كتاب : الإمامة والرد على الرافضة
المؤلف :أبو نعيم الأصبهاني
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق سبط محمد بن يوسف الفارسي رضي الله عنهم : الحمد لله الموفق المعين وصلى الله على محمد الأمين وعلى الصفوة من صحابته وآله وأجمعين وأسأل الله المعونة على ما كلف والعصمة مما خوف وعليه أتوكل وإياه استهدي واستوفق لما يقرب من رضاه ويبعد من عقابه ، ويوصل إلى جزيل ثوابه ، واعلم أن الناس قد تشتت آراؤهم ، واختلفت أهواؤهم وانشعبوا شعباً فصاروا فرقاً مختلفين وأحزاباً متباينين قد عظمت محنتهم في الإمامة في ابن أبي قحافة ، وثبتت محبتهم لهم ، فمن قائلقال : أفضل الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وأولاهم بالإمامة بعده أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومنهم من يقول : أبو بكر ثم عمر ، ثم علي رضي الله عنهم . ومنهم من يقول : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ووقف . ومنهم من يقول : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين ، وذلك قول أهل الجماعة ، والأثر من رواه الحديث وجمهور الأمة .
ومنهم من يقول : أبو بكر وعمر ، ويقف عند عثمان وعلي . ومنهم من يقول : أحقهم وأفضلهم بالإمامة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهم ( الإمامية ) . وكل هذه الفرق مقلد فيما انتحل سلفاً يحتج به ( . . . . . . . . ) ممن يخالفهم ويعاديه . واستعنت الله تعالى وأودعت هذا الجزء بيان الأصوب من النحل والأقوم من المقالات والملل ، وأجمع في ذلك ما مدح الله تعالى به الصفوة من
صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ،
وثبت عن الرسول
صلى الله عليه وسلم في مناقبهم وفضائلهم ودل على مراتبهم وسوابقهم ، وما اجتمع عليه الصحابة رضي الله عنهم بعده وهم الممدوحون على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بالخصال الحميدة والفضائل الكريمة قال الله تبارك وتعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ) . وقال تبارك وتعالى : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة . . ) الآية ، وقال تبارك وتعالى : ( أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم ) وقال تبارك وتعالى : ( أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ) ، وقال تبارك وتعالى : ( أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ، وأولئك هم المهتدون ) وقال تبارك وتعالى : ( وألزمهم كلمة التقوى ، وكانوا أحق بها وأهلها ) وقال تبارك وتعالى : ( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ) الآية . وقال تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه ) . . . إلى آخر السورة ، وقال : ( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهمسوء ) ) الآية ، وقال تعالى : ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) وقال تعالى : ( هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين ) . وقال تعالى : ( لكن الرسول والذين آمنوا معه ) الآيتين . سمحت نفوسهم رضي الله عنهم بالنفس والمال والولد والأهل والدار ، ففارقوا الأوطان وهاجروا الإخوان ، وقتلوا الآباء والإخوان وبذلوا النفوس صابرين ، وأنفقوا الأموال محتسبين وناصبوا من ناوأهم متوكلين فآثروا رضاء الله على الغناء ، والذل على العز ، والغربة على الوطن . هم المهاجرون الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون حقاً ، ثم إخوانهم من
الأنصار أهل المواساة والإيثار أعز قبائل العرب جاراً ، واتخذ الرسول عليه السلام دارهم أمناً وقراراً الأعفاء الصبر ، والأصدقاء الزهر ، ( والذين تبوؤ الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) فمن انطوت سريرته على محبتهم ، ودان الله تعالى بتفضيلهم ومودتهم وتبرأ ممن أضمر بغضهم ، فهو الفائز بالمدح الذي مدحهم الله تعالى به فقال : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان . . ) الآية . فالصحابة رضي الله عنهم هم الذين تولى الله شرح صدورهم فأنزل السكينة على قلوبهم وبشرهم برضوانه ورحمته فقال : ( يبشرهم ربهم برحمة
منه ورضوان ) جعلهم خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويطيعون الله ورسوله ، فجعلهم مثلاً للكتابين ، لأهل التوراة والإنجيل ، خير الأمم أمته وخير القرون قرنه ، يرفع الله من أقدارهم إذ أمر الرسول عليه السلام بمشاورتهم لما علم من صدقهم وصحة إيمانهم وخالص مودتهم ووفور عقلهم ونبالة رأيهم وكمال نصيحتهم ، وتبين أمانتهم رضي الله عنهم أجمعين .
خلافة أمير المؤمنين أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه
1 - حدثنا أبو بكر الطلحي ، حدثنا عبيد بن غنام ، حدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة ، حدثنا أبو الأحوص ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد
الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' خير أمتي القرن الذي أنا
فيه ثم الذين
يلونهم ' . رواه شعبة ، والثوري ، وجرير عن منصور .
2 - حدثنا عبد الله بن جعفر قراءة ، حدثنا موسى بن حبيب حدثنا أبو
داود ، حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن زرارة عن عمران بن حصين قال :
قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ' خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ، ثم الذين
يلونهم ، ثم الذين
يلونهم ، ثم يأتي قوم من بعد ينذرون ولا يوفون ، ويخونون ولا يؤتمنون ،
ويشهدون ولا يستشهدون ، ويفشو فيهم السمن ' .
3 - حدثنا حبيب بن الحسن ، حدثنا أبو مسلم الكجي ، حدثنا أبو
عاصم عن محمد بن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : سألنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خير الناس قال : أنا ومن معي ، قيل ثم من
، قال : الذين على الأثر .
4 - حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا أحمد
بن يونس ، حدثنا زائدة عن عاصم عن خيثمة عن النعمان بن بشير قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم
الذين يلونهم '
الحديث . فلم تنكر فرقة من هذه الفرق المدائح التي مدح الله بها أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وأن
الصحابة هم خير الأمم . فيقال
للإمامية الطاعنين على المهاجرين والأنصار اجتماعهم على تقدمة
الصديق رضي الله عنه : أكان اجتماعهم عليه على إكراه منه لهم بالسيف ، أو تأليف منه لهم بمال ، أو غلبة بعشيرة ، فإن الاجتماع لا يخلو من هذه الوجوه ، وكل ذلك مستحيل منهم لأنهم ( المديحة ) والمروءة والدين والنصيحة ، ولو كان شيء من هذه الوجوه ، أو أريد واحد منهم على المبايعة كارهاً لكان ذلك منقولاً عنهم ومنتشراً . فأما إذا أجمعت الأمة على أن لا إكراه ، والغلبة والتأليف غير ممكن منهم وعليهم ، فقد ثبت أن اجتماعهم لما علموا منه من الاستحقاق والتفضيل والسابقة وقدموه وبايعوه لما خصه الله تعالى به من المناقب والفضائل .
فاذكر أيها الطاعن على إمامته ما تحتج به فستعارض بنقضه فأما ما خصه الله تعالى به من الفضائل والمدائح فلسنا بمنكريه ولا دافعيه ، فإنك إن احتججت بالإخبار لزمك القبول لها من مخالفيك وإلا يكون أخبارك لا لك ولا على غيرك ، فلو قبلت الأخبار ، قبلت منك ، فكانت لك وعليك . فإذا احتج بالأخبار وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : '
من كنت مولاه فعلي مولاه
' .قيل له : مقبول منك ، ونحن نقول : وهذه فضيلة بينه لعلي بن أبي طالب عليه السلام ، ومعناه من كان النبي صلى الله عليه وسلم مولاه فعلي والمؤمنين مواليه . دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى : ( والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) . وقال تعالى : ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ) . والولي والموالي في كلام العرب واحد ، والدليل عليه قوله تبارك وتعالى : ( ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم ) أي لا ولي لهم وهم عبيده وهو مولاهم وإنما أراد لا ولي لهم . وقال : ( فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ) . وقال : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) وقال : ( ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ) .
وإنما هذه منقبة من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه
وحث على محبته وترغيب في
ولايته لما ظهر من ميل المنافقين 5 / ب عليه وبغضهم له ، وكذلك قال صلى
الله عليه وسلم :
' لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ' . وحكي عن ابن عيينة أن علياً
رضي الله عنه وأسامة تخاصما فقال علي لأسامة : أنت مولاي ، فقال : لست لك
مولى إنما مولاي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ' من كنت مولاه فعلي
مولاه ' . وهذا كما يقول الناس : فلان مولي بني هاشم ، ومولى بني أمية ،
وإنما الحقيقة واحد منهم ، ومما يؤيد ما حكي عن ابن عيينة حديث .
5
- حدثنا عبد الله بن جعفر قراءة قال حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا داود
حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم قال سمعت عبد الرحمن الأعرج قال شعبة ولا
أعلم إلا عن أبي هريرة أن رسول الله قال : الأنصار وقريش ومزينة ' وجهينة
' وغفار وأسلم وأشجع بعضهم موالي بعض ليس لهم دمولى ون الله ورسوله .
فظاهر هذا اللفظ رافع لقوله : من كنت مولاه ، لأنه صلى الله عليه وسلم
أخبر أن كل هؤلاء
القبائل موالي الله ورسوله .
فإن
قال : قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي ' أنت مني
بمنزلة هارون من
موسى ' . قيل له : كذلك نقول في استخلافه على المدينة في حياته بمنزلة
هارون من موسى ، وإنما خرج هذا القول له من النبي صلى الله عليه وسلم عام
تبوك ، إذ خلفه
بالمدينة فذكر المنافقون أنه مله وكره صحبته ، فلحق بالرسول صلى الله عليه
وسلم فذكر له
قولهم فقال صلى الله عليه وسلم : ' بل خلفتك كما خلف موسى هارون ' .
6 - حدثنا
فاروق الخطابي حدثنا أبو مسلم الكجي حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا يوسف بن
يعقوب الماجشون عن ابن المنكدر عن سعيد بن المسيب ، عن عامر بن سعد عن
أبيه سعد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعلي : ' أما ترضى أن
تكون مني بمنزلة
هارون بن موسى إلا أنه لا نبي بعدي ' .
7 - حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم ، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ ،
حدثنا محمد بن سابق ، حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية ، عن أبي سعيد قال :
خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً في أهله حين غزا غزاة تبوك فقال
بعض الناس : ما
منعه أن يخرج إلا أنه كره صحبته فبلغ ذلك علياً عليه السلام فقال لرسول
الله صلى الله عليه وسلم زعم الناس أنك تخلفني إلا أنك كرهت صحبتي ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :
' يا بن أبي طالب أما ترضى أن تنزل مني بمنزلة هارون من موسى . فإن قال
الطاعن : لم يرد استخلافه على المدينة . قيل له : هل شاركه في النبوة كما
شارك هارون موسى . فإن قال : نعم ، كفر وإن قال : لا ، قيل له فهل كان
أخاه في النسب فإن قال : نعم فقد كذب . فإذا بطلت أخوة النسب ومشاركة
النبوة فقد صح وجه الاستخلاف ، وإن جعل استخلافه في حياته على المدينة
أصلاً فقد كان صلى الله عليه وسلم يستخلف في كل غزاة غزاها غيره من أصحابه
كابن أم مكتوم
، وخفاف بن إيماء بن روضة الغفاري وغيرهما من خلفائه .
فإن احتج بقوله عليه السلام : ' علي مني وأنا منه ' .
8 - حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا بن غسان مالك
بن إسماعيل ، حدثنا إسرائيل ، عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
. إن رجلاً وقع في أب للعباس كان في الجاهلية ، فلطمه العباس ، فجاء قومه
فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فصعد المنبر وقال : أي أهل الأرض
تعلمون أكرم على
الله ؟ قالوا : أنت قال : فإن العباس مني وأنا منه ا هـ.
9 - حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود حدثنا
حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن كنانة بن نعيم الهروي ، عن أبي برزة الأسلمي
، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له ، فلما فرغ من القتال فقال
: ' وهل تفقدون
من أحد ، لكنني أفقد جليبيباً فوجوده عند سبعة قد قتلهم وقتلوه ' ، فأخبر
النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قتل سبعة ثم قتلوه هذا مني وأنا منه
قالها مرتين أو
ثلاثاً ، ثم مال بذراعيه هكذا فبسطها فوضع على ذراعي النبي صلى الله عليه
وسلم حتى حفر له
فما كان له سرير إلا ذراعي النبي صلى الله عليه وسلم حتى دفن . فإن احتج
بأنه كان رضي
الله عنه ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قيل له : قد شاركه عثمان بن
عفان وغيره رضي
الله عنهما في هذا الأمر ، فإن عثمان كان ختنه على ابنتيه . وابن العاص بن
الربيع على ابنته .
فإن
قال
: هو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم لأدفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله . قيل : قد شاركه في هذه الفضيلة عدة من الصحابة ، منهم أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وزيد ، وأسامة ، والحسن ، والحسين وعائشة رضي الله عنهم .10 - حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن يخامر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم صل على أبي بكر فإنه يحبك ويحب رسولك ، اللهم صل على عمر فإنه يحبك ويحب رسولك ، اللهم صل على عثمان فإنه يحبك ويحب رسولك ، اللهم صل على عبيدة بن الجراح فإنه يحبك ويحب رسولك اللهم صل على عمرو بن العاص فإنه يحبك ويحب رسولك ، كذا رواه يزيد عن مالك بن يخامر مرسلاً ، وغيره عن معاذ .
11 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان ، حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث بن سعد ، عن ابن شهاب عن عروة ، عن عائشة أن قريشاً أهمهم شأن المخزومية التي سرقت فقالوا : من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلمه أسامة فقال : لا تشفع في حد .
12 - حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود ،
حدثنا زمعة ، قال سمعت ابن أبي مليكة يقول سمعت أم سلمة الصرخة على عائشة
رضي الله عنها وعن أبيها فقالت : يرحمها الله والذي نفسي بيده لقد كانت
أحب الناس كلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبوها رضي الله عنه
وأرضاه .
13 - حدثنا محمد بن حميد حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية حدثنا وهب بن
بقية حدثنا خالد بن عبد الله عن خالد الحذاء عن أبي عثمان حدثني عمرو بن
العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل فلما
أتيته قلت : أي
الناس أحب إليك قال : عائشة ، قلت : من الرجال قال : أبوها ، قال : ثم عد
رجالاً .
14 - حدثنا فاروق الخطابي ، حدثنا أبو مسلم الكجي ، حدثنا سليمان بن حرب ،
حدثنا شعبة ، عن عدي بن ثابت قال : سمعت البراء
يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين على
عاتقة وهو يقول : ' اللهم إني أحبه فأحبه ' .
15 - حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أبو عوانة ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن
أبيه ، حدثني أسامة بن زيد قال : مررت بالمسجد فإذا علي والعباس قاعدان
فقالا يا أسامة أستأذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت يا رسول
الله هذا علي
والعباس بالباب يريدان الدخول عليك ، قال : ' تدري ما جاء بهما ؟ ' قلت :
لا والله يا رسول الله ما أدري ما جاء بهما قال : ' ولكني قد علمت ما جاء
بهما ، أبين لهما ، إيذن لهما فدخلا عليه ' ، فقال علي يا رسول الله جئناك
نسألك أي أهلك أحب إليك ؟ قال : ' فاطمة بنت محمد ' صلى الله عليه وسلم
قال علي والله يا
رسول الله ما عن أهلك أسألك ، قال : ' فأحب الناس إلي من أنعم الله عليه
وأنعمت عليه أسامة ' ، ثم من يا رسول الله ، قال : ' ثم أنت '
قال العباس أجعلت عمك آخرهم ، قال : ' إن علياً سبقك بالهجرة ' .
16 - حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا عبد الله بن عبد العزيز ، حدثنا علي بن
الجعد ، حدثنا عبد العزيز الماجشون ، عن عبد الله ابن دينار ، عن ابن عمر
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة إنه لمن أحب الناس
إلي بعده . .
وهذه فضيلة له رضي الله عنهم . فإن احتج المعاند بأنه استحق الخلافة لأنه
كان أولهم إسلاماً طولب
ببيان ما
ذكره ، فإن قال : روى ذلك عنه وعن غيره . قيل له : قد روي خلاف ذلك عن
النبي صلى الله عليه وسلم فإن كنت تحتج بالأخبار فإذا تعارضت الأخبار سقطت
.
17 -
حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا بكر بن سهل حدثنا عبد الله بن صالح حدثني
معاوية بن صالح عن أبي يحيى سليمان بن عامر ، وضمرة بن حبيب وأبي طلحة
نعيم بن زياد كل هؤلاء سمعه من أبي أمامة الباهلي صاحب النبي صلى الله
عليه وسلم قال :
سمعت عمرو بن عبسه السلمي ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم '
وهو ' نازل بعكاظ
فقلت يا رسول الله من معك في هذا الأمر قال : رجلان أبو بكر وبلال فأسلمت
عند ذلك فلقد رأيتي رابع الإسلام .
18 - حدثنا أبو بكر بن مالك ،
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا أبي ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا
جرير بن عثمان بن سليم بن عامر عن عمرو بن عبسه قال ، أتيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم
وهو نازل بعكاظ فقلت من معك
على هذا الأمر قال : حر وعبد ، ومعنا أبو بكر وبلال .
19 - حدثنا سليمان بن أحمد حدثني أحمد بن خليد الحلبي ، حدثنا أبو توبة
أحمد بن الربيع بن نافع حدثنا محمد . . . الحر عن عمرو بن عبسة قال : أتيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما بعث وهو يومئذ مستخف ، فقلت فمن معك
على هذا الأمر
قال : حر وعبد يعني أبا بكر وبلال .
20 - حدثنا أبو بكر بن مالك
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة
عن يعلى بن عطاء عن يزيد بن طلق عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عمرو بن
عبسة قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله من
أسلم معك ؟ قال : '
حر وعبد ' .
21 - حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد حدثنا عبد الله بن
محمد بن شبرويه ، حدثنا إسحاق بن راهويه أخبرنا أبو شامة ، حدثنا هاشم بن
هاشم قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول ، سمعت سعداً يقول : ما أسلم أحد في
اليوم الذي أسلمت فيه ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الإسلام .
فإن احتج بالموضوعات في أخبار الروافض : قيل له : إن اعتللت بذلك
الزمناك
قبول أخبارهم وما يروونه في مثل الشيعة ، وأنهم مشتركون وغير ذلك من
الأخبار التي لا ثبوت لك ولا لغيرك فيها ، ويقال له : ما هذه الأخبار التي
تحتج بها الشيعة ؟ . فإن قال : أوصى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعهد إليه ، وأنه
القاضي لدينه والقائم بعهده ، المنجز موعده ، وما شاكله من موضوعاتهم
وأباطيلهم . قيل له : قد روي من الوجوه المرتضى خلافه وذلك :
22 -
ما حدثناه الطلحي حدثنا عبيد بن غنام حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثني عبد
الله بن نمير ، وأبو معاوية ، عن الأعمش عن شقيق ، عن مسروق ، عن عائشة
رضي الله عنها وعن أبيها قالت : وما ترك رسول الله درهماً ولا ديناراً ولا
شاة ولا بعيراً ولا أوصى بشيء .
23 - حدثنا أبو إسحاق بن حمزة ، وحبيب بن الحسن ، قالا : حدثنا
يوسف القاضي ، حدثنا عمرو بن مرزوق ، حدثنا مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف قال : سألت عبد الله بن أبي أوفى هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى ؟ قال : لا . قلت : فكتب على المسلمين أو أمر المسلمين بالوصية ولم يوص . قال : أوصى بكتاب الله . قال : فقال هزيل ( أبو بكر ) كان يتأمر على وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يود أبو بكر أنه وجد عهداً ؛ من رسول الله فخزم أنفه بخزام ' ثنا ' عليه لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ' .
24 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان ، حدثنا أبو خليفة
، حدثنا علي بن المديني ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ،
عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس قال : لما حضر رسول الله صلى الله
عليه وسلم وفي
البيت رجال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' هلموا اكتب لكم كتاباً
لا تضلوا بعده
أبداً ، فأكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم ' ،
فقال النبي
صلى الله عليه وسلم ' قوموا ' ، قال عبيد الله : سمعت ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلمأن يكتب لهم الكتاب لاختلافهم ولغطهم
.ففي هذه الأخبار الثابتة إبطال لما ادعاه من اختصاص علي رضي الله عنه بوصيته وعهده من دون المسلمين كافة . ولقد سئل علي رضي الله عنه فيما رواه عنه أبو جحيفة وغيره : هل خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء ؟ فقال : ما هو إلا كتاب الله وفهم يؤتيه الله من شاء في الكتاب .
فإن احتج بأن علياً رضي الله عنه ردت له الشمس بعد أن غابت حتى صلى العصر لوقتها حين فاتته حتى صلى . قيل له : لو جاز ذلك لعلي لجاز لرسول الله صلى الله عليه وسلم أولى وأحرى ، فقد فاتته يوم الخندق صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر والعصر ، فلم يصلها إلا بعد العشاء حتى قال : ملأ الله قبورهم وقلوبهم ناراً . فلم ترد عليه صلى الله عليه وسلم ،
ولو جاز لأحد لكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم أحق وأولى ، ولم يكن الله ليمنعه شرعا وفضلاً . وذلك ما روي عن علي رضي الله عنه من غير وجه .25 - حدثنا حبيب بن الحسن حدثنا يوسف القاضي ، حدثنا محمد بن
المنهال ، حدثنا زيد بن زريع ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أبي
حسان ، عن
عبيدة ، عن علي رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم
الأحزاب : ' ملأ الله
بيوتهم وقبورهم ناراً كما شغلونا عن صلاتنا الوسطى حتى آبت الشمس ' . رواه
شتير بن شكل ، ويحيى بن الجزار وغيرهما .
26 - حدثنا بن عبد الله بن
جعفر ، حدثنا يونس بن حبيب - حدثنا أبو داود حدثنا ابن أبي ذئب ، عن سعيد
بن أبي سعد ، حدثني عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه قال : كنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ، شغلونا عن صلوات ، فأمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم بلالاً
فأقام لكل صلاة إقامة ، وذلك قبل أن أنزل عليه ' فإن خفتم فرجالاً أو
ركباناً ' .
27 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ، حدثنا الحارث بن أبي
أسامة ، حدثنا عبد الله بن بكير ، حدثنا هشام ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن
أبي سلمة ، عن جابر بن عبد الله ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم
الخندق بعدما غربت الشمس جعل يسب كفار قريش ، فقال لرسول الله صلى الله
عليه وسلم ما كدت
أن أصلي حتى كادت أن تغرب قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' ما
صلينا بعد ' ،
فنزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسبه قال إلى ( بطحان ) لنتوضأ
للصلاة وتوضأنا لها
، فصلى
العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب . وقد غلبنا النوم
فنام عن الفجر :
28 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ، حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، حدثنا يزيد بن
هارون ، أخبرنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي
قتادة قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال : ' لو
عرسنا ' فمال إلى
شجرة فنزل فقال : ' احفظوا علينا صلاتنا ، فنمنا فما أيقظنا إلا حر الشمس
، فانتبهنا ' .
29 - حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا محمد بن العباس ،
حدثنا هارون ابن خليفة ، حدثنا عوف ، عن أبي رجاء حدثنا عمران بن حصين قال
: كنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسرنا ليلة حتى إذا كان في
آخر الليلة قبيل
الصبح وقعنا تلك الوقعة ، ولا وقعة أحلى عند المسافر منها ، فما أيقظنا
إلا حر الشمس ، فكان أول ما استيقظ بلال ، ثم فلان ثم فلان ، ثم عمر ،
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نام لم نوقظه حتى يكون هو الذي
يستيقظ ، لأنا لا
ندري ما يحدث له في نومه .
فإن عاد إلى الاحتجاج بأحاديث الروافض - إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي : ' أنت خيرهم وأفضلهم وأنت الخليفة من بعدي وما في معناه . قيل له كذلك روي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : يكون في آخر الزمان قوم يتملقون حبك يقال لهم الرافضة فاقتلوهم فإنهم مشركون . وفي نظائر هذا غير أنا لا نحتج بمثلها . ولقد عارض هذه أخبار تضادها واهية . كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أبو بكر خير خلق الله .
فإن أبيتم قبول هذا الخبر فكذلك لا نقبل من أخباركم ما يضاد هذا فالرجوع حينئذ إلى ما اجتمعت عليه ( الأمة ) بعد الرسول عليه الصلاة والسلام . وإلى صحيح ما روي عنه من الأخبار الثابتة التي نقلها العلماء ولا دافع لها . فإن احتج ، بقوله أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين الصحابة فاختار علياً فقال له : ' أنت أخي في الدنيا والآخرة ' . قيل له : هذه الفضيلة لا توجب الخلافة ، ولو كانت هذه توجب الخلافة كانت لها الأبوة أخص وأوجب ، وقد قال ذلك لعمه العباس فقال هو أبي
والأب أقرب من الأخ ، مع أن لفظ الأخوة مشترك شاركه فيها أبو
بكر وغيره ، ولفظ الأبوة مخصوص للعباس .
30 - حدثنا أبو بكر بن أحمد بن القاسم بن حنين ( . . . ) القاسم حدثني أبو
بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن ( . . . . ) عن عبد الله ابن
الحارث حدثني عبد المطلب ، بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، أن العباس
بن عبد المطلب دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، احفظوني في العباس
وأنه . . . عم
الرجل صنو أبيه . وأما قوله لأبي بكر رضي الله عنه أخي : ( وصاحبي ) .
31 - ( . . . علي بن أحمد المنذري ، حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي ، حدثنا
أزهر بن جميل حدثنا خالد بن الحارث ، حدثنا شعبة ، عن إسماعيل بن رجاء ،
عن عبد الله بن أبي الهذيل ، عن الأحوص ، عن عبد الله ، عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم
: لو اتخذت خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكنه أخي
وصاحبي وقد اتخذ الله صاحبكم خليلاً .
32 - حدثنا أبو إسحاق حمزة ، حدثنا محمد بن محمد بن عتبة ، حدثنا محمد بن
طريف ، ثنا زياد ، بن الحسن بن فرات القزاز عن جده فرات ، عن سعيد بن جبير
، قال : كتب ابن عتبة إلى عبد الله بن الزبير يستفتيه في الحمر ، فقرأت
كتابه إليه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو كنت متخذاً خليلاً
دون أبي بكر
لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكنه أخي في الدين وصاحبي في الغار فإن أبا بكر
كان ينزله منزلة الوالد ، فإن أحق ما اقتدينا به قول أبي بكر رضي الله عنه
. فإن احتج بقوله صلى الله عليه وسلم لعلي : ' إنه لا يحبك إلا مؤمن ولا
يبغضك إلا منافق
' . قلنا هكذا نقول ، وهذه من أشهر الفضائل وأبين المناقب ، لا يبغضه إلا
منافق ، ولا يحبه إلا مؤمن ، ولو أوجب هذا الخبر خلافة لوجبت إذا الخلافة
للأنصار لأنه قال مثله في الأنصار ، وهو :
33 - ما حدثناه فاروق
الخطابي ، حدثنا أبو مسلم الكجي ، ثنا الحجاج ابن المنهال ، ثنا شعبة ،
أخبرني عدي بن ثابت سمعت البراء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول للأنصار
' لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق ، من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله ' .34 - حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا ابن إدريس بن جعفر العطار ، ثنا زيد ابن هارون ، ثنا يحيى بن سعيد بن إبراهيم ، عن الحكم بن ' ميناء ' عن زيد ابن حارثة الأنصاري ، قال : كنا جلوساً حول سرير معاوية فخرج علينا فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أحب الأنصار أحبه الله ، ومن أبغض الأنصار أبغضه الله وذكر فيه كلاماً . فإن احتج بشجاعته رضوان الله عليه وأنه كان من أشد القوم بأساً وأربطهم جأشاً . قيل له الشجاعة وإن حيز بها الفضل فليست حجة لاستحقاق الخلافة ، فلقد كان في الأنصار من الشجعان والأبطال غير واحد . منهم : أبو دجانة ، عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح ، والبراء بن
مالك . وغيرهم في إخوانهم المهاجرين . منهم : عمر بن الخطاب رضي
الله عنه
وأرضاه الذي بلغ من نكايته يوم بدر فيهم أنه . . . ولطلحة والزبير بن
العوام في كل موطن ، وحمزة أسد الله ، وخالد بن الوليد سيف الله ، كل
أولئك لهم مواقف مذكورة ، ومشاهد مشهورة ، وأيام معروفة . فأما يوم أبي
دجانة فما :
35 - حدثناه سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي
شيبة ثنا منجاب بن الحارث ، ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة
عن ابن عباس قال : دخل علي بن أبي طالب رضي الله عنه على فاطمة يوم أحد
فقال : خذي عني هذا السيف غير ذميم . قال النبي صلى الله عليه وسلم : لأن
كنت أحسنت
القتال لقد أحسنه سهل بن حنيف ، ' و ' أبو دجانة سماك بن خرشة .
36 - حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد الدورقي ، ثنا
أحمد بن جميل المروزي ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا محمد ابن عبد الله
بن الزبير ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يومئذ يعني
يوم أحد أوجب
طلحة .
37 - حدثنا فاروق الخطابي ، ثنا أبو مسلم الكجي ، ثنا حجاج ،
ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ
سيفه وأصحابه
حوله فقال : من يأخذ هذا السيف فليسطر أيديهم يقول : هذا أنا وهذا أنا ،
فقال : من يأخذه بحقه ؟ قال : فأحجم القوم . فقال سماك أبو دجانة : أنا
آخذه بحقه فدفعه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففلق به هام المشركين
.
38 -
حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن أنس بن مالك ، قال : استلقى
البراء بن مالك على ظهره ثم ترنم . فقال له أنس ' اذكر الله ' أي أخي
فاستوى جالساً فقال : أي أنس تراني أموت على فراشي وقد قتلت مائة من
المشركين مبارزة سوى من شاركت في قتله .
39 - حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الرزاق عن
معمر عن أيوب .
40 - حدثنا فاروق الخطابي ، ثنا أبو مسلم الكجي ، ثنا حجاج ، ثنا حماد ،
عن ثابت ، أن أنس بن النضر تغيب عن قتال بدر ، فقال : عن أول مشهد شهده
النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن أراني الله قتالاً ليرين الله ما أصنع ،
فلما كان يوم أحد
انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أقبل فرأى سعد بن معاذ
منهزماً فقال أبا عمرو
، وأين أين ، والذي نفسي بيده إني لأجد ريح الجنة دون أحد ، قال : فقاتل
حتى قتل ، فقال سعد يا رسول الله ما أطقت ما أطاق ، فقالت أخته والله ما
عرفت أخي إلا ببنانه ، وكان خشن البنان ، فوجد فيه بضع وثمانون ضربة بسيف
وطعنة برمح ورمية ، فأنزل الله تبارك وتعالى : ( من المؤمنين رجال صدقوا
ما عاهدوا الله عليه . . ) الآية . فهؤلاء وأشباههم ممن لم نذكر هم من أهل
الشجاعة والنجدة ، فإذا شركه في الشجاعة جماعة فليس أحد أولى بالفضل من
الآخر . من أن الذي ذكرته لعلي رضي الله عنه من الفضائل مقبول وما أسندته
من المناقب والفضائل مما لم نذكرها أكثر وأوفر ، منها ما اختص
بها دون كل
أحد ومنها ما شورك فيها . وأما الخصلة التي اختص بها الصديق أبو بكر رضي
الله عنه ، ما يشركه فيها أحد ، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : يأبى
الله والمؤمنين
إلا أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه .
41 - حدثنا عبد الله بن جعفر ،
ثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا محمد بن أبان ، عن عبد العزيز بن
رفيع ، عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها وصلى الله علي
بعلها ، ونبيها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي
مات فيه ادعوا لي
عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه اكتب كتاباً لا يختلف بعدي ثم
قال : دعه معاذ الله أن يختلف المؤمنون في أبي بكر .
42 - حدثنا عبد
الله بن محمد بن جعفر ، ومحمد بن إبراهيم ، قالا ثنا يعلى بن أبي خيثمة ،
ثنا يزيد بن ( هارون ) أخبرنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن
الزهري ، عن عروة عن عائشة رضي الله عنها ( و ) عن أبيها وصلى الله على
بعلها ونبيها قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدىء
فيه فقال ادعي
لي أباك وأخاك ( حتى ) أكتب لأبي بكر كتاباً فإني
أخاف أن يقول قائل ويتمنى ( متمن ) ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا
بكر رضي
الله عنه . ومنها : أنه قدمه في حياته في الصلاة وأقامة مقام نفسه وهو يرى
مكانه .
43 - حدثنا أبو بحر بن محمد بن الحسن ، ثنا إسماعيل القاضي
، ثنا علي بن عبد الله ، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثنا أبي عن ابن شهاب
، ثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ثنا أبو شعيب الحراني . - ثنا أبو
جعفر النفيلي ، ثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني ابن شهاب
الزهري ، حدثني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام عن
أبيه ( عن جده ) عن عبد الله بن زمعة بن الأسود ابن المطلب قال : لما
استعز برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده في نفر من المسلمين ، دعاه
بلال إلى
الصلاة ، فقال : مروا من يصلي بالناس فخرجت فإذا عمر بن الخطاب رضي الله
عنه في الناس وكان أبو بكر رضي الله عنه غائباً ، فقلت : يا عمر قم فصل
بالناس فقام فلما كبر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته ، وكان عمر
رضي الله عنه
وأرضاه رجلاً جهراً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين أبو بكر يأبى
الله والمؤمنين
ذلك ، فبعث إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة ، فصلى الناس ،
قال عبد الله بن زمعة فقال عمر : ويحك ماذا صنعت بي يا بن زمعة ، والله ما
ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك ، ولولا
ذلك ما صليت
بالناس . قلت : والله ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولكني حين أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر للصلاة بالناس . ومنها
قوله صلى الله عليه وسلم :
يأبى الله والناس إلا أبا بكر ' . وقوله عليه السلام إن أمن الناس علي في
صحبته وذات يده أبو بكر رضي الله عنه .
44 - حدثنا ابن السندي ، ثنا
محمد بن العباس ، ثنا شريح بن النعمان ، ثنا فليح ، عن أبي النضر ، عن (
عبيد بن حنين ، عن أبي سعيد ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب بالناس
فقال : ' إن
أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذاً خليلاً من الناس
لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة في الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب
إلا سد إلا باب أبي بكر ' .
45 - حدثنا أبو علي بن محمد بن أحمد بن الحسين ، ثنا أبو سعيد الحراني ،
ثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا عبد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو
بن مرة عن عبد الله بن الحارث قال ثنا جندب ، أنه سمع رسول الله صلى الله
عليه وسلم قبل
موته بخمس يقول : قد كان لي فيكم خليل ولو كنت متخذاً خليلاً من أمتي
لاتخذت أبا بكر خليلاً . ومنها قوله صلى الله عليه وسلم للمتحنة لما قالت
إن جئت فلم أجدك
؟ قال لها إن جئت فلم تجديني فآتي أبا بكر رضي الله عنه .
46 -
حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا عمرو بن حفص ، ثنا عاصم بن علي ، ثنا إبراهيم
بن سعد ، عن أبيه ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، أن امرأة جاءت
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته حاجة فقال لها ترجعين : فقالت يا
رسول الله إن
رجعت فلم أجدك ؟ قال إن رجعت فلم تجديني - يعني الموت - إيتي أبا بكر رضي
الله عنه . ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : ' لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر
أن يتقدمهم
غيره ' .
47 - حدثنا محمد بن جعفر ، وعبد الله بن محمد بن الحجاج ،
قالا : ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا أحمد بن منيع ثنا يزيد بن هارون ثنا عيسى
بن
ميمون ثنا الهيثم عن عائشة رضي
الله عنها وعن أبيها وصلى الله على بعلها ونبيها قالت : خرج رسول الله صلى
الله عليه وسلم
إلى الأنصار ليصلح بينهم فحصرت العصر فقال بلال لأبي بكر رضي الله عنه قد
حضرت الصلاة ولك من رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهداً فهل ذلك أن أؤذن
وأقيم وتصلي
بالناس قال : إن شئت ، فأذن بلال وأقام وتقدم أبو بكر الصديق رضي الله عنه
فصلى بالناس فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما فرغ فقال : أصليتم ؟
قالوا : نعم .
قال : ومن صلى بكم ؟ قالوا : أبا بكر الصديق رضي الله عنه . قال أحسنتم لا
ينبغي لقوم فيهم أبو بكر رضي الله عنه أن يؤمهم أحد غيره . رواه أحمد بن
بشير الكوفي عن عيسى بن ميمون .
48 - حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان ،
ثنا الحسين بن سفيان ، ثنا نصر بن عبد الرحمن الوشاء ، ثنا أحمد بن بشير ،
عن عيسى بن ميمون ، عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها ، وعن أبيها
قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينبغي لقوم يكون بينهم أبو
بكر أن يؤمهم غيره
. ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر
رضي الله عنهم
أجمعين .
49 - حدثنا عبد الله بن الحسين بن بندار ، ثنا محمد بن
إسماعيل ، ثنا قبيصة بن عقبة ، ثنا سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن
مولى الربعي ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: اقتدوا
باللذين من بعدي ، يشير
إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وأرضاهما . ورواه إبراهيم بن سعد ، عن سفيان ، عن عبد الملك ، عن هلال مولى ربعي ، عن حذيفة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
نحوه
.50 - ثنا عبد الله بن محمد بن إسماعيل ، بن أبي كاتب ثنا إبراهيم به . ومنها قوله صلى الله عليه وسلم :
أن يطع الناس أبا بكر رضي الله عنهما يرشدوا
.51 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث عن أبي أسامة ثنا يزيد بن هارون ( ) عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال : ' إنكم لا تدركون الماء غداً ( ) ' فانطلق سرعان الناس يريدون الماء ولزمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة فمالت برسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته فنعس ، فنمنا فما أيقظنا إلا حر الشمس فقال : ' أصبح الناس وقد فقدوا نبيهم ' . فقال بعضهم إن نبي الله صلى الله عليه وسلم بالماء وفي القوم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فقالا : أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسبقكم إلى الماء ويخلفكم ، وإن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا . قالها ثلاثاً . وللصديق رضي الله عنه مناقب مشهورة وفضائل معدودة واكتفينا ها هنا
منها بهذا القدر ، لأن الذي أجمعت عليه الأمة وأفاضل الصحابة من المهاجرين والأنصار من تفضيله وتقديمه يغني عن إيراد كثير الروايات في شأنه ، ولعمر ' ي ' فإن الأمة المختارة المشهود لها بأنها خير الأمم لا تجتمع إلا على حق وهدى . فإذا اعترض المخالف بما قاله بعض فتيان الأنصار وأحداثهم من قولهم : منا أمير ومنكم أمير . قيل له . هذا مقالة من لا علم له منهم ، من شبانهم وأحداثهم ، إذ لا خلاف بين المسلمين ، أن الخلافة في قريش والأئمة منهم ألا ترى كيف أذعنوا وانقادوا لما ذكر لهم الصديق أن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش الذين هم أوسط العرب نسباً وداراً ، فأسرعوا إلى البيعة وكفوا عما اجتمعوا له وولوا الأمر أهله وعادوا إلى ما كانوا عليه من الوزارة والنصرة في حياته صلى الله عليه وسلم
طائعين مطيعين مبايعين له مقرين بفضله وقدره
.52 - حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبد الرحمن بن جابر الحمصي ، ثنا بشر بن شعيب ، عن أبي حمزة حدثني أبي عن الزهري ، عن محمد بن جبير ابن مطعم ، عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا أكبه الله ( في النار ) على وجهه ما أقاموا الدين .
53 - حدثنا حبيب بن الحسن وفاروق الخطابي ، قالا : ثنا أبو مسلم الكشي ،
ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، أخبرنا أبو الزبير ، عن جابر قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : '
الناس تبع لقريش في الخير والشر
' .54 - حدثنا أبو بكر الطلحي ، ثنا أبو حفص الواحدي ثنا أحمد بن يونس ، ثنا عاصم بن محمد بن زيد ، قال : سمعت أبي يقول قال عبد الله بن عمر : وثنا محمد بن أحمد ، ثنا عبد الله بن محمد البغوي ، ثنا علي بن الجعد ، ثنا عاصم ، قال سمعت أبي قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس ، اثنان ، ويقول بإصبعه هكذا اثنان ، ولو كان الإمامة في غير قريش سائرةً مع ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يتقدمهم
أحد من غيرهم ، لكان قول حباب بن المنذر حين قال : أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير محمول لا على غفلة غفلها لأن أهل الإسلام طرأ قد أجمعوا على أنه لا يجوز كون خليفتين في عهد واحد ولا على قوم ، وكان ذلك مما أنكره غير المسلمين ، لأن فيما سلف من الأمم من العرب والعجم ، لم يكن قط أميران ولا خليفتان في عهد واحد ، وكيف يلجأ إليه المهاجرون والأنصار ، لقوله ، أنا جذيلها المحكك . ( تلجأ إليه الإبل إذا دهنت بالقطران تحتك به لحاجتها إليه لا غنى لها عنه - والعذيق المرجب - المعظم ) وإن كان في الأخبار لهم فضل وسابقة فلا يكون قول غافل منهم حجة ، ألا ترى كيف عدلوا عن قول الحباب بن المنذر وتركوه دبراً وراءهم وعقدوا في مشهدهم ذلك بيعة الصديق رضي الله عنه عن رضاء منهم واختيار .
فإن عاد إلى الاحتجاج بقول عمر رضي الله عنه : إن بيعة أبي بكر رضي الله عنه فلته ولكن الله تعالى وقى شرها . قيل له : هذا القول منه لم يكن توهيناً لأمره وبيعته ، ألا ترى قول عمر حين قال : ليس فيكم من يقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر . وقال لأن أقدم فتضرب عنقي ( لا يقربني ذلك إلى إثم ) أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر . وقوله : وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا أمرنا أقوى من بيعة أبي بكر رضي الله عنه . وإنما عنى عمر رضي الله عنه بقوله : كانت فلتة أن اجتماع الأنصار في السقيفة عن غير ميعاد من المهاجرين وإعلام لهم ، كانت فلته خوفاً أن يبرموا ولا يبايعانه ( بهم عليهم ) فيوجب الإنكار عليه هم والمقاتلة عليهم إن امتنعوا فوقى الله شر القتال والإنكار فإنما خرج هذا ( من ) عمر رضي الله
عنه على ضد الإنكار على من قال هذا القول إن بيعته كانت قلنه ، لا على وجه رأي الإخبار به أصلاً . فإن قال : إنما بايع الصديق رضي الله عنه رجل وهو أن عمر قاله له : ابسط يدك أبايعك . قيل : ما يفعل ذلك عمر رضي الله عنه ، إلا لعلمه برضاء المسلمين واجتماعهم عليه وتسليمهم لما يراه ويفعله ، وأنهم عهدوا منه التوفيق والنصيحة ومتابعة الحق ، وأن السكينة تنطق على لسان عمر وقبله ' أ ' ما أعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم إن يطيعوا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يرشدوا ، وأن يقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، في نظائر لذلك مما قد سمعوه واستقر ذلك عندهم .
فإن احتج بما رواه الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها أن علياً تخلف عن بيعة أبي بكر . قيل : إنما روي أنه تخلف سنة أشهر ثم بايع . ولا يعد تخلفه عن بيعته أحد أمرين : 1 - إما أنه كان مأموراً بذلك ( وهو الحق ) فلم يكن يسعه مبايعته وهو أفضل من أن يظن به أنه كان مأموراً ثم ترك أمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك . 2 - أو تخلفه عن رأي رآه من عند نفسه ثم رأى بعد ذلك أن الحق والصواب في مبايعته فبايعه وهذا أولى به وأليق بدينه وعلمه رضي الله عنه .
