كتاب : جامع التحصيل في أحكام المراسيل
المؤلف : أبو سعيد بن خليل بن كيكلدي أبو سعيد العلائي

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المحقق
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَيَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًايَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا .
اللهم صل على محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد فإن كتاب جامع التحصيل في أحكام المراسيل تأليف الحافظ صلاح الدين العلائي من أجمع وأحسن ما ألف في موضوع الحديث المرسل وقد شهد بذلك الحفاظ من بعده وقد عزمنا بإذن الله وتوفيقه على تحقيق الكتاب بغية نشره بإشارة من بعض الإخوان المهتمين بالحديث النبوي الشريف وعلومه.
أما المؤلف فهو الشيخ الإمام العالم العلامة الحافظ الناقد المتقن المحقق المدقق صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي العلائي الشافعي ولد في شهر ربيع الأول من سنة أربع وتسعين وستمائة من الهجرة النبوية في مدينة دمشق أخذ الحديث من كثيرين منهم الحافظ أبو الحجاج المزي والحافظ الذهبي وأخذ

الفقه من الشيخ كمال الدين بن الزملكاني وبرهان الدين الفركاح الفزاري
وتلمذ على شيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم. وتولى تدريس الحديث بالناصرية والأسدية وفي دار الحديث الحمصية وولي التدريس في المدرسة الصلاحية بالقدس ثم أضيف إليه درس الحديث بالتنكزية وتولى مشيخة دار الحديث السيفية وتولى في ثالث المحرم من سنة إحدى وستين وسبعمائة ودفن في مقبرة باب الرحمة بالقدس الشريف. وتلمذ عليه الكثيرون منهم الحافظ ابن كثير وعبد الوهاب بن السبكي وإبراهيم بن جماعة وابن الملقن وغيرهم. وترك آثاراً كثيرة في مختلف العلوم مما يدل على غزارة علمه فيها. وقد أحصى له بعض من ترجم له 52 مؤلفاً في مختلف العلوم. وأثنى عليه كثير من العلماء كالحافظ الذهبي وابن رافع وابن السبكي والحنبلي والحسيني وابن تغري بردى والشوكاني وغيرهم.
جامع التحصيل في أحكام المراسيل
توجد منه نسخة في مكتبة راغب باشا باستانبول برقم 236. ونسخة في المكتبة الظاهرية تحت رقم 405 حديث في 100 ورقة ونسخة أخرى في مكتبة المدرسة القادرية في بغداد.
وقد قمنا بتصوير نسخة المدرسة القادرية وتقع في 109 ورقة وخطها جيد جداً وقرئت على المؤلف وقوبلت بأصله وكتب عليها المؤلف بخطه ما يلي:
- الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى -
قرأ علي جميع هذا الكتاب الشيخ الفقيه الإمام العالم المحدث الحافظ المتقن البارع سراج الدين شرف الفقهاء والمحدثين فخر الفضلاء المدققين أبو حفص عمر بن الشيخ الإمام الأوحد الأستاذ أبي الحسن علي بن أبي العباس أحمد بن محمد المرسي الأصل ثم القاهري الشافعي أولى الله النفع به ووصل الخيرات بسببه وقابل نسخته على نسختي حالة القراءة وأنا ممسك الأصل الذي


بخطي وسمع من أول الكتاب إلى حرف الحاء من معجم الرواة فيه الشيخ الإمام العالم العابد الأوحد عماد الدين صدر الأعيان علم المفيدين فريد الوقت برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن جماعة الكتاني وكانت القراءة المذكورة في مجالس متعددة بالمسجد الأقصى والمدرسة الصلاحية من القدس الشريف حماه الله تعالى صادف آخرها يوم السبت الرابع عشر من شهر المحرم سنة خمسين وسبعمائة أحسن الله تقضيها وأجزت المذكورين جميع ما يجوز لي وعني روايته عن مقول ـ لعله معقول ـ ومنقول بشرطه المعتبر عند أهله زادها الله من فضله.
قال ذلك وكتبه خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي الشافعي لطف الله به حامداً الله تعالى ومصلياً على نبيه محمد وآله ومسلماً وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فظهر من هذا التاريخ أن ذلك بعد تأليف الكتاب بأربع سنوات حيث انتهى من تأليفه سنة ست وأربعين وسبعمائة كما ذكر ذلك في آخر الكتاب أنظر نموذج الورقات الثلاث.
ولهذا جعلنا هذه النسخة الأصل.
وأما نسخة الظاهرية فقد استعرنا من الأستاذ صبحي السامرائي مصورته شكر الله مسعاه حيث جعل مكتبته الغنية بالمصورات مفتوحة لكل مستفيد وقابلناها بالأصل حيث ظهر فيها كثير من الأخطاء والنقص الفاحش إلا أننا استفدنا من تعليقات الكاتب محمد بن زريق من تلاميذ سبط ابن العجمي كما يظهر من تعليقاته وأنه محدث. وقد أشرنا في بعض الأماكن إلى لافها مع الأصل.
عملنا في الكتاب
1- قمنا بالاستنساخ من الأصل وقابلنا نسختنا بالأصل وبالنسخة الظاهرية.
2- نقلنا التعليقات الموجودة بهامش الظاهرية.
3- علقنا في بعض الأماكن ما يقتضيه التحقيق.
4 - راجعنا فيما لدينا من مراجع ما نقله المؤلف منهم وأحلنا إليها في التعليقات.
5- خرجنا بعض الأحاديث.
6- بالنسبة للمختلفين في صحبتهم أحلنا إلى الاستيعاب والإصابة طبعة مصطفى محمد.
7- قابلت قسم التراجم مع تراجم كتاب المراسيل لابن أبي حاتم فظهر أنه لم يستوعبها كلها بل ترك ثلاث عشرة ترجمة استدرك محمد بن زريق ترجمتين منها وبقي إحدى عشرة ترجمة استدركناها في آخر الكتاب نقلاً من الكتاب المذكور. كما ظهر لي بعض الاختلاف في النقل. وقد وضعت دائرة سوداء كبيرة قبل رقم كل ترجمة أوردها ابن أبي حاتم في كتابه.
8- وضعت أرقاماً لتراجم المدلسين ولتراجم المعروفين بالإرسال هذا ما استطعته في هذه الحالة المستعجلة وسوف أقوم بتحقيق الكتاب بشكل أوسع إن وفقني الله وبتخريج أحاديثه المذكورة فيه والتوسع في التراجم إذا دعت الحاجة إلى ذلك كما استدرك عليه في تراجم المدلسين والمعروفين بالإرسال وأرتبه على حروف المعجم بدقة حيث فيها تقديم وتأخير ووضع كثير من التراجم في غير مواضعها وأبين أيضاً حالة كل راو منهم جرحاً وتعديلاً حيث أورد المؤلف كثيراً من الضعفاء والمتروكين وقد نبه على بعضهم. لأن الجرح المؤثر في الراوي يكفي في ترك روايته فلا حاجة إلى كونه يرسل. وأبين حالة المختلفين في صحبتهم حيث إن كثيرين منهم من الصحابة فلا يدخلون في هذا القسم حيث إن روايتهم وإن كانت مرسلة فمرسل الصحابي يحتج به كما سيذكره المؤلف. وسنرجئ ذلك إلى الطبعة الثانية إن شاء الله تعالى.
الكتب المؤلفة في المراسيل
1- كتاب المراسيل لابن أبي حاتم طبع طبعات عديدة وآخرها سنة 1397هجرية بتحقيق الأستاذ شكر الله نعمة الله
2 - كتاب المراسيل لأبي داود طبع الكتاب مجرداً من الأسانيد في مطبعة التقدم وأعادت مطبعة محمد علي صبيح طبعه
3- كتاب بيان المراسيل لأبي بكر أحمد بن هارون البرديجي ذكره الحافظ في فتح الباري كما سيأتي
4- التفصيل لمبهم المراسيل للخطيب البغدادي
5- مختصر التفصيل للنووي، توجد نسخة منه في الأسكوريال تحت رقم 1957.
6- تمييز المزيد في متصل الأسانيد للخطيب أيضاً
7- تعليقات الحافظ العراقي على جامع التحصيل.
8- تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل للحافظ العراقي الابن
9- حواشي سبط ابن العجمي على جامع التحصيل
10- رسالة في المرسل لابن عبد الهادي توجد منه نسخة منها في معهد المخطوطات في جامعة الدول العربية
وقد استوعب المؤلف في كتابه هذا جميع ما كتبه غيره حيث يشير إليه في أثناء كلامه. فقد ذكر تعريف المرسل والمعضل والمنقطع لغة ثم أعقبه بتعريفها اصطلاحاً وبين اختلاف المحدثين في تعاريفها ثم ذكر أقوال العلماء في الاحتجاج بالمرسل وأعقبه بذكر أدلتهم ثم ذكر أدلة من رد المرسل بعد أن بين أقوالهم وأسهب في كل ذلك ثم اختار ما هو المختار. ثم أعقب ذلك بذكر فروع وفوائد في بيان من قيل عنه أنه لا يرسل إلا عن ثقة وذكر أمثلة لما يعتضد به المرسل ثم ذكر انفراد ابن برهان بقول في المرسل وأعقبه بظاهر كلام إمام الحرمين حول المرسل ثم تعرض لمسند من دأبه الإرسال هل يقبل أم لا؟ ثم ذكر أن الإرسال شامل للمعضل والمنقطع..
ثم تعرض لحديث الراوي عمن لم يلقه وأعقبه القول في التدليس فتكلم على تدليس السماع وتدليس الشيوخ وذكر بعض المشهورين بالتدليس ثم ذكر طبقات المدلسين الخمسة ثم تكلم في ألفاظ الأداء ثم أعقبه بذكر الألفاظ المحتملة للسماع مثل لفظ عن وإن وقال فلان وذكر فلان وغيرها ثم تعرض
للمراسيل الخفي إرسالها وبين أربعة طرق لمعرفة المرسل الخفي وضرب لكل منها أمثلة.
ثم ألحق بذلك تراجم الرواة المحكوم على روايتهم بالإرسال وبذلك انتهى الكتاب والله الموفق
يوم الخميس26جمادى الأولى سنة1389هجرية
الموافق4-5-1978ميلادية
المحقق
أبو مصطفى
حمدي عبد المجيد السلفي
بسم الله الرحمن الرحيم
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت
الحمد لله القديم الذي لم يزل قبل كل شيء أولا الرحيم الذي ما برح لعباده المؤمنين ملاذا وموئلا الكريم إذ جعل لهم من لدنه سندا إلى جنابه موصلا وأبقى حديثهم الحسن بالأعمال الصحيحة عاليا في الملا ووصل منقطعهم بمزيد لطفه فأزال مبهما وكشف معضلا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا منعما مفضلا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من جاء عن ربه مرسلا وأكمل من قام بالحق حتى أمسى جانب الضلال متروكا مهملا الذي خصه بأوضح المعجزات كتابا منزلا وأبان به من أنواع الهداية ما كان مجملا صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين تبوأوا الإيمان منزلا وأعذبوا بنقلهم لمن جاء بعدهم من شريعته منهلا
أما بعد فإن الله سبحانه فضل هذه الأمة فشرف الإسناد وخصها باتصاله دون من سلف من العباد وأقام لذلك في كل عصر من الأئمة الأفراد والجهابذة النقاد من بذل جهده في ضبطه وأحسن الاجتهاد وطلب الوصول إلى غوامض علله فظفر بنيل المراد وذلك من معجزات نبينا صلى الله عليه و سلم التي أخبر بوقوعها ودعا لمن قام بهذه الخصيصة وكرع في ينبوعها فقال صلى الله عليه و سلم يسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم رواه أبو داود في سننه الجامع
وقال صلى الله عليه و سلم نضر الله امرءا سمع مقالتي فأداها إلى من لم يسمعها فرب مبلغ أوعى من سامع
فباتصال الإسناد عرف الصحيح من السقيم وصان الله هذه الشريعة عن قول كل أفاك أثيم فلذلك كان الإرسال في الحديث علة يترك بها ويتوقف عن الاحتجاج به بسببه لما في إبهام المروي عنه من الغرر والاحتجاج المبني على الخطر وقد اختلف العلماء قديما وحديثا فيه وكثرت أقوالهم وتباينت آراؤهم وتعارضت أفعالهم فاستخرت الله تعالى وعلقت هذا الكتاب لبيان ذلك وإيضاح ما هو إلى الصواب أقوم المسالك جامعا فيه بين طريقة أهل الحديث وأئمة الأصول والفقهاء الذين في الرجوع إليهم أنفس حصول ذاكرا من المنقول ما أمكن الوصول إليه ومن المباحث النظرية ما يعول عند التحقيق عليه مميزا في ذلك الفث من السمين مبينا ما هو الضعيف من المتين مؤديا في جميعه حق النصيحة الواجبة علي نازعا رداء التعصب حسب الجهد والطاقة عن منكبي وإلى الله تعالى أرغب في الهداية لى الصواب والنفع به عاجلا ويوم المآب وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم وسببا لنيل النعيم وسميته جامع التحصيل في أحكام المراسيل ورتبته على ستة أبواب الباب الأول في تحقيق الحديث المرسل وبيان حده الباب الثاني في ذكر مذاهب العلماء فيه الباب الثالث في الاحتجاج لكل قول وبيان الراجح من ذلك الباب الرابع في فروع وفوائد غزيرة يترتب بها ما تقدم الباب الخامس في بيان المراسيل الخفي إرسالها في أثناء السند الباب السادس في معجم الرواة المحكوم على روايتهم بالإرسال
وبالله تعالى استعين لما قصدت وأسأله التوفيق والإعانة فيما أردت فهو حسبنا ونعم الوكيل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
الباب الأول في حد الحديث المرسل والفصل بينه وبين غيره
 
ههنا ثلاثة ألفاظ في اصطلاحهم وهي المرسل والمنقطع والمعضل فلنذكر أولا تحقيقها لغة وبيان استعارتها لما نحن بصدده ثم بعد ذلك الكلام في دلالتها اصطلاحا
أمل المرسل فأصله من قولهم أرسلت كذا إذا أطلقته ولم تمنعه كما في قوله تعالى ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين فكأن المرسل أطلق الإسناد ولم يقيده برا و معروف وقد أشار الإمام المزري إلى هذا ويحتمل أن يكون من قوله جاء القوم أرسالا أي قطعا متفرقين قال ابن سيدة الرسل بفتح الراء والسين القطيع من كل شيء والجمع إرسال وجاؤوا رسلة رسلة أي جماعة جماعة
قلت ومنه الحديث إن الناس دخلوا على النبي صلى الله عليه و سلم بعد موته فصلوا عليه أرسالا أي فرقا متقطعة يتبع بعضهم بعضا فكأنه تصور من هذا اللفظ الاقتطاع فقيل للحديث الذي قطع إسناده وبقي غير متصل مرسل أي كل طائفة منهم لم تلق الأخرى ولا لحقتها ويحتمل أن يكون أصله من الإسترسال وهو الطمأنينة إلى الإنسان والثقة به فيما يحدثه فكان المرسل للحديث اطمأن إلى من أرسل عنه ووثق به لمن يوصله إليه وهذا اللائق بقول
المحتج بالمرسل كمل سيأتي في أدلتهم إن شاء الله تعالى لكن يرد عليه أن خلقا من الرواة أرسلوا الحديث مع عدم الثقة براويه الذي أرسلوا عنه ويجوز أيضا أن يكون المرسل من قولهم ناقة مرسال أي سريعة السير قال كعب بن زهير ... أمست سعاد بأرض لا يبلغها ... إلى العتاق النجيبات المراسيل ... فكأن المرسل للحديث أسرع فيه عجلا فحذف بعض أسناده والكل محتمل
وأما المنقطع ويقال له أيضا المقطوع وهو ما حذف من إسناده رجل في أثنائه فالمعنى فيه ظاهر لأن الانقطاع نقيض الاتصال ويكونان في المعاني كما في الأجسام ومنه قوله تعالى وتقطعت بهم الأسباب فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا وما أشبه ذلك
وأما المعضل فقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمة الله عليه أسحاب الحديث يقولون أعضله فهو معضل بفتح الضاد وهذا اصطلاح مشكل المأخذ من حيث اللغة وبحثت فوجدت له قولهم أمر عضيل أي مستغلق شديد قال ولا التفات في ذلك إلى معضل بكسر الضاد وإن كان مثل عضيل في المعنى انتهى كلامه
قلت أصل العضل المنع الشديد مأخذه من العضلة وهي كل لحم صلب في عصب قاله الراغب قال الله تعالى ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ثم قيل منه عضلت المرأة تعضيلا إذا نشب الولد في بطنها وبقي معترضا ثم قيل منه داء عضال إذا أعيا الأطباء علاجه وأمر معضل بكسر الضاد إذا كان شديدا لا يقوم به صاحبه
قال الجوهري أعضلني فلان أعياني أمره وأعضل الأمر اشتد واستغلق وحكى ابن سيدة فيه الثلاثي أيضا فقال في المحكم عضل
من الأمر وأعضل اشتد وغلظ وكذلك قال الأزهري أيضا في التهذيب عضلت عليه ضيقت عليه أمره وحلت بينه وبين ما يرومه ظلما قال الله تعالى فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن الآية فيكون قولهم حديث معضل مأخوذا من هذا الثلاثي لأنه يتعدى حينئذ ينفسه بالهمزة ويكون الرواي له بإسقاط رجلين منه فأكثر قد ضيق المجال على من يؤدية إليه وحال بينه وبين معرفة رواته بالتعديل أو الجرح وشدد عليه الحال كما في قولهم أمر عضيل أي مستغلق شديد ويكون ذلك الحديث معضلا لإعضال الرواي له والله أعلم
هذا ما يتعلق بهذه الألفاظ من حيث اللغة وأما من حيث الاستعمال ففيه احتلاف كثير والذي يظهر من كلام الشافعي رضي الله عنه أن المنقطع والمرسل واحد لأنه قال في كتابه الرسالة المنقطع مختلف فمن شاهد أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم من التابعين فحدث حديثا منقطعا عن النبي صلى الله عليه و سلم اعتبر عليه بأمور وذكر الوجوه التي يأتي ذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالى ثم قال في آخر كلامه فأما من بعد كبار التابعين الذين كثرت مشاهدتهم لبعض أصحاب رسول الله فلا أعلم منهم واحدا يقبل مرسله
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب في كتابه الكفاية لا خلاف بين أهل العلم إن إرسال الحديث الذي ليس بمدلس هو رواية الراوي عمن لم يعاصره أو لم يلقه نحو رواية سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير ومحمد بن المنكدر والحسن البصري ومحمد بن سيرين وقتادة وغيرهم من التابعين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وبمثابته في غير التابعين نحو رواية ابن جريج عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ورواية مالك بن أنس عن القاسم بن
محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ورواية حماد بن أبي سليمان عن علقمة وكذلك رواية الرواي عمن عاصره ولم يلقه كرواية سفيان الثوري وشعبة عن الزهري وما كان نحو ذلك مما لم نذكره فالحكم في الجميع عندنا واحد انتهى كلامه
وقال أبو الحسين بن القطان من أئمة أصحابنا المتقدمين في كتابة أصول الفقه جملة المرسل هو أن يروي بعض التابعين أن النبي صلى الله عليه و سلم قال كذا وكذا أو أن يترك بينه وبين رجل رجلا
وكذلك قال الإمام المازري في شرح البرهان أما المرسل فهو رواية التلميذ عن شيخ شيخه كقول سحنون قال مالك وقول مالك قال ابن عمر ومعلوم أن سحنون لم يلق مالكا ولا مالك لقي ابن عمر رضي الله عنهما وهكذا إذا قال مالك عن نافع عن النبي صلى الله عليه و سلم أو عن عطاء عن النبي صلى الله عليه و سلم وكذلك قول مالك في الموطأ أن ابن شهاب قال كان النبي صلى الله عليه و سلم يقول آمين وذكر أمثلة أخرى غير هذه
وقال الإمام أبو الحسن الأبياري في شرح البرهان حاصل المرسل وإن تعددت صورها أن يكون في طريق الخبر راو ملتبس العين أما بأن لا يذكر أو أن يذكر على الإبهام وكذلك قال أبو الحسن البصري أحد رؤوس المعتزلة في كتابه المعتمد المرسل أن يسمع الرجل الحديث من زيد عن عمرو فإذا رواه قال قال عمرو وأضرب عن ذكر زيد فلم يذكره
وقال الإمام أبو العباس القرطبي أحد المتأخرين من أئمة المالكية في كتابه الوصول المرسل عند الأصوليين والفقهاء عبارة عن الخبر الذي يكون
في سنده انقطاع بأن يحدث واحد منهم عمن لم يلقه ولاأخذ عنه وخص كثير من المحدثين اسم المرسل بما سكت فيه عن الصحابي واسم المنقطع بما سكت فيه عن غيره
قلت وهكذا قال الحافظ أبو بكر الخطيب بعد كلامه المتقدم إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه و سلم وأما ما رواه تابع التابعي عن النبي صلى الله عليه و سلم فيسمونه المعضل
وقال الإمام أبو عمر بن عبد البر أما المرسل فإن هذا الاسم أوقعوه بإجماع على حديث التابعي الكبير عن النبي صلى الله عليه و سلم مثل أن يقول أبو أمامة بن سهل بن حنيف أو عبيد الله بن عدي بن الخيار أو عبد الله بن عامر بن ربيعة أو من كان مثلهم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم وكذلك من كان دون هؤلاء مثل سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر وأبي سلمة بن عبد الرحمن والقاسم ابن محمد ومن كان مثلهم وكذلك علقمة ومسروق والحسن والشعبي وسعيد بن جبير ومن كان مثلهم من التابعين الذين يصح لهم لقاء الجماعة من الصحابة ومجالستهم فهذا هو المرسل عند أهل العلم ثم قال ومثله أيضا مما يجري مجراه عند بعض أهل العلم مرسل من دون هؤلاء مثل حديث ابن شهاب وقتاده وأبي حازم ويحيى بن سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم فقوم من أهل الحديث يسمونه مرسلا كمرسل كبار التابعين وقال آخرين حديث هؤلاء عن النبي صلى الله عليه و سلم يسمى منقطعا لأنهم لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد والاثنين وأكثر روايتهم عن التابعين فما ذكروه عن النبي صلى الله عليه و سلم يسمى منقطعا قال والمنقطع عندي كل ما لا يتصل سواء كان معزوا الى النبي صلى الله عليه و سلم أو إلى غيره ثم مثل ذلك بمثل مالك عن يحيى بن سعيد عن عائشة وعن ابن شهاب عن أبي هريرة وعن زيد بن أسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم وأمثال ذلك أنتهى
وقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ في كتابه علوم الحديث أما المرسل فإن مشايخ الحديث على أن الحديث المرسل هو الذي يرويه المحدث بأسانيد متصلة إلى التابعين فيقول التابعي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم قال وأكثر ما يروى المراسيل من أهل المدينة عن سعيد بن المسيب ومن أهل مكة عن عطاء بن أبي رباح ومن أهل مصر عن سعيد بن أبي هلال ومن أهل الشام عن مكحول الدمشقي ومن أهل البصرة عن الحسن بن أبي الحسن ومن أهل الكوفة عن إبراهيم بن يزيد النخعي وقد يروي الحديث بعد الحديث عن غيره من التابعين إلا أن الغلبة لرواية هؤلاء انتهى كلامه
فهذا القول من الحاكم رحمه الله يقتضي أن إرسال صغار التابعين ومتأخريهم يلحق بالمرسل وإن كانت رواياتهم عمن أدركوه من الصحابة يسيرة وجل رواياتهم إنما هي عن التابعين لأنه مثل ذلك بإبراهنم النخعي ومكحول
قال علي بن المدني لم يلق إبراهيم النخعي أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وقد رأى أبا جحيفة وزيد بن أرقم وابن أبي أوفى فلم يسمع منهم
وقال يحيى بن معين إبراهيم أدخل على عائشة وهو صبي وكذلك قال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان دخل على عائشه رضي الله عنها وهو صبي ولم يسمع منها
وقد أثبتت جماعة غير هؤلاء أنه سمع منها وروايته عنها في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه
وأما مكحول فإنه أطلق الرواية عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وقد قيل إنه لم يسمع إلا من أنس بن مالك وواثلة بن الأسقع وأبي أمامة وفضالة بن عبيد رضي الله عنهم قاله يحيى بن معين وغيره وأنكر أبو مسهر
سماعه من واثلة وقال ما صح عندنا أنه لقي إلا أنس بن مالك فقط وكذلك أنكر أبو حاتم الرازي رؤيته لأبي امامة والله أعلم
وحاصل كلام الحاكم وابن عبد البر نقلا عن أئمة الحديث اختصاص المرسل بما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه و سلم لكنه في التابعي الكبير متفق عليه وفي التابعي الصغير مختلف فيه هل هو مرسل أم لا وقد وافق الحاكم وابن عبد البر عليه جماعة من الأئمة منهم الأستاذ أبو بكر بن فورك فقال في كتابه أصول الفقه إذا قال التابعي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال كذا وكذا فهو معنى المرسل وكذلك قال الإمام أبو نصر بن الصباغ في كتابه العدة في أصول الفقه المرسل قول التابعي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يذكر من سمعه منه وكذلك قال الإمام أبو المظفر بن السمعاني ونحو منهما عبارة ابن برهان قال وصورة المراسيل أن يقول الراوي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو لم يسمع منه ولا ذكر الراوي المتوسط بينهما وكذلك قال القرافي في شرح التنقيح الإرسال هو إسقاط صحابي من السند
قلت وهذا هو الذي يقتضيه كلام جمهور أئمة الحديث في تعليلهم لا يطلقون المرسل إلا على ما أرسله التابعي عن النبي صلى الله عليه و سلم وقد قال الحاكم بعد كلامه المتقدم وأما مشايخ أهل الكوفة لكل من أرسل الحديث من التابعين واتباع التابعين ومن بعدهم من العلماء فإنه عندهم مرسل محتج به
قلت هذا قول الحنفية بأسرهم لكمن منهم من غلا من المتأخرين فقال يطلق المرسل على قول الرجل من أهل هذه الأعصار قال النبي صلى الله عليه و سلم كذا ومن المحققين منهم من خص ذلك بأهل الأعصار الأول وقد وافقهم جماعة من أئمة أصحابنا على نحو هذه العبارة
قال إمام الحرمين في البرهان من صور المرسل أن يقول الشافعي
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فهذه إضافة إلى الرسول مع السكوت عن ذكر الناقل عنه وهذا يجري في الرواة بعضهم عن بعض في الأعصار المتأخرة عن عصر النبي صلى الله عليه و سلم فإذا قال واحد من أهل عصر قال فلان وما لقيه ولا سمى من أخبره عنه فهو ملتحق بما ذكرناه قال ومن الصور أن يقول رجل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أو عن فلان الراوي من غير أن يسميه ومنها أن يقول أخبرني موثوق به مرضي عن فلان أو عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال ومن صور المراسيل إسناد الأخبار إلى كتب رسول الله صلى الله عليه و سلم وإنما التحق هذا القسم بالمرسلات من جهة الجهل بناقل الكتاب فلو ذكر من يعزي الخبر إلى الكتاب وحامله التحق الحديث بالمسندات هذا كله كلام الإمام رحمه الله
ومقتضاه أن ما سقط من إسناده رجلان فأكثر يسمى مرسلا لأنه مثل ذلك بقول الشافعي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم وأقل ما بين الشافعي وبينه صلى الله عليه و سلم ثلاثة رجال وتبعه صاحبه أبو نصر بن القشيري على نحو هذه العبارة وكذلك قال الإمام الغزالي في المستصفى صورته أن يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من لم يعاصره أو يقول من لم يعاصر أبا هريرة قال أبو هريرة فأطلق ذلك ولم يقيده بقول التابعي وتبعه الشيخ موفق الدين الحنبلي في الروضة على نحو هذا الكلام وكذلك الآمدي في الأحكام وابن الحاجب في مختصريه وغير هذا
فيتحصل من مجموع ذلك في حد المرسل أقوال
أحدها وهو أكثرها اتساعا أن المرسل قول الواحد من أهل هذه الأعصار وما قبلها قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كما يقوله الغلاة من متأخري الحنفية
وهو مقتضى كلام إمام الحرمين ومن تبعه لأنه مثل ذلك بالشافعي ولا فرق بين الشافعي ومن بعده ومثله أيضا ما إذا سقط في أثناء السند رجلان فأكثر يطلق عليه المرسل ويجري فيه الخلاف
وثانيهما وهو مقابله في التضييق اختصاص المرسل بما أرسله كبار التابعين الذين أدركوا كثيرا من الصحابة وتقل رواياتهم عن التابعين كسعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن ونحوهما وإن ما أرسله صغار التابعين فليس بمرسل يجري في الخلاف بل هو منقطع
وثالثها إن المرسل ما قال فيه التابعي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم سواء كان من كبار التابعين أو من صغارهم وهذا هو المشهور عند كثير من أهل الحديث وهو اختيار الحاكم وغيره
ورابعها إن المرسل ما سقط من سنده رجل واحد سواء كان المرسل له تابعيا او من بعده وهو ظاهر كلام الإمام الشافعي واختيار الخطيب والمزري وقد تقدم ذكره وعليه يدل كلام أبي حاتم الرازي وابنه عبد الرحمن وغيرهما من أئمة الحديث عند كلامهم في المراسيل كما سيأتي إن شاء الله تعالى
ولا شك في صحة إطلاق المرسل على هذا من حيث اللغة كما تقدم فعلى هذا هو والمنقطع سيان لغة واصطلاحا وعند ابن عبد البر أن المنقطع أعم وهو كل ما لم يتصل سنده سواء كان يعزى إلى النبي صلى الله عليه و سلم أو إلى غيره وأما المرسل فهو أخص منه وهو ما أرسله التابعي عن النبي صلى الله عليه و سلم وأما الحاكم وغيره فالمرسل والمنقطع عندهم يفترقان افتراق الخاصتين فالمرسل مخصوص بالتابعي عن النبي صلىالله عليه وسلم والمنقطع ما كان في إسناده قبل الوصول إلى التابعي راو لم يسمع من الذي فوقه وكذلك إذا أبهم الراوي شيخه فلم يسمعه يأن قال عن رجل ونحو ذلك فإنه منقطع عنه الحاكم على ما صرح به وليس مرسلا
وأما المعضل وهو ما سقط من إسناده رجلان فأكثر فهو والمرسل سواء عند الحنفية وإمام الحرمين ومن تابعه وعند الجمهور هو أخص من المنقطع والمرسل فكل معضل منقطع وليس كل منقطع معضلا ومن قصرالمرسل على ما سقط منه الصحابي فقط دون ما إذا سقط ذكر الصحابي والتابعي كما حكاه الخطيب عن أكثر أهل الحديث فهما عنده أعني المرسل والمعضل متباينان لا ينطلق أحدهما على الآخر والله أعلم
الباب الثاني في ذكر مذاهب العلماء في قبول الحديث المرسل والاحتجاج به
أو رده 
ولهم في ذلك مذاهب منتشرة يرجع حاصلها إلى ثلاثة أقوال وهي القبول مطلقا والرد مطلقا والتفصيل
فأما القابلون له المحتجون به فهم مالك وأبو حنيفة وجمهور أصحابهما وأكثر المعتزلة وهو أحد الروايتين عن أحمد بن حنبل رحمه الله وهؤلاء لهم في قبوله أقوال
أحدها قبول كل مرسل سواء بعد عهده وتأخر زمنه عن عصر التابعين حتى مرسل من في عصرنا إذا قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يصرح به على هذا الوجه إلا بعض الغلاة من متأخري الحنفية وهذا توسع غير مرضي بل هو باطل مردود بالإجماع في كل عصر على اعتبار الأسانيد والنظر في عدالة الرواة وجرحهم ولو جوز قبول مثل هذا لزالت فائدة الإسناد بالكلية وبطلت خصيصة هذه الأمة وسقط الاستدلال بالسنة على وجهها وظهور فساد هذا القول غني عن الإطالة فيه ولا تفريع عليه
وثانيها قبول مراسيل التابعين واتباعهم مطلقا إلا أن يكون المرسل عرف بلإرسال عن غير الثقات فإنه لا يقبل مرسله وأما بعد العصر الثالث فإن كان المرسل من أئمة النقل قبل مرسله وإلا فلا وهو قول عيسى بن إبان واختيار أبي بكر الرازي والبزدوي وأكثر المتأخرين من الحنفية وقال القاضي عبد الوهاب المالكي هذا هو الظاهر من المذهب عندي
وثالثهما اختصاص القبول بالتابعين فيما أرسلوه على اختلاف طبقاتهم وهذا هو الذي يقول به مالك وجمهور أصحابه وأحمد بن حنبل وكل من يقبل المرسل من أهل الحديث ثم من ألحق بالمرسل ما سقط في أثناء إسناده رجل واحد غير الصحابي يقبله أيضا كما يقبل المرسل وهو مقتضى مذهب المالكية في احتجاجهم ببلاغات الموطأ ومنقطعاته وهو الذي أضافه أبو الفرج القاضي إلى مالك ونصره
ورابعها اختصاص القبول بمراسيل كبار التابعين دون صغارهم الذين تقل روايتهم عن الصحابة كما حكاه ابن عبد البر فيما تقدم
ثم اختلف هؤلاء القائلون له في طبقته فمنهم من بالغ فيه حتى قال هو أعلى من المسند وأرجح منه لأن من أسند الحديث فقد أحالك على إسناده والنظر في أحوال رواته والبحث عنهم ومن أرسل منهم حديثا مع علمه ودينه وإمامته وثقته فقد قطع لك على صحته وكفاك النظر فيه وهذا قول كثير من الحنفية وبعض المالكية فيما حكى ابن عبد البر عنهم
وقال آخرون لا فرق بين المرسل والمسند بل هما سواء في وجوب الحجة والاستعمال وهو قول محمد بن جرير الطبري وأبي الفرج المالكي وأبي بكر الأبهري أحد أئمة المالكية أيضا وعند هؤلاء أنه متى تعارض مدلول حديثين واحدهما مرسل والآخر مسند فلا ترجيح بالإسناد على الإرسال بل بأمر آخر وهو غلو قريب من الذي قبله
وقال أكثر المالكية والمحققون من الحنفية كأبي جعفر الطحاوي وأبي بكر الرازي بتقديم المسند على المرسل عند التعارض وإن المرسل وإن كان يحتج به ويوجب العمل ولكنه دون المسند
قال ابن عبد البر وشبهوا ذلك بالشهود يكون بعضهم أفضل حالا من بعض وأقعد وأتم معرفة وإن كان الكل عدو لا جائزين الشهادة قال
وهذا قول أبي عبد الله بن خوار بنداد المالكي وغيره ثم قال ابن عبد البر وقال سائر اهل الفقه وجماعات أهل الحديث فيما علمت الانقطاع في الأثرعلة تمنع من إيجاب العمل به وسواء عارضه خبر متصل أم لا وقالوا إذا اتصل خبر وعارضه خبر متصل لم يعرج على المنقطع مع المتصل وكان المصير إلى المتصل دونه قال وحجتهم في رد المرسل ما أجمع عليه العلماء من الحاجة إلى عدالة المخبر عنه وأنه لا بد من علم ذلك انتهى كلامه
وهو يفيد أن الذي أراد بالانقطاع في قوله هو الإرسال أو أراد الأعم بكل اصطلاح
وقال مسلم الإمام رحمه الله في مقدمة كتابه الصحيح في أثناء كلام ذلك على وجه الإيراد والمرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة
وهذا القول موافق لكلام ابن عبد البر الذي ذكرناه آنفا وهو الذي عليه جمهور أهل الحديث أو كلهم فهو قول عبد الرحمن ابن مهدي ويحيى بن سعيد القطان وعامة أصحابهما كابن المديني وأبي خيثمة زهير بن حرب ويحيى بن معين وابن أبي شيبة ثم أصحاب هؤلاء كالبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة وهذه الطبقة ثم من بعدهم كالدارقطني والحاكم والخطيب والبيهقي ومن يطول الكلام بذكرهم ممن صنف في الأحكام فقل من يدخل منهم في كتابه المراسيل إذا كان مقصورا على إخراج الحديث المرفوع
نعم من يذكر منهم في مصنفه أقوال الصحابة والتابعين فإنه يجيء بالحديث المرسل أحيانا كعبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة ألا ترى أبا داود السجستاني رحمه الله أفرد للمراسيل خارج السنن كتابا ولم يخرجها فيه وكلام الإمام أحمد بن حنبل في العلل يدل على ترجيح هذا القول لأنه وكل من يعلم
علم علل الحديث يعترض على مل روي مسندا بلإرسال له من بعض الطرق ويعلله به فلو كان المرسل حجة لازمة لما اعترض به
قال ابن أبي حاتم سمعت أبي وأبا زرعة يقولان لا يحتج بالمراسيل ولا تقوم الحجة إلا بالأسانيد الصحاح المتصلة وهذا هو قول جمهور الشافعية واختيار إسماعيل القاضي وابن عبد البر وغيرهما من المالكية والقاضي أبي بكر الباقلاني وجماعة كثيرون من أئمة الأصول ثم من هؤلاء من بالغ في الرد حتى لم يقبل مراسيل الصحابة كابن عباس وابن الزبير والنعمان ابن بشير وغيرهم من أصاغر الصحابة رضي الله عنهم الذين لم يسمعوا من النبي صلى الله عليه و سلم إلا اليسيير وأكثر رواياتهم أو عامتها عن الصحابة رضي الله عنهم
وهذا قول الأستاذ أبي اسحاق الاسفرائيني وطائفة يسيرة والجمهور على خلاف ذلك لأنه العلة في رد المرسل إنما هي الجهل بعدالة الراوي بجواز أن لا يكون عدلا وهذا منتف في حق الصحابة رضي الله عنهم لأن كلهم عدول ولا يضر الجهالة بعين الراوي منهم بغير كونه صحابيا
وهذا القول في التضييق مقابل للقول المتقدم الذي بالغ القائل به في التوسع حتى قبل مراسيل أهل هذه الأعصار وما قبلها
وعامة ما أعل به الأستاذ في رده ذلك أنا وجدنا لبعض الصحابة أحاديث حدثهم بها جماعة من التابعين فرووها عنهم وللخطيب البغدادي مصنف في ذلك وإذا كان ذلك موجودا فهو محتمل فيما أرسلو أن يكون هذا المرسل رواه عن مثله من الصحابة وأن يكون رواه عن تابعي حدثه به عن صحابي والجهالة مؤثرة في التابعين وإن لم تؤثر في الصحابة
وجواب هذا أن القدر الذي رواه بعض الصحابة عن بعض التابعين نزر يسير جدا والأحاديث المرفوعة فيه نادرة بل أكثره كلمات عنهم أو حكايات ونحو ذلك والغالب الأكثر الأعم إنما هو رواية الصحابي عن مثله فإذا أرسل الصحابي حديثا لم يسمعه من النبي صلى الله عليه و سلم فحمله على أنه سمعه من صحابي
مثله أولى من حمله على روايته عن التابعي لأن الحمل على الغالب أولى من الحمل على النادر الذي لم يكثر هذا ما لا ريب فيه وقد قال البراء بن عازب رضي الله عنه ليس كلنا سمع حديث النبي صلى الله عليه و سلم منه كانت لنا ضيعة وأشغال ولكن الناس لم يكونوا يكذبون يومئذ فيحدث الشاهد الغائب رواه الخطيب أبو بكر في الكفاية من حديث إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق السبيعي عن أبيه عن جده عن البراء وروى نحوه عن أنس رضي الله عنه فهذا البراء من كبار الصحابة وقد صرح بأن بعض رواياته مرسلة عن مثله من الصحابة رضي الله عنهم
وأما القائلون بالتفضيل في القول والرد فلهم أيضا أقوال
أحدها الفرق بين من عرف عادته أنه لا يرسل إلا عن ثقة فيقبل مرسله وبين من عرف أنه يرسل عن كل أحد سواء كان ثقة أو ضعيفا فلا يقبل مرسله وهذا اختيار جماعة كثيرين من أئمة الجرح والتعديل كيحيى بن سعيد القطان وعلي بن المديني وغيرهما قال ابن أبي حاتم في أول كتابه المراسيل ثنا أحمد بن سنان قال كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتاده شيئا ويقول هو بمنزلة الريح ويقول هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه
حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل ثنا علي بن المديني قال مرسلات مجاهد أحب إلي من مرسلات عطاء بكثير كان عطاء يأخذ من كل ضرب حدثنا صالح بن أحمد ثنا علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول مرسلات سعيد بن جبير أحب إلي من مرسلات عطاء قلت مرسلات مجاهد أحب إليك أو مرسلات طاووس قال ما أقربهما وبه عن يحيى قال مالك عن سعيد بن المسيب أحب إلي من سفيان عن إبراهيم قال يحيى وكل ضعيف
قال ومرسلات ابن أبي خالد يعني إسماعيل ليس بشيء ومرسلات عمرو بن دينار أحب إلي حدثني أبي قال سمعت يونس بن عبد الأعلى الصدفي يقول قال لي محمد ابن ادريس الشافعي نقول الأصل قرآن أو سنة فإن لم يكن فقياس عليهما وإذا اتصل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وصح الإسناد منه فهو سنة وليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع سعيد بن المسيب
قال أبو الحسين بن القطان وغيره من اصحابنا كشف الإمام الشافعي عن حديث ابن المسبي فوجده كله مسندا متصلا فاكتفى عن طلب كل حديث بعد فراغه من الجملة وذكر أبو نصر بن الصباغ عن جماعة من أصحابنا أن الشافعي رحمه الله إنما احتج بمراسيل ابن المسيب لأنه عرف من حاله أنه لا يرسل إلا عن الصحابة رضي الله عنهم فصار كأنه قال أخبرني بعض الصحابة أن النبي صلى الله عليه سلم قال كذا وكذا ولو قال ذلك لكان حجة فإن الصحابة قد زكاهم الله تعالى وأثنى عليهم في كتابه العزيز
وقال الإمام الغزالي في المستصفى و المختار على قياس رد المسل أن التابعي إذا عرف بصريح خبره أو بعادته أنه لا يروي إلا عن صحابي قبل مرسله وإن لم يعرف ذلك فلا يقبل لأنهم قد يروون عن غير الصحابي من الأعراب الذين لا صحبة لهم وإنما ثبت لنا عدالة أهل الصحبة وقد قال الزهري بعد الإرسال حدثني به رجل على باب عبد الملك
فهذا القول أرجح الأقوال في هذه المسألة وأعدلها كما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى وهو غير قول الرازي المتقدم لأن ذلك يقبل المرسل ما لم
يعرف الراوي بالإرسال عن غير الثقات وهذا القول يتوقف عن قبول المرسل حتى يعلم أن الراوي لا يرسل إلا عن ثقة
القول الثاني إن كان المرسل من ائمة النقل المرجوع إلى قولهم في الجرح والتعديل قبل ما أرسله إذا جزم به وإن لم يكن كذلك فلا وهذا اختيار جماعة من الأصوليين منهم إمام الحرمين وابن الحاجب وغيرهما ولا فرق عند هؤلاء بين التابعين ومن بعدهم إلا أن إمام الحرمين فرق بالنسبة إلى عبارة المرسل كما سيأتي فيما بعد
والقول الثالث اعتبار المرسل بما يعضده من مرسل آخر أو مسند من وجه آخر أو قول بعض الصحابة أو غير ذلك كما سنبينه وهو اختيار الإمام الشافعي رحمه الله فيما رويناه عنه وهذا نصه قال المنقطع مختلف فمن شاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فروى حديثا منقطعا اعتبر عليه بأمور أحدها أن ينظر الى ما أرسل من الحديث فإن شركه فيه الحفاظ المأمونون فأسندوه الى النبي صلى الله عليه و سلم على معنى ما روى كانت هذه دلالة على صحة ما قيل عنه وحفظه وإن انفرد به مرسلا قبل ما انفرد به من ذلك ويعتبر عليه بأن ينظر هل يوافقه مرسل آخر ممن قبل العلم عنه من غير رجاله الذين قبل عنهم فإن وجد ذلك قوي وهي أضعف من الأول وإن لم يوجد ذلك نظر إلى بعض ما يروى عن بعض الصحابة قولا له فإن وجد يوافق ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم كانت في هذه دلالة على أنه لم يأخذ رسله إلا عن أصل يصح إن شاء الله تعالى وكذلك أن وجد عوام من أهل العلم
يختون بمثل معنى ما روي عن النبي ثم يعتبر عليه بأن يكون إذا سمى من روى عنه لم يسم مجهولا ولا واهيا فيستدل بذلك على صحته فيما روى عنه حديثه أنقص كانت في هذه دلائل على صحة مخرج حديثه ومتى خالف ما وصفت أضر بحديثه حتى لا يسع أحدا منهم قبول مرسله وإذا وجدت هذه الدلائل بصحة حديثه بما وصفت أحببنا أن نقبل مرسله ولا نستطيع أن نزعم أن الحجة تثبت به ثبوتها بالمتصل وذلك أن معنى المنقطع مغيب يحتمل أن يكون حمل عمن يرغب عن الرواية عنه إذا سمي وأن بعض المنقطعات وإن وافقه مرسل مثله فقد يحتمل أن يكون مخرجهما واحدا من حيث لو سمي لم يقبل وإن قول بعض الصحابة إذا قال برأيه لو واقفه لم يدل على صحة مخرج الحديث دلالة قوية إذا نظر فيها ويمكن أن يكون إنما غلط به حين سمع قول بعض الصحابة يوافقه فأما من بعد كبار التابعين الذين كثرت مشاهدتهم لبعض أصحاب رسول الله فلا أعلم من يقبل مرسله لأمور أحدها أنهم أشد تجوزا فيمن يروون عنه والآخر أنهم يوجد عليهم الدلائل فيما أرسلوا لضعف مخرجه والآخر كثرة الإحالة في الأخبار وإذا كثرت الإحالة كان أمكن للوهم وضعف من يقبل منه هذا آخر كلام الإمام الشافعي رحمة الله عليه
وقد تصمن هذا الفصل البديع من كلامه أمورا
أحدها إن المرسل إذا أسند من وجه آخر دل ذلك على صحته وهذا
قد اعترض فيه على الإمام الشافعي فقيل إذا أسند المرسل من وجه آخر فأما أن يكون سند هذا المتصل مما تقوم به الحجة أولا فإن كان مما تقوم به الحجة فلا معنى للمرسل هنا ولا اعتبار به لأن العمل إنما هو بالمسند لا به وإن كان المسند مما لا تقوم به الحجة لضعف رجاله فلا اعتبار به حينئذ إذا كنت لا تقبل المرسل لأنه لم يعضده شيء
وجواب هذا أن مراده ما إذا كان طريق المسند مما تقوم بها الحجة وقولهم لا معنى للمرسل حينئذ ولا اعتبار به قلنا ليس كذلك من وجهين أحدهما أن المرسل يقوى بالمسند ويتبين به صحته ويكون فائدتهما حينئذ الترجيح على مسند آخر يعارضه لم ينضم اليه مرسل ولا شك أن هذه فائدة مطلوبة وثانيهما أن المسند قد يكون في درجة الحسن وبانضمام المرسل إليه يقوى كل منهما بالآخر ويرتقي الحديث بهما إلى درجة الصحة وهذا أمر جليل أيضا ولا ينكره إلا من لا مذاق له في هذا الشأن فقول المعترض أن كلام الإمام الشافعي رحمه الله لا فائدة فيه قول باطل
الأمر الثاني إن المرسل إذا لم يعضده مسند ولكن عضده مرسل مثله بسند آخر غير سند الأول فإنه حينئذ يقوى ولكنه يكون أنقص درجة من المرسل الذي أسند من وجه آخر
وقد اعترض الحنفية أيضا فيه على الإمام الشافعي وقالوا هذا ليس فيه إلا أنه انضم غير مقبول عنده إلى مثله فلا يفيدان شيئا كما إذا انضمت شهادة غير العدل إلى مثلها
وجوابه أيضا بمثل ما تقدم إنه بانضمام أحدهما إلى الآخر يقوي الظن أن له أصلا وإن كان كل منهما لا يفيد ذلك لمجرده وهذا كما قيل في الحديث الضعيف الذي ضعفه من جهة قلة حفظ رواية وكثرة بالكذب إذا روي مثله بسند آخر نظير هذا السند في الرواة فإنه يرتقي بمجموعهما إلى درجة الحسن لأنه يزول عنه حينئذ ما يخاف من سوء حفظ الرواة ويعتضد كل منهما بالآخر
وأما تشبيهه بالشهاده فليس كذلك لأن الرواية تفارق الشهادة في أشياء كثيرة ويقبل فيها ما لايقبل في الشهادة فكذلك هنا
الأمر الثالث أنه إذا لم يوجد مرسل مثله ولكن وجد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم قول أو عمل يوافق هذا المرسل فإنه يدل على أن له أصلا ولا يطرح وفي كلام الشافعي بعد ذلك ما يقتضي أن الإعتبار بقول الصحابي أضعف من الاعتبار بقول الصحابي أضعف من الاعتبار بوجود مرسل آخر يوافقه يعني فروى الحديث مرسلا غلط حين سمع قول بعض الصحابه يوافقه يعني فروى الحديث مرسلا ولقائل أن يقول هذا الاحتمال مرجوح لأن هذا الراوي الذي أرسل متى كان بحيث يتطرق إليه تهمة مثل هذا الغلط والوهم لم يكن محلا لقبول ما روي من المسند فضلا عن المرسل وإن لم يكن كذلك بل كان من أهل الثقة والضبط فلا أثر حينئذ لهذا الاحتمال والمرسل يقوى بما روي عن بعض الصحابة من موافقته وخصوصا إذا كان ذلك مما يرجع فيه إلى التوقيف فإن الظاهر حينئذ أن ذلك الصحابي لم يقل به إلا وقد سمعه من النبي صلى الله عليه و سلم أو ممن سمعه منه فيدل على أن للمرسل أصلا فأما إن كان مما يمكن أن يكون الصحابي من قاله عن اجتهاد فليس الظاهر قويا حينئذ
الأمر الرابع أنه إذا وجد كثير من أهل العلم يفتون بمايوافق المرسل دل على أن له أصلا ولا شك أن الاعتبار بمثل هذا أضعف من الاعتبار بقول الصحابة إذ جاز أن يكون من قال بموافقته يقبل المرسل ويحتج به فيرجع الأمر إلى ذلك المرسل
الأمر الخامس أن ينظر في حال المرسل فإن كان إذا سمى شيخه لم يسم إلا مقبول القول ثقة قبل منه وإن كان يرسل عن كل ضرب من الناس وإذا سمى شيخه سمى تارة ضعيفا وأخرى مجهولا وأخرى واهيا لم يحتج بمرسله
وقد قال أبو عمر بن عبد البر وأبو الوليد الباجي لا خلاف أنه لا يجوز العمل بالمرسل إذا كان مرسله غير متحرز يرسل عن غيرالثقات وهذا
الشرط وحده كاف في اعتبار المرسل وقبوله كما تقدم في احتجاج الإمام الشافعي بمراسيل سعيد بن المسيب
ثم إن هذا القول من الإمام الشافعي يقتضي أن المرسل عنده ليس مختصا بما روى التابعي عن النبي صلى الله عليه و سلم بحيث يكون قد أسقط منه الصحابي فقط إذ لو كان كذلك لما احتاج إلى هذا الاعتبار في شيوخ المرسل الذين يرسل عنهم بل يطلق المرسل على كل ما سقط منه رجل أو أكثر كما تقدم عن اختيار الخطيب وأنه اصطلاح جمهور الفقهاء وحينئذ فيشكل على ذلك قول الشافعي في آخر كلامه فأما من بعد كبار التابعين فلا أعلم من يقبل مرسله وأراد بذلك رد مراسيل صغار التابعين كالزهري ونحوه فمن بعدهم بطريق الأولى ويمكن الجمع بين الكلامين بأن الإمام الشافعي رحمه الله لم يقل برد مراسيل صغار التابعين مطلقا بالنسبة إليه وإلى غيره بل أشار إلى علمه وما يترتب على سبره أحوالهم ومقتضي ذلك أن من سبر أحوال الرواي وعرف منه أنه لا يرسل إلا عن عدل ثقة يحتج بمرسله لكن الإمام الشافعي لم يعرف هذه الحالة من أحد بعد كبار التابعين وقد أشار إلى ذلك في كلامه على حديث القهقهة فقال في كتاب الرسالة أنا الثقة عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب ان النبي صلى الله عليه و سلم أمر رجلا ضحك في الصلاة أن يعيد الوضوء والصلاة قال وقد أنا الثقة عن معمر عن ابن شهاب عن سليمان بن أرقم عن الحسن عن النبي صلى الله عليه و سلم بهذا
قال الشافعي وابن شهاب عندنا إمام ولكن ابن أرقم واه ويقولون أنا نحابي ولو حابينا أحد لحابينا الزهري وإرسال الزهري عندنا ليس بشيء وذلك أنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم
الأمر السادس أن ينظر إلى هذا الذي أرسل الحديث فإن كان إذا شرك غيره من الحفاظ في حديث وافقه فيه ولم يخالفه دل ذلك على حفظه وإن كان يخالف غيره من الحفاظ فإن كانت المخالفة بالنقصان إما بنقصان شيءمن متنه أو بنقصان رفعه أو بإرساله كان في هذا دليل على حفظه وتحريه كما كان يفعله الإمام مالك رحمه الله كثيرا
قال الشافعي رحمه الله الناس إذا شكوا في الحديث ارتفعوا ومالك إذا شك فيه انخفض يشير إلى هذا المعنى
وإن كانت المخالفة للحفاظ بالزيادة عليهم فإنها تقتضي التوقف في حديثه والاعتبار عليه بالمتابعة أو الشاهد وهذا المعنى لا ينفرد به قبول المرسل بل هذا الاعتبار جار في كل راو سواء روى مرسلا أو مسندا بخلاف الأمور المتقدمة فإنها معتبرة في المرسل تقوية له حتى يفيد الظن إذا انضم إليه شيء مما تقدم وإنما ذكر الشافعي هذا الشرط هنا وهو جار في كل راو كما صرح به في موضع آخر في الراوي مطلقا بقوله إذا شرك أهل الحفظ في حديثهم وافقهم لئلا يظن أن الأمور المتقدمة وحدها كافية في قبول المرسل إذا انضم بعضها إليه فبين الإمام الشافعي رحمه الله أنه لا بد مع ذلك من هذا الشرط في الراوي له كما هو شرط في راوي المسند ويؤخذ من كلام الشافعي هذا أيضا أن الزيادة في الحديث ليست مقبولة من الثقة مطلقا كما يقوله كثير من الفقهاء بل فيها تفصيل ويشترط فيها أن لا يكون فيها مخالفة لوراية من هو احفظ ممن زادها أو أكثر عددا وليس هذا موضع الكلام في ذلك
الأمر السابع إن المرسل الذي حصلت فيه هذه الشواهد أو بعضها
يسوغ الاحتجاج به ولكنه لا يلزم لزوم الحجة بالمتصل لأنه دونه للجهات التي أشار إليها الإمام الشافعي
ومنها أن الراوي الذي أرسل عنه مجهول الحال يجوز أن يكون لو سمي لبان ضعفه
ومنها أن بعض المراسيل رويت من وجوه متعددة مرسلة والتابعون فيها متباينون فيظن أن مخارجها مختلفة وإن كلا منها يعتضد بالآخر ثم عند التفتيش يكون مخرجها واحدا ويرجع كلها إلى مرسل واحد ومثال هذا حديث القهقهة المتقدم ذكره روي مرسلا من طريق الحسن البصري وأبي العالية وإبراهيم النخعي والزهري بأسانيد متعددة وعند التحقيق مدار الجميع على أبي العالية
قال عبد الرحمن بن مهدي هذا الحديث لم يروه إلا حفصة بنت سيرين عن أبي العالية عن النبي صلى الله عليه و سلم فسمعه هشام بن حسان من حفصه فحدث به الحسن البصري بأرسله الحسن وقال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان سليمان ابن أرقم يختلف إلى الحسن وإلى الزهري فسمعه من الحسن فذاكر به الزهري فقال الزهري قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال ابن مهدي وحدثنا شريك عن أبي هاشم قال أنا حدثت به إبراهيم يعني النخعي عن أبي العالية فأرسله إبراهيم عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال البيهقي فإذا سمع السامع هذا الحديث يجده قد أرسله الحسن وإبراهيم النخعي والزهري وأبو العالية فيظنه متعدد الأسانيد وإذا كشف عنه ظهر مداره على أبي العالية
قلت ومرسلات أبي العالية ضعيفة روى ابن عدي عن ابن سيرين قال كان ههنا ثلاثة يصدقون كل من حدثهم الحسن وأبو العالية وسمى آخر
فبهذا ونحوه تقصر مرتبة المرسل وأن اعتضد بغيره
الأمر الثامن إن مراسيل صغار التابعين كالزهري وابي حازم سلمة ابن دينار ونحوهما غير مقبوله عند الشافعي كما صرح به آخر كلامه وإن كان متأولا بالنسبة إلى بحثه عنهم كما تقدم فقد تناول كلامه الأول أيضا للجمع بين الكلامين بأن يحمل من يقبل مرسله من كبار التابعين على أن من عرف منهم بالرواية عن الضعفاء إذا بين من أرسل عنه فإنه لا يعتبر بمرسله وذلك لأن كبار التابعين لم يقصروا رواياتهم عن الصحابة ولا بد بل روى خلق منهم عن أقرانهم من التابعين ويكون مراد الشافعي بكلامه الأخير المنع من قبول مراسيل صغار التابعين مطلقا وكل من الأمرين اللذين جمعنا بهما بين كلامه الأول والأخير محتمل وقد تقدم النقل عن الإمام الشافعي رحمه الله بقبول مراسيل سعيد بن المسيب وبعض أصحابنا عزا ذلك إلى القديم وليس كما ذكر
لما رواه ابن أبي حاتم بالإسناد الصحيح إليه من رواية يونس بن عبد الأعلى عنه ويونس إنما صحبه بمصر وقد قال في مختصر المزني إرسال سعيد بن المسيب عندنا حسن وقد تأول الخطيب وغيره من أصحابنا ذلك على أنه أراد إذا اعتضدت بشيء مما ذكره من هذه الوجوه لا أنها تقبل بانفرادها لأنه وجد لسعيد بن المسيب عدة مراسيل لم تعرف مسنده ولم يقل بها الشافعي وكذلك قال البيهقي أيضا في بعض كتبه واختاره النووي أيضا وفي كل ذلك نظر لما تقدم من قول الإمام الشافعي رحمه الله وليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع سعيدبن المسيب فإن هذا ظاهر في استثنائه مراسيله من بين جميع المراسيل وانها تقبل بمجردها ويعتضد ذلك بنصه الذي نقله المزني عنه في المختصر أيضا ولو كان أراد بذلك ما إذا اعتضد بشيء من هذه الوجوه لم يكن الاستثناء به مراسيل سعيد وحده فائدة بل مراسيل غيره
كذلك إذا اعتضدت وكذلك قال أيضا غير الشافعي في مراسيل ابن المسيب قال يحيى بن سعيد الأنصاري كان ابن المسيب يسمى راوية عمر لأنه كان أحفظ الناس لأقضيته قال وكان ابن عمر رضي الله عنه إذا سئل عن شيء فأشكل عليه يقول سلوا سعيد بن المسيب فإنه قد جالس الصالحين وسئل مالك عن سعيد بن المسيب هل رأى عمر رضي الله عنه فقال لا ولكنه ولد في زمانه فلما كبر أكب على المسألة عن شأنه وأمره حتى كأنه رآه وقال وبلغني أن ابن عمر كان يرسل إلى ابن المسيب فيسأله عن بعض شأن عمر وأمره رضي الله عنه ذكر ذلك كله ابن وهب عن مالك وقال حنبل ابن اسحاق سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل يقول مرسلات ابن المسيب صحاح لا ترى أصح منها وقال يحيى ابن معين أصح المراسيل مراسيل سعيد بن المسيب
فهذا كله يعضد أن مراد الشافعي رحمه الله بكلامه استثناء مراسيل ابن المسيب وقبولها مطلقا من غير أن يعتضد بشيء مما تقدم
وقد حكى القفال المروزي عن الشافعي أنه قال في كتاب الرهن الصغير إرسال ابن المسيب عندنا حجة وذلك أيضا يؤيد ما اخترناه
وقول الخطيب إن الشافعي لم يقل ببعضها لا يرد ذلك إلا إذا صرح برده لكونه مرسلا إذ يجوز أن يكون تركه لمعارض راجح عليه كما في الحديث المسند إذا عارضه ما يرجح عليه
وقوله إنه لم يوجد بعضها مسندا لا يرد ايضا لأن الحكم إنما ترتب في قبول ما أرسله على اعتبار غالب مراسيله والبحث عنها وعلى ما عرف من عادته
أنه لا يرسل إلا عن ثقة مشهور أو من هو من الصحابة رضي الله عنهم وهو الغالب وحسبك أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يسأله عن قضايا أبيه مع طول صحبته له وملازمته إياه وابن المسيب لم يسمع منه
بقي النظر في أن ذلك هل هو مختص بابن المسيب أم يتعدى إلى من كان مثله والذي يظهر ولا بد أن من كان مثل ابن المسبي وعرف من عادته أنه لا يرسل إلا عن عدل مشهور فمراسليه يحتج بها وإن لم يعتضد كما تقدم من قول الإمام أبي نصر بن الصباغ وهذا هو اختيار المحققين كما تقدم ولا شك أن القول بقصر هذا الحكم على ابن المسيب ظاهرية محضة لا وجه له
وقد تحصل من جميع ما تقدم نقله في الحديث المرسل مذاهب متعددة أحدها رده مطلقا حتى مراسيل الصحابة وهذا قول الأستاذ أبي اسحاق وثانيها قبول مراسيل الصحابة ورد ما عداها مطلقا وثالثها قبول مراسيل كبار التابعين مطلقا ورد ما عداها ورابعها قبول مراسيل التابعين كلهم على اختلاف طبقاتهم دون من بعدهم وخامسها قبول مراسيل التابعين وأتباعهم دون من بعدهم وهذا اختيار أكثر الحنفية وسادسها قبول المرسل مطلقا وإن كان من أهل هذه الأعصار وهو توسع بعيد جدا غير مرضي وسابعها إن كان المرسل عرف من عادته أنه لا يرسل إلا عن ثقة مشهور قبل وإلا فلا وهو المختار كما سنقرره إن شاء الله تعالى
وثامنها إن كان المرسل من أئمة النقل المرجوع إليهم في الجرح والتعديل قبل مرسله وإلا فلا وتاسعها إن اعتضد المرسل بشيء من تلك الوجوه التي ذكرها الشافعي قبل وإلا فلا وذلك مختص بمراسيل كبار التابعين دون متأخريهم وعاشرها أنه لا فرق في هذا الحكم بين كبار التابعين وصغارهم فكل من اعتضد مرسله بشيء من ذلك كان مقبولا وهو محتمل أن يكون مراد الشافعي بقوله كما تقدم في الجمع بين كلاميه ويحتمل أنه أراد الوجه الذي قبله
فهذه الأقوال في المرسل من حيث هو ويجيء أيضا من قول من قال إن كل منقطع ومعضل يقال له مرسل وقول من فرق بينهما زيادة على ذلك ومن قول من جعل المرسل والمسند سواء أو جعل المرسل أرجح من المسند أو بالعكس أقوال أخر لا يخفي على المتأمل والله أعلم
الباب الثالث في ذكر الأدلة الدالة للأقوال المتقدمة
 
والخلاف في هذه المسألة يرجع إلى قواعد لأئمة الأصول والفقه في أصول الرواية إحداها قبول رواية المجهول العدالة والاحتجاج به وثانيها ان مجرد رواية العدل عن غيره هل هي تعديل له أم لا وثالثها ان قول الراوي حدثني ثقة أو من لا اتهم ونحو ذلك هل يحتج به إذا لم يسمه أم لا ورابعها ان التعديل هل يقبل مطلقا أم لا بد من ذكر سببه وخامسها ان العدد هل يشترط في التعديل أم يقضي به من واحد
وبعد الإحاطة بهذه الأصول وتقرير ما هو الحق منها نخرج الكلام في المرسل قبولا وردا على الإطلاق أو مع التفصيل ونبين والكلام في ذلك مقرر في موضعه والتعرض لها هنا يخرج عن المقصود والنظر الآن إنما هو في الأدلة
الدالة للأقوال المتقدمة بخصوصها وما يعترض به عليها والكلام في أطراف ثلاثة الطرف الاول في الأدلة على رد المرسل وأنه لا يحتج به مطلقا وهي نقلية وعقلية فمن النقلية حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم رواه ابو داود في سننه من حديث جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله الأسدي عن سعيد بن جبير عنه وقد رواه سفيان الثوري وغيره قال فيه النسائي ليس به بأس ووثقه ابن حبان ولم يضعفه أحد والحديث حسن وقد صححه الحاكم في المستدرك وفي كلام اسحاق بن راهويه الإمام ما يقتضي تصحيحه أيضا
وحديث نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى ما لم يسمعها وفي لفظ سمع منا حديثا فبلغه إلى من لم يسمعه وله طرق كثيرة عن جماعات من الصحابة رضي الله عنهم منهم عبد الله بن مسعود وجبير بن مطعم وزيد بن ثابت والنعمان بن بشير وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن
عمر وأنس وابن عباس وعائشة وأبو هريرة وأبو إمامة وأبي ابن كعب وجابر بن عبد الله وربيعة بن عثمان وأبو قرصافة وغيرهم رضي الله عنهم وأجود أسانيده من حديث الأربعة المبدوء بذكرهم فنقتصر على الإشارة إليها
أما حديث ابن مسعود فرواه الإمام الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورواه عن عبد الملك بن عمير أيضا إسماعيل بن أبي خالد وإبراهيم بن طهمان وهريم بن سفيان وجعفر بن زياد وغيرهم وأخرجه الترمذي وابن ماجه في كتابيهما من حديث شعبة عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود به وقال فيه الترمذي حديث حسن صحيح وكذلك صححه غيره أيضا وقد اختلف في سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه
فالصحيح أنه سمع منه دون أخيه أبي عبيدة قاله الإمام البخاري وغيره
وأما حديث جبير بن مطعم فأخرجه ابن ماجه من حديث يعلى بن عبيد وسعيد بن يحيى اللخمي كلاهما عن محمد بن اسحاق عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنه قال قام رسول الله صلى الله عليه و سلم بالخيف من منى فقال نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه لا فقه له ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه
والظاهر أن هذا مما دلسه ابن اسحاق فقد رواه عبد الله به نمير عن ابن اسحاق عن عبد السلام بن أبي الجنوب عن الزهري وعبد السلام هذا قال فيه أبو حاتم متروك لكن رواه الحاكم في المستدرك من طريق نعيم بن حماد ثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه به
وهذا الإسناد على شرط البخاري وابن سعد لم يكن مدلسا ولكن قد رواه الإمام أحمد في المسند ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن اسحاق حدثني عمرو يعني ابن أبي عمرو عن عبد الرحمن بن الحويرث عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه
فأخشى أن يكون نعيم بن حماد غلط على إبراهيم بن سعد في الطريق الأولى عن الزهري لا سيما ونعيم قد ضعف وتكلم فيه من جهة حفظه فيكون اشتبه عليه رواية إبراهيم بن سعد عن ابن اسحاق عن عمرو بن أبي عمرو برواية ابن اسحاق المدلسة عن الزهري فإن الحديث ليس محفوظا عن الزهري إلا من هاتين الطريقتين وإحداهما لا اعتبار بها من جهة عبد السلام بن أبي الجنوب والأخرى شاذه لتفرد نعيم بن حماد بها ولكن طريق ابن اسحاق عن عمرو بن أبي عمرو صحيحة لتصريحه فيها بالتحديث فانتفت تهمة تدليسه وقد تابعه عليها إسماعيل بن جعفر المديني أحد الإثبات عن عمرو بن أبي عمرو رواه الإمام الدارمي في مسنده عن أبي الربيع الزهراني عن إسماعيل بن جعفر فصح الحديث بالطريقين وعبد الرحمن بن الحويرث هذا ورى عنه شعبة وقال فيه مالك ليس بثقة فأنكر هذا أحمد بن حنبل واحتج على توثيقه برواية شعبة وسفيان الثوري عنه ووثقه أيضا أبو حاتم بن حبان والله سبحانه أعلم
وام حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه فهو من طريق شعبة قال سمعت عمر بن سليمان يحدث عن عبد الرحمن بن أبان عن أبيه عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه و سلم قال نضر الله امرء سمع مني حديثا فحفظ وبلغه غيره وذكر بقيته رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث شعبه وحسنه الترمذي
وأما حديث النعمان بن بشير فرواه الحاكم في المستدرك من حديث حاتم بن أبي صغيرة عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكره وقال فيه الحاكم صحيح على شرط مسلم وقد روي عن مجاهد والشعبي عن النعمان بنحوه
وروى الحاكم في كتابه علوم الحديث عن يزيد بن هارون قال قلت لحماد بن زيد يا أبا إسماعيل هل ذكر الله عز و جل أصحاب الحديث في القرآن قال نعم ألم تسمع إلى قوله عز و جل ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم فهذا فيمن رحل في طلب العلم ثم رجع به إلى من وراءه ليعلمهم إياه ثم قال الحاكم في هذه الآية دليل على أن العلم المحتج به هو المسموع دون المرسل
قلت وفي هذا الاحتجاج نظر لا يخفي على المتأمل لأن الآية لم تتضمن سوى حثهم والأمر لهم بالنفير للفقه في الدين ثم الرجوع بذلك إلى قومهم ولا دلالة فيها على المنع من شيء غير ذلك والذي ينذر به النافرون قومهم بعد الرجوع إليهم أعم من أن يكون مسندا أو مرسلا والاحتجاج بالحديثين الأولين أظهر دلالة لتعلقهما بخصوص الرواية ثم في كل منهما إشارة إلى أن هذا الاتصال شأن نقل الحديث وسماعه
فإن قيل دلالتهما إنما هي على أن هذا هو الطريق في التحمل لا في الأداء وكذلك يقول من يحتج بالمرسل لا يجوز للراوي أن يرسل حديثا لم يسمعه بل إنما يجوز له إرساله بعد اتصاله إليه وجزمه بعدالة الرواة وأما في حالة الأداء فلا إشعار للحديثين بالمنع من الإرسال
قلنا كما تضمن الحديثان ذلك في كيفية وصول الحديث إلى الرواي فكذلك دلا أيضا على مثله في الرواية ففيهما إشارة أن الراوي لا يتحمل إلا ما سمعه شيخه ممن يروي عنه ويكون كذلك إلى منتهاه
فاعترض بأنه لا دلالة في الحديثين على لزوم التصريح بالأسناد فمن أين جاء المنع من الإرسال وعدم الاكتفاء به مع السكوت عنه
قلنا الحديثان دلا على أن شأن الرواية اتصال الإسناد فمتى جوزنا للفرع قبول الحديث من شيخه من غير وقوف على اتصال السند الذي تلقاه شيخه أدى ذلك إلى اختلال السند لجواز أن يكون هذا الساقط غير مقبول الرواية فلا يجوز الاحتجاج بخبره وهو قد احتج به ويزول حينئذ فائدة الإسناد الذي اتفق المسلمون كلهم على مشروعيته واعتباره فقبول المرسل يؤدي إلى إبطاله وعدم الاعتبار به ولهذا المعنى احتاط الصحابة والتابعون ومن بعدهم في الروايات وتثبتوا فيها وفي اتصالها كما في الحديث الثابت عن علي رضي الله عنه كنت إذا حدثني أحد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم استحلفته فإذا حلف لي صدقته وأنه حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر رضي الله عنه الحديث وفي صحيح مسلم عن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنا نحفظ الحديث والحديث يحفظ عن النبي صلى الله عليه و سلم فأما إذ ركبتم الصعب والذلول
فهيهات وعن هشام بن حجير عن طاووس قال كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما وبشير بن كعب العدوي بحدثه ويحدثه فقال له ابن عباس عد لحديث كذا فعاد له ثم قال له عد لحديث كذا وكذا فعاد له فقال له ما أدري أعرفت حديثي كله وأنكرت هذا أو أنكرت حديثي كله وعرفت هذا فقال ابن عباس رضي الله عنه أنا كنا نحدث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ لم يكن يكذب عليه فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه
ومن طريق آخر عن مجاهد قال جاء بشير العدوي إلى ابن عباس رضي الله عنهما فجعل يحدث ويقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فجعل ابن عباس لا ياذن لحديثه ولا ينظر إليه فقال يا ابن عباس مالي أراك لا تأذن لحديثي أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا تسمع فقال ابن عباس إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف رواه مسلم أيضا
فهذا ابن عباس رضي الله عنهما لم يقبل مراسيل بشير بن كعب وهو من ثقات التابعين الجلة الذين لم يتكلم فيهم أحد واحتج به البخاري في صحيحه فكيف بغيره وفي صحيح مسلم أيضا عن ابن سيرين قال لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم
وقال سفيان بن عيينة حدث الزهري يوما بحديث
إسناد فقال ارتقى السطح بلا سلم وقال بقية ثنا عتبة بن أبي حكيم أنه كان عند اسحاق بن أبي فروة وعنده الزهري فجعل ابن ابي فروة يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال الزهري قاتلك الله ما أجرأك ألا تسند حديثك تحدثنا بأحاديث ليست لها خطم ولا أزمة وقال عبد الصمد ابن حسان سمعت سفيان الثوري يقول الإسناد سلاح المؤمن فإذا لم يكن سلاح فبم يقاتل وقال شعبة كل حديث ليس فيه حدثنا وأخبرنا فهو خل وبقل
وفي صحيح مسلم أيضا عن عبدان قال سمعت عبد الله بن المبارك يقول الإسناد عندي من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء وعن العباس بن أبي رزمة قال سمعت عبد الله يعني ابن المبارك يقول بيننا وبين القوم القوائم يعني الإسناد وعن إبراهيم بن عيسى الطالقاني قال قلت لعبد الله بن المبارك يا أبا عبد الرحمن الحديث الذي جاء إن من البر بعد البر أن تصلي لأبويك مع صلاتك وتصوم لهما مع صومك قال فقال عبد الله يا أبا اسحاق عمن هذا قال قلت له هذا من حديث شهاب بن خراش فقال ثقة عمن قال قلت عن الحجاج بن دينار قال ثقة عمن قال قلت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يا أبا اسحاق إن بين الحجاج بن دينار وبين النبي صلى الله عليه و سلم مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي ولكن ليس في الصدقة اختلاف
فهذه الآثار وغيرها متظافرة على اعتبار ما دل عليه الحديثان المتقدمان من التصريح بالإسناد وإن ذلك شأن الرواية للحديث وطريق قبوله
واحتج الإمام أبو المظفر بن السمعاني لذلك أيضا بقوله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم وقوله تعالى وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون قال ونحن إذا قبلنا خبر من لا نعلم حاله في الصدق والعدالة من حاله في خلاف ذلك قفونا ما ليس لنا به علم وقلنا على الدين والشرع ما لا نتحققه ثم أورد على ذلك أن من رد المرسل أيضا فقد قال أيضا ما لا علم له به ومنع ما لم يتحققه
وأجاب عن ذلك بأن الأصل أنه لا يلزم الحكم إلا بحجة والحجة لا تثبت إلا من ناحية العلم وعلمنا بصدق المرسل عنه معدوم فنحن متمسكون بهذا الأصل ما لم يبلغنا عنه دليل يصح به الحجة الشرعية في الخبر والحجة إنما تثبت عند معرفة صدق الراوي وعدالته فتبين أنا برد المرسل لم نكن قائلين بما لا علم لنا به بخلاف قبولنا له مع عدم علمنا بمن أرسل عنه هل هو عدل أم لا
قلت الاستدلال من أصله فيه نظر لا يخفى لأن الراوي لو سمى وكان ثقة لم يحصل لنا العلم بكونه ثقة بل غايته الظن بذلك والآيتان إنما تضمنتا النهي عما ليس بعلم والرواية يكتفي فيها بالظن الغالب فلا يتم الاستدلال بهما على المطلوب اللهم إلا أن يؤول العلم في الآيتين على ما هو الأعم من العلم والظن فيفيد حينئذ لأن غلبة الظن مفقودة حالة الإرسال بصدق المرسل عنه لكن يحتاج حينئذ إلى دليل يدل على أن المراد بالعلم في الآيتين ذلك
وهذا الدليل الذي أشار إليه أبو المظفر هو الذي عول عليه أئمة الحديث والأصول والفقه في رد المرسل بعبارات مختلفة
قال الإمام أبو عمر بن عبد البر الحجة في رد الإرسال ما أجمع عليه العلماء من الحاجة إلى عدالة المخبر عنه وأنه لا بد من معرفة ذلك فإذا حكى التابع عمن لم يلقه لم يكن بد من معرفة الواسطة إذ قد صح أن التابعين أو كثيرا منهم رووا عن الضعيف وغير الضعيف فهذه النكتة عندهم في رد المرسل لأن مرسله يمكن أن يكون سمعه ممن يجوز قبول نقله وعمن لا يجوز
ولا بد من معرفة عدالة الناقل فبطل لذلك الخبر المرسل للجهل بالواسطة
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب إرسال الحديث يؤدي إلى الجهل بعين راويه ويستحيل العلم بعدالته مع الجهل بعينه وقد بينا من قبل أنه لا يجوز قبول الخبر إلا ممن عرفت عدالته فوجب لذلك كونه غير مقبول وأيضا فإن العدل لو سئل عمن أرسله عنه فلم يعدله لم يجب العمل بخبره إذا لم يكن معروف والعدالة من جهة غيره وكذلك حاله إذا ابتدأ الإمساك عن ذكره وتعديله لأنه مع الإمساك عن ذكره غير معدل له فوجب أن لا يقبل الخبر عنه
وقال الإمام فخر الدين في المحصول لنا أن عدالة الأصل غير معلومة فلا تكون روايته مقبولة أما أن عدالة الأصل غير معلومة لنا فلا تكون روايته مقبولة فإنه لم يوجد إلا رواية الفرع عنه ورواية الفرع عنه لا تكون تعديلا له وإذ الفرع قد يرسل عمن لو سئل عنه لتوقف فيه أو لجرحه وبتقدير أن تكون تعديلا لا يقتضي أن يكون عدلا في نفس الأمر لاحتمال أنه لو عينه لنا لعرفناه بفسق لم يطلع عليه العدل فثبت أن العدالة غير معلومة وإذا كان كذلك وجب أن لا نقبل روايته لأن ذلك يقتضي قبول شرع عام في حق كل المكلفين من غير رضاهم وذلك ضرر والضرر على خلاف الدليل ترك العمل به فيما إذا علمت عدالة الراوي فبقينا في الباقي على الأصل ثم ذكر على هذا الدليل اعتراضا من جهة المحتجين بالمرسل هي في الحقيقة أدلة لهم ذكروها على قبوله وسيأتي ذكرها والجواب عنها إن شاء الله تعالى
واعترض القرافي على قوله عدالة الأصل غير معلومة بأنه أن أراد
العلم على ما به فهو غير مشترط في العدالة بل يكفي الظن وإن أراد الظن فلا نسلم إنه غير حاصل بل ظاهر حال الراوي أنه لما روى عنه وسكت عنه كان سكوته دليل عدالته وإلا كان ذلك قدحا في دينه ومنافيا لعدالته وإذا كان يعتقد عدالة الأصل الذي روى عنه فالظاهر أنه عدل في نفس الأمر لأن ذلك غاية اعتقادنا نحن العدالة لأنه فحص عنه كما نفحص نحن عنه انتهى كلامه
والجواب عن ذلك بمنع أنه إذا اعتقد عدالته يكون عدلا في نفس الأمر ولا تلازم بينهما بل الوجود مشعر بخلافه فإن كثيرا من الأئمة وثقوا جماعة من الرواة أما بحسب اجتهادهم في مروياتهم أو لأنه لم يظهر لهم منهم ما ينافي الثقة وظهر ذلك لغيرهم فجرحوهم بينوا سبب الجرح فكان مؤثرا ومن نظر في كتب الجرح والتعديل وجد من ذلك الكثير فهذا الذي أرسل عنه يجوز ظهور جرحه لو سمي كما قد وجد ذلك في كثير من المراسيل كما تقدم في حديث القهقهة وسيأتي له أمثلة أخرى كثيرة إن شاء الله تعالى فمع الجهل به عدالته مشكوك فيها فلا يثبت الخبر بروايته
وهذا كله بعد تسليم أن روايته عنه تعديل له أو إرساله عنه جزم بتعديله وذلك ممنوع كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى
وقال الأصفهاني شارح المحصول ينبغي حمل قوله عدالة الأصل غير معلومة على الظن أو نقول الأصل غير معلوم العدالة ولا مظنونها ولا يرد النقض عليه بالمسند المتصل فإنه مع ذكر الأصل عدالته غير معلومة بل مظنونة
قلت ولهذا عدل جماعة من الأصوليين وغيرهم عن لفظ العلم هنا إلى لفظ المعرفة ونحوها كالقاضي أبي بكر الباقلاني وغيره
فإن قيل مدار هذا الدليل كيف ما صور على رد رواية المجهول والحنفية القائلون بقبول المرسل يقبلون المجهول العدالة ويحتجون به فكيف ينتهض
هذا الدليل عليهم وهل هو إلا إثبات متنازع فيه بمثله وإن عدل إلى تقدير عدم الاحتجاج بالمجهول كان ذلك انتقالا من دليل إلى آخر قبل تتمة الأول وقد عرف ما فيه أيضا
