كتاب : تصحيح التصحيف وتحرير التحريف
المؤلف : الصفدي

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
عفوك اللهم الحمد لله الذي لا يُغلِّظه اختلافُ المسائل، ولا يُثبّطُه عن الجُوْد الدّائم إلحافُ السّائل، ولا يُسخِطُه كثْرة الذنوب إذا كانَ الاستغفارُ لها منَ الوسائِل، نحْمَده على نعَمِه التي وسّع الحمْدُ مجالسَها، ووشّعَ الشُكْر ملابِسَها، وضوّع الاعترافُ بها مغارسَها، وضوّأ حنادِسَها، ونشْهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحْدَه لا شريكَ له، شهادةً لا يدخُلُ تحريرَها تحريفٌ، ولا يُخِلّ بتصحيحها تصحيفٌ، ولا يدفَعُ تسويغَ أدلّتها تسْويف، ونشهَد أنّ سيّدَنا محمداً عبدُه ورسولُه أفصحُ مضنْ نطَقَ، وأبلغُ منْ قرَع الأسماعَ لفظه وطرَق، وأعرفُ من أوتيَ جوامَ الكلِم فاندفع سيْلُ بلاغتِه في البطحاءِ واندفقَ، صلّى الله عليه وعلى آلهِ الذينَ كانوا للهُدى مَصابيح وللجَدى مجاديح وللنّدى إذا أغلقتْ أبوابُه مفاتِيح، صلاةً تتوثّقُ أمراسُ رِضْوانِها، وتعبَقُ أنفاسُ غُفرانها ما دَعا الحقُ لبيباً فلبّاه، ورَعى الصدقَ أريبٌ فربّاه، وشرّفَ ومجّدَ وكرّم وسلّم تسليماً كثيراً الى يوم الدّين.
وبعد فإنّ التصحيفَ والتّحريفَ قلّما سلِم منهما كبير، أو نَجا منهما ذو إتقانٍ ولو رسَخَ في العِلم رسوخَ ثَبير، أو خلَصَ منمعرَّتِهما فاضلٌ ولو أنّه في الشجاعة عبدُ اللهِ بن الزُبَيْر، أو في البراعة عبدُ الله بن الزَّبير، خصوصاً ما أصبح النقلُ سبيلَه أو التقليدُ دَليلَه، فقد صحّفَ جماعةٌ هم أئمةُ هذه الأمّة، وحرّفَ كِبارٌ بيدهم من اللُغةِ تصْريفُ الأزِمّة، منهم من البَصْرة أعيان كالخليل بن أحمد، وأبي عمْرو بن العَلاء وعيسى بن عُمر، وأبي عبيدَة مَعْمَر بن المُثنّى وأبي الحسن الأخفش وأبي عثمان الجاحِظ، والأصمعي وأبي زيد الأنصاري، وأبي عُمر الجَرْمي، وأبي حاتم السجستاني وأبي العباس المُبَرَّد.
ومن أئمة الكوفة أكابر: كالكسائي والفرّاء والمفَضَّل الضّبي وحمّاد الرّاوية وخالد بن كُلثوم وابن الأعرابي وعلي الأحمر ومحمد بن حبيب، وابن السِّكيت وأبي عُبيد القاسم بن سلاّم وعلي اللِّحياني والطوال وأبي الحسن الطوسي وابن قادِم وأبي العباس ثعلب.
وحسبك هؤلاء السادة الأعلام، والقادة لأرباب المَحابر والأقلام، وكل منهم:
إذا تغلْغَلَ فِكْر المرءِ في طرَفٍ ... منْ عِلمِه غرِقَتْ فيه أواخِرُهُ
وإذا كان مثل هؤلاء قد صحّ أنهم صحّفوا، وحرّر النقلُ أنهم حرّفوا، فما عسى أن تكون الحُثالة من بعدِهم، والرذالةُ الذين يتبهرجونَ في نقدِهم، ولكن الأوائل صحّفوا ما قَلّ، وحرّفوا ما هو معْدود في الرّذاذ والطّل، فأما من تأخّر، وبَخّ قطْرُ جهلِه على سِباخ عقلِه وبخّرَ، وزادتْ سقطاتُه على البَرْق المتألّق في السحاب المُسَخّر فإنّهم يُصحّفون أضعافَ ما يُصحّحون ويحرّفون زياداتٍ على ما يحرّرون، ولقد كان غلَط الأوائل قليلاً معدوداً وسبيلاً بابُ اقتحامِه لا يزالُ مرْدوماً مردوداً، تجيءُ منه الواحدةُ النّادرةُ الفَذّة، وقلّ أنْ تتْلوَها أختٌ لها في اللّحاق بها مُغِذّة، فأما بعد أولئك الفُحول، والسُحب الهَوامِع التي أقْلعتْ، وعَمَتْ رياضَ الأدَب بعدهم نوازلُ المحول، فقد أتى الوادي فطَمّ على القَريّ، وتقدّم السقيمُ على البَري:
فليْتَ أنّ زَماناً مرّ دامَ لنا ... وليْتَ أنّ زَماناً دامَ لمْ يَدُمِ
قال صاحبُ الأغاني: حدثني محمد بن جرير الطّبري أنا أبو السّائِب ثنا وَكيع عن هِشام بن عُروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، أنها كانت تُنشِدُ بيتَ لَبيد:
ذهبَ الذينَ يُعاشُ في أكنافِهمْ ... وبقيتُ في خَلْفٍ كجِلْدِ الأجْرَبِ
فتقول: رحِم الله لَبيداً، فكيف لو أدرك مَن نحن بين ظَهرانَيْهم؟ فقال عروة: رحِم الله عائشة، فكيف لو أدركتْ مَن نحن بين ظهرانَيْهم؟ وقال هشام: رحِم اللهُ عُروةَ، فكيف لو أدرك مَن نحن بين ظَهرانَيهمْ؟ فقال وَكيع: رحِم الله هِشاماً، فكيف لو أدرك مَن نحن بين ظَهرانَيهمْ؟ فقال أبو السائب: رحِم اللهُ وكيعاً، فكيف لو أدرك مَن نحن بين ظَهرانَيهمْ؟ فقال أبو جعفر: رحِم الله أبا السائب، فكيف لو أدرك مَن نحن بين ظَهرانَيهمْ؟

ونقول نحن: والله المستعان، فالقضيةُ أعظم منْ أنْ توصَف بحال، انتهى. وقد عمّت المُصيبة ورشقَتْ سِهامُها المُصيبة، ولبِس الناسُ أرديتَها المَعيبة، وفَشا ذلك في المحدّثين وفي الفقهاء، وفي النحاة، وفي أهل اللغة، وفي رُواةِ الأخبار، وفي نقَلَة الأشعار، ولم يسْلَمْ من ذلك غيرُ القُرّاء؛ لأنهم يأخذونَ القُرآنَ من أفواه الرّجال.
وأما في الزّمن القديم فقد وقَع لبعض القرّاء عجائبُ ذكر منها الدّارقطني، رحمه الله تعالى، جملة في كتاب التصحيف له، ولهذا كان يُقال قديماً: لا تأخذوا القرآن من مُصْحَفيّ ولا الحَديثَ من صُحُفيّ إذ التصحيف متطرِّق الى الحروف فيُقرأ المُهمَل معْجَماً، والمُعجم مُهمَلاً. على أنّه قد وقعَتْ في القرآن العظيم أحرفٌ واحتمل هجاؤها لفظين، وهو قِراءتان، ومن ذلك قوله تعالى: (هُنالِكَ تبْلو كلّ نفْسٍ ما أسلَفَتْ) و(تتْلو)، وقوله تعالى: (... إنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بنبأٍ فتبيّنوا...) و(تثبّتوا).
وقوله تعالى: (... الذين يُنفِقون أموالَهُم ابتِغاءَ مَرْضاةِ اللهِ وتَثبيتاً من أنفُسِهم) و(تَبْييناً)، وقوله تعالى: (أفَلَمْ ييْأسِ الذينَ أمَنوا) و(يتَبيّن)، وقوله تعالى: (وإذ يمكُر بِك الذين كفَروا ليُثْبِتوك) و(ليُبيّتوك)، وقوله تعالى: (تقاسَموا باللهِ لَنُبَيّتَنّه) و(لُنَبيّنَنّه)، وقوله تعالى: (لَنبوّئنّهُم) و(لنُثوِينّهم منَ الجنّة غُرَفاً)، وقوله تعالى: (وإذْ جعلْنا البيْتَ مَثابةً) و(مَتابَة)، و(الْعَنْهُم لعْناً كبيراً) و(كثيراً).
و(قُلْ فيهِما إثْمٌ كبير) و(كثير)، و(ابتَغوا ما كتبَ اللهُ لكُمْ) و(اتّبعوا)، (وجَعَلوا الملائكَةَالذينَ هُمْ عِبادُ الرّحْمن) و(عِندَ الرّحْمن) ،(وهو الذي يُرسِلُ الرِياحَ نُشُراً) و(بُشْرى)، (وانظُرْ الى العِظامِ كيفَ ننشُرُها) و(نُنْشِزُها)، (فأغْشَيْناهُم فهُم لا يُبصِرون) و(أعشيْناهُم) و(قد شغَفَها حُبّاً) و(قدْ شغَفَها)، (ولا تجسّسُوا) و(لا تحسّسوا) و(فمَنْ خافَ من مّوصٍ جَنَفاً) و(حَيْفاً) و(إنّ لكَ في النّهارِ سَبحاً طَويلاً) و(سبْخاً) أي حقاً. و(هوَ الذي يُسيّرُكُم في البرّ والبحْر) و(ينشُرُكُم) و(إنّما المؤمِنون إخوَةٌ فأصْلِحوا بينَ أَخويْكُمْ) و(إخْوَتِكُم)، و(حتّى إذا فُزِّع عن قُلوبِهم) و(فُرِّغ)، (وأصْبَح فؤادُ أمِّ موسى فارِغاً) و(فزِعاً)، و(أئذا ضَلَلْنا في الأرض) و(صَلَلْنا) أي تغيّرنا، و(فقَبَضْتُ قَبْضَةً من أثَر الرّسول) و(قَبَصْتُ قبْصَةً)، (وتاللّه لأكيدَنّ أصْنامَكُم) و(بالله)، و(إنْ كان مَكرُهُم لَتَزول) و(لِتَزول) و(فاذكُروا اسْمَ الله عليْها صَوافَّ) و(صَوافِيَ) أي خالِصة و(صَوافِن) في قراءة عباس.
و(حتى يلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِياطِ) و(الحمل) في قراءة ابن عباس، وهو قلس من قلوس السفن. (وقضَى ربُّكَ ألاّ تعبُدوا إلاّ إيّاهُ) و(وصّى ربُّك)، في قراءة ابن عباس، وقال: لو قضى ربك ذلك ما عبدوا سواه. و(إن يَدْعونَ من دونِه إلاّ إناثاً) و(إلاّ أوْثاناً)، في قراءة عائشة، وقد قُرئ أيضاً (أُتْناً) و(آتُناً).
وقد رُويَ أنّ السبب في نقط المصاحف أن الناس غبروا دهراً يقرءون في مصاحف عثمان، رضي الله عنه، إلى أيام عبد الملك بن مروان، ثم كثر التصحيفُ وانتشر بالعراق، ففزع الحجاج الى كُتّابه وسألهم أن يضعوا لهذه الحروف المشتبهة علاماتٍ، فيقال: إن نصر بن عاصم قام بذلك، فوضع النقط أفراداً وأزواجاً، وخالف بين أماكنها بإيقاع بعضها فوق بعض الحروف وبعضها تحت الحروف، وغبرَ الناسُ بذلك زماناً لا يكتبون إلا منقوطاً، وكانوا أيضاً مع النقط يقع التصحيف فأحدثوا الإعجام، فإذا أُغفِل الاستقصاءُ على الكلمة ولم تُوَفَّ حقوقها اعترى هذا التصحيف؛ فالتمسوا حيلة فلم يقدروا فيها إلا على الأخذ من أفواه الرجال.
وقد ذكرتُ في كتابي فَضّ الخِتام عن التّورية والاستخدام الأماكن التي صحّفها حمادٌ الراوية في القرآن العظيم لما قرأ في المصحيف وهي ما يَنيفُ على الثلاثين موضعاً.

وأما تصحيف المحدّثين فقد دوّن الناسُ في ذلك جملةً، وعقد المصنفونَ لذلك أبواباً في كتبهم وهي مشهورة، من ذلك ما حكاه أبو أحمد الحسن العسكري قال: حكى القاضي أحمد بن كامل قال: حضرت بعض مشايخ الحديث من المُغفَّلين فقال: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن الله عن رجل، قال: فنظرتُ فقلتُ مَن هذا الذي يصلح أن يكون شيخ الله؟! فإذا هو قد صحّفه، وإذا هو: عزَّ وجلّ.
قال العسكري: وأخبرني أبو عليّ الرّازي قال: كان عندنا شيخ يَروي الحديثَ من المغفّلين، فروى يوما: أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم احتجَم يوماً وأعطى الحَجّام آجُرّةً.
وروى بعضهم أنّ بعضَ المغفّلين روى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كانَ يغسِل خُصى حِماره، وإنما هو يغسِل حصَى جِمارِه، بالحاء المهملة أولاً والجيم ثانياً.
وروى بعضهم: الجَارُ أحقّ بصُفَّتِه؛ بالفاء المشددة والتاء ثالثة الحروف، وإنما هو بصَقَبِه، بالقاف والباء الموحدة.
وقد صنف الإمام الدارقطني مجلّداً في تصحيف المحدّثين وكذلك العسكري أيضاً.
وأما تصحيف الفقهاء فهو كثير أيضاً، قال يوماً بعض المدرسين: ولا يكون النَّذْر إلا في قرْيَة، قاله بالياء آخر الحروف، وهو بالباء الموحدة مضمومة القاف، وقال بعضهم في التنبيه: ويُكْرَه القَرْع ويُحِبُّ الخِيار، وإنما هو ويُكره القَزَع بالزاي، ويجِبُ، بالجيم، الخِتان بالتاء ثالثة الحروف وبعد الألف نون.
وقال بعضهم يوماً: وقال الشافعي: ويُستَحَبّ في المؤذّن أن يكون صَبياً، بالباء الموحدة والياء آخر الحروف، فقيل له: ما العلة في ذلك؟ قال: ليكونَ قادراً على الصعودِ في درَج المئذنة، وإنما هو صِيّيتاً، من الصوت.
وأما الكُتّاب فإن المتقدّمين صحَّف منهم جماعة بحضرة الخلفاء والملوك، قرأ يوماً بعضهم: أبو مُعسر المُتخم، بالسين المهملة من الإعسار وبالتاء ثالثة الحروف المشددة وبالخاء المعجمة، وإنما هو: أبو مَعشَر المنَجِّم.
وقرأ يوماً بعض كُتّاب المأمون قصة فقال: أبو ثريد بالثاء رابعة الحروف، فقال: كاتبنا اليوم جوعان، أحضروا له ثريداً، فأكل، فقرأ بعد ذلك: فلان الخبيصيّ فقال: هو معذور، ليس بعد الثريد إلا الخبيص، أحضروا له خبيصَة، وكانت الحِمَّصي والميم مفتوحة.
وكتب سليمان بن عبد الملك الى ابن حزم أمير المدينة: أن أحصِ مَنْ قِبَلَك من المُخنّثين. فصحف كاتبه وقرأ: اخصِ، بالخاء المعجمة، فدعاهم الأمير وخَصاهم أجمعين.
وحكى لي بعض الأصحاب أن الأمير علاء الدين الطنبغا، نائب حلب، جاءتْ مطالعةُ بعض الوُلاة يذكرُ فيها أنه وُجِد في بعض الأماكن شخص وهو مقتول وخُرْجُه تحت إبطه، فقال: اكتب أنكر عليه وقل: لأي شيء ما جهزتَ الخُرْجَ الذي كان معه تحت إبطه؟ فعاد جواب الوالي يقول: إنما قلتُ: وجُرْحُه تحت إبطه.
وقرأ يوماً بعض الأكابر على السلطان الملك الناصر محمد قصة فيها: والمملوك من حَمَلةِ الكِتاب، فقرأها: جُملة الكتان، فقال السلطان: مِن حَمَلةِ الكِتاب العزيز.
وأما الشعراء فتصحيفهم كثير، وسيمر بك في أثناء هذا الكتاب نوادر من هذا الباب.
قرأ يوماً بعض الطلبة على أبي عبد الله المُفجَّع:
ولمّا نزلْنا منزِلاً طَلّه النّدى ... أنيقاً وبُستاناً من النَّوْرِ خاليا
بالخاء المعجمة، فحرك المفجَّع كتفيه وقال: يا سيد أمه! فعلى أي شيء كانوا يشربون؟ على الخسف؟.
وقرأ بعضهم على أبي عبيدة قول كُثيِّر:
ذهَبَ الذين فراقهم أتوقَّعُ ... وخرى ببيتهم الغرابُ الأنفعُ
فقال أبو عبيدة: وحيك، إن عذرتُكَ في الأولى لم أعذرك في الثانية، أما سمِعتَ بالغراب الأبقع؟ وجرى ذكر المعرّي أبي العلاء في بعض المجالس فقال بعض من حضر: كان كافراً، فقيل له: بماذا؟ قال: بقوله:
نَبيّ من العُربان ليسَ بذِي شَرْع ... .....
وقرأ القطربليّ على أبي العباس ثعلب قول الأعشى:
فلَو كنت في جُبٍّ ثمانينَ قامةً ... ورُقّيتَ أسبابَ السّماءِ بسُلّمِ
فقرأه بالحاء بدل الجيم، فقال ثعلب: خَرِب بيتُك! أرأيت حبا قط ثمانين قامة؟ إنما هو جُبّ.

وقد جنى التصحيف على ابن الرومي فقتله، قال أبو أحمد العسكري: حدثني محمد بن فضلان الوراق قال: كان جلساء القاسم بن عبيد الله يقصدون أذى ابن الرومي وخاصة المعروف بابن فراس، وكان القاسم بن عبيد الله يغريهم به، الى أن سأله يوماً أحدهم عن الجرامض، على سبيل التصحيف والتهكم، فقال ابن الرومي:
وسألتَ عن خبرِ الجرامض طالباً عِلمَ الجرامضْ
فهو الجرامض حين يُقْلَبُ ضارج فيقال جارض
وهو الجراسم والقَمَجّر والجرافس والجرراغض
وهو الخَراكل، والغوامض قد يُفسَّر بالغوامض
وهو السلحكل، إن فهمتَ وإنْ ركَنْتَ الى المعارض
واصبرْ وإنْ حمض الجواب، فرُبّ حُلو جرّ حامض
والصفح محتاج الى قرع له مقابض
ومن اللِّحى ما فيه فعل للمواسى والمقارض
وهجا الجماعة وأكثر من هجائهم، فشكاه الجلساء الى القاسم بن عبيد الله، فتقدم الى ابن فراس فسمَّه في خشكنانجة كانت منيته فيها.
ومما يكثر فيه تصحيف صورته مثل: يحيى وزينب وبثينة ويونس وجبل وعيسى وخليل وحمزة.
ومما ركب الناس في صورتين من صورة واحدة ما كتب به بعض البلغاء توقيعاً والناس لفصاحته وبراعته ينسبونه لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو: غرّكَ عِزُّك، فصار قُصارَ ذلك ذُلَّك، فاخْش فاحِشَ فِعلِك، فعلّك بهذا تُهْدى، والسلام.
وكتب بعضُ البلغاء، وهو الرّشيد الكاتِب: رُبّ ربِّ غِنىً، سرّتْه شِرّتُه، فجاءَه فجاءَةً بعْد بُعد عِشرته عُسرَتُه.
وما جاء للحريريّ في بعض مقاماته وهو:
زُيّنَتْ زَينبٌ بقَدٍّ يَقُدُّ ... وتلاهُ ويْلاهُ نهْدٌ يَهُدُّ
... الأبيات.
وللشيخ صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلي، رحمه الله، رسالة رويتُها عنه بالإجازة عدتها أربعمائة كلمة نظماً ونثراً أبدع فيهالفصاحتها وانسجامها وعدم ظهور الكلفة عليها، أولها: قبَّل قَبْلَ يراك ثَراك، عبدٌ عِندَ رَخاك رَجاك، فألفَى فألقى جِدَّة خَدِّه بأعتابك باغياً بكَ شَرَفاً سَرَفاً لاذَ بكَ لأدَبِك، مُقْدِماً مُقَدِّماً أمَلَ آمِل، يُزجيه تَرجّيه، يُبشِّره بيُسْرِه وُجودك وَجودُك، فاشتاقَ فاستافَ عرْفَ عُرْفٍ منك مثل عبير عنبر، وقدِم وقدَّم صدَقَة صِدْقِه، مُتجمِّلاً متَحمِّلاً بصاعِه بضاعةَ تبر نَثْر....
ومن نظمها:
سَنَدٌ سيّدٌ حليم حكيم فاضِلٌ فاصِلٌ مجيدٌ مُجيدُ
حازم جازم بصير زانَهُ رأيُه السديدُ الشديدُ أمَّهُ أمةٌ رجاءَ رَخاءٍ أُدركْت إذْ زكت بقَوْدٍ تقودُ مَكْرُمات مُكرَّماتٌ بنَتْ بيْتَ علاءٍ عَلا بجودٍ يَجودُ...
وهي كلها من هذا النمط الذي هذا نموذجه، وهي من الرسائل العقم الطنانة.
وقد كَلِفْت أنا في بعض الأوقات الى شيء من هذا النوع الذي توعّرَ وأعرض بخده عن الناظر إليه وصعَّر، فصنعتُ أنا هذه الرسالة، وهي جامعة للتصحيف والتحريف وقلب البعض، أولها: خبَّرنا حَبْرُنا المُوثَّق المُوفَّق المُسْنِدُ المُفيد المُقيِّد المُخْبِرُ المُحبِّر حَديثاً، جَدَّ بِنا هَزْلُه، هزَّله قلوبَنا فلَوْينا لِيْتَ العُنُقِ، لِبَثّ العبَق، حدَث حدَثٌ، مرّ بِنا مُرِينا تَخوّلَه نُحولُه يئِنُّ بين أهِلّة أهْلِه، لَطيفُ المجاذبة، لطَيْفِ المحادَثة إن نطَق انتطقَ بدُرٍّ ندَر، وردَ البناءَ فقالَ، وردّ إلينا فقالَ: أوعوا صِدْقي وَعوا قصدي، ثمّ نَمّ بما نَما، ونشرَ الحَبْرَ ويسر الخَبَر، ورجع قابلاً ورجّعَ قائِلاً: رَماني زَماني بداهية بُداهِته، حَتْله وحِيَله في فَيءِ المُتيَّمين المنتمين لآلِ عُذْرَة لا لغَدْرِه، السالينَ الشاكِينَ، وتَجْزيني وتَحْزيني تحكم بحكم، وهْيَ وهْيُ العاني العاتي الشِقِّ الشَقيّ التَّيِّق التقيّ، وإذا تعرّض وإذاً بغَرَض وِصالٍ قلّما سلِم فلمّا سلّم أغْيَدُ، أعتدُّ قُرْبَه قُربةً، بتجمُّل بتحمُّل كُلِّ كَلِّ، ترميه برُمَّته، عليه غَلَبَةُ صَبٍّ صَبَّ عَبراتِه، غير أنّه جرّب حرْبَ نفسِه بفتنتهِ وقاسَى وفاءً يَثني طُلْيَةَ طلَبِه عمّا عمّى توحُّده بوَجْدِه أسرَّ أسْرَ قلبي فلبّى داعي حُسنِه ذاعِيّ خَشْيَةَ جَفْنِ جَفْنِ مهنّدٍ مُهتَدٍ، لمحاربةٍ لمحَ أرَبَه، غِبُّ دَهاءٍ عندَها:
ظبيٌ ظنّي بملازمتي يملا زمني وَفْراً وقِرَى
فثنى فِتَني تُطْري نظري يكفي تَلَفي يَطْرا بطَرا

حِبٌّ خِبٌ وارَى نَصْرِي، وأرى بصَري بدْراً بدَرا،
بوجْهٍ توجّه، نور توزّ جُلّناره جُلّ نارِه، وجَنّته وجْنَتُه، بمحاسِنه تُمْحى سُنّة البيْنِ البيّن بقَرينة تقريبه وصِلَةِ وصْلِه، إذ لهُ أدلّة وضحَتْ وصحّت حدائقُ خَذٍّ آنقُ من مَنِّ يُبشّر بيُسْرٍ يزْهو بزَهْرٍ بسَقَ نَوْراً يشُقُّ نُوراً:
خَدٌ نقّتْه حديقتهُ حُفَّتْ تُحَفاً حفّتْ بجَفا
وضَفا بِشْراً وصَفا بشَراً يُبْدي بَرقاً ينْدى ترَفا
وعيْنِ جُفونها، وعَيْنَ جَفوتها، الدِماءُ ألذّ ما أراقتْ، أراقِبُ فتْكَها قبلَها، نصّ لَها نصْلُها نصْرَها المبين بضُرِّها المتين، سحّارة، قتّالة فتّاكة، تغرُّك بغزَلٍ يسلُبُك تسَلّيك، ظرْفُ ظرْفٍ، جفْنُه حفَّ به فيه سِحْر فَبه تنتحر، مَبْسم متّسِم ربّ قِهِ، ريقُه في فيَّ سُكْر سُكّر، الى ثغْر آلي بِعزّ، برٌّ شفّه ترَشُّفُه أنّه آية، ولّد دُراً ولذّ دَراً، ودلّ رداً وردّ دَلاً، وبسَم ثُريّا، ونسَم برِيّا، شفَتُه حمْراء، سقَتْه خَمْراً، نشوتُها يشوبُها مِسْك، متَبَتِّل، صرّفَهاصِرفُها، حيّا بها حَبابُها الدُرّي الدِّرّيءُ.
ولّى وليُّ لِثامِه لثّامُه ثغْرٌ بلألاءٍ يغُرُّ تَلالا
حَرَباً لهُ لم يشَفْني، جِريالَه لم يسْقِني، إنْ آنَ إلا آلا
وقدٍّ وفَد عِناقُه يشْفي غِبَّ آفةٍ تُشْقي يَتهادى تيهاً ذي ترَفٍ، يرِفُّ لينُه لنيّة فتْكٍ قبْلَ وصْلٍ وضلّ القلبُ القُلَّبُ بغدائره بعد آثِره، لا يجِدُ سلْوى، لا يحُدُّ شكْوى، لذّ لهُ لدَلِّه قتْلي، فبكى العائِد العائِذ، راقَتْه رأفتْه، فرَقاً فرْقاً، وتولّى وتلوّى، وكَبا وبكى لمُتيّم لم يتمَّ سُؤلَه، سوّلَه وهمٌ وهمٌ، وجلّ وجَلُ الشّجيّ السّخيّ بقَلْبِه تقلِّبُه يدا بُرَحائِه، بِداءِ تَرْحاتِه، حتى جنى بكفّه تلَفَه، دمعَتُه عُمدَتُه، وذخيرتُه وُدٌ خبَرْتفه، النصيحة الحصينة، ما ردَّ أحزابُه مارِدَ أحْزانِه، وليتني ولِيتْني خَسارةُ خلَدٍ على جسارة جلَدٍ، علّي يرُدُّ برْدَ أنفاسي اتقاءُ شيءٍ، فأسُدَّ فاسِدَ الحادِثِ الجلَل الجاذب الخَلَل، قادَني فآدَني جُمْلَةُ حِمْلِه، لأنّني لايني تكرُّبي يكُرّ بي، وطرْفي فلّه وطَرٌ في قِلّة نوْمٍ يؤمّ سُكوناً ثبّت كوْناً بصرَهُ، تضُرُّه شهادةُ سُهادِه متى أدّها منَّى أذاها، فعدتُ قعدتُ مَحزوناً محْروباً، فما فتحْتُ فَماً فبُحْتُ، ولا أنسى ولاءَ أنْسي وإنصافي واتّصافي بذُلٍّ بدّل حُبّي حتى تَلافى تلافي سُوْرة سَوْرة غضَبٍ غصّتْ لهَواتي لِهواني، فتولّى قَبولي مُدْبِراً مُذ برى جسَدي حُسَّدي بتشفّيهم بِتُّ شقيّهم، فَيا عِشْقاً فيّأ عسْفاً مدّ له مذلّةَ والِه، وإلهِ السّماءِ الشّمّاء، كُلْفَة كلَفِه، هَينةَ هَنيئة، لِكِنّي لَكنّي أذهَبَ حَدّي إذْ هَبّ جَدّي وتعقُّلي وتعلُّقي، رَشَأ فيه رَشاقتُه تحتلّ بحبل قسْوَةٍ فشوّه خَلْقَه الحسَن خُلُقُه، الخشن، وتصبّرتُ وتربّصْت، وعالَجْت وغًى لجّت، فجّر سِرَّها، فجرّ شرّها رَقيبٌ قريبٌ ملازم مُزامِل، حريصُ العدوى صريح الدّعْوى، والبلية المُزْرِية والنَّكْبَة المُزرِية لمّا يُطيعُ لِما يطبع الحاسِدُ الحاشِد ويغُرّ به ويُغريه بِعادَةِ بُعادِه ويدَعُه وبدِعَة التَجا في التّجافي إليها ألّبَها بَغيُه بَغتةً:
بُعْداً لهُ تَعْذالُه غَيّاً رَوى عنّا ... زَوى تَرْشاف بُرْءٍ شافِ
فَليتَ مِحنَتي قلبَتْ محبّتي لفتًى لفّني بُرْدُ غرامِه برد غرامه نَفْسي، يفشى وينفي الضِدَّ، يرحم شاكيَهُ ويرجم سالِيَه، جوْرُه حوَرُه، وسِنانُه وسْنانُه، أهيَفُ أهتِف باسمِه باسِمةً جواهِرُ فيه جواهرَ فِيهِ، فدَيْجورُه قدْ تجوّزَه، بظُلْمٍ يظلِمُ بَهارَه نهاره مُعاينَةُ مَعانيه لذّاتٌ لِذاتِ المُعنّى المُعْيي:
عانِسٌ ناعِسٌ رشيق شَريق ساكِن كانِس حليم مليحُ
وادِعٌ واعِدٌ مُنيب مُبين لائِق قائِل حَصيف فَصيحُ
قال فآل تعجبنا يعُجُّ بنا وتعوّدنا وتقودنا من آفات منى فات وهوًى يكُدّ، وهو أنْكَدُ وطلّبنا وطلَبنا مَنّ الصّيانة من الصّبابة.
وقد ركبْت أنا مما يحرَّف ويُصحَّف من الكلمات الثنائية فما فوقها الى العشرات جملةً، ولكن فيها بعض تكلّفٍ، والعذرُ واضح لضيق المقام وزلَقِه: الاثنتان:

جابر حائر، جاء بَرٌ جابر، فسَّره فسَرَّه جُودُه جوّده، زِينَةُ رُتَبِه، يَغيبُ ويَعتِبُ، وعْدُ وغْدٍ، جَفّ فخَفّ، نَصيب يُصيب، برْقُه تَرَّفه، رَيْبٌ رُتِّبَ، راحُ راجٍ، تمنّى بمِنَى، نوبة توبة، راحَ راحٌ، راجٍ راجَ، بُروقٌ تَروقُ، عُباب عِتاب، ظِلٌ ضافٍ، جِيد جَيِّد، جمرة خمرة، خبايا حنايا، روايا زوايا، أُبادِر أبا ذَرٍّ، ما يتصوّرُ شيئاً ويتضور سباً، وحْلٌ وجَلٌ، أحمال أجمال، جمال خمّال، نجار بضحار، يحور ويخور، بُخاريّ يُجاري، براغيثُ براً غِيْثَ، بَزّني بزّتي، ذؤابة ذوّابة مَحانيّة مُجانِبِه، حبّذا جيدا، بازٍ نازٍ، نارُ ثأر، فرّ عَوْنُ فِرْعَون، حالُك حالِك، حبْل خَتْل، وجبل حيل، مُهازِقُ مَهارِق فجْر فخْر، صحْوة صحْوِه، شُقَق شفَق، دَنا خيْر دَياجِيرُ، بَهار نَهار، عَلامة علاّمَة، قصّر فضَرّ، دَرُّ دُرٍّ لا ذَرُّذَرِّ، ظرْف ظرْف، غابُ عابٍ، عيْبةُ غِيْبة، غيْث عيَثْ، غمامة عمامة، جَناح جُناح، جَوْر حُور، ترَفٌ يرِفُّ ندّ مِنْه بذِمَّتِه، تِرْبي برَّ بي.
الثلاث: نُمَيرٌ تميّز بِمَيْر، يَغيبُ ويعتِبُ ويعبَثُ، جِدّةُ خَدِّه حَدَّه، ربَّتُه ريبة رُتَبِه، سَفَهُ شَفَةٍ شفّهُ، برْقِيّ ترَقّى بِرُقى، يؤمُّ نوْمُ يومٍ، نُزَحَ بُرْجُ ترَجٍ، عق ربَّ عقرب عقَرتْ، عنْز عثُرَ غبّرَ، منصور مِنْ صُور متَضوّرٌ، نجوم تخوم تَحوم، جُرح خرَج كأنّه خُرْج، بُلبل بِلَيْل بَلبَل، بذِمّة ندَمِه يَذُمّه، تِرْبِي تربّى يزْني، جاريتُه حارثيّة حارَبَتْه، سُمّانُ سمّانٍ سِمانٌ، تعبّداتٌ بَعيداتٌ بِعَيْذاب، أسَدٌ أسَدُّ أشدّ، يفترِشُ ما يفترِسُ بقُبْرس، وردَ ورْد ورَدّ، يفريدُ يَزيدُ يرتدّ، خبر حِتْر حيّر.
الأربع: قلْبٌ قلَب قلْبَ قُلَّب، تجمّل نجْمُك بحمل تحمّل، ثبتَ بيْتُ بيت ثَيّب، فنُّه فيه قُبّة فِيه، بُخْله يُحِلّه يُخِلّه وما يُجِلّه، علَتْ عُلَبُ غلَثٍ غلَبَ، بقَرُ نُقَرٍ تفرّ بقُرِّ، كرّ بِك كرْبُك لرَبِّك بَلْ كرّبِك، سِرْبُ سَربٍ بيثربَ شرِب، خلَف خلفٌ خلْف خِلْف، فضلُك يمٌ تمّ ثمّ نمّ، خَيال خَبال حِيال جبال، تناوَلي بتأوّلي ثناءَ ولي بباولِي، غبيٌ غنيٌ عنّى وعثّى، نُذور تدور بِدور بُدور، قُتِل قبْل فيك فيل، تأبّى ثاني باني يأتي، شبِث سبّبَ شَيْبَ شيث.
الخمس: خبرٌ جبَر خير حبْر حبّر، جرَبٌ حرّبَ حرْبَ حرْثَ خرّب، تُحارِبُه تَجارِبه بِجارية بُخاريّة تُجاريه.
الست: بشير تُستَر يُشير بسَيْر يَسير نسير، بِشْرٌ نشَرَ نشْرَ بشرٍ بسرٍّ يسُرُّ.
السبع: تَبْنيه بثَثْتُه تُثبّتُه بُثَينَة ببَيِّنَة يَثْبُتُ بِه تبيُّنُه، نُورٌ توزّ بُوز ثوْر ثوّر بُور نَوْر.
الثماني: نجيبف نُجيب تَحبّبَ بحَيْثُ يُجيْبُ نَحيْبَ تحنَّث يُجْتَثُ.
وأما تصحيف خليل فكنتُ أنا قد كتبتُ الى القاضي جمال الدين عبد الله ابن الشيخ علاء الدين بن غانم، رحمهما الله تعالى، وقد توجه من دمشق الى بعلبك وطالتْ غيبته، وصحفتُ اسمي في عدة مواضع من أبيات أولها:
قرّ بِكَ القلبُ الذي ... أبعدته وقرّبَكْ
يا نازِحاً عن جِلَّقٍ ... ونازِلاً في بعْلَبَكْ
ومنها:
أنا خَليلُ صحبةٍ ... وِدادُها قد جلَبَكْ
حَليُكَ فيه فاخِرٌ ... وسِحْرُه قد خلَبَكْ
جلَتْكَ أنوار المنى ... في خاطرٍ تطلّبَكْ
خُلّتُكَ الحُسنى جلَتْ ... لي في المعالي شُهُبَكْ
حلَتْكَ بالفضل الذي ... به علَوْت رُتَبَكْ
أبو جلَنْك لو رأى ... كما رأيتُ أدَبَكْ
حلّ بِك المعنى الذي ... حلّ، بل الحقّ التَبَكْ
فكتب هو في الجواب إليّ من قصيدة أولها:
أمِنْ عُقارٍ انسَبَى ... أم من نُضارٍ انسبَكْ
مِنْ لآلٍ نُظِمَتْ ... على عَذارى كالشَبَكْ
ومنها:
حَلا بذوقِ عِلْمِه ... نُهاكَ لمّا جلَبَكْ
أنتَ جَليلُ فِطْنَةٍ ... يعرفُ ذا مَنْ طلبَكْ
حلّتْكَ فارتضتْ ... ومَنْ يرتَضي إلا أدَبَكْ
خلّتْك معدومَ النّظي ... رِ فرْدَ أفرادِ النّبَكْ

أنت حليلٌ للعُلا ... وليُّها قد قرّبَكْ
حلّ بك النائِل بالنّ ... حْلَةِ منها أرَبَكْ
حكَتْك في الذَّكا ذُكا ... ولم تُحاكِ نُخَبَكْ
حلَّ بكَ الفضلُ فح ... لّى البرايا كُتَبَكْ
حُلّتُك الفضلُ حَبا ... كَهَا نُهاكَ إذْ حبَكْ
شدوتُ من تصحيف ذا ... الاسمِ الذي قدْ صحِبَكْ
ومن التصحيف اللطيف ما أنشدنيه لنفسه إجازة الشيخ الإمام صفيّ الدين عبد العزيز بن سرايا الحلي، رحمه الله تعالى: سألتُ الحِبّ: ما اسمُك، وهو ظبي من العرب الكرام، فقال: عيسى، الاسم العلَم فقلتُ له: انتسِبْ من أيّ قومٍ تكون من الأنام؟ فقال: عيسى، عَبسيّ من بني عبْس فقلتُ: وما صَنيعُك في البوادي لتحصيل الحِطام؟ فقال: عيسى، يعني عشّاباً فقلتُ: ومَنْ أنيسك في البوادي إذا جنّ الظلامُ؟ فقال: عيسى، عَنْسى يعني نوقَه فقلتُ: وعمّ تسألُ كلَّ غادٍ يمر على الدوامِ؟ فقال: عيسى، عن شيء فقلتُ: وأي عيش في البوادي يلَذّ لذي الغرام؟ فقال: عيسى، عيشي فقلت: ولمْ عصيْتَ نُصحَ حُبٍّ دعاك الى المقامِ؟ فقال: عيسى، غشني فقلت: لقد سلبتَ القلبَ منّي بلحظِك والقوام، فقال: عيسى، عبثتَ بي فقلتُ: عساكَ تسمحُ لي بوصلٍ أيا بَدرَ التّمام، فقال: عيسى، عنّيتَني فقلتُ: وما الذي يدعوكَ حتى تَجافى بالكلام، فقال: عيسى، غَبَنْتَني فقلتُ له: صدَقْتَ وكلّ شيء تقولُ على النِّظام، فقال: عيسى، عُنيتَ بي فقلت: بمَن أعيش وأنت سُؤْلي وتبخل بالمرام، فقال: عيسى، عِشْ لي وأنشدني من لفظه لنفسه الإمام الفاضل عز الدين أبو الحسن علي ابن الشيخ بهاء الدين الحسين الموصلي الحنبلي زيادةً على ذلك: أتى عيسى وناداني: تُرى مَن تُحب من الأنام؟ فقلت: عيسى، عَنَيتَني فقال: نعم رأيتُ إليك قلبي يحنّ من الهيام فقلت: عيسى، عَيْنُ بَثيّ فقال: وما حَلالي قط شيءٌ سِوى هذا المقام فقلت: عيسى، غيّبتَني فقال: ونيّتي واللهِ وصلٌ به يُمْحى الملامُ فقلت: عيسى، عينُ نيّتي فقال: عليك لي عتبٌ إذا ما تطارَحْنا الغرامَ فقلت: عيسى، عَتبْتَني فقال: بشرطِ أنْ أشدو بلَحْنٍ على شُرب المدامِ فقلت: عيسى، غنّ شيء فقال: أما شدوتُ بطيبِ نغم يحنّ له الحَمام؟ فقلت: عيسى، غنّيتَني فقال: وقد أتَتْ ليلى: سلامٌ، وأسرع في القيام فقلت: عيسى، عنّ بَيني فقال: وما حَداك على فراقي بلا رَدِّ السلام؟ فقلت: عيسى، عيّبتَني فقال: انظر وقد حنقتْ عليه وتعبس في الكلام فقلت: عيسى، عبّسي فقال: حملتَ عِبءَ العشقِ منها وصبرك في انهزامِ فقلت: عيسى، عبءٌ سيئ فقال: وما ترى فعل اللواتي رَعَيْن لك الزمام؟ فقلت: عيسى، غيّبْنَني قال: فقال لي بعض الناس: ألا إنك جعلت عوض فقلت: فقال، وعوض فقال: فقلت. قال: فغيرتها الى الصورة التي قالها، وقلت: أتى عيسى فقلت له: الى من تميل من الأنام؟ فقال: عيسى، عَنَيْتَني فقلت: نعم رأيت إليك قلبي يحن من الهيامِ، فقال عيسى، عيْن بَثّي فقلت: وما حَلالي قط شيء سوى هذا المقامِ فقال: عيسى، غيّبْتَني فقلت: ونيّتي يا بدر وصلٌ به يشفى الأُوامُ فقال: عيسى، عينُ نيتي فقلت: عليك لي عتب إذا ما تطارحنا الغرام فقال: عيسى، عتَبْتَني فقلت: بشرط أن أشدو بلحن على شرب المدام فقال: عيسى، غنّ شيء فقلت: أما شدوتَ بطيب نغم يحن له الحمام فقال: عيسى، غنيتني فقلت: اجلس فقد جاءتك ليلى تحيي بالسلام فقال: عيسى، عنَّ بيني فقلت: وما حداك على فراق وإسراع القيام فقال: عيسى، عيّبْتَني فقلت: أقم، فقامتْ وهي غضبى تعبس في الكلام، فقال: عيسى، عبسيّ فقلت له: حملت العبء منها وصبري في انهزام، فقال: عيسى، عبء سيئ فقلت: فما فعل اللواتي رعَيْنَ لك الزمام، فقال: عيسى، غيّبنني وقلتُ أنا: وقد بقيتْ على ذلك زيادة ليس فيها زبدة، ولا يقدح البديع فيها زنده، فأحببتُ نظمها، وأردتُ رقمها، فقلت، وإنْ كان في ذلك قلَق، ولم ينشق دجاه عن فلَق، فإن المُتقدّمين الفاضِلين أخذا ما رقّ وراقَ، وفلَذا ما راع ونزل وما هو في درَج الفصاحة بِراقٍ ولا برّاق، فليعذرْ صاحبُ الذّوق مَنْ شبّ عمره في هذا المقام عن الطوق، وذلك:

غدا عيسى يفرُّ من الغواني فقلتُ له: عَلامَ؟ فقال: عيسى، عبثنَ بي فقلتُ: اغفرْ وعُدْ، فالعود أولى، فما في ذاك ذام فقال: عيسى، غبنٌ ثُنّيَ فقلت: احملْ أذى مَن بتّ تهوى ولا تخشَ الملام فقال: عيسى، عيبٌ بُني فقلتُ: وما يَسوءُك بثُّ سرّ تنالُ منه المرام فقال: عيسى، عِبتُ بثّي فقلت: فراستي حكمت بهذا عليك فما ألام فقال: عيسى، عيبٌ نُبي فقلت: رأيتك مع فتاةٍ حكَتْ بدْرَ التمام فقال: عيسى، غيّبَتْني فقلت: فما لقدك وهو غُصنٌ يميلُ من المدام فقال: عيسى، عن نثنّي فقلت: فما ترى من بعد هذا فقل جاء المنام فقال: عيسى، غشِّني فقلت: وما ركابك إن قطعنا الفلا تحت الظلام فقال: عيسى، عِيسى فقلت: أريد أن ألقاءك خِلْواً تفرّ من الآثام فقال: عيسى، غَثَيتني وقلت أنا في تصحيف يحيى: ومليح قلتُ: ما الاسمُ حبيبي؟ قال: يحيى، العلَم المشهور قلتُ: خاطبني بتصحيفٍ تعِشْ لي قال: يحيى، يحيا من الحياة قلت: حيّاك إلهي، قال لي: بل أنت يحيى، تُحيَّ من التحية قلت: في قدّيْكَ ورْدٌ وهو غضّ قال: يحيى، يُجْنى من الجَنَى فتَوقَّ الجفْنَ مني فهو سيفٌ، قلت: يحيى، يجْني بالجيم من الجناية قلتُ: أصبحتَ مليكَ الحُسْن فرداً، قال: يحيى، بختي من البخت والَى عندي خَراجُ الحُسنِ في الآفاق يحيى، يجبَى من الجباية وإذا الغُصن تثنّى فلقَدّي بات يحيى، يُحنَي من الانحناء وإذا قام بقدٍ فنسيم الريح يحيى، يُجثى من جثا على ركبتيه أنا لو شِئْتُ لحُسني كان فوق البدر يحيى، تختي من التخت الذي يجلس فوقه فهو في الصورة من فوقٍ وفي معناه يحيى، تَحتي نقيض فوْقي فقلت: هل أُحْبَى وِصالاً منك حلواً قال يحيى، تُحْبى من الحِباء قلت: لو بُحتُ بسري خفَّ ما بي قال يحيى، بُحْ بي من البَوْح وإذا ما ناحت الوُرْقُ على الأغصان يحيى، نُحْ بي من النَّوْح قلت: ما يقطع خصمي عندَ عذْلي؟ قال: يحيى، بحْثي من البحْث قلت: لكن اشتهى لو قطّعوه، قال: يحيى، بجَبّي من الجَبّ وهو القطع قلت: ما لي من شفيع يعتني بي، قال: يحيى، بحُبّي من الحُبّ قلت: ما تنجو سريعاً من وصالي، قال يحيى، نجِّني من النّجاج قلت: نحّيت غرامي، قال: من قلبك يحيى، نحّني من التنحية قلت: نحتُ الصخر دأبي وقد أعيا فيكِ يحيى، نحْتي من النحت وكذاك الدهرُ ما زال على الأحرار يحيى، يُخني أي يُهلِك قلت: خذني لك عبداً، قال: من يألف يحيى، بجِنّي من الجِنّ قلت: جفن قد حَثا الدمع بخدّي، قال: يحيى، يُحثى من الحُثوة قلت: قد سال دماً من جفن عيني، قال: يحيى، ثجَّ بي من الثّجّ قلت: في جفني قرحٌ من بكائي، قال: يحيى، نجَّ بي من نَجَّت القرحة قلت: ذُخري دمع عيني، قال: للشدة يحيى، يُخبا من الخبيئة قلت: ما لي قط ذنبٌ، كيف تجفو؟ قال: يحيى، تجنّى من التّجنّي ثم لانَ القلبُ منه إذ رأى في اللفظ يحيى، نُخَبي جمع نُخبة قلت: قُمْ وانشطْ ولا تكسَلْ وسافر، قال يحيى، نَخّني من النخوة قلت: ما تركب إن سرنا جميعاً؟ قال: يحيى، نُجبي جمع نجيب قلت: فاخترْ لي مركوباً غليظاً، قال: يحيى، بُختي بالخاء المعجمة قلت: ما الزاد الذي تعتدّه لي؟ قال: يحيى، يخني يعني مصْلوقاً قلت: وما الماء الذي نلقاه وِرْداً؟ قال: يحيى، بجُبّي يعني الجُبَّ قلت: إنْ كَلّ بعيري بمَ يُزْجى؟ قال: يحيى، بخَثّي من الحثّ فهُو لو لم يقضِ قَصْدي كُنتُ أقضي فيهِ يحيى، نَحْبي من قضى نحبه وأنشدني لنفسه ونقلته من خطّه الأديبُ علاء الدين علي بن مقاتل الحمويّ بيتين ثانيهما تصحيف الأوّل:
شِفائي وجنّاتي حبيبٌ بِسرْبِه ... لَغوبٌ بمزجٍ يَفْرُجُ البأسَ شيمتُهْ
سَقاني وحيّاني حَييتُ بشَرْبَةٍ ... لَغوتُ بمزجٍ تُفرِحُ الناسَ سيمتُهْ
ومما وجدته من التصحيف والتحريف في المجون قول ناصر الدين بن شاور الفقيسي الكناني، ونقلته من خطه مما كتب به الى السراج الوراق رحمه الله تعالى:
مازلتُ مُذْ غبتُ عنك في بلدي ... حتى إذا ما أزحتُ عِلّتَها
أقمتُ أجرانَها على عجلٍ ... وبعد هذا خزنتُ غَلَّتَها
ونقلت منه له:
لقدْ كانَ فيما مضَى دايةٌ ... تحِنُّ علَينا وتَبْغي رِضانا

فماتتْ فآلمَنا فقْدُها ... فنحنُ جميعاً عليها حَزانى
ونقلت من خط السراج عُمر بن محمد الورّاق، رحمه الله تعالى، مما نظمه في التصحيف:
أتيتُ أرجيهِ في حاجةٍ ... فلم تنبعثْ نفسُه الجامدهْ
ففتّل لحيتَه والوَرى ... تعافُ المفتّلةَ الباردهْ
فقلت له: خَلّ تفتيلَها ... وصحِّفْ عسى خلفها فائده
وأنشدني إجازةً لنفسِه الشيخُ صفيّ الدين عبد العزيز الحلي:
وظبي من التّرْكِ مادم ... تُه وبالغتُ في حُسْن تاليفهِ
تمتّعْتُ منْهُ ومن كاسهِ ... بتَرجيحها وبتشفيفِهِ
وقلتُ: خدَمْنا وتصحيفُها، ... فجاد بنُوشٍ وتصحيفهِ
وأنشدني لنفسه إجازةً أيضاً:
يا مانحي محْضَ الوعودِ وما بغى ... حفظ العهود ومُجتَنى معروفِه
لي كل يومٍ منكَ عُذْرٌ حاضرٌ ... وأخافُ أنْ يُفْضي الى تصحيفِه
وأنشدني لنفسه إجازة أيضاً:
أعْوزني الحِبْرُ ولا طاقةٌ ... بطبخه لي وبتكليفهِ
فجُدْ بهِ عفْواً فلا زِلْتَ في ... معكوسِهِ الدهرَ وتصحيفِهِ
ومما اتفق لي نظمه في التصحيف مما قلتُ:
أبْكمٌ لا يعي فَفيهمُ شيئاً ... ولِسترِ التصحيفِ أصبحَ يُسْبِلْ
قال لي: هذه حرافيش مصرٍ ... قلت: لا بل أرى حرافيش إربلْ
ومنه قولي أيضاً:
وصاحبٍ قال: صحِّفْ لي مَنْ تعذِّبُ قلبَكْ
فقلت: إن كان شيء فسِتُّنا بنتُ أزبك
فقال: قدِّمْ سواها، فقلتُ: أخِّرْ أغُلْبَك
ومنه قولي أيضاً:
ألا قُلْ لمن قد راحَ فينا مصحِّفاً وليس لهُ في مثل ذلك عائِبُ
بمصرَ وَباً والقمحُ غضٌ كما ترى كذا الخَسُّ نبتُ الماءِ والنّخّ سائبُ
وتصحيف ذلك: تمصُّ روْثاً، والقُم جعْص، الحس بيت الماء والنحس أنت. ومنه قولي أيضاً:
وعاذلي ذاله استقرْ ولم تُصحَّفْ من شؤم بختي
إن قال: ماذا سباك منها؟ أقلْ سِوارٌ بكفِّ سِتي
ومن ذلك قصيدة وجدتُها لنور الدين أبي بكر محمد بن رستم الأسعردي، رحمه الله تعالى:
إني أقصُّ عليك أعجب ما يُرى ... منْ صُنع ربّي جلّ مَنْ قدْ قدّرا
فاسمعْ وعاينْ سَقْفَ بيتِك ساعةً ... تَرَ تحته ثوراً سميعاً مُبصِرا
وانظرْ الى الماء الزلالِ تجدْ بهِ ... كلباً وليس تراه أن يتكدَّرا
إن شئت أن تلقى حماراً ناطِقاً ... فانظرْ بمرآةٍ تجدْهُ مصوَّرا
طالعْ كِتاباً إنْ خلوْتَ بمجلسٍ ... ترَ ثَمَّ شيطاناً يطالِعُ أسطرا
واصعَدْ الى سطحٍ وغمّضْ ناظراً ... لك إنّ فوق السطح تيساً أعورا
والبس ثيابكَ واقر آياتٍ تجدْ ... من تحتها تيساً هنالك قد قَرا
وإذا حضرتَ الحربَ وَلِّ عنِ العِدى ... تَرَ ثَمّ صفعاناً يولّي مُدْبِرا
ومتى شرِبَْ مدامةً بين الورى ... ترَ جاهلاً في الناسِ يشربُ مُسْكِرا
وإذا لُعنْتَ وأنت تحسبُه دعا ... ترَ أحمقاً لعنوه ثَمّ وما دَرى
يا غادياً ينوي التزهّد بعدما ... أفنى الزمان من الشباب الأكبرا
لا تخرِبَنّ الوجه منك بذلةٍ ... فخراب وجهك في الورى أن يُعْمَرا
لو كان رزقك يا كثير الحرص في ... جُحْر أكلتَ ولن يكون مُقَتَّرا
كُنْ مثلَ مَنْ في الناسِ قوّى دينَهُ ... وغدا حِمَى راجيهِ إن سُئِلَ القِرى
وينافِرونَك معْشرٌ من جهلهم ... ولأنت أجهل إن سمعت المنكرا
هوّنْ إذا ضحك الأنام عليك في ... الدنيا سيبكيك الذي فيها جرى
إن كُنتَ للصلواتِ في أوقاتها ... تَنْسى كثيراً فاجتهدْ أن تَذكُرا
يا بئس ما صنعتْ يداك وما سعتْ ... رجلاك في قطع المفاوز تذْكُرا

ما هذه الدنيا بدارِ سلامةٍ ... لابدّ يوماً أنْ تبيتَ مُكَسَّرا
يقسو عليها عالم بصروفها ... وتروق مَنْ أعمته عن أن يُبْصِرا
لابدّ من بعثٍ فكن متيقظاً ... واصنعْ له عملاً، ومن أن تُنْشَرا
وترى جهنمَ والصراطَ مُهيّأ ... في وسطها وترى عليها مُعْسِرا
ويدُسّ رأس كبيرِهم وصغيرِهم ... في قعرها حتى استفكَّكَ شافِعٌ لن ينكرا
يجري على خديك دمْعُك عند ذكر ... الحش لا أُنسيتَ ذاك المحشرا
بِتْ نائماً متيقّظاً واذْكُرْ إذا ... ما قُمتَ منتفضاً هناك من الثّرى
كُنْ خاسِئاً متواضعاً واحذرْ بأنْ ... يوماً تُرى متفرِّغاً مُتجبِّرا
لا تفخرنّ بجلدِ كلبٍ إن غدا ... تاجاً لراسِك فالمدَى سامي الذُرَى
لو كنتَ ذا القرنينِ في سلطانه ... لم يُجد ملكُكَ وانصرفتَ منكَّرا
قد كَلّ جيشٌ للعِدى أولا تَقُدْ ... لابدّ أن يُفني الرّدى كلَّ الوَرى
هيهات ما الدنيا بدارٍ يُرتَجى ... فيها الجَزا، فاحمَدْ لمقصِدكَ السُرى
كم نال فيها عاجِزٌ ما يَرتجي ... وحوى على رغم الأعادي مَفْخرا
يا قاعداً رضي الخمولَ لنفسِه ... قد كان حقك في الوَرى أن تُشْهَرا
ما بالُ رأسِكَ لا يزالُ مُنَكَّساً ... من ركْوةٍ فيه وصار مفَتَّرا
لا تحزننّ لشيبِ رأسِكَ واتّئدْ ... سيصير كُلٌ في الخراب فلا يُرى
يا لِحيةً خُلقتْ فأفحش خلقها ... كالروض تُزهى بهجةً إذْ نوّرا
إنْ ضرّ طولك في الأنام فطالما ... استنفعت من شعَر يكون مُقَصّرا
يا ساجداً في كل أرض راغباً ... في ذكر كلّ فتى يراه كبرا
أخبار أهل الزهد عندي كلها ... إن كُنتَ فيها للسعادةِ مُؤثِرا
يا آكِلا جزء الغِذا من خوفهِ ... ستنال من ذاكَ النعيم الأكبرا
فالقطْ نَوًى من كل أرضٍ ثم كُلْ ... منها الخرادلَ تَحْوِ أجراً أوفرا
لابدّ يوماً أن تصير ببطنها ... ولك الجزا فيها على هذا المِرا
ومن ذلك قصيدة للحكيم شمس الدين محمد بن دانيال، رحمه الله تعالى:
إنّ البلادَ التي أصبحتَ واليهَا ... أضحت ولا جنة المأوى ضواحِيها
وعُمّرتْ منك بالعدل المبين الى أن با ... ت حاضرُها سُكنى وباديها
وبعدما أصبح الطيرُ الخراب بها ... على أسافلها تبكي أعاليها
كأنّها لم تبِضْ فيها ولا فقسَتْ ... بها ولا نبتتْ فيها خوافيها
فأقفرَتْ بعدما كانتْ مساكنُها ... فيها خرائدَ قد لذّ الأسى فيها
فلنْ يهِرَّ بها كلبٌ ولو ظهرتْ ... رسومُها لَعوى فيها عوافيها
هبّتْ رياحُ دَبور في جوانبِها ... فكان سقط لواها إلف سافيها
وا لَهْف نفسي عليها عند ذاك ويا ... خرابَها بمعانٍ في معانيها
منْ بعدِها لم أجِد أرضاً أفُشّ بها ... صَبابةً في ضميري كنتُ أخفيها
أنتَ الشجاع الذي ذاق البَرازَ ولم ... يجْبُن إذا بطلٌ جرّ القَنا فيها
كم نار حرب لدى الهيجاءِ ما وقدَتْ ... إلا أتيت ببأس منك يُطفيها
للهِ رمْيُك واستيفاكَ من بطلٍ ... سهامَ أي قِسيّ بتَّ تحْنيها
كم قد خرقتَ بطونَ الدارعينَ بها ... حتى تراقتْ نفاذاً من تراقيها
وعصبةٍ تشربُ الأبوالَ من ظمأٍ ... وتأكل الروثَ جوعاً أنت مُغنيها

كم استنابك فيها حاكم فغدا ... بحفظها منك إقبالٌ لرائيها
ومُذْ رآك الورى فرْدَ الزمانِ بها ... خرّتْ لوجهِكَ، أعنى سُجّداً تِيها
لو أنّ دجلةَ فيها القاع ذو يبسٍ ... لوارديها لكنتَ الدهرَ تسقيها
سلْ أرض حرّان إذْ أمسيتَ ساكنَها ... هل جاع صُعلوكُها أو جاع صوفيها
وفاخَرَتْك جماعاتٌ وربَّتَما ... قالوا قصير فرُدَّ القولُ تسفيها
إنْ قلّ طولك فيه للعيان فما ... قد قلّ طولك فيها حين تعطيها
يا والياً بيّتَ الأكفاءَ في نفق ... يحمي حماها كما قد بات يحميها
لا تعجلنّ وكُن مسترفقاً وخذ ال ... مياه بالحكم عدلاً من مجاريها
وإن ركبتَ الى حمل الغلال ولم ... تُحْصَدْ جميعاً لتجني حصْدَ باقيها
عليك بالدّرةِ الخرْزاءِ إن سمعتْ ... أُذناكَ مستخدماً ألغى خراجيها
فالنحسُ أنتَ تراهُ غيرَ مكترثٍ ... إلا بصَفْعِكَه إن رُمْتَ تنبيها
خُذْها مدائح مَنْ تلقاه مُبتَسِماً ... يَهذي بذكرك بين الناس تنويها
واهزُزْ لها عِطفَك الميّاسَ من طرَبٍ ... ليُصبح الحاسد الغضبان يُطْريها
فأنتَ كالبانِ أعطافاً مرنَّحَة ... لمَنْ يشبّهُ أنّى رامَ تشبيها
فإنها كالتي إنْ أُنشِدَتْ طرَباً ... صُدورها قامتْ منها قوافيها
ومن التحريف الظريف ما هو مشهور:
إنْ آنَ أنْ تلتَقي علِمْنا مَنْ منّ مِن أهلنا علينا
لوْ لؤلُؤاً صُبَّ في يديهم لوَلْوَلوا بالبُكا لدَيْنا
ومن ذلك ما أنشدنيه لنفسه إجازة الشيخ صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلي، رحمه الله تعالى:
سلْ سلسلَ الريقِ إن لم يرْوِ حرَّ ظَما بَلْ بلبلَ القلبَ لمّا زاده ألَما
قدْ قدَّ قَدُّ حبيبي حبلَ مصطَبري إنْ آنَ أنْ أجتني جُرماً فلا جرَما
مُذ ملّ ململَ قلبي في تعنُّتِه لو كفَّ كفكفَ دمعاً صار فيه دَما
بلْ رُبّ ربربِ سِرْبٍ ثغره شَنِبٌ لوْ لؤْلُؤٌ رام تشبيهاً به ظلَما
لو قابلَ الشمسَ لألاؤها كسفتْ فإن تقُلْ للدجى زح زحزحَ الظلما
كم هدّ هُدْهُدُ واشينا بناءَ وفاً غداةَ عنعنَ عن أعدائنا الكلِما
مُذ نَمّ نمْنَمَ أقوالاً شقيتُ بها إذْ زلّ زلزلَ طوْدَ الصبرِ فانهدما
لِمْ لملَم الوجدَ عندي بعد مصرفه عني وجمجمَ جَمّ الغيثِ فالتأما
مُذ لجّ لجلجَ نُطقي عن إجابتهِ لوْ رقّ رقرقَ دمعاً ظلّ منسجِما
إنْ كانَ دعْدعَ دَعْ كأسَ العتابِ وقُلْ مَهْ مَهْمِه العِشقَ لا يطويه مَنْ سئما
إن قيل ضعضعَ ضعْ خدّيك معتذراً أو قيل قلقلَ قُلْ أرضى بما حكما
أو قيل طحطحَ طح بالحُبّ ملتجئاً أو قيل دمدمَ دُمْ بالوُدِّ ملتزما
سب سَبْسَبَ الحُبّ واشكرْ من أحبتنا لكل مَنْ منّ من أهل الوَفا كرَما
هُم همُّهم حفظُهُم للخلّ حقَّ وفاً بحيث حصحصَ حصَّ الهمَّ منتقما
إن قيل أجَّ أجاج الغَدْر فارضَ بهِم إلاّ فنفسَك لُمْ لِمْ لَمْ تُفِضْ ندما
وما رأيت أعجبَ من بيت للأعشى ميمون بن قيس، فإنّه صحّف فيه العلماءُ الأعلام مواضع عدةً، وهو قوله:
إنّي لعَمْرو الذي حطّتْ مناسمها ... تَحذي وسيقَ إليها الباقر الغُيُلُ
وهذا البيت من جملة قصيدته المشهورة التي أولها:
ودِّع هُريرةَ إنّ الركبَ مُرتَحِلُ ... وهل تُطيق وداعاً أيّها الرجُلُ
والمغاربة يعدون هذه القصيدة من المعلقات السبع.
أما الأصمعي فإنه روى البيتَ الذي أشرتُ إليه:
إني لعَمرو الذي خطّتْ مناسمها ... ............
فأورده بالخاء المعجمة، وقال: خطّتْ يعني أنها تشق التراب، وقال: ومثله قول النابغة:
أعلِمتَ يوم عُكاظَ حينَ لَقيتَني ... تحْتَ العَجاج فما خطَطْتَ غُباري
قال: ولا تكون حطت، يعني بالحاء المهملة، لأن الحطاط: الاعتماد في الزام وقال:
بسلجَم يحُطُّ في السفارِ

وأما أبو عمرو الشيباني فإنه رواه: حطت بالحاء المهملة، وقال: هو أن يعتمد في أحد شقيه، وقال: فيه: تخدى بالخاء المعجمة، يعني: تسير سيراً شديداً، وقال فيه: الباقر الغيل بالغين المعجمة والياء آخر الحروف، وروى الزيادي عن الأصمعي: الباقر العَثَل بالعين المهملة والثاء مثلثة، وقال: العثلُ والعثجُ واحدٌ، وهو الجماعة من الناس في سفر وغير سفر.
وأما عسل فإنه رواه عن الأصمعي: حطت، بالحاء المهملة، وقال معناه أسرعت، والعثَل: الكثير الثقيل، ويقال: انكسرت يده ثم عثِلَتْ تَعْثَل أي ثَقُلَتْ عليه، فهذه رواية الأصمعي.
ورواه بعضهم: حِضْناً بالحاء المهملة والضاد المعجمة، ولم أدر ما معناه.
ومن قول الأعشى:
نفى الذّمَّ عنْ آلِ المحلَّقِ جَفنةٌ ... كَجابيةِ الشّيخ العراقيّ تفْهَقُ
الجابية، بالجيم، الحَوض بلا ماء، ومعناه: أن العراقي إذا تمكن من الماء ملأ حوضه لأنه حضري فلا يعرف مواقع الماء ولا محالّه.
وقال المبرد: سمعت أعرابية تنشده كجابية السَّيْح، يريد النهر الذي يجري على جانبيه فماؤها لا ينقطع، لأن قول المبرد بالسين والحاء المهملتين وبينهما ياء آخر الحروف، والسَّيْحُ، بفتح السين، الماءُ الجاري.
وبعضهم صحفه فقال: كخابية، بالخاء المعجمة.
ومن غرائب التصحيف ما حُكي أن بعض المؤدبينَ صحّف بيتاً لزياد النابغة وهو قوله:
أسقينَني رثيّي وغنّيَني بحبّ يحيى ختنِ بن الجُرَذْ
وإنما هو:
أشقيتَني ربّي وعنَّيتَني بُحتُ بحبّي حينَ بِنَّ الخُرُدْ
فلم يدع فيه كلمة واحدة حتى صحّفها، كما تراه جعل أشقيتني من الشقاء أسقينني من السقي لجماعة الإناث، وجعل ربّي من الرّب المضافِ الريَّ المضاف ضد العطش، وجعل عنيتني من العناء وهو الأسر والذل غنينني من الغناء لجماعة الإناث المطربات، وجعل بحت من البوح وهو إظهار السر، بحب؛ حرف جرّ دخلَ على حب وهو هوى النفس، وجعل بحبي يحيى اسم يحيى بن زكرياء، وجعل حين وهو الوقت ختن وهو زوج البنت، وجعل بِنّ وهو من البين للإناث ابناً وتفقه فيه لأنه قال: ابن بعد علم فلم يثبت ألفهو جعل الخرد جمع خريدة الجرذ بالجيم والذال ذكر الفأر.
ومن ذلك، ما كتبه الإمام الناصر، رحمه الله تعالى، وقد غضب على خادمه يُمْن: بِمَنْ يَمُنُّ يُمْن، ثمَنُ يُمْنٍ ثُمْنُ ثُمْنِ فكتب الخادم إليه: يَمُنّ يُمْن بمَنْ ثمّنَ يُمْنَ ثُمْنَ ثُمْنِ فأعجبه ذلك منه وعفا عنه.
ومن غرائبه أن أهل البصرة كانوا يروون عن عليّ رضي الله عنه أنه قال: ألا إنّ خَرابَ بَصرتِكم هذه يكون بالرّيح.
يروونه بالراء والياء آخر الحروف، وما أقلعوا عن هذا التصحيف إلا بعد مائتي سنة عند خرابها بالزنج لما دخلها الخبيث الزنجي.
ومما كثر تصحيفه قول امرئ القيس:
كأنّ سراتَهُ لدَى البيتِ قائماً ... مَداكُ عُروسٍ أو صَرايةُ حنْظَلِ
رواه الأصمعي: صَراية بفتح الصاد مهملة وياء آخر الحروف، والصَرايَة الحنظلة الخضراء، وقيل هي التي اصفرت.
ورواه أبو عبيدة: صِراية بكسر الصاد، وقال: هو الماء المُستَنقَع الذي يُنتقَع فيه الحنظل يقال: صَرِيَ يَصْرى صَرْياً وصراية، وهو أخضر صاف.
ورواه بعضهم: صَرابة، بباء تحتها نقطة، يريد الملوسة والصفاء، يقال: اصرأبّ الشيءُ، إذا املأسّ.
وبعض الناس يقال فيه: صلاية باللام عوض الراء.
ومما كثر تصحيفه قول أبي الطيب:
بَليتُ بِلَى الأطلالِ إنْ لمْ أقِفْ بِها ... وُقوفَ شَحيحٍ ضاعَ في التُّربِ خاتمُه
قال بعضهم: إن المتنبي أخذ هذا العجز من مكان وصحفه جميعه، وهو:
وقوفَ شَجيجٍ ساخَ في الترب جاثِمُه
يعني بذلك الوَتِد الذي شج رأسه بالدق حتى ساخ جاثمه في التراب، شجيج بالشين والجيم المعجمتين، وجاثمه بالجيم والثاء المثلثة، وهذا بلا شك أبلغ في الوقوف على الأطلال من وقوف شحيح ضاع خاتمه في التراب لأنه يقف ساعة يفتش التراب عليه فإن لم يجده تركه وانصرف.
وقوله أيضاً:
وريعَ له جيشُ العدوِّ وما مشى ... وجاشتْ له الحربُ الضروسُ وما يغْلي

منهم من رواه: ما تَغلي بالتاء ثالثة الحروف مع الغين المعجمة، أراد أن الحرب قامت على أعدائه معنىً لا صورةً، لخوفهم منه، ومنهم من رواه بالياء آخر الحروف، أراد لم يبلغ الى أن يخنق صدره غضباً.
ومنهم من رواه بالفاء بدل الغين، أراد: لم يبلغ الى أن يَفْليَ رءوسهم بسيفه، ومنهم من رواه بالقاف من القِلَى والبُغْض.
وقوله أيضاً:
كم وقفة سجَرْتَك شوقاً بعدما ... غَرِيَ الرقيبُ بنا ولَجّ العاذِلُ
منهم من رواه: سجرتك بالسين المهملة والجيم أي ملأتك. ومنهم من رواه بالسين والحاء المهملتين من السحر. ومنهم من رواه: شجرتك بالشين والجيم المعجمتين من قولهم: شجرتُ الدابة إذا كبحتها باللجام لتردها.
وقوله أيضاً:
بِصارمي مُرتَدٍ بمَخْبُرَتي مُجتَزِئٌ بالظلامِ مُشتَمِلُ
قال بعضهم: مُجتَزئ بالزاي وقال بعضهم: مجتَرِئ بالراء من الجُرأة وبعضهم رواه: ملتحف، وكل صحيح المعنى.
وقوله أيضاً:
إذا وطِئَتْ بأيديها صخوراً ... بَقينَ لوَطْءِ أرجلها رمالا
رواه ابن جني بالباء الموحدة والقاف. ورواه غيره يفين بالياء آخر الحروف والفاء من فاء يفيئ إذا رجع. والأول صحيح أيضاً.
وقوله أيضاً:
وأبَهْرُ آياتِ التِهاميّ أنّه ... أبوكَ وإحدى ما لكم من مناقِبِ
رواه بعضهم: التهامي آية بدل أنّه، من أنّ واسمها وأجدى بفتح الهمزة وبعدها جيم بدل وإحدى بكسر الهمزة وبعدها حاء مهملة.
وقوله أيضاً:
فالموتُ آتٍ والنفوسُ نفائس ... والمستَغِرُّ بما لديه الأحمقُ
بعضهم رواه: المستغر بالغين المعجمة والراء، وبعضهم رواه: والمستعز بالعين المهملة والزاي. وكلاهما معنى صحيح.
وقوله أيضاً:
وإنّ القيامَ التي حوْلَه ... لتحسد أقدامَها الأرْؤسُ
روى ابن جِني وغيره: القيام بالقاف. ورواه المعري: الفئام بالفاء وهمز الياء، وهو اختيار أبي الطيب، لأن الفئام بالفاء لا يقع إلا على الجماعة الكثيرة، بخلاف القيام بالقاف.
ومما كثر التحريف فيه بين المحدِّثين وهو ثلاثة أحرف: جبل حراء، حرّف المحدّثون في حِرَا الحاء والراء والألف فيفتحون الحاء وهي مكسورة ويكسرون الراء وهي مفتوحة، فيقولون فيه: حَري على وزن دَنِي، وألفه ممدودة فبعضهم يقول فيه: جبل حَرَا، مقصور الألف.
وما أحسن ما أنشدنيه من لفظه لنفسه الشيخ الإمام المحدِّث الأديب جمال الدين أبو المظفر يوسف بن محمد السُرَّمَريّ الحنبلي:
سألتَ عن اسم من ثلاثة أحرفٍ ... وقد غلطوا فيه بأحرفه طُرّا
فذاك حراء فاكسر الحاء وافتحن ... راءه ومد الهمز واجتنب القَصْرا
فهم فتحوا المكسورَ والعكس ثمّ أنّ ... هُم قصَروا الممدودَ واستوجبوا الهجرا
ولو لم يكن ذا القولُ ف جبَلٍ لما ... تصبّرَ هذا الصّبْرَ واحتمل الضُرّا
ومما حُرِّف فانفسد به المعنى قول أبي الطيب:
قُلْ للدمستق إن المسلمين لكم ... خانوا الأمير فجازاهم بما صنعوا
أكثر الناس يقولون: المُسلِمين بكسر اللام، يريدون جمع مسلِم، وليس كذلك. وإنما هو بفتح اللام، يريد بذلك الذين أُسلِموا لهم، وإلا فما فائدة قوله: لكم.
ومما كثر فيه التحريف والتصحيف قول جرير، وهو:
يمشون قد نفخ الخزيرُ بطونَهم ... وغَدَوا وضيف بني عقال يُخْفَعُ
روي في وغدوا عدة روايات: فقيل فيه: رَعَدَى، وقيل: رغداً بالراء، وقيل: زَغَداً بالزاي والغين، الزغد بالزاي: الكثير، والرَّغْد: الضِّرْط، ورواه ابن قتيبة: شِبعاً. وقيل: يَخْفَع بفتح الياء، وقيل بضمها.
وقد نفَعَ التصحيفُ كما قد ضرّ، فمن نفعه أنه لما حضرَ محمد بن الحسن رحمه الله تعالى، الى العراق اجتمع الناس عليه يسألونه ويسمعون كلامه، فرفع خبره الحسدة الى الرشيد وقيل: إنّ هذا يفتي بعدم وقوع الأيمان وعدم الحنث وربما يفسد عقول جندك الذين حلفوا لك، فبعث بمن كبس مكانه وحمل كتبه معه، فحضر إليه من فتش كتبه، قال محمد: فخشيت على نفسي من كتب الحِيَل، وقلتُ بهذا تروح روحي، فأخذت القلم ونقطتُ نقطةً، فلما وصل إليه قال: ما هذا؟ قلت: كتاب الخَيْلُ يُذْكَرُ فيه شياتُها وأعضاؤها، فرمى به ولم ينظر إليه.

قلت: فتخلّص بنقطة صحفت الحاء المهملة بالخاء المعجمة.
ومن نفْعِه: كان محمّد بن نفيس غيوراً فأُخبرَ أنّ جارية له كتبتْ على خاتمها مَنْ ثبَتَ نبَتَ حُبُّه، فدعاها ووقفها علي ذلك، فقالت: لا والله، أصلحك الله، ما هو ما قيل لك وإنما هو مكتوب مَنْ يَتُب يُثَبْ جنّةً.
قلت: الأول بالثاد المثلثة مفتوحة وبعدها باء موحدة وتاء ثالثة الحروف، ونون وباء موحدة وتاء ثالثة الحروب، وحاء مهملة وباء موحدة مشددة.
والثاني: بالياء آخر الحروب والتاء ثالثة الحروف والباء الموحدة، والياء آخر الحروف مضمومة وثاء مثلثة مفتوحة وباء ثانية الحروف، وجيم ونون مشددة.
ومن نفْعه ما حكاه لي بعضُ الفضلاء، قال: كان القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر، رحمه الله، يوماً بين يدي الملك الظاهر بيبرس وهو يكتب كتاباً الى نائب الشام فمرّ به ذكر عكا، وكان الساحل يومئذ بأيدي الفرنج، فحصل له سهو وكتب: عكّا المحروسة، وعلّق السين، وكان بعض مَنْ يكرهه حاضراً فقال: يا مولانا نقول عن عكا: المحروسة؟! فقال محيي الدين على الفور: إذا كان واحد ما يقرأ إلا ما ينقط ما لنا فيه حيلة! المخروبة، بسم الله. ثم إنه نقط الخاء وجعل تحت السين المعلقة نقطة، فسكن غضب السلطان ونجا ابن عبد الظاهر، رحم الله كلاً.
وقد هجا خَلَفُ الأحمر العُتْبيَّ فقال:
لنا صاحبٌ مولَعٌ بالخلافِ ... كثير الخطاءِ قليل الصوابِ
ألَجُّ لجاجاً من الخنفساءِ ... وأزهى إذا ما مشى مِنْ غُرابِ
وليس من العلم في كفّهِ ... إذا ذُكِرَ العِلْمُ غير الترابِ
أحاديثُ ألّفَها شَوْكَرٌ ... وأخرى مؤلّفة لابنِ دابِ
فلو كان ما قد روى عنهما ... سماعاً، ولكنه من كتابِ
رأى أحرفاً شُبِّهَتْ في الكتابِ ... سواء إذا عدّها في الحسابِ
فقال: أبي الضيم يُكنى بِها ... وليست أبي إنما هي آبي
وفي يوم صِفّين تصحيفةٌ ... وأخرى له في حديث الكُلابِ
قال أبو أحمد العسكري، رحمه الله تعالى: آبِي الضّيْم ليست كنيته، وإنما هو فاعل من الإباء، ومثله آبي اللحم ليست كنية، وإنما كان يأبى أن يأكل اللحم الذي ذبح لغير الله تعالى، وكان حيان بن بشر قد ولي قضاء بغداد وقضاء أصبهان أيضاً، وكان من جلة أصحاب الحديث، فروى يوماً أن عرفجة قُطِعَ أنفُه يوم الكِلاب، وكان يستمليه رجل يقال له كِجّة، فقال: إنما هو بالكُلاب. فأمر بحبسه، فدخل الناس إليه وقالوا: ما دهاك؟ فقال: قُطِعَ أنفُ عرفجة يوم الكُلاب في الجاهلية وامتحنت به أنا في الإسلام.
ومن التحريف الذي نفَع ونجّى من الهلاك قولُ أبي نُواس وقد استطرد يهجو خالصة حظية الرشيد، فإنه قال:
لقد ضاعَ شِعْري على بابِكُمْ ... كما ضاعَ حَلْيٌ على خالِصَهْ
فيقال إنهالمّا بلغها ذلك غضبتْ وشكته الى الرشيد، فأمر بإحضاره، وقال له: يا ابن الزانية تعرِّض بحظيتي، فقال: وما هو يا أمير المؤمنين، قال: قولك: لقد ضاع شعري... البيت، فاستدرك الفارطُ أبو نواس وقال: يا أمير المؤمنين لم أقلْ هذا وإنما قلت:
لقد ضاءَ شِعري على بابِكُمْ ... كما ضاءَ حَليٌ على خالصَه
فسكن غضب الرشيد ووصله، ويقال: إن هذه الواقعة ذكرت بحضرة القاضي الفاضل، رحمه الله تعالى، فقال: بيتٌ قُلِعَتْ عيناه فأبصرَ.
ومنه ما حكاه الرواة من أنه لما غرِقَ شبيبٌ الخارجيّ في نهر دجلة، أُحضِر الى عبد الملك بن مروان بعد غرَقِه عتبانُ بن وُصَيْلة، وقيل أُصيلة، الحروري، وكان من شُراة الجزيرة، فقال له عبد الملك: ألستَ القائل:
فإنْ كان منكُم كان مَروانُ وابنُهُ ... فمنّا أميرُ المؤمنين شَبيبُ
فقال: يا أمير المؤمنين لم أقلْ هكذا، وإنما قلت:
فمنا حُصَيْنٌ والبَطينُ وقَعْنَبٌ ... ومنا أميرَ المؤمنينَ شبيبُ
وفتَح الرّاء من أميرَ المؤمنين، فاستحسن ذلك منه وخلّى سبيله، فخلص من الموت بتغيير حركة.

ومن طريف التصحيف ما حكاه صاحب كتاب الرّيْحان والرّيعان قال: حضَر شابٌ ذكيّ بعضَ مجالس الأدب، فقال بعضُهم: ما تصحيف نصَحْتُ فخنتني؟ فقال: تصحيفٌ حسَن، فاستغرب إسراعه، وكان في المجلس شاعر من أهل بلنسية فاتهم الشاب وقال مختبراً: ما تصحيف بلنسية؟ فأطرق ساعة ثم قال: أربعة أشهر فجعل البلنسي يقول: صدق ظني فيك، إنك تدعي وتنتحل ما تقول، ويحك، والفتى يضحك، ثم قال له: اشعُرْ فأنتَ شاعر، فقال له: أي نسبة بين بلنسية وبين أربعة أشهر؟ فقال: إن لم يكن في اللفظ فهو في المعنى، ثم قام وهو يقول: هو ذاك، فتنبه بعض الحاضرين بعد حين ونظر فإذا أربعة أشهر ثلث سنة، وهو تصحيف بلنسية، فخجل المنازعُ ومضى الى الشاب معترِفاً ومعتذراً، انتهى.
وقال آخر لآخر: ما تصحيف: نصحتُ فضعتُ، فجعل لا يهتدي الى تصحيفه، فلما أعياه الأمر قال له: بالله ما تصحيفه؟ قال: تصحيفٌ صعبٌ قال له: بالله قل لي ما تصحيفه؟ قال: تصحيفٌ صعبٌ، ولم يزالا كذلك وهو يسأله وذاك لا يغيّر جوابَه ولم يهتدِ الى أنّ ذلك هو الجواب.
وقال آخر لآخر: ما تصحيف: استنصِحْ ثقةً، ففكر فيه زماناً، فلما أعياه قال: لم يظهر أيش تصحيفه، فقال له: قد أجبت ولم تعلم أنك أجبت.
وحكي أن الإمام الناصر قال لابن الدباهي وقد اشترى مملوكاً اسمه بُلَيّة: يا ابن الدباهي: ثَلَثة ثَلَثة، فقال: يا أمير المؤمنين لا تَعُدّ.
وحكي أن المتوكل قال لابن ماسويه الطبيب: بِعْتُ بيت بقصرين، فقال الطبيب: يُطَيّنُ أجُرّاً غَداً كُلّه، قال الخليفة: تعشّيتُ فضرّني، قال الطبيب: بَطّي أخِّر غِذاك له.
وقال المستنجد بالله يوماً لسعد الدين الحسين بن شبيب صاحب المخزن وقد رآه مُقبِلاً: أين شتّيْتَ؟ فقال مجيباً على الفور: ذاك عندك، يريد المستنجد ابن شبيب فقال له: عبدك.
وقيل إن ابن مُنقذ قال لابن الساعاتي الشاعر يوماً، وكان مليح الصورة: أجيء وأحدثكم، فقال ابن الساعاتي سريعاً: مُرْ وَيْكَ، أراد ابن منقذ: أخي واحد بكم، وأراد ابن الساعاتي مروءتك.
وحُكي أنّ الناصر صاحبَ حلَب وجد يوماً بعض الفلاحين مُقبِلاً فقال له: من أين أتيت يا كَيّس؟ فقال له: من ضَيعتِك يا بنش، فنقب عن أمره، إن كان يعرفُ يكتبُ أو يقرأ، فوجده أمياً، فقال: البَغْيُ مصْرعٌ.
وكان يوماً الى جانبي في بعض الأيام مَليح، فقال بعض أصحابي الفضلاء: يا مولانا سلسلة، فقلت أنا على الفور: بقناديل، فأعجبه ذلك بعدما خجل، ثم قال لي: مغفورة لسرعة جوابها وحسنها الزائد.

ولمّا وقفتُ على كتبِ أهلِ العِلم ممّنْ تصدّى لرفع التصحيف ودفع التحريف - مثل الشيخ أبي محمد القاسم بن علي بن محمد الحريري صاحب المقامات، رحمه الله تعالى، فقد وضع كتاباً سمّاه درّة الغوّاص في أوهام الخَواص، وهو كتاب جيد، وذيّل عليه الشيخ الإمام اللغوي النّحوي أبو منصور موهوب بن أحمد الجواليقي، رحمه الله، وسمّاه التكملة، وقيل إنّ ابن بري أو ابن الخشاب، رحمهما الله تعالى، وضعَ على كتاب الحريري ردّاً، ولم أقِفْ عليه الى الآن، ومثل الشيخ الجليل القاضي أبي حفص عمر بن خلف بن مكي الصقلي النحوي، وضع كتاباً سمّاه تثقيف اللسان وتلقيح الجنان، وكان رحمه الله محدّثاً فقيهاً لغوياً نحْوياً. ومثل الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن حسن الزبيدي، رحمه الله تعالى وضع كتاباً سمّاه ما تلحن فيه العامة، ومثل الشيخ الإمام الحافظ جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ الجوزي، رحمه الله، وضع كتاباً سماه تقويم اللسان، ومثل الإمام محمد بن يحيى الصّولي، رحمه الله تعالى، وضع فيما صحّف فيه الكوفيون مصنفاً صغيراً، ومثل الإمام أبي عبد الله حمزة بن الحسن الأصبهاني، رحمه الله تعالى، وضع كتابا سماه التنبيه على حدوث التصحيف، ومثل العلامة أبي أحمد الحسن بن عبد الله العسكري، رحمه الله تعالى، فإنه وضع في التصحيف مصنفاً وقد وقفتُ على قِطعة من شرْحِه له، ومثل الضياء موسى الناسخ الأشرفي، رحمه الله تعالى، جمع أوراقاً في هذا الباب. ومثل الإمام الحافظ العلامة الناقد الحجة أبي الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني، رحمه الله تعالى، وضع كتاباً في التصحيف، والنّفْع به للمحدِّث أكثر - أردت أن أنتقي من ذلك كلّه مجموعاً يُغني كلّه عن أجزاء هذه المصنّفات المذكورة والأسماء المسطورة، وأرتبَ ذلك على حروف المعجَم؛ ليكون أسهل حالة الكَشْفِ، وأسوغَ حالة الرّشْف، فهو فرْدٌ تناول ذلك المجموع، ومبتدأٌ اقتضى تلك الأخبار؛ فكان أوْلى بقول أبي الطّيّب:
ذُكِر الأنامُ لَنا فكانَ قصيدةً ... أنتَ البديعُ الفرْدُ من أبياتِها
وأحقَّ بقولِ البُحتري:
ولمْ أرَ أمثالَ الرّجالِ تفاوَتَتْ ... الى المجد حتّى عُدّ ألفٌ بواحِدِ
ولم يكن لي في هذا غير التهذيب وحُسن الرّصْفِ والتّبويب، اللهمّ إلا ما يتخللُ أثناء ذلك من تفسيرٍ وتقييد، وتقريرٍ وتمهيد، وأمّا ما عثرت عليه من التصحيف في كتاب الصحاح للجوهري فقد ذكرت ذلك مستوْعَباً في كتابي نُفوذ السّهم فيما وقعَ للجوهري من الوهْم.
وقد جعلْتُ لكلّ مصنّفٍ نقلْتُ عنه رمزاً يخصّه، وإشارة من حروف المُعجَم تنبِّه على فصِّه وتقُصّه: فعلامة كتاب درّة الغوّاص للحريري وعلامة التّكملة للجواليقي (ق) وعلامة تثقيف اللسان للصقلي (ص) وعلامة ما تلحَنُ فيه الامّة للزبيدي (ز) وعلامة تقويم اللسان لابن الجوزي (و) وعلامة كتاب ما صحّفَ فيه الكوفيون (ك) وعلامة كتاب حُدوث التصحيف (ث) وعلامة كتاب تصحيف العسكري، رحمه الله تعالى (س) وعلامة الضياء موسى الناسخ (م) فإنه جمَع في هذا الباب أوراقاً فعلتُ ذلك خوفاً من التطويل، وقد يجتمع المصنِّفُ وغيرُه على نقلِ الشيءِ الواحد فأذكر العلامتين أو الثلاث أو الأربع، ويكون المتأخّر هو صاحب العبارة.
وبالله الاستعاذة والاستعانة، وإليه الإنابةُ في الإبانة، لا إله إلاّ هو سُبحانه.

الهمزة والألف بعدها
(ص) يقولون: الآذَرَيّ. والصواب أذَريّ بالقصر، وأذْرَبيّ، على غير قياس، لأنه منسوب الى أذَرْبيجان، بفتح الذال وسكون الراء.
قلت...
(ز) ويقولون: أعطاه السلطانُ آماناً، فيمدون. والصواب أمانٌ على وزن فَعالٍ.
(ص) ويقولون في جمع صاعٍ: آصُعٌ.
والصواب: أصْوُع مثل دار وأدْؤُر، ونار وأنْوُر.
(ص) ويقولون: ومن لحوم الحمر الآنسية، بالمد. والصواب: الإنسية والأَنَسية بالقصر وفتح النون، لُغَتان.
قلت: ولهذا قال أبو الطيب:
أظبية الوَحْشِ لولا ظبيةُ الأنَسِ ... لما غدوتُ بجدٍ في الهَوَى تَعِسِ
(ص) لا يفرقون بين الآبِق والهارِبِ، ولا يسمى آبقاً إلا إذا كان ذَهابهُ في غيْر خوف ولا إتعابِ عمَل، وإلا فهو هارب.
قلت: قوله تعالى في حق يونس عليه السلام: إذْ أبَقَ الى الفُلْكِ المَشْحونِ.

(ز) ويقولون: آريٌّ لمعْلَف الدابّة. والآريّ الحبل الذي تُشدُّ به الدابة، وجمعه أوارِيّ.
(ص) ويقولون آرَنج ولارَنج. والصواب نارَنج، ولا يجوز لارَنج ولا آرَنج.
قلت: وسمعت أنا مَنْ يقول يارَنج بالياء آخر الحروف.
(ز) ويقولون اللهمَّ صلِّ علَى محمَّدٍ وآلِه، وقد ردّ ذلك أبو جعفر بن النحاس وزعم أن العرب لا تستعمل إضافة آل إلا الى المُظْهَر خاصّة، وأنها لا تضاف الى مُضمَر، قال: والصواب: اللهُمّ صلِّ على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ، وفي الحديث أن بَشيرَ بن سعد قال: يا رَسول اللهِ إنّ الله أمرنا أنْ نُصلّيَ عليكَ فكيف نصلي عليك؟ فسكَتَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتّى تمنّوا أنّه لمْ يسألْه، ثم قال: قولوا اللّهُمّ صلِّ على محمّدٍ وعلى آلِ محمّدٍ كَما صلّيْتَ على آلِ إبراهيم، وباركْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما باركتَ على آل إبراهيم، إنّكَ حَميدٌ مَجيد.

الهمزة والباء الموحدة
(ص) ويقولون: الأبُّ والأخُّ، يشددونهما. والصواب بالتخفيف، وذكر ابن دريد أن الكَلْبيَّ قال: يقال: أخٌّ، مثقل، وأخَّة، قال ابن دريد: وما أدري ما صحته.
قلت: الأبُ، مخففاً، أصله أبَوٌ على فَعَلٍ، مُحَرَّك العين لأنّ جمعه آباء، مثل قَفاً وأقفاء ورَحىً وأرحاء، والذاهب منه الواو، لأنك إذا ثنيته قُلتَ فيه: أبَوانِ، والجمع والتثنية يردانِ الأشياءَ الى أصولها، وبعض العرب يقول: أبانِ على النقص، وفي الإضافة أبَيْكَ، وعلى هذا قرأ بعضهم: (... إلهَ أبِيكَ إبراهيم وإسماعيلَ وإسحاقَ...). وقال بعضهم يوماً لشهاب الدين القُوصي: أنتَ عندنا مثل الأبِّ، وشدّد باءَها، فقال: لا جَرَمَ أنّكم تأكلونني! يعني أنهم بهائم لكونهم شدّدوا الباء، والأبُّ هو التِّبن.
يقولون: ابتعتُ عَبْداً وجاريةً أخْرَى، فيوهمون فيه لأن العرب لم تصف بلفظتي آخر وأخرى وجمعها إلا بما يجانس المذكور قبله كما قال سبحانه وتعالى: (أفرأيْتُمُ اللاّتَ والعُزّى. ومَناةَ الثّالثةَ الأخرَى)، وكما قال تعالى: (ومَنْ كانَ مَريضاً أو على سفَرٍ فعِدّةٌ منْ أيّامٍ أُخَر...)، فوصف مناة بالأخْرى لمّا جانَسَتِ العُزّى واللاتَ، ووصف الأيام بالأُخَر لكونها من جنس الشهر. والأَمَةُ ليست من جنس العَبْد لأنها مؤنثة وهو مذكر، كما لا يقال: جاءت هند ورجل آخر.
والأصل في ذلك أن آخر من قبيل أفْعَل الذي تصحبه مِنْ ويجانس المذكور بعده، ويدل على ذلك إذا قلت: قال الفِنْدُ الزِّمّانيّ وقال آخرُ، وكان تقدير الكلام: وقال آخر من الشعراء. وإنما حذفت لفظة مِنْ لدلالة الكلام عليها وكثرة استعمال آخر في النطق. وأما قول الشاعر:
صَلّى على عَزّةَ الرحمنُ وابنتها ... ليلى وصلّى علَى جاراتِها الأُخَرِ
فمحمول على أنه جعل ابنتها جارة ليكون الأُخَر مِنْ جنسها.
(ز) ويقولون: أُبِيع الثوبُ. والصواب: بِيعَ، بإسقاط الألف.
ومن ذلك أنهم يحذفون الألف من ابن في كل موضع يقع بعد اسم أو كنية أو لقب، وليس ذلك بمطَّرد، وإنما يحذف الألف من ابن إذا وقع صفة بين علَمين من أعلام الأسماء والكُنَى والألقاب لِيُؤذن بتَنَزُّله مع الاسم قَبْلَه بمنزلة الاسم الواحد لشدة اتصاف الصفة بالموصوف وحلوله محل الجزء منه، ولهذه العلة حذف التنوين من الاسم قبله فقيل عليُّ بن محمد، كما يحذف من الأسماء المركبة في رامهرمز وبعلبك، فما عدا هذا الموطن وجَبَ إثبات الألف فيه، وذلك في خمسة مواطن: أحدها: إذا أُضيفَ ابنٌ الى مُضمَر كقولك: هذا زيدٌ ابنُك.
والثاني: إذا أُضيفَ الى غير أبيه كقولك: المعتضد بالله ابن أخي المعتمد على الله.
والثالث: إذا نسَبتَ الى الأب الأعلى كقولك: الحسن ابن المهتدي بالله.
الرابع: إذا عُدِلَ به عن الصفة الى الخبر كقولك: إن كَعباً ابنُ لُؤَي.
والخامس: إذا عُدِل به عن الصفة الى الاستفهام كقولك: هل تميم ابنُ مُرّ؟ وذلك أنّ ابناً في الخبر والاستفهام بمنزلة المنفصل عن الاسم الأوّل.
قلت: والسادس: أن يقع ابن أوّل السطر على كل حال.
والسابع: أن يقع ابن بين وصفينِ دون عَلَمين كقول أبي الطيب:
العارِضُ الهَتِنُ ابنُ العارِضِ الهَتِنِ ابن العارِض الهَتِنِ ابن العارضِ الهَتِنِ
وكقولك: هو الأمير ابنُ الأمير، أو الفاضل ابن الفاضل.

(ص) ويقولون للمسترخي الأذنين من الخيل: أَبَدُّ، وليس هو كذلك، إنما الأبَدّ: المتباعد ما بين اليدين، وهو عيب، فأما استرخاء الأذنين فهو الخَذا.
(ز) ويقولون للطويل اللسان خِلْقَةً: أبْظَرُ. والأبظر الذي في شفته العليا نُتوءٌ وطول وسطها، وفي حديث عليّ عليه السلام لشريح: فما تقول أنت أيها العبْدُ الأبظر؟ ويقولون: ابِنه بكسر الباء مع همزة الوصل، وهو من أقبح أوهامهم وأفحش لحن، لأن همزة الوصل لا تدخل على متحرك، وإنما اجْتُلِبَتْ للساكن ليُتَوصّلَ بإدخالها عليه الى الافتتاح بنطق الساكن. والصواب فيها أن يقال ابْنة أو بنت لأن العرب نطقت فيها بهاتين الصيغتين، فمن قال ابنة صاغها على لفظة ابن ثم ألحق بها هاء التأنيث التي تسمى الهاء الفارقة، وتصير في الوصل تاء، ومن قال فيها بنت أنشأها نشأة مؤْتَنَفة.
ويقولون: أبْصَرتُ هذا الأمر قبل حدوثه. والصواب أن يقال: بصُرْتُ بهذا الأمر، لأن العرب تقول: أبصرتُ بالعين، وبَصُرت من البصيرة، ومنه قوله تعالى: (... بَصُرْتُ بما لمْ تَبْصُروا بِهِ...)، وعليه فُسِّر قوله تعالى: (فبصَرُك اليومَ حَديد)، أي: علمك نافذ، ومنه: بصير بالعلم.
(و ق) ويقول بعض المتحذلقين: الإبِط بكسر الباء. والصواب: الإبْط، بسكون الباء. ولم يأت في الكلام على فِعِل إلا: إبِل، وإطِل حِبِر، وهي صفرة الأسنان، وفي الصفات: امرأة بِلِز: وهي السمينة، وأتانٌ إبِد، تلد كل عام، وقيل التي أتى عليها الدهر.
قلت: قرأ بعض الطلبة على بعض الأشياخ إبط وحرّك الباء، فقال له: لا تحرِّك الإبْط يفح صُنانُه.
(و) ويقول العامة: أبْهَرني الشيءُ يبهُرُني. والصواب: بهَرني يبْهَرُني، بفتح الباء.
ويقولون عند نِداء الأبوين: يا أبَتي ويا أمّتي، فيثبتون ياء الإضافة فيهما مع إدخال تاء التأنيث عليهما قياساً على قولهم: يا عمّتي، وهو وهْمٌ. ووجه الكلام أن يقال: يا أبَتِ ويا أمَّتِ، بحذف الياء والاجتزاء عنها بالكسرة، كما قال الله تعالى: (يا أبَتِ لا تَعْبُدِ الشّيطانَ)، ويقال: يا أبَتا، ويا أمّتا، بإثبات الألف، والاختيار أن يوقف عليها بالهاء فيقال: يا أبَهْ ويا أمَّهْ.
(و) ويقولون: الأبْرَيْسَم، بفتح الهمزة والهاء، ويجوز بكسر الهمزة وفتح الراء، قال: كذلك قرأته على شيخنا أبي منصور، والعامة تفتح الهمزة وتكسر الراء.
قلت: والإبريسم معرب، وفيه ثلاث لغات، والعرب تخلط فيهما ليس من كلامها، فقالوا في جَبْرائيل: جِبريل، وجَبْريل، جَبْرين بالنون، وجَبْرال. قال يعقوب بن السكيت: هو الإبرَيْسَم بكسر الهمزة وفتح الراء. وقال غيره: هو الأَبْرِيسم بفتح الهمزة وكسر الراء، وقال ابن الأعرابي: هو الإبرِيسَم بكسر الهمزة وفتح السين، وقال: ليس في الكلام افْعِيلِل بالكسر ولكن افعِيلَل مثل اهليلَج وإبريسَم.
(ص) ويقولون: أبْطَيْتَ علَيّ واستبطيْتُك. والصواب: أبطأتَ واستبطأتُك.
قلت: ويقال ما أبطأ بِك، وما بطّأ بِك، بمعنى، وبَطْآنَ ذا خُروجاً وبُطْآنَ ذا خُروجاً، أي بَطُؤَ ذا خُروجاً، فجعلت الفتحة التي في بَطوءَ على نون بُطْآن حين أدت عنه ليكون علماً لها، ونقلت ضمة الطاء الى الباء، وإنما صح فيه النقلُ لأن معناه التعجب، أي ما أبطأه.
(ص) ويقولون: أُبكِمَ الرجلُ، إذا أُرتِجَ عليه في كلامه، الصواب بَكِمَ.
(ص) ويقولون: قِدْرٌ إبرام. والصواب بِرام.
قلت: البِرام بالكسر، جمع بُرْمَة، وهي القدر.
(ق) يعنون بالبرام الحجارة، وذلك خطأ، وإنما البرام جمع برمة وهي القدر من الحجارة، كما تقول: حُلّة وحِلال، وعُلْبَة وعِلاب.
(زص) ويقولون: أُبيعَ الثوبُ، وأُزيدَ في ثمنه. والصواب: بِيعَ الثوبُ، وزِيدَ عليك.
قلت: بِعتُ الشيء: أبيعُه بَيْعاً ومَبيعاً، وهو شاذ، وقياسه مَباعاً، وبِعتُه أيضاً: اشتريته، وهو من الأضداد. قال الفرزدق:
إنّ الشبابَ لَرابِحٌ مَنْ باعَهُ ... والشيبُ ليس لبائعيه تِجارُ
ويقولون: ابْدَأْ بِه أوّلاً. والصواب أن يقال: ابْدَأ بهِ أوّلُ بالضم، كما قال معن بن أوس:
لعَمْرُك ما أدْري وإنّي لأوْجَلُ ... على أيِّنا تغْدو المَنيةُ أوّلُ

وإنما بُنِيَ هنا أوّلُ لأن الإضافة مُرادَة فيه، إذ تقدير الكلام: ابْدأ أوَّل الناسِ، فلما قُطِع عن الإضافة بُنِي كما بُنيتْ أسماء الغايات، التي هي قبل وبعد.
(زوح) ويقولون في التعجب من الألوان والعاهات: ما أبيضَ هذا الثوبَ وأعورَ هذا الفرس.
وذلك غلَطٌ، لأن العرب لم تَبْنِ فعل التعجب إلاّ من الفعل الثلاثي الذي خصّتْه بذلك لخفته. والغالب على أفعل الألوانُ والعيوبُ التي يدركها العِيانُ، فإن أردتَ التعجب من بياض الثوب قلت: ما أحسنَ بياضَ هذا الثوب وما أقبحَ عَوَرَ هذا الفرس.
قلت: يجوز أن تقول: ما أبيضَ هذا الطائر، إذا تعجبتَ من كثرة بَيْضِه، لا من بَياضِه.
(ص) ويقولون في جمع بِئْر: أبيار. والصواب في ذلك أبآر وآبار أيضاً على القلب، ومثل ذلك: أرآء وآراء، وأرآم وآرام، وأمآق وآماق.
قال الشاعر:
ورَدتُ بِئاراً مِلحَة فكَرِهْتُها ... بنَفْسيَ أهْلي الأوّلونَ ومالِيا

الهمزة والتاء المثناة من فوق
(ص) ومن ذلك الأتْراب يكون عندهم الذكور والإناث. وليس كذلك، وإنما الأتراب الإناث خاصة، لا يقال: زيد تِرْبُ عمرو، وإنما يقال: زيد قِرْن عمرو، وهند تِرْب دعد. وقال بعضهم: أكثر ما يستعمل في الإناث وقد يكون للذكور. والقول الأول أشهر.
قلت: قال الجوهري: قولهم: هذه تِرْبُ هذه، أي لِدَتُها، وهنّ أتراب. انتهى.
قلت: وقوله تعالى: (قاصِراتُ الطّرْفِ أتْرابٌ) يؤيد القول الذي رجحه الصقلي.
(ز) ويقولون أتيتُ هي الأيام، وقعدت في هو المكان. والصواب: أتيتُ تلك الأيام، وقعدت في ذلك المكان. وليست هذه المواضع من مواضع هو ولا هي، لأنهما من ضمائر الرفع، ولا تفارقه إلا إذا أكدت بهن فإنهن يقعن للمجرور والمنصوب، تقول: رأيته هو، ومررت بك أنت.
(ص) ويقولون: اتّخَم الرجل، إذا أضرّ به الشِّبَع، والصواب أُتْخِم، فهو مُتْخَم، على ما لم يسمّ فاعله.
قلت: يريد أنهم يشددون التاء ويفتحونها، والصواب أن تخفف وتسكن.
(ص) ويقولون:
يا بيتَ عائكة التي أتعَزَّلُ ... ............
والصواب: الذي اتعزَّلُ قلت: هذا البيت لمحمد الأحوص الأنصاري وتمامه:
حذَرَ العِدى وبه الفؤادُ موَكَّلُ
والتقدير فيه: الذي أتعزله أنا، ولقد رأيت جماعة من أهل عصري الفضلاء ينشدونه: التي أتغزل، بالغين المعجمة، وهو بالعين من العُزْلَة والاعتزال، فيغلطون فيه في موضعين.
(ز) ويقولون للولدين في بطن واحد: أتْوام، والصواب: توْأمان، الواحد توأم، وأتأمت المرأةُ إذا ولدتْ توأمين.
الهمزة والثاء المثلثة
ومن جملة أوهامهم أن يسكّنوا لام التعريف في مثل الاثنَين، وقطعوا ألف الوصل احتجاجاً بقول قَيْس بن الخَطيم:
إذا جاوزَ الإثنين سِرٌ فإنه ... بِنَثٍّ وتكثير الوُشاةِ قمينُ
والصواب في ذلك أن تُسْقَطَ همزة الوصل وتُكْسَر لام التعريف، والعلة في ذلك أنه لما دخلت لام التعريف على هذه الأسماء صارت همزة الوصل حشواً، والتقى من الكلمة ساكنان: لام التعريف والحرف الساكن الذي بعد همزة الوصل، فلهذا وجب كسر لام التعريف، وأما البيت فمحمول على الضرورة، على أن أبا العباس المبرد ذكر أن الرواية فيه:
إذا جاوزَ الخِلَّيْنِ ...
قلت: وقد أحسن، وبالغ في الأمر بحفظه السرّ وألاّ يخرج من فم صاحبه، مَنْ فسّر الاثنينِ في بيت قيس بن الخطيم، أن المراد بذلك الشفتان.
(وق) ويقولون: رجل أثَطّ. وإنما هو ثَطّ، قال الشاعر:
كلِحيةِ الشّيْخِ اليَماني الثّطِّ
(ص) وقولهم: أثَرٌمّا أصله عند العرب: افعَلْ ذلك آثِراًمّا، أي أوّل شيء، فغيروه.
يقولون: لقيتهما اثْنَيْهما، مقايسة على قولهم: لقيتهم ثلاثتهم، فيوهمون في الكلام والمقايسة وهمين، لأن العرب تقول في الاثنين لقيتهما، من غير أن تفسّر الضمير، وتقول رأيتهم ثلاثتهم، فتفسر الضمير، فإن أرادت أن تخبر عن أفرادهما باللقاء قالت: لقيتهما وحدهما، والفرق بين الموضعين أن الضمير في لقيتهما مثنى، وهو لا تختلف عدّتُه، وفي ثلاثتهم وخمستهم مبهم غير محصور، فاحتيج الى تفسيره.
(ك) حدثنا عبد الله بن المُعتزّ، قال: حدثني محمد بن هُبَيْرَة، صَعوداء قال حضرت أنا وأبو مُضَر مجلس محمد بن حبيب وهو يملي:

إني إذا ما الليلُ كان ليلين
ولجلج الحادي لسانا اثنين
لم تُلفِني الثالث بين العِدْلَين
فقال لي: أبو مضر: غيّره والله، فسئل عن تفسير لسانا اثنين فلم يأتِ بشيء، فقال أبو مضر: أنشدنيه الناس:
ولجلج الحادي لسانا ثنيين
أي ثنى لسانه من شدة النعاس ولجلج.
قال صعوداء: وصدق أبو مضر، وقد قال ذو الرمة:
والنوم يسْتَلِبُ العَصا من رَبِّها ... ويلوكُ ثِنْيَ لِسانِه المِنْطيقُ

الهمزة والجيم
(ص) ويقولون: أجبنُ مِن صافِرة. والصواب مِن صافِر.
(ص) ويقولون: أُجْبِلَ الشاعر، إذا انقطع.
والصواب: أجْبَلَ، وأصله من: أجْبَلَ حافِرُ البئر، إذا وصل الى الجبل فلم يستطع الحَفْرَ، وكذلك أكْدى، إذا وصل الى الكُدْيَة.
قلت: يريد أنهم يقولون أُجْبِل بضم الهمزة وكسر الباء، على ما لم يُسَمَّ فاعله، والصواب فتح الهمزة والباء، على وزن أفْعَلَ.
(وح) يقولون للقائم اجلِسْ والاختيار، على ما حكاه الخليل بن أحمد، أن يقال لمن كان قائماً: اقعُدْ، ولمن كان نائماً أو ساجداً اجلسْ، وعلل بعضهم لهذا الاختيار بأنّ القعود هو الانتقال من عُلْو الى سُفْل، ولهذا قيل لمَن أصيب برجليه: مُقْعَد، والجلوس هو الانتقال من سُفْل الى عُلْو، ومنه سميت نَجْد جَلْساً لارتفاعها، وقيل لمَنْ أتاها جالِسٌ، ومنه قول عمر بن عبد العزيز للفرزدق:
قُلْ للفرزدقِ، والسفاهةُ كاسمِها ... إنْ كنتَ تارِكَ ما أمرتُكَ فاجْلِسِ
أي: اقصد نجْداً، ومعناه: أنه لما تولى المدينة قال له: إن تلزم العفاف وإلا فاخرج الى نجد.
(وص ز) ويقولون للكُمّثرى إجّاص. والإجاص ضرب من المشمش، وأنشدنا أبو علي عن الأصمعي:
أكُمّثرَى تَزيدُ الحلقَ ضِيقاً ... أحَبُّ إليك أم تينٌ نَضيجُ
(ز) ويقولون: رجل أجعد. والصواب: جَعْدٌ وأنشد سيبويه:
قالت سُلَيْمى لا أحبُّ الجَعْدينْ
ولا السِّباطَ، إنّهم مَناتِينْ
ويقولون: اجتمعَ فلانٌ مع فلانٍ، فيوهمون فيه. والصواب: اجتمع فلانٌ وفلان، لأن اجتمع على وزن افْتَعَل. وافْتَعَل مثل اختصم واقتتل، وما كان أيضاً مثل تَفاعَلَ - مثل تخاصم وتقاتل - يقتضي وقوعَ الفعل من أكثر من واحدٍ، ومتى أسند الفعلُ منه الى أحد الفاعلين لزم أن يُعطَف عليه الأخرُ بالواو لا غير.
ويقولون: جاء القومُ بأجمَعِهم، لتوهم أنه أجمَع الذي يؤكَّدُ به في مثل قولهم: هوَ لكَ أجمَع، والاختيار أن يقال بأجمُعِهم، بضم الميم لأنه مجموعٌ جُمِع فكان على أفْعُل، كما يقال فرْخ وأفْرُخ، وعبْد وأعْبُد، ويدل على ذلك أيضاً إضافته الى الضمير وإدخالُ حرف الجرّ عليه.
وأجمع الموضوع للتوكيد لا يضاف ولا يدخل عليه الجارّ بحالٍ، ونظير أجمُع قولهم في المثل المضروب لمَنْ كان في خصب ثم صار الى أمرعَ منه: وقع الرَّبْع على أرْبُع، يعنون بأرْبُع جمعَ رَبيع.
(ز) ويقولون: أُجِيرَ. والصواب جِيرَ بحذف الألف.
الهمزة والحاء المهملة
(ص) ويقولون للذّكَر من المَعْز، إذا كان أحمرَ الى السواد: أحَوٌّ، والصواب: أحْوَى، والأنثى حَوّاء بالمدّ، يقال: فرس أحوى، وهو الوَرْد الأحَمُّ، والحُمَّة، والحُوّة سَواءٌ.
قلت: يريد أنهم يحركون الحاء بالفتح، والصواب سكونها وفتح الواو مخففة على وزن أحْلى.
(و) ويقولون: أنا أحُسُّ بكذا، بفتح الألف وضم الحاء. والصواب: أُحِسُّ، بضم الألف وكسر الحاء.
قلت: لأن أصله أحسَسْت بالشيء، فأنا أُحِس به، وليس هو من حَسَسْتُ أَحُسُّ.
(ز) ويقولون لجمع الحِدأةِ: أحدِيَة. والصواب: حِداء وثلاث حِدْآت، قال: قرأت في كتاب الأدب في جماعة الحِدَأة: حِدْآنٌ، فردّ عليّ أبو عليّ: حِدّان، بتشديد الدال، فراجعته وقلت: إنّ التشديد لا أصلَ له، فقال: هو من الجمع الشاذّ. ولا أحسِبُ الذي ذكَرَهُ إلا غلَطاً.
ويقولون: فعلته لإحازَةِ الأجْر. والصواب أن يقال: حِيازة، لأن الفعل المشتقّ منه حازَ، ولو كانت الهمزة أصلاً في المصدر لالْتَحقتْ بالفعل المشتق منه كما تلحق بالإرادة من أرادَ.
ويقولون: أحْدَرْتُ السفينةَ. ووجه الكلام أن يقال: حدَرْتُها، فهي محْدورة وقد آنَ حَدْرُها.
الهمزة والخاء

(ص) ويقولون في جمع خَبيث: أخْباث. والوصاب: خُبَثاء، مثل ظريف وظرفاء.
(ص) ويقولون: أخْلَعَ السلطانُ على فلانٍ وأكْساهُ. والصواب: خلَعَ عليه وكَساه.
(ص) ويقولون: أُخِيرَ لك في كذا. والصواب: خِيرَ لك، ويقال أيضاً: وكذلك يقول أحدُهم: أُخِفْتُ، والصواب: خِفْتُ.
ويقولون لمَنْ أتى الذنبَ مُتعَمِّداً: أخطأ، فيُحَرِّفون اللفظَ والمعنى، لأنه لا يقال أخطأ إلا لمَنْ لم يتعمد الفعلَ، أو لمَن اجتهد فلم يُوافِق الصوابَ، وإياه عَنى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بقوله: (إذا اجتهدَ الحاكمُ وأخطأ فلَه أجْر). وإنما أوجبَ له الأجرَ عن اجتهاده في إصابة الحقّ الذي هو نوع من أنواع العبادة، فأما المُتَعَمِّدُ الشيء فيقال له: خَطِئَ فهو خاطِئٌ والمصدر الخِطْء بكسر الخاء وإسكان الطاء، كما قال تعالى: (إنّ قَتْلَهُم كان خِطْئاً كَبيراً)، وقال الحريريّ رحمه الله تعالى:
لا تخطُوَنّ الى خِطْءٍ ولا خَطأٍ ... مِن بعدِ ما الشّيبُ في فَوْدَيْكَ قد وَخَطا
وأيُّ عُذْرٍ لمَنْ شابتْ مَفارِقُهُ ... إذا جرى في مَيادينِ الهَوى وَخَطا
(وح) ويقولون عند الحُرْقَة ولَذْعِ الحَرارة المُمِضّة: أخّ، بالخاء المعجمة من فوق، والعرب تنطق بهذه اللفظة بالحاء المهملة، وعليه قول عبد الشارق:
فَباتُوا بالصّعيدِ لهُم أُحاحٌ ... ولو خفتْ لنا الظَّلْما سَرَيْنا
وحكي أن الحجاج لما نازله شبيبٌ الخارجيّ أبرزَ إليه غُلاماً وألبسه سلاحَه المعروفَ به وأركبه فرسه الذي لم يقاتل إلا عليه، فلما رآه شبيبٌ غمس نفسه في الحرب الى أن خلَصَ إليه، فلما قاربه ضربه بعمود كان في يده وهو يظن أنه الحجاج فلما أحسّ الغلامُ حرارةَ الضربة قال: أخّ، بالخاء المعجمة، فعلم شبيب بهذه اللفظة أنه عبْد، فانثنى عنه وقال: قبحك الله يا بن أمِّ الحجاج، أتتقي الموت بالعبيد؟! (ص ح) ويقولون: كلّمتُ فلاناً فاخْتلَطَ، أي اختلّ رأيُه وثار غضبه، فيحرفون فيه، لأن وجه الكلام فاحتلَطَ، بالحاء المغفلة لاشتقاقه من الاحتلاط وهو الغضب، ومنه المثل: أوّلُ العِيّ الاحتلاط، وأسوأ القول الإفراط.
(ز) ويقولون: نحْوٌ أخْفَشُ وشِعرٌ أخْطَلُ. والصواب نحْوُ الأخفشِ وشِعْرُ الأخطل، لا يجوز حذف الألف واللام.
(ص) ويقولون: فلان اختفى، بمعنى استتر، وليس كذلك، إنما اختفى بمعنى ظهَرَ، فأما المُسْتَتِر فهو المُسْتَخْفِي، يقال: استخفى إذا استتر، واختفى إذا ظهر، ومنه قيل للنّبّاش مُخْتَفٍ.
قلت: خفيت الشيء أخفيه: كتمته، وخفيته: أظهرته، وهو من الأضداد، كذا قال الأصمعي وأبو عبيدة، ويقال: خَفا المطرُ الفأرَ، إذا أخرجهن من أنفاقهنَ، وبَرِحَ الخَفاءُ، أي وضح الأمر، وخَفا البرقُ يخْفو خَفْواً ويخْفي خَفْياً: إذا لمع ضعيفاً في نواحي الغَيْم.
(ز) ويقولون: أُخيفَ. والصواب: خِيْفَ، بإسقاط الألف.
(و) والعامة تقول: اختفيتُ منه. والصواب: استخفيتُ، وإنما الاختفاء الاستخراج، ومنه قيل للنباش مخْتَفٍ.

الهمزة والدال المهملة
(ص) ويقولون: أدانَ اللهُ لَنا على العَدوّ. والصواب: أدالَ باللام.
قلت: يريد أنهم يقولونه بالنون بدل اللام.
(و) ويقولون: أدْلَجَ الرجل، خفيفة، إذا سار أولَ الليل، وادّلجَ بتشديد الدال، إذا سار من آخرِه، والعامة لا تفرق بين ذلك.
(ز) ويقولون: جاءَ على إدْراجِه. والصواب: على أدْراجِه، واحدها دَرَجٌ، وهو المشي، وأنشد سيبويه:
أنَصْبٌ للمنيةِ يعْتَريهمْ ... أناسٌ أم هُمُ درَجُ السّيولِ
قلت: يريد أنهم يكسرون الهمزة من أدراجه، والصواب فتحها، وعلى أدراجه، أي على بَدْئِه.
(خ) ويقولون: أُدْخِل باللصّ السجن. والصواب أن يقولوا: أُدخِلَ اللصُّ السجنَ، لأن الفعل يُعدّى تارة بهمزة النقل كقولك: خرج وأخرجته، وتارة بالباء كقولك: خرج وخرجت به، فأما الجمع بينهما فممتنع. وقد اختلف النحاة هل بين حَرْفَي التعدية فرق أو لا؟ فقال الأكثرون: هما بمعنى حملته على الخروج، وإن قلت: خرجت به، فمعناه أنك استصحبته، والقول الأول أصح، بدلالة قوله تعالى: (ذهبَ اللهُ بنُورِهم).
(ز) ويقولون: أُديرَ به. والصواب: دِيرَ بِهِ، بإسقاط الألف.

(و) والعامة تقول: أدْفَقْتُ الإناء، بزيادة الألف. والصواب: دَفَقْتُه أدْفِقُه بكسر الفاء.

الهمزة والذال المعجمة
(ص) يقولون: اذْرَءُوا الحُدودَ بالشبهات. والصواب: ادْرَءُوا بالدال غير المعجمة، قال الله عز وجل: (ويَدْرأُ عنها العَذابَ...).
قلت: وقوله (فادّارَأتُمْ فيها)، فتدافعتم فيها.
(م ز) يقولون: سمعنا الآذان، وقد أذّنَ الأولى، وأذن العصر.
قال: وذلك كله خطأ، والصواب: الأذان على وزن فضعال، وقد أُذِّن بالأولى وبالعصر، وفيه لغة أخرى، يقال: الأَذين وأنشدنا أحمد بن سعيد، قال: أنشدنا الشَّيْرَزي لجرير يهجو الأخطل:
هلْ تَشهدونَ من المشاعِر مَشْعراً ... أو تَسمَعون لدى الصلاةِ أذينا
(ص) ويقولون: أذَاني زيدٌ وما يأذيك غيرُ نفسِك.
والصواب: آذاني بالمدّ، وما يُؤذيك غيرُ نفْسِك.
(ص) ويقولون: فأذاهُ القمل، بالقصر. والصواب: فآذاه بالمدّ، قال الله تعالى: (لا تكونُوا كالذينَ آذَوْا مُوسى...).
(س) ادّعى الأصمعيّ على المفضل تصحيف أبياتٍ منها قول أوس:
تركتُ الخَبيثَ لم أشارك ولم أذُقْ ... ولكن أعفَّ اللهُ كسبي ومَطْعمي
رواه بالذال المعجمة، وإنما هو بدال مهملة مكسورة، من وَدَقَ يَدِقُ، أي لم أدْنُ منه.
الهمزة والراء
(ص) الأرامل لا يعرفونها إلا النساء اللاتي كان لهن أزواج ففارقوهن بموت أو حياة، وليس كذلك، بل الأرامل، المساكين، وإن كان لهن أزواج، ويقال لجماعة المساكين من الرجال أيضاً أرامل.
قال الشاعر:
هذي الأراملُ قدْ قَضيتَ حَاجَتَها ... فمَنْ لحاجةِ هذا الأرْمَلِ الذّكَرِ
(ص) وكذلك لا يقال: أرْجَعَ، في شيء، إلا في قولهم: أرْجَعَ يده في كُمِّه وما سوى ذلك فإنما يقال فيه: رَجَعَه يرْجِعُه، قال تعالى: (يرْجِعُ بعضُهُمْ الى بعضٍ القوْلَ...).
قل: هذيل وحده تقول: أرجعه غيره، وقوله تعالى: (يرجِعُ بعضُهُم الى بعضٍ)، أي يتلاومون.
(ص) ويقولون: أرشَيتُ السلطان. والصواب: رَشَوْته بغير همز.
ويقولون في جمع أرض: أراضٍ، فيخطئون فيه، لأن الأرض ثلاثية، والثلاثي لا يجمع على أفاعل. والصواب أن يقال في جمعها أرَضُون.
(و) ويقولون: أرْضون بسكون الراء. والصواب فتحها.
(زح) ويقولون: هبّت الأرياحُ، مقايسةً على قولهم رِياح. وهو خطأ بيّنٌ، والصواب أن يقال: هبّت الأرواح، كما قال ذو الرّمة:
إذا هبّت الأرواحُ من نحو جانبٍ ... به أهل مَيّ هاج قلبي هبوبُها
والعلة في ذلك أن أصل رِيح: رِوْح، لاشتقاقها من الرّوح، وإنما أبدلت الواو ياء في ريح ورياح للكسرة التي قبلها، فإذا جُمعت على أرواح فقد سكن ما قبل الواو وزالت العلة. ومثله ثَوْب وحَوْض، يقال في جمعه: ثِياب وحِياض، وإذا جمعوها على أفعال قالوا: أثواب وأحواض.
(ص) ويقولون: أرْخَةٌ، ويجمعونها على أراخ. والصواب: أرْخٌ، والجمع إراخ كقولك: بحْر وبحار، وكلب وكلاب.
قلت: الإراخ بقر الوحش، والواحدة أرْخٌ بفتح الهمزة وسكون الراء، والصقلي فسّرها في كتابه تثقيف اللسان أنها البقرة الوحشية.
(ص) ويقولون: الأُرْجُوَان، ولا يعرفونه إلا الصّوف الأحمر، وليس كذلك، بل هو كل أُرْجُوان أحمر، صوفاً كان أو غيره.
(ص) ويقولون: هذه الدار لها حُدودٌ أرْبعٌ. والصواب: أربعة، لأن الحَدَّ مذكّر.
(ز) ويقولون لضرب من الحَلْي يُتخَذ في المعاصم: أرَاق، قال: والصواب: يارَق ويارَقان ويقال إن أصله بالفارسية يارجان.
ويقولون: أرْحِيَة في جمع رَحَى. والصواب: أرْحاء، لأن الثلاثي عي اختلاف صيغته يجمع على أفْعال، لا على أفعِلَة.
ويقولون: ارتضع بلَبنه في رضيع الإنسان. والصواب: ارتضع بِلبانِه، لأن اللّبَن هو المشروب، واللِّبان هو مصدر لابَنَهُ، أي شاركه في شُرب لبنه قال الأعشى:
رَضيعَيْ لِبانِ ثَدْيِ أمٍ تَحالَفا ... بأَسْحَمَ داجٍ عوْضُ لا نَتفرَّقُ
(و) ويقولون: قد ارْتُجّ على فلان الكلامُ والصحيح أُرْتِجَ.
قلت: يريد أنهم يشددون الجيم، والصواب تخفيفها.
(و) ويقولون: الأرْبِعون، بكسر الباء. والصواب فتحها.
قلت: الباء في الأربِعاء، من اليوم المعروف، بكسرها وضمها وفتحها.

ويقولون للاثنينِ: ارْدُدا، وهو من مفاحش اللحن، ووجه الكلام أن يقال لهما: رُدّا، كما يقال للجميع: رُدّوا، والعلة فيه أن الألف التي هي ضمير المثنى والواو التي هي ضمير الجمع يقتضيان لسكونهما تحريك آخر ما قبلهما، ومتى تحرك آخر الفعل حركة صحيحة وجب الإدغام، وهذه العلة مرتفعة في قولك ذلك للواحد ارْدُدْ، فلهذا امتنع القياس عليه.
(ز) ويقولون: أرْدَفْتُ الرّجُلَ، إذا جعله خَلْفَه راكباً، والصواب: ارتَدَفْتُه، أي جعلته رِدْفي، فإذا ركب الرجل خلف الرجل قلت: ردفته وأردفته، أي صرتُ رِدْفاً له، قال الشاعر:
إذا الجوزاءُ أردفت الثريا ... ظننت بآلِ فاطمةَ الظنونا
ودابة لا ترادف، أي لا تحمل الرديف، وقولهم لا تُردف خطأ.
لا تُرادفُ. مَبْنَى المفاعلة على الاشتراك في الفعل، فهو بهذا ألْيَقُ، والعرب تقول: ترادَفَتِ الأشياءُ، إذا تتابعتْ، وأهل القوافي يسمون الشِّعر الذي تتوالَى الحركةُ في قافيته المترادف. وإنما سُمّي الرِّدْف رِدْفاً لمجاورته الرِّدف، وهو العجُز، ويقال: جمل مُرادِف أي عليه رديف، وقُرئ: (بألْفٍ منَ المَلائِكَةِ مُرْدَِفينَ)، بكسر الدال وفتحها، فمن كسرها أراد: متتالينَ في العدد، ومن فتح أراد: أُردِفوا بغيرهم.
(و) والعامة تقول أرْدَفته. والصواب ردَفْتُه.
(و) والعامة تقول: أرفدته. والصواب رَفَدْتُه، بغير ألف.
(و) والعامة تقول: أرسنتُ دابّتي. والصواب: رسَنتُها، بغير ألف.
(و) والعامة تقول: أرْدَمْتُ البابَ، فهو مُرْدَم. والصواب: ردَمْتُه فهو مرْدوم.
(و) والعامة تقول: أُرمينَية، بضم الهمزة، والصواب كسرها.
(م) ويقولون امرأة أرملة، للتي لا زوج لها، وأصلها من قول العرب: عامٌ أرْمل وسنة رَمْلاء: إذا كانت قليلة المطر.
(س) سمعتُ مَنْ يَحْكي عن عبد الله بن مُسلِم بن قُتَيبة قال: قال أبو عبيد في كتاب الأمثال: فلان يحْرقُ الأُرَّمَ، ولو كانت الأضراس لكانت الأُزَّم، بالزاي، وذهب الى الأَزْم، وهو العضّ، وأغفل الأرَّم، وإنما سُميت الأضراب أُرّماً لأن الأرْم الأكلُ، يقال: أرَمَ البعير يأرِمُ أرْماً فهو آرِم، والجمع الأُرَّم، وأنشد:
حَبَسْنا وكانَ الحَبْسُ منّا سَجيّةً ... عصائب أبْقَتْها السنونَ الأوارِمُ
يعني التي أكلت المالَ.

الهمزة والزاي
(ص) ويقولون: أزْدَشير بن بَابِك. والصواب: أرْدَشير، والصواب براءين وفتح الباء.
قلت: يريد الراء التي بعد الهمزة والراء التي في آخر الاسم وفتح الباء الثانية من بابَك.
(ق ح و) والعامة تجعل أزِفَ بمعنى حضَرَ ووقع، وبعضهم يريد به أنه ذهب وانصرم، وهو بمعنى أنه قرُبَ، قال الله تعالى: (أزِفَتِ الآزِفَة).
ويقولون: أزْمَعْتُ على المَسير. ووجه الكلام: أزمعتُ المَسيرَ، كما قال عنترة:
إنْ كُنتِ أزمعتِ المَسيرَ وإنّما ... زُمّتْ رِكابُكُمُ بلَيْلٍ مُظلمِ
(ق) ومن ذلك قولهم للشيء إذا كرهوا ريحَه: ما أزفَرَه! وإنما الكلام أن يقال: أذفَره، بالذال المعجمة، والذَّفَرُ حِدّةُ رِيحِ الشيء الطيب والشيء الخبيث الريح، قال الشاعر:
ومُأَوْلَقٍ أنضجتُ كَيّةَ رأسِه ... وتركتُه ذَفِراً كريح الجَوْرَبِ
(وز) ومن ذلك قولهم: الأزَليّ قبْلَ خَلْقِه، ولم يزَلْ واحداً في أزَليّتِه، وكان هذا في الأزَل. قال: وذلك كله خطأ لا أصل له في كلام العرب، وإنما يريدون المعنى الذي في قولهم: لم يزَلْ عالِماً، ولا يصح ذلك في اشتقاق ولا تصريف، وقد أولِع بالخطأ في هذا أهل الكلام والمدعون لحدود المنطق، حتى غَرّ ذلك جماعة من الخطباء فأدخلوه في خطبهم، ولا يجوز لأحد أنْ يصِفَ اللهَ بغيرِ ما وصَفَ بهِ نفسَه في مُحْكَمِ وحْيه أو ما ثَبَت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو صحت الكلمةُ في الاشتقاق والتصريف.
(ز) ويقولون: إزرار القميص، يريدون الواحِدَ، ويجمعونه على أزِرّة. قال: والصواب: زِرُّ القميص، والجمع أزرار، ويقال: زَرَّ قميصَه يَزُرّه زَرّاً، إذا شدّهُ على نفْسِه، وزرّرَه، إذا جعل له أزراراً، وقال اليزيديُّ: أزررتُ القميصَ، إذا جعلتَ له أزراراً.

