كتاب : مختصر عبد الرحمن الأخضري في العبادات على مذهب الإمام مالك
المؤلف : أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الصغير الأخضري

مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين.
أول ما يجب على المكلف: تصحيح إيمانه ثم معرفة ما يصلح به فرض عينه كأحكام الصلاة والطهارة والصيام. ويجب عليه أن يحافظ على حدود الله ويقف عند أمره ونهيه ويتوب إلى الله سبحانه قبل أن يسخط عليه. وشروط التوبة الندم على ما فات، والنية أن لا يعود إلى ذنب فيما بقى عليه من عمره، وأن يترك المعصية في ساعتها إن كان متلبسا بها، ولا يحل له أن يؤخر التوبة، ولا يقول: حتى يهديني الله فإنه من علامات الشقاء والخذلان وطمس البصيرة.

ويجبُ عليه حفظ لسانه من الفحشاء والمنكر والكلام القبيح وإيمان الطلاق، وانتهار المسلم وإهانته، وسبه وتخويفه في غير حق شرعي.
ويجبُ عليه حفظ بصره عن ا لنظر إلى الحرام، ولا يحل له أن ينظر إلى مسلم بنظرة تؤذيه إلا أن يكون فاسقاً فيجب هجرانه ويجب عليه حفظ جميع جوارحه ما استطاع. وأن يحب لله ويبغض له ويرضى له ويغضب له، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
ويحرم عليه الكذب والغيبة والنميمة والكبر والعجب والرياء والسمعة والحسد والبغض والسخرية والزنا والنظر إلى الأجنبية والتلذذ بكلامها وأكل أموال الناس بغير طيب نفس والأكل الشفاعة أو الدين وتأخير الصلاة عن أوقاتها.

ولا يحل له صحبة فاسق. ولا مجالسته لغير ضرورة، ولا يطلب رضا المخلوقين بسخط الخالق. قال الله سبحانه وتعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ}. وقال عليه والسلام: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". ولا يحل له أن يفعل فعلاً حتى يعلم حكم الله فيه ويسأل العلماء ويقتدي بالمتبعين لسنة صلى الله عليه وسلم الذين يدلون على طاعة الله، ويحذرون من اتباع الشيطان. ولا يرضى لنفسه ما رضيه المفلسون الذين ضاعت أعمارهم في غير طاعة الله تعالى، فيا حسرتهم ويا يطول بكائهم يوم القيامة.
نسأل الله أن يوفقنا لاتباع سنة نبينا وشفيعنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

الطهارة
فصل في أقسام الطهارة
فصل في الطهارة
الطهارة قسمان:
1- طهارة حدث.
2- وطهارة خبث.
ولا يصح الجميع إلا بالماء الطاهر المطر، وهو الذي لم يتغير لونه أو طعمه أو رائحته بما يفارقه غالباً كالزيت والسمن والدسم كله والوذح والصابون والوسخ ونحوه، ولا بأس التراب والحماة والسبخة... ونحوه.
فصل:
إذا تعينت النجاسة غسل محلها. فإن التبست غسل الثوب كله. ومن شك في إصابة النجاسة نضح، وإن أصابه شيء شك في نجاسته فلا نضح عليه، ومن تذكر النجاسة وهو في الصلاة قطع إلا أن يخاف خروج الوقت. ومن صلى بها ناسياً وتذكر بعد السلام أعاد في الوقت.
فصل في فرائض الوضوء
فصل: فرائض الوضوء سبع:
النية، وغسل الوجه، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين، والدلك، والفور. وسننه: غسل اليدين إلى الكوعين عند الشروع، والمضمضة، والاستنشاق، والاستنثار، ورد مسح الرأس ومسح الأذنين وتجديد الماء لهما، والترتيب بين الفرئض.
ومن نسى فرضاً من أعضائه فإن تذكره بالقرب فعله وما بعده، وإن طال فعله وحده وأعاد ما صلى قبله. وإن ترك سنة فعلها ولا يعيد الصلاة.
ومن نسى لمعة غسلها وحدها بنية وإن صلى قبل ذلك أعاد.

