كتاب : أوضح المسالك إلى ألفية إبن مالك
المؤلف : أبو محمد عبدالله جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبدالله بن هشام

الصيغة الثانية : أفْعِلْ به نحو ( أحْسِنْ بِزَيْدٍ )
وأجمعوا على فعلية أفْعِلْ ثم قال البصريون : لَفْظُه لفظُ الأمر ومعناه الخبر وهو في الأصل فعلٌ ماضٍ على صيغة أفْعَلَ بمعنى صار ذا كذا كَ ( أغَدَّ البعيرُ ) أى : صار ذا غُدَّةٍ ثم غُيِّرَتِ الصيغة فَقَبُحَ إسناد صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر فزيدت الباء في الفاعل ليصير على صورة المفعول به ك ( بِزَيْدٍ ) ولذلك التُزِمَتْ بخلافها في ( وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً ) فيجوز تركُهَا كقوله : -
( كَفَى الشَّيْبُ وَالإسْلاَمُ لِلْمَرْءِ نَاهِياَ ... )

وقال الفراء والزجاج والزمخشرى وابن كَيْسَان وابن خروف : لفظُهُ ومعناه الأمر وفيه ضمير والباء للتعدية ثم قال ابن كيسان : الضمير للحُسْنِ وقال غيره : للمخاطَب وإنما التُزم إفراده لأنه كلام جَرَى مَجْرَى المثل

مسألة : ويجوز حَذْفُ المتعجَّبِ منه في مِثْلِ ( أما أحْسَنَهُ ) إن دَلَّ عليه دليل كقوله :

( رَبِيعَةَ خَيْراً مَا أَعَفَّ وَأَكْرَمَا ... )

وفى ( أفْعِلْ بِهِ ) إن كان أفْعِلْ معطوفاً على آخَرَ مذكُورٍ معه مثلُ ذلك المحذوف نحو ( أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ ) قولُه : -
( حمَيِداً وَإنْ يَسْتَغْنِ يَوْماً فَأَجْدِرِ ... ) أى : به فَشَاذٌّ

مسألة : وكُلٌّ من هذين الفعلين ممنوعُ التَّصَرُّفِ فالأول نظير تَبَارَكَ وعَسَى ولَيْسَ والثانى نظير هَبْ بمعنى اعْتَقِدْ وَتَعَلّمْ بمعنى اعّلَمْ وَعِلّةُ جمودها تَضَمُّنُهُما معنى حرف التعجب الذى كان يستحقُّ الوَضْعَ

مسألة : ولعدم تصرف هذين الفعلين امتنع أن يتقدَّمَ عليهما معمولُهما وأن يُفْصَلِ بينهما بغير ظرف ومجرور لا تقول : ( مَا زَيْداً أَحْسَنَ ) ولا ( بِزَيْدٍ أَحْسِنْ ) وإن قيل إن ( بزيد ) مفعول وكذلك لا تقول : ( مَا أحْسَنَ يَا عَبْدَ اللهِ زَيْداً ) ولا ( أَحْسِنْ لَوْلاَ بُخْلُه بِزَيْدٍ )
واختلفوا في الفَصْل بظرف أو مجرور متعلِّقين بالفعل والصحيحُ الجوازُ كقولهم ( مَا أَحْسَنَ بالرَّجُلِ أنْ يَصْدُقَ وما أقْبَحَ به أن يكْذِبَ ) وقوله : -
( وَأَحْرِ إذَا حَالَتْ بِأَنْ أَتَحَوَّلاَ ... )

ولو تَعلّقَ الظرفُ والجار والمجرور بمعمول فعلِ التعجب لم يَجُزِ الفصلُ به اتفاقاً نحو ( مَا أحْسَنَ مُعْتَكِفاً فىِ الَمسْجِدِ ) و ( أحْسِنْ بجَالِسٍ عِنْدَكَ )

فصل
: وإنما يُبْنَى هذانِ الفعلانِ ما اجتمعت فيه ثمانيةُ شروطٍ :
أحدها : أن يكون فعلا فلا يُبْنَيَانِ من الْجِلْفِ والحمار فلا يقال ( مَا أجْلَفَه ) ولا ( مَا أحْمَرَه ) وَشَذّ ( مَا أذْرَعَ المَرْأَةَ ) أى :

الثالث : أن يكون متصرفاً فلا يُبْنَيَانِ من نحو نِعْمَ وبِئْسَ
الرابع : أن يكون معناه قابلاً للتفاضُل فلا يُبْنَيَانِ من نحو فَنِىَ ومَاتَ
الخامس : أن لا يكون مبنيَّا للمفعول فلا يُبْنَيَانِ من نحو ( ضُرِبَ ) وَشَذَّ ( مَا أخْصَرَهُ ) من وجهين وبعضهم يستثنى ما كان ملازماً لصيغة فُعِلَ نحو ( عُنِيتُ بحاجَتِكَ ) و ( زُهِىَ علينا ) فيجيز ( مَا أعْنَاه بحاجتك ) و ( مَا أزْهَاه علينا )

السادس : أن يكون تامًّا فلا بُيْنَيَانِ من نحو كَانَ وظَلَّ وبَاتَ وصَارَ وكادَ
السابع : أن كون مُثْبَتَا فلا يُبْنَيَانِ من مَنْفى سواء كان ملازماً للنفى نحو ( ما عَاجَ بالدَّوَاءِ ) أى : ما انتفع به أم غير ملازم ك ( مَا قَامَ زيد )

الثامن : أن لا يكون اسمُ فاعِلِهِ على أفْعَلِ فَعْلاَءَ فلا بُيْنَيَانِ من نحو ( عَرِجَ وشَهِلَ وخَضِرَ الزرع )
فصل
: وَيُتَوَصَّلَّ إلى التعجب من الزائد على ثلاثة ومما وَصْفُه على أفْعَلِ فَعْلاَءَ ب ( ما أشَدَّ ) ونَحْوِهِ وينصب مصدرهما بعده أو ب ( أشْدِدْ ) ونحوه ويُجَرُّ مصدرهما بعده بالباء فتقول ( ما أشَدَّ - أو أعْظَمَ - دَحْرَجَتَهُ أو انْطِلاَقَهُ أوْ حُمْرَتَهُ ) و ( أشْدِدْ - أو أعْظِمْ - بِهَا )
وكذا المنفى والمبنى للمفعول إلا أن مصدرهما يكون مُؤَوَّلاً لا صريحا نحو ( ما أكْثَرَ أنْ لاَ يَقُومَ ) و ( ما أعْظَمَ ما ضُرِبَ ) و ( أشْدِدْ بهما )
وأما الفعل الناقص فإن قلنا له مصدر فمن النوع الأول وإلا فمن الثانى

تقولُ : ( مَا أشَدَّ كَوْنَهُ جَمِيلاً ) أو ( ما أكْثَرَ ما كانَ مُحْسناً ) و ( أشْدِدْ - أو أكْثِرْ - بذلك )
وأما الجامِدُ والذى لا يتفاوت معناه فلا يتعجب منهما الْبنة

هذا باب نعم وبئس
وهما فعلان عند البصريين والكسائى بدليل ( فَبِهَا وَنِعْمَتْ ) واسمان عند باقى الكوفيين بدليل ( ما هي بِنِعْمَ الْوَلَد ) جامدان

رافعان لفاعليْنِ مُعَرَّفَيْنِ بأل الجنسية نحو ( نِعْمَ العَبْدُ ) و ( بِئْسَ الشّرَابُ ) أو بالإضافة إلى ما قارنَهَا نحو ( وَلَنِعْمَ دَارُ الُمتَّقِينَ ) ( فَلَبِئْسَ مَثْوَى المُتَكَبِّرِينَ ) أو إلى مُضَافٍ لما قارنَها كقوله :

( فَنِعْمَ ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ غَيْرَ مُكَذّبٍ ... )

أو مُضْمَرَيْنِ مُسْتَتِرَيْنَ مُفَسَّرَيْنِ بتمييز نحو ( بِئْسَ لِلظَّالمِيِنَ

بَدَلاً ) وقوله : -
( نِعْمَ امْرأً هَرِمٌ لَمْ تَعْرٌ نَائِبةُ ... )

وأجاز المبرد وابنُ السَّرَّاج والفارسىُّ أن يُجْمَع بين التمييز والفاعل والظاهر كقوله : -
( نِعْمَ الْفَتَاةُ فَتَاةً هِنْدُ لَوْ بَذَلَتْ ... )

ومنعه سيبويه وَالسِّيرَافِىُّ مطلقاً وقيل : إن أفاد مَعْنىً زائداً جاز وإلاّ فلا كقوله :
( فَنِعْمَ الَمرْءُ مِنْ رَجُلٍ تِهاَمِى ... )

وأخْتُلف في كلمة ( ما ) بعد نِعْمَ وبِئْسَ فقيل : فاعل فهى مَعْرِفة

ناقصة - أى : موصولة - في نحو ( نِعِمَّا يَعظُكُمْ بِهِ ) أى : نعم الذى يعظكم به ومعرفة تامة في نحو ( فَنَعِمِاَّ هِىَ ) : أى فنعم الشىء هي وقيل : تمييز فهى نكرة موصوفة في الأول وتامة في الثانى

فصل
: وَيُذْكَر المخصوصُ بالمدح أو الذم بعد فاعل نِعْمَ وبِئْسَ فيقال ( نِعْمَ الرَّجُلُ أبُو بَكْرٍ ) و ( بِئْسَ الرَّجُلُ أبُو لَهَبَ ) وهو مبتدأ والجملة فقبله خبره ويجوز أن يكون خَبَراً لمبتدأ واجب الحذف أى : الممدوحُ أبو بكْرٍ والمذمومُ أبو لهب
وقد يتقدَّمُ المخصوصُ فيتعين كونُه مبتدأ نحو ( زَيْدٌ نِعْمَ الرَّجُلُ )
وقد يتقدَّمُ ما يُشْعر به فيحذف نحو ( إنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ العَبْدُ ) أى : هو وليس منه ( العِلْمُ نِعْمَ المُقْتَنَى ) إنما ذلك من التقدم
فصل
: وكلُّ فعلٍ ثلاثى صالح للتعجُّب منه فإنه يجوز استعمالُه على فَعُل - بضم العين - إما بالأصالة ك ( ظَرُفَ وَشَرُفَ ) أو بالتحويل ك ( ضَرُبَ ) و ( فَهُمَ ) ثم يُجْرَى حينئذٍ مُجْرَى نِعْمَ وبِئْسَ : في إفادة المدح والذم

وفي حكمِ الفاعل وحُكْمِ ا لمخصوص تقول في المَدْحِ ( فَهُمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ ) وفي الذم ( خَبُثَ الرَّجُلُ عَمْرٌو )
ومن أمثله ( ساء ) فإنه في الأصل سَوَأ بالفتح فحول إلى فَعُلَ - بالضم - فصار قاصراً ثم ضُمِّن معنى بئس فصَار جامداً قاصراً محكوماً له ولفاعله بما ذكرنا تقول ( سَاءَ الرَّجُلُ أبُو جَهْل ) و ( سَاءَ حَطَبُ النَّارِ أبُو لَهَبٍ ) وفي التنزيل ( وَسَاءَتْ مُرْتَفَعَاً ) و ( سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ )
ولك في فاعل فَعُلَ المذكورِ أن تأتى به أسماً ظاهراً مُجَرَّداً من أل وأن تَجُرَّهُ بالباء وان تأتى به ضميراً مطابقاً نحو ( فَهُمَ زَيْدٌ ) وسُمِعَ ( مَرَرْتُ بِأَبْيَات جَادَ بِهِنَّ أَبْياَتاً ) و ( جُدْنَ أَبْيَاتاً ) وقال : -
( حُبَّ بِالزَّوْرِ الّذِى لَا يُرَى ... )

أصله ( حَبُبَ الزَّوْرُ ) فزاد الباء وضَمَّ الحاء لأن فَعُل المذكور يجوز فيه أن تسكن عينه وأن تُنْقَلَ حركتُهَا إلى فائه فتقول : ( ضَرْبَ الرَّجُلُ ) و ( ضُرْبَ )

فصل
: وَيُقَال في المدح ( حَبَّذَا ) وفي الذم ( لا حَبَّذَا ) قال : -
( أَلاَ حَبَّذَا عَاذِرِى فِي الَهَوى ... وَلاَ حَبَّذَا الْجَاهِلُ العَاذِلُ )

ومذهبُ سيبويه أن ( حَبَّ ) فعلٌ و ( ذا ) فاعلٌ وأنهما باقيان على أصلهما وقيل : رُكِّبا وغُلِّبت الفِعْليَّةُ لتقدم الفعل فصار الجميع فعلا وما بعده فاعل وقيل : رُكِّبا وغُلِّبت الاسْمِيَّةُ لشَرَف الاسم نصار الجميع اسماً مبتدأ وما بعده خبراً

ولا يتغير ( ذا ) عن الإفراد والتذكير بل يقال ( حَبَّدَا الزَّيْدَانِ وَالِهْندَانِ ) أو ( الزَّيْدُونَ وَالِهْندَاتُ ) لأن ذلك كلام جَرَى مَجْرَى المثل كما في قولهم ( الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ الّلبَنَ ) يقال لكل أحد بكسر التاء وإفرادها وقال ابن كَيْسَانَ : لأن المشار إليه مضاف محذوف أى : حَبَّذَا حُسْنُ هِنْدٍ
ولا يتقَدَّم المخصوص على ( حبَّذَا ) لما ذكرنا من انه كلام جرى مجرى المثل وقال ابن بابشاذ : لئلا يتوهم أن في ( حَبَّ ) ضميرا وأن ( ذا ) مفعول

تنبيه : إذا قلت ( حَبَّ الرَّجُلُ زَيْدٌ ) فحبَّ هذه من باب فَعُلَ المتقدم ذكره ويجوز في حائه الفتح والضم كما تقدم فإن قلت ( حَبَّذَا ) ففتحُ الحاء واجبٌ إن جعلتهما كالكلمة الواحدة هذا باب أفْعَلِ التفضيل
إنما يُصَاغ أفْعَلُ التفضيل مما يُصَاغ منه فِعْلا التعجب فيقال ( هَوَ أَضْرَبُ ) و ( أَعْلَمُ ) و ( أَفْضَلُ ) كما يقال ( مَا أَضْرَبَهُ ) و ( أَعْلَمَهُ ) و ( أَفْضَلَهُ ) وَشَذّ بناؤه من وَصْفٍ لا فِعْلَ له ك ( أَقْمَنُ به ) أى :

أحقُّ و ( أَلَصُّ مِنْ شِظَاظٍ ومما زاد على ثلاثة ك ( هذَا الكَلاَم أخْصَرُ مِنْ غَيِرِه ) وفي أفعلَ المذاهبُ الثلاثة وسُمِعَ ( هُوَ أعْطَاهُمْ لِلدَّرَاهِمِ وَأوْلاَهُمْ لِلْمَعْرُوفِ ) و ( هذَا المَكَانُ أَقْفَرُ مِنْ غَيْرِهِ ) ومن فِعْل المفعول ك ( هُوَ أَزْهَى مِنْ دِيكٍ ) و ( أشْغَلُ مِنْ ذَاتٍ النِّحْيَيْنِ ) و أعْنَى بَحاجَتِكَ )
وما تُوُصِّلَ به إلى التعجب مما لا يتعجب منه بلفظه يُتَوَصَّل به إلى التفضيل ويُجَاَء بعده بمصدر ذلك الفعل تمييزا فيقال : ( هُوَ أَشَدُّ اسْتِخْرَاجاً ) و ( حُمْرَةً )

فصل
: ولاسم التفضيل ثلاثُ حالاتٍ :
إحداها : أن يكون مجرداً من أل والإضافة فيجب له حكمان : أحدهما : أن يكوم مفرداً مذكراً دائماً نحو ( لَيوسُفَ وَأَخُوهُ أَحَبُّ ) ونحو ( قُلْ إنْ كَاَن آبَاؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ ) . . . الآية ) ومن ثمَّ قيل في ( أخَرَ ) إنه معدول عن آخَرَ وفي قول ابن هانىء : -
( كَأَنَّ صُفْرَى وَكُبْرَى مِنْ فَقَاقِعِهَا ... )

إنه لَحْنٌ والثانى : أن يؤتى بعده بمِنْ جارةً للمفضول وقد تُحْذّفَانِ

نحو ( وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) وقد جاء الإثبات والحذف في ( أَنَا أكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً ) أى : منك
وأكثر ما تحذف ( مِنْ ) إذا كان أفْعَلُ خبراً وَيَقِلُّ إذا كان حالا كقوله : -
( دَنَوْتِ وَقَدْ خِلْنَاكِ كَالَبْدرِ أَجْمَلاَ ... )

أى : دَنَوْتِ أجمل من البدر أو صفة كقوله : -
( تَرَوَّحِى أَجْدَرَ أَنْ تَقِيِلى ... )
أى : ترَوَّحى وَائْتِى مكاناً أجْدَرَ من غيره بأن تقيلى فيه

وبجبُ تقديم ( مِنْ ) مجرورِها عليه إن كان المحرور استفهاماً نحو ( أنْتَ مِمَّنْ أفْضَلُ ) أو مضافاً إلى الاستفهام ( أنْتَ مِنْ غُلاَمِ مَنْ أفْضَل ) وقد تتقدم في غير الاستفهام كقوله : -
( فَأَسْمَاءُ مِنْ تِلْكَ الظَّعِينَةِ أَمْلَحُ ... )

الحالة الثانية : أن يكون بأل فيجب له حكمان أحدهما أن يكون مُطَابِقاً لموصوفه نحو ( زَيْدٌ الأفْضَلُ ) و ( هِنْدٌ الفُضْلَى ) و ( الزَّيْدَانِ الأْفضَلاَنِ ) و ( الزَّيْدُونَ الأْفضَلُونَ ) و ( الْهِندَاتُ الفُضْليَات ) أو ( الفُضَّلُ )

والثانى : ألاّ يُؤْتَى معه بمِنْ فاما قولُ الأعشى : -
( وَلَسْتَ بِالأَكْثَرِ مِنْهُمْ حَصىً ... )

فَخُرِّجَ على زيادة ( أل ) أو على أنها متعلقة بأكثر نكرة محذوفاً مُبْدَلاً من أكثر المذكور
الثالثة : أن يكون مُضَافاً فإن كانت إضافته إلى نكرة لزمه أمران :

التذكير والتوحيد كما يلزمان المجرَّدَ لأستوائهما في التنكير ويلزم في المضاف إليه أن يطابق نحو ( الزَّيْدَانِ أفضَلُ رَجُلَيْنِ ) و ( الزَّيْدُونَ أفَضلُ رِجَالٍ ) و ( هِنْدٌ أَفَضَلُ اُمْرَأَةٍ ) فأما ( وَلاَ تَكُونُوا أوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ) فالتقدير : أوَّلَ فريقٍ كافرٍ
وإن كانت الإضافة إلى معرفة فإن أُوِّلَ أفعل بما لا تَفْضيلَ فيه وَجَبتِ المطابقَةُ كقولهم ( النَّاقِصُ وَالأشَجُّ أعْدَلا بَنِى مَرْوَانَ ) أى : عَادِلاَهُمْ وإن كان على أصله من إفادة المُفَاضلة جازت المُطابقة كقوله تعالى : ( أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا ) ( هُمْ أَرَاذِلُنَا ) وتركُهَا كقوله تعالى : ( وَلَتَجِدنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ) وهذا هو الغالب وابن السراج يوجبه فإن قُدِّر ( أكابر ) مفعولاً ثانيا و ( مجرميها ) مفعولاً أول فيلزمه المطابقة في المجرد
مسألة : يرفع أفْعَلُ التفضيل الضميَر المستتر في كل لُغة نحو ( زَيْدٌ أفضَلُ ) والضميَر المنفصلَ والاسمَ الظاهر في لغة قليلة ك ( مَررَتُ برَجُلٍ أفضَلَ مِنْهُ أبُوُه ) أو ( أنت ) وَيَطَّرِدُ ذلك إذا حَلَّ محل الفعلِ

وذلك إذا سبقه نفى وكان مرفوعة أجنبيًّا مُفَصَّلاً على نفسه باعتبارين نحو ( مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَحْسَنَ فيِ عَيْنِهِ الكُحْلُ مِنْهُ في عَيْنِ زَيْدٍ فإنه يجوز أن يقال ( مَا رَأَيْتُ رَجُلاً يَحْسُنُ فِي عَيْنِهِ الكحلُ كَحُسْنِهٍ في عَيْن زيد ) والأصلُ أن يقع هذا الظاهر بين ضميرين أوَّلُهما للموصوف وثانيهما للظاهر كما مَثّلنْاَ وقد يحُذف الضمير الثانى وتدخل ( مِنْ ) إما على الاسْم الظاهر أو على محله أو على ذى المحل فتقول : ( مِنْ كُحْلِ عَيْنِ زَيْدٍ ) أو ( مِنْ عَيْنِ زَيْدٍ ) أو ( مِنْ زَيْدٍ ) فتحذف مضافاً أو مضافين وقد لا يُؤْتَى بعد المرفوع بشىء فتقول ( ما رَأَيْت كَعَيْنِ زَيْدٍ أحْسَنَ فيِهَا الكُحْلُ ) وقالوا : ( ما أَحَدٌ أحْسَنُ بِه الجميلُ مِنْ زَيْدٍ ) والأصل ( ما أحَدٌ أحْسَنُ به الجميلُ مِنْ حُسْن الجميل بزَيْدٍ ) ثم إنهم أضافوا الجميل إلى زيد لملابسته إياه ثم حذفوا المضاف ومثلُه في المعنى :
( لَنْ تَرَى فِي النَّاسِ مِنْ رَفِيقٍ ... أَوْلَى بِهِ الفَضْلُ مِنَ الصِّدِّيقِ )
والأصلُ ( مِنْ وِلاَيَةِ الفَضْل بالصِّديِّقِ ) ثم ( مِنْ فَضْلِ الصِّديِّقِ ) ثم ( مِنَ الصِّدِّيقِ )

هذا باب النعت
الأشياء التى تتبع ما قبلها في الإعراب خمسةٌ : النعتُ والتوكيدُ وعطف البيان والنَّسَقُ والبدل

فالنعت - عند الناظم - هو ( التابع الذى يُكَمِّلُ متبوعَهُ بَدلاَلتَه على مَعْنًى فيه أو فيما يَتَعلَّقُ به )
فخرجَ بقيد التكميل النَّسَقُ والبدلُ وبقيد الدَّلاَلَة المذكورة البيانُ والتوكيدُ
والمراد بالمكمل المُوَضِّعُ للمعرفة ك ( جَاءَ زَيْدٌ التَّاجِرُ ) أو ( التَّاجِرُ أبُوهُ ) والمخصِّصُ للنكرة ك ( جَاءَنِى رَجُلٌ تَاجِرٌ ) أو ( تَاجِرٌ أبُوهُ )

وهذا الحدُّ غيُر شاملٍ لأنواع النعت فإن النعت قد يكون لمجرَّدِ المدح ك ( الْحمْدُ للهِ رَبِّ العَالَميِنَ ) أو لمجرَّدِ الذم نحو ( أَعُوذُ بالِلهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) أو للترَحُّمِ نحو ( الَّلهُمَّ أَنَا عَبْدكُ الِمْسكِينُ ) أو للتوكيد نحو ( نفْخَةٌ وَاحِدَةٌ )

فصل
: وتَجِبُ مُوَافَقَةُ النعت لما قبله فيما هو موجودٌ فيه من أوْجُهِ الإعراب الثلاثة ومن التعريف والتنكير

تقول : ( جَاءنِى زَيْدٌ الفَاضِلٌ ) و ( رَأَيْتُ زَيْداً الفَاضِلَ ) و ( مَرَرْتُ بزَيْدٍ الفَاضِلِ ) و ( جَاءنِى رَجُلٌ فَاضِلٌ ) كذلك
وأما الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث فإنْ رَفَعَ الوَصْفُ ضميَر الموصوفِ الُمسْتَتِرِ وَافَقَهُ فيها ك ( جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ كَرِيمَة ورَجُلاَنِ كَرِيَمان ورجَالٌ كِرَامٌ ) وكذلك ( جَاءَتْنىِ امْرَأَةٌ كَرِيَمةُ الأبِ ) أو ( كَرِيَمةٌ أباً ) و ( جَاءَنِى رَجُلاَنِ كَرِيمَا الأبِ ) أو ( كريمَانِ أباً ) و ( جَاءنِى رِجَالٌ كِرَامُ الأبِ ) أو ( كِرَامٌ أباً ) لأن الوصف في ذلك كله رافعٌ ضمير الموصوفِ المُسْتَتِرَ
وإن رفع الظاهَرَ أو الضميرَ البارزَ أُعْطِىَ حكم الفعل ولم يُعْتبر حالُ الموصوف

تقول : ( مَرَرْتُ برَجُلٍ قَائِمَةٍ أُمُّةُ ) و ( بِإْمرَأَةٍ قَائِمٍ ) أبُوهَا ) كما تقول ( قَامَتْ أُمُّهُ ) و ( قَامَ أبُوهَا ) و ( مَرَرْتُ برَجُلَيْنِ قَائِمٍ أبَوَاهُمَا ) كما تقول ( قَامَ أبَوَاهُمَا ) ومن قال ( قَامَا أبَوَاهُمَا ) قال ( قَائِمَيْنِ أبَوَاهُمَا ) وتقول : ( مَرَرْتُ برِجَالٍ قَائِمٍ آباؤُهُمْ ) كما تقول ( قَامَ آبَاؤُهُمْ ) ومَنْ قال : ( قَامُوا أبَاؤُكُمْ ) قال ( قَائمِينَ آباؤُهُمْ ) وجمعُ التكسير أفْصَحُ من الإفراد ك ( قِيَامٍ آبَاؤُهُمْ )
فصل
:
والأشياءُ التى يُنْعت بها أربعةٌ :
أحدها : المشتق والمراد به ما دَلَّ على حَدَثٍ وصاحبه ك ( ضارب ) و ( مضروب ) و ( حَسَنٍ ) و ( أفْضَلَ )
الثانى : الجامدُ المشبه للمشتق في المعنى كاسم الإشارة و ( ذى )

بمعنى صاحب وأسماء النَّسَبِ تقول : ( مَرَرْتُ بِزَيْدٍ هذَا ) و ( بِرَجُلٍ ذى مال ) و ( بِرَجُلٍ دِمَشْقِىٍّ ) لأن معناها الحاضِرُ وصَاحِبُ مَالٍ ومنسوبٌ إلى دمشق
الثالث : الجملة وللنعت بها ثَلاَثَةُ شروطٍ : شرطٌ في المنعوت وهو ان يكون نكرةً إما لفظاً ومَعْنًى نحو ( وَاتَّقوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إلىَ اللهِ ) أو مَعْنىً لا لفظاً وهو المُعَرَّفُ بأل الجنسية كقوله : -
( وَلَقُدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِى ... )

وشرطان في الجملة أحَدُهما : أن تكون مشتملة على ضمير يَرْبطُهَا بالموصوف إما ملفوظٍ به كما تَقَدَّم أو مُقَدَّرٍ كقوله تعالى : ( وَاتَّقُو يَوْماً لاً تَجْزِى نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) : أي لا تجزى فيه والثانى : أ ن

تكون خَبَرِيَّةً أى : مُحْتَمِلةً للصِّدْقِ والكذب فلا يجوز ( مَرَرْتُ بِرَجْلٍ اضْرِبْهُ ) ولا ( بِعَبْد بِعْتُكَهُ ) قاصداً لإنشاء البيع فإن جاء ما ظاهره ذلك يُؤَوَّلُ على إضمار القول كقوله :

( جَاءوا بِمَذْقٍ هَلْ رَأَيْتَ الذِّئْبَ قَطّ ... )
أى : جَاءُوا بَلَبنٍ مخلوطٍ بالماءِ مَقُولٍ عند رؤيته هذا الكلام

الرابع : المصدَرُ قالوا ( هذَا رَجُلٌ عَدْلٌ ورِضاً وزَوْرُ وفِطْرٌ ) وذلك عند الكوفيين على التأويل بالمشتق أى : عَادِل ومَرْضِىّ وزَائِر ومُفْطِر وعند البصريين على تقدير مضاف أى : ذُو كذا ولهذا التُزِمَ

إفراده وتذكيره كما يلتزمان لو صُرِّحَ بذو

فصل
:
وإذا تَعَدَّدت النعوتُ فإن اتَّحَد معنى النعت اسْتُغْنى بالتثنية والجمع عن تفريقه نحو ( جَاءنِى رَجُلاُنِ فَاضِلاَنِ ) و ( رِجَالٌ فُضَلاَءُ ) وإن اختلف وَجَبَ التفريقُ فيها بالعطف بالواو كقوله : -
( عَلَى رَبْعَيْنِ مَسْلُوبٍ وَبَالٍ ... )

وقولك ( مَرَرْتُ برجالٍ شاعِرٍ وكاتِبٍ وفقيهٍ )
وإذا تَعَدَّدَت النعوتُ واتحد لفظ النعت فإن اتحد معنى العامل وعملُه جاز الإتباع مطلقاً ك ( جَاء ) زَيْدٌ وَأَتَى عَمْرٌو الظَّرِيفَانِ ) و ( هذَا زَيْدٌ وَذَاكَ عَمْرٌو الْعَاقِلاَنِ ) و ( رَأَيْتُ زَيْداً وأَبْصَرْتُ خَالداً الشَّاعِرَ بْنِ ) وَخَصَّ بعضُهم جَوَازَ الإتباع بكون المتبوعين فاعلَىْ فعلين أو خَبَرَىْ مبتدأين
وإن اختلفا في المعنى والعمل ك ( جَاءَ زَيْدٌ وَرَأيْتُ عَمْراً الفَاضِلَيْنِ ) أو اختلف المعنى فقط ك ( جَاءَ زَيْدٌ وَمَضَى عَمْرٌو الكَاتِبَانِ ) أو العمل فقط ك ( هذَا مُؤْلمُ زَيْدٍ ومُوجِعٌ عَمْراً الشَّاعِرَانِ ) وَجَبَ القَطْعُ
فصل
:
وإذا تكَرَّرَت النعوتُ لواحد فإن تعين مُسَمَّاهُ بدونها جازَ إتباعُها وقَطْعُها والجمع بينهما بشرط تقديم المُتْبَعِ وذلك كقول خِرْنِقَ : -
( لاَ يَبْعَدنْ قَوْمِى الّذِينَ هُمُ ... سُمُّ الْعُدَاةِ وَآفَةُ الْجُزُرِ )
( النَّازِلُون بِكُلِّ مُعْتَرَكٍ ... وَالطَّيِّبُونَ مَعَاقِدَ الأزُرِ )

ويجوز فيه رَفْعُ ( النازلين ) و ( الطيبين ) على الإتباع ل ( قومي ) أو على القطع بإضمار ( هُمْ ) بإضمار ( أمدح ) أو ( أذكر ) ورَفْعُ الأول ونصب الثاني على ما ذكرنا وعكسه على القطع فيهما
وإن لم يُعْرَف إلا بمجموعها وَجَبَ إتباعُها كلها لتنزيلها منة منزلة الشئ الواحد وذلك كقولك : ( مَرَرْتُ بِزَيْدٍ التَّاجِرِ الفَقِيهِ الكاتِبِ إذا كان هذا الَموْصُوفُ يُشَاركه في اسمه ثلاثة : أحدهم تاجر كاتب والآخر تاجر فقيه والآخر فقيه كاتب

وإن تعين ببعضها جاز فيما عدا ذلك البعض الأ وْجُهُ الثلاثة
وإن كان المنعوت نكرة تعين في الأول من نعوته الإتباعُ وجاز في الباقي القَطْعُ كقوله -
( وَيَأْوِى إلَى نِسْوَةٍ عُطَّلٍ ... وَشُعْثاً مَرَاضِيعَ مِثْلَ السَّعَالِى )

وحقيقة القطع : أن يجُعْلَ النعتُ خبر لمبتدأ أو مفعولا لفعل
فان كان النعتُ المقطعوعُ لمجرد مَدْح أو ذم أو ترحُّمٍ وَجَبَ حَذْفُ البتدأ والفعل كقولهم : ( الحمدُ للهِ الحميدُ ) بالرفع بإضمار ( هو ) وقوله تعالى : ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ اَلْحطَبِ ) بالنصب بإضمار ( أذُمُّ )
وإن كان لغير ذلك جاز ذكره تقول ( مَرَرْتُ بزَيْدٍ التَّاجِرُ ) بالأوْجُه الثلاثة ولك أن تقول ( هو التاجر ) و أعنى التاجر )

فصل
: ويجوز بكثرةٍ حذفُ المنعوت إن عُلِمَ وكان النعت إما صالحاً

لمباشرة العامل نحو ( أنِ أعْمَلْ سَابِغَاتٍ ) أى : دُرُوعاً سَابِغَات أو بعضَ اسم مُقَدَّمٍ مخفوضٍ بمِنْ أو في

فالأول كقولهم : ( مِنَّا ظَعَنَ وَمِنَّا أَقَام ) أى : : مِنَّا فريقٌ ظَعَنَ ومِنَّا فريقٌ أقَامَ . والثانى كقوله : -
( لَوْ قُلْتَ مَا فِي قَوْمِهَا لَمْ تِيَثمِ ... يَفْضُلُهَا فِي حَسَبٍ وَمَيِسَمٍ

أصله ( لَوْ قُلْتَ مَا فِى قَوْمِهَا أحَدٌ يَفْضُلُها لَمْ تَأْثَمْ ) فحذف الموصوف وهو ( أحد ) وكسر حرف المضارعة من تأثم وأدلَ الهمزة ياء وقَدَّمَ جواب لو فاصلا بين الخبر الُمقَدَّمِ والجار والمجرور والمبتدأ المؤخر وهو ( أحد ) المحذوف

ويجوز حذف النعت إن عُلِمَ كقوله تعالى : ( يَأخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ) أى : كلَّ سفينةٍ صالحةٍ وقول الشاعر : -
( فَلَمْ أُعْطَ شَيْئاً وَلَمْ أُمْنَعِ ... )

أى : شَيْئاً طَائِلاً وقوله : -
( مُهَفْهَفٍةٌ لَهَا فَرْعٌ وَجِيدُ ... )

أى : فَرْعٌ فاحمٌ وجِيدٌ طويلٌ

هذا باب التوكيد
وهو ضربان : لفظىٌّ وسيأتى ومعنوىٌّ وله سبعة ألفاظ :
الأول والثانى : النَّفْسُ والعَيْنُ ويُؤكَّد بهما لرفع المجاز عن الذات

تقول ( جَاءَ الخَليِفَةُ ) فيحتمل أن الجائى خَبَرُةُ أو ثَقَلُة فإذا أكدت بالنفس أو بالعين أو بهما ارتفع ذلك الاحتمالُ
ويجب اتصالهما بضميرٍ مُطَابِقٍ للمؤكَّدِ وأن يكون لفظهما طِبْقَةُ في الإفراد والجمع وأما في التثنية فالأصَحُّ جمَعْهُا على أفْعُل ويترجَّح إفرادهما على تثنيتهما عند الناظم وغَيْرُه بعكس ذلك
والألفاظ الباقية : كِلاَ وكِلْتَا للمثنى وكُلُّ وجميع وعَامَّةٌ لغيره
ويجب اتصالهُنَّ بضمير المؤكَّدِ فليس منه ( خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعاً ) وخلافاً لم وَهِمَ ولا قراءةُ بعضهم : ( إِنَّا كُلاًّ فِيهَا ) للفراء والزمخشرى بل ( جميعاً ) حالٌ و ( كُلاًّ ) بَدَلٌ ويجوز كونُه حالا من ضمير الظرف
ويُؤَكَّدُ بهنَّ لرفع احتمال تقدير بعضٍ مضافٍ إلى متبوعهن فمن ثَمَّ جاز ( جَاءَنىِ الزيْدَانِ كِلاَهُمَا ) و ( الَمرْأَتَانِ كِلْتَاهُماَ ) لجواز أن يكون الأصل : جاء أحد الزيدين أو إحدى المرأتين كما قال تعالى : ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا )

الُّلؤْلُؤُ وَالَمرْجَانُ ) بتقدير يخرج من أحدهما وامتنع على الأصح ( اخْتَصَمَ الزَّيْدَانِ كِلاَهُماَ ) و ( الهِنْدَانِ كِلْتَاهُما ) لامتناع التقدير المذكور وجاز ( جاءَ القَوْمُ كُلُّهُم ) و ( اشْتَرَيْتُ العَبْدَ كُلَّهُ ) وامتنع ( جَاءَ زَيْدٌ كُلّهُ )

والتوكيدُ بجميع غَريِبٌ ومنه قول امرأة : -
( فِدَاكَ حَىُّ خَوْلاَنْ ... جَميِعُهُمْ وَهَمْدَانْ )

وكذلك التوكيد بعامَّة والتاء فيها بمنزلتها في النافلة فتصلح مع المؤنث والمذكر فتقول ( اشْتَرَيْتُ العَبْد عَامَّتَهُ ) كما قال الله تعالى : ( وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً )

فصل
: ويجوز - إذا أريد تقوية التوكيد - أن تُتْبِعَ كُلَّهُ بأْجمَع وكُلَّهَا بجَمعْاَء وكلهم بأجمعين وكلهنَّ بجُمَع قال الله تعالى : ( فَسَجَدَ المَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ )

وقد يُؤكَّد بهن وإن لم يتقدم كل نحو ( لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعيَن ) ( لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ) ولا يجوز تثنية أجمع ولا جمعاء استغناءً بِكلاَ وكِلْتَا كما استغنوا بتثنية سِىٍّ سَوَاء وأجاز الكوفيون والأخْفَشُ ذلك فتقول ( جَاءَنِى الزيْدَانِ أجْمَعَانِ ) و ( الهِنْدَانِ جَمْعَاوَانِ )
وإذا لم يُفِدْ توكيدُ النكرة لم يَجُزْ باتفاق وإن أفاد جاز عند الكوفيين وهو الصحيح وتحْصُلُ الفائدةُ بأن يكون المؤكَّدُ محدوداً والتوكيد من ألفاظ الإحاطة ك ( اعْتَكَفْتُ أسْبُوعاً كُلَّهُ ) وقوله : -
( يَالَيْتَ عِدَّةَ حَوْلٍ كُلِّهِ رَجَبُ ... )

ومَنْ أنشد ( شهر ) مكان حول فقد حَرَّفة ولا يجوز ( صُمْتُ زَمَناً كُلّهُ ) ولا ( شَهْراً نَفَسْهُ )
فصل
: وإذا أُكِّد ضميرٌ مرفوعٌ متصل بالنفس أو بالعين وجب توكيده أولا بالضمير المنفصل نحو ( قُومُوا انْتُمْ انْفُسُكُمْ ) بخلاف ( قَامَ الزَّيْدُونَ أنْفُسُهُمْ ) فيمتنع الضمير وبخلاف ( ضَرَبْتُهُمْ أنْفُسَهُمْ ) و ( مَرَرْتُ بِهمْ أنْفُسِهِمْ ) ( قَامُوا كُلَّهُمْ ) فالضمير جائز لا واجب

وأما التوكيد اللفظى فهو : اللفظ المكرر به ما قبله
فإن كان جملة فالأكثر اقترانها بالعاطف نحو ( كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ) ونحو ( أوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) وتأتى بدونه نحو قوله عليه الصلاة و السلام : ( وَاللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشاً ) ثلاث مَرَّاتٍ ويجب التركُ عند إيهام التعدد نحو ( ضَرَبْتُ زَيْداً ضَرَبْتُ زَيداً )
وإن كان اسماً ظاهرا أو ضميراً منفصلاً منصوباً فواضح نحو ( فَنِكَاحُهَا بَاِطلٌ بَاطِلٌ بَاطِلٌ ) وقوله : -
( فَإيَّاكَ إيَّاكَ المِرَاء فَإِنَّهُ ... )

وإن كان ضميراً منفصلا مرفوعاً جاز أن يُؤَكَّدَ به كل ضميرٍ متصل نحو ( قُمْتَ أنْتَ ) و ( أكْرَمْتُكَ أنْتَ ) و ( مَرَرْتُ بِكَ أنْتَ )

وإن كان ضميراً متصلاً وُصِلَ وُصِلَ بما وُصِلَ المؤكَّد نحو ( عَجِبْتُ مِنْكَ مِنْكَ )
وإن كان فعلا أو حرفاً جوابياً فواضح كقولك ( قَامَ قَامَ زَيْدٌ ) وقوله : -
لاَ لاَ أَبُوحُ بحِبِّ بَثْنَةَ إنّهَا ... )

ز
وإنْ كان غَيْرَ جوابىٍّ وجب أمران : أن يُفْصَل بينهما وأن يعُادَ مع التوكيد ما اتصل بالمؤكد إن كان مضمراً ونحو ( أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إذَا مُتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُمْ مخُرْجُونَ ) وأن يُعَاد هو أو ضميره

وإن كان ظاهراً نحو ( إنَّ زَيْداً إنَّ زَيْداً فَاضِلٌ ) أو ( إنَّ زَيْداً إنَّهُ فَاِضلٌ ) وهو الأولى وَشَذّ اتِّصَال الحرفين كقوله : -
( إنَّ إنَّ الكَرِيمَ يحَلْمُ مَالَمْ ... )

وأسْهَلُ منه قولُه : -
( حَتَّى تَرَاهَا وَكَأَنَّ وَكَأنْ ... )

لأن المؤكَّد حَرْفَانَ فلم يَتَّصِل لفظٌ بمثله وأشَذُّ منه قوله : -
( وَلاَ لِلمِاَ بِهِمْ أَبَداً دَوَاءُ ... ) لكَوْنِ الحرف على حرف واحد

وأَسْهَلُ منه قولُه : -
( فَأَصْبَحَ لاَ يَسْأَلَنهُ عَنْ بِمَا بِهِ ... ) لأن المؤكَّد على حرفين ولا ختلاف اللفظين

هذا باب العطف
وهو ضربان : عَطْفُ نَسَقٍ وسيأتى وعَطْفُ بَيَانٍ وهو ( التَّابِعُ المُشْبِةُ للصفة في تَوْضِيحِ مَتْبُوعه إن كان معرفة وتخصيصه إن كان نكرة )

هذا باب إعمال الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدِّى إلى واحد
وهى : الصفةُ التى اسْتُحِسنَ فيها أن تُضَافَ لما هو فاعل في المعنى ك ( حَسَنِ الوَجْهِ ) و ( نَقِىِّ الثَّغْرِ ) و ( طَاهِرِ العِرْضِ )
فخرج نحو ( زَيْدٌ ضَارِبٌ أوُهُ ) فإن إضافة الوصف فيه إلى الفاعل ممتنعة لئلا تُوهِمَ الإضافة إلى المفعول ونحو ( زيد كاتب أبوه ) فإن إضافة الوصف فيه وإن كانت لا تمتنع لعدم اللبْسِ لكنها لا تحسن لأن الصفة لا تُضَاف لمرفوعها حتى يُقَدَّرَ تحويلُ إسنادِها عنه إلى ضمير موصوفها بدليلين :
أحدهما : أنه لو لم يقدر كذلك لزم إضافة الشىء إلى نفسه
والثانى : أنهم يُؤَنِّثُونَ الصفة في نحو ( هِنْدٌ حَسَنَةٌ الوَجْهِ ) فلهذا حسن أن يقال : ( زيد حسن الوجه ) لأن مَنْ حَسُنَ وَجْهُهُ حَسُنَ أن يسند ( الْحُسْنُ ) إلى جمتله مجازاً وقَبُحَ أن يقال ( زيد كاتب الأب ) لأن مَنْ كَتب أبوه لا يحسن أن تُسْنَدَ الكتابةُ إليه إلا بمجاز بعيد
وقد تبين أن العلم بحسن الإضافة موقوفٌ على النظر في معناها لا على معرفة كونها صفة مُشَبَّهَة وحينئذ فلا دَوْرَ في التعريف المذكُور كما تَوَهَّمَه ابنُ الناظمِ

فصل
: وتختصُّ هذه الصفةُ عن اسم الفاعل بخمسة أُمُور :
أحدها : أنها تُصَاغ من اللازم دون المتعدِّى ك ( حَسَنٍ ) و ( جَمِيل ) وهو يُصَاغ منهما كقَائِم وضَارِب

والأول مُتَّفَقٌ عليه كقوله : -
( أقْسَمَ بِاللهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرْ ... )

والثانى أثْبَتَهُ الكوفيون وجماعة وجَوَّزوا أن يكون منه ( أوْ كَفّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِيَن ) فيمن نَوَّنَ كفارة ونحو ( مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ ) والباقون يُوجِبُونَ في ذلك البَدَلِيّةَ ويَخُصُّون عطف البيان بالمعارف
ويُوَافق متبوعَهُ في أربعة من عشرة : أوْجُهِ الإعراب الثلاثة والإفراد والتذكير والتنكير وفروعهن وقولُ الزمخشرى إن ( مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ) عطفٌ على ( آياتٌ بَيِّناتٌ ) مُخَالِفٌ لإجماعهم وقولُه وقولُ اُلْجَرْجَانى

