كتاب : أدب الكتاب
المؤلف : الصولي

أما بعد فقد كان من أمرنا ما أغنت جملته عن تفصيله. وكنا نحن وعدونا في مدة هذا التنازع على حالتين مختلفتين: يسرنا منهم أكثر مما يسوؤنا ويسوؤهم منا أكثر مما يسرهم؛ على شدة شوكتهم، واجتماع كلمتهم، وانزعاج القلوب لمخافتهم؛ حتى نوم بذكرهم الرضيع، وأصم لخوفهم السميع. فانتهزت منهم الفرصة عند إمكانها، بعد أن تنظرت وقت إبانها؛ واستدعى النهل علله، وبلغ الكتاب أجله. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين " .
ونحو هذا، إلا أنه في التهدد، ما حدثني به عبد الواحد بن العباس الهاشمي، قال: سمعت الرياشي يقول: كتب ملك الروم إلى المعتصم كتاباً يتهدده فيه فأمر بجوابه. فلما قربت الأجوبة عليه لم يرضها وقال للكاتب: " اكتب " فأملى عليه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد قرأت كتابك، وسمعت خطابك. والجواب ما ترى لا ما تسمع. وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار " .
وكتب أحمد بن يوسف إلى إسحاق الموصلي يدعوه ويعلمه أن عنده قلماً " المعنى أنا وقلم وأنت أعلم " .
وكتب عبد الملك إلى الحجاج: " أما بعد فقد بلغني سرفك في سفك الدماء، وتبذير الأموال في الباطل، ومنعك الحق؛ فلا يؤنسنك بي إلا طاعتك، ولا يوحشنك مني إلا معصيتك " .
قال: فكتب إليه الحجاج: " أما بعد فقد وصل كتاب أمير المؤمنين، وما قتلت إلا فيه، ولا أعطيت إلا له. فإن رأى أمير المؤمنين أن يمضي لي سالفي، ويأمر لي بما أحب في مستأنفي؛ فعل إن شاء الله " .
قال الصولي: حدثني محمد بن يزيد المبرد قال: حدثني العتبي قال: كتب عبد الملك بن مروان إلى بعض ولده، وقد خالفه في شيء: " أما بعد فإني أمرتك بأمر فأتيت غيره، ووصيتك بوصية فأبيت إلا عصته. وخفت أنك بمنزلة الصبي الذي إذا أمر بشيء أباه، وإذا نهي عن شيء أتاه؛ فيحتال له فيما ينفعه بأن ينهى عنه، وفيما يضره بأن يؤمر به. ويا سوأتي لمن هذه حاله والسلام " .

مكاتبة الإخوان
قال الصولي: حدثني محمد بن موسى بن حماد قال: سمعت الحسن بن وهب يقول: كاتب رئيسك بما يستحق، ومن دونك بما يستوجب، واكتب إلى صديقك كما تكتب إلى حبيبك.
وقال بعض الكتاب: غزل المودة أرق من غزل الصبابة.
وقال غيره: إني لألذ للمؤانسة كلذتي للملامسة.
وحدثنا أبو العيناء قال: حدثنا الأصمعي قال: قال هشام: قد مرت لذات الدنيا كلها على يدي وفعلي، فما رأيت ألذ من محادثة صديق ألقى التحفظ بيني وبينه.
قال الصولي: أو ما ترى حذق أبي تمام في قوله لآل وهب:
كل شعب كنتهم به آل وهب ... فهو شعبي وشعب كل أديب
إن قلبي لكم لكالكبد الحر ... ى وقلبي لغيركم كالقلوب
وهو القائل:
واجد بالخليل من برحاء الشو ... ق وجدان غيره بالحبيب
وأنشدنا أحمد بن إسماعيل لنفسه:
صدود الحبيب دعاء الغلي ... ل وأغلظ منه صدود الخليل
صددت فاشمت بي حاسداً ... عليك وحققت قول العذول
وقال أبو تمام إلى ابن الهيثم:
سلام الله عدة رمل خبت ... على ابن الهيثم الملك اللباب
ذكرتك ذكرة جذبت ضلوعي ... إليك كأنها ذكرى تصابي
وقال إبراهيم بن العاس الصولي:
أميل مع الذمام على ابن عمي ... وأقضي للصديق على الشقيق
وإما تلفني حراً وطاعاً ... فإنك واجدي عبد الصديق
وقالوا: طرف الصداقة أملح من طرف العلاقة.
ذكر الحساب
قال الصولي: لم نرد بذكر الحساب أن نذكر الضرب والقسمة والمعاملة، إما أردنا أن نذكر اللغة فيه ووصف الكتاب به إذ كان الحساب قد عملت فيه كتب يزيد بعضها على جملة كتابنا هذا، ولئلا يخلو هذا الكتاب من ذكره إذ كان أصلاً لا يستغني عنه الكاتب ولا بد لكل أحد منه.
يقال: حسب يحسب حساباً وحسباناً مثل بنى يبني بناء وبنياناً والفعلان في مصدر فعل وفعل قد جاءا، وإن لم يكثرا قالوا: رفع رفعاناً وخسر خسراناً وغنى غنياناً. قال الحارث بن خالد:
أجد بعمرة غنيانها ... فتهجر أم شاننا شانها
والحسبان العذاب، ومنه قول الله عز وجل: " ويرسل عليها حسباناً من السماء " ، والحسبان الاتكال، ولم نسمعه إلا مع ذكر الله عز وجل: يقال على الله حسباني وتكلاني قال الشاعر:

