كتاب : ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب
المؤلف : لسان الدين بن الخطيب
ولا الأيام تسنح بالحسن ما سفرت عنه من قبح حتى ظفرت يدي بودك فأثرت وقدحت زناد حظي فأورت وشفيت العلل واستشرت ورحلت البوس بعدما استقرت رحب ساحة وتأنق سماحة وندى راحة ورأم جراحة وطيب نفس إلى الفضل مرتاحة وخواطر لها في بحر المعرفة أي سباحة فأنا ولله المنة رائد اغتبط فارتبط ووال تحكم على الدهر فاشترط لا بل عفا عما فرط فمذ أفاد قربك قد غفرت جنايته وشكرت عنايته وحمل على أفصح المحامل إفصاحه وكنايته فقد يشم البرق ووضحت الفرق وعاد الجمع وارتفع الفرق وحل العقال فأمكن الغرب والشرق ومن الله اسل أن يمتع بك كما وصل سبب وليه بسببك ويفردك بمقامه ويشفيك وإيانا من علل الحس وأسقامه ويؤوينا جميعا إلى يقطينة رحمته بعد ابتلاع حوت الوجود والتقامه فما هو إلا أوهام استحكمت ومألوفات ازدحمت وعوائد سوء جارت إذ حكمت حتى إذا شمس الحق تجلت حالت صبغتها واضمحلت وألقت الأرض ما فيها وتخلت وأدبرت شياطينها التي اقتضاها طينها وولت فاتسع المجال وذهبت الأوجال وارتفعت الحجال وحمدت سراها عند الصباح الرجال واللطف معروف والمعنى معنى وما سواه حروف وأواني وظروف والسلام على سيدي وعلى الأصحاب كافأ الله تأنيسهم وشمل بالرعي مرؤوسهم ورئيسهم ورو 1 ذحا بخمرة التحقيق نفوسهم وأطلع لهم من ذواتهم أقمارهم وشموسهم من محبهم الراغب في اجتماع الشمل الليلة بهم فلان ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك ما كتبت به إلى رئيس ديوان الإنشاد الشريف شمس الدين أبي عبد الله بن أبي ركب أعزه الله تعالى
أبقى الله أيام المجلس العالي ظلا على العشائر والفضائل أجمة للأسد الغر الصائل مفضضة الغدوات مذهبة الأصائل من أمثالهم التي كلفت بها الألسن الموثرة لما يحسن لولا الحمقاء لخربت الدنيا والذي يشرح به هذا المضمر إنها بهم تعمر فيعمل الصائف للشاتي ويخلف الذاهب الآتي ومن الأدلة والبراهين المستقلة عند الجلة مخاطبة المملوك ذلك المجلس العلمي مع قصور النسب التي قدمت للعذر وتمهد بل مع وفور ما يرغب ويزهد أما باعتبار الإيالة والخلافة العباسية أصل وما سواها فرع حجة يعضدها طبع وشرع ولا يتسع في ردها ذرع وأما باعتبار القطر فايز القدم من المفرق وأين الغرب من المشرق تشهد بذلك الشعار الخمس واليوم والأمس لا بل الشمس فهذا ننصب فيه منصتها وتشهر قصتها وهذا تتبلع فيه فرصتها وتجترع غصتها وأما باعتبار الذوات فلو لم يكن إلا النسب القرشي ( لكان موجبا للتقديم مسوغا بالحديث الصحيح مزية التقديم فإلى أين يذهب مخاطب المجلس العلمي وقد سدت المذاهب وتباينت الأنوار والغياهب والله الواهب ولقد أحس المملوك عند تعاطي هذه الذريعة التي تزل فيها الأقدام وينتصح الإقدام وتخل الدعوى بصاحبها كما يفعل الدام خورا في الطباع وقصرا في الباع وكلالا في الأداة وسهوا في فريضة البيان المؤداة أما الفكر ففر وأما البراع فنحل واصفر وأما الطرس فخفق فؤاده وأما النفس فحال سواده
مهلا عليك وإليك عني إليك الجهل لوم والأوزان الأعيان حلوم وما منا إلا له مقام معلوم ومتعدى طوره ظلوم قد علم كل أناس شربهم فليعملوا إلى الإنصاف مهربهم ولا تجود يد إلا بما تجد مثل معروف وإذا لم تكن إبل فمعرى لمثل هذا الغرض مصروف ورب حفيرة أجدت ونفس حر إلى الموقع اللطيف تهدت وقد أهدت القبرة إلى سليمان جرادة فقبل ما أهدت والمجلس العلمي تولى الله إطالة مدته يجرى المملوك في الإدلال على مدته مجرى العاطش ورد الماء فاقتحمه غير مبال بمن زحمه الذي وقع على الحميم فأسام وما سال ولا سام ولا بالي بنبي حام - وسام والمحب أمكنه الوصل فما راعه النصل وطالما قبض العنان وزجر البنان وعلل بالجذع الجنان وأما أن يكون اللقاء ويقع بالمشاهفة الإلقاء ويتأتى إلى الأفق الأعلى الارتقاء وتكبر عن أن تصاد العنقاء فعرج على طلل الصبر ويمم ولم يجد إلا الصعيد فتيمم فأصدر هذه المفاتحة لتمثل بباب المجلس العلمي حاطة رأسها رابطة بالعناء المقدس أفراسها مصدقة افتراضها وافتراسها جانية غراسها لائمة ركن المجد الذي يشهد بمجده الركن المستلم والنقا والعلم والمسعى والملتزم وأريس وزمزم مودية من الشوق الذي شب عمروه ما لولا ندا المجلس العلمي لخيف تعديه وظهور ما يكنيه زنده الواري ويبديه ومن الاعتداد أصفى ما تأزره الآمال وترتديه ومن التحية الطيبة والبركة الصبية أطيب ما يتحفه النسيم اللدن
ويهديه ومقررة أنه بالنفس يفديه وعلى الشوق الحثيث يستعديه وكان الأمل أن يشاهد غرة السيادة من المرقب الغريب ويقتني غرائب إفادته التي لا غرو أن تحن على الغريب ويقضي الأمل بلقائه ممطول دينه ويزيل المنافسة التي وقعت من جراء كماله بين أذن المملوك وعينه لكن الاختيار لمن بيده المقاد وأن لا فعل لسواه هو الاعتقاد وغير ذلك خطة الانتقاد وعسى أن لا يخيب هذه السحاة من لثم يمينه واجتلاء نور جبينه فأجدر بمن ركب الفلك وخاض اللجج الحلك إلى باب من كرم انتماؤه وزينت بنجوم الحسب المنيف سماؤه أن لا يعدم مشفعا ولا يكون قصده مخفقا واقرأ على المجلس العلمي من طيب السلام ما يخجل روضة الحسن عقب المزن ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك في هذا الغرض مما خاطبت به أبا القاسم الشريف
أخذت وأمواج الردى متلاطمة
بضبعي يا نجل الوصي وفاطمة
وسكنت ريح الخطب بعد هبوبها
ولولاك كانت موجها لي حاطمة
وقام بأمري منك أروع ماجد
برد حروف الدهر عني راغمة
سللت لنصري من علاك مهندا
كففت به كفا من البغي ظالمة
أبا قاسم لا زلت للفضل قاسما
ظباه لظهر الجور والظلم قاصمة
سجاياك تفضى أنك ابن محمد
أيمجد حق والشهادة قائمة
ألنت لي الدهر الظلوم فأصبحت
لياليه من بعد التعسف خادمة
فقد كظم الغيظ الشديد بعزمة
سرت لك من عهد العقيق وكاظمة
فيا ملبسي من فضله قرشيته
أتيح لها من كفه أي راقمة
بأي لسان أو بأي بلاغة أقضي
حقوقا من فروضك لازمة
فدم واحد الآحاد في كل غبطة
ولا برحت عين الردى عنك نائمة
في علم سيدي وذخري أن الغايات يؤمل دركها ويسفر عن الغنم والظفر معتركها ويرام مفردها ومشتركها إلا ما كان من توفية حقه فإنها الغاية التي تترك إذ لا تدرك وتتعدى إذ لوازمها لا تؤدي فسيان الإطالة والاختصار والاسترسال والإقصار فحياها الله من ذات تحذر على عين كمالها العين وأخلاق كما سبك اللجين وحسبك بمجد توارثه عن الرسول الكريم ولده الحسين لكن المرء مطلوب بجهده ومن عهد لزمه الوفاء بعهده فحسبي أبقى الله سيدي أن أقصر عليك الثنا وإن كان قصيرا وألقى قميصه على وجه القريحة فيرتد بصيرا وأستعين الله عليه وأتولاه وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا
حتى يعود الدهر رب شريعة
بعلاك والأيام أهل كتاب
وقد كان ظني أن مطية الدهر غير ركوب لكل منكوب وما الحياة غير شروب لكل محروب والأحرار في أرض الله غياث لمن نال سعادته التياث وأركان لمن نبا به مكان فالحمد لله الذي كذب القياس وبطلت النتيجة وأقصرت في يد الدعوى الوشيجة وجرت بالحق الوسيلة المرعية والوليجة وما أعز هذا البيت المتعلق بأذيالك يا كبير أهل البيت الناجي بسببك الوثيق من بعد الكيت والكيت وأسراح الكميت ألادجنا أخرج من إيالة الكفر وفريسته استخلصت من بين الناب والظفر والآمال بعد في سيدي فسيحة كعلاه والمطامع لا تحصر كأوصافه الكريمة وحلاه لله در القائل فما أحلاه
تموت مع المرء حاجاته
ويبقى له حاجة ما بقى
انصرم عمر هذه المراحل وكل شيء إلى تمام وزادت العشرة ذماما إلى ذمام فلو أن فلاحا توسل إليه زرعه أو أهله ذكره بالذمام فرعه لذكرت سيدي بعود راشه وجاه مسح من غير الخمول وجهه وكفاه قحة الدهر ونجهه وحرصت على استخلاص جدة غصب سفينتها الملك الغصاب وذمة عظمت لأجلها الأوصاب وجل لفقدها المصاب فأصبحت النفس بهيمة يروعها القصاب ومصادرة يشد عليها الدهر الغصاب وإذا أحكم سيدي أسباب التعاطف سهلت ببركة جده الشفيع الشفاعة وصدرت العزيمة النفاعة وعين سعادة المطلوب والطالب والوقت والساعة فارتفع كل وتأتى للمالك نهل وعل وسعد بمحالفة الركاب الهاشمي ظعن وحل والله يعينه على العجز الذي يخطب مثله علمه ودينه وشرفه الذي ثبتت براهينه وينجده على العتاد الذي يجده ومثله من سلالة خاتم النبيين من أحسن الختام ورفع عن وجه الصنيعة القتام وأما تمهيد جرايه أو عقد رايه فلا ينبه كعب أو حاتم على من طرقها والليل عاتم ووالله ما أجد لدى أداة تجلى في ميدان ولا لى بالكفاية المرضية يدان وإنما حمل يخت انسدل ستره وسعد امتد بره وشفع وتره فإن هبت ريحه من بعد الخمود أو نجمت منه زهرة بعد جفاف العود فمعجزة إلى بركة سيدي منسوبة وفي كرامات أهل بيته محسوبة وإلا فدهر تحرك ثم استكان وشيء رد إلى اصله والأصل بقا ما كان على ما كان والله أسل أن يديم النعمة على سيدي من شريف اقتعد الفضل مطية وتهنأ الكمال هبة من الله وعطية ويبقيه ناجح الأعمال مبلغ الآمال ويقيه عين الكمال والسلام
ومن ذلك ما خاطبت به الفاضل أبا عبد الله الفشتالي بما نصه
من ذا يعد فضائل الفشتالي
والدهر كاتب أيها والتالي
علم إذا التمسوا الفنون فعلمه
مرعى الحميم ونجعة المتكال
نال التي لا فوقها من رفعة
ما أملتها حيلة المحتال
وقضى قياس تراثه عن جده
إن المقدم فيه غير التال
قاضي القضاة بما أثنى على جلالك المرتضاه أبقديمك الموجب لتقديمك أم ذا بحديثك الداعي لتجمل حديثك وكلاهما بعد غاية بعد مرماها وتحامي التسور حماها والضالع لا يسام سيفا والمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى وما الظن بأصالة تعترف بها الآثار وتشهد وأبوة صالحة كانت في غير الحق تزهد وفي نيل الاتصال به تجهد ومعارف تقرر قواعد الحقائق وتمهد وتهزم الشبه إذا تنهد وقد علم الله أن جوارك لم يبق على الدهر جورا ولاحت من غصني ورقا ولا نورا هذا وقد زأر على أسدا وحمل ثورا فقد أصبحت في ظل الدولة التي وقف على سيدي اختيارها وأظهر خلوص إبريزه معيارها تحت كنف وعز مؤتنف وجوار أبي دلف وعلى ثقة من الله خلف وما منع من انتياب ما لديه من الفضائل إلا رحلة لم يبرك بعد جملها ولا فرغ عملها وأوحال حال بيني وبين مسور البلد القديم مهملها ولولا ذاك لاغتبط الرائد واقتنيت الفوائد والله يطيل بقاه تتأكد القربة التي تنسى بها الغربة وتعظم الوسيلة التي لا تذكر معها الفضيلة وأما ما أشار به من تقييد القصيدة التي نفق سوقها استحسانه وأنس باستظرافها إحسانه فقد أعمل وما أهمل والقصور
باد إذا تومل والإغضاء أولى ما أمل فإنما هي فكرة أخمدت نارها الأيام وغيرت آثارها اللئام وكان الحق إجلال سيدي عن مطالعة خللها وتنزيه رجله عن تقبيل مرتجلها لكن أمره ممتثل وأتى من المجد أمر لا مرد له مثل والسلام على سيدي من معظم قدره وملتزم بره ابن الخطيب ورحمة الله تعالى وبركاته
ومن ذلك في هذا الغرض مما خاطبت به أحد الفضلاء
تعرفت أمرا ساءني ثم سرني
وفي صحة الأيام لا بد من مرض
تعمدك المحبوب بالذات بعدما
جرى ضده والله يكفيك بالغرض
في مثلها أبقى الله سيدي يجمل الاختصار ويقصر الأنصار وتطرق الأبصار إذا لم يتعين ظالم ولم يتبين يقظ ولا حالم وإنما هي هدية أجر وحقيقة وصل عقب بحار هجر وجرح جبار وأمر ليس به اعتبار ووقيعة لم يكن فيها إلا غبار وعثرة القدم لا تنكر والله يحمد في كل حال ويشكر وإذا كان اعتقاد الخلافة لم يشبه سائب وحسن الولاية لم يعبه عائب والراعي دائب والجاني تائب فما هو إلا الدهر الحسود لمن يسود خمس بيد قائم سترها ورمى عن قوس ما أصلحها والحمد لله ولا أوترها إنما باء بشينه وجنا من مزيد العناية سخنة عينه ولا اعتراض على قدر أعقب بحظ مبتدر وورد نغص يكدر ثم أنس بأكرم صدر وحسبنا أن نجهد الدفاع من الله والذب ولا نقول مع الكظم إلا ما يرضي الرب وإذا تسابق أولياء سيدي في مضمار وحماية ذمار واستباق إلى ندا وابتدار بجهد اقتدار
فأنا ولا فخر متناول القصبة وصاحب الدين من بين العصبة لما بلوت من بر أوجبه الحسب والفضل الموروث والمكتسب ونصح وضح منه المذهب وتنفيق رأي من الرداء المذهب هذا مجمل بيانه عن وقت الحاجة مؤخر ونبذة سهر لتعجيلها يراع مسخر والله يعلم ما انطوى عليه لسيدي من إيجاب الحق والسير من إجلاله على أوضح الطرق والسلام الكريم ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك ما صدر عني في مخاطبة صاحب قلم الإنشاء أبي زيد بن خلدون ورد البشير بالإبلال مقارنا بخبر الاعتلال وتألم ذلك الجلال فكانت رحمة لقيت عذابا وعقبى نسخت عتابا وذنبا من الدهر أتبعه مثابا فالحمد لله الذي اقال وفك من الوعك العقال وأدر من الرحمة السحائب الثقال وأقر الحال وقد عرف الانتقال وهل أنت أعزك الله إلا عين تألمها عزيز ولها على الجوارح بالفضل تمييز فالله عز وجل يعقب القوة والنشاط والتمتع والاغتباط ولله در الشاعر
فإذا مرضت ولا مرضت فإنه
مرض الرياح يطيب فيه ثناها
ولحين تعرفي هذا النبأ لم أطعم النوم هنيا ولا اقتطعت الأمل جنيا ولازلت بتحقيق الأعمال معنيا حتى ثبت سنده واستقام أوده وكثر من روايه عدده فكتبت أمني نفسي بسلامة سقتها ومظنة مقتها وحفظ ثمالها وحراسة رأس مالها ولو تمثلت لي القوى الطبيعية في الخارج لعرفت عقدي
ورابها في سوء التصرف نقدي أو نسي التيسير لعتبتها أو الهضبة المباركة لقررتها بنظري ورتبتها لكن أحوال تشذ عن الاستطاعة ولا تدين في غير سبيل البخت والاتفاق بالطاعة فلنسل الله خير ما لديه ونتق به في حفظ ذلك الجلال ونتوكل عليه وقد كنت تعرفت أن سيدي زاد عنده مولود مبارك فبادرت بما يصله فإن كان الخبر حقا لم يكن مني إغفال وإن كان منتظرا فهو فأل والسلام
هنيئا أبا الفضل والرضا وأبا زيد
وأمنت من بغي يخاف ومن كيد
بطالع يمن طال في السعد شأوه
فما هو من عمر الرجال ولا زيد
وقيد بشكر الله أنعمه التي أوابد
ها تأبى سوى الشكر من قيد
أهلا بدرى الكاتب وصدري المراقب وعتبى الزمان العاتب وفكر المشتري والكاتب ومرحبا بالطالع في أسعد المطالع والثاقب في أعلى المراتب وسهلا بغنى البشير وعزة الأهل والعشير وتاج الفخر الذي يقصر عنه كسرى وأزدشير الآن اعتضدت الخلة الحضرمية بالفارس وأمن السارح في حمى الحارس وسعدت بالنير الكبير أفلاك التدمين من حلقات المدارس وقرت بالجنى الكريم عين الفارس واحتقرت أنظار الآبلى وأبحاث ابن الدارس وقيل للمشكلات طالما ألفت الخمرة وأمضت على الأذهان الإمرة فتأهبي للغارة المبيحة لحماك وتحيزي إلى فئة البطل المستأثر برشف لماك ولله من نصبة
احتفى فيها المشتري واحتفل وكفى الغمر سنى ترتيبها وكفل واختال عطارد في حلل الجذل لها ورفل واتضحت الحدود وتهللت الوجوه وتنافست لآلى ء كانت تؤمل المظهر وترجوه ونبه البيت على واجبه وأشار لحظ الشرف بحاجبه وأسرع نير التوبة في الأوبة قائما بالاعتذار مقام التوبة واستأثر بالبروج المولدة بيت البنين وتخطت خطى الغمر رأس الجوهر وذنب التنين وساوى منها بحكم الأصل حذرك النعل بالنعل تحويل السنين وحقق هذا المولود نير الموالد نسبة عمر الوالد فتجاوز درجة المبين واقترن بعاشره السعدان اقتران الجسد وثبت بدقيقة من كر قلب الأسد وسرق من بيت أعدائه خرثى الغل والجسد ونطقت طرق التيسير كما يفعل بين يدي السادة عند المسير وسقط الشيخ البهم من الدوح في البير ودفع المقاتل إلى وبال كبير
لم لا تنال العلى أو يعقد التاج
والمشتري طالع والشمس هيلاج
والسعد يركض في ميدانها مرحا
جذلان والفلك الدوار هملاج
كأن به والله بقية قد انتقل من مهد التقويم إلى النهج القويم ومن أريكة الذراع إلى تصريف اليراع ومن كتد الداية إلى مقام الهداية والغاية المختطفة البداية جعل الله وقايته عليه عودة وقسم حسدته قسمة محرم اللحم بين منخنقة ونطيحة ومتردية وموقوذة وحفظ هلاله في البدار إلى تمه وبعد تمه وأقر عين أبيه فيه وأمه غير أنني والله يغفر لسيدي بيد
أني راكع في سبيل الشكر وساجد وأنا عاتب وواجد إذ كان ظني أن البريد إلى بهذا الخبر يعمل وأن إتحافي به لا يهمل فانعكست القضية ورأيت الحال المرضية وفضلته الأمور الذاتية لا العرضية والحكم جازم وأحد الأمرين لازم أما عدم السوية ويعارضه اعتنا سببه معار وعهدة سلم لم تدخلها جزية ولا صغار أو جهل بمقدار الهبة ويعارضه علم بمقدار الحقوق ورضا مناف للعقوق فوقع الإشكال وربما لطف عذر كان عليه الاتكال وإذا لم يبشر مثلى بمنيحة الله قبل تلك الذات السرية الخليقة بالنعم الحرية فمن الذي يبشر أو على من تعرض برها وينشر وهي التي واصلت التفقد وبهرجت المعاملة وأبت أن تنقد وأنست الغربة وجرحها غير مندمل ونفست الكربة وجنحها على الجوانح مشتمل فمتى فرض نسيان الحقوق لم يتأن فرض ولا شهدت به لاعلى سماء ولا أرض وإن قصر فيما يجب لسيدي عمل لم يقصر رجاء ولا أمل ولى في شرح حمده ناقة وجمل ومنه جل وعلا نسل أن يريه قرة العين في نفسه وبنيه ويجعل أكبر عطايا الهيالج اصغر سنيه ويقلد عوائق الكواكب اليابانية حمائل أمانيه وإن تشوف سيدي لحال وليه فحملوه طيبة ورحمة من جناب الله صيبة وبرق يشام فيقال حدث ما وراءك يا هشام ولله در شيخنا إذ يقول
لا بارك الله في إن لم
اصرف النفس في الأهم
وكثر الله في همومي إن
كان غير الخلاص همي
وإن أنعم سيدي بالإلماع بحاله وأحوال الولد المبارك فذلك من غرر إحسانه ومنزلته في لحظ لحظى بمنزلة أنسانه
ومن ذلك ما صدر عني في مخاطبة ابن رضوان
مرضت فأيامي لذاك مريضة
وبرءك مقرون ببرء اعتلالها
فلا راع تلك الذات للضر رائع
ولا وسمت بالسقم غر خلالها
وردت على من فئتي التي إليها في معرك الدهر أتحيز وبفضل فضلها في الأقدار المشتركة أتميز سحاءة سرت وساءت وبلغت من القصدين ما شاءت أطلع بها سيدي صنيعة وده من شكواه على كل عابث في السويداء موجب اقتحام البيداء مضرم نار الشفقة في فؤاد لم يبق من صبره إلا القليل ولا من إفصاح لسانه إلا الأنين والأليل ونوى مدت لغير ضرورة يرضاها الخليل فلا تسل عن ضنين تطرقت اليد إلى رأس ماله أو عابد يوزع متقبل أعماله أو أمل ضويق في فذلكة آماله لكنني رجحت دليل المفهوم على دليل المنطوق وعاوضت القواعد الموحشة بالفروق ورأيت الحظ يبهر والحمد لله ويروق واللفظ الحسن تومض في حبره للمعنى الأصيل بروق فقلت ارتفع الوصب ورد من الصحة المغتصب وآلة الحس والحركة هو العصب وإذا أشرق سراج الإدراك دل على سلامة سليطه والروح خليط البدن والمرء بخليطه ومع ذلك فبليد احتياطي لا يقنعه إلا الشرح فيه يسكن الظمأ البرح وعذرا على التكليف فهو محل الاستقصاء والاستفسار والإطناب والإكثار وزند القلق في مثلها أورى والشفق بسوء الظن مغرى وسيدي هو العمدة التي سلمت لي الأيام فيها وقالت حسب آمالك ويكفيها فكيف لا أشفق ومن أنفق من عينه فأنا من عيني لا أنفق والله لا يحبط سعيى في سؤال عصمتها ولا يخفق ويرشد إلى شكره على ما وهب منها ويوفق والسلام الكريم على سيدي البر
الوصول الذي زكت منه الفروع لما طابت الأصول وخلص من دره لابن الخطيب المحصول ورحمة الله تعالى وبركاته
ومن ذلك ما خاطبت به صاحب العلامة أبا الحسن بن السعود بما نصه
أبيت إلا كرما دل عليه العزما
يا ابن السعود دمت صبا بالمعالي مغرما
مثلك من فرطس أغراض العلى رما
وجدد العهد من المجد وكان انصرما
والدهر قد شب به وكان يشكو الهرما
أخبار الأماجد كثيرا ما تجمح أفراسها عند الركض وتتباين أحوالها في حلبة العرض فربما فضحت المشاهدة وصف الواصف أو أقرت شهادة المتناصف إلا ما كان من خبر فضلك فقد تمحص إلى طرف الصدق وترجح وبأي ناقله وتبجح ومن أبلغ عذرا لمن أنجح زجر وفال وحزم لا يشوبه إغفال وبراءات تصحبها أنفال واحتفا بالضيف واحتفال إلى الجانب المرهف والوجه الطلق والخصال التي تذكر قوله عز وجل يزيد في الخلق وقد كنت على البعد علم الله ترد على آثار سيدي فاستدل على ظرف يحسده عطارد وعقل صفت منه الموارد فأنا الآن في جوار سيدي رائد اغتبط فارتبط واستؤثر فاستكثر وعاطش ورد الكوثر والحمد لله الذي أظفر جوار سيدي بجهة مفضلة ولله در حساننا إذ يقول جاور عليا ولا تحفل بمعضله ولقد عظمت عناية الله بالوالد والولد في القدوم على هذا البلد وهو حل بهذا البلد وقد صبر وطاب الجلد فانسر ورحب وتبسط بره وتسحب هدية سجية عدمت من الدهر منذ زمان وسلعة ليس لها غير الهمم الشريفة من أثمان والله أسل أن يمتع من فضل سيدي بالمتاع الحسن ويحلنا من عين كماله محل الوسن ويتبعه السعد سلس القيادة والرسن كما جعل فضله يشذ عن مدرك اللسن وأما
شكري لهديته التي مبتداها من العوامل وانتسبت شواهدها إلى الكامل فقد أوجر وتطيب الإطناب فأوجز ووعد فما أنجز والله يتولى سيدي بحسن المكافأة ويعين على ما يحبب له من المصافاة ويحجبه من الآفات بحجاب المعافاة ما استقلت طيور الهمزات على قضبان الألفات والتفتت عيون السحر الحلال من خلال أدواح الالتفات والسلام الكريم يخصه من معظم مجده المسرور بجواره فلان
ومن ذلك ما صدر عني في مخاطبة صاحب العلامة أبي سعيد بن رشيد بما نصه من المنثور والمنظوم
بل الخطط الرفيعة فلتهنا
فإنك سعدها لفظا ومعنى
إذ أذكر العلاء فأنت أعلى
وإن ذكر السنا فأنت أسنا
محاسنك اغتدت جنات عدن
لمن يرتاد إحسانا وحسنا
فمهما حلها إنسان عين
فلإنسان فيها ما تمنا
غرزت أبا سعيد منك دوحا
به ما شئت من ظل ومجنا
فكن حيث اقتضى منك اعتدادي
وشد لي من كريم الرعى مبنا
فتى الفتيان أنت بلا نزاع
ومثلى من وفا بيد وأثنا
الحمد لله حمد من لم يفقد اللطف ولم يعدم على البدل العطف والشكر لله الذي سحب السحب الوطف وسوغ من أفنان نعمه القطف أطالع سيدي الذي وسم السعد كنيته وأعلمها وقبل الإجماع حجة فضله وسلمها وتيمنت باسمه وصورته ومعرفته الدولة التي خدمها لما عجل لها الوسيلة وقدمها إنني
لما اتصل بي خبر استقلاله برياسة القلم الأعلى والرتبة الفضلى والدرجة التي هو الأحق بها والأولى ذاتا وصفاتا وقولا قلت هذه فريضة لي فيها حظ وتعصيب وغنيمة لي فيها إرضاخ ونصيب وهدف لي منه سهم مصيب العروة وثقى والآخرة خير وأبقى اللهم أوزعنا شكر نعمك ولا تقطع عنا عوائد كرمك سادة لكعوب الرمح فضلهم أوضح من فلق الصبح كلما أفل منهم آفل أو غاب كاف كافل أربى من أقبل على من أدبر وقال لسان الحال هذا هذا أكبر سيما هذا الفاضل الذي هو يمن كله وطبعه على الفضائل يدله ماشيب من رشد وسعد ووجه سبط وحسب جعد وقبل وبعد ومخيلة نجح لا تخلف بوعد ورياسة هذا القلم الأعلى أبقى الله سيدي مورد مثلى ممن اصبح سلعة يتغالى فيها أولوا الذوات الفاخرة ويتناغى المتنافسون في إحياء العظام الناخرة وحظ الدنيا وحظ الآخرة فإذا في الرتبة علم خفاق وتعين إجماع وإصفاق فهو قبلتي التي أرضاها ووجهتي التي عينها الدهر واقتضاها فهنأت أولا نفسي بوفور حظها من النعمة وفوزها بالقدح المعلى عند القسمة ثم هنأت الرتبة التي ظفرت بالكفو الكريم ولازمها اليمن والسعد ملازمة الغريم وقدمت بين يدي قدومي على سيدي الذي لا محط لي إلا على نار قراه ولا سير لي إلا لذراه فقد جمع لي الصبر فراه وحمد عزمي عند صبح وجهه المشرق سراه وتنبيه مثله على رعى مثلي جفوة يسعها كماله ويتغمدها أفضاله إذ ذاته أشرف وهو بما توجبه طباعه الكريمة أعرف حفظ الله علينا منه جملة الكمال وقبلة الآمال وعرفه اليمن والإقبال بفضله والسلام الكريم يخصه ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك ما خاطبت به أحد الفضلاء بما نصه سيدي شهاب الطلبة الثاقب وفخر الكتبة العظيم المناقب أقسم بالحاشر العاقب والغاسق الواقب لما زلت سحاءتكم بحال المراقب وصلني كتابكم
الذي هنأ وبشر وأحيا وأنشر ناصحا هاديا رائحا في الوفاء غاديا فأردى صاريا وأخذ بحظ من فضيلة قوله ولا يفطمون واديا فحبذا طعام أشركناه زكا ومتات توسد وانكا ووفاء وفاء السموأل حكا وأنجد لما خذل الدهر الخؤون والله المشتكا وأنار الله مشكاة تلك الذوات التي لطفت أسرارها وتألقت أنوارها وأعلقها بالعالم الأزلي وانتهابها في المورد المفيض على القطب والولي فألفاني محتزما ولخدمة المولى ابن المولى ملتزما ويحل ودي في مثلها أن يذكر هو أشهر من أن يذكر لا تدعني إلا بياعبدها فإنه أشهر أسمائي وأما ما أهديتم من نبإ فإنه مسكوب وملك لملكهم منسوب فمن جاد بالنفوس على أعدائه فكيف لا يجدد بالعرض على أوليائه والله الكفيل بحسن جزائه ومن أياديكم لدي يا محل ولدي حبا وشفقة ومحل أخي اعتدادا وثقة أن تمرغوا عنى خدكم في أخمص رجله العالية وتقبلوا بساط تربه قبلا متوالية بخلال ما يرتفع إن شاء الله بالحضور حكم النيابة وييسر الله اللحاق بتلك المثابة والسلام على سيدي وأخي ورحمة الله
ومن ذلك في مخاطبة صاحب قلم الإنشا أبي زيد ابن خلدون في الغرض المذكور سيدي الذي له الفضائل الذاتية والمزايا الحسية والمعنوية ودرجة السبق في المكارم دون مثنوية صورة مكملة وذاتا مقلدة بالخصال الشريفة محملة وبيتة موصلة ومجادة مجملة ومفصلة كتبت أهنى ء سيادتك بنعمة الخلاص من الشدة واستيعاب سعادة النصبة وطول المدة والسلامة من التحول العائدة بسوء التقول وذهاب التمول فأنت اليوم غير مثلوم الوفا
ولا متكدر الصفا قرير الجفن بالإغفا مجموع الشمل باليقين والله يجمعه بالرفا وكنت أتوقع أن يذهب بك الضجر مذهبا تسوء مغبته أو تخلف حبته وأنت الموشح والمحلى والمرشح والغمر جديد فعلام المرعز شديد والأمل مديد فعلام القلق عتيد وإن نافست أرباب الرتب العالية فاعتبر ما نلت من رتب الحكمة وإن نافست أرباب الذمم فالمعارف هي ونور الذمة وأنفق في سوق السياسة صرفها من الهمة ولا تغفل ملاحظة الأمور المهمة ولتعلم أني وإن أعييت في باب الدالة عليك أعرف الخلق بما لديك وأهواهم إليك فانصفني باغتفار جنايتي ولا يوحشك عتبي في سبيل حبي فالله يعاملني فيك بنيتي ويبلغني من جريان أمورك على ما يرضى أمنيتي قبل منيتي والسلام
ومن ذلك ما صدر عني في مخاطبة المذكور
حللت حلول الغيث في البلد المحل
على الطائر الميمون والرحب والسهل
عبنا بمن تعنو الوجوه لوجهه
من الشيخ والطفل المعصب والكهل
لقد نشأت عندي للقياك غبطة
تنسى اغتباطي بالشبيبة والأهل
وودي لا يحتاج فيه لشاهد
وتقريري المعلوم ضرب من الجهل
يمينا برب حجت قريش لبيته وقبر صرفت أزمة الأحياء لميته ونور ضربت الأمثال بمشكاته وزيته لو خيرت أيها الحبيب الذي زيارته الأمنية السنية والعارفة الوارفة واللطيفة المطيفة بين رجع الشباب يقطر ماء ويرف نماء ويغازل عيون الكواكب فضلا عن الكواعب إشارة وإيماء بحيث لا الوحظ يلم بسياج لمته أو يقدح ذبالته في ظلمته أو يقوم حواريه في لمته من الأحابش وأمته وزمانه روح وراح ومغدى في النعيم ومراح ونصب وصراح
وانتخاب واقتراح وصدور ما بها إلا انشراح ومسرات تردفها أفراح وبين قدومك خليع الرسن ممتعا باليقظة والوسن محكما في نسك الجنيد أو فتك الحسن ممتعا بظرف المعارف ماليا أكف الصيارف ما حيا بأنوار البراهين شبه الزخارف لما اخترت الشباب وإن شاقني زمنه وأعياني ثمنه وأجرت سحاب دمعي دمنه فالحمد لله الذي وقى جنون اغترابي وملكني أزمة أرابي وغبطني بمائي وترابي وقد أغصني بلذيذ شرابي ووقع على سطوره المعتبرة أضرابي وعجلت هذه مغبطة بمناخ الطية ومنتهى الطية وملتقى السعود غير البطية وتهني الآمال الوثيرة الوطية فما شيت من نفوس عاطشة إلى ريك متجملة بزيك عاقلة خطا مهريك ومولى مكارمه نشيدة أمثالك ومطابق مثالك وسيصدق الخبر ما هنالك ويسمعني فضل مجدك عن التخلف عن الأصحار لا بل للقاء من وراء البحار والسلام
ومن ذلك في مخاطبة القاضي بدكالة
إليك قليل نظرة إن نظرتها
إليك وكلا ليس منك قليل
وصلت أيها القاضي رفعتك التي تضمنت الفوائد وصلتك التي استصحبت العائد وشاهد فضلك الذي بين تصريفه الأصلي والزائد متفننة في ضروب لا تجنح شمسها إلى غروب هزت ألحانها مني عطفي طروب واستقر قراها بين يدي أكول لمثلها وشروب فلله ما تضمنت من فوائد رحلة حجازية لبست من حسن الحجازية وذكر أعلام ومكان استسلام إلا أنها كانت كليلة الوصل ما عابها إلا القصر فلوددت أن لو أمدها بسواده مني القلب البصر بخس وزنها الاختصار لا بل الاقتصار وافتقرت إلى شرح يقع به على متعاصى معانيها الانتصار ووعد المجلس القاضوي باكتتاب شيء من منظومه بعد اعترافه بأنه كثير ومهاد وثير فما كان إلا الوعد والإخلاف من بعد
يا لواله الدين عن ميسرة
والضنينات وما كنا لئاما
والظن لسيدي أنه عاد عند شربه من بير الحرم بأن ترفع عند مؤنة الكرم فأجيبت الدعوة كما ورد واستقام العمل واضطرد فكان اللقاء على مسافة قصيرة وملاحظة البر بمقلة غير بصيرة والزيارة مزورة وأظنه لاحظ بيت شاعر المعرة
لو اختصرتم من الإحسان زرتكم
والعذب يهجر الإفراط في الخصر
والقرى قد كفى القاضي والحمد لله مؤونته الثقيلة ولم يحوج إلى تشويش العقل واستخدام العقيلة وهذا القسم غير معدود ولا تقع المشاهة إلا في مردود وهم يتحفه شعره ثم قال بالبداء وناداه الإنجاز فصم عن الصدا فاضطرد باب الشح حسا ومعنى وموحدا ومثنى حتى كأن دكاله شرابة لسوء والقضاة أكالة وبيدها لتحجير أيديهم وكالة وهذه الحركة كانت المحبه حركة الفتح ووجهة المن والمنح فلو لم يقع فيها بخلة تميمه للعقتة العين وعسر الهين والقاضي أعزه الله كمال وعيب الكمال لا ينكر والغالب الفضل وغير الغالب لا يذكر وهو على التافه يشكر داعبته حفظه الله مداعبة من يعتقد خلاف مقالة ويرجع القناطر المقنطرة بمثقاله ولا يقول في حال سيره بانتقاله ومع اليوم غد ولكل شيء أمد ويرجى أن يمتع الله منه بوقت فيه استدراك ويرتفع باختصاص النزول لديه الاشتراك إن شاء الله والسلام ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك في مخاطبة الفقيه أبي عبد الله محمد ابن علي بن أبي رمانة فيما يظهر من الغرض
جفا ابن أبي رمانة وجه مقدمي
ونكب عني معرضا وتحامان
وحجب عني حبه غير جاهل
بأني ضيف والمبرة من شان
ولكن دراني مغربيا محققا
وأن طعامي لم يكن حب رمان
زيارة القاضي أصلحه الله لمثلي ممن لا يخافه ولا يرجوه تحب من وجوه أولها كونه ضيفا ممن لا يعد على الاختيار زيفا ولا تجر مؤانسته حيفا فضلا أن تشرع رمحا أو تسل سيفا وثانيها أني أمت إليه من الطلب بنسب بين مولود ومكتسب وقاعدة الفضل قد قررها الحق وأصلها والرحم كما علم تدعو لمن وصلها وثالثها المبدأ في هذا الغرض ولكن الواو لا ترتب إلا بالعرض وهو اقتفاء سنن المولى أيده الله في تأنيسي ووصفه إياي بمغربي أو جليسي ورابعها وهو عدة كيسي وهزيز خيسي وقافية تجنيسي ومقام تلويني وتلبيسي مودة رئيس هذا الصنف العلمي ورئيسي فليت شعري ما الذي عارض هذه الأصول الأربعة ورجح مذاهبها المتبعة إلا أن يكون عمل أهل المدينة ينافيها فهذا الحسب النفسي ويكفيها وإن تعذر لقاء أو استدعاء وعدم طعام أو وعاء ولم يقع نكاح ولا استدعاء فلم يتعذر عذر يقتضيه الكرم والمنصب المحترم فالجلة إلى التماس الحمد ذات استباق والعرف بين الله والناس باق والغيرة على منصب مثله مفروضة والأعمال معروضة والله لا يستحي
أن يضرب مثلا ما بعوضة وإن كان لدى القاضي في ذلك عذر فليفده وأولى الأعذار به أنه لم يقصده والسلام
ومن ذلك ما خاطبت به الشريف أبا عبد الله ابن نفيس مما يظهر من الغرض
جزيت يا ابن رسول الله أفضل ما
جزاك الإله شريف البيت يوم جزا
إن أعجز الشكر مني منة ضعفت
