كتاب : الأشباه والنظائر
المؤلف : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

البعث من المهدي والقبض من المهدى إليه وفي وجه يشترطان وفي ثالث لا يشترط في المأكولات ويشترط في غيرها وفي رابع لا يشترط في الانتفاع ويشترطان في التصرف ومنه الصدقة قال الرافعي وهي كالهدية بلا فرق ومنه ما يخلعه السلطان على العادة ومنه ما قلنا بصحة المعاطاة فيه من البيع والهبة والإجارة والرهن ونحوها على ما اختاره في الروضة وشرح المهذب من الرجوع فيه إلى العرف وقيل يختص بالمحقرات كرطل خبز ونحوه وقيل بما دون نصاب السرقة والثاني البيع والصرف والسلم والتولية والتشريك وصلح المعاوضة والصلح عن الدم على غير جنس الدية والرهن والإقالة والحوالة والشركة والإجارة والمساقاة والهبة والنكاح والصداق وعوض الخلع إن بدأ الزوج أو الزوجة بصفة معاوضة والخطبة فلو لم يصرح بالإجابة لم تحرم الخطبة عليه والكتابة وعقد الإمامة والوصاية وعقد الجزية وكذا القرض في الأصح والوصية لمعين وكذا الوقف على معين في الأصح كما ذكره الشيخان في بابه واختار في الروضة في السرقة عدم اشتراطه وصححه ابن الصلاح والسبكي والأسنوي وقال في المهمات المختار في الروضة ليس في مقابلة الأكثرين بل بمعنى الصحيح والراجح وأما ولاية القضاء فنقل الرافعي عن الماوردي أنه يشترط فيها القبول وقال ينبغي أن تكون كالوكالة والثالث الوكالة والقراض والوديعة والعارية والجعالة ولو عين العامل والخلع إن بدأ بصيغة تعليق كمتى أعطيتني ألفا فأنت طالق والأمان فإنه يشترط قبوله في الأصح ويكفي فيه إشارة مفهمة والرابع الوقف على ما اختاره النووي والخامس الضمان وكذا الوقف في وجه والإبراء والصلح عن دم العمد على الدية وإجازة الحديث صرح البلقيني بأنه لا يشترط فيها القبول والظاهر أيضا أنها لا ترتد بالرد

ضابط اتحاد الموجب والقابل ممنوع إلا في صور
الأولى الأب والجد في بيع مال الطفل لنفسه وبيع ما له للطفل وكذا في الهبة والرهن الثانية في تزويج الجد بنت ابنه بابن ابنه الآخر على الأصح الثالثة إذا زوج عبده الصغير بأمته على قول الإجبار الرابعة الإمام الأعظم إذا تزوج من لا ولي لها على وجه يجري في القاضي وابن العم والمعتق الخامسة إذا وكله وأذن له في البيع من نفسه وقدر الثمن ونهاه عن الزيادة ففي المطلب ينبغي أن يجوز لانتفاء التهمة
فائدة
الإيجاب والقبول هل هما أصلان في العقد أو الإيجاب اصل والقبول فرع قال ابن السبكي رأيت في كلام ابن عدلان حكاية خلاف في ذلك وبنى عليه بعضهم ما إذا قال المشتري بعني فقال البائع بعتك هل ينعقد إن قلنا بالأول صح وإلا فلا لأن الفرع لا يتقدم على أصله
ضابط
ليس لنا عقد يختص بصيغة إلا النكاح والسلم
ضابط
كل إيجاب افتقر إلى القبول فقبوله بعد موت الموجب لا يفيد إلا في الوصية وكل من ثبت له قبول فات بموته إلا الموصى له فإنه إذا مات قام وارثه فيه مقامه
تقسيم رابع
من العقود مالا يشترط فيها القبض لا في صحته ولا في لزومه ولا استقراره ومنها ما يشترط في صحته ومنها ما يشترط في لزومه ومنها ما يشترط في استقراره فالأول النكاح لا يشترط قبض المنكوحة والحوالة فلو أفلس المحال عليه أو جحد فلا رجوع للمحتال والوكالة والوصية

والجعالة وكذا الوقف على المشهور وقيل يشترط في المعين والثاني الصرف وبيع الربوى ورأس مال السلم وأجرة إجارة الذمة والثالث الرهن والهبة والرابع البيع والسلم والإجارة والصداق والقرض يشترط القبض فيه للملك لكنه لا يفيد اللزوم لأن للمقرض الرجوع ما دام باقيا بحاله

ضابط
اتحاد القابض والمقبض ممنوع لأنه إذا كان قابضا لنفسه احتاط لها وإذا كان مقبضا وجب عليه وفاء الحق من غير زيادة فلما تخالف الغرضان والطباع لا تنضبط امتنع الجمع ولهذا لو وكل الراهن المرتهن في بيع الرهن لأجل وفاء دينه لم يجز لأجل التهمة واستعجال البيع ولو قال لمستحق الحنطة من دينه اقبض من زيد ما لي عليك لنفسك ففعل لم يصح ويستثنى صور الأولى الوالد يتولى طرفي القبض في البيع لأن القبض لا يزيد على العقد وهو يملك الانفراد به الثانية وفي النكاح إذا أصدق في ذمته أو في مال ولد ولده لبنت ابنه الثالثة إذا خالعها على طعام في ذمتها بصيغة السلم وأذن لها في صرفه لولده منها فصرفته له بلا قبض برئت الرابعة مسئلة الظفر إذا ظفر بغير جنس حقه أو بجنسه وتعذر استيفاؤه من المستحق عليه طوعا فأخذه يكون قبضا منه لحق نفسه فهو قابض مقبض الخامسة لو أجر دارا واذن له في صرف الأجرة في العمارة جاز السادسة لو وكل الموهوب له الغاصب أو المستعير أو المستأجر في قبض ما في يده من نفسه وقيل صح وبرئ الغاصب والمستعير إذا مضت مدة يتأتى فيها القبض كما نقله الرافعي في باب الهبة عن الشيخ أبي حامد وغيره ثم قال وهذا يخالف الأصل المشهور أن الواحد لا يكون قابضا ومقبضا السابعة نقل الجوري عن الشافعي أن الساعي يأخذ من نفسه لنفسه الثامنة أكل الوصي الفقير مال اليتيم قال الشيخ عز الدين إن جعلناه قرضا اتحد المقرض والمقترض وإن لم نجعله قرضا فقد قبض من نفسه لنفسه التاسعة لو امتنع المشتري من قبض المبيع ناب القاضي عنه فإن فقد ففي

وجه أن البائع يقبض من نفسه للمشتري فيكون قابضا مقبضا والمشهور خلافه وأنه من ضمان البائع كما كان قال الإمام ولو صح ذلك الوجه لكان من عليه دين حال وأحضره إلى مستحقه وامتنع من قبضه يقبض من نفسه ويصير في يده أمانة وتبرأ ذمته ولم يقل بذلك أحد العاشرة لو أعطاه ثوبا وقال بع هذا واستوف حقك من ثمنه فهو في يده أمانة لا يضمنه لو تلف وهل يصح أن يقبض من نفسه فيه وجهان قلت وسئلت عن رجل أذن لزوجته أن تقترض عليه كل يوم مائة درهم تنفقها على نفسها فهل يصح ذلك فأجبت نعم وبلغني أن بعض من لا علم عنده ولا تحقيق أنكره لأنه يلزم منه اتحاد القابض والمقبض

تذنيب
يقرب من قاعدة اتحاد القابض والمقبض ما لو قطع من عليه السرقة نفسه أو جلد الزاني نفسه بإذن الإمام أو قطع من عليه القصاص نفسه بإذن المستحق أو وكله في قتل نفسه أو جلده في القذف والأصح المنع في صورتي القصاص وجلد القذف والزنا والإجزاء في صورة السرقة لحصول الغرض وهو التنكيل بذلك بخلاف الجلد لأنه قد لا يؤلم نفسه ويوهم الإيلام فلا يتحقق حصول المقصود وبخلاف صورتي القصاص قياسا على مسئلة الجلد وعلى مسئلة قبض المشتري المبيع من نفسه بإذن البائع فإنه لا يعتد به
تقسيم خامس
قال البلقيني كل عقد كانت المدة ركنا فيه لا يكون إلا مؤقتا كالإجارة والمساقاة والهدنة وكل عقد لا يكون كذلك لا يكون إلا مطلقا وقد يعرض له التأقيت حيث لا ينافيه كالقراض يذكر فيه مدة ويمنع من الشراء بعدها فقط وكالإذن المقيد بالزمان في أبوابه وكالوصاية ومما لا يقبل التأقيت الجزية في الأصح ومما يقبله الإيلاء والظهار والنذر واليمين ونحوها انتهى والحاصل أن ما لا يقبل التأقيت بحال ومتى أقت بطل البيع بأنواعه والنكاح والوقف قطعا والجزية

ويقبله وهو شرط في صحته الإجارة وكذا المساقاة والهدنة على الأصح ويقبله وليس شرطا في صحته الوكالة والوصاية

تقسيم سادس
قال الإمام الوثائق المتعلقة بالأعيان ثلاثة الرهن والكفيل والشهادة فمن العقود ما يدخله الثلاثة كالبيع والسلم والقرض ومنها ما يدخله الشهادة دونهما وهو المساقاة جزم به الماوردي ونجوم الكتابة ومنها ما تدخله الشهادة والكفالة دون الرهن وهو الجعالة ومنها ما يدخله الكفالة دونهما وهو ضمان الدرك
ضابط
ليس لنا عقد يجب فيه الإشهاد من غير تقييد الموكل إلا النكاح قطعا والرجعة على قول وعقد الخلافة على وجه ومما قيل بوجوب الإشهاد فيه من غير العقود اللقطة على وجه واللقيط على الأصح لخوف إرقاقه
قواعد
الأولى قال الأصحاب كل عقد اقتضى صحيحه الضمان فكذلك فاسده وما لا يقتضي صحيحه الضمان فكذلك فاسده أما الأول فلأن الصحيح إذا أوجب الضمان فالفاسد أولى وأما الثاني فلأن إثبات اليد عليه بإذن المالك ولم يلتزم بالعقد ضمانا واستثني من الأول مسائل الأولى إذا قال قارضتك على أن الربح كله لي فالصحيح أنه قراض فاسد ومع ذلك لا يستحق العامل أجرة على الصحيح الثانية إذا ساقاه على أن الثمرة كلها له فهي كالقراض الثالثة ساقاه على وأدى ليغرسه ويكون الشجر بينهما أو ليغرسه ويتعهده مدة والثمرة بينهما فسد ولا أجر وكذا إذا ساقاه على وادى مغروس وقدر مدة لا يثمر فيها في العادة الرابعة إذا فسد عقد الذمة من غير الإمام لم يصح على الصحيح ولا جزية فيه على الذمي على الأصح

الخامسة إذا استؤجر المسلم للجهاد لم يصح ولا شيء السادسة إذا استأجر أبو الطفل أمه لإرضاعه وقلنا لا يجوز فلا تستحق أجرة المثل في الأصح السابعة قال الإمام لمسلم إن دللتني على القلعة الفلانية فلك منها جارية ولم يعين الجارية فالصحيح الصحة كما لو جرى من كافر فإن قلنا لا يصح لم يستحق أجرة الثامنة المسابقة إذا صحت فالعمل فيها مضمون وإذا فسدت لا يضمن في وجه التاسعة النكاح الصحيح يوجب المهر بخلاف الفاسد ويستثنى من الثاني مسائل الأولى الشركة فإنها إذا صحت لا يكون عمل كل منهما في مال صاحبه مضمونا عليه وإذا فسدت يكون مضمونا بأجرة المثل الثانية إذا صدر الرهن والإجارة من الغاصب فتلفت العين في يد المرتهن أو المستأجر فللمالك تضمينه على الصحيح وإن كان القرار على الغاصب مع أنه لا ضمان في صحيح الرهن والإجارة الثالثة لا ضمان في صحيح الهبة وفي المقبوض بالهبة الفاسدة وجه أنه يضمن كالبيع الفاسد الرابعة ما صدر من السفيه والصبي مما لا يقتضي صحيحه الضمان فإنه يكون مضمونا على قابضه منه مع فساده

تنبيه
المراد من القاعدة الأولى استواء الصحيح والفاسد في اصل الضمان لا في الضامن ولا في المقدار فإنهما لا يستويان أما الضامن فلأن الولي إذا استأجر على عمل للصبي إجارة فاسدة تكون الأجرة على الولي لا في مال الصبي كما صرح به البغوي في فتاويه بخلاف الصحيحة وأما المقدار فلأن صحيح البيع مضمون بالثمن وفاسده بالقيمة أو المثل وصحيح القرض مضمون بالمثل مطلقا وفاسده بالمثل أو القيمة وصحيح المساقاة والقراض والإجارة والمسابقة والجعالة مضمون بالمسمى وفاسدها بأجرة المثل والوطء في النكاح الصحيح مضمون بالمسمى وفي الفاسد بمهر المثل

ضابط
كل عقد بمسمى فاسد يسقط المسمى إلا في مسألة وهي ما إذا عقد الإمام مع أهل الذمة السكنى بالحجاز على مال فهي إجارة فاسدة فلو سكنوا أو مضت المدة وجب المسمى لتعذر إيجاب عوض المثل فإن منفعة دار الإسلام سنة لا يمكن أن تقابل بأجرة مثلها
تذنيب
لا يلحق فاسد العبادات بصحيحها ولا يمضي فيه إلا الحج والعمرة القاعدة الثانية كل تصرف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل فلذلك لم يصح بيع الحر وأم الولد ولا نكاح المحرم ولا المحرم ولا الإجارة على عمل محرم وأشباه ذلك واختلف في شرط نفي خيار المجلس في البيع فمن أبطل العقد أو الشرط نظر إلى أن مقصود العقد إثبات الخيار فيه للتروي فاشتراط نفيه يخل بمقصوده ومن صححه نظرا إلى أن لزوم العقد هو المقصود والخيار دخيل فيه الثالثة في وقف العقود قال الرافعي أصل وقف العقود ثلاث مسائل إحداها بيع الفضولي وفيه قولان أصحهما وهو المنصوص في الجديد أنه باطل والثاني أنه موقوف إن أجازه المالك أو المشتري له نفذ وإلا بطل ويجريان في سائر التصرفات كتزويج موليته وطلاق زوجته وعتق عبده وهبته وإجارة داره وغير ذلك الثانية إذا غصب أموالا ثم باعها وتصرف في أثمانها مرة بعد أخرى وفيه قولان أصحهما بطلان الكل والثاني أن للمالك أن يجيزها ويأخذ الحاصل منها الثالثة إذا باع مال أبيه على ظن أنه حي وأن البائع فضولي فكان ميتا حالة العقد وفيه قولان أصحهما صحة البيع لمصادفته ملكه والثاني المنع لأنه لم يقصد قطع الملك

وقد تحرر من إضافتهم قول الوقف إلى هذه المسائل الثلاث أن الوقف نوعان وقف تبيين ووقف انعقاد ففي الثالثة العقد في نفسه صحيح أو باطل ونحن لا نعلم ذلك ثم تبين في ثاني الحال وفي الأوليين الصحة أو نفوذ الملك موقوف على الإجازة على القول بذلك فتكون الإجازة مع الإيجاب والقبول ثلاثتها أركان العقد وهو في مسألة الغصب أقوى منه في بيع الفضولي لما فيها من عسر تتبع العقود الكثيرة بالنقض ثم هنا مراتب أخر قيل بالوقف فيها أيضا منها تصرف الراهن في المرهون بما يزيل الملك كبيع وهبة أو بما يقلل الرغبة كالتزويج بغير إذن المرتهن والمشهور بطلان ذلك وعلى وقف العقود تكون موقوفة إن اجاز المرتهن أو فك الرهن تبين نفوذها وإلا فلا وهي به أولى من بيع الفضولي لوجود الملك المقتضي لصحة التصرف في الجملة ومنها تصرف المفلس في شيء من أعيان ماله المحجور عليه فيه بغير إذن الغرماء والأصح البطلان والثاني أنه موقوف فإن فضل ذلك عن الدين بارتفاع سعر أو إبراء بان نفوذه من حين التصرف وإلا بان بطلانه هكذا عبر كثيرون وظاهره أن الوقف وقف تبيين ومال الرافعي إلى أنه وقف انعقاد ومنها تصرف المريض بالمحاباة فيما زاد على الثلث وفيه قولان أحدهما بطلانه والأصح وقفه فإن أجازها الوارث صحت وإلا بطلت وهذه أولى بالصحة من تصرفات المفلس لأن ضيق الثلث أمر مستقبل والمانع من تصرف المفلس والراهن قائم حالة التصرف القاعدة الرابعة الباطل والفاسد عندنا مترادفان إلا في الكتابة والخلع والعارية والوكالة والشركة والقراض وفي العبادات في الحج فإنه يبطل بالردة ويفسد بالجماع ولا يبطل قال الإمام في الخلع كل ما أوجب البينونة وأثبت المسمى فهو الخلع الصحيح وكل ما أسقط الطلاق بالكلية أو أسقط البينونة فهو الخلع الباطل وكل ما أوجب البينونة من حيث كونه خلعا وأفسد المسمى فهو الخلع الفاسد وفي الكتابة الصحيحة ما أوقعت العتق وأوجبت المسمى بأن انتظمت بأركانها وشروطها

والباطلة ما لا توجب عتقا بالكلية بأن اختل بعض أركانها والفاسدة ما أوقعت العتق وتوجب عوضا في الجملة بأن وجدت أركانها ممن تصح عبارته ووقع الخلل في العوض أو اقترن بها شرط مفسد

تذنيب
نظير هذه القاعدة الواجب والغرض عندنا مترادفان إلا في الحج فإن الواجب يجبر بدم ولا يتوقف التحلل عليه والغرض بخلافه
ضابط
قال الروياني في الفروق والتصرفات بالشراء الفاسد كلها كتصرفات الغاصب إلا في وجوب الحد عليه وانعقاد الولد حرا وكونها أم ولد على قول
القاعدة الخامسة تعاطي العقود الفاسدة حرام
كما يؤخذ من كلام الأصحاب في عدة مواضع قال الأسنوي وخرج عن ذلك صورة وهي المضطر إذا لم يجد الطعام إلا بزيادة على ثمن المثل فقد قال الأصحاب ينبغي أن يحتال في أخذ الطعام من صاحبه ببيع فاسد ليكون الواجب عليه القيمة كذا نقله الرافعي
القول في الفسوخ
قال ابن السبكي الفسخ حل ارتباط العقد
فسوخ البيع
قال في الروضة قال أصحابنا إذا انعقد البيع لم يتطرق إليه فسخ إلا بأحد سبعة أسباب خيار المجلس والشرط والعيب وحلف المشروط والإقالة والتخالف وهلاك المبيع قبل القبض وزيد عليه أمور خيار تلقي الركبان وتفريق الصفقة دواما وابتداء وفلس المشتري وما رآه قبل العقد إذا تغير عن وصفه وما لم يره على قول والتغرير الفعلي من التصرية ونحوها وجهل الدكة تحت الصبرة وجهل الغصب مع القدرة على الانتزاع وطريان العجز مع العلم به وجهل كون المبيع مستأجرا والامتناع من المشروط غير المعتق ومن العتق

على رأي وتعذر قبض المبيع لغصب ونحوه وتعذر قبض الثمن لغيبة مال المشتري إلى مسافة القصر وظهور الزيادة في الثمن في المرابحة وظهور الأحجار المدفونة في الأرض المبيعة إذا ضر القلع والترك أو القلع فقط ولم يترك البائع الأحجار واختلاط الثمرة والمبيع قبل القبض بغيره إن لم يسمح البائع وتعييب الثمرة بترك البائع السقي والتنازع في السقي إذا ضر الثمرة وضر تركه الشجرة وتعذر الفداء بعد بيع الجاني والخيار في الأخير لأجنبي لا للبائع ولا للمشتري فهذه نحو ثلاثين سببا وكلها يباشرها العاقد دون الحاكم إلا فسخ التخالف ففي وجه إنما يباشره الحاكم والأصح لا يتعين بل هو أو أحدهما وكلها تحتاج إلى فسخ ولا ينفسخ شيء منها بنفسه إلا التخالف في وجه واختلاط المبيع قبل القبض على قول وكلها تحتاج إلى لفظ إلا الفسخ في خيار المجلس والشرط فيحصل بوطء البائع وإعتاقه وكذا ببيعه وإجارته وتزويجه ورهنه وهبته في الأصح وإلا الفسخ بالفلس فيحصل بهذه الأمور في رأي

السلم
يتطرق إليه الفسخ بالإقالة وانقطاع السلم فيه عند الحلول ووجود المسلم إليه في مكان غير محل التسليم ولنقله مؤنة
القرض
يتطرق إليه الفسخ بالرجوع قبل التصرف فيه
الرهن
يتطرق إليه الفسخ بالإقالة وهو معنى قولهم وينفك بفسخ المرتهن وبتلف المرهون وبتعليق حق الجناية برقبته وباختلاط الثمرة المرهونة
الحوالة
يتطرق إليها الفسخ فيما لو أحال بثمن مبيع ثبت بطلانه ببينة أو بإقرارهما والمحتال
الضمان
يتطرق إليه الفسخ بإبراء الأصيل الضامن

الشركة والوكالة والعارية والوديعة والقراض
كلها تنفسخ بالعزل من المتعاقدين أو أحدهما وبجنون كل منهما وإغمائه وتزيد الوكالة ببطلانها بالإنكار حيث لا غرض فيه
الهبة
يتطرق إليها الفسخ بالرجوع في هبة الأصل للفرع ولا يحصل بالإقالة
الإجارة
يتطرق إليها الفسخ بالإقالة وتلف المستأجر المعين كموت الدابة وانهدام الدار وغصبه في أثناء المدة واستمر حتى انقضت وقيل بل يثبت الخيار كما لو لم يستمر وموت مؤجر دار أوصى له بها مدة عمره أو هي وقف عليه فانتقلت إلى البطن الثاني ومضت المدة قبل التسليم وشفاء سن وجعة استؤجر لقلعها ويد متأكلة استؤجر لقطعها والعفو عن قصاص استؤجر لاستيفائه فيما أطلقه الجمهور ويثبت فيها خيار الفسخ بظهور عيب تتفاوت به الأجرة قديم أو حادث ومنه انقطاع ماء أرض استؤجرت للزرع والغصب والإباق حيث لم يستمر وموت المؤجر في الذمة حيث لا وفاء في التركة ولا في الوارث وهرب الجمال بجماله حيث يتعذر الاكتراء عليه
تنبيه
أجر الولي الطفل مدة لا يبلغ فيها بالسن فبلغ باحتلام لم تنفسخ الإجارة على الأصح وعلى هذا لا خيار له على الأصح كالصغيرة إذا زوجت فبلغت ويجري ذلك فيما لو أجر المجنون فأفاق أو العبد ثم أعتقه أو استأجر المسلم دارا من حربي في دار الحرب ثم غنمها المسلمون أو استأجر حربيا فاسترق النكاح فرقته أنواع فرقة طلاق وخلع وإيلاء وإعسار بمهر وإعسار بنفقة وفرقة الحكمين وفرقة عنة وفرقة غرور وفرقة عيب وفرقة عتق تحت رقيق وفرقة رضاع وفرقة طروء محرمية وفرقة سبي أحد الزوجين وفرقة إسلام وفرقة ردة وفرقة لعان وفرقة ملك أحد الزوجين الآخر وفرقة جهل سبق أحد العقدين وفرقة تبين فسق الشاهدين وفرقة موت وكلها فسح إلا الطلاق

وفرقة الحكمين والخلع على الجديد وفرقة الإيلاء على الأصح وفي الإعسار وجه أنه طلاق وكلها لا تحتاج إلى حضور حاكم حال الفرقة إلا اللعان فإنه لا يكون إلا بحضوره ولا يقوم المحكم فيه مقام الحاكم على الصحيح وأما مالا يحتاج إليه أصلا فالطلاق والخلع والعتق وما لا يحتاج إلى إنشاء وهو الإسلام والردة وطروء المحرمية والسبي والرضاع وكلها يقوم الحاكم فيها مقامه إذا امتنع إلا لاختيار وكذا الإيلاء في قول

ضابط
ليس لنا موضع تملك فيه المرأة فسخ النكاح ولا تملك إجازته إلا فيما إذا عتقت تحت رقيق فطلقها رجعيا أو ارتد فلها الفسخ والتأخير إلى الرجعة والإسلام وليس لها الإجازة قبل ذلك
تذنيب
قال النووي في تهذيبه العيوب ستة عيب المبيع ورقبة الكفارة والغرة والأضحية والهدي والعقيقة والإجارة والنكاح وحدودها مختلفة ففي المبيع ما ينقص المالية أو الرغبة أو العين إذا كان الغالب في جنس المبيع عدمه وفي الكفارة ما يضر بالعمل إضرارا بينا وفي الأضحية والهدي والعقيقة ما ينقص اللحم وفي الإجارة ما يؤثر في المنفعة تأثيرا يظهر به تفاوت في قيمة الرقبة لأن العقد على المنفعة وفي النكاح ما ينفر عن الوطء ويكسر ثورة التوقان وفي الغرة كالمبيع انتهى وبقي عيب الدية وهي كالمبيع وعيب الزكاة كذلك على الأصح وقيل كالأضحية وعيب الصداق إذا تشطر وهو ما فات به غرض صحيح سواء كان في أمثاله عدمه أم لا وعيب المرهون وهو ما نقص القيمة فقط

خاتمة
الخيار في هذه الفسوخ وغيرها على أربعة أقسام أحدها ما هو على الفور بلا خلاف كخيار العيب إلا في صورتين إحداهما إذا استأجر أرضا لزراعة فانقطع ماؤها ثبت الخيار للعيب قال الماوردي على التراخي وجزم به الرافعي والأخرى كل مقبوض عما في الذمة من سلم أو كتابة إذا وجده معيبا فله الرد وهو على التراخي إن قلنا يملكه بالرضى وكذا إن قلنا بالقبض على الأوجه قاله الإمام الثاني ما هو على التراخي بلا خلاف كخيار الوالد في الرجوع ومن أبهم الطلاق أو العتق أو أسلم على أكثر من أربع أو امرأة المولى وامرأة المعسر بالنفقة وأحد الزوجين إذا تشطر
الصداق
وهو زائد أو ناقص والمشتري إذا أبق العبد قبل قبضه وولي الدم بين العفو والقصاص الثالث ما فيه خلاف والأصح أنه على الفور كخيار تلقي الركبان والبائع في الرجوع فيما باعه للمفلس والأخذ بالشفعة والفسخ بعيب النكاح والخلف فيه وخيار العتق والمغرور والإعسار بالمهر الرابع ما فيه خلاف والأصح أنه على التراخي كخيار المسلم إذا انقطع المسلم فيه عند محله وخيار الرؤية إذا جوزنا بيع الغائب الصداق يتطرق إليه الفسخ بتلفه قبل القبض وتعييبه وبالإقالة
الكتابة
يتطرق الفسخ إلى الصحيحة بعجز المكاتب عن الأداء أو غيبته عند الحلول ولو كان ماله حاضرا وامتناعه من الأداء مع القدرة وبجنون العبد حيث لا مال له فللسيد الفسخ في الصور الأربع وللعبد أيضا في غير الأخيرة وبموت المكاتب قبل تمام الأداء فتنفسخ من غير فسخ وإلى الفاسدة بجنون السيد وإغمائه والحجر عليه
ضابط
ليس لنا عقد يرتفع بالإنكار إلا الوكالة مع العلم حيث لا غرض ولا إنكار الوصية على ما رجحه في الشرح والروضة في بابها

الفسخ
هل يرفع العقد من أصله أو من حينه
فيه فروع
الأول فسخ البيع بخيار المجلس أو الشرط فيه وجهان أصحهما في شرح المهذب من حينه الثاني الفسخ بخيار العيب والتصرية ونحوها والأصح أنه من حينه وقيل من أصله وقيل إن كان قبل القبض فمن أصله وإلا من حينه الثالث تلف المبيع قبل القبض والأصح الانفساخ من حين التلف الرابع الفسخ بالتخالف والأصح من حينه الخامس إذا كان رأس المال السلم في الذمة وعين في المجلس ثم انفسخ السلم بسبب يقتضيه ورأس المال باق فهل يرجع إلى عينه أو بدله وجهان الأصح الأول قال الغزالي والخلاف يلتفت إلى أن المسلم فيه إذا رد بالعيب هل يكون نقضا للملك في الحال أو هو مبين لعدم جريان الملك ومقتضى هذا التفريع أن الأصح هنا أنه رفع للعقد من أصله ويجري ذلك أيضا في نجوم الكتابة وبدل الخلع إذا وجد به عيبا فرده لكن في الكتابة يرتد العتق لعدم القبض المعلق عليه وفي الخلع لا يرتد الطلاق بل يرجع إلى بدل البضع السادس الفسخ بالفلس من حينه قطعا السابع الرجوع في الهبة من حينه قطعا الثامن فسخ النكاح بأحد العيوب والأصح أنه من حينه التاسع الإقالة على القول بأنها فسخ الأصح أنها من حينه العاشر إذا قلنا يصح قبول العبد الهبة بدون إذن السيد وللسيد الرد فهل يكون الرد قطعا للملك من حينه أو أصله وجهان ذكرهما ابن القاص ويظهر أثرهما في وجوب الفطرة واستبراء الجارية الموهوبة الحادي عشر إذا وهب المريض ما يحتاج إلى الإجازة فنقضه الوارث بعد الموت فهل هو رفع من أصله أو حينه وجهان الثاني عشر إذا كانت الشجرة تحمل حملين في السنة فرهن الثمرة الأولى بشرط القطع فلم تقطع حتى اختلطت بالحادث وعسر التمييز فإن كان قبل القبض انفسخ الرهن أو بعده فقولان كالبيع

فإن قلنا يبطل فهل هو من حين الاختلاط كتلف المرهون أو من أصله ويكون حدوث الاختلاط دالا على الجهالة في العقد وجهان حكاهما الماوردي فلو كان مشروطا في بيع فللبائع الخيار في فسخه على الثاني دون الأول الثالث عشر فسخ الحوالة انقطاع من حينه

قاعدة
يغتفر في الفسوخ مالا يغتفر في العقود ومن ثم لم يحتج إلى قبول وقبلت الفسوخ التعليقات دون العقود ولم يصح تعليق اختيار من أسلم على أكثر من أربع لأنه في معنى العقد ولا فسخه لأنه يتضمن اختيار الباقي وجاز توكيل الكافر في طلاق المسلمة لا في نكاحها
القول في الصريح والكناية والتعريض
قال العلماء الصريح اللفظ لموضوع لمعنى لا يفهم منه غيره عند الإطلاق ويقابله الكناية
تنبيه
اشتهر أن مأخذ الصراحة هل هو ورود الشرع به أو شهرة الاستعمال خلاف وقال السبكي الذي أقوله إنها مراتب أحدها ما تكرر قرآنا وسنة مع الشياع عند العلماء والعامة فهو صريح قطعا كلفظ الطلاق الثانية المنكر غير الشائع كلفظ الفراق والسراح فيه خلاف الثالثة الوارد غير الشائع كالافتداء وفيه خلاف أيضا الرابعة وروده دون ورود الثالثة ولكنه شائع على لسان حملة الشرع كالخلع والمشهور أنه صريح الخامسة مالم يرد ولم يشع عند العلماء ولكنه عند العامة مثل حلال الله على حرام والأصح أنه كناية قاعدة الصريح لا يحتاج إلى نية والكناية لا تلزم إلا بنية أما الأول فيستثنى منه ما في الروضة وأصلها أنه لو قصد المكره إيقاع الطلاق فوجهان

أحدهما لا يقع لأن اللفظ ساقط بالإكراه والنية لا تعمل وحدها والأصح يقع لقصده بلفظه وعلى هذا فصريح لفظ الطلاق عند الإكراه كناية إن نوى وقع وإلا فلا وأما الثاني فاستثنى منه ابن القاص صورة وهي ما إذا قيل له طلقت فقال نعم فقيل يلزمه وإن لم ينو طلاقا وقيل يحتاج إلى نية واعترض بأن مقتضاه الاتفاق على أن نعم كناية وأن القولين في احتياجه إلى النية والمعروف أن القولين في صراحته والأصح أنه صريح فلم تسلم كناية عن الافتقار إلى النية

تنبيهات
الأول قد يشكل على قولهم الصريح لا يحتاج إلى نية قولهم يشترط في وقوع الطلاق قصد حروف الطلاق بمعناه وليس بمشكل فإن المراد في الكناية قصد إيقاع الطلاق وفي الصريح قصد معنى اللفظ بحروفه لا الإيقاع ليخرج ما إذا سبق لسانه وما إذا نوى غير معنى الطلاق الذي هو قطع العصمة كالحل من وثاق ويدخل ما إذا قصد المعنى ولم يقصد الإيقاع كالهازل الثاني من المشكل قول المنهاج في الوقف وقوله تصدقت فقط ليس بصريح وإن نوى إلا أن يضيف إلى جهة عامة وينوي فإن ظاهره أن النية تصيره صريحا وهو عجيب فإنه ليس لنا صريح يحتاج إلى نية وعبارة المحرر ولو نوى لم يحصل الوقف إلا أن يضيف وهي حسنة فإنه من الكنايات كما عده في الحاوي الصغير وعبارة الروضة والشرح نحو عبارة المحرر الثالث قال الرافعي في الإقرار اللفظ وإن كان صريحا في التصديق فقد ينضم إليه قرائن تصرفه عن موضوعه إلى الاستهزاء والكذب كحركة الرأس الدالة على شدة التعجب والإنكار فيشبه أن لا تجعل إقرارا أو يجعل فيه خلاف لتعارض اللفظ والقرينة الرابع ذكر الرافعي في أواخر مسئلة أنت علي حرام فيما لو قال أنت علي كالميتة أو الدم وقال أردت أنها حرام أن الشيخ أبا حامد قال إن جعلناه صريحا وجبت الكفارة أو كناية فلا لأنه لا يكون للكناية كناية قال الرافعي وتبعه على هذا جماعة لكن لا يكاد يتحقق هذا التصوير لأنه ينوي

باللفظ معنى لفظ آخر لا صورة اللفظ وإذا كان المنوي المعني فلا فرق بين أن يقال نوى التحريم أو نوى أنت علي حرام وقال ابن السبكي وقد يقال من نوى باللفظ معنى لفظ آخر فلا بد أن يكون تجوز به عن لفظه وإلا فلا تعلق للفظ بالنية وتصير النية مجردة مع لفظ غير صالح فلا تؤثر ومتى تجوز به عنه كان هو الكناية عن الكناية فهي كالمجاز عن المجاز والمجاز لا يكون له مجاز

ومن فروع ذلك
لو قال أنا منك بائن ونوى الطلاق قال بعضهم لا يقع لأنه كناية عن الكتابة ولو كتب الطلاق فهو كناية فلو كتب كناية من كناياته فكما لو كتب الصريح فهذا كناية عن الكناية
قاعدة
ما كان صريحا في بابه ووجد نفاذا في موضوعه لا يكون كناية في غيره
ومن فروع ذلك
الطلاق لا يكون كناية ظهار ولا عكسه وقوله أبحتك كذا بألف لا يكون كناية في البيع بلا خلاف كما في شرح المهذب قال لأنه صريح في الإباحة مجانا فلا يكون كناية في غيره وخرج عن ذلك صور ذكرها الزركشي في قواعده الولى قال لزوجته أنت علي حرام ونوى الطلاق وقع مع أن التحريم صريح في إيجاب الكفارة الثانية الخلع إذا قلنا فسخ يكون كناية في الطلاق الثالثة قال السيد لعبده أعتق نفسك فكناية تنجيز عتق مع أنه صريح في التفويض الرابعة أتى بلفظ الحوالة وقال أردت التوكيل قبل عند الأكثرين الخامسة راجع بلفظ التزويج أو النكاح فكناية السادسة قال لعبده وهبتك نفسك فكناية عتق السابعة قال من ثبت له الفسخ فسخت نكاحك ونوى الطلاق طلقت في الأصح

الثامنة قال آجرتك حماري لتعيرني فرسك فإجارة فاسدة غير مضمونة فوقعت الإعارة كناية في عقد الإجارة التاسعة قال بعتك نفسك فقالت اشتريت فكناية خلع قلت لا تستثنى هذه فإن البيع لم يجد نفاذا في موضوعه العاشرة صرائح الطلاق كناية في العتق وعكسه قلت لا تستثنى الأخرى لما ذكرناه الحادية عشرة قال مالي طالق ونوى الصدقة لزمه قلت لا يستثنى أيضا لذلك فالثلاثة أمثلة لما كان صريحا في بابه ولم يجد نفاذا في موضوعه فإنه يكون كناية في غيره

قاعدة
كل ترجمة تنصب على باب من أبواب الشريعة فالمشتق منها صريح بلا خلاف إلا في أبواب أحدها التيمم لا يكفي نويت التيمم في الأصح الثاني الشركة لا يكفي مجرد اشتركنا الثالث الخلع لا يكون صريحا إلا بذكر المال كما سيأتي الرابع الكتابة لا يكفي كاتبتك حتى يقول وأنت حر إذا أديت الخامس الوضوء على وجه السادس التدبير على قول
قاعدة
قال الأصحاب كل تصرف يستقل به الشخص كالطلاق والعتاق والإبراء ينعقد بالكناية مع النية كانعقاده بالصريح وما لا يستقل به بل يفتقر إلى إيجاب وقبول ضربان ما يشترط فيه الإشهاد كالنكاح وبيع الوكيل المشروط فيه فهذا لا ينعقد بالكناية لأن الشاهد لا يعلم النية وما لا يشترط فيه وهو نوعان ما يقبل مقصوده التعليق بالغرر كالكتابة والخلع فينعقد بالكناية مع النية وما لا يقبل كالإجارة والبيع وغيرهما وفي انعقاد هذه التصرفات بالكناية مع النية وجهان أصحهما الانعقاد

سرد صرائح الأبواب وكناياتها
اعلم أن الصريح وقع في الأبواب كلها وكذا الكناية إلا في الخطبة فلم يذكروا فيها كناية بل ذكروا التعريض ولا في النكاح فلم يذركوها للاتفاق على عدم انعقاده بالكناية ووقع الصريح والكناية والتعريض جميعا في القذف
صرائح البيع
ففي الإيجاب بعتك ملكتك وفي ملكتك وجه ضعيف أنه كناية كأدخلته في ملكك وفرق الأول بأن أدخلته في ملكك يحتمل الإدخال الحسي في شيء مملوك له بخلاف ملكتك و شريت بوزن ضربت صرح به الرافعي والنووي في شرح المهدب وفي التولية والإشراك وليتك وأشركتك وفي بيع أحد النقدين بالآخر صارفتك وفي الصلح صالحتك قال الأسنوي ومنها عوضتك كما اقتضاه كلامهم في مواضع ومنها التقرير والترك بعد الانفساخ بأن يقول البائع بعد انفساخ البيع قررتك على موجب العقد الأول فيقبل صاحبه كما اقتضاه كلام الشيخين في القراض ويؤيده صحة الكفالة أيضا بذلك فإنه لو تكفل فأبرأه المستحق ثم وجده ملازما للخصم فقال اتركه وأنا على ما كنت عليه من الكفالة صار كفيلا وفي القبول قبلت ابتعت اشتريت تملكت وفيه الوجه السابق شريت صارفت توليت اشتركت تقررت قال الأسنوي ومنها بعت على ما نقله في شرح المهذب عن أهل اللغة والفقهاء ومنها نعم صرح بها الرافعي في مسئلة المتوسط غير أنه لا يلزم منه الجواز فيما إذا قال بعتك فقال نعم لأن مدلولها حينئذ وهي حالة عدم الاستفهام تصديق المتكلم في مدلول كلامه فكأنه قال إنك صادق في إيجاب البيع بخلاف ما إذا كانت في جواب الاستفهام وقد صرح بالبطلان في وقوعها في جواب بعتك العبادي في الزيادات والإمام ناقلا عن الأئمة

لكن الرافعي جزم بالصحة في وقوعها بعد بعت ذكره في النكاح وفيه نظر انتهى كلام الأسنوي

ومن صرائح القبول
فعلت صرح بها الرافعي في جواب اشتر مني والعبادي في الزيادات في جواب بعتك ومنها رضيت صرح بها الروياني والقاضي حسين
تنبيه
ظاهر كلامهم أن قبلت وحدها من الصرائح إعني إذا لم يقل معها البيع ونحوه قال في المهمات وقد ذكر الرافعي في النكاح ما يدل على أنها كناية فقال فيما إذا قال قبلت ولم يقل نكاحها ولا تزويجها ما نصه وأصح الطرق أن المسئلة على قولين أحدهما الصحة لأن القبول ينصرف إلى ما أوجبه فكان كالمعتاد لفظا وأظهرهما المنع لأنه لم يوجد التصريح بواحد من لفظي الإنكاح والتزويج والنكاح لا ينعقد بالكنايات هذه لفظه وهو صريح في أن التقدير الواقع بعد قبلت ألحقه هنا بالكنايات فيكون أيضا كناية في البيع قال فإن قيل بل هو صريح لأن التقدير قبلت البيع والمقدر كالملفوظ به قلنا فيكون أيضا صريحا في النكاح لأن التقدير قبلت النكاح فينعقد به قال فالقول بأنه كناية في أحد البابين دون الآخر تحكم لا دليل عليه قلت الذي يظهر أنه صريح في البابين وإنما لم يصح به النكاح لأنه لا ينعقد بكل صريح للتعبد فيه بلفظ التزويج والإنكاح وليس في كلام الرافعي ما يدل على أنه كناية وإنما مراده أن لفظ التزويج او الإنكاح مقدر فيه ومكنى ومضمر فصار ملحقا بالكنايات باعتبار تقديره فالكناية راجعة إلى لفظ النكاح أو التزويج والمعتبر وجوده في صحة العقد باعتبار تقديره لا إلى لفظ قبلت فتأمل