يُشْترط كونه أوضحَ من متبوعه مخالِفُ لقول سيبويه في ( يا هذا ذا الَجْمَّة ) إن ( ذا الجمة ) عطفُ بيانٍ مع أن الإشارة أوضح من المضاف إلى ذى الأداة
ويَصِحُّ في عطف البيان أن يُعْرَبَ بَدَلَ كُلٍّ إلا أنِ امتنع الاستغناء

عنه نحو ( هِنْدٌ قَامَ زَيْدٌ أَخُوهَا ) أو إحْلاَلُه محلّ الأول نحو ( يَا زَيْدُ اَلحْارِثُ ) وقوله : -
( أَيَا أَخَوَيْنَا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلاَ ... )

وقوله : -
( أَنَا اُبْنُ التَّارِكِ البَكْرِىِّ بِشْرٍ ... )

وتجوز البَدَلِيَّةُ في هذا عند الفَرَّاء لإجازته ( الضَّارِبُ زَيْدٍ ) وليس بمَرْضِىّ

هذا باب عطف النسق
وهو تابع يَتَوَسَّطُ بينه وبين متبوعه أحَدُ الأحْرُفِ الآتى ذِكْرُهَا ) . وهى نوعان : ما يقتضى التَّشْريِكِ في اللفظ والمعنى : إما مطلقاً وهو الواو

والفاء و ( ثم ) و ( حتى ) وإمَّا مُقَيَّداً وهو ( أو ) و ( أم ) فشرطُهُما أن يَقْضَيِا إضراباً وما يقتضى التشريكَ في اللفظ دون المعنى إما لكونه يُثْبِت لما بعده ما انْتَفَى عَمَّا قبله وهو ( بَلْ ) عند الجميع و ( لَكِنْ ) عند سيبويه وموافقيه وإما لكونه بالعكس وهو ( لا ) عند الجميع و ( لَيْسَ ) عند البغداديين كقوله : -
( إِنمَّاَ يَجْزِى الْفَتَى لَيْسَ الْجَمَلْ ... )

فصل
: أما الواو فلمُطْلَقِ الجمع فَتَعْطِفُ متأخِّراً في الحكم نحو ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإبْرَاهِيمَ ) ومتقَدِّماً نحو ( كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإلَى الّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ ) ومُصَاحباً نحو ( فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ )
وتنفرد الواو بأنها تعطف اسْمًا على اسم لا يكتفى الكلامُ به ك ( اخْتَصَمَ )

زَيْدٌ وَعَمْرٌو ) و ( تَضَارَبَ زَيْدٌ وَعَمْروٌ ) و ( اصْطَفَّ زَيْدٌ وَعَمْرٌو ) و ( جَلَسْتُ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو ) إذ الاختصامُ والتضاربُ والاصطفافُ وَالبَيْنِيَّةُ من المعانى النِّسِبيَّة التى لا تقومُ إلا باثنين فصاعداً ومِنْ هُنَا قال الأصمعى : الصوابُ ان يقال : -
( بَيْنَ الدَّخُولِ وَحَوْمَلِ ... ) بالواو وَحُجَّة الجماعة ان التقدير : بين أماكن الدخول فأما كن حَوْمَل فهو بمنزلة ( اخْتَصَمَ الزَّيْدُونَ فالعمرون )

وأما الفاء فللترتيب والتَّعْقِيب نحو ( أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ) وكثيرا ما تقتضى أيضاً التسبُّبَ إن كان المعطوف جملة نحو ( فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ) واعْتُرِض على الأول بقوله تعالى : ( أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَاسُنَا ) ونحو ( تَوَضّأ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ) الحديثَ والجواب أن المعنى أردنا إهلاكها وأراد الوضوء وعلى الثانى بقوله تعالى : ( فَجَعَلَهُ غُثَاءً ) والجواب أن التقدير : فَمَضَتْ مُدَّةٌ فجعله غُثَاء أو بان الفاء نابت عن ثمَّ كما جاء عكسه وسيأتى
وتختصُّ الفاء بأنها تَعْطِف على الصِّلَةِ ما لا يَصِحُّ كونُه صِلَةً لخلوه من العائد نحو ( الّلذَانِ يَقُومَانِ فَيَغْضَبُ زَيْدٌ أَخَوَاكَ ) وعكسه ونحو

( الّذِى يَقُومُ أخَوَاكَ فَيَغْضَبُ هُوَ زَيْدٌ ) ومثلُ ذلك جَارٍ في الخبر والصفة والحال نحو ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءَ فَتُصْبِحُ الأرْضُ مخُضَرَّةً ) وقوله : -
( وَإِنْسَانُ عَيْنِى يَحْسِر الَماءَ تَارَةً ... فَيَبْدُو . . . )

وأما ( ثُمَّ ) فللتَّرْتيب والتَّرَاخِى نحو ( فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إذَا شَاءَ أنْشَرَهُ ) وقد تُوضَعُ موضع الفاء كقوله : -
( جَرَى فيِ الأنَابِيبِ ثُمَّ اضْطَرَبْ ... )

وأما ( حَتَّى ) فالعطفُ بها قليلٌ والكوفيون يُنْكرونه وشروطُهُ أربعة أُمُور :
أحدها : كون المعطوف اسما

والثانى : كونه ظاهراً فلا يجوز ( قَامَ النَّاسُ حَتَّى أَنَا ) ذكرهُ الْخَضْرَاوِىُّ
والثالث : كونه بعضاً من المعطوف عليه إما بالتحقيق نحو ( أكَلْتُ السمكة حَتَّى رَأْسَهَا ) أو بالتأويل كقوله : -
( أَلَقْىَ الصَّحِيفَةَ كَىْ يُخَفِّفَ رَحْلَهُ ... وَالزَّادَ حَتَّى نَعْلَهُ أَلْقَاهَا )

ما أخَفَّ يَدَهَا في الغزل بَنَوْه من قولهم : امرأة ذَرَاعِ ومثله ( ما أقْمَنَه ) و ( مَا أجْدَرَهُ بكذا )
الثانى : أن يكون ثلاثياً فلا يبنيان من دَحْرَجْ وضَارَبَ واسْتَخْرَجَ إِلا أفْعَلَ فقيل يجوز مطلقاً وقيل : يمتنع مطلقاً وقيل : يجوز إن كانت الهمزة لغير النَّقْل نحو ( ما أظْلَمَ الّليْلَ ) و ( مَاْ أقْفَرَ هذَا لمكانَ ) وَشَذَّ عَلَى هذين القولين ( مَا أَعْطَاهُ للدَّرَاهِمِ ) و ( مَا أوْلاَهُ لِلمَعْرُوفِ ) وعلى كل قول ( مَا أتْقَاهُ ) و ( مَا أمْلاَ القِرْبَةَ ) لأنهما من أتّقى وامتلأت و ( مَا أخْصَرَهُ ) لأنه من أخْتُصِرَ وفيه شذوذ آخر وسيأتى

فيمن نصب ( نَعْلَه ) فإنَّ ما قبلها في تأويل ألقى ما يُثْقِلُه أو شببها بالبعض كقولك ( أَعْجَبَتْنىِ اَلجْارِيةُ حَتَّى كَلاَمُهَا ) ويمتنع ( حَتَّى وََلدُهَا ) وضَابِطُ ذلك أنه إنْ حَسُنَ الاستثناء حَسُنَ دخولُ حتى
والرابع : كونه غاية في زيادة حِسِّيَّة نحو ( فُلاَنٌ يَهَبُ الأعْدَادَ الكَثِيَرةَ حَتَّى الألُوفَ ) أو مَعْنَوِية نحو ( مَاتَ النَّاسُ حَتَّى الأنبياءُ أو الملوكُ ) أو في نَقْصٍ كذلك نحو ( المُؤْمِنُ يُجْزَى بِاَلْحَسَنَاتِ حَتَّى مِثْقَالِ الذّرَّةِ ) ونحو ( غَلَبَكَ النَّاسُ حَتَّى الصِّبْيَانُ أو النِّسَاءُ )

وأما ( أَمْ ) فضربان : منقطعة وستأتى ومتصلة وهى المَسْبُوقة إمَّا بهمزة التسوية وهي الداخلة على جملة في محلِّ المصدر وتكون هي والمعطوفة عليها فعليتين ونحو ( سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ) أو اسميتين كقوله : -
( أَمَوْتِىَ نَاءٍ أَمْ هُوَ الآنَ وَاقِعُ

أو مختلفتين نحو ( سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْ تُمُوهُمْ أمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ ) وإمَّا بهمزة يُطْلب بها وبأم التَّعْيِينُ وتقع بين مفردين متوسِّطٍ بينهما مالا يُسْأَل عنه نحو ( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أم السَّمَاءُ ) أو متأخراً عنهما نحو ( وَإنْ أَدْرِى أَقَرِيبٌ أم بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ ) وبين فعليتين كقوله : -
( فَقُلْتُ أَهْىَ سَرَتْ أَمْ عَادَنِى حُلُمُ ... )

لأن الأرْجَحَ كونُ ( هى ) فاعلاً بفعل محذوف واسميتين كقوله : -
( شُعَيْثُ ابْنُ سَهْمٍ أَمْ شُعَيْثُ ابْنُ مِنْقَرِ ... )

الأصْلُ ( أَشُعَيْثٌ ) فحذفت الهمزة والتنوين منهما

وَالمُنْقَطِعَة هى الخالية من ذلك ولا يُفَارِقها معنى الإضراب وقد

تقتضى مع ذلك استفهاماً : حقيقياَّ نحو ( إنّهَا لإبِلٌ أَمْ شَاءٌ ) أى : بل أهِىَ شَاءٌ وإنما قَدَّرْنَا بعدها مبتدأ لأنها لا تدخل على المفرد أو إنكاريَّا كقوله تعالى : ( أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ ) أى : أَلَهُ البناتُ وقد لا تقتضيه البتة نحو ( أَمْ هَلْ تَسْتَوِى الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ) أى : بل هل تستوى إذ لا يدخل استفهام على استفهام وكقول الشاعر :

( هُنَالِكَ أَمْ فِي جَنَّةٍ أَمْ جَهَنَّمِ ... ) إذ لا معنى للاستفهام

وأما ( أوْ ) فإنها بعد الطلب للتخيير نحو ( تَزَوَّجْ زَيْنَبَ أوْ أُخْتَها ) أو للإباحة نحو ( جَالِسِ ا لعُلَماء أو الزُّهَّاد ) والفَرْقُ بينهما امْتِنَاعُ الجمعِ بين المتعاطفين في التخيير وَجَوَازُهُ في الإباحة

وبعد الخبر للشك نحو ( لَبِثْنَا يَوْماً أوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) أو للإبهام نحو ( وَإِنَّا أوْ إيَّاكُمْ لَعَلَى هُدَى أوْ فيِ ضَلاَلٍ مُبِينٍ ) وللتفصيل نحو ( وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أوْ نَصَارَى ) أو للتقسيم نحو ( الكَلِمَةُ اسْمٌ أوْ فِعْلٌ أو حَرْفٌ ) وللإضراب عند الكوفيين وأبى علىّ حكى الفَرَّاء

( اذْهَبْ إلىَ زَيْدٍ أوْ دَعْ ذَلِكَ فَلاَ تَبْرَحِ اليَوْمَ ) وبمعنى الواو عند الكوفيين وذلك عند أمْنِ اللبس كقوله : -
( مَا بَيْنَ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أوْ سَافِعِ ... )

وزعم أكْثَرُ النحويين أن ( إما ) الثانية في الطَّلَبِ واَلخْبَرِ - نحو

( تَزَوّجْ إمَّا هِنْداً وَإمَّا أُخْتَهَا ) و ( جَاءَنِى إمَّا زَيْدٌ وَإمَّا عَمْرٌو ) - بمنزلة ( أوْ ) في العَطْف والمعنى وقال أبو علىّ وابتا كَيْسَان وبَرْهَانَ : هي مثلُهَا في المعنى فقط وَيُؤَيِّدُهُ قولُهم : إنها مُجَامعة للواو لزوماً والعاطفُ لا يدخل على العاطف وأما قولُه : -
( أَيمْاَ إلَى جَنّةٍ أَيْماَ نَارٍ ... )
فشاذ وكذلك فَتْحُ همزتها وإبدال ميمها الأولى

وأما ( لَكِنْ ) فعاطفة خلافاً ليونس وإنما تَعْطف بشروط : إفرادِ

معطوفها وأن تُسْبَق بنفى أو نهى وأن لا تقترن بالواو نحو ( مَا مَرَرْتُ بِرَجُلٍ صَالِحٍ لَكِنْ طَالِحٍ ) ونحو ( لاَ يَقُمْ زَيْدٌ لكِنْ عَمْرٌو ) وهي حرف ابتداء إنْ تَلَتْها جملة كقوله : -
( إنَّ ابْنَ وَرْقَاءَ لَا تُخْشَى بَوَادِرُهُ ... لَكِنْ وَقَائْعُهُ فيِ اَلحِرْبِ تُنْتَظَرُ )

أو تَلَتْ واواً نحو ( وَلِكنْ رَسُولَ اللهِ ) : أى ولكن كان رسول الله وليس المنصوب معطوفا بالواو لأن مُتَعَاطِفَىِ الواو المفردين لا يختلفان بالسَّلْبِ والإيجاب أو سُبِقَت بإيجاب نحو ( قَامَ زَيْدٌ لَكِنْ عَمْرٌو لَمْ يَقُمْ ) ولا يجوز ( لَكِنْ عَمْرٌو ) على أنه معطوف خلافاً للكوفيين

بإيجاب أو أمر أو نفى أو نهى ومعناها بعد الأوَّلَيْنِ سَلْبُ الحكم عما قبلها وجَعْلُه لما بعدها ك ( قَامَ زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو ) و ( ليِقَمْ زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو ) وبعد الأخِيرَيْنَ تَقْريِرُ حكم ما قبلها وَجَعْلُ ضِدَّهِ لما بعدها كما أن لكن كذلك كقولك : ( مَا كُنْتُ فيِ مَنْزِلِ رَبِيعٍ بَلْ فِي أَرْضٍ لاَ يُهْتَدَى بِهَا ) ( لاَ يَقُمْ زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو ) وأجاز المبرد كونَهَا ناقلة معنى النفى والنهى لما بعدها فيجوز على قوله ( مَا زَيْدٌ قَائِماً بَلْ قَاعِداً ) على معنى

بل ما هو قاعداً ومَذْهَبُ الجمهور أنها لا تفيد نَقْلَ حكم ما قبلها لما بعدها إلا بعد الإيجاب والأمر ونحو ( قَاَم زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو ) و ( اضْرِبْ زَيْداً بَلْ عَمْراً )
وأما ( لاَ ) فَيُعْطَفُ بها بشروطٍ : إفرادِ معطوفها وأن تُسْبَقَ بإيجابٍ أو أمْرٍ اتفاقاً ك ( هذَا زَيْدٌ لا عَمْرٌو ) و ( أضْرِبْ زَيْداً لاَ عَمْراً ) أو نداء خلافاً لابن سَعْدَان نحو ( يَا ابْنَ أَخِى لا ابْنَ عَمِّى ) وأن لا يَصْدُقَ أحَدُ متعاطفيها على الآخر نَصَّ عليه السُّهَيْلِى وهو حق فلا يجوز ( جَاءَنىِ رَجُلٌ لاَ زَيْدٌ ) ويجوز ( جَاءَنِى رَجُلٌ لاَ اُمْرأَةٌ )
وقال الزجَّاجِىُّ : وأن لا يكون المعطوفُ عليه معمولَ فعلٍ ماض فلا يجوز ( جَاءنِى زَيْدٌ لاَ عَمْرٌو ) ويردُّه قولُه : -
( عُقَابُ تَنُوفِىَ لا عُقَابُ الْقَوَاعِلِ ... )

فصل
: يُعْطفَ على الظاهر والضمير المنفصل والضمير المُتَّصِل المنصوب بلا شرط ك ( قَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو ) و ( إيَّاكَ وَالأسَدَ ) ونحو ( جَمَعْناكُمْ وَالأوَّلِينَ )

ويَحْسُن العَطْفُ على الضمير المَرْفُوعِ المُتَّصِلِ بارزاً كان أو مستتراً إلا بعد توكيده بضمير منفصل نحو ( لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ ) أو وجود فاصلٍ أىِّ فاصل كان بين المتبوع والتابع نحو ( يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ ) أو فَصْلٍ ب ( لا ) بين العاطف والمعطوف نحو ( مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا ) وقد اجتمع الفَصْلاَنِ في نحو ( مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلاَ أبَاؤُكُمْ ) وَيَضُعْفُ بدون ذلك ك ( مَرَرْتُ بِرَجُلٍ سَوَاءٍ وَالعَدَمُ ) أى : مُسْتَوٍ هُوَ وَالعَدَمُ وهو فاشٍ في الشعر كقوله : -
( مَا لَمْ يَكُنْ وَأَبٌ لَهُ لِيَنَالاَ ... )

ولا يكثر العطف على الضمير المخفوض إلا بإعادة الخافض حرفاً كان او أسماً نحو ( فَقَالَ لَهَا وَلْلأَرْضِ ) ( قَالُوا نَعْبُدُ إلهَكَ وَإلهَ أبَائِكَ ) وليس بلازمٍ وفافاً ليونُسَ والأخَفَشِ والكوفيين بدليل قراءة ابن عباس والحسن وغيرهما ( تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامِ ) وحكايةِ قطرب ( مَا فيِهَا غَيْرُهُ وَفَرَسِهِ ) قيل : ومنه ( وَصَدُّ عَنْ سَبِيِل اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالَمسْجِدِ اَلحْرَامِ )

إذْ ليس العطف على السبيل لأنه صلة المصدر وقد عُطِف عليه ( كفر ) ولا يُعْطَف على المصدر حتى تكمل معمولاته

ويُعْطَف الفعل على الفعل بشرط اتّحاد زمانيهما سواء اتّحد نوعاهما نحو ( لنُحْيِىَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ ) ونحو ( وَإنْ تُوْمِنُوا وَتَتَّقُوا يؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلَكُمْ أَمْوَالَكُمْ ) اختلفا نحو ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ) ونحو ( تَبَارَكَ الّذِى إنْ شاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكَ ) الآيَةَ
ويُعْطَف الفعل على الاسم المُشْبِهِ له في المعنى نحو ( فَالْمُغيِرَاتِ صُحْباً فَأَثَرْنَ ) ونحو ( صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ) ويحوز العكس كقوله : -
( أُمَّ صَبِىٍّ قَدْ حَبَا أَوْ دَارِجِ ... )

وجَعَلَ منه الناظُمْ ( يُخْرِجُ اَلْحَىَّ مِنَ اَلَمِّيتِ وَيُخْرِجُ الَمِّيتِ مِنَ اَلحْىِّ ... ) وقدّرَ الزمخشرىُّ عطفَ ( مُخْرِج ) على ( فَالِق )

فصل
: تختصُّ الفاء والواو بجواز حذفهما مع معطوفهما لدليل مثالُه في الفاء ( أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ اَلْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ ) أى : فضرب فانبجست وهذا الفعلُ المحذوف معطوف على ( أوْحَيْنا ) ومثالُه في الواو قولُه : ( فَمَا كَانَ بَيْنَ اَلْخْيِر لَوْ جَاءَ سَالِماً ... أَبُو حَجَرٍ إلاّ لَيَالِ قَلاَئِلُ ) أى : بين الخير وبينى وقولُهم : ( رَاكِبُ النَّاقَةُ طَليِحَانِ ) أى : والناقُة

وتختصُّ الواو بجواز عَطْفها عامِلاً قد حذف وبقى معموله مرفوعاً كان نحو ( اُسْكُنْ أُنْتَ وَزَوْجُكَ اَلْجنَّةَ ) أى : وليسكن زَوْجُك أو منصوباً نحو ( وَالّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالإيَمانَ ) أى : وَأَلِفُوا الإيمانَ أو مجروراً نحو ( مَا كُلُّ سَوْدَاء تمْرَةً وَلاَ بَيْضَاء شَحْمَةً ) أى : ولا كلّ بيضاء
وإنما لم يُجْعَلِ العطفُ فيهنَّ على الموجود في الكلام الئلا يلزم في الأول رفعُ فعل الأمر للاسم الظاهر وفي الثانى كونُ الإيمان مُتَبَوَّاً وإنما يُتَبَوَّا المنزل وفي الثالث العَطْفُ على معمولَىْ عاملين ولا يجوز في الثانى أن يكون الإيمان مفعولاً معه لعدم الفائدة في تقييد المهاجرين بمصاحبة الإيمان إذ هو أمر معلوم
ويجوز حذفُ المعطوف عليه بالفاء والواو فالأول كقول بغضهم : ( وَبِكَ وَأَهْلًا وَسَهْلاً ) جواباً لمن قال له : مَرْحَباَ والتقدير : ومرحباً بك وأهلا
والثانى نحو ( أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً ) أى . أنهملكم فنضرب

ونحو ( أَفَلَمْ يَرَوْا إلىَ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) أى : أَعَمُوا فلم يَرَوْا .

هذا باب البدل
وهو : والتابعُ المقصودُ بالحكم بلا وَاسِطَة )

فخرج بالفصل الأول النعتُ والبيانُ والتأكيدُ فإنها مُكَمِّلاَتٌ للمقصود بإلحكم
وأما النَّسَق فثلاثة أنواع :
أحدها : ما ليس مقصوداً بالحكم ك ( جَاءَ زَيْدٌ لاَ عَمْرٌو ) و ( مَا جَاءَ زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو ) أو ( لِكنْ عَمْرٌو ) أما الأول فواضح لأن الحكم السابق منفى عنه وأما الآخران فلان الحكم السابق هو تَنْفٌّى المجىء والمقصود به إنما هو الأول
النوع الثانى : ما هو مقصود بالحكم هو وما قبله فَيَصْدُق عليه أنه مقصود بالحكم لا أنه المقصود وذلك كالمعطوف بالواو نحو ( جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو ) و ( مَا جَاءَ زَيْدٌ وَلاَ عَمْرٌو )

وهذان النوعان خارجان بما خرج به النعتُ والتوكيدُ والبيانُ
النوع الثالث : ما هو مقصود بالحكم دون ما قبله وهذا هو المعطوف ببَلْ بعد الإثبات نحو ( جَاءَنِى زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو )
وهذا النوع خارج بقولنا ( بلا واسطة ) . وسَلِمَ الحدُّ بذلك للبدل
وإذا تَأَمَّلْتَ ما ذكرتهُ في تفسير هذا الحد وما ذكرهُ الناظم وابنه ومَنْ قَلّدَهُما علمت أنهم عن إصابة الغرض بمَعْزِلٍ
وأقسام البدل أربعة :
الأول : بدل كل من كل وهو بدل الشىء مما هو طِبْقُ معناه نحو ( أُهْدِنَا الصِّرَاطَ الُمسْتَقِيمَ صِرَاطَ الّذِينَ ) وَسَمَّاهُ الناظم البَدَل المُطَابِقَ لوقوعه في اسم الله تعالى نحو ( إلَى صِرَاطٍ العَزِيزِ اَلحْمِيدِ الله ) فيمن قرأ بالجرِّ وإنما يُطْلَق ( كلّ ) على ذى أجزاء وذلك ممتنع هنا

والثانى : بدل بَعْضٍ من كل وهو بدل الجزء من كله قليلاً كان ذلك الجزء أو مساوياً أو أكثر ك ( أَكَلْتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَهُ أو نِصْفَهُ أو ثُلُثَيْهِ )
ولابُدَّ من أتِّصَاله بضميٍر يرجع على المبدَلِ منه : مذكور كالأمثلة المذكورة وكقوله تعالى : ( ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ ) أو مُقَدَّرٍ كقوله تعالى : ( وَِللهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهَ سَبْيلاً ) أى : منهم
الثالث : بدل الاشتمالا وهو بدلُ شىءٍ من شىءٍ يشتمل عاملُه على معناه اشتمالًا بطريق الإجمال ك ( أَعْجَبَنِى زَيْدٌ عِلْمُه أو حُسْنُه ) و ( سُرِقَ زَيْدٌ ثَوْبُهُ أو فَرَسُهُ )

وأَمْرُه في الضمير كأمر بدل البعض فمثالُ المذكور ما تَقَدَّمَ من الأمثلة وقوله تعالى : ( يَسأَلُونَكَ عَنِ الشّهْرِ اَلِحرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ) ومثالُ المقُدَّر قولُه تعالى : ( قُتَل أَصْحَابُ الأخْدُودِ النَّارِ ) أى : النار فيه وقيل : الأصل ( ناره ) ثم نابت أل عن الضمير
والرابع : البدل المبُاين وهو ثلاثة أقسام لأنه لا يُدَّ أن يكون مقصودا كما تقدم في الحدَّ : ثم الأولُ إن لم يكن مقصوداً البتة ولكن سَبَقَ إليه اللسانُ فهو بَدَلُ الغلط أى : بدل عن اللفظ الذى هو غَلَطٌ لا أن البدل نَفْسَه هو الغلط كما قد يُتَوَهَّمُ
وإن كان مقصوداً فإن تَبَيَّنَ بعد ذكره فسادُ قَصْدِه فبدلُ نِسْيَانٍ أى : بدلُ شىءِ ذُكِرَ نسياناً
وقد ظهر أن الغلط متعلِّق باللسان والنسيان متعلق بالَجْنَانِ والناظم وكثير من النحويين لم يُفَرقِّوا بينهما فَسَمَّوُا النوعين بدلَ غلط
وإن كان قَصْدُ كل واحد منهما صحيحاً فبدل الإضراب ويُسَمَّى أيضا بدل البَدَاءِ
وقولُ الناظم : ( خُذْ نَبْلاً مُدًى ) يحتمل الثلاثة وذلك باختلاف

التقادير وذلك لأن النَّبْل اسمُ جَمْعٍ للسَّهْمِ المُدّى : جمع مُدْيَة وهي السكِّينُ . فإن كان المتكلم إنما أراد الأمر بأخذ المُدَى فسبقهُ لسانُهُ إلى النَّبْل فبدل غلط
وإن كان أراد الأمر بأخذ النَّبْل ثم تبين له فساد تلك الإرادة وأن الصواب الأمر بأخذ المُدَى فبدل نسيان
وإن كان أراد الأول ثم أضرب عنه إلى الأمر بأخذ الُمدَى وجعل الأول في حكم المتروك فبدل إضْرَابٍ وبَدَاَءٍ
والأحْسَن فيهنَّ أن يوتى ببل

فصل
يُبْدَلُ الظاهُر من الظاهر كما تقدم
ولا يُبْدَلُ المضَمُر من المضمَرُ ونحو ( قُمْتَ أنْتَ ) و ( مَرَرْتُ بِكَ أنْتَ ) توكيدٌ اتِّفَاقاً وكذلك نحو ( رَأَيْتُكَ إيَّاكَ ) عند الكوفيين والناظم

ولا يُبْدَلُ مضمر من ظاهر ونحو ( رَأَيْتُ زَيْداً إيَّاهُ ) من وضع النحويين وليس بمسموعٍ
ويجوز عكسه : مطلقاً إن كان الضميرُ لغائبٍ نحو ( وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الّذِينَ ظَلَمُوا ) في أحد الأوْجُه أو كان لحاضرٍ بشرط أن يكون بَدَلَ بعض ك ( أَعْجَبْتَنِى وَجْهُكَ ) وقوله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فيِ رَسُولِ اللِه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لَمِنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالَيْومَ الآخِرَ ) أو بدل اشتمال ك ( أَعْجَبْتَنِى كَلاَمُكَ ) وقول الشاعر :

( بَلغَنْاَ السَّمَاءَ مَجْدُنَا وَسَناَؤُنَا ... )

أو بَدَلَ كلّ مفيدٍ للإحاطة نحو ( تَكُونُ لَنَا عِيداً لأوَّلِنَا وآخِرِنَا )
ويتمنع إن لم يُفِدْ خلافاً للأخفش فإنه أجاز ( رَأَيْتُكَ زَيْداً ) و ( رَأَيْتَنىِ عَمْراً )
فصل :
يُبْدَل كل من الاسم والفعل والجملة من مثله فالأسم كما تقدم والفعل كقوله تعالى : ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ ) والجملة

كقوله تعالى : ( أَمَدَّكُمْ بمِاَ تَعْلَمُونَ أَمَدَّ كُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ ) وقد تُبْدَل الجملة من المفرد كقوله : -
( إلى اللهِ أَشْكُو بِالَمدِيَنةِ حَاجَةً ... وَبِالشَّامِ أُخْرَى كَيْفَ يَلْتَقِيَانِ )
أبدل ( كيف يلتقيان ) من ( حاجة وأخرى ) أى : إلى الله أشكو هاتين الحاجتين تَعَذُُّّرَ التقائهما

فصل
: وإذا أبدل اسمٌ من اسم مُضَمَّن معنى حرف استفهام أو حرف شرط ذُكِرَ ذلك الحرفُ مع البدل فالأول كقولك ( كَمْ مَالُكَ أَعِشْرُونَ أمْ ثَلاَثُونَ ) و ( مَنْ رَأَيْتَ أَزَيْداً أمْ عَمْراً ) و ( مَا صَنَعْتَ أَخَيْراً أمْ شَرّاً ) والثانى نحو ( مَنْ يَقُمْ إنْ زَيْدٌ وَإنْ عَمْرٌو أَقُمْ مَعَهُ ) و ( مَا تَصْنَعْ إنْ خَيْراً وَإنْ شَرَّا تُجْرَ بِهِ ) و ( مَتَى تُسَافِرْ إنْ غَداً وَإنْ بَعْدَ غَدٍ أُسَافِرْ مَعَكَ )

حذف

هذا باب النداء
وفيه فصول
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الأول
في الأحْرُفِ التي يُنَبَّه بها المنادى واحكامها
وهذه الأحْرُف ثمانية : الهمزة

وأىْ - مقصورتين وممدودتين - ويا وأيا

وهيا ووا

فالهمزة المقصورة للقريب إلا إن نُزِّلَ مَنْزِلَةَ البعيدِ فله بقية الأحْرُف كما أنها للبعيد الحقيقي
وَأَعُّمها " يا " فإنها تدخل على كل نداء وتتعين في نداء اسم الله تعالى وفي باب الاستغاثة نحو " يا للهِ للمُسْلِمِينَ " وتتعين هي أو " وا " في باب النُّدْبِةَ و " وا " اكثر استعمالا منها في ذلك الباب وإنما تدخل " يا " إذا أمن اللبس كقوله :
-
( وَقُمْتَ فِيهِ بِأَمْرِ اللهِ يَا عُمَرَا ... )

ويجوز حذف الحرف نحو ( يُوسٌفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذا ) ( سَنَفُرغُ

لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ ) ( أَنْ أَدُّوا إَلىَّ عِبَادَ اللهِ ) إلا في ثمان مسائل : المندوبِ نحو ( يا عُمَرَا ) والمستغاثِ نحو ( يالله ) والمنادى البعيد لأن المراد فيهن إطالةُ الصَّوْتِ والحذفُ ينافيه وإسمِ الجنس غير المَعَّينِ كقول الأعمى : ( يَا رَجُلاً خُذْ بِيَدى " والمضمر ونداؤه شاذ ويأتي على صيغتي المنصوب والمرفوع كقول بعضهم ( يَا إيَّاكَ قَدْ كَفَيَتُكَ ) وقول الآخر :
-
( يَا أبْجَرُ بْنَ انْجَرٍ يَا أَنْتَا ... )

واسمِ الله تعالى إذا لم يُعَوَّض في آخره الميمُ المُشَدَّدَة واجازه بعضهم وعليه قولُ أُمَيَّةَ بن أبي الصَّلْت : -
-
( رَضيِتُ بِكَ الَّلهُمَّ رَبَّا فَلَنْ أُرَى ... أدِينُ إلَها غَيْرَكَ اللهُ ثاَنِيَا ... )

واسم الإشارة الجنس لمعين خلافاً للكوفيين فيهما بقوله :

( بِمِثْلِكَ هذَا لَوْعَةٌ وَغَرَامُ ... )

وقوله : -
( ... كَيْمَا أَنْ تَغُرَّ وَتَخْدَعَا )

وقولهم ( أطْرِقْ كَرَا ) و ( افْتَدِ مَخْنُوقُ ) و ( أصْبِحْ لَيْلُ ) وذلك عند البصريين ضرورة وشذوذ

الفصل الثاني
في أقسام المنادى واحكامه
المنادى على أربعة أقسام
أحدها : ما يجب فيه أن يُبْنَى على مايُرْفَع به لو كان معرباً وهو ما اجتمع فيه امران :
أحدهما : التعريف سواء كان ذلك التعريف سابقاً على النداء نحو ( يا زَيْدُ ) أو عارضاَ في النداء بسبب القَصْد والإقبال نحو ( يا رَجُلُ )

تريد به مُعَيَّناً
والثاني : الإفراد ونعني به أن لا يكون مضافاً ولا شبيهاً به فيدخل في ذلك المركبُ المَزْجِىُّ والمثنى والمجموع نحو ( يا مَعْدِى كَرِبُ ) و ( يا زَيْدَانَ ) و ( يا زَيُدُونِ ) و ( يا رَجْلاَنِ ) و ( يا مُسْلمِوُنَ ) و ( يا هِنْدَانِ )
وما كان مبيَّناً قبل النداء ك ( سِيْبوَيْهِ ) و ( حَذَامِ ) في لغة أهل الحجاز قُدِّرَت فيه الضمة ويظهر أثر ذلك تعابعه فتقول : ( يا سيبويهِ العالُمَ ) برفع ( العالم ) ونصبه كما في تابع ما تجدد بناؤه نحو ( يا زَيْدُ الفَاضِلُ ) ( والمحكىُّ كالمبني تقول ( يا تَأَبَّطَ شَرَّاً المقْدَامُ ) أو ( المِقْدَامَ )
الثاني : ما يجب نَصْبُه وهو ثلاثة أنواع :
أحدها : النكرة غير المقصودة كقول الواعظ ( يا غَافِلاً وَالَموْتُ يَطْلبُه ) وقول الأعمى : ( يا رَجُلاً خُذْ بِيَدىِ " وقول الشاعر :
-
( فَيَا رَاكِباً إمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ ... )

وعن المازني أنه أحَالَ وجودَ القسم
الثاني : المضاف سواء كانت الإضافة مَحْضَةً نحو ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا " أو غير مَحضْةَ نحو ( يا حَسَنَ الْوَجْهِ ) وعن ثعلب إجازة الضم في غير المحضة
الثالث : الشَّبِيُه بالمضاف وهو ما اتَّصَلَ به شرع من تمام معناه نحو

( يا حَسَناً وَجْهُهُ ) و ( يا طَالِعاً جَبَلاَ ) و ( يا رَفيَقاً بِالعِباَدِ ) و ياثَلاَثَةً وَثلاثيَنِ ) فيمن سَمَّيته بذلك ويمتنع إدخالُ ( يا ) على ( ثلاثين ) خلافاً لبعضهم فإن ناديت جماعةً هذه عِدَّتُهَا فإن كانت غير معينة نصبتهما أيضاً وإن كانت معينة ضمت الأول وَعَرَّفْتَ الثاني بأل ونصبته أو رفعته إلا إن أُعِيدت معه ( يا ) فيجب ضمه وتجريده من أل وَمَنع ابن خروف إعادة ( يا ) وتخييرُهُ في إلحاق أل مردودُ
والثالث : ما يجوز ضَمْهُ وفَتْحُه وهو نوعان
أحدهما : أن يكون عَلَماً مفرداً موصوفاً بابن متصل به مضافٍ إلى عَلَم نحو ( يَا زَيْدُ بْنَ سَعِيدٍ ) والمختارُ عند البصريين - غير المبرد - الفتحُ ومنه قولهُ : -
( يَا حَكَمُ بْنَ المُنْذِرِ بْنِ اَلْجارُدْ ... )

ويتعين الضَّمُّ في نحو ( يا رَجُلُ ابْنَ عَمْرو ) و ( يا زَيْدُ ابْنَ أَخِيناَ ) لإنتفاء عَلَمِيَّة المنادى في الأولى وعَلَمِيَّة المضاف إليه في الثانية وفي نحو ( يا زَيْدُ الفَاضِلَ ابن عَمْرو ) ( لوجود الفصل في نحو ) يا زَيْدُ الفَاضِلَ ( لأن الضمة غير ) ( ابن ) ولم يَشْترط ذلك الكوفيون وأنشدوا : -
( بِأَجْوَدَ مِنْكَ يَا عُمَرَ الَجْوَادَا ... )

بفتح ( عُمَر ) والوصفَُ بابْنَةٍ كالوصف بابْنٍ نحو ( يا هِنْدَُ ابنة عمرو ) ولا أَثَرَ للوصف ببنت فنحُو ( يا هِنْدُ بِنْتَ عَمْرٍو ) واجبُ الضم

الثاني : أن يُكَرَّر مضافاً نحو ( يا سَعْدُ سَعْدَ الأوْسِ ) فالثاني واجب النصب والوجهان في الاول فإن ضَمَمْتَه فالثاني بيانٌ أو بَدَل أو بإِضمار ( يا ) أو أعْنِى وإن فَتَحْتَه فقال سيبويه : مضافٌ لما بَعْدَ

الثاني : والثاني مُقْحَم بينهما وقال المبرد : مُضَافٌ لمحذوفٍ مُمَاثَلٍ لما أُضِيف إليه الثاني وقال الفراء : الاِسْمَانِ مضافان للمذكور وقال بعضهم : الاسمان مركبان تركيب خَمْسَةَ عَشَرَ ثم أُضَيِفا

الرابع : ما يجوز ضمه ونصبه وهو المنادى المستحق للضَّمِّ إذا اضطر الشاعرُ إلى تنوينه كقوله : -
( سَلاَمُ اللهِ يَا مَطَرٌ عَلَيْهَا ... )

وقوله : -
( أَعَبْداً حَلَّ فيِ شُعَبَي غَرِيباً ... )

واختار الخليل وسيبويه الضمَّ وأبو عَمَرٍو وعيسى النصبَ ووافق الناظم والأعلم سيبويه في العَلَم وأبا عمرو وعيسى في اسم الجنس

فصل
ولا يجوز نداء ما فيه ( أل ) إلا في أربع صُوَر :
إحداها : اسم الله تعالى أْجمْعَوُا على ذلك تقول ( يا الله ) بإثبات الألفين و ( يَا الله ) بحذفهما و ( يا الله ) بحذف الثانية فقط والأكْثَرُ أن يحذف حرف النداء ويُعَوَّض عنه الميم المشدَّدة فتقول ( الّلهُمَّ ) وقد يجمع بينهما في الضرورة النادرة كقوله :
-
( أَقُولُ يَا الَّلهُمَّ يَا الَّلهُمَّا ... )

الثانية : اُلْجمَلُ الَمحْكِيَّة نحو ( يا المنُطَلِقُ زَيْدٌ ) فيمن سُمِّى بذلك نَصَّ على ذلك سيبويه وزاد عليه المبرد ما سُمَّى به من موصول مبدوء بأل نحو الذي والتى وصَوَّبه الناظم
الثالثة : اسم الجنس المُشَبَّهُ به كقوله ( يا الخَلْيِفَةُ هَيْفَةً ) نَصَّ على ذلك ابن سَعْدَان
الرابعة : ضرورة الشعر كقوله : -
( عَبَّاسُ يَا الَملِكُ المُتَوَّجُ وَالّذِى ... )
ولا يجوز ذلك في النثر خلافاً للبغداديين

الفصل الثالث
في أقسام تابع المنادى الَمْبِنيَّ وأحكامه
وأقْسَامُهً أربعة :
أحدها : ما يجب نَصْبُهُ مراعاةً لمحلِّ المنادى وهو ما اجتمع فيه أمران
أحدهما : أن يكون نعتاً أو بياناً أو توكيداً

الثاني : أن يكون مضافاً مجرَّداً من أل نحو ( يا زَيْدُ صَاحِبَ عمرو ) و ( يا زَيْدُ أَبَا عَبْدِ اللهِ ) و ( يا تميمُ كُلَّهُمْ أو كُلَّكُمْ )
الثاني : ما يجب رَفْعُه مراعاةً للفظ المنادى وهو نعت ( أيٍّ ) و ( أيّةٍ ) ونعت اسم الإشارة إذا كان اسمُ الاشارة وُصْلَةً لندائه نحو ( يَا أَيُّها النَّاسُ ) ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ ) وقولك ( يا هذَا الرَّجُلُ ) إن كان

المراد أوَّلاً نداء الرجل ولا يُوصَف اسم الأشارة أبداً إلا بما فيه أل ولا تُوصَف أيّ وأية في هذا الباب إلا بما فيه أل أو بإسم الإشارة نحو ( يَأَيُّهذَا الرَّجُلُ )
والثالث : ما يجوز رَفْعُه ونَصْبُه وهو نوعان :
احدهما : النعتُ المضافُ المقرونُ بأل نحو ( يا زَيْدُ اَلحْسَنُّ الْوَجْهِ )
والثاني : ما كان مفرداً من نعتٍ او بيانٍ أو توكيدٍ كان معطوفاً مقروناً بألْ نحو ( يَا زَيْدُ الَحْسَنُ ) و ( الحْسَنَ ) و ( يا غُلاَمُ بِشْرٌ ) و ( بِشْراً ) و ( يا تمَيِمٌ أجمْعَوُنَ ) و ( أَجْمعَيِنَ ) وقال الله تعالى : ( يَا جِبَالُ

أَوِّبِى مَعَهُ وَالطَّيْرُ ) قرأه السبعةُ بالنصب واختارهُ أبو عَمْرو وعيسى وقُرِىءَ بالرفعَ واختارهُ الخليل وسيبويه وقَدَّرُوا النصبَ بالعطف على ( فَضْلاً ) من قوله تعالى : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً ) وقال المبرد : إن كانت أل للتعريف مثلها في ( الطير ) فالمختار النصب أو لغيره مثلها في ( اليَسَعِ ) فالمختار الرفع
والرابع : ما يُعْطَى تابعاً ما يستحقّه إذا كان منادى مستقلاً وهو البدل والمنسوق المجرد من أل وذلك لأن البدل في نية تكرار العامل والعاطف كالنائب عن العامل تقول ( يَا زَيْدُ بِشْرُ ) بالضمِّ وكذلك ( يا زَيْدُ وَبِشْرُ ) وتقول ( يا زَيْدُ أبا عَبْدِالله ) وكذلك ( يا زَيْدُ وأبَا عَبْدِاللهِ ) وهكذا حكمهما مع المنادى المنصوب

الفصل الرابع
في المنادى المضاف للياء
وهو أربعة أقْسَام :
أحدها : ما فيه لُغة واحدة وهو المعتلُّ فإن ياءه واجبة الثبوت والفتح نحو ( يا فَتَاىَ ) و ( يا قَاضِىَّ )
والثاني : ما فيه لُغَتان وهو الوَصْفُ المُشْبهُ للفعل فإن ياءه ثابتة لا غير وهي إما مفتوحة أو ساكنة نحو ( يا مُكْرِمِي ) و ( يا ضَارِبِى )

الثالث : ما فيه ست لُغات وهو ما عدا ذلك وليس أبا ولا أما نحو ( يا غُلاَمِى ) فالأكثر حذفُ الياء والإكتفاء بالكسرة نحو ( يَا عَبِادِ فَاتَّقُونِى ) ثم ثبوتها ساكنة نحو ( يَا عِبَادِىَ لاَ خَوْفُ عَلَيْكُمْ ) او مفتوحة نحو ( يَا عِبَادِىَ الّذيِنَ أَسْرَفُوا ) ثم قلبُ الكسرة فتحةً والياءَ ألفاً نحو ( يَا حَسْرَتَا ) وأجاز الأخفشُ حذفَ الألف والاجتزاء بالفتحة كقوله :
-
( بِلَهْفَ وَلاَ بِلَيْتَ وَلاَ لَوَاُنِّى )

أصله بقولي يَا لَهْفَا ومنهم مَنْ يكتفى من الإضافة بنيَّتها ويضم الاسم كما تُضَمُّ المفردات وإنما يفعل ذلك فيما يكثر فيه أن لا يُنَادَى إلا مُضَافاً كقول بعضهم ( يا أُمُّ لاَ تَفْعَليِ ) وقراءة آخر ( رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلَىَّ )
الرابع : ما فيه عَشْرُ لغَاتٍ وهو الأب الأم ففيهما مع اللغات الست : أن تُعَوِّضَ تاء التأنيث عن ياء المتكلم وتكسرها وهو الأكْثَرُ أو تفتحها وهو الأقْيَسُ أو تَضُمَّها على التشبيه بنحو ثُبَةٍ وهِبَةٍ وهو شاذ وقد قُرِىءَ بهن وربما جمع بين التاء والألف فقيل ( يا أَبَتَا ) و ( يَا أُمَّتَا ) وهو كقوله :

( أَقُولُ يَا الَّلهُمَّ يَا الَّهُمَّا ... ) [ ]
وسبيلُ ذلك الشعرُ ولا يجوز تعويضُ تاء التأنيث عن ياء المتكلم إلا في النداء فلا يجوز ( جَاءني أبَتُ ) ولا ( رَأَيتُ أَمَّتَ )
والدليلُ على أن التاء في ( يا أبتِ ) و ( يا أُمَّتِ ) عِوَضٌ من الياء أنهما لا يكادان يجتمعان وعلى انها للتأنيث أنه يجوز إبدالهما في الوقف هاء

فصل
وإذا كان المنادى مضافاً إلى مُضَافٍ إلى الياء فالياء ثابتة لا غير كقولك : ( يا ابْنَ اخِى ) و ( يا ابْنَ خَاليِ ) إلا إن كان ( ابن أم ) أو ( أبن عم ) فالأكثر الاجتزاء بالكسرة عن الياء أو أن يفتحا للتركيب المزجى وقد قُرِىء ( قَالَ ابْنَ أمَّ ِ ) بالوجهين ولا يكادون يُثْبِتُونَ الياء والألف إلا في الضرورة كقوله : -
( يَا ابْنَ أُمِّي وَيَا شُقَيِّقَ نَفْسِىِ )

وقال : -
( يَا ابْنَةَ عَمَّا لاَ تَلُومِى وَاهْجعِى ... )

هذا باب في ذكر أسماء لازمت النداء
منها ( فُلُ ) و ( فُلةُ ) بمعنى رَجُل وامْرَأة وقال ابن مالك وجماعة بمعنى زيد وهندٍ ونحوهما وهو وَهَمٌ وإنما ذلك بمعنى فلان وفلانة وأما قوله ( فىِ لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاَناً عَنْ فُلِ ... )
فقال ابن مالكٍ : هو فُلُ الخاصُّ بالنداء استعمل مجروراً للضرورة والصواب أن أصل هذا ( فلان ) وأنه حُذِفَ منه الألف والنون للضرورة كقوله : -
( دَرَسَ المَنَا يِمُتَالِعٍ فَأَبَانِ ... )
أي : دَرَسَ المَنَازِلُ

ومنها ( لُؤْمَانُ ) بضم اوله وهمزة ساكنة ثانية بمعنى كثير الُّلؤْم و ( نوْمَانُ ) بفتح أوله وواو ساكنة ثانية بمعنى كثير النَّوْم وفُعَلٌ كغُدَرِ وفُسَقٍ سَبَّا للمذكر واختار ابنُ عصفورٍ كَوْنَه قياسياً وابنُ مالك كَوْنَه سَمَاعِيَّا وفَعَالِ كفَسَاقِ وخَبَاثِ سَبَّا للمؤنث وأمَّا قوله : -
( إلَى بَيْتٍ قَعِيدَتُهُ لَكَاعِ ... )

فاستعمله خبراً ضرورةً وينقاس هذا وفَعَالِ بمعنى الأمْرِ كَنَزَالِ من كل فعل ثلاثي تام مُتَصَرِّف فخرج نحو : دَحْرَجَ وكَانَ ونِعْمَ وبئس والمبرد لا يقيس فيهما .