ومن تذكر المضمضة والاستنشاق بعد أن شرع في الوجه فلا يرجع إليهما حتى يتم وضوءه.
وفضائله التسمية والسواك والزائد على الضربة الأولى في الوجه واليدين، والبداية بمقدم الرأس، وترتيب السنن وقله الماء على العضو، وتقديم اليمنى على اليسرى.
ويجب تخليل أصابع اليدين، ويستحب في أصابع الرجلين, ويجب تخليل اللحية الخفيفة في الوضوء دون الكثيفة، ويجب تخليلها في الغسل ولو كانت كثيفة.

فصل في نواقض الوضوء
فصل: نواقض الوضوء:
أحدث وأسباب:
فالأحداث: البول والغائط والريح والمذى والودى.
والأسباب: النوم الثقيل والإغماء والسكر والجنون والقبلة، ولمس المرأة إن قصد اللذة أو وجدها، ومس الذكر بباطن الكف أو بباطن الأصابع.
ومن شك في حدث وجب عليه الوضوء إلا أن يكون موسوساً فلا شيء عليه.
ويجب عليه غسل الذكر كله من المذى، ولا يغسل الأنثيين.
والمذى هو الماء الخارج عند الشهوة الصغرى بتفكر أو نظر أو غيره.

فصل:
لا يحل لغير المتوضئ صلاة ولا طواف ولا مس نسخة القرآن العظيم ولا جلدها، لا بيده ولا بعود ونحوه إلا الجزء منها المتعلم فيه، ولا مس لوح القرآن العظيم على غير الوضوء إلا لمتعلم فيه أو معلم يصححه والصبي في مس القرآن كالكبير, والإثم على مناوله له، ومن صلى بغير وضوء عامداً فهو كافر والعياذ بالله.
فصل:
يجب الغسل من ثلاثة أشياء:
الجنابة والحيض والنفاس.
فالجنابة قسمان:
1- أحدهما خروج المني بلذة معتادة في نوم أو يقظة بجماع أو غيره.
2- والثاني: مغيب الحشفة في الفرج.

ومن رأى في منامه كأنه يجامع ولم يخرج منه مني فلا شيء عليه، ومن وجد في ثوبه منياً يابساً لا يدري متى أصابه اغتسل وأعاد ما صلى من آخر نومه نامها فيه.
فصل:
فرائض الغسل: النية عند الشروع والفور والدلك والعموم.
وسننه: غسل اليدين إلى الكوعين كالوضوء، والمضمضة والاستنشاق والاستنثار، وغسل صماخ الأذن وهي الثقبة الداخلة في الرأس. وأما صحفة الأذن فيجب غسل ظاهرها وباطنها.
وفضائله: البداية بغسل النجاسة ثم الذكر فينوي عنده ثم أعضاء الوضوء مرة مرة، ثم أعلى جسده، وتثليث غسل الرأس، وتقديم شق جسده الأيمن، وتقليل الماء على الأعضاء.

ومن نسى لمعة أو عضوا من غسله بادر إلى غسل حين تذكره ولو بعد شهر، وأعاد ما صلى قبله. وإن أخره بعد ذكره بطل غسله. فإن كان في أعضاء الوضوء وصادفه غسل الوضوء أجزأه.
فصل:
لا يحل للجنب دخول المسجد، ولا قراءة القرآن إلا الآية ونحوها للتعوذ ونحوه.
ولا يجوز لمن لا يقدر على الماء البارد أن يأتي زوجته حتى يعد الآلة إلا أن يحتلم، فلا شيء عليه.

فصل في التيمم
فصل في التيمم:
ويتيمم المسافر في غير معصية، والمريض لفريضة أو نافلة. ويتيمم الحاضر الصحيح للفرائض إذا خاف خروج وقتها. ولا يتيمم الحاضر الصحيح لنافلة ولا جمعة ولا جنازة إلا إذا تعينت عليه الجنازة.
وفرائض التيمم: النية والصعيد الطاهر، ومسح الوجه ومسح اليدين إلى الكوعين، وضربة الأرض الأولى والفور، ودخول الوقت واتصاله بالصلاة.
والصعيد: هو التراب والطوب والحجر، والثلج والخضخاض ونحو ذلك.
ولا يجوز بالجص المطبوخ والحصير والخشب والحشيش ونحوه، ورخص للمريض في حائط الحجر والطوب إن لم يجد مناولاً غيره.