الكنايات
جعلته لك بكذا خذه بكذا تسلمه بكذا أدخلته في ملكك وكذا سلطتك عليه بكذا على الأصح في زوائد الروضة وفي وجه لا كقوله أبحتك بألف وكذا باعك الله وبارك الله لك فيه فيما نقله في زوائد الروضة عن فتاوى الغزالي وضم إليه أقالك الله ورده الله عليك في الإقالة وزوجك الله في النكاح ونقل الرافعي في الطلاق في طلقك الله وأعتقك الله وقول رب الدين للمدين أبرأك الله وجهين بلا ترجيح أحدهما أنه كناية وبه قال البوشنجي والثاني أنه صريح وهو قول العبادي قال في المهمات وهذه المسئلة أعني مسئلة البيع والإقالة مثلها الخيار جزم الرافعي بأن قول المتعاقدين تخايرنا صريح في قطع الخيار وكذا اخترنا إمضاء العقد أمضيناه أجزناه ألزمناه وكذا قول أحدهما لصاحبه اختر
القرض
ذكر في الروضة وأصلها أن صيغته أقرضتك أسلفتك خذ هذا بمثله خذه واصرفه في حوائجك ورد بدله ملكته على أن ترد بدله قال السبكي والأسنوي وظاهر كلامه أن هذه الألفاظ كلها صرائح لكن سبق في البيع أن خذه بمثله كناية فينبغي أن يكون هنا كذلك ولو اقتصر على قوله واصرفه في حوائجك ففي كونه قرضا وجهان في المطلب والظاهر المنع لاحتماله الهبة
الوقف
الصحيح الذي قطع به الجمهور أن وقفت وحبست وسبلت صرائح وقيل كنايات وقيل وقفت فقط صريح وقيل هو وحبست والمذهب أن حرمت هذه البقعة للمساكين وأبدتها كنايتان وأن تصدقت فقط لا صريح ولا كناية فإن أضافه إلى جهة عامة كقوله على المساكين فكناية وإن ضم إليه أن قال صدقة محرمة أو محبسة أو موقوفة أو لا تباع أو لا توهب أو لا تورث فصريح

قال السبكي جاء في هذا الباب نوع غريب لم يأت مثله إلا قليلا وهو انقسام الصريح إلى ما هو صريح بنفسه وإلى ما هو صريح مع غيره

ومن الصرائح
جعلت هذا المكان مسجدا لله تعالى وكذا جعلتها مسجدا فقط في الأصح وقوله وقفتها على صلاة المصلين كناية يحتاج إلى قصد جعلها مسجدا
فرع
وقع السؤال عن رجل قال هذا العبد أو الدابة خرج عن ذمتي لله تعالى فقلت يؤاخذ بإقراره في الخروج عن ملكه ثم هو في العبد يحتمل العتق والوقف فإن فسره بأحدهما قبل وإن لم يفسره فالحمل على العتق أظهر لأنه لا يحتاج إلى تعيين ولا قبول والوقف يحتاج إلى تعيين الجهة الموقوف عليها وقبول الموقوف عليه إذا كان معينا وأما الدابة فإن كانت من النعم احتملت الوقف والأضحية والهدي ويرجع إليه فإن لم يفسره فالحمل على الأضحية أظهر من الوقف لما قلناه ومن الهدي لأنه يحتاج إلى نقل فإن كان قائل ذلك بمكة أو محرما استوى الهدي والأضحية ويحتمل أيضا أمرا رابعا وهو النذر وخامسا وهو مطلق ذبحها والصدقة بها على الفقراء وإن كانت من غيرها وهي مأكولة احتملت الوقف والنذر والصدقة أو غير مأكولة لم تحتمل إلا الوقف فإن فسره بوقف باطل كعدم تعيين الجهة وهو عامي قبل منه وإن قال قصدت أنها سائبة ففي قبول ذلك منه نظر قلت ذلك تخريجا
الخطبة
صريحها أريد نكاحك إذا انقضت عدتك نكحتك
التعريض
رب راغب فيك من يجد مثلك أنت جميلة إذا حللت فآذنيني لا تبقين أيما لست بمرغوب عنك إن الله سائق إليك خيرا
النكاح
صريحه في الإيجاب لفظ التزويج والإنكاح ولا يصح بغيرهما وفي القبول قبلت نكاحها أو تزويجها أو تزوجت أو نكحت

ولا يكفي قبلت فقط ولا قد فعلت ولا نعم في الأصح بخلاف البيع وحكى ابن هبيرة إجماع الأئمة الأربعة على الصحة في رضيت نكاحها قال السبكي ويجب التوقف في هذا النقل والذي يظهر أنه لا يصح

الخلع
إن قلنا إنه طلاق وهو الأظهر فلفظ الفسخ كناية فيه قال في أصل الروضة وأما لفظ الخلع ففيه قولان قال في الأم كناية وفي الإملاء صريح قال الروياني ويغره الأول أظهر واختار الإمام والغزالي والبغوي الثاني ولفظ المفاداة كلفظ الخلع في الأصح وقيل كناية قطعا وإذا قلنا لفظ الخلع صريح فذاك إذا ذكر المال فإن لم يذكره فكناية على الأصح وقيل على القولين وهل يقتضي الخلع المطلق الجاري بغير ذكر المال ثبوت المال أصحهما عند الإمام والغزالي والروياني نعم للعرف والثاني لا لعدم الالتزام هذه عبارة الروضة وعبارة المنهاج ولفظ الخلع صريح وفي قول كناية فعلى الأول فلو جرى بغير ذكر مال وجب مهر المثل في الأصح وهي صريحة في أن لفظ الخلع صريح وإن لم يذكر معه المال وهو خلاف ما في الروضة قال الشيخ ولي الدين في نكته والحق أنه لا منافاة بينهما فإنه ليس في المنهاج أنه صريح مع عدم ذكر المال فلعل مراده أنه جرى بغير ذكر مال مع وجود مصحح له وهو اقتران النية به انتهى فالحاصل أن لفظ الخلع والمفاداة صريحان مع ذكر المال كنايتان إن لم يذكر ويصح بجميع كنايات الطلاق سواء قلنا إنه طلاق أو فسخ في الأصح ومن كناياته لفظ البيع والشراء نحو بعتك نفسك فتقول اشتريت أو قبلت والإقالة وبيع الطلاق بالمهر من جهته وبيع المهر بالطلاق من جهتها

الطلاق
صرائحه الطلاق وكذا الفراق والسراح على المشهور كطلقتك وأنت طالق ويا طالق ونصف طالق وكل طلقة وأوقعت عليك طلاقي وأنت مطلقة ويا مطلقة وفيهما وجه وأما أنت مطلقة وأنت طلاق أو الطلاق أو طلقة أو أطلقتك فالأصح أنها كنايات وفي لك طلقة ووضعت عليك طلقة وجهان ويجري ذلك في الفراق والسراح أيضا
والكنايات
أنت خلية برية بتة بتلة بائن حرام حرة واحدة اعتدي استبرئي رحمك إلحقي بأهلك حبلك على غاربك لا أنده سربك أغربي أعزبي أخرجي إذهبي سافري تجردي تقنعي تستري إلزمي الطريق بيني إبعدي دعيني ودعيني برئت منك لا حاجة لي فيك أنت وشأنك لعل الله يسوق إليك خيرا بارك الله لك بخلاف بارك الله فيك تجرعي ذوقي تزودي وكذا كلي واشربي وانكحي ولم يبق بيني وبينك شيء ولست زوجة لي في الأصح لا أغناك الله وقومي واقعدي وأحسن الله جزاءك زوديني على الصحيح
تنبيه
تقدم أن نعم كناية في قبول النكاح فلا ينعقد به وفي قبول البيع فينعقد على الأصح وينعقد به البيع في جواب الاستفهام جزما وكأنه صريح وأما في الطلاق فلو قيل له أطلقت زوجتك أو فارقتها أو زوجتك طالق فقال نعم فإن كان على وجه الاستخبار فهو إقرار يؤاخذ به فإن كان كاذبا لم تطلق في الباطن وإن كان على وجه التماس الإنشاء فهل هو صريح أو كناية قولان أظهرهما الأول وقطع به بعضهم
فرع
الأصح أن ما اشتهر في الطلاق سوى الألفاظ الثلاثة الصريحة كحلال الله علي حرام أنت علي حرام أو الحل علي حرام كناية لا يلتحق بالصريح

فلو قال لزوجته أنت علي حرام أو حرمتك فإن نوى الطلاق وقع رجعيا أو نوى عددا وقع ما نواه أو نوى الظهار فهو ظهار وإن نواهما معا فهل يكون طلاقا لقوته أو ظهارا لأن الأصل بقاء النكاح أو يتخير ويثبت ما اختاره أوجه أصحها الثالث وإن نوى أحدهما قبل الآخر قال ابن الحداد إن أراد الظهار ثم أراد الطلاق صحا وإن أراد الطلاق أولا فإن كان بائنا فلا معنى للظهار بعده وإن كان رجعيا فالظهار موقوف إن راجعها فهو صحيح والرجعة عود وإلا فهو لغو وقال الشيخ أبو علي هذا التفصيل فاسد عندي لأن اللفظ الواحد إذا لم يجز أن يراد به التصرفات لم يختلف الحكم بإرادتهما معا أو متعاقبين كذا في الروضة وأصلها من غير ترجيح والراجح مقالة أبي علي لإطلاقه في الشرح الصغير والمحرر والمنهاج التخيير وإن نوى تحريم عينها أو فرجها أو وطئها لم تحرم وعليه كفارة ككفارة اليمين في الحال وإن لم يطأ في الأصح وكذا إن أطلق ولم ينو شيئا في الأظهر فلفظ أنت علي حرام صريح في لزوم الكفارة ولو قال هذا اللفظ لأمته ونوى العتق عتقت أو الطلاق أو الظهار فلغو أو تحريم عينها لم تحرم وعليه الكفارة وكذا إن أطلق في الأظهر فإن كانت محرما فلا كفارة أو معتدة أو مرتدة أو مجوسية أو مزوجة أو الزوجة معتدة عن شبهة أو محرمة فوجهان لأنها محل الاستباحة في الجملة أو حائضا أو نفساء أو صائمة وجبت على المذهب لأنها عوارض أو رجعية فلا على المذهب ولو قال لعبد أو ثوب ونحوه فلغو لا كفارة فيه ولا غيرها

الرجعة
صرائحها رجعتك وارتجعتك وراجعتك وكذا أمسكتك ورددتك في الأصح وتزوجتك ونكحتك كنايتان وقيل صريحان وقيل لغو

واخترت رجعتك كناية وقيل لغو وقيل إن كل لفظ أدى معنى الصريح في الرجعة صريح نحو رفعت تحريمك وأعدت حلك والأصح أن صرائحها منحصرة لأن الطلاق صرائحه محصورة فالرجعة التي تحصل إباحة أولى

الإيلاء
صريحه آليتك وتغييب ذكر أو حشفة بفرج والجماع بذكر والافتضاض بذكر للبكر وكذا مطلق الجماع والوطء والإصابة والافتضاض للبكر من غير ذكره على الصحيح
والكنايات
المباشرة والمباضعة والملامسة والمس والإفضاء والمباعلة والدخول بها والمضي إليها والغشيان والقربان والإتيان والقديم أنها كلها صرائح واتفق على أن لأبعدن عنك ولا تجمع رأسي ورأسك وسادة ولا تجتمع تحت سقف ولتطولن غيبتي عنك ولأسوأنك ولأغيظنك كنايات في الجماع والمدة معا وقوله ليطولن تركي لجماعك أو لأسوأنك في الجماع صريح فيه كناية في المدة
الظهار
صريحه أنت علي أو معي أو عندي أو مني أو لي كظهر أمي وكذا أنت كظهر أمي بلا صلة وقيل إنه كناية وكذا جملتك أو نفسك أو ذاتك أو جسمك كظهر أمي وكذا كبدن أمي أو جسمها أو جملتها أو ذاتها وكذا كيدها أو رجلها أو صدرها أو بطنها أو فرجها أو شعرها على الأظهر وكعينها كناية إن قصد ظهارا فظهار أو كرامة فلا وكذا إن أطلق في الأصح وقوله كروحها كناية وقيل لغو وكرأسها صريح قطع به العراقيون وقيل كناية

قال في أصل الروضة وهو أقرب وقوله كأمي أو مثل أمي كناية كعينها

القذف
صريحه لفظ الزنا كقوله زنيت أو زنيت أو يا زان أو يا زانية والنيك وإيلاج الحشفة أو الذكر مع لاوصف بتحريم أو دبر وسائر الألفاظ المذكورة في الإيلاج أنها صريحة هناإذا انضم إليها الوصف بالتحريم ولطت ولاط بك وزنيت في الجبل وفيه وجه أنه كناية وزنا فرجك أو ذكرك أو قبلك أو دبرك ولامرأة زنيت في قبلك ولرجل بقبلك ولخنثى ذكرك وفرجك معا ولولد غيره الذي لم ينف بلعان لست ابن فلان
والكنايات
يا فاجر يا فاسق يا خبيث يا خبيثة يا سفيه أنت تحبين الخلوة لا تردين يد لامس ولقرشي يا نبطي أو لست من قريش ولولده لست ابني وللمنفي باللعان لست ابن فلان ولزوجته لم أجدك عزراء في الجديد ولأجنبية قطعا وأنت أزنى الناس أو أزنى من الناس أو يا أزنى الناس أو أزنى من فلان على الصحيح في الكل وزنأت في الجبل على الصحيح وكذا زنأت فقط أو يا زانئ بالهمزة في الأصح ويا زانية في الجبل بالياء على المنصوص ولرجل زنيت في قبلك وزنت يدك أو رجلك أو عينك أو أحد قبلي المشكل ويا لوطي على المعروف في المذهب واختار في زوائد الروضة أنه صريح لأن احتمال إرادة أنه على دين لوط لا يفهمه العوام أصلا ولا يسبق إلى ذهن غيرهم
ومن الكنايات
يا قواد يا مؤاجر وفيهما وجه أنهما صريحان ويا مأبون كما في فتاوى النووي يا قحبة ويا علق كما في فتاوى الشاشي وفروع ابن القطان وجزم ابن الصباغ والشيخ عز الدين بأن يا قحبة صريح وأفتى الشيخ عز الدين بأن يا مخنث صريح للعرف وفي فروع ابن القطان بأن يا بغي كناية

والتعريض
يا ابن الحلال أما أنا فلست بزان وأمي ليست بزانية ما أحسن اسمك في الجيران ما أنا ابن خباز ولا إسكاف فلا أثر لذلك وإن نوى به القذف لأن النية إنما تؤثر إذا احتمل اللفظ المنوي ولا دلالة في هذا اللفظ ولا احتمال وما يفهم منه مستنده قرائن الأحوال وفي وجه أنه كناية لحصول الفهم والإيداء
ضابط
قال الحليمي كل ما حرم التصريح به لعينه فالتعريض به حرام حرام كالكفر والقذف وما حل التصريح به أو حرم لا لعينه بل لعارض فالتعريض به جائز كخطبة المعتدة
العتق
صريحه التحرير والإعتاق نحو أنت حر أو محرر أو حررتك أو عتيق أو معتق أو أعتقتك وكذا فك الرقبة في الأصح
والكنايات
لا ملك لي عليك لا سبيل لا سلطان لا يد لا أمر لا خدمة أزلت ملكي عنك حرمتك أنت سائبة أنت بتة أنت لله وهبتك نفسي وكل صرائح الطلاق وكناياته كنايات فيه وكذا أنت علي كظهر أمي في الأصح
فرعان
الأول لا أثر للخطأ في التذكير والتأنيث في الطلاق والعتق والقذف فلو قال لها أنت طالق أو أنت حر أو زان أو زنيت أو له أنت حرة أو زانية أو زنيت فهو صريح الثاني لو قال لعبده أنت ابني ومثله يجوز أن يكون ابنا له ثبت نسبه وعتق إن كان صغيرا أو بالغا وصدقه وإن كذبه عتق أيضا ولا نسب فإن لم يمكن كونه ابنه بأن كان أصغر منه على حد لا يتصور كونه ابنه لغا قوله ولم يعتق لأنه ذكر محالا فإن كان معروف النسب من غيره لم يلحقه

لكن يعتق في الأصح لتضمنه الإقرار بحريته وفي نظيره في المرأة لو قال لها أنت بنتي قال الإمام الحكم في حصول الفراق وثبوت النسب كما في العتق قال في الروضة من زوائده والمختار أنه لا يقع به فرقة إذا لم تكن نية لأنه إنما يتعمل في العادة للملاطفة وحسن المعاشرة

التدبير
صريحه أنت حر بعد موتي أعتقتك حررتك بعد موتي إذا مت فأنت حر أو عتيق
والكناية
خليت سبيلك بعد موتي ولو قال دبرتك أو أنت مدبر فالنص أنه صريح فيعتق به إذا مات السيد ونص في الكتابة أن قوله كاتبتك على كذا لا يكفي حتى يقول فإذا أديت فأنت حر أو ينويه فقيل فيهما قولان أحدهما صريحان لاشتهارهما في معناهما كالبيع والهبة والثاني كنايتان لخلوهما عن لفظ الحرية والعتق والمذهب تقرير النصين والفرق أن التدبير مشهور بين الخواص والعوام
والكناية
لا يعرفها العوام
عقد الأمان
صريحه أجرتك أنت مجار أنت آمن أمنتك أنت في أماني لا بأس عليك لا خوف عليك لا تخف لا تفزع
والكناية
أنت على ما تحب كن كيف شئت
ولاية القضاء
صريحه وليتك القضاء قلدتك استنبتك استخلفتك اقض بين الناس احكم ببلد كذا والكناية اعتمدت عليك في القضاء رددته إليك فوضته إليك أسندته

قال الرافعي ولا يكاد يتضح فرق بين وليتك القضاء وفوضته إليك وقال النووي الفرق واضح فإن وليتك متعين لجعله قاضيا وفوضت إليك محتمل لأن يراد توكيله في نصب قاض ومن الكنايات كما في أدب القضاء لابن أبي الدم عولت عليك عهدت إليك وكلت إليك القول في الكتابة فيها مسائل الأولى في الطلاق فإن كتبه الأخرس فأوجه أصحها أنه كناية فيقع الطلاق إن نوى ولم يشر والثاني لا بد من الإشارة والثالث صريح وأما الناطق فإن تلفظ بما كتبه حال الكتابة أو بعدها طلقت وإن لم يتلفظ فإن لم ينو إيقاع الطلاق لم يقع على الصحيح وقيل يقع فيكون صريحا وإن نوى فأقوال أظهرها تطلق والثاني لا والثالث إن كانت غائبة عن المجلس طلقت وإلا فلا قال في أصل الروضة وهذا الخلاف جار في سائر التصرفات التي لا تحتاج إلى قبول كالإعتاق والإبراء والعفو عن القصاص وغيرها وأما ما يحتاج إلى قبول فهو نكاح وغيره فغير النكاح كالبيع والهبة والإجارة ففي انعقادها بالكتابة خلاف مرتب على الطلاق وما في معناه إن لم يصح بها فهنا أولى وإلا فوجهان للخلاف في انعقاد هذه التصرفات بالكنايات ولأن القبول شرط فيها فيتأخر عن الإيجاب والمذهب الانعقاد ثم المكتوب إليه له أن يقبل بالقول وهو أقوى وله أن يكتب القبول وأما النكاح ففيه خلاف مرتب والمذهب منعه بسبب الشهادة فلا اطلاع للشهود على النية ولو قالا بعد الكتابة نوينا كان شهادة على إقرارهما لا على نفس العقد ومن جوز اعتمد الحاجة وحيث جوزنا انعقاد البيع ونحوه بالكتابة فذلك في حال الغيبة فأما عند الحضور فخلاف مرتب والأصح الانعقاد

وحيث جوزنا انعقاد النكاح بها فيكتب زوجتك بنتي ويحضر الكتاب عدلان ولا يشترط أن يحضرهما ولا أن يقول اشهدا فإذا بلغه يقبل لفظا أو يكتب القبول ويحضره شاهدا الإيجاب ولا يكفي غيرهما في الأصح ولو كتب إليه بالوكالة فإن قلنا لا يحتاج إلى القبول فهو ككتابة الطلاق وإلا فكالبيع ونحوه وولاية القضاء كالوكالة فالمذهب صحتها بالكتابة وكذا يقع العزل بالكتابة وإن كتب إليه إذا أتاك كتابي فأنت معزول لم ينعزل قبل أن يصل إليه الكتاب قطع قاضيا كان أو وكيلا وكذا في الطلاق وإن كتب أنت معزول أو عزلتك فالأظهر العزل في الحال في الوكيل دون القاضي لعظم الضرر في نقض أقضيته ولا خلاف في وقوع الطلاق في نظير ذلك في الحال وإن كتب إذا قرأت كتابي فأنت معزول أو طالق لم يحصل العزل والطلاق بمجرد البلوغ بل بالقراءة فإن قرئ عليه أو عليها وهما أميان وقع الطلاق والعزل وإن كانا قارئين فالأصح انعزال القاضي لأن الغرض إعلامه وعدم وقوع الطلاق لعدم قراءتها مع الإمكان وقيل لا ينعزل القاضي أيضا وقيل يقع الطلاق كالعزل والفرق أن منصب القاضي يقتضي القراءة عليه دون المرأة

تنبيه
قال ابن الصلاح ينبغي للمجيز في الرواية كتابة أن يتلفظ بالإجازة أيضا فإن اقتصر على الكتابة ولم يتلفظ مع قصد الإجازة صحت وإن لم يقصد الإجازة قال ابن الصلاح فغير مستبعد تصحيح ذلك في هذا الباب كما أن القراءة على الشيخ إذا لم يتلفظ بما قرأ عليه جعلت إخبارا منه بذلك وقال الحافظ أبو الفضل العراقي الظاهر عدم الصحة
المسئلة الثانية
قال النووي في الأذكار من كتب سلاما في كتاب وجب على المكتوب إليه رد السلام إذا بلغه الكتاب قاله المتولي وغيره وزاد في شرح المهذب أنه يجب الرد على الفور
الثالثة
هل يجوز الاعتماد على الكتابة والخط

فيه فروع
الأول الرواية فإذا كتب الشيخ بالحديث إلى حاضر أو غائب أو أمر من كتب فإن قرن بذلك إجازة جاز الاعتماد عليه والرواية قطعا وإن تجردت عن الإجازة فكذلك على الصحيح المشهور ويكفي معرفة خط الكاتب وعدالته وقيل لا بد من إقامة البينة عليه الثاني أصح الوجهين في الروضة والشرح والمنهاج والمحرر جواز رواية الحديث اعتمادا على خط محفوظ عنده وإن لم يذكر سماعه الثالث يجوز اعتماد الراوي على سماع جزء وجد اسمه مكتوبا فيه أنه سمعه إذا ظن ذلك بالمعاصرة واللقي ونحوهما مما يغلب على الظن وإن لم يتذكر وتوقف فيه القاضي حسين الرابع عمل الناس اليوم على النقل من الكتب ونسبة ما فيها إلى مصنفيها قال ابن الصلاح فإن وثق بصحة النسخة فله أن يقول قال فلان وإلا فلا يأتي بصيغة الجزم وقال الزركشي في جزء له حكى الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني الإجماع على جواز النقل من الكتب المعتمدة ولا يشترط اتصال السند إلى مصنفيها وقال الكيا الطبري في تعليقه من وجد حديثا في كتاب صحيح جاز له أن يرويه ويحتج به وقال قوم من أصحاب الحديث لا يجوز لأنه لم يسمعه وهذا غلط وقال ابن عبدالسلام أما الاعتماد على كتب الفقه الصحيحة الموثوق بها فقد اتفق العلماء في هذا العصر على جواز الاعتماد عليها والإستناد إليها لأن الثقة قد حصلت بها كما تحصل بالرواية ولذلك اعتمد الناس على الكتب المشهورة في النحو واللغة والطب وسائر العلوم لحصول الثقة بها وبعد التدليس ومن اعتقد أن الناس قد اتفقوا على الخطأ في ذلك فهو أولى بالخطأ منهم ولولا جواز الاعتماد على ذلك لتعطل كثير من المصالح المتعلقة بها وقد رجع الشارع إلى قول الأطباء في صور وليست كتبهم مأخوذة في الأصل إلا عن قوم كفار ولكن لما بعد التدليس فيها اعتمد عليها كما اعتمد في اللغة على أشعار العرب وهم كفار لبعد التدليس انتهى الخامس إذا ولى الإمام رجلا كتب له عهدا وأشهد عليه عدلين فإن لم يشهد فهل يلزم الناس طاعته ويجوز لهم الاعتماد على الكتاب خلاف

والمذهب أنه لا يجوز اعتماد مجرد الكتاب من غير إشهاد ولا استفاضة السادس إذا رأى القاضي ورقة فيها حكمه لرجل وطالب عنه إمضاءه والعمل به ولم يتذكره لم يعتمده قطع لإمكان التزوير وكذا الشاهد لا يشهد بمضمون خطه إذا لم يتذكر فلو كان الكتاب محفوظا عنده وبعد احتمال التزوير والتحريف كالمحضر والسجل الذي يحتاط فيه فوجهان الصحيح أيضا أنه لا يقضى به ولا يشهد ما لا يتذكر بخلاف ما تقدم في الرواية لأن بابها على التوسعة السابع إذا رأى بخط أبيه أن لي على فلان كذا أو أديت إلى فلان كذا قال الأصحاب فله أن يحلف على الاستحقاق والأداء اعتمادا على خط أبيه إذا وثق بخطه وأمانته قال القفال وضابط وثوقه أن يكون بحيث لو وجد في تلك التذكرة لفلان على كذا لا يجد من نفسه أن يحلف على نفي العلم به بل يؤديه من التركة وفرقوا بينه وبين القضاء والشهادة بأن خطرهما عظيم ولأنهما يتعلقان به ويمكن التذكر فيهما وخط المورث لا يتوقع فيه يقين فجاز اعتماد الظن فيه حتى لو وجد ذلك بخط نفسه لم يجز له الحلف حتى يتذكر قاله في الشامل وأقره في أصل الروضة في باب القضاء الثامن يجوز الاعتماد على خط المفتي التاسع قال الماوردي والروياني لو كتب له في ورقة بلفظ الحوالة ووردت على المكتوب إليه لزمه أداؤها إذا اعترف بدين الكاتب وأنه خطه وأراد به الحوالة وبدين المكتوب له فإن أنكر شيئا من ذلك لم يلزمه ومن أصحابنا من ألزمه إذا اعترف بالكتاب والدين اعتمادا على العرف ولتعذر الوصول إلى الإرادة العاشر شهادة الشهود على ما كتب في وصية لم يطلعا عليها قال الجمهور لا يكفي وفي وجه يكفي واختاره السبكي الحادي عشر إذا وجد مع اللقيط رقعة فيها أن تحته دفينا وأنه له ففي اعتمادها وجهان أصحهما عند الغزالي نعم والثاني لا وهو الموافق لكلام الأكثرين

تنبيه
حكم الكتابة على القرطاس والرق واللوح والأرض والنقش على الحجر والخشب واحد ولا أثر لرسم الأحرف على الماء والهواء

القول في الإشارة
الإشارة من الأخرس معتبرة وقائمة مقام عبارة الناطق في جميع العقود كالبيع والإجارة والهبة والرهن والنكاح والرجعة والظهار والحلول كالطلق والعتاق والإبراء وغيرهما كالأقارير والدعاوي واللعان والقذف والإسلام ويستثنى صور الأولى شهادة لا تقبل بالإشارة في الأصح الثانية يمينه لا ينعقد بها إلا اللعان الثالثة إذا خاطب بالإشارة في الصلاة لا تبطل على الصحيح الرابعة حلف لا يكلمه فأشار إليه لا يحنث الخامسة لا يصح إسلام الأخرس بالإشارة في قول حتى يصلي بعدها والصحيح صحته وحمل النص المذكور على ما إذا لم تكن الإشارة مفهمة وإذا قلنا باعتبارها فمنهم من أراد الحكم على إشارته المفهومة نوى أم لا وعليه البغوى وقال الإمام وآخرون إشارته منقسمة إلى صريحة مغنية عن النية وهي التي يفهم منها المقصود كل واقف عليها وإلى كناية مفتقرة إلى النية وهي التي تختص بفهم المقصود بها المخصوص بالفطنة والذكاء كذا حكاه في أصل الروضة والشرحين من غير تصريح بترجيح وجزم بمقالة الإمام في المحرر والمنهاج قال الإمام ولو بالغ في الإشارة ثم ادعى أنه لم يرد الطلاق وأفهم هذه الدعوى فهو كما لو فسر اللفظ الشائع في الطلاق بغيره وسواء في اعتبارها قدر على الكتابة أم لا كما أطلقه الجمهور وصرح به الإمام وشرط المتولي عجزه عن كتابة مفهمة فإن قدر عليها فهي المعتبرة لأنها أضبط وينبغي أن يكتب مع ذلك إني قصدت الطلاق ونحوه وأما القادر على النطق فإشارته لغو إلا في صور الأولى إشارة الشيخ في رواية الحديث كنطقه وكذا المفتي الثانية أمان الكفار ينعقد بالإشارة تغليبا لحقن الدم كأن يشير مسلم إلى كافر فينحاز إلى صف المسلمين وقالا أردنا بالإشارة الأمان

الثالثة إذا سلم عليه في الصلاة يرد بالإشارة الرابعة قال أنت طالق وأشار بأصبعين أو ثلاث وقصد وقع ما أشار به فإن قال مع ذلك هكذا وقع بلا نية ولو قال أنت هكذا ولم يقل طالق ففي تعليق القاضي حسين لا يقع شيء وفي فتاوي القفال إن نوى الطلاق طلقت كما أشار وإن لم ينو أصل الطلاق لم يقع شيء وحكي وجه أنه يقع ما أشار من غير نية وما قاله القفال أظهر ولو قال أنت ولم يزد وأشار لم يقع شيء أصلا لأنه ليس من ألفاظ الكنايات فلو اعتبر كان اعتبار النية وحدها بلا لفظ

الخامسة
الإشارة بالطلاق نية كناية في وجه لكن الأصح خلافه ولو قال لإحدى زوجتيه أنت طالق وهذه ففي افتقار طلاق الثانية إلى نية وجهان ولو قال امرأتي طالق وأشار إلى إحداهما ثم قال أردت الأخرى قبل في الأصح
السادسة
لو أشار المحرم إلى صيد فصيد حرم عليه الأكل منه لحديث هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها فلو أكل فهل يلزمه الجزاء قولان أظهرهما لا
فرع
من المشكل ما نقله الرافعي عن التهذيب أن ذبيحة الأخرس تحل إن كانت له إشارة مفهمة وإلا فقولان كالمجنون والذي ينبغي القطع بحل ذبيحته سواء كانت له إشارة مفهمة أم لا إذ لا مدخل لذلك في قطع الحلقوم والمريء وقد قال الشافعي في المختصر ولا بأس بذبيحة الأخرس

فرع
قال الأسنوي إشارة الأخرس بالقراءة وهو جنب كالنطق صرح به القاضي حسين في فتاويه وعموم كلام الرافعي في الصلاة يدل عليه وفي المطلب ذكروا في صفة الصلاة أو الأخرس يجب عليه تحريك لسانه قال فليحرم عليه إذا كان جنبا تحريك اللسان بالقرآن
فرع
المعتقل لسانه واسطة بين الناطق والأخرس فلو أوصى في هذه الحالة بإشارة مفهمة أو قرئ كتاب الوصية فأشار برأسه أن نعم صحت
فرع
اشترط النطق في الإمام الأعظم والقاضي والشاهد وفيهما وجه
فرع
علق الطلاق بمشيئة أخرس فأشار بالمشيئة وقع فإن كان حال التعليق ناطقا فخرس بعد ذلك ثم أشار بالمشيئة وقع أيضا في الأصح إقامة لإشارته مقام النطق المعهود في حقه ولو أشار وهو ناطق لم يقع على الأصح
تنبيه
حيث طلبت الإشارة من الناطق وغيره لم يقم مقامها شيء كالإشارة بالمسبحة في التشهد والإشارة إلى الحجر الأسود والركن اليماني عند العجز عن الاستلام
قاعدة
إذا اجتمعت الإشارة والعبارة واختلف موجبهما غلبت الإشارة
وفي ذلك فروع
منها ما لو قال أصلي خلف زيد أو على زيد هذا فبان عمرا فالأصح الصحة وكذا على هذا الرجل فبان امرأة ولو قال زوجتك فلانة هذه وسماها بغير اسمها صح قطعا وحكي فيه وجه ولو قال زوجتك هذا الغلام وأشار إلى بنته نقل الروياني عن الأصحاب صحة النكاح تعويلا على الإشارة

ولو قال زوجتك هذه العربية فكانت عجمية أو هذه العجوز فكانت شابة أو هذه البيضاء فكانت سوداء أو عكسه وكذا المخالفة في جميع وجوه النسب والصفات والعلو والنزول ففي صحة النكاح قولان والأصح الصحة ولو قال بعتك داري هذه وحددها وغلط في حدودها صح البيع بخلاف ما لو قال بعتك الدار التي في االمحلة الفلانية وحددها وغلط لأن التعويل هناك على الإشارة ولو قال بعتك هذا الفرس فكان بغلا أو عكسه فوجهان والأصح هنا البطلان قال في شرح المهذب إنما صحح البطلان هنا تغليبا لاختلاف غرض المالية وصحح الصحة في الباقي تغليبا للإشارة وحينئذ فيستثنى هذه الصورة من القاعدة ويضم إليها من حلف لا يكلم هذا الصبي فكلمه شيخا أو لا يأكل هذا الرطب فأكله تمرا أو لا يدخل هذه الدار فدخلها عرصة فالأصح أنه لا يحنث ولو خالعها على هذا الثوب الكتان فبان قطنا أو عكسه فالأصح فساد الخلع ويرجع بمهر المثل ولو قال خالعتك على هذا الثوب الهروي أو وهو هروي فبان خلافه صح ولا رد له بخلاف مالو قال على أنه هروي فبان مرويا فإنه يصح ويملكه وله الخيار فإن رده رجع إلى مهر المثل وفي قول قيمته ولو قال إن أعطيتني هذا الثوب وهو هروي فأنت طالق فأعطته فبان مرويا لم يقع الطلاق لأنه علقه بإعطائه بشرط أن يكون هرويا ولم يكن كذلك فكأنه قال إن كان هرويا ولو قال إن أعطيتني هذا الهروي فأعطته فبان مرويا فوجهان أحدهما لا تطلق تنزيلا له على الاشتراط كما سبق والثاني تقع البينونة تغليبا للإشارة قال الرافعي وهذا أشبه وصححه في أصل الروضة ثم فرق بين قوله وهو هروي في إن أعطيتني حيث أفاد الاشتراط فلم يقع الطلاق وفي خالعتك حيث لم يفده فلا رد له بأنه دخل في إن أعطيتني على كلام غير مستقل فيتقيد بما دخل عليه وتمامه بالفراغ من قوله فأنت طالق

وأما قوله خالعتك على هذا الثوب فكلام مستقل فجعل قوله بعده وهو هروي جملة مستقلة فلم تتقيد بها الأولى ولو قال لا آكل من هذه البقرة وأشار إلى شاة حنث بأكل لحمها ولا تخرج على الخلاف في البيع ونحوه لأن العقود يراعى فيها شروط وتقييدات لا تعتبر مثلها في الأيمان فاعتبر هنا الإشارة وجها واحدا ولو قال إن اشتريت هذه الشاة فلله علي أن أجعلها أضحية فاشتراها فوجهان أحدهما لا يجب تغليبا للإشارة فإنه أوجب المعينة قبل الملك والثاني يجب تغليبا لحكم العبارة فإنه عبارة نذر وهو متعلق بالذمة كما لو قال إن اشتريت شاة فلله علي جعلها أضحية فإنه نذر مضمون في الذمة فإذا اشترى شاة لزمه جعلها أضحية القول في الملك وفيه مسائل

الأولى في تفسيره
قال ابن السبكي هو حكم شرعي بقدر في عين أو منفعة يقتضي تمكن من ينسب إليه من انتفاعه والعوض عنه من حديث هو كذلك فقولنا حكم شرعي لأنه يتبع الأسباب الشرعية وقولنا يقدر لأنه يرجع إلى تعلق إذن الشرع والتعلق عدمي ليس وصفا حقيقيا بل يقدر في العين أو المنفعة عند تحقق الأسباب المفيدة للملك وقولنا في عين أو منفعة لأن المنافع تملك كالأعيان وقولنا يقتضي انتفاعه يخرج تصرف القضاة والأوصياء فإنه في أعيان أو منافع لا يقتضي انتفاعهم ولأنهم لا يتصرفون لانتفاع أنفسهم بل لانتفاع المالكين وقولنا والعوض عنه يخرج الإباحات في الضيافات فإن الضيافة مأذون فيها ولا تملك ويخرج أيضا الاختصاص بالمساجد والربط ومقاعد الأسواق إذ لا ملك فيها مع التمكن من التصرف وقولنا من حيث هو كذلك إشارة إلى أنه قد يتخلف لمانع لعرض كالمحجور عليهم لهم الملك وليس لهم التمكن من التصرف لأمر خارجي

الثانية
قال في الكفاية أسباب التملك ثمانية المعاوضات والميراث والهبات والوصايا والوقف والغنيمة والإحياء والصدقات قال ابن السبكي وبقيت أسباب أخر منها تملك اللقطة بشرطه ومنها دية القتيل يملكها أو لا ثم تنقل لورثته على الأصح ومنها الجنين الأصح أنه يملك الغرة ومنها خلط الغاصب المغصوب بماله أو بمال آخر لا يتميز فإنه يوجب ملكه إياه ومنها الصحيح أن الضيف يملك ما يأكله وهل يملك بالوضع بين يديه أو في الفم أو بالأخذ أو بالازدراد يتبين حصول الملك قبيله أوجه ومنها الوضع بين يدي الزوج المخالع على الإعطاء ومنها ما ذكره الجرجاني في المعاياة أن السابي إذا وطئ المسبية كان متملكا لها وهو غريب عجيب قلت الأخير إن صح داخل في الغنيمة والذي قبله داخل في المعاوضات كسائر صور الخلع وكذا الصداق وأما مسئلة الضيف فينبغي أن يعبر عنها بالإباحة لتدخل هي وغيرها من الإباحات التي ليست بهبة ولا صدقة ويعبر عن الدية والغرة بالجناية ليشمل أيضا دية الأطراف والمنافع والجرح والحكومات وقد قلت قديما ** وفي الكفاية أسباب التملك خذ ** ثمانيا وعليها زاد من لحقه ** الإرث والهبة الإحيا الغنيمة والم ** عاوضات الوصايا الوقف والصدقه ** والوضع بين يدي زوج يخالعها ** والضيف والخلع للمغصوب والسرقه ** كذا الجناية مع تمليك لقطته ** والوطء للسبي فيما قال من سبقه ** قلت الأخيرة إن صحت فداخلة ** في الغنم والخلع في التعويض كالصدقة **
الثالثة
قال العلائي لا يدخل في ملك الإنسان شيء بغير اختياره إلا في الإرث اتفاقا والوصية إذا قيل إنها تملك بالموت لا بالقبول والعبد إذا ملك شيئا فإنه يصح قبوله بغير إذن السيد في أحد الوجهين فيدخل في ملك السيد بغير اختياره وكذلك غلة

الموقوف عليه ونصف الصداق إذا طلق قبل الدخول والمعيب إذا رد على البائع به وأرش الجناية وثمن النقص إذا تملكه الشفيع والمبيع إذا تلف قبل القبض دخل الثمن في ملك المشتري وكذلك بما ملكه من الثمار والماء النابع في ملكه وما يسقط فيه من الثلج أو ينبت فيه من الكلأ ونحوه قلت وما يقع فيه من صيد وصار مقدورا عليه بتوحيل وغيره على وجه والإبراء من الدين إذا قلنا إنه تمليك لا يحتاج إلى قبول في الأصح المنصوص ولا يرتد بالرد على الأصح في زوائد الروضة

الرابعة
المبيع ونحوه من المعاوضات يملك بتمام العقد فلو كان خيار مجلس أو شرط فهل الملك في زمن الخيار للبائع استصحابا لما كان أو المشرتي لتمام البيع بالإيجاب والقبول أو موقوف إن تم البيع بان أنه للمشتري من حين العقد وإلا فللبائع أقوال وصحح الأول فيما إذا كان الخيار للبائع وحده والثاني إذا كان للمشتري وحده والثالث إذا كان لهما وهذه المسئلة من غرائب الفقه فإن لها ثلاثة أحوال وفي كل حال ثلاثة أقوال وصحح في كل حال من الثلاثة ويقرب منها الأقوال في ملك المرتد فالأظهر أنه موقوف إن مات مرتدا بان زواله من الردة وإن أسلم بان أنه لم يزل لأن بطلان أعماله يتوقف على موته مرتدا فكذلك ملكه والثاني أنه يزول بنفس الردة لزوال عصمة الإسلام وقياسا على النكاح والثالث لا كالزاني المحصن قال الرافعي والخلاف في زوال ملكه يجري أيضا في ابتداء التملك إذا اصطاد واحتطب فعلى الزوال لا يدخل في ملكه ولا يثبت الملك فيه لأهل الفيء بل يبقى على الإباحة كما لا يملك المحرم الصيد إذا اصطاده ويبقى على الإباحة وعلى مقابله يملكه كالحربي وعلى الوقف موقوف ويقرب من ذلك أيضا ملك الموصى له الموصى به وفيه أقوال أحدها يملك بالموت والثاني بالقبول والملك قبله للورثة وفي وجه للميت