على الله حسباني إن النفس أشرفت ... على طمع أو خاف شيئاً ضميرها
وقال الله تعالى: " الشمس والقمر بحسبان " أي يطلعان ويغيبان بأوقات وقتها اله لا تزيد ولا تنقص، فكانت كصحة ما يحسب. قال الله عز وجل: " وجعلنا الليل والنهار أيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا " .
وأجمع الحساب من كل جنس وملة، بكل خط ولغة، على أن تراكيب الحساب لا تعدوا أربعة: عدد يضرب في عدد، أو قسمة عدد على عدد. أو إلقاء عدد من عدد. أو زيادة عدد على عدد، وتكلموا في أوائل العدد ونهاياتها بكلام كثير، أحسنه ما قال الهند: إن الأعداد تبتدئ من واحد وتنتهي إلى تسعة، ثم تكون العشرة راجعة إلى حال الواحد على الرتبة.
وعلى هذا وصفوا حروفهم التسعة وقالوا: الحساب الهندي أخرج لكثير العدد إلا أن الكتاب اجتنبوه لأن له آلة، ورأوا أن ما قلت آلته، وانفرد الإنسان فيه بآلة من جسمه، كان أذهب في السر وأليق بشأن الرياسة، وهو ما اقتصروا عليه من العقد والبنان وإخراج رؤوس الجمل في أواخر السطور، وحط التفصيلات عنها واحداً دون آخر، وفرعاً دون أصل. وعني بعض الكتاب بذلك، حتى خف عقده وصار يلحق ببنانه، مثل ما يلحق ببصره، ولا يستبين الناظر مواقع أنامله.
وقد شبه عبد الله بن أيوب بن محمد التيمي وميض البرق بخفة يد الحاسب فقال:
أعني على بارق ناظر ... خفي كوحيك بالحاجب
كأن تألقه في السما ... يدا كاتب أو يدا حاسب
وقال بعض الكتاب:
وناطق تخبر ألفاظه ... عن نغمات العود بالزمر
بينا تراه عاقداً خمسة ... وستة صار إلى عشر
وصار من بعد إلى واحد ... كحاسب أخطأ في كسر
ومن أحسن ما قيل في تشبيه يد الحاسب بوميض البرق بعد قول التيمي قول عنترة من أبيات:
وفرضت للناس الكتابة فاحتذوا ... فيها مثالك والعلوم فرائض
وإذا خططت فأنت غيث معشب ... وإذا حسبت فأنت برق وامض
وإذا نهضت فأنت نجم ثاقب ... وإذا جلست فأنت ليث رابض
فبك التمثل حين ينعت فاضل ... وإليك يرجع حين يشكل غامض
وقد زعم قوم أن قول الله عز وجل: " فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة " . إنما قصد به الإفادة إذ كانت العرب لا تعرف دقيق الأعداد وليست ممن يحسن الحساب واحتجوا بقول الفرزدق:
ثلاث واثنتان فهن خمس ... وواحدة تميل إلى سمام
قالوا: فلولا أنه رأى ذلك فائدة ما قاله. واحتجوا بقول النبي حدثنا، حين أخبر أن الشهر قد يكون تسعاً وعشرين " الشهر هكذا " وفتح أصابع يديه العشر " وهكذا وهكذا " وثني إحدى أصابعه في الثالثة. وقيل: المعنى أنه لما فصل بين السبع والثلاثة بإفطار أخبر أنها كالمتصلة، إذ كان قد أتى بها كما أمر فقد كملت له. وقيل: بل أراد أنها كملت فدية حين وصل السبعة بالثلاثة.
وكان بعض العرب باع جوهراً نفيساً، بألف درهم فقيل له: قد كان يساوي أكثر من هذا فقال: ما ظننت أن عدداً أكثر من ألف. وقال ابن الرومي:
وكنت حسبت فلما حسبت ... زاد الحساب على المحسبة
وقال الخليل بن أحمد يهجو رجلاً كانت يداه مقبوضتين عن البذل فقال:
كفاك لم يخلقا للندى ... ولم يك بخلهما بدعة
فكف ثلاثة آلافها ... وتسع مئيها لها شرعه
وكف عن الخير مقبوضة ... كما نقصت مائة سبعه
وقال النابغة للنعمان في اعتذاره إليه: كن حكيماً في إنصافي، كما حكمت جارية كانت لها حمامة، فرأت قطاً محزرته ستاً وستين فقالت:
ليت الحمام ليه ... إلى حمامتيه
أو نصفه قديه ... ثم الحمام مائه
قالوا: وكانت لها قطاة وجعلت القطا حماماً. وقيل: أراد النابغة: احكم علي بعدل، كما حكمت هذه في العدد فأصابت. والأول أجود وهو قول الأصمعي، أفلا ترى إلى النابغة كيف حكى هذا ونسب هذه الفتاة إلى حكمة وعدل حين أحسنت العدد فقال.
واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت ... إلى حمام سراع وارد الثمد
الثمد الماء القليل.

قال أبو عبيدة: وكان يقال للجارية: الزرقاء واسمها عنز، وكانت من جديس. وقال غيره: القائلة لهذا هند بنت الخس:
قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد
قولها " فقد " أي حسبي وقدك حسبك.
فحسبوه فألفوه كما زعمت ... تسعاً وتسعين لم ينقص ولم يزد
فكلمت مائة فيها حمامتها ... وأسرعت حسبة في ذلك العدد
ومن المشهور الذي يتطارحه الناس أشعار:
لها الثلثان من قلبي ... وثلثا ثلثها الباقي
وثلثا ثلث ما يبقى ... وثلث الثلث للساقي
وتبقى حصص ست ... لقسم بين عشاق
الأصل مائتان وثلاثة وأربعون، ذهب الثلثان مائة واثنان وستون، الباقي أحد وثلاثون، ذهب ثلثا ثلثه، يبقى سبعة وعشرون فيذهب ثمانية عشر وهو قوله: وثلثا ثلث ما يبقى وتبقى تسعة ثلثها للساقي، وهو قوله: وثلث الثلث للساقي ويبقى ستة فصيرها حصصاً ليستوي له الشعر. فقال: ويبقى حصص ست لأنه لو قال: اسهم كانت ستة.

نقصان الألف وإسقاطها
ألف الوصل لا يجوز إسقاطها من الخط إلا في ثلاثة مواضع: تحذف من بسم الله الرحمن الرحيم وقد ذكرنا ذلك.
وتسقط من ابن إذا جاء بعد اسم ظاهر في معنى فلان، وكان مضافاً إلى اسم ظاهر كالإسم الأول، وكان الابن نعتاً للإسم كقولك: مررت بزيد بن محمد، وجاز إسقاط الألف لأن الإسم الأول ولآخر قد دلا على الابن فعرف موضعهما فحذفت، وإنما فعلوا ذلك لللإجاز، فعلى هذا أجر الابن ما دام الابن واحداً، فإذا ثنيت كتبت: جاءني زيد ومحمد إبنا عبد الله كان بالألف، وإذا كان الابن مبتدأ لم يجز إسقاط الألف منه لأنه لم يأت قبله ما يدل عليه، وكذلك إذا كان خبراً قبح إسقاط الألف كقولك: إن محمداً ابن زيد لأنه كالمبتدأ، ولئلا يشبه الخبر النعت، وكذلك إذا أضيف إلى اسم ليس في معنى فلان كقولك: زيد ابن الرجل الصالح، وكذلك إذا أضيف إلى مكني عنه كقولك: زيد ابنك، أثبتت الألف في هذه كله، فإذا صرت إلى المؤنث كتبت فلانة ابنة فلان بالألف لا يجوز إسقاطها، لأن النسب بالنساء لم يكثر فيعرف موضعه، كما كثر في الرجال، ولأن في ابنة لغة أخرى يقال: بنت بالتاء، ومن العرب من يجعل الهاء في ابنة تاء لأنه يبني الكلام على الإضافة لأن الهاء تصير في ابنة تاء لئلا يلتبس فيقال: ابنت.
والموضع الثالث أن تكون ألف الوصل مع لام، كقولك: " الرجل " فإن هذه الألف تسقط إذا كانت لام الصفة معها، وهي اللام الزائدة مكسورة أو مفتوحة، فالمكسورة مثل قولك: " للرجل " مال. والمفتوحة كقولك: " للثوب " خير من ثوبك وأشباه ذلك، وإنما فعل ذلك لأن الحرف علم مع إسقاطها فمالوا إلى التخفيف فهذه قصة ألف الوصل.
فأما حذف الألف إذا كانت حشواً نحو خالد ومالك وما يشبه ذلك فأكثر ما تحذف إذا كانت في الأسماء المستعملة لمعرفتهم بالحرف فإذا كانت في اسم فهو نعت لم تحذف، مثل شاكر وصابر وظالم وصادق، وأشباه ذلك، لأن النعت لا يتكرر للإنسان فيتكرر الاسم فيعرف. وقد أسقطوها من صالح نعتاً ولا نعلمهم أسقطوها من غيره، وذلك أنهم شبهوها بالإسم لما كثر صالح في أسماءهم، وهو رديء في القياس. فإذا صرت إلى الجمع سهل إسقاط الألف لقلة إشكاله، مثل الظالمين والكافرين وإثباتها أجود.
فأما ما كان من بنات الياء والواو نحو: الراضين والساعين وفي الرفع: لراعون وأشباه ذلك فلا يجوز طرح الألف منه لأنه قد حذف منه موضع اللام من الفعل، وهو الياء، لأن الأصل الراعيون في الرفع والراعيين في النصب والخفض، فالياء الأولى تسكن لأنها معتلة وياء الجميع أو واوه ساكنة، فأسقطوا الياء الأولى للالتقاء الساكنين، واستقبحوا أن يحذف الألف، وقد حذفوا لام الفعل فيجحفوا بالحرف.
فإما ألف دراهم فإنما يجوز حذفها إذ تقدمها ما يدل على الجمع كقولك: ثلاثة دراهم وأشباه ذلك وإذا كانت مفردة لم يجز إسقاطها وما كان مثل عمران ومروان وسفيان وسلطان فإثبات الألف فيه أجود، وإن أسقطتها من الاسم الذي يعرف بسقوطها فجائز. وفي الجملة إن إسقاطها يحسن فيما كثر استعماله من الأسماء.

