كتاب:متن بداية المبتدي في فقه الإمام أبي حنيفة
المؤلف:برهان الدين علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المرغيناني

المبتدى في فقه الإمام أبي حنيفة

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الطهارة
قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم }الآية ففرض الطهارة غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس والمرفقان والكعبان يدخلان في الغسل والمفروض في مسح الرأس مقدار الناصية وهو ربع الرأس
وسنن الطهارة غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء إذا استيقظ المتوضىء من نومه وتسمية الله تعالى في ابتداء الوضوء والسواك والمضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين وتخليل اللحية وتخليل الأصابع وتكرار الغسل إلى الثلاث
ويستحب للمتوضىء أن ينوي الطهارة ويستوعب رأسه بالمسح ويرتب الوضوء فيبدأ بما بدأ الله تعالى بذكره وبالميامن
فصل في نواقض الوضوء
المعاني الناقضة للوضوء كل ما يخرج من السبيلين والدم والقيح إذا خرجا من البدن فتجاوزا الى موضع يلحقه حكم التطهير والقيء ملء الفم وهذا إذا قاء مرة أو طعاما أو ماء فان قاء بلغما فغير ناقض ولو قاء دما وهو علق يعتبر فيه ملء الفم لأنه سوداء محترقة ولو نزل إلى مالان من الأنف نقض بالاتفاق والنوم مضطجعا أو متكئا أو مستندا إلى شيء لو أزيل لسقط والغلبة على العقل بالاغماء والجنون والقهقهة في كل صلاة ذات ركوع وسجود والدابة تخرج من الدبر ناقضة فان خرجت من رأس الجرح أو سقط اللحم لا تنقض فان قشرتنفطة فسال منها ماء أو صديد أو غيره إن سال عن رأس الجرح نقض وإن لم يسل لا ينقض
فصل في الغسل
وفرض الغسل المضمضة والاستنشاق وغسل سائر البدن
وسننه أن يبدأ المغتسل فيغسل يديه وفرجه ويزيل نجاسة إن كانت على بدنه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة إلا رجليه ثم يفيض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثا ثم يتنحى عن ذلك المكان فيغسل رجليه وليس على المرأة أن تنقض ضفائرها في الغسل إذا بلغ الماء أصول الشعر
والمعاني الموجبة للغسل أنزل المني على وجه الدفق والشهوة من الرجل والمرأة حالة النوم واليقظة والتقاء الختانين من غير إنزال والحيض والنفاس
وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم الغسل للجمعة والعيدين وعرفة والاحرام وليس في المذي والودى غسل وفيهما الوضوء
 باب الماء الذي يجوز به الوضوء وما لا يجوز
الطهارة من الاحداث جائزة بماء السماء والأودية والعيون والآبار والبحار ولا يجوز بما اعتصر من الشجر والثمر ولا يجوز بماء غلب عليه غيره فأخرجه عن طبع الماء كالأشربة والخل وماء الباقلا والمرق وماء الورد وماء الزردج وتجوز الطهارة بماء خالطه شيء طاهر فغير أحد أوصافه كماء المد والماء الذي اختلط به اللبن أو الزعفران أو الصابون أو الاشنان فان تغير بالطبخ بعد ما خلط به غيره لا يجوز التوضىء به
وكل ماء وقعت فيه النجاسة لم يجز الوضوء به قليلا كانت النجاسة أو كثيرا والماء الجاري إذا وقعت فيه نجاسة جاز الوضوء منه إذا لم ير لها أثر لأنها لا تستقرمع جريان الماء والغدير العظيم الذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر إذا وقعت نجاسة في أحد جانبيه جاز الوضوء من الجانب الآخر لأن الظاهر أن النجاسة لا تصل اليه
وموت ما ليس له نفس سائلة في الماء لا ينجسه كالبق والذباب والزنابير والعقرب ونحوها وموت ما يعيش في الماء فيه لا يفسده كالسمك والضفدع والسرطان والماء المستعمل لا يجوز استعماله في طهارة الاحداث والماء المستعمل هو ماء أزيل به حدث أو استعمل في البدن على وجه القربة
وكل أهاب دبغ فقد طهر وجازت الصلاة فيه والوضوء منه إلا جلد الخنزير والآدمي وشعر الميتة وعظمها طاهر وشعر الانسان وعظمه طاهر
فصل في البئر
وإذا وقعت في البئر نجاسة نزحت وكان نزح ما فيها من الماء طهارة لها فان وقعت فيها بعرة أو بعرتان من بقر الابل أو الغنم لم تفسد الماء فان وقع فيها خرء الحمام أو العصفور لا يفسده فان بالت فيها شاة نزح الماء كله عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله لا ينزح إلا إذا غلب على الماء فيخرج من أن يكون طهورا وإن ماتت فيها فأرة أو عصفورة أو صعوة أو سودانية أو سام أبرص نزح منها ما بين عشرين دلوا الى ثلاثين بحسب كبر الدلو وصغرها فان ماتت فيها حمامة أو نحوها كالدجاجة والسنور نزح منها ما بين أربعين دلوا الى ستين وفي الجامع الصغير أربعون أو خمسون وان ماتت فيها شاة أو آدمي أو كلب نزح جميع ما فيها من الماء فان انتفخ الحيوان فيها أو تفسخ نزح جميع ما فيها صغر الحيوان أو كبر وإن كانت البئر معينا لا يمكن نزحها أخرجوا مقدار ما كان فيها من الماء وإن وجدوا في البئر فأرة أو غيرها ولا يدري متى وقعت ولم تنتفخ ولم تتفسخ أعادوا صلاة يوم وليلة إذا كانوا توضؤا منهاوغسلوا كل شيء أصابه ماؤها وإن كانت قد انتفخت أو تفسخت أعادوا صلاة ثلاثة أيام ولياليها وهذا عند أبي حنيفة وقالا ليس عليهم إعادة شيء حتى يتحققوا متى وقعت
فصل في الأسآر وغيرها
وعرق كل شيء معتبر بسؤره وسؤر الآدمي وما يؤكل لحمه طاهر وسؤر الخنزير نجس وسؤر سباع البهائم نجس وسؤر الهرة طاهر مكروه والدجاجة المخلاة وسباع الطير وما يسكن البيوت كالحية والفأرة مكروه وسؤر الحمار والبغل مشكوك فيه فان لم يجد غيرهما يتوضأ بهما ويتيمم ويجوز أيهما قدم وسؤر الفرس طاهر عندهما وكذا عنده في الصحيح فان لم يجد إلا نبيذ التمر قال أبو حنيفة رحمه الله يتوضأ به ولا يتيمم
 باب التيمم
ومن لم يجد ماء وهو مسافر أو خارج المصر بينه وبين المصر نحو ميل أو أكثر يتيمم بالصعيد ولو كان يجد الماء إلا أنه مريض يخاف ان استعمل الماء اشتد مرضه يتيمم ولو خاف الجنب ان اغتسل أن يقتله البرد أو يمرضه يتيمم بالصعيد والتيمم ضربتان يمسح باحداهما وجهه وبالأخرى يديه الى المرفقين والحدث والجنابة فيه سواء ويجوز التيمم عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى بكل ما كان من جنس الأرض كالتراب والرمل والحجر والجص والنورة والكحل والزرنيخ وقال أبو يوسف لا يجوز إلا بالتراب والرمل ثم لا يشترط أن يكون عليه غبار عند أبي حنيفة رحمه الله وكذا يجوز بالغبار مع القدرة على الصعيد عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله
والنية فرض في التيمم ثم إذا نوى الطهارة أو استباحة الصلاة اجزأه ولا يشترط نية التيمم للحدث أو للجنابة فان تيمم نصراني يريد به الاسلام ثمأسلم لم يكن متيمما عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف رحمه الله هو متيمم وإن توضأ لا يريد به الإسلام ثم أسلم فهو متوضى فان تيمم مسلم ثم ارتد والعياذ بالله ثم أسلم فهو على تيممه
وينقض التيمم كل شيء ينقض الوضوء وينقضه أيضا رؤية الماء إذا أقدر على استعماله ولا يتيمم إلا بصعيد طاهر ويستحب لعادم الماء وهو يرجوه أن يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت فإن وجد الماء توضأ وإلا تيمم وصلى
ويصلى بتيممه ما شاء من الفرائض والنوافل ويتيمم الصحيح في المصر إذا حضرت جنازة والولي غيره فخاف أن اشتغل بالطهارة أن تفوته الصلاة وكذا من حضر العيد فخاف إن اشتغل بالطهارة أن يفوته العيد يتيمم وإن أحدث الإمام أو المقتدى في صلاة العيد تيمم وبنى عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقالا لا يتيمم
ولا يتيمم للجمعة وإن خاف الفوت لو توضأ فإن أدرك الجمعة صلاها وإلا صلى الظهر أربعا وكذا إذا خاف فوت الوقت لو توضأ لم يتيمم ويتوضأ ويقضي ما فاته والمسافر إذا نسي الماء في رحله فتيمم وصلى ثم ذكر الماء لم يعدها عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يعيدها
وليس على المتيمم طلب الماء إذا لم يغلب على ظنه أن بقربه ماء وإن غلب على ظنه أن هناك ماء لم يجز له أن يتيمم حتى يطلبه وإن كان مع رفيقه ماء طلب منه قبل أن يتيمم ولو تيمم قبل الطلب أجزأه عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو أبى أن يعطيه إلا بثمن المثل وعنده ثمنه لا يجزئه التيمم
 باب المسح على الخفين
المسح على الخفين جائز بالسنة ويجوز من كل حدث موجب للضوء إذا لبسهما على طهارة كاملة ثم أحدث ويجوز للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيامولياليها وابتداؤها عقب الحدث والمسح على ظاهرهما خطوطا بالأصابع يبدأ من قبل الأصابع إلى الساق وفرض ذلك مقدار ثلاث أصابع من أصابع اليد
ولا يجوز المسح على خف فيه خرق كبير يبين منه قدر ثلاث أصابع من أصابع الرجل فإن كان أقل من ذلك جاز ولا يجوز المسح لمن وجب عليه الغسل
وينقض المسح كل شيء ينقض الوضوء وينقضه أيضا نزع الخف وكذا نزع أحدهما وكذا مضي المدة وإذا تمت المدة نزع خفيه وغسل رجليه وصلى وليس عليه إعادة بقية الوضوء ومن ابتدأ المسح وهو مقيم فسافر قبل تمام يوم وليلة مسح ثلاثة أيام ولياليها ولو أقام وهو مسافر إن استكمل مدة الإقامة نزع وإن لم يستكمل أتمها ومن لبس الجرموق فوق الخف مسح عليه ولا يجوز المسح على الجوربين عند أبي حنيفة إلا أن يكونا مجلدين أو منعلين وقالا يجوز إذا كانا ثخينين لا يشفان ولا يجوز المسح على العمامة والقلنسوة والبرقع والقفازين ويجوز المسح على الجبائر وإن شدها على غير وضوء وإن سقطت الجبيرة عن غير برء لا يبطل المسح وإن سقطت عن برء بطل
 باب الحيض والاستحاضة
أقل الحيض ثلاثة أيام ولياليها وما نقص من ذلك فهو استحاضة وأكثره عشرة أيام ولياليها والزائد استحاضة وما تراه المرأة من الحمرة والصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض وقال أبو يوسف رحمه الله لا تكون الكدرة حيضا إلا بعد الدم والحيض يسقط عن الحائض الصلاة ويحرم عليها الصوم وتقضى الصوم ولا تقضي الصلاة ولا تدخل المسجد ولا تطوف بالبيت ولا يأتيها زوجها وليس للحائض والجنب والنفساء قراءة القرآن وليس لهم مس المصحف إلا بغلافه ولا أخذ درهم فيه سورة من القرآن إلا بصرته وكذا المحدث لا يمس المصحف إلا بغلافه
وإذا انقطع دم الحيض لأقل من عشرة أيام لم يحل وطؤها حتى تغتسل ولو لم تغتسل ومضى عليها أدنى وقت الصلاة بقدر أن تقدر على الاغتسال والتحريمة حل وطؤها ولو كان انقطع الدم دون عادتها فوق الثلاث لم يقربها حتى تمضي عادتها وإن اغتسلت وإن انقطع الدم لعشرة أيام حل وطؤها قبل الغسل والطهر إذا تخلل بين الدمين في مدة الحيض فهو كالدم المتوالي وأقل الطهر خمسة عشر يوما ولا غاية لأكثره
ودم الاستحاضة كالرعاف الدائم لا يمنع الصوم ولا الصلاة ولا الوطء ولو زاد الدم على عشرة أيام ولها عادة معروفة دونها ردت إلى أيام عادتها والذي زاد استحاضة
فصل والمستحاضة ومن به سلس البول والرعاف الدائم والجرح الذي لا يرقأ يتوضؤن لوقت كل صلاة فيصلون بذلك الوضوء في الوقت ما شاءوا من الفرائض والنوافل وإذا خرج الوقت بطل وضوءهم واستأنفوا الوضوء لصلاة أخرى فإن توضؤا حين تطلع الشمس أجزأهم عن فرض الوقت حتى يذهب
وقت الظهر فصل في النفاس
النفاس هو الدم الخارج عقب الولادة والدم الذي تراه الحامل ابتداء أو حال ولادتها قبل خروج الولد استحاضة والسقط الذي استبان بعض خلقه ولد وأقل النفاس لا حد له وأكثره أربعون يوما والزائد عليه استحاضة فإن جاوز الدم الأربعين وقد كانت ولدت قبل ذلك ولها عادة في النفاس ردت إلى أيام عادتها وإن لم تكن لها عادة فابتداء نفاسها أربعون يوما فإن ولدت ولدين في بطن واحد فنفاسها من الولد الأول عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وأن كان بين الولدين أربعون يوما وقال محمد رحمه الله من الولد الأخير
 باب الأنجاس وتطهيرها
تطهير النجاسة واجب من بدن المصلي وثوبه والمكان الذي يصلي عليه ويجوز تطهيرها بالماء وبكل مائع طاهر يمكن إزالتها به كالخل وماء الورد ونحو ذلك بما إذا عصر انعصر وإذا أصاب الخف نجاسة لها جرم كالروث والعذرة والدم والمني فجفت فدلكه بالأرض جاز وقال محمد رحمه الله لا يجوز إلا في المنى خاصة وفي الرطب لا يجوز حتى يغسله فإن أصابه بول فيبس لم يجز حتى يغسله والثوب لا يجزى فيه إلا الغسل وإن يبس والمنى نجس يجب غسله إن كان رطبا فإذا جف على الثوب أجزأ فيه الفرك
والنجاسة إذا أصابت المرآة أو السيف اكتفى بمسحهما وإن أصابت الأرض نجاسة فجفت بالشمس وذهب أثرها جازت الصلاة على مكانها ولا يجوز التيمم به وقدر الدرهم وما دونه من النجس المغلظ كالدم والبول والخمر وخرء الدجاجة وبول الحمار جازت الصلاة معه وإن زاد لم تجز وإن كانت مخففة كبول ما يؤكل لحمه جازت الصلاة معه حتى يبلغ ربع الثوب وإذا أصاب الثوب من الروث أو من أخثاء البقر أكثر من قدر الدرهم لم تجز الصلاة فيه عند أبي حنيفة وقالا يجزئه حتى يفحش
وإن أصابه بول الفرس لم يفسده حتى يفحش عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وعند محمد رحمه الله لا يمنع وإن فحش وإن أصابه خرء مالا يؤكل لحمه من الطيور أكثر من قدر الدرهم جازت الصلاة فيه عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى لا تجوز وإن أصابه من دم السمك أو من لعاب البغل أو الحمار أكثر من قدر الدرهم أجزأت الصلاة فيه فإن انتضح عليه البول مثل رؤس الأبر فذلك ليس بشيء
والنجاسة ضربان مرئية وغير مرئية فما كان منها مرئيا فطهارته بزوال عينها إلا أن يبقى من أثرها ما يشق إزالته ومال ليس بمرئي فطهارته أن يغسل حتى يغلب على ظن الغاسل أنه قد طهر
فصل في الاستنجاء
الاستنجاء سنة ويجوز فيه الحجر وما قام مقامه يمسحه حتى ينقيه وليس فيه عدد مسنون وغسله بالماء أفضل ولو جاوزت النجاسة مخرجها لم يجز فيه إلا الماء ولا يستنجى بعظم ولا بروث ولا بطعام ولا بيمينه = كتاب الصلاة
 باب المواقيت
أول وقت الفجر إذا طلع الفجر الثاني وهو البياض المعترض في الأفق وآخر وقتها مالم تطلع الشمس وأول وقت الظهر إذا زالت الشمس وآخر وقتها عند أبي حنيفة رحمه الله إذا صار ظل كل شيء مثليه سوى فيء الزوال وقالا إذا صار الظل مثله
وأول وقت العصر إذا خرج وقت الظهر على القولين وآخر وقتها ما لم تغرب الشمس وأول وقت المغرب إذا غربت الشمس وآخر وقتها مالم يغب الشفق ثم الشفق هو البياض الذي في الأفق بعد الحمرة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما هو الحمرة
وأول وقت العشاء إذا غاب الشفق وآخر وقتها مالم يطلع الفجر الثاني وأول وقت الوتر بعد العشاء وآخره ما لم يطلع الفجر
فصل ويستحب الأسفار بالفجر والإبراد بالظهر في الصيف وتقديمه في الشتاء وتأخير العصر ما لم تتغير الشمس في الصيف والشتاء وتعجيل المغرب
وتأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل ويستحب في الوتر لمن يألف صلاة الليل أن يؤخر الوتر إلى آخر الليل فإن لم يثق بالانتباه أوتر قبل النوم فإذا كان يوم غيم فالمستحب في الفجر والظهر والمغرب تأخيرها وفي العصر والعشاء تعجيلها
فصل في الأوقات التي تكره فيها الصلاة
لا تجوز الصلاة عند طلوع الشمس ولا عند قيامها في الظهيرة ولا عند غروبها ولا صلاة جنازة ولا سجدة تلاوة إلا عصر يومه عند الغروب ويكره أن يتنفل بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب ولا بأس بأن يصلي في هذين الوقتين الفوائت ويسجد للتلاوة ويصلي على الجنازة ويكره أن يتنفل بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتي الفجر ولا يتنفل بعد الغروب قبل الفرض ولا إذا خرج الإمام للخطبة يوم الجمعة إلى إلى أن يفرغ من خطبته
 باب الأذان
الأذان سنة للصلوات الخمس والجمعة دون ما سواها وصفة الأذان معروفة ولا ترجيع فيه ويزيد في أذان الفجر بعد الفلاح الصلاة خير من النوم مرتين والإقامة مثل الأذان إلا أنه يزيد فيها بعد الفلاح قد قامت الصلاة مرتين ويترسل في الأذان ويحدر في الإقامة ويستقبل بهما القبلة ويحول وجهه للصلاة والفلاح يمنة ويسرة وإن استدار في صومعته فحسن مع ثبات قدميه والأفضل للمؤذن أن يجعل أصبعيه في أذنيه فإن لم يفعل فحسن والتثويب في الفجر حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين بين الأذان والإقامة حسن وكره في سائر الصلوات ويجلس بين الأذان والإقامة إلا في المغرب وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يجلس في المغرب أيضا جلسة خفيفة قال يعقوب رأيت أبا حنيفة رحمه الله يؤذن في المغرب ويقيم ولا يجلس بين الأذان والإقامة ويؤذن للفائتة ويقيمفإن فاته صلوات أذن للأولى وأقام وكان مخيرا في الباقي إن شاء إذن وأقام وإن شاء اقتصر على الإقامة وينبغي أن يؤذن ويقيم على طهر فإن أذن على غير وضوء جاز ويكره أن يقيم على غير وضوء ويكره أن يؤذن وهو جنب وفي الجامع الصغير إذا أذن على غير وضوء وأقام لا يعيد والجنب أحب إلى أن يعيد ولو لم يعد أجزأه وكذلك المرأة تؤذن ولا يؤذن لصلاة قبل دخول وقتها ويعاد في الوقت وقال أبو يوسف يجوز للفجر في النصف الأخير من الليل والمسافر يؤذن ويقيم فإن تركهما جميعا يكره فإن صلى في بيته في المصر يصلي بأذان وإقامة وإن تركهما جاز
 باب شروط الصلاة التي تتقدمها
يجب على المصلي أن يقدم الطهارة من الأحداث والإنجاس على ما قدمناه ويستر عورته وعورة الرجل ما تحت السرة إلى الركبة والركبة من العورة وبدن الحرة كله عورة إلا وجهها وكفيها فإن صلت وربع ساقها مكشوف أو ثلثها تعيد الصلاة وإن كان أقل من الربع لا تعيد وقال أبو يوسف رحمه الله لا تعيد إن كان أقل من النصف وفي النصف عنه روايتان والشعر والبطن والفخذ كذلك وما كان عورة من الرجل فهو عورة من الأمة وبطنها وظهرها عورة وما سوى ذلك من بدنها ليس بعورة ولو لم يجد ما يزيل به النجاسة صلى معها ولم يعد ومن لم يجد ثوبا صلى عريانا قاعدا يومىء بالركوع والسجود فإن صلى قائما اجزأه إلا أن الأول أفضل وينوي الصلاة التي يدخل فيها بنية لا يفصل بينها وبين التحريمة بعمل وإن كان مقتديا بغيره ينوي الصلاة ومتابعته ويستقبل القبلة ومن كان خائفا يصلي إلى أي جهة قدا فإن اشتبهت عليه القبلة وليس بحضرته من يسأله عنها اجتهد وصلى فإن علم أنه أخطأ بعد ما صلى لا يعيدها وإن علم ذلك في الصلاة استدار إلى القبلة وبنى عليه ومن أم قوما في ليلة مظلمة فتحرى القبلة وصلى إلى المشرق وتحرى منخلفه فصلى كل واحد منهم إلى جهة وكلهم خلفه ولا يعلمون ما صنع الإمام أجزأهم ومن علم منهم بحال إمامه تفسد صلاته وكذا لو كان متقدما على الإمام
 باب صفة الصلاة
فرائض الصلاة ستة التحريمة والقيام والقراءة والركوع والسجود والقعدة في أخر الصلاة مقدار التشهد وما سوى ذلك فهو سنة
وإذا شرع في الصلاة كبر ويرفع يديه مع التكبير وهو سنة ويرفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه شحمة أذنيه والمرأة ترفع يديها حذاء منكبيها فإن قال بدل التكبير الله أجل أو أعظم أو الرحمن أكبر أو لا إله إلا الله أو غيره من أسماء الله تعالى أجزأه عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف إن كان يحسن التكبير لم يجزه إلا قوله الله أكبر أو الله الأكبر أو الله الكبير فإن افتتح الصلاة بالفارسية أو قرأ فيها بالفارسية أو ذبح وسمى بالفارسية وهو يحسن العربية أجزأه عند أبي حنيفة وقالا لا يجزئه في الذبيحة وإن لم يحسن العربية أجزأة وإن افتتح الصلاة باللهم اغفر لي لا تجوز
ويعتمد بيده اليمنى على اليسرى تحت السرة ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك إلى أخره ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ويسر بهما ثم يقرأ فاتحة الكتاب وسورة أو ثلاث آيات من أي سورة شاء وإذا قال الإمام ولا الضالين قال آمين ويقولها المؤتم ويخفونها ثم يكبر ويركع ويحذف التكبير حذفا ويعتمد بيديه على ركبتيه ويفرج بين أصابعه ويبسط ظهره ولا يرفع رأسه ولا ينكسه ويقول سبحان ربي العظيم ثلاثا وذلك أدناه ثم يرفع رأسه ويقول سمع الله لمن حمده ويقول المؤتم ربنا لك الحمد ولا يقولها الإمام عند أبي حنيفة وقالا يقولها في نفسه والمنفرد يجمع بينهما في الأصح ثم إذا استوى قائما كبر وسجد ويعتمد بيديه على الأرض ووضع وجهه بين كفيه ويديه حذاءأذنيه وسجد على أنفه وجبهته فإن اقتصر على أحدهما جاز عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز الاقتصار على الأنف إلا من عذر فإن سجد على كور عمامته أو فاضل ثوبه جاز ويبدي ضبعيه ويجافي بطنه عن فخذيه ويوجه أصابع رجليه نحو القبلة ويقول في سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثا وذلك أدناه والمرأة تنخفض في سجودها وتلزق بطنها بفخذيها ثم يرفع رأسه ويكبر فإذا اطمأن جالسا كبر وسجد فإذا اطمأن ساجدا كبر واستوى قائما على صدور قدميه ولا يقعد ولا يعتمد بيديه على الأرض ويفعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الركعة الأولى إلا أنه لا يستفتح ولا يتعوذ ولا يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى وإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الثانية افترش رجله اليسرى فجلس عليها ونصب اليمنى نصبا ووجه أصابعه نحو القبلة ووضع يديه على فخذيه وبسط أصابعه وتشهد فإن كانت امرأة جلست على إليتها اليسرى وأخرجت رجلها من الجانب الأيمن والتشهد التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي إلى آخره ولا يزيد على هذا في القعدة الأولى ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب وحدها وجلس في الأخيرة كما جلس في الأولى وتشهد وصلى على النبي عليه السلام ودعا بما شاء مما يشبه ألفاظ القرآن والأدعية المأثورة ولا يدعو بما يشبه كلام الناس ثم يسلم عن يمينه فيقول السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره مثل ذلك وينوي بالتسليمة الأولى من على يمينه من الرجال والنساء والحفظة وكذلك في الثانية ولا بد للمقتدي من نية إمامه فإن كان الإمام من الجانب الأيمن أو الأيسر نواه فيهم والمنفرد ينوي الحفظة لا غير والإمام ينوي بالتسليمتين
فصل في القراءة
ويجهر بالقراءة في الفجر وفي الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء إن كان إماما ويخفي في الأخريين وإن كان منفردا فهو مخير إن شاء جهر وأسمع نفسه وإنشاء خافت ويخفيها الإمام في الظهر والعصر وإن كان بعرفة ويجهر في الجمعة والعيدين ومن فاتته العشاء فصلاها بعد طلوع الشمس إن أم فيها جهر وإن كان وحده خافت حتما ولا يتخير هو الصحيح ومن قرأ في العشاء في الأوليين السورة ولم يقرأ بفاتحة الكتاب لم يعد في الأخريين وإن قرأ الفاتحة ولم يزد عليها قرأ في الآخريين الفاتحة والسورة وجهر ويجهر بهما وأدنى ما يجزىء من القراءة في الصلاة آية عند أبي حنيفة وقالا ثلاث آيات قصار أو آية طويلة وفي السفر يقرأ بفاتحة الكتاب وأي سورة شاء ويقرأ في الحضر في الفجر في الركعتين بأربعين آية أو خمسين آية سوى فاتحة الكتاب وفي الظهر مثل ذلك والعصر والعشاء سواء يقرأ فيهما بأوساط المفصل وفي المغرب دون ذلك يقرأ فيها بقصار المفصل ويطيل الركعة الأولى من الفجر على الثانية وركعتا الظهر سواء وليس في شيء من الصلوات قراءة سورة بعينها ويكره أن يوقت بشيء من القرآن لشيء من الصلوات ولا يقرأ المؤتم خلف الإمام ويستمع وينصت وإن قرأ الإمام آية الترغيب والترهيب وكذلك في الخطبة وكذلك أن صلى على النبي عليه السلام
 باب الإمامة
الجماعة سنة مؤكدة وأولى الناس بالإمامة أعلمهم بالسنة فإن تساووا فأقرؤهم فإن تساووا فأورعهم فإن تساووا فأسنهم ويكره تقديم العبد والأعرابي والفاسق والأعمى وولد الزنى وإن تقدموا جاز ولا يطول الإمام بهم الصلاة ويكره للنساء أن يصلين وحدهن الجماعة وإن فعلن قامت الإمام وسطهن ومن صلى مع واحد أقامه عن يمينه وإن أم اثنين تقدم عليهما ولا يجوز للرجال أن يقتدوا بامرأة أو صبي ويصف الرجال ثم الصبيان ثم النساء وإن حاذته امرأة وهما مشتركان في صلاة واحدة فسدت صلاته وإن نوى الإمام أمامتها وإن لم ينو إمامتها لم تضره ولا تجوز صلاتها ومن شرائط المحاذاة أن تكون الصلاة مشتركة وإنتكون مطلقة وأن تكون المرأة من أهل الشهوة وإلا يكون بينهما حائل ويكره لهن حضور الجماعات ولا بأس للعجوز أن تخرج في الفجر والمغرب والعشاء عند أبي حنيفة وقالا يخرجن في الصلوات كلها ولا يصلي الطاهر خلف من هو في معنى المستحاضة ولا الطاهرة خلف المستحاضة ولا القارىء خلف الأمي ولا المكتسى خلف العاري ويجوز أن يؤم المتيمم المتوضئين ويؤم الماسح الغاسلين ويصلي القائم خلف القاعد ويصل المومىء خلف مثله ولا يصلي الذي يركع ويسجد خلف المومىء ولا يصلي المفترض خلف المتنفل ولا من يصلي فرضا خلف من يصلي فرضا آخر ويصلي المتنفل خلف المفترض ومن اقتدى بإمام ثم علم أن إمامه محدث أعاد وإذا صلى أمي بقوم يقرأون وبقوم أميين فصلاتهم فاسدة عند أبي حنيفة وقالا صلاة الإمام ومن لم يقرأ تامة ولو كان يصلي الأمي وحده والقارىء وحده جاز فإن قرأ الإمام في ألأوليين ثم قدم في الأخريين أميا فسدت صلاتهم
 باب الحدث في الصلاة
ومن سبقه الحدث في الصلاة انصرف فإن كان إماما استخلف وتوضأ وبنى والاستئناف أفضل والمنفرد إن شاء أتم في منزله وإن شاء عاد إلى مكانه والمقتدى يعود إلى مكانه إلا أن يكون إمامه قد فرغ أولا يكون بينهما حائل ومن ظن أنه أحدث فخرج من المسجد ثم علم أنه لم يحدث استقبل الصلاة وإن لم يكن خرج من المسجد يصلي ما بقي وإن جن أو نام فاحتلم أو أغمى عليه استقبل وإن حصر الإمام عن القراءة فقدم غيره أجزأهم عند أبي حنيفة وقالا لا يجزئهم ولو قرأ مقدار ما تجوز به الصلاة لا يجوز الاستخلاف بالإجماع وإن سبقه الحدث بعد التشهد توضأ وسلم وإن تعمد الحدث في هذه الحالة أو تكلم أو عمل عملا ينافي الصلاة تمت صلاته فإن رأى المتيمم الماء في صلاته بطلت فإن رآه بعد ما قعد قدر التشهد أو كان ماسحا فانقضت مدة مسحه أو خلع خفيه بعمل يسير أو كان أميا فتعلم سورةأو عريانا فوجد ثوبا أو مومئا فقدر على الركوع والسجود أو تذكر فائتة عليه قبل هذه أو أحدث الإمام القارىء فاستخلف أميا أو طلعت الشمس في الفجر أو دخل وقت العصر وهو في الجمعة أو كان ماسحا على الجبيرة فسقطت عن برء أو كان صاحب عذر فانقطع عذره كالمستحاضة ومن بمعناها بطلت صلاته في قول أبي حنيفة وقال تمت صلاته ومن اقتدى بإمام بعدما صلى ركعة فأحدث الإمام فقدمه أجزأه فلو تقدم يبتدىء من حيث انتهى إليه الإمام وإذا انتهى إلى السلام يقدم مدركا يسلم بهم فلو أنه حين أتم صلاة الإمام قهقه أو أحدث متعمدا أو تكلم أو خرج من المسجد فسدت صلاته وصلاة القوم تامة والإمام الأول إن كان فرغ لا تفسد صلاته وإن لم يفرغ تفسد فإن لم يحدث الإمام الأول وقعد قدر التشهد ثم قهقه أو أحدث متعمدا فسدت صلاة الذي لم يدرك أول صلاته عند أبي حنيفة وقالا لا تفسد وإن تكلم أو خرج من المسجد لم تفسد في قولهم جميعا ومن أحدث في ركوعه أو سجوده توضأوبنى ولا يعتد بالتي أحدث فيها ولو تذكر وهو راكع أو ساجد أن عليه سجدة فانحط من ركوعه لها أو رفع رأسه من سجوده فسجدها يعيد الركوع والسجود ومن أم رجلا واحدا فأحدث وخرج من المسجد فالمأموم إمام نوى أو لم ينو ولو لم يكن خلفه إلا صبي أو امرأة قيل تفسد صلاته وقيل لا تفسد
 باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها
ومن تكلم في صلاته عامدا أو ساهيا بطلت صلاته فإن أن فيها أو تأوه أو بكى فارتفع بكاؤه فإن كان من ذكر الجنة أو النار لم يقطعها وإن كان من وجع أو مصيبة قطعها وإن تنحنح بغير عذر وحصل به الحروف ينبغي أن يفسد عندهما وإن كان بعذر فهو عفو كالعطاس ومن عطس فقال له آخر يرحمك الله وهو في الصلاة فسدت صلاته وإن استفتح ففتح عليه في صلاته تفسد وإن فتح على إمامه لميكن كلاما مفسدا وينوي الفتح على إمامه دون القراءة ولو كان الإمام انتقل إلى آية أخرى تفسد صلاة الفاتح وتفسد صلاة الإمام لو أخذ بقوله فلو أجاب في الصلاة رجلا بلا إله إلا الله فهو كلام مفسد عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يكون مفسدا وإن أراد به إعلامه أنه في الصلاة لم تفسد بالإجماع ومن صلى ركعة من الظهر ثم افتتح العصر أو التطوع فقد نقض الظهر ولو افتتح الظهر بعد ما صلى منها ركعة فهي هي ويجتزأ بتلك الركعة وإذا قرأ الإمام من المصحف فسدت صلاته عند أبي حنيفة وقالا هي تامة إلا أنه يكره وإن مرت امرأة بين يدي المصلي لم تقطع الصلاة إلا أن المار آثم وينبغي لمن يصلي في الصحراء أن يتخذ مامه سترة ومقدارها ذراع فصاعدا وقيل ينبغي أن تكون في غلظ الأصبع ويقرب من السترة ويجعل السترة على حاجبة الأيمن أو على الأيسر وسترة الإمام سترة للقوم ويعتبر الغرز دون الإلقاء والخط ويدرأ المار إذا لم يكن بين يديه سترة أو مر بينه وبين السترة ويدرأ بالإشارة أو يدفع بالتسبيح ويكره الجمع بينهما
فصل ويكره مصلي أن يعبث بثوبه أو بجسده ولا يقلب الحصى إلا أن لا يمكنه من السجود فيسويه مرة واحدة ولا يفرقع أصابعه ولا يتخصر ولا يلتفت ولو نظر بمؤخر عينيه يمنة أو يسرة من غير أن يلوي عنقه لا يكره ولا يقعى ولا يفترش ذراعيه ولا يرد السلام بلسانه ولا بيده
ولا يتربع إلا من عذر ولا يعقص شعره ولا يكف ثوبه ولا يسدل ثوبه ولا يأكل ولا يشرب فإن أكل أو شرب عامدا أو ناسيا فسدت صلاته ولا بأس بأن يكون مقام الإمام في المسجد وسجوده في الطاق ويكره أن يقوم في الطاق ويكره أن يكون الإمام وحده على الدكان وكذا على القلب في ظاهر الرواية ولا بأس بأن يصلي إلى ظهر رجل قاعد يتحدث ولا بأس بأن يصلي وبين يديه مصحف معلق أو سيف معلق ولا بأس بأن يصلي على بساطفيه تصاوير ولا يسجد على التصاوير ويكره أن يكون فوق رأسه في السقف أو بين يديه أو بحذائه تصاوير أو صورة معلقة وإذا كان التمثال مقطوع الرأس فليس بتمثال ولو كانت الصورة على وسادة ملقاة أو على بساط مفروش لا يكره ولو لبس ثوبا فيه تصاوير يكره ولا يكره تمثال غير ذي الروح ولا بأس بقتل الحية والعقرب في الصلاة ويكره عد الآي والتسبيحات باليد في الصلاة
فصل
ويكره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء وتكره المجامعة فوق المسجد والبول والتخلي ولا بأس بالبول فوق بيت فيه مسجد ويكره أن يغلق باب المسجد ولا بأس بأن ينقش المسجد بالجص والساج وماء الذهب
 باب صلاة الوتر
الوتر واجب عند أبي حنيفة وقالا سنة والوتر ثلاث ركعات لا يفصل بينهن بسلام ويقنت في الثالثة قبل الركوع ويقرأ في كل ركعة من الوتر فاتحة الكتاب وسورة وإن أراد أن يقنت كبر ورفع يديه وقنت ولا يقنت في صلاة غيرها فإن قنت الإمام في صلاة الفجر يسكت من خلفه عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف يتابعه
 باب النوافل
السنة ركعتان قبل الفجر وأربع قبل الظهر وبعدها ركعتان وأربع قبل العصر وإن شاء ركعتين وركعتان بعد المغرب وأربع قبل العشاء وأربع بعدها وإن شاء ركعتين ونوافل النهار إن شاء صلى بتسليمة ركعتين وإن شاء أربعا وتكره الزيادة على ذلك وأما نافلة الليل قال أبو حنيفة إن صلى ثمان ركعات بتسليمة جاز وتكره الزيادة على ذلك وقالا لا يزيد بالليل على ركعتين بتسليمة
فصل في القراءة
القراءة في الفرض واجبة في الركعتين وهو مخير في الأخريين والقراءة واجبة في جميع ركعات النفل وفي جميع الوتر ومن شرع في نافلة ثم أفسدها قضاها وإن صلى أربعا وقرأ في الأوليين وقعد ثم أفسد الأخريين قضى ركعتين وإن صلى أربعا ولم يقرأ فيهن شيئا أعاد ركعتين ولو قرأ في الأوليين لا غير فعليه قضاء الأخريين بالإجماع ولو قرأ في الأخريين لا غير فعليه قضاء الأوليين بالإجماع ولو قرأ في الأوليين وإحدى الأخريين فعليه قضاء الأحريين بالإجماع ولو قرأ في الأخريين وإحدى الأوليين بالإجماع ولو قرأ في إحدى الأوليين وأحدى الأخريين على قول أبي يوسف عليه قضاء الأربع وكذا عند أبي حنيفة ولو قرأ في إحدى الأوليين لا غير قضى أربعا عندهما وعند محمد قضى ركعتين ولو قرأ في إحدى الأخريين لا غير قضى أربعا عند أبي يوسف وعندهما ركعتين وتفسير قوله عليه السلام لا يصلي بعد صلاة مثلها يعني ركعتين بقراءة وركعتين بغير قراءة فيكون بيان فرضية القراءة في ركعات النفل كلها ويصلي النافلة قاعدا مع القدرة على القيام وأن افتتحها قائما ثم قعد من غير عذر جاز عند أبي حنيفة ومن كان خارج المصر تنفل على دابته إلى أي جهة توجهت يومىء إيماء فإن افتتح التطوع راكبا ثم نزل يبني وإن صلى ركعة نازلا ثم ركب استقبل
فصل في قيام شهر رمضان
يستحب أن يجتمع الناس في شهر رمضان بعد العشاء فيصلي بهم إمامهم خمس ترويحات كل ترويحه بتسليمتين ويجلس بين كل ترويحتين مقدار ترويحة ثم يوتر بهم والسنة فيها الجماعة ولا يصلي الوتر بجماعة في غير رمضان
 باب إدراك الفريضة
ومن صلى ركعة من الظهر ثم أقيمت يصلي أخرى ثم يدخل مع القوم وإن لميقيد الأولى بالسجدة يقطع ويشرع مع الإمام هو الصحيح وإن كان قد صلى ثلاثا من الظهر يتمها وإذا أتمها يدخل مع القوم والذي يصلي معهم نافلة فإن صلى من الفجر ركعة ثم أقيمت يقطع ويدخل معهم ومن دخل مسجدا قد أذن فيه يكره له أن يخرج حتى يصلي إلا إذا كان ممن ينتظم به أمر جماعة وإن كان قد صلى وكانت الظهر أو العشاء فلا بأس بأن يخرج إلا إذا أخذ المؤذن في الإقامة وإن كانت العصر أو المغرب أو الفجر خرج وإن أخذا المؤذن فيها ومن انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر إن خشي أن تفوته ركعة ويدرك الأخرى يصلي ركعتي الفجر عند باب المسجد ثم يدخل وإن خشي فوتهما دخل مع الإمام وإذا فاتته ركعتا الفجر لا يقضيهما قبل طلوع الشمس ولا بعد ارتفاعها عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد أحب إلي أن يقضيهما إلى وقت الزوال ومن أدرك من الظهر ركعة ولم يدرك الثلاث فإنه لم يصل الظهر بجماعة وقال محمد قد أدرك فضل الجماعة ومن أتى مسجدا قد صلى فيه فلا بأس بأن يتطوع قبل المكتوبة ما بداله ما دام في الوقت ومن انتهى إلى الإمام في ركوعه فكبر ووقف حتى رفع الإمام رأسه لا يصير مدركا لتلك الركعة خلافا لزفر ولو ركع المقتدي قبل إمامه فأدركه الإمام فيه جاز
 باب قضاء الفوائت
ومن فاتته صلاة قضاها إذا ذكرها وقدمها على فرض الوقت ولو خاف فوت الوقت يقدم الوقتية ثم يقضيها ولو فاتته صلوات رتبها في القضاء كما وجبت في الأصل إلا أن تزيد الفوائت على ست صلوات فيسقط الترتيب فيما بين الفوائت وإن فاتته اكثر من صلاة يوم وليلة أجزأته التي بدأ بها ولو قضى بعض الفوائت حتى قل ما بقي عاد الترتيب عند البعض ومن صلى العصر وهو ذاكر أنه لم يصل الظهر فهي فاسدة إلا إذا كان في آخر الوقت وإذا فسدت الفرضية لا يبطل أصل الصلاة عند أبي حنيفة وأبي يوسف وعند محمد يبطل ثم العصر يفسدفسادا موقوفا حتى لو صلى ست صلوات ولم يعد الظهر انقلب الكل جائزا وهذا عند أبي حنيفة وعندهما يفسد فسادا باتا لا جواز لها بحال ولو صلى الفجر وهو ذاكر أنه لم يوتر فهي فاسدة عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما
 باب سجود السهو
يسجد للسهو في الزيادة والنقصان سجدتين بعد السلام ثم يتشهد ثم يسلم ويلزمه السهو إذا زاد في صلاته فعلا من جنسها ليس منها ويلزمه إذا ترك فعلا مسنونا أو ترك قراءة الفاتحة أو القنوت أو التشهد أو تكبيرات العيدين ولو جهر الإمام فيما يخافت أو خافت فيما يجهر تلزمه سجدتا السهو وسهو الإمام يوجب على المؤتم السجود فإن لم يسجد الإمام لم يسجد المؤتم فإن سها المؤتم لم يلزم الإمام ولا المؤتم السجود ومن سها عن القعدة الأولى ثم تذكر وهو إلى حالة القعود أقرب عاد وقعد وتشهد ولو كان إلى القيام أقرب لم يعد ويسجد للسهو وإن سها عن القعدة الأخيرة حتى قام إلى الخامسة رجع إلى القعدة مالم يسجد وألغى الخامسة وسجد للسهو وإن قيد الخامسة بسجدة بطل فرضه وتحولت صلاته نفلا عند أبي حنيفة وأبي يوسف فيضم إليها ركعة سادسة ولو لم يضم لا شيء عليه ولو قعد في الرابعة ثم قام ولم يسلم عاد إلى القعدة مالم يسجد للخامسة وسلم وإن قيد الخامسة بالسجدة ثم تذكر ضم إليها ركعة أخرى وتم فرضه ويسجد للسهو استحسانا ومن صلى ركعتين تطوعا فسها فيهما وسجد للسهو ثم أراد أن يصلي أخريين لم يبن ومن سلم وعليه سجدتا السهو فدخل رجل في صلاته بعد التسليم فإن سجد الإمام كان داخلا وإلا فلا ومن سلم يريد به قطع الصلاة وعليه سهو فعليه أن يسجد لسهوه ومن شك في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا وذلك أول ما عرض له استأنف وإن كان يعرض له كثيرا بنى على أكبر رأيه وإن لم يكن له رأي بنى على اليقين
 باب صلاة المريض
إذا عجز المريض عن القيام صلى قاعدا يركع ويسجد فإن لم يستطع الركوع والسجود أومأ إيماء وجعل سجوده أخفض من ركوعه ولا يرفع إلى وجهه شيئا يسجد عليه فإن لم يستطع القعود استلقى على ظهره وجعل رجليه إلى القبلة وأومأ بالركوع والسجود وإن استلقى على جنبه ووجهه إلى القبلة فأومأ جاز فإن لم يستطع الإيماء برأسه أخرت الصلاة عنه ولا يومىء بعينيه ولا بقلبه ولا بحاجبيه وإن قدر على القيام ولم يقدر على الركوع والسجود لم يلزمه القيام ويصلي قاعدا يومىء إيماء وإن صلى الصحيح بعض صلاته قائما ثم حدث به مرض أتمها قاعدا يركع ويسجد أو يومىء إن لم يقدر أو مستلقيا إن لم يقدر ومن صلى قاعدا يركع ويسجد لمرض ثم صح بنى على صلاته قائما عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد استقبل وإن صلى بعض صلاته بإيماء ثم قدر على الركوع والسجود استأنف عندهم جميعا ومن افتتح التطوع قائما ثم أعيا لا بأس بأن يتوكأ على عصا أو حائط أو يقعد وإن قعد بغير عذر يكره بالاتفاق ومن صلى في السفينة قاعدا من غير علة أجزأه عند أبي حنيفة والقيام أفضل وقالا لا يجزئه إلا من عذر ومن أغمي عليه خمس صلوات أو دونها قضى وإن كان أكثر من ذلك لم يقض
 باب سجود التلاوة
سجود التلاوة في القرآن أربع عشرة سجدة في آخر الأعراف وفي الرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والأولى من الحج والفرقان والنمل وآلم تنزيل وص وحم السجدة والنجم وإذا السماء انشقت واقرأ والسجدة واجبة في هذه المواضع على التالي والسامع سواء قصد سماع القرآن أو لم يقصد وإذا تلا الإمام آية السجدة سجدها وسجدها المأموم معه وإذا تلا المأموم ولم يسجد الإمام ولا ألمأموم في الصلاة ولا بعد الفراغ ولو سمعها رجلخارج الصلاة سجدها وإن سمعوا وهم في الصلاة سجدة من رجل ليس معهم في الصلاة لم يسجدوها في الصلاة وسجدوها بعدها ولو سجدوها في الصلاة لم يجزهم وأعادوها ولم يعيدوا الصلاة فإن قرأها الإمام وسمعها رجل ليس معه في الصلاة فدخل معه بعدما سجدها الإمام لم يكن عليه أن يسجدها وإن دخل معه قبل أن يسجدها سجدها معه وإن لم يدخل معه سجدها وحده وكل سجدة وجبت في الصلاة فلم يسجدها فيها لم تقض خارج الصلاة ومن تلا سجدة فلم يسجدها حتى دخل في صلاة فأعادها وسجد أجزأته السجدة عن التلاوتين وإن تلاها فسجد ثم دخل في الصلاة فتلاها سجد لها ومن كرر تلاوة سجدة واحدة في مجلس واحد أجزأته سجدة واحدة فإن قرأها في مجلسه فسجدها ثم ذهب ورجع فقرأها سجدها ثانية وإن لم يكن سجد للأولى فعليه سجدتان ولو تبدل مجلس السامع دون التالي يتكرر الوجوب على السامع وكذا إذا تبدل مجلس التالي دون السامع ومن أراد السجود كبر ولم يرفع يديه وسجد ثم كبر ورفع رأسه ولا تشهد عليه ولا سلام ويكره أن يقرأالسورة في الصلاة أو غيرها ويدع آية السجدة ولا بأس بأن يقرأ آية السجدة ويدع ما سواها
 باب صلاة المسافر
السفر الذي يتغير به الأحكام أن يقصد الإنسان مسيرة ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل ومشي الأقدام والسير المذكور هو الوسط ولا يعتبر السير في الماء وفرض المسافر في الرباعية ركعتان لا يزيد عليهما وإن صلى أربعا وقعد في الثانية قدر التشهد أجزأته الأوليان عن الفرض والأخريان له نافلة وإن لم يقعد في الثانية قدرها بطلت وإذا فارق المسافر بيوت المصر صلى ركعتين ولا يزال على حكم السفر حتى ينوي الإقامة في بلد أو قرية خمسة عشر يوما أو أكثر وإن نوى أقل من ذلك قصر ولو دخل مصرا على عزم أن يخرج غدا أو بعد غدولم ينو مدة الإقامة حتى بقي على ذلك سنين قصر وإذا دخل العسكر أرض الحرب فنووا الإقامة بها قصروا وكذا إذا حاصروا فيها مدينة أو حصنا وكذا إذا حاصروا أهل البغي في دار الإسلام في غير مصر أو حاصروهم في البحر ونية الإقامة من أهل الكلآ وهم أهل الأخبية قيل لا تتصح والأصح أنهم مقيمون وأن اقتدى المسافر بالمقيم في الوقت أتم أربعا وإن دخل معه في فائتة لم تجزه وإن صلى المسافر بالمقيمين ركعتين سلم وأتم المقيمون صلاتهم ويستحب للإمام إذا سلم أن يقول أتموا صلاتكم فأنا قوم سفر وإذا دخل المسافر في مصره أتم الصلاة وأن لم ينو المقام فيه ومن كان له وطن فانتقل منه واستوطن غيره ثم سافر فدخل وطنه الأول قصر وإذا نوى المسافر أن يقيم بمكة ومنى خمسة عشر يوما لم يتم الصلاة ومن فاتته صلاة في السفر قضاها في الحضر ركعتين ومن فاتته في الحضر قضاها في السفر أربعا والعاصي والمطيع في سفره في الرخصة سواء
 باب صلاة الجمعة
لا تصح الجمعة إلا في مصر جامع أو في مصلى المصر ولا تجوز في القرى وتجوز بمنى إن كان الأمير أمير الحجاز أو كان الخليفة مسافرا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا جمعة بمنى ولا يجوز إقامتها إلا للسلطان أو لمن أمره ومن شرائطها الوقت فتصح في وقت الظهر ولا تصح بعده ولو خرج الوقت وهو فيها استقبل الظهر ولا يبنيه عليها ومنها الخطبة وهي قبل الصلاة بعد الزوال ويخطب خطبتين يفصل بينهما بقعدة ويخطب قائما على طهارة ولو خطب قاعدا أو على غير طهارة جاز فإن اقتصر على ذكر الله جاز عند أبي حنيفة وقالا لا بد من ذكر طويل يسمى خطبة ومن شرائطها الجماعة وأقلهم عند أبي حنيفة ثلاث سوى الإمام وقالا اثنان سواه وأن نفر الناس قبل أن يركع الإمام ويسجد ولم يبق إلا النساء والصبيان استقبل الظهر عند أبي حنيفة وقالااذا نفروا عنه بعدما افتتح الصلاة صلى الجمعة فإن نفروا عنه بعد ما ركع ركعة وسجد سجدة بنى على الجمعة ولا تجب الجمعة على مسافر ولا امرأة ولا مريض ولا عبد ولا أعمى فإن حضروا وصلوا مع الناس أجزأهم عن فرض الوقت ويجوز للمسافر والعبد والمريض أن يؤم في الجمعة ومن صلى الظهر في منزله يوم الجمعة قبل صلاة الإمام ولا عذر له كره له ذلك وجازت صلاته فإن بدا له أن يحضرها فتوجه إليها والإمام فيها بطل ظهره عند أبي حنيفة بالسعي وقالا لا يبطل حتى يدخل مع الإمام ويكره أن يصلي المعذورون الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر وكذا أهل السجن ولو صلى قوم أجزأهم ومن أدرك الإمام يوم الجمعة صلى معه ما أدركه وبنى عليها الجمعة وإن كان أدركه في التشهد أو في سجود السهو بنى عليها الجمعة عندهما وقال محمد أن أدرك معه أكثر الركعة الثانية بنى عليها الجمعة وإن أدرك أقلها بنى عليها الظهر وإذا خرج الإمام يوم الجمعة ترك الناس الصلاة والكلام حتى يفرغ من خطبته وإذا أذن المؤذنون الأذان الأول ترك الناس البيع والشراء وتوجهوا إلى الجمعة وإذا صعد الإمام المنبر جلس وأذن المؤذنون بين يدي المنبر
 باب صلاة العيدين
وتجب صلاة العيد على كل من تجب عليه صلاة الجمعة ويستحب في يوم الفطر أن يطعم قبل الخروج إلى المصلى ويغتسل ويستاك ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه ويؤدي صدقة الفطر ويتوجه إلى المصلى ولا يكبر عند أبي حنيفة في طريق المصلى وعندهما يكبر ولا يتنفل في المصلى قبل صلاة العيد وإذا حلت الصلاة بارتفاع الشمس دخل وقتها إلى الزوال فإذا زالت الشمس خرج وقتها ويصلي الإمام بالناس ركعتين يكبر في الأولى للافتتاح وثلاثا بعدها ثم يقرأ الفاتحة وسورة ويكبر تكبيرة يركع بها ثم يبتدىء في الركعة الثانية بالقراءة ثم يكبر ثلاثا بعدها ويكبر رابعة يركع بها ويرفع يديه في تكبيرات العيدين ثم يخطب بعد الصلاةخطبتين يعلم الناس فيها صدقة الفطر وأحكامها ومن فاتته صلاة العيد مع الإمام لم يقضها فإن غم الهلال وشهدوا عند الإمام برؤية الهلال بعد الزوال صلى العيد من الغد فإن حدث عذر يمنع من الصلاة في اليوم الثاني لم يصلها بعده ويستحب في يوم الأضحى أن يغتسل ويتطيب ويؤخر الأكل حتى يفرغ من الصلاة ويتوجه إلى المصلى وهو يكبر ويصلي ركعتين كالفطر ويخطب بعدها خطبتين ويعلم الناس فيها الأضحية وتكبير التشريق فإن كان عذر يمنع من الصلاة في يوم الأضحى صلاها من الغد وبعد الغد ولا يصليها بعد ذلك والتعريف الذي يصنعه الناس ليس بشيء
فصل في تكبيرات التشريق
ويبدأ بتكبير التشريق بعد صلاة الفجر من يوم عرفة ويختم عقيب صلاة العصر من يوم النحر وهو عقيب الصلوات المفروضات على المقيمين في الأمصار في الجماعات المستحبة عند أبي حنيفة وليس على جماعات النساء إذا لم يكن معهن رجل ولا على جماعة المسافرين إذا لم يكن معهم مقيم وقالا هو على كل من صلى المكتوبة
 باب صلاة الكسوف
إذا انكسفت الشمس صلى الإمام بالناس ركعتين كهيئة النافلة في كل ركعة ركوع واحد ويطول القراءة فيهما ويخفي عند أبي حنيفة وقالا يجهر ويدعو بعدها حتى تنجلي الشمس ويصلي بهم الإمام الذي يصلي بهم الجمعة فإن لم يحضر صلى الناس فرادى وليس في خسوف القمر جماعة وليس في الكسوف خطبة
 باب الاستسقاء
قال أبو حنيفة رحمه الله ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة فإن صلى الناس وحدانا جاز وإنما الاستسقاء الدعاء والاستغفار وقالا يصلي الإمامركعتين ويجهر فيهما بالقراءة ثم يخطب ولا خطبة عند أبي حنيفة ويستقبل القبلة بالدعاء ويقلب رداءه ولا يقلب القوم أرديتهم ولا يحضر أهل الذمة الاستسقاء
 باب صلاة الخوف
إذا اشتد الخوف جعل الإمام الناس طائفتين طائفة إلى وجه العدو وطائفة خلفه فيصلي بهذه الطائفة ركعة وسجدتين فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية مضت هذه الطائفة إلى وجه العدو وجاءت تلك الطائفة فيصلي بهم الإمام ركعة وسجدتين وتشهد وسلم ولم يسلموا وذهبوا إلى وجه العدو وجاءت الطائفة الأولى فصلوا ركعة وسجدتين وحدانا بغير قراءة وتشهدوا وسلموا ومضوا إلى وجه العدو وجاءت الطائفة الأخرى وصلوا ركعة وسجدتين بقراءة وتشهدوا وسلموا فإن كان الإمام مقيما صلى بالطائفة الأولى ركعتين وبالطائفة الثانية ركعتين ويصلي بالطائفة الأولى من المغرب ركعتين وبالثانية ركعة واحدة ولا يقاتلون في حال الصلاة فإن فعلوا بطلت صلاتهم فإن اشتد الخوف صلوا ركبانا فرادى يومئون بالركوع والسجود إلى أي جهة شاءوا إذا لم يقدروا على التوجه إلى القبلة
 باب الجنائز
إذا احتضر الرجل وجه إلى القبلة على شقه الأيمن ولقن الشهادتين فإذا مات شد لحياه وغمض عيناه
فصل في الغسل
فإذا أرادوا غسله وضعوه على سرير وجعلوا على عورته خرقة ونزعوا ثيابه ووضؤه من غير مضمضة واستنشاق ثم يفيضون الماء عليه ويجمر سريره وترا ويغلى الماء بالسدر أو بالحرض فإن لم يكن فالماء القراح ويغسل رأسه ولحيته بالخطمي ثم يضجع على شقة الأيسر فيغسل بالماء والسدر حتى يرى أن الماء قد وصل إلى ما يلي التخت منه ثم يضجع على شقه الأيمنفيغسل حتى يرى أن الماء قد وصل إلى ما يلي التخت منه ثم يجلسه ويسنده إليه ويمسح بطنه مسحا رفيقا فإن خرج منه شيء غسله ولا يعيد غسله ولا وضوءه ثم ينشفه بثوب ويجعله في أكفانه ويجعل الحنوط على راسه ولحيته والكافور على مساجده ولا يسرح شعر الميت ولا لحيته ولا يقص ظفره ولا شعره
فصل في التكفين السنة أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب أزار وقميص ولفافة فإن اقتصروا على ثوبين جاز والثوبان إزار ولفافة وإذا أرادوا لف الكفن ابتدأوا بجانبه الأيسر فلفوه عليه ثم بالأيمن وإن خافوا أن ينتشر الكفن عنه عقدوه بخرقة وتكفن المرأة في خمسة أثواب درع
وإزار وخمار ولفافة وخرقة تربط فوق ثدييها وإن اقتصروا على ثلاثة أثواب جاز ويكره أقل من ذلك وفي الرجل يكره الاقتصار على ثوب واحد إلا في حالة الضرورة وتلبس المرأة الدرع أولا ثم يجعل شعرها ضفيرتين على صدرها فوق الدرع ثم الخمار فوق ذلك ثم الإزار تحت اللفافة وتجمر الأكفان قبل أن يدرج فيها الميت وترا فصل في الصلاة على الميت
وأولى الناس بالصلاة على الميت السلطان إن حضر فإن لم يحضر فالقاضي فإن لم يحضر فيستحب تقديم إمام الحي ثم الولي والأولياء على الترتيب المذكور في النكاح فإن صلى غير الولي أو السلطان أعاد الولي وإن صلى الولي لم يجز لأحد أن يصلي بعده وأن دفن الميت ولم يصل عليه صلى على قبره ويصلى عليه قبل أن يتفسخ والصلاة أن يكبر تكبيرة يحمد الله عقيبها ثم يكبر تكبيرة يصلى فيها على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يكبر تكبيرة يدعو فيها لنفسه وللميت وللمسلمين ثم يكبر الرابعة ويسلم لأنه عليه السلام كبر أربعا في آخر صلاة صلاها فنسخت ما قبلها ولو كبر الإمام خمسا لم يتابعه المؤتم ولو كبرالإمام تكبيرة أو تكبيرتين لا يكبر الآتي حتى يكبر أخرى بعد حضوره ويقوم الذي يصلي على الرجل والمرأة بحذاء الصدر فإن صلوا على جنازة ركباناأجزأهم ولا بأس بالإذن في صلاة الجنازة ولا يصلى على ميت في مسجد جماعة ومن استهل بعد الولادة سمي وغسل وصلي عليه وإن لم يستهل أدرج في خرقة ويصلى عليه وإذا سبى صبي مع أحد أبويه ومات لم يصل عليه إلا أن يقر بالإسلام وهو يعقل أو يسلم أحد أبويه وإن لم يسب معه أحد أبويه صلي عليه وإذا مات الكافر وله ولي مسلم فإنه يغسله ويكفنه ويدفنه
فصل في حمل الجنازة
وإذا حملوا الميت على سريره أخذوا بقوائمه الأربع ويمشون به مسرعين دون الخبب وإذا بلغوا إلى قبره يكره أن يجلسوا قبل أن يوضع عن أعناق الرجال
فصل في الدفن
ويحفر القبر ويلحد ويدخل الميت مما يلي القبلة فإذا وضع في لحده يقول واضعه باسم الله وعلى ملة رسول الله ويوجه إلى القبلة وتحل العقدة ويسوى اللبن على اللحد ويسجى قبر المرأة بثوب حتى يجعل اللبن على اللحد ولا يسجى قبر الرجل ويكره الآجر والخشب ولا بأس بالقصب ثم يهال التراب ويسنم القبر ولا يسطح
 باب الشهيد
الشهيد من قتله المشركون أو وجد في المعركة وبه أثر أو قتله المسلمون ظلما ولم يجب بقتله دية فيكفن ويصلى عليه ولا يغسل ومن قتله أهل الحرب أو أهل البغي أو قطاع الطريق فبأي شيء قتلوه لم يغسل وإذا استشهد الجنب غسل عند أبي حنيفة وقالا لا يغسل ولا يغسل عن الشهيد دمه ولا ينزع عنه ثيابه وينزع عنه الفرو والحشو والقلنسوة والسلاح والخف ويزيدون وينقصون ما شاءوا ومن ارتث غسل والارتثاث أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يداوى أو ينقل من المعركة حيا ولو بقي حيا حتى مضى وقت صلاة وهو يعقل فهو مرتث ومن وجد قتيلا في المصر غسل إلا إذا علم أنه قتل بحديدة ظلما ومن قتل في حد أو قصاص غسل وصلي عليه ومن قتل من البغاة أو قطاع الطريق لم يصل عليه
 باب الصلاة في الكعبة
الصلاة في الكعبة جائزة فرضها ونفلها فإن صلى الإمام بجماعة فيها فجعل بعضهم ظهره إلى ظهر الإمام جاز ومن جعل منهم ظهره إلى وجه الإمام لم تجز صلاته وإذا صلى الإمام في المسجد الحرام فتحلق الناس حول الكعبة وصلوا بصلاة الإمام فمن كان منهم أقرب إلى الكعبة من الإمام جازت صلاته إذا لم يكن في جانب الإمام ومن صلى على ظهر الكعبة جازت صلاته = كتاب الزكاة
الزكاة واجبة على الحر العاقل البالغ المسلم إذا ملك نصابا ملكا تاما وحال عليه الحول وليس على الصبي والمجنون زكاة وليس على المكاتب زكاة ومن كان عليه دين يحيط بماله فلا زكاة عليه وإن كان ماله أكثر من دينه زكى الفاضل إذا بلغ نصابا وليس في دور السكنى وثياب البدن وأثاث المنازل ودواب الركوب وعبيد الخدمة وسلاح الاستعمال زكاة ومن له آخر دين فجحده سنين ثم قامت له به بينة لم يزكه لما مضى ومن اشترى جارية للتجارة ونواها للخدمة بطلت عنها الزكاة وإن نواها للتجارة بعد ذلك لم تكن للتجارة حتى يبيعها فيكون في ثمنها زكاة وإن اشترى شيئا ونواه للتدارة كان للتجارة لاتصال النية بالعمل بخلاف ما إذا ورث ونوى التجارة ولا يجوز اداء الزكاة إلا بنية مقارنة للأداء أو مقارنة لعزل مقدار الواجب ومن تصدق بجميع ماله لا ينوي الزكاة سقط فرضها عنه استحسانا ولو أدى بعض النصاب سقط زكاة المؤدى عند محمد وقال أبو يوسف لا تسقط
 باب صدقة السوائم
فصل في الإبل
ليس في أقل من خمس ذود صدقة فإذا بلغت خمسا سائمةوحال عليها الحول ففيها شاة إلى تسع فإذا كانت عشرا ففيها شاتان إلى أربع عشرة فإذا كانت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه إلى تسع عشرة فإذا كانت عشرين ففيها أربع شياه إلى أربع وعشرين فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض إلى خمس وثلاثين فإذا كانت ستا وثلاثين فيها بنت لبون إلى خمس وأربعين فإذا كانت ستا وأربعين ففيها حقة إلى ستين فإذا كانت أحدى وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين فإذا كانت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون إلى تسعين فإذا كانت إحدى وتسعين ففيها حقتان إلى مائة وعشرين ثم تستأنف الفريضة فيكون في الخمس شاة مع الحقتين وفي العشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي العشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين بنت مخاض إلى مائة وخمسين فيكون فيها ثلاث حقاق ثم تستأنف الفريضة فيكون في الخمس شاة وفي العشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين بنت مخاض وفي ست وثلاثين بنت لبون فإذا بلغت مائة وستا وتسعين ففيها أربع حقاق إلى مائتين ثم تستأنف الفريضة أبدا كما تستأنف في الخمسين التي بعد المائة والخمسين والبخت والعراب سواء
فصل في البقر
ليس في اقل من ثلاثين من البقر السائمة صدقة فإذا كانت ثلاثين سائمة وحال عليها الحول ففيها تبيع أو تبيعة وفي أربعين مسن أو مسنة فإذا زادت على أربعين وجب في الزيادة بقدر ذلك إلى ستين ثم في الستين تبيعان أو تبيعتان وفي سبعين مسنة وتبيع وفي ثمانين مسنتان وفي تسعين ثلاثة أتبعة وفي المائة تبيعان ومسنة وعلى هذا يتغير الفرض في كل عشر من تبيع إلى مسنة ومن مسنة إلى تبيع والجواميس والبقر سواء
فصل في الغنم
ليس في أقل من أربعين من الغنم السائمة صدقة فإذا كانت أربعين سائمة وحال عليها الحول ففيها شاة إلى مائة وعشرين فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه فإذا بلغت أربعمائة ففيها أربع شياه ثم في كلمائة شاة شاة والضأن والمعز سواء ويؤخذ في زكاة الغنم الذكور والإناث
فصل
في الخيل
إذا كانت الخيل سائمة ذكورا وإناثا فصاحبها بالخيار إن شاء أعطى عن كل فرس دينارا وإن شاء قومها وأعطى عن كل مائتي درهم خمسة دراهم وليس في ذكورها منفردة زكاة وكذا في الإناث المنفردات في رواية ولا شيء في البغال والحمير إلا أن تكون للتجارة فصل
وليس في الفصلان والحملان والعجاجيل صدقة ومن وجب عليه سن فلم توجد أخذ المصدق أعلى منها ورد الفضل أو أخذ دونها وآخذ الفضل ويجوز دفع القيم في الزكاة وليس في العوامل والحوامل والعلوفة صدقة ولا يأخذ المصدق خيار المال ولا رذالته ويأخذ الوسط ومن كان له نصاب فاستفاد في أثناء الحول من جنسه ضمه إليه وزكاه به والزكاة عند أبي حنيفة وأبي يوسف في النصاب دون العفو وإذا أخذ الخوارج الخراج وصدقة السوائم لا يثنى عليهم وليس على الصبي من بني تغلب في سائمته شيء وعلى المرأة ما على الرجل منهم وإن هلك المال بعد وجوب الزكاة سقطت الزكاة وإن قدم الزكاة على الحول وهو مالك للنصاب جاز ويجوز التعجيل لأكثر من سنة
 باب زكاة المال
فصل في الفضة
ليس فيما دون مائتي درهم صدقة فإذا كانت مائتين وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم ولا شيء في الزيادة حتى تبلغ أربعين درهما فيكون فيها درهم ثم في كل أربعين درهما درهم وإذا كان الغالب على الورق الفضة فهو في حكم الفضة وإذا كان الغالب عليها الغش فهو في حكم العروض يعتبر أن تبلغ قيمته نصابا
فصل في الذهب
ليس فيما دون عشرين مثقالا من الذهب صدقة فإذا كانت عشرين مثقالاففيها نصف مثقال ثم في كل أربعة مثاقيل قيراطان وليس فيما دون أربعة مثاقيل صدقة وفي تبر الذهب والفضة وحليهما وأوانيهما الزكاة
فصل في العروض
الزكاة واجبة في عروض التجارة كائنة ما كانت إذا بلغت قيمتها نصابا من الورق أو الذهب يقومها بما هو أنفع للمساكين وإذا كان النصاب كاملا في طرفي الحول فنقصانه فيما بين ذلك لا يسقط الزكاة وتضم قيمة العروض إلى الذهب والفضة حتى يتم النصاب ويضم الذهب إلى الفضة
 باب فيمن يمر على العاشر
إذا مر على العاشر بمال فقال أصبته منذ أشهر أو على دين وحلف صدق وكذا إذا قال أديتها إلى عاشر آخر وكذا إذا قال أديتها أنا وما صدق فيه المسلم صدق فيه الذمي ولا يصدق الحربي إلا في الجواري يقول هن امهات أولادي أو غلمان معه يقول هم أولادي ويؤخذ من المسلم ربع العشر ومن الذمي نصف العشر ومن الحربي العشر
وإن مر حربي بخمسين درهما لم يؤخذ منه شيء إلا أن يكونوا يأخذون منا من مثلها وإن مر حربي بمائتي درهم ولا يعلم كم يأخذون منا نأخذ منه العشر وإن علم أنهم يأخذون منا ربع عشر أو نصف عشر نأخذ بقدره وإن كانوا يأخذون الكل لا نأخذ الكل وإن كانوا لا يأخذون أصلا لا نأخذ وإن مر الحربي على عاشر فعشره ثم مر مرة أخرى لم يعشره حتى يحول الحول وإن عشره فرجع إلى دار الحرب ثم خرج من يومه ذلك عشره أيضا وإن مر ذمي بخمر أو خنزير عشر الخمر دون الخنزير ولو مر صبي أو امرأة من بني تغلب بمال فليس على الصبي شيءوعلى المرأة ما على الرجل ومن مر على عاشر بمائة درهم وأخبره أن له في منزله مائة أخرى قد حال عليها الحول لم يزك التي مر بها ولو مر بمائتي درهم بضاعة لم يعشرها وكذا المضاربة ولو مر عبد مأذون له بمائتي درهموليس عليه دين عشره ومن مر على عاشر الخوارج في أرض قد غلبوا عليها فعشره يثنى عليه الصدقة
 باب المعادن والركاز
معدن ذهب أو فضة أو حديد أو رصاص أو صفر وجد في أرض خراج أو عشر ففيه الخمس ولو وجد في داره معدن فليس فيه شيء وإن وجده في أرضه فعن أبي حنيفة فيه روايتان وإن وجد ركازا وجب فيه الخمس ومن دخل دار الحرب بأمان فوجد في دار بعضهم ركازا رده عليهم وإن وجده في الصحراء فهو له وليس في الفيروزج الذي يوجد في الجبال خمس وفي الزئبق الخمس ولا خمس في اللؤلؤ والعنبر متاع وجد ركازا فهو للذي وجده فيه الخمس
 باب زكاة الزروع والثمار
قال أبو حنيفة رحمه الله في قليل ما أخرجته الأرض وكثيره العشر سواء سقي سيحا أو سقته السماء إلا القصب والحطب والحشيش وقالا لا يجب العشر إلا فيما له ثمرة باقية إذا بلغ خمسة أوسق والوسق ستون صاعا بصاع النبي عليه السلام وليس في الخضروات عندهما عشر وما سقي بغرب أو دالية أو سانية ففيه نصنف العشر على القولين وقال أبو يوسف فيما لا يوسق كالزعفران والقطن يجب فيه العشر إذا بلغت قيمته قيمة خمسة أوسق من أدنى ما يوسق كالذرة في زماننا وقال محمد يجب العشر إذا بلغ الخارج خمسة أعداد من أعلى ما يقدر به نوعه فاعتبر في القطن خمسة أحمال كل حمل ثلثمائة من وفي الزعفران خمسة أمناء وفي العسل العشر إذا أخذ من أرض العشر وكل شيء أخرجته الأرض مما فيه العشر لا يحتسب فيه أجر العمال ونفقة البقر تغلبي له أرض عشر فعليه العشر مضاعفا فإن اشتراها منه ذمي فهي على حالها عندهم وكذا إذا اشتراها منه مسلم أو أسلم التغلبي عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف يعود إلى عشرواحد ولو كانت الأرض لمسلم باعها من نصراني وقبضها فعليه الخراج عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف عليه العشر مضاعفا وعند محمد هي عشرية على حالها فإن أخذها منه مسلم بالشفعة أو ردت على البائع لفساد البيع فهي عشرية كما كانت وإذا كانت لمسلم دار خطة فجعلها بستانا فعليه العشر وليس على المجوسي في داره شيء وإن جعلها بستانا فعليه الخراج وفي أرض الصبي والمرأة التغلبيين ما في أرض الرجل التغلبي وليس في عين القير والنفط في أرض العشر شيء وعليه في أرض الخراج خراج إذا كان حريمه صالحا للزراعة
 باب من يجوز دفع الصدقة إليه ومن لا يجوز
الأصل فيه قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } الآية فهذه ثمانية أصناف وقد سقط منها المؤلفة قلوبهم لأن الله تعالى أعز الإسلام وأغنى عنهم والفقير من له أدنى شيء والمسكين من لا شيء له والعامل يدفع الإمام إليه إن عمل بقدر عمله فيعطيه ما يسعه وأعوانه غير مقدر بالثمن وفي الرقاب يعان المكاتبون منها في فك رقابهم والغارم من لزمه دين ولا يملك نصابا فاضلا عن دينه وفي سبيل الله منقطع الغزاة عند أبي يوسف رحمه الله وعند محمد منقطع الحاج وابن السبيل من كان له مال في وطنه وهو في مكان آخر لا شيء له فيه فهذه جهات الزكاة فللمالك أن يدفع إلى كل واحد منهم وله أن يقتصر على صنف واحد ولا يجوز أن يدفع الزكاة إلى ذمي ويدفع إليه ما سوى ذلك من الصدقة ولا يبني بها مسجد ولا يكفن بها ميت ولا يقضي بها دين ميت ولا تشترى بها رقبة تعتق ولا تدفع إلى غني ولا يدفع المزكي زكاته إلى أبيه وجده وإن علا ولا إلى ولده وولد ولده وإن سفل ولا إلى امرأته ولا تدفع المرأة إلى زوجها ولا يدفع إلى مدبره ومكاتبه وأم ولده ولا إلى عبد قد أعتق بعضه ولا يدفع إلى مملوك غني ولا إلى ولد غني إذا كانصغيرا ولا تدفع إلى بني هاشم وهم آل علي وآل عباس وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبدالمطلب ومواليهم قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله إذا دفع الزكاة إلى رجل يظنه فقيرا ثم بان أنه غني أو هاشمي أو كافر أو دفع في ظلمة فبان أنه أبوه أو ابنه فلا إعادة عليه وقال أبو يوسف عليه الإعادة ولو دفع إلى شخص ثم علم أنه عبده أو مكاتبه لا يجزئه ولا يجوز دفع الزكاة إلى من يملك نصابا من أي مال كان ويجوز دفعها إلى من يملك أقل من ذلك وإن كان صحيحا مكتسبا ويكره أن يدفع إلى واحد مائتي درهم فصاعدا وإن دفع جاز قال وأن يغنى بها إنسانا أحب إلي ويكره نقل الزكاة من بلد إلى بلد وإنما تفرق صدقة كل فريق فيهم إلا أن ينقلها الإنسان إلى قرابته أو إلى قوم هم أحوج من أهل بلده
 باب صدقة الفطر
صدقة الفطر واجبة على الحر المسلم إذا كان مالكا لمقدار النصاب فاضلا عن مسكنه وثيابه وأثاثه وفرسه وسلاحه وعبيده يخرج ذلك عن نفسه وأولاده الصغار ومماليكه ولا يؤدى عن زوجته ولا عن أولاده الكبار وإن كانوا في عياله ولا عن مكاتبه ولا المكاتب عن نفسه ولا عن مماليكه للتجارة والعبد بين شريكين لا فطرة على واحد منهما وكذا العبيد بين اثنين عند أبي حنيفة وقالا على كل منهما ما يخصه من الرأس دون الأشقاص ويؤدي المسلم الفطرة عن عبده الكافر ومن باع عبدا وأحدهما بالخيار ففطرته على من يصير له
فصل في مقدار الواجب ووقته
الفطرة نصف صاع من بر أو دقيق أو سويق أو زبيب أو صاع من تمر أو شعير والصاع عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ثمانية أرطال بالعراقي وقال أبو يوسف خمسة أرطال وثلث رطل ووجوب الفطرة يتعلق بطلوع الفجر منيوم الفطر والمستحب أن يخرج الناس الفطرة يوم الفطر قبل الخروج إلى المصلى فإن قدموها على يوم الفطر جاز وإن أخروها عن يوم الفطر لم تسقط وكان عليهم أخراجها = كتاب الصوم
الصوم ضربان واجب ونفل والواجب ضربان منه ما يتعلق بزمان بعينه كصوم رمضان والنذر المعين فيجوز بنية من الليل وإن لم ينو حتى أصبح أجزأته النية ما بينه وبين الزوال والضر الثاني ما ثبت في الذمة كقضاء شهر رمضان والنذر المطلق وصوم الكفارة فلا يجوز إلا بنية من الليل والنفل كله يجوز بنية قبل الزوال
فصل في رؤية الهلال
وينبغي للناس أن يلتمسوا الهلال في اليوم التاسع والعشرين من شعبان فإن رأوه صاموا وإن غم عليهم أكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صاموا ولا يصومون يوم الشك إلا تطوعا ومن رآى هلال رمضان رحده صام وإن لم يقبل الإمام شهادته وإذا كان بالسماء علة قبل الإمام شهادة الواحد العدل في رؤية الهلال رجلا كان أو امرأة حرا كان أو عبدا وإذا لم تكن بالسماء علة لم تقبل الشهادة حتى يراه جمع كثير يقع العلم بخبرهم ومن رأى هلال الفطر وحده لم يفطر وإذا كان بالمساء علة لم تقبل في هلال الفطر إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين وإن لم يكن بالسماء علة لم تقبل إلا شهادة جماعة يقع العلم بخبرهم ووقت الصوم من حين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس والصوم هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع نهارا مع النية
 باب ما يوجب القضاء والكفارة
وإذا أكل الصائم أو شرب أو جامع نهارا ناسيا لم يفطر ولو كان مخطئاأو مكرها فعليه القضاء فإن نام فاحتلم لم يفطر وكذا إذا نظر إلى امرأة فأمنى ولو أدهن لم يفطر ولو اكتحل لم يفطر ولو قبل امرأة لا يفسد صومه ولو أنزل بقبلة أو لمس فعليه القضاء دون الكفارة ولا بأس بالقبلة إذا أمن على نفسه ويكره إذا لم يأمن ولو دخل حلقه ذباب وهو ذاكر لصومه لم يفطر ولو أكل لحما بين أسنانه فإن كان قليلا لم يفطر وإن كان كثيرا يفطر وإن أخرجه وأخذه بيده ثم أكله ينبغي أن يفسد صومه فإن ذرعه القيء لم يفطر فإن استقاء عمدا ملء فيه فعليه القضاء وإن ابتلع الحاصة أو الحديد أفطر ولا كفارة عليه ومن جامع في أحد السبيلين عامدا فعليه القضاء والكفارة ولو جامع ميتة أو بهيمة فلا كفارة أنزل أو لم ينزل ولو أكل أو شرب ما يتغذى به أو ما يتداوى به فعليه القضاء والكفارة والكفارة مثل كفارة الظهار ومن جامع فيما دون الفرج فأنزل فعليه القضاء ولا كفارة عليه وليس في إفساد صوم غير رمضان كفارة ومن احتقن أو استعط أو أقطر في أذنه أفطر ولا كفارة عليه ولو أقطر في أذنيه الماء أو دخلهما لا يفسد صومه ولو داوى جائفة أو آمة بدواء فوصل إلى جوفه أو دماغه أفطر ولو أقطر في احليله لم يفطر ومن ذاق شيئا بفمه لم يفطر ويكره له ذلك ويكره للمرأة أن تمضغ لصبيها الطعام إذا كان لها منه بد ولا بأس إذا لم تجد منه بدا ومضغ العلك لا يفطر الصائم إلا أنه يكره للصائم ولا بأس بالكحل ودهن الشارب ولا بأس بالسواك الرطب بالغداة والعشي للصائم
فصل
ومن كان مريضا في رمضان فخاف أن صام ازداد مرضه أفطر وقضى وإن كان مسافرا لا يستضر بالصوم فصومه أفضل وإن أفطر جاز وإذا مات المريض أو المسافر وهما على حالهما لم يلزمهما القضاء ولو صح المريض وأقام المسافر ثم ماتا لزمهما القضاء بقدر الصحة والإقامة وقضاء رمضان إن شاء فرقهوإن شاء تابعه وإن أخره حتى دخل رمضان آخر صام الثاني وقضى الأول بعده ولا فدية عليه والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما أفطرتا وقضتا ولا كفارة عليهما ولا فدية عليهما والشيخ الفاني الذي لا يقدر على الصيام يفطر ويطعم لكل يوم مسكينا كما يطعم في الكفارات ومن مات وعليه قضاء رمضان فأوصى به أطعم عنه وليه لكل يوم مسكينا نصف صاع من بر أو صاعا من تمر او شعير ولا يصوم عنه الولي ولا يصلي ومن دخل في صلاة التطوع أو في صوم التطوع ثم أفسده قضاه وإذا بلغ الصبي أو أسلم الكافر في رمضان أمسكا بقية يومهما ولو أفطرا فيه لا قضاء عليهما وصاما ما بعده ولم يقضيا يومهما ولا ما مضى وإذا نوى المسافر الإفطار ثم قدم المصر قبل الزوال فنوى الصوم أجزأه وإن كان في رمضان فعليه أن يصوم ومن أغمي عليه في رمضان لم يقض اليوم الذي حدث فيه الإغماء وقضى ما بعده وإن إغمي عليه أول ليلة منه قضاه كله غير يوم تلك الليلة ومن أغمي عليه في رمضان كله قضاه ومن جن في رمضان كله لم يقضه وإن أفاق المجنون في بعضه قضى ما مضى ومن لم ينو في رمضان كله لا صوما ولا فطرا فعليه قضاؤه ومن أصبح غير ناو للصوم فأكل لا كفارة عليه وإذا حاضت المرأة أو نفست أفطرت وقضت وإذا قدم المسافر أو طهرت الحائض في بعض النهار أمسكا بقية يومهما وإذا تسحر وهو يظن أن الفجر لم يطلع فإذا هو قد طلع أو أفطر وهو يرى أن الشمس قد غربت فإذا هي لم تغرب أمسك بقية يومه وعليه القضاء ولا كفارة عليه ثم التسحر مستحب والمستحب تأخيره إلا أنه إذا شك في الفجر الأفضل أن يدع الأكل ولو أكل فصومه تام ولو ظهر أن الفجر طالع لا كفارة عليه ولو شك في غروب الشمس لا يحل له الفطر ولو أكل فعليه القضاء ومن أكل في رمضان ناسيا وظن أن ذلك يفطره فأكل بعد ذلك متعمدا عليه القضاء دون الكفارة ولو احتجم وظن أن ذلك يفطره ثم أكل متعمدا عليه القضاء والكفارة ولو أكل بعدما اغتاب متعمدافعليه القضاء والكفارة كيفما كان وإذا جومعت النائمة أو المجنونة وهي صائمة عليهما القضاء دون الكفارة
فصل فيما يوجبه على نفسه
وإذا قال لله علي صوم يوم النحر أفطر وقضى وإن نوى يمينا فعليه كفارة يمين ولو قال لله علي صوم هذه السنة أفطر يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق وقضاها وعليه كفارة يمين أن أراد به يمينا ومن أصبح يوم النحر صائما ثم أفطر لا شيء عليه وعن أبي يوسف ومحمد في النوادر أن عليه القضاء
 باب الاعتكاف