قلنا ليس الحنفية كل القائلين بالمرسل بل قد قال به أيضا جمهور المالكية وغيرهم ممن لا يرى قبول رواية المجهول وأيضا فالمجهول العين على قسمين مجهول العين أصلا ورأسا أيضا ومجهول العدالة بعد المعرفة باسمه وأن ظاهره الإسلام والأول لم يقل الحنفية ولا غيرهم بقبوله وإنما الخلاف بينهم وبين الجمهور في الثاني والمجهول في الخبر المرسل هو من القسم الأول كما أشار إليه الخطيب في كلامه المتقدم فالإلزام ظاهر لهم والدليل منتهض وليس فيه إثبات متنازع فيه بمثله وقد سلك الإمام المازري في هذا الدليل طريقا ذكر أن به يتخلص النزاع وهو أن الراوي اذا قال حدثني فلان وهو ثقة رضي وفتش المروري له عن ذلك الموثق فلم يجد فيه مطعنا فقد حصل الاتفاق على قبول حديثه عند من لايشترط العدد في التعديل ولا بيان السبب وإذا قال حدثني رجل لا أعرفه بعدالة ولا جرح فإن هذا لا يقبل إجماعا عند من لا يرى التعويل على ظاهر الإسلام فقط فإذا قال الراوي حدثني رجل ولم يسمه أو أرسل ولم يذكر شيخا فهل يحمل أمره على أنه عنده من القسم الأول المتفق على قبوله وإنه لو لم يكن عنده عدلا لما أرسل عنه فيجب حينئذ قبول ذلك والعمل به أو يكون لأمر فيه كما في القسم الثاني فلا يكون في إرساله تعديل له وهذا هو الظاهر
قال القاضي أبو بكر بن الباقلاني من المعلوم المشاهد أن المحدثين لم يتطابقوا على أن لا يحدثوا إلا عن عدل بل نجد الكثير منهم يحدثون عن رجال فإذا سئل الواحد منهم عن ذلك الرجل قال لا أعرفه هل هو ثقة أم لا بل ربما جزم بكذبه كما قال الشعبي حدثني الحارث الأعور وكان كذابا فمن أين يصح القطع على الراوي أنه لم يرسل الحديث إلا عن عدل عنده
قلت وسيأتي زيادة بيان وأمثلة لمن أرسل حديثا ثم تبين أنه سمعه ممن ليس بمقبول عند الجواب عن أدلة القائلين للمرسل إن شاء الله تعالى
دليل آخر ذكره ابن عبد البر وأبو بكر الخطيب وغيرهما من الأئمة وهو الاتفاق على ان الإرسال في الشهادة غير مقبول بل لا بد وأن يذكر شهود الفرع شهود الأصل الذين تلقوا منهم الشهادة بعيونهم واحتج به قديما الإمام أبو بكر الحميدي شيخ البخاري بنحو من ذلك بل ذكره الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع عن الإمام الشافعي وأنه استدل به والجامع بين الشهادة والخبر أن كلا منهما يثبت به الحكم لكن الأول حكم خاص وهذا حكم عام والعدالة مشترطة فيهما اتفاقا فلما لم يصح الإرسال في الشهادة إجماعا لزم مثله في الرواية وقرره ابن الصباغ بوجه آخر وهو أن شهود الفرع إذا لم يسموا شهود الأصل لم يكن شهادتهم تعديلا لهم مع عدم تسميتهم فكذلك هنا
واعترض المخالفون على هذا بالفرق بين المقامين بأن باب الشهادة أضيق من باب الرواية وقد اعتبر فيها أمو ر لم تعتبر في الرواية كالحرية والذكورة والبصر وعدم القرابة والعدواة وأيضا ليس لشاهد الفرع أن يشهد على شهادة الأصل ما لم يشهده على شهادته ويجوز للفرع في الرواية أن يروي عنه إذا سمعه يحدث وإن لم يقل له اروه عني وأيضا ليس للفرع أن يشهد على شهادة الأصل بلفظ عن ونحوها بل لا بد من الأداء بلفظ الشهادة ومع هذه الفروق كلها لا يصح قياس إحداهما على الأخرى
وأجب عن ذلك بأن الأصل اتفاق البابين في الشروط والأحكام لما بينهما من المعنى الجامع الذي تقدم فإذا خولف ذلك الأصل في بعض الصور بقي الباقي على الإنفاق بينهما يثبت حتى مخالفته له بدليل
وقال الشيخ أبو إسحاق الجامع المعتبر بين الرواية والشهادة هنا هو العدالة التي هي شرظ فيهما وكلامنا في معنى يتعلق بذلك فلا ينقض بافتراقهما بقي أمور أخر خارجة عن ذلك
وأما على ما قرره ابن الصباغ فعدم النقض ظاهر أيضا لأن المقصود إنما هو أن سكوت الفرع عن تسمية شهود الأصل لا يكون تعديلا لهم فكذلك الرواية فلا يرد على هذا افتراقهما في الاستدعاء وفي لفظ الأداء وغير ذلك
قال ابن عبد البر وأيضا لو جاز قبول المرسل لجاز قبول خبر مالك والشافعي والأوزاعي ونحوهم إذا أرسلوا عن النبي صلى الله عليه و سلم ولو جاز ذلك فيهم لجاز فيمن بعدهم إلى عصرنا وبطل المعنى الذي عليه مدار الخبر انتهى كلامه
وهذا فيه إشارة الى بطلان القول المتقدم في قبول المراسيل من أهل هذه الأعصار وما قاربها والظاهر أن المسألة كالاجماعية وإنما حصل الوهم من إطلاق من قال من الأصوليين إذا قال غير الصحابي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحو ذلك ولا شك أن قبول مثل هذا يرفع ما عليه الاتفاق في كل عسر من اعتبار الإسناد وتوقف الحجة بالخبر على عدالة ناقلية فالقول به منا بذ لهذا الاتفاق ثم إن كل ما تقدم من الأدلة وارد على هذا القول بالنسبة إلى كل طبقة من طبقات الرواة لأن الخلل في الإسناد إذا تطرق إليه من جهة الجهل براو واحد فكلما تعددت الجهالة قويت جهات الخلل وظهور فساد هذا القول غني عن الإطالة فيه والله سبحانه وتعالى أعلم
الطرف الثاني في ذكر أدلة القائلين للمرسل المحتجين به والجواب عنها وهي نقلية وإجماعية على ما زعموا واستدلالية
أما النقلية فاحتجوا بقوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون قالوا فدلت الآية على أن الطائفة إذا رجعت إلى قومها وأنذرتهم بما قال النبي صلى الله عليه و سلم أنه يلزم قبول خبرهم ولم تفرق الآية في الإنذار بين ما أسندوه وما أرسلوه ولا بين الصحابة والتابعين ومن بعدهم وكذلك قوله صلى الله عليه و سلم بلغوا عني وقوله ليبلغ الشاهد منكم الغائب شمل المرسل والمسند لأنه صلى الله عليه و سلم أمر بالتبليغ
عنه ولم يفرق بين المسند وغيره والأمر بالتبليغ لا بد له من فائدة وليست تلك الفائدة سوى العمل بما يبلغه الراوي إلى من بعده فلو كان بعض ما يبلغه الراوي وهو المرسل لا يعمل به لبينه صلى الله عليه و سلم
واحتجوا أيضا بقوله تعالى إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون قالوا فدلت الآية على وجوب تبليغ ما أنزل الله من البينات والهدى والعمل به والراوي الثقة إذا قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فقد بين وترك الكتمان فيلزم قبوله بظاهر الآية ولم يفرق بين المرسل والمسند
وبقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أو فتثبتوا والقاءتات متواترتات فلم يأمر الله تعالى بالتثبت أو التبيين إلا في خبر الفاسق فدلت الآية على أن العدل الثقة لا يجب التثبت في خبره وهذا المرسل عدل ثقة فيجب قبول خبره لأن الآية لم تفرق بين ما أسنده وبين ما أرسله
والجواب عن ذلك كله إن هذه الآية والأحاديث ليس فيها شيء عمومه لفظي بل هي أفعال مطلقة لا عموم لها والمطلق يصدق امتثاله بالعمل به في صورة وإن سلم عمومها من جهة المعتى وعدم التفرقة كما ذكروه فهي مخصوصة بالرواية عن المجهول العين اتفاقا كما إذا ذكر الراوي شيخه وقال لا أعلم عدالته أو سكت عنه بالكلية وقلنا بالراجح إن مجرد رواية العدل عن الراوي ليست تعديلا له وإنما خصت بهذه الصورة للجهالة والجهالة في صورة المرسل أتم لأن فيه جهالة العين والصفة ولأن من لا يعرف عينه كيف تعرف صفته من العدالة بخلاف تلك الصورة فإن فيها جهالة الصفة فقط فإذا خصت بتلك الصورة لزم تخصيصها في صورة الإرسال بطريق الأولى
ثم قوله تعالى إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا يقتضي أن من لم يكن فاسقا لا يتثبت في خبره وعدم فسقه لا طريق إليه إلا بالتزكية أو الخبرة بحاله والراوي المرسل عنه مجهول العين أصلا فلا تعرف عدالته فيتوقف فيه
وأما الإجماع فقد ادعاه جماعة منهم حتى قال محمد بن جرير الطبري لم يزل الناس على العمل بالمرسل وقبوله حتى حدث بعد المائتين القول برده يشير إلى الإمام الشافعي رضي الله عنه قالوا أما عصر الصحابة فلا ريب في شيوع الإرسال منهم وإن لم يحصل نكير البتة على أحد ممن أرسل من الصحابة رضي الله عنهم الحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم ولم يقل لأحد منهم أبدا هل سمعت هذا من النبي صلى الله عليه و سلم أو بينك وبينه واسطة بل روى كثير منهم الحديث الكثير مع العلم الشائع بينهم أنه لم يسمع كل ذلك منه صلى الله عليه و سلم كابن عباس وابن الزبير والنعمان بن بشير وساير الصغار من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ورضي عنهم حتى قيل إن ابن عباس لم يسمع من النبي صلى الله عليه و سلم إلا أربعة أحاديث وقد روي له عن النبي صلى الله عليه و سلم ألف حديث وستمائة وستون حديثا وهذا مما يعلم ضرورة أنه لم يسمع جميعها من النبي صلى الله عليه و سلم وروى عائشة وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وغيرهم أحاديث بدء الوحي والإسراء وغير ذلك مما لم يكن بالمدينة ولم يصرحوا بسماعهم له من النبي صلى الله عليه و سلم بل وقد صرح بعضهم بأن في الذي يرويه ما هو مرسل كما تقدم من قول البراء بن عازب رضي الله عنه ليس كلما نحدثكم به سمعناه من النبي صلى الله عليه و سلم ولكن سمعنا وحدثنا أصحابنا ولم يكن
بعضنا يكذب بعضا وكذلك روي عن أنس رضي الله عنه نحوه وهذا أبو هريرة رضي الله عنه على كثرة ملازمته النبي صلى الله عليه و سلم وتبحره فيما حفظ عنه روى حديث من أصبح جنبا فلا صيام له فلما روجع فيه قال سمعته من الفضل بن عباس وكذلك ابن عباس في حديث إنما الربا في النسيئة أرسله أولا ثم أسنده عن أسامة بن زيد إلى غير ذلك من الصور التي يطول ذكرها ولم ينكر عليهم أحد الإرسال أصلا فدل ذلك كله على اتفاق عصر الصحابة على قبول المرسل ولا ريب فيه
وأما التابعون فإرسالهم للأحاديث التي لا تدخل تحت الحصر مشهور شائع بينهم كابن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومن يطول الكلام بذكرهم ولم يكن روايتهم لها إلا للعمل بها وإلا فلو كانت لغوا لا تفيد شيئا ولا يحتج بها لأنكرها عليهم العلماء وبينوا أن إرسالهم الحديث يقتضي التوهين له وعدم الاحتجاج به فما أنكر ذلك عليهم نظراؤهم ولا من فوقهم وإنما أنكره من جاء من بعدهم
قالوا ولا يعترض على هذا بأنه يلزم منه أن يكون الخلاف في ذلك مردودا قادحا في المخالف لكونه خارقا للإجماع وذلك باطل لأن الخلاف في المرسل مقبول مسموع من قائله لا نجيب عنه بأن الخلاف المردود المقتضي للقدح إنما هو خرق الإجماع القطعي أما الإجماع الاستدلالي أو الظني فلا يقدح في خارقه وهو هنا بهذه المثابة لأنه إجماع سكوتي
والجواب عن ذلك كله إن دعوى الإجماع في ذلك باطل قطعا إلا في عصر الصحابة زمن النبوة وبعدها بيسير حين لم يخالط الصحابة غيرهم وذلك لا يرد على من لم يحتج بالمرسل وكذلك إرسال صغار الصحابة لما تقدم إن مثل هذا مقبول على الراجح المشهور الذي عليه جمهورالعلماء وإنه لم يخالف
فيه إلا الأستاذ ابو اسحاق وطائفة يسيرة وقولهم مردود بأن الصحابة كلهم عدول ومن كان منهم يرسل الحديث فإنما هو عن مثله ولا يضر الجهالة بعينه بعد تقرر عدالة الجميع ولا يقال فقد وقع من بعض الصحابة الكذب كما نقله أهل التفسير في قصة الوليد بن عقبة ونزول قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ الآية وكما روي من قصة الذي ذهب إلى قوم وزعم لهم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم زوجه بابنتهم وكان ذلك سبب قوله صلى الله عليه و سلم من كذب علي متعمدا فيتبوأ مقعده من النار لأنا نقول أن سلم صحة ذلك فهو نادر جدا لا أثر له والحكم إنما هو للغالب المستفيض الشائع وقد تقدم قول البراء رضي الله عنه ولم يكن بعضنا يكذب بعضا وهذا هو الأمر المستقر الذي أطبق عليه أهل السنة أعني القول بعدالة جميع الصحابة رضي الله عنهم ولا اعتبار بقول أهل البدع والأهواء ولا تعويل عليه
وأما بعدما كثر التابعون وانتشرت رواياتهم بين الصحابة المتأخرين وغيرهم فلا يمكن دعوى إجماع سكوتي على قبول المرسل فضلا عن غيره وقد تقدم قصة ابن عباس مع بشير بن كعب وعدم قبوله المراسيل مطلقا وإلا فيمن يعرف وهي ثابتة في صحيح مسلم من الوجهين المتقدم ذكرهما وكذلك قول ابن عباس أيضا كنا نحفظ الحديث والحديث يحفظ عن النبي صلى الله عليه و سلم فأما إذا ركبتم الصعب والذلول فهيهات وقول ابن سيرين لم يكونوا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم
قلت لأن المتدعة كذبت أحاديث كثير تشيد بها بدعتها قال ابن عباس رضي الله عنه لما بلغه ما وضعه الرافضة من أهل الكوفة على علي رضي الله عنه قاتلهم الله أي علم أفسدوا رواه مسلم في مقدمة صحيحه أيضا
قال الإمام الشافعي رحمه الله كان ابن سيرين وعروة بن الزبير وطاووس وإبراهيم النخعي وغير واحد من التابعين يذهبون إلى أن لا يقبلوا
الحديث إلا عن ثقة يعرف ما يروي ويحفظ وما رأيت أحدا من أهل الحديث يخالف هذا المذهب وقد تقدم إنكار الزهري على إسحاق بن أبي فروة إرسال الحديث وقوله قاتلك الله يا ابن أبي فروة تحدثنا بأحاديث ليست له خطم ولا أزمة يعني الأسانيد والزهري ممن كان يرسل الحديث فدل قوله هذا على أن إرساله الحديث لم يكن ليعمل به ربما كان للمذاكرة ونحوها أو رأى أبن أبي فروة ربما يرسل عن غير ثقة فأنكر عليه ذلك
فإن قيل فكيف أرسل الزهري عن سليمان بن أرقم وغيره حتى ضعف جماعة من الأئمة مراسيله مطلقا
قلنا يحتمل أنه لم يطلع على ضعف سليمان بن أرقم وأحسن الظن به وكذلك قال الشافعي فيه رآه الزهري يعني سليمان ابن أرقم من أهل المروءة والعقل فقبل عنه و أحسن الظن به فسكت عن اسمه إما لأنه أصغر منه وإما لغير ذلك
والحاصل أن إنكار أهل ذلك العصر للإرسال وردهم للمرسل موجود في صور كثيرة فلا إجماع حينئذ ولا يمكن طرد اتفاق الصدر الأول من الصحابة بعد ذلك لما أشار إليه ابن عباس وابن سيرين وغيرهما من الفرق بينهم وبين من بعدهم لوجود الأهواء والكذب بعد الصدر الأول ثم إن هذا القول من ادعاء الاتفاق معارض بما نقله مسلم في مقدمة صحيحه عن غيره مقررا لكلامه المرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة وقول محمد بن جرير لم يزل العمل بالإرسال وقبوله حتى حدث بعد المائتين القول برده مردود بقول من رده قبل المائتين كالأوزاعي وشعبة والليث بن سعد وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم وبالله التوفيق
وأما المعقول فذكروا وجوها عديده الأول إن الراوي إذا روى الحديث مرسلا فقد قطع بشهادته على النبي صلى الله عليه و سلم بالخبر وكفى من بعده مؤنة البحث والتفتيش عن الراوي وإذا وصل السند فقد أحال على الواسطة وبرىء من عهدته فالجزم من الراوي بصحة الحديث فيما أرسله أظهر منه فيما أسنده فكان الأول أقوى ولا أقل من أن يكونا على السواء أو يكون المرسل أنزل درجة من المسند ولكنه مما يحتج به
وهذا هو متعمد من يفرق في المرسل بين أئمة النقل المرجوع إليهم في الجرح والتعديل فيقبل منهم ما أرسلوه وبين غيرهم فلا يقبل مرسله لأنه إذا كان قول الواحد من ائمة النقل المرجوع إليهم في الجرح والتعديل فيقبل منهم ما أرسلوه وبين غيرهم لأنه قد جزم به ولا يجزم حتى يثبت عنده عدالة الراوي فيكون قوله مقبولا في ذلك
الثاني إن عدالة الراوي وأمانته يمنعانه أن يشهد على النبي صلى الله عليه و سلم بخبر ويكون راويه له غير ثقة ولا حجة فلا يستجيز أن يجزم بالحديث إلا بعد صحته عنده ولا يلزم أن يكون فاسقا مردود الرواية لكونه يروي عن النبي صلى الله عليه و سلم شيئا بصيغة الجزم وهو لا يعلم ثبوته أو لا يغلب ثبوته على ظنه فالقول برد المرسل يلزم منه القدح في الراوي وذلك باطل لأن الإرسال لو كان متقتضيا للقدح في المرسل لم يقبل الأئمة من الراوي شيئا مما أسنده إذا كان قد روى مراسيل وخصوصا إذا أكثر منها وقد اتفقت الأمة على قبول خلق كثير من الرواة مع كثرة ما أرسلوه وذلك يستلزم قبول مراسيلهم ولا انفكاك عن واحد من الأمرين
قالوا ومن الدليل على هذين الوجهين وأن الراوي الثقة كان لا يرسل الحديث إلا بعد صحته عنده ما جاء عن الأعمش قال قلت لإبراهيم النخعي إذا حدثتني فأسند فقال إذا قلت لك قال عبد الله فقد حدثني جماعة عنه وإذا قلت لك حدثني فلان عن عبد الله فهو الذي حدثني
وقال الحسن البصري كنت إذا اجتمع لي أربعة نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم تركتهم وأسندته إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا فإذا كان هذا شأن مراسيل الحسن وهي عندكم من أضعف المراسيل فكيف بمراسيل غيره من كبار التابعين كابن المسيب وقد روى عروة بن الزبير لعمر بن عبد العزيز عن النبي صلى الله عليه و سلم قوله من أحيا أرضا ميتة فهي له فأرسله ولم يسنده فقال له عمر بن عبد العزيز أتشهد على رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك فقال نعم أخبرني بذلك العدل الرضي فلم يسم من أخبره فاكتفى منه عمر بن عبد العزيز بذلك وقبله وعمل به إلى غير ذلك من الشواهد التي يطول الكلام بسياقها
ويكفي من ذلك ما رويتم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرسل إلى سعيد بن المسيب يسأله عن قضايا أبيه عمر رضي الله عنه وأحكامه مع علمه بأنه لم يدركه ولم يختلف عليه اثنان في قبولها منه مرسلة وقد قال أحمد بن حنبل إذا لم يقبل سعيد بن المسيب عن عمر فمن يقبل
الثالث إن هذا الواسطة الذي بين التابعي وبين النبي صلى الله عليه و سلم إما أن يكون صحابيا أو تابيعيا ثقة أو مجروحا متهما أومجهولا لا يدري حالة فهذه أربعة أمور لا بد من أحدها أن يكون موجودا عند المرسل عنه فعلى التقديرين الأولين يجب قبول الخبر وعلى التقديرين الأخيري لا يقبل لكنا نقول إن احتمال التقديرين الأخيرين بعيد جدا في التابعين وخصوصا أن يكون ذلك الواسطة متهما بالكذب لأن النبي صلى الله عليه و سلم أثنى على عصر التابعين وجعلهم خير القرون بعد قرن الصحابة رضي الله عنهم فالمجروح المتهم بالكذب فيهم نادر بخلاف القرون التي بعدهم ولما تقدم من استحالة أن يكون التابعي الثقة الذي اطلع على كون شيخه الذي تلقى منه ذلك الحديث متهما ثم أرسله عنه جازما به عن النبي صلى الله عليه و سلم وبتقدير أن يكون ذلك غير مستحيل فلا شك في أنه بعيد جدا وكذلك يبعد أيضا أن يكون هذا الراوي مجهولا قد خفي حاله على التابعي ويقطع بروايته على النبي صلى الله عليه و سلم مع كونه لم يطلع على ثقته وعدالته فإذا تبين أن هذين الاحتمالين مرجوحان بالنسبة إلى الاحتمالين الأولين تعين العمل بالراجح لأنه أغلب على الظن
الرابع لو لم يكن المرسل حجة لم يكن الخبر المعنعن حجة يصرح بالسماع ممن فوقه والاحتمال الذي ذكرتموه في الخبر المرسل قائم بعينه في المعنعن واحتمال لقاء المعنعن شيخه وسماعه منه ليس بدون احتمال ثقة الواسطة المحذوف وعدالته
الخامس إذا وجب على المستفتي قبول قول المفتي فيما يرويه عن النبي صلى الله عليه و سلم معنى بناء على ظاهر علمه وعدالته فيجب على العالم قبول ما يرسله الراوي عن النبي صلى الله عليه سلم لفظا بناء أيضا على ظاهر عدالته وصدقة وأمانته
السادس إن الحاكم إذا حكم بشهادة عدلين وأسجل بهما ولم يسمهما لم يجز لأحد الاعتراض على حكمه لأجل تسمية الشهود فكذلك هنا لا اعتراض على الراوي في تركه تسمية شيخه
السابع إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو قرابة فاكتفى عمر رضي الله عنه بظاهر الإسلام في القبول إلا أن يعلم منه خلاف العدالة ولا ريب أن هذه الواسطة بهذه المنزلة والألم يرسل عنه التابعي كما تقدم والأصل قبول خبره حتى يثبت عليه ما يقتضي رد ذلك قالوا وهذا في عصر التابعين ظاهر جدا لما قدمنا إنهم خير القرون بعد عصر الصحابة ولم يكن فيهم معروف بالكذب إلا من أمره مشهور بينهم شهرة أظهر من أن يحتاج إلى البحث عنه ولم يكن أئمة التابعين يروون عمن هذا حاله شيئا وهذا الضرب أكثر ما يوجد في الشيعة هذا خلاصة ما احتجوا به بعبارات مختلفة وألفاظ متباينة يرجع حاصلها إلى هذه الأوجه السبعة وبالله التوفيق
والجواب عن ذلك أولا إن الأخبار كلها متضمنة أمور الدين أما العلمية وأما العملية وما كان بهذا السبيل فلا يجوز قبوله من كل أحد بل لا بد فيه من اعتبار العدالة والتيقظ بالاتفاق ولهذا قال محمد بن سيرين وغيره من الأئمة إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم وإذا كان كذلك فلا بد من تحقق العدالة عند المروي له لأن الرواية أداء شرع إليه وإلزام
يتصل به فهو كالشهادة إنما تعتبر عدالة الشهود عند الحاكم لأنهم يؤدون إليه الشهادة ولا تثبت عدالته عند المروي له حتى يعرفه بعينه وصفته كما تقدم ولا يكفي ذلك كونه عدلا عند الراوي له مع إبهام اسمه حتى لو قال الراوي حدثني ثقة ولم يسمه لم يكن ذلك كافيا في حق المروي له إلا أن يكون ذلك القائل مجتهدا والمكتفي بذلك مقلد له فيجوز كأصحاب الشافعي فيما يقول فيه أخبرني الثقة وأخبرني من لا أتهم ونحو ذلك أما انه ينتهض ذلك بمجرده حجة على خصمه فلا إذ من الجائز أنه لو سماه لا طلع فيه غيره على ما يقتضي جرحه ولم يكن ظهر لمن وثقه بخلاف ما إذا سماه باسمه ووثقه فإن المروي له وغيره إذا بحث عنه فلم يجد فيه جرحا اطمأن الى توثيقه ولزم العمل بخبره
قولهم في الوجه الأول إن المرسل قد قطع بإرساله الشهادة على النبي صلى الله عليه و سلم بخبره
جوابه المنع إذ لا سبيل إلى القطع إلا في الخبر المتواتر وأما خبر الواحد فلا يفيد إلا الظن بل لو صرح المرسل للحديث بذلك وقال اقطع بأن النبي صلى الله عليه و سلم قاله لزم تأويل قوله وصرفه عن ظاهره وإلا كان كاذبا ويعود عليه بالجرح وإذا تعين تأويل معنى الإرسال فعلى قولهم يكون معناه أظن أو يغلب على ظني أن النبي صلى الله عليه و سلم قال كذا وعلى قول المانعين لصحة المرسل يكون معناه سمعت أن النبي صلى الله عليه و سلم قال كذا وليس إضمار الأول بأقل من إضمار الثاني وعلى تقدير إيراده المعنى الثاني فليس فيه جزم بالخبر بل لو صرح بذلك وقال إني سمعت أنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كذا لم يكن فيه جزم بالمروي ولا تعديل لمن أرسل عنه
وقولهم كفى المرسل بأرساله من بعده مؤنة البحث والتفتيش عن الراوي قلنا ليس كذلك ولا تنتهض الحجة بمجرده بل لا بد من معرفة ذلك الراوي ولو صرح بتوثيقه فإذا لم يجد فيه فغيره جرحا مؤثرا فحينئذ تقوم الحجة به وما لم يعرفه فتجويز كونه مجروحا ممكن وإذا احتمل لم يثبت خبره
فإن قيل لو كان مجروحا لبينه ولم يجزم بخبره قلنا يجوز أنه لم يظهر له جرحه لقلة ممارسته حديثه وعند معرفته باسمه يظهر لغيره ذلك
وبهذا يخرج أيضا الجواب عن الوجه الثاني وهو أنه لو لم يكن عدلا عنده لكان بجزمه بالرواية عنه فاسقا لإثباته الخبر وهو لا يغلب ثبوته على ظنه وتعديله من ليس عدلا ولنا لا يلزم ذلك لأنه لم يكلف إلا بما ظهر له وقد يظهر لغيره خلاف ذلك ويترجح على تعديل هذا كما قد وقع للزهري مع إمامته في إرساله عن سليمان بن أرقم لظنه تعديله وهو ضعيف متروك لا يحتج به ومثل هذا كثير جدا فلا تلازم بين الأمرين كما قالوا بل لو صرح الراوي بتعديل شيخه لما ظهر له منه ووجدنا غيره قد جرحه جرحا مؤثرا لم يعد ذلك على الراوي الموثق بالجرح لأنه إنما وثق بحسب ظنه واجتهاده فكذلك إذا جزم بالخبر وصححه واطلع غيره فيه على علة قادحة فيه قدمت على تصحيح ذاك ما عدا تصحيح الشيخين لاتفاق الأمة على تلقي ذلك منها بالقبول فغاية الأمر أن المرسل صرح بتصحيح ما أرسله وتعديل شيخه ومع الإبهام لا يثبت ذلك ما لم يعرف الراوي وينظر هل فيه جرح مؤثر أم لا
والذي يبين هذا كله أن كثيرا من المراسيل المتقدمة فتش عنها فوجدت عن ضعيف في الرواية
وقولهم إن الكذب لم يكن في ذلك العصر ممنوع بل إن الواقع خلافه قال ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال أمرني يحيى بن الحكم على جرش فقدمتها فحدثوني أن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال اتقوا صاحب هذا الداء يعني الجذام كما يتقي السبع إذا هبط واديا فاهبطوا غيره فقلت والله لئن كان ابن جعفر حدثكم هذا ما كذبكم فلما عزلني عن جرش قدمت المدينة فلقيت عبد الله بن جعفر فقلت أبا جعفر ما حديث حدثه عنك أهل جرش ثم حدثته الحديث فقال كذبوا والله ما حدثتهم ولقد رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدعو بالإناء فيه الماء فيتناوله معيقيب وقد كان أسرع فيه هذا الداء ثم يتناوله فيتيمم بفمه موضع فمه نعلم أنه إنما يصنع ذلك كراهة أن يدخل نفسه شيء من العدوى وذكر بقية الخبر
قال ابن عبد البر فهذا محمود بن لبيد يحكي عن جماعة أنهم حدثوه عن عبد الله بن جعفر بما أنكره ابن جعفر رضي الله عنه ولم يعرفه بل عرف ضده وهذا في زمن الصحابة فما ظنك بمن بعدهم
وقال ابن وضاح حدثنا أحمد بن سعيد ثنا عمي ثنا سعيد بن مريم عن الليث بن سعد قال قدم علينا رجل من أهل المدينة يريد الاسكندرية مرابطا فنزل على جعفر بن ربيعة قال فعرضوا له بالحملان وعرضوا له بالمعونة فلم يفعل واجتمع هو وأصحابنا يزيد بن أبي حبيب وغيره فأقبل يحدثهم حدثني ابن نافع عن أبيه عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال فجمعوا تلك الأحاديث وكتبوا بها إلى ابن نافع وقالوا له إن رجلا قدم علينا وخرج إلى الاسكندرية مرابطا وحدثنا فأحببنا أن لا يكون بيننا وبينك فيها أحد فكتب إليهم والله ما حدث أبي من هذا بحرف فانظروا عمن تأخذون واحذروا قصاصنا ومن يأتيكم
وقال الإمام الشافعي حدثنا عمي محمد بن علي ثنا هشام بن عروة عن أبيه قال إني لأسمع الحديث استحسنه فما يمنعني من ذكره إلا كراهية أن يسمعه فيقتدي به وذلك إني أسمعه من الرجل لا أثق به قد حدث به عمن أثق به أو اسمعه من رجل أثق به قد حدث به عمن لا أثق به فلا أحدث به
قال ابن عبد البر وفي هذا دليل على أن ذاك الزمان قد كان يحدث فيه الثقة وغير الثقة قلت ويدل على ذلك أيضا ما تقدم من قصة ابن عباس رضي الله عنه مع بشير العدوي وغيره وروى الحسن بن علي الحلواني سمعت يزيد بن هارون يقول حدث سليمان التيمي عن ابن سيرين بحديث فأتى ابن
سيرين فذكر له الحديث فقال ما هذا سليمان اتق الله ولا تكذب علي فقال سليمان إنما حدثنا مؤذننا أين هو فجاءه المؤذن فقال له سليمان أليس حدثتني عن ابن سيرين بكذا وكذا فقال إنما حدثنيه رجل عن ابن سيرين
قرأت على أبي العباس أحمد بن الحسن التغلبي أخبرك أبو المكارم عبد الواحد بن عبد الرحمن بن هلال أنا الحافظ أبو القاسم علي بن القاسم الدمشقي أنا على بن الحسن بن المواريني أنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر ثنا يوسف بن القاسم الميانجي ثنا أبو عبيد محمد بن عبد الرحمن الناقد ثنا أبو يحيى محمد بن سعيد العطار قال سمعت مضر بن حماد الوراق يقول كنا قعودا على باب شعبة نتذاكر فقلت حدثنا إسرائيل عن أبي اسحاق يعني السبيعي عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال كنا نتناوب رعية الإبل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فجئت ذات يوم والنبي صلى الله عليه و سلم حوله أصحابه فسمعته يقول من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين فاستغفر الله عز و جل إلا غفر له فقلت بخ بخ فجذبني رجل من خلفي فالتفت فإذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال الذي قال قبل أحسن فقلت وما قال قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قيل له ادخل من أي أبواب الجنة شئت قال فخرج شعبة فلطمني ثم رجع فدخل فتنحيت من ناحية قال ثم خرج فقال ما له يبكي بعد فقال له عبد الله بن إدريس إنك أسأت إليه فقال شعبة انظر ما يحدث إن أبا إسحاق يعني السبيعي حدثني بهذا الحديث عن عبد الله بن عطا عن عقبة بن عامر فقلت لأبي إسحاق من عبد الله بن عطاء قال فغضب ومسعد بن كدام حاضر قال فقلت لتصححن لي هذا أو لأخرقن ما كتبت عنك فقال لي مسعر عبد الله بن عطاء بمكة قال شعبة فرحلت إلى مكة لم أرد الحج أردت الحديث فلقيت عبد الله بن عطاء فسألته فقال سعد بن إبراهيم حدثني فقال لي مالك بن أنس سعد بالمدينة لم يحج العام قال شعبة فدخلت المدينة فلقيت
سعد بن إبراهيم فسألته فقال الحديث من عندكم زياد بن مخراق حدثني فلما ذكر زياد بن مخراق قلت أي شيء هذا الحديث بينما هو كوفي صار مدنيا إذ صار بصريا قال فرحلت إلى البصرة فسألت زياد بن مخراق فقال ليس هو من بابتك فقلت حدثني به قال لا تريده فقلت حدثني به فقال حدثنا شهر بن حوشب عن أبي ريحانة عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال شعبة فلما ذكر شهر بن حوشب قلت دمر علي هذا الحديث لو صح لي مثل هذا كان أحب إلي من أهلي ومالي والناس أجمعين
قال أبو يحيى العطار قدم علينا المثنى بن معاذ فسألته عن هذا الحديث فقلت هل له عندكم أصل بالبصرة قال نعم حدثني بشر بن المفضل عن شعبة بمثل هذه القصة
قلت ورواها أبو داود الطيالسي أيضا عن شعبة أخصر من هذا وذكر فيه أن زياد بن مخراق قال حدثني رجل من أهل البصرة لا أدري من هو عن شهر بن حوشب به
فهذا أبو إسحاق السبيعي من ثقات التابعين الذين أدركوا جماعة كثيرة من الصحابة نراه كيف أرسل هذا الحديث ورجع مآله إلى رجل مجهول وإلى شهر بن حوشب وهو متكلم فيه وقد خفي ذلك على إسرائيل بن يونس وابي الأحوص وغيرهما من أصحاب أبي اسحاق السبيعي فرووه عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر فهذا وأمثاله يبين عوار المرسل وينتقض قول من قال إن المرسل لا يجزم بالحديث إلا بعد ثبوته عنده وأنه يلزن أن يكون كذلك في نفس الأمر
وقولهم إن الراوي لا يرسل الحديث إلا بعد جزمه بعدالة من أرسل عنه مجرد دعوى لا دليل عليها سوى ما ذكروا من لزوم فسق ذلك الراوي وقد بينا أنه ليس بلازم ثم إن المشاهد يشهد بخلاف ذلك كما تقدم من الأمثلة ويعارضه أيضا كلام أئمة هذا الفن قال ابن سيرين حدثوا عمن شئتم يعني من المراسيل إلا عن الحسن وأبي العالية فإنهما لا يباليان عمن أخذا الحديث
وقال يحيى بن سعيد القطان مرسل الزهري شر من مرسل غيره لأنه حافظ كلما قدر أن يسمي سمى وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه وقال أحمد بن سنان كان يحيى بن سعيد لا يرى غرسال الزهري وقتادة شيئا ويقول هو بمنزلة الريح ويقول هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه وقال أيضا مرسلات أبي إسحاق السبيعي شبه لا شيء وكذا الأعمش وسليمان التيمي وكذلك عطاء لأنه كان يأخذ عن كل ضرب وكذلك قال أحمد بن حنبل ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح فإنهما يأخذان عن كل أحد
وروى حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان قال ربما حدثنا الحسن بالحديث ثم اسمعه بعد يحدث به فأقول من حدثك يا أبا سعيد فيقول ما أدري غير أني سمعته من ثقة فاقول أنا حدثتك به
فهذا الحسن يرسل عن علي بن زيد وهو متكلم فيه كثيرا وتوثيقه أياه بحسب ظنه وقال ابن عون قال بكر المزني للحسن وإنا عنده عمن هذه الأحاديث التي تقول فيها قال رسول الله صلى الله عليه و سلم قال عنك وعن ذا
وهذا كله يرد ما ذكره عن الحسن أنه قال كنت إذا اجتمع لي أربعة نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم تركتهم وقلت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم مع أنه لم أجده مسندا بل هو في كتبهم هكذا منقطعا
وأما مل ذكروه عن إبراهيم النخعي فهو صحيح رواه شعبة عن الأعمش عنه وكذلك قال أحمد بن حنبل مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس
بها وأشار البيهقي إلى أن هذا إنما يجيء فيما جزم به إبراهيم النخعي عن ابن مسعود وأرسله عنه لأنه قيد فعله ذاك فأما غيرها فإنا نجده يروي عن قوم مجهولين لا يروي عنهم غيره مثل هني بن نويره وجذامة الطائي وقرثع الضبي ويزيد بن أوس وغيرهم
وهذا كله يخرج الجواب عن الوجه الثالث الذي رددوا فيه احتمال المرسل عنه من الصحابي أو التابعي الثقة والضعيف أو المجهول ويتبين أن احتمال الصحابي أو التابعي الثقة ليس راجحا على الاحتمالين الأخيرين بل ربما يرجح في مواضع احتمال كونه ضعيفا أو مجهولا ولا أقل من أن تتساوى الاحتمالات وحينئذ فلا يصح الاحتجاج به
وأما الوجه الرابع فالجواب عنه أن الراوي الذي يطلق لفظه عن أما أن يكون لم يعرف بتدليس أو عرف به فإن لم يعرف بتدليس وكان لقاؤه لشيخه ممكنا أو ثبت لقاؤه له على اختلاف القولين لمسلم والبخاري فلفظة عن محمولة على الاتصال وليس للانقطاع وجه ولا للواسطة احتمال لأن الظاهر سماعه لذلك من شيخه والأصل السلامة من وصمة التدليس فلا يقاس المرسل على هذا مع ظهور الفرق بينهما وإن كان ذلك الراوي معروفا بالتدليس فما رواه عن شيخه بلفظ عن أو غيرها مما لم يضرح فيه بالسماع منه حكمه حكم المرسل سواء فمن قبل المرسل مطلقا يقبله ومن رده يرد هذا أيضا ولا فرق ومن فرق في المرسل بين من كان لا يرسل إلا عن عدل فقبله وبين من يروي عن كل ضرب فلا يحتج بمرسله يقول كذلك في التدليس فمن عرف منه أن لا يدلس إلا عن ثقة كسفيان بن عيينة قبل ما قال فيه عن واحتج به ومن عرف بالتدليس عن الضعفاء كابن إسحاق وبقية وأمثالهما لم يحتج من حديثه إلا بما قال فيه حدثنا وسمعت وهذا هو الراجح في البابين كما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى
قال ابن عبد البر قالوا لا نقبل تدليس الأعمش لأنه إذا وقف أحال على غير ثقة إذا سألته عمن هذا قال عن موسى بن طريف وعباية بن ربعي
والحسن بن ذكوان وقالوا نقبل تدليس ابن عيينة لأنه إذا وقف أحال على ابن جريج ومعمر ونظائرهما
والجواب عن الوجه الخامس أن المستفتي العامي ليس من أهل النظر فلا فائدة له في الوقوف على مستند المفتي لأنه مقلد محض وإنما اختلفوا في أنه هل يجب عليه البحث عن الأعلم فيقلده أو لا يجب عليه ذلك ويكتفي بظاهر العلم والانتصاب للفتوى والإفادة وهو الذي عليه العمل بخلاف من يحتاج بالخبر فإنه يجب عليه الفحص عن روايته وبذل الجهد في الكشف عنهم حتى يتبين له منهم ما يقتضي قيام الحجة بخبرهم وكل ذلك مفقود فيمن لم يعرف عينه كما تقدم فلا يقاس أحد البابين بالآخر
وعن السادس بالفرق أيضا بين المقامين بأن الحاكم ليس له أن يحكم إلا بعد ثبوت عدالة الشاهدين عنده بطريقه المعتبرة والراوي لا يجب عليه أنه لا يروي إلا عن ثقة بل أطبق الرواة في محل عصر على الرواية عن الضعفاء فتارة يبينون حال الضعيف عند الرواية كما قال الشعبي حدثني الحارث الأعور وكان كذابا والغالب أنهم يكتفون بما يعرفه أهل الفن من حاله فإذا أرسل عن أحد لم يكن حكم ذلك المرسل كالحاكم الذي لم يعين الشهود للفرق بينهما
وقولهم إنه إذا أرسل عن غير ثقة يكون ذلك قادحا في المرسل تقدم الجواب عنه وأيضا فمن الذي صرح من الرواة بأنه إنما أرسل حديثا لتقوم به الحجة هذا لا يوجد عن أحد منهم البتة فإن قالوا هذا هو فائدة الرواية قلنا إذا رواه على وجه تقوم به الحجة والنزاع قائم في المرسل فالاستشهاد به مصادرة وجاز أن يكون ذكر المرسل على وجه المذاكرة أو غير ذلك فلا يتعين قصده في إقامة الحجة به ولو سلم إن قصده ذلك وإنه إنما يفعله بعد اعتقاده قيام الحجة به فقد تقدم غير مرة أن ذلك بحسب ظنه واجتهاده ولا يضر عليه في ذلك وأما في نفس الأمر فلا ويمكن أن غيره من الأئمة إذا عرف
من أرسل عنه اطلع فيه على ما يقتضي رد خبره كما قد وجد ذلك كثيرا وقد سبق تقريره وأيضا فقيام الحجة بالحديث مبني على عدالة الرواة فلو استفيد عدالة الراوي من قيام الحجة به لزم الدور وعلى مقتضى قولهم يكون عدالة الراوي مأخوذة من قيام الحجة به
وبهذا أيضا يخرج الجواب عن الوجه السابع مع أنه خطاب محض والكلام في هذه المسألة إنما هو بعد تقرير أن المجهول العدالة غير مقبول الرواية على أنا نمنع أن المرسل عنه مجهول العدالة فقط بل مجهول العين ولا يقولون بقبوله كما سبق والقول بأنه لم يكن في عصر التابعين متهم بالكذب مردود بما تقدم وبالله التوفيق