وقد حذفوا ألف أولئك الثانية استغناء عنها لعلمهم بالحرف. وقد حذف قوم ألف النداء في المصحف فكتبوا: يداود ويعيسى بغير ألف، وإنما حملهم على ذلك علمهم بالنداء وإثبات الألف أجود وأقيس، والسلام عليك إذا أردت التسليم، فكلهم يكتبه بغير ألف. فإذا قلت كان برداً وسلاماً وهذا عبا السلام فبالألف أجود، وإن كتبت بغير ألف جاز. ويكتبون: ثمنية دراهم وثمني ليال، بغير ألف لمعرفتهم بالحرف فإذا قالوا: ثمان أثبتوا الألف كراهية حذفها مع حذف الياء، فيجحفوا بالحرف كما ذكرنا متقدماً.

نقصان الألف
قال الصولي: لا يكادون يزيدون الألف إلا بعد واو الجمع، مثل آمنوا وكفروا. قال الفراء: وإنما فعلوا ذلك ليفرقوا بين واو الأصل واو الجمع، وواو الأصل التي تكون في مثل: يغزو ويدعوا وأشباه ذلك. وقال الأخفش: إنما فعلوا ذلك لئلا يشبه واو الجمع وواو العطف، إذ كان يجيء في الكلام كفر وفعل وهذا القول يصح إذا كانت واو الجمع تنفرد وتنكسر إذا اتصلت مثل آمنوا وكفروا وظلموا لأنه لا يشبه أمر وفعل.
قال أبو بكر محمد بن يحيى الصولي. وحدثنا أحمد بن يحيى النحوي ثعلب قال: سألني محمد بن عبد الله عن إتيان الألف في: ضربوا وقاموا، فقلت له: قال الفراء: فرقوا بين الواو الأصلية في أرجو وأخو وحمو وبين التي ليست بأصلية في ضربوا.
قال الأخفش: كرهوا أن يظن أنها واو نسق إذا كتبوا كفر وفعل ثم بنوا على ذلك.
وقال الخليل: الضمة تنقطع إلى همزة فاستوثقوا بالألف، فقال محمد: لا يقع مثل هذا إلا في طبع الخليل.
قال أبو العباس: والذي عندي فيه أن اللف جعلت بدلاً من المكنى، وهو الهاء لأنهم إذا قالوا: ضربوه، سقطت الألف، فإذا قالوا: ضربوا، ثبتت، ليعلم أن الحرف قد انفرد، وأخو وأبو، لاىتثبت الألف فيه لأن الواو أصلية فالحرف قائم بنفسه: أخو زيد وأبوه.
والألف في: مائة زيدت فيما ذكر الأخمش لبفصل بينها وبين منه، إذا قالوا: أخذت مائة، لم يشبه أخذت منه، وقالوا أيضاً: فعلوا لئلا يشبه مية. وهذا قول مرذول لأن مية متى تذكر وتقع في كتاب. والناس من أهل البصرة والكوفة على ما قاله الأخفش.
الهمز
الهمزة إذا كانت لام الفعل - ومعنى الفعل أن تكون آخر الحرف مثل قرأ ونبأ واستهزأ - فإنها تثبت في الحرف ولا تسقط كما تسقط الياء وتكتب على ما قبلها فإن كان الذي قبلها مفتوحاً، كتبت بالألف وإن كان مكسوراً بالياء، وإن كان مضموماً، كتبت بالواو؛ ومن ذلك أن تكتب، إذا أمرت من قرأت: إقرأ بالألف، ومن نبأت نبيء بالياء، ومن سؤت سؤ بالواو. فإن لم تكن في موضع جزم، وانضم ما قبلها، كتبت بالواو، كقولك: وهو يسوء زيداً فإذا انكسر ما قبلها، كتبت بالياء مثل يستهزئ.
وإذا انفتح ما قبلها فقد اختلف في كتابتها في الرفع، فكتب بعضهم: هو يقرأ ويخبأ، بالألف والواو للزومهم القياس، في كتابتهم الهمزة بالألف، إذا انفتح ما قبلها، فإذا انفتح ما قبلها زادوا الواو في الرفع، وقد كتب في المصحف على هذا المذهب بالياء نحو: " ولقد جاءك من نبإي المرسلين " ، بالألف والياء بعدها، وهذا قبيح لأن فيها اشتباه المقصور بالممدود.
قال: وإذا قالوا: الهمزة لام الفعل فهي آخره، مثل الباء من ضرب واللام من فعل، فإذا قالوا: هو عين الفعل، وقعت موقع العين من قولهم فعل مثل الراء من ضرب والتاء من قتل، فإذا قالوا: هي فاء الفعل فإنما وقعت أولاً مثل الفاء من فعل وهي مثل الضاد من ضرب والقاف من قتل.
وإذا كانت الهمزة فاء الفعل، مثل: أتى وأبى وأذن فإنها تأتي مختلفة. تقول: إذا أمرت: إيت فلاناً وإيذن له فتصير الهمزة ياء، وذلك لأنهم يكرهون اجتماع الهمزتين فتصير الثانية ياء، لسكونها وانكسار ما قبلها. فإذا أدخلت عليها حروف النسق، أسقطت الياء فلم تثبتها في الكتاب فتقول: إيذن لفلان وأذن لفلان إيت فلاناً وآت فلاناً، وإنما فعلوا ذلك لأن الهمزة إذا انفتح ما قبلها صارت ألفاً فكرهوا اجتماع الألفين في الكتاب، فحذفوا إحداهما وهي ألف الأمر. وإنما حذفوا لأنها تذهب من اللفظ في الوصل والهمزة تثبت في اللفظ فالقوها كذلك.