هذا باب الاستغاثة
إذا اسْتُغِيث اسمٌ منادى وجب كونُ الحرف ( يا ) وكَوْنُهَا مذكورةً وغلب جَرُّه بلام واجبة الفتح كقول عمر رضى الله تعالى عنه : ( يَا للهِ ) وقول الشاعر : -
( يَا لَقَوْمِي وَيَا لاَمْثَالِ قَوْمِى ... )

إلا إن كان مَعْطُوفاً ولم تُعَدْ معه ( يا ) فتكسر ولامُ المستغاثِ له مكسورةٌ دائماً كقوله ( يا للهِ لِلْمُسْلمِيِنَ ) وقول الشاعر :

( يَا لَلْكُهُولِ وَلِلشُّبانِ لِلْعَجَبِ ... )
ويجوز ان لا يُبْدَأ المستغاث باللام فالأكْثَرُ حينئِذٍ أن يختم بالألف كقوله : ( يَا يَزيِدَا لآِمِلٍ نَيْلَ عِزًّ ... )

وقد يَخْلُو منهما كقوله :
- ( ألاَ يَا قَوْمِ لِلعَجَبِ العَجِيبِ ... )

ويجوز نداء المتعجَّب منه فَيُعَامل مُعَامَلَةَ المستغاثٍ كقولهم ( يا لَلْماَءِ ) و ( يا لَلدَّوَاهِي ) إذا تَعَجَّبُوا من كثرتهما

هذا باب النَّدْبَةِ
حُكْمُ المندوب - وهو الُمُتَفَّجعُ عليه أو المُتَوَجَّعُ منه - حكم المنادى فَيُضَمُّ في نحو ( وَازَيْدَا ) وينصب في نحو ( وَا أميرَ المؤمنين ) إلا أنه لا يكون نكرة كرجل ولا مبهماً كأي واسم الإشارة والموصول

إلا ما صِلَتُه مشهورة فيندب نحو ( وَامَنْ حَفَرَ بِئْرَ زَمْزَمَاُه ) فإنه بمنزلة ( وَاعَبْدَ المطُلَّبِاهُ ) إلا أن الغالب أن يختم بالألف كقوله :
( وَقُمْتَ فِيهِ بِأَمْرِ الله يَا عُمَرَا ... ) [ ]
ويُحْذَف لهذه الألف ما قبلها : من ألفٍ نحو ( وَامُوسَاهْ ) أو تنوين في صلةٍ نحو ( وَامَنْ حَفَرَ بِئْرَ زَمْزَمَاهْ ) أو في مضاف إليه نحو ( وَأغُلاَمَ زَيْدَاهْ ) أو في محكىِّ نحو ( وَاقَامَ زَيْدَاهْ ) فيمن اسمه قام زيد ومن ضمه

نحو ( وَازَيْدَاهْ ) أو كسرةٍ نحو ( وَاعَبْدَ الَملِكَاهْ ) و ( وَاحَذَامَاهْ ) فإن أوقع حذفُ الكسرة أو الضمة في لبَسْ أُبْقِياَ وجُعِلت الألفُ ياء بعد الكسرة نحو ( وَاغَلاَمَكِى ) وواواً بعد الضمة نحو ( وَاغُلاَمَهُو ) أو ( وَاغُلاَمَكُمُو ) ولك في الوقف زيادةُ هاء السَّكْتِ بعد أحْرُف المد

فصل
واذا نُدِبَ المضاف للياء فعلى لُغة من قال ( يا عَبْدِ ) بالكسر أو ( يا عَبْدُ ) بالضم أو ( يا عَبْدَا ) بالألف أو ( يا عَبْدِى ) بالإسكان يقال ( وَاعَبْدَا ) وعلى لُغة من قال ( يا عَبْدِىَ ) بالفتح ( يا عَبْدِي ) بالأسكان يقال ( وَأعَبْدِيَا ) بإبقاء الفتحعلى الأول وباجتلابه على الثاني وقد تبين أن لمن سكن الياء أن يحذفها أو يفتحها والفتح رأىُ سيبويه والحذف رأى المبرد
وإذا قيل ( يا غُلاَمَ غُلاَمِى ) لم يجز في الندبة حذف الياء لأن المضاف إليها غير منادى
هذا باب الترخيم
يجوز ترخيم المنادى - أى : حَذْفُ آخره تخفيفاً - وذلك بشرط كونِهِ معرفةً غيْرَ مَستغاثٍ ولا مندوب ولا ذي إضافة ولا ذى إسناد فلا يُرَخَّم نحو قول الأعمى ( يا إنْسَاناً خُذْ بِيَدِي ) وقولُكَ ( يا لَجعْفَر ) و ( وَاجَعْفَرا وَاجَفْرَا ه ) و ( يا أمِيَر المؤمنين ) و ( يا تَأبَّطَ شَرَّا )

وعن الكوفيين إجازة ترخيم ذى الإضافة بحذف عجز المضاف إليه تمسُّكاً بنحو قوله : -
( أَبَا عُرْوَ لاَ تَبْعَدْ فَكُلُّ ابْنِ حُرَّةٍ ... )

وزَعم ابنُ مالكٍ أنه قد يُرَخَّم ذو الإسناد وأن عَمْراً نَقَلَ ذلك وعَمْرو هذا هو إمام النحويين رحمه الله وسِيَوَيْهِ لَقَبه وكنيته أبو بِشْرٍ

ثم إن كان المنادى مختوماً بتاء التأنيث جاز ترخيمه مطلقاً فتقول في هِبَهٍ عَلَماً ( يا هِبَ ) وفي جاريه لمعَّينَة ( يا جَارِىَ ) قال : -
( جَارِىَ لاَ تَسْتَنْكِرِى عَذِيِرِى ... )

وإذا كان مجرداً من التاء اُشْتُرِط لجواز ترخيمه : كونُه علماً زائداً على

ثلاثة ك ( جَعْفَر ) و ( سُعَاد ) ولا يجوز ذلك في نحو إنسان لمعين ولا في نحو زيد ولا في نحو حَكَم وقيل : يجوز في مُحَرَّك الوسط دون ساكنِهِ وقيل : يجوز فيهما

فصل
: والمحذوف للترخيم إمَّا حَرْفٌ وهو الغالب نحو ( يا سُعَا ) وقراءة بعضهم ( يا مَالِ )
وإما حرفان وذلك إذا كان الذي قبل الآخر من أحْرُفِ اللين ساكناً زائداً مكَمِّلاً أربعةً فصاعِداً وقبله حركة من جنسة لفظاً أو تقديراً وذلك نحو : مَرْوَان وسَلْمَان وأسمْاَء ومَنْصُور ومِسْكِين عَلَماً قال : -
( يَا مَرْوَ إنَّ مَطِيَّتِي مَحْبُوسَةٌ ... )

وقال : -
( يَا اسْمُ صَبْراً عَلَى مَا كَانَ مِنْ حَدَثٍ ... )

بخلاف نحو ( شَمْأَلٍ ) عَلَماً فإن زائده - وهو الهمزة - غيرُ حرفِ لين ونحو ( هَبَيَّخٍ وقَنَوَّر ) علمين لتحرُّك حرف اللين ونحو ( مُخْتَار ومُنْقَاد ) علمين لأصالة الأِلَفْينِ ونحو ( سَعِيد وثمَوُد وعِمَاد ) لأن السابق على حرف اللين اثنان وبخلاف نحو ( فِرْعَوْنَ وغُرْنَيْق )

عَلَماً لعدم مجانسة الحركة ولاخلافَ في نحو ( مُصْطَفَوْنَ ) و ( مُصْطَفَيْنَ ) علمين لأن أصلهما ( مُصْطَفَيُونَ ) و ( مُصْطَفَيِينَ ) فالحركة المجانسة مُقَدَّرة
وإما كلمة برأسها وذلك في المركب الَمَزْجِىِّ تقول في معديكَرِبَ : ( يَا مَعْدِى )
وإما كلمة وحرف وذلك في ( اثنا عشر ) تقول ( يا اثْنَ ) لأن عَشَرَ في موضع النون فنزلت هي والألف منزلَةَ الزيادة في ( اثنان ) عَلَماً
فصل
: الأكثر لأن ينُوْىَ المحذوفُ فلا يُغَيَّر ما بقي تقول في جعفر : ( يا جَعْفَ ) بالفتح وفي حَارِثٍ : ( يا حَارِ ) بالكسر وفي منصور :

( يا مَنْصُ ) بتلك الضمة وفي هِرَقْلَ ( يا هِرَقْ ) بالسكون وفي ثَمُود وعَلاَوَة وكَرَوَان : ( يا ثَمُو ويا عَلاَ ويا كَرَوَ )
ويجوز أن لا يُنْوَى فيجعل الباقي كأنه آخِرُ الاسم في أصل الوضع فتقول ( يا جَعْفُ ويا حَارُ يا هِرَقُ ) بالضم فيهن وكذلك تقول ( يا مَنْصُ ) بضمة حادثة للبناء وتقول ( يا ثمَىِ ) بإبدال الضمة كسرة والواو ياء كما تقول في جَرْوٍ ودَلْوٍ : الأجْرِى والأدْلِى لأنه ليس في العربية اسمُ معرب آخره واو لازمة مضموم ما قبلها وخرج بالأسم الفعلُ نحو ( يَدْعُو ) وبالمعرب الْمَبْنىُّ نحو ( هُوَ ) وبذكر الضم نحوُ ( دَلْو وغَزْو ) وباللزموم نحو ( هذَا أَبُوك ) وتقول ( يا عَلاَءُ ) بإبدال الواو همزةً لتطرفها بعد ألف زائدة كما في كِسَاء وتقول ( يا كَرَا ) بإبدال الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها كما في العَصَا

فصل
: يخَتْصُّ ما فيه تاء التأنيث بأحكام :
منها أنه لا يُشَتْرط لترخيمه عَلَمية ولا زيادة على الثلاثة كما مَرَّ
وأنه إذا حُذِفت منه التاء تَوَفَّر من الحذف ولم يَسَتْتبع حذفُهَا حذفَ حرفٍ قبلها فتقول في عَقَنبْاة : ( يا عَقَبْنا )
وأنه لا يُرَخّم إلا على نية المحذوف تقول في مُسْلمِة وحَارِثة وحَفْصَة : ( يا مُسْلَمِ ويا حَارِثَ ويا حَفْصَ ) بالفتح لئلا يلتبس بنداء مذكر لا ترخيم فيه فإن لم يخَفْ لَبْسٌ جاز كما في نحو هُمَزَة ومَسْلمة
ونداؤه مرخماً أكثرُ من ندائه تامَّاً كقوله : ( أَفَاطِمَ مَهْلاً بَعْضَ هذَا التَدَلُّلِ ... )

لكن يُشَاركه في هذا مالِك وعامِر وحارِث
فصل
: ويجوز ترخيمُ غير المنادى بثلاثة شروط :
أحدها : أن يكون ذلك في الضرورة
الثاني : أن يصلح الاسم للنداء فلا يجوز في نحو ( الغلام )
الثالث : أن يكون إما زائداً على الثلاثة أو بتاء التأنيث كقوله :

( طَرِيفُ بْنُ مَالٍ لَيْلَةَ اُلْجُوعِ وَالخْصَرْ ... )

ولا يمتنع على لُغة مَنْ ينتظر المحذوفَ خلافاً للمبرد بدليل : -
( وَأَضْحَتْ مِنْكَ شَاسِعَةً أمَاما ... )

هذا باب المنصوب على الاختصاص
وهو : أسم معمول لأخُصُّ واجبَ الحذفِ

فإن كان ( أَيُّهَا ) أو ( أيَّتُهَا ) استعملا كما يستعملان في النداء فَيُضَمَّان ويُوصَفَان لزوماً باسمٍ لازم الرفع محلًّى بأل نحو ( أنَا أفعَلُ كَذَا أيُّها الرَّجُلُ ) و ( الَّلهُمَّ أغْفِرْ لَنَا أَيتَّهُا العِصَابَةُ )

وإن كان غَيْرَهُمَا نصب نحو ( نَحْنُ مَعَاشِرَ الأنْبِيَاءِ لاَ نُورَثُ ) . وَيُفَارق المنادى في احكام :
أحدها : أنه ليس معه حرف نداء لا لفظاً ولا تقديراً
الثاني : أنه لا يقع في أول الكلام بل في أثنائه كالواقع بعد ( نَحْنُ ) في الحديث المتقدم أو بعد تمامه كالواقع بعد ( أنا ) و ( نا ) في المثالين قبله
والثالث : أنه يشترط أن يكون المقدم عليه أسماً بمعناه والغالبُ كونُه ضميرَ تكلمٍ وقد يكون ضميرَ خطابٍ كقول بعضهم ( بِكَ الله نَرْجوُ الفَضْلَ )
والرابع والخامس : أنه يقلُّ كونُه عَلَماً وأنه ينتصب مع كونه مفرداً كما في هذا المثال
والسادس : انه يكون بأل قياساً كقولهم : ( نَحْنُ العُرْبَ أقْرَى النَّاسِ للِضَّيْفِ )

هذا باب التحذير
وهو : تَنْبِيهُ المخاطب على أمر مكروه ليجتنبه

فإن ذُكِرَ المحذّر بلفظ ( إيَّا ) فالعامل محذوف لزوماً سواء عَطَفْتُ عليه أم كَرَّرْته أم لم تعطف ولم تكرر تقول : ( إيَّاكَ وَالاسَدَ ) الأصل ( احْذَرْ تَلاَقِي نَفْسِكَ وَالأسَدَ ) ثم حُذِفَ الفعل وفاعله ثم المضاف الأول وأنيب عنه الثاني فانتصب ثم الثاني وانيب عنه الثالث فانتصب وانفصل
وتقول : ( أيَّاكَ مِنَ الأسَدِ ) والاصل ( بَاعِدْ نَفْسَكَ مِنَ الأسَدِ ) ثم حُذِف باعد وفاعله والمضاف وقيل : التقدير ( أحذرك من الأسد ) فنحو ( إياك الأسَدَ ) ممتنع على التقدير الأول وهو قول الجمهور وجائز على الثاني وهو رأى ابن الناظم ولا خلاف في جواز ( إيَّاكَ أَنْ تَفْعَلَ ) لصلاحيته لتقدير من

ولا تكون ( إيَّا ) في هذا الباب لمتكلم وَشَذّ قولُ عُمَرَ رضى الله عنه ( لِتُذَكِّ لَكُمُ الأسَلُ وَالرِّمَاحُ وَالسِّهامُ وَأَنْ يَحْذِفَ أَحَدُكُمُ الأرْنَبَ ) وأصله إيَّاى باعدوا عن حذف الأرنب وباعدوا أنفسكم أن يحذف أحدكم الأرنب ثم حذف من الأول المحذور ومن الثاني المحذرَ
ولا يكون لغائب وَشَذّ قولُ بعضهم ( إذَا بَلَغَ الرَّجُلُ السِّتِّيْنَ فَإيَّاهُ وَإيَّا الشَّوَابِّ ) والتقدير : فَلْيَحْذَرْ تَلاَقِىَ نَفْسِه وانفس الشواب وفيه شذوذان أحدهما : اجتماع حذف الفعل وحذف حرف الأمر والثاني : إقامة الضمير وهو ( إيَّا ) مُقَامَ الظاهر وهو الأنفس لأن المستحق للإضافة إلى الأسماء الظاهرة إنما هو المظهر لا المضمر
وإن ذكر المحذّرُ بغير لفظ ( إيَّا ) أو اٌقْتُصِرَ على ذكر المحذّر منه فإنما يجب الحذفُ إن كَرَّرْتَ أو عَطَفْتَ فالأول نحو ( نَفْسَكَ نَفْسَكَ )

والثاني : نحو ( الأسَدَ الأسَدَ ) و ( نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا ) وفي غير ذلك يجوز الإظهار كقوله : -
( خَلِّ الطَّرِيقَ لمَنْ يَبْنِى الْمنَارَ بِهِ ... )

هذا باب الإغراء
وهو : تَنْبِيُه المخاطَبِ على أمر محمودٍ ليفعله
وحُكْمُ الاسم فيه حُكْمُ التحذير الذي لم يُذْكَر فيه ( إيَّا ) فلا يلزم حَذْفُ عامله إلا في عطف أو تكْرَار كقولك ( الَمُروءةَ وَالنَّجْدَةَ ) بتقدير الزم وقوله : -
( أَخَاكَ أَخَاكَ إنَّ مَنْ لاَ أخَا لَهُ ... )

ويقال : ( الصَّلاَةَ جَامِعَةً ) فتنصب ( الصلاة ) بتقدير احْضُرُوا و ( جامعةً ) على الحال ولو صُرِّح بالعامل لجاز

هذا باب أسماء الأفعال
اسمُ الفعلِ : ما نَابَ عن الفعل مَعْنًى واستعمالاً ك ( شَتَّانَ ) و ( صَهْ ) و ( أوَّهْ )

والمرادُ بالاستعمالِ كونُهُ عاملاً غيرَ معمول فخرجَتِ المصادرُ والصفات في نحو ( ضَرْباً زَيْداً ) و ( أقَائِمٌ الزَّيْدَانِ ) فإن العوامل تدخل عليها
وورُوُدُه بمعنى الأمر كثير ك ( صَهْ ) و ( مَهْ ) و ( آمِينَ ) بمعنى اسْكُتْ وانْكَفِفْ واسْتَجِبْ ونَزَالِ وبابه وبمعنى الماضي والمضارع

قليلٌ ك ( شَتَّانَ ) و ( هَيْهَاتَ ) بمعنى افْتَرَقَ وَبَعُدَ و ( أوَّهْ ) و ( أُفٍّ ) بمعنى أتَوَجَّعُ وأتَضَجَّرُ و ( وَا ) و ( وَىْ ) و ( وَاهاً ) بمعنى أعجب كقوله تعالى : ( وَىْ كَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) أي : أَعْجَبُ لعدم فَلاَحِ الكافرين وقول الشاعر : -
( وَا بِأبىِ أنْتِ وَفُوكِ الأشْنَبُ ... )

وقول الآخر : -
( وَاهاً لِسَلْمى ثُمَّ وَاهاَ وَاهاً ... )

فصل
:
أسمُ الفعل ضَربْاَنِ :
أحدهما : ما وضع من أول الأمر كذلك كشَتَّان وصَهْ ووَىْ
الثاني : ما نُقِلَ من غيره إليه وهو عنوعان : منقول من ظرف أو جار ومجرور نحو ( عَلَيْكَ ) بمعنى ألْزَمْ ومنه ( عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ) أي : الزَمُوا شأنَ أنفسكم و ( دُونَكَ زيداً ) بمعنى خُذْه و ( مَكَانَكَ )

بمعنى أثْبُتْ و ( أَمَامَكَ ) بمعنى تَقَدَّمْ و ( وَرَاءك ) بمعنى تَأَخَّرْ و ( إلَيْكَ ) بمعنى تَنَحَّ ومنقول من مصدر وهو نوعان : مصدر اسْتُعِمِلَ فعلُه ومصدر أهمْلِ فعلُه فالأول نحو ( رُوَيْدَ زَيْداً ) فإنهم قالوا : أرْوَدَهُ إرْوَاداً بمعنى امهله إمهالاً ثم صَغَّرُوا الإرواد تصغير الترخيم وأقاموه مُقَام فعله واستعملوه تارة مضافاً إلى مفعوله فقالوا ( رُوَيْدَ زَيْدٍ ) وتارة مُنَوَّناً ناصباً للمفعول فقالوا ( رُوَيْداً زَيْداً ) ثم إنهم نقلوه وَسَمَّوا به فعله فقالوا ( رُوَيْدَ زَيْداً ) والدليل على أن هذا اسمُ فعل كونُهُ مبنّياً والدليلُ على بنائه كونُه غيرَ مُنَوَّنٍ والثاني قولهم ( بَلْهَ زَيداً ) فإنه في الأصل مصدرُ فعلٍ مُهْمَلٍ مُرَادفٍ لدَعْ واتْرُكْ ( بَلْهَ زيْدٍ ) بالإضافة إلى المفعول كما يقال ( تَرْكَ زَيْدٍ ) ثم قيل ( بَلْهَ زَيْداً ) بنصب المفعول وبناء ( بَلْةَ ) على أنه اسم فعل
فصل
:
يعملُ اسمُ الفعلٍ عملَ مُسَمَّاه تقول ( هَيْهَاتَ نَجْدٌ ) كما تقول ( بَعُدَتْ نَجْدٌ ) قال :

( فَهَيْهاتَ هَيْهَاتَ العَقِيقُ وَمَنْ بِهِ ... )
وتقول : ( شَتَّانَ زَيْدٌ وَعَمْروٌ ) كما تقول : ( افْتَرقَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو ) و ( تَرَاكِ زَيْداً ) كما تقول : ( أتْرُكْ زَيْداً )
وقد يكون اسمُ الفعل مشتركاً بين أفعال سميت به فيستعمل على أوْجُهٍ بإعتبارها قالوا ( حَيَّهَلِ الثرَّيِدَ ) بمعنى ائت الثريدَ و ( حَيَّهَلْ عَلَى الَخْيِر ) بمعنى أقبل على الخير وقالوا ( إذَا ذُكِرَ الصَّالِحُون فَحَيهَّلْ بِعُمَرَ ) أي : أسْرِعُوا بذكره

ولا يجوز تقديمُ معمول اسم الفعل عليه خلافاً للكسائي وأما ( كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ ) وقوله : -
( يَأَيُّهَا المَائِحُ دَلْوِى دُوِنَكَاَ ... )
فَمُؤَوَّلاَنِ

فصل
:
وما نُوِّنَ من هذه الأسماء فهو نكرة وقد الْتُزِمَ ذلك في ( وَاهاً ) و ( ويَهاً ) كما الْتُزِمَ تنكيُر نحو : أحدٍ وعَرِيبٍ ودَيَّار
وما لم يُنَوِّن منها فهو معرفة وقد الْتُزمَ ذلك في ( نَزَالِ ) و ( تَرَاكِ ) وبابهما كما التُزِم التعريفُ في الُمضْمَرَات والإشارات والموصولات

وما استعمل بالوجهين فعلى مَعْنَيَيْن وقد جاء على ذلك : صَهْ ومَهٍْ وإيِهٍ وألفاظٌ أخَرُ كما جاء التعريف والتنكير في نحو كتاب ورجل وفرس .

هذا باب أسماء الأصوات
وهي نوعان أحدهما : ما خُوطِبَ به ما لا يَعْقِلُ مما يُشْبه اسم الفعل كقولهم في دعاء الإبل لتشرب ( جِىءْ جِىءْ ) غير مهموزَيْنِ وفي دعاء الضأن ( حا حا ) والمعز ( عا عا ) مهموزين والفِعْلُ منهما حاحَيْتُ وعاعَيْتُ والمصدر حَيْحَاء وعَيْعَاء قال : -
( يَا عَنْزُ هذَا شَجَرٌ وَمَاءُ ... عَاَعَيْتُ لَوْ يَنْفَعُنِي العَيْعَاءُ ... )

وفي زَجْر البغل ( عَدَسْ ) قال :
( عَدَسْ َما لِعبًادٍ عَلَيْكِ إمَارَة ... )

وقولُنا ( مما يشبه اسمَ الفِعْلِ ) احترازٌ من نحو قوله : -
( يَا دَارَ مَيَّةَ بِالعَلْيَاءِ فَالسَّنَدِ ... )

وقوله : -
( ألاَ أَيُّهَا الّليْلُ الطَّويِلُ أَلاَ انْجَلِى ... )
الثاني : ما حُكى به صوتٌ ك ( غَاقْ ) لحكاية صَوْت الغُرَاب و ( طَاقْ ) لصوت الضّرْب و ( طَقْ ) لصوت وقع الحجارة و ( قَبْ ) لصوت وقع السيف على الضريبة
والنوعان مَبْنِيَّانِ لشبههما بالحروف المهملة في انها لا عاملة ولا معمولة

كما أن أسماء الأفعال بنيت لشبهها بالحروف المهملة في أنها عاملة غير معمولة وقد مضى ذلك في اوائل الكتاب .

هذا باب نوني التوكيد
لتوكيد الفعل نونان : ثقيلةٌ وخفيفةٌ نحو ( ليَسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً ) ويُؤكَّد بهما الأمْرُ مطلقاً ولا يُؤَكَّدُ بهما الماضي مطلقاً

واما المضارع فله حالات :
إحداها : أن يكون توكيدُه بهما واجباً وذلك إذا كان : مُثْبَتاً مُسْتَقْبَلاً جواباً لقَسَم غير مفصول من لامه بفاصل نحو ( وَتَاللهِ لاَ كِيْدَنَّ أَصْنَامَكُمْ ) ولا يجوز توكيدُه بهما إن كان مَنْفِيَّاً نحو ( تَاللهِ تَفْتَؤُ تَذْكُرُ يُوسُفَ ) إذ التقدير : لا تفتؤ او كان حالاً كقراءة ابن كثير ( لأَقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ ) وقول الشاعر : -
( يَمِيناً لأُبْغِضُ كُلَّ اُمْرىء ... )

أو كان مفصولاً من اللام مثل ( وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإَلَى اللهِ تُحْشَرُونَ ) ونحو ( وَلَسَوْفَ يَعُطْيِكَ رَبُّكَ فَتْرضَى )
والثانية : أن يكون قريباً من الواجب وذلك إذا كان شرطاً لإنْ الُمُؤَكَّدَةِ بما نحو ( وَإمَّا تَخَافَنَّ ) ( فَإمَّا تَذْهَبَنَّ ) ( فَإمَّا تَرَيِنَّ )
ومِنْ تَرْكِ توكيده قولُه :

( ياَ صَاحِ إِمَّا تَجِدْنِي غَيْرَ ذِي جِدَّةٍ ... )
وهو قليلٌ وقيل : يختص بالضرورة

الثالثة : أن يكون كثيراً وذلك إذا وقع بعد أدَاة طلبٍ كقوله تعالى : ( وَلاَ تحَسْبنَّ اللَه غَافِلاً ) وقول الشاعر : -
( هَلاَّ تَمُنِّنْ بِوَعْدٍ غَيْرَ مُخْلِفَةٍ ... )

وقول الآخر : -
( فَلَيْتَكِ يَوْمَ الُملْتَقَى تَرَيِنّنِي ... )

وقوله : -
( أَفَبَعْدَ كِنْدَةَ تَمْدَحَنَّ قَبِيِلاً ... )

الرابعة : أن يكون قليلا وذلك بعد ( لا ) النافية أو ( ما ) الزائدة

التي لم تُسْبَقْ بإنْ كقوله تعالى : ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَّن الّذيِنَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) وكقولهم : -
( وَمِنْ عِضَةٍ مَا يَنْبُتَنَّ شَكِيرُهَا ... )

وقال : -
( قَليِلاً بِهِ مَا يَحْمدَنَّكَ وَارِثٌ ... )

الخامسة : أن يكون أقَلَّ وذلك بعد لم وبعد أداة جزاء غير ( إمَّا ) كقوله : -
( يَحْسَبْهُ الْجَاهِلُ مَالَمْ يَعْلَماَ ... )

وكقوله : -
( مَنْ نَثْقَفَنْ مِنْهُمْ فَلَيْسَ بِائِبٍ ... )

فصل
في حكم آخر المؤكد
أعلم أن هنا أصلين يُسْتثنى من كل منهما مسألة :
الأصل الأول : أن آخِرَ المؤكَّد يُفتح تقول ( لِتَضْربَنَّ ) و ( أضْرِبَنَّ ) ويستثنى [ من ذلك ] أن يكون مُسْنَداً إلى ضمير ذي لِيٍن فإنه يحرك آخره حينئذ بحركة تجانس ذلك اللين كما نشرحه
والأصل الثاني : أن ذلك الِّليَن يجب حذفه إن كان ياء أو واواً تقول ( اُضْرِبُنَّ يَا قَوْمِ بضم الباء و ( اُضْرِبِنَّ يَا هِنْدُ ) بكسرها والأصل اضْرِبُونَّ واضْرِبِينَّ ثم حُذِفت الواو والياء للإلتقاء الساكنين
ويستثنى من ذلك أن يكون آخر الفعل ألفاً ك ( ) فإنك تحذف آخر الفعل وتُثبت الواو مضمومة والياء مكسورة فتقول ( يا قَوْمِ أخْشُوُنَّ ) و ( يا هِنْدُ أخْشَيِنًّ ) فإن أسند هذا الفعل إلى غير الواو والياء لم تْحذِف آخِرهَ بل تقلبه ياء فتقول ( لَيَخْشَيَنَّ زَيْدُ ) و ( لَتَخْشَيَنَّ يا زَيْدُ ) و ( لَتَخْشَيانَ يا زَيْدَانِ ) و ( لَتَخْشَينَانِّ يا هِنْدَات )
فصل
: تنفرد النُون الخفيفة بأربعة أحكام :
أحَدٌها : أنها لا تقع بعد الألف نحو ( قُومَا ) و ( اقْعُدَا ) لئلا يلتقي ساكنان وعن يونس والكوفيين إجازته ثم صَرَّحَ الفارسي في الحجة بأن يونس يُبْقىِ النونَ ساكنةً ونَظَّرَ ذلك بقراءة نافع ( وَمَحْيَاىَ ) وذكر الناظمُ أنه يكسُر النونَ وحمل على ذلك قراءة بعضهم ( فَدَمِّرَانِهِمْ

فصل
: تنفرد النُون الخفيفة بأربعة أحكام :
أحَدٌها : أنها لا تقع بعد الألف نحو ( قُومَا ) و ( اقْعُدَا ) لئلا يلتقي ساكنان وعن يونس والكوفيين إجازته ثم صَرَّحَ الفارسي في الحجة بأن يونس يُبْقىِ النونَ ساكنةً ونَظَّرَ ذلك بقراءة نافع ( وَمَحْيَاىَ ) وذكر الناظمُ أنه يكسُر النونَ وحمل على ذلك قراءة بعضهم ( فَدَمَّرانِهِمْ

تَدْمِيراً ) وجَوزهُ في قراءة ابن ذَكْوَانَ ( وَلا تَتَّبعَانِ ) بتخفيف النون
واما الشديدة فتقع بعدها اتفاقاً ويجب كَسْرَها كقراءة باقي السبعة ( وَلاَ تَتَّبِعَانِّ )
الثاني : أنها لا تُؤَكِّد الفعلَ المسندَ إلى نون الإناث وذلك لأن الفعل المذكور يجب أن يُؤَتى بعد فاعله بألفٍ فاصلةٍ بين النُّونَيْنَ قصداً للتخفيف فيقال ( أضْرِبْنَانِّ ) وقد مضى أن الخفيفة لا تقع بعد الألف وَمَنْ اجاز ذلك فيما تقدم اجازه هنا بشرط كسرها
الثالث : أنها تحذف قبل الساكن كقوله : -
( لاَ تهُيَنَ الفَقِيِرَ عَلّكَ أَنْ ... تَرْكَعَ يَوْماً وَالدَّهْرُ قَدْ رَفَعَهْ )
أصله ( لاَ تهِينَنْ )

الرابع : أنها تُعْطَى في الوقف حكم التنوين فإن وقعت بعد فتحة قلبت ألفاً كقوله تعالى : ( لَنَسَفَعا ) و ( وَلَيَكُونَا ) وقول الشاعر : -
( وَلاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ وَاللَه فَاعْبُدَا ... )

وإن وقعت بعد ضمة أو كسرة حُذِفت ويجب حينئِذٍ أن يُرَدَّ ما حذف في الوصل لأجلها تقول في الوصل ( اضْرِبُنْ يا قَوْمِ ) و ( اضْرِبِنْ يا هِنْدُ ) والأصلُ : اضْرِبُونْ واضْرِبِيْن كما مر فإذا وَقَفْتَ حذفْتَ النون لشبهها بالتنوين في نحو ( جَاءَ زَيْدٌ ) و ( مَرَرْتُ بِزَيْدٍ ) ثم ترجع بالواو والياء لزوال الساكنين فتقول : ( اُضْرِبُوا ) و ( اضْرَبِيِ ) .

هذا باب مالا ينصرف
الاسم إن أَشْبَهَ الحرفَ بُنِىَ كما مر وَسُمِّىَ غير متمكن وإلاّ أُعرب ثم المعرب إنْ أَشْبَه الفعلَ مُنع الصرف كما سيأتي وَسِّمىَ غير أمكن وإلاّ صُرِفَ وَسُمَّىَ أَمْكَنَ

والصَّرْفُ : هو التنوينُ الدالُّ على مَعْنًى يكون الاسمُ به أمْكَنَ وذلك المعنى هو عدمُ مشابهته للحرف والفعل ك ( زَيْدٍ ) و ( فَرَسٍ )
وقد عُلم من هذا أن غير المنصرف هو الفاقد لهذا التنوين ويستثنى من ذلك نحو ( مُسْلِمَاتٍ ) فإنه منصرفٌ مع أنه فاقدٌ له إذ تنوينهُ لمقابلة نون جمع المذكر السالم

ثم الاسم الذي لا ينصرف نوعان :
أحدهما : ما يمتنع صَرْفُه لعلة واحدة وهو شيئان :
أحدهما : ما فيه ألفُ التأنيثِ مطلقاً أي مقصورةً كانت أم ممدودةً ويمتنع صرف مصحوبها كيفما وقع أى : سواء وقع نكرة ك ( ) و ( صَحْرَاء ) أم معرفة ك ( رَضْوَى ) و ( زَكَريَّاء ) ام مفرداً كما تقدم ام جمعاً ك ( ) و ( أنْصِبَاء ) ام أسماً كما تقدم أم صفة ك ( ) و ( حَمْرَاء )
والثاني : الجمع المُوَازنِ لِمَفَاعِلَ أو مَفَاعِيلَ ك ( ) و ( دنانير )

وإذا كان مَفَاعل منقوصاً فقد تُبدل كسرتُه فتحةً فتنقلب ياؤه ألفاً فلا يُنَوَّن ك ( ) و ( مَدَارَى ) والغالبُ أن تبقى كسرته فإذا خلا من ( أل ) والإضافة أُجْرِىَ في الرفع والجر مُجْرَى قاض وسارٍ في حذف يائه وثبوت تنوينه نحو ( وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ) ( وَالفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) وفي النصب مُجْرَى دراهم في سلامة آخره وظهور فتحته نحو ( سِيُروا فِيهَا لَيَالِىَ )
و ( سَرَاوِيلُ ) ممنوعُ الصرفِ مع أنه مفرد فقيل : إنه أعجمي حُمِلَ على مُوَازنة من العربي وقيل : إنه منقول عن جمع سِرْوَاله ونقل ابنُ الحاجب أنَّ من العرب من يصرفه وأنكر ابنُ مالك عليه ذلك
وإن سُمِّى بهذا الجمع أو بما وَازَنَهُ من لفظ أعجمي مثل سَرَاوِيل وشَرَاحِيل

او لفظٍ اُرْتجُلِ للعلمية مثل كَشَاجِم مُنع الصرفَ
النوع الثاني : ما يمتنع صرفه بعلتين وهو نوعان
أحدهما : ما يمتنع صرفه نكرةً ومعرفةً وهو ما وُضَعِ صفة وهو إما مَزِيدٌ في آخره ألف ونون او مُوَازِن للفعل أو مَعْدُول
أما ذو الزيادتين فهو فَعْلاَن بشرط أن لا يقبل التاء إما لأن مؤنثه فَعْلَى ك ( سَكْرَان وغَضْبَان وعَطْشَان ) أو لكونه لا مؤنث له ك ( ) بخلاف نحو مَصَّان للئيم وسَيْفَان للطويل وأليْانَ لكبير الألْيَة ونَدْمَان : مِنَ المنادمة لا مِنَ النَّدمَ فإن مؤنثاتها فَعْلاَنة
واما ذو الوزن فهو أفْعَلُ بشرط أن لا يقبل التاء إما لأن مؤنثه فَعْلاءَ ك ( أحمْرَ ) أو فُعْلَى ك ( أفْضَل ) او لكونه لا مؤنث له ك ( أكْمَر ) و ( آدَرَ ) وإنما صُرِفَ أرْبَعٌ في نحو ( مَرَرْتُ بِنَسْوَةٍ أَرْبَعٍ ) لأنه وضع اسماً فلم يُلْتَفَت لما طرأ له من الوصفية وأيضاً فإنه قابل للتاء وإنما منع بعضهم صرفَ باب أبْطَح وأدْهَم للقيد وأَسْودَ وأَرْقَم للحَيَّة - مع

أنها أسماء - لأنها وضُعت صفاتٍ فلم يلتفت إلى ما طرأ لها من الأِسمَّية وربما اعتدَّ بعُضهم باسميتها فَصَرَفَهَا وأما أجْدَلٌ للصقر وأخْيَلٌ لطائر ذي خِيلاَنٍ وأفْعَىً للحَيَّة فإنها أسماء في الأصل والحال فلهذا صرفت في لُغة الأكْثَرِ وبعضُهم يمنع صرفها لَلمْح معنى الصفة فيها وهي القوة والتلون والإيذاء قال : -
( فِرَاخُ القَطَا لاَقَيْنَ أَجْدَلَ بَازِيَا ... )

وقال : -
( فَمَا طَائِريِ يَوْماً عَلَيْكِ بِأَخْيَلاَ ... )

واما ذو العَدْل فنوعان :
أحدهما : مُوَازن فُعَال ومَفْعَل من الواحد إلى الأربعة باتِّفاق وفي الباقي على الأصَحِّ وهي معدولة عن ألفاظ العدد الأصول مكررةً فأصلُ ( جَاء القَوْمُ أُحَادَ ) جاءوا واحداً واحداً وكذا الباقي ولا تستعمل هذه الألفاظ إلا نُعُوتاً نحو ( أوِلى أَجْنِحَةٍ مَثْنِىَ وثَلاَثَ وَرُبَاعَ ) او أحوالا نحو ( فَانْكحُوِا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَربُاعَ ) أو أخباراً نحو ( صَلاَةُ الَّليْلِ مَثْنَى مَثْنَى ) وإنما كرر لقصد التوكيد لا لإفادة التكرير

الثاني : ( أُخَرُ ) في نحو ( مَرَرْتُ بِنِسْوَةٍ أخَرَ ) لأنها جمع الخرى والأخْرَى أنثى آخَر - بالفتح - بمعنى مغاير وآخَرُ من باب اسم التفضيل واسمُ التفضيل قياسُه أن يكون في حال تجرُّده من ألْ والإضافة مفرداً مذكراً نحو ( لَيوُسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إلَى أَبِينَا مِنَّا ) ونحو ( قُلْ إنْ كَانَ آباؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ - إلى قوله سبحانه : أَحَبَّ إلَيْكُمْ ) فكان القياسُ أن يقال ( مَرَرْتُ باِمَرأَةٍ آخَرَ ) و ( بِنَساءِ آخَرَ ) و ( بِرجِالٍ آخَرَ ) و ( بَرجُلَيْنِ آخَرَ ) ولكنهم قالوا : أُخْرَى وأُخَرَ وآخَروُنَ وآخَرَانِ قال تعالى : ( فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الاخْرَى ) ( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أخَرَ ) ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا ) ( فَآخَرَانِ يَقُومَانِ )
وإنما خصَّ النحويون أخَرَ بالذكر لأن في أخْرَى ألفَ التأنيث وهي أَوْضَحُ من العَدْل وآخَروُن وآخَرَانِ مُعْرَبَان بالحروف فلا مَدْخَلَ لهما في هذا الباب وأما آخَرُ فلا عَدْلَ فيه وإنما العَدْلُ في فروعه وإنما امتنع من الصرف للوصف والوزن
وإن كانت أخِرى بمعنى آخره نحو ( وَقَالَتْ اُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ ) جمُعَت على أُخَرٍ مصروفاً لأنَّ مذكرها آخِرٌ - بالكسر - بدليل

( وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأةَ الأخْرَى ) ( ثمَّ اللهُ يُنْشِىء النَّشْأَةَ الآخِرة ) فليست من باب التفضيل
وإذا سُمِّىَ بشيء من هذه الأنواع بقى على منع الصرف لأن الصفة لما ذهبت بالتسمية خَلَفَتْهَا العلمية

النوع الثاني : مالا ينصرف معرفة وينصرف نكرةً وهو سبعة :
أحدها : العَلَمُ المركب تركيبَ المَزْجِ ك ( ) و ( حَضْرَمَوْتَ ) وقد يضاف أول جُزْءَيْهِ إلى ثانيهما وقد يُبْنَيَان على الفتح وعلى اللغات الثلاث فإن كان آخِرُ الأول معتلاً ( يكَرِبَ ) و ( قَالِى قَلاَ ) وجب سكونه مطلقاً
الثاني : العَلَم ذو الزيادتين ك ( وِعَمْرَانَ وعُثْمَانَ وغَطَفَانَ وأصْبِهَانَ )
الثالث : العَلمَ المؤنث ويتحتَّم مَنْعُه من الصرف إن كان بالتاء ك ( ) و ( طَلْحَةَ ) أو زائداً على ثلاثة ك ( زَيْنَب ) و ( سُعَادَ ) أو محَرَّك الوسط ك ( سَقَرَ ) و ( لَظَى ) أو أعجمّياً ك ( ) و ( جُورَ ) أو منقولاً من المذكَّر إلأى المؤنث ك ( زَيْدَ ) - اسمَ امرأةٍ - ويجوز في نحو ( هِنْد ) و ( دَعْد ) الصرفُ وتركه وهو أولى والزجَّاج يُوجِبه وقال عيسى وَالْجرْمِيُّ والمبرد في نحو ( زيد ) - اسمَ أمرأةٍ - انه كهند
الرابع العَلمَ الأعجمىُّ إن كانت علميته في اللغة العجمية وزاد على ثلاثة ك ( ابْرَاهِيمَ ) و ( إسْمَاعِيلَ ) وإذا سُمِّىَ بنحو ( لِجَامِ ) و ( فِرِنْد ) صُرِفَ لحدوث علميته ونُحو ( نُوحٍ ) و ( لُوطٍ ) و ( شَتَر ) مصروفة وقيل : الساكن اُلوسطِ ذو وجهين والمحْرَّكَةُ مُتَحَتِّمُ المنِع