الاعتكاف مستحب وهو اللبث في المسجد مع الصوم ونية الاعتكاف ولو لم يكن لها في البيت مسجد تجعل موضعا فيه فتعتكف فيه ولا يخرج من المسجد إلا لحاجة الإنسان أو الجمعة ولو خرج من المسجد ساعة من غير عذر فسد اعتكافه وأما الأكل والشرب والنوم يكون في معتكفه ولا بأس بأن يبيع ويبتاع في المسجد من غير أن يحضر السلعة ولا يتكلم إلا بخير ويكره له الصمت ويحرم على المعتكف الوطء واللمس والقبلة فإن جامع ليلا أو نهارا عامدا أو ناسيا بطل اعتكافه ولو جامع فيما دون الفرج فأنزل أو قبل أو لمس فأنزل بطل اعتكافه ومن أوجب على نفسه اعتكاف أيام لزمه اعتكافها بلياليها متتابعة وإن لم يشترط التتابع وإن نوى الأيام خاصة صحت نيته ومن أوجب على نفسه اعتكاف يومين يلزمه بليلتيهما وقال أبو يوسف لا تدخل الليلة الأولى = كتاب الحج
الحج واجب على الأحرار البالغين العقلاء الأصحاء إذا قدروا على الزاد والراحلة فاضلا عن المسكن وما لا بد منه وعن نفقة عياله إلى حين عوده وكان الطريق آمناولا يجب في العمر إلا مرة واحدة ويعتبر في المرأة أن يكون لها محرم تحج به أو زوج ولا يجوز لها أن تحج بغيرهما إذا كان بينها وبين مكة مسيرة ثلاثة أيام وإذا وجدت محرما لم يكن للزوج منعها ولها أن تخرج مع كل محرم إلا أن يكون مجوسيا وإذا بلغ الصبي بعدما أحرم أو أعتق العبد فمضيا لم يجزهما عن حجة الإسلام ولو جدد الصبي الإحرام قبل الوقوف ونوى حجة الإسلام جاز والعبد لو فعل ذلك لم يجز
فصل
والمواقيت التي لا يجوز أن يجاوزها الإنسان إلا محرما خمسة لأهل المدينة ذو الحليفة ولأهل العراق ذات عرق ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن ولأهل اليمن يلملم ثم الآفاقي إذا انتهى إليها على قصد دخول مكة عليه أن يحرم قصد الحج أو العمرة أو لم يقصد عندنا ومن كان داخل الميقات له أن يدخل مكة بغير إحرام لحاجته فإن قدم الإحرام على هذه المواقيت جاز ومن كان داخل الميقات فوقته الحل ومن كان بمكة فوقته في الحج الحرم وفي العمرة الحل
 باب الإحرام
وإذا أراد الإحرام اغتسل أو توضأ والغسل أفضل ولبس ثوبين جديدين أو غسيلين إزارا ورداء ومس طيبا إن كان له وصلى ركعتين وقال اللهم أني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني ثم يلبي عقب صلاته وإن كان مفردا بالحج ينوي بتلبيته الحج والتلبية أن يقول لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ولا ينبغي أن يخل بشيء من هذه الكلمات ولو زاد فيها جاز وإذا لبى فقد أحرم ولا يصير شارعا في الإحرام بمجرد النية مالم يأت بالتلبية ويتقي ما نهى الله عنه من الرفث والفسوق والجدال ولا يقتل صيدا ولا يشير إليه ولا يدل عليه ولا يلبس عليه قميصا ولا سراويل ولا عمامة ولاخفين إلا أن لا يجد نعلين فيقطعهما أسفل من الكعبين ولا يغطي وجهه ولا رأسه ولا يمس طيبا وكذا لا يدهن ولا يحلق رأسه ولا شعر بدنه ولا يقص من لحيته ولا يلبس ثوبا مصبوغا بورس ولا زعفران ولا عصفر إلا أن يكون غسيلا لا ينفض ولا بأس بأن يغتسل ويدخل الحمام ويستظل بالبيت والمحمل ولو دخل تحت استار الكعبة حتى غطته إن كان لا يصيب رأسه ولا وجهه فلا بأس به ويشد في وسطه الهميان ولا يغسل رأسه ولا لحيته بالخطمي ويكثر من التلبية عقيب الصلوات وكلما علا شرفا أو هبط واديا أو لقي ركبا وبالأسحار ويرفع صوته بالتلبية فإذا دخل مكة ابتدأ بالمسجد الحرام وإذا عاين البيت كبر وهلل ثم ابتدأ بالحجر الأسود فاستقبله وكبر وهلل ويرفع يديه واستلمه إن استطاع من غير أن يؤذي مسلما وإن أمكنه أن يمس الحجر بشيء في يده ثم قبل ذلك فعله ثم أخذ عن يمينه مما يلي الباب وقد اضطبع رداءه قبل ذلك فيطوف بالبيت سبعة أشواط والإضطباع أن يجعل رداءه تحت إبطه الأيمن ويلقيه على كتفه الأيسر ويجعل طوافة من وراء الحطيم ويرمل في الثلاثة الأول من الأشواط ويمشي في الباقي على هينته والرمل من الحجر إلى الحجر فإن زحمه الناس في الرمل قام فإذا وجد مسلكا رمل ويستلم الحجر كلما مر به أن استطاع ويستلم الركن اليماني ولا يستلم غيرهما ويختم الطواف بالاستلام ثم يأتي المقام فيصلي عنده ركعتين أو حيث تيسر من المسجد ثم يعود إلى الحجر فيستلمه وهذا الطواف طواف القدوم ويسمى طواف التحية وهو سنة وليس بواجب وليس على أهل مكة طواف القدوم ثم يخرج إلى الصفا فيصعد عليه ويستقبل البيت ويكبر ويهلل ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويرفع يديه ويدعو الله لحاجته ثم ينحط نحو المروة ويمشي على هينته فإذا بلغ بطن الوادي يسعى بين الميلين الأخضرين سعيا ثم يمشي على هينته حتى يأتي المروة فيصعد عليها ويفعل كما فعل على الصفا وهذا شوط واحد فيطوف سبعة أشواط يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ويسعى في بطن الوادي في كل شوط ثم يقيم بمكة حراما ويطوف بالبيت كلما بدا له فإذاكان قبل يوم التروية بيوم خطب الإمام خطبة يعلم فيها الناس الخروج إلى منى والصلاة بعرفات والوقوف والإفاضة فإذا صلى الفجر يوم التروية بمكة خرج إلى منى فيقيم بها حتى يصلي الفجر من يوم عرفة ولو بات بمكة ليلة عرفة وصلى بها الفجر ثم غدا إلى عرفات ومر بمنى أجزأه ثم يتوجه إلى عرفات فيقيم بها وإذا زالت الشمس يصلي الإمام بالناس الظهر والعصر فيبتدىء بالخطبة فيخطب خطبة يعلم فيها الناس الوقوف بعرفة والمزدلفة ورمي الجمار والنحر والحلق وطواف الزيارة يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلسة كما في الجمعة ويصلي بهم الظهر والعصر في وقت الظهربأذان وإقامتين ولا يتطوع بين الصلاتين فإن صلى بغيرخطبة أجزأه ومن صلى الظهر في رحله وحده صلى العصر في وقته ثم يتوجه إلى الموقف فيقف بقرب الجبل والقوم معه عقيب انصرافهم من الصلاة وعرفات كلها موقف إلا بطن عرفة وينبغي للإمام أن يقف بعرفة على راحلته وإن وقف على قدميه جاز وينبغي أن يقف مستقبل القبلة ويدعو ويعلم الناس المناسك ويدعو بما شاء وينبغي للناس أن يقفوا بقرب الإمام وينبغي أن يقف وراء الإمام ويستحب أن يغتسل قبل الوقوف بعرفة ويجتهد في الدعاء ويلبي في موقفه ساعة بعد ساعة وإذا غربت الشمس أفاض الإمام والناس معه على هينتهم حتى يأتوا المزدلفة فلو مكث قليلا بعد غروب الشمس وإفاضة الإمام لخوف الزحام فلا بأس به وإذا أتى مزدلفة فالمستحب أن يقف بقرب الجبل الذي عليه الميقدة يقال له قزح ويصلي الإمام بالناس المغرب والعشاء بأذان وإقامة واحدة ولا يتطوع بينهما ولا تشترط الجماعة لهذا الجمع عند أبي حنيفة رحمه الله ومن صلى المغرب في الطريق لم تجزه عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وعليه إعادتها مالم يطلع الفجر وإذا طلع الفجر يصلي الإمام بالناس الفجر بغلس ثم وقف ووقف معه الناس ودعا والمزدلفة كلها موقف إلاوادي محسر فإذا طلعت الشمس أفاض الإمام والناس معه حتى يأتوا منى فيبتدىء بجمرة العقبة فيرميها من بطن الوادي بسبع حصيات مثل حصى الخزف ولو رمى بأكبر منها جاز ولو رماها من فوقالعقبة أجزأه ويكبر مع كل حصاة ولو سبح مكان التكبير أجزأه ولا يقف عندها ويقطع التلبية مع أول حصاة ولو طرحها طرحا أجزأه ولو وضعها وضعا لم يجزه ولو رماها فوقعت قريبا من الجمرة يكفيه ولو وقعت بعيدا منها لا يجزئه ولو رمى بسبع حصيات جملة فهذه واحدة ويأخذ الحصى من أي موضع شاء إلا من عند الجمر فإن ذلك يكره
ويجوز الرمي بكل ما كان من أجزاء الأرض عندنا ثم يذبح أن أحب ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل وقد حل له كل شيء إلاالنساء ولا يحل له الجماع فيما دون الفرج عندنا ثم الرمي ليس من أسباب التحلل عندنا ثم يأتي مكة من يومه ذلك أو من الغد أو من بعد الغد فيطوف بالبيت طواف الزيارة سبعة أشواط ووقته أيام النحر وأول وقته بعد طلوع الفجر من يوم النحر فإن كان قد سعى بين الصفا والمروة عقيب طواف القدوم لم يرمل في هذا الطواف ولا سعى عليه وإن كان لم يقدم السعي رمل في هذا الطواف وسعى بعده ويصلي ركعتين بعد هذا الطواف وقد حل له النساء وهذا الطواف هو المفروض في الحج ويكره تأخيره عن هذه الأيام وإن أخره عنها لزمه دم عند أبي حنيفة ثم يعود إلى منى فيقيم بها فإذا زالت الشمس من اليوم الثاني من أيام النحر رمى الجمار الثلاث فيبدأ بالتي تلي مسجد الخيف فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عندها ثم يرمي التي تليها مثل ذلك ويقف عندها ثم يرمي جمرة العقبة كذلك ولا يقف عندها ويقف عند الجمرتين في المقام الذي يقف فيه الناس ويحمد الله ويثني عليه ويهلل ويكبر ويصلي على النبي عليه الصلاة والسلام ويدعو بحاجته ويرفع يديه وإذا كان من الغد رمى الجمار الثلاث بعد زوال الشمس كذلك وإن أراد أن يتعجل النفر إلى مكة نفر وإن أراد أن يقيم رمي الجمار الثلاث في اليوم الرابع بعد زوال الشمس والأفضل أن يقيم وإن قدم الرمي في هذا اليوم قبل الزوال بعد طلوع الفجر جاز عند أبي حنيفةرحمه الله فأما يوم النحر فأول وقت الرمي فيه من وقت طلوع الفجر وإن أخره إلى الليل رماه ولا شيء عليه وإن أخره إلى الغد رماه وعليه دم فإن رماها راكبا أجزأه وكل رمي بعده رمي فالأفضل أن يرميه ماشيا وإلا فيرميه راكبا ويكره أن لا يبيت بمنى ليالي الرمي ولو بات في غيرها متعمدا لا يلزمه شيء عندنا ويكره أن يقدم الرجل ثقله إلى مكة ويقيم حتى يرمي وإذا نفر إلى مكة نزل بالمحصب ثم دخل مكة وطاف بالبيت سبعة أشواط لا يرمل فيها وهذاطواف الصدر وهو واجب عندنا إلا على أهل مكة ثم يأتي زمزم ويشرب من مائها ويستحب أن يأتي الباب ويقبل العتبة ويأتي الملتزم وهو ما بين الحجر إلى الباب فيضع صدره ووجهه عليه ويتشبث بالأستار ساعة ثم يعود إلى أهله
فصل فإن لم يدخل المحرم مكة وتوجه إلى عرفات ووقف بها سقط عنه طواف القدوم ولا شيء عليه بتركه ومن أدرك الوقوف بعرفة ما بين زوال الشمس من يومها إلى طلوع الفجر من يوم النحر فقد أدرك الحج ثم إذا وقف بعد الزوال وأفاض من ساعته أجزأه ومن اجتاز بعرفات نائما أو
مغمى عليه أو لا يعلم أنها عرفات جاز عن الوقوف ومن أغمي عنه فأهل عنه رفقاؤه جاز عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز ولو أمر إنسانا بأن يحرم عنه إذا أغمي عليه أو نام فأحرم المأمور عنه صح والمرأة في جميع ذلك كالرجل غير أنها لا تكشف رأسها وتكشف وجهها ولو سدلت شيئا على وجهها وجافته عنه جاز ولا ترفع صوتها بالتلبية ولا ترمل ولا تسعى بين الميلين ولا تحلق ولكن تقصر وتلبس من المخيط ما بدا لها ومن قلد بدنه تطوعا أو نذرا أو جزاء صيد أو شيئا من الأشياء وتوجه معها يريد الحج فقد أحرم فإن قلدها وبعث بها ولم يسقها لم يصر محرما فإن توجه بعد ذلك لم يصر محرما حتى يلحقها فإن أدركها وساقها أو أدركها فقد اقترنت نيته بعمل هو من خصائص الإحرام فيصير محرما إلا في بدنة المتعة فإنه محرم حين توجه فإن جلل بدنة أو أشعرها أو قلد شاة لم يكن محرما والبدن من الإبل والبقر
 باب القران
القران أفضل من التمتع والإفراد وصفة القران أن يهل بالعمرة والحج معا من الميقات ويقول عقيب الصلاة اللهم إني أريد الحج والعمرة فيسرهما لي وتقبلهما مني فإذا دخل مكة ابتدأ فطاف بالبيت سبعة أشواط يرمل في الثلاث الأول منها ويسعى بعدها بين الصفا والمروة وهذه أفعال العمرة ثم يبدأ بأفعال الحج فيطوف طواف القدوم سبعة أشواط ويسعى بعده كما بينا في المفرد ويقدم أفعال العمرة ولا يحلق بين العمرة والحج فإن طاف طوافين لعمرته وحجته وسعى سعيين يجزيه وإذا رمى الجمرة يوم النحر ذبح شاة أو بقرة أو بدنة أو سبع بدنه فهذا دم القران فإذا لم يكن له ما يذبح صام ثلاثة أيام في الحج آخرها يوم عرفة وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله وإن صامها بمكة بعد فراغه من الحج جاز فإن فاته الصوم حتى أتى يوم النحر لم يجزه إلا الدم ولا يؤدي بعدها فإن لم يدخل القارن مكة وتوجه إلى عرفات فقد صار رافضا لعمرته بالوقوف وسقط عنه دم القران وعليه دم لرفض عمرته وعليه قضاؤها
 باب التمتع
التمتع أفضل من الإفراد عندنا والمتمتع على وجهين متمتع يسوق الهدي ومتمتع لا يسوق الهدي وصفته أن يبتدىء من الميقات في أشهر الحج فيحرم بالعمرة ويدخل في مكة فيطوف لها ويسعى ويحلق أو يقصر وقد حل من عمرته ويقطع التلبية إذا ابتدأ بالطواف ويقيم بمكة حلالا فإذا كان يوم التروية أحرم بالحج من المسجد وفعل ما يفعله الحاج المفرد وعليه دم التمتع فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج سبعة وإذا رجع إلى أهله فإن صام ثلاثة ايام من شوال ثم اعتمر لم يجزه عن الثلاثة وإن صامها بعد ما أحرم بالعمرة قبل أن يطوف جاز عندنا والأفضل تأخيرها إلى آخر وقتها وهو يومعرفة وإن أراد المتمتع أن يسوق الهدي أحرم وساق هديه فإن كانت بدنة قلدها بمزادة أو نعل وأشعر البدنة عند أبي يوسف ومحمد ولا يشعر عند أبي حنيفة ويكره وصفته أن يشق سنامها من الجانب الآيمن أو الأيسر فإذا دخل مكة طاف وسعى إلا أنه لا يتحلل حتى يحرم بالحج يوم التروية وإن قدم الإحرام قبله جاز وما عجل المتمتع من الإحرام بالحج فهو أفضل وعليه دم وإذا حلق يوم النحر فقد حل من الإحرامين وليس لأهل مكة تمتع ولا قران وإنما لهم الإفراد خاصة ومن كان داخل المواقيت فهو بمنزلة المكي حتى لا يكون له متعة ولا قران وإذا عاد المتمتع إلى بلده بعد فراغه من العمرة ولم يكن ساق الهدي بطل تمتعه وإذا ساق الهدي فإلمامه لا يكون صحيحا ولا يبطل تمتعه ومن أحرم بعمرة قبل أشهر الحج فطاف لها أقل من أربعة أشواط ثم دخلت أشهر الحج فتمها وأحرم بالحج كان متمتعا وإن طاف لعمرته قبل أشهر الحج أربعة أشواط فصاعدا ثم حج من عامه ذلك لم يكن متمتعا وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة فإن قدم الإحرام بالحج عليها جاز إحرامه وانعقد حجا وإذا قدم الكوفي بعمرة في أشهر الحج وفرغ منها وحلق أو قصر ثم اتخذ مكة أو البصرة دارا وحج من عامه ذلك فهو متمتع فإن قدم بعمرة فأفسدها وفرغ منها وقصر ثم اتخذ البصرة دارا وحج من عامه لم يكن متمتعا عند أبي حنيفة وقالا هو متمتع فإن كان رجع إلى أهله ثم اعتمر في أشهر الحج وحج من عامه يكون متمتعا في قولهم جميعا ولو بقي بمكة ولم يخرج إلى البصرة حتى اعتمر في أشهر الحج وحج من عامه لايكون متمتعا بالاتفاق ومن اعتمر في أشهر الحج وحج من عامه فأيهما أفسد مضى فيه وسقط دم المتعة وإذا تمتعت المرأة فضحت بشاة لم يجزها عن دم المتعة وإذا حاضت المرأة عند الإحرام اغتسلت وأحرمت وصنعت كما يصنعه الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر فإن حاضت بعد الوقوف وطواف الزيارة انصرفت من مكة ولا شيء عليها لطواف الصدر ومن اتخذ مكة دارا فليس عليه طواف الصدر
 باب الجنايات
وإذا تطيب المحرم فعليه الكفارة فإن طيب عضوا كاملا فما زاد فعليه دم وإن طيب أقل من عضو فعليه الصدقة وكل صدقة في الإحرام غير مقدرة فهي نصف صاع من بر إلا ما يجب بقتل القملة والجرادة فإن خضب رأسه بحناء فعليه دم ولو خضب رأسه بالوسمة لا شيء عليه فإن أدهن بزيت فعليه دم عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه الصدقة ولو داوى به جرحه أو شقوق رجليه فلا كفارة عليه وإن لبس ثوبا مخيطا أو غطى رأسه يوما كاملا فعليه دم وإن كان أقل من ذلك فعليه صدقة ولو ارتدى بالقميص أو اتشح به أو ائتزر بالسراويل فلا بأس به وكذا لو أدخل منكبيه في القباء ولم يدخل يديه في الكمين وإذا حلق ربع رأسه أو ربع لحيته فصاعدا فعليه دم فإن كان أقل من الربع فعليه صدقة وإن حلق الرقبة كلها فعليه دم وإن حلق الإبطين أو أحدهما فعليه دم وقال أبو يوسف ومحمد إذا حلق عضوا فعليه دم وإن كان أقل فطعام وإن أخذ من شاربه فعليه طعام حكومة عدل وإن حلق موضع المحاجم فعليه دم عند أبي حنيفة وقالا عليه صدقة وإن حلق رأس محرم بأمره أو بغير أمره فعلى الحالق الصدقة وعلى المحلوق دم فإن أخذ من شارب حلال أو قلم أظافيره أطعم ما شاء وإن قص أظافير يديه ورجليه فعليه دم ولا يزاد على دم إن حصل في مجلس واحد وإن قص يدا أو فعليه دم وأن قص أقل من خمسة أظافير فعليه صدقة وإن قص خمسة أظافير رجلا متفرقة من يديه ورجليه فعليه صدقة عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد عليه دم وإن انكسر ظفر المحرم وتعلق فأخذه فلا شيء عليه وإن تطيب أو لبس مخيطا أو حلق من عذر فهو مخير إن شاء ذبح شاة وإن شاء تصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من الطعام وإن شاء صام ثلاثة أيام ولو اختار الطعام أجزأه فيه التغدية والتعشية عند أبي يوسف وعند محمد لا يجزئه
فصل
فإن نظر إلى فرج امرأته بشهوة فأمنى لا شيء عليه وإن قبل أو لمس بشهوة فعليه دم وإن جامع في أحد السبيلين قبل الوقوف بعرفة فسد حجه وعليه شاة ويمضي في الحج كما يمضي من لم يفسده وعليه القضاء وليس عليه أن يفارق امرأته في قضاء ما أفسداه عندنا ومن جامع بعد الوقوف بعرفة لم يفسد حجه وعليه بدنة وإن جامع بعد الحلق فعليه شاة ومن جامع في العمرة قبل أن يطوف أربعة أشواط فسدت عمرته فيمضي فيها ويقضيها وعليه شاة وإذا جامع بعدما طاف أربعة أشواط أو أكثر فعليه شاة ولا تفسد عمرته ومن جامع ناسيا كان كمن جامع متعمدا
فصل
ومن طاف طواف القدوم محدثا فعليه صدقة ولو طاف طواف الزيارة محدثا فعليه شاة وإن كان جنبا فعليه بدنة والأفضل أن يعيد الطواف ما دام بمكة ولا ذبح عليه ومن طاف طواف الصدر محدثا فعليه صدقة ولو طاف جنبا فعليه شاة ومن ترك من طواف الزيارة ثلاثة أشواط فما دونها فعليه شاة ومن ترك أربعة أشواط بقي محرما أبدا حتى يطوفها ومن ترك طواف الصدر أو أربعة أشواط منه فعليه شاة ومن ترك ثلاثة أشواط من طواف الصدر فعليه الصدقة ومن طاف طواف الواجب في جوف الحجر فإن كان بمكة أعاده وإن أعاد على الحجر أجزأه فإن رجع إلى أهله ولم يعده فعليه دم ومن طاف طواف الزيارة على غير وضوء وطواف الصدر في آخر أيام التشريق طاهرا فعليه دم فإن كان طاف طواف الزيارة جنبا فعليه دمان عند أبي حنيفة وقالا عليه دم واحد ومن طاف لعمرته وسعى على غير وضوء وحل فما دام بمكة يعيدهما ولا شيء عليه وإن رجع إلى أهله قبل أن يعيد فعليه دم ومن ترك السعي بين الصفا والمروة فعليه دم وحجه تام ومن أفاض قبل الإمام من عرفات فعليه دم ومن ترك الوقوف بالمزدلفة فعليه دم ومن ترك رمي الجمار في الأيام كلها فعليه دم ويكفيه دم واحدوإن ترك رمي يوم واحد فعليه دم ومن ترك رمي إحدى الجمار الثلاث فعليه الصدقة وإن ترك رمي جمرة العقبة في يوم النحر فعليه دم وإن ترك منها حصاة أو حصاتين أو ثلاثا تصدق لكل حصاة نصف صاع إلا أن يبلغ دما فينقص ما شاء ومن أخر الحلق حتى مضت أيام النحر فعليه دم عند أبي حنيفة وكذا أذا أخر طواف الزيارة فعليه دم عنده وقالا لا شيء عليه في الوجهين وإن حلق في ايام النحر في غير الحرم فعليه دم ومن اعتمر فخرج من الحرم وقصر فعليه دم عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا شيء عليه والتقصير والحلق في العمرة غير موقت بالزمان بالإجماع فإن لم يقصر حتى رجع وقصر فلا شيء عليه في قولهم جميعا فإن حلق القارن قبل أن يذبح فعليه دمان
فصل
اعلم أن صيد البر محرم على المحرم وصيد البحر حلال وإذا قتل المحرم صيدا أو دل عليه من قتله فعليه الجزاء ولو كان الدال حلالا في الحرم لم يكن عليه شيء وسواء في ذلك العامد والناسي والمبتدىء والعائد سواء والجزاء عند أبي حنيفة وأبي يوسف أن يقوم الصيد في المكان الذي قتل فيه أو في أقرب المواضع منه إذا كان في برية فيقومه ذوا عدل ثم هو مخير في الفداء إن شاء ابتاع بها هديا وذبحه إن بلغت هديا وإن شاء اشترى بها طعاما وتصدق على كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير وإن شاء صام ويقومان في المكان الذي أصابه والهدي لا يذبح إلا بمكة ويجوز الإطعام في غيرها والصوم يجوز في غير مكة فإن ذبح الهدي بالكوفة أجزأه عن الطعام وإذا وقع الاختيار على الهدي يهدى ما يجزيه في الأضحية وإذا اشترى بالقيمة طعاما تصدق على كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير ولا يجوز أن يطعم المسكين أقل من نصف صاع وإن اختار الصيام يقوم المقتول طعاما ثم يصوم عن كل نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير يوما فإن فضل من الطعام أقل من نصف صاع فهو مخير إن شاء تصدق به وإن شاء صام عنه يوما كاملا
ولو جرح صيدا أو نتف شعره أو قطع عضوا منه ضمن ما نقصه ولو نتف ريش طائر أو قطع قوائم صيد فخرج من حيز الامتناع فعليه قيمته كاملة ومن كسر بيض نعامة فعليه قيمته فإن خرج من البيض فرخ ميت فعليه قيمته حيا وليس في قتل الغراب والحدأة والذئب والحية والعقرب والفارة والكلب العقور جزاء وليس في قتل البعوض والنمل والبراغيث والقراد شيء ومن قتل قملة تصدق بما شاء وفي الجامع الصغير أطعم شيئا ومن قتل جرادة تصدق بما شاء وتمرة خير من جرادة ولا شيء عليه في ذبح السلحفاة ومن حلب صيد الحرم فعليه قيمته ومن قتل ما يؤكل لحمه من الصيد كالسباع ونحوها فعليه الجزاء ولا يجاوز بقيمته شاة وإذا صال السبع عن المحرم فقتله لا شيء عليه وإن اضطر المحرم إلى قتل صيد فقتله فعليه الجزاء ولا بأس للمحرم أن يذبح الشاة والبقرة والبعير والدجاجة والبط الأهلي ولو ذبح حماما مسرولا فعليه الجزاء وكذا إذا قتل ظبيا مستأنسا وإذا ذبح المحرم صيدا فذبيحته ميتة لا يحل أكلها فإن أكل المحرم الذابح من ذلك شيئا فعليه قيمة ما أكل عند أبي حنيفة وقالا ليس عليه جزاء ما أكل وإن أكل منه محرم آخر فلا شيء عليه في قولهم جميعا ولا بأس بأن يأكل المحرم لحم صيد اصطاده حلال وذبحه إذا لم يدل المحرم عليه ولا أمره بصيده وفي صيد الحرم إذا ذبحه الحلال قيمته يتصدق بها على الفقراء ولا يجزئه الصوم ومن دخل الحرام بصيد فعليه أن يرسله فيه إذا كان في يده فإن باعه رد البيع فيه إن كان قائما وإن كان فائتا فعليهالجزاء وكذلك بيع المحرم الصيد من محرم أو حلال ومن ا حرم وفي بيته أو في قفص معه صيد فليس عليه أن يرسله فإن أصاب حلال صيدا ثم أحرم فأرسله من يده غيره يضمن عند أبي حنيفة وقالا لا يضمن وإذا أصاب محرم صيدا فأرسله من يده غيره لا ضمان عليه بالاتفاق فإن قتله محرم آخر في يده فعلى كل واحد منهما جزاؤه ويرجع الآخذ على القاتل فإن قطع حشيش الحرم أو شجرة ليست بمملوكة وهو مما لا ينبته الناس فعليه قيمته إلا فيما جف منه ولا يرعىحشيش الحرم ولا يقطع إلا الأذخر وكل شيء فعله القارن مما ذكرنا أن فيه على المفرد دما فعليه دمان دم لحجته ودم لعمرته إلا أن يتجاوز الميقات غير محرم بالعمرة أو الحج فيلزمه دم واحد وإذا اشترك محرمان في قتل صيد فعلى كل واحد منهما جزاء كامل وإذا اشترك حلالان في قتل صيد الحرم فعليهما جزاء واحد وإذا باع المحرم الصيد أو ابتاعه فالبيع باطل ومن أخرج ظبية من الحرم فولدت أولادا فماتت هي وأولادها فعليه جزاؤهن فإن أدى جزاءها ثم ولدت ليس عليه جزاء الولد
 باب مجاوزة الوقت بغير إحرام
وإذا أتى الكوفي بستان بني عامر فأحرم بعمرة فإن رجع إلى ذات عرق ولبى بطل عنه دم الوقت وإن رجع إليه ولم يلب حتى دخل مكة وطاف لعمرته فعليه دم فإن دخل البستان لحاجته فله أن يدخل مكة بغير إحرام ووقته البستان وهو وصاحب المنزل سواء فإن أحرما من الحل ووقفا بعرفة لم يكن عليهما شيء ومن دخل مكة بغير إحرام ثم خرج من عامه ذلك إلى الوقت وأحرم بحجة عليه أجزأه ذلك من دخوله مكة بغير إحرام ومن جاوز الوقت فأحرم بعمرة وأفسدها مضى فيها وقضاها وليس عليه دم لترك الوقت وإذا خرج المكي يريد الحج فأحرم ولم يعد إلى الحرم ووقف بعرفة فعليه شاة والمتمتع إذا فرغ من عمرته ثم خرج من الحرم فأحرم ووقف بعرفة فعليه دم فإن رجع إلى الحرم فأهل فيه قبل أن يقف بعرفة فلا شيء عليه
 باب إضافة الإحرام إلى الإحرام
قال أبو حنيفة رحمه الله إذا أحرم المكي بعمرة وطاف لها شوطا ثم أحرم بالحج فإنه يرفض الحج وعليه لرفضه دم وعليه حجة وعمرة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله رفض العمرة أحب إلينا وقضاؤها وعليه دم وإن مضى عليهما أجزأهوعليه دم لجمعه بينهما ومن أحرم بالحج ثم احرم يوم النحر بحجة أخرى فإن حلق في الأولى لزمته الأخرى ولا شيء عليه وإن لم يحلق في الأولى لزمته الآخرى وعليه دم قصر أو لم يقصر عند أبي حنيفة وقالا أن لم يقصر فلا شيء عليه ومن فرغ من عمرته إلا التقصير فأحرم بأخرى فعليه دم لاحرامه قبل الوقت ومن أهل بالحج ثم أحرم بعمرة لزماه فلو وقف بعرفات ولم يأت بأفعال العمرة فهو رافض لعمرته فإن توجه إليها لم يكن رافضا حتى يقف فإن طاف للحج ثم أحرم بعمرة فمضى عليهما لزماه وعليه دم لجمعه بينهما ويستحب أن يرفض عمرته وإذا رفض عمرته يقضيها وعليه دم ومن أهل بعمرة في يوم النحر أو في ايام التشريق لزمته ويرفضها وعمرة مكانها فإن مضى عليها أجزأه وعليه دم لجمعه بينهما فإن فاته الحج ثم أحرم بعمرة أو بحجة فإنه يرفضها
 باب الإحصار
وإذا أحصر المحرم بعدو أو أصابه مرض فمنعه من المضي جاز له التحلل وإذا جاز له التحلل يقال له ابعث شاة تذبح في الحرم وواعد من تبعثه بيوم بعينه يذبح فيه ثم تحلل وإن كان قارنا بعث بدمين فإن بعث بهدي واحد ليتحلل عن الحج ويبقى في إحرام العمرة لم يتحلل عن واحد منهما ولا يجوز ذبح دم الإحصار إلا في الحرم ويجوز ذبحه قبل يوم النحر عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز الذبح للمحصر بالحج إلا في يوم النحر ويجوز للمحصر بالعمرة متى شاء والمحصر بالحج إذا تحلل فعليه حجة وعمرة وعلى المحصر بالعمرة القضاء وعلى القارن حج وعمرتان فإن بعث القارن هديا وواعدهم أن يذبحوه في يوم بعينه ثم زال الإحصار فإن كان لا يدرك الحج والهدي لا يلزمه أن يتوجه بل يصبر حتى يتحلل ينحر الهدي وإن كان يدرك الحج والهدي لزمه التوجه وإذا أدرك هديه صنع به ما شاء وإن كان يدرك الهدي دون الحج يتحلل وإن كان يدرك الحج دون الهدي جاز لهالتحلل ومن وقف بعرفة ثم أحصر لا يكون محصرا ومن أحصر بمكة وهو ممنوع عن الطواف والوقوف فهو محصر وإن قدر على أحدهما فليس بمحصر
 باب الفوات
ومن أحرم بالحج وفاته الوقوف بعرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر فقد فاته الحج وعليه أن يطوف ويسعى ويتحلل ويقضي الحج من قابل ولا دم عليه والعمرة لا تفوت وهي جائزة في جميع السنة إلا خمسة أيام يكره فيها فعلها وهي يوم عرفه ويوم النحر وأيام التشريق والعمرة سنة وهي الطواف والسعي
 باب الحج عن الغير
ومن أمره رجلان بأن يحج عن كل واحد منهما حجة فأهل بحجة عنهما فهي عن الحاج ويضمن النفقة أن انفق من مالهما وإن أبهم الإحرام بأن نوى عن أحدهما غير عين فإن مضى على ذلك صار مخالفا فإن أمره غيره أن يقرن عنه فالدم على من احرم وكذا إن أمره واحد بأن يحج عنه والآخر بأن يعتمر عنه وأذنا له بالقران فالدم عليه ودم الإحصار على الآمر وقال أبو يوسف على الحاج فإن كان يحج عن ميت فأحصر فالدم في مال الميت ودم الجماع على الحاج ويضمن النفقة ومن أوصى بأن يحج عنه فأحجوا عنه رجلا فلما بلغ الكوفة مات أو سرقت نفقته وقد أنفق النصف يحج عن الميت من منزله بثلث ما بقي وقالا يحج عنه من حيث مات الأول ومن أهل بحجة عن أبويه يجزئه أن يجعله عن أحدهما
 باب الهدي
الهدي أدناه شاة وهو من ثلاثة أنواع الإبل والبقر والغنم ولا يجوز في الهدايا إلا ما جاز في الضحايا والشاة جائزة في كل شيء إلا في موضعين من طاف طواف الزيارة جنبا ومن جامع بعد الوقوف بعرفة فإنه لا يجوز فيهما إلا بدنة ويجوز الأكل من هدي التطوع والمتعة والقران ويستحب له أن يأكل منها أو لايجوز الأكل من بقية الهدايا ولا يجوز ذبح هدي التطوع والمتعة والقران إلا في يوم النحر وفي الأصل يجوز ذبح دم التطوع قبل يوم النحر وذبح يوم النحر أفضل وهو الصحيح فإذا وجد ذلك جاز ذبحها في غير يوم النحر وفي أيام النحر أفضل ويجوز ذبح بقية الهدايا في أي وقت شاء ولا يجوز ذبح الهدايا إلا في الحرم ويجوز أن يتصدق بها على مساكين الحرم وغيرهم ولا يجب التعريف بالهدايا فإن عرف بهدي المتعة فحسن والأفضل في البدن النحر وفي البقر والغنم الذبح ولا يذبح البقر والغنم قياما والأولى أن يتولى ذبحها بنفسه إذا كان يحسن ذلك ويتصدق بجلالها وخطامها ولا يعطي أجرة الجزار منها ومن ساق بدنة فاضطر إلى ركوبها ركبها وإن استغنى عن ذلك لم يركبها وإن كان لها لبن لم يحلبها وينضح ضرعها بالماء البارد حتى ينقطع اللبن ومن ساق هديا فعطب فإن كان تطوعا فليس عليه غيره وإن كان عن واجب فعليه أن يقيم غيره مقامه وإن أصابه عيب كبير يقيم غيره مقامه وصنع بالمعيب ما شاء وإذا عطبت البدنة في الطريق فإن كان تطوعا نحرها وصبغ نعلها بدمها وضرب بها صفحة سنامها ولا يأكل هو ولا غيره من الأغنياء منها فإن كانت واجبة أقام غيرها مقامها وصنع بها ما شاء ويقلد هدي التطوع والمتعة والقران ولا يقلد دم الإحصار ولا دم الجنايات
مسائل منثورة
أهل عرفة إذا وقفوا في يوم وشهد قوم أنهم وقفوا يوم النحر أجزأهم ومن رمى في اليوم الثاني الجمرة الوسطى والثالثة ولم يرم الأولى فإن رمى الأولى ثم الباقيتين فحسن ولو رمى الأولى وحدها أجزأه ومن جعل على نفسه أن يحج ما شيا فإنه لا يركب حتى يطوف طواف الزيارة ومن باع جارية محرمة قد أذن لها مولاها في ذلك فللمشتري أن يحللها ويجامعها وفي بعض النسخ أو يجامعها= كتاب النكاح
النكاح ينعقد بالإيجاب والقبول بلفظين يعبر بهما عن الماضي وينعقد بلفظين يعبر بأحدهما عن الماضي وبالآخر عن المستقبل مثل أن يقول زوجني فيقول زوجتك وينعقد بلفظ النكاح والتزويج والهبة والتمليك والصدقة وينعقد بلفظ البيع ولا ينعقد بلفظة الإجارة والإباحة والإحلال والإعارة والوصية ولا ينعقد نكاح المسلمين إلا بحضور شاهدين حرين عاقلين بالغين مسلمين رجلين أو رجل وامرأتين عدولا كانوا أو غير عدول أو محدودين في القذف وإن تزوج مسلم ذمية بشهادة ذميين جاز عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد وزفر لا يجوز ومن أمر رجلا بأن يزوج ابنته الصغيرة فزوجها والأب حاضر بشهادة رجل واحد سواهما جاز النكاح وإن كان الأب غائبا لم يجز
فصل في بيان المحرمات
لا يحل للرجل أن يتزوج بأمه ولا بجداته من قبل الرجال والنساء ولا ببنته ولا ببنت ولده وإن سفلت ولا بأخته ولا ببنات أخته ولا ببنات أخيه ولا بعمته ولا بخالته ولا بأم امرأته التي دخل بها أو لم يدخل ولا ببنت امرأته التي دخل بها سواء كانت في حجره أو في حجر غيره ولا بامرأة أبيه وأجداده ولا بامرأة ابنه وبني أولاده ولا بأمه من الرضاعة ولا بأخته من الرضاعة ولا يجمع بين أختين نكاحا ولا يملك يمين وطء فإن تزوج أخت أمه وله قد وطئها صح النكاح ولا يطأ الأمة وإن كان لم يطأ المنكوحة فإن تزوج أختين في عقدتين ولا يدري أيتهما أولى فرق بينه وبينهما ولهما نصف المهر ولا يجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها ولا يجمع بين امرأتين لو كانت إحداهما رجلا لم يجز له أن يتزوج بالأخرى ولا بأس بأن يجمع بين امرأة وبنت زوج كان لها من قبل ومن زنى بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها ومن مسته امرأة بشهوةحرمت عليه أمها وابنتها وإذا طلق امرأته طلاقا بائنا أو رجعيا لم يجز له أن يتزوج بأختها حتى تنقضي عدتها ولا يتزوج المولى أمته ولا المرأة عبدها ويجوز تزوج الكتابيات ولا يجوز تزوج المجوسيات ولا الوثنيات ويجوز تزوج الصابئيات إن كانوا يؤمنون بدين نبي ويقرون بكتاب وإن كانوا يعبدون الكواكب ولا كتاب لهم لم تجز مناكحتهم ويجوز للمحرم والمحرمة أن يتزوجا في حالة الإحرام ويجوز تزوج الأمة مسلمة كانت أو كتابية ولا يتزوج أمة على حرة ويجوز تزوج الحرة عليها فإن تزوج أمة على حرة في عدة من طلاق بائن أو ثلاث لم يجز عند أبي حنيفة رحمه الله ويجوز عندهما وللحر أن يتزوج أربعا من الحرائر والإماء وليس له ان يتزوج أكثر من ذلك ولا يجوز للعبد أن يتزوج أكثر من اثنتين فإن طلق الحر إحدى الأربع طلاقا بائنا لم يجز له أن يتزوج رابعة حتى تنقضي عدتها وإن تزوج حبلى من زنى جاز النكاح ولا يطؤها حتى تضع حملها وإن كان الحمل ثابت النسب فالنكاح باطل بالإجماع فإن تزوج حاملا من السبي فالنكاح فاسد وإن زوج أم ولده وهي حامل منه فالنكاح باطل ومن وطىء جاريته ثم زوجها جاز النكاح وإذا جاز النكاح فللزوج أن يطأها قبل الاستبراء وكذا إذا رأى امرأة تزني فتزوجها حل له أن يطأها قبل أن يستبرئها عندهما وقال محمد لا أحب له أن يطأها مالم يستبرئها ونكاح المتعة باطل والنكاح المؤقت باطل ومن تزوج امرأتين في عقدة واحدة وإحداهما لا يحل له نكاحها صح نكاح التي يحل نكاحها وبطل نكاح الأخرى ومن ادعت عليه امرأة أنه تزوجها وأقامت بينة فجعلها القاضي امرأته ولم يكن تزوجها وسعها المقام معه وأن تدعه يجامعها
 باب في الأولياء والأكفاء
وينعقد نكاح الحرة العاقلة البالغة برضاها وإن لم يعقد عليها ولي بكراكانت ثيبا أو بكرا عند أبي حنيفة وأبي يوسف في ظاهر الرواية وعن أبي يوسف أنه لا ينعقد إلا بولي وعند محمد ينعقد موقوفا ولا يجوز للولي إجبار البكر البالغة على النكاح فإذا استأذنها الولي فسكتت أو ضحكت فهو إذن وإن فعل هذا غير الولي أو ولي غيره أولى منه لم يكن رضا حتى تتكلم به ولا تشترط تسمية المهر ولو زوجها فبلغها الخبر فسكتت فهو على ما ذكرنا ولو استأذن الثيب فلا بد من رضاها بالقول وإذا زالت بكارتها بوثبة أو حيضة أو جراحة أو تعنيس فهي في حكم الأبكار ولو زالت بزنى فهي كذلك عند أبي حنيفة وإذا قال الزوج بلغك النكاح فسكت وقال ترددت فالقول قولها وإن أقام الزوج البينة على سكوتها ثبت النكاح ويجوز نكاح الصغير والصغيرة إذا زوجهما الولي بكرا كانت الصغيرة أو ثيبا والولي هو العصبة فإن زوجهما الأب أو الجد فلا خيار لهما بعد بلوغهما وإن زوجهما غير الأب والجد فلكل واحد منهما الخيار إذا بلغ إن شاء أقام على النكاح وإن شاء فسخ ويشترط فيه القضاء ثم عندهما إذا بلغت الصغيرة وقد علمت بالنكاح فسكتت فهو رضا وإن لم تعلم بالنكاح فلها الخيار حتى تعلم فتسكت ثم خيار البكر يبطل السكوت ولا يبطل خيار الغلام مالم يقل رضيت أو يجيء منه ما يعلم أنه رضا وكذلك الجارية إذا دخل بها الزوج قبل البلوغ وخيارالبلوغ في حق البكر لا يمتد إلى آخر المجلس ولا يبطل بالقيام في حق الثيب والغلام ثم الفرقة بخيار البلوغ ليست بطلاق فإن مات أحدهما قبل البلوغ ورثه الآخر ولا ولاية لعبد ولا صغير ولا مجنون ولا لكافر على مسلم ولغير العصبات من الآقارب ولاية التزويج عند أبي حنيفة رحمه الله ومن لا ولي لها أذا زوجها مولاها الذي أعتقها جاز وإذا عدم الأولياء فالولاية إلى الإمام والحاكم فإذا غاب الولي الأقرب غيبة منقطعة جاز لمن هو أبعد منه أن يزوج والغيبة المنقطعة أن يكون في بلد لا تصل إليه القوافل في السنة إلا مرة واحدة وإذا اجتمع في المجنونة أبوها وابنها فالولي في إنكاحها ابنها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله أبوها