عن بعض حقك شكر الله ما عجزا
سيدي أبقى الله شرفك تشهد به الطباع إذا بعدت المعاهد المقدسة والبقاع وتعترف به الأبصار والأسماع وإن جحدت عارضها الإجماع بأي لسان أثني أم أي الأغصان أهصر وأجنى أم المقاصد الكريمة أعني أمطيت جوادك المبارك وأسكنت دارك وأوسعت مطلي اصطبارك وهضمت حقك وبوأت جوارك وواصلت للغرباء إيثارك أشهد بأنك الكريم ابن الكريم لا أقف في تعدادها عند حد إلى خير جد فإن أعان الدهر على مجازاة وإن ترفع كرمك عن موازاة مجاجة نفس قضيت وأحكام آمال أمضيت وإن اتصل العجز فعين عن القذا أغضيت ومناصل عزم ما انتضيت وعلى كل حال فالثناء ذائع والحمد لله شائع والله مشتر ما أنت بائع وقد وجهت من يحاول لسيدي ثمن ما أكسبه مجده وسفر عنه حمده والعقيدة بعد التراضي وكمال التقاضي وجميل الصبر وسعة التغاضي وكونه الخصم والقاضي إنها هبة سوغها إنعامه والجلة سناها إطعامه نسل الله أن يعلى ذكره ويتولى شكره وينمي ماله ويرفع قدره والولد جازه الغريب الذي برز إلى مقارعة الأيام عن خبرة قاصرة
وتجربة غير منجدة على الدهر ولا ناصرة قد جعلت وديعة في كرم جواره وأنمته في حجر إيثاره فإن زاغ بيده العليا في تبصيره ومؤاخذته بتقصيره ومن نبه مثله نام ومن استنام إليه بهمه أكرم ممن إليه استنام وإن تشوف سيدي لحال محبه فمطلق للدنيا من عقال ورافض أثقال ومؤمل اعتياض لخدمة الله وانتقال والسلام
ومن ذلك في الغرض المذكور
لم يبق لي جود الخلافة حاجة
في الأمر أو في الجاه أو في المال
فقد القا ألوى الفضائل بغيتي
ورأيت هذا الفضل شرط كمال
أجملته وتشوفت ببيانه هم
فكنت مفسر الإجمال
وخصصت بالإلقا غيرك غيرة
وجعلت ذكرك شاهد الأعمال
للبست يا ابن أبي العلا قشب
الملا وتركت أهل الأرض في أسمال
إن دون الفضلا فضلا معلما
فلقد أتيت عليه بالإكمال
تثنى عليك رعية آمالها
في أن تفوز يداك بالآمال
أرعيتها هملا فلم يطرق لها
بمنيع سورك فارق الإهمال
من كنت وإليه تولته العلا
ومن أطرحت فما له من وال
أبقى الله سعادة والى الولاة وعلم العلاه وقضايا فضله منتشرة في الجهات ضرورية بحسب الوصف والذات مشروفة في العزمات عرفية في الأزمات يطرز بها ابن الخطيب أوراق آياته البينات فإن أتيت وأفردت وأفصحت وكنيت وخطبت وبينت فمسألة إجماع ونهبة إبصار وإسماع ومعقول
أولا وبديهي ما على غيره معول وتحصيل الحاصل إضاعة وقت وإذاعة شت فلنصرف العنان إلى تأصيل الود الأصيل وتحرير الحب الغنى عن التقرير فأقسم بباري النسم وهو أبر القسم لقد خلق ساعة النمحة الطرف ودل عليه قبل المعرفة العرف وحكم ميذق الفراسة بطيبة قبل أن يعمل في ديناره الصرف إنه مدلول ما ضاع له من الثنا المسموع وتقريره ذلك المشروع وجرثومة تلك الفروع وبذر الحب المزروع حتى إذا قرطست السهام وارتفع الإبهام وكاد يتغشى النفس الإلهام وشهد الاستفهام عجبت واعتبرت وارتجزت عند الضريبة وكبرت وقلت دس عرق الفاقة وأحكم الكشف والاطلاع عمل الثقافة وانحدر التحليل عن مقولة الإضافة ولم تبق ضميمة إلا انضمت وخصت بعد ما عمت ولا امرأة مرام عزيز إلا أمت وألمت لما شمت النعمة التي تمت ولقد همت من بسالة يعرفها الكمي ويشمخ بمثلها الأنف الحمي وخصل يشهد به الأمي وعدل تساوى فيه الرفيع والذمي وطرف كما وسم الروضة الوسيمة الوسمي واهتزاز إلى الضيف يقتضيه القدر السمي والخلق العلمي وفضل تواتر نقله عمن رضي دينه وعقله وسوى بغل حميمه وجم بقله ووقار قصر عنه كسرى السرير وهرقله وندى هو الغمام ولولا التواتر قلنا رغم الهمام ولم أزل لأواجه في المجالس ناشقا ولجلاله عاشقا يروقني في حفوف المحافل وقاره وسكونه ويشوقني جنوحه إلى المعارف وركونه إلى أن انصرف ولو عرف لما تحول قبل معرفتي وانحرف ولطرز بها المجد الذي حازه والشرف فإنه والله يقيه وإلى أقصى السعادة يرقيه إن عضل عقايل بره عن إكفاء استحساني أو غصب حلل شيمي طرر لساني أنكح
هذه في جنب لفقدها الأراقم وأفقد هذه عجائب وشى شكرت الراقم فطويت علم الله الجوانح على برح يجل عن الشرح ونكأت قرحا بقرح وسمت هامات الزفير بنيان صرح حتى إذا المقام المولوي الإمامي كافأ الله تهممه وشكر أنعمه أطرفني باجتلاء هذه العمالة ودرب السن الركائب عند ربوع الحبايب عن الإمالة ونصب مني لوصف البقاع وأربابها قسطاسا لا يظلم مثقالا ولا يعلم في غير الإنصاف عند الحلي والأوصاف مقالا ولبيت داعي الحركة التي عليها جبلت وصرفت إليك صدور الرجال حايرة في الأوحال حيرة المتكلم في الحال وصاحب سوء فسطاي في انتحال المحال وكلمة اعترضتني الربا والأكم جذبتني المعارف والحكم فقلت في بيته يؤتى الحكم وربما نثرت وقلت وآثرت الاعتبار وتمثلت
أزوركم لا أكافيكم بجفوتكم
إن المحب إذا لم يزر زارا
وخططته والنسوع مشدودة والمراحل معدودة واللقيا مردودة والله يصدق المخيلة في إيناس ذي أنواع وأجناس وصدق قياس واستمتاع بحلم أحنف في ذكاء إياس وإذا كيف النفس التشوق ووسمها التوشح به والتطوق انتابها الخيال وتتابع منه الانثيال ونشأت نشأة لا يستطيعها الجريال وكأني بمثوال قد حططت وانشدت لما اغتبطت وعقلت وربطت
نادتني الأيام عند لقائه
وهي التي لا تغفل التنبيها
يا ابن الخطيب حظيت بالعزم والعلا
فبلغت منها الفضل يا ابن أبيها
الوجه طلقا والمعارف جمة
والجود رحبا والمحل نبيها
أثرت باشقات الفضائل كفة
أترى ولايته التي يحييها
ومن ذلك مما خاطبت به الوالي بمراكش وإلى الولاة الذي بمكارمه يضرب المثل وشرف الحياة الذي جمع له العلم والعمل أبقاكم الله والسعادة لكم مركب ونصبه ولايتكم لا يخالف سعدها كوكب كتبته ولساني طليق وثناي بالاقتصار على تلك الذات خليق وقد كانت عند مكارمكم التي وقفت على أعيانها وبحثت في سمع كيانها واجتزيت بأثرها عن عيانها وتخطيت إجمالها إلى بيانها مما يقتضي منه العجب ويجلى من عرف الجود ما احتجب وأظن ذلك احتفالا استنفذ القوة وحذقا ختم آي الكرم المتلوه فأتيح لي استخبار الضاربين في الأرض والواردين على الغمر والبرض ومتحملي العنايات والشفاعات والوسائل النفاعات كأبي عبد الله بن جدار والشرفا ألوى المدن الكبار وسواهم على تباين الأقدار إن قضية مكاركم مطلقة وأعداد جودكم بالثنا منطقة فلعمري لقد وجدت لذلك خفة على كبدي إذا لم أر الصنيعة البعيدة مختصة بيدي إنما أنت بحر الواهب الزاخر والواحد الذي افتخر به الزمن الآخر ومتحمله فلان من ذوي الفضل ذاتا وصحبة ووسيلة وتربة وله بصاحب رياسة الإنشاء تخصص وتميز وفية وتحيز والمراد أن يكون من رعى وإلى الولاة بمكان مكين وآويا من مجده إلى ربوة ذات قرار ومعين يكون ذلك من جملة ماله من الأيادي الثرة والفواضل المتألقة الغرة والله يديم سعده ويحرس مجده والسلام
ومن ذلك في مخاطبة بعض الفضلاء وقد كتبت إليه رقعة تغافل عن جوابها فظن القاضي أنها لم تصل فأعادها مخاطبته بما نصه الرامي أبقى الله سيدي إذا أضل بعد إصماء الرمية سهمه وقد حكم عقله
وفهمه أرسل سهما آخر على سمته متحرجا من عوجه وأمنه فيجبر ثانيهما الأول وأظن هذا الغرض اعتبر سيدي وتأمل إذ أرسل سهمه وهو المصيب شاكلة السداد بتفريق توفيق الإلهام والإمداد مختصا بسواد المداد ثم خفي عليه موقع نصله وعمى لديه خبر خصله ولم يقم من الأمر على أصله فأعاد والعود أحمد وثنى وقصده البر يشكر ويحمد فأقسم بشيمه وبركات ديمه ما رأيت إغفالا سوغ أنفالا وأكد احتفا واحتفالا ونسيانا يقع أحيانا فملأ اليد بيانا وذهولا عرف خطا مجهولا وأقطع من الفصوك حزونا وسهولا وبلما النفس أملها وأنجح قولها وعملها كإبلاغي التعريف ببلوغ هديه إلى محله وتبنى قراه المبرور قرى حله فقد كان الأول وصل والعناية تزف عروسه والبراعة تهدل غروسه فاستقر بين سحر القبول ونحره محدثا في البر عن بحره إن أجهد هذا الفكر المكدود جهد نزوح إلى روضه أو ظمى وقد تذوكر عهد كريم كرع في حوضه ولو توهم أن مهديه يتشوف إلى براءة مؤديه لتعين الاجتهاد ووقع بقبض ذلك البسط الإشهاد وضمنت رؤية العين بالعين وقد تحصل حصولا بريا من المين لكن تبع الرشا من ذلك السعي الرشا وأنشأ سحائب الرحمة المترادفة ذلك الإنشاء والله يضاعف لمن يشاء ولحكمة ما ثنيت الجوارح المصونة عن الهوان في الحيوان أعداه لحسن الخلف ومنابا إن وفع بمفرد منها وقوع التلف فالمحب يماصع من رقعة سيدي بسيفين مرهفين ويسنو إلى درتين مشرقين أطلعهما رب المشرقين مرصعين في قوتهما مدافعة ألفين ويصول بكفين ويرتبط لطراد المعاني منها أسهمين
سليمين ويرجع من مذخورهما إلى خفين محقين ويعشوا إلى درين مشرقين أطلعهما رب المشرقين ولقد نبه سيدي بما أظهر من الضنانة بالمكتوب المكنون وإعمال الشفقة في شأنه وترجيم الظنون على نفاسه عروضه ووجوب فروضه من لم يكن عن ذلك ذاهلا ولا في المبالاة بأمثاله مستأهلا مستأهلا فهي النفثات السحرية والحكم الحقيقة بالحفظ الحرية والكرائم التي تبرها البرية وإذا تقرر ما إليه سيدي تشوف وأمن على نعته ما تخوف فالمحب يهيده من لطائف الشكر ما يليق بمهر البكر والله عز وجل يبقى سيدي صدفا لمثل هذه الدرر بل لمثل تلك الكواكب الغرر والسلام عليه من وليه الشاكر لمواقع وليه المعتد على الزمان بعليه ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك ما خاطبت به الشيخ الولي الفاضل أبا محمد بن بطنان فيما يظهر من الرسالة
لا ناقة لي في صبري ولا جمل
من يعد ما ظعن الأحباب واحتمل
قالوا استقلوا بعين القطر قلت لهم
ما أعرسوا بسوى قلبي ولا نزل
ما هذا الاستدعاء الذي نقد وبهرج وعطف على من اتصف بالسعادة وعرج ومر على الخليط المناسب كما مرت على الطحن سبابة الحاسب يقدم ويحفل ويعلى ويسفل ويعلم ويغفل ومنزلتي صفر من هذا التعيين وحظى الظمأ من المورد المعين فليس إلا الصبر إن كانت الوسيلة المعتبرة وسيلة الحب فما لوسيلتي تحفظ وركائب استقدامي لا ترتبط وفي مثلها يحسد أو يغبط
الصحب والمحل الرحب بحيث يفعم الوطب ويدرأ الخطب وترفع للطارق نار القرى مادتها المندل الرطب نستغفر الله من الاسترابة بالود اللباب ونتوب في الاعتذار عن الأحباب ولو علموا بارتفاع النقية والمطالبة بالبقية لما حجبوا بروقهم ولا أغفلوا مشوقهم ولا منعوا عنه صبوحهم ولا غبوقهم
وعسى الذي قدر البعاد يزيله
وعسى الذي كتب الفراق يجمع
ولما وقفت على استدعاء صاحبنا أبي القاسم وصل الله حفظه وأجزل من نعمه حظه آثرت اعتزامه واقتضيت بالعهد التزامه وكافحت جيش اعتذاره حتى رأيت انهزامه في أن أشاهد ذلك الجمع المبارك بعيني وأكون غريم الدهر في اقتضاء ديني وحركت له الشوق يذهب معه الوسن ويخلع في طاعته الرسن وكنت في طاعته كما قال الحسن
أيها الرابحان باللوم لوما
لا أذوق المدام إلا شميما
جل حظي منها إذا هي دارت
أن أراها وأن أشم النسيما
نالني بالملام فيها إمام
لا أرى لي خلافه مستقيما
فكأني وما أزين منها
تعدى يزين التحكيما
كل عن حمله السلاح إلى الحرب
فأفضى المطين أن لا يقيما
والله يسر براحة الشيخ النفوس ويذهب البوس ويضفي من الوقاية اللبوس والسلام الكريم ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك ما خاطبت به الحسن بن يحيى فيما يظهر من الرسالة
وسائلة عن الحسن بن يحيى
وقد جرحت مآقيها الدموع
تقول ترحل المفضال عنا
وضعنا بعده فمتى الرجوع
وكأن الشمس فارقنا سناه
فأظلمت المعاهد والربوع
فقلت كان بمقدمه فقالت
بشارتك الصواهل والنجوع
تولى الله منه خير وال
نكف به الخطوب فما تروع
فقلت لعلها انفردت بهذا
فقال بقولها الحي الجميع
فكانت دعوة صعدت ونجوى
فقبلها المجيب لها السميع
ووافق ما نطقت به قضاء
قضى إن الوسائل لا تضيع
ما كنت أعزك الله أظن الإجماع ينعقد على فضل وال ولا الأكف تمد في سبيل ضراعة من أجله وسؤال فالناس في الولاة على اختلاف أحوال بين معاد وموال ومتوقع عقاب ومؤمل نوال حتى خضت بحر أهوال وجنحت شمس ولايتك إلى وقت زوال فظهر أنه ثوب لم ينسج على منوال وعنوان قبول من الله متوال ولم يكن إلا أن أعملت الرحلة وأزمعتها ولفقت العزيمة وجمعتها وشرعت في أن أحقق الأخبار التي عنك سمعتها فنغص سروري الواقع وأوحشتني الرسوم البلاقع وساءتني المواقع ثم تدارك الخرق والحمد لله الرافع وبطل بترياق الخواطر ذلك السم الناقع فسكن الرعد وأنجز الوعد وسبط الجعد وساعد وجهتي السعد ولله الأمر من قبل ومن بعد ووفدت على منزلك مطلا على القبيل والعشير مع البشير مزاحما إياه في ثنية المسير فلو لم يكن لله على منة إلا هذه المنة التي وكفت لأحسبت وكفت ولوت وعطفت وحجت واعتكفت لارتهنت أمد الحياة شكر لساني واستدعت إدامة ذكرى لمن لا ينساني فالحمد لله الذي نظم الشمل لما انتثر وأحيا الرسم فما أمحا ولا دثر وقد روينا الحديث وحققنا الأثر وفيه أن الله أخذ بيد الكريم كلما عثر وما زلت تسمعني الثنا الحائك وينشقني الحمد رواحك وريحانك
فأقول ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فلما تجللت الحال يثني عليك مثيرها وراعيها وتعرفت آثار عداك تكلف الألسنة بشكر مساعيها علمت أن الله لا يهملك وأن حلمه يحملك وبصنعه يزينك ويحملك حتى ينجح من يؤملك وهممت أن أقيم حتى أشافهك بهنائك وأسرك بتعرف ثنائك إلا أني تعرفت أن الشغب تبيت منه تبعة ستزول بفضل الله وترتفع وتنصرف بقدرته وتندفع والذي حفظ جوهر الذات يجبر عرض المال والذي أحسن في الماضي والحال يحسن في المنال وللإنسان حظ يستوفيه ورزق يفضل عنه أو يكفيه وغدا لا يدري ما الله صانع فيه فرأيت أن أنصرف حتى أزورك بحول الله رضي البال ناجح الانتهاز في فرص العز والاهتبال راشقا إلى هدى السعادة بأشد النبال جامعة ولايتك بين السهول والجبال وأحل بك وفكرك وادع وعزك لأنف الدهر جادع وأمرك بالعز صادع فما أحرى دهرك أن يضن منك بالذحيرة التي أزرت بها كف هذه الأزمان الأخيرة ليستدل على ما ذهب من الخيرة ومع العسر يسر والأيام رطب وبسر وصفقة الفضل لا يتعقبها خسر والله يتولاك ويحرس علاك ويحفظ عليك ما أولاك كما جعل المحامد حلاك والسلام يخصك ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك مما خاطبت به الشيخ أبا الحسن ابن بطان أهنيه بولده عبد الواحد
يهنيك مقدم عبد الواحد ابنك عن
مطل بوعد من الأيام مرقوب
كيوسف كان في فعل الزمان به
وكنت في البث والشكوى كيعقوب
قد علم الله وهو الذى يعلم السر والخفى ويميز المأذق والوفى أننى
أيها الفاضل الذي إليه في المجد الإشارة وباجتماع شمله ذاعت البشارة من يوم وقع عليك بصري ووجب عن حصر كرمك حصري ورأيت منك كوكب السحر الذي أخذ أعقاب النجوم والصبح مرتقب الهجوم وبقية الغيث السجوم والزمن كثير الفبارك والرجوم واسيت لفراق ابنك إذ جوانحي بالفراق جد مكلومة وأسوار صبري بمنازلة الدهر غير الموادع أي مثلومة ونفسي بالرقة المسترقة معلومة وفي الجزع للبين غير ملومة لم أزل أضن على الحوادث بذاتك وأوسع الأيام ذما في أذاتك وأرغب في بقا رسم المروة ببقاء حياتك وأمل جمع شملك بعين أهلك وأحتقر في جنبه ما أملك وما عسى اليوم أن أملك وأما ما يرجع إلى تخليد ذكر جميل وتنفيق في محل تأميل وهز الخلافة إلى وعيك وإحماد سعيك فأمر لم آل فيه جهدا فقد أوسعته حرصا لا زهدا ونشرت لك بأبوابهم منه نبدا وجندت جندا وكنت عينت الشكران من أجلك إذا جمع الله شملك بنجلك فلما تعرفت خلاص بدره من سراره ودنو داره ورجوعه بعد الميل إلى مداره ثم نظرت إلى محاسنه بعين نايبة عن عينك وسرني حسن القضا بعد أن مطل الدهر بدينك شاهدت فاضلا في فراق مثله يحسن الجزع ويرفض الصبر المنتزع وابنا مزيته على البنين مزية سنة الهجرة على السنين حفظ الله كماله وبلغ كلا منكم آماله وأعانه على تأدية حقك الذي لا يوسع الشرع ولا الطبع إهماله وحمدت الله وشكرته ورحت في طلق المسرة وابتكرت وعذرت ووفيت بما نذرت ولم يقنعني إلا بعث من يشافه بهنائك في أحب
أبنائك ولولا أني ملازم حرمة لا أبرحها ومغمور جراية لا أرفض حقوقها ولا أطرحها وموصل آمال لا أشرحها لم يقنعني إلا أعمال الركاب بدل إعمال الكتاب فمثلي إذا عرف مثلك التزم وقطع بموجب الوفا وجزم وفي وضع مواضعها حزم من حزم والله أسل أن يجعل شملكم شملا محفوظا وبعين الجمع على الأيام ملحوظا ومقدما مجدودا محظوظا ويمتع الفروع بالأصل والأصول بالفروع ويجعله ريعا بالبين غير مروع ويعين من البر على الحق المشروع والسلام
ومن ذلك في مخاطبة الفقيه أبي عبد الله الكناني وقد صرف عن خطة الاشتغال إلى الخدمة
أصبحت سهما من كنانته صائبا
يمضي إلى هدف الكمال ونحره
وأبو المكارم جدك الأرضى الذي
استولى على سر الكمال وجهره
ما كان يدعي بالمكارم كنية
إلا لكونك ثاويا في ظهره
سيدي الذي لساني مرتهن حمده وجناني مستودع وده أقسم بمن فضلك على أبناء جنسك ومنابت غرسك وجعل يومك في الفضل موفيا على أمسك ما من يوم إلا ولى فيه لعلاك ذكر وحمد وشكر وهم بلقائك وفكر لما استجلبت من جمال يثير الكلف وجلال يذكر من سلف ولما تعرفت ما كان من الانصراف وتطويق الافتراف وتصحيح المثل في الأطراف منازل الأشراف ارتمضت وما اغتمضت ثم شكرت الله على نعمه وتبينت مواضع لطفه بك وكرمه كأنك والله يقيك عرضة لإصابة العين ووقعها ونعوذ بالله ليس بالهين وكم بين المشوب والمحض وبعض الشر أهون من بعض ويتفاضل الدهر في
العض ولله عناية ببقاع الأرض فإن كانت سجلماسة قبل اليوم يجلب منها التبر إلى دار الملك فقد رد إليها الذهب الإبريز من بعد السبك ولا بد أن يصول الحق على الشك فتعود الأمور إلى معتادها وتملك العليا محل فؤادها فإنما هو جميم وراءه إنعام عميم ومن الله أسل أن يكل لك أسباب العز آمنة من الانصرام ولا يقطع عنك عوارف الإنعام والسلام
ومن ذلك مما خاطبت به الفقيه الحكيم القاسم ابن داود الفخار من أهل سلا
يا من يعيد الطين كل صورة
عن مثل في علمه محصورة
والفلك الدوار من دواره
والنار تمضي حكمه ضرورة
فهذه تحمل طيبا طاهرا
وهذه تكفي بها قاذورة
أوصاف حق في مقال باطل
وآلة منهية مأمورة
سيدي جعلك الله ممن تكيف بالحق وتجوهر وعلم المشرق والمظهر إذا غلب الفرق اشتقت إلى لقائك وارتمت إلى البرق من تلقائك وإذا غلب الجمع وهو ثمرة المجاهدة تمتعت بك عين المشاهدة إن تشوفت إلى الأحوال واستشرقت فلم تنتقل عما عرفت خرقة القوم اللباس ومن بشكاة الحق الاقتباس وقد ذهب الباس ولى أمل في العودة إلى ذلك الجوار الحقي بالدوار والجناب المظلل بالأعناب والبيت المعمور بالكليات من الأمور والله يبلغ المآرب وييسر المسارب ويعذب المشارب وقد نظمت كلمة تضمنت ذكر المعاهد التي نشأت بها العلاقة وتعذرت من سكر شكرها الإفاقة لتنظرها بعين الرضا الكليلة عن العيوب وتأذن في انتساخها كمن ذهب إلى ذلك من أرباب القلوب لعل ذكرهم بالجميل ينفع وفي كثير من سيئاتي يشفع والله عز وجل يتولى
شأنكم أيها الحكيم الذي له النفس الزكية والقلب السليم ويبلغك كما لك الأخير فهو على كل شيء قدير والسلام عليكم ورحمة الله
ومن ذلك ما خاطبت به الفقيه أبا جعفر بن خاتمة رحمه الله عن رسالة كتب بها إلى
لم في الهوى العذري أو لا تلم
فالعذل لا يدخل أسماع
شأنك تعنيفي وشاني الهوى
كل امرئ في شأنه ساع
أهلا بتحفة القادم وريحانة المنادم وذكرى الهوى المتقادم لا يصغر الله مسراك فما أسراك لقد جيت إلى من همومي ليلا وجبته خيلا ورجلا ووفيت من صاع الوفاء كيلا وظننت بي الأسف على ما فات فأعملت الالتفات لكيلا فأقسم لو أن أمري اليوم بيدي أو كانت اللمة السوداء من عددي ما أفلت أشراكي المنصوبة لأمثالك حول المياه وبين المسالك ولعلمت ما هنا لك لكنك طرقت حمى كسحته الغارة الشعواء وغيرت ربعة الأنواء فجمد بعد ارتجاجه وسكن أذين دجاجه وتلاعبت الرياح الهوج فوق مجاجه وطال عهده بالزمن الأول وهل عند رسم دارس من معول وحيا الله ندبا إلى زيارتي ندبك وبآدابه الحكيمة أدبك
فكان وقد أفاد بك الأماني
كمن أهدى الشفا إلى العليل
وهي شيمة بوركت من شيمه وهبة الله قبله من لدن المشيمة ومن مثله في صلة رعى وفضل سعى وقول ووعى
فقسما بالكواكب الزهر والزهر عاتمة
إنما الفضل ملة ختمت بابن خاتمة
كساني حلة فضله وقد ذهب زمان التجمل
وحملني ناهض شكره
وكتدى واه عن التحمل
ونظرني بالعين الكليلة عن للعيب فهلا أجاد التأمل واستطلع طلع بثى ووالي في أحرك المجرة حثي إنما أشكو بثي
ولو ترك القطا ليلا لناما
وما حال شمل قيده مفروق وقاعدته فروق وصواع بني أبيه مسروق وقلبه قرحة من عضة الدهر دام وجمرة حسرته ذات احتدام هذا وقد صارت الصغرى التي كانت الكبرى لمشيب لم يرع أن هجم لما نجم ثم تهلل عارضه وانسجم
لا تجمعي هجرا على وغربة
فالهجر في تلف الغريب سريع
نظرت فإذا الجنب ناب والنفس فريسة ظفر وناب والمال أكيلة انتهاب والعمر رهن ذهاب واليد صفر من كل اكتساب وسوق المعاد مترامية والله سريع الحساب
ولو نعطى الخيار لما افترقنا
ولكن لا خيار مع الزمان
وهب أن العمر جديد وظل الأمن مديد ورأى الاغتباط بالوطن سديد فما الحجة لنفسي إذا مرت بمطارح جفوتها وملاعب هفوتها ومثاقب قناتها ومظاهر عراها وهناتها والزمن ولود وزناد الكون صلود
وإذا امرؤ لدغته أفعى مرة
تركته حين يجر حبل مفرق
ثم إن المرغب قد ذهب والدهر قد استرجع ما وهب والعارض قد اشتهب
وأدات الاكتساب مرجوحة مرفوضة وأسماؤه على الجوار مخفوضة والنية مع الله على الزهد فيما بأيدي خلقه معقودة والتوبة بفضل الله عز وجل شروطها غير معترضة ولا منقودة والمعاملة سامرية ودروع الصبر سابرية والاقتصاد قد قرت العين بصحبته والله قد عوض حب الدنيا بمحبته فإذا راجعها مثلي من بعد الفراق وقد رقى لدغتها ألف راق وجمعتني بها الحجرة ما الذي تكون الأجرة جل شأني وإن رضى الوامق أو سخط الشاني إنني إلى الله مهاجر وللعرض الأدنى هاجر ولأظعان السري زاجر لأحد إنشاء الله وحاجر لكني دعاني إلى الهدي إلى المولى المنعم هوى خلعت نعلى الوجود وما خلعته وشوق أمرني فأطعته وغالب والله صبري فما استطعته والحال والله أغلب وعسى أن لا يخيب المطلب فإن يسره رضاه فأمل كمل وراحل احتمل وحاد أشجى الناقة والجمل وإن كان خلاف ذلك فالزمن جم العوائق والتسليم بمقامي لائق
ما بين طرفه عين وانتباهتها
يقلب الأمر من حال إلى حال
وأما تفضيله هذا الوطن على غيره ليمن طيره وعموم خيره وبركة جهاده وعمران رباه ووهاده بأشلاء زهاده حتى لا يفضله إلا أحد الحرمين فحق برى من المين لكني للحرمين جنحت وفي جو الشوق إليها سرحت وقد أفضت إلى طريق قصدي محجته ونصرتني والمنة لله حجته وقصد سيدي أسنى قصد توخاه الشكر والحمد ومعروف عرف به النكر والآمال من فضل الله بعد تمتار والله يخلق ما يشاء ويختار ودعاؤه بظهر الغيب مدد وعدة وعدد
وبره حالي الإقامة والظعن معتمل معتمد ومجال المعرفة يفضله لا يحصره أمد والسلام الكريم من محبه المثنى على كماله فلان
ومن ذلك في مراجعة قاضي الجماعة عن رسالة في شأن نخلة خارج الحمراء
مزايا النخل يوم الفخر مما
تساوى الشيخ فيه والغلام
وحق بطيبة للنخل طيب
على حجرات ساكنها السلام
فيا قاضي القضاة فدتك نفسي
أقر الخصم فارتفع الكلام
وأنت أيتها الطارقة طروق الولهان المنافرة في الفخر إلى الكهان المسابقة يوم الرهان المنتصرة من امتهان غير المهان حياك الله من أبية حنيم وبارقة غيم وراعية جار ومشيدة نجار وملحقة من قل في أمس ويوم ووجود سوم بسراة قوم مع البراءة من لؤم أو لوم حتى جزت بأنسابه العرب وقارعة النبع بالغرب بين الشعوب والقبائل والبطون والفضائل متلفعة ببرود لبردى البكر والأصايل متى أطلت صحبة كميل واستفدت ما لدى النضر بن شميل متى وردت بغير ثماد من معرفة الأصمعي وحماد حتى رددت كلا إلى نسبه وجبرت على اللقيط لقطة حسبه ورفعت بالأصباع عن ذهدة اللوم وسبرت غابرة الكلوم ورددت المجهول إلى المعلوم وكم مر قبلك من حان وفاعل فوق ناهق وصاهل وسهى وعد ووعيد وطالب مرام بعيد ومبدي في اللغو ومعيد وبارز إلى مصلى عيد وفارس صنديد وأسراب عباديد يمتون إلى تلك الغريبة بالوسائل القريبة ويعترفون لسخبها
بطيب الضريبة وينظرون إليها مع ذلك بالعيون المريبة ويجتنبونها اجتناب الحريبة وهي العمة ولها الحقوق الجمة والرفع والضمة دعنا من إطراء ذاتها والامتعاض لأذاتها والنظر في آلامها ولذاتها ولنعتبر مزية أصلها وصعدة نصلها وبركة فصلها وتفد الجس إلى جنسها عن فضلها أليست قسيمة آدم أبي البرية في طيبة البشرية أليس جذعها المخصوص بالمعجزة السنية لما انثال على البتول بالرطب الجنية بأمر رب هذه البنية وحن إلى الرسول الخاتم واهتز وابتز الشوق من تماسكه ما ابتز إلى ما ورد في الذكر من تكميل لبرها وتتميم وتخصيص من بعد تعميم فما العذر في الإغفال والتباس الهوادي بالأكفال وعدم الاحتفاء والاحتفال وكاد أن يرضخ لها من الأنفال وأن تستعد لتجنبك الأطفال وتوسم بها الموائد الأغفال وتحاط خزائنها إذا كملت جرايتها بالأقفال وينال من ضلعها التقريع والعتب السريع ويعلم بها ذلك الريع ويستدعى لها العيش المريع ويدار بها سياج السلامة ويتاحف من سقيطها ولو بالقلامة ويرفع ببرها عن بني أخيها وترتب الملامة ويجعل للأصول الغريبة كالعلامة لكن ربما أجاب منهم منتدب محتسب وجذب إلى الأنصار منتسب فقال ما لنا وللبر المضاع والعتب المقرر الأوضاع ولم يخف علم الله رحما ولا أنكرناه عيصا ملحما وفوجا ملتحما فما كل نسب يرعى ولا كل ولد يرث أباه شرعا وربما أنكر الأصل فرعا وما كالسعدان كل مرعى وفي التفرقة بين نوح وبين سليله ما يتكفل لهذا القبول بتعليله وتكثير قليله إذ يقول سبحانه وقد جعله ممن يهلك يا نوح
إنه ليس من أهلك وهذا السبيل الذي عفم منه النسل قيل في الحقيقة وحايد عن الطريقة العريقة خلع في السخف الرسن ولم ينبته الله النبات الحسن وأدرك بادس الملك وما سكن فما أطرق بتمره اللسان ولا أطلق بفضله اللسن أغفل الشكر على المعروف وعدل عن الأسماء للحروف ونظر عن الظرف المظروف واتصف مع الأصل الشريف بصفة المشروف بعد أن أكتب من مقر العز جواره وكنفته من معقل الملك أسواره فما عدم ماء يستدعي نماء وآثاره تحفظ منه ذما يحيا عند افتتاح الباب ويبيا وينظر عن يمين المحيا قد رفع علما بباب الشريعة ومنارا بهضب الروضة المريعة يهدي الطارق ويصافح البارق ويشيع الغارب ويستقبل الشارق فأخلف ذلك الخلف الوعد وأثر في الزمن البسط خلقه الجعد أما عموده فقصير وإن طال منه العمر وأما ثمره فمعدوم وإن جادت التمر وأما جديده فغير نافع لمن يريده قد أمكن أهل السبت من ناصيته وأبلغ مرتادهم إلى قاصيته والسمح للكافر بكفراه فما أحقه باللوم وأحراه فاستضافة الكدبة على الغرير ومالوا إليه عن الغير فدان بدينهم واتسم بسمة خدينهم وظهرت عليه الغلة وضربت المسكنة والذلة وحكمهم في مفرقه يعلونه بالأنامل إلى أن يبلغوا منه أمل الآمل وأما من مكائد مستسر في مظنة بر إذا أخبر العبور والتلمود المستور بعيد إسرائيل تهلل وإن باكره التكبير والذكر الجميل تذلل وبالصغار في عين الخشوع تجلل فأقسم بمن حرم الفسوق ووصف الطلع والمبسوق ونفق منها السوق إني ليغلب على ظني وبعض الظن إثم وفوق كل ذي علم عليم وعلى أن نواته المجتلبة على النوى والغربة
الهادية من التخوم الثابتة إلى هذه القربة كان من خمرة خبير اكتسابها وفي بني النظير أو بني قريظة انتسابها وأن بركة بي الحقيق ظهرت على ذلك العذيق فلذلك ما تألفت الأشكال وحق النكال وإلا فما للنخيل وشيم البخيل وأكذاب المخيل والنسب الدخيل إنما هي ممن غل يده العقال ولعن بما قال فليعد ذلك العذق بالملامة على نفسه فهضمه لا يعود على جنسه ومعرة اليوم مرتفعة عن أمسه أمر وعلى ذلك فجواره القريب الذي لا يهمل وعيته بعد وصاة قاضي القضاة لا تسمل بل تكنف إن شاء الله بالرعى وتسمل وتتلقى بالتي هي أجمل فالله قد زكى بنظره الشهود لما وفى النصح المجهود وأدخل في الدين الحنيف على يده النصارى واليهود فالخبر يبارك وسيدي في الرد إلى الحق يشارك والقس يصلب والله عز وجل بسعيه القلوب يقلب حتى أكثرت المهاجرة وبرت القسم الفاجرة ولعل هذه النخلة الإسرائيلية تكون بليته ممن أسلم وأسدى وتعلم وأبل بعد ما تألم وانطلق لسانه بالعز وتكلم حتى يجود غمامها وتحمل بالرطب أكمامها ويعود إلى الملامسة عودها وتنجز بالأزهاء وعودها ويرتفع جمودها الذي شان وخمودها وتيأس اليهود من جناها المحبور وحماها الشاكي بالحبور كما يسر الكفار من أصحاب القبور وإن تمادى الاهويا في مبعث أهل السبت ووقع عليه الكتب بالكبت فعدله أبقاه الله يجبر اليهود على جبره ويرعى ما أبداه من تماسكه على دينهم وصبره وبحكم التوراة في مواراة وصله والزبور وليكلف الحبر أن يعامله معاملة ولده لصلبه وإلا فليجعله جذعا لصلبه وإذا كان كذلك فيرجى أن تنشأ له في أهل الكتاب ناشية وتتعلق به أحاديث فاشية ويجعل الله برأسه من التمر
المضفر شاشية وحفظ أهل الذمة لا ينكر على هذه الأمة والله يبقى سيدي مشيرا للهمة بالأمور المهمة ومحييا للرمة وراعيا للوسائل والأذمة بحول الله
ومن ذلك وقد تكررت حركة السلطان أيده الله تعالى إلى سكنى قصبة المنكب فكثرت بيني وبين الأولاد والأحباب المكاتبة
بحق ما بيننا يا ساكني القصبة
ردوا على حياتي فهي مغتصبة
ماذا جنيتم على نفسي ببعدكم
وأنتم الأمل والأحباب والعصبة
لمن المشتكي بالبطيحة التي هواؤها مثل مائها أجن وقدرها ساجن وساكنها الأصلي جلال داجن وبحرها متلاعب متماجن والمشاهق مثل جارك الناهق مقفر من أنيسه فاغرة حلوق دماميسه والأثر الماثل سيفا فردا لا بل مفردا ينحت جوانب الأعمار ويذود راعيه قطائع الليل والنهار فلقد عوضتني من من النعيم ببوسي وحجبت عني أقماري وشموسي وليت شعري لمن تنافرها الحضرة من الكنهان مستعدية بسبب الامتهان أما المزية التي أحلتها هذا المكان حتى تترك وهي المفداة وتفضل حاضرتها ما سكنته البداه نستغفر الله فالقبح والحسن على الشرع موقوفان والعقل معزول عن هذا العرفان ومولانا أبقاه الله حجة وبحر إدراكه لا يقاس به لجة وحسبنا أن نسل الله إمتاعه بما اختاره فإن يجري وفق غرضه أقداره وإن تشوفتم إلى الحال فمقبول المرض بعد جاثم والشيخ في الشكر على ما ساء وسر آثم واللفظ لجب ووجه الحق محتجب ففرجوا بعض الكرب برقى رقاعكم وبادروا السهو عن مكاتبتي بأرقاعكم
ولا تغفلوا عن مؤانسة من وجوده وحشة لولاكم صانكم الله وتولاكم وشملكم بالعافية وأوردكم في الحل والترحال مواردها الصافية والسلام
ومن ذلك ما كتبت إليهم في المعنى
يا ساكني مرفا الشواني
شوقي من بعدكم شواني
ولاعج الشوق قد هواني
من بعدكم واقتضى هواني
لقد كفاني لقد كفاني
باقي ذما ناهبا كفاني
كأنه مالكا عناني
أنموذج من أبي عناني
منوا على الشوق بالأمالي
فأنتم جملة الأماني
إلى أي كاهن أتنافر وفي أي ملعب أتجاول وأتظافر وبين يدي أي حاكم أتظالم فلا أتفاخر مع هذا الجبل الذي هو في الحقيقة جمل حف به من الدور همل سنامه التامك أجرد وذنبه قد سال كأنه مطرد وعنقه إلى مورد البحر يتعرج ويتعرد وكأنما البنية بأعلاه خدر فاتنة أو برق غمامة هاتنة استأثر غير ما مرة بأنسي وصارت عينه الحمئة مغرب شمسي حتى كان هذا للشكل من خدر وبعير وإن كان مجاز مستعير ليتضمن شكوى البين ويفرق بين المحبين
ما فرق الأحباب بعد الله إلا الإبل
والناس يلحون غراب البين لما جهل
وما على ظهر غراب البين تقضى الرحل
ولا إذا صاح غراب في الديار ارتحل
