " أي تبين وإعراب الكلام إيضاح فصاحته، وخص الاعراب في تعارف النحويين بالحركات والسكنات المتعاقبة على أواخر الكلم، والعربي الفصيح البين من الكلام، قال (قرآنا عربيا) وقوله (بلسان عربي مبين - فصلت آياته - قرآنا عربيا) حكما عربيا.
وما بالدار عريب أي أحد يعرب عن نفسه، وامرأة عروبة معربة بحالها عن عفتها ومحبة زوجها، وجمعها

عرب، قال: (عربا أترابا) وعربت عليه إذا رددت من حيث الاعراب.
وفى الحديث: " عربوا على الامام " والمعرب صاحب الفرس العربي، كقولك المجرب لصاحب الجرب.
وقوله (حكما عربيا) قيل معناه مفصحا يحق الحق ويبطل الباطل، وقيل معناه شريفا كريما من قولهم عرب أتراب أو وصفه بذلك كوصفه بكريم في قوله (كتاب كريم) وقيل معناه معربا من قولهم: عربوا على الامام،
ومعناه ناسخا لما فيه من الاحكام، وقيل منسوب إلى النبي العربي، والعربي إذا نسب إليه قيل عربي فيكون لفظه كلفظ المنسوب إليه، ويعرب قيل هو أول من نقل السريانية إلى العربية فسمى باسم فعله.
عرج: العروج ذهاب في صعود، قال (تعرج الملائكة والروح - فظلوا فيه يعرجون) والمعارج المصاعد قال: (ذى المعارج) وليلة المعراج سميت لصعود الدعاء فيها إشارة إلى قوله: (إليه يصعد الكلم الطيب) وعرج عروجا وعرجانا مشى مشى العارج أي الذاهب في صعود كما يقال درج إذا مشى مشى الصاعد في درجه، وعرج صار ذلك خلقة له، وقيل للضبع عرجاء لكونها في خلقتها ذات عرج وتعارج نحو تضالع ومنه استعير.
* عرج قليلا عن مدى غلوائكا * أي احبسه عن التصعد.
والعرج قطيع ضخم من الابل، كأنه قد عرج كثرة، أي صعد.
عرجن: (حتى عاد كالعرجون القديم) أي ألفافه من أغصانه.
عرش: العرش في الاصل شئ مسقف،
وجمعه عروش، قال (وهى خاوية على عروشها) ومنه قيل عرشت الكرم وعرشته إذا جعلت له كهيئة سقف وقد يقال لذلك المعرش، قال: (معروشات وغير معروشات - ومن الشجر ومما يعرشون - وما كانوا يعرشون) قال أبو عبيدة: يبنون، واعترش العنب ركب عرشه، والعرش شبه هودج للمرأة شبيها في الهيئة بعرش الكرم، وعرشت البئر جعلت له عريشا وسمى مجلس السطان عرشا اعتبارا بعلوه.
قال (ورفع أبويه على العرش - أيكم يأتيني بعرشها - نكروا لها عرشها - أهكذا عرشك) وكنى به عن العز والسلطان والمملكة، قيل فلان ثل عرشه.
وروى أن عمر رضى الله عنه رؤى في المنام فقيل ما فعل بك ربك ؟ فقال لولا أن تداركني برحمته لثل عرشى.
وعرش الله ما لا يعلمه البشر على الحقيقة إلا بالاسم، وليس كما تذهب إليه أوهام العامة فإنه لو كان كذلك لكان حاملا له تعالى عن ذلك لا محمولا، والله تعالى يقول: (إن الله يمسك السموات والارض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده) وقال قوم هو الفلك الاعلى