وأما في ذوات الأربعة، وهو أن تضيف الحرف إلى نفسك، فتجده على أربعة أحرف مثل: أكلت وأمرت، فإن الهمزة تسقط في هذا الباب، في الأمر فتقول: مر فلاناً بكذا وكل طعامك وكان الأصل: أو كل أو مر، فلما سكنت الهمزة وانفتح ما قبلها، صارت واواً، وكل واو وقعت بين ضمتين أو كسرتين تسقط، فلما سقطت الواو، بقي أمر، فأسقطت الألف المجتلبة للأمر، لأنها إنما تدخل لسكون أول الحرف، ذلك كان لا يبتدئ بالساكن فلما تحرك أول الحرف أسقطوها استغناء عنها فبقيت مر وكل. فإذا أدخلت حرف النسق، فالأجود أن يكون الحرف على حاله، وإن شئت رددت الهمزة، فأثبتت الألف.
وفي القرآن: " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها " بإثبات الهمزة، وإنما ترد الهمزة لأن ألف الأمر التي أسقطتها تذهب في اللفظ فترجع الهمزة فتثبت الألف في الكتاب وترك الهمزة أكثر ولا نعلم جاء الهمز إلا في: " وأمر " ، وكانت تجوز على القياس فإذا سكن ما قبل الهمز، فإن أكثر ما جاء عن العب إسقاطها من الكتاب إلا أن يكون أثر جاء فيه، من ذلك قول الله عز وجل: " لكم فيها دفء ومنافع " و " يخرج الخبء " و " يحول بين المرء وقلبه " ، كتبوا بغير ألف هذه كلهان ومن العرب من يكتبها على لفظها، إذا سكن ما قبلها فإن كانت مضمومة، كتبها بالواو وإذا كانت مفتوحة كتبها بالألف، وإذا كانت مكسورة كتبها بالياء، كتبوا: " هن نساؤ صدق " ، بالواو و " رأيت نسآء صدق " بالألف ومررت بنسائي صدق. بالياء.
فإذا كانت الهمزة آخر الحروف، والحرف ممدود، كتب بألف واحدة في النصب والخفض والرفع، كقولك: رأيت عطاء وشربت ماء ومررت بعطاء وهذا عطاء. فأما في الخفض والرفع، فلم تثبت الواو ولا الياء لأنهم يستثقلونهما طرفاً.
وأما في النصب فلأنهم يكرهون اجتماع شبهين، فإذا اجتمعت في الحرف ألفان، كتبوه بألف واحدة كقولك: شربت ماء، ألا ترى أن ههنا ثلاث ألفات الألف الأولى والهمزة المفتوحة وألف الإعراب. وكل ممدود منصوب فالصواب أن يكتب بألفين لأن فيه ثلاث ألفات.
ومما يستحسن فيه الجمع بين ألفين: قولك: قد قرأا وجاءا، وذلك ليكون فرقاً بين الواحد والمثنى، وكتبت لفلان براآت ليكون فرقاً بين الواحدة والجمع، ولأن من العرب من يقف على براءة بالتاء، فلو كتبت بألف واحدة لم تعرف الواحدة من الجمع.