وما غراب البين إلا ناقة أو جمل
فأقسم لولا أن الله تعالى ذكر الإبل في الكتاب الذي أنزل وأعظم العناية
بها وأجزل لسللت عليها سلاح الدعاء وأغريت بهجرها نفوس الرعاء وقلت أراني الله إكسارك من بعير فوق سعير ولا سمحت عقبة الأندر والشعير بتبن ولا شعير
دعوت عليك لما عيل صبري
وقلبي قائل يا رب لا لا
نستغفر الله وأي ذنب لذي ذنب شامل وليث مائل بإزاء لج هائل يتعاوده الوعد والوعيد فلا يبدي ولا يعيد وتمر الجمعة والعيد فلا يستزيد ولا يستعيد إنما الذنب لدهر يرى المجتمع فيغار ويشن منه على الشمل العار ونفوس على هذا الغرض تساعده وتعينه ليبطش ساعده وتقاربه فيما يريد فلا تباعده
ولقد علمت فلا تكن متجنيا
أن الفراق هو الحمام الأول
حسب الأحبة أن يفرق بينهم
رب المنون فما لنا نستعجل
لكن المحب حبيب ولغرض المحبوب منيب
ويحسن الفعل إن جاء منكم
كما طاب عرف العود وهو دخان
وقد قنعت برسالة تبلغ الأنة وتدخل بعد ذلك الصراط الجنة ويعبر لسانها عن شوقي من دون عقله وتنظر عيني من بياض طرسها وسواد نفسها بمقلة فإن كان الجواب فهو الأجر والثواب ولم أر قبل شوقي من نار تخمد بطرس يلقى على أوارها فيأمن عادية جوارها لكنها نار الخليل ربما تمسكت من المعجزة بأثر وعثرت على آثاره مع من عثر جمع الله من الشمل بكم ما انتثر وأنسى بالعين الأثر وحرس على الكل من مشوق وشائق وموحش ورائق سر القلوب ومناخ الهوى المجلوب ومثار الأمل المطلوب ولا زالت العصمة
تنسدل فوق مثواه قبابها والسعود يحمد في أمره العالي مثابها فالمحبوب إليه حبيب وإن أساء وأوحش الصباح والمسا
إن كان ما ساءني مما يسركم
فعذبوا فقد استعدبت تعذيبي
والسلام عليكم ما حن مشوق وتأود لليراع في رياض الرقاع قصب ممشوق ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك وقد أجابني الفقيه أبو عبد الله بن زمرك وإبناي عبد الله وعلى فراجعت الثلاثة بما نصه
أكرم بها من بنا بنان
أرسخ في الفصل من أبان
أجنا لديها الرضا حنان
من المعاني جنا جنان
أي جبى للأكف وأن
مما للمباري به يدان
أقسم بالذكر والمثان
مالك فبما سمعت ثان
مدامة بزت الأواني
تنشط للقول كل دان
تقول أوضاعها الغواني
با العلم عن زينة الغوان
يارب بارك لمن بنان
في الفكر والقلب والبنان
هكذا هكذا وبعين الحسود القذا تتناثر الدرر الكامنة وتهاج القرائح لنائمة الآمنة وتقضى الديون من الطباع الضامنة
أعيذها بالخمس من ولايد
قد قلدت بنخب القلايد غيره
أعيذها بالخمس من حبايب
يغذين بالمراضع الأطايب غيره
أعيذها بالخمس من وجوه
يصونها الله من المكروه
ويامانح قلب القلوب أوريت وصدق مانويت البير بيرك وذو حفرت وذو طويت وما رميت إذ رميت ولو علمنا السرائر لأعددنا لهذا المكيل الغرائر ولو تحققنا إجابة السؤال والنسيج على هذا المنوال لفسحنا الظروف لهذا النوال ساجلنا الغيوث فشححنا وبارزنا الليوث فاقتضحنا وصلينا والحمد لله على السلامة بما قدحنا لا بل التمسنا نقبة وأقطعنا تنورا واقتبسنا جذوة فأقبستنا نورا
ملك الثلاث الآنسات عناني
وحللن من قلبي بكل مكان
هذا الهلال وتلك بنت المشتري
حسنا وهذي أخت غصن البان
متى كان أفق المنكب مطلعا لهذا الكوكب وأجمة تلك الساحل الماحل من معاهد الدمر الحلاحل ومورد الجمل البادية الغر مقاصا لمثل هذا الدر إلا أن يكون كنز هذا المرام المستدعي الكلف والغرام من مستودعات تلك الأهواء والأهرام دمنة الملك الغضاب بعد أن قدست الأنصاب وأقفى الأثر فلا يصاب أو تكون الأنوار هنالك تتجسم والحظوظ تعين وتقسم والحقائق تحد وترسم أو تتوالد بتلك المغارات يوسانيا وروسم ظننت بأن تثور من أجم الأقلام أسود وتعبث بالسويداوات من نتائج اليراع والدواة لحاظ سود من قال في الإنسان عالما صغيرا فقد ظلمه كيف والله بالقلم علمه ورفع في العوالم علمه لقد ذرت حلمات تلك الأحلام من رسل غرير وما كان فحل تلك الأقلام بزير ولا سلطان تلك الطباع المديدة الباع ليستظهر بوزير إنما هي مشاكي أعمال أوقدها الله وأسرجها وملكات في القوة رجمها مرجح القدرة فأبرزها إلى العقل وأخرجها وأحرى بها أن تحط بذور
المدارك الإلهية رحالها وتترك إلى الواجب الحق مجالها فتجاوز أوحالها مستنيرة بما أوحي لها إيه بنية أقسم برب البنية وقاسم الحظوظ السنية لقد فزت من نجابتكم عند التماح إجابتكم بالأمنية فما أبالي بعد بالمنية وقاه الله عين الكمال من كمال وصان سروجه من السمال واكتنفه بالمزيد من عز يمين وشمال كما سوغ الفقير مثلي إلى فقرها زكاة حجال لا زكاة جمال ولعمري وما عمري علي بهين ولا الحلف في مقطع الحق بمتعين لقد زحفت منها إلى ثلاث كتائب قادها النصر جنائب ألفاتها العصي ونوناتها القسي وغاياتها المرام العصي ورقومها الخلق وجيادها قد فشى فيها البلق بحيث لا استظهار للشيخ إلا بشعب ولا افتراس إلا لمن قد قدر ودريد هذا الفن يحمل في خدر
سلت على سيوفها أجفانه
فلقيتهن من المنيب بمغفر
فلولا تقدم العلم بالسلم لخيف من كلمها وقوع الكلم أما أحداهن ذات القيام والدلج بالإعتام المستمد سوادها الأعظم من مسك الختام فعالت فريضتها بالزيادة وعلت يدها بمنشور السيادة ورسم شنشتها المعروفة أخزم وجادها من الطبع المعين السماك والمرزم وظفر أسجاعها المظفرة لزوم ما لا يلزم
خدم اليراع بها فدلجها
وسألت مجتهدا عن الفرض
فعلمت أن الصلح مقصده
لتزول بعض عداوة الربض
وأما أختها التالية ولدتها الحانية فنؤوم مكسال ريقها برود مسلسال ومن دونها موارد وكسال وذيب عسال وإن عالت بنقض في النظم فقد أخذت من البدائع بالكظم وامتكت المعالي امتكاك العظم وأما الثالثة فكاعب حسنها
بالعقول متلاعب بنت لبون لا بنت حرب زبون حياها الله وبياها فما أعظم رياها
تشم أنفاس نجد من ثيابهم
عند القدوم لقرب العهد بالدار
ولو قصرت لتغمد تقصيرها وكثر بالحق نصيرها فكيف وقد أجابت وصابت غمامتها وجادت وقد شكرت على الجملة والتفصيل وعرفت منه الباذل وجهد الفصيل وطالعت مسائل البيان والتحصيل وقابلت مفضض الضحى بمذهب الأصيل وأثرت يدي وكانت إلى تلك الفقر الفقيرة ونبهت في عيني الدنيا وكانت حقيرة ورجوت أن لا تعدم هذه الأسواق مديرا ولا تفقد هذه الآفاق روضة وغديرا وسألت لجملتكم المحوطة الشمل الملحوظة بعين الستر الجميل عزا أثيرا وخيرا كثيرا وأمنا تحمدون منه فراشا وثيرا وعذرا أيها الأحباب والصفو اللباب عن كدح سن وكبره وفل استرجاع وعبرة استرقته ولج الشغب طام ذو التظام والخلق فراش يكبون منى على حطام ورسل الفرنج قد غشى المنازل منثالها ونتجتها بالعشى أمثالها والمراجعات تشكو البث والجفاة تستشعر المكيدة والحيف
ولو كان هما واحدا لبكيته
ولكنه هم وثان وثالث
والله عز وجل يمتع بأنسكم من عدم الاستمتاع بسواه وتصر عليه متشعب هواه ويبقى بركة المولى الذي هو قطب مدار هذه الأقمار والأهلة لا بل مركز فلك الملة وسجل حقوقها المستقلة والسلام عليكم ما حنت النيب إلى الفصال وتعللت أنفس المحبين بذكر أزمنة الوصال وكرت البكر على الآصال ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك وقد صدرت بين فاضلين من الأصحاب مكاتبة مفتتحة بأبيات وصرفا إلى التحكيم وجعلا لنظري التفضيل فكتبت
بارك عليها بذكر الله من قصص
واذكر بها ما أتي في سورة القصص
حيث اغتدى بسحر يلهو بالعقول وقد
أجال بين حبال كبده وعص
عقائل العقل والسحر الحلال ثوت
من كافل الصون بعد الكون حجروص
وأقبلت تتهادى كالبدور إذا
سجن من فلك التدوير في حصص
من للبدور وربات الخدور بها
المثل غير مطيع والمثال عص
ما قرصة الشمس والشمس المنيرة إن
قيست بهن سوى من جملة الفرص
تالله ما حكمها يوما بمنتقض
كلا ولا بدورها يوما بمنتقص
إن قال حكمى فيها بالسواء فقد
أمنت ما يحذر القاضي من الغصص
أو كنت أرخصت في الترجيح مجتهدا
لم يقبل الورع الفتيا من الرخص
يا مدلج ليل الترجيح قف فقد جفيت الكواكب ويا قافي طرق التحسين والتقبيح تساوت والحمد لله المناكب ويا مستوكف خبر الوقيعة من وراء قتام القيعة تصالحت المواكب حصحص الحق فارتفع اللجاج وتعارضت الأدلة فسقط اللجاج وطاف نحل الأقلام بأزهار الأحلام فطاب المجاج وقل لفرعون البيان وإن تأله وبلد العقول وبله ودل بالغرور
ودله أوسع الكناس نثلا ودونك أيدا شلا وشجرا جثلا لاخمطا ولا أثلا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى وإن أثرت أدب الحليم مع قصة الحكيم فقل لمجيل جياد التعاليم وواضع حفر أبيار الأقاليم أندلسنا كما علمت بلد الأجم لا سود العجم ومداحض السقوط على شوك قتاد القوط ولم ندر أن محل ذات العجايب والأسرار التي تضرب بها أباط النجايب في غير الإقليم الأول وهذا الوطن بشهادة القلب الحول إنما هو رسم دارس ليس عليه من معول فهنالك يتكلم الجن لبعضهم ويفهم ويرد المدد على النفوس الحزينة من مطالع الأضواء الكلية فيحدث ويلهم وعود خازن الأمدار على المتوسل لوسيلة الاستعداد فيقطع ويسهم وأما أقليمنا الرابع والخامس بعد أن تكافأت المناظر والملابس وتناصف الليل الدامس واليوم الشامس ذاعتدال ربيعي ومجرى طبيعي وذكى وبليد ومعاش وتوليد وطريف في البداوة وتليد ليس به مرماة ولا هرم يخدم بها ذرى يخترم ويشب لغربانه ضرم فيفيد روحانيا يتصرف وربيا يتعرض ويتعرف كلما استنزل صاب وأعمل الانتصاب وعلم الجواب وفهم الصواب ولو فرضنا هذه المدارك ذوات أمثال أو مسبوقة بمثال لتلقينا منشور الفضايل بامتثال لأننا نخاف أن نميل بعض الميل فنجنى بذلك بخس الجرى وارضاء الزميل وتجر تنابح الزهري مع الصميل فمن خير حير ومن حكم ازدرى به وتحكم فما سل سيوف الخوارج في الزمن الدارج إلا التحكيم حتى جهل الحكيم وخلع الخطام ونزع الشكيم فأضر
بالخلق نافع وذهب الطفل لجراه واليافع وذم الذمام ورد الشافع وقطر سيف قطره بكل نجيع طرى وزار لشبيب الأسد الهصور وصلت الغزالة بمسجد الثقفي وهو محصور وانتهبت المقاصير والقصور إلا أن مستاهل الوظيفة الشرعية عند الضرورة تحير والمنتدب للبر يجبى عند الله ويحير واجعلني على خزاين الأرض وهو الأصح الأشهر فيما به يستظهر وأنا وإن حكت على التعجيل فغير مشهد على نفسي بالتسجيل إنما هو تلفيق يرضي وتطفيل يعتب عليه من يصدع بالحق ويمضي إلا أن يقضي ورأيي فيها المراضات وإلا فالسلاح والركاب الطلاح والصلح خير وما استدفع بمثل التسامح ضير ومن وقف عليه واعتبر ما لديه فليعلم أني قد صدعت وقطعت والحق أطعت وإن أريد إلا الإصلاح ما استطعت والسلام
ومن ذلك ما خاطبت به أبا الحسن القرموني من حذام الخطيب أبي عبد الله بن مرزوق ولها حكاية تظهر من الرسالة حملني أعزك الله على قصدك وتحقيق رصدك ما حدثوا بتونس عن يوم فصدك وأن العاقل ود يومئذ أن يكون حجاما ولم يعرف إسراجا في ابتغاء الفضايل ولا إلجاما ولا يعرف امتيازا بالفضايل ولا اختصاصا إلى ليلاتك التي فضحت الظلم وأنست ليالي ذي سلم وأضحت لشهرتها نارا على علم إذ بانت العيدان مصطفة اصطفاف الهدى أخذة ما بين رأس السرطان إلى رأس الجدي وقلت نفسي لا تدين بالإمساك ولا تليق لوعظ النساك لابد تحت هذه السفرة من نفاضة وحول هذه الزبرة من قراضة فلما رأيتك رأيت مخيلة
رجولة في طلعة مقبولة وعلمت أن اختصاص سيدنا باستعمالك وعدم إهمالك قبول الشهادة مزكيك وبيان يرفع التشكيك فاستعنت بقربك وطعنك وضربك وقد بلغني جميل بلائك وإن كان ضعيفا لكن الله سبحانه وله المثل الأعلى يقبل رغيفا والشكر واجب والعمل الصالح لا يحجبه عن الرقى حاجب فخاطبتك شاكرا وبفضل ما صدر عنك ذاكرا والسلام
ومن ذلك ما كتبت فيما يظهر من الرسالة لأحد الفضلاء بما نصه
تعرفت قرب الدار ممن أحبه
فكنت أجد السير لولا ضروره
فأتلوا من أبي المحاسن سورة
وأبصر من شخص المكارم صوره
كنت أبقاك الله لاغتباطي بولائك وسروري بلقائك أود أن أطوي إليك هذه المرحلة وأجدد العمر بلقياك المؤملة فمنع مانع ولا ندري في الآتي ما الله صانع وعلى كل حال فشأني قد وضح منه سبيل مسلوك وعلمه مالك ومملوك واعتقادي أكثر مما تسعه العبارة والألفاظ المستعارة وموصلها ينوب عني في شكر تلك الذات المستكملة شروط الوزارة المتصفة بالعفاف والطهارة والسلام
ومن ذلك ما صدر عني مما خاطبت من بعض الفضلاء
يا حفيد الولي يا وارث الفضل
الذي نال في مقام وحال
لك يا أحمد بن يوسف حبا
كل ثغر يعنى أكف الرجال
أبقاك الله مثابة انتفاع ونورا على يفاع ومتضعا على علو وارتفاع ترى الوتر في أشفاع وتقابل الوهم بطراد من الحقيقة ووضاع ان حثت على لقاء الأعلام شهرتهم فلك الشهرة وأنت العلم والشهاب الذي تجلى به الظلم
ورباط جدك بالمغرب الركن المستلم فإلى أين يذهب عن جنابك الذاهب وقد وضحت المذاهب والله المانع والواهب وإلي من لدن اجتليت غرتك التي تلوح عليها سيما الولاية إرثا واكتسابا وانتماء إلى جانب الله وانتسابا أؤمل التوسل والتقرب وأخطب منك الأنس الذي أنسى به التغرب إلى أن تهيأ بفضل الله وتيسر وتبين مجمل الشوق وتفسر وشتان ما بين أثرى وأعسر وأنا الآن والحمد لله قد حططت بمثوى الولاية رحلي وعثرت بأثر أسرار الأبرار نحلى وأخذت من الدهر ذحلى وحللت من رباط الشيخ أبي محمد صالح بالحرم الأمين فظفرت من ود حافده بالذخر الثمين فيا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين عرفتك أبقاك الله بقصدي وحركة رصدي لتعلم أن هذه الوجهة لقاؤك أقوى دواعيها وأنجح مساعيها وبركة الشيخ نفع الله به تلاحظها وتراعيها فما استبعد المرام من قصد الكرام وما فقد الإيناس من أمل الناس وتنخل الأفراد وتخطى الأجناس وترك للنصر القياس وتملك المنى لما أحرز الرياس وسيدي بعد وما يظهر له من تأنيس غربته وإزاحة كربته ووعى وسيلته وقربته وإتحاف باجتلا حمى نزور وتربة والله عز وجل يبقيه مقصودا على بعد المكان مرجحا في الفضل طرف الإمكان مطمين الفؤاد بذكر الله رطب اللسان من رجا في الوصول إليه مقام الإسلام والإيمان والإحسان والسلام
ومن ذلك ما خاطبت به أحد الفضلاء
إن كانت الآداب أضحت جنة
فقد غدا جنانها الجنان
أقلامه القصب اللدان بروحها
والزهر ما رقمته منه بنان
ما كنت أيها الفاضل الذي زار وتفقد وضاء كوكبه الدري وتوقد فأنسى سناه الفرقد أظن هذا البلد يشتمل على مثل درتك درجة ولا يشرف بمثل نيرك برجه ولا يشمخ بمثل بطلك سرجه حتى اجتليت منك معارف شتى وغاية فضل لا تحد بحتي فعلمت أن البلدان بخيارها لا بتعدد ديارها والأماكن بأربابها لا بتعدد أبوابها وقد علمت أي ضيف وقراي خفيف لا قديد ولا ضعيف إنما هو أنس يبذل ونفس في الانقباض تعذل ومذاكرة يهز دوجها وينشق روحها فإن أردت أن تعدد ما أفردت وتعيد من دول الفضايل ما أوردت أفدت شكرا لا يجر ذكرا واغتنمت حمدا وشكرا والسلام الكريم ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك ما خاطبت به قائد الأسطول أهنيه بطلوع ولده أبقاك الله أيها القائد الذي بأسه ضرم وشأنه شجاعة وكرم ومحل ولايته من العدو حرم لا تسل عن شوقي لقربك وعكوفي على حبك وضراعتي في سعادتك إلى الله ربي وربك وبلغني الطالع لديك والوارد من حضرة المواهب الآلهية عليك جعله الله أسعد مولود على والد ووقفك لما يرضيه من مقام الشاكر الحامد وأقر عينك منه بالقائد بن القائد ابن القائد بن القائد وقد كنت أعدك منه تفاؤلا واستفتاحا وسؤالا من الله واستمناحا فالحمد لله الذي صدق الزجر ووضح الفجر وقد نظمت له أبياتا إن أدركته بعدها حياتي بر وشكر أو كانت الأخرى ترحم وذكر وهي
أرفع قسى الشتات بوعده
واستنجز النصر العزيز لوعده
وانظر إليه تلح إليك بوجهه
سمة الشجاعة من أبيه وجده
لله من سيف لنصرك صارم
ينساب ماء الحسن فوق فرنده
صدرت إليك بشارتي وتفاؤلي
بالأمر قبل بروزه من غمده
يستبشر الأسطول منه بقائد
كالبدر تحت شراعه أو بنده
والبحر يفخر منه يوم ولاده
بملنده ابن ملنده ابن ملنده
ومن ذلك ما صدر عني لما استدعى مني الإجازة وكتبت ما نصه أما بعد حمد الله الذي جعل الفضائل بذرا تنبت زرعا وأصلا يخلف فرعا فإن أهمل الأصل فهو من الاستعادة الفصل وإن نرك الزرع ضاق بالحاجة الضرع فحفظها لهذا السبب حفظ الأنواع وأغرى بها سكيمة الفكر وكريمة الطباع فاضطرت العناية واستمرت وانثالت ودرت ونجحت الأعمال وانبعثت الآمال وتعديت شروط الوجوب إلى شروط الكمال والصلاة على سيدنا ومولانا محمد رسوله الذي فضلت ملته الملل وشفت هدايته العلل فكان مما انفردت به رواية السلف عن السلف وتلافى الفوائد من قبل التلف والرضى عن آله الطيبين وصحابته المنتخبين فإني لما استدعاني السيد الكبير الحبر الإمام صاحب القلم الأعلى والطريقة المثلى والذات الفضلى ريحانة الأندلس الذي تضوع فيها المغرب وتغنى بحديث فضلها الحادي المطرب وفخر الأفق الجهادي وبيتا معمورا بالوزراء الأخيار والصلحاء الأبرار ونسبا في ذروة الأنصار من بني النجار وحسبك بخؤولة المختار وعفافا طاهر الثوب ضافى الإزار إلى الوجه المبشر بالسعادة وبيمن النقيبة في الإبداء والإعادة والمحيا الذي نضر الوجه وراق البشرة والذات التي لا تعرف
الخسرة والعلم المملك من أزمة الفنون المسلم له في الإبكار منه والعون أبو فلان لإجازة ولده الأسعد الأمجد وارث رتبته الشماء بعد تملي الحياة وطول البقاء وتتمة عين المجادة والعلياء أبي فلان وابن أخيه الفاضل الصدر الرفيع القدر أبي الفضل وهو الولد الأسعد أبو فلان شمل الله الجميع بستره وعصمته ووصل لهم ما عودهم من نعمته وشغلهم بالعلم النافع وخدمته وأعلقهم بوسائل العرفان وأذمته تضاءلت علم الله إجلالا لمحله من التبحر في المعارف واستظلاله بظلها الوارف لكن قدمت امتثالا وحذوت من أمره مثالا وبادرت اعتمادا على إغضايه واتكالا فقلت أجزت للوزير المذكور فيما يصح لي أن أجيز فيه من رواية أشرك هذا الفاضل في بعضها وأسهم بتافه من فرضها ونظم ونثر هذا المكتتب من بعض فنيه وتأليف ينبه عليه ككتاب الإحاطة في تاريخ غرناطة في سبعة أسفار و عايد الصلة في سفرين و عمل من طب لمن حب في سفر و الكتاب اليوسفي في سفرين و طرفة العصر في ثلاثة والصيب والجهام في سفرين و نفاخة الجراب في ثلاثة و الأراحيز الخمس من تطمى بمدينة سلا في أصول الفقه و التاريخ الإسلامي والسياسة والعلاج والأغذية إلى غير ذلك مما هو بهرج يفتقر إلى إغضاء العارف وزيف يحتاج إلى مسامحة أمام الصيارف إجازة تامة على شرطها المعتبر وسننها الواضح الأثر والله يعدل بنا إلى ما ينفع ويزكى ويرفع فلقد ذهب العمر الأطيب في السعي الأخيب وانصرف الزمن الأبدع في السراب الذي يخدع اللهم لا تطردنا من بابك ولا تقطع بنا عن جنابك وكتب العبد الغافل الراجي الآمل فلان في كذا
ومن ذلك ما خاطبت به المقام السلطاني بما يظهر من الغرض
أبقاك ظلا للعباد وملجأ
وأعانك الرحمن من سلطان
قد زين الدنيا بنور جماله
فلذلك ما يدعى أبا زيان
مولاي سلطان المسلمين والإسلام مختار الملك العلام المستخلص رحمة لعباد الله من أيدي عباد الأصنام الذي أحسن خلقه وسوغه بارئه من وراء البحار الزاخرة والأمم الكافرة وأورثه حقه المولى الهمام الخليفة الإمام أبو زيان ابن مولانا ولي العهد وفارع هضبة المجد المقدس المطهر المعلم بشيم الكرم المشهر أبي عبد الرحمن ابن مولانا كبير الملوك وإمامها وعلم أعلامها الإمام الخليفة الشهير - المعظم المقدس أبي الحسن ابن موالينا الأئمة المهتدين والخلفاء من بني مرين أبقاه الله ممتعا بالملك الذي ألبسه حلته وشفا به علته وجعله في عقبه باقيا وكان له فيها حافظا وافيا عبدكم الذي أمن عدوان الدهر في ظلكم ونشق نسيم الرحمة من جانب فضلكم وتعرف من ضروب نعمكم الكريمة الأنواع والأجناس واستضاء من حبكم وطاعتكم بنور يمشي به في الناس ما أوجب أن يتمثل بقول أبي نواس
علقت بحبل من حبال محمد
أمنت به من طارق الحدثان
تغطيت من دهر بظل جناحه
فعيني ترى دهري وليس يران
فلو تسل الأيام ما اسمي ما درت
وأين مكاني ما عرفن مكاني
يسلم على المقام المولوي سلام العبودية الثابتة الرسم ويتطارح على تقبيل ذلك البساط بالروح قبل الجسم ويسل الله لكم ونور الحظ من السعادة والقسم ويطالع بأنه انصرف بنية الرحيل إلى مراكش إلى وأهم الأغراض أن يلتمس الدعاء بمقام الأبوة من المشاهدة المشهورة بقبول السؤال المتكفلة ببلوغ الآمال فلما توسط تامسنا شعر بالضعف عن الحركة وأحس بأسباب
المرض منفردة ومشتركة فانكفأ راجعا مستعينا بالله وببركة المولى الذي عرفت رحمته وغمرت في الظعن والإقامة نعمته خوفا من ألم يتحكم أو مرض يسري في هذه البنية الضعيفة ويلحم ونرجو الله أن يقتضي لكم الدعاء من هذا الولي الذي من الله بجواره وجعله من بركات هذا البلد وآثاره إلى أن يتيح نشاطا مستأنفا للحركة التي كان قد أزمعها وييسر الأعانة ويسوغ مشرعها وقد كان العبد عني برحلة تصف المراحل والمنازل والحادي والنازل والجاد والهازل مطرزة باسمكم السعيد مشرقة باسمكم الحميد حسبما يتضمنه أفذاذ بعث العبد شيئا من فصولها وفروعها وأصولها تقرر أن الحركة والسكنة بالخدمة معمورة والنفس مسخرة في التماس رضاء المولى أيده الله ومأمورة وهو جل وتعالى المعين على لازم العبودية بجلالتكم المولوية والسلام الكريم المبارك العميم ورحمة الله تعالى وبركاته
كتب الدعابات والفكاهات
فمن ذلك ما خاطبت به أبا زيد بن خلدون وقد اشترى بكرا من بنات الروم مولدة اسمها هند وأعرس بهاأوصيك بالشيخ أبا بكرة
لا تأمنين في حالة مكره
واجتنب الشك إذا جئته
جنبك الرحمن ما تكره
سيدي لا زلت تتصف بالوالج بين الخلاخل والدمالج وتركض فوقها ركض الهمالج أخبرني كيف كانت الحال وهل حطت بالقاع من خير البقاع الرحال وأحكم بمروود المراودة الاكتحال وارتفع بالسقيا الإمحال وصح الانتحال وحصحص الحق فذهب المحال وقد طولعت بكل بشرى وبشر وزفت هند منك إلى بشر فلله من عشية تمتعت من الربيع بفرش موشية وابتذلت منها إلى وساد وحشية وقد أقبل ظبى الكناس من الديماس ومطوق الحمام من الحمام وقد حسنت الوجه الجميل النظرية وأزيلت عن الفرع الأثيت الأبرية وصقلت الخدود فهي كأنها الأترية وسلط الدلك على الجلود وأعزيت النورة بالشعر المولود وعادت الأعضاء يزنق عنها اللمس ولا تنالها البنات الخمس والسحنة يجول في صفحتها الفضية ماء النعيم والمسراك يلبي من ثنية التنعيم والقلب يرمى من الكف الرقيم بالمقعد المقيم وينظر إلى نجوم الوشم فيقول إني سقيم وقد تفتح ورد الخفر وحكم لزنجي الظفيرة بالظفر واتصف أمير الحسن بالصدود المغتفر ورش بماء الطيب ثم أعلق به دخان العود الرطيب وأقبلت الغادة يهديها اليمن وتزفها السعادة تمشي على استحياء وقد ماع طيب الريا وراق حسن المحيا حتى إذا نزع الخف وقبلت الأكف وصخب الزمر وتجاوب الدف وذاع الأرج وارتفع الحرج
وتجوزوا اللوا والمنعرج ونزل على بشر بزيارة هند الفرج اهتزت أرضه وربت وعوصيت الطباع البشرية فأبت ولله در القائل
ومرت وقالت متى نلتقي
فهش اشتياقا إليها الخبيث
وكاد يمزق سرباله فقلت
إليك يساق الحديث
فلما انسدل جنح الظلام وانتصفت من غريم العشاء الأخيرة فريضة الإسلام وخاطت خيوط المنام عيون الأنام تأتى دنو الجلسة ومسارقة الخلسة ثم عض النهد وقبلت الفم والخد وارسال اليد من النجد إلى الوهد ثم كانت الإمالة قليلا قبل المد ثم الإفاضة فيما يغبط ويرغب ثم الإماطة لما يشوش ويشغب ثم إعمال المسير إلى السرير
وسرنا إلى الحسنى ورق كلامنا
ورضت فذلت صعبة أى إذلال
فاستقرت على موطإ مالكها وأصبهانى مسالكها ومقتضى فذالكها بعد منازعة للأطواق يسيرة يراها الغيد من السيرة ثم شرع في حل التكة ونزع السكة وتبينت الأرض العوار عمل السكة ثم وقع الوحى والاستعجال وحمى الوطيس والمجال وعاك الجزء الخفيف وتضافرت الخصور الهيف وتشاطر الطبع العفيف ثم تواتر التقبيل ثم كان الأخذ الوبيل وامتاز الأنوك من النبيل ومنها جائر وعلى الله قصد السبيل فيالها من نعم متداركة ونفوس في سبيل القحة متهالكة ونفس يقطع حروف الحلق وسبحان الذى يزيد في الخلق وعظمت المانعة وكثرت باليد عن الموضع المعتمد المصانعة وطال التراوغ والتزاور وشكى التجاور واشتد القلق والتضاور فهنالك تختلف الأحوال وتعظم الأهوال وتخسر أو تربح الأموال فمن عصا عسطوس تنقلب ثعبانا مبينا وبدنه تصير تنينا وبطل لم يهله المعترك الهايل والوهم
الزايل ولا حال بينه وبين قرية الحايل فتعدى فتكه السليك إلى فتكة الفراض وتقلد مذهب الأزارقة من الخوارج في الأعتراض واتصف بصفة الساخط وهو الراضى ولوح في ميدان السرير بالحسام الطرير ولف في ملعب الأوطار بالقنا الخطار ثم شق الصف وقد خضب السيف والكف بعد ما كاد يصيب البرين بطعنته ويبوء بمقته ولعنته طعنت ابن عبد القيس طعنة ثاير لها نفذ لولا الشعاع أضاها وهنالك هدأ القتال وسكن الخيال ووقع المتوقع فاستراح البال وتشوف إلى مذهب التنويه من لم يكن ليمر له التوحيد ببال وكثر السؤال عن المبال بها فقال
وإن تعددت اللذات واطردت
فليس يعدل شيء لذة الظفر
ولم يجربوا للحروب صريعا أشفق من صريع السرير على من صرعه نصب اليد الذايل وشرعه حتى أضرعه فيكثر ما ينشد ونفسه قد خلت وقواه قد انجلت ونظرة عينيه قد اختلت
خليلي هل أبصرتما أو سمعتما
قتيلا بكى من حب قاتله مثلى
ويقول وقد نظر إلى دمه يسيل على قدمه
أنى له عن دمي المسفوك معتذر
أقول حملته في سفكه تعبا
ومن سنان غادره عند الحاجة عنانا وشجاع صار مدانا جبانا كلما شابته رايبة شيبة أدخل يده في جيبه فانحجرت الحية وماتت الغريزة والحية فكأنه سلحفاة أغمدت ورأسها جحدت فكأنه يزيغ البصر ويخذل المنتصر وتسلم الأجر ويغلب الحصر ويجف اللعاب ويخفق الفؤاد ويكبو الجواد
ويسيل العرق وتجري في غير محله المرق ويعظم الكرب ويشتد الأرق وينشأ في محل الأمن الفرق ويدرك فرعون الغرق ويقوي اللجاج ويعظم الخرق فلا يزيد الحال إلا شدة ولا تعرف تلك الجارحة المومنة إلا ردة
إذا لم يكن عون من الله للفتى
فأكثر ما يجني عليه اجتهاده
فكم مغري بطول اللبث وهو من الكيد والخبث يؤمل الكرة ليزيل المعرة ويستنجز الوعد ليستأنف السعد ويستنفر الخيال ويعمل باليد الاحتيال
إنك لا تشكو إلى مصمت
فاصبر على الحمل الثقيل أو مت
ومكثر اللثم والضم والعض والشم يدعو في خلل هامد ويضرب في حديد بارد
لقد ناديت لو أسمعت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي
وكم معتذر بمرض أصابه جرعه أوصابه ووجع طرقه جلب أرقه ومغضب يقلد للمانعة الذنب ويطوقها العتب وخطيب أرتج عليه أحيانا فقال سيحدث الله بعد عسر يسرا وبعد عي بيانا اللهم إنا نعوذ بك من فضايح الفروج إذ استغلقت أقفالها ولم تتسم بالنسيم أغفالها ومن معرات الأقدار والنكول عن الأبكار ومن النزول عن البطون والسرر والجوارح الحسان العزر قبل ثقب الدرر ومن سواد الوجه إذا بكرت الوجوه ونالت النفوس من إطراء العادين والمهنين ما ترجوه ولا تجعلنا ممن يستحي من البكر بالغداة ويعلم منه كلال الجد وضعف الأداة هذا مجال فضح فيه رجال وفراش تنكبت فيه أوجال وأعملت روية وارتحال فمن قايل
أرفعه طورا على أصبعي
ورأسه مضطرب أسفله
كالحنش المقتول يلقى على
عود لكي يطرح في مزبله
وقال
عدمت من إيرى قوي حسه
يا حسرة المرء على نفسه
تراه قد مال على أصله
كحائط خر على أسه
وقائل
أيحسدني إبليس فأين أصبحا
برجلي ورأسي دملا وزكاما
فليتهما كانا به وأزيده
رخاوة أير لا يطيق قياما
إذا نهضت للنيك أرباب معشر
توسد إحدى خصيتيه وناما
وقال
أقول لا يرى وهو يرقب فتكه به
خبت من أير وغالتك داهية
إذا لم يكن للأير بخت نعذرت
عليه وجوه من كل ناحية
وقائل
تعقب فوق الخصيتين كأنه
رشا إلى جنب الركية ملتف
كفرخ ابن ذي يومين يرفع رأسه
إلى أبويه ثم يدركه الضعف
وقائل
تكرش أيري بعد ما كان أملسا
وكان غنيا من قواه فأفلسا
وصار جوابي للمها أن مررن بي
مضى الوصل إلا منية تبعث الأسا
وقائل
بنفسي من حييته فاستخف بي
ولم يخطر الهجران يوما على بال
وقابلني بالهزء والنجه بعد ما
حططت به رجلي وجردت سربال
وما ارتجى من موسر فوق دكة
عرضت له شيئا من الحشف البال
هموم لا تزال تبكي وعلل على الدهر تشكى وأحاديث تقص وتحكى فإن ذلك العضو على شهرته وعظم قدرته يستمد من الميرة وحركته لا تقوم إلا بالمؤن الكثيرة من حيا يرتفع وبلادة بها في الغالب ينتفع وفكر يعقد وشبق على اصله يعقد ورياح تنفخ ورطوبة ترضخ وعضل شديد وعمر جديد ومزاج في عرض الجو طويل مديد وهو غير مطاوع للإرادة
ولا معط للقادة خبيث وقاح شامت نضاح كم نقض من وقت وجلب من مقت لا يستصلح بالتعليم ولا يرد عن مرتكبه الذميم بالقول الأليم ولا يغلب إلا بمقام الرضا والتسليم
حكموا فلا أحلى من التسليم
وأدر رحيق فؤادي المختوم
مبرد به الأحشاء من نار الجوى
وانضح لهيب فؤادك المكلوم
ما قابل التسليم نار صبابة
إلا إلا انثنت في حال برد نعيم
فإن كنت أعزك الله من النمط الأول فقد جنيت الثمر واستطبت الثمر وتلوت أول وردك اقتربت الساعة وانشق القمر فاستدع الأبواق من أقصى المدينة واخرج على قومك في لباس الزينة واستعد كرسي القعود والقبقاب من المدهون المشهود واستبشر بالوفود وعرف المسمع عارفة الجود وتبجح بصلابة العود وإنجاز الوعود واستمتع بالشهود واجن رمان النهود من أغصان القدود وانس من الشعور السود عباسية البنود واقتطف ببنان اللثم أفاح الثغور وورد الخدود وإن كانت الأخرى فأخف الكمد وارض بالثمد وانتظر الأمد واكذب التوسم واستعمل التبسم واستكتم النسوة وأفض فيهن الرشوة أو تقلد المغالطة وارتكب وجيء على قميصك بدم كذب واستنجد الرحمن واستعن على أمرك بالكتمان
لا تظهرن لعاذل أو عاذر
حاليك في السراء والضراء
فلرحمة المتفجعين مرارة
في القلب مثل شماتة الأعداء
وانتشق الأرج وارتقب من جانب الفرج الفرج فكم غمام طبق وما هما وما رميت إذ رميت ولكن الله رما وأملك بعدها عنان نفسك حتى
تمكنك الفرصة وترفع إليك الغصة وتثقب الفرصة ولا تشره إلى عمل لا تفي منه بتمام وخذ عن إمام ولله در عروة بن حزام
الله يعلم ما تركت قتالهم
حتى رموا مهري بأشقر مزبد
وعلمت أني إن أقابل دونهم
أقتل ولا يضرر عدوي مشهد
ففررت عنهم والأحبة فيهم
طمعا لهم بعقاب يوم مفسد
واللبانات تلين وتجمع المآرب تدنو وتنزح وتخور ثم تسمح وكم من شجاع خام ويقظ نام ودليل أخطأ الطريق وأضل الفريق والله عز وجل يجعلها خلة موصولة وشملا أكنافه بالخير مشمولة وبنية أركانها لركاب اليمن مأمولة حتى تكثر خدم سيدي وجواريه وأسرته وسراريه وتصفو عليه نعمة باريه ما طورد قنيص واقتحم عيص وأدرك مرام عويص وأعطى زاهد وحرم حريص ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك في هذا الغرض مما خاطبت به أبا إسحاق ابن الحاج على لسان قاضي الحضرة أبي الحسن سيدي جعل الله أكوار العمائم تتضاءل لكور عمامتك والنفوس الطامحة الهمم على اختلاف الأمم تقر بوجوب إمامتك وسر الإسلام باتصال سلامتك وتبرأ الملا من ملامتك وصلتني رسالتك التي أخبت في ميدان البلاغة فأوضعت وأخلاف الفنون ارتضعت وعلى ارتفاع القدر اتضعت ووضعت الحكمة المشرقية بنت ساعة والله أعلم بما وضعت لكنها تنافست الجوارح كما غصت بنعمها المسارح وتعارض السائح والبارح والرامز والسارح في صلت الإذن على المغنا وأنجبت من اللفظ البديع بأعذب المنا واستولت العين من الخط على الحسن البعيد الشط ونتيجة ما أودع الباري بين مقدمتي البري والقط وعظمت حسرة الخلق إذ بقي بابه مسدودا وأصبح سلكه من المسالك المنافذة معدودا