الخامس : العَلَم المَوَازن للفعل والمعتَبُر من وَزْن الفعل أنْوَاعٌ :
احدها : الوزن الذي يَخُصُّ الفعلَ ك ( ) لمكان و ( شَمَّرَ ) لفرس و ( دُئِل ) لقبيلة وك ( انْطَلَقَ ) و ( اسْتَخْرَجَ ) و ( تَقَاتَلَ ) أعلاماً
الثاني : الوزن الذي به الفعلُ أوْلى لكونه غالباً فيه ك ( ) و ( إصْبَع ) و ( أُبْلُم ) أعلاماً فإن وجود مُوَازنها في الفعل أكْثَرُ كالأمر من ضرب وذهب وكتب
الثالثُ : الوزنُ الذي به الفعلُ أوْلى لكونه مبدوءاً بزيادة تدلُّ في الفعل ولا تدل في الاسم نحو أفْكَلِ وأكْلُب فإن الهمزة فيهما لا تدلُّ وهي في مُوَازنهما من الفعل نحو أذْهَبُ وأكْتُبُ دالة على المتكلم
ثم لا بد من كون الوزن لازماً باقياً مخالف لطريقة الفعل فخرج بالأول نحو ( امْرُؤ ) علماً فإنه في النصب نظير اذْهَب وفي الجر نظير اضرب فلم يَبْقَ على حالة واحدة وبالثاني نحو ( رُدَّ ) و ( قِيلَ ) و ( بِيعَ ) فإن أصلها فُعِلَ ثم صارت بمنزلة قُفْلِ وديك فوجب صرفها ولو سميت بضُرْبَ مخففاً من ضْرُبَ انصرف اتِّفَاقاً ولو سميت بضُرِبَ ثم خَفَّفْته انصرف أيضاً عند سيبويه وخَالَفَهُ المبردُ لأنه تغيير عارض وبالثالث نحو ( ألْبُبٍ ) - بالضم - جمعَ لُبِّ علماً لأنه قد بَايَنَ الفعلَ بالفك قاله أبو الحسن وخُولف لوجود الموازنة

ولا يؤثر وزن هو بالاسم أولى ولا وَزْنٌ هو فيهما على السواء وقال عيسى : إلا أن يكونا منقولين من الفعل كالأمر من ضَارَبَ وتَضَارَبَ ودَحْرَجَ أعلاماً واحتجَّ بقوله : -
( أَنَا أبْنُ جَلاَ وَطَلاَّعُ الثَّنَايَا ... )

وأجيب بانه يحتمل أن يكون سُمِّىَ ب ( ) من قولك ( زَيْدٌ جَلاَ ) ففيه ضمير وهو من باب المحكيات كقوله :
( نُبِّئْتُ أَخْوَالِي بَنِي يَزِيدُ ... ) [ ]
وأن يكون ليس بَعَلمِ بل صفة لمحذوف أي : أبنُ رَجُلٍ جَلاَ الأمُورَ
السادس : العَلمَ المختومُ بألف الإَلْحاق المقصورة ك ( ) و ( أرْطَى ) عَلَمين
السابع : المعرفة المعدولة وهي خمسة أنواع :
أحدها : فُعَل في التوكيد وهي : جمَعُ وكُتَعُ وَبُصَعُ وَبُتَعُ فإنها معارف بنية الإضافة إلى ضمير المؤكد ومعدولة عن فَعْلاَوَات فإن مُفْرَدَاتها : جَمْعَاء وكَتْعَاء وبَصْعَاء وبَتْعَاء وإنما قياسُ فَعْلاَء إذا كان أسماً أن يُجْمَع على فَعْلاْوَات كصَحْرَاء وصَحْراَوَات

الثاني : سَحَرُ إذا أٌريد به سَحَرُ يومٍ بعينه واستعمل ظرفاً مجرداً من أل والإضافة ك ( يَوْمَ الجُمُعَة سَحَرَ ) فإنه معرفة معدولة عن السَّحَر وقال صدُر الأفاضل : مبنى لتضمنه معنى اللام
وَاحْتُرِزَ بالقيد الأول من المبهم نحو ( نجَيَّنَاهُمْ بِسَحَرٍ ) وبالثاني من المعين المستعمل غيَر ظرفِ فإنه يجب تعريفُه بأل أو الإضافة نحو ( طَابَ السَّحَرُ سَحَرُ لَيْلَتِنَا ) وبالثالث من نحو ( جِئْتُكَ يَوْمُ الْجُمَعِة السَّحَرَ او سَحَرَه )
الثالث : فُعَلُ علماً لمذكر إذا سُمِعَ ممنوعَ الصرف وليس فيه عِلّة ظاهرة غير العلمية نحو ( عُمَر ) و ( زُفَر ) و ( زُحَل ) و ( جُمَع ) فإنهم قَدَّرُوه مَعْدوُلاً لأن العلمية لا تستقلّ بمَنْع الصرف مع أن صيغة فُعَل قد كثر فيها العدل ك ( وفُسَق ) و ك ( وكُتَع ) و ك ( )
واما ( طُوَى ) فَمَنْ منع صرفه بالمعتبر فيه التأنيث بإعتبار البقعة لا العدل عن طَاوٍ لأنه قد أمكن غيره فلا وَجْهَ لتكلفة ويؤيده أنه يصرف بإعتبار المكان

الرابع : فَعَالِ عَلَماً لمؤنث ك ( ) و ( قَطَامِ ) في لُغة تميم فإنهم يمنعون صَرْفَه فقال سيبويه : للعلمية والعدل عن فاعله وقال المبرد : للعلمية والتأنيث المعنوي ك ( ) فإن خُتِمَ بالراء ك ( سَفَارِ ) اسماً لماءٍ وك ( ) اسماً لقبيلة - بَنَوْهُ على الكسر إلا قليلاً منهم وقد اجمتعت اللغتان في قوله :
( أَلَمْ تَرَوْا إرَمَاً وَعَادَا ... أوْدَى بِهَا الّليْلُ وَالنَّهَارُ ... )
( وَمَرَّ دَهْرٌ عَلَى وَبَارِ ... فَهَلَكتْ جَهْرَةً وَبَارُ ... )

وأهْلُ الحجاز يَبْنُون الباب كله على الكسر تشبيهاً له بِنَزَالِ كقوله : -
( إذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا ... فَإنَّ القَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ )

الخامس : ( أَمْسِ ) مُرَاداً به اليومُ الذي يليه يومُك ولم يُضَف ولم يُقْرَن بالألف واللام ولم يقع ظرفاً فإن بعض بنى تميم تمنع صرفه مطلقاً لأنه مَعْدُول عن الامْسِ كقوله : -
( لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَباً مُذْ أَمْسَا ... )

وجمهورُهم يخصُّ ذلك بحالة الرفع كقوله : -
( اعْتَصِمْ بِالرَّجَاءِ إنْ عَنَّ باسُ ... وَتَنَاس الّذىِ تَضَّمنَ أَمْسُ )

والحجازيون يَبْنُونه على الكسر مطلقاً على تقديره مُضَمَّناً معنى اللام قال : -
( وَمَضَى بِفَصْلِ قَضَائِهِ أَمْسِ ... )
والقَوَافِي مجرورة

فإن أدرتَ بأَمْسِ يوماً من الأيام الماضية مُبْهَماً او عَرَّفته بالإضافة أو بالداة فهو مُعْرَبٌ إجماعاً وإن استعملت المجرَّدَ المرادَ به معينٌ ظرفاً فهو مَبْنَى إجماعاً

فصل
: يَعْرِضُ الصرفُ لغير المتصرف لأحد أربعة أسباب :
الول : أن يكون أحَدُ سَبَبَيْه العلميةَ ثم ينكَّرُ تقول ( رُبَّ فَاطِمَةٍ وَعِمْرَانٍ وَعُمَرِ وَيَزيدٍ وَإبْرَاهيمٍ وَمَعْد يِكَربٍ وَأرطَى "
ويستثنى من ذلكَ ما كان صفة قبل العلمية ك ( ) و ( سكْرَان ) فسيبويه يُبْقِيه غير متصرفٍ وخَالَفَهُ الأخفَشُ في الحواشي ووَافَقَهُ في الوسط
الثاني : التصغير المُزِيلُ لأحد السببين ك ( ) و ( عُمَيْر ) في أحمد وعمر وعكْسُ ذلك نحو ( تحِلْىء ) عَلَماً فإنه ينصرفُ مُكَبَّراً ولا ينصرف مُصَغراً لاستكمال العلتين بالتصغير

وعن بعضهم أطِّرَادُ ذلك في لُغة
وأجاز الكوفيون والأخَفشُ والفارسيُّ للمضطَرِّ أن يمنعَ صرفَ المنصرفِ وأباه سائرُ البصريين وأحْتُجَّ عليهم بنحو قوله : -
( طَلَبَ الأزَارِقَ بالكَتَائِبِ إذْ هَوَتْ ... بَشبَيِبَ غَائِلَةُ النُّفُوسِ غَدُور )
وعن ثعلب أنه أجاز ذلك في الكلام

فصل
: المنقوص المستحِقُ لمنع الصرف إن كان غير علم حُذفت ياؤه رفعاً وجراً ونُوِّنَ بِاتِّفاق ك ( ) و ( أُعَيْمُ ) وكذا إن كان عَلَماً ك ( ) عَلَمَ امْرأَةٍ وك ( ) عَلَماً خلافاً ليونس وعيسى والكسائي فإنهم يُثْبتون الياء ساكنة رفعاً ومفتوحةً جَرَّاً كما في النصب احتجاجاً بقوله : -
( قَدْ عَجِبَتْ مِنِّى وَمِنْ يُعَيْلِياَ ... )

وذلك عند الجمهور ضرورة كقوله في غير العلم : -
( وَلَكِنَّ عَبْدَاللِه مَوْلَى مَوَاليِاَ ... )

هذا باب إعراب الفِعْلِ
رافعُ المضارع تجرُّده من الناصب والجازم وفَاقاً للفَرَّاء لا حُلُوُله محلَّ الاسم خلافاً للبصريين لانتقاضه بنحو ( هَلاّ تَفْعَلُ )

وناصبه أربعة :
أحدها : ( لَنْ ) وهي لنفي ( سَيَفْعَلُ ) ولا تقتضي تأبيدَ النفي

ولا تأكيدَه خلافاً للزمخشري ولا تَقَعُ دُعَائِيَّةً خلافاً لأبن

السَّرَّاج وليس أصْلُها ( لا ) فأبدلت الألف نوناً خلافاً للفراء ولا ( لا أنْ ) فحذفت الهمزة تخفيفاً والألف للسَّاكِنَيْنِ خلافاً للخليل والكسائي
الثاني : ( كَىْ ) المصدرية فأما التعليلية فجارةٌ والناصب بعدها ( أنْ ) مُضْمَرَة وقد تَظْهر في الشعر وتتعَّين المصدريةُ إن سبقتها اللام نحو

( لِكَيْلاَ تَأسَوْا ) والتعليليةُ إن تأخّرَت عنها اللامُ أو أنْ نحو قوله : -
( كَىْ لِتَقْضِيِنى رُقَيَّةُ مَا ... وَعَدَتْنِي غَيْرَ مُخْتَلَسِ )

ويجوز الأمْرَانِ في نحو ( كَيْلاَ يَكُونَ دُولَةً ) وقوله : -
( أَدَرْتَ لِكَيْماَ أَنْ تَطيِرَ بقرْبَتَيِ ... )

الثالث : ( أنْ ) في نحو ( وَأَنْ تَصُومُوا ) ( وَالّذِي أَطْمِعُ أَنْ

يَغْفَر لِي ) وبعضُهُمْ يُهْملها حَمْلاً على ( ما ) أُخْتِهِاَ أي : المصدرية كقراءة ابن مُحَيْصِنِ ( لَمِنْ أَرَادَ أُنْ يُتِمُّ الرَّضَاعَة ) وكقوله :
- ( أَنْ تَقْرَآنِ عَلَى أَسْمَاءَ وَيْحَكُمَا ... )

( إلَيْهِ أَنِ أَصْنَعِ الْفْلكَ ) ( وَاْنطَلَقَ المَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا )
والزائدة هي : التالية ل ( ) نحو ( فَلَمَّا أَنْ جَاءَ البَشِيُر ) والواقعة بين الكاف ومجرورها كقوله :
( كَأَنْ ظَبْيَةٍ تَعْطُو إلَى وَارِقِ السَّلَمْ ... )

أو بين القَسَمِ ولو كقوله :
- ( فَأَقْسِمُ أنْ لَوِ التَقيْنَا وَأنْتُمُ ... )

والمُخَفَّفَة من أنَّ هي : الواقعة بعد عِلْم نحو ( عَلِمَ أنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْْ مَرْضَى ) ونحو ( أفَلاَ يَرَوْنَ أنْ لاَ يَرْجِعُ ) أو بعد ظَنِّ نحو ( وَحَسِبُوا أنْ لا تَكُونُ ) ويجوز في تاليه الظن أن تكون ناصبةً وهو الأرْجَحُ ولذلك أجمعوا عليه في ( أحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا ) واختلفوا في ( وَحَسِبُوا أنْ لاَ تَكُونُ فِتْنَةٌ ) فَقَرَأهُ غيُر أبي عمرو وَالأخَوَيْن بالنصب

الرابع : ( إذَنْ ) وهي حرفُ جوَابٍ وجزاءٍ وشرطُ إعمالها ثلاثة أُمُور :

أحَدُها : أن تَتَصَدَّرَ فإن وقعت حَشْواً أهملت كقوله :
- ( وَامْكَنَنِي مِنْهَا إذَنْ لاَ أقِيلُهَا ... )

وإن كان السابق عليها واواً أو فاء جاز النصب وقد قرىء ( وَإذَنْ

لا يَلْبَثُوا ) ( فَإذاً لاَ يُؤْتُوا ) والغالبُ الرفعُ وبه قرأ السبعة
الثاني : أن يكون مستقَبلاً فيجب الرفع في نحو ( إذَنْ تَصْدُقُ ) جواباً لمن قال ( أنَا أحِبُّ زيداً )
الثالث : أن يَتَّصِلاَ أو يَفْصِل بينهما القَسَمُ كقوله : -
( إذَنْ وَاللِه نَرْميِهُمْ بِحَرْبٍ ... )

فصل
: يُنْصَبُ المضارع ب ( أَنْ ) مضمرةً وُجُوباً في خَمْسَةٍ مواضع :
أحدها : بعد اللام إن سُبقت بكَونْ ناقص ماض منفي نحو ( وَمَا كَانَ اللهُ ليَظْلَمَهُمْ ) ( لَمْ يَكُنِ اللهُ ليِغَفْر لَهُمْ ) وَتُسَمَّى هذه اللامُ لامَ اُلجُحُودٍ
الثاني : بعد ( أو ) إذا صَلَحَ في موضعها ( حَتَّى ) نحو ( لأَلْزَمَنَّكَ أوْ تَقْضَيِنِي حَقَّى ) وكقوله :

- ( لأَسَتْسْهِلَنَّ الصَّعْبَ اوْ أدْرِكَ الْمنَى ... )

أو ( إلاّ ) نحو ( لأَقْتُلَنَّهُ أوْ يُسْلِمَ ) وقوله : -
( كَسَرْتُ كُعُوبَهَا أوْ تَسْتَقِيماَ ... )

( فَقَاتِلُوا الّتِي تَبْغِى حَتَّى تَفِىءَ ) او بإعتبار ما قبلها نحو ( وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ )
ويُرْفَعُ الفعلُ بعدها إن كان حالا مُسَبَّباً فَضْلَه نحو ( مَرِضَ زيد حَتّى لا يرجونه ) ومنه ( حَتّى يَقُولُ الرَّسُولُ ) في قراءة نافع لأنه مُؤَوَّل بالحال أى : حتى حالة الرسول والذين آمنوا معه أنهم يقولون ذلك

ويجب النصب في مثل ( لأَسْيَرنَّ حَتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ) و ( مَا سِرْتُ حتى أدْخُلَهَا ) و ( أسِرْتَ حتى تَدْخُلَهَا ) لإنتفاء السببية بخلاف ( أيُّهُمْ سَارَ حتى يَدْخُلُهَا ) السير ثابت وإنما الشك في الفاعل وفي سَيْرِى حتى أدْخُلُها لعدم الفَصْلَّيةِ وكذلك ( كَانَ سَيْرىِ أمْسِ حتى أدْخُلُهَا ) إن قُدِّرت كان ناقصة ولم تقدر الظرف خبراً
الرابع : والخامس : بعد فاء السببية وواو المعَّية مَسْبُوَقْيِنِ

بنفي او طلب مَحْضَيْن نحو ( لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَموَتُوا ) ( وَلَمَّا يَعْلَمِ

اللهُ الّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرينَ ) ( يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ ) ( يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ ) ( ولاَ تَطْغَوْا فِيهِ فيَحِلَّ

عَلَيْكُمْ غَضَبي ) وقوله : -
( لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأتي مِثْلَهُ ... )

وقوله : -
( يَا نَاقُ سِيِري عَنَقاً فَسِيحَاَ ... إلىَ سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحاَ )
وقوله : -
( فَقُلتُ أَدْعِى وَأدْعُوَ إنَّ أَنْدَى ... )

وقد اجتمع الطلب والنفي في قوله تعالى : ( وَلاَ تَطْرُدِ الّذيِنَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ) الآية لأن ( فَتَطْرُدَهَمُ ) جوابُ النفي و ( فتكون ) جوابُ النهي
واحترز بتقييد النفيْ والطلب بمحضين من النفي التالي تقريراً والْمَتُلو بنفى والمنتقض بإلا نحو ( أَلَمْ تَأْتيِني فَأحْسِنُ إليك ) إذا لم تُرد الاستفهام الحقيقي ونحو ( مَا تَزَالُ تَأتِينَا فَتُحَدِّثُنَا ) و ( مَا تَأتِينَا إلاّ وَتُحَدِّثُنَا )
ومن الطَّلَبِ باسم الفعل وبما لَفْظُه الْخَبُر وسيأتي

وبتقييد الفاء بالسَّبَبية والواو بالمعَّية من العاطفتين على صريح الفعل ومن الاستئنافيتين نحو ( وَلاَ يُؤذَنُ لَهُمْ فَيَعْتِذرُونَ ) فإنها للعطف وقوله : -
( أَلَمْ تَسْأَلِ الرَّبْعَ القَوَاء فَيَنْطِقُ ... )

فإنها للاستئناف إذ العطفُ يقتضي الجزم والسببية تقتضي النصب

وتقول : ( لاَ تَأْكُلَ السَّمَكَ وَتَشْرَبُ الّلَبنَ ) بالرفع إذا نَهَيتْه عن الأول فقط فإن قدّرْت النهيَ عن الجمع نَصَبْتَ أو عن كلً منهما جَزَمْتَ
وإذا سقطت الفاء بعد الطالب وقُصِد معنى الجزاء جُزم الفعل جواباً لشرط مُقَدَّر لا للطلب لتضُّمنه معنى الشرط خلافاً لزاعمي ذلك نحو ( قُلْ تَعَالَوْا

أَتْلُ ) بخلاف نحو ( فَهَبْ ليِ مِنْ لَدُنْكَ وَليِاً يَرثُنيِ ) في قراءة الرفع فإنه قَدَّرَهُ صفة لوليَّا لا جواباً لِهَبْ كما قَدَّرَهُ مَنْ جَزَم
وشَرَطَ غيرُ الكسائيّ لصحة الجزم بعد النهي صِحَّةَ وقوع ( إنْ لا ) في موضعه فمن ثم جاز ( لا تَدْنُ من الأسد تَسْلَمْ ) بالجزم الرفع في نحو ( لا تَدْنُ مِنَ الأسَدِ يَأْكُلُكَ ) وأما ( فَلاَ يَقْرَبْ مَسْجِدَنَا يُؤذِنَا ) فالجزمُ على الإبدال لا الجواب
وَألْحَقَ الكسائىُّ في جواز النصب بالأمر ما دَل علىَّ معناه : من اسم فعل نحو ( نَزَالِ فَنُكْرِمَكَ ) أو خبر نحو ( حَسْبُكَ حَدِيثُ فَيَنَامَ النَّاسُ ) و خلاف في جواز الجزم بعدهما إذا سقطت الفاء كقوله : -
( مَكَانَكِ تُحْمَدِيِ أوْ تَسْتَريِحىِ ... )

وقولهم ( اتّقى اللهَ اُمرْؤٌ فَعَلَ خَيْراً يُثَبْ عَلَيْهِ ) أي لَيِتَّقَ اللهَ وَلْيَفْعَل وَاُلْحَق الفَرَّاء الترجِّىَ بالتمنى بدليل قراءة حفص ( فأطّلِعَ ) بالنصب
فصل
: ويُنْصَب ب ( أَنْ ) مضمرة جوازاً بعد خمسة أيضاً :
أحدها : اللام إذا لم يَسْبقها كونٌ ناقصٌ ماضٍ منفي ولم يقترن الفعل بلا نحو ( وَأُمِرْنَا لِنُسْلَمَ لِرَبِّ العَالَمِيَن ) ( وَأُمِرْتُ لأِنْ أَكُونَ أَوْلَ المُسْلمِينَ )
فإن سُبقت بالكَوْنِ المذكور وجب إضمار ( أنْ ) كما مر

وإن قُرِن الفعلُ بلا نافية أو مؤكِّدة وجب إظهارُها نحو ( لِئَلاَّ يَكُونَ للِنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) ( لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ )
والأربعة الباقية : أوْ والواو والفاء وثُمَّ إذا كان العطفُ على اسم ليس في تاويل الفعل نحو ( أوْ يٌرْسِلَ رَسُولاً ) في قراءة غير نافع بالنصب عطفاً على ( وَحْياً ) وقوله : -
( وَلُبْسُ عَبَاءةٍ وَتقَرَّ عَيْنِى ... )

وقوله : -
( لَوْلاَ تَوَقُّعُ مُعْتَرٍّ فَأَرْضِيَهُ ... )

وقوله : -
( إنِّى وَقَتْلِى سُلَيْكاً ثُمَّ أَعْقِلَهُ ... )

وتقول : ( الطائر فَيَغْضَبُ زَيْدٌ الذُّبَابُ ) بالرفع وجوبا لأن الأُسم في تأويل الفعل أي : الذي يطير

ولا يُنْصَبُ ب ( ) مضمرة في غير هذه المواضع العشرة إلا شاذاً كقول بعضهم : ( تَسْمَعَ بالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ ) وقول ىخر : ( خُذِ الِّلصَّ قَبْلَ يَأْخُذَكَ ) وقراءة بعضهم ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى

البَاطِلِ فَيَدْمَغَهُ )

فصل
: وجازِمُ الفعل نوعانِ : جازمٌ لفعل واحد وهو أربعة :
( لا ) الطلبية نَهْياً كانت نحو ( لاَ تُشْرِكْ بِاللهِ ) او دُعَاءً نحو ( لاَ تُؤَاخِذْنَا ) وجَزْمُهَا فِعْلَىِ المتكلم مبنيين للفاعل نَادِرٌ كقوله : -
( لاَ أَعْرِفَنْ رَبْرَباً حُوراً مَدَامِعُها ... )

وقال : -
( إذَا مَا خَرَجْنَا مِنْ دِمَشْقَ فَلاَ نَعُدْ ... )

ويكثر ( لاَ أُخْرَجْ ) و ( لاَ نُخْرَجْ ) لأن المنهىَّ غيُر المتكلم
واللام الطلبية أمراً كانت نحو ( لُيِنْفَقُ ذُو سَعَةٍ ) أو دعاء نحو ( لَيِقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ) وَجَزْمُهَا فِعْلَىِ المتكلم مبنيين للفاعل قليل نحو ( قُومُوا فَلأُصَلِّ لَكُم ) و ( وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ ) وأقَلُّ منه جَزْمُهَا فعل الفاعل المخاطب نحو ( فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرحُوا ) في قراءةٍ ونحو ( لَتَأْخُذُوا مَصَافَّكُمْ " الأكْثَرُ الاستغناء عن هذا بفعل الأمر
و ( لَمْ ) و ( لَمَّا ) ويشتركان في : الحرفية والنفي والجزم والقلب للمضى

وتنفرد ( لَمْ ) بمصاحبة الشرط نحو ( وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) وبجواز إنقطاع نفي منفيها ومن ثَمَّ جاز ( لم يكن ثم كان ) وامتنع في ( لَمَّا )
وتنفرد ( لمَاِّ ) بجواز حذف مجزومها ك ( المَديِنَة وَلمَاَّ ) أي : ولما أدْخُلْهَا فأما قوله : -
( يَوْمَ الأعَازِبٍ إنْ وَصَلْتَ وَإنْ لَمِ ... )

فضرورة وبتوقع ثبوته نحو ( لمَاِّ يَذُوقُوا عَذَابِ ) ( وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فيِ قُلُوِبكُمْ ) ومن ثم امتنع ( لما يجتمع الضدان )
وجازمٌ لفعلين وهو أربعة أنواع :
حرفٌ باتفاق وهو ( أنْ )

وحرفٌ على الأصح وهو ( إذْ مَا )
واسمٌ باتفاق وهو : مَنْ ومَا ومَتَى وأَىُّ وأَيْنَ وأَيَّانَ وأَنَّى وحَيْثُما
واسمٌ على الأصح وهو ( مَهْمَا )
وكلُّ منهنَّ يقتضى فعلين يسمى اولهما شرطاً وثانيهما جواباً وجزاء ويكونان مضارعين نحو ( وَإنْ تَعُودُوا نَعُدْ ) وماضيين نحو ( وَإنْ عُدْتُم عُدْنَا ) وماضياً فمضارعاً نحو ( مَنْ كَانَ يُريِدُ حَرْثُ الآخِرةِ

نَزِدْ لَهُ فيِ حَرْثِهِ ) وعكسه وهو قليل نحو ( مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ إيَماناً وَإحْتِسَاباً غِفُرَ لَهُ ) ومنه ( وَإْن نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيةً فَظَلَّتْ ) لأن تابع الجواب جواب ورد الناظم بهذين ونحوهما على الأكثرين إذ خَصُّوا هذا النوع بالضرورة
ورَفْعُ الجوابِ المسبوقِ بماضٍ أو بمضارع منفي ب ( لم ) قوىُّ كقوله :

( وَإنْ أَتَاهُ خَليِلٌ يَوْمَ مَسْأَلَةٍ ... يَقُولُ : لاَ غَائِبُ مَالِى وَلاَ حَرِمُ )

ونحو ( إنْ لَمْ تَقُمْ أقُومُ ) ورَفْعُ الجواب في غير ذلك ضعيفٌ كقوله : -
( ... مَنْ يَاتِهَا لاَ يَضِيرُها )

وعليه قراءة طلحة بن سليمان ( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الَموْتُ )
فصل
: وكلُّ جوابٍ يمتنع جَعْلُه شرطاً فإن الفاء تجب فيه وذلك الجملةُ

الاُسْمِيَّة نحو ( وَإنْ يمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءِ قَدِيرٌ ) والطلبيةٌ نحو ( إنْ كُنْتُمْ تحُّبوًنَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي ) وقد اجتمعتا في قوله : ( وَإنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ) والتي فِعَلُها جامِدٌ نحو ( إنْ تَرَنٍ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاَ وَوَلَداً فَعَسَى رَبِّ ) أو مَقْرُونٌ بَقْد نحو ( إنْ يَسْرِقَ فَقَدْ سَرَقً أَخٌ لَهُ ) أو تَنْفِيس نحو ( وَإنْ خِفْتُمْ عَيْلَهً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله ) أو ( لَنْ ) نحو ( وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ تُكَفُروهُ ) أو ( ما ) نحو ( فَإنْ تَوَلَّيْتمُ فَمَا سَأَلتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ ) وقد تحذف في الضرورة كقوله : -
( مَنْ يَفْعَلِ الَحْسَنَاتِ اللهُ يَشْكُرُهَا ... )

وقوله : -
( وَمَنْ لاَ يَزْلُ يَنْقَادُ لِلْغَيِّ وَالصِّباَ ... سَيُلْفَى عَلَى طُولِ السَّلاَمَةِ نَادِماً )

ويجوز أن تُغْنَىِ ( إذا ) الفُجَائية عن الفاء إن كانت الأداة ( إنْ )

والجوابُ جملةٌ اسْمِيَّة غير طلبية نحو ( وَإنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بَمَا قَدًّمَتْ أَيْديِهْمَ إذَا هُمْ يَقْنَطُونَ )

فصل
: وإذا انقضت الجملتان ثم جئت بمضارعٍ مَقْرُون بالفاء او الواو فلك جَزْمُه بالعطف ورَفْعُه على الاستئناف ونَصْبُه بأن مضمرة وُجُوباً وهو قليل قرأ عاصم وابن عامر ( فَيَغْفُر لمَنْ يَشَاء ) بالرفع وباقيهم بالجزم وابن عباس بالنصب وقُرِىء بهن أيضاً في قوله تعالى : ( مَنْ يُضْلِلِ اللهِ فَلاَ هَادِىَ لَهُ وَيَدَرُهُم )
وإذا تَوَسَّطَ المضارعُ المقرون بالفاء أو بالواو بين الجملتين فالوَجْهُ الجزم ويجوز النصب كقوله :

مطلقاً أو غير مضاعفة إن كانت المَدَّة ألفاً نحو قَذَال وَأَتَان ونحو حماِر وَذِرَاع ونحو قُرَاد وَكُرَاع ونحو قَضِيب وَكَئِيب ونحو عَمُود وَقَلُوص ونحو سَريِر وَذَلُول وخرج نحو كِسَاء وَقَبَاء لأجل اعتلال اللام ونحو هِلاَل وَسِنَان لأجل تضعيفها مع الألف وَشَذّ عِنَانَ وَعُنُنٌ وَحِجَاج وَحُجُجُ ويحفظ نحو نَمرٍ وخشن ونذير وَصَحيِفة
الثالث : فُعَلٌ - بضم أوله وفتح ثانيه - وهو مُطرد في شيئين : في اسم على فُعْلَة كقُرْبة وَغَرْفَة وَمُدْية وَحُجَّة وَمًدَّة وفي الفُعْلَى أثنى أفْعَل كالكُبْرَى والصُّغْرَى بخلاف حُبْلَى وشذ في نحو بهُمَةٍ ونحو رُؤْيا ونحو نَوْبَة ونحو بَدْرَة وَلِحْيَة وَتُخمْة
الرابع : فِعَلُ - بكسر أوَّله وفتح ثانيه - وهو لاسم على فِعْلَة كحِجَّة وِكسْرَة وفِرْية وهي الكِذْبة ويحفظ في فَعَلَه نحو حَاجَة ونحو ذِكْرَى وقَصْعَة وذِرْبة وهِدْم
الخامس : فُعَلة : بضم أوَّله وفتح ثانيه - وهو مطرد في وصف لعاقل على فاعل معتل اللام كرَامٍ وقاضٍ وغَازٍ
السادس : فَعَلة - بفتحتين - وهو شائع في وصف لمذكر عاقل صحيح اللام نحو كَامِلٍ وسَاحِرَِ وسَافِر وتَارً
السابع : فَعْلَى - بفتح أوله وسكون ثانيه - وهو لما دَلَّ على آفة من فَعِيل وَصْفاً للمفعول كجَريِحِ وأَسِيِرٍ وحُمِلَ عليه ستة اوْزَان مما دلَّ على آفةٍ :

( وَمَنْ يَقْتَربْ مِنَّا وَيَخْضَعَ نُؤْوِهِ ... )
فصل
: ويجوز حَذْفُ ما عُلمَ من شَرْطٍ إن كانت الأداة ( إنْ ) مقرونة ب ( ) كقوله : ( وَإلاّ يَعْلُ مَفْرِقَكَ اُلْحسَامُ ... )
أي : وإلا تُطَلَّقْهَا يَعْلُ

وما عُلم من جواب نحو ( فَإنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِىَ نَفَقاً ) الآية

ويجب حذفُ الجوابِ إن كان الدالُّ عليه ما تَقَدَّم مما هو جواب في المعنى

نحو ( أنْتَ ظَالِمٌ إنْ فَعَلْتَ ) أو ما تاخر من جوابِ قَسَمٍ سابق نحو ( لَئِنِ اجْمَتَعَتٍ الإنْسُ وَالْجِنُّ )
كما يجب إغْنَاءُ جوابِ الشرطِ عن جواب قَسَم تأخّرَ عنه نحو ( إنْ تَقُمْ وَالله أَقُمْ )

وإذا تَقَدَّمَهُمَا ذو خَبَرٍ جاز جَعْلُ الجواب للشرط مع تأخره ولم يجب خلافاً لابن مالك نحو ( زَيْدٌ وَالله إنْ يَقُمْ أَقُمْ ) ولا يجوز إن لم يتقدمهما خلافاً له وللفَرَّاء وقولُه : -
( لَئِنْ كَانَ مَا حُدثْتَهُ اليَوْمَ صَادِقاً ... أَصُمْ فىِنَهَارِ القَيْظِ للِشَّمْسِ بَادِياً )
ضرورة ٌ أو اللامُ زائدةٌ

وحيث حُذِف الجوابُ اشْتُرِط في غير الضرورة مُضِىُّ الشرط فلا يجوز ( أنْتَ ظَالِمٌ إنْ تَفْعَلْ ) ولا ( وَالله إنْ تَقُمْ لأقُومَنًّ )

فصل في لو
ل ( ) ثَلاَثةُ أَوْجُهٍ :
أحدها : أن تكون مصدرية فَتْرَادف ( أنْ ) وأكْثَرُ وقوعها

بعد ( وَدَّ ) نحو ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ ) أو ( يَوَدُّ ) نحو ( يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ ) ومن القليل قولُ قُتَيْلَةَ :

( مَا كَانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ وَرُبَّما ... مَنَّ الفَتَى وَهُوَ الْمغَيظُ الْمُحْنقَ )

وإذا وليها الماضي بقي على مُضِّيِهِ او المضارعُ تَخلَص للاستقبال كما ان ( أنَّ ) المصدريّة كذلك
الثاني : أنِ تكون للتعليق في المستقبل فترادف ( إنْ ) كقوله : -
( وَلَوْ تَلْتَقِى أصْدَاؤُنَا بَعْدَ مَوْتِنَا ... )

وإذا وليها ماضٍ أوِّلَ بالمستقبل نحو ( وَلْيَخْشَ الّذِينَ لَوْ تَرَكُوا ) أو مضارعُ تخلًّص للاستقبال كما في ( إنِ ) الشرطية
الثالثُ : أن تكون للتعليق في الماضي وهو أغلبُ أقسام لَوْ ويقتضي إمتناع شرطها دائماً خلافاً للشلوبين لا جوابها خلافاً للمعربين ثم إن لم يكن لجوابها سببٌ غيرُهُ لزمَ إمتناعُه نحو ( وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بهِاَ ) وكقولك : ( لو كانت الشَّمْسُ طالعةً كان النهار موجوداً ) وإلا لم يلزم نحو ( لَوْ كانت الشَّمْسُ طالعة كان الضوءُ موجوداً ) ومنه ( لَوْ لَمْ يَخَفِ اللهَ َلَمْ يَعْصِهِ ) وإذا وَليِهَمَا مضارعٌ أُوِّلَ بالماضي نحو ( لَوْ يُطِيعُكُم فىِ كَثِيٍر مِنَ الأمْرِ لَعَنتُّمْ )

وتختصُّ ( لو ) مطلقاً بالفعل ويجوز أن يليها قليلاً اسمٌ معمول لفعل محذوف يفسره ما بعده كقوله : -
( أخِلاَّىَ لَوْ غَيْرُ الْحِمَامِ أَصَابَكُمْ ... )

وكثيراً ( أنَّ ) وصلتُها نحو ( وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبُروا ) فقال سيبويه وجمهور البصريين : مبتدأ ثم قيل : لا خبر له وقيل : له خَبَر محذوف وقال الكوفيون والمبرد والزجاج والزمخشري : فاعلٌ بثبَتَ مقدراً كما قال الجميع في ( ما ) وصلتِها في " لا أكَلِّمُهُ ما أَنَّ فىِ السَّمَاءِ نَجْماً "

وجوابُ ( لو ) إمَّا ماضٍ مَعْنىً نحو ( لَوْ لمَْ يِخَفِ اللهَ لَمْ يَعْصِهِ ) أو وضعاً وهو إما مُثْبَتٌ فاقترانُه باللام نحو ( لَوْ نَشاءُ لَجَعَلنْاَهُ حُطَاماً ) أكْثَرُ من تركها نحو ( لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً ) وإمَّا منفي الأمر بالعكس نحو ( وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ) وقوله : -
( وَلَوْ نُعْطَى الِخْياَرَ لمَاَ افْتَرَقْنَا ... )

قيل : وقد تُجَاب بجملة اسمية نحو ( لَمَثُوُبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ ) وقيل : الجملة مستأنفة أو جوابٌ لَقَسمٍ مُقَدَّر وإنَّ ( لو ) في الوجهين للتمني فلا جواب لها
فصل في أمَّا
وهي حرفُ شرطٍ وتوكيدٍ دائماً وتفصيلٍ غالباً
يدلُّ على الأول مجيءُ الفاء بعدها

وعلى الثالث استقراءُ مواقعها نحو ( فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ ) ( فَأَمًّا الّذيِنَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُمْ ) ( فَأَمَّا مَنْ أعْطَى وَأتَقَى ) الآيات ومنه ( فَأَمًّا الّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زيغٌ ) الآية وَقَسيُمُة في المعنى قولُه تعالى : ( وَالرَّاِسخُونَ فىِ العِلْمِ ) الآية فالوقف دونه والمعنى : وأمَّا الراسخون فيقولون وذلك على أن المراد بالمتشابه ما استأثر الله تعالى بعلمه
ومِنْ تَخَلُّفِ التفصيل قولك ( أمَّا زَيْدٌ فمنطلقٌ )
وأما الثاني فذكره الزمخشري فقال : أما حرفٌ يعطى الكلام فَضْلَ توكيد تقول ( زيد ذاهب ) فإذا قَصَدْتَ أنه لاَ مَحاَلَة ذاهب قلت ( أمَّا زيد فذاهب ) وزعم أن ذلك مستخرج من كلام سيبويه
وهي نائبة عن أداة شرطٍ وجملته ولهذا تُؤَوَّل بمهما يكن من شيء ولا بدُّ من فاء تالية لتاليها إلا إنْ دَخَلَتْ على قول قد طُرِحَ إستغناءً عنه

بالمَقُول فيجب حذفها معه كقوله تعالى : ( فَأَمَّا الّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوُهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ ) أي : فيقال لهم أكفرتم ولا تحُذَفَ في غير ذلك إلا في ضرورة كقْوله : -
( فَأَمّا القْتِالُ لاَ قِتَالَ لَدَيْكُمُ ... )

أو نُدُورٍ نحو ( أمَّا بَعْدُ مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتِرَطُونَ شُرُوُطاً لَيْسَتْ فىِ كتَابِ اللهِ

فصل في لَوْلاَ ولَوْ مَا
ل ( ) و ( لَوْمَا ) وجهان :

أحدهما : أن يَدُلاَّ على إمتناع جوابهما لوجود تاليهما فيخَتَصَّانِ بالجمل الأُسمَّية نحو ( لَوْلاَ أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤمِنِينَ )
والثاني : ان يَدُلاَ على التحضيض فيختَصَّان بالفعلية نحو ( لَوْلاَ أنْزِلَ عَلَيْنَا الَملاَئِكَةُ ) ( لَوْ مَا تَأتينَا بِالمَلاَئكَةِ ) ويساويهما في التحضيض والاختصاص بالأفعال : هَلاَّ وأَلاَ وألاَّ وقد بلى حرفَ التحضيض اسمٌ مُعَلَّق بفعلٍ : إما مضمرٍ نحو ( فَهَلاّ بِكْراً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ ) أي :

فَهَلاَ تَزَوًّجْتَ بِكْراً ومُظْهَرٍ مُؤَخّرٍ نحو ( وَلَوْلاَ إذْ سمِعتُمُوهُ قُلْتُمْ ) أي : هَلاْ قلتم إذ سمَعْتموه . باب الإخبار بالذي وفُرُوعه وبالألف واللام
ويسميه بعُضهم بابَ السَّبْك وهو بابٌ وَضَعَهُ النحويون للتدريب في الأحكام النحوية كما وضع التصريفيون مسائل التمرين في القواعد التصريفية والكلامُ فيه في فصلين :

الفصل الأول في بيان حقيقته
إذا قيل لك : كيف نخبر عن زيد من قولنا ( زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ ) بالذي فأعْمِدْ إلى ذلك الكلام فاعمل فيه أربعة أعمال أحدها : أن تبتدئه بموصول مطابق لزيد في إفراده وتذكيره وهو الذي الثاني : أن تؤخر زيداً إلى آخر التركيب الثالث : أن ترفعه على أنه خبر للذي الرابع : أن تجعل في مكانه الذي نَقَلْته عنه ظميراً مطابقاً له في معناه وإعرابه فتقول ( الذي هو منطلق زَيْدٌ ) فالذي : مبتدأ و ( هو منطلق ) : مبتدأ وخبر والجملة صلة للذي والعائد منها الضميرُ الذي جعلته خَلَفاً عن زَيْدٍ الذي هو الآن كمال الكلام
وقد تبين بما شَرَحْنَاه أن زيداً مُخْبَر به لا عنه وأن الذي بالعكس وذلك خلافُ ظَاهِرِ السؤال فَوَجَبَ تأويلُ كلامهم على معنى أخْبْر عن مُسَّمى زيد في حال تعبيرك عنه بالذي

وتقول في نحو ( بَلَّغْتُ مِنْ أَخَوَيْكَ إلى العَمْريِنَ رِسَالةً ) - إذا أخبرت عن التاء بالذي - ( الّذِي بَلّغَ مِنْ أَخَوَيْكَِ إلى العَمْريِنَ رِسَالةً أنَا ) فإن أخبرت عن أخويك قلت : ( الّلَذانِ بَلَغْتُ مِنْهُمَا إلى العَمْرِينَ رَسَالةً أخواك ) وعن العَمْرِينَ قلت : ( الّذِينَ بَلّغْتُ مِنْ أخَوَيْكَ إليَهْمِ رِسَالَةَ العَمْرُونَ ) أو عن الرسالة قلت : ( الّتيِ بَلّغْتُهَا مِنْ أخَوَيْكَ إلى العَمْريِن رِسَالَةً ) فَتُقّدِّم الضميرَ وَتَصَلِهُ لأنه إذا أمْكَنَ الوصل لم يجز العدولُ إلى الفَصْلِ وحينئِذٍ فيجوز حذفه لأنه عائد متصل منصوب بالفعل

الفصل الثاني
في شروط ما يخبر عنه
أعلم أن الإخبار كان ب ( الذي ) او أحد فروعه اشْتُرِطَ للمخبر عنه سبعة شروط :
أحدها : أن يكون قابلاً للتأخير فلا يُخْبَرُ عن ( أيهم ) من قولك ( أَيُّهُمْ في الدَّارِ ) لأنك تقول حينئذ : الذي هو في الدار أيَّهُمْ فنزيل الاستفهامَ عن صَدْرِيَّتِه وكذا القولُ في جميع أسماء الاستفهام والشرط وكم الخبرية وما التعجبية وضمير الشان لا يخبر عن شيء منها لما ذكرنا
وفي التسهيل أن الشرط أن يقبل الاسمُ أو خَلَفُه التأخيرَ وذلك لأن الضمائر المتصلة كالتاء من ( قُمْت ) يُخْبَر عنها مع أنها لا تتأخر ولكن يتأخر خَلَفُها وهو الضمير المنفصل فتقول ( الّذِىِ قَامَ أَنَا )

الثاني : أن يكون قابلاً للتعريف فلا يخُبْرَ عن الحال والتمييز لأنك لو قلت في ( جَاءَ زَيْدُ ضَاحِكاً ) : الذي جاء زَيْدٌ إيَّاهُ ضَاحِكٌ - لكنت قد نصبت الضمير على الحال وذلك ممتنع لأن الحال واجبُ التنكير وكذا القول في نحوه وهذا القيد لم يذكره في التسهيل
الثالث : أن يكون قابلاً للاستغناء عنه بالأجنبيفلا يخبر عن الهاء من نحو زَيْدٌ ضَرَبْتُه لأنها لا يُسْتَغْنى عنها بالأجنبى ك ( ) و ( بكر ) وإنما امتنع الإخبار عما هو كذلك لأنك لو أخبرت عنه لقلت ( الّذى زَيْدٌ ضَرَبْتُه هُوَ ) فالضمير المنفصل هو الذي كان متصلاً بالفعل قبل الإخبار والضمير المتصل الآن خَلَفُ عن ذلك الضمير الذي كان متصلاً ففصلته وأخَّرتْه ثم هذا الضمير المتصلُ إن قدرته رابطاً للخبر بالمبتدأ الذي هو زيد بقى الموصولُ بلا عَائِدٍ وإن قَدَّرْته عائداً علىالموصولُ بقى الخبر بلا رابط
الرابع : أن يكون قابلاً للاستغناء عنه بالمضمر فلا يخبر عن الاسم المجرور ب ( ) أو ب ( ) أو ( مُنْذُ ) لأنهنَّ لا يجررن إلا الظاهر والإخبار يستدعى إقامة ضمير مقام المخبر عنه كما تقدم فإذا قيل ( سَرَّ أبا زَيْدٍ قُرْبٌ من عَمْرٍو الكَرِيِم ) جاز الإخبار عن ( زيدٍ ) وامتنع الإخبار عن الباقي لأن الضمير لا يخلفهن : أما الأب فلأن الضمير لا يضاف وأما القُرْبُ فلأن الضمير لا يتعلق به جار ومجرور ولا غيره وأما ( عمرو الكريم ) فلآن الضمير لا يوصف ولا يوصف به نعم إن أخبرت عن المضاف والمضاف إليه معاً فإخرت ذلك وجعلت مكانه ضميراً جاز فتقول في الإخبار عن المتضايفين ( الذِى سَرَّهُ قُرْبٌ مِنْ عَمْرٍو الكَريِم أبُو زَيْدٍ ) وكذا البافي