فصل في الكفاءة
الكفاءة في النكاح معتبرة وإذا زوجت المرأة نفسها من غير كفء فللأولياء أن يفرقوا بينهما ثم الكفاءة تعتبر في النسب فقريش بعضهم أكفاء لبعض والعرب بعضهم أكفاء لبعض وأما الموالي فمن كان له أبوان في الإسلام فصاعدا فهو من الأكفاء ومن أسلم بنفسه أو له أب واحد في الإسلام لا يكون كفؤا لمن له أبوان ومن أسلم بنفسه لا يكون كفؤا لمن له أب واحد في الإسلام وتعتبر أيضا في الدين وفي المال وهو أن يكون مالكا للمهر والنفقة وفي الصنائع وإذا تزوجت المرأة ونقصت عن مهر مثلها فللأولياء الاعتراض عليها عند أبي حنيفة رحمه الله حتى يتم لها مهر مثلها أو يفارقها وإذا زوج الأب ابنته الصغيرة ونقص من مهرها أو ابنه الصغير وزاد في مهر امرأته جاز ذلك عليهما ولا يجوز ذلك لغير الأب والجد وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز الحط والزيادة إلا بما يتغابن الناس فيه ومن زوج ابنته وهي صغيرة عبدا أو زوج ابنه وهو صغير أمة فهو جائز وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله
فصل في الوكالة بالنكاح وغيرها
ويجوز لابن العم أن يزوج بنت عمه من نفسه وإذا أذنت المرأة لرجل أن يزوجها من نفسه فعقد بحضرة شاهدين جاز وتزويج العبد والأمة بغير إذن مولاهما موقوف فإن أجازه الولي جاز وإن رده بطل وكذا لو زوج رجل امرأة بغير رضاها أو رجلا بغير رضاه ومن قال اشهدوا أني قد زوجتها منه فبلغها الخبر فأجازت فهو باطل وإن قال آخر اشهدوا أني قد زوجتها منه فبلغها الخبر فأجازت جاز وكذا إن كانت المرأة هي التي قالت جميع ذلك ومن أمر رجلا أن يزوجه امرأة فزوجه اثنتين في عقدة لم تلزمه واحدة منهما ومن أمره أمير بأن يزوجه امرأة فزوجه أمة لغيره جاز عند ابي حنيفة وقال ابو يوسف ومحمد لا يجوز إلا أن يزوجه كفؤا
 باب المهر
ويصح النكاح وإن لم يسم فيه مهرا وأقل المهر عشرة دراهم ولو سمي أقل من عشرة فلها العشرة وقال زفر لها مهر المثل ومن سمى مهرا عشرة فما زادفعليه المسمى إن دخل بها أو مات عنها وإن طلقها قبل الدخول بها والخلوة فلها نصف المسمى وإن تزوجها ولم يسم لها مهرا أو تزوجها على أن لا مهر لها فلها مهر مثلها إن دخل بها أو مات عنها ولو طلقها قبل الدخول بها فلها المتعة والمتعة ثلاثة أثواب من كسوة مثلها ويشترط في المتعة أن لا تزيد على نصف مهر مثلها ولا تنقص عن خمسة دراهم وإن تزوجها ولم يسم لها مهرا ثم تراضيا على تسميته فهي لها إن دخل بها أو مات عنها وإن طلقها قبل الدخول بها فلها المتعة فإن زاد لها في المهر بعد العقد لزمته الزيادة وتسقط بالطلاق قبل الدخول وإن حطت عنه من مهرها صح الحط وإذا خلا الرجل بامرأته وليس هناك مانع من الوطء ثم طلقها فلها كمال المهر وإن كان أحدهما مريضا أو صائما في رمضان أو محرما بحج فرض أو نفل أو بعمرة أو كانت حائضا فليست الخلوة صحيحة وإن كان احدهما صائما تطوعا فلها المهر كله وإذا خلا المجبوب بامرأته ثم طلقها فلها كمال المهر عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه نصف المهر وعليها العدة في جميع هذه المسائل وتستحب المتعة لكل مطلقة إلا لمطلقة واحدة وهي التي طلقها الزوج قبل الدخول بها وقد سمى لها مهرا وإذا زوج الرجل بنته على أن يزوجه الآخر بنته أو أخته ليكون أحد العقدين عوضا عن الآخر فالعقدان جائزان ولكل واحدة منهما مهر مثلها وأن تزوج حر امرأة على خدمته إياها سنة أو على تعليم القرآن فلها مهر مثلها وقال محمد لها قيمة خدمته سنة وإن تزوج عبد امرأة بإذن مولاه على خدمته سنة جاز ولها خدمته فإن تزوجها على ألف فقبضتها ووهبتها له ثم طلقها قبل الدخول بها رجع عليها بخمسمائة فإن لم تقبض الألف حتى وهبتها له ثم طلقها قبل الدخول بها لم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء ولو قبضت خمسمائة ثم وهبت الألف كلها المقبوض وغيره أو وهبت الباقي ثم طلقها قبل الدخول بها لم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يرجع عليها بنصف ما قبضت ولو كان تزوجها على عرض فقبضته أو لم تقبض فوهبته له ثم طلقها قبل الدخول بها لم يرجع عليها بشيء ولو تزوجها على حيوان أو عروض في الذمة فكذلك الجواب وإذاتزوجها على ألف على أن لا يخرجها من البلدة أو على أن لا يتزوج عليها أخرى فإن وفى بالشرط فلها المسمى وإن تزوج عليها أخرى أو أخرجها فلها مهر مثلها ولو تزوجها على ألف إن اقام بها وعلى ألفين إن أخرجها فإن أقام بها فلها الألف وإن أخرجها فلها مهر المثل لا يزاد على الألفين ولا ينقص عن الألف وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا الشرطان جميعا جائزان ولو تزوجها على هذا العبد أو على هذا العبد فإذا أحدهما أوكس والآخر أرفع فإن كان مهر أقل من أوكسهما فلها الأوكس وإن كان أكثر من أرفعهما فلها الأرفع وإن كان بينهما مهر مثلها فإن طلقها قبل الدخول بها فلها نصف الأوكس في ذلك كله بالإجماع وإذا تزوجها على حيوان غير موصوف صحت التسمية ولها الوسط منه والزوج مخير إن شاء أعطاها ذلك وإن شاء أعطاها قيمته وإن تزوجها على ثوب غير موصوف فلها مهر المثل فإن تزوج مسم على خمر أو خنزير فالنكاح جائز ولها مهر مثلها فإن تزوج امرأة على هذا الدن من الخل فإذا هو خمر فلها مهر مثلها عند أبي حنيفة وقالا لها مثل وزنه خلا وإذا تزوجها على هذا العبد فإذا هو حر يجب مهر المثل عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف تجب القيمة فإن تزوجها على هذين العبدين فإذا أحدهما حر فليس لها إلا الباقي إذا ساوى عشرة دراهم عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف لها العبد وقيمة الحر لو كان عبدا وقال محمد لها العبد الباقي وتمام مهر مثلها إن كان مهر مثلها أكثر من قيمة العبد وإذا فرق القاضي بين الزوجين في النكاح الفاسد قبل الدخول فلا مهر لها وكذا بعد الخلوة فإن دخل بها فلها مهر مثلها لا يزاد على المسمى وعليها العدة وثبت نسب ولدها ومهر مثلها يعتبر بإخواتها وعماتها وبنات أعمامها ولا يعتبر بامها وخالتها إذا لم تكونا من قبيلتها فإن كانت الأم من قوم أبيها بأن كانت بنت عمه فحينئذ يعتبر بمهرها ويعتبر في مهر المثل أن تتساوى المرأتان في السن والجمال والمال والعقل والدين والبلد والعصر وإذا ضمن الولي المهر صح ضمانه ثم المرأة بالخيار في مطالبتها زوجها أو وليها وللمرأة أن تمنع نفسها حتى تأخذ المهر وتمنعه أنيخرجها وليس للزوج أن يمنعها من السفر والخروج من منزله وزيارة أهلها حتى يوافيها المهر كله ولو كان المهر كله مؤجلا ليس لها أن تمنع نفسها وإذا أوفاها مهرها نقلها إلى حيث شاء ومن تزوج امرأة ثم اختلفا في المهر فالقول قول المرأة إلى تمام مهر مثلها والقول قول الزوج فيما زاد على مهر المثل وإن طلقها قبل الدخول بها فالقول قوله في نصف المهر وهذا عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف القول قوله بعد الطلاق وقبله إلا أن يأتي بشيء قليل ولو كان الاختلاف في أصل المسمى يجب مهر المثل بالإجماع ولو كان الاختلاف بعد موت أحدهما فالجواب فيه كالجواب في حياتهما ولو كان الاختلاف بعد مدتهما في المقدار فالقول قول ورثة الزوج وإذا مات الزوجان وقد سمى لها مهرا فلورثتها أن يأخذوا ذلك من ميراث الزوج وإن لم يسم لها مهرا فلا شيء لورثتها عند أبي حنيفة وقالا لورثتها المهر في الوجهين ومن بعث إلى امرأته شيئا فقالت هو هدية وقال الزوج هو من المهر فالقول قوله إلا في الطعام الذي يؤكل فإن القول قولها
فصل
وإذا تزوج النصراني نصرانية على ميتة أو على غير مهر وذلك في دينهم جائز ودخل بها أو طلقها قبل الدخول بها أو مات عنها فليس لها مهر وكذلك الحربيان في دار الحرب فإن تزوج الذمي ذمية على خمر أو خنزير ثم أسلما أو أسلم أحدهما فلها الخمر والخنزير
 باب نكاح الرقيق
لا يجوز نكاح العبد والأمة إلا بإذن مولاهما وكذا المكاتب والمدبر وأم الولد وإذا تزوج العبد بإذن مولاه فالمهر دين في رقبته يباع فيه والمدبر والمكاتب يسعيان في المهر ولا يباعان فيه وإذا تزوج العبد بغير إذن مولاه فقال المولى طلقها أو فارقها فليس هذا بإجازة وإن قال طلقها تطليقة تملك الرجعة فهذا إجازة ومن قال لعبده تزوج هذه الأمة فتزوجها نكاحا فاسدا ودخل بها فإنه يباع في المهر عند أبي حنيفة وقالا يؤخذ منه إذا عتق ومن زوج عبدا مديونامأذونا له امرأة جاز والمرأة أسوة للغرماء في مهرها ومن زوج أمته فليس عليه أن يبوئها بيت الزوج لكنها تخدم المولى ويقال للزوج متى ظفرت بها وطئتها فإن بوأها معه بيتا فلها النفقة والسكنى وإلا فلا ولو بوأها بيتا ثم بدا له أن يستخدمها له ذلك ذكر تزويج المولى عبده وأمته ولم يذكر رضاهما ومن زوج أمته ثم قتلها قبل أن يدخل بها زوجها فلا مهر لها عند أبي حنيفة وقالا عليه المهر مولاها وإن قتلت حرة نفسها قبل أن يدخل بها زوجها فلها المهر وإذا تزوج أمة فالإذن في العزل إلى المولى وإن تزوجت أمة بإذن مولاها ثم اعتقت فلها الخيار حرا كان زوجها أو عبدا وكذلك المكاتبة وإن تزوجت أمة بغير إذن مولاها ثم عتقت صح النكاح ولا خيار لها فإن كانت تزوجت بغير إذنه على ألف ومهر مثلها مائة فدخل بها زوجها ثم أعتقها مولاها فالمهر للمولى وإن لم يدخل بها حتى أعتقها فالمهر لها ومن وطىء أمة ابنه فولدت منه فهي أم ولد له وعليه قيمتها ولا مهر عليه ولو كان الابن زوجها إباه فولدت لم تصر أم ولد له ولا قيمة عليه وعليه المهر وولدها حر وإذا كانت الحرة تحت عبد فقالت لمولاه أعتقه عني بألف ففعل فسد النكاح ولو قالت أعتقه عني ولم تسم مالا لم يفسد النكاح والولاء للمعتق
 باب نكاح اهل الشرك
وإذا تزوج الكافر بغير شهود أو في عدة كافر وذلك في دينهم جائز ثم أسلما أقرا عليه فإذا تزوج المجوسي أمه أو ابنته ثم أسلما فرق بينهما ولا يجوز أن يتزوج المرتد مسلمة ولا كافرة ولا مرتدة وكذا المرتدة لا يتزوجها مسلم ولا كافر فإن كان أحد الزوجين مسلما فالولد على دينه وكذلك إن أسلم أحدهما وله ولد صغير صار ولده مسلما بإسلامه ولو كان أحدهما كتابيا والآخر مجوسيا فالولد كتابي وإذا أسلمت المرأة وزوجها كافر عرض القاضي عليه الإسلامفإن أسلم فهي امرأته وإن أبى فرق بينهما وكان ذلك طلاقا عند أبي حنيفة ومحمد وإن اسلم الزوج وتحته مجوسية عرض عليها الإسلام فإن أسلمت فهي امرأته وإن أبت فرق القاضي بينهما ولم تكن الفرقة بينهما طلاقا ثم إذا فرق القاضي بينهما بإبائها فلها المهر إن كان دخل بها وإن لم يكن دخل بها فلا مهر لها وإذا أسلمت المرأة في دار الحرب وزوجها كافر أو أسلم الحربي وتحته مجوسية لم تقع الفرقة عليها حتى تحيض ثلاث حيض ثم تبين من زوجها وإذا أسلم زوج الكتابية فهما على نكاحهما وإذا خرج أحد الزوجين إلينا من دار الحرب مسلما وقعت البينونة بينهما ولو سبي أحد الزوجين وقعت البينونة بينهما بغير طلاق وإن سبيا معا لم تقع البينونة وإذا خرجت المرأة إلينا مهاجرة جاز لها أن تتزوج ولا عدة عليها وإن كانت حاملا لم تتزوج حتى تضع حملها وإذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام وقعت الفرقة بغير طلاق ثم إن كان الزوج هو المرتد فلها كل المهر إن دخل بها ونصف المهر إن لم يدخل بها وإن كانت هي المرتدة فلها كل المهر إن دخل بها وإن لم يدخل بها فلا مهر لها ولا نفقة وإذا ارتدا معا ثم أسلما معا فهما على نكاحهما
 باب القسم
وإذا كان لرجل امرأتان حرتان فعليه أن يعدل بينهما في القسم بكرين كانتا أو ثيبين أو إحداهما بكرا والأخرى ثيبا وإن كانت إحداهما حرة والأخرى أمة فللحرة الثلثان من القسم وللأمة الثلث ولا حق لهن في القسم حالة السفرفيسافر الزوج بمن شاء منهن والأولى أن يقرع بينهن فيسافر بمن خرجت قرعتها وإن رضيت إحدى الزوجات بترك قسمها لصاحبتها جاز ولها أن ترجع في ذلك = كتاب الرضاع
قليل الرضاع وكثيره سواء إذا حصل في مدة الرضاع تعلق به التحريم ثم مدة الرضاع ثلاثون شهرا عند ابي حنيفة وقالا سنتان وإذا مضت مدة الرضاعلم يتعلق بالرضاع تحريم ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب إلا أم أخته من الرضاع فإنه يجوز أن يتزوجها ولا يجوز أن يتزوج أم أخته من النسب ويجوز أن يتزوج أخت ابنه من الرضاع ولا يجوز ذلك من النسب وامرأة أبيه أو امرأة ابنه من الرضاع لا يجوز أن يتزوجها كما يجوز ذلك النسب وابن الفحل يتعلق به التحريم وهو أن ترضع المرأة صبية فتحرم هذه الصبية على زوجها وعلى آبائه وأبنائه ويصير الزوج الذي نزل لها منه اللبن أبا للمرضعة ويجوز أن يتزوج الرجل بأخت أخيه من الرضاع وكل صبيين اجتمعا على ثدي امرأة واحدة لم يجز لأحدهما أن يتزوج بالأخرى ولا يتزوج المرضعة أحد من ولد التي أرضعت ولا ولد ولدها ولا يتزوج الصبي المرضع أخت زوج المرضعة وإذا اختلط اللبن بالماء واللبن هو الغالب تعلق به التحريم وإن غلب الماء لم يتعلق به التحريم وإن اختلط بالطعام لم يتعلق به التحريم وإن اختلط بالدواء واللبن غالب تعلق به التحريم وإذا اختلط اللبن بلبن الشاة وهو الغالب تعلق به التحريم وإن غلب لبن الشاة لم يتعلق به التحريم وإذا اختلط لبن امرأتين تعلق التحريم بأغلبهما عند أبي يوسف وقال محمد وزفر يتعلق التحريم بهما وإذا نزل للبكر لبن فأرضعت صبيا تعلق به التحريم وإذا حلب لبن المرأة بعد موتها فأوجر الصبي تعلق به التحريم وإذا احتقن الصبي باللبن لم يتعلق به التحريم وإذا نزل للرجل لبن فأرضع به صبيا لم يتعلق به التحريم وإذا شرب صبيان من لبن شاة لم يتعلق به التحريم وإذا تزوج الرجل صغيرة وكبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة حرمتا على الزوج ثم إن لم يدخل بالكبيرة فلا مهر لها وللصغيرة نصف المهر ويرجع به الزوج على الكبيرة إن كانت تعمدت به الفساد وإن لم تتعمد فلا شيء عليها وإن علمت بأن الصغيرة امرأته ولا تقبل في الرضاع شهادة النساء منفردات وإنما تثبت بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين= كتاب الطلاق
 باب طلاق السنة
الطلاق على ثلاثة أوجه حسن وأحسن وبدعي فالأحسن ان يطلق الرجل امرأته تطليقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه ويتركها حتى تنقضي عدتها والحسن هو طلاق السنة وهو أن يطلق المدخول بها ثلاثا في ثلاثة أطهار وطلاق البدعة أن يطلقها ثلاثا بكلمة واحدة أو ثلاثا في طهر واحد فإذا فعل ذلك وقع الطلاق وكان عاصيا والسنة في الطلاق من وجهين سنة في الوقت وسنة في العدد فالسنة في العدد يستوي فيها المدخول بها وغير المدخول بها والسنة في الوقت تثبت في المدخول بها خاصة وهو أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه وغير المدخول بها يطلقها في حالة الطهر والحيض وإذا كانت المرأة لا تحيض من صغر أو كبر فأراد أن يطلقها ثلاثا للسنة طلقها واحدة فإذا مضى شهر طلقها أخرى فإذا مضى شهر طلقها أخرى ويجوز أن يطلقها ولا يفصل بين وطئها وطلاقها بزمان وطلاق الحامل يجوز عقيب الجماع ويطلقها للسنة ثلاثا يفصل بين كل تطليقتين بشهر عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد وزفر لا يطلقها للسنة إلا واحدة وإذا طلق الرجل امرأته في حالة الحيض وقع الطلاق ويستحب له أن يراجعها فإذا طهرت وحاضت ثم طهرت فإن شاء طلقها وإن شاء أمسكها ومن قال لامرأته وهي من ذوات الحيض وقد دخل بها أنت طالق ثلاثا للسنة ولا نية له فهي طالق عند كل طهر تطليقة وإن نوى أن تقع الثلاث الساعة أو عند رأس كل شهر واحدة فهو على ما نوى وإن كانت آيسة أو من ذوات الأشهر وقعت الساعة واحدة وبعد شهر أخرى وبعد شهر أخرى وإن نوى أن يقع الثلاث الساعة وقعن عندنا خلافا لزفر
فصل ويقع طلاق كل زوج إذا كان عاقلا بالغا ولا يقع طلاق الصبي والمجنون والنائم وطلاق المكره واقع وطلاق السكران واقع وطلاق
الأخرس واقع بالإشارة وطلاق الأمة ثنتان حرا كان زوجها أو عبدا وطلاق الحرة ثلاث حرا كان زوجها أو عبدا وإذا تزوج العبد امرأة بإذن مولاه وطلقها وقع طلاقه ولا يقع طلاق مولاه على امرأته
 باب أيقاع الطلاق
الطلاق على ضربين صريح وكناية فالصريح قوله أنت طالق ومطلقة وطلقتك فهذا يقع به الطلاق الرجعي ولا يفتقر إلى النية وكذا إذا نوى الإبانة ولو نوى الطلاق عن وثاق لم يدين في القضاء ويدين فيما بينه وبين الله تعالى ولو نوى به الطلاق عن العمل لم يدين في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى ولو قال أنت مطلقة لا يكون طلاقا إلا بالنية ولا يقع به إلا واحدة وإن نوى أكثر من ذلك ولو قال أنت الطلاق أو أنت طالق الطلاق أو أنت طلاقا فإن لم تكن له نية أو نوى واحدة أو ثنتين فهي واحدة رجعية وإن نوى ثلاثا فثلاث ولو قال أنت طالق الطلاق وقال أردت بقولي طالق واحدة وبقولي الطلاق أخرى يصدق وإذا أضاف الطلاق إلى جملتها أو إلى ما يعبر به عن الجملة وقع الطلاق وذلك مثل أن يقول أنت طالق أو رقبتك طالق أو عنقك أو روحك أو بدنك أو جسدك أو فرجك أو وجهك وكذلك إن طلق جزءا شائعا منها مثل أن يقول نصفك أو ثلثك طالق ولو قال يدك طالق أو رجلك طالق لم يقع الطلاق وإن طلقها نصف تطليقة أو ثلث تطليقة كانت طالقا تطليقة واحدة ولو قال لها أنت طالق ثلاثة أنصاف تطليقتين فهي طالق ثلاثا ولو قال أنت طالق ثلاثة أنصاف تطليقة قيل يقع تطليقتان ولو قال أنت طالق من واحدة إلى ثنتين أو ما بين واحدة إلى ثنتين فهي واحدة وإن قال من واحدة إلى ثلاث أو ما بين واحدة إلى ثلاث فهي ثنتان وهذا عند أبي حنيفة وقالا في الأولى هي ثنتان وفي الثانية ثلاث ولو قال أنت طالق واحدة في ثنتين ونوى الضرب والحساب أولم تكن له نية فهي واحدة فإن نوى واحدة وسنتين فهي ثلاث ولو نوى الظرف تقع واحدة ولو قال اثنتين في اثنتين ونوى الضرب والحساب فهي ثنتان ولو قال أنت طالق من ههنا إلى الشام فهي واحدة ويملك الرجعة ولو قال أنت طالق بمكة أو في مكة فهي طالق في الحال في كل البلاد وكذلك لو قال أنت طالق في الدار ولو قال أنت طالق إذا دخلت مكة لم تطلق حتى تدخل مكة
فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان
ولو قال أنت طالق غدا وقع عليها الطلاق بطلوع الفجر ولو قال أنت طالق اليوم غدا أو غدا اليوم فإنه يؤخذ بأول الوقتين الذي تفوه به ولو قال أنت طالق في غد وقال نويت آخر النهار دين في القضاء عند أبي حنيفة وقالا لا يدين في القضاء خاصة ولو قال أنت طالق أمس وقد تزوجها اليوم لم يقع شيء ولو تزوجها أول من أمس وقع الساعة ولو قال أنت طالق قبل أن أتزوجك لم يقع شيء ولو قال أنت طالق مالم أطلقك أو متى لم أطلقك أو متى لم أطلقك وسكت طلقت ولو قال أنت طالق إن لم أطلقك لم تطلق حتى يموت ولوقال أنت طالق إذا لم أطلقك أو إذا مالم أطلقك لم تطلق حتى يموت عند أبي حنيفة وقالا تطلق حين سكت ولو قال أنت طالق مالم أطلقك أنت طالق فهي طالق بهذه التطليقة ومن قال لامرأة يوم أتزوجك فأنت طالق فتزوجها ليلا طلقت
فصل
ومن قال لامرأة أنا منك طالق فليس بشيء وإن نوى طلاقا ولو قال أنا منك بائن أو أنا عليك حرام ينوي الطلاق فهي طالق ولو قال أنت طالق واحدة أولا فليس بشيء ولو قال أنت طالق مع موتي أو مع موتك فليس بشيء وإذا ملك الزوج امرأته أو شقصا منها أو ملكت المرأة زوجها أو شقصا منه وقعت الفرقة ولو اشتراها ثم طلقها لم يقع شيء وإن قال لها وهي أمة لغيره أنت طالق ثنتين مع عتق مولاك إياك فأعتقها مولاها ملك الزوج الرجعة ولو قال إذا جاء غد فأنت طالق ثنتين وقالالمولى إذا جاء غد فأنت حرة فجاء الغد لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره وعدتها ثلاث حيض وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد زوجها يملك الرجعة
فصل في تشبيه الطلاق ووصفه
ومن قال لامرأته أنت طالق هكذا يشير بالإبهام والسبابة والوسطى فهي ثلاث وإذا وصف الطلاق بضرب من الزيادة أو الشدة كان بائنا مثل أن يقول أنت طالق بائن أو البتة وكذا إذا قال أنت طالق أفحش الطلاق وكذا إذا قال أخبث الطلاق أو أسوأه وكذا إذا قال طلاق الشيطان أو طلاق البدعة وكذا إذا قال كالجبل ولو قال لها انت طالق أشد الطلاق أو كألف أو ملء البيت فهي واحدة بائنة إلا أن ينوي ثلاثا ولو قال أنت طالق تطليقة شديدة أو عريضة أو طويلة فهي واحدة بائنة
فصل في الطلاق قبل الدخول
وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا قبل الدخول بها وقعن عليها فإن فرق الطلاق بانت بالأولى ولم تقع الثانية والثالثة وكذا إذا قال لها أنت طالق واحدة وواحدة وقعت واحدة ولو قال لها أنت طالق واحدة فماتت قبل قوله واحدة كان باطلا وكذا إذا قال أنت طالق ثنتين أو ثلاثا ولو قال أنت طالق واحدة قبل واحدة أو بعدها واحدة وقعت واحدة ولو قال أنت طالق واحدة قبلها واحدة تقع ثنتان وكذا إذا قال أنت طالق واحدة بعد واحدة يقع ثنتان ولو قال أنت طالق واحدة مع واحدة أو معها واحدة تقع ثنتان وفي المدخول بها تقع ثنتان في الوجوه كلها ولو قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق واحدة وواحدة فدخلت وقعت عليها واحدة عند أبي حنيفة وقالا تقع ثنتان ولو قال لها أنت طالق واحدة وواحدة إن دخلت الدار فدخلت طلقت ثنتين وأما الضرب الثاني وهو الكنايات لا يقع بها الطلاق إلا بالنية أو بدلالة الحال وهي على ضربين منها ثلاثة ألفاظ يقع بها طلاق رجعي ولا يقع بها إلا واحدة وهي قوله اعتدي واستبرئي رحمك وأنت واحدة وبقية الكناياتإذا نوى بها الطلاق كانت واحدة بائنة وإن نوى ثلاثا كانت ثلاثا وإن نوى ثنتين كانت واحدة بائنة وهذا مثل قوله أنت بائن وبتة وبتلة وحرام وحبلك على غاربك والحقي بأهلك وخلية وبرية ووهبتك لأهلك وسرحتك وفارقتك وأمرك بيدك واختاري وأنت حرة وتقنعي وتخمري واستتري واغربي واخرجي واذهبي وقومي وابتغي الأزواج إلا أن يكون في حال مذاكرة الطلاق فيقع بها الطلاق في القضاء ولا يقع فيما بينه وبين الله تعالى إلا أن ينويه وهذا فيما لا يصلح ردا ولا تصح نية الثنتين عندنا خلافا لزفر وإن قال لها اعتدي اعتدي اعتدي وقال نويت بالأولى طلاقا وبالباقي حيضا دين في القضاء وإن قال لم أنو بالباقي شيئا فهي ثلاث
 باب تفويض الطلاق
فصل في الاختيار
وإذا قال لامرأته اختاري ينوي بذلك الطلاق أو قال لها طلقي نفسك فلها أن تطلق نفسها ما دامت في مجلسها ذلك فإن قامت منه أو أخذت في عمل آخر خرج الأمر من يدها ويبطل خيارها بمجرد القيام فإن اختارت نفسها في قوله اختاري كانت واحدة بائنة ولا يكون ثلاثا وإن نوى الزوج ذلك ولا بد من ذكر النفس في كلامه أو في كلامها حتى لو قال لها اختاري فقالت قد اخترت فهو باطل ولو قال لها اختاري نفسك فقالت اخترت تقع واحدة بائنة وكذا لو قال اختاري اختيارة فقالت اخترت ولو قال اختاري فقالت قد اخترت نفسي يقع الطلاق إذا نوى الزوج ولو قال اختاري فقالت أنا أختار نفسي فهي طالق ولو قال لها اختاري اختاري اختاري فقالت قد اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة طلقت ثلاثا في قول أبي حنيفة ولا يحتاج إلى نية الزوج وقالا تطلق واحدة ولو قالت اخترت اختيارة فهي ثلاث في قولهم جميعا ولو قالت قد طلقت نفسي أو اخترت نفسي بتطليقة فهي واحدة يملك الرجعة وإن قال لها أمرك بيدك في تطليقة أو اختاري تطليقة فاختارت نفسها فهي واحدة يملك الرجعة
فصل في الأمر باليد
وإن قال لها أمرك بيدك ينوي ثلاثا فقالت قد اخترت نفسي بواحده فهي ثلاث ولو قالت قد طلقت نفسي بتطليقة فهي واحدة بائنة ولو قال لها أمرك بيدك اليوم وبعد غد لم يدخل فيه الليل وإن ردت الأمر في يومها بطل أمر ذلك اليوم وكان الأمر بيدها بعد غد ولو قال أمرك بيدك اليوم وغدا يدخل الليل في ذلك فإن ردت الأمر في يومها لا يبقى الأمر في يدها في غد وإن قال أمرك بيدك يوم يقدم فلان فقدم فلان ولم تعلم بقدومه حتى جن الليل فلا خيار لها وإذا جعل أمرها بيدها أو خيرها فمكثت يوما لم تقم فالأمر في يدها مالم تأخذ عي عمل آخر ثم إذا كانت تسمع يعتبر مجلسها ذلك وإن كانت لا تسمع فمجلس علمها وبلوغ الخبر إليها ولو كانت قائمة فجلست فهي على خيارها وكذا إذا كانت قاعدة فاتكأت أو متكئة فقعدت ولو قالت ادع أبي أستشيره أو شهودا أشهدهم فهي على خيارها وإن كانت تسير على دابة أو في محمل فوقفت فهي على خيارها وإن سارت بطل خيارها والسفينة بمنزلة البيت
فصل في المشيئة
ومن قال لامرأته طلقي نفسك ولا نية له أو نوى واحدة فقالت طلقت نفسي فهي واحدة رجعية وإن طلقت نفسها ثلاثا وقد أراد الزوج ذلك وقعن عليها وإن قال لها طلقي نفسك فقالت أبنت نفسي طلقت ولو قالت قد اخترت نفسي لم تطلق ولو قال لها طلقي نفسك فليس له أن يرجع عنه وإن قال لها طلقي نفسك متى شئت فلها أن تطلق نفسها في المجلس وبعده وإذا قال لرجل طلق امرأتي فله أن يطلقها في المجلس وبعده ولو قال لرجل طلقها إن شئت فله أن يطلقها في المجلس خاصة ولو قال لها طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة فهي واحدة ولو قال لها طلقي نفسك واحدة فطلقت نفسها ثلاثا لم يقع شيء عند أبي حنيفة وقالا تقع واحدة وإن أمرها بطلاق يملك الرجعة فطلقت بائنة أو أمرها بالبائن فطلقت رجعية وقع ما أمر به الزوج وإن قال لها طلقي نفسك ثلاثا إن شئت فطلقت نفسها واحدة لم يقعولو قال لها طلقي نفسك واحدة إن شئت فطلقت ثلاثا فكذلك عند أبي حنيفة وقالا تقع واحدة ولو قال لها أنت طالق إن شئت فقالت شئت إن شئت فقال الزوج شئت ينوي الطلاق بطل الأمر وكذا إذا قالت شئت أن شاء أبي أو شئت إن كان كذا الأمر لم يجىء بعد وإن قالت قد شئت إن كان كذا الأمر قد مضى طلقت ولو قال لها أنت طالق إذاشئت أو إذا ما شئت أو متى ما شئت فردت الأمر لم يكن ردا ولا يقتصر على المجلس ولو قال لها أنت طالق كلما شئت فلها أن تطلق نفسها واحدة بعد واحدة حتى تطلق نفسها ثلاثا حتى لو عادت إليه بعد زوج آخر فطلقت نفسها لم يقع شيء وليس لها أن تطلق نفسها ثلاثا بكلمة واحدة ولو قال لها أنت طالق حيث شئت أو أين شئت لم تطلق حتى تشاء وإن قامت من مجلسها فلا مشيئة لها وإن قال لها أنت طالق كيف شئت طلقت تطليقة يملك الرجعة قال في الأصل هذا قول أبي حنيفة وعندهما لا يقع مالم توقع المرأة فتشاء رجعية أو بائنة أو ثلاثا وإن قال لها أنت طالق كم شئت أو ما شئت طلقت نفسها ما شاءت فإن قامت من المجلس بطل وإن ردت الأمر كان ردا وإن قال لها طلقي نفسك من ثلاث ما شئت فلها ان تطلق نفسها واحدة أو اثنتين ولا تطلق ثلاثا عند أبي حنيفة وقالا تطلق ثلاثا إن شاءت
 باب الإيمان في الطلاق
وإذا أضاف الطلاق إلى النكاح وقع عقيب النكاح مثل أن يقول لامرأة إن تزوجتك فأنت طالق أو كل امرأة أتزوجها فهي طالق وإذا أضافه إلى شرط وقع عقيب الشرط مثل أن يقول لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق ولا تصح أضافة الطلاق إلا أن يكون الحالف مالكا أو يضيفه إلى ملك فإن قال لأجنبية إن دخلت الدار فأنت طالق ثم تزوجها فدخلت الدار لم تطلق وألفاظ الشرط إن وإذا وإذاما وكل وكلما ومتى ومتى ما ففي هذه الألفاط إذا وجد الشرط انحلت وانتهت اليمينإلا في كلمة كلما فإنها تقتضي تعميم الأفعال فإن تزوجها بعد ذلك وتكرر الشرط لم يقع شيء ولو دخلت على نفس التزوج بأن قال كلما تزوجت امرأة فهي طالق يحنث بكل مرة وإن كان بعد زوج آخر وزوال الملك بعد اليمين لا يبطلها ثم إن وجد الشرط في ملكه انحلت اليمين ووقع الطلاق وإن وجد في غير الملك انحلت اليمين ولم يقع شيء وإن اختلفا في وجود الشرط قالقول قول الزوج إلا أن تقيم المرأة البينة فإن كان الشرط لا يعلم إلا من جهتها فالقول قولها في حق نفسها مثل أن يقول إن حضت فأنت طالق وفلانة فقالت قد حضت طلقت هي ولم تطلق فلانة وكذلك لو قال إن كنت تحبين أن يعذبك الله في نار جهنم فأنت طالق وعبدي حر فقالت أحبه أو قال إن كنت تحبيني فأنت طالق وهذه معك فقالت أحبك طلقت هي ولم يعتق العبد ولا تطلق صاحبتها وإذا قال لها إذا حضت فأنت طالق فرأت الدم لم يقع الطلاق حتى يستمربها ثلاثة أيام فإذا تمت ثلاثة أيام حكمنا بالطلاق من حين حاضت ولو قال لها إذا حضت حيضة فأنت طالق لم تطلق حتى تطهر من حيضتها وإذا قال أنت طالق إذا صمت يوما طلقت حين تغيب الشمس في اليوم الذي تصوم فيه ومن قال لامرأته إذا ولدت غلاما فأنت طالق واحدة وإذا ولدت جارية فأنت طالق ثنتين فولدت غلاما وجارية ولا يدري أيهما أول لزمه في القضاء تطليقة وفي التنزه تطليقتان وانقضت العدة بوضع الحمل وإن قال لها إن كلمت أبا عمرو وأبا يوسف فأنت طالق ثلاثا ثم طلقها واحدة فبانت وانقضت عدتها فكلمت أبا عمرو ثم تزوجها فكلمت أبا يوسف فهي طالق ثلاثا مع الواحدة الأولى وقال زفر لا يقع وإن قا لها إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا فطلقها ثنتين وتزوجت زوجا آخر ودخل بها ثم عادت إلى الأول فدخلت الدار طلقت ثلاثا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد هي طالق ما بقي من الطلقات وإن قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا ثم قال لها أنت طالق ثلاثا فتزوجت غيره ودخل بها ثم رجعت إلى الأول فدخلت الدار لم يقع شيء ولو قال لامرأته إذا جامعتك فأنت طالق ثلاثا فجامعها فلما التقى الختانانطلقت ثلاثا وإن لبث ساعة لم يجب عليه المهر وإن أخرجه ثم أدخله وجب عليه المهر وعن أبي يوسف أنه أوجب المهر في الفصل الأول أيضا لوجود الجماع بالدوام عليه إلا أنه لا يجب عليه الحد للاتحاد
فصل في الاستثناء
وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إن شاء الله تعالى متصلا لم يقع الطلاق ولو سكت يثبت حكم الكلام الأول وكذا إذا ماتت قبل قوله إن شاء الله تعالى وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا واحدة طلقت ثنتين وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا ثنتين طلقت واحدة
 باب طلاق المريض
وإذا طلق الرجل امرأته في مرض موته طلاقا بائنا فمات وهي في العدة ورثته وإن مات بعد انقضاء العدة فلا ميراث لها وإن طلقها ثلاثا بأمرها أو قال لها اختاري فاختارت نفسها أو اختلعت منه ثم مات وهي في العدة لم ترثه وإن قال لها في مرض موته كنت طلقتك ثلاثا في صحتي وانتقضت عدتك فصدقته ثم أقر لها بدين أو أوصى لها بوصية فلها الأقل من ذلك ومن الميراث عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يجوز إقراره ووصيته وإن طلقها ثلاثا في مرضه بأمرها ثم أقر لها بدين أو أوصى لها بوصية فلها الأقل من ذلك ومن الميراث في قولهم جميعا ومن كان محصورا أو في صف القتال فطلق امرأته ثلاثا لم ترثه وإن كان قد بارز رجلا أو قدم ليقتل في قصاص أو رجم ورثت إن مات في ذلك الوجه أو قتل وإذا قال الرجل لامداته وهو صحيح إذا جاءرأس الشهر أو إذا دخلت الدار أو إذا صلى فلان الظهر أو إذا دخل فلان الدار فأنت طالق فكانت هذه الأشياء والزوج مريض لم ترث وإن كان القول في المرض ورثت إلا في قوله إذا دخلت الدار ومن قذف امرأته وهو صحيح ولاعن في المرض ورثت وقال محمد لا ترث وإن كان القذف في المرض ورثته في قولهم جميعا وإن آلى منامرأته وهو صحيح ثم بانت بالإيلاء وهو مريض لم ترث وإن كان الإيلاء أيضا في المرض ورثت والطلاق الذي يملك فيه الرجعة ترث به في جميع الوجوه وكل ما ذكرنا أنها ترث إنما ترث إذا مات وهي في العدة
 باب الرجعة
وإذا طلق الرجل امرأته تطليقة رجعية أو تطلقتين فله أو يراجعها في عدتها رضيت بذلك أو لم ترض والرجعة أن يقول راجعتك أو راجعت امرأتي أو يطأها أو يقبلها أو يلمسها بشهوة أو ينظر إلى فرجها بشهوة ويستحب أن يشهد على الرجعة شاهدين فإن لم يشهد صحت الرجعة وإذا انقضت العدة فقال كنت راجعتها في العدة فصدقته فهي رجعة وإن كذبته فالقول قولها وإذا قال الزوج قد راجعتك فقالت مجيبة له قد انقضت عدتي لم تصح الرجعة عند أبي حنيفة وإذا قال زوج الأمة بعد انقضاء عدتها قد كنت راجعتها وصدقه المولى وكذبته الأمة فالقول قولها عند أبي حنيفة وقالا القول فول المولى وإن قالت قد انقضت عدتي وقال الزوج والمولى لم تنقض عدتك فالقول قولها وإذا انقطع الدم من الحيضة الثالثة لعشرة أيام انقطعت الرجعة وإن لم تغتسل وإن انقطع لأقل من عشرة أيام لم تنقطع الرجعة حتى تغتسل أو يمضي عليها وقت صلاة كامل وإذا اغتسلت ونسيت شيئا من بدنها لم يصبه الماء فإن كان عضوا فما فوقه لم تنقطع الرجعة وإن كان أقل من عضو انقطعت ومن طلق امرأته وهي حامل أو ولدت منه وقال لم أجامعها فله الرجعة فإن خلا بها وأغلق بابا أو أرخى سترا وقال لم أجامعها ثم طلقها لم يملك الرجعة فإن راجعها ثم جاءت بولد لأقل من سنتين بيوم صحت تلك الرجعة فإن قال لها إذا ولدت فأنت طالق فولدت ثم أتت بولد آخر فهي رجعة وإن قال كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ثلاثة أولاد في بطون مختلفة فالولد الأول طلاق والولد الثاني رجعة وكذا الثالث والمطلقة الرجعية تتشوف وتتزين ويستحب لزوجها أن لا يدخل عليها حتى يؤذنها أو يسمعها خفقنعليه وليس له أن يسافر بها حتى يشهد عن رجعتها والطلاق الرجعي لا يحرم الوطء
فصل فيما تحل به المطلقة
وإذا كان الطلاق بائنا دون الثلاث فله أن يتزوجها في العدة وبعد انقضائها وإن كان الطلاق ثلاثا في الحرة أو ثنتين في الآمة لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ويدخل بها ثم يطلقها أو يموت عنها والصبي المراهق في التحليل كالبالغ ووطء المولى أمته لا يحلها وإذا تزوج بشرط التحليل فالنكاح مكروه فإن طلقها بعد ما وطئها حلت للأول وإذا طلق الحرة تطليقة أو تطليقتين وانقضت عدتها وتزوجت بزوج آخر ثم عادت إلى الزوج الأول عادت بثلاث تطليقات ويهدم الزوج الثاني ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يهدم ما دون الثلاث وإذا طلقها ثلاثا فقالت قد انقضت عدتي وتزوجت ودخل بي الزوج وطلقني وانقضت عدتي والمدة تحتمل ذلك جاز للزوج أن يصدقها إذا كان في غالب ظنه أنها صادقة
 باب الإيلاء