والكرسي فلك الكواكب، واستدل بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما السموات السبع والارضون السبع في جنب الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة " والكرسي عند العرش كذلك وقوله.
(وكان عرشه على الماء) تنبيه أن العرش لم يزل منذ أوجد مستعليا على الماء.
وقوله (ذو العرش المجيد - رفيع الدرجات ذو العرش) وما يجرى مجراه قيل هو إشارة إلى مملكته وسلطانه لا إلى مقر له يتعالى عن ذلك.
عرض: العرض خلاف الطول وأصله أن يقال في الاجسام ثم يستعمل في غيرها كما قال (فذو دعاء عريض) والعرض خص بالجانب وعرض الشئ بدا عرضه وعرضت العود على الاناء واعترض الشئ في حلقه وقف فيه بالعرض واعترض الفرس في مشيه وفيه عرضية أي اعتراض في مشيه من الصعوبة، وعرضت الشئ على البيع وعلى فلان ولفلان نحو (ثم عرضهم على الملائكة - وعرضوا على ربك صفا - إنا عرضنا الامانة - وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا - ويوم يعرض الذين كفروا على النار) وعرضت الجند، والعارض كفروا
على النار) وعرضت الجند، والعارض البادى عرضه فتارة يخص بالسحاب نحو (هذا عارض ممطرنا) وبما يعرض من السقم فيقال به عارض من سقم، وتارة بالخد نحو أخذ من عارضيه وتارة بالسن ومنه قيل العوارض للثنايا التى تظهر عند الضحك، وقيل فلان شديد العارضة كناية عن جودة البيان، وبعير عروض يأكل الشوك بعارضيه، والعرضة ما يجعل معرضا للشئ، قال (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) وبعير عرضة للسفر أي يجعل معرضا له، وأعرض أظهر عرضه أي ناحيته.
فإذا قيل أعرض لى كذا أي بدا عرضه فأمكن تناوله، وإذا قيل أعرض عنى فمعناه ولى مبديا عرضه قال (ثم أعرض عنها - فأعرض عنهم وعظهم - وأعرض عن الجاهلين - ومن أعرض عن ذكرى - وهم عن آياتها معرضون) وربما حذف عنه استغناء عنه نحو (إذا فريق منهم معرضون - ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون - فأعرضوا فأرسلنا عليهم) وقوله (وجنة عرضها السموات والارض) فقد قيل هو العرض الذى خلاف الطول، وتصور ذلك على أحد وجوه: إما أن يريد به أن يكون عرضها
في النشأة الاخرة كعرض السموات والارض في النشأة الاولى وذلك أنه قد قال (يوم تبدل الارض غير الارض والسموات) ولا يمتنع أن تكون السموات والارض في النشأة الاخرة أكبر مما هي الان.
وروى أن يهوديا سأل عمر رضى الله عنه عن هذه الاية فقال: فأين النار ؟ فقال عمر إذا جاء الليل فأين النهار ؟ وقيل يعنى بعرضها سعتها لا من حيث المساحة ولكن من حيث المسرة كما يقال في ضده: الدنيا على فلان

حلقة خاتم وكفة حابل، وسعة هذه الدار كسعة الارض، وقيل العرض ههنا من عرض البيع من قولهم: بيع كذا بعرض إذا بيع بسلعة فمعنى عرضها أي بدلها وعوضها كقولك عرض هذا الثوب كذا وكذا.
والعرض ما لا يكون له ثبات ومنه استعار المتكلمون العرض لما لا ثبات له إلا بالجوهر كاللون والطعم، وقيل الدنيا عرض حاضر تنبيها أن لا ثبات لها، قال تعالى: (تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخرة) وقال: (يأخذون عرض هذا الادنى - وإن يأتهم عرض مثله) وقوله (لو كان عرضا قريبا)
أي مطلبا سهلا.
والتعريض كلام له وجهان من صدق وكذب أو ظاهر وباطن.
قال: (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) قيل هو أن يقول لها أنت جميلة ومرغوب فيك ونحو ذلك.
عرف: المعرفة والعرفان إدراك الشئ بتفكر وتدبر لاثره وهو أخص من العلم ويضاده الانكار، ويقال فلان يعرف الله ولا يقال يعلم الله متعديا إلى مفعول واحد لما كان معرفة البشر لله هي بتدبر آثاره دون إدراك ذاته، ويقال الله يعلم كذا ولا يقال يعرف كذا، لما كانت المعرفة تستعمل في العلم القاصر المتوصل به بتفكر، وأصله من عرفت أي أصبت عرفه أي رائحته، أو من أصبت عرفه أي خده، يقال عرفت كذا، قال تعالى: (فلما جاءهم ما عرفوا - فعرفهم وهم له منكرون - فلعرفتهم بسيماهم - يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) ويضاد المعرفة الانكار والعلم والجهل قال (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) والعارف في تعارف قوم هو المختص بمعرفة الله ومعرفة ملكوته وحسن معاملته تعالى، يقال عرفه كذا، قال (عرف بعضه وأعرض
عن بعض) وتعارفوا عرف بعضهم بعضا قال (لتعارفوا) وقال (يتعارفون بينهم) وعرفه جعل له عرفا أي ريحا طيبا، قال في الجنة: (عرفها لهم) أي طيبها وزينها لهم، وقيل عرفها لهم بأن وصفها لهم وشوقهم إليها وهداهم.
وقوله (فإذا أفضتم من عرفات) فاسم لبقعة مخصوصة، وقيل سميت بذلك لوقوع المعرفة فيها بين آدم وحواء، وقيل بل لتعرف العباد إلى الله تعالى بالعبادات والادعية.
والمعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل أو الشرع حسنه، والمنكر ما ينكر بهما، قال (يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وقال تعالى: (وأمر بالمعروف وانه عن المنكر - وقلن قولا معروفا) ولهذا قيل للاقتصاد في الجود معروف لما كان ذلك مستحسنا في العقول وبالشرع نحو: (ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف - إلا من أمر بصدقة أو معروف - وللمطلقات متاع بالمعروف)