الهاء
كل ما كان من ذوات الياء، وكانت فاء الفعل فيه واواً مثل: وفيت ووعيت وأويت، فإنه يكون في الأمر حرفاً واحداً لأن الأصل " أوفى " بالياء، تذهب الياء للجزم وتسقط الواو، لأنها صارت بين كسرتين فبقي " أف " فتسقط ألف الأمر، لأنه قد استغني عنها لتحرك أول الحرف فتبقى الفاء وحدها، فإذا اتصل الكلام بعضه ببعض لم تثبت الهاء في اللفظ، فإذا وقفت وقفت بالهاء، كقولك: فه وقه من وفيت ووفيت، وشبه من وشيت الثوب، لأنه لا ينطق بحرف واحد استبقاء له، فإذا كتبت كتبت بالهاء، لأن الكتاب على الوقف ألا ترى ان اختيار العرب في كتابتهم رأيت محمد بن عبد الله أن يكون بالألف لأن القارئ ربما وقف على " محمداً " ، فإن لم يثبت فيه الألف أشبه ما لا يجري من الأسماء كقولك: رأيت عمر، وإن كان الكتاب قد استجازوا إسقاطها لكثرة استعمالهم، وذلك ممن لا يعرف أصل الكتاب فيقف على فساده.
فإن جعلت قبل الحرف الذي وصلته بالهاء، حرفاً لا ينفصل منه، جاز أن تكتبه بغيرها، كقولك: اذهب، وف لزيد، وقالوا: لزيد، وإنما جاز لأن الواو والفاء لا ينفصلان وكأن الكلمة قد صارت على حرفين وإثبات الهاء أجود.
فأما هاء التأنيث فأصلها إن تكتب بالهاء، إذا كانت مضافة إلى اسم ظاهر، لأن الوقف عليها بالهاء مثل: امرأة زيد، وفتاة عمرو، فإذا أضفتها إلى مكني عنه كانت بالتاء، لأنه لا يمكن الوقوف عليها بالهاء، كقولك: امرأتك وفتاتك، فهذا الوجه. وقد كتب في المصحف " رحمت الله " " ومريم ابنت عمران " ومثله " نعنت الله " ، وذلك لكثرة اصطحابهما ليس يفصلان في القراءة، فصار كالحرف الواحد الذي لا ينفصل منه، والهاء في ذلك أجود لأنها تنفصل منه ويسكت عليها.
فأما هيهات فمن وقف عليها بالتاء، كتبها بالتاء، ومن وقف عليها بالهاء، كتبها بالهاء لأن الكتاب على الوقف.

ويا أيها الرجل، ويا أيها القوم، تكتبه بالألف، وذلك الوجه. وقد كتب في المصحف " يايه المؤمنون " و " يايه الثقلان " . و " يايه الساحر " بغير ألف. وفي جميع القرآن بالألف وهو الصواب.