وإذا قال الرجل لامرأته والله لا أقربك أو قال والله لا أقربك أربعة أشهر فهو مول فإن وطئها في الأربعة الأشهر حنث في يمينه ولزمته الكفارة وسقط الإيلاء وإن لم يقربها حتى مضت أربعة أشهر بانت منه بتطليقة فإن كان حلف على أربعة أشهر فقد سقطت اليمين وإن كان حلف على الأبد فاليمين باقية فإن عاد فتزوجها عاد الإيلاء فإن وطئها وإلا وقعت بمضي أربعة أشهر تطليقة أخرى فإن تزوجها ثالثا عاد الإيلاء ووقعت بمضي أربعة أشهر أخرى إن لم يقربها فإن تزوجها بعد زوج آخر لم يقع بذلك الإيلاء طلاق واليمين باقية فإن وطئها كفر عن يمينه فإن حلف على أقل من أربعة أشهر لم يكن موليا ولو قال والله لا أقربك شهرين وشهرين بعد هذين الشهرين فهو مول ولو مكث يوماثم قال والله لا أقربك شهرين بعد الشهرين الأولين لم يكن موليا ولو قال والله لا أقربك سنة إلا يوما لم يكن موليا ولو قربها في يوم والباقي أربعة أشهر أو أكثر صار موليا ولو قال وهو بالبصرة والله لا أدخل الكوفة وامرأته بها لم يكن موليا ولو حلف بحج أو بصوم أو صدقة أو عتق أو طلاق فهو مول وإن آلى من المطلقة الرجعية كان موليا ومن البائنة لم يكن موليا ولو قال لأجنبية والله لا أقربك أو أنت على كظهر أمي ثم تزوجها لم يكن موليا ولا مظاهرا وإن قربها كفر ومدة إيلاء الأمة شهران وإن كان المولى مريضا لا يقدر على الجماع أو كانت مريضة أو رتقاء أو صغيرة لا تجامع أو كانت بينهما مسافة لا يقدر أن يصل إليها في مدة الإيلاء ففيؤه أن يقول بلسانه فئت إليها في مدة الإيلاء فإن قال ذلك سقط الإيلاء ولو قدر على الجماع في المدة بطل ذلك الفيء وصار فيؤه بالجماع وإذا قال لامرأته أنت علي حرام سئل عن نيته فإن قال أردت الكذب فهو كما قال وإن قال أردت الطلاق فهي تطليقة بائنة إلا أن ينوي الثلاث وإن قال أردت الظهار فهو ظهار وإن قال أردت التحريم أو لم أرد به شيئا فهو يمين يصير به موليا
 باب الخلع
وإذا تشاق الزوجان وخافا أن لا يقيما حدود الله فلا بأس بأن تفتدي نفسها منه بمال يخلعها به فإذا فعل ذلك وقع بالخلع تطليقة بائنة ولزمها المال وإن كان النشوز من قبله يكره له أن يأخذ منها عوضا وإن كان النشوز منها كرهنا له أن يأخذ أكثر مما أعطاها ولو أخذ الزيادة جاز في القضاء وإن طلقها على مال فقبلت وقع الطلاق ولزمها المال وكان الطلاق بائنا وأن بطل العوض في الخلع مثل أن يخالع المسلم على خمر أو خنزير أو ميتة فلا شيء للزوج والفرقة بائنة وإن بطل العوض في الطلاق كان رجعيا وما جاز أن يكون مهرا جاز أن يكون بدلا في الخلع فإن قالت له خالعني على ما في يدي فخالعها ولم يكن في يدها شيء فلا شيء له عليها وإن قالت خالعنيعلى ما في يدي من مال فخالعها فلم يكن في يدها شيء ردت عليه مهرها ولو قالت خالعني على ما في يدي من دراهم أو من الدراهم ففعل فلم يكن في يدها شيء فعليها ثلاثة دراهم وإن اختلعت على عبد لها أبق على أنها بريئة من ضمانه لم تبرأ وعليها تسليم عيته إن قدرت وتسليم قيمته إن عجزت وإذا قالت طلقني ثلاثا بألف فطلقها واحدة فعليها ثلث الألف وإن قالت طلقني ثلاثا على ألف فطلقها واحدة فلا شيء عليها عند أبي حنيفة ويملك الرجعة وقالا هي واحدة بائنة بثلث الألف ولو قال الزوج طلقي نفسك ثلاثا بألف أو على ألف فطلقت نفسها واحدة لم يقع شيء ولو قال أنت طالق على ألف فقبلت طلقت وعليها الألف وهو كقوله أنت طالق بألف ولو قال لامرأته أنت طالق وعليك ألف فقبلت أو قال لعبده أنت حر وعليك ألف فقبل عتق العبد وطلقت المرأة ولا شيء عليهما عند أبي حنيفة وقالا على كل واحد منهما الألف إذا قبل ولو قال أنت طالق على ألف على أني بالخيار أو على أنك بالخيار ثلاثة أيام فقبلت فالخيار باطل إذا كان للزوج وهو جائز إذا كان للمراة فإن ردت الخيار في الثلاث بطل وإن لم ترد طلقت ولزمها الألف عند أبي حنيفة وقالا الخيار باطل في الوجهين والطلاق واقع وعليها ألف درهم ومن قال لامرأته طلقتك أمس على ألف درهم فلم تقبلي فقالت قبلت قالقول قول الزوج ومن قال لغيره بعت منك هذا العبد بألف درهم أمس فلم تقبل فقال قبلت فالقول قول المشتري والمبارأة كالخلع كلاهما يسقطان كل حق لكل واحد من الزوجين على الآخر مما يتعلق بالنكاح عند أبي حنيفة ومن خلع ابنته وهي صغيرة بمالها لم يجز عليها وإن خلعها على ألف على أنه ضامن فالخلع واقع والألف على الأب وإن شرط الألف عليها توقف على قبولها إن كانت من أهل القبول فإن قبلت وقع الطلاق ولا يجب المال وكذا إن خالعها على مهرها ولم يضمن الأب المهر توقف على قبولها فإن قبلت طلقت ولا يسقط المهر وإن ضمن الأب المهر وهو ألف درهم طلقت
 باب الظهار
وإذا قال الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي فقد حرمت عليه لا يحل له وطؤها ولا مسها ولا تقبيلها حتى يكفر عن ظهاره فإن وطئها قبل أن يكفر استغفر الله تعالى ولا شيء عليه غير الكفارة الأولى ولا يعود حتى يكفر ولو نوى به الطلاق لا يصح وإذا قال أنت علي كبطن أمي أو كفخذها أو كفرجها فهو مظاهر وكذا إذا شبهها بمن لا يحل له النظر إليها على التأييد من محارمه مثل أخته أو عمته أو أمه من الرضاعة وكذلك إذا قال رأسك علي كظهر أمي أو فرجك أو وجهك أو رقبتك أو نصفك أو ثلثك أو بدنك ولو قال أنت علي مثل أمي أو كأمي يرجع إلى نيته فإن قال أردت الكرامة فهو كما قال وإن قال أردت الظهار فهو ظهار وإن قال أردت الطلاق فهو طلاق بائن وإن لم تكن له نية فليس بشيء ولو قال أنت علي حرام كأمي ونوى ظهارا أو طلاقا فهو على مانوى وإن قال أنت علي حرام كظهر أمي ونوى به طلاقا أو إيلاء لم يكن إلا ظهارا عند أبي حنيفة وقالا هو على ما نوى ولا يكون الظهار إلا من الزوجة حتى لو ظاهر من أمته لم يكن مظاهرا فإن تزوج امرأة بغير أمرها ثم ظاهر منها ثم أجازت النكاح فالظهار باطل ومن قال لنسائه أنتن على كظهر أمي كان مظاهرا منهن جميعا وعليه لكل واحدة كفارة
فصل في الكفارة
وكفارة الظهار عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا وكل ذلك قبل المسيس وتجزى في العتق الرقبة الكافرة والمسلمة والذكر والأنثى والكبير والصغير ولا تجزىء العمياء ولا المقطوعة اليدين أو الرجلين ولا يجوز مقطوع إبهامي اليدين ولا يجوز المجنون الذي لا يعقل والذي يجن ويفيق يجزئه ولا يجزىء عتق المدبر وأم الولد وكذاالمكاتب الذي أدى بعض المال وإن اشترى أباه أو ابنه ينوي بالشراء الكفارة جاز عنها فإن أعتق نصف عبد مشترك وهو موسر وضمن قيمة باقية لم يجز عند أبي حنيفة ويجوز عندهما وإن أعتق نصف عبده عن كفارته ثم أعتق باقيه عنها جاز وإن أعتق نصف عبده عن كفارته ثم جامع التي ظاهر منها ثم أعتق باقيه لم يجز عند أبي حنيفة رحمه الله وإذا لم يجد المظاهر ما يعتق فكفارته صوم شهرين متتابعين ليس فيهما شهررمضان ولا يوم الفطر ولا يوم النحر ولا أيام التشريق فإن جامع التي ظاهر منها في خلال الشهرين ليلا عامدا أو نهارا ناسيا استأنف الصوم عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف لا يستأنف وإن أفطر منها يوما بعذر أو بغير عذر استأنف وإن ظاهر العبد لم يجز في الكفارة إلا الصوم وإن أعتق المولى أو أطعم عنه لم يجزه وإذا لم يستطع المظاهر الصيام أطعم ستين مسكينا ويطعم كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير أو قيمة ذلك فإن اعطى منا من بر أو منوين من تمر أو شعير جاز وإن أمر غيره أن يطعم عنه من ظهاره ففعل أجزأه فإن غداهم وعشاهم جاز قليلا كان ما أكلوا أو كثيرا ولو كان فيمن عشاهم صبي فطيم لا يجزئه وإن أطعم مسكينا واحدا ستين يوما أجزأه وإن أعطاه في يوم واحد لم يجزه إلا عن يومه وإن قرب التي ظاهر منها في خلال الإطعام لم يستأنف وإذا أطعم عن ظهارين ستين مسكينا لكل مسكين صاعا من بر لم يجزه إلا عن واحد منهما عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يجزئه عنهما وإن أطعم ذلك عن إفطار وظهار أجزأه عنهما ومن وجبت عليه كفارتا ظهار فأعتق رقبتين لا ينوي عن إحداهما بعينها جاز عنهما وكذا إذا صام أربعة أشهر أو أطعم مائة وعشرين مسكينا جاز وإن أعتق عنهما رقبة واحدة أو صام شهرين كان له أن يجعل ذلك عن أيهما شاء وإن أعتق عن ظهار وقتل لم يجز عن واحد منهما
 باب اللعان
إذا قذف الرجل امرأته بالزنا وهما من أهل الشهادة والمرأة ممن يحد قاذفها أو نفي نسب ولدها وطالبته بموجب القذف فعليه اللعان فإن امتنع منه حبسه الحاكم حتى يلاعن أو يكذب نفسه ولو لاعن وجب عليها اللعان فإن امتنعت حبسها الحاكم حتى تلاعن أو تصدقه وإذا كان الزوج عبدا أو كافرا أو محدودا في قذف فقذف امرأته فعليه الحد وإن كان من أهل الشهادة وهي أمة أو كافرة أو محدودة في قذف أو كانت ممن لا يحد قاذفها فلا حد عليه ولا لعان وصفة اللعان أن يبتدىء القاضي بالزوج فيشهد أربع مرات يقول في كل مرة أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ويقول في الخامسة لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا يشير إليها في جميع ذلك ثم تشهد المرأة أربع مرات تقول في كل مرة أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا وتقول في الخامسة غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا وإذا التعنا لا تقع الفرقة حتى يفرق القاضي بينهما وتكون الفرقة تطليقة بائنة عند أبي حنيفة ومحمد وهو خاطب إذا أكذب نفسه عندهما وعند أبي يوسف هو تحريم مؤبد ولو كان القذف بنفي الولد نفى القاضي نسبه وألحقه بأمه ولو قذفها بالزنا ونفى الولد ذكر في اللعان الأمرين ثم ينفي القاضي نسب الولد ويلحقه بأمه فإن عاد الزوج وأكذب نفسه حده القاضي وحل له أن يتزوجها وهذا عندهما وكذلك إن قذف غيرها فحد به وكذا إذا زنت فحدت وإذا قذف امرأته وهي صغيرة أو مجنونة فلا لعان بينهما وكذا إذا كان الزوج صغيرا أو مجنونا وقذف الآخرس لا يتعلق به اللعان وإذا قال الزوج ليس حملك مني فلا لعان بينهما قإن قال لها زنيت وهذا الحمل من الزنا تلاعنا ولم ينف القاضي الحمل وإذا نفى الرجل ولد امرأته عقيب الولادة أو في الحالة التي تقبل فيهاالتهنئة وتبتاع آلة الولادة صح نفيه ولاعن به وإن نفاه بعد ذلك لا عن ويثبت النسب هذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يصح نفيه في مدة النفاس وإذا ولدت ولدين في بطن واحد فنفى الأول واعترف بالثاني يثبت نسبهما وحد الزوج وإن اعترف بالأول ونفى الثاني يثبت نسبهما ولاعن
 باب العنين وغيره
وإذا كان الزوج عنينا أجله الحاكم سنة فإن وصل إليها فيها وإلا فرق بينهما إذا طلبت المرأة ذلك وتلك الفرقة تطليقة بائنة ولها كمال مهرها إن كان خلا بها وتجب العدة ولو اختلف الزوج والمرأة في الوصول إليها فإن كانت ثيبا فالقول قوله مع يمينه ثم إن حلف بطل حقها وإن نكل يؤجل سنة وإن كانت بكرا نظر إليها النساء فإن قلن هي بكر أجل سنة وإن قلن هي ثيب يحلف الزوج فإن حلف لا حق لها وإن نكل يؤجل سنة وإن كان مجبوبا فرق بينهما في الحال إن طلبت والخصي يؤجل كما يؤجل العنين وإذا أجل العنين سنة وقال قد جامعتها وأنكرت نظر أليها النساء فإن قلن هي بكر خيرت وإن قلن هي ثيب حلف الزوج فإن نكل خيرت وإن حلف لا تخير وإن كانت ثيبا في الأصل فالقول قوله مع يمينه فإن اختارت زوجها لم يكن لها بعد ذلك خيار وإذا كان بالزوجة عيب فلا خيار للزوج وإذا كان بالزوج جنون أو برص أو جذام فلا خيار لهاعند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لها الخيار
 باب العدة
وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا بائنا أو رجعيا أو وقعت الفرقة بينهما بغير طلاق وهي حرة ممن تحيض فعدتها ثلاثة أقراء وإن كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر فعدتها ثلاثة أشهر وكذا التي بلغت بالسن ولم تحض وإن كانت حاملا فعدتها أن تضع حملها وإن كانت أمة فعدتها حيضتان وإن كانت لا تحيض فعدتهاشهر ونصف وعدة الحرة في الوفاة أربعة أشهر وعشر وعدة الأمة شهران وخمسة أيام وإن كانت حاملا فعدتها أن تضع حملها وإذا ورثت المطلقة في المرض فعدتها أبعد الأجلين فإذا عتقت الأمة في عدتها من طلاق رجعي انتقلت عدتها إلى عدة الحرائر وإن أعتقت وهي مبتوتة أو متوفي عنها زوجها لم تنتقل عدتها وإن كانت آيسة فاعتدت بالشهور ثم رأت الدم انتقض ما مضى من عدتها وعليها أن تستأنف العدة بالحيض ولو حاضت حيضتين ثم آيست تعتد بالشهور والمنكوحة نكاحا فاسدا والموطوءة بشبهة عدتهما الحيض في الفرقة والموت وإذا مات مولى أم الولد عنها أو أعتقها فعدتها ثلاث حيض ولو كانت ممن لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر وإذا مات الصغير عن امرأته وبها حبل فعدتها أن تضع حملها وإذا طلق الرجل امرأته في حالة الحيض لم تعتد بالحيضة التي وقع فيها الطلاق وإذا وطئت المعتدة بشبهة فعليها عدة أخرى وتداخلت العدتان ويكون ما تراه المرأة من الحيض محتسبا منهما جميعا وإذا انقضت العدة الأولى ولم تكمل الثانية فعليها إتمام العدة الثانية والمعتدة عن وفاة إذا وطئت بشبهة تعتد بالشهور وتحتسب بما تراه من الحيض فيها وابتداء العدة في الطلاق عقيب الطلاق وفي الوفاة عقيب الوفاة فإن لم تعلم بالطلاق أو الوفاة حتى مضت مدة العدة فقد انقضت عدتها والعدة في النكاح الفاسد عقيب التفريق أو عزم الواطىء على ترك وطئها وإذا قالت المعتدة انقضت عدتي وكذبها الزوج كان القول قولها مع اليمين وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا بائنا ثم تزوجها في عدتها وطلقها قبل الدخول بها فعليه مهر كامل وعليها عدة مستقبلة وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد عليه نصف المهر وعليها إتمام العدة الأولى وإذا طلق الذمي الذمية فلا عدة عليها وكذا إذا خرجت الحربية إلينا مسلمة فإن تزوجت جاز إلا أن تكون حاملا وهذا كله عند أبي حنيفة وقالا عليها وعلى الذمية العدة
فصل
وعلى المبتوتة والمتوفي عنها زوجها إذا كانت بالغة مسلمة الحداد والحداد أن تترك الطيب والزينة والكحل والدهن المطيب وغير المطيب إلا من عذر وفي الجامع الصغير إلا من وجع ولا تختضب بالحناء ولا تلبس ثوبا مصبوغا بعصفر ولا بزعفران ولا حداد على كافرة ولا على صغيرة وعلى الأمة إلاحداد وليس في عدة أم الولد ولا في عدة النكاح الفاسد إحداد ولا ينبغي أن تخطب المعتدة ولا بأس بالتعريض في الخطبة ولا يجوز للمطلقة الرجعية والمبتوتة الخروج من بيتها ليلا ولا نهارا والمتوفى عنها زوجها تخرج نهارا وبعض الليل ولا تبيت في غير منزلها وعلى المعتدة أن تعتد في المنزل الذي يضاف إليها بالسكنى حال وقوع الفرقة والموت وإن كان نصيبها من دار الميت لا يكفيها فأخرجها الورثة من نصيبهم انتقلت ثم إن وقعت الفرقة بطلاق بائن أو ثلاث لا بد من سترة بينهما ثم لا بأس به وإن جعلا بينهما امرأة ثقة تقدر على الحيلولة فحسن وإن ضاق عليهما المنزل فلتخرج والأولى خروجه وإذا خرجت المرأة مع زوجها إلى مكة فطلقها ثلاثا أو مات عنها في غير مصر فإن كان بينها وبين مصرها أقل من ثلاثة أيام رجعت إلى مصرها وإن كانت مسيرة ثلاثة أيام إن شاءت رجعت وإن شاءت مضت سواء كان معها ولي أو لم يكن إلا أن يكون طلقها أو مات عنها زوجها في مصر فإنها لا تخرج حتى تعتد ثم تخرج إن كان لها محرم وهذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إن كان معها محرم فلا بأس بأن تخرج من المصر قبل أن تعتد
 باب ثبوت النسب
ومن قال إن تزوجت فلانة فهي طالق فتزوجها فولدت ولدا لستة أشهر من يوم تزوجها فهو ابنه وعليه المهر ويثبت نسب ولد المطلقة الرجعية إذا جاءت به لسنتين أو أكثر مالم تقر بانقضاء عدتها وإن جاءت به لأقل من سنتين بانت من زوجها بانقضاء العدة وثبت نسبه وإن جاءت به لأكثر من سنتين كانت رجعةوالمبتوتة يثبت نسب ولدها إذا جاءت به لأقل من سنتين فإن جاءت به لتمام سنتين من وقت الفرقة لم يثبت إلا أن يدعيه فإن كانت المبتوتة صغيرة يجامع مثلها فجاءت بولد لتسعة أشهر لم يلزمه حتى تأتي به لأقل من تسعة أشهر عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف يثبت النسب منه إلى سنتين ويثبت نسب ولد المتوفي عنها زوجها ما بين الوفاة وبين السنتين وإذا اعترفت المعتدة بانقضاء عدتها ثم جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر يثبت نسبه وإن جاءت به لستة أشهر لم يثبت وإذا ولدت المعتدة ولدا لم يثبت نسبه عند أبي حنيفة إلا أن يشهد بولادتها رجلان أو رجل وامرأتان إلا أن يكون هناك حبل ظاهر أو اعتراف من قبل الزوج فيثبت النسب من غير شهادة وقال أبو يوسف ومحمد يثبت في الجميع بشهادة امرأة واحدة فإن كانت معتدة عن وفاة فصدقها الورثة في الولادة ولم يشهد على الولادة أحد فهو ابنه في قولهم جميعا وإذا تزوج الرجل امرأة فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ يوم تزوجها لم يثبت نسبه وإن جاءت به لستة أشهر فصاعدا يثبت نسبه منه اعترف الزوج أو سكت فإن جحد الولادة يثبت بشهادة امرأة واحدة تشهد بالولادة حتى لو نفاه الزوج يلاعن فإن ولدت ثم اختلفا فقال الزوج تزوجتك منذ أربعة وقالت هي منذ ستة أشهر فالقول قولها وهو ابنه وإن قال لامرأته إذا ولدت ولدا فأنت طالق فشهدت امرأة على الولادة لم تطلق عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد تطلق وإن كان الزوج قد أقر بالحبل طلقت من غير شهادة عند أبي حنيفة وعندهما تشترط شهادة القابلة وأكثر مدة الحمل سنتان وأقله ستة أشهر ومن تزوج أمة فطلقها ثم اشتراها فإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ يوم اشتراها لزمه وإلا لم يلزمه ومن قال لأمته إن كان في بطنك ولد فهو مني فشهدت على الولادة امرأة فهي أم ولده ومن قال لغلام هو ابني ثم مات فجاءت أم الغلام وقالت أنا امرأته فهي امرأته وهو ابنه يرثانه ولو لم يعلم بأنها حرة فقالت الورثة أنت أم ولد فلا ميراث لها
 باب الولد ومن أحق به وإذا وقعت الفرقة بين الزوجين فالأم أحق بالولد والنفقة على الأب ولاتجبر الأم عليه فإن لم تكن له أم فأم الأم أولى من أم الأب وإن بعدت فإن لم تكن أم الأم فأم الأب أولى من الأخوات فإن لم تكن له جدة فالأخوات أولى من العمات والخالات وتقدم الأخت لأب وأم ثم الأخت من الأم ثم الأخت من الأب ثم الخالات أولى من العمات وينزلن كما نزلنا الأخوات ثم العمات ينزلن كذلك وكل من تزوجت من هؤلاء يسقط حقها إلا الجدة إذا كان زوجها الجد وكذلك كل زوج هو ذو رحم محرم منه ومن سقط حقها بالتزوج يعود إذا ارتفعت الزوجية فإن لم تكن للصبي امرأة من أهله فاختصم فيه الرجال فأولاهم أقربهم تعصيبا والأم والجدة أحق بالغلام حتى يأكل وحده ويشرب وحده ويلبس وحده ويستنجي وحده وفي الجامع الصغير حتى يستغني فيأكل وحده ويشرب وحده ويلبس وحده والأم والجدة أحق بالجارية حتى تحيض ومن سوى الأم والجدة أحق بالجارية حتى تبلغ حدا تشتهي وفي الجامع الصغير حتى تستغني والأمة إذا أعتقها مولاها وأم الولد أذا أعتقت كالحرة في حق الولد وليس لهما قبل العتق حق في الولد لعجزهما والذمية أحق بولدها المسلم ما لم يعقل الأديان أو يخف أن يألف الكفر ولا خيار للغلام والجارية
فصل
وإذا ارادت المطلقة أن تخرج بولدها من المصر فليس لها ذلك إلا أن تخرج به إلى وطنها وقد كان الزوج تزوجها فيه
 باب النفقة
النفقة واجبة للزوجة على زوجها مسلمة كانت أو كافرة إذا سلمت نفسها إلى منزله فعليه نفقتها وكسوتها وسكناها ويعتبر في ذلك حالهما جميعا وإن امتنعت من تسليم نفسها حتى يعطيها مهرها فلها النفقة وإن نشزت فلا نفقة لها حتى تعود إلى منزلهوإن كانت صغيرة لا يستمتع بها فلا نفقة لها وإن كان الزوج صغيرا لا يقدر على الوطء وهي كبيرة فلها النفقة من ماله وإذا حبست المرأة في دين فلا نفقة لها فإن مرضت في منزل الزوج فلها النفقة ويفرض على الزوج النفقة إذا كان موسرا ونفقة خادمها ولا يفرض لأكثر من نفقة خادم واحد ومن أعسر بنفقة امرأته لم يفرق بينهما ويقال لها استديني عليه وإذا قضى لها بنفقة الإعسار ثم أيسر فخاصمته تمم لها نفقة الموسر وإذا مضت مدة لم ينفق الزوج عليها وطالبته بذلك فلا شيء لها إلا أن يكون القاضي فرض لها النفقة أو صالحت الزوج على مقدار نفقتها فيقضي لها بنفقة ما مضى وإن مات الزوج بعدما قضى عليه بالنفقة ومضى شهور سقطت النفقة وإن أسلفها نفقة السنة ثم مات لم يسرتجع منها شيء وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله يحتسب لها نفقة ما مضى وما بقي فهو للزوج وإذا تزوج العبد حرة فنفقتها دين عليه يباع فيها وإن تزوج الحر أمة فبوأها مولاها معه منزلا فعليه النفقة وإن لم يبوئها فلا نفقة لها
فصل
وعلى الزوج أن يسكنها في دار مفردة ليس فيها أحد من أهله إلا أن تختار ذلك وإن كان له ولد من غيرها فليس له أن يسكنه معها وله أن يمنع والديها وولدها من غيره وأهلها من الدخول عليها ولا يمنعهم من النظر إليها وكلامها في أي وقت اختاروا وإذا غاب الرجل وله مال في يد رجل يعترف به وبالزوجية فرض القاضي في ذلك المال نفقة زوجة الغائب وولده الصغار ووالديه وكذا إذا علم القاضي ذلك ولا يعترف به ويأخذ منها كفيلا ولا يقضي ينفقة في مال غائب إلا لهؤلاء
فصل
وإذا طلق الرجل امرأته فلها النفقة والسكنى في عدتها رجعيا كان أو بائنا ولا نقفة للمتوفى عنها زوجها وكل فرقة جاءت من قبل المرأة بمعصية مثل الردة وتقبيل ابن الزوج فلا نفقة لها وإن طلقها ثلاثا ثم ارتدت والعياذ بالله سقطت نفقتها وإن مكنت ابن زوجها من نفسها فلها النفقة
فصل
ونفقة الأولاد الصغار على الأب لا يشاركه فيها أحد كما لا يشاركه في نفقة الزوجة وإن كان الصغير رضيعا فليس على أمه أن ترضعه ويستأجر الأب من ترضعه عندها وإن استأجرها وهي زوجته أو معتدته لترضع ولدها لم يجز ولو استأجرها وهي منكوحته أو معتدته لإرضاع ابن له من غيرها جاز وإن انتقضت عدتها فاستأجرها جاز فإن قال الأب لا أستأجرها وجاء بغيرها فرضيت الأم بمثل أجر الأجنبية أو رضيت بغير أجر كانت هي أحق وإن التمست زيادة لم يجبر الزوج عليها ونفقة الصغير واجبة على أبيه وإن خالفه في دينه كما تجب نفقة الزوجة على الزوج وإن خالفته في دينه
فصل
وعلى الرجل أن ينفق على أبويه وأجداده وجداته إذا كانوا فقراء وإن خالفوه في دينه ولا تجب النفقة مع اختلاف الدين إلا للزوجة والأبوين والأجداد والجدات والولد وولد الولد ولا تجب على النصراني نفقة أخيه المسلم وكذا لا تجب على المسلم نفقة أخيه النصراني ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد والنفقة لكل ذي رحم محرم إذا كان صغيرام فقيرا أو كانت امرأة بالغة فقيرة أو كان ذكرا بالغا فقيرا زمنا أو أعمي ويجب ذلك على مقدار الميراث ويجبر عليه وتجب نفقة الإبنة البالغة والابن الزمن على أبويه أثلاثا على الأب الثلثان وعلى الأم الثلث ولا تجب نفقتهم مع اختلاف الدين ولا تجب على الفقير وإذا كان للإبن الغائب مال قضى فيه بنفقة أبويه وإذا باع أبوه متاعه في نفقته جاز وإن باع العقار لم يجز وإن كان للابن الغائب مال في يد أبويه وأنفقا منه لم يضمنا وإن كان له مال في يد أجنبي فأنفق عليهما بغير إذن القاضي ضمن وإذا قضى القاضي للولد والوالدين وذوي الأرحام بالنفقة فمضت مدة سقطت إلا أن يأذن القاضي بالاستدانة عليه
فصل
وعلى المولى أن ينفق على عبده وأمته فإن امتنع وكان لهما كسب اكتسبا وأنفقا وإن لم يكن لهما كسب أجبر المولى على بيعهما= كتاب العتق
الإعتاق تصرف مندوب إليه قال صلى الله عليه وسلم أيما مسلم أعتق مؤمنا أعتق الله تعالى بكل عضو منه عضوا منه من النار العتق يصح من الحر البالغ في ملكه وإذا قال لعبده أو أمته أنت حر أو معتق أو عتيق أو محرر أو قد حررتك أو قد أعتقتك فقد عتق نوى به العتق أو لم ينو ولو قال عنيت به الإخبار الباطل أو أنه حر من العمل صدق ديانة ولا يدين قضاء ولو قال له يا حر يا عتيق يعتق وكذا لو قال رأسك حر أو وجهك أو رقبتك أو بدنك أو قال لأمته فرجك حر وإن إضافه إلى جزء شائع يقع في ذلك الجزء ولو قال لا ملك لي عليك ونوى به الحرية عتق وإن لم ينو لم يعتق وكذا كنايات العتق ولو قال لا سلطان لي عليك ونوى العتق لم يعتق ولو قال هذا ابني وثبت على ذلك عتق ولو قال هذا مولاي أو يا مولاي عتق ولو قال يا أبني أو يا أخي لم يعتق ولو قال ياابن لا يعتق وكذا إذا قال يا بني أو يا بنية وإن قال لغلام لا يولد مثله لمثله هذا ابني عتق عند أبي حنيفة رحمه الله وإن قال لأمته أنت طالق أو بائن أو تخمري ونوى به العتق لم تعتق وإذا قال لعبده أنت مثل الحر لم يعتق ولو قال ما أنت إلا حر عتق ولو قال رأسك رأس حر لا يعتق ولو قال رأسك رأس حر عتق
فصل
ومن ملك ذا رحم محرم منع عتق عليه ومن أعتق عبدا لوجه الله تعالى أو للشيطان أو للصنم عتق وعتق المكره والسكران واقع وإن أضاف العتق إلى ملك أو شرط صح كما في الطلاق وإذا خرج عبد الحربي ألينا مسلما عتق وإن أعتق حاملا عتق حملها تبعا لها ولو أعتق الحمل خاصة عتق دونها ولو أعتق الحمل على مال صح ولا يجب المال وولد الآمة من مولاها حر وولدها من زوجها مملوك لسيدها وولد الحرة حر على كل حال
 باب العبد يعتق بعضه
وإذا أعتق المولى بعض عبده عتق ذلك القدر ويسعى في بقية قيمته لمولاه عندأبي حنيفة رحمه الله وقالا يعتق كله وإذا كان العبد بين شريكين فأعتق أحدهما نصيبه عتق فإن كان موسرا فشريكه بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء ضمن شريكه قيمة نصيبه وإن شاء استسعى العبد فإن ضمن رجع العتق على العبد والولاء للمعتق وإن أعتق أو استسعى فالولاء بينهما وإن كان المعتق معسرا فالشريك بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء استسعى العبد والولاء بينهما في الوجهين وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا ليس له إلا الضمان مع اليسار والسعاية مع الإعسار ولا يرجع المعتق على العبد والولاء للمعتق ولو شهد كل واحد من الشريكين على صاحبه بالعتق سعى العبد لكل واحد منهما في نصيبه موسرين كانا أو معسرين عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله إن كانا موسرين فلا سعاية عليه وإن كانا معسرين سعى لهما وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا سعى للموسر منهما ولا يسعى للمعسر منهما ولو قال أحد الشريكين إن لم يدخل فلان هذه الدار غدا فهو حر وقال الآخر إن دخل فهو حر فمضى الغد ولا يدري أدخل أم لا عتق النصف وسعى لهما في النصف الآخر وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد يسعى في جميع قيمته ولو حلفا على عبدين كل واحد منهما لأحدهما بعينه لم يعتق واحد منهما وإذا اشترى الرجلان ابن أحدهما عتق نصيب الأب ولا ضمان عليه علم الآخر انه ابن شريكه أو لم يعلم وكذا إذا ورثاه والشريك بالخيار إن شاء أعتق نصيبه وإن شاء استسعى العبد وإن بدأ الأجنبي فاشترى نصفه ثم اشترى الأب نصفه الآخر وهو موسر فالأجنبي بالخيار إن شاء ضمن الأب وإن شاء استسعى الابن في نصف قيمته ومن اشترى نصف ابنه وهو موسر فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يضمن إذا كان موسرا وإذا كان العبد بين ثلاثة نفر فدبره أحدهم وهو موسر ثم أعتقه الآخر وهو موسر فأرادوا الضمان فللساكت أن يضمن المدبر ثلث قيمته فناولا يضمن المعتق وللمدبر أن يضمن المعتق ثلث قيمته مدبرا ولا يضمنه الثلث الذي
ضمن وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا العبد كله للذي دبره أول مرة ويضمن ثلثي قيمته لشريكه موسرا كان أو معسرا وإذا كانت جارية بين رجلين زعم أحدهما أنها أم ولد لصاحبه وأنكر ذلك الآخر فهي موقوفة يوما ويوما تخدم المنكر عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا إن شاء المنكر استسعى الجارية في نصف قيمتها ثم تكون حرة لا سبيل عليها وإن كانت أم ولد بينهما فأعتقها أحدهما وهو موسر فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يضمن نصف قيمتها
 باب عتق أحد العبدين
ومن كان له ثلاثة أعبد دخل عليه اثنان فقال أحدكما حر ثم خرج واحد ودخل آخر فقال أحدكما حر ثم مات ولم يبين عتق من الذي أعيد عليه القول ثلاثة أرباعة ونصف كل واحد من الآخرين عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله كذلك إلا في العبد الآخر فإنه يعتق ربعه فإن كان القول منه في المرض قسم الثلث على هذا ولو كان هذا في الطلاق وهن غير مدخولات بهن ومات الزوج قبل البيان سقط من مهر الخارجة ربعه ومن مهر الثابتة ثلاثة أثمانه ومن مهر الداخلة ثمنه ومن قال لعبديه أحدكما حر فباع أحدهما أو مات أو قا له أنت حر بعد موتي عتق الآخر وكذلك لو قال لامرأتيه إحداكما طالق ثم ماتت إحداهما وكذا لو وطىء إحداهما ولو قال لأمتيه إحداكما حرة ثم جامع إحداهما لم تعتق الآخرى عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا تعتق ومن قال لأمته إن كان أول ولد تلدينه غلاما فأنت حرة فولدت غلاما وجارية ولا يدري أيهما ولد أولا عتق نصف الأم ونصف الجارية والغلام عبد وإذا شهد رجلان على رجل أنه أعتق أحد عبديه فالشهادة باطلة عند أبي حنيفة رحمه الله إلا أن يكون في وصية وإن شهد أنه طلق إحدى نسائه جازت الشهادة ويجبر الزوج على أن يطلق إحداهن وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله الشهادة في العتق مثل ذلك
 باب الحلف بالعتق
ومن قال إذا دخلت الدار فكل مملوك لي يومئذ حر وليس له مملوك فاشترى مملوكا ثم دخل عتق ولو لم يكن قال في يمينه يومئذ لم يعتق ومن قال كل مملوك لي ذكر فهو حر وله جارية حامل فولدت ذكرا لم يعتق وإن قال كل مملوك أملكه حر بعد غد أو قال كل مملوك لي فهو حر بعد غد وله مملوك فاشترى آخر ثم جاء بعد غد عتق الذي في ملكه يوم حلف ولو قال كل مملوك أملكه أو قال كل مملوك لي حر بعد موتي وله مملوك فاشترى مملوكا آخر فالذي كان عنده وقت اليمين مدبر والآخر ليس بمدبر وإن مات عتقا من الثلث
 باب العتق على جعل ومن أعتق عبده على مال فقبل العبد عتق ولو علق عتقه بأداء المال صح وصار مأذونا وإن أحضر المال أجبره الحاكم على قبضه وعتق العبد ومن قال لعبده أنت حر بعد موتي على ألف درهم فالقبول بعد الموت ومن أعتق عبده على خدمته أربع سنين فقبل العبد فعتق ثم مات من ساعته فعليه قيمة نفسه في ماله عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد عليه قيمة خدمته أربع سنين ومن قال لآخر اعتق أمتك على ألف درهم على أن تزوجنيها ففعل فأبت أن تتزوجه فالعتق جائز ولا شيء على الآمر ولو قال اعتق أمتك عني على ألف درهم والمسألة بحالها قسمت الألف على قيمتها ومهر مثلها فما أصاب القيمة أداه الآمر وما أصاب المهر بطل عنه
 باب التدبير
إذا قال المولى لمملوكه إذا مت فأنت حر أو أنت حر عن دبر مني أو أنت مدبر أو قد دبرتك فقد صار مدبرا ثم لا يجوز بيعه ولا هبته ولا إخراجه عن ملكه إلا إلى الحرية وللمولى أن يستخدمه ويؤاجره وإن كانت أمة وطئها وله أن يزوجهافإذا مات المولى عتق المدبر من ثلث ماله وولد المدبرة مدبر وإن علق التدبير بموته على صفة مثل أن يقول إن مت من مرضي هذا أو سفري هذا أو من مرض كذا فليس بمدبر ويجوز بيعه فإن مات المولى على الصفة التي ذكرها عتق كما يعتق المدبر
 باب الاستيلاد
إذا ولدت الأمة من مولاها فقد صارت أم ولد له لا يجوز بيعها ولا تمليكها وله وطؤها واستخدامها وإجارتها وتزويجها ولا يثبت نسب ولدها إلا أن يعترف به فإن جاءت بعد ذلك بولد ثبت نسبه بغير إقرار إلا أنه إذا نفاه ينتفي بقوله فإن زوجها فجاءت بولد فهو في حكم أمه والنسب يثبت من الزوج فإذا مات المولى عتقت من جميع المال ولا سعاية عليها في دين المولى للغرماء وإذا اسلمت أم ولد النصراني فعليها أن تسعى في قيمتها ولو مات مولاها عتقت بلا سعاية ومن استولد أمة غيره بنكاح ثم ملكها صارت أم ولد له وإذا وطىء جارية ابنه فجاءت بولد فادعاه ثبت نسبه منه وصارت أم ولد له وعليه قيمتها وليس عليه عقرها ولا قيمة ولدها وإن وطىء أبو الأب مع بقاء الأب لم يثبت النسب ولو كان الأب ميتا ثبت من الجد كما يثبت نسبه من الأب وإذا كانت الجارية بين شريكين فجاءت بولد فادعاه أحدهما ثبت نسبه منه وصارت أم ولد له وعند أبي حنيفة رحمه الله يصير نصيبه أم ولد له ثم يتملك نصيب صاحبه ويضمن نصف قيمتها ويضمن نصف عقرها ولا يغرم قيمة ولدها وإن ادعياه معا ثبت نسبه منهما وكانت الأمة أم ولد لهما وعلى كل واحد منهما نصف العقر قصاصا بماله على الآخر ويرث الابن من كل واحد منهما ميراث ابن كامل ويرثان منه ميراث أب واحد وإذا وطىء المولى جارية مكاتبه فجاءت بولد فادعاه فإن صدقه المكاتب ثبت نسب الولد منه وعليه عقرها وقيمة ولدها ولا تصير الجارية أم ولد له وإن كذبه المكاتب في النسب لم يثبت فلو ملكه يوما ثبت نسبه منه= كتاب الإيمان
الإيمان على ثلاثة أضرب اليمين الغموس ويمين منعقدة ويمين لغو فالغموس هو الحلف على أمر ماض يتعمد الكذب فيه فهذه اليمين يأثم فيها صاحبها ولا كفارة فيها إلا التوبة والاستغفار والمنعقدة ما يحلف على أمر في المستقبل أن يفعله أو لا يفعله وإذا حنث في ذلك لزمته الكفارة واليمين اللغو أن يحلف على أمر ماض وهو يظن أنه كما قال والأمر بخلافه فهذه اليمين نرجو ان لا يؤاخذ الله بها صحابها والقاصد في اليمين والمكره والناسي سواء ومن فعل المحلوف عليه مكرها أو ناسيا فهو سواء
 باب ما يكون يمينا وما لا يكون يمينا
واليمين بالله تعالى أو باسم آخر من أسماء الله تعالى كالرحمن والرحيم أو يصفة من صفاته التي يحلف بها عرفا كعزة الله وجلاله وكبريائه إلا قوله وعلم الله فإنه لا يكون يمينا ولو قال وغضب الله وسخطه لم يكن حالفا ومن حلف بغير الله لم يكن حالفا كالنبي والكعبة وكذا إذا حلف بالقرآن والحلف بحروف القسم وحروف القسم الواو كقوله والله والباء كقوله بالله والتاء كقوله تالله وقد يضمر الحرف فيكون حالفا كقوله الله لا أفعل كذا ولو قال أقسم أو أقسم بالله أو أحلف أو أحلف بالله أو أشهد أو أشهد بالله فهو حالف ولو قال بالفارسية سوكند ميخورم بحداي يكون يمينا وكذا قوله لعمر الله وإيم الله وكذا قوله وعهد الله وميثاقه وكذا إذا قال على نذر أو نذر الله وإن قال إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني أو كافر يكون يمينا ولو قال إن فعلت كذا فعلي غضب الله أو سخط الله فليس بحالف وكذا إذا قال إن فعلت كذا فأنا زان أو سارق أو شارب خمر أو آكل ربا
فصل في الكفارة