(ز) ويقولون: أزجَلَتِ الدابة بالوَلد، إذا رَمَتْ به، والصواب: زجَلَتْ به، إذا رمته لغير تمامٍ، والزَّجْل الرّمْيُ، يقال: زجَلْتُ الشيء؛ إذا قذفتَ به، قال ذو الرّمة:
أرَبَّتْ عليها كلّ هوْجاءَ رادَةٍ ... زَجولٍ بجَوْلانِ الحَصى حين تُسْحَقُ

الهمزة والسين المهملة
(ز) ويقولون: اسْتَكْتَلَ في الأمر، إذا جدّ فيه، بالكاف، والصواب استَقْتَل، وأصله من القَتْل، وقد غلِطَ فيه بعضُ أهل الآداب.
قلت: قال الجوهريّ في صحاحه: استقتلَ الرجلُ، أي استماتَ، ثم قال: تقتَّلَ الرجلُ بحاجَتِه، تأتّى لها. وهذا أنسبُ من الأول.
(ز) ويقولون: استهْتَر الرجلُ فهو مُستَهتِر. والصواب: استُهْتِرَ فهو مُستَهْتَرُ، وهو الذي يخلِّطُ في أفعاله حتى كأنه بلا عقل.
قلت: الهِتْر بالكسر، السَّقَطُ من الكلام يقال فيه هِتْر هاتر، وهو توكيد، قال أوس بن حجر:
............ ... تراجع هِتْراً من تُماضِرَ هاترا
وأُهْتِر الرجلُ فهو مُهتَر، إذا صار خَرِفاً من كِبَرِه.
(ز) ويقولون: اسْتَضْحَك الرجلُ. والصواب: استُضحِكَ، وفي الحديث: أنّ عكرمة بن أبي جهل بارَزَ يوم أُحُد رجلاً من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، فاستُضحِك النبي، صلى الله عليه وسلم، فقيل له: ما أضحكك يا رسول الله وقد فُجِعْنا بصاحبِنا؟ فقال: أضحكني أنهما في دَرجة واحدة في الجنة. ثم أسلم عكرمة، رضي الله عنه، يوم الفتح.
(ز) ولا يقولون: إسكافٌ إلا للخرّاز خاصة. وكلّ صانعٍ عند العرب إسكاف وأُسْكوف، قال الشاعر:
وشُعبَتا مَيْسٍ بَراها إسْكافْ
أي نجار.
(ز) ومن ذلك الاستحمام يكون عندهم بالماء الحار والبارد، وليس كذلك إنما الاستحمام بالماء الحار خاصة.
قلت: الحَمّة العينُ الحارّةُ يَسْتَشْفي بها الأعِلاّءُ والمرضى، وفي الحديث العالِمُ كالحَمّة، وحَمَمْتُ الماءَ، أي سخّنْتُه.
(ز) ويقولون: اسْفَرجل، والخاصة تقول سَفُرجُل بضم الجيم. والصواب: سَفَرجَل، بفتحها. وفي الحديث: إذا وجدَ أحدُكم طخاءً على قلبِه فليأكل السّفَرْجَل.
(ز) ويقولون: واثلة بن الأسْفع. والصواب الأسْقَع، بالقاف، فأما قوله صلى الله عليه وسلم: إنْ جاءتْ به أُسَيْفِع، فهو بالفاء تصغير أسْفَع، من السواد.
(ز) ويقولون: إذا استبريتَ الأمَة. والصواب: استبرأت، بالهمز.
(ز) ويقولون: أسْدَلْتُ عليه السِّتْرَ. والصواب سَدَلْتُه.
(ص) ويقولون: استرِحْتُ من كذا. والصواب استَرَحْتُ بفتح الراء.
(ص) ويقولون: استَيْمَنْتُ برؤيتك، واستطرت برؤية فلان. والصواب تيمَّنْتُ، وتطيّرْتُ.
(و) والعامة تقول: الإسكاف. والصواب: الأسكف، أنا ابن ناصر أنا أبو محمد بن السراج أنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري أنا أبو عمر بن حَيّوَيْه أنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد صاحب ثعلب، عن ابن الأعرابي قال: العرب تقول: هو الأُسكف، للذي تسميه العامة الإسكاف، قال: والإسكاف عند العرب كل صانع.
(ز) ويقولون: أُسْطُوان للبيت الذي يشرَعُ الى الفناء، والصحيح أنّ الأسطوانَة الساريةُ، وكذلك سارية المسجد، وفي الحديث: أنّ أبا لُبابَة شدّ نفسَهُ الى أسطوانة المسجد، وهي الآسية أيضاً.
(ص) ويقولون: استغفار الميت، وهو خطأ، والصواب: استثفار، بالثاء، وهو شَدُّ مِئْزَرِه.
قلت: يريد الثاء المثلثة.
(م) ويقولون: اسطبل. والصواب: اصطبل، بالصاد، وجمعه أصاطب، وتصغيره أُصَيْطب.
الهمزة والشين المعجمة
ويقولون: فلان أشَرُّ من فلان. والصواب أن يقال: هو شَرٌ من فلان، بغير ألف، كما قال تعالى: (إنّ شَرَّ الدّوابِّ عندَ اللهِ الصُّمُّ البُكْمُ...)، وكذا فلان خير من فلان، بحذف الهمزة، لأن هاتين اللفظتين كثُرَ استعمالهما في الكلام، فحذفت الهمزة تخفيفاً ولم يلفظوا بها إلا في أفعل التعجب خاصةً، كما صححوا فيه المعتل فقالوا: ما أخيرَ زيداً، وما أشرَّ عَمْراً، كما قالوا: ما أقولَ زيداً. وكذلك قالوا في الأمر: أخْيرْ بزيدٍ، وأشرِرْ بعَمْرو.
ويقولون: اشتدّ ساعِدُه. والصواب: اسْتَدّ بالسين المهملة، المراد به السداد في المَرْمَى، وعليه قول امرئ القيس:
أعلّمُه الرمايةَ كُلَّ يومٍ ... فلما استدّ ساعِدُه رَماني

وقد رواه بعضهم بالشين المعجمة، وأراد به القوة.
(ص) الذي رواه أبو يعقوب بن خُرّزاذ وغيره من جِلّة العلماء بالسين غير المعجمة، قال: وسمعت أبا القاسم بن أبي مخلد العُماني يأخذ على رجل أنشده بحضرته بالشين فقال: معنى استدّ: صار سديداً، والرميُ لا يوصف بالشدة، وإنما يوصف بالسداد وهو الإصابة.
(ص) وكذا قول الأعشى:
وقد أُخرِجُ الكاعبَ المُسْتَرا ... ةَ مِن خِدْرها وأُشيعُ القِمارا
يقال: استريت الجارية، اخترتها سُرّيّةً، فهو بالسين مهملة، ومن رواه بالشين معجمة فقد وَهِم.
(ق ص) ويقولون: اشترّت الماشية. والصواب: اجْترّتْ. وهو أن تجتَرّ ما في بطنها، ومن أمثالهم: لا أكلِّمُك ما اختلفت الجِرّةُ والدِّرة، الدِّرةُ: اللبن، واختلافهما لأن الجِرّة تعلو الى الفم، والدِّرة تَسْفُل الى الضَّرْع.
(ص) ويقولون للفرس الأبيض: أشْهب، وليس كذلك، إنما يقال: هو أبيض وقِرْطاسيّ، فأما الشُهْبَة فهي سواد وبياض.
(ص) ويقولون للكُمَيْت، أو الأشقر تخالط شُقْرتَه شعرة بيضاء: أشْعَل. وليس كذلك، إنما يقال له صِنابيّ، نُسِب الى الصِّناب، وهو الخَرْدل والزبيب، فأما الأشعل فهو الذي في عُرْض ذَنَبِه بياض.
(و) تقول العامة: أشليتُ الكلبَ، إذا حرضته على الصيد وأغريته. وهو خطأ، والصواب: أشليته، إذا دعوته إليك.
قلت: وقد جاء أشليت: أي أغريته على الصيد.
(و) تقول العامة: اشْتَوى اللحم، والصواب: انْشَوى.
قلت: هم يقولونه بالتاء المثناة من فوق بعد الشين، والصواب فيه بالنون بعد الهمزة.
(و) وتقول العامة: أشفارُ العين، الشعرُ النابتُ على الأجفان. وهو خطأ، وإنما الأشفار حروف الأجفان التي ينبت عليها الشعر.
(ز) ويقولون: أشحنتُ صَدْرَه، إذا غِظْتَه. والصواب: خشّنْت صدْرَه وخشّنت بصدره وزعم سيبويه أن الباء هاهنا زائدة. ويروون أن أحمد بن المعذَّل كتب الى أخيه عبد الصمد في بعض رسائله: إنّك قد خشّنتَ بصَدْرٍ قلبُه لكَ ناصِح.
(ز) ويقولون: أشْحَنتُ السفينةَ. والصواب: شحَنْتُها.
(و) ويقولون: اشْتَكَتْ عيْنُه، وهو غلط، والصواب: اشْتَكى فلانٌ عيْنَه، لأنه هو المُشتَكي، لا العين.
(ز) ويقولون للأمرالذي يُشَكُّ فيه: ما أشُكُّ...، وذلك خلاف الأمر المراد.
قلت: لأن ما نافية لشَكّه، وهو يشُكُّ، فناقض الواقع.
(و) العامة تقول: أشْغَلته بكذا فهو في شُغْل مُشغِل. والصواب: شَغَلْته بكذا فهو في شُغل شاغِل.
قلت: يحكى عن الصاحب بن عباد، رحمه الله تعالى، أنه وقف له كاتب وقال له: إن رأى مولانا إشْغالي في شيء أرتزق به. فقال: مَنْ يقول إشْغالي لا يصلح لأشْغالي، (و) وتقول العامة للمريض: أشْفاك الله. والصواب: شفاكَ اللهُ؛ لأن معنى أشْفاك: ألقاك على شَفا هَلَكة.
قلت: وكثيراً ما يقولون: الله يُكفيك ويُشفيك بضم الياء، وهو مقلوب المعنى لأن أكفأت القدر، إذا قلبتها، وأشفيت تقدَّم شرْحُه.

الهمزة والصاد المهملة
(ص) ويقولون للفرس الذي يقارب حمرته السواد: أصْدَعُ. والصواب أصْدَأُ، بالهمز، مأخوذ من صدَأ الحديد.
قلت: يقال: كُمَيْت أصدأ، إذا علته كُدْرَة، وجَدْيٌ أصدأ، إذا كان أسود مشرباً حُمْرة، والصُّدْأة، بضم الصاد، اسم ذلك اللوم.
(م ز ص) ويقولون: أصْيَتُ من فلان، أي أشدّ صوتاً.
والصواب: أصْوَتُ، بالواو.
قلت: أما الصّوْتُ، فإنه بالواو، وأما الصّيتُ، وهو السُمعة والذكر، فلعله يكون بالياء، على أنه أصله من الصوت.
(ص) ويقولون: اصطَلَمت أذُناه. والصواب: اصطُلِمَتْ، ورجل مُصطَلَم.
قلت: يريد أنهم يفتحون الطاء واللام. والصواب ضم الطاء وكسر اللام مغيراً لما لم يُسمَّ فاعله.
(ص) ويقولون: اصْطَبَلُّ الدابة. والصواب اصْطَبْلُ، بتخفيف اللام وإسكان الباء.
قلت ألف اصْطَبْل أصلية، لأن الزيادة لا تلحق بنات الأربعة من أوائلها إلاّ الأسماء الجارية على أفعالها، وهي من الخمسة أبعد، قال أبو عمرو: وليس من كلام العرب.
(ص) ويقولون: أُصْطُرُلاّب. والصواب أَصْطُرْلاب، بتخفيف اللام وسكون الراء، ويقال: أسْطُرْلاب بالسين أيضاً وهو الأصل، وإنما قلبت صاداً لمجاورة الطاء.
(ص) ويقولون: اصْفارَ وجهه، واحمارَ. والصواب: اصفارّ وجهه واحمارّ، مشددة الراء.

قلت: يريد أن العوام يقولونه مخفَّف الراء.
(و) تقول العامة: أصرفته عَمّا أراد. والصواب: صرَفته.
ويقولون: اصْفَرّ لونه لمرض، واحمرّ خدّه من الخجل، وعند المحققين أنه يقال: اصفرّ واحمرّ عند اللون الخالص الذي قد تمكن واستقر، وأما إذا كان اللون عرَضاً يزول فيقال فيه: اصفارّ واحمارّ، وجاء في الحديث: فجعل يحمارُّ ويصفارُّ.

الهمزة والضاد المعجمة
(زص) يقولون: مِسْكٌ أظفر. والصواب: أذْفَرُ، بالذال المعجمة، والذّفَر حِدّة رائحة الطيب والخبيث.
(ص) قال أبو هِفّان: صحّف أبو عبيد في الغريب المصنف فقال: وأضرَّ يعدو. وإنما هو: وأصرّ يعدو.
قلت: يريد: الصحيح بالصاد الهملة.
الهمزة والطاء المهملة
(ص) ويقولون: إطريفَل. والصواب: إطريفُل بضم الفاء.
(ز) ويقولون: لشِقاق القُبّةِ المَخيطة بها: أطناب. والأطناب حبال القبة وهي الأواخيّ أيضاً، واحدتها آخيّة، وكانت العرب في أسفارها ومصايدها إذا عدمت الحبال طنّبت بأرسان خيلها.
(و) وتقول العامة: فلان أطْروش، على أن الطَرَش لم يُسمَع من العرب العَرْباء.
قلت: يريد أن العوام تفتح الهمزة والصواب ضمها، قال الجوهري: الطَرَشُ أهونُ من الصّمم، وهو مُولَّد.
(ص) ويقولون: فإذا أطَلَّهم السّاعي. والصواب: أظلّهم، بظاء معجمة، يقال أظلّني الأمرُ، بظاء معجمة، أي غشيني، وأطلّ، بالطاء مهملة، أشرف عليّ.
الهمزة والظاء المعجمة
(ص) ويقولون: اظْلامَ الليلُ. والصواب: أظْلَمَ الليلُ.
الهمزة والعين المهملة
(ص) ويقولون: بلغ الغبارُ أعنانَ السماء. والصواب: أعْناء السماء، جمع عَناً، والأعْناء: النّواحي، أو يقال: عَنان السماء، والعَنان السحاب، الواحدة عَنانة.
قلت: ويجوز تصحيح أعنان السماء، لأن أعنان السحاب صفائحها وما اعترض من طرائقها، كأنه جمع عَنَن.
(ص) ويقولون: أعَبْتُ على فلان فِعْلَه. والصواب: عِبْتُ، على مثال بِعْتُ، قال الشاعر:
أنا الرّجُلُ الذي قد عِبْتُموه ... وما فيه لِعَيّابٍ مَعابُ
وكبت رجلٌ الى صديق له: وقد أعبتُ عليك كذا، فكتب جوابه: أما بعدُ، فقد وصل كتابُك، فعِبْتُ عليك، أعَبْتُ، والسلام.
ويقولون: أعلَفتُ الدابّةَ. والصواب: علَفْتُها، كما قال الشاعر:
إذا كُنتَ في قومٍ عِدىً لست منهمُ ... فكُلْ ما عُلِفْتَ من خَبيثٍ وطيّبِ
(ز) ويقولون: أعرَضْتُ عليه الأمرَ. والصواب: عرَضْتُه.
قلت: يؤيد هذا قوله تعالى: (إنّا عرَضْنا الأمانة على السّموات والأرْضِ...).
(و) العامة تقول: أعِرْني سمْعَك. والصواب: أرْعِني سمْعَك.
(و) تقول: أعرابيّ إذا كان بدوياً، وأعجمي إذا كان لا يفصح، وإن كان نازلاً بالبادية. والعامة لا تراعي هذا الشرط.
(ص) ويقولون: إذا كان في رأس الفرس اعتزام.
وصوابه: اعْترام، بالراء، من العَرامة، وهي الشِّدّة.
(و) العامة تقول: أعنانِي الشيءُ وصوابه عَناني، بغير ألف.
(و) العامة تقول: رجُلٌ أعْزَب. والصواب: عَزَب.
الهمزة والغين المعجمة
(ز) ويقولون: غَمْدٌ، ويجمعونه: أغْمِدَة. والصواب: غِمْد وأغماد، وقد غَمَدت السيفَ أغمِده، وأغمدتُه أُغمده، لغة.
(ص) ويقولون: أغاظني فِعلُك، يُغيظُني. والصواب: غاظَني يَغيظُني، قال الله تعالى: (... هلْ يُذْهِبَنّ كَيْدُهُ ما يَغيظُ).
الهمزة والفاء
(ص) يقولون: أفحلتُ الفرسَ وغيره. والصواب: فَحَلتُ، أنشد الأصمعي:
إنّا إذا قلّتْ طَخاريرُ القَزَعْ
وصدرَ الشاربُ منها عن جُرَعْ
نفْحَلُها البيضَ القَليلاتِ الطَبَعْ
ويقولون في جمع فَمٍ: أفمام، وهو من أفضح الأوهام.
والصواب فيه أن يقال: أفْواه، كما قال تعالى: (... يقولونَ بأفْواهِهم مّا ليسَ في قُلوبِهمْ)، لأن الأصل في فمٍ فَوْهٌ، على وزن سَوْط.
(ز) ويقولون لجماعة الفَرْو: أفْريَة، وذلك خطأ، لأنّ أفْعِلَة ل ايأتي جمعاً لفَعْل ولا لأمثاله من الثلاثي. والصواب: أفْرٍ وفِراء، مثل دَلْوٍ وأدْلٍ ودِلاء، وجَدْيٍ وأجْدٍ وجِداء.
(ز) ويقولون لضرب من ثياب الحربر: إفْرَند. والصواب: فِرِنْد، قال ذو الرمة:
كأنّ الفِرِنْدَ المَحْضَ معصوبةٌ به ... ذُرى قورِهاينْقَدُّ عنها ويُنْصَحُ

(ز) ويقولون: أفْرِنَة لجمع الفُرْن. والصواب: أفْران. فأما أفْعِلَة فليس من جمع فُعْل.
(ص) ومن ذلك الافتقاد، لا يعرفونه إلا الزيارة خاصةً، والافتقاد يقع على الزيارة وعلى الفَقْد، يقال: افتقدتُ المريضَ، إذا عدته، وافتقدتُ الشيءَ، إذا فقدته.
(ص) ويقولون: أفْلتَن، بالفاء. وهو تصحيف، إنما هو بالقاف من القَلَتِ وهو الهلاك، ومنه قولهم: إن المسافر ومتاعه على قَلَتٍ إلا ما وَقى اللهُ، ومنه: امرأةٌ مِقْلات، وهي التي لا يعيش لها ولد.
(ص) ويقولون لمن سقطتْ ثَنيّتُه أو ثَناياه: أفْرَم.
والصواب: أثْرَم، بالثاء.
(و) وتقول العامة: أنا أفْرَقُك. والصواب:أنا أفْرَقُ منْك.
ويقولون: زيدٌ أفضلُ إخوتِه، فيخطئون، لأن أفْعَل التفضيل لا تضاف إلا لما هو داخلٌ فيه ومتنزِّلٌ منزِلَةَ الجزءِ منه، وزيدٌ غيرُ داخلٍ في جملة إخوته، ألا ترى لو قال قائل: مَنْ إخوةُ زيد؟ لعددتهم دونه، كما لا يقال: زيدٌ أفضلُ النساءِ، وتحقيق الكلام أن يقال: زيدٌ أفضلُ الإخوة، وأفضلُ بَني أبيه.
(ق) تقول: أُفَّ وأفُّ وأفِّ، وأفّاً وأفٌّ وأفٍّ وأُفّي، مُضافاً، وأفّةً، وأفَّا، بالألف، ولا تقلْ: أُفيَّ بالياء فإنه خطأ.

الهمزة والقاف
(ز) يقولون: أقْفَزَةٌ لجمع القَفيز. والصواب: أقفِزَه، مثل كثيب وأكثبة، فأما أفْعَلَة فليس من أبنية الجمع.
قلت: يريد أنهم يفتحون الفاء.
(ز) ويقولون: أَقرِئ فلاناً السلامَ. والصواب: اقرأْ عليه السلام، فأما أقْرِئْه السلام فمعناه: اجعلْه أنْ يقرأ السلامَ، كما يقال: أقرأته السورةَ، وقد غلِطَ حبيبٌ في مثل هذا فقال:
أقْري السلامَ معرَّفاً ومُحَصَّباً ... من خالدِ المَعروفِ والهَيْجاءِ
والصواب ما أنشده أبو عليّ:
اقرأ علَى الوَشَلِ السلامَ وقُلْ له ... كُلُّ المشاربِ مُذْ هُجِرتَ ذَميمُ
(ص) ويقولون: اقتدى الطائر، إذا ذرَقَ، بالدال المهملة.
وصوابه: اقتذى، بالذال المعجمة.
(ص) ويقولون لنبت له زهر أصفر: أُقْحَوان، وليس إياه، إنما الأُقْحُوانُ البابونَج، والبابُونَق، لغتانِ، وهو الذي يقول له الناس البابونُق، بضم النون.
ويقولون: أقفية في جمع قَفاً. والصواب: أقْفاء.
(ص) ويقولون: كتاب إقليدس، وكان الشيخ ابن خُرّزاذ يقول: هو أُقْليدُس بضم الهمزة والدال.
(ز) ويقولون: أُقيمَ. والصواب: قِيمَ، بإسقاط الألف.
(ص) وتقول: عاصم بن ثابت بن أبي الأقْلَح، بالقاف، وأفْلَح مولى القُعَيْس، بالفاء.
(و) العامة تقول: أقْلبنا ماءً. والصواب: قلَبْنا.
(ص) ويقولون: أقلبتُ الثوبَ، وغيرَه. والصواب: قلَبْتُه ولا يقال أقلبتُ في شيء إلا في قولهم: أقلبت الخبزة، إذا حانَ أنْ تُقلَبَ.
(ص) ويقولون: أُقيمَ على الرجل في داره وعبده. والصواب: قِيمَ عليه.
الهمزة والكاف
(ز) ويقولون لجمع الإكاف: أكِفّة، بالتشديد، والصواب: آكِفَة، مثل إزار وآزرة، وقد آكفتُ الدابة فهي مُؤكَفَة، وأوكفتها أيضاً وهو الوُِكاف والإكاف.
(ص) ويقولون: يحيى بن أكْتَم، وأكتم بن صَييّ بالتاء. وصوابه بالثاء المثلثة، قال ابن دريد: الأكثم: الغليظ البطن، وبه سمي الرجل.
(ق) ويقولون: لهذا النبات الأصفر المُجْتَثّ الذي يتعلق بأطراف الشوك: الأُكشوث، وإنما هو الكُشوث، والكُشوثاء، قال الشاعر:
هو الكُشوثُ فلا أصلٌ ولا وَرَقٌ ... ولا نسيمٌ ولا ظلٌ ولا شجَرُ
(و) العامة تقول: أكريتُ النهر، وكَرَيتُ الدار، وهو بالعكس، تقول: كرَيتُ النهر، أكريه، وأكريتُ الدارَ.
(و) العامة تقول: أُكْرَة. والصواب: كُرَهٌ.
الهمزة واللام
يقولون: قُبضت ألفاً تامّةً. والصواب أن يذكر فيقال: ألفٌ تام، كما قالت العرب: ألفٌ صَتْمٌ وألف أقْرع، والدليل على تذكير الألف قوله تعالى: (يُمدِدْكُمْ ربُّكُم بخَمْسَةِ آلافٍ من الملائكة...)، وأما قولهم هذه ألف درهم، فلا يشهد ذلك بتأنيث؛ لأن الإشارة وقعتْ الى الدراهم، والتقدير: هذه الدراهم ألْف.
يقولون: ما آليْتُ جَهْداً في حاجتك. ومعنى ما آليْتُ: ما حلَفْتُ، وتصحيح الكلام أن يقال: ما ألَوْتُ، أي ما قصّرتُ.

ويقولون: جاءني القوم إلاّكَ فيوقعون الضمير المتصل بعد إلا كما يقع بعد غير، كما وهِم أبو الطيب في قوله:
ليس إلاّكَ يا عليُّ هُمامٌ ... سيْفُه دونَ عِرضِه مَسْلولُ
والصواب ألاّ يوقَع بعد إلاّ إلا الضمير المنفصل، كما قال تعالى: (أمرَ ألاّ تعبُدوا إلا إيّاه).
(ق ح) ويقولون: قرأتُ الحواميم والطواسين. والصواب: قرأت آل حاميم وآل طس، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: آل حاميم ديباجُ القرآن، وقال أيضاً: إذا وقَعْتُ في آلِ حاميم وقعتُ في روضاتٍ أتأنَّقُ فيهن، وعليه قول الكميت:
وجَدْنا لكُم في آل حاميم آيةً ... تأوّلَها منّا تقيٌ ومُعْرِبُ
يريد بذلك قوله تعالى في حم. عسق: (قُل لاّ أسْألُكُمْ عليه أجْراً...) الآية.
(و) العامة تقول: القتالُ غداً والذي إليه. والصواب: والذي يَليه.
(ز) ويقولون لجمع اللِّجام: ألْجُم. والصواب: لُجُم، قال النابغة:
خيْلٌ صِيامٌ وخيلٌ غيرُ صائمةٍ ... تحتَ العَجاجِ وأخرى تَعلكُ اللُّجُما
ولا يكون أفْعُل جمعاً لِفعالٍ إلا أن يكون مؤنثاً نحو: لِسان وألْسُن، فمَنْ أنتّ اللِّسانَ والعُقاب قال: ألْسُن وأعْقُب.
(ص) ويقولون: قال النبيُّ عليه السلام: (ألِدوا وتَوالَدوا). والصواب: لِدوا.
قلت: ومنه قول الشاعر:
لِدوا للمَوْتِ وابْنوا للخَرابِ ... ............
(ق و) تقول العامة: سألتك ألاّ فعلتَ، بفتح الهمزة. والصواب بكسرها.
(م ز ص) ويقولون للجماعة يجتمعون على الإنسان في خصومة: هم إلْبٌ عليه. والصواب: ألْبٌ، بالفتح.

الهمزة والميم
(ص ز) ويقولون: سر الى فلان: بإمارة كذا، فيكسرون الهمزة والصواب: بأمَارة، بفتح الهمزة، وهي العلَمُ والسّيمَةُ.
ويقولون: امتلأتْ بطْنُه، فيؤنثون البطنَ، وهو مذكّر، بدليل قول الشاعر:
فإنّك إنْ أعطيتَ بطْنَكَ سُؤلَهُ ... وفرْجَكَ نالا مُنتَهى الذّمِّ أجْمَعا
فأما قول الشاعر:
فإنّ كِلاباً هذه عَشْرُ أبطُنٍ ... وأنتَ بَريءٌ منْ قَبائِلها العَشْرِ
فإنه أراد بالبطن القبيلة.
(ص) ويقولون في جمع مِرآة أمْرِيَة. والصواب: مَراءٍ على وزن مَعانٍ، والكثير: مَرايا.
(ص) ويقولون: عزلت من الغنم أمَّهات الأولاد. وذلك غلط، إنما يقال: أمّهات لبنات آدم خاصةً، فأما البهائم فإنه يقال فيها: أُمّات بغير هاء. قال الشاعر:
كانتْ هَجائِنُ مالِكٍ ومُحَرَّقٍ ... أُمّاتهنَّ وطَرْقُهنّ فَحيلا
(ص) ويقولون: امْلاسَ الشيءُ. والصواب: امْلاسَّ بالتشديد، على وزن اشهابّ، وادهامّ. وامَّلَسَ الشيءُ، تقديره: انفعل كقولك: امّاز وامَّحى.
(ص) ويقولون: قد أمَّنّا مَنْ أمَّنْتِ يا أمَّ هانئ، بالقصر، على بعض الروايات. والصواب: قد آمَنّا مَنْ آمَنْتِ، بالمد، ومن ذلك: مَنْ آمنَ رجلاً ثم قتلَه فأنّا بَريءٌ منه، وإنْ كان المقتولُ في النار.
(و) وتقول العامة: امْتَحى. والصواب: امَّحَى.
قلت: يريد أنهم يزيدون بعد الميم تاء، والصواب تشديد الميم.
(و) وتقول العامة: الناس في إمْنٍ. والصواب: فتح الهمزة.
(ق) يقولون: افعلْ كذا إمّالي. والصواب: إمّالا، ومعناه، وأصله: إنْ لا يَكُنْ ذلك الأمرفافعلْ هذا، وما زائدة.
(ز) ويقولون: بلَّغه اللهُ أماليَه. والصواب: آمالَه، وهو جمع الأمل.
(وق) ومن ذلك: أمّا وإمّا، لا يفرقون بينهما، والفرق أن التي يُفَصَّلُ بها الجمل وتجاب بالفاء مفتوحةُ الهمزة، تقول أمّا زيدٌ فعاقل وأمّا عمرو فعالِم. والتي تكون للشك أو التخيير مكسورة الهمزة، تقول: إمّا زيدٌ وإمّا عمرو، وخذ إمّا هذا، وإما ذاك.
الهمزة والنون
(ز) ويقولون: إن لم يكن كذلك فانبُصها، يعنون اللحية. والصواب: فانمُصْها، بالميم، أي انتُفها، يقال: نَمَصت الشعرَ أنْمُصه نمصاً، إذا نتَفْته، ويقال للذي يُنتَفُ به الشعر المِنْماص، وفي الحديث: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لعَنَ النّامِصَةَ والمُتَنَمِّصَة.
(و) العامة تقول: أنْبَذْتُ نَبيذاً. والصواب: نبَذْتُ.
(و) ويقولون: أنْجَعَ الدواء، والصواب: نجَعَ.

ويقولون: انْضاف الشيءُ إليه، وانْفَسَدَ الأمرُ عليه. ووجه القول أُضيفَ إليه، وفسَدَ عليه، والعلة في امتناع انْفَعَل أن مَبْنَى فِعْل المُطاوعة المصوغ على انْفَعَل أن يأتي مطاوع الثلاثية المتعدية كقولك: سكبته فانسكب وجذبته فانجذب، وضاف وفسد إذا عُدِّيا بهمزة النقل صارا رباعيين.
ويقولون: انْساغَ لي الشرابُ فهو مُنْساغٌ، والاختيار: ساغَ فهو سائِغٌ، كما قال الشاعر:
فساغَ ليَ الشّرابُ وكُنْتُ قِدْماً ... أكادُ أغَصُّ بالماءِ الحَميمِ
وفي بعض اللغات: انْساغَ لي، مما لا يُعتَدُّ به.
ويقولون: فلان أنْصَفُ من فلان، يريدون تفضيله في النَّصَفَة عليه، فيُحيلونَ المعنى، لأن نصَفْتُ القوم معناه خدمتهم. والصواب أن يقال: هو أحسنُ منه إنصافاً، لأن الفعل من الإنصاف أنصَفَ، ولا يُبْنى أفْعَلُ من رُباعيّ.
ومن ذلك أنهم إذا ألحقوا لا بأنْ حذفوا النون في كل موطن، وليس ذلك على عمومه، ولكن إذا وقعت أنْ بعد أفعال الرجاء والخوف والإرادة كتبتْ بإدغام النون، نحو: رجوت ألاّ تهجرَ، وخِفتُ ألا تفعلَ، وأردت ألاّ تخرجَ، وذلك لاختصاص أنْ المخففة في الأصل به ووقوعها عاملة فيه فوجب الإدغام، كما تدغم في إن الشرطية إذا دخلت عليها لا وثبوت حكم عملها على ما كانت عليه قبل دخولها، فتكتب: إلاّ تفعلْ كذا يكنْ كذا. وإنْ وقعتْ بعد أفعال العِلْم واليقين أظهرت النون، لأن أصلها في هذا الموطن المشددة وقد خففت كقوله تعالى: (أفَلا يضرَوْنَ ألاّ يَرْجِعُ إليْهِمْ قوْلاً)، وذلك إن وقع بعد لا اسم، نحو: لا خَوْفَ عليك، فتقول: أنْ لا خَوْفَ. ووقوعها بعد أفعال الظّن والمَخْيَلَةِ يُجَوِّزُ إثباتَ النون وإدغامها لاحتمالها هنا أن تكون هي الخفيفة أو المخففة من الثقيلة، ولهذا قُرِئَ: (وحَسِبوا ألاّ تكون فِتْنَةٌ...) بالرفع والنصب: فمَنْ نصب بها أدغم النون في الكتابة، ومن رفع أظهرها.
(ز) ويقولون: آنية للإناء الواحد، ويجمعونه على أواني. وإنما الآنية أفْعِلَة، وهو جمع الإناء، تقول: إناء وآنية، مثل إزار وآزرة وحمار وأحمرة، قال زهير:
لقد زارتْ بُيوتَ بَني عُلَيْمٍ ... من الكلماتِ آنيةٌ مِلاءُ
(ز) ويقولون: أنْصابُ السكين والقدومِ. والصواب: نِصاب، وقد أنصبت السكينَ إنصاباً، إذا جعلتَ له نِصاباً، وأجزأتها، إذا جعلت لها جُزْأةً، وهي عَجُز السكين.
(ز) ويقولون: في تصغير الإنسان: أُنَيْسِيٌ. والصواب: أنَيْسان فيمن اشتقه من الإنس. ومن اشتقه من النِّسيان قال: أنَيْسِيان.
قلت: وعلى هذا جاء قول أبي الطيب:
وكانَ ابْنا عَدوٍ كاثَراه ... له ياءَيْ حُروف أُنَيْسِيانِ
يعني: هذه الزيادة عينُ النقص، لأنّ هاتين الياءين صَغّرَتا الاسم. وهو معنى غريب.
(ز) ويقولون: أنشَدتُ المالَ في الأسواق.
والصواب: أشَدتُه، قال يعقوب: أشدتُ بذكره: رفعتُ ذِكْرَه. وقال أبو عمرو: أشدته عرّفته.
قلت: تقول: أنشدتُ القصيدةَ، ونَشَدتُ الضّالّةَ، والأول: إنشاداً والثاني: نِشْداناً.
(و) العامة تقول: ملح أنْذَراني. والصواب: ذَرَآني بفتح الراء والهمزة.
(ز) ويقولون: أنحلتُ ولدي. والصواب: نَحَلْتُه، بغير همز.
(ص) ويقولون: انتذب فلان كذا. والصواب: انتدب بالدال وهو مطاوع ندَبْتُه.
قلت: يريد أنهم يقولون بالذال المعجمة، والصواب بالدال المهملة.
(ص) ويقولون: عندي طْرٌ وأُنْثاتُه. والصواب: طائر وأُنْثاه.
(ص) ويقولون: مائة وأُنيف. والصواب: ونَيِّف، بغير ألف.
(ص) ويقولون: تكلم من أنياط قلبه. والصواب: نِياط، والنياطُ معَلِّقُ القلب من الوتين.
(ص) ويقولون: أُنْفٌ. وصوابُه: أَنْف بفتح الهمزة.
(و) ويقولون: أَنافِي جمع أنْف. والصواب: آنف في القليل وأُنوف في الكثير.
(ص) ويقولون: أنْعَشَه اللهُ. والصواب: نَعَشَه اللهُ، أي رفَعَه، قال الشاعر:
كم فقيرٍ نعَشْتَهُ بعدَ عُدْمٍ ... ويتيم جَبَرْتَه بعدَ يُتْمِ
قلت: وبذلك سُمّي النّعْش نَعْشاً لرفع الموتى عليه.
(ص) ويقولون: انْقَلَع سِنُّه. والصواب: انْقَلَعتْ، فأما الأنياب والأضراب فمذكرة، وأنشد أبو زيد في أُحْجِيَة:
وسِرْبٍ ملاحٍ قد رأينا وُجوهَه ... إناث أدانيه ذكورٌ أواخرُه

(ص) ويقولون: إنّكَ إنْ تَذَرَ وَرَثَتَك أغنياءَ خيرٌ من أنْ تذرهم عالة.... والصواب: إنّك أنْ تَذَرَ...، بفتح الهمزة وفتح الراء.
(ص) ويقولون: وحَلْق العانة وانتفاض الماء، بالضاد والفاء، والصواب: انتقاص الماء، بالقاف والصاد، ومعنى ذلك: غسل الذكر بالماء ليرتد ما فيه، كالكَسْع في الضرع.
(ص) ويقولون: في قول الشريف الرضي:
لوْ أنّ قومَكِ نَصّلوا أرماحَهم ... بعيون سِرْبِكِ ما أبلّ طَعينُ
أنْصَلوا، فينقلب المعنى، لأن معنى أنْصَلتُ الرمحَ: نَزَعْت نصْلَه، ومنه قيل لرجب مُنْصِل الأسِنّة، لأنهم كانوا ينزعون فيه الأسنة فلا يَغْزون، ومعنى نَصّلته: ركّبت فيه السِّنان.
(و) تقول العامة: انْفَلَتُّ من كذا. والصواب: أُفْلِتُّ.
قلت: يريد ضم الهمزة وسكون الفاء وكسر اللام.
(و) وتقول العامة: أُنْبوبَة، بفتح الهمزة. والصواب: ضمها، وجمعها أنابيب، والعامة تقول: أنبايب.
(و) وتقول العامة: الإنبار، بكسر الهمزة. والصواب فتحها.
(ز) ويقولون للجُرْح إذا نَغِلَ: قد اندَملَ. والاندمالُ البُرْدُ.
قال أبو زيد: يقال للرجل إذا بَرَأ من مرضه: قد اطْرَغَشّ واندمل. وقال يعقوب: قد اندمل، إذا تماثل بعد ثقل، ويقال: داملت الصديق، إذا استصلحته.
(ص) ويقولون: أنْحَسضه اللهُ. والصواب: تَحَسَه، بغير ألف.
(و) العامة تقول: أنْطاكيَة، بتخفيف الياء. والصواب تشديدها.
قلت: كذا ذكره أبو الفرج بن الجوزي، رحمه الله تعالى، في مصنّفِه، وقد قال ابن الساعاتي في أماليه: ما كان من بلاد الروم وفي آخره ياء مكسوعةٌ بهاء، فهي مخففة، كمَلَطْيَة وسَلَمْيَة وأنْطاكيَة وقيْسارية وقُونِيَة. وقد استهوى الحريريَّ غرامُ المشاكلة والمقابلة أن قال: أنَخْتُ بملطيّة مطيّةَ البينِ، وخففها المتنبي، كما هو حقه، حيث قال:
............ ... مَلَطْيَة أمٌ للبنين ثَكولُ
انتهى.
قلت: الذي أعرفه أنّ قيسارية هي التي بساحل الشام عند عسقلان ومنها الشاعر المشهور مهذَّب الدين محمد بن نصر القيسراني، وأما البلد التي في الروم فإنها قيصرية، نسبة الى قيصر ملك الروم.
(ق) ومن ذلك الانتفاخ بالخاء، يضعه الناس موضع الانتفاج بالجيم، ولكل واحد منهما موضع يوضع فيه: فأماما هو بالخاء فعِظَمُ الجنين الحادث عن عِلّة أو أكل أو شرب، وأما ما هو بالجيم فإنه عظَمُ الجنين من غير علة، يقال: انتفجت الأرنب، إذا اقشعرتْ.
لا يقال للأنبوبة: قَلَمٌ إلاّ إذا بُرِيَتْ، وقال: أنشدني بعض شيوخنا رحمه الله تعالى:
لا أحِبُّ الدواةَ تُحْشى يَراعاً ... تلك عندي من الدُّوِيِّ مَعيبهْ
قلمٌ واحدٌ وجَوْدَةُ خَطٍّ ... وإذا شِئْتَ فاستزدْ أُنْبوبَهْ
(و) العامة تقول: انْساغَ ليَ الشرابُ، فهو نَساغٌ. والصواب ساغَ لي، فهو سائِغٌ.
قلت: والصواب بغير ألف ولا نون.

الهمزة والهاء
(ص) ويقولون: أهْزَلْتُ دابّتي. والصواب: هزَلْتُها، بغير ألف.
(ص) ويقولون: أهْوِيَةٌ مختلِفة، أي إراداتهم وشهواتهم. والصواب: أهْواؤهم، لأنها جمع هَوًى، مقصور، قال الله تعالى: (... واتّبَعوا أهْواءَهُمْ)، فأما الأهْوِيَة فجمع الهَواء الذي بينَ السماء والأرض، ممدود.
(و) والعامة تقول: أهْدَيْتُ العروسَ الى زوجها. والصواب: هَدَيْتُ.
الهمزة والواو
يقولون: في جمع أوقيّة: أواقٌ، على وزن أفعال، فيغلطون فيه؛ لأن ذلك جمع أوْقٍ وهو الثِّقَل. فأما أوقيّة فتجمع على أواقيّ بتشديد الياء، كما تجمع أمنيّة على أمانيّ، وقد خفَّف بعضهم فقال: أواقٍ كما قال في صحاري: صحارٍ.
ويقولون في التأوُّهِ: أوَّه، والأفصح أن يقال: أوْهِ بكسر الهاء وضمها وفتحها، والأغلب الكسر، وعليه قول الشاعر:
فأوْهِ لذكراها إذا ما ذكرتها ... ومن بعد أرضٍ بينَنا وسماءِ
وقد قلَبَ بعضُهم الواوَ ألفاً فقال: آهِ، وشدّد بعضهم الواو وسكّن الهاء فقال: أوَّهْ، وفيهم مَنْ حذف الهاء وكسر الواو فقال: أوِّ والمصدر الأهَّةُ.
(ص) ويقولون: أوْجَزْتُه الرمح. والصواب: أوجَرته، بالراء، ومعناه جعلت له في جسمه وِجاراً كوِجار السباع، ويقال: هو من الوَجور، يريد طعنته في فمه، قال شاعر من الخوارج:

أقتلُهم ولا أرى عَلِيّا
ولوْ بَدا أوْجَرْتُه الخَطّيّا
(و) والعامة تقول: هذه النعمة الأوَّلة. والصواب الأُولَى.
(ز) ويقولون: ما رأيتُه مُذْ أوّل أمْس، يعنون اليوم الذي قبل أمس. والصواب: ما رأيته مُذْ أوّل مِن أمس، قال ابن السكيت: تقول ما رأيته مُذْ أمس، فإن لم تره يوماً قلت: ما رأيته من أوّل من أوّل من أمس. قال أحمد بن يحيى: فإن لم تره يومين قلت: ما رأيته مذ أوّل من أول من أمس، قال: والعرب لا تزيد على هذا.
قال الزبيدي: فأما قول العامة: مُذْ أوّل أمس فهو بمنزلة مذ أمس؛ لأن أول أمس: صدرُ النهار، فكأنه قال: مِن صدرِ نهارِه، فإذا قلت: أوّل مِن أمس كان معناه النهار الذي فيه قبل أمس.
(ص) ويقولون: أوهبتك كذا، وأحرمتك كذا، والصواب: وهَبْتُ وحَرَمْتُ.
(ص) ومن ذلك: الأوْباش عندهم أنهم السَّفِلة، وليس كذلك. إنما الأوباش والأوشاب: الأخلاط من الناس من قبائل شتى، وإن كانوا رءوساً وأفاضل، وفي الحديث: وقد وَبّشتْ قريشٌ أوباشاً، أي جمعتْ جُموعاً.
(ص) ويقولون: هذا أوانُ قَطَعَتْ أبْهَري. بضم النون، والصواب فتحها.
(و) العامة تقول: أوقفتُ دابتي، والصواب: وَقَفْتُ. وحكى الكسائي ما أوقفك ها هنا، أي: أي شيء صيّرك الى الوقوف.