الخامس : جواز وروده في الإثبات فلا يُخْبَر عن ( أَحَدٍ ) من نحو ( ما جاءني أحد ) لأنه لو قيل : ( الذي ما جاءِتني أحَدٌ ) لزم وقوع ( أحد ) في الإيجاب
السادس : كونه في جملة خبرية فلا يُخْبَر عن الأسم في مثل ( اضرب زيداً ) لأن الطلب لا يقع صلة
السابع : أن لا يكون في إحدى جملتين مستقلتين نحو ( زيد ) من قولك ( قَامَ زَيْدٌ وَقَعَدَ عَمْرٌو ) بخلاف ( إنْ قَامَ زَيْدٌ قَعَدَ عَمْرٌو )
وإن كان الأخبار بالألف واللام اشترط عَشْرَةُ أمور : هذه السبعة وثلاثة أخر هي : أن يكون المخبر عنه من جملة فعلية وأن يكون فعلها متصرفاً وأن يكون مقدماً فلا يُخْبَر بأل عن ( زيدُ ) من قولك : ( زيد أخوك ) ولا من قولك ( عَسَى زيدٌ أن يَقُوم " ولا من قولك ( ما زال زَيْدٌ عالماً )
ويخُبْرَ عن كُلٍّ من الفاعل والمفعول في نحو قولك : ( وَقَى اللهُ البَطَلَ ) فتقول : ( الْوَاقىِ البَطَلَ اللهُ ) و ( الوَاقيةِ الله البَطَلُ ) ولا يجوز لك أن تحذف الهاء لأن عائد الألف واللام لا يحذف إلا في ضرورة الشعر كقوله :
( مَا المسْتَفِزًُ الَهوَى محَمْودَ عَاقِبَةٍ ... ) [ ]

فصل
:
وإذا رَفَعَتْ صلةُ ( أل ) ضميراً راجعاً إلى نفس ( أل ) استتر في الصلة ولم يبرز تقول في الإخبار عن التاء من ( بَلَّغْتُ ) في المثال المتقدم ( الُمَبلَّغُ مِنْ أَخَوَيْكَ إلى العَمْرِينَ رِسَالَةً أَنَا ) ففي ( المبلغ ) ضمير مستتر لأنه في المعنى لأل لأنه خلف عن ضمير المتكلم و ( أل ) للمتكلم لأن خبرها ضمير المتكلم والمبتدأ نَفْسُ الَخِبر
وإن رفعت صلة ( أل ) ضميراً لغير ( أل ) وجب بُرُوزهُ وإنفصالُه كما إذا أخبرت عن شيء من بقية أسماء المثال تقول في الإخبار عن الأخوين ( الُمَبلِّغُ أَنَا مِنْهُمَا إلى العَمْريِنَ رِسَالَةً أخَوَاكَ ) وعن العمرين ( الُمَبلَّغُ أَنا من اخَوَيْكَ إلَيْهُمٍ رَسَالُةً العمرون ( وعن الرسالة ) ( المبلغها أَنَا مِنْ أخَوَيْكَ إلى العَمْريِنَ رِسَالَةٌ ) وذلك لأن التبليغ فعل المتكلمِ و ( أل ) فيهن لغير المتكلم لأنها نَفْسُ الَخبِرالذي أخّرته .
هذا باب العدد
أعلم أن الواحد والاثنين يُخَالفان الثلاثةً والعشرةَ وما بينهما في حكمين :

أحدهما : أنهما يُذَكَّرَان مع المذكر فتقول : واحدٌ واثُنان ويَؤَنَّثانِ مع المؤنث فتقول : واحدة واثنتان والثلاثةُ وأخواتُهَا تَجْرى على العكس من ذلك تقول : ثَلاَثَةُ رِجَالٍ بالتاء وثلاثُ إمَاء بتَرْكها قال الله تعالى : ( سَخّرَهَا عَلَيِهمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثمَانَيةً أَيَّامٍ )
والثاني : أنهما لا يًجْمعَ بينهما وبين المعدود تقول واحدُ رجلٍ ولا اثنا رَجُلَيْنَ لأن قولك ( رجل ) يُفيد الجِنْسَّيةً والوَحْدَة وقولك ( رَجُلاَنٍ ) يُفيد الْجنِسيةَ وَشَفْع الواحد فلا حاجة إلى الجمع بينهما

وأما البواقي فلا تستفاد العِدَّة والجنس إلا من العدد والمعدود جميعاً وذلك لأن وقولك ( ثلاثة ) يُفيد العِدَّة دون الْجِنْسَ وقولك ( رجال ) يُفيد الِجْنُسَ دون العِدَّةِ فإن قصدت الإفادتين جَمَعْتَ بين الكلمتين

فصل
:
ممُيَز الثلاثة والعشرة وما بينهما إن كان اسمَ جنس

ك ( شَجَرٍ ) و ( تمر ) أو اسمَ جمعٍ ك ( ) و ( رَهْط ) خُفِضَ بِمْنَ تقول : ( ثَلاَثَةُ مِنَ التَّمْرِ ) و ( عَشَرَةٌ مِنَ القَوْمِ ) قال الله تعالى : ( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ ) وقد يخفض بإضافة العدد نحو ( وَكَانَ فيِ الَمدِيَنة تسعة رهطٍ ) وفي الحديث : ( لَيْسَ فِيماَ دُونَ خمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ ) وقال الشاعر : -
( ثَلاَثَةُ أنْفُسٍ وَثَلاَثُ ذَوْدٍ ... )

( أَنَا ابْنُ مَاوِيَّةَ إذْ جَدَّ النَّقُرْ ... )
وشرط خمسة امور [ أيضاً ] وهي : أن يكون ما قبل الآخر ساكناً وأن يكون ذلك الساكن لا يتعذّر تحريكه ولا يستثقل وأن لا تكون الحركة فتحة وأن لا يؤدِّىَ النقلُ إلى بناء لا نظير له فلا يجوز النقل في نحو " هذا جَعْفَرْ "

وإن كان جمعاً خُفِضَ بإضافة العدد إليه نحو ( ثَلاَثَةُ رِجَالٍ )
وَيُعَتَبر التذكير والتأنيث مع اسمي الجمع والجنس بحسب حالهما فَيْعُطْى العدد عَكْسَ ما يستحقه ضميرهما فتقول ( ثَلاَثَةُ مِنَ الغَنَم ) بالتاء لأنك تقول ( غنم كثير ) بالتذكير و ( ثَلاَثٌ مِنَ البَطَّ ) بترك التاء لأنك تقول ( بط كثيرة ) بالتأنيث و ( ثَلاَثَةُ مِنَ البَقَرِ ) أو ( ثلاث ) لأن في البقر لغتين التذكير والتأنيث قال الله تعالى : ( إنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا ) وقرىء ( تَشَابهَتْ )

وُيْعَتبران مع الجمع بحال مفرده فلذلك تقول : ( ثَلاَثَةُ إَصَطبْلاَتٍ ) و ( ثَلاَثَةُ حَمَّامَاتٍ ) بالتاء فيهما إعتباراً بالإصطبل والحمام فإنهما مذكران ولا تقول ( ثلاث ) بتركها إعتباراً بالجمع خلافاً للبغداديين
ولا يُعْتَبر من حال الواحد حالُ لفظه حتى يقال ( ثلاثُ طلحاتٍ ) بترك التاء ولا حالُ معناه حتى يقال ( ثَلاَثُ أَشْخُصٍ ) بتركها تريد نسوة بل

يُنْظَر إلى ما يستحقه المفرد بإعتبار ضميره فيعكس حكمه في العدد فكما تقول " طَلْحَةُ حَضَرَ ) و ( هِنْدٌ شَخْصٌ جمَيِل ) بالتذكير فيهما نقول ( ثَلاَثَةُ طَلَحَاتٍ ) و ( ثَلاَثَةُ أشْخُصٍ ) بالتاء فيهما فأما قوله : -
( ثَلاَثُ شُخُوص كَاعِبَانِ وَمُعْصِرُ ... )
فضرورة والذي سَهَّل ذلك قولُه ( كَاعِبَانِ وَمُعْصِرُ ) فاتصل باللفظ ما يُعَضِّد المعنى المراد ومع ذلك فليس بقياس خلافاً للناظم

وإذا كان المعدود صفةً فالمعتبر حالُ الموصوف المنوىِّ لا حالها قال الله تعالى : ( فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالَها ) أي : عَشْرُ حَسَنَات أمثالهَا ولولا ذلك لقيل ( عشرة ) لأن الِمثْل مذكر وتقول : ( عِنْدِي ثَلاَثَةُ رَبْعَاتٍ ) بالتاء إن قدرت رجالا وبتركها إن قدرت نساء ولهذا يقولون : ( ثلاثُة دَوَبَّ ) بالتاء إذا قصدوا ذكوراً لن الدابة صفة في الأصل فكأنهم قالوا : ثلاثة أحْمِرَةٍ دَوَابَّ وسمع ( ثلاثُ دَوَابَّ ذُكْور ) بترك التاء لأنهم اجروا الدابة مجرى الجامد فلا يجرونها على موصوف
فصل
:
الأعْدَادُ التي تُضَاف للمعدود عشرة وهي نوعان :
أحدهما : الثلاثة والعشرة وما بينهما وحقُّ ما تُضَاف إليه أن يكون جمعاً مكَسَراً من أبنية القلة نحو ( ثلاثُة أفْلُسٍ ) و ( أربعةُ أعْبُدٍ ) و ( سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ) وقد يتخلّف كلُّ واحد من هذه الأمور الثلاثة ,
فيضاف للمفرد وذلك إن كان مائة نحو ( ثلاث مائةٍ ) و " تِسْعُ "

مِاَئةٍ " وشذَّ في الضرورة قوله : -
( ثَلاَثُ مِئِينَ لِلمْلُوك وَفَي بَهَا ... )
وَيُضَاف لجمع التصحيح في مسألتين

أحداهما : أن يُهْمَلَ تكسيُر الكلمة نحو ( سَبْعُ سَمَواتٍ ) و ( خَمْسُ صَلَوَاتٍ ) و ( سَبْعَ بَقَرَاتٍ ) ,
والثانية : أن يجُاور ما أهمل تكسيره نحو ( سَبْعَ سُنْبُلاَتٍ ) فإنه في التنزيل مجاور ل ( سَبْعَ بَقَرَاتٍ )
وَيُضَاف لبناء الكثرة في مسألتين :
إحداهما : أن يُهْمَلَ بناء القّلةِ نحو ( ثلاثُ جَوَارٍ ) و ( أربعةُ رِجَالٍ ) و ( خمسةُ دَرَاهِمَ )
والثانية : أن يكون له بناء قّلةِ ولكنه شاذ قياساً أو سماعاً فَيُنَزَّلُ لذلك منزلة المعدوم فالأول نحو ( ثَلاَثَةَ قُرُوء ) فإن جَمْع قَرْءٍ بالفتح على أقراء شاذ والثاني نحو ( ثَلاَثَةُ شُسُوعٍ ) فإن أشْسَاعاً قليل الاستعمال

النوع الثاني : المائة والألف وحَقُّهما أن يضافا إلى مفرد نحو ( مِائَةَ جَلْدَةٍ ) و ( ألْفَ سَنَةٍ )
وقد تُضَاف المائة إلى جمع كقراءة الأخوين ( ثَلاَثَ مِائَةِ سِنِينَ ) وقد تُمَيَزَّ بمفرد منصوب كقوله : -
( إذَا عَاشَ الْفَتَى مِائَتَيْنِ عَاماً ... )

فصل
:
إذا تجَاَوَزْتَ العشرة جئت بكلمتين : الأولى النَّيِّفُ وهو التسعة فما دونها وحكمت لها في التذكير والتأنيث بما ثبت لها قبل ذلك فأجريت الثلاثة التسعة وما بينهما على خلاف القياس وما دون ذلك على القياس إلا أنك تأتي بأَحَدٍ وإحْدَى مكان واحد وواحدة وتَبْنَى الجميع على الفتح إلا ( اثنين ) و ( اثنتين ( فتعربهما كاملثنى وإلا ( ثماني ) فلك فتح الياء وإسكانها ويقل حذفها مع بقاء كسر النون ومع فتحها والكلمة الثانية ( العشرة ) وترجع بها إلى القياس التذكير مع المذكر والتأنيث مع المؤنث وتبنيها على الفتح مطلقاً وإذا كانت بالتاء سكنت شينها في لغة الحجازيين وكسرتها في لغة تميم وبعضهم يفتحها
وقد تبين مما ذكرنا أنك تقول : ( أحَدَ عَشَرَ عَبْداً ) و ( اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً " بتذكيرها و ( ثَلاَثَة عَشَرَ عَبْداً ) بتأنيث الأول وتذكير الثاني وتقول : ( إحْدَى عَشْرَةَ أَمَة ) و ( اثْنَتَا عَشْرَةَ جَارَيَةً ) بتأنيثها و ( ثلاثَ عَشْرَةَ جَارِيةً ) بتذكير الأول [ وتأنيث الثاني ]
فإذا جاوزت التسعة عشر في التذكير والتسع عشرة في التأنيث اسْتَوَى لفظ المذكَّر والمؤنث تقول : ( عِشْرُونَ عَبْدَاً ) و ( ثَلاَثُونَ أَمَةً )
وتمييز ذلك كله مفرد منصوب نحو ( إنِّي رَأيْتُ أَحَدَ عَشَرَ

والثاني كقراءة أبى عمرو والأخوين ( وَالضُّحَى ) بالإمالة مع ان ألفها عن واو الضَّحْوَة لمناسبة ( سَجَا ) و ( قَلَى ) وما بعدهما
وأما الموانع فثمانية أيضاً وهي : الراء وأحرف الاُستعلاء السبعة وهي : الخاء والغين المعجمتان والضاد والطاء والظاء والقاف
وَشَرْطُ المنع بالراء أمران : كونُهَا غيرَ مكسورةٍ واتِّصَالُهَا بالألف إما قبلها نحو فِرَاش ورَاشِد أو بعدها نحو هذا حمار ورأيت حماراً وبعضُهم يجعل المؤخرة المفصولة بحرف نحو " هذا كافر " كالمتصلة
وَشَرْطُ الاستعلاء المتقدم على الألف ان يتصل بها نحو صَالِح وضَامِن وطَالِب وظَالِم وغَالِب وخَالِد وقَاسِم أو ينفصل بحرف نحو غنائم إلا إن كان مكسوراً نحو طِلاَب وغِلاَب وخِيَام وصِيَام فإن أهل الإمالة يميلونه وكذلك الساكن بعد كسرة نحو مِصْباَح وإصْلاَح ومِطْوَاع ومِقْلاَة - وهي التي لا يعيش لها ولد - ومن العرب مَنْ لا ينزل هذا منزلة المكسور
وَشَرْطُ المؤخر عنها كونه : إما متصلاً كسَاخِر وحَاطِب وحاَظِل ونَاقِف أو منفصلاً بحرف كنَافِق ونَافِخ ونَاعِق وبَالِغ أو بحرفين كمواثِيقَ ومناشِيطَ وبعضُهم يمُيل هذا لتراخى الاستعلاء

كَوْكَباً ) ( إنَّ عِدَّةَ الشُّهُوِر عِنْدَ الله أثْنَا عَشَرَ شَهْراً ) ( وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأْتْممنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ ميِقاتُ رَبَّهِ أَرْبَعِيَنَ لَيْلَةً ) ( إنَّ هذَا أَخِى لَهُ تِسعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً ) وأما قوله تعالى : ( وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةً أَسْبَاطاً ) ف ( أسباطاً ) بدل من ( اثنتي عشرة ) والتمييز محذوف أي : اثنتي عشرة فِرْقَةً ولو كان ( أسباطاً ) تمييزاً لذُكِّرَ العددان لأن السِّبْطَ مذكر وزعم الناظم أنه تمييز وأن ذكر ( أمماً ) رَجَّحَ حكم التأنيث كما رَجَّحه ذكر ( كاعبان ومعصر ) في قوله :

( ثَلاَثُ شُخُوصٍ كَاعَبانِ وَمُعْصِرُ ... ) [ ]
فصل
: ويجوز في العدد المركب - غير ( اثْنَيْ عشر ) و ( اثنتي

عشرة ) - أن يضاف إلى مُسْتَحِقَّ المعدود فيستغنى عن التمييز نحو ( هِذِه أَحَدَ عَشَرَ زَيْدٍ ) ويجب عند البصريين بقاءُ البناء في الجزءين
وحكى سيبويه الإعرابَ في آخر الثاني كما في بعلبك وقال : هي لغة رديئة
وحكى الكوفيون وَجْهاً ثالثاً وهو أن يضاف الأول إلى الثاني كما في عبدالله نحو ( مَا فَعَلَتْ خَمْسَةُ عَشْرِكَ )
وأجاز أيضاً هذا الوَجْهَ دون إضافة استدلالا بقوله : -
( كُلِّفَ مِنْ عَنَائِهِ وَشِقْوَتِهْ ... بِنْتَ ثَمَانِي عَشْرَةٍ مِنْ حِجَّتِهْ )

فصل
: ويجوز أن تَصُوغ من اثنين وعشرة وما بينهما
اسمَ فاعل
كما تَصُوغه من فَعَل فتقول : ثَانٍ وثَالِثٌ ورابع - إلى العاشر

كما تقول : ضارب وقاعد ويجب فيه أبداً أن يُذَكر مع المذكر ويُؤَنث مع المؤنث كما يحب ذلك مع ضارب ونحوه فاما ما دون الأثنين فإنه وضع على ذلك من أول الأمر فقيل : واحد وواحدة
ولك في أسم الفاعل المذكور أن تستعمله - بحسب المعنى الذي تريده - على سبعة أوجه :
أحدها : أن تستعمله مفرداً ليفيد الأِتِّصَافَ بمعناه مجرداً فتقول : ثالث ورابع قال : -
( لِستَّةِ أَعْوَامٍ وَذَا الْعَامُ سَابِعُ ... )

الثاني : أن تستعمله مع أصله . ليفيد أن الموصوف به بعضُ تلك العِدَّةِ المعينة لا غير فتقول ( خَامِسُ خمَسْةٍ ) أي : بعضُ جماعةٍ منحصرة في خمسة
ويجب حينئذ إضافته إلى أصله . كما يجب إضافُتُة البعض إلى كله . قال الله تعالى : ( إذْ أخْرَجَهُ الّذيِنَ كَفَرُوا ثَانَىِ اُثْيِنْ ) وقال تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوا إنَّ الله ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ) وزعم الأخْفَشُ وقُطْرُبٌ والكسائي وثعلب أنه يجوز إضافة الأول إلى الثاني ونَصْبُه إياه كما يجوز في ( ضَارِب زَيْدٍ ) وزعم الناظم أن ذلك جائز في " ثان " فقط
الثالث : أن تستعمله مع ما دون أصله ليفيد معنى التصيير فتقول هذا رابُع ثَلاَثَةٍ " أي : جاعل الثلاثةِ بنفسه أربعةً قال الله تعالى : ( مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إلا هُوَ رَابُعُهْم ولا خَمْسَةٍ إلاّ هُوَ سَادِسُهُمْ ) ويجوز حينئِذٍ إضافُتُه وإعمالُه كما يجوز الوجهان في جاعلٍ ومُصَيِّرٍ ونحوهما ولا يستعمل بهذا الاستعمال ثَانٍ فلا يقال " ثَانِي واحد ولا ( ثانِ وَاحِداً ) وأجازه بعضُهم وحكاه عن العرب

الرابع : أن تستعمله مع العشرة ليفيد الاُتِّصَاف بمعناه مقيداً بمصاحبة العشرة فتقول ( حَادِىَ عَشَرَ ) بتذكيرهما و ( حَادَيَةَ عَشَرَةَ ) بتأنيثهما وكذا تصنع في البواقي : تذكر اللفظين مع المذكر وتؤنثهما مع المؤنث فتقول ( اُلْجزءُ الخَاْمِسَ عَشَرَ ) و ( الَمقَامَةُ السَّادِسّةَ عَشْرَةَ )
وحيث استعملت الواحِدَ أو الواحدة مع العشرة أو مع ما فوقها كالعشرين فإنك تقلب فاءهما إلى مَوْطِنِ لامهما فتصيرها ياء فتقول : حادٍ وحادية
الخامس : أن تستعمله معها ليفيد معنى ثاني اثنين وهو انحصار العِدَّةِ فيما ذكر ولك في هذه الحالة ثلاثة أوْجُهٍ :
أحدها - وهو الأصل - : أن تأتي بأربعة ألفاظ : أولُها الوصف مركباً مع العشرة والثالث ما اشتق منه الوصف مركباً أيضاً مع العشرة وتضيف جملة التركيب الأول إلى جملة التركيب الثاني فتقول ( ثَالِثَ عَشَرَ ثَلاَثَةً عَشَرَ "
الثاني : أن تحذف عشر من الأول استغناء به في الثاني وتعرب الول لزوال التركيب وتضيفه إلى التركيب الثاني
الثالث : أن تحذف العقد من الأول والنَّيِّف من الثاني ولك في هذا الوجه وجهان : أحدهما : أن تعربهما لزوال مقتضى البناء فيهما فتجري الأول بمقتضى حكم العوامل وتجر الثاني بالإضافة والوجه الثاني : أن تعرب الأول وتبني الثاني حكاه الكسائي وابن السِّكَيت وابنُ كَيْسَان ووجهه أنه قَدَّرَ ما حذف من الثاني فبقى البناء بحالة ولا يُقَاس على هذا الوجه لقلته وزعم بعضهم أنه يجوز بناءهما لحلول كل منهما محلَّ المحذوف من صاحبه وهذا مردود لأنه لا دليل حينئذ على أن هذين الأسمين منُتْزَعَانِ من تركيبين بخلاف ما إذا أعرب الأول ولم يذكر الناظم وابنُه هذا الاستعمال

الثالثَ : بل ذكرا مكانه أنك تقتصر على التركيب الأول باقياً بناء صدره وذكر أن بعض العرب يعربه والتحرير ما قدمته
السادس : أن تستعمله معها لإفادة معنى رابع ثلاثة فتأتي أيضاً بأربعة ألفاظ ولكن يكون الثالث منها دون ما اشْتُقَّ منه الوصف فتقول ( رَابعَ عَشَرَ ثلاَثَةً عَشَرَ ) أجاز ذلك سيبويه ومنعه بعضهم وعلى الجواز فيتعين بالإجماع أن يكون التركيبُ الثاني في موضع خفض ولك أن تحذف العشرة من الأول وليس لك مع ذلك أن تحذف النيفَ من الثاني للإلباس
السابع : أن تستعمله مع العشرين وأخواتها فتقدمه وتعطف عليه العقد بالواو .

هذا باب كنايات العدد
وهي ثلاثة : كَمْ وكأىٍّ وكَذَا
أما ( كَمْ ) فتنقسم إلى : استفهامية بمعنى أى عَدَدٍ وخبرية بمعنى كثير
ويشتركان في خمسة أمور : كونهما كنايتين عن عدد مجهول الجنس

والمقدار وكونهما مبنين وكون البناء على السكون ولزوم التَّصْديِر والاحتياج إلى التمييز

ويفترقان أيضاً في خمسة امور أيضاً :
أحدها : ( أن ) كم الاستفهامية تُمَيَّز بمنصوب مفرد نحو ( كَمْ عَبْداً

مَلَكْتَ ) ويجوز جره بِمنْ مضمرة جوازاً إن جُرَّتْ كم بحرف نحو ( بِكَمْ دِرْهَمِ اشْتَريِتَ ثَوْبَكَ ) وَتُمَيزَّ الخبرية بمجرور مفرد أ ومجموع نحو ( كَمْ رِجَالٍ جَاءوكَ ) و ( كم امْرَأةٍ جَاءتْكَ ) والإفراد أكثر وأبلغ
والثاني : أن الخبرية تختص بالماض كرُبَّ ولا يجوز ( كم غلمان سأملكهم ) كما لا يجوز ( رُبَّ غلمان سأملكهم ) ويجوز ( كَمْ عَبْداً سَتَشْتَريِه )
والثالث : أن المتكلم بها لا يستدعي جواباً من مخاطَبِهِ
والرابع : أن يتوجَّه إليه التصديق والتكذيبُ
والخامس : أن المبدل منها لا يقترن بهمزة الاستفهام تقول ( كَمْ رِجَالٍ في الدَّارِ عِشْرُونَ بَلْ ثلاثون ) ويقال ( كم مَالُكَ أَعِشْرُونَ أم ثلاثون )
تنبيه : يروى قولُ الفرزدق :

( كَمْ عَمَّةٍ لَكَ يَا جَرِيرُ وَخَاَلُةٌ ... فَدْعَاء قَدْ حَلَبَتْ عَلَىَّ عِشَارِى )

بجر ( عمة ) و ( خالة ) على أن كم خبرية وبنصبهما فقيل : إن تميما تجيز نصب مميز الخبرية مفرداً وقيل : على الاستفهام التهكمي وعليهما فهي

مبتدأ و ( قد حلبت ) خبر والتاء للجماعة لأنهما عمات وخالات وبرفعهما على الابتداء و ( حَلَبِتْ ) خبر للعمة أو الخالة . وخبر الأخرى محذوف . وإلا لقيل ( قد حلبتا ) والتاء في ( حلبت ) للوَحْدَةِ لأنهما عمة وخالة واحدة . و ( كم ) نَصْبُ على المصدرية أو الظرفية أي كم حَلْبَةً أو وقتاً
واما ( كأىَّ ) فبمنزلة ( كَمْ ) الخبرية : في إفادة التكثير وفي لزوم

التصدير وفي انجرار التمييز إلا أن جره بمن ظاهرة لا بالإضافة قال الله تعالى : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابّةٍ لاَ تَحْمِلُ رِزْقَهَا ) وقد ينصب كقوله : -
( اُطْرُدِ الْيَأْسَ بالرَّجَا فَكَأىَّ ... آلمِا حُمَّ يُسْرُهُ بَعْدَ عُشْرِ )

واما ( كَذَا ) فيكنى به عن العدد القليل والكثير ويجب في تمييزها النَّصْبُ وليس لها الصَّدْرُ فلذلك تقول ( قَبَضْتُ كَذَا وَكَذَا دِرْهَماً )

هذا باب الحكاية

حكاية الْجُمَلِ مُطَّردةبعد القَوْلِ نحو ( قَالَ إنِّي عَبْدُ اللهِ ) ويجوز حكايتها على المعنى فتقول في حكاية ( زَيْدٌ قائم ) : ( قَالَ عَمْروُ قائمٌ زيد ) فإن كانت الجملة ملحونة تعين المعنى على الأصَحِّ
وحكاية المفرد في غير الاستفهام شاذة كقول بعضهم ( لَيْسَ بِقُرَشِيّاً ) رَدَّا على من قال ( إنَّ في الدَّارِ قُرَشِياَّ )
وأما في الاستفهام فإن كان المسئول عنه نكرةً والسؤال بأيَّ أو بمَنْ حُكى في لفظ ( أيّ ) وفي لفظ ( مَنْ ) ما ثبت لتلك النكرة المسئول عنها من رفع ونصب وجر وتذكير وتأنيث وإفراد وتثنيه وجمع

تقول لمن قال ( رَأيْتُ رَجُلاً وَإمْرَأَةً وَغُلاَمَيْنِ وَجَارِيَتَيْنِ وَبَنِينَ وَبَنِاتٍ ) : أَيَّا وَأَيّةً وَأَيَّيْنِ وَأَيَّتَيْنِ وأييَّنَ وِأَيَّاتٍ وكذلك تقول في ( مِنْ ) إلا أن بينهما فرقاً من أربعة أوجه
أحدها : أن أيَّا عامة في السؤال فيسأل بها عن العاقل كما مَثَّلْنَا وعن غيره كقول القائل : ( رأيت حماراً ) أو ( حمارين ) و ( مَنْ ) خاصة بالعاقل

الثاني : أن الحكاية في ( أىّ ) عامة في الوقف والوصل يقال : ( جاَءيني رَجُلاَنِ ) فتقول : ( أَيَّانْ ) أو ( أيَّانِ يَا هذَا ) والحكايةُ في ( مَنْ ) خاصةٌ بالوقف تقول ( مَنَانْ ) بالوقف والإسكان . وإن وصلت قلت : ( مَنْ يَا هذَا ) وبطلت الحكاية فأما قولُه : -
( أتَوْا نَارِى فَقُلْتُ : مَنُونَ أَنْتُمْ ... )

فنادِرٌ في الشعر ولا يُقَاس عليه خلافاً ليونس
الثالث : أن ( أيَّا ) يحكى فيها حركاتُ الإعراب غير مُشْبَعَةٍ فتقول ( أيٌّ ) و ( أيًّا ) و ( أيٍّ ) ويجب في ( مَنْ ) الإشباعُ فتقول ( مَنُو ) و ( مَنَا ) و ( مَنىِ )
الرابع : أن ما قبل تاء التأنيث في ( أىّ ) واجبُ الفتح تقول ( أَيّةُ ) و ( أيَّتَانِ ) ويجوز الفتح والإسكان في ( مَنْ ) تقول : ( مَنَهْ ) و ( مَنْت ) و ( مَنْتَانِ ) و ( مَنَتَانِ ) والأرجح الفتحُ في المفرد والإسكان في التثنية
وإن كان المسئول عنه عَلَماً لمن يَعْقِل غير مقرون بتابع واداةُ السؤال ( مَنْ ) غير مقرونة بعاطف فالحجازيون يجُيزون حكاية إعرابه فيقولون ( مَنْ زيداً ) لمن قال : ( رأيتُ زيداً ) و ( زيدٍ ) بالخفض لمن قال ( مررت بزيد ) وتبطل الحكاية في نحو ( ومن زبد ) لأجل العاطف وفي نحو ( مَنْ غُلاَمُ زيد ) لانتفاء العلمية وفي نحو ( مَنْ زَيْدٌ الفَاضِلُ ) لوجود التابع ويستثنى من ذلك أن يكون التابع ابناً متصلاَ بعلم ك (

زيد بن عمرو ) أو علماً معطوفاً ك ( زيداً وعمراً ) فتجوز فيهما الحكاية على خلاف في الثانية .

هذا باب التأنيث
لما كان التأنيثُ فرعَ التذكيرِ احتاج لعلامة وهي إما تاء محركة وتختص بالأسماء ك ( ) أو تاء ساكنة وتختص بالأفعال ك ( ) وإما ألف مفردة ك ( ) أو ألف قبلها ألف فتقلب هي همزة ك ( ) ويختصان بالأسماء
وقد أنثوُا أسماء كثيرة بتاء مُقَدَّرة ويستدل على ذلك بالضمير العائد عليها نحو ( النَّارُ وَعَدَها اللهُ الّذِينَ كَفَرُوا ) ( حَتَّى تَضَعَ الَحْرْبُ أَوْزَارَهَا ) ( وَإنْ جَنَحُوا لِلَّسلمِ فَاجْنَحْ لهَاَ ) وبالإشارة إليها نحو ( هذِهِ جِهنَّمُ ) وبثبوتها في تصغيره نحو ( عيُيَنْهُ ) و ( أُذَيِنهُ ) أو قعله نحو ( وَلَمَّا فَصَلتِ الْعِيُر ) وبسقوطها من عدده كقوله : -
( وَهْيِ ثَلاَث ُأَذْرُعٍ وَأَصْبَعُ ... )
فصل
: الغالب في التاء أن تكون لفصل صفة المؤنث من صفة المذكَّر ك ( ) و ( قائم )
ولا تدخل هذه التاء في خمسة أوزان :
أحدها : فَعُول بمعنى فاعل ك ( رَجُل صَبُور ) و ( امْرَأة صَبُور ) ومنه ( وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيَّا ) أصله بَغُوياً ثم ادغم وأما قولهم ( امرأة مَلُولَة ) فالتاء للمبالغة بدليل ( رَجُلٌ مَلُولة ) و وأما ( امرأة عَدُوَّة ) فشاذ محمود على صَديِقَة ولو كان بمعنى مفَعُول لحقته التاء نحو ( جمَلٌ رَكُوبٌ ) و ( ناقَةٌ ركوب )

والثاني : فَعِيل بمعنى مفعول نحو ( رَجُلٌ جَرِيح ) و ( امرأة جَريح ) وشذ ( مِلْحفة جَديِدة ) فإن كان فَعِيل بمعنى فاعل لحقته التاء نحو ( امرأة رَحِيمَة ) و ( ظَرِيفَة ) فإن قلت ( مررت بِقَتيلَةِ بني فلان ) ألحقت التاء خشية الإلباس لأنك لم تذكر الموصوف
والثالث : مِفْعَال كمِنْحَار وشذ ( مِيقَانَهٌ )
والرابع : مِفْعِيل : كمِعْطِير وَشَذّ ( امرأة مِسْكِينَة ) وسمع ( مِسْكِين ) على القياس
والخامس : مِفْعَلٌ كمِغْشَمٍ وَمدِعْسٍ
وتأتي التاء لفَصْلِ الواحد من الجنس كثيراً كتَمْرَة ولعَكْسه في جَبْأَة وكَمْأَة خَاصَّةً وعوضاً من فاء كعِدَةٍ أو من لام كَسَنةَ أو من زائد لمعنى كأشْعَى وأشَاعِتَهٍ او من زائد لغير معنى كزِنْدِيق وَزَنَادقَة للتعريب كمَوَازِجة وللمبالغة كَراوِية ولتأكيدها كنَسَّابة ولتأكيد التأنيث كنَعْجَة

فصل
: لكل واحد من ألفي التانيث أوْزَانِ نادرة ولا نتعرض لها في هذا المختصر واوْزَانٌ مشهورة
فمشهورً أوزانِ أثْنَا عَشَرَ :
أحدها : فًعَلَى - بضم الأول وفتح الثاني - كأرَبِى للداهية وأُدَمى وَشُعَبَي لموضعين قال :
( أَعَبْداً حَلَّ فيِ شُعَبىَ غَرِيباً ... ) [ ]
وزعم ابن قتيبة أنه لا رابع لها ويَرِد عليه أرَنَى - بالنون - لحبٍّ يجُبِّنَُّ به اللبن وجُنفَى لموضع وجُعَبَي لعظام النمل
وقد تبين أن عَدَّ الناظم لفُعَلَى في الأوزان المشهورة مشكل
الثاني : فعلىَ - بضم الأول وسكون الثاني - أسماً كان كبُهْمَى أو صفة كحُبْلَى وطُولَى أو مصدراً كرُجْعَى
الثالث : فَعَلى - بفتحتين - اسْماً كان كبَرَدَى لنهر بدمشق أو مصدراً كمَرَطَى لمشية أو صفة كحَيَدى
الرابع : فَعَلَى - بفتح أوله وسكون ثانيه - بشرط أن يكون إما جمعاً كَقْتَلى وجَرْحَى أو مصدراً كدَعْوَى أو صفة كَسَكْرَى وسَيْفَى مُؤَنَّثَىْ سَكْرَان وسَيْفَان للطويل
فإن كان فَعْلَى اُسْماً كأرْطَى وعَلْقَى ففي ألفه وجهان

الخامس فَعَالَى - بضم أوله - كحُبَارَى وسُمَانى لطائرين وفي الصحاح أن الف حُبَارَى ليست للتأنيث وهو وهم فإنه قد وافق على أنه ممنوع الصرف
والسادس : فُعَّلَىَ - بضم أوله وتشديد ثانيه مفتوحاً - كسُمَّهَى للباطل
السابع : فِعَلّى - بكسر أوله وفتح ثانيه وسكون ثالثه - كسِبَطْرَى ودِفَقَّى لضربين من المشى
الثامن : فِعْلَى - بكسر أوله وسكون ثانيه - إما مصدراً كذِكْرَى أو جمعاً وذلك ( حِجْلَى ) جمعاً للحَجَل - بفتحتين - أسماً لطائر و ( ظِربْىَ ) - بالظاء المشالة - جمعاً لظَرِبَان - بفتح أوله وكسر ثانيه - أسْماً لدوببه ولا ثالث لهما في الجموع
التاسع : فِعَّيلَى - بكَسر أوله وثانيه مشدداً - نحو ( حِثِّيثىَ ) و ( خِلِّيفَى ) وحكى الكِسائي : هو من خِصِّيصَاء قومه - بالمد - وهو شاذ
العاشر : فُعُلّى - بضم أوله وثانيه وتشديد ثالثه - ككُفُرَّى لوعاءالطَّلْعَ و ( حُذُرَّى ) و ( بُذُرَّى ) من الحذر والتبذير
الحادي عشر : فُعَّيْلىِ - بضم أوله وفتح ثانيه مشدداً - كخُلَّيْطَى للاختلاط و ( قُبَّيْطى ) للناطف

الثاني عشر : فُعَّالَى - بضم أوله وتشديد ثانيه - نحو ( شُقَّارَى ) و ( خُبَّازَى ) لنبتين و ( خُضَّارَى ) لطائر
تنيه : نحو : جُنَفَى وَخَلِيفِّى وَخُلَّيْطَى ليس من الأوزان المختصة بالمقصورة بدليل : عُرَوَاء وَفِخِّيَرَاء وَدُخَيْلاَء
ومشهورُ أوْزان الممدودة سَبْعَةَ عَشَرَ :
أحدها : فَعْلاَء - بفتح أوله وسكُون ثانيه - اسمْاً كان كصَحْرَاء أو مصدراً كرَغْبَاء أو صِفة كحَمْرَاء و ( دِيَمةُ هَطْلاَء ) أو جمعاً في المعنى كطَرْفَاء
والثاني والثالث والرابع : أَفْعَلاَء - بفتح العين - وأفْعِلاَء - بكسرها - وأفْعُلاَء - بضمها - كقولهم : يوم الأرْبُعِاءَ سمع فيه الأوزان الثلاثة
الخامس : فَعْلًلاَء كعَقْرَبَاء لمكان
السادس : فِعَالاَء - بكسر الفاء - كقِصَاصَاء للقصاص
السابع : فُعْلُلاء - بضم الأول والثالث - كقُرفُصَاء
الثامن : فَاعُولاَء - بضم الثالث - كعَاشُورَاء
التاسع : فَاعِلاَء - بكسر الثالث - كقَاصِعَاء لأحد جِحَرَة اليربوع
العاشر : فِعْليَاء - بكسر الأول وسكون الثاني - نحو : كِبْرِيَاء
الحادي عشر : مَفْعُولاَء كمَشْيُوخَاء
الثاني عشر : فَعَالاَء - بفتح أوله وثانيه - نحو : بَرَاسَاء بمعنى الناس يقال : ما أدرى أي البرَاسَاء هو وبَرَاكَاء بمعنى البُرُوكِ

الثالث عشر : فَعِيلاَء - بفتح أوله وكسر ثانيه - نحو : قَريثَاء وكَرِيثَاء نوعان من البُسْرِ
الرابع عشر : فَعُولاَء - بفتح أوله وضم ثانيه - نحو : دَبُوقَاء
الخامس عشر : فَعَولاَء - بفتحتين - كخَفَقَاء لموضع قاله ابنُ الناظم وإنما هو بالجيم والنون والفاء ولا نظير له إلا دَأَثَاه للأمة وقَرَمَاء لموضع وعلى هذا فعدُّ الناظم لذلك في المشهور مشكلٌ وفي المحكم أن جَنَفَى بالجيم والنون والفاء والقَصْرِ موضع وأنه بالمد أيضاً موضع
السادس عشر : فَعِلاَء - بكسر أوله وفتح ثانيه - نحو : سِيَرَاء
السابع عشر : فُعَلاَء - بضم أوله وفتح ثانيه - كخُيَلاَء .

هذا باب المقصور والممدود
قصر الأسماء وَمَدُّهًا ضربان : قياسىُّ وهو وظيفة النحوى وسماعى وهو وظيفة اللغوي وقد وَضَعُوا في ذلك كتباً
وضابطُ الباب عند النحويين أن الأسم المعتل بالألف ثَلاَثةُ أقْسَامٍ :
أحدها : ما لَهُ نظيرٌ من الصحيح يجب فتح ما قبل آخره وهذا النوع مقصور بقياس وله امثلة :
منها : كونه مَصْدَر فَعِلَ اللازم نحو : جَوَىَ جَوَّى وهَوِىَ وهَوِىَ وَعَمىَ عَمّى فإنَّ نظيرها من الصحيح فَرحَ فَرَحَاً وأَشِرَ أشَراً
قال ابنُ عُصْفور وغيره : وَشَذّ الغِرَاء بالَمدِّ مَصْدَرَ غَرِىَ وأنشدوا : -
( إذَا قُلْتُ مَهْلاً غَارَتِ العَيْنُ باِلبُكَى ... غِرَاءَ وَمَدَّتْها مَدَامِعُ نُهَّلُ )

وفيما قالوه نظر لأن أبا عُبَيدة حكى غَاَريْتُ بين الشيئين غِرَاءَ أي وَالَيْتُ ثم أنشده وعلى هذا فالمدُّ قياسى كما سياتي لأن غاريت غِرَاءَ مثلُ قاتلت قتالا وغاريت : فَاعَلْتُ من غَرِيتُ به وأنشد ( أسْلُو ) بدل ( مَهْلاً ) و ( فَاضَتْ ) بدل ( غَارَتْ ) و ( حُفّل ) بدل ( نُهَّل )
ومنها : فِعَلٌ - بكسر أوله وفتح ثانيه - جمعاً لفِعْله - بكسر أوله وسكون ثانيه - نحو فِرْيًة وفِرى وَمْريَه ومِرًي فإن نظيره قِربْه وقِرَب
ومنها : فُعلٌ - بضم أوله وفتح ثانيه - جمعاً لفُعْله - بضم أوله وسكون

ثانيه - نحو : دُمْيَةٍ ودُمًى ومُدْية ومُدّى وزُبْيَة وزُبًى وكُسْوَة وكُسًى فإن نظيره : حُجَّة وحُجَجٌ وقُرْبَه وقُرَبٌ
ومنها : اسم مفعول ما زاد على ثلاثة نحو : مُعْطًى ومُسْتَدْعَى فإن نظيره مُكْرَم ومُسْتخَرْج
الثاني : أن يكون له نظير من الصحيح يجبُ قبل آخره ألفٌ . وهذا النوع ممدود بقياس وله امثلة :
منها : أن يكُون الاسم مصدراً لأفْعَل أو لفِعْل أوّلُه همزةُ وَصْلٍ كأعْطَى إعْطَاءَ وارْتَأى ارتِئَاء واسْتَقْصًى اسْتِقْصَاءً فإن نظير ذلك أكرم إكراماً وأَكْتَسَب إِكْتِسَاباً واسْتَخْرج اسْتِخْراجاً
ومنها : أن يكُون مفرداً لأفْعِلة . نحو كِسَاءِ وأكْسِيَه . ورِدَاء وأرْدِيةَ . فإن نظيره حِمَار وأحْمِرةَ وسَلاحَ وأسْلحِة ومن ثَمَّ قال الأخفشُ : أرْحِيَةُ وأقْفْيَهُ من كلام المولّدِين لأن رَحَّى وقَفَى مقصوران . وأما قوله : -
( فىِ لَيِلَةٍ مِنْ جُمَادَى ذَاتِ أَنْدَيةٍ ... )
والمفرد نَدًى - بالقصر - فضرورة . وقيل : جُمع نَدًى على نِدَاء كجَمل وجِمَال ثم جُمع نِدَاء على أنْدِية ويُبْعدهُ أنه لم يُسْمًع نِدَاء جمعاً

ومنها : أن يكُون مصدراً لفَعَلَ - بالتخفيف - دَالاًّ على صوت كالرُّغَاء والثُّغَاء فإن نظيرهُ الصُّرَاخ أو على دَاء نحو المُشَاء فإن نظيره الدُّوَار والزُّكَام
الثالث : أن يكون لا نظير له فهذا إنما يُدْرَك قَصْره ومَدُّه بالسماع
فمن المقصور سماعاً : الفَتَى وَاحدِ الفتيان والسَّنَا الضوء والثرَّىَ التراب والْحِجِا العقل
ومن المدود سماعاً : الفَتَاء لِحَدَاثة السِّن والسناء للشرف والثّرَاء لكثرة المال والحْذَاء للنعل
مسألة : أجمعوا على [ جواز ] قَصْر الممدود للضرورة كقوله :

( لاَ بُدَّ مِنْ صَنْعَا وَإنْ طَالَ السَّفَرْ ... )
وقوله : -
( وَأَهْلُ الْوَفَا مِنْ حَادِثٍ وَقَدِيِمِ ... )

واختلفوا في جَوَاز مَدِّ المقصور للضرورة فأجازهُ الكوفيون متمسكين بنحو قوله : -
( فَلاَ فقْرُ يَدُومُ وَلاَ غِنَاء ... )
وَمَنَعهُ البصريون وقَدَّروا الغِنَاء في البيت مصدراً لغَانَيْتُ لا مصدراً لغَنيْْتُ وهو تَعَسُّفٌ

هذا باب كيفية التثنية
الاسم على خمسة أنْوَاعٍ :
احدها : الصحيح كرَجُل وامْرَأَة
الثاني : الُمنَزَّلُ منزلة الصحيح كظَبْىٍ ودَلْوٍ
الثالثُ : المعتلُّ المنقوص كالْقَاضِي
وهذه الأنواع الثلاثة يجب أن لا تُغير في التثنية تقول : ( رَجُلاَن ) وامْرَأَتَان وظَبْيَان ودَلْوَان والقَاضَيانَ ) وَشَذَّ في أَليَة وخُصْيَة : أَلْيَان وخُصْيَان وقيل : هما تثنية أَلْىِ وخُصْىٍ

الرابع : المعتلُّ المقصور وهو نوعان :
أحدهما : ما يجب قلبُ ألِفِة ياء وذلك في ثلاث مَسَائِل إحداها : أن تتَجَاوَز ألفه ثَلاَثةَ أَحْرُفٍ كحُبْلَى وحُبْليَان ومَلْهًى ومًلْهًياَن وَشَذّ قولهم في تثنية قَهْقَرَى وخَوْزَلَى : قَهْقَرَانٍ وخَوْزَلاَنِ بالحذف . الثانية : أن تكون ثالثة مُبْدَلةَ من ياءٍ كفَتىً قال الله تعالى : ( وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ) وَشَذّ في حمَىّ حَموَانِ بالواو . الثالثة : ان تكون غير مُبْدلةٍ وقد أمِليت كمَتىَ لو سَمَّيْت بها قلت في تثنيتها : مَتَيَان
والثاني : ما يجب قلبُ ألِفِه واواً وذلك في مسألتين إحداهما : أن تكون مُبْدًلة من الواو كعَصّا وقَفاً ومَناً وهو لغُة في الَمنِّ الذى يُوزَنُ به قال : -
( عَصَا فِي رَأْسِهَا مَنَوَا حَديِدِ ... )

وَشَذّ قولهم في رِضاً : رِضَيَانِ بالياء مع أنه من الرِّضْوَان . الثانية : أن تكون غير مُبْدَلة ولم تُمَلْ نحو لَدَى وإذا تقول إذا سَمَّيْتَ بهما ثم ثنيتهما : لَدَوَان وإذَوَان
الخامس : الممدود وهو أربعة أنواع
أحدها : ما يجب سلامةُ همزته وهو ما همزته أصلية كقُرَّاء ووُضَّاء تقول : قُرّاَءانِ ووُضّاءَنِ والقُرَّاء : الناسك والوُضّاء : الْوَضِيء الوجه
الثاني : ما يجب تغيير همزته بقلبها واواً وهو ما همزته بَدَلٌ من ألف التأنيث كحَمْرَاء وحَمْراوَان وزعم السِّيَرافُّيٍ أنه إذا كان قبل ألفه وَاو وَجبَ تصحيح الهمزة لئلا يجتمع وَاوَانِ ليس بينهما إلا ألف فتقول في عَشْوَاء : عَشْوَاءان بالهمز وَجَوَّز الكوفيون في ذلك الوجهين

وَشَذّ حمَرايَان بقلب الهمزة ياء وقُرْفُصَان وخُنْفُسَان وعَاشُورَان بحذف الألف والهمزة معاً
الثالث : ما يترجَّحُ فيه التصحيح على الإعلال وهو ما همزته بدلُ من أصل نحو كِسَاءٍ وحَيَاء أصلهما كِسَاوٌ وحَيَاىٌ وَشَذّ كِسَايان
الرابع : ما يترجَّحُ فيه الإعلال على التصحيح وهو ما همزته بدل من حرف الإلحاق كعِلْبَاء وقُوباء أصلهما عِلْبَاى وقُوبَاى بياء زائدة فيهما لتلْحِقهما بِقرْطَاس وقُرْنَاس ثم أبدلت الياء همزة وزعم الأخفش وتبعه اُلْجُزولى أن الأرجح في هذا الباب أيضاً التصحيح وسيبويه إنما قال : إن القلب في علْبَاء أكثر منه في كِسَاء .