فقد سبق أن سقوط الواحد من الإسناد يقتضي الخلل فيه وذلك إذا كان من مراسيل التابعين فإن كان من مراسيل من بعدهم فتطرق الخلل إليه أولى لغلبة الكذب والغلط والوهم في الأعصار المتأخرة فلو كان معضلا والساقط منه اثنان فصاعدا فأخذ يتطرق الخلل إليه
وبهذا يظهر أن القول بقبول مراسيل أهل الأعصار المتأخرة مع حذف السند كله واه جدا لا وجه له وقد تقدمت الإشارة إلى هذا غير مرة وإن ما يستدل به لذلك اتفاق الأمة في كل عصر على اعتبار الإسناد والبحث عن أحوال الرجال وقد اعترض على هذا الإمام أبو بكر الرازي في كتابه الأصول بأن خبر الواحد مقبول والعلماء متفقون في كل عصر على سماع الحديث من وجهين وثلاثة وأكثر قال فلما جاز أن يطلب الأثر من وجوه مختلفة ويروى من جهات كثيرة ولم ينف ذلك جواز الاقتصار على الواحد كذلك يروى الحديث فيذكر إسناده تارة ولا يدل ذلك على أن المرسل غير مقبول واعترض بعض المتأخرين على ذلك أيضا بأن فائدة الإسناد أنه إذا ذكر المروي عنه باسمه يمكن المجتهد من البحث عن عدالته والظن الحاصل له بعدالته من فحصه بنفسه أقوى من الظن الحاصل له بإرسال الراوي
والجواب عن الأول أن الفائدة في سماع الحديث من وجهين وأكثر بكثير غلبة الظن به وتقويته حتى ربما سينتهي إلى حصول العلم النظري به كما ذهب إليه جماعة من الأئمة في الخبر المشهور وهو المختار فليس طلبهم الحديث من وجوه كثيرة لا يفيد شيئا زائدا على ما يفيده خبر الواحد بخلاف المرسل فإن الذي يفيده الخبر المتصل من الظن بصدقة بعد البحث عن رجاله والوثوق بهم لا يفيده الخبر المرسل وإذا كان هذا الأمر مقصودا معتبرا بالاتفاق في كل عصر أعني طلب الإسناد ليحصل هذا المعنى ففي قبول المرسل من أهل الأعصار المتأخرة وحذف الإسناد بالكلية رفع لما اتفقوا عليه بالكلية
والجواب عن الثاني بمنع إرسال الراوي يحصل الظن بعدالة المرسل عنه وقد مضى تقرير ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم
الطرف الثالث في أدلة القائلين بالتفصيل ممن يقبل بعض أنواع المرسل دون بعض
أما القائلون بقبول مراسيل التابعين وأتباعهم دون أهل القرن الرابع وهو ما حكاه جماعة من الأصوليين عن عيسى بن أبان ولم يحكه أبو بكر الرازي إلا عن بعض شيوخهم والذي حكاه عن ابن أبان أنه قال من أرسل من أهل زماننا حديثا عن النبي صلى الله عليه و سلم فإن كان من أئمة الدين وقد نقله عن أهل العلم فإن مرسله مقبول كما يقبل مسنده قال ومن حمل عنه الناس الحديث المسند ولم يحملوا عنه المرسل فإن مرسله عندنا موقوف قال الرازي ففرق في أهل زمانه بين من حمل عنه أهل العلم المرسل دون من لم يحمل عنه إلا المسند قال والذي يعني بقوله حمل عنه الناس قبولهم لحديثه لأسماعه لأن سماع المرسل وغير المرسل جائز ثم قال أبو بكر الرازي والصحيح عندي وما يدل عليه مذهب أصحابنا أن مرسل التابعين واتباعهم مقبول ما لم يكن الراوي ممن يرسل الحديث عن غير الثقات وقال قبل ذلك ولم أر أبا الحسن الكرخي يفرق بين المرسل من سائر أهل الأعصار
قلت وقد مضى بيان بطلان هذا القول
وأما من خصص التابعين وأتباعهم بقبول مراسيلهم فاحتج بقوله صلى الله عليه و سلم خير القرون الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب الحديث وهو صحيح مشهور
قال الرازي فإذا كان الغالب على أهل الزمان الفساد والكذب لم يقبل فيه إلا خبر من عرفناه بالعدالة والصدق والأمانة
قلت ومقتضى ذلك أيضا أن المجهول العدالة من القرن الرابع ومن بعده لا يقبل وقد صرح بذلك الشيخ جلال الدين الخبازي أحد أئمة الحنفية أيضا في كتابه أصول الفقه واحتج بأن العدالة أصل في أهل ذلك الزمان وأما القرن الرابع وما بعده فليس الأمر كذلك لظهور الفسق وكثرة الكذب كما أخبر به النبي صلى الله عليه و سلم
وجواب هذا إن الحديث ليس فيه وجود الكذب في القرون الأخيرة بعد أن لم يكن موجودا بل قال صلى الله عليه و سلم ثم يفشو الكذب وذلك يقتضي أنه كان قبل ذلك في القرون الفاضلة لكنه غير فاش ولا كثير والمقتضي للتثبت في الحديث والفحص عن الرواة إنما هو دفع احتمال الكذب أو الغلط عن الرواة وإذا كان ذلك موجودا في تلك الأزمان لم يكن احتماله مندفعا ولهذا توقف ابن عباس رضي الله عنه عن قبول مراسيل بشير بن كعب وغيره وعلل ذلك بظهور الكذب بين الناس وهذا في آخر عصر الصحابة وأوائل عصر التابعين فكيف بمن بعدهم ويبين هذا أيضا وجود الكثيرين من التابعين ممن وصف بالكذب كالحارث الأعور وعطية بن سعيد العوفي ونحوهما وفي قصة عبد الله بن جعفر وغيرها مما تقدم تحقيق لذلك فالمقتضى لرد مراسيل القرن الرابع قائم بعينه في رد مراسيل من قبلهم لكنه في الأولين غير غالب بخلاف من بعدهم وقلة غلبته لا يقتضي قبول جميع المراسيل بل يفصل فيه بين من عرف من عادته أنه لا يرسل إلا عن ثقة وبين غيره كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى
وأما من فضل بين أئمة النقل المرجوع إليهم في الجرح والتعديل فقبل
مراسيلهم وبين غيرهم فلم يقبلها منهم وهم فريقان أحدهما من قبل المراسيل من أئمة النقل مطلقا كابن الحاجب ومن تبعه وفي كلام ابن الحاجب آخرا ما يقتضي عدم اختصاص ذلك بالأعصار الأول بل يقبل في زماننا إذا كان المرسل من أئمة النقل المرجوع إلى قولهم ولا يظهر تعصبه لمذهب معين بحيث يستراب بمرسله واحتج على ذلك بأن إرسال أئمة التابعين كان مشهورا بين أهل ذلك العصر مقبولا منهم من غير نكير من أحد كابن المسيب والشعبي وإبراهيم النخعي وغيرهم فكان ذلك إجماعا منهم على قبول مراسيل أمثالهم وأورد عليه أنه يلزم منه أن يكون المخالف خارقا للإجماع في ذلك ثم أجاب بما تقدم أن خرق الإجماع الاستدلالي والظني لا يقدح في خارقه بخلاف الإجماع القطعي
وجواب هذا ما تقدم من منع الاتفاق وبيان الخلاف فيه وعدم الإنكار على ابن المسيب وأمثاله في إرساله وقبول ذلك منهم ليس لكونهم من ائمة النقل بل الظاهر أنه لأنهم لا يرسلون إلا عن عدل ويبين ذلك أيضا ما تقدم من إرسال جماعة من أئمة التابعين عن قوم ضعفاء كعطاء بن أبي رباح والحسن والزهري وغيرهم والمقتضي لقبوله من أئمة النقل إنما هو معرفتهم بالثقات والضعفاء فلا يرسلون عن ضعيف وقد بينا فيما تقدم أن الواقع خلاف ذلك واستدل ابن الحاجب أيضا بأنه لو لم يقبل المرسل لكان لكونه غير عدل عند المرسل ولو كان كذلك لكان المرسل مدلسا على الناس بإرساله عن غير عدل فيكون مجروحا والأصل السلامة من ذلك
وجواب هذا بمنع أنه لا يرسل الراوي إلا عن عدل عند ولا يلزم من ذلك القدح فيه كما تقدم وإن سلم ذلك فيجوز أن يكون عدلا وعند غيره مجروح بما لم يطلع عليه من أرسل عنه فلا يكون مدلسا على الناس
ثم إن هذا أيضا يقتضي قبول المرسل من كل عدل وإن لم يكن من أئمة النقل وليس اختيار ابن الحاجب وقد تقدم من الجواب عنه ما فيه كفاية
الفريق الثاني كإمام الحرمين ومن تبعه قال الإمام إذا قال أحد الأئمة المرجوع إليهم في الجرح والتعديل حدثني رجل فإنه يكون ذلك مرسلا مردودا
إذ ليس في هذا اللفظ تعديل له فإذا قال حدثني الثقة الرضا ونحو ذلك وكان ممن يقبل تعديله ويرجع إليه فهو مقبول محتج به وإن كان مرسلا لأن الظن غالب بأنه لا يقول ذلك إلا عن تحقيق ثقة ذاك الراوي وصدقه والمعول عليه إنما هو غلبة الظن وهذا يورث الثقة بذلك الراوي لا محالة
قلت ولقائل أن يمنع ذلك وكم من رجل اختلف فيه اجتهاد أئمة الجرح والتعديل فوثقة قوم وجرحه آخرون وكان الراجح قول الجارح فيجوز أن يكون هذا الذي أطلق توثيقه ولم يسمه ممن اطلع غيره فيه على جرح مؤثر ولو سمى لظهر ذلك فلا ثقة حينئذ وهذا هو الذي اختاره الإمامان أبو بكر الصيرفي والخطيب والله أعلم
وأما على التفصيل الذي ذكره الإمام الشافعي رحمه الله فمأخذه أن مدار قبول خبر الواحد على ظهور الثقة في الظن الغالب والمرسل بمجرده لا يحصل ذلك كما تقرر فيما قبل فإذا اقترن به أحد الأسباب التي ذكرناها فيما مضى حصل عليه الظن حينئذ وفي الحقيقة إنما حصل ذلك بالمجموع لا بالمرسل بمجرده وقد سبق ما أورده المعترض على هذه الطريقة والجواب عن ذلك بما فيه الكفاية وبالله التوفيق
وأما القول المختار وهو أن من عرف من عادته أنه لا يرسل إلا عن عدل موثوق به مشهور بذلك فمرسله مقبول ومن لم يكن عادته ذلك فلا يقبل مرسله وهذا القول والذي قبله أعدل المذاهب وبه يحصل الجمع بين الأدلة المتقدمة من الطرفين فإن قبول الصدر الأول لكثير من المراسيل لا يمكن إنكاره وقد صدر من جماعة منهم كثيرين رد لكثير من المراسيل أيضا فيحمل قبولهم عند الثقة بمن أرسل منهم أنه لا يرسل إلا عن عدل موثوق به وردهم عند عدم ذلك وإلى هذا أشار ابن عباس رضي الله عنهما بقوله المتقدم كنا إذا سمعنا أحدا يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أبتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف وقول ابن سيرين لقد
أتى على الناس زمان وما يسال عن إسناده حديث فلما وقعت الفتنة سئل عن الإسناد وهذا ابن عمر رضي الله عنه كان يسأل سعيد بن المسيب عن قضايا أبيه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ثم يرجع إليه فيها وهي مرسلة لما وثق به وبمن يرسل عنه ولذلك كان يقول كثيرا سلوا سعيد بن المسيب فإنه قد جالس الصالحين وقال يحيى بن سعيد الأنصاري كان سعيد بن المسيب يسمى راوية عمر رضي الله عنه لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته وقد تقدم أن الشافعي رحمه الله استثنى مراسيل ابن المسيب من بقية المراسيل فجعلها مقبولة وأن جماعة من الأصحاب عللوا ذلك بأنه كان لا يرسل إلا عن ثقة ومقتضى ذلك أن من كان مثله فمراسيله أيضا مقبولة إلا أن الحاكم أبا عبد الله قال هذا لا يوجد في مراسيل غيره وقد خالفه غيره وقال ابن عبد البر مراسيل سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي عندهم صحاح وقالوا مراسيل عطا والحسن لا يحتج بهما لأنهما كانا يأخذان عن كل أحد وكذلك مراسيل أبي العالية وابي قلابة وهذا يقتضي أن جمهور ائمة الحديث فرقوا بين من لا يرسل إلا عن ثقة وبين غيره والظاهر أن المراد بالثقة من كان ثقة عنده وعند غيره أيضا بحيث يكون معروفا بالضبط والعدالة إن كان تابعيا أو هو من الصحابة المعروفين
وأما من يرسل عن غير المشهورين وإن كانوا عنده ثقات فالاحتمال المتقدم قائم أعني جواز كونه ضعيفا عند غير من أرسل عنه ضعفا يترجح على تعديله وإنما يندفع هذا الاحتمال بقسميه والمعتمد إنما هو تحصيل غلبة الظن بصحة هذا المرسل كما هي أيضا حاصلة من خبر الواحد المتصل البحث عن رجاله ومعرفة تزكيتهم ومن المعلوم أن ذلك لا يحصل بمجرد المرسل كل أحد لما قررناه فيما تقدم فمتى حصل ذلك إما ببعض الوجوه التي قالها الإمام الشافعي أو بأن الراوي لا يرسل إلا عن مشهور بالعدالة كان المرسل مقبولا وإلا فلا
فإن قيل فلم يرسل من كان هذا حاله الحديث ويعدل عن تسمية شيخه وهو مشهور بالثقة
قلنا لأسباب تعن له منها أن يكون سمع ذلك الحديث من جماعة ثقات وصح عنده ووقر في نفسه فيرسله علما بصحته كما تقدم في إبراهيم النخعي إذا قال قال ابن مسعود فإنه يكون سمع ذلك من جماعة من أصحابه عنه كما ثبت عنه ذلك فيما تقدم
ومنها أن يكون المرسل للحديث نسي من حدثه به وعرف المتن جيدا فذكره مرسلا لأن اصل طريقته أنه لا يأخذ إلا عن ثقة كمالك وشعبة فلا يضره الإرسال
ومنها أن يكون روايته الحديث مذاكرة فربما ثقل معها ذكر الإسناد وخف الإرسال إما لمعرفة المخاطبين بذلك الحديث واشتهاره عندهم أو للإشارة إلى مخرجه الأعلى لأنه المقصود حينئذ دون ذكر شيخه أو غير ذلك وهذا كله في حق من لا يرسل إلا عن ثقة وأما من يرسل عن كل ضرب فربما كان الباعث له على الإرسال ضعف شيخه ولا يصير المرسل بذلك مجروحا لأنه لم يخرج ذلك على وجه قيام الحجة به كما تقدم والله أعلم
الباب الرابع في فروع وفوائد وتنبيهات وأمثله يذنب بها ما تقدم وتتم
الفائدة إن شاء الله تعالى 
الأول في بيان من قيل عنه إنه كان لا يرسل إلا عن ثقة ومن كان بخلاف ذلك وقد تقدم كثير من ذلك مفرقات ونذكره هنا مجموعة ما زيادات وقد اتفقت كلمتهم على سعيد بن المسيب وأن جميع مراسيله صحيحة وأنه كان لا يرسل إلا عن ثقة من كبار التابعين أو صحابي معروف قال معنى ذلك بعبارات مختلفة جماعة من الأئمة منهم مالك ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم وقال أحمد بن حنبل مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها وخص البيهقي ذلك بما أرسله عن ابن مسعود دون غيره وقد تقدم أنه لم يسمع من الصحابة رضي الله عنهم إلا اليسير جدا أو لم يسمع منهم شيئا أصلا فإذا أرسل عن النبي صلى الله عليه و سلم لا يكون بينه وبينه واحد بل أكثر فلهذا ينزل مراسيله وإن كانت مقبولة عن مرتبة مراسيل ابن المسيب لأنه من قدماء التابعين وقال يحيى بن سعيد القطان مرسلات سعيد بن جبير أحب إلي من مرسلات عطاء فقال له علي بن المديني مرسلات مجاهد أحب إليك أو مرسلات طاووس قال ما أقربهما وقدم مرسلات سعيد بن جبير عليهما وقال يحيى أيضا مرسلات إسماعيل بن أبي خالد ليست بشيء ومرسلات عمرو بن دينار أحب إلي وقال أيضا مرسلات عمرو بن قرة أحب إلي من مرسلات زيد بن أسلم قال ومالك عن سعيد بن المسيب أحب إلي من سفيان يعني الثوري عن إبراهيم
قلت لأن مالكا لم يرو إلا عن ثقة عنده ووافقه الناس على توثيق شيوخه إلا في النادر منهم كعبد الكريم بن أبي المخارق وعطاء الخراساني وأما سفيان الثوري فإنه روى عن جماعة كثيرين من الضعفاء مثل جابر الجعفي ونحوه وشعبة متوسط بينهما في ذلك ولهذا رجح جماعة من الأئمة مراسيله أيضا ولم يكن يدلس أصلا وقال يحيى القطان مرسلات ابن عيينة شبه الريح وكذلك سفيان الثوري ومرسلات مالك أحب إلي ليس في القوم أصح حديثا من مالك
وحكى ابن عبد البر عن الجماعة تصحيح مرسلات محمد بن سيرين كمراسيل النخعي وان مراسيل عطاء والحسن البصري لا يحتج بها لأنهما كانا يأخذان عن كل أحد وكذلك مراسيل ابي قلابة وأبي العالية
قلت تقدم عن ابن سيرين أنه ضعف مراسيل الحسين وأبي العالية وقال كانا يصدقان كل من حدثهما رواه عنه ابن عون وروى الفضل بن زياد قال سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء ابن أبي رباح فإنهما كانا يأخذا عن كل أحد وقد خالفهم أبو زرعة الرازي فروى الترمذي في كتاب العلل عنه أنه قال كل حديث قال فيه الحسن قال رسول الله صلى الله عليه و سلم وجدت له أصلا إلا أربعة أحاديث وذكر ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين أنه قال إذا روى الحسن ومحمد يعني ابن سيرين عن رجل فسمياه فهو ثقة فيحتمل هذا أنهما كانا لا يرويان إلا عن ثقة عندهما سواء كان مسندا أو مرسلا ويحتمل أن ذلك فيمن ذكراه باسمه فأما من أرسلا عنه فجازأن يكون كذلك وأن يكون ضعيفا وهذا هو الأظهر وفيه جمع بين الأقوال كلها وكذلك أيضا اختلف في مراسيل الزهري لكن الأكثر على تضعيفها قال أحمد بن أبي شريح سمعت الشافعي يقول يقولون نحابي ولو حابينا أحدا لحابينا الزهري وإرسال الزهري ليس بشيء ذلك أن نجده يروي عن سليمان بن أرقم وقال أبو قدامة عبيد الله بن سعيد سمعت يحيى بن سعيد يعني القطان يقول مرسل الزهري شر من مرسل غيره لأنه حافظ وكلما قدر أن يسمي سمى وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه وقال ابن أبي حاتم ثنا أحمد بن سنان قال كان يحيى بن سعيد لا يرى
إرسال الزهري وقتادة شيئا ويقول هو بمنزلة الريح ويقول هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه وروى عباس الدوري عن يحيى بن معين قال مراسيل الزهري ليست بشيء وقال يعقوب بن سفيان سمعت جعفر بن عبد الواحد الهاشمي يقول لأحمد بن صالح يعني المصري قال يحيى بن سعيد مرسل الزهري شبه لا شيء فغضب أحمد وقال ما ليحيى ومعرفة علم الزهري ليس كما قال يحيى
والظاهر أن قول الأكثر أولى بالاعتماد وقال أحمد بن حنبل ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء عن كل ضرب وقال يحيى بن سعيد مرسلات أبي إسحاق يعني السبيعي شبه لا شيء عندي والأعمش والتيمي ويحيى بن أبي كثير كذلك وقال علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول أول ما طلبت الحديث وقع في يدي كتاب فيه مرسلات عن أبي مجز فجعت لا أشتهيها وأنا يومئذ غلام قال وسمعته يقول سفيان الثوري عن إبراهيم شبه لا شيء لأنه لو كان فيه إسناد صاح به وقال يحيى بن سعيد كا ن شعبة يضعف إبراهيم يعني النخعي عن علي ثم قال يحيى إبراهيم عن علي احب إلي من مجاهد عن علي والله أعلم
وروى الحاكم عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال وجدت بخط أبي ثنا الحسن بن عيسى مولى ابن المبارك قال حدثت ابن المبارك بحديث لأبي بكر بن عياش عن عاصم عن النبي صلى الله عليه و سلم فقال حسن فقلت لابن المبارك أنه ليس له إسناد فقال عاصما يحتمل له أن يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
ففي هذه الحكاية دليل للفرق بين الرواة وأنه لا يقبل مرسل بعضهم دون بعض والظاهر أن المقتضي لذلك عند ابن المبارك كون عاصم لا يرسل إلا عن ثقة ويحتمل أن يكون لكونه من أئمة النقل المرجوع إليهم فيه والله أعلم
الثاني في أمثلة لما يعتضد به المراسيل على القول الذي تقدم عن الإمام
الشافعي رحمة الله عليه فمنها حديث مالك عن أبي حازم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن بيع الغرر وقد ثبت متصلا من حديث عبيد الله بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به أخرجه مسلم فاعتضد به المرسل المتقدم وثبتت صحته والإمام الشافعي رواه في رواية المزني والزعفراني عنه مرسلا عن مالك واحتج به فيحتمل أن يكون اطلع على حديث أبي الزناد المتصل ويحتمل أن يكون اعتمده لخصوص سعيد بن المسيب
ومنها حديث مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان قال الشافعي أنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن القاسم بن أبي بزة قال قدمت المدينة فوجدت جزورا قد جزرت فجزئت أربعة أجزاء كل جزء منها بعناقق فأردت أن أبتاع منها جزءا فقال لي رجل من أهل المدينة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى أن يباع حي بميت فسألت عن ذلك الرجل فأخبرت عنه خيرا ثم روى الشافعي رحمه الله عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صالح مولى التوءمة عن ابن عباس عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه إنه كره بيع اللحم بالحيوان ثم قال ولو لم يرو في هذا عن النبي صلى الله عليه و سلم شيء كان قول أبي بكر رضي الله عنه مما ليس لنا خلافه لأنا لا نعلم صحابيا خالفه وإرسال سعيد عندنا حسن قال البيهقي هذا الحديث قد أرسله سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه و سلم والقاسم بن أبي بزة عن رجل من أهل المدينة والظاهر أنه غير ابن المسيب لأن ابن المسيب أشهر من أن لا يعرفه القاسم بن أبي بزة المكي حتى يسأل عنه
قلت ولو كان ابن المسيب ولم يكن يعرفه لسمى له باسمه ولم يقتصر على الثناء عليه قال البيهقي وقد رويناه عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه و سلم إلا أن الحفاظ اختلفوا في سماع الحسن من سمرة لغير حديث العقيقة فمنهم من أثبته فيكون هذا مثالا للمرسل إذا أسند من وجه آخر ومنهم من نفاه فيكون مرسلا انضم إلى مرسل ابن المسيب والقاسم بن أبي بزة ومعه قول أبي بكر رضي الله عنه
ومنها حديث شعبة عن عباد بن العوام عن هشام عن الحسن قال قال رسول الله لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل قال الإمام الشافعي في
كتاب أحكام القرآن روي عن الحسن بن أبي الحسن أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وهذا وإن كان منقطعا فإن أكثر أهل العلم يقول به ويقول الفرق بين النكاح والسفاح الشهود وهو ثابت عن ابن عباس وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قال البيهقي أكد الشافعي رضي الله عنه مرسل الحسن بشيئين أحدهما أن اكثر أهل العلم يقول به والثاني أنه ثابت عن ابن عباس من قوله
قلت وروي أيضا عن عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم كما أشار إليه الإمام الشافعي والحديث بذكر الشاهدين قد روي متصلا عن النبي صلى الله عليه و سلم من طرق كثيرة في أكثرهم مقال وأجودها سندا ما رواه عيسى بن يونس عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها وشاهدي عدل فنكاحها باطل الحديث بتمامة وفي رواية لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل رواه عن عيسى بن يونس أبو يوسف محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي وهو ثقة قال فيه أبو علي النيسابوري هو من حفاظ أهل الجزيرة ومتقنيهم وسليمان بن عمر بن خالد الرقي وعبد الرحمن بن يونس وهذا في كتاب الثقات لابن حبان وقال أحمد بن حنبل في عبد الرحمن هذا ما علمت إلا خيرا ورواه محمد بن هارون الحضرمي عن عثمان بن عمر الرقي عن يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن سليمان بن موسى كذلك أيضا ومع هذا فهو غريب لأن الأكثرين رووه عن ابن جريج بدون ذكر الشاهدين فإن صح ذلك فهو مثال للمرسل إذا أسند والله أعلم
الثالث انفرد ابن برهان باختيار قول في المرسل لم يتقدم الإشارة إليه فقال في كتابه الأصول الحق عندنا أن الإرسال إن كان صادرا ممن يعتقد صحة مذهبنا في الجرح والتعديل قبلنا قوله مرسلا كان أو مسندا وأن كان ممن يخالف مذهبنا في ذلك لم نقبل إرساله لا مكان أن من أغفل ذكره غير مقبول الرواية لأنه ربما لو صرح باسمه رددناه فرددنا إرساله لذلك انتهى كلامه
وهو ضعيف لأنه مبني أولا على على أن مجرد رواية العدل عن غيره تعديل له
والراجح أنه ليس كذلك إلا أن يصرح بأنه لا يروي إلا عن عدل أو يعرف ذلك من عادته فحينئذ يجيء ما قاله من اعتبار مذهبه في التعديل والجرح ثم يرد عليه ما تقدم مرارا من احتمال أن يكون الراوي الذي أرسل عنه لم يطلع فيه على جارج وعدله لذلك ولو صرح باسمه لظهر لغيره جرحه المؤثر وهي النكتة التي عول عليها من رد المرسل مطلقا والذي ينقدح فيه ما اختاره ابن برهان ما إذا قال الراوي حدثني الثقة ونحو ذلك فإن من يكتفي بمجرد ذلك منه كإمام الحرمين لا بد وأن يعتبر مذهب القائل لذلك في التعديل والذي عليه أكثر المحققين أنه لا يكتفي بقول الراوي حدثني الثقة من غير ذكر صرح باسمه وعرفناه زال ذلك الاحتمال إذا لم يظهر فيه جرح بعد البحث
وأما قول الإمام الشافعي ذلك في مواضع فقد قال كثير من أصحابنا إنما قاله لبيان الحجة لمتابعيه لا الاحتجاج على غيره وقد عرف من عادته أنه أراد بقوله من لا أتهم أو حدثني الثقة في مواضع إبراهيم بن أبي يحيى والأكثرون ضعفوه وتبين لهم من حاله ما لم يطلع عليه الإمام الشافعي رحمه الله وذلك مما يبين صحة ما ذكرناه والله أعلم
الرابع ظاهر كلام إمام الحرمين أن قول الراوي حدثني الثقة من قبيل المرسل وكذلك حدثني رجل لكنه اختار القبول في الأول دون الثاني وقد تقدم ذلك عنه والذي يقتضيه كلام غيره ممن يكتفي بقول الراوي أخبرني الثقة أن ذلك من قبيل المسند لا المرسل وأنه بمثابة ما لو صرح باسمه ووثقة واختار الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع أن ذلك بمثابة المرسل وأنه غير مقبول لما أشرنا إليه غير مرة من اختلاف الناس في الجرح والتعديل اجتهادا واطلاعا فلا تحصل الثقة بالخبر إلا بتسمية الراوي والنظر في حاله والبحث عنه وقد اعترض على هذا بشيئين
أحدهما أنه يلزم منه أن كل من عمل بحديث لا يجوز له حتى يعرف رواته كلهم ويبحث عنهم ولا يقلد غيره من الأئمة في جرحهم وتعديلهم وفي ذلك تضييق عظيم وحرج متروك العمل به
والثاني أنه يلزم منه أيضا أن القاضي إذا رفع إليه حكم قاض آخر لا ينفذه حتى يبحث عن عدالة من حكم ذلك القاضي بشهادته لجواز أن يكون إذا بحث عنهم عثر على تجريحهم
والجواب عن الأول أن الراوي إذا سمي باسمه فقد بعد عن التدليس فإن من كان من أهل زمن العامل بالخبر فالبحث عنه ممكن واستكشاف حاله متعين وإن كان متقدما ولم نكتف بظاهر الإسلام والستر على الراجح ووجدنا من عدله ولم نعثر فيه على جرح لغيره اكتفينا بذلك وحصل عليه الظن بقوله وإن وجدنا جرحا مؤثرا قدمناه على تعديله ولا يلزم من ذلك وجوب معرفته باطنا وأيضا فالعلماء مختلفون في الاكتفاء بالواحد في التعديل وفي أنه هل يحتاج فيه إلى ذكر السبب أم لا فمن يشترط ذلك أولا يكتفي بالواحد في التعديل لا يثبت الخبر عنده بقول الراوي وحده حدثني الثقة وأما على الراجح عند المحققين فالنكتة في عدم الاكتفاء بقوله حدثني الثقة ما قدمناه
والجواب عن الثاني بالفرق بين المقامين وشتان بين أمر لم يتقدم فيه حكم قاض وبين أمر تقدم في حكم قاض ويلزم من البحث عن عدالة من حكم القاضي بشهادتهما عند إرادة تنفيذ ذلك الحكم نقض ما حكم به ذلك القاضي بخلاف ما إذا لم نقبل قول الراوي حدثني الثقة أو سماه ووثقه واطلعنا فيه على جرح مؤثر فقدمناه فإنه لا نقض فيه لحكم تقدم وذلك ظاهر ويتأيد ذلك بأن الشاهدين لو رجعا عما شهدا به بعد إنفاذ الحكم بما شهدا به لم يؤثر رجوعها ولو رجع الراوي عن الخبر وأكذب نفسه أو اعترف بالغلط لم يجز العمل بخبره والله اعلم
الخامس قال فخر الدين الرازي ومن تبعه إذا كان الراوي دأبه إرسال الأخبار وأسند خبرا فقد اختلف فيه من لم يقبل المرسل فكثير منهم قبلوه لأن إرساله يختص بالمراسيل دون المسند ولا تهمة تلحق الراوي ومنهم من لم يقبله وزعم أن إرساله يدل على أنه إنما لم يذكر الراوي لضعفه فستره له والحالة هذه خيانة فلا يقبل خبره وهذا مأخذ ضعيف لأن إرسال الراوي لا ينحصر في
كون شيخه ضعيفا بل يحتمل أنه سمعه مرسلا أو أثر الاختصار أو كان في المذاكرة أو وثق بمن أرسل عنه كما تقدم إلى غير ذلك من الاحتمالات فلا يلزم القدح فيه وهذا بعينه قول من يجعل التدليس سببا للجرح في المدلس وسيأتي ذلك قريبا إن شاء الله تعالى
السادس تقدم الفرق بين المرسل والمنقطع والمعضل وأنه اصطلاح حديثي واسم الإرسال شامل لكن ذلك عند أئمة الأصول وكذلك بعض أهل الحديث ويظهر الفرق بينهما أن بعض من أجاز العمل بالمرسل منع ذلك في المنقطع وفي المعضل بطريق الأولى وأشار الإمام أبو المظفر بن السمعاني إلى شيء آخر وهو أن إرسال الحديث من أئمة التابعين كان معتادا بينهم متعارفا وأما انقطاع السند في أثنائه بإسقاط رجل أو أكثر ثم يذكر باقيه فإنه يدل على ضعف الساقط دلالة قوية وتقوى الريبة حينئذ به وجعل الحاكم من المنقطع أيضا قول الراوي عن رجل فإن ذلك لا يفيد احتجاجا به يعني ولا على القول بقبول المجهول لأن مثل هذا مجهول العين ولا يحتج به اتفاقا وإنما الخلاف في المجهول العدالة بعد معرفة عينه والتحقيق أن قول الرواي عن رجل ونحوه متصل ولكن حكمه حكم المنقطع لعدم الاحتجاج به
ثم إن هذا إنما يكون منقطعا إذا لم يعرف ذلك الرجل المبهم ومتى عرف كان متصلا ويحتج به إن كان ذلك الرجل مقبولا ومثاله ما روى سفيان الثوري عن داود بن أبي هند قال ثنا شيخ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يأتي على الناس زمان يخير الرجل فيه بين العجز والفجور فمن أدرك ذلك منكم فليختر العجز على الفجور ورواه علي بن عاصم عن داود بن أبي هند قال نزلت حديلة قيس فسمعت شيخا أعمى يقال له أبو عمر يقول سمعت أبا هريرة يقول فذكره فتبين أن الرجل المبهم في طريق سفيان هو أبو عمر الحدلي و هو معروف
ومثاله في المعضل ما ذكر مالك في الموطأ أنه بلغه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للملوك طعامه وكسوته الحديث وقد رواه إبراهيم بن طهمان عن مالك خارج الموطأ عن محمد بن عجلان عن أبيه عن
أبي هريرة وإنما نحكم بالإرسال والانقطاع حين لا يكون روي من ذلك الوجه مسندا ولا متصلا والله أعلم
السابع قال ابن عبد البر اختلفوا في حديث الرجل عمن لم يلقه مثل مالك عن سعيد بن المسيب والثوري عن إبراهيم النخعي فقالت فرقة هذا تدليس لأنهما لو شاءا لسميا من حدثهما كما فعلا في الكثير مما بلغهما عنهما قالوا وسكوت المحدث عمن حدثه مع علمه به دلسة قال أبوعمر فإن كان هذا تدليسا فما أعلم أحدا من العلماء سلم منه في قديم الدهر ولا حديثة اللهم إلا شعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان فإنهما ليس يوجد لهما شيء من هذا لا سيما شعبة وقالت طائفة ليس هذا بتدليس وإنما هذا إرسال وكما جاز أن يرسل سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهو لم يسمع منهما ولم يسم أحد من أهل العلم ذلك تدليسا كذلك مالك في سعيد بن المسيب انتهى كلامه
والقول الأول ضعيف لأن التدليس أصله التغطية والتلبيس وإنما يجيء ذلك فيما أطلقه الراوي عن شيخه بلفظ موهم للاتصال وهو لم يسمعه منه فأما إطلاقه الرواية عمن يعلم أنه لم يلقه أو لم يدركه أصلا فلا تدليس في هذا يوهم الاتصال وذلك ظاهر وعليه جمهور العلماء والله أعلم
الثامن فيما يتعلق بالتدليس وهو قسمان تدليس السماع وتدليس الشيوخ
فالأول نوعان أحدهما ما أشرنا إليه آنفا بأن يروي الراوي عن شيخه حديثا لم يسمعه منه بلفظ عن أو قال أو ذكر ونحو ذلك مما يوهم الاتصال ولا يصرح بحدثنا ولا أخبرنا ولا سمعت ومثاله ما روي عن ابن خشرم قال كنا عند سفيان بن عيينة فقال الزهري فقيل له حدثكم الزهري فقال لم أسمعه من الزهري ولا ممن سمعه من الزهري حدثني عبد الرزاق عن
معمر عن الزهري وعن إبراهيم بن بشار أن سفيان بن عيينة حدث يوما بحديث عن عمرو بن دينار فحوقق فيه إلى أن قال حدثني علي ابن المديني عن الضحاك بن مخلد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار وهذا القسم حكمه في الحقيقة حكم المرسل من جهة أنه لا يعرف الراوي الذي أسقط بينه وبين من دلس عنه فكل مدلس مرسل ولا ينعكس إلا على القول الضعيف الذي حكاه ابن عبد البر فيما تقدم
ثم إن المرسل أحسن حالا من هذا من حيث إنه مبين فيه الانقطاع والتدليس موهم للاتصال وليس متصلا ولهذا ذمه كثير من العلماء حتى قال شعبة لأن أزني أحب إلي من أن أدلس وذلك محمول منه على المبالغة في ذمه والتنفير عنه وقال أيضا التدليس أخو الكذب وقال حماد بن زيد التدليس كذب ثم ذكر حديث النبي صلى الله عليه و سلم المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور وقال حماد ولا أعلم المدلس إلا متشبعا بما لم يعط وقال جرير بن حازم أدنى ما يكون فيه أنه يري الناس أنه سمع ولم يسمع وقال عبد الله بن المبارك لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أدلس وقد ذهب جماعة من العلماء إلى جرح المدلس مطلقا لإيهامه سماع ما لم يسمع فلم يقبلوا منه حديثا وإن صرح بالسماع
وقال آخرون إن كان الغالب عليه التدليس عمن عاصره ولم يلقه ولا سمع منه لم تقبل روايته مطلقا وإن كان تدليسه عمن قد لقيه وسمع منه ما صرح فيه بالسماع دون ما دلس
والصحيح الذي عليه جمهور أئمة الحديث والفقه والأصول الاحتجاج بما رواه المدلس الثقة مما صرح فيه بالسماع دون ما رواه بلفظ محتمل لأن جماعة من الأئمة الكبار دلسوا وقد اتفق الناس على الاحتجاج بهم ولم يقدح التدليس فيهم
كقتادة والأعمش والسفيانين الثوري وابن عيينة وهشيم بن بشير وخلق كثير وأيضا فإن التدليس ليس كذبا صريحا بل هو ضرب من الإيهام بلفظ محتمل كما قال الإمام الشافعي رحمه الله ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته وليست تلك العورة بكذب فيرد حديثه ولا على النصيحة في الصدق فيقبل منه ما قبلناه من أهل الصدق فلذلك قلنا إنه لا يقبل من المدلس حديث حتى يقول حدثنا وسمعت هذا لفظه وقد قسم الحاكم أبو عبد الله في كتابه علوم الحديث أجناس المدلسين إلى ستة أقسام وبعضها متداخل
فأولها التابعون الذين لا يدلسون إلا عن ثقة مثلهم أو اكبر كأبي سفيان طلحة بن نافع وقتادة
وثانيها من كان يقول قال فلان فإذا حصل لهم من ينقر عن سماعهم ذكروا من سمعوه منه كابن عيينة وابن إسحاق وهشيم ونحوهم
والثالث من يدلس عن أقوام مجهولين لا يدري من هم كسفيان الثوري وعيسى بن موسى غنجار وبقية بن الوليد وذكر علي بن المديني قال حدثني حسين الأشقر حدثني شعيب بن عبد الله النهمي عن أبي عبد الله عن نوف قال بت عند علي رضي الله عنه فذكر كلاما قال بن المديني فقلت لحسين ممن سمعته فقال حدثنية شعيب عن أبي عبد الله عن نوف فلقيت شعيبا فقلت من حدثك بهذا قال أبو عبد الله الحصاص قلت عمن قال عن حماد القصار قال فلقيت حمادا فقلت من حدثك بهذا قال بلغني عن فرقد السبخي عن نوف فإذا هو قد دلس عن ثلاثة والحديث بعد منقطع وأبو عبد الله الجصاص مجهول وحماد القصار لا يدرى من هو وبلغه عن فرقد وفرقد لم يدرك نوفا ولا رآه
والرابع قوم دلسوا عن شيوخ مجروحين سمعوا منهم فغيروا أسماءهم وهذا تدليس الشيوخ وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى
والخامس قوم دلسوا عن شيوخ سمعوا منهم الكثير وفاتهم بعض الشيء عنهم فدلسوه
والسادس قوم رووا عن شيوخ لم يروهم قط ولم يسمعوا منهم فيقولون قال فلان وحمل ذلك منهم على الاتصال وليس مسموعا ومثل ذلك بما ذكر أبو داود الطيالسي عن أشرس أن إسحاق بن راشد قدم الري فجعل يقول حدثنا الزهري قال فقلت له أين لقيت ابن شهاب قال لم ألقه مررت ببيت المقدس فوجدت كتابا له
قلت وهذا ليس من التدليس في شيء لما تقدم إن شرط التدليس أن يكون اللفظ محتملا لا صريحا فمتى كان صريحا في السماع ولم يكن كذلك فهو كذب يقتضي الجرح لفاعله اللهم إلا أن يؤول بتأويل بعيد كما قيل فما روي عن الحسن أنه قال حدثنا أبو هريرة وتأوله من لم يثبت له السماع منه على أنه أراد حدث أهل البصرة فيكون الضمير عائدا إليهم وكذلك قول طاووس قدم علينا معاذ اليمن وهو لم يدركه وإنما أراد قدم على أهل بلده وهذه الأقسام متداخلة كما تراها والتعاقد شرط في التقسيم
والذي ينبغي أن ينزل قول من جعل التدليس مقتضيا لجرح فاعله على من أكثر التدليس عن الضعفاء وأسقط ذكرهم تغطية لحالهم وكذلك من دلس اسم الضعيف حتى لا يعرف كما سيأتي ولهذا ترك جماعة من الأئمة كأبي حاتم الرازي وابن خزيمة وغيرهما الاحتجاج ببقية مطلقا قال ابن حبان سمع بقية من شعبة ومالك وغيرهما أحاديث مستقيمة ثم سمع من أقوام كذابين عن مالك وشعبة فروى عن الثقات بالتدليس ما أخذ عن الضعفاء ولا شك في أن مثل هذا مقتض للجرح لكن الذي استقر عليه عمل الأكثرين الاحتجاج بما رواه المدلس الثقة بلفظ صريح في السماع
وبهذا أجاب علي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهما وإما ما رواه بلفظ محتمل فحكمه حكم المرسل كما تقدم فمن رد المرسل مطلقا لم يحتج بما قال فيه المدلس ونحو ذلك ومن قبلها مطلقا احتج بالمدلس وهذا مذهب أهل الكوفة كما تقدم في المرسل وهم أكثر الناس تدليسا قال يزيد بن هارون قدمت الكوفة فما رأيت بها أحدا لا يدلس إلا شريكا ومسعر بن كدام
وأما على القول الراجح من الفرق بين من عرف منه أنه لا يرسل إلا عن ثقة وغيره فكذلك في المدلس فكل من عرف منه أنه لا يدلس إلا عن ثقة يقبل منه ما قال فيه عن ونحوه دون غيره