الهمزة والياء
آخر الحروف
ويقولون: أشرف فلان على الإياس من طَلَبِه، فيوهمون فيه كما وَهِمَ أبو سعيد السكري، وكان من جلة النحاة وأعلام العلماء، فقال: إن إياساً سُمّيَ بالمصدر، من أيِسَ، وليس كذلك. والصواب: أشرف على اليأس، لأن أصل الفعل يَئِسَ.
(ق) ويقولون: أيش فعلت. والصواب: أيُّ شيءٍ فعلتَ.
(ز) ويقولون: الأيِّل، بفتح أوله. والصواب: إيَّل، وفيه لغة أخرى يقال: هو الأُيَّل، قال يعقوب: بعض العرب يقول: هو الإجَّل، يُبدل الياء جيماً وجمعه أيائل مهموز.
(ز) وربما قالوا عند الاستعجال هَيّا، وربما قالوا: أيّا.
والصواب: هِيّا بالكسر، قال الراجز:
فقد دَنا اللّيلُ فهِيّا هِيّا
وأكثر ما تستعمله العربُ في استحثاث الإبل.
(ز) ويقولون: آيْ التي بمعنى التفسير والعبارة، فيمدون: آي. والصواب قصرها. وحكى بعض أصحابنا عن أبي عليّ أنه أجاز المد، وحدّثنا أبو عليّ عن ابن الأنباري عن أحمد بن يحيى قال: إذا فسَّرت فِعْلَك بأي رددته على نفسك، وإذا فسرته بإذا رددته على المخاطَب، تقول: لبثتُ بالمكان، أي أقمتُ به، فإذا قلت: إذا قلت: أقمتَ به.
(زص) ويقولون: آيّ زيدُ أقبلْ. والصواب التخفيف والقصر، على وزن كي، وقد جاء في التي للنداء خاصة المدّ، إلا أنّ القصر أشهر وأفصح.
ويقولون في التحذير: إياك الأسدَ، إياك الحسدَ، ووجه الكلام إدخال الواو على الأسد والحسد، كما قال عليه الصلاة والسلام (إيّاكَ ومُصاحَبَةَ الكذّابِ، فإنّه يقَرِّبُ عليك البعيدَ ويبعدُ عليك القريبَ). والعلة في إدخال الواو أن إياك منصوبة بإضمار فعل تقديره اتقِ أو باعِدْ، واستُغني عن إظهار هذا الفعل لما تضمنَ هذا الكلامُ من معنى التحذير، وهذا الفعل إنما يتعدى الى مفعول واحد، فإذا تسوفى عمله ونطق بعده باسم آخر لزم إدخال حرف العطف عليه.
(ص) يقولون: ايْقَنْ واعْلَمْ. والصواب: اعْلَمْ وأيقِنْ، على وزن أكرِمْ.
(ص) ويقولون: الأيِّمُ، لم يريدوا إلا التي ماتَ عنها زوجُها أوْ طلّقَها. وليس كذلك، إنما الأيِّم التي لا زوج لها سواء أكانتْ بِكراً أم ثَيِّباً، قال الله عز وجل: (وأنكحُوا الأيامَى منْكُمْ...)، لم يردْ بذلك الثَّيِّبات دونَ الأبكار.
(و) العامة تقول: فلان أعسر أيْسر. والصواب: أعسر يَسَر.
(و) تقول: إيهٍ حَديثاً، إذا استزدتَه. وإيْهاً كُفَّ عنّا، ووَيْهاً إذا زجرتَه عن شيء، ووَاهاً إذا تعجبتَ منه. والعامة تخلط في هذا كُلِّه.
حرف الباء الموحدة
(ك) حدثنا عون بن محمد الكندي قال: ثنا محمد بن عمر الجُرجانيّ قال: صحّف ابنُ الأعرابي في شعر الكُمَيت وأنا حاضر فأنشد:
فبانُوا من بَني أسَدٍ عليهم ... نجارٌ مِنْ خُزَيْمَةَ ذي القَبولِ
فقلت له: إنما هم فباتوا، فلَوَى شِدْقَه، فقلت: إنّ بعد هذا البيت ذكر المبيت:
وقالوا والأيامِنُ مُنْتَماهُم ... فيا بُعْدَ المَبيتِ من المَقيلِ

فقال: لا يلتفت الى هذا. ثم بلغني أنه كان ينشده كما قلته له.
(ز) يقولون: باعٌ لأوسع الخُطا. والباع ما بينَ طَرَفَيْ يدَي الإنسان إذا مدَّهما يميناً وشمالاً، ويقال له بُوعٌ، وقد بُعتُ الحبلَ إذا قستَه بباعِك.
قلت: وقد ضبطوا طولَه، إذا أُطلقَ، كم مقداره؟ فقالوا: هو أربع أذرع.
(ص ز) ويقولون: باعوض، فيلحقون الألف. والصواب: بَعوض.
قلت: شاهده قوله تعالى: (إنّ اللهَ لا يَسْتَحْيي أن يَضرِبَ مَثلاً مّا بَعوضةً فما فوْقَها).
(ق ص ح) يقولون إذا أصبحوا: سَهِرنا البارحةَ، وسَرَينا البارحةَ، والاختيار، على ما حكاه ثعلب، أن يقال: مذْ لَدُن الصبح الى أن تزول الشمس: سَرَينا الليلة، وفيما بعد الزوال الى آخر النهار: سهِرنا البارحة. ويتفرّع على هذا أنهم يقولون مذ انتصاف الليل الى وقت الزوال: صُبِّحتَ بخيرٍ، وكيف أصبحتَ، ويقولون إذا زالت الشمس الى أن ينتصف الليل: مُسّيتَ بخيرٍ، وكيف أمسيتَ، وجاء في الأخبار المأثورة أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انْفَتَل من صلاةِ الصُبْحِ قال لأصحابه: (هلْ فيكُم مَنْ رأى رُؤْيا في لَيْلَتِه؟).
(س) أنا محمد، أنا أبو ذكوان: حدّثني أبو دُفاقة بن سعيد الباهلي قال: قرأنا على الأصمعي شعر الراعي فبلغت قوله:
وكأنّ رَيِّضَها إذا باشَرْتَها ... كانت معاودةَ الرحيل ذَلولا
فقلت له: ما معنى: باشرتها؟ قال: ركبتها، من المُباشرة. فسألنا أبا عبيدة عن ذلك فقال: صحّف واللهِ، إنما هو: ياسرتها، إذا لم تُعارِّها وتَعْتَسِرْها، قال: ومنه قول عنترة:
إذا يوسِرَتْ كانتْ وَقوراً أديبَةً ... وتحسِبُها إنْ عُوسِرَتْ لمْ تأدَّبِ
قلت: الصواب: ياسَرْتَها بالياء آخر الحروف والسين المهملة.
ويقولون: باقِلاني. والعربُ لم تُلحِقْ الألفَ والنونَ في النّسب إلا في أسماء محصورة، كقولهم للعظيم الرقبة رَقَبانيّ، وللكثيف اللّحية لِحْيانيّ، وللوافر الجُمّة جُمّانيّ، وللمنسوب الى الرّوح روْحانيّ، والى مَنْ يَرُبُّ العِلْمَ رَبّانيّ، والى من يَبيع الصّيْدَل والصّيْدَن صَيْدلانيّ وصَيْدَنانيّ.
والصواب أن يقال: باقِلّيّ فيمن قَصَر، لأن المقصور إذا تجاوز الرباعي حُذِفَتْ ألفه كقولهم في حُبارَى حُباريّ وفي قَبَعْثَرَى قَبَعْثَريّ، ومن مدّ الباقِلاء قال باقِلائيّ، كما ينسب الى حِرْباء حِرْباويّ وحِرْبائيّ. فأما النّسبُ الى بَهْراء بَهْراني والى صَنْعاء صنعانيّ فهو من شواذّ النسَب.
ويقولون باتَ فلنٌ، أي نامَ. وليس كذلك، بل معنى باتَ: أظَلّه المَبيتُ وأجنّه الليلُ، وذلك سواء أنام أم لم ينَمْ، ويؤيدُه قولُه تعالى: (والذين يَبيتون لَبِّهمْ سُجَّداً وقِياماً)، وقولُ الشاعر:
باتوا نِياماً وابْنُ هِنْدٍ لمْ ينَمْ
باتَ يقاسيها غلامٌ كالزلَمْ
(و) والعامة تقول: البارِيّة. وهو البورِيّ والباريّ.
(و) وهو الباءَة، اسم للنكاح، والعامة تقصره.
(ص) ويقولون في قول الشاعر:
أوَميضُ برْقٍ أمْ تألُّقُ بارِقِ ... أم رِيعَ قلْبُك للخَيالِ الطّارِقِ
يقولون بارِقِ بالباء الموحدة، وهو يارق، بالياء باثنتين من تحت، واليارق الحُليّ، يقال فيه: يارِق ويارَق، بفتح الراء وكسرها.
(و) العامة تقول: ما رأيته بَتّةً. والصواب: ما رأيته البَتّةَ.
(ص) ويقولون للذي يخرج في الأجسام: بَثَرٌ. والصواب: بَثْرٌ، بالسكون، الواحدة بَثْرَة، كتَمْرةٍ وتَمْرٍ.
(و) العامة تقول: بِثْقُ السّيْلِ، بكسر الباء، والصواب فتحها.
(ص) ويضمون الباء من بثنة حيثما وقعت من شعر جميل كقوله:
يا بَثنَ إنّكِ قد ملَكْتِ فأسْجِحي ... وخُذي بحَظِّكِ منْ كَريمٍ واصِل
والصواب فتحها، وإنما تضم إذا جاءت مصغرة، تقول بُثَيْنَة فإن كبرتها رددتها، كما تقول: عَمْرة وعُمَيْرَة.
(س ث) قال أبو عثمان: أنشد الأصمعي يوماً قول عنترة:
وآخر منهمُ أجررتُ رُمْحي ... وفي البَجَليّ مِعْبَلَةٌ وَقيعُ

فقال له كيسان: ثبِّتْ روايتَك يا أبا سعيد! فقال: كيف هو عندك يا أبا سليمان؟ فقال: وفي البَجْلي بإسكان الجيم، فقال الأصمعي: النسبة الى بَجيلَة بَجَليّ. فقال: من ها هنا جاء الغلط لأن هذا منسوب الى بِطْنٍ من سُلَيم يقال لهم بنو بَجْلة. فقَبِلَه منه.
(س) ويقولون: البُحْتَري لهذا الشاعر. والصواب البُحْتُري بضم التاء. فأما أبو البَخْتَري من رواة الأحاديث فبالخاء معجمة وفتح الباء والتاء.
ويقولون لِما ينْبُتُ من الزرع بالمطر بخس فيخطئون بما تلفظ به العجم ولا تعرفه العرب، ووجه الكلام أن يقال: عِذْيٌ كما تقول: أرض عَذاةٌ وعَذيّةٌ، إذا كانت لَيّنَ تكتفي بماء المطر.
(ص ز) ويقولون: بحْرٌ لِما كان مِلْحاً خاصة، والبَحْرُ يكون للعَذْب والمِلْح، قال الله تعالى: (وهو الذي مرَجَ البَحْرَيْنِ هذا عذْبٌ فُراتٌ)، فسمّى العذْب بَحْراً، وإنما يسمى البحر لاتساعه ومنه اشتقاق البَحِيرَة وهي المشقوقة الأُذن، وفرسٌ بَحْرٌ، إذا كان واسع الخَطْوِ.
ويقولون: اعملْ بحَسْبِ ذلك، بإسكان السين. والصواب فتحها، لتطابق معنى الكلام، لأن الحَسَبَ هو الشيء المحسوبُ المماثلُ والمقدَّرُ، وأما الحَسْب بالسكون فهو الكِفاية، ومنه قوله تعالى: (عَطاءً حِساباً)، والمعنى في الأول: اعملْ على قدر ذلك.
(و) العامة تقول البُخُور. بضم الباء. والصواب: بَخور، بفتح الباء.
(ص) ويقولون: بِختيار بكسر الباء. والصواب فتحها.
(و) والعامة تقول: بَخَسْتُ مُقْلَتَه. بالسين والصواب: بخصت، بالصاد.
(ص) ويقولون: ابن بَخْتِيشوع. والصواب: يَخْتَيْشُوع، بفتح التاء.
(ق) ويقولون: فلان بَدَنٌ من الأبْدان. وليس للبَدَنِ ها هنا موضع، وإنما هو: بَدَلٌ من الأبْدال، وهُم المُبَرِّزون في الصلاح، وسُمّوا أبْدالاً لأنهم إذا مات منهم واحد أبدل اللهُ مكانه آخر، والواحد بِدْلٌ وبَدَلٌ وبَديلٌ.
قلت: الأول بكسر الباء وسكون الدال، والثاني بفتح الباء والدال والثالث بزيادة ياء - آخر الحروف - بعد الدال.
(ز) ويقولون: لبستُ بَدْلَةً من ثيابي.
والصواب: بِذْلَة بالذال المعجمة وكسر الباء.
(ص) ويقولون: يوم بَدَريّ وليلة بَدَريّة، بفتح الدال.
والصواب: بَدْريّ بإسكان الدال، لأنه منسوب الى البَدْر.
(س) قال أبو عُمر الجَرْميّ في مجلس الأصمعي: ما بقي شيء من العربية والغريب إلاّ أحكمتُه، فقال له الأصمعي: كيف تنشد هذا البيت:
قد كُنّ يَخْبأْنَ الوجوهَ تَسَتُّراً ... فالآنَ حينَ بدَأْنَ للنُّظارِ
أو حينَ بَدَيْنَ؟ فقال: حينَ بَدَيْنَ، فقال: أخطأتَ فقال: حين بَدَأنَ، فقال: أخطأتَ، إنما هو حين بَدَوْنَ، من بَدا يَبْدو إذا ظهر.
(س) في كتاب العين: البَرَدُ: هو الماء البارد، حيث يقول:
يَسْقونَ مَنْ وَرَدَ البريصَ عليهمُ ... بَرَداً يُصَفِّقُ بالرحيقِ السّلْسَلِ
ثم فسّره فقال: يريد به الماء البارد. إنما هو بَرَدى، مُمالٌ، اسم نهر بدمشق معروف.
(ص ز) ويقولون لنبتٍ ينبت قبل الصيف: بِرْواق. والصواب: بَرْوَقٌ، على مثال فَعْوَل، واحدته بَرْوَقَةٌ، عن الأصمعي، قال الشاعر:
تطيحُ أكفُّ القومِ فيها كأنّها ... يُطيح بها في الرّوع عيدانُ بَرْوَقِ
(ز) ويقولون: لحْمٌ بُرّيْق، فيشددون. والصواب: بُرَيْق تصغير بَرْق، والبَرْق: الخروف إذا أكل واجْتَرّ، وجمعه بُرْقان، فارسيّ مُعرَّب، وكان أصله بَرَه، فقيل: برق، والقاف تخلف الهاء في الأسماء الفارسية إذا عُرِّبتْ.
(م ز) ويقولون: جئتُ مِن بَرّا. والصواب: جئتُ من بَرٍّ، وذهبتُ بَرّاً، والبَرُّ خلاف الكِنِّ، هو أيضاً ضد البحر، والبَرِيّة منسوبة الى البَرِّ.
(ص) ويقولون: قائم على بَراثِمه. والصواب: على براثِنِه، بالنون، والبراثنُ من السباع بمنزلة الأصابع من الإنسان.
(ص) ويقولون: بَرَغْواطة. والصواب: بَلَغْواطة بلام مفتوحة وسكون الغين، والنسب إليها: بَلَغْواطيّ. أخبرني بذلك الشيخ أبو بكر عن أبي عبد الله القزاز.
(ص) ويقولون لقبيلة من الروم البُرْغل. والصواب: البُلْغَر.
قلت: يريد بباء مضمومة ولام ساكنة بعدها غين معجمة مفتوحة.
(ص) ويقولون: بِرْبِريّ. والصواب: بَربَريّ، وهو يتكلم بالبَرْبَريّة، بفتح الباءين.

ويقولون للمأمور ببِرِّ والديه: بِرَّ والدك، بكسر الباء. والصواب فتحها، لأنها تفتح في قولك يَبَرُّ، وعقد هذا الباب: أن حركة أوَّل فعل الأمر من جنس حركة ثاني المضارع، فتقول بَرّ أباك، لانفتاحها في قولك يَبَرُّ، وتضم الميم في قولك مُدَّ لانضمامها في قولك يَمُدّ، وتكسر الخاء في خِفَّ في العمل، لانكسارها في قولك يَخِفُّ.
(وق) ويقولون لمن ينسبونه الى السَّرِقة: بُرجاص اللص. وإنما هو بُرجان بالنون، وهو فُضَيل بن بُرجان، ويقال: فَضْل، أحد بني عُطارد من بني سعد، كان مولى لبني امرئ القيس وكان له صاحبان يقال لهما سهم وبسّام، فقتلهم مالك بن المنذر بن الجارود، وصَلَبَ ابنَ بُرجان بعدما قتله في مقبرة العتيك، وكان الذي تولى ذلك شعيب بن الحبحاب، وأخذ اللصوص المُشَهَّرينَ بالبصرة فقتلهم، فقال خلَفُ بن خَليفة:
إنْ كُنتِ لم تسألي سهماً وصاحبه ... عن مالك فسَلي فَضْلَ بن بُرْجانِ
يُخْبِرْكِ عنه الذي أوفى على شَرَفٍ ... حتى أنافَ على دُورٍ وبنيانِ
(وق) ويقولون: دِيارٌ براقع للخالية. وإنما البراقع جمع بُرقع، وهو ما تجعله المرأة على وجهها. والصواب: بلاقع، وفي الحديث: اليمينُ الفاجرةُ تدَعُ الدّيارَ بَلاقِعَ.
(و) والعامة تقول: بَرَرت والدي وبَرَرت في يمين. والصواب بَرِرت، بكسر الراء.
(ز) ويقولون: بُرَكَة. والصواب: بُرْكَة، على مثال فُعْلَة، حكى ذلك أبو نصر عن الأصمعي، والجمع بُرَك مثل ظُلْمة وظُلَم وجُمّة وجُمَم، وهو الباب المطرد في فُعْلَة أن تُجْعَل على فُعَل، وربما أتى على فِعال مثل جُمّة وجِمام وبُرْمة وبِرام، ولا يطرد ذلك اطراد فُعَل، (ز) ويقولون: البِراز للغائط. والصواب: بَرازٌ، البَراز ما برز من الأرض واتسع فكُنِيَ به عن الحدَث، كما كني به عنِ الغائط.
قلت: يريد أنه يكسرون الباء والصواب فتحها.
(ز) ويقولون لضَرْبٍ من العصافير: بِراطيل. والبراطيل حجارة مستطيلة، قال ذو الرمة:
وآذانِ خيلٍ في براطيلَ خُشِّشَتْ ... بُراهُنَّ منها في مُتونِ عِظامِ
وواحدها بِرْطيل (و) والعامة تقول: بَرْهوت. والصواب فتح الراء.
قلت: بَرَهوت على وزن رَهَبوت: بئر عند حضرموت، يقال إن فيها أرواح الكافرين، وفي الحديث: خير بئر في الأرض زمزم، وشر بئر في الأرض بَرَهوت، ويقال: بُرْهوت، بضم الباء، مثل سُبْروت.
(و) وهو البِرْطيل للرّشوة، والعامة تفتح الباء.
(و) وهو البِرجِيس. والعامة تفتح الباء، والصواب كسرها، ويقال إنه اسم للمُشْتَري.
(ق) ويقولون: بَرَشْتَق...، وهي الفاختة، واشتقالها من الفخت وهو ضوء القمر، والصواب براشتق بثبوت الألف بعد الراء.
(ص) ويقولون: بيع البَرنامِج. والصواب: البَرنامَج، بفتح الميم، وهي ألواح مجموعة يكتب فيها الحساب، كأنه بيع عدة أثواب علي ما هي مكتوبة في البَرنامَج.
(ص) ويقولون: بُرنُوس. والصواب: بُرْنُس.
(ص) ويسمون عتاق الخيل العربية: براذين. والبراذين عند العرب الزوامل.
(ز) ويقولون: بَزيم للحديدة التي تكون في طرَف حزام السرج، يسرج بها، وقد تكون في طرف المنطقة ولها لسان يدخل في الطرف الآخر من الحزام والمنطقة. والصواب: إبزيم على مثال إفعيل، وفيه لغة أخرى يقال: إبزام والجمع أبازيم، ويقال أيضاً: إبزين ويجمع على أبازين، ويقال للإبزيم أيضاً: زِرْفن وزُرْفُن، وفي الحديث: أنّ درعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذات زَرافن، إذا عُلِّقت بزرافنها شمّرت وإذا أُرسِلَت مستِ الأرض.
(ص) ويقولون لضرب من حلواء السُكَّر بِزْماوَرْد. والصواب: الزُماوَرْد، وكل ما عُمِلَ من السّكّر حَلْوى فهو زُماوَرْد.
(ص) ويقولون: بُزْرُجُمْهُر. والصواب: بُزْرُجُمِهْر. وهو الكثير الحُبّ بالفارسية.
قلت: يريد أنهم يسكنون الميم، والصواب ضم الباء وسكون الزاي وضم الراء والجيم وكسر الميم وسكون الهاء.
(و) العامة تقول: بِرزٌ وبُزور، بالزاي، وهو بالذال المعجمة.
(ص) ويقولون: ابن بَزيغ. والصواب: بزيع بعين غير معجمة.

ومن ذلك أنهم يكتبون بسم الله أينما وقع بحذف الألف، والألف إنما حُذفت منه، إذا كتب في أول فواتح السور لكثرة استعماله في كل ما يبدأ به، وتقدير الكلام: أبدأ باسم الله، فإذا بَرَز وجب إثباتها، كقوله تعالى: (اقْرأْ بِاسْمِ ربِّك الذي خلَق).
(ز) ويقولون: بَسْطام فيفتحون أوله. والصواب: بِسْطام بكسر الباء، كذلك كل ما كان على هذا المثال من غير المضاعف لا يجيء إلا مكسورَ الأول أو مضمومَه، خلا حرفاً واحداً رواه الكوفيون فقالوا: ناقة بها خَزْعال أي ظلع.
ويقولون: أعطاه البِشارة. والصواب فيه ضم الباء، لأن البِشارة بكسر الباء: ما بشّر به، وبضمها: حق ما تعطي عليه، وأما البَشارة بفتح الباء فإنها الجَمال، ومنه قولهم: فلان بَشير الوجه، أي حسنُه.
(ص) ويقولون للجِلْدَةِ التي يخرج فيها الولَد: بَشيمة، ويجمعونها على بَشايم. والصواب: مَشيمة، بالميم، وجمعها مَشايم.
(و) العامة تقول: بَشَشْتُ به بفتح الشين. والصواب: بَشِشْتُ به بكسر الشين.
(ك) حدّثني إبراهيم بن المعلّى الباهلي قال: كنا عند الطوسي وما سمعته صحف قط إلا في قوله هذا: ما يوم حليمة بِشَرٍّ.
قلت: هو بالسين المهملة وحليمة التي ينسب إليها هذا اليوم هي حليمة بنت الحارث بن أبي شَمِر، كان أبوها وجّه جيشاً إلى المنذر بن ماء السماء، فأخرجت لهم طِيباً في مِرْكَن فطيبتهم به، قال المبرّد: هذا أشهر أيام العرب، يقال ارتفع في هذا اليوم من العجاج ما غطّى عين الشمس حتى ظهرتِ الكواكبُ.
(و) بعض العامة يقول: البَصِرة بكسر الصاد. والصحيح سكونها.
(ص) ويقولون: أبو بُصْرة. والصواب: أبو بَصْرة، بفتح الباء.
(ص) ويقولون: بِضْعَة لحم. والصواب: بَضْعَة.
قلت: يريد أنهم يكسرون الباء والصواب فتحها.
(و) العامة تقول: بَطّيخ بفتح الباء. والصواب: بِطّيخ بكسرها.
(س ك) حدثنا السُّكّري والباهلي قالا: صحف أبو الحسن الطوسي في بيت حاتم فأنشد:
إذا كان بعض الخير مسحاً بخرقة ... ............
وإنما هو: إذا كان نفض الخبز.........
قلت: قاله بالباء الموحدة والعين المهملة في الحرف الأول، وبالياء آخر الحروف وبالراء. والصواب في الحرف الأول بالنون والفاء وفي الحرف الثاني بالباء الموحدة والزاي.
(ص) ويقولون في تصغير بَغْل: بُغَيِّل. والصواب: بُغَيْل.
قلت: هم يشدّدون الياء والصواب سكونها.
ويقولون: بعثتُ إليه بغلام وأرسلتُ إليه بهدية، فيخطئون. لأن العرب تقول فيما يتصرَّف: بعثته وأرسلته، كما قال تعالى: (ثمّ أرسَلْنا رُسُلَنا تَتْرى)، ويقولون فيما يُحمَل: بعثتُ به وأرسلتُ به، كما قال تعالى: (وإنّي مُرسِلَةٌ إليهِم بهَديّة).
وقد عيبَ على أبي الطيب قوله:
فآجرَك الإلهُ على عليلٍ ... بعثتَ الى المسيحِ به طبيبا
ومن تأوَّل له: قال أراد به أن العليل لاستحواذ العلة على جسمه قد التحق بحيز ما لا يتصرف بنفسه.
(س) روى الأصمعي بيت أوس بن حجر:
أجَوْن تَدارَكْ ناقَتي بِقرًى لَها ... وأكبرُ ظني أنّ جَوْناً سيَفْعَلُ
فقال ابن الأعرابي: صحّف الدعيُّ! إنما هو: تدارَكْ ناقَتي بقُرابِها، أي ما دمت أطمع فيها، وفي المثل: الفِرارُ بقُرابٍ أكْيَسُ.
قلت: الصواب: بقُرابِها بضم القاف وبعد الألف موحدة وبعدها هاء.
(س ث) خالف الخليلُ بن أحمد الناسَ في أشياء منها: بُغاث، بغين منقوطة، وهذا يوم مشهور من أيام الأوس والخزرج، وهو يوم بُعاث، بعين غير منقوطة.
قلت: قد وَهِمَ ابن دريد في نسبة هذا القول الى الخليل وإنما هو عن الليث وهو الذي ألف كتاب العين.
(وق) ومن ذلك أن العامة تذهب الى أنّ البَقْلَ ما يأكله الناسُ خاصةً دون البهائم من النبات الناجم الذي لا يحتاج في أكله الى طبخ. وليس كذلك. إنما البَقْل العُشْبُ وما يُنبِتُه الربيعُ مما يأكله الناس والبهائم، قال الشاعر:
فلا مُزْنَةٌ ودقَتْ ودْقَها ... ولا أرضَ أبْقَلَ إبقالَها
(ز) ويقولون للعودِ الذي يُصبَغ به الثياب: بَقَمٌ. والصواب بَقَّمٌ، بالتشديد، قال الأعشى:
بكأسٍ وإبريقٍ كأنّ شَرابَه ... إذا صُبَّ في المِصْحَاةِ خالَطَ بَقَّما
(و) ويقولون: بقَّل وجهُ الغلام، بالتشديد. والصواب تخفيفه.

(م ز ح) يقولون بَكَرَ بمعنى غدا إليه بُكْرةً. والعرب تقول في كل ما يخفّ فيه فاعله ويعجل إليه: قد بَكَر إليه، مخففاً، ولو أنه فعل ذلك آخر النهار أو في أثناء الليل، يدل عليه قول ضَمْرة بن ضَمْرة النّهْشليّ:
بَكَرَتْ تلومُكَ بعد وهْنٍ في الدُجى ... بَسْلٌ عليكِ مَلامتي وعِتابي
(م ز) ويقولون: للذي يُستَقى عليه: بَكَرَةٌ، وبعضهم قد يُقحِم الألف فيقول: بَكارَةٌ. والصواب: بَكْرَة، بالتخفيف، قال زهير:
غَرْبٌ على بَكْرَةٍ أو لُؤلُؤٌ قلِقٌ ... في السِّلْكِ خان به رَبآهتِه النّظْمُ
ويجمع على بكَرات، قال الراجز:
شَرُّ الدِلاءِ الوَلْغَةُ المَلازِمهْ
والبَكَراتُ شرُّهُنّ الصّائِمهْ
(ز) ويقولون للجارية العذراء بَكْر. والصواب: بِكْر، والجمع أبكار.
قلت: يريد أنهم يفتحون الباء، والصواب كسرها. فأما البَكْر فهو الفَتيّ من الإبل، والأنثى بَكْرَةٌ.
ومن ذلك أنهم لا يفرقون بين قولهم بِكَمْ ثوبُكَ مصبوغاً؟، وبِكَمْ ثوبُك مصبوغٌ؟ وبينهما فرق يختلف المعنى فيه، وهو أنك إذا نصبتَ مصبوغاً كان انتصابه على الحال، والسؤال واقع عن ثمن الثوب وهو مصبوغ. وإن رفعتَ مصبوغاً رفعتَه على أنه خبرُ المبتدأ الذي هو ثوبك، وكان السؤال واقعاً عن أجْرَةِ الصِّبغ، لا عن ثمن الثوب.
(ص) ويقولون للقميص الذي لا كُمَّيْنِ له: بَكيرة، بحرف بين الكاف والقاف. والصواب: بَقيرة بقاف محضة.
(س ث ك) حدثني علي بن الصباح الشيرازي قال: صحف ابن الأعرابي فأنشد بيت جرير، وحدّثنيه يحيى بن عليّ قال: حدثني مَنْ سمِعَ ابن الأعرابي صحّف بيت جرير فأنشد:
وبُكْرَةِ شابِكِ الأنيابِ عاتٍ ... منَ الحيّاتِ مَسْمومِ اللعابِ
فقال: وبُكْرة، فرد عليه فقال: إنما أراد أنه يُصبَّحُ بالحيّة بُكْرَة، فقيل له: الاحتجاج في هذا لا معنى له، فرجع.
ووجدته بخط ابن مهرة، حدثني محمد بن جرير بن مسفع قال: فقال عبد الله بن يعقوب: إنما هو: ونُكْزَة، فتبقى واجِماً.
قلت: تقول العرب: نَكَزَتْه الحيّةُ، بالنون والكاف والزاي، إذا لدغته بأنفها، فإذا عضته بنابها قيل: نَشَطَتْه ونَهَشَتْه، قال رؤبة:
لا تُوعِدَنّي حيَّةٌ بالنكْزِ
(س ك) ألْقى يوماً عليٌ الأحمر على الأمين ولَدِ الرشيد فقال: تقول العرب: حمراءة وبيضاءة. فقال الكسائي: ما سمعتُ هذا، قال الأحمر: بلى واللهِ سعتُ أعرابياً ينشد، يقال له مزيد:
كأنّ في رَيِّقِه لمّا ابتسَمْ
بلقاءةً في الخيل عن طفل مُتِمْ
يعني السحاب.
فقال الكسائي: إنما هو: بلقاء تَنْفي الخيلَ، أي تطرد.
(ث ك س) قال ابن الأعرابي: قد بَلّغ الشيبُ في لحيته، إذا ابتدأ، فرُدَّ عليه وقيل له: يونس يقول فيه: بلّع، فقال: ولا كرامة، هو بَلّغ، وبقي على هذا مدة ثم قال: يقال للشيب حين يبدو: بلّغ وبلّع.
قلت: قاله ابن الأعرابي بالغين معجمة. والصواب بالعين مهملة.
(ص) ويقولون لما حول الفم: بَلاعم. والصواب مَلاغِم، بالميم والغيم المعجمة، فأما البلاعم فجمع بُلْعوم وهو الحَلْق.
(وص) ويقولون: بَلعتُ بَلْعاً. والصواب: بَلَعاً، بفتح اللام.
(ص) ويقولون: فيك بَلْهٌ. والصواب بَلَهٌ، بفتح اللام.
(زص) ويقولون: بَلْقيس. والأكثر والأصوب: بِلْقيس، بكسر الباء.
(ص) وربما قالوا للأبقع من الكلام وغيرها: بُلَيَّق.
والصواب: بُلَيْقٌ، بتخفيف اللام على تصغير الترخيم. ومن أمثال العرب: يَجْري بُلَيْقٌ ويُذَمّ.
(ز) ويقولون للبيت المُحَسَّن البناء: بَلاط. والبلاط: الحجارة المفروشة بالأرض. وروى يعقوب عن الأصمعي أن البلاط الأرض الملساء، قال مزاحم:
عَوابِسُ ينْحَتنَ البلاطَ بشدّةٍ ... يُدارِكْنَ بالإيماضِ عن حَدَقٍ نُجْلِ
(و) والعامة تقول: البَلّور، فتفتح الباء وتضم اللام. والصواب كسر الباء وفتح اللام.
(ص) ويقولون للّقْلَق: بُلاّرِج. والصواب: بَلّورَج، عن ثعلب.
قلت: يريد الصواب بفتح الباء، وتشديد اللام مضمومة، وبعدها واو ساكنة وراء وجيم.
(ص) ويقولون: البَلْح. والصواب: البَلَح، بفتح اللام.
(س ث) حكى ابن دريد، عن أبي حاتم قال: أنشدتُ الأصمعي:
جأباً تَرى بِلِيتِه مُسَحّجاً

فقال: صحّفتَ، إنما هو: تَليلَه مُسَحَّجا، مَنْ أنشدَكه؟ قلت: أعلمُ الناس. فتغافل عني.
قال: ابن دريد: إنما عَنى أبو حاتم أبا زيد.
(وح) ويقولون: بَنى بأهله. ووجه الكلام أن تقول: بَنى على أهله، والأصل فيه أن الرجل إذا أراد أن يدخل على عِرْسِه بَنى عليها قُبّة، فقيل لكل مَنْ أعرس: بانٍ، وعليه فسّر أكثرُهم قولَ الشاعر:
ألا يا مَنْ لذِي البَرْقِ اليماني ... يلوحُ كأنّه مِصْباحُ بانِ
(م ص ز) ويقولون: بَنيقَة القميص، للقطعة من الشقة بجنب القميص. والبَنيقَةُ: لَبِنَةُ القميص التي فيها الأزرار، وأنشدنا: أبو عليّ قال: أنشدنا ابن الأنباري:
يضُمُّ إليّ الليلُ وأطفالَ حُبِّها ... كما ضمّ أزرارَ القميصِ البَنائِقُ
(ص ز) ويقولون: طعام ذو بَنّةٍ، إذا كان ذا طِيبٍ ومَساغ.
والبَنّةُ الرائحة الطيبة، يقال: شراب ذو بَنّةٍ، إذا كان طيب الريح.
(ص) ويقولون: بَنَفْسِج. والصواب: بنَفْسَج، بفتح السين.
(ص) ويقولون: بِنْدٌ وخِصْر، والصواب: بَنْد، على وزن طَبْل، وخَصْر، على وزن جَنْب وبَطْن.
(ص) ويقولون: بُنْك الشيء، وهو عند العامة معظمه. وليس كذلك. إنما بُنْكُ كل شيء: خالِصُه.
(س ك) ذكَرَ بسندِه الى عبد الله بن شيخ الأسدي قال: كنا عند أبي عمرو الشيباني فأنشد للكميت بن زيد الأسدي يمدح مُخلد بن يزيد المُهَلّبي:
وبنيَّ منك الى مَواهِبَ جَزْلَةٍ ... رِفْداً من المعروفِ غير تعرُّفِ
فقلت له: ما معنى وبَنيّ منك؟ فقال: وهَبَ له أمهاتِ أولاده.
فقلت له: يا هذا ما أنت أعلم بالكميت منا، إنه لم يكن له أمُّ ولدٍ قط، ولم يولَدْ له إلا من ابنة عمه حُبَّى بنت عبد الواحد، فقال: فكيف المعنى؟ قلت: ونُبِئُ منْكَ الى مواهب جزلة، فقال: حسْبُك؛ وقَفْتَني على الطريق.
(ك) صحَّف ابن الأعرابي في أول قصيدة عُبيد الله بن قيس الرقيات التي رثى بها مُصْعَباً:
أتاكَ بياسرٍ نَبأُ جَليلُ ... فلَيْلُكَ إذ أتاكَ بهِ طويلُ
فقال هو: أتاك بنا سَرنباء جليل، فسئل عن السرنباء، فقال: دابّة من دوابّ البحر! (س) حدثنا محمد بن يحيى، ثنا أبو ذكوان، عن التّوزي عن الأصمعي قال: كنتُ عند شُعبة فأتاه حماد بن سلمة قال شعبة: هذا الفتى الذي وصفته لك، يعنيني، قال حماد كيف تروي:
أولئك قومٌ إنْ بَنوا أحسَنوا...
فقلت: ... أحسنوا البِنا، وإنْ عاهدوا أوْفَوا، وإن عقَدوا شَدّوا، فقال حماد لشعبة: ليس كما روى. فقلت: فكيف يا عم؟ قال: البُنا، سمعت أعرابياً يقول: بَنى يَبْني بِناءً، من الأبنية، وبَنى يَبْنو، من الشَرَف. فكنت بعد ذلك أتوقّى حماداً.
قلت: يريدُ البُنا، بضم الباء.
(و) تقول العامة: البَهار بفتح الباء. والصواب ضمها. وهو الحِمْل.
قلت: البُهار بالضم شيء يوزَن به، وهو ثلاثمائة رطل. وقال عمرو ابن العاص: إن ابن الصعبة - يعني طلحة بن عبيد الله - ترك مائة بُهار، في كل بُهار ثلاثة قناطير ذهب، فجعله وِعاءً.
ويتوهمون أن البَهيم نعت يختص به الأسود، لاستماعهم: ليل بهيم، وليس كذلك، بل البَهيم: اللون الخالص الذي لا يخالطه لون آخر، ولذلك لم يقولوا لليل المقمر ليل بهيم لاختلاطه بضوء القمر، فعلى هذا تقول: أبيض بهيم، وأشقر بهيم. وجاء في الآثار: يُحْشَرُ الناسُ يومَ القيامةِ حُفاةً عُراةً بُهْماً، أي على صفة واحدة: وذلك صحة الأجساد والسلامة من الآفات، ليتم لهم خلود الأبد، والبقاء السرمد.
(ص) ويقولون بِهرام. والصواب فتح الباء. وهو بَهرام بن أرْدَشير، فارسي.
(ص) ويقولون للإصبع: بَهْمُ. والصواب: إبْهام.
(ق) ومن ذلك: البَهْنانة، تذهب العامة الى أنه ذمٌ، يعنون بها المرأة البَلْهاء، وليس كذلك. بل هي صفة مدح، إذا كانت ضحّاكة مُتهللة، وقيل هي الطيبة الريح الحسنة الخلق، السمحة لزوجها. قال الشاعر:
ألا قالتْ بهانُ ولم تأبّقْ ... نعِمْتَ ولا يَليقُ بكَ النّعيمُ
أراد بهنانة، وتأبّق: تتأثم.
(وق) ويقولون للشيء تذيب فيه الصّاغةُ من الصُّنّاع: البُوتقَة. قال الخليل: هي البوطَة.
(ق) ويقولون: البوتَنْك وهو الفوتنج، وهذان معربان، والفوتنج بالعربية يسمى الحَبَق.

(ق و) والعامة تقول: البُورَق، لهذا الذي يُلقى في العجين. وهو خطأ، لأنه ليس في الكلام فوعَل بضم الفاء، وكل ما جاء على وزن فَوْعَل فهو مفتوح الفاء، نحو جَوْرَب، ورَوْشَن.
(ص) بيت أبي صخْر الهُذَليّ وهو:
للَيْلَى بذاتِ الجَيْشِ دارٌ عرَفْتها ... وأخرى بذاتِ البِينِ آياتُها سَطْرُ
الرواية بفتح الجيم من الجَيْش، وكسر الباء من البِين.
يقولون: المال بين زيد وبين عمرو، بتكرير لفظة بين.
والصواب أن يقال: بين زيد وعمرو، كما قال تعالى: (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ ودَمٍ)، والعلة فيه أن لفظة بين تقتضي الاشتراك، فلا تدخل إلا على مثنّى أو مجموع كقولك: المال بينهما والدار بين الإخوة. فأما قوله تعالى: (مُذَبْذَبينَ بينَ ذلك) فإنّ لفظة ذلِك تؤدي عن شيئين، ألا ترى أنك تقول ظننتُ ذلِك، فتقيم لفظ ذلك مقام مفعولَيْ ظننتُ.
ويقولون للمتوسط الصفة: بيْنَ البَيْنَيْن. والصواب أن يقال: بيْنَ بَيْن، كما قال عبيد بن الأبْرَص:
نَحْمي حَقيقتَنا وبعضُ القومِ يسقُطُ بينَ بيْنا
أي بين العالي والمنخفض.
(وح) ويقولون: بيْنا زيدٌ قام إذ جاءَ عمروٌ، فيتلقّون بينا بإذ. والمسموع عن العرب: بينا زيد قام جاء عمرو، بلا إذ؛ لأن المعنى فيه: بين أثناء الزمان جاء عمرو، وعليه قول أبي ذؤيب:
بينا تُعانِقُه الكُماةُ وروغه ... يوماً أتيحَ له جريءٌ سَلْفَعُ
فقال: أتيح، ولم يقل: إذ أتيحَ.
ويقولون في جمع بيضاء وصفراء وسوداء: بيضاوات وصفراوات وسوداوات. وهو لحن فاحش، لأن العرب لم تجمع فَعْلاء التي هي مؤنثة أفْعَل بالألف والتاء، بل جمعته على فُعْل، نحو: بيض وصُفْر وسُود، كما جاء في القرآن: (ومِنَ الجِبالِ جُدَدٌ بيضٌ وحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ ألوانُها وغَرابيبُ سودٌ).
(ص) قول امرئ القيس:
وتحْسِبُ سَلْمى لاتزالُ تَرى طَلا ... مِنَ الوحشِ أو بَيْضاً بمَيْثاء مِحْلالِ
يكسرون الباء من بَيْض، والميم من مَيْثاء. والصواب فتحهما.
(ص) ويقولون للبقعة البيضاء، تكون في البر أو البحر: بَيّاضة. والصواب: بَيَاضة، بالتخفيف، لأنه يقال: في عين الإنسان بَياضَة وبَيَاضٌ، وفي عينه كَوْكَبة وكوكب.
(ق) ويقولون: الأيام البيض، فيجعلون البيض صفة الأيام، والأيام كلها بيض، وهو غلط. والصواب أن يقال: أيام البيض، أي أيام الليالي البيض، لأن البيض وصف لها دون الأيام، وهي الثالثة عشرة، والرابعة عشرة والخامسة عشرة. وسميت بيضاً لطلوع القمر فيها من أولها الى آخرها.
(و) العامة تقول: بينهما بَيْنٌ. والصواب: بَوْنٌ بالواو.
(ق) يقولون: بِيْرم النجار، وهو حديدة، بكسر أوله. والصواب فتحه.
(ص) ويقولون: بِيْطار. والصواب: بَيْطار، وبَيْطَر، ومُبَيْطِر. وأصله من البَطْر وهو الشق.
قلت: يقولونه بكسر أوله. والصواب فتحه.

حرف التاء المثناة من فوق
(ق) ومن ذلك: التّابل والأبْزار، يفرِّق عوام الناس بينهما. والعرب لا تفرق بين التابل والأبزار والقِزْح والقَزْح والفِحا والفَحا، كلّه بمعنى: تَوْبَلتُ القِدْرَ، وقزحتها وفحيتها، إذا ألقيت فيها الأبزار.
ويقولون: في النسبة الى تاج الملك: التاج ملكيّ. وقياسه في كلام العرب: التاجيّ؛ لأنهم ينسبون الى تيم اللات: تيميّ، والى سعد العشيرة: سعديّ، إلا أن يعتَرِضَ لَبْسٌ في المنسوب فيُنْسَب الى الثاني، كما قالوا في عبد مَناف مَنافيّ، وفي النسب الى أبي بكر: بكْريّ.
(ز) ويقولون: التَّبْن، بفتح أوله. وهو التِّبْن، بالكسر، وهو أيضاً الحَثَى مثل الحَفا. قال الراجز:
كأنه حقيبةٌ مَلأى حَثى
والتِّبْن إناء يروي نحو العشرين رجلاً، وقد روى بعضهم تَبْن، بالفتح.
قلت: قال الكسائي: التِّبْن أعظم الأقداح يكاد يروي العشرين، ثم الصَّحْن مقارب له، ثم العُسّ يروي الثلاثة والأربعة، ثم القَدَح يروي الرجلين، ثم القَعْب يروي الواحد، ثم الغُمَر.
يقولون: تبرَّيْتُ من فلان، بمعنى بَرِئْتُ منه، فأما ما هو بمعنى البراءة فيقال: تبرّأْتُ، كما قال تعالى: (تبرّأْنا إلَيْك).
(و) ويقولون: ما هذا التباطِي؟. والصواب: التباطؤ.
قلت: يريد أنهم يقولون بالياء، وهو بالهمز وضم الطاء.