هذا باب كيفية جمع الاسم جمع المذكر السالم
وَيُسَمَّى الجمعَ الذي على هِجَاءَين والجمعَ الذي على حَدِّ المثنى لأنه أعرب بحرفين وَسَلِمَ فيه بناء الواحد وَخُتِمَ بنون زائدة تحذف للإضافة
أعلم أنه يحذف لهذا الجمع ياء المنقوص وكسرتهُاَ فتقول ( القَاضُونَ ) و ( الدَّاعُونَ ) وألفُ المقصور دون فتحتها فتقول ( المُوسَوْنَ ) وفي التنزيل

( وَأَنْتُم الأَعْلَوْنَ ) ( وَإنّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الُمصْطَفْيَن ) وَيُعْطَى الممدودُ حكمه في التثنية فتقول في وُضّاء : وُضّاؤُون بالتصحيح وفي حمَرْاءَ علماً لمذكر : حمَراوُوًنَ بالواو ويجوز الوجهان في نحو عِلْباَءٍ وَكِسَاءٍ علمين لمذكرين .

هذا باب كيفية جمع الاسم جمع المؤنث السالم
يَسْلَم في هذا الجمع ما سَلمِ في التثنية فتقول في جمع هِنْدٍ : ( هِنْدَات ) كما تقول في تثنيتها : ( هِنْدَان ) إلا ما خُتِمَ بتاء التأنيث فإن تاءه تحذف في الجمع وتسلم في التثنية فتقول في جمع مُسْلِمَة : ( مُسْلَماتَ ) وفي تثنيتها : ( مُسْلِمتَانَ ) ويتغير فيه ما تغير في التثنية تقول : ( حُبْلَيَات ) بالياء و ( صَحْرَاوَات ) بالواو كما تقول في تثنيتهما : ( حُبْلَيَان ) و ( صَحْرَاوَان ) وإذا كان ما قبل التاء حرف علة أُجْريْت عليه بعد حذف التاء ما يستحقُّهُ لو كان آخراً في أصل الوضع فتقول في نحو ظَبْيَة وغزْوَة : ( ظبَيَاتَ ) و ( غَزَوَات ) بسلامة الياء والواو وفي نحو مُصْطًفاة وَفَتَاة : ( مُصْطَفَيَات ) و ( فَتَيَات ) بقلب الألف ياء قال الله تعالى : ( وَلاَ تُكْرهُوا فَتَيَاتِكُمْ )

وفي نحو قَنَاة : ( قَنَوَات ) بالواو وفي نحو نبَاءة : ( نَبَاءات ) و ( نَبَاوَات ) وفي نحو قُرَّاءة : ( قُرَّاءات ) بالهمز لا غير

فصل
: إذا كان المجموع بالألف والتاء اسماً ثلاثيا ساكن العين غير معتلها ولا مدمغها فإن كانت فاؤه مفتوحة لزم فتح عينه نحو سَجْدَةَ ودعد : ( سَجَدَات ) و ( دَعَدَات ) قال الله تعالى : ( كَذَِلكَ يُرِيهَمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ) . وقال الشاعر : -
( بِاللهِ يَا ظَبَيَاتِ الْقَاعِ قُلْنَ لَنَا ... )

واما قولُه : -
( وَحِّمْلتُ زَفْرَاتِ الضُّحَى فَأَطْقتُهَا ... وَمَالِي بِزَفْرَاتِ العْشىِّ بَدَانِ )

فضرورة حَسَنة لأن العين قد تسكن للضرورة مع الإفراد والتذكير
كقوله : -
( يَا عَمْرُو يَا ابْنَ الأَكْرَمِينَ نَسْبَا ... )
وإن كان مضمومَ الفاء - نحو خُطْوَة وَجُمْل - أو مكسورَه - نحو كِسْرَة وَهِنْد - جاز لك في عينه الفتحُ والإسكانُ مطلقاً والإتباعُ إن لم تكن الفاء مضمومة واللام ياء كدُمْيَة وَزُبْيةَ ولا مكسورها واللام واو كذِرْوَة وَرِشْوَة وَشَذّ جِرِوَات - بالكسر -
ويمتنع التغيير في خمسة أنواع :
أحدها : نحو زَيْنَبات وَسُعَادَات لأنهما رباعيت لا ثلاثيات
الثاني : نحو ضَخْمَات وَعَبْلاَت لأنهما وَصْفَان لا اسمان . وَشِذّ كَهَلاَت - بالفتح - ولا ينقاس خلافاً لقُطْرب
الثالث : نحو شَجِرات وَثَمَرَات وَنَمِرَات لأنهنَّ مُحّرَكَات الوسط

نعم يجوز الإسكان في نحو سَمُرات وَتَمِرَات كما كان جائزاً في المفرد . لا أن ذلك حكم تجَدَّدَ حالة الجمع
الرابع : نحو جَوْزَات وَبَيْضَات لاعتلال العين قال الله تعالى : ( في رَوْضاتِ اَلجْناَّت ) وَهُذَيل تحرك نحو ذلك وعليه قراءة بعضهم : ( ثَلاَثُ عَوَرَاتٍ لَكُمْ ) وقول الشاعر : -
( أَخُو بَيَضَاتٍ رَائِحُ مُتَأوِّبٌ ... )

واتفق جميعُ العرب على الفتح في عِيَرَات - جمع عِيرٍ - وهي الإبل التي تَحْمِلُ الِميَرةَ وهو شاذ في القياس لأنه كبِيِعَةٍ وبيعات فحقُّه الإسكانُ
الخامس : نحو حَجَّات وَحُجَّات وحجات إدغام عينه فلو حُرِّك أنْفَكَّ إدغامه فكان يثقل [ فتضيع ] فائدة الإدغام .

هذا باب جمع التكسير
وهو : ما تغيرت فيه صيغة الواحد إما بزيادة كِصنْوِ وَصِنْوَان أو ينقص كتُخَمَة وَتُخَم ان بتبديل شَكْلٍ كأسَد وَأُسْد أو يزيادة وتبديل شكل كرِجَالٍ أو بنقص وتبديل شكل كرُسُل أو بهن كِغْلمَان
وله سبعة وعشرون بناء : منها أربعة موضوعة للعدد القليل وهو من الثلاثة إلى العشرة وهي أفْعُلُ كأكْلبِ وَأَفْعِالٌ كأحمْالٍ وَأَفْعِلَةٌ كأحِمرَةٍ وَفِعْلَةٌ كصِبْيَةٍ وثلاثة وعشرون للعدد الكثير وهو ما تجاوز العشرة وسيأتي
وقد يُسْتَغنى ببعض أبنية القلة عن بناء الكثرة كأرْجُل وَأَعْنَاق وَأَفْئِدةَ وقد يعكس كرِجَالٍ وَقُلوب وَصَرِدْان وليس منه ما مَثَّلَ به الناظم وابنه

من قولهم في جمع صَفَاة - وهي الصخرة الملساءُ - صُفِىٌّ لقولهم : أصْفَاءٌ حكاه الجوهري وغيره
الأوَّل من أبنية القلة : أَفْعًلٌ - بضم العين - وهو جمع لنوعين :
أحدها : فَعْلٌ اُسْماً صحيح العين سواء صحت لامه أم اعتلت بالياء أم بالواو نحو كَلْب وَظَبْي وَجَرْوٍ بخلاف نحو ضَخْم فإنه صفة وإنما قالوا أَعْبُدُ لغلبة الاسمية وبخلاف نحو سَوْط وَبَيْت لاعتلال العين وَشَذّ قياساً أَعْيُنٌ وقياساً وسماعاً أَثْوُبٌ وَأَسْيُفٌ قال : -
( لِكُلِّ دَهْرٍ قد لَبِسْتُ أَثَوُباَ ... )

وقال : -
( كَأَنهُمْ أَسْيُفٌ بِيضٌ يَمَانِيةٌ ... )
الثاني : الاسم الرباعي المؤنث الذي قبل آخره مدة كعَنَاق وَذِرَاع وَعُقَاب وَيَمِين وَشَذّ في نحو شِهَابِ وَغُرَابِ من المذكر
الثاني : أَفْعَالُ وهو لاسم ثلاثي لا يستحق أفْعُلَ : إما لأنه على فَعْل ولكنه معتل العين نحو ثَوْب وَسَيَفٌ أو لأنه على غير فَعْل نحو جَمَلٍ وَنَمِر وَعَضُد وحَمَلٍ وَعِنبَ وَإبِل وَقُفْل وَعُنُق ولكن الغالب

في فُعَل - بضم الأول وفتح الثاني - ان يجيء على فِعْلاَنٍ - كصُردَ وَجُرَذ وَنُغَر وَخُزَزٍ - وشَذّ نحو أرطاب كما شذ في فَعْل المفتوح الفاء الصحيح العين الساكنها نحو احْمَال وَأفْرَاخ وَأزْنَاد قال الله تعالى : ( وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ ) . وقال الحطيئة : -
( مَاذَا تقولُ لأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَخٍ ... )

وقال آخر :
- ( وَزَنْدُكَ أَثْبَتُ أَزْنَادِهَا ... )

الثالث : أَفْعِلَةُ . وهو لاسم مذكر رباعي بَمدَّةٍ قبل الآخر - نحو طَعَام وَحِمَار وَغُرَاب وَرَغِيف وَعَمُود
وَالتُرِم في فَعَال - بالفتح - وَفِعَال - بالكسر - مُضّعَفَّىِ اللامِ او مُعْتَلّيْهَا . فالأَوَّل كَبتات وَزِمَام والثاني كقَبَاءوَإيَاء
الرابع : فِعْلَةُ - بكسر اوله وسكون ثانيه - وهو محفوظ [ في ] نحو وَلَد وَفَتًى ونحو شَيْخ وَثَوْر ونحو ثِنًى ونحو غَزَال ونحو غُلاَم ونحو صَبىِّ وَخَصِىٍّ ولعدم اطِّرَاده قال أبو بكر : هو اسمُ جمعٍ لا جمعٌ
والأول من أبنية الكثرة : فُعلٌ - بضم أوله وسكون ثانيه - وهو جمع لشيئين :
أحدهما : أفْعَلُ مقابل فَعْلاءَ كأْحْمَر أو ممتنعة مقابلتُه لها لمانع خَلٍقى نحو أكْمَر وَآدَرَ بخلاف نحو آلى لكبير الألية فإن المانع من ألْيَاءَ تخلُّف الاستعمال
والثاني : فَعْلاَء مقابلة أفعل كحمراء أو ممتنعة مقابلتها له لمانع خَلْقى كرتَقْاَءَ وَعَفْلاَء - بالعين - بخلاف نحو عَجْزَاءَ لكبيرة العجر
الثاني : فَعلٌ - بضمتين - وهو مطرد في شيئين : في وصف على فَعُول بمعنى فاعل كصَبُور وَغَفُور وهو اسم رباعي بَمدَّةٍ قبل لامٍ غيرِ معتلة

من فعِيل وَصْفاً للفاعل كَمرِيضٍ وفَعل كزَمِنٍ وفَاِعل كهَالِكٍ وفَيْعِل كَمِّيتٍ وأفْعَل كأحْمقَ وفَعْلاَن كَسَكْرَان
الثامن : فِعَلَة - بكسر أوّله وفتح ثانيه - وهو كثير في فُعْل اسْماً - بضم الفاء - نحو قُرْط ودُرْج وكُوز ودُبً وقليل في اسم على فَعْل - بفتح الفاء - نحو غَرْد أو بكسرها نحو قِرْد وَقَلَّ أيضاً في نحو ذَكَرٍ وهَادِرٍ
التاسع : فًعَّل - بضم أوله وتشديد ثانيه مفتوحاً - وهو لوصف على فاعل اوفاعلة صحيحي اللام كضارب وصائم مونثيهما وندر في نحو غازٍ وعافٍ كما نَدَرَ في نحو خَرِيدَة ونُفَسَاء ورَجُل أعْزَل
العاشر : فُعَّال - بضم أوله وتشديد ثانيه - وهو لوصف على فاعل اللام كصائم وقائم وقاريء قيل : وَنَدَرَ في فاعله كقوله : -
( وَقَدْ أَرَاهُنَّ عّنِّى غَيْرَ صُدَّادِ ... )

والظاهر أن الضمير للأبصار لا للنساء فهو جمع صادَ لا صادَّة وفي المعتلِّ كغزاءِ وسراء
الحادي عشر : فِعَال - بكسر أوله - وهو لثَلاَثَة عَشَرَ وَزْناً :
الأول والثاني : فَعْل وفَعْلة اسمين أو وصفين نحو كَعْبٍ وقَصُعَةٍ وصَعْبٍ وخَدْلَةٍ وَنَدرَ في يائي الفاء نحو يَعْرٍ او العين نحو ضَيْفٍ وضَيْعَةٍ

الثالث والرابع : فَعَل وفَعَلة غير معتلى اللام ولا مضعفيها كجَمَل وجَبَل ورَقَبَة وثَمَرَة
الخامس والسادس : فِعْل كذِئْب وبئِرْ وفُعْلِ كدُهْن ورُمْح
السابع والثامن : فَعِيل بمعنى فاعل ومؤنثهُ كظًريِف وكَريِم وشَريِف ومؤنثاتهما
والخمسة الباقية : فَعْلاَن صفة مُؤَنَّثَاه فَعْلَى وفَعْلاَنة وفُعْلاَن صفةً وأنثاه فُعْلاَنة كغَضْبَان وغَضْبَي ونَدْمَان ونَدْمَانة خُمْصَان وخُمْصَانة
والتزموا في فَعِيل وأنثاه إذا كانا وَاوِيَّيِ العينين صحيحي اللامين كطَوِيل وطَوِيلة أن لا يُجْمَعا إلاّ على فِعَال
ويحفظ فِعَال في نحو : رَاعٍ وقَائمٍ وآمً ومؤنثاتهن وأعْجَف وجَوَاد وخَيرْ وبَطْحَاء وقَلُوص
الثاني عشر : فُعُول - بضمتين - ويطرد في أربعة أحدها : اسم على فعل نحو كَبِد ووَعِل وهو فيه كاللازم وجاء في نحو نَمر نمُوُرُ على القياس ونُمُرٌ قال : -
( فيِهَا عَيَائِيلُ أُسُودٍ وَنُمُرْ ... )

وقد يكون مَقْصُوراً من نُمُور للضرورة وقالوا : أَنْمَار

والثلاثة الباقية الاسمُ الثلاثي الساكن العين : مفتوح الفاء نحو كَعْب وفَلْس ومكسورها نحو حِمْل وضِرْس ومضمومها نحو جُنْد وبُرد إلا في ثلاثة أحدها : معتلُّ العين كحُوت والثاني : معتلُّ اللام كمُدْىٍ وَشَذّ في نؤْى نُؤْىٌ قال : -
( خَلَتْ إلاَّ أَيَاصِرَ أَوْ نُؤُياً ... )

الثالث : المضاعف ك ( ) وشذ في حُصّ - بالحاء المهملة وهو الوَرْسُ - حصوص ويحفظ في فَعل كأسَد وشَجَن ونَدَب وذَكَر
الثالث عشر : فِعْلاَن - بكسر أوله وسكون ثانيه - وَيَطَّرِد أيضاً في أربعة : اسمٍ على فُعَال كغُلاَم وغُرَاب أو على فُعَل كصُرَد وجُرَذ أو فُعْل واويَّ العين : كحُوت وكُوز أو فَعَل كَتاج وسَاج وخَال وجَارٍ ونَارٍ وقَاعٍ وقَلَّ في نحو صِنْو وخَرِب وغَزَال وصُوِار وحائِط وظلِيم خَرُوف

الرابع عشر : فُعْلاَنُ - بضم أوله وسكون ثانيه - ويكثر في ثلاثة : في اسم على فَعْل كظَهْر وَبطْن أو فَعَل صحيح العين كذَكَر وجَذَع أو فَعِيل كقَضِيب ورَغِيف وكَثيب وَقَلَّ في نحو رَاكِب وأسْودَ وزُقَاقٍ
الخامس عشر : فُعَلاَء - بضم أوله وفتح ثانيه - وَيَطَّرد في فَعِيل بمعنى فاعل غير مضاعف ولا معتل اللام كظَريف وكَريم وبَخيِل وكثر في فاعل داَلاًّعلى معنى كالغريزة كعَاقِلٍ وصَالِحٍ وشَاعِرٍ وشذ فُعَلاَء في نحو جَبَان وخَليِفة وسَمْحٍ ووَدوُدٍ
السادس عشر : أفْعِلاَء - بكسر ثالثه - وهو نائب عن فُعَلاَء في المضعف كشَدِيد وعَزِيز وفي المعتل كولٍّى وغَنِىً وشذ في نحو نَصِيب وصَديِق وهَيِّنٍ
السابع عشر : فَوَاعِل - وَيَطَّرد في سبعة : في فاعله اسماً أو صفة ك ( كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ) وفي اسم على فَوْعَل كجَوْهَر وكَوْثَر أو فَوْعَلَةٍ كصَوْمَعَة وزَوْبَعَة أو فَاعَل - بالفتح - كخَاتَم وقَالَب

أو فَاعِلاَء - بالكسر - نحو قَاصِعَاء ورَاِهِطَاء أو فاعل كجائز وكاهل أو في وصف على فَاعِل لمؤنث كحائِضٍ وطالِقٍ او لغير عاقل كصَاهِلٍ وشَاهِقٍ وشذ فَوَارَِس ونَوَاكِس وَسَوَابق وهَوَالِك
الثامن عشر : فَعَائل وَيَطَّرد في كل رباعي مؤنث ثالثه مَدَّة سواء كان تأنيثه بالتاء كسَحَابة وصَحِيفة وحَلُوبة أو بالمعنى كشَمَال وعَجُوز وسَعِيد علم امرأة
التاسع عشر : فَعَالِى - بفتح اوله وكسر رابعه - وَيَطَّرد في سبعة : فَعْلاَة كَموْمَاة وَفَعْلاَة كسِعْلاَة وفِعْلِيَة كهِبْرِية وفَعْلُوَة كعَرْقًوَة وما حُذف أول زَائِدَيْهَ من نحو حَبَنْطَى وقَلَنْسُوَة وفَعْلاَء

اسماً كصَحْرَاء أو صفةً لا مذكَّرلها كعَذْرَاء وذو الألف المقصورة لتانيثٍ كحُبْلَى أو إلحاق كذِفْرَى
تمام العشرين : فَعَالَى - بفتح أوله ورابعه - ويُشَارِك الفعالى - بالكسر - في صحراء وما ذكر بعده وليس لفِعَالَىّ ما ينفرد به عن الفعالٍى إلا وصف
الحادي والعشرون : فَعَالَى - بالتشديد - وَيَطَّرد في كل ثلاثي آخره ياء مشددة غير متجددة للنسب كبُخْتِى وكُرْسِىَ وقُمْرِىّ بخلاف نحو مِصْرِي وبَصْرِي وأما أناسى فجمع إنسان لا إنْسِىّ وأصله انَاٍسيُن فأبدلوا النون ياء كما قالوا : ظَرِبَان وظَرَابّي
الثاني والعشرون : فَعَالِل - وَيَطَّرد في أربعة وهي : الرباعي والخماسي مجردين ومَزِيداً فيهما فالأول كجَعْفَر وزِبْرِج والثاني كسَفَرْجَلً وجَحْمَرش ويجب حذف خامسه فتقول : سَفَارج وجحامر وأنت بالخيار في حذف الرابع والخامس إن كان الرابع مًشْبِهاً للحروف التي تزاد : إما بكونه بلفظ أحدها كخَدَرْنَق أو بكونه من مخَرْجَه كفَرَزْدَق فإن الدال

من مخرج التاء والثالث نحو مُدَحْرج ومتُدَحْرج والرابع نحو قَرْطَبْوس وخَنْدَرِيس ويجب حذف زائد هذين النوعين إلا إذا كان ليناً قبيل الآخر فيثبت ثم إن كان ياء صُحِّح نحو قِنْدِيل او واواً او ألفاً قلبا ياءين نحو عُصْفُور وسِرْدَاح
الثالث والعشرون : شبه فَعَالِلَ وَيَطَّرِد في مزيد الثلاثي غير ما تقدم
ولا تحذف زيادته إن كانت واحدة كأَفْكَلٍ ومَسْجَدٍ وجَوْهَرِ وصَيْرَف وعَلْقىً ويحذف ما زاد عليها فتُحْذفُ زيادة من نحو منُطَلق واثنتان من

نحو مُسْتَخْرج ومُتَذَكّر ويتيعن إبقاء الفاضل كالميم مطلقاً فتقول في مُنْطَلق مَطَالق لانَطَالق وفي مُسْتَدْع : مَدَاعٍ لا سَدَاعٍ ولا تَدَاعٍ خلافاً للمبرد في نحو مُقْعًسنْسِ فإنه يقول : قَعَاسِس ترجيحاً لمماثل الأصل وكالهمزة والياء المصدرتين كأَلنَدْد ويَلَنْدَد تقول : ألاَدَّ وَيَلاَدَّ
وإذا كان حذف إحدى الزيادتين مًغْنياً عن حذف الأخرى بدون العكس تعين حذف المغنى حَذْفُها كياء حَيْزَبُون تقول : حَزَابِينَ - بحذف الياء

وقلب الواو ياء لاحَيَازيْن - بحذف الواو - لأن ذلك مُحْوِج إلى أن تحذف الياء وتقول : حَزَابن إذ لا يقع بعد ألف التكسير ثلاثة أحرف أوسطها ساكن إلا وهو معتل
فإن تكافأت الزيادتان فالحاذف مُخَيرّ نحو نوني سَرَنْدَى وعَلَنْدَى وألفيهما تقول : سَرادٍ وعَلاَند أو عَلاَدٍ .

هذا باب التصغير
وله ثلاثة أبنية : فُعَيْلٌ وفُعَيْعِل وفُعَيْعيِل كفُلَيْس ودُرَيْهِم ودُنَيْنِير
وذلك لأنه لا بُدَّ في كل تصغير من ثلاثة أعمال : ضَمِّ الأول وفتح الثاني واجتلاب ياء ساكنة ثالثة ثم إن كان المصغر ثلاثياً اقْتُصِرَ على ذلك وهي بنْية فُعَيل كفُلَيْس ورُجَيْل ومِنْ ثَمَّ لم يكن نحو زُمَّيْل ولُغَّيْزَى تصغيراً لأن الثاني غير مفتوح والياء غير ثالثة وإن كان متجاوزاً للثلاثة احتيج إلى عمل رابع وهو كسر ما بعد ياء التصغير ثم إن لم يكن بعد هذا الحرف المكسور حرفٌ قبل الآخر لين فهي بنية فُعَيْعل كقولك في حعفر : جُعَيْفِر وإن كان بعده حرف لين قبل الآخر فهي بنية فًيَعْيَعِل لأن اللين الموجود قبل آخر المكبر إن كان ياء سلمت في التصغير لمناسبتها للكسرة كقِنْديِل وقُنِيْدِيل وإن كان وَاواً أو ألفاً قلبا ياءين لسكونهما وانكسار ما قبلهما كعُصْفُور وعُصَيْفير ومِصْبَاح ومُصَيْبِيح
وَيُتَوصَّل في هذا الباب إلى مثالَىْ فُعَيْعِل وَفُعَيْعِيل بما يُتَوَصَّلُ به في باب الجمع إلى مثالىْ فَعَالِل وفَعَاليِل فتقول في تصغير سَفَرْجَل وفَرَزْدَق

ومُسْتَخْرج والَنْدَد ويَلْنَدَد وحَيْزَبَوُن : سُفْيِرج وفُرَيْزدِ أو فُرَيْزِيق ومُخَيْرج وأُلَيْد ويُلَيْد وحُزَيْبَينَ وتقول في سَرَنْدَى وعَلَنْدَى سُرَيْنْدَ وعُلَيْنِد أو سُرَيْدٍ وعًلَيْدٍ
ويجوز لك في بابي التكْسير والتصغير أن تعوض مما حذفته يَاءَ ساكنة قبل الآخر إن لم تكُن موجودة : سُيفَيرْيج وسَافَريِج بالتعويض وتقول في تكْسير أحْر نْجَام وتصغيره : حَرَاجيِم وحًرَيجْيَم ولا يمكن التعويض لاشتغال محلِّه بالياء المنقلبة عن الألف
وما جاء في البابين مُخَالفِاً لما شرحناه فيهما فخارجٌ عن القياس مثالُه في التكْسير جمعُهم مكاناً على أمْكُنٍ ورَهْطاً وكُرَاعاً على أرَاهِط وأكَارِع وباطلا وحديثاً على أباطيل وأحاديث ومثاله في التصغير تصغيرهم مَغْرِباً ِوعِشَاءَ على مُغْيِربَان وعُشَيَّان وإنْسَاناً ولَيْلَةَ على أُنَيْسِيَان ولُيَيْلِيَة ورَجُلاً على رُوَيْجِل وصِبْيَة وغِلْمة وبَنُون على أُصَيْبِيَة وأُغَيْلَمِة وأبَيْنُون وعَشِيَّة على عُشْيشِيَة

فصل
: وأعلم أنه يُسْتَثنى من قولنا ( يكسر ما بعد ياء التصغير فيما تجاوز الثلاثة ) أرْبعُ مَسَائل :
إحداها : ما قبل علامة التأنيث وهي نوعان : تاءٌ كشَجَرَة وألف كحُبْلَى

الثانية : ما قبل المَدَّة الزائدة قبل ألف التأنيث كحَمْرَاءَ
الثالثة : ما قبل ألف أفْعَال كأجْمَال وأفْرَاس
الرابعة : ما قبل ألف فَعْلاَن الذي لا يُجْمع على فعَاليِن كسَكْرَان وعُثْمَان
فهذه المسائل الأربع يجب فيها أن يبقى ما بعد ياءِ التصغير مفتوحاً أي : باقياً على ما كان عليه من الفتح قبل التصغير تقول : شُجًيْرَةٌ وحُبَيْلَى وحُمَيْراء وأُجَيْمَال وأُفَيْرَاس وسُكَيْرَان وعُثَيْمَان وتقول في سِرْحَان وسُلْطَان : سُرَيْحِين وسُلَيْطِين لأنهم جمعوهما على سَرَاحِين وسَلاَطِين
فصل
: وَيُسَتْثنى أيضاً من قولنا : " يُتَوَصَّلُ إلى مثال فُعَيْعِل وفُعَيْعِيِل بما يتوصل به من الحذف إلى مثال مَفَاعل ومَفَاعيل " ثماني مسائل جاءت في الظاهر على غير ذلك لكونها مختومة بشيء قُدِّر انفصالُه عن البِنْية التصغير واردا على ما قبل ذلك وذلك ما وقع بعد أربعة احرف : من ألف التانيث ممدودةً كقُرْفُصَاء أو تائه كحَنْظَلَة أو علامة نسب كعَبْقِريّ أو ألف ونون زائدتين كزَعْفَرَان وجُلْجُلاَن أو علامة تنبيه كمُسْلِمَيْنَ أو علامة جمع تصحيح للمذكَّر كجَعْفَرِين او للمؤنث كمُسْلمَات وكذلك عَجُز المضاف كامرىء القيس وعَجُز المركب كبَعْلَبَكَّ
فهذه كلها ثابتة في التصغير لتقديرها منفصلة وتقدير التصغير واقعاً على ما قبلها وأما في التكْسير فإنك تحذف فتقول : قَرَافِص وحَنَاظِل وعَبَاقِر وزَعَافِر وجَلاَجِل ولو ساغ تكْسيرُ البواقي لوجب الحذف

إلا أن المضاف يُكَسَّرُ بلا حذف كما في التصغير تقول أمَارِىء القيس كما توقل : أُمَيْرِىء القيس لأنهما كلمتان كل منهما ذات إعراب يَخُصُّها فكان ينبغي للناظم ان لا يستثنيه

فصل
: وتثبت ألف ألتانيث المقصورة إن كانت رابعة كحُبْلَى وتحذف إن كانت سادسة كلُغَّيْزى . أو سابعة كبَرْدَرَايا . وكذا الخامسة إن لم يتقدمها مَدَّة كقَرْقَرَى فإن تقدمها مَدَّةٌ حذفْتَ أيهما شئت كحُبَاَرَى وقُرَيْثَا تقول : حُبَيْرِى أو حُبَيِّر وقُرَيْثَا أو قُرَيّث
فصل
: وإن كان ثاني المصغر ليناً منقلباً عن لين رَدَدْتَه إلى أصله فترد ثاني نحو ( قيِمَةٍ ودِيمةٍ ومِيزان وبَاب " إلى الواو وَيُرَدُّ ثاني نحو ومُوسِر ونَاب ) إلى الياء بخلاف ثاني نحو " مُعَّتد " فإنه غير لين فيقال : مُتَيْعِد لا مُوَيِعْد خلافاً للزجاج والفارسي وبخلاف ثاني نحو " آدم " فإنه عن غير لين فتقلب واواً كالألف الزائدة من نحو ضَارِب والمجهولة الأصل كصابٍ وقالوا في عِيدٍ : عُيَيْد شذوذاً كراهيةً لالتباسه بتصغير عُود وهذا حكم ثابتٌ في التكسير الذي يتغير فيه الأول : كمَوَازين وأبْوَاب وأنْيَاب وأعْوَاد بخلاف نحو قِيِمٍ ودِيَمٍ
فصل
: وإذا صُغِّر ما حُذِف أحد أصوله وجب رَدُّ محذوفه إن كان قد بقي بعد الحذف على حرفين نحو كُلْ وخُذْ ومُذْ أعلاماً وسَهٍ ويَدٍ وحِرٍ تقول : أكَيْل وأُخَيْذ برَدِّ الفاء ومُنَيذ وسُتَيْهَة برَدِّ العين ويُدَيّه وحُرَيْج بردِّ اللام
وإذا سُمِّى بما وضع ثُنَائِياً فإن كان ثانيه صحيحاً نحو هَلْ وبَلْ لم يُزَد عليه شيء حتى يُصَغَّر فيجب أن يضعف أو يُزَاد عليه ياء فيقال : هُلَيْل أ وهُلَىَّ وإن كان معتلاً وجب التضعيف قبل التصغير فيقال في لَوْ وكَىْ ومَا أعلاماً : لَوٌّ وكَىّ - بالتشديد - وماء - بالمد - وذلك لأنك زِدْتَ على الألفِ ألفاً فالتقى ألفان فأبدلت الثانية همزة فإذا صغرت أعطيت حكم دَوّ وحَىٍّ ومَاء فتقول : لُوَىٌّ كما تقول : دُوَىُّ وأصلهما لُوَيْوٌ ودُوَيْوٌ وتقول : كُيَىٌّ - بثلاث ياءات - كما تقول : حُيَىٌّ وتقول : مُوَىٌّ كما تقول في تصغير الماء المشروب : مُوَيْه إلا أن هذا لامه هاء فَرُدَّ إليها
فصل
: وتصغير الترخيم أن تعمد إلى ذى الزيادة الصالحة للبقاء فتحذفها ثم توقع التصغير على أصوله وَمْن ثَمَّ لا يتأتَّى في نحو جَعْفَر وسَفَرْجَلٍ لتجرُّدهما ولا في نحو مُتَدَحْرِج ومُحْرَنْجم لامتناع بقاء الزيادة فيهما لإخلالها بالزِّنَة ولم يكن له إلا صيغتان وهما : كحميد في أحْمَدَ وحَامِد ومَحْمُود وحَمْدُون وحَمْدَان وفُعَيْعلٌ كقُرَيْطِس لا فُعْيَعْيِل لأنه ذو زيادة
فصل
: ولتحق تاءُ التأنيثِ تصغيَر ما لا يلبس من مؤنثٍ عارٍ منها ثلاثي

في الأصل وفي الحال نحو دَارٍ وسِنّ وعَيْنُ وأذُن أو الأصل دون الحال نحو يَدٍ وكذا إن عَرَضَتْ ثلاثيتُه بسبب التصغير كسَمَاء مُطلقاً وحَمْرَاء وحُبْلَى مُصَغَّرين تصغير الترخيم بخلاف نحو شَجَر وبَقَر فلا تلحقهما التاء فيمن أنَّثهما لئلا يلتبسا بالمفرد وبخلاف نحو خَمْس وسِتّ لئلا يلتبسا بالعدد المذكر وبخلاف نحو زينب وسُعَاد لتجاوُزهما للثلاثة وشذّ تَرْكُ التاءِ في تصغير حَرْب وعَرَب ودِرْع ونَعْل ونحوهِنَّ مع ثلاثيتهن وعدم اللبس واجتلابهُاَ في تصغير وَرَاء وأَمَام وقُدَّام مع زيادتهن على الثلاثة
فصل
: ولا يُصَغَّر من غير المتمكن إلا أربعة : أفْعَلُ في التعجب ) والمركب المزجى كبَعْلَبَكَّ وسِيَبَويْهِ في لَغة مَنْ بَنَاهُما وأما من أعربهما فلا إشكال وتصغيرها تصغير المتمكن نحو ما أحيسنة وبُعَيْلِبَكً وسَيبَويه واسم الإشارة وسمع ذلك منه أبضافي خمس كلمات وهي : ذا وتا وذان وتان وأُولاَءِ والأسم الموصول وسمع ذلك منه أيضاً في خمس كلمات وهي : الذى والتي وتثنيتهما وجمع الذى . ويوافقن تصغير المتمكن في ثلاثة أمور : اجتلاب الياء الساكنة والتزامِ كون ما قبلها مفتوحاً ولزوم تكميل ما نقص منها عن الثلاثة ويخالفنه في ثلاثة أيضاً : بقاء اولها على حركته الأصلية وزيادة ألفٍ في الآخر عوضاً من ضم الأول . وكذلك في غير المختوم بزيادةِ تثنيهُ أو جمع وأن الياء قد تقع ثانية وذلك في ذا وتا تقول : ذَيَّا وتَيَّا والأصل ذييا وتييا فحذفت الياء الأولى وذَيَّان وتَيَّان وتقول : أوليا - بالقصر في لُغة مَنْ قَصَرَ وبالمد في لُغة مَنْ مد - وتقول :

اللذَيَّا والَّلتَيَّا والَّلَّذيَّانِ والَّلتَيَّانِ والَّلذَيُّون وإذا أردت تصغير " اللاتي " صغرت ألتي فقلت : الّلتَيِاَّ ثم جمعت بالألف والتاء فقلت : اللتَيِان واستغنوا بذلك عن تصغير اللاتي واللائي على الأصَحِّ
ولا يُصُغَّر " ذى " اتفاقاً للإلباس ولا " تى " للإستغناء بتصغير تا خلافاً لابن مالك .