قال أبو حاتم بن حبان بعد ترجيحه لهذا القول وهذا شيء ليس في الدينا إلا لسفيان بن عيينة فإنه كان يدلس ولا يدلس إلا عن ثقة متقن ولا يكاد يوجد لسفيان بن عيينة خبر دلس فيه إلا وقد بين سماعه عن ثقة مثل نفسه ثم مثل ذلك بمراسيل صغار الصحابة لأنهم لا يرسلون إلا عن صحابي كما تقدم ونقل ابن عبد البر هذا القول من التفصيل عن أئمة الحديث مطلقا فقال قالوا لا نقبل تدليس الأعمش لأنه إذا وقف أحال على ملإ يعنون على غير ثقة فإذا قيل عمن هذا قال عن موسى بن طريف وعباية بن ربعي والحسن بن ذكوان وقالوا يقبل تدليس ابن عيينة لأنه إذا وقف أحال على ابن جريج ومعمر ونظائرهما
قلت قال أبو معاوية كنت أحدث الأعمش عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد فيجيء أصحاب الحديث بالعشي فيقولون حدثنا الأعمش عن مجاهد بتلك الأحاديث فأقول أنا حدثتة عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد والأعمش قد سمع من مجاهد ثم يراه يدلس عن ثلاثة عنه واحدهم متروك وهو الحسن بن عمارة وقد ألحق الحاكم بابن عيينة في قصر
التدليس عن الثقات التابعين بأسرهم قال فإنهم كانوا لا يدلسون إلا عن ثقة ولم يكن غرضهم من الرواية إلا أن يدعو إلى الله عز و جل فيقولون قال فلان لبعض الصحابة فأما غير التابعين فأغراضهم فيه مختلفة
قلت وهذا لا يتم إلا بعد ثبوت أن من دلس من التابعين لم يكن يدلس إلا عن ثقة وفيه عسر وهذا الأعمش من التابعين وتراه دلس عن الحسن بن عمارة وهو يعرف ضعفه وقد تقدم أن من التابعين من كان يرسل عن كل أحد كعطاء وأبي العالية والزهري والحاكم معترف بذلك فكيف يرسلون عن كل أحد ولا يدلسون إلا عن ثقة هذا فيه نظر وقد روى عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة أنه قال كنت أنظر إلى فم قتادة فإذا قال حدثنا كتبت وإذا قال حدث لم أكتب لكن هذا قد لا يرد على الحاكم لأن شعبة كان لا يقبل التدليس مطلقا سواء كان عن ثقة أو لم يكن بخلاف ما تقدم عن الأعمش وقد تقدم قول الإمام الشافعي ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته فأجرى حكم التدليس على من عرف به مرة واحدة ولم يقبل منه بعد ذلك إلا ما صرح فيه بالسماع لأن ذلك صار هو الظاهر من أمره كما أن من عرف بالكذب مرة واحدة في الحديث صار الكذب هو الظاهر من حاله وسقطت الثقة بجميع حديثه مع جواز أن يكون صادقا في بعضه فكذلك هنا والله اعلم
والنوع الثاني من تدليس السماع أن يسمع الراوي من شيخه حديثا قد سمعه من رجل ضعيف عن شيخ سمع منه ذلك الشيخ هذا الحديث فيسقط الراوي عنه الرجل الضعيف من بينهما ويروي الحديث عن شيخه عن الأعلى لكونه سمع منه أو أدركه ويسمى هذا النوع أيضا التسوية وهو مذموم جدا من وجوه كثيرة
منها أنه غش وتغطية لحال الحديث الضعيف وتلبيس على من أراد الاحتجاج به
ومنها أنه يروي عن شيخه ما لم يتحمله عنه لأنه لم يسمع منه الحديث إلا بتوسط الضعيف ولم يروه شيخه بدونه
ومنها أنه يصرف على شيخه بتدليس لم يأذن له فيه وربما ألحق بشيخه وصمة التدليس إذا اطلع عليه أنه رواه عن الواسطة الضعيف ثم يوجد ساقط في هذه الرواية فيظن أن شيخه الذي أسقطه ودلس الحديث وليس كذلك ولا ريب في تضعيف من أكثر من هذا النوع وقد وقع فيه جماعة من الأئمة الكبار لكن يسيرا كالأعمش وسفيان الثوري حكاه عنهما الخطيب وروى عن قبيصة قال حدث سفيان الثوري يوما حديثا بدل فيه رجلا فقيل له يا أبا عبد الله فيه رجل فقال هذا سهل للطريق وممن أكثر منه بقية والوليد بن مسلم وتكلم فيهما من أجله قال ابن أبي حاتم في كتاب العلل سمعت أبي وذكر الحديث الذي رواه اسحاق ابن راهوية عن بقية حدثني أبو وهب الأسدي عن نافع عن ابن عمر حديث حتى تعرفوا عقدة رأيه فقال إن هذا الحديث له أمر قل من يفهمه روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم وعبيد الله ابن عمرو كنيته أو وهب وهو أسدي فكناه بقية ونسبه إلى بني أسد لكي لا يفطن له حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدي له قال وكان بقية من أفعل الناس لهذا
قلت وقد روى هذا الحديث محمد بن المسيب الأرغياني عن موسى بن سليمان عن بقية عن عبيد الله بن عمرو عن إسحاق ابن أبي فروة عن نافع به فتبين به صحة قول أبي حاتم وقال صالح جزرة سمعت الهيثم بن خارجة يقول قلت للوليد بن مسلم قد أفسدت حديث الأوزاعي قال وكيف قلت تروي عنه عن نافع وعنه عن الزهري وعنه عن يحيى يعني ابن أبي كثير وغيرك يدخل بين الأوزاعي ونافع عبد الله بن عامر الأسلمي وبينه وبين الزهري قرة فما يحملك على هذا قال أنبل الأوزاعي بأن يروي عن مثل هؤلاء قلت
فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء المناكير وهم ضعفاء فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الإثبات ضعف الأوزاعي فلم يلتفت إلى قولي
وبالجملة فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقا وشرها لكنه قليل بالنسبة إلى ما يوجد عن المدلسين والله تعالى الموفق بكرمه
وأما القسم الثاني وهو تدليس الشيوخ فهو يختلف باختلاف الأغراض فمنهم من يدلس شيخه لكونه ضعيفا أو متروكا حتى لا يعرف ضعفه إذا صرح باسمه ومنهم من يفعل ذلك لكونه كثير الرواية عنه كي لا يتكرر ذكره كثيرا أو لكونه متأخر الوفاة قد شاركه فيه جماعة فيدلسه للأغراب أو لكونه أصغر منه أو لشيء بينهما كما وقع للبخاري مع الذهلي وكلها سوى النوع الأول أمره خفيف وقد يسمح بذلك جماعة من الأئمة وأكثر منه الحافظ الخطيب في كتبه وليس فيه إلا تضييع للمروي عنه وتوعير لطريق معرفته على من يروم ذلك
وأما النوع الأول فهو مذموم جدا لما فيه من تغطية حال الضعيف والتلبيس على من يتنكب الاحتجاج به ولا تعلق له بما نحن بصدده هنا من المرسل فلذلك اختصرت الكلام فيه بخلاف القسم المتقدم فإنه داخل في أنواع المرسل وحكمه حكمه كما تقدم
وتمام الفائدة هنا بذكر أسماء المدلسين حسبما وصلت اإليه ليعتبر ما كان من حديثهم بلفظ عن ونحوها على اعتبار ما تقدم وهم مرتبون على حروف المعجم
1 - إبراهيم بن يزيد النخعي ذكر الحاكم وغيره أنه مدلس وحكى خلف بن سالم عن عدة من مشايخه أن تدليسه من أخص شيء وكانوا يتعجبون منه
2 - إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي شيخ الشافعي وصفه أحمد بن حنبل بالتدليس
3 - إسماعيل بن أبي خالد ذكره النسائي وغيره
4 - بقية بن الوليد مشهور به مكثر له عن الضعفاء يعاني التسوية التي تقدم ذكرها
5 - تليد بن سليمان الكوفي قال فيه أحمد بن صالح العجلي كان يدلس
6 - جابر الجعفي قال أبو نعيم قال سفيان الثوري كلما قال فيه جابر سمعت أو حدثنا فأشدد يديك به وما كان سوى ذلك فتوقه
7 - حبيب بن أبي ثابت قال ابن حبان كان مدلسا وروى أبو بكر بن عياش عن الأعمش قال قال لي حبيب بن أبي ثابت لو أن رجلا حدثني عنك ما باليت أن أرويه عنك
8 - حجاج بن ارطأة مشهور به عن الضعفاء وغيرهم
9 - الحسن بن أبي الحسن البصري من المشهورين بذلك
10 - الحسن بن ذكوان ذكره محمد بن نصر المروزي في حديثه عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي حديث نهي عن ثمن الميتة الحديث قال محمد بن نصر سمعه الحسن بن ذكوان عن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت فدلسه بإسقاط عمرو ابن خالد لأنه منكر الحديث وكذلك قال يحيى بن معين في كل ما رواه الحسن ين ذكوان عن حبيب بن أبي ثابت أن بينه وبين حبيب رجلا ليس بثقة
11 - الحسين بن واقد المروزي ذكره أبو يعلى الخليلي ممن يدلس
12 - حفص بن غياث الكوفي ذكره أحمد بن حنبل في رواية الأثرم عنه
13 - الحكم بن عتبة وصفه بالتدليس غير واحد
14 - وحميد الطويل كذلك
15 - زكريا بن أبي زائدة قال أبو حاتم الرزاي يدلس عن الشعبي وعن ابن جريج
16 - سعيد بن أبي عروبة مشهور بالتدليس ذكره به غير واحد
17 - سفيان بن سعيد الثوري
18 - وسفيان بن عيينة
19 - وسليمان التيمي
20 - وسليمان الأعمش والأربعة أئمة كبار مشهورون بالتدليس
21 - سويد بن سعيد الحدثاني قال غير واحد كان كثير التدليس
22 - شباك الضبي كوفي ذكره الحاكم في كتابه علوم الحديث فيمن كان يدلس
23 - شريك بن عبدالله النخعي القاضي كوفي وليس تدليسه بالكثير
24 - شعيب بن أيوب الصريفيني قال فيه ابن حبان كان يدلس
25 - طلحة بن نافع أبو سفيان ذكره الحاكم ممن كان يدلس من التابعين
26 - طاووس بن كيسان الفقيه أحد الأعلام ذكره حسين الكرابيسي في أثناء كلام له أنه أخذ من عكرمة كثيرا من علم ابن عباس وكان يرسله بعد ذلك عنه وهذا يقتضي أن يكون مدلسا ولم أر أحدا وصفه بذلك
27 - عباد بن منصور الناجي قال مهنا سألت أحمد عنه قال قد كان روى أحاديث منكرة وكان يدلس
28 - عبد الله ين أبي نجيح المكي ذكره النسائي فيمن كان يدلس رواه عنه ابن الحداد وأبو بكر الفقيه
29 - عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي قال ابن حبان كان يدلس
30 - عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ذكره أحمد في حديث رواه عن عبد الله بن عمر فقال ينبغي أن يكون عبد المجيد دلسه أخذه من إنسان فحدث به ذكره الخلال في كتاب العلل
31 - عبد الرحمن بن محمد المحاربي قال عبدالله بن أحمد بن حنبل بلغنا أنه كان يدلس
32 - عبد الملك بن عمير مشهور به ذكره غير واحد
33 - عبد الملك بن جريح الإمام المشهور يكثر من التدليس
34 - عبد الوهاب بن عطا الخفاف قال الخطيب كان يدلس
35 - عكرمة بن عمار ذكره أبو حاتم الرازي بذلك
36 - عكرمة بن خالد ذكره شيخنا الذهبي في أرجوزة سمى فيها غالب المدلسين
37 - علي بن غراب أبو الحسن الكوفي قال فيه أحمد بن حنبل كان يدلس
38 - عمر بن علي المقدمي ذكره أحمد أيضا بذلك فيما رواه الأثرم عنه
39 - عمرو بن عبد الله السبيعي تابعي مشهور بذلك
40 - قتادة بن دعامة السدوسي مشهور أيضا به من جلة التابعين
41 - المبارك بن فضالة قال فيه أبو زرعة يدلس كثيرا وقال أبو داود شديد التدليس
42 - محمد بن إسحاق بن يسار الإمام المشهور ممن أكثر منه وخصوصا عن الضعفاء
43 - محمد بن خازم أبو معاوية الضرير قال أحمد بن أبي طاهر كان يدلس
44 - محمد بن شهاب الزهري الإمام العلم مشهور به وقد قبل الأئمة قوله عن
45 - محمد بن صدقة الفدكي أبو عبد الله سمع مالك بن أنس وعنه إبراهيم بن المنذر الحراني ذكره ابن الأثير في اختصاره كتاب الأنساب للسمعاني أنه كان مدلسا
46 - محمد بن عبد الرحمن الطفاوي سئل عنه أحمد بن حنبل فقال كان يدلس رواه البرقاني في الثالث من كتاب اللفظ له
47 - محمد بن عجلان المدني ذكر ابن أبي حاتم حديثه عن الأعرج عن أبي هريرة حديث المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف فقال إنما سمعه من ربيعة بن عثمان عن الأعرج قلت رواه عبد الله بن إدريس عن ربيعة بن عثمان عن محمد بن عثمان بن حبان عن الأعرج وذكر غير ابن أبي حاتم أيضا أنه كان يدلس أعني ابن عجلان
48 - محمد بن عيسى بن سميع ذكره ابن حبان أنه روى حديث مقتل عثمان عن ابن أبي ذئب قال ولم يسمعه منه إنما سمعه من إسماعيل بن يحيى أحد الضعفاء عنه وكذلك قال صالح ابن محمد وغيره
49 - محمد بن عيسى بن الطباع ذكره أبو داود بالتدليس وذلك في الخامس من سؤالات أبي عبيد الأجري له
50 - محمد بن مسلم أبو الزبير المكي مشهور بالتدليس قال سعيد بن أبي مريم ثنا الليث بن سعد قال جئت أبا الزبير فدفع لي كتابين فانقلبت بهما ثم قلت في نفسي لو أني عاودته فسألته اسمع هذا كله من جابر قال سألته فقال منه ما سمعت ومنه ما حدثت عنه فقلت له اعلم لي على ما سمعت منه فاعلم لي على هذا الذي عندي
ولهذا توقف جماعة من الأئمة عن الاحتجاج بما لم يروه الليث عن أبي الزبير عن جابر وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما قال فيه أبو الزبير عن جابر وليست من طريق الليث وكأن مسلما رحمه الله اطلع على أنها مما رواه الليث عنه وإن لم يروها من طريقه والله أعلم
51 - مروان بن معاوية الفزاري قال يحيى بن معين ما رأيت أحيل للتدليس منه
52 - مغيرة بن مقسم الضبي قال ابن فضيل كان يدلس فلا نكتب إلا ما قال ثنا إبراهيم وقال أحمد بن حنبل عامة حديثه عن إبراهيم مدخول إنما سمعه من حماد ومن يزيد بن الوليد والحارث العكلي وجعل أحمد يضعف حديثه عن إبراهيم يعني النخعي
53 - مكحول الدمشقي ذكره الحافظ الذهبي بالتدليس وهو مشهور بالإرسال عن جماعة لم يلقهم وسيأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى
54 - موسى بن عقبة في صحيح البخاري روايته عن الزهري وفي بعضها عنه قال الزهري قال الإمام أبو بكر الإسماعيلي يقال إنه لم يسمع من الزهري شيئا
قلت وذلك بعيد لأن البخاري لا يكتفي بمجرد إمكان اللقاء ولم أر من ذكر موسى بالتدليس غيره
55 - ميمون بن موسى المرائي قال فيه أحمد بن حنبل كان يدلس
56 - هشام بن عروة أمام مشهور لم يشتهر بالتدليس ولكن قال علي بن المديني سمعت يحيى يعني ابن سعيد يقول كان هشام بن عروة يحدث عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت ما خير رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما وما ضرب بيده شيئا الحديث فلما سألته قال أخبرني أبي عن عائشة قالت ما خير رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أمرين لم أسمع من أبي إلا هذا والباقي لم أسمعه إنما هو عن الزهري رواه الحاكم في علومه عن ابن المديني في جعل هشام بمجرد هذا مدلسا نظر ولم أر من وصفه به
57 - هشيم بن بشير أحد الأئمة مشهور بالتدليس مكثر منه
58 - الوليد بن مسلم الدمشقي كذلك ويعاني التسوية أيضا كما تقدم
59 - يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي ضعفوه وقال أبو زرعة صدوق يدلس
60 - يحيى بن سعيد الأنصاري ذكر علي بن المديني أنه كان يدلس حكاه عنه الحافظ عبد الغني في كتابه الكمال في ترجمة محمد بن عمرو بن علقمة
61 - يحيى بن أبي كثير البصري معروف بالتدليس ذكره النسائي وغيره
62 - يزيد بن أبي زياد ذكره الحاكم فيمن كان يدلس قاله في علوم الحديث
63 - يزيد بن أبي مالك الهمداني ذكره أبو مسهر بالتدليس وسيأتي ذلك في آخر الكتاب
64 - يونس بن عبيد ذكره بالتدليس النسائي وغيره
65 - أبو إسرائيل الملائي واسمه إسماعيل بن أبي إسحاق متكلم فيه وخرج الترمذي من اسرائيل عن الحكم عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن بلال حديث لا تثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر ثم قال الترمذي لم يسمع أبو إسرائيل هذا الحديث من الحكم يقال إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم
66 - أبو حرة الرقاشي واسمه واصل بن عبد الرحمن روى له مسلم قال فيه أحمد بن حنبل صاحب تدليس عن الحسن إلا أن يحيى يعني ابن سعيد روى عنه ثلاثة أحاديث يقول في بعضها حدثنا الحسن وقال البخاري يتكلمون في روايته عن الحسن
67 - أبو سعد البقال واسمه سعيد بن المرزبان متكلم فيه قال ابن المبارك قلت لشريك بن عبد الله النخعي تعرف أبا سعيد البقال قال إني والله أعرفه عالي الإسناد أنا حدثته عن عبد الكريم الخزري عن زياد بن أبي مريم عن عبد الله بن معقل عن ابن مسعود حديث الندم توبة فتركني وترك عبد الكريم وزياد ابن أبي مريم وروى عن عبد الله بن معقل عن ابن مسعود الحديث
68 - أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ذكر الذهبي في الميزان أنه كان يدلس عمن لحقهم ومن لم يلحقهم وكان له صحف يحدث منها ويدلس
هذه أسماء من ظفرت به أنه ذكر بالتدليس ثم ليعلم بعد ذلك أن هؤلاء كلهم ليسوا على حد واحد بحيث أنه يتوقف في كل ما قال فيه واحد منهم عن ولم يصرح بالسماع بل هم على طبقات
أولها من لم يوصف بذلك إلا نادرا جدا بحيث أنه لا ينبغي أن يعد فيهم كيحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وموسى بن عقبة
وثانيها من احتمل الأئمة تدليسه وخرجوا له في الصحيح وإن لم يصرح بالسماع وذلك إما لإمامته أو لقلة تدليسه في جنب ما روى أو لأنه لا يدلس إلا عن ثقة وذلك كالزهري وسليمان الأعمش وإبراهيم النخعي وإسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي وحميد الطويل والحكم بن عتبة ويحيى بن أبي كثير وابن جريج والثوري وابن عيينة وشريك وهشيم ففي الصحيحين وغيرهما لهؤلاء الحديث الكثير مما ليس فيه التصريح بالسماع وبعض الأئمة حمل ذلك على أن الشيخين اطلعا على سمعا الواحد لذلك الحديث الذي أخرجه بلفظ عن ونحوها من شيخه وفيه تطويل الظاهر أن ذلك لبعض ما تقدم آنفا من الأسباب قال البخاري لا أعرف لسفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت ولا عن سلمة بن كهيل ولا عن منصور وذكر مشايخ كثير لا أعرف لسفيان عن هؤلاء تدليسا ما أقل تدليسه
وثالثها من توقف فيهم جماعة فلم يحتجوا بهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع وقبلهم آخرون مطلقا كالطبقة التي قبلها لأحد الأسباب المتقدمة كالحسن وقتادة وأبي إسحاق السبيعي وأبي الزبير المكي وأبي سفيان طلحة بن نافع وعبد الملك بن عمير
ورابعها من اتفقوا على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لغلبة تدليسهم وكثرته عن الضعفاء والمجهولين كابن إسحاق وبقية وحجاج بن الاطأة وجابر الجعفي والوليد بن مسلم وسويد بن سعيد وأضرابهم ممن تقدم فهؤلاء هم الذين يحكم على ما رووه بلفظ عن بحكم المرسل كما تقدم
وخامسها من قد ضعف بأمر آخر غير التدليس فرد حديثهم به لا وجه له إذ لو صرح بالتحديث لم يكن محتجا به كأبي جناب الكلبي وأبي سعد البقال ونحوهما فليعلم ذلك
وهذا كله في تدليس الراوي ما لم يتحمله أصلا بطريق ما فأما تدليس الإجازة والمناولة والوجادة بإطلاق أخبرنا فلم يعده أئمة الفن في هذا الباب كما قيل في رواية أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب ورواية مخرمة بن بكير بن الأشج عن أبيه وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري وشبه ذلك بل هو إما محكوم عليه بالانقطاع أو يعد متصلا ومن هذا القبيل ما ذكره محمد بن طاهر المقدسي عن الحافظ أبي الحسن الدارقطني أنه كان يقول فيما لم يسمع من البغوي قرئي على أبي القاسم البغوي حدثكم فلان ويسوق السند إلى آخره بخلاف ما هو سماعه فإنه يقول فيه قرىء على أبي القاسم وأنا أسمع أو أخبرنا أبو القاسم البغوي قراءة ونحو ذلك فأما أن يكون له من البغوي إجازة شاملة بمروياته كلها فيكون ذلك متصلا له أو لا يكون كذلك فيكون وجادة وهو قد تحقق صحة ذلك عنه على أن التدليس في المتأخرين بعد سنة ثلاثمائة يقل جدا قال الحاكم لا أعرف في المتأخرين من يذكر به إلا أبا بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي والله أعلم
التاسع في ألفاظ الأداء الدالة على السماع إما سريحا أو ظاهرا قويا يقرب من الصريح وهي حدثنا وأخبرنا وسمعت وقال لنا وذكر لنا وحضرت فلانا يقول وما أشبه ذلك ويلتحق بها أنبأنا ونبأنا وإن كان غلب استعمالها عند المتأخرين في الإجازة فهي من جملة صور التحمل وإن كانت قاصرة عن السماع وكذلك أشهد على فلان أنه قال كذا وهي منحطة عن رتبة ما تقدم لاحتمال الواسطة فدكر الحافظ أبو بكر الخطيب أن أرفع هذه العبارات سمعت فلانا يقول كذا قال لأنها لا تقبل التدليس ولا يكاد يستعمل فيما كان بالإجازة أو المكاتبة بخلاف أخبرنا وحدثنا فإن بعض أهل العلم جوزوا إطلاقهما فيما كان بلإجازة وروي عن الحسن البصري أنه كان يقول حدثنا أبو هريرة ويتأول أنه
حدث أهل البصرة وأن الحسن منهم وكان الحسن إذ ذاك بالمدينة فلم يسمع منه شيئا قال ولم يستعمل قول سمعت في شيء من ذلك انتهى كلامه
وفيه نظر من وجوه
أحدها أنه لا نعلم أحدا من المدلسين المقبول قولهم أطلق حدثنا أو أخبرنا فيما لم يتحمله من شيخه وقد اتفق أئمة الحديث قاطبة على قبول ما قال فيه المدلس الثقة حدثنا أو أخبرنا فمتى تطرق وهم التدليس إلى هاتين اللفظتين أدى ذلك إلى أنه لا يقبل من مدلس خبر أبدا والإجماع على خلافه
وثانيها إن ما ذكره عن الحسن من قوله حدثنا أبو هريرة فلا يرد على ذلك لأحد وجهين إما أن يثبت للحسن السماع من أبي هريرة رضي الله عنه كما قاله بعضهم وأما أن يكون ذلك من غلط الرواة عنه اعتقدوا أنه سمع منه فغيروا لفظة عن بحدثنا وهذا هو اختيار أبي زرعة وأبي حاتم الرازيين قال ابن أبي حاتم سمعت أبا زرعة يقول لم يسمع الحسن من أبي هريرة ولم يره فقيل له فمن قال عنه حدثنا أبو هريرة قال يخطىء قال وسمعت أبي وذكر حديثا حدثه مسلم بن إبراهيم ثنا ربيعة بن كلثوم سمعت الحسن يقول حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال أوصاني خليلي صلى الله عليه و سلم بثلاث قال لم يعمل ربيعة بن كلثوم شيئا لم يسمع الحسن من أبي هريرة فقلت لأبي أن سالما الخياط روى عن الحسن قال سمعت أبا هريرة قال هذا مما بيبن ضعف سالم
وثالثها إن المتفق عليه أن الشيخ إذا لم يقصد إسماع الراوي عنه فلا يقول عنه حدثنا ولا أخبرنا بل يقول سمعت كما كان البرقاني يقول سمعت أبا القاسم الأبندوني يقول وسأله الخطيب عن ذلك فذكر أن الأبندوني كان عراقي الرواية وكان البرقاني يجلس بحيث لا يراه الأبندوني ولا يعلم بحضوره ويتسمع ما يحدث به الداخل إليه فلذلك كان يقول سمعت ولا يقول حدثنا لأنه لم يقصد بحديثه فظهر بهذا أن قول حدثنا أو أخبرنا أرفع من قول سمعت وههنا
تفاصيل كثيرة بالنسبة إلى العبارة عما سمعه من لفظه أو قرأه عليه أو قرىء عليه وهو يسمع أو كان بالمناولة والإجازة المجردة عنها إلى الكتابة ونحو ذلك لا تعلق لها بما نحن فيه فلا فائدة في ذكرها هنا وهي مستوفاة فيما عملته من مقدمة نهاية الأحكام
العاشر في الألفاظ المحتملة للسماع وتطلق في التدليس وهي ثلاثة
الأول لفظ عن وقد اختلف فيها في ألفاظ المتقدمين فذهب بعض الأئمة إلى أن ما كان فيه لفظ عن فهو من قبيل المرسل المنقطع حين يتبين اتصاله من جهة أخرى وهذا القول حكاه ابن الصلاح ولم يسم قائله ونقله قبله القاضي أبو محمد الرامهرمزي في كتابه المحدث الفاصل عن بعض المتأخرين من الفقهاء ووجه بعضهم هذا القول بأن هذه اللفظة لا إشعار لها بشيء من أنواع التحمل وبصحة وقوعها فيما هو منقطع كما إذا قال الواحد منا مثلا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أو عن أنس ونحوه فهذا القول في عن وإن قل من يقول به وهو أضيق الأقوال
وثانيها إن الراوي إن كان طويل الصحبة للذي روى عنه بلفظ عن ولم يكن مدلسا كانت محمولة على الاتصال وإلا فهو مرسل قاله الإمام أبو المظفر بن السمعاني ووجهه أن طول الصحبة يتضمن غالبا السماع لحمله ما عند المحدث أو أكثره فتحمل عن على الغالب وإن كانت محتملة للإرسال
والقول الثالث إنها تقتضي الاتصال وتدل عليه إذا ثبت اللقاء بين المعنعن والمعنعن عنه ولو مرة واحدة وكان الراوي بريئا من تهمة التدليس وهذا هو الذي عليه رأي الحذاق كابن المديني والإمام البخاري وأكثر الأئمة
قال ابن عبد البر وجدت أئمة الحديث أجمعوا على قبول المعنعن إذا جمع شروطا ثلاثة العدالة وعدم التدليس ولقاء بعضهم بعضا على خلاف بينهم في ذلك وكذلك قال الإمام أبو الحسن القابسي وما قالوا فيه عن فهو من المتصل
إذا عرف أن ناقله أدرك المنقول عنه إدراكا بينا ولم يكن ممن عرف بالتدليس وذكر بعض الأئمة المتأخرين من أهل الأندلس أنه ينبغي أن يكون مراد هؤلاء ثبوت اللقاء تحقق السماع في الجملة لا مجرد اللقاء فقط فكم من تابعي لقي صحابيا ولم يسمع منه وكذلك من بعدهم وفي كلام الحاكم أبي عبد الله على الحديث المسند ما يشعر بذلك أي أن المعتبر ثبوت السماع في الجملة لا مجرد اللقاء ويحتمل أن يكتفي بثبوت اللقاء فقط لما يلزم منه غالبا من السماع
والقول الرابع إنه يكتفي بمجرد إمكان اللقاء دون ثبوت أصله فمتى كان الراوي بريئا من تهمة التدليس وكان لقاؤه لمن روى عنه بالعنعنة ممكنا من حيث السن والبلد كان الحديث متصلا وإن لم يأت أنهما اجتمعا قط وهذا قول الإمام مسلم والحاكم أبي عبد الله والقاضي أبي بكر بن الباقلاني والإمام أبي بكر الصيرفي من أصحابنا وقد جعله مسلم رحمه الله قول كافة أهل الحديث وإن القول باشتراط ثبوت اللقاء قول مخترع بل لم يسبق قائله إليه وبالغ في رده وطول في الاحتجاج لذلك في مقدمة صحيحه بما سيأتي تلخيصه والجواب عنه
وقد اتفقت هذه الأقوال الثلاثة على أن عن لا تحمل على الانقطاع بمجردها وهو الذي عليه دهماء أهل الحديث قديما وحديثا وإن اختلفوا في شروط ذلك بحسب اختلاف هذه الأقوال الثلاثة وقول من وجه القول الأول أنه لا إشعار لها بشيء من أنواع التحمل مأخذه أنه إذا قال الراوي عن فلان احتمل أن يكون المقدر الذي يتعلق به عن فعلا مبنيا للفاعل وأن يكون مبنيا للمفعول ويحتمل أن يكون بلغنا أو يكون نفس المقول أي قال فلان عن فلان لا ترجيح لأحد هذه الاحتمالات فلزم الوقف وعدم الحكم بالاتصال حتى يتبين من جهة أخرى والجواب عنه أنه إذا ظهر الفعل في أول الكلام كان قرينة في حمل جميع المحذوفات المقدرة في السند عليه فإذا قال الراوي أول السند حدثنا أو أخبرنا فلان حمل جميع ما بعده من العنعنة على ذلك لأن الحذف يتقدر منه أقل ممكن بحسب الضرورةالداعية إليه ويكتفي فيه بالقرينة المشعرة به وأيضا إذا ساغ استعمالها في الاتصال وحملها عليه وهو الذي نقله جماعة من الأئمة عن كافة
العلماء كما تقدم كانت حقيقتها الاتصال فحيث وردت في المرسل وهي الانقطاع يكون مجازا فيه لأن المجاز خير من الاشتراك وإنما يدعي المجاز فيها عند عدم المعاصرة لتعذر الحقيقة وكذا إذا علم قصد الإرسال إذ المجاز لا يستعمل إلا لقرينة وقد حدث عن اصطلاح متأخر بعد الخمسمائة وهو استعمالها في مكان بالإجازة إذا وقعت في أثناء السند فيقول الراوي فيما سمعه من شيخه بإجازته من الأعلى أخبرنا فلان عن فلان وليس في ذلك ما يقدح في كونها للاتصال لأن الإجازة أحد أنواع التحمل على الصحيح وقد كان الحافظ أبو نعيم أحيانا يطلق فيها أخبرنا ولا يبين أنه إجازة وتبعه عليه طائفة قليلة
والكلام الآن في تلخيص ما استدل به مسلم على الاكتفاء بمجرد إمكان اللقاء في جعل عن للاتصال مع البرءة عن تهمة التدليس
فمما استدل به ما معناه أنا اتفقنا نحن وأنتم على قبول خبر الواحد الثقة عن مثله إذا ضمهما عصر واحد وأنه حجة ثم أدخلت فيه شرطا زائدا وهو ثبوت اللقاء فيلزمك إثبات القول به عمن سلف وحقيقة هذا الدليل دعوى الإجماع في محل الخلاف ويمكن عكسه عليه بأن يقال اتفقنا نحن وأنت على قبول المعنعن من غير المدلس إذا ثبت اللقاء فنقصت أنت من شروط الإجماع ثبوت اللقاء فيتوجه عليك المطالبة بالدليل على إسقاطه واحتج أيضا بأنه يلزم هذا القائل أنه لا يثبت سندا معنعنا حتى يرى فيه السماع من أوله إلى آخره لأن احتمال الإرسال فيه جائز ممكن بل موجود كثيرا فإن سماع هشام بن عروة من أبيه كثير جدا وقد روى عنه أيوب وابن المبارك وجماعة عن أبيه عن عائشة حديث طبيت رسول الله صلى الله عليه و سلم لحله الحديث ورواه الليث وأبو أسامة ووهب وآخرون عن هشام أخبرني عثمان بن عروة عن عروة عنها وكذلك حديثه عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه الحديث رواه جماعة عن هشام بن عروة على الجادة ورواه مالك عن الزهري عن عروة عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها وذكر أحاديث أخر بهذه المثابة ثم قال وهذا كثير في الروايات فإذا كانت العلة عند من وصفنا قوله قبل في فساد الحديث
وتوهينه إذا لم يعلم أن الراوي قد سمع ممن روى عنه شيئا إمكان الإرسال فيه لزمه ترك الاحتجاج في قياد قوله برواية من يعلم أنه قد سمع ممن روى عنه إلا في نفس الخبر الذي ذكر فيه السماع لما بينا قبل عن الأئمة الذين نقلوا الأخبار أنهم كانت لهم تارات يرسلون فيها الحديث إرسالا ولا يذكرون من يسمعون منه وتارة ينشطون فيسندون الخبر على هيئة ما سمعوا وما علمنا أحدا من أئمة السلف ممن يستعمل الأخبار ويتفقد صحة الأسانيد وسقيمها كأيوب وابن عون ومالك وشعبة والقطان ومن بعدهم فتشوا عن موضع السماع في الأسانيد كما ادعاه الذين وصفنا من قبل وإنما كان تفقدهم سماع رواية الحديث ممن روى عنه إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس وشهر به فحينئذ يبحثون عن سماعه في روايته ويتفقدون ذلك منه أما ابتغاء ذلك من غير مدلس فما سمعنا ذلك عن واحد ممن سميناه ولم نسم انتهى كلامه وهو متضمن ثلاثة أمور
أحدها النقض بما زيد في إسناده رجل مع روايته بدونه عمن سمع منه كما ذكر من الأمثلة
وثانيها الحكم على من نقص الرجل والحالة هذه بأنه أرسل الإسناد لأنه غير مدلس
وثالثها إن تفقد الأولين لسماع الراوي للحديث إذا قال فيه عن إنما كان حين يكون قد عرف بالتدليس
أما الأول فهي مسألة معضلة وسنأتي الكلام فيها في الفصل الآتي بعد هذا إن شاء الله تعالى ويمكن الفرق بين المقامين بأن الراوي إذا ثبت لقاؤه لمن عنعن عنه ومشافهته له وكان بريئا من تهمة التدليس فالظاهر من حاله فيما أطلقه بلفظ عن الاتصال وعدم الإرسال حتى يتبين ذلك بدليل كما في الأمثلة التي ذكرها وهي منغمرة في جنب الغالب الكثير من الأسانيد فلا يعترض بها على الغالب لندرتها بخلاف إرسال الراوي عمن لم يلقه فإنه كثير جدا بلفظ عن
فلا يلزم من عدم التوقف في ذلك عدم التوقف في هذا ومع ظهور الفرق بينهما فلا نقض
وأما الثاني فهو في الحقيقة دليل لخصمة لأنه حكم على كثير من المعنعنات بالإرسال كما ذكر من الأمثلة ثم قال وهذا كثير في الروايات وليس الرواة مدلسين فقد ضعفت العنعنة من المعاصر حينئذ فيحتاج إلى تقوية بزيادة اشتراط ثبوت اللقاء أ السماع في الجملة ليفيد قوة الظن بالاتصال مع السلامة من وصمة التدليس ولقد فهم الأئمة بصرف جماعة من الأئمة الكبار فعدوهم مدلسين وعدوا قوما مثلهم أو دونهم من الرتبة مرسلين مع شمول الإرسال اللغوي للطائفتين لأن أولئك أرسلوا عمن سمعوا منه وهؤلاء أرسلوا عمن لم يسمعوا منه فيحتاج حينئذ إذا لم يكن الراوي مدلسا وأتى بلفظ عن الى ثبوت اللقاء او السماع في الجملة حتى ينتفي الإرسال
أما الثالث وهو أن تفقد الأئمة لمن أتى بلفظ عن إنما كان حين يعرف بالتدليس فإن أراد به الجميع فهو ممنوع فإن من مخالفيه في المسألة جبلي العلم علي بن المديني والإمام البخاري فلا إجماع في المسألة وإذا كان البعض فلا دليل فيه وبهذا أيضا يخرج الجواب بما بسطه الإمام مسلم رحمه الله بعد ذلك من استدلاله بروايات جماعة سماهم عن الصحابة بلفظ عن كعبد الله ابن يزيد الأنصاري وهو معدود من الصحابة رضي الله عنهم أيضا عن أبي مسعود الأنصاري وحذيفة رضي الله عنهما قال وليس في روايته عنهما ذكر السماع منهما ولا حفظنا في رواية أنه شافههما في حديث قط وذكر جماعة كثيرين منهم قيس ابن أبي حازم عن أبي مسعود البدري والنعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد الخدري إلى أن قال فكل هؤلاء من التابعين الذين نصبنا روايتهم عن الصحابة الذين سميناهم لم يحفظ عنهم سماع علمناه منهم في رواية بعينها ولا أنهم لقوهم في خبر بعينه وحاصل ذلك كله ما أشرنا إليه من ادعاء الإجماع على قبول العنعنة من غير المدلس مع عدم ثبوت اللقاء إذا كان ممكنا والإجماع ممنوع كما تقدم ثم إن جميع ما ذكر مسلم رحمه الله من الأمثلة خاصة لا تعم
ويمكن أن يكون قبول الأئمة لذلك لقرائن اقترنت بها أفادت اللقاء فإن الحكم على الكليات بحكم جزئي لا يطرد فقد يكون لكل حديث حكم يطلع فيه على لقاء أو سماع ثم إن ما ذكرنا من أمثلته هنا قد ثبت في كلها السماع وغفل عنه مسلم رحمه الله حالة كتابته هذا الفصل فحديث عبد الله بن يزيد عن أبي مسعود خرجه البخاري في كتاب المغازي من صحيحه من طريق شعبة عن عدي بن ثابت عن عبدالله بن يزيد أنه سمع أبا مسعود الأنصاري فذكر الحديث وكذلك خرج أيضا رواية قيس بن أبي حازم عن أبي مسعود في باب تخفيف الإمام وفيه عن إسماعيل بن أبي خالد سمعت قيسا قال أخبرني أبو مسعود أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه و سلم إني لأتأخر عن صلاة الغداة الحديث ففي هذين الحديثين التصريح بالسماع
وأما رواية النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيدالخدري فقد خرجها مسلم بصريح السماع في مواضع منها في صفة الجنة في حديث أبي حازم عن سهل بن سعد حديث إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام قال أبو حازم فحدثت به النعمان بن أبي عياش فقال حدثني أبو سعيد بهذا وكذلك في الحديثين الآخرين حديث يرى أهل الجنة الغرف وحديث أنا فرطكم على الحوض وكأن مسلما رحمه الله غفل عن روايةالنعمان لها عن أبي سعيد بصريح السماع لكونها جاءت في مسند غيره بحكم التبع والله أعلم
الثاني لفظ أن كقول سفيان حدثنا الزهري أن سعيد بن المسيب حدثه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال كذا فاختلفوا فيها هل تحمل على الاتصال أم لا فروي عن مالك رحمه الله أن عن وإن سواء وحكاه ابن عبد البر والقاضي
عياض عن جمهور أهل الحديث قال ابن عبد البر لا اعتبار بالحروف والألفاظ إنما الاعتبار باللقاء والمجالسة والسماع والمشاهدة يعني مع السلامة عن وصمة التدليس قال فإذا كان سماع بعضهم من بعض صحيحا كان حديث بعضهم عن بعض أبدا بأي لفظ ورد محمولا على الاتصال حتى يثبت خلافه وروي عن أحمد بن حنبل أن عن وأن ليسا سواء وحكى عن الإمام أبي بكر البرديجي أن ما كان بلفظ إن محمول على الانقطاع حتى يتبين فيه الاتصال من جهة أخرى وكذلك قال يعقوب بن أبي شيبة صاحب المسند فإنه ذكر فيه حديث ابن الزبير عن محمد بن الحنفية عن عمار رضي الله عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه و سلم وهو يصلي الحديث وحديث عطاء عن محمد بن الحنفية أن عمارا مر بالنبي صلى الله عليه سلم وهو يصلي الحديث وجعل الأول مسندا متصلا والثاني مرسلا لقوله فيه إن ولم يقل عن وكذلك قال الدار قطني في الحديث الذي أخرجه مسلم من طريق عمرو بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن ثلاثة من ولد سعد عن أبيهم قصة مرضه والوصية ثم من طريق محمد بن سيرين عن حميد عن ثلاثة من ولد سعد أن سعدا وجعل هذه الرواية مرسلة لقوله فيها إن وقد اعترض ابن عبد البر على هذا القول باتفاق الأئمة على أن الإسناد المتصل إلى الصحابي لا فرق فيه بين قوله قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كذا وإن رسول الله قال أو عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال أو سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول وفي هذا الاعتراض نظر فقد خالف القاضي أبو بكر الباقلاني وغيره فيما إذا قال الصحابي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كذا أنه يحمل على الاتصال قال لأنه متردد بين أن يكون سمعه منه أو من غيره عنه صلى الله عليه و سلم وأجاب الجمهور بأنه إن لم يكن سمعه منه فقد سمعه من صحابي مثله كما تقدم في مراسيل الصحابة ولا يضر عدم معرفته لأن كلهم عدول وإذا كان هذا في قال منقدحا فكذلك في عن وإن لكن تقدم في عن أنها استقر شيوعها في الاتصال بالشروط المتقدمة والاحتمال قائم في أن وليس من بعد الصحابة بمثابتهم في أنه لا يضر الجهل بأعيانهم والذي
يقتضيه النظر إن إن يقتضي الاتصال بالشروط المتقدمة لكنها أنزل درجة من عن والله أعلم
الثالث قولهم قال فلان أو ذكر او حدث أو فعل أو كان يقول كذا وما أشبه ذلك فاختلف فيه وقد حكينا عن ابن عبد البر تعميم الحكم بالاتصال فيما يذكره الراوي عمن لقيه بأي لفظ كان وكذلك قال الإمام أبو بكر الصيرفي والحافظ أبو بكر الخطيب وغيرهما وهذا مع الشروط التي قدمناها في عن من السلامة عن التدليس وثبوت اللقاء والسماع أو إمكانه على اختلاف الرأيين والدليل لصحة هذا وما قبله منقولهم أن فلانا ونحوه أن الراوي لو لم يكن قد سمع هذا منه لكان بإطلاقه ما يشعر بالرواية عنه من غير ذكر الواسطة مدلسا والظاهر السلامة من ذلك إذ لم يعرف به وقد كان حجاج بن محمد المصيصي يقول قال ابن جريج فيما سمع منه من كتبه وحمل الناس منه ذلك على الاتصال لأنه كان لا يروي إلا ما سمع وقال همام بن يحيى ما قلت قال قتادة فأنا سمعته منه وعن شعبة قال لأن أزني أحب إلي من أن أقول قال فلان ولم أسمع منه وقال حماد بن زيد أني لأكره إذا كنت لم أسمع من أيوب حدثنا أن أقول قال أيوب كذا وكذا فيظن الناس أني قد سمعته منه
وفي هذا دليل على أن عرف أهل ذلك الزمان أن قال يقتضي الاتصال وقد فرق الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله بين المتقدمين وغيرهم في ذلك وقال هذا الحكم لا أراه يستمر فيما وجد من المصنفين في تصانيفهم مما ذكروه عن مشايخهم قائلين فيه ذكر فلان وقال فلان ونحو ذلك والظاهر أنه أراد بالمصنفين من بعد طبقة الأئمة الستة لأن ابن حزم جعل حديث أبي مالك الأشعري ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الخمر والمعازف الحديث
وهو في صحيح البخاري منقطعا لكون البخاري قال وقال هشام بن عمار وساق إسناده واعترض عليه ابن الصلاح بما تقدم عن ابن عبد البر وغيره إن قال من غير المدلس يقتضي الاتصال إذا ثبت اللقاء بينهما وقال الإمام أبو جعفر بن حمدان النيسابوري كلما قال البخاري في صحيحه وقال لي فلان فهو عرض ومناولة وذكر ابن الصلاح ان قول الرواي قال لنا فلان وذكر لنا لائق بما سمعه منه في المذاكرة وهو به أشبه ولكن هذا لا يقدح في الاتصال لأن ما يحصل في المذاكرة سماع والعرض والمناولة من أنواع التحمل المقتضي للاتصال لكن ذلك كله منحط عن درجة السماع المقصود وبهذا يتبين أن رتبة قال مجردة منحطة عن رتبة عن وإن أيضا إلا أن يصرح الراوي بأنه لا يقولها إلا فيما سمعه أو يعرف ذلك من عادته كمن تقدم ذكرهم والله سبحانه وتعالى أعلم
الباب الخامس في بيان المراسيل الخفي إرسالها
 
وهو نوع بديع من أهم أنواع علوم الحديث وأكثرها فائدة وأعمقها مسلكا ولم يتكلم فيه بالبيان إلا حذاق الأئمة الكبار ويدرك بالاتساع في الرواية والجمع لطرق الحديث مع المعرفة التامة والإدراك الدقيق ولمعرفته طرق
إحداها عدم اللقاء بين الراوي والمروي عنه أو عدم السماع منه وهذا هو أكثر ما يكون سببا للحكم لكن ذلك يكون تارة بمعرفة التاريخ وأن هذا الراوي لم يدرك المروي عنه بالسن بحيث يتحمل عنه وتارة يكون بمعرفة عدم اللقاء كما قيل في الحسن عن أبي هريرة فإنه معاصره ولكن لم يجتمع به ولما جاء أبو هريرة إلى البصرة كان الحسن في المدينة ولما رجع الحسن إلى البصرة كان أبو هريرة رضي الله عنه بالمدينة فلم يجتمعا وتارة يكون ذلك لأنه لم يثبت من وجه صحيح أنهما تلاقيا مع وجود المعاصرة بينهما فالحكم بالإرسال هنا إنما هو على اختيار ابن المديني والبخاري وأبي حاتم الرازي وغيرهم من الأئمة وهو الراجح كما تقدم دون القول الآخر الذي ذهب إليه مسلم وغيره من الاكتفاء بالمعاصرة المجردة وإمكان اللقاء
والطريق الثاني أن يذكر الراوي الحديث عن رجل ثم يقول في رواية أخرى نبئت عنه أو أخبرت عنه ونحو ذلك
والثالث أن يرويه عنه ثم يجيء عنه أيضا بزيادة شخص فأكثر بينهما فيحكم
على الأول بالإرسال إذ لو كان سمعه منه لما قال أخبرت عنه ولا رواه بواسطة بينهما وفائدة جعله مرسلا في هذا الطريق الثالث أنه متى كان الواسطة الذي زيد في الرواية الأخرى ضعيفا لم يحتج بالحديث بخلاف ما إذا كان ثقة وأما الطريقان الأولان فيجيء فيهما الخلاف المتقدم في الاحتجاج بالمرسل ثم لا بد في كل ذلك أن يكون موضع الإرسال قد جاء فيه الراوي بلفظ عن ونحوها فأما متى كان بلفظ حدثنا ونحوه ثم جاء الحديث في رواية أخرى عنه بزيادة رجل بينهما فهذا هو المزيد في متصل الأسانيد ويكون الحكم للأول وللحافظ أبي بكر الخطيب رحمه الله في هذين النوعين كتابان مفردان أحدهما التفصيل لمبهم المراسيل والثاني تمييز المزيد في متصل الأسانيد ولم أقف عليهما وذكر الإمام ابن الصلاح رحمه الله أن في كثير مما ذكره الخطيب في تمييز المزيد نظرا قال لأن الإسناد الخالي عن الراوي الزائد إن كان بلفظ عن في ذلك فينبغي أن يحكم بإرساله ويجعل معللا بالإسناد الذي ذكر فيه الزائد إن كان فيه تصريح بالسماع أو بالأخبار فجائز أن يكون قد سمع ذلك من رجل عنه ثم لقي الأعلى فسمعه منه بعد ذلك كما جاء مصرحا به في غير موضع يعني ويكون روايته بزيادة الواسطة قبل أن يلقى الأعلى قال اللهم إلا أن توجد قرينة تدل على كونه وهما كنحو ما ذكره أبو حاتم في المثال المتقدم والمثال الذي أشار إليه هو حديث عبد الله بن المبارك قال ثنا سفيان يعني الثوري عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني بشر بن عبيد الله قال سمعت أبا إدريس الخولاني يقول سمعت واثلة بن الأسقع يقول سمعت أبا مرثد الغنوي رضي الله عنهما يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها قال فذكر سفيان في هذا الإسناد زيادة وهم هكذا أبو إدريس الخولاني أما الوهم في ذكر سفيان فممن دون ابن المبارك لأن جماعة ثقات رووه عن ابن المبارك عن ابن جابر نفسه ومنهم من صرح فيه بلفظ الأخبار بينهما وأما ذكر أبي إدريس فيه فابن المبارك منسوب فيه إلى الوهم وذلك لأن جماعة من الثقات رووه عن ابن جابر فلم يذكروا أبا إدريس بين بشر وواثلة وفيهم من صرح فيه بسماع بشر من واثلة قال أبو حاتم الرازي يرون أن ابن المبارك وهم في هذا
قال وكثيرا ما يحدث بشر عن أبي إدريس فغلط ابن المبارك وظن أن هذا ما روى بشر عن أبي إدريس عن واثلة وقد سمعه بشر من واثلة نفسه ثم قال ابن الصلاح في أثر كلامه المتقدم وأيضا فالظاهر ممن وقع له مثل ذلك يعني أن يسمع الحديث من رجل عن شيخه ثم يسمعه من الأعلى أن يذكر السماعين فإذا لم يجىء عنه ذكر ذلك حملناه على الزيادة المذكورة
قلت و يحتمل أيصا أنه حالة روايته الحديث نازلا يذكر المزيد لم يكن ذاكرا لسماعه له عاليا بدونه ثم تذكر ذلك فرواه عن الأعلى وقد أشار ابن الصلاح رحمه الله آخر كلامه على هذين النوعين أنهما متعرضان لأن يعترض بكل منهما على الآخر وهو كما ذكر فإن حكمهم على أفراد هذين النوعين مختلف اختلافا كثيرا كما سنبينه
وحاصل الأمر أن ذلك على أقسام
أحدها ما يترجح فيه الحكم بكونه مزيدا فيه وإن الحديث متصل بدون ذلك الزائد
وثانيها ما ترجح فيه الحكم عليه بالإرسال إذا روى بدون الراوي المزيد
وثالثها ما يظهر فيه كونه بالوجهين أي أنه سمعه من شيخه الأدنى وشيخ شيخه أيضا وكيف ما رواه كان متصلا
ورابعها ما يتوقف فيه لكونه محتملا لكل واحد من الأمرين فمن القسم الأول حديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه في الاستطابة بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع رواه وكيع وعبدة عن هشام بن عروة عن عمرو بن خزيمة المزني عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه ورواه أبو معاوية عن هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن سعد عن عمرو بن خزيمة به قال الترمذي في كتاب العلل سألت محمدا يعني البخاري عن هذا فقال الصحيح ما روى عبدة ووكيع وأبو معاوية أخطأ في هذا الحديث إذ زاد عن عبد الرحمن بن سعد
وحديث وائل بن حجر في قول آمين ورفع الصوت بها رواه سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل به وزاد شعبة فيه عن سلمة علقمة بن وائل بين حجر ووائل وحكى الترمذي عن البخاري وأبي زرعة أنهما صححا رواية الثوري وأن شعبة غلط فيه بزيادة علقمة وحديث النعمان ابن بشير في القراءة في العيدين والجمعة سبح والغاشية رواه أبو عوانة وغيره عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن حبيب بن سالم عن النعمان ورواه ابن عيينه عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن حبيب بن سالم عن أبيه عن النعمان به ونسبه البخاري فيه إلى الوهم بزيادة أبيه وحديث أبي مرثد الغنوي لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها رواه الوليد بن مسلم وجماعة عن بشر بن عبيد الله عن واثلة بن الأسقع عن أبي مرثد وقد تقدم زيادة ابن المبارك فيه أبا إدريس الخولاني بن بشر وواثلة ورجح البخاري حديث الوليد لمتابعة الجماعة له ولأن بشرا سمع من واثلة وقد تقدم ذلك عن غيره ايضا وحديث سبرة في النهي عن المتعة عام الفتح رواه الجماعة عن الزهري عن الربيع بن سبرة عن أبيه ورواه جرير بن حازم عن ابن إسحاق عن الزهري عن عمر بن عبد العزيز عن الربيع بن سبرة به وذكر البخاري أن ذلك خطأ من جرير بن حازم
وحديث زينب الثقفية يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن اتفقا عليه في الصحيحين من حديث حفص بن غياث ومسلم أيضا من حديث أبي الأحوص كلاهما عن الأعمش عن عمرو بن الحارث عن زينب رضي الله عنها وكذلك رواه أيضا شعبة وغيره عن الأعمش وانفرد أبو معاوية فيه عن الأعمش بزيادة ابن أخي زينب الثقفية بينها وبين عمرو بن الحارث قال الترمذي وغيره قول الأولين أصح
قلت وذلك لكثرتهم ولأن إبراهيم النخعي رواه عن ابي عبيدة عن عمرو بن الحارث عن زينب أخرجه مسلم
ومنه أيضا حديث عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وأنا حائض تقدم أن مسلما ذكره في خطبة كتابه وأن هشام بن عروة رواه عن ابيه عن عائشة وأن مالكا رواه عن الزهري عن عروة عن عمرة عن عائشة وظاهر كلام مسلم رحمه الله أن من نقص عمرة فيه فقد أرسله والذي يظهر أن الحديث متصل بدونها لأن ملكا انفرد بزيادتها ولم يتابعه على ذلك سوى أبي ضمرة أنس بن عياض عن عبيد الله بن عمر عن الزهري وقد رواه معمر وابن جريج والزبيدي والأوزاعي وجماعة عن الزهري عن عروة عن عائشة من غير ذكر عمرة ورواه عقيل ويونس والليث عن الزهري عن عروة وعمرة جميعا عن عائشة رضي الله عنها وهو في صحيح مسلم من طريق الليث كذلك وهكذا ايضا رواه الترمذي عن أبي مصعب الزهري عن مالك لكنه خالفه عامة رواة الموطأ كما قال ابن عبد البر
وقد أخرجه البخاري عن طريق ابن جريج عن هشام بن عروة عن ابيه أنه سئل أتخدمني الحائض فقال أخبرتني عائشة أنها كانت ترجل رأس رسول الله صلى الله عليه و سلم وهي حائض وهو مجاور في المسجد يدني لها رأسه فتبين بهذه الرواية أن عروة سمعه من عائشة رضي الله عنها وبه مع الاختلاف المتقدم يتبين أن عمرة مزيدة في السند إلا أن تكون مقرونة بعروة وبهذه الأمثلة كلها ظهر أن الحكم بالزيادة تارة يكون للاعتبار برواية الأكثر وتارة للتصريح بالسماع من الأعلى وتارة لقرينة تنضم إلى ذلك إلى غيرها من الوجوه وهي كلها جارية في القسم الثاني الذي يحكم فيه بالإرسال إذا لم يذكر فيه المزيد فمن أمثلته حديث عائشة المتقدم ذكره في الفصل الذي قبل هذا كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه و سلم لحله ولحرمه الحديث قال مسلم في مقدمة صحيحه رواه أيوب ووكيع وابن المبارك وابن نمير وجماعة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ورواه الليث وداود العطار وحميد الأسود ووهب بن خالد وأبو أسامة عن هشام بن عروة أخبرني عثمان بن عروة عن عائشة وذكر أيضا حديثها كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقبل وهو صائم رواه الزهري وصالح بن أبي حيان عن أبي سلمة عن عائشة ورواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أن عمر بن عبد العزيز أخبره أن عروة أخبره أن عائشة أخبرته وحديث جابر أطعمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم لحوم الخيل ونهانا على لحوم الحمر الأهلية رواه ابن عيينه وغيره عن عمرو بن دينار عن جابر ورواه حماد بن زيد عن عمروبن دينار عن محمد بن علي عن جابر به وظاهر كلام مسلم رحمه الله ترجيح الحكم بالإرسال على الرواية الناقصة وحديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة القبرين أنهما ليعذبان الحديث رواه منصور عن مجاهد عنه ورواه الأعمش عن مجاهد عن طاووس عن ابن عباس وذكر الترمذي في كتاب العلل أنه سأل البخاري عنهما فقال حديث الأعمش أصح على أنه قد أخرج حديث منصور في صحيحه وحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال لي النبي صلى الله عليه و سلم لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل رواه البخاري من طريق ابن المبارك ومبشر بن إسماعيل عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه وكذلك رواه أبو إسحاق الفزاري عن الأوزاعي أيضا وخالفهم عمرو بن أبي سلمة وبشر بن بكر والوليد بن مسلم وابن أبي العشرين وعمر بن عبد الواحد فرووه عن الأوزاعي بزيادة عمر بن الحكم بن ثوبان بين يحيى وأبي سلمة
وحديث عبد الله أيضا من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة أخرجه البخاري من طريق عبد الواحد بن زياد عن الحسن بن عمرو عن مجاهد عنه ورواه مروان بن معاوية عن الحسن بن عمرو عن مجاهد جنادة ابن أبي أمية عن عبد الله بن عمرو قال الدارقطني وهو الصواب
وحديث أبي سعيد الخدري في زكاة الفطر رواه مسلم في بعض طرقه من حديث معمر عن إسماعيل بن أمية عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد قال الدارقطني رواه سعيد بن مسلمة عن إسماعيل بن أمية عن الحارث بن أبي ذياب عن عياض بن عبد الله والحديث محفوظ عن الحارث رواه عنه ابن جريج وغيره وعند إسماعيل بن أمية عن المقبري عن عياض عن أبي سعيد أخوف ما أخاف عليكم زهرة الدنيا ولا نعلم إسماعيل روى عن عياض شيئا انتهى كلامه
وحديث أم سلمة طوفي من وراء الناس على بعيرك أخرجه البخاري من طريق أبي مروان العثماني عن هشام بن عروة عن أبية عنها وقد رواه حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عنها وكذلك رواه مالك عن أبي الأسود عن عروة فترجح أن الأولى مرسلة وقد أخرجا غير حديث لعروة عن زينب عن أم سلمة رضي الله عنها إلى غير ذلك من الأمثلة التي يطول الكلام بتعدادها
وحاصل الأمر أن الراوي متى قال عن فلان ثم أدخل بينه وبينه في ذلك الخبر واسطة فالظاهر أنه لو كان عنده عن الأعلى لم يدخل الواسطة إذ لا فائدة في ذلك وتكون الرواية الأولى مرسلة إذا لم يعرف الراوي بالتدليس وإلا
فمدلسه وحكم المدلس حكم المرسل كما تقدم مخصوما إذا كان الراوي مكثرا عن الشيخ الذي روى عنه بالواسطة كهشام بن عروة عن أبيه ومجاهد عن ابن عباس وغير ذلك مما تقدم من الأمثلة فلو أن هذا الحديث عنده عنه لكان يساير ما روى عنه فلما رواه بواسطة بيه وبين شيخه المكثر عنه علم أن هذا الحديث لم يسمعه منه ولا سيما إذا كان ذلك الواسطة رجلا مبهما أو متكلما فيه مثاله حديث اخرجه مسلم من طريق سعيد بن عامر عن جويرية بنت أسماء عن نافع عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنه حديث وافقت ربي في ثلاث وقد رواه محمد بن عمر المقدمي عن سعيد بن عامر عن جويرية عن رجل عن نافع وجويرية مكثر عن نافع جدا فلو كان هذا الحديث عنده لما رواه عن رجل مبهم عنه
وحديث زينب بنت أم سلمة رضي الله عنها في النهي عن التسمية ببرة أخرجه مسلم من طريق هاشم بن القاسم عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن عطاء عنها وقد رواه يحيى بن بكير والمصريون عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو ابن عطاء فيظهر أن رواية مسلم مرسلة إذ لو كانت متصلة لم يكن فائدة في زيادة ابن إسحاق وهو متكلم فيه
وأما ما يسلكه جماعة من الفقهاء من احتمال أن يكون رواه عن الواسطة ثم تذكر أنه سمعه من الأعلى فهو مقابل بمثله بل هذا أولى وهو أن يكون رواه عن الأعلى جريا على عادته ثم يذكر أن بينه وبينه فيه آخر فرواه كذلك والمتبع في التعليل إنما هو غلبة تالظن وقد ذكر الترمذي في كتاب العلل أنه سأل البخاري عن حديث شيبان بن عبد الرحمن عن عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس عن أبيه عن جده مرفوعا يمن الخيل في شقرها فقال يدخلون بين شيبان وبين عيسى في هذا الحديث رجلا فجعل البخاري رحمه الله ذلك علة في السند وفي صحيح مسلم من حديث الصعق بن حزن عن مطر الوراق عن
زهدم الجرمي عن أبي موسى قصة اليمين وقول النبي صلى الله عليه و سلم والله لا أحملكم الحديث قال الدارقطني لم يسمعه مطر من زهدم إنما رواه عن القاسم بن عاصم عنه قال ذلك ثابت بن حماد عن مطر
وحديث عمران بن حصين في الذي أعتق ستة مملوكين وقصة الفرعة أخرجه مسلم ايضا من حديث يزيد بن زريع عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عنه قال الدارقطني هذا لم يسمعه محمد بن سيرين من عمران بل أرسله عنه وإنما سمعه من خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران قاله علي بن المديني عن معاذ بن معاذ عن أشعث عن محمد بن سيرين عن خالد الحذاء
قلت وفي صحيح مسلم لابن سيرين عن عمران حديثان آخران بلفظ عن جريا على قاعدته في الاكتفاء باللقاء والحكم بالإرسال في حديث العتق هذا أقوى من جهة إدخال ثلاثة رجال بين ابن سيرين وعمران فيه وإنما يقوى الحكم بهذا جدا عندما يكون الراوي مدلسا كما في حديث عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن زيد بن نفيع عن حذيفة حديث إن وليتموها أبا بكر فقوي أمين الحديث رواه الحاكم من طريق محمد بن سهل بن عسكر عن عبد الرزاق ثم حكم عليه بالانقطاع في موضعين أحدهما بين عبد الرزاق والثوري مع إكثاره عنه لأن محمد بن أبي السري رواه عن عبد الرزاق عن النعمان بن أبي شيبة الحبذي عن سفيان والثاني بين الثوري وأبي إسحاق لأن ابن نمير رواه عن سفيان عن شريك عن أبي إسحاق به
ومن أعجب ما وقع في ذلك حديث فضالة الليثي رضي الله عنه حافظوا على الصلوات وحافظوا على العصرين فإن أبا حاتم ابن حبان أخرجه في كتابه الصحيح من طريق هشيم عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود عن فضالة به ثم من حديث إسحاق بن شاهين عن خالد بن عبد الله الواسطي عن داود بن أبي هند عن عبد الله بن فضالة الليثي عن أبيه به ثم جعل الحديث عند داود بن أبي هند عن الشيخين أبي حرب بن أبي الأسود وعبد الله بن فضالة كلاهما عن أبيه وليس الأمر كما زعم بل كل طريق منهما
منقطعة فقد أخرجه أبو داود في سننه عن عمرو بن عون عن خالد الواسطي عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود عن عبد الله بن فضالة عن أبيه وهكذا رواه علي بن عاصم عن داود بن أبي هند فسقط في كل من روايتي ابن حبان رجل غير الذي سقط في الأخرى
وقد وقع الحكم بالإرسال من أجل زيادة الواسطة مع التصريح بحدثنا عند إسقاطه كما روى أصحاب السنن الأربعة من حديث حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال حدثني الحجاج بن عمرو فذكر حديث من كسر أو عرج وقد رواه معمر ومعاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن عبد الله بن رافع عن الحجاج بن عمرو به وحكى الترمذي عن البخاري أن هذا أصح من حديث حجاج الصواف وكأنه بسبب الوهم في التصريح فيه بحدثنا وسمعت إلى حجاج الصواف مع كونه ثقة والله أعلم
واما القسم الثالث فتارة يظهر كونه عند الراوي بالوجهين ظهورا بينا بتصريحه بذلك ونحوه وتارة يكون ذلك بحسب الظن القوي فمثال الأول حديث بسرة في الوضوء من مس الفرج فقد رواه يحيى بن سعيد القطان وعلي بن المبارك عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة أخرجه الترمذي من حديث يحيى وابن حبان في صحيحه من طريق علي ورواه سفيان بن عيينة وجماعة عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان بن الحكم عن بسرة وكذلك رواه جماعة عن الزهري عن عروة وهو في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر أنه سمع عروة يقول دخلت على مروان بن الحكم فذكرنا ما يكون منه الوضوء فقال مروان من مس الذكر الوضوء فقال عروة ما علمت ذلك فقال مروان أخبرتني بسرة بنت صفوان أنه سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ فأعل قوم الحديث الأول بالإرسال وجعلوا مدار هذا الحديث على
مروان بن الحكم أو على شرطي أرسله مروان وعروة إلى بسرة فعاد من عندها بالحديث كما جاء ذلك في بعض الروايات وليس الأمر كذلك فقد رواة شعيب بن إسحاق وربيعة بن عثمان والمنذر بن عبد الله الحزامي وعلي بن مسهر وزهير بن معاوية وعنبسة بن عبد الواحد وحميد بن الأسود كلهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بسرة بالقصة وقال كل منهم في آخره قال عروة ثم لقيت بسرة فسألتها عن هذا الحديث فحدثتني به عن النبي صلى الله عليه و سلم أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم في المستدرك وغيرهم ولهذا أمثلة كثيرة مصرح فيها أن الحديث عند الراوي على الوجهين ولا إشكال في ذلك
ومن الثاني بعض أحاديث سعيد المقبري عن أبي هريرة كحديث المسيء صلاته رواه أبو أسامة وعبد الله بن نمير وعيسى بن يونس وآخرون عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقيدي عن أبي هريرة وأخرجاه في الصحيحين من طريق يحيى القطان عن عبيد الله ابن عمر عن سعيد عن ابيه عن أبي هريرة قال الدارقطني يشبة أن يكون عبيد الله حدث به على الوجهين يعني وسمعه كذلك
ومثله أيضا حديث سئل من أكرم الناس قال أتقاهم الحديث فيه هذا الاختلاف عمن ذكرناه بعينه وهو في صحيح البخاري على الوجهين فدل على صحة كل منهما وكذلك غير هذين من الأمثلة وسعيد المقبري سمع من
أبي هريرة قطعة أحاديث وسمع الكثير من أبيه عن أبي هريرة فالظاهر أن هذه الأحاديث مما سمعه على الوجهين وكان يحدث به بأحدهما كل مرة لأنه قليل الإرسال ولم يعرف بتدليس البتة
ومنه أيضا ما إذا اختلف رواية المتن فكان بتمامه بالواسطة وروى بعضه بدون الزائد أو بالعكس فإنه يظهر والحالة هذه أن كل رواية على حدةمثاله حديث أبي أمامة رضي الله عنه عليك بالصوم فإنه لا مثل له رواه مهدي بن ميمون عن محمد بن أبي يعقوب عن رجاء بن حيوة عن أبي أمامة وفيه قصة الدعاء بالشهادة وغيرها وروى شعبة الفصل المتعلق بالصوم منه عن محمد بن أبي يعقوب سمعت أبا نصر الهلالي يعني حميد بن هلال عن رجاء بن حيوة أخرجه ابن حبان بالوجهين وقال هما محفوظان
اما القسم الرابع المحتمل فأمثلته قريبة من هذا لكن احتمال كونه على الوجهين ليس قويا بل هو متردد بين الإرسال بإسقاط الزائد وبين الاتصال والحكم بكونه مزيدا فيه
فمنه حديث عثمان رضي الله عنه خيركم من تعلم القرآن وعلمه رواه سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن السلمي عنه ورواه شعبة عن علقمة هذا عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي أخرجه البخاري من الطريقين وهو لا يكتفي بمجرد إمكان اللقاء كما تقدم وقد تابع كلا من شعبة وسفيان جماعة على ما قال فيحتمل أن يكون الحديث عند علقمة على الوجهين ويحتمل أن يكون أرسله عند إسقاط سعد بن عبيدة
وحديث أبي ذر رضي الله عنه إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط رواه ابن وهب عن حرملة بن عمران عن عبد الرحمن بن شماسة عن أبي ذر ورواه جرير بن حازم عن حرملة بن شماسة عن أبي نضرة عن أبي ذر أخرجه مسلم من طريقيهما كذلك وهي بمجرد إمكان اللقاء ولعل الأظهر هنا ترجيح
الإرسال لأن ابن شماسة إنما لقي من الصحابة من مات بعد أبي ذر بزمن طويل كعمر بن العاص وزيد بن ثابت وغيرهما
وحديث سعيد بن زيد رضي الله عنه من ظلم من الأرض شبرا رواه ابن عيينة وجماعة عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف عنه ورواه شعيب ومعمر عن الزهري عن طلحة عن عبد الرحمن بن سهل عن سعيد أخرجه البخاري من طريق شعيب وطلحة هذا سمع من عمه عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان رضي الله عنهما وقد ماتا قبل سعيد بن زيد بكثير وروى عن سعيد بن زيد من غير واسطة حديث من قتل دون ماله فهو شهيد فيحتمل الأول ويحتمل ان يكون عنده على الوجهين فيكون من الذي قبله
ومما يستفا ذكره في هذا الموضع من هذا النمط حديث أبي مالك الأشعري الطهور شطر الإيمان أخرجه مسلم أول كتاب الطهارة من طريق يحيى بن أبي كثير أن زيدا يعني أبن سلام حدثه أن أبا سلام يعني الحبشي حدثه عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه واستدرك الدارقطني على مسلم فيه أن معاوية بن سلام رواه عن أخيه زيد عن جده أبي سلام عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري وهو كذلك عند النسائي وابن ماجة فتكون رواية مسلم منقطعة لسقوط ابن غنم منها
وأجاب الشيخ أبو زكريا النووي رحمه الله بأن الظاهر أن مسلما اطلع على سماع أبي سلام له من أبي مالك فلعله عنده على الوجهين ورجح بعضهم قول الدارقطني بأن أبا مالك الأشعري توفي في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة وقد قالوا في رواية أبي سلام عن علي وحذيفة وأبي ذر أنها مرسلة فروايته عن أبي مالك أولى بالإرسال وقد وقع في كتابي الترمذي والنسائي من طريق أبي سلام هذا قال حدثني الحارث الأشعري فذكر حديث إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات الحديث وأخرجه ابن حيان في صحيحه هكذا بلفظ حدثنا ثم قال عقبة الحارث الأشعري هذا هو أبو مالك الحارث بن مالك الأشعري فعلى هذا لا تكون رواية أبي سلام عن أبي مالك مرسلة ولكن في هذا نظر فقد خالف ابن حبان جماعة منهم ابن عبد البر وغيره فقالوا الحارث هذا في حديث يحيى بن زكريا عليهما السلام هو الحارث بن الحارث الأشعري وهو غير أبي مالك متأخر عنه وقد اختلف في اسم ابي مالك هذا فقيل كعب قيل عبيد وقيل عمرو وقيل الحارث واختلف في اسم أبيه فقيل مالك وقيل عاصم والله أعلم
والأمثلة في هذا الباب كثيرة جدا ولا يخفى على الممارس الفطن إلحاق كل واحد بما يقتضيه نوعه وفيما ذكرنا من ذلك كفاية وبالله التوفيق
الباب السادس في سياقه ذكر الرواة المحكوم على روايتهم بالإرسال عن ذلك الشيخ ا لمعين
حرف الألف
1 - أبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنه له عن أبيه في صحيح مسلم حديث لا ينكح المحرم ولا ينكح وذكر بن أبي حاتم في كتاب المراسيل عن أبي بكر الأثرم أنه سأل أحمد بن حنبل أبان سمع من أبيه قال لا من أين سمع منه
2 - أبان عن أبي بن كعب وعنه محمد بن جحادة قال أبو حاتم هو مرسل
3 - إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي قال يحيى بن معين وأبو حاتم لم يسمع من أبيه شيئا وقال أبو زرعة إبراهيم بن جرير عن علي رضي الله عنه مرسل
4 - إبراهيم بن طهمان لم يدرك الحكم قاله الذهبي في مختصر المستدرك
5 - إبراهيم بن عبد الله بن عبد القاري المدني عن علي رضي الله عنه قال أبو زرعة وغيره مرسل وعن يزيد بن عبد الله بن خصيفة وقيل بينهما رجل حكاه شيخنا الحافظ أبو الحجاج في كتابه تهذيب الكمال
6 - إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ولد على عهد النبي صلى الله عليه و سلم فذكر في كتب الصحابة لذلك ولا رؤية له بل هو تابعي يروي عن أبيه وعمر رضي الله عنهما
7 - إبراهيم بن أبي عبلة قال بن أبي حاتم سمعت أبي يقول لم يدرك عبادة بن الصامت وذكر في التهذيب أنه روى عن بن عمر رضي الله عنهما ولم يدركه بل هو مرسل
8 - إبراهيم بن محمد بن الحارث أبو إسحاق الفزاري الإمام المشهور أخرج البخاري له في باب غزو المرأة في البحر عن أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن عن أنس قصة أم حرام بنت ملحان ونوم النبي صلى الله عليه و سلم عندها وذكر أبو بكر بن مردويه الحافظ أنه لم يسمع من أبي طوالة وأن الصواب ما رواه المسيب بن واضح عن أبي إسحاق الفزاري عن زائدة عن أبي طوالة قلت وفي ذلك نظر لما تقدم أن البخاري لا يكتفي بمجرد إمكان اللقاء وأبو إسحاق الفزاري ليس بمدلس والله أعلم
9 - إبراهيم بن محمد بن الحنيفة عن جده علي رضي الله عنه قال أبو زرعة مرسل
10 - إبراهيم بن مهاجر عن عبد الله بن مسعود حديث عليكم بالباءة وإرساله ظاهر لأن إبراهيم هذا يروي عن إبراهيم النخعي وطارق بن شهاب ونحوهما
11 - إبراهيم بن يزيد التيمي أبو أسماء قال الدارقطني لم يسمع من عائشة ولا حفصة ولا أدرك زمانهما وقال الترمذي لا نعرف لإبراهيم التيمي سماعا من عائشة ووقفت في هذا المعنى على جزء لطيف بخط الحافظ ضياء الدين المقدسي من جمعه فنقلت جميعه في هذا المعجم ومما فيه ترجمة إبراهيم التيمي هذا ما صورته والتيمي عن أنس في القبلة للصائم قال يحيى القطان لا شيء لم يسمعه قلت وأظن هذا القول من يحيى عن سليمان التيمي والله سبحانه وتعالى أعلم
12 - إبراهيم بن يزيد الخوزي أحد الضعفاء ذكر الدارقطني أنه لم يلق أيوب السختياني ولا سمع منه
13 - إبراهيم بن يزيد النخعي أحد الأئمة تقدم أنه كان يدلس وهو أيضا مكثر من الإرسال وجماعة من الأئمة صححوا مراسيله كما تقدم وخص البيهقيي ذلك بما أرسله عن بن مسعود وقال علي بن المديني إبراهيم النخعي لم يلق أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قيل له فعائشة قال هذا لم يروه غير سعيد بن أبي عروبة عن أبي معشر عن إبراهيم وهو ضعيف قال وقد رأى أبا جحيفة وزيد بن أرقم وابن أبي أوفى ولم يسمع منهم وقال أيضا عنه لم يسمع من الحارث بن قيس ولا من عمرو بن شرحبيل روى عن همام بن الحارث عنه وقال يحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم إبراهيم النخعي دخل على عائشة رضي الله عنها وهو صغير زاد الرازيان ولم يسمع منها شيئا وقال أبو حاتم أيضا أدرك أنسا ولم يسمع منه وقال شعبة لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبد الله الجدني قلت واسمه عبد بن عبد فيما ذكر مسلم وغيره وقال بن أبي خيثمة سمعت أبي يقول كان في كتاب أبي معاوية الضرير عن الأعمش قال ذكر الشعبي إبراهيم النخعي فقال ذاك الذي يروي عن مسروق ولم يسمع منه حرفا قلت وروايته عن مسروق ثابتة في الكتب
14 - إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق السبيعي قال أبو نعيم لم يسمع من أبيه شيئا قلت روايته عن أبيه في الصحيح وعن جده أيضا
15 - أحزاب بن أسيد بفتح الهمزة وقيل بضمها أبو رهم السمعي وقيل السماعي وهو بكنيته أشهر روى له بن ماجة عن النبي صلى الله عليه و سلم حديث من أفضل الشفاعة أن يشفع بين الإثنين في النكاح قال بن أبي حاتم سمعت أبي يقول ليس له صحبة وكذلك قال البخاري هو تابعي
16 - أحمر بن عسيب عن النبي صلى الله عليه و سلم في الطاعون وعنه مسلم بن عبيد قال بن عبد البر فيه نظر أي في صحبته
17 - الأحنف بن قيس مشهور أسلم على عهد النبي صلى الله عليه و سلم ودعا له ولم يتفق له رؤيته فهو تابعي وحديثه مرسل
18 - الأخنس السدوسي والد بكير قال أبو حاتم لم يصح له السماع عن بن مسعود
19 - أرطأة بن المنذر قال أبو حاتم لم يسمع من عبادة بن نسي شيئا
20 - ازداد بن فساءة ويقال يزداد الفارسي مولى بجير بن ريسان اليماني له في مسند أحمد وسنن أبي داود وابن ماجة عن النبي صلى الله عليه و سلم حديث إذا بال أحدكم فلينثر ذكره ثلاثا قال بن أبي حاتم عن أبيه هو مرسل أي أنه تابعي وقال بن عبد البر يقال له صحبة وأكثرهم لا يعرفونه وقد قيل حديثه مرسل
21 - أزهر بن حميضة روى عن أبي بكر رضي الله عنه قال بن عبد البر في صحبته نظر
22 - أزهر بن عبد الله الحرازي الحمصي عن تميم الداري رضي الله عنه قال في التهذيب لم يسمع منه وهو مرسل
24 - إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة أرسل عن النبي صلى الله عليه و سلم وكذا عن بن عباس أيضا فإنه لم يدركه قاله في التهذيب
25 - إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن جدته أم سليم قال بن أبي حاتم سألت أبي هل سمع منها قال هو مرسل وعكرمة بن عمار يدخل بين إسحاق وأم سليم أنسا رضي الله عنهما
26 - إسحاق بن يحيى بن طلحة قال بن أبي حاتم قيل لأبي زرعة أحاديث إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عبادة فقال هي مراسيل قلت وهو ضعيف أيضا
27 - إسحاق بن يحيى بن الوليد بن الصامت عن جد أبيه عبادة رضي الله عنه قال الترمذي لم يدركه قلت روايته عنه في سنن بن ماجة
28 - أسد بن وداعة قيل لأبي زرعة أسد بن وداعة عن أبي هريرة متصل قال ما أرى وقد رأى أبا أمامة وغيره
29 - إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي أحد الأعلام قال بن أبي حاتم سمعت أبي يقول إسرائيل لم يسمع من حبيب بن أبي ثابت ولا من سلمة بن كهيل ولا من زبيد ولا من طلحة بن مصرف
30 - أسعد بن سهل بن حنيف أبو أمامة الأنصاري ولد في حياة النبي صلى الله عليه و سلم وليست له صحبة وما روي عنه فهو مرسل وقد روى عن جماعة من الصحابة منهم عمر رضي الله عنه وقال أبو زرعة لم يسمع منه
31 - الأسقع البكري وقيل بن الأسقع ذكره الأمام أبو الفضائل الصغاني فيمن في صحبته نظر وقد اختلف فيها
32 - أسلم بن أوس بن بحرة الأنصاري قال بن عبد البر في صحبته نظر
33 - إسماعيل بن أمية تقدم في الباب الذي قبل هذا حديثه عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد في صدقة الفطر عند مسلم وإن الدارقطني اعترض بإدخال بعضهم بينهما الحارث بن أبي ذياب وأكد ذلك بأنه أيضا روى عن سعيد المقبري عن عياض عن أبي سعيد حديث أخوف ما أخاف عليكم ثم قال الدار قطني ولا نعلم إسماعيل روى عن عياض نفسه شيئا
34 - إسماعيل بن أبي إسحاق أبو إسرائيل الملائي روى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال حديث لا تثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر قال الترمذي ولم يسمع هذا الحديث من الحكم إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم وأبو إسرائيل ليس بذاك القوي عند أهل الحديث
35 - إسماعيل بن أبي خالد الكوفي أحد الكبار تقدم ذكره فيمن كان يدلس قال بن المديني رأى أنس بن مالك ولم يسمع منه ولم يرو عن أبي وائل شيئا ولم يسمع من إبراهيم التيمي وقال بن أبي حاتم سألت أبي هل سمع إسماعيل بن أبي خالد من أبي ظبيان قال لا أعلمه وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين لم يسمع من أبي ظبيان وروى أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال قالت عائشة رضي الله عنها وددت أني ثكلت عشرة الحديث قال يحيى بن معين هذا خطأ من أبي معاوية إنما هو إسماعيل عن رجل آخر غير قيس وقال يحيى القطان سألت إسماعيل بن أبي خالد عن حديث رواه عنه بن أبي عروبة عن الشعبي عن بن عباس رضي الله عنهما أربع ليس عليهن جناية فقال ليس من حديثي وذكر عند يحيى بن سعيد القطان شيء يروى عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن المغيرة بن شعبة لما شهد عليه الثلاثة الحديث فقال يحيى ليس بصحيح وذكر عنده قول الشعبي في الجراحات أخماس فقال يحيى كان معي فلم يصححه إسماعيل وذكر يحيى حديث إسماعيل بن أبي خالد عن عامر يعني الشعبي عن أيمن بن خريم وفيه شعر فقال قال لي إسماعيل لم أسمع هذا الشعر من عامر وقال بن المديني قلت ليحيى يعني القطان ما حملت عن إسماعيل عن عامر هي صحاح قال نعم إلا أن فيها حديثين أخاف أن لا يكون سمعهما قلت ليحيى ما هما قال قال عامر في رجل خير امرأته فلم تختر حتى تفرقا والآخر قول علي رضي الله عنه في رجل تزوج امرأة على أن يعتق أباها