واشتد أسف الضرس إذا أصبحت أرضى طواحنه عاطلة وسحاب الدين عليها غير هاطلة ومذاهبها باطلة ومواعيد بالمضغ ماطلة وماضر سيدي والله يقيه الضر ويحفظ منصبه الحر وبحره الذي يقذف الدر أن لو ضاعت الطول وجمع الفعل والقول فوجه من الكتان ما يثقل ظهر الأتان ومن الزيت ما يملأ ركن البيت ومن الدجاج والعسل المجاج ما يتكفل بصلاح المزاج ومن الأترج والليم ما يخل بحلم الحليم فجانب الورع عن هدية سيدي لا يضيق فهو الرفيق الشقيق والعدل الذي وضح من فضله الطريق وأما أن لا يكون حظ وليه إلا نقر لا تدفع فقرا وألفاظ لا تذهب وقرا وحلة يجوع من حل بها ويعري وبحر لا يجد الغائص له قعرا فأمر ينكر على المجادة التميمية والمثابة الحكمية مع أن الإقليم لم تزل ترفد هذه الخطة كلما وصلت وتصلح صلاتها إذا سهت ولا مرفقتها ما أمرت ولا نهدت ولا أكلت ما اشتهت فليراجع سيدي عادة الكرم ولا يحسب الشحم في الورم والله يطلع من تلقائه على الأدقة التي تضيق عن أحمالها عراض الأزقة والعسول المتكفلة بالسول والزبيب الذي يسر قلب الحبيب والأجبان التي تشجع قلب الجبان والجدبان التي تردي بالخبر عن العيان والبيض الذي تشهد بالفيض والزيت الذي يخلف حياة الميت والله يبقي سيدي للقضاة زيتا وفي العلماء عينا ويفضي بجودك على الدهر الذي سمح بجوده دينا والسلام عليه ما استمح جواد وأطرف بالفكاهة فؤاد ورحمة الله تعالى وبركاته
ومن ذلك ما صدر عني في مخاطبته أيضا إذ هو اليوم فارس الميدان وصدر هذا الشأن
يا قاضي العدل الذي لم تزل
تمتاز شهب الفضل من شمسك
قعدت للإنصاف بين الورى
فاطلب لنا بالإنصاف من نفسك
ما للقاضي أبقاه الله ضاق ذرع عدله الرحب عن الصحب وصم عن العتب وضن على صديقه حتى بالكتب ابن المدونة الكبرى ارتكب هذا التخريج أم من المبسوطة ذهب إلى هذا الأمر المريج أم من الواضحة امتنع عن الإلمام برفع الوفا والتعريج ومن أمثالهم إذا ولى أخوك فاقنع بعشروده وقد قنعنا نحن والحمد لله بحبة من مده وإيثارة من درجه وبده وساعة معتدلة من زمان بلوغ اشده فما باله يمطل مع الغنا ويحوج إلى العنا مع قرب الجنا المرحلة مرحلة طالع وخامع ومطمع طامع ومرأى راء وسمع سامع والكنف واسع والمكان لاناء ولا شاسع والضرع حافل والذرع كاف كافل والقريحة وارية الزند والإمامة خافقة البند وهب البخل يقع بما في الخوان على الإخوان فما باله يقع بالبنان أعيذ سيدي من ارتكاب رأي ذميم يؤيد بيت القطافي تميم ويعضد معناه بتشميم وهلا تلا حاميم وعهدي بالسيادة القاضوية قد نامت في مهاد الترف نوم أهل الكهف ولم تبل بمدد الويل واللهف أو شربت لحفظ الصحة بختجا ودقت لإعادة الشبيبة عفصا ورد وردسختجا وغطت على الصبح بالليل إذا سجا ومدت على ضاحي البياض ظلا سجسجا وردت سوسن العارض بنفسجا ولبس بحرها الزاخر ثوبا من طحلب البر منشجا وأحكم العمامة وصديق المرأة ينصح ويرشد وينظر في المحاسن وينشد حتى حسنت الدارة وصحت الاستدارة وأعجبه الوجه الجميل والقد الذي يميل في دكة الدار ويميل فاعرى السواك التتميم والتكميل ووشج بين شفري سيدي الميل وقيل لوضاح اليمن خاب فيك التأميل وامتد جناح برنس الشرق واحتفل الغصن الرطيب في ناضر الورق ورش الورد
ماؤه عن رشح العرق وتهيأ للمنطلق وقرأت عليه نساء أعوانه وكتبة ديوانه سورة العلق من بعد ما أوقف الأملين الحجاب على أقدامهم وكفهم الخذلان عن أقدامهم فمثلوا واصطفوا وتألفوا والتفوا وداروا وحفوا وما تسللوا ولا خفوا كأنما أسمعتهم صيحة النشر أو خرجوا الأول الحشر فعيونهم بملتقى المصراع معقودة وأذهانهم لمكان الهيبة وحفالاتهم قبل الطلب بها منقودة فعندما فرش الوساد وارتفع بالنفاق الكساد وذاع الكبا وتارج الجساد واستقام الكون وارتفع الفساد وأرجعت أرداجها الأجساد جاءت السيادة فجلست وتنعمت الأحداق بالنظر الذي اختلست وسمحت الأكف حتى أفلست وزانت الشمس ذلك الفلك وجلت الأنوار الحلك فتحت الأبواب وقالت هيت لك ووقفت الأعيان سماطين ومثلوا خفين وتشكلوا مجرة تنتهي إلى البطين يعلنون بالتفدية ويجهرون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون من كل شهب ثاقب وطايف غاسق واقب وملاحظ مراقب كميش الإزار بعيد المزار حامل للأوزار خصيم مبين ووارث سوفسطها عن رنين مطلع بفقه البير وحريمها فضلا عن تلقين الخصوم وتعليمها أسهم العريف المقرب والمقدم المدرب والمشافه المباشر والنابح الكاشر والمنهج العاشر الذي يقتضي خلاص العقد ويقطع في الكاي والنقد ويزكى ويجرح ويمسك المثبت أو يطرح ويجمل ويشرح والمسيطر الذي بيده ميزان الورق وجمع الأجر المفترق وكفه قابلة رحم الدواة الفاغرة ورشا بلالة الصدور الواغرة فإذا وقف الخصمان بأقصى مطرح الشعاع وأفأى مجمع الرعاع واعلنا الندا وطلب الأعدا وصاحا جعل الله أنفسنا لك الفدا ورفع الأمر إلى مقطع الحق والأولى بالمثابة الأحق أخذتهما الأيدي دفعا
في القفى ورفعا لستر اللطف الخفي وإمساكا بالحجر والأكمام ومنعا للمباشرة والإلمام واستنطاقا عند الأخذ بالكلام وإسكاتا عند صريف الأقلام فإذا أدلى بحجته من أدلى وسعهما دينه عدلا وحق القول واستقر الهول ووجبت اليمين أو الأداء الذي يفوت له الذخر الثمين أو الرهن أو الضمين أو الاعتقال الذي هو على أحدهما الأمين نهش الصل الذي سليمه لايبل ولسبت العقارب الذي لا يفلتها الهارب ولا تنجى منها المسارب وكم تحت الظلام من غرارة يحملها غر وحرة ريح فيها صر وسهد في انتظار قلة شهد وكبش يجر تارة بروقيه ويدفع بعد رفع ساقيه ومعزى وجدي وقلايد هدى وسرب دجاج ذوات لجاج يقضحن الطارق ويشيعن المفارق فمتى يستفيق سيدي مع هذا اللغط العايد بالصلة واللهى المتصلة أو تتفرع يده البيضاء لأعمال ارتياض وخط سواد في بياض أو حنين لدوح أو رياض أو إمتاع طرف باكتئاب حرف أو إعمال عدل لرسول في صرف أو حشو طرب يتحفه ظرف شأنه أشد استغراقا وميوله أكثر طراقا من ذكر حبيب ومنزل وأم معزل وكيف يستخدم القلم الذي يصارف ماء الحبر يذوب التبر في ترهات عدم جناها وأقطع جانب الخيبة لفظها ومعناها اللهم إلا أن تحصل النفس على كفاية تختم لها الصرر وتشام من خلالها للجين الغرر أو تحن النفس إلى الفكاهة والأنس وينفق لديها ذمام الإبقاء على الجنس فربما تقع المخاطبة المنزورة وتبيح هذا المرتكب الصعب للضرورة والمرغوب من سيدي القاضي أن يذكر بؤسنا بالإغفال عند نعيمه ولا يخيب آمالنا المتعلقة بأذيال زعيمه ويسهمنا حظا من فوايد حظه لا من فوايد خطته ويجعل لنا كفلا من فضل بريته وفطنته لا من فضل بعره وقطته فقد غنينا عن الحلاوات
بحلاوة لفظه وعن الطرف المجموعة بفنون حفظه وعن قصب السكر بقصب أقلامه وعن جنى الدوم بداومه وبهديه عن جديه وبمحاجته عن دجاجته وبدر لجه عن أترجه وعن البر ببره وعن الحب بحبه ولا نأمل إلا طلوع بطاقته وقد رضينا بجهد طاقته وإلا فلا بد أن نحشد جيش الكلام إلى عتبه ونوالي الكتايب حتى يتقي بضريبة كتبه والسلام
ومن ذلك ما صدر عني في سبيل الدعابة فيمن تزوج قينته كتبت أغبطك أعزك الله بتسويغ اللذات وتسنى طيب الحياة ولباس خلع الخلاعة ولو قامت الساعة فإنما الإنسان بيومه لا بقومه وبوقته لا بالمبالات بمقته وأدعو الله أن يجزك أجرتك ويتقبل هجرتك ويؤمن من الشروط حجرتك ويعطف على محلك قلوب الفتيان ويدعو بهم للإتيان ويقطع بشهرة قينتك حظوظ القيان ويسلبك الغيرة التي تفسد العشرة وتكشف القشرة وكأني بك أعزك الله وقد ظهر بوجهك سعفة النبيذ وتفطر لها وجهك تفطر الجدي الحنيذ وأصابت أسنانك الحضر وريحك البخر وعينك الستر وشعرك الحزاز ويدك الكزاز وأصبحت مخمورا منهيا عن عيالك مأمورا وقد أغلقت عمامتك بسروالك وسدلت القشرة البيضاء على أسمالك وقعدت بركة بابك تتلقف العيادة وتعترض السيادة وتعين للوقت الزيادة فإذا اقتضيت النقد من الخرج ودللت الفحول على المرج وخطبت لمشاهدة الرقص والدرج نهضت لشرامون فحولك وما يتكل بسولك من طرواة تصقل العشرة وتنقيها ولخلخلة يستر رائحة الإبط وتخفيها وسنون يطيب الفم ويوافق الشم وضماد يشد الثدي إذا ذبل وبرزجة تمنع الحمل وحشوت جيبك أوتارا وأعددت دستانا ثانيا وحمارا وشاركت على المرابحة خمارا
وبسطت نطع القعود واعددت لإيداع الفتوح غشا العود وترددت إلى الباب توقعا لإخلاف الوعود فأقسم عليك يا سيدي أن لا تغفلنا من بالك ولا تنسنا من حرامك المصحف أو حلالك وأسهمنا في فضل تجارتك وعيى جعالتك وإجارتك واضرب لنا بخط عند قسم ما في طنجارتك والسلام
ومن ذلك في مخاطبة بعض الأطباء بما يظهر من الغرض أبثك يا أحب الأحباء أطرف الأنباء من حديث الأطباء وذلك أن لي أياما ثلاثة أعاني ما أعاني من الألم الذي شريني وأرتعاني فأما قوتي فواهية في درجات الضعف متناهية وأما أفكاري فمتبلدة متناهية وأما آلام الفؤاد فما أدريك ماهية فإذا دخل القوم حيو وقعدوا وصوبوا في الهذر وصعدوا وربما امتدوا طوع تعديهم إلى تناول الرقاع والكراريس بأيديهم يدرسون أسطارها سرا ويكفون ويكبون عليها إكبابا مستمرا فإذا ملوا نهضوا على جادة أخرى واستقلوا فأفاضوا في التوراة والزبور والتلمود والعبور وغير ذلك من فصول الأمور ولقد أتحامل الخلا والضعف ظاهر الاستيلا ومجالس السهل مترادفة الولا فيذهلون عما ألاقيه من العفا إلى أن ينتصف اليوم وبريبهم التثاؤب والنوم فحينئذ يتحرك القوم ووالله ما أعملوا في العلاج قولا ولا نظروا خرا ولا بولا ولا قعدوا ولا شعروا هل أنا مريض أم لا وما ضر لو أشار منهم المشير بعلاج أو أخذوا للمذاكرة في نتاج حتى يقيموا رسم الصناعة ويأنفوا لها من طريق الإضاعة أو يعدلوا هواء
أو يبدلوا سبيلا سواء أو يجلب أحدهم من الخزانة السلطانية دواء إنما هي عادة الأيام وعدم الاهتمام وتعدي طرق الكرام فإذا وقعت الهفوة عتبوا وشافهوا وكتبوا كأني لست موضوعا إلا لشكوى دهر وتعزير صخر أو تمر أو بكاء هم أو السباحة للفضول في يم وإن قالوا قدرك سنى ء وأنت عن نظرنا غنى فأنا عن الزيارة مني إلى العلاج وعن الأصالة الخارقة للسياج مني لصلاح المزاج قدرت لك عذري لتقوم فيه بحجتي وإيضاح محجتي لا زلت متحليا من الإنصاف بأجمل الأوصاف والسلام المتعاهد بالألطاف والرحمات الدانيات القطاف يخصك ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك ما صدر عني في مخاطبة ابن جبور الوالي بمكناسة في بعض الأغراض شاع أعزك الله على ألسنة أصحابك ممن عرف نبله وعقله وصح في الأخبار نقله أنك جواد الوقت الآمن المقت وأنك مجلى التخت ومفيد البخت ومأوى الضيف في الشتاء والصيف وأنا ما علمت ضيف الكرام حيث حللت ونزيل الأجواد متى نزلت أرحل عنهم والثياب تضيق بها العباب والجياد يجنبها القياد والصرر قد أشرقت منها الغرر حرصا على ثناء يخلد ومعنى يقلد ودولة تجلى بالمكارم ومروة تحل عليها ضرب المغارم فبت بجوارك ليلتين أكلت فيهما من زادي وشربت من ماء الوادي وجعلت الأرض مهادي وطال لأجل البراغيث سهادي ولقد سألني الوزير أبقاه الله عن طريقي ورفيقي وفريقي وأجملت المفسر وألممت من الكذب بما تيسر وقلت علم استدعاؤك إياي واستقدامي من مثواي فسائر الناس بجملتهم هواي وأماني الإياب بعد أن بدأت البيت وأوليت ما أوليت فالأمر أكبر
والخبر لا يفي به الخبر فخاطبتك أعزك الله مخاطبة من يغار على شهرة جودك والحكم لك بالثنا قبل وجودك فإما أن يقع الصلح على ضريبة قريبة ويرتفع عن وجه المجادة نقاب الريبة أو يكذب النقل ويكون قرى ضيفك الماء والبقل اللهم إلا أن يكون قبولك خاصا بمن راق خده وحسن قده وتبلبلت نظرته وأخجلت البدو غرته فحظنا لديك الخيبة ولو قصدناك من قلة وطيبة وموصله يقرر المطلب ويجبر منك البارق والخلب والقصد المشاركة فيما أمر بشرائه ومحاولة نقله بما يستخف من كرايه وأنا أرتقب وصوله وأنتظر حصوله وعلى كل حال فشكري لشكر الخلق فيك تبع وإن لم يقع في جوارك ري ولا شبع وثنائي جميل وإن لم يقض من برك نأميل وما ألممت به إنما هو دعابة تخف على أهل النبل ومن يسلك من التظرف أوضح السبل والله يمتع بعد بلقائك ويجلي غرر الفضل من تلقائك والسلام
ومن ذلك ما صدر عني مما خاطبت به الوزير أبا بكر بن الحكيم
ألام على أخذ القليل وإنما
أعامل أقواما أقل من الذر
فإن أنا لم آخذ منهم فقدته
ولا بد من شيء يعين على الدهر
سيدي أطلق الله يدك بما تملك وفتر عن مخنقك البخل لئلا تهلك كنت قد هومت وزجرني القلق فتلومت ونومي ما علمت سني الخلال عزيز الوصال يمطل غريمه ديني ويعافه طيري ورد نمر عيني وإذا بالباب يدق بحجر دقا ينبه عن ضجر وجار الجنب يؤخذ بالذنب فقمت مبادرا وجزعت وإن كان الجزع مني نادرا واستفهمت من وراء الفلق عن سبب
هذا القلق واستعذت برب الفلق فقالت امرأة من سكان السواد ورابطة الفؤاد يا قوم رسول خير بأيمن طير وقرع إدلال لا قرع إذلال حطو شعار الحرب والحرب وقد ظفرتم ببلوغ الأرب فتأخرت عن الإقدام وانهدت إليه مجن عمر ابن أبي ربيعة ممن كان بالدار من الخدام وأسفرت الوقيعة عن سلام وسلم ولم يرزأ أحد منا بكلم ونظرت إلى رجل قرطبي الطلعة والأخلاق جاو على الإطلاق تنهد قبل أن سلم وارتمض لما ذهب من الشبيبة وتألم شنشنة معروفة وعن تلك الجهة معاذ الله مصروفة وقد حملته سيادتكم من المبرة ضروبا شتى وتجاوزت في السراوة غاية حتى ولم نذع عضوا من جسده فضلا عن منكبه ويده إلا أعلقته وعاء ثقيلا وناطت به زنبيلا وصييره مضاعف البر سفينة من سفن البر فأناخ كالجمل إذا برك واستلقى كالكمى ترك المعترك وعلت حوله تلك الأثقال وتعاورها الانتقال وكثر بالزقاق القيل والقال فلما تحصلت بالدار وسترت معرتها بالجدار وتناولها الاختبار الفاضح وبان قصورها الواضح تلاشت بعد ما جاشت واضمحلت بعد ما حلت ونظرت إلى قعب من التبن المذوق الذي لا يستعمل في البيوت ولا يباع في السوق أذكرني قول الشاعر
تلك المكارم لا قعبان من لبن
شيبا بماء فعاد أبعد أبوالا
أما زبده فرفع وأما زيته فانتيت به وانتفع وأما من أنف من بعثه من فضلاء الخدام فرفع وكأني به قد ألح فصفع والتفت إلى قفة قد خيطت وبعنق ذلك البائس قد نيطت رمس فيها أفراخ من الحمائم وقلدت بلبته كما يتقلد بالعمائم وشد حبلها بمخنقه وألزم منها في العاجلة طائره في عنقه هذا بعد ما ذبحت وأما حشوتها فربحت ولو سلكتم الطريقة المثلى لحفظتم جثتها من العفن بما تحظ به جثث القتلى وأظنكم لم تغفلوا هذا الغرض
ولا أهملتم هذا المهم الذي عرض فإني رميت منها للبر رمى المختبر فكلح من مرارة الصبر ولما أخرجتها من كفن القفة واستدعيت لمواراتها من حضر من الأصحاب أهل الصفة تمثلت تمثل لبيب بقول حبيب
هن الحمام فإن كسرت عناقه
من حايهين فإنهن حمام
ولولا أن أحد الدجاجتين لاحت عليها مخيلة سرو وكانت من بقايا ديوك مرو بعث بها جلالك جلاله وأهدى منها لفساد مزاجي آله لم يكن في الهدية ما يذكر ولكانت مما ينكر وأستغفر الله فلو لم تكن التحفة إلا تلك الأكولة العاطرة والغمامة الماطرة حتى أحسبت الأمل الأقصى وتجاوزت المنن التي لا تحصى للزم الشكر ووجب وبرز من حر المدح ما تيسر واحتجب والمكارم وإن تغيرت أنسابها وادعى إرثها واكتسابها إليكم تشير أيديها ولفئتكم تميل بهواديها وبساحتكم يسيل واديها وعلى أرضكم تسح غواديها ومثلى أعزكم الله لا يفض من قدر تحفكم الحافلة ولا يقعد من شكرها عن فريضة ولا نافلة ولكنها دعابة معتادة وفكاهة أصدرتها وداده ولا أشك أنكم بما جبلتم عليه من محبتي قديما وحديثا وأثاري الذي صيرتموه سمرا وحديثا تهدرون جفاي في جنب وفائي وتغضون وتتجلون وبقول الشاعر تتمثلون
وأسمع من ألفاظه اللغة التي
يلذ بها سمعي وإن ضمنت شتمي
وهي طويلة
ومن ذلك ما صدر عني مما خاطبت بها أبا عبد الله اليتيم بما نصه يا سيدي الذي إذا رفعت راية ثنائه تلقيتها باليدين وإذا قسمت سهام وداده على ذوي اعتقاده كنت صاحب الفريضة والدين وأم بقاؤك لطرفة
تبديها وغريبة تردفها بأخرى تليها وعقيلة بان تجتليها ونفس أخذ الحزن بكظمها وكلف الدهر بشت نظمها تونسها وتسليها لم أزل أعزك الله أشد على بدائعك يد الضنين وأقتني درر كلامك ونفثات أقلامك اقتناء الدر الثمين والأيام بلقاك تعد ولا تسعد وفي هذه الأيام انثالت على سماؤك بعد قحط وتوالت لدى آلاؤك على شحط وزارتني من عقائل بنانك كل فاتنة الطرف عاطرة العرف رافلة في حلل البيان والطرف لو ضربت بيوتها بالحجاز لأقرت لها العرب العاربة بالإعجاز ماشيت من رصف المبنى ومطاوعة اللفظ المعنى وطيب الأسلوب والتشبث بالقلوب غير أن سيدي أفرط في التنزل وخلط المخاطبة بالتغزل وراجع الالتفات ورام استدراك ما فات يرحم الله شاعر المعرة فلقد أجاد في قوله وأنكر مناجاة الشوق بعد انصرام حوله فقال
أبعد حول تناجى النفس ناجية
هلا ونحن على عشر من العشر
وقد تجاوزت في الأمد وأنسيت أخبار صاحبك عبد الصمد فأقسم بألفات القدود وهمزات الجفون السود وحاملي الأرواح مع الألواح بالغدو والرواح لولا بعد مزارك ما أمنت غائلة ما تحت إزارك ثم إني حققت الغرض وبحثت عن المشكل الذي عرض فقلت للخواطر انتقال ولكل مقام مقال وتختلف الحوائج باختلاف الأوقات ثم رفع اللبس خبر الثقات ومنها وتعرفت ما كان من مراجعة سيدي لحرفة التكتيب والتعليم والحنين إلى العهد القديم فسررت باستقامة حاله وفضل ماله وإن لاحظ الملاحظ ما قال الجاحظ فاعتراض لا يرد وقياس لا يضطرد حبذا والله عيش أهل التأديب فلا بالضنك ولا بالجديب معاهدة الإحسان ومشاهدة الصور الحسان يمينا إن
المعلمين لسادة المسلمين وإني لأنظرهم كلما خطرت على المكاتب أمراء فوق المراتب من كل مسطر الدرة متقطب الأسرة متنمر للوارد تنمر الهرة يغدو إلى مكتبه كالأمير في موكبه حتى إذا استقر في فرشه واستوى على عرشه وترنم بتلاوة قالوته وورشه أظهر للخلق احتقارا وأزرى بالجبال وقارا ورفعت إليه الخصوم ووقف بين يديه الظالم والمظلوم فتقول كسرى في إيوانه أو الرشيد في زمانه أو الحجاج بين أعوانه فإذا استولى على البدر السرار وتبين للشهر الفرار تحرك للخروج تحرك القرد إلى الفرج استغفر الله مما يشق على سيدي سماعه وتشمئز من ذكره طباعة شيم اللسان خلط الإساءة بالإحسان والغفلة من صفات الإنسان وأي عيش كهذا العيش وكيف حال أمير هذا الجيش طاعة معروفة ووجوه إليه مصروفة فإن أشار بالإنصات لتحقيق الغصات فكأنما طمس على الأفواه ولاءم بين الشفاه وإن أمر بالإفصاح وتلاوة الألواح علا الضجيج والعجيج وحف به كما حف بالبيت الحجيج وكم بين ذلك من رشوة تدس وغمرة لا تحس ووعد يستنجز وحاجة تستعجل وتجهز هنأ الله سيدي ما خوله وأنساه بطيب آخره أوله وقد بعثت بدعابتي هذه مع إجلال قدره والثقة بسعة صدره فليتلقها بيمينه ويفسح لها في المجلس بينه وبين خدينه ويفرغ لمراجعتها وقتا من أوقاته عملا بمقتضى دينه وفضل يقينه والسلام الكريم ورحمة الله وبركاته
ومن ذلك ما خاطبت به أحد المنتحلين لصنعة الحجامة يا أحمد أبقاك الله لذكر تعظه وورم تبطه ودم تسيله ورأس سما به الكبر تميله حتى يتبين لديك حال الثروة ويجتمع بين يديك من الشعور مثل ما يجتمع بين الصفا والمروة ما هذه الغيبة التي أسالت من صبيتك
القوارب وأطالت من معامليك اللمم والشوارب وتركت من كان يحوم على دكانك وينفق سلعته في مكانك كأسد السوق يعيد العهد بالفسوق إثن من عنانك وألن لمن خلقك قاسي جنانك وارث لخدود كنت حاصد نباتها ومتفيى ء جناتها فقد طغى بها الآس على الورد ولبست من خلعات العذار كل محكمة السرد فبلطافة شمائلك وطيب حمائلك ألا ما أخذت في الإياب وأدلجت إدلاج الذياب فقد طال الأمد وعظم على حملتك العاشقة الكمد واستصحب ما رسمت لك من الفخار وغيره وخذ في القدوم وحث من سيره وإنه سلامي من استسقيت سحب خيره وتيمنت لله مادة طيره وصل الله علاءه وأجزل لديه آلاءه والسلام
ومن ذلك في مخاطبة أبي جعفر بن سليمان القرشي وقد عرض عليه عقد إيجابه يا محل الولد هذا رأي ما فيه والحمد لله وهي ونظر معتبر يرجحه كتاب وخبر وحسبك بها من صلة رحم وعصابة فضل تزدحم فإلى أين يذهب المحتار عما يذب إليه المختار كتب الله لكم السعد حليف هذا النقد ولا زال نقده وكاليه آمنين من النقد وجعل حصول الأنبا بالأبناء عن الرفاء ورفكم فيه عوارف اليمن والأمان وجعل حكمة سعادته مما فهمها الله - والدكم سليمان بفضله وكرمه
المقامات
فمن ذلك ما صدر عنى للسلطان الجليل المعظم الكبير أبي عنان فارس رحمه الله من سبتة بين يدي ركوب البحر وفي كل كلمة منها سين
سقت ساريات السحب ساحة فاس
سواحب تكسو السرح حسن لباس
وسارت بتسليمي لسدة فارس
نسيم سرى للسلسبيل بكاس
منها في ذكر السلطان أبي عنان
أنست بمسرى سبتة وتأنست
بساحته نفسي وأسعد ناس
ويسرت لليسرى ويسر مرسلي
وسدد سهمي واستقام قياس
باسم السلام أستمنح مسبل الإسعاد وأبلس أنفس الحساد وبإرسال التسليم لسيد المرسلين أسد أسراب الفساد وألتمس لسفري سلامة النفوس والأجساد سلام وسيم تستعير نفس مسراه البساتين ويحسده الآس والياسمين ويستمده النرجس الساجي والنسرين يسى ر لمجلس مستخلف القدوس السلام سبحانه ويستبق لسدة سلطان المسلمين سل السعد حسامه وسدد سهامه سيف السنة السمحاء سحابة سماء السخا أسد المراس ملبس المفسدين لباس الباس ميسر الحسنة للناس يعسوب الخميس مسرح سوائم التسجيع والتنسيم والتجنيس سند السنة أسد الأسنة الباسل السيد السني المسدد السامي السني سلطان السلاطين الساطي بأسه بالساطين مستند الإسلام فارس سدلت لسيرته الحسنة الملابس واستنار بابتسام سعده المسري العابس حسبك باسم ومسمى ونفس نفيسة سكنت الإسلام جسما وأسنت لسعادة المسلمين قسما ينسى السحايب الساكنة لمسنتي السنين وتخرس ألسن محاسنه اللسنين ويستعبد إحسانه إحسان المحسنين سما مجلسه وسعد ملتمسه وتسنت سلامته وحرست سبل السنة استقامته وسدد سهمه وسنى السعادة للناس بأسه وسلمه فسبحان ميسر العسير ومسدي الكسير
ومسهل الإكسير ومسنى سلطانه يستوعب محاسن السبعة المستخلفين استيعاب التيسير فسهلت المسالك العسيرة وحسنت السيرة ليستبين سر الاستخلاف ويتيسر سبب الاستيلاف ويستجد ملابس سلطنة الأسلاف وسيطهر سيفه مساجد المسلمين بالأندلس سالبا دنس الناقوس ويلبس إبليس باستنقاذها لباس البؤس ويستفتح القدس بتيسير القدوس رسمه بسبته حرست ساحتها واتسعت باليسر مساحتها مسترق إحسانه ومستعبد سلطانه السعيد السفارة والرسالة بسببه المتوسل بالوسائل الحسنة لحسبه سمى الرسول سليل سعيد المنتسب لسلمان ليس بسلمان الفارسي حسبما استوعبه سفر الأنساب تيسرت لسراة المسلمين برسالته الأسباب سطره لسلطانكم السامى وسفر السفين تيسر وسور التسهيل والتيسر تفسر والسمراء ونسبتها استوعبها الإيساق ولسوابق المرسى استباق ولمحاسن السلطنة الفارسية اتساق وسكنها مستملككم تسعة بسبب نسيم استباد مسراه واستتبع سراه ينتسب لسمت الإسكندرية ويسخر بالسفن السفرية والساعة استعجلت السفر مستننما سكون نفسه وسهو حرسه واستتبتت لاستصحاب الحسنة الفارسية لساحل البلس ميسورا من سكانه يسمى بحسين وينسب لسالم استنجاحا بسمته الحسن والسلامة سلكت للتسهيل سواء السبيل وسقت الناس سلاف المسرة بكأس السلسبيل ومسترق المجلس الفارسي مجلس السنا والقدس مسافر بالجسم مستوطن بالنفس ولسانه بإحسانكم سيف مسلول ولنفسه بتسنى سعادتكم سول فبسعادتكم يستصبح وببسملة محاسنكم يستفتح وسلطانكم ليس ينسى وسيلة متوسل وسبل الحسنات من سما سيرتكم مسترسل واستوعبها سينية وبسين اسمكم سعيدة سنية خلسة مجلس ووسع مفلس وسمحكم مسئول ومستعيذ سلطانكم أسعد رسول نسل السلام تقدس اسمه بتسني سعادتكم سرور المسلمين ويسنى بسببكم سنة سيد المرسلين ورسم تاسع مستفتح سنة ست وخمسين وسبعمائة
نحمد الله حمد معترف بحقه ونشكره على عوائد فضله ورفقه الذي جعل لنا الأرض ذلولا نمشي في مناكبها ونأكل من رزقه ونصلي على سيدنا ومولانا محمد خيرته من خلفه ونستوهب للمقام المولوي اليوسفي النصري سعدا يتلألأ نور أفقه ونصرا يتلى بغرب المعمور وشرقه
وقابلة صف لي فديتك رحلة
عنيت بها يا شقة القلب من بعد
فقلت خذيها من لسان بلاغة
كما نظم الياقوت والدر في عقد
لما وقع العزم الذي وقفه الله على مصالح هذه الجزيرة والقصد المعرب عن كريم القصيدة وفضل السريرة على تفقد بلادها وأقطارها وتمهيد أوطانها وتيسير أوطارها رأى في قلده الله أمورها ووكل إلى حمايته ثغورها مولانا وعصمة ديننا ودنيانا أمير المسلمين وظل الله على العالمين أبو الحجاج ابن مولانا أمير المسلمين وكبير الملوك المجاهدين الصالحين أبي الوليد إسماعيل ابن مولانا الهمام الأعلى الذي تروى مفاخره وتتلى أبي سعيد حفظ الله منه على الأيام بحر الندا وبدر المنتدا وسابق الفخر البعيد المدا وشمله برواق عصمته كلما راح واغتدا أن يباشرها بنفسه ويجعل آفاقها مظلة شمسه نظرا للإسلام وقياما بحقه وعملا على ما يقربه ممن استخلفه على خلفه في وجهة حالفها الغمام المستجم ونصبة قضى لها بالسعد من لا ينجم فكان البروز إليها يوم الأحد سابع عشر شهر محرم فاتح عام ثمانية وأربعين وسبعمائة خرجنا وصفحة الأفق بالغيم متنفسة وأدمع السحب لوداعنا منسكبة نتبع من الراية الحمراء دليلا هاديا ونثق بوعد الله سبحانه في قوله ولا يقطعون واديا وسلكنا جادة الماء المفروش نسرح اللحاظ بين تلك العروش ونبتذل ما نحلته
عروس الربيع من تلك الفروش ومن له بالحضرة حرسها الله شوق حثيث وهوى قديم وحديث يكثر الالتفات ويتذكر لما فات ويبوح بشجنه وينشر مشيرا إلى مسكنه
يوم أزمعت عنك طي البعاد
وعدتني عن البعاد العوادي
قال صحبي وقد أطلت التفاني
أي شيء تركت قلت فؤادي
وربما غلبته لواعج أشواقه وشبت زفراته عن أطواقه فعبر عن وجده وخاطب الحضرة معربا عن حسن عهده
ألا عم صباحا أيها الربع واسلم
ودم في جوار الله غير مذمم
ولا عدمت أرجاؤك النور إنها
مطالع أقماري وآفاق أنجم
إذا نسى الناس العهود وأغفلوا
فعهدك في قلبي وذكرك في فم
وإني وإن أزمعت عنك لطية
وفوضت رحلي عنك دون تلوم
فقلبي لك البيت العتيق مقامه
وشوقي إحرامي ودمعي زمزم
ثم استقلت بنا الحمول وكان بوادي فرذش النزول منزل خصيب ومحل له من الحسن نصيب ولما ابتسم ثغر الصباح وبشرت بمقدمه نسمات الرياح ألفينا عمل السراج إلى إلإسراج وشرعنا في السير الدائب وصرفنا إلى وادي أنس صروف الركائب واجتزنا بوادي حمتها وقد متع النهار وتأرجت الأزهار فشاهدنا به معالم الأعلام وحيينا دار حمدة بالسلام وتذاكرنا عمارة نواديها وتناشدنا قولها في واديها
أباح الشوق أسراري بوادي
له في الحسن آثار بوادي
فمن واد يطوف بكل روض
ومن روض يطوف بكل وادي
ومن بين الظبي مهاة تضرسبت
قلبي وقد ملكت فؤادي
لها لحظ ترقده لأمر وذاك
الأمر يمنعني رقادي
واستقبلنا البلدة حرسها الله في تبريز سلب الأعياد احتفالها وغصبها حسنها وجمالها نادى بأهل المدينة موعدكم يوم الزينة فسمحت الحجال برباتها والقلوب بحباتها والمقاصر بحورها والمنازل ببدورها فرأينا تزاحم الكواكب بالمناكب وتدافع البدور بالصدور بيضاء كأسراب الحمام متنقبات تنقب الأزهار بالكمايم حتى إذا قضى القوم من سلامهم على إمامهم فرضا استوفينا أعيانهم تمييزا وعرضا خيمنا ببعض رباها المطلة وسرحنا العيون في تلك العمالة المغلة والزروع المستغلة فحياها الله من بلدة أنيقة الساحة رحبة المساحة نهرها مضطرد وطائرها غرد تبكي السحاب فيضحك نورها ويدندن النسيم فترقص حورها
بلد أعارته الحمامة طوقها
وكساه ريش جناحه الطاؤوس
فكأنما الأنهار فيه مدامة
وكأن ساحات الديار كؤوس
معقلها بادي الجهامة تلوح عليه سمة الشهامة نفقت سوق النفاق دهرا وخطبتها الملوك فلم ترض إلا النفوس مهرا طالما تعرقت وتنكرت وحجتها نعم الإيالة النصرية فأنكرت ومسها طائف من الشيطان ثم تذكرت فالحمد الذي هداها بعد أن ثبت يداها فجف من قنتها ما نبع وانقادت إلى الحق والحق أحق أن يتبع وتنافس أهلها في البر الكفيل والقرى الحقيل فبتنا نثني على مكارمهم الوافية ونواضلهم الكافية ولم نحفل بقول ابن أبي العافية
إذا ما مررت بوادي الأشا
فقل رب من لدغته مسلم
وكيف السلامة في منزل
عصبة من بني الأرقم
ولما فاض نهر الصباح على البطاح ونادى منادي الصلاة حي على الفلاح قمنا للرواحل لارتياد منزل وأقمنا عن اتباع آثارها بمعزل نظرا للمدينة في
مهمات الأمور وكان اللحاق بغور من بعض تلك الثغور أتيناها والنفوس مستبشرة والقباب لأهلها منتظرة فحمدنا الله على كمال العافية وقلنا في غرض تجنيس القافية
ولما اجتلينا من نجوم قبابنا
سنى كل خفاق الرواق بغور
زرينا على شهب السماء بشهبها
متى شئت يا زهر الثواقب غور
أظلتنا بها ليلة شاتية وألحفتنا أنواء للأرض مؤاتية فلما شاب مفرق الليل وشمرت الآفاق من بزتها العباسية فصول الذيل بكرنا نغتنم أيام التشريق وندوس بأرجلنا حبات الطريق وجزنا في كنف اليمن والقبول بحصن الببول حسنة الدولة اليوسفية وإحدى اللطائف الخفية تكفل للرفاق بمأمنها وفضح سرية العدو في مكمنها من أبيض كالفازة ضمن الفوز في تلك المفازة فحييناه بأيمن طير وتمثلنا عنده بقول زهير
وسكنتها حتى إذا هبت الصبا
بنعمان لم تهتز في الأيك أغصبان
ولم يك فيها مقلة تعرف الكرى
فلو زارها طيف مضى وهو غضبان
وكان ملقى الحران منابت الزعفران بسطة حرسها الله وما يبسطه محل خصيب وبلدة لها من اسمها نصيب بحر الطعام وينبوع العيون المتعددة بتعدد أيام العام ومعدن ما زين للناس حبه من الحرث والأنعام يا لها من عقيلة صفحتها صقيلة وخريدة محاسنها فريدة وعشيقة نزعاتها رشيقة لبست حلة الديباج الموشى مفضضة بلجين الضحى مذهبة بنضار العشي وسفرت عن المنظر البهي وتبسمت عن الشنب الشهي وتباهت بحصونها مباهاة الشجرة الشماء بغصونها فوقع النفير وتسابق إلى لقائنا الجم الغفير مثل الفرسان صفاء وانتثر الرحل جناحا ملتفا واختلط الولدان بالولائد والتمائم بالرئد في حفل سلب
النها وجمع البدر والسها والضراغم والمها وألف بين القاني والفاقع وسد بالمحاجر كؤوس البراقع فلا أقسم بهذا البلد وحسن منظره الذي يشفى من الكمد لو نظر الشاعر إلى نوره المتألق لآثرها بقوله في صفة بلاد جلق
بلاد بها الحصباء در وتربها
عبير وأنفاس الرياح شمول
تسلسل منها ماؤها وهو مطلق
وصح نسيم الروض وهو عليل
رمت إلى غرض الفخر بالسهم المصيب وأخذت من اقتسام الفضل بأوفى نصيب وكفاها بمسجد الجنة دليلا على البركة وبباب المسك عنوانا على الطيب يغمر من القرى موج كموج البحر إلا أن الرياح لاعبتنا ملاعبة الصراع وكدرت القرى بالقراع ولقينا من الريح ما يلقاه قلب المتيم من التبريح وكلما شكت إليها المضارب شكوى الجريح تركتها بين المائل والطريح ولما توسط الواقع والتقمت أنجم العرب المواقع صدقت الريح الكرة وجادتنا الغمام كل عين تره حتى جهلت الأوقات واستراب الثقات فتستر الفجر بنقابه وانحجر السرحان في غابه وكان أداء الواجب بحد خروج الحاجب وارتحلنا وقد أذن الله للسماء فأصحت وللغيوم فسحت وللريح فلانت بعد ما ألحت وساعد التيسير وكان على طريق قنالش المسير كبرى بناتها وشبيهتها في جداولها وجناتها ما شئت من أدواح توشحت بالنور وتنوجت وغدران زرع هبت عليها الصبا فتموجت سفربها الشقيق الأرجواني عن خدود الغواني فأجلنا العيون في رياض وتذكرنا قول القاضي عياض
انظر إلى الزرع وخاماته يحكى
وقد ماس أمام الرياح
كتيبته خضرا مهزومة شقائق
النعمان فيها جراح