ويقال له : إن احتجاجك بتخلف علي رضي الله عنه عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه لمبايعة رجلين له ، وهما عمر بن الخطاب وأبو عبيدة . راجع عليك فيها تحتج به من عقد خلافة علي رضي الله عنه حين بويع ، وذلك أن الذي سبق إلى بيعة علي رضي الله عنه رجلان ، عمار بن ياسر ، وسهل بن حينف ، وهما وإن كانا فاضلين كبيرين ، فلا يوازيان لعمر وأبي عبيدة في الفضل . فلئن جاز ذلك أن تحتج بتخلف علي عن بيعة أبي بكر رضي الله عنهما ومنعه لانعقاد بيعته أولاً برجلين ، ثم بايعه الجم الغفير من المهاجرين والأنصار ولم يتخلفوا عليه . لجاز لمن يطعن على خلافة علي رضي الله عنه بمثله . ويقول : إنما سبق إلى بيعته رجلان ، ثم لم يتابعا عليه ، بل اختلفوا عليه . مع إنه قد كان بالمدينة يوم سبق عمار بن ياسر وسهل إلى مبايعته من العشرة المشهود لهم بالجنة ومن أهل الشورى غير واحد ، مثل سعد بن أبي وقاص ، وطلحة والزبير ، وسعيد بن زيد . ومن الأنصار ، مثل أبي طلحة ، وأبي أيوب وأبي مسعود وغيرهم من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يروا أن عقد عمار وسهل ، يوجب عليهم بيعة لأحد ، إلا بعد اختيار وتشاور واجتماع المسلمين لا يسعهم أن يتخلفوا عنه إذا وجدوا شرائط الخلافة كمسابقة غيرهم إلى البيعة ، وإنما بايعوا عن علم ورأي واختيار ومشورة واستحقاق من بايعوا له . وإن سوغت لعلي رضي الله عنه القعود عن بيعة من بايعه مائة ألف من المهاجرين والأنصار والمسلمين طراً ، فيسوغ لمن طعن من المارقة الخوارج على خلافته بالتخلف عنه إذا احتج بأن عقد بيعته انعقدت برجلين عمار وسهل وهذا ما لا يقوله ذو عقل ودين . فإن قال : فلم جاز للستة أن يعقدوا على واحد منهم ولا يجوز لاثنين .
قيل : لما أبان الله تعالى للستة من الخصال الحميدة والمرتبة الرفيعة ، وأنه لو كان لما اجتمعوا عليه ما يوجب الإنكار ، لما سلم المسلمون ذلك لهم ولأسرعوا الإنكار إلى من جعل الأمر إلى الستة ولكن علي رضي الله عنه الذي كان أحد الستة امتنع عن ذلك وأخرج نفسه من ذلك وتبرأ منهم وأظهر النكير عليهم ، بل سلم علي رضي الله عنه ذلك من غير تقية كانت تحمله ، وبايع وأمضاه ، فتبعهم كافة المسلمين على ذلك ورضوا به .
فإن عارض بقول أبي بكر رضي الله عنه أنه قال : ' وليتكم ولست بخيركم ' . قيل له : إنما حمله على هذا الكلام التواضع والإزراء على نفسه وإزالة العجب عنها ، وليس منهم أحد إلا وقد قال مثله وأعظم منه في حال الإزراء على النفس والخوف عليها ، وذلك سجية أهل الخوف والتقى لا يركنون إلى شيء من أعمالهم وأحوالهم ، بل يلزمون أنفسهم الذلة والتواضع . ومثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ' لا تخيروني على الأنبياء ولا يقولن أحدكم أنا خير من يونس بن متى ' . وكقوله : ' رحم الله أخي يوسف لو لبثت في السجن ثم جاءني الداعي لأسرعت ' . وكقوله : ' نحن أحق بالشك من إبراهيم ' . كل ذلك إنما قاله صلى الله عليه وسلم ليقتدي به المؤمنون ولا يرفعون من أنفسهم بل يلزمون التواضع والإزراء
ولقد قال الحسين رحمه الله : ما خلق الله بعد النبيين أفضل من
أبي بكر رضي
الله عنه ، فقيل له ولا من آل فرعون قال : ولا من آل فرعون . ولقد ثبت أن
غير واحد من كبار الصحابة قال : إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر .
منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب في آخرين .
55 - حدثنا سليمان
بن أحمد ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الرزاق ثنا معمر ، عن الزهري
، أخبرني أنس بن مالك أنه سمع خطبة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الأخيرة
حين جلس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أبا بكر رضي الله
عنه صاحب رسول
الله صلى الله عليه وسلم وثاني اثنين وأولى الناس بأموركم فبايعوه ، وكانت
طائفة منهم
بايعوا قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة . وكانت بيعة العامة على المنبر .
56 - حدثنا محمد بن المظفر ، ثنا محمد بن سليمان ثنا يوسف بن واضح ، ثنا
خالد بن الحارث ثنا شعبة بن حصين قال : سمعت ابن أبي ليلى يحدث أنه
تذاكروا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ، قال : فقال رجل من عطارد : عمر
خيرهما . قال : فقال ' رجل ' أبو بكر خير . فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه .
قال : فأقبل على الآخر فضربه . ثم أقبل على الجارود فقال إليك
عني وقال :
إن أبا بكر كان خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في كذا في كذا
ثلاثاً ، فمن
قال غير ذلك حل عليه ما حل على المقرى .
57 - حدثنا محمد بن علي بن
حبيش ، ثنا موسى بن هارون ، ثنا سليمان ابن آدم ، ثنا بقية ، عن يحيى بن
سعيد عن خالد بن معدان عن جبير ابن نفير ، أن نفرا قالوا لعمر بن الخطاب
رضي الله عنه والله ما رأينا رجلاً أفضل بالقسط ولا أقول بالحق ، ولا أشد
على المنافقين منك يا أمير المؤمنين ، وأنت خير الناس بعد رسول الله صلى
الله عليه وسلم .
فقال عوف بن مالك : كذبتم والله . لقد كان أبو بكر أطيب من ريح المسك وإني
لمثله كغيري .
58 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا الحارث بن أبي
أسامة ، ثنا أبو النضر ، ثنا شعبة عن عمرو بن مرة ، قال : سمعت عبد الله
بن سلمة قال : سمعت علياً رضي الله عنه يقول : ألا أخبركم بخير الناس بعد
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أبو بكر ، وبعده عمر رضي الله عنهما .
59 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مخلد ، ثنا أحمد بن إسحاق الوراق
، ثنا أبو سلمة ، ثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن الحكم ، عن أبي عثمان عن
أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخير
الناس أبو بكر
ثم بعد أبي بكر عمر رضي الله عنهما .
60 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ،
ثنا أحمد بن يونس ، ثنا عبد الله بن داود الحرس ، ثنا هشام بن سعد عن عمر
بن أسيد عن ابن عمر قال : كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
خير الناس رسول
الله ثم أبو بكر ثم عمر عليهم السلام .
61 - حدثنا أبو علي محمد بن
أحمد بن الحسن ، وأحمد بن السندي ، في آخرين قالوا : ثنا أبو مسلم الكاجي
، ثنا أبو عاصم ، عن عمرو بن زيد عن سالم ، عن ابن عمر قال : إنكم تعلمون
إنا كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان
رضي الله عنهم ،
وأما سكوت من سكت عند ذكر
عثمان رضي الله عنه فله معن . وأما الستة فقد تم العشرة ، ثم المهاجرين ثم أهل بدر ، ثم من أسلم قبل الفتح ، على مراتبهم ودرجاتهم ، ولما ذكرنا من قول عمر وعلي وابن عمر رضي الله عنهم طرق كثيرة وأسانيد مستفيضة مشهورة وسكتنا عن ذكرها
وأجزى ما ذكرنا في غير هذا الموضع من كتابنا وما استفاض من إجماع الأمة ومتابعتهم الصديق رضي الله عنه ، وتقديمهم إياه على كل الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم متوافرون يغني عن الاحتجاج بالأخبار في أمره والتطويل في شأنه . فإن احتج بأن مبايعة علي رضي الله عنه كانت عن تقية ، قيل له ، قد احتججت فيما سلف من كلامك أنه قعد عن بيعته ستة أشهر ، فلو كانت على تقية لما أمهل ساعة ، فكيف وبقي ستة أشهر لم يلق بمكروه ، ولم يحمل على بيعته فمن أي شيء كان يخاف وهل بايع إلا لما ظهر له من الحق ووجب عليه متابعة الحق ومفارقته رأيه الذي كان عليه قبل ذلك ، فأي قبح أقبح ما نسبتم إليه أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه إذ قلتم إنه فارق الحق الذي كان عليه وتابع الباطل والجور خوفاً من ؟ التقية ، أليس كان عامة الصحابة من السابقين ' و ' المهاجرين والأنصار بالمدينة ، أما كان فيهم واحد يقوم معه ويتبعه على رأيه ، هذا يقتضي من قولكم ما تضمرونه من سوء الاعتقاد في الصحابة رضي الله عنهم ، ففي ذلك تجوز ما طعن به الخوارج والمراق على تكفير أمير المؤمنين علي وعثمان رضي الله عنهما ، وهذا ما لا يقوله ذو عقل ودين . آخر خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه . ا . هـ.
خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه فإن اعترض المخالف فقال : لم يكن له أن يفوض أمر الخلافة إلى عمر دون المسلمين . قيل له : لما علم الصديق رضي الله عنه من فضل عمر رضي الله عنه ونصيحته وقوته على ما يقلده وما كان يعينه عليه في أيامه من المعونة التامة . لم يكن يسعه في ذات الله ونصيحته لعباد الله تعالى أن يعدل هذا الأمر عنه إلى غيره ، ولما كان يعلم من أمر شأن الصحابة رضي الله عنهم أنهم يعرفون منه ما عرف ولا يشكل عليهم شيء من أمره فوض إليه ذلك فرضي المسلمون له ذلك وسلموه ، ولو خالطهم في أمره ارتياب أو شبهة لأنكروه ولم يتابعوه ، كاتباعهم أبي بكر رضي الله عنه فيما فرض عليه الاجتماع وإن إمامته وخلافته ثبتت على الوجه الذي ثبت للصديق ، وإنما كان كالدليل لهم على الأفضل والأكمل فتبعوه على ذلك مستسلمين له راضين به . فإن عارض بأنه قد أنكر ذلك على أبي بكر رضي الله عنه . قيل له من المنكر له سني .
فإن قال طلحة بن عبيد الله واعتل بحديث زبيد اليامي . قيل له : زبيد لم يلق من الصحابة المتقدمين أحداً وأرسل هذا الحديث ، ومن أسنده فلا يثبت .
ولو ثبت لكان وجه الحديث ظاهراً أن إنكاره ليس عن جهالة تفضيله
وكماله
واستحقاقه فإنما خاف خشونته وغلظته لم يتهم قوته وأمانته .
1 - 62
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا خلاد بن يحيى ، ثنا
هارون بن أبي إبراهيم ، عن عبد الله بن عبيد يعني ابن عمير قال قال أبو
بكر رضي الله عنه : إني كنت أخاف أن أفوتكم بنفسي قبل أن أعهد إليكم وإني
أمرت عليكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاسمعوا له وأطيعوا قال فتخلف رجل
من القوم قال : ما تقول لربك إذا لقيته وأنت تعلم من فظاظته وغلظته ما
تعلم . قال بربي تخوفني أقول له : اللهم أمرت عليهم خير أهلك .
2 -
63 حدثنا عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن علي له ثنا يزيد بن محمد الأيلي
، عن يونس ، عن ابن شهاب ، أن القاسم بن محمد ابن أبي
بكر رضي الله عنه ، أخبره أن أسماء بنت عميس وهي تحت أبي بكر رضي الله عنه حين اشتد به وجعه الذي توفي فيه قال : ( . . . . ) . يا أبا بكر أذكرك الله واليوم الآخر فإنك قد استخلفت على الناس رجلاً غليظاً على الناس ولا سلطان له ، وإن الله سائلك . قالت أسماء فقال أبو بكر رضي الله عنه : اجلسوني فأجلسناه ، فقال : هل تعرفوني إلا بالله وإني أقول استخلفت عليهم أظنه قال : خير أهلك . ورواه محمد بن إسحاق عن الزهري وسمى الرجل طلحة بن عبيد الله . فإن قال لم لم يجعلها شورى ؟ قيل له إنما الشورى عند الاشتباه وأما عند الاتضاح والبيان فلا معنى للشورى ، ألا تراهم رضوا به وسلموه وهم متوافرون . فإن قال : فإن استصلح عمر رضي الله عنه للخلافة لما بان به آلات الخلافة ، فما الذي يوجب تفضيله وتخييره وتقديمه ؟ . قيل له : اجتماع الصحابة على أنهم لا يقدمون إلا أفضلهم وأخيرهم مع قول أبي بكر وعلي رضي الله عنهما فيه . فأما قول أبي بكر رضي الله عنه فيه فما تقدم أنه قال استخلفت عليهم خير أهلك . وأما قول علي رضي الله عنه فقوله : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ، وقوله : ما أحد أحب إلي من أن ألقى الله بمثل صحيفته من عمر .
وقول عائشة رضي الله عنها : كان والله حورياً يسبح وحده . وقول عبد الله بن مسعود : كان أعلمنا بالله وأفهمنا في دين الله . ثم ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم من تفخيمه ، وجلالة ما ذكر من مناقبه ، في كمال علمه وتمام قوته ، وصائب الهامه وفراسته ، وما قرن بشأنه من السكينة وغير ذلك من ورعه وخوفه وزهده ورأفته بالمؤمنين وغلظته وفظاظته على المنافقين والكافرين ، وأخذه بالحزم والحياطة وحسن الرعاية ، والسياسة وبسطه العدل ، ولم يكن يأخذه في الله تعالى لومة لائم . فإن زعم أن علياً رضي الله عنه كان أعلم منه . قيل له : من أين قلت ذلك ؟ فإن قال : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أقضاكم علي ، وإن عمر كان يشاوره في النوازل والحوادث . قيل له : أما الذي ذكرت من قوله صلى الله عليه وسلم أقضاكم علي . فلو ثبت لكان فيه لنا الحجة عليك فإن قال كيف ؟ قيل لأن في هذا الخبر : وأفرضكم زيد ، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ وأقرأكم لكتاب الله تعالى أبي . فكيف يكون أعلم وغيره أفرض وأعلم بالحلال والرام وأقرأ لكتاب الله تبارك وتعالى منه وهذا لا يحتج به من له عقل ونظر ، مع أن الحديث الذي اعتللت به
حديث غير ثابت ، ويعارضه حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم
.
3 - 64 - حدثنا محمد بن حمدان بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا يحيى بن
إسحاق السليحي ، ثنا عبد العزيز بن مسلم ، عن الأعمش بن سالم ابن أبي
الجعد ، عن زياد بن لبيد ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
يحدث أصحابه وهو
يقول : كيف أنتم وقد ذهب أوان العلم ؟ قال : قلت يا رسول الله وكيف يذهب
أوان العلم ونحن نقرأ القرآن ونعلمه أنباءنا إلى يوم القيامة ، قال : فقال
النبي صلى الله عليه وسلم ثكلتك أمك يا بن لبيد قد كنت أراك ( من ) أفقه
رجل بالمدينة ،
أو ليس اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل ثم لا ينتفعون بها ،
ورواه الثوري عن منصور عن سالم ، وشعبة عن عمرو بن مرة عن سالم . فلو احتج
بهذا الحديث فقال : زياد بن لبيد أفقه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وسلك مسلكك
فيما احتججت به ، ما كان محتكراً عليه ، وإنما وجه هذا الحديث عندنا : أن
زياد بن لبيد من فقهاء أهل المدينة وعلمائهم لا أنه افقه رجل بها وأعلمه ،
ولو ثبت الحديث الذي اعتللت به كان وجهه مثله وبقي ما تأولناه في حديث
زياد بن لبيد .
4 - 65 - حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا بكر بن سهل ،
ثنا عبد الله بن صالح ، ثنا معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير بن
نفيرن عن أبيه عن أبي الدرداء قال :
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشخص ببصره إلى السماء ثم
قال : هذا أوان يختلس
العلم من الناس حتى لا يقدرون منه على شيء ، فقال زياد بن لبيد الأنصاري ،
وكيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن فوالله لنقرأنه ولنعرفنه نساءنا وأنباءنا
فقال : ثكلتك أمك يا زياد إن كنت لأعدك من فقهاء المدينة ، هذه التوراة
والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغني عنهم . وهذا مثل قوله صلى الله
عليه وسلم : ألا
أخبركم بأفضل الأعمال يريد من أفضل الأعمال . ( ذكر الأحاديث التي ذكرناها
) في تفضيل عمر رضي الله عنه وأرضاه - فمن ذلك قول أبي بكر رضي الله عنه :
5 - 66 - حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا بشر بن موسى ثنا خلاد بن
يحيى ثنا قطر بن خليفة عن عبد الرحمن بن سابط ( القرايفي ) قال : لما حضر
أبا بكر الموت قيل له : ما تقول لربك إذا لقيته وقد استخلفت
علينا عمر رضي الله عنه وقد عرفت شدته وغلظته وفظاظته قال :
أبالله تخوفني أقول يا رب استخلفت عليهم خير أهلك .
6 - 67 - حدثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن عمر بن أبي شيبة ، ثنا أحمد بن
يونس ، ثنا أبو إسرائيل الملائي عن الوليد بن العيزار ، عن عمرو بن ميمون
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إذا ذكرت الصالحين فحيي أهلا بعمر
كنا نعد أن السكينة تنطق على لسان عمر .
7 - 68 - حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ثنا عبد الله بن أحمد بن
حنبل ثنا أبي حدثني سويد بن سعيد ، ثنا يونس بن أبي يعقوب
عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : كنت عند عمر رضي الله عنه وهو
مسجى في
ثوبه وقد قضى نحبه ، فجاء علي رضي الله عنه وكشف الثوب وقال : رحمة الله
عليك أبا حفص فوالله ما بقي أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي
أن ألقى الله
بصحيفته منك ، رواه أبو معشر المديني عن نافع عن ابن عمر .
8 - 69 -
حدثنا أبو بكر الطلحي ثنا الحسين بن حمزة ثنا محمد بن العلاء بن أبي
المساراني عن عمر بن سعيد بن أبي الحسن عن ابن أبي مليكة قال : سمعت ابن
عباس رضي الله عنه حين وضع عمر رضي الله عنه على سريره فتكنفه الناس يدعون
ويثنون ويصلون عليه وأنا فيهم فلم يرعني إلا رجل أخذ منكبي من ورائي
فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه فترحم على عمر وقال : ما
خلفت أحداً أحب إلي من أن ألقى الله بمثل عمله منك ، وأيم الله إن كنت
لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وذلك أني كنت أسمع كثيراً رسول الله صلى
الله عليه وسلم
يقول : ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو
بكر وعمر وإن كنت لأظن أن يجعلك الله معهما .
9 - 70 - حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد ثنا محمد بن حبيب ، ثنا عبد
الرحمن بن سلمة الأشعري ، ثنا نشار بن قيراط ، عن
إسرائيل ، عن أبي إسحاق قال : ذهب ( بي أبي ) إلى المسجد يوم الجمعة فقال لي هل لك يا بني أن تنته إلى علي رضي الله عنه فقلت نعم . فقال : قم فقمت فإذا أنا بشيخ أبيض الرأس واللحية قائم على المنبر له صلعة فسمعته يقول : خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم
أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما
.10 - 71 - حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو نعيم ثنا هارون بن سليمان الفراء ، حدثني عمرو بن حريث عن علي رضي الله عنه أنه كان قاعداً على المنبر فقال : إن خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ولو شئت أن أذكر الثالث لذكرته . وما قاله فيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
11 - 72 - حدثنا محمد بن عمر بن مسلم ، ثنا خالد بن غسان بن
مالك ، ثنا أبو عمر الحوضي ، ثنا الحسن بن أبي جعفر عن عاصم عن
زيد عن عبد
الله قال : إن كان إسلام عمر رضي الله عنه لفتحاً ، وإن كانت هجرته لنصراً
.
12 - 73 - حدثنا حبيب بن الحسين ، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن
أيوب ، ثنا سلمة بن حفص ، ثنا عمر بن يحيى بن عمرو بن سلمة ، عن أبيه عن
جده قال قدم عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الكوفة فدخل المسجد
فسأل عن محلة ؟ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الكوفة فدخل المسجد فسأل
عن محلة ؟ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فأرشدوه إليه فسلم عليه ثم جلس
فقال يا أبا عبد الرحمن أخبرني عن الصراط المستقيم ما هو ؟ فقال عبد الله
بن مسعود : هو والله الذي لا إله إلا هو ما كان عليه أبو ( . . . . . )
الله عز وجل .
13 - 74 - حدثنا أحمد بن يعقوب بن ( المرجان ) ثنا
أحمد بن يحيى الحلواني ، ثنا أحمد بن يونس ، عن نعيم بن يحيى السعدي عن
الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال :
لو وضع علم الناس في كفة ميزان وعلم عمر في كفة لرجح علم عمر
رضي الله عنه بعلم الناس .
14 - 75 - وحدثنا به إبراهيم فقال قد قال له أجود من ذلك قال : إني لأحسب
عمر حين مات ذهب بتسعة أعشار العلم .
15 - 76 - حدثنا أبو بكر الطلحي ( بن المهرجان ) ثنا أحمد بن يحيى ثنا
أحمد بن يونس عن قيس عن الأعمش عن زيد بن وهب قال : جاء رجل إلى عبد الله
بن مسعود قال : أقرأني عمر رضي الله عنه كذا ، وقال آخر أقرأني أبو حكيم
المزني كذا فقال : إقرأ كما أقرأك عمر ، إن عمر رضي الله عنه كان حصناً
حصيناً للإسلام الناس يدخلون فيه ولا يخرجون منه فأصبح الحصن قد انهدم
والناس يخرجون منه ولا يدخلون .
16 - 77 - حدثنا محمد بن علي بن حبيش ثنا أحمد بن يحيى
الحلواني ثنا أحمد بن يونس ثنا وهب بن يزيد بن أبي زياد عن أبي
جحيفة عن
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : إن عمر رضي الله عنه كان حصناً
حصيناً يدخل الإسلام فيه لا يخرج فلما أصيب انثلم الحصن ، الإسلام يخرج
منه ولا يدخل فيه وإذا ذكر الصالحون فحيي أهلا بعمر بن الخطاب رضي الله
عنه .
17 - 78 - حدثنا محمد بن المظفر ، ثنا عبد الله بن زيدان ثنا
عبد العزيز بن محمد بن ربيعة ، ثنا محمد بن نسر ، ثنا سفيان بن سعيد ، عن
واصل الأحدب عن أبي وائل قال : قال عبد الله بن مسعود : ما رأيت عمر قط
إلا وكأن بين عينيه ملك يسدده .
18 - 79 - حدثنا أبو حامد أحمد بن
محمد بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، ثنا محمد بن الصباح ثنا
حدير ، عن عبد الملك يعني ابن عمر عن زيد بن وهب قال : قال عبد الله بن
عمر رضي الله عنهما كان أي ' عمر ' أعلمنا بالله وأقرأنا لكتاب الله
وأتقاناً لله وإن أهل بيت لم تدخل عليهم مصيبة عمر رضي الله عنه لأهل بيت
سوء .
( ذكر ) - ( دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعز الله تعالى
الدين بإسلامه ) -
19 - 80 - حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن العباس ، ثنا عمر
بن محمد بن الحسن بن الزبير ، ثنا أبي ، ثنا محمد يحيى بن زكريا ، عن
مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب رضي عنه ، أو
بأبي جهل بن هشام
فجعل الله دعوة رسوله لعمر ( رضي الله عنه فبنى ) عليه ملك الدين وهدم به
الأوثان .
20 - 81 - حدثنا أبو بكر الطلحي ، ثنا عبد الله بن حفص
الحراني ، ثنا ( أبو كريب ) ، ثنا يونس بن بكير ، عن النضر أبي عمر عن
عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : '
اللهم أعز
الإسلام بعمر أبو بأبي جهل بن هشام ، فأصبح عمر بن الخطاب رضي الله عنه
فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
21
- 82 - حدثنا سهل بن عبد الله ، ثنا الحسين بن إسحاق القشيري ثنا أبو
علقمة عبد الله بن عيسى الغروي ، ثنا عبد الملك بن الماجشون عن أبي يحيى
بن خالد ، عن هشام بن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : ' اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب رضي الله
عنه خاصة ' . ( ذكر
) - ( ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم
من كمال دينه
) -22 - 83 - حدثنا أبو بكر بن ملك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل رضي الله عنه حدثني أبي ، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثنا أبي عن صالح قال ابن شهاب ' حد ' ثني أبو أمامة بن سهل بن حنيف أنه سمع أبا سعيد يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك ومر علي عمر بن الخطاب رضي
الله عنه وعليه قميص يجره فقالوا ما أولت ذلك يا رسول الله قال :
الدين .
( ذكر ) - ( ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من وفور علمه ) -
23 - 84 - حدثنا
أبو بكر بن خلاد ، ثنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان ، ثنا يحيى ابن بكير ،
حدثني الليث ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، أخبرني حمزة ، عن عبد الله بن
عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ' بين '
أنا نائم إذ
رأيت قدحاً أتيت به فشربت منه لبناً حتى أني لأرى الذي يجري في أضافري ثم
أعطيت فضله عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قالوا : ما أولت ذلك يا رسول
الله ؟ قال : ' العلم ' .
( ذكر ) - ( ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من قوته وجلده
) -
24 - 85 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، ثنا
محمد بن شولر ، ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي عن صالح عن الأعرج وغيره أن
أبا هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال ) : ' رأيت ابن
أبي قحافة ينزع
ذنوباً أو ذنوبين وفي نزعه ضعف ويغفر الله له ، ثم قام عمر بن الخطاب رضي
الله عنه فنزع فاستحالت غرباً ( فلما أن . . . ما ينزع من . . . ) حتى ضرب
الناس بعطن ' ورواه الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه .
(
ما ذكر
) - ( صلى الله عليه وسلم من فراسته وإصابته فيما يراه ويشرعه ) -25 - 86 - حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا إبراهيم بن سعيد عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه كان فيمن خلا من الأمم قبلكم أناس محدثون وأن يكن من أمتي منهم أحد هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه . ( ما ذكر ) - ( صلى الله عليه وسلم
من رسوخ إيمانه زيادة لعلو شأنه
) -26 - 87 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا يزيد بن هارون ، أنبأ ابن عمر ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما رجل يسوق بقرة إذ عيى فركبها فقالت أنا لم أخلق لهذا إنما خلقت لحراثة الأرض ، فقال من حول رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله سبحان الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإني آمنت به أنا وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما وليسا في المجلس ' . 26 - 87 .
(
ما ذكر
) - ( صلى الله عليه وسلم من احتراز الشيطان منه ، وتباعده من الأباطيل ) -27 - 88 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا محمد بن جعفر ، ثنا إبراهيم بن سعيد عن صالح عن ابن شهاب ، أخبرني عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن محمد بن سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : استأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نساء يستكثرنه ويكلمنه عالية أصواتهن فلما استأذن عمر رضي الله عنه قمن يبتدرن الحجاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك غير فجك وذكر كلاماً غيره .
89 - حدثنا الحسن بن محمد بن أحمد بن كيسان ، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، ثنا الحجاج بن المنهال ، ثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن الأسود بن سريع قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له : يا رسول الله إني قد حمدت ربي بمحامد ومدح وإياك ، فقال : إن ربك يحب الحمد فجعلت أنشده ، فاستأذن رجل طويل أصلع فقال لي : رسول الله صلى الله عليه وسلم : أسكت فدخل فتكلم ساعة ثم خرج فأنشدته ، ثم جاء
فسكتني النبي صلى الله عليه وسلم ثم
خرج ففعل ذلك مرتين أو ثلاثاً ، فقال يا رسول الله من هذا الذي أسكتني له
؟ فقال هذا عمر بن الخطاب هذا رجا لا يحب الباطل . ( ما ذكر ) - ( جبريل
صلى الله عليه وسلم إن رضاه يثبت العدل وغضبه يفضي إلى العز ) -
90 - حدثنا أبو أحمد
محمد بن محمد الحافظ ، ثنا محمد بن إبراهيم ابن زياد ، ثنا عمر بن رافع ،
ثنا أبو يحيى ، ثنا يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن
جبير ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه
وسلم فقال : اقرئ
على عمر رضي الله عنه السلام وأعلمه أن رضاه عدل وغضبه عز .
91 -
حدثنا أبو بكر الآجرى ، ثنا محمد بن الحسين ثنا جعفر بن محمد الفريابي ،
ثنا عبد السلام بن عبد الحميد ، ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن سهيل بن أبي
صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن
الله ) جعل الحق
على لسان عمر وقلبه ' .
92 -
حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ، ثنا محمد بن يونس ، ثنا عمر بن حفص ،
ثنا شعبة ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، قال : قال علي رضي الله
عنه كنا نتحدث أن ملكاً ينطق على لسان عمر رضي الله عنه ، ورواه أبو جحيفة
وزياد بن حبيش عن همام عن علي رضي الله عنه .
93 - حدثنا حبيب بن
الحسن ، ثنا خليفة بن عمر ، ثنا الحميدي ، ثنا سفيان ، ثنا خالد ، عن
الشعبي ، عن قبيصة بن جابر ، قال : صحبت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فما
رأيت اقرأ لكتاب الله تعالى ولا أفقه في دين الله ولا أحسن مدارة منه .
94 - حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن النضر ، ثنا معاوية بن عمر ، ثنا
زائدة ، عن إسماعيل ، عن قيس ، عن عبد الله بن مسعود ، قال ما زلناأعزة
منذ أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
95 - حدثنا أحمد بن جعفر بن مسلم ، ثنا يعقوب بن يوسف المطوعي ، ثنا أبو
عبد الرحمن الجعفي يعني عبد الله بن عمير بن أبان ، ثنا عبد الحميد بن عبد
الرحمن ، ثنا النضر بن عمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال :
لما أسلم عمر رضي الله عنه . قال المشركون : قد انتصف القوم منا .
96 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أسامة ثنا أحمد بن يونس ثنا عبد
العزيز بن سلمة ، أنبأ عبد الواحد بن أبي عون ، عن القاسم بن محمد ، عن
عائشة رضي الله عنها وعن أبيها ، قالت ومن رأى ابن الخطاب رضي الله عنه
عرف ' أنه خلقه عز ' الإسلام كان والله أحوزياً نسيج وحده قد أعد للأمور
أقرانها ، وقد كان علي رضي الله عنه يتابع عمر بن الخطاب رضي الله عنه
فيما يذهب إليه ويراه ، مع كثرة استشارته علياً حتى قال علي رضي الله عنه
يشاورني عمر في كذا فرأيت كذا ورأى هو كذا فلم أر إلا
متابعة عمر ، ولم يتابعه إلا لما عرف من الحق في متابعته لكثرة
علمه وحسن
نظره وإصابته فيما يشكل على غيره ، علماً منه بأن السكينة تنطق على لسانه
وأنه المحدث الذي يلقي الحق في روعه ويجري على لسانه ، وقد كان يكثر
موافقته في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الله تعالى به
القرآن . وذلك نحو :
97 - ما حدثنا محمد بن علي بن مسلم ، ثنا محمد بن يحيى بن المنذر ،
ثنا سعيد بن عامر ، ثنا جويرية بن أسماء ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر
رضي الله عنه قال : وافقت ربي في ثلاث في مقام إبراهيم وفي الحجاب وفي
أسارى بدر ومثل :
98 - ما حدثناه أبو حامد أحمد بن محمد بن عبد الله ، ثنا محمد بن
إسحاق الثقفي ، ثنا عبد الله بن عمير ، ثنا عبيدة بن الأسود
الهمذاني ، عن
مجالد ، عن عامر عن علي رضي الله عنه أنه قال : إن في القرآن من كلام عمر
رضي الله عنه عنه كثيراً .
99 - وحدثنا أبو حامد ، ثنا محمد بن
إسحاق ، ثنا سوار بن عبد الله ابن سوار العنبري ، ثنا أبو عامر العقدي ،
ثنا خارجة بن عبد الله الأنصاري ، عن نافع قال : قال ابن عمر رضي الله عنه
: ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال عمر إلا نزل القرآن على نحو ما
قال عمر رضي الله عنه . والذي قال عبد الله بن عمر بن تأكيداً لما يروى أن
الله جعل الحق على لسانه وقلبه .
100 - حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا
عمرو بن أبي الطاهر ، ثنا سعيد بن أبي مريم ، ثنا عبد الله بن عمر عن جهم
بن أبي الجهم عن المسور بن مخرمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : إن
الله جعل الحق على لسان عمر رضي الله عنه وقلبه . فلم يزل أمره رضي الله
عنه مستوثقاً وعامة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين لرأيه متبعاً يشفي الله
تعالى به صدور أوليائه ، ويغيظ الكفار وأعداءه ،
إلى أن أكرمه الله تعالى بالشهادة التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم . فجمع الرهط المرضيين الذين رفع الله أعلامهم وأمرهم بالشورى والاختيار ، والمسلمون بأجمعهم قد عرفوا فضل أهل الشورى وأنهم أعلام الدين ومصابيح الهدى فلم ينكر ذلك أحد من رأيه وفعله وقد كان بقي من أهل بدر والعقبة وجلة الصحابة العدد الكثير فرضوا به وأمضوا أمره ومشورته رضي الله عنه وعنهم أجمعين .
' خلافة ' الإمام أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه فاجتمع أهل الشورى ونظروا فيما أمرهم الله به من التوفيق وأبدوا أحسن النظر والحياطة والنصيحة للمسلمين وهم البقية من العشرة المشهود لهم بالجنة واختاروا بعد التشاور والاجتهاد في نصيحة الأمة والحياطة لهم عثمان ابن عفان رضي الله عنه لما خصه الله به من كمال الخصال الحميدة والسوابق الكريمة وما عرفوا من علمه الغزير وحلمه . . . . . . . . . . لم يختلف على ما اختاروه وتشاوروا فيه أحد ، ولا طعن فيما اتفقوا عليه طاعن فأسرعوا إلى بيعته
ولم يختلف عن بيعته من تخلف عن أبي بكر ولا تسخطها متسخط بل اجتمعوا عليه راضين به محبين له . فيقال لمن قدم علياً على عثمان ، أو وقف عند علي رضي الله عنه وعثمان رضي الله عنه : أليس العلة التي سلمت لأجلها تقدمة الشيخين هو ما بانا به من السوابق الشريفة ، من قدم الإسلام والهجرة والنصرة بالنفس والمال ، ثم اجتماع الصحابة المرضية على بيعتهما وتقدمتهما . كل ذلك
موجود فيه ومعلوم منه ، فما الذي أوجب التوقف فيه والتقديم عليه . وإن طعن عليه بتغيبه عن بدر وعن بيعة الرضوان . قيل له : الغيبة التي يستحق بها العيب هو أن يقصد مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم ،
لأن الفضل الذي حازه أهل بدر في شهود بدر طاعة الرسول
صلى الله عليه وسلم ومتابعته ، ولولا طاعة الرسول ومتابعته لكان كل من شهد بدراً من الكفار كان لهم الفضل والشرف ، وإنما الطاعة التي بلغت بهم الفضيلة ، وهو كان رضي الله عنه خرج فيمن خرج معه فرده الرسول صلى الله عليه وسلم للقيام على ابنته فكان في أجل فرض لطاعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتخليفه ، وقد ضرب له بسهمه وأجره فشاركهم في الغنيمة والفضل والأجر لطاعته الله ورسوله وانقياده لهما .
1 - 101 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا عبد الله بن
بكر السهمي ، ثنا حميد بن أنس بن مالك قال رجع رسول الله صلى الله عليه
وسلم من غزاة تبوك
فلما دنوا من المدينة قال : إن بالمدينة لأقواماً ما قطعتم من واد ولا
سرتم من مسير إلا كانوا معكم فيه . قالوا : يا رسول الله بالمدينة ؟ قال :
' نعم خلفهم العذر ' .
2 - 102 - حدثنا فاروق الخطابي ثنا أبو مسلم
الكجي ثنا حجاج بن منهال ثنا أبو عوانة عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال
: رجاء رجل من مصر حج البيت فقال : يا ابن عمر إني سائلك عن شيء فحدثني
أنشدك الله ' بحرمة ' هذا البيت هل تعلم أن عثمان تغيب عن بدر فلم يشهدها
؟ فقال : نعم ولكن أما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى
الله عليه وسلم
فمرضت فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' لك أجر رجل شهد بدراً وسهمه '
.
3 - 103 حدثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن النضر ثنا معاوية بن عمرو ثنا
زائدة عن عاصم بن أبي النجود عن شقيق بن سلمة الحديث .
4 - 104 - حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا ابن أبي
شيبة ثنا يحيى بن آدم ثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم بن أبي النجود عن أبي
وائل عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال : أما يوم بدر فقد تخلفت على
بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد ضرب رسول الله
صلى الله عليه وسلم لي فيها بسهم .وقال زائدة في حديثه : ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بسهم فقد شهد . وأما بيعة الرضوان : فلأجل عثمان رضي الله عنه وقعت هذه المبايعة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه رسولاً إلى أهل مكة لما اختص به من السؤدد والدين ووفور العشيرة وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم
بقتله فبايع رسول الله
صلى الله عليه وسلم والمسلمون له على الموت ليوافوا أهل مكة .5 - 105 - حدثنا أبو بكر الطلحي ، ثنا عبيد بن غنام ، ثنا أبو بكر ، ثنا عبد الله بن موسى عن موسى بن عبدة ( عن إياس ) بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال : دعا النبي صلى الله عليه وسلم عثمان فأرسله إلى أهل مكة فبايع لعثمان إحدى يديه على الأخرى فقال الناس هنيئأً لأبي عبد الله .
6 - 106 - حدثنا . . . بن أحمد بن موسى الواسطي ثنا جعفر بن أحمد بن
سنان ثنا العباس بن محمد ثنا الحسن بن بشر ثنا الحكم بن عبد
الملك عن معاذ
بن أنس قال : لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان كان
عثمان رسول رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة فبايع الناس فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم . إن عثمان في حاجة
الله وحاجة رسوله فضرب إحدى يديه على الأخرى فكان يد رسول الله صلى الله
عليه وسلم لعثمان
خيراً من أيديهم لأنفسهم .
7 - 107 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا
إبراهيم بن إسحاق الحربي ، ثنا إبراهيم بن محمد ثنا حسين بن علي بن زائدة
عن أبي حصين عن سعيد بن عبيدة قال : سأل رجل ابن عمر رضي الله عنه أشهد
عثمان بيعة الرضوان ؟ قال : لا . وإن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى
الأحزاب ليوادعوه
ويسالموه ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بايع له فقال اللهم إني
أبايعك لعثمان ومسح
إحدى يديه على الأخرى . فإن احتج الطاعن بالوقوف في علي وعثمان رضي الله
عنهما بما كان من عمر رضي الله عنه وأنه جعل الأمر شورى بينهم ورأى ذلك
وقفاً من عمر في عثمان وعلي رضي الله عنهم . عورض بأن الذي اعتللت ' به '
يوجب الوقف في علي وطلحة والزبير وسعد فإنك إن احتججت بعمر لزمك فيما
تخالفه من تقديم علي رضي الله عنه على غيره ، مع أن الذي فعل عمر رضي الله
عنه من الوقف محمول على أحسن الوجوه ، وأنه أراد أن يجتهدوا ويتحروا في
الأفضل لما كان يشاهد فيهم من آلات الخلافة ، وأنهم هم الذين كانت الأعين
ممدودة إليهم بالفضل والكمال ، فأحب أن يجتهدوا ليكون المبايع له منهم
أوكد أثرا وأوثق بيعة ، واقتدى فيما فعل النبي صلى الله عليه وسلم
حين لم ينص على خلافة أبي بكر مع علمه
بفضله واستحقاقه ، بل دل على خلافة أبي بكر وتفضيله وسكت عن النص
عليه .
فإن زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكت عن النص على أبي بكر لجهل
كان منه بمكانه
فقد قال عظيماً وهو الذي يقول عليه السلام يأبا الله والمؤمنون إلا أبا
بكر رضي الله عنه وقوله للمرأة إن لم تجديني فأت أبا بكر مع غيره من
الأدلة والبيان في أمره . والدليل على أن عمر رضي الله عنه كان لا يخفى
عليه أن المستخلف بعده عثمان بن عفان رضي الله عنه ( ما يأتي ) .
8
- 108 - حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا محمد بن سهل ، ثنا أبو مسعود ، ثنا أبو
داود ، ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال حججت مع عمر أول خلافة
عمر فلم يشك أن الخليفة بعده عثمان بن عفان رضي الله عنه .
9 - 109
- حدثنا الحسين بن علان ، ثنا أبو خليفة ، ثنا أبو الوليد ، ثنا أبو عوانة
، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن خراش عن حذيفة قال : إني لواقف مع
عمر تمس ركبتي فقال : من ترى قومك مؤمرون قال : إن الناس قد أسندوا أمرهم
إلى ابن عفان . ويقال للطاعن : جعلت سكوت عمر رضي الله عنه في أمر عثمان
حجة
في الوقف في أمره ، فهلا جعلت كلام غيره وقوله فيه حجة له مثل
ما قال علي فيه :
10 - 110 - حدثنا عمر بن محمد بن حاتم ، ثنا جدي محمد بن عبيد الله بن
مرزوق ، ثنا عفان ، ثنا حماد بن سلمة أن علياً قال له : يا مطرف أحب عثمان
يمنعك من إتياننا ، إن أحببته لقد كان أوصلنا للرحم .
11 - 111 -
حدثنا محمد بن أحمد ثنا بشر بن موسى ثنا خلاد بن يحيى ثنا مسعر عن عبد
الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال : خطبنا عبد الله بن مسعود حين
استخلف عثمان فقال : أمرنا خير من بقي ولم نأله .
12 - 112 - حدثنا
أبو حامد أحمد بن محمد ، ثنا محمد بن إسحاق السراج ، ثنا محمد بن الصباح ،
ثنا سفيان ، ثنا مسعر ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن النزال بن سبرة عن عبد
الله بن مسعود قال : ما آلوناكم عن أعلاها فوقاً أو ذي فوق .
13 -
113 - حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبيد بن غنام ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة
، ثنا أبو معاوية ومحمد بن بشر ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن حكيم بن
جابر قال : سمعت عبد الله يقول حين بويع عثمان : ما آلوناها عن أعلاها ذا
قوة .
14 - 114 - حدثنا أبو
حامد أحمد بن محمد بن عبد الله ، ثنا محمد ابن إسحاق الثقفي ، ثنا الجوهري
، ثنا عبد الله بن بشر ، ثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن نافع قال : قال ابن
عمر رضي الله عنه عن علي رضي الله عنه : عثمان كان خيرنا وافقهنا . فإن
اعتل مقدم علي على عثمان رضي الله عنهما أو الواقف في امرهما ، بأن أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلموا في عثمان رضي الله عنه . قيل له : إن
الإجتماع عليه
بالفضيلة والمنقبة والسابقة قد ثبت ، ولا سبيل إلى إزالة ذلك إلا بمثله من
الاجتماع ، ويلزم من تكلم فيه بعد الاجتماع النقض حتى يأتي بحجة يقم بها
قوله ويثبته على غير معارضة ولا خلل . فإن قال : المتكلم في أمره عبد الله
بن مسعود وأنه أنكر عليه في أمر المصاحف . قيل له : عبد الله بن مسعود
دونه في الفضل ، وكيف يقبل قوله بغير حجة ، وهو القائل في أمره حين بويع :
أمرنا خير من بقي ولم نأل ومع ذلك فلو أن الذي أنكر عليه عبد الله متوجه
عليه ، لكان ذلك متوجهاً على من قبله ، وذلك أن عبد الله أشتد عليه تولية
زيد بن ثابت رضي الله عنه في أمر المصاحف ، وما استن عثمان رضي الله عنه
في ذلك أبي بكر وعمر رضي الله عنهما حين أمرا زيد بن ثابت بنسخ المصاحف
وكان عبد الله يحضرهما ،
فلو كان الإنكار من عبد الله حقاً لكان لمن ولاه قبل عثمان ألزم
.
15 - 115 - حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ،
ثنا إبراهيم بن سعيد ، عن الزهري ، أخبرني عبيد بن السباق ، أن زيد ابن
ثابت حدثه قال : أرسل إلي أبو بكر رضي الله عنه مقتل أهل اليمامة وإذا
عنده عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : أنت رجل عاقل قد ( كنت ) تكتب
الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،
لا نتهمك واجمع القرآن
.16 - 116 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن سعد ، عن ابن شهاب ، قال أخبرني عبيد الله ابن عبد الله ( بن عتبة أن ابن ) مسعود قال : يا معشر المسلمين أعزل عن نسخ كتاب الله ويتولاه رجل ( والله ) والله لقد أسلمت وأنه لفي صلب رجل كافر يريد زيد بن ثابت . قال ابن شهاب فبلغني أنه كره ذلك من قول ابن مسعود رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإن اعتل : بتوليته الوليد بن عقبة ، وأنه سكر فصلى الصبح أربعا
قيل له : وما على عثمان رضي
الله عنه من فعل الوليد ، قد ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الناس
على الصدقة ففسق
، فأنزل الله تعالى فيه ( . . إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) الآية . فلا
يلحقه في ذلك إلا ما لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم ولي عمر بن
الخطاب قدامة بن مظعون ، دلكم ؟ فشرب الخمر متأولا ، فأمر عمر رضي الله
عنه بحده ، وقدامة من أولي السابقة والفضل من أهل بدر ، فلم يلحق عمر من
فعله شيئاً بعد أن حده ولذلك عثمان رضي الله عنه قد أقام الحد على الوليد
بن عقبة .
17 - 117 - حدثنا فاروق الخطابي ، ثنا أبو مسلم الكجي ،
ثنا مسلم ابن إبراهيم ، ثنا عبد العزيز بن المختار ، ( حدثنا مولى بن عارم
الدناج ، ثنا حضين بن المنذر قال : شهدت عثمان بن عفان رضي الله عنه وأتى
بالوليد بن عقبة وصل بأهل الكوفة أربعاً وقال : أزيدكم فشهد عليه حمران
ورجل آخر ، شهد أحدهما أنه رآه يشربها ، وشهد الآخر رآه يقيئها قال فقال
عثمان رضي الله عنه إنه لم يقيئها حتى شربها ، وقال عثمان لعلي رضي الله
عنهما : قم فاجلده ، فقال علي رضي الله عنه لعبد الله بن جعفر : أقم عليه
الحد ، فأخذ السوط فجعل يجلده وعلي عليه السلام يعده حتى بلغ أربعين ،
فقال : أمسك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلد أربعين ، وجلد أبو بكر
رضي الله عنه
أربعين ، وجلد عمر رضي الله عنه ثمانين ، وكل سنة .
18 - 118 - حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد ، ثنا أحمد بن مسرد ثنا محمد بن
يحيى ، ثنا أحمد بن شبيب بن سعيد ثنا أبي عن يونس ، عن ابن شهاب عن عروة
عن عبد الله بن عدي بن الخيار ، أنه كلم عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال
: وأما في شأن الوليد بن عقبة فسآخذ منه بالحق إن شاء الله ، ثم دعا علياً
رضي الله عنه فأمره أن يجلده فجلده ( . . . . ) . وقد ولى رسول الله صلى
الله عليه وسلم
ابن اللتبية واستعمله على الصدقات فجاء بمال وسواد كثير لم يدفعه إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم وقال : هذا مما أهدي إلي فعز له رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأخذ ما معه .
وولى علي بن أبي طالب ( . . . . ) المختار بن أبي المداين . فأتاه بصرة
فقال : هذا من أجور المؤمنات فقال علي ( . . . . . . ) قاتله الله لو
شق عن على قلبه لوجده ملأنا من حب اللاة والعزى ، وهو أفسق من الوليد بن عقبة ، فأخذ المال ولحق بمعاوية . وكان علي رضي الله عنه يظهر الجزع في بعض الأوقات مما يلقى من ولاية أصحابه وما كان يظهر له من عصيانهم وخلافهم وكان يقول : وليت فلانا فأخذ المال ، ووليت فلاناً فخانني حتى لو وليت رجلاً علاقه سوطي لما ردها إلي . فإذا طعن على عثمان رضي الله عنه بما كان من عبد الله بن مسعود وأبي ذر من إتمام الصلاة بمنى وأنه صلاها أربعاً . قيل له : كان إنكارهما خلاف الحق لما تابعاه ووافقاه فقيل لهما في ذلك فقالا : الخلاف شر . وقد رأى جماعة من الصحابة اتمام الصلاة في السفر منهم : عائشة رضي الله عنها وعن أبيها ، وعثمان رضي الله عنه ، وسلمان رضي الله عنه ، وأربعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإن الذي حمل عثمان رضي الله عنه على الاتمام ، أنه بلغه أن قوماً ، من الأعراب ممن شهدوا معه الصلاة بمنى ، رجعوا إلى قومهم فقالوا : الصلاة ركعتان كذلك صليناها مع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه بمنى ، فالأجل ذلك صلى أربعاً ليعلمهم ما يستنوا به ، للخلاف والاشتباه .
وكذلك فعل عمر رضي الله عنه في أمر الحج . نهاهم عن التمتع وأن يجمعوا بين الحج والعمرة في أشهر الحج ، مع علمه ومشاهدته لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جمع بينهما ، وكان ابنه عبد الله يخالفه ويقول : سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع ، وتابعه أبو موسى الأشعري وعامة الصحابة على ترك الجمع بين الحج والعمرة مع علمهم بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإقامته على الإحرام حين دخل مكة معتمراً حتى فرغ من إقامة المناسك ولم يعدوا ذلك خلافاً من عمر رضي الله عنه ولم يظهروا إنكاراً عليه ، ولو كان ذلك موضع الإنكار لأنكروه ولما تابعوه على رأيه . فإن عاد للطعن عليه بأنه أمر للناس بالعطاء من مال الصدقة وأن الناس أنكروه . قيل : عثمان أعلم ممن أنكر عليه . وللأئمة إذا روأوا المصلحة للرعية في شيء أن يفعلوا ولا يجعل إنكار من جهل المصلحة حجة على من عرفها ، ولا يخلو زمان من قوم يجهلون وينكرون الحق من حيث لا يعرفون ، ولا يلزم عثمان رضي الله عنه فيما أمر به إنكار لما رأى من المصلحة ، فقد فرق
رسول الله صلى الله عليه وسلم
غنائم حنين في المؤلفة قلوبهم يوم الجعرانة وترك الأنصار لما رأى من
المصلحة ، حتى قال قائلهم تقسم غنائمنا في الناس وسيوفنا تقطر من دمائهم ،
فكان الذي دعاهم إلى الإنكار على ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
قلة معرفتهم بما
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المصلحة فيما قسم ، وكان أعظم من
إنكار من أنكر على
عثمان رضي الله عنه لأن مال المؤلفة من الغنيمة فلا يلزم عثمان رضي الله
عنه من إنكار من أنكر عليه شيئاً ، إلا ما لزم رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين رأى
المصلحة فيما فعل ، إقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم . فإن قال قائل :
إنما الذي أعطى
رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخمس . قيل له : لو كان من الخمس لما
أنكرت عليه
الأنصار ذلك ، ولما قالت غنائمنا ولقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
لم أنكرتم إنما
أعطيتهم من مال الله ، ألا تراه صلى الله عليه وسلم استمال قلوبهم حين قال
لهم : ألا
ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
بيوتكم قالوا :
رضينا .
19 - 119 - حدثنا سليمان بن أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم
الدبري عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أخبرني أنس بن مالك أنا ناساً
قالوا يوم حنين حين أفاء الله على رسوله أموال هوازن فطفق النبي صلى الله
عليه وسلم يعطي
رجلاً من قريش المائة من الإبل كل رجل منهم فقالوا غفر الله لرسول الله
صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم . قال أنس
: فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم
في قبة من آدم ولم يدع معهم أحداً
غيرهم فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ' ما حديث
بلغني عنكم ؟ '
فقالت الأنصار وأما ذوو آرائنا فلم يقولوا شيئاً ، وأما أناس منا حديثة
أسنابهم فقالوا كذا وكذا للذي قالوا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
إنما أعطي رجالاً
حدثاء عهد بكفر أتألفهم وقال - لهم : أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال
وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم ، فوالله لما تنقلبون
به خيراً مما
ينقلبون قالوا أجل يا رسول الله قد رضينا فقال لهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة
فاصبروا حتى تلقوا الله
ورسوله وإني فرطكم على الحوض ، قال أنس فلم يصبروا . فإذا طعن وقال ، ضرب
عماراً . قيل له : هذا غير ثابت عنه ، ولو ثبت ذلك فللأئمة أن يؤدبوا
رعيتهم إذا رأى واجباً لهم ، فإن كان ذلك ظلماً ألا ترى أن النبي صلى الله
عليه وسلم اقتص
على نفسه وأقاد ، وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أدبارعيتيهما باللطم
والدرة فأقادا من نفسيهما ، وأما عثمان رضي الله عنه فنقم عليه ما لم ينقم
على واحد منهم .
20 - 120 - حدثنا أبو ' بكر ' محمد بن الحسن ، ثنا
بشر بن موسى ، ثنا عبد الصمد بن حسان ، ثنا عمار بن زادان ، عن زبان
البصري عن أنس قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل ردعة من
صفرة ، فهوى إلى
بطنه بخشبة في يده فأصاب صدره فجرحه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : '
ما لأحد فضل على
أحد ثم رفع قميصه ' فقال : تعال فاقتص .
21 - 121 - حدثنا القاضي أبو أحمد إملاء ثنا أحمد بن محمد بن عاصم ثنا
إسحاق بن راهويه ثنا النضر بن شميل عن ابن عوف عن أبي هارون العبدي عن أبي
سعيد الخدري قال : كان ' رجل ' فيه ضعف يريد أن يكلم النبي صلى الله عليه
وسلم فيضعف أن
يكلمه عند الناس فأخذ بوقا بزمام ناقته فاقل رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ' دعها
وأناله بشيء كان معه ' ، فقال هأنا اقتص . وروى شعبة قال : أخبرني محمد بن
حصين . قال : سمعت طارق بن شهاب يقول : أتى رجل أبا بكر رضي الله عنه
يستحمله ، قال : فلطمه أبو بكر رضي الله عنه فقال الناس : ما رأينا كاليوم
، ما رضي أن منعه حتى لطمه ، فقال أبو بكر رضي الله عنه أتاني يستحملني
فحملته فباذني أنه تتبعه ، فقال له أبو بكر رضي الله عنه دونك فاقتص فعفى
عنه .
22 - 122 - حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا محمد بن سهل ، ثنا أبو
مسعود ، ثنا أبو أسامة ، عن إسماعيل بن أبي خالد أخبرني قيس بن أبي حازم
قال أخبرني المغيرة بن شعبة قال : كنت عند أبي بكر رضي الله عنه فقال له
رجل من الأنصار : أنا خير منك فارساً ومن أبيك فغضبت لما قال ذلك لخليفة
رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فقمت إليه فأخذت برأسه فكببته على أنفه فكأنما كان غزو
فرأيته فتواعدني الأنصار أن يستقيدوا مني ، فقام أبو بكر رضي
الله عنه
خطيباً فقال والله لئن أخرجهم من ديارهم أقرب من أن أقيدهم من ودعه الله
الدين من يرغبون عن الله ؟
23 - 123 - حدثنا سليمان بن أحمد ثنا
يوسف القاضي ثنا عمرو بن مرزوق ، ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن سعيد بن
المسيب قال : خرجت جارية لسعد يقال لها زيراً وعليها قميص جميلة فكشفتها
الريح فشد عليها عمر رضي الله عنه بالدرة ، وجاء سعد ليمنعه ، فتناوله
بالدرة فذهب سعد يدعو على عمر رضي الله عنه ، فناوله عمر الدرة وقال :
اقتص ، فعفى عن عمر رضي الله عنه . وقد ضرب أيضاً أبي بن كعب ، ورأى جماعة
يتبعون عتبة فقال : إنه مذلة للتابع وفتنة للمتبوع . فإن قال : عثمان رضي
الله عنه لم يقتص من نفسه . قيل له : كيف وقد بذل من نفسه ما لم يبذله أحد
.
24 - 124 - حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن سنان ، ثنا محمد بن
إسحاق ، ثنا سعيد بن يحيى ، ثنا أبو أسامة ، عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن
أبيه قال : سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول : هاتان رجلاي فإن وجدتم
في كتاب الله أن تضعوهما في القيد فضعوهما .
25 - 125 - حدثنا أبو
يحيى محمد بن الحسين ، ثنا محمد بن يونس ، ثنا وهب بن جرير ثنا أبي ، ثنا
شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه قال : أشرف علينا عثمان يوم الدار
فقال : يا قوم إن وجدتم في كتاب الله أن تضعوا رجلي في قيد فضعوها .
فإن زعم أن عثمان رضي الله عنه أعطى من بيت مالهم من لم يكن له
فيه حق .
قيل له : لم يثبت ذلك من وجه الصحيح بل قاله من قال ظناً وكيف يقبل هذا
على عثمان رضي الله عنه وهو من أكثر الناس مالاً وأبذلهم وأكثرهم عطية
ومعروفاً ، مع أن الأيام لا تخلو من جهال يقولون ما لا يعلمون .
26
- 126 - حدثنا فاروق الخطابي ثنا أبو مسلم الكجي ، ثنا سليمان ابن حرب ،
ثنا شعبة ، عن سليمان ، عن أبي وائل عن عبد الله قال : قسم رسول الله صلى
الله عليه وسلم
يوماً قسماً ، فقال له رجل إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله قال :
فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه ،
ثم قال : '
رحمنا الله وموسى قد أوذي بأكثر من ذلك فصبر ' .
27 - 127 - حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب ثنا إبراهيم بن سعدان ثنا بكر بن
بكار ، ثنا عبد الحميد بن جعفر ، ثنا عمران بن أبي المنذر عن عمر بن الحكم
عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رجلاً انتهى إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوم
حنين وهو يقسم تبرا فقال : يا محمد إعدل ، قال : ويحك ومن يعدل إذا لم
أعدل .
فرسول رب العالمين كان يلقى من الجهال بأمر الله ، ويصفون أمره وفعله على غير الوجه الذي وصفه ، فكيف عثمان رضي الله عنه ومن دونه . فإن زعم أنه ولى رجلاً لم يستحقوا الولاية وذكر الوليد بن عقبة وسعيد ابن العاص وعبد الله بن عامر غيرهم .
قيل له : فمن زعم أن هؤلاء لم يعدلوا . فإن ذكر ما تبين من فسق
الوليد بن
عقبة . قيل له : فمن أين كان فسق غيره ، لإن جاز لكم ادعاء الفسق من ولاه
، ليجوزن ذلك لغيركم في عمر وعلي رضي الله عنهما . فقد ولى عمر المغيرة بن
شعبة على البصرة فرمي بما لم يثبت . وولى أبا هريرة البحرين فقالوا : خان
مال الله . وولى قدامة البرحين فشرب . وولى علي رضي الله عنه الأشتر وأمره
ظاهر . وولى الأحنف فأخذ المال وهرب . فلم خصصتم عثمان رضي الله عنه
بالإنكار ، وقد ولى كما ولى أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، مع أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قد ولى زيد بن ثابت بن حارثة فطعن بعض الناس في
إمرته حتى قام
خطيباً منكراً عليهم فيما طعنوا عليه وقالوا فيه وفي أسامة ابنه رضي الله
عنهما .
28 - 128 - حدثنا الحسين بن أحمد بن المخارق ، ثنا الحسين
بن حمزة ثنا قتيبة بن سعيد ، وإبراهيم بن يوسف قالا ، ثنا إسماعيل بن جعفر
عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم '
وبعث ' بعثاً وأمر عليهم أسامة بن زيد فطعن الناس في إمرته ، فقام رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال : ' إن كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل ،
وأيم الله إن كان
خليقاً للإمارة ، وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي
بعده ' .
وإنما سوغ الناس مقالتهم
إلى عثمان للينة في جانبه فاجترؤا عليه وكثر في أيامه من لم يصحب الرسول
وفقد من عرف فضل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين . فإن طعن المخالف بأن
عثمان رضي الله عنه أخرج أبا ذر إلى الربذة . قيل له : لم يكن ذلك من
عثمان نفياً ، هو أعدل وأفضل من أن يفعل بالأفاضل من الصحابة ما لا
يستحقون ، أو ينالهم بمكروه ، وإنما كان هذا من عثمان تخيير لأبي ذر رضي
الله عنه لأنه كان كثير الخشونة لم يكن يداري من الناس ، وكان غيره يداري
، فخيره عثمان رضي الله عنه بعد أن استأذنه في الخروج من المدينة فاختار
الربذة ليتباعد نزوله عن الناس ومعاشرتهم والدليل على ذلك :
29 -
129 - ما حدثنا به أبو إسحاق بن حمزة ، حدثني حامد بن شعيب ثنا سريج . . .
ثنا حصين عن زيد بن وهب قال : مررت بالربذة فقلت لأبي ذر رضي الله عنه :
ما أنزلك هذا المنزل ؟ فقال : أخبرك : إني كنت بالشام فتذاكرت أنا ومعاوية
هذه الآية : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها ) الآية . فقال
معاوية : هذه نزلت في أهل الكتاب وقلت أنا : هي فيهم وفينا ، فكتب معاوية
إلى عثمان رضي الله عنه في ذلك فكتب إلي أن أقدم علي ، فقدمت عليه .
فانثال على الناس كأنهم لم يعرفوني فشكوت ذلك إلى عثمان .
رضي الله عنه ، فخيرني فقال : إنزل حيث شئت . فأخبر أبو ذر عن نفسه أنه هو الذي اختار واستأذنه في الخروج لما يلقى من الناس وانثيالهم عليه واجتماعهم عنده وكان يخاف الافتتان بهم ويحذرهم ؟ ؟
وما احتجوا من حديث الشيعة الذي هو ضد حديث الحصين . قيل : أن حديثكم لا يدفع من حديث حصين الثابت لما فيه من الاختلاف ، فإنه جعل إشخاص أبي ذر رضي الله عنه من الشام وحبسه بالمدينة طعناً على عثمان رضي الله عنه . قيل له : للأئمة إذا أحسوا باختلاف وفتنة أن يبادروا إلى حسمها وحبسها ، وقد فعل ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وحبس جماعة من الصحابة عنده بالمدينة ومنعهم من الخروج من المدينة ومنعهم أيضاً أشياء كانت لهم مباحة من الملابس وغيرها خوفاً أن يتأسى من لا علم له ولا ورع فيهم بذلك على ما ليس له أن يتناوله . والدليل على ما ذكرنا .
30 - 130 - ما حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا عبد الله بن أحمد بن
حنبل ، ثنا أبي ، ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن
أبيه ، وثنا محمد بن المظفر ، ثنا محمد بن صالح ، ثنا إسحاق ابن موسى ،
ثنا معمر بن عيسى ، ثنا مالك ، عن عبد الله بن إدريس ، عن شعبة ، عن سعد
بن إبراهيم عن أبيه قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعبد الله بن
مسعود ، ولأبي ذر ، ولأبي الدرداء ، أما هذا الحديث عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال
: وأحسبه لم يدعهم يخرجون من المدينة حتى مات . وقال مالك : حبس أبا هريرة
وأبا ذر وابن مسعود ، وغيرهم حتى قتل ، وقال ما هذه الأحاديث التي
تحدثونها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
31 - 131 - حدثني سليمان بن أحمد ، ثنا
يوسف بن يزيد ، ثنا أسد ابن موسى ، ثنا معاوية بن صالح ، حدثني ربيعة بن
يزيد ، عن عبد الله بن عامر اليحصبي ، قال : سمعت معاوية على المنبر بدمشق
يقول : أيها الناس إياكم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديث
كان يذكر على عهد
عمر رضي الله عنه ، فإن عمر رضي الله عنه كان رجلاً يخيف الناس في الله .
فإن احتجوا بما روى الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام ، عن حذيفة قال : لا
يلي بعد عمر رضي الله عنه إلا صغير أبتر مولى الحق اسنه . قيل لهم : إنما
تطعنون بهذا على علي وعثمان رضي الله عنهما ، مع أن الذي رواه شعبة يخالفه
وهو أثبت من الأعمش وقد يدلس الأعمش في أشياء ( . . . وشعبة عنه وهو :
32 - 132 - ما حدثنا أبو حاتم أحمد بن محمد بن سنان ، ثنا محمد ابن إسحاق
الثقفي ، ثنا أبو قدامة عبد الله بن سعيد ، ثنا عبد الرحمن ، حدثني شعبة ،
عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، قال لما قتل عثمان رضي الله عنه قال
حذيفة : لن تروا بعده إلا أصغر وابتر وعلى الآخر فالآخر شر مع
أن قول حذيفة لا يوجب حجة إلا أن مستنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما إذا قال من ذاته فهو رأي يخطئ فيه ويصيب . فإن احتجوا برواية الروافض وعلمائهم ، أن حذيفة وعماراً رضي الله عنهما روي عنهما قالا في ( . . . ) كافر أو أن طلحة فيمن حصره ، وأن علياً أعان على قتله ومالا ( . . . . ) . وأن الناس خذلوا وأسلموه ، وغير ذلك من حماقات الروافض عليهم لعنة الله والملائكة . قيل لهم : أزعمتم أن عثمان كفر ؟ فإن قالوا : لا ، قيل لهم : فقد بان خطأ من قال كافر بلا حجة ، وقول من تحمله الحمية والغضب على القول بما غيره أولى منه ( . . . . . . ) وإن قول حذيفة لا يخلو من أحد شيئين إن كان قاله : إما كان مصيباً فيما قاله ، أو مخطئاً . فإن أصاب فلا بد أن تطلقوا القول بتكفير عثمان ( رضي ) الله عنه ، أو تخطؤه فيما قاله إن قاله فلا تحتجوا به . ولو قبلنا قول من يتكلم في حال غضب ويقول عن موجدة وحمية وردد نابه ما ثبت من الفضل والكمال السابقين لعثمان رضي الله عنه ، واجتماع المسلمين عليه واختيارهم له ، كان ذلك مؤدياً إلى إزالة الفضل وسقوط المرتبة لكل من تقدمه وتأخره من الصحابة إذ لم يسلم واحد منهم من معاتب وواجد عليه . وقد قيل : ولو أن امرأ كان أقوم من قدح لوجدت له غامزاً . ولن تعدم الحسناء ذاماً . والدليل على أن ما روى عن حذيفة إن كان محمولاً على ما ذكرناه .
33 - 133 -
ما حدثناه أبو بكر بن أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن
إبراهيم الدورقي ، ثنا مسدد ، ثنا أبو الأحوص ، ثنا أبو يحيى ، عن أبي
المغيرة ، عن حذيفة قال : شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذرب
لساني ، فقال : أين
أنت من الاستغفار إني لأستغفر الله تعالى كل يوم مائة مرة . وأما طلحة رضي
الله عنه :
34 - 134 - فحدثنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب ، ثنا
محمد بن إسحاق السراج ، ثنا محمد بن الصباح ، أخبرنا سفيان عن إسماعيل بن
أبي خالد ، عن حكيم بن جابر قال : قال طلحة يوم الجمل قال اللهم إن كنا
أدهنا في أمر عثمان رضي الله عنه وإنا لا نجد من الممانعة اللهم فخذ
لعثمان مني حتى يرضى . فأما قول علي رضي الله عنه فيه وفي قتله :
35
- 135 - فحدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا عارم ، ثنا
حماد بن زيد ، ثنا مجالد بن سعيد ، عن عمير بن زودي ، قال خطبنا علي بن
أبي طالب كرم الله وجهه فقطعوا عليه خطبته فقال : ألا إنما وليت يوم قتل
عثمان رضي الله عنه ، ثم ضرب لهم مثلاً في الأثوار والأسد اجتمعوا في أجمة
.
36 - 136 - حدثنا أبو بكر الطلحي ثنا الحسين بن جعفر القثاب ثنا
منجاب ثنا شريك عن عبد الله بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
قال : رأيت
علياً كرم الله وجهه عند أحجار الزيت وهو رافع إصبعه وهو يقول : اللهم إني
أبرأ إليك من دم عثمان رضي الله عنه .
37 - 137 - حدثنا أبو علي
محمد بن أحمد ثنا بشر بن موسى ثنا خلاد ابن يحيى ، ثنا مسعر ، عن ابن عوف
، عن محمد بن حاطب قال : ذكروا عثمان رضي الله عنه فقال الحسن ( . . . )
مخبركم قال فجاء علي رضي الله عنه فقال :
كان عثمان رضي الله عنه من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا
وأحسنوا
والله يحب المحسنين . رواه سفيان بن عيينة عن مسعر مثله .
38 - 138
- حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا محمد بن يونس ، ثنا هارون ابن إسماعيل ثنا
قرة بن خالد ، عن الحسن ، عن قيس بن عباد ، قال : سمعت علياً رضي الله عنه
يوم الجمل يقول : اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان رضي الله عنه ، ولقد
طاش عقلي يوم قتل وانكسرت نفسي ، وجاؤني للبيعة فقلت : والله إني لأستحي
من الله تعالى أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ' لا
أستحي ممن تستحيه الملائكة وإني لأستحي من الله تعالى أن أبايع وعثمان
قتيل على وجه الأرض لم يدفن بعد .
39 - 139 - حدثنا سليمان بن أحمد
، ثنا محمد بن النضر ، ثنا معاوية ابن عمرو ، ثنا زائدة ، ثنا إسماعيل بن
أبي خالد ، عن قيس قال : سمعت سعيد بن زيد يقول : والله لو انقض أحد فيما
فعلتم بابن عفان لكان محقوقاً أن ينقض .
40 - 140 - وحدثنا أبو حامد أحمد بن محمد ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ،
ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا سفيان ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عبد
الله بن عدي بن الخيار ، عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها وصلى الله على
بعلها ونبيها أنها كانت ذكرت عثمان بن عفان رضي الله عنه فبكت حتى ابتل
خمارها ثم تقول : ما تمنيت لعثمان شيئاً إلا أصابني حتى إني لو تمنيت أن
يقتل قتلت . ؟ ؟
41 - 141 - حدثنا سليمان بن أحمد قال ثنا الخليفة ؟
؟ ثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، ثنا حازم بن أبي حازم ، عن أبي الأسود قال
: سمعت طلق بن حسان يقول وفدنا إلى المدينة للنظر فيم قتل عثمان رضي الله
عنه ، فلما قدمنا مررنا ببعض آل علي رضي الله عنه ، وبعض آل الحسين بن على
رضي الله عنه ، وبعض آل أمهات المؤمنين . فانطلقت إلى عائشة رضي الله عنها
وعن أبيها وصلى الله على بعلها ونبيها فسلمت عليها فردت السلام وقالت : من
الرجل ؟ قلت من أهل البصرة ، قالت : من أي أهل البصرة ؟ قلت بن بكر بن
وائل . قالت : من أبي بكر بن وائل ؟ قلت : من بني قيس بن ثعلبة . فقالت من
أهل فلان ؟ فقلت لها يا أم المؤمنين ، فيم قتل عثمان أمير المؤمنين رضي
الله عنه ؟ قالت : قتل والله مظلوماً لعن الله قتلته أقاد الله من ابن '
أبي ' بكر به وساق الله إلى أعين بني تميم هوانا في بيته ، وإهراق الله
دماء بني ( بديل ) على ضلاله .
وساق الله إلى الاشتر سهما من سهامه ، فوالله ما من القوم رجلاً
إلا أصابته دعوتها .
42 - 142 - حدثنا أحمد بن سنان ، ثنا أبو العباس الثقفي ، ثنا إسماعيل بن
أبي الحارث ، ثنا كثير بن هشام ، عن جعفر بن برقان ، ثنا العلاء ابن عبد
الله بن رافع ، عن ميمون بن مهران ، قال : قال ، حذيفة لما قتل عثمان بن
عفان رضي الله عنه : كذا وحلق بيده ' يعني عقد عشرة ' ، فتق في الإسلام
فتق لا يرتقه جبل . وأما إعلالهم بترك إنكار الصحابة رضي الله عنهم على من
حصروه فلقد شرعوا إلى الإنكار عليهم واستعدوا لمدافعتهم ومقاتلتهم ، ولكن
لم يظهر القوم قتله وإنما أظهروا المعيبة ، ومع ذلك فلم يكن لهم أن
يستبدلوا برأي في أمرهم إلا بأمر من خليفتهم وأميرهم عثمان رضي الله عنه ،
وكان يمنعهم من ذلك ، ويعزم عليهم أن لا يراق فيه محجم من دم . ولقد
أنكروا وبالغوا في الإنكار ، منهم زيد بن ثابت وعبد الله بن سلام وابن عمر
، وأبو هريرة ، والمغيرة بن شعبة وابن الزبير وابن عامر وغيرهم . فأما
الحسن بن علي عليهما السلام فقد حمل يومئذ ( . . . ) .
43 - 143 - حدثنا أبو حامد الصائغ ، ثنا أبو العباس السراج ، ثنا عبد الله
بن عمر ، ثنا عبد الله بن خراش الشيباني ، ثنا العوام بن حوشب ، عن سعيد
بن جبير ، عن جبلة ابن سحيم ؟ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه دخل على
عثمان رضي الله عنه يعرض نصرته ويذكر بيعته فقال : أنتم في حل من بيعتي
وفي حرج من نصرتي فإني لأرجو أن ألقى الله سالماً مظلوماً .
44 -
144 - حدثنا أبو حامد ، ثنا أبو العباس ، ثنا محمد بن عمرو الباهلي ، ثنا
ابن أبي عدي ، عن ابن عون ، عن نافع قال : ليس ابن عمر يومئذ الدرع مرتين
.
45 - 145 - حدثنا أبو حامد ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن
عمرو ، ثنا ابن أبي عدي ، عن ابن عون ، عن محمد قال : لقد قتل وإن في
الدار سبعمائة رجل ، منهم الحسين بن علي عليه السلام ، وعبد الله بن
الزبير ، قال محمد ، ولو أذن لهم لضربوهم حتى يخرجوهم من أقطار المدينة .
46 - 146 - حدثنا ابن أبي عدي ، عن معبد ، عن يعلى بن حكيم عن نافع قال :
كان ابن عمر عند عثمان رضي الله عنه يوم قتل وهو متقلد سيفه حتى عزم عليه
عثمان مخافة أن يقتل ، وكان الحسين بن علي حتى عزم عليه عثمان مخافة أن
يقتل .
47 - 147 - حدثنا أبو
إسحاق إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم ، ثنا قتيبة بن
سعيد ، ثنا جرير عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
، لما كان يوم الدار قلت لعثمان : يا أمير المؤمنين اليوم طاب أم ضرب ؟
فقال : يا أبا هريرة تحب أنك قتلتني وقتلت الناس جميعاً ؟ قلت : لا ، قال
: فإنك إن قتلت منهم رجلاً فكأنك قتلت الناس جميعاً .
48 - 148 -
حدثنا أحمد بن محمد بن جبلة ؟ ؟ ثنا زياد بن أيوب ، ثنا ابن علية ، ثنا
أيوب ، ثنا عبد الله بن أبي مليكة ، عن عبد الله بن الزبير قال : قلت
لعثمان رضي الله عنه يا أمير المؤمنين معك في الدار عصابة مستنصرة ينصر
الله عز وجل بأقل منهم فأذن لي فالأقاتل ، فقال أنشدك الله أو قال أذكر
بالله رجلاً اهراق في دمه أو قال دماً .
49 - 149 - حدثنا أبو
القاسم سليمان بن أحمد ، ثنا أبو مسلم الكجي ، وعلي بن عبد العزيز ،
والحسن بن المثنى ، قالوا ثنا عارم ثنا الصعق ابن حزن ، ثنا قتادة ، عن
زهدم الجرمي قال : خطب ابن عباس رضي الله عنه فقال لو أن الناس لم يطلبوا
بدم عثمان لرجموا بالحجارة من السماء .
50 - 150 - حدثنا أبو بكر
ومحمد بن أحمد ، ثنا محمد بن سهل ، ثنا المسعودي ، ثنا أبو نعيم ، عن
الأعمش ، عن ثابت بن عبيد ، عن أبي جعفر
قال : لما قتل عثمان ، قال علي : ما صنع بالرجل قالوا : قتل .
قال : تباً
لهم آخر الدهر . فأما ادعاؤهم على طلحة كان فيمن حصره . قيل : كيف يقبل
هذا على طلحة وهو الذي يلعن قتلة عثمان مع عائشة رضي الله عنها وعن أبيها
ومن معها صباحاً مساء ومع ذلك هو الذي يقول : اللهم خذ مني لعثمان حتى
يرضى . ثم يقال لهم : هل يجوز أن يفعل طلحة فعلاً الحق في غيره ؛ أو كلما
فعله كان حقاً وصواباً . فإن قالوا : كل أفعاله حق وصواب . فقد أنزلوه
منزلة النبي صلى الله عليه وسلم . وما كان منه من خروجه من البصرة وتنكبه
عن الحجاز
وتباعده من المدينة عن بيعة علي ، ماذا أيضاً حقاً وصواباً وهذا ما لا
يقوله . وإن كان بعض ما يفعله حقاً وبعضه خطأ فالاحتجاج بقوله في حال
الرضا أولى مما يقوله في حال الغضب ، فلو اتبعتم في أمره ما ثبت عن الرسول
صلى الله عليه وسلم في مناقبه وفضائله الذي لا يجوز الخطأ عليه ولا في
مقالته كان أولى من
احتجاجكم بقول من جوزتم الخطأ عليه وفي قوله . فإن قالوا : وما الذي قال
فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لكم فيه حجة . قيل له :
51 - 151 - ما حدثناه
أبو حفص الخطابي ، ثنا أبو مسلم الكجي ، ثنا سليمان بن حرب ، ثنا حماد ،
عن أيوب عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث
قال : سمعت خطباء بالشام في الفتنة ، فقام رجل يقال له مرة بن
كعب فقال :
لولا حديثه سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أقم ، سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة
كائنة ، فمر رجل مقنع فقال : عثمان وأصحابه يومئذ على الهدى فإذا عثمان
رضي الله عنه .
52 - 152 - حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا أبو بشر بن
حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا حماد بن سلمة ، عن زيد وحماد بن زيد كلاهما عن
سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق العقيلي عن عبد الله بن حوالة الأزدي
قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل دومة وعنده كاتب
يملي عليه مم قال
: يا بن حوالة كيف أنت إذ نشأت فتنة فذكرها قلت : ( لا أدري ) ما خار الله
ورسوله ، قال : فمر برجل متقنع فقال : هذا وأصحابه يومئذ على الحق ،
فأتيته فأخذت بمنكبه وأقبلت بوجهه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت
: هذا يا رسول
الله ؟ قال هذا فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه .
53 - 153 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا خالد
بن الهيثم ، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، حدثني موسى بن عقبة ، عن جده
أنه سمع أبا هريرة يقول : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فحذر
منها فقالوا يا
رسول الله فما تأمر من أدركها منا قال عليكم بابن . . . وأصحابه يعني
عثمان ابن عفان رضي الله عنه .
54 - 154 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ،
ثنا الحارث بن أبي أسامة ، وثنا عبد الله الحسن بن بندار ثنا محمد بن
إسماعيل ، قال ثنا روح بن عماد ، ثنا سعد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس
رضي الله عنه قال : صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحداً أو حراء ومعه أبو
بكر وعمر وعثمان
رضي الله عنهم فرجت الجبل فقال : ' أثبت أحد فإن عليك نبي وصديق وشهيدان '
.
55 - 155 - حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا
الحميدي ، ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن إسماعيل بن أبي صالح ، عن
أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، كان على صخرة حراء
فتحركت فقال : إسكني فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ، وكان عليها رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير .
56 - 156 - حدثنا
سليمان بن أحمد ثنا بكر بن سهل ثنا عبد الله بن صالح . . . ثنا أبو زيد .
. . ثنا أسد بن موسى ، قالا ثنا معاوية بن صالح ، عن ربيعة بن يزيد ، عن
عبد الله بن عامر ، أن النعمان بن بشير حدثه قال : قالت عائشة رضي الله
عنها وعن أبيها وصلى الله على بعلها ونبيها : ألا أحدثك حديثاً سمعته من
رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : بلى . قالت كنت قاعدة أنا وحفصة يوماً
عنده فأقبل
عثمان فجلس إليه فأقبل إليه بوجهه وحدثه قالت فسمعته يقول : يا عثمان إن
الله عز وجل مقمصك قميصاً فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه يقول ذلك ثلاث
مرات . فهذه الأحاديث دالة على أن أحداً من الصحابة لم ينكر على عثمان
منكراً . فإن قال قائل ثبت ( . . . . ) من تكلم في عثمان . قيل له : كذلك
نقول إلا أن من بين الله عز وجل ورسوله عليه السلام .
فضله في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وعمر رضي الله عنهما واجتمع أفاضل الصحابة والمشهود لهم بالجنة على تقديمه وتوليته وإمامته لا يلزمه إلا ما اجتمعوا عليه ( إنه مشى فيه ) مما لا يمكن لعثمان فيه تأويلاً . وأما أن يدفع عثمان عن أن يفعل ويفرط منه فلا . لا سيما ومن كان أفضل منه كان يقع منه ما كان يقع عليه ويرجع عنه ، ولا يلزم الصفوة من الصحابة الذين شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة إلا ما أشهد فيه ، ولا خلاف . وكل من تكلم فيه بسوء لزمه الخطأ حتى يأتي بثبت ما يقوله فيه من الوجه الذي وقع الاتفاق عليه ، والتقديم له ، وإلا فهو المخطئ ولن يخلو أحد من زلة وغفلة . إلا أن الأولى أن نذكر في أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ما نسب الله إليهم من القدر العظيم ، والسوابق القديمة ، والمناقب ، الثواب الجزيل ، والمحاسن المشهورة المذكورة . وقد قص الله تعالى علينا في كتابه أحوال أنبيائه وأصفيائه وأضاف إليهم بعض أفعالهم ، فقال تعالى : ( وعصى آدم ربه فغوى ) . وقال تعالى : ( ولقد همت به وهم بها ) وقال تعالى : ( فوكزه موسى فقضى عليه ) وقال تعالى في داود : ( فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب ) وقال تعالى : ( فغفر له ذلك ) وقال تعالى : ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) .
فعلمنا الاقتداء بهداهم وما مدحوا به
، وأن يمسك عن ذكر ما نسب إليهم من الزلل . فكذلك أتباع أنبيائه وأصحابهم
إنما نذكر محاسنهم التي مدحوا عليها ومراتبهم التي نزلوا عليها ونسكت عما
سواه من الزلل .
56 - 157 - حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان ثنا الحسن
بن سفيان ثنا هدبة ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن
ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من ولد آدم أحد إلا
وقد عمل خطيئة أو
هم بها ليس يحيى بن زكريا .
57 - 158 - حدثنا سيلمان بن أحمد ثنا
علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا مسعر قال : سمعت زياد بن علاقة يقول
سمعت المغيرة بن شعبة يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حتى ترم
قدماه أو قيل
ساقاه فقال له : أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول أفلا
أكون عبداً شكوراً .
58 - 159 - حدثنا محمد بن أحمد ثنا بشر بن موسى
ثنا الحميدي ثنا شقيق حدثني زيد بن علاقة قال سمعت المغيرة بن شعبة يقول :
قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه فقيل له : أليس قد غفر الله
لك ما تقدم من
ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبداً شكوراً .
وقال الله تعالى له : ( عفا الله عنك لم أذنت لهم ) وقال : ( إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم ) . فعفى الله عنهم استزلال الشيطان إياهم عظيم ما كسبوا من قوله : ثم عن الرسول صلى الله عليه وسلم بحضرة العدد . وكذلك عفى عن حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى المشركين يخبرهم بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطلعهم على عورة المؤمنين ، فشهد له بالإيمان فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) وأمر أبا بكر الصديق رضي الله عنه بالعفو عن مسطح ، وحسان فقال : ( ولا يأتل ألوا الفضل منكم والسعة . . ) الآية فأثبت هجرتهم وأثنى
عليهم بها بعد ما كانوا اقترفوا الطاهرة المطهرة حبيبة حبيب الله ثم ما أقام النبي صلى الله عليه وسلم من الحدود على غير واحد من الصحابة من قطع السارق ورجم المعترف بالزنا ماعزا ، وأتي بالنعيمان سكران فأمر بجلده وكان نعيمان من أهل بدر وكل هذا مغفوراً له ، ومسكوتاً عنه لما أولاهم الله تعالى من السوابق الكريمة ، والمناقب العظيمة وشكر لهم وأثنى عليهم بمحاسنهم فقال : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم . . ) الآية . فالواجب على المسلمين في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : إظهار ما مدحهم الله تعالى به وشكرهم عليه من جميل أفعالهم وجميل سوابقهم وأن يغضوا عما كان منهم في حال الغضب والإغفال وفرط منهم عند استزلال الشيطان إياهم . ونأخذ في ذكرهم بما أخبر الله تعالى به فقال تعالى : ( والذين جاءوا
من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان
) الآية
فإن الهفوة والزلل والغضب والحدة والإفراط لا يخلو منه أحد ، وهو لهم غفور
؟ ، ولا يوجب ذلك البراء منهم ، ولا العداوة لهم ، ولكن يحب على السابقة
الحميدة ويتولى للمنقبة الشريفة .
59 - 160 - حدثنا أبو يحيى محمد
بن الحسن ، ثنا محمد بن سليمان ابن أبي الحارث ، ثنا أبو غسان مالك بن
إسماعيل ، ثنا زائدة بن قدامة ، ثنا عمر بن قيس عن عمرو بن أبي قرة ، قال
: كان حذيفة بالمدائن وكان يحدث بأشياء قالها رسول الله صلى الله عليه
وسلم لأناس من
أصحابه في الغضب فينطلق ناس ممن سمع ذلك من حذيفة ، فيأتون سلمان فيذكرون
له قول حذيفة ، فيقول سلمان : هو أعلم بما يقول . فيرجعون إلى حذيفة
فيقولون ذكرنا قولك لسلمان فما صدقك ولا كذابك . فأتى حذيفة سلمان وهو في
مبقلة فقال لسلمان : ما يمنعك أن تصدقني ما سمعت من رسول الله صلى الله
عليه وسلم . فقال
سلمان : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغضب فيقول في الغضب لأناس
من أصحابه ،
ويرضى فيقول في الرضا لأناس من أصحابه أما تنتهي حذيفة حتى تورث رجالاً حب
رجالاً ورجالاً بغض رجال وحتى توقع اختلافاً وفرقة ، ولقد علمت أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال : ' أيما رجل من أمتي سببته سبة أو
لعنته لعنة في غضبي
فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون وإنما بعثني الله رحمة للعالمين
فاجعلها له صلاة يوم القيامة ' . والله لتنتهين أو لأكتب فيك إلى عمر رضي
الله عنه وأرضاه .
60 - 161 -
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين ثنا الحسن بن سفيان ثنا الفضل بن الحسين أبو
كامل ، ثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب ، عن عكرمة عن عائشة رضي الله عنها
وعن أبيها وصلى الله على بعلها ونبيها ، زعم أنه سمع منها أنها رأت أن
النبي صلى الله عليه وسلم يدعو رافعاً يديه يقول : ' اللهم إنما أنا بشر
فلا تعاقبني أيما
رجل من المؤمنين آذيته وشتمته فلا تعاقبني به ' . ورواه الأعمش عن أبي
الضحى عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها .
61 - 162 - حدثنا محمد بن
إبراهيم ثنا أبو يعلى ثنا أبو خيثمة ثنا عمر ابن يونس ، ثنا عكرمة بن عمار
حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، حدثني أنس بن مالك قال : كانت عند
أم سليم يتيمة وهي أم أنس فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اليتيمة )
في البيت فقال :
آنت هيه لقد كبرت لاكبر سنك فرجعت إلى أم سليم تبكي . قال : فضحك رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال : ' يا أم سليم أما تعلمين شرطي على ربي عز
وجل إنني اشترطت
على ربي فقلت : إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر
فأيما عبد دعوت عليه من أمتي دعوة ليس لها . . بأهل أن تجعلها له طهوراً
وزكاة وقربة تقربه بها منك يوم القيامة ' . وكان رحيماً صلى الله عليه
وسلم . ورواه أبو
الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ورواه الأعمش عن أبي سفيان عن جابر وعمرو
بن سليم عن أبي سعيد .
وقد أقاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما من أنفسهما . وإنما يقتد ممن فعل ما ليس له أن يفعل . وثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة أنهم يأتون آدم عليه السلام يوم القيامة فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته ، ويأتون نوحاً فيذكر خطيئته ، ويأتون إبراهيم فيذكر خطيئته ويأتون موسى فيذكر خطيئته . فالنبيون في منازلهم ومراتبهم من الله تبارك وتعالى يذكرون خطاياهم ، ونبينا صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين يقول : ' إنما أنا بشر مثلكم ' . فلا يتتبع هفوات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزللهم ، ويحفظ عليهم ما يكون منهم في حال الغضب والموجدة إلا مفتون القلب في دينه ، ( . . . وقد كان يجري بين الصحابة رضي الله عنهم بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم وفي غيبته فيبلغه من الله تعالى ؟ ) . ذلك الخصام والسباب في حال الغضب والموجدة أشياء فلا يأخذهم به ولا يعيب ذلك عليهم بل يأمرهم بالعفو ويحضهم على التآلف ويطفي ثائرة الغضب وثورة البشرية ، وذلك مثل ما جرى بين السيدين سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وكلاهما من الفضل في الدين بالمحل العظيم حين استعذر النبي صلى الله عليه وسلم من ابن أبي بن سلول وأصحابه الذين خاضوا في الأفك وتكلموا في عائشة رضي الله عنها وعن أبيها وصلى الله وسلم على بعلها ونبيها ، فقام سعد بن معاذ فقال : أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك ، فقام سعد ابن عبادة وكان رجلاً صالحاً ولكن احتملته الحمية فقال لسعد بن معاذ : كذبت والله لا تقتله ولا تقدر على قتله فقام أسيد بن حضير فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لنقتلنه ولكنك معه قائل منافق تجادل عن المنافقين فتثاور
الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ، ويخفضهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى
سكتوا . ما كان بين العباس وعلي وهما كبيرا أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين
تحاكما إلى عمر بن الخطاب . في نظائر ذلك لم يجعل ذلك منهم أبداً أصلاً
ليحتج به عليهم لما عاتبوا ؟ من إكرام بعضهم بعضاً من القول بتفضيله
وتقديمه على نفس في حال الرضا ، فأما حال الغضب والموجودة فلا اعتبار به
ولا حجة فيه .
62 - 163 - حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا عمر بن حفص ،
ثنا عاصم ابن عدي ، ثنا شعبة ، أخبرني يحيى بن حصين ، قال : سمعت طارقاً
يعني ابن شهاب قال : كان بين سعد وخالد كلاماً فذهب رجل يقع في خالد عند
سعد ، فقال : مه إن ما بيننا لم يبلغ ديننا .
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : '
إذا ذكر أصحابي فأمسكوا
' .لم يأمرهم بالإمساك عن ذكر محاسنهم وفضائلهم ، إنما أمروا
بالإمساك عن ذكر
أفعالهم وما يفرط منهم في ثورة الغضب وعارض الموجدة . وقد ثبت عنه رضي
الله عنه ، أن الذين نقموا عليه قد تبرأ الخروج منه والزم الحجة فيهم ، مع
إظهاره الاعتذار ومفارقتهم وانصراف أهل مصر عنه راضون فيما :
63 -
164 - حدثنا أحمد بن محمد بن جبلة الصائغ ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ،
ثنا يعقوب بن إبراهيم ، وأحمد بن المقدام قالا : ثنا المعتمر ابن سليمان
ثنا أبو نضرة عن أبي سعيد مولى ابن أسيد قال : سمع عثمان رضي الله عنه أن
وفد أهل مصر قد أقبلوا فاستقبلهم فلما سمعوا به أقبلوا نحوه فقالوا له :
ادع لنا بالمصحف فدعا بالمصحف فقالوا له : افتح السابعة كانوا يسمون سورة
يونس السابعة فقرأها حتى أتى على هذه الآية : ( قل أرأيتم ما أنزل الله
لكم من رزق ) الآية . فقالوا له قف . فقالوا : أرأيت ما حميت من الحمى
آلله أذن لك به أم على الله تفتري ؟ قال فقال عثمان رضي الله عنه أن أمضه
نزلت في كذا وكذا وأما الحمى فقد حمى الحمى من كان قبلي لإبل الصدقة فلما
رأيت زادت الإبل في الصدقة فزدت في الحمى لما زاد في إبل الصدقة ( فقالوا
) أمضه ؟ قال فجعلوا يأخذونه بآيه فيقول أمضه نزلت في كذا وكذا حتى أخذ
عليهم أن لا يشقوا عصا المسلمين ولا يفارقوا جماعة ، فرضوا وأقبلوا معه
إلى المدينة راضين ثم رجع وفد المصريين راضين فبينما هم في الطريق إذا هم
براكب ( يتعرض لهم ثم يفارقهم ثم يرجع إليهم ثم يفارقهم ويسبهم ، قال
فقالوا له : مالك ؟ أن لك لأمراً ما شأنك قال أنا رسول أمير المؤمنين إلى
عامله بمصر قال : ففتشوه فإذا هم بالكتاب على لسان عثمان
( عليه خاتمه إلى عامله بمصر أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم
وأرجلهم
) فأقبلوا حتى قدموا المدينة فدخلوا على عثمان رضي الله عنه فقالوا كتبت
فينا بكذا وكذا ، فقال : إنما هما اثنان ، أن تقيموا على رجلين من
المسلمين ، ويمين بالله الذي لا إله غيره ما كتبت ولا أمليت ولا علمت ،
وقد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل وينقش الخاتم على خاتمه ،
فحاصروه فأشرف عليهم فوعظهم ، ففشا اليمين فجعل الناس يقولون : مهلاً عن
أمير المؤمنين حتى قام الأشتر . فلم يثبت بحمد الله على عثمان رضي الله
عنه مما ادعوا شيئاً لما استحق بما ادعوا القتل وانتهاك الحرمة وشق العصا
وتفريق الجماعة . ولكن الله أكرمه بالشهادة والحقه بأصحابه غير مفتون ولا
مبدل ، فأمسك عن قتال من خرج عليه وظلمه ، مع اقتداره وأنصاره وكثرة مدده
وأعوانه من الأهل والعشيرة ، حفظاً لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم
ووفاء للمسلمين
ورغبة وحذراً من أن يسن لهم ما لم يأمره الله تعالى به ، رغبة في الشهادة
التي أكرمه الله بها ، وقد :
64 - 165 - حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أبو خليفة ، ثنا أبو عمر
الحوضي حفص بن عمر ، ثنا الحسن بن أبي جعفر ثنا خالد ، عن الشعبي قال : لقي مسروق الأشتر فقال مسروق للأشتر ، قتلتم عثمان ، قال : نعم . ' قال ' : أما والله لقد قتلتموه صواماً قواماً ، قال فانطلق الأشتر فأخبر عماراً فأتى عمار مسروقاً فقال : والله ليجدن عماراً ويسيرن أبا ذر ، وليجلدن الحمي ، وتقول قتلتموه . فقال له مسروق ، فوالله ما فعلتم واحدة من اثنين ، فإن عاقبتم ' فعاقبوا ' بمثل ما عوقبتم به وما صبرتم فهو خير للصابرين ، قال فكأنما القمه حجراً . قال وقال الشعبي : ما ولدت همدانية مثل مسروق . فكان مما نتج ( عن ) قتله وحصره تفريق ذات البين وإسلال السيوف وإراقة الدماء والخوف بعد الأمن وألبسوا شيعاً وأذيق بعضهم بأس بعض تحقيقاً لما أنزل الله تبارك وتعالى في كتابه وتصديقاً لما وعد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليتسخلفنهم في الأرض ) الآية . فبان للمسلمين ما مكن الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من استخلافهم في الأرض وعبادتهم له أمناً غير مشركين به شيئاً ، ظاهرين على العرب كافة ، وأذل بهم الكفر ، ودمغ بهم الباطل ، وأقام بهم الحق ومنار الإسلام والدين ، ثم اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم ما عنده فقبضه إليه بعد كمال الدين به ، وتمام النعمة عليه وأداء ما حمله من الرسالة وإبلاغه صابراً محتسباً صلوات الله عليه وبركاته . ثم قام مقامه الصديق رضي الله عنه وأرضاه فقام مقامه في إقامة الحق وحفظ الدين وصيانة أهله ، فقاتل من ارتد من العرب موفقاً رشيداً مكن له في الأرض وانتظم به ما كان منتشراً بعد قبض نبيه صلى الله عليه وسلم وأعلى الله تبارك وتعالى دعوته
وأعز نصره فعاد إلى الإسلام من ارتد مهيناً ذليلاً ، وقتل من قتل منهم مخذولاً مخزياً ، فعبدت العرب ربها تعالى في أيامه لا تشرك به شيئاً . ثم قبض الله تعالى أبا بكر طاهراً زكياً حميداً رفيعاً درجته محموداً سيرته رحمة الله ورضوانه عليه . ثم استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه بعده ، لم يختلف فيه من المسلمين إثنان ، ولا انتطح فيه عنزان ، كلمتهم واحدة وأيديهم على أعدائهم باسطة ، وأحكامهم على من خالفهم نافذة ، آمنين مطمئنين يقاتلون العجم ويسبونهم ، فأعز الله الإسلام به ، ومصر الأمصار ، وفتح به الفتوح وأذل به الطغاة والكفرة وأغنى به المؤمنين البررة ، ثم قبضه الله عز وجل إليه شهيداً فعليه رحمة الله تعالى ورضوانه . ثم اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على استخلاف عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه ، من غير اختلاف ولا تنزع مكن له في الأرض ، فتح الله تعالى به أقاص الأرض ، فنعم المؤمنون في أيامه لرأفته بهم ، وخزي في ديارهم الكفار لغلظته عليهم ، حتى أتته الشهادة التي بشره الله تعالى بها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد له بها في غير مجلس مع إخباره أنه وأصحابه عند ظهور الفتنة على الهدى ، وأن مخالفيه على ضلال ، وذلك عند ظهور من حرم صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واجترؤا على حرمة من صحبه ، بتأويله ورأيه وسيفه في الإفساد والتفرقة بين المسلمين ، رأس الفتنة وقادة الأباطيل يرون أنهم أفضل ممن اختاره الله لصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم وإقامة الدين ، من أهل مصر ، لا أهل بدر ، قائدهم الأشتر في إخوانه من أهل الجهل والغي من أهل الكوفة من قبائل عبس أول قوم أحدثوا وانتهكوا حرمة المدينة وأحدثوا فيها فباءوا بلعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وهو
:65 - 166 - ما حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن بن ثنا عبد الله بن
أحمد بن حنبل حدثني أبي رحمة الله ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن
إبراهيم
التيمي عن أبيه قال : خطبنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فقال : ما
عندنا إلا كتاب الله وهذه الصحيفة ، وقال فيها قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : '
المدينة حرام ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه
لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ،
وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ' . فكانت اللعنة التي لحقتهم من
رسول الله صلى الله عليه وسلم لحدثهم أن ألبسوا شيعاً وأذيق بعضهم بأس بعض
إنجازاً لوعد
الله تعالى وإنفاذاً لأمره بعد أن كانوا مستخلفين ممكنين .
66 - 167
- حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أبو زرعة وموسى بن عيسى قالا : ثنا أبو اليمان
ثنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن الحارث بن
نوفل عن أبيه عن خباب بن الأرت أنه راقب
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليلة فصلى حتى إذا كان الفجر ،
قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
رأيتك الليلة صليت صلاة ما رأيتك صليت مثلها ، قال أجل إنها صلاة رغب ورهب
، سألت ربي عز وجل ثلاث خصال فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة ، سألته أن لا
يهلكنا بما أهلك الأمم فأعطاني ذلك ، وسألته أن لا يسلط علينا عدونا
فيهلكونا فأعطاني ذلك ، وسألته أن لا يلبس أمتي شيعاً فمنعني ذلك .
67 - 168 - حدثنا أبو بكر الطلحي ثنا حصين الوادعي ثنا يحيى بن عبد الحميد
ثنا علي بن مسهر عن عثمان بن حكيم عن عامر بن سعد عن سعد قال : صلى النبي
صلى الله عليه وسلم ثم قال : ' سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها
، وسألته أن لا
يهلكهم بالغرق فأعطانيها ، وسألته أن لا يلبسهم شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض
فمنعنيها ' .
68 - 169 - حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان ثنا الحسن بن
سفيان ثنا عباس بن الوليد ثنا حماد بن زيد ثنا عمرو بن دينار عن جابر بن
عبد الله قال : لما نزلت ( قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من
فوقكم ) . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ' أعوذ بوجهك الكريم ' . قال '
أو من تحت
أرجلكم ' . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ' أعوذ بوجهك الكريم ' . ' أو
يلبسكم شيعاً
ويذيق بعضكم بأس بعض ' قال : ' هذا أهون أو أيسر ' .
فكان أبو العالية رحمه الله فيما روى ابن المبارك عن الربيع بن
أنس يقول :
هن أربع فجاءت منهن اثنتين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس
وعشرين سنة
فالبسوا شيعاً وأذيق بعضهم بأس بعض ، وكان الحسن رحمه الله فيما روى أبو
الحسن القزاز عن حميد عنه يقول : أكرم الله أن يرى نبيه عليه السلام في
أمته ما يكره . يعني قوله : ' فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون ' . وأما
قوله : ( إنك ميت وأنهم ميتون ، ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون )
فإنها لما نزلت كانوا يقولون ما هذه الخصومة بيننا ونحن إخوان متآلفون ،
إلى أن وقعت الفتنة بعد قتل عثمان رضي الله عنه وأرضاه ، واختلفت الآراء
وألبسوا الشيع وأذاق ناس بعضهم بعضاً فتبين لهم حينئذ وجه الخصومة .
69 - 170 - حدثنا أبو يحيى محمد بن الحسن ، ثنا محمد بن شاذان الجوهري :
ثنا زكريا بن عدي ، ثنا عبد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسه عن القاسم
بن عوف الشيباني سمعت ابن عمر يقول : كنا نرى أن هذه الآية نزلت فينا وفي
أهل الكتابين من قبلنا ، ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ) حتى
رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف فعلمت أنها فينا نزلت .
70 - 171 -
حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ، ثنا سفيان عن
منصور ، عن ربعي بن حراش عن البراء بن ناجية الكاهلي ، عن عبد الله بن
مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ' تدور رحى المسلمين على خمس أو
ست أو سبع
وثلاثين سنة فإن تهلكوا فسبيل من هلك ، وأن يقم لهم دينهم يقوم سبعين
عاماً ' ، فقال عمر يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : بما مضى أو بما بقي
؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ' مما بقي ' . رواه الثوري عن
منصور .
71 - 172 - حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا أبو سعيد يوسف بن محمد ابن يوسف
الواسطي ، ثنا ابن الوزير ، ثنا يزيد ، عن العوام ، عن أبي إسحاق الشيباني
عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى
الله عليه وسلم
قال : تدور رحى المسلمين على خمس وثلاثين أو ست وثلاثين سنة فإن هلكوا
فسبيل من هلك وإن بقوا بقي لهم دينهم سبعين سنة . فصار أمرهم إلى ما قال
حذيفة لما أن قتلوا ؟ . . . برى بالسيف لم تحجوا معاً ولم تصلوا معاً ولم
تقاتلوا جميعاً أبداً فالاختلاف بين قلوبهم وتشتيت في آرائهم ، فكانت
الأجساد مجتمعة والقلوب مختلفة ، كما قاله ابن عمر رضي الله عنه . فأما
الأمة المنتصرة فهم أهل الجماعة المقيمين على الألفة ألذابين للفرقة ،
استناناً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، والآخذين بما حث عليه من الائتلاف
وما حذر من
الفرقة والاختلاف . وذلك :
73 - 173 - ما حدثنا عبد الله بن جعفر . ثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو
داود ثنا جرير بن حازم ، ثنا عبد الملك بن عمير ، عن جابر بن
سمرة ، قال :
خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالجابية فقال : قام فينا رسول الله صلى
الله عليه وسلم
مقامي فيكم فقال : ' أكرموا أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم . ثم
يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولم يستحلف ، ويشهد الرجل ولم يستشهد فمن أراد
بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد '
.
73 - 174 - حدثنا عبد الملك بن الحسن ، ثنا يوسف القاضي ، ثنا أبو
الربيع ، ثنا حباب بن علي أخبرنا عبد الملك بن عمير وحدثنا أبو إسحاق بن
حمزة . ثنا محمد بن عبدوس الكاتب ثنا زيد الحرش ثنا عمران بن عيينة عن عبد
الملك بن عمير بن عبد الله بن الزبير عن عمر قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : '
من سره بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ' . رواه معمر وإسرائيل والحسين بن
واقد في آخرين عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن الزبير بن عمر .
74 - 175 - حدثنا أبو بكر الطلحي ثنا عبيد بن غنام عن عبد الملك ابن عمير
، عن قبيصة بن جابر قال خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بباب الجابية
فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا كمقامي فيكم وقال : '
أيها الناس اتقوا
الله في أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب وشهادات
الزور حتى يحلف الرجل من غير أن يستخلف ويشهد الرجل من غير أن يستشهد فمن
سره أن يحلل بحبوحة الجنة فيلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من
الاثنين أبعد ' .
75 - 176 - حدثنا الحسين بن حموية الخثعمي ، ثنا
عمر بن عبد الله الحضرمي ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ثنا الوليد بن كبر ،
ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن ( . . . . . . ) قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : '
من فارق الجماعة شبراً فارق الإسلام ' .
75 - 177 - حدثنا محمد بن جعفر ثنا جعفر بن محمد الصائغ ثنا حسين بن محمد
ثنا شيبان ، عن زياد بن علاقة عن عرفجة بن شريك قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم
إنها ستكون وهنات وهنات فمن جاءكم يفرق أمر هذه الأمة وهم جميع فاقتلوه '
.
77 - 178 - حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن أيوب ثنا إسحاق بن
خالويه ثنا علي بن بحر ، ثنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز ، وعبد
الغفار ابن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر ، عن إسماعيل بن عبد الله
عن أبي عبد الله الأشعري قال : سمعت أبا الدرداء يقول : قلت يا رسول الله
بلغني أنك قلت : سيفتن قوم بعد إيمانهم قال أجل ، ولست منهم قال : فتوفي
أبو الدرداء قبل قتل عثمان رضي الله عنه .
78 - 179 - حدثنا محمد بن
أحمد بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا المسيب بن واضح ثنا ابن المبارك ،
عن يونس عن الزهري ، عن أبي سلمة ، أن أبا قتادة الأنصاري ورجلاً آخر دخلا
على عثمان رضي الله عنه وهو محصور فاستأذناه في الحج فأذن لهما قالا : فمن
من نكون إذا غلب هؤلاء القوم عليك ؟ قال : عليكم بالجماعة حيث كانت .
فالجماعة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بملازمتهم هم
الصحابة والتابعون
من العلماء . لا الجماعة الفسقة الجهلة الظلمة المنتهكون لحرمة أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم والمشوهين لأقوالهم الوالجين دورهم وحرمهم ،
الذين يحمي الله بهم
سقر ويصليهم نار جهنم .
خلافة أمير المؤمنين علي عليه السلام
1 - 180 - حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا
الخشرج بن نباته حدثني سعيد بن جهمان حدثني سفينة قال : خطبنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال : ' الخلافة في أمتي ثلاثون ، ثم يكون ملكاً ' .
ثم قال سفينة :
إمسك عليك ، خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ثلاثة عشر سنة وستة أشهر ،
وخلافة عثمان رضي الله عنه اثنا عشر سنة ، ثم خلافة علي مكملة الثلاثين .
قلت : معاوية كان أول الملوك .
2 - 181 - حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد ثنا أبو الفضل جعفر بن محمد
بن شريم ثنا هشيم عن العوام بن حوشب عن سعيد بن جهمان عن سفينة مولى النبي
صلى الله عليه وسلم قال : الخلافة في أمتي بعدي ثلاثون سنة . فكان أمير
المؤمنين علي رضي
الله عنه ممن زين الله ' من ' الخلافة ' ولم يزين بالخلافة أمسك عن قتال
من تمر ' د ' عن بيعته ، كما امتنع الصديق رضي الله عنه عن مقاتلته حين
تخلف عن بيعته إلى أن بايع . ومما يدل على أن علياً رضي الله عنه كان أحق
بالأمر وأولى بالحق من معاوية رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم
وهو :
3 -
182 - ما حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا هوذة بن
خليفة ثنا عوف عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : تفترق
أمتي فرقتين ، فيمرق من بينهما مارقة تقتلها أولى الطائفتين بالحق .
رواه قتادة وداود بن أبي هند وسليمان التيمي والجريري في آخرين
عن أبي نضرة .
4 - 183 - حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا
طاهر بن أحمد الزبيري ، ثنا أبي ، ثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت ، عن
الضحاك المشرقي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث
ذكر فيه قوماً
يخرجون على فرقة من الناس يقتلهم أقرب الطائفين من الحق . فتولى علي رضي
الله عنه قتلهم لأن خروجهم كان بعد الجمل بين علي ومعاوية لا بين علي
وطلحة والزبير رضي الله عنهم . فلما اختلفت الصحابة كان على الذين سبقوا
إلى الهجرة والسابقة والنصرة والغيرة في الإسلام الذين اتفقت الأمة على
تقديمهم لفضلهم في أمر دينهم ودنياهم ، لا يتنازعون فيهم ولا يختلفون فيمن
أولى بالأمر ' من ' الجماعة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالجنة في العشرة
ممن توفي وهو عنهم راض . فسلم من بقي من العشرة الأمر لعلي رضي الله عنه ،
ولم ينكر أنه من أكمل الأمة ذكراً وأرفعهم قدراً لقديم سابقته وتقدمه في
الفضل والعلم ، وشهوده المشاهد الكريمة يحبه الله ورسوله ، ويحب الله
ورسوله ويحبه المؤمنون ويبغضه المنافقون لم يضع منه تقديم من تقدمه من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل ازداد به ارتفاعاً لمعرفته بفضل
من قدمه على
نفسه إذ كان ذلك موجوداً في الأنبياء والرسل عليهم السلام قال الله تعالى
: ( تلك الرسل
فضلنا بعضهم على بعض ( إلى قوله ) ما يريد ) فلم يكن تفضيل بعضهم على بعض بالذي يضع ممن هو دونه فكل الرسل صفوة الله عز وجل وخيرته من خلقه . فتولى أمر المسلمين عادلاً زاهداً آخذاً في سيرته بمنهاج الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضي الله عنهم حتى قبضه الله عز وجل شهيداً هادياً مهدياً سلك بهم السبيل المستبين والصراط المستقيم .
لم تبطل بيعته بخروج من فارقه وخرج عليه ولا قعود من خالفه . رضي الله عنه . فإن اعترض معترض وقال لما روي إنه حكم بخلاف حكم من تقدمه . قيل له : في أي شيء وكيف ؟ فإن ذكر ما روى عن عبدة السلماني عنه في بيع أمهات الأولاد من الخيار . قيل : هذا من طريق الرأي والرأي منتقل عنه . فإن قيل : هذا لم يزل رأيه . إلا أنه تابع عمر بن الخطاب رضي الله عنه . قيل : لا تخلو متابعته من أحد الأمرين ، إما أن يخفى عنه موضع النظر فقلد إماماً عادلاً . أو رأى مثل رأي أصحابه فوافق رأيه رأيهم .
وقد وافق أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فيما حكم به من صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقوفه ، وفي سهم ذوي القربى وغير ذلك من أحكامهم لم يخالفهم في شيء منه ، مع قوله رضي الله عنه : ' اقضوا كما كنتم تقضون حتى يكون للناس إمام جماعة أو أموت كما مات أصحابي ' . فهذا القول يدل على رجوعه عن بيع أمهات الأولاد . فإن طعن طاعن على ما جرى بين علي وطلحة والزبير رضي الله عنهم ومن تابعهم في حربهم . قيل له : هؤلاء كبار الصحابة وخيار الأمة وأولو أمرهم في الخلافة والعلم بالدين ، فما حجتكم عليهم في ذلك وأنتم دونهم ، وترون ما اختلفوا فيه من أحكامهم في الأموال والفروج والدماء ، اختلافاً تعفون من رغب إلى قول بعضهم ، وتقرون أن اختلافهم رحمة وهدى فلم لا تجرون ذلك في قتالهم وحروبهم ؟ فإن قالوا : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاهم عن القتال بعده وذم المقتتلين فقال : لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب رقاب بعض . وقال : إذا تواجه المسلمان بسيفيهما . وقال : لتعودن بعدي أمناً
وحياء ، وقال : مكاثر بكم فلا تقتتلوا بعدي . وقال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله . وما شاكله في الأخبار . قيل : هذه الأخبار لا ننكرها . فهل خصصتم بالعلم بهذه الأخبار ووصولها إليكم وعزبت عنهم ولم يعرفوها . ؟ ؟ فإن قال : إنهم قد قتل بعضهم بعضاً وقصدوا سفك الدماء على غير دين خلافاً لما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الأخبار . قيل : إن هذا الطعن كبير على الأعلام من الصحابة وأعلام الدين والهدى . فإن قالوا : لم تصل هذه الأخبار إليهم . قيل لهم : فما الذي حملكم على الطعن عليهم ولا تعلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من فضلهم . ويقال لهم : إن جاز وصول هذه الأخبار إليكم في بعدكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وذهابها عنهم في قربهم من رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، لإن جاز هذا ليجوزن ذهاب عظم الدين وأكثر السنن عنهم ، وأن تكونوا أعلم بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم من علي وطلحة والزبير وغيرهم من أكابر الصحابة وسادة العلماء منهم . فإن قالوا : ولم اقتتلوا بأي حجة احتجوا في القتال . قيل له : أما من كتاب الله عز وجل فإن الله عز وجل أمر بقتال أهلالبغي ، وأهل البغي مسلمون . وأما السنة فما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها . فأعلم عليه السلام أن ثم حقوقاً تستباح بها الدماء والأموال . من ذلك قتال أهل البغي . وقتال الخوارج . وقتال اللصوص . ورجم الزاني المحصن والقود من القاتل . وقتل من يسعى في الأرض بالفساد . فأباح دماء هؤلاء . فتأول كل واحد منهم قول من خالفه ، كاختلافهم في الفروج والأموال . فرأى بعضهم شيئاً حلالاً يراه غيره حراماً . مثل الفرائض : أعطى أبو بكر رضي الله عنه وغيره الجد المال وحجبه عن الإخوة . وأعطى عمر رضي الله عنه الجد السدس في بعض الحالات . وأعطى الإخوة ما بقي . واختلفوا في الحرام والبتة ، فمنهم من رآه يميناً ومنهم من رآه واحدة . وغيره يقول : ثلاث لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره .
وكاختلافهم في القسامة بعضهم يقيد بها ، وبعضهم لا يقيد بها ، ويوجب بها الدية ، والرجلان يقتلان الرجل ، فمنهم من يقتلهما به ، ومنهم من يقول نفس بنفس في أشياء كثيرة مثلها من اختلافهم ، مع ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه قال
:5 - 184 - حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا بشير بن موسى ثنا عبد الله بن يزيد المقري ثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني أبو الأسود عن عكرمة عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ' من قتل دون ماله مظلوماً فله الجنة ' .
6 - 185 - حدثنا محمد
بن أحمد البغدادي ثنا محمد بن عبد الرحمن السقطي ثنا يزيد بن هارون أخبرنا
ورقاء عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من
قتل دون ماله
فهو شهيد .
7 - 186 - حدثنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا
أبو داود ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن
ياسر عن طلحة ابن عبد الله بن عوف بن سعيد بن زيد أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : من
قتل دون ماله فهو شهيد ' . ' ومن قتل دون أهله فهو شهيد ' . ' ومن قتل دون
دمه فهو شهيد ' . فجعل صلى الله عليه وسلم القتال في الدفع عن النفس
والمال والأهل شهادة
، وحرم يوم حجة الوداع فقال : ' دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام
كحرمة يومكم
هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ' . فسوى صلى الله عليه وسلم في الدماء والأموال والأعراض في التحريم . فإذا كان له أن يقاتل عن نفسه ، فكذلك يباح له أن يقاتل عن ماله ( . . . . ) وإنها نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتتلوا بعده على ( . . . . . . . ) والتدابر والتباغض على الدنيا وإعظام أمرها والملك فيها ، فأما ما كان على الدين فلم ينههم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك . ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتال أهل البغي بعد أن أذن الله فيه وأهل البغي مسلمون قال الله تعالى : ( وإن طائفتان من المؤمنين . . . . . . ) الآية فلو ترك المسلمون قتال أهل البغي لكان فيه إبطال فريضة من فرائض الله تعالى . فإن قال : فما الذي اقتتلوا عليه يعني سهل بن حنيف وعمار بن ياسر ؟ قيل له : اقتتلوا على الدين ، لأن علياً رضي الله عنه رأى أن يعقد من عقد له ، على القتال من خالفه على ذلك ، فقاتلهم لأجل ذلك . ورأى طلحة والزبير وأن ذلك لا يصلح لهما فتأخر عنه . وكانا عند علي أنهما ممن بايعا لم يختلف عليه . ورأى علي إنه أحق ممن بقي بالخلافة وأنه لا يسع طلحة والزبير رضي الله عنهما تخلفهما عنه فقصدهما ليردهما عن رأيهما . ورأى طلحة والزبير أن يدافعا عن دينهما ( . . . . . . ) فكل اجتهد في الرأي وأدى اجتهاد كل واحد منهم إلى ما دعا إليه وثبت عليه . فأما سعد بن أبي وقاص ، وابن عمر وطبقتهم فرأوا العقود والكف وأن لا
يبايعوا أحداً من الفريقين وكان الحظ والرأي عندهم فيه . وأما
علي رضي الله عنه فكان يقول فيما :
8 - 178 - حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل رضي
الله عنه ثنا أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة بن عمارة قال سمعت عمارة قال
سمعت أبا عثمان يعني الأزدي قال : قال علي : ما كذبت ولا كذبت ولا ضللت
ولا ضلل بي ولا خدعت وإني على بينة من ربي وتبعني من تبعني وعصاني من
عصاني .
9 - 188 - حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا عبد الله بن
محمد ثنا إبراهيم بن يوسف الصرصري ثنا أبي عن أبي الصيرفي عن يحيى بن عروة
المرادي قال : سمعت علياً رضي الله عنه يقول : ( قبض رسول الله صلى الله
عليه وسلم واجتمع
المسلمون على أبي بكر فسمعت وأطعت . ثم حضر أبو بكر قلت رأى أنه لا يعدلها
عني فولاها عمر فسمعت وأطعت . ثم أن عمر أصيب فظننت أنه لا يعدلها عني
فجعلها في ستة أنا منهم فولوها عثمان فسمعت وأطعت ، ثم إن عثمان قتل فجاؤا
فبايعوني طائعين غير مكرهين ، ثم خلعوا بيعتي فوالله ما وجدت إلا السيف أو
الكفر بما أنزل الله على محمد النبي صلى الله عليه وسلم ) . فأخبر رضي
الله عنه أنه لو كف
عن الدعاء لنفسه والقيام بأمر الأمة وتركه الأمر لغير أهله تضييعاً
وإبطالاً لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . وأما طلحة والزبير رضي
الله عنهما فيريان
أن الذب عن النفس والمال شهادة . وكان طلحة يقول : بايعت كارهاً واللج علي
فرأى ) بأن الأشتر
أكرهه ولم يدعه
حتى يجتمع بقية أهل الشورى فيعقدوا الأمر من دون الأشتر وأمثاله . وكل
واحد منهم رضي الله عنهم قصد الرشد وابتغى الصواب والله تعالى يثيبهم على
ما قصدوا واجتهدوا من الخير والصلاح . فلم يختلف أحد من أهل العلم في كل
زمان أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اختلفوا فيه واجتهدوا
فيه من الرأي
مأجورون ومحمودون ، وإن كان الحق مع بعضهم دون الكل ، ولا يغضب من قال
بقول بعضهم وترك قول بعض وأنه عنده مصيب الحق الذي أمر به من طريق الرأي
للإجتهاد .
10 - 189 - حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا أحمد بن إبراهيم
بن ملحان ثنا يحيى بن بكر ثنا الليث بن سعد ، عن ابن الهاد عن محمد بن
إبراهيم عن بشر بن سعيد بن أبي قيس مولى عمرو ، عن عمرو بن العاص ، أنه
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ' إذا حكم الحاكم فاجتهد ( فأصاب
) فله أجران
وإن حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد ' . ' قال ' فحدثت بهذا الحديث أبا بكر
بن محمد بن عمرو بن حزم فقال هكذا حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي
هريرة .
فإذا كان المجتهد المخطئ
مأجوراً لاجتهاده ، فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم أصلنا
في القدوة بهم في
النظر والاجتهاد أولى ( من ) أن يطعن عليهم لما فازوا به من السوابق
والمناقب . وليس لعقود من قعد عنهم وإمساكهم عن القتال حجة للطاعن عليهم ،
فإن من أمسك عن القتال وقعد عن الخروج مع إحدى الطائفتين حجة إذ لم يتبين
له الوجه الذي يحمله على الخروج مع إحدى الطائفتين ، مع سماعهم من رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما شهد به لعلي وطلحة والزبير بالجنة والشهادة ،
واعتقدوا
شهادتهم ودخولهم الجنة لإخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهادته عليهم
. فاستعظموا
إسلال السيوف والخروج على المشهود له بالجنة والشهادة . وكيف يحكم لإحدى
الطائفتين على الأخرى فكلاهما شهيد ولا يكون شهيداً من يستحيل دمه ؟
11 - 190 - حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن علي بن المثنى ، ثنا
محمد بن الصباح ، ثنا إسماعيل بن زكريا ، ثنا نصر الخزاز عن عكرمة عن ابن
عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء فتزعزع بهم الجبل
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' أسكن حراء فإنما عليك نبي أو صديق
أو شهيد ، وعليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبو بكر وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وعبد الرحمن بن
عوف ، وسعيد ' .
12 - 191 - حدثنا فاروق الخطابي ، ثنا أبو مسلم الكجي ثنا مسلم بن
إبراهيم ثنا الصلت ابن دينار عن أبي نضرة عن جابر قال : مر طلحة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم '
شهيد يمشي على وجه الأرض
' .13 - 192 - حدثنا محمد بن علي بن حبيش ، ثنا أحمد بن يحيى الحلواني ، ثنا أحمد بن يونس ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ، ثنا محمد بن المنكدر ، عن جابر ، قال : ' قال ' رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' لكل نبي حواري في الجنة وحواري الزبير ' .
14 - 193 - حدثنا أبو بكر
الطلحي ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن ، وقيل عبد الرحيم ثنا أبو سعيد الأشبح ،
ثنا النضر بن منصور ، عن عقبة بن علقمة ، قال : سمعت علياً يقول : سمعت
أذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ' طلحة والزبير جاراي في
الجنة ' .
فالإمساك عن ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر زللهم ، ونشر
محاسنهم ومناقبهم
، وصرف أمورهم إلى أجمل الوجوه ، من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسان
الذين مدحهم الله تعالى فقال : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر
لنا ولإخواننا . . . . ) الآية مع ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإكرام
أصحابه وأوصى
بحقهم وصيانتهم وإجلالهم .
15 - 194 - حدثنا أبو بكر الطلحي ثنا أبو
معين القاضي ، ثنا يحيى بن عبد الحميد ، ثنا ابن المبارك عن محمد بن سوقة
عن عبد الله بن دينار ، عن
عبد الله
بن عمر ، قال : خطب عمر رضي الله عنه بالجابية فقال : إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم
قام فينا مقامي فيكم فقال : ' احفظوني في أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين
يلونهم ثم الذين يلونهم ثلاثاً ' .
16 - 195 - حدثنا الحسين بن
حموية الخثعمي ، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا يوسف ابن أبي أمية
ثنا أخي عبد الرحمن بن أبي أمية ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية عن أبي سعيد
الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' احفظوني في أصحابي فمن
حفظني فيهم كان
عليه من الله حافظ ومن لم يحفظني فيهم تخلى الله عنه ، ومن تخلى الله عنه
أوشك أن يأخذه ' .
17 - 196 - حدثنا علي بن هارون ومحمد بن عمر بن
معلم ، قالا ثنا إبراهيم بن محمد بن الهيثم ، ثنا محمد بن الخطاب ، ثنا
عبد الله بن الوليد الحارثي ، ثنا أبو بكر بن أبي سبرة ، عن هشام بن عروة
، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : '
إذا رأيتم الذين يسبون أصحابي فالعنوهم ، هم شرار أمتي أجرأهم على أصحابي
' .
18 - 197 - حدثنا أبو بكر بن مالك ثنا محمد بن يونس الكريمي ،
ثنا النضر بن حماد ، ثنا سيف بن عمر السعدي ، ثنا عبد الله بن عمر بن نافع
عن ابن عمر قال قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' إذا رأيتم
الذين يسبون أصحابي
فالعنوهم . . ' .
19 - 198 -
حدثنا أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي ، ثنا الحسن بن علي بن الوليد ، ثنا
سعيد بن سليمان ، ثنا مسهر بن عبد الملك ، عن الأعمش عن أبي وائل ، عن عبد
الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' إذا ذكر أصحابي فامسكوا
' .
20 -
199 - حدثنا عبد الملك بن الحسن ، ثنا يوسف القاضي ، ثنا أبو الربيع ، ثنا
حماد بن زيد ، ثنا شهاب بن حراش ، عن العوام بن حوشب ، قال : اذكروا محاسن
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تأبلوا ؟ عليهم القلوب . ولا تذكروا
مساويهم فتحرشوا
الناس عليهم .
21 - 200 - حدثنا أبي ، ثنا محمد بن يحيى بن منده ،
ثنا أحمد بن إسحاق الجوهري ، ثنا أبو أحمد الزبيري ، ثنا سفيان ، عن هشام
بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت : أمروا
بالاستغفار لهم فسبوهم فمن أسوأ حالاً ممن خالف الله ورسوله وآب بالعصيان
لهما والمخالفة عليهما ألا ترى إن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم
بأن يعفو عن
أصحابه ويستغفر لهم ويخفض لهم الجناح قال تعالى : ( ولو كنت فظاً غليظ
القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ) .
وقال : ( فاخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ) . فمن سبهم وأبغضهم وحمل ما كان من تأويلهم وحروبهم على غير الجميل الحسن ، فهو العادل عن أمر الله تعالى وتأديبه ووصيته فيهم ، لا يبسط لسانه فيهم إلا من سوء طويته في النبي صلى الله عليه وسلم
وصحابته والإسلام والمسلمين
.22 - 201 - حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا المسعودي ، عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال : إن الله تعالى نظر في قلوب العباد فاختار محمداً صلى الله عليه وسلم فبعثه في رسالته وانتخبه بعلمه ، ثم نظر في قلوب الناس بعده له أصحاباً فجعلهم أنصار دينه ، ووزراء نبيه ، فما رآه المؤمنين حسناً فهو عند الله حسن ، وما رآه المؤمنون قبيحاً فهو عند الله عز وجل قبيح .
23 - 202 - حدثنا محمد بن حميد ، ثنا عبد الله بن صالح ، ثنا عبد الله بن عمران العابدي ، ثنا إبراهيم بن سعيد ، عن عبيدة بن أبي رايطة ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مغفل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' الله ألله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن أذاهم فقد أذاني ، ومن أذاني فقد أذى الله . ومن آذ الله يوشك أن يأخذه ' .
24 - 203 - حدثنا محمد بن محمد بن أحمد ، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ،
ثنا عبيد بن يعيش ومحمد بن عثمان ، قالا ثنا محمد بن القاسم ، ثنا عبيدة
الخزاعي ، عن عبد الملك بن عبد الرحمن ، عن عياض الأنصاري ، وكانت له صحبة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' إحفظوني في أصحابي وأصهاري
فمن حفظني فيهم
حفظه الله في الدنيا والآخرة ، ومن لم يحفظني في أصحابي وأصهاري تخلى الله
تعالى منه ومن تخلى الله منه أوشك أن يأخذه ' . فإن قال قائل : فقد نازع
علياً رضي الله عنه غير طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم أجمعين ، فما
الذي دعاه إلى منازعته ولم يكن له من السوابق ما لطلحة والزبير ، ولم يكن
من أهل الشورى والمناقب الشريفة . قيل له : كل من صحب الرسول صلى الله
عليه وسلم أو نزل
منه منزلة قرب أو سبب ، ولو كان دون أولئك في السابقة والهجرة والمناقب
الشريفة ، فالأسلم لنا أن نحفظ فيه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم
لقوله : ' أوصيكم
في أصحابي خيراً . لا سيما إذا كان متأولاً وإن كان في تأويله غير مصيب '
. نقدي في ذلك بكبار الصحابة الذين شاهدوا حربهم فكفوا وقعدوا لإشكال ذلك
عليهم ، فإذا كان لهم في قربهم منهم ومشاهدتهم لهم أن يكفوا ويعقدوا فنحن
في تأخرنا منهم ، وتباعدنا عنهم ، أولى أن نسكت عنهم ونكف المسبة التي
تعرض في ذلك . فإن قال : فمن لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يجوز
أن لا تلحقه لعنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم
ودعوته
؟ .قيل له : إنا وإن خفنا عليه للعن الرسول صلى الله عليه وسلم إياه لمعصيته فأرجو له عفو الله بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له وليست اللعنة له بأكثر من الدعاء له ، مع أنا نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه الله يدعو في صلاته لأمته ويستغفر لهم ، لأحيائهم وأمواتهم ، فلو كان كل دعوة مجابة لما كان أحد من أمته معذباً أو دخل النار ، وكذلك نوح وإبراهيم عليهما السلام دعوا لمن تبعهما من المؤمنين والمؤمنات قال الله تبارك وتعالى مخبراً عن نوح ( رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً ) الآية . وقال تعالى مخبراً عن إبراهيم : ( رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ) فلا نقطع على أن دعوتهم مجابة لكل المؤمنين والمؤمنات ، فلو كان كذلك لكان كل الناس غير معذبين ولا داخلين منهم النار أحداً لكن نرجو أن كل من كان به أخص وإليه أقرب كانت الدعوة له ' و ' أخص ، والرجاء في أمره أقرب وأكثر . فإن قال : فإذا لا يضر من سب الصحابة ، لعن الرسول صلى الله عليه وسلم إذ كانت له دعوة أيضاً . قيل له : اللعن من الرسول صلى الله عليه وسلم على وجهين : فوجه يلعن قوماً على مآثم ارتكبوها ، كلعنة عليه الصلاة والسلام للواصلة والواشمة ، فهذا جائز عفو الله تعالى فيه لأنه من حقوقه . وأما لعنته عليه السلام لمن ظلم الله فيه أحداً بل ينتقم من الظالم للمظلوم ولا يعفو عنه .
من ذلك قوله تعالى في أهل الإفك : ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ) الآية وقال : ( وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم . . ) . وقال : ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات . . ) الآية . وقال : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات يغير ما اكتسبوا . . ) الآية . فهذا وما شاكله من حقوق الآدميين ينتقم الله تعالى من الظلمة للمظلومين ويأخذ بها . وما عدا هذا من حقوق الله تعالى فجائز العفو فيه ، لأنه أهل التقوى وأهل المغفرة ، من أن لعن الرسول صلى الله عليه وسلم على معنيين : أحدهما : في غير غضب يريد بذلك إعلام أمته بعظم ما عظم الله والتحذير مما حذر الله منه ، كلعنته من أكل الرباء ، ومن أحدث حدثاً أو آوى محدثاً ومن ادعى إلى غير أبيه ومن سب أصحابه إلى غير ذلك ، لعن فاعليها في حال الرضاء تأكيداً لما أكد الله تعالى تعظيماً لما عظم الله وحرمه . والمعنى الثاني : أن يلعن في حال غضب وموجدة فذلك مرفوع عنه . ولا يلحقهم لقوله : ' إنما أنا بشر مثلكم أغضب كما يغضب البشر وأيما عبد لعنته أو ضربته أو دعوت عليه فاجعلها له زكاة وقربة ' . فإن قال : فإن الصحابة قد لعن بعضهم بعضاً فهو أيضاً ممن عمتهم لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن سب أصحابه . قيل له : إنما أراد من لعن أصحابه من غير أصحابه ، فأما سب بعضهم
بعضاً فإن ذلك على حد غضب وموجدة ، قد عفى الله عز وجل عنهم أكثر من ذلك ، أخذهم الفداء يوم بدر ، وتوليهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد . وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالعفو والصفح عنهم . وأمر أبا بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه أن يعفو عن مسطح وينفق عليه بعد أن حلف أن لا ينفق مما سمعه قال تعالى : ( ولا يأتل أولو الفضل منكم . . . ) الآية . فإن اعترض فقال : الصحابة وغيرهم في السب واللغو سواء إذا سب بعضهم بعضاً . قيل له : إن ركبت هذا الباب يلزمك أن تلزمهم الأخبار كلها فتكفرهم لاقتتالهم وتواجه بعضهم بعضاً .
بالسيف بقوله صلى الله عليه وسلم : ' لا ترجعوا بعدي كفاراً . فإذا تواجه المسلمان بسيفيهما ' . وما في معناه لأنهم أول من أحدث هذه الأشياء . وهذا ما لا يقوله مسلم معظم حرمة الصحابة ومعتقد تفضيلهم وسابقتهم ، والله أعلم . قال الناسخ : تم الكتاب والحمد لله رب العالمين . وذلك آخر نهار الاثنين رابع عشر ربيع الآخر من سنة خمس وعشرين وسبعمائة الهلالية ببغداد . رحم الله كاتبه وقارئه ومن انتفع به ومن ترحم عليهما وعلى جميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات . من أهل السنة والجماعات . جمع الله بيننا وبينهم في الجنة بكرمه وجوده إنه ولي الحسنات ومجيب الدعوات ، وذلك على يد أضعف عباد الله حزماً وأعظمهم جرماً البدر بن محمد بن أبي البدر العاقول جد الخالدية أصلاً الحنبلي مذهباً الملقب تأني الحمامي تعريفاً أصلح الله له شأنه وصانه عما شانه والحمد لله