أي بالاقتصاد والاحسان، وقوله: (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) وقوله: (قول معروف ومغفرة خير من صدقة) أي
رد بالجميل ودعاء خير من صدقة كذلك، والعرف المعروف من الاحسان وقال: (وأمر بالعرف) وعرف الفرس والديك معروف، وجاء القطا عرفا أي متتابعة، قال: (والمرسلات عرفا) والعراف كالكاهن إلا أن العراف يختص بمن يخبر بالاحوال المستقبلة، والكاهن بمن يخبر عن الاحوال الماضية، والعريف بمن يعرف الناس ويعرفهم، قال الشاعر: * بعثوا إلى عريفهم يتوسم * وقد عرف فلان عرافة إذا صار مختصا، بذلك، فالعريف السيد المعروف، قال الشاعر: بل كل قوم وإن عزوا وإن كثروا * عريفهم بأثا في الشر مرجوم ويوم عرفة يوم الوقوف بها، وقوله: (وعلى الاعراف رجال) فإنه سور بين الجنة والنار، والاعتراف الاقرار وأصله إظهار معرفة الذنب وذلك ضد الجحود، قال: (فاعترفوا بذنبهم - فاعترفنا بذنوبنا).
عرم: العرامة شراسة وصعوبة في الخلق وتظهر بالفعل، يقال عرم فلان فهو عارم وعرم تخلق بذلك ومنه عرام الجيش، وقوله: (سيل
العرم) قيل أراد سيل الامر العرم، وقيل العرم المسناة وقيل العرم الجرذ الذكر ونسب إليه السيل من حيث إنه نقب المسناة.
عرى: يقال عرى من ثوبه يعرى فهو عار وعريان، قال: (إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى) وهو عرو من الذنب أي عار وأخذه عرواء أي رعدة تعرض من العرى ومعارى الانسان الاعضاء التى من شأنها أن تعرى كالوجه واليد والرجل، وفلان حسن المعرى كقولك حسن المحسر والمجرد، والعراء مكان لا سترة به، قال: (فنبذناه بالعراء وهو سقيم) والعرا مقصور: الناحية وعراه واعتراه قصد عراه، قال: (إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء) والعروة ما يتعلق به من عراه أي ناحيته، قال تعالى: (فقد استمسك بالعروة الوثقى) وذلك على سبيل التمثيل.
والعروة أيضا شجرة يتعلق بها الابل ويقال لها عروة وعلقة.
والعرى والعرية ما يعرو من الريح الباردة، والنخلة العرية ما يعرى عن البيع ويعزل، وقيل هي التى يعريها صاحبها محتاجا فجعل ثمرتها له ورخص أن يبتاع بتمر لموضع الحاجة، وقيل هي النخلة للرجل
وسط نخيل كثيرة لغيره فيتأذى به صاحب الكثير فرخص له أن يبتاع ثمرته بتمر، والجميع العرايا.
ورخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيع العرايا.
عز: العزة حالة ما نعة للانسان من أن

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6