مثل أهله فسلموا ومن عدم النزول بهم تألموا وأتينا فحص الأبصار
فتجددت له ملابس المجادة وتذكر عهود من حل به عند الفتح الأول من السادة لما خفقت به راية سعد بن عبادة ولم تزل الركايب تغلى الفلاة فرى الأديم وأهله السنابك صيرها السير كالعرجون القديم حتى ألحفتنا شجراته المضبر بشذاها العنبر وراقتنا بحسن ذلك المنظر سوار مصفوفة وأعلام خضر ملفوفة ونخل يانعة البسوق وعذارى كشفت حللها الخضر عن السوق كأنها شمرت الأذيال لتعبر الوادي على عادة نسا البوادي ينساب بينها الزلال المروق ويغني فوقها الحمام المطوق فتهيج الجوى وتجدد عهود النوى صبحتنا بها أصوات تلك الغمارى وأذكرتنا قول أبي حصن الحجاري
وما راعى إلا ابن ورقاء هاتف
على فنن بين الجزيرة والنهر
أدار على الياقوت أجفان لؤلؤ
وصاغ على المرجان طوفا من التبر
حدير شبا المنقار داج كأنه
شبا قلم من فضة مد في تبر
توسد من فوق الأراك أريكة
ومال على طي الجناح مع الصدر
ولما رأى دمعي مراقا أرابه
بكائي فاستولى على الغصن النضر
وحث جناحيه وصفق طائرا
فطار بقلبي حيث طار ولا أدري
ونزلنا بظاهر حصن شيرون وقد ترعرع شباب اليوم وطالبنا عزيم الظهيرة بمنكسر فرض للنوم حصن أشم ومناخ لا يذم نزلنا الهضبة بإزائه وغمرنا من بره ما عجزنا عن جزائه وعثرنا بين المضارب ببعض العقارب سود الروس متوجة بأذنابها في شكل الطاووس فتلقينا ذلك بسعة الصدر ومكنا العقرب من منازل البدر ودخلنا بمثل تلك الصورة نلتحف ظلال وادي المنصورة سمر الأندية وسلطان الأودية يالها من أرائك مهدلة السجوف وجنات دانية القطوف ينساب بينها للعذب الزلال أرقم سريع الانسلال
وصارم يغمد في جفون الظلال يتلاعب بين أيدينا شمالا ويمينا فطورا تنقلب عصاه ثعبانا وآونة تنعطف صولجانا وتارة تستدير أفلاكا وربما نسجت منه أيدي الرياح شباكا وأم حسن فيه ذات لسن تبعث فيه بنغماتها لواعج الشؤون وتقيم دين ولدها في الخلاعة المجون وسرنا ودر الحصى بساط لأرجل ركابنا ودنانير أبي الطيب تنشر فوق أثوابنا ترقب نجوم القلاع والحصون من خلال سحاب الغصون والنسوان إلى مشاهدة التبريز قد خفت وبشاطي الوادي قد صفت قد أخذن السنايا وسددن سهام المنايا عن حواجب كالحنايا يشغلن الفتى عن شئونه ويسلبن الروض لين غصونه هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه وطالعنا برشانة حرسها الله فحيتنا ببواكر الورد ونضت عنا برود البرد وشملتنا بالهواء المعتدل وأظلتنا برواقها المنسدل بلد أعيان وصدور ومطلع نجوم وبدور وقلعة سامية الجلال مختمة بالكواكب متوجة بالهلال حللناها في التبريز الحفيل والمشهد الجامع بين الذرة والفيل حشر أهلها بين دان ونازح ومثل حاميتها من نايل ورامح فكان ذاك المجتمع عيدا وموسما سعيدا وبتنا في ليلة للأنس جامعة ولداعي السرور سامعة حتى إذا الفجر تبلج والصبح من باب المشرق تولج سرنا وتوفيق الله قائد ولنا من عنايته صلة وعائد تتلقى ركابنا الأفواج وتحيينا الهضاب والعجاج إلى قتورية فناهيك من مرحلة قصيرة كأيام الوصال قريبة البكر من الآصال كان المبيت بإزاء قلعتها السامية الارتفاع الشهيرة الامتناع وقد برز أهلها في العديد والعدة والاحتفال الذي قدم به العهد على طول المدة صفوفا بتلك البقعة خيلا ورجلا كشطرنج
الرقعة لم يتخلف ولد عن والد وركب قاضيها ابن أبي خالد وقد شهرته النزعة الحجازية ولبس من حسن الحجازية وأرخى من البياض طيلسانا وصبغ لحيته بالحناء والكتم ولاث عمامته واختتم والبداوة تسمه على الخرطوم وطبع الماء والهواء يقوده قود الجمل المحظوم فداعبته مداعبة الأديب للأديب وخيرته بين خصلتي الذيب وقلت نظمت مقطوعتين إحداهما مدح والأخرى قدح فإن همت ديمتك وكرمت شيمتك فللذين أحسنوا الحسنى وزيادة وإلا فالمثل الأدنى فقال أنشدني لأرى على أي الأمرين أثب وأفرق بين ما أجتنى وما أجتنب فقلت
قالوا وقد عظمت مبرة خالد
قاري الضيوف بطارف في وبتالد
ماذا تمت به فجئت بحجة
قطعت بكل مجادل ومجالد
أن يفترق نسب يؤلف بيننا
أدب أقمناه مقام الوالد
وأما الثانية فيكف من البارق شعاعه وحسبك من شر سماعه ويسير التنبيه كاف للنبيه فقال لست إلى قراي بذي حاجة وإذا عزمت فأصالحك على دجاجة فقلت ضريبة غريبة ومؤتة قريبة عجل ولا تؤجل وإن انصرم أمد النهار فأسجل فلم يكن إلا كلا ولا وأعوانه من القلعة تنحدر والبشير منهم بقدومها يبتدر يزفونها كالعرس فوق الرءوس فمن قال أمها البجائية وقائل أخوها الخصي الموجه إلى الحضرة العلية وأدنوا مربطها من المضرب عند صلاة المغرب وألحفوا في السؤال وتشططوا في طلب النوال فقلت يا بني اللكيعة ولو جئتم ببازي بماذا كنت أجازي فانصرفوا وما كادوا يفعلون وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون حتى إذا سلت لذكاتها المدا وبلغ من عمرها المدا قلت يا قوم ظفرتم بقرة العين وابشروا باقتراب اللقا فقد ذبحت لكم غراب البين وكانت البلاد الشرقية قد أخلفتها الغيوث وعدت عليها للعدو الليوث
فحيتنا على السجط وشكت إلى سعادة مقدمنا معرة القحط فظهرت مخيلة السعد فأذن الله في إنجاز الوعد وقربت غريم الغمام في المقام أعوان الرعد فاعترف وسمح وانقاد لحكم القضا بعد ما جمح ولم يلم بكيف ولا حتى وقضاها الدين في دفع شتى هذا وإن كان إنما كان غرم وأمده كاد أن ينصرم فبمنفعته يحول الله كبرى وفيه مآرب أخرى فتنفس صدر الجو وزفر وقطب وجهه بعد ما سفر وهما الغمام وانسكب وارتكب من إيراطنا ما ارتكب فلم تجف له قطرة ولا خطرت بباله للصحو خطرة فسبحنا ذلك العارض الهطال وسهرنا الليل وقد طال وما راعنا والصبح قد نم من خلف الحجاب وقضيته قد انتقلت من النفي إلى الإيجاب والغمام لا يفتر انسكابه إلا السلطان مدار قل ركابه فضربنا بالقباب وجه الصعيد واستقبلنا طية الغرض البعيد نهيم في ذلك الوادي ونكرع من أطواقنا في غدران العوادي وقد تهدلت القروع وخضلت بالغيث تلك الزروع كأنما أخلفتها الريح فترامت وسقتها كؤوس السحب حتى سكرت ونامت والمذانب أمثال الصلال قد تفرعت وكأنما رعناها فانسابت أمامنا وأسرعت ومخيلة الصحو لا تتوسم والجو نستضحكه بشأننا فلا يبتسم ومررنا بوادي المنصورة التي ينسب الوادي إليها وعرضت مراكب تياره بين يديها وأطلالها بالية وبيوتها خاوية خالية ومسجدها بادي الاستكانة خاضع للبلى على سمو المكانة فعبرنا واعتبرنا وأبصرنا فاستبصرنا وقول أبي الطيب تذكرنا
أين الذي الهرمان من بنيانه
ما قومه ما يومه ما المصرع
فتخلف الآثار عن أصحابها
حينا ويدركا البلى فتتبع
ثم نبذنا ذلك الوادي بالعراء واستقبلنا أرضا شبيهة بالصحراء ملاعب
للريح ومنابت للسدد والشيح سحبت علينا بها السحائب فضول الذيل وطفف الغمام في الكيل وغار النور وفار التنور وفاضت السماء والتقى الماء بالركائب تسبح سبح الأساطيل والأرجل تزهق زهوق الأباطيل والمبارك تعرى والأدلة لا تمتري واللباس قد غير الطين من شكله والإنسان قد رجع من الماء والجماء إلى أصله وخيمنا من بيرة حرسها الله بالثغر الأقصى ومحل الرباط الذي أجر ساكنه لا يحصى بلدة عددها متعقب وساكنها خائف مترقب مسرحة بعير ومزرعة شعير إذا شكرت الوابل أنبتت حبها سبع سنابل ونجادها بالهشم قد شابت وزروعها قد دعا بها الفضل فما ارتابت وندا وآنواحقه يوم حصاده أجابت أرحنا بها يوما صحا فيه الجو من سكرته وأفاق من خمرته فقيل للنفوس شأنك وذماك ويا أرض ابلعي مائك وتجلت عقيلة الشمس معتذرة عن مغيبها مغتنمة غفلة رقيبها ورحلنا من الغد وشمل الأنواء غير مجتمع والجو قد أنصت كأنه يستمع يعد أن تمحض الرأي عن زبدته واستدعى من الأذلاء من وثق بنجدته وكثر المستشار ووقع على طريق ينشر الاختيار وانتدب من الفريق إلى دلالة تلك الطريق رجل ذو احتيال يعرف بابن هلال استقبل بنا شعبا مقفلا ومسلكا مغفلا وسلما في الدرج سامي المنعرج تزلق الذر في حافاته وتراع القلوب لآفاته ويتمثل الصراط عند صفاته أو عار لا يتخلص منها الأوعال ولا تغني السنابك فيها ولا النعال قطعنا بياض اليوم في تسنم جبالها والتخبط في جبالها نهوى من شاهق إلى وهد ونخوض كل مشقة وجهد كأننا في حلم محموم أو أفكار مغموم أو برسام بوم وطال مرام العروج إلى جو السماء ذات البروج قلت يا قوم انظروا لأنفسكم فيما أصبحتم فيه واعلموا أن دليلكم ابن هلال عزم
على اللحاق بأبيه ثم أخذنا في الانحدار بأسرع الابتدار نهوى إلى المرقب السامي الذري ونهبط من الثريا إلى الثرى ونتمثل في ذلك المسلك الواعر بقول الشاعر
بطريق بيرة أجبل وعقاب
لا يرتجى فيها النجاة عقاب
فكأنما الماشي عليها مذنب
وكأنما تلك العقاب عقاب
ولما أصبح استقبلنا الفحص الأفيح بساطه ممدود الصرح يعجز عن وصفه لسان الشرح طاردنا قنيصه على طول صحبته للأمان من حوادث الزمان يأثرنا كل ذلق المسامع ناء عن إدراك المطامع كثير النفار مصطبر على سكنى القفار يختال في الفروة اللدنة الحواشي وينسب إلى الطائر والماشي تغلبناه على نفسه وسلطنا عليه آفة من جنسه وحللنا مقادة كل طويل الباع رحب الذراع بادي التحول طالب بالدخول كأنه لفرط النحول عاشق أو نون أجادها ماشق أوهلال سرار أو حنية أسرار رميناه منه بأجله على عجله وقطعنا به عن أمله فأصبح رهين هوان مطوفا بأرجوان ووصلنا الخطا بين جاثم الأرانب وأفاحيص القطا في سهل يتلقى السائر بترحيب واهن إلى اسكوذر حللناها واليوم غض الشبيبة والجو يختال من مذهب سناه في الحلى العجيبة واستقبلنا ألمرية عصمها الله في يوم سطعت أشعة سعده وتكفل للدهر بإنجاز وعده مثل أهلها بجمعهم في صعيد سعيد ويدعوهم عيد عهدهم به بعيد فلم يبق حجاب إلا رفع ولا عذر إلا دفع ولا فرد إلا شفع في يوم نادى بالجمهور إلى الموقف المشهور وأذن الله
لشهره بالظهور على ما تقدمه من الشهور رمت البلدة فيه بأفلاذها وقذفت بثباتها وأفذاذها وبرز أهلها حتى غص بهم سهلها وقد أخذهم الترتيب ونظمهم المصف العجيب تقدمها مراكب الأشياخ الجلة والفقهاء الذين هم سراج الملة وخفقت أصناف البنود المطلة واتسقت الجموع الذي لا توتى بحول الله من القلة وتعددت بمناكب البدور أشكال الأهلة في جموع تسد مهاب الصبا وتكثر رحل الدبا صفوفا كصفوف الشطرنج على أعناقهم قسى الفرنج وقد نشروا البنود الشهيرة الألوان واستشعروا في يوم السلم شعار الحرب العوان يتسابقون من الاحتفال إلى غاية ويرجع كل منهم إلى شعار وإلى راية وقد أحسنوا بالمشيخة الاقتدا ورفعوا بالسلام الندا وامتاز خدام الأساطيل المنصورة في أحسن الصورة بين أيديهم الطبول والأبواق تروح أصواتها وتهول وتألق من تجار الروم من استخلص العدل هواه وتساوى سره ونجواه في طروق من البر ابتدعوها وأبواب من الاحتفاء شرعوها فرفعوا فوق الركاب المولوي على عمد الساج مظلة من الديباج كانت على قمر العلياء غمامة وعلى خصر المجد كمامة فراقتنا بحسن المعاني وأذكرنا قول أبي القاسم بن هاني
وعلى أمير المسلمين غمامة
نشأت تظلل تاجه تظليلا
نهضت بعبء الدر ضوعف
نسجه وجرت عليه عسجدا محلولا
إلى غير ذلك من أروقة عقدوها وكرامة أعدوها وطلعت في سماء البحر أهلة الشواني كأنها حواجب الغواني دالكة الأديم متسربلة بالليل البهيم تتزاحم وفودها على الشط كما تتداخل النونات في الخط فياله من منظر بديع الجمال أخذ بعنان الكمال بكر الزمان وآية من آيات الرحمن حتى إذا هالت القبة استدارت وبالغمر السعد من وجه السلطان أيده الله أنارت مثلوا فسلموا وطافوا بركن مقامه واستلموا وأجهروا بالتلبية ونظروا من
وجهه الجميل إلى سعد الأخبية وتزاحم من النساء الأفواج كما تتدافع الأمواج فرفع الجناح وخفض الجناح ومهد لهن سبيل العطف وشملهن كنف الإشفاق والعطف ولما أرحنا واسترحنا والعيون في تلك البلدة سرحنا رأينا قيد البصر والمحاسن التي ترمي اللسان بالحصر حضرة يستقل بها الملك ومربع يلتقي به القطار والفلك رفعت راية الشرف القديم وحازت على نظراتها مزية التقديم ما شئت من ساحة طيبة الأديم رحيبة كصدر الحليم متناسبة الوضع بتقدير العزيز العليم تبرجت تبرج العقيلة ونظرت وجهها من البحر في المرآة الصقيلة وركب السلطان أيده الله ثالث يوم وروده إلى مشاهدة قلعتها الشماء المتعلقة بعنان السماء فقدح سكانها زناد البارق المتألق وتلعب صبيتها على جناح الطائر المحلق وعلى سمو مكانها وجلالة شأنها فدولابها شجي المضمار ومياهها في انهمار وخزائنها تستغرق بطوال الأعمار وعددها كفيلة بحماية الذمار فعوذناها من كل خطب فادح وحيينا بها بهو خيران وقصر ابن صمادح ونظرنا إلى تلك الآثار الكبار والمشاهد التي تغني عن الأخبار أشرقت العدو بريقه وسطت بفريقه وأخذت عليه فيها يد الله ثنايا طريقه وخص المولى أيده الله فأيدها بتشريفه وترفيعه وتناول بيده الكريمة من صنيعه في مجلس احتفى واحتفل وفي حلل الكمال رفل وأخذت مجالسها الخاصة والكبرا وأنشدت الشعرا فكان مقاما جليلا وعلى الهمم العربية والشيم الملوكية دليلا وكان الرحيل عن تلك المدينة لا عن ملال ولا ذم خلال ولكن مقام بلغ أمد ورحلة انتهت إلى أمد
أقمنا بها يوما ويوما وثالثا
ويوم له يوم الترحل خامس
فيالها من خمسة علقها الدهر تميمة على نحره وأثبتها معوذة في قران فخره كانت لياليها معطرة النواسم وأيامها كأيام المواسم وثنينا الأعنة إلى الإياب وصرفنا إلى أوطاننا صدور الركاب فكم من قلب لرحيلنا وجب لما استقل ووجب ودمع لوداعنا عظم انسكابه لما رمت للبين ركابه وصبر أصبح من قبيل المحال عند ذم الرحال وإلف أنشد بلسان النطق والحال
ومضى وخلف في فؤادي
لوعة تركته موقوفا على أوجاعه
لم استتم سلامه لقدومه
حتى ابتدأت عناقه لوداعه
وانصرفنا وعروشها تتعلق بأذيالنا ومخاضة واديها تعترض صدور رجالنا ورياحها تتدافع عن المسير ومعاملها تقنع من إلماحنا ولو باليسير واستقبلنا وادي بجانة وما أدراك ما هو النهر السيال والغصن المياد الميال والإفياء والظلال المسك مافت في جنباته والسندس ما حاكته يد جناته نعمه واسعة ومساجده جامعة أزرت بالغوطتين زياتينه وأعنابه وسخرت بشعب بوان شعابه بحيث لا تبدو للشمس أياه ولا تتأتى للحرباء حياه والريح تلوى أعطاف غصون البان على أردان الكثبان وتجاذب عن أنس الخمائل فضول الغلائل إلى برشانة وهي الكوكب الأعلى والأشهب المحلي والصباح إذا تجلى والعروس على المنصة تحلى وبها حلت الغيوم سموطها ومدت على السحاب خيوطها وعيون المزن باكية والمنازل من توقع فراقنا شاكية واستقبلنا الوادي نجعله دليل تلك الطريق ونتبعه في السعة والمضيق فكم مخاضة منه عبرنا وعلى مشقتها صبرنا حتى قطرت الأذيال والأردان
وشكت أذى الماء الأبدان وتوفرت دواعي الضجر لملازمة الماء والحجر ونسينا بمعاناة ألم البعاد وذكرنا بترديده وإعادته مثلهم في الحديث المعاد اللهم غفرا فضله مديد ومنظره في الحسن فريد وقد راق شأنه وتصاف على الشط سكانه فرأينا الحور تحت سماط الحور والنور فوق بساط النور ولما كاد عمر اليوم ينتصف وقد بلونا من بعد المشقة ما لا تصف وتخلصنا من ذاك الكمد شارقنا دار مية بالعلياء فالسند واستقبلنا عبلة ولورسانة وأنخنا الركاب بظاهر فنيانة بقعة حظها من النعم موفور وبلدة طيبة ورب غفور حللناها ومنافسي العجماء يعرب والشمس يراودها المغرب وقد عظم الهياط والمياط وسطا الكلال بالنشاط وبتنا والشيح وسائد مضاجعنا وشكوى التعب حلم هاجعنا واستقبلنا النهج الأمثل والسهل الذي يضرب به المثل بساط ممدود ومن البحار الأرضية معدود ولم يكن إلا كخطفة بارق أو خلسة سارق حتى تقلص الظل وطوى منشوره طي السجل واستقبلنا مدينة وادي آش حرسها الله وقد راجعت الالتفات واستدركت ما فات فتجلت المخدرات وقذفت من اشتملت عليه الجذرات وتنافس أهلها في العدة والعديد واتخاذ شكك الحديد فضاق رحب المجال واختلطت النساء بالرجال والتف أرباب الحجا برباب الحجال فلم نفرق بين السلاح والعيون الملاح ولا بين حمر البنود من حمر الخدود وبتنا بإزائها ونعم الله كافلة ونفوسنا في حلل السرور رافلة حتى إذا ظل الليل تقلص وحمام الصبح من مخالب غرابه قد تخلص سرنا وعناية الله ضافية ونعمه وافية فنزلنا بوادي فرذش منازلنا المعتادة وقلنا رجع الحديث إلى قتادة
وبها تلاحقت وفود التهاني وسفرت وجوه الأماني فنزلنا منه بالمروج فتفتحت بها أزهار القباب البيض في بساطه العريض وخطرت ببالي مقطوعة في مخاطبة المولى انجح الله عمله ويسر من فضله أمله أثبتت على حكم الاستعجال وأوجفت على بيوتها خيل الارتجال
إذا سرت سار النور حيث تعوج
كأنك بدر والبلاد بروج
لك الله من بدر على أفق العلى
يلوح وبحر بالنوال يموج
تفقدت أحوال الثغور بنية
لها نحو أسباب السماء عروج
وسكنتها بالقرب منك ولم
تزل تهيم هوى من قبله وتهيج
مررت على وعد من الغيث بينها
فمنظرها بعد العبوس بهيج
فكم قلعة قد كلل النور تاجها
ورف عليها للثبات نسيج
ولا نجد إلا روضة وحديقة
ولا غور إلا جدول وخليج
أيوسف دم للدين تحمي ذماره
إذا كان للخطب الأبي ولوج
بفتية صدق إن دجا ليل حادث
فهم سرج آفاقهن سروج
بقيت قرير العين ما ذر شارق
وما طاف بالبيت العتيق حجيج
وبتنا نتعلق بأنوار الحضرة العاطرة ونستظل بسمايها الماطرة ونعلق الاستبشار ونحن إلى الأهل حنين العشار
وأقرب ما يكون الشوق يوما
إذا دنت الديار من الديار
فلما تبسم زنجي الليل عن ثغر الفجر وشب وليد الصباح عن عقد الحجر ولحظتنا ذكا بطرفها الرمد وقد ترك الليل فيه بقية الأثمد استقبلنا الحضرة حرسها الله فأنست النفوس بعد اغترابها واكتحلت العيون بإثمد ترابها واجتلينا من فحصها الكريم الساحة الرحباء المساحة ما يبهر العين جمالا ويقيد الطرف يمينا وشمالا أم البلاد والقواعد وملجأ الأقارب والأباعد
قعدت مقعد الوقار ونظرت إلى الأرض بعين الاحتقار ومدت إليها البلاد أكف الافتقار نصبت من الجبل منصة قعدت عليها وقامت وصادف الفريق في ذلك البساط بين يديها فمن ذا يدانيها أو يداريها أو يناهضها في الفخار ويجاريها وهي غاب الأسود والأفق الذي نشأت فيه سحاب الجود وطلعت به من الأمراء السعود أنجم السعود سيدة الأمصار ودار الملوك من أبناء الأنصار ومصرع الطواغيت والكفار والغمد الذي استودع بسيوف الله دامية الشفار ولله در بعض شيوخنا فقد عبر عنها ببيانه واعتذر عن بروها في أوانه حيث يقول
رعى الله من غرناطة متبوأ
يسر كئيبا أو يجير طريدا
تبرم منها صاحبي عند ما رأى
مسالكها بالبرد عدن جليدا
هي الثغر صان الله من أهلت به
وما خير ثغر لا يكون برودا
وصلناها والجو مصقول كالفرند والسماء كأنها لصفائها مرآة الهند في بروز أخرج الحلى من الأحقاق وعقد أزرار الحلل على الأعناق وأطلع أقمار الحسن على الآفاق وأثبت فخر الحضرة بالإجماع والإصفاق على دمشق الشام وبغداد العراق حتى إذا بلغنا قصور الملك وانتهينا إلى واسطة السلك وقفنا مهنئين ومسلمين وقلنا ادخلوها بسلام آمنين وألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر
ومن ذلك كلام في السرحلة لما خف عيد مقامه صحبة وفد طاعته ومقدم سنة أمره العزيز وجماعته باذلا في البدار جهد استطاعته طائرا بجناح الحب الأول أمر الإمكان وساعته فرأى السرير قد استقل به عاصبه والملك قد تقررت مناصبه فأدى الغرض
وقرض فأحسن القرض وعرض كتائب المدح فاستوعب الغرض وملأ بها الأرض وصدر قافلا في ثياب العز رافلا واقتضى من إذنه في زيارة البلاد المراكشية ما يبدي لمن ناب عنه خلال كماله ويهني العباد بتمام الأمر ونجح مآله ويلتمس بركة الضريح الذي بحسب الراغب بآماله وظهر له أن يدون رحلة وجهته المنسوبة إلى عناية أمره ويفتق كمامة فخرها عن زهره مستعينا بالله في سره وجهره فقال خرجنا من أم القرى ومجمع الورى وكعبة السير والسرى مدينة فاس دار الملك الأصيل والعز المشرف الثليل حيث القصور البيض والملك الطويل العريض والأبواب المحروسة والبساتين المغروسة والمياه المتدفقة والجنود المرتزقة والمباني العظيمة والرباع المترفعة عن القيمة والدين والدنيا من غير شرط ولا ثنيا حرسها الله وكلأها ووفر وقد فعل ملأها نلتفت إلى معاهدة السادة وعلق الودادة ومراتب أولى الجود والإفادة
همو اسكنونا في ظلال بيوتهم
ظلال بيوت أدفأت وأكنت
أبوا أن يملونا ولو أن أمنا
تلاقى الذي لا قوه منا لملت
وشعينا ممن كرم ذمامه وعرف برفع الوفاء إلمامه جملة من الصدور والشموس والبدور تذكرت عند وداعهم المهيج الشكاة والمدامع المشتبكات قول شيخنا أبي البركات
يا من إذا رمت توديعه
ودعت قلبي قبل ذاك الوداع
وبت ليلى ساهرا حائرا
أخادع النفس ببعض الخداع
يا محنة النفس بمألوفها
من أجله قد جاء هذا الصداع
وقرض فأحسن القرض وعرض كتائب المدح فاستوعب الغرض وملأ بها الأرض وصدر قافلا في ثياب العز رافلا واقتضى من إذنه في زيارة البلاد المراكشية ما يبدي لمن ناب عنه خلال كماله ويهني العباد بتمام الأمر ونجح مآله ويلتمس بركة الضريح الذي بحسب الراغب بآماله وظهر له أن يدون رحلة وجهته المنسوبة إلى عناية أمره ويفتق كمامة فخرها عن زهره مستعينا بالله في سره وجهره فقال خرجنا من أم القرى ومجمع الورى وكعبة السير والسرى مدينة فاس دار الملك الأصيل والعز المشرف الثليل حيث القصور البيض والملك الطويل العريض والأبواب المحروسة والبساتين المغروسة والمياه المتدفقة والجنود المرتزقة والمباني العظيمة والرباع المترفعة عن القيمة والدين والدنيا من غير شرط ولا ثنيا حرسها الله وكلأها ووفر وقد فعل ملأها نلتفت إلى معاهدة السادة وعلق الودادة ومراتب أولى الجود والإفادة
همو اسكنونا في ظلال بيوتهم
ظلال بيوت أدفأت وأكنت
أبوا أن يملونا ولو أن أمنا
تلاقى الذي لا قوه منا لملت
وشعينا ممن كرم ذمامه وعرف برفع الوفاء إلمامه جملة من الصدور والشموس والبدور تذكرت عند وداعهم المهيج الشكاة والمدامع المشتبكات قول شيخنا أبي البركات
يا من إذا رمت توديعه
ودعت قلبي قبل ذاك الوداع
وبت ليلى ساهرا حائرا
أخادع النفس ببعض الخداع
يا محنة النفس بمألوفها
من أجله قد جاء هذا الصداع
وكان المبيت بدشار البوير من أحوازها دشار نشعت الطريق بلالة أهله وأعدم الله المروءة من فتاه وكهله ومن الغد قطعنا للرحلة الآهلة والطريق الطاعمة الناهلة حيث السهل الممدود والماء المورود والجسور المحنية والدشر السنية والآثار المدينية إلى مدينة مكناسة ومنها بعد كثير حتى إذا الشمس همت بتسلق الجدرات وقادت أهلها من وراء الحجرات وطفق عسجدها يذهب لجين الضحا ومرساها الموشية تجلو خد الأرض بعدما التحا قمنا نستشعر التجلد للبين وهو يفصح ويجمل حكم الوجد والدمع يشرح فودعنا الخليط المصاحب وسلكنا الطريق غير اللاحب وقد طبق ضباب له على الأرض أكباب حجب الجهات ولابس بين الأمهات وضللنا لولا أن هدانا وسرنا والحفنا السحاب وردانا والنبت قد أطلع ولدانا ونواحل الطلول قد عادت بدانا ثم إن مرآة الأفق جلت الغزالة صداها وأتت كل نفس هداها فحمدت السراة مغداها واقتحمنا الرمل الذى أقدح الله مرعاه وحشر غليهم فحضرت مدعاه ما بين خيام ورعاة غير ليام وبيوت شعر ومعاطن وبقر وغنم تملت بها الأرض وبقر ضاق بها الطول والعرض وعجائز يئسن من المحيص مهدية قرب المحيض وقد اضطربت في الفحص الأفيح محلة الساعي ناجحة منه المساعي والأذواد تعد والنطايع تمد والعاملون عليها حجتهم لا ترد ولم تكن الشمس تقتعد سنام خط الزوال وتسدل من رؤوس القوائم ذوائب الظلال حتى نزلنا بعين الشعرا وانتبذنا عن حصنه إلى العرا حصن مثلوم مهدوم موجود الأنس به معدوم إلا أنه كثير الوفود ومناخ مقصود ومعدن الحديد وباب الوطن العريض المديد خيمنا بظاهره خيفة برغوته ولم تخف من سباعه التي تزأر حولنا وليوثه فكانت للوقاية النادرة وأمنت والمن لله البادرة
وبلونا من وإليه مبرة وما فقدنا من اللطف مثقال ذرة وعند الصباح شرعنا في الارتحال وعين الشمس بحر الضباب مفتقرة إلى الاكتمال فسلكنا خندقها خندق هارون وفحص خواز ماز بن براز ومظان احتراز إلى دشار مكول وهو إلى الفنا موكول وبرحل الخراب من الأعراب موكول ولما رأينا جنابه غير مأنوس وقد امتاز بلبوس البوس جزناه إلى ماغوس دشار الزاوية ومركز الحظوظ المتساوية ومناخ الرفق السارية وحاضرة تامسنا حيث مجلس قاضيها وتشاجر ساخطها وراضيها وحمام متوضيها دشار كبير يأكل من هوى ويشرب من بير فقد النضارة وعدم مرافق الحضارة إلا أنه على الاختزان أمين ولحفظ الحبوب ضمين ما لم تعث شمال للفساد ويمين قد اتخذ به مسجد شان النقص من مناره لقصور درهمه ودنيره فمنظره شنيع وحماه غير منيع بتنا به في كنف شاهده العدل فصم عن العذل وترفع عن خلق البدل وأنشدته من الغد
ماذا لقينا بماغوس من اللفظ
ليلا من خرس الأجراس والشرط
ومن رداة ماء لا يسوغ لنا
شراب جرعته إلا على الشطط
ومن لغات حوالينا مبربرة
كأننا ببلاد الزنج والنبط
جرد إلا شجرات نستظل بها
ولا أنس يربح النفس من قنط
منارها قعد الباني لنصبته
فلا تشير إليه كف مغتبط
كأنه قيشة جاءوا لفلقها
بخاتن قط منها النصف عن غلط
لكن فاضل كتاب الشروط بها
بحي أبر فتى للفضل مشترط
أحيا بها الأنس يحيى بعد وحشتها
وناب عن حلة من ذلك النمط
ورحلنا من الغد عن شكر لقراه وصرف الركب إلى محلة سفيان سراه
فسرنا نؤم حلة سفيان وملاعب الرعيان بين خيام قد استدارت كالرذائل واشتملت على الولائد والعقائل ودثر ركبت الهضاب بأخصاصها ومالت الوهاد بنهمها وخلاصها يسمح أهلها باللبن الحامض بعد ما نزع جبنه وزبده وترجح للراغب فيه زهده ووجدنا الطاعون في بيوتهم قد نزل واحتجز منهم الكثير إلى القبور واعتزل وبقر وبزل واحتجن واختزل فلا تبصر إلا ميتا يخرج وصراخا يرفع وعويلا بحيث لا ينفع فعفنا الهجوم وألفنا الوجوم وتراوغنا عن العمران وسألنا الله السلامة من معرة ذلك القران وركضنا نبغي اللحاق بالفرج حيث مخيم شيخ القبيلة ونروم المبيت بالمنزلة غير الوبيلة وقلت
ترى لهذا السير من منتهى
بناء أعضاء من به قدوها
قالوا نريد البرح قلت ارجعوا
عن سهوكم قد جرت براح السها
فزالت الشمس ومالت ثم سالت وانهارت في حجر المغرب وانهالت وبعد لأي ما بلغنا ومن الكد فرغنا ومنحة الراحة تسوغنا ونزلنا بإزاء خيام استدارت في سنام قد اشتبكت حبالها وتراصت جبالها مدائن دورها شعر ووقودها بعر وسورها سدر وبقلها لا تخلو منه قدر قد جاوزت بركا ريانة ومنازل بالأمم ملآنة ومروجا مرقومة الطرر وبطاحا معضوضة الكور وبادر الشيخ فرحب وتبسط وتسحب رجل قد اكتمل وعلى الوخط اشتمل تدل منه المنابشة على نبل تحت جمامه وتنشق منه كمامه الفهامة عن فهامة ولم يقصر عن طعام نظيف واحتفال مضيف وركب لوداعنا في مركب لجب غير محجز ولا محتجب وسأل عن الطية ومناخ المطية قلنا المنزل الأثير من حلة أبي كثير فهو محركات الرحلة وأوضح مذاهب تلك النحلة
فوكل بلحظنا عينه وقسم المرحلة بيننا وبينه وأنزلنا مرحلة مهدي بن موسى وقد امتدت إليها أنامل البوسي فانتبذنا عن جوارها وأصحرنا عن قورة دوارها ولم يجد صاحبنا فيها مرغبا لجوده الذي بذله ولا قبولا لقراه الذي عجله واجتنبناه اجتنابا أخجله وبتنا في وقاية ضفى جناحها إلى إلى أن اشتعل في نجمه الليل صباحها فركضنا تحت رواق ضباب ساتر ورذاذة متناثر لم تزل الشمس ترشقه والرياح تستكشفه حتى تقشع وبان الأهل من البلقع فتعرفنا في بعض طريقنا أن أبا مثوانا وحام قرانا يجمع بيننا وبينه الطريق ويلتقي الفريق بالفريق لمجمع بين العرب معقود ورأى مشهود فقلنا تعجيل اجتماع وحظ إبصار بعد حظ إسماع ومزيد استكثار بأبي كثير واستمتاع وعلى بريد تراءت الخيل تسل الأباطح بأعرافها وتأخذ الإجراء بأطرافها وخالفت بيننا بنيات الطريق باشتباهها فنزلنا ببعض الجهات على مياهها وخاطبته بما نصه
مبارك ما قدمت سفيان رغبة
ولا خوف تقصير ولا سوء سيرة
وما نظرة مني إليك أعدها
سوى منة لله في كثيرة
وإن كان ما لاقيت قبلك الجما
فأنت على التحقيق شمس منيرة
ورب صلاة قدم النفل قبلها
وتشرب من قبل الثريد حريرة
ثم كان النزول بالزاوية قبر زمام وأبي ذمام ورعى اهتمام دشار وجدناه والحمد لله محتويا على صحة محجوبا عن خطوب حواليه ملحة رحب بنا أهله واسهل إلينا رحبه وسهله واقتدى فينا بمذهب الشيخ فتاه وكهله ولما اصبح بكرنا محلته الآهلة وذكرنا والشيء يذكر بضده بأهله ونظرنا إلى خيام وحلل وجديد وطلل ومبارك ومعاطن ومسكن يعرف بأصالة قاطن
تيط أقوران وما أدراك ما تيط حيث الجناب الغبيط البشر والبسيط والبحر المحيط تفجرت بها للزلازل عين كما سال لجين أو صقل صفحة السيف قين وتسنم ذروة البيوت منها قصر مشيد أثلع منه جيد وأغرى به تحكيم وتنجيد ودارت البيوت كما نسج العنكبوت واتجهت إليه الطرق والسموت ونجح بإزائه السوق وبان من فجر ساكنها البسوق وقلت
نزلنا حلة الخلط الكرام
بأخت الركن والبلد الحرام
ومن يك من ضيوف أبي كبير
غني بالفعال عن الكلام
وإن بيوته لكما سمعنا
بيوت الخيل والنعم الجسام
تظللها الفوارس بالعوالي
وتفرشها الولائد بالطعام
إلى غير هذا من الشعر وينظر في موضعه
ومن ذلك ما صدر عني من المقامات في هذا الغرض حدث من ينظم فرائد الأخبار في سلك قصصه ويدوس حبات الطرق بأخمصه ويطارد شوارد الكلام حتى يصبح من قنصه قال بينما أنا في بعض الطرق وقد وصلت الهاجرة وتبرجت المفازة الفاجرة وسورة القيظ تكاد تميز من الغيظ وشهر ناجر قد أخذ بالحناجر والشمس قد ركبت سنام خط الزوال ومدرجة الصبا قد ضنت النوال وصمتت عن السؤال وقد تشاجرت الجنادب واختلفت لقيانها الولائم والمآدب وتباعدت من الفضا الأخر والمناكب ومدت نسيج الآل العناكب والطية تطفف في المسير والمطية قد سميت الذرع والتكسير والظل مرامه من العسير والماء بمنزلة الإكسير إذ رفعت لي على البعد سرحه في فريدة عن اللذات والوشائج المولدات فهي في المجمل
علم وللركائب ركن مستلم نستامه كأنها في جلد اليباب شامة فملت إلى سمتها وانحرفت وثنيت العنان نحوها وصرفت فما كان إلا فواق حرف لا بل ارتداد طرف حتى عشيت منها عقيلة فلاة وخدر سعلاة ذات عمود سام وطنب يكتنف ببني حام وسام ظللت من الأرض حجرا مدحوا ومهرقا من حروف المهر ممحوا ودمثا سهلا ورحبا وأهلا وشيخا وكهلا وعلما وجهلا يتخلل سماها الخضراء شهبان أهلة وتثبت بأهدابها أسنان وأعنة وتموج في ظلها إنس وجنة كأنما ضربت الصخرة الصما بعصاها فأطاعها العذب الفرات وما عصاها وانساب بين يديها ثعبان تراع له وهاد وكثبان ينشب حصاه عن حصى تغلط العارف من الصيارف وتوهم الأملياء انتهاب عقودها لا تستطيع الجوارح مصابرة خصره ولا يماثله الشهد بمجاج معتصره فحييت الجمع بأحسن تحياته واتحفت الروح من ذلك العذب البرود تحياته وتلوت كذلك يحيى الله الموتى ويريكم آياته وقلت حياك الله من خميلة وفاتنة جميلة وتمثلت بقول ابن قاضي ميلة
وقانا وقدة الرمضاء روض
وقاه فضاعف الظل العميم
فصرنا نحوه فحنا علينا
حنو الوالدات على اليتيم
يراعى الشمس أنا قابلتنا
فيحجبها ويأذن للنسيم
وسقانا على ظمإ زلالا
ألذ من الشراب مع الكريم
تردع حصاة حالية الغواني
فتلمس جانب العقد النظيم
وكان في جملة من اغتنم المقيل واستنصر على عدو الظمإ ذلك العضب الصقيل وألم بالنوم الخفيف على الرحل الثقيل لايث عمة على همة ومستظهر بوفر وذمة ورعى أذمة قد عبث الوخط منه بلمة بين يديه عتاق قود وعبيد