وسننه: تجديد الصعيد ليديه ومسح ما بين الكوعين والمرفقين، والترتيب.
وفضائله التسمية وتقديم اليمنى على اليسرى وتقديم ظاهر الذراع على باطنه ومقدمة على مؤخره.
ونواقضه: كالوضوء ولا تصلى فريضتان بتيمم واحد ومن تيمم لفريضة جاز له النوافل بعدها ومس المصحف. والطواف والتلاوة إن نوى ذلك واتصلت بالصلاة ولم يخرج الوقت.
وجاز بتيمم النافلة كل ما ذكر إلا الفريضة.
ومن صلى العشاء بتيمم قام للشفع والوتر بعدها من غير تأخير.
ومن تيمم من جنابة فلابد من نيتها.

فصل في الحيض
فصل في الحيض:
والنساء: مبتدأة ومعتادة وحامل.
وأكثر الحيض للمبتدأة خمسة عشر يوماً.
وللمعتادة عادتها. فإن تمادى بها الدم زادت ثلاثة أيام ما لم تجاوز خمسة عشر يوماً.
وللحامل بعد ثلاثة أشهر خمسة عشر يوماً ونحوها، وبعد ستة أشهر عشرون ونحوها، فإن انقطع الدم لفقت أيامه حتى تكمل عادتها.
ولا يحل للحائض صلاة ولا صوم ولا طواف ولا مس مصحف ولا دخول مسجد. وعليها قضاء الصوم دون الصلاة. وقراءتها جائزة. ولا يحل لزوجها فرجها ولا ما بين سرتها وركبتيها حتى تغتسل.
فصل في النفاس
فصل في النفاس:
والنفاس كالحيض في منعه. وأكثره ستون يوماً. فإذا انقطع الدم قبلها ولو في يوم الولادة - اغتسلت وصلت فإذا عاودها الدم فإن كان بينهما خمسة عشر يوماً فأكثر كان الثاني حيضا، وإلا ضم إلى الأول وكان من تمام النفاس.

الصلاة

فصل في الأوقات
الصلاة
فصل في الأوقات:
الوقت المختار للظهر: من زوال الشمس إلى آخر القامة.
والمختار للعصر: من القامة إلى الأصفرار وضروريهما إلى الغروب.
والمختار لمغرب: قد ما تصلى فيه بعد شروطها.
والمختار للعشاء: من مغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول. وضروريهما إلى طلوع الفجر.
والمختار للصبح: من الفجر إلى الإسفار الأعلى وضرورية إلى طلوع الشمس.

والقضاء في الجميع ما وراء ذلك.
ومن أخر الصلاة حتى خرج وقتها فعليه ذنب عظيم إلا أن يكون ناسياً أو نائماً.
ولا تصلى نافلة بعد صلاة الصبح إلى ارتفاع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى صلاة المغرب، وبعد طلوع الفجر إلا الورد لنائم عنه وعند جلوس إمام الجمعة على المنبر. وبعد والجمعة حتى يخرج من المسجد.

فصل في شروط الصلاة
فصل في شروط الصلاة:
وشرط الصلاة طهارة الحديث وطهارة الخبث من البدن والثوب والمكان وستر العورة واستقبال القبلة، وترك الكلام وترك الأفعال الكثيرة.
وعورة الرجل ما بين السرة والركبة.
والمرأة كلها عورة ما عدا الوجه والكفين.
وتكره الصلاة في السراويل. لا إذا كان فوقها شيء، ومن تنجس ثوبه ولم يجد ثوباً غيره ولم يجد ماء يغسله به أو لم يكن عنده ما يلبس حتى يغسله خروج الوقت صلى بنجاسته.
ولا يجوز تأخير الصلاة لعدم الطهارة. ومن فعل ذلك فقد عصى ربه. ومن لم يجد ما يستر به عورته صلى عرياناً.

ومن أخطأ القبلة أعاد في الوقت، وكل إعادة في الوقت فهي فضيلة، وكل ما تعاد منه الصلاة في الوقت فلا تعاد منه الفائتة والنافلة.

فصل في فرائض الصلاة
فصل: فرائض الصلاة
نية الصلاة المعينة، وتكبيرة الإجرام والقيام لها، والفاتحة والقيام لها، والركوع والرفع منه, والسجود على الجبهة والرفع منه، والاعتدال، والطمأنينة، والترتيب بين فرائضها، والسلام وجلوسه الذي يقارنه.
وشروط النية: مقارنتها لتكبيرة الإحرام.
وسننها: الإقامة والسورة التي بعد الفاتحة والقيام لها، والسر فيما يسر فيه، والجهر فيما يجهر فيه، وسمع الله لمن حمده.

وكل تكبيرة سنة إلا الأولى والتشهدان والجلوس لهما، وتقديم الفاتحة على السورة والتسليمة الثانية والثالثة للمأموم. والجهر بالتسليمة الواجبة، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسجود على الأنف والكفين والركبتين وأطراف القدمين والسترة لغير المأموم وأقلها غلظ رمح وطول ذراع طاهر ثابت غير مشوش.
وفضائلها: رفع اليدين عند الإحرام حتى تقابلا الأذنين وقول المأموم والفذ: ربنا ولك الحمد، والتأمين بعد الفاتحة للفذ والمأموم، ولا يقولها الإمام إلا في قراءة السر، والتسبيح في الركوع والدعاء في السجود، وتطويل القراءة في الصبح والظهر تليها وتقصيرها في العصر والمغرب، وتوسطها في العشاء.

وتكون السورة الأولى قبل الثانية وأطول منها. والهيئة المعلومة في الركوع والسجود والجلوس، والقنوت سراً قبل الركوع والدعاء بعد التشهد الثاني.
ويكون التشهد الثاني أطول من الأول والتيامن بالسلام وتحريك السبابة في التشهد.
ويكره الالتفات في الصلاة، وتغميض العينين، والبسملة والتعوذ في الفريضة ويجوزان في النقل، والوقوف على رجل واحدة إلا أن يطول قيامه، واقتران رجليه وجعل درهم أو غيره في فمه، وكذلك كل ما يشوشه في جيبه أو كمه و على ظهره ، والتفكر في أمور الدنيا. وكل ما يشغله عن الخشوع في الصلاة.

فصل:
للصلاة نور عظيم تشرق به قلوب المصلين ولا يناله إلا الخاشعون.
فإذا أتيت إلى الصلاة ففرغ قلبك من الدنيا وما فيها، واشتعل بمراقبة موالاك الذي تصلى لوجهه واعتقد أن الصلاة خشوع وتواضع لله سبحانه بالقيام والركوع والسجود وإجلال وتعظيم له بالتكبير والتسبيح والذكر.
فحافظ على صلاتك فإنها أعظم العبادات، ولا تترك الشيطان يلعب بقلبك ويشغلك عن صلاتك حتى يطمس قلبك ويحرمك من لذة أنوار الصلاة.
فعليك بدوام الخشوع فيها فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر بسبب الخشوع فيها. فاستعن بالله إنه خير مستعان.

فصل:
للصلاة المفروضة سبعة أحوال مرتبة تؤدي عليها أربعة منها على الوجوب، وثلاثة على الاستحباب. فالتي على الوجوب: أولها القيام بغير استناد ثم القيام باستناد، ثم الجلوس بغير استناد، ثم الجلوس باستناد. فالترتيب بين هذه الأربعة على الوجوب إذا قدر على حالة منها وصلى بحالة دونها بطلب صلاته. والثلاثة التي على الاستحباب هي: أن يصلي العاجز عن هذه الثلاثة المذكورة على جنبه الأيمن، ثم على الأيسر ثم على ظهره. فإن خالف في الثلاثة لم يبطل صلاته.
والاستناد الذي تبطل به صلاة القادر على تركه هو الذي يسقط بسقوطه، وإن كان لا يسقط بسقوطه فهو مكروه.

وأما النافلة فيجوز للقادر على القيام أن يصليها جالساً، وله نصف أجر القائم. ويجوز أن يدخلها جالساً ويقوم بعد ذلك أو يدخلها قائماً ويجلس بعد ذلك إلا أن يدخلها بنية القيام فيها فيمتنع جلوسه بعد ذلك.
فصل:
يجب قضاء ما في الذمة من الصلوات ولا يحل التفريط فيها. ومن صلى كل يوم خمسة أيام فليس بمفرط ويقضيها على نحو ما فاتته إن كان حضرية قضاها حضرية، وإن كان سفرية قضاها سفرية سواء كان حين القضاء في حضر أو سفر.

والترتيب يبن الحاضرتين وبين يسير الفوائت مع الحاضرة واجب مع الذكر، واليسير أربع صلوات فأدنى.
ومن كانت عليه أربع صلوات فأقل صلاها قبل الحاضرة ولو خرج وقتها. ويجوز القضاء في كل وقت. ولا يتنقل من عليه القضاء ولا يصلي الضحى ولا قيام رمضان ولا يجوز له إلا الشفع والوتر والفجر والعيدان والخسوف والاستسقاء.
ويجوز لمن عليهم القضاء أن يصلوا جماعة إذا استوت صلاتهم.
ومن نسى عدد ما عليه من القضاء صلى عدداً لا يبقى معه شك.

باب في السهو

باب في السهو
وسجود السهو في الصلاة سنة.
فللنقصان سجدتان قبل السلام بعد تمام التشهدين يزيد بعدهما تشهداً آخر.
وللزيادة سجدتان بعد السلام يتشهد بعدها ويسلم تسليمة أخرى.
ومن نقص وزاد سجد قبل السلام.
ومن نسى السجود القبلي حتى سلم سجد إن كان قريباً، وإن طال أو خرج من المسجد بطل السجود وتبطل الصلاة معه إن كان على ثلاث سنن أو أكثر من ذلك وإلا فلا تبطل.
ومن نسى السجود البعدي سجده ولو بعد عام. ومن نقص فريضة فلا يجزيه السجود عنها.
ومن نقص الفضائل فلا سجود عليه.

ولا يكون السجود القبلي إلا لترك سنتين فأكثر.
وأما السنة الواحدة فلا سجود لها إلا السر والجهر، فمن أسر في الجهر سجد قبل السلام، ومن جهر في السر سجد بعد السلام. ومن تكلم ساهياً سجد بعد السلام، ومن سلم من ركعتين ساهياً سجد بعد السلام.
ومن زاد في الصلاة ركعة أو ركعتين سجد بعد السلام ومن زاد في الصلاة مثلها بطلت، ومن شك في كمال صلاته أتى بما شك فيه.
والشك في النقصان لتحققه. فمن شك في ركعة أو سجدة أتى بها وسجد بعد السلام، وإن شك في السلام سلم إن كان قريباً ولا سجود عليه، وإن طال بطلت صلاته.

والموسوس يترك الوسوسة من قلبه، ولا يأتي بما شك فيه ولكن يسجد بعد السلام سواء شك في زيادة أو نقصان.
ومن جهر في القنوت فلا سجود عليه ولكنه يكره عمده.
ومن زاد السورة في الركعتين الأخيرتين فلا سجود عليه.
ومن سمع ذكر محمد صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فصلى عليه فلا شيء عليه، سواه كان ساهياً أو عامداً أو قائماً أو جالساً.
ومن قرأ سورتين فأكثر في ركعة واحدة أو خرج من سورة إلى سورة، أو ركع قبل تمام السورة فلا شيء عليه في جميع ذلك.
ومن أشار في صلاته بيده أو رأسه فلا شيء عليه.

ومن كرر الفاتحة ساهياً سجد بعد السلام، وإن كان عامداً فالظاهر البطلان.
ومن تذكر السورة بعد انحنائه إلى الركوع فلا يرجع إليها.
ومن تذكر السر أو الجهر قبل الركوع أعاد القراءة.
فإن كان ذلك في السورة وحدها أعادها ولا سجود عليه، وإن كان في الفاتحة أعادها وسجد بعد السلام. وإن فات بالركوع سجد لترك الجهر قبل السلام ولترك السر بعد السلام سواه كان من الفاتحة أو السورة وحدها.
ومن ضحك في الصلاة بطلت سواء كان ساهياً أو عامداً، ولا يضحك في صلاته إلا غافل متلاعب.

والمؤمن إذا قام لصلاة أعرض بقلبه عن كل ما سوى الله سبحانه وترك الدنيا وما فيها، حتى يحضر بقلبه جلال الله سبحانه وعظمته، ويرتعد قلبه وترهب نفسه من هيبة الله جل جلاله، فهذه صلاة المتقين.
ولا شيء عليه في التبسم.
وبكاء الخاشع في الصلاة مغتفر.
ومن أنصت لمتحدث قليلاً فلا شيء عليه.
ومن قام من ركعتين قبل الجلوس، فإن تذكر قبل أن يفارق الأرض بيديه وركبتيه رجع إلى الجلوس ولا سجود عليه، وإن فارقها تمادى ولم يرجع وسجد قبل السلام وإن رجع بعد المفارقة وبعد القيام ساهياً أو عامداً صحت صلاته وسجد بعد السلام.

ومن نفخ في صلاته ساهياً سجد بعد السلام، وإن كان عامداً بطلت صلاته.
ومن عطس في صلاته فلا يشتغل بالحمد ولا يرد على من شمته ولا يشمت عاطساً، فإن حمد الله فلا شيء عليه.
ومن تثاءب في الصلاة سد فاه، ولا ينفث إلا في ثوبه من غير إخراج حروف.
ومن شك في حدث أو نجاسة فتفكر في صلاته قليلاً، ثم تيقن الطهارة فلا شيء عليه.
ومن التفت في الصلاة ساهياً فلا شيء عليه، وإن تعمد فهو مكروه، وإن استدبر القبلة قطع الصلاة. ومن صلى بحرير أو ذهب أو سرق في الصلاة أو نظر محرما في عاص وصلاته صحيحة.

ومن غلط في القراءة بكلمة من غير القرآن سجد بعد السلام، وإن كانت من القرآن فلا سجود عليه إلا يتغير اللفظ أو يفسد المعنى فيسجد بعد السلام.
ومن نعس في الصلاة فلا سجود عليه، وإن ثقل نومه أعاد الصلاة والوضوء.
وأنين المريض مغتفر والتنحنح للضرورة مغتفر، وللإفهام منكر ولا تبطل الصلاة به.
ومن ناداه أحد فقال له: سبحانه الله كره وصحت صلاته.
ومن وقف في القراءة ولم يفتح عليه أحد ترك تلك الآية وقرأ ما بعدها، فإن تعذرت عليه ركع. ولا ينظر مصحفاً بين يديه إلا أن يكون في الفاتحة فلابد من كمالها بمصحف أو غيره.

فإن ترك منها آية سجد قبل السلام، وإن كان أكثر بطلت صلاته.
ومن فتح على غير إمامه بطلب صلاته، ولا يفتح على إمامه إلا أن ينتظر الفتح أو يفسد المعنى.
ومن جال فكره قليلاً في أمور الدنيا نقص ثوابه ولم تبطل صلاته.
ومن دفع الماشي بين يديه أو سجد على شق جبهته أو سجد على طية أو طيتين من عمامته فلا شيء عليه.
ولا شيء في غلبة القىء والقلس في الصلاة.
وسهو المأموم يحمله الإمام إلا أن يكون من نقص الفريضة.

وإذا سها المأموم أو نعس أو زوحم عن الركوع وهو في غير الأولى، فإن طمع في إدراك الإمام قبل رفعه من السجدة الثانية ركع ولحقه، وإن لم يطمع ترك الركوع وتبع إمامه وقضى ركعة في موضعها بعد سلام إمامه.
وإن سها عن السجود أو زوحم أو نعس حتى قام الإمام إلى ركعة أخرى سجد أن طمع في إدراك الإمام قبل الركوع وإلا تركه وتبع الإمام وقضى ركعة أخرى أيضاً، وحيث قضى الركعة فلا سجود عليه إلا أن يكون شاكاً في الركوع أو السجود.
ومن جاءته حبة أو عقرب فقتلها فلا شيء عليه إلا أن يطول فعله أو يستدبر القبلة فإنه يقطع.

ومن شك هل هو في الوتر أو في ثانية الشفع جعلها ثانية الشفع وسجد بعد السلام ثم أوتر. ومن تكلم بين الشفع والوتر ساهياً فلا شيء عليه، وإن كان عامداً كره ولا شيء عليه.
والمسبوق إن أدرك مع الإمام أقل من ركعة فلا يسجد معه لا قبلياً ولا بعدياً فإن سجد معه بطلب صلاته وإن أدرك ركعة كاملة أو أكثر سجد معه القبلب وأخر البعدي حتى يتم صلاته فيسجد بعد سلامه، فإن سجد مع الإمام عامداً بطلت صلاته وإن كان ساهياً سجد بعد السلام.
وإن سها المسبوق بعد سلام الإمام فهو كالمصلى وحده وإذا ترتب على المسبوق بعدي من جهة إمامه وقبلي من جهة نفسه أجزأه القبلى.

ومن نسى الركوع وتذكره في السجود رجع قائماً، ويستحب له أن يعيد شيئاً من القراءة ثم يركع ويسجد بعد السلام.
ومن نسى سجدة واحدة وتذكرها بعد قيامه رجع جالساً وسجدها إلا أن يكون قد جلس قبل القيام فلا يعيد الجلوس.
ومن نسى سجدتين خر ساجداً ولم يجلس ويسجد في جميع ذلك بعد السلام.
وإن تذكر السجود بعد رفع رأسه من الركعة التي تليها تمادى على صلاته ولم يرجع وألغى ركعة السهو وزاد ركعة في موضعها بانياً وسجد قبل السلام. إن كان من الأوليين وتذكر بعد عقد الثالثة وبعد السلام إن لم تكن من الأوليين أو كانت منهما وتذكر قبل عقد الثالثة لأن السورة والجلوس لم يفوتا. ومن سلم شاكاً في كمال صلاته بطلت صلاته.

والسهو في صلاة القضاء كالسهو في صلاة الأداء.
والسهو في النافلة كالسهو في الفريضة إلا في ست مسائل: الفاتحة والسورة والسر والجهر، وزيادة ركعة ونسيان بعض الأركان إن طال.
فمن نسى الفاتحة في النافلة وتذكر بعد الركوع تمادى وسجد قبل السلام بخلاف الفريضة فإنه يلغي تلك الركعة ويزيد أخرى ويتمادى ويكون سجوده كما ذكرنا في تارك السجود.
ومن نسى السورة أو الجهر أو السر في النافلة وتذكر بعد الركوع تمادى ولا سجود عليه بخلاف الفريضة.

ومن قام إلى ثالثة في النافلة فإن تذكر قبل عقد الركوع رجع وسجد بعد السلام، وإن عقد الثالثة تمادى وزاد الرابعة وسجد قبل السلام بخلاف الفريضة فإنه يرجع متى ما ذكر ويجد بعد السلام.
ومن نسى ركناً من النافلة كالركوع أو السجود ولم يتذكر حتى سلم وطال فلا إعادة عليه بخلاف الفريضة فإنه يعيدها أبداً.
ومن قطع النافلة عامداً أو تكر منا ركعة أو سجدة عامداً أعادها أبدا.
ومن تنهد في صلاته في شيء عليه إلا أن ينطق بحروف.

وإذا سها الإمام بنقص أو زيادة سبح به المأموم.
وإذا قام إمامك من ركعتين فسبح به، فإن فارق الأرض فاتبعه، وإن جلس في الأولى أو في الثالثة فقم ولا تجلس معه، وإن سجد واحدة وترك الثانية فسبح به ولا تقم معه إلا أن تخاف عقد ركوعه فاتبعه ولا تجلس بعد ذلك معه لا في ثانية ولا في رابعة، فإذا سلم فزد ركعة أخرى بدلاً من الركعة التي ألغيتها بانياً وتسجد قبل السلام.
فإن كنتم جماعة الأفضل لكم أن تقدموا واحداً يتم بكم.
وإذا زاد الإمام سجدة ثالثة فسبح به ولا تسجد معه.

وإذا قام الإمام إلى خامسة تبعه من تيقن موجبها أو شك فيه وجلس من تيقن زيادتها. فإن جلس الأول وقام الثاني بطلت صلاته.
وإذا سلم الإمام قبل كمال الصلاة سبح به من خلفه، فإن صدقه كمل صلاته وسجد بعد السلام.
وإن شك في خبره سأل عدلين وجاز لهما الكلام في ذلك، وإن تيقن الكمال عمل على يقينه وترك العدلين إلا أن يكثر الناس خلفه فيترك يقينه ويرجع إليهم.