الكتاب : أثر العلماء في تحقيق رسالة المسجد
المؤلف : ناصر بن عبد الكريم العقل


بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، القائل في كتابه : { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ } .
والقائل سبحانه : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } .
والقائل -عز وجل- : { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } .
والقائل سبحانه : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } .
والقائل سبحانه : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ }{ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ } .
الآية .
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، القائل : « العلماء هم ورثة الأنبياء »

[أخرجه ابن حبان في صحيحه ، وغيره ، والقائل -صلى الله عليه وسلم- : « أحب البلاد إلى الله مساجدها » [ رواه مسلم ] .
أما بعد : فأتقدم بين يدي القارئ بهذا البحث الموجز حول موضوع " أثر العلماء في تحقيق رسالة المسجد " .
هذا ولا يسعني إلا أن أشكر الوزارة على الاهتمام المشكور بالمساجد وأئمتها وخطبائها ، وأخص بالشكر معالي الوزير الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي ، على جهوده الطيبة المباركة في خدمة الإسلام والمسلمين .
وصلى الله وسلم وبارك على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين .

تمهيد
:
في العصور المتأخرة اختلت مفاهيم كثير من الناس ، بسبب الثقافات الوافدة ، وقلة الفقه في الدين ، وكثرة التعالم ، والبعد عن مناهج العلماء ، حول أمور كثيرة من أمور الدين ، ومن أهمها :
1- ما يتعلق بالمسجد ورسالته .
2- ما يتعلق بالعلماء وحقوقهم وأثرهم .
وقد علق في أذهان كثير من المسلمين اليوم أن المسجد إنما هو مكان الصلاة فحسب ، وأي نشاط آخر يقام في المسجد فقد يكون محل تساؤل ، وهذا خطأ ، فإن المسجد له شأنه في الإسلام ، فكما أنه مكان للصلاة فهو كذلك مكان للتعليم والخطابة والوعظ والمحاضرات والدروس والاجتماعات وتوجيه الناس إلى كل ما يصلح أمورهم في دينهم ودنياهم .
وفي الآونة الأخيرة ، ومع بواكير الصحوة الإسلامية المباركة ، بدأ المسجد يستعيد شيئا من مكانته ورسالته ، مما يستدعي ضرورة الاهتمام بهذا الموضوع من قبل العلماء والمؤسسات المعنية وطلاب العلم عامة ، والأئمة والخطباء والمؤذنين على وجه الخصوص .
وثمة أخطاء وشيء من التقصير لا يزال قائما بهذا الصدد ، ولا أتوقع أن يتم علاجها إلا بتضافر الجهود من عدة أطراف وهي :

1- الجهات المعينة من قبل الدولة ممثلة بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد .
2- المشايخ وطلاب العلم عموما .
3- الأئمة والخطباء على وجه الخصوص .
4- المجتمع ممثلا بالمصلين من أهل الرأي والمشورة .
5- الإعلام بوسائله المتعددة .
وما يتعلق من هذه الأخطاء بموضوعنا له جانبان :
الأول : أخطاء في ممارسة دور المساجد واستثمارها ، ولا أطيل في هذه المساءلة ، لأن مساسها ببحثي أقل ، إنما من أهمها :
1- قلة التنسيق بين المساجد في تنفيذ الأنشطة وتوزيعها .
2- أحيانا يظهر ما لا يليق بالمسجد من الصور والرسوم ، كصور الصلبان مثلا بقصد التحذير منها ، أو صور الأحذية التي تشتمل على مخالفات ، أو نشر بعض الأوراق التي ليست على المستوى اللائق علميا أو نحو ذلك .
3- إتاحة الفرصة -أحيانا- لبعض العوام والجهلة للتحكم في أمور المساجد ، مما يعوق كثيرا من الفوائد المتوخاة ، ويفوت فرصا على المصلين ، أو يضايقهم ، لذا ينبغي أن يكون كل مسجد تحت إشراف عالم أو طالب علم يدير شؤون المسجد .
الثاني : أخطاء فيما يتعلق بأثر العلماء في تحقيق رسالة المساجد ، وهو موضوع البحث ، وأهم هذه الأخطاء في نظري :

1- قيام أنشطة علمية ودعوية -أحيانا- في المساجد بعيدة عن توجيه المشايخ وطلاب العلم وإشرافهم المباشر .
وبعض ما يكون تحت إشرافهم قد يتم بطريقة التمرير غير المرضي .
2- قد يتصدر الأنشطة في المساجد بعض الصغار قليلي العلم والفقه والتجربة ، مما يؤدي إلى اجتهادات وممارسات خاطئة شرعا ، أو غير لائقة ودون المستوى المطلوب ، مما ينعكس أثرها على الناس سلبا .
وقد يقول قائل : هذا خطأ المشايخ وتقصيرهم ، حيث لم ينزلوا إلى ساحة الأنشطة ويوجهوها بأنفسهم . . . ويُرشدوا أعمال الشباب . . وأقول : هذه دعوى قائمة فعلًا .
وضدها كذلك يرد حيث يقال : لماذا لا يذهب الشباب أنفسهم إلى المشايخ ويتلقون عنهم التوجيه والمشورة ؟ فإن هذا هو الأصل واللائق شرعا .

وتبقى المسألة في دور . . . لكن يحسمها في نظري الأصول الشرعية والآداب المرعية ، وهي أن المشايخ هم الذين يقصدون ويسعى إليهم ويطلب منهم ، ويستشارون ، ولا نتوقع منهم بمشاغلهم وسمتهم -أو أغلبهم- أن يلاحقوا الشباب في ميادين أنشطتهم ، وليس هذا من الطبيعي بل العكس هو الصحيح فإنه يجب على الشباب المشتغل بالدعوة والعلم أن يلازموا المشايخ ويتلقوا منهم العلم والأدب والمشورة والتوجيه .
3- أن كثيرا من الأنشطة التي تقام في المساجد وبرامجها ومتابعة تنفيذها لا تعرض على المشايخ ، ولا يشرفون عليها مباشرة ، إلا أحيانا إذا حدثت مشكلات ، فإن الناس حينئذ قد يفزعون للمشايخ كعادتهم . . وإن كان ثمة إشراف لهم فبطريقة التمرير ، وفذا كسابقه في طريقة المعالجة .
4- أن كثيرا من المشايخ -فعلا- ربما لم يدركوا كمال الإدراك أهمية دور المساجد بالقدر الكافي ، وبعضهم قد لا يتصور الأسلوب التفصيلي لكثير من النشاطات التي يمكن أن تحقق من خلال المسجد ، لأن غالب هذه الأمور مستحدثة لا عهد لهم بها .
وهذا يمكن معالجته بالتصاق الشباب وطلاب العلم النشطين بالمشايخ ، وإطلاعهم على تفاصيل البرامج المقترحة .

كما أن الوزارة تتحمل جزءا كبيرا من هذه المسؤولية كذلك ونتطلع منها أن لقوم بها .
والخلاصة : أن من أبرز السلبيات التي ترتبت عن عدم تصدير المشايخ ، أو تخلف بعضهم عن التوجيه المباشر للشباب وطلاب العلم والعاملين في الدعوة والحسبة أن تتلمذوا على من هم دونهم ، وتتلمذ بعضهم على بعض ، أو تتلمذوا على الكتب والأشرطة والوسائل الأخرى بلا أخطمة ولا أزمة ، بل ربما تلقى بعضهم عن أهل الأهواء وعن حدثاء الأسنان وسفهاء الأحلام ، فاتخذوا رؤساء جهالا ، وكثر بينهم التعالم والغرور والقدح في الأئمة والمشايخ ، وقل الفقه في الدين ، وقل الأدب ، وفقد عند البعض سمت أهل العلم رغم كثرة الثقافة والمعلومات . ولن يتم استدراك الأمر إلا بتصدير العلماء ومن خلال المسجد أولًا ثم بالوسائل الأخرى ، والله أعلم .

العلماء ومنزلتهم وخصائصهم
: يحسن بين يدي هذا الموضوع ( أثر العلماء في تحقيق رسالة المسجد ) أن نحرر المفهوم الشرعي للعلماء ، وأن نبين منزلتهم الشرعية ، وأن نذكر خصائصهم وسماتهم ، وكذلك مفهوم المسجد ورسالته ، حيث اضطربت مفاهيم الناس اليوم ، وانحرفت في أذهان كثير منهم المفاهيم الشرعية .
وقد ظهرت بين الناس اليوم نزعات أهواء بدأت محول بين الأمة وبين علمائها ومشايخها وتنزع الثقة بالمشايخ ، وباعتبارهم الشرعي ، وأثرهم الاجتماعي ، بقصد وبغير قصد ، وتشكك الجيل في جدارتهم وقيادتهم وفي ريادتهم وولايتهم في الأمة ، وهذه النزعات بعضها عن منطلقات بدعية ، أو مفاهيم خاطئة ، والبعض الآخر عن جهل بالحقوق الشرعية للعلماء ، وقلة فقه في الدين وقواعد الشرع ومقاصده ، لا سيما من أولئك المثقفين والشباب الذين تربوا بعيدا عن مجالس العلماء ومحاضنهم ، فإن هذا الجفاء أحدث الوحشة والفصام .
المفهوم الشرعي للعلماء
: العلماء : هم الذين يعرفون شرع الله ويفقهونه ويعملون به ، المتبعون لكتاب الله وسنة -رسوله صلى الله عليه وسلم- والسلف الصالح على هدى وبصيرة .
خصائص العلماء وسماتهم
: لقد نوه الله تعالى بالعلماء ، وبين الرسول -صلى الله عليه وسلم- منزلتهم ، فالعلماء :
1- قد قرنهم الله تعالى بالملائكة في الشهادة بالتوحيد ، فقال تعالى : { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ } .
2- وبين أن العلماء هم أخشى الناس لله ، فقال تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } .
3- وجعلهم مرجع الأمة ، فقال تعالى : { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } ، وقوله تعالى : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } .
4- وجعلهم من أولي الأمر الذين تجب طاعتهم ، فقال تعالى : { أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } ، قال ابن عباس وجابر بن عبد الله وأبو العالية ومجاهد وعطاء والحسن البصري : هم أولو العلم والفقه .

5- وجعلهم الأئمة الذين يُقتدى بهم ، فقال تعالى : { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } ، وهم العلماء من بني إسرائيل وغيرهم .
6- وقد رفعهم الله تعالى بالعلم درجات ، فقال تعالى : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } .
7- وذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن « العلماء هم ورثة الأنبياء » ، كما صح في الحديث .
8- وهم أهل الحكمة والفقه في الدين { وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } .
9- وقد أراد الله بهم خيرًا ، وميزهم بالخيرية حين فقهوا في الدين ، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحيح : « من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين » .
10- وفضل الله العلماء على العبّاد المنقطعين لعبادة الله تعالى ، فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن « فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب » .

المسجد ورسالته
: المسجد هو مكان الصلاة للجماعة وللجمعة ، وكل ما اتخذه الناس مصلى فهو مسجد ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : « وجُعلَت لي الأرض مسجدا وطهورا » ، وإن كان مسمى المسجد صار أخص من سائر الأرض . والمسجد في الإسلام ، وكما كان في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس مكان إقامة الصلاة فحسب ، بل كان منطلق أنشطة كثيرة . . . فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعقد فيه الاجتماعات ، ويستقبل فيه الوفود ، ويقيم فيه حلق الذكر والعلم والإعلام ، ومنطلق الدعوة والبعوث ، ويبرم فيه كل أمر ذي بال في السلم والحرب . وأول عمل ذي بال بدأه النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قدم المدينة مهاجرا أن شرع في بناء المسجد ، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قدم أن سفر بدأ بالمسجد ، كما ورد في الصحيح .

أما الآن ومع تدرج الزمن وتغير أساليب الحياة فقد تحول كثير من وظائف المسجد إلى مؤسسات أخرى وهيئات ودوائر . . . لكن لا يعني ذلك أن المسجد انتهت رسالته ، أو لم يعد له دوره وتأثيره ، بل بقي الكثير . ولو لم يكن للمسجد إلا إقامة الصلاة وما يقام فيه من الحلقات لكان ذلك أمرا عظيما ، كيف والصلاة هي ركن الإسلام وعمود الدين ، وأعظم شعائر الإسلام الطاهرة .
ومع ذلك لا يزال المسجد مهيأ للقيام بأدوار عظيمة في التعليم والتربية والوعظ والتوجيه والإرشاد ، والتكافل الاجتماعي ، والحسبة .
وفي أيامنا -وبعد النهضة الشاملة في هذه البلاد المباركة- نرى المساجد بدأت -بحمد الله- تستعيد شيئًا من مكانتها ، سواء فيما يتعلق ببنائها والعناية بها ، حيث لا تزال حكومة خادم الحرمين الشريفين وفقها الله ، ممثلة بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تولي المساجد عناية طيبة .
وأهل الخير والإحسان لا يزالون بحمد الله يبذلون بنفوس سخية في سبيل عمارة المساجد وخدمتها .

وبدأت المساجد كذلك تأخذ نصيبها من قبل سائر المواطنين الصالحين ، فهي تشهد -بحمد الله- نشاطًا ملحوظًا في تحفيظ القرآن وحلق العلم والذكر والوعظ والإرشاد والمحاضرات والندوات والدروس العلمية والحلقات والدورات والمكتبات وغيرها .
لكن هذه الأنشطة تحتاج إلى مزيد من التنسيق والتخطيط والتنظيم وحسن الإعداد وجودة الأداء .
كما أنها بحاجة إلى الإشراف المباشر عليها من قبل المشايخ وطلاب العلم ، وتركز المسؤولية في ذلك -فيما أرى- على الأئمة والخطباء والمؤذنين بالدرجة الأولى .
وقد قامت نماذج جيدة في نشاط المسجد في كثير من المدن في المملكة يجب أن يفاد منها . . خاصة في المساجد ذات النشاط الناجح والمرافق والخدمات الكاملة فإنها يجب أن يستفيد منها سائر الأئمة والخطباء .
فالخلاصة : المساجد أهم وسيلة ، وأسلم مكان ، وأفضل بقعة ينطلق منها العلماء وطلاب العلم لتوجيه الناس ، وتعليمهم وتفقيههم ، وحل مشكلاتهم ، ولذا كان المسجد منذ عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقرون الفاضلة هو المكان الذي يصدر عنه كل أمر ذي بال يهم المسلمين في دينهم ودنياهم .
وكان العلماء والولاة هم الذين يتصدرون الأمة ، من خلال المسجد .

من

المعنيون بتحقيق رسالة المسجد
؟ :
إنّ مما يجب التسليم به سلفا أن العلماء قبل غيرهم هم المعنيون برسالة المسجد ، ثم طلابهم الأمثل فالأمثل ، وذلك على النحو التالي :
1- العلماء والمشايخ الكبار :
لا شك أن العلماء هم أولى وأول من يقوم بمهام رسالة المسجد ، لكن لا يعني ذلك أن أشخاص العلماء هم المنفذون لكل عمل يتعلق بذلك ، بل الأمر الطبيعي والوضع السليم أن العلماء يقومون بدورهم من جانب ، ويوجهون من دونهم من جانب آَخر ، وتحت نظر العلماء وأمرهم وقيادتهم وريادتهم تقوم فئات أخرى من طلاب العلم والمعلمين ، الموثوق بهم بتحقيق الرسالة الشرعية للمسجد .
2- القضاة ، وهم غالبا من العلماء :
ونظرًا لأنه-في هذه البلاد بحمد الله- لا تخلو مدينة أو قرية كبيرة من قاض أو أكثر ، فإنه يجب أن يتولى القاضي مهامه الشرعية من تعليم الناس أصول دينهم ومهمات الأحكام والفتوى ، والدروس الشرعية ، وتوجيه الناس ، والإصلاح بينهم ، والإسهام في معالجة مشكلاتهم الاجتماعية والتنسيق مع الجهات المسؤولة في البلد لدفع كل ما هو من مصالح البلد في الدين والدنيا . وسائر هذه الأنشطة ينبغي أن ينبثق عن المسجد ما أمكن ذلك .

وهذا -أعني الإفادة من القضاة في نشر العلم والفتوى والدعوة -مما ينبغي أن تعنى به الوزارة بالتنسيق مع وزارة العدل ودار الإفتاء .
3- خريجو الكليات والمعاهد الشرعية :
وهم -بحمد الله في هذه البلاد- كثيرون ومتوافرون في أنحاء كثيرة لا تكاد تخلو منهم قرية أو هجرة ، فضلا عن المدن ، وهم ما بين أئمة وقضاة ومعلمين وكتاب عدل ، وموظفين وخلافهم ، وفيهم ومنهم علماء وطلاب علم كبار ، وسائرهم في العموم يخضعون لتوجيه العلماء والمشايخ . أو كذلك يجب أن يكونوا .
لذا أرى أن من مهام علماء هذه البلاد أن يوجهوا هذه الفئات ويفيدوا من طاقاتهم في بعث رسالة المسجد في إرشاد الناس وتوجيههم ، وتعليمهم أمور دينهم ، ومساعدتهم في حل مشكلاتهم ، ونحو ذلك .
4- سائر طلاب العلم وشباب الدعوة :
وأعني بهم الشباب الذين يتربون على أيدي المشايخ وينهلون من علمهم وينهجون نهجهم ، فهؤلاء ثروة عظيمة تجب العناية بها وتعليمها وتوجيهها وتسخير طاقاتها فيما ينفع الأمة ويخدم المجتمع ، وينمي الخير بين الناس .

نعم من مهام العلماء الإفادة من طاقات الشباب في تحقيق رسالة المسجد ، وليس من الطبيعي ولا من المرضي أن تكون أعمال الشباب وطاقاتهم في الدعوة والتربية والحسبة بمعزل عن المشايخ ، وإذا حدث ذلك - لا قدر الله- أعني الفصام بين المشايخ والشباب فسيؤدي ذلك إلى نشوء الأهواء والتعالم والفتن والافتراق ، وهذه هي الحالقة ، وهي الكارثة . نسأل الله أن يقينا شرها .
وكان السلف لا يسمحون لغير العلماء وطلاب العلم الثقات بالتصدر لنشر العلم أو الوعظ والإرشاد ، وكانوا يسمون أولئك الذين يعظون الناس بالحكايات والأقاصيص التي لا أصل لها ويتكلمون بغير علم ولا فقه : (القصَّاص) وكانوا يخرجونهم من المساجد ، ولا يأذنون لهم بالكلام فيها ، كما كان يفعل عبد الله بن عمر وعلي بن أبي طالب وغيرهما . ولكن هذا لا يعني عدم السماح لطالب العلم الموثوق بدينه وعلمه بالإرشاد والوعظ ، لكن لذلك شروطه وضوابطه التي يعرفها أهل العلم .

أهم الأمور التي يمكن أن يحققها العلماء من خلال المسجد
:
إن أهم الأمور التي يمكن -حاليًا- أن يحققها العلماء ويؤدوها للمجتمع والأمة من خلال المسجد ما يلي :
1- الإمامة وما يتبعها ويلحق بها .
2- الخطابة في الجمعة والأعياد ونحوها .
3- الفتاوى .
4- الدروس والحلق .
5- المحاضرات والندوات .
6- الكلمات والتوجيهات والمواعظ .
7- سائر أعمال الحسبة الأخرى التي يمكن أن تتحقق من خلال المسجد حسب نظر المشايخ .
الإمامة
:
المقصود بالإمامة هنا : إمامة المصلين في المسجد .
والإمامة شأنها عظيم في الإسلام ، ولست أقصد الإمامة العظمى ( إمامة السلطان ) لأن هذا ليس مجالها . إنما كان الحديث عن إمامة الصلاة .
فهي أعظم مهام العلماء ، وأهم الوسائل التي من خلالها يظهر أثر العلماء في تحقيق رسالة المسجد .
والإمامة كما أنها تعني تقدم المصلين في الصلاة فهي كذلك تعني تبعا لذلك تعليمهم وإرشادهم وتفقد أحوالهم ، وتوجيههم إلى أن يكونوا على المستوى اللائق في دينهم ودنياهم .

لذا فإن من أهم الضمانات في تحقيق رسالة المسجد أن يتولى العلماء والمشايخ إمامة المساجد ثم الأمثل فالأمثل . . وإذا أهمل العلماء هذا الأمر تصدر للإمامة من يقل فقههم وعلمهم من العوام وأشباه العوام ، أو ذوي النزعات غير المرضيَّة ، مما يؤدي إلى ظهور نزعات الأهواء والاجتهادات الخاطئة ، ونحو ذلك .

2-

الخطابة
:
وأعني بالخطابة هنا : خطب الجمعة والعيدين والاستسقاء ، وهي من شعائر الدين ، وقد حدد الشرع أركانها وشروطها ، ولست بصدد التفصيل في ذلك .
لكن يهمني في مثل هذا البحث الإشارة إلى أن خطب الجمعة أهم واجبات العلماء والمشايخ ، وكبار طلاب العلم ، وهم -بحمد الله- متوافرون في بلادنا ، وأكثرهم قائم بواجبه فعلا . . لكن ليس ذلك بالقدر الكافي حيث نرى -وفي القرى والأرياف بخاصة- أنه قد يتولى الخطابة من لا تتوفر فيه الأهلية مع وجود العالم أو طالب العلم الأجدر . خاصة القضاة وخريجو العلوم الشرعية ، وهذه من الظواهر التي يجب أن يُعنى بها العلماء مع الجهات المسؤولة .

3- الفتوى :

الفتوى
من أعظم مهام العلماء؛ لأنهم أهل الذكر ، والله تعالى يقول : { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } .
وأجدر مكان تصدر منه الفتوى : المسجد؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسألون الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد أكثر من سؤالهم له فيما سواه .
كما أن الفتوى في المسجد تعم بها الفائدة لحضور طائفة من المصلين غالبا . ولذا درج المسلمون قديمًا وحديثا على اعتبار المسجد أفضل بقعة تنطلق منها الفتوى .
وهي اليوم أعم فائدة ، حيث توفرت وسائل الإعلام والإبلاغ التي تتجاوز المسجد عبر مكبرات الصوت والأشرطة ونحوها .
والفتوى يجب أن يتصدى لها العلماء وطلاب العلم المتمكنون ، ولا يترك الناس للأحداث والمتعالمين ، وقليلي الفقه في الدين ، وربما أهل الأهواء أحيانا .
لذا يجب أن يُعنى أئمة المساجد بهذه المسألة عناية تامة ، كأن يقوموا بالتنسيق مع المشايخ وأهل الفتوى بجلب المفتين وعقد جلسات الفتوى في المساجد بشكل منتظم؛ لأنه كثيرًا ما يتعرض للفتوى -عبر منابر المساجد والكلمات فيها أو الوعظ- من ليس بأهل الفتوى فيفطن الناس ، أو يوقعهم في الحرج .

4-

الدروس
:
وأعني بها تلكم الحلقات العلمية التي تقام في المساجد ، يتعلم فيها الناس أصول الدين وفروعه ومتطلباته ، في العقيدة والأحكام والتفسير والحديث واللغة وسائر العلوم الشرعية وما يلحق بها .
والدروس في نظري هي أهم المجالات وأعظمها فائدة ، كما أنها الوسيلة الأنفع والأجدى والأبقى ، وقد أثبتت التجارب عبر تاريخ الإسلام الطويل أن الدروس العلمية الشرعية ، هي الطريقة التربوية الأسلم في نشر الدين وتعليم الناس ، وتفقيههم في الدين ، وكانت أعظم وسائل العلم والتعليم والتربية عند السلف الصالح ، ولا تزال أفضل الوسائل لذلك .
وعلماء الأمة هم معلموها ، ويجب أن يتصدروا الدروس الشرعية في كل مكان ، والدروس في المساجد بخاصة .
ولدروس العلماء في المساجد خصائص تميزها , منها :
1- أنه يتحقق فيها معنى مجالس الذكر أكثر من غيرها ، حين تكون في بيت من بيوت الله ( وهو المسجد ) ، وتحضرها الملائكة ، ويباهي الله بأهلها ملائكته .
2- أن المتلقي في المسجد يشعر بشيء من الطمأنينة والسكينة والهدوء والسمت أكثر من أي مكان آخر .
3- أن الناس في المساجد يكونون أكثر التزاما للأدب والإنصات واحترام المكان والحضور .

4- جلوس المتلقي في المسجد يجعله أكثر استعدادًا لقبول العلم حين يشعر أنه في مكان الصلاة ، والأصل أن يكون على طهارة ويحافظ على ذلك .
وفي الجملة فإن الدروس هي التي تربي طلاب العلم؛ لأن الدروس تتسم غالبا بالاستمرارية ، والأصل في طلاب الدروس الملازمة للشيخ المدرِّس ، وتلقي العلم عنه مقرونًا بالعمل والأدب والسمت ، إذ العالم قدوة في علمه وعمله .
أصناف الدروس :
والدروس التي يحتاجها الناس اليوم أصناف :
منها الدروس العلمية المركزة :
وهي تلكم الدروس التي ينبغي أن يتصدرها المشايخ الكبار وطلاب العلم المتمكنون ، ومن أهم مواصفاتها :
- أن تكون في أحد العلوم الشرعية أو ما يخدمها .
- وأن تكون على يد شيخ أو طالب علم متمكن فيما يدرسه .
- أن تكون على سمت العلماء وأدبهم .
- أن يكون الطلاب ممن تتوفر فيهم صفات المتلقي من حيث الاستقامة والأهلية والأدب .
- أن يأخذ الدرس صفة الثبات والاستمرارية .
- أن يتلقى الدارس العلم بالتدرج حسب توجيه شيخه .
وهذه الدروس هي الأنفع والأبقى ، والتي يمكن للشيخ أن يربي تلاميذه فيها على عينه ويتأثرون بسمته ويجيزهم باطمئنان .
ومنها الدروس الخفيفة :

وهذه الدروس الموجزة المؤقتة التي يلقيها الشيخ في زمن محدود ، كأسبوع ، أو شهر ، أو في حلقة ذات زمن محدد قصير ، كالحلقات والدروس التي تلقى في الدورات أو المواسم الثقافية ، أو المراكز الصيفية ونحوها .
وهذه الدروس طيبة ومفيدة ، لكنها لا تخرج طلاب العلم ، كما أنه لا يتأتى فيها للشيخ أن يتعرف على تلاميذه ، ولا يتابعهم ويتأكد من مستوياتهم فضلًا عن أن يجيزهم ، فهي أشبه بدورات التوعية والتثقيف .
*الدروس الرافدة :
وهي تلكم الدروس التي يقوم بها طلاب العلم الصغار في تعليم العلوم الشرعية الأولية ، والتي لا تحتاج إلى التعمق في العلم ، أو التبحر في العقائد والأحكام ، ويجب أن تكون هذه الدروس في المساجد ، وتحت إشراف العلماء وطلاب العلم الكبار ورعايتهم ومتابعتهم ، لئلا تنحرف بهم السُّبُل يمينا أو شمالا ، فالصغار والأحداث من طلاب العلم إذا تركوا يعلمون الآخرين دون إشراف ولا لوجيه ربما يصيبهم التعالم والغرور ، وربما يشطح أحدهم وتستهويه الأهواء دون أن يشعر .
*حلق تحفيظ القرآن :

وهذه مهمتها الأساسية تحفيظ القراَن وإقراؤه للصغار والكبار ، وقد تتولى تعليم الدارسين شيئا من مهمات الدين في العقيدة والأحكام بالإضافة إلى مهمتها التربوية والأخلاقية من خلال ذلك ، ومكانها الطبيعي المسجد ، ولا يلزم أن يتولى العالم بنفسه هذه المهمة وحده ، بل لا بد أن يقوم بها كل من يجيدها ولو لم يكن عالما .
لكن يجب أن يرعاها ويشرف عليها العلماء وكبار طلاب العلم من أئمة المساجد وغيرهم ، وأن يتأكدوا من سلامة نهجها علميا وعقديا لئلا تكون بؤرة للبدع والأهواء .

5- المحاضرات والندوات :

المحاضرات والندوات
تكون -في نظري- في المقام الثاني بعد الدروس ، وهي نمط من الخطابة وترادفها ، وأفضل مكان للمحاضرات والندوات هو المسجد ، كما أن العالم هو أولى من يقوم بالمحاضرات في المساجد .
وفي عصرنا صار للمحاضرات شأن كبير ، وكثر الاعتماد عليها في إيصال المعلومة للسامعين ، وهيأت الجامعات والهيئات والمؤسسات والمكتبات قاعات مخصصة للمحاضرات ، تضاهي المساجد وربما تسببت في تعطيل كثير من المساجد في أكثر البلاد الإسلامية .
وبالرغم من أنه في الآونة الأخيرة بدأ يعود للمسجد شيء من الاعتبار ، فإنه لا يزال الأمر يحتاج إلى مزيد من الاهتمام من العلماء بصرف أنظار الناس إلى المساجد وإعادة الاعتبار لها ، وذلك بجعلها مركزًا لنشر العلم والتوجيه والوعظ والإرشاد ومنطلقا للأنشطة العلمية والاجتماعية والدعوية .

6-

الكلمات والتوجيهات والمواعظ
:
وأعني بها ما يلقيه العالم وطالب العلم على جماعة المسجد من توجيهات ومواعظ موجزة دون المحاضرة والخطبة ، يتناول فيها ما يحتاجه المصلون وجماعة الحي في أمورهم الشرعية والاجتماعية وغيرها . وأهمها : تعليم أصول الدين ، والأحكام ، والآداب ، والوعظ ، والتنبيه على الأخطاء وبعض جوانب التقصير ، ومعالجة المشكلات الاجتماعية ، والتربوية ونحو ذلك .
وكما أن منطلق هذه التوجيهات هو المسجد ، فكذلك يحسن أن تكون بعد الصلوات ، أو قبيل الإقامة ، حيث يجتمع أكبر عدد ممكن من المصفين ( جماعة المسجد ) ويتولى ذلك أفقه القوم ، سواء كان هو الإمام أو أحد المأمومين من العلماء وطلاب العلم .
وكان سلفنا الصالح يحرصون على هذه الطريقة ، وكان الناس في هذا البلد ( المملكة العربية السعودية ) يفعلون ذلك إلى وقت قريب .

فكان الإمام أو أحد المشايخ وطلاب العلم الحاضرين يتعهد المصلين بأفرادهم ومجموعهم يقرئهم القدر الضروري من القراَن والحديث ، وأركان الإسلام والإيمان ، والأصول الثلاثة والمسائل الأربع ، وسائر ضروريات الدين من أحكام الصلاة وشروطها وواجباتها والطهارة ، والصيام ، والزكاة ، والحج والسن والآداب والسلوك .
وكان ذلك يتم بشكل دوري ( يومي ، أو أسبوعي ، أو شهري ) بحسب الحاجة .
ويتم ذلك بطريقتين :
الأولى : أن يلقنهم الإمام ذلك بنفسه .
والثانية : أن يكلف أحد المصلين بذلك .
وأرى أن هذا من أهم أدوار المساجد التي يجب أن يحييها العلماء وطلاب العلم ، على قدر حال جماعة المسجد ومستواهم ، لكن يحسن أن تتم الثانية بطريقة لا تنفر ولا تحرج بعض المصلين ، الذين يشعرون بشيء من الخجل أو الحرج ، بل تتم بترتيب وتنسيق مناسب تعم به الفائدة ولا يؤدي إلى انقطاع البعض أو تهربهم .
فلا يكلف الإمام أو الشيخ في ذلك إلا من يتوسم فيهم المقدرة والاستعداد ، والباقون يستفيدون مما يسمعون .
هذا إذا تم عمل هذه الأمور من خلال التكليف والتلقين .

وأما إذا قام بالمهمة الشيخ أو الإمام فالأمر سهل شريطة عدم الإطالة ، حيثما لا تزيد الكلمة عن عشر دقائق وإلا فتصبح مع التكرار مملولة .
وعلى أي الأحوال فإن عموم الفائدة ونجاح العمل مرتبط بالأسلوب والطريقة التي ينهجها من يقوم بهذه المهمة . فالحرص على وسائل الجذب ، وتطوير الأساليب وتنويعها من عوامل نجاح العمل .
الخطاب الوعظي :
مما يفتقر إليه مجتمعنا اليوم ويحتاجه سائر الناس -حتى طلاب العلم -الخطاب الوعظي ، فإن قلوب الناس وأنت عليها القسوة ، ورغم كثرة مصادر التلقي والعلم والثقافة إلا أن الجانب الوعظي لا يزال ضعيفًا . وهذا مما ينبغي أن يُعنى به المشايخ وسائر الأئمة والخطباء ، والدعاة والمرشدون ، وفق الله الجميع لما فيه الخير .

7-

أعمال الحسبة الأخرى
:
مما يحسن أن ينطلق من المسجد وبإشراف العلماء وتوجيههم : أعمال الحسبة والأعمال الخيرية ، وأعمال البر مثل : بث روح التعاون والتكافل والتراحم في جماعة المسجد وتوجيه المقصِّرين في الصلاة وحضور الجماعة ، وتفقد أحوال الجماعة وأهل الحي في سائر الأمور الشرعية ، والأخلاقية ، والمادية ، والحرص على ما يجمع الشمل ، وينشر الفضيلة ويحارب الرذيلة ، وتدريب طلاب العلم على الكلمات والوعظ والخطابة ، والفتوى وأعمال الحسبة بإشراف مباشر من المشايخ .
ولأن هذه الأمور من مقاصد الشرع وتتعلق بمصالح الناس ، وتمس حرياتهم ، لذا يجب أن يتولاها أهل العلم والحلم والفقه في الدين ، وممن له اعتباره واحترامه بين المجتمع من العلماء والصالحين المشهود لهم .

اقتراحات عامة :
إضافة إلى الاقتراحات التي تضمنها البحث وأشرت إليها في ثنايا البحث هناك

اقتراحات عامة
، منها :
1- وضع خطة لاستقطاب جميع العلماء وطلاب العلم والقضاة ونحوهم من المؤهلين حسب نظر المشايخ ، للتدريس وسائر الأنشطة المناسبة في المساجد في المدن والقرى والأرياف والبادية ، ويقوم بتنفيذها لجان محلية تتكون من المشايخ وطلاب العلم والأئمة والخطباء .
2- وضع برنامج لزيارة المشايخ الكبار وطلاب العلم للمناطق المحتاجة بشكل دوري منتظم وبالتناوب . تتفاوت مددها من عدة أشهر إلى أسبوع أو يوم في الشهر أو يوم في الأسبوع . والاستمرار في ذلك بمتابعة قوية وجادّة .
3- وضع دورات مستمرة للأئمة والخطباء لهذا الغرض ، أعني الإشراف على الأنشطة وأداء الدروس والكلمات التوجيهية والمحاضرات والندوات وسائر الأنشطة .
هذا وأسأل الله أن يحفظ لهذه البلاد دينها وأمنها ، وأن يوفق ولاة الأمور فيها لكل ما فيه صالح مجتمعهم في دينهم ودنياهم ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه .