كتاب : كتاب أسرار العربية
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي الوفاء محمد بن عبيدالله بن أبي سعيد

لا قيل هذه الزيادات التي تلحق من من تغييرات الوقف وليست بإعراب والدليل على ذلك من وجهين أحدهما أن من مبنية والمبني لا يلحقه الإعراب والثاني أن الإعراب يثبت في الوصل ويسقط في الوقف وهذا بعكس الإعراب يثبت في الوقف ويسقط في الوصل فدل على أنه ليس بإعراب فأما قول الشاعر - من الوافر -
( أتوا ناري فقلت منون أنتم ... فقالوا الجن قلت عموا ظلاما ) فأثبت الزيادة في حالة الوصل فالجواب عنه من وجهين أحدهما أنه اجري الوصل مجرى الوقف لضرورة الشعر وإذا كان ذلك للضرورة فلا يكون فيه حجة والثاني أنه يجوز أن يكون من قبيلة تعرب من فقد حكي

الحجاز فيخصونها بالاسم العلم والكنية فيقولون إذا قال رأيت زيدا من زيدا وإذا قال مررت بزيد من زيد فيجعلون من في موضع رفع بالابتداء و زيدا في موضع الخبر ويحكون الإعراب وتكون الحركة قائمة مقام الرفعة التي تجب لخبر المبتدأ وأما بنو تميم فلا يحكون ويقولون من زيد بالرفع في جميع الأحوال فيجعلون من في موضع رفع لأنه مبتدأ و زيد هو الخبر ولا يحكون الإعراب وهو القياس والذي يدل على ذلك أن أهل الحجاز يوافقون بني تميم في العطف والوصف فالعطف كقولك إذا قال لك القائل رأيت زيدا ومن زيد والوصف كقولك إذا قال لك القائل رأيت زيدا الظريف من زيد الظريف فإن قيل فلم خص أهل الحجاز الحكاية بالاسم العلم والكنية قيل لأن الاسم العلم والكنية غيرا ونقلا عن وضعهما فلما دخلهما التغيير والتغير يؤنس بالتغيير فإن قيل فلم رفع أهل الحجاز مع العطف والوصف قيل لارتفاع اللبس فإن قيل فما هذه الزيادات التي تلحق من في الاستفهام عن النكرة في الوقف في حالة الرفع والنصب والجر والتأنيث والتثنية والجمع نحو منو ومنا ومني ومنان ومنين ومنون ومنين ومنه ومنتان ومنتين ومنات هل هي إعراب أو

باب الخطاب
إن قال قائل ما ضابط هذا الباب قيل أن تجعل أول كلامك للمسؤول عنه الغائب وآخره للمسؤول المخاطب فتقول إذا سالت رجلا عن رجل كيف ذلك الرجل يا رجل وإذا سألته عن رجلين قلت كيف ذانك الرجلان يا رجل وإذا سألته عن رجال قلت كيف أولئك الرجال يا رجل وإذا سالت رجلا عن امرأة قلت كيف تلك المرأة يا رجل وإذا سألته عن امرأتين قلت كيف تأنك المرأتان يا رجل وإذا سألته عن نسوة قلت كيف أولئك النسوة يا رجل وإذا سألت امرأة عن امرأة قلت كيف تلك المرأة يا امرأة وإذا سألتها عن امرأتين قلت كيف تأنك المرأتان يا امرأة وإذا سألتها عن نسوة قلت كيف أولئك النسوة يا امرأة وإذا سألت امرأة عن رجل فلت كيف ذلك الرجل يا امرأة وإذا سألتها عن رجلين قلت كيف ذانك الرجلان يا امرأة وإذا سألتها عن رجال قلت كيف أولئك الرجال يا امرأة وإذا سألت اثنين عن امرأة قلت كيف تلكما المرأة يا رجلان قال الله تعالى ( ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ) وإذا خاطبت نسوة وأشرت إلى رجل قلت كيف ذلكن الرجل يا نسوة قال الله تعالى ( قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ) وعلى هذا قياس هذا الباب

سيبويه أن من العرب من يقول ضرب من منا كما تقول ضرب رجل رجلا ولم يقع الكلام في لغة من اعربها وإنما وقع في لغة من بناها ف منون في هذه اللغة بمنزلة قام الزيديون وعلى كل حال فهو من القليل الشاذ الذي لا يقاس عليه فاعرفه تصب إن شاء الله تعالى

قال الله تعالى ( ذلك بما قدمت أيديكم ) ولم يقل ذلكم وقيل إنما أفرد لأنه أراد به الجمع كأنه قال ذلك أيها الجمع والجمع لفظه مفرد فاعرفه تصب إن شاء الله تعالى

فإن قيل فلم قدم المشار إليه الغائب قيل عناية بالمسؤول عنه
والكاف بعد أسماء الإشارة وهي ذلك وتلك وأولئك لمجرد الخطاب ولا موضع لها من الإعراب لأنه لو كان لها موضع من الإعراب لكان موضعها الجر بالاضافة وذلك محال لأن أسماء الإشارة معارف والمعارف لا تضاف فصارت بمنزلة الكاف في النجاك لأن ما فيه الألف واللام لا يضاف وبمنزلة الكاف في إياك لأنه مضمر والمضمرات كلها معارف والمعارف لا تضاف
واللام في ذلك وتلك زائدة للتنبيه ك ها في هذا ولهذا لا يحسن أن يقال هذلك ولا هاتالك وأصل اللام أن تكون ساكنة فإن قيل فلم كسرت اللام في ذلك وحدها قيل إنما كسرت لوجهين أحدهما أنها كسرت لالتقاء الساكنين لسكونها وسكون الألف قبلها والثاني أنها كسرت لئلا تلتبس بلام الملك ألا ترى أنك لو قلت ذلك بفتح اللام لالتبس وتوهم السامع أن المراد به أن هذا الشيء ملك لك فلما كان يؤدي إلى الالتباس كسرت اللام لإزالة هذا الالتباس وإنما فتحت كاف الخطاب في المذكر وكسرت في المؤنث للفرق بينهما والكاف في تلكما أيضا للخطاب و ما علامة للتثنية وكذلك الكاف أيضا في أولئكم للخطاب والميم والواو المحذوفة علامة لجمع المذكر وكذلك الكاف أيضا في أولئكن للخطاب والنون المشددة علامة لجمع المؤنث ومن العرب من يأتي بالكاف مفردة في التثنية والجمع على خطاب الواحد إذا فهم المعنى

أدخلت على ما حذف منه اللام
فأما ايمن فهو جمع يمين إلا أنهم وصلوها لكثرة الاستعمال وقيل أنهم حذفوها حذفا وزيدت الهمزة في أوله لئلا يبتدأ بالساكن وأما ما كان مصدرا فنحو انطلاق واقتطاع واحمرار واحميرار واستخراج واغديدان واخرواط واسحنكاك واسلنقاء واحرنجام واسبطرار وما أشبه ذلك وأما الفعل فتدخل همزة الوصل منه على أفعال هذه المصادر نحو انطلق واقتطع و احمر واحمار و استخرج واغدودن و اخروط واسحنكك واسلنقي واحرنجم واسبطر وما أشبه ذلك وإنما دخلت همزة الوصل في أوائل هذه الأفعال ومصادرها لئلا يبتدأ بالساكن وكذلك أيضا تدخل همزة الوصل على أمثلة الأمر من الفعل الذي يسكن فيه ما بعد حرف المضارعة نحو ادخل واضرب واسمع لئلا يبتدأ بالساكن

باب الألفات
إن قال قائل على كم ضربا الألفات التي تدخل أوائل الكلم قيل على ضربين همزة وصل وهمزة قطع فهمزة الوصل هي التي يتصل ما قبلها بما بعدها في الوصل ولذلك سميت همزة الوصل وهمزة القطع هي التي ينقطع ما قبلها عن الاتصال بما بعدها ولذلك سميت همزة القطع فإن قيل ففي ماذا تدخل همزة الوصل من الكلم قيل في جميع أقسام الكلم من الاسم والفعل والحرف أما الاسم فتدخل منه على اسم ليس بمصدر وعلى اسم هو مصدر
فأما ما ليس بمصدر ف ابن وابنة واثنتان واثنتان واسم واست وامرؤ وامرأة وايمن فالهمزة دخلت في أوائل هذه الكلم عوضا عن اللام المحذوفة منها ما عدا امرؤ وامرأة وايمن فأما امرؤ وامرأة فإنما أدخلت عليهما لأنهما لما كان آخرهما همزة والهمزة معدن التغيير تنزلا منزلة الاسم الذي قد حذف منه اللام فأدخلت الهمزة عليهما كما

والثاني أنها فتحت لأن هذا الاسم ناب عن حرف القسم وهو الواو فلما ناب عن الحرف شبه بالحرف وهو لام التعريف فوجب أن تفتح همزته كما فتحت مع لام التعريف فإن قيل فلم ضمت الهمزة في نحو ادخل وكسرت في نحو اضرب وما أشبه ذلك قيل اختلف النحويون في ذلك فذهب البصريون إلى أن الأصل في هذه الهمزة الكسر وإنما ضمت في نحو ادخل وما أشبه ذلك لأن الخروج من كسر إلى ضم مستثقل ولهذا ليس في كلام العرب شيء على وزن فعل وذهب الكوفيون إلى أن همزة الوصل مبنية على ثالث المستقبل فإن كان مكسورا كسرت وإن كان مضموما ضمت وما عدا ما ذكرناه في همزة الوصل فهو همزة قطع لأن همزة القطع ليس لها أصل يحصرها غير أنا نذكر بينهما فرقا على جهة التقريب فنقول

وأما الحرف فلا تدخل همزة الوصل منه إلا على حرف واحد وهي لام التعريف نحو الرجل والغلام وما أشبه ذلك في قول سيبويه للعلة التي ذكرناها وأما الخليل فذهب إلى أن الألف واللام زيدتا معا للتعريف إلا أنهم جعلوا الهمزة همزة وصل لكثرة الاستعمال وقد ذكرناه مستوفى في كتاب الألف واللام فإن قيل فلم فتحت الهمزة مع لام التعريف وألف ايمن قيل أما الهمزة مع لام التعريف ففتحت لثلاثة أوجه الوجه الأول أن الهمزة لما دخلت على لام التعريف وهي حرف أرادوا أن يجعلوها مخالفة للهمزة التي دخلت على الاسم والفعل والوجه الثاني أن الحرف أثقل فاختاروا له الفتح لأنه أخف الحركات والوجه الثالث أن الهمزة مع لام التعريف يكثر دورها في الكلام فاختاروا لها أخف الحركات وهو الفتح وأما همزة ايمن فإنما بنيت على الفتح لوجهين
أحدهما أن الأصل فيها أن تكون همزة قطع مفتوحة فإذا وصلت لكثرة الاستعمال بقيت حركتها على ما كانت عليه

على أحدهما كان الحمل على الأكثر أولى من الحمل على الأقل
والثاني أن الخماسي والسداسي ثقيلان لكثرة حروفهما فلو بنوهما على الضم لأدى ذلك إلى أن يجمعوا بين كثرة الحروف وثقل الضم وذلك لا يجوز فأعطوهما أخف الحركات وهو الفتح على أن بعض العرب يضم حرف المضارعة منهما فيقول ينطلق ويستخرج بضم حرف المضارعة حملا على الرباعي
فاعرفه تصب إن شاء الله تعالى

يفرق بين همزة الوصل وهمزة القطع في الأسماء بالتصغير فإن ثبتت بالتصغير فهي همزة قطع وإن سقطت فهي همزة وصل نحو همزة أب وابن فالهمزة في أب همزة قطع لأنها تثبت في التصغير لأنك تقول في تصغيره أبي والهمزة في ابن همزة وصل لأنها تسقط في التصغير لأنك تقول في تصغيره بني ويفرق بين همزة الوصل وهمزة القطع في الأفعال بأن تكون ياء المضارعة فيه مفتوحة أو مضمومة فإن كانت مفتوحة فهي همزة وصل نحو ما قدمناه وإن كانت مضمومة فهي همزة قطع نحو أجمل وأحسن وما أشبه ذلك لأنك تقول في المضارع منه يجمل ويحسن وما أشبه ذلك وهمزة مصدره أيضا همزة قطع كالفعل وإنما كسرت من إجمال ونحوه لئلا يلتبس بالجمع فإنهم لو قالوا أجمل أجمالا بفتح الهمزة في المصدر لالتبس بجمع جمل فلما كان ذلك يؤدي إلى اللبس كسروا الهمزة لإزالة اللبس فإن قيل فلم فتحوا حرف المضارعة من الثلاثي وضموه من الرباعي قيل لأن الثلاثي أكثر من الرباعي والفتحة أخف من الضمة فأعطوا الأكثر الأخف والأقل الأثقل ليعادلوا بينهما
فإن قيل فالخماسي والسداسي أقل من الرباعي فهلا وجب ضمه قيل إنما وجب فتحه لوجهين أحدهما أن النقل في الثلاثي أكثر من الرباعي فلما وجب الحمل

قولهم في عالم عالم وفي سالم سالم وأما الإمالة للكسرة تعرض للحرف في بعض المواضع فنحو قولهم في خاف خاف فأمالوا لأن الخاء تكسر في خفت
وأما الإمالة للياء فنحو قولهم في شيبان شيبان وفي غيلان غيلان وأما الإمالة لأن الألف منقلبة عن الياء فنحو قولهم في رحى رحى وفي رمى رمى وأما الإمالة لأن الألف تنزل منزلة المنقلبة عن الياء فنحو قولهم في حبارى حبارى وفي سكارى سكارى
وأما الإمالة للإمالة فنحو رأيت عمادا وقرأت كتابا فإن قيل فما يمنع من الإمالة قيل حروف الاستعلاء والإطباق وهي الصاد والضاد والطاء والظاء والغين والخاء والقاف فهذه سبعة أحرف تمنع الإمالة
فإن قيل فلم منعت هذه الأحرف الإمالة قيل لأن هذه الأحرف

باب الإمالة
إن قال قائل ما الإمالة قيل أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة وبالألف نحو الياء
فإن قيل فلم أدخلت الإمالة الكلام قيل طلبا للتشاكل لئلا تختلف الأصوات فتتنافر وهي تختص بلغة أهل الحجاز ومن جاورهم من بني تميم وغيرهم وهي فرع على التفخيم والتفخيم هو الأصل بدليل أن الإمالة تفتقر إلى أسباب توجبها وليس التفخيم كذلك فإن قيل فما الأسباب التي توجب الإمالة قيل هي الكسرة في اللفظ أو كسرة تعرض للحرف في بعض المواضع أو الياء الموجودة في اللفظ أو لأن الألف منقلبة عن الياء أو لأن الألف تنزل منزلة المنقلبة عن الياء أوأمالة لإمالة فهذه ستة أسباب توجب الإمالة
فأما الإمالة للكسرة في اللفظ فنحو

عال بدرجة أو سلم والإمالة مع غير الكسرة بمنزلة النزول من موضع عال من غير درجة أو سلم فبان الفرق بينهما فإن قيل فلم إذا كانت الراء مفتوحة أو مضمومة منعت من الإمالة وإذا كانت مكسورة أوجبت الإمالة قيل لأن الراء حرف تكرير فإذا كانت مفتوحة أو مضمومة فكأنه قد اجتمع فيها فتحتان أو ضمتان فلذلك منعت الإمالة وأما إذا كانت مكسورة فكأنه قد اجتمع فيها كسرتان فلذلك أوجبت ا لإمالة فإن قيل فلم غلبت الراء المكسورة حرف الاستعلاء في نحو طارد والراء المفتوحة نحو في نحو دار القرار وما أشبه ذلك قيل إنما غلبت الإمالة للراء المكسورة مع الحرف المستعلى لأن الكسرة في الراء اكتسبت تكريرا فقويت لأن الحركة تقوى بقوة الحرف الذي يتحملها فصارت الكسرة فيها بمنزلة كسرتين فغلبت بتسفلها تصعد المستعلي وكما غلبت الراء المكسورة الحرف المستعلي فكذلك الراء المفتوحة المشبهة به فإن قيل فلم لم تدخل الإمالة في الحروف قيل لأن الإمالة ضرب من التصرف أو لتدل الألف على أن اصلها ياء والحروف لا تتصرف ولا تكون ألفاتها منقلبة عن ياء ولا واو فإن قيل فلم جازت الإمالة في بلى و يا في النداء قيل أما بلى

تستعلي وتتصل بالحنك الأعلى فتجذب الألف إلى الفتح وتمنعه من التسفل بالإمالة
فإن قيل فلم إذا وقعت بعد الألف مكسورة منعت الإمالة وإذا وقعت مكسورة قبلها لم تمنع قيل إنما منعت من الإمالة إذا وقعت مكسورة بعد الألف لأنه يؤدي إلى التصعد بعد الإنحدار لأن الإمالة تقتضي الانحدار وهذه الحروف تقتضي التصعد فلو أميلت ههنا لأدى ذلك إلى التصعد بعد الانحدار وذلك صعب ثقيل فلهذا منعت من الإمالة بخلاف ما إذا وقعت مكسورة قبل الألف فإنه لا يؤدي إلى ذلك فإنك إذا أتيت بالمستعلي مكسورا أضعفت استعلاءه ثم إذا أملت انحدرت بعد تصعد والانحدار بعد التصعد سهل خفيف فبان الفرق بينهما فإن قيل فهلا جازت الإمالة إذا وقعت قبل الألف مفتوحة في نحو صامت وذلك انحدار بعد تصعد قيل لأن الحرف المستعلي مفتوح والحرف المستعلي إذا كان مفتوحا زاد استعلاء فامتنعت الإمالة بخلاف ما إذا كان مكسورا لأن الكسرة تضعف استعلاءه فصارت سلما إلى جواز الامالة ولم يكن جواز الإمالة هناك لأنه انحدار بعد تصعد فقط وإنما كان كذلك لأن الكسرة ضعفت استعلاءه ولأنه انحدار بعد تصعد فباعتبار هذين الوصفين جازت الإمالة
وههنا وإن وجد أحدهما وهو كونه انحدارا بعد تصعد فلم يوجد الآخر وهو تضعيف حرف الاستعلاء بالكسرة التي هي سلم إلى جواز الإمالة
فالإمالة في ضرب المثال مع الكسرة بمنزلة النزول من موضع

باب الوقف
- إن قال قائل على كم وجها يكون الوقف قيل على خمسة أوجه السكون وهو حذف الحركة والتنوين والإشمام وهو أن تضم شفتيك من غير صوت وهذا يدركه البصير دون الضرير والروم وهو أن تشير إلى الحركة بصوت ضعيف وهذا يدركه البصير و ا لضرير والتشديد وهو أن تشدد الحرف الأخير نحو هذا عمر وهذا خالد

فإنما أميلت لأنها أغنت غناء الجملة وأما يا في النداء فإنما أميلت لأنها قامت مقام الفعل فجازت إمالتها كالفعل فاعرفه تصب إن شاء الله تعالى

الإبدال في حالة الرفع والجر على ما بينا
وأما الإشمام فالمراد به أن تبين أن لهذه الكلمة حال حركة في حال الوصل وكذلك الروم والتشديد فإن قيل فلم لم يجز الإشمام في حالة الجر قيل لأنه يؤدي إلى تشويه الحلق
وأما الإتباع فلأنه لما وجب التحريك لالتقاء الساكنين اختاروا الضمة في حالة الرفع لأنها الحركة التي كانت في حالة الوصل فكانت أولى من غيرها وقال الشاعر - من الرجز - أنا ابن ماوية إذا جد النقر وكذلك حكم الكسرة في قول الآخر - من المتقارب -
( أرتني حجلا على ساقها ... فهش الفؤاد لذاك الحجل )

والإتباع وهو أن تحرك ما قبل الحرف الأخير إذا كان ساكنا حركة الحرف الأخير في الرفع والجر نحو هذا بكر ومررت ببكر فإن قيل فلم خصوا الوقف بهذه الوجوه الخمسة قيل أما السكون فلأن راحة المتكلم ينبغي أن تكون عند الفراغ من الكلمة والوقف عليها والراحة بالسكون لا بالحركة فإن قيل فلم أبدلوا من التنوين ألفا في حال النصب ولم يبدلوا من التنوين واوا في حال الرفع ولا ياء في حال الجر قيل لوجهين أحدهما إنما أبدلوا من التنوين ألفا في حال النصب لخفة الفتحة بخلاف الرفع والجر فإن الضمة والكسرة ثقيلتان والوجه الثاني أنهم لو أبدلوا من التنوين واوا في حال الرفع لكان ذلك يؤدي إلى أن يكون اسم متمكن في آخره واو قبلها ضمة وليس في كلام العرب اسم متمكن في آخره واو قبلها ضمة ولو أبدلوا من التنوين ياء في حالة الجر لكان ذلك يؤدي إلى ان تلتبس بياء المتكلم فلذلك لم يبدلوا منه ياء على أنه من العرب من يبدل في حالة الرفع واوا وفي حالة الجر ياء
ومنهم من لا يبدل في حالة النصب ألفا كما لا يبدل في حالة الرفع واوا ولا في حالة الجر ياء وهي لغة قليلة وأجود اللغات الإبدال في حالة النصب وترك

بعضهم وعل ا فلما كان ذلك يؤدي إلى إثبات ما لا نظير له في كلامهم رفضوه وعدلوا عن الكسر إلى الضم فقالوا مررت بالبسر بضم السين لأن له نظيرا في كلامهم نحو طنب وحرض فاعرفه تصب إن شاء الله تعالى

بكسر الحاء والجيم
فإن قيل فهلا جاز ذلك في حالة النصب كما جاز في حالة الرفع والجر قيل لأن حرف الإعراب تلزمه الحركة إذا كان منونا في حالة النصب نحو قولك رأيت بكرا ولا تلزمه في حالة الرفع والجر فإن قيل فهلا جاز فيما لم يكن فيه تنوين نحو قولك رأيت البكر قيل حملا على ما فيه التنوين لأن الأصل هو التنكير فإن قيل فهلا جاز أن يقال هذا عدل بضم الدال و مررت بالبسر بكسر السين في الوقف كما جاز هذا بكر ومررت ببكر قيل لأنهم لو قالوا هذا عدل بضم الدال لأدى ذلك إلى إثبات ما لا نظير له في كلامهم لأنه ليس في كلامهم شيء على وزن فعل فلما كان ذلك يؤدي إلى إثبات ما لا نظير له في كلامهم عدلوا عن الضم إلى الكسر كما قالوا في جمع حقو أحق و جرو أجر و قلنسوة قلنس فقالوا هذا عدل بكسر الدال لأن له نظيرا في كلامهم نحو إبل وإطل ولم يقولوا مررت بالبسر بكسر السين لأنه ليس في الأسماء شيء على وزن فعل إلا دئل وهو اسم دويبة و رئم اسم للسته وهما فعلان نقلا إلى الاسمية وحكى

كالزاي والشين ا كالجيم وتبلغ نيفا وأربعين حرفا بحروف غير مستحسنة وهي القاف التي بين القاف والكاف والكاف التي بين الجيم والكاف والجيم التي كالكاف والجيم التي كالشين والصاد التي كالسين والطاء التي كالتاء والظاء التي كالثاء والباء التي كالفاء وحكى أبو بكر بن مبرمان الضاد الضعيفة المبدلة من الثاء وحكى أن منهم من يقول في اثرد اضرد ومخارجها ستة عشر مخرجا فالأول للهمزة والألف والهاء وهو من أقصى الحلق مما يلي الصدر والثاني للعين والحاء وهو من وسط الحلق والثالث للغين والخاء وهو من أدنى الحلق مما يلي الفم والرابع للقاف وهو من أقصى اللسان وما فوقه من الحنك والخامس للكاف وهو أسفل من ذلك وأقرب إلى مقدم الفم والسادس للجيم والشين والياء وهو من وسط اللسان بينه وبين الحنك الأعلى والسابع للضاد وهو من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس

باب الإدغام
إن قال قائل ما الإدغام قيل أن تصل حرفا بحرف مثله من غير أن تفصل بينهما بحركة أو وقف فينبو اللسان عنهما نبوة واحدة فإن قيل فعلى كم ضربا الإدغام قيل على ضربين إدغام حرف في مثله من غير قلب وإدغام حرف في مقاربه بعد القلب فأما إدغام الحرف في مثله فنحو شد ورد والأصل فيه شدد وردد إلا أنه لما اجتمع حرفان متحركان من جنس واحد سكنوا الأول منهما وادغموه في الثاني وحكم المضارع في الإدغام حكم الماضي نحو يشد ويرد وما أشبه ذلك وأما إدغام حرف في مقاربه فهو أن تبدل أحدهما من جنس الآخر وتدغمه فيه نحو الحق كلدة وانهك قطنا واسلخ غنمك وادمغ خلفا وما أشبه ذلك غير أنه لا طريق إلى معرفة تقارب الحروف إلا بعد معرفتها ومعرفة مخارجها وأقسامها وهي تسعة وعشرون حرفا وهي معروفة وقد تبلغ خمسة وثلاثين حرفا بحروف مستحسنة وهي النون الخفيفة وهمزة بين بين والألف الممالة وألف التفخيم وهي التي ينحى بها نحو الواو نحو الصلاة والصاد