والثالث وهو الأظهر موقوف إن قبل بان أنه ملكه بالموت وإلا بان أنه كان للوارث ويقرب من ذلك أيضا الموهوب وفيه أقوال أظهرها يملك بالقبض وفي القديم بالعقد كالمبيع والثالث موقوف إن قبضه بان أنه ملكه بالعقد ويقرب من ذلك أيضا الأقوال في أن الطلاق الرجعي هل يقطع النكاح ففي قول نعم وفي قول لا وفي قول موقوف إن راجع بان بقاء النكاح وإلا بان زواله من حين الطلاق

فوائد
الخلاف ينبني عليه في المبيع والموصى به كسب العبد وما في معناه كاللبن والبيض والثمرة ومهر الجارية الموطوءة بشبهة وسائر الزوائد فهي مملوكة لمن له الملك وموقوفة عند الوقف وينبني عليه أيضا النفقة والفطرة وسائر المؤن كما صرح به الرافعي في الموصى به وابن الرفعة في المبيع خلافا لقول الجيلي إنها على قول الوقف عليهما أو ينبني على الخلاف في المرتد صحة تصرفاته فعلى الزوال لا يصح منه بيع ولا شراء ولا إعتاق ولا وصية ولا غيرها وعلى مقابله هو ممنوع من التصرف محجور عليه كحجر المفلس فيصح منه ما يصح من المفلس دون غيره وعلى الوقف يوقف كل تصرف يحتمل الوقف كالعتق والتدبير والوصية ومالا يقبله كالبيع والهبة والكتابة ونحوها باطلة ولا يصح نكاحه ولا إنكاحه لسقوط ولايته وفي وجه أنه يجوز أن يزوج أمته بناء على بقاء الملك وعلى الأقوال كلها يقضى منه دين لزمه قبلها وقال الإصطخري لا بناء على الزوال وينفق عليه منه وفي وجه لا بناء على الزوال وينفق على زوجات وقف نكاحهن وقريب ويقضي منه غرامة ما أتلفه في الردة وفي وجه لا بناء على الزوال

تنبيه دخل فيما ذكرناه أولا الإجارة فتملك الأجرة أيضا بنفس العقد سواء كانت معينة أو في الذمة كما صرح به القاضي حسين وغيره ويملك المستأجر المنفعة في الحال أيضا وتحدث على ملكه وفي البحر وجه غريب أنها تحدث على ملك المؤجر وبنى على ذلك إجارة العين من مؤجرها بعد القبض فإن قلنا تحدث على ملك المؤجر لم يجز لئلا يؤدي إلى أنه يملك منفعة ملكه كما لا يتزوج بأمته وإن قلنا يحدث على ملك المستأجر جاز

فصل
وفيما يملك به القرض قولان مستنبطان لا منصوصان أظهرهما بالقبض والثاني بالتصرف قال الرافعي ومعناه أنه إذا تصرف تبين ثبوت ملكه قبله كذا جزم به وفي البسيط وجه أنه يستند الملك إلى العقد قلت فعلى هذا فيه أيضا ثلاثة أقوال ثالثها الوقف فإن تصرف بان أنه ملكه بالعقد وإلا فلا ثم المراد كل تصرف يزيل الملك وقيل يتعلق بالرقبة وقيل يستدعي الملك وقيل يمنع رجوع البائع عند الإفلاس والواهب فعلى الأوجه يكفي البيع والهبة والإعتاق والإتلاف ولا يكفي الرهن والتزويج والإجارة والطحن والخبز والذبح على الأول ويكفي ما سوى الإجارة على الثاني وما سوى الرهن على الثالث
فصل
يملك العامل حصته في المساقاة بالظهور على المذهب وفي القراض قولان أحدهما كذلك والأظهر بالقسمة والفرق أن الربح في القراض وقاية لرأس المال بخلاف الثمرة وينبني على القولين الزكاة فعلى الثاني يلزم المالك زكاة الجميع فإن أخرجها من ماله حسبت من الربح وعلى الأول يلزم المالك زكاة رأس المال وحصته من الربح ويلزم العامل زكاة حصته للخلطة

ولو كان في المال جارية فوطئها العامل وأحبلها فعلى الثاني لا يثبت الاستيلاد وعلى الأول يثبت في نصيبه ويقوم عليه الباقي إن كان موسرا

فصل
ما يملك بالإحياء باب واسع والكتاب الخامس به أجدر
فصل
في الملك في رقبة الموقوف أقوال أصحها أنه انتقل إلى الله والثاني أنه للموقوف عليه والثالث باق على ملك الواقف وقيل إن كان الوقف على معين فهو ملكه قطعا فصل دية القتل هل تثبت لورثته ابتداء عقب هلاك المقتول أو بقدر دخولها في ملكه في آخر جزء من حياته ثم تنتقل إلى الورثة قولان أظهرهما الثاني قال الرافعي لأنها تنفذ منها وصاياه وديونه ولو كانت للورثة لم يكن كذلك قال الشيخ برهان الدين بن الفركاح وكلامه يقتضي الاتفاق على أنه يقضى منها الديون والوصايا وفي البيان أن الشيخ أبا إسحاق صرح بذلك أي الاتفاق وأن الذي يقتضي المذهب أنه ينبني على القولين متى تجب الدية ومن الفروع المبنية عليهما مالو أذن له في قتله فقتله أو في قطعه فسرى فإن قلنا يجب للورثة ابتداء وجبت الدية وإلا فلا ولو جنى المرهون على نفس من يرثه السيد خطأ أو عفا على مال فإن قلنا يجب للورثة ابتداء لم يثبت مال فيبقى رهنا وإلا فوجهان يجريان فيما لو جنى على طرفه وانتقل إلى سيده بالإرث وقد نقل في الشرح والروضة أن أصحهما عند الصيدلاني والإمام أنه لا يثبت كما لا يثبت ابتداء وأن العراقيين قطعوا بالثبوت ويباع فيه وصحح الرافعي في النكاح الثاني وفي الشرح الصغير الأول

فصل
ويملك الإرث بمجرد الموت ولو كان على التركة دين على الصحيح والقديم أن الدين يمنع انتقال التركة إلى ملك الوارث وهل يمنع انتقال قدره أو كلها قولان في الشرح بلا ترجيح وينبني على القولين مالو حدث في التركة زوائد فعلى الصحيح لا يتعلق بها حتى الغرماء وعلى الآخر يتعلق وينبني عليهما أيضا
مسئلة
وقعت في أيام ابن عدلان وابن اللبان وابن القماخ والسبكي والسنكلوي وابن الكتاني وابن الأنصاري وابن البلغيائي وهي مالو كان الدين للوارث فهل يسقط منه بقدر ما يلزمه أداؤه من ذلك الدين لو كان لأجنبي حتى لو كان جائزا والدين بقدر التركة سقط كله فأفتى جماعة بأن لا سقوط وبأنه أخذ التركة إرثا والدين باق في ذمة الميت لأن التركة دخلت في ملكه بمجرد الموت إذ الدين لا يمنع الإرث فلا يثبت له في مكله شيء وأفتى جماعة بالسقوط وقالوا إنه يؤثر في نقصان مجموع المأخوذ فيكون أخذ قدر الدين عن دينه لا إرثا والباقي إرث وهؤلاء استندوا إلى تقديم الدين على الإرث مع القول بأنه يمنع الإرث وأفتى السبكي بالسقوط وعدم التأثير بالنقصان وألف في ذلك كتابا سماه ( منية الباحث عن دين الوارث ) ولخصه في فتاويه فقال يسقط من دين الوارث ما يلزمه أداؤه من ذلك الدين لو كان لأجنبي وهو نسبة إرثه من الدين إن لم يزد الدين على التركة ومما يلزم الورثة أداؤه منه إن زاد ويرجع على بقية الورثة ببقية ما يجب أداؤه منه على قدر حصصهم وقد يقضى الأمر إلى التقاص إذا كان الدين لوارثين فإذا كان الوارث حائزا أو لا دين لغيره ودينه مساو للتركة أو أقل سقط وإن زاد سقط مقدارها ويبقى الزائد ويأخذ التركة في الأحوال إرثا ويقدر أنه أخذها دينا لأن جهة الملك أقوى ولا يتوقف على شيء وجهة الدين تتوقف على إقباض أو تعويض وهما متعذران لأن التركة ملكه لكنا نقدر أحدهما وإلا لما برئت ذمة الميت تقديرا محضا لا وجود له ولو كان مع الدين الحائز دين أجنبي قدرنا الدينين الأجنبيين فما خص دين الوارث سقط واستقر نظيره كدينارين له ودينار لأجنبي والتركة ديناران فله دينار وثلث

إرثا وسقط نظيره وبقي له في ذمة الميت ثلثا دينار ويأخذ الأجنبي ثلثي دينار ويبقى له ثلث دينار ولو كان الوارث ثنين لأحدهما ديناران ولآخر دينار فلصاحب الدينارين من ديناره الموروث ثلثاه ومن دينار أخيه ثلثه والثلث الباقي من ديناره مقاصص به أخاه فيجتمع له دينار وثلث ولأخيه ثلثان ومجموعهما ديناران وهو اللازم لهما لأن الذي يلزم الورثة أداؤه أقل الأمرين من الدين ومقدار التركة ولو كان زوجة وأخ والتركة أربعون والصداق عشرة فلها عشرة إرثا وسبعة ونصف من نصيب الأخ دينا وسقط لها ديناران ونصف نظير ربع إرثها ازدحم عليه جهتا الإرث والدين ولو قلنا ان السبعة ونصفا من أصل التركة لسقط ربعها المختص بها وهلم جرا إلى أن لا يبقى شيء ولأنه لو عاد له ثلاثة أرباع الاثنين ونصف لكان بغير سبب ولزاد إرثه ونقص إرثها عما هو لها وقد بان بهذا أنه لا يختلف المأخوذ وسواء أعطيت الدين أو لا أم بعد القسمة والحاصل لها على التقديرين سبعة عشر ونصف والطريق الأول هو الذي عليه عمل الناس وهو أوضح وأسهل يتمشى على قول من يقول إن التركة لا تنتقل قبل وفاء الدين والطريق الثاني أدق وهو مبني على أن التركة تنتقل قبل وفاء الدين وهو الصحيح ويترتب عليه أنه لا يجوز لها أن تدعي ولا تحلف إلا على النصف والربع وكذا لا تتعوض ولا تقبض ولا تبرئ إلا من ذلك قال وأما ما زاد على قدر التركة فلا يسقط ومن تخيل ذلك فهو غالط فإن قلت ما ادعيته من السقوط لا بد فيه من الاستناد إلى شيء من كلام الأصحاب وإلا فقد ظن بعض الناس أن بالسقوط يتفاوت المأخوذ وظن آخرون أن لا سقوط أصلا قلت أما من ظن أن لا سقوط أصلا فكلامه متجه إذا قلنا التركة لا تنتقل فإن قلنا بالانتقال فلا وأما من ظن التفاوت فليس بشيء وأما كلام الأصحاب الدال على ما قلناه ففي موضعين أحدهما في الجراح إذا خلف زوجته حاملا وأخا لأب وعبدا فجنى عليها فأجهضت قالوا يسقط من حق كل واحد من الغرة ما يقابل ملكه لأنه لا يثبت للإنسان على ملكه حق

وذكروا طريقين في كيفية السقوط أحدهما طريقة الإمام والرافعي أنه يسقط نصيب الأخ كله لأنه أقل من ملكه ومن نصيب الأم ما يقابل ملكها وهو الربع ويبقى لها نصف سدس الغرة يرجع به على الأصح وأصحهما طريقة الغزالي أنه يسقط من حقها من الغرة ربعه لأنه المقابل لملكها ومن حقه ثلاثة أرباعه ويبقى لها سدس الغرة ولها عليه نصف سدسها والواجب في الفداء أقل الأمرين وربما لا تفي حصتها بأرشها وتفي حصته بأرشه فإذا سلمت تعطل عليه ما زاد ولم يتعطل عليها مثاله الغرة ستون وقيمة العبد عشرون وسلما ضاع عليه خمسة وصار له خمسة ولها خمسة عشر الموضع الثاني في الإجارة آجر دارا من ابنه بأجرة قبضها واستنفقها ومات عقب ذلك عنه وعن ابن آخر وقلنا تنفسخ الإجارة في نصيب المستأجر فمقتضى الانفساخ فيه الرجوع بنصف الأجرة يسقط منه نسبة إرثه وهو الربع ويرجع على أخيه بالربع في هذين الموضعين يؤخذ ما ذكرناه من السقوط انتهى كلام السبكي في فتاويه

فصل يملك الصداق بالعقد
لا أعلم في ذلك خلاف عندنا فلو مات أو أفلس وعليه صداق لزوجة دخل بها وصداق لأخرى لم يدخل بها لم يقدم المدخول بها بل يستويان كما أفتيت به تخريجا من هذه القاعدة وأما النصف العائد بالطلاق ففيه أوجه أصحها أنه يملكه بنفس الطلاق والثاني أنه لا يملكه إلا باختيار التملك والثالث لا يملك إلا بقضاء القاضي وينبني على الأوجه الزوائد الحادثة بعد الطلاق
فصل في ملك الغانمين
الغنيمة أوجه أصحها لا يملكون إلا بالقسمة أو اختيار التملك لأنهم لو ملكوا لم يصح إعراضهم ولا إبطال حقهم عن نوع بغير رضاهم

ولا شك أن للإمام أن يخص كل طائفة بنوع من المال والثاني يملكون بالحيازة والاستيلاء التام لأن الاستيلاء على ما ليس بمعصوم من المال سبب للملك ولأن ملك الكفار زال بالاستيلاء ولم لم يملكوا لزال الملك إلى غير مالك لكنه ملك ضعيف يسقط بالإعراض الثالث موقوف إن سلمت الغنيمة حتى قسموها بان أنهم ملكوا بالاستيلاء وإن تلفت أو أعرضوا تبينا عدم الملك وحينئذ فهذه المسئلة من نظائر المسائل المتقدمة المسئلة الخامسة في الاستقرار يستقر الملك في المبيع ونحوه من المسلم فيه والمصالح عليه والصداق المعين بالتسليم وتستقر الأجرة في الإجارة بالاستيفاء وبقبض العين المستأجرة وإمساكها حتى مضت مدة الإجارة أو مدة إمكان السير إلى الموضع الذي استأجر للركوب إليه وإن لم ينتفع وسواء إجارة العين والذمة وتستقر في الإجارة الفاسدة أجرة المثل بذلك قال الأصحاب ويستقر الصداق بواحد من شيئين الوطء والموت وأورد في المهمات عليهم أنه لا بد من القبض في المعين أيضا لأن المشهور أن الصداق قبل القبض مضمون ضمان عقد كالبيع فكما قالوا إن المبيع قبل القبض غير مستقر وإن كان الثمن قد قبض فكذلك الصداق وأجيب بأن المراد بالاستقرار هنا الأمن من سقوط المهر أو بعضه بالتشطر وفي المبيع الأمن من الانفساخ فالمبيع إذا تلف انفسخ البيع والصداق المعين إذا تلف قبل القبض لم يسقط المهر بل يجب بدل البضع فاقترن البابان ذكره الشيخ ولي الدين في نكته وقال القاضي جلال الدين البلقيني لم يبين الأصحاب معنى الاستقرار في باب الصداق حتى خفي معناه على بعض المتأخرين فما ورد عليهم أنه لا بد من قبض المعين

وليس الأمر كذلك فإن معنى الاستقرار في الصداق عينا كان أو دينا الأمن من تشطره بالفراق قبل الدخول ومن سقوطه كله بالفرقة من جهتها قبله وهذا الاستقرار يكون في الصداق المعين والذي في الذمة وجميع الديون التي في الذمة بعد لزومها وقبض المقابل لها مستقرة إلا دينا واحدا هو دين السلم فإنه وإن كان لازما فهو غير مستقر وإنما كان غير مستقر لأنه بصدد أن يطرأ انقطاع المسلم فيه فينفسخ العقد فمعنى الاستقرار في الديون اللازمة من الجانبين الأمن من فسخ العقد بسبب تعذر حصول الدين المذكور لعدم وجود جنسه وامتناع الإعتياض عنه وذلك مخصوص بدين السلم دون بقية الديون وأما دين الثمن بعد قبض المبيع فإنه أمن فيه الفسخ المذكور وإن تعذر حصوله بانقطاع جنسه جاز الاعتياض عنه وكذا الفسخ بسبب رد بعيب أو إقالة أو تحالف اه

المسئلة السادسة
الملك إما للعين والمنفعة معا وهو الغالب أو للعين فقط كالعبد الموصى بمنفعته أبدا رقبته ملك للوارث وليس له شيء من منافعه وعليه نفقته ومؤنته ولا يصح بيعه لغير الموصى له ويصح له إعتاقه لا عن الكفارة ولا كتابته وله وطؤها إن كانت ممن لا تحبل وإلا فلا وفي كل من ذلك خلاف وإما للمنفعة فقط كمنافع العبد الموصى بمنفعته أبدا وكالمستأجر والموقوف على معين وقد يملك الانتفاع دون المنفعة كالمستعير والعبد الذي أوصى بمنفعته مدة حياة الموصى له وكالموصى بخدمته وسكناها فإن لك إباحة له لا تمليك وكذا الموقوف على غير معين كالربط والطعام المقدم للضيف وكل من ملك المنفعة فله الإجارة والإعارة ومن ملك الانتفاع فليس له الإجارة قطعا ولا الإعارة في الأصح ونظير ذلك الأمة المزوجة إذا وطئت بشبهة أو إكراه فإن مهرها للسيد لأنه مالك البضع لا للزوج لأنه لم يملكه بل ملك الانتفاع به وكذا الحرة إذا وطئت بشبهة مهرها لها لا لزوجها فإنه ملك الانتفاع ببعضها دونه

قال العلائي ومن ذلك أيضا الإقطاع على الرأي المختار فإن المقطع لم يملك إلا أن ينتفع بدلل الاسترجاع منه متى شاء الإمام فليس له الإجارة إلا أن يأذن له الإمام أو يستقر العرف بذلك كما في الإقطاعات بديار مصر قال وهذا هو الذي كان يفتي به شيخنا برهان الدين وكمال الدين وهو اختيار شيهما تاج الدين الفزاري والذي أفتى به النووي صحة إجارة الإقطاع وشبهه بالصداق قبل الدخول قال العلائي وفي ذلك نظر لأن الزوجة ملكت الصداق بالعقد ملكا تاما وإذا قبضته كان لها التصرف فيه بالبيع وغيره والإقطاع ليس كذلك وقد قال الرافعي إن الوصية بالمنافع إذا كانت مطلقة أو مقيدة بالتأبيد أو بمدة معينة كالسنة مثلا يكون تمليكا لها بعد الموت فتصح إجارتها وإعارتها والوصية بها وتنتقل عن الموصى له بموته إلى ورثته ثم قال أما إذا قال أوصيت لك بمنافعه مدة حياتك فهو إباحة وليس بتمليك وليس له الإجارة وفي الإعارة وجهان وإذا مات الموصى له رجع الحق إلى ورثة الموصي وهذه المسألة أشبه شيء بالإقطاع لأنه مقيد عرفا بحياة المقطع وإذا مات بطل بل هو أضعف من الوصية لأنه قد يسترجع منه في حياته بخلاف الوصية اه خاتمة في ضبط المال والمتمول أما المال فقال الشافعي رضي الله عنه لا يقع اسم مال إلا على ماله قيمة يباع بها وتلزم متلفه وإن قلت ومالا يطرحه الناس مثل الفلس وما أشبه ذلك انتهى وأما المتمول فذكر الإمام له في باب اللقطة ضابطين أحدهما أن كل ما يقدر له أثر في النفع فهو متمول وكل مالا يظهر له أثر في الانتفاع فهو لقلته خارج عما يتمول الثاني أن المتمول هو الذي يعرض له قيمة عند غلاء الأسعار والخارج عن المتمول هو الذي لا يعرض فيه ذلك القول في الدين اختص بأحكام الأول جواز الرهن به فلا يصح بالأعيان المضمونة بحكم العقد كالمبيع والصداق أو بحكم اليد كالمغصوب والمستعار والمأخوذ على جهة السوم أو بالبيع الفاسد

وفي وجه ضعيف يجوز كل ذلك لكن في فتاوى القفال لو وقف كتابا وشرط أن لا يعار إلا برهن اتبع شرطه وقال السبكي في تكملة شرح المهذب

فرع
حدث في الأعصار القريبة وقف كتب يشترط الواقف أن لا تعار إلا برهن أو لا تخرج من مكان تحبيسها إلا برهن أو لا تخرج أصلا والذي أقول في هذا إن الرهن لا يصح بها لأنها عين مأمونة في يد موقوف عليه ولا يقال لها عارية أيضا بل الأخذ لها إن كان من الوقف استحق الانتفاع ويده عليها يد أمانة فشرط أخذ الرهن عليها فاسد وإن أعطاه كان رهنا فاسدا ويكون في يد خازن الكتب أمانة لأن فاسد العقود في الضمان كصحيحها والرهن أمانة هذا إذا أريد الرهن الشرعي وإن أريد مدلوله لغة وأن يكون تذكرة فيصح الشرط لأنه غرض صحيح وإذا لم يعلم مراد الواقف فيحتمل أن يقال بالبطلان في الشرط المذكور حملا على المعنى الشرعي ويحتمل أن يقال بالصحة حملا على اللغوى وهو الأقرب تصحيحا للكلام ما أمكن وحينئذ لا يجوز إخراجها بدونه وإن قلنا ببطلانه لم يجز إخراجها به لتعذره ولا بدونه إما لأنه خلاف شرط الواقف وإما لفساد الاستثناء فكأنه قال لا تخرج مطلقا ولو قال ذلك صح لأنه شرط فيه غرض صحيح لأن إخراجها مظنة ضياعها بل يجب على ناظر الوقف أن يمكن كل من يقصد الانتفاع بتلك الكتب في مكانها وفي بعض الأوقاف يقول لا تخرج إلا بتذكرة وهذا لا بأس به ولا وجه لبطلانه وهو كما حملنا عليه قوله إلا برهن في المدلول اللغوي فيصح ويكون المقصود أن تجويز الواقف الانتفاع لمن يخرج به مشروط بأن يضع في خزانة الوقف ما يتذكر هو به إعادة الموقوف ويتذكر الخازن به مطالبته فينبغي أن يصح هذا ومتى أخذه على غير هذا الوجه الذي شرطه الواقف فيمتنع ولا نقول بأ تلك التذكرة تبقى رهنا بل له أن يأخذها فإذا أخذها طالبه الخازن برد الكتاب ويجب عليه أن يرده أيضا بغير طلب ولا يبعد أن يحمل قول الواقف الرهن على هذا المعنى حتى يصحح إذا ذكره بلفظ الرهن تنزيلا للفظ على الصحة ما أمكن وحينئذ يجوز إخراجه بالشرط المذكور ويمتنع بغيره ولكن لا يثبت له أحكام الرهن ولا يستحق منعه ولا بدل الكتاب الموقوف إذا تلف بغير تفريط ولو تلف بتفريط

ضمنه ولكن لا يتعين ذلك المرهون لوفائه ولا يمتنع على صاحبه التصرف فيه انتهى الثاني صحة الضمان بها أداء فأما الأعيان فإن لم تكن مضمونة على من هي في يده كالوديعة والمال في يد الشريك والوصي والوكيل فلا يصح ضمانها قطعا وإن كانت مضمونة صح ضمان ردها على المذهب ولا يصح ضمان قيمتها لو تلفت على الصحيح لأنها قبل التلف غير واجبة الثالث قبول الأجل فلا يصح تأجيل الأعيان ولو قال اشتريت بهذه الدراهم على أن أسلمها في وقت كذا لم يصح لأن الأجل شرع رفقا للتحصيل والمعين حاصل

فوائد الأولى
ليس في الشرع دين لا يكون إلا حالا إلا رأس مال السلم وعقد الصرف والربا في الذمة والقرض وكل مال متلف قهري والأجرة في إجارة الذمة وفرض القاضي مهر المثل على الممتنع في المفوضة وعقد كل نائب أو ولي لم يؤذن له في التأجيل لفظا أو شرعا وليس فيه دين لا يكون إلا مؤجلا إلا الكتابة والدية وليس فيه دين يتأجل ابتداء بغير عقد إلا في الفرض للمفوضة إذا تراضيا
الثانية
ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض مكلف بصير إلا في صورتين الأولى إذا خالعها على طعام في الذمة وأذن في صرفه لولده منها والأخرى النفقة التي في الذمة إذا أنفق على زوجة صغيرة أو مجنونة بإذن الولي برئ وإن لم يقبض المكلف
الثالثة
الأجل لا يحل قبل وقته إلا بموت المديون ومنه موت العبد المأذون وقتل المرتد وباسترقاقه إذا كان حربيا وبالجنون على ما وقع في الروضة والأصح خلافه ويستثنى من الموت المسلم الجاني ولا عاقلة له تؤخذ الدية من بيت المال مؤجلة ولا تحل بموته ولو اعترف وأنكرت العاقلة أخذت منه مؤجلة فلو مات لم تحل في وجه ولو ضمن الدين مؤجلا ومات لم يحل في وجه والأصح فيهما الحلول

ولا تحل بموت الدائن بلا خلاف إلا في صورة على وجه وهي ما إذا خالعها على إرضاع ولده منها وعلى طعام وصفه في ذمتها وذكر تأجيله وأذن في صرفه للصبي ثم مات المختلع وكذا يحل بموت الصبي على وجه ولا يحل بموت ثالث غير الدائن والمدين على وجه إلا في هذه الصورة

الرابعة
الحال لا يتأجل إلا في مدة الخيار وأما بعد اللزوم فلا واستثنى الروياني والمتولي ما إذا نذر أن لا يطالبه إلا بعد شهر أو أوصى بذلك قال البلقيني والتحقيق لا استثناء فالحلول مستمر ولكن امتنع الطلب لعارض كالإعسار على أن صورة النذر استشكلت فإنه إن كان معسرا فالإنظار واجب والواجب لا يصح نذره أو موسرا قاصدا للأداء لم يصح لأن أخذه منه واجب ولا يصح إبطال الواجب بالنذر وقيد في المطلب مسئلة الوصية بأن تخرج من الثلث لقولهم في البيع بمؤجل يحسب كله من الثلث إذا لم يحل منه شيء قبل موته
تذنيب
قال في الرونق الأجل ضربان أجل مضروب بالشرع وأجل مضروب بالعقد فالأول العدة والاستبراء والهدنة واللقطة والزكاة والعنة والإيلاء والحمل والرضاع والخيار والحيض والطهر والنفاس واليأس والبلوغ ومسح الخف والقصر
والثاني أقسام
أحدها مالا يصح إلا بالأجل وهو الإجارة والكتابة والثاني ما يصح حالا ومؤجلا والثالث ما يصح بأجل مجهول ولا يصح بمعلوم وهو الرهن والقراض والرقبى والعمرى والرابع ما يصح بهما وهو العارية والوديعة
الحكم الرابع
لا يصح بيع الدين بالدين قطعا
واستثنى منه الحوالة للحاجة وأما بيعه لمن هو عليه فهو الاستبدال وسيأتي

وأما لغير من هو عليه بالعين كأن يشتري عبد زيد بمائة له على عمرو ففيه قولان أظهرهما في الشرحين والمحرر والمنهاج البطلان لأنه لا يقدر على تسليمه والثاني يجوز كالاستبدال وصححه في الروضة من زوائده وشرطه على ما قال البغوي ثم الرافعي أن يقبض كل منهما في مجلس العقد ما انتقل إليه فلو تفرقا قبل قبض أحدهما بطل العقد قال في المطلب ومقتضى كلام الأكثرين خلافه ثم ذكر فيه أن بيع الدين الحال على معسر أو منكر ولا بينة له عليه لا يصح جزما وكما لا يصح بيع الدين لا يصح رهنه ولا هبته على الصحيح

ما يجوز فيه الاستبدال وما لا يجوز
لا يجوز الاستبدال عن دين السلم لامتناع الاعتياض عنه ويجوز عن دين القرض وبدل المتلف مثلا وقيمته وثمن المبيع والأجرة والصداق وعوض الخلع وبدل الدم قال الأسنوي وكذا الدين الموصى به والواجب بتقدير الحاكم في المتعة أو بسبب الضمان وكذا زكاة الفطرة إذا كان الفقراء محصورين وغير ذلك قال وفي الدين الثابت بالحوالة نظر يحتمل تخريجه على أنها بيع أم لا ويحتمل أن ينظر إلى أصله وهو المحال به فيعطى حكمه وحيث جاز الاستبدال جاز عن المؤجل حالا لا عكسه ثم إن استبدل موافقا في علة الربا شرط قبضه في المجلس لا تعيينه في العقد أو غيره شرط تعيينه في المجلس لا في القعد ولا قبضه قال في المطلب وعلى هذا فقولهم إن ما في الذمة لا يتعين إلا بالقبض محمول على ما بعد اللزوم أما قبله فيتعين برضاهما وينزل ذلك منزلة الزيادة والحط قال الأسنوي وهذا الذي قاله جيد وهو يقتضي إلحاق زمن خيار الشرط في ذلك بخيار المجلس
الخامس
لا تجب فيه الزكاة إن كان ماشية وعللوه بأن السوم شرط وما في الذمة لا يوصف به واستشكله الرافعي بأن المسلم في اللحم يذكر أنه من راعية أو معلوفة فكما يثبت في الذمة لحم راعية فلتثبت الراعية نفسها وأجاب القونوي بأن المدعي اتصافه بالسوم المحقق وثبوتها في الذمة سائمة أمر تقديري ولا يجب فيه أيضا إن كان معسرا لأن شرطه الزهو في ملكه ولم يوجد ولا إن كان دين

كتابة أو دينا آخر على المكاتب لعدم لزومه وأما إن كان عرضا ففي كتب الشيخين أنه كالنقد وسوى في التتمة بينه وبين الماشية لأن ما في الذمة لا يتصور فيه التجارة وادعى نفي الخلاف وبذلك أفتى البرهان الفزاري أنه لو أسلم في عرض بنية التجارة لم تجب فيه الزكاة قال لأنه لم يتملكه ملكا مستقرا أما كونه غير مستقر فواضح وأما كون الاستقرار شرط وجوب الزكاة فلقولهم في الأجرة لا يلزمه أن يخرج إلا زكاة ما استقر قال والسلم أولى بعدم الوجوب من الأجرة لأنها مقبوضة يملك التصرف فيها بخلافه قال وقول الرافعي إن العرض تجب فيه الزكاة محمول على ما إذا ثبت في الذمة بالقرض انتهى وفي البحر والحاوي المسلم فيه للتجارة لا تجب زكاته قولا واحدا فإذا قبضه استأنف الحول قال في الخادم وإذا قلنا بوجوبه فلا يدفع حتى يقبض وهل يقوم بحالة الوجوب أو القبض فيه نظر والصواب اعتبار أقل القيمتين كالأرش فإن الزكاة مواساة انتهى وأما النقد فالجديد وجوب الزكاة فيه ثم إن كان حالا وتيسر أخذه بأن كان على ملئ مقر حاضر باذل وجب إخراجها في الحال وإن كان مؤجلا أو على معسر أو منكر أو مماطل لم تجب حتى يقبض قال الزركشي وهل يتعلق به تعلق شركة كالأعيان أو لا لم أر من صرح به فإن قلنا به فهل يسمع دعوى المالك بالكل لأن له ولاية القبض لأجل أداء الزكاة وإذا حلف فهل يحلف على الكل أو يقول إنه باق في ذمته وأنه يستحق قبضه ينبغي الثاني

ما يمنع الدين وجوبه وما لا يمنع
فيه فروع الأول الماء في الطهارة يمنع الدين وجوب شرائه قال في الكفاية ولا فرق بين الحال والمؤجل

الثاني السترة كذلك الثالث الزكاة وفيها أقوال أصحها لا يمنع وجوبها لأنها تتعلق العين والدين بالذمة فلا يمنع أحدهما الآخر كالدين وأرش الجناية والثاني يمنع لأن ملكه غير مستقر لتسلط المستحق على أخذه وقيل لأن مستحق الدين تلزمه الزكاة فلو أوجبنا على المديون أيضا لزم منه تثنية الزكاة في المال الواحد والثالث يمنع في الأموال الباطنة وهي النقد وعروض التجارة دون الظاهرة وهي الزروع والثمار والمواشي والمعادن لأنها تامة بنفسها وسواء كان الدين حالا أو مؤجلا من جنس المال أو غيره لآدمي أو لله كالزكاة السابقة والكفارة والنذر الرابع زكاة الفطر نقل الإمام الاتفاق على أن الدين يمنع وجوبها كما أن الحاجة إلى صرفه في نفقة القريب تمنعه قال ولو ظن ظان أنه لا يمنعه كما لا يمنع وجوب الزكاة ما كان مبعدا ونقل النووي في نكته على التنبيه منع الوجوب عن الأصحاب ومشى عليه في الحاوي الصغير لكن صحح الرافعي في الشرح الصغير أنه لا يمنع وهو مقتضى كلامه في الكبير الخامس الحج يمنع الدين وجوبه حالا كان أو مؤجلا وفي وجه إن كان الأجل ينقضي بعد رجوعه من الحج لزمه وهو شاذ السادس الكفارة والظاهر أن الدين يمنع وجوب الإعتاق ولم أر من صرح به إلا أن الأذرعي في القوت قال ينبغي أن تكون كالحج السابع العقل ويمنع تحمله أيضا فيما يظهر الثامن نفقة القريب التاسع سراية الإعتاق لا يمنعها الدين في الأظهر فلو كان عليه دين بقدر ما في يده وهو قيمة الباقي قوم عليه لأنه مالك له نافذ تصرفه ولهذا لو اشترى به عبدا وأعتقه نفذ والثاني لا لأنه غير موسر

تتمة
والأصح أن لا يمنع ملك الوارث التركة كما تقدم ولا صحة الوصية ولا شراء القريب ويمنع نفوذ الوصية والتبرع وتصرف الوارث في التركة حتى يقبضه وجواز الصدقة مالم يرج وفاء
ما ثبت في الذمة بالإعسار وما لا يثبت
قال في شرح المهذب الحقوق المالية الواجبة لله تعالى ثلاثة أضرب ضرب يجب لا بسبب مباشرة من العبد كزكاة الفطر فإذا عجز عنه وقت الوجوب لم يثبت في ذمته فلو أيسر بعد ذلك لم يجب وضرب يجب بسبب من جهته على جهة البدل كجزاء الصيد وفدية الحلق والطيب واللباس في الحج فإذا عجز عنه وقت وجوبه وجب في ذمته تغليبا لمعنى الغرامة لأنه إتلاف محض وضرب يجب بسبب مباشرة لا على جهة البدل ككفارة الجماع في رمضان وكفارة اليمين والظهار والقتل ودم التمتع والقران والنذر وكفارة قوله أنت علي حرام ففيها قولان مشهوران أصحهما يثبت في الذمة فمتى قدر عليه لزمه والثاني لا وتشبيهها بجزاء الصيد أولى من الفطرة لأن الكفارة مؤاخذة على فعله كجزاء الصيد بخلاف الفطرة انتهى قلت ولو لزمت الفدية الشيخ الهرم عن الصوم وكان معسرا ففي الروضة وأصلها قولان في ثبوتها في ذمته كالكفارة قال في شرح المهذب وينبغي أن يكون الأصح هنا أنها تسقط ولا تلزمه إذا أيسر كالفطرة لأنه عاجز حال التكليف بالفدية وليست في مقابله جناية بخلاف الكفارة فالأقسام على هذا أربعة وفي الجواهر للقمولي لو نذر الصدقة كل يوم بكذا فمرت أيام وهو معسر ثبتت في ذمته ولو ماتت زوجته وهو غائب فجهزت من مالها لم يثبت في ذمة الزوج أفتى به القاضي جلال الدين البلقيني

تذنيب
من الغريب قول القاضي حسين إن الطلاق يثبت في الذمة قال السبكي حكيت مرة لابن الرفعة فقال عمري ما سمعت ثبوت طلاق في الذمة قال ولا شك أن ابن الرفعة سمعه وكتبه مرات لكنه لغرابته ونكارته لم يبق على ذهنه
ويتفرع على ذلك فروع ما يقدم على الدين وما يؤخر عنه
قال في الروضة وأصلها في الأيمان إذا وفت التركة بحقوق الله وحقوق الآدميين قضيت جميعا وإن لم تف وتعلق بعضها بالعين وبعضها بالذمة قدم المتعلق بالعين سواء اجتمع النوعان أو انفرد أحدهما وإن اجتمعا وتعلق الجميع بالعين أو الذمة فهل يقدم حق الله تعالى أو الآدمي أو يستويان فيه أقوال أظهرها الأول ولا تجري هذه الأقوال في المحجور عليه بفلس إذا اجتمع النوعان بل تقدم حقوق الآدمي وتؤخر حقوق الله تعالى ما دام حيا اه
ومن أمثلة ما تجري فيه الأقوال
اجتماع الدين مع الزكاة أو الفطرة أو الكفارة أو النذر أو جزاء الصيد أو الحج كما صرح به في شرح المهذب والأصح في الكل تقديمها على الدين وكذا سراية العتق مع الدين وصححا في اجتماع الجزية مع الدين التسوية لأنها في معنى الأجرة فالتحقت بدين الآدمي
ومن اجتماع حقوق الله تعالى فقط الزكاة والكفارة والحج
قال السبكي والوجه أن يقال إن كان النصاب موجودا قدمت الزكاة وإلا فيستويان
تذنيب فيما تقدم عند الاجتماع من غير الديون
اجتمع محدث وجنب وحائض وذو نجاسة وميت وهناك ماء مباح أو موصى

به لأحوج الناس إليه وإلا يكفي أحدهم قدم الميت على الجميع لأنه خاتمة أمره فخص بأكمل الطهارتين ولأن القصد من غسله تنظيفه ولا يحصل التراب والقصد من طهارة الأحياء استباحة الصلاة وهو حاصل بالتيمم ويقدم بعده من عليه نجاسة لأنه لا بدل لطهارته ثم الحائض لأن حدثها أغلظ وفي وجه يقدم الجنب عليها لأن غلسه منصوص عليه في القرآن ولاختلاف الصحابة في صحة تيمم الجنب دونها وفي وجه يستويان فيقرع بينهما وقيل يقسم ويقدم الجنب على المحدث إن لم يكف الماء واحدا منهما أو كفى كلا منهما أو كفى الجنب فقط وإن كفى المحدث فقط قدم فإن كان معهم ظامئ قدم عل الميت لبقاء الروح اجتمع مغتسل لجمعة وغسل الميت فإن قلنا غسل الجمعة آكد قدم أو غسل الميت قدم اجتمع حدث وطيب وهو محرم فإن أمكن غسل الطيب بعد الوضوء فذاك وإلا قدم غسل الطيب لأنه لا بدل له والوضوء له بدل ولو كان نجاسة وطيب قدمت النجاسة لأنها أغلظ وتبطل الصلاة بخلافه اجتمع كسوف وجمعة أو فرض آخر فإن خيف فوت الفرض قدم لأنه أهم وإلا قدم الكسوف في الأظهر لأنه يخشى فواته بالانجلاء ثم يخطب للجمعة متعرضا للكسوف ثم يصلى الجمعة ولا يحتاج إلى أربع خطب اجتمع عيد وكسوف وجنازة قدمت الجنازة خوفا من تغير الميت ولو اجتمع جمعة وجنازة فكذلك إن لم يضق الوقت فإن ضاق قدمت الجمعة لأنها فرض عين وقيل الجنازة لأن للجمعة بدلا اجتمع كسوف ووتر أو تراويح قدم الكسوف مطلقا أو كسوف وعيد وخيف فوت العيد قدم وإلا فالكسوف اجتمع في زكاة الفطر رجل وزوجته وولده الصغير والكبير والأب والأم ولم يجد إلا بعض الصيعان ففي المسئلة عشرة أوجه حكاها في شرح المهذب أصحها تقديم نفسه ثم زوجته ثم ولده الصغير ثم الأب ثم الأم ثم ولده الكبير والثاني يقدم الزوجة على نفسه لأن فطرتها تجب بحكم المعاوضة والثالث يبدأ بنفسه ثم بمن شاء والرابع يتخير

والخامس يخرجه موزعا على الجميع والسادس يخرجه عن أحدهم لا بعينه والسابع يقدم الأم على الأب والثامن يستويان فيخير بينهما والتاسع يقدم الابن الكبير على الأبوين لأن النص ورد بنفقته والفطرة تتبعها والعاشر يقدم الأقارب على الزوجة لأنه قادر على إزالة سبب الزوجية بالطلاق بخلاف القرابة ولو اجتمع المذكورون في النفقة قدموا على ما ذكر إلا أن الأم تقدم فيها على الأب في الأصح لأن النفقة شرعت لسد الخلة ودفع الحاجة والأم أكثر حاجة وأقل حيلة والفطرة لم تشرع لدفع ضرر المخرج عنه بل لتشريفه وتطهيره والأب أحق بهذا فإنه منسوب إليه ويشرف بشرفه ولو اجتمع في الفطرة اثنان في مرتبة تخير قال الرافعي ولم يتعرضوا للإقراع وله فيه مجال كنظائره اجتمع على رجل حدود فإن كانت لله تعالى قدم الأخف فالأخف فيقدم حد الشرب ثم جلد الزنا ثم قطع السرقة أو المحاربة ثم قتل الردة وإن كانت لآدمي فكذلك فيقدم حد القذف ثم القطع ثم القتل فلو اجتمع مستحق قطع أو قتل قدم من سبقت جنايته فإن جهل أو جنى عليهم معا أقرع وإن اجتمع الصفان قدم حد القذف على جلد الزنا لأنه حق آدمي وقيل لأنه أخف وينبني عليها اجتماع حد الشرب والقذف فعلى الأصح يقدم القذف وعلى الثاني الشرب ويجريان في اجتماع القطع والقتل قصاصا مع جلد الزنا فعلى الأصح يقدمان عليه ولو اجتمع قتل القصاص والردة والزنا قدم القصاص قطعا وقيل في الزنا يقتل رجما بإذن الولي ليتأدى الحقان ولو اجتمع قتل الزنا والردة لم يحضرني فيه نقل والذي يظهر أنه يرجم لأنه يحصل مقصودهما بخلاف ما لو قتل بالسيف فإنه يحصل قتل الردة دون الزنا

فرع
ويقرب من هذه المسائل مسائل اجتماع الفضيلة والنقيصة فمنها الصلاة أول الوقت بالتيمم وآخره بالوضوء والأظهر استحباب التأخير إن تيقن الوضوء والتقديم إن ظنه أو جوز وجوده أو توهمه قال إمام الحرمين والخلاف فيمن أراد الاقتصار على صلاة واحدة فإن صلى أوله بالتيمم وآخره بالوضوء فهو النهاية في تحصيل الفضيلة ومنها الصلاة أول الوقت منفردا وآخره جماعة وفي الأفضل طرق قطع أكثر العراقيين باستحباب التأخير وأكثر الخراسانيين باستحباب التقديم وقال آخرون حكمه حكم الماء فإن تيقن الجماعة آخره فالتأخير أفضل وإلا فالتقديم قال النووي وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه ستجيء أئمة يؤخرون الصلاة عن أول وقتها قال فصلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم نافلة قال فالذي نختاره أن يصلي مرتين فإن اقتصر على واحدة فإن تيقن حصول الجماعة فالتأخير أفضل لتحصيل شعارها الظاهر ولأنها فرض كفاية وفي وجه فرض عين ففي تحصيلها خروج من الخلاف قال ويحتمل أن يقال إن فحش التأخير فالتقديم أفضل وإن خف فالانتظار أفضل ومنها الصلاة أول الوقت عاريا أو قاعدا وآخره مستورا أو قائما وفيها الخلاف في المتيمم ومنها الصلاة أول الوقت قاصرا وآخره مقيما يصلي قاصرا بلا خلاف نقله في شرح المهذب عن صاحب البيان ومنها لو خاف فوت الجماعة إن أسبغ الوضوء فإدراكها أولى من الانحباس لإكماله نقله النووي عن صاحب الفروع وقال فيه نظر ومنها لو خاف فوت الركعة إن مشى إلى الصف الأول قال في شرح المهذب لم أر فيه لأصحابنا ولا لغيرهم شيئا والظاهر أنه إن خاف فوت الركعة الأخيرة حافظ عليها وإن خاف فوت غيرها مشى إلى الصف الأول للأحاديث الصحيحة في الأمر بإتمامه والازدحام عليه

ومنها لو قدر أن يصلي في بيته قائما منفردا ولو صلى مع الجماعة احتاج أن يقعد في بعضها فالأفضل الانفراد محافظة على القيام ذكره الشافعي والأصحاب ومنها لو ضاق الوقت على سنن الصلاة قال البغوي في فتاويه ما حاصله إن السنن التي تجبر بالسجود يأتي بها بلا إشكال وأما غيرها فالظاهر الإتيان بها أيضا لأن الصديق كان يطول القراءة في الصبح حتى تطلع الشمس قال ويحتمل أن لا يأتي بها إلا إذا أدرك الركعة قال الأسنوي وفيما قاله نظر ومنها لو ضاق الماء والوقت عن استيعاب سنن الوضوء وجب الإختصار على الواجبات صرح به النووي في شرح التنبيه ومنها لو اجتمع في الإمامة الأفقه والأقرأ والأورع والأصح تقديم الأفقه عليهما لاحتياج الصلاة إلى مزيد الفقه لكثرة عوارضها وقيل بالتساوي لتعادل الفضيلتين ولو اجتمع السن والنسب فالأظهر تقديم السن لأنه صفة في نفسه والنسب صفة في آبائه ولو اجتمعا مع الهجرة فالجديد تقديمهما واختار النووي تقديم الهجرة عليهما وصححه في المهذب ولو اجتمع الأعمى والبصير فقيل الأعمى أولى لأنه أخشع إذ لا ينظر إلى ما يلهيه وقيل البصير لأنه أكثر تحفظا من النجاسات والأصح أنهما سواء لتعادلهما ولو اجتمع في صلاة الجنازة الحر البعيد والعبد القريب والحر غير الفقيه والعبد والفقيه فالأصح فيهما تقديم الحر والثالث يستويان لتعادلهما وقريب من هذه المسائل الخصال المعتبرة في الكفاءة هل يقابل بعضها ببعض الأصح المنع فلا يكافئ رقيق عفيف حرة فاسقة ولا حر معيب رقيقة سليمة ولا عفيف دنيء النسب فاسقة شريفة

وفي نظير المسئلة من القصاص لا تقابل جزما فلا يقاد عبد مسلم بكافر حر بلا خلاف

خاتمة
لا يقدم في التزاحم على الحقوق أحد إلا بمرجح وله أسباب أحدها السبق كجماعة ماتوا وهناك ما يكفي أحدهم قدم أسبقهم موتا والمستحاضة ترى الدم بصتفين مستويتين فيرجح الأسبق وكالازدحام في الدعوى والإحياء والدرس ولو وكل رجلا في بيع عبده وآخر في عتقه قال الدبيلي من سبق فله الحكم ثانيها القوة فلو أقر الوارث بدين وأقام الآخر بينة بدين والتركة لا تفي بهما قال صاحب الإشراف يقدم دين البينة ثالثها القرعة في مواضع كثيرة كازدحام الأولياء في النكاح والعبيد في العتق والمقتصين في الجاني عليهم معا القول في ثمن المثل وأجرة المثل ومهر المثل وتوابعها أما ثمن المثل فقد ذكر في مواضع في شراء الماء في التيمم وشراء الزاد ونحوه في الحج وفي بيع مال المحجور والمفلس والموكل والممتنع من أداء الدين وتحصيل المسلم فيه ومثل المغصوب وإبل الدية وغيرها ويلحق بها كل موضع اعتبرت فيه القيمة فإنها عبارة عن ثمن المثل ونبدأ بذكر حقيقته فنقل يختلف باختلاف المواضع والتحقيق أنه راجع إلى الاختلاف في وقت اعتباره أو مكانه
الموضع الأول التيمم
فذكروا فيه ثلاثة أوجه أحدها أنه أجرة نقل الماء إلى الموضع الذي هذا المشترى فيه ويختلف ذلك ببعد المسافة وقربها الثاني أنه قيمة مثله في ذلك الموضع في غالب الأوقات فإن الشربة الواحدة في وقت عذة الماء يرغب فيها بدنانير

فلو كلفناه شراءه بقيمته في الحال لحقته المشقة والحرج الثالث أنه قيمة مثله في ذلك الموضع في تلك الحالة فإن ثمن المثل يعتبر حالة التقويم وهذا هو الصحيح عند جمهور الأصحاب وبه قطع الدارمي وجماعة من العراقيين ونقله الإمام عن الأكثرين قال والوجه الأول بناه قائلوه على أن الماء لا يملك وهو وجه ضعيف قال والثاني أيضا ليس بشيء قال وعلى طريقة الأكثرين الأقرب أن يقال لا يعتبر ثمن الماء عند الحاجة إلى سد الرمق فإن ذلك لا ينضبط وربما رغب في الشربة حينئذ بدنانير ويبعد في الرخص والتحقيقات أن يوجب ذلك على المسافر ولكن يعتبر الزمان والمكان من غير انتهاء الأمر إلى سد الرمق

الموضع الثاني الحج
جزم الأصحاب بأن ثمن المثل للزاد والماء القدر اللائق به في ذلك المكان والزمان هكذا أطلقه عنهم الشيخان قال ابن الرفعة وهذا الإطلاق إنما يستمر في الزاد أما الماء فينبغي جريان الأوجه المذكورة في التيمم فيه قال ويحتمل أن لا يجري الوجه القائل بقيمة الماء في غالب الأحوال فيه وإنما جرى في التيمم لتكرره وفي الوافي ينبغي اعتبار ثمن المثل بما جرت به غالب العادة من ماضي السنين فإن وجد بمثله لزمه وإلا فلا وإن عرض في الطريق غلاء وبيع بأكثر من ثمن مثله فله الرجوع أما إذا كانت العادة غلاء ثمن الماء والزاد فيلزمه الحج قال ويمكن أن يقال كل سنة تعتبر بنفسها لكن يعسر معرفة مقدار الثمن والزيادة قبل البلوغ إلى المنهل
الموضع الثالث الطعام والشراب حال المخمصة
وثمن المثل فيه هو القدر اللائق به في ذلك الزمان والمكان قطعا وكذا ثمن مثل

السترة والرقية في الكفارة والمبيع بوكالة أو نحوها والمسروق يعتبر فيه حال الشراء والبيع والسرقة ومكانه قطعا

الموضع الرابع المبيع إذا تخالفا وفسخ كان تالفا يرجع إلى قيمته
وفي وقت اعتبارها أقوال أو وجوه أصحها يوم التلف لأن مورد الفسخ هو العين والقيمة بدل عنها فإذا فات الأصل تعين النظر في القيمة إلى ذلك الوقت والثاني يوم القبض لأنه وقت دخول المبيع في ضمانه وما يعرض بعد ذلك من زيادة أو نقصان فهو في ملكه والثالث أقلهما لأنها إن كانت يوم العقد أقل فالزيادة حدثت في ملك المشتري وإن كانت يوم القبض أقل فهو يوم دخوله في ضمانه والرابع أكثر القيم من القبض إلى التلف لأن يده يد ضمان والخامس أقلها من العقد إلى القبض
الموضع الخامس
اطلع في المبيع على عيب واقتضى الحال الرجوع بالأرش وهو جزء من ثمنه باعتبار القيمة وفي اعتبارها طريقان المذهب القطع باعتبار أقل قيمة من البيع إلى القبض لما تقدم في تعليل الثالث في المسئلة قبله والثاني فيه أقوال أحدها هذا والثاني يوم البيع لأن الثمن قابل المبيع يومئذ والثالث يوم القبض لما تقدم
تنبيه
قولي أقل قيمة تبعت فيه عبارة المنهاج وظاهرها اقتضاء اعتبار النقصان الحاصل بين العقد والقبض وقد صرح به في الدقائق قال الأسنوي وهو غريب فإنه ليس محكيا في أصوله المبسوطة وجها فضلا عن اختياره وعبارة الروضة والشرحين أقل القيمتين

قال وأيضا فلأن النقصان الحاصل قبل القبض إذا زال قبله لا يثبت للمشترى به الخيار فكيف يكون مضمونا على البائع نعم يوافق الأول قول الروضة وأصلها فيما إذا تلف الثمن ورد المبيع بعيب أو نحوه أنه يأخذ مثله أو قيمته أقل ما كانت من العقد إلى القبض ولا فرق بينهما وهذا هو الموضع السادس

الموضع السابع
إذا تقايلا والمبيع تالف فالمعتبر أقل القيمتين من يوم العقد والقبض كذا جزم به في أصل الروضة
الثامن المسلم فيه
إذا قلنا يأخذ قيمته للحيلولة فيعتبر يوم المطالبة بالوضع الذي يستحق فيه التسليم كما صححه في الروضة من زوائده وجزم الرافعي باعتبار بلد العقد
التاسع القرض
إذا جاز له أخذ القيمة بأن كان في موضع لا يلزمه فيه زيادة المثل وتعتبر قيمة بلد القرض يوم المطالبة وإذا قلنا إنه يرد في المتقوم القيمة فالمعتبر قيمة يوم القبض إن قلنا يملك به وكذا إن قلنا يملك بالتصرف في وجه وفي آخر أكثر قيمة من القبض إلى التصرف وهو الأصح في الشرحين وشرح الوسيط على هذا
العاشر المستعار إذا تلف
وفي اعتباره أوجه أصحها قيمة يوم التلف إذ لو اعتبرت يوم القبض أو الأقصى لأدى إلى تضمين الأجزاء المستحقة بالاستعمال وهو مأذون فيها والثاني يوم القبض كالقرض

والثالث أقصى القيم من القبض إلى التلف كالغصب لأنها لو تلفت في حال الزيادة لأوجبنا قيمته تلك الحالة

الحادي عشر المقبوض على جهة السوم إذا تلف وفيه الأوجه في المستعار
لكن قال الإمام الأصح فيه قيمة يوم القبض وقال غيره الأصح يوم التلف
الثاني عشر المغصوب إذا تلف وهو متقوم
فالمعتبر أقصى قيمة من الغصب إلى التلف بنقد البلد الذي تلف فيه لا أعلم فيه خلافا وقولنا بنقد البلد الذي تلف فيه كذا أطلقه الرافعي وهو محمول على ما إذا لم ينقله فإن نقله قال في الكفاية فيتجه أن يعتبر نقد البلد الذي تعتبر القيمة فيه وهو أكثر البلدين قيمة كما في المثلى إذا نقله وفقد المثل فإن غلب نقدان وتساويا عين القاضي واحدا وإن كان مثليا وتعذر المثل أخذ القيمة وفي اعتبارها أحد عشر وجها أصحها أقصى القيم من الغصب إلى تعذر المثل لأن وجود المثل كبقاء عين المغصوب لأنه كان مأمورا بتسليمه كما كان مأمورا بتسليم العين فإذا لم يفعل غرم أقصى قيمة في المدتين كما أن المتقوم يضمن بأقصى قيمة لذلك ولا نظر إلى ما بعد انقطاع المثل كما لا نظر إلى ما بعد تلف المغصوب المتقوم والثاني أقصاها من الغصب إلى التلف والثالث الأقصى من التلف إلى التعذر وهما مبنيان على أن الواجب عند إعواز المثل قيمة المغصوب لأنه الذي تلف على المالك أو قيمة المثل لأنه الواجب عند التلف وإنما رجعنا إلى القيمة لتعذره وفيه وجهان والرابع الأقصى من الغصب إلى المطالبة بالقيمة لأن المثل لا يسقط بالإعواز بدليل أن له أن يصير إلى وجدانه والخامس الأقصى من التعذر إلى المطالبة لأن التعذر هو وقت الحاجة إلى العدول إلى القيمة فيعتبر الأقصى يومئذ والسادس الأقصى من التلف إلى المطالبة لأن القيمة تجب حينئذ والسابع قيمة يوم التلف قال في المطلب ولعل توجيهه أن الواجب قيمة المثل على رأي فيعتبر وقت وجوبه لأنه لم يتعد في المثل وإنما تعدى في المغصوب فأشبه العارية

والثامن قيمة يوم التعذر لأنه وقت العدول إلى القيمة والتاسع يوم المطالبة لأن الإعواز حينئذ يتحقق والعاشر إن كان منقطعا في جميع البلاد فقيمته يوم التعذر وإن فقد هناك فقط فقيمته يوم المطالبة والحادي عشر قيمته يوم أخذ القيمة حكاه الرافعي عن الشيخ أبي حامد وتوقف فيه وقال الأسنوي إنه ثابت فقد حكاه عنه تلميذاه البندنيجي وسليم الرازي وحكى ابن الرفعة في الكفاية وجها ثاني عشر وهو اعتبار الأقصى من الغصب إلى يوم الأخذ ورجع عنه في المطلب قال السبكي وذلك لكونه غير منقول صريحا ولكنه ينشأ من كلام الأصحاب قال وربما يترجح على سائر الوجوه فلا بأس بالمصير إليه انتهى هذا إن كان التلف والمثل موجود فإن كان والمثل متعذر قال الرافعي فالقياس أن يجب على الأول والثاني الأقصى من الغصب إلى التلف وعلى الثالث والسابع والثامن يوم التلف وعلى الخامس الأقصى من التلف إلى المطالبة والأوجه الباقية بحالها وهذه المسئلة من مفردات المسائل لكثرة ما فيها من الأوجه

الموضع الثالث عشرالمتلف بلا غصب والمعتبر قيمته يوم التلف
لا أعلم فيه خلافا إلا إن كان تلفه سراية جناية سابقة فالمعتبر الأقصى منها نقله الرافعي عن القفال وأقره وجزم به في المنهاج فإن كان مثليا وهو موجود ولم يسلمه حتى تعذر فعلى الوجه الثاني قيمته يوم الإتلاف وعلى الأول والثالث الأقصى من الإتلاف إلى التعذر وعلى الرابع من الإتلاف إلى المطالبة والقياس عود الأوجه الباقية أو والمثل متعذر فعلى الأول والثاني والثالث والسابع والثامن قيمة يوم الإتلاف وعلى الرابع والخامس والسادس الأقصى من الإتلاف إلى المطالبة وعلى التاسع يوم المطالبة وعلى العاشر إن كان مفقودا في جميع البلاد فيوم الإتلاف وإلا فيوم المطالبة

الرابع عشر المقبوض بالبيع الفاسد إذا تلف والأصح أنه كالمغصوب يعتبر فيه الأكثر من القبض إلى التلف والثاني يوم القبض والثالث يوم التلف الخامس عشر إبل الدية إذا فقدت قال في أصل الروضة والمفهوم من كلام الأصحاب اعتبار قيمتها يوم وجوب التسليم وقال الروياني إن وجبت الدية والإبل مفقودة اعتبرت قيمتها يوم الوجوب وإن وجبت وهي موجودة فلم يؤد حتى أعوزت وجبت قيمتها يوم الإعواز وهل تعتبر قيمة موضع الوجود أو موضع الإعواز لو كان فيه إبل وجهان الأصح الثاني

السادس عشر
إذا جنى على عبد أو بهيمة أو صيد ثم جنى عليه آخر ولم يمت فإن كان الثاني جنى بعد الاندمال لزم كلا نصف قيمته قبل جنايته إن كانت الجناية بقطع يد العبد مثلا وإن كان قبل الاندمال لزم الثاني نصف ما أوجبنا على الأول لأن الجناية الأولى لم تستقر وقد أوجبنا نصف القيمة فكأنه انتقص نصف القيمة وإن مات من الجرحين وكانت القيمة عند جرح الثاني ناقصة بسبب الأول كأن جرح ما قيمته عشرة دنانير جراحة أرشها دينار ثم جرحه آخر جراحة أرشها دينار ففي الواجب عليهما ستة أوجه الأول على الأول خمسة دنانير وعلى الثاني أربعة ونصف لأن الجرحين سريا وصارا قتلا فلزم كل واحد نصف قيمته يوم جنايته قاله ابن سريج وضعفه الأئمة بأن فيه ضياع نصف دينار على المالك الثاني قاله المزني وأبو إسحاق والقفال يلزم كل واحد خمسة فلو نقصت جناية الأول دينارا والثاني دنيارين لزم الأول أربعة ونصف والثاني خمسة ونصف أو نقصت الأولى دينارين والثانية دينارا فعكسه وضعف بأنه سوى بينهما مع اختلاف قيمته حال جنايتهما الثالث يلزم الأول خمسة ونصف والثاني خمسة لأن جناية كل واحد نقصت دينارا ثم سرتا والأرش يسقط إذا صارت الجناية نفسا فيسقط عن كل واحد نصف الأرش

لأن الموجود منه نصف القتل وضعف بأن فيه زيادة الواجب على قيمة المتلف الرابع قاله أبو الطيب بن سلمة يلزم كل واحد نصف قيمته يوم جنايته ونصف الأرش لكن لا يزيد الواجب على القيمة فيجمع ما لزمهما تقديرا وهو عشرة ونصف وتقسم القيمة وهي عشرة على العشرة والنصف ليراعى التفاوت بينهما فتبسط أنصافا فيكون أحدا وعشرين فيلزم الأول أحد عشر جزءا من أحد وعشرين جزءا من عشرة ويلزم الثاني عشرة من أحد وعشرين جزءا من عشرة وضعف بأفراد أرش الجناية عن بدل النفس الخامس قاله صاحب التقريب وغيره واختاره الإمام والغزالي يلزم الأول خمسة ونصفا والثاني أربعة ونصفا لأن الأول لو انفرد بالجرح والسراية لزمه العشرة فلا يسقط عنه إلا ما لزم الثاني والثاني إنما جنى على نصف ما يساوي تسعة السادس قاله ابن خيران واختاره صاحب الإفصاح وأطبق العراقيون على ترجيحه أنه يجمع بين القيمتين فيكون تسعة عشر فيقسم عليه ما فوت وهو عشرة فيكون على الأول عشرة أجزاء من تسعة عشر جزءا من عشرة وعلى الثاني تسعة أجزاء من تسعة عشر جزءا من عشرة الموضع السابع عشر سراية العتق إن قلنا تحصل باللفظ أو التبيين اعتبرت قيمة يوم الإعتاق وإن قلنا بالأداء فهل تعتبر قيمة يوم الإعتاق أو الأداء أو الأكثر منه إليه أوجه أصحها الأول الموضع الثامن عشر العبد إذا جنى وأراد السيد فداءه قال البغوي النص اعتبار قيمته يوم الجناية وقال القفال ينبغي أن يعتبر يوم الفداء لأن ما نقص قبل ذلك لا يؤاخذ به السيد وحمل النص على ما إذا سبق من السيد منع من بيعه ثم نقص وأما المستولدة إذا جنت فالأصح اعتبار قيمتها يوم الجناية والثاني يوم الاستيلاد

التاسع عشر قيمة الولد إذا وجبت تعتبر يوم وضعه ويجب في صور منها إذا غر بحرية أمة وولدت منه أو وطئ أمة غيره بشبهة أو وطئ أمته المرهونة وأحبلهما العشرون الجنين الرقيق في إجهاضه عشر قيمة الأم وفي اعتبارها وجهان أحدهما قيمة يوم الإجهاض والأصح أكثر ما كانت من الجناية إلى الإجهاض أما جنين البهيمة إذا ألقته حيا بجناية ثم مات فهل تجب قيمته حيا أو أكثر الأمرين من قيمته ومن نقص الأم بالولادة فيه قولان في النهاية الحادي والعشرون قيمة الصيد المتلف في الحرم أو الإحرام يعتبر بمحل الإتلاف وإلا فبمكة يومئذ لأن محل الذبح مكة وإذا اعتبرت بمحل الإتلاف فهل يعتبر في العدول إلى الطعام سعره هناك أو بمكة احتمالان للإمام والظاهر الثاني الثاني والعشرون قيمة اللقطة إذا جاء صاحبها بعد التملك وهي تالفة ويعتبر يوم التملك الثالث والعشرون قيمة جارية الابن إذا أحبلها الأب بوطئه ولم يصرح الشيخان بوقت اعتبارها والذي يفهم من كلامهم أنها لا تعتبر وقت الإيلاج لإيجابهم المهر معها بل يعتبر وقت الحكم بانتقالها إلى ملكه وفيه وجهان أحدهما قبيل العلوق نقلاه عن ترجيح البغوي والثاني معه واختاره الإمام وتابعه النووي في التنقيح

الرابع والعشرون قيمة المعجل في الزكاة إذا ثبت الاسترداد وهو تالف والمعتبر يوم القبض على الأصح والثاني يوم التلف والثالث أقصى القيم الخامس والعشرون قيمة الصداق إذا تشطر وهو تالف أو معيب ولم يصرحوا بوقت اعتباره

والجاري على القواعد
اعتبار وقت الطلاق لأنه وقت العود إلى ملكه والزيادة قبله على ملكها لا تعلق له بها
ضابط
حاصل ما تقدم أنه جزم باعتبار وقت التلف في الإتلاف بلا غصب وفي معناه إحبال أمة الولد كما قسته والإعتاق وباعتبار يوم القبض في اللقطة وباعتبار الأقصى في الغصب وباعتبار الأقل في الإقالة وثمن المردود بالعيب وباعتبار المطالبة في القرض المثلي وياعتبار الوجوب في الولد والصداق كما قسته وصحح الأول في التحالف والمستعار والمستام وصحح الثاني في معجل الزكاة وصحح الثالث في البيع الفاسد والجنين والرقيق وصحح الرابع في الرجوع بالأرش وصحح الخامس في السلم وصحح السادس في إبل الدية والعبد الجاني والمستولدة الجانية فاحفظ هذه النظائر فإنك لا تجدها مجموعة في غير هذا الموضع

ما يجب تحصيله بأكثر من ثمن المثل ومالا يجب وما يجب بيعه بأقل منه ومالا
قال بعض المتأخرين الزيادة اليسيرة على ثمن المثل لا أثر لها في كل الأبواب إلا في التيمم إذا وجد الماء يباع بزيادة يسيرة على ثمن مثله لم يلزمه مطلقا في الأصح قال في الخادم ومثله شراء الزاد ونحوه في الحج وأما الزيادة الكثيرة وهي التي لا يتغابن الناس بمثلها ففيها فروع الأول المسلم فيه يجب تحصيله ولو بأكثر من ثمن المثل إذا لم يوجد إلا به ولا ينزل ذلك منزلة الانقطاع جزم به الشيخان قال السبكي في فتاويه وعلى قياسه إذا لم يوجد من يشتري مال المديون إلا بدون قيمته يجب بيعه والوفاء منه الثاني إذا تلف المغصوب المثلي ولم يوجد مثله إلا بأكثر من ثمن المثل ففي وجوب تحصيله وجهان رجح كلا منهما مرجحون وصحح النووي عدم الوجوب لأن الموجود بأكثر من ثمنه كالمعدوم كالرقبة وماء الطهارة وتخالف العين حيث يجب ردها وإن لزم في مؤنتها أضعاف قيمتها فإنه تعدى فيها دون المثل قال السبكي وفي تصحيحه نظر لتعديه الثالث لو أسلم عبد لكافر أمر بإزالة الملك عنه ولو لم يجد من يشتريه إلا بأقل من ثمن المثل مما لا يتغابن به لم يرهق إليه لأنه لم يلتزم بخلاف المسلم والغاصب والمديون ولو اشترى الكافر عبدا مسلما وقلنا يصح ويؤمر بإزالة الملك قال ابن الرفعة فلا يرهق للبيع بأقل ويحال بينه وبينه إلى أن يتيسر من يشتريه بثمن مثله أو يزيل ملكه عنه كذا ذكره في المطلب في فرع من غير نقل عن أحد قال السبكي وفيه نظر يحتمل أن يقال به كما إذا اسلم في يده وإن كنت لم أره منقولا أيضا ويحتمل أن يقال إنه بالشراء متعرض لالتزام إزالته الرابع الرقبة في الكفارة لا يلزم شراؤها بأكثر من ثمن المثل على المذهب واختار البغوي خلافه الخامس إبل الدية إذا لم توجد إلا بأكثر من ثمن المثل

لا يجب تحصيلها بل يعدل إلى قيمتها كذا جزم به الشيخان وبحث بعضهم أن يجري فيها خلاف الغاصب قال البلقيني ولعل الفرق أن تعدي القاتل إنما هو في النفس ولست الدية مثل ما أتلف بخلاف صورة الغصب فإن المثلى مثل ما تعدى فيه فأتلفه قال فلو كانت الزيادة يسيرة فيحتمل الوجوب ويحتمل خلافه كالتيمم قال والأول أقرب

ومن نظائر هذه الفروع
لو طلب الأجير في الحج أكثر من أجرة المثل لم يجب استئجاره جزموا به ومنها لو لم يجد إلا حرة تطلب أكثر من مهر مثلها جاز له نكاح الأمة على ما قاله المتولي ووافقه آخرون وصححه في الروضة من زوائده وقال البغوي لا ينكح الأمة وقال الإمام والغزالي إن كانت زيادة يعد بذلها إسرافا حلت الأمة وإلا فلا وفرقوا بينه وبين الماء في التيمم بأن الحاجة إلى الماء تتكرر وبأن هذا الناكح لا يعد مغبونا
وتشبه هذه الترجمة ما يجب نقله ومالا يجب
وفيه فروع الأول المسلم فيه يجب نقله إن كان قريبا وفي ضبط القرب خلاف الأصح يجب نقله مما دون مسافة القصر والثاني من مسافة لو خرج إليها بكرة أمكنه الرجوع إلى أهله ليلا هذا في محل يجب التسليم فلو طولب في غيره فالأصح وجوبا إن لم يكن لنقله مؤنة والمنع إن كان الثاني القرض وهو كالسلم فيما ذكر الثالث الغصب وهو كالسلم أيضا فيجب نقله مما ينقل منه المسلم إليه ولو طولب بالمثل في غير بلد الإتلاف كلف نقله إن لم يكن له مؤنة وإلا فلا على الأصح الرابع المتلف بلا غصب وهو كذلك

الخامس إبل الدية يجب نقلها إن قربت المسافة لا إن بعدت قال في الروضة وأصلها وضبطه بعضهم بمسافة القصر وقال الإمام إن زادت مؤنة إحضارها مع القيمة على قيمتها في موضع الغرة لم يلزم نقلها وإلا لزم وضبطه المتولي بالحد المعتبر في السلم وهو معنى ضبطه بمسافة القصر فإنه الأصح فيه كما سبق فالحاصل أن الفروع الخمسة على حد سواء

فرع
لو قال المغصوب منه لا آخذ القيمة بل أنتظر وجود المثل فله ذلك نقله في البيان كذا في زوائد الروضة قال ويحتمل أن يجيء فيه الخلاف في أن صاحب الحق إذا امتنع من قبضه هل يجبر ويمكن الفرق انتهى ونظيره في السلم لو انقطع المسلم فيه فقال المسلم اصبر حتى يوجد وإلا افسخ أجيب على الصحيح وفي القرض كذلك وفي الدية لو قال المستحق عند إعواز الإبل لا أطالب الآن بشيء وأصبر إلى أن توجد قال الإمام فالظاهر أن الأمر إليه لأن الأصل هو الإبل ويحتمل أن يقال لمن عليه أن يكلفه قبض ما عليه لتبرأ ذمته فالفروع الخمسة على حد سواء في ذلك أيضا
فرع آخر
قال الإمام لم يصر أحد من الأصحاب إلى أنه لو أخذ الدراهم ثم وجدت الإبل يرد الدراهم ويرجع إلى الإبل بخلاف ما إذا غرم قيمة المثل في الغصب والإتلاف لإعواز المثل ثم وجد ففي الرجوع إلى المثل خلاف والأصح فيهما أيضا عدم الرجوع وفي القرض إذا أخذ القيمة في بلد لا يلزمه فيها أداء المثل ثم عاد إلى مكانه لا رجوع أيضا على الأصح وكذا في السلم إن قلنا بأخذ القيمة في هذه الصورة

فهذه النظائر الخمسة قد استوت في الأحكام الثلاثة وجوب النقل من قرب دون بعد وإجابة المستحق إلى الصبر وعدم الرجوع إن لم يصبر وأخذ القيمة واستواء السلم والقرض والغصب والإتلاف على المختار في وجوب التحصيل بأكثر من ثمن المثل وفارقها في ذلك الدية

فروع
من نظائر الفروع الخمسة المذكورة في عدم الرجوع عند أخذ القيمة للتعذر مالو كان له يدان عاملتان ولم تعرف الزائدة فقطع قاطع إحداهما فلا قصاص ويجب فيها نصف دية اليد وزيادة حكومة فلو عاد الجاني فقطع الأخرى فأراد المجني عليه القصاص لإمكانه حينئذ ورد ما أخذه غير قدر الحكومة فهل له ذلك وجهان أحدهما لا لأنه أسقط بعض القصاص فلا عود إليه والثاني نعم لأن القصاص لم يكن ممكنا وإنما أخذ الأرش لتعذره لا لإسقاطه كذا في الروضة وأصلها بلا ترجيح قلت أصحهما الثاني
قاعدة
كل المتلفات تعتبر فيها قيمة المتلف إلا الصيد المثلي فإنه تعتبر فيه قيمة مثله واختلف في الغصب والدية وقد آل بنا القول إلى عقد فصلين مهمين الأول في التقويم وسيأتي أنه لا يكفي تقويم واحد والذي يذكر هنا من أحكامه أمران أحدهما أنه خاص بالنقد فلا تقويم بغير النقد المضروب ولهذا لو سرق وزن ربع من ذهب خالص غير مضروب كسبيكة وحلي ولا يبلغ ربعا مضروبا بالقيمة فلا قطع في الأصح كما لو سرق من غير الذهب ما يساوي ربعا من المضروب ولا يساويه من المضروب وبنقد البلد في أكثر المواضع بل كلها وإنما يقع الاختلاط في أي بلد يعتبر وقد تقدم الكلام في الأمثلة وبقي الكلام في تقويم عروض التجارة

فإن كان المشترى به نقدا قوم به سواء كان نصابا أم دونه وفي الثانية وجه أنه يقوم بغالب نقد البلد وحكى قولا في الأولى ولو ملكه بالنقدين قوم بهما بنسبة التقسيط أو بغير نقد قوم بغالب نقد البلد فإن غلب نقدان واستويا فإن بلغ بأحدهما نصابا دون الآخر قوم به وإن بلغ بهما فأوجه أحدها يقوم بالأغبط للفقراء وصححه في المحرر والمنهاج والثاني يتخير المالك فيقوم بما شاء وصححه في أصل الروضة أخذا من حكاية الرافعي له عن العراقيين والروياني قال في المهمات وبه الفتوى والثالث يتعين التقويم بالدراهم لأنها أرفق والرابع يقوم بغالب نقد أقرب البلاد إليه ونظير هذا الفرع ما إذا اتفق العرضان كمائتي بعير واجبها أربع حقاق أو خمس بنات لبون فإن وجد بماله أحدهما أخذ ولا يكلف الحقاق على المذهب وإن فقدا فله تحصيل ما شاء ولا يتعين الأغبط على الأصح وإن وجدا تعين الأغبط على الصحيح

ضابط
لا تقوم الكلاب إلا في الوصية على قول ولا الحر إلا في الجنايات فيقدر رقيقا للحكومة ولا الخمر والخنزير في الأصح وفي قول يقومان في الصداق فقيل يعتبر قيمتهما عند من يرى لهما قيمة وقيل يقدر الخمر خلا والخنزير شاة
الأمر الثاني إذا اختلف المقومون بم يؤخذ فيه فروع
منها إذا شهد عدلان بسرقة فقوم أحدهما المسروق نصابا والآخر دونه فلا قطع للشبهة

وأما المال فإن رضي بأقل القيمتين فذاك وله أن يحلف مع الذي شهد بالأكثر ويأخذه ولو شهد بأنه نصاب وقوم آخران بدونه فلا قطع ويؤخذ في الغرم بالأقل وله مأخذان أحدهما وهو الأظهر أن الأقل متيقن والزائد مشكوك فيه فلا يلزم بالشك والثاني أن التي شهدت بالأقل ربما اطلعت على عيب ومنها سئل ابن الصلاح عن ملك اليتيم احتيج إلى بيعه فقامت بينة بأن قيمته مائة وخمسون فباعه القيم بذلك وحكم الحاكم بصحة البيع ثم قامت بينة أخرى بأن قيمته حينئذ مائتان فهل ينقض الحكم ويحكم بفساد البيع فأجاب بعد التمهل أياما والاستخارة أنه ينقض الحكم لأنه إنما حكم بناء على البينة السالمة عن المعارضة بالبينة التي مثلها وأرجح وقد بان خلاف ذلك وتبين استناد ما يمنع الحكم إلى حالة الحكم فهو كما قطع به صاحب المهذب من أنه لو حكم للخارج على صاحب اليد ببينة فانتزعت العين منه ثم أتى صاحب اليد ببينة فإن الحكم ينقض لمثل العلة المذكورة وهذا بخلاف ما لو رجع الشاهد بعد الحكم فإنه لم يتبين استناد مانع إلى حالة الحكم لأن قول الشاهد متعارض وليس أحد قوليه بأولى من الآخر اه ونازعه في ذلك السبكي في فتاويه ومنع النقض قال لأن التقويم حدس وتخمين ولا يتحقق فيه التعارض إلا إذا كان في وقت واحد وإن سلمنا المعارضة فهي معارضة للبينة المتقدمة وليست راجحة عليها حتى تكون مثل مسئلة المهذب وكيف ينقض الحكم بغير مستند راجح ومعنا بينتان متعارضتان من غير ترجيح فهو كما لو وجد دليلان متعارضان في الحكم ليس لنا أن ننقضه ولا يقال إن تعارض الدليلين مانع من الإقدام على الحكم فيكون موجبا لنقضه لأنا نقول ليس كل ما منع الابتداء منع الدوام وأيضا قد يكون ترجح عند الحاكم أحدهما فحكم به لرجحانه عنده وكما أنه لا يقدم على الحكم إلا بمرجح لا نقدم نحن على نقضه إلا بمرجح ولم يوجد وقوله وقد بان خلافه ممنوع لم يبن خلافه بل أكثر ما فيه أن أشكل الأمر علينا ولا يلزم من إشكال الأمر علينا أن نوجب النقض ثم نبه على أنه لو قامت بينتان متعارضتان واحتاج اليتيم إلى البيع فالوجه أنه

يجوز البيع بالأقل مالم يوجد راغب بزيادة بعد إشهاده والقول قول القيم في أنه أشهده لأنه أمين قال والقول قوله في أن ذلك ثمن المثل كما أن الوكيل وعامل القراض والبائع على المفلس إذا باعوا ليس لهم أن يبيعوا إلا بثمن المثل ولو ادعى عليهم أنهم باعوا بأقل من ثمن المثل فالقول قولهم فيما يظهر لنا وإن لم نجده منقولا لأنهم منا قال ولا يرد على هذا قول الأصحاب إن الصبي إذا بلغ وادعى على القيم والوصي بيع العقار بلا مصلحة فالقول قوله لأنا نقول إنما يكلف القيم والوصي إقامة البينة على المصلحة التي هي مسوغة للبيع كما يكلف الوكيل إقامة البينة على الوكالة وأما ثمن المثل فهو من صفات البيع فإذا ثبت أن البيع جائز قبل قوله في صفته ودعوى صحته ولا يقبل قول من يدعي فساده اه

تنبيه
هذه المسئلة يصلح إيرادها في قاعدة التقويم كما صنعنا وفي قاعدة يغتفر في الدوام مالا يغتفر في الابتداء وفي قاعدة تصديق مدعي الصحة وفي فتاوى السبكي أيضا أنه سئل عن رجل عليه دين مائتا درهم ورهن عليه كرما وحل الدين وهو غائب وأثبت صاحب الدين الإقرار والرهن والقبض وغيبة الراهن المديون وندب الحاكم من قوم المرهون وثبت عنده أن قيمته مائتا درهم فأذن في تعويضه للمرتهن عن دينه ثم بعد مدة قامت بينة أن قيمته يوم التعويض ثلثمائة وكان يوم التعويض يوم التقويم
الأول
فأجاب يستمر التعويض ولا يبطل بقيام البينة الثانية مهما كان التقويم الأول محتملا الفصل الثاني في تقسم المضمونات اعلم أن الأصل في المتلفات ضمان المثل بالمثل والمتقوم بالقيمة وخرج عن ذلك صور تعرف مما سنذكره والحاصل أن المضمونات أنواع الأول الغصب فالمثل في المثلى والقيمة في المتقوم لا أعلم فيه خلافا

الثاني الإتلاف بلا غصب وهو كذلك
وخرج عنهما صور أحدها المثلى الذي خرج مثله عن أن تكون له قيمة كمن غصب أو أتلف ماء في مفازة ثم اجتمعا على شط نهر أو في بلد أو أتلف عليه الجمد في الصيف واجتمعا في الشتاء فليس للمتلف بدل المثل بل عليه قيمة المثل في مثل تلك المفازة أو في الصيف ثانيها الحلي أصح الأوجه أنه يضمن مع صنعته بنقد البلد وإن كان من جنسه ولا يلزم من ذلك الربا لأنه يجري في العقود لا في الغرامات ثالثها الماشية إذا أتلفها المالك كلها بعد الحول وقبل إخراج الزكاة فإن الفقراء شركاؤه ويلزمه حيوان آخر لا قيمته جزم به الرافعي وغيره بخلاف مالو أتلفها أجنبي رابعها طم الأرض كما جزم به الرافعي خامسها إذا هدم الحائط لزمه إعادته لا قيمته كما هو مقتضى كلام الرافعي وأجاب به النووي في فتاويه ونقله عن النص سادسها اللحم فإنه يضمن بالقيمة كما صححه الرافعي وغيره في باب الأضحية مع أنه مثلى سابعها الفاكهة فإنها مثلية على ما اقتضاه تصحيحهم في الغصب والأصح أنها تضمن بالقيمة ثامنها لو صار المتقوم مثليا بأن غصب رطبا وقلنا إنه متقوم فصار تمرا وتلف قال العراقيون يلزمه مثل التمر وقال الغزالي يتخير بين مثل التمر وقيمة الرطب وقال البغوي إن كان الرطب أكثر قيمة لزمه قيمته وإلا لزمه المثل قال السبكي وهو أشبه
وبقي صور متردد فيها
منها لو سجر التنور ليخبز فصب عليه آخر ماء أطفأ ففيه أوجه حكاها الزبيري في المسكت وغيره أحدها يلزمه قيمة الحطب وليس ما غصب ولا قيمته لأنه غصب خبزا وما أشبه هذا القول بما حكم به سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام في قصة