ويقولون: تتابعتْ عليه النوائِبُ. ووجه الكلام أن يقال تتايعتْ، بالياء المعجمة باثنتينِ من تحت، لأن التتابع يكون في الخير والشر، والتتايع يختص بالمنكر والشر، كما جاء في الخبر: (ما يحملكم على أن تتايعوا في الكذب كما يتتايع الفراش في النار).
(ص) ويقولون: المسلمون تتكافا دماؤهم. والصواب: تتكافأ، أي تتساوى.
قلت: الصواب: تتكافأ بهمز آخره.
(و) يقولون: تثاوبت. والصواب: تثاءبت، وهي الثُؤَباء، ممدودة.
قلت: يقولونه بالواو، وهي بالهمزة.
ويقولون لمن أصابته الجنابة: قد تجنَّب. ومعنى تجنَّب أنه أصابته ريح الجنوب، فأما الجنابة فيقال فيه: أجْنَبَ.
(ص ح و) تقول العامة: تَجيرِ، لعصارة التمر، بالتاء. وإنما هو ثَجير بالثاء.
قلت: الثجير، بالثاء المثلثة ثُفْل كل شيء يُعْصَر، وفي الحديث: لا تَثْجُرُوا، أي لا تخلطوا ثجير التمر مع غيره في النبيذ.
(ق) التحليق تذهب العامة الى أنه رمي شيء من علو الى أسفل، وهو غلط، إنما التحليق الارتفاع في الهواء، وحلق الطائر في كبد السماء إذا ارتفع في طيرانه.
(ز) ويقولون: قد تخلَّقتْ ثيابه، إذا بَلِيَتْ. والصواب: خَلِقَتْ ثيابه، تخْلَقُ، فهي خَلَقٌ، وأخلقتْ فهي مُخلِقة.
(ص) ويقولون: تخرّس على السلطان، إذا قال عليه ما لم يقل. والصواب: تخرَّصَ، بالصاد. وقد نطق القرآن به ماضع فقال: (قُتِلَ الخرّاصُونَ).
(و) وتقول العامة: تخاريس. والصواب: دخاريص، وهي فارسية معربة.
قلت: هي بالدال والصاد.
(وزص) ويقولون: تَرْكُوة. والصواب: تَرْقُوة.
قلت: يريد أنهم يقولونه: تركوة، بالكاف، وهي بالقاف. والترقوة العظم الذي بين ثُغْرة النّحْر والعاتِق، وهي فَعْلُوة، ولا تقل: تُرقُوة بالضم من أوله.
(و) تقول العامة: ما هذا التّرادُو؟. والصواب: ما هذا التّرادِي؟ وليس في العربية واو ساكنة في آخر الاسم ولا المصدر. وإنما العرب تقول: ترادأ فلان ترادؤاً، بالهمز، فإذا خففوا قالوا: الترادي.
(ز) ويقولون: جاء بلا تربُّق. والصواب: بلا ترفُّق، يقال: رَفَق الرجل يرفُق رِفْقاً وتَرفُّقاً.
(ص) ويقولون في قول كُثيّر:
ولما وقفنا والقلوبُ على الغَضَى ... وللدمعِ سَحٌ والفرائِصُ تُرْعَدُ
يقولون: ترعد بفتح التاء، والصواب: تُرعَد بضمها.
(ق و) وتقول العامة تَدَرْمَن على الشيء. والصواب: تمرّنَ.
قلت: يقولونه بدال وراء، والصواب بالميم والراء المشددة والنون.
(زص) ويقولون: تَدَعْدَعَ البناءُ. والصواب: تذَعْذَع، بالذال، وأصل التّذعْذُع: التفرُّق، قال الحسن البصري رضي الله عنه: لا أعلمنّ ما ضنّ أحدكم بماله، حتى إذا كان عند موته ذعذعه ها هنا وها هنا.
(ص) ويقولون: تدشَّيتُ. والصواب: تجشّأْتُ، بالجيم والهمزة، قال حسان بن ثابت:
ألا طِعانَ، ألا فرسانَ عاديةٍ ... إلا تَجشُّؤَكم عندَ التنانيرِ
ويقولون في مصدر ذَكَر: تِذْكار، بكسر التاء. والصواب فتحها كما تفتح في تَسْآل وتَسيار وتَهيام، وعليه قول كُثيّر عزة:
وإنّي وتَهيامي بعزةَ بعد ما ... تخلّيتُ مما بيننا وتخلَّتِ
وجميع المصادر كذلك، إلا قولك تِلقاء وتِبيان، فأما أسماء الأجناس والصفات فقد جاء منها عدة على تِفعال بكسر التاء، كقولهم: تِجْفاف، وتِمساح، وتِقْصار، وهي المخنقة القصيرة، وتمراد وهي بيت صغير يتخذ للحمام.
(ص) سأل أبو زيد الأخفشَ فقال: كيف تقول يوم التروية؟ أتهمز؟ قال: نعم، قال ولمَ؟ قال: لأني أقول: روّأتُ في الأمر.
قال: أخطأتَ، إنما هو تروَّيت من الماء، غير مهموز.
(س) أخبرني الهِزّاني عن الجَهْمِيّ قال: في الأنصار تَزيدُ ابن جُشم بن الخزرج بن حارثة، وليس في العرب تزيد إلا هذا وتزيد بن حَيْدان في مَهْرة، وهم الذين تنسب لهم الرِّحال التزيدية، قال علقمة بن عَبَدَة:
............ ... فكُلُّها بالتّزِيديّاتِ مَعْكومُ
ثم قال الجهمي: وبيت أبي ذؤيب:
......... كأنّما ... كُسِيَتْ بُرودَ بَني يَزيدَ الأذْرُعُ
بياء تحتها نقطتان.
(ص) ويقولون: تَسْبيجَة. والصواب: دسْتيجة.
(س ك) حدثنا عون بن محمد، ثنا محمد بن عمران الضبي قال: أنشدنا أبو عمرو الشيباني:

وقربنَ للأحداجِ كُلَّ ابن تسعةٍ ... يضيقُ بأعلاه الحَويَّةُ والرَّحْلُ
فقال رجل: ما ابن تسعة؟ فقال: حتى أفكر، فقال الرّجُلُ: إنما هو ابن نِسْعَة - أراد أنه ابن سريعة كالنسعة، وهو على هذه الصفة. فسكتَ.
قلت: قاله أبو عمرو بالتاء، والصواب أنه بالنون.
(و ص ق) ويقولون: الشاة تشْتَرّ. والصواب: تجْتَرّ.
قلت: يقولونه بالشين، والصواب بالجيم.
(ق) ويقولون لما يلقى من الشجر: خشب التشتيخ. والجيد أن يقال: خشب التشديخ، يقال: شَدَختُ الغصنَ، ونحوه، إذا كسرته، ويقال له أيضاً: الشُّذابة. وحُكِي عن أبي عمرو أنه يقال: شنّخَ نخلَه، إذا نزع عنه سُلاّه.
(ص) ويقولون: تشحّطَ الصبيُّ، إذا بكى، وتشحّطتِ المرأةُ إذا صاحتْ. وليس كذلك. إنما التشحُّط: التضرّج بالدم.
قلت: هو بالحاء المشددة والطاء المهملتين، تشحّط المقتول بدمه، أي اضطرب فيه وتلطخ به، وما أحسن قول أبي نواس:
يا ناظراً ما أقلعتْ نظراته ... حتى تشحّط بينَهنّ قتيلُ
(س ق ك) حدثنا محمد بن الرياشي قال: حدثنا أبي قال: أنشد المفضل الضبي والأصمعي حاضر:
بين الأراك وبينَ النّخْل تشْدَخُهم ... زُرْقُ الأسنّةِ في أطرافها الشَبمُ
فقال الأصمعي: يا أبا العباس، فقد صارت الرماح إذن كافر كوبات، لأنها تشدخ، قال: فكيف رويته؟ قال: تسْدَحهم، والسَّدْح: الصرع بطحاً على الوجه أو الظهر.
قلت: السّدْح، بالسين والدال والحاء المهملات، وهو الصرع بطحاً على الوجه أو على الظهر، لا يقع قاعداً ولا متكوراً.
(س ث) روى الأصمعي قول ذي الرمّة:
............ ... فيها الضفادعُ والحيتانُ تصطخِبُ
قال أبو علي الأصبهاني: أيُّ صوت للسمك؟! إنما هو تصطحب، أي تتجاور.
ويقولون: الحواملُ تطْلُقْنَ، والحوادثُ تطْرُقْنَ، فيغلطون فيه، لأنه لا يجمع في هذا القبيل بين تاء المضارعة والنون التي هي ضمير الفاعلات. ووجه الكلام أن يلفظ فيه بياء المضارعة كما قال تعالى: (تكادُ السّمَواتُ يتَفَطّرْنَ منه)، وعلى هذا يقال: الغواني يمرحنَ، والنّوق يسرحنَ.
(ز) ويقولون: تطأطأ لها تخْطيكَ، ويذهبون الى الخُطا.
والصواب: تخْطُكَ، أي تَجُزْكَ، ويقال أيضاً: تطامَنْ لها تَجُزْكَ.
(ص) ومن ذلك التطفيف، وهو عندهم التوفية والزيادة، لا يعرفون فيه غير ذلك، ويقولون: إناء مطَفَّف، أي ملآن حتى فاض، أو كاد. وليس كذلك. إنما التطفيف: النقصان، يقال: إناء طفّان، وهو الذي قاربَ أن يمتلئَ، ويروى عن سلمان أنه قال: الصلاةُ مكيال فمَنْ وفّى وُفِّيَ له، ومَنْ طفّف فقد علمتم ما قال الله تعالى في المطفِّفين.
(ق و) والعامة تقول للمرأة: تعالِي. والصواب تعالَيْ، بفتح اللام.
قلت: قال تعالى: (فتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنّ...).
(ص) ويقولون: خمِّروا الإناء، ولو أن تعرِضوا عليه عُوداً، وتَعرضوا، بضم الراء؛ وهو المختار.
(م) ويقولون: تعِبَ الخَضِرُ في حاجةِ الإسكندر. وإنما هو تَعِبَ الإسكندرُ في حاجة الخَضِر.
ويقولون: لمَنْ يأخذ الشيءَ بقوة: قد تَغَشْرَمَ وهو متغَشرِم.
والصواب أن يقال: تَغَشْمَر، بتقديم الميم على الراء، قال الراجز:
إنّ لها لسائٍِاً عَشَنْزرا
إذا ونَيْنَ ساعةً تَغَشْمَرا
(ق) ويقولون: تِغار. وهو التّيغار، بالياء، على وزن تِفْعال، مثل تِجفاف، وكذا أملاه عليّ أبو زكرياء عن أبي العَلاء في باب تِفعال.
(س) أنشد ابن الأعرابي:
تفاطيرُ الشبابِ بوجهِ سَلْمى ... حديثاً لا تفاطيرُ الشرابِ
قاله بتاء فوقها نقطتانِ، وقال: هي آثار الكِبَر، وقال: ليس: نفاطير، بالنون، بشيء.
قال العسكري: وقال أصحابنا: كلهم يقولونه: نفاطير، بالنون.
ويقولون: تفرّقت الأهواءُ والآراءُ. والاختيار افترقتْ، كما جاء في الخبر: تفترق أمتي كذا وكذا، أي تختلف. فأما التفرق فيستعمل في الأشخاص والأجسام، فإذا قيل: لزيدٍ ثلاثة إخوة متفرقين، كان المعنى أن كُلّ واحدٍ منهم ببقعة، وإن قيل: متفرقينَ، كان المعنى: أحدهم لأبيه وأمه، والآخر لأبيه، والثالث لأمه.
(ص) ويقولون: تفْتَرّ عن بَرَدٍ. والأفصح الأشهر تُفْتَرُّ، على ما لم يسمَّ فاعله، يقال: فُرَّ، وافْتُرَّ.

(ص) ويقولون: تَفَرُ الدابّة. والصواب: ثَفَرٌ، بالثاء. وسُمّي بذلك لمجاورته ثَفْر الدابة، بالإسكان، وهو حياؤها. وأصلها للبؤة.
(ز) ويقولون: تَقَعْور في كلامه. والصواب: تَقَعَّر، وقَعَّر، وهو أن يتكلم بملءِ فيه.
(ز) ويقولون: التَّقْدَمة، في الشيء يقدم فيه. والصواب: تَقْدِمَة، وكذلك ما كان على فَعَّل جاء مصدره على تَفْعِلَة قياساً.
(س) في كتاب العين: تقيّأَت المرأة على زوجها، إذا تثنّتْ عليه متغَنِّجَة. واحتجّ بقول الراجز المظلوم:
تقيأَتْ ذاتُ الدلالِ والخَفَرْ
وإنما هو تفيّأَتْ، بالفاء، وتفيؤها عليه: تميلها وتغنجها دَلاًّ، ومنه يقال: تفيّأَ الزَرعُ.
(وح) ويقولون: أنت تُكْرَمُ عليّ، بضم التاء وفتح الراء. والصواب: تَكْرُمُ عليّ، بفتح التاء وضم الراء؛ لأن فعله الماضي كَرُمَ، ومن أصول العربية: كُلُّ ما جاء من الأفعال الماضية على مثال فَعُلَ، بضم العين كان مضارعة على يَفْعُل، مثل حَسُن يحْسُن.
(ق و) العامة تقول: تِكريت، بكسر التاء. والصواب فتحها.
(ز) ويقولون: تَكّة. والصواب: تِكّة، والجمع تِكَك.
قلت: يريد أنهم يفتحون التاء والصواب كسرها.
(ص) ويقولون: تلَبّشَ فلان بفلان، إذا تعلق به ولم يفارقه.
والصواب: تلبّس، من اللباس.
(و) وتقول العامة: التّلِّيسة، بفتح التاء، وقال ثعلب: قول الكُتّاب لكيس الحساب: تَلّيسة بفتح التاء غلَطٌ. والصواب كسرها.
(ح ق) ويقولون: تَلِميذُ فلانٍ، بالفتح. والصواب بالكسر.
(ص) ويقولون: إذا كانت الكلابُ تَلِغُ في الماء. والصواب تَلَغُ، بفتح اللام.
(ص) ويقولون: تَماسَى الثوب. والصواب: تمَسّى. ذكر ذلك أبو عبيد في غريب الحديث، وفي رواية تَمَسّأَ، وقال أبو زيد تفَسّى الثوب. وقال: أبو سعيد السُكَّري: هكذا رُوِي عن أبي عبيد: تَمَسّى، والصواب عندي تفَشّى.
قلت: وقد جاء في تمسّى بالسين المهملة والألف، وتفسّى بالفاء والسين، وأيضاً تفشّى بالفاء والشين المعجمة. ولم يقل أحد بقول العوام.
ويقولون لمن تغيّر وجهُه من الغضب: قد تمَغّر وجهُه، بالغين المعجمة. والصواب فيه: تمَعّر، بالعين المغفلة. ذكر ذلك: ثعلب واستشهد عليه بما روي عن ابن عباس رضي الله عنه: أنّ اللهَ عزّ وجلّ أمرَ جبريلَ عليه السلام بأنْ يقلِبَ بعض المدائن، فقال: يا رب فيها عبدك الصالح، فقال: يا جبريل ابدأْ به، فإنه لم يتمعَّرْ وجهُه لي قط، أي لم يغضب لأجلي.
ومن ذلك أنهم لا يفرقون بين التمني والترجي، والفرق بينهما واضح، وهو أنّ التمني يقع على ما يجوز أن يكون ويجوز ألاّ يكون لقولهم: ليت الشبابَ يعود، والترجي يختص بما يجوز وقوعه، فلا يقال: لعل الشباب يعود، ولهذا فرق نحاة البصرة بينهما في باب الجواب بالفاء، وأجازوا أن تقع الفاء جواب التمني في مثل قوله عز وجل: (يا لَيْتَني كُنتُ معَهُم فأفوزَ فوْزاً عظيماً)، ونهوا أن تقع الفاء جواباً للترجي، وضعّفوا قراءة من قرأ: (لعَلّي أبْلُغُ الأسباب، أسْبابَ السّمَواتِ فأطّلِعَ الى إلهِ موسى)، بنصب أطّلِع.
(ص) ويقولون: تَنَوّر الرجلُ، من النُّوْرَة. والصواب: انْتَوَر، وانْتار ولا يقال: تنوّرَ، إلا إذا أبصر النار.
قلت: انتور، بهمزة وصل، وتقديم النوم على التاء. وأما تنوّرَ، من النار، فلقول امرئ القيس:
تنَوّرتُها من أذرعاتٍ وأهلها ... بيثربَ أدنى دارِها نظَرٌ عالِ
(ص) ويقولون: تنخّى الإنسان. والصواب: تنخّع، وتنخّمَ، وهي النُخاعة، والنُّخامة، فأما تنخّى فهو من النّخْوة وهي الكِبْر.
(س ك) قال حماد بن إسحاق: أنشدنا خالد بن كلثوم لرجل من كندة:
فلما رآني قد نزَلْتُ أريدُهُ ... تنَحْنَحَ عنّي ساعةً ثمّ أقدَما
فقلت له: ما معنى تنحنح؟ قال: سعَلَ من فرَقي، فقلت له: إن الأصمعي أنشدنا: تنجنج عني، فقال: وما معنى تنجنج؟ قلت: قال معناه تهيّب أمري ثم أقدم.
قلت: صوابه بالجيم، وهو بالحاء خطأ.
(و) تقول العامة: التَّنّين بفتح التاء. والصواب كسرها.
(ق و) وتقول العامة: تنهّسَ النصارى، بالهاء، إذا أكلوا اللحم قُبيل صومهم. والصواب: تنحّسَ، بالحاء.

قال: قرأتُ على شيخنا أبي منصور اللغوي قال: هذا غلط في اللفظ وقلْبٌ للمعنى الى ضده، أمااللفظ فإنما يقال بالحاء، وأما المعنى فإنما يقال لهم ذلك إذا تركوا أكل اللحم، ولا يقال لهم ذلك إذا أكلوه. قال ابن دريد: هو عربي معروف لتركهم أكل الحيوان، ويقال: تنحّس، إذا تجوّع - كما يقال: توحّش - وكأنه مأخوذ منه، كأنهم تجوّعوا من اللحم.
ويقولون: تنَوّقَ في الشيء. والأفصح أن يقال: تأنّقَ، كما رُويَ للمنصور، رحمه الله تعالى:
تأنّقْتُ في الإحسانِ لم أكُ جاهِداً ... الى ابن أبي لَيْلى فصيّره ذَمّا
فواللهِ ما آسَى على فوْتِ شُكْرِه ... ولكنّ فوْتَ الرأي أحدثَ لي هَمّا
(ص) ويقولون: فكُنّا نتحدّث أنّ غسّانَ تُنعِّلُ الخَيْلَ، بتثقيل العين. والصواب: تُنْعِل الخَيْلَ، بالتخفيف، وأكثر ما تقول العرب: أنْعَلْتُ فرسي.
(ز) ومما يوقعونه على الشيء خاصةً، وقد يَشْرَكُه في ذلك غيره، من ذلك قولهم لتنوير الآس خاصةً: تَنْوِير. والتّنوير: نَوْر الشجر كله، والجمع تناوير.
تهافَتَ لا تستعمل إلا في المكروه والحَزَن.
قلت: التهافت: التساقط قطعة قطعة، وتهافتَ الفراشُ في النار أي تساقط.
(ص) ويقولون: تُهامة. والصواب: تِهامة، بالكسر، وإذا نسبت إليها قلت: تَهامٍ، كيَمانٍ، وتَهاميّ كيَمانيّ.
ويقولون: التّوضّي، والتّباطي، والتّبرّي، والتهزّي. والصواب فيه أن يقال: التوضّؤ، والتّباطُؤ، والتّبرّؤ، والتّهزّؤ. وعقد هذا الباب أن كل ما كان على وزن تفعّل وتفاعَل مما آخره همزة كان مصدره على التّفعُّل والتّفاعُل وهمز آخره.
(و ح ق) ويقولون: تواتَرَتْ كُتبي إليك. يعنون: اتصلت من غير انقطاع، فيضعون التواتر في موضع الاتصال، وذلك غلط.
إنما التواتُر: مجيء الشيء ثم انقطاعه ثم مجيئه، وهو تَفاعُلٌ من الوتْر وهو الفَرْد، يقال: واتَرْتُ الخبرَ: اتبعتُ بعضَه بعضاً، وبين الخبرين هُنَيْهَة، قال الله تعالى: (ثُمّ أرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرَى).
(ص) ويقولون: مَنْ تَوضّا بماء غير طاهر. بغير همز، وربما كتبوه بالياء، والصواب: توضّأ، بالهمز.
ويقولون لمن أخذ يميناً في سعيه: قد تَيامَنَ، ولمن أخذ شمالاً: قد تشاءَمَ.
والصواب أن يقال فيهما: يامَنَ وشاءَمَ، وأن يقال للمُستَرْشِد: يامِنْ يا هذا، وشائِمْ: أي خُذ يميناً وشمالاً.
فأما معنى تَيامَنَ وتشاءَمَ فأن يأخذ نحو اليَمَن والشام، فإذا أتاهما قيل: أيْمَنَ، وأشأمَ، كما يقال إذا أتى تهامة ونجداً: قد أَتْهَم، وأنْجَد.
(ص ح) ويقولون: للوَعِلِ المُسِنّ: تَيْتَل، بتاءين، يكْنُفانِ الياءَ، كلتاهما معجمةٌ باثنتين من فوق، وهو في كلا م العرب: الثّيْتَل، بإعجام الأولى منهما بثلاث.
(ق) يقولون: جئت تِي ألقاء. يريدون حتّى ألقاك.

حرف الثاء المثلثة
(زص) يقولون لما يخرج في الجسم: ثالولَة، وفي الجمع: ثالول.
والصواب: ثُؤلول، بضم الثاء والهمز، واحد مذكر، والجمع: ثآليل.
(ز) والمُتفَصِّح يقول: أثلولٌ.
(ص) ويقولون: ثَبُت لي شاهدٌ. والصواب: ثَبَتَ، وكذلك ثبَتَ، من قولك: رجل ثابِت.
قلت: يريد أنهم يضمون الباء الموحدة، والصواب فتحها.
ويقولون: عندي ثمان نِسوةٍ، وثمان عَشْرَةَ جاريةً، وثمانمائة درهم، فيحذفون الياء من ثماني في هذه المواطن الثلاثة. والصواب إثباتها فيها، فيقال: ثماني نسوةٍ، وثمانيَ عشرة جاريةً، وثماني مائة درهم، لأن الياءَ في ثمان ياءُ المنقوص، وياءُ المنقوصِ تثبت في حالة الإضافة وحالة النصب كالياء في قاض، وأما قول الأعشى:
ولقد شرِبتُ ثمانياً وثمانياً ... وثمانَ عشرةَ واثنتينِ وأربعَا
فإنه حذف الياء لضرورة الشعر.
ويقولون: ثلاثة شهور، وسبعة بحور. والاختيار أن يقال ثلاثة أشهر وسبعة أبحر، كما جاء في القرآن: (فَسيحُوا في الأرضِ أربَعَةَ أشْهُرٍ)، وقوله: (مِن بعْدِهِ سبعةُ أبْحُرٍ)، وذلك لأن العدد من الثلاثة الى العشرة وضْعُ القِلّةِ، وكانت إضافته الى مثال الجمع القليل المشاكل له أليقَ، وأمثلة الجمع القليل أربعة: أفْعال وأفْعُل، وأفْعِلَة وفِعْلَة.
قلت: قال الشيخ جمال الدين بن مالك رحمه الله تعالى:

بأفعُلٍ وبأفْعالٍ وأفْعِلَةٍ ... وفِعْلَةٍ يُعرَفُ الأدنى من العَدَدِ
(ص) ويقولون: ثِلْج ونِسْر. والصواب: ثَلْج ونَسْر.
قلت: يريد أنهم يكسرون أولهما، والصواب فتحهما.
ومما يجب أن يكتب موصولين: ثلثمائة، لأن ثلثمائة حذف ألفها، فجعل الوصل عوضاً عن الحذف، وأن ستمائة كان أصله سِدْساً، فقلبت السين تاء، وجعل الموصول عوضاً من الإدغام.
(ح و) وتقول ثَدْيُ الرّجُل. وهو غلط. وإنما يقال: ثُنْدُوَة الرجل.
قلت: الثُنْدُوَة، بالثاء المثلثة مضمومة، وسكون النون، وضم الدال وهي للرجل بمنزلة الثدي للمرأة، وقال الأصمعي: وهي مَغْرِزُ الثّدي.
(س) أهدى سعيد بن العاص هدايا لأهل المدينة، وقال لرسوله: لا تُعذِرْني عند أحد إلا عند عليّ بن أبي طالب، وقل له: ما فضّلتُ عليكَ أحداً في الهدية إلا أميرَ المؤمنينَ عثمان، فقال عليّ لما قال له الرسول ذلك: لَشَدّ ما نَفِسَتْ علي أمَيّةُ وصالفَتْني، واللهِ لَئِنْ وَليتُها لأنفضنَّها نَفْضَ القَصّابِ الثِّراب الوَذِمَة.
فقال الأصمعي: الثِّراب جمع ثَرْب، وقال شعبة: ما سمعت إلا التِّراب، بالتاء، فتحاكما الى أبي عمرو، فحكم أنه كما قال شعبة. قال أبو محلم: والصواب ما قاله شعبة، والتِّراب: الكروش، وهذه كروش تربة قال: والوَذِمَةُ: ذوات زوائد. وقال تَّوزي: صحّف الأصمعي وأصاب شعبة؛ سمعتُ ابن دريد يقول: التِّراب الوَذِمَة، مقلوبٌ، وأصحاب الحديث قلبوه، فهو: الوذام التَّرِبة، وأصله أن كل سَيْر قدَدْتَه مستطيلاً فهو وذم، وكذلك اللحم والكرش، وهذا أراد.
(ص ح) ويقولون: ثَفَلَ في عينه. بثاء معجمة بثلاث، فيصحفون فيه، لأن المنقول عن العرب تَفَل، بإعجام اثنتينِ من فوق، وحكى الفراء عن الكسائي أن العرب تقول: تَفَلَ في عينه، ونفَثَ: فالتَّفْل ما صحبه شيء من الريق، والنَّفْث النفخ بلا ريق.
ويقولون: ما فعلت الثلاثة الأبواب؟ فيعرفون الاسمينِ ويضيفون الأول الى الثاني. والاختيار أن يُعرَّف الأخير من كل عدد مضاف، فيقال: ما فعلتْ ثلاثة الأبواب؟ وفيمَ انصرفتْ ثلثمائة الدرهم؟ وعليه قول ذي الرمة:
وهل يَرجِعُ التسليمَ أو يكشفُ العَمى ... ثلاثُ الأثافي والرسومُ البَلاقِعُ
ومن أوهامهم في الثّدْي جمعهم إياه على ثَدايا. والصواب جمعه على ثُدِيّ، وكان الأصل فيه ثُدُوي على وزن فُعُول، فقلبت الواو ياءً لكونها قبل الياء، ثم أدغمتْ إحدى الياءين في الأخرى.
(ص) ويقولون: ثَوى المالُ، ومالٌ ثاوٍ. والصواب تَوِيَ تَوًى، فهو تَوٍ، على وزن حَذِرَ يحذَرُ حَذَراً، فهو حَذِرٌ.
قلت: يريد أنهم يقولونه بالثاء المثلثة، وهو بالتاء ثالثة الحروف، لأن تَوِيَ معناه: هلَكَ، وثَوى بالثاء المثلثة، معناه: أقام.
(ص) ويقولون: ثُوبان مَوْلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
والصواب: ثَوْبان، بفتح الثاء.
(ص) ويقولون لضدِّ البِكْر من النساء خاصةً: ثَيِّبٌ، والثّيِّبُ يقع على الأنثى والذكر، يقال: امرأة ثَيِّب، ورجل ثَيِّب، كما يقال: امرأة بِكْر ورجل بِكْر.
ويقولون: ثَلْجم. وبعضهم يقول: شَلْجم، بالشين المعجمة، وكلاهما غلط، على ما حكاه أبو عمر الزاهد عن ثعلب، ونصّ على أنه سَلْجم، بالسين المهملة.
(ز) ويقولون للمرأة التي يطلقها زوجها بعد الدخول: ثَيِّب. والثّيّب يقع على الذكر والأنثى، يقال: رجل ثَيِّب وامرأة ثيّب، وقد ثيّبت المرأة. وكذلك الأيِّمُ يقع على المرأة والرجل.

حرف الجيم
(ص) يقولون: مَوْتٌ جاروفٌ. والصواب: جَروف.
قلت: أو جارِف، والجارِف: الموت العامّ يجْترِف أموالَ القومِ، والجارِف طاعون كان زمن ابن الزُّبير.
(و) والعوام تخصّ الجارية بالأمَةِ، وهو للصبية الصغيرة.
(ز) ويقولون: جائزة البيت، فيدخلون الهاء. والصواب: جائز، هكذا استعملته العرب بلا هاء، وفي الحديث أن امرأة أتت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقالت: إني رأيتُ في المنام كأنّ جائزَ بيتي انكسر، والجمع أجْوِزَة، وجُوزان، وجوائِز، عن أبي زيد.
قلت: الجائز الجذع، وهو سهم البيت، وهو الذي يقال له بالفارسية تير، بالتاء ثالثة الحروف والياء آخر الحروف وبعدها راء.
(س ك) حدثنا علي بن الصباح قال: أنشدنا خالد بن كلثوم لعمران بن عصام العنزي:

وكِلْمة حاسدٍ من غيْرِ جُرْمٍ ... سمعتُ فقلتُ: مُرّي فانْفُذيني
رَمَيْتُ بها كأنْ قِيلتْ لغَيري ... ولم يعرقْ لجانبها جبيني
فقال أبو محلم: صحف واللهِ، إنما هو لجابتها، وأنشد:
أصَمُّ الصّدى لم يدْرِ ما جابَةُ الرُّقَى ... ولم يُمسِ إلا نابُه يتفَطَّرُ
قال: ومنه المثل: أسأت سمعاً فساءتْ جابة.
(ك) حدثنا عون بن محمد الكندي، قال: حدثني أبي قال: حضرت خَلَفاً الأحمر وهو يملي باباً من النحو ويقول: تقول العرب: أوصيتك أباك، وأوصيتك جارك، تريد: بأبيك، وبجارك. وأنشد:
عجبتُ من دَهْماءَ إذْ تَشْكونا
ومن أبي دهماءَ إذْ يوصينَا
جيرانَها كأنّنا جافونَا
فقال له رجل: تقيسُ البابَ على باطلٍ، إنما هو:
... خَيْراً بِها كأنّنا جافُونا
فغَضِبَ وقام.
(ص ز) ويقولون للبئر المَطْوِيّة لماء المطر: جُبٌ.
وأبو عبيدة يقول: الجُبُّ: البئر التي لم تُطْوَ. وقال غيره: الجُبُّ والرّكيّة والطّويّة: أسماء آبار، ولم يفرِّقْ بينها بشيء.
(ص) ويقولون: جَبْرَؤُت، وذلك خطأ، وإنما يقال: جَبَروْت وجَبْرِيّة.
قلت: يريد أنهم يقولون بفتح الجيم وسكون الباء وفتح الراء وهمز الواو وضمها. والصواب: فتح الجيم والباء وضم الراء وسكون الواو.
(ص) ويقولون في جمع جُبَّة: جِبَبٌ. والصواب: جِباب.
قلت: يريد أنهم يقولون بكسر الجيم وفتح الباء، والصواب: كسر الجيم وبعد الباء ألف.
(م ز) ويقولون للذي يُلاطُ به البيوت: جَبْسٌ. والصواب: جِصٌّ، وهكذا أخبرني أبو عليّ، ويقال أيضاً: قصّ وشِيْدٌ، وفي الحديث: نهى عن تَقْصيص القبور، أي تبييضها بالقصة، والجَصّاص والقَصّاصُ واحد.
(و) والعامة تقول: الجبين لما يسجد عليه الإنسان. والصواب أنه الجَبْهَة، والجبينان ما يكتنفانِها.
(ص) ويقولون: جَبَدَ الحبلَ وغيره. والصواب: جَبَذَ، بالذال معجمة، يقال: جبَذَ يجبِذُ، وجذَبَ يجذِبُ بمعنى، ولا يقال: يجذُبُ بضم الذال.
(ق) ويقولون: جِبِّه، يريدون: جِئْ بِه.
(و) العامة تقول: جبَرْتُ فلاناً على كذا. والصواب أجْبَرتُه. ولا يقال جبَرتُ إلا في العَظْم والفَقْر.
(س ك) حدثنا أحمد بن يحيى، ثنا سلمة قال: قال الفراء: الجَبَى ما حول البئر، والجِبَى ما جمعت من الماء، وأنشد:
حتّى إذا أشرفَ في جوفِ جَبا
بإضافة جوفٍ الى جَبا. والذي قاله في الجَبَى والجِبَى صواب إلا أنه وَهِم في البيت لأنه من قصيدة للعجاج أولها:
ما هاجَ دمْعاً ساكِباً مُسْتَسْكبا
أراد: جَبَأ يا هذا، فترك الهمز، أي جبُنَ ورجَعَ، يعني الحمار.
(ق) والعامة تجعل الجُحْرَ للإستِ خاصةً. والجُحْر: كل ما تحتفره في الأرض الدوابُّ، ما لم يكن من عِظام الخَلْقِ، نحو جُحْر اليربوع والثعلب والأرنب وشبه ذلك.
(ك) الكسائيّ صحّف جَحْمَرِشاً فقال فيه بالسين مهملة، وإنما هو بالشين المعجمة.
(ك) حدثني أبو عبد الله الحسين بن عمر قال سمعت علي بن الحسين الإسكافيّ يقول: أنشدنا ابن الأعرابي للشماخ:
وقد عرِقَتْ مَغابِنُها وجادتْ ... بِدِرَّتِها قِرَى حَجنٍ قتينِ
فأنشد البيت أبا محلم فقال: سَلْه عن تفسيره، فسأله، فقال: جادتْ الناقة بعرَقِها: ظهر هذا القراد الحجن، قلت: ما الحَجنُ؟ قال: صغيرٌ فعرّفتُ أبا محلم فقال: صحّف واللهِ، إنما هو: قِرَى، أي عرَقُ الناقةِ قرًى لهذا القراد، وليس بحَجِن، إنما هو جحن، بالجيم قبل الحاء وهو السّيئُ الغذاء، وقتين: قليل الطّعْم.
(م) ويقولون: جَزّةُ صوفٍ، بفتح الجيم. والصواب كسرها، والجمع جِزَرٌ، وفيها لغة أخرى: جَزيرة صوفٍ.
(ز) ويقولون لدُوَيْبَّة تألف المياه: جَخْظَب. والصواب: جُخْدُب بالدال غير معجمة، ويقال لها أيضاً: جُخادِب، وقال الكسائي: هو أبو جُخادِب، وقال سيبويه: هو أبو جُخادِباء، بالمد، وأبو جُخادِبَى بالقصر، وزعم بعض اللغويين، أنه يقال للجراد الطويل الأخضر الرجلين: أبو حُخادِباء.
(س ث) قال ابن دريد: قال الخليل بن أحمد: بنو جَخْجَبَى، بخاء منقوطة. ولا خلاف بين الناس أنهم بنو جَحْجَبَى بحاء غير منقوطة.
قلت: يريد بذلك أنها حاء مهملة بين جيمين.
(ث) روى أبو عمرو بيت ابن مقبل:

مَنَحْتَ نَصارَى تغلبٍ إذْ منَحتهم ... على نأيِها حذّاء مانعة الغُبْرِ
جداء، لا لبن لها، فقال الأصمعي: هذا تصحيف، لأن الغُبْر بقية لبنها، وإنما هو حذاء، وهي الخفيفة السريعة.
قلت: هو بالحاء المهملة والذال المعجمة.
(ص) ويقولون في جمع جَدْي: جِدْيان، ويقول المتفصِّح منهم: الجَدا. وكل ذلك خطأ. والصواب: أجْدٍ في قليل العدد وجِداء في كثرته، ووزن أجْدٍ أفْعُل كقولك أكْلُب في قليل العدد وكِلاب في كثيره. والأصل في أجْدٍ أجْدُيٌ، ثقلت الضمة على الياء فحذفت وكسر ما قبل الياء؛ إذ ليس في الكلام ياء ساكنة قبلها ضمة، وحذفت الياء لسكونها وسكون التنوين.
(و) ويقولون: جِدْيٌ، بكسر الجيم. والصواب فتح الجيم.
(و) العامة تقول: الجِدَري. والصواب: الجَدَري والجُدَري بضم الجيم وفتحها، لا بكسرها.
(ص) ويقولون: أصابه جُدام. والصواب: جُذام، بالذال معجمة، ورجل مُجَذَّم، ولا يقال: مِجْذام، إنما المِجْذام: النّافِذُ في الأمور الماضي فيها.
(ص) ويقولون: ثياب جُدَد. والصواب: جُدُد، بضم الدال.
(ص) ويقولون في أسنان الإبل: جَذْعة وحَقّة. والصواب: جذَعة وحِقّة، بكسر الحاء، قلت: يريد أنهم يقولون بسكون الذال، والصواب فتح الجيم والذال.
(و) والعامة تقول: قد ردّها جَذْعة. والصواب: جَذَعة.
قلت: يريد أنهم يسكنون الذال والصواب فتحها.
(ص) ويقولون: جذَعتُ أنفَه. والصواب جدَعته، بالدال المهملة.
(ص) ويقولون: حتّى يبْلُغَ الماءُ الجَذر. والصواب: الجَدْر، بدال غير معجمة.
(س ث ك) حدثنا الحرمازي قال: صحّف المفضل الضبي في بيت أوس بن حجر فقال:
وذاتُ هِدْمٍ عارِ نواشِرُها ... تُصْمِتُ بالماءِ تَوْلَباً جذَعا
فقال الأصمعي: تولبا جدِعا، وهو السيئ الغذاء، فقال المفضل: جَذَعاً، جذَعاً، وصاح. فقال له الأصمعي: والله لو نفَخْتَ في ألْفَيْ شَبّور ما كان إلا جَدِعا، ولا ترويه بعدها إلا جَدِعا، وما يغني الصياح؟ تكلمْ كلامَ النملِ وأصِبْ.
(وص) ويقولون للكثير من الفئران: جِرْدان. والصواب: جُرَذٌ، بالذال معجمة والجمع جِرْذان، كصُرَد وصِرْدان، وجُعَل وجِعْلان، وقد جاء في شعر بعض المُحدَثين بالدال غير معجمة، قال: ابن العلاّف:
يا هِرُّ فارقتَنا ولم تَعُدِ ... وكنتَ منّا بمنزلِ الولَدِ
تدْفَعُ عنّا الأذى وتنصُرنا ... بالغيب من خُنْفسٍ ومن جُرَدِ
(ص) وكذلك يقولون لداء يحدث في قوائم الدواب: جَرَدٌ. والصواب: جَرَذ، بالذال معجمة، وهذا قول أهل اللغة إلا ابن دريد فقال في الجمهرة: لا أدري بالدال هو أم بالذال.
(ص) ويقولون: جُرَبٌ وكُرَع. والصواب: جَوْرَب وكُراع. قال الشاعر:
أثْني عليّ بما علمتِ فإنّني ... أُثني عليكِ بمثلِ ريح الجَوْرَبِ
(و) والعامة تقول: الجَراب، والجَرْجير، وجَرْم الشمس، والجَريّ، لضرب من السمك، والجَراحة، وجميع ذلك بفتح الجيم.
والصواب كسر جيمها.
(و) العامة تقول: جرَعتُ الماءَ، بالفتح، والصواب بكسر الراء.
(ص) الجَريءُ، بالهمز: الشجاع، والجَرِيّ، بغير همز: الوكيل.
(و) العامة تقول: الجِرْجس. وصوابه: قِرقِس، بالقاف.
(ص) يكتب أصحاب الدواوين وغيرهم من الخاصة: جرْجِنْت، ويكتبها العامة بالكاف، وهو الصواب.
(ك) أنشد ابن الأعرابي أبياتاً منها:
إنّ لهم بعدَ الجِراءِ واللُّعَنْ
سَبّاً إذا ما ظهر السّبُّ بَطَنْ
ثم قرأناه على التَّوجي، فقال صحَّف واللهِ، إنما هو:
إنّ لهم بعدَ الخِزاءِ واللُّعَنْ
والخزاء والخزاية واحد.
قلت: قاله ابن الأعرابي بالجيم والراء. والصواب بالخاء المعجمة والزاي.
(ز) ويقولون: جَزّة صوف، بفتح الجيم. والصواب: جِزّة، والجمع جِزَرٌ، ويقال للرجل المُسْبِل كأنه عاضٌ على جِزّة. وفيه لغة أخرى، يقال: جَزيزة صوف، وجمعها جَزائِز، قال الشماخ:
عليها الدُجَى مُستَنْشِآتٌ كأنها ... هَوادِجُ مشدودٌ عليها الجزائِزُ
(ز) ويقولون للمكان المنفرد: جَشَرٌ، ومَجْشَرٌ.

والجَشَر: القوم يبيتون مكانهم ولا يرجعون الى أهلهم، يقال: أصبح بنو فلان جَشَراً، ويقال: مال جَشَرٌ، إذا رَعى في مكانه ولم يرجع الى أهله، وجَشَرنا دوابَّنا، إذا أخرجناها الى المرعى.
(و) والعامة تقول: جِفْن السيف، بالكسر. والصواب فتح الجيم.
(ص) ويقولون: جُلْجَلان، بفتح الجيم الثانية.
والصواب: جُلْجُلان، بضمها.
قلت: والجُلْجُلان، بضم الجيمين، حبّةُ القلب، يقال: أصبتُ جُلجُلان قلبه. والجُلجَلان، بفتح الثانية: ثمر الكُزْبرة، وقال أبو الغَوْث: هو السِّمسمُ في قِشْره قبل أن يُحصَد.
(و) العامة تقول: الجَلَم للحديدتين اللتين يُقَصّ بهما. والصواب: جَلَمان.
(و) وتقول العامة: جَلَيْتُ السيف وجَفَيْت الرجل. والصواب بالواو مكان الياء.
ويقولون للجالس بفنائه: جلس على بابه. والصواب فيه: جلس ببابه، لئلا يوهم السامع أنه استعلى على الباب.
(ص) ويقولون: جُلوليّ بضم الجيم واللام. والوصاب: جَلوليّ بفتح الجيم نسبة الى جَلولاء.
(ز) ويقولون: جُمادِي الأولى. فيكسرون الدال. والصواب فتحها، وليس في الكلام فُعالي إلا والهاء لازمة له نحو قُراسِيَة وعُفارِيَة وصُراحِية، قال الشاعر:
إذا جُمادَى منَعتْ قَطْرَها ... زانَ جَنابي عطَنٌ مُغْضِفُ
(ز) ويقولون للبستان الذي يُحَظَّر عليه: جِنان، ويجمعونه على أجَنّة وذلك خطأ لأن أجَنّة أفْعَلَة، وأفعَلَة لا تكون من أبنية الجمع، فأما أجِنّة فجمع الجَنين، قال الله تعالى: (وإذْ أنتُمْ أجِنّة...).
والصواب: جَنّة، ثم يجمع على جِنان، مثل ضَبّة وضِباب.
(ص) ومن ذلك الجِنان لا يعرفونه إلا البستان المفرد. وليس كذلك إنما الجِنان جمع جَنّة، كشَنّةٍ وشِنان، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يوشِك يا مُعاذُ إنْ طالتْ بكَ الحَياةُ أن ترى ما ها هُنا قد مُلِئَ جِناناً.
(ص) ومن ذلك: الجَنْبُ والجانِبُ، لا يفرق كثير من الناس بينهما. والجَنْب للحيوان، والجانِبُ ناحية كل شيء، وليس لشيء من الحيوان غير جنبين، وله جوانب كثيرة، لأن كل ناحية من نواحيه جانب. والجَنْب أحد جوانبه، فكل جنْب جانِب، وليس كل جانبٍ جَنْباً، تقول: نزلنا بجانبي الوادي، ولا تقل بجنبيه إلا على سبيل المجاز.
(ق و) والعامة تقول: جَنِي وهو الطفل في بطن أمه، فيحذفون نوناً.
والصواب: جَنين.
(و) والعامة تقول: جُنّنار. والصواب: جُلّنار، بلام بعد الجيم.
(ص) ويقولون: الجُهاز بالضم. والصواب: جَهاز وجِهاز، بالفتح والكسر.
(و) والعامة تقول: جِهْدي، بكسر الجيم. والصواب أن تقول: جهَدتُ جَهْدي بفتح الجيم.
(و) والعامة تقول: الجُوْرَب والجُوذاب، بالضم. والصواب فتح أولهما.
(و) والعامة تقول: جواباتُ كُتبك. والصواب: جَوابُ كُتبِك، لأن الجَواب مثل الذّهاب، قال سيبويه: الجَواب لا يجمع، وقولهم جَوابات كتبي مولَّد، وإنما هو جواب كتبي.
ويقولون في جمع جُوالق: جُوالقات. والقياس المطرد ألا يجمع أسماء الجنس المذكر بالألف والتاء، وإنما أشذتِ العربُ عن هذا أسماءً تعويضاً لأكثرها عن تكسيره، نحو حمامات وسرادقات.
(ص) ويقولون: جَوْنة. والصواب: جُؤنَة.
قلت: الصواب أن تهمز الواو، والجمع جُؤَن.
(ص) ويقولون: جِيْد في معنى جَيِّد.
قلت: يريد أنهم يكسرون الجيم، وسكون الياء. على أنه قد جاء جِيْد مخففاً مكسور الجيم في لغة، إلا أنها رديئة.
(ص) ويقولون للذي تلاط به البيوت: جيْر والصواب: جَيّار.
(س) أخبرنا محمّد، ثنا عون بن محمّد، حدثني أبي قال: حضرت الأحمر وهو يملي باباً في النحو ويقول: تقول العرب: أوصيتك أباك، يريد: بأبيك، وأوصيتك جارك، يريد: بجارك، وأنشد:
عجبتُ من دهماءَ إذْ تَشْكونا
ومن أبي دهماءَ إذْ يوصِينا
جيرنَها كأنّها جافونا
فقال رجل: أن تقيس الباب على باطل، إنما هو:
خيراً بها كأننا جافونا
قلت: يريد الصحيح أنه خيراً بها بالخاء المعجمة من الخير وبها بالباء الموحدة، لا بالنون.
(م) ويقولون: جيعان، بالياء والصواب: جوعان، بالواو.

حرف الحاء المهملة
(ص) ويقولون: حالوق. والصواب حلوق، بغير ألف.