كفارة اليمين عتق رقبة يجزى فيها ما يجزى في الظهار وإن شاء كسا عشرةمساكين كل واحد ثوبا فما زاد وأدناه ما يجوز في الصلاة وإن شاء أطعم عشرة مساكين كالإطعام في كفارة الظهار فإن لم يقدر على أحد الأشياء الثلاثة صام ثلاثة أيام متتابعات وإن قدم الكفارة على الحنث لم يجزه ثم لا يسترد من المسكين ومن حلف على معصية مثل أن لا يصلي أو يكلم أباه أو ليقتلن فلانا ينبغي أن يحنث نفسه ويكفر عن يمينه وأذا حلف الكافر ثم حنث في حال كفره أو بعد إسلامه فلا حنث عليه ومن حرم على نفسه شيئا مما يملكه لم يصر محرما وعليه أن استباحه كفارة يمين ولو قال كل حل علي حرام فهو على الطعام والشراب إلا أن ينوي غير ذلك ومن نذر نذرا مطلقا فعليه الوفاء وأن علق النذر بشرط فوجد الشرط فعليه الوفاء بنفس النذر وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه رجع عنه وقال إذا قال إن فعلت كذا فعلي حجة أو صوم سنة أو صدقة ما أملكه أجزأه من ذاك كفارة يمين وهو قول محمد رحمه الله ومن حلف علي يمين وقال إن شاء الله متصلا بيمينه فلا حنث عليه
 باب اليمين في الدخول والسكنى
ومن حلف لا يدخل بيتا فدخل الكعبة أو المسجد أو البيعة أو الكنيسة لم يحنث وكذا إذا دخل دهيليزا أو ظلة باب الدار وإن دخل صفة حنث ومن حلف لا يدخل دارا فدخل دارا خربة لم يحنث ولو حلف لا يدخل هذه الدار فخربت ثم بنيت أخرى فدخلها يحنث وإن جعلت مسجدا أو حماما أو بستانا أو بيتا فدخله لم يحنث وإن حلف لا يدخل هذا البيت فدخله بعد ما انهدم وصار صحراء لم يحنث وكذا إذا بنى بيتا آخر فدخله لم يحنث ومن حلف لا يدخل هذه الدار فوقف على سطحها حنث وكذا إذا دخل دهليزها وإن وقف في طاق الباب بحيث إذا أغلق الباب كان خارجا لم يحنث ومن حلفلا يدخل هذه الدار وهو فيها لم يحنث بالقعود حتى يخرج ثم يدخل ولو حلف لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه فنزعه في الحال لم يحنث فإن لبث على حاله ساعة حنث ومن حلف لا يسكن هذه الدار فخرج بنفسه ومتاعه وأهله فيها ولم يرد الرجوع إليها حنث
 باب اليمين في الخروج والإتيان والركوب وغير ذلك
ومن حلف لا يخرج من المسجد فأمر إنسانا فحمله فأخرجه حنث ولو أخرجه مكرها لم يحنث ولو حمله برضاه لا بأمره لا يحنث ولو حلف لا يخرج من داره إلا إلى جنازة فخرج إليها ثم أتى حاجة أخرى لم يحنث ولو حلف لا يخرج إلى مكة فخرج يريدها ثم رجع حنث ولو حلف لا يأتيها لم يحنث حتى يدخلها فإن حلف ليأتين البصرة فلم يأتها حتى مات حنث في آخر جزء من أجزاء حياته ولو حلف ليأتينه غدا إن استطاع فهذا على استطاعة الصحة دون القدرة وفسره في الجامع الصغير وقال إذا لم يمرض ولم يمنعه السلطان ولم يجىء أمر لا يقدر على إتيانه فلم يأته حنث وإن عنى استطاعة القضاء دين فيما بينه وبين الله تعالى ومن حلف لا تخرج امرأته إلا بإذنه فأذن لها مرة فخرجت ثم خرجت مرة أخرى بغير إذنه حنث ولا بد من الإذن في كل خروج ولو قال إلا أن آذن لك فأذن لها مرة واحدة فخرجت ثم خرجت بعدها بغير إذنه لم يحنث ولو أرادت المرأة الخروج فقال إن خرجت فأنت طالق فجلست ثم خرجت لم يحنث لو قال له رجل اجلس فتغد عندي فقال إن تغذيت فعبدي حر فخرج فرجع إلى منزله وتغدى لم يحنث ومن حلف لا يركب دابة فلان فركب دابة عبد مأذون له مديون أو غير مديون لم يحنث
 باب اليمين في الأكل والشرب
ومن حلف لا يأكل من هذه النخلة فهو على ثمرها وإن حلف لا يأكل منهذا البسر فصار رطبا فأكله لم يحنث وكذا إذا حلف لا يأكل من هذا الرطب أو من هذا اللبن فصار تمرا أو صار اللبن شيرازا لم يحنث ولو حلف لا يأكل لحم هذا الحمل فأكل بعدما صار كبشا حنث ومن حلف لا يأكل بسرا فأكل رطبا لم يحنث ومن حلف لا يأكل رطبا أو بسرا أو حلف لا يأكل رطبا ولا بسرا فأكل مذنبا حنث عند أبي حنيفة وقالا لا يحنث في الرطب ولو حلف لا يشتري رطبا فاشترى كباسة بسر فيها رطب لا يحنث ولو كانت اليمين على الأكل يحنث ومن حلف لا يأكل لحما فأكل لحم السمك لا يحنث وإن أكل لحم خنزير أو لحم إنسان يحنث وكذا إذا أكل كبدا أو كرشا ولو حلف لا يأكل أو لا يشتري شحما لم يحنث إلا في شحم البطن عند أبي حنيفة وقالا يحنث في شحم الظهر أيضا ولو حلف لا يشتري أو لا يأكل لحما أو شحما فاشترى إلية أو أكلها لم يحنث ومن حلف لا يأكل من هذه الحنطة لم يحنث حتى يقضمها ولو أكل من خبزها لم يحنث عند أبي حنيفة وقالا إن أكل من خبزها حنث أيضا ولو حلف لا يأكل من هذا الدقيق فأكل من خبزه حنث ولو استفه كما هو لا يحنث ولو حلف لا يأكل خبزا فيمينه على ما يعتاد أهل المصر أكله خبزا ولو أكل من خبز القطائف لا يحنث وكذا إذا أكل خبز الأرز بالعراق لم يحنث ولو حلف لا يأكل الشواء فهو على اللحم دون الباذنجان والجزر وإن حلف لا يأكل الطبيخ فهو على ما يطبخ من اللحم ومن حلف لا يأكل الرؤوس فيمينه على ما يكبس في التنانير ويباع في المصر وفي الجامع الصغير لو حلف لا يأكل رأسا فهو على رؤوس البقر والغنم عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله على الغنم خاصة ومن حلف لا يأكل فاكهة فأكل عنبا أو رمانا أو رطبا أو قثاء أو خيارا لم يحنث وإن أكل تفاحا أو بطيخا أو مشمشا حنث وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد حنث في العنبوالرطب والرمان أيضا ولو حلف لا يأتدم فكل شيء اصطبغ به فهو أدام والشواء ليس بأدام والملح أدام وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد كل ما يؤكل مع الخبز غالبا فهو أدام وإذا حلف لا يتغدى فالغداء الأكل من طلوع الفجر إلى الظهر والعشاء من صلاة الظهر إلى نصف الليل والسحور من نصف الليل إلى طلوع الفجر ومن قال إن لبست أو أكلت أو شربت فعبدي حر وقال عنيت شيئا دون شيء لم يدين في القضاء وغيره وإن قال إن لبست ثوبا أو أكلت طعاما أو شربت شرابا لم يدين في القضاء خاصة ومن حلف لا يشرب من دجلة فشرب منها بإناء لم يحنث حتى يكرع منها كرعا عند أبي حنيفة وإن حلف لا يشرب من ماء دجلة فشرب منها بإناء حنث ومن قال إن لم أشرب الماء الذي في هذا الكوز اليوم فامرأته طالق وليس في الكوز ماء لم يحنث فإن كان فيه ماء فأهريق قبل الليل لم يحنث وهذا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف يحنث في ذلك كله ولو كانت اليمين مطلقة ففي الوجه الأول لا يحنث عندهما وعند أبي يوسف يحنث في الحال وفي الوجه الثاني يحنث في قولهم جميعا ومن حلف ليصعدن السماء أو ليقلبن هذا الحجر ذهبا انعقدت يمينه وحنث عقيبها
 باب اليمين في الكلام
ومن حلف لا يكلم فلانا فكلمه وهو بحيث يسمع إلا أنه نائم حنث ولو حلف لا يكلمه إلا بإذنه فأذن له ولم يعلم بالإذن حتى كلمه حنث وإن حلف لا يكلمه شهرا فهو من حين حلف وإن حلف لا يتكلم فقرأ القرآن في صلاته لا يحنث وإن قرأ في غير صلاته حنث ولو قال يوم أكلم فلانا فامرأته طالق فهو على الليل والنهار وإن عنى النهار خاصة دين في القضاء ولو قال ليلة أكلم فلانا فهو على الليل خاصة ولو قال إن كلمت فلاناإلا أن يقدم فلان أو قال حتى يقدم فلان أو قال إلا أن يأذن فلان أو حتى يأذن فلان فامرأته طالق فكلمه قبل القدوم والإذن حنث ولو كلمه بعد القدوم والإذن لم يحنث وإن ماتفلان سقطت اليمين ومن حلف لا يكلم عبد فلان ولم ينو عبدا بعينه أو امرأة فلان أو صديق فلان فباع فلان عبده أو بانت منه امرأته أو عادى صديقه فكلمهم لم يحنث وإن كانت يمينه على عبد بعينه بان قال عبد فلان هذا أو امرأة فلان بعينها أو صديق فلان بعينه لم يحنث في العبد وحنث في المرأة والصديق وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يحنث في العبد أيضا وإن حلف لا يدخل دار فلان هذه فباعها ثم دخلها فهو على هذا الاختلاف وإن حلف لا يكلم صاحب هذا الطيلسان فباعه ثم كلمه حنث ومن حلف لا يكلم هذا الشاب فكلمه وقد صار شيخا حنث
فصل
ومن حلف لا يكلم فلانا حينا أو زمانا أو الحين أو الزمان فهو على ستة أشهر وكذا الدهر عندهما وقال أبو حنيفة الدهر لا أدري ما هو ولو حلف لا يكلمه أياما فهو على ثلاثة أيام وكذا الجواب عنده في الجمع والسنين ومن قال لعبده أن خدمتني أياما كثيرة فأنت حر فالأيام الكثيرة عند أبي حنيفة رحمه الله عشرة أيام
 باب اليمين في العتق والطلاق
ومن قال لامرأته إذا ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدا ميتا طلقت وكذلك إذا قال لأمته إذا ولدت ولدا فأنت حرة ولو قال إذا ولدت ولدا فهو حر فولدت ولدا ميتا ثم آخر حيا عتق الحي بعده عند أبي حنيفة وقالا لا يعتق واحد منهما وإذا قال أول عبد اشتريه فهو حر فاشترى عبدا عتق فإن اشترى عبدين معا ثم آخر لم يعتق واحد منهم وإن قال أول عبد أشتريه وحده فهو حر عتق الثالث وإن قال آخر عبد أشتريه فهو حر فاشترى عبدا ثم مات لم يعتق ولو اشترى عبدا ثم عبدا ثم مات عتق الآخر ويعتق يوم اشتراه عند أبي حنيفة رحمه الله حتى يعتبر من جميع المال قالا يعتق يوم مات ومن قال كل عبد بشرنيبولادة فلانة فهو حر فبشره ثلاثة متفرقين عتق الأول وإن بشروه معا عتقوا ولو قال إن اشتريت فلانا فهو حر فاشتراه ينوي به كفارة يمينه لم يجزه وإن اشترى إياه ينوي عن كفارة يمينه أجزأه عندنا ولو اشترى أم ولده لم يجزه ومن قال إن تسربت جارية فهي حرة فتسري جارية كانت في ملكه عتقت وإن اشترى جارية فتسراها لم تعتق بهذه اليمين ومن قال كل مملوك لي حر تعتق أمهات أولاده ومدبروه وعبيده ولا يعتق مكاتبوه إلا أن ينويهم ومن قال لنسوة له هذه طالق أو هذه وهذه طلقت الأخيرة وله الخيار في الأوليين وكذا إذا قال لعبيده هذا حر أو هذا وهذا عتق الأخير
 باب اليمين في البيع والشراء والتزوج وغير ذلك
ومن حلف لا يبيع أو لا يشتري أو لا يؤاجر فوكل من فعل ذلك لم يحنث إلا أن ينوي ذلك ويكون الحالف ذا سلطان ومن حلف لا يتزوج أو لا يطلق أو لا يعتق فوكل بذلك حنث ولو قال عنيت أن لا أتكلم به لم يدين في القضاء خاصة ولو حلف لا يضرب عبده أو لا يذبح شاته فأمر غيره ففعل يحنث في يمينه ولو قال عنيت ألا أتولى ذلك بنفسي دين في القضاء ومن حلف لا يضرب ولده فأمر إنسانا فضربه لم يحنث في يمينه ومن قال لغيره إن بعت لك هذا الثوب فامرأته طالق فدس المحلوف عليه ثوبه في ثياب الحالف فباعه ولم يعلم لم يحنث ومن قال هذا العبد حر إن بعته فباعه على أنه بالخيار عتق وكذلك لو قال المشتري أن أشتريته فهو حر فاشتراه على أنه بالخيار عتق ومن قال إن لم أبع هذ العبد أو هذه الأمة فامرأته طالق فأعتق أو دبر طلقت امرأته وإذا قالت المرأة لزوجها تزوجت علي فقال كل امرأة لي طالق ثلاثا طلقت هذه التي حلفته في القضاء
 باب اليمين في الحج والصلاة والصوم
ومن قال وهو في الكعبة أو في غيرها على المشي إلى بيت الله أو إلىالكعبة فعليه حجة أو عمرة ماشيا وإن شاء ركب واهراق دما ولو قال علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله تعالى فلا شيء ولو قال علي المشي إلى الحرم أو إلى الصفا والمروة فلا شيء عليه وقال أبو يوسف ومحمد في قوله على المشي إلى الحرم حجة أو عمرة ومن قال عبدي حر إن لم أحج العام فقال حججت وشهد شاهدان على أنه ضحى العام بالكوفة لم يعتق عبده وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يعتق ومن حلف لا يصوم فنوى الصوم ساعة ثم أفطر من يومه حنث ولو حلف لا يصوم يوما أو صوما فصام ساعة ثم أفطر لم يحنث ولو حلف لا يصلي فقام وقرأ وركع لم يحنث وإن سجد مع ذلك ثم قطع حنث ولو حلف لا يصلي صلاة لا يحنث مالم يصل ركعتين
 باب اليمين في لبس الثياب والحلى وغير ذلك
ومن قال لامرأته أن لبست من غزلك فهو هدي فاشترى قطنا فغزلته ونسجته فلبسه فهو هدي عند أبي حنيفة وقالا ليس عليه أن يهدي حتى تغزل من قطن ملكه يوم حلف ومن حلف لا يلبس حليا فلبس خاتم فضة لم يحنث وإن كان من ذهب حنث ولو لبس عقد لؤلؤ غير مرصع لا يحنث عند أبي حنيفة وقالا يحنث ومن حلف لا ينام على فراش فنام عليه وفوقه قرام حنث وإن جعل فوقه فراشا آخر فنام لم يحنث ولو حلف لا يجلس على الأرض فجلس على بساط أو حصير لم يحنث وإن حلف لا يجلس على سرير فجلس على سرير فوقه بساط أو حصير حنث
 باب اليمين في القتل والضرب وغيره
ومن قال لآخر إن ضربتك فعبدي حر فمات فضربه فهو على الحياة وكذا الكلام والدخول ولو قال إن غسلتك فعبدي حر فغسله بعدما مات يحنث وفي شرح الطحاوي الأصل أن كل فعل يلذ ويؤلم ويغم ويسر يقع على الحياة دونالممات كالضرب والشتم والجماع والكسوة والدخول عليه اه ومن لا يضرب امرأته فمد شعرها أو خنقها أو عضها حنث ومن قال إن لم أقتل فلانا فامرأته طالق وفلان ميت وهو عالم به حنث وإن لم يعلم به لا يحنث
 باب اليمين في تقاضي الدراهم
ومن حلف ليقضين دينه إلى قريب فهو على ما دون الشهر وإن قال إلى بعيد فهو أكثر من الشهر ومن حلف ليقضين فلانا دينه اليوم مقضاه ثم وجد فلان بعضها زيوفا أو نبهرجة أو مستحقة لم يحنث الحالف وإن وجدها رصاصا أو ستوقة حنث وإن باعه بها عبدا وقبضه بر في يمينه وإن وهبها له لم يبر ومن حلف لا يقبض دينه درهما دون درهم فقبض بعضه لم يحنث حتى يقبض جميعه متفرقا فإن قبض دينه في وزنين ولم يتشاغل بينهما إلا بعمل الوزن لم يحنث وليس ذلك بتفريق ومن قال إن كان لي إلا مائة درهم فامرأته طالق فلم يملك إلا خمسين درهما لم يحنث وكذلك لو قال غير مائة أو سوى مائة
مسائل متفرقة
وإذا حلف لا يفعل كذا تركه أبدا وإن حلف ليفعلن كذا ففعله مرة واحدة بر في يمينه وإذا استحلف الوالي رجلا ليعلمنه بكل داعر دخل البلد فهذا على حال ولايته خاصة ومن حلف أن يهب عبده لفلان فوهبه ولم يقبل فقد بر في يمينه ومن حلف لا يشم ريحانا فشم وردا أو ياسمينا لا يحنث ولو حلف لا يشتري بنفسجا ولا نية له فهو على دهنه وإن حلف على الورد فاليمين على الورق = كتاب الحدود
الزنا يثبت بالبينة والإقرار فالبينة أن تشهد أربعة من الشهود على رجل أو امرأة بالزنا وأذا شهدوا يسألهم الإمام عن الزنا ما هو وكيف هو وأين زنى ومتى زنى وبمن زنى فإذا بينوا ذلك وقالوا رأيناه وطئها في فرجها كالميل فيالمكحلة وسأل القاضي عنهم فعدلوا في السر والعلانية حكم بشهادتهم والإقرار أن يقر البالغ العاقل على نفسه بالزنا أربع مرات في أربعة مجالس من مجالس المقر كلما أقر رده القاضي فإذا تم إقراره أربع مرات سأله عن الزنا ما هو وكيف هو وأين زنى وبمن زنى فإذا بين ذلك لزمه الحد فإن رجع المقر عن إقراره قبل إقامة الحد أو في وسطه قبل رجوعه وخلى سبيله ويستحب للإمام أن يلقن المقر الرجوع فيقول له لعلك لمست أو قبلت
فصل
وإذا وجب الحد وكان الزاني محصنا رجمه بالحجارة حتى يموت ويخرجه إلى أرض فضاء ويبتدىء الشهود برجمه ثم الإمام ثم الناس فإن امتنع الشهود من الابتداء سقط الحد وإن كان مقرا ابتدأ الإمام ثم الناس ويغسل ويكفن ويصلى عليه وإن لم يكن محصنا وكان حرا فحده مائة جلدة يأمر الإمام بضربه بسوط لا ثمرة له ضربا متوسطا وتنزع عنه ثيابه ويفرق الضرب على أعضائه إلا رأسه ووجهه وفرجه ويضرب في الحدود كلها قائما غير ممدود وإن كان عبدا جلده خمسين جلدة والرجل والمرأة في ذلك سواء غير أن المرأة لا ينزع من ثيابها إلا الفرو والحشو وتضرب جالسة وإن حفر لها في الرجم جاز ولا يحفر للرجل ولا يقيم المولى الحد على عبده إلا بإذن الإمام وإحصان الرجم أن يكون حرا عاقلا بالغا مسلما قد تزوج امرأة نكاحا صحيحا ودخل بها وهما على صفة الإحصان ولا يجمع في المحصن بين الرجم والجلد ولا يجمع على البكر بين الجلد والنفي إلا أن يرى الإمام في ذلك مصلحة فيغربه على قدر ما يرى وإذا زنى المريض وحده الرجم رجم وإن كان حده الجلد لم يجلد حتى يبرأ وإذا زنت الحامل لم تحد حتى تضع حملها وإن كان حدها الجلد لم تجلد حتى تتعالى من نفاسها
 باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه
الوطءالموجب للحد هو الزنا ومن طلق امرأته ثلاثا ثم وطئها في العدة وقالعلمت أنها على حرام حد ولو قال لها أنت خلية أو برية أو أمرك بيدك فاختارت نفسها ثم وطئها في العدة وقال علمت أنها على حرام لم يحد ولا حد على من وطىء جارية ولده وولد ولده وإن قال علمت أنها على حرام ويثبت النسب منه وعليه قيمة الجارية وإذا وطىء جارية أبيه أو أمه أو زوجته وقال ظننت أنها تحل لي فلا حد عليه ولا على قاذفه وإن قال علمت أنها على حرام حد وكذا العبد إذا وطىء جارية مولاه وإن وطىء جارية أخيه أو عمه وقال ظننت أنها تحل لي حد ومن زفت إليه غير امرأته وقالت النساء أنها زوجتك فوطئها لا حد عليه وعليه المهر ومن وجد امرأة على فراشه فوطئها فعليه الحد ومن تزوج امرأة لا يحل له نكاحها فوطئها لا يجب عليه الحد عند أبي حنيفة ومن وطىء أجنبية فيما دون الفرج يعزر ومن أتى امرأة في الموضع المكروه أو عمل عمل قوم لوط فلا حد عليه عند أبي حنيفة ويعزر وزاد في الجامع الصغير ويودع في السجن وقالا هو كالزنا فيحد ومن وطىء بهيمة فلا حد عليه ومن زنى في دار الحرب أو في دار البغي ثم خرج إلينا لا يقام عليه الحد وإذا دخل حربي دارنا بأمان فزنى بذمية أو زنى ذمي بحربية يحد الذمي والذمية عند أبي حنيفة ولا يحد الحربي والحربية وهو قول محمد رحمه الله في الذمي وقال أبو يوسف رحمه الله يحدون كلهم وإذا زنى الصبي أو المجنون بامرأة طاوعته فلا حد عليه ولا عليها وإن زنى صحيح بمجنونة أو صغيرة يجامع مثلها حد الرجل خاصة ومن أكرهه السلطان حتى زنى فلا حد عليه ومن أقر أربع مرات في مجالس مختلفة أنه زنى بفلانة وقالت هي تزوجني أو أقرت بالزنا وقال الرجل تزوجتها فلا حد عليه وعليه المهر في ذلك ومن زنى بجارية فقتلها فإنه يحد وعليه القيمة وكل شيء صنعة الإمام الذي ليس فوقه إمام فلا حد عليه إلا القصاص فإنه يؤخذ به وبالأموال
 باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها
وإذا شهد الشهود بحد متقادم لم يمنعهم عن إقامته بعدهم عن الإمام لم تقبلشهادتهم إلا في حد القذف خاصة وفي الجامع الصغير وإذا شهد عليه الشهود بسرقة أو بشرب خمر أو بزنا بعد حين لم يؤخذ به وضمن السرقة وإذا شهدوا على رجل أنه زنا بفلانة وفلانة غائبة فإنه يحد وإن شهدوا أنه سرق من فلان وهو غائب لم يقطع وإن شهدوا أنه زنى بامرأة لا يعرفونها لم يحد وإن أقر بذلك حد وإن شهد اثنان أنه زنى بفلانة فاستكرهها وآخران أنها طاوعته درىء الحد عنهما جميعا عند أبي حنيفة وقالا يحد الرجل خاصة وإن شهد اثنان أنه زنى بامرأة بالكوفة وآخران أنه زنى بها بالبصرة درىء الحد عنهما جميعا وإن اختلفوا في بيت واحد حد الرجل والمرأة وإن شهد اربعة أنه زنى بامرأة بالنخيلة عند طلوع الشمس وأربعة أنه زنى بها عند طلوع الشمس بدير هند درىء الحد عنهم جميعا وإن شهد أربعة على امرأة بالزنا وهي بكر درىء الحد عنهما وعنهم وإن شهد أربعة على رجل بالزنا وهم عميان أو محدودون في قذف أو أحدهم عبد أو محدود في قذف فإنهم يحدون ولا يحد المشهود عليه وإن شهدوا بذلك وهم فساق أو ظهر أنهم فساق لم يحدوا وإن نقص عدد الشهود عن أربعة حدوا وإن شهد أربعة على رجل بالزنا فضرب بشهادتهم ثم وجد أحدهم عبدا أو محدودا في قذف فإنهم يحدون وليس عليهم ولا على بيت المال أرش الضرب وإن رجم فديته على بيت المال وهذا عند أبي حنيفة وقالا أرش الضرب أيضا على بيت المال وإن شهد أربعة على شهادة أربعة على رجل بالزنا لم يحد فإن جاء الأولون فشهدوا على المعاينة في ذلك المكان لم يحد أيضا وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا فرجم فكلما رجع واحد حد الراجع وحده وغرم ربع الدية فإن لم يحد المشهود عليه حتى رجع واحد منهم حدوا جميعا وسقط الحد عن المشهود عليه فإن كانوا خمسة فرجع أحدهم فلا شيء عليه فإن رجع آخر حدا وغرما ربع الدية وإن شهد أربعة على رجل بالزنا فزكوا فرجم فإذا الشهود مجوس أو عبيد فالدية على المزكين عند أبي حنيفة وقالا هو على بيت المال ولا ضمان على الشهود وإذا شهد أربعة على رجل بالزنافأمر القاضي برجمه فضرب رجل عنقه ثم وجد الشهود عبيدا فعلى القاتل الدية وإن رجم ثم وجدوا عبيدا فالدية على بيت المال وإذا شهدوا على رجل بالزنا وقالوا تعمدنا النظر قبلت شهادتهم وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا فأنكر الإحصان وله امرأة قد ولدت منه فإنه يرجم فإن لم تكن ولدت منه وشهد عليه بالإحصان رجل وامرأتان رجم فإن رجع شهود الإحصان لا يضمنون
 باب حد الشرب
ومن شرب الخمر فأخذ وريحها موجودة أو جاءوا به سكرانا فشهد الشهود عليه بذلك فعليه الحد وكذلك إذا أقر وريحها موجودة وإن أقر بعد ذهاب رائحتها لم يحد عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يحد فإن أخذه الشهود وريحها توجد منه أو سكران فذهبوا به من مصر إلى مصر فيه الإمام فانقطع ذلك قبل أن ينتهوا به حد في قولهم جميعا ومن سكر من النبيذ حد ولا حد على من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها ولا يحد السكران حتى يعلم أنه سكر من النبيذ وشربه طوعا ولا يحد حتى يزول عنه السكر وحد الخمر والسكر في الحر ثمانون سوطا يفرق على بدنه كما في حد الزنا وإن كان عبدا فحده أربعون سوطا ومن أقر بشرب الخمر أو السكر ثم رجع لم يحد ويثبت الشرب بشهادة شاهدين وبالإقرار مرة واحدة ولا تقبل فيه شهادة النساء مع الرجال والسكران الذي يحد هو الذي لا يعقل منطقا لا قليلا ولا كثيرا ولا يعقل الرجل من المرأة وهذا عند أبي حنيفة وقالا هو الذي يهذى ويختلط كلامه ولا يحد السكران بإقراره على نفسه
 باب حد القذف
وإذا قذف الرجل رجلا محصنا أو امرأة محصنة بصريح الزنا وطالب المقذوف بالحد حده الحاكم ثمانين سوطا إن كان حرا ويفرق على أعضائه ولا يجرد من ثيابه غير أنه ينزع عنه الفرو والحشو وإن كان القاذف عبدا جلد أربعين سوطاوالإحصان أن يكون المقذوف حرا عاقلا بالغا مسلما عفيفا عن فعل الزنا ومن نفى نسب غيره فقال لست لأبيك فإنه يحد ومن قال لغيره في غضب لست بابن فلان لأبيه الذي يدعى له يحد ولو قال في غير غضب لا يحد ولو قال لست بابن فلان يعني جده لم يحد ولو قال له يا ابن الزانية وأمه ميتة محصنة فطالب الابن بحده حد القاذف ولا يطالب بحد القذف للميت إلا من يقع القدح في نسبه بقذفه وهو الوالد والولد وإذا كان المقذوف محصنا جاز لابنه الكافر والعبد أن يطالب بالحد وليس للعبد أن يطالب مولاه بقذف أمه الحرة ولا للابن أن يطالب أباه بقذف أمه الحرة المسلمة ومن قذف غيره فمات المقذوف بطل الحد ولو مات بعدما أقيم بعض الحد بطل الباقي ومن أقر بالقذف ثم رجع لم يقبل رجوعه ومن قال لعربي يا نبطي لم يحد ومن قال لرجل يا ابن ماء السماء فليس بقاذف وإن نسبه إلى عمه أو خاله أو إلى زوج أمه فليس بقاذف ومن قال لغيره زنأت في الجبل وقال عنيت صعود الجبل حد وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يحد ومن قال لآخر يا زاني فقال لا بل أنت فإنهما يحدان ومن قال لامرأته يا زانية فقالت لا بل أنت حدت المرأة ولا لعان ولو قالت زنيت بك فلا حد ولا لعان ومن أقر بولد ثم نفاه فإنه يلاعن وإن نفاه ثم أقر به حد والولد ولده وإن قال ليس بابني ولا بابنك فلا حد ولا لعان ومن قذف امرأة ومعها أولاد لا يعرف لهم أب أو قذف الملاعنة بولد والولد حي أو قذفها بعد موت الولد فلا حد عليه ولو قذف امرأة لاعنت بغير ولد فعليه الحد ومن وطىء وطأ حراما في غير ملكه لم يحد قاذفه وبيانه أن من قذف رجلا وطىء جارية مشتركة بينه وبين آخر فلا حد عليه وكذا إذا قذف امرأة زنت في نصرانيتها ولو قذف رجلا أتى أمته وهي مجوسية أو امرأته وهي حائض أو مكاتبة له فعليه الحد ولو قذف رجلا وطىء أمته وهي اخته من الرضاعة لا يحد ولو قذف مكاتبا مات وترك وفاء لاحد عليه ولو قذف مجوسيا تزوج بأمه ثم أسلم يحد عند أبي حنيفة وقالا لا حد عليهوإذا دخل الحربي دارنا بأمان فقذف مسلما حد وإذا حد المسلم في قذف سقطت شهادته وإن تاب وإذا حد الكافر في قذف لم تجز شهادته على أهل الذمة فإن أسلم قبلت شهادته عليهم وعلى المسلمين وإن ضرب سوطا في قذف ثم أسلم ثم ضرب ما بقي جازت شهادته ومن قذف أو زنى أو شرب غير مرة فحد فهو لذلك كله
فصل في التعزير
ومن قذف عبدا أو أمة أو أم ولد أو كافرا بالزنا عزر وكذا إذا قذف مسلما بغير الزنا فقال يا فاسق أو يا كافر أو يا خبيث أو يا سارق ولو قال يا حمار أو يا خنزير لم يعزر وإن رأى الإمام أن يضم إلى الضرب في التعزير الحبس فعل وأشد الضرب التعزير ثم حد الزنا ثم حد الشرب ثم حد القذف ومن حده الإمام أو عزره فمات فدمه هدر = كتاب السرقة
وإذا سرق العاقل البالغ عشرة دراهم أو ما يبلغ قيمته عشرة دراهم مضروبة من حرز لا شبهة فيه وجب عليه القطع والعبد والحر في القطع سواء ويجب القطع بإقراره مرة واحدة وهذا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يقطع إلا بالإقرار مرتين ويجب بشهادة شاهدين وإذا اشترك جماعة في سرقة فأصاب كل واحد منهم عشرة دراهم قطع وإن أصابه أقل لا يقطع
 باب ما يقطع فيه ومالا يقطع
ولا قطع فيما يوجد تافها مباحا في دار الإسلام كالخشب والحشيش والقصب والسمك والطير والصيد والزرنيخ والمغرة والنورة ولا قطع فيما يتسارع إليه الفلساد كاللبن واللحم والفواكه الرطبة ولا قطع في الفاكهة على الشجر والزرع الذي لم يحصد ولا قطع في الأشربة والمطربة ولا في الطنبور ولا في سرقة المصحف وإن كان عليه حلية ولا قطع في أبواب المسجد ولا الصليب من الذهب ولا الشطرنج ولا النرد ولا قطع على سارقالصبي الحر وإن كان عليه حلى ولا قطع في سرقة العبد الكبير ويقطع في سرقة العبد الصغير ولا قطع في الدفاتر كلها إلا في دفاتر الحساب ولا في سرقة كلب ولا فهد ولا قطع في دف ولا طبل ولا بريط ولا مزمار ويقطع في الساج والقنا والأبنوس والصندل ويقطع في الفصوص الخضر والياقوت والزبرجد وإذا اتخذ من الخشب أواني وأبوابا قطع فيها ولا قطع على خائن ولا خائنة ولا منتهب ولا مختلس ولا قطع على النباش ولا يقطع السارق من بيت المال ولا من مال للسارق فيه شركة ومن له على آخر دراهم فسرق منه مثلها لم يقطع وكذا إذا سرق زيادة على حقه وإن سرق منه عروضا قطع ومن سرق عينا فقطع فيها فردها ثم عاد فسرقها وهي بحالها لم يقطع فإن تغيرت عن حالها مثل أن يكون غزلا فسرقه وقطع فرده ثم نسج فعاد فسرقه قطع
فصل في الحرز والأخذ منه
ومن سرق من أبويه أو ولده أو ذي رحم محرم منه لم يقطع ولو سرق من بيت ذي رحم محرم متاع غيره ينبغي إلا يقطع ولو سرق ماله من بيت غيره يقطع وإن سرق من أمه من الرضاعة قطع وإذا سرق أحد الزوجين من الآخر أو العبد من سيده أو من امرأة سيده أو من زوج سيدته لم يقطع ولو سرق المولى من مكاتبه لم يقطع وكذلك السارق من المغنم والحرز على نوعين حرز لمعنى فيه كالبيوت والدور وحرز بالحافظ وفي المحرز بالمكان لا يعتبر الإحراز بالحافظ ومن سرق شيئا من حرز أو غير حرز وصاحبه عنده يحفظه قطع ولا قطع على من سرق مالا من حمام أو من بيت إذن للناس في دخوله ومن سرق من المسجد متاعا وصاحبه عنده قطع ولا قطع على الضيف إذا سرق ممن أضافه ومن سرق سرقة فلم يخرجها من الدار لم يقطع فإن كانت دار فيها مقاصير فأخرجها عن مقصورة إلى صحن الدار قطع وإن أغار إنسان من أهل المقاصير على مقصورة فسرق منها قطع وإذا نقب اللص البيت فدخل وأخذ المالوناوله آخر خارج البيت فلا قطع عليهما وأن ألقاه في الطريق وخرج فأخذه قطع وكذلك إن حمله على حمار فساقه وأخرجه وإذا دخل الحرز جماعة فتولى بعضهم الأخذ قطعوا جميعا ومن نقب البيت وأدخل يده فيه وأخذ شيئا لم يقطع وإن طرصرة خارجة من الكم لم يقطع وإن شق الحمل وأخذ منه قطع وإن سرق جوالقا فيه متاع وصاحبه يحفظه أو نائم عليه قطع
فصل في كيفية القطع وإثباته
ويقطع يمين السارق من الزند ويحسم فإن سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى فإن سرق ثالثا لم يقطع وخلد في السجن حتى يتوب وإذا كان السارق أشل اليد اليسرى أو أقطع أو مقطوع الرجل اليمنى لم يقطع وكذا إن كانت إبهامه اليسرى مقطوعة أو شلاء أو الأصبعان منها سوى الإبهام فإن كانت أصبع واحدة سوى الإبهام مقطوعة أو شلاء قطع وإذا قال الحاكم للحداد اقطع يمين هذا في سرقة سرقها فقطع يساره عمدا أو خطأ فلا شيء عليه عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقالا لا شيء عليه في الخطأ ويضمن في العمد ولا يقطع السارق إلا أن يحضر المسروق منه فيطالب بالسرقة وكذا إذا غاب عند القطع عندنا وللمستودع والغاصب وصاحب الربا أن يقطعوا السارق منهم ولرب الوديعة أن يقطعه أيضا وكذا المغصوب منه وإن قطع سارق بسرقة فسرقت منه لم يكن له ولا لرب السرقة أن يقطع السارق الثاني ولو سرق الثاني قبل أن يقطع الأول أو بعد ما درىء الحد بشبهة يقطع بخصومة الأول ومن سرق سرقة فردها إلى المالك قبل الارتفاع لم يقطع وإذا قضى على رجل بالقطع في سرقة فوهبت له لم يقطع وكذلك إذا باعها المالك إياه وكذلك إذا نقصت قيمتها من النصاب وإذا ادعى السارق أن العين المسروقة ملكه سقط القطع عنه وإن لم يقم بينة وإذا أقر رجلان بسرقة ثم قال أحدهما هو مالي لم يقطعا فإن سرقا ثم غاب أحدهما وشهد الشاهدان على سرقتهما قطع الآخر في قول أبي حنيفة الآخر وهو قولهما وإذا أقر العبد المحجور عليه بسرقة عشرة دراهم بعينها فإنه يقطع وترد السرقة إلى المسروق منه ولوأقربسرقة مال مستهلك قطعت يده ولو كان العبد مأذونا له يقطع في الوجهين وإذا قطع السارق والعين قائمة في يده ردت على صاحبها وإن كانت مستهلكة لم يضمن ومن سرق سرقات فقطع في أحداها فهو لجميعها ولا يضمن شيئا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يضمن كلها إلا التي قطع لها
 باب ما يحدث السارق في السرقة
ومن سرق ثوبا فشقه في الدار نصفين ثم أخرجه وهو يساوي عشرة دراهم قطع فإن سرق شاة فذبحها ثم أخرجها لم يقطع ومن سرق ذهبا أو فضة يجب فيه القطع فصنعه دراهم أو دنانير قطع فيه ويرد الدراهم والدنانير إلى المسروق منه وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا سبيل للمسروق منه عليهما فإن سرق ثوبا فصبغه أحمر قطع ولم يؤخذ منه الثوب ولم يضمن قيمة الثوب وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يؤخذ منه الثوب ويعطى ما زاد الصبغ فيه وإن صبغه أسود أخذ منه في المذهبين
 باب قطع الطريق
وإذا خرج جماعة ممتنعين أو واحدا يقدر على الامتناع فقصدوا قطع الطريق فأخذوا قبل أن يأخذوا مالا ويقتلوا نفسا حبسهم الإمام حتى يحدثوا توبة وإن أخذوا مال مسلم أو ذمي والمأخوذ إذا قسم على جماعتهم أصاب كل واحد منهم عشرة دراهم فصاعدا أو ما تبلغ قيمته ذلك قطع الإمام أيديهم وأرجلهم من خلاف وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا قتلهم الإمام حدا حتى لو عفا الأولياء عنهم لا يلتفت إلى عفوهم وإذا قتلوا أو أخذوا المال فالإمام بالخيار إن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وقتلهم وصلبهم وإن شاء قتلهم وإن شاء صلبهم وقال محمد يقتل أو يصلب ولا يقطع ويصلب حيا ويبعج بطنه برمح إلى أن يموت ولا يصلب أكثر من ثلاثة أيام وإذا قتل القاطع فلا ضمان عليه في مال أخذه فإن باشر القتل أحدهم أجرى الحد عليهم بأجمعهم والقتل وإن كان بعصا أو بحجر أو بسيف فهو سواءوإن لم يقطع القاطع ولم يأخذ مالا وقد جرح اقتص منه فيما فيه القصاص وأخذ الأرش منه فيما فيه ألأرش وذلك إلى الآولياء وإن أخذ مالا ثم جرح قطعت يده ورجله وبطلت الجراحات وإن أخذ بعد ما تاب وقد قتل عمدا فإن شاء الأولياء قتلوه وإن شاءوا عفوا عنه وإن كان من القطاع صبي أو مجنون أو ذو رحم محرم من المقطوع عليه سقط الحد عن الباقين وإذا سقط الحد صار القتل إلى الأولياء فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا عفوا وإذا قطع بعض القافلة الطريق على البعض لم يجب الحد ومن قطع الطريق ليلا أو نهارا في المصر أو بين الكوفة والحيرة فليس بقاطع الطريق ومن خنق رجلا حتى قتله فالدية على عاقلته عند أبي حنيفة وإن خنق في المصر غير مرة قتل به = كتاب السير
الجهاد فرض على الكفاية إذا قام به فريق من الناس سقط عن الباقين فإن لم يقم به أحد أثم جميع الناس بتركه إلا أن يكون النفير عاما وقتال الكفار الذين لم يسلموا وهم من مشركي العرب أو لم يسلموا ولم يعطوا الجزية من غيرهم واجب ولا يجب الجهاد على صبي ولا عبد ولا امرأة ولا أعمى ولا مقعد ولا أقطع لعجزهم فإن هجم العدو على بلد وجب على جميع الناس الدفع تخرج المرأة بغير إذن زوجها والعبد بغير إذا المولى ويكره الجعل ما دام للمسلمين فيء فأذا لم يكن فلا بأس بإن يقوي بعضهم بعضا
 باب كيفية القتال
وإذا دخل المسلمون دار الحرب فحاصروا مدينة أو حصنا دعوهم إلى الإسلام فإن أجابوا كفوا عن قتالهم وإن امتنعوا دعوهم إلى أداء الجزية فإن بذلوها فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ولا يجوز أن يقاتل من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام إلا أن يدعوه ويستحب أن يدعو من بلغته الدعوة فإن أبواذلك استعانوا بالله عليهم وحاربوهم ونصبوا عليهم المجانيق وحرقوهم وأرسلوا عليهم الماء وقطعوا أشجارهم وأفسدوا زروعهم ولا بأس برميهم وإن كان فيهم مسلم أسير أو تاجر وأن تترسوا بصبيان المسلمين أو بالآسارى لم يكفوا عن رميهم ويقصدون بالرمي الكفار ولا بأس بإخراج النساء والمصاحف مع المسلمين إذا كانوا عسكرا عظيما يؤمن عليه ويكره إخراج ذلك في سرية لا يؤمن عليها ولا تقاتل المرأة إلا بإذن زوجها ولا العبد إلا بإذن سيده إلا أن يهجم العدو على بلد للضرورة ولا يقتلوا امرأة ولا صبيا ولا شيخا فانيا ولا مقعدا ولا أعمى إلا أن يكون أحد هؤلاء ممن له رأي في الحرب أو تكون المرأة ملكة ولا يقتلون مجنونا ويكره أن يبتدىء الرجل أباه من المشركين فيقتله فإن أدركه امتنع عليه حتى يقتله غيره
 باب الموادعة ومن يجوز أمانه
وإذا رأى الإمام أن يصالح أهل الحرب أو فريقا منهم وكان في ذلك مصلحة للمسلمين فلا بأس به وإن صالحهم مدة ثم رأى نقض الصلح أنفع نبذ إليهم وقاتلهم وأن بدأوا بخيانة قاتلهم ولم ينبذ إليهم إذا كان ذلك باتفاقهم وإذا رأى الإمام موادعة أهل الحرب وإن يأخذ على ذلك مالا فلا بأس به وإما المرتدون فيوادعهم الإمام حتى ينظر في أمرهم ولا يأخذ عليه مالا ولو أخذه لم يرده ولا ينبغي أن يباع السلاح من أهل الحرب ولا يجهز إليهم
فصل
إذا أمن رجل حر أو امرأة حرة كافرا أو جماعة أو أهل حصن أو مدينة صح أمانهم ولم يكن لأحد من المسلمين قتالهم إلا أن يكون في ذلك مفسدة فينبذ إليهم ولا يجوز أمان ذمي ولا أسير ولا تاجر يدخل عليهم ولا يجوز أمان العبد المحجور عند عند أبي حنيفة إلا أن يأذن له مولاه في القتال وقال محمد يصح
 باب الغنائم وقسمتها