صاحب الغنم التي أكلت زرع الرجل فحكم سيدنا داود عليه السلام لصاحب الزرع برقاب الغنم فقال سليمان بل ينتفع بدرها ونسلها وصوفها إلى أن يعود الزرع كما كان بإصلاح صاحب الغنم فيردها إليه وذلك معنى قوله تعالى ففهمناها سليمان والثاني عليه أن يسجر التنور ويحميه كما كان والثالث عليه قيمة الجمر والرابع عليه الخبز واستشكل الأول بأنه لم يستهلك الحطب وإنما أتلف الجمر بعد خروجه فهو كمن أحرق ثوبا ليتخذ رماده حراقا فأتلفه رجل لا تجب عليه قيمة الثوب قبل الإحراق والثالث بأنه الجمر لا قيمة له معروفة ولا يكال ولا يوزن قال الزبيري والأقرب وجوب قيمة الجمر لأن له قيمة ومنها لو برد ماء في يوم صائف فألقى فيه رجل حجارة محماة فأذهب برده ففي وجه لا شيء عليه لأنه ماء على هيئته وتبريده ممكن وفي آخر يأخذه المتعدي ويضمن مثله باردا وفي ثالث ينظر إلى ما بين القيمتين في هذه الحالة ويضمن التفاوت ذكره الزبيري أيضا قلت أحسنها الثالث ومنها لو بل خيشا لينتفع به فأوقد آخر تحته نارا حتى نشف قيل لا شيء عليه سوى الإثم وقيل عليه قيمة الماء الذي بل به وقيل بل قيمة الانتفاع به مدة بقائه باردا قال الزبيري وهذا أعدلها

النوع الثالث
المبيع إذا تقايلا وهو تالف وفيه المثل في المثلى والقيمة في المتقوم جزم به الشيخان
الرابع
الثمن إذا تلف ورد المبيع بعيب أو غيره فيه المثل في المثلى والقيمة في المتقوم جزما به أيضا

الخامس
اللقطة إذا جاء مالكها بعد التملك وهي تالفة فيها المثل في المثلى والقيمة في المتقوم جزما به أيضا
السادس
المبيع إذا تخالفا وفسخ وهو تالف أطلق الشيخان وجوب القيمة فيه فشمل المثلى وغيره وهو وجه صححه الماوردي والمشهور كما قال في المطلب وجوب المثل في المثلى
السابع
المقبوض بالشراء الفاسد إذا تلف أطلق الشيخان وجوب القيمة فيه فيشمل المثلى وغيره وهو وجه صححه الماوردي وادعى الروياني الاتفاق عليه وقال في المهمات إنه غريب مردود والذي نص عليه الشافعي وجوب المثل في المثلى قال وهو القياس وقال في شرح المنهاج إنه الصحيح وسبقه إلى ذلك السبكي
الثامن
القرض وفيه المثل بالمثلى وكذا في المتقوم على الأصح واستثنى الماوردي نحو الجوهر والحنطة المختلطة بالشعير إن جوزنا فرضهما فإنهما يضمنان بالقيمة وصوبه السبكي
التاسع
ما أداه الضامن عن المضمون عيه حيث ثبت الرجوع فإن حكمه حكم الفرض حتى يرجع في مثل المتقوم صورة
العاشر
العارية أطلق الشيخان وجوب القيمة فيها فشمل المتقوم والمثلى وصرح بذلك الشيخ في المهذب والماوردي وجزم ابن أبي عصرون في كتبه كلها بوجوب المثل في المثلى وقال في بعضها إنه أصح الطريقين وصححه السبكي

تنبيه
المستعار للرهن يضمن في وجه حكاه الرافعي عن أكثر الأصحاب بالقيمة وفي وجه وصححه جماعة وصوبه النووي في الروضة بما بيع به ولو كان أكثر من القيمة فيستثنى ذلك من ضمان العارية بالقيمة
الحادي عشر الممتام وفيه القيمة مطلقا
الثاني عشر
المعجل في الزكاة إذا ثبت استرداده وهو تالف وفيه المثل أو القيمة جزم به الشيخان لكن صحح السبكي أنه يضمن بالمثل وإن كان متقوما
الثالث عشر
الصداق إذا تشطر وهو تالف وفيه المثل أو القيمة جزم به الشيخان
الرابع عشر
إذا تشطر وهو معيب فأطلق الشيخان وجوب نصف القيمة سليما قال في المهمات هذا في المتقوم أما المثلى ففيه نصف المثل صرح به ابن الصباغ وجزم به في المطلب
الخامس عشر
الصيد إذا تلف في الحرم أو الإحرام وفيه المثل صورة والقيمة فيما لا مثل له وسلب العامل في صيد حرم المدينة على القديم واختاره النووي
السادس عشر
لبن المصراة وفيه التمر لا مثله ولا قيمته قال بعضهم ليس لنا شيء يضمن بغير النقد إلا في مسئلتين إحداهما لبن المصراة والأخرى إذا جنى على عبد فعتق ومات ضمن للسيد الأقل من الدية ونصف القيمة من إبل الدية

بيان المثلى والمتقوم
في ضبط المثلى أوجه أحدها كل مقدر بكيل أو وزن ونقض بالمعجونات المتفاوتة الأجزاء وما دخلته النار والأواني المتخذة من النحاس فإنها موزونة وليست مثلية الثاني ما حصر بكيل أو وزن وجاز السلم فيه وهو الذي صححه في المنهاج والروضة وأصلها الثالث كل مكيل وموزون جاز السلم فيه وبيع بعضه ببعض فيخرج منه الدقيق والرطب والعنب واللحم واللبن الحامض ونحوها الرابع ما يقسم بين الشريكين من غير تقويم ونقض بالأرض المتساوية فإنها تقسم وليست مثلية الخامس مالا يختلف أجزاء النوع الواحد منه بالقيمة وربما قيل في الجرم والقيمة
وهذا سرد المثليات
الحبوب والأدهان والسمن والألبان والمخيض الخالص والتمر والزبيب ونحوهما والماء والنخالة والبيض والورق والخل الذي لا ماء فيه والدراهم والدنانير الخالصة وعلى الأصح الدقيق والبطيخ والقثاء والخيار وسائر البقول والرطب والعنب وسائر الفواكه الرطبة واللحم الطري والقديد والتراب والنحاس والحديد والرصاص والتبر والسبائك من الذهب والفضة والمسك والعنبر والكافور والثلج والجمد والقطن والسكر والفانيذ والعسل المصفى بالنار والإبريسم والغزل والصوف والشعر والوبر والنفط والعود والآجر والدراهم المغشوشة إن جوزنا التعامل لها والمكسرة هذا ما في الروضة وأصلها والمطلب
تقسيم ثان
المضمونات أقسام
أحدها ما يضمن ضمان عقد قطعا وهو ما عين في صلب عقد بيع أو سلم أو إجارة أو صلح الثاني ما هو ضمان يد قطعا كالعواري والمغصوب ونحوها الثالث ما فيه خلاف والأصح أنه ضمان عقد كمعين الصداق والخلع والصلح عن الدم وجعل الجعالة

الرابع عكسه وذلك في صور العلج والفرق بين ضمان العقد واليد أن ضمان العقد مرده ما اتفق عليه المتعاقدان أو بدله وضمان اليد مرده المثل أو القيمة

قاعدة ما ضمن كله ضمن جزؤه بالأرش إلا في صور
إحداها المعجل في الزكاة الثانية الصداق الذي تعيب في يد الزوجة قبل الطلاق الثالثة المبيع إذا تعيب في يد البائع وأخذه المشتري ناقصا لا أرش له في الأصح الرابعة إذا رجع فيما باعه بإفلاس المشتري ووجده ناقصا بآفة أو إتلاف البائع فلا أرش له الخامسة القرض إذا تعيب ورجع فيه المقرض لا أرش له بل يأخذه ناقصا أو مثله قاعدة أسباب الضمان أربعة أحدها العقد كالمبيع والثمن المعين قبل القبض والسلم والإجارة الثاني اليد مؤتمنة كانت كالوديعة والشركة والوكالة والمقارضة إذا حصل التعدي أو لا كالغصب والسوم والعارية والشراء فسادا الثالث الإتلاف نفسا أو مالا ويفارق ضمان اليد في أنه يتعلق الحكم فيه بالمباشر دون السبب وضمان اليد يتعلق بهما الرابع الحيلولة
ما تؤخذ قيمته للحيلولة ومالا تؤخذ
فيه فروع الأول المسلم فيه إذا وجد المسلم إليه في مكان لا يلزم فيه الأداء وفيه وجهان الصحيح لا تؤخذ لأن أخذ العوض عنه غير جائز الثاني إذا قطع صحيح الأنملة الوسطى ممن لا عليا له فهل له طلب الأرش للحيلولة وجهان الصحيح لا حتى يعفو

الثالث إذا نقل المغصوب إلى بلد آخر وأبق فللمالك المطالبة بالقيمة في الحال للحيلولة قطعا فإذا رده ردها الرابع إذا ادعى عينا غائبة عن البلد وسمع القاضي البينة وكتب بها إلى قاضي بلد العين ليسلمها للمدعي بكفيل لتشهد البينة على عينها ويؤخذ من الطالب القيمة للحيلولة قطعا الخامس إذا حال بين من عليه القصاص ومستحق الدم لا يؤخذ قطعا السادس إذا أقر بعين لزيد ثم بها لعمرو غرم له قيمتها في الأصح لأنه حال بينه وبينها بإقراره الأول

الكلام في أجرة المثل تجب في مواضع
أحدها الإجارة في صور منها الفاسدة ومنها أن يعير فرسه ليعلفه أو ليعيره فرسه ومنها إذا حمل الدابة المستأجرة زيادة على ما استأجر له تجب أجرة المثل لما زاد ومنها إذا اختلفا في قدر الأجرة أو المنفعة أو غيرها وتحالفا فسد العقد ورجع إلى أجرة المثل الثاني المساقاة في صور منها الفاسدة كأن يساقيه على ودى يغرسه ويكون الشجر بينهما أو ليغرسه في أرض نفسه ويكون الثمر بينهما أو يدفع إليه أرضا ليغرسها والثمر بينهما أو يشرط الثمرة كلها للعامل أو يشرط له جزءا منهما أو مشاركة المالك أو غيرها في صور الإفساد ويستثنى ما إذا شرط الثمرة كلها للمالك فلا شيء للعامل في الأصح وكذا نظيره في القراض ومنها إذا خرج الثمر مستحقا فللعامل على الساقي أجرة المثل ومنها إذا فسخ العقد بتحالف أو هرب العامل وتعذر الإتمام الثالث القراض إذا فسد سواء ربح المال أم لا إلا في الصورة السابقة وإذا اختلفا وتحالفا الرابع الجعالة إذا فسدت أو فسخ الجاعل بعد الشرع في العمل أو تحالفا

الخامس الشركة كذلك السادس منافع الأموال إذا فاتت في يد عادية غصبا أو شراء فاسدا أو غيرهما تجب فيها أجرة المثل سواء استوفيت أم لا وأما منفعة الحر فلا يضمن بها إلا بالاستيفاء السابع إذا استخدم عبده المتزوج غرم له الأقل من أجرة مثله وكل المهر والنفقة وقيل يلزمه المهر والنفقة بالغا ما بلغ لأنه لو خلاه ربما كسب ما يفي بهما ونظير ذلك إذا أراد فداء العبد الجاني يلزمه الأقل من قيمته وأرش الجناية وفي قول الأرش بالغا ما بلغ لأنه لو سلمه للبيع ربما رغب فيه راغب بما يفي به الثامن عامل الزكاة يستحق أجرة مثل عمله حتى لو حمل أصحاب الأموال زكاتهم إلى الإمام فلا شيء له وإن بعثه استحقها بلا شرط فإن زاد سهم العاملين عليها رد الفاضل على الأصناف وإن نقص كمل من مال الزكاة

فرع مهم
أفتى ابن الصلاح فيمن أجر وقفا بأجرة شهدت البينة بأنها أجرة مثله ثم تغيرت الأحوال وطرأت أسباب توجب زيادة أجرة المثل بأنه يتبين بطلان العقد وأن الشاهد لم يصب في شهادته واحتج بأن تقويم المنافع في مدة ممتدة إنما يصح إذا استمرت الحال الموجودة حالة التقويم أما إذا لم تستمر وطرأ في أثناء المدة أحوال تختلف بها قيمة المنفعة فيتبين أن المقوم لها لم يطابق تقويمه المقوم قال وليس هذا كتقويم السلع الحاضرة قال وإذا ضم ذلك إلى قول من قال من الأصحاب إن الزيادة في الأجرة تفسخ العقد كان قاطعا لاستبعاد من لم ينشرح صدره لما ذكرناه قال فليعلم ذلك فإنه من نفائس النكت وقال الشيخ تاج الدين السبكي ما أفتى به ابن الصلاح ضعيف فإن الشاهد إنما يقوم بالنسبة إلى الحالة الراهنة ثم ما بعدها تبع لها مسبوق عليه حكم الأصل قال فالتحقيق أن يقال إن لم تتعين القيمة ولكن ظهر طالب بالزيادة لم

ينفسخ العقد والقول فانفساخه ضعيف وإن تغيرت فالإجارة صحيحة إلى وقت التغيير وكذا بعده فيما يظهر ولا يظهر خلافه

الكلام في مهر المثل
الأصل في اعتباره حديث أبي سنان الأشجعي أنه صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق وقد نكحت بغير مهر فمات زوجها بمهر نسائها أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم وغيرهم وقال سعيد بن منصور في سننه حدثنا خالد بن عبدالله عن يونس عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في امرأة توفي عنها زوجها ولم يفرض لها صداقا لها مثل صداق نسائها قال الأصحاب مهر المثل هو الذي يرغب به في مثلها وركنه الأعظم النسب فينظر إلى نساء عصبتها وهن المنتسبات إلى من تنتسب هذه إليه وتقدم القربى والشقيقة فأقربهن الأخوات لأبوين ثم لأب ثم بنات الإخوة ثم العمات ثم بنات الأعمام كذلك فإن فقدن فنساء الأرحام كالجدات والخالات والمراد بالفقد أن لا يوجدن أصلا أو لم ينكحن أو جهل مهرهن ولا يتعذر اعتبارهن بموتهن فإن فقد الأرحام فمثلها من الأجانب وتعتبر العتيقة بعتيقة مثلها وينظر إلى شرف سيدها وخسته ويعتبر البلد والصفات المرغبة كالعفة والجمال والسن والعقل واليسار والبكارة والعلم والفصاحة والصراحة وهي شرف الأبوين ومتى اختصت بفضل أو نقص ليس في النسوة المعتبرات مثله زيد أو نقص بقدر ما يليق به كما في نظيره إذا كان الجنين سليما والأم ناقصة ويعتبر غالب عادة النساء فلو سامحت واحدة لم يجب موافقتها إلا أن يكون لنقص دخل في النسب وفترة الرغبات ولو خفضن للعشيرة دون غيرهم أو عكسه اعتبر ذلك هذا ما في الروضة وأصلها
وفيه أمور ينبه عليها
منها أن الأصحاب استدلوا على اعتبار نساء العصبة بقوله مهر نسائها لأن إطلاق هذا اللفظ ينصرف إليهن

ونازع فيه صاحب الذخائر بأن النساء من الجانبين نساؤها قال بل نقول هو عام فيها وخص بالمعنى لأن مهر المثل قيمة البضع وتعرف قيمة الشيء بالنظر إلى أمثاله وأمثالها نساء عشيرتها المساويات لها في نسبها لأن النسب معتبر في النكاح والغالب أنه إذا ثبت مقدار في عشيرة جرت أنكحتهم عليه أن من لا ينتمي إلى نسبها لا يساويها فيه ومنها أن مقتضى ما تقدم الانتقال بعد بنات الأخ إلى العمات ولا تعتبر بنات بني الأخ وليس كذلك بل المراد تقديم جهة الأخوة على جهة العمومة كما صرح به الماوردي ومنها المراد بالأرحام هنا قرابات الأم لا المذكورون في الفرائض لأن الجدة أم الأم ليست منهن قطعا ومنها أن الماوردي وسط بين نساء العصبة والأرحام بالأم والجدة ومنها اعتبر ابن الصباغ مع ذلك مونهن من أهل بلدها وحكاه الماوردي عن النص لأنه قيمة متلف فيعتبر محل الإتلاف والذي في الروضة وأصلها اعتبار ذلك إذا كان لها أقارب في بلدها وأقارب في غيرها فإن لم يكن في بلدها أقارب قدم أقارب غير بلدها على أجانب بلدها ومنها يعتبر حال الزوج أو الواطئ أيضا من اليسار والعلم والعفة والنسب صرح به صاحب الكافي وغيره ومنها ذكر ابن الرفعة أن المعتبر من الأقارب ثلاث وتوقف فيما إذا لم يكن إلا واحدة أو ثنتان

المواضع التي يجب فيها مهر المثل هي سبعة
الأول
النكاح إذا لم يسم الصداق أو تلف المسمى قبل قبضه أو بعضه أو تعيب أو وجدته معيبا واختارت الفسخ أو بان مستحقا أو فسد لكونه غير مملوك كحر ومغصوب أو مجهولا أو شرط الخيار فيه أو شرط في العقد شرط يخل بمقصوده الأصلي كأن لا يتزوج عليها أو نكح على ألف إن لم يسافر بها وألفين إن سافر وعلى أن لأبيها ألفا أو تضمن الربا كزوجتك بنتي وبعتك هذه المائة من مالها بهاتين المئاتين أو جمع نسوة بمهر واحد أو تضمن إثباته دفعه كأن يزوج ابنه بامرأة ويصدقها أمة لأنه

يتضمن دخولها أولا في ملك الابن فتعتق فلا تنتقل إلى الزوجة صداقا أو بعقد المجبر أو ولي السفيهة بأقل من مهر المثل أو لابنه أو السفيه بأكثر أو يخالف ما أمرت به الرشيدة أو يفسخ بعد الدخول بعيب أو تغرير أو اختلفا في المهر أو تحالفا أو نكحها على ما يتفقان عليه في ثاني الحال أو أسلما وقد عقدا على فاسد ولم يقبضاه أو زوجه ابنته بمتعة جاريته أو جاريته على أن يزوجه ابنته ورقبتها صداقها أو طلق زوجته على أن يزوجه ابنته وبضعها صداقها

الموضع الثاني
الخلع إذا فسد المسمى بغالب الصور المذكورة
الثالث
الوطء في غير نكاح صحيح إما فاسد أو بشبهة أو إكراه أو أمة ابنه أو مشتركة أو مكاتبة أو زوجة رجعية أو مرتدة موقوفة في العدة أو أمته المرهونة أو المشتراة فاسدا أو في نكاح المتعة
الرابع
الرضاع إذا أرضعت أمه أو أخته زوجته أو الكبرى الصغرى انفسخ النكاح وله على المرضعة نصف مهر المثل في الأظهر وكله في الثاني ولو أرضعت أم الكبرى الصغرى انفسخنا وله على المرضعة مهر المثل لأجل الكبرى ونصف للصغرى
الخامس
في رجوع الشهود بعد الشهادة بطلاق بائن أو رضاع أو لعان وفرق القاضي فإن الفراق يدوم وعليهم مهر مثل وفي قول نصفه إن كان قبل الوطء
الموضع السادس
الدعوى إذا أقرت لأحد المدعيين بالسبق ثم للآخر يجب له عليها مهر المثل أو للزوج أنه راجعها بعد ما تزوجت
السابع
إذا جاءت المراة مسلمة في زمن الهدنة غرم لزوجها الكافر مهر مثلها على قول مرجوح

وقت اعتباره ومكانه
يعتبر فيه الوطء بالشبهة يوم الوطء وكذا في النكاح الفاسد ولا يعتبر يوم العقد إذ لا حرمة له وفي النكاح الصحيح إذا لم يسم فيه ووطئ هل يعتبر يوم الوطء أو العقد أو الأكثر من العقد إلى الوطء أوجه أصحها في أصل الروضة الثالث وفي المنهاج والمحرر والشرح الصغير الثاني ونقله الرافعي في سراية العتق عن الأكثرين وإن مات وأوجنبا مهر المثل وهو الأظهر فهل يعتبر يوم العقد أو الموت أو الأكثر أوجه في أصل الروضة بلا ترجيح وأما مكانه فيجب من نقد البلد حالا بقيمة المتلفات
ما يتعدد فيه ومالا يتعدد
لا يتعدد بتعدد الوطء في نكاح صحيح كما هو معلوم ولا في نكاح فاسد أو شبهة واحدة ومنه وطء جارية الابن والمكاتبة والمشتركة على الأصح سواء اتحد المجلس أم لا ويتعدد إن زالت الشبهة ثم وطئ بشبهة أخرى وبالإكراه على الزنا ووطء الغاصب والمشترى منه إن كان في حال الجهل لم يتعدد لأن الجهل بشبهة واحدة أو العلم وهي مكرهة فقد تقدم أنه يتعدد وحيث قلنا بالاتحاد أعتبر أعلى الأحوال ومحله كما قال الماوردي إذا لم يؤد المهر فإن أدى قبل الوطء الثاني وجب مهر جديد ومحله في المكاتبة ما إذا لم تحمل فإن حملت خيرت بين المهر والتعجيز فإن اختارت المهر ووطئت مرة أخرى فلها مهر آخر نص عليه الشافعي كما نقله في المهمات وعبارته فإن أصابها مرة أو مرارا فلها مهر واحد إلا أن تتخير فتختار الصداق أو العجز فإن خيرت فعاد فأصابها السيد فلها صداق آخر وكلما خيرت فاختارت الصداق ثم أصابها فلها صداق آخر كنكاح المرأة نكاحا فاسدا يوجب مهرا واحدا فإذا فرق بينهما وقضى بالصداق ثم نكحها نكاحا آخر فلها صداق آخر

تنبيه
يجب مهران في وطء زوجة الأصل أو الفرع بشبهة إذا كانت مدخولا بها مهر لها ومهر لزوجها لفواتها عليه بالانفساخ ويجب مهر ونصف في غير المدخول بها وهو غريب لا نظير له ويقرب منه إتلاف الصيد المملوك في الحرم أو الإحرام فإن فيه الجزاء بالمثل لحق الله تعالى والقيمة لمالكه وفي ذلك قال ابن الوردي ** عندي سؤال حسن مستظرف ** فرع على أصلين قد تفرعا ** متلف مال برضى مالكه ** ويضمن القيمة والمثل معا ** ويشبه هذا الفرع العبد المغصوب يجني بقدر قيمته فيتلفه الغاصب فإنه يضمن فيه قيمتين لكن الجناية بالغصب لا بالإتلاف
مهمة
صحح الشيخان في الغصب وفي الوطء بشبهة أو إكراه أنه إذا أزال البكارة بالوطء وجب مهر ثيب وأرش البكارة وفي الرد بالعيب مهر بكر فقط ثم يندرج الأرش وفي البيع الفاسد مهر بكر وأرش البكارة قال السبكي الغصب أولى بلزوم ذلك من البيع الفاسد وقال في المهمات هذا الذي قالاه في غاية الغرابة حيث جزما في الشراء الفاسد بإيجاب زيادة لم نوجبها في الغصب ولم يحكيا في إيجابها خلافا مع اختلافهم في أن البيع الفاسد هل يغلظ فيه كما يغلظ في الغصب أم لا وأما كونه أغلظ فلا قائل به
ضابط
ليس لنا مضمون يختلف باختلاف الضامنين إلا في مهر المثل إذا خفض للعشيرة دون غيرهم أو بالعكس ذكره الروياني
القول في أحكام الذهب والفضة اختصا بأحكام
الأول
لا يكره المشمس في أوانيهما على الأصح لصفاء جوهرهما

الثاني
يحرم استعمال أوانيهما للحديث والمعنى فيه الخيلاء أو تضييق النقود قولان أصحهما الأول
الثالث
يحرم الحلي منهما على الرجال إلا ما يستثنى
الرابع
اختصا بوجوب الزكاة
الخامس
ويجريان الربا فلا ربا في الفلوس ولو راجت رواج النقود في الأصح واختص المضروب منهما بكونهما قيم الأشياء فلا تقويم بغيرهما ولا يبيع القاضي والوكيل والولي مال الغير إلا بهما ولا يفرض مهر المثل إلا منهما وبجواز عقد الشركة عليهما والقراض وبامتناع استئجارهما للتزيين واختص الذهب بحرمة التضبب منه على الأصح وحرمة ما يجوز للرجل اتخاذه من الفضة كالخاتم وحلية آلات الحرب إلا السن والأنف والأنملة
قاعدة
الذهب والفضة قيم الأشياء إلا في باب السرقة فإن الذهب أصل والفضة عروض بالنسبة إليه نص عليه الشافعي في الأم وقال لا أعرف موضعا تنزل فيه الدراهم منزلة العروض إلا في السرقة
القول في السكن والخادم
قال السبكي اضطرب حكم المسكن والخادم ففي مواضع يباعان وفي آخر لا وفي موضع إن كان لا يعين بقيا وإلا فلا وفي آخر يبدل النفيسان إن لم يؤلفا انتهى

والمواضع التي ذكر فيها اثنا عشر موضعا
الأول
التيمم ولا يباعان فيه صرح به ابن كج وقال في الكفاية إنه المتجه وقال السبكي إنه القياس وقال الأسنوي إنه الظاهر
الثاني
ستر العورة ولا يباعا أيضا قال السبكي وفاقا لابن كج وخلافا لابن القطان قال في الخادم كل موضع أوجب الشرع فيه صرف مال في حق الله يجب كونه فاضلا عن الخادم كما يأتي في الفطرة والحج ونحوهما
الثالث
الفطرة ولا يباعان أيضا على الأصح كالكفارة وفي وجه نعم لأن للكفار بدلا وعلى الأول إنما يعتبر ذلك في الابتداء فلو ثبتت الفطرة في ذمة إنسان بعنا خادمه ومسكنه فيها لأنها بعد الثبوت التحقت بالديون قال في شرح المهذب وأن تكون الحاجة إلى الخادم لخدمته أو خدمة من تلزمه خدمته ليخرج مالو احتاج إليه لعمله في أرضه أو ماشيته فإن الفطرة تجب قال الأسنوي ولا بد أن يكونا لائقين به
الرابع
نكاح الأمة وهل يباعان ويصرف ثمنهما إلى نكاح الحرة أو يحل له نكاحها ويبقيان وجهان أصحهما في زوائد الروضة الثاني
الخامس
العاقلة ولا يباعان فيها جزم به في الروضة وأصلها
السادس
التفليس ويباعان فيه سواء احتاج إلى الخادم لزمانة ومنصب أم لا وفي قول مخرج من الكفارة لا يباعان إذا احتاج إليهما والفرق على الأول أن للكفارة بدلا وأن حقوق الآدميين أضيق وفي ثالث يباع الخادم دون المسكن لأنه أولى بالإبقاء من الخادم

السابع
نفقة الزوجة ويباعان فيها كالدين
الثامن
نفقة القريب ويباعان فيها كالدين وفيها الوجه الذي فيه وفي كيفية بيع العقار وجهان في الروضة وأصلها بلا ترجيح أحدهما تباع كل يوم جزء بقدر الحاجة والثاني يقترض عليه إلى أن يجتمع ما يسهل بيع العقار له لأن ذلك يشق ورجح البلقيني الثاني فإنه الراجح في نظيره من العبد قال الأذرعي واعلم أن التسوية بين نفقة القريب والدين مشكل جدا ولم أجد دليلا ولا نصا للشافعي على بيع ما لا بد منه من مسكن وخادم لا يستغنى عنه قال والأرجح المختار ما قاله القاضي حسين أنه لا يباعان هنا وإن قلنا يباعان في الدين قال نعم لو اقترض الحاكم عليه لغيبته ونحوها صار دينا عليه فيباعان فيه كسائر الديون
التاسع
سراية العتق ويباعان فيها كالدين جزم به في الروضة وأصلها
العاشر
الحج ولا يباعان إن لاقا به بل لو كان معه نقد صرف إليهما كالكفارة وقيل يباعان كالدين فإن كانا غير لائقين ولو أبدلا لو في التفاوت بمؤنة الحج وجب إبداله كذا أطلقه الأصحاب ولم يفرقوا بين المألوفين وغيرهما قال الرافعي ولا بد من ذلك كالكفارة ثم فرق في الشرح الصغير وتبعه النووي في الروضة وشرح المهذب بأن للكفارة بدلا بخلاف الحج قال الأسنوي وهو منتقض بالرتبة الأخيرة منها فإنه لا بدل لها وبالفطرة فإنه لا بدل لها مع أنها كالحج فيما نقله عن الإمام
الحادي عشر
الكفارة فإن لاقا لم يباعا بلا خلاف ولا يجري الوجه الذي في الحج لأن لها بدلا وإن لم يكونا لائقين لزم الإبدال

وصرف التفاوت إلى العتق إن لم يكونان مألوفين فإن ألفا فلا في الأصح لمشقة مفارقة المألوف

الثاني عشر
الزكاة ولا يسلبان اسم الفقر كما نقله الرافعي في المسكن عن التهذيب وغيره قال لم يتعرضوا له في الخادم وهو في سائر الأصول ملحق بالمسكن واستدرك عليه في الروضة أن ابن كج صرح في التجريد بأنه كالمسكن وهو متعين قال في المهمات وصرح به أيضا في النهاية إلا أنه اغتفرهما في المسكن دون الفقير فقال إن المسكن والخادم لا يمنع اسم المسكنة بخلاف الفقر قال واغتفار الرافعي لهما في الفقر يلزم منه الاغتفار في المسكن بطريق الأولى قال السبكي وإطلاق المسكن والخادم يقتضي أنه لا فرق بين اللائق وغيره قال ابن النقيب وفيه نظر ولو لم يكن له عبد ومسكن واحتاج إليهما ومعه ثمنهما قال السبكي لم أر فيه نقلا ويظهر أنه كوفاء الدين وقد قال الرافعي فيما لو كان عليه دين ومعه ما يوفيه به لا غيره بما يوفيه به كما في نفقة القريب والفطرة وقال أيضا في الغارم الذي يعطى من الزكاة هل يعتبر في فقره مسكنه وخادمه ظاهر عبارة الأكثرين اعتبار ذلك وربما صرحوا به وفي بعض شروح المفتاح أنه لا يعتبر المسكن والملبس والفراش والآنية وكذا الخادم والمركوب إن اقتضاها حاله قال وهذا أقرب
تنبيهان الأول
قال في المهمات في الحج تعبير الرافعي بالعبد للاحتراز عن الجارية النفيسة المألوفة فإنها إن كانت للخدمة فهي كالعبد وإن كانت للاستمتاع لم يكلف بيعها جزما لما يؤدي إليه تعلقه بها من الضرر الظاهر قال وهذا التفصيل لم أره ولكن لا بد منه قلت نقله الأذرعي عن تصريح الدارمي وزاد إن كان له أخرى للخدمة فإن أمكن التي للاستمتاع أن تخدم باع التي للخدمة وإلا فلا

الثاني
قال في المهمات في الحج مقتضى إطلاق الرافعي وغيره أنه لا فرق في اعتبار المسكن والخادم بين المرأة المكفية بإخدام الزوج وإسكانه وبين غيرها وهو متجه لأن الزوجية قد تنقطع فتحتاج إليهما قال وكذلك اعتبار المسكن بالنسبة إلى المتفقهة والصوفية الذين يسكنون بيوت المدارس والربط وقال السبكي في الزكاة لو اعتاد السكنى بالأجرة أو في المدرسة فالظاهر خروجه عن اسم الفقر بثمن المسكن
الثالث
قال البقليني لا يباع المسكن والخادم في الحجر الغريب قطعا لإمكان الوفاء من غيره وقد قلت في الخلاصة جامعا هذه النظائر ** اضطرب المسكن والخادم في ** حكمهما فالمنع للبيع قف ** هنا وفي عاقلة والسترة ** وفي نكاح أمة والفطرة ** والبيع في التفليس والإنفاق ** للزوج والقريب والإعتاق ** في الحج والتكفير إن لاقا فلا ** ثم لذي الحج النفيس أبدلا ** ولو لمألوف وفي التكفير ** إن لم يكن يؤلف في الشهير ** وليس يمنعان وصف الفقر ** ولا التي للوطء في ذا تجري **
كتب الفقيه وسلاح الجندي وآلة الصانع
ذكرت في مواضع
أحدها الزكاة قال النووي في شرح المهذب والروضة نقلا عن الغزالي في الإحياء لو كان له كتب فقه لم تخرجه عن المسكنة يعني والفقر قال ولا تلزمه زكاة الفطر وحكم كتابه حكم أثاث البيت لأنه محتاج إليه قال لكن ينبغي أن يحتاط في فهم الحاجة إلى الكتاب فالكتاب يحتاج إليه لثلاثة أغراض التعليم والتفرج بالمطالعة والاستفادة فالتفرج لا يعد حادة كاقتناء كتب الشعر والتواريخ ونحوهما مما لا ينتفع به في الآخرة ولا في الدنيا

فهذا يباع في الكفارة وزكاة الفطر ويمنع اسم المسكنة وأما حاجة التعليم فإن كان للكسب كالمؤدب والمدرس بأجرة فهذه آلته فلا تباع في الفطرة كآلة الخياط وإن كان يدرس لقيام فرض الكفاية لم يبع ولا يسلبه اسم المسكنة لأنها حاجة مهمة وأما حاجة الاستفادة والتعلم من الكتاب كادخاره كتاب طب ليعالج به نفسه أو كتاب وعظ ليطالعه ويتعظ به فإن كان في البلد طبيب وواعظ فهو مستغن عن الكتاب وإن لم يكن فهو محتاج ثم ربما لا يحتاج إلى مطالعته إلا بعد مدة قال فينبغي أن يضبط فيقال مالا يحتاج إليه في السنة فهو مستغن عنه فيقدر حاجة أثاث البيت وثياب البدن بالسنة فلا تباع ثياب الشتاء في الصيف ولا ثياب الصيف في الشتاء والكتب بالثياب أشبه وقد يكون له من كل كتاب نسختان فلا حاجة له إلا إلى إحداهما فإن قال إحداهما أصح والأخرى حسن قلنا اكتف بالأصح وبع الأخرى وإن كان له كتابان من علم واحد أحدهما مبسوط والآخر وجيز فإن كان مقصوده الاستفادة فليكتف بالمبسوط وإن كان قصده التدريس احتاج إليهما هذا آخر كلام الغزالي قال النووي وهو حسن إلا قوله في كتاب الوعظ إنه يكتفى بالواعظ فليس كما قال لأنه ليس كل أحد ينتفع بالواعظ كانتفاعه في خلوته على حسب إرادته قلت وكذا قوله في كتاب الطب إنه يكتفى بالطبيب ينبغي أن يكون محله إذا كان في البلد طبيب متبرع فإن لم يكن إلا بأجرة لم يكلف بيع الكتاب والاستئجار عند الحاجة

الموضع الثاني الحج
قال في شرح المهذب لو كان فقيها وله كتب فهل يلزمه بيعها للحج قال القاضي أبو الطيب إن لم يكن له بكل كتاب إلا نسخة واحدة لم يلزمه لأنه محتاج إلى كل ذلك وإن كان له نسختان لزمه بيع إحداهما فإنه لا حاجة به إليهما وقال القاضي حسين يلزم للفقيه بيع كتبه في الزاد والراحلة

قال وهذا الذي قاله ضعيف وهو تفريع منه على طريقته الضعيفة في وجوب بيع المسكن والخادم للحج قال فالصواب ما قاله أبو الطيب فهو الجاري على

قاعدة
المذهب وعلى ما قاله الأصحاب هنا في المسكن والخادم وعلى ما قالوه في باب الكفارة وباب التفليس اه
الموضع الثالث الدين
قال الأسنوي في باب التفليس رأيت في زيادات العبادي أنه يترك للعالم ولم أر ما يخالفه وذكر النووي في الحج في شرح المهذب ما يقتضيه ونقل كلام العبادي في قسم الصدقات وأقره
القول في الشرط والتعليق
قال البلقيني الفرق بين الشرط والتلعيق أن التعليق ما دخل على أصل الفعل فيه بأداته كإن وإذا والشرط ما جزم فيه بالأول وشرط فيه أمر آخر قاعدة الشرط إنما يتعلق بالأمور المستقبلة أما الماضية فلا مدخل له فيها ولهذا لا يصح تعليق الإقرار بالشرط لأنه خبر عن ماض ونص عليه ولو قال يا زانية إن شاء الله فهو قاذف لأنه خبر عن ماض فلا يصح تعليقه بالمشيئة ولو فعل شيئا ثم قال والله ما فعلته إن شاء الله حنث كما قال الزركشي في قواعده وخطأ البارزي في فتواه بعدم الحنث قاعدة أبواب الشريعة كلها على أربعة أقسام أحدها مالا يقبل الشرط ولا التعليق كالإيمان بالله والطهارة والصلاة والصوم إلا في صور تقدم استثناؤها في أول الكتاب والضمان والنكاح والرجعة والاختيار والفسوخ والثاني ما يقبلهما كالعتق والتدبير والحج

الثالث مالا يقبل التعليق ويقبل الشرط كالاعتكاف والبيع في الجملة والإجارة والوقف والوكالة الرابع عكسه كالطلاق والإيلاء والظهار والخلع

قاعدة
ما كان تمليكا محضا لا مدخل للتعليق فيه قطعا كالبيع وما كان حلا محضا يدخله قطعا كالعتق وبينهما مراتب يجري فيها الخلاف كالفسخ والإبراء يشبهان التمليك كذا الوقف وفيه شبه يسير بالعتق فجرى وجه ضعيف والجعالة والخلع التزام يشبه النذر وإن ترتب عليه ملك
ضابط
ما قبل التعليق لا فرق فيه بين الماضي والمستقبل إلا في مسئلة واحدة وهي إن كان زيد محرما أحرمت فإنه يصح بخلاف إذا أحرم أحرمت فلا يصح
ضابط
ليس لنا خروج من عبادة بشرط إلا في الاعتكاف والحج
قاعدة
الشروط الفاسدة تفسد العقود إلا البيع بشرط البراءة من العيوب والقرض بشرط رد مكسر عن صحيح أو أن يقرضه شيئا آخر على الأصح فيهما
ضابط
لا يقبل البيع التعليق إلا في صور الأولى بعتك إن شئت الثانية إن كان ملكي فقد بعتكه ومنه مسئلة اختلاف الوكيل والموكل فيقول إن كنت أمرتك بعشرين فقد بعتكها بها الثالثة البيع الضمني كأعتق عبدك عني على مائة إذا جاء رأس الشهر ولا يقبل الإبراء التعليق إلا في صور الأولى إن رددت عبدي فقد أبرأتك صرح به المتولي الثانية إذا مت فأنت في حل فهو وصية كما في فتاوى ابن الصلاح

الثالثة أن يكون ضمنا لا قصدا كما إذا علق عتقه ثم كاتبه فوجدت الصفة عتق وتضمن ذلك الإبراء من النجوم حتى يتبعه أكسابه ولو لم يتضمنه تبعه كسبه

قاعدة
من ملك التنجيز ملك التعليق ومن لا فلا واستثنى الزركشي في قواعده من الأول الزوج يقدر على تنجيز الطلاق والتوكيل فيه ولا يقدر على التوكيل في التعليق إذا منعنا التوكيل فيه ومن الثاني صور يصح فيها التعليق لمن لا يملك التنجيز منها العبد لا يقدر على تنجيز الطلقة الثالثة ويملك تعليقها إما مقيدا بحال ملكه كقوله إن عتقت فأنت طالق ثلاثا أو مطلقا كإن دخلت فأنت طالق ثلاثا ثم دخلت بعد عتقه فتقع الثالثة على الأصح ومنها يجوز تعليق طلاق السنة في الحيض وطلاق البدعة في طهر لم يمسسها فيه وإن كان لا يتصور تنجيز ذلك في هذه الحالة
قاعدة
ما قبل التعليق من التصرفات صح إضافته إلى بعض محل ذلك التصرف كالطلاق والعتق والحج ومالا فلا كالنكاح والرجعة والبيع واستثنى الإمام من الأول الإيلاء فإنه يقبل التعليق ولا يصح إضافته إلى بعض المحل إلا الفرج ولا استثناء في الحقيقة لصدق إضافته إلى البعض واستدرك البارزي الوصية يصح تعليقها ولا تصح إضافتها إلى بعض المحل ويستثنى من الثاني صور منها الكفالة والقذف
القول في الاستثناء فيه قواعد
الأولى
الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي فلو قال أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة فالمشهور وقوع طلقتين نظائره في الطلاق والأقارير كثيرة