هذا باب النسب
إذا أردتَ النسب إلى شيء فلا بُدَّ لك من عملين في آخره أحدهما : أن تزيد عليه ياء مشددة تَصِيُر حرفَ إعْرَابِهِ والثاني : أن تكسره فتقول في النسب إلى دِمَشْقَ : دِمَشْقِىٌّ
ونحذف لهذه الياء أمور في الآخر وأمور متصلة بالاخر :
أما التي في الاخر فستة :
احدها : الياء المشددة الواقعة بعد ثلاثة أحْرُف فصاعداً سواء كانتا زائدتين أو كانت إحداهما زائدة والأخرى أصلية
فالأول نحو كُرْسي وشَافعى فتقول في النسب إليهما : كُرْسِىّ وشَافْعىّ فيَتَّحد لفظُ المنسوب ولفظ المنسوب إليه ولكن يختلف التقدير ولهذا كان بَخَاتِىّ - علماً لرجل - غيرَ منصرفٍ فإذا نسب إليه انصرف
والثاني : نحو مَرْمِىٍّ أصله مَرْمُوىٌ ثم قلبت الواو ياء والضمة

كسرة وأدغمت الياء في الياء فإذا نسبت إليه قلت : مَرْمِىّ وبعضُ العرب يحذف الأولى لزيادتهّا وَيُبْقِى الثانية لأصالتها ويقلبها ألفاً يقلب الألف واواً فيقول : مَرْمَوِىٌّ
وإن وقعت الياء المشددة بعد حرفين حذفت الأولى فقط وقلبت الثانية ألفاً ثم الألف واواً فتقول في أُمَيَّة : أُمَوِىّ
وإن وقعت بعد حرف لم تحذف واحدة منها بل تفتح الأولى وتردُّهَا إلى الواو إن كان أصلها الواو وتقلب الثانية واواً فتقول في طَىٍّ وحَىٍّ طَوَوِىٌّ وحَيَوِىّ
الثاني : تاء التأنيث تقول في مَكُّة : مَكّىٌّ وَقَوْلُ المتكلمين في ذَات : ذَاتِي : وَقَوْلُ العامة في الَخْلِيَفة : خَليِفَتى - لحنٌ وصوابُهما : ذَوَوِىٌّ وخَليِفى
الثالث : الألفِ إن كانت متجاوزة للأربعة او أربعة متحركا ثاني كلمتها فالأول يقع في ألف التأنيث كحبُاَرَى وألفِ الإلحاق كحَبَرْكى فإنه مُلْحَقٌ بسَفَرْجَل والألفِ المنقلبة عن أصل كمُصْطَفَى . والثاني لا يقع إلا في ألف التأنيث كجَمَزَى . وأما الساكن ثاني كلمتها فيجوز فيها القلبُ والحذفُ وَالأرْجَحُ في التي للتانيث كحُبْلَى الحذفُ وفي التي للإلحاق كعَلْقٍى والمنقلبةِ عن أصْلٍ كمَلْهُى القلبُ والقلبُ في نحو مَلْهىً خَيْرٌ منه في نحو عَلْقِى والحذفُ بالعكس

الرابع : ياء المنقوص المتجاوزة أربعة كمُعْتَدٍ ومُسْتَعْلٍ فأما الرابعة كقَاضٍ فكألف المقصور الرابعة في نحو مَسْعىً ومَلْهىً ولكن الحذفُ أرْجَحُ
وليس في الثالث من ألفِ المقصور كفَتًى وعَصًى وياء المنقوص كعَم وشَجٍ إلا القلبُ واواً وحيث قلبنا الياءَ واواً فلا بُدَّ من تقدم فتح ما قبلها
ويجب قلبُ الكَسرة فتحة في فَعِلٍ كنَمِرٍ وفُعِلٍ كدُئْلٍ وفِعِلٍ كإِبِلٍ
الخامس والسادس : علامة التثنية وعلامة جمع تصحيح المذكَّر فتقول في زَيْدَان وزَيْدُون علمين معربين بالحروف : زَيْدِىّ فأما قبل التسمية فإنما يُنْسَب إلى مفردها وَمَنْ أَجْرَى زيدان عَلماً مجرى سَلْمَان وقال : -
( أَلاَ يَا دِيَارَ اَلْحَىِّ بِالسَّبُعاَنِ ... )

قال : زَيْدَانِىٌّ ومن اجرى زَيْدُون عَلَماً مجرى غِسْلِينٍ قال : زَيْدِيِنىُّ ومن أجراه مجرى هرُون ومجرى عَرْبُون او ألزمه الواوَ وفتحَ النون قال : زَيْدُونِىٌّ فنحو تَمَرَات إن كان باقياً على جمعيته فالنسب إلى مفرده فيقال : تمَرْىٌّ بالإسكان وإن كان علماً فمن حكى إعرابه نَسَب إليه على لفظه وَمَنْ مَنَعَ صرفه نَزَّل تاءه منزلة تاء مكة وألفَهُ منزلة ألف جَمَزَى فحذفهما وقال : تَمَرِىٌّ بالفتح . واما نحو ضَخْمَات ففي ألفه : القلبُ والحذفُ لأنها كألِفِ حُبْلَى وليس في ألف نحو مُسْلِمَات وسُرَادِقَات إلا الحذفُ
واما الأمور المتصلة بالاخر فستة أيضاً :
أحدها : الياء المكْسُورة المدغمة فيها ياء أخرى فيقال في طَيِّب وهَيِّن : طَيِبْىِ وهَيْنِىّ بحذف الياء الثانية بخلاف نحو هَبَيَّخ لانفتاح الياء وبخلاف نحو مُهَيِّيم لانفصال الياء المكْسورة من الاخر بالياء الساكنة

وكان القياسُ ان يقال في طَيِّىء : طيئى ولكنهم بعد الحذف قلبوا الياء الباقية ألفاً على غير قياس فقالوا : طائِىٌّ
الثاني : ياء فَعِيلَة كحَنِيفة وصَحِيفَة تَحْذف منه تاء التأنيث أولاً ثُمَّ تحذف الياء ثم تقلب الكسرة فتحةً فتقول : حَنَفِىٌّ وصَحَفِىٌّ . وَشَذّ قولهم في السَّليقة : سَليِقى وفي عَمِيرة كلبٍ : عَمِيرىّ
ولا يجوز حذف الياء في نحو طَوِيلة لأن العين معتلة فكان يلزم قلبها ألفاً لتحركها وتحرك بعدها وانفتاح ما قبلها فيكْثر التغيير ولا في نحو جَليِلَة لأن العين مضعفة فيلتقى بعد الحذف مِثْلاَنِ فيثقل
الثالث : ياء فُعَيْلَة كجُهْيَنة وقُرَيِظَة تحذف تاء التانيث اولا ثم تحذف الياء فتقول : جُهَنىُّ وقُرَظِىُ وَشَذّ قولهم في رُدَينْة : رُدَيْنِى ولا يجوز ذلك في نحو قَليْلَة لأن العين مضعفة
الرابع : واو فَعُولة كشَنُوءة ثم تحذف تاء التأنيث ثم تحذف الواو ثم تقلب الضمة فتحة فتقول : شَنَئِى ولا يجوز ذلك في قَؤُوله لاعتلال العين ولا في نحو مَلُولة لأجل التضعيف
الخامس : ياء فَعِيل المعتلِّ اللام نحو غَنِىّ وعَلِىّ تحذف الياء الأولى ثم تقلب الكَسرة فتحة ثم تقلب الياء الثانية ألفاً ثم تقلب الألف واواً فتقول : غَنَوِىٌّ وعَلَوِىٌّ

السادس : ياء فُعَيْل المعتل اللام نحو قُصَىّ تحذف الياء الأولى ثم تقلب الياء الثانية ألفاً ثم تقلب الألف واواً فتقول : قُصَوِىّ
وهذان النوعان مفهومان مما تقدم ولكنهما إنما ذُكِرَا هناك استطراداً وهذا موضعهما
فإن كان فَعِيل وفُعَيْل صحيحي اللام لم يحذف منهما شيء وَشَذّ قولهم في ثقيفٍ وقُرَيْش : ثَقَفِى وقُرَشِىٌّ

فصل
: حُكْمُ همزة الممدود في النسب كحكمها في التثنية فإن كانت للتأنيث قلبت واواً كصَحْرَاوِىّ أو أصلا سَلِمِتْ نحو قُرَّائى أو للإلحاق او بدلا من أصل فالوجهان . فتقول : كِسَائى وَكِسَاوِىّ وَعِلْباوِىّ وَعْلبَائى
فصل
: يُنْسَب إلى صَدْر المركب إن كان التركيبُ إسناداً كتَأَبِطّى وبَرَقِىّ في تَأَبَّطّ شراً وَبَرَق نَحْرُهُ أو مَزْجِيَّاً كبَعْلِىَّ ومَعْدِىّ أو مَعْدَوِىٍّ في بَعْلَبَكَّ ومَعْدِ يكَرِب أو إضافيَّاً كامرِئِى [ أ ] ومَرَئِىَّ في أمْرِىء القيس إلا إن كان كُنْيَة كأبي بكر وام كلثوم أو معرفاً صَدْرُهُ بعجزه - كأبْنِ عُمَر وابن الزُّبَيْر - فإنك تَنْسُب إلى عَجُزِهِ فتقول :

بَكْرِىٌّ وكُلْثُومى وعُمَرِى وربما أُلْحِق بهما ما خيف فيه لَبْسٌ كقولهم في عَبْد الأشهل : أشْهَلِى و [ في ] عبد مناف : مَنَافّىِ

فصل
: وإذا نَسَبْتَ إلى ما حُذِفَتْ لامه رَدَدْتَهَا وُجُوباً في مسألتين :
إحداهما : أن تكون العين معتلّةّ كشاَهٍ أصْلُها شَوْهَة بدليل قولهم شِيَاه فتقول : شَاهِىُّ وأبو الحسن يقول : شَوْهِى لأنه يردُّ الكلمة بعد رَدِّ محذوفها إلى سكونها الأصلي
الثانية : أن تكون اللام قد رُدَّتْ في تثنية كأبٍ وأبَوَان او في جمع تصحيح كسَنَةٍ وسَنَوَات او سَنَهَات فتقول : أبَوِى وسَنَوِى او سَنَهِى وتقول في ذُو وذَاتِ : ذَوَوِىٌّ لأمرين : اعتلالِ العين وَرَدِّ اللام في تثنية ذات نحو ( ذَوَاتَا أفنان ) في أخت أَخَوِى كما تقول في أخت وتقول في بِنْت بَنَوِى كما تقول في ابن : إذا رددت محذوفه لقولهم : أَخَوَات وبَنَات بحذف التاء والردِّ في صيغة المذكَّر الأصلية وَسِرُّه أن الصيغة كلها للتانيث فوجب ردها إلى صيغة المذكَّر كما وجب حذف التاء في مَكى وبَصْرى ومُسْلمات . ويونس يقول فيهما : أخْتىٌّ وَبِنْتىُّ محتجاً بأن التاء لغير التانيث لأن [ ما ] قبلها ساكن صحيح ولأنها لا تبدل

في الوقف هاءً وذلك مُسَلّم ولكنهم عامَلوا صيغتها معاملة تاءِ التأنيث بدليل مسألة الجمع
ويجوز ردُّ اللام وتركُها فيما عدا ذلك نحو يَدٍ ودَمٍ وشَفَةٍ تقول : يَدَوِىّ أو يَدِىّ ودَمَوِى أو دَمِىّ وشَفِىّ أو وشَفَهِىّ قاله الجوهري وغيره وقولُ ابن الخباز " أنه لم يسمع إلا شفهى بالرد " لا يَدْفَع ما قلناه إن سلمناه فإن المسألة قياسية لا سماعية ومن قال " إن لامها واو " فإنه يقول إذا رَدَّ : شفوى والصوابُ ما قَدَّمناه بدليل شَاَفهْتُ وَالشِّفَاهَ
وتقول في ابن واسم : أبْنِىّ وأسمى فإن رددت اللام قلت : بَنَوِى وَسَموِى بإسقاط الهمزة لئلا يُجْمع بين العِوَض والمعَوَّض منه
وإذا نَسَبْتَ إلى ما حُذِفت فاؤُهُ أو عينه رَدَدْتَهُما وُجُوباً في مسألة واحدة وهي : أن تكُون اللام معتّلةً كَيَرى علماً وكشِيَةٍ فتقول في يَرى : يَرئىِ بفتحتين فكَسرة على قول سيبويه في إبقاءِ الحركة بعد الرد وذلك لأنه يصير يَرَأَى بوزن جَمَزَى فيجب حينئِذٍ حذف الألف وقياسُ أبى الحسن يَرْئِى أو يَرْأَوِى كما تقول : مَلْهِىٌّ ومَلهْوَىُّ وتقول في شِيَة على قول سيبويه : وِشَوِى . وذلك لأنك لما رددت الواو صار الوِشِى بكَسرتين كإِبِلِ فقُلبِت الثانية فتحةً كما تفعل في إبِلٍ فانقلبت الياء ألفاً ثم الألف واواً وعلى قول أبي الحسن : وِشْيِىٌّ
ويمتنع الرد في غيرذلك فتقول في سَهٍ وَعَدِةٍ وأصْلُهما سَتَةٌ ووَعْد بدليل أسْتَاه والوَعْد : سِهِىّ لا سَتَهِىّ وعِدِىٌّ لا وَعْدِى لأن لامهما صحيحة
وإذا سميت بثُنَائى الوَضْع معتلِّ الثاني ضَعَّفْتَه قبل النسب فتقول

فى لَوْ وكَىْ علمين : لَوّ وكَىّ بالتشديد فيهما وتقول في " لا " علما : لآء بالمد فإذا نسبت إليهن قلت لَوِّىٌّ وكَيَوِىٌّ ولائى أو لاَوِى كما تقول في النسب إلى الدَّوِّ والَحىَّ والكساءِ : دَوِّىٌّ وحَيَوِىٌّ وكِسَاَىُّ أو كِسَاوِىٌّ

فصل
: ويُنْسب إلى الكلمة الدالة على جماعة على لفظها إن أشْبَهَتْ الواحِدَ بكونها اسمَ جمعٍ كقَوْمِىّ ورَهْطِىّ أو اسمَ جنس ٍكشَجَرِىّ أو جمعَ تكسير لا واحد له كأبَابِيلِىّ أو جارياً مجرى العلم كأنْصَارِى وأما نحو كِلاَب وأنْمَار عَلَمين فليس مما نحن فيه لأنه واحد فالنسبُ إليه على لفظه من غير شُبْهه
وفي غير ذلك يُرَدُّ المكَسَّر إلى مفرده ثم ينسب إليه فتقول في النسب إلى فرائض وقبائل وحمُرْ : فَرَضِىٌ وقَبَلِىُّ بفتح أولهما وثانيهما وأحْمَرِى وحَمْرَاوِى
فصل
: وقد يستغنى عن ياءى النسب بصَوِغ المنسوب إليه على فَعَّال وذلك غالبٌ في اِلحْرَف كبَزَّار ونَجَّار وعَوَّاج وعَطَّار وشذ قوله : -
( وَليْسَ بِذِى سَيْفٍ وَلَيْسَ بِنَبَّالِ ... )

أى : بذِىِ نَبْلٍ وحملَ عليه قومٌ ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمِ لْلِعبِيد )

او على فَاعِلِ او على فَعِلٍ بمعنى ذى كذا فالأول كتَامِرٍ ولاَبِن وطَاعِم وكَاسِ والثاني كطَعِمٍ ولَبِنٍ ونَهِرٍ قال : -
( لَسْتُ بِلَيِلىُّ وَلَكِنِّى نَهِرْ ... )

فصل
: وما خرج عما قَرَّرْنَاه في هذا الباب فَشَاذٌّ كقولهم : أَمَوِىٌّ بالفتح وبِصْرِىٌّ بالكسر ودُهْرِىّ للشيخ الكبير بالضم ومَرْوَزِىّ بزيادة الزاى وبَدَوِىّ بحذف الألف وجَلُولِىّ وحَرُورِىٌّ بحذف الألف والهمزة .

هذا باب الوقف
إذا وَقَفْتَ على مُنَوَّنٍ فأرْجَحُ اللغات وأكْثَرُها ان يُحْذَف تنوينُهُ بعد الضمة والكسرة ك " زَيْدْ " و " مَرَرْتُ بزيدْ " وأن يُبْدَل ألفاً بعد الفتحة : إعرابيه كانت ك " رأيتُ زَيْدًا " أو بنائيه ك " إيها " و " وَيْهَا " وَشَبَّهُوا " إذَنْ " بالمُنَوَّنِ المنصوب فابدلوا نونها في الوقف ألفاً هذا قول الجمهور بعضهم أن الوقف عليها بالنون واختارهُ ابنُ عصفورٍ وإجاع القُرَّاءِ السبعة على خلافه
وإذا وُقِفَ على هاءٍ الضمير فإن كانت مفتوحةً ثبتت صِلَتُهَا وهي الألف ك " " و " مَرَرْتُ بِهَا " وإن كانت مضمومة او مكسورة حذفت صِلتها وهي الواو والياء ك " رَأَيْتُهْ " و " مَرَرْتُ بِهْ " إلا في الضرورة فيجوز إثباتها كقوله : -
( وَمَهْمَةٍ مُغْبَرَّةٍ أَرْجَاؤُهُ ... كَأنَ لَوْنَ أَرْضِه سَمَاؤُهُ )

وقوله : -
( تَجَاوَزْتُ هِنْداً عَنْ قِتَالِه ... إلَى مَلِكٍ أَعْشُو إلىَ ضَوْء نَارِهِ )

وإذا وُقِف على المنقوص وجب إثبات يائه في ثلاث مسائل :
إحداها : أن يكون محذوفَ الفاء كما إذا سَمَّيْتَ بمضارع وَفَى أو وَعَى فإنك تقول " هذَا يَفِى " و " هذَا يَعِى " بالإثبات لأن أصلهما يَوْفي ويَوْعِى فحذفت فاؤهما فلو حذفت لاكخكت لكان إجحافاً
الثانية : أن يكون محذوف العين نحو مرٍُ اسمَ فَاعِلٍ من أرَى وأصله مُرْئِيٌ بوزن مُرْعِى فنُقِلت حركة عينه - وهي الهمزة - إلى الراء ثم أسقطت ولم يجز حذف الياء في الوقف لما ذكرنا
الثالثة : أن يكون منصوباً : مُنَوَّناً كان نحو ( رَبَّناَ إنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً ) أو غير مُنَوَّن نحو ( كَلاَّ إذَا بَلَغَتِ التَّرَاقَىِ )
فإن كان مرفوعاً أومجروراً جاز إثبات يائه وحذفها ولكن الأرْجَحُ في المنَوَّن الحذف نحو " هذَا قَاضْ " و " مَرَرْتُ بِقَاضْ " وقرأ ابن كثير

( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادِى ) ( وَمَا لَهُمْ مِنْ دُوِنِه مِنْ وَالِى ) وَالأْرجَحُ في غير المَنوَّن الإثباتُ ك " القَاضِى " و " مَرَرْتُ بِالقَاضِى "

فصل
: ولك في الوقف على المحرَّك الذي ليس هاء التأنيث خمسةُ أوْجُهٍ :
أحدها : أن تقف بالسكون وهو الأصل ويتعين ذلك في الوقف على تاء التأنيث
والثاني : أن تقف بالرَّوْمِ وهو : إخفاء الصوت بالحركة ويجوز في الحركات كلها خلافاً للفَرَّاء في مَنْعِهِ إياه في الفتحة وأكْثَرُ القراء على إختيار قوله
والثالث : أن تقف بالإشمام ويختصُّ بالمضموم وحقيقته : الإشارة بالشفتين إلى الحركة بُعَيْدَ الإسكان من غير تصويت فإنما يدركه البصير دون الأعمى
والرابع : أن تقف بتضعيف الحرف الموقوف عليه نحو " هذَا خَالدّ " و " هُوَ يَجْعَلّْ " وهو لُغة سَعْدِية وَشَرْطه خمسة أمور وهي : أن لا يكون الموقوف عليه همزه كخَطَأ ورَشَأ ولاياءً كالقَاضِى ولا واواً كيَدْعُو ولا ألفاً كيَخْشَى ولا تالياً لسكُون كزَيْد وعَمْرو
والخامس : أن تقف بنقل حركة الحرف إلى ما قبله كقراءة بعضهم : ( وَتَوَاصوْا بِالصَّبِرْ ) وقوله :

لترك ما قبله ولا في نحو " إنسان " و " يَشُدَّ " و " يقول " و " يَبِيع " لأن الألف والمدغم لا يقبلان الحركة والواو المضموم ما قبلها والياء المكسور ما قبلها تُسْتَثَقْل الحركة عليهما ولا في نحو " سَمِعْتُ العِلْمَ " لأن الحركة فتحة وأجاز ذلك الكوفيون والأخفش ولا في نحو " هَذَا عِلْمٌ " لأنه ليس في العربية فِعُل - بكسر أوله وضم ثانيه
ويختصُّ الشرطان الأخيران يغير المهموز فيجوز النقل في نحو ( للهِ الذِى يخُرِجُ اَلْخبْء ) وإن كانت الحركة فتحة وفي نحو " هذا رِدْءٌ " وإن أدَّى النقلُ إلى صيغة فِعُلٍ ومَنْ لم يُثبت في أوزان الاسم فُعِل - بضمة فكسرة - وزَعَم أن الدُّئِل منقولٌ عن الفعل لم يُجِزْ في نحو " بِقُفْلٍ " النَّقْلَ ويجيزه في نحو " ببِطْء " لأنه مهموز
فصل
: وإذا وقف على تاء التأنيث التزمت التاء إن كانت متصة بحرف كثُمَّتَ أو فعل كقَامَتْ او باسم وقبلها ساكن صحيح كأخْتٍ وَبِنْتٍ
وجاز إبقاؤا وإبدالها إن كان قبلها حركة نحو تَمْرَة وَشَجَرة أو ساكن معتل نحو صَلاَة ومُسْلمِات . لكن الأرجح في جمع التصحيح كمُسْلِمَات وفيما أشبهه وهو اسم الجمع وما سمى به من الجمع تحقيقاً أو تقديراً فالأول أولاَتُ والثاني كعَرَفَات وَأَذرِعَات والثالث كهَيْهَات فإنها في التقدير جمع هَيْهية ثم سمى بها الفعلُ - الوقفُ بالتاء ومن الوقف بالإبدال قولهم : " كيفَ الإخْوَةُ وَاْلأخوَاةْ " وقولهم : " دَفْنُ البَنَاهْ مِنَ الَمكْرُمَاه " وقرأ الكسائى والبزى " هَيْهاهْ " والأرجح في غيرهما الوقفُ بالإبدال

ومن الوقف بتركه قراءةُ نافع وابن عامر وحمزة : ( إنَّ شَجَرَتْ ) وقال الشاعر : -
( واللهُ أَبْحَاكَ بِكَفَّىْ مَسْلَمَتْ ... مِنْ بَعْدِمَا وَبَعدِمَا وَبَعْدِمَتْ )

( كانَتْ نُفُوسُ القَوْمِ عِنْدَ الغَلْصَمَتْ ... وَكَاَدَتِ الْحُرَّةُ أَنْ تُدْعَى أَمَتْ )

فصل
: ومن خصائص الوقف اجتلاب هاء السكت ولها ثلاثة مواضع :
أحدها : الفعلُ المعلُّ بحذف أخره سواء كان الحذف للجزم نحو : " لَمْ يَغْزُهْ " و " لَمْ يَخْشَهْ " و " لَمْ يَرْمِهْ " ومنه : ( لَمْ يَتَسَنَّهْ ) أو لأجل البناء نحو : " اغْزُهْ " و " اخْشَهْ و " ارْمِهْ " ومنه : ( فَبِهُدَاهُم اقْتَدِهْ ) والهاء في ذلك كله جائزة لا واجبة إلا في مسألة واحدة وهي ان يكُون الفعلُ قد بقى على حرف واحد كالأمر من وَعَى يَعِى فإنك تقول " عِهْ " : قال الناظم : " وكذا إذا بقى على حرفين أحدهما زائد نحو يَعِهْ " اه . وهذا مردود بإجماع المسلمين على وجوب الوقف على نحو : ( وَلَمْ أَكُ ) ( وَمَنْ تَقِ ) بترك الهاء
الثاني : " ما " الاستفهامية المجرورة وذلك أنه يجب حذف ألفها إذا جُرَّت نحو : عَمَّ وَفِيمَ ومجَِىء جِئْتَ فَرقاً بينهما وبين " ما " الخبرية في مثل " سألْتُ عَمَّا سألتَ عنه " فإذا وَقَفْتَ عليها أَلْحَقتها الهاء حفظاً للفتحة

الدلة على الألف وَوَجَبت إن كان الخافضُ اسماً كقولك في " مجىء مَ جئت " و " اقِتضِاءَ ما اقتضى " : مَجىء مَهْ وَاقْتِضَاء مَهْ وترجَّحَت إن كان حرفاً نحو ( عَمَّ يَتَسَاءلُونَ ) وبها قرأ البزى
الثالث : كلُّ مبنى على حركة بناء دائماً ولم يُشْبه المعرب وذلك كياء المتكلم وكهِىَ وَهُوَ فيمن فتحهن وفي التنزيل : ( ما هِيَهْ ) و ( مالِيَهْ ) و ( سُلْطَانِيَهْ ) وقال الشاعر : -
( فَمَا إنْ يُقَالُ لَهُ مَنْ هُوَهْ ... )

ولا تدخل في نحو " جاءَ زَيْدٌ " لأنه مُعْرب ولا في نحو " اضْرِبْ " و " لم يضرب " لأنه ساكن ولا في نحو " لا رَجُلَ " و " يا زيدُ " و " مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ " لأن بناءهن عارِضٌ وشذ قوله : -
( أَرْمَضُ مِنْ تَحْتُ وأَضْحَى مِنْ عَلُهْ ... )

فَلَحِقَت ما بُنِىَ عارضاً فإنَّ " عَلُ " من باب " قبل وبعد " قاله الفارسى والناظم وفيه بحث مذكور في باب الإضافة ولا في الفعل الماضى ك " " و " قعد " لمشابهته للمضارع في وقوعه صفة وصلة وخبراً وحالاً وشرطاً
مسألة قد يُعْطَى الوصلُ حُكْمَ الوقف وذلك قليل في الكلام كثير في الشعر فمن الأول قراءة غير حمزة والكسائى : ( لَمْ يَتَسَنَّهْ وَاْنظُرْ ) ( فَبِهُدَاُهمُ اقْتَدِهْ قُلْ ) بإثبات السكت في الدَّرْجِ ومن الثاني قوله :

( مِثْلُ اَلحْرِيقِ وَافَقَ القَصَبَّا ... )

أصله القَصَبَ - بتخفيف الباء - فَقَدَّرَ الوقفَ عليها فشدَّدَهَا على حد قولهم في الوقف " هذَا خَالِدّ " بالتشديد ثم أتى بحرف الإطلاق وهو الألف وبقى تضعيف الباء .

هذا باب الإمالة
وهي : ان تَذْهَبَ بالفتحة إلى جهة الكسرة فإن كان بعدها ألف ذَهَبْتَ إلى جهة الياء كالفَتَى وإلا فالممُاَل الفتحةُ وحدها كنِعْمَة وبِسَحَرٍ
وللإمالة أسبابٌ تقتضيها وموانع تُعَارض تلك الأسباب وموانع لهذه الموانع تحُول بينها وبين المنع
اما الأسباب فثمانية :
احدها : كونُ الألف مبدلة من ياء متطرفة مثالُه في الأسماء الفتى والهدى ومثاله في الأفعال هَدَى واشْتَرَى ولا يُمَال نحو ناب مع أن ألفه عن ياء بدليل قولهم أنياب لعدم التطرف وإنما أميل نحو فَتَاة ونَوَاة لأن تاء التأنيث في تقدير الانفصال
الثاني : كونُ الياء تَخْلُفها في بعضِ التصاريف كألف مَلْهَى وأرْطَى وحُبْلَى وغَزَا فهذه وشبهها تُمَالُ لقولهم في التثنية : مَلْيَهَانِ وأرْطَيَان وحُبْلَيَان وفي الجمع حُبْلَيَات وفي البناء للمفعول : غُزِىَ وعلى هذا فيشكل قولُ الناظم : إن إمالة ألف ( تلا ) فى ( وَاْلقَمَرِ إذَا تَلاَها ) لمناسبة إمالة ألف ( جَلاَّهَا ) وقولهُ وقولُ ابْنِهِ : إن إمالة ألف ( سَجَا ) لمناسبة

إمالة ( قَلَى ) بل إمالتهما لقولك : قُلِىَ وسُجِىَ
ويستثنى من ذلك ما رُجُوعُه إلى الياء مختص بلغة شاذة أو بسبب ممازجة الأف لحرف زائد فالأول كرجوع ألف " عَصاً " و " قَفاً " إلى الياء في قول هُذَيل إذا أضافوهما إلى ياء المتكلم : عَصَىَّ وَقَفىّ والثاني كرجوعها إليها إذا صُغِّرَا فقيل : عُصَيَّة وقُفَىُّ أو جُمِعَا على فُعُول فقيل : عِصِىَّ وقِفِىَّ
الثالث : كون الألف مبدلة من عين فعل يؤول عند إسناده إلى التاء إلى قولك فِلْتُ - بكسر الفاء - سواء كانت تلك الألف منقلبة عن ياء نحو باع وكال وهاب أم عن واو مكسورة كخاف وكَاد ومَات في لُغة من قال مِتُّ بالكسر بخلاف نحو قَالَ وطَالَ ومَاتَ في لغة الضم
الرابع : وقوع الألف قبل الياء كبايعته وسايرته وقد أهمله الناظم والأكثرون
الخامس : وقوعها بعد الياء متصلة كبَيَان او منفصلة بحرف كشَيْبَان وجادت يداه أو بحرفين أحدهما الهاء نحو دخلت بيتها
السادس : وقوع الألف قبل الكسرة نحو عَالِم وكَاتِب
السابع : وقوعها بعدها منفصلة : إما بحرف نحو كتاب وسلاح او بحرفين احدهما هاء نو يريد أن يضربها اوساكن نحو شِمْلاَل وسِرْدَاح أو بهذين وبالهاء نحو دِرْهَمَاك
الثامن : إرادة التناسب وذلك إذا وقعت الألف بعد ألف في كلمتها أو في كلمة قارنتها قد أمليتا لسبب فالأول كرأيت عماداً وقرأت كتاباً

وَشَرْطُ الإمالة التي يُكُفُّهَا المانع : أن لا يكون سببها كسرةً مقدرة ولا ياء مقدرة فإن السبب المقدر هنا لكونه موجوداً في نفس الألف أقوى من الظاهر لأنه إما متقدم عليها أو متاخر عنها فمن ثَمَّ أميل نحو خاف وطاب وحاق وزاغ
مسألة : يُؤَثِّر مانع الإمالة إن كان منفصلا ولا يؤثر سببها إلا متصلا فلا يُمَال نحو ( أتىَ قَاسِمٌ ) لوجود القاف ولا " لزيد مال " لانفصال السبب
هذا ملخص كلام الناظم وابنه وعليهما اعتراض من وجهين :
أحدهما : أنها مَثَّلاَ ب ( اُتى قاسم ) مع اعترافهما بأن الياء المقدرة لا يؤثر فيها المانع والاستعلاء في هذا النوع لو اتصل لم يؤثر والمثال الجيد " كتاب قاسم "
والثاني : ان نصوص النحويين مخالفة لما ذكرا من الحكمين
قال ابن عصفور في مُقَرِّبه - بعد أن ذكر أسباب الإمالة - ما نصه :
وسواء كانت الكسرة متصلة أم منفصلة نحو " لزيد مال " إلا أن إمالة المتصلة كائنة ما كانت أقوى . وقال أيضاً : وإذا كان حرفُ الاستعلاء منفصلا عن الكلمة لم يمنع الإمالة إلا فيما أميل لكسرة عارضة نحو ( بمال قاسم ) أو فيما أميل منه من الألفات التي هى صِلاَتُ الضمائِرِ نحو " أراد أن يعرفها قبل " أنتهى ولولا ما في شرح الكافية لَحَمْلتُ قوله في النظم :
( وَالكَفُّ قَدْ يُوجِبُهُ مَا يَنْفَصِلْ ... )
على هاتين الصورتين لإشعار " قد يفعل " في عرف المصنفين بالتقليل

واما مانع المانع فهو الراء المكسورة المجاورة فإنها تمنع المستعلى والراء ان يمنعا ولهذا أميل ( وَعَلىَ أَبْصَارِهِمْ ) و ( إذْ هُمَا فِي الغَارِ ) مع وجود الصاد والغين و ( إنَّ كِتَابَ الأَبْرَاِر ) مع موجود الراء المفتوحة و ( دَارُ القرار ) مع وجودهما وبعضُهم يجعل المنفصلة بحرف كالمتصلة سمع سيبويه الإمالة في قوله : -
( عَسَى اللهُ يُغْنَى عَنْ بِلاَدِ ابْنِ قَادِرٍ ... )

فصل
: تُمَال الفتحة قبل حرفٍ مِنْ ثلاثة :
أحدها : الألف وقد مضت وَشَرْطُها أن لا تكون في حرف ولا في اسم يُشْبهه فلا تُمَال " إلاّ " لأجل الكسرة ولا نحو " عَلى " للرجوع إلى الياء في نحو " عَلَيْكَ " و " عَلَيْه " ولا " إِلَى " لاجتماع الأمرين فيها ويستثنى من ذلك " ها " و " نا " خاصة فإنهم طردوا الإمالة فيهما فقالوا " مربنا وبها " و " نظر إلينا وإليها " وأما إمالتهم " أَنَّى " و " مَتَى " و " بَلَى " و " لا " في قولهم " افْعَلْ هذا إمَّا لا " فَشَاذٌّ من وجهين : عدم التمكن وانتفاء السبب
والثاني : الراء بشرط كونها مكسورة وكون الفتحة في غير ياء وكونهما متصلتين نحو " من الكبر " أو منفصلتين بساكن غير ياء نحو " من عمرو " بخلاف نحو " أعوذ بالله من الغِيَرِ ومن قبح السير ومن غَيْرِك " واشتراط الناظم تَطَرُّفَ الراء مردودٌ بنص سيبويه على امالتهم فتحة الطاء من قولك " رَأَيْتُ خَبَطَ رِيَاحٍ "
والثالث : هاء التانيث وإنما يكون هذا في الوقف خاصة كرَحْمَة ونِعْمَة لأنهم شبهوا هاء التأنيث بألفه لاتفاقها : في المخرج والمعنى والزيادة

والتطرف والاختصاص بالأسماءِ وعن الكسائي إمالة هاءِ السكت أيضاً نحو ( كِتَابِيَهْ ) والصحيحُ المنعُ خلافاً لثعلب وابن الأنبارى .

هذا باب التصريف
وهو : تغييٌر في بِنْيَة الكلمة لغرض معنوى أو لفظى فالأول كتغيير المفرد إلى التثنية والجمع وتغيير المصدر إلى الفعل والوصف
والثاني كتغيير قَوْلٍ وغَزْوٍ إلى قَالَ وغَزَا ولهذين التغييرين أحكامٌ كالصحة والإعلال وتسمى تلك الأحكام عِلْمَ التصريف ولا يدخل التصريفُ في الحروف ولا فيما أَشْبَهَهَا وهي الأسماء المُتَوَغِّلَةُ في البناء والأفعالُ الجامدة فلذلك لا يدخل فيما كان على حرف أو حرفين إذ لا يكُون كذلك إلا الحرف كباء الجر ولامه وَقَدْ وَبَلْ وما أشبه الحرف كتاء قمت و " نا " من " قمنا " وأما ما وُضِعَ عَلَى أكثر من حرفين ثم حُذف بعضُه فيدخله التصريف نحو يدٍ ودَمٍ في الأسماء ونحو " قِ زيداً " و " قُمْ " و " بِغْ " في الأفعال
فصل
: ينقسم الاسم إلى مُجَرَّدٍ من الزوائد وأقَلَّه الثلاثىُّ كرجل وغايته النحماسىُّ كسَفَرْجَل وما بينهما الرباعىُّ كجَعْفَرٍ وإلى مَزِيدٍ فيه وغايته سبعة كاسْتِخَراجٍ وأمثلتُه كثيرةٌ في قول سيبويه لا تليق بهذا الختصر
وأبنية الثلاثى أَحَدَ عَشَرَ والقسمة تقتضى اثنى عشر لأن الأول واجبُ الحركة والحركاتُ ثلاثٌ والثاني يكُون محركاً وساكناً فإذا ضربت ثلاثة أحوال الأول في أربعة أحوال الثاني خرج من ذلك اثنا عشر

وأمثلتها : فَلْسٌ فَرَسٌ كَتِفٌ عَضُدٌ حِبْرُ عِنَتٌ إبِلٌ قُفْلٌ صُرَدٌ دُئِلٌ عنقٌ والمهمل منها فِعُلٌ
وأما قراءة أبى السمال : ( والسماء ذَاتِ اِلْحُبكِ ) بكَسر الحاء وضم الباء فقيل : لم تثبت وقيل : أتبع الحاء للتاء من ذات والأصلُ ( حُبُك ) بضمتين وقيل : على التداخل في حرفى الكلمة إذ يقال : حُبُكٌ - بضمتين - وَحِبِكٌ - بكَسرتين
وزعم قومٌ إهمال فُعِلٍ أيضاً واجابوا على دُئِلٍ ورئمٍ بأنهما منقولان من الفعل واحتج المثبتون بوُعِل لغة في الوَعِل وإنما أُهمل أو قلَّ لقصدهم تخصيصه بفعل المفعول
والرباعىُّ المجردُ مفتوح الأول والثالث كجَعْفَرْ ومكْسورهما كزِبْرِج ومضمومهما كدُمْلُج ومكسور الأول مفتوح الثاني كفِطَحْلِ ومكسور الأول مفتوحُ الثالث كدِرْهَم
وزاد الاخفشُ والكُوفيون مضمومَ الأول مفتوح الثالث كجُخْدَب والمختار أنه فرع من مضموهما ولم يُسْمَع في شيء إلا وسمع فيه الضم كجُخْدَبٍ وَطُحْلَبٍ وَجُرْشَعٍ ولم يسمع في بُرُّثُنٍ وَبُرْجُد وَعُرْفُط إلا الضمُّ
وللخماسى المجرد أربعة أمثلتها : سَفَرْجَل جَحْمَرِشٌ قِرْطَعْبٌ قُذَ عْمِلٌ
فجملة الأوزان المتفق عليها عشرون وما خرجَ عما ذكرناه من الأسماء الوضع فهو مُفَرَّعٌ عنها إما بزيادة كمُنْطلَق وَمُحرْنِجِم أو ينقص أصل

كيدٍ وَدَمٍ أو بنقص حرف زائد ك " " أصله عُلاَبِطٌ بدليل أنهم نطقوا به وأنهم لا يوالون بين أربع محركات او بتغيير شكل كتغيير مضموم الأول والثالث : بفتح ثالثه في نحو جُخْدَب وبكَسر أوله في نحو خِرْفُع وكتغيير مكسورهما بضم ثالثة في زئْبُر وأما سَرَخْسُ وَبَلخْسُ فأعجميان
فصل
: وينقسم الفعل إلى مُجَرَّد وأقله ثلاثة كضَربَ وأكثره أربعة كدحْرَجَ . وإلى مزيد فيه وغايته ستة كاسْتَخْرَج وأوزانه كثيرة
وأوزانُ الثلاثى ثلاثة : كضَربَ وَعِلَمَ وَظَرُفَ وأما نحو ضُرِبَ - بضم أوله وكسر ثانيه - فمن قال : " إنه وزن أصلى " مستدلاً بأن نحو جُنََّ وبُهِتَ وَطُلُّ دَمُهُ وَأُهْدِرِ وَأولِعَ بكذا وَعُنى بحاجتى بمعنى اعتنى بها وَزُهِى علينا بمعنى تكَبَّر لم تستعمل إلا مبنية للمفعول - عدَّة رابعاً ومن قال : " إنه فرعٌ من فعل الفاعل " مستدلا بترك الإدغام في نحو : سُويِرَ لم يَعُدُّهُ
وللرباعىُّ وزنٌ واحدٌ كدَحْرَجَ ويأتى في دُحْرِجَ - بالضم - الخلافُ في فعل المفعول

فصل
في كيفية الوزن ويسمى التمثيل
تقابل الأصول بالفاء فالعين فاللام مُعْطَاة ما لموزونها من تحرك وسكُون فيقال في فَلْس : فَعْل وفي ضَرَبَ : فَعَل وكذلك في قامَ وَشَدَّ لأن أصلهما قَوَمَ وَشَدَدَ وفي عَلِمَ : فَعِل وكذلك في هابَ وَمَنَّ وفى ظَرُفَ : فَعُل وكذلك في طَالَ وَحَبّ
فإن بقى من أصول الكلمة شىء زدت لاماً ثانية في الرباعى فقلت في جعفر فَعْلَل وثانية وثالثة في الخماسي فقلت في جَحْمَرِش : فَعْلَلل
ويقابل الزائد بلفظه فيقال في أكرَمَ وَبَيْطَر وَجَهْورَ : أَفْعَلَ وَفَيْعَلَ وَفَعْوَلَ وفي اقْتَدَرَ : افْتَعَلَ وكذلك في اصْطَبَرَ وأُدَّكَرَ لأن الأصل : اصْتَبَرَ وَاذْتَكَرَ وفي اسْتَخْرَجَ : اسْتَفْعَلَ
إلا ان الزائد إذَا كان تكراراً لأصل فإنه يقابل عند الجمهور بما قوبل به ذلك الأصل كقولك في حِلْتِيتٍ وَسُحْنُونٍ وَاغْدَوْدَنَ : فِعْليِل وَفُعْلول وافْعَوْعَل
وإذا كان في الموزون تحويل أو حذف اتيت بمثله في الميزان فتقول في ناء : فَلَعَ لأنه من نأى وفي الحادى : عالف لأنه من الوحدة وتقول في يَهَبُ يَعَلُ وفي بِعْ : فِلْ وفي قاضٍ : فاعٍ
فصل
فيما تعرف به الأصول والزوائد
قال الناظم رحمه الله :

( وَاُلحَرْفُ إنْ يَلْزَمْ فَأَصْلٌ وَالّذِى ... لاَ يَلزَمُ الزَّاِئدُ مِثْلُ تا احْتُذِى )
وفي التعريفين نظر : أما الأول فلأن الولو من " كَوْكَبٍ " والنون من " قَرَنْفُل " زائدتان كما ستعرفه مع انهما لا يسقطان
وأما الثاني فلأن الفاء من " وَعَدَ " والعين من " قالَ " واللام من " غَزَا " أصول مع سقوطهن في " يَعِدُ " و " قُلْ " و " لَمْ يَغْزُ "
وتحريرُ القول فيما تعرف به الزائد أن يقال : أعلم أن لا يحكم على حرف بالزيادة حتى تزيد بقية أحرف الكلمة على أصلين ثم الزائد نوعان : تكرار لأصلٍ وغيره
فالأول لا يختصُّ بأحرف بعينها وشَرْطُه ا ن يماثل اللام كجَلْبَبَ وَجِلْبَابٍ أو العيَن : إما مع الاتصال كقَتَّلَ أو مع الانفصال بزائد كعَقَنْقَل أو مماثل الفاء والعين كَمرْمَريِس أو العيَن واللامَ كصَمَحْمَح وأما الذي يماثل الفاء وحدها كعَرْفَقِِ وَسُنْدُس أو العيَن المفصولة بأصل كَحْدرَدٍ - فأصلى
وإذا بُنَىَ الرباعى من حرفين فإن لم يصحَّ إسقاطُ ثالثه فالجميع أصل كسِمْسِم وإن صح كلَمْلَمَةُ وَلَمَّة فقال الكوفيون : ذلك الثالث زائد مُبْدَلٌ من حرف ممائل للثانى وقال الزجاج : زائد غير مبدل من شيء وقال بقية البصريين : أصل
والنوع الثاني مختص باحرف عشرة جمعها الناظم في بيت واحد أرْبَعَ مرات قال :

( هَنَاءٌ وَتَسْلِيمٌ تَلاَ يَوْمَ أُنْسِهِ ... نِهَايَةُ مَسُئول أَمَانٌ وَتَسْهِيل )
فتزاد الألف بشرط أن تصحب أكثر من أصلين كضارب وعَمِاد وَغَضْبى وَسُلاَمَى بخلاف نحو : قال وغزا
وتزاد الواو الياء بثلاثة شروط : أحدها : ما ذكر في الألف والثاني : أن لا تكُون الكلمة من باب سمسم والثالث : أن لا تتصدَّرَ الواو مطلقاً ولا الياء قبل أربعة أصول في غير مضارع وذلك نحو صَيْرَف وَجَوْهَر وقضيب وعجوز وَحِذْريَة وَعَرْقُوَه بخلاف بَيت وَسَوْط وبُؤُبؤ ووَعْوَعَة ووَرَنْتَلْ ويَسْتَعُور
وتزاد الميم بثلاثة شروط أيضاً وهي : أن تتصدر ويتأخر عنها ثلاثة أصول فقط وأن لا تلزم الاشتقاق وذلك نحو مَسْجِد وَمَنْسِج بخلاف نحو ضِرْغَام وَمَهْد وَمَرْزَجُوش وَمِرْعِزٍ فإنهم قالوا : " ثوبٌ مُمَرْعَز ٌ " فأثبتوها في الاشتقاق
وتزاد الهمزة المصدَّرَة بالشرطين الأولين نحو أفكَل وَأَفضَل بخلاف نحو كُنَأبيل وأكل وإسْطَبْل
وتزاد المتطرفة بشرطين وهما : أن تسبقها ألف وأن تُسبق تلك الألف باكثر من أصلين نحو حمَرْاء وَعِلْبَاء وَقُرْفُصَاء بخلاف نحو مَاءِ وشَاءِ وبنَاءٍ وأبنَاءٍ
وتزاد النون متأخرة بالشرطين نحو عُثْمَان وَغَضْباَنَ بخلاف نحو أَمَان وَسِنَان
وتزاد متوسطة بثلاثة شروط : أن يكون توسطها بين أربعة بالسوية وأن تكون ساكنة وأن تكون غير مدغمة وذلك كَغَضَنْفَر وَعَقَنْقَل وَقَرَنْفَل وَحَبَنْطَى وَوَرنْتَلْ بخلاف عَنْبَر وَغُرْ نَبْق وَعَجَنَّس

وتزاد مُصَدَّرة في المضارع
وتزاد التاء في التأنيث كقائمة والمضارع كتقوم والمطاوع كتعلّم وتَدَحْرج والاسْتِفعَال والتَّفُّعل والافْتِعَالِ وفروعهن
وتزاد السين في الاستفعال وأهملها الناظم وابنه
وزيادة الهاء واللام قليلة كأمَّهات وأَهْرَاق وطَيْسَل للكثير بدليل سقوطها في الأُمُومة والإراقة والطَّيْس
واما تمثيلُ الناظم وابنه وكثير من النحويين للهاء بنحو " لَمِهْ " و " لم تَرَهْ " وللام ب " ذلك " و " تلك " فمردودٌ لأن كلا من هاء السكت ولام البعد كلمة برأيها وليست جزءاً من غيرها
وما خلا من هذه القيودُ حكم بأصالته إلا إن قامت حُجَّة على الزيادة فلذلك حكم زيادة همزتَىْ شمَأل واحْبَنْطا وميمى دُلاَمِص وابْنُمِ ونونى حَنْظَل وَسُنْبُل وتاءىْ مَلَكُوت وَعِفرِيت وسيَنْى قُدْمُوس وَاُسْطاع لسقوطها في الشمول واَلْحَبطَ والدلاصة والبنوة والملك والعَفْر - بفتح أوله وهو التراب - والقدم والطاعة وفي قولهم : " حَظِلَتَ الإبلُ " إذ آذاها أكل الحنظل و " أَسْسَبلَ الزرع " . وبزيادة نونى نَرْجِس وهُنْدَلعِ وتاءى تَنْضُب وتُخَيِّب لانتفاء فَعْلِل وفُعْلَل وفْعللُ وفُعُلِّل

فصل
في زيادة همزة الوصل
وهي : همزة سابقة موجودة في الابتداء مفقودة في الدَّرْج
ولا تكون في مضارع مطلقاً ولا حرفٍ غير أل ولا في ماض ثلاثى كأمَرَ وأخذ ولا رباعى كأكَرم وأعطى بل في الخماسى كانطلق والسداسى كاسْتَخْرج وفي امرهما وأمر الثلاثى كاضْرِبْ ولا في اسم في مصادر الخماسي والسداسي كالانطلاق والاستخراج
قالوا : وفي عشرة أسماء محفوظة وهي : اسْمٌ وآسْتٌ وآبْنُمْ وآبْنَة وامْرُؤ وامْرَأَة واثْنَاَن واثْنَتَان وايُمن االمخصوص بالقسم وينبغى أن يزيدوا " أل " الموصولة وايْمُ لغة في ايمن فإن قالوا : هي اُيمن فحذفت اللام قلنا : وابنم هو ابن فزيدت الميم
مسألة - لهمزة الوصل بالنسبة إلى حركتها سبعُ حالات وجوب الفتح في المبدوء بها أل ووجوبُ الضم في نحو اُنْطلُقِِ وَاُسْتُخْرِج مبنيين للمفعول وفي أمر الثلاثى المضموم العين في الأصل نحو اُقْتُل اُكُتُب بخلاف امْشُوا اقْضُوا ورُجْحان الضم على الكسر فيما عَرَضَ جعلُ ضمه عينه كسرة من نحو اُغْزِى قاله ابن الناظم وفي تكملة أبي على أنه يجب إشمام ما قبل ياء المخاطبة وإخلاصُ ضم الهمزة وفي التسهيل همزة الوصل تشم قبل الضمة المُشَمَّةِ ورُجْحَان الفتح على الكسر في ايمن وابْنُم ورجحانُ الكسر على الضم في كلمة اسم وجوازُ الضم والكسر والإشمام في نحو اختارَ وانْقَادَ مبنيين للمفعول ووجوب الكسر فيما بقى وهو الأصل
مسألة - لا تحذف همزة الوصل المفتوحة إذا دخلت عليها همزة الاستفهام

كما حذفت الهمزة المكسورة نحو ( اتّخَذْنَاهُمْ سُخْرِيَّاً ) ( واسْتَغْفَرْت لهم ) وهو الأصل لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر ولا تحقق لأن همزة الوصل لا تثبت في الدَّرْج إلا ضرورة كقوله : -
( أَلاَ لاَ أَرَى إثْنَيْنِ أَحْسَنَ شِيَمةَ ... )
بل الوجه ان تُبْدَل ألفاً وقد تُسَهِّل مع القصر تقول " آلحْسَنُ عِنْدَك " و " آيمُنُ اللهِ يمَيِنُك " بالمد على الإبدال راجحاً وبالتسهيل مرجوحاً ومنه قوله :

( أَأَلحَقَّ إنْ دَارُ الرَّبَابِ تَبَاعَدَت ... )

وقد قرىء بها في نحو ( آلذَّكَرَيْنِ ) ( آلآن ) .