36 - إسماعيل بن أبي خالد الفدكي قال بن أبي حاتم سمعت أبي يقول لم يدرك البراء فقلت له حديث يزيد بن هارون عن شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن إسماعيل بن أبي خالد الفدكي إن البراء بن عازب حدثه في الضحايا فقال هذا وهم وهو مرسل
37 - إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر عن فضالة بن عبيد وغيره قال في التهذيب هو مرسل قلت لم يسمع من الصحابة إلا من السائب بن يزيد
38 - أسمر بن سعادة المازني
39 - والأسود بن أبي الأسود النهدي
40 - وأسيد بن صفوان
41 - والأفطس
42 - والأقرع الغفاري ذكرهم الصغاني فيمن في صحبته نظر ولم أر لهم ذكرا في الرواية فكتبتهم إحتياطا
43 - الأسود بن سفيان بن عبد الأسد المخزومي كذلك أيضا ذكره بن عبد البر
44 - الأسود بن يزيد أحد كبار التابعين أدرك النبي صلى الله عليه و سلم مسلما ولم يره وذكره في كتب الصحابة للمعاصرة فليعلم ذلك
45 - أشعث بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص عن جده قال أبو زرعة مرسل
46 - أمية بن خالد عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يستفتح بصعاليك المهاجرين وعنه أبو إسحاق السبيعي قال بن عبد البر لا تصح له صحبة عندي والحديث مرسل
47 - أمية بن شبل قال إبراهيم بن محمد الصنعاني لم يلق عروة بن محمد بن عطية
48 - إهبان بن أخت أبي ذر وعنه حميد بن عبد الرحمن قال أبو عمر لا يصح له صحبة وإنما يروي عن أبي ذر رضي الله عنه
49 - أوس بن عبد الله أبو الجوزاء البصري عن عمر وعلي رضي الله عنهما قال أبو زرعة مرسل
50 - إياس بن سهل الجهني مختلف في صحبته
51 - إياس بن عبد الله بن أبي ذباب له في السنن الثلاثة عن النبي صلى الله عليه و سلم حديث لا تضربوا أماء الله وذكر الأثرم عن أحمد بن حنبل أنه مرسل وليست له صحبة وقال هو غير إياس بن عبد وأثبت بن عبد البر وغيره صحبته
52 - أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي مختلف في صحبته أيضا وله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال بن عبد البر أسلم مع أبيه وهو غلام يفاع وقال فيه أحمد العجلي هو تابعي ثقة وكذلك قال الدارقطني نحو هذا
53 - أيمن رجل آخر قال بن أبي حاتم سألت أبي عن حديث رواه الحسن بن صالح عن منصور عن الحكم عن عطاء ومجاهد عن أيمن وكان فقيها قال يقطع السارق في ثمن المجن وكان ثمن المجن على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم دينارا فقال أبي هو مرسل وأرى أنه والد عبد الواحد بن أيمن وليست له صحبة وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثني محمد بن إدريس الشافعي قال قال لي محمد بن الحسن فقد روى شريك حديث مجاهد عن أيمن بن أم أيمن أخي أسامة بن زيد لأمه قلت لا علم لك بأصحابنا أيمن أخو أسامة قتل مع النبي صلى الله عليه و سلم يوم حنين قبل أن يولد مجاهد ولم يبق بعد النبي صلى الله عليه و سلم فيحدث عنه قلت وكذا ذكر بن إسحاق أيضا أيمن فيمن استشهد يوم حنين والحديث مرسل كما قال أبو حاتم
54 - أيوب بن أبي تميمة السختياني أحد الأعلام قال أحمد بن حنبل وأبو حاتم رأى أنس بن مالك ولم يسمع منه وسئل أحمد هل سمع من عطاء بن يسار قال لا وقال أبو حاتم لم يرو عن أبي حمزة شيئا إنما يروى عن أبي جمرة الضبعي وقال البخاري ما أرى أيوب سمع من أبي صالح يعني السمان ذكره الترمذي عنه في كتاب العلل في حديث أبي هريرة العمرة إلى العمرة
حرف الباء
55 - باذام أبو صالح مولى أم هانئ قال بن حبان لم يسمع من بن عباس
56 - بريد بن أبي مريم عن أبي موسى الأشعري قال في التهذيب لم يسمع منه
57 - بسر بن أرطاة ويقال بن أبي أرطاة مختلف في صحبته وله عن النبي صلى الله عليه و سلم حديثان أحدهما في جامع الترمذي وسنن أبي داود والنسائي وعنده فيه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم وكذلك أثبت بن حبان والدارقطني وغيرهما له الصحبة وقال الواقدي قبض النبي صلى الله عليه و سلم وبسر صغير لم يسمع منه وحكى بن عبد البر عن أحمد بن حنبل وابن معين نحو هذا
58 - بسر بن سعيد قال أبو زرعة بسر بن سعيد عن عمر مرسل
59 - بشر بن شعيب بن أبي حمزة احتج به البخاري عن أبيه وقال بن معين لم يسمع من أبيه شيئا سألوه عنها يعني كتب أبيه فقال لم أسمعها من أبي إنما أنا صاحب طب فلم يزالوا به حتى حدثهم بها وذكر غيره أن روايته عن أبيه إنما هي بالإجازة وقال أبو اليمان سمعت شعيب بن أبي حمزة وقد احتضر من أراد أن يسمع هذه الكتب فليسمعها من ابني فإنه قد سمعها مني وهذا يرد القولين الأولين ويؤيد فعل البخاري رحمه الله
60 - بشر بن عاصم قال بن أبي حاتم سألت أبي عنه هل سمع من غيلان بن سلمة قال لا هو مرسل يعني أن غيلان أسلم على عهد النبي صلى الله عليه و سلم
61 - بشر بن المفضل قال أحمد بن حنبل لم يسمع من بن طاوس إلا حديثا واحدا اتقوا بيتا يقال له الحمام
62 - بشير بن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري قال بن عبد البر رأى النبي صلى الله عليه و سلم قلت هو معدود عندهم من التابعين
63 - بشير بن نهيك حكى الترمذي في العلل عن البخاري أنه قال بشير بن نهيك لا أرى له سماعا من أبي هريرة وقد احتج هو ومسلم في كتابيهما بروايته عن أبي هريرة والجمع بين ذلك أن وكيعا روى عن عمران بن حدير عن أبي مجلز عن بشير بن نهيك قال أتيت أبا هريرة بكتاب وقلت له هذا حديث أرويه عنك قال نعم والإجازة أحد أنواع التحمل فاحتج به الشيخان لذلك وما ذكره الترمذي ليس فيه إلا نفي السماع فلا تناقض
64 - بقية بن الوليد تقدم أنه مكثر من التدليس عن مشايخة مما سمعه من الضعفاء والمجهولين عنهم وقل ما أرسل مما تبين انقطاعه وقد قال أبو حاتم الرازي لم يسمع بقية من بن عجلان شيئا
65 - بكر بن عبد الله المزني عن أبي ذر رضي الله عنه قال أبو حاتم هو مرسل
66 - بكر بن القاسم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال أبو زرعة هو مرسل
67 - بلال بن سعد بن تميم الأشعري ويقال الكندي القاص عن أبي الدرداء رضي الله عنه وذلك مرسل قاله في التهذيب
68 - بلال بن مرداس عن أنس رضي الله عنه وقيل هو مرسل بل هو عن خيثمة عن أنس ذكره في التهذيب أيضا
69 - بلال بن يحيى العبسي روى عن علي قال المنذري روى عن النبي صلى الله عليه و سلم مرسلا وروى عن عمر وهو مشهور بالرواية عن حذيفة وقيل عنه بلغني عن حذيفة وفي سماعه من علي نظر
70 - بيان بن بشر الأحمسي عن علقمة والأسود قال أبو حاتم الرازي هو مرسل لم يدركهما قلت وهو تابعي سمع أنسا رضي الله عنه
حرف التاء
71 - تمام بن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم حديث لا تدخلوا علي قلحا استاكوا وذكر بن عبد البر وغيره أنه أصغر أخواته وله رؤية مجردة فيكون حديثه مرسلا ولكن يتصدى النظر حينئذ فيه وفي أمثاله ممن يأتي ذكرهم لهم رؤية مجردة هل مرسله مرسل صحابي أم لا
72 - تميم بن غيلان بن سلمة الثقفي ذكره الصغاني فيمن في صحبته نظر
حرف الثاء
73 - ثابت بن أسلم البناني أحد الأئمة قال أبو حاتم سمع أناسا وابن عمرو وروى الحسين بن واقد عن ثابت عن عبد الله بن مغفل فلا ندري لقيه أم لا وقال أبو زرعة ثابت البناني عن أبي هريرة مرسل
74 - ثابت بن ثوبان العنسي عن أبي هريرة قال في التهذيب لم يسمع منه
75 - ثابت بن عاصم بن ثعلبة الأنصاري قال الصغاني اختلف في صحبته قال وهو غير الذي يلقب بالجدع
76 - ثابت عن الجارود وهو بن المعلى قال بن المعلى قال بن المديني لم يلق الجارود كذا وجدته بخط الحافظ الضياء وقد يضمر بعد ثابت فلا أدري هو البناني أم غيره
77 - ثعلبة بن أبي صعير وقيل بن عبد الله بن أبي صعير له عن النبي صلى الله عليه و سلم في صدقة الفطر أخرجه أبو داود والحديث مضطرب وذكره بن أبي حاتم في المراسيل وروى عن يحيى بن معين أنه قال قد رأى النبي صلى الله عليه و سلم وأثبت الدارقطني وغيره له الصحبة ولابنه عبد الله أيضا ولعل هذا هو الأظهر والله سبحانه وتعالى أعلم
78 - ثعلبة بن زهدم التميمي أخرج له النسائي في الديات حديثا عن النبي صلى الله عليه و سلم وقيل أنه مرسل ولا صحبة له
79 - ثعلبة بن أبي مالك القرظي أخرج له بن ماجة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قضى في سيل مهزوز الحديث وروى الزهري عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يخطب قائما خطبتين يفصل بينهما بجلوس وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما كذلك قال بن أبي حاتم سألت أبي عن ثعلبة بن أبي مالك فقال هو من التابعين والحديث مرسل وقال يحيى بن معين له رؤية من النبي صلى الله عليه و سلم وذكر بن عبد البر أنه ولد على عهد النبي صلى الله عليه و سلم وروى شعبة عن سماك بن حرب عن ثعلبة أنه قال كنت غلاما على عهد النبي صلى الله عليه و سلم
80 - ثمامة قال أبو زرعة ثمامة روى عنه زياد بن الجارود عن علي رضي الله عنه مرسل لم يزد بن أبي حاتم على هذا ولم أعرف ثمامة من هو
81 - ثوبان بن سعد أبو الحكم ذكره الصغاني فيمن في صحبته نظر
82 - ثور بن زيد الديلي قال بشر عن عمر قلت لمالك بن أنس لقي ثور بن زيد بن عباس قال لا لم يلقه قلت وروى أيضا عن عمر رضي الله عنه أنه استشار في الخمر وهو مرسل لم يدركه قاله عبد العزيز النخشبي
83 - ثور بن يزيد الكلاعي عن راشد بن سعد عن مالك بن يخامر قال رأيت معاذا يقتل القمل والبراغيث في الصلاة قال أحمد بن حنبل لم يسمع ثور من راشد شيئا
حرف الجيم
84 - جابر بن ياسر القتباني
85 - وجارية بن أصرم الأجداري ذكرهما الصغاني فيمن في صحبته نظر
86 - جارية بن قدامة التميمي قيل إنه عم الأحنف بن قيس له عن النبي صلى الله عليه و سلم وهو مختلف في صحبته قال فيه العجلي هو تابعي
87 - جبير بن الحويرث ذكره الصغاني مع من تقدم ولم أر غيره ذكره
88 - جبير بن نفير الحضرمي أدرك حياة النبي صلى الله عليه و سلم وأرسل عنه وقال أبو زرعة في روايته عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه مرسل
89 - جرير بن حازم أحد الأئمة قال الإمام أحمد بن حنبل في حديث جرير عن أبي الزناد عن عبيد بن عمير عن بن عمر اشتريت زيتا في السوق الحديث لا ينبغي أن يكون جرير سمع من أبي الزناد ولعله سمعه من بن إسحاق وروى جرير بن حازم عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني فأنكره حماد بن زيد وقال إنما سمعه جرير من حجاج الصواف عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه في مجلس ثابت وظن أنه سمعه من ثابت
90 - جري بن كليب النهدي قال بن أبي حاتم سمعت أبي يقول روى أبو إسحاق يعني السبيعي عن جري النهدي عن النبي صلى الله عليه و سلم وجري تابعي
91 - جزء بن معاوية عم الأحنف بن قيس قال بن عبد البر لا تصح له صحبة
92 - جعدة بن هبيرة المخزومي بن أخت علي رضي الله عنه أم هانئ بنت أبي طالب ذكره جماعة في الصحابة وقال يحيى بن معين لم يسمع من النبي صلى الله عليه و سلم شيئا وقد روى عن خاله علي رضي الله عنه
93 - جعدة بن هبيرة الأشجعي كوفي ذكروه في الصحابة أيضا وله عن النبي صلى الله عليه و سلم خير الناس قرني الذي أنا منهم الحديث وقد ذكر بن أبي حاتم عن أبيه أنه قال بعد روايته هذا الحديث جعدة بن هبيرة تابعي وهو بن أخت علي بن أبي طالب رضي الله عنه روى عن علي قلت وهذا وهم ظاهر اشتبه عليه بالذي قبله وهما اثنان وليس في صحبته هذا الثاني خلاف وإنما ذكرته للتنبيه عليه
94 - جعفر بن برقان قال الإمام أحمد لم يسمع من الزهري وقد أثبت له يحيى بن معين وغيره السماع منه وقالوا إنه ليس بذاك في حديث الزهري وقال أبو حاتم لا يصح له السماع من أبي الزبير ولعل بينهما رجلا ضعيفا
95 - جعفر بن حيان أبو الأشهب العطاردي ذكره بن المديني في جماعة ذكر أنهم لم يلقوا أحدا من الصحابة يعني فتكون روايتهم عن الصحابة مرسلة قلت وقد أدرك من حياة أنس رضي الله عنه عشرين سنة وكان معه بالبصرة
96 - جعفر بن ربيعة المصري قال أبو داود لم يسمع من الزهري
97 - جعفر بن أبي سفيان بن الحارث ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته والأصح أن له صحبة ذكر ذلك بن حبان وغيره وذكر بن هشام وغيره أنه شهد حنينا مع النبي صلى الله عليه و سلم وإنما ذكرته بالتنبيه عليه أيضا
98 - جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان الأنصاري الأوسي سمع أناسا وغيره وروى عن عقبة بن عامر رضي الله عنه فقيل انه مرسل وروى أيضا عن جد أبيه رافع أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم وكان بينهما جارية الحديث قال عبد العزيز النخشبي هذا مرسل لأنه لم يدرك جد أبيه وقال يحيى بن معين عنه لم يلق سمرة وقد روى ابنه عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أحاديث والله اعلم
99 - جعفر بن أبي الوحشية اليشكري أبو بشر واسم أبيه إياس قال أحمد بن حنبل عن يحيى القطان قال شعبة لم يسمع أبو بشر من حبيب بن سالم شيئا قال وكان شعبة يضعف حديث أبي بشر عن مجاهد وقال ما سمع منه شيئا
100 - جعفر بن محمود بن محمد بن مسلمة سمع جابرا وروى عن أسيد بن حضير قال بن أبي حاتم مرسل
101 - جميل بن زيد الطائي لم يسمع من عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال أبو بكر بن عياش قلت لجميل بن زيد هذه الأحاديث أحاديث بن عمر قال أنا ما سمعت من بن عمر شيئا إنما قالوا لي إذا أقدمت المدينة فاكتب أحاديث بن عمر فقدمت المدينة فكتبتها قلت هذا ذكره بن أبي حاتم في كتاب المراسيل له فكتبته تبعا له وليس مما نحن بصدده فإن المرسل إنما يظهر فائدته إذا كان المرسل محتجا به وجميل بن زيد هذا قال فيه بن معين ليس بثقة والإنكار عليه إنما جاء من إدعاء سماع ما لم يسمع فإنه قال في عدة أحاديث حدثنا بن عمر ولم يكن سمع منه وموضوع هذا الكتاب إنما هو لما أرسله الثقة المحتج به أو دلسة
102 - جنادة بن أبي أمية الأزدي مختلف في صحبته أخرج له النسائي حديثا في صوم يوم الجمعة عده بن سعد في كبار التابعين وهو مقتضى كلام الواقدي بأنه وثقه والأظهر أنه صحابي لأن حديثه عند النسائي فيه أنهم دخلوا على النبي صلى الله عليه و سلم ثمانية نفر وهو ثامنهم فقرب إليهم طعاما يوم الجمعة الحديث وهو من طريق الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن حذيفة البارقي عن جنادة الأزدي به وروى بن عبد البر عنه بهذا الإسناد إلى أبي الخير أن جنادة الأزدي حدثه فذكر حديثا فيه أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله إن ناسا يقولون أن الهجرة قد انقطعت الحديث وهذا يرد قول بن سعد والواقدي والله أعلم
103 - جندب بن زهير قال بن عبد البر اختلف في صحبته وقيل إن حديثه مرسل ومنهم من قال إنه قاتل الساحر الذي روى حديث حد الساحر ضربة بالسيف قال والأصح أن هذا يعني قاتل الساحر جندب بن كعب قلت وكذلك فرق بينهما أبو عبيد القاسم بن سلام أيضا وقال في جندب بن زهير كان على رجالة علي رضي الله عنه بصفين
104 - جنيد أخرج له الترمذي عن بن عمر رضي الله عنهما حديث لجهنم سبعة أبواب وقال بن أبي حاتم عن أبيه هو مرسل يعني لم يدركه
105 - جودان روى الثوري عن بن جريج عن العباس بن عبد الرحمن بن مينا عن جودان قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من اعتذر إلى أخيه بمعذرة فلم يقبلها كان عليه مثل خطيئة صاحب مكس قال بن أبي حاتم سألت أبي عن هذا الحديث فقال جودان هذا ليس له صحبة وهو مجهول قلت أخرج أبو داود هذا الحديث في كتاب المراسيل من وجه آخر ولكن قال فيه بن جودان عن النبي صلى الله عليه و سلم
106 - جويرية بن أسماء مكثر عن نافع وقد تقدم قول بن عمار الحافظ في حديثه عنه وافقت ربي في ثلاث وإن بينهما فيه رجلا غير مسمى
حرف الحاء
107 - حابس بن سعد الطائي مختلف في صحبته يروي عن أبي بكر رضي الله عنه
108 - حاتم بن إسماعيل المدني قال بن معين رأى زيد بن أسلم ومحمد بن المنكدر ولم يسمع منهما شيئا وقال أبو حاتم لم يلق عون بن عبد الله بن عتبة
109 - الحارث بن رافع بن مكيث الجهني عن النبي صلى الله عليه و سلم وهو مرسل لأنه تابعي قاله في التهذيب
110 - الحارث بن زياد ذكر الصغاني فيمن في صحبته نظر قال وليس بابن ثعلبة الأنصاري
111 - الحارث بن شبيل الأحمسي عن علي رضي الله عنه قال أبو زرعة مرسل
112 - الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة يعرف بالقباع عن النبي صلى الله عليه و سلم مرسل لأنه تابعي ليس إلا
113 - الحارث بن يزيد العكلي قال أحمد بن حنبل لم يدرك علقمة بن قيس بل هو مرسل
114 - الحارث غير منسوب أخرج النسائي من حديث ثابت البناني عن حبيب بن أبي سبيعة عن الحارث أن رجلا كان عند النبي صلى الله عليه و سلم فمر به رجل فقال يا رسول الله إني أحبه في الله الحديث وقد قيل فيه عن الحارث عن رجل عن النبي صلى الله عليه و سلم فيكون الأول مرسلا
115 - حبان بن أبي جبلة عن بن عباس قال أحمد بن حنبل لا ينبغي أن يكون سمع منه قيل له فإن هشيما يقول فيه عنه سمعت بن عباس قال لا ينبغي
116 - حبان بن وبرة المزني له عن النبي صلى الله عليه و سلم أن أعرابيا أتاه فقال يا رسول الله علمني دعوة أدعو بها قال أبو حاتم هو مرسل
117 - حبيب بن أبي ثابت الكوفي روى عن جماعة من الصحابة منهم بن عمر وزيد بن أرقم وقد تقدم أنه مدلس قال علي بن المديني حبيب بن أبي ثابت لقي بن عباس وسمع من عائشة ولم يسمع من غيرهما من الصحابة رضي الله عنهم وقال أبو زرعة لم يسمع من أم سلمة وقال الترمذي في حديثه عن حكيم بن حزام في شراء الأضحية حبيب بن أبي ثابت لم يسمع عندي من حكيم بن حزام وقال سفيان الثوري وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين والبخاري وغيرهم لم يسمع حبيب بن أبي ثابت من عروة بن الزبير شيئا وقال أبو زرعة لم يرو حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة إلا حديثا واحدا وذكر الدارقطني في سننه أنه لا يصح سماعه منه
118 - حبيب بن خراش العصري
119 - وحبيب بن خماشة الخطمي ذكرهما الصغاني ممن في صحبته نظر وأثبت بن عبد البر صحبة حبيب بن خماشة
120 - حبيب بن سبيعة وقيل بن أبي سبيعة قال أبو زرعة ليس له صحبة
121 - حبيب بن عبيد الحمصي روى عن أبي أمامة والعرباض بن سارية وغيرهما وذكر أبو حاتم أن روايته عن أبي الدرداء مرسلة
122 - حبيب بن مسلمة الفهري له عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه نفل الثلث والربع مختلف في صحبته وقد أثبتها له البخاري ومصعب الزبيري وأنكر الواقدي أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه و سلم وقال توفى النبي صلى الله عليه و سلم ولحبيب اثنتا عشرة سنة وقال يحيى بن معين أهل الشام يقولون له سماع وروى سويد بن عبد العزيز عن بن وهب عن مكحول قال سألت الفقهاء هل كانت لحبيب بن مسلمة صحبة فلم يثبتوا ذلك وسألت قومه فأخبروني أنه كانت له صحبة قال بن أبي حاتم سألت أبي عن ذلك فقال قومه أعلم
123 - حجاج بن أرطأة أحد المكثرين من التدليس كما تقدم ويرسل أيضا قال عباد بن العوام ويحيى بن معين ومحمد بن يحيى الذهلي وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم إنه لم يسمع من الزهري شيئا ولم يره قال الترمذي فقلت له يعني البخاري فإنهم يروون عن الحجاج قال سألت الزهري قال لا شيء يروى عن هشيم قال قال لي الحجاج صف لي الزهري قلت وروى يحيى بن حسان عن هشيم أيضا أن الحجاج بن أرطأة قال له لم أسمع من الزهري شيئا وقال يحيى بن معين لم يسمع من إبراهيم النخعي وقال البخاري لم يسمع من يحيى بن أبي كثير وقال أبو زرعة لم يسمع من مكحول شيئا وأثبت له أبو داود السماع منه وقال بن معين سمع من الشعبي حديثا واحدا وقال أحمد بن حنبل لم يسمع من عكرمة شيئا إنما يحدث عن داود بن الحصين عن عكرمة وقال أبو نعيم الفضل بن دكين لم يسمع الحجاج من عمرو بن شعيب إلا أربعة أحاديث والباقي عن محمد بن عبيد الله العرزمي وقال الترمذي سألت محمدا يعني البخاري فقلت له الحجاج بن أرطأة سمع من عمرو بن دينار قال لا أعلمه فقلت ممن سمع الحجاج قال سمع من عطاء بن أبي رباح والحكم بن عتبة والشعبي ولم يسمع من عكرمة ولا الزهري
124 - حجاج بن الحجاج بن مالك الأسلمي روى عن أبيه عن أبي هريرة قال أبو حاتم ليست له صحبة واستدل بروايته عن أبيه وأبي هريرة رضي الله عنهما
125 - حجر بن قيس الحضرمي يروي عن علي رضي الله عنه وغيره قال أبو حاتم أدرك الجاهلية ولم يسمع من النبي صلى الله عليه و سلم شيئا
126 - حدير بن كريب الحضرمي أبو الزهراوية وهو بكنيته أشهر قال بن أبي حاتم سئل أبو زرعة عن أبي الزهراوية عن عثمان فقال مرسل وسمعت أبي يقول أبو الزهراوية عن أبي الدرداء مرسل
127 - حذيفة بن عبيد المرادي
128 - وحذيفة البارقي ذكرهما الصغاني فيمن في صحبته نظر وحذيفة البارقي تابعي يروي عن جنادة الأزدي الصحابي والله أعلم
129 - حرب بن قيس قال أبو حاتم لم يدرك أبا الدرداء وهو مرسل وهو في سن مالك بن أنس
130 - حرملة بن إياس ويقال إياس بن حرملة عن أبي قتادة حديث صوم يوم عرفة وعاشوراء وقيل فيه عن رجل عن أبي قتادة فتكون الأولى مرسلة وهي في النسائي
131 - حريث بن عمرو بن عثمان بن عبيد الله بن عمر بن مخزوم القرشي ليست له صحبة روى عبد الوارث عن عطاء بن السائب عن عمرو بن حريث عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم الكمأة من المن وهذا غلط إنما رواه عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه و سلم نقلت هذا كله من خط الحافظ ضياء الدين المقدسي ولم يعزه إلى أحد وهو وهم منه لأن حريثا هذا صحابي معروف أثبت له ذلك بن عبد البر وغيره كيف وابنه عمرو بن حريث له صحبة ورواية عدة أحاديث في صحيح مسلم منها حديثان وله في السنن الأربعة عدة وذكر بن عبد البر أن حريثا حمل ابنه عمرا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فدعا له وجعل حديث الكمأة من المن محفوظا من طريق عمرو بن حريث عن أبيه أيضا وقال الواقدي كان لعمرو بن حريث لما توفي النبي صلى الله عليه و سلم اثنتا عشرة سنة وإنما ذكرته للتنبيه على ذلك وبالله التوفيق
132 - حسان بن عطية الدمشقي روى عن أبي إمامة وقيل إنه لم يسمع منه وسئل أحمد بن حنبل حسان بن عطية سمع من عمرو بن العاص فقال لا
133 - الحسن بن الحكم النخعي قال بن أبي حاتم سألت أبي عن الحسن بن الحكم هل لقي أنس بن مالك فقال لم يلقه إنما يحدث عن التابعين
134 - الحسن بن ذكوان روى العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين قال الحسن بن ذكوان لم يسمع من حبيب بن أبي ثابت إنما سمع من عمرو بن خالد عنه وعمرو بن خالد لا يسوي حديثه شيئا إنما هو كذاب
135 - الحسن بن أبي الحسن البصري واسم أبيه يسار أحد الأئمة الأعلام تقدم أنه كثير التدليس وهو مكثر من الإرسال أيضا ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه ونشأ بوادي القرى ورأى عثمان وعليا وطلحة والزبير رضي الله عنهم وحضر يوم الدار وهو بن أربع عشرة سنة فروايته عن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم مرسلة بلا شك وكذلك عن علي رضي الله عنه أيضا لأن عليا خرج إلى العراق عقب بيعته وأقام الحسن بالمدينة فلم يلقه بعد ذلك قال أبو زرعة وغيره وفي سنن أبي داود والنسائي روايته عن سعد بن عبادة وهي مرسلة بلا شك فإنه لم يدركه قال شعبة سمعت قتادة يقول ما شافه الحسن أحدا من البدريين الحديث رواه أحمد عن مؤمل بن إسماعيل عن شعبة وقال عبد الرحمن بن الحكم سمعت جريرا يسأل بهز بن أسد هذا الذي
يقول أهل البصرة أن الحسن لقي سبعين بدريا قال هذا كلام السوقة ثم قال بهز ثنا حماد بن يزيد عن أيوب قال ما حدثنا الحسن عن أحد من أهل بدر مشافهة وقال الترمذي لا نعرف للحسن سماعا من علي رضي الله عنه وقد روى عنه حديث رفع القلم عن ثلاثة وقد أدركه ولكنا لا نعلم له سماعا منه وقال علي بن المديني رأى الحسن أم سلمة ولم يسمع منها ولا من أبي موسى الأشعري ولا من الأسود بن سريع ولا من الضحاك بن سفيان ولا من جابر ولا من أبي سعيد الخدري ولا من بن عباس ولا من عبد الله بن عمر ولا من عمرو بن تغلب ولم يسمع من أبي برزة الأسلمي ولا من عمران بن حصين ولا من النعمان بن بشير ولم يسمع من أسامة بن زيد شيئا ولا من عقبة بن عامر ولا من أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنهم قلت في صحيح البخاري عن الحسن قال حدثنا عمرو بن تغلب أن النبي صلى الله عليه و سلم أتي بمال أو سبي فقسمه الحديث وكذلك قال الدارقطني أيضا أن الحسن لم يسمع من أبي بكرة وله عنه في صحيح البخاري عدة أحاديث منها قصة الكسوف ومنها حديث زادك الله حرصا ولا تعد وأن لم يكن فيها التصريح بالسماع فالبخاري لا يكتفي بمجرد إمكان اللقاء كما تقدم وغاية ما اعتل به الدارقطني أن الحسن روى أحاديث عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة وذلك لا يمنع من سماعه منه ما أخرجه البخاري وصحح أبو زرعة الرازي سماع الحسن من أبي برزة كما سيأتي وقال بهز بن أسد لم يسمع الحسن من بن عباس وكذلك قال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين أيضا قال بن المديني في قول الحسن خطبنا بن عباس بالبصرة إنما هو كقول ثابت قدم علينا عمران بن حصين ومثل قول مجاهد قدم علينا علي وكقول الحسن أن سراقة بن مالك بن جشم حدثهم وكقوله غزا بنا مجاشع بن مسعود وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سئل أبي سمع الحسن من سراقة قال لا هذا علي بن زيد هو بن جدعان يعني يرويه كأنه لم يقنع به وقال بن المديني هو إسناد ينبوعه القلب أن يكون الحسن سمع من سراقة إلا إن عني حدثهم حدث الناس فهذا أشبه
وأما روايته عن أبي هريرة وقد تقدم بعض ذلك قال قتادة إنما أخذ الحسن عن أبي هريرة رواه إسماعيل بن علية عن سعيد عنه وقد خالفه الجمهور في ذلك فقال أيوب وعلي بن زيد وبهز بن أسد لم يسمع الحسن من أبي هريرة وقال يونس بن عبيد ما رآه قط وذكر أبو زرعة وأبو حاتم أن من قال عن الحسن حدثنا أبو هريرة فقد أخطأ وقال بن أبي حاتم سألت أبي سمع الحسن من جابر قال ما أرى ولكن هشام بن حسان يقول عن الحسن حدثنا جابر وأنا أنكر هذا إنما الحسن عن جابر كتاب مع أنه أدرك جابرا وقال علي بن المديني سمعت يحيى يعني القطان وقيل له كان الحسن يقول سمعت عمران بن حصين فقال أما عن ثقة فلا وذكر صالح بن أحمد أنه أنكر على من يقول عن الحسن حدثني عمران بن حصين أي أنه لم يسمع عنه وقال عباد بن سعد قلت ليحيى بن معين الحسن لقي عمران بن حصين قال أما في حديث البصريين فلا وأما في حديث الكوفيين فنعم وقيل لابن المديني في حديث المبارك بن فضالة عن الحسن أخبرني الأسود بن سريع حديث إني حمدت ربي بمحامد فلم يعتمد على المبارك في ذلك وقال الحسن لم يسمع منه لأن الأسود خرج من البصرة أيام علي رضي الله عنه وكان الحسن بالمدينة وقال علي بن المديني أيضا لم يسمع الحسن من أبي ثعلبة الخشني ولا من قيس بن عاصم شيئا وما أراه سمع من عائذ بن عمرو شيئا وقال أبو حاتم لم يصح للحسن سماع من معقل بن يسار وسئل أبو زرعة الحسن عن معقل بن يسار أو معقل بن سنان فقال معقل بن يسار أشبه والحسن عن معقل بن سنان بعيد جدا وهذا يقتضي تثبيته السماع من معقل بن يسار وقال أبو زرعة الحسن عن أبي الدرداء مرسل وقال أبو حاتم لم يسمع الحسن من سهل بن الحنظلية وسئل هل سمع من محمد بن مسلمة فقال قد أدركه وعن أحمد بن حنبل لا نعرف للحسن سماعا من عتبة بن غزوان وقال البخاري لا يعرف
للحسن سماع من دغفل وروى الحسن عن سلمة بن المحبق عن النبي صلى الله عليه و سلم في رجل وطأ جارية امرأته وقد رواه بعضهم عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة وروى أيضا عنه عن سلمة حديث ذكاة الجلد دباغة قال بن أبي خيثمة وبينهما في هذا الحديث جون بن قتادة وروى بعضهم عن الحسن عن العباس بن عبد المطلب قال بن أبي خيثمة وإنما يحدث عن الأحنف عنه وروى مبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بن كعب قال بن أبي خيثمة وإنما سمعه الحسن من عتي بن ضمرة السعدي عن أبي رضي الله عنه قال أحمد بن حنبل سمع الحسن من أنس بن مالك وابن عمر وعبد الله بن مغفل وعمرو بن تغلب وقال بعضهم عنه حدثني عمران بن حصين ويروى حكايات عن الحسن أنه سمع من عائشة رضي الله عنها وهي تقول إن نبيكم صلى الله عليه و سلم بريء ممن فرق دينه وقال بهز بن أسد سمع الحسن من عمران بن حصين ومن أبي بكرة شيئا وقال أبو حاتم يصح للحسن سماع من أنس بن مالك وأبي برزة وأحمر بن جزء وابن عمر وعمرو بن تغلب وزاد البرديجي عبد الرحمن بن سمرة وروايته عنه في الصحيحين حديث يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة وقال الحاكم لم يسمع من بن عمر وقول الأولين أرجح وأما روايته عن سمرة بن جندب ففي صحيح البخاري سماعه منه لحديث العقيقة وقد روي عنه نسخة كبيرة غالبها في السنن الأربعة وعند علي بن المديني إن كلها سماع وكذلك حكى الترمذي عن البخاري نحو هذا وقال يحيى بن سعيد القطان وجماعة كثيرون هي كتاب وذلك لا يقتضي الإنقطاع وفي مسند أحمد بن حنبل ثنا هشيم عن حميد الطويل قال جاء رجل إلى الحسن البصري فقال إن عبدا له أبق وأنه نذر إن قدر عليه أن يقطع يده فقال الحسن حدثنا سمرة قال قل ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم خطبة إلا أمر فيها بالصدقة ونهى عن المثلة وهذا يقتضي سماعه من سمرة لغير حديث العقيقة والله أعلم
136 - الحسن بن عبد الله العرني قال أحمد بن حنبل لم يسمع من بن عباس شيئا وقال أبو حاتم لم يدرك عليا رضي الله عنه
137 - حسيل بن خارجة الأشجعي قال أبو حاتم ليست له صحبة وحديثه مرسل
138 - حصين بن جندب أبو ظبيان الجنبي وهو بكنيته أشهر وقال أحمد بن حنبل كان شعبة ينكر أن يكون أبو ظبيان سمع من سلمان يعني الفارسي رضي الله عنه وقال أبو حاتم قد أدرك بن مسعود ولا أظنه سمع منه والذي يثبت له بن عباس وجرير بن عبد الله ولا تبين لي سماعه من علي رضي الله عنهم
139 - حصين جد مليح بن عبد الله الخطمي ذكره أبو الفضائل الصغاني فيمن هو مختلف في صحبته
140 - الحكم بن سفيان وقيل بن أبي سفيان وقيل سفيان بن الحكم ويقال أيضا أبو الحكم وقيل غير ذلك الثقفي له في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجة أن النبي صلى الله عليه و سلم بال ثم توضأ ونضح فرجه وفي بعضها يقول رأيت النبي صلى الله عليه و سلم وفي رواية عن الحكم بن سفيان عن أبيه وفيه اختلاف كثير قال شريك النخعي سألت أهل الحكم بن سفيان فذكروا أنه لم يدرك النبي صلى الله عليه و سلم وأما بن عبد البر فصحح صحبته وسماعه والله أعلم
141 - الحكم بن عتيبة مشهور وتقدم ذكره في المدلسين أرسل عن زيد بن أرقم ولم يسمع منه قاله شيخنا المزي في التهذيب وقال شعبة لم يسمع الحكم من مقسم إلا خمسة أحاديث وعدها يحيى القطان حديث الوتر وحديث القنوت وحديث عزمه الطلاق وجزاء ما قتل من النعم والرجل يأتي امرأته وهي حائض قالا وما عدا ذلك كتاب وفي رواية عد حديث الحجامة للصائم منها وإن حديث الرجل يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار ليس بصحيح وشعبة يقول لم يسمع الحكم من مقسم حديث الحجامة في الصيام وقال أحمد بن حنبل لم يسمع الحكم من علقمة شيئا وقال أبو حاتم لم يلق الحكم عبيدة السلماني ولا أعلمه روى عن عاصم بن ضمرة شيئا
142 - حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري والد بهز بن حكيم ذكره الصغاني فيمن هو مختلف في صحبته وهو وهم لأنه تابعي بلا شك وذكر بن عبد البر أن بن أبي خيثمة ذكر في الصحابة حكيما أبا معاوية لحديث رواه من طريق بقية عن سعيد بن سنان عن يحيى بن جابر الطائي عن معاوية بن حكيم عن أبيه حكيم أنه قال يا رسول الله بم أرسلك ربك الحديث قال بن عبد البر وهذا خطأ قطعا والصواب ما رواه الثقات عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده الحديث والله أعلم
143 - حماد بن زيد أحد الأئمة الأعلام قال أبو حاتم لم يسمع من أبي المهزم شيئا
144 - حميد بن أبي حميد تيرويه الطويل تقدم أنه كان يدلس وقال مؤمل بن إسماعيل عامة ما يرويه حميد عن أنس سمعه من ثابت يعني البناني عنه وقال أبو عبيدة الحداد عن شعبة لم يسمع حميد من أنس إلا أربعة وعشرين حديثا والباقي سمعها من ثابت أو ثبته فيها ثابت قلت فعلى تقدير أن يكون مراسيل قد تبين الواسطة فيها وهو ثقة محتج به
145 - حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال أبو زرعة حديثه عن أبي بكر وعلي رضي الله عنهما مرسل قلت قد سمع من أبيه وعثمان رضي الله عنهما فكيف يكون عن علي مرسلا وهو معه بالمدينة نعم روى عن عمر رضي الله عنه وكأنه مرسل
146 - حميد بن منهب الطائي قال بن عبد البر لا تصح له صحبة وإنما روايته عن عثمان وعلي رضي الله عنهما وقد ذكره قوم في الصحابة وقال ولا يصح
147 - حميد بن هلال أخرج له مسلم قال أبو رفاعة العدوي انتهيت إلى النبي صلى الله عليه و سلم وهو يخطب الحديث قال علي بن المديني لم يلق عندي يعني حميدا أبا رفاعة رضي الله عنه وقال بن أبي حاتم سمعت أبي يقول حميد بن هلال لم يلق هشام بن عامر يدخل بينه وبينه أبو قتادة العدوي وبعصهم يقول عن أبي الدهماء والحفاظ لا يدخلون بينهما أحدا قلت أخرج له مسلم عن أبي قتادة وأبي الدهماء وغيرهما عن هشام بن عامر
148 - حميد أبو المليح الفارسي عن أبي هريرة قال عبد العزيز النخشبي لم يسمع منه وإنما سمع من أبي صالح ذكوان عنه
149 - حميري بن بشير الحميري البصري عن أبي ذر وأبي الدرداء وهو مرسل قاله شيخنا المزي في التهذيب وقد سمع من جندب البجلي وغيره
150 - حميري بن كراثة الربعي قال بن أبي حاتم سمعت أبي يقول ليست له صحبة
151 - حنظلة بن قيس الزرقي ذكروه في الصحابة لأنه ولد على عهد النبي صلى الله عليه و سلم وإلا فهو تابعي ليست له رؤية
152 - حنظلة الثقفي ذكره الصغاني فيمن هو مختلف في صحبته ولم أعرفه
153 - حوشب أبو يزيد الفهري ذكره أيضا كذلك وذكر بن عبد البر
154 - حوشب بن طخية الحميري وأنه أسلم على عهد النبي صلى الله عليه و سلم وله عنه حديث من مات له ولد فصبر واحتسب وفي إسناده بن لهيعة قال بن عبد البر اتفق أهل العلم بالسير على أن النبي صلى الله عليه و سلم كتب إليه مع جرير البجلي بسبب قتل الأسود العنسي وقيل إنه قدم على النبي صلى الله عليه و سلم يعني ومنهم من لم يثبت له ذلك فيكون حديثه مرسلا وهذا غير الذي قبله لاختلاف نسبتهما والله أعلم
155 - حوط بن عبد العزى روى عن النبي صلى الله عليه و سلم حديث لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس قال بن أبي حاتم سمعت أبي يقول ليست له صحبة وأنكر على محمد بن إسماعيل البخاري في قوله أن له صحبة
156 - حوط بن قراوش بن حصين ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته ولم يذكر الذي قبله
157 - حيي الليثي قال بن أبي حاتم سمعت أبي يقول حيي الليثي روى عنه أبو تميم الجيشاني لم يصح عندنا أن له صحبة قلت جزم بن عبد البر بصحبته ولكنه قال حي الليثي بفتح الحاء وبياء واحدة وذكر حديثه من رواية أبي تميم عنه