واستشكل على القاعدة مسئلة من قال والله لا لبست ثوبا إلا الكتان فقعد عريانا فإنه لا يلزمه شيء ومقتضى القاعدة أنه حلف على نفي ما عدا الكتان وعلى إثبات لبس الكتان وما لبسه فيحنث وأجاب ابن عبدالسلام بأن سبب المخالفة أن الأيمان تتبع المنقولات دون الأوضاع اللغوية وقد انتقلت إلا في الاستثناء في الحلف إلى معنى الصفة مثل سواء و غير فيصير معنى حلفه والله لا لبست ثوبا غير الكتان ولا يكون الكتان محلوفا عليه فلا يضر تركه ولا لبسه ونظير هذه المسئلة مسئلة والله لا أجامعك في السنة إلا مرة فمضت ولم يجامعها أصلا فحكى ابن كج فيها وجهان أحدهما تلزمه الكفارة لأن الاستثناء من النفي إثبات ومقتضى يمينه أن يجامع مرة ولم يفعل فيحنث والثاني لا وصححه في الروضة لأن المقصود باليمين أن لا يزيد على الواحدة فرجع ذلك إلى أن العرف يجعل إلا بمعنى غير

الثانية
الاستثناء المبهم في العقود باطل
ومن فروعه
بعتك الصبرة إلا صاعا ولا يعلم صيعانها وبعتك الجارية إلا حملها فإنه باطل أما الأقارير والطلاق فيصح ويلزمه البيان مثل له علي مائة درهم إلا شيئا ونسائي طوالق إلا واحدة منهن
ضابط
لا يصح استثناء منفعة العين إلا في الوصية يصح أن يوصي برقبة عين لرجل ومنفعتها لآخر
الثالثة
الاستثناء المستغرق باطل وفروعه لا تحصى وينبغي استثناء ذلك في الوصية فإنه يصح ويكون رجوعا عن الوصية فيما يظهر

الرابعة
الاستثناء الحكمي هل هو كالاستثناء اللفظي على أربعة أقسام أحدها مالا يؤثر قطعا ولو تلفظ به ضر كما لو باع الموصي بما يحدث من حملها وثمرتها فإنه يصح وهي مستثناة شرعا ولو باع واستثناها لفظا لم يصح الثاني ما يؤثر قطعا كما لو تلفظ به كبيع دار المعتدة بالأقراء والحمل الثالث ما يصح في الأصح ولو صرح باستثنائها بطل كبيع دار المعتدة بالأشهر والعين المستأجرة الرابع ما يبطل في الأصح كبيع الحامل بحر وبحمل لغير مالكها كما لو باع الجارية إلا حملها
القول في الدور
مسائل الدور هي التي يدور تصحيح القول فيها إلى إفساده وإثباته إلى نفيه وهي حكمي ولفظي فالأول ما نشأ الدور فيه من حكم الشرع والثاني ما نشأ من لفظة يذكرها الشخص وأكثر ما يقع الدور في مسائل الوصايا والعتق ونحوها وقد أفرد فيها الأستاذ أبو منصور البغدادي كتابا حافلا وأفرد كتابا فيما وقع منه في سائر الأبواب وها أنا أورد لك منه نظائر مفتتحا بمسئلة الطلاق المشهورة
مسئلة
قال لها إن أو إذا أو متى أو مهما طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا ثم طلقها فثلاثة أوجه أحدها لا يقع عليها طلاق أصلا عملا بالدور وتصحيحا له لأنه لو وقع المنجز لوقع قبله ثلاث وحينئذ فلا يقع المنجز للبينونة وحينئذ لا يقع الثلاث لعدم شرطه وهو التطليق والثاني يقع المنجز فقط والثالث يقع ثلاث تطليقات المنجزة وطلقتان من المعتق إن كانت مدخولا بها

واختلف الأصحاب في الراجح من الأوجه فالمعروف عن ابن سريج الوجه الأول وهو أنه لا يقع الطلاق وبه اشتهرت المسئلة بالسريجية وبه قال ابن الحداد والقفالان والشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والروياني والشيخ أبو علي والشيخ أبو إسحاق الشيرازي والغزالي وعن المزني أنه قال به في كتاب المنثور وحكاه صاحب الإفصاح عن نص الشافعي وأنه مذهب زيد بن ثابت ورجح الثاني ابن القاص وأبو زيد وابن الصباغ والمتولي والشريف ناصر العمري ورجع إليه الغزالي آخرا قال الرافعي ويشبه أن تكون الفتوى به أولى وصححه في المحرر وتابعه النووي في المنهاج وتصحيح التنبيه وقال الأسنوي في التنقيح والمهمات في الوجه الأول إذا كان صاحب مذهبنا قد نص عليه وقال به أكثر الأصحاب خصوصا الشيخ أبو حامد شيخ العراقيين والقفال شيخ المراوزة كان هو الصحيح ونقله أيضا في النهاية عن معظم الأصحاب ونصره السبكي أولا وصنف فيه تصنيفين ثم رجع عنه وأكثر ما رد به أن فيه سد فيه باب الطلاق وليس بصحيح فإن الحيلة فيه حينئذ أن يوكل وكيلا يطلقها فإنه يقع ولا يعارضه المعلق بلا خلاف لأنه لم يطلقها وإنما وقع عليها طلاقه فإن عبر بقوله إن وقع عليك طلاقي استوت الصورتان وذكر ابن دقيق العيد أن الحيلة في حل الدور أن يعكس فيقول كلما لم يقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا فإذا طلقها وجب أن يقع الثلاث لأن الطلاق القبلي والحالة هذه معلق على النقيضين وهو الوقوع وعدمه وكل ما كان لازما للنقيضين فهو واقع ضرورة ويشبهه قولهم في الوكالة كلما عزلتك فأنت وكيلي نفاذ العزل أن يقول كلما عدت وكيلي فأنت معزول ثم يعزله

ذكر نظائر هذه المسئلة
قال إن آليت منك أو ظاهرت منك أو فسخت بعيبك أو لاعنتك أو راجعتك فأنت طالق قبله ثلاثا ثم وجد المعلق به لم يقع الطلاق وفي صحته الأوجه

قال إن فسخت بيعي أو إعساري أو استحقيت المهر بالوطء أو النفقة أو القسم فأنت طالق قبله ثلاثا ثم وجد نفذ الفسخ وثبت الاستحقاق وإن ألغينا الطلاق المنجز لأن هذه فسوخ وحقوق تثبت قهرا ولا تتعلق بمباشرته واختياره فلا يصلح تصرفه دافعا لها ومبطلا لحق غيره قال إن وطئتك وطئا مباحا فأنت طالق قبله ثم وطئ لم تطلق قطعا إذ لو طلقت لم يكن الوطئ مباحا وليس هنا سد باب الطلاق قال متى وقع طلاقي على حفصة فعمرة طالق قبله ثلاثا ومتى وقع طلاقي على عمرة فحفصة طالق قبله ثلاثا ثم طلق إحداهما لم تطلق هي ولا صاحبتها فلو ماتت عمرة ثم طلق حفصة طلقت لأنه لا يلزم حينئذ من إثبات الطلاق نفيه قال زيد لعمرو متى وقع طلاقك على امرأتك فزوجتي طالق قبله ثلاثا وقال عمرو لزيد مثل ذلك لم يقع طلاق كل واحد على امرأته ما دامت زوجة الآخر في نكاحه قال لها متى دخلت وأنت زوجتي فعبدي حر قبله وقال لعبده متى دخلت وأنت عبدي فامرأتي طالق قبله ثلاثا ثم دخلا معا لم يعتق ولم تطلق قال الإمام ولا يخالف أبو زيد في هذه الصورة لأنه ليس فيه سد باب التصرف قال له متى أعتقتك فأنت حر قبله ثم أعتقه فعلى الثاني يعتق وعلى الأول لا قال إن بعتك أو رهنتك فأنت حر قبله فباعه فعلى الثاني يصح ولا عتق وعلى الأول لا قال لغير مدخول بها إن استقر مهرك علي فأنت طالق قبله ثلاثا ثم وطئ فعلى الأول لا يستقر المهر بهذا الوطء لأنه لو استقر بطل النكاح قبله وإذا بطل النكاح سقط نصف المهر وعلى الثاني يستقر ولا تطلق قال أنت طالق ثلاثا قبل أن أخالعك بيوم على ألف تصح لي ثم خالعها على ألف فعلى الأول لا يصح الخلع وعلى الثاني يصح ويقع ولا يقع الطلاق المعلق قال إن وجبت علي زكاة فطرك فأنت حر وطالق قبل وجوبها فعلى الأول لا تجب زكاة فطره وفطرها وعلى الثاني تجب ولا يعتق ولا تطلق ذكره الأستاذ أبو منصور

مسائل الدور في العبادات
مسئلة
قال الأستاذ أبو منصور قول الأصحاب إن النجاسات لا تطهر بشيء من المائعات سوى الماء لأن وقوع التطهير بها يؤدي إلى وقع التنجيس بها لأن أبا حنيفة وافق على أن الخل إذا غسل به شيء نجس صار الخل نجسا
مسئلة
متطهران وجد بينهما ريح شك كل واحد منهما في وجوده منه فلكل أن يصلي منفردا أو إماما وليس لأحدهما أن يقتدي بالآخر لأنا لو صححنا اقتداءه به مع الحدث جعلنا إمامه طاهرا وإذا كان الإمام طاهرا تعين الحدث في المأموم لأن أحدهما محدث وإذا صار محدثا لم يصح اقتداؤه مع الحدث فكان في صحة الاقتداء فساده وكذلك
مسئلة
الإناءين وأشباهها
مسئلة
سها إمام الجمعة وعلم أنه إن سجد للسهو خرج الوقت لا يسجد لأن تصحيح سجود السهو حينئذ يؤدي إلى إبطاله لأن الجمعة تبطل بخروج وقتها وإذا بطلت بطل سجود السهو مسئلة من دخل الحرم من غير إحرام لا يلزمه القضاء لأن لزومه يؤدي إلى إسقاط لزومه لأنا إذا ألزمناه القضاء وجب عليه دخول الحرم فيلزمه إحرام مختص به فيقع ما أحرم به عنه لا عن القضاء فكان إيجابه مؤديا إلى إسقاطه ذكر هذه المسائل الأستاذ أبو منصور في كتابه
مسئلة في أمثلة من الدور الحكمي
لو أذن لعبده أن يتزوج بألف وضمن السيد الألف ثم باع العبد من الزوجة قبل الدخول بتلك الألف بعينها لم يصح البيع لأنا لو صححنا البيع ملكته وإذا ملكته بطل النكاح وإذا بطل النكاح من قبلها سقط المهر وإذا سقط المهر بطل الثمن وإذا بطل الثمن المعقود عليه بعينه بطل البيع ففي إجازة البيع إبطاله

قال أبو علي الزجاجي ولهذه المسئلة نظائر كثيرة منها لو شهد رجلان على رجل أنه أعتق عبيده سالما وغانما فحكم بعتقهما ثم شهدا بفسق الشاهدين لم يقبل لأنها لو قبلت عادا رقيقين وإذا عادا رقيقين بطلت شهادتهما فقبول شهادتهما يؤدي إلى إبطالها فأبطلناها ومنها لو مات وخلف ابنا وعبدين قيمتهما ألف فأعتقهما الابن فشهدا على الميت بألف دينا لم تقبل شهادتهما لأنها لو قبلت عادا رقيقين فيكون في إجازة شهادتهما إبطالها ومنها لو مات عن أخ وعبدين فأعتقهما الأخ فشهدا بابن للميت لم تقبل لما ذكر ومنها لو زوج أمته من عبد وأعتقها في مرضه بعد قبض مهرها قبل الدخول ولا يخرج من الثلث إلا بضم المهر إلى التركة فلا يثبت لها خيار العتق لأنه لو ثبت وجب رد المهر فلا تخرج كلها من الثلث فلا تعتق كلها وإذا رق بعضها فلا خيار لها ففي إثبات الخيار لها إبطاله ومنها لو قال لأمته إن زوجتك فأنت حرة فزوجها لم تعتق لأن في عتقها إبطاله لأنا لو قلنا بعقتها في ذلك اليوم بطل تزويجها وإذا بطل تزويجها بطل عتقها فثبت النكاح ولا عتق قلت ونظيرها ما لو قال إن بعتك فأنت حر ومنها لو ادعى المقذوف بلوغ القاذف وأنكر ولا بينة لم يحلف القاذف أنه غير بالغ لأن في الحكم بيمينه إبطالها إذ اليمين من غير البالغ لا يعتد بها ومنها لو دفع إلى رجل زكاة فاستغنى بها لم يسترجع منه لأن الاسترجاع منه يوجب دفعها ثانيا لأنه يصير فقيرا بالاسترجاع قال الزجاجي والأصل في هذه المسائل كلها قوله تعالى ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا فعير من نقض شيئا بعد أن أثبته فدل على أن كل ما أدى إثباته إلى نقضه باطل

القول في العدالة
حدها الأصحاب بأنها ملكة أي هيئة راسخة في النفس تمنع من اقتراف كبيرة أو صغيرة دالة على الخسة أو مباح يخل بالمروءة وهذه أحسن عبارة في حدها وأضعفها قول من قال اجتناب الكبائر والإصرار على الصغائر

لأن مجرد الاجتناب من غير أن تكون عنده ملكة وقوة تردعه عن الوقوع فيما يهواه غير كاف في صدق العدالة ولأن التعبير بالكبائر بلفظ الجمع يوهم أن ارتكاب الكبيرة الواحدة لا يضر وليس كذلك ولأن الإصرار على الصغائر من جملة الكبائر فذكره في الحد تكرار ولأن صغائر الخسة ورذائل المباحات خارج عنه مع اعتباره قال في الروضة وهل الإصرار السالب للعدالة المداومة على نوع من الصغائر أم الإكثار من الصغائر سواء كانت من نوع أو أنواع فيه وجهان يوافق الثاني قول الجمهور من غلبت طاعاته معاصيه كان عدلا وعكسه فاسق ولفظ الشافعي في المختصر يوافقه فعلى هذا لا تضر المداومة على نوع من الصغائر إذا غلبت الطاعة وعلى الأول تضر واعترضه في المطلب بأن مقتضاه أن مداومة النوع الوحد تضر على الوجهين أما على الأول فظاهر وأما على الثاني فلأنه في ضمن حكايته قال إن الإكثار من نوع واحد كالإكثار من الأنواع وحينئذ لا يحسن معه التفصيل نعم يظهر أثرها فيما لو أتى بأنواع من الصغائر إن قلنا بالأول لم يضر لمشقة كف النفس عنه وهو ما حكاه في الإبانة وإن قلنا بالثاني ضر وتبعه في المهمات وقال يدل على ما ذكرناه أنه خالف المذكور هنا وجزم في الكلام على الأولياء وفي الرضاع بأن المداومة على النوع الواحد تصيره كبيرة وأجاب البلقيني بأن الإكثار من النوع الواحد غير المداومة فإن المراد بالأكثرية التي تغلب بها معاصيه على طاعته وهذا غير المداومة فالمؤثر على الثاني إنما هو الغلبة لا المداومة والرجوع في الغلبة إلى العرف فإنه يمكن أن يراد مدة العمر فالمستقبل لا يدخل في ذلك وكذا ما ذهب بالتوبة وغيرها

تمييز الكبائر من الصغائر
اضطرب في حد الكبيرة حتى قال ابن عبدالسلام لم أقف لها على ضابط يعني سالما من الاعتراض

وعدل إمام الحرمين عن حدها إلى حد السالب للعدالة فقال كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة فهي مبطلة للعدالة وكل جريمة لا تؤذن بذلك بل تنفي حسن الظن بصاحبها لا تحبط العدالة قال وهذا أحسن ما يميز به أحد الضدين من الاخر وأما حصر الكبائر بالعد فلا يمكن استيفاؤه فقد أخرج عبدالرزاق في تفسيره قال
أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قيل لابن عباس الكبائر سبع قال هي إلى السبعين أقرب وفي رواية عند ابن أبي حاتم هي إلى السبعمائة أقرب وأكثر من رأيته عدها الشيخ تاج الدين السبكي في جمع الجوامع فأورد منها خمسة وثلاثين كبيرة أكثرها في الروضة وأصلها وقد أوردتها نظما في ثمانية أبيات لا حشو فيها فقلت ** كالقتل والزنا وشرب الخمر ** ومطلق المسكر ثم السحر ** والقذف واللواط ثم الفطر ** ويأس رحمة وأمن المكر ** والغصب والسرقة والشهادة ** بالزور والرشوة والقيادة ** منع زكاة ودياثة فرار ** خيانة في الكيل والوزن ظهار ** نميمة كتم شهادة يمين ** فاجرة على نبينا يمين ** وسب صحبه وضرب المسلم ** سعاية عق وقطع الرحم ** حرابة تقديمه الصلاة أو ** تأخيرها ومال أيتام رأوا ** وأكل خنزير وميت والربا ** والغل أو صغيرة قد واظبا ** قلت زاد في الروضة نسيان القرآن والوطء في الحيض نقله المحاملي عن نص الشافعي وزاد صاحب العدة إحراق الحيوان وامتناعها من زوجها بلا سبب وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة وزاد العلائي في قواعده عدم التنزه من البول والتعرب بعد الهجرة والإضرار في الوصية ومنع ابن السبيل فضل الماء لورودها في الحديث والشرب في آنية الذهب والفضة للتوعد عليه بالنار

ما يشترط فيه العدالة ومالا يشترط
قال العلائي مدار هذه القاعدة على القاعدة المشهورة في أصول الفقه إن المصالح المعتبرة إما في محل الضرورات أو في محل الحاجات أو في محل التتمات وإما مستغنى عنها

بالكلية إما لعدم اعتبارها أو لقيام غيرها مقامها وبيان هذا أن اشتراط العدالة في صحة التصرف مصلحة لحصول الضبط بها عن الخيانة والكذب والتقصير إذ الفاسق ليس له وازع ديني فلا يوثق به فاشتراط العدالة في الشهادة والرواية في محل الضرورات لأن الضرورة تدعو لى حفظ الشريعة في نقلها وصونها عن الكذب وكذلك في الفتوى أيضا لصون الأحكام ولحفظ دماء الناس وأموالهم وأبضاعهم وأعراضهم عن الضياع فلو قبل فيها قول الفسقة ومن لا يوثق به لضاعت وكذلك في الولايات على الغير كالإمامة الكبرى والقضاء وأمانة الحكم والوصاية ومباشرة الأوقاف والسعاية في الصدقات وما أشبه ذلك لما في الاعتماد على الفاسق في شيء منها من الضرر العظيم وأما محل الحاجات ففي مثل تصرفات الآباء والأجداد لأبنائهم ومنهم من طرد فيه الخلاف الآتي في النكاح والمؤذن المنصوب لاعتماد الناس على قوله في دخول الأوقات إذ لو كان غير موثوق به لحصل الخلل في إيقاع الصلوا في غير أوقاتها وأما محل التتمات فكإمامة الصلوات ولذلك لم يشترط فيها العدالة بلا خلاف عندنا إذ ليس فيها توقع خلل بالنسبة إلى المصلين خلفه لأن توهم قلة مبالاته بالطهارة عن الحدث والخبث نادر في الفساق وكذلك ولاية القريب على قريبه الميت في التجهيز والتقدم على الصلاة لأن فرط شفقة القريب وكثرة حزنه تبعثه على الاحتياط في ذلك وقوة التضرع في الدعاء له فالعدالة فيه من التتمات وأما المستغنى عنه بالكلية لعدم الحاجة إليه فكالإقرار لأن طبع الإنسان يزعه عن أن يقر على نفسه بما يقتضي قتلا أو قطعا أو تغريم مال فقبل من البر والفاجر اكتفاء بالوازع الطبيعي ولهذا يقبل إقرار العبد بما يقتضي القصاص دون ما يوجب المال لأن طبعه يزعه عن إضرار نفسه بخلاف إضرار سيده والذي يقوم غيره مقامه التوكيل والإيداع من المالك فإن نظره لنفسه قائم مقام نظر الشرع له في الاحتياط فيجوز له أن يوكل الفاسق ويودع عنده لأن طبع المالك يزعه عن إتلاف ماله بالتفريط

ولذلك لو كان موكلا أو مودعا في مال الغير وجب عليه الاحتياط بالوازع الشرعي

وهذه فروع اختلف فيها
الأول ولاية النكاح
وفيها ثلاثة عشر طريقا أشهرها في اشتراط العدالة فيها قولان أصحهما نعم فلا يلي الفاسق كسائر الولايات ولأنه لا يؤمن أن يضعها عند فاسق مثله والثاني لا لأن الأولين لم يمنعوا الفسقة من تزويج بناتهم الطريق الثاني يلي قطعا الثالث لا يلي قطعا الرابع يلي المجبر دون غيره لأنه أكمل شفقة الخامس عكسه لأن المجبر يستقل بالنكاح فربما وضعها عند فاسق بخلاف غيره فتنظر هي لنفسها وتأذن السادس يلي إن فسق بغير شرب الخمر بخلاف ما إذا كان به لاختلال نظره السابع يلى المستتر دون المعلن الثامن يلي الغيور دون غيره التاسع يلي إن لم يحجر عليه العاشر يلي إن كان الإمام الأعظم قطعا وإلا فقولان الحادي عشر يلي إن كان الإمام نساء المسلمين لا مولياته الثاني عشر يلي إن كان بحيث لو سلبناه الولاية انتقلت إلى حاكم مثله وإلا فلا قاله الغزالي واستحسنه النووي الثالث عشر قاله في البحر يلي ابنته ولا يقبل النكاح لابنه
الفرع الثاني الاجتهاد
قيل العدالة ركن فيه والأصح لا بل هي شرط لقبول إخباره حتى يجب عليه الأخذ بقول نفسه
ما يشترط فيه العدالة الباطنة ومالا
فيه فروع منها أفتى ابن الصلاح أن الشاهد بالرشد لا يجب عليه معرفة عدالة المشهود له باطنا بل يكفي العدالة ظاهرا

ومنها شهود النكاح يكفي أن يكونوا مستورين ولا يشترط فيهم معرفة العدالة الباطنة على الصحيح لأن النكاح ينعقد بين أوساط الناس ومن يشق عليه البحث عنها فاكتفى بالعدالة الظاهرة ولهذا لا يكتفى بها لو أريد إثباته عند حاكم أو كان العاقد الحاكم كما جزم به ابن الصلاح ومنها الرواية والأصح فيها قبول المستور كما صححه في شرح المهذب وغيره ومنها ولي النكاح والأب في مال ولده لا يشترط فيهما العدالة الباطنة ومنها المفتي لا يشترط ( فيه العدالة الباطنة ) ومنها من له الحضانة ومنها ما في فتاوى السبكي أن الناظر من جهة الوقف هل يشترط فيه العدالة الباطنة كالناظر من جهة القاضي أو تكفي فيه العدالة المجوزة لتصرف الأب في مال ولده محتمل والظاهر الثاني وإذا حكم له الحكم بالنظر هل يتوقف على ثبوت عدالته الباطنة أو تكفي عدالته الظاهرة محتمل ويتجه أن يكون كالأب إذا باع شيئا وأراد إثباته عند الحاكم وما عدا ذلك يشترط فيه العدالة الباطنة جزما

تنبيه
في المراد بالمستور أوجه أحدها أنه من عرفت عدالته ظاهرا لا باطنا وهو الذي صححه النووي الثاني أنه من علم إسلامه ولم يعلم فسقه وهو الذي بحثه الرافعي ونقله الروياني عن النص وصوبه في المهمات وقال السبكي إنه الذي يظهر من كلام الأكثرين ترجيحه الثالث أنه من عرفت عدالته باطنا في الماضى وشك فيها وقت العقد فيستصحب وهذا ما صححه السبكي
ما يشترط فيه العدد ومالا
اتفقوا على قبول الواحد في نجاسة الماء ونحوه وفي دخول وقت الصلاة وفي الهدية والإذن في دخول الدار ونقل ابن حزم إجماع الأمة على قبول قول المرأة الواحدة في إهداء الزوجة لزوجها ليلة الزفاف مع أنه إخبار عن تعيين مباح جزئي لجزئي فكان مقتضاه أن لا يقبل في مثله

لكن اعتضد هذا بالقرينة السمتمرة عادة أن التدليس لا يدخل في مثل هذا ويبدل على الزوج غير زوجته

وهذه فروع جرى فيها خلاف
الأول
الشهادة ولا خلاف عندنا في اشتراط العدد فيها إلا في هلال رمضان ففيه قولان أصحهما عدم اشتراطه وقبول الواحد فيه واختلف على هذا هل هو جار مجرى الشهادة أو الرواية قولان أصحهما الأول وينبني عليهما قبول المرأة والعبد فيه والمستور والإتيان بلفظ الشهادة والاكتفاء فيه بالواحد عن الواحد والأصح في الكل مراعاة حكم الشهادة إلا في المستور وحيث قبل الواحد فذاك في الصوم وصلاة التراويح دون حلول الآجال والتعليقات وانقضاء العدد ونظير ذلك لو شهد واحد بإسلام ذمي مات قبل في وجوب الصلاة عليه على الأرجح دون إرث قريبه المسلم ومنع قريبه الكافر إتفاقا ونظيره أيضا لو شهد بعد الغروب يوم الثلاثين برؤية الهلال الليلة الماضية لم تقبل هذه الشهادة إذ لا فائدة لها إلا تفويت صلاة العيد نعم تقبل في الآجال والتعليقات ونحوها
الثاني
الرواية والجمهور على عدم اشتراط العدد فيها ومنهم من شرط رواية اثنين وقيل أربعة وقد ذكرت حجج ذلك وردها في شرح التقريب والتيسير مبسوطا
الثالث
الخارص وفيه قولان أصحهما الاكتفاء بالواحد تشبيها بالحكم والثاني غلب جانب الشهادة وفي وجه ثالث إن خرص على محجور أو غائب شرط اثنان وإلا فلا وعلى الأول الأصح اشتراط حريته وذكورته كما في هلال رمضان

الرابع
القاسم وفيه قولان لتردده أيضا بين الحاكم والشاهد والأصح يكفي واحد
الخامس
المقوم ويشترط فيه العدد بلا خلاف عندنا لأن التقويم شهادة محضة ومالك ألحقه بالحاكم
السادس
القائف وفيه خلاف لتردده بين الرواية والشهادة والأصح الاكتفاء بالواحد تغليبا لشبه الرواية لأنه منتصب انتصابا عاما لإلحاق النسب
السابع
المترجم كلام الخصوم للقاضي والمذهب اشتراط العدد فيه
الثامن
المسمع إذا كان القاضي أصما والأصح اشتراط العدد فيه والثاني غلب جانب الرواية والثالث إن كان الخصمان أصمين أيضا اشترط وإلا فلا وأما إسماع الخصوم كلام القاضي وما يقوله الخصم فجزم القفال بأنه لا حاجة فيه إلى العدد وكأنه اعتبره رواية فقط
التاسع
المعرف ذكر الرافعي في الوكالة فيما إذا ادعى الوكيل لموكله الغائب وهو غير معروف أن العبادي قال لا بد وأن يعرف بالموكل شاهدان يعرفهما القاضي ويثق بهما قال هذه عبارة العبادي والذي قاله العراقيون أنه لا بد من إقامة البينة على أن فلان بن فلان وكله وقال القاضي أبو سعد في شرح مختصر العبادي يمكن أن يكتفى بمعرف واحد إذا كان موثوقا به كما ذكر الشيخ أبو محمد أن تعريفه في تحمل الشهادة عليها يحصل بمعرف واحد لأنه إخبار وليس بشهادة

العاشر
بعث الحكم عند الشقاق هل يجوز أن يكون واحدا فيه وجهان اختار ابن كج المنع لظاهر الآية قال الرافعي ويشبه أن يقال إن جعلناه تحكيما لم يشترط فيه العدد أو توكيلا فكذلك إلا في الخلع فيكون على الخلاف في تولي الواحد طرفي العقد
الحادي عشر
اختلف المتبايعان في صفة هل هي عيب قال في التهذيب يرجع إلى قول واحد من أهل الخبرة بأنه عيب يثبت به الرد واعتبر صاحب التتمة شهادة اثنين لقوة شبهه بالشهادة كالتقويم ولو اختلف الزوجان في قرحة هل هي جذام أو في بياض هل هو برص اشترط فيه شهادة شاهدين عالمين بالطب كذا جزم به في اصل الروضة في النكاح
الثاني عشر
في الرجوع إلى قول الطبيب وذلك في مواضع أحدها في الماء المشمس على الوجه القائل بمراجعة أهل الطب قال في البيان إن قال طبيبان إنه يورث البرص كره وإلا فلا قال في شرح المهذب واشتراط طبيبين ضعيف بل يكفي واحد فإنه من باب الإخبار ثانيها اعتماده في المرض المبيح للتيمم والذي قطع به الجمهور أنه يكفي قول طبيب واحد وفي وجه لا بد من اثنين وفي ثالث يجوز اعتماد العبد والمرأة وفي رابع والفاسق والمراهق وفي خامس والكافر ثالثها اعتماده في كون المرض مخوفا في الوصية قال الرافعي لا بد فيه من الإسلام والبلوغ والعدالة والحرية والعدد قال ولا يبعد جريان الخلاف الذي في التيمم هنا وقال النووي المذهب الجزم باشتراط العدد وغيره لأنه يتعلق به حقوق آدميين

من الورثة والموصى لهم فاشترط فيه شروط الشهادة لغيره بخلاف الوضوء فإنه حق الله وله بدل رابعها اعتماده في أن المجنون ينفعه التزويج وكذا المجنونة وعبارة الشرح والروضة تقتضي اشتراط العدد وحيث قالا عند إشارة الأطباء وفي موضع أرباب الطب وعبارة الشامل إذا قال أهل الطب قال العلائي ولم أجد أحدا تعرض للاكتفاء فيه بواحد ولا يبعد لأنه جار مجرى الإخبار تذنيب مقدرات الشريعة على أربعة أقسام أحدها ما يمنع فيه الزيادة والنقصان كأعداد الركعات والحدود وفروض المواريث الثاني ما لا يمنعها كالثلاث في الطهارة الثالث ما يمنع الزيادة دون النقصان كخيار الشرط بثلاث وإمهال المرتد بثلاث والقسم بين الزوجات بثلاث الرابع عكسه كالثلاث في الاستنجاء والتسبيع في الولوغ والطواف والخمس في الرضاع والنجوم في الكتابة ونصب الزكاة والشهادة والسرقة تذنيب المقدرات أربعة أقسام أحدها ما هو تقريب قطعا كسن الرقيق الموكل في شرائه أو المسلم فيه حتى لو شرط التحديد بطل العقد الثاني ما هو تحديد قطعا كتقدير مدة الخف وأحجار الاستنجاء وغسل ولوغ الكلب والأربعين في الجمعة ونصب الزكاة وأصنافها وسن الأضحية وآجال الزكاة والجزية والدية وتغريب الزاني وإنظار المولى والعنين ومدة الرضاع ومقادير الحدود ونصاب السرقة الثالث ما فيه خلاف والأصح أنه تقريب كتقدير القلتين بخمسمائة وسن الحيض بتسع والمسافة بين الصفين بثلاثة أذرع ومسافة القصر بثمانية وأربعين ميلا الرابع عكسه كتقدير الخمسة الأوسق بألف وستمائة رطل بالبغدادي

قال في شرح المهذب وسبب تحديد ما ذكر أن هذه المقدرات منصوصة ولتقديرها حكمة فلا يسوغ مخالفتها وأما المختلف فيه فيشبه أن تقديره بالاجتهاد إذ لم يجئ نص صريح صحيح في ذلك وما قارب القدر فهو في المعنى مثله

تذنيب
قد يقدر الشيء بحد ولا يبلغ به الحد من ذلك العرايا بما دون خمسة أوسق والهدنة بما دون السنة والحكومة بما دون الدية والرضخ بما دون السهم والتعزير بما دون الحد حتى لو عزر بالنفي لم يبلغ سنة والمتعة بما دون الشطر في رأي بناء على أنها بدل عنه ومن ذلك خاتم الفضة بما دون مثقال لقوله صلى الله عليه وسلم اتخذه من ورق ولا تتمه مثقالا تذنيب أكثر عدد اعتبره الشرع الثلاثة ثم السبعة فاعتبرت الثلاثة في مسحات الاستنجاء والطهارة وضوءا وغسلا ومدة الخف للمسافر والعادات غالبا ومدة الخيار والقسم والإحداد على غير الزوج والطلاق والإقرار والأشهر في العدة وإمهال الزوجة للدخول والمرتد وتارك الصلاة إن أمهلناهما وتسبيحات الركوع والسجود وشهادة الإعسار في رأي الفوراني والمتولي والعدد الذين يحضرون بيعة الإمام في رأي واعتبرت السبعة في غسل الولوغ وتكبيرات العيد في الركعة الأولى والخطبة الثانية وأشواط الطواف والسعي وسن التمييز والأمر بالصلاة والصوم واعتبر الاثنان في الجماعة والشهادة غالبا واعتبرت الأربعة في عدد المنكوحات وشهادة الزنا واللواط وإتيان البهيمة والعدد الذين يحضرون البيعة في رأي والخمسة في تكبيرات العيد في الركعة الثانية وأول نصاب الإبل والعدد الذين يحضرون البيعة في رأي والتسعة في تكبيرات العيد في الخطبة الأولى وسن الحيض والإنزال والعشرة في سن الضرب على ترك الصلاة والثلاثون في أول نصاب البقر

والأربعون في العدد الذي تنعقد به الجمعة والذين يحضرون البيعة على رأي وأول نصاب الغنم والسبعون في الخطوات للاستبراء والمائة في الدية

ضابط
ليس لنا موضع يعتبر فيه حضور أربعين كاملين إلا الجمعة والعدد الذين يبايعون الإمام على رأي القول في الأداء والقضاء والإعادة والتعجيل العبادة إن لم يكن لها وقت محدود الطرفين لم توصف بأداء ولا قضاء ولا تعجيل كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورد المغصوب والتوبة من الذنوب وإن أثم المؤخر لها عن المبادرة إليه فلو تداركه بعد ذلك لا يسمى قضاء وإن كان فإما أن يقع في الوقت أو قبله أو بعده والثاني التعجيل والثالث القضاء والأول إن لم يسبق بفعلها مرة أخرى فالأداء وإلا فالإعادة ما يوصف بالأداء والقضاء ومالا فيه فروع
الأول
الوضوء والغسل يوصفان بالأداء وتردد القاضي أبو الطيب في وصفهما بالقضاء ولم يقف ابن الرفعة على نقل في ذلك فقال يمكن وصف الوضوء بالقضاء تبعا للصلاة وصوره بما إذا خرج الوقت ولم يتوضأ ولم يصل فلو توضأ بعد الوقت سمي قضاء ويقوي ذلك إذا قلنا يجب الوضوء بدخول الوقت

قيل وفائدة ذلك تظهر في لابس خف أحدث ولم يمسح وخرج وقت الصلاة ثم سافر صار الوضوء قضاء عن المسح الواجب في الحضر فلا يمسح إلا مسح مقيم كما قاله أبو إسحاق لمن فاتته صلاة في الحضر فقضاها في السفر فإنه يتم والجمهور منعوا ذلك وقالوا يمسح ثلاثا وفرقوا بأن الوضوء لم يستقر في الذمة بخلاف الصلاة وعلى هذا فالمراد بأداء الوضوء الإيقاع لا المقابل للقضاء

الثاني
الأذان هل يوصف بالأداء أو القضاء لم أر من تعرض له وينبغي أن يقال إن قلنا الأذان للوقت ففعله بعده للمقضية قضاء فيوصف بهما وإن قلنا للصلاة وهو القديم المعتمد فلا
الثالث والرابع والخامس
الصلوات الخمس وصوم رمضان والحج والعمرة كلها توصف بالأداء والقضاء فإن قيل وقت الحج والعمرة العمر كله فكيف يوصف بالقضاء إذا شرع فيه ثم أفسده فالجواب أنه تضيق بالشروع فيه ونظيره قول القاضي حسين والمتولي والروياني لو أفسد الصلاة صارت قضاء وإن أوقعها في الوقت لأن الخروج منها لا يجوز فيلزم فوات وقت الإحرام بها نقله الأسنوي ساكتا عليه لكن ضعفه البلقيني وقال يلزم عليه أنه لو وقع ذلك في الجمعة لم تعد لأنها لا تقضى وذلك ممنوع
السادس
النوافل المؤقتة كلها توصف بهما
السابع
صلاة الجمعة توصف بالأداء لا بالقضاء
الثامن
الصلاة التي لها سبب لا توصف بالقضاء

التاسع
صلاة الجنازة لم أر من تعرض لها والظاهر أنها توصف بالأداء وبالقضاء إذا دفن قبلها فصلى على القبر لأنها لو كانت حينئذ أداء لم يحرم التأخير إليه وهو حرام فدل على أن لها وقتا محدودا
العاشر
الرمي إذا ترك رمي يوم تداركه في باقي الأيام وهل هو أداء أو قضاء فيه قولان أحدهما قضاء لمجاوزته الوقت المضروب له وأظهرهما أداء لأن صحته مؤقتة بوقت محدود والقضاء ليس كذلك وعلى هذا لا يجوز تداركه ليلا ولا قبل الزوال لأنه لم يشرع في ذلك الوقت رمي ويجوز تأخير رمي يوم ويومين ليفعله مع ما بعده وتقديم اليوم الثاني والثالث مع اليوم الأول ويجب الترتيب بين المتروك ورمي اليوم وعلى الأول يكون الأمر بخلاف ذلك هكذا فرع الرافعي وجزم في الشرح الصغير بتصحيحه أعني منع التدارك ليلا وقبل الزوال وجواز التقديم والتأخير وصحح النووي الجواز ليلا وقبل الزوال ومنع التقديم وعدم وجوب الترتيب إذا تداركه قبل الزوال
الحادي عشر
كفارة المظاهر تصير قضاء إذا جامع قبل إخراجها نص عليه الشافعي
الثاني عشر
زكاة الفطر إذا أخرها عن يوم العيد صارت قضاء والحاصل أن ماله وقت محدود يوصف بالأداء والقضاء إلا الجمعة ومالا فلا ومن هنا علم فساد قول صاحب المعاياة كل صلاة تفوت في زمن الحيض لا تقضى إلا في مسئلة وهي ركعتا الطواف لأنها لا تتكرر بخلاف سائر الصلوات لأن ذلك لا يسمى قضاء إذ القضاء إنما يدخل المؤقت وهاتان الركعتان لا يفوتان أبدا ما دام حيا نعم يتصور قضاؤهما في صورة الحج عن الميت إن سلم أيضا أن فعلهما يسمى قضاء

تنبيه
من المشكل قول الأصحاب يدخل وقت الرواتب قبل الفرض بدخول وقت الفرض وبعده بفعله ويخرج النوعان بخروج وقت الفرض ووجه الإشكال الحكم على الراتبة البعدية بخروج وقتها بخروج وقت الفرض وذلك شامل لما إذا فعل الفرض ولما إذا لم يفعل مع أن الوقت في الصورة الثانية لم يدخل بعد فكيف يقال بخروجه وبصيرورتها قضاء وأقرب ما يجاب به أن يقال إن وقتها يدخل بوقت الفرض وفعله شرط لصحتها
قاعدة
كل عبادة مؤقتة فالأفضل تعجيلها أول الوقت إلا في صور الظهر في شدة الحر حيث يسن الإبراد وصلاة الضحى أول وقتها طلوع الشمس ويسن تأخيرها لربع النهار وصلاة العيدين يسن تأخيرها لارتفاع الشمس والفطرة أول وقتها غروب شمس ليلة العيد ويسن تأخيرها ليومه ورمي جمرة العقبة وطواف الإفاضة والحلق كلها يدخل وقتها بنصف ليلة النحر ويستحب تأخيرها ليوم النحر وقلت في ذلك ** أول الوقت في العبادة أولى ** ما عدا سبعة أنا المستقري ** فطرة والضحى وعيد وظهر ** والطواف الحلاق رمي النحر ** وإن شئت فقل بدل هذا البيت ** الضحى العيد فطرة ثم ظهر ** حيث الإبراد سائغ بالحر ** وطواف الحجيج ثم حلاق ** بعد حج ورمي يوم النحر **
ضابط
ليس لنا قضاء يتأقت إلا في صور أحدها على رأي ضعيف في الرواتب قيل يقضي فائتة النهار مالم تغرب شمسه وفائتة الليل مالم يطلع فجره وقيل كل تابع مالم يصل فريضة مستقلة وقيل مالم يدخل وقتها الثاني على رأي أيضا وهو الرمي لا يقضى إلا بالليل الثالث كفارة المظاهر إذا جامع قبل التكفير صارت قضاء

ويجب أن يوقع القضاء قبل جماع آخر الرابع قضاء رمضان مؤقت بما قبل رمضان آخر

فائدة
من العبادات ما يقضى في جميع الأوقات كالصلاة والصوم ومنها مالا يقضى إلا في وقت مخصوص كالحج ومنها ما يقضى على الفور كالحج والعمرة إذا فسدا والصلاة والصوم المتروكين عمدا وما يقضى على التراخي كالمتروكين بعذر
قاعدة فيما يجب قضاؤه بعد فعله لخال ومالا يجب
قال في شرح المهذب قال الأصحاب الأعذار قسمان عام ونادر فالعام لا قضاء معه للمشقة ومنه صلاة المريض قاعدا أو موميا أو متيمما والصلاة بالإيماء في شدة الخوف وبالتيمم في موضع يغلب فيه فقد الماء والنادر قسمان قسم يدوم غالبا وقسم لا يدوم فالأول كالمستحاضة وسلس البول والمذي ومن به جرح سائل أو رعاف دائم أو استرخت مقعدته فدام خروج الحدث منه ومن أشبههم فكلهم يصلون مع الحدث والنجس ولا يعيدون للمشقة والضرورة والثاني نوعان نوع يأتي معه ببدل للخلل ونوع لا يأتي فالأول كمن تيمم في الحضر لعدم الماء أو للبرد مطلقا أو لنسيان الماء في رحله أو مع الجبيرة الموضوعة على غير طهر والأصح في الكل وجوب الإعادة ومنه من يتمم مع الجبيرة الموضوعة على طهر ولا إعادة عليه في الأصح قال في شرح المهذب ومن الأصحاب من جعل مسئلة الجبيرة من العذر العام وهو حسن والثاني كمن لم يجد ماء ولا ترابا والزمن والمريض الذي لم يجد من يوضئه أو من يوجهه إلى القبلة والأعمى الذي لم يجد من يدله عليها ومن عليه نجاسة لا يعفى عنها ولا يقدر على إزالتها والمربوط على خشبة ومن شد وثاقه والغريق ومن حول عن القبلة أو أكره على الصلاة مستدبرا أو قاعدا

فكل هؤلاء تجب عليهم الإعادة لندور هذه الأعذار وأما العاري فالمذهب أنه يتم الركوع والسجود ولا إعادة عليه وقيل يومئ ويعيد ومن خاف فوت الوقوف لو صلى العشاء قيل يصلي صلاة شدة الخوف ويعيد واختاره البلقيني صرح به العجلي كما نقله ابن الرفعة في الكفاية وقيل لا يعيد وقيل يلزمه الإتمام ويفوت الوقوف وصححه الرافعي وقيل يبادر إلى الوقوف ويفوت الصلاة لأنها يجوز تأخيرها عن الوقت للجمع بمشقة السفر ومشقة فوات الحج أصعب وهذا ما صححه النووي

قاعدة
الأصح أن العبرة بوقت القضاء دون الأداء فيقضي الصلاة الليلية نهارا سرا والنهارية ليلا جهرا ولو قضيت صلاة العيد فإن كان في أيام التكبير فواضح أو بعد انقضائها لم يكبر فيها السبع والخمس صرح به العجلي كما نقله ابن الرفعة في الكفاية وليس لنا صلاة تقضى على غير هيئتها إلا في هذه الصورة ويشبه هذه القاعدة
قاعدة
الأصح أن العبرة في الكفارات بوقت الأداء دون الوجوب
تنبيه
من المشكل قوله في الروضة من زوادئه صلاة الصبح وإن كانت نهارية فهي في القضاء جهرية ولوقتها حكم الليل في الجهر قال الأسنوي قد فهم أكثر الناس هذا الكلام على غير ما هو عليه وعملوا به إلى أن يثبت لهم المراد منه فأما قوله فهي في القضاء جهرية ولوقتها حكم الليل في الجهر فقد توهموا منه أن الصبح تقضى بعد طلوع الشمس جهرا وليس كذلك بل سرا على الصحيح كا هو القياس وتقرير كلام الروضة أن الصبح وإن كانت من صلوات النهار فحكمها حكم

الصلوات الجهرية إذا قضيت حتى يجهر فيها بلا خلاف إن قضيت ليلا أو في وقت الصبح ويكون الأول مستثنى من قولهم إن من قضى فائتة النهار بالليل ففي الجهر فيه وجهان والثاني من قولهم إن من قضى فائتة النهار بالنهار يسر بلا خلاف وحتى يسر على الصحيح إن قضاها بعد طلوع الشمس فيكون ذلك مستثنى من قولهم إن من قضى فائتة النهار بالنهار يسر بلا خلاف وقد عبر في شرح المهذب بأوضح من عبارة الروضة فقال صلاة الصبح وإن كانت نهارية فلها في القضاء في الجهر حكم الليلية وصرح في شرح مسلم بأن الصبح إذا قضيت نهارا تقضى سرا على الصحيح فوضح بهذا ما قرر به كلام الروضة وأما قوله ولوقتها في الجهر حتى بجهر بلا خلاف إذا قضى فيه المغرب والعشاء ويكون مستثنى من قولهم إن من قضى فائتة الليل بالنهار يسر على الصحيح وكذلك إذا قضى فيها الصبح كما تقدم وحتى يجهر على الصحيح إذا قضى فيه الظهر والعصر فيكون مستثنى من قولهم إذا قضى فائتة النهار يسر بلا خلاف

قاعدة
كل من وجب عليه شيء ففات لزمه قضاؤه استدراكا لمصلحته إلا في صور منها من نذر صوم الدهر فإنه إذا فاته منه شيء لا يتصور قضاؤه فلا يلزمه ومنها نفقة القريب إذا فاتت لم يجب قضاؤها ومنها إذا نذر أن يصلي الصلوات في أوائل أوقاتها فأخر واحدة فصلاها في آخر الوقت ومنها إذا نذر أن يتصدق بالفاضل من قوته كل يوم فأتلف الفاضل في يوم لا غرم عليه لأن الفاضل عن قوته بعد ذلك مستحق التصدق به بالنذر لا بالغرم ومنها إذا نذر أن يعتق كل عبد يملكه فملك عبيدا وأخر عتقهم حتى مات لم يعتقوا بعد موته لأنهم انتقلوا إلى ورثته ومنها إذا نذر أن يحج كل سنة من عمره ففاته من ذلك شيء ومنها إذا دخل مكة بغير إحرام وقلنا بوجوبه فلا يمكن قضاؤه لأنه إذا خرج إلى الحل كان الثاني واجبا بالشرع لا بالقضاء ومنها رد السلام إذا تركه لا يقضي ولا يثبت في الذمة ومنها الفرار من الزحف لا قضاء فيه ولا كفارة

ومنها أيام الاستسقاء إذا قلنا إنها يجب صومها بأمر الإمام ففاتت فالذي يظهر أنها لا تقضى لأنها ذات سبب وقد زال كصلاة الاستسقاء ومنها المجامع في رمضان غذا كفر على رأي مرجوح

ضابط
ليس لنا نفل مطلق يستحب قضاؤه إلا من شرع في نفل صلاة أو صوم ثم أفسده فإنه يستحب له قضاؤه كما ذكره الرافعي في باب صوم التطوع
ما يجوز تقديمه على الوقت وما لا
ضابطه أن ما كان ماليا ووجب بسببين جاز تقديمه على أحدهما لا عليهما ولا ماله سبب واحد ولا ما كان بدنية فمن ذلك الزكاة يجوز تقديمها على الحول لا على ملك النصاب ولا على حولين في الأصح وزكاة الفطر يجوز تقديمها من أول رمضان لا قبله على الصحيح وفدية الفطر قال في شرح المهذب لا يجوز للشيخ الهرم والحامل والمريض الذي لا يرجى برؤه تقديم الفدية على رمضان ويجوز بعد طلوع الفجر عن ذلك اليوم وقبل الفجر أيضا على المذهب وقال الروياني فيه احتمالان وقال الزيادي للحامل تقديم الفدية على الفطر ولا تقدم إلا فدية يوم واحد انتهى وكفارة الجماع فيه لا تقدم على الجماع في الصحيح وفدية التأخير إلى ما بعد رمضان آخر قال النووي في تعجليها قبل مجيء ذلك وجهان كتعجيل كفارة الحنث لمعصية ودم القران يجوز بعد الإحرام بالنسكين لا قبله بلا خلاف ودم التمتع لا يجوز قبل الإحرام بالعمرة قطعا ويجوز بعد الإحرام بالحج قطعا وفيما بينهما أوجه أصحها تجوز بعد الفراغ من العمرة وإن لم يحرم بالحج والثاني لا والثالث يجوز قبل الفراغ منها أيضا ودم جزاء الصيد يجوز بعد جرحه لوجود السبب لا قبله لنقده على المذهب ودم الاستمتاع باللبس والطيب والحلق إن كان لعذر جاز تقديمها على الصحيح وإلا فلا على الصحيح

والنذر المعلق مثل إن شفى الله مريضي فله علي كذا قال في شرح المهذب لا يجوز فعله قبل وجود المعلق عليه في الأصح وقال في الروضة يجوز تقديم الإعتاق والتصدق على الشفاء ورجوع الغائب وكفارة الظهار قال الرافعي التكفير بالمال بعد الظهار وقبل العود جائز لأن الظهار أحد السببين والكفارة منسوبة إليه كما أنها منسوبة إلى اليمين وفيه وجه وكفارة القتل يجوز تقديمها على الزهوق بعد حصول الجرح في الأصح كما في جزاء الصيد ولا يجوز تقديمها على الجرح ولأبي الطيب بن سلمة فيه احتمال تنزيلا للعصمة منزلة أحد السببين وكفارة اليمين الأصح جواز تقديمها بعد اليمين قبل الحنث لا بالصوم ولا إن كان الحنث معصية

ومما قدم على وقته من العبادات البدنية
أذان الصبح وفيه أوجه أصحها جواز تقديمه من نصف الليل والثاني من خروج وقت الاختيار للعشاء إما الثلث أو النصف والثالث من السدس الأخير والرابع من سبعه والخامس في جميع الليل ونظيره غسل العيد الأصح جواز تقديمه من نصف الليل كأذان الصبح والثاني في جميع الليل والثالث عند السحر ونظيره أيضا السحور فإن وقته يدخل بنصف الليل كذا جزم به الرافعي في كتاب الأيمان والنووي في شرح المهذب ولم يحكيا فيه خلافا
القول في الإدراك
فيه فروع منها الجمعة تدرك بركعة قطعا ومنها الأداء يدرك بركعة في الوقت على الأصح والثاني بتكبيرة والثالث بالسلام ومنها فضيلة أول الوقت وتدرك بأن يشتغل بأسباب الصلاة كما دخل الوقت

وقيل لا بد من تقديم الستر على الوقت لأن وجوبه لا يختص بالصلاة وقيل لا بد من تقديم كل ما يمكن تقديمه وقيل يحصل بإدراك نصف الوقت وقيل بنصف وقت الاختيار ومنها فضيلة تكبيرة الإحرام وتدرك بأن يشتغل بالتحريم عقب تحرم إمامه وقيل بإدراك بعض القيام وقيل بإدراك الركوع الأول ومنها فضيلة الجماعة وتدرك بجزء قبل السلام وقيل بركعة مع الإمام وهل تدرك بذلك فضيلة الجماعة التي هي التضعيف إلى بضع وعشرين ظاهر كلامهم نعم لكن قال في الخادم إن عبارة الرافعي تدرك بركعة الجماعة وأن بين بركة الجماعة وفضلها فرقا ومنها وجوب الصلاة بزوال العذر وتدرك بإدراك تكبيرة من وقتها أو وقت ما بعدها إن جمعت معها هذا هو الأصح من ستة وعشرين وجها والثاني يكفي بعض تكبيرة والثالث ركعة مسبوق والرابع ركعة تامة والخامس قدر الأولى وتكبيرة الثانية والسادس قدرها وبعض تكبيرة الثانية والسابع قدرها وركعة تامة والثامن قدرها وركعة مسبوق والتاسع قدر الثانية وتكبيرة في الأولى والعاشر قدرها وبعض تكبيرة والحادي عشر قدرها وركعة تامة والثاني عشر قدرها وركعة مسبوق والثالث عشر قدر الثانية فقط وتعتبر الطهارة مع كل واحد منها فتصير ستة وعشرين ومنها وجوبها بإدراك جزء من الوقت قبل حدوث العذر والأصح أنه يحصل بإدراك قدر الفرض فقط

وقيل بإدراك ما يجب به آخرا

القول في التحمل
قال إمام الحرمين يدخل التحمل في أربعة أشياء أحدها أداء الزكاة إلى الغارم قال وهذا تحمل حقيقي وارد على وجوب مستقر الثاني كفارة زوجته في نهار رمضان في قول إنه عنه وعنها الثالث تحمل الدية عن العاقلة وهل تجب على العاقلة ابتداء أم على الجاني ثم تتحملها العاقلة قولان أصحهما الثاني الرابع الفطرة وهل تجب على المؤدي ابتداء أم على المؤدى عنه ثم يتحملها المؤدي قولان ( أو وجهان ) أصحهما الثاني قلت ولهذا الخلاف نظائر منها الفاتحة هل وجبت على المسبوق ثم سقطت ويتحملها الإمام عنه أو لم تجب أصلا رأيان أصحهما الأول ومنها إذا زوج أمته بعبده لم يجب مهر وهل وجب ثم سقط أو لم يجب أصلا وجهان أصحهما الثاني ومنها من عرض له المانع وقد أدرك من الوقت مالا يسع الصلاة فهل نقول وجبت ثم سقطت أو لم تجب أصلا فيه تردد للأصحاب وصرح في شرح المهذب بالثاني قال السبكي وكلام الأصحاب يقتضي الأول فالوجوب بأول الوقت والاستقرار بالتمكن كما في الزكاة ومنها إذا خرج من مكة ولم يطف للوداع فعليه دم فإن عاد قبل مسافة القصر سقط الدم على الصحيح هذه عبارة الأصحاب وظاهر السقوط أنه وجب ثم سقط ونازع الشيخ أبو حامد في كونه وجب وكذلك في نظيره من مجاوزة الميقات إذا عاد ومنها إذا قتل الوالد الفرع فهل يقول يجب القصاص ويسقط أو لم يجب أصلا فيه وجهان حكاهما الإمام وقال لا جدوى للخلاف

ضابط
قال ابن القاص يحمل الإمام عن المأموم السهو وسجود القرآن والقيام والقراءة للمسبوق والجهر والتشهد الأول إذا فاتته ركعة والسورة في الجهرية ودعاء القنوت
القول في الأحكام التعبدية
منها اختصاص الطهارة بالماء فيه رأيان أحدهما أنه تعبدي لا يعقل معناه وعليه الإمام والكناني الثاني أنه معلل باختصاص الماء بالرقة واللطافة والتفرد في جوهره وعدم التركيب وعليه الغزالي ومنها اختصاص التعفير بالتراب قيل إنه تعبدي وقيل معلل بالاستظهار وقيل بالجمع بين الطهورين ومنها أسباب الحدث والجنابة تعبدية لا يعقل معناه فلا يقبل القياس قال بعضهم ولولا أنها تعبدية لم يوجب المني الذي هو طاهر عند أكثر العلماء غسل كل البدن ويوجب البول والغائط اللذان هما نجسان بإجماع غسل بعضه ومنها نصب الزكاة ومقاديرها ومنها تحريم الصلاة في الأوقات المكروهة قال البغوي إنه تعبدي لا يدرك معناه وتعقب بأن في حديث مسلم الإشارة إلى المعنى حيث قال فإنها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار فأشعر بأن النهي لترك مشابهة الكفار
وقد اعتبر ذلك الشرع في مواضع
منها لو كمل وضوءه إلى إحدى الرجلين ثم غسلها وأدخلها الخف فإنه ينزع الأولى ثم يلبسها ومنها إذا اصطاد وهو محرم لم يرسله حتى حل ولا امتناع للصيد فإنه يرسله ثم يأخذه إذا شاء ومنها إذا كال المشتري الطعام ثم باعه في الصاع لم يجز حتى يكيله ثانيا ومنها استحباب تسمية المهر في نكاح عبده بأمته ومنها أكثر مسائل العدة والاستبراء ومنها اختصاص عقد النكاح بلفظ التزويج والإنكاح

ومنها حرمة الإسراف في الماء وكراهته على النهر ومنها تحريم الصوم على الحائض قال الإمام لا يعقل معناه لأنه إن كان لعدم الطهارة فالطهارة ليست شرطا في الصوم بدليل صحة صوم الجنب وإن كان لكونه يضعفها فهذا لا يقتضي التحريم بل عدم الإيجاب بدليل مالو تكلف المريض أو المسافر فصاما مع الإجهاد فإنه يصح ومنها تحريم الذكاة بالسن والظفر قال ابن الصلاح لم أجد بعد البحث أحدا ذكر لذلك معنى يعقل كأنه تعبدي عندهم

تذنيب
قريب من ذلك ما شرع لسبب ثم زال ذلك السبب فاستمر كالرمل فإنه شرع لمراءاة المشركين وقد زالت واستمر هو وقريب من هذا إمرار الموسى على رأس الأقرع تشبيها بالحالقين ونظيرها إمراره على ذكر من ولد مختونا ذكره بعض شراح الحديث ونظيره أيضا إمرار السواك على فم من ذهبت أسنانه لحديث في ذلك ولم أر من تعرض له من الفقهاء
خاتمة
قال بعضهم إذا عجز الفقيه عن تعليل الحكم قال هذا تعبدي وإذا عجز عنه النحوي قال هذا مسموع وإذا عجز عنه الحكيم قال هذا بالخاصية
القول في الموالاة
هي سنة على الأصح في الوضوء والغسل والتيمم إلا في طهارة دائم الحدث فواجبة وبين أشواط الطواف والسعي والجمع بين الصلاتين في وقت الثانية وأيمان القسامة وسنة تعريف اللقطة وقيل واجبة في الكل وواجبة على الأصح في الجمع في وقت الأولى وبين طهارة دائم الحدث وصلاته وبين كلمات الأذان والإقامة وبين الخطبة وصلاة الجمعة وفي الخطبة وكأيمان اللعان وسنة التغريب في الزنا وقيل لا تجب في الكل

ويجب قطعا بين كلمات الفاتحة والتشهد ورد السلام والإيجاب والقبول في العقود إلا الوصية

قاعدة
ما تعتبر فيه الموالاة فالتخلل القاطع لها مضر وغالبها يرجع فيه إلى العرف وربما كان مقدار أمن التخلل مغتفر في باب دون باب كما سنبينه أما الطهارة ففي تخللها القاطع أوجه أحدها الرجوع فيه إلى العرف والثاني أنه الطويل المتفاحش والثالث ما يمكن فيه تمام الطهارة والرابع وهو الأصح أن يمضي زمن يجف فيه المغسول آخرا مع اعتدال الزمان والمزاج ويقدر الممسوح مغسولا وأما طهارة دائم الحدث وصلاته فقال الإمام ذهب الذاهبون إلى المبالغة في الأمر بالبدار وقال آخرون يغتفر تخلل فصل يسير قال وضبطه على التقريب عندي أن يكون على قدر الزمن المتخلل بين صلاة الجمع اه والمرجع في تخلل صلاة الجمع إلى العرف على الصحيح وأقل الفصل اليسير بينهما ما كان بقدر الإقامة والطويل ما زاد وعلى الأول قال القاضي أبو الطيب ما منع من البناء على الصلاة إذا سلم ناسيا منع الجمع وما لا فلا
تنبيه
اغتفر تأخير دائم الحدث لانتظاره الجماعة ولم يغتفر ذلك في الجمع قال في الوافي والفرق أن صلاتي الجمع كالواحدة فيضر الفصل الطويل ويرجع إلى العرف أيضا في موالاة الفاتحة فيقطعها سكوت طويل عمدا ويسير قصد به قطع القراءة وذكر إلا إن تعلق بالصلاة في الأصح ولا يقطعها تكرار آية من الفاتحة قال المتولي إلا أن تكون تلك الآية منقطعة عن التي وقف عليها فإنها تقطعه بأن وصل إلى أنعمت ثم قرأ مالك يوم الدين فقط كذا نقله في شرح المهذب قال الأسنوي والذي قاله المتولي ظاهر يمكن حمل إطلاقهم عليه لا سيما أن الصورة المذكورة نادرة يبعد إرادتها

ويرجع إلى العرف أيضا في موالاة الأذان فلا يقطعه اليسير من السكوت والكلام والنوم والإغماء والجنون والردة ويقطعه الطويل منها وقيل لا يقطعه الطويل أيضا وقيل يقطعه اليسير أيضا والكلام أولى بالإبطال من السكوت والنوم أولى به من الكلام والإغماء أولى به من النوم والجنون أولى به من الإغماء والردة أولى به من الجنون والإقامة أولى به من الأذان وحيث قلنا لا يقطعه الطويل فالمراد إذا لم يفحش الطول بحيث لا يعد مع الأول أذانا ويرجع إليه أيضا في موالاة الخطبة والطواف والسعي قال الإمام التفريق الكثير ما يغلب على الظن تركه الطواف وفي سنة تعريف اللقطة قال الإمام فلا يلزم استيعاب السنة بل لا يعرف في الليل ولا يستوعب الأيام أيضا على المعتاد فيعرف في الابتداء كل يوم مرتين طرفي النهار ثم كل يوم مرة ثم كل أسبوع ثم كل شهر بحيث لا ينسى أنه تكرار للأول وأما البيع والنكاح ونحوهما فضابط الفصل الطويل فيها ما أشعر بإعراضه عن القبول وفي وجه ما خرج عن مجلس الإيجاب وفي ثالث مالا يصلح جوابا للكلام في العادة وعلى الأول لو حصل الفصل بكلام أجنبي قصير فذكر الرافعي في البيع والنكاح أنه يضر على الأصح وذكر في الطلاق والخلع أنه لا ينقطع به الاتصال بين الإيجاب والقبول على الأصح ووافقه في الروضة على هذه المواضع وقال في شرح المهذب في البيع ولو تخللت كلمة أجنبية بطل العقد قال ابن السبكي والفرق أن الخلع أوسع قليلا على ما أشار إليه بعض الأصحاب فلم يشترط فيه من الاتصال القدر المشترط في البيع ونحوه وأما رد السلام فحكمه حكم الإيجاب والقبول وقال الإمام الاتصال المعتبر في الاستثناء أبلغ منه بين الإيجاب والقبول لصدورهما من شخصين وقد يحتمل من شخصين مالا يحتمل من واحد فلا تضر فيه سكتة تنفس وعي لكن نقل النووي عن صاحب العدة والبيان أنهما حكيا عن المذهب أنه لو قال علي ألف أستغفر الله إلا مائة صح واحتجا بأنه فصل يسير فصار كقوله علي ألف يا فلان إلا مائة

قال النووي وهذا الذي نقلاه فيه نظر وقال السبكي في الجمع بينهما يظهر أن الكلام اليسير إن كان أجنبيا فهو الضار وإلا فهو الذي يغتفر كقوله أستغفر الله ويا فلان فليحمل كل منهما على الفصل اليسير بنحو أستغفر الله ويا فلان لا على مطلق الفصل اليسير

فائدة
قال ابن السبكي الضابط في التخلل المضر في الأبواب أن يعد الثاني منقطعا عن الأول وهذا يختلف باختلاف الأبواب فرب باب يطلب فيهم من الاتصال مالا يطلب في غيره وباختلاف المتخلل نفسه فقد يغتفر من ا لسكوت ملا يغتفر من الكلام ومن الكلام المتعلق بالعقد مالا يغتفر من الأجنبي ومن المتخلل بعذر مالا يغتفر من غيره فصارت مراتب أقطعها للاتصال كلام كثير أجنبي وأبعدها عنه سكوت يسير لعذر وبينهما مراتب لا تخفى
تنبيه
من المشكل هنا ما ذكره الرافعي وغيره في الولي إذا وهب الصبي من يعتق عليه ولم يقبله أن الحاكم يقبله فإن لم يفعل قبله الصبي بعد بلوغه قال ابن السبكي فهذا فصل طويل فلماذا يغتفر وأيضا فالإيجاب صدر والصبي غير أهل للقبول قال ولا يمكن أن يحمل على قبول إيجاب متجدد بعد البلوغ لأن ذلك معروف لا معنى لذكره
القول في فروض الكفاية وسننها
قال الرافعي وغيره فروض الكفاية أمور كلية تتعلق بها مصالح دينية أو دنيوية لا ينتظم الأمر إلا بحصولها فطلب الشارع تحصيلها لا تكليف واحد منها بعينه بخلاف العين وإذا قام به من فيه كفاية سقط الحرج عن الباقين أو أزيد على من يسقط به فالكل فرض أو تعطل أثم كل من قدر عليه إن علم به وكذا إن لم يعلم إذا كان قريبا منه يليق به البحث والمراقبة ويختلف بكبر البلد وقد ينتهي خبره إلى سائر البلاد فيجب عليهم وللقائم به مزية على القائم بالعين لإسقاط الحرج عن المسلمين بخلافه ومن ثم ادعى إمام الحرمين ووالده والأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني أنه أفضل

من فرض العين وحكاه أبو علي السنجي عن أهل التحقيق والمتبادر إلى الأذهان خلافه

وفروض الكفاية كثيرة
منها تجهيز الميت غسلا وتكفينا وحملا وصلاة عليه ودفنا ويسقط جميعها بفعل واحد وفي الصلاة وجه أنه يجب اثنان وآخر ثلاثة وآخر أربعة ولا تسقط بالنساء وهناك رجال ومنها الجماعة في الأصح وإنما تسقط بإقامتها بحيث يظهر الشعار في البلد فإن كان صغيرا كفى إقامتها في موضع واحد وإلا فلا بد من إقامتها في كل محلة ومنها الأذان والإقامة على وجه اختاره السبكي وإنما يسقط بإظهارهما في البلد أو القرية بحيث يعلم به جميع أهلها لو أصغوا ففي القرية يكفي الأذان الواحد وفي البلد لا بد منه في مواضع وعلى هذا قال في شرح المهذب الصواب وظاهر كلام الجمهور إيجابه لكم صلاة وقيل يجب في اليوم والليلة مرة واحدة ولنا وجه أنه فرض كفاية في الجمعة دون غيرها لأنه دعاء إلى الجماعة والجماعة واجبة في الجمعة مستحبة في غيرها فالدعاء إليها كذلك وعلى هذا فالواجب فيها هو الذي بين يدي الخطيب أو يسقط بالأول فيه وجهان ومنها تعلم أدلة القبلة على ما صححه النووي ومنها صلاة العيد على وجه ومنها صلاة الكسوف على وجه حكاه في الحاوي وجزم به الخفاف في الخصال ومنها صلاة الاستسقاء على وجه حكاه في الكفاية ومنها إحياء الكعبة كل سنة بالحج قال الرافعي هكذا أطلقوه وينبغي أن تكون العمرة كالحج بل الاعتكاف والصلاة في المسجد الحرام فإن التعظيم وإحياء البقعة يحصل بكل ذلك واستدركه النووي بأن ذلك لا يحصل مقصود الحج فإنه يشتمل على الرمي والوقوف والمبيت بمزدلفة ومنى وإحياء تلك البقاع بالطاعات وغير ذلك

قال في المهمات وكلام النووي لا يلاقي كلام الرافعي فإن الكلام في إحياء الكعبة لا في إحياء هذه البقاع قال وإن كان المتجه في الصلاة والاعتكاف ما ذكره النووي فإنه ليس فيهما إحياء الكعبة ولو كان الاعتكاف داخلها لعدم الاختصاص قال والمتجه أن الطواف كالعمرة وأجاب البلقيني عن بحث الرافعي بأن المقصود الأعظم ببناء البيت الحج فكان إحياؤه به بخلاف العمرة والاعتكان والصلاة والطواف قال في شرح المهذب ولا يشترط عدم مخصوص بل الفرض حجها في الجملة وقال الأسنوي وغيره المتجه اعتبار عدد يظهر به الشعار

تنبيهان
الأول
علم مما نقرر أن إحياء الكعبة كل سنة بالحج فرض كفاية وأن فرض الكفاية إذا قام به زيادة على من يسقطه فالكل فرض أنه لا يتصور وقوع الحج نفلا وأن قاعدة إن الفعل لا يجب إتمامه بالشروع غير منقوضة
الثاني
إن ثبت ما تقدمت الإشارة إليه من أن العمرة لا يحصل بها الإحياء زال الإشكال في كون الطواف أفضل منها لكونها تقع من المتطوع نفلا ومسألة التفضيل بين الطواف والعمرة مختلف فيها وألف فيها المحب الطبري كتابا قال فيه ذهب قوم من أهل عصرنا إلى تفضيل العمرة ورأوا أن الاشتغال بها أفضل من الطواف وذلك خطأ ظاهر وأدل دليل على خطئه مخالفة السلف الصالح فإنه لم ينقل تكرار العمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة والتابعين وقد روى الأزرقي أن عمر بن عبدالعزيز سأل أنس بن مالك الطواف أفضل أم العمرة فقال الطواف وقد طاووس الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري يؤجرون أم يعذبون قيل لم قال لأن أحدهم يدع الطواف بالبيت ويخرج إلى أربعة أميال ويجيء وقد ذهب أحمد إلى كراهة تكرارها في العام ولم يذهب أحد إلى كراهة تكرار الطواف بل أجمعوا على استحبابه

وهذا الذي اختاره من يفضل الطواف عليها هو الذي نصره ابن عبدالسلام وأبو شامة وحكى بعضهم في التفضيل بينهما احتمالات ثالثها إن استغرق زمان الاعتمار فالطواف أفضل وإلا فهي أفضل وقال في الخادم يحتمل أن يقال إن حكاية الخلاف في التفضيل لا تتحقق فإنه إنما يقع بن متساويين في الوجوب والندب فلا تفضيل بين واجب ومندوب ولا شك أن العمرة لا تقع من المتطوع إلا فرض كفاية والكلام في الطواف المسنون نعم إن قلنا إن إحياء الكعبة يحصل بالطواف كما يحصل بالحج والاعتمار وقع الطواف أيضا فرض كفاية لكنه بعيد اه قال المحب الطبري والمراد بكون الطواف أفضل الإكثار منه دون أسبوع واحد فإنه موجود في العمرة وزيادة قلت ونظيره ما في شرح المهذب أن قولنا الصلاة أفضل من الصوم المراد به الإكثار منها بحيث تكون غالبة عليه وإلا فصوم يوم أفضل من صلاة ركعتين بلا شك

ومن فروض الكفاية
الجهاد حيث الكفار مستقرون في بلدانهم ويسقط بشيئين أحدهما أن يحصن الإمام الثغور بجماعة يكافئون من بإزائهم من الكفار الثاني أن يدخل الإمام دار الكفار غازيا بنفسه أو بجيش يؤمر عليهم من يصلح لذلك وأقله مرة واحدة في كل سنة فإن زاد فهو أفضل ولا يجوز إخلاء سنة عن جهاد إلا لضرورة بأن يكون في المسلمين ضعف وفي العدو كثرة ويخاف من ابتدائهم الاستئضال لعذر بأن يعز الزاد وعلف الدواب في الطريق فيؤخر إلى زوال ذلك أو ينتظر لحاق مدد أو يتوقع إسلام قوم فيستميلهم بترك القتال ومنها التقاط المنبوذ ومنها اللقطة على وجه ومنها رد السلام حيث المسلم عليه جماعة ومنها دفع ضرر المسلمين ككسوة عار وإطعام جائع إذا لم يندفع بزكاة وبيت مال وهل يكفي سد رمق أو لا بد من تمام الكفاية التي يقوم بها من يلزمه نفقته خلاف قال في المهمات الأصح الأول

قال ومحاويج أهل الذمة كالمسلمين وصرح به القمولي في الجواهر ويختص الوجوب بأهل الثروة ومنها إغاثة المستغيثين في النائبات ويختص بأهل القدرة ومنها فك الأسرى ذكره الزركشي نقلا عن التجريد لا بن كج ومنها إقامة الحرف والصنائع وما تتم به المعايش كالبيع والشراء والحرث وما لا بد منه حتى الحجامة والكنس ومنها تحمل الشهادة وأداؤها وتولي الإمامة والقضاء وإعانة القضاة على استيفاء الحقوق ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يختص بأرباب الولايات ولا بالعدل ولا بالحر ولا بالبالغ ولا يسقط بظن أنه لا يفيد أو علم ذلك عادة مالم يخف على نفسه أو ماله أو على غيره مفسدة أعظم من ضرر المنكر الواقع ومنها النكاح عده بعض أصحابنا فرض كفاية حتى لو امتنع منه أهل قطر أجبروا حكاه في شرح الروضة وجزم به في الوسيط ومال السبكي إلى قتالهم وإن قنعوا بالتسري مع تضعيفه القول بأنه فرض كفاية لكن قال القمولي في الجواهر الظاهر أن المراد بكونه فرض كفاية ما إذا طلبه رجل فإنه يجب على نساء البلد إجابته ويسقط بواحدة وكذا على الأولياء المجبرين وخطأه في الخادم وقال المراد تركه للأمة لانقطاع النسل ومنها تعليم الطالبين والافتاء ولا يكفي في إقليم مفت واحد والضابط أن لا يبلغ ما بين مفتيين مسافة القصر قال الفزاري ولا يستغنى بالقاضي عن ا لمفتي لأن القاضي يلزم من وقع إليه عند التنازع والمفتي يرجع إليه المسلم في جميع أحواله العارضة ومنها إسماع الحديث ومنها تصنيف الكتب أشار إليه البغوي في أول التهذيب وقال الزركشي في قواعده من فرض الكفاية تصنيف الكتب لمن منحه الله فهما واطلاعا ولن تزال هذه الأمة مع قصر أعمارها في ازدياد وترق في المواهب والنوادر والعلم لا يحل كتمه فلو ترك التصنيف لضيع العلم على الناس ومنها القيام بإقامة الحجج وحل المشكلات في الدين وبعلوم الشرع وهي التفسير والحديث والفقه بحيث يصلح للقضاء والإفتاء وآلاتها كالأصول

والنحو والصرف واللغة وأسماء الرواة والجرح والتعديل واختلاف العلماء واتفاقهم والطب والحساب المحتاج إليه في المعاملات والإرث والوصايا ونحوها وإنما يتوجه ذلك على أهل القضاء غير بليد له ما يكفيه ويدخل الفاسق ولا يسقط به ولا يدخل العبد والمرأة وفي سقوطه بهما وجهان ومنها حفظ القرآن والحديث ذكره في شرح المهذب وعبر العبادي في الزيادات والجرجاني في الشافي بحفظ جميع القرآن وعبر الماوردي بنقل السنن وعد الشهرستاني في الملل والنحل الاجتهاد من فروض الكفايات قال فلو استغل بحصيله واحد سقط الفرض عن الجميع وإن قصر فيه أهل عصر عصوا بتركه وأشرفوا على خطر عظيم فإن الأحكام الاجتهادية إذا كانت مترتبة على الاجتهاد ترتب المسبب على السبب ولم يوجد السبب كانت الأحكام عاطلة والآراء كلها متماثلة فلا بد إذن من مجتهد انتهى قاله الزركشي

ومن فروض الكفايات
جهاد النفس
قال الشيخ علاء الدين للباجي جهاد النفس فرض كفاية على المسلمين البالغين العاقلين ليرقى بجهادها في درجات الطاعات ويظهر ما استطاع من الصفات ليقوم بكل إقليم رجل من أهل الباطن كما يقوم به رجل من علماء الظاهر كل منهما يعين المسترشد على ما هو بصدده فالعالم يقتدى به والعارف يهتدى به وهذا مالم يستول على النفس طغيانها وإنهماكها في عصيانها فإن كان كذلك صار اجتهادها فرض عين بكل ما استطاع فإن عجز استعان عليها بمن يحصل له المقصود من علماء الظاهر والباطن بحسب الحاجة وهو أكبر الجهادين إلى أن ينصره الله تعالى خاتمة العلوم تنقسم إلى ستة أقسام
أحدها فرض كفاية
وقد مر

والثاني فرض عين
وهو ما يحتاج إليه العامة في الفرائض كالوضوء والصلاة والصوم إنما يتوجه بعد الوجوب فإن كان بحيث لو ثبر إلى دخول الوقت لم يتمكن لزمه التعلم قبله كما يلزم بعيد الدار السعي إلى الجمعة قبل الوقت وما كان على الفور فتعلمه على الفور ومالا فلا وإنما يلزم تعلم الظواهر لا الدقائق والنوادر ومن له مال زكوى يلزمه ظواهر أحكام الزكاة ومن يبيع ويشتري يلزمه تعلم أحكام المعاملات ومن له زوجة يلزمه تعلم أحكام عشرة النساء وكذا من له أرقاء وكذا معرفة ما يحل وما يحرم من مأكول ومشروب وملبوس وأما علم الكلام فليس عينا قال الإمام ولو بقي الناس على ما كانوا عليه لنهينا عن التشاغل به أما إذ ظهرت البدع فهو فرض كفاية لإزالة الشبه فإن ارتاب أحد في أصل منه لزمه السعي في إزاحته قال في شرح المهذب قإن فقد الأمران فحرام والواجب في الاعتقاد التصديق الجازم بما جاء به القرآن والسنة وأما علم القلب ومعرفة أمراضه من الحسد والعجب والرياء ونحوها فقال الغزالي إنها فرض عين وقال غيره من رزق قلبا سليما منها كفاه وإلا فإن تمكن من تطهيره بغيره لزمه وإن لم يتمكن إلا بتعلمه وجب
الثالث مندوب
كالتبحر في العلوم السابقة بالزيادة على ما يحصل به الفرض
الرابع حرام
كالفلسفة والشعبذة والتنجيم والرمل وعلوم الطبائعيين والسحر هذا مافي الروضة ودخل في الفلسفة المنطق وصرح به النووي في طبقاته وابن الصلاح في فتاويه وخلائق آخرون

ومن هذا القسم علم الحرف صرح به الذهبي وغيره والموسيقى نقل ابن عبدالبر الإجماع عليه

الخامس
مكروه كأشعار المولدين في الغزل والبطالة
السادس
مباح كأشعارهم التي لا سخف فيها ولا ما يثبط عن الخير ولا يحث عليه ذكر هذه الأقسام النووي في الروضة وغيرها فقد استكمل العلم أقسام الأحكام الخمسة ونظيره في الأقسام المذكورة النكاح فإنه يكون فرض كفاية كما تقدم وفرض عين على من خاف العنت ومندوبا لتائق إليه واجد أهبة ومكروها لفاقد الأهبة والحاجة أو واجدها وبه علة كهرم أو تعنين أو مرض دائم ومباحا لواجد الأهبة غير محتاج ولا علة وحراما لمن عنده أربع ونظيره في تلك أيضا القتل فإنه يكون فرض عين على الإمام في الردة والحرابة وترك الصلاة والزنا وفرض كفاية في الجهاد والصيال على بضع ومندوبا في الحربي إذا قدر عليه ولا مصلحة في استرقاقه والصائل حيث الدفع أولى من الاستسلام ومكروها في الأسير حيث في استرقاقه مصلحة وحراما في نساء أهل الحرب وصبيانهم ومنه القتل العمد العدوان ومباحا في القصاص وله قسم سابع وهو مالا يوصف بواحد من الستة وهو قتل الخطأ وقريب من ذلك الطلاق فإنه يكون واجبا وهو طلاق الحكمين والمولى ومندوبا وهو طلاق من خاف أن لا يقيم حدود الله في الزوجية ومن رأى ريبة يخاف معها على الفرش وحراما وهو البدعي وطلاق من قسم لغيرها ولم يوفها حقها من القسم ومكروها وهو ما سوى ذلك ففي الحديث أبغض الحلال إلى الله الطلاق ولا يوجد فيه مباح مستوى الطرفين هكذا حكاه النووي عن الأصحاب في شرح مسلم قال العلائي ويمكن أن يوجد عند تعارض مقتضى الفراق وضده في رأي الزوج

فصل
قال الشاشي في الحلية ليس لنا سنة على الكفاية إلا ابتداء السلام فلو لقي جماعة واحدا أو جماعة فسلم واحد منهم كفى لأداء السنة واستدرك عليه أشياء منها تشميت العاطس صرح أصحابنا بأنه سنة على الكفاية كابتداء السلام ومنها التسمية على الأكل فلو سمى واحد من الآكلين أجزأ عنهم نقله في الروضة عن نص الشافعي ومنها الأضحية إذا ضحى بشاة واحد من أهل البيت تأدى الشعار بها والسنة عن جميعهم ومنها ما يفعل بالميت مما ندب إليه ومنها الأذان والإقامة على الأصح قلت الظاهر أنهما سنتا عين وإلا لعدت الجماعة على القول بأنها سنة والعيد والكسوف والاستسقاء ومما يصلح أن يعد منها ما تقدم من العلم أنه مندوب وتلقين الميت إذا أرتج عليه ولم أر من تعرض لذلك
القول في أحكام السفر
قال النووي رخص السفر ثمانية القصر والجمع والفطر والمسح أكثر من يوم وليلة ويختص بالطويل والتنقل على الراحلة وإسقاط الجمعة وأكل الميت وإسقاط الفرض بالتيمم ولا يختص به واستدرك عليه أخرى وهي عدم القضاء لمن سافر بها معه وقد تقدم بأبسط من ذلك في القاعدة الثالثة من الكتاب الأول عند الكلام على التخفيفات ونزيد هنا أن السفر اختص بأمور أخرى غير التخفيفات منها عدم صحة الجمعة ومنها تحريمه على المرأة إلا مع زوج أو محرم للحديث وسواء السفر الطويل والقصير كما في شرح المهذب والمباح والواجب ومن ثم لم يجب عليها الحج