وإذا فتح الإمام بلدة عنوة فهو بالخيار إن شاء قسمه بين المسلمين وإن شاء أقرأهله عليه ووضع عليهم الجزية وعلى أراضيهم الخراج وهو في الأسارى بالخيار إن شاء قتلهم وإن شاء استرقهم وإن شاء تركهم أحرارا ذمة للمسلمين إلا مشركي العرب والمرتدين ولا يجوز أن يردهم إلى دار الحرب وله أن يسترقهم ولا يفادي بالأسارى عند أبي حنيفة وقالا يفادى بهم أسارى المسلمين ولا يجوز المن عليهم وإذا رأى الإمام العود ومعه مواش فلم يقدر على نقلها إلى دار الإسلام ذبحها وحرقها ولا يعقرها ولا يتركها ولا يقسم غنيمة في دار الحرب حتى يخرجها إلى دار الإسلام والردة والمقاتل في المعسكر سواء وإذا لحقهم المدد في دار الحرب قبل أن يخرجوا الغنيمة إلى دار الإسلام شاركوهم فيها لاحق لأهل سوق العسكر في الغنيمة إلا أن يقاتلوا وإن لم تكن للإمام حمولة تحمل عليها الغنائم قسمها بين الغانمين قسمة إيداع ليحملوها إلى دار الإسلام ثم يرتجعها منهم فيقسمها ولا يجوز بيع الغنائم قبل القسمة في دار الحرب ومن مات من الغانمين في دار الحرب فلا حق له في الغنيمة ومن مات منهم بعد إخراجها إلى دار الإسلام فنصيبه لورثته ولا بأس بأن يعلف العسكر في دار الحرب ويأكلوا مما وجدوه من الطعام ويستعملوا الحطب ويدهنون بالدهن ويوقحوا به الدابة ويقاتلوا بما يجدونه من السلاح كل ذلك بلا قسمة ولا يجوز أن يبيعوا من ذلك شيئا ولا يتمولونه
ومن أسلم منهم أحرز بإسلامه نفسه وأولاده الصغار وكل مال هو في يديه أو وديعة في يد مسلم أو ذمي فإن ظهرنا على دار الحرب فعقاره فيء وزوجته فيء وكذا حملها فيء وأولاده الكبار فيء ومن قاتل من عبيده فيء وما كان من ماله في يد حربي فهو فيء وما كان غصبا في يد مسلم أو ذمي فهو فيء عند أبي حنيفة وقال محمد لا يكون فيئا وإذا خرج المسلمون من دار الحرب لم يجز أن يعلفوا من الغنيمة ولا يأكلوا منها ومن فضل معه علف أو طعام رده إلى الغنيمة
فصل في كيفية القسمة
ويقسم الإمام الغنيمة فيخرج خمسها ويقسم الأربعة الأخماس بين الغانمينثم للفارس سهمان وللراجل سهم عند أبي حنيفة وقالا للفارس ثلاثة أسهم ولا يسهم إلا لفرس واحد والبراذين والعتاق سواء ومن دخل الحرب فارسا فنفق فرسه استحق سهم الفرسان ومن دخل راجلا فاشترى فرسا استحق سهم راجل ولا يسهم لمملوك ولا امرأة ولا صبي ولا ذمي ولكن يرضخ لهم على حسب ما يرى الإمام
وأما الخمس فيقسم على ثلاثة أسهم سهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل يدخل فقراء ذوي القربي فيهم ويقدمون ولا يدفع إلى أغنيائهم فإما ذكر الله تعالى في الخمس فإنه لافتتاح الكلام تبركا باسمه وسهم النبي عليه السلام سقط بموته كما سقط الصفى وسهم ذوي القربى كانوا يستحقونه في زمن النبي عليه السلام بالنصرة وبعده بالفقر وإذا دخل الواحد أو الإثنان دار الحرب مغيرين بغير إذن الإمام فأخذوا شيئا لم يخمس فإن دخلت جماعة لها منعة فأخذ شيئا خمس وإن لم يأذن لهم الإمام
فصل في التنفيل
ولا بأس بأن ينفل الإمام في حال القتال ويحرض على القتال فيقول من قتل قتيلا فله سلبه ويقول للسرية قد جعلت لكم الربع بعد الخمس ولا ينفل بعد إحراز الغنيمة بدار الإسلام إلا من الخمس وإذا لم يجعل السلب للقاتل فهو من جملة الغنيمة والقاتل وغيره في ذلك سواء والسلب ما على المقتول من ثيابه وسلاحه ومركبه وكذا ما كان على مركبه من السرج والآلة وكذا ما معه على الدابة من ماله في حقيبته أو على وسطه وما عدا ذلك فليس بسلب
 باب استيلاء الكفار
وإذا غلب الترك على الروم فسبوهم وأخذوا أموالهم ملكوها فإن غلبنا على الترك حل لنا ما نجده من ذلك وإذا غلبوا على أموالنا والعياذ بالله وأحرزوها بدارهم ملكوها فإن ظهر عليها المسلمون فوجدها المالكون قبل القسمة فهي لهم بغيرشيء وإن وجدوها بعد القسمة أخذوها بالقيمة إن أحبوا وإن دخل دار الحرب تاجر فاشترى ذلك وأخرجه إلى دار الإسلام فمالكه الأول بالخيار إن شاء أخذه بالثمن الذي اشتراه به وإن شاء تركه فإن اسروا عبدا فاشتراه رجل وأخرجه إلى دار الإسلام ففقئت عينه وأخذ أرشها فإن المولى يأخذه بالثمن الذي أخذ به من العدو ولا يأخذ الأرش وإن أسروا عبدا فاشتراه بألف درهم فأسروه ثانية وأدخلوه دار الحرب فاشتراه رجل آخر بألف درهم فليس للمولى الأول أن يأخذه من الثاني بالثمن وللمشتري الأول أن يأخذه من الثاني بالثمن ثم يأخذه المالك القديم بألفين إن شاء
ولا يملك علينا أهل الحرب بالغلبة مدبرينا وأمهات أولادنا ومكاتبنا وأحرارنا ونملك عليهم جميع ذلك وإذا أبق عبد لمسلم فدخل إليهم فأخذوه لم يملكوه عند أبي حنيفة وقالا يملكونه وإن ند بعيرإليهم فأخذوه لم يملكوه عند أبي حنيفة وقالا يملكونه وإن ند بعير اليهم فأخذوه ملكوه وإن اشتراه رجل وأدخله دار الإسلام فصاحبه يأخذه بالثمن إن شاء فإن أبق عبد إليهم وذهب معه بفرس ومتاع فأحذ المشركون ذلك كله واشترى رجل ذلك كله وأخرجه إلى دار الإسلام فإن المولى يأخذ العبد بغير شيء والفرس والمتاع بالثمن وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يأخذ العبد وما معه بالثمن إن شاء وإذا دخل الحربي دارنا بأمان واشترى عبدا مسلما وأدخله دار الحرب عتق عند أبي حنيفة وقالا لا يعتق أو إذا أسلم عبد لحربي ثم خرج إلينا أو ظهر على الدار فهو حر وكذلك إذا خرج عبيدهم إلى عسكر المسلمين فهم أحرار
 باب المستأمن
وإذا دخل المسلم دار الحرب تاجرا فلا يحل له أن يتعرض لشيءمن أموالهم ولا من دمائهم فإن غدر بهم فأخذ شيئا وخرج به ملكه ملكا محظورا فيؤمر بالتصدق به وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان فأدانه حربي أو أدان هو حربيا أو غصبأحدهما صاحبه ثم خرج إلينا واستأمن من الحرب لم يقض لواحد منهما على صاحبه بشيء ولو خرجا مسلمين قضى بالدين بينهما ولم يقض بالغصب وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان فغصب حربيا ثم خرجا مسلمين أمر برد الغصب ولم يقض عليه وإذا دخل مسلمان دار الحرب بأمان فقتل أحدهما صاحبه عمدا أو خطأ فعلى القاتل الدية في ماله وعليه الكفارة في الخطأ وإن كانا أسيرين فقتل أحدهما صاحبه فلا شيء على القاتل إلا الكفارة في الخطأ عند أبي حنيفة وقالا في الأسيرين الدية في الخطأ والعمد
فصل
وإذا دخل الحربي إلينا مستأمنا لم يمكن أن يقيم في دارنا سنة ويقول له الإمام إن أقمت تمام السنة وضعت عليك الجزية وإذا أقامها بعد مقالة الإمام يصير ذميا ثم لا يترك أن يرجع إلى دار الحرب فإن دخل الحربي دارنا بأمان فاشترى أرض خراخ فإذا وضع عليه الخراج فهو ذمي وإذا دخلت حربية بأمان فتزوجت ذميا صارت ذمية وإذا دخل حربي بأمان فتزوج ذمية لم يصر ذميا ولو أن حربيا دخل دارنا بأمان ثم عاد إلى دار الحرب وترك وديعة عند مسلم أو ذمي أو دينا في ذمتهم فقد صار دمه مباحا بالعود وما في دار الإسلام من ماله على خطر فإن أسر أو ظهر على الدار فقتل سقطت ديونه وصارت الوديعة فيئا وإن قتل ولم يظهر على الدار فالقرض والوديعة لورثته وما أوجف المسلمون عليه من أموال اهل الحرب بغير قتال يصرف في مصالح المسلمين كما يصرف الخراج وإذا دخل الحربي دارنا بأمان وله امرأة في دار الحرب وأولاد صغار وكبار ومال أودع بعضه ذميا وبعضه حربيا وبعضه مسلما فأسلم ههنا ثم ظهر على الدار فذلك كله فيء وإن اسلم في دار الحرب ثم جاء فظهر على الدار فأولاده الصغار أحرار مسلمون وما كان من مال أودعه مسلما أو ذميا فهو له وما سوى ذلك فيء وإذا أسلم الحربي في دار الحرب فقتله مسلم عمدا أو خطأ وله ورثة مسلمون هناكفلا شيء عليه إلا الكفارة في الخطأ لوجود العاصم وهو الإسلام ومن قتل مسلما خطأ لا ولي له أو قتل حربيا دخل إلينا بأمان فأسلم فالدية على عاقلته للإمام عليه الكفارة وإن كان عمدا فإن شاء الإمام قتله وإن شاء أخذ الدية وليس له أن يعفو
 باب العشر والخراج أرض العرب كلها أرض عشر وهي ما بين العذيب إلى أقصى حجر باليمن بمهرة إلى حد الشام والسواد أرض خراج وهو ما بين العذيب إلى عقبة حلوان ومن الثعلبية ويقال من العلث إلى عبادان وأرض السواد مملوكة لأهلها يجوز بيعهم لها وتصرفهم فيها وكل ارض أسلم أهلها أو فتحت عنوة وقسمت بين الغانمين فهي أرض عشر وكل أرض فتحت عنوة فأقر أهلها عليها فهي أرض خراج وفي الجامع الصغير كل أرض فتحت عنوة فوصل إليها ماء الأنهار فهي أرض خراج وما لم يصل إليها ماء الأنهار واستخرج منها عين فهي أرض عشر ومن أحيا أرضا مواتا فهي عند أبي يوسف معتبرة بحيزها فإن كانت من حيز أرض الخراج فهي خراجية وإن كانت من حيز أرض العشر فهي عشرية وقال محمد إن أحياها ببئر حفرها أو بعين استخرجها أو ماء دجلة أو الفرات أو الأنهار العظام التي لا يملكها أحد فهي عشرية وإن أحياها بماء الأنهار التي احتفرها الأعاجم فهي خراجية والخراج الذي وضعه عمر رضي الله عنه على أهل السواد من كل جريب يبلغه الماء قفيز هاشمي وهو الصاع ودرهم ومن جريب الرطبة خمسة دراهم ومن جريب الكرم المتصل والنخيل المتصل عشرة دراهم وما سوى ذلك من الأصناف كالزعفران والبستان وغيره يوضع عليها بحسب الطاقة فإن لم تطق ما وضع عليها نقصها الإمام وإن غلب على أرض الخراج الماء أو انقطع الماء عنها أو اصطلم الزرع آفة فلا خراج عليه وإن عطلها صاحبها فعليه الخراج ومن أسلم من أهل الخراج أخذ منه الخراج على حاله ويجوز أن يشتريالمسلم أرض الخراج من الذمي ويؤخذ منه الخراج ولا عشر في الخارج من ارض الخراج ولا يتكرر الخراج بتكرر الخارج في سنة
 باب الجزية
وهي على ضربين جزية توضع بالتراضي والصلح فتقدر بحسب ما يقع عليه الاتفاق وجزية يبتدي الإمام وضعها إذا غلب الإمام على الكفار وأقرهم على أملاكهم فيضع على الغني الظاهر الغنى في كل سنة ثمانية وأربعين درهما يأخذ منهم في كل شهر أربعة دراهم وعلى وسط الحال أربعة وعشرين درهما في كل شهر درهمين وعلى الفقير المعتمل اثني عشر درهما في كل شهر درهما وتوضع الجزية على أهل الكتاب والمجوس وعبدة الأوثان من العجم وإن ظهر عليهم قبل ذلك فهم ونساؤهم وصبيانهم فيء ولا توضع على عبدة الأوثان من العرب ولا المرتدين وإذا ظهر عليهم فنساؤهم وصبيانهم فيء ومن لم يسلم من رجالهم قتل ولا جزية على امرأة ولا صبي ولا زمن ولا أعمى ولا على فقير غير معتمل ولا توضع على المملوك والمكاتب والمدبر وأم الولد ولا يؤدى عنهم مواليهم ولا توضع على الرهبان الذين لا يخالطون الناس ومن أسلم وعليه جزية سقطت عنه وإن اجتمعت عليه الحولان تداخلت وفي الجامع الصغير ومن لم يؤخذ منه خراج رأسه حتى مضت السنة وجاءت سنة أخرى لم يؤخذ منه وهذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يؤخذ منه وإن مات عند تمام السنة لم يؤخذ منه في قولهم جميعا وكذلك إن مات في بعض السنة
فصل
ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام وإن انهدمت البيع والكنائس القديمة أعادوها ويؤخذ أهل الذمة بالتميز عن المسلمين في زيهم ومراكبهم وسروجهم وقلانسهم فلا يركبون الخيل ولا يعملون بالسلاح وفي الجامع الصغير ويؤخذ أهل الذمة بإظهار الكستيجات والركوب على السروج التي هي كهيئة الأكف ومن امتنع من الجزية أو قتل مسلما أو سب النبي عليه السلام أو زنىبمسلمة لم ينتقض عهدة ولا ينقض العهد إلا أن يلتحق بدار الحرب أو يغلبوا على موضع فيحاربوننا وإذا نقض الذمي العهد فهو بمنزلة المرتد
فصل
ونصارى بني تغلب يؤخذ من أموالهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين من الزكاة ويؤخذ من نسائهم ولا يؤخذ من صبيانهم ويوضع على مولى التغلبي الخراج وخراج الأرض بمنزلة مولى القرشي وما جباه الإمام من الخراج ومن أموال بني تغلب وما أهداه أهل الحرب إلى الإمام والجزية يصرف في مصالح المسلمين كسد الثغور وبناء القناطر والجسور ويعطى قضاة المسلمين وعمالهم وعلماؤهم منه ما يكفيهم ويدفع منه أرزاق المقاتلة وذراريهم ومن مات في نصف السنة فلا شيء له من العطاء
 باب أحكام المرتدين
وإذا ارتد المسلم عن الإسلام والعياذ بالله عرض عليه الإسلام فإن كانت له شبهة كشفت عنه ويحبس ثلاثة أيام فإن أسلم وإلا قتل وفي الجامع الصغير المرتد يعرض عليه الإسلام حرا كان أو عبدا فإن أبى قتل فإن قتله قاتل قبل عرض الإسلام عليه كره ولا شيء على القاتل وأما المرتدة فلا تقتل ولكن تحبس حتى تسلم وفي الجامع الصغير وتجبر المرأة على الإسلام حرة كانت أو أمة والأمة يجبرها مولاها ويزول ملك المرتد عن أمواله بردته زوالا مراعى فإن اسلم عادت إلى حالها قالوا هذا عند أبي حنيفة وعندهما لا يزول ملكه وإن مات أو قتل على ردته انتقل ما اكتسبه في إسلامه إلى ورثته المسلمين وكان ما اكتسبه في حال ردته فيئا وقال أبو يوسف ومحمد كلاهما لورثته وإن لحق بدار الحرب مرتدا وحكم الحاكم بلحاقه عتق مدبروه وأمهات أولاده وحلت الديون التي عليه ونقل ما اكتسبه في حال الإسلام إلى ورثته من المسلمين وتقضى الديون التي لزمته في حال الإسلام مما اكتسبه في حال الإسلام وما لزمته في حال ردته من الديونيقضي ما اكتسبه في حال ردته وما باعه أو اشتراه أو أعتقه أو وهبه أو رهنه أو تصرف فيه من أمواله في حال ردته فهو موقوف فإن أسلم صحت عقوده وإن مات أو قتل أو لحق بدار الحرب بطلت وهذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يجوز ما صنع في الوجهين فإن عاد المرتد بعد الحكم بلحاقه بدار الحرب إلى دار الإسلام مسلما فما وجده في يد ورثته من ماله بعينه أخذه وإذا وطىء المرتد جارية نصرانية كانت له في حالة الإسلام فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر منذ ارتد فادعاه فهي أم ولد له والولد حر وهو ابنه ولا يرثه وإن كانت الجارية مسلمة ورثه الابن إن مات على الردة أو لحق بدار الحرب وإذا لحق المرتد بماله بدار الحرب ثم ظهر على ذلك المال فهو فيء فإن لحق ثم رجع وأخذ مالا وألحقه بدار الحرب فظهر على ذلك المال فوجدته الورثة قبل القسمة رد عليهم وإذا لحق المرتد بدار الحرب وله عبد قضى به لابنه وكاتبه الابن ثم جاء المرتد مسلما فالكتابة جائزة والمكاتبة والولاء للمرتد الذي أسلم وإذا قتل المرتد رجلا خطأ ثم لحق بدار الحرب أو قتل على ردته فالدية في مال اكتسبه في حال الإسلام خاصة عند أبي حنيفة وقالا الدية فيما اكتسبه في حالة الإسلام والردة جميعا وإذا قطعت يد المسلم عمدا فارتد والعياذ بالله ثم مات على ردته من ذلك أو لحق بدار الحرب ثم جاء مسلما فمات من ذلك فعلى القاطع نصف الدية في ماله للورثة فإن لم يلحق وأسلم ثم مات فعليه الدية كاملة وإذا ارتد المكاتب ولحق بدار الحرب واكتسب مالا فأخذ بماله وأبى أن يسلم فقتل فإنه يوفي مولاه مكاتبته وما بقي فلورثته وإذا ارتد الرجل وامرأته والعياذ بالله ولحقا بدار الحرب فحبلت المرأة في دار الحرب وولدت ولدا وولد لولدهما ولد فظهر عليهم جميعا فالولدان فيء وارتداد الصبي الذي يعقل ارتداد عند أبي حنيفة ومحمد ويجبر على الإسلام ولا يقتل وإسلامه إسلام لا يرث أبويه إن كانا كافرين وقال أبو يوسف ارتداده ليس بارتداد وإسلامه إسلام
 باب البغاة
وإذا تغلب قوم من المسلمين على بلد وخرجوا من طاعة الإمام دعاهم إلى العود إلى الجماعة وكشف عن شبهتهم ولا يبدأ بقتال حتى يبدأوه فإن بدأوه قاتلهم حتى يفرق جمعهم فإن كانت لهم فئة أجهز على جريحهم واتبع موليهم وإن لم يكن لهم فئة لم يجهز على جريحهم ولم يتبع موليهم ولا يسبي له ذرية ولا يقسم لهم مال ولا بأس بأن يقاتلوا بسلاحهم إن احتاج المسلمون إليه ويحبس الإمام أموالهم ولا يردها عليهم ولا يقسمها حتى يتوبوا فيردها عليهم وما جباه أهل البغي من البلاد التي غلبوا عليها من الخراج والعشر لم يأخذه الإمام ثانيا فإن كانوا صرفوه في حقه أجزأ من أخذ منه وإن لم يكونوا صرفوه في حقه فعلى أهله فيما بينهم وبين الله تعالى أن يعيدوا ذلك ومن قتل رجلا وهما من عسكر أهل البغي ثم ظهر عليهم فليس عليهم شيء وإن غلبوا على مصر فقتل رجل من أهل المصر رجلا من أهل المصر عمدا ثم ظهر على المصر فإنه يقتص منه وإذا قتل رجل من أهل العدل باغيا فإنه يرثه فإن قتله الباغي وقال قد كنت على حق وأنا الآن على حق ورثه وإن قال قتلته وأنا أعلم أني على الباطل لم يرثه وهذا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يرث الباغي في الوجهين ويكره بيع السلاح من أهل الفتنة وفي عساكرهم وليس ببيعه بالكوفة من أهل الكوفة ومن لم يعرفه من أهل الفتنة بأس = كتاب اللقيط
اللقيط حر ونفقته في بيت المال فإن التقطه رجل لم يكن لغيره أن يأخذه منه فإن ادعى مدع أنه ابنه فالقول قوله وإن ادعاه اثنان ووصف أحدهما علامة في جسده فهو أولى به وإذا وجد في مصر من أمصار المسلمين أو في قرية من قراهم فادعى ذمي أنه ابنه ثبت نسبه منه وكان مسلما وإن وجد في قرية من قرى اهلالذمة أو في بيعة أو كنيسة كان ذميا ومن ادعى أن اللقيط عبده لم يقبل منه فإن ادعى عبد أنه ابنه ثبت نسبه منه وكان حرا والحر في دعوته للقيط أولى من العبد المسلم أولى من الذمي وإن وجد مع اللقيط مال مشدود عليه فهو له وله ولاية الإنفاق وشراء مالا بد له منه ولا يجوز تزويج الملتقط ولا تصرفه في مال الملتقط ويجوز أن يقبض له الهبة ويسلمه في صناعة ويؤاجره وفي الجامع الصغير لا يجوز أن يؤاجره = كتاب اللقطة
اللقطة أمانة إذا أشهد الملتقط أنه يأخذها ليحفظها ويردها على صاحبها فإن كانت أقل من عشرة دراهم عرفها أياما وإن كانت عشرة فصاعدا عرفها حولا فإن جاء صاحبها وإلا تصدق بها فإن جاء صاحبها فهو بالخيار إن شاء أمضى الصدقة وإن شاء ضمن الملتقط ويجوز الالتقاط في الشاة والبقر والبعير فإن أنفق الملتقط عليها بغير إذن الحاكم فهو متبرع وإذا رفع ذلك إلى الحاكم نظر فيه فإن كان للبهيمة منفعة أجرها وأنفق عليها من أجرتها وإن لم تكن لها منفعة وخاف أن تستغرق النفقة قيمتها باعها وأمر بحفظ ثمنها وإن كان الأصلح الإنفاق عليها أذن في ذلك وجعل النفقة دينا على مالكها وإذا أحضر المالك فللملتقط أن يمنعها منه حتى يحضر النفقة ولقطة الحل والحرم سواء وإذا حضر رجل فادعى اللقطة لم تدفع إليه حتى يقيم البينة فإن اعطى علامتها حل للملتقط أن يدفعها إليه ولا يجبر على ذلك في القضاء ولا يتصدق باللقطة على غني وإن كان الملتقط غنيا لم يجز له أن ينتفع بها وإن كان الملتقط فقيرا فلا بأس بأن ينتفع بها وكذا إذا كان الفقير أباه أو ابنه او زوجته وإن كان هو غنيا = كتاب الإباق
الآبق أخذه أفضل في حق من يقوى عليه ومن رده آبقا على مولاه من مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا فله عليه جعله أربعون درهما وإن رده لأقل من ذلك فبحسابهوإن كانت قيمته أقل من أربعين يقضي له بقيمته إلا درهما وإن أبق من الذي رده فلا شيء عليه ولو أعتقه المولى كما لقيه صار قبضا بالإعتاق وينبغي إذا أخذه أن يشهد أنه يأخذه ليرده وإن كان الآبق رهنا فالجعل على المرتهن = كتاب المفقود
إذا غاب الرجل فلم يعرف له موضع ولا يعلم أحي هو أم ميت نصب القاضي من يحفظ ماله ويقوم عليه ويستوفي حقه ولا يبيع مالا يخاف عليه الفساد في نفقة ولا غيرها وينفق على زوجته وأولاده من ماله ولا يفرق بينه وبين امرأته وإذا تم له مائة وعشرون سنة من يوم ولد حكمنا بموته ويقسم ماله بين ورثته الموجودين في ذلك الوقت ومن مات قبل ذلك لم يرث منه ولا يرث المفقود أحدا مات في حال فقده وكذلك لو أوصى للمفقود ومات الموصى ولا ينزع من يد الأجنبي إلا إذا ظهرت منه خيانة = كتاب الشركة
الشركة جائزة الشركة ضربان شركة أملاك وشركة عقود فشركة الأملاك العين يرثها رجلان أو يشتريانها فلا يجوز لأحدهما أن يتصرف في نصيب الآخر إلا بإذنه وكل واحد منهما في نصيب صاحبه كالأجنبي والضرب الثاني شركة العقود وركنها الإيجاب والقبول وهو أن يقول أحدهما شاركتك في كذا وكذا ويقول الآخر قبلت ثم هي أربعة أوجه مفاوضة وعنان وشركة الصنائع وشركة الوجوه فأما شركة المفاوضة فهي أن يشترك الرجلان فيتساويان في مالهما وتصرفهما ودينهما ولا تنعقد إلا بلفظة المفاوضة فتجوز بين الحرين الكبيرين مسلمين أو ذميين وإن كان أحدهما كتابيا والآخر مجوسيا تجوز أيضا ولا تجوز بين الحر والمملوك ولا بين الصبي والبالغ ولا بين المسلم والكافر ولا تجوز بين العبدين ولا بين الصبيين ولا بين المكاتبين وتنعقد على الوكالة والكفالة وما يشتريهكل واحد منهما يكون على الشركة إلا طعام أهله وكسوتهم وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما شاء وما يلزم كل واحد منهما من الديون بدلا عما يصح فيه الاشتراك فالآخر ضامن له ولو كفل أحدهما بمال عند أجنبي لزم صاحبه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا يلزمه فإن ورث أحدهما مالا يصح فيه الشركة أو وهب له ووصل إلى يده بطلت المفاوضة وصارت عنانا فإن ورث أحدهما عرضا فهو له ولا تفسد المفاوضة
فصل
ولا تنعقد الشركة إلا بالدراهم والدنانير والفلوس النافقة ولا تجوز الشركة بما سوى ذلك إلا أن يتعامل الناس بالتبر وفي الجامع الصغير ولا تكون المفاوضة بمثاقيل ذهب أو فضة وإذا أراد الشركة بالعروض باع كل واحد منهما نصف ماله بنصف مال الآخر ثم عقد الشركة وهذه شركة ملك وأما شركة العنان فتنعقد على الوكالة دون الكفالة وهي أن يشترك اثنان في نوع بر أو طعام أو يشتركان في عموم التجارات ولا يذكران الكفالة ويصح التفاضل في المال ويصح أن يتساويا في المال ويتفاضلا في الربح ويجوز أن يعقدها كل واحد منهما ببعض ماله دون البعض ولا يصح إلا بما بينا ويجوز أن يشتركا ومن جهة أحدهما دنانير ومن الآخر دراهم وكذا من أحدهما دراهم بيض ومن الآخر سود وما اشتراه كل واحد منهما للشركة طولب بثمنه دون الآخر ثم يرجع على شريكه بحصته منه وإذا هلك مال الشركة أو أحد المالين قبل أن يشتريا شيئا بطلت الشركة وإن اشترى أحدهما بماله وهلك مال الآخر قبل الشراء فالمشترى بينهما على ما شرطا ويرجع على شريكه بحصته من ثمنه وتجوز الشركة وإن لم يخلطا المال ولا تجوز الشركة إذا شرط لأحدهما دراهم مسماة من الربح ولكل واحد من المتفاوضين وشريكي العنان أن يبضع المال ويدفعه مضاربة ويوكل من يتصرف فيه ويده في المال يد أمانة أما شركة الصنائع كالخياطين والصباغين يشتركانعلى أن يتقبلا الأعمال ويكون الكسب بينهما فيجوز ذلك ولو شرطا العمل نصفين والمال أثلاثا جاز وما يتقبله كل واحد منهما من العمل يلزمه ويلزم شريكه ويبرأ الدافع بالدفع إليه وأما شركة الوجوه فالرجلان يشتركان ولا مال لهما على أن يشتريا بوجوههما ويبيعا فتصح الشركة على هذا وكل واحد منهما وكيل الآخر فيما يشتريه فإن شرطا أن المشترى بينهما نصفان والربح كذلك يجوز ولا يجوز أن يتفاضلا فيه وإن شرطا أن يكون المشترى بينهما أثلاثا فالربح كذلك
فصل
ولا تجوز الشركة في الاحتطاب والاصطياد وما اصطاده كل واحد منهما أو احتطبه فهو له دون صاحبه وإذا اشتركا ولأحدهما بغل وللآخر راوية يستقي عليها الماء فالكسب بينهما لم تصح الشركة والكسب كله للذي استقى وعليه أجر مثل الراوية إن كان العامل صاحب البغل وإن كان صاحب الراوية فعليه أجر مثل البغل وكل شركة فاسدة فالربح فيها على قدر المال ويبطل شرط التفاضل وإذا مات أحد الشريكين أو ارتد ولحق بدار الحرب بطلت الشركة
فصل
وليس لأحد الشريكين أن يؤدي زكاة مال الآخر إلا بإذنه فإن أذن كل واحد منهما لصاحبه أن يؤدي زكاته فإن أدى كل واحد منهما فالثاني ضامن علم بأداء الأول أو لم يعلم وإذا أذن أحد المتفاوضين لصاحبه أن يشتري جارية فيطأها ففعل فهي له بغير شيء عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يرجع عليه بنصف الثمن وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما شاء بالاتفاق = كتاب الوقف
قال أبو حنيفة رحمه الله لا يزول ملك الواقف عن الوقف إلا أن يحكم به الحاكم أو يعلقه بموته فيقول إذا مت فقد وقفت داري على كذا وقال أبو يوسف يزول ملكه بمجرد القول وقال محمد لا يزول حتى يجعل للوقف وليا ويسلمهإليه وإذا صح الوقف على اختلافهم خرج من ملك الواقف ولم يدخل في ملك الموقوف عليه ووقف المشاع جائز عند أبي يوسف وقال محمد رحمه الله لا يجوز ولا يتم الوقف عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله حتى يجعل آخره لجهة لا تنقطع أبدا وقال أبو يوسف رحمه الله إذا سمى فيه جهة تنقطع جاز وصار بعدها للفقراء وإن لم يسمهم ويجوز وقف العقار ولا يجوز وقف ما ينقل ويحول وقال أبو يوسف إذا وقف ضيعة بقرها واكرتها وهم عبيده جاز وقال محمد رحمه الله يجوز حبس الكراع والسلاح وإذ صح الوقف لم يجز بيعه ولا تمليكه إلا أن يكون مشاعا عند أبي يوسف رحمه الله فيطلب الشريك القسمة فيصح مقاسمته والواجب أن يبتدأ من ارتفاع الوقف بعمارته شرط ذلك الواقف أو لم يشترط فإن وقف دارا على سكنى ولده فالعمارة على من له السكتي فإن امتنع من ذلك أو كان فقيرا أجرها الحاكم وعمرها بأجرتها وإذا عمرها ردها إلى من له السكنى وما انهدم من بناء الوقف وآلته صرفه الحاكم في عمارة الوقف إن احتاج إليه وإن استغنى عنه أمسكه حتى يحتاج إلى عمارته فيصرفه فيها ولا يجوز أن يقسمه بين مستحقي الوقف وإذا جعل الوقف غلة الوقف لنفسه أو جعل الولاية إليه جاز عند أبي يوسف
فصل
وإذا بنى مسجدا لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه ويأذن للناس بالصلاة فيه فإذا صلى فيه واحد زال عند أبي حنيفة رحمه الله عن ملكه وقال أبو يوسف يزول ملكه بقوله جعلته مسجدا ومن جعل مسجدا تحته سرداب أو فوقه بيت وجعل باب المسجد إلى الطريق وعزله عن ملكه فله أن يبيعه وإن مات يورث عنه وكذلك إن اتخذ وسط داره مسجدا وأذن للناس بالدخول فيه وعن محمد أنه لا يباع ولا يورث ولا يوهب ومن اتخذ أرضه مسجدا لم يكن له أن يرجع فيه ولا يبيعه ولا يورث عنه ومن بنى سقايةللمسلمين أو خانا يسكنه بنو السبيل أو رباطا أو جعل ارضه مقبره لم يزل ملكه عن ذلك حتى يحكم به الحاكم عند أبي حنيفة رحمه الله وعند أبي يوسف يزول ملكه بالقول وعند محمد رحمه الله إذا استقى الناس من السقاية وسكنوا الخان والرباط ودفنوا في المقبرة زال الملك = كتاب البيوع
البيع ينعقد بالإيجاب والقبول إذا كانا بلفظي الماضي وإذا أوجب أحد المتعاقدين البيع فالآخر بالخيار إن شاء قبل في المجلس وإن شاء رده وأيهما قام عن المجلس قبل القبول بطل الأيجاب والأعواض المشار إليها لا يحتاج إلى معرفة مقدارها في جواز البيع والأثمان المطلقة لا تصح إلا أن تكون معروفة القدر والصفة ويجوز البيع بثمن حال ومؤجل إذا كان الأجل معلوما ومن أطلق الثمن في البيع كان على غالب نقد البلد فإن كانت النقود مختلفة فالبيع فاسد إلا أن يبين أحدهما ويجوز بيع الطعام والحبوب مكايلة ومجازفة ويجوز بإناء بعينه لا يعرف مقداره وبوزن حجر بعينه لا يعرف مقداره ومن باع صبرة طعام كل قفيز بدرهم جاز البيع في قفيز واحد عند أبي حنيفة رحمه الله إلا أن يسمى جملة قفزاتها وقالا يجوز في الوجهين ومن باع قطيع غنم كل شاة بدرهم فسد البيع في جميعها عند أبي حنيفة رحمه الله وكذلك من باع ثوبا مذارعة كل ذراع بدرهم ولم يسم جملة الذرعان وكذا كل معدود متفاوت وعندهما يجوز في الكل وعنده ينصرف إلى الواحد ومن ابتاع صبرة طعام على أنها مائة درهم فوجدها أقل كان المشترى بالخيار إن شاء أخذ الموجود بحصته من الثمن وإن شاء فسخ البيع وإن وجدها أكثر فالزيادة للبائع ومن اشترى ثوبا على أنه عشرة أذرع بعشرة دراهم أو أرضا على أنها مائة ذراع بمائة درهم فوجدها أقل فالمشترى بالخيار إن شاء أخذها بجملة الثمن وإن شاء ترك وإن وجدها أكثر من الذراع الذي سماهفهو للمشتري ولا خيار للبائع ولو قال بعتكها على أنها مائة ذراع بمائة درهم كل ذراع بدرهم فوجدها ناقصة فالمشتري بالخيار إن شاء أخذها بحصتها من الثمن وإن شاء ترك وإن وجدها زائدة فهو بالخيار إن شاء أخذ الجميع كل ذراع بدرهم وإن شاء فسخ البيع وإن اشترى عشرة أذرع من مائة ذراع من دار أو حمام فالبيع فاسد عند أبي حنيفة وقالا هو جائز وإن اشترى عشرة أسهم من مائة سهم جاز في قولهم جميعا ولو اشترى عدلا على أنه عشرة أثواب فإذا هو تسعة أو أحد عشر فسد البيع ولو بين لكل ثوب ثمنا جاز في
فصل
النقصان بقدره وله الخيار ولم يجز في الزيادة ولو اشترى ثوبا واحدا على أنه عشرة أذرع كل ذراع بدرهم فإذا هو عشرة ونصف أو تسعة ونصف قال أبو حنيفة في الوجه الأول يأخذه بعشرة من غير خيار وفي الوجه الثاني يأخذه بتسعة إن شاء وقال أبو يوسف رحمة الله عليه في الوجه الأول يأخذه بأحد عشر إن شاء وفي الثاني يأخذه بعشرة إن شاء وقال محمد رحمه الله في الأول يأخذه بعشرة ونصف إن شاء وفي الثاني بتسعة ونصف ويخير فصل
ومن باع دارا دخل بناؤها في البيع وإن لم يسمه ومن باع أرضا دخل ما فيها من النخل والشجر وإن لم يسمه ولا يدخل الزرع في بيع الأرض إلا بالتسمية ومن باع نخلا أو شجرا فيه ثمر فثمرته للبائع إلا أن يشترط المبتاع ويقال للبائع اقطعها وسلم المبيع ومن باع ثمرة لم يبد صلاحها أو قد بدا جاز البيع وعلى المشتري قطعها في الحال وأن شرط تركها على النخيل فسد البيع ولا يجوز أن يبيع ويستثني منها أرطالا معلومة ويجوز بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره ومن باع دارا دخل في البيع مفاتيح إغلاقها وأجرة الكيال وناقد الثمن على البائع وأجرة وزان الثمن على المشتري ومن باع سلعة بثمن قيل للمشتري ادفع الثمن أولا ومن باع سلعة بسلعة أو ثمنا بثمن قيل لهما سلما معا
 باب خيار الشرط
ولهما الخيار ثلاثة أيام فما دونها ولا يجوز أكثر منها عند أبي حنيفة وقالا يجوز إذا سمى مدة معلومة إلا أنه إذا أجاز 6 في الثلاثة جاز عند أبي حنيفة ولو اشترى على أنه إن لم ينقد الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما جاز وإلى أربعة أيام لا يجوز عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يجوز إلى أربعة أيام أو أكثر فإن نقد في الثلاث جاز في قولهم جميعا وخيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه فلو قبضه المشتري وهلك في يده في مدة الخيار ضمنه بالقيمة وخيار المشتري لا يمنع خروج المبيع عن ملك البائع إلا أن المشتري لا يملكه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يملكه فإن هلك في يده هلك بالثمن وكذا إذا دخله عيب ومن اشترى امرأته على أنه بالخيار ثلاثة أيام لم يفسد النكاح وإن وطئها له أن يردها إلا إذا كانت بكرا وقالا يفسد النكاح لأنه ملكها وإن وطئها يردها ومن شرط له الخيار فله أن يفسخ في مدة الخيار وله أن يجيز فإن أجازه بغير حضرة صاحبه جاز وإن فسخ لم يجز إلا أن يكون الآخر حاضرا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف يجوز وإذا مات من له الخيار بطل خياره ولم ينتقل إلى ورثته ومن اشترى شيئا وشرط الخيار لغيره فأيهما أجاز جاز للخيار وأيهما نقض انتقض ولو أجاز أحدهما وفسخ الآخر يعتبر السابق ومن باع عبدين بألف درهم على أنه بالخيار في أحدهما ثلاثة أيام فالبيع فاسد وإن باع كل واحد منهمابخمسمائة على أنه بالخيار في أحدهما بعينه جاز البيع ومن اشترى ثوبين على أن يأخذ أيهما شاء بعشرة وهو بالخيار ثلاثة أيام فهو جائز وكذا الثلاثة فإن كانت أربعة أثواب فالبيع فاسد ومن اشترى دارا على أنه بالخيار فبيعت دار أخرى إلى جنبها فأخذها بالشفعة فهو رضا وإذا اشترى الرجلان غلاما على أنهما بالخيار فرضي أحدهما فليس للآخر أن يرده ومن باع عبدا على أنه خباز أو كاتب وكان بخلافه فالمشتري بالخيار إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء ترك
 باب خيار الرؤية
ومن اشترى شيئا لم يره فالبيع جائز وله الخيار إذا رآه إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء رده ومن باع مالم يره فلا خيار له ومن نظر إلى وجه الصبرة أو إلى ظاهر الثوب مطويا إو إلى وجه الجارية أو إلى وجه الدابة وكفلها فلا خيار له وإن رأى صحن الدار فلا خيار له وإن لم يشاهد بيوتها ونظر الوكيل كنظر المشتري حتى لا يرده إلا من عيب ولا يكون نظر الرسول كنظر المشتري وهذا عند أبي حنيفة وقالا هما سواء وله أن يرده وبيع الأعمى وشراؤه جائز وله الخيار إذا اشترى ثم يسقط خياره بجسه المبيع إذا كان يعرف بالجس ويشمه إذا كان يعرف بالشم ويذوقه إذا كان يعرف بالذوق ولا يسقط خياره في العقار حتى يوصف له ومن رأى أحد الثوبين فاشتراهما ثم رأى الآخر جاز له أن يردهما ومن مات وله خيار الرؤية بطل خياره ومن رأى شيئا ثم اشتراه بعد مدة فإن كان على الصفة التي رآه فلا خيار له وإن وجده متغيرا فله الخيار ومن اشترى عدل زطي ولم يرد فباع منه ثوبا أو وهبه وسلمه لم يرد شيئا منها إلا من عيب وكذلك خيار الشرط
 باب خيار العيب
وإذا اطلع المشتري على عيب في المبيع فهو بالخيار إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء رده وليس له أن يمسكه ويأخذ النقصان وكل ما أوجب نقصان الثمن في عادة التجار فهو عيب والأباق والبول في الفراش والسرقة في الصغير عيب مالم يبلغ فإذا بلغ فليس ذلك بعيب حتى يعاوده بعد البلوغ والجنون في الصغر عيب أبدا والبخر والدفر عيب في الجارية والزنا وولد الزنا عيب في الجارية دون الغلام والكفر عيب فيهما فلو كانت الجارية بالغة لا تحيض أو هي مستحاضة فهو عيب وإذا حدث عند المشتري عيب فاطلع على عيب كان عند البائع فله أن يرجعبالنقصان ولا يرد المبيع ومن اشترى ثوبا فقطعه فوجد به عيبا رجع بالعيب فإن قال البائع أقبله كذلك كان له فإن باعه المشتري لم يرجع بشيء فإن قطع الثوب وخاطه أو صبغه أحمر أولت السويق بسمن ثم اطلع على عيب رجع بنقصانه وليس للبائع أن يأخذه فإن باعه المشتري بعدما رأى العيب رجع بالنقصان ومن اشترى عبدا فأعتقه أو مات عنده ثم اطلع على عيب رجع بنقصانه وإن أعتقه على مال لم يرجع بشيء فإن قتل المشتري العبد أو كان طعاما فأكله لم يرجع بشيء عند أبي حنيفة ومن اشترى بيضا أو بطيخا أو قثاء أو خيارا أو جوزا فكسره فوجده فاسدا فإن لم ينتفع به رجع بالثمن كله وإن كان ينتفع به مع فساده لم يرده ويرجع بنقصان العيب ومن باع عبدا فباعه المشترى ثم رده عليه بعيب فإن قبل بقضاء القاضي بإقرار أو بينة أو بأباء يمين له أن يرده على بائعه وإن قبل بغير قضاء القاضي ليس له إن يرده وفي الجامع الصغير وإن رد عليه بإقراره بغير قضاء بعيب لا يحدث مثله لم يكن له أن يخاصم الذي باعه ومن اشترى عبدا فقبضه فادعى عيبا لم يجبر على دفع الثمن حتى يحلف البائع أو يقيم المشتري البينة فإن قال المشتري شهودي بالشام استحلف البائع ودفع الثمن ومن اشترى عبدا فادعى أباقا لم يحلف البائع حتى يقيم المشتري البينة إنه أبق عنده فإذا أقامها حلف بالله تعالى لقد باعه وسلمه إليه وما أبق عنده قط ومن اشترى جارية وتقابضا فوجد بها عيبا فقال البائع بعتك هذه وأخرى معها وقال المشتري بعتنيها وحدها فالقول قول المشتري وكذا إذا اتفقا على مقدار المبيع واختلفا في المقبوض ومن اشترى عبدين صفقة واحدة فقبض أحدهما ووجد بالآخر عيبا فإنه يأخذهما أو يدعهما ومن اشترى شيئا مما يكال أو يوزن فوجد ببعضه عيبا رده كله أو أخذه كله ولو استحق بعضه فلا خيار له في رد ما بقي وإن كان ثوبا فله الخيار ومن اشترى جارية فوجد بها قرحا فداواه أو كانت دابة فركبها في حاجته فهو رضا وإن ركبها ليردها على بائعها أو ليسقيها أو ليشتري لها علفافليس برضا ومن اشترى عبدا قد سرق ولم يعلم به فقطع عند المشتري له أن يرده ويأخذ الثمن عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يرجع بما بين قيمته سارقا وغير سارق ومن باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب فليس له أن يرده بعيب وإن لم يسم العيوب بعددها