158 - حيوة بن شريح أحد الأئمة قال فيه أحمد بن حنبل لم يسمع من الزهري ولا من بكير بن الأشج ولا من خالد بن أبي عمران شيئا
حرف الخاء
159 - خالد بن أسعد المعافري ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته
160 - خالد بن دريك البناني روى عن بن عمر وعائشة رضي الله عنهما ولم يدركهما قاله شيخنا المزي وحكي عن أبي داود أنه قال لم يدرك عائشة وقال بن أبي حاتم سمعت أبي وذكر حديثا رواه أبو ثوبة عن بشير بن طلحة عن خالد بن الدريك قال سمعت يعلى بن منية يقول غزوت مع النبي صلى الله عليه و سلم فقال ما أدري ما هذا ما أحسب خالد بن الدريك لقي يعلى بن منية
161 - خالد بن رافع ذكره الصغاني أيضا وقال هو غير أبي رافع الخزاعي
162 - خالد بن عبد الله بن حرملة المدجلي ذكره أيضا كذلك وهو تابعي له في صحيح مسلم عن الحارث بن خفاف وروى عن غيره أيضا
163 - خالد بن عبد الله الواسطي قال بن أبي حاتم أخرج محمد بن خالد الواسطي كتابا عن أبيه عن الأعمش قال أبو زرعة لم يسمع أبوه من الأعمش
164 - خالد بن أبي عمران التبيجي روى عن بن عمر ولم يسمع منه قاله في التهذيب وعن أبي أمامة حديث أربعة يلحق المؤمن بعد موته قال أبو حاتم لم يسمع من أبي امامة
165 - خالد بن كثير قال بن أبي حاتم سألت أبي عن خالد بن كثير يروي عن النبي صلى الله عليه و سلم فقال ليست له صحبة فقلت أن أحمد بن سنان أدخله في مسنده فقال أبي: خالد بن كثير يروي عن الضحاك وأبي إسحاق الهمداني
166 - خالد بن اللجلاج العامري ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته وهو تابعي يروي عن أبيه وله صحبة وفي التهذيب لشيخنا أنه يروي عن عمر وابن عباس مرسلا ولم يدركهما
167 - خالد بن معدان الحمصي يروي عن أبي عبيدة بن الجراح ولم يدركه قال أحمد بن حنبل لم يسمع من أبي الدرداء وقال أبو حاتم لم يصح سماعه من عبادة بن الصامت ولا من معاذ بن جبل بل هو مرسل وربما كان بينهما اثنان وقال أبو زرعة لم يلق عائشة وقال بن أبي حاتم سألته يعني أباه خالد بن معدان عن أبي هريرة متصل فقال قد أدرك أبا هريرة ولا يذكر له سماع
168 - خالد بن أبي المهاجر عن محمد بن أبي مسلمة عن معاوية في يوم عاشوراء أين علماؤكم يا أهل المدينة الحديث قال حمزة الكتاني لا أحسب خالد بن أبي المهاجر هذا سمع من محمد بن مسلمة والله أعلم
169 - خالد بن مهران الحذاء قال أحمد بن حنبل ما أراه سمع من الكوفيين من رجل أقدم من أبي الضحى وقد حدث عن الشعبي وما أراه سمع منه وعن أحمد أيضا قال لم يسمع خالد الحداء من أبي عثمان يعني النهدي شيئا ولا من أبي العالية وروي عن خالد الحذاء عن عراك بن مالك حديث حولي مقعدي نحو القبلة وكأنه وهم من بعض الرواة عنه بينهما خالد بن الصلت وهو صاحب القصة مع عمر بن عبد العزيز وقول عراك حينئذ
170 - خالد أبو معبد بن خالد الجدلي ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته
171 - خباب مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة أدرك الجاهلية وروى عن النبي صلى الله عليه و سلم حديث لا وضوء إلا من صوت أو ريح واختلف في صحبته وابن حبان لم يثبتها له
172 - خراش بن أمية بن ربيعة قال بن عبد البر بن الفضل الكعبي صحابي معروف شهد الحديبية وبعثه النبي صلى الله عليه و سلم يومئذ إلى مكة رسولا وقد ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته ولا وجه لذلك
173 - خليد العصري روى عن علي وسلمان وغيرهما رضي الله عنهم وذكر إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه لم يسمع من سلمان قال فقلت له إنه يقول لما ورد علينا سلمان قال يعني البصرة
174 - خويلد الضمري ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته ولم يزد على ذلك
175 - خلاس بن عمرو الهجري قال الإمام أحمد كان يحيى بن سعيد لا يحدث عن قتادة عن خلاس يعني كأنه لم يسمع منه وكان يحدث عن قتادة عنه عن عمار وغيره كأنه يتوقى حديثه عن علي فقط ويقول ليس هي صحاحا أو لم يسمع منه وقال أحمد في موضع آخر روايته عن علي رضي الله عنه من كتاب وكذا قال أبو حاتم يقال وقعت عنده صحف عن علي وقال أبو داود لم يسمع من علي رضي الله عنه وسمعت أحمد يقول لم يسمع من أبي هريرة شيئا وقال يحيى بن سعيد كان في أطراف عوف خلاس ومحمد عن أبي هريرة حديث إن موسى عليه السلام كان حييا فقالت بنو إسرائيل هوادر فسألت عوفا فترك محمدا وقال خلاس مرسل وقال أبو طالب سألت أحمد بن حنبل سمع خلاس من عمرو فقال لا وفي سؤالات الحاكم للدارقطني قلت فخلاس بن عمرو قال قالوا هو صحفي فما كان من حديثه عن أبي رافع عن أبي هريرة احتمل فأما عن علي وعثمان رضي الله عنهما فلا
76 - خيثمة بن عبد الرحمن أحد كبار التابعين قال أحمد بن حنبل لم يسمع من عبد الله بن مسعود شيئا إنما روى عن الأسود عن عبد الله وكذلك قال أبو حاتم أيضا وقال أبو زرعة خيثمة عن عمر رضي الله عنه مرسل
حرف الدال
177 - داود بن أبي عاصم عن عثمان بن أبي العاص قال بن المديني هو مرسل
178 - دغفل بن حنظلة النسابة مختلف في صحبته وروى له الترمذي في كتاب الشمائل قال أحمد بن حنبل لا صحبة له وكذلك قال بن عبد البر وأثبتها له بن حبان
حرف الذال
179 - ذر بن عبد الله المرهبي قال أحمد بن حنبل لم يسمع من عبد الرحمن بن أبزي إنما سمع من ابنه سعيد بن عبد الرحمن
180 - ذكوان أبو صالح السمان معروف قال أبو زرعة لم يلق أبا ذر وهو عن أبي بكر وعن عمر وعن علي رضي الله عنهم مرسل
حرف الراء
181 - راشد بن سعد الحمصي قال أحمد بن حنبل لم يسمع من ثوبان وقال أبو زرعة راشد بن سعد عن سعد بن أبي وقاص مرسل
182 - ربعي بن حراش ذكر بن أبي حاتم عن يحيى بن معين أنه سئل هل سمع ربعي من أبي اليسر قلت لا أدري قال الظاهر سماعه منه فإنه تابعي كبير سمع عمر رضي الله عنه وغيره
183 - الربيع بن صبيح ذكره بن المديني فيمن لم يلق أحدا من الصحابة رضي الله عنهم
184 - ربيعة بن سيف أخرج له الترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما حديث من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة ثم قال الترمذي ربيعة إنما يروي عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو ولا نعرف لربيعة سماعا من عبد الله بن عمرو
185 - ربيعة بن عمرو ويقال له بن الحارث ويقال بن الغاز الجرشي مختلف في صحبته وله عن النبي صلى الله عليه و سلم فقيل أنه مرسل وأثبت بن حبان وابن عبد البر كونه صحابيا وذكر بن عبد البر أن له حديثا قال فيه سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
186 - رجاء بن الجلاس قال بن عبد البر ذكره بعض من ألف في الصحابة وحديثه عند عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة عن أم بلح عن أم الجلاس عن أبيها رجاء بن الجلاس أنه سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن الخليفة بعده فقال أبو بكر قال وهذا سند ضعيف لا يشتغل بمثله وذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته
187 - رجاء بن حيوة أحد المشهورين يروي عن معاذ وأبي الدرداء وهو مرسل ذكره شيخنا في التهذيب وقال أحمد بن حنبل لم يلق رجاء بن حيوة ورادا يعني كاتب المغيرة وكذلك ذكر الترمذي عن البخاري وأبي زرعة عقب حديث رجاء عن وراد كاتب المغيرة عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه و سلم مسح أعلى الخف وأسفله قالا ليس بصحيح لأن بن مبارك رواه عن ثور عن رجاء قال حدثت عن كاتب المغيرة
188 - رشيد الهجري وقيل الفارسي مولى بني ربيعة ذكره الصغاني هكذا فيمن اختلف في صحبته وقال بن عبد البر في كتابه
189 - رشدان رجل مجهول ذكره بعضهم في الصحابة الرواة عن النبي صلى الله عليه وسلم
190 - رفيع أبو العالية الرياحي قال شعبة وابن معين أدرك عليا رضي الله عنه ولم يسمع منه وروى شعبة عن عاصم قال قلت لأبي العالية من أكبر من رأيت قال أبو أيوب غير أني لم آخذ منه قلت وهذا عجيب فقد قالت حفصة بنت سيرين قال لي أبو العالية قرأت القرآن على عمر رضي الله عنه ثلاث مرات وفي معجم الطبراني روايته عن زيد بن حارثة وذلك مرسل لا ريب فيه
191 - رقبة بن مصقلة قال الدارقطني لم يسمع من أنس رضي الله عنه شيئا
192 - رقيبة بن عقبية ويقال عقبية بن رقيبة ذكره الصغاني مع من في صحبته نظر
193 - ركب المصري مختلف في صحبته وله حديث واحد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال بن حبان إلا أن إسناده ليس مما يعتمد عليه وقال بن عبد البر أجمعوا على ذكره في الصحابة فعلى هذا ليس حديثه مرسلا
حرف الزاي
194 - الزبرقان بن عمرو أبو أمية الضمري روى عن زيد بن ثابت وأسامة بن زيد ولم يسمع منهما قال المزي في التهذيب
195 - زبيد بن الحارث اليامي مشهور وذكره بن المديني فيمن لم يلق أحدا من الصحابة
196 - زرارة بن أوفى قاضي البصرة روى عن تميم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أول ما يحاسب به المرء من عمله صلاته قال أحمد بن حنبل ما أحسب لقي زرارة تميما تميم كان بالشام وزرارة بصري كان قاضيها وروي عن زرارة عن عمران بن حصين حديث إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها الحديث قال عبد العزيز النخشبي لا نعرف سماع زرارة من عمران وإنما نعرف سماعه من أبي هريرة وروي هذا الحديث عنه عن أبي هريرة وهو الصواب وقال علي بن المديني قلت ليحيى يعني القطان سمع زرارة من بن عباس قال ليس فيها شيء سمعت وسئل هل سمع من عبد الله بن سلام قال ما أراه ولكنه يدخل في المسند وقد سمع زرارة من عمران بن حصين وأبي هريرة وابن عباس قلت هذا يرد قول النخشبي المتقدم ولكن الصواب أن الحديث من مسند أبي هريرة
197 - زرعة بن عبد الله البياضي قال بن أبي حاتم سمعت أبي يسأل عن زرعة بن عبد الله البياضي الذي يروي عنه أبو الحويرث ويروي عن النبي صلى الله عليه و سلم هل له صحبة قال لا أعلم له صحبة
198 - زر بن حبيش قال الدارقطني لم يلق أنس بن مالك ولا يصح له عنه رواية قلت هذا عجيب فإنه تابعي كبير أدرك الجاهلية وروى عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وكبار الصحابة رضي الله عنهم وهذا الكلام عن الدارقطني نقلته من خط الحافظ ضياء الدين
199 - زكريا بن أبي زائدة قال صالح جزرة في روايته عن الشعبي نظر لأن زكريا كان يدلس وقال أبو زرعة يدلس كثيرا عن الشعبي وقد تقدم
200 - زهرة بن معبد أبو عقيل توقف بن أبي حاتم في روايته عن بن عمر وقال لا أدري أسمع منه وروايته عن بن عمر في صحيح البخاري وذلك يقتضي السماع
201 - زهير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم من بات فوق أجار الحديث وعنه أبو عمران الجوني قال أبو حاتم هو مرسل
202 - زهير بن علقمة البجلي ويقال النخعي عن النبي صلى الله عليه و سلم قوله للمرأة التي مات لها ثلاث بنين لقد احتضرت بحضار شديد ويقال إنه مرسل قال البخاري ليست له صحبة قال بن عبد البر وقد ذكره غيره في الصحابة
203 - زهير بن معاوية أحد الحفاظ قال بن أبي حاتم سمعت أبي يقول لم يدرك واصل بن حيان إنما هو عن صالح بن حيان قلت ليس هذا من المرسل بل هو من المعلل بالغلط من اسم رجل إلى آخر
204 - زياد بن جبير بن حية الثقفي له في الصحيحين عن بن عمر وذكر أبو زرعة وأبو حاتم أن حديثه عن سعد بن أبي وقاص مرسل
205 - زياد بن أبي سودة عن عبادة بن الصامت توقف أبو حاتم في سماعه منه وعن ميمونة خادم النبي صلى الله عليه و سلم حديث ابعثوا بزيت يسرح في قناديله عن المسجد الأقصى والصحيح أنه عن أخيه عثمان عن ميمونة
206 - زياد بن علاقة قال أحمد بن حنبل وأبو زرعة لم يسمع من سعد بن أبي وقاص شيئا
207 - زياد بن أبي مريم قال أبو حاتم لم يدخل على أبي موسى الأشعري قط ووهم محمد بن سلمة في هذا الحديث في ذكر الحجامة للصائم
208 - زياد بن ميمون أحد الضعفاء المتروكين روى عن أنس واقر لعبد الرحمن بن مهدي وأبي داود الطيالسي أنه لم يسمع منه ولا فائدة في ذكره هنا لأنه كذاب وضع أحاديث كثيرة وإنما ذكرتها تبعا لابن أبي حاتم
209 - زيادة بن مطرف ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته لم يزد على هذا
210 - زيد بن أرطأة الفزاري أخو عدي عن أبي الدرداء وأبي إمامة رضي الله عنهما وهو مرسل ذكره الحافظ بن عساكر في تاريخه
211 - زيد بن أسلم قال علي بن المديني سئل سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم فقال ما سمع من بن عمر إلا حديثين وقال يحيى بن معين لم يسمع من أبي هريرة وقال علي بن الحسين بن الجنيد زيد بن أسلم عن جابر مرسل وكذلك عن رافع بن خديج وعن أبي هريرة وعائشة أدخل بينه وبين عائشة القعقاع بن حكيم وبينه وبين أبي هريرة عطاء بن يسار قلت روايته عن عائشة في سنن أبي داود وعن أبي هريرة في جامع الترمذي ولكنه قال عقبة لا نعرف له سماعا من أبي هريرة وقال أبو زرعة زيد بن أسلم عن سعد يعني بن أبي وقاص مرسل وعن أبي أمامة ليس بشيء وهو مرسل وعن زياد أو عبد الله بن زياد عن علي مرسل وقال أبو حاتم زيد بن أسلم عن أبي سعيد مرسل يدخل بينهما عطاء بن يسار
212 - زيد بن جدعان والد علي عن علي رضي الله عنه قال أبو زرعة مرسل
213 - زيد بن الحواري العمي قال أبو حاتم لم يلق مرة الهمداني
214 - زيد بن خريم قال الصغاني اختلف في صحبته وفيها نظر
215 - زيد بن شراحة قال أبو حاتم هو تابعي وليست له صحبة
216 - زيد بن علي عن علي رضي الله عنه قال أبو زرعة مرسل
217 - زيد بن المهاجر بن قنفذ عن عمر رضي الله عنه قال أبو زرعة مرسل
حرف السين
218 - سالم بن أبي الجعد الكوفي مشهور كثير الإرسال عن كبار الصحابة كعمر وعلي وعائشة وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم قال بن المديني لم يلق بن مسعود ولم يلق عائشة وقال أبو زرعة سالم بن أبي الجعد عن عمر وعثمان وعلي مرسل وقال أحمد بن حنبل لم يلق ثوبان بينهما معدان بن أبي طلحة وسئل بن معين عن سالم بن أبي الجعد عن كعب بن مرة البهري فقال هو مرسل قد أدخل شعبة بينهما شرحبيل بن السمط وقال أبو داود لم يسمع سالم بن أبي الجعد من شرحبيل بن السمط وقال غيره لم يسمع من أم سلمة وقال أبو حاتم سالم بن أبي الجعد أدرك أبا أمامة ولم يدرك عمرو بن عنبسة ويحدث هذا الحديث في المعتق عن رجل عن عمرو بن عنبسة ولم يدرك أبا الدرداء ولم يدرك ثوبان وحكى الترمذي في العلل عن البخاري أنه قال سالم بن أبي الجعد لم يسمع من أبي أمامة ولا ثوبان وسمع من جابر وأنس بن مالك رضي الله عنهم وروى سالم بن أبي الجعد عن جابان عن عبد الله بن عمرو حديث لا يدخل الجنة منان وقيل أنه سالم عن نبيط عن جابان
219 - سالم بن عبد الله بن عمر ذكر أبو زرعة أن حديثه عن أبي بكر الصديق وعن جده عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مرسل وهذا لا ريب فيه وذكره بن المديني في جماعة قال لا يثبت لهم لقاء زيد بن ثابت رضي الله عنه وذكر المزي أنه اختلف في سماعه من أبي لبابة بن عبد البر
220 - سالم بن وابصة ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته
221 - سالم أبو النضر وهو بن أبي أمية المدني قال أبو حاتم سالم أبو النضر عن عثمان بن أبي العاص مرسل بينهما جماعة وذكر في التهذيب أن روايته عن أنس بن مالك وعبد الله بن أبي أوفى مكاتبة يعني لم يلقهما
222 - السائب بن مالك والد عطاء قال أبو حاتم ليست له صحبة وهذا ظاهر
223 - سراقة بن سراقة ذكره الصغاني ممن في صحبته نظر ولم أر غيره ذكره
224 - سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف روى عن عبد الله بن جعفر وأنس وغيرهما قال فيه بن المديني لم يلق أحدا من الصحابة فقيل له سمع من عبد الله بن جعفر فقال ليس فيه سماع
225 - سعد بن الأخرم قال بن عبد البر مختلف في صحبته ومختلف في حديثه روى عيسى بن يونس عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن المغيرة بن سعد بن الأخرم عن أبيه أو عمه فذكر لقاء النبي صلى الله عليه و سلم بعرفة الحديث وأما بن حبان فإنه أثبت له الصحبة والسماع وأخرج له الترمذي عن بن مسعود رضي الله عنه
226 - سعد بن البختري ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته
227 - سعد بن عياض الثمالي قال أبو حاتم هو تابعي من أصحاب بن مسعود وقال بن عبد البر حديثه مرسل ولا تصح له صحبة بل هو تابعي
228 - سعد بن مسعود قال بن أبي حاتم قلت لأبي روى عبد الرحمن بن زياد الأفريقي عن سعد بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم فقال سعد بن مسعود تابعي وقال بن المديني سعد بن مسعود يروي عن سلمان ولم يلقه
229 - سعد مولى قدامة بن مظعون قال بن عبد البر وغيره في صحبته نظر
230 - سعيد بن أشوع قال الترمذي لم يدرك يزيد بن سلمة الجعفي
231 - سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال أبو حاتم لم يسمع من جده شيئا ولا من بن عمر إنما يحدث عن أبيه عن بن عمر رضي الله عنه
232 - سعيد بن بشير قال بن أبي حاتم سألت أبي عن سعيد بن بشير عن الحكم بن عتيبة قال لم يدرك سعيد الحكم
233 - سعيد بن جبير سئل أحمد بن حنبل عما روى سعيد بن جبير عن عائشة رضي الله عنها فقال لا أراه سمع منها عن الثقة عن عائشة وقال أبو حاتم لم يسمع منها وقال أبو زرعة سعيد بن جبير عن علي رضي الله عنه مرسل
234 - سعيد بن العاص بن سعيد الأموي أدرك النبي صلى الله عليه و سلم وروى عنه وقيل أنه مرسل لم يسمع منه قاله الحافظ بن عساكر وأثبت له أبو حاتم وابن عبد البر وغيرهما الصحبة والله أعلم
235 - سعيد بن عامر لم يدرك قابوس بن أبي ظبيان قاله الحافظ الخطيب
236 - سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي قيل أنه روى عن واثلة بن الأسقع وفيه نظر وقال أبو زرعة سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن عثمان رضي الله عنه مرسل
237 - سعيد بن عبد الرحمن بن جحش عن علي رضي الله عنه قال أبو زرعة مرسل وعن بن عمر والسائب بن يزيد وفيه خلاف ذكره في التهذيب
238 - سعيد بن عبد العزيز قال الإمام أحمد لا أعلمه روى عن عمرو بن دينار شيئا وقد روى عن سعيد عن عمرو عن بن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال إني إمام قومي وإن بي الباسور الحديث
239 - سعيد بن عروبة تقدم أنه مشهور بالتدليس وكان أيضا كثير الإرسال قال علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول لم يسمع بن أبي عروبة من يحيى بن سعيد الأنصاري ولا من عبيد الله بن عمر ولا من هشام بن عروة ولا من حماد يعني بن أبي سليمان ولا من عمرو بن دينار قال قلت فأبو معشر قال لا ولا حرف علمته وقال أحمد بن حنبل لم يسمع بن أبي عروبة من الحكم بن عتيبة شيئا ولا من حماد ولا من عمرو بن دينار ولا من هشام بن عروة ولا من عمرو بن أبي سلمة ولا من إسماعيل بن أبي خالد ولا من عبيد الله بن عمر ولا من أبي بشر يعني جعفر بن أبي وحشية ولا من أبي عقيل ولا من زيد بن أسلم ولا من أبي الزناد قال وقد حدث عن هؤلاء كلهم ولم يسمع منهم وقال أيضا أنه لم يسمع من عبد الله بن ذكوان يعني أبا الزناد ولا من الأعمش وذكر علي بن المديني بعض هؤلاء كذلك أيضا وقال عمرو بن علي لم يسمع سعد بن أبي عروبة من يحيى بن أبي كثير ولا من أبي حصين ولا من إسماعيل بن أبي خالد وذكر بعض من تقدم قال وكنت أخاف أن لا يكون سمع من عاصم بن بهدلة حتى سمعت يحيى يقول ثنا بن أبي عروبة قال ثنا عاصم بن بهدلة فذكر حديثا وقال يحيى بن معين لم يسمع بن أبي عروبة من أبي جرير شيئا وقال أبو حاتم لم يدرك الحكم بن عتيبة وقال النسائي حدث عن عمرو بن دينار وزيد بن أسلم والحكم وغيرهم ولم يسمع منهم
240 - سعيد بن عمرو بن أشوع عن يزيد بن سلمة الجعفي قيل أنه لم يسمع منه وهو مرسل حكاه في التهذيب في ترجمة يزيد بن سلمة
241 - سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص روى عن عمر رضي الله عنه وذلك مرسل قاله غير واحد وأثبت له أبو أحمد الحاكم السماع منه وقال بن عساكر هو وهم
242 - سعيد بن فيروز أبو البختري الطائي كثير الإرسال عن عمر وعلي وابن مسعود وحذيفة وغيرهم رضي الله عنهم قال شعبة كان أبو إسحاق يعني السبيعي أكبر من أبي البختري ولم يدرك أبو البختري عليا ولم يره وكذلك قال البخاري وأبو زرعة وغيرهما وقال البخاري أيضا لم يدرك أبو البختري سلمان رضي الله عنه وقال أبو حاتم لم يدرك أبا ذر ولا زيد بن ثابت ولا رافع بن خديج ولا أبا سعيد الخدري ولم يلق سلمان قال وقول أبي البختري أنهم حاصروا نهاوند يعني أن المسلمين حاصروا وأبو البختري عن عائشة مرسل
243 - سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبري روى عبد الرحمن بن كيسان عنه عن أبي هريرة حديث إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها الحديث قال عبد الرحمن فنظرت فإذا سعيد لم يسمعه من أبي هريرة وقال بن المديني حديث عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد قال سمعت أبا هريرة وهم وأخاف أن لا يكون حفظه قلت تقدم أن سعيدا المقبري سمع من أبي هريرة ومن أبيه عن أبي هريرة وأنه اختلف عليه في أحاديث وقالوا أنه اختلط قبل موته وأثبت الناس فيه الليث بن سعد يميز ما روى عن أبي هريرة مما روى عن أبيه عنه وتقدم أن ما كان من حديثه مرسلا عن أبي هريرة فإنه لا يضر لأن أباه الواسطة
244 - سعيد بن المسيب أحد الأئمة الكبار المحتج بمراسيلهم ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر رضي الله عنه قال أبو حاتم لا يصح له سماع منه إلا رؤية رآه على المنبر ينعي النعمان بن مقرن رضي الله عنه قلت حديثه عن عمر رضي الله عنه في السنن الأربعة وعن أبي بكر رضي الله عنه في سنن بن ماجة وأرسل أيضا عن أبي بن كعب وأبي ذر وغيرهما وفي سنن أبي داود والنسائي روايته عن سعد بن عبادة رضي الله عنه ولم يدركه قال يحيى القطان سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله عنه مرسل يدخل في المسند على المجاز وقال مالك لم يسمع سعيد بن المسيب من زيد بن ثابت وقال يحيى القطان لا يصح له سماع من عبد الرحمن بن أبي ليلى وقال الترمذي لا نعرف له عن أنس حديثا وقال أبو حاتم سعيد بن المسيب عن عائشة رضي الله عنها إن كان شيئا من وراء الستر قلت حديثه عنها في الصحيحين وقد تقدم بيان الاحتجاج بمراسيله والله سبحانه وتعالى أعلم
245 - سعيد بن أبي هلال الليثي المصري عن جابر رضي الله عنه وهو مرسل قاله الترمذي وغيره وقال أبو حاتم لم يدرك أبا سلمة بن عبد الرحمن
246 - سعيد بن أبي هند قال أبو حاتم لم يلق أبا موسى الأشعري ولا أبا هريرة وسئل أبو زرعة عن سعيد بن أبي هند عن علي رضي الله عنه فقال هو مرسل
247 - سعيد بن يزيد قال بن أبي حاتم سمعت أبي يقول سعيد بن يزيد الذي يحدث أبو الخير عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال أوصني قال أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي رجلا صالحا من قومك كنا لا ندري له صحبة أم لا فروي عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن سعيد بن يزيد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم بهذا الحديث بعينه قال فدلنا على أن لا صحبة له
248 - سعيد بن زيد وقيل بن يزيد الأزدي ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته وجزم بن عبد البر بصحبته وسماعه وقال روى عنه محمد بن سيرين
249 - سفيان بن سعيد الثوري الإمام المشهور تقدم أنه يدلس ولكن ليس بالكثير من ذلك ما روي عن القاسم بن عبد الرحمن أن عمر صلى بالناس وهو جنب قال أحمد بن حنبل لم يسمع من القاسم بن عبد الرحمن إنما روى عن أشعث بن سوار عنه وروى عن محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة عن عمر رضي الله عنه قال يتزوج العبد اثنين وطلاقه اثنتان قال أحمد أيضا لم يسمعه الثوري من محمد بن عبد الرحمن وروى سفيان الثوري عن أبي معشر عن إبراهيم عن الأسود عن بلال أنه كان أذانه وإقامته مرتين قال الدارقطني لم يسمعه الثوري من أبي معشر وقال عبد الرحمن بن مهدي سألت سفيان عن حديث عمرو بن مرة عن أبي عبيدة في الوتر لأهل القرآن قال لم أسمعه قال وسئل عن حديث عمرو بن مرة كان يعز على عبد الله أن يتكلم بعد طلوع الفجر قال حدثني رجل عن عمرو بن مرة وقال أبو نعيم الملائي حديث سفيان عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء قنت النبي صلى الله عليه و سلم في الصبح لم يسمعه سفيان من عمرو دلسه كذا وجدت هذين والظاهر أن المراد بسفيان فيهما الثوري
250 - سفيان بن عيينة الإمام المشهور مكثر من التدليس لكن عن الثقات كما تقدم قال أحمد بن حنبل ثنا سفيان قال ذكروا عن آدم بن علي وقد رأيته ولم أسمع منه وقال أبو زرعة سفيان بن عيينة لم يلق عبيد الله بن أبي بكر بن أنس إنما يروي عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم وقال الدارقطني لم يسمع سفيان من بهز بن حكيم شيئا ومن تدليسه ما رواه عن عبد الملك بن عمير عن ربعي عن حذيفة رضي الله عنه حديث اقتدوا باللذين من بعدي وإنما سمعه من زائدة عن عبد الملك كما جاء عنه في رواية
251 - سفيان بن هاني بن جبر أبو سالم الجيشاني ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته وهو تابعي سمع من علي وأبي ذر رضي الله عنهما ومن غيرهما وأظن روايته عن أبي ذر مرسلة لأنه مصري وفد على علي رضي الله عنه في خلافته وأبو ذر مات في خلافة عثمان رضي الله عنهما
252 - السفر بن نسير الأزدي قال بن أبي حاتم سألت أبي عنه هل سمع من أبي الدرداء قال لا قلت فإن أبا المغيرة روى عن عمر بن عبد الله الأخموشي عن السفر بن نسير أنه سمع أبا الدرداء فقال هذا وهم
253 - سلمان بن ثمامة الجعفي قال الصغاني في صحبته نظر
254 - سلمة بن تمام الشقري أبو عبد الله الكوفي قال علي بن المديني قلت ليحيى بن سعيد حديث حماد بن زيد عن أبي عبد الله الشقري عن إبراهيم في العبد يتسرى قال بينه وبين إبراهيم ثلاثة أي لم يسمعه من إبراهيم قلت قد روى عن إبراهيم غير هذا وكأنه مدلس فينبغي أن يذكر في المدلسين
255 - سلمة بن دينار أبو حاتم الأعرج روى عن أبي هريرة وقال يحيى الوحاظي سألت بن أبي حاتم سمع أبوك من أبي هريرة فقال من حدثك أن أبي سمع واحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم غير سهل بن سعد فلا تصدقه قلت وجاء بسند غريب رواه بن عقدة عن أبي حازم في قصته مع عمر بن عبد العزيز أنه قال سمعت أبا هريرة ولا يصح والله أعلم
256 - السليل الأشجعي وعنه أبو المليح ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته
257 - سليمان بن طرخان التيمي أحد حفاظ التابعين قال أبو زرعة لم يسمع من عكرمة شيئا وقال أبو حاتم لا أعلم التيمي سمع من سعيد بن المسيب شيئا وقال أبو أحمد بن عدي لا نحفظ له عن حميد الطويل شيئا وروى سليمان التيمي عن الحسن أن بن عباس عرف بالبصرة قال يحيى بن سعيد لم يسمعه التيمي من الحسن إنما رواه التيمي عن أبي بكر الهذلي قلت وهو معروف من غير حديث التيمي رواه شعبة عن قتادة عن الحسن وسليمان التيمي عن عبيد مولى النبي صلى الله عليه و سلم قال بن عبد البر لم يسمع منه بينهما رجل
258 - سليمان بن مهران الأعمش الإمام مشهور بالتدليس مكثر منه ذكر الترمذي أنه لم يسمع من أحد الصحابة وقد روى عن أنس وابن أبي أوفى وقال علي بن المديني لم يسمع من أنس إنما رآه رؤية بمكة يصلي خلف المقام فأما طرق الأعمش عن أنس فإنما يرويها عن يزيد الرقاشي عن أنس وقال بن معين كل ما روى الأعمش عن أنس فهو مرسل وقال أبو الحسين بن المنادي رأى أبا بكرة الثقفي وأخذ له بركابه وهذا غير صحيح فإن أبا بكرة مات قبل أن يولد الأعمش قلت روينا في جزء العيسوي من طريق أبي جعفر بن البختري قال ثنا
أحمد بن عبد الجبار العطاردي ثنا بن فضيل عن الأعمش قال رأيت أنسا رضي الله عنه بال فغسل ذكره غسلا شديدا ثم توضأ ومسح على خفيه فصلى بنا وحدثنا في بيته وهذا حديث شاذ وأحمد العطاردي متكلم فيه وإن قال الدارقطني فيه لا بأس به فلا يحتمل منه التفرد بهذا وذكر علي بن المديني أصحاب عبد الله بن مسعود الذين يفتى بقولهم ستة علقمة والأسود ومسروق وعبيدة وعمرو بن شرحبيل والحارث يعني الهمداني ثم قال ولم يلق الأعمش من هؤلاء أحدا وقال البخاري الأعمش عن أنس مرسل وعن بن عمر أيضا كلاهما مرسل وقال أيضا الأعمش لم يسمع من بن بريدة وقال أبو حاتم لم يسمع الأعمش من بن أبي أوفى ولا من أبي صالح مولى أم هانئ قيل له بن أبي طيبة يحدث عن الأعمش عن أبي صالح مولى أم هانئ فقال هذا مدلس عن الكلبي قال ولم يسمع من مصعب بن سعد شيئا ولم يلق مطرفا يعني بن الشخير ولا من الربيع بن خيثم شيئا إنما هو مرسل والأعمش عن هشام بن الحارث أيضا مرسل بينهما إبراهيم يعني النخعي وسئل أبو حاتم عن الأعمش عن عبد الرحمن أظنه بن يزيد فقال قد روى عنه ولم يسمع منه قال أبو زرعة لم يسمع الأعمش من عكرمة شيئا ولا من بن سيرين ولا من سالم بن عبد الله وقال أحمد بن حنبل الأعمش لم يسمع من شمر بن عطية وقال بن المديني إنما سمع الأعمش من سعيد بن جبير أربعة أحاديث قال صلى بنا بن عباس على طبقته وحديث أبي موسى ما أحد أصبر على أذى من الله وقول بن عباس الوتر بسبع أو خمس وقول سعيد بن جبير ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر وقال الترمذي قلت لمحمد يعني البخاري يقولون لم يسمع الأعمش من مجاهد إلا أربعة أحاديث فقال ريح ليس بشيء لقد عددت له أحاديث كثيرة نحو من ثلاثين أو أقل أو أكثر يقول فيها حدثنا مجاهد وقال بن المديني الأعمش عن نافع يعني مولى بن عمر شيء لا يقبله القلب ليس هذا بشيء ذكره حنبل عنه وروى الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله كنا لا نتوضأ من موطأ قال الإمام أحمد كان الأعمش يدلس هذا الحديث لم يسمعه من أبي وائل قال مهنا قلت له وعمن هو قال كان الأعمش يرويه عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن أبي وائل فطرح الحسن بن عمرو وجعله عن أبي وائل ولم يسمعه منه وقال سفيان الثوري لم يسمع الأعمش حديث إبراهيم في الوضوء من القهقهة منه وروى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة حديث الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن قال يحيى بن معين لم يسمع الأعمش هذا الحديث من أبي صالح
259 - سليمان بن موسى الدمشقي الأشدق روى عن جابر وأبي إمامة ومالك بن يخامر السكسكي وذلك مرسل ذكره شيخنا المزي في التهذيب وذكر روايته عن واثلة بن الأسقع ولم يقل هو مرسل وقد روى سليمان بن موسى عن أبي سيارة المتعي الحديث في ركوة العسل قال البخاري هو مرسل لم يدرك سليمان أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ذكره الترمذي عنه في العلل وقال الغلابي لم يدرك سليمان بن موسى أبا سيارة ولا كثير بن مرة ولا عبد الرحمن بن غنم ووجدت بخط الحافظ ضياء الدين بعد ذكره سليمان هذا
260 - سليمان بن موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم مرسل قال أحمد معناه قلت والظاهر أن هذا هو الأول وليسا اثنين والله عز و جل أعلم
261 - سليمان بن أبي هند روى محمد بن جحادة عنه عن خباب رضي الله عنه حديث شكونا إلى النبي صلى الله عليه و سلم شدة الحر قال يحيى بن معين هو مرسل
262 - سليمان بن يزيد أبو المثنى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها في الضحايا قال البخاري هو مرسل لم يسمع أبو المثنى من هشام بن عروة حكاه عنه الترمذي في كتاب العلل
263 - سليمان بن يسار أحد كبار التابعين سمع من جماعة من الصحابة منهم زيد بن ثابت وعائشة وأبو هريرة وميمونة مولاته وأم سلمة وابن عباس والمقداد بن الأسود ورافع بن خديج وجابر رضي الله عنهم وأرسل عن جماعة منهم عمر رضي الله عنه قاله أبو زرعة وسلمة بن صخر البياضي قال البخاري لم يسمع منه وعبد الله بن حذافة قال يحيى بن معين لم يسمع منه وقال الأثرم قلت لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل حديث سفيان عن أبي النضر عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن حذافة في أيام التشريق أسنده سفيان وقال مالك إن النبي صلى الله عليه و سلم بعث عبد الله بن حذافة فقال نعم مرسل وسليمان بن يسار لم يدرك عبد الله بن حذافة وهم كانوا يتساهلون بين عن عبد الله بن حذافة وبين أن النبي صلى الله عليه و سلم بعث عبد الله بن حذافة وهو مرسل قال وقلت لأبي عبد الله وحديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه و سلم بعثه يخطب ميمونة قاله مالك وقال مطر عن أبي رافع فقال نعم وذاك أيضا قلت تقدم عن أحمد بن حنبل أن أن لا يقتضي الاتصال بخلاف عن وهذان من ذاك والله أعلم
264 - سليم بن عامر الخبايري قال أبو حاتم لم يدرك عمرو بن عنبسة ولا المقداد بن الأسود قلت حديثه عن المقداد في صحيح مسلم وكأنه على مذهبه وذكر بن أبي حاتم أنه لم يلق عون بن مالك وروايته عنه مرسلة
265 - سماك بن حرب قال عبد الله بن أحمد سألت أبي سماك بن حرب سمع من عبد الله بن خباب قال لا وكان شعبة ينكر حديث سماك بن حرب عن مصعب بن سعد كنت مسندا أبي إلى صدري وسئل أبو زرعة عن سماك بن حرب هل سمع من مسروق شيئا قال لا
266 - سميط البجلي ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته ولم أعرفه
267 - سنان بن سلمة بن المحبق له عن النبي صلى الله عليه و سلم في سنن النسائي ولم يسمع منه بل ولد في حياة النبي صلى الله عليه و سلم قال أبو زرعة وغيره وقيل أن النبي صلى الله عليه و سلم هو الذي سماه سنانا والله أعلم
268 - سهيل بن عمرو قال بن أبي حاتم سألت أبي عن سهيل بن عمرو فقال ليست له صحبة قلت أحمد بن سنان أدخله في مسنده قال ليست له صحبة قلت هذا غير سهيل بن عمرو العامري أحد الأشراف من قريش وصحبته مشهورة وأظنه أيضا غير سهيل بن عمرو بن أبي عمرو الأنصاري الذي قتل مع علي رضي الله عنه بصفين ذكره الكلبي فيمن شهد صفين من أهل بدر والله أعلم
269 - سوار ذكره بن المديني فيمن لم يلق أحدا من الصحابة ولم ينسبه وأظنه سوار بن داود المزني يروي عن طاوس وعطاء وغيرهما
270 - سويد بن إبراهيم أبو حاتم قال يحيى بن سعيد كانوا قالوا لي إن سويدا أبا حاتم سمع من أبي المليح في بيض النعام فسألته فقال لم أسمعه يحدثني زياد بن أبي المليح
271 - سويد بن جبلة قال بن أبي حاتم سألت أبي عن سويد بن جبلة الذي يروي عن النبي صلى الله عليه و سلم حديثين قال ليست له صحبة إنما يروي عن العرباض بن سارية قلت فإن أبا زرعة الدمشقي أدخله في المسند قال هو لم يبلغ هذا
272 - سويد بن عامر ذكره الصغاني فيمن في صحبته نظر وجزم بن عبد البر بها وقال روى عنه مجمع بن يحيى وهو أحد عمومته حديثه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال بلوا أرحامكم ولو بالسلام
273 - سلامة بن قيصر الحضرمي مختلف في صحبته روى حديثه بن لهيعة عن زبان بن خالد عن لهيعة بن عقبة عن عمرو بن ربيعة عن سلامة بن قيصر قال سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول من صام يوما ابتغاء وجه الله الحديث قال أبو زرعة ليست له صحبة وروى عن أبي هريرة وعنه عمرو بن ربيعة وقال أبو حاتم ليس حديثه من وجه يصحح صحبته قلت بن لهيعة معروف وزبان ضعيف أيضا
أقسام الكتاب
1 2