ولا التغريب في الزنا إذا امتنع الزوج أو المحرم من الخروج نعم أقيم مقامهما في الحج النسوة الثقات والتعبير بالثقات يخرج غيرهن وبالنسوة تخرج المرأة الواحدة فلا يجب الخروج للحج معها لكن يجوز أن يخرج معها لأداء حجة الإسلام على الصحيح في شرح المهذب قال الأسنوي فهما مسألتان إحداهما شرط وجوب حجة الإسلام والثانية جواز الخروج لأدائها وقد اشتبهتا على كثير حتى توهموا اختلاف كلام النووي في ذلك وليس لها أن تخرج لحج التطوع وغيره من الأسفار التي لا تجب على المرأة الواحدة بل ولا مع النسوة الخلص عند الجمهور ونص عليه الشافعي كما قاله في شرح المهذب وصححه في أصل الروضة قال الأسنوي ولا شك أن لها الهجرة من بلاد الكفر وحدها فعلى هذا تستثنى هذه المسألة من أصل القاعدة ومنها تحريمه على الولد إلا بإذن أبويه ويستثنى السفر لحج الفرض ولتعلم العلم وللتجارة ومنها تحريمه على المديون إلا بإذن غريمه بشرط أن يكون الدين حالا وقيل يمنع في المؤجل من سفر مخوف ومنها وجوب طواف الوداع على مريده من مكة قال في شرح المهذب وسواء الطويل والقصير ومنها جواز إيداع المودع الوديعة عند غيره إذا أراد سفرا ولم يجد المالك

ضابط
مسافة القصر في حكم البعيد وما دونها في حكم الحاضر إلا في صور الأولى نقل الزكاة الثانية عدم وجوب الحج على من لا يطيق المشي الثالثة إحضار المكفول الرابعة إذا أراد أحد الأبوين سفر نقلة فالأب أولى مطلقا
فائدة
الأبنية تعتبر في صلاة الجمعة ورخص السفر الثمانية وعد تحريم الاستقبال والاستدبار لقاضي الحاجة وفي بيع القرية وفي حكم قاضي البلد

ضابط
حيث أطلق في الشرع البعيد فالمراد به مسافة القصر إلا في رؤية الهلال فالبعد فيه اختلاف المطالع على ما صححه النووي
ضابط
تعتبر مسافة القصر في غير الصلاة في الجمع والفطر والمسح ورؤية الهلال على ما صححه الرافعي وحاضري المسجد الحرام ووجوب الحج ماشيا وتزويج الحاكم موليه الغائب
ويختص ركوب البحر بأحكام
منها تحريمه وإسقاطه الحج حيث كان الغالب الهلاك وفي فتاوى البارزية أنه لا يجوز لغير الأب والجد إركاب الطفل البحر وإن غلبت السلامة وأنه يجوز لهما لوفور شفقتهما
القول في أحكام الحرم
اختص حرم مكة بأحكام
الأول لا يدخله أحد إلا بحج أو عمرة وجوبا أو استحبابا الثاني لا تقاتل في البغاة على رأي الثالث يحرم صيده الرابع يحرم قطع شجره منهما ويشاركه فيهما حرم المدينة الخامس يمنع كل كافر من دخوله مقيما كان أو مارا السادس لا تحل لقطته للتملك السابع يحرم إخراج أحجاره وترابه إلى غيره الثامن يكره إدخال أحجار غيره وترابه إليه التاسع يختص نحر الهدايا والفداء به العاشر يجب قصده بالنذر بخلاف ما سواه الحادي عشر لو نذر الذبح فيه تعين بخلاف ما لو نذره بغيره فيذبح حيث شاء الثاني عشر لا يؤذن فيه لمشرك ولا يدفن فيه فإن دفن نبش وأخرج الثالث عشر تغلظ الدية على قاتل الخطأ فيه الرابع عشر لا دم على أهله في تمتع ولا قران

الخامس عشر لا يجوز إحرام المقيم به بحج خارجه السادس عشر لا يكره فيه نافلة بوقت السابع عشر يسن الغسل لدخوله ويشاركه في ذلك حرم المدينة كما صرح به النووي في مناسكه الثامن عشر مضاعفة الصلاة فيه التاسع عشر مضاعفة السيئات فيهما كما تضاعف الحسنات العشرون الهم بالسيئة فيه مؤاخذ به ولا يؤاخذ به في غيره

القول في أحكام المساجد
هي كثيرة جدا وقد أفردها الزركشي بالتصنيف وأنا أسردها هنا ملخصة فمنها تحريم المكث فيه على الجنب والحائض ودخوله على حائض وذي نجاسة يخاف منها التلويث ومن ثم حرم إدخاله الصبيان والمجانين حيث غلب تنجيسهم وإلا فيكره كما في زوائد الروضة والشهادات وحرم أيضا دلك النعل به لأنه تنجيس أو تقذير ذكره في شرح المهذب في الصلاة وذكر فيه أيضا أنه يحرم إدخاله النجاسة وفي فتاويه يحرم قتل قملة ونحوها وإلقاؤها فيه وفي الروضة يحرم البول فيه ولو في إناء بخلاف القصد فيه في إناء فيكره ولا يحرم وفي فتاوى القفال يمنع من تعليم الصبيان فيه ومنها يحرم أخذ شيء من أجزائه وحجره وحصاه وترابه وزيته وشمعه ذكره في شرح المهذب ومنها تحريم البصاق فيه كما جزم به في شرح المهذب والتحقيق والقمولي في الجواهر وفي المهمات أن الموجود للأصحاب هو الكراهة قال كما في شرح المهذب ومن بدره البصاق بصق في طرف ثوبه من الجانب الأيسر قال ويسن لمن رأى بصاقا فيه أن يزيله بدفنه في تراب المسجد فإن لم يكن له تراب أخذه بيده أو بعود ونحوه وأخرجه من المسجد ومنها كراهة دخوله لمن أكل ذا ريح كريهة والبيع والشراء فيه وسائر العقود وإن

قل إلا لحاجة ونشدة الضالة والأشعار إلا ما كان في الزهد ومكارم الأخلاق وعمل الصنعة فيه كالخياطة ونحوها إن جعله مقعدا لها أو أكثر رفع الصوت فيه والخصومة والجلوس فيه للقضاء ومنها يسن كنسه وتنظيفه وتطييبه وفرشه والمصابيح فيه وتقديم اليمنى عند دخوله واليسرى عند خروجه ومنها أنه لا يمنع ستره بالحرير صرح به الغزالي وابن عبد السلام أحكام يوم الجمعة اختص بأحكام صلاة الجمعة والجماعة فيها وكونها بأربعين والخطبة وقراءة السورة المخصوصة فيها وتحريم السفر قبلها والغسل لها والطيب ولبس أحسن الثياب وإزالة الظفر والشعر وتبخير المسجد والتبكير والاشتغال بالعبادة حتى يخرج الخطيب ولا يسن الإبراد بها وقراءة ألم تنزيل و هل أتى في صبحه والجمعة والمنافقون في عشاء ليلته والكافرون والإخلاص في مغرب ليلته وكراهة إفراده بالصوم وكراهة إفراد ليلته بالقيام وقراءة الكهف ونفي كراهة النافلة وقت الاستواء وهو خير أيام الأسبوع ويوم عيد وفيه ساعة الإجابة ويجتمع فيه الأرواح وتزار فيه القبور ويأمن الميت فيه من عذاب القبر ولا تسجر فيه جهنم ويزور أهل الجنة فيه ربهم سبحانه وتعالى = الكتاب الخامس في نظائر الأبواب = = كتاب الطهارة = المياه أقسام طهور وهو الماء المطلق وطاهر وهو المستعمل والمتغير بما يضر ونجس وهو المتغير بنجاسة أو الملاقي لها وهو قليل ومكروه وهو المشمس وحرام وهو مياه آبار الحجر إلا بئر الناقة

والمطلق أنواع
مطلق اسما وحكما وهو الباقي على وصف خلقته وحكما لا اسما وهو المتغير بما لا يمكن صونه وعكسه وهو المستعمل إن قلنا إنه مطلق منع تعبدا
ضابط
ليس لنا ماء طاهر لا يستعمل إلا المستعمل والمتغير كثيرا بمخالطة طاهر مستغنى عنه ولا ماء طهور لا يستعمل إلا البئر التي تمعطت بها فأرة وماؤها كثير ولم يتغير فإنه طهور ومع ذلك يتعذر استعماله لأنه ما من داو إلا ولا يخلو من شعرة
ضابط
قال الجرجاني في المعاياة والمرعشي وغيرهما لا يعرف ماء طاهر في إناء نجس إلا في صورتين الأولى جلد ميتة طرح فيه ماء كثير ولم يتغير والثانية إناء فيه ماء قليل ولغ في كلب ثم كوثر حتى بلغ قلتين ولا تغير كالماء طاهر والإناء نجس لأنه لم يسبع ولم يعفر وهذه المسألة من مهمات المسائل التي أغفلها الشيخان فلم يتعرضا لها وفيها أربعة أوجه أصحها هذا وهو قول ابن الحداد وصححه السنجي في شرح الفروع والثاني يطهر الإناء أيضا كما في نظيره من الخمر إذا تخللت فإن الإناء يتبعها في الطهارة والثالث إن مس الكلب الماء وحده طهر الإناء وإن مس الإناء أيضا فلا قال ابن السبكي وهذا يشبه الوجه المفصل في الضبة بين أن تلاقي فم الشارب أم لا والرابع إن ترك الماء فيه ساعة طهر وإلا فلا قلت وهذا يشبه مسألة الكوز وقد بسطتها في شرح منظومتي المسماة بالخلاصة وعبارتي فيها ** وإن بلغ في دونه فكوثرا ** يطهر قطعا والإنا لن يطهرا **
فائدة
قال البلقيني ليس في الشرع اعتبار قلتين إلا في باب الطهارة وفي باب الرضاع

على طريقة ضعيفة إذا امتزج اللبن بالماء فإن امتزج بقلتين لم يحرم وإلا حرم

فائدة
اختلف في كراهة المشمس في الأواني هل هي شرعية أو طبية على وجهين حررت المقصود منها في حواشي الروضة
ويتفرع عليها فروع
أحدها إن قلنا طبية اشترط حرارة القطر وانطباع الإناء وإلا فلا الثاني إن قلنا شرعية اشترط القصد وإلا فلا الثالث إن قلنا شرعية كره للميت وإلا فلا الرابع إن قلنا طبية كره سقي البهيمة منه وإلا فلا الخامس إن قلنا شرعية لم يشترط فيه شدة الحرارة وإلا اشترط السادس إن قلنا طبية وفقد غيره بقيت الكراهة وإلا فلا السابع إن قلنا شرعية علل عدمها في الحيض والبرك بعسر الصون أو طبية علل بعدم خوف المحذور الثامن إن قلنا طبية تعدت الكراهة إلى غير الماء من المائعات وإلا فلا
ضابط
ليس لنا ماءان يصح الوضوء بكل منهما منفردا ولا يصح الوضوء بهما مختلطين إلا المتغير بمخالط لا يستغنى الماء عنه فإنه إذا صب على مالا تغير فيه فغيره ضر لامكان الاحتراز عنه نبه عليه ابن أبي الصيف اليمني في نكت التنبيه قال الأسنوي وهي مسألة غريبة والذي ذكره فيها متجه قال ولنا صورة أخرى لكنها في الجواز لا في الصحة وهي ما إذا كان لرجلين ماءان وأباح له كل منهما أن يتوضأ بمائه فإن الماء لم يخرج عن ملكها بذلك فإذا خلطهما فقد تعدى لأنه تصرف فيهما بغير الجهة المأذون فيها
فائدة
إذا غمس كوز فيه ماء نجس في ماء طاهر فله أحوال أحدها أن يكون واسع الرأس ويمكث زمنا يزول فيه التغيير لو كان متغيرا فيطهر قطعا الثانية أن يكون ضيقا ولا يمكث فلا قطعا

الثالثة واسع الرأس ولا يمكث الرابعة ضيقه ويمكث وفيهما وجهان الأصح لا يطهر

فائدة
لنا ماء هو ألف قلة وهو نجس من غير تغير وصورته الماء الجاري على النجاسة وكل جرية لا تبلغ قلتين
فائدة
قال الأسنوي في ألغازه شخص يجب عليه تحصيل بول ليتطهر به عن وضوئه وغسله وإزالة نجاسته وصورته جماعة معهم قلتان فصاعدا من الماء وذلك لا يكفيهم لطهارتهم ولو كملوه ببول وقدروه مخالفا للماء في أشد الصفات لم يغيره فإنه يجب عليهم الخلط على الصحيح ويستعملون جميعه كما بسطه الرافعي في أول الشرح المسائل التي لا يتنجس منها الماء القليل والمائع بالملاقاة عشر
الأولى
الميتة التي لا دم لها سائل بشرطها
الثانية
ما لا يدركه الطرف وفيه تسع طرق أحدها يعفى عنه في الماء والثوب والثاني لا فيهما والثالث ينجس الماء دون الثوب لأن الثوب أخف حكما في النجاسة والرابع عكسه لأن للماء قوة في دفع النجاسة والخامس تنجس الماء وفي الثوب قولان والسادس عكسه والسابع لا ينجس الماء وفي الثوب قولان والثامن عكسه والتاسع وهو أصح الطرق فيهما قولان أظهرهما عند النووي العفو وهذه المسألة نظير مسألة ولاية الفاسق النكاح في كثرة طرقها وقد تقدمت

الثالثة
الهرة إذا أكلت نجاسة ثم غابت بحيث يحتمل طهارة فمها فإنه باق على نجاسته ولو ولغت في ماء قليل أو مائع لم ينجس وألحق المتولي بها السبع إذا أكل جيفة وخالفه الغزالي لانتفاء المشقة بعدم الاختلاط
الرابعة
أفواه الصبيان كالهرة قاله ابن الصلاح في فتاويه
الخامسة
اليسير من دخان النجاسة صرح به الرافعي في صلاة الخوف
السادسة
اليسير من الشعر النجس صرح به في زوائد الروضة قال في الخادم وينبغي أن يلحق به الريش قال إلا أن أجزاء الريشة الواحدة لكل جزء منها حكم الشعرة الواحدة
السابعة
الحيوان الذي على منقاره نجاسة غير الآدمي إذا وقع في الماء أو المائع لا ينجسه على الأصح لمشقة الاحتراز صرح به الشيخان وسواء فيه الطائر وغيره
الثامنة
غبار السرجين صرح به الرافعي وأسقطه من الروضة
التاسعة
ذرق ما نشوؤه في الماء والمائع وبوله قال الأذرعي في القوت لا شك في العفو عنه ولم أره منصوصا قلت قال القاضي حسين لو اجعل سمكا في حب ماء فمعلوم أنه بول فيه ويروث فيعفى عنه للضرورة وكذا في تعليق البندنيجي ونقله القمولي في الجواهر عن أبي حامد

العاشرة
غسالة النجاسة بشروطها فإنها ماء قليل لاقى نجاسة ومع ذلك لا ينجس وقد صرح باستثنائها في العجائب والمهمات وابن الملقن في نكت التنبيه وقد جمعت هذه الصور في الخلاصة فقلت بعد قولي في آخر بيت وما دونها ** نجاسة تنجس إلا في صور ** ما قل عرفا من دخان أو شعر ** ومن غيبار وقليل ما بصر ** يدركه ومنفذ لا من شر ** والفم في الصبيان أو في الهره ** غابت بحيث قد ظننا طهره ** والميت ما منه دم لم يطرح ** ولم يكن تغير في الأرجح ** أما الذي يطرح في حياته ** والنشو منه فاعف لا مماته ** زذرق ناش والغسالات كما ** حرر والمانع والثوب كما **
باب السواك
المواضع التي يتأكد فيها السواك سبعة نظمتها في بيتين وهما ** يسن استياك كل وقت وقد أتت ** مواضع بالتأكيد خص المبشر ** وضوء صلاة والقرآن دخوله ** لبيت ونوم وانتباه تغير **
باب أسباب الحدث
ضابط
قال ابن القاص في التلخيص لا يبطل شيء من العبادات بعد انقضاء عمله إلا الطهارة إذا انقضت ثم أحدث تبطل
ضابط
قال ابن القاص أيضا لا تبطل الطهارة طهارة إلا في المستحاضة والسلس وعبر الأسنوي في ألغازه عن ذلك بقوله لنا طهارة لا تبطل بوجود الحدث وتبطل بعدمه وهي طهارة دائم الحدث
فائدة
قال الأسنوي رجل ليس في صلاة يحرم عليه أن يأتي بنوع من الذكر والقرآن لكونه محدثا حدثا أصغر وصورته في خطبة الجمعة بناء على اشتراط الطهارة فيها قال وقل من صرح بذلك وقد تفطن لها الجرجاني فعدها في البلغة من المحرمات

فائدة
قال المحب الطبري والأسنوي إذا مست المرأة ختانها لا ينتقض وضوءها لأن الناقض من فرجها ملتقى الشفرين خاصة
باب الاستنجاء
قال الأسنوي لنا صورة لا يشترط فيها طهارة الحجر المستنجى به وذلك عند إرادة ا لجمع بين الماء والحجر صرح به الجيلي في الإعجاز نقلا عن الغزالي في بعض كتبه فتفطن لذلك وقيد به ما أطلقه الرافعي وغيره قلت لكن البلقيني ضعفه في فتاويه وقال إنه غير معتد به قال إلا أنه يكفي مرة ولا يحتاج إلى الثلاث
باب الوضوء
ضابط
لا يسقط الترتيب إلا في صورتين إحداهما إذا انغمس في الماء بنية رفع الحدث ولم يمكث كما صححه النووي الثانية جنب غسل بدنه إلا رجليه أو عضوا من أعضاء وضوئه ثم أحدث لم يؤثر الحدث فيما بقي بغير غسل فيغسله عن الجنابة مقدما ومؤخرا ومتوسطا ويقال وضوء خال عن غسل الرجلين وهذه صورته قال ابن السبكي ونظير ذلك أن يقال لنا وضوء مشتمل على غسل الرجلين ومع ذلك لا يحسب وصورته في لابس الخف إذا مسح ثم غسل رجليه وهما في الخف فإن البغوي ذكر في فتاويه أنه لا يصح غسلهما عن الوضوء حتى لو انقضت المدة أو نزع لزمه إعادة غسلهما لأنه لم يغسل الرجلين غسل اعتقاد الفرض فإن الفرض سقط بالمسح قال ويحتمل خلافه لأن تارك الرخصة إذا أتى بالأصل لا يقال إنه لم يؤد الفرض ورده ابن ا لسبكي بأن الغسل لم يقع إلا وقد ارتفع حدثهما المواضع التي يستحب فيها الوضوء وقعت في الخلاصة في ثمانية أبيات وهي ** ويندب الوضوء للقراءة ** والعلم شرعيا وللرواية **

** ولدخول مسجد وإن غضب ** وغيبة وكل زور ككذب ** والسعي والوقوف والزيارة ** والنوم والتأذين والإمامة ** وجنب للشرب والطعام ** والعود للجماع والمنام ** مع غسل فرج لا لذات الدم ما ** لم ينقطع وكره تركه انتمى ** وعاين مع غسله للباطن ** وصبه على المعين الواهي ** وقص شارب ونفل الخطبة ** وشكه وحمله للميت ** وكل ما قيل بنقضه الوضو ** ومن يزد عيادة معترض **

شروط الوضوء
قلت فيها نظما ** وللناس في شرط الوضوء تخالف ** وحرره نظمى فخذه بلا عسر ** فأولها الماء الطهور وعلمه ** أو الظن والتمييز والفقد للكفر ** وإعدام ما نافى وفقد لمانع ** كشمع ودهن وارتداد لدى خسر ** وطهر محل الغسل فافهم واتئد ** وحرر محل الخلف في أيها يجري ** وتمييزه فرضا من النفل وليكن ** كما حرروه في الصلاة أو لو الخبر ** وفي امرأة إنقاء حيض وشبهة ** وأن تدخل الأوقات في حق ذي الضر ** وتقديم الاستنجا وحشو لمنفذ ** وتقديم تطهير عن الخبث المزري ** وأيلاؤه بين الوضوء وحشوه ** وإيلاؤه فيه والإيلاء بالذكر ** واعلم أن جميع شروط الوضوء شروط للغسل وقد أوضحت ذلك في كتابي الخلاصة فقلت ** شرط الوضو كالغسل مطلق وظن ** والعقل والإسلام لكن حيث عن ** أثناءه الردة ألغ ما بقى ** وفقد مانع كفي التشققى **
ضابط
قال الماوردي ليس في أعضاء الطهارة عضوان لا يبحب تقديم الأيمن منهما إلا الأذنين فإنه يستحب مسحهما دفعة قال ابن الرفعة وزاد عليه بعضهم الخدين
باب مسح الخف
لا يجب إلا في صورة واحدة وهي أن يكون لابسا بشرطه ودخل وقت الصلاة ومعه ما يكفيه لو مسح ولا

يكفيه لو غسل فالظاهر كما ذكره ابن الرفعة في الكفاية وجوب المسح لقدرته على الطهارة الكاملة قال الأسنوي وما ذكره تفقها ولم يظفر فيه بنقل وقد نقل الروياني في البحر الاتفاق عليه ولو أرهق المتوضىء في الحدث ومع ما يكفيه إن مسح لا إن غسل لم يجب لبس الخف ليمسح عليه كما صححه الشيخان والفرق واضح فإن في الأول تفويت ما هو حاصل بخلاف الثاني

فائدة
قال البلقيني نظير مسح الخف المغصوب غسل الرجل المعضوبة وصورته أن يجب قطعها فلا يمكن من ذلك
باب الغسل
قال النووي وغيره لا يعرف جنب يحرم عليه الصلاة والطواف ونحوهما دون القراءة واللبس إلا من تيمم عن الجنابة ثم أحدث
باب التيمم
قال ابن القاص كل شيء يبطل الطهارة ففي الصلاة وغيرها سوء إلا رؤية الماء في الصلاة لمتيمم وزاد في القديم النوم في الصلاة
ضابط
لا يجمع بين الفرضين بتيمم إلا الجنازو والوطء فإنهما يجوزان مع فرض آخر ويجوز مرات من كل بتيمم
فائدة
قال الأسنوي شخص لا يصح تيممه إلا بعد تيمم غيره وهو المصلي على الجنازة لا يصح تيممه حتى ييمم الميت أو يغسل
فائدة
مسارف سفرا مباحا صلى صلوات بعضها بالوضوء وبعضها بالتيمم يلزمه قضاء ما صلاه بالوضوء دون التيمم وصورته أن يكون أجنب ونسي وكان يصلي بالوضوء تارة وبالتيمم تارة أخرى فإنه يجب قضاء ما صلاه بالوضوء دون التيمم لأن التيمم يقوم مقام الغسل

ضابط
قال في الروضة نقلا عن الجرجاني كل من صح إحرامه بالفرض صح إحرامه بالنفل إلا ثلاث فاقد الطهورين وفاقد السترة ومن عليه نجاسة عجز عن إزالتها ويزاد رابع على وجه ضعيف وهي المتحيرة
ضابط
قال في المعاياة ليس لنا وضوء يبيح النفل دون الفرض إلا في صورة واحدة وذلك الجنب إذا تيمم وأحدث حدثا أصغر ووجد ماء يكفيه للوضوء فقط فتوضأ فإنه يباح له النفل دون الفرض
باب النجاسات
الحيوان طاهر إلا الكلب والخنزير وفروعهما والميتات نجسة إلا السمك والجراد بالإجماع والآدمي على الأصح والجنين الذي وجد في بطن المذكاة والصيد الذي لم تدرك ذكاته والمقتول بالضغطة والبعير الناد ولا حاجة إلى استثنائها في الحقيقة لأنها مذكاة شرعا واستثنى على رأي مالا دم له سائل
ضابط
الدم نجس إلا الكبد والطحال والمسك والعلقة في الأصح والدم المحبوس في ميتة السمك والجراد والجنين والميت بالضغطة والسهم والمني واللبن إذا خرجا على لون الدم والدم الباقي على اللحم والعروق لأنه ليس بمسفوح ودم السمك على وجه والمتحلب من الكبد والطحال على وجه والبيضة إذا صارت دما على وجه
ضابط
قال ابن سريح في كتابه تذكرة العالم جميع ما خرج من القبل والدبر نجس إلا الولد والمنى قلت ويضم إليه المشيمة على الأصح

قاعدة
قال القمولي في الجواهر النجس إذا لاقي شيئا طاهرا وهما جافان لا ينجسه قال ويستثنى صورة وهي ما إذا لصق الخبز على دخان النجاسة في التنور فإن ظاهر أسفله ينجس فيغسل بالماء قال وذكر القاضي أن دخان النجاسة لو أصاب ثوبا رطبا نجسه أو يابسا فوجهان
ضابط
قال الجرجاني في الشافي ليس في النجاسات ما يزال بنجس غير صورتين إحداهما الدباغ يجوز بالنجس الثاني قلة من الماء نجسة مفردة وقلة أخرى نجسة فجمعا ولا تغير طهرتا فقد توصلنا إلى إزالة النجاسة بالنجاسة تقسيم النجاسات أقسام أحدها ما يعفى عن قليله وكثيره في الثوب والبدن وهو دم البراغيث والقمل والبعوض والبثرات والقيح والصديد والدماميل والقروح وموضع الفصد والحجامة ولذلك شرطان أحدهما أن لا يكون بفعله فلو قتل برغوثا فتلوث به وكثر لم يعف عنه والآخر أن لا يتفاحش بالإهمال فإن للناس عادة في غسل الثياب فلو تركه سنة مثلا وهو متراكم لم يعف عنه قاله الإمام وعلى ذلك حمل الشيخ جلال الدين المحلي قول المنهاج إن لم يكن بجرحه دم كثير الثاني ما يعفى عن قليله دون كثيره وهو دم الأجنبي وطين الشارع المتيقن نجاسته الثالث ما يعفى عن أثره دون عينه وهو أثر الاستنجاء وبقاء ريح أو لون عسر زواله الرابع مالا يعفى عن عينه ولا أثره وهو ما عدا ذلك تقسم ثان ما يعفى عنه من النجاسة أقسام أحدها ما يعفى عنه في الماء والثوب وهو مالا يدركه الطرف وغبار النجس

الجاف وقليل الدخان والشعر وفم الهرة والصبيان ومثل الماء المائع ومثل الثوب البدن الثاني ما يعفى عنه في الماء والمائع دون الثوب والبدن وهو الميتة التي لا دم لها سائل ومنفذ الطير وروث السمك في الحب والدود الناشئ في المائع الثالث عكسه وهو الدم اليسير وطين الشارع ودود القز إذا مات فيه لا يجب غسله صرح به الحموي وصرح القاضي حسين بخلافه الرابع ما يعفى عنه في المكان فقط وهو ذوق الطيور في المساجد والمطاف كما أوضحته في البيوع ويلحق به ما في جوف السمك الصغار على القول بالعفو عنه لعسر تتبعها وهو الراجح

الصور التي استثني فيها الكلب والخنزير من العفو
الأولى الدم اليسير من كل حيوان يعفى عنه إلا منهما ذكره في البيان قال في شرح المهذب ولم أر لغيره تصريحا بموافقته ولا مخالفته قال الأسنوي وقد وافقه الشيخ نصر المقدسي في المقصود الثانية يعفى عن الشعر اليسير إلا منهما ذكره في الاستقصاء الثالثة يعفى عن النجاسة التي لا يدركها الطرف إلا منهما ذكره في الخادم بحثا الرابعة الدباغ يطهر كل جلد إلا جلدهما بلا خلاف عندنا الخامسة يعفى عن لون النجاسة أو ريحها إذا عسر زواله إلا منهما ذكره في الخادم بحثا السادسة قال في الخادم ينبغي استثناء نجاسة دخان نجاسة الكلب والخنزير لغلظهما فلا يعف عن قليلها
فائدة
نظير التفرقة بين الصبي الذي لم يأكل غير اللبن والذي أكل غيره في البول التفرقة بين السخلة التي لا تأكل غير اللبن والتي أكلت غيره في الأنفحة
باب الحيض
يتعلق به عشرون حكما اثنا عشر حرام تسعة عليها الصلاة وسجود التلاوة والشكر والطواف والصوم والاعتكاف ودخول المسجد إن خافت تلويثه وقراءة القرآن ومسه وكتابته على وجه

وزاد في المهذب الطهارة وزاد المحاملي حضور المحتضر وثلاثة على الزوج الوطء والطلاق وما بين السرة والركبة على الأصح وثمانية غير حرام البلوغ والاغتسال والعدة والاستبراء وبراءة الرحم وقبول قولها فيه وسقوط الصلاة وطواف الوداع

ضابط
حيث أبيحت الصلاة أبيح الوطء إلا في المتحيرة والتي انقطع دمها ولم تجد ماء ولا ترابا تصلي ولا توطأ
ضابط
حيث أطلق الشهر في الشرع فالمراد به الهلالي إلا في المبتدأة غير المميزة وفي المتحيرة وفي الأشهر الستة المعتبرة في أقل مدة الحمل فإنها عدلية قطعا قاله البلقيني
باب الصلاة
قال الصدر موهوب الجزري لا يعذر أحد من أهل فرض الصلاة في تأخيرها عن الوقت إلا نائم وناس ومن نو الجمع بسفر أو مرض ومكره على تأخيرها ومشتغل بإنقاذ غريق أو دفع صائل أو صلاة على ميت خيف انفجاره ومن خشي فوت عرفة على رأي وفاقد الماء وهو على بئر لا تنتهي إليه النوبة حتى يخرج الوقت وعار في عراة لا تصل إليه السترة حتى يخرج ومقيم عجز عن الماء حتى خرج الوقت
باب تارك الصلاة
قال الصيمري ليس لنا عبادة يقتل أحد بتركها إذا صح معتقده إلا الصلاة لشبهها بالإيمان
باب الأذان
الصلاة أقسام
قسم يؤذن لها ويقام وهي الصلوات الخمس والجمعة

وقسم لا يؤذن لها ولا يقام وهي المنذورة والنوافل والجنازة وقسم يقام لها ولا يؤذن وهي الفوائت المجتمعة غير الأولى والأولى على قول وجمع التأخير إذا قدم الأولى على قول وقسم لا يؤذن لها ولا يقام ولكن ينادى لها الصلاة جامعة كالكسوفين والاستسقاء والعيدين

ضابط
قال الإمام لا يتوالى أذانان إلا في صورة واحدة وهي ما إذا أذن للفائتة قبل الزوال فلما فرغ زالت فإنه يؤذن للظهر واستدرك النووي أخرى وهي ما إذا أخر أذان الوقت إلى آخره ثم أذن وصلى فلما فرغ دخل وقت أخرى
ضابط
لا يسن الأذان في غير الصلوات إلا في أذان المولود وعند تغول الغيلان كما في الحديث ولا تسن الإقامة لغير الصلاة إلا في أذن المولود اليسرى
باب استقبال القبلة
هو شرط في صحة الصلاة إلا في شدة الخوف ونفل السفر وغريق على لوح لا يمكنه ومربوط لغير القبلة وعاجز لم يجد موجها وخائف من نزوله عن راحلته على نفسه أو ماله أو انقطاع رفقته واستثني في المعاياة من نفل السفر ما يندر ولا يتكرر كالعيدين والكسوف والاستسقاء لأنها نادرة فلا تدعو الحاجة إلى ترك القبلة فيها وهو استثناء حسن إلا أن الأصح خلافه
ضابط
لا يتعين استقبال غير القبلة إلا في مسئلة على وجه وهي ما إذا ركب الحمار منكوسا فصلى النفل إلى القبلة فإن القاضي حسين قال في الفتاوى يحتمل وجهين الجواز لكونه مستقبلا والمنع لأن قبلته وجه دابته والعادة لم تجر بركوب الحمار معكوسا

باب صفة الصلاة
ضابط
الأصابع في الصلاة لها ست حالات
إحداها حالة الرفع في الإحرام والركوع والاعتدال والقيام من التشهد الأول فيستحب التفريق فيها الثانية حالة القيام والاعتدال فلا تفريق الثالثة حالة الركوع يستحب تفريقها على الركتبين الرابعة حالة السجود يستحب ضمها وتوجيهها للقبلة الخامسة حالة الجلوس بين السجدتين فالأصح كالجود السادسة التشهد فاليمنى مضمومة إلا لمسبحة واليسرى مبسوطة والأصح فيها الضم
ضابط
يسن النظر في كل الصلاة إلى موضع سجوده إلا حالة الإشارة بالمسبحة فإليها
ضابط
لا يجهر المأموم في شيء من الصلوات إلا بالتأمين ولا يستحب مقارنته للإمام في شيء إلا فيه
فائدة
الصلوات التي يستحب فيها قراءة سورة الكافرون والإخلاص إحدى عشرة سنة الفجر وسنة المغرب وسنة الطواف وأحاديثها عند مسلم وصرح بها الأصحاب وصبح المسافر لحديث رواه الطبراني وصرح به الجويني والغزالي ومغرب ليلة الجمعة لحديث رواه البيهقي وسنة الضحى لحديث رواه العقيلي وسنة الإحرام ذكرها النووي في مناسكه وسنة الاستخارة ذكرها في الأذكار وسنة السفر ذكرها في الأذكار والوتر لحديث رواه أبو داود والترمذي وسنة الزوال ذكرها أبو حامد في الرونق

باب سجود السهو
قاعدة
ما أبطل عمده الصلاة اقتضى سهوه السجود وما لا فلا ويستثنى من الأول من انحرفت دابته عن مقصده في نفل السفر وعاد عن قرب فإن عمده يبطل والأصح في شرح المهذب والتحقيق أنه لا يسجد لسهوه ومن الثاني تكرير الركن القولي ونقله والقنوت قبل الركوع والعمل القليل والقنوت في وتر غير نصف رمضان الأخير إذا لم يندب فيه وتفريقهم في الخوف أربع فرق فإنه لا يبطل عمده ويسجد للسهو في الكل
فائدة
يستثنى من السجود للقنوت ما إذا اقتدى بحنفي لا يراه فتركه تبعا لإمامه فإنه لا يسن له السجود قاله القفال في فتاويه وجزم به الأسنوي
قاعدة
لا يتكرر سجود السهو إلا في مسائل المسبوق يسجد مع إمامه في آخر صلاته ومثله المستخلف المسبوق إذا سها يسجد موضع سجود إمامه ثم آخر صلاته ومن سجد لظن سهو فبان عدمه يسجد في الأصح ولو سجدوا في الجمعة وخرج الوقت أتموا ظهرا وسجدوا ومثله المسافر إذا سجد ثم عرض موجب إتمام قبل السلام ومن سجد للسهو ثم سها ثانيا على وجه وأكثر ما يمكن تكرره ست سجدات على الأصح بأن يسجد المسبوق مع إمامه في آخر الجمعة أو المسافر ثم يسجد معه إذا أتم ثم يسجد في آخر صلاة نفسه وذكر الأسنوي أنه يتصور عشر سجدات بأن يقتدي في الرباعية بثلاثة أئمة كل في الأخيرة وسها كل إمام منهم وسجد معه فهذه ست ثم قام وسها فإنه يسجد فهذه ثمان فإن كان اقتدى برابع في أول صلاته أدركه في التشهد الأخير وسجد معه كملت له عشر سجدات

باب صلاة النفل
ضابط
التحية مندوبة إلا في مواضع
الخطيب إذا خرج للخطبة الثاني إذا دخل الإمام في المكتوبة الثالث إذا دخل والإمام داخل الخطبة أو قرب إقامة الصلاة بحيث يفوته أولها الرابع إذا دخل المسجد الحرام
ضابط
ليس لنا نفل يجب الإحرام به قائما إلا تحية المسجد فإنه متى جلس عامدا فاتت قاله القمولي في الجواهر
فائدة
قال الأسنوي شخص يسن له الاغتسال لصلاة الضحى في مكان خاص وصورته ما ذكره المحاملي في اللباب حيث قال ومن دخل مكة وأراد أن يصلي الضحى أول يوم اغتسل وصلاها كما فعله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة
باب صلاة الجماعة
قاعدة
قال في الخادم كل مكروه في الجماعة يسقط فضيلتها اه
وفي ذلك صور منقولة
الأولى إذا قارن الإمام في الأفعال وهي في الشرح والروضة الثانية إذا تقدم عليه من باب أولى الثالثة إذا فارقه ذكره الشيخ أبو إسحاق الشيرازي وجزم به الشيخ جلال الدين المحلي الرابعة إذا نوى القدوة في أثناء صلاته ذكره الشيخ جلال الدين أخذا من كراهة ذلك

الخامسة إذا وقف منفردا خلف الصف ذكره الزركشي في الخادم وابن العماد والشيخ جلال الدين أخذا من الكراهة أيضا قلت ورواه البيهقي عن بعض السلف السادسة صلاة القضاء خلف الأداء وعكسه صرح بها في الخادم أخذا من كونه خلاف الأولى السابعة صلاة النوافل المطلقة في الجماعة فإنها لا تستحب فيها كما في الروضة قال الأسنوي في الألغاز وإذا لم تكن مستحبة فلا ثواب فيها فإنه لو كان فيها لزم استحبابه حيازة لذلك الثواب

ومما ليس بمنقول
الشروع في صف قبل إتمام ما أمامه
وقد أجبت فيه بعدم حصول الفضيلة أيضا أخذا من الكراهة وقد ألفت في ذلك كراسة بينت فيها الأمور التي استندت إليها في ذلك فلتراجع الأعذار المرخصة في ترك الجماعة نحو أربعين المطر مطلقا والثلج إن بل الثوب والريح العاصف بالليل وإن لم يظلم والوحل الشديد والزلزلة والسموم وشدة الحر في الظهر وشدة البرد ليلا أو نهارا وشدة الظلمة ذكرها المحب الطبري هذه عامة والباقية خاصة المرض والخوف على نفس أو مال ومنه أن يكون خبزه في التنور أو قدره على النار ولا متعهد والخوف من ملازمة غريمه وهو معسر والخوف من عقوبة تقبل العفو يرجو تركها إن غاب أياما ومدافعة الريح أو أحد الأخبثين والجوع والعطش الظاهران وحضور طعام يتوق إليه والتوق إلى شيء ولم يحضر قاله في الكفاية وفقد لباس يليق به والتأهب لسفر مع رفقة ترحل

وأكل ذي ريح كريه ولم تمكن إزالته بعلاج والبخر والصنان ذكرهما الأسنوي وزاد الأذرعي صحاب الصنعة القذرة كالسماك والبرص والجذام وصرح الأسنوي بأن الأخيرين ليسا بعذر والتمريض وحضور قريب محتضر أو مريض يأنس به ونشد الضالة ووجود من غصب ماله وأراد رده وغلبة النوم والسمن المفرط نقله في المهمات عن ابن حبان وكونه متهما قاله في الذخائر أو في طريقه من يؤذيه بلا حق ولو بشتم ولم يمكن دفعه نقله الأذرعي

باب الإمامة
ضابط
الناس في الإمامة أقسام الأول من لا تجوز إمامته بحال وهم الكافر والمجنون والمأموم والمشكوك في أنه إمام الثاني من يجوز مع الجهل دون العلم وهم الجنب والمحدث ومن عليه نجاسة لا يعفى عنها الثالث من يجوز بقوم دون قوم وهم الأمي والألثغ والأرت لمثله والمرأة والخنثى للنساء الرابع من يصح لصلاة دون صلاة وهم المسافر والعبد والصبي لا تصح إمامتهم في صلاة الجمعة إن تم العدد بهم وتصح في غيرها الخامس من تكره إمامته وهم ولد الزنا والفاسق والمبتدع واللاحن والتمتام والفأفاء وغير الحر السادس من تختار إمامته وهو من سلم من ذلك ضابط لا يعتبر لمأموم تقدم إحرام مأموم إلا في صورتين إحداهما أن يكون بينه وبين الإمام مأموم لولاه لم يحصل اتصال ذكره القاضي حسين وأقره الشيخان الثانية في الجمعة من لا تنعقد به لا ينعقد إحرامه بها حتى يحرم أربعون كاملون ذكره القاضي حسين أيضا واستشكله البلقيني

فائدة
قال الأسنوي في الألغاز شخص يجوز أن يكون إماما ولا يجوز أن يكون مأموما وهو الأعمى الأصم يجوز أن يكون إماما لأنه مستقل بأفعال نفسه لا مأموما لأنه لا طريق له إلى العلم بانتقالات الإمام إلا أن يكون إلى جنبه ثقة يعرفه بالانتقالات ذكره الجويني في الفروق ونقله عن نص الشافعي & باب صلاة المسافر &
ضابط
لا يقصر في سفر قصير إلا في موضع على الأصح وموضعين على رأي الأول خرج قاصدا سفرا طويلا ثم نوى الإقامة في وسط الطريق أربعة أيام فأكثر والباقي مرحلة مثلا فالأصح أنه يترخص ما لم يدخل البلد الثاني أن يكون سفره مرحلة وقصد الذهاب والرجوع بلا إقامة ففي وجه يقصر الثالث أجاز الشافعي في قول القصر في السفر القصير مع الخوف
ضابط
قال في التلخيص لا يجوز لأحد أن يصلي أربع ركعات في كل ركعة سجدة إلا في مسألة واحدة وهي مسافر صلى الظهر بنية القصر فسها وصلى أربعا في كل ركعة سجدة أجزأته وعليه سجدتا السهو وكذلك صلاة الجمعة مثلها
ضابط
قال في التلخيص كل من أحرم خلف مقيم لزمه الإتمام إلا في مسألة واحدة وهي ما إذا بان الإمام محدثا أو جنبا
باب صلاة الجمعة
ضابط
كل عذر أسقط الجماعة أسقط الجمعة إلا الريح العاصف فإن شرطها الليل والجمعة لا تقام ليلا