تحسبهم أيقاظا وهم رقود فاشرأب عند سماع إنشادي كما يشرئب للريم وهزت حميا الأدب منه عطف كريم وصاح بصوت جهير ينبني عن منصب شهير من هذا الطارق ومتى أومض هذا البارق وإني لأنس مخيلة غير مخيلة وأنظر إلى مظنة غير ذات ظنة ليدن مني جوارك ويرع إن شئت حوارك ويتفتح نوارك وتتألق أنوارك ولم يزل يحاجي ويسمل ويرعى فلا يهمل فلما دنوت من مهاده وركضت في ربا الحديث ووهاده وأصبت من زاد طريقه وانخرطت في فريقه وأطهر بني بأحاديث الغريبة وتشريقه سفر منه الاختيار عن نجار هاشمي وكرم حاتمي ودار فاسي ومنصب رياسي وأصل عراقي وفرع بين نفيس ونفيسه راقي ولما انخفض قرن الغزالة ولان طبع الهوا من بعد الجزالة ولم يبق من عمر اليوم إلا القليل ورقية النسيم تتردد على الأصيل العليل وهو يجود بنفسه ويسلك مسلك أمسه والمغرب يبتلع قرصة شمسه قمنا نقضي الدين ونقلد رقيم العذار كل أسيل الخدين كريم الجدين ونشيد المناطق على جميل كل ماضي الحدين ونغتنم ثاني الأبردين فرفعت الرحال من فوق الظهور وسرنا بنص السير على المذهب المشهور وتركنا البنيات إلى جادة الجمهور - وقلت أيها الرفيق البر الصحابة الأغر السحابة إن الشقة بعيدة والمشقة مبدية معيدة ولا يستعان على المراحل إذا اشتطت واستطالت وليالي السرى إذا قمطت وطالت إلا بتناوب الأخبار المنقولة والآداب المهذبة المعقولة فقال أثر الكامن وأزجر الميامن وابغ الفلك الثامن واطلب غريم الغرائب وأنا الضامن قلت افسح لي مجال غرضك واشرح لي معنى جوهرك وعرضك وطية سفرك وعودك بظفرك فقال أنا كالشمس أجوب هذه المنازل مرة في كل سنة وأحصى كل سيئة وحسنة وأطوى الغلاة وأبهرج الولاة فهم يرقبون تلك النوبة ويتوقعون الأوبة ويستعدون لخروج الدابة التي
تكلمهم بالإقلاع والتوبة فأسعط الأنوف وأنتزع حتى الشنوف وأحكم لساني فيمن ينساني وأجود بظل ينساني من بسر إنساني وأداول بين إساءتي وإحساني وأتصدى للهدية الودية وآنف من العطية غير البطية وأوسع البخيل هجرا وأقرط من كرم نجرا ووضح فجرا قال لا أسألكم عليه أجرا
يا أهل بيت رسول الله حبكم
فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم
من لم يصل عليكم لا صلاة له
فلا أزال أطلق عنان الصولة في جو الجولة مستظهرا بوسيلة البيت ومنشور الدولة فأسلق الخامل في مرقة النبية وأحكم للشبيه بحكم الشبيه ولا أقبل عذر البغي ولو شغلته جنازة أبيه أهجم هجوم السيل بالنيل وأجر على البيوت فضول الذيل وأتقلب تقلب الفلك بين الاستقامة والميل وأزن كل بضاعة فأبخس في الوزن أو أطففه في الكيل وأغرر غرة الصباح بغزر الخيل ولو على حي عامر بن طفيل وأرحل عن الحلة وقد همدت بعد ارتجاجها وسكنت قساطل عجاجها وصحت أذين دجاجها وفليت عن الخزين روس مجاجها وأعود والصرة لا يجتمع مغلاقها والبدرة لا يقلها معلاقها والعياب يصعب معها الإياب وتبرز من خلال أستارها الثياب والخيل تموج في الأرسان وتختال في السروج المحلاة والجلال الحسان قلت لعمري لقد اتسع نطاق الكلام وطال مدى التلاوة بين الإمامة والسلام فأعرض لي القوم عرضا وصف لي الموارد غمرا وبرضا وميز الهمم سما وأرضا وأخبط العضاة بعصاك حتى ترضى فقهقه قهقهة الشقشاق وتأوه تأوه العشاق وكأنها كانت حاجة في نفسه قضاها وعزيمة يتجاذبها الكسل أمضاها فسام نصاله وانتضاها وقال خذهم بالكلاليب وأجنبهم بحجر الجلاليب وعث عيث الغزالة وشبيب
في كل غرفة وسبيب وابدأ بمن تريد وأرسل شهاب فكرك خلف كل شيطان مريد ومن غاب عنك فخيل البريد قلت الحضرة وجملتها والمزرعة العظمى ونباتها وافتتح المراسم بمحمد بن القاسم فقال شيخ موقر والمنصب ما لم يصنه مخظر مدع على رتب الخدمة قديم الاصطناع والنعمة مؤتمن على الحساب منتسب إلى الأمانة أتم الانتساب نبيه العقار والاكتساب مكرم لذوي الأحساب قلت ففلان قال فارس زمام ومتمسك بذمام ومصل خلف إمام يناقش ويدقق ويعاود ويحقق وهو عن الصبوح يرفق فغريمه متعب مهمى عسر وصعب واستوعب كعصفورة في كف طفل يسومها ترود حياض الموت والطفل يلعب وعلى الرتبة الشماء والخلق اللطيفة كالماء فبينه وبين ريحانة الكرما وشهاب الظلما ما بين الحروف والأسما لا بل الأرض والسما
وقد يسمى سما كل مرتفع
وإنما الفضل حيث الشمس والقمر
قلت قال خدوم وقاضي سدوم موجود معدوم يخيل بالنبل ويحيد عن السبل ويخلط أرضا وسما ومسميات وأسماء ونارا وما ويحسبه الظمآن ما قلت قال شختور يسبح وفصل يذبح وتاجر في كل نفس يربح انسحب عليه القبول من لدن صباه وصاح به الجو فلباه شأنه الدهر غمز وإيثاره ونداوة وبشارة محظوظ مجدود وعقد حرصه مشدود وهو في الكفاءة معدود قلت فقال فارة وقضاء وكفارة وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون تحت غفاره بعوضة في الأذان تغني عن الاستيذان ويطرق حتى بهنات الإقامة والأذان قادر على تلفيق الثبوت وحمل اليهود على نسيان
السبوت يرى الحكمة خبيئة جيبه ويشتغل بعيوب الناس عن عيبه قلت قال ألوف ودود أنوف عن الخبث والمكيدة صدود محسوب من الأسرياء معدود كثير الشنشنة والأريحية مبذول المشاركة شائع التحية بادي النبل والطرب ينظم الأبيات ويوضح من الفضل الغرر والشيات
عليك بكاتب لبق ذكي
أديب في شمائله حرارة
تشير له بلحظك من بعيد
فيفهم طرفه عنك الإشارة
قلت فالوالي ابن الربيب فشد خيشومه واستدفع بيمن الله شومة ثم قال الروض والأنف تحتاج إلى الكنف إعلم أني على طول تجريبي وتشريقي وتغريبي لم أعثر له على شبيه فلعنة الله عليه وعلى أبيه الجهل والرعونة والطلعة الملعونة والحيا المسلوب والصبر المهزوم عند الشهوات المغلوب والخيانة التي يعرفها الوجود واليد التي في غير الخنا لا تجود نار الجباية التي تأكل في اللحظة الواحدة جبالها وخنجر الأمانة التي يقد جبالها المارق على النكال والعقاب المخل بالألقاب الخامل البيت والهمة الكثير الذم القليل الذمة والله در أبي محمد العلكوم ذي العارض المركوم حيث يقول
لأبي الفضل ابن الربيب خصال
شهدت بالوفا والفضل فيه
ساقط الأصل عاهر الفرج مذ
كان سفيه قد بذ سفيه
ذي محيا من الحياء عديم
وقفا مختل وشكل كريه
سلحفاة قد عمت وأجران
في رداء موشع يلويه
مجمل السرج منه ذو رجيع
يعرف الناس ذوقه من فيه
حجر الله جوده وندا كفيه
إلا عن أسود يشفيه
فهو لا يستكفه من بلاء
ومجابي البلاد لا تكفيه
قلت للناس والسؤال شفا
وهو قدما شأن النبيل النبيه
لم يدعى بابن الربيب فقالوا
كان يزني بأمه ابن أبيه
أبعد الله ذلك الوجه من
كل مقام بر وقدر نبيه
وكأني به وقد بشرت منه
يد الذل غلظة التنويه
تترع العز منه سخطة رب
لم يدنه يوما يرضيه
وأهالت منه السياط كثيبا
واكمت رمله رياح التيه
ورست منه في الأداهم رجل
ودعتها نضارة الترفيه
كان عارا على الوجود ومن
يبلى بعار كيف لا يخفيه
عادة الله كلما اعتز باغ
بضلال فإنه يكفيه
قلت ففلان فقال شعلة من ضرام ودمل من أورام ولا بد لكل شيء من انصرام سعيد الدين خير من أبيه وطرح الكلب خير من سعيد قلت ففلان قال صاحب هدي وسمت وطريقة غير ذي عوج ولا أمت واشتمال من الطهارة والتفات متقلد من محل ولايته في جنات ألفاف مع مهيب عدل وإنصاف معتدل الجود واضع إياه في ضرورات الوجود كثير الضيف مطعم في الشتا والصيف أمن جاره من الحيف يرعى الوسيلة فلا ينساها ويصل مغدى الصنيعة بممساها فإذا ذكرت الخيار فاذكره فيها أو حسب الولاية به فخرا ويكفيها لا يسمع الهجر في مجالسه ولا تضم الخنا سقائفه قلت وهو لعمري سلس القياد وحقيبة جباد فلم يفه ببنت شفه لا أدرى أم أنفه
قلت فمشربه قال أنهد وفي غير الكفار لا تجهد ودعنا من الحضيض الأوهد فالأمر أزهد ولا تعد إلى مثلها والله يشهد قلت مقيم رسم وممتاز من الشهرة بوسم ورجل عاقل وجال صفحات البر وصاقل ومتماسك عن الغاية متثاقل لا بفصاحة سحبان ولا بعي باقل يروقك لقاؤه ويعجبك خوانه وسقاإه ( ) ويثنى على صلته أصدقاؤه قلت فأخوه قال درة بيتهم وغرة كميتهم ومصباح زيتهم منزلة منزع جفان ومحط ضيفان يركب المطية ويمهد الأريكة ي الوطية ويتبع بالعذر أثر العطية غير البطية ويجدد العمل بالعصابة البرمكية وأخبارهم المحكية قلت قال كوكب سحر وكريم قرى ونحر وأبهت وسحر ماشيت من ترتيب وتقدير خليق بالبر جدير وروض وغدير وخورنق وسدير هذب الأدب خدامه وأطاب الاحتفال خبزه وإدامه إلى عطا يحسب الأمل ويثقل الناقة والجمل عضه الدهر فما عض من طباعه واستأثر بماله ورباعه وتركه فريسة بين سباعه فما حط من همته ولا قصر من طباعه وطالما أصلى الياقوت جمر غضا ثم انطفأ الجمر والياقوت ياقوت قلت قال أمين وذخر ثمين وشمال للنصيحة ويمين إلى صدر سليم وتعويض وتسليم وسرو عميم ومرعى للفضل حميم يقنع بالمصاصة ويؤثر على الخصاصة ويحافظ على القلامة والقصاصة قلت قال بر وفي يذوب حياء ويتهالك إبلاغا في البر وإعياء قلت قال لفظ بلا معنى وشجر بلا مجنى مروته سقيمة وسراوته عقيمة مدين الحرمان له خدين لا يحمد قراه ولا يمسك البلالة ثراه وإن تسمع بالمعيدي لا أن تراه قلت قال حمول للكلفة كثير الألفة حمار قليل العلفة وطيه وهو قعود ذلول ومطية قلت
فقال سورة الفضل والكمال وصورة الحلال والجمال وسيف الجباية والمال وحج العفاة وكعبة الآمال العف الإزار ذو المواهب الغزار ما شيت من حيا ووقار واهتضام للعرض الأدنى واحتقار يهب الجزيل ويكرم النزيل ويحكم التنزيل أقسم لو سبق الزمن زمانه وانتظم في سلك العقد المتقادم حمانه لما كان لكعب من علو كعب ولا ساعد ابن سعدي ذكر ولا أعمل في مدح هرم بن سنان فكر ولطوى حاتم طي ولم تأخذه يد النشر إلى الحشر ولا أعملت في أخباره يد الإضراب والبشر فهو العامل العالم والعادل الذي تكف به المظالم والبحر الذي من دونه بلالة والكفاية ما سواها علالة
مدحت الورى قبله كاذبا
وما صدق الفجر حتى كذب
إن طرقت منزله هش ورحب وتبسط جالبا للأنس وتسحب وحكم كماله وألقى قبل الوسادة ماله فهو حسنة الدولة الغرا وطراز حلتها الشيرا وحديثها المنقول وصفيحها المصقول ولله در الذي يقول
سلني عن الندب وإلى الولاة
فإني على مدحه قادر
مخدرة في سبيل الحيا ويوم
الوغى أسد خادر
ولما بلغ إلى هذا الحد كأنما كان الحديث ثوبا على جسد المرحلة مقدودا وعددا مع لياليها المحسوبة معدودا أتى للسير منه القواعد والبروق وانتهب عمر الليل إلى الشروق وكان آخره بباب المحروق وجعل كل وجهه إلى ذره وعاد إلى مركزه عقب مداره وعلق بقلبي كلامه فاستقر في احتزانه وأنا أزن القوم بميزانه والله يتغمد ما يوافقه العبد من هفوة لسانه ويغطى الإساءة بإحسانه
من ذلك الكتاب المسمى بمعيار الاختيار
الحمد لله الذي انفردت صفاته بالاشتمال على أشتات الكمال والاستقلال بأعباء الجلال المنزه عن احتلال الحلال المتصفة الخلال بالاختلال المتعمد بالسؤال لصلة النوال جاعل الأرض كسكانها متغايرة الأحوال باختلاف العروض والأطوال متصفة بالمحاسن والمقابح عند اعتبار الهيئات والأوضاع والصنائع والأعمال على التفصيل والإجمال فمن قام خيره بشره دخل تحت خط الاعتدال ومن قصر خيره عن شره كان أهلا للاستعاضة به والاستبدال ومن أربى خيره على شره وجب إليه شد الرحال والتمس بقصده صلاح الحال وكثيرا ما اغتبط الناس بأوطانهم فحصلوا في الجبال على دعة البال وفازوا في الرمال بالآمال حكمة منه في اعتبار ربع الشمال وتضيء أكنافه عن اليمين والشمال إلى أن يدعو بأهل الأرض لموقف العرض والسؤال ويذهل عن الأمل عظم الأهوال والصلاة على سيدنا محمد المصطفى الذي أنقذ بدعوته الوارفة الظلال من الضلال وجا برفع الأغلال وتمييز الحرام من الحلال والرضا عمن له من الصحب والآل أما بعد ساعدك السعد ولان الجعد فإن الإنسان وإن اتصف بالإحسان وأبانة اللسان لما كان بعضه لبعض فقيرا نبيها كان أو حقيرا إذ مونه التي تصلح بها حاله ولا يسعها انتحاله لزم اجتماعه وائتلافه على سياسة يؤمن معها اختلافه واتخاذ مدينة يقر بها قراره ويتوجه إليها ركونه وفراره إذا رابه إضراره وتختزن فيها أقواته التي بها حياته ويحاول منها معاشه الذي به انتعاشه وإن كان اتخاذها جزافا واتفاقا واجتزاء ببعض المرافق وارتفاقا
تحاول خيرها وشرها وتعارض نفعها وضيرها وفضلها في الغالب غيرها وإن كان عن اختيار وتحكيم معيار وتأسيس حكيم وتعويض للعقل وتحكيم تنافر إلى حكمها للنفر وإعمال السفر وكانت مساويها بالنسبة إلى محاسنها تفتقر إذ وجود المال فاضح للآمال ولله در القائل
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
كفى المرء فضلا أن تعد معايبه
وبحسب ذلك حدث من يعنى بالأخبار ينقلها والحكم يصقلها والأسمار بنتقيها والآثار يخلدها ويبغيها والمجالس يأخذ صدورها والآفاق يشيم شموسها وبدورها والحلل يصرف دورها ويأكل قدورها والطرف يهديها والخفيات يبينها وقد جرى ذكر تفضيل البلدان وذكر القاصي والدان ومزايا الأماكن وخصائص المنازل والمساكن والمقابح والمحاسن والطيب والآسن قال ضمني الليل وقد سدل المسيح راهبه وأشهب قرصة الشمس من يد الأمس ناهبه وذلفت جيوشه الحبشية وكتائبه وفتحت الأزهار شط المجرة كواكبه وجنحت الطيور إلى وكونها وانتشرت الطوافات بعد سكونها وعويت الذئاب فوق هضابها ولوحت البروق بفيض عضابها وباحت الكف الخضيب بخضابها وتسللت اللصوص لانتهاز فرصها وخرجت الليوث إلى قسمها وحصصها في مناخ رحب المنطلق وثيق الغلق سامي السور كفيل بحفظ الميسور يأمن به الذعر خائفه وتدفع معرة السما سقائفه يشتمل على مأوى الطريد ومحراب المريد ومرابط خيل البريد ومكاسع الشيطان المريد ذي قيم كثير البشاشة لطيف الحشاشة قانع بالمشاشة يروح ويمشي ويقف على رتب الأعيان وأعيان الرتب فلا يشي بر فأكثر ومهد ودثر وأذفا ودثر ورقى بسوار استنزاله فأثر فلما أرحت الكافة واقضمت جواده العلفة وأعجبتني من رفقاء المرفق الألفة رمقت في بعض السقائف أمنا في
زي خائف وشيخا طاف منه بالأرض طائف وسكن حتى اليمامة والطائف حنيب عكاز ومثير ركاز قل حظه بسلاحه لسان ذلو السفرة ومثير شيب أثبت الوفرة وقسى ضلوع توثر بالزفرة حكم له بياض الشيبة بالهيبة وقد دار بذراعه للسبحة الرقطاء حنش كما اختلط روم وحبش وإلى يمينه دلو فامق وعن يساره تلميذ مراهق وأمامه حمار ناهق وهو يقول
هم أسكنونا في ظلال بيوتهم
ظلال بيوت أدفأت وأكنت
أبوا أن يملونا ولو أن أمنا
تلاقي الذي لاقوه منا لملت
حتى إذا اطمأن حلوله وأصحب ذلوله وتودد إلى قيم الحنان زغلوله واستكبر لما جاء بما يهواه رسوله استجمع قوته واستحشد ورفع عقيرته وأنشد
أشكو إلى الله ذهاب الشباب
كم حسرة أورثتني واكئياب
سد عن اللذات باب الصبا
فزادت الأشجان من كل باب
وغربة طالت فما تنتهي
موصولة اليوم بيوم الحساب
وشر نفس كلما هملجت
في الغي لم تقبل خطام المتاب
يا رب شفع في شيبي ولا
تحرمني الزلفى وحسن المآب
ثم أن والليل قد جن فلم يبق في القوم إلا من أشفق وحن وقد هزته أريحية على الدنيا سلام وتحية فلقد نلنا الأوطار وحلبنا الأشطار وركبنا الأخطار وأبعدنا المطار واخترقنا الأقطار فقال فتاه وقد افترت عن الدر شفتاه مستثيرا لشجونه ومطلعا نجوم همه من دجونه ومدلا عليه بمجونه وماذا بلغ الشيخ من أمرها أو رفع من عمرها حتى يقضى منه عجب أو يجلى منه محتجب فأخذته حمية الحفاظ لهذه الألفاظ وقال أي بني مثلي من الأقطاب يخاطب بهذا الخطاب وأيم الله لقد عقدت الحلق
ولبست من الدهر الجديد والخلق وفككت العلق وأبعدت في الصفوة الطلق وخضت المنون وصدت الضب والنون وحذقت الفنون وقهرت بعد سليمان الجنون وقضيت الديون ومرضت لمرض العيون وركبت الهمالج وتوسدت الرذائل والدمالج وركضت الفاره واقتحمت المكاره وجبت البلاد وحضرت الجلاد وأقمت الفصح والميلاد فعدت من بلاد الهند والصين بالعقل الرصين وحذقت بدار قسنطين علم اللطين ودست مدارس أصحاب الرواق ورأيت غار الأرواح وشجر الوقواق وشريت حلل اليمن ببخس الثمن وحللت من عدن حلول الروح من البدن ونظرت إلى قرن الغزالة لما شرق وأزمعت على العراقين بسرى العين وشربت من ماء الرافدين باليدين وصليت بمحراب الدملى ركعتين وتركت الأثر للعين ووقفت حيث وقف الحكمان وتقابل التركمان وأخذت بالقدس عن الحبر الندس وركبت الولايا إلى بلاد العلايا بعد أن طفت بالبيت الشريف وحصلت بطيبة على الخصب والريف في فصل الخريف وقرأت بأخميم علم التصريف وأشرعت في الانحطاط إلى الفسطاط والمصر الرحب الاختطاط وسكنت مدينة الإسكندرية ثغر الرباط وعجلت بالمرور إلى التكرور فبعت الظل بالحرور ووقفت بأشبانية إلى الهيكل المزور وحصلت بإفريقية على الرفد غير المنزور وانحدرت إلى المغرب انحدار الشمس إلى المغرب وصممت تصميم الحسام الماضي المضرب ورابطت بالأندلس ثغر الإسلام وأعلمت بما تحت ظلال الأعلام فآها والله على عمر مضى وخلف مضضا وزمن انقضى وشمل قضى الله من تفرقه بما قضى ثم أجهش ببكائه وأعلن باشتكائه وأنشد
لبسنا فلم نبل الزمان وأبلانا
نتابع أخرانا على الغي أولانا
ونغتر بالآمال والعمر ينقضي
فما كان بالرجعي إلى الله أولانا
وماذا عسى أن ينظر الدهر ما عسا
فما انقاد بالزجر الحثيث ولا لانا
جزينا صنيع الله شر جزائه
فلم نرع ما من سابق الفضل أولانا
فيا رب عاملنا بما أنت أهله
من العفو واجبر صدعنا أنت مولانا
ثم قال
لقد مات إخواني الصالحون
فما لي صديق ولا لي عماد
إذا أقبل الصبح ولى السرور
وإن أقبل الليل ولى الرقاد
فتملكتني له رقة وهزة للتماسك مسترقة فهجمت على مضجعه هجوما أنكره وراع صفوه وعكره وغطى بفضل ردنه سكره فقلت على رسلك أيها الشيخ ناب حنت إلى خوار وغريب أنس بجوار وحائر اهتدى بنار ومقرور قصد إلى ضوء نار وطارق لا يفضح عيبا ولا يثلم ولا يهمل شيبا ولا بمنع سيبا ومنتاب يكسو الحلة ويحسن الخلة ويفرغ الغلة ويملأ القلة
أجارتنا إنا غريبان هاهنا
وكل غريب للغريب نسيب
فلما وقم الهواجس وكبتها وتأمل المخيلة واستثبتها تبسم لما توهم وسمع بعد ما جمح فهاج عقب ما فتر ووصل ما بتر وأظهر ما خبأ تحت ثوبه وستر وماج منه البحر الزاخر وأتى بما لا تستطيعه الأوائل والأواخر وقال وقد ركضى الفنون وأجالها وعدد الحكم ورجالها وفجر للأحاديث أنهارها وذكر البلدان وأخبارها
ولقد سهمت مآربي فكان أطيبها حديث
إلا الحديث فإنه مثل اسمه أبدا حديث
قلت ذهب الخجل والوجل وطال المروى والمرتجل وتوسط الواقع وتشوفت للنجوم المواقع وتوردت الخدود البواقع قلت أيها الحبر واللج الذي لا يناله السبر لاحجبك قبل عمر النهاية القبر وأعقب كسر أعداد عمرك المقابلة بالقبول والجبر كأن الليل قد أظهر لوشك الرحيل الهلع والغرب الجشع لنجومه قد ابتلع ومفرق الأحباب وهو الصبح قد طلع فأولني عارفة من معارفك اقتنيها واهزز لي أفنان رحكمك اجتنبها فقال أمل ميسر ومجمل يحتاج أن يفسر فأوضح الملغز وأبن الطلا من البرغز وسل عما بدا لك فهو أجدى لك وأقسم لا تسلنى عن غامض وحلو أو حامض إلا أوسعته علما وبيانا وأريتك الحق عيانا قلت صف لي البلاد وصفا لا يظلم مثقالا ولا يعمل في غير الصدق وخدا ولا أرقالا وإذا قلتم فأعدلو ومن أحسن من الله مقالا قلت انفض لي البلاد الأندلسية من أطرافها وميز بميزان الحق بين اعتدالها وانحرافها ثم اتلها بالبلاد المرينية نسقا واجل بنور بيانك غسقا وهات ما تقول في جبل الفتح قال فاتحة الكتاب من مصحف ذلك الإقليم ولطيفة السميع العليم وقصص المهارق وأفق البارق ومتحف هذا الوطن المباين للأرض المفارق بأهل العقيق وبارق ومحط طارقها بالفتح طارق وارم البلاد التى لم يخلق مثلها فيها وذو المناقب التى لا تحصرها الألسنة ولا توفيها حجره البحر حتى لم يبق إلا خصر فلا يناله من غير تلك الفرصة منيق ولا حصر وأطل بأعلاه قصر وأظله فتح من الله ونصر ساوى سورة البحر فأعياه قد تهلل بالكلس محياه واستقبل الثغر الغريب فحياه واطرد صنع الله فيه من عدو يكفيه ولطف يخفيه وداء عضال يشفيه فهو خلوة العباد ومقام العاكف والباد ومسلحة من وراءه من العباد وشقة القلوب المسلمة والأكباد هواه صحيح وثراه بالخزين سحيح ونجر الرباط فيه ربيح وحماه للمال والحرم غير مبيح ووضعه الحسن لا يشان بتقبيح
إلا أنه والله يقيه مما يتقيه بعيد الأقطار هماز بالقطار كثير الرياح والأمطار مكتنف بالرمل المخلف والجوار المتلف قليل المرافق معدوم المشاكل والمرافق هزل الكراع لعدم الأزدراع حاسر الذراع للقراع مرتزق من ظل الشراع كورة دبر ومعتكف أزل وصبر وساكنه حي في قبر
هو الباب إن كان التزاور للقيا
وغوث وغيث للضريح وللسقيا
فإن تطرق الأيام فيه بحادث
وأعزز به قلنا السلام على الدنيا
قلت فأسطبونه قال عفا رسمها وبقى اسمها وكانت مظنة النعم الغزيرة قبل حادثة الجزيرة قلت فمربلة قال بلد التاذين على السرذين ومحل الدعاء والتأمين لمطعم الحوت السمين وحد ذاتها مفرس العنب القديم الفرس إلى قبة أرين إلا أن مرساها غير أمين وعقارها غير ثمين ومعقلها تركبه الأرض من عن شمال ويمين قلت فسهيل قال حصن حصين يضيق عن مثله هند وصين ويقضي بفضله كل ذي عقل رصين سبب عزه متين ومادة قوته شعير وتين قد علم أهله مشربهم وأمنوا مهربهم وأسهلت بين يديه قراه ماثلة بحيث يراه وجاد بالسمك واديه وبالحب ثراه وعرف شأنه بأرض النوبة ومنه يظهر سهيل من كواكب الجنوب إلا أن سواحله فل الغارة البحرية ومهبط السرية غير السرية الخليقة بالحذر الحرية مسرح السايمة الأميرية وخدامها كما علمت أولئك هم شر البرية قلت فمدينة مالقة قال وما القول في الدرة الوسيطة وفردوس هذه البسيطة أشهد لو كانت سورة لغرقت بها حدقة الإطعام أو يوما لكانت
عيدا في العام تبعت لها بالسلام مدينة السلام وتلقي لها يد الاستسلام محاسن بلاد الإسلام إلى دار وقطب مدار وهالة إبدار وكنز تحت جدار قصبتها مضاعفة الأسوار مصاحبة للسنين مخالفة للأدوار قد برزت في أكمل الأوضاع وأجمل الأطوار كرسي ملك عتيق ومدرج مسك فتيق وإيوان أكاسرة ومرقب عقاب كاسرة ومجلى فاتنة حاسرة وصفقة غير خاسرة فحماها منيع حريز وديوانها ذهب إبريز ومذهب فخار هاله على لآماكن تبريز إلى مدينة تبريز وحلل بدائعها بالبدائع ذات تطريز اضطبنت دار الأسطول وساويت البحر بالطول واسندت إلى جبل الرحمة ظهرها واستقبلت ملعبها ونهرها ونشقت وردها الأرج وزهرها وعرفت قدرها فأغلت مهرها وفتحت جفنها على الجفن غير الغضيض والعالم الثاني ما بين الأوج إلى الحضض دار العجائب المصنوعة والفواكه غير المقطوعة والممنوعة حيث الأواني تلقى لها يد الغلب ضائع حلب والحلل التي تلج صنعا فيها بالطلب وتدعو إلى الجلب إلى الدست الرهيف ذي الورق الهيف وكفى برمانها حقاق ياقوت وأمير فوت وزائرا غير ممقوت إلى المؤاساة وتعددت الأساة وإطعام الجائع والمساهمة في الفجائع وأي خلق أسرى من استخلاص الأسرى تبرز منهم المخدرة حسرى سامحة بسواريها ولو كانا سواري كسرى إلى المقبرة التي تسرح بها العين ويستهان في ترويض روضاتها العين إلى غللها المحكمة البنيان الماثلة كنجوم السما للعيان وافتراض سكناها أوان العصر على الأعيان ووفور أولى المعارف والأديان
وأحسن الشعر مما أنت قائله
بيت يقال إذا أنشدته صدقا
وعلى ذلك فطينها يشقى به فطينها وأزبالها تحيي بها سبالها وسروبها يستمد
منها مشروبها فسحبها متغيرة وكواكب أذمانها النيرة متحيرة وأقطارها جد شاسعة وأزقتها حرجة غير واسعة وآبارها تفسدها أدبارها وطعامها لا يقبل الاختزان ولا يحفظ الوزان وفقيرها لا يفارق الأحزان وجوعها ينفي به هجوعها تحث على الأمواج أقواتها وتعلو على الموازين غير القسط أصواتها وأرحيتها تطرقها النوائب وتصيب أهدافها السهام الصوائب وتعدلها الجنايب وتستخدم فيها الصبا والجنايب وديارها الآهلة قد صم بالنزائل صداها وأصبحت بلاقع بما كسبت يداها وعين أعيانها أثر ورسم مجادتها قد دثر والدهر لا يقول لها لمن عثر ولا ينظم شملا إذا انتثر وكيف لا يتعلق الذام ببلد يكثر به الجذام علة بلواه آهلة والنفوس بمعرة عدواه جاهلة ثم تبسم عن انشراح صدر وذكر قصة الزبرقان بن بدر
تقول هذا مجاج النحل تمدحه
وإن ذممت فقل فيى ء الزنابير
مدح وذم وعين الشي واحدة
إن البيان يرى الظلماء في النور
قلت فبلش قال جادها المطر الصيب فنعم البلد الطيب حلى ونحر وبر وبحر ولوز وتين وسبت من الأمن متين وبلد أمين وعقار ثمين وفواكه من عن شمال ويمين وفلاحة مدعي إنجابها لا يمين إلا أن التشاجر بها أقمى من الشجر والقلوب أقسى من الحجر ونفوس أهلها بينة الحسد والضجر وشأنها غيبة ونممة وخبث ما بها على ما سوخ الله من آلائها ثميمة قلت فقمارش قال مودع الوفر ومحط السفر ومزاحم الفرقد والقفر حيث الماء المعين والقوت المعين لا تخامر قلب الثائر به خطوة وجله إلا من أجله طالما فزعت إليه النفوس الملوك الأخاير بالذخاير وشقت
عليه أكواس المرائر في الضرائر وبه الأعناب التي راق بها الجناب والزياتين واللوز والتين والحرث الذي له التمكين والمكان المكين إلا أنه عدم سهله وعظم جهله فلا يصلح فيه إلا أهله قلت فالمنكب قال مرفأ السفن ومحطها ومنزل عباد المسيح ومختطها بلدة معقلها منيع وبردها صقيع ومحاسنها غير ذات تقنيع القصر المفتح الطيقان المحكم الإتقان والمسجد المشرف المكان والأثر المنبي عن كان وكان كأنه مبرد واقف أو عمود في يد مثاقف قد أخذ من الدهر الأمان وتشبه بصرح هامان وأرهفت جوانبه بالصخر المنحوت وكاد أن يصل ما بين الحوت والحوت غصت بقصب السكر أرضها واستوعب بها طولها وعرضها زبيبها فائق وجنابها رائق وقدمت إليها جبل الشوار بنسب الجوار فنشأ الأسطول فوعدها غير ممطول وأمده لا يحتاج إلى الطول إلا أن اسمها مظنة طيرة تشتنف والتنكيب عنها يوتنف وطريقها يمنع شر سلوكها من تودد ملوكها وهواؤها فاسد ووبأها مستأسد وجارها حاسد فإذا التهبت السماء وتغيرت بالسمائم المسميات والأسماء فأهلها من أجداث بيوتهم يخرجون وإلى جبالها يعرجون والودك إليها مجلوب والقمح بين أهلها مقلوب والصبر إن لم يبعثه البحر مغلوب والحر ما يعراها والحر بدم الغريب مطلوب قلت فشلوبانية قال أختها الصغرى ولدتها التي يشغل بها المسافر ويعزى حصانه معقل وموقب متوقل وغاية طائر وممتنع ثائر ومتنزه زائر تركب برها الجداول المرفوعة وتخترق وجهاتها المذانب المنفردة
والمشفوعة ففي المصيف تلعب بالعقل الحصيف وفي الخريف يسفر عن الخصب والريف وحوت هذه السواحل أغزر من رمله تغرى القوافل إلى البلاد بحمله إلى الخضر الباكرة والنعم الحامدة للمرء الشاكرة وكفى بمترايل من بسيطها محلة مشهورة وعقيلة ممهورة ووادعة في غير السهل مبهورة جامعها حافل وفي حلة الحسن رافل إلا أن أرضها مستخلص السلطان بين الأوطان ورعيتها عديمة الأعيان مروعة على الأحيان وتختص شلوبانية بمزية البنيان ولكنها غاب الحيات الحميات غير أمينة على الافتيات ولا وسيمة الفتيان والفتيات قلت فبرجة قال تصحيف وتحريف وتغيير في تعريف ما هي إلا بهجة ناظر وشرك خاطر ونتيجة عارض ماطر ودارة نفس عاطر عقارها ثمين وحرمها أمين وحسها باد وكمين عقود أعنابها قد قرطت أذان الميس والحور وعقائل أدواحها مبتسمة عن ثغور النور وبسيطها متواضع عن النجد مترفع عن الغور وعينها سلسالة وسنابك المذانب منها مسالة تحمل إلى كل جهة رسالة ودروها في العرا مبثوثة وركائب النواسم بينها محثوثة لا تشكو بضيق الجوار واستكشاف العوار وتزاحم الزوار مياه وظلال وشجر وحلال وخلق دمث كثراها ومحاسن متعددة كقراها ولطافة كنواسمها عند مسراها وأعيان ووجوه نجل العيون بيض الوجوه غلتهم الحرير ومجادتهم غنية عن التقرير إلا أن متبوأها بسيط مطروق وقاعدتها فروق ووتدها مطروق ومعقلها خرب كأنه أحدب جرب إن لم ينقل إليه الماء برح به الظمأ ولله در صاحبنا إذ يقول
يا بسيطا بمعاني برجة
أصبح الحسن بها مشتهرا
لا تحرك بفخار مقولا
فلقد ألقمت منها حجرا
والبر بها ندر الوجود واللحم تلوه وهما طيبتا الوجود والحرف بها ذواية العود والمسلك إليها بعيد الصعود قلت فدلاية قال خير رعاية وولاية حرير ترفع عن الثمن وملح يستفاد على مر الزمن ومسرح معروف وأرض ينبت بها جبن وخروف إلا أنها كسرايا العدو البحري مجر العوالي ومحل الفتكات على التوالي فطريقها صور ومشاهد والعارف بها زاهد قلت فمدينة ألمرية قال ألمرية هنية مرية بحرية برية أصيلة سرية معقل الشيوخ والإباية ومعدن المال وعنصر الجباية وجندة الأسطول غير المعلل ولا الممطول ومحط التجار وكرم النجار ورعى الجار ما شئت من أخلاق معسولة وسيوف من الجفون السود مسلولة وتكك محلولة وحضارة تعبق طيبا وتتأود دوحا رطيبا ووجوه لا تعرف تقطيبا لم تزل مع الظرف دار نساك وخلوة اعتكاف وإمساك أرغم أهلها أنف الصليب لما عجم منها بالعود الصليب وألف لامها وألفها حكم التغليب فانقلب منها آيسا عند التقليب
يسائل عن أهل المرية سائل
وكيف ثبات القوم والردع ياسر
قطا دارج في الرمل في يوم لدة
ولهو ويوم الروع فتح كواسر
بحرها مرفأ السفن الكبار وكرسيها هو العزيز عند الاعتبار وقصبتها سلوة الحزين وفلك المتنزهين وهي محل الفلل المجدية والأندية المشفوعة الأردية ولواديها المزية على الأودية حجة الناظر المفتون المكسو الحصور
والمتون بالأعناب والزيتون بلد الخام والرخام والذمم الضخام وحمتها بديعة الوصف محكمة الرصف مقصودة العلاج والقصف حرها شديد وذكرها طويل مديد وأثرها على البلاد جديد إلا أن مغارمها ثقيلة وصفحة جوها في المحول صقيلة وسماؤها بخيلة وبروقها لا تصدق منها مخيلة دبلالة النطية منزورة الطية وسعرها ليس من الأسعار الوطية ومعشوق البر بها قليل الوصال وحمل البحر صعب الفصال وهي متوقعة إلا أن يقي الله طلوع النصال دعاة النصال قلت فطيرنش من شرقها قال حاضرة البلاد الشرقية وثنية البارقة الأفقية ماشئت من تنجيد بيت وعصير وزيت وإحياء أنس ميت وحمام طيب وشعاب شرفيه دنانير أبي الطيب إلا أنها محيلة الغيوث عادية الليوث متحزبة بالأحزاب شرهة الأعزاب ولو شكر الغيث شعيرها أخصب البلاد عيرها قلت فبيرة قال بلدة صافية الجو رحيبة الدو يسرح بها البعير ويحجم بها الشعير ويقصدها من مرسية وأحوازها العير فساكنها بين تجر وابتغاء أجر وواديها نيلى الفيوض والمدود مصري التخوم والحدود إن بلغ إلى الحد المحدود فليس رزقها بالمحصور ولا بالمعدود إلا أنها قليلة المطر مقيمة على الخطر مثلومة الأعراض والأسوار مهطعة لداعي البوار خليقة الحسن المغلوب معللة بالماء المحلوب آخذة بأكظام القلوب خاملة الدور قليلة الوجوه والصدور كثيرة المشاجرة والشرور برها أنذر من برها في المعتمر والبور وزهد أهلها في الصلاة شائع في الجمهور وسوء ملكة الأسرى بها من الذائع بها والمشهور
ما قام خيرك يا زمان بشره
أولى لنا ما قل منك وما كفا
قلت فمحاقر قال حصن جديد وخير مديد وبحر ما على إفادته مزيد وخصب ثابت ويزيد ساكنه قد قضى الحج أكثره وظهر عين الخير فيه وأثره إلا أنه لا تلقى به للماء بلالة ولا يستشف للجود علالة قلت فقتورية قال يسار يمينها وغبار كمينها ومعمول يمينها يجود بها الجبن والعسل وفي دونها الأسل وأما الخبر فلا تسل وإن كانت أحسن شكلا فأقل شربا وأكلا وأحما أهلا وآسد جملا وأعدم علا ونهلا وأهلها شرار أضلعهم بالظمإ حرار لا تلفى بها نبعة ماء ولا تعدم مشقة ظمإ ولا تتوج أفقها إلا في الندرة قرعة سما قلت فبرشانة قال حصن مانع وجناب يانع أهلها أولو عداوة لأخلاق البداوة وعلى وجوههم نضرة وفي أيديهم نداوة يدادون بالسلافة على الخلافة ويؤثرون لذة التخلف على لذة الخلافة فأصبح ربعهم ظرفا قد ملى ء ظرفا فللمجون بها سوق وللعيون ألف سوق تشمر به الأذيال عن سوق وهي تلين بعض بيان من أعيان وعلى وجوه نسوانها طلاقة وفي ألسنتهن ذلاقة ولهن بالسفارة من الفقراء علاقة إلا أن جفنها ليس ندي سور يقيه مما يتقيه ودعدها يتكلم على فيه وحليها يشقى بالسفيه ومحياها تسكن حية الجور فيه قلت فأورية قال الجبن والعسل والهوا الذي يذهب به الكسل وأما عن الماء البرود فلا تسل أدامه الصيد الذي لا يتعذر وقوته الشعير الذي يبذر إلا أنه بادي الوحشة والانقطاع والإجابة لداعي المخالفة والإهطاع وحيش الجناب عرى من شجرات النخل والأعناب حقيقة لمعرة العدو بالاجتناب قلت فبلش قال نفر قصي وقياد على الأمان عصي ويتيم ليس عليه