هذا باب الإبدال
الأحْرُفُ التي تُبْدَل من غيرها إبدالا شائعاً لغير إدغام تسعة يجمعها " هَدَأتُ مُوطِياً " وخرج بقولنا " شَائعاً " نحو قولهم في " أُصَيْلاَن " تصغير أصيل على غير قياس وفي " اضْطَجَع " وفي نحو " عَلِىّ " في الوقف : أصْيْلاَل وَالْطَجَع وَعَلجّ قال : -
( وَقَفْتُ فيِهَا أُصَيْلاَلاَ أُسَاِئلُهَا ... )

وقال : -
( مَالَ إلىَ أَرْطَاهِ حِقْفٍ فَالْطَجَعِ ... )

وقال : -
( خَالِى عُوَيْفٌ وَأبُو عَلِجِّ ... )

وتسمى هذه اللغة عجعَجَةَ قُضَاعة
ومعنى " هدأت " سكنت و " مُوطياً " من أوطأته جعلته وطيئا فالياء فيه بدل من الهمزة
وذكره الهاء زيادة على ما في التسهيل إذ جمعها فيه في " طويت دائماً " ثم إنه لم يتكلم هنا عليها مع عَدِّة إياها ووجهه أن إبدالها من غيرها إنما يطرد في الوقف على نحو رَحْمَة ونِعْمَة وذلك مذكور في باب الوقف وأما إبدالها من غير التاء فمسموع كقولهم : هِيَّاكَ وَلَهِنَّكَ قائمٌ وهَرَقْتُ الماء وهَرَدْتُ الشىء وهَرَحْتُ الدَّابة

فصل
في إبدال الهمزة
تُبْدَلُ من الواو والياء في أربع مسائل :

إحداها : أن تتطرف إحداهما بعد ألف زائدة نحو كِساء وسماء ودُعَاء ونحو بناء وَظِبَاء وَفِنَاءَ بخلاف نحو قاوَلَ وَبَايَعَ وَإدَاوَة وَهِدَاية ونحو غَزْو وَظَبْى ونحو واو وآى
وتشاركهما في ذلك الألف في نحو حمراء فإن أصلها حَمْرَا كَسَكْرَى فزيدت ألف قبل الآخر للمد كألف كتاب وغلام فأبدلت الثانية همزة
الثانية : أن تقع إحداهما عيناً لاسم فاعِلِ فعلٍ أعِلَّتْ فيه نحو قائل وبائع بخلاف نحو عَيِنَ فهو عاين وعَوِرَ فهو عَاوِرٌ
الثالثة : أن تقع إحداهما بعد ألف مَفَاعل وقد كانت مدة زائدة في الواحد نحو عجائز وصحائف بخلاف قَسْوَرة وَقَسَاور وَمَعِيشة وَمَعَايش وشذ مصُيِبة ومَصَائب ومَنارة ومَنائر
ويشارك الواوَ والياء في هذه المسالة الألفُ نحو قِلاَدة وقلائد ورسالة ورسائل
الرابعة : أن تقع إحداهما ثانى حرفين ليَنْينِ بينهما ألف مفاعل سواءً كان اللينان ياءَين كنَيَائف جمع نَيِّف أو واوين كأوائل جمعَ أوَّل أو مختلفين كسيائد جمع سَيِّد إذ أصله سَيْوِد وأما قوله : -
( وَكَحَّلَ العَيَنْيِن بالعَوَاوِرِ ... )

فأصله بالعواوير لأنه جمع عُوَّار وهو الرَّمَد فهو مفاعيل كطواويس لا مفاعل فلذلك صُحِّح وعكسه قول الآخر :
( فِيهَا عَيَائِيلُ أسُودٍ وَنُمِرْ ... ) [ ]
بأبدل الهمزة من ياء مَفَاعِل لأن أصله مفاعل لأن عيائيل جمع عَيِّل - بكسر الياء - واحد العيال والياء زائدة للإشباع مثلها في قوله :
-
( . . . . . . . . . تَنْقَادُ الصَّيَارِيفِ فلذلك أُعِلّ ... )

وهنا مسألة خاصة بالواو أعلم أنه إذا اجتمع وَاوَانِ وكانت الأولى مُصَدَّرة والثانية إما متحركة أو ساكنة متأصلة في الواوَّيِة أبدلت الواو الأولى همزة فالأولى نحو جمع وَاصِلَة ووَاقيِةَ تقول : أَوَاصِل وأَوَاِ قٍ وأصلهما ووَاصِلُ ووَوَااقٍ والثانية نحو الأولى أنثى الأول أصلها وُولى بواوين أولاهما فاء مضمومة والثانية عين ساكنةبخلاف نحو وُوفِىَ ووُورِىَ فإن الثانية ساكنة منقلبة عن ألف فَاعَلَ وبخلاف نحو الوُوُلَى بواوين مُخَفَّفاً من الْوُؤْلَى بواو مضمومة فهمزة وهي أنثى الأوْألُ أفْعَلَ من وأل إذا لجأ وخرج باشتراط التصدير نحو هَوَوِىّ ونَوَوِىّ المنسوب إلى هَوَى ونَوَى

فصل
في عكس ذلك
وهو إبدال الواو والياء من الهمزة ويقع ذلك في بابين :
أحدهما : باب الجمع الذى على مَفَاِعلَ وذلك إذا وقعت الهمزة بعد ألفه وكانت تلك الهمزة عارضة في الجمع وكانت لام الجمع همزة أو ياء أو واواً

وخرج باشتراط العروض نحو المرآة وَالَمرَأىِ فإن الهمزة موجودة في المفرد لأن المرآة مِفْعَلَة من الرُّؤْية فلا تغيير في الجمع وخرج باشتراط اعتلال اللام نحو صَحَائف وعَجَائز ورَسَائل فلا تغيير الهمزة في شيء من ذلك أيضاً
وأما ما حَصَلَ فيه ما شرطناه فيجب فيه عملان : قلبُ كسرة الهمزة فتحة ثم قلبها ياء في ثلاث مسائل وهي : أن تكون لام الواحد همزة أو ياء أصلية أو منقلبة عن وَاوٍ ووَاواً في مسألة واحدة وهي : أن تكون لام الواحد واواً ظاهرة
مثال ما لامه همزة خَطَايَا أصلها خطايىء - بياء مكسورة هي ياء خطيئة وهمزة بعدها هي لامها - ثم أبدلت الياء همزة على حد الإبدال في صحائف فصار خطائىء - بهمزتين - ثم أبدلت الهمزة الثانية ياء لما سيأتى من أن الهمزة المتطرفة بعد همزة تبدل ياء وإن لم تكُن بعد مكْسورةٍ فما ظنك بها بعد المكْسُورة ثم قلبت كسرة الأولى فتحة للتخفيف إذ كانوا قد يفعلون ذلك فيما لامه صحيحة نحو مَدَارَى وعَذَارَى في المَدَارِى والعَذَارِى قال : -
( وَيَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَى مَطَّيِتى ... )

وقال : -
( تَضِلُّ الَمدَارَى فىِ مُثَنًّى وَمُرْسَلِ ... )

ففْعلُ ذلك هنا أوْلى ثم قلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار خطاءا - بألفين بينهما همزة - والهمزة تشبه الألف فاجتمع شِبْهُ ثلاثِ ألفاتٍ فأبدلت الهمزة ياء فصار خطايا بعد خمسة أعمال
ومثال ما لامه ياء أصلية قَضَايَا أصلها قضايى - بياءين الأولى ياء فَعِلية والثانية لام قَضِيَّة - ثم ابدلت الأولى همزة كما في صحائف قلبت كسرة الهمزة فتحة ثم قلبت الياء ألفاً ثم قلبت الهمزة ياء فصار قضايا بعد أربعة أعمال
ومثالُ ما لامه واو قلبت في االمفرد ياء مِطَّيِة فإن أصلها مَطِيوَة فَعِيلَة من الَمطَا وهو الظَّهْر ثم أبدلت الواوُ يَاءً ثم أُدغمت الياء فيها وذلك على حد الإبدال والإدغام في سَيْوِد ومَيْوِت إذ قيل فيه : سَيِّد ومَيِّت وجمعها مَطَايَا وأصلها مَطَايِوُ ثم قلبت الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة كما في الغَازِى والدَّاعِى ثم قلبت الياء الأولى همزة كما في صحائف ثم أبدلت الكَسرة فتحة ثم الياء ألفاً ثم الهمزى ياء صار مَطَايا بعد خمسة أعمال
ومثالُ ما لامه واو سلمت في الواحد هِرَاوَة وهَرَاوَى وذلك أنا قلبنا ألف هراوة في الجمع همزةً على حد القلب في رِسَالة ورَسَائل ثم أبدلنا الواو ياء

لتطرفها بعد الكَسرة ثم فتحنا الكَسرة فانقلبت الياء ألفاً ثم قلبنا الهمزة واواً فصار هَرَاوَى بعد خمسة أعمال .

الباب الثاني
باب الهمزتين الملتقيتين في كلمة
والذي يُبْدَلُ منهما أبداً هو الثانية لا الأولى لأن إفراط الثقل بالثانية حَصَلَ فلا تخلو الهمزتان المذكورتان من أن تكُون الأولى متحركة والثانية ساكنة أو بالعكْسِ أو يكُونا متحركتين
فإن كانت الأولى متحركة والثانية ساكنةً أبدلت الثانية حرف علة من جنس حركة الأولى فتبدل ألفاً بعدَ الفتحة نحو آمَنْتُ ومنه قول عائشة رضى الله تعالى عنها : " وكان يَأْمُرُنى أنْ آتَزِرَ " وهو بهمزة فألف وعَوَامُّ المحدثين يحرفونه فيقرؤونه بألف وتاء مشددة ولا وَجْهَ له لأنه افتعل من الإزار ففاؤه همزة ساكنة بعد همزة المضارعة المفتوحة وياء بعد الكَسرة نحو إيمان وَشَذّت قراءة بعضهم ( إئْلاَفِهِمْ ) بالتحقيق وواواً بعد الضمة نحو أوتمن وأجاز الكَسائى أن يبتدأ " أؤتَمنِ " بهمزتين نقلة عنه ابنُ الأنبارى في كتاب الوقف والابتداء وَرَدَّهُ
وإن كانت الأوى ساكنة والثانية متحركة فإن كانتا في موضع العين أدغمت الأولى في الثانية نحو سَألَ ولآل ورآس . وإن كانتا في موضع اللام أبدلت الثانية ياء مطلقاً فتقول في مثال قِمَطْر من قَرَأ : قَرِأىٌ وفي مثال سَفَرْجَل منه : قَرَأ يَأ - بهمزتين بينهما ياء مبدلة من همزة

وإن كانت متحركتين فإن كانتا في الطرف او كانت الثانية مكسورة أبدلت ياء مطلقاً وإن لم تكن طرفاً وكانت مضمومة أبدلت واواً مطلقاً
وإن كانت مفتوحة فإن انفتح ما قبلها أو انضم أبدلت واواً وإن انكسر أبدلت ياء
امثلة المتطرفة أن تبنى من قَرَأ مثل جَفْعَرٍ أو زِبْرجٍ أو بُرْثُنٍ وأمثلة المكسورة أن تبنى من أمَّ مثل أِصْبِع - بفتح الهمزة أو كسرها أو ضمها والباء فيهن مكسورة - فتقول في الأول : أأْمِمٌ - بهمزتين مفتوحة فساكنة - تنقل حركة الميم الأولى إلى الهمزة الثانية قبلها لتتمكن من إدغاعمها في الميم الثانية ثم تبدل الهمزة ياء وكذا تفعل في الباقى أيضاً وذلك واجب وأما قراءة ابن عامر والكوفيين ( أَئَمَّة ) بالتحقيق فمما يوُقَفُ عنده ولا يتجاوز وأمثلة المضمومة : أوُبٌّ جمعأبّ وهو الَمرْعَى وأن يبنى من أمَّ مثل إصْبُع بكسر الهمزة وضم الباء - أو مثل أبلم فتقول : أوم - بهمزة مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة وواو مضمومة - وأصل الأول أأْبُبٌ على وزن أفْلُسِ وأصل الثاني والثالث إِئْمُمٌ وأأُمٌم فنقلوا فيهن ثم أبدلوا الهمزة واواً وأدغموا أحد المثلين في الآخر ومثال المفتوحة بعد مفتوحة أَوَادمِ جمع آدم ومثال المفتوحة بعد المضمومة أُوَيْدِم تصغير آدم ومثال المفتوحة بعد مكسورة أن تبنى من أمَّ على وزن إصْبَع - بكسر الهمزة وفتح الباء
وإذا كانت الأولى من المتحركتين همزَةَ مضارعة نحو أؤُمُّ وأئِنُّ مضارعى

أَمَمْتُ وأَنَنْتُ جاز في الثانية التحقيقُ تشبيهاً لهمزة المتكلم لدلالتها على مَعْنًى بهمزة الاستفهام نحو ( أَأَنْذَرَتُهمْ )

فصل
في إبدال الياء من أختيها الألف والواو
اما إبدالها من الألف ففي مسألتين :
إحداهما : أن ينكسر ما قبلها كقولك في مِصْبَاح : مَصَابِيح وفي مِفْتَاح : مَفَاتِيح وكذلك تصغيرهما
الثانية : أن تقع قبلها ياء تصغير كقولك في غُلاَمٍ : غُلَيِّم
وأما إبدالها من الواو ففي عَشْرِ مَسَائل :
إحداها : أن تقع بعد كسرة وهي إما طَرَفٌ كرَضِىَ وقَوِىَ وعُفِىَ - والغَازِى والدَّاعِى أو قبل تاء التانيث كشَجِيَة وأكْسِيَة وغَازِيةَ وعُرَيْقِيةَ في تصغير عَرْقُوَة وَشَذَّ سَوَاسِوةَ في جمع سواء ومَقَاتِوَة بمعنى خُدَّام أو قَبْلَ الألف والنون الزائدتين كقولك في مثال قَطِرَان من الغزو : غَزِيَان
الثانية : أن تقع عينا لمصدر فعل أعِلَّتْ فيه ويكُون قبلها كسرة وبعدها ألف كِصيَام وقِيَام وانْقِيَاد واعْتِيَاد بخلاف نحو سِوَارٍ وسِوَاك لانتفاء المصدرية ونحو لاَوَذَ لِوَاذاً وجَاوَرَ جِوَاراً لصحة عين الفعل وحَالَ حِوَلاً وعَادَ المريض عِوَداً لعدم الألف وَراحَ رَوَاحَا لعدم الكَسرة

وقلَّ الإعلال فيه نحو قوله تعالى : ( جَعَلَ اللهُ لَكَمْ قِياَماً وَاُرْزُقُوهُمْ ) وقوله تعالى : ( جَعَلَ اللهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الْحرَامَ قِيَماً للنَّاسِ ) في قراءة نافع وابن عامر في النساء وفي قراءة ابن عامر في المائدة
وشَذَّ التصحيح مع استيفاء الشروط في قولهم : نارت الظبية نِوَاراً بمعنى نَفَرَت ولم يُسْمع له نظير
الثالثة : أن تقع عيناً لجمع صحيح اللام وقبلها كسرة . وهي في الواحد : إما مُعَلّة نحو دَارٍ وَدِيَارٍ وَحِيلَة وَحِيَلٍ ودَيِمةٍ وَدِيَمٍ وَقِيَمَة وَقِيمٍ وَقامَةٍ وَقِيمٍ وشذ حاجة وحِوَج وإما شبيهة بالمعَلة وهي الساكنة . وشرط القلب في هذه أن يكون بعدها في الجمع ألف كعَوْطٍ وسِيَاطٍ وَحَوْضٍ وَحَيِاضٍ وَرَوْضٍ وَرِيَاضٍ فإن فقدت صححت الواو نحو كُوز وِكوَزَةٍ وَعَوْد - بفتح أوله للمسن من الإبل - وعِوَدة وشذ قولهم ثِيَرَة وتصحح الواو إن تحركت في الواحد نحو طَوِيل وطوَاَل وشذ قوله : -
( وَأَنَّ أَعِزَّاء الرِّجالِ طِيَالُهَا ... )

قيل : ومنه : ( الصَّافِنَاتُ الِجْيَاد ) وقيل : جمع جَيِّد لا جَوَاد . أو أعلت لامه كجمع ريَّان وجوّ - بتشديد الواو - فيقال : رِوَاء وَجِوَاء بتصحيح العين لئلا يتوالى إعلالان وكذلك ما أشبههما وهذا الموضع ليس محرراً في الخلاصة ولا في غيرها من كتب الناظم فتامله
الرابعة : أن تقع طَرَفاً رابعة فصاعداً فتقول : عَطَوْثُ وَزَكَوْتَ فإذا جئت بالهمزة أو التضعيف قلت : أعْطَيْتُ وَزَكَّيْتُ . وتقول في اسم

المفعول : مُعْطَيَان وَمُزَكَّيَات حملوا الماضى على المضارع واسمَ المفعولِ على اسم الفاعل فإن كلا منهما قبل آخره كسرة . وسأل سيبويه الخليل عن وجه إعلال نحو تَغَازَيْنَا وتَدَاعَيْنَا مع ان المضارع لا كسر قبل آخره فإجاب بأن الإعلال ثبتَ قبل مجىء التاء في أوله - وهو غازيَنْاَ وَدَاعَيْنَا - حملا على نُغَازِى وَنُدَاعِى ثم استصحب معها
الخامسة : أن تلى كسرَة وهي ساكنة مفردة نحو مِيزَان وَمِيقَات بخلاف نحو صِوَان وَسِوَار وَاجْلِوَّاذ وَاعِلوَّاط
السادسة : أن تكون لاماً لفُعْلَى - بالضم - صفة نحو ( إنَّا زَيَّنَّا السماءَ الدُّنْيَا ) وقولك : للمتَّقِينَ الدَّرَجة العُلْيا وأما قول الحجازيين " القُصْوَى " فشاذ قياساً فيصح استعمالا نُبِّه به على الأصل كما في اسْتَحْوَذَ والقَوَد
فإن كانت فُعْلَى أسماً لم تغير كقوله : -
( أَدَاراً بِحُزْوى هِجْتِ لِلْعَيْنِ عَبْرَة )

السابعة : أن تلتقى هى والياء في كلمة والسابق منهما اكنٌ متأصل ذاتاً وسكوناً ويجب حينئذ إدغام الياء في الياء مثال ذلك فيما تقدمت فيه الياء سيِّد ومَيِّت اصلهما سَيْوِد ومَيْوِت ومثاله فيما تقدمت الواو طَىٌّ وَلىٌّ مصدرا طَوَيْتُ وَلَوَيتَ وأصلهما طَوْىٌ وَلَوْىّ
ويجب التصحيحُ إن كانا من كلمتين نحو " يَدْعُو يَاسِر " و " يَرْمِى واعد " أ و كان السابق منهما متحركا نحو طويل وغَيُور أو عارض الذات نحو رُؤية مخفف رُؤْية او عارض السكون نحو قَوْىَ فإن أصله الكسر ثم إنه سُكِّن للتخفيف كما يقال في عَلِم : عَلْم
وشذ عما ذكرنا ثلاثة أنواع : نوع أُعِلَّ ولم يستوف الشروط كقراءة بعضهم : ( إنْ كُنْتُم لِلرُّيَّا تَعُبرُونَ ) بالإبدال والإدغام ونوع صحح مع استيفائها نحو ضَيْوَن وأيْوَم وعَوَى الكلب عَوْيَة وَرَجاء بن حَيْوَة ونوع أبدلت فيه الياء واواً وأدغمت الواو فيها نحو عَوَّة ونَهُوُّ عن المنكر . في تصغير ما يكسَّرُ على مَفَاعل - نحو جَدْوَل وأسْوَد للحية - الإعلال والتصحيح
الثامنة : أن تكون لامَ مفعولٍ الذى ماضيه على فَعِلَ - بكسر العين - نحو

رَضِيَة فهو مَرْضِىٌّ وقَوِىَ على زيد مَقْوِىٌّ عليه وشذ قراءة بعضهم : ( مَرْضُوَّة ) فإن كانت عين الفعل مفتوحة وجب التصحيح نحو مَغْزُوّ ومَدْعُوٌ شاذ كقوله : -
( أَنَا الّليْثُ مَعْدِيّاً عَلَىَّ وَعَادِياً ... )

والتاسعة : أن تكون لامَ فُعول جمعاً نحو عَصاً وعُصِىًّ وقَفاً وقُفِىّ ودَلْو ودُلِى والتصحيح شاذ قالوا : أُبُوٌّ وأُخُوٌّ ونُحُوٌّ جمعاً لنحو وهو الجهة ونُجُوُّ - بالجيم - جمعاً لنَجْو وهو السحاب الذي هَرَاقَ ماءه وبَهْوٌ وهو المصدر وبُهُوٌ
فإن كان فُعُول مفرداً وجب التصحيح نحو ( وَعَتْوا عُتُوًا كبيراً ) ( لاَ يُريِدُون عُلُوًّا في الارْضِ ) وتقول : نَما المَالُ نمُوَّا وَسَمَا زيد سُمُوًّا وقد يُعلُّ نحو عَتَا الشيخُ عُتِيًا وقسا قلبه قِسِيًّا
العاشرة : أن تكون عيناً لفُعَّلٍ جمعاً صحيح اللام كصُمَّيمَ وَنُيَّمَ والأكثر فيه التصحيح تقول : صُوَّم ونُوَّم ويجب إن اعتلت اللام لئلا يتوالى إعلالان وذلك كشُوَّى وغُوَّى جمعَىْ شَاوٍ وغَاوٍ أو فُصِلت من العين نحو صُوَّام ونُوَّام لبعدها حينئذ من الطَّرَف وشذ قوله : -
( فَمَا أَرَّقَ النُّيَّامَ إلاّ كلامُهَا ... )

فصل

في إبدال الواو من اختيها الألف والياء
أما إبدالها من الألف ففي مسألة واحدة وهي أن ينضم ما قبلها نحو يُوبِعَ وضَوِربَ وفي التنزيل ( مَا وُورِىَ عَنْهُمَا )
وأما إبدالها من الياء ففي أربعَ مسائل :
إحداها : أن تكون ساكنةَ مفردة في غير جمع نحو مُوقِن ومُوسِر ويجب سلامتها إن تحركت نحو هُيام أو أدغمت كحُيَّض أو كانت في جمع ويجب في هذه قلب الضمة كسرة كهِيمٍ زُبيضٍ في جمع أفْعَلَ او فَعْلاَء
الثانية : أن تقع بعد ضمة وهي إما لامُ فِعْلٍ كنهُوَ الرجل وقَضُو بمعنى ما أنْهَاهُ أى أعقله وما أقْضَاهُ أو لامُ اسمٍ مختوم بتاء بنيت الكلمة عليها

كأن تبنى من الرمى مثل مَقْدُرة فإنك تقول : مَرْمُوَة بخلاف نحو تَوَانَى تَوَانِيَة فإن أصله قبل دخول التاء تَوَانُياً بالضم كتكاسَلَ تَكاسُلاً فأُبدلت ضمته كسرة لتسلم الياء من القلب ثم طرأت التاء لإفادة الوَحْدَة وبقى الإعلال بحاله أو لام اسم مختوم بالألف والنون كأن تبنى من الرمى على وزن سَبُعَان اسم الموضع الذي يقول فيه ابن الأخمر :
( ألاَ يَا دِيَارَ اَلْحىَّ بالسَّبُعَانِ ... ) [ ]
فإنك تقول : رَمُوَانِ
الثالثة : أن تكُون لاماً لفَعْلَى - بفتح الفاء - اسماً لا صفة نحو تَقْوَى وشَرْوَى وفَتْوَى قال الناظم وابنه : وَشَذّ سَعْياَ لمكان ورَيَّا للرائحة وطَغْيَا لولد البقرة الوَحْشِيَّةِ انتهى : فاما الأول فيحتمل أنه منقول من صفة كخَزْيَا وصَدْيَا مؤنثى خَزْيَان وصَدْيَان وأما الثاني فقال النحويون : صفة غلبت عليها الاسمية والأصل رائحة رَيَّا أي : مملوءة طِيباً وأما الثالث فالأكْثَريُة فيه ضم الطاء فلعلهم استصحبوا التصحيح حين فتحوا للتخفيف
الرابعة : أن تكُون عيناً لِفُعْلَى - بالضم - اسماً كطُوبَى مصدراً لطاب أو أسماً للجنة او صفة جاريةً مجَرْىَ الأسماءِ وهي فُعْلَى أَفْعَل كالطُّوبَى والكُوسَى واُلخْورَى مؤنثات أَطْيَبَ وأَكْيَسَ وأَخْيَرَ والذي يدل على

انها جارية مَجْرَى الأسماء أن أفعل التفضيل يجمع على أفاعل فيقال : الأفاضل والأكابر كما يقال في جمع أفْكَلٍ : أَفَاِكل
فإن كان فُعْلَى صفة محضة وجب قلب ضمته كسرة ولم يسمع من ذلك إلا ( قِسْمة ضِيزَى ) أى : جائرة ومِشْيْةَ حِيكَى أى : يتحرك فيها المنكبان هذا كلام النحويين
وقال الناظم وابنه : يجوز في عين فُعْلَى صفةً أن تسلم الضمة فتقلب الياء واواً وأن تبدل الضمة كسرة فتسلم الياء فتقول : الطُّوبَى والطَّيبَى والكُوسَى والكِيِسَى والضُّوقَى والضِّيقَى

فصل
في إبدال الألف من اختيها الواو والياء
وذلك مشروط بعشرة شروط :
الأول : أن يتحركا فلذلك صَحَّتَا في القَوْل والبَيْع لسكونهما
والثاني : أن تكُون حركتهما أصلية ولذلك صَحَّتَا في جَيَل وتَوَم مخففي جَيْئَل وتَوْءَم
والثالث : أن ينفتح ما قبلهما ولذلك صَحَّتَا في العِوَض والْحِيَل والسُّورَ
والرابع : أن تكُون الفتحة مُتَّصِلة أى : في كلمتيهما ولذلك صَحَّتَا في ضربَ واحد وضربَ ياسر
والخامس : أن يتحرك ما بعدهما إن كانتا عينين وأن لا يليهما ألف ولا ياء مشددة إن كانتا لامين ولذلك صَحَّت العين في بَيَان وطَويِل

وخَوَرْنَق واللام في رَمَياَ وغَزَوَا وفَتَيَان وعَصَوَان وعَلَوِى وفَتَوِى وأعلت العين في قَامِ وبَاعَ وبَابٍ ونابٍ لتحرك ما بعدهما واللام في غَزَا ودَعَا ورَمَى وبَكَى إذ ليس بعدها ألف ولا ياء مشددة وكذلك في يَخْشَوْنَ ويَمْحَوْنَ وأصلهما يَخْشُيَوَنَ وَيمَحْوُوُن فقلبتا ألفين ثم حذفتا للساكنين
والسادس : أن لا تكُون إحداهما عيناً لفَعِلَ الذي الوصف منه على أفْعَلَ نحو هَيِفَ فهو أَهْيَفُ وعَوِرَ فهو أَعْوَرُ
والسابع : أن لا تكُون عيناً لمصدر هذا الفعل كالْهَيَف
والثامن : أن لا تكُون الواو عيناً لافْتَعَلَ الدالِّ على معنى التَّفَاعُلِ أى التشارك في الفاعلية والمفعولية نحو اجْتَوَرُوا فإنه في معنى تجاوَرُوا وتشاوَرُوا . فأما الياء فلا يُشْتَرط فيها ذلك لقربها من الألف ولهذا أعلت في اسْتَافُوا مع أن معناه تَسَايَفُوا
والتاسع : أن لا تكُون إحداهما مَتْلُوَّة بحرف يستحق هذا الإعلال فإن كانت كذلك صحت وَأعِلَّتِ الثانية نحو اَلِحْيَا والهَوَى واَلْحوَى مصدر حَوِىَ إذا اسْوَدَّ . وربما عكسوا فأَعَلُّوا الأولى وصححوا الثانية نحو آية في أسهل الأقوال
فإن قلت : لنا أسهل منه قول بعضهم إنها فَعِلَةٌ كنَبِقَة فإن الإعلال حينِئٍذ على القياس وأما إذا قيل إن أصلها أيَيةٌ - بفتح الياء الأولى - أو

أيْيَة - بسكُونها - أو آيِيَة فاعلة فإنه يلزم إعلال الأول دون الثاني وإعلال الساكن وَحَذْفُ العيِن لغير مُوجِبٍ
قلت : ويلزم على الأول تقديم الإعلال على الإدغام والمعروف العكْس بدليل إبدال همزة أيمة ياء لا ألفاً فتأمله
والعاشر : أن لا يكُون عيناً لما آخِرُهُ زيادةٌ تختص بالأسماء فلذلك صَحَّتَا في نحو اَلجْوَلاَن والَهَيمَان والصَّوَرَى والحَيْدَى وَشَذَّ الإعلال في مَاهَان ودَارَان

فصل
في إبدال التاء من الواو والياء
إذا كانت الواو والياء فاء للافتعال أبدلت تاء وأدغمت في تاء الافتعال وما تصرف منها نحو اتَّصَلَ واتَّعَدَ من الوصل والوَعْد وَاتَّسَرَ من اليُسْرِ قال : -
( فَإنْ تَتَّعِدْنِى أَتَّعِدْكَ بِمِثْلِهَا ... )

وتقول في افْتَعَلَ من الإزارِ " إيَتَزَرَ " ولا يجوز إبدالُ الياء تاء وإدغامها في التاء لأن هذه الياء بدل من همزة وليست أصلية وَشَذّ قولهم في افْتَعَلُ من الأكلِ " اتَّكَلَ " وقولُ الجوهرى في اتخذ " إنه افْتَعَلَ من الأخذ " وَهَمٌ وإنما التاء أصل وهو من تَخِذَ كاتَّبَعَ من تَبِعَ

فصل
في إبدال الطاء
تُبْدَل وجوباً من تاء الافتعال الذى فاؤه صاد أو ضاد أو طاء أو ظاء وتسمى أَحْرُفَ الإطباق تقول في افْتَعَلَ من صَبَرَ : اصْطَبَر ولا تدغم لأن الصَّفِيِرىَّ لا يدغم إلا في مثله ومن ضَرَبَ : اضْطَرَب ولا تدغم لأن الضاد حرف مستطيل ومن طَهُرَ : اطْطَهَرَ ثم يجب الإدغام لإجتماّع المثلين في كلمة وأولهما ساكن ومن ظَلَمَ : اظْطَلَمَ ثم لك ثلاثة أوجه : الإظهار والإدغام مع إبدال الأول من جنسِ الثاني ومع عَكْسهِ وقد روى بهن قوله : -
( هُوَ اَلْجوَادُ الّذِي يُعْطِيكَ ناَئِلَهُ ... عَفْواً وَيُظْلَمُ أَحْيَاناً فَيَظَّلِمُ )
فصل
في إبدال الدال
تُبْدَلِ وجوباً من تاء الافتعال الذي فاؤه دال أو زاى تقول في افْتَعَلُ من دَانَ : إدْدَانَ ثم تدغم لما ذكرناه في اطَّهَرَ ومن زَجَرَ ازْدَجَرَ ولا تدغم لما ذكرناه في اصْطَبَرَ ومن ذَكَرَ : إذْدَكَرَ ثم تُبْدَل المعجمة مهملة وتدغم وبعضُهم يعكس وقد قرىء شاذَّاً : ( فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرِ ) بالمعجمة
فصل
في إبدال الميم
أبدلت وُجُوباً من الواو في فَمٍ وأصله فَوَه بدليل أَفْوَاه فحذفوا الهاء تخفيفاً ثم أبدلوا الميم من الواو فإن أضيف رُجِعَ بِهِ إلى الأصل فقيل : فُوكَ وربما بقى الإبدال نحو " لخَلُوفُ فم الصَّائِم "
ومن النون بشرطين : سكونها ووقوعها قبل الباء سواء كانا في كلمة أو كلمتين نحو ( انْبَعَثَ ) و ( مَنْ بَعَثَنَا ) وشذوذاً في نحو قوله : -
( وَكَفِّكِ المُخَضَّبِ الْبَنَامِ ... )
وأصله " البَنَان " وجاء عكْسُ ذلك في قولهم " أَسْوَدُ قَاِتنٌ " وأصله قاتم
هذا باب نقل حركة الحرف المتحرك المعتل إلى الساكن الصحيح قبله
وذلك في أربع مسائل :
إحداها : أن يكون الحرف المعتل عيناً لفعل
ويجب بعد النقل في المسائل الأربع أن يبقى الحرف المعتل إن جانس الحركة المنقولة نحو يَقُول ويبيع أصلهما يَقْوُلُ مثل يَقْتلُ ويَبْيِعُ مثل يَضْرِب وأن تقلبه حرفاً يناسب تلك الحركة إن لم يجانسها نحو يخَاَفُ ويخُيِفُ أصلهما يَخْوِفُ كيَذْهَبُ ويُخْوَفُ كيُكْرِمُ
ويمتنع النقل إن كان الساكن معتلا نحو بَايَعَ وعَوَّقَ وبَيَّنَ أو كان فعل َتَعَجُّبٍ نحو ما أَبْيَنَهُ وأَبْيِنْ بِهِ وما أَقْوَمَهُ وأَقْوِمْ بِهِ أو مضعفاً نحو أبْيَضَّ وأسْوَدً أو معتلَّ اللامِ نحو أَهْوَى وأَحْيَا
المسألة الثانية : الاسم المُشْبِه للمضارع في َوزْنِهِ دون زيادته او في زيادته دون وزنه فالأول كمَقَام أصله مَقْوَم - على مثال مَذْهَب - فنقلوا وقلبوا والثاني كأن تبنى من البيع أو من القول اُسْماً على مثال تِحْلِىء - بكَسر التاءِ

وهمزة بعد اللام - فإنك تقول تِبِيعٌ - بكَسرتين بعدهما ياء ساكنة - وتِقِيلٌ كذلك وهذه الياء منقلبة عن الواو لسكونها بعد الكَسرة
فإن أَشْبَهَهُ في الوزن والزيادة معاً أو باَيَنَهُ فيهما معاً وجب التصحيح فالأول نحو أَبْيَض وأَسْوَد وأما نحو " يَزِيد " علماً فمنقول إلى العلمية بعد أن أعِلَّ إذ كان فعلا والثاني نحو مخِيْط هذا هو الظاهر وقال الناظم وابنه : وكان حق مِخْيِط أن يُعلَّ لأن زيادته خاصة بالأسماء وهو مشبه لتِعْلَم أى : بكسر حرف المضارعة في لُغة قوم لكنه حمل على مِخْيَاط لشبهه به لفظاً وَمَعْنًى انتهى . وقد يقال : إنه لو صَحَّ ما قالا للزم أن لا يُعَلَّ تحِلىء لأنه يكون مشبهاً لتِحْسِب في وزنه وزيادته . ثم لو سلم أن الإعلال كان لازماً لما ذكر لم يلزم الجميعَ بل مَنْ يكسر حرف المضارعة فقط
المسألة الثالثة : المصدر المُوَازِنُ لإفعال أو استفعال نحو إقْوَام واسْتِقْوَام ويجب بعد القلب حذف إحدى الألفين لالتقاء الساكنين والصحيح أنها الثانية لزيادتها وقُرْبِهَا من الطَّرَفِ . ثم يؤتى بالتاء عِوَضاً فيقال : إقامة واستقامة . وقد تحذف نحو ( وَإقَامِ الصَّلاَةِ )
المسألة الرابعة : صيغة مَفْعُول ويجب بعد النقل في ذوات الواو حَذْفُ إحدى الواوين والصحيح أنها الثاني لما ذكرنا ويجب أيضاً في ذوات الياء الحذفُ وقلبُ الضمة كسرة لئلا تنقلب الياء واواً فتلتبس ذَوَاتُ الياء بذَوَاتُ الواو مثالُ الواوىّ مَقُولٌ ومَصُوغٌ واليائى مَبِيعٌ مَدِينٌ
وبنو تميم تُصَحِّح اليائى فيقولون : مَبْيُوع ومَخْيُوط قال :

- ( وَكَأَنَّها تُفَّاحَةٌ مَطْيُوَبةٌ ... )
وقال : -
( وَإخَالُ أَنَكَ سَيِّدٌ مَعْيُونُ ... )

وربما صحح بعض العرب شيئاً من ذوات الواو سُمِعَ ثوبٌ مَصْوُونٌ وفرسٌ مَقْوُود

هذا باب الحذف
وفيه ثلاث مسائل :
إحداها : تتعلق بالحرف الزائد وذلك ان الفعل إذا كان على وزن أفْعَلَ فإن الهمزة تحذف من أمثلة مضارعة ومِثَالَىْ وَصفْة أعنى وصفى الفاعل والمفعول تقول : أَكْرِمُ وَنُكْرِمُ وَيُكْرِمُ وَتُكْرِمُ وَمُكْرِمُ وَمُكْرَمُ وشذ قوله : -
( فَإِنَّهَ أَهْلٌ لأِنْ يُؤكْرَمَا ... )
المسألة الثانية : تتعلق بفاء الفعل وذلك أن الفعل إذا كان ثلاثياً واوى الفاء مفتوح العين فإن فاءهُ تحذف في أمثلة المضارع وفي الأمر وفي المصدر المبنى على فِعْلَهِ - بكسر الفاء - ويجب في المصدر تعويض الهاء من المحذوف تقول : يَعِدُ وَتَعِدُ وَنَعِدُ وَأَعِدُ ويا زيدُ عِدْ عِدَةً وأما الوجْهَة فاسم بمعنى الجهة لا للتوجه وقد تترك تاء المصدر شذوذاً كقوله : ( وَأَخْلَفُوكَ عِدَ الأمْرِ الّذِى وَعَدُوا ... )

المسألة الثالثة : تتعلق بعين الفعل إذا كان ثلاثياً مكسور العين وعينه ولامه من جنس واحد فإنه يستعمل في حالة إسناده إلى الضمير المتحرك على ثلاثة أوجه : تاماً ومحذوف العين بعد نقل حركتها ومع ترك النقل وذلك نحو ظَلَّ تقول : " ظَلِلْتُ وظِلْتُ وظَلْتُ " وكذلك في ظللن قال الله سبحانه وتعالى : ( فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُون )
وإن كان الفعل مضارعاً أو أمراً واتصل بنون نسوة جاز الوجهان الأولان نحو يَقْرِرْن وَيَقَرْنَ وَاقْرِوْنَ وَقِرْنَ
ولا يجوز في نحو ( قُلْ إنْ ضَلَلْتُ ) ولا في نحو ( فَيَظْللنَ رَوَا كد عَلَى ظَهْرِهِ ) إلا الإتمام لأن العين مفتوحة وقرأ نافع وعاصم ( وَقَرْنَ ) بالفتح وهو قليل لأنه مفتوح ولأن المشهور قَرَرْتُ في المكان - بالفتح - أقِرُّ - بالكسر - وأما عكسه ففي قَرِرْتُ عيناً أقَرُّ .

هذا باب الإدغام
يجب إدغام أول المثلين المتحركين بأحد عشر شرطاً :
أحدها : أن يكونا في كلمة كشَدًّ ومَلْ وحَبَّ أصلهن شَدَدَ بالفتح

ومَلِلَ بالكسر وحَبُبَ بالضم فإن كانا في كلمتين مثل " جَعَلَ لَكَ " كان الإدغام جائزاً لا واجباً
الثاني : أن لاَ يتصدَّرَ أولهما كما في دَدَنٍ
الثالث : أن لا يَتَّصِلَ أولهما بمدغم كجسَّس جمع جاسُّ
الرابع : أن لا يكونا في وزن ملحق سواء كان الملحق أحد المثلين كقَرْدَد ومَهْدَد أو غيرهما كهَيْلَل أو كليهما نحو اقْعَنْسَس فإنها ملحقة بجعفر ودحرج واحرنجم
الخامس والسادس والسابع والثامن : أن لا يكونا في اسم على فعل بفتحتين كطَلَل ومدد او فَعَل بضمتين كذُلْك وجُدُد جمع جَدِيد أو فَعَل بٍكسر اوله وفتح ثانيه كلمِمَ وكِلَلٍ أو فُعَل بضم أوله وفتح ثانيه كدُرَر وجُدَد جمع جُدَّة وهي الطريقة في الجبل
وفي هذه الأنواع السبعة الأخيرة يمتنع الإدغام
والثلاثة الباقية ان لا تكون حركة ثانيهما عارضة نحو : أخْصُصَ أى واكفُفِ الشّرَّ أصلهما : اخْصُصْ واكْفُفْ - بسكون الآخر - ثم نقلت حركة الهمزة إلى الصاد وحركت الفاء الالتقاء الساكنين وأن لا يكون المثلان ياءين لازماً تحريك ثانيهما نحو : حَيِىَ وَعَيىِ ولا تاءين في افتعل كاسْتَتَر واقْتَتَلَ
وفي هذه الصور الثلاث يجوز الإدغام والفك قال تعالى : ( وَيْحيَ مَنْ حَيِىَ عَنْ بَيِّنَةٍ ) ويقرأ أيضاً ( مَنْ حَىَّ ) وتقول : اسْتَتَر واقْتَتَلَ

وإذا أردت الإدغام نقلت حركة الأولى إلى الفاء وأسقطت الهمزة للاستغناء عنها بحركة ما بعدها ثم أدغمت فتقول في الماضى سَتَّرَ وقَتَّلَ وفي المضارع يَسَتَّر ويَقَتِّل بفتح أولهما وفي المصدر ستاراً وقِتَّالا بكسر اولهما
ويجوز الوجهان أيضاً في ثلاث مسائل أخر :
إحداهن : أولى التاءين الزائدتين في أول المضارع نحو تَتَجَلّى وتَتَذَكَّرُ
وذكر الناظم في شرح الكافية وتبعه ابنه أنك إذا أدغمت اجتلبت همزة الوصل لم يخلق الله همزة الوصل في أول المضارع وإنما إدغام هذا النوع في الوصل دون الأبتداء وبذلك قرأ البزى رحمه الله تعالى في الوصل نحو ( ولاَ تَيَمّمُوا ) ( ولاَ تَبَرَّجْنَ ) و ( كُنْئُمْ تَمَّنْونَ ) فإن أردت التخفيف في الابتداء حذفت إحدى التاءَين وهي الثانية لا الأولى خلافاً لهشام وذلك جائز في الوصل أيضاً قال الله تعالى : ( ناراً تَلَظَّى ) ( ولَقَدْ كُنْتُمْ تمَنّوْنَ الَموْتَ )
وقد يجيءُ هذا الحذف في النون ومنه على الأظهر قراءة ابن عاصم : ( وكَذلكَ نُجِّى المُؤْمِنِين ) أصله نُنَجِّى - بفتح النون الثانية - وقيل : الأصل نُنْجى - بسكونها - فأُدغمت كإجَّاصة وإجَّانة وإدغام النون في الحيم لا يكاد يعرف وقيل هو من نجا ينجو ثم ضعفت عينه وأُسند لضمير المصدر ولو كان كذلك لفتحت الياءُ لأنه فعل ماض

الثانية والثالثة : أن تكون الكلمة فعلا مضارعاَ مجزوماَ او فعل أمر قال الله تعالى : ( ومَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِيِنِه ) فيقرأ بالفك وهو لغة أهل الحجاز والإدغام وهو لغة تميم قال الله تعالى : ( واغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ ) وقال الشاعر : -
( فَغُضَّ الطّرْفَ إنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ ... )

والتزم الإدغام في هَلُمَّ لثقلها بالتركيب ومن ثم التزموا في آخرها الفتح ولم يجيزوا فيه ما اجازوه في آخر نحو رُدَّ وشُدّ من الضم للاتباع والكسر على أصل التقاء الساكنين
ويجب الفك في أفْعِلْ في التعجب نحو أشْدِدْ بِبَيَاضِ وُجُوهِ المتقين وأجْبِبْ إلى الله تعالى المحسنين
وإذا سكن الحرف المدغم فيه لاتصاله بضمير الرفع وجب فك الإدغام في لغة غير بكر بن وائل نحو : جَلُلْتَ و ( قل إنْ ضَلَلْتُ ) . ( وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ )
وقد يفك الإدغام في غير ذلك شذوذاً نحو لِحَحتْ عَيْنُه وألِل السقاء أو في ضرورة
كقوله : -
( الحمدُ ِللهِ العَلِىِّ الأْجلَلِ ... الوَاسِعِ الفَضْلِ الوَهُوبِ الُمُجْزِلِ )

انتهى بحمد الله

الثالث : إرادةُ التناسب كقراءة نافع والكسائي ( سَلاَسِلاَ ) و ( قَوَاريراً ) وقراءة الأعمش ( وَلاَ يَغُوثاً وَيَعُوقاً وَنَسْراً )
الرابع : الضرورة كقوله : -
( وَيَوْمَ دَخَلْتُ الْخِدْر خِدْرَ عُنَيْزَةٍ ... )

وتأتي ( أنْ ) مُفَسِّرَة وزائدة وَمُخَفَّفَةً من أَنَّ فلا تنصب المضارع
فالمفسِّرَة هي : المَسْبُوقة بجملة فيها معنى القول دون حُرُوفه نحو ( فَأَوْحَيْنَا

واما قوله : -
( إنِّى إذَنْ أهْلِكَ أو أطيرْاً ... )
فضرورةٌ أو الْخَبرُ محذوفٌ أى : إنى لا أستطيع ذلك

الثالث : بعد ( حَتَّى ) إن كان الفعل مستقبلا بإعتبار التكلم نحو

وقال : -
( فَإنَّ الْقَوَافِى تَتَّلِجْنَ مَوَالِجَا ... )

أقسام الكتاب
1 2