فهذه مخارج الحروف وهي تنقسم إلى المهموسة والمجهورة والمذلقة والمصمتة والشديدة والرخوة وما بين الشديدة والرخوة والمطبقة والمفتوحة والمستعلية والمنخفضة والمعتلة
فالمهموسة عشرة أحرف الهاء والحاء والخاء والكاف والسين والشين والصاد والتاء والثاء والفاء ويجمعها قولك ستشحثك خصفة والمجهورة ما عدا هذه العشرة وهي تسعة عشر حرفا ويجمعها مد غطاء جعظر وقل بد ضيزن والمذلقة ستة أحرف اللام والنون والراء والميم والباء والفاء ويجمعها فر من لب والمصمتة ما عدا هذه الستة
والشديدة ثمانية أحرف ويجمعها أجدت طبقك
وكذلك ما بين الشديدة والرخوة ثمانية أحرف أيضا يجمعها نوري لامع والرخوة ما عداها والمطبقة أربعه أحرف الصاد والضاد والطاء والظاء والمفتوحة ما عدا هذه الأربعة والمستعلية سبعة أحرف أربعة منها هي التي ذكرنا أنها مطبقة والثلاثة الأخر القاف والغين والخاء والمنخفضة ما عدا هذه السبعة والمعتلة أربعة أحرف الهمزة وحروف المد واللين وهي الألف والياء والواو ومعنى المهموسة أنها حروف أضعف الاعتماد - عليها - في موضعها

وهومن الجانب الأيسر أسهل
والثامن للام وهو من أدنى حافة اللسان إلى منتهى طرفه والتاسع للنون وهو من فوق ذلك فويق الثنايا والعاشر للراء وهو من مخرج النون إلا أن الراء أدخل بطرف اللسان في الفم ولها تكرير في مخرجها والحادي عشر للطاء والدال والتاء وهو من بين طرف اللسان وأصول الثنايا العليا والثاني عشر للصاد والسين والزاي وهو من بين طرف اللسان وفويق الثنايا السفلى وتسمى هذه الحروف الثلاثة حروف الصفير والثالث عشر للثاء والذال والظاء وهو من بين طرف اللسان واطراف الثنايا العليا والرابع عشر للفاء وهو من باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا والخامس عشر للباء والميم والواو وهو من بين الشفتين
والسادس عشر للنون الخفيفة وهو من الخياشيم ولا عمل للسان فيها

بها تقارب الحروف بعضها من بعض
قيل فلم جاز أن تدغم الباء في الميم لتقاربهما ولا يجوز أن تدغم الميم في الباء قيل إنما لم يجز أن تدغم الميم في الباء نحو أكرم بكرا كما يجوز أن تدغم الباء في الميم نحو اصحب مطرا لأن الميم فيها زيادة صوت وهي الغنة فلو أدغمت في الباء لذهبت الغنة التي فيها بخلاف الباء فإنه ليس فيها غنة تذهب بالإدغام وكذلك أيضا لا يجوز أن تدغم الراء في اللام كما يجوز أن تدغم اللام في الراء لأن في الراء زيادة صوت وهو التكرير فلو أدغمت في اللام لذهب التكرير الذي فيها بالإدغام بخلاف اللام فإنه ليس فيها تكرير يذهب بالإدغام فأما ما روي عن أبي عمرو بن العلاء من إدغام الراء في اللام في قوله تعالى ( نغفر لكم خطاياكم ) فالعلماء ينسبون الغلط في ذلك إلى الراوي لا إلى أبي عمرو ولعل أبا عمرو أخفى الراء فخفي على الراوي فتوهمه إدغاما وكذلك كل حرف فيه زيادة صوت لا يدغم فيما هو أنقص صوتا منه وإنما لم يجز إدغام الحرف فيما هو أنقص صوتا منه لأنه يؤدي إلى الإجحاف به وإبطال ما له من الفضل على مقاربه فإن قيل فلام التعريف في كم حرفا تدغم قيل في ثلاثة عشر حرفا وهي التاء والثاء والدال والذال والراء والزاي والسين والشين والصاد والضاد والطاء والظاء والنون نحو التائب والثابت والداعي والذاكر والراهب والزاهد

فجرى النفس معها فأخفاها والهمس الصوت الخفي فلذلك سميت مهموسة ومعنى المجهورة أنها حروف أشبع الاعتماد عليها في موضعها فمنعت النفس أن يجري معها فخرجت ظاهرة والجهر هو الإظهار فلذلك سميت مجهورة ومعنى المذلقة أنها حروف لها فضل اعتماد على ذلق اللسان وهو طرفه ولذلك سميت مذلقة
ومعنى المصمتة أنها حروف ليس لها ذلك الاعتماد على ذلق اللسان وأصمتت بأن تختص بالبناء إذا كانت الكلمة رباعية أو خماسية ولذلك سميت مصمتة
ومعنى الشديدة أنها حروف صلبة لا يجري فيها الصوت ولذلك سميت شديدة ومعنى الرخوة أنها حروف ضعيفة يجري فيها الصوت ولذلك سميت رخوة ومعنى ما بين الشديدة والرخوة أنها حروف لا مفرطة في الصلابة ولا ظاهرة الضعف بل هي في اعتدال بينهما ولذلك كانت بين الشديدة والرخوة ومعنى المطبقة أنها حروف يرتفع بها اللسان إلى الحنك الأعلى فينطبق عليها فتصير محصورة ولذلك سميت مطبقة ومعنى المفتوحة أنها حروف لا يرتفع اللسان بها إلى الحنك الأعلى فينفتح عنها ولذلك سميت مفتوحة ومعنى المستعلية أنها حروف تستعلي إلى الحنك الاعلى ولذلك سميت مستعلية
ومعنى المنخفضة عكس ذلك ومعنى المعتلة أنها حروف تتغير بانقلاب بعضها إلى بعض بالعلل الموجبة لذلك ولذلك سميت معتلة وسميت الألف والياء والواو حروف المد واللين أما المد فلأن الصوت يمتد بها وأما اللين فلأنها لانت في مخارجها واتسعت وأوسعهن مخرجا الألف ويسمى الهاوي لهويه في الحلق فهذا ما أردنا أن نذكره من معرفة مخارج الحروف وأقسامها التي يعرف

والساهر والشاكر والصابر والضامر والطائع والظافر والناصر أحد عشر ا حرفا من حروف طرف اللسان وحرفان يخالطان طرف اللسان وهما الضاد والشين وإنما أدغمت لام التعريف في هذه الحروف لوجهين أحدهما أن هذه الحروف مقاربة لها والوجه الثاني أن هذه اللام كثر دورها في الكلام ولهذا تدخل في سائر الأسماء سوى أسماء الأعلام والأسماء غير المتمكنة ولما اجتمع فيها المقاربة لهذه الحروف وكثرة دورها في الكلام لزم فيها الإدغام وأما من أظهر اللام على الأصل فمن الشاذ الذي لا يعتد به فإن قيل فما الأصل في ست و بلعنبر قيل اما ست فأصلها سدس بدليل قولهم في تصغيره سديس وفي تكسيره أسداس إلا أنهم أبدلوا من السين تاء كما أبدلوا من التاء سينا في اتخذ فقالوا استخذ فلما أبدلوا ههنا من السين تاء صار إلى سدت ثم أدغموا الدال في التاء فصار إلى ست وأما بلعنبر فأصله بنو العنبر إلا أنهم حذفوا الحرف المعتل لسكونه وسكون اللام ولم يمكنهم الإدغام لحركة النون وسكون اللام فحذفوا النون بدلا من الإدغام ومن ذلك قولهم بلعم يريدون بني العم قال

الشاعر - من الطويل -
( إذا غاب غدوا عنك بلعم لم يكن ... جليدا ولم تعطف عليك العواطف ) ومن ذلك قولهم علماء بنو فلان يريدون على الماء قال الشاعرا
( غداة طفت علماء بكر بن وائل ... وعجنا صدور الخيل شطر تميم ) - من الطويل - يريد على الماء وهذا كله ليس بمطرد في القياس وإنما دعاهم إلى ذلك كثرة الاستعمال وهو من الشاذ الذي لا يقاس عليه فاعرفه تصب إن شاء الله تعالى تم الكتاب والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي واله الطاهرين و سلامه

أقسام الكتاب
1 2