غير العد وصي ماؤه معين وصوره عين وخلوته على النسك وسواه تعين وبه الحمام والعطف الجمام ولأهله بالصيادة اهتمام وعسله إذا لطفت العسول إمام إلا أنها بلدة منقطعة باينة وبأحواز العدو كائنة ولحدود لورقة فتحها الله مشاهدة معاينة وبرها الزهيد القليل يتحف به العليل وسبيل لأن إليها غير سبيل ومرعاها لسوء الجوار وبيل قلت فمدينة بسطة قال وما بسطة بلد خصيب ومدينة لها من اسمها نصيب دوحها متهدل وطيب هوائها غير متبدل وناهيك من بلد اختص أهلها بالمران في معالجة الزعفران وامتازوا به عن غيرهم من الجيران عمت أرضها السقيا فلا تخلف وشملتها البركة تختص من يشاء الله ويزلف يتخلل مدينتها الجدول المتدافع والناقح للغلال النافع ثياب أهلها بالعبير تتأرج وحورها تتجلى وتتبرج وولدانها في شط أنهارها المتعددة تتفرج ولها الفحص الذي يسافر فيه الطرف سعيا ولا تعدم السائمة بدريا ولا رعيا ولله در القائل
في بلدة عودت نفسي بها
إذ في أسماطه وياسين
ألجأني الدهر إلى عالم
يؤخذ عنه العلم والدين
إلا أن تربها تفصح البنا فإن صحبه الاعتنا فأسواره تسجد عند الإقامة وخندقها لإكسارها تلقامه فهي لذلك غير دار المقامة ورياحها عاصفة ورعودها قاصفة وحاميتها تنظر إلى الهياج من خلف سياج والعدو فيها شديد الفتكات معمل الحركات وساكنها دائم الشكاة وحدها فليل وأعيانها قليل وعزيزها المتوقع المكروه ذليل قلت فأشكر قال نعم البسيط المديد والرزق الجديد والسقي العديد
والصيد والقديد تركب الجداول فحصها ويأبى الكمال نقصها ويلازم ظل الخصب شخصها مسرح للبهائم ومعدن للربيع الدائم إلا أن معقلها لا يمنع ومكانها يحوم عليه الحادث الأشنع ونفوس أهلها مستسلمة لما الله يصنع قلت فأندرش قال عنصر جباية ووطن بهم أولى باية حريرها ذهب وتربها تبر منتهب وماؤها سلسل وهواؤها لا يلفي معه كسل إلا أنها ضيقة الأحواز والجهات كثيرة المعابر والفوهات عديمة الفرج والمتنزهات كثيرة المغارم مستباحة المحارم أغرابها أولو استطالة وأنباء مترفيها كثير البطالة فلا يعدم ذو الضرع والزرع عدوانا ولا يفقد عين الشر نزقانا وطريقها غير سوي وشأنها ضعيف يشكو من قوى قلت فقنالش قال معدن حرير خلصت سنابكه وأثرى بزازه وحابكه وتهدلت حجاله وتمهدت أرائكه وجبايته سهل اقتضاؤها وجمت بيضاؤها إلا أنه وطن عدم إدامه وبليت ظهر اهتدامه وفقدت به حيل التعيش وأسبابه ومحل لا هيم فيه إلا أربابه قلت فمدينة وادي آش قال مدينة الوطن ومناخ من غبر أو قطن للناس ما بدا والله ما بطن وضع سديد وبأس شديد ومعدن حديد ومحل
عدة وعديد وبلد لا يعتل منه إلا النسيم ومرأى يخجل منه الصباح الوسيم كثيرة الجداول والمذانب مخضرة الجوانب إلى الفواكه الكثيرة والكروم الأثيرة والسقى الذي يسد الخلة ويضاعف العلة وسندها معدن الحديد والحرير ومعقلها أهل للتاج والسرير وهي دار أحساب وإرث وإكتساب وآداب وحساب وماؤها مجاج الجليد وهواؤها يذكى طبع البليد إلا أن ضعيفها يضيق عليه المعاش وتافهها يتعذر عليه الانتعاش وشيخها يسطو على عصبه الارتعاش فهي ذات برد وعكس وطرد ماشئت من لحي راعد ومقرور على الخمر قاعد ونفس صاعد وفتنة يعد بها واعد وشرور تسل الخناجر وفاخر يسطو بفاجر وكلف يهاجر واغتمام تبلغ به القلوب الحناجر وزمهرير تجمد له المياه في شهر ناجر وعلى ذلك فدرتها أسمح للحالب ونشيدها أقرب للطالب ومحاسنها أغلب والحكم للغالب قلت ففنيانة قال مدينة وللخير خدينة ما شئت من ظبى غزير وعصب طرير وغلة حرير وماء نمير ودوام للخزين وتعمير إلا أن بردها كثير ووقودها نثير وشرارها لهم في الخيار تأثير قلت فمدينة غرناطة قال حضرة سنية والشمس عن مدح المادح غنية كبرت عن قيل وقال وحلت عرقا من وقال وقيدت العقل بعقال وأمنت لحال حسنها من انتقال لو خيرت في حسن الوضع لما زادت وصفا ولا أحكمت رصفا ولا أخرجت أرضها ريحانا ولا عصفا ولا أخذت بأشتات المذاهب وأصناف المواهب حدا والنبي قولوا لو وورولو ولا قصفا كرسيها ظاهر الإشراف مطل على الأطراف
وديوانها مكتوب بآيات الأنفال والأعراف وهواؤها صاف وللأنفاس مصاف حجبت الجنوب عنها الجبال فأمنت الوبا والوبال وأصبح ساكنها غير مبال وفي جنة من النبال وانفسحت للشمال واستوفت شروط الكمال وانحدر منها مجاج الجليد على الرمال وانبسط بين يديها المرج الذي نضرة النعيم لا تفارقه ومدرار النسيم تعلن بها مفارقه ريع من واديه ثعبان مبين أن لدغ ثلول شطه ثلها للجبين وولد حيات المذانب عن الشمال واليمين وقلد منها اللبات سلوكا تأتى من الحصباء بكل در ثمين وترك الأرض مخضرة تغير من خضراء السماء ضرة الأزهار مفترة والحياة الدنيا بزخرفها مغترة
أي واد أفاض من عرفات
فوق حمرائها أتم إفاضة
ثم لما استقل بالسهل يجري
شق منها بحلة فضفاضة
كلما انساب كان غصنا صقيلا
وإذا ما استدار كان نفاضة
فتعددت القرى والجنات وحفت بالأناث منها البنات ورف النبات وتدبجت الجنبات وتقلدت اللبات وطابت بالنواسم الهبات ودارت الأسوار دور السوار للمنى والمستخلصات ونصبت للروض المنصات وقعد سلطان الربيع لعرض القصات وخطب بلبل الدوح فوجب الإنصات وتمرجت الأعناب واستنجر بكل عذب لجنانها الجناب وزينت السماء الدنيا من الأبراج العديدة بأبراج ذوات دقائق وأدراج وتنفست الريح عن أراج أذكرت الجنة كل أمل عند الله وراج وتبرجت بحمرائها القصور مبتسمة عن بيض الشرفات سافرة عن صفحات القباب المزخرافات تقذف بالنهار من بعد المرتقى فيوض بحارها الرزق وتناغى أذكار المآذن بأسحارها نغمات الورق وكم أطلقت من أقمار وأهلة وربت من ملوك جلة إلى بحر التمدن
المحيط الاستدارة الصادع عن الأحكام والإدارة ذي المحاسن عير المعارة المعجزة لسان الكتابة والاستعارة حيث المساجد العتيقة القديمة والميازب المحافظة للري المديحة والجسور العريقة والعوائد المقررة تقرير الفريضة والأسواق المرقومة الإطراق بنفائس الأذواق والوجوه الزهر والبشرات الرفاق والزي الذي فاق زي الأوان وملأ قلوب المؤمنين بالإشفاق
بلد جللها الله سناء وسنا
وأجر السعد منحل لديها رسنا
قد أجرت سكرا احما ورزقا حسنا
أعجزت عن منتهى الفخر البعيد اللسنا
يروقك في أطراقها حسن الصورة وجمالها وطرف الصنايع وكمالها والفعلة وأعمالها حتى الأطلال وانهمالها والسؤال وأسمائها
كل عليه من المحاسن لمحة
في كل طور للوجود تطورا
كالروض يعجب في ابتدانباته
وإذا استجم به النبات ونورا
وإذا الجمال المطلق استشهدته
ألغيت ما انتحل الخيال وزورا
ثم قال أي أمري عري عن مخافة وأي حصافة لا تقابلها سخافة ولكل شيء آفة لكنها والله بردها يطفى ء حر الحياة ويمنع الشفاه عن رد التحيات وأسعارها يشمر معيارها بالترهات وعدوها يعاطي كؤوس الحرب بهاك وهات إلى السكك التي بان خمولها ولم يقبل الموضوع محمولها والكرب الذي يجده الإنسان فيها صادف إضافة أو ترفيها والمكوس التي تطرد البركة وتلقيها إلى سوء الجوار وجفاء الزوار ونزالة الديار وغلاء الخشب والجيار وكساد المعايش عند الاضطرار وامعان المقابر وهي دار القرار وقصر الأعمار
واستحلال الغيبة والأسحار واحتقار أولى الفضل والوقار والتنافس في العقار والشح في الدرهم والدينار باليم والنار ثم قال اللهم غفرا وإن لم نقل كفرا إن الله لا يغفر أن يشرك به وبغفر ما دون ذلك لمن يشاء ولله در أبي العتاهية إذ يقول
أصبحت الديار لنا فتنة
والحمد لله على ذلكا
اجتمع الناس على ذمها
وما نرى منهم لها تاركا
قلت فالحمة قال أجل الصيد والحجل والصحة وإن كان المعتبر الأجل وتورد الخدود وإن لم يطرقها الخجل والحصانة عند الهرب من الريب والبر كأنه قطع الذهب والحامة التي حوضها يفهق بالنعيم مبذولة للخامل والزعيم تحت ثنيتها بالنسب إلى ثنية التنعيم قد ملأها الله اعتدالا فلا تجد الخلق اعتياضا ولا استبدالا وأنيط صخرتها الصماء عذبا زلالا قد اعتزل الكور اعتزالا لكن مزارعها لا ترويها الجداول ولا ينجدها إلا الجود المزاول فإن أخصب العام أعيي الطعام وإن أخلف الإنعام هلكت الناس والأنعام والفواكه يطرف بها الجلب وتزر عليها العلب وعصيرها لا يليق لا بالأكل ولا يصلح للحلب وبردها شديد وإن لم يقض به المنقلب قلت فصالحة قال لولا أنها مناخ لم تذكر فليست مما يذم ولا يشكر وإن كان ماؤها فضيا ووجه جوها وضيا وعصيرها مرضيا ورزقها أرضيا وفضلها ذاتيا لا عرضيا فهي مهب نسف ودار خسف وأهلها بهم ليس لأحد منهم فهم قلت فإلبيرة ومنتفريد قال بلدا ارتفاق بإجماع وإصفاق معدن البر
الذكى والصيد الذكي وهما ذا شاهق ومصرخ ناهق ومعدن بر فائق إن لم يعق من عدو القلعة عائق قلت فلوشة قال مرأى بهيج ومنظر يروق ويهيج ونهر سيال وغصن مياد ميال وجنات وعيون ولذات لا تمطل بها ديون وجداول تنضح بها الجوانح ومحاسن يشغل بها من وكره السايح ونعم يذكر بها المائع المانح ما شئت من رحى تدور ونطف تشفى بها الصدور وصيد ووقود وإعنات كلما زانت اللبات عقود وأرانب تحسبهم أيقاظا وهم رقود إلى معدن الملح ومعصر الزيت والخضر المتكلفة بخصب البيت والمرافق التي لا تحصر إلا بعد الكيت والخارج الذي عضد مسحة الملاحة بجدوى الفلاحة إلا أن داخلها حرج الأزقة أحول أهلها مائلة إلى الرقة وأزقتها قذرة وأسباب التصرف فيها متعذرة ومنازلها لترامل الجند نازلة وعيون العدو لثغرها الشنيب مغازلة قلت فأرجدونه قال شر دار وطلل لم يبق منه غير جدار ومقام يرجع البصر عنه إليه وهو حاسر وعورة ساكنها لعدم الما مستأسر وقومها ذو بطر وأشر وشيوخها تيوس في مسالح بشر طغام من يقوت منهم أو يعول التيوس والوعول وحرثها مقل وخلقها حسد وغل قلت فأنتقيرة قال محل الحرث والإنعام ومبذر الطعام والمرآة التي يتجلى فيها وجوه العام الرحب والسهل والثبات الطفل والمنسم والكهل والوطن والأهل ساحتها الجداول في فحصها الأفيح وسالت وانسابت حياة المذانب في سقيها الرحب الجوانب وانسالت لا تشكو من نبو ساحة ولا تسفر
إلا عن ملاحة ولا تضاهي في جدوى فلاحة إلا أنها جرداء الخارج فل مارد ومارج وشدة فرجها بارج لا تصطبنها المسلحة للاتساع الذرع الوساع قليلة الفواكه عديمة الملاطف والفاكه أهلها أولو سرور وغرور وسلاح مشهور وقاهر ومقهور لا تقبل غريبا ولا تعدم من العدو تثريبا قلت فذكوان قال روض وغدير وفواكه جلت عن تقدير وخورنق وسدير ومائدة لا تفوتها فائدة دارت على الطحن الغرير أحجارها والتفت أشجارها وطاب هواؤها وخفق بالمحاسن لواؤها إلا أنها ضالة ساقطة وحية ترتقب لاقطة لا تدفع عن قرطها وسوارها بأسوارها ولا تمنع نزع صدارها بجدارها قضت بقلة أعيانها حداثة بنيانها قلت فقرطمة قال الكرك الذي يؤمن عليه الدرك وإن عظم المعترك جوها صاف في مبشتى ومصطاف وتربها للبر مصاف وعصيرها بالكثرة ذو اتصاف إلا أن الماء بمعقلها مخزون وعتاد موزون وأهلها في الشدائد لا يجزون أيديهم بالبخل مغلولة وسيوف تشاجرهم مسلولة قلت فمدينة رندة قال أم جنات وحصون وشجرة ذات غصون وجناب خصيب وحمى مصون بلد زرع وضرع وأهل وفرع مخازنها بالبر مالية وأقواتها جديدة وبالية ونعمها بجوار الجبل متوالية وهو بلد أعيان وصدور وشموس وبدور ودور أي دور وماء واديها يتوصل إليه في حدور بحكم مقدور وفي أهلها فضاضة وغضاضة ما في الكلف بها غضاضة تلبس نساؤها الموق على الأملد المرموق ويسفرن عن الخد المعشوق وينعشن قلب المشوق بالطيب المنشوق إلا أن العدو طوى ذيل برودها
وغصب بنياتها وكيف السبيل إلى ردها وأضاق خارجها وخفض معارجها وأعلى طائرها ودارجها فلما بلغ هذا الحد قال هل اكتفيت فقد شرحت صدرك وشفيت وبما طلبت مني قد وفيت يا بني كأني بالصباح السافر وأدهم الظلام النافر قد أحفل أمام منتبه الوافر وترك من الهلال نعل الحافر ونفسي مطيتي وقد بلغت الليلة طيتي وأجزلت عطيتي فلنجم بالحمض ونلم بالغمض وأنا بعد نزيلك أن سرني جزيلك وعديلك أن ضحك إلى منديلك وسميرك إن رواني نميرك فبادرت البدرة والصرة فافتضفتها والعيبة فنفضتها والمعادن فأفضتها فقال بوركت من مراس وأنشد قول أبي نواس
ما من يد في الناس واحدة
كيد أبو العباس أولاها
نام الثقات على مضاجعهم
وسرى إلى نفسي فأحياها
ثم قال نم في أمان من خطوب الزمان وقم في ضمان من وقاية الرحمن فلعمري وما عمري علي بهين ولا الحلف لدي بمتعين لو كان الجود ثمرا لكنت لبابة أو عمرا لكنت شبابه أو منزلا لكنت بابه فما هو إلا أن كحلت جفني بميل الرقاد وقد سلس المقاد وقام فيم الخان إلى عادة الافتقاد وبادر سراجه الإيقاد ونظرت إلى مضجع الشيخ ليس فيه إلا أن يبر أطماره وروت حماره فخرجت لإيثاره مقتفيا لآثاره فكأن العلك لفه في مداره أو خسفت الأرض به وبداره وسرت وفي قلبي لبينة وذهاب أثره وعينه حرقة وقلت متأسيا لكل اجتماع من حبيبين فرقة
المجلس الثاني
قال المخبر فلما اندمل جرح الفراق بعد طول وزمان مطول ومحى رسم التذكر تكرر فصول ونصول خطاب وخطاب نصول بينا أنا ذات يوم في بعض أسواق الغبار أسرح طرف الاعتبار في أمم تنسل من كل حدب وتنتدب من كل منتدى ما بين مشتمل الصماء يلويها ولائث العمامة لا يسويها وصاعد من غور ومتظلم من جور وممسك بذنب عير أو رفق ثور يموجون ومن الأجداث يخرجون كأنهم النمل نشرها وقد برزت إلى الشمس من منظر الأمس يشيرون بأجنحة الأكسية ويتساقطون على ثمار القلب وأستار الأحسية وقد اصطف ذابحوا الجزور وبايعوا اللبوب والبذور ولصق بالأملياء حللة العقد وشهادة الزور ونظرت في ذلك المجتمع الهائل المرائي والمستمع إلى درسة غي وطهاة عي ورقاة جنون بضروب من القول وفنون وفهم كهل قد استظل بقيطون وسل سيف الأطون وتحدى برقية لديغ ومداواة سبطين قد اشتمل بسمل غباره وبين يديه عيار في جلد فاره وطعن من إطعام كفاره وأمامه تلميذ قد شمر الأكمام والتفت الخلف والأمام وصرف لوحي لحظه الاهتمام وهو يأسو ويجرح ويتحكم بلسان القوم ثم يشرح ويقيد من حضره بقيد العزيمة فلا يبرح ويقول أيها البهم السارح والحزب المسرور بما لديه الفارح والسرب الذي تقتاته الولاة البغي الجوارح ضرفتهم غروب اعتنايكم لنسائكم وأبنائكم وذهلتم عمن جعلتم بفنائكم وجعلتم تطمعون وتجمعون إنما يستجيب الذين يسمعون من وقعت علي منكم عينه فقد رأى فاتح أقفال الأسمار ومثبت الفرار ومصمت الإفك الصرار ومقدر مياه الآبار بسير الغبار ومخرج الأضمار في المضمار ومذهب المس وطاردالعمار أنا قاطع الدما إذا نزفت وكاشف الغما إذا انكشفت أما الإبل فلا تجري وأحط حول الحمى فلا تدنو السباع ولا تقرب وأذخر بها فلا تتسلل الحية ولا تدب العقرب وإن تغيب الشمس لوقت محدود طمس فيه نورها وإن وعدت الأرض برى محمود فار تنورها وإن كتبت لعقد النكاح انحلت وإن عقدت خطى الضالة وقفت حيث حلت وإن زجرت الجنون تركت وخلت وإن انتثرت الدفائن ألقت الأرض ما فيها وتخلت أنا جردت البيضة الشعراء أنا زوجت الفتى الشرقي من الجارية العذراء أنا صافحت الملك ورصدت الفلك ومزجت بسر الحكمة الضياء والحلك فاحتقرت وما ملك دعوت علم الطباع فأطاع وقطعت شكوك الهينة بالشكل اقتطاع وقلت بالقدر والاستطاع وسبقت في صناعة البرهان يوم الرهان ورضت صعاب الرياضيات حتى ذل قيادها وسهل انقيادها وعدلت الكواكب واختبرت القلوب البابانية والمناكب وبشرت عند رجوع خنسها بالغيوث السواكب ورهبت بالامتحان على صناعة الألحان وقرأت ما بعد الطبيعة وناظرت قسيس البيعة وأعملت في فن الأصول مرهفة النصول وأحكمت أمزجة الطباع وطبائع الفصول وامتزت بالبروع في الفروع وقمت في العهد الحديث بالحديث وحزت في علم اللسان درجة الإحسان وحققت قسمة الفروض وعدلت الشعر بميزان العروض وعبرت حلم النوم ولبست الخرقة بشروط القوم ولزمت خلوة الذكر ومعتكف الصوم وأما معرفتي بالأخبار وذرع الأرض بالأشبار ما بين جليقية إلى الأنبار وأوصاف المدن الكبار فقد ثبت بالاعتبار قال فأثار قديمي وأذكرنى بنديمي فقلت الله أكبر ووضح الخبر
والمخبر فخضت القدس بيني وبينه وهم بحر زاخر وأول ليس له آخر وبهم يسخر منه الساخر ما بين كبش مجتر وعجل ناخر وقلت أيها الحبر ضالتي قريب أمدها ومعروف معتمدها وعلى ذلك فالشكر ممنوح والرفد طوفان نوح فألان العريكة وسلم النطع والأريكة وقال إجل أعرض وانزل السؤال وأقرض فقلت بي إلى تعرف البلدان جنوح وجنون والجنون فنون وقد ظفرت قبلك بنقاب وعود احتقاب وبسارب نقاب حصل به من طلى الشكر وبك يتم السطر ويعظم الخطر فقال الناس متهم ومنجد وخاذل ومنجد ولا تجود يد بما تجد والله المرشد وجعل ينشد
إذا المشكلات تصدين لي
كشفت غوامضها بالنظر
ولست بائقة في الرجال
أسائل هذا وذا ما الخبر
ولكنني مدرب الأصفرين
أبين مع ما مضى ما غبر
ثم قال هات أمن عقدك الشبهات قلت ما تقول في باديس قال بدأت بحمدلة الرقعة وبركة البقعة ومدفن الولي ومظهر النور الجلى والنحر غير العاطل ولا الخلي من الحلى بلد السراوة والشجاعة والإيثار على فرض الجماعة والنفوس الأوابة إلى الله الرجاعة حيث البر والحوت والخشب الذي ينشأ منها كل منحوت والبأس والإقدام والفاكهة الطيبة والإدام ورب الجبال وفضل المدافعة لصب السبال إلا أنها موحشة الخارج وعرة المعارج مجاورة من غمارة بالمارد المارج فهم ذو دبيب في مدارج تلك الغرابيب وكيدهم ببركة الشيخ في تثبيت قلت فمدينة سبتة قال عروس تلك المجلى وتنية الصباح الأجلى تبرجت تبرج العقيلة ونظرت وجهها من البحر في المرآة الصقيلة واختص
ميزان حسناتها بالأعمال الثقيلة وإذا قامت بيض أسوارها مقام سوارها وكان جبل بنيونس شماتة أزهارها والمنارة منارة سوارها كيف لا ترغب النفوس في جوارها وتخيم الخواطر بين أنجادها وأغوارها إلى الميناء الغالية والمراقي الفلكية والمركبة الزكية غير المنزورة ولا البكية حيث الوقود الجزل المعد للأزل والقصور المقصورة على الجد والهزل والوجوه الزهر السحن المضنون بها عن المحن دار الناشية والحامية المضرمة للحرب المناشية والأسطول المرهوب المحذور الألهوب والسلاح المكتوب المحسوب والأمر المعروف المنسوب كرسي الأمراء والأشراف والوسيطة لخامس أقاليم البسيطة فلا حظ لها في الانحراف بصرت علوم اللسان وصنعاء الحلل الحسان وثمرة قوله أن الله يأمر بالعدل والإحسان الأمينة على الاختزان القويمة الميكيال والميزان محشر أنواع الحيتان ومحط قوافل العصير والحرير والكتان وكفاها السكنى ببنيونش في فصول الزمان ووجود المساكن النبيهة بأرخص الأثمان والمدفن الموهوم غير المزحوم وخزانة كتب العلوم والآثار المنبية عن أصالة الحلوم إلا أنها فاغرة أفواه الجنوب للغيث المصبوب عرضة للرياح ذات الهبوب عديمة الحرث فقيرة من الحبوب ثغر تنبو فيه المضاجع بالجنوب وناهيك من حسنة تعد من الذنوب فأحوال أهلها رقيقة وتكلفهم ظاهر مهما عرضت وليمة أو عقيقة واقتصادهم لا تلتبس منه طريقة وأنساب نفقاتهم في تقدير الأرزاق عريقة فهم يمحصون البلالة مص المحاجم بالشر الهاجم ويجعلون الخبز في الولائم بعدد الجماجم وفتنتهم في بلدهم فتنة الواجم بالبشر المناجم وراعى الحدث بالمطر الساجم فلا يفضلون على مدينتهم
مدينة الشك عندي في مكة والمدينة قلت فطنجة قال المدينة المعادية والبقعة التي ليست بالخبيثة ولا بالردية إليها بالأندلس كانت نسبة المغاربة والكتاب المحاربة والرفق السابحة في الأرض الضاربة سورها ليس بمثلوم وساكنها غير ملوم وفضلها معلوم ودارها ليست بدار لوم ميدان أفراس كبير ومعدن ضد وذكير مثلت بين المنار والقالة وحكماها في التفضيل فأشكل الحكم وتعذرت المقالة ولم يصح البيع ولا وجبت الإقالة هذي سماء بروج وهذي أزهار مروج وكلاهما مركب سرور وسروج ومسمع فروج ومطعم غدير ومروج وديارها نبيهة وعلى الجملة فأحوالها بأحوال جارتها شبيهة لكن رملها يحشو العين بالذرور عند المرور ويدخل الدور ويفسد القدور ورياحها لا تسكن إلا في الندور وظلمة جوها متسببة عما وراها من مغرب الشموس والبدور وعين فرقان أعذب عيونها مشهور بتواليد الهرج قرآن عند الناس غير ذي عوج ويذكر أن سليمان اختصها بسخر مودة الجن فيعثر على أواني ملئت ريحا تثير تبريحا ويسندون لذلك إفكا صحيحا قلت فقصر كتامة فقال مغرد عندليب وعنصر بر وحليب ومرعى سائمة غائبة ومسرح بهيمة في الجحيم هائمة ومسقط مزنة عائمة وديمة دائمة وبه التفاح النفاح ترتاح إلى شمه الأرواح يقذف إليها المسا والصباح ويتفنن فيه الحرام والمباح والسمك كما جردت الصفاح إذا استنجز الكفاح وطريقه مسلك القافلة وببابه الشئون الحافلة ينسل إليها من غمارة قرود وفهود وأمة صالح وهود ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود إلا أنه قدر قد تهدم ودار الندوة لام ملدم ومثير الهائج الموار وثائر الدم
جثم الهوا الخبيث في بطيحته وربض وانبسط وما انقبض وجبر ليله عسكر البعوض الهاجم دربة بمص المحاجم وأما وحله فلا يعبر ولا يسبر وإن أسهبت العبارة والأمر أكبر قلت فأصيلا قال كثيرة المرافق رافعة في الخصب اللواء الخافق العصير الأثير والحوت الكثير والبر الغزير والإدام الذي يرمي به من حكم عليه بالتعزير والسفن المترددة وفيها الملد الأبازير إلا أن حصنها من المنعة برى وساكنها بربرى وجارها من غمارة جرى قلت فمدينة سلا قال العقيلة المفضلة والبطيحة المخضلة والقاعدة الموصلة والسدرة المفصلة ذات الوسامة والنضارة والجامعة بين البداوة والحضارة معدن القطن والكنان والمدرسة والمارستان و الزاوية كأنها البستان والوادي المتعدد الأجفان والقطر الآمن الرجفان والعصير العظيم الشأن والأسواق المحازة حتى برقيق الحيتان اكتنفها المسرح والخصب الذي لا يبرح والبحر الذي يأسو ويجرح وشقها الوادي يتمم محاسنها ويشرح وقابلها الرباط الذي ظهر به من المنصور الاغتباط حيث القصبة والساباط ووقع منه بنظرة الاعتباط فاتسع الخرق وعظم الاشتطاط وبعد الكمال يكون الانحطاط إلى شامة مرعى الذمم ونتيجة الهمم وشمخ الأنوف ذوات الشمم وعنوان الذمم حيث الحسنات المكتتبة والأرزاق المرتبة والقباب كالأزهار مجودة بذكر الله آناء الليل وأطراف النهار وطلل حسان المثل في الاشتهار وهي على الجملة من غيرها أوفق ومغارمها لاحترام الملوك الكرام أرفق
ومقبرتها المنضدة عجب في الانتظام معدودة في المرافق العظام وتتأتى بها للعباد الخلوة ويوجد عندها للهموم الشلوة كما قال ابن الخطيب
وصلت حثيث السير فيمن فلا الفلى
فلا خاطرت لما نأى وانجلى انجلا
ولا نسخت كربي بقلبي سلوة
فلما سرى فيها نسيم سلا سلى
وكفى بالشابل رزقا طريا وسمكا بالتفضيل حريا يبرز عدد قطر الديم ويباع ببخس القيم ويعم حتى المجاشر النائية والديم إلا أن ماءها لا يروى به وارد لا كريم ولا بارد وإلفها شارد والخزين بها فاسد وبعوضها مستأسد راضع غير مفطوم خالع للعذار غير محطوم واسع للحد والخرطوم تصغى لرنته الأذان ويفتك بوخز اللسان كالقوس تصمى الرمايا وهي مرنان وديارها في الماء دار عثمان وطواحنها عالية الأثمان وكثبانها تلوث بيض الثياب طي العياب وعابر واديها إلى مأرب أكيد في تنكيد إلى غلبة الإمساك وخوض النساك وكثرة أرباب الخطط والإغيا في الشطط تذود عن جناتها للأسد جنان فلا يلتذ بقطف العنقود منها بنان وفي أهلها خفة وميزانها لا تعتدل منها كفة قلت فانقا قال جون الحط والاقلاع ومجلب السلاع تهوى إليها النفس شارعة وتبتدر مسارعة تصارف برها الذهبي بالذهب الإبريز وتراوح برها وتفاديه بالتبريز
يكثر الطير حيث ينتشر
الحب وتغشى منازل الكرماء
وخارجها يفضل كل خارج وقنيصها يجمع بين طائر ودارج وفواكهها طيبة وأمطارها صيبة وكيلها وافر وسعرها عن وجه الرخاء سافر وميرتها لا ينقطع لها خف ولا حافر لكن ماؤها وهواؤها عديما الصحة والعرب عليها في الفتن ملحة والأمراض عليها تعيث وتعبث والخزين لا يلبث
قلت فأزمور قال جار واد وريف وعروس ربيع وخريف وذو وضع شريف أطلت على واديه المنارة والمراقب كأنهما النجوم الثواقب وجلت عن خصبه المناقب وقمين المرافق نهره المجاور وبحره المصاقب بلد يخزن الأقوات ويملأ اللهوات باطنه الخير وأمامه اللحم والطير وساكنه رفيه ولباسه يتخذ فيه ومسكنه نبيه وصوته الشابل ليس له شبيه لكن أهله إنما حرثهم وحصادهم اقتصادهم فلا يعرفون إرضاخا ولا وردا نضاحا يترامون على حبة الخردل بالجندل ويتضاربون بالسيوف على الأثمان والزيوف بربري لسانهم كثير حسانهم قليل إحسانهم يكثر بينهم بالعرض الافتخار ويعدم ببلدهم الماء والملح والفخار قلت فتيط قال معدن تقصير وبلد بين مجرى وماء وعصير للأولياء به اغتباط ومسجدها يضيق عنه المداين منارا عاليا وبقلادة الأحكام حاليا إلا أن خارجها يروق عين المقيم والمسافر ولا يشوق بحسن مسافر ومؤمنة تشقى بصداع كافر وحماه عدو كل خف وحافر فلولا ساكنها لم يلبس يوم فخر ولم ينبت أي صخر قلت فرباط آسفي قال لطف خفي وجناب حفي ووعد وفي ودين ظاهره مالكي وباطنه حنفي الدماثة والجمال والصبر والاحتمال والزهد والمال والجمال والسذاجة والجلال قليلة الإخوان صابرة على الاختزان وافية المكيال والميزان رافعة اللواء بصحة الهواء بلد موصوف برفيع ثياب الصوف وبه تربة الشيخ أبي محمد صالح وهو خاتمة المراحل المسورات من ذلك الساحل لكن ماؤه قليل وعزيره لغاديه من يواليه من الأعراب ذليل قلت فمدينة مراكش قال فتنفس الصعدا وأسمع البعدا وقال درج
الحلى وبرج النور الجلي وتربة الولي وحضرة الملك الأولى وصرح الناصر الولي ذات المقاصر والقصور وغابة الأسد الهصور وسدة الناصر والمنصور بعدت من المركز دارتها وسحرت العيون شارتها وتعبد الإيماءة إشارتها وخاضت البحر الخضم بدارتها وبشارتها اقتعدت البسيط المديد واستظهرت بتشييد الأسوار وأبراج الحديد وبكى الجبل من خشيتها بعيون العيون فسالت المذانب كصفاح القيول وقيدت طرف الناظر المفتون أدواح الشجر بها وغابات الزيتون ما شئت من انفساح السكك وامتداد الباع في ميدان الانطباع وتجويد فنون المجون بالمد والإشباع زيتها للمزمن يعصر وخيرها يمد ولا يقصر وفواكهها لا تحصر فإذا تنافس الحر والبرد وتبسم الزهر وخجل الورد وكسا غدرانها الحائرة الخلق السرد قلت انجز للمتقين من الجنة الوعد وساعد السعد وما قلت إلا بالذي عملت سعد ومنارها العلم في الفلاة ومنزلته في المآذن منزلة والى الولاة إلا أن هواها محكم في الجباه والجنوب يحمى عليها بكر الجنوب وحمياتها كلفة بالجسوم طالبة ديونها بالرسوم وعقاربها كثيرة الدبيب منغصة مضاجع الحبيب وحزابها موحش هائل وبعد الأخطار عن كثير من الأوطار بها مائل وعدوها ينتهب في الفتق أقرانها وجرذان المقابر تأكل أمواتها وكانت أولى المنازل بالأعياد لو أنها اليوم معدودة في الأحياء قلت فأغمات قال بلدة لحسنها اشتهار وجنة تجري من تحتها الأنهار وشمامة تتضوع منها الأزهار متعددة البساتين طامية بحار الزياتين كثيرة الفواكه والعنب والتين خارجها فسيح المذانب فيه تميح وهواؤها صحيح وقبولها بالغريب شحيح وماؤها نمير وما وردها ممد للبلاد وممير إلا أن أهلها
يوصفون بنوك وذهول بين شبان كهول وخرابها يهول وعدوها تضيق لكثرته السهول فأموالها لعدم المنعة في غير ضمان ونفوسها لا تعرف طعم أمان قلت فمدينة مكناسة قال مدينة أصلية وشعب للمحاسن وفصيلة فضلها الله ورعاها وأخرج منها ماءها ومرعاها فجانبها مريع وخيرها سريع ووضعها له في فقه الفضائل تفريع عدل فيها الزمان وانسدل الأمان وفاقت الفواكه فواكهها ولا سيما الرمان وحفظ أقواتها الاختزان ولطفت فيها الأواني والكيزان واعتدل الجسوم للوزان ودنا من الحضرة جوارها وكثر قصادها من الوزراء وزوارها وبها المدارس والفقهاء ولقصبتها الأبهة والبهاء والمقاصر والأبهاء إلا أن طينها ضحضاح لذي الطرف فيه افتضاح وأزقتها لا يفارقها القذر وأسواقها يكثر بها الهذر وعقاربها لا تبقي ولا تذر ومقبرتها لا يحتج عن إهمالها ولا يعتذر قلت فمدينة فاس قال رعى الله أرضا تربها ينبت الفنا وآفاقها ظل على الناس ممدود نعم العرين لأسود بني مرين ودار العبادة التي يشهد بها مطرح الجنة ومسجد الصابرين وأم القرى ومأم السرى وموقد نار الدعا ونارء القرا ومقر العز الذي لا يهضم وكرسي الخلافة الأعظم والجزية التي شقها ثعبان الوادي فما ارتاعت والأبية التي ما أذعنت إذعانها للإيالة المرينية ولا أطاعت أي كاف وكلف وخلف عن سلف ومحاباة وزلف وقضيم وعلف إنما الدنيا أبو دلف سألت عن العالم الثاني ومحراب السبع المثاني ومغني المغاني ويرقص النادب والغاني وأرمم المباني ومصلى القاصي والداني هي الحشر الأول والقطب الذي عليه المعول والكتاب الذي لا يتأول بل المدارك والمدارس والمشايخ والفهارس وديوان الراجل والفارس والباب الجامع من موطإ المرافق
وبدأ الملك الخافق وتنور الماء الدافق ومحشر المؤمن والمنافق وسوق الكاسد والنافق حيث البنا الذي نظر إليها عطارد واستجفاها وخاف عليها الوجود أن يصيبها بعينه الحسود فسترها بالغور وأخفاها والأسواق التي ثمرات كل شيء إليها قد حبيت والموارد التي اختصت بالخصر وجبلت والمنارة المخطوبة وصفح الحلج المشطوبة والغدر التي منها أبو طوبة
بلد أعارته الحمامة طوقها
وكسا ريش جناحه الطاووس
فكأنما الأنهار فيه مدامة
وكأن ساحات الديار كؤوس
اجتمع بها ما أولده سام وحام وعظم الالتآم والالتحام فلا يعدم في مساكنها رخام فأحجارها طاحنة ومخابزها ساخنة وألسنتها باللغات المختلفة لاحنة ومكاتبها سابحة ورحابها متمالحة وأوقافها جارية الهمم فيها إلى الحسنات واضدادها متبارية بلد نكاح وأكل وضرب وركل وامتياز من النسا بحسن زي وشكل ينتبه بها للباءة وتسل الجباه وتوجد للأزواج الأشباه وفور النشب وكثرة الخشب ووجود الرفيق وطيب الدقيق وإمكان الإدام وتعدد الخدام وعمران المساجد والجوامع وإدامة ذكر الله في المآذن والصوامع وأما مدينة الملك فبيضاء كالصباح أفق للغرر الصباح يحتقر لإيوانها إبوان كسرى وترجع العين حسرى ومقاعد الحرس وملاعب الليث المفترس ومنابت الروح المفترس ومدشر من درس أو درس ومجالس الحكم للفصل وسقايف الترس والنصل وأهداف الناشبة أولى الخصل وأواوين الكتاب وخزاين محمولات الإقتاب وكراسي الحجاب وعنصر الأمر العجاب إلى
الناعورة التي ملكت من الفلك الدوار مثالا وأوحى الماء إلى كل سماء منها أمرها فأجزت امتثالا ومحبة البرود سلسالا وألفت أكوارها الترفة والترف فإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى
وقورا من قوس الغمام ابتغوا لها
مثالا أداروها عليه بلا شك
قس الثريا والترا سد جرمها
وللباك الدوار قد أصبحت تحك
تصوغ لجين النهر في الروض دائما
وزاهم نور قد خلص من الشك
وترسل شهباتها ذا ذؤابة
تبتغي استراق السمع عن حوزة الملك
تذكرت العهد الذي اخترعت به
وحنت فما تنفك ساجعة تبك