(ص) ويقولون لمجتمع الماء الحارّ: حامّة. وإنما هي حَمّةٌ على وزن فَعْلَة، من الحَميم وهو الماء الحارّ، فأما الحامّة فهي الخاصّة، ويقال: دُعينا في الحامّة لا في العامّة، ويقال: كيف حامَّتُك وعامّتُك؟ (ص) ويقولون للفرس السريع الحَسَن المشي: حادِر، وللمرأة الحسناء حادِرَة. والحَدارة إنما هي الغِلَظ، وإنما سمي الأسد حَيْدَرة لشدته وغِلَظه.
يقولون: يا حامِلُ اذكرْ حَلاً. وإنما هو: يا حابِل اذكرْ حَلاً، أي يا مَنْ يشد الحبل.
قلت: قال العسكري: كان ابن الأعرابي يذهبُ من الخلاف على الأصمعي كلّ مَذْهَب، فروى الأصمعي هذا المثل: يا عاقِدُ اذكرْ حَلاً، فخالفه ابن الأعرابي وقال: يا حامِلُ اذكرْ حلاً، وقال: سمعته من أكثر من ألف أعرابي فما رواه أحدٌ منهم يا عاقِدُ.
(ص) ويقولون: حُبَّا وكرامة، بغير تنوين، بعضهم يقول: حُبّةً. والصواب أن يقال: نعم وحُبّاً وكرامة، بالتنوين.
(ز) حُبَارة. والصواب: حُبارَى، على مثل فُعالَى، وقال ابن غلفاء الهُجَيميّ يرُدّ على يزيد بن الصَّعِق:
هُمُ تركوكَ أسْلَحَ من حُبارَى ... ............
(ص) ويقولون:
ولَها في الفُؤادِ حُبٌ مُقيمُ ... ............
وذلك غلط، وإنما هو صَدْعٌ مُقيم.
(ص) ويقولون للبخيل ينظر في الحَبّة والحبتين: حِبّي، بكسر الحاء. والصواب: حَبّي، بفتح الحاء، نسبة الى الحَبّة.
(و) تقول العامة: قِفْ حتّى أجيء، فيميلون حتّى، وهي حرف والحروف لا تدخلها الإمالة.
فأما حذفهم الحاء منها، فيقولون: تا أجي، فهو أشْهَرُ من أن يُعاب.
قلت: أطلق الشيخ جمال الدين بن الجوزي - رحمه الله - هذا وهو مقيد، فإنهم يقولون: افعلْ هذا إمّا لا. والعلة في إمالة لا في أنها: إن وما ولا، ثلاثة أشياء جعلت كلمة واحدة، فصارت الألف في آخرها كألف حبارَى. وقد أمالوا يا في النداء، والعلة فيهاأنها نابت عن الفعل الذي هو نادى، وأمالوا بلى وقد قامت بنفسها واستقامت بذاتها كأنها اسم، لا حرف.
ومن هذا أنهم لا يفرقون بين الحَثّ والحَضّ. وقال الخليل بن أحمد - رحمه الله تعالى - : الحَثُّ في السّيْر والسَّوْقِ وفي كل شيء، والحَضُّ يكون فيما عدا السّيْرَ والسَّوْقَ، قال الله تعالى: (ولا يَحُضّونَ على طَعامِ المِسْكين).
(ص) وتقول العامة في العدد حِدَ عَشْر، وتقول الخاصة حَدَ عْشَر. والصواب: أحدَ عَشَر.
لا يقولون للبستان: حديقة إلا إذا كان عليه حائط.
(وح) ويقولون: حدُثَ أمرٌ. فيضمون الدال، قياساً على قولهم: أخذه ما حدُثَ وما قَدُم، وإنما فُعِلَ هذا في الثاني للمزاوجة بين قدم وحدث، والصواب في الأول فتح الدال.
(ص) وينشدون قول الشاعر:
يَغْشى صَلا الموتِ بحَدّيْهِ إذا ... كان لَظى الموتِ كَريهَ المُصْطَلَى
وهو تصحيف، وإنما هو بخَدّيْهِ، بالخاء المعجمة.
(و) العامة تقول: صار فلان حُدُّوثة. والصواب أُحْدوثَة.
(و) العامة تقول: حذَقَ الصبيُّ، بفتح الذال. والصواب كسرها.
(ص) ويقولون: عام الحُدَيبيّة، بالتشديد. والصواب بالتخفيف، (ز) يقولون: مضى لذلك سُبوتٌ وحُدود. والصواب: وآحاد، وهو جمع أحد.
(س ث) قال الرياشي: سمعت كيسان يقول: كنت على باب أبي عمرو بن العلاء فجاء أبو عبيدة فجعل ينشد شعراً لأبي شجرة، وهو قوله:
ضَنَّ علينا أبو عمرو بنائِلِهِ ... وكل مُخْتَبِطٍ يوماً له وَرَقُ
مازال يضربني حتى حَذيتُ لهُ ... وحالَ من دونِ بعض البُغية الشَفَقُ
فقلت: حذيت حذيت! وضحكتُ، فغضب وقال: كيف هو؟ فلما أكثر قلت: إنما هو خَذيتُ، فانخزل وما أحار جواباً.
قلت: قاله أبو عبيدة بالحاء المهملة، والصواب بالخاء المعجمة، ومعناه استرخيت.
(ز) ويقولون لواحد الحراب: حَرَبة، يفتحون الراء. والصواب حَرْبة بالتخفيف قال الراجز:
أنا الذي أصْلي وفَرْعي من بَلي
أطْعَنُ بالحَرْبة حتّى تَنْثَني
(ص) ويقولون: لا يجوز بيع حَرْز مُمَوَّه بفضة. والصواب: حُرْز.
قلت: يريد أنهم يقولونه بفتح الحاء والصواب ضمها، وهي المِقْرعة التي يمسكها الجند بأيديهم لضرب الفرس.

(وح) ويقولون في حراء، اسم الجبل: حَرِي فيفتحون الحاء وهي مكسورة ويكسرون الراء وهي مفتوحة، ويقصرون الألف وهي ممدودة. وحراء مما صرفته العرب ولم تصرفه.
(و) والعامة تقول: بصل حَرِّيف بفتح الحاء. والصواب حِرِّيف بكسر الحاء.
(ق) والحِرُ بتخفيف الراء، وهم يشددونه، وأصله حِرْح وجمعه أحراح.
(ص) ويقولون: حُزَّة السراويل. والصواب حُجْزَة.
قلت: بزيادة جيم ساكنة بعد الحاء.
(ص) ويقولون: لا تأخذ من حَزْرات الناس. والصواب: من حَزَرات الناس، بفتح الزاي، جمع حَزْرة، وهي خِيار مالِ الرجل.
(ص) قال حسن بن رشيق: إذا وقع في شعر جميل حِسْمَى فهي بالميم وكسر الحاء، وإذا وقع في شعر كُثَيِّر فهو حُسْنى بالنون وضم الحاء.
(و) العامة تقول: حُسِنَ الشيءُ، وحُمِضَ الخَلُّ؛ بضم الحاء وكسر السين والميم. والصواب فتح الحاء وضم السين والميم.
(س) قال عيسى بن عمر يوماً: حَسَّتْ يَدُه، بسين غير معجمة، فقال أبو عمرو: كيف قُلت؟! قال: حَشَّتْ.
قال ابن سلاّم: حَشّتْ يدُه، إذا يَبستْ، قال: حَشّ الصبيُّ في بطن أمه، إذا جَفّ، ومنه سُمّي الحشيش لجفافه.
(وح) ويقولون: حُسِدَ حاسدُك، بضم الحاء، فيعكسون المراد، ويجعلون المدعوَّ عليه مدعوّاً له.
والصواب: حسَدَ حاسدُك، بالفتح، بمعنى: لا انْفَكّ حاسِداً، أو لازلتَ محسوداً.
ويقولون: ما كان لك في حِسابي. والصواب: ما كان لك في حِسْباني، لأن مصدر حَسِبتُ، بمعنى ظننتُ، مَحْسَبة وحِسْبان، والمصدر من حَسَبْتُ بمعنى عدَدْتُ، حُسبان.
قلت: الظن بالكسر، والعدد بالضم.
(ص) ويقولون: حِيشَ الحشيش. والصواب: احتَشَّ، على وزن افْتَعَل، وحَشَّ أيضاً.
(ص) ويقولون للكلأ الأخضر: حشيش. وليس كذلك. إنما الحشيش اليابس، فأما الأخضر فيسمى الرُّطْب والخَلَى.
ويقولون للحشيش اليابس عُشْب. وليس كذلك.
وإنما العُشْب: الأخضر من المرعى.
(ص) ويقولون: فأزالا حَشْوَةَ بَطْنِه. والصواب حِشْوَة، بالكسر من الحاء.
(ص) ويقال للمرأة: حَصان، بفتح الحاء، للفرس: حِصان بكسرها.
(ز) ويقولون لِمَا لمْ ينضج من الفاكهة: حَصْرَم. والصواب حِصْرَم، وأصل الحَصْرمة الشدة، يقال: حَصْرَمَ قوسَه، إذا شدّ وترَها، ورجل حِصْرَم، وإذا كان بخيلاً.
(و) يقولون في كُنية الثعلب: أبو الحُسَين، بالسين: والصواب بالصاد.
(ث) قال ابن دريد: قال الخليل بن أحمد: الحصب: الحَيّة.
وإنما هو الحضب، بضاد منقوطة.
قلت: الحضب بالحاء المهملة والضاد المعجمة: الحَيّة.
(ز) ويقولون في التهجي حَطِّي، بالفتح. والصواب: حُطِّي بضم أوله.
(ص) ويوردون قول الشاعر:
ولمّا نزَلْنا مَنْزِلاً حَفَّهُ النّدَى ... أنيقاً وبُسْتاناً من النَّوْرِ حالِياً
فيقولون: حَفَّه وإنما الرواية طَلَّه النّدَى.
(زص) ويقولون: لبعض الأوعية: حُكّة. والصواب: حُقٌ وحُقّةٌ. وكذلك حُكُّ الوَرِك. والصواب حُقٌ؛ لأن الحُقّ هو خُرْبَة الورك.
ويقولون: حَكَّني جسَدي، فيجعلون الجسدَ هو الحاكَّ، وعلى التحقيق هو المحكوم، والصواب: أحكّني، أي ألجأني الى الحَكّ.
(ص) وينشدون قول الشاعر:
فهُنَّ كالحلل الموشَّى ظاهرها ... أو كالكتاب الذي قد مَسَّهُ بَلَلُ
فيقولونه بالحاء المهملة، وهو بالخاء المعجمة المكسورة، والخِلَلُ: بطائنُ السيوف.
(ق) الحليل تضعه العامة موضع الإحليل، يعنون به الذَكَر. والحليل: الزوج، والمرأة حليلة.
(ق) ويقولون على فلان حُلاّس. والصواب أحلاس، كأخلاق.
(و) ويقولون: حَلَبْتُ الناقةَ، بفتح الحاء واللام. والصواب حُلِبَتْ، على ما لم يسمَّ فاعله.
(ز) ويقولون لبعض الحبوب حِلْبا. والصواب حُلْبَة، وأعراب الشام يسمون الحُلْبَة الفَريقَة، والفريقة: نقوع يتخذ منها ومن أخلاط غيرها، قال الهذليّ:
ولقَدْ ورَدْتُ الماءَ لوْنَ جِمامِه ... لونُ الفَريقةِ صُفّيتْ للمُدْنفِ
(وز) ويقولون لثوب الوشي: حُلّة. والحُلّة الإزارُ والرِّداء معاً، ولا يقال حلة حتى يكونا ثوبين.
(زص) ويقولون: حَلْوة العَسَل، وحَلْوة السُكّر. والصواب: حَلْوى العسل، وحَلواء السّكّر، بالمد والقصر.

(ص) ومن ذلك الحِلْم، لا يعرفونه إلا الصَّفْح والتغاضي. والحَليم يكون الصفوح والعاقل، قال الله عز وجل: (أمْ تأمُرُهُمْ أحْلامُهُم بهذا)، أي عقولهم.
(و) وتقول: حلَمتُ في النوم، بفتح اللام. وإذا أردتَ الحِلْم ضمَمْتها.
قلت: يريد بالثاني إذا أردت الأناة والتغاضي.
(وز) ويقولون: حَلْفة، للنبت الذي يُتَّخذ منه الحِبال. والصواب حَلَفَة، وتجمع على حَلْفاء، مثل قَصَبَة وقَصْباء. ويجمع أيضاً: حَلَفٌ، مثل قَصَبَة وقَصَب، وقيل: واحد الحَلفاء: حلفاءة.
(ز) ويقولون: للدود الذي يغيب في قِشْرِه: حُلْزوم.
والصواب: حلَزون، والجمع حَلازين، وقال الأصمعي: هو دابّة تكون في الرِّمْث.
(وح) ويقولون: حلا الشيء في صدري، وبعيني. والعرب تقول: حَلا في فمي وحَلِيَ في عيني، وليس الأول من نوع الثاني، بل الأول من الحُلو والثاني من الحَلْي الملبوس.
(ث) قال خلف الأحمر: روى المفضل بيت المُتلمِّس:
يكون نذيرٌ من ورائيَ جُنّةً ... وينصرني منهم حُليّ وأحْمَسُ
فقلت: إنما هو جُلَيّ، بالجيم، وأحْمَس، بطنانِ في ضُبَيعة، فقَبِلَه.
(ز) ويقولون لتصغير الحَمام: حُمَيم. والصواب حُمَيْميم.
(ز) ويقولون: حماليق، للحدَقِ. والصواب أنّ الحماليقَ بواطنُ الأجفان، وقد حمْلَقَ الرجلُ، إذا انقلب حِملاقُه من الجزَع.
(ص) ويقولون: حُمَّيْض. والصواب حُمّاض.
(ص) ويقولون: حُمًّى شديدة. والصواب حُمَّى، بغير تنوين.
(و) تقول العامة: حُمَةُ العقرب والزنبور: شوكتهما اللتانِ يلسعانِ بهما. والصواب أنهما سمهما.
(و) تقول العامة: الحمامُ: الدواجنُ التي تسكن البيوت خاصة. والعرب تقول ذلك لكل ذات طوق.
(ص) ويقولون: حُمادَى أنْ فعَلَ فلان كذا فعلتُ أنا كذا. فيجعلونه مثل مقدار ومسافة وما أشبه ذلك، وقد يضعون هذه الكلمة موضع بالحَرَي. وإنما هي بمعنى قُصارَى، يقال: حُماداك أنْ تفعل كذا، أي قُصاراك.
(ص) ومن ذلك: حَمُو المرأةِ، لا يعرفونه إلا والد زوجها خاصة. وليس كذلك. بل أخو زوجها وابن أخيه وابن عمه وسائر أهله، كُلّ واحدٍ منهم حموها. قالت عائشة رضي الله عنها يوم منصرفها من البصرة: إنه واللهِ ما كان بيني وبينَ عليّ في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه عندي - على معتبتي - لمن الأخيار.
(ق ز) ويقولون: حِمْص، بالتخفيف. والصواب: حِمِّص بالتشديد، على مثال فِعِّل. وزعم سيبويه أنه لا يوجد على هذا المثال إلا ثلاثة أسماء وهي حِمِّص وجِلِّق وحِلِّز. وقال ابن الأعرابي: حِمَّص بالفتح على مثال قِنَّب.
(وح) ويقولون: أجد حَمَى. والصواب حَمْياً أو حَمْواً، لأن العرب تقول لكل ما سخن: حَمِيَ يَحْمى حَمْياً، ومنه قوله تعالى: (في عَيْنٍ حامية).
(و) العامة تطلق الحَمْولة لكل الإبل. والصواب أنها للتي تحمل الأمتعة خاصة.
(و) ويقولون: حِماحِم للون من الصبغ فيكسرون الحاء. والصواب ضمها.
(و) العامة تقول: طاب حَمّامُك. والصواب: طاب حَميمُك، وإن شئت قلت: طابتْ حِمَّتُك، أي عرَقُك، لأن عرَق الصحيح طيب وعرق العليل خبيث.
(س ث ك) أنشد حماد الراوية لأبي ذؤيب:
أكل الحميمَ فطاوعتْه سَمْحَجٌ ... مثلُ القناةِ وأرغلتْه الأمرُعُ
قال: حدثنا محمد بن موسى، ثنا حماد بن إسحق عن أبيه، حدثني أبو حنش قال: صحف حماد الراوية في موضعين، وأنشد البيت، فقلت له: الجميم، وهو ما جَمّ من النّبْت، وقلتُ له: ما أرغلته؟ فقال: أطابتْ عَيْشَه وأخصبتْه، وعيش أرغل: واسع. فقلت: إنما هو: أزعلتْه: نشَطَتْه.
قلت: الجميم بالجيم، لا بالحاء، وأزعلته بالزاي والعين المهملة لا بالراء والغين المعجمة.
(ص ز) ويقولون: لبعض بُسُط الصوف: حَنْبَل. والحَنْبَل: الفَرْو، عن الشيباني، والحَنْبَل: القصير من الرجال أيضاً.
(ص) ويقولون: إذا حنَثَ في يمينه. والصواب حنِثَ بكسر النون.
(م ز) ويقولون لبائع الحِنّاء: حِنّي، وقد حنّن يديه. وهو خطأ، والحِنّاء اسم مذكر ممدود مهموز، واحدته حثنّاءة، والنسبة إليه حِنّائيّ، وقد حنّأتَ يديك.
(ز) ويقولون: حَنْشٌ، فيسكنون. والصواب حَنَشٌ وبه سمي حَنَش الصنعانيّ.
قال أبو عَمْرو: الحَنَش كلُّ شيء يصطادُ من الطير والهوام، ويقال منه: حَنَشْتُ الصيدَ أحنِشُه.

(و) العامة تقول: في صدر فلان عليَّ حِنّة. والصواب: إحْنَة.
(ص و) العامة تقول: دقيق حَوّارَى، فتفتح الحاء. والصواب: حُوّارَى بضم الحاء.
(و) تقول العامة: حَوّاقة القوم، بفتح الحاء. والصواب حُوَاقة بضمها.
(ق و) تقول: في عينه حَوَر، بفتح الحاء. والعامة تقول: حِوَرٌ بالكسر.
(ز) ويقولون لجمع الحارة: حواير. والصواب حارات. وكل أهل محلة دنت منازلهم فهم أهل حارة لأنّهم يحورون إليها، أي يرجعون. أما الحوائر فجمع الحائر، وهو المكان المطمئن يتحيّرُ فيه الماء.
(وح) يقولون: حوائج في جمع حاجة. والصواب أن تجمع في أقل العدد على حاجات، كما قال الأوّل:
وقد تُخرجُ الحاجاتُ يا أمَّ مالِكٍ ... كرائمَ من ربٍّ بهنّ ضَنينُ
وأن تجمع في أكثر العدد على حاجٍ، مثل هامَة وهامٍ، وعليه قول الراعي:
ومُرْسِل ورَسول غير مُتَّهمٍ ... وحاجة غير مُزْجاةٍ منَ الحاجِ
(ص) يقولون: حَوْصَلَة ودَوْخَلَة. والصواب: حوْصَلّة ودوْخَلّة، بتشديد لاميهما.
ويكتبون الحياة والزكاة والصلاة بالواو في كل موضع، وليس على عمومه، لوجوب ثبوت الألف فيها عند الإضافة ومع التثنية كقولك: حياتك، وصلاتك، وزكاتك، وحياتان، وصلاتان. وإنما فعل ذلك لأن الإضافة والتثنية فرعان على المفرد، ويجوز في الأصل ما لا يجوز في الفرع.
(ز) ويقولون في تصغير حِيتانٍ: حُوَيْتنات. والصواب أُحَيّات، ترده الى أحوات لأنه أدنى العدد، وكذلك تفعل بكل جمع كثير، إذا صغرته رددته الى أدنى العدد، فإن لم يكن له أدنى عدد جمعته بالتاء، وذلك أنهم كرهوا أن يصغروه على البناء الذي يدل على الكثرة فيقع التضاد بين تقليله وتكثيره.
(ق) ويقولون: حَيُّ الشاة. وإنما هو حياؤها، ممدود.
(ص) ويقولون: حياة بن شُرَيح. والصواب حَيْوَة، وليس في الكلام ياء ساكنة بعدها واو إلا حَيْوَة وضَيْون، وهو القط، وكَيْوان وهو زُحَل.

حرف الخاء المعجمة
(و) العامة تقول: الخاتم لما كان فيه فصّ أو لم يكن. والصواب أنه لا يدعى خاتماً إلا وهو بفصّ، فإن لم يكن به فصّ فهو حَلْقة.
(س) قرأ رجل يوماً على أبي عبد الله المفَجَّع:
ولمّا نزَلْنا منزِلاً طَلَّه النّدى ... أنيقاً وبُسْتاناً منَ النَّوْرِ خالِيا
فحرك المفجَّع كتفيه وقال: يا سيدَ أمِّه! فعلى أي شيء كنتم تشربون؟ على الخَسْف؟ قلت: يريد أنه قاله بالخاء المعجمة، وصوابه بالحاء المهملة.
(م ص) ويقولون: خُبَّيز. والصواب خُبّاز، وخُبّازَى.
(ص) ويقولون: خَبّشْتُ وجهَه. والصواب: خَمَشْتُ، بالميم مخففة، إلا أن يراد التكثير فتشدد.
(ص) ويقولون للذي يروي الأخبار: خُبَريّ. والصواب خَبَريّ، بفتح الخاء.
(و) فلان خِبٌ. والصواب خَبٌ بفتحها.
قلت: الخَبُّ والخِبُّ، بفتح الخاء وكسرها: الرجل الخَدّاع الجُرْبُز.
(ص) ويقولون في قول الشاعر:
رَبِّ فارحمْهما كما رَحِماني ... وأقَلاّ عندَ الوداعِ الخِداجا
بالخاء. والصواب الحِداجا، بالحاء مهملة، والحِداج: إدامة النظر، ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه: حدِّث القوم ما حدَجوكَ بأبصارِهم، أي ما أقْبَلوا عليك ورمَقوك.
لا يكون السِّتْرُ خِدْراً إلا إذا اشتمل على امرأة.
(ص) رافع بن خَديج الصحابي ومعاوية بن حُدَيْج، تابعيّ كان قد ولِيَ مصر في أيام معاوية.
قلت: الأول بالخاء المعجمة مفتوحة وكسر الدال، والثاني بضم الحاء المهملة وفتح الدال مصغَّراً.
(ص) ما خُدِّر لفلان في كذا، ومَنْ خُدِّر له في شيء فليلزمْه. والصواب خُضِّرَ بالضاد.
(س) وقال ابن دريد: سمعت أبا حاتم يقول: رويَ:
والشوقُ شاجٍ للعيونِ الخُذَّلِ
بالخاء المعجمة، وهو تصحيف. وإنما هو للعيون الحُذَّل، وهو حُمْرة وانسلاق في جفن العين ويقال: حَذِلتْ عينه، وعين حَذلاء.
قال أبو حاتم: ولا أدري أي شيطان فسّر لهم هذا البيت فقالوا الخذل إذا بكى أصحابها خذلتهم فلم تبكِ معهم؟! (ص) ويقولون خُرّافة. والصواب خُرَافة، بالتخفيف.
قلت: خُرافة اسم رجل من عُذْرة استهوته الجِنُّ، وكان يُحدِّثُ بما رأى وعاينَ ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: وخُرافَة حقٌ.

(ز) ويقولون لثقب الإبرة خَرْتٌ. والصواب خُرْتَة الإبرة وخُرْتُها، وجمع الخُرْت أخْرات، وكذلك خُرْت الفأس، ويقال جَمَلٌ مخْروت الأنف، إذا خَرَتَه الخِشخاش.
ويقولون خرَج عليه خُرّاج. ووجه القول أن يقال: خرَجَ به خُرّاج.
(ص ز) ويقولون: رجل خُرْطوم، إذا كان عظيم الأنف.
والصواب رجل خُرْطُمانيّ. والخرطوم: الأنف نفسه، ووصف بعض العرب ابنه فقال: كان أشدق خرطمانياً، والعرب تمدح بطول الأنف.
(س ك) قال محمد بن إبراهيم السَّكّوني: نظر حماد في المصحف فقرأ: (حتّى يُعْطوا الخُربَة عن يدٍ وهُمْ صاغِرون)، فقيل له الجِزْيَة فقال: إنما عنَى السّرِقَة، وكان احتجاجه للخطأ أعجب من خطئه.
قلت: الخاربُ اللصُّ، قال الأصمعي: هو سارق البُعران خاصة.
(ص ز) ويقولون للنَّبْت الكثير الشوك المنبسط في الأرض: خُرْشُف.
والصواب: حَرْشف، قال أبو نصر: الحَرْشف نبتٌ خشِن الشوك، ولذلك قيل للرجالة في الحرب حَرْشف، شُبِّهوا لاجتماعهم وحملهم الرماح بهذا النبت.
قلت: يريد أن الصواب فيه بالحاء المهملة.
(ز) ويقولون: خَرْنَق لواحد الخَرانِق. والصواب خِرْنِق، على مثال فِعْلِل.
قلت: يريد أنهم يفتحون الخاء والصواب كسرها وكسر النون، والخِرْنِق ولد الأرنب.
(ز) ويقولون لبعض الرُّكُب المنوطة من السّرْج: خَرْز.
والصواب غَرْز، ومنه قولهم: أغرزت السير، إذا دنا بمسيره كأنه تمشّق من الغرز، وهو ركاب لا يكون إلا للإبل، كأنه وضع رجله فيه، وقال بعضهم: كل ما كان مسّاكاً للرجلين فهو غرز.
(ق) ومن ذلك الخِرْوَع، تذهب العامة الى أنه نبت بعينه، ويفتحون خاءَه، والخروع: كل نبتي يتثنى، أيّ نبتٍ كان، ولهذا قيل للمرأة اللينة الجسد خَريع.
(ص) ويقولون للقُرْط: خُرْس. والصواب خُرْص.
(ص) ويقولون: خَرُبَتِ الدارُ، تخْرُب. والصواب: خرِبَتْ تخْرَبُ.
قلت: يريد أنهم يضمون الراء فيهما، والصواب كسرها في الماضي.
(ص) ويقولون في النسبة الى الخَريف: خُرْفيّ. والصواب: خَرْفيّ، بفتح الخاء على غير قياس.
(و) تقول العامة: الخَرْنوب، بفتح الخاء. والصواب ضمها، وفيه لغة أخرى: الخَرّوب، بفتح الخاء وتشديد الراء من غير نون.
(و) العامة تقول: الخُرّافات بتشديد الراء. والصواب تخفيفها.
(ق و) تقول العامة: خرمش الكتاب، إذا أفسد. والصواب خرشن.
قلت يريد أنهم يقولونه بميم بعد الراء بغير نون. والصواب بشين بعد الراء وبعدها نون.
(ص ز) ويقولون: الخَزانة فيفتحون. والصواب: الخِزانة، وهو المكان الذي يخزن فيه المتاع، والخِزانة أيضاً: عمل الخازن، كالوِلاية والإمارة.
(ص) ويقولون لقبيلة من الترك: الخَزَر. والصواب: الخُزْر بالإسكان، ويقال: إنما سموا بذلك لخزر أعينهم.
(س) قال خلف الحدّاني كنا عند أبي عمرو فقرأ عليه الأصمعي:
ألا قتلتْ مَذْحِجٌ ربَّها ... وكانت خزايتُها في مُرادِ
فضحك أبو عمرو وقال: اجعل مكان الزاي راءً والياء باءً، إنما هو وكانت خرابتها في مراد، أي سرِقتها، والخارب: اللص.
(ق و) تقول العامة: ما بفلان خَساسَة بالسين. والصواب: خَصاصَة، بالصاد.
قلت: من قوله تعالى: (ويؤْثِرونَ على أنفُسِهِمْ ولوْ كانَ بهِمْ خَصاصةٌ).
(ز) ويقولون: خَسٌ. والصواب خَسا، وزعم ابن الأنباري أنه مُنَوَّن، يقال خَساً وزَكاً، ومن لم ينونه جعله بمنزلة مَثنى ومَوْحَد، ولا يدخلها ألف ولام.
قلت: خَسا فرد، وزَكا زوج.
(س ك) حدثنا محمد بن الرياشي ثنا أبي قال: أنشدني بعض أصحاب الفراء ببغداد عن الفراء:
والعطيات خساس بيننا ... وسواءٌ قبْرُ مُثْرٍ ومُقِلّ
فقلت: ما معنى خساس؟ قال: قال الفراء: قليلة، لأن أمر الدنيا كله قليل. فقلت: أنشدني الأصمعي خصاص بيننا، وفسّره فقال: الاختصاص في العطايا: يُحَرم هذا أو يُعطَى هذا ويستوون في القبور، فقالت الجماعة: هذا هو الصواب وغيره خطأ.
(ص) ويقولون: خُشكَنان والصواب: خُشْكنانَج، لا غير، الواحدة خُشْكَنانجة.
(و) ويقولون لرءوس الحَلْي وما تكسّر منه: خَشْرٌ. والصواب أنه خَشْل باللام.
(ق ص ز) ويقولون لحشرات الأرض: خُشاش. والصواب: خَشاش بالفتح، واحده خَشاشة.
(ق) ويقولون: الخِشخاش، بكسر الخاء، وهو بفتحها.

(ص) ويقولون لنوع من البقول: خَصّ. والصواب خَسّ.
(ص) ويقولون لواحد أخصام العِدْل، وهي أركانه: خِصْم. والصواب خُصْم، بالضم.
قلت: يريد بذلك حركة الخاء، وأنهم يكسرونها.
(ص) ويقولون: خَصْلة غزل، وخَصْلة شعَر، وفي الجمع خَصالي، والصواب خُصْلة وجمعها خُصَلٌ، فأما الخَصْلة بالفتح، فهي الخَلَّة من الخِلال.
(ص) ويقولون: ابن الخَصّاصيّة، بتشديد الصاد. والصواب تخفيفها، وهو رجل من الصحابة.
(ز) ويقولون: خِصْر الإنسان وغيره، بالكسر. والصواب بالفتح.
(و) العامة تقول: خَصْوة. والصواب خُصْيَة، بالياء.
(و) العامة تقول: أباد الله خضراءَهم. والصواب غضراءَهم، لأنه من غضارة العيْش.
(ص) ويقولون: القنا الخِطِّية. والصواب: الخَطّيّة، بالفتح، منسوب الى الخَطّ، وليس الخطّ مَنبِتَها، وإنما تأتي بها سفن الهند فتُرفأ في خَطّ البحرين فنسبت إليه، وهو ساحل ترفأ فيه السفن.
(ص) ومن ذلك الخَطاء بالمد، جائز عند بعض العرب، وقد قرأ الحسن: (وما كانَ لمُؤْمِنٍ أنْ يقْتُلَ مُؤمِناً إلاّ خَطاءً)، بالمد.
(زو) العامة تقول: الخَطْمي بفتح الخاء ولا تشدد الياء. والصواب أنه خِطْميّ بتشديد الياء وكسر الخاء.
(وح) ويقولون للذهب: خَلاصٌ، بفتح الخاء. والاختيار فيه الكسر، واشتقاقه من أخلصتْه النارُ بالسَّبْك.
(ز) ويقولون لذراع من البحر: خَلَنْج. والصواب: خَليج، بالياء، وأصل الخَلْج الجَذْب يقال: خَلَجه يَخلِجه، إذا جذَبه.
قلت: يريد أنهم يقولونه بنون بعد اللام بدل الياء، آخر الحروف.
(ص ز) ويقولون: خِلخال بكسر أوّله. والصواب خَلْخال بفتح أوّله، وكل ما كان من المضاعف على هذا المثال لا يكون إلا مفتوح الأوّل مثل الجَثْجاث والصَّلْصال والجَرْجار وما أشبهه، إلا حرفاً واحداً وهو الدّيداء، وهو آخر الشهر، ويقال: الدّأداء، فإن كان مصدراً جاء مكسور الأول مثل القِلْقال والزِّلْزال.
(ص) ويقولون: ظهرت الشمس من خِلل السحاب، ورأيت الصبحَ من خِلل الديار. والصواب خَلَل بالفتح.
(ص) ويقولون: فلان حسَنُ الخُلَق بفتح اللام. والصواب ضمها وإسكانها أيضاً.
(ث) قال خلف الأحمر: روى المفضل بيتي حاتم الطائي:
لَحى اللهُ صُعْلوكاً مُناهُ وهمُّهُ ... منَ العيْشِ أنْ يَلْقى لَبوساً ومَطْعَما
يرى الخِمْسَ تعْذيباً وإنْ يَلْقَ شَبْعةً ... يَبتْ قلبُهُ من قِلّة الهمّ مُبْهَما
فقلت: لا معنى لذكر الخِمْس ها هنا، إذا كان ورود الإبل الخِمْس، والصواب: يرى الخَمْص، من خَماصة البطن، فقَبِلَه أحسن قَبول.
(ز) ويقولون: خِمار المرأة: لما خمّرتْ به المرأة رأسها من شقاق الحرير خاصة. والخمار كل ما خمّرت به الرأس من ثوب أو ما أشبهه، وفي الحديث: خَمّروا الآنيةَ وأوْكوا السِّقاء.
(ز) ويقولون: خمّمتُ الشيءَ تخميماً، إذا قدّرته. والصواب: خمّنتُ، بالنون وهو من التخمين.
(ص) ويقولون: الخميرة. والصواب: الخمير.
(ص) يقولون: عليك بالخَمول. والصواب الخُمول بالضم لا غير.
(ص) ويقولون: لا يُضَحّى بالشاةِ الخَمِرة، أي البَشِمَة.
والصواب: الحَمِرة، بالحاء غير المعجمة، وهي التي أنتن فمُها من البَشَمِ.
(ص) ويقولون: الخُنفَسا بفتح الفاء وقصر الألف. والصواب فتح الفاء والمد.
(ق) الخُنان تضعه العامة موضع الحَنَك، ويقولون: خَنّنه، إذا ضرب حنكه. والخُنان: داءٌ يأخذ الإبل مثل الزُكام.
(ص) وينشدون قول مالِك بن الرّيْب:
وأشقَرَ خنذيد يجُرّ عِنانَهُ ... الى الماءِ لم يتركْ لهُ الموتُ ساقِيا
يقولون خنذيد بالدال غير معجمة، وهو بالذال.
قلت: والخنذيذ بالذال المعجمة يطلق على الفحل وعلى الجَيّد من الخيل، وعلى الخَصيّ أيضاً، فهو من الأضداد.
(ص) ويقولون: لولد الخنزير: خَنّوس. والصواب خِنَّوص بالصاد.
قلت: يريد بكسر الخاء وفتح النون المشددة وسكون الواو، وبالصاد المهملة.
(س) قال الحزنبل: كنت عند ثعلب فأنشد للمُسيَّب بن عَلَس:
جَزى اللهُ عنّي والجزاءُ بكفّه ... عُمارَة عَبْسٍ نَضْرةً وسَلاما
هو المشْتَري من طَيّئٍ بخَميسهِ ... خميس بن بدر رجعةً وتَماما

فلما خلا قلت له: حُمَيْس بن بدر، فقال: خميس يعني جَيْشاً، فعرّفته أن التوزي حدثنا عن أبي عبيدة أنّ عُمارة بن زياد العَبْسيّ أسرتْه طيّئ ومعه حُميس بن بدر، فقامر عُمارة بعضَ طيِّئ عن نفسه وإبِله فقَمَر عمارةُ فأُطلِقَ، وقامرَ عن حُميس ابن بدر فخلّصه، فجعل القِداحَ بمنزلة الجيش لمّا كان فكاكهما به، فقال لي: ويحك! هذا الحق، ولكن كذا أنشدنيه ابن أبي عمرو الشيباني عن أبيه.
قلت: حُمَيْس بضم الحاء المهملة وفتح الميم وسكون الياء آخر الحروف مصغر أحمس.
(ص) ويقولون: لكن البائِس سعد بن خَوَلة، بفتح الواو. والصواب سكونها.
(ز) ويقولون للقُضُب التي يتخذ منها المخاصر ويعمل بهاالأطباق: خَيْزَران. والصواب: خَيزُران. والعرب تسمي كل قضيب لدْنٍ ناعمٍ خيزُراناً.
قلت: يريد ضم الزاي.
(ز) يقولون لريحانة طيبة الريح: خَيْريّ. والصواب: خِيْريّ بالكسر، كأنه نسَبٌ الى الخِيْر، قال الأعشى:
وآسٌ وخِيْريّ وسَرْوٌ وسَوْسَنٌ ... ............
قلت: هو معرَّب.
(ص) ويقولون: الخِيْرَة، والطِّيرَة. والصواب الخيرَة والطّيرَة، بفتح الياء.
(ص) ويقولون لضرب من العود: الخيزُران. والخيزُران كلّ عود يتثنى.
(ص) ويقولون البيت:
متى كان الخِيامُ بذي طُلوحٍ ... سُقيتِ الغيْثَ أيتُها الخِيامُ
فيفتحون الخاء. والصواب كسرها أينما وقع.
(ص) ويقولون خَياطَة وقَصارة، بالفتح. والصواب الكسر فيهما.

حرف الدال المهملة
(ص) يقولون: دامُوس. والصواب: ديماس، والجمع دياميس، فأما الداموس فهو القبر.
قلت: الديماس سجن كان للحجاج بن يوسف، فإن فتحت الدال جمعته على دياميس، مثل شيطان وشياطين، وإن كسرتها جمعته على دماميس مثل قيراط وقراريط، وسمي بذلك لظلمته، ويسمى السَّرَب ديماساً. وفي حديث المسيح: أنه سَبْط الشعرِ كثيرُ خِيْلانِ الوجهِ كأنه خرَج من ديماس، يعني في نضرته وكثرة ماء وجهه كأنه خرج من كنّ.
ومن أوهامهم في الهجاء أنهم لا يفرقون بين ما يجب أن يكتب بواو واحدة وما يكتب بواوين.
والاختيار عند أرباب العلم أن يكتب داود وطاوس وناوس بواو واحدة للتخفيف، وكذلك يكتب مسئول ومسئوم ومشئوم بواو واحدة، ويكتب ذوو بواوين لئلا يشتبه بواحدِه وهو ذو.
(ز) ويقولون: الدِّبيران لذباب يلسَع. وهي الزنابير، واحدها زُنبور.
(و) تقول العامة: آخر الداء الكيّ. والصواب آخر الدواء الكيّ.
(ص) ويقولون في الدُّبّا والمزفت، بالقصر. والصواب الدُبّاء بالمد.
قلت: الدُبّاء القرع، الواحدة دُبّاءَة، قال امرؤ القيس:
إذا أقبلتْ قلتَ دُبّاءَةٌ ... ............
(ق) ومن ذلك الدُّبُر. تذهب العامة الى أنه الاست.
ودبر كل شيء خلاف قُبُله، بضم الدال ما خلا قولهم: جعل فلان قولك دَبْرَ أذنه، أي خلف أذنه، بفتح الدال.
(ص) ويقولون: دُبَير الأسدي، تصغير أدبر كما في قول من قال في أبلق: بليق، وفي أسود: سويد.
وإنما هو تصغير دَبِر لأنه سمي بذلك من كون السلاح أدبر ظهره، أي ترك به دَبْراً، وهؤلاء القبيلة بنو دُبَير.
(س ك) حدثنا محمد بن عبد الله الحَزَنْبَل قال: سمعت الطوسي يقول: سمعت أبا عبيد يقول: ما بالدار عَريب ولا دِبّيح، فقلت: إن العلماء يقولون دِبّيج بالجيم، فأنكر قليلاً ثم قال: اضربوا عليه.
قلت: قال الجوهري: ما بالدار دِبّيج، بالكسر والتشديد، أي ما بها أحد، وشكّ أبو عبيد في الجيم والحاء، وقال ابن السكيت: وسألت عنه بالبادية جماعة من الأعراب فقالوا: ما بالدار دِبِّيّ، وما زادوني على ذلك، ووجدت بخط أبي موسى الحامض: ما بالدار دِبّيج، موقع بالجيم، عن ثعلب، انتهى.
قلت: أنشد ابن الأعرابي:
هلْ تعرِفُ الرّسومَ من ذاتِ الهُوجْ
ليْسَ بِها منَ الأنيسِ دِبّيجْ
قلت: كأنه من الدَّبْج وهو النقش والتزيين، من الدِّيباج.
(س) قُرئ على الأصمعي يوماً في شعر أبي ذؤيب:
بأسفل ذاتِ الدَّبْر أُفرِدَ جحشها ... فقد ولِهَتْ يومين فهْيَ خَلوجُ
فقال الأصمعي: ذات الدبر مكان. فقال أعرابي حضر المجلس: إنما هو ذات الدير وهي ثَنّية عندنا. فأخذ الأصمعي بذلك فيما بعد.
قلت: يريد الصواب ذات الدير بالياء آخر الحروف.

(ص) ويقولون أبو دِجانة. والصواب دُجانَة، بضم الدال.
قلت: هذه كُنية سِماك بن خَرَشَة الأنصاريّ رضي الله عنه.
(ص و) وهذه دَجاجَة، والجمع دَجاج. والعامة تكسر الدال، وهي لغة رديئة.
(و) تقول العامة: دَرْهم بفتح الدال. والصواب دِرْهم، بكسر داله. وقال ابن الأعرابي: تقول العرب: دِرْهَم ودِرْهِم ودِرْهام.
قلت: الثلاثة بكسر الدال. والأول بفتح الهاء والثاني بكسرها.
(و) العامة تقول: أتيت الدِّجْلَة، بالألف واللام. والصواب دِجْلة، كما تقول: أتيت مكة.
(وص) ويقولون: فلان يطلب دَحْلِي. والصواب: ذَحْل بالذال المعجمة، والذّحْل: الثأر والتِّرَة.
(وق) ويقولون دُخّان الأذن، بالنون، لدابّة كثير الأرجُل، ويذهبون الى تشبيهها بالدخان. ولا معنى لذلك. إنما هو دَخّال الأذن، فعّال من الدخول، أي أنه يدخل الأذن كثيراً، والعرب تسمي هذه الدابة الحريش، على وزن حريص.
(و) وهذا الدُّخَان بتخفيف الخاء وجمعه دواخن. والعامة تشدد الخاء وتجمعه على دخاخين.
(ص) ويقولون: جعله الله دُخراً في الآخرة، وهذا دخيرة من دخائر الملوك. والصواب بالذال المعجمة في جميع ذلك.
فأما قولهم: ادّخرت ادِّخاراً وهو مُدَّخر، فإنما انقلبت دالاً للإدغام لأن الأصل اذدخرت واذتخرت ومذتخر. ومثلُ ذلك مُدَّكِر.
فإذا قلت: مذخور فهو بالذال معجمة لأنه لا إدغام فيه، وإنما هو كقولك مذكور.
(ز) ويقولون: دُرْعَة القميص. والصواب: دُرّاعة، على مثال فُعّالة واشتقاقها من الدِّرْع.
والعامة لا تعرف الدِّرْع إلا درع الحديد. والدِّرْع أيضاً القميص، قال امرؤ القيس:
............ ... إذا ما اسبكرّتْ بين دِرْعٍ ومِجْوَلِ
(ز) ويقولون: دَرّاج بفتح أوله. والصواب: دُرّاج، ودرائج للجميع.
ويقولون: أرض مَدْرَجة، إذا كثر فيها الدُّرّاج، وقال يعقوب: يقال لبعض الطير دَرَجَة، وروى سيبويه دُرَّجة بالتشديد.
(زص) ويقولون لِما نتأ في بدن الإنسان وسائر جسمه من علّة أو مهنَة: دَرَن. وليس كذلك.
إنما الدّرَن الوسَخُ يعلو الجِسْم وغيرَه، ومن أمثالهم: لا دَرَنَكِ أنقيتِ ولا ماءَكِ أبقيتِ.
(ص) ويقولون: هم في دَرْكَلة. والصواب دِرْكِلَة، وهي لعبة للعجم، وفيها ثلاث لغات: دِرْكِلة، بكاف محضة ودِركلة، بحرف بين القاف والكاف وقال ابن خُرَّزاذ: قال أبو زيد: الدَّرْقِلة، بالقاف، لعبة للعجم، ويقال دَرْقَلَ، إذا رقص.
قلت: أما الثاني فلا تؤخذ معرفته إلا بالسماع مشافهة.
(و) العامة تقول: دَرِيَ بكسر الراء. والصواب فتحها.
والعربُ فرّقتْ بين ما يُرتقَى فيه وبين ما يُنحَدر فيه الى السُفل. فسمّتْ ما يُرتقَى فيه دَرَجاً وما يُنحَدَر فيه دَرَكاً، بالكاف.
(م) ويقولون لما في الجسم إذا نَتأ: درَنٌ، وهو غلط لأن الدرن وسخ الجسم ودنَسه.
(ص) ويقولون: ثوب دُسْتَريّ، والصواب تُسْتَريّ بالتاء، منسوب الى تُسْتَر.
(وح) ويقولون: دَستور بفتح الدال. وقياس كلام العرب أن تضم، كما يقال: بُهْلول وعُرْبون وخُرْطوم وجُمْهور، لأنهم ما جاء في كلامهم خارجاً عن هذا إلا صَعْفوق اسم قبيلة باليمن.
(و) العامة تقول: دَسْتَك. والصواب: دَسْتج، وهو الذي يُدَق به، أعجمي معرب.
(زص) ويقولون: دَشِيش لما يُطْحَن من البُرّ غليظاً، وهو غلط. والصواب فيه جَشيش.
(ز) ويقولون: دَعْبل فيفتحون. والصواب: دِعْبِل على مثال فِعْلِل، والدِّعْبِل: الناقة المُسنّة، وبه سمي الرجل.
قلت: هو أبو عليّ دِعْبِل بن علي الخزاعي الشاعر المشهور الهجاء للخلفاء، ولكنه كان مدّاحاً لآل البيت رضوان الله عليهم، توفي سنة ست وأربعين ومائتين.
(و) تقول العامة للصوص: ذُعّار، بالذال معجمة. والصواب: دُعّار، بالدال المهملة، مأخوذ من العود الدَّعِر، وهو الذي يؤذي بكثرة دخانه، قال ابن مقبل:
باتتْ حواطِبُ ليلى يلتمسنَ لَها ... جَزْلَ الجِذَى غيْرَ خوّارٍ ولا دَعِرِ
(و) العامة تقول: موضع دَفِيّ، بتشديد الياء. والصواب: دَفِيء، مقصور مهموز.
(ز) ويقولون لضرب من الشجر: دَفْلَة. والصواب: دِفْلَى على مثال فِعْلى، والألف للتأنيث، قال أبو علي: العرب تقول: هو أمرُّ من الدِّفْلَى وأحلى من العسل.

(ز) ويقولون: دِفْتَر، بكسر أوّله. والصواب: دَفْتَر بالفتح على مثال فَعْلَل؛ لأن فِعْلَلاً قليل، وإنما جاء منه حروف يسيرة.
قلت: جاء منه خِرْوَع وعِتْود.
(وص) ويقولون: دِقْنٌ. والصواب ذَقَنٌ.
قلت: يريد أنهم يقولونه بكسر الدال وسكون القاف، لأنّه نظّره فيما بعد بقولهم كِفْل في كفَل، والصواب ذَقَنٌ بالذال معجمة والقاف مفتوحة، وذقَنُ الإنسان: مجمع لِحْيَيْه.
(ص) ويقولون: دِكْدان. والصواب دَيْدَكان، بزيادة الياء وفتح الدال، وهي فارسية.
(ص) ويقولون: دَلَّ فلان على صديقه، إذا وثِقَ بمحبته فأفرط عليه. والصواب: أدَلّ، ومن أمثالهم: أدَلَّ فأمَلّ.
(ص) وإذا أرادوا المبالغة في الحُسْن قالوا: إنها الدلفاء. والصواب الذَّلفاء، بالذال معجمة، قال الشاعر:
إنّما الذّلْفاءُ ياقوتةٌ ... أُخْرِجَتْ من جيسِ دِهْقانِ
قلت: الذَّلَف، بالتحريك، صِغَر الأنف واستواء الأرنبة، ورجل أذْلَف وامرأة ذَلْفاء.
(ص) ويشددون الميم من دَمّ. والصواب تخفيفها، وقد جاءت فيه لغة ولكنها ضعيفة، كما يشددون الراء من حِر المرأة.
(ز) ويقولون لما قرب من الأحقال من الدور: دَمْنَة.
والصواب: دِمْنَة، وجمعه دِمَنٌ، مثل سِدْرة وسِدَر وسِدْر، وهو ما اسودّ وأسِنَ من البَعْر.
قلت: يريد أنهم يقولونه: دَمْنة، بفتح الدال، والصواب كسرها.
(ص) ويقولون إذا نسبوا الى الدم: دَماوِيّ.
والصواب دَمَويّ، وإن شئت: دَميّ. وكذلك ما كان من هذا الضرب المحذوف اللام - الذي لا ترد إليه لامه في التثنية ولا في الإضافة - أنت مخير في رد لامه في النسب إليه وتركها، فإذا نسبت الى غَدٍ قلت: غَدِيّ، وإن شئت غدَوِيّ.
(و) العامة تقول: دِمِشق. والصواب فتح الميم.
(و ح ص) ويقولون: دُنيائي. والصواب: دُنْيِيّ، على وزن قُمْريّ ودُنْيَويّ ودُنْياوِيّ أيضاً.
(وح) ويقولون: هذه دُنْياً متعبة، فينونونها. وهو من مشائن اللحن، لأن دُنْيا وما هو على وزنها لا ينصرف في معرفة ولا نكرة ولا يدخله التنوين بحال، ومن ذلك: حُبْلى وبُشْرى.
(وص) ويقولون للسرداب تحت الأرض: دَهْليز، بفتح الدال.
وليس كذلك، وإنما الدِّهْليز، سقيفة الدار، بكسر الدال.
(ص) ويقولون: مشينا في دَهَس. والصواب: في دَهاس، بزيادة الألف.
قلت: هذا فيه نظر، بل هو مردود، قال الجوهري: الدَّهْس والدَّهاس مثل اللّبْث واللَّباث: المكان السهل لا يبلغ أن يكون رملاً، وليس هو بترابٍ ولا طين حُرّ.
(س) حدثنا يزيد بن محمد عن إسحاق الموصلي قال: قال الأحمرأبو الحسن: قد قالت العرب حمراءة وصفراءة فجاءت بعلامتين. فقلت له: أين ذلك؟ قال: أما قال الشاعر:
دَهْماءة في الخَيْل عن طِفْلٍ مُتِمْ
يريد:
دَهْماء تَنْفِي الخيْلَ عن طفلٍ مُتِمْ
قلت: وقد تقدم في قوله بلقاء تنفي.
(وق) يقولون: الدوابُ بتخفيف الباء. والصواب تشديدها.
قلت: لأنه جمع دابّة، وهو من دَبّ، وكذلك هوامٌ جمع هامّة من الهَميم.
(وح) ويقولون لمن يحمل الدواة: دواتي بإثبات التاء، وهو من أقبح اللحن، ووجه القول أن يقال: دَوَوِيّ، لأن تاء التأنيث تحذف في النسب، كما يقال في النسبة الى فاطمة فاطِميّ والى مكّة مَكيّ، لمشابهتها ياء النسب في عدة وجوه: لأن كلتيهما طارفة، وكلاً منهما قد جعل علامةً للواحد وحذفها علامة للجمع، وأن كل واحد منهما إذا التحق بالجمع الذي لا ينصرف صرفه.
(ص) ويقولون للكروم: الدّوالي، وللواحدة: دالِيَة. وليس كذلك.
إنما الدالية: التي تدلو الماء من البئر والنهر، أي تستخرجه، من دَلَوت الدلو، إذا أخرجتها، وأدليتها إذا أرسلتها، والدالية كالدولاب والناعورة ونحو ذلك.
(وص) ويقولون: دوّامة. والصواب: دُوَّامة.
قلت: والدُوّامة فَلْكة يرميها الصبي بخيط فتُدوِّم على الأرض أي تدور، وبعضهم يقول: سميت دُوّامة من قولهم دوّمت القدر، إذا سكنتْ بعد غليانها بالماء؛ لأنها من سرعة دورانها كأنها ساكنة هادئة.
(ز) يقولون: أخذه دَوّارٌ فيشددون. والصواب دُوَار بالتخفيف، وكذلك أخذه دُوام، وفُعال يأتي للأدواء كثيراً مثل البُوال والكُلاب والسُعال.
(س ث) قال كيسان: كنت على باب أبي عمرو بن العلاء فجاء أبو عبيدة وأنشد للقيط بن زُرارة في يوم جَبلة:

شتانَ هذا والعناقُ والنَّومْ
والمشربُ البارِدُ في ظِلّ الدَّومْ
وقال: يعني في ظل نخل المقل، فقال الأصمعي: قد أحال بن الحائك، ليس بنجدٍ دَوْم، وجَبَلةُ بنجدٍ، والرواية: في الظِّل الدَّوْم أي الدائم، كما قالوا: زائِر وزَوْر، ونائم ونَوْم.
(وص) ويقولون: كتاب الدِيّات بالتشديد. والصواب: الدِّيَات بالتخفيف، الواحدة دِيَة، قال تعالى: (... فَدِيَةٌ مُسلَّمةٌ الى أهلِه...).
(ز) ويقولون: دَيموس للبناء العالي القديم. والصواب دِيماس، والديماس في كلام العرب: السَّرَب.
قلت: قد تقدم الكلام عليه في أوّل هذا الحرف.
(ز) يقولون لعدد ثمانيةِ دراهم: دينار؛ لأنها كانت صرفاً للدينار في بعض الأزمنة، فسميت باسم الدينار فاستمرت.
والدينار هو المضروب من الذهب، يقال: فرس مُدَنَّر، وهو الذي فيه نُكَتٌ فوق البَرَش.
(و) والعامة تقول: دِيْزَج. والصواب فتح الدال.
قلت: الدَّيْزَج هو الفرس ذو لَوْنٍ بين لونين: بين السواد والبياض.
(ص و) العامة تقول: دَيْباج، بفتح الدال. والصواب كسرها.
(ز) ويقولون: دَيَكَة وفَيَلَة لجماعة الدِّيْك والفِيل.
الصواب: دِيَكَة وفِيَلَةٌ، وكل ما كان على فِعْل أتى جمعه كثيراً على فِعَلَة، نحو قِرد وقِرَدَة، وهِرّ وهِرَرَة، وكذلك فُعْل نحو قُرْط وقِرَطَة، ودُبّ ودِبَبَة.

حرف الذال المعجمة
(ق ح) يقولون للخبيث: ذاعِر، الذال المعجمة، فيحرفون المعنى، لأن الذاعر هو المُفْزِع لاشتقاقه من الذُّعْر. فأما الخبيث الدِّخْلة فهو الدّاعِر بالدال المهملة، لاشتقاقه من الدِّعارة، وهي الخُبث، ومنه قول زُمَيْل بن أُبَيْر لخارجة بن ضِرار:
أخارِجَ هَلاّ إذ سَفِهْتَ عَشيرةً ... كفَفْتَ لِسانَ السّوءِ أنْ يتَدَعَّرا
(ق) ومن ذلك قول المتكلمين في صِفة الله تعالى: الذّات، قال ابن بَرْهان:
وذلك جهل منهم، لا يصح إطلاق الذات في اسم الله تعالى؛ لأن أسماءَه، جلتْ عظمتُه، جلّت عظمتُه، لا يصح فيها إلحاق تاء التأنيث، ولهذا امتنع أن يقال فيه علاّمة، وإنْ كان أعلم العالمين، فذات بمعنى صاحِبة تأنيث ذو الذي بمعنى صاحِب، وقولهم الصفات الذاتية جهل منهم أيضاً، لأن النسبة الى ذات ذووي. أخبرني بذلك أبو زكرياء عنه.
قلت: أما ابن الجواليقي فهو معذور في غلطه، لأنه قلّد ابن بَرْهان وغيره ممن يقول إن المتكلمين يطلقون الذات في أسماء الله تعالى، قد غلط ولم يعرف مصطلح القوم في ذلك، وإنما أراد المتكلمون بالذات: الحقيقة من كل شيء، فقولهم: ذات زيد، أي حقيقته ولهذا تسمعهم يقولون: ألحدوا في الذات والصفات، والعطف يدلّ على المغايرة، ولا يريدون بذلك إلا أنهم ألحدوا في الحقيقة وفي صفاتها، ثم إنه إذا توارد قوم واصطلحوا على ألفاظ فيما بينهم نقلوها عن أصل وضعها الى ما أرادوه فما لمعترِض أن يعترض عليهم في ذلك، لأنه لا مُشاحّةَ في الاصطلاحات، فقد اصطلح النحاة على أشياء خالفوا فيها موضوع اللغة فقالوا: الاسم والفعل والحرف، وخالفهم في ذلك بعض أرباب المنطق فقالوا: الاسم والكلمة والأداة، وقال النحاة: المبتدأ والخبر، وقال المنطقيون: الموضوع والمحمول، وقال النحاة: الشرط والجزاء، وقال المنطقيون: المقدَّم والتالي، والاصطلاح والتواضع لا يُعاب فيهما أحد ولا يُغلَّط، اللهم إلا إن وقع خَلَلٌ في القواعد التي استقرت، وهذا أمر ظاهر، نعم يَرِدُ على أرباب المعقول قولهم: المَحْسوسات لأنهم أخطأوا في هذا التصريف، إذ أصل الفعل أحَسَّ بكذا، فاسم المفعول منه مُحَسّ بضم الميم وفتح الحاء وتشديد السين.
(ص) ويقولون: ذافَ بها مرارة الموتِ، في خَتْمة قِيام رمضان.
والصواب: دافَ، بالدال المهملة.
(ق) ويقولون: ذَبّاح، بالفتح، والصواب: ذُبّاح بالضم، وهو تحرُّزٌ وتشقّق بين أصابع الصبيان من التراب.
(ص) ويقولون: أخذته الذَّبحة. والصواب: الذُّبْحة والذِّبْحة.
قلت: الضم والكسر هو الصواب، والفتح خطأ.
(ص ز) ويقولون: ذِبابة لواحد الذِّبّان. والصواب: ذُبابٌ ثم يجمع الذباب أذِبّة في أدنى العدد، وذِبّاناً للكثير، وأنشدوا لمزاحِم:
هِجانٌ كوَقْفِ العاجِ مِصْباحُ قَفْرِهِ ... مَصوغٌ لذِبّان الفَلاةِ يَذودُها

(ص) ويقولون: مرضه الذَّبول. والصواب: الذُّبول.
قلت: يريد أنهم يفتحون الذال والصواب ضمها.
(وص) ويقولون: ذِبْل. والصواب: ذَبْل، بفتح الذال، قال أبو عمر أخبرني ثعلب عن ابن الأعرابي: أن الذَّبْل ظهر سلحفاة يُعمَل منه المُشْط.
(ص) ويقولون: ذَبُلَ البقل وغيره. والصواب ذَبَلَ يذْبُلُ.
(س ث ك) حدثنا الحسن بن الحسين الأزدي، ثنا أبو الحسن الطوسي قال: كنا عند اللحياني فأملى: مُثْقلٌ استعان بذَقَنَهِ، فقال له ابن السكيت: بدَفَّيهِ، فوجم لذلك.
قلت: يريد أنه قال بذقنه بالذال المعجمة، والقاف والنون. والصوابأنه بالدال مهملة والفاء والياء آخر الحروف، والدَّفّانِ الجنبان.
(ص ق زح) ينشدون قول الشاعر:
كضرائرِ الحسْناءِ قُلنَ لوَجْهها ... حسَداً وبَغْياً إنّه لذَميمُ
بالذال المعجمة، وهو غلط، إنما هو بالدال، لاشتقاقه من الدمامة، وهي القُبْح، والى هذا أشار الشاعر، إذ بقباحة الوجه تتعايب الضرائر.
ويقولون: رأيتُ الأميرَ وذويه، فيوهمون فيه، لأن العرب لم تنطق بذي التي بمعنى صاحِب إلا مضافاً الى اسم جنس، كقولك: ذو مال، وذو نَوال، فأما إضافته الى الأعلام أو الى أسماء الصفات المشتقة من الأفعال فلم يُسمَع في كلامهم بحال، ولهذا لُحِّن مَن قال صلّى الله على نبيّه محمّد وذويه، وكما لم يقولوا: ذوو نبيّ، ولا ذوو أمير، وقصروا ذا على إضافته الى الجنس، فلا يجوز أن تقول: مررت برجل ذي مال أبوه، فإن أردت تصحيح الكلام جعلت الجملة مبتدأ به فقلت: مررتُ برجل ذو مال أبوه، لأن النكرة تختص بزن توصف بالجملة.
(وص) يقولون: ذَوّابةُ شعرٍ. والصواب: ذُؤَابة، بالهمز والتخفيف وضم الذال.
(و) والعامة لا يفرقون في قولهم: ذَوْدٌ أكان ذلك للذكور من الإبل أم للإناث. والصواب أنه للجماعة القليلة من إناث الإبل.
(ز) لا يجوز أن يلحق الألف واللام ذو ولا ذات في حال إفراد ولا تثنية ولا جمع، ولا تضاف الى المضمرات.
وإنما تقع أبداً مضافة الى الظاهر، ألا ترى أنك لا تقول: الذو ولا الذوان ولا الذوونَ، ولا الذات ولا الذوات، ولا ذوك ولا ذوه، ولا ذوهما ولا ذوهن ولا ذواتها، ولا تقول مررت بذيه ولا بذيك.
وقد غلط في ذلك أهل الكلام وأكثر المُحدَثين من الشعراء والكتاب والفقهاء، وكذلك زعم أبو جعفر بن النحاس عن أصحابه. فأما قولهم في ذي رُعَين وذي أصبح وذي كَلاع: الأذواء وقول الكميت:
فلا أعني بذلك أسْفَلَيْهِم ... ولكنّي أريدُ به الذوينا
فليس من كلامهم المعروف، ألا ترى أنك لا تقول: هؤلاء أذواء الدار ولا مررت بأذواء المال، وإنما أحدث ذلك بعض أهل النظر كأنه ذهب الى جمعه على الأصل، لأن أصل ذو ذوا فجمعه على أذواء، مثل قفا وأقفاء. وكذلك الذوون، كأن الكميت جمعه مفرداً وأخرجه مخرج الأذواء في الانفراد، وذلك غير مقول، لأن ذو لا تكون إلا مضافة.
قلت: قد تقدم الكلام على ذات في صدر هذا الحرف ما فيه مقنع.
ومن أوهامهم أيضاً في التصغير قولهم في تصغير ذي الموضوعة للإشارة الى المؤنث: ذيَّا، فيخطئون فيه، لأن العرب جعلتْ تصغير ذَيّا لذا الموضوعة للإشارة الى المذكر، ولم تصغر ذي الموضوعة للإشارة الى المؤنث لئلا تلتَبِسَ بتصغير ذا، بل عدلتْ في تصغير الاسم الموضوع الى الإشارة الى المؤنث عن ذي الى تا فصغرته على تَيّا، كما قال الأعشى:
أتشفيكَ تَيّا، أم تُرِكْتَ بدائكَا ... وكانتْ قتولاً للرجال كَذالِكا

حرف الراء
(وق) يقولون: شَممتُ راحَةَ الشيءِ. والصواب: رائحته، فأما الراحة فراحة اليد والرفاهية.
(وح) ومن أوهامهم: أفعل ذاك من الرّأس والعرب تقوله: فعلته من رأس من غير أن تلحقه أداة التعريف.
ويقولون في النسبة الى رامْ هُرْمُز: رامْ هُرْمُزيّ فينسبون الى مجموع الاسمين المركبين. ووجه الكلام أن ينسب الى الصدر منهما فيقال: رامِيّ؛ لأن اسم الثاني من الاسمين المركبين بمنزلة تاء التأنيث، وعلى هذا قيل في النسبة الى أذربيجان: أذْرَبِيّ.

(وح) ومن ذلك توهمهم أن الراحلة اسم يختص بالناقة النجيبة. وليس كذلك، بل الراحلة تقع على الجمل والناقة، والهاء فيها هاء المبالغة كالتي في داهية، وإنما سميت راحلة لأنها تُرحَل، أي يشد عليها الرَّحْل، وهي فاعِلة بمعنى مَفعولة.
(ص) ويقولون: أنت على رَاس أمرك. والصواب: على رِئاس.
قلت: قولهم على رِئاس أمرك، مهموز الياء، أي على أوّله، ورئاس السيف مقبضه.
(م و) والعامة تسمي المزادة راوية. والصواب أن الراوية للبعير أو الحمار الذي يُستقَى عليه.
(و) العامة تقول: راوُق، وليس في كلام العرب فاعُل والعين منه واو. والصواب: راووق.
(س ك) حدثنا علي بن الصباح قال: أنشدنا ابن الأعرابي:
بعْلُكِ يا ذات الثنايا الغُرِّ
والرَّبَلاتِ والجبينِ الحُرِّ
فقال أبو محلم: ما موضع الربلات ها هنا؟ إن كان أرادها فهذا أبعد بعيد وأقبح كلام، وإنما هو في الوجه، فقال:
والرتلات والجبين الحر
والرَّتْلَة: استواء الأسنان لا يزيد منها شيء على شيء.
فقال محمد بن يحيى الصولي: وهو الآن على الخطأ في نوادر ابن الأعرابي.
قلت: الرَّبْلة والرَّبَلة: باطن الفخذ، والجمع الرَّبَلات، قال الشاعر يصف فرساً عَرِقَتْ:
يَنِشُّ الماءُ في الرَّبَلاتِ منها ... نَشيشَ الرّضْفِ في اللّبَنِ الوَغيرِ
(ز) ويقولون: فرس رَبَعٌ، للأنثى والذكر. والصواب رَباعٍ بالكسر منقوص على مثال يَمانٍ، ورَباعِيَة للأنثى والجمع رُبْعان ورِباع، قال امرؤ القيس:
أقَبُّ رَباعٍ من حمير عَمايةٍ ... يَمُجُّ لُعاعَ البَقْل في كلِّ مَشْرَبِ
(س) وفي كتاب العين: شيء رَبيدٌ، تحت الباء نُقطة، أي منضودٌ بعضُه على بعض.
وإنما هو رَثيد، بالثاء فوقها ثلاث نقط، يقال: رثدت المتاعَ بعضَه على بعض، هكذا رواه الأصمعي وابن الأعرابي وابن السكيت، ولم يذكروه بالباء.
(ح و) العامة تقول: رُبَّ مالٍ كثيرٍ أنفقته، وهو تناقض لأن رُبَّ للتعليل فلا يخبر بها عن الكثير. والصواب: رُبَّ مالٍ أنفقته، تشير الى القليل.
قلت: هذا هو الأصل، ولكنه قد جاءت رُبَّ والمراد بها الكثير كقوله تعالى: (رُبما يوَدُّ الذين كفَروا لوْ كانوا مُسْلِمين).
(و) العامة تقول للذي ينظر للقوم سواء أكان من موضع عالٍ أم لم يكن: رَبيئَة.
والصواب أنه لا يقال له رَبيئَة إلا إذا كان ينظر من مكان عالٍ.
(ص) ويقولون لما حول المدينة: رَبَطٌ. والصواب ربَضٌ.
قلت: يريد أنهم يقولونه بالطاء المهملة، وصوابه بالضاد المعجمة.
(ص) ويقولون: مائتانِ رُباعِيّاً. والصواب مائتا رُباعيّ، على الإضافة.
(ص) ويقولون: الرَّثَم، لضرب من النَّبْت. والصواب: الرَّتَم، بالتاء.
قلت: يريد أنهم يقولونه بالثاء المثلثة، وهو بالتاء ثالثة الحروف.
(م ص ز) ويقولون: في لسانه رَثّةٌ، والمتفصح يقول رَتّةٌ. والصواب رُتّة ورَتَتٌ، ويقال: رجل أرَتُّ بيّنُ الرُّتّة، على مثال حُمْرَة، من قوم رُتٍّ، وامرأة رَتّاء، وبه سمي خَبّاب بن الأرَتّ، والرُّتّة حُبْسَة في اللسان، قال العجاج:
حتّى تَرى الألْسَنَ كالأرَتِّ
(ص) ويقولون: الرُّثَيْلَى. والصواب رُتَيْلَى بالتاء، وتُمَدّ وتُقصَر.
قلت: يريد أنهم يقولونها بالثاء المثلثة وهي بالتاء ثالثة الحروف.
(س ك) حدثنا إبراهيم بن المعلى قال: حدثني أبو العباس محمد بن الحسن الأحول قال: أملَى اللحياني أراجيزَ للعرب فمرّ منها:
مُجْمَرة الخُفِّ رَثيم المَنْسِمِ
عوّامة وسْطَ المَطي العُوَّمِ
وكل نَضّاحِ القَفا عثَمْثَمِ
فقال له أعرابيٌ حاضر: إنما هو: رَتيمِ المَنسِم، فقال اللحياني: بل رثيم، فما هو الرتيم؟ قال: يرْتُم الأرضَ: يدقها، وارتُمْ هذا شديداً، أي دُقَّه دَقّاً شديداً، فقال اللحياني: فما يكون أراد به رثيم بالدم؟ قال الأعرابي: يا رجل لم يصفها بجهدٍ وضرٍّ وإنما وصفها بعَوْم ونشاط فما يصنع الرثيم هنا؟ قلت: يريد أنه قاله بالثاء وهو بالتاء المثناة من فوق، ويقال رثمه: أدْماه، وأنف رثيم، قال الشاعر:
إنّ بِشْراً، واللهُ يرْحَمُ بِشْراً ... ووَقى وجْهَهُ عَذابَ السَّمومِ
حادَ عنه عُبيدةُ بنُ هِلالٍ ... ثم عَمْرو القَنا بأنفٍ رَثيمِ

لا يفرقون بين قولهم: لا رجلَ في الدار، ولا رجلٌ عندك، والفرق أن لا رجلَ بالفتح عمّت جنسَ الرجال بالنفي وهو جواب لمن قال: هل مِن رجل في الدار؟ فإذا قلت: لا رجلٌ، بالرفع فالمراد بالنفي الخصوص، ويجوز في هذا الجواب أن يقال: لا رجلٌ في الدار بل رجلان، ولا يجوز أن يقال: لا رجلَ في الدار، بالفتح، بل رجلان.
(ص) ويقولون: هو يملك رِجْعَةَ المرأةِ، وطلاق رِجْعِيّ، بكسر الراء. والصواب فتح الراء فيهما.
(و) تقول العامة أحمقُ من رِجْلِه، يريدون: قدَمَه. والصواب من رِجْلَة، وهي البقلة الحمقاء، لأنها تنبت في مجاري السيل.
ويقولون: نقل فلان رَحْلَه، إشارة الى أثاثه وآلاته، وليس في أجناس الآلات ما يسمونه رَحْلاً الى سَرْج البعير، وإنما رَحْلُ الرجلِ: منزله، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا ابْتَلّتِ النِّعالُ فالصلاةُ في الرِّحال)، وقيل النّعْل هنا ما صَلُبَ من الأرض.
وكذلك يكتبون الرّحمن، بحذف الألف في كل موطن، وإنما تحذف الألف عند دخول لام التعريف عليه، فإذا تعرّى منها كقولك: يا رحمان الدنيا والآخرة، أثبت الألف فيه.
(و) العامة تقول رِحَى، بكسر الراء. والصواب رَحَى بفتح الراء.
(ح ص) ويقولون للأنثى من أولاد الضان: رَخْلة. والصواب: رَخِل، بحذف الهاء وكسر الخاء، والجمع رُخال، بضم الراء.
(و) والعامة تقول: هو رَخْو، بفتح الراء. والصواب كسرها.
(و) العامة تقول: رُخِصَ السِّعرُ، بضم الراء وكسر الخاء. والصواب رَخُصَ، بفتح الراء وضم الخاء.
(ك) ثنا يعقوب بن بيان والحسين بن عمر، قالا: ثنا علي بن الحسين بن عبد الأعلى الإسكافي قال: قرأنا على ابن الأعرابي شعر ذي الرمة من قصيدته التي أولها:
ألا حَيِّ المنازلَ بالسلامِ ... على بُخْلِ المنازل بالكلامِ
لمَيّةَ بالمِعاد رختْ عليها ... رياحُ الصيفِ عاماً بعدَ عامِ
فقلت له: ما معنى: بالمعاد؟ فقال: أمكنة يعودون إليها. فقلت: رخت؟ قال: مرت ساكنة، قال الله عز وجل: (... رُخاءً حيثُ أصابَ).
قال: وكان أبو محلم يسألني دائماً عما قرأناه عليه وسمعته منه فيقول: أعِدْه علَيّ، فأعدتُ هذا عليه فضحك ثم قال: أصلحته على هذا في كتابك؟ قلت: نعم، فقال: إنا للّه! مَنْ مَضى ومَنْ بقى، ويل للشيطان! إنما هو: ... بالمِعَى درَجَتْ....
(ز) ويقولون: رَدّ العسكر، ويجمعونه على رُدود. والصواب رِدْءٌ. والرِّدْءُ: المُعين، تقول: أردأته أُردِئُه إرداء، إذا أعنته، قال الله عز وجل: (فأرْسِلْهُ معي رِدْءاً يُصَدِّقُني)، وإن خففت الهمزة قلت رِدٌ.
(ق) ويقولون للأمر الفظيع: هذه رِدّة. والصواب: هذه إدّة، أي داهية.
قلت: يقولونه بالراء قبل الدال. والصواب بالهمزة مكسورة.
(و) العامة تقول: رُسْتاق بضم الراء وسكون السين المهملة.
والصواب: رَزْداق ورَسْداق.
(ص) ويقولون لضرب من المطر: رُشاش. والصواب رَشاش، بفتح الراء، على وزن رَذاذ، والرَّشاش فوق الرّذاذ، وكذلك رَشاش الدم.
(و) العامة تقول: الرِّصاص والرِّضاع، بالكسر. والصواب بفتح الراء.
(ص ز) ويقولون للحجارة المحماة: رَضَفٌ. والصواب: رَضْفٌ، وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه: بَشِّر الكنّازينَ برَضْفَةٍ في الناغض، والناغض فرع الكتف.
لا يقال لماء الفم رُضاب إلا مادام في الفم.
(و) العامة تقول: رضاء الله، بالمد. والصواب رِضَى بالقصر.
(ص) وينشدون قول ابن دريد:
رَضيتُ قَسْراً وعلى القَسْرِ رِضَى ... مَنْ كان ذا سُخْطٍ على صرْف القَضا
فينونون رِضًى. والصواب أنه غير منون، ومَنْ في موضع خفض بالإضافة.
(ص) ويقولون: إذا رَعِفَ في صلاته. والصواب رَعَفَ، ورَعُفَ، بالفتح والضم.
(و) العامة تقول: رَغِمَ أنفُه، بالكسر والصواب فتحها.
(ص) ومن ذلك قولهم: رِفْقَة هو جائز مسموع، يقال: رِفْقَة ورُفْقَة، إلا أن الضم أفصح، وليس الرِّفاق بجمع لها، وإنما الرِّفاق جمع رفيق، مثل كريم وكرام.

ويقولون في رَفْهَة، والمسموع عن العرب: هو في رَفاهَة ورَفاهيَة، كما قالوا طَماعَة وطَماعية وكَراهة وكَراهية، وقد قيدٌ لا يضِلُّ سالكُه، ومِهادٌ لا يُزَحْزَح مالِكُه، وزَنْدٌ لا يُصلِدُ قادِحُه، وإمدادٌ لا يُنزَفُ ماتِحُه. فمن ذلك قولُه (ص): (... منَ الشعرِ لَحِكمة)، وفي موضع آخر (إنّ من الشعرِ لحِكما). هذا قولُه، وهو (ص) لا ينطبقُ عن الهَوى بعدَ أن قال الله تعالى في شأن داودَ عليه السلام: (وآتَيْناهُ الحِكمةَ وفصْلَ الخِطابِ). وقال تعالى: (ولوطاً آتَيناهُ حُكْماً وعِلْماً)، فجعل (ص) بعضَ الشِّعر جُزْءاً من الحكمةِ التي خصّ اللهُ تعالى بها أنبياءَه ووصفَ بها أصفياءَه، وامتنّ عليهم بذلك إذ جعلَهم مخصوصينَ بها من قِبَلِا شَفَياني (ز) ويقولون لمن به قحة: رَقيع. والصواب أن الرقيع هو الأحمق، وقال بعض اللغويين: الرقيع هو الذي يتمزق عليه رأيه حُمْقاً.
(و ص ح) ويقولون: اقطعه من حيث رَقَّ. وكلام العرب من حيث رَكَّ، أي من حيث ضَعُفَ، ومنه قيل للضعيف الرأي: ركيك، وفي الحديث: إنّ الله لَيُبْغِضُ السلطانَ الرّكاكَةَ، والرَّكَكَة.
ولا يقال للبئر رَكِيّة إلا إذا كان فيها ماءٌ.
ويقولون: ركضَ الفرسُ، بفتح الراء، وقد أقبلت الفرس تركُضُ. والصواب فيه أن يقال رُكِضَ الفرس، بضم الراء، وأقبلت تُركَضُ، بضم التاء.
وأصل الركض تحريك القوائم، ومنه قوله تعالى: (ارْكُضْ برِجْلِكَ)، ولهذا قيل للجنين إذا اضطرب في بطن أمه: قد ارتكضَ.
(و) العامة تقول لكل راكب: رَكْبٌ. والصواب أنه لرُكّاب الإبل خاصة.
ويقولون: سار رِكابُ السلطان، إشارة الى موكبه المشتمل على الخيل والرَّجْل وأجناس الدوابّ، وهو وهمٌ، لأن الرِّكاب اسم يختص بالإبل.
(زص) ويقولون: رَمْكَةٌ. والصواب: رَمَكَة.
قلت: يريد أنهم يسكنون الميم. والصواب فتحها. والرَّمَكَة: الأنثى من البراذين، والجمع رِماك ورَمَكات وأرْماك أيضاً، عن الفراء، مثل ثمار وأثمار.
(ص) ويقولون: رَمَيْتُ العِدْل، وركبت الفرس فرَماني.
والصواب أرميتُ العِدْل، وأرماني الفرسُ ويقولون: رَمَيْتُ بالقوس. والصواب رميتُ عن القوس، أو على القوس، كما قال الراجز:
أرْمي عليها وهْيَ فرْعٌ أجْمَعُ
وهْيَ ثلاثُ أذْرعٍ وإصبَعُ
فإن قيل: هَلاّ أجزتم أن تكون الباء ها هنا قائمة مقام عن أو على كما جاءت بمعنى عن في قوله تعالى: (سألَ سائِلٌ بعذابٍ واقِعٍ)، وبمعنى: على في قوله تعالى (وقالَ ارْكَبوا فيها بسْمِ الله). فالجواب عنه: أن إقامة بعض حروف الجر مقام بعض إنما جُوِّزَ في المواطن التي يَنْتَفي فيها اللَّبْسُ ولا يستحيل المعنى الذي صيغ له اللفظ، ولو قيل هاهنا: رمى بالقوس لدل ظاهر الكلام على أنه نبذها من يده، وهو ضد المراد بلفظه، فلهذا لم يجز التأويل للباء فيه.
(و ح) ولا يقال للقناة: رُمْحٌ إلا إذا رُكِّبَ عليها السِّنان.
(ز) ويقولون: أصاب فلاناً رَمْدٌ، إذا رمِدَتْ عينُه.
والصواب أن يقال: رَمَدٌ، يقال: رَمِدَتْ عينه، تَرْمَدُ رَمَداً، فهو رَمِدٌ ومَرْمودٌ وأرْمَد، قال ابن مقبل:
تأوَّبَني دائِي الذي أنا حاذِرُه ... كما اعتادَ مرْموداً من الليل عائِرُهْ
قلت: يريد أنهم يسكنون الميم، والصواب فتحها.
(ص) ويقولون: رَمَستْ عينُه ترْمُسُ. والصواب: رَمِصَتْ بالصاد وكسر الميم، ترْمَصُ، بفتح الميم.
قلت: الرَّمَص، وسخٌ يجتمع في المُوْق، فإن سالَ فهو غَمَصٌ، بالغين معجمة، وإن جَمدَ فهو رَمَصٌ، بالراء، ورجل أرمصُ.
ويقولون: سررتُ برؤيا فلان، إشارة الى مرْآهُ. فيوهمون فيه كما وهم أبو الطيب في قوله:
مَضى الليلُ والفضلُ الذي لك لا يَمْضي ... ورؤياك أحلى في العيون من الغُمْضِ
والصواب أن يقال: سررت برؤيتك، لأن العرب تجعل الرؤية لما يرى في اليقظة، والرؤيا لما يرى في المنام، كما قال تعالى: (إنْ كُنتمْ للرُّؤيا تعْبُرون).
(وص) ويقولون لبائع الرّءوس: رَوّاس. والصواب رآّس.
(و) العامة تقول: الرُّوزَنة والرُّوشَن، بضم الراء، والصواب فتحها.
(وح) ويقولون: رُوشن. والصواب فتح الراء، لا ضمها.
(ص) يقولون: أنت عندي كرَوْحي، وخرجت رَوْح زييد. والصواب رُوْح.
قلت: الصواب ضم الراء.

(و) العامة تقول: رُوْزَنة، بضم الراء. والصواب فتحها.
(ص ز) ويقولون: رَيْحان للآس خاصة دون الرياحين.
والرَّيْحان: كل نبت طيب الريح كالورد النُّعْنُع والنّمّام، والرَّيْحان أيضاً الرزق، قال الله تعالى: (فَرَوْحٌ ورَيْحانٌ)، قال النَّمْر بن تَوْلَب:
سلامُ الإلهِ ورَيْحانُه ... ورحمتُه وسَماءٌ دِرَرْ
(م ص وز) ويقولون: رِيّة الإنسان، فيشددون.
والصواب: رِئَة بالهمز والتخفيف، وتصغيرها رُؤَيّة على وزن رُعَيّة، وقد رأيتُ الرجلَ، إذا أصبت رِئَتَه.
(ز) ويقولون للذَّلول: رَيِّضٌ. والرَّيِّض: الصعبة المحتاجة الى رِياضة. قال يعقوب: رضت الدابة أروضها رَوْضاً ورِياضة.
ويقال: دابة ذَلول، ورجل ذَليل.

حرف الزاي
(س) في كتاب العين: كيس زَبير، أي مُكتَنَز مملوء، بتقديم الزاي على الراء. وإنما هو رَبيز، بتقديم الراء على الزاي.
(و) العامة تقول لمُرسِل الحمام: زَجّان. وهو خطأ، والصواب: زَجّال باللام، والزَّجْل: إرسال الحمام الهادي من مَزْجَل بعيد.
(ز) يقولون لبعض الدوابّ: زُرافة. والصواب: زَرافة، بالفتح، وجمعها زَرافات وزَرافِي.
وزعم ابن قتيبة أن الناقة من نوق الحُبوش يَسفِدها الضبعانُ ببلد الحبشة فتأتي بولد خَلْقُه بين الناقة والضَّبُع، فإن كان ذكراً سَفَدَ البقرة الوحشية فأتت بالزرافة، وإنما سميت زرافة، لأنها من جماعة، والزرافة: الجماعة من الناس وغيرهم.
(ز) ويقولون للسِّرْقين: زَبْل. والصواب: زِبْل، بكسر الزاي، والجمع زُبول.
(ق) يقولون: حطَبٌ زَجْلٌ. وإنما هو جَزْلٌ، وهو الغليظ اليابس من الحطب.
(ز) ويقولون لما وُقِيَ به الحائط من حطَب أو حشيش: زَرْب.
والزَّرْب: حفرة تُحفَر مثل البيت يُبنى حولها فتحبس فيها الجِداء، والعُنوق عن أماتها، وتجمع على الزِّراب والزُّروب.
(ق ح) ويقولون للقناة الجوفاء التي يُرمَى عنها بالبُندق: زِرْبطانة والصواب أن يقال: سِبطانة، لاشتقاق اسمها من السُّبوطة وهو الطول والامتداد، ومنه سمي السّاباط لامتداده بين الدارين.
(ص) ويقولون لبعض العصافير: زُرْزُر. والصواب زُرْزور.
(ز) ويقولون للطائر: زُرْزُل، باللام. والصواب: زُرْزُر، والجمع زَرازير.
(و) العامة تقول: زَرَدتُ اللقمة. والصواب كسر الراء.
(ص) ويقولون للطَنْفَسة: زِرْبِيّة. والصواب: زِرْبيَة، بكسر الزاي وتخفيف الياء، آخر الحروف.
(و) العامة تقول: زُربانقة، للجُبّة الصوف. والصواب: زُرْمانقة، وهي عبرانية تكلمت بها العرب.
(ص) ويقولون: زَرْنيخ. والصواب كسر الزاي.
(ص) ويقولون: زَرْمومِيّة. والصواب: زَرَمومِيّة وزَلَمومِيّة، بفتح الراء واللام.
(ز) ويقولون: زِرّيعة، فيشددون، ويجمعون على زَرارِع.
والصواب: زَريعة، بالتخفيف، والجمع زَرائِع وهي فَعيلة في معنى مَفعولَة من زَرَعتُ، فإن كان للتشديد في ذلك أصل فهي زِرِّيعة، بكسر الأول على مثال فِعِّيلة.
(و) تقول العامة: زَعْرور بفتح الزاي. والصواب ضمها.
(و) تقول العامة: فيه زَعارَة. والصواب: زَعارّة بتشديد الراء.
(ص) ويقولون: زَعْفُران بضم الفاء. والصواب الفتح.
(ز) ويقولون للذي يُعصَر من شجر الصَّنوبَر: زَفْت. والصواب: زِفْت بكسر الزاي.
(ص) وينشدون قول الشاعر:
وهل زَفَّتْ عليك قرون ليلى ... زَفيفَ الأُقْحوانة في نَداها
بالزاي، والصواب رَفَّتْ، بالراء.
(ص) ويقولون للمزمار: زُلامِيّ. والصواب: زُنامِيّ، منسوب الى زامرٍ يقال له زُنام.
(ح و س) ويقولون: زُمُرّد، بالدال المغفلة. وإما هو الزُّمُرّذ بالذال المعجمة.
(ص) وقال فيه بفتح الراء.
(ص) ويقولون: زُمُّج. والصواب فيه فتح الميم.
قلت: الزُّمَّج في اللغة القصير الدميم، وأهل اللعب بالطير، يقولون فيه ذكر العُقاب وهو أصغر حجماً من العقاب.
(ق و) العامة تقول لأصل ذنب الطائر: زمكّاة. والصواب زِمكّى.
قلت: بكسر الزّاي والميم وتشديد الكاف وبعدها ألف مقصورة، مثل الزِّمِجَّى.
(ز) ويقولون: زَنَدٌ فيفتحون. والصواب: زَنْدٌ، وهو العود الأعلى، ويقال للأسفل الزَّنْدَة، والجمع الزِّناد.

(م و ح) ويقولون للاثنين: عندي زَوْجٌ. وهو خطأ، لأن الزوج في كلام العرب هو الفرد المزاوج لصاحبه، فأما الاثنان المصاحبان فيقال لهما زوجان، كما قالوا عندي زوجان من النعال، أي نعلان، وزوجان من الخفاف، أي خفان، كذلك يقال للذكر والأنثى من الطير زوجان كما قال تعالى: (وأنّهُ خلقَ الزَّوْجيْن الذَّكَرَ والأنثى).
(م ز ص) ويقولون: قمح كثير الزَّوال. والصواب: الزُّؤان بالنون وضم الزاي، ويُهْمَز ولا يُهْمَز.
(و) العامة تقول للعبد اللئيم: زُوْش بالضم. والصواب فتح الزاي.
(و) العامة تقول: زَهِقَتْ نفْسُه، بكسر الهاء. والصواب فتحها.
(وص) ويقولون للنجم: الزُّهْرَة. والصواب: الزُّهَرَة، قال الراجز:
وأيقَظتْني لطُلوعِ الزُّهَرَهْ
قلت: الصواب هو بتحريك الهاء.
(و) العامة تقول: الزَّنبور، بفتح الزاي. والصواب ضمها.
(و) العامة تقول: زَنْبيل. والصواب زَبِيْل، بفتح الزاي، فإن كسرت زدته نوناً.
(م ز) ويقولون: لفلان زَيٌّ حسَنٌ، بالفتح، يريدون الهيئة. والصواب بكسر الزاي.
(و) العامة تقول: الزَّيْبَق، بفتح الزاي والباء. والصواب كسرهما.
(و) العامة تقول: زَيَّتُ الطعام، إذا جعلت فيه الزّيتَ.
والصواب: زِتّه بكسر الزاي، وتاء مشددة، من غير ياء آخر الحروف.
(ق) يقولون للريح: زِيقا. وكلام العرب: الصِّيق وهو الغبار.
(م) ويقولون: الزيكَران، بالزاي وفتح الكاف. وصوابه بالسين المهملة وضم الكاف.

حرف السين المهملة
يقولون: سارَرَ فلانٌ فلاناً، وقاصَصَه وحاجَجَهُ وشاقَقَهُ، فيبرزون التضعيف كما يظهرونه في مصادر هذه الأفعال، فيقولون المساررة والمقاصصة وغير ذلك، فيغلطون، لأن العرب استعملت الإدغام في هذه الأفعال ونظائرها طلباً للخفة واستثقالاً للحرفين المتماثلين، ولم تفرّق بين ماضي هذه الأفعال وما تصرّف منها فقالوا: سارَّه مُسارّةً وحاصّه مُحاصّةً. وقالوا من نوع آخر منه: تصامَّ عنه، أي أرى أنه أصَمُّ، قال الله تعالى: (وحآجّهُ قومُه).
وهذا الحكم مُطّردٌ في كل ما جاء من الأفعال المضاعفة على وزن فَعَل وأفعَلَ وفاعَلَ وافتَعَلَ وتفاعَلَ واستَفْعَلَ نحو: مدّ الحبلَ وامتدّ وأمدّ وتمادَّ واستمدَّ، اللهم إلا أن يتصل به ضمير مرفوع، أو يؤمر فيه جماعة المؤنث فيلزم حينئذ فكُّ الإدغام في هذين الموطنين لسكون أحد الحرفين، كقولك: رددْتُ ورَدَدْنا ونظائره، ولقولك لجماعة المؤنث: ارْدُدْنَ. وقد جُوِّز الإدغام والإظهار في الأمر للواحد كقولك: رُدَّ، وارْدُدْ، وقاصّ وقاصِص واقتصّ واقتصِصْ وكذلك، جُوِّز الأمران في المجزوم، كما قال تعالى: (مَنْ يرْتَدَّ منكُم عن دينِه)، وفي مكان آخر: (ومَنْ يرتَدِدْ منكُمْ عن دينِه)، ولا يجوز إبراز التضعيف إلاّ في ضرورة الشعر كما قال الراجز في الاسم:
إنّ بَنيَّ لَلِئامٌ زَهَدَهْ
ماليَ في صُدورِهم من مَوْدَدَهْ
وقد شذّ منه: قَطِطَ شعرُه، من القَطَط، ومَشِشَت الدابة، من المَشَش، ولَحِحَتْ عينه، أي التصقتْ، وألِلَ السقاء، إذا تغيرتْ ريحُه، وصَكِكَتْ الدابة، من الصّكَكِ في القوائم، وكلّ ذلك مما لا يعتد به ولا يقاس عليه.
(وح) ويقولون للبلدة التي أحدثها المعتصم بالله: سامَرّا، فيوهمون فيه كما وهم البحتري، إذ قال في صَلْبِ بابك:
أخْلَيْتَ منه البَدْوَ، وهْي قَرارُهُ ... ونصَبْتَه علَماً بسامَرّاءِ
والصواب أن يقال فيها: سُرَّ مَنْ رأى على ما نطق به في الأصل، لأن المسمى بالجملة يُحكى على صيغته، كما يقال: جاء تأبط شراً ولهذا قال دعبل في ذمها:
بغدادُ دار الملوك كانت ... حتى دَهاها الذي دَهاها
ما سُرَّ مَنْ رأى سُرَّ مَن را ... بل هي بُؤسَى لمَنْ رآها
أقسام الكتاب
1 2