 باب البيع الفاسد
وإذا كان أحد العوضين أو كلاهما محرما فالبيع فاسد كالبيع بالميتة والدم والخمر والخنزير وكذا إذا كان غير مملوك كالحر وبيع أم الولد والمدبر والمكاتب فاسد وإن ماتت أم الولد أو المدبر في يد المشتري فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه قيمتهما ولا يجوز بيع السمك قبل أن يصاد ولا في حظيرة إذا كان لا يؤخذ إلا بصيد ولا بيع الطير في الهواء ولا بيع الحمل ولا النتاج ولا اللبن في الضرع ولا الصوف على ظهر الغنم وجذع في سقف وذراع من ثوب ذكرا القطع أو لم يذكراه وضربة القانص وبيع المزابنة وهو بيع الثمر على النخيل بتمر مجذوذ مثل كيله خرصا ولا يجوز البيع بإلقاء الحجر والملامسة والمنابذة ولا يجوز بيع ثوب من ثوبين ولا يجوز بيع المراعي ولا إجارتها ولا يجوز بيع النحل ولا يجوز بيع دود القز عند أبي حنيفة لأنه من الهوام وعند أبي سيف يجوز إذا ظهر فيه القز تبعا له وعند محمد يجوز كيفما كان ولا يجوز بيع بيضة عند أبي حنيفة وعندهما يجوز ولا يجوز بيع الآبق إلا أن يبيعه من رجل زعم أنه عنده ولا يجوز بيع لبن امرأة في قدح ولا يجوز بيع شعر الخنزير ولا يجوز بيع شعور الإنسان ولا الانتفاع بها ولا بيع جلود الميتة قبل أن تدبغ ولا بأس ببيعها والانتفاع بها بعد الدباغ ولا بأس ببيع عظام الميتة وعصبها وصوفها وقرنها وشعرها ووبرها والانتفاع بذلك كله وإذا كان السفل لرجل وعلوه لآخر فسقطا أو سقط العلو وحده فباع صاحب العلو علوه لم يجز وبيع الطريق وهبته جائز وبيع مسيل الماء وهبته باطل ومن باع جارية فإذا هوغلام فلا بيع بينهما بخلاف ما إذا باع كبشا فإذا هو نعجة حيث ينعقد البيع ويتخير ومن اشترى جارية بألف درهم حالة أو نسيئة فقبضها ثم باعها من البائع بخمسمائة قبل أن ينقد الثمن الأول لا يجوز البيع الثاني ومن اشترى جارية بخمسمائة ثم باعها وأخرى معها من البائع قبل أن ينقد الثمن بخمسمائة فالبيع جائز في التي لم يشترها من البائع ويبطل في الأخرى ومن اشترى زيتا على أن يزنه بظرفه فيطرح عنه مكان كل ظرف خمسين رطلا فهو فاسد وإن اشترى على أن يطرح عنه بوزن الظرف جاز ومن اشترى سمنا في زق فرد الظرف وهو عشرة أرطال فقال البائع الزق غير هذا وهو خمسة أرطال فالقول قول المشتري وإذا أمر المسلم نصرانيا ببيع خمر أو بشرائها ففعل ذلك جاز عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز على المسلم ومن باع عبدا على أن يعتقه المشتري أو يدبره أو يكاتبه أو أمة على أن يستولدها فالبيع فاسد وكذلك لو باع عبدا على أن يستخدمه البائع شهرا أو دارا على أن يسكنها أو على أن يقرضه المشتري درهما أو على أن يهدي له هدية ومن باع عينا على أن لا يسلمه إلى رأس الشهر فالبيع فاسد ومن اشترى جارية إلا حملها فالبيع فاسد ومن اشترى ثوبا على أن يقطعه البائع ويخيطه قميصا أو قباء فالبيع فاسد ومن اشترى نعلا على أن يحذوه البائع أو يشركه فالبيع فاسد والبيع إلى النيروز والمهرجان وصوم النصارى وفطر اليهود إذا لم يعرف المتبايعان ذلك فاسد ولا يجوز البيع إلى قدوم الحاج ولو باع إلى هذه الآجال ثم تراضيا بإسقاط الأجل قبل أن يأخذ الناس في الحصاد والدياس وقبل قدوم الحاج جاز البيع أيضا ومن جمع بين حر وعبد أو شاة ذكية وميته بطل البيع فيهما وإن جمع بين عبد ومدبر أو بين عبده وعبد غيره صح البيع في العبد بحصته من الثمن
فصل في أحكامه
وإذا قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد بأمر البائع وفي العقد عوضان كل واحد منهما مال ملك المبيع ولزمته قيمته ولكل واحد من المتعاقدين فسخه فإنباعه المشتري نفذ بيعه ومن اشترى عبدا بخمر أو خنزير فقبضه وأعتقه أو باعه أو وهبه وسلمه فهو جائز وعليه القيمة وليس للبائع في البيع الفاسد أن يأخذ المبيع حتى يرد الثمن وإن مات البائع فالمشتري أحق به حتى يستوفي الثمن ومن باع دارا بيعا فاسدا فبناها المشتري فعليه قيمتها وقالا ينقض البناء وترد الدار ومن اشترى جارية بيعا فاسدا وتقابضا فباعها وربح فيها تصدق بالربح ويطيب للبائع ما ربح في الثمن وكذا إذا ادعى على آخر مالا فقضاه إياه ثم تصادقا أنه لم يكن عليه شيء وقد ربح المدعي في الدراهم يطيب له الربح
فصل فيما يكره
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش وعن السوم على سوم غيره وعن تلقي الجلب وعن بيع الحاضر للبادي والبيع عند أذان الجمعة كل ذلك يكره ولا يفسد به البيع ولا بأس ببيع من يزيد عن نوع منه ومن ملك مملوكين صغيرين أحدهما ذو رحم محرم من الآخر لم يفرق بينهما وكذلك إن كان أحدهما كبيرا فإن فرق كره له ذلك وجاز العقد وإن كانا كبيرين فلا بأس بالتفريق بينهما
 باب الإقالة
الإقالة جائزة في البيع بمثل الثمن الأول فإن شرطا أكثر منه أو أقل فالشرط باطل ويرد مثل الثمن الأول وهلاك الثمن لا يمنع صحة الإقالة وهلاك المبيع يمنع عنها فإن هلك بعض المبيع جازت الإقالة في الباقي
 باب المرابحة والتولية
المرابحة نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول مع زيادة ربح والتولية نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول من غير زيادة ربح ولا تصح المرابحة والتولية حتى يكون العوض مما له مثل ولو كان المشتري باعه مرابحة ممن يملك ذلك البدل وقد باعه بربح درهم أو بشيء من المكيل موصوف جاز وإن باعهبربح ده يازده لا يجوز ويجوز أن يضيف إلى رأس المال أجرة القصار والطراز والصبغ والفتل وأجرة حمل الطعام ويقول قام على بكذا ولا يقول اشتريته بكذا فإن اطلع المشتري على خيانة في المرابحة فهو بالخيار وإن اطلع على خيانة في التولية أسقطها من الثمن وقال أبو يوسف رحمه الله يحط فيهما وقال محمد رحمه الله يخير فيهما ومن اشترى ثوبا وباعه بربح ثم اشتراه فإن باعه مرابحة طرح عنه كل ربح كان قبل ذلك فإن كان استغرق الثمن لم يبعه مرابحة وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا نبيعه مرابحة على الثمن الأخير وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوبا بعشرة وعليه دين يحيط برقبته فباعه من المولى بخمسة عشر فإنه يبيعه مرابحة على عشرة وكذلك إن كان المولى اشتراه فباعه من العبد وإذا كان مع المضارب عشرة دراهم بالنصف فاشترى ثوبا بعشرة وباعه من رب المال بخمسة عشر فإنه يبيعه مرابحة باثني عشر ونصف ومن اشترى جارية فاعورت أو وطئها وهي ثيب يبيعها مرابحة ولا يبين فإما إذا فقأ عينها بنفسه أو فقأها أجنبي فأخذ أرشها لم يبعها مرابحة حتى يبين ولو اشترى ثوبا فأصابه قرض فأر أو حرق نار يبيعه مرابحة من غير بيان ولو تكسر بنشره وطيه لا يبيعه مرابحة حتى يبين ومن اشترى غلاما بألف درهم نسيئة فباعه بربح مائة ولم يبين فعلم المشتري فإن شاء رده وإن شاء قبل وإن استهلكه ثم علم لزمه بألف ومائة فإن كان ولاه إياه ولم يبين رده إن شاء وإن كان استهلكه ثم علم لزمه بألف حالة ومن ولى رجلا شيئا بما قام عليه ولم يعلم المشتري بكم قام عليه فالبيع فاسد فإن أعلمه البائع في المجلس فهو بالخيار إن شاء أخذه وإن شاء تركه
فصل
ومن اشترى شيئا مما ينقل ويجول لم يجز له بيعه حتى يقبضه ويجوز بيع العقار قبل القبض عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يجوز ومن اشترى مكيلا مكايلة أو موزونا موازنة فاكتاله أو اتزنه ثم باعه مكايلة أو موازنة لم يجز للمشتري منه أن يبيعه ولا أن يأكله حتى يعيد الكيل والوزنوالتصرف في الثمن قبل القبض جائز ويجوز للمشتري أن يزيد للبائع في الثمن ويجوز للبائع أن يزيد للمشتري في المبيع ويجوز أن يحط عن الثمن ويتعلق الاستحقاق بجميع ذلك ومن باع بثمن حال ثم أجله أجلا معلوما صار مؤجلا وكل دين حال إذا أجله صاحبه صار مؤجلا إلا القرض
 باب الربا
الربا محرم في كل مكيل أو موزون إذا بيع بجنسه متفاضلا وإن تفاضلا لم يجز ولا يجوز بيع الجيد بالرديء مما فيه الربا إلا مثلا بمثل ويجوز بيع الحفنة بالحفنتين والتفاحة بالتفاحتين وإذا عدم الوصفان الجنس والمعنى المضموم إليه حل التفاضل والنساء وكل شيء نص رسول الله عليه السلام على تحريم التفاضل فيه كيلا فهو مكيل أبدا وإن ترك الناس الكيل فيه مثل الحنطة والشعير والتمر والملح وكل ما نص على تحريم التفاضل فيه وزنا فهو موزون أبدا وإن ترك الناس الوزن فيه مثل الذهب والفضة ومالم ينص عليه فهو محمول على عادات الناس وكل ما ينسب إلى الرطل فهو وزني وعقد الصرف ما وقع على جنس الأثمان يعتبر فيه قبض عوضيه في المجلس وما سواه مما فيه الربا يعتبر فيه التعيين ولا يعتبر فيه التقابض ويجوز بيع البيضة بالبيضتين والتمرة بالتمرتين والجوزة بالجوزتين ويجوز بيع الفلس بالفلسين بأعيانهما ولا يجوز بيع الحنطة بالدقيق ولا بالسويق ويجوز بيع الدقيق بالدقيق متساويا كيلا وبيع الدقيق بالسويق لا يجوز ويجوز بيع اللحم بالحيوان ويجوز بيع الرطب بالتمر مثلا بمثل عند أبي حنيفة رحمه الله وكذلك العنب بالزبيب ولا يجوز بيع الزيتون بالزيت والسمسم بالشيرج حتى يكون الزيت والشيرج أكثر مما في الزيتون والسمسم فيكون الدهن بمثله والزيادة بالثجير ويجوز بيع اللحمان المختلفة بعضها ببعض متفاضلا وكذلك ألبان البقر والغنم وكذا خل الدقل بخل العنب وكذا شحم البطن بالإلية أو باللحم ويجوز بيع الخبز بالحنطة والدقيق متفاضلا ولا ربا بين المولى وعبده ولا بين المسلم والحربي في دار الحرب
 باب الحقوق
ومن اشترى منزلا فوقه منزل فليس له الأعلى إلا أن يشتريه بكل حق هو له أو بمرافقه أو بكل قليل وكثير هو فيه أو منه ومن اشترى بيتا فوقه بيت بكل حق هوله لم يكن له الأعلى ومن اشترى دارا بحدودها فله العلو والكنيف ومن اشترى بيتا في دار أو منزلا أو مسكنا لم يكن له الطريق إلا أن يشتريه بكل حق هو له أو بمرافقه أو بكل قليل وكثير وكذا الشرب والمسيل
 باب الاستحقاق
ومن اشترى جارية فولدت عنده فاستحقها رجل ببينة فإنه يأخذها وولدها وإن أقرب بها لرجل لم يتبعها ولدها ومن اشترى عبدا فإذا هو حر وقد قال العبد للمشتري اشترني فإني عبد له فإن كان البائع حاضرا أو غائبا غيبة معروفة لم يكن على العبد شيء وإن كان البائع لا يدري أين هو رجع المشتري على العبد ورجع هو على البائع وإن ارتهن عبدا مقرابا بالعبودية فوجده حرا لم يرجع عليه على كل حال ومن ادعى حقا في دار فصالحه الذي في يده على مائة درهم فاستحقت الدار إلا ذراعا منها لم يرجع بشيء وإن ادعاها كلها فصالحه على مائة درهم فاستحق منها شيء رجع بحسابه
فصل في بيع الفضولي
ومن باع ملك غيره بغير أمره فالمالك بالخيار إن شاء أجاز البيع وإن شاء فسخ وله الإجازة إذا كان المعقود عليه باقيا والمتعاقدان بحالهما ومن غصب عبدا فباعه وأعتقه المشتري ثم أجاز المولى البيع فالعتق جائز استحسانا فإن قطعت يد العبد فأخذ إرشها ثم أجاز المولى البيع فالأرض للمشتري ويتصدق بما زاد على نصف الثمن فإن باعه المشتري من آخر ثم أجاز المول البيع الأول لم يجز البيع الثاني فإن لم يبعه المشتري فمات في يده أو قتل ثم أجاز البيع لم يجز ومن باع عبد غيره بغير أمره وأقام المشتري البينة على إقرار البائع أو رب العبد أنه لم يأمره بالبيع وأراد ردالمبيع لم تقبل بينته وإن أقر البائع بذلك عند القاضي بطل البيع ومن باع دارا لرجل وأدخلها المشتري في بنائه لم يضمن البائع
 باب السلم
السلم عقد مشروع وهو جائز في المكيلات والموزونات وكذا في المزروعات ولا يجوز السلم في الحيوان ولا في أطرافه كالرؤوس والأكارع ولا في الجلود عددا ولا في الحطب حزما ولا في الرطبة جرزا ولا يجوز السلم حتى يكون السلم فيه موجودا من حين العقد إلى حين المحل حتى لو كان منقطعا عند العقد موجودا عند المحل أو على العكس أو منقطعا فيما بين ذلك لا يجوز ولو انقطع بعد المحل فرب السلم بالخيار إن شاء فسخ السلم وإن شاء انتظر وجوده ويجوز السلم في السمك المالح وزنا معلوما وضربا معلوما ولا يجوز السلم فيه عددا ولا خير في السلم في السمك الطري إلا في حينه وزنا معلوما وضربا معلوما ولا خير في السلم في اللحم عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا إذا وصف من اللحم موضعا معلوما بصفة معلومة جاز ولا يجوز السلم إلا مؤجلا ولا يجوز إلا بأجل معلوم ولا يجوز السلم بمكيال رجل بعينه ولا بذراع رجل بعينه ولا في طعام قرية بعينها ولا يصح السلم عند أبي حنيفة إلا بسبع شرائط جنس معلوم ونوع معلوم وصفة معلومة ومقدار معلوم وأجل معلوم ومعرفة مقدار رأس المال إذا كان يتعلق العقد على مقداره وتسمية المكان الذي يوفيه فيه إذا كان له حمل ومؤونة ومالم يكن له حمل ومؤونة لا يحتاج فيه إلى بيان مكان الإيفاء بالإجماع ويوفيه في المكان الذي أسلم فيه ولا يصح السلم حتى يقبض راس المال قبل أن يفارقه فيه وجلة الشروط جمعوها في قولهم إعلام رأس المال وتعجيله وإعلام المسلم فيه وتأجيله وبيان مكان الإيفاء والقدرة على تحصيله فإن أسلم مائتي درهم في كر حنطة مائة منها دين على المسلم إليه ومائة نقد فالسلم في حصة الدين باطل ويجوز في حصة النقد ولا يجوز التصرف في مال السلم والمسلم فيه قبل القبض ولا تجوز الشركةوالتولية في المسلم فيه فإن تقابلا السلم لم يكن له أن يشترى من المسلم إليه برأس المال شيئا حتى يقبضه كله ومن أسلم في كر حنطة فلما حل الأجل اشترى المسلم إليه من رجل كرا وأمر رب السلم بقبضه قضاء لم يكن قضاء وإن أمره أن يقبضه له ثم يقبضه لنفسه فاكتاله ثم اكتاله لنفسه جاز ومن أسلم في كر فأمر رب السلم أن يكيله المسلم إليه في غرائر رب السلم ففعل وهو غائب لم يكن قضاء ومن أسلم جارية في كر حنطة وقبضها المسلم إليه ثم تقايلا فماتت في يد المشتري فعليه قيمتها يوم قبضها ولو تقايلا بعد هلاك الجارية جاز ولو اشترى جارية بألف درهم ثم تقايلا فماتت في يد المشتري بطلت الإقالة ولو تقايلا بعد موتها فالإقالة باطلة ومن أسلم إلى رجل دراهم في كر حنطة فقال المسلم إليه شرطت رديئا وقال رب السلم لم تشترط شيئا فالقول قول المسلم إليه ولو قال المسلم إليه لم يكن له أجل وقال رب السلم بل كان له أجل فالقول قول رب السلم ويجوز السلم في الثياب إذا بين طولا وعرضا ورقعة ولا يجوز السلم في الجواهر ولا في الخرز ولا بأس بالسلم في اللبن والآجر إذا سمى ملبنا معلوما وكل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه ومالا يضبط صفته ولا يعلم مقداره لا يجوز السلم فيه ولا بأس بالسلم في طست أو قمقمة أو خفين أو نحو ذلك إذا كان يعرف وإن كان لا يعرف فلا خير فيه وإن استصنع شيئا من ذلك بغير أجل جاز استحسانا وهو بالخيار إذا رآه إن شاء أخذه وإن شاء تركه
مسائل منثورة
ويجوز بيع الكلب والفهد والسباع المعلم وغير المعلم في ذلك سواء ولايجوز بيع الخمر والخنزير وأهل الذمة في البياعات كالمسلمين إلا في الخمر والخنزير خاصة ومن قال لغيره بع عبدك من فلان بألف درهم على أني ضامن ضامن لك خمسمائة من الثمن سوى الألف ففعل فهو جائز ويأخذ الألف من المشتري والخمسمائة من الضامن وإنكان لم يقل من الثمن جاز البيع بألف درهم ولا شيءعلى الضمين ومن اشترى جارية ولم يقبضها حتى زوجها فوطئها الزوج فالنكاح جائز وهذا قبض وإن لم يطأها فليس تفيض ومن اشترى عبدا فغاب والعبد في يد البائع وأقام البائع البينة أنه باعه إياه فإن كانت غيبته معروفة لم يبع في دين البائع وإن لم يدر أين هو بيع العبد وأوفى الثمن فإن كان المشترى اثنين فغاب أحدهما فللحاضر أن يدفع الثمن كله ويقبضه وإذا حضر الآخر لم يأخذ نصيبه حتى ينقد شريكه الثمن كله وقال أبو يوسف رحمه الله إذا دفع الحاضر الثمن كله لم يقبض إلا نصيبه وكان متطوعا بما أدى عن صاحبه ومن اشترى جارية بألف مثقال ذهب وفضة فهما نصفان ومن له على آخر عشرة دراهم جياد فقضاه زيوفا وهو لا يعلم فأنفقها أو هلكت فهو قضاء عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف رحمه الله يرد مثل زيوفه ويرجع بدراهمه وإذا أفرخ طير في أرض رجل فهو لمن أخذه وكذا إذا تكنس فيها ظبي = كتاب الصرف
الصرف هو البيع إذا كان كل واحد من عوضيه من جنس الأثمان فإن باع فضة بفضة أو ذهبا بذهب لا يجوز إلا مثلا بمثل وإن اختلفا في الجودة والصياغة ولا بد من قبض العوضين قبل الافتراق وإن باع الذهب بالفضة جاز التفاضل ووجب التقابض فإن افترقا في الصرف قبل قبض العوضين أو أحدهما بطل العقد ولا يجوز التصرف في ثمن الصرف قبل قبضه حتى لو باع دينارا بعشرة دراهم ولم يقبض العشرة حتى اشترى بها ثوبا فالبيع في الثوب فاسد ويجوز بيع الذهب بالفضة مجازفة ومن باع جارية قيمتها ألف مثقال فضة وفي عنقها طوق فضة قيمته ألف مثقال بألفي مثقال فضة ونقد من الثمن ألف مثقال ثم افترقا فالذي نقد ثمن الفضة وكذا لو اشتراهما بألفي مثقال ألف نسيئة وألف نقد فالنقد ثمن الطوق وكذلك لو باع سيفا محلى بمائة درهم وحليته خمسون فدفع من الثمن خمسين جاز البيع وكان المقبوض حصة الفضة وإن لم يبينذلك وكذا إن قال خذ هذه الخمسين من ثمنهما فإن لم يتقابضا حتى افترقا بطل العقد في الحلية وكذا في السيف إن كان لا يتخلص إلا بضرر وإن كان يتخلص السيف بغير ضرر جاز البيع في السيف وبطل في الحلية ومن باع إناء فضة ثم افترقا وقد قبض بعض ثمنه بطل البيع فيما لم يقبض وصح فيما قبض وكان الإناء مشتركا بينهما ولو استحق بعض الإناء فالمشتري بالخيار إن شاء أخذ الباقي بحصته وإن شاء رده ومن باع قطعة نفرة ثم استحق بعضها أخذ ما بقي بحصته ولا خيار له ومن باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين جاز البيع وجعل كل جنس منهما بخلافة ومن باع أحد عشر درهما بعشرة دراهم ودينار جاز البيع ويكون العشرة بمثلها والدينار بدرهم ولو تبايعا فضة بفضة أو ذهبا بذهب وأحدهما أقل ومع أقلهما شيء آخر تبلغ قيمته باقي الفضة وباقي الفضة جاز البيع من غير كراهة وإن لم تبلغ فمع الكراهة وإن لم يكن له قيمة كالتراب لا يجوز البيع ومن كان له على آخر عشرة دراهم فباعه الذي عليه العشرة دينارا بعشرة دراهم ودفع الدينار وتقاصا العشرة بالعشرة فهو جائز ويجوز بيع درهم صحيح ودرهمي غلة بدرهمين صحيحين ودرهم غلة وإذا كان الغالب على الدراهم الفضة فهي فضة وإذا كان الغالب على الدنانير الذهب فهي ذهب ويعتبر فيهما من تحريم التفاضل ما يعتبر في الجياد حتى لا يجوز بيع الخالصة بها ولا بيع بعضها ببعض إلا متساويا في الوزن وكذا لايجوز الاستقراض بها إلا وزنا وإن كان الغالب عليهما الغش فليسا في حكم الدراهم والدنانير وإن بيعت بجنسها متفاضلا جاز صرفا للجنس إلى خلاف الجنس وإذا اشترى بها سلعة فكسدت وترك الناس المعاملة بها بطل البيع عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف رحمه الله عليه قيمتها يوم البيع وقال محمد رحمه الله فيمتها آخر ما تعامل الناس بها ويجوز البيع بالفلوس وإذا باع بالفلوس النافقة ثم كسدت بطل البيع عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما ولو استقرض فلوسا نافقة فكسدت عند أبي حنيفة رحمه الله يجب عليه مثلها ومن اشترى شيئا بنصف درهم فلوس جاز وعليهما يباع بنصف درهم من الفلوس وكذا إذا قال بدانق فلوس أو بقيراط فلوس جاز ومن أعطى صيرفيا درهما وقال أعطني بنصفه فلوسا وبنصفه نصفا إلا حبة جاز البيع في الفلوس وبطل فيما بقي عندهما وعلى قياس قول أبي حنيفة رحمه الله بطل في الكل ولو قال أعطني نصف درهم فلوسا ونصفا إلا حبة جاز = كتاب الكفالة
الكفالة هي الضم لغة الكفالة ضربان كفالة بالنفس وكفالة بالمال فالكفالة بالنفس جائزة والمضمون بها إحضار المكفول به وتنعقد إذا قال تكفلت بنفس فلان أو برقبته أو بروحه أو بجسده أو برأسه وكذا ببدنه وبوجهه وكذا إذا قال صمنته أو قال على أو قال إلى وكذا إذا قال أنا زعيم أو قبيل به فإن شرط في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في وقت بعينه لزمه إحضاره إذا طالبه في ذلك الوقت فان أحضره وإلا حبسه الحاكم وكذا إذا ارتد والعياذ بالله ولحق بدار الحرب وإذا أحضره وسلمه في مكان يقدر المكفول له أن يخاصمه فيه مثل أن يكون في مصر برىء الكفيل من الكفالة وإذا كفل على أن يسلمه في مجلس القاضي فسلمه في السوق برىء وإن سلمه في برية لم يبرأ وإذا مات المكفول به برىء الكفيل بالنفس من الكفالة ومن كفل بنفس آخر ولم يقل إذا دفعت إليك فأنا بريء فدفعه إليه فهو بريء فإن تكفل بنفسه على أنه إن لم يواف به إلى وقت كذا فهو ضامن لما عليه وهو ألف فلم يحضره إلى ذلك الوقت لزمه ضمان المال ولا يبرأ عن الكفالة بالنفس ومن كفل بنفس رجل وقال إن لم يواف غدا فعليه المال فإن مات المكفول عنه ضمن المال ومن ادعى على آخر مائة دينار بينها أو لم يبينها حتى تكفل بنفسه رجل على أنه إن لم يواف به غدا فعليه المائة فلم يواف به غدا فعليه المائة عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد إن لم يبينها حتى تكفل به رجل ثمادعى بعد ذلك لم يلتفت إلى دعواه ولا يجوز الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص عند أبي حنيفة رحمه الله ولو سمحت نفسه به يصح بالإجماع ولا يحبس فيها حتى يشهد شاهدان مستوران أو شاهد عدل يعرفه القاضي والرهن والك فالة جائزان في الخراج ومن أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب فأخذ منه كفيلا آخرفهما كفيلان وأما الكفالة بالمال فجائزة معلوما كان المكفول به أو مجهولا إذا كان دينا صحيحا مثل أن يقول تكفلت عنه بألف أو بمالك عليه أو بما يدركك في هذا البيع والمكفول له بالخيار إن شاء طالب الذي عليه الأصل وإن شاء طالب كفيله ولو طالب أحدهما له أن يطالب الآخر وله أن يطالبهما ويجوز تعليق الكفالة بالشروط فإن قال تكفلت بمالك عليه فقامت البينة بألف عليه ضمن الكفيل وإن لم تقم البينة فالقول قول الكفيل مع يمينه في مقدار ما يعترف به فإن اعترف المكفول عنه بأكثر من ذلك لم يصدق على كفيله ويصدق في حق نفسه وتجوز الكفالة بأمر المكفول عنه وبغير أمره فإن كفل بأمره رجع بما أدى عليه وإن كفل بغير أمره لم يرجع بما يؤديه وليس للكفيل أن يطالب المكفول عنه بالمال قبل أن يؤدي عنه فإن لوزم بالمال كان له أن يلازم المكفول عنه حتى يخلصه وإذا أبرأ الطالب المكفول عنه أو استوفى منه برىء للكفيل وإن أبرأالكفيل لم يبرأ الأصيل عنه وكذا إذا أخر الطالب عن الأصيل فهو تأخير عن الكفيل ولو أخر عن الكفيل لم يكن تأخيرا على الذي عليه الأصل فإن صالح الكفيل رب المال عن الألف على خمسمائة فقد برىء الكفيل والذي عليه الأصل ومن قال لكفيل ضمن له مالا قد برئت إلى من المال رجع الكفيل على المكفول عنه وإن قال أبرأتك لم يرجع الكفيل على المكفول عنه ولا يجوز تعليق البراءة من الكفالة بالشرط وكل حق لا يمكن استيفاؤه من الكفيل لا تصح الكفالة به كالحدود والقصاص وإذا تكفل عن المشتري بالثمن جاز وإن تكفل عن البائع بالمبيع لم تصح ومن استأجر دابة للحمل عليها فإن كانت بعينهالا تصح الكفالة بالحمل وإن كانت بغير عينها جازت الكفالة وكذا من استأجر عبدا للخدمة فكفل له رجل بخدمته فهو باطل ولا تصح الكفالة إلا بقبول المكفول له في المجلس إلا في مسألة واحدة وهي أن يقول المريض لوارثه تكفل عني بما علي من الدين فكفل به مع غيبة الغرماء جاز وإذا مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئا فتكفل عنه رجل للغرماء لم تصح عند أبي حنيفة وقالا تصح ومن كفل عن رجل بألف عليه بأمره فقضاه الألف قبل أن يعطيه صاحب المال فليس له أن يرجع فيها وإن ربح الكفيل فهو له لا يتصدق به ولو كانت الكفالة بكر حنطة فقبضها الكفيل فباعها وربح فيها فالربح له في الحكم قال وأحب إلي أن يرده على الذي قضاه الكر ولا يجب عليه في الحكم ومن كفل عن رجل بألف عليه بأمره فأمره الأصيل أن يتعين عليه حريرا ففعل فالشراء للكفيل والربح الذي ربحه البائع فهو عليه ومن كفل عن رجل بما ذاب له عليه أو بما قضى له عليه فغاب المكفول عنه فأقام المدعي البينة على الكفيل بأن له على المكفول عنه ألف درهم لم تقبل بينته ومن أقام البينة أن له على فلان كذا وإن هذا كفيل عنه بأمره فإن يقضى به على الكفيل وعلى المكفول عنه وإن كانت الكفالة بغير أمره يقضى على الكفيل خاصة ومن باع دارا وكفل رجل عنه بالدرك فهو تسليم ولو شهد وختم ولم يكفل لم يكن تسليما وهو على دعواه
فصل في الضمان
من باع لرجل ثوبا وضمن له الثمن أو مضارب ضمن ثمن متاع لرب المال فالضمان باطل وكذا رجلان باعا عبدا صفقة واحدة وضمن أحدهما لصاحبه حصته من الثمن ومن ضمن عن آخر خراجه ونوائبه وقسمته فهو جائز ومن قال لآخر لك علي مائة إلى شهر وقال المقر له هي حالة فالقول قول المدعي ومن قال ضمنت لك عن فلان مائة إلى شهر وقال المقر له هي حالة فالقول قول الضامنومن اشترى جارية فكفل له رجل بالدرك فاستحقت لم يؤخذ الكفيل حتى يقضي له بالثمن على البائع ومن اشترى عبدا فضمن له رجل بالعهدة فالضمان باطل
 باب كفالة الرجلين
وإذا كان الدين على اثنين وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه كما إذا اشتريا عبدا بألف درهم وكفل كل واحد منهما عن صاحبه فما أدى أحدهما لم يرجع على شريكه حتى يزيد ما يؤديه على النصف فيرجع بالزيادة وإذا كفل رجلان عن رجل بمال على أن كل واحد منهما كفيل عن صاحبه فكل شيء أداه أحدهما رجع على صاحبه بنصفه قليلا كان أو كثيرا وإن شاء رجع بالجميع على المكفول عنه وإذا أبرأ رب المال أحدهما أخذ الآخر بالجميع وإذا افترق المتفاوضان فلأصحاب الديون أن يأخذوا أيهما شاءوا بجميع الدين ولا يرجع أحدهما على صاحبه حتى يؤدي أكثر من النصف وإذا كوتب العبدان كتابة واحدة وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه فكل شيء اداه أحدهما رجع على صاحبه بنصفه
 باب كفالة العبد وعنه
ومن ضمن عن عبد مالا لا يجب عليه حتى يعتق وإن لم يسم حالا ولا غيره فهو حال ومن ادعى على عبد مالا وكفل له رجل بنفسه فمات العبد برىء الكفيل فإن ادعى رقبة العبد فكفل به رجل فمات العبد فأقام المدعي البينة أنه كان له ضمن الكفيل قيمته وإذا كفل العبد عن مولاه بأمره فعتق فأداه أو كان المولى كفل عنه فأداه بعد العتق لم يرجع واحد منهما على صاحبه ولا يجوز الكفالة بمال الكتابة حر تكفل به أو عبد = كتاب الحوالة
وهي جائزة بالديون وتصح الحوالة برضا المحيل والمحتال والمحتال عليهوإذا تمت الحوالة برىء المحيل من الدين بالقبول ولا يرجع المحتال على المحيل إلا أن يتوي حقه والتوى عند أبي حنيفة رحمه الله أحد الأمرين وهو إما أن يجحد الحوالة ويحلف ولا بينة له عليه أو يموت مفلسا وقالا هذان الوجهان ووجه ثالث وهو أن يحكم الحاكم بإفلاسه حال حياته وإذا طالب المحتال عليه المحيل بمثل مال الحوالة فقال المحيل أحلت بدين لي عليك لم يقبل قوله إلا بحجة وكان عليه مثل الدين وإذا طالب المحيل المحتال بما أحاله به فقال إنما أحلتك لتقبضه لي وقال المحتال لا بل أحلتني بدين كان لي عليك فالقول قول المحيل ومن أودع رجلا ألف درهم وأحال بها عليه آخر فهو جائز فإن هلكت برىء ويكره السفاتج وهي قرض استفاد به المقرض سقوط خطر الطريق = كتاب أدب القاضي
ولا تصح ولاية القاضي حتى يجتمع في المولى شرائط الشهادة ويكون من أهل الاجتهاد ولا باس بالدخول في القضاء لمن يثق بنفسه أنه يؤدي فرضه ويكره الدخول فيه لمن يخاف العجز عنه ولا يأمن على نفسه الحيف فيه وينبغي إلا يطلب الولاية ولا يسألها ثم يجوز التقلد من السلطان الجائر كما يجوز من العادل ومن قلد القضاء يسلم إليه ديوان القاضي الذي كان قبله وينظر في حال المحبوسين فمن اعترف بحق ألزمه إياه ومن أنكر لم يقبل قول المعزول عليه إلا ببينة فإن لم تقم بينة لم يعجل بتخليته حتى ينادي عليه وينظر في أمره وينظر في الودائع وارتفاع الوقوف فيعمل فيه على ما تقوم به البينة أو يعترف به من هو في يده ولا يقبل قول المعزول إلا أن يعترف الذي هي في يده أن المعزول سلمها إليه فيقبل قوله فيها ويجلس للحكم جلوسا ظاهرا في المسجد ولا يقبل هدية إلا من ذي رحم محرم أو ممن جرت عادته قبل القضاء بمهاداته ويشهد الجنازة ويعود المريض ولا يضيف أحد الخصمين دون خصمه وإذا حضرا سوى بينهما في الجلوسوالإقبال ولا يسار أحدهما ولا يشير إليه ولا يلقنه حجة ولا يضحك في وجه أحدهما ولا يمازحهم ولا واحدا منهم ويكره تلقين الشاهد
فصل في الحبس
وإذا ثبت الحق عند القاضي وطلب صاحب الحق حبس غريمه لم يعجل بحبسه وأمره بدفع ما عليه فإن امتنع حبسه في كل دين لزمه بدلا عن مال حصل في يده كثمن المبيع أو التزمه بعقد كالمهر والكفالة ولا يحبسه فيما سوى ذلك إذا قال إني فقير إلا أن يثبت غريمه أن له مالا فيحبسه شهرين أو ثلاثة ثم يسأل عنه فإن لم يظهر له مال خلى سبيله ويحبس الرجل في نفقة زوجته ولا يحبس الوالد في دين ولده إلا إذا امتنع من الإنفاق عليه
 باب كتاب القاضي إلى القاضي
ويقبل كتاب القاضي إلى القاضي في الحقوق إذا شهد به عنده فإن شهدوا على خصم حاضر حكم بالشهادة وكتب بحكمه وإن شهدوا به بغير حضرة الخصم لم يحكم وكتب بالشهادة ليحكم المكتوب إليه بها
وهذا هو الكتاب الحكمي ولا يقبل الكتاب إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين ويجب أن يقرا الكتاب عليهم ليعرفوا ما فيه أو يعلمهم به ثم يختمه بحضرتهم ويسلمه إليه فإذا وصل إلى القاضي لم يقبله إلا بحضرة الخصم فإذا سلمه الشهود إليه نظر إلى ختمه فإذا شهدوا أنه كتاب فلان القاضي سلمه إلينا في مجلس حكمه وفضائه وقرأه علينا وختمه فتحه القاضي وقرأه على الخصم وألزمه ما فيه ولا يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود والقصاص
فصل آخر
ويجوز قضاء المرأة في كل شيء إلا في الحدود والقصاص وليس للقاضي أن يستخلف على القضاء إلا أن يفوض إليه ذلك وإذا رفع إلى القاضي حكم حاكم أمضاه إلا أن يخالف الكتاب أو السنة أو الإجماع بأن يكون قولا لا دليل عليه وفي الجامع الصغير وما اختلف فيه الفقهاء فقضى به القاضي ثم جاءقاض آخر يرى غير ذلك أمضاه ولو قضى في المجتهد فيه مخالفا لرأيه ناسيا لمذهبه نفذ عند أبي حنيفة وإن كان عامدا ففيه روايتان وكل شيء قضى به القاضي في الظاهر بتحريم فهو في الباطن كذلك عند أبي حنيفة ولا يقض القاضي على غائب إلا أن يحضر من يقوم مقامه ويقرض القاضي أموال اليتامى ويكتب ذكر الحق وإن أقرض الوصي ضمن

 باب التحكيم
وإذا حكم رجلان رجلا فحكم بينهما ورضيا بحكمه جاز ولكل واحد من المحكمين أن يرجع مالم يحكم عليهما وإذا حكم لزمهما وأذا رفع حكمه إلى القاضي فوافق مذهبه أمضاه وإن خالفه أبطله ولا يجوز التحكيم في الحدود والقصاص ويجوز أن يسمع البينة ويقضي بالنكول وكذا بالإقرار وحكم الحاكم لأبويه وزوجته وولده باطل والمولى والمحكم فيه سواء
مسائل شتى من كتاب القضاء
وإذا كان علو لرجل وسفل لآخر فليس لصاحب السفل أن يتد فيه وتدا ولا ينقب فيه كوة عند أبي حنيفة وقالا يصنع مالا يضر بالعلو وإذاكانت زائغة مستطيلة تتشعب منها زائغة مستطيلة وهي غير نافذة فليس لأهل الزائغة الأولى أن يفتحوا بابا في الزائغة القصوى وإن كانت مستديرة قد لزق طرفاها فلهم أن يفتحوا بابا ومن ادعى في دار دعوى وأنكرها الذي في يده ثم صالحه منها فهو جائز وهي مسألة الصلح على الإنكار ومن ادعى دارا في يد رجل أنه وهبها له في وقت فسئل البينة فقال جحدني الهبة فاشتريتها منه وأقام المدعي البينة على الشراء قبل الوقت الذي يدعي فيه الهبة لا تقبل بينته ومن قال لآخر اشتريت مني هذه الجارية فأنكر الآخر إن أجمع البائع على ترك الخصومة وسعه أن يطأها ومن أقر أنه قبض من فلان عشرة دراهم ثم ادعى أنها زيوف صدق ومن قاللآخر لك علي ألف درهم فقال ليس لي عليك شيء ثم قال في مكانه بل لي عليك ألف درهم فليس عليه شيء ومن ادعى على آخر مالا فقال ما كان لك علي شيء قط فأقام المدعي البينة على ألف وأقام هو البينة على القضاء قبلت بينته ولو قال ما كان لك علي شيء قط ولا أعرفك لم تقبل بينته على القضاء ومن ادعى على آخر أنه باعه جاريته فقال لم أبعها منك قط فأقام المشتري البينة على الشراء فوجد بها أصبعا زائدة فأقام البائع البينة أنه برىء إليه من كل عيب لم تقبل بينة البائع ذكر حق كتب في أسفله ومن قام بهذه الذكر الحق فهو ولي ما فيه أن شاء الله تعالى أو كتب في الشراء فعلى فلان خلاص ذلك وتسليمه إن شاء الله تعالى بطل الذكر كله وهذا عند أبي حنيفة وقالا إن شاء الله تعالى هو على الخلاص وعلى من قام بذكر الحق وقولهما استحسان ذكره في الإقرار
فصل في القضاء والمواريث
وإذا مات نصراني فجاءت امرأته مسلمة وقالت أسلمت بعد موته وقالت الورثة أسلمت قبل موته فالقول قول الورثة ولو مات المسلم وله امرأة نصرانية فجاءت مسلمة بعد موته وقالت أسلمت قبل موته وقالت الورثة أسلمت بعد موته فالقول قولهم أيضا ومن مات وله في يد رجل أربعة آلاف درهم وديعة فقال المستودع هذا ابن الميت لا وارث له غيره فإنه يدفع المال إليه ولو قال المودع لآخر هذا ابنه ايضا وقال الأول ليس له ابن غيري قضى بالمال للأول وإذا قسم الميراث بين الغرماء والورثة فإنه لا يؤخذ منهم كفيل ولا من وارث وهذا شيء أحتاط به بعض القضاة وهو ظلم وإذا كانت الدار في يد رجل وأقام الآخر البينة أن أباه مات وتركها ميراثا بينه وبين أخيه فلان الغائب قضى له بالنصف وترك النصف الآخر في يد الذي هو في يديه ولا يستوثق منه بكفيل وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا إن كان الذي هي في يديه جاحدا أخذ منه وجعل في يد أمين وإن لم يجحد ترك في يده ومن قال مالي في المساكين صدقة فهو على ما فيه الزكاة وإن أوصى بثلث ماله فهو على ثلث كل
أقسام الكتاب
1 2