الواو
الواو تزاد في ثلاثة مواضع: فمن ذلك الواو في: " عمرو " ، زيدت ليفصل فيها بينه وبين عمر فإذا كتبت عمراص بالنصب وجئت بالألف لم تحتج إلى الواو، لأن عمر لا ينصرف ولا تدخلع الألف.
وزيدت في " أولئك " لتفصل بينها وبين إليك.
وزيدت في " يا أوخي " ، لتفصل بين التصغير وبين الاسم على جهته.
فأما المواضع التي نقصت منها فواو " طاوس " و " داود " كتبوهما بواو واحدة، كراهية للشبهين والحرف معروف. ومن كتبه بواوين على الأصل فقد أصاب.
فإذا صرت إلى ما قبلها واو، مثل " آووا ونصروا " و " لووا " و " جاووا " و " باووا بغضب " . فيه ثلاثة أوجه: أجودهن أن يكتب بواو واحدة وألف وقد كتبها بعضهم بواوين وإسقاط ألف وكل قد كتب به.
الياء
كل اسم كانت لام الفعل منه ياء فإنها تحذف في الخفض والرفع، فإذا نصبت لم يكن من إثباتها بد كقولك: رأيت قاضياً وغازياً، فإذا صرت إلى جمع المؤنث السالم من هذا الباب، مثل: جوار وقواض كتبت ذلك أيضاً في الرفع والخفض بغير الياء، وأثبت في النصب الياء ولم تثبت الألف، فتقول: هذه قواض، ومررت بقواض وبجوار، ولا تثبت الياء، فإذا أثبت قلت: جواري ولم تثبت الألف لأنه حرف لا يجري فإذا أدخلت الألف واللام أثبت الياء في الواحد والجمع، كقولك: القاضي والجواري.
ومن العرب من يسقط الياء في الخفض والرفع، فيقول: هذا القاض ومررت بالغاز، وهؤلاء الجوار ومررت بالجوار، فإذا صاروا إلى النصب أثبتوا الياء كما كان قبل دخول الألف واللام والأول أجود.
وإذا كان الجمع بالنون مثل القاضين والمصلين، كتبته بياء لأن الياء الأولى منهما قد سقطت لالتقاء الساكنين.
ما يكتب بالياء والألف من الأفعال
قال الصولي: امتحن كل فعل ورد عليك من ذوات الواو والياء بأن تضيفه إلى نفسك، فإن ظهر بالياء، كان الأجود أن تكتبه بالياء وجاز كتابته بالألف على اللفظ مثل قضى ورمى، ألا ترى أنك إذا أضفته إلى نفسك قلت: قضيت ورميت. وإن ظهر الفعل بالواو، كتبته بالألف لا غير مثل دعا وعلا، ألا ترى أنك إذا أضفته إلى نفسك قلت: دعوت وعلوت. فقس على ذلك كل ما ورد عليك إن شاء الله تعالى تصب.
وكل ما كان من ذوات الواو والياء، رددته إلى ما لم يسم فاعله فاكتبه بالياء فيما كان ماضياً ومستقبلاً معاً، كقولك: دعي يدعى وغزي يغزى ورمي يرمى.
وكل فعل من ذوات الياء والواو، زدت في أوله شيئاً، فاكتبه بالياء، فإنه أجود، وإن كتبته بالألف جاز على اللفظ مثل ادعى واستقصى واستدعى، لأنك إذا لفظت به كان بالياء، لأن ذوات الواو إذا زيد في أولها شيء ردت إلى الياء.
المقصور والممدود
كل اسم ممدود فإنه يكتب بالألف، كان من ذوات الواو والياء لا اختلاف في ذلك.
فأما المقصور فامتحنه بالتثنية، فإن كان بالياء، كتبته بالياء وجازت كتابته بالألف، وذلك نحو فتى ورحى لأن تثنيتهما بالياء نحو فتيان ورحيان، وإن كانت تثنيته بالواو كتبته بالألف لا غير، نحو قفا وعصا لأن تثنيتهما قفوان وعصوان.
وكل اسم في أوله ميم مفتوحة أو مكسورة فاكتبه بالياء مثل المثنى والمدعى والمرمي والمقضي.
وإن كانت في أوله ميم مكسورة فاكتبه أيضاً بالياء ما كان اسماً مثل المقري الذي يقرى فيه الماء أي يجمع والمهدى الذي يهدي عليه، فإن كان نعتاً، فاكتبه بالألف لأنه ممدود مثل معطاء ومهداء.
فإذا كان الاسم على فعل أو فعل بكسر الفاء وضمها مع فتح العين فاكتبه بالياء من أي النوعين كان مثل هدى وسدى وحمى ورضى.
وكل مقصور كانت لام الفعل فاكتبه بالألف مثل الدنيا والعليا والمحيا وروايا وخطايان، وإنما كتبوها بالألف لأنهم كرهوا الجمع بين ياءين في الكتاب.
وأما القصوى والهوى وما أشبههما فإنها تكتب بالياء لأنه ليس من أسمائهم فأخرجوه مخرج عيسى وموسى ويحيى.
وأما قوله عز وجل: " ويحيا من حي عن بينة " فبالألف لا غير و " زكريا " كتبوه بالألف لأن فيه لغتين بالمد والقصر كتبوه بالألف لأن الألف كمعهما وكذلك " الزنا " و " الشرا " بالألف لأن فيه لغتين.

وذا كانت عين الفعل همزة. ومعنى عين الفعل أن تقع وسطاً من مثل فعل مثل نأى ينأى وشأى يشأى، كتبت بالياء، وإن كانت من بنات الواو، ألا ترى أنك تقول: نأوت قال: وإنما فعلوا ذلك كراهية ن يجمعوا بين ألفين فقس على ذلك.