إلا أن حر هذه الميدنة يذيب وساكنها ذيب ومسالكها وعرة وظهايرها مستعرة وطينها هايل ورخامها حرب وابل إن نشد الجفا ناشد فهي ضالته المنشودة أو حشد إضافة حاشد فهي كتيبته المحشودة إلى بعد الأقطار وعياث الميازب أوقات الأمطار والاشتراك في المساكن والديار عن الموافقة والاختيار وتجهم الوجوه للغريب ذي الطرف المريب وغفلة الأملس عن الجريب ودبيب العقارب إرسالا كالقطار الغارب وأهلها يرون لأنفسهم مزية الفضل ويدينون في مكافأة الصنائع البالغة بالعضل يلقى الرجل أبا منواه فلا يدعوه لبيته ولا يسمح له ببقله ولا زيته فلا يطرق الطيف حماهم ولا يعرف اسمهم ولا مسامهم إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ومقبرتهم غير نابهة وأجداثها غير متشابهة منشبة حيوان ومشبعة جرذان غير وان ثم قال في أمر سلوين قال واد عجيب وبلد لداعي الإيناع مجيب مخضر الوهاد والمتون كثير شجرات الجوز والزيتون كنفته الجبال الشم وحنث عليه الطود كما تحنو على الولد الأم فهواؤها ملائم والعنب على الفصول دائم
إلا أن الشمس لا تطرقه سمال ولا ترمقه إلا وقت زوال قد باء بالحظ الموكوس وانكمش تحت إبط الظل المنكوس فجوه عديم الطلاوة وعنبه للبرد قليل الحلاوة قلت فسجلماسة فقال تلك كورة وقاعدة مذكورة ومدينة محمودة مشكورة كانت ذات تقديم ودار ملك قديم وبلد تبر وأديم ومنتهى تجر ومكسب عديم معدن التمر بحكمة صاحب الخلق والأمر تتعدد أنواعه فتعيي الحساب وتجم بها فوائدها فتحسب الاقتناء والاكتساب قد استدار بها لحلو السور والأمر العجاب والقطر الذي تحار في ساحته النجاب فيضرب منه على عذاريها الحجاب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب تحيط بها مرحلة راكب ويصيرها سماء مخطرة ذات كواكب فمنازلها لا تنال بهوان وفدانها ودمنها تحت صوان ونخلها تطل من خلفه الجدار وتتبوأ الإيمان والديار وحللها مبتوتة بين الدمن وضياعها تمتلك على مر الزمن وسوائمها تالعة للسمن موجودة بنزر الثمن وفواكهها جميمة ونعمها عميمة وسورها يعجز عن مثله معتصم ورشيد وسقيها يخص دار الملك بحظ معلوم ويرجع إلى وال يكف كل مظلوم وهي أم البلاد المجاورة لحدود السودان فتقصدها بالتبر القوافل وتهدي إلى محرابها النوافل والرفاهة بها فاشية والنساء في الحلة ناشية لكنها معركة غبار وقتيل عقربها جبار ولباسها خامل والجفا بها شامل والجو يسفر عن الوجه القطوب والمطر معدود من الخطوب لبناء جدرانها بالطوب والقرع برؤوس أهلها عابث والعمش لجفونهم لابث والحصا يصيبهم ويتوفر منه نصيبهم
قلت فتازى فقال بلد امتناع وكشف قناع ومحل ربع وإيناع ووطن طاب ماؤه وصح هواؤه وبان إشرافه واعتلاؤه وجلت فيه مواهب الله وآلاؤه عصيره مثل وأمر الخصب به ممتثل وفواكهه لا تحصى بمائها لأقصى وحبوبه تدوم على الخزن وفخاره آية في لطافة الجرم وخفة الوزن إلا أن ريحه عاصف وبرده لا يصف واصف وأهله في وبال من معرة أهل الجبال وليوثه مفترسة وأخلاق أهله شرسة قلت فغساسة قال فريسة وأكيلة وحشف وشر كيلة إلا أنها مرسى مطروق بكل ما يروق ومرفأ جارية بحرية ومحط جباية تجرية ثم لما وصل إلى هذا الحد نظر إلى حاج السوق وقد أفاض ومزاده أعمل فيه الإنفاض وعلو الأصوات به قد صار إلى الانخفاض فقال وجب اعتناء بالرحيل واهتمام وكل شيء فإلى تمام ومددت يدي إلى الدعاء فحزمته وإلى العين فأرقته فقلت لا حكمتك من كرائم بني الأصقر في العدد الأوفر ماثلة في اللباس المزعفر فلما خضب كفه بجنابها وحصلت النفس على استغنائها استدناني وشبك بنانه ببناني وقال لا حبط الله عملك ولا خاب أملك ولا عدم المرعى الخصب هملك فلنعم فعلي البضائع وحافظ الفضل الضائع ومقتنى الفوائد ومعود العوائد واستثبت مخيلته فإذا الشيخ وتلميذه وحماره ونبيذه وقد تنكر بالخضاب المموه والزي المنوه وعاث نخده الشعر المشوه فقلت هيه أبت المعارف أن تتنكر والصباح أن يجحد أو ينكر كيف الحال بعدي وما اعتذارك عن إخلاف وعدي فقال
خذ من زمانك ما تيسر
واترك بجهدك ما تعسر
فلرب مجمل حالة
موصى بها ما لم تفسر
والدهر ليس بدائم
لابد أن سيسوء أن سر
واكتم حديثك جاهدا
شمت المحدث أو تحسر
والناس آنية الزجاج
إذا عثرت به تكسر
لا تعدم التقوى فمن عدم
التقى في الناس أعسر
وإذا امرء خسر الإله
فليس شيء منه أخسر
ثم ضرب جنب الحمار واختلط في الغمار وتركني اتقرى الآثار وكل نظم فإلى انتثار
ومن ذلك ما صدر عني في السياسة
وكان إملاؤها في ليلة واحدةحدث من امتاز باعتبار الأخبار وحاز درجة الاشتهار بنقل حوادث الليل والنهار وولج بين الكمائم والأزهار وتلطف لخجل الورد من تبسم البهار
قال سهر الرشيد ليلة وقد مال في هجر النبيذ ميلة وجهد ندماؤه في جلب راحته وإلمام النوم بساحته فشحت عهادهم ولم يغن اجتهادهم فقال اذهبوا إلى طرق سماها ورسمها وأمهات قسمها فمن عثرتم عليه من طارق ليل أو غثاء سيل أو ساحب ذيل فبلغوه والأمنة سوغوه واستدعوه ولا تدعوه فطاروا عجالا وتفرقوا ركبانا ورجالا فلم يكن إلا ارتداد طرف أو فواق حرف وأتوا بالغنيمة التي اكتسحوها والبضاعة التي ربحوها يتوسطهم الأشعث الأغبر واللج الذي لا يعير شيخ طويل القامة ظاهر الاستقامة سبلته مشمطة وعلى أنفه من القبح مطة وعليه ثوب مرقوع لطير الخرق عليه وقوع يهينم بذكر مسموع وينبي عن وقت مجموع فلما مثل سلم وما نبس بعدها ولا تكلم فأشار إليه فقعد بعد أن انشمر وابتعد وجلس فما استرق النظر ولا اختلس إنما حركة فكره معقودة بزمام ذكره ولحظات اعتباره في تفاصيل أخباره فابتدره الرشيد سائلا وانحرف إليه مائلا وقال ممن الرجل فقال فارسي الأصل أعجمي الجنس عربي الفصل قال بلدك وأهلك وولدك قال أما الولد فولد الديوان وأما البلد فمدينة الإيوان قال النحلة وما أعملت إليه الرحلة قال أما الرحلة فالاعتبار وأما النحلة فالأمور الكبار قال فنك الذي اشتمل علية دنك فقال الحكمة فني الذي جعلته أثيرا وأضجعت منه فراشا وثيرا وسبحان الذي يقول ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما سوى ذلك فتبيع ولي فيه مصطاف وتربيع قال فتعاضد جذل الرشيد وتوفر وكأنما غشى وجهه قطعة
من الصبح إذا أسفر وقال ما رأيت كالليلة أجمع لأمل شارد وأنعم بمؤانسة وارد يا هذا إني سائلك ولن تخيب بعد وسائلك فأخبرني بما عندك في هذا الأمر الذي بلينا بحمل أعبائه ومنينا بمراوضة آبائه فقال هذا الأمر قلادة ثقيلة ومن خطة العجز مستقيلة ومفتقرة لسعة الذرع وربط السياسة المدنية بالشرع يفسدها الحلم في غير محله ويكون ذريعة إلى حله ويصلحها مقابلة الشكل بشكله
ومن لم يكن سبعا آكلا
تداعت سباع إلى أكله
فقال الملك أجملت ففصل وبريت فنصل وكلت فأوصل وانثر الحب لمن يحوصل واقسم السياسة فنونا واجعل لكل لقب قانونا وابدأ بالرعية وشروطها المرعية فقال رعيتك ودائع الله قبلك ومرآة العدل الذي عليه جبلك ولا تصل إلى ضبطهم إلا بإعانته التي وهب لك وأفضل ما استدعيت به عونك فيهم وكفايته التي تكفيهم تقويم نفسك عند قصد تقويمهم ورضاك بالسهر لتنويمهم وحراسة كهلهم ورضيعهم والترفع عن تضيعهم وأخذ كل طبقة بما عليها ومالها أخذا يحوط مالها ويحفظ عليها كمالها وبقصر عن غير الواجب آمالها حتى تستشعر عليها رأفتك وحنانك وتعرف أوساطها في النصب امتنانك وتحذر سفلتها سنانك وحظر على كل طبقة منها أن تتعدى طورها أو تخالف دورها أو تجاوز بأمر طاعتك فورها وسد فيها سبل الذريعة واقصر جميعها على خدمة الملك بموجب الشريعة
وامنع أغنياءها من البطر والبطالة والنظر في شبهات الدين بالتمشدق والإطالة وليقل فيما شجر بين السلف كلامها وترفض ما ينبز به أعلامها فإن ذلك يسقط الحقوق ويرتب العقوق وامنعهم من فحش الحرص والشره وتعاهدهم بالمواعظ التي تجلوا البصائر من الموه واحملهم من الاجتهاد في العمارة على أحسن المذاهب وانههم عن التحاسد على المواهب ورضهم على الإنفاق بقدر الحال والتعزى عن الفائت فرده من المحال وحذر البخل على أهل اليسار والسخاء على أولى الإعسار وخذهم من الشريعة بالواضح الظاهر وامنعهم من تأويلها منع القاهر ولا تطلق لهم التجمع على من أنكروا أمره في نواديهم وكف عنهم أكف تعديهم ولا تبح لهم تغيير ما كرهوه بأيديهم ولتكن غايتهم فيما توجهت إليه إبايتهم ونكصت عن الموافقة عليه رايتهم انهاؤه إلى من وكلته بمصالحهم من ثقاتك المحافظين على أوقاتك وقدم منهم من أمنت عليهم مكره وحمدت على الإنصاف شكره ومن كثر حياؤه مع التأنيب وقابل الهفوة باستقالة المنيب ومن لا يتخطى عندك محله الذي حله فربما عمد إلى المبرم فحله وحسن النية لهم بجهد الاستطاعة واغتفر المكاره في جنب حسن الطاعة وإن ثار جرادهم واختلف في طاعتك مرادهم فتحصن لثورتهم واثبت لفورتهم فإذا سألوا وسلوا وتفرقوا وانسلوا فاحتقر كثرتهم ولا تقل عثرتهم واجعلهم لما بين أيديهم وما خلفهم نكالا ولا تترك لهم على حلمك اتكالا
ثم قال و الوزير الصالح أفضل عددك وأوصل مددك فهو الذي يصونك عن الابتذال ومباشرة الأنذال ويثب لك على الفرصة وينوب في تجرع الغصة واستجلاء القصة ويستحضر ما نسيته من أمورك ويغلب فيه الرأي بموافقة مأمورك ولا يسعه ما تمكنك المسامحة فيه حتى يستوفيه واحذر مصادمة تياره والتجوز في اختياره وقدم استخارة الله في إيثاره وارسل عيون الملاحظة في آثاره وليكن معروف الإخلاص لدولتك معقود الرضاء والغضب برضاك وصولتك زاهدا عما في يديك مؤثرا كل ما يزلف لديك بعيد الهمة راعيا للأذمة كامل الآلة محيطا بالإيالة رحب الصدر رفيع القدر معروف البيت نبيه الحي والميت مؤثرا للعدل والإصلاح دربا بحمل السلاح ذا خبرة بدخل المملكة وخرجها وظهرها وسرجها صحيح العقد متحرزا من النقد جادا عند لهوك متيقظا في حال سهوك يلين عند غضبك ويصل الإسهاب بمقتضبك قلقا من شكره دونك وحمده ناسبا لك الأصالة بعمده وإن أعيا عليك وجود أكثر هذه الخلال وسبق إلى نقيضها شيء من الاختلال فاطلب منه سكون النفس وهدوئها وأن لا يرى منك رتبة إلا رأى قدره دونها وتقوى الله تفضل شرف الانتساب وهي للفضائل فذلكة الحساب وساو في حفظ غيبه بين قربه ونأيه واجعل حظه من نعمتك موازيا لحظك من حسن رأيه واجتنب منهم من يرى في نفسه إلى الملك سبيلا أو يقود من عيصه للاستظهار عليك قبيلا أو من كاثر مالك ماله أو من تقدم لعدوك استعماله أو من سمت لسواك آماله أو من يعظم عليه إعراض
وجهك ويهمه نادرة نهجك أو من يداخل غير أحبابك أو من ينافس أحدا ببابك ( وأما الجند ) فاصرف التقويم منهم للمقاتلة والمكايدة المخاتلة واستوف عليهم شرائط الخدمة و خذهم بالثبات للصدمة ووف ما أوجبت لهم من الجراية والنعمة وتعاهدهم عند الغناء بالعلف والطعمة ولا تكرم منهم إلا من أكرمه غناؤه وطاب في الذب عن ملتك ثناؤه ودل عليهم النبهاء من خيارهم واجتهد في صرفهم عن الافتنان بأهلهم وديارهم ولا توطئهم الدعة مهادا وقدمهم على حفظك وبعوثك متى أردت جهادا ولا تلن لهم في الإغماض عن حسن طاعتك قيادا وعودهم حسن المواساة بأنفسهم اعتيادا ولا تسمح لأحد منهم في إغفال شيء من سلاح استظهاره أو عدة اشتهاره وليكن ما فضل عن شبعهم وريهم مصروفا إلى سلاحهم وزيهم والتزيد في مراكبهم و غلمانهم من غير اعتبار لأثمانهم وامنعهم من المستغلات والمتاجر وما يتكسب منه غير المشاجر وليكن من الغزو اكتسابهم و على المغانم حسابهم كالجوارح التي تفسد باعتيادها أن تطعم من غير اصطيادها واعلم أنها لا تبذل نفوسها من عالم الإنسان إلا لمن يملك قلوبها بالإحسان وفضل اللسان ويملك حركاتها بالتقويم ورتبها بالميزان القويم ومن تثق بإشفاقها على أولادها وتشتري رضا الله
بصبرها على طاعته وجلادها فإذا استشعرت لها هذه الخلال تقدمتك إلى مواقف التلف مطيعة دواعي الكلف واثقة منك بحسن الخلف واستبق إلى تمييزهم استباقا وطبقهم طباقا أعلاها من تأملت منه في المحاربة عنك إحظارا وأبعدهم في مرضاتك مطارا واضبطهم لما تحت يدك من رجالك حزما ووقارا واستهانة بالعظايم واحتقارا وأحسنهم لمن تقلده أمرك من الرعية جوارا إذا أجدت اختيارا وأشدهم على مماطلة من مارسه من الخوارج عليك اصطبارا ومن بلى في الذب عنك إحلاء وإمرارا ولحقه الضر في معارك الدفاع عنك مرارا وبعده من كانت محبته لك أكثر من نجدته وموقع رأيه أصدق من موقع صعدته وبعده من حسن انقياده لأمرائك وإحماده لآرائك ومن جعل نفسه من الأمر حيث جعلته وكان صبره على ما عراه أكثر من اعتداده بما فعله واحذر منهم من كان عند نفسه أكبر من موقعه في الانتفاع ولم يستح من التزيد بأضعاف ما بذله من الدفاع وشكى البخس فيما تعذر عليه من فوائدك وقاس بين عوائد عدوك وعوائدك وتوعد بانتقاله عنك وارتحاله وأظهر الكراهية لحاله ( وأما العمال ) فانهم يبينون عن مذهبك وحالهم في الغالب شديدة الشبه بك فعرفهم في أمانتك السعادة وألزمهم في رعيتك العادة وأنزلهم من كرامتك بحسب منازلهم في والإتصاف بالعدل وأحله من الحفاية
بنسبة مراتبهم من الأمانة والكفاية وقفهم عند تقليد الأرجاء مواقف الخوف والرجاء وقرر في نفوسهم أن أعظم ما به إليك تقربوا وفيه تدربوا وفي سبيله أعجموا و أعربوا إقامة حق و دحض باطل حتى لا يشكو غريم مطل ماطل وهو آثر لديك من كل رباب هاطل وكفهم من الرزق الموافق عن التصدي لدني المرافق واصطنع منهم من تيسرت كلفته وقويت للرعايا ألفته ومن زاد على تأميله صبره وأربى على خبره خبره وكانت رغبته في حسن الذكر تشف على غيرها من بنات الفكر واجتنب منهم من غلب عليه التخرق في الإنفاق وعدم الإشفاق والتنافس في الاكتساب وسهل عليه سوء الحساب وكانت ذريعته المصانعة بالنفاية دون التقصي والكفاية ومن كان منشؤه خاملا ولأعباء الدناءة حاملا وابغ من يكون الاعتذار في أعماله أوضح من الاعتذار في أقواله ولا يفتننك من قلدته اجتلاب الحظ المطمع والتنفق بالسعي المسمع ومخالفة السنن المرعية واتباعه رضاك بسخط الرعية فانه قد غشك من حيث بلك ورشك وجعل من يمينك في شمالك حاضر مالك ولا تضمن عاملا مال عمله وحل بينه فيه وبين أمله فانك تميت رسومك بمحياه وتخرجه من خدمتك فيه إلا أن تملكه إياه ولا تجمع له في الأعمال فيسقط استظهارك ببلد على بلد والاحتجاج على والد بولد واحرص على أن تكون في الولاية غريبا ومتنقله منك قريبا ورهينة لا يزال معها مريبا
ولا تقبل مصالحته على شيء اختانه واو برغيبة فتانه فتتقبل المصانعة في أمانتك وتكون مشاركا في خيانتك ولا تطل مدة العمل وتعاهد كشف الأمور ممن يرعى الهمل ويبلغ الأمل ( وأما الولد ) فاحسن آدابهم واجعل الخير دأبهم وخف عليهم من إشفاقك وحنانك أكثر من غلظة جنانك واكتم عنهم ميلك وأفض عليهم جودك ونيلك ولا تستغرق بالكلف بهم يومك ولا ليلك وأثبهم على حسن الجواب وسبق إليهم خوف الجزاء على رجاء الثواب وعلمهم الصبر على الضرائر والمهلة عند استخفاف الجرائر وخذ لهم بحسن السرائر وحبب إليهم مراس الأمور الصعبة المراس وحصن الاصطناع والاغتراس والاستكثار من أولى المراتب والعلوم والسياسات والحلوم والمقام المعلوم وكره إليهم مجالسة الملهين ومصاحبة الساهين وجاهد أهواءهم عن عقولهم واحذر الكذب على مقولهم ورشحهم إذا أنست منهم رشدا أو هديا وأرضعهم من المؤازرة والمشاورة ثديا لتمرنهم على الاعتياد وتحملهم على الازدياد ورضهم رياضة الجياد واحذر عليهم الشهوات فهي داؤهم وأعدؤك في الحقيقة وأعداؤهم وتدارك الخلق الذميمة كلما نجمت واقذعها إذا هجمت
قبل أن يظهر تضعيفها ويقوي ضعيفها فان أعجزتك قي صغرهم الحيل عظم الميل
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت
ولن تلين إذا قومتها الخشب
وإذا قدروا على التدبير وتشوفوا للمحل الكبير فلا توطنهم في مكانك جهد إمكانك وفرقهم في بلدانك تفريق عبدانك واستعملهم في بعوث جهادك والنيابة عنك في سبيل اجتهادك فان حضرتك تشغلهم بالتحاسد والتباري والتفاسد وانظر إليهم بأعين الثقات فان عين الثقة تبصر مالا تبصر عين المحبة والمقة ( وأما الخدم ) فإنهم بمنزلة الجوارح التي تفرق بها وتجمع وتبصر وتسمع فرضهم بالصدق والأمانة وصنهم صون الجفانة وخذهم بحسن الانقياد إلى ما آثرته والتقليل مما استكثرته واحذر منهم من قويت شهواته وضاقت عن هواه لهواته فان الشهوات تنازعك في استرقاقه وتشاركك في استحقاقه وخيرهم من ستر ذلك عليك بلطف الحيلة وآداب للفساد مخيلة وأشرب قلوبهم أن الحق في كل ما حاولته واستنزلته وأن الباطل في كل ما جانبته واعتزلته وأن من تصفح منهم أمورك فقد أذنب وباين الأدب وتجنب وأعط من أكددته وأضقت منهم ملكه وشددته روحة يشتغل فيها
بما يغنيه على حسب صعوبة ما يعانيه تغبطهم فيها بمسارحهم وتجم كليلة جوارحهم ولتكن عطاياك فيهم بالمقدار الذي لا يبطر أعلامهم ولا يؤسف الأصاغر فيفسد أحلامهم ولا ترم محسنهم بالغاية من إحسانك واترك لمزيدهم فضلة من رفدك ولسانك وحذر عليهم مخالفتك ولو في صلاحك بحد سلاحك وامنعهم من التواثب والتشاجر ولا تحمد لهم شيم التقاطع والتهاجر واستخلص منهم لسرك من قلت في الإفشاء ذنوبه وكان أصبرهم على ما ينوبه ولودائعك من كانت رغبته في وظيفة لسانك أكثر من رغبته في إحسانك وضبطه لما تقلده من وديعتك أحب إليه من حسن صنيعك وللسفارة عنك من حلا الصدق في فمه وآثره ولو بإخطار دمه واستوفى لك وعليك فهم ما تحمله وعني بلفظه حتى لا يهمله ولمن تودعه أعداء دولتك من كان مقصور الأمل قليل القول صادق العمل ومن كانت قسوته زائدة على رحمته وعظمه في مرضاتك آثر من شحمته ورأيه في الحذر سديد وتحرزه من الحيل شديد ولخدمتك في ليلك ونهارك من لانت طباعه وامتد في حسن السجية باعه وآمن كيده وغدره وسلم من الحقد صدره ورأى المطامع فما طمع واستثقل إعادة ما سمع وكان بريا من الملال والبشر عليه أغلب الخلال ولا تؤنسهم منك بقبيح فعل ولا قول ولا تؤسهم من طول ومكن في نفوسهم أن أقوى شفعائهم وأقرب إلى الإجابة من دعائهم إصابة الغرض فيما به وكلوا وعليه شكلوا فانك لا تعدم بهم انتفاعا ولا يعدمون لديك ارتفاعا
( وأما الحرم ) فهم مغارس الولد ورياحين الخلد وراحة القلب الذي أجهدته الأفكار والنفس التي تقسمها الإحماد إلى المساعي والإنكار فاطلب منهن من غلب عليهن من حسن الشيم المترفعة عن القيم ما لا يسوءك في خلدك أن يكون في ولدك واحذر أن تجعل لفكر بشر دون بصر إليهن سبيلا وانصب دون ذلك عذابا وبيلا وارعهن من النساء العجز من فاقت في الديانة والأمانة سبيله وقويت غيرته ونبله وخذهن بسلامة النيات والشيم السنيات وحسن الاسترسال والخلق السلسال وحظر عليهن التغامز والتغاير والتنافس والتخاير وآس بينهن في الأغراض والتصامم عن الأعراض والمحاباة بالإعراض وأقلل من مخالطتهن فهو أبقى لهمتك وأسبل لحرمتك ولتكن عشرتك لهن عند الكلال والملال وضيق الاحتمال بكثرة الأعمال وعند الغضب والنوم والفراغ من نصب اليوم واجعل مبيتك بينهن تنم بركاتك وتستقر حركاتك وأفصل من ولدت منهن إلى مسكن يختبر فيه استقلالها ويعتبر بالتفرد خلالها ولا تطلق لحرمة شفاعة ولا تدبيرا ولا تنط بها من الأمر صغيرا ولا كبيرا واحذر أن يظهر على خدمهن في خروجهن عن القصور وبروزهن من أجمة الأسد الهصور زي مفارع ولاطيب للأنوف مسارع وأخصص بذلك من طعن في السن ويئس من الإنس
والجن ومن توفر النزوع إلى الخيرات قبله وقصر عن جمال الصورة ووسم بالبله ثم لما بلغ إلى هذا الحد حمى وطيس استجفاره وختم حزبه باستغفاره ثم صمت مليا واستعاد كلاما أوليا ثم قال واعلم يا أمير المؤمنين سدد الله سهمك لأغراض خلافته وعصمك من الزمان وآفته أنك في مجلس الفصل ومباشرة الفرع من ملكك والأصل في طائفة من عز الله تذب عنك حماتها وتدافع عن حوزتك كماتها فاحذر أن يعدل بك غضبك عن عدل تزرى منه ببضاعة أو يهجم بك رضاك على إضاعة ولتكن قدرتك وقفا على الاتصاف بالعدل والإنصاف واحكم بالسوية واجنح بتدبيرك إلى حسن الروية وخف أن تقعد بك أناتك عن حزم تعين أو تستفزك العجلة في أمر لم يتبين وأطع الحجة ما توجهت عليك ولا تحفل بها إذا كانت إليك فانقيادك أليها أحسن من ظفرك والحق أجدى من نفرك ولا تردن النصيحة في وجه ولا تقابل عليها بنجه فتمنها إذا استدعيتها وتحجب عنك إذا استوعيتها ولا تستدعها من غير أهلها فيشغبك أولو الأغراض بجهلها واحرص على أن لا ينقضي مجلس جلسته أو زمن اختلسته إلا وقد أحرزت فضيلة زائدة أو وثقت منه في معادك بفائدة ولا يزهدنك في المال كثرته فتقل في نفسك أثرته وقس الشاهد بالغائب واذكر وقوع ما لا يحتسب من النوائب فالمال المصون أمنع الحصون ومن قل ماله قصرت آماله وتهاون بيمينه شماله والملك
إذا فقد خزينه أنحى على أهل الجدة التي تزينه وعاد على رعيته بالإجحاف وعلى جبايته بالإلحاف وساء معتاد عيشه وصغر في عيون جيشه ومنوا عليه بنصره وأنفوا من الاقتصار على قصره وفي المال قوة سماوية تصرف الناس لصاحبه وتربط آمال أهل السلاح به والمال نعمة الله تعالى فلا تجعله ذريعة إلى خلافه فتجمع بالشهوات بين إتلافك وإتلافه واستأنس بحسن جوارها واصرف في حقوق الله بعض أطوارها فان فضل المال عن الأجل فأجل ولم يضر ما تلف منه بين يدي الله عز وجل وما ينفق في سبيل الشريعة وسد الذريعة مأمول خلفه وما سواه فمستيقن تلفه واستخلص لحضور نواديك الغاصة ومجالسك العامة والخاصة من يليق بولوج عتبها والعروج لرتبها أما العامية فمن عظم عند الناس قدره وانشرح بالعلم صدره أو ظهر يساره وكان لله إخباته وانكساره ومن كان للفتيا منتصبا وبتاج المشورة معتصبا وأما الخاصية فمن رقت طباعه وامتد فيما يليق بتلك المجالس باعه ومن تبحر في سير الحكماء وأخلاق الكرماء ومن له فضل سافر وطبع للدنية منافر ولديه من كل ما تستتر به الملوك عن العوام حظ وافر وصف ألبابهم بمحصول خيرك وسكن قلوبهم بيمن طيرك وأغنهم ما قدرت عن غيرك واعلم بأن مواقع العلماء من ملكك مواقع المشاعل المتألقة والمصابيح
المتعلقة وعلى قدر تعاهدها تبذل من الضياء وتجلو بنورها صور الأشياء وفرعها لتحبير ما يزين مدتك ويحسن من بعد البلى جدتك وبعناية الأواخر ذكرت الأوائل وإذا محيت المفاخر خربت الدول واعلم أن بقاء الذكر مشروط بعمارة البلدان وتخليد الآثار الباقية في القاصي منها والدان فاحرص على ما يوضح في الدهر سبلك ويحوز المزية لك على من قبلك وإن خير الملوك من ينطق بالحجة وهو قادر على القهر ويبذل الإنصاف في السر والجهر مع التمكن من المال والظهر ويسار الرعية جمال للملك وشرف وفاقتهم من ذلك طرف فغلب أينق الحالين بمحلك وأولاهما بظعنك وحلك واعلم أن كرامة الجور دائرة وكرامة العدل مكاثرة والغلبة بالخير سيادة وبالشر هوادة واعلم أن حسن القيام بالشريعة يحسم عنك نكاية الخوارج ويسمو بك إلى المعارج فإنها تقصد أنواع الخدع وتوري بتغيير البدع واطلق على عدوك أيدي الأقوياء من الأكفاء وألسنة اللفيف من الضعفاء واستشعر عند نكثه شعار الوفاء ولتكن ثقتك بالله أكثر من ثقتك بقوة تجدها وكتيبة تنجدها فان الإخلاص يمنحك قوى لا تكتسب ويهديك مع الأوقات نصرا
لا يحتسب والتمس سلم من سالمك بنفس ما في يدك وفضل حاصل يومك على منتظر غدك فان أبى وضحت محجتك وقامت عليه للناس حجتك فللنفوس على الباغين ميل ولها من جانبه نيل واستمد كل يوم سيرة من يناويك واجتهد أن لا يباريك في خير ولا يساويك وأكذب بالخير ما يشنعه من مساويك ولا تقبل من الإطراء إلا ما كان فيك فضل عن إطالته وجد يزري ببطالته ولا تلق المذنب بحميتك وسبك وذكر عند حمية الغضب ذنوبك إلى ربك ولا تنس أن ذنب المذنب أجلسك مجلس الفصل وجعل من قبضتك رياش النصل وتشاغل في هدنة الأيام بالاستعداد واعلم أن التراخي منذر بالاشتداد ولا تهمل عرض ديوانك واختبار أعوانك وتحصين معاقلك وقلاعك وعم إيالتك بحسن اضطلاعك ولا تشغل زمن الهدنة بلذاتك فتجني في الشدة على ذاتك لا تطلق في دولتك ألسنة الكهانة والإرجاف ومطاردة الآمال العجاف فإنه يبعث سوء القول ويفتح باب الغول وحذر على المدرسين والمعلمين والعلماء والمتكلمين حمل الأحدث على الشكوك الخالجة والزلات الوالجة فإنه يفسد طباعهم ويغري سباعهم ويمد في مخالفة الملة باعهم وسد سبل الشفاعات فإنها تفسد عليك حسن الاختيار
ونفوس الخيار وابذل في الأسرى من حسن ملكتك ما يرضي من ملكك رقابها وقلدك ثوابها وعقابها وتلق بدء نهارك بذكر الله في ترفعك وابتذالك واختم اليوم بمثل ذلك واعلم أنك مع كثرة حجابك وكثافة حجابك بمنزلة الظاهر للعيون المطالب بالديون لشدة البحث عن أمورك وتعرف السر الخفي بين آمرك ومأمورك فاعمل في سرك ما لا تستقبح أن يكون ظاهرا ولا تأنف أن تكون به مجاهرا واحكم بريك في الله ونحتك وخف من فوقك يخفك من تحتك واعلم أن عدوك من أتباعك من تناسيت حسن قرضه أو زادت مؤونته على نصيبه منك وفرضه فاصمت للحجج وتوق اللجج واسترب بالأمل ولا يحملنك انتظام الأمور على الاستهانة بالعمل ولا تحقرن صغير الفساد فيأخذ في الاستئساد واحبس الألسنة عن التحالي باغتيابك والتشبث بأذيال ثيابك فان سوء الطاعة ينتقل من الأعين الباصرة إلى الألسن القاصرة ثم إلى الأيدي المتناصرة ولا تثق بنفسك في قتال عدو ناوأك حتى تظفر بعدو غضبك وهواك وليكن خوفك من سوء تدبيرك أكثر من عدوك الساعي في تتبيرك وإذا استنزلت ناجما أو أمنت ثائرا هاجما فلا تقلده البلد الذي فيه نجم وهما عارضه فيه وانسجم يعظم عليك القدح في اختيارك والغض من إيثارك واحترز من كيده في حوزك ومأمك فانك أكبر همه وليس بأكبر همك وجمل المملكة بتامين الفلوات وتسهيل الأقوات وتجويد ما يتعامل به من
الصرف في البياعات وإجراء العوائد مع الأيام والساعات ولا تبخس عيار قيم البضاعات ولتكن يدك عن أموال الناس محجورة وفي احترامها إلا عن الثلاثة مأجورة مال من عدا طوره وطور أهله وتجاوز في الملابس والزينة وفضول المدينة يروم معارضتك بحمله ومن باطن أعداك وأمن اعتداك ومن أساء جوار رعيتك بإخساره وبذل الإذاية فيهم بيمينه ويساره وأضر ما منيت به التعادي بين عبدانك أوفي بلد من بلدانك فسد فيه الباب وآسأل عن الأسباب وانقلهم بوساطة أولي الألباب إلى حالة الأحباب ولا تطوق الأعلام أطواق المنون بهواجس الظنون فهو أمر لا يقف عند حد ولا ينتهي إلى عد واجعل ولدك في احتراسك وصدق مراسك حتى لا يطمع في افتراسك ثم لما رأى الليل قد كاد ينتصف وعموده يريد أن ينقصف ومجال الوصايا أكثر مما يصف قال يا أمير المؤمنين بحر السياسة زاخر وعمر التمتع بناديك العزيز مستأخر فإن أذنت في فن من فنون الأنس يجذب بالمقاد إلى راحة الرقاد ويعتق النفس بقدرة ذي الجلال من ملكة الكلال فقال أما والله قد استحسنا ما سردت فشأنك وما أردت فاستدعى عودا فأصلحه حتى أحمده وأبعد في اختياره أمده ثم حرك فمه وأطال الحسن ثمه ثم تغنى بصوت يستدعي الإنصات ويصدع الحصاة ويستفز الحليم عن وقاره ويستوقف الطير ورزق بنيه في منقاره وقال
صاح ما أعطر القبول بنمه
أتراها أطالت البث ثمه
هي دار الهوى منى النفس فيها
أبد الدهر والأماني جمه
إن يكن ما تأرج الجو منها
واستفاد الشذا وإلا فممه
من بطرفي بنظرة ولأنفي
في رباها وفي ثراها بشمه
ذكر العهد فانتفضت كأني
طرقتني من الملائك لمه
وطن قد نضيت فيه شبابا
لم تدنس منه البرود مذمه
بنت عنه والنفس من أجل من
خلفته في جلاله مغتمه
كان حلما فويح من أمل
الدهر وأعماه جهله وأصمه
تأمل العيش بعد أن أخلق
الجسم وبنيانه عسير المرمه
وغدت وفرة الشبيبة بالشيب
على رغم أنفها معتمه
فلقد فاز مالك جعل الله
إلى الله قصده ومأمه
من يبت من غرور دنيا بهم
يلدغ القلب أكثر الله همه
ثم أحال اللحن إلى لون التنويم فأخذ كل في النعاس والتهويم وأطال الجس في الثقيل عاكفا عكوف الضاحي في المقيل فخاط عيون القوم بخيوط النوم وعمر بهم المراقد كأنما أدار عليهم الفراقد ثم انصرف فما علم به أحد ولا عرف ولما أفاق الرشيد جد في طلبه فلم يعلم بمنقلبه فأسف للفراق وأمر بتخليد حكمه في بطون الأوراق فهي إلى اليوم تروى وتنقل وتجلى القلوب بها وتصقل والحمد لله رب العالمين
ومن ذلك كتاب الإشارة إلى أدب الوزارة في السياسة
أما بعد حمد الله الذي جل ملكه أن يوازره الوزير وعز أمره أن يدبره المدير أو يؤيده الظهير والاستعانة به على الوظايف التي يضطر إليها ويعتمد عليها فهو الولي النصير والصلاة على سيدنا ومولانا محمد الذي له القدر الرفيع والفخر الكبير والرضا عن آله وعشيرته فحبذا الآل والعشير فان من دعا إلى الله أيها الوزير الصالح السعيد بعصمة يضفي عليك لباسها وعزة يصدق عليك قياسها وأيام تروض لديك شامها ويدفع بيمن نقيبتك بأسها فإنما دعا للدولة بتأييدها وللملة بتمهيدها وللمملكة بتجديدها فقد ظهر من عنايته بك اختيارك ومن حسن أثره في نصرك وإيثارك وهو الكفيل لك بالمزيد من آلائه وموصول نعمائه وأني لما رأيت برك دينا يجب علي قضاؤه ولا يجمل بي إلقاؤه تخيرت لك في الهدايا ما يملأ اليد ويصاحب الأمد وينجب العقب والولد فلم أجد أجدى من حديث الحكمة التي من أوتيها قدف أوتي خيرا كثيرا ومن أمل لرتبتها السامية فقد أحل محلا كبيرا والوصاة التي تنفعك من حيث كنت وزيرا والموعظة التي تفيدك تبنيها من الغفلة وتذكيرا فاخترعت لك وضعا غريبا وغرضا قريبا أن لقيت ما جمح من أخلاقك قولك وألانه وأنهج لك الصواب وأبانه جانحا إلى الاختصار عادلا إلى الإكثار منسوبا إلى بعض الحيوان على عادة الأول ممن صنف في السياسة قبلي أو ذهب لما ذهبت إليه من فعلي فقلت وبالله العون والقوة ومنه يلتمس السعادة المرجوة حكى من يكلف برعي الآداب السوايم ويعنى باستنزال الحكم الحوايم ويقيد المعاني الساردة على ألسنة البهايم أن نمرا يكنى أبا فروة ويعرف
بالمرقط كأنه بالنجوم منقط شثن الكفين بعيد ما بعد العينين كأن ذؤابة ذوابة كوكب أوجد ملة مركب وكأن المجرة أورثته غديرها والثريا نثرت عليه دنانيرها عظيم الوثوب والطفور حديد الناب والأطفور جن نجد وغور وكرة حور وكور وجرم ثور في مسلاح سنور استوزره ملك الوحوش وقلده تدبير الملك وعرض الجيوش فحل من ذلك الأسد محل الروح من الجسد وكفاه ما وراء بابه ودافع الأعدا من جنابه ووفر من جبايته وأجرى رسوم عزه وإبايته وأخلص الله عقيدة نصحه وتبرأ من شين الغش وقبحه حتى عمت الهيبة وخصت وشرفته الأعداء وغصت وعرفت الوحوش أقدارها وألفت السياسة مدارها وأمنت السبل والمسالك وخاف المملوك سطوة المالك وحسنت الأخبار عن سيرته وشهدت بالعدل ألسن جيرته لما أسن واستن فأنكر من قوته ما عرف وقارب من مدى العمر الطرف فمال مزاجه وانحرف وكع عن الملاذ وانصرف فأصبح متنه هزيلا وجسمه ضئيلا ونشاطه قليلا ورأى عبء الوزارة ثقيلا إن الحق أقوم قيلا دخل على الأسد خلوة مشورته وصرح له عن ضرورته وأقام له الحق في صورته وقال أيها الملك السعيد عشت ما بدا لك وحفظت ميزان الطبايع عليك اعتدالك ولازلت مرهوب السطا بعين الخطا فإنما في مهاد الدعة أمن القطا وهن من عبدك العظم وضعف الافتراس وساء الهضم وكاد ينثر النظم وبان في آلة خدمتك الكلال واستولى الهم والاضمحلال وأربأ لملكك عن تقصير يجنيه ضعفي وإن عظم لفراق سدتك لهفي فسوغنى التفرغ لمعادي والنظر في بعد طريقي وقلة زادي واستكف من يقوم بهمتك ويبوء بعبء خدمتك فما على استحثاث الأجل من قرار وما بعد العشية من عوار
من عاش أخلقت الأيام جدته
وخانه نقشاه السمع والبصر