ما كتب على غير القياس
من ذلك الصلوة والزكوة والغدوة والحيوة والمشكوة والربو، كتب كل هذا في المصحف بالواو، وكان يجب أن يكتبن بالألف للفظ، وإنما كتبن كذلك على مثل أهل الحجاز لأنهم تعلموا الكتاب من أهل الحيرة، وهذا إنما فعل بسبب قلة الكتاب في ذلك الزمان، وإن الذين كتبوه أهل الحجاز، وأنت اليوم بالخيار، إن شئت كتبتهما بالألف وإن شئت أقررتهما على ما في المصحف.
كتاب النون الخفيفة
النون الخفيفة تكون عند الوقف عليها في النصب ألفاً، وفي الخفض ياء، وفي الرفع واواً. وكذلك تكتب نحو: اضربن يا رجل، فإذا وقفت عليه قلت: اضرباً، ومنه قوله عز وجل: " لنسفعاً بالناصية " ، كتبت في المصحف بالألف لانفتاح ما قبلها، معناه لنجذبن بناصيته والسفع الجذب بشدة، والناصية مقدم الرأس، يريد جل وعز لنذلنه بذلك. وتقول: اضربي يا امرأة بالياء لأن الوقف بالياء واضربوا يا رجال بالواو لأن الوقف عليها بالواو.
ومن العربي من يقف على النون، فمن كانت هذه لغتهم كتبت بالنون. وتقول: اضربن يا رجل نصبت الباء، وموضعها جزم للأمر لسكون النون كراهية اجتماع ساكنين، وتثنى اضربان يا رجلان واضربن يا رجال. وفي المؤنث اضربن يا امرأة واضربان مثل الذكر. وفي الجميع اضربن يا نسوة، فتشدد النون ضرورة لأنهما نونان نون جمع المؤنث والنون الخفيفة.
والنون الخفيفة والثقيلة، تقع كل واحدة منهما موقع الأخرى، وتقول في النون الثقيلة: اضربن يا رجل واضربان واضربن يا رجال. وفي المؤنث اضربن يا امرأة والتثنية كالذكرين، وفي الجميع اضربنان، استثقلوا ثلاث نونات نون الجمع والنون الشديدة وهي نونان فأبدلوا الوسطى ألفاً. والدعاء كالأمر والنهي كقولك: اللهم ارزقنا فلاناً وفي الاستفهام أتقومن يا رجل.
الإدغام
الإدغام في الحرفين إذا كانا من جنس واحد، يتلو أحدهما صاحبه، وتحركا كتبا حرفاً واحداً، مثل: غض ومد، لأن الأول منهما يسكن ويدغم في الثاني. وإذا كانا من حرفين كتبا حرفين، وفي اللفظ كانا واحداً مشدداً نحو: لم يفق قاسم، ولم ينصف فرعون، فإذا سكن الثاني أثبتا حرفين مثل: لم يمدد ولم يعضض، فإذا كانا من حرفين وهما متحركان، أحدهما ساكن كتبا حرفين، مثل: لم يترك كبيرهم لصغيرهم شيئاً، إن افترقا أو اتصل أحدهما بصاحبه وإنما يكون الاتصال إذا كان الثاني حرف كناية كقوله تعالى: " أينما تكونوا يدرككم الموت " . وكقول زهير:
فتعرككم عرك الرحى بثقالها
وكذلك هو مذهبهم في الفتح ليس في ذلك اختلاف. فإذا كان الحرفان نونين، فإن من العرب من يدغمهما، ومن من يظهرهما: فيقول الذي يدغم: أنتم تضربوني، ويقول الذي لا يدغم أنتم تضربونني فيكتب في الإدغام بنون واحدة ليكون فرقاً بين المدغم وغير المدغم. وإن كان الحرفان المدغمان من جنسين أظهرا على جنسيهما، كقولك اتخذت ووعدت، فإذا كان المدعمان يتولد منهما حرف غيرهما كتب ذلك المتولد مثل مدكر ومظلم قال زهير:
هو الجواد الذي يعطيك نائله ... عفوا ويظلم أحياناً فيظلم
وأما اللامان اللتان تكتبان في أول الحرف، إحداهما فاء الفعل والأخرى تجيء مع الألف للتعريف، فإنك تكتبها حرفين نحو اللحن والليل. وإنما كتبوا الذي بلام واحدة لأنها لا تنفرد عن الأخرى وكذلك الذين. فأما اللذان في التثنية فإنها كتبت على الأصل لتفرق بين التثنية والجمع.
ما يقطع ويوصل

يكتبون: أحب " أن لا " تفعل كذا بألف ونون، وتكون " لا " مقطوعة منها وهو أجود، لأن القارئ ربما احتاج أن يقف على النون. والكتاب على الوقف، فمنهم من يكتب بألف ولام موصولة لأن النون تدغم في اللام إذا نطق بها، وكتبت على اللفظ. و " كلما " إذا أردت بها الجزاء كقولك: كلما فعلت فعلت، كتبتها حرفاً واحداً لأنها أداة، وإذ أردت بها معنى الذي كقولك: كل ما فعلت فصواب، فاقطع " كل " من " ما " وكذلك: إنما وكأنما ولكنما إذا أردت بهن الأدوات فاجعلها حرفاً واحداً. وإذا أردت بمعنى " ما " الذي فاقطع، وذلك أن الوقف في الأولى لا يستقيم على بعض الحروف دون بعض. وإذا كانت بمعنى الذي وقفت على ما قبلها. فقس عليه تصب إن شاء الله تعالى. وكتبوا: " لئلا " موصولة وهي " لأن لا " ، فجعلوها كالشيء الواحد وكتبوا: " هأنتم، هأنا " بألف واحدة، ولم يكتب بألفين جعلا كالشيء الواحد.

تم الكتاب بحمد الله وعونه وحسن توفيقه
في يوم الخميس المبارك سادس عشري شهر الحجة الحرام ختام سنة 1107 ألف ومائة وسبع من الهجرة النبوية على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام. على يد كاتبه يوسف بن محمد الشهير بابن الوكيل الملوي غفر الله له ولوالديه ومشائخه والمسلمين.

اقسام